مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية

مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلاَّ رَاوٍ وَاحِدٌ
قوله:
854 - وَمُسْلِمٌ صَنَّفَ فِي الوُحْدَانِ ... مَنْ عَنْهُ رَاوٍ وَاحِدٌ لاَ ثان
855 - كَعَامِرِ بْنِ شَهْرٍ اوْ كَوَهْبِ ... هُوَ ابْنُ خَنْبَشٍ وَعَنْهُ الشَّعْبِي
856 - وَغُلِّطَ الحَاكِمُ حَيْثُ زَعَمَا ... بأنَّ هَذَا النَّوْعَ لَيْسَ فِيْهِمَا
857 - فَفِي الصَّحِيحِ أخْرَجَا للمُسَيِّبَا ... وأخْرَجَ الجُعْفِيُّ لابْنِ تَغْلِبَا

الشرح: من أنواع الحديث معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد من الصحابة والتابعين ومَنْ بَعْدهم، وصَنَّفَ فيه مسلم كتابه المترجم بالمفردات والوحدان.
وقوله: «كعامر» (خ) يعني: مثال ذلك في الصحابة عامر بن شهر الهمداني، ووهب بن خنبش، تفرد الشعبي بالرواية عن كلِّ واحدٍ منهما فيما نصَّه مسلم وغيره، وحديث عامر في «السنن» لأبي داود، وحديث وهب في (ن) و (ق)، ووقع في (ق) في رواية له هرم بن خنبش، وكذا ذكره الحاكم في «العلوم»، وتبعه عليه أبو نعيم في «العلوم الحديثية» له، وحكاه ابن الصلاح.
وقوله: «وغُلِّط» (خ) يعني أن الحاكم زعم في كتاب «المدخل» بأن أحداً من هذا القبيل لم يخرِّج عنه الشيخان في «صحيحهما»، وغَلَّطَهُ في ذلك جماعة منهم محمد بن طاهر [147 - أ]، والحازمي، ونُقِضَ ذلك عليه بأنهما أخرجا حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب، مع أنه لا راوي له غير ابنه

(1/374)


سعيد بن المسيب، وكذا أخرج الجعفي البخاري حديث عمرو بن تغلب مرفوعاً: «إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب إليَّ» ولم يرو عن عمرو سوى الحسن البصري، فيما نص عليه مسلم في «الوحدان» وغيره.

(1/375)


مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدةٍ
قوله:
858 - وَاعْنِ بِأَنْ تَعْرِفَ مَا يَلْتَبِسُ ... مِنْ خَلَّةٍ يُعْنَى بِهَا المُدَلِّسُ
859 - مِنْ نَعْتِ رَاوٍ بِنُعُوتٍ نَحْوَ مَا ... فُعِلَ في الكَلْبِيِّ حَتَّى أُبْهِمَا
860 - مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ العَلاَّمَهْ ... سَمَّاهُ حَمَّاداً أبُو أُسَامَهْ
861 - وبِأبِي النَّضْرِ بنِ إسْحَقَ ذَكَرْ ... وبِأبي سَعِيدٍ العَوْفِيْ شَهَرْ
الشرح: ذَكَرَ في هذا النوع مَنْ عُرف من الرواة بأنواع من التعريفات من الأسماء، والكنى، أو الألقاب، أو الأنساب، إما من جماعة من الرواة عنه يُعَرِّفُه كلُّ واحد بغير ما يُعَرِّفه الآخر، أو من راو واحد عنه فتعرفه مرةً بهذا، ومرة بذاك، فيلتبس ذلك على من لا معرفة عنده، بل على كثيرٍ من أهل المعرفة والحفظ، وإنما يفعل ذلك كثيراً المدَلِّسون، وصَنَّفَ الحافظ عبد الغني الأزدي كتاباً نافعاً سماه «مفتاح الإشكال» وصنف فيه الخطيب كتاباً كبيراً سماه «الموضح لأوهام الجمع والتفريق»، بدأ فيه بأوهام البخاري في ذلك.
وقوله: «نحو ما فعل» (خ) يعني مثال ذلك [147 - ب]: ما فعله الرواة عن محمد بن السائب الكلبي العلامة في الأنساب، أحد الضعفاء، وروى عنه أبو أسامة حماد بن أسامة فسماه حماد بن السائب، وروى عنه محمد بن إسحاق بن يسار فسماه مُرَّة وكناه مرةً بأبي النضر، ولم يُسَمه، وروى عنه عطية العوفي وكناه بأبي سعيد ولم يسمه.
وقوله: «من خَلَّة». قلت هو بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام: الخصلة.

(1/376)


أَفْرَادُ العَلَمِ
قوله:
862 - وَاعْنِ بالأَفْرَادِ سُماً أو لَقَبَا ... أوْ كُنْيَةً نَحْوَ لُبَيِّ بْنِ لَبَا
863 - أوْ مِنْدَلٍ عَمْرٌو وَكَسْراً نَصُّوا ... في المِيمِ أوْ أَبِي مُعَيْدٍ حَفْصُ

الشرح: العَلَم هو: ما يُعْرَف به من جُعِل علامة عليه من الأسماء والكنى والألقاب، فالاسم: ما وُضِع علامةً على المسمى، والكنية ما صُدِّرت بأب أو أم، واللقب ما دل على رفعه أو ضعَةٍ.
ومعرفة أفراد الأعلام نوع من أنواع الحديث، صَنَّفَ فيه جماعة [منهم الحافظ] (1) البرديجي صنف فيه كتابه المترجم بـ «الأسماء المفردة» وهو أول كتاب وُضع في جمعها مفردة، وإلا فهي مُفَرَّقة في «تاريخ البخاري الكبير»، و «الجرح» لأبي حاتم (2).
وقوله: «نحو» (خ) هذا من أمثلة الأفراد الأسماء (3): لُبَي بن لَبَا صحابي من بني أسد، وكلاهما باللام، والباء الموحدة، وهو وأبوه فَرْدان، فالأول مُصَغَّر
_________
(1) العبارة في الأصل: صنف فيه جماعة الحفاظ البرديجي. وما أثبتناه من المصدر.
(2) كذا، وصوابه: لابن أبي حاتم.
(3) كذا، وصوابه: أفراد الأسماء.

(1/377)


بوزن أُبَي، والثاني مكبر بوزن فَتَى.
وقوله: «أو مِبدَل» [148 - أ] (خ) هذا مثال لأفراد الألقاب، وهو مبدل بن علي العَنَزي، واسمه عمرو، ومبدل لقب له، وهو بكسر الميم، وإسكان الباء الموحدة (1)، وبعده دال مهملة مفتوحة، فلام.
قال ابن الصلاح: ويقولون كثيراً مَبْدَل بفتح الميم.
قال شيخنا (ن) (2): ورأيت بخط الحافظ أبي الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي نقلاً عن خط الحافظ محمد بن ناصر أن الصواب فيه فتح الميم.
وقوله: «أو أبي مُعَيد» (خ)، هذا مثال الأفراد في الكنى، وهو: أبو مُعيد بضم الميم، وفتح العين المهملة، وتشديد المثناة تحت (3)، وبعده دال مهملة، واسمه حفص بن غَيْلان.
وقوله: «سُمًا» هو: بضم السين، وزن هُدَى، لغة في الاسم، نُصِب على التمييز.
وقوله: «أو مبدلٍ» (4) هو مجرور عطفاً على «لُبَي»، وكذا «أبي معيد».
و «عمرو» و «حفص» مرفوعان على الخبر لمبتدأ محذوف، أي: هو عمرو، وهو حفص.
و «كسراً» منصوب بنزع الخافض أي: على كسر الميم.
_________
(1) كذا، وهو وهم عجيب فقد أثبته المصنف «مبدل»، ثم ضبطه على ذلك، وإنما صوابه «مندل» بالنون.
(2) (2/ 302).
(3) كذا، والذي قاله الناظم (2/ 204) بسكون الياء المثناة.
(4) كذا، وقد تقدم ما فيه.

(1/378)


الأَسْمَاءُ والكُنَى
قوله:
864 - وَاعْنِ بالاسْما والكُنَى وَقَدْ قَسَمْ ... الشَّيْخُ ذَا لِتِسْعٍ اوْ عَشْرٍ قَسَمْ
865 - مَنِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ انْفِرَادَا ... نَحْوُ أُبِي بِلاَلٍ اوْ قَدْ زَادَا
866 - نَحْوَ أبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ قَدْ كُنِي ... أبَا مُحَمَّدٍ بِخُلْفٍ فَافْطُن
867 - وَالثَّانِ مَنْ يُكْنَى ولااسْماً نَدْرِي ... نَحْوُ أبي شَيْبَةَ وَهْوَ الخُدْرِي
868 - ثُمَّ كُنَى الأَلْقَابِ وَالتَّعَدُّدِ ... نَحْوَ أبي الشَّيْخِ أبي مُحَمَّد
869 - وابْنُ جُريْجٍ بأبي الوَلِيدِ ... وَخَالِدٌ كُنِّيَ للتَّعْدِيدِ [148 - ب]
870 - ثُمَّ ذَوو الخُلْفِ كُنًى وعُلِمَا ... أسْمَاؤُهُمْ وَعَكْسُهُ وَفِيْهِمَا
871 - وَعَكْسُهُ وَذُو اشْتِهَارٍ بِسُمِ ... وعَكْسُهُ أبو الضُّحَى لِمُسْلِم

الشرح: من أنواع الحديث: معرفة أسماء ذوي الكنى، ومعرفة كنى ذوي الأسماء، والعناية بذلك مطلوبة؛ لأنه ربما يُذْكَر الرَّاوي مَرَّةً بكنيته، ومَرَّةً باسمه، فيظن من لا معرفة له أنهما رجلين، وربما ذكر الراوي باسمه وكنيته معاً، فَيُتَوهَّم رجلين كالحديث الذي رواه الحاكم، من رواية أبي يوسف، عن أبي حنيفة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد، عن أبي الوليد، عن جابر مرفوعاً: «من صَلَّى خلفَ إمام، فإن قراءته له قراءة» فقال الحاكم:

(1/379)


«عبد الله بن شداد هو بنفسه أبو الوليد»، على ما بينه المديني، قال الحاكم: ومن تهاون بمعرفة هذا النوع أورثه مثل هذا الوهم.
قال شيخنا (ن) (1): ولقد بَلَغَني عن بعض من دَرَّس في الحديث ممن رأيته أنه أراد الكشف عن ترجمة أبي الزناد، فلم يَهْتَدِ إلى معرفة ترجمته من كتب الأسماء، لعدم معرفته باسمه، مع كون اسمه معروفاً عند المبتدئين من طلبة الحديث، وهو عبد الله بن ذكوان، وأبو الزناد لقب له، وكنيته أبو عبد الرحمن، وصَنَّفَ في ذلك جماعة منهم علي بن المديني، ومسلم، والنيسابوري [149 - أ]، والدولابي أبو بشر، والحاكم أبو أحمد، وأبو عُمر، والذين صَنَّفُوا في ذلك بَوَّبُوا الأبواب على الكُنى، وبينوا أصحابها، إلا أن النَّسَائي رَتَّبَ حروفَه عل ترتيب غريب، ليس على ترتيب حروف المعجم على طريق المشارقة والمغاربة، و [لا] (2) على ترتيب [حروف أبجد] (3) ولا على ترتيب «العين» و «المحكم» بل ترتيبها (ل ب ت ث ي ن س ش ر ز د ذ ك ط ظ ص ض ف ق وهـ م ع غ ج ح خ).
وقد نظمها شيخنا (ن) في بيتين، في أول كل كلمة منها حرف وهي:
إذا لم بي قرحٌ ثوى يوم نأيهم ... سَرَت شمألٌ رقَّب زَوَتْ داء ذي كَمَد
طوت ظِئرٍ صَدْرٍ ضاقَ في قيدِ وَجْدِه ... هَدَت من عَمَى غَيٍّ جَوَى حَرَّها خَمَد
_________
(1) (2/ 206).
(2) زيادة من المصدر.
(3) بياض في الأصل تممناه من المصدر.

(1/380)


وقوله: «وقد قَسَم» (خ) يعني: أن ابن الصلاح قَسَّم معرفة الأسماء والكنى إلى عشرة أقسام من وجه، وإلى تسعة من وجه آخر. فقوله: «قَسَم الشيخُ» بفتح السين مخففة.
وقوله: «من اسمُه» (خ) هذا القسم الأول، وينقسم إلى قسمين:
من لا كنية له غير الكنية التي هي اسمه. وهذا معنى قوله: «انفرادا» أي: لا كنية له إلا ذاك، كأبي بلال الأشعري، وأبي حصين بن يحيى الرازي؛ فإنَّ كلاً منهما اسمه كنيته. وكذا قال أبو بكر بن عياش المقري: ليس لي اسم غير أبي بكر.
وقوله: «أو قد زادا» هذا القسم الثاني من القسم الأول، وهو: مَنْ له كنية أخرى زيادةً على اسمه الذي هو كنيته كأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، فاسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد.
وقوله: «بِخُلف» يعني: أنه اختُلف في تكنيته بأبي محمد، فقيل: لا [149 - ب] كنيته لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه.
وقوله: «والثاني» (خ) هذا هو القسم الثاني من أصل التقسيم، وهو مَنْ عُرِف بكنيته، ولم يُوقف له على اسم، فلم يُدْرَ هل اسمُه كنيته كالأول، أو له اسم ولم نقف عليه؟ كأبي شيبة الخدري من الصحابة، مات في حصار القُسْطَنيطنية، ودُفِن هناك.
وقوله: «ثم كُنَى الألقاب» هذا القسم الثالث: مَنْ لُقِّبَ بكنيته (1)، كأبي الشيخ
_________
(1) في الأصل: من له لقب بكنيته، والتصحيح من المصدر.

(1/381)


ابن حيان عبد الله بن محمد، كنيته أبو محمد، وأبو الشيخ لقب له.
ومنه أبو تراب: علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.
وقوله: «وابنُ جُرَيج» (خ) القسم الرابع: من له كُنيتان فأكثر، وهذا المراد (1) بقوله: «والتعدد»، فيه لف بياني، والتقدير: ثم كُنى الألقاب كأبي الشيخ، وكُنَى التعدد كابن جُريج كُنِّىَ بأبي الوليد، وأبي خالد، وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
وقوله: «ثم ذَوو الخُلْف» (خ) هذا القسم الخامس: من اختُلِفَ في كنيته على قولين أو أقوال، وعُلِمَ اسمه فلم يُختلف فيه، وللهروي عبد الله بن عطاء الإبراهيمي من المتأخرين فيه مُصَنَّفٌ مختصر، وذلك كأسامة بن زيد الحب أبي زيد، أو أبي محمد، أو أبي عبد الله، أو أبي خارجة، أقوال.
وقوله: «كنى» منصوب على التمييز.
وقوله: «وفيها» هذا القسم السادس: من اختُلِفَ في كنيته واسمه معاً، مثل: سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لَقَبٌ له، واسمه [150 - أ] عُمَير، أو صالح، أو مهرانٌ أقوال. وكنيته أبو عبد الرحمن، أو أبو البَخْتَري.
والقسم السابع: من اختُلِفَ في اسمه، وعُرف كنيته بلا خلاف، كأبي هريرة، فاختُلف في اسمه على أقوال، ذَكَرَ النووي أنها ثلاثون، وصَحَّح أنه عبد الرحمن بن صَخْر، وصَحَّح الدمياطي أنه عمر بن عامر.
وقوله: «وعَكْسُهُ» هذا القسم الثامن: من لم يُختلف في كنيته ولا اسمه، بل
_________
(1) في الأصل: أراد. والتصحيح من المصدر.

(1/382)


عُلِما معاً، كأئمة المذاهب أبي حنيفة النعمان، وأبي عبد الله سفيان الثوري، ومالك، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ونفعني وولدي بعلومهم وبركاتهم.
وقوله: «وذو اشتِهَار» (خ) هذا القسم التاسع: من اشتُهِر باسمه دون كنيته، كطلحة بن عبد الله، وعبد الرحمن بن عوف، والحسن بن علي، كنية كل منهم أبو محمد.
وقوله: «بِسُم» بضم السين، لغة في الاسم غير لغة القصر، فَيُعْرَف بالحركات.
وقوله: «وعكسه» (خ) هذا القسم العاشر من اشتُهر بكنيته دون اسمه، كأبي الضُّحي مسلم بن صُبَيْح.

(1/383)


الأَلْقَابُ
قوله:
872 - وَاعْنِ بِالالْقَابِ فَرُبَّمَا جُعِلْ ... الوَاحِدُ اثْنَيْنِ الذِيْ مِنْهَا عُطِلْ
873 - نَحْوُ الضَّعِيفِ أيْ بِجِسْمِهِ وَمَنْ ... ضَلَّ الطَّرِيْقَ بِاسْمِ فَاعِلٍ وَلَنْ
874 - يَجُوزَ مَا يَكْرَهُهُ المُلَقَّبُ ... وَرُبَّمَا كَانَ لِبَعْضٍ سَبَبُ
875 - كَغُنْدَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ ... وصَالِحٍ جَزَرَةَ المُشْتَهرِ [150 - ب]

الشرح: من أنواع الحديث الألقاب، والعناية به أيضاً مطلوبة، فإنه ربما وهم العَاطِل من معرفة ذلك، فَيَجْعَل الرجل الواحد اثنين؛ إذ يكون ذُكِرَ مَرَّةً باسمه، ومرة بلقبه، كما وقع لجماعة من الأكابر [منهم] (1) علي ابن المديني، فَرَّقَ بين عبد الله بن أبي صالح أخي سهيل، وبين عباد بن أبي صالح جعلهما اثنين.
قال الخطيب: وعبد الله كان يُلَقَّب عباداً، وليس عباد بأخ له.
وقوله: «نحو الضعيف» (خ) يعني: أن مثال ذلك: رجلان جليلان لزمهما لقبان قبيحان، معاوية بن عبد الكريم الضال، ضَلَّ في طريق مكة. وعبد الله بن محمد الضعيف، لضعف في جسمه لا في حديثه.
وقوله: «ولن يجوز» (خ) يعني: أن الألقاب تنقسم إلى ما لا يكرهه
_________
(1) زيادة من المصدر.

(1/384)


الملقَّب: كأبي تراب، لقب علي رضي الله عنه. قال سهل بن سعد في الحديث المتفق عليه: «ما كان له اسم، أحبّ إليه منه».
وكبندار، لقب محمد بن بشار. وبهذا لا إشكال في جواز التعريف به.
وإلى (1) ما يكرهه الملقَّب به فلا يجوز تعريفه به.
وقوله: «وربَّما» (خ) يعني: أن الألقاب قد لا يُعْرَف سببُ التلقيب بها، وذلك موجود في كثير منها (2)، وقد تُعرف، ولعبد الغني فيه مؤلف مفيد، نحو غندر وحَزَرَة، فأما غُنْدَر فلقبُ محمد بن جعفر البصري، كان سببه أن ابن جريج قدم البصرة فحدَّث بحديث عن الحسن البصري، فأنكروه عليه، وشَغَّبُوا [151 - أ]، فلقب ابنُ جريج غُندراً من ذلك اليوم لما كان يكثر الشغب عليه، فقال: «اسكت يا غندر»، وأهل الحجاز يسمون المشغِّب غندراً.
وقوله: «وصالح» (خ) فجزرة، قلت: بفتح الجيم، والزاي، والراء المهملة، وبعده هاء تأنيث، هو لقب أبو (3) [علي] (4) صالح بن محمد البغدادي الحافظ، روى الحاكم أن صالحاً سُئل لِمَ لُقِّبَ بجزرة؟ فقال: قدم عَمرو بن زُرارة بغداد، فاجتمع عليه خلق عظيم، فلما كان عند الفراغ من المجلس، سُئلت من أين سمعت؟ فقلت: من حديث الجزرة، فَبَقِيَت عليَّ، وذلك الحديث حديث عبد الله بن بُسر: «أنه كان يرقى بِخَرَزة» بالخاء المعجمة، وتقديم الراء، فصحفها صالح بجزرة، بالجيم، وتقديم الزاي. انتهى.
_________
(1) هذا القسم الثاني من الألقاب.
(2) العبارة في الأصل رسمت هكذا: وذلك من حديث البحر! وما أثبتناه من المصدر.
(3) كذا في الأصل: «أبو» وهو خلاف مقتضى اللغة.
(4) زيادة من المصدر.

(1/385)