مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية من نُسِبَ إلى غير أبيه
قوله:
942 - وَنَسَبُوا إِلَى سِوَى الآبَاءِ ... إمَّا لأُمٍّ
كَبَنِيْ عَفْرَاء
943 - وَجَدَّةٍ نَحْوُ ابنِ مُنْيَةٍ، وَجَدْ ... كَابْنِ
جُرَيْجٍ وَجَمَاعَةٍ وَقَدْ
944 - يُنْسَبُ كَالمِقْدَادِ بالتَّبَنِّيْ ... فَلَيْسَ
للأَسْوَدِ أَصْلاً بِابْن
الشرح: هذا النوع فيمن نُسِبَ إلى غير أبيه، وهو أنواع:
الأول: من نُسِبَ لأمه كبني عَفْرَاء: معاذ، ومُعَوِّذ، وعَوْذ
بالذال المعجة، أو بالفاء (1)، وعفراء أمهم بنت عبيد بن ثعلبة
من بني النجار، وأبوهم الحارث بن رفاعة [167 - ب] من بني
النجار، وشهد بنو عفراء بدراً، قتل منهم بها اثنان: عوف،
ومعوذ، وبقي معاذ إلى زمن عثمان، وقيل إلى زمن علي، فقتل
بصفين.
وفي ذلك من الصحابة: بلال بن حَمَامة.
وفي التابعين: محمد بن الحنفية.
وصنف فيه الحافظ علاء الدين مغلطاي تصنيفاً حسناً.
_________
(1) أي: عوف.
(1/431)
قال شيخنا (ن) (1): هو عندي بخطه في ثلاث
وستين ورقة.
(و) قوله: «وجَدَّه» القسم الثاني: من نُسب إلى جَدَّتِه، دنيا
كانت أو عُليا كيعلى بن مُنْيَة الصحابي المشهور، اسم أبيه
أمية، و «مُنْيَة» بضم الميم، وإسكان النون، وفتح المثناة تحت،
وبعده هاء، أم أبيه، وقيل أمه، ورجَّحه المزي، وذكر ابن وضَّاح
أن منية أبوه وهو وهم فيما حكاه صاحب «المشارق».
ومثال الجدة العليا: بشير بن الخَصَاصية الصَّحابي، واسم أبيه
معبدٌ، والخصاصية أُمُّ الثالث من أجداده، وقيل: هي أمه فيما
نصه ابن الجوزي في «التلقيح».
ومن ذلك ابن تيمية مجد الدين صاحب «المنتقى»، فيقال أن جدته من
وادي التَّيْم.
(و) قوله: «وجَد» القسم الثالث: مَن نُسِب إلى جده، كأبي عبيدة
بن الجَرَّاح عامر بن عبد الله بن الجراح، وحَمَل بنُ النابغة
[هو] (2) ابن مالك من النابغة.
وفيالأئمة: ابن جُرَيج عبد الملك بن العزيز بن جُرَيج.
ومثله: ابن الماجشون، وجماعات: كابن أبي ليلى، وأحمد بن حنبل،
وأبي بكر بن أبي شيبة، وابن يونس صاحب «تاريخ مصر»، وابن مسكين
بمصر اشتهروا ببني مسكين من زمن [168 - أ] النسائي إلى زمننا
هذا، وجَدُّهم
_________
(1) (2/ 283).
(2) زيادة من المصدر.
(1/432)
الحارث بن مسكين أحد شيوخ النسائي.
وأصل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا (1) ابن عبد
المطلب».
وقول الأعرابي في «الصحيح»: أيكم ابن عبد المطلب (2).
وقوله: «وقد يُنسب» (خ) القسم الرابع: من نُسِبَ إلى غير أبيه
نَسَب تبني ونحوه، كالمقداد بن الأسود، ليس هو بابن الأسود،
إنما كان في حجره وتَبَنَّاه فنُسِبَ إليه، واسم أبيه عمرو بن
ثعلبة الكندي.
_________
(1) في الأصل: «في ابن عبد المطلب».
(2) وقعت بعد هذا الموضع من الأصل عبارة مقحمة لا تعلق لها
بهذا الباب بل بباب معرفة الثقات والضعفاء بيت رقم (984).
(1/433)
المنسوبون إلى خلاف
الظاهر
قوله:
945 - وَنَسَبُوا لِعَارِضٍ كَالْبَدْرِيْ ... نَزَلَ بَدْراً
عُقْبَةُ بْنُ عَمْرِو
946 - كَذَلِكَ التَّيْمِيْ سُلَيْمَانُ نَزَلْ ... تَيْماً،
وَخَالِدٌ بِحَذَّاءٍ جُعِلْ
947 - جُلُوْسُهُ، وَمِقْسَمٌ لَمَّا لَزِمْ ... مَجْلِسَ
عَبْدِ اللهِ مَوْلاَهُ وُسِمْ
الشرح: هذا النوع وهو أن يُنْسَب الراوي إلى مكان، أو وقعة به،
أو قبيلة، أو صنعة، وليس الظاهر تلك النسبة مراداً (1) بل
لعارض عَرَض [من] (2) نزوله ذلك المكان، أو تلك القبيلة، أو
نحو ذلك.
مثاله: أبو مسعود البدري ليس ببدري (3) فنُسب إليها ولم يشهد
وقعتها عند الأكثرين، وعدَّهُ البخاري [168 - أ] ممن شهدها،
وروى في «صحيحه» حديث عروة بن الزبير: «أخَّرَ المغيرة بن شعبة
... » الحديث.
وقوله: «كذلك» من ذلك أيضاًَ سليمان التيمي، نزل فيهم وليس
منهم.
_________
(1) كذا، ولعل صوابها: وليس ظاهر تلك النسبة مراداً. وعبارة
الناظم (2/ 285): وليس الظاهر الذي يسبق إلى الفهم من تلك
النسبة مراداً.
(2) زيادة من المصدر.
(3) في الأصل: ليس ببدر.
(1/434)
وقوله: «وخالد» (خ) يعني: أنه يقرب من ذلك
خالد الحذَّاء، وهو خالد بن مهران، واختُلف في سبب انتسابه
لذلك، فقيل -كما نَصَّهُ البخاري في «التاريخ» -: ما حذا
نَعْلاً قط، إنما كان يجلس إلى حذَّاء فنسب إليه.
قلت: والحذاء: بفتح الحاء المهملة، وتشديد الذال المعجمة، أظنه
ممدود، انتهى.
وقوله: «ومِقْسَم» (خ) يعني ومن ذلك: مقسم مولى ابن عباس، هو
مولى عبيد الله بن الحارث ونسب إلى ابن عباس لملازمته إياه.
(1/435)
المبهمات
قوله:
948 - وَمُبْهَمُ الْرُّوَاةِ مَا لَمْ يُسْمَى ...
كَامْرَأَةٍ فِي الْحَيْضِ وَهْيَ أَسْمَا
949 - وَمَنْ رَقَى سَيِّدَ ذَاكَ الحَيِّ ... رَاقٍ أَبِي
سَعِيْدٍ الخُدْرِيّ
950 - وَمِنْهُ نَحْوُ ابْنِ فُلاَنٍ، عَمِّهِ ... عَمَّتِهِ،
زَوْجَتِهِ، ابْنِ أُمِّه
الشرح: من أنواع الحديث: مَعْرِفَة الأسماء المبهمة في الحديث،
أو الإسناد، من الرجال والنساء، وصنف فيه جماعة من الحفاظ،
ومنهم عبد الغني، والخطيب، [وأبو القاسم] (1) ابن بشكوال، وهو
أكبر كتاب فيه، جَمَعَ فيه ثلاثمائة حديث [و] (2) واحداً
وعشرين حديثاً، ولم يرتب، ورتب الخطيب كتابه على الحروف في
الشخص المبهم، وجملةُ ما فيه مائة وأحد وسبعون حديثاً اختصره
[169 - أ] النووي ورتبه على الحروف في راوي الحديث، وهو أسهل
للكشف، وزاد فيه بعض أسماء، وهذا النوع يعرف بوروده مسمىً في
بعض الروايات، أو بتنصيص أهل السير على كثير منهم، وهو أقسام:
الأول: أبهمها رجل أو امرأة، ومنه: حديث عائشة: «أن امرأة سألت
النبي
_________
(1) العبارة في الأصل: وهو ابن بشكوال. خطأ، والتصحيح من
المصدر.
(2) العبارة في الأصل: ثلاثمائة حديث من واحداً وعشرين حديثاً.
خطأ، والتصحيح من المصدر.
(1/436)
صلى الله عليه وسلم عن غسلها من الحيض
فقال: حدي» الحديث. فهذه المرأة اسمها أسماء، والحجة في ذلك
سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل الحيض الحديث.
واختلف من صنف المبهمات في أسماء هذه فقال الخطيب: هي بنت يزيد
بن السكن الأنصارية.
وقال ابن بشكوال: بنت شكل، وصوبه شيخنا (ن) لما ثبت ذلك في بعض
طرق الحديث.
وفي مسلم قال النووي في «مختصر المبهمات»: ويجوز أن تكون القصة
جرت للمرأتين في مجلس أو مجلسين.
وقوله: «ومن رقي» (خ) يعني: أن من ذلك حديث أبي سعيد الخدري أن
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر فمروا بحي
من أحياء العرب ... الحديث، وفيه: «فقال رجلٌ منهم: نعم فأتاه
فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ الرجل».
فقال الخطيب: الراقي أبو سعيد الخدري راوي الحديث، وتبعه ابن
الصلاح.
قال شيخنا (ن): وفيه نظر إذ في بعض طرقه عند مسلم من حديث أبي
سعيد فقام معها رجل منا يحسنُ رقيةً فقلنا: أكنت تحسن رقيه
فقال: ما رقيته إلا بفاتحة [169 - ب] الكتاب، وهذا ظاهر في أنه
غيره، إلا أن يقال وقع ذلك مرتين مرة له ومرة لغيره.
(1/437)
وقوله: «ومنه» (خ) من ذلك أيضاً: ابن فلان
مبهم، كرواية أصحاب السنن الأربعة من حديث يزيد بن شيبان، قال:
أتانا ابن مِرْبَع الأنصاري، ونحن بعرفة، فقال: إني رسول الله
صلى الله عليه وسلم الحديث، فقوله: ابن مربع: بكسر الميم،
وإسكان الراء، وبعده موحدة مفتوحة، فعين مهملة، هو يزيد أو زيد
أو عبد الله خلاف.
وقوله: «عمِّه» (خ) من ذلك: عم فلان، كرواية (ن) (1) من رواية
علي بن يحيى بن خَلَّاد عن أبيه، عن عَمٍّ له بدري، في حديث
المسيء صلاته، العم هو رفاعة بن رافع الزرقي، كما وقع ذلك
مُصَرَّحاً في سنن (د) وغيرها.
وفي الصحيح حديث رافع بن خَديج عن بعض عمومته في النهي عن
المخابرة، واسمه ظُهَيْر.
وقوله: «عَمَّتِهِ» مثاله ما رواه (ن) من رواية حصين بن
مِحْصَن عن عَمَّةٍ له أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم
لحاجة ... الحديث، اسم عمته هذه أسماء فيما نَصَّهُ ابن السكن،
والأمير، وابن بشكوال.
وقوله: «زوجته» مثاله: حديث عقبة بن الحارث، قال: تزوجت امرأةً
فجاءتنا امرأةٌ سوداء ... الحديث. فقال ابن بشكوال: هي غُنية
بنت أبي إهاب.
وقوله: «ابن أمه» مثاله: حديث أم هاني أنها قالت: زعم ابن أمي
... الحديث، ابن أمها: علي بن أبي طالب، كما صُرِّح بذلك في
رواية مالك في «الموطأ».
_________
(1) أي: النسائي.
(1/438)
|