شرح علل الترمذي الفصل الثاني حياة
ابن رجب وشيوخه وتلاميذه وآثاره
(1/236)
المبحث الأول حياة
ابن رجب
1 - اسمه ونسبه ولقبه وكنيته.
2 - مولده.
3 - أسرته.
4 - نشأته ورحلته.
5 - وفاته.
6 - عقيدة ابن رجب.
7 - تأثره بابن تيمية وابن القيم.
8 - أخلافه.
9 - ثناء العلماء عليه. ***
- 1 - اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته
هو الإمام الحجة زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن
الحسين بن
(1/237)
محمد بن أبي البركات مسعود السلامي
البغدادي، ثم الدمشقي، أبو الفرج الشهير بابن رجب الحنبلي.
لقبه المشهور زين الدين، ولقبه الشيخ شمس الدين عبد القادر
النابلسي بالشيخ جمال الدين.
وأما ما ذكره ابن تغري بردي فقال: شهاب الدين أبو العباس، فهو
خطأ واضح، وإن كان ابن فهد قد سبقه إلى ذلك. وشهاب الدين هو
لقب والده أحمد. وكذلك فقد وهم من كناه بأبي العباس إذ هي كنية
أبيه كذلك.
- 2 - مولده
ولد ابن رجب في بغداد سنة 736هـ وأجمعت على ذلك مصادر ترجمته
باستثناء بعضها كالدرر الكامنة لابن حجر، وطبقات الحفاظ
للسيوطي وذيله على تذكرة الحفاظ حيث ذكر أنه ولد سنة 706هـ،
وهذا هو تاريخ ولادة والده أحمد. وقد تابعهما على هذا الخطأ
صاحب كشف الظنون، ومما يثبت خطا هذا التاريخ ما ذكره العليمي
في المنهج بقوله: قدم مع والده من بغداد إلى دمشق وهو صغير سنة
744هـ وبذلك يتضح على وجه القطع أن مولده سنه 736هـ.
- 3 - أسرة ابن رجب
لم تتوسع المراجع التي بين أيدينا - على كثرتها - في التعريف
بأسرة ابن رجب، وما ذكر في ثنايا هذه المراجع نثار لا يزيد على
أسطر قليلة، ألقت بعض الضوء على حياة جده، أبي أحمد، وحياة
والده أبي العباس، شهاب الدين أحمد.
أما الجد عبد الرحمن المكنى بأبي أحمد، والملقب برجب، فكل ما
ذكره عنه حفيده في طبقاته قوله: قرئ على جدي أبي أحمد - رجب بن
الحسين - غير مرة - ببغداد وأنا حاضر، في الثالثة، والرابعة،
والخامسة: أخبركم أبو عبد الله
(1/238)
محمد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز سنة ست
وثمانين وستمائة، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر
القطيعي، أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى، أخبرنا أبو
الحسن الداودي، أخبرنا أبو محمد السرخسي، أخبرنا أبو عبد الله
الفربري، حدثنا البخاري، حدثنا المكي بن إبراهيم، حدثنا يزيد
بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم - يقول: من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من
النار.
وهذا الخبر - على قصره - يكشف عن مكانة جده أبي أحمد وأنه مهتم
بالحديث ويقرأ عليه الناس. ويدل هذا الخبر كذلك على انه سماعه
كان سنة 686هـ ومعنى هذا أن الرجل عمر، وكانت وفاته سنة 742هـ.
وأما أبوه فهو أبو العباس شهاب الدين أحمد، ولد في بغداد صبيحة
يوم السبت خامس عشر ربيع الأول سنة 706، ونشأ بها وسمع
مشايخها، وقرأ بالروايات، ثم رحل إلى دمشق بأولاده سنة 744هـ
وسمع مشايخها كمحمد بن إسماعيل الخباز، ورحل إلى القدس، ثم حج
سنة 749هـ وبمكة اسمع ابنه عبد الرحمن ثلاثيات البخاري على
الشيخ أبي حفص عمر، ثم رحل إلى مصر قبل سنة 756 وفيها روى عن
أبي الحرم القلانسي، وفي ذلك يقول صاحب المنهج الأحمد: وفيها
روى عن أبي الجرم القلانسي، وذكره في مشيخته.
وبعد ذلك جلس للإقراء بدمشق وانتفع به، وكان ذا خير ودين وعفاف
ولقد سجل شيوخه في معجم خاص له، نقل منه ابن حجر كثيرا في
الدرر الكامنة وقال عنه ابن حجر: "شيخنا"، ولا يعقل أن يكون
ابن حجر قد تتلمذ فعلا على والد ابن رجب هذا ولعله قصد بهذه
العبارة أن المقرئ شهاب الدين بن جرب هو شيخ شيوخه كالعراقي
والهيثمي، وهذان من
(1/239)
تلاميذه، فعلا، ومن تلاميذه الذين أكدت
المراجع أستاذيته لهم شمس الدين يوسف بن سيف الدين بن نجم
الحنبلي الشيرازي (ت 751هـ) وعبد الله بن محمد بن قيم
الضيائية.
- 4 - نشأته ورحلته
قيض الله - تعالى - لابن رجب عوامل كثيرة أسهمت في تكوين
شخصيته العلمية الفذة، منها استعداده الفطري الموهوب، وأسرته
الكريمة التي توارثت العلم كابرا عن كابر، وعصره المزدحم
بالثقافة الموسوعية، والمعرفة المتنوعة، ونوابغ العلماء في كل
مضمار.
هذه العوامل وجهت ابن رجب في مرحلة مبكرة نحو الطلب. وقبل سن
التمييز أحضر مجالس العلم والعلماء، ولقد سجل هذا في طبقاته،
فيقول أثناء ترجمة شيخه عبد الرحيم بن عبد الله الزريراتي (ت
741هـ) : درس بالمجاهدية ببغداد، وحضرت درسه، وأنا إذ ذاك صغير
لا أحقه. ويبدو أن هذا كان قبل الثالثة من عمره، لأنه يصرح
بالتمييز بعد الثالثة، فيقول: قرئ على جدي أبي أحمد وأنا حاضر،
في الثالثة، والرابعة، والخامسة وما يهمنا من هذا أنه أحضر
مجالس العلم وهو صغير لا يكاد يحق شيئا.
أما في الخامسة من عمره فقد فصل سماعاته بكل وعي ودقة وثقة،
فنجده يقول: أخبرنا أبو الربيع علي بن عبد الصمد بن أحمد
البغدادي، قرأت عليه وأنا في الخامسة. أو يحدد السنة التي سمع
فيها فيقول: قرئ على أبي الربيع على ابن عبد الصمد، وأنا أسمع
سنة 741هـ ببغداد.
(1/240)
وقد تلقى في هذا السن المبكر إجازات كبار
العلماء في بغداد ودمشق، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على
مكانة أسرته العلمية، وأنها من الشهرة بحيث تكتب الإجازات إلى
أبنائها، ويصرح ابن رجب بأنه تلقى الإجازات في طفولته المبكرة
فيقول: وذكر شيخنا بالإجازة الإمام صفي الدين عبد المؤمن بن
عبد الحق القطيعي البغديدي (ت 739هـ) - كما ذكر بعض علماء
الشام الذين أجازوه، كالقاسم بن محمد البرزالي (ت 739هـ) ،
ومحمد بن أحمد بن حسان التلي الدمشقي (ت 741هـ) . وقد ذكرنا
سني الوفاة لهؤلاء الشيوخ للدلالة على أن الاجازات كانت وابن
رجب في الثالثة أو الخامسة، وأن بعضها تلقاها ابن رجب وهو في
بغداد من كبار علماء الشام.
هذه بدايات الطلب كما سجلتها بعض المراجع وأهمها كتاب ابن رجب
نفسه الذيل على طبقات الحنابلة، ولكن أسرة ابن رجب، بما عرفت
من مذاق العلم والرحلة فيه، لم تقف عند هذا الحد، بل حمل أحمد
بن رجب أبناءه، ومنهم صحابنا، وتوجه بهم نحو مركز الثقل،
ومجتمع العلم والعلماء، فدخل بهم دمشق سنة 744هـ، وبها سمع
الوالد والولد كبار المسندين والمحدثين، وأدركا البقية الباقية
من علماء القرن السابع، مثل شمس الدين محمد بن أبي بكر بن
النقيب (ت 745 هـ) والإمام علاء الدين أحمد بن عبد المؤمن
السبكي ثم النووي (ت 749هـ) . وفي دمشق سمع ابن رجب محمد بن
إسماعيل الخباز
(1/241)
(ت 756هـ) ومحمد بن إسماعيل الحموي الدمشقي
(ت 757هـ) ، ورحل إلى نابلس ليلتقي بجماعة من أصحاب عبد الحافظ
بن بدران، ثم إلى القدس فسمع الحافظ أبا سعيد العلائي.
(1/242)
ورجع ابن رجب مع والده إلى بغداد سنة
748هـ، وقد ذكر هذا في طبقاته أثناء ترجمته لسليمان بن أحمد
النهرماري البغدادي، فقال: وتوفي في جمادى الآخرة سنة 748هـ،
وصلي عليه بجامع قصر الخلافة، وحضرت الصلاة عليه، ودفن بمقبرة
الإمام أحمد بباب حرب، وفي بغداد قرأ على الشيخ أبي المعالي
محمد بن عبد الرزاق الشيباني، وفي ذلك يقول: أخبرنا أبو
المعالي محمد بن عبد الرزاق الشيباني بقراءتي عليه سنة 749هـ.
ويحدد مكان هذه القراءة في موضع آخر فيقول: ببغداد.
ومن بغداد يتوجه مع والده إلى الحج، وبمكة يسمع ثلاثيات
البخاري من الشيخ أبي حفص عمر بن علي بن الخليل البغدادي (ت
759هـ) - عاد بعد ذلك إلى دمشق حيث لزم شيخه ابن قيم الجوزية
إلى أن مات سنة 751هـ.
وأما رحلته إلى مصر فقد كانت قبل سنة 754هـ وهي السنة التي
توفي بها شيخه أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي،
وقد أكثر عنه، ونص على ذلك بقوله: قرأت على أبي الفتح محمد بن
محمد الميدومي المصري بها. كما لقي بالقاهرة محمد بن إسماعيل
الصوفي المعروف بابن الملوك (ت 756هـ) وفي ذلك يقول: أخبرنا
محمد بن إسماعيل الصوفي بالقاهرة والجدير بالذكر أن والده كان
يرافقه في هذه الرحلة، فسمعا معا أبا الحرم القلانسي (ت 765هـ)
.
(1/243)
وفي سنة 763هـ اتجه إلى الحج، وهناك التقى
بالمشاهير من العلماء، ويبين هذا أثناء ترجمة شمس الدين محمد
بن الشيخ أحمد السقا، فيقول: وقد جمعت بينه وبين قاضي قضاة مصر
الموفق، وابن جماعة بمنى عام ثلاث وستين وسبعمائة.
وبعد هذه الرحلة، الحافلة بالحركة والنشاط، استقر ابن رجب
بدمشق، يدرس بمدارسها ويعقد المواعيد الوعظية، فدرس بالمدرسة
الحنبلية بعد وفاة ابن التقي (788هـ) وولي حلقة الثلاثاء بعد
وفاة ابن قاضي الجبل سنة 771هـ.
وظل ابن رجب يخرج الطلبة النجباء، والعلماء الأكفياء، ويصنف
الكتب النافعة، والرسائل القيمة حتى وافاه أجله.
ولم تذكر لنا مصادر ترجمته شيئا عن زواجه أو أولاده، وكل ما
نعرفه أنه كان يسكن في المدرسة السكرية بالقصاعين منجمعا عن
الناس، أي منعزلا عنهم، منصرفا إلى أموره العلمية - رحمه الله
تعالى -.
- 5 - وفاته
اتفقت مصادر الترجمة على أن وفاته - رحمه الله - كانت سنة
795هـ، وقول ابن تغري بردي في المنهل الصافي أن وفاته كانت سنة
خمس وسبعين وسبعمائة تصحيف ظاهر، ولم تتفق مصادر الترجمة على
تحديد يوم الوفاة وشهرها، فبينما يذكر صاحب المنهج الأحمد أن
ذلك كان ليلة الاثنين رابع شهر رمضان المعظم، فإننا نجد صاحب
المنهل الصافي يقول: إن ذلك كان في شهر رجب، وهو قول ابن ناصر
الدين الذي نقله عنه صاحب المنهج الأحمد فقال:
(1/244)
وأرخ الشيخ شمس الدين بن ناصر الدين - رحمه
الله - وفاته في شهر رجب، من السنة المذكورة، وهي سنة 795هـ،
ثم قال: ودفن بمقبرة الباب الصغير، جوار قبر الشيخ الفقيه
الزاهد أبي الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي، ثم المقدسي،
الدمشقي، المتوفى في ذي الحجة سنة 486هـ، وهو الذي نشر مذهب
الإمام أحمد ببيت المقدس، ثم بدمشق - رحمه الله تعالى -، وقال
ابن ناصر الدين: ولقد حدثني من حضر لحد ابن رجب أن الشيخ زين
الدين بن رجب جاء قبل أن يموت بأيام، فقال له: احفر لي ههنا
لحدا، وأشار إلى البقعة التي دفن فيها، قال: فحفرت له، فلما
فرعت نزل في القبر، واضطجع فيه، فأعجبه وقال: هذا جيد، ثم خرج،
قال: فوالله ما شعرت بعد أيام إلا وقد أتي به ميتا، محمولا على
نعشه، فوضعه في ذلك اللحد، وواريته فيه - رحمه الله تعالى -.
- 6 - عقيدة ابن رجب
ابن رجب سلفي العقيدة، يمر آيات الصفات دونما تأويل أو تعطيل،
وقد ذكر عقيدته هذه في أكثر من موضع في طبقاته، فنجده يسند
حكاية جاء فيها: دخل ابن فورك على السلطان محمود، فتناظرا، قال
ابن فورك لمحمود، لا يجوز أن تصف الله بالفوقية لأنه يلزمك أن
تصفه بالتحتية، لأن من جاز أن يكون له فوق جاء أن يكون له تحت،
فقال محمود: ليس أنا وصفته بالفوقية فتلزمني أن أصفه بالتحتية،
وإنما هو وصف نفسه بذلك. قال: فبهت.
وفي موضع آخر نقل قول أحمد: هذه الأحاديث نمرها كما جاءت.
وقال في كتاب فضل علم السلف على الخلف: "والصواب ما عليه السلف
الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها من غير تفسير لها ولا
تكييف ولا تمثيل".
(1/245)
- 7 - تأثر ابن رجب بابن تيمية وبابن القيم
ومخالفته لهما في بعض المسائل
يقف ابن تيمية علما على رأس القرن الثامن الهجري، وقد ضمت
مدرسته أكابر علماء هذا العصر كالمزي والذهبي وابن كثير وابن
القيم. ولا شك أن أشدهم تأثرا به هو ابن القيم الذي رافقه في
سجنه حتى وافاه الأجل. فتشرب الرجل أخلاق شيخه وتبنى أفكاره
وحرر أدلة اختياراته.
وقد انتقل هذا التأثير إلى ابن رجب عبر شيخه ابن القيم كسائر
الحنابلة في عصره، ولكن شخصية ابن رجب العلمية جعلته يراجع
القضايا التي تبناها شيخه ويقدح فيها زناد ذهنه فكانت النتيجة
أن خالف شيخه في بعضها، ومن ذلك قضية الطلاق، وأن لفظ الثلاث
يقع واحدة، وأنه طلاق رجعي، هذا مذهب ابن تيمية وابن القيم،
اعتمادا على حديث يرويه طاوس، عن ابن عباس، وقد جاء إليه أبو
الصهباء، فقال: يا ابن عباس، ألم تعلم أن الثلاث كانت على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من خلافة عمر -
رضي الله عنهما - ترد إلى الواحدة؟ قال: نعم.
وقد أثارت هذه المسألة خلافات فقهية لا تقل عن تلك التي
أثارتها وجهات النظر المتباينة في موضوع الصفات.
وكان لابن رجب موقف من هذه القضية. وألف في ذلك رسالة اعتمد
عليها الشيخ زاهد الكوثري في كتابه "الإشفاق على أحكام
الطلاق"، فقال: وكان ابن رجب من اتبع الحنابلة منذ صغره لابن
القيم وشيخه، ثم تيقن ضلالهما في كثير من المسائل، ورد قولهما
في هذه المسألة في كتاب سماه "مشكل
(1/246)
الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث
واحدة" - ومن جملة ما يقول ابن رجب في كتابه المذكور: "اعلم
أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة ولا من التابعين، ولا من أئمة
السلف المعتد بقولهم في الفتاوى في الحلال والحرام شيء صريح في
أن الطلاق الثلاث بعد الدخول يحسب واحدة، إذا سيق بلفظ واحد"
وأما حديث ابن عباس، فقد قال ابن رجب: فهذا الحديث لأئمة
الإسلام فيه طريقان، أحدهما مسلك الإمام أحمد ومن وافقه، وهو
يرجع إلى الكلام في إسناد الحديث، لشذوذه وانفراد طاوس به،
وأنه لم يتابع عليه، وانفراد الراوي بالحديث مخالفا للأكثرين
هو علة في الحديث، يوجب التوقف فيه، وأنه يكون شاذا ومنكرا إذا
لم يرو معناه من وجه يصح، وهذه طريقة المتقدمين كالإمام أحمد،
ويحيى القطان ويحيى بن معين، ثم قال ابن رجب: ومتى أجمع علماء
الأمة على اطراح العمل بحديث وجب اطراحه، وترك العمل به.
ثم قال ابن رجب: وقد صح عن ابن عباس وهو راوي الحديث أنه أفتى
بخلاف هذا الحديث، ولزوم الثلاث المجموعة، وقد علل بهذا أحمد
والشافعي كما ذكره الموفق ابن قدامة في المغني. وهذه أيضا علة
في الحديث بانفرادها فكيف وقد انضم إليها علة الشذوذ،
والانكار، وإجماع الأمة على خلافه.
وعن طريق الثاني يقول ابن رجب: وهو مسلك ابن راهويه ومن تابعه،
وهو الكلام في معنى الحديث، وهو أن يحمل على غير المدخول بها.
وقد ذكر الشيخ الكوثري أدلة ابن رجب على هذا، وهي أدلة قوية.
وقد ذكر ابن حجر عدول ابن رجب عن بعض مقالات ابن تيمية، فقال
في الإنباء: ونقم عليه إفتاؤه بمقالات ابن تيمية ثم أظهر
الرجوع عن ذلك فنافره
(1/247)
التيميون، فلم يكن مع هؤلاء ولا مع هؤلاء.
وكان قد ترك الإفتاء بأخرة. كما ذكر ابن حجر قصة تدل على هذا
خلاصتها أن على ابن أيبك الصفدي نظم قصيدة يتوسل فيها النبي
صلى الله عليه وسلم ويطلب منه الشفاعة، ويقول: يا خير خلق
الله، فأنكر عليه الشيخ صدر الدين علي بن العز الحنفي هذا كله،
فوصل الأمر إلى مصر، فأنكر القضاة قول ابن العز، وعقدت مجالس
في دمشق للإنكار عليه وتعزيزه، وممن حضر هذه المجالس سعد الدين
النووي وجمال الدين الكردي، وشرف الدين الغزي، وزين الدين بن
رجب، وتقي الدين بن مفلح وأخوه، وشهاب الدين بن حجي، فتواردوا
على الانكار عن ابن العز في أكثر ما قاله.
ولعل هذه المواقف ساهمت في اختصار سيرة هذا الرجل فلم يأخذ حقه
في كتب التراجم، فلا هو مع الحنابلة، ولا هو مع الشافعية أو
غيرهم.
- 8 - أخلاقه
كان - رحمه الله - صاحب عبادة وتهجد، منجمعا عن الناس، لا
يخالطهم ولا يتردد إلى أحد من ذوي الولايات ويسكن المدرس
السكرية بالقصاعين، وكان لا يعرف شيئا من أمور الدنيا بعيدا عن
الرياسة وأسبابها، ليس له شغل إلا الاشتغال بالعلم وبالجملة لم
يخلق بعده مثله، هذه عبارة ابن قاضي شهبة في وصف أخلاق هذا
الرجل، وهي ترسم صورة واضحة في ذهن القارئ تصور ابن رجب راغبا
عن الدنيا وزينتها، وجاهها ووجاهتها، مع علم جم وعبادة شاغلة،
ولا عجب أن يقال فيه بعد ذلك: اجتمعت الفرق عليه ومالت
(1/248)
القلوب بالمحبة إليه. ولقد كان - رحمه الله
- داعية محبة ووحدة ويظهر هذا أثناء ترجمته للحسن بن أحمد بن
عبد الله البغدادي (ت 471هـ) فهو يقول: ولقد رأيت له في مجموعة
من المعتقدات ما يوافق بين المذهبين الشافعي وأحمد، ويقصد به
تأليف القلوب واجتماع الكلمة، مما أرجو له به عند الله الزلفى
في العقبى، فلقد كان من شيوخ الإسلام النصحاء والفقهاء
والألباء.
- 9 - ثناء العلماء عليه
لقد استحق ابن رجب ثناء العلماء وتقديرهم بما كان عليه من
الفضل والعلم، وما رأيت أحدا ترجم له إلا وأثنى عليه، ولم أجد
كلمة واحدة تذمه أو تنقص من قدره، وهذا الإجماع نادر جدا، فكل
رجل لا يخلو من مبغض أو حاسد أو ناقد إلا أن ابن رجب - وفقه
الله تعالى - فاجتمعت الفرق على الثناء عليه، يقول ابن قاضي
شهبة: كتب وقرأ وأتقن الفن واشتغل في المذهب حتى أتقنه وأكب
على الاشتغال بمعرفة متون الحديث وعلله ومعانية.
وقال فيه ابن حجر: ومهر في فنون الحديث أسماء ورجالا وطرقا
واطلاعا على معانيه: ونقل عن أبي حجي قوله: أتقن الفن وصار
أعرف أهل عصره بالعلل وتتبع الطرق.
وقال صاحب المنهج: وكان أحد الأئمة الحفاظ الكبار، والعلماء
الزهاد الأخيار.
(1/249)
وقال النعيمي في الدارس: الشيخ العلامة
الحافظ الزاهد شيخ الحنابلة.
وقال ابن فهد: الإمام الحافظ الحجة والفقيه العمدة أحد العلماء
الزهاد والأئمة العباد مفيد المحدثين واعظ المسلمين
(1/250)
المبحث الثاني شيوخ
ابن رجب الحنبلي
المطلب الأول: شيوخ ابن رجب.
المطلب الثاني: ترجمة لأشهر شيوخ ابن رجب.
1 - ابن الخباز.
2 - أبي سعيد العلائي.
3 - الميدومي. ***
لما كان المقام لا يتسع لذكر تراجم شيوخ ابن رجب، لأن هذا شيء
يطول، فقد رأيت أن الفائدة تتحقق بما يلي:
1 - ذكر هؤلاء الشيوخ مرتبين على حروف المعجم، مع ذكر وفياتهم،
إن وجد ذلك.
2 - بيان طريق التحمل سماعا أو إجازة وزمان ذلك ومكانه.
3 - الإشارة إلى مراجع ترجمة كل شيخ، والمكان الذي يبين
أستاذيته لابن رجب.
4 - الترجمة لأشهر شيوخه.
(1/251)
المطلب الأول شيوخ
ابن رجب
1 - قاضي القضاة أبو العباس: أحمد بن الحسن بن عبد الله،
المشهور بابن قاضي الجبل (693 - 771هـ) سماعا في دمشق.
2 - أبو العباس: أحمد بن سليمان الحنبلي، في بغداد، قراءة
عليه.
3 - شهاب الدين، أبو العباس: أحمد بن عبد الرحمن الحريري
المقدسي الصالحي (663 - 758هـ) في دمشق سماعا.
4 - أحمد بن عبد الكريم البعلي، شهاب الدين (696 - 777هـ) حدث
ببلده وفي دمشق.
5 - عماد الدين، أبو العباس: أحمد بن عبد الهادي بن يوسف بن
محمد بن قدامة المقدسي (ت 754هـ) سمعه في دمشق.
6 - جمال الدين أبو العباس: أحمد بن علي بن محمد البابصري،
البغدادي (707 - 750هـ) سمعه في بغداد.
7 - شهاب الدين، أحمد بن محمد الشيرازي المعروف بـ (زغنش) .
(1/252)
8 - بشر بن إبراهيم بن محمود بن بشر
البعلبكي، الحنبلي (681 - 761هـ) سمعه في الشام.
9 - صفي الدين، أبو عبد الله: الحسين بن بدران البصري البغدادي
(712 - 749هـ) قرأ عليه، في بغداد.
10 - صلاح الدين، أبو سعيد: خليل بن كيكلدي العلائي (694 -
761هـ) سمعه في القدس.
11 - جمال الدين أبو سليمان: داود بن إبراهيم العطار (665 -
752هـ) سمعه في دمشق.
12 - بنت الكمال: زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم المقدسية (646 -
740هـ) إجازة، وهو في بغداد.
13 - نجم الدين، أبو المحامد، سليمان بن أحمد النهرماري
البغدادي الفقيه. (ت 748هـ) سمعه في بغداد.
14 - عز الدين: عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن
جماعة،
(1/253)
قاضي المسلمين، (694 - 767هـ) قال عنه
شيخنا، ولقيه في مصر ومكة.
15 - تاج الدين: عبد الله بن عبد المؤمن بن الوجبة الواسطي،
المقرئ (671 - 740هـ) سمعه في بغداد.
16 - تقي الدين، أبو محمد: عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن نصر
بن فهد، المعروف بابن قيم الضيائية (669 - 761هـ) سمعه في
دمشق.
17 - صفي الدين، أبو الفضائل: عبد المؤمن بن عبد الحق بن عبد
الله البغدادي الحنبلي (658 - 739هـ) إجازة في بغداد.
18 - عز الدين، أبو يعلى: حمزة بن موسى بن أحمد بن بدران
المعروف: بابن شيخ السلامية (712 - 769هـ) سمعه في دمشق.
19 - فخر الدين: عثمان بن يوسف بن أبي بكر النويري الفقيه،
المالكي (663 - 756هـ) سمعه في مكة سنة 749هـ.
(1/254)
20 - علاء الدين، أبو الحسن علي بن الشيخ
زين الدين المنجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا (673 - 673هـ)
سمعه في دمشق.
21 - أبو الربيع: علي بن عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر
البغدادي، (656 - 742هـ) سمعه ببغداد وهو في الخامسة.
22 - عمر بن حسن بن مزيد بن أميلة المراغي، الحلبي، ثم الدمشقي
(679 - 778هـ) سمعه في دمشق.
23 - سراج الدين أبو حفص: عمر بن علي بن موسى بن خليل البغدادي
(688 - 749هـ) سمعه في دمشق.
24 - سراج الدين، أبو حفص: عمر بن علي بن عمر القزويني، محدث
العراق (683 - 750هـ) قراءة عليه في بغداد.
25 - علم الدين، أبو محمد: القاسم بن محمد البرزالي، مؤرخ
الشام (665 - 739هـ) إجازة من دمشق.
26 - عز الدين أبو عبد الله: محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن
محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي (663 - 748هـ) إجازة في دمشق.
(1/255)
27 - أبو عبد الله: محمد بن أحمد بن تمام
بن حسان الصالحي (651 - 741هـ) إجازة من دمشق.
28 - محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن سالم الدمشقي الأنصاري
العبادي من ولد عبادة بن الصامت، المعروف بابن الخباز (667 -
756هـ) سمعه في دمشق وأكثر عنه جدا.
29 - ناصر الدين، محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز بن عيسى بن
أبي بكر بن أيوب، ينتهي نسبة بالعادل الأيوبي، ويلقب بابن
الملوك (674 - 756هـ) سمعه في مصر وأخذ عنه كثيرا.
30 - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعيد
بن جرير الزرعي، ابن قيم الجوزية (691 - 751هـ) سمعه في دمشق
ولازمه أزيد من سنة.
31 - أبو المعالي: محمد بن عبد الرزاق الشيباني في بغداد،
قراءة عليه سنة 749هـ.
32 - صدر الدين، أبو الفتح: محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي
(664 - 754هـ) سمعه في مصر.
(1/256)
33 - فتح الدين، أبو الحرم: محمد بن محمد
بن محمد القلانسي الحنبلي (683 - 765هـ) سمعه في القاهرة.
34 - ابن النباش: ذكر ابن رجب أنه لازمه حتى الممات، ولم يذكر
له تاريخ وفاة.
35 - شمس الدين يوسف بن نجم الحنبلي (ت 751هـ) سمعه في دمشق.
36 - جمال الدين، يوسف بن عبد الله بن العفيف المقدسي النابلسي
(691 - 754هـ) قرأ عليه سنن ابن ماجه بدمشق.
هذا ما وفقني الله إلى تحصيله من شيوخ ابن رجب، استغرق مني
دراسة طويلة، اطلعت أثناءها على كتب التراجم التي تناولت عصر
ابن رجب وعلى كتب الطبقات كذلك، علما بأن من ترجموا لابن رجب
لم يذكروا إلا عددا قليلا من الشيوخ، لا يزيد على الأربعة.
المطلب الثاني ترجمة لأشهر شيوخ
ابن رجب
وفيما يلي ترجمة لثلاثة من شيوخه الذين أكثر من الرواية عنهم،
أو أثروا فيه، فيما نحسب:
1 - ابن الخباز:
هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الدمشقي، الأنصاري العبادي من
ولد
(1/257)
عبادة بن الصامت، المعروف بابن الخباز.
مولده في شهر رجب سنة 667هـ وبكر به أبوه فأحضره على أحمد بن
عبد الدائم، وإسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر التنوخي، وعبد
الرحمن بن نجم الحنبلي - وهو آخر من حدث عنهم بالسماع - وأحمد
بن عبد السلام بن أبي عصرون، ومؤمل بن محمد البالسي، وأبي بكر
بن عمر بن يونس المزي.
روى عنه الأئمة والحفاظ أبو محمد القاسم بن محمد البرزالي وأبو
عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، وأبو سعيد خليل بن كيكلدي
العلائي، والشريف أبو المحاسن محمد بن علي بن حمزة الحسيني،
وزين الدين عبد الرحيم العراقي، وزين الدين عبد الرحمن بن أحمد
بن رجب.
قال عنه العراقي: كان مسند الآفاق في زمانه وتفرد برواية مسلم
بالسماع المتصل، وكان صدوقا مأمونا محبا للحديث وأهله.
حدث قديما مع أبيه وهو ابن عشرين سنة واستمر يحدث نحوا من
سبعين سنة، وتأخر إلى أن صار مسند دمشق في عصره.
قال ابن حجر في الدرر: أكثر عنه شيخنا العراقي، وذكر لي أنه
كان صبورا على السماع، وكان يكتسب بالنسخ.
قال: فكنا نقرأ عليه وهو يعمل في منزله، من بكرة إلى العصر.
قال أبو زرعة العراقي في طرح التثريب: انقطعت بموته كتب
وأجزاء.
مات في ثالث شهر رمضان سنة 756هـ عن تسعين سنة إلا عشرة أشهر.
وقد أكثر عنه ابن رجب وله عنه أسانيد كثيرة نشرها في كتابه
طبقات الحنابلة أشرنا إلى بعضها في هامش ثبت مشيخة ابن رحب
(1/258)
2 - أبو سعيد العلائي:
شيخ الإسلام علاء الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي العلائي
الدمشقي ثم المقدسي الشافعي، ولد بدمشق في ربيع الأول سنة أربع
وتسعين وستمائة، وسمع الكثير ورحل وبلغ عدة شيوخه بالسماع
سبعمائة، وأخذ عن مشايخ الدنيا، وأجيز بالفتوى وجد واجتهد حتى
فاق أهل عصره، درس بدمشق بحلقة ابن صاحب حمص ونزل عنها للحافظ
المزي، ودرس بالأسدية أيضا، وأعاد بالناصرية. ثم انتقل إلى
القدس مدرسا بالصلاحية سنة 731هـ. وأقام بالقدس مدة طويلة يدرس
ويفتي ويحدث ويصنف إلى أخر عمره.
قال الآسنوي: كان حافظ زمانه إماما في الفقه والأصول وغيرهما.
وله ذوق في معرفة الرجال وذكاء وفهم.
قال ابن حجر: وقرأت بخط شيخنا العراق: توفي حافظ المشرق
والمغرب صلاح الدين في ثالث المحرم. وذلك سنة 761هـ.
قال صاحب الأنس الجليل: ومن تصانيفه القواعد المشهورة، وهو
كتاب نفيس يشتمل على علمي الأصول والفروع. "والوشى المعلم فيمن
روى عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم و"المراسيل"
و"كتاب في المدلسين" وكتب أخرى كثيرة.
وقد رحل إليه ابن رجب وسمع منه.
3 - الميدومي:
صدر الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم بن
عنان الميدومي. ولد في شعبان سنة 664هـ وبكر به أبوه فأسمعه من
النحيب، وابن علاق، وابن عزون.
حدث بالكثير بالقاهرة ومصر، ورحل إلى القدس زائرا بعد الخمسين
فأكثروا عنه، وسمع منه ابن رافع، والحسيني، والعراقي، وابن
رجب، والشيخ سراج الدين البلقيني.
قال الحسيني: وكان مسند الدنيا ولم يخلف بعده مثله. ووصفه ابن
تغري بردي بالمسند المعمر. توفي في رمضان سنة 754هـ.
وقد تلقى عنه العلم الزين عبد الرحيم العراقي، وابن رجب،
والبلقيني وابن الملقن، وغيرهم كثير. ***
(1/259)
المبحث الثالث
تلاميذه وآثاره
المطلب الأول: تلاميذ ابن رجب.
المطلب الثاني: التعريف بأشهر تلاميذ ابن رجب.
المطلب الثالث: آثاره العلمية. ***
المطلب الأول تلاميذ ابن رجب
وقد رتبناهم على حروف المعجم مع مراعاة ولاداتهم ووفياتهم،
وكيفية تحملهم عن ابن رجب، ومكانه:
1 - الشهاب أبو العباس: أحمد بن أبي بكر بن سيف الدين الحموي،
الحنبلي ويعرف بابن الرسام، (773 - 844هـ) أجازه ابن رجب، وقال
في الشذرات: وكان يعمل المواعيد وله كتاب في الوعظ على نمط
كتاب شيخه ابن رجب.
2 - محب الدين أبو الفضل، أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن
عمر، مفتي الديار المصرية، (765 - 844هـ) ، سمع ابن رجب في
دمشق ولازمه.
(1/261)
3 - داود بن سليمان بن عبد الله الزين
الموصلي الدمشقي الحنبلي (764 - 744هـ) سمع ابن رجب في دمشق.
4 - زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن محمد
الدمشقي الأصل الملكي المقرئ (772 - 853) هـ سمع ابن رجب في
دمشق.
5 - زين الدين عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الكرم الحنبلي
المعروف بأبي شعر، (780 - 844هـ) سمع ابن رجب في دمشق.
6 - زين الدين أبو ذر، عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد
المصري الحنبلي، المعروف بالزركشي (758 - 846هـ) سمع ابن رجب
في دمشق قبيل الفتنة اللنكية.
7 - علاء الدين أبو الحسن، علي بن محمد بن عباس البعلي الشهير
بابن اللحام، ولد بعد الخمسين وسبعمائة في بعلبك، وتوفي سنة
ثلاث وثمانمائة. سمع ابن رجب في دمشق.
8 - علاء الدين علي بن محمد بن علي الطرسوسي المزي، كان يعيش
حتى سنة 850هـ، وحضر على ابن رجب وقال: "انه سمعه يقول: أرسل
إلي الزين العراقي يستعين بي في شرح الترمذي".
9 - علاء الدين أبو المواهب، علي بن محمد بن أبي بكر السلمي
الحموي الحنبلي،
(1/262)
ويعرف بابن المغلي (761 - 828هـ) ، أخذ عن
ابن رجب في دمشق.
10 - أبو حفص عمر بن محمد بن علي بن أبي بكر بن محمد السراج
الحلبي الأصل الدمشقي الشافعي، يعرف بابن المزلق (بضم الميم
وفتح الزاي وكسر اللام المشددة) (787 - 841هـ) سمع ابن رجب في
دمشق.
11 - محب الدين أبو الفضل ابن الشيخ نصر الله ولد سنة 765هـ في
بغداد، وأخذ عن ابن رجب في دمشق.
12 - قاضي القضاة شمس الدين محمد بن أحمد بن سعيد المقدسي
الحنبلي قاضي مكة (771 - 855هـ) سمع ابن رجب في دمشق.
13 - شهاب الدين أحمد بن علي محمد الأنصاري الحلبي ابن الشحام
(781 - 864هـ) ، سمع ابن رجب في دمشق.
14 - عز الدين محمد بن بهاء الدين علي المقدسي الحنبلي (764 -
820هـ) أخذ عن ابن رجب في دمشق.
15 - شمس الدين محمد بن خالد الحمصي القاضي، توفي سنة 830هـ
قرأ على ابن رجب في دمشق.
16 - شمس الدين أبو عبيد الله محمد بن خليل بن طوغان الدمشقي
الحريري الحنبلي، المعروف بابن المخصفي (746 - 803هـ) . سمع
ابن رجب في دمشق.
(1/263)
17 - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد
بن عبادة الأنصاري الحنبلي الدمشقي قاضي القضاة بدمشق، توفي
سنة 820هـ، سمع ابن رجب في دمشق.
المطلب الثاني التعريف بأشهر
تلاميذ ابن رجب
"وفيما يلي ترجمة موجزة لثلاثة من هؤلاء التلاميذ".
"ابن اللحام":
علي بن محمد بن علي بن عباس بن فتيان، العلاء، البعلي، ثم
الدمشقي الحنبلي، ويعرف بابن اللحام، وهي حرفة أبيه.
ولد بعد الخمسين وسبعمائة ببعلبك، ونشأ بها في كفالة خاله،
لكون أبيه مات وهو رضيع. فعلمه صنعة الكتابة، ثم حبب إليه
الطلب، فطلب بنفسه، وتفقه على الشمس بن اليونانية، ثم انتقل
إلى دمشق، وتلمذ لابن رجب وغيره، وبرع في مذهبه ودرس وأفتى،
وشارك في الفنون وناب في الحكم، ووعظ بالجامع الأموي في حلقة
ابن رجب بعده. وكانت مواعيده حافلة، ينقل فيها مذاهب المخالفين
محررة من كتبهم، مع حسن المجالسة وكثرة التواضع، ثم ترك الحكم
بأخرة. وصار شيخ الحنابلة بالشام مع ابن مفلح فانتفع الناس به.
وقد قدم القاهرة بعد الكائنة العظمى بدمشق فسكنها، وولي تدريس
المنصورية، ثم نزل عنها، وعين للقضاء بعد موت الموفق بن
نصرالله فامتنع. ومات بعد ذلك بيسير في يوم الأضحى وقد جاوز
الخمسين.
أبو ذر:
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد الزين أبو ذر المصري
(1/264)
الحنبلي، يعرف بالزركشي صنعة أبيه، ولد في
سابع عشر رجب سنة 758هـ بالقاهرة، ونشأ بها، فحفظ القرآن
والعمدة، وعرض على مشاهير العلماء المصريين كالجمال الأسنوي
والزين العراقي. ثم ارتحل إلى دمشق قبيل الفتنة فأخذ الفقه
أيضا عن الزين بن رجب وقاضي الحنابلة الشمس بن التقي، ودخل
نابلس وإسكندرية ودمياط، والصعيد، وغيرها.
استقر في تدريس الحنابلة في الأشرفية برسباي، وكان إماما
متواضعا جيد الذهن، صار مسند مصر، مع صحة بدنه، وضعف بصره. مات
سنة 846هـ بالقاهرة.
شمس الدين محمد بن أحمد بن سعيد المقدسي:
محمد بن أحمد بن سعيد بن العز، المقدسي الأصل النابلسي، ثم
الدمشقي، الحلبي المكي قاضيها الحنبلي. ولد سنة 771هـ، بكفر
لبد من جبل نابلس، ونشأ بها فحفظ القرآن، ثم انتقل سنة 789
لصالحية دمشق، فتفقه بها على ابن رجب، وابن مفلح، وابن اللحام،
ثم انتقل إلى حلب سنة 791 فسمع بها على ابن صديق، وناب بها في
القضاء والخطابة بجامعها الكبير، ثم رحل إلى بيت المقدس في سنة
812هـ، وأقام بها حتى سنة 818هـ، ثم رحل إلى دمشق أيضا، وحج
وجاور مرارا، وسمع من الجمال بن ظهيرة. ثم قطن مكة من سنة
852هـ. وكان عالما كثير الاستحضار لفروع مذهب الإمام أحمد.
وقد صنف كتبا منها: "الشافي" و"الكافي" و"كشف الغمة بتيسير
الخلغ لهذه الأمة" و"المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقد في
الخطوب المدلهمة" و"سفينة الأبرار الجامعة للآثار والأخبار" في
المواعظ في ثلاث مجلدات، والآداب.
مات بمكة ليلة الخميس رابع عشر صفر سنة 855هـ.
(1/265)
المطلب الثالث آثاره
العلمية
صنف ابن رجب - رحمه الله - كتبا قارب عددها الخمسين، بين كتاب
يقع في مجلدات ورسالة تقع في ورقات. وسأذكر هذه الكتب - إن شاء
الله - في ثبت مربت على الموضوعات، مكتفيا بذكر اسم الكتاب تحت
موضوعه وهل هو مطبوع أو مخطوط. وأما ما يهمنا من هذه الكتب وهو
كتب الحديث فسأتناولها في الفصل التالي الذي هو جهود ابن رجب
في الحديث.
وفيما يلي ثبت بأسماء الكتب حسب الموضوعات:
التفسير:
1 - تفسير سورة النصر ط. لاهور 1339هـ مع تحفة الودود بأحكام
المولود لابن القيم.
2 - تفسير سورة الإخلاص، مخطوط.
الحديث:
3 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري، مخطوط بدار الكتب المصرية
389، حديث تيمور.
4 - شرح الترمذي، وتوجد منه قطعة، تقع في عشر ورقات، مخطوطة في
المكتبة الظاهرية بدمشق.
ويوجد منه شرح علل الترمذي الذي هو آخر الكتاب، وهو موضوع هذه
الدراسة.
5 - جامع العلوم والحكم، ط في مصر والهند 1382، 1346هـ.
6 - اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى، ط.
المنيرية 1353، ومكتبة القاهرة.
7 - البشارة العظمى في أن حظ المؤمن من النار الحمى، مخطوط في
مكتبة فاتح باستانبول، ضمن مجموعة لابن رجب 5318.
(1/266)
8 - تحفة الأكياس بشرح وصية النبي صلى الله
عليه وسلم لابن عباس، ط. بمطبعة الإمام بمصر.
9 - تسلية نفوس النساء والرجال عند فقد الأطفال، مخطوط بمكتبة
فاتح باستانبول 5318.
10 - الحكم الجديرة بالإذاعة من قول النبي صلى الله عليه وسلم:
بعثت بالسيف بين يدي الساعة، ط. المنار 1349هـ.
11 - ماذئبان جائعان، ط. المبيرية.
12 - شرح حديث " ان أغبط أوليائي عندي"، مخطوط بمكتبة فاتح،
باستانبول، رقم 5318.
13 - شرح حديث أبي الدرداء "من سلك طريقا يلتمس فيه علما"، ط.
مكة 1347هـ.
14 - حديث عمار "اللهم بعلمك الغيب" مخطوط، بمكتبة الرياض
بالسعودية رقم 527 /26.
15 - شرح حديث شداد بن أوس: "إذا كنز الناس الذهب والفضة"،
مخطوط بمكتبة الأوقاف بالعراق رقم 4767/25 مجاميع.
16 - شرح حديث "يتبع الميت ثلاث"، مخطوط، بمكتبة فاتح
باستانبول، رقم 5318.
17 - صدقة السر وفضها، مخطوط، بمكتبة فاتح باستانبول، رقم
5318.
18 - غاية النفع في شرح "تمثيل المؤمن بخامة الزرع" ط. أنصار
السنة بمصر، 1358هـ.
19 - كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة، ط. المنار، بمصر
1340هـ، والمنيرية 1351هـ.
20 - مختصر فيما روي عن أهل المعرفة والحقائق في معاملة الظالم
السارق، مخطوط، بمكتبة فاتح باستانبول، رقم 5318.
(1/267)
22 - المحجة في مسير الدلجة، ط. مطبعة
الترقي الماجدية، بمكة المكرمة، 1347هـ.
الفقه:
22 - الاستخراج لأحكام الخراج، ط. بالمطبعة الإسلامية بالأزهر،
بمصر سنة 1352هـ.
23 - رسالة في أحكام الخواتم، مخطوطة، بدار الكتب المصرية، رقم
23794/ب. وهي ورقات من شرح الترمذي.
24 - تعليق الطلاق بالولادة، مخطوطة، بمكتبة فاتح باستانبول،
رقم 5318.
26 - القواعد الفقهية، ط. عدة طبعات آخرها، 1972م.
26 - مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة، مفقود،
وقد استفاد منه ابن عبد الهادي في كتابه "سير الحاث إلى علم
الطلاق الثلاث" وقد طبع بمطبعة السنة المحمدية بمصر سنة 1953م.
27 - فتوى في هلال ذي الحجة، مخطوط بالرياض بالسعودية، رقم
18/527.
التاريخ:
28 - اختيار الأبرار "سيرة أبي بكر وعمر"، مخطوط، برلين، رقم
9690.
29 - الذيل على طبقات الحنابلة، ط. المعهد الفرنسي بدمشق،
1951م، وظهر منه الجزء الأول، ثم طبع بمطبعة السنة المحمدية
بمصر سنة 1952م.
30 - سيرة عمر بن عبد العزيز، ط. بالرياض، بالسعودية.
الوعظ:
31 - أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور، ط. أم القرى بمكة
المكرمة سنة 1357هـ.
(1/268)
32 - التخويف من النار والتعريف بحال أهل
البوار، ط. أم القرى بمكة المكرمة سنة 1357هـ.
33 - الخشوع في الصلاة، أو الذلة والانكسار، ط. البابي الحلبي
سنة 1341هـ.
34 - ذم الخمر وشاربها، مخطوط، بمكتبة فاتح باستانبول، رقم
5318.
35 - ذم قسوة القلب، شهيد علي باستانبول، مخطوط، رقم 543.
36 - لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، ط. الحلبي
سنة 1343هـ.
كتب أخرى:
37 - فضل علم السلف على الخلف، ط. المنيرية 1347هـ.
38 - نزهة الاستماع في مسألة السماع، مخطوط، دار الكتب المصرية
16163 آب.
39 - كلمة الإخلاص، وتحقيق معناها، ط. بالقاهرة، 1390هـ،
وبدمشق، 1961م.
40 - استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس، ط. مطبعة الإمام
بمصر سنة 1363هـ.
41 - الفرق بين النصيحة والتعيير، مطبوع.
الكتب المفقودة:
والتي ذكرها ابن حميد في "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة"
أو إسماعيل باشا البغدادي في "هدية العارفين":
42 - الاستيطان فيما يعتصم به العبد من الشيطان (ابن حميد) .
43 - الاستغناء بالقرآن "هداية العارفين".
44 - الإلمام في فضائل بيت الله الحرام "هداية العارفين".
(1/269)
45 - الكشف والبيان عن حقيقة النذور
والإيمان (ابن حميد) .
46 - حماية الشام بما فيها من الأحلام (ابن حميد) .
47 - مسألة الصلاة يوم الجمعة بعد الزوال وقبل
(1/270)
|