مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية الأُخْوَةُ والأَخَوَاتُ
قوله:
835 - وَأَفْرَدُوا الأخْوَةَ بالتَّصْنِيفِ ... فَذُوْ
ثَلاَثَةٍ بَنُو حُنَيْف
836 - أَرْبَعَةٍ أَبُوهُمْ السَّمَّانُ ... وخَمْسَةٍ
أَجَلُّهُمْ سُفْيَانُ
837 - وسِتَّةٌ نَحْوُ بَنِي سِيْرِيْنَا ... واجْتَمَعُوا
ثَلاَثَةً يَرْوُونا
838 - وَسَبْعَةٌ بَنُو مُقَرِّنٍ، وَهُمْ ... مُهَاجِرُونَ
لَيْسَ فِيهِمْ عَدُّهُمْ
839 - وَالأَخَوَانِ جُمْلَةٌ كَعُتْبَةِ ... أَخِي ابْنِ
مَسْعُودٍ هُما ذُوْ صُحْبَةِ [142 - أ]
الشرح: هذا النوع أفرده بالتصنيف علي بن المديني، ومسلم، وأبو
داود، والنسائي، وهو معرفة الأخوة من العلماء والرواة.
وقوله: «فذو ثلاثة» (خ) يعني: أن الأُخوة الثلاثة مثالُهُم:
سهل، وعباد، وعثمان، بنو حنيف.
وقوله: «أربعةٍ» (خ) قلت: هو بجر «أربعة» عطفاً على ثلاثة، أي:
وذو أربعة أولاد أبي صالح السمان: سهيل، ومحمد، وصالح، وعبد
الله، الذي يُقال له عباد.
قال شيخنا (ن) (1): ومما يستغرب في الأخوة الأربعة بنو راشد
أبي إسماعيل
_________
(1) (2/ 176).
(1/362)
السُّلَمي ولدوا في بطن واحد، وكانوا
علماء، وهم محمد، وعمر، وإسماعيل، ولم يسم البخاري والدارقطني
الرابع. انتهى.
قلت: وسماه ابن الحاجب في آخر مختصره الفرعي: بعَلي، وأفاد أن
محمد (1) وعمر بلغوا ثمانين عاماً، فقال ما نصه: وعليه يُوقف
ميراث أربعة ذكور لأنه غاية ما وقع، ولدت أم ولد أبي إسماعيل:
محمداً، وعمر، وعلياً، وإسماعيل، بلغوا الأولون الثمانين
انتهى. وأخذ ذلك من «الزاهي» لابن شعبان فاعرفه والله تعالى
أعلم.
وقوله: «وخمسةٍ» (خ) قلت: أيضاً هو بجر خمسة على ما ذكر،
ومثاله: سفيان بن عيينة، وأخوته آدم، وعمران، ومحمد، وإبراهيم،
وكلهم حَدَّثوا.
وقوله: «أجلهم» (خ) يعني أن سفيان أجلهم في العلم، والمراد
بالخمسة [من أبناء] (2) عيينة مَنْ رَوَى [142 - ب]، وإلا
فأولاد عُيينة عشرة.
وقوله: «وستة»، قلت: هو بالجر أيضاً، ومثاله: بنو سيرين كلهم
تابعيون، وهم: محمد، وأنس، ويحيى، وسعيد، وحفصة، وكريمة.
وقوله: «واجتمعوا» (خ) يعني أنه اجتمع منهم ثلاثة في إسناد
حديث واحد، يروي بعضهم عن بعض، ولهذا قيل مطارحةً: أيُّ ثلاثة
أخوة روى بعضهم عن بعض في حديث واحد؟
هو رواية الدارقطني في «العلل» بإسناده من رواية هشام بن حسان،
عن
_________
(1) كذا، وهو خلاف مقتضى اللغة.
(2) في الأصل: بالخمسة (ابن) عيينة. خطأ.
(1/363)
محمد بن سيرين، عن أخيه [يحيى] (1) ابن
سيرين، عن أخيه [أنس] (2) ابن سيرين، عن أنس بن مالك، أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: «لبيك حجاً حقاً تَعَبُّداً
وَرِقاً».
وقوله: «وسبعة» (خ)، قلت: هو أيضاً بالجر، ومثاله بنو مقرن:
النعمان، ومعقل، وعقيل، وسويد، وسنان، وعبد الرحمن، وعبد الله،
فيما نص عليه ابن فتحون في «ذيل الاستيعاب»، ذكر أنه (3) كان
على ميسرة أبي بكر في قتال الرِّدَّة.
وقوله: «وليس فيهم» (خ) يعني أن ابن الصلاح قال: وسابعٌ لم
يُسَمَّ لنا، وقد عَلِمْتَ تسميته.
وقوله: «والأَخَوان» (خ) يعني: أن مثال الأخوين كثير في
الصحابة ومَنْ بعدهم، كعبد الله بن مسعود، وعتبة بن مسعود،
صحابيان.
_________
(1) في الأصل: عن خطأ. والتصحيح من المصدر.
(2) في الأصل: عن أخيه ابن سيرين، والزيادة من المصدر.
(3) أي: عبد الله.
(1/364)
رِوَايَةُ الآبَاءِ عَنِ الأبْنَاءِ
وَعَكْسُهُ
قوله:
840 - وَصَنَّفُوا فِيمَا عَنِ ابْنٍ أَخَذَا ... أبٌ
كَعَبَّاسٍ عَنِ الفَضْلِ كَذَا
841 - وائِلُ عَنْ بَكْرِ ابْنِهِ والتَّيْميْ ... عَنِ
ابْنِهِ مُعْتَمِرٍ في قَوْمِ [143 - أ]
الشرح: هذا النوع صَنَّفَ فيه الخطيبُ مصنَّفاً، وروى فيه من
حديث العباس بن عبد المطلب عن ابنه الفضل: «أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين بالمزدلفة».
وقوله: «كذا» (خ) يعني ومن رواية الآباء عن الأبناء رواية وائل
بن داود عن ابنه بكر بن وائل ثمانية.
ومنها: حديثه في السنن الأربعة، عن أبيه، عن الزُّهري، عن أنس:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أوْلَمَ على صفية بسويق وتمر.
وقوله: «والتيمي» (خ) يعني: ومنه رواية معمر بن سليمان التيمي،
قال حدثني أبي، قال: حدثتني أنت عني، عن أيوب، عن الحسن، قال:
وَيْح كلمة رحمة.
قال ابن الصلاح: وهذا طريق يجمع أنواعاً.
وقوله: «في قوم»، أي: في جماعة رووا عن أبنائهم فروى أنس بن
مالك عن
(1/365)
ابنه غير مسمى حديثاً، وروى أبو بكر بن
عياش عن ابنه إبراهيم حديثاً، وروى أبو داود عن ابنه أبي بكر
حديثين، وروى السمعاني أبو سعد عن ابنه عبد الرحيم في «ذيل
تاريخ بغداد»، وروى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة عن ابنه
قاضي القضاة عز الدين حكاية عجيبة.
وقوله:
842 - أَمَّا أَبُو بَكْرٍ عَنِ الحَمْرَاءِ ... عَائِشَةٍ في
الحَبَّةِ السَّوْدَاء
843 - فإنَّهُ لابْنِ أبي عَتِيقِ ... وغُلِّطَ الوَاصِفُ
بالصِّدِّيق
الشرح: يعني أن الحديث الذي رُوِيَ عن أبي بكر الصديق، عن
عائشة [143 - ب]، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«في الحبة السوداء شفاء من كل داء» فغلط ممن رواه، وإنما هو عن
أبي بكر بن أبي عتيق، عن عائشة، وهو عبد الله بن محمد بن عبد
الرحمن بن أبي بكر الصديق.
قال شيخنا (ن) (1): وكذا رواه البخاري في «صحيحه» وصَرَّح بأنه
ابن أبي عتيق، إلا أن ابن الجوزي في «التلقيح» قال: إن أبا بكر
الصديق روى عن ابنته عائشة حديثين، وروت أم رومان عن ابنتها
عائشة حديثين.
وقوله:
844 - وَعَكْسُهُ صَنَّفَ فِيهِ الوَائِلي ... وهوَ مَعَالٍ
لِلْحَفِيدِ النَّاقِل
_________
(1) (2/ 184).
(1/366)
الشرح: يعني أن أبا نصر الوائلي صنف في
رواية الأبناء عن الآباء ورواية الرجل عن أبيه عن جده من
المعالي.
قال شيخنا (ن) (1): كما أخبرني الحافظ أبو سعيد خليل بن
العلائي بقراءتي عليه ببيت المقدس: أنا محمد بن يوسف: أنا
الإمام أبو عمرو بن الصلاح: حدثني أبو المظفر عبد الرحيم بن
الحافظ أبي سعيد السمعاني، عن عبد الرحمن بن عبد الجبار
الفامي، قال: سمعت أبا القاسم منصور بن محمد العلوي، يقول:
الإسناد بعضه عوال، وبعضه معالي، وقول الرجل: حدثني أبي عن جدي
من المعالي.
وقوله:
845 - وَمِنْ أَهَمِّهِ إذا مَا أُبْهِمَا ... الأبُ أَوْ
جَدٌّ وَذَاكَ قُسِمَا
846 - قِسْمَينِ عَنْ أَبٍ فَقَطْ نَحْوَ أَبِي ... العُشَرَا
عَنْ أَبِهِ عَنِ النَّبِيّ
847 - واسْمُهُما على الشَّهيرِ فاعْلَمِ ... أُسَامَةُ بنُ
مَالِكِ بنِ قِهْطَمِ [144 - أ]
الشرح: يعني: أن [من] (2) هذا النوع وهو رواية الأبناء عن
الآباء ما إذا أبهم اسم الأب أو الجد فلم يُسَم، بل اقتصر على
كونه أباً للراوي، أو جداً له، فيحتاج إلى معرفة اسمه، وهو
منقسم قسمان:
أحدهما: أن تكون الرواية عن أبيه فقط دون جده، كرواية أبي
العُشَرَاء الدارمي، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في
السنن الأربعة، ولم يسم
_________
(1) (2/ 185).
(2) زيادة من المصدر.
(1/367)
أباه في طرق الحديث، واختُلف في اسم أبي
العشراء، واسم أبيه، على أقوال:
أحدها: وهو الأشهر أنه أسامة بن مالك بن قِهطم.
قلت: وقِهْطَم بكسر القاف، وإسكان الهاء، وبعده طاء مهملة
مفتوحة، فميم ونقل ابن الصلاح من خَطِّ البيهقي وغيره إبدال
الهاء حاء مهملة.
وقوله:
848 - وَالثَّانِ أنْ يَزِيدَ فيهِ بَعْدَهُ ... كَبَهْزٍ اوْ
عَمْرٍو أباً أَوْ جَدَّهُ
849 - والأَكْثَرُ احْتَجُّوا بعمرٍو حَمْلاَ ... لَهُ على
الجَدِّ الكَبِيرِ الأَعْلَى
الشرح: هذا القسم الثاني من رواية الأبناء عن الآباء، وهو أن
يزيد فيه بعد ذكر الأب أباً آخر فيكون جداً للأول، أو يزيد جد
الأب.
فمثال الأول: رواية بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي
صلى الله عليه وسلم. فحكيم هو ابن معاوية بن حيدة القشيري،
فالصحابي [144 - ب] هو معاوية، وهو جد بهز.
ومثال الثاني: رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وشعيب هو
ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، فالصحابي عبد الله بن
عمرو، وهو جد شعيب.
فقوله: «والثاني» فيه لف ونشر، وتقديم وتأخير، والتقدير:
والثاني أن يزيد بعد الأب أباً كبهز بن حكيم، أو جداً كعمرو بن
شعيب.
وقوله: «والأكثر» (خ) يعني أن نسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده
(1/368)
نسخة كبيرة. قلت: وأكثرها فقهيات، احتج بها
أكثر المحدثين، حملاً بجده على عبد الله الصحابي، دون محمد
التابعي والد شعيب، لما ظهر لهم من إطلاقه ذلك، وفيها أقوال
أُخر نص عليها في الشرح.
وقوله:
850 - وَسَلْسَلَ الآبَا التَّمِيمِي فَعَدّْ ... عَنْ
تِسْعَةٍ قُلْتُ: وَفَوْقَ ذَا وَرَدْ
الشرح: يعني أن التميمي عبد الوهاب روى عن آبائه فَعَدَّ تسعةَ
آباء، فروى الخطيب في «تاريخه» قال: ثنا عبد الوهاب عبد العزيز
بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن
يزيد بن أُكينة بن عبد الله التميمي من لفظه قال: سمعت أبي
يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي
يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي
يقول: سمعت علي بن أبي طالب، وقد سُئل عن الحنان المنان فقال:
الحنان هو الذي يُقْبل على من أعرض عنه، والمنان هو الذي يبدأ
بالنوال قبل السؤال.
وقوله: «وفوق» (خ) يعني وقد ورد التسلسل بأكثر من هذا الوجه
ومن غيره، فأما الأول أعني من جهة الآباء، فَوَرَد باثني عشر
أباً في حديث مرفوع من طريق رزق الله بن [145 - أ] عبد الوهاب
التميمي المذكور، قال شيخنا (ن) (1): أخبرنا به جماعة منهم:
شيخنا العلامة برهان الدين إبراهيم بن لاجين الرشيدي، قال: أنا
أحمد بن محمد بن إسحاق الأبرهوقي، قال: أنا أبو بكر
_________
(1) (2/ 191).
(1/369)
عبد الله بن محمد القلانسي قراءةً عليه
وأنا حاضر بشيراز: أنا عبد العزيز بن منصور بن محمد الآدمي،
قال: ثنا رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، قال: سمعت أبي أبا
الفرج عبد الوهاب يقول: سمعت أبي أبا الحسن يقول: سمعت أبي أبا
بكر الحارث يقول: سمعت أبي أسداً يقول: سمعت أبي الليث يقول:
سمعت أبي سليمان يقول: سمعت أبي الأسود يقول: سمعت أبي سفيان
يقول: سمعت أبي يزيد يقول: سمعت أبي أكينة يقول: سمعت أبي
الهيثم يقول: سمعت أبي عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: «ما اجتمع قوم على ذكر إلا حَفَّتْهُم
الملائكة وغشيتهم الرحمة».
قال العلائي في كتاب «الوشي المعلم»: هذا إسناد غريب جداً.
قال (ن) (1): قال وقد وجدتُ التسلسل في عده أحاديث بأربعة عشر
أباً من طريق أهل البيت، منها: ما رواه السمعاني في «الذيل»
قال: أنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البِسْطامي الإمام
بقراءتي، وأبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني لفظه قالا: أنا
السيد أبو محمد الحسين بن علي بن أبي طالب من لفظه ببلخ، قال:
حدثني سيدي والدي أبو الحسن علي بن أبي طالب سنة ست وستين
وأربعمائة، قال: حدثني أبي أبو طالب الحسن بن عبد الله (2) بن
علي بن عبد الله [145 - ب] سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، قال:
حدثني والدي أبو علي عبيد الله بن محمد، قال: حدثني أبي محمد
بن عبيد الله: حدثني أبي عبيد الله
_________
(1) (2/ 192).
(2) في المصدر: عبيد الله.
(1/370)
بن علي: [حدثني أبي ابن محمد] (1) قال:
حدثني أبي علي بن الحسن: حدثني أبي الحسن بن الحسين: حدثني أبي
الحسين بن جعفر: حدثني أبي جعفر، وهو أول من دخل بلخ من هذه
الطائفة الملقب بالحجة (2)، قال: حدثني أبي عبد الله (3):
حدثني أبي الحسين الأصغر: حدثني أبي علي بن الحسين بن علي، عن
أبيه، عن جده علي رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «ليس الخبر كالمعاينة»، والله تعالى أعلم.
_________
(1) كذا، وهو حشو.
(2) كذا وقعت العبارة في الأصل، وصوابها: حدثني أبي الحسين بن
جعفر وهو أول من دخل بلخ من هذه الطائفة، قال: حدثني أبي جعفر
الملقب بالحجَّة ... شرح الناظم (2/ 192).
(3) في المصدر: عبيد الله.
(1/371)
السَّابِقُ واللاَّحِقُ
قوله:
851 - وَصَنَّفُوا في سَابِقٍ ولاَحِقِ ... وَهْوَ اشْتِرَاكُ
رَاوِيَيْنِ سَابِق
852 - مَوْتاً كَزُهْرِيٍّ وَذِي تَدَارُكِ ... كَابْنِ
دُوَيْدٍ رَوَيَا عَنْ مَالِك
853 - سَبْعَ ثَلاَثُونَ وَقَرْنٍ وافِي ... أُخِّرَ
كَالجُعْفِي والخَفَّاف
الشرح: يعني أن الخطيب صنف كتاباً سماه «السابق
واللاحق»، وموضوعه أن يشترك راويان في الرواية عن شخص
واحد، وأحد الراويين متقدم، والآخر متأخر، بحيث أن يكون بين
وفاتهما أمدٌ بعيد، وفائدته تقرير حلاوة علو الإسناد في
القلوب.
ومثال ذلك: أن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه روى عنه أبو بكر
الزهري أحد شيوخه، وروى عنه أيضاً زكريا بن دُوَيد الكندي،
وتأخرت وفاة زكريا بعد موت الزهري مائة وسبعاً وثلاثين سنة
وأكثر، فإن وفاة [146 - أ] الزهري سنة أربع وعشرين ومائة،
وتأخر زكريا إلى سنة نيف وستين ومائتين.
قال شيخنا (ن) (1): وزكريا وإن روى عن مالك، فأحد الكذابين،
قال ابن حبان: «كان يضع الحديث، بل زاد وادعي أنه سمع من حميد
الطويل، وروى عنه نسخة موضوعة» فكان تركه في المثال أولى.
_________
(1) (2/ 193).
(1/372)
والصواب أن يُمَثَّل لذلك بالسَّهمي أحمد
بن إسماعيل فإنه آخر أصحاب مالك، كما نَصَّ عليه المزي، وكانت
وفاة السهمي سنة تسع وخمسين ومائتين، فبينه وبين وفاة الزهري
مائة وخمسٌ وثلاثون سنة، والسَّهمي وإن كان ضعيفاً أيضاً فإن
أبا مصعب شهد له أنه كان يحضر معهم العرض على مالك.
وقوله: «أُخِّر». قلت: بضم أوله مبنياً للمفعول، ويعني ابن
دويد.
قلت: وابن دويد (1) بضم الدال المهملة، وفتح الواو، وبعده
مثناة تحت ساكنة، فدال مهملة.
وقوله: «الجعفي» (خ) يعني: كما تقدمت وفاة محمد بن إسماعيل
البخاري على وفاة أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري
بهذا المقدار، وهو مائة وسبع وثلاثون سنة، واشتركا في الرواية
عن أبي العباس محمد بن إسحاق السَّرَّاج، فروى عنه البخاري في
«تاريخه»، وآخر من روى عن السَّرَّاج: الخفاف، وتوفي البخاري
سنة ست وخمسين ومائتين، وتوفي الخفاف سنة ثلاث وتسعين
وثلاثمائة.
قال شيخنا (ن) (2): ومثاله في زمننا أن الفخر بن البخاري سمع
منه المنذري، وروى عنه جماعة [146 - ب] موجودون بدمشق في هذه
السنة، سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، منهم المزي عمر بن الحسن بن
مَزيد، ونجم الدين بن النجم، وصلاح الدين إمام مدرسة الشيخ أبي
عمرو (3)، وتوفي المنذري سنة ست وخمسين وستمائة.
_________
(1) في الأصل: وليس دويد. خطأ.
(2) (2/ 194).
(3) في المصدر: أبي عُمر.
(1/373)
|