مقدمة ابن الصلاح معرفة أنواع علوم الحديث ت فحل

النَّوْعُ السَّادِسُ
مَعْرِفَةُ الْمَرْفُوعِ (5)
وهوَ ما أُضِيفَ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خاصَّةً، ولا يَقَعُ مُطلقُهُ على غيرِ ذلكَ نحوُ الموقوفِ على الصحابةِ وغيرِهِم (6). ويدخُلُ في المرفوعِ: المتصلُ، والمنقطِعُ، والمرسَلُ، ونحوُها، فهو والمسندُ عندَ قومٍ (7) سواءٌ، والانقطاعُ والاتصالُ يَدخلانِ عليهِما جميعاً.
__________
(1) قال الزركشي 1/ 410: ((قلت: والموتصل، وهي عبارة الشافعي - رضي الله تعالى عنه - كما نقله البيهقي، وقال ابن الحاجب: في تصريفه: هي لغة الشافعي)).
وقال ابن حجر 1/ 510: ((قلت: ويقال له: المؤتصل - بالفك والهمز - وهي عبارة الشافعي في الأم في مواضع. وقال ابن الحاجب في التصريف له: ((هي لغة الشافعي، وهي عبارة عن ما سمعه كل راوٍ من شيخه في سياق الإسناد من أوله إلى منتهاه. فهو أعم من ... المرفوع)).
قلنا: انظر في إطلاق الشافعي: الأم 4/ 14، 6/ 103 و 104، والرسالة: 464 الفقرة (1275)، وسنن البيهقي الكبرى 8/ 125.
(2) في (ب): ((وكان))، وفي الشذا الفياح: ((فكأنَّ)) بتشديد النون.
(3) انظر: الموطأ (196) و (1191) و (2635) و (2787) مثلاً.
(4) انظر: الموطأ (767) مثلاً.
(5) انظر في المرفوع:
الكفاية: (58 ت، 21 هـ‍)، والتمهيد 1/ 25، إرشاد طلاب الحقائق 1/ 157، والتقريب: 50 - 51، والاقتراح: 195، والمنهل الروي: 40، والخلاصة: 46، والموقظة: 41، واختصار علوم الحديث: 45، والمقنع 1/ 73، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 222، ونزهة النظر: 140، والمختصر: 119، وفتح المغيث 1/ 98، وألفية السيوطي: 21، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 143، وفتح الباقي 1/ 116، وتوضيح الأفكار 1/ 254، وظفر الأماني: 227، وقواعد التحديث: 123.
(6) في نسخة (جـ)، جاءت حاشية نصّها: ((قال المؤلف: رأيت في كتاب الضعفاء لعلي بن المديني تسمية قول الحسن البصري قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً)).
(7) كابن عبد البر كما تقدم في الكلام على المسند (ص: 133).

(1/116)


وعندَ قومٍ يفترقانِ في أنَّ (1) الانقطاعَ والاتصالَ يدخلانِ على المرفوعِ ولا يقعُ المسندُ إلاَّ على المتَّصِلِ المضافِ (2) إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. وقالَ الحافظُ أبو بكرِ بنِ ثابتٍ: ((المرفوعُ: ما أخبرَ فيهِ الصحابيُّ عنْ قولِ الرسولِ (3) - صلى الله عليه وسلم - أو فِعلِهِ)) (4). فخصَّصَهُ بالصحابةِ، فَيَخْرُجُ (5) عنهُ مُرسَلُ التابعيِّ عنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (6).
قلتُ: ومَنْ جَعلَ مِنْ أهلِ الحديثِ: المرفوعَ في مقابلةِ المرسَلِ، فقدْ عَنَى
بالمرفوعِ: المتصلَ، واللهُ أعلمُ.

النَّوْعُ السَّابِعُ
مَعْرِفَةُ الْمَوْقُوْفِ (7)
وهوَ ما يُروَى عنِ الصحابَةِ - رضي الله عنهم - مِنْ أقوالِهِم، أو أفعالِهِم (8) ونَحْوِها، فيُوقَفُ عَلَيْهِم ولا يُتَجَاوَزُ بهِ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (9). ثُمَّ إنَّ منهُ ما يتَّصِلُ الإسنادُ فيهِ إلى الصحابيِّ
__________
(1) ليست في (أ).
(2) سقطت من (ب).
(3) في (ب): ((قول رسول الله)).
(4) الكفاية: (58 ت - 21 هـ)
(5) في (م): ((فخرج)).
(6) قال الزركشي 1/ 411: ((هذا فيه قصور بل يخرج عنه ما لم يكن فيه الصحابي مرسلاً كان أو غيره)). وانظر: محاسن الاصطلاح: 122، ونكت ابن حجر 1/ 511.
(7) انظر في الموقوف:
معرفة علوم الحديث: 19، والكفاية: (58 ت، 21 هـ)، والتمهيد 1/ 25، والإرشاد 1/ 158، والتقريب: 51 - 53، والاقتراح: 194، والمنهل الروي: 40، والخلاصة: 64، والموقظة: 41، واختصار علوم الحديث: 45، والمقنع 1/ 113، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 229، ونزهة النظر: 154، والمختصر: 145، وفتح المغيث 1/ 103، وألفية السيوطي 21 - 23، وشرح السيوطي على ألفية العراقي 146، وفتح الباقي 1/ 123، وتوضيح الأفكار 1/ 261، وظفر الأماني: 325، وقواعد التحديث: 130.
(8) في (أ) و (ب): ((وأفعالهم)).
(9) انظر: الكفاية (58 ت، 21 هـ).
قال الزركشي 1/ 412: ((هذا التعريف غير صالح، إذ ليس كل ما يروى عن الصحابي من قوله موقوفاً، كقول عائشة - رضي الله عنها -: ((فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ... ))، ولهذا احتج الشافعي بمثل هذا في الجديد وأعطاه حكم المرفوع، مع نصّه على أن قول الصحابي ليس بحجة)).

(1/117)


فيكونُ مِنَ (1) الموقوفِ الموصولِ. ومنهُ ما لا يتَّصلُ إسنادُهُ فيكُونُ مِنَ الموقوفِ غيرِ الموصولِ، على حَسَبِ ما عُرِفَ مِثْلُهُ في المرفوعِ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، واللهُ أعلمُ.
وما ذكرناهُ مِنْ تخصيصِهِ بالصحابيِّ، فذلكَ إذا ذُكِرَ الموقوفُ مطلقاً، وقدْ يُستعملُ مقَيَّداً في غيرِ الصحابيِّ (2)، فيقالُ: ((حديثُ كذا وكذا، وقفَهُ فلانٌ على عطاءٍ أو علَى طاوسٍ أو نحوِ هذا))، واللهُ أعلمُ (3).
وموجودٌ في اصطلاحِ الفقهاءِ الْخُراسانيينَ تعريفُ الموقوفِ باسمِ (4) الأثرِ (5)
قالَ (6) أبو القاسمِ الفُوْرَانيُّ (7) - منهم - فيما بَلَغَنا عنهُ: الفقهاءُ يقولونَ: ((الخبرُ:
ما يُروى (8) عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والأثَرُ: ما يُرْوى (9) عنِ الصحابةِ - رضي الله عنهم -)) (10)).
__________
(1) سقطت من (أ).
(2) هذا صريح في أن القيد لا يتقيد بالتابعي، بل يقال: موقوف على الثوري وعلى مالك وعلى الشافعي، ونحوه. أفاده الزركشي 1/ 417.
(3) عبارة: ((والله أعلم)) سقطت من (ع) والتقييد.
(4) في (أ): ((تعريفه باسم)).
(5) قلنا: ورد ذلك أيضاً في كلام الشافعي. انظر: الرسالة الفقرات (597) و (1468).
(6) في (أ): ((وقال)).
(7) هو القاضي أبو القاسم عبد الرحمان بن محمد بن أحمد الفوراني، توفي سنة (461 هـ‍). والفُوْرَاني - بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء وبعد الألف نون -: نسبة إلى جده فوران. انظر: الأنساب 4/ 385، ووفيات الأعيان 3/ 132، والسير 18/ 264، والتاج 13/ 351.
(8) في (ب): ((روي)).
(9) كذلك.
(10) قال ابن حجر 1/ 513: ((هذا قد وجد في عبارة الشافعي - رضي الله تعالى عنه - في مواضع، والأثر في الأصل: العلامة والبقية والرواية، ونقل النووي عن أهل الحديث أنهم يطلقون الأثر على المرفوع والموقوف معاً، ويؤيده تسمية أبي جعفر الطبري كتابه "تهذيب الآثار" وهو مقصور على المرفوعات وإنما يورد فيه الموقوفات تبعاً. وأما كتاب " شرح معاني الآثار " للطحاوي فمشتمل على المرفوع والموقوف
- أيضاً - والله تعالى الموفق)). وانظر: الرسالة للإمام الشافعي الفقرات (597) و (1468) - كما تقدمت قبل قليل الإشارة إليه -، ونكت الزركشي 1/ 417.

(1/118)