مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية تأريخ الرواة
والوفيات
قوله: [170 - أ]
951 - وَوَضَعُوا التَّارِيْخَ لَمَّا كَذَبَا ... ذَوُوْهُ
حَتَّى بَانَ لَمَّا حُسِبَا
952 - فَاسْتَكْمَلَ النَّبِيُّ والصِّدِّيْقُ ... كَذَا
عَلِيٌّ وَكَذَا الفَارُوْقُ
953 - ثَلاَثَةَ الأَعْوَامِ والسِّتِّينَا ... وَفِي رَبِيْعٍ
قَدْ قَضَى يَقِيْنَا
954 - سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةٍ، وَقُبِضَا ... عَامَ ثَلاَثَ
عَشْرَةَ التَّالِي الرِّضَى
955 - وَلِثَلاَثٍ بَعْدَ عِشْرِيْنَ عُمَرْ ... وَخَمْسَةٍ
بَعْدَ ثَلاَثِيْنَ غَدَرْ
956 - عَادٍ بِعُثْمَانَ، كَذَاكَ بِعَلِيْ ... فِي
الأرْبَعِيْنَ ذُوْ الشَّقَاءِ الأزَلِيْ
الشرح: هذا النوع فنٌّ مهمٌّ في علوم الحديث، به يُعْرَف اتصال
الحديث وانقطاعه، وادَّعَى قومٌ روايةً عن أُناس، فَنُظِرَ في
التاريخ، فَظَهَرَ أنهم زعموا الرواية عنهم بعد سنين (1)،
كإبراهيم بن يزيد في روايته عن الأوزاعي (2).
قال الثوري (3): «فلما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم
التاريخ».
وعن حفص بن غياث القاضي: «إذا اتهمتم الشيخُ فحاسبوه
بالسِّنَّيْن -بفتح
_________
(1) كذا، ويظهر أن صواب العبارة: بعد سنين من وفاتهم.
(2) كذا، ولم يُمَثِّل الناظم بهذا.
(3) في الأصل: النووي. خطأ.
(1/439)
النون المشددة، تثنية، سنٍ وهو العمر-
يريد: احسبوا سِنَّهُ وسِنَّ من كَتَبَ عنه.
وعن الحميدي أبي عبد الله قال: ثلاثة أشياء من علم الحديث يجب
تقديم العناية بها: العلل، وأحسن مصنَّف فيها الدارقطني،
والمؤتلف، وأحسن كتاب فيه كتاب الأمير، ووفيات الشيوخ وليس فيه
كتاب يستوعبه، وصنف فيه ابن زَبْر وابن قانع، وذَيَّلَ قومٌ
على ابن زَبْر إلى زمننا، فذيل عليه الحافظ الكتاني عبد
العزيز، وعلى الكتاني الأكفانيُّ أبو محمد هبة الله ذيلاً [170
- ب] صغيراً، وعلى الأكفاني الحافظ ابن المفضل، وعليه المنذري
ذيلاً كبيراً مفيداً، وعليه الشريف عز الدين بن الحسيني، وعليه
بن أَيْبَك الدمياطي إلى الطاعون، سنة تسع وأربعين وسبعمائة،
وعليه شيخنا (ن).
وأول من وَضَعَ التاريخ الإسلامي الهجري عمر بن الخطاب رضي
الله تعالى عنه سنة ست عشرة أو سنة عشرين.
وقوله: «ذَوُوهُ» يعني: الكذب.
وقوله: «فاستكمل النبيُّ» (خ) يعني أن سِنَّ سيدِنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم وسن أبي بكر، وعُمَر، وعَلي، ثلاث وستون
سنة، وهذا هو الصحيح من خلافٍ أُشير إليه في (ش) (1) وفي غيره.
وقوله: «وفي ربيع» (خ) يعني أن تاريح وفياتهم: أنه صلى الله
عليه وسلم توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة، ولا خلاف بين أهل
السير في الشهر، ولا خلاف أنه كان يوم الاثنين، ضُحى.
_________
(1) (2/ 296).
(1/440)
وقوله: «وقُبِضاً» (خ) يعني: أنه تُوِفِّى
الصديق أبو بكر سنة ثلاث عشرة في جمادى الأولى في قول الواقدي
وغيره، وقيل غير ذلك، وتوفي عُمَر في آخر يوم من ذي الحجة سنة
ثلاث وعشرين.
وقوله: «وخمسةٍ» (خ) يعني: وتوفي عثمان رضي الله تعالى عنه
مقتولاً شهيداً سنة خمس وثلاثين، في ذي الحجة، يوم الجمعة،
الثامن عشر منه، وادعى ابن ناصر الإجماع عليه.
قال شيخنا (ن) (1): وليس بجيد، فقد قيل إنه يوم التروية لثمان
خلت منه.
وقوله: «غَدَر» (خ) يعني: أن قاتله عادٍ، واختلف فيه فقيل:
جبلة، وقيل: سودان، وقيل: رومان [171 - أ]، وقيل: غير ذاك.
وقوله: «كذاك بعلى» (خ) يعني: وتُوفي علي رضي الله تعالى عنه
مقتولاً شهيداً، من شهر رمضان، سنة أربعين، وقتله عبد الرحمن
بن ملجم المرادي، أشقى الآخرين، كما في حديث صهيب.
وذكر (ن) (2) من حديث عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: «لعل أشقى الناس الذي عقر الناقة، والذي يضربك
على هذا -ووضعَ يده على رأسه- حتى تخضب هذه -يعني لحيته-».
_________
(1) (2/ 303).
(2) (2/ 305).
(1/441)
وقوله:
957 - وَطَلْحَةٌ مَعَ الزُّبَيْرِ جُمِعَا ... سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ مَعَا
الشرح: يعني أنه توفي طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام،
في سنة واحدة، سنة ست وثلاثين، في شهر واحد، في يوم واحد،
كلاهما في وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة.
وقوله:
958 - وَعَامَ خَمْسَةٍ وَخَمْسِيْنَ قَضَى ... سَعْدٌ،
وقَبْلَهُ سَعِيْدٌ فَمَضَى
959 - سَنَةَ إحْدَى بَعْدَ خَمْسِيْنَ وَفِي ... عَامِ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ تَفِي
960 - قَضى ابْنُ عَوْفٍ، والأَمِيْنُ سَبَقَهْ ... عَامَ
ثَمَانِي عَشْرَةٍ مُحَقَّقَهْ
الشرح: توفي سعد بن أبي وقاص سنة خمس وخمسين، وشهره المزِّي
(1).
وتوفي سعيد بن زيد سنة إحدى، شهد سعد جنازته، ونزل في
حُفْرَته.
وقوله: «وفي عام» (خ) وتوفي عبد الرحمن بن عوف سنة اثنتين
وثلاثين.
وقوله: «الأمين» (خ) توفي أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح،
واسمه عامر، سنة ثماني عشرة [171 - ب] في طاعون عمواس.
وقوله:
961 - وَعَاشَ حَسَّانُ كَذَا حَكِيْمُ ... عِشْرِيْنَ بَعْدَ
مِائَةٍ تَقُوْمُ
_________
(1) أي ذكر أن هذا هو المشهور.
(1/442)
962 - سِتُّوْنَ فِي الإِسْلاَمِ ثُمَّ
حَضَرَتْ ... سَنَةَ أرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ خَلَتْ
963 - وَفَوْقَ حَسَّانَ ثَلاَثَةٌ، كَذَا ... عَاشُوْا، وَمَا
لِغَيْرِهِمْ يُعْرَفُ ذَا
964 - قُلْتُ: حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ العُزَّى ... مَعَ ابْنِ
يَرْبُوْعٍ سَعِيْدٍ يُعْزَى
965 - هَذَانِ مَعْ حَمْنَنَ وابْنُ نَوْفَلِ ... كُلٌّ إلى
وَصْفٍ حَكِيْمٍ فَاحْمِل
966 - وفِي الصِّحَابِ سِتَّةٌ قَدْ عَمَّرُوا ... كَذَاكَ في
المُعَمِّرِيْنِ ذُكِرُوا
الشرح: ذكر في هذه الأبيات مَنْ عاش من الصحابة مائة وعشرين
سنة، ستين في الجاهلية، وستين في الإسلام، وهما شَخْصان: حكيم
بن حِزام، وحَسَّان بن ثابت بن المنذر.
وقوله: «سنة أربعٍ» (خ) يعني أنهما ماتا بالمدينة سنة أربع
وخمسين.
وقوله: «ثلاثة» (خ) يعني أن ثلاثة فوق حسان عاشوا مائة وعشرين
سنة: أبوه ثابت، والمنذر أبوه، وحَرَام أبوه.
قال أبو نعيم: ولا يعرف في العرب مثل ذلك لغيرهم.
وقوله: «قلت» يعني أن شيخنا (ن) (1) زاد علي بن الصلاح أربعة
اشتركوا معهما في ذلك، فصاروا سِتَّة يشتركون في هذا الوصف.
فالأول: حسان بن ثابت الأنصاري، فعاش مائة وعشرين سنة، ستين في
الجاهلية، وستين في الإسلام، وقيل: إن أباه وجده وقع لهم أن
عاشوا مائة وعشرين سنة.
_________
(1) (2/ 311 - 313).
(1/443)
والثاني: [172 - أ] حكيم بن حزام بن خويلد،
بن أخي خديجة بنت خويلد، أسلم في الفتح، وعاش ستين في
الجاهلية، وستين في الإسلام، فيما نَصَّهُ البخاري.
والثالث: حُوَيطب بن عبد العُزَّى القرشي العامري من مُسْلِمَة
الفتح، فروى الواقديُّ عن إبراهيم بن جعفر بن محمود، عن أبيه،
قال: كان حُويطب قد بلغ عشرين ومائة سنة، ستين في الجاهلية،
وستين في الإسلام.
والرابع: سعيد بن يربوع القرشي، من مسلمة الفتح.
والخامس: حَمْنَن بن عوف القرشي الزهري، أخو عبد الرحمن بن
عوف، وحمنن: بفتح الحاء المهملة، وإسكان الميم، وبعده نون
مفتوحة، فنون.
قال الدارقطني في كتاب «الأخوة والأخوات»: أسلم، ولم يهاجر إلى
المدينة، وعاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة.
والسادس: مخرمة بن نَوْفَل القرشي الزهري، والد المِسْوَر بن
مخرمة، من مُسْلِمَة الفتح، عاش مائة وعشرين سنة، ستين في
الجاهلية، وستين في الإسلام، جزم بذلك ابن منده في جزء جمع فيه
من عاش مائة وعشرين من الصحابة.
وقوله: «وفي الصحاب» (خ) يعني ابن مندة، فذكر في هذا الجزء
جماعة أُخر من الصحابة عاشوا مائة وعشرين، لكن لم يُعْلم كون
نصفها في الجاهلية ونصفها في الإسلام، لتقدم وفاتهم على
المذكورين، أو تأخرها، أو عدم معرفة التاريخ لموتهم، وهم ستة
كما قال.
(1/444)
الأول: عاصم بن عدي العجلاني، صاحب عويمر
العجلاني في قصة اللِّعان [172 - ب].
والثاني: المنتجع جَدُّ ناجية.
والثالث: اللَّجْلَاج العامري.
والرابع: سعد بن جُنادة العوفي الأنصاري.
والخامس: عدي بن حاتم الطائي.
والسادس: نافع أبو سليمان العبدي.
وقوله:
967 - وَقُبِضَ الثَّوْرِيُّ عَامَ إحْدَى ... مِنْ بَعْدِ
سِتِّيْنَ وَقَرْنٍ عُدَّا
968 - وَبَعْدُ في تِسْعٍ تَلِي سَبْعِيْنَا ... وَفَاةُ
مَالِكٍ، وَفي الخَمْسِيْنَا
969 - وَمِائَةٍ أَبُو حَنِيْفَةٍ قَضَى ... والشَّافِعِيُّ
بَعْدَ قَرْنَيْنِ مَضَى
970 - لأَرْبَعٍ ثُمَّ قَضَى مَأمُوْنَا ... أحْمَدُ في إحْدَى
وأَرْبَعِيْنَا
الشرح: ذكر أصحاب المذاهب الخمسة، فقد كان سفيان الثوري
معدوداً فيهم، قَلَّدَهُ جماعة إلى بعد القرن الخامس، وممن
ذَكَرَهُ معهم الغزالي في «الإحياء»، فتوفى أبو عبد الله سفيان
الثوري سنة إحدى وستين ومائة بالبصرة، فيما نصه الطيالسي أبو
داود، وابن معين، وابن سعد، مدعياً الاتفاق عليه، وقيل غير
ذلك.
وقوله: «وبَعْدُ» (خ) يعني أنه توفي مالك بن أنس بالمدينة سنة
تسع
(1/445)
وسبعين ومائة، فيما نصه الواقدي وغيره،
ومولده سنة تسعين وقيل غير ذلك.
وقوله: «وفي الخمسينا» (خ) يعني أنه توفي أبو حنيفة سنة خمسين
ومائة -وهو المحفوظ- ببغداد، ومولده سنة ثمانين.
وقوله: «والشافعي» (خ) يعني أنه توفي الشافعي سنة أربع
ومائتين، آخر يوم من رجب، وقيل غير ذلك، ومولده [173 - أ] سنة
خمسين ومائة، فعاش أربعاً وخمسين سنة.
وقوله: «ثم قضى» (خ) يعني أنه توفي الإمام أحمد ببغداد أيضاً،
سنة إحدى وأربعين ومائتين على الصحيح المشهور، وفي الشهر الذي
مات فيه خلاف، ومولده في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة.
وقوله:
971 - ثُمَّ البُخَارِيْ لَيْلَةَ الفِطْرِ لَدَى ... سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ بِخَرْتَنْكَ رَدَى
972 - وَمُسْلِمٌ سَنَةَ إحْدَى في رَجَبْ ... مِنْ بَعْدِ
قَرْنَيْنِ وَسِتِّيْنَ ذَهَبْ
973 - ثُمَّ لِخَمْسٍ بَعْدَ سَبْعِيْنَ أبُو ... دَاوُدَ،
ثُمَّ التِّرْمِذِيُّ يَعْقُبُ
974 - سَنَةَ تِسْعٍ بَعْدَهَا وَذُو نَسَا ... رَابِعَ قَرْنٍ
لِثَلاَثٍ رُفِسَا
الشرح: ذكر أصحاب الكتب الخمسة، فذكر أن البخاري توفي ليلة
السبت، عند صلاة العشاء، ليلة الفطر، سنة ست وخمسين، ومولده
يوم الجمعة، بعد الصلاة، لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال، سنة
أربع وتسعين ومائة، وكانت وفاته بخَرْتَنْك.
(1/446)
وقوله: «ومسلم» (خ) يعني: أن مسلماً توفي
عَشِيَّة يوم الأحد من رجب، سنة إحدى وستين ومائتين، وفي
سِنِّهِ خلاف، فقيل: خمس وخمسون، وبه جزم ابن الصلاح، وقيل:
ستون وبه جزم الذهبي في «العبر».
وقوله: «ثم لخمس» (خ) يعني: أن أبا داود توفي بالبصرة يوم
الجمعة، سادس عشر شوال، سنة خمس وسبعين ومائتين.
وقوله: «ثم الترمذي» يعني: أن الترمذي توفي ليلة الاثنين،
لثلاث عشرة [173 - ب] ليلة مَضَت من رجب، سنة تسع وسبعين
ومائتين.
وقوله: «وذو نَسَا» (خ) يعني: أن النسائي توفي بفلسطين في صفر
سنة ثلاث وثلاثمائة، ودُفِنَ ببيت المقدس، وذكر أبو عبد الله
بن مندة عن مشائخه أنه مات بمكة.
فقوله: «بِخَرْتَنْك»: هو بفتح الخاء المعجمة، وإسكان الراء
المهملة، وفتح المثناة فوق، وبعده نون ساكنة، فكاف، وذكر ابن
دقيق العيد في «شرح الإلمام» أنها بكسر الخاء والمعروف فتحها،
وكذا ذكر السمعاني.
وما ذُكِرَ أنه مات بها هو المعروف الذي جزم به السمعاني
وغيره، وذكر ابن يونس في «تاريخ الغُرباء» أنه مات بمصر بعد
الخمسين ومائتين.
قال شيخنا (ن) (1): ولم أره لغيره والظاهر أنه وهم، انتهى.
وخرتنك: قرية بقرب سمرقند.
_________
(1) (2/ 319).
(1/447)
وقوله: «رَدَى». قلت: هو بفتح الراء،
والدال المهملتين، أي: ذَهَب، ويقال فيه بمعنى الهلاك بكسر
الدال.
وقوله: «نَسَا».قلت: هو بفتح النون من كور نيسابور، وقيل من
أرض فارس، والقياس النَّسَوي.
وقوله: «رُفِسَا». قلت: هو بضم الراء المهملة، وكسر الفاء،
وبعده سين مهملة، معناه: أن سبب موته فيما حكاه ابن منده عن
مشائخه أنه سُئِل بدمشق عن معاوية، وما روي عن فضائله؟ فقال:
ألا يرضى معاوية رأساً برأسٍ حتى يُفَضَّل، فما زالوا يرفسونه
في خصييه حتى أُخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة ومات بها، وذكر
[174 - أ] الدارقطني أن ذلك بالرملة، وعاش ثمانياً وثمانين
سنة.
وأما ابن ماجه فأغفله (ن) تبعاً لابن الصلاح، وهو في سنة ثلاث
وسبعين ومائتين، وقيل غير ذلك، على ما أشرنا إليه في كتابنا
«التيسير والتقريب مختصر الترغيب والترهيب» للمنذري، نفع الله
تعالى به.
وقوله:
975 - ثُمَّ لِخَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ تَفِي ...
الدَّارَقُطْنِيْ، ثُمَّتَ الحَاكِمُ فِيْ
976 - خَامِسِ قَرْنٍ عَامَ خَمْسَةٍ فَنِي ... وَبَعْدَهُ
بِأرْبَعٍ عَبْدُ الغَنِيْ
977 - فَفِي الثَّلاَثِيْنَ: أبُوْ نُعَيْمِ ... وَلِثَمَانٍ
بَيْهَقِيُّ القَوْم
978 - مِنْ بَعْدِ خَمْسِيْنَ وَبَعْدَ خَمْسَةِ ...
خَطِيْبُهُمْ والنَّمَرِيْ في سَنَة
الشرح: ذكر أصحاب التصانيف بعد الكتب الخمسة، قال ابن الصلاح:
(1/448)
وهم سبعة أحسنوا التصنيف بعدهم فانتُفِع
بها، وهم:
أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي، توفي بها يوم
الأربعاء، لثمان خلون من ذي القعدة، سنة خمس وثمانين
وثلاثمائة، فعاش ثمانين سنة.
ثم الحاكم أبو عبد الله صاحب «المستدرك»، توفي سنة خمس
وأربعمائة.
ثم أبو محمد عبد الغني بن سعيد المصري، توفي لسبع خلون من صفر،
سنة تسع وأربعمائة.
ثم أبو نعيم أحمد الأصبهاني صاحب «الحلية»، توفي بكرة يوم
الاثنين، العشرون من المحرم، سنة ثلاث وأربعمائة.
ثم أبو بكر أحمد البيهقي، توفي بنيسابور، عاشر جمادى الأولى،
سنة [174 - ب] ثمان وخمسين وأربعمائة، ونُقِلَ تابوته إلى بيهق
سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
ثم الخطيب أبو بكر أحمد البغدادي، توفي بها في ذي الحجة سنة
ثلاث وستين وأربعمائة، وقيل غير ذلك.
وقوله: «والنمري» (خ) يعني: أن الحافظ ابن عبد البر توفي في
السنة التي توفي بها الخطيب بشاطبة من الأندليس، عن خمس وتسعين
سنة.
فقوله: «بيهقي القوم». قلت: البيهقي: نسبةً إلى بَيْهَق بفتح
الباء الموحدة، وسكون الياء المثناة تحت، وبعده هاء مفتوحة،
فقاف، وهي قُرَى مجتمعة بنواحي نيسابور، على عشرين فرسخاً
منها، وكانت قصبتها خسروجرد، فصارت سبزور، انتهى.
(1/449)
وقوله: «والنَّمَري». قلت: بفتح النون،
والميم، نسبةً إلى النَّمِر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دُعمي
بن جديلة بن أسد بن ربيعة، وإلى النمر بن عثمان بن نضر (1) بن
زهران بن كعب بن الحارث بن عبد الله بن مالك بن نضر (2) بن
الأزد، وإلى النمر بن ثعلب بن حلوان بن عمران ... (3) بن
قضاعة، وهذه النسبة من شواذ النسب التي تحفظ ولا يُقاس عليها،
ومن ذلك النسبة إلى أُمَية بضم الهمزة: أموي بفتحها. انتهى.
_________
(1) كذا، وفي «أنساب» السمعاني (5/ 525) وغيره من كتب الأنساب:
نصر.
(2) كذا، وفي كتب الأنساب: نصر.
(3) بياض في الأصل.
(1/450)
معرفة الثقات
والضعفاء
قوله:
979 - وَاعْنِ بِعِلْمِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ ...
فَإِنَّهُ المَرْقَاةُ لِلتَّفْضِيْل
980 - بَيْنَ الصَّحِيْحِ وَالسَّقِيْمِ وَاحْذَرِ ... مِنْ
غَرَضٍ، فَالجَرْحُ أَيُّ خَطَرِ [175 - أ]
981 - وَمَعَ ذَا فَالنُّصْحُ حَقٌّ وَلَقَدْ ... أَحْسَنَ
يَحْيَى فِي جَوَابِهِ وَسَدْ
982 - لأَنْ يَكُونُوا خُصَمَاءَ لِي أَحَبْ ... مِنْ كَوْنِ
خَصْمِي المُصْطَفَى إذْ لَمْ أَذُبْ
983 - وَرُبَّمَا رُدَّ كَلاَمُ الجَارِحِ ... كَالنَّسَئِي
فِي أَحْمَدَ بنِ صَالِح
984 - فَرُبَّمَا كَانَ لِجَرْحٍ مَخْرَجُ ... غَطَّى عَلَيْهِ
السُّخْطُ حِيْنَ يُحْرَجُ
الشرح: هذا النوع من أَجَلِّ أنواع علوم الحديث، وأهمها، وبه
يُعْرَف الصحيح والضعيف، وفيه لِأَئِمَّةِ الحديث تصانيف
كثيرة، منها ما أُفرد في الضعفاء، وأفرده البخاري، والنسائي،
والعُقَيلي، والساجي، وابن حبان، والدارقطني، والأزدي، وابن
عدي، إلا أنه ذكر في كتابه «الكامل» من تُكلم فيه وإن كان ثقة،
وتبعه على ذلك الذهبي في «الميزان»، إلا أنه لم يذكر أحداً من
الصحابة والأئمة المتبوعين، وفاته جماعة ذَيَّل عليه بذلك
ذيلاً في مجلد شيخُنا (ن).
ومنها ما أُفْرِد في الثقات، ولابن حبان، وابن شاهين، وابن
أيبك السَّرُوجي
(1/451)
من المتأخرين فيه مصنف.
ومنها ما جُمع فيه بين الثقات والضعفاء، كـ «تاريخ البخاري» و
«تاريخ ابن أبي خيثمة» وهو كثير الفوائد، و «الطبقات» لابن
سعد، و «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم.
وقوله: «فإنه المرقاة».قلت: المرقاة بفتح الميم، وإسكان الراء
المهملة، وبعده قاف، فألف، فهاء تأنيث.
قال الجوهري في «الصِّحاح»: والمرقاة بالفتح الدَّرَجة [175 -
ب]، ومن كَسَرَهَا شَبَّهها بالآلة التي يعمل بها، ومن فتح
قال: هذا موضع يُفْعَل فيه فجعله بفتح الميم، مخالفاً، عن
يعقوب، انتهى.
وقوله: «واحذَرِ» (خ) يعني: المتصدي إلى ذلك يحذر الغرض في
جانب التوثيق والجرح فالمقام خطر، وأحسن القشيري رحمه الله
تعالى في قوله: أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على
شفيرها طائفتان من الناس المحدثون والحُكَّام.
وقوله: «ومع ذا» (خ) يعني: ومع كون الجرح خطر فَتُطلب النصيحة
في الدين، وقيل: إن النخشبي قال لأحمد: لا تغتاب العلماء. فقال
له أحمد: ويحك هذا نصيحة، وليس غيبة.
وقد أوجب اللهُ تعالى الكشفَ والتبيينَ عند خبر الفاسق بقوله:
{إن جاءكم فاسق ... الآية} وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«بئس أخو العشيرة» وقال: «إن عبد الله رجلٌ صالح».
(1/452)
وقوله: «ولقد» (خ) يعني: أن يحيى بن سعيد
القطان أحسن إذ قال له أبو بكر بن خَلَّاد: أما تخشى أن يكون
هؤلاء الذين تركتَ حديثَهم خصماءَك عند الله تعالى يوم
القيامة؟ فقال: لأن يكونوا خصمائي، أحب إليَّ من أن يكون خصمي
رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لي: لِمَ لَمْ تَذُب
الكذبَ عن حديثي؟
وقوله: «إذ لم أَذُب». قلت: هو بفتح الهمزة، وضم الذال
المعجمة، وبعده باء موحدة، مِنْ ذَبَبْتُ عنه إذا منعته
ودفعته، ومنه المَذَبّ لما يُذَبُّ به الذباب، انتهى.
وقوله: «وربما رُدَّ» (خ) يعني [176 - أ]: أن الجارح وإن كان
إماماً معتمداً في ذلك فربما أخطأ فيه، كما جَرح النسائي أحمدَ
بن صالح المصري بقوله: «غير ثقة ولا مأمون»، وهو ثقةٌ إمامٌ
حافظٌ، احتجَّ به البخاريُّ في «صحيحه»، وقال: ثقة، ما رأيت
أحداً تكلم فيه بحُجة، وكذا وثقه الرازي، والعجلي، وآخرون.
قال الخليلي: اتفق الحفاظ على أن كلام النسائي فيه تحامُل، ولا
يقدح كلام أمثاله فيه.
وبيَّن ابنُ عدي سبب كلام النسائي فيه فقال: سمعت محمد بن
هارون البرقي يقول: حضرتُ مجلس أحمد، فطرده من مجلسه، فحمله
ذلك على أن يتكلم فيه.
قال في «الميزان»: آذى النسائيُّ نفسه بكلامه فيه.
(1/453)
قال ابن يونس: لم يكن لأحمد عندنا كما قال
النسائي، لم يكن له آفة غير الكبر، وتكلم فيه ابن معين فأشار
إلى الكبر، فقال: كذاب يتفلسف، رأيته يخطر في جامع مصر في
مشيته. فنَسَبَه إلى الفلسفة وأنه يخطر، ولعلَّ ابن معين لا
يدري الفلسفة، فإنه ليس من أهلها.
وقوله: «فربما» (خ) هذا جواب عن سؤالُ مُقَدَّر، وهو: أنه إذا
نسب مثل النسائي وهو إمام حجة في الجرح والتعديل إلى مثل هذا
فكيف يوثق بقوله في ذلك؟ فأجاب ابنُ الصلاح: بأن عين السُّخْط
تبدي مساوئ لها في الباطن مخارج صحيحة يعتمي عنها بحجاب السخط،
لا أن ذلك يقع من مثله تعمداً لقدحٍ يُعْلَم بُطلانه.
(1/454)
معرفة من اختلط من
الثقات
قوله:
985 - وَفِي الثِّقَاتِ مَنْ أخِيْراً اخْتَلَطْ ... فَمَا
رَوَى فِيْهِ أَوِ ابْهَمَ سَقَطْ [176 - ب]
986 - نَحْوُ عَطَاءٍ وَهُوَ ابْنُ السَّائبِ ...
وَكَالْجُرَيْرِي سَعِيْدٍ، وَأَبِي
987 - إِسْحَاقَ، ثُمَّ ابْنِ أبِي عَرُوبَةِ ... ثُمَّ
الرَّقَاشِيِّ أَبِي قِلاَبة
الشرح: هذا فنٌّ مهم لا يُعْرَف فيه تصنيفٌ مفرد به، وهو جدير
بذلك، كذا قال ابن الصلاح، ولأجله أفرده بالتصنيف الشيخ صلاح
الدين العلائي في جزء.
قال شيخنا (ن) (1): حدثنا به، ولكنه اختصره ولم يبسط الكلام
فيه، ورتبهم على حروف المعجم.
وقوله: «وفي الثقات» (خ) يعني أن الحكم فيمن اخْتَلَط أنه لا
يُقبل من حديثه ما حَدَّث به حال الاختلاط، وكذا ما أُبهم أمره
وأُشكل فلم يُدرَ حَدَّثه قبل الاختلاط أو بعده، وما حَدَّث به
قبله يُقبل.
ويَتميز ذلك باعتبار الراوة عنهم، فمنهم من سمع منهم قبل
الاختلاط فقط، ومنهم من سمع بعده فقط، ومنهم من سمع في الحالين
ولم يتميز.
_________
(1) (2/ 329).
(1/455)
فممن اختلط آخر عمره: عطاء بن السائب ولم
يفحش خطأه، وسمع منه قبل الاختلاط: شعبة وسفيان الثوري، ويحيى
بن سعيد القطان.
وممن اختلط أخيراً: أبو مسعود سعيد بن إياس الجريري، سمع منه
قبل [التغير] (1): شعبة، والثوري، وجماعة. وسمع منه بعده: محمد
بن أبي عدي، وإسحاق (2) بن الأزرق، والقطان.
وقوله: «وأبي إسحاق»: ممن اختلط أخيراً (3): أبو إسحاق السبيعي
عمرو بن عبد الله بعد، احتج به الشيخان، لكن لم [178 - أ] يخرج
له من رواية بن عيينة عنه شيئاً إنما أخرج له من طريقة الترمذي
والنسائي في «عمل اليوم والليلة».
وأنكر في «الميزان» اختلاطه فقال: شَاخ ونَسي ولم يختلط.
وقوله: «ثم ابن أبي عروبة»، ومنهم: سعيد بن أبي عروبة، واسم
أبي عَرُوبة -بفتح العين- مِهْرَان -بكسر الميم-، وسعيد ثقة،
احتج به الشيخان إلا أنه اختلط وطالت مدة اختلاطه فوق العشر
سنين، فسمع منه قبل اختلاطه ابن المبارك وجماعة وسمع منه فيه
(4) جماعة منهم: أبو نعيم الفضل بن دكين.
وقوله: «ثم الرقاشي» (خ) يعني أن منهم أبو قِلَابة الرقاشي،
واسمه عبد الملك، أحد شيوخ ابنِ خُزَيمة.
_________
(1) زيادة من المصدر.
(2) في الأصل: [بن] إسحاق. خطأ.
(3) في الأصل: آخر.
(4) أي: في اختلاطه.
(1/456)
وقوله:
988 - كَذَا حُصَيْنُ السُّلَمِيُّ الكُوْفِيْ ... وعَارِمٌ
مُحَمَّدٌ والثَّقَفِي
989 - كَذَا ابْنُ هَمَّامٍ بِصَنْعَا إذْ عَمِي ...
وَالرَّأيُ فِيْمَا زَعَمُوا والتَّوْأمِي
990 - وَابْنُ عُيَيْنَةَ مَعَ المَسْعُودِي ... وَآخِراً
حَكَوْهُ فِي الحَفِيْد
991 - ابنُ خُزَيْمَةَ مَعَ الغِطْرِيْفِي ... مَعَ
القَطِيْعِي أَحْمَدَ المَعْرُوْف
الشرح: هذا ما زاده (ن) على ابن الصلاح فيمن اختلط فذكر جماعة
منهم: حُصَيْن بن عبد الرحمن السُّلَمي الكوفي، أحد الثقات
الأثبات، احتجَّ به الشيخان، وَثَّقَهُ أحمد وغيره.
قلت: وحُصَيْن هذا بضم الحاء، وفتح الصاد المهملتين، وبعده
مُثناة تحت ساكنة، فنون.
ومنهم: عارم محمد بن الفضل، أبو النعمان السَّدوسي، أحد الثقات
الأثبات، روى عنه [178 - ب] البخاري في «صحيحه» ومسلم بواسطةٍ.
قال البخاري: تغير آخر عمره فسمع منه قبل اختلاطه: الإمام أحمد
وغيره، وبعده: أبو زرعة الرازي، وعمرة.
قلت: «وعارم» بالعين والراء المهملتين مكسورة، وبعده ألف،
فميم، لقب عليه انتهى.
ومنهم: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، أحد الثقات الذين
احتج بهم الشيخان، اختلط آخر عمره.
(1/457)
ومنهم: عبد الرزاق بن همام الصنعاني، احتج
به الشيخان.
قال أحمد: أتيناه قبل المائتين وهو صحيح البصر، من سمع منه بعد
ما ذهب بصره فهو ضعيف السماع، وكان يلقن بعد ما عمي، وسمع منه
قبل اختلاطه: أحمد وغيره، وبعده جماعة منهم: يحيى بن أحمد
الظهراني.
ومنهم -فيما زعموا- ربيعة الرأي شيخ مالك، وهو ربيعة بن عبد
الرحمن أحد الأئمة الثقات، احتج به الشيخان.
قال شيخنا (ن): ولم أر من ذكره بالاختلاط إلا ابن الصلاح، ولذا
قال فيما زعموا.
ومنهم: صالح مولى التؤمة، اختلف في الاحتجاج به. قال الإمام
أحمد: أدركه الإمام مالك وقد اختلط وهو كبير، وما أعلم به
بأساً من سمع منه قديماً فقد روى عنه أكابر أهل المدينة.
وممن سمع منه بعد الاختلاط: مالك، والسفيانان.
ومنهم: سفيان بن عيينة، أحد الأئمة الثقات، قال القطان: أشهد
أنه اختلط سنة سبع وتسعين فمن سمع منه هذه السنة وبعد [179 -
أ] هذا فسماعه لا شيء، كذا حكاه عن القطان عنه الموصلي، يحيى
بن عبد الله بن عمار.
قال في «الميزان»: وأنا أستبعده وأعده غلطاً من ابن عمار، فإن
القطان مات في صفر سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج، ووقت
تحدثهم عن أخبار الحجاز، فمتى يمكن القطان من ابن الصلاح، سمع
اختلاط سفيان لم يشهد يشهد بذلك والموت قد نزل به، ثم قال:
فلعله بلغه ذلك أثناء سنة سبع.
(1/458)
ومنهم: المسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن
عيينة بن عبد الله بن مسعود، وثقه ابن سعد إلا أنه اختلط آخر
عمره، وسمع منه زمان المهدي فليس سماعه بشيء، ومن سمع منه زمان
أبي جعفر المنصور فهو صحيح السماع.
قال شيخنا (ن): توفي المنصور بمكة في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين
فكانت مدة اختلاطه كما نص أبو حاتم قبل موته بسنة أو سنتين،
فإن المسعودي مات سنة ستين ومائة ببغداد، ونص ابن حبان على أنه
اختلط حديثه فلم يتميز، فاستحق الترك.
قال (ن): فميز الأئمة عن جماعة ممن سمع منه في الصحة أو
الاختلاط فممن سمع منه قديماً قبله وكيعٌ وأبو نعيم الفضل بن
دكين، فيما نصه الإمام أحمد، وممن سمع منه أخيراً بعد
الاختلاط: أبو النضر هاشم، وعاصم بن علي فيما نصه الإمام أحمد
أيضاً، وقيل: إن الطيالسي سمع منه بعد [179 - ب] ما تغير.
وقوله: «وآخِراً» (خ) يعني: أن من اختلط من المتأخرين جماعة،
منهم أبو الطاهر محمد بن الفضل بن خُزَيمة حفيد الحافظ أبي بكر
بن خزيمة، وكذلك أبو أحمد محمد بن أحمد بن الحسين الغِطْرِيفي.
وكذلك الجرجاني أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي (1)
الذي روى «مسند الإمام أحمد» و «الزُّهْد» له.
قلت: والغِطْريفي بكسر الغين المعجمة، وإسكان الطاء المهملة،
وكسر
_________
(1) في الأصل: الغطريفي. خطأ.
(1/459)
الراء، وبعده مثناة تحت ساكنة، ففاء، نسبةً
إلى الغِطْرِيف، وهو جَدُّ المنتسِب إليه، واشتهر بهذه النسبة
جماعة، منهم أبو أحمد هذا وكان إماماً فاضلاً يكتب (1) المسند
الصحيح على كتاب البخاري، وروى عنه جماعة منهم القاضي أبو
الطيب الطبري، وهو آخر من حَدَّثَ عنه، وروى عنه أبو بكر
الإسماعيلي فقال مرة: حدثنا محمد بن أبي حامد النيسابوري، ومرة
محمد بن أحمد العَبْقَسي، ومرة محمد بن أحمد الوردي، وانفرد
الغطريفي هذا عن ابن سريج الشافعي بأحاديث لم يروها عنه غيره،
وتوفي بجرجان في رجب سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.
والقَطيعي: بفتح القاف، وكسر الطاء المهملة، وبعده ياء مثناة
تحت ساكنة، فعين مهملة، نسبةً إلى القَطيعة، وهو اسم لعدة
محالٍ ببغداد، منها قطيعة الربيع مولى المنصور نسب إليه لأن
المنصور أقطعه هذا الموضع، ومن هذه جماعة منهم أبو بكر هذا
يروي عن إسحاق [180 - أ] وإبراهيم الحربيين، وعبد الله بن
الإمام أحمد، وروى عنه الحاكم أبو عبد الله، وأبو نعيم الحافظ،
وكان مُكثراً، مات في ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاثمائة، رحمه
الله تعالى.
قال شيخنا (ن) (2): واعلم أن ما كان من هذا القبيل صحيحاً
بروايته في الصحيحين أو أحدهما، فإنا نعرف جملةً أنَّ ذلك مما
تَمَيَّز، وكان مأخوذاً عنه قبل الاختلاط. انتهى.
_________
(1) كذا.
(2) (2/ 342)، وهذه العبارة إنما نقلها عن ابن الصلاح.
(1/460)
|