مقدمة ابن الصلاح معرفة أنواع علوم الحديث ت فحل النَّوْعُ الرَّابِعُ
مَعْرِفَةُ الْمُسْنَدِ (5)
__________
(1) قال الحافظ العراقي في التقييد: 63: ((بقصر الهمز على وزن
الفَخِذ، وهو بمعنى الأرذل)). وقيل: بمد الهمز أيضاً. انظر
تفصيل ذلك في: لسان العرب 4/ 15، ونكت الزركشي 1/ 393، والنكت
الوفية: 176 / ب، وتاج العروس 10/ 38، وتعليقنا على شرح
التبصرة والتذكرة 1/ 414.
(2) سقطت من (م)، وهو خلل فاحش، أفسد النص وأتلف المعنى.
(3) سقطت من (جـ).
(4) في (ع) هنا زيادة: ((مفرقة))، ولم ترد في نسخنا الخطية أو
المطبوعة.
قال ابن حجر 1/ 504: ((هذا جواب عن سؤال مقدر، وهو: أنه ذكر في
أول الكتاب أن الحديث ينقسم إلى ثلاثة أقسام، ثمَّ سمَّى
الأقسام الثلاثة أنواعاً، ثمَّ ذكر بعد ذلك أشياء أخر سمَّاها
أنواعاً، فأين صحة دعوى الحصر في الثلاثة؟
والجواب: بأن هذه الأنواع التي يذكرها بعد الثلاثة المراد بها
أنواع علم الحديث لا أنواع أقسام الحديث. وحاصله: أن هذه
الأنواع في الحقيقة ترجع إلى تلك الثلاثة: منها ما يرجع إلى
أحدها. ومنها ما يرجع إلى المجموع، وذلك واضح، والله أعلم)).
قلنا: هذا استفاده ابن حجر ممّا علّقه الزركشي في نكته 1/ 403.
(5) قال الزركشي في نكته 1/ 405: ((وهو مأخوذ من السند، وهو ما
ارتفع وعلا عن سفح الجبل؛ لأن المسنِّد يرفعه إلى قائله، ويجوز
أن يكون مأخوذاً من قولهم: فلان سند، أي: معتمد. فسمِّيَ
الإخبار عن طريق المتن مسنداً؛ لاعتماد النقّاد في الصحة
والضعف عليه، وفي أدب الرواية للحفيد: أسندت الحديث أسنده
وعزوته أعزوه وأعزيه، والأصل في الحرف راجع إلى المسند وهو
الدهر، فيكون معنى إسناد الحديث اتِّصاله في الرواية اتِّصال
أزمنة الدهر بعضها ببعض.
وحاصل ما حكاه المصنِّف في تعريفه ثلاثة أقوال: =
(1/113)
ذكرَ أبو بكرٍ الخطيبُ الحافظُ - رحمهُ
اللهُ - أنَّ المسندَ عِندَ أهلِ الحديثِ: هوَ الذي اتَّصلَ
إسنادُهُ مِنْ راويهِ إلى مُنتهَاهُ، وأكثرُ مَا يستعملُ ذلكَ
فِيْمَا جاءَ عنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دونَ مَا
جاءَ عنِ الصحابةِ وغيرِهِم (1). وذكرَ أبو عمرَ بنُ عبدِ
البرِّ الحافظُ (2) أنَّ المسندَ: ((مَا رُفِعَ إلى النَّبيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ خَاصَّةً.
وَقَدْ يكونُ متَّصِلاً، مثلُ: ((مالكٍ، عنْ نافعٍ، عنِ ابنِ
عمرَ، عنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -))، وقدْ يكونُ
منقطعاً،
__________
= أحدها: أنه المتصل إسناده وإن لم يرفع إلى النبي - صلى الله
عليه وسلم -.
والثاني: أنه المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم
يتصل.
والثالث: أنه المتصل المرفوع.
ويتفرع على هذه الأقوال أن المرسل هل يسمّى مسنداً؟ فعلى
الأول: لا يسمّى؛ لأنه ما اتصل إسناده، وعلى الثاني: يسمّى
مسنداً؛ لأنه جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منقطعاً.
وعلى الثالث: لا يسمّى مسنداً أيضاً؛ لأنه فاته شرط الاتصال
ووجد فيه الرفع.
وينبني عليه أيضاً الموقوف - وهو المروي عن الصحابة - أنه هل
يسمى مسنداً؟ فعلى الأول: نعم؛ لاتصال إسناده إلى منتهاه، وعلى
الثاني والثالث: لا. وكذلك المعضل - وهو ما سقط من إسناده
اثنان فأكثر - فعلى الأول والثالث: لا يسمى مسنداً، وعلى
الثاني يسمى)) وانظر عن معنى المسند لغة: لسان العرب 3/ 221،
والتاج 8/ 215، والبحر الذي زخر 1/ 315.
وانظر في المُسند:
معرفة علوم الحديث: 17، والكفاية: (58 ت، 21 هـ)، والجامع
لأخلاق الرَّاوِي 2/ 189، والتمهيد 1/ 21، وجامع الأصول 1/
107، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 154 - 156، والتقريب 49 - 50،
والاقتراح: 196، والمنهل الروي: 39، والخلاصة: 45، والموقظة:
42، واختصار علوم الحديث: 44، والمقنع 1/ 109، وشرح التبصرة
والتذكرة 1/ 224، ونزهة النظر: 154، والمختصر: 118، وفتح
المغيث 1/ 99، وألفية السيوطي: 21، وشرح السيوطي على ألفية
العراقي 144، وفتح الباقي 1/ 118، وتوضيح الأفكار 1/ 258، وظفر
الأماني: 225، وقواعد التحديث: 123.
(1) انظر: الكفاية (58 ت - 21 هـ)، والجامع لأخلاق الراوي 2/
189.
قال الزركشي 1/ 406: ((عبارة الخطيب في الكفاية: ((إلا أن أكثر
استعمالهم هذه العبارة فيما أسنده عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - خاصة)). انتهى. فشرط الإسناد لم يعتبر اتصال الإسناد
فيه بأن يكون كل واحد من رواته سمعه ممن فوقه حتى ينتهي ذلك
إلى آخره، وإن لم يبين فيه السماع، بل اقتصر على العنعنة)).
(2) انظر: التمهيد 1/ 21.
(1/114)
مثلُ: ((مالكٍ، عنْ الزهريِّ، عنِ ابنِ
عبَّاسٍ، عنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)). فهذا
مسندٌ؛ لأنَّهُ قدْ أُسْنِدَ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -، وهوَ منقطعٌ؛ لأنَّ الزُّهريَّ لَمْ يسمعْ مِنِ ابنِ
عبَّاسٍ - رضي الله عنهم - (1).
وحكى أبو عُمَرَ عنْ قومٍ أنَّ المسندَ لا يقعُ إلاَّ عَلَى
مَا اتَّصلَ مرفوعاً إلى
النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (2). قلتُ: وبهذا قَطَعَ
الحاكمُ أبو عبدِ اللهِ الحافظُ ولَمْ يَذْكُرْ (3) في كتابِهِ
غيرَهُ (4). فهذهِ أقوالٌ ثلاثةٌ مختلفةٌ (5)، واللهُ أعلمُ
(6).
النَّوْعُ الخَامِسُ
مَعْرِفَةُ الْمُتَّصِلِ (7)
__________
(1) قال الزركشي في نكته 1/ 407: ((هذا القول صحّحه المحب
الطبري في كتابه " المعتصر " الملخص من هذا الكتاب. وهو الظاهر
من حال تصرف الأئمة المصنِّفينَ للمسندات، كأحمد بن حنبل، وابن
أبي شيبة، والبزار، وغيرهم. وقال صاحب كتاب الوصول: إنه
الأرجح؛ لعدم تداخل الصنفين، أي: المسند والمتصل. وحكى أبو عمر
عن قوم أن المسند لا يقع إلا على ما اتصل مرفوعاً، هذا القول
جزم به أبو الحسن بن الحصار في كتابه " تقريب المدارك "، وأبو
عمرو عثمان بن سعيد المقرئ في جزء له جمعه في رسوم الحديث،
وابن خلفون في المنتقى، وهو ظاهر كلام السمعاني في القواطع)).
(2) التمهيد 1/ 25.
(3) في (ب) و (جـ): ((يذكره)).
(4) معرفة علوم الحديث 17.
(5) في (م) هنا زيادة: ((والقول الأول أعدل وأولى)).
(6) عبارة: ((والله أعلم)) ليست في (جـ)، وفي (ب): ((والله
تعالى أعلم)).
(7) قال البلقيني: ((يخرج بذلك المرسل والمنقطع والمعضل
والمعلق ونحوها)). محاسن الاصطلاح: 121.
وقال الزركشي 1/ 410: ((وقد يطلقونه على المنقطع مقيداً،
كقولهم: هذا متصل إلى سعيد، أو إلى الزهري، أو إلى مالك
ونحوه)).
وانظر في المُتَصل والموصول:
التمهيد 1/ 23، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 156، والتقريب: 50،
والاقتراح: 195، والمنهل الروي: 40، والخلاصة: 46، والموقظة:
42، واختصار علوم الحديث: 45، والمقنع 1/ 112، وشرح التبصرة
والتذكرة 1/ 227، ونزهة النظر: 83، والمختصر: 119، وفتح المغيث
1/ 102، وألفية السيوطي: 24، وشرح السيوطي على ألفية العراقي:
145، وفتح الباقي 1/ 121، وتوضيح الأفكار 1/ 260، وظفر
الأماني: 226، وقواعد التحديث: 123.
(1/115)
ويقالُ فيهِ أيضاً: الموصولُ (1)، ومُطلقُهُ يقعُ على المرفوعِ
والموقوفِ وهو الذي اتَّصَلَ إسنادُهُ، فكانَ (2) كُلُّ واحِدٍ
مِنْ رواتِهِ قَدْ سَمِعَهُ ممَّنْ فَوقَهُ حَتَّى ينتهِيَ إلى
منتهاهُ.
مثالُ المتَّصِلِ المرفوعِ مِنَ " الموطَّأِ ": ((مالكٌ، عنْ
ابنِ شهابٍ، عنْ سالِمِ ابنِ
عبدِ اللهِ، عنْ أبيهِ، عنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
-)) (3)، ومثالُ المتَّصِلِ الموقوفِ: ((مالكٌ، عنْ نافعٍ، عنِ
ابنِ عُمَرَ، عنْ عمرَ قولَهُ)) (4)، واللهُ أعلمُ. |