شرح ألفية العراقي عبد الكريم الخضير شرح ألفية الحافظ
العراقي (12)
(المنكر - الاعتبار والمتابعات والشواهد - زيادات الثقات)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
ولذلك ردوا عليهم، حديث الأعمال بالنيات شاذ؟ هو شاذ؟ على رأي
الحاكم شاذ، تفرد به الرواة، تفردوا به في أربع طبقات؛ لأنه لا
يثبت إلا من حديث عمر، ولا يثبت عن عمر إلا من حديث علقمة، ولا
عن علقمة إلا من حديث محمد بن إبراهيم التيمي، ولا عنه إلا من
طريق يحيى بن سعيد، وقل مثل هذا في آخر حديث، نفس اللا .. ،
التفرد في أربع طبقات، فرد مطلق، ويأتي في الأفراد أيضاً، يأتي
بيانه في الأفراد.
المنكر اسم مفعول من أنكر، واسم الفاعل مُنْكِر، والمنكر اسم
مفعول ويقابله المعروف، إذا كان الشاذ يقابله المحفوظ، فالمنكر
يقابله المعروف.
والمنكر الفرد يعني المنكر الحديث الفرد، وهو الذي لا يعرف
متنه من غير جهة راويه:
المنكر الفرد كذا البرديجي ... أطلق والصواب في التخريج
" الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي، الذي مر ذكره، "كذا
البرديجي أطلق" يعني أطلق على الحديث الفرد منكر، "والصواب في
التخريج" يعني في المروي كذلك، والصواب في التخريج يعني في
المروي كذلك "إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر" إجراء تفصيل لدى
الشذوذ يعني عند الشذوذ فيما تقدم في كلام ابن الصلاح، وأنه
قسمان: الفرد المخالف، وليس الفرد على إطلاقه كما قرر
البرديجي، وقريب منه كلام الحاكم، إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر،
فعلى هذا ينقسم إلى قسمين، فالمنكر بمعنى الشاذ، فهو بمعناه،
إذن إذا كان المنكر بمعنى الشاذ فأقسامه أقسامه، وسبق في الشاذ
أنه قسمان؛ الشاذ المردود قسمان: الفرد المخالف، والفرد إذا
كان لا يحتمل تفرد راويه، إذا كان راويه ممن لا يحتمل تفرده،
والصواب في التخريج إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر "فهو بمعناه"
فهو يعني المنكر بمعناه يعني بمعنى الشاذ "كذا الشيخ ذكر"
الشيخ من؟ ابن الصلاح.
أحياناً يجمع بين اللفظين في الحكم على حديث واحد، فالذهبي
أحياناً يقول: هذا حديث شاذ منكر، فماذا يكون المعنى؟ إذا قال:
شاذ منكر؟
طالب:. . . . . . . . .
(12/1)
يحمل على هذا؟ أولاً: الشذوذ الذي ذكرناه
بأقوال العلماء فيه، يعني من خلال ما قرأناه، الشذوذ الذي مر
بنا كله في التفرد، إما مع المخالفة، أو مع غيرها، فمرده إلى
المتن، وإلا إلى الإسناد؟ تفرد الراوي، والحكم على متنه، الحكم
على متنه؛ لأنه تفرد به راويه، لكن يقولون، يجعلون الشذوذ في
المتن، والشذوذ في الإسناد، وسيأتي الشذوذ في المتن، والشذوذ
في الإسناد في المنكر؛ لأنه بمعناه، فإذا قلنا: هذا حديث شاذ،
وقلنا: حديث منكر، ما يفرق عند بعضهم، عند ابن الصلاح لا فرق
بينهما، فإذا قال الذهبي هذا حديث شاذ منكر؛ يعني مثل لو قال:
صحيح مقبول، يأتي بألفاظ مترادفة، إذا جيء بألفاظ مترادفة إذا
قلنا أن رأي الحافظ الذهبي -رحمه الله- هو رأي ابن الصلاح،
أنهما بمعنىً واحد، لكن إذا قلنا بما اختاره المتأخرون، وصار
عرفاً واصطلاحاً عندهم أن الشاذ مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه،
والمنكر مخالفة الضعيف للثقات؛ يرد هذا وإلا ما يرد؟ يرد كلام
الذهبي وإلا ما يرد؟ إذا قلنا أنهما متباينان؛ ما يمكن أن نجمع
بين متباينين، وإذا قلنا هما متداخلان أمكن؛ واضح وإلا ما هو
بواضح؟ إذا قلنا: هما متباينان، الشاذ له حقيقة تخالف حقيقة
المنكر، وهذا الذي تبناه المتأخرون، واعتمدوه ولم يذكروا غيره،
عند المتأخرين ما في غير هذا، وفي أحكامهم على الأحاديث
يعتمدون هذا، بينما في أحكام المتقدمين يطلقون النكارة والتفرد
والشذوذ بإزاء معنىً واحد، ونرجع إلى ما قرر سابقاً في الصحيح
أن الشذوذ ينافي الصحة أو لا ينافيها؟ ما هم يشترطون انتفاء
الشذوذ لصحة الخبر؟
عن مثله من غير ما شذوذ ... وعلة قادحة فتوذي
(12/2)
والشذوذ فيه مخالفة، وفي الصحيح أحاديث
فيها مخالفة من بعض رواتها لبعض، فمثلاً حديث جابر؛ خرجه
الإمام البخاري في مواضع كثيرة، وكل موضع يشتمل على مخالفة لا
توجد في الموضع الآخر، وخرجها كلها، ومع ذلك رجح، ففيه الراجح
وفيه المرجوح، والراجح في اصطلاح المتأخرين هو المحفوظ،
والمرجوح في اصطلاحهم هو الشاذ، وهذا ما جعل بعض أهل العلم
يقول: في الشاذ الصحيح وغير الصحيح؛ يعني في قسم الشاذ وهو ما
تضمن المخالفة فيه الصحيح، وفيه غير الصحيح، ليدخل مثل هذا
الاختلاف بين الرواة في أحاديث الصحيحين التي فيها نوع مخالفة،
يعني في مخالفة في الثمن، وفي اشتراط الحُملان، فبعض الروايات
فيها الاشتراط، وبعضها ما فيها اشتراط، وبعضها الثمن أوقية،
وبعضها أكثر، وبعضها أقل، وخرجها البخاري كلها، ورجح اشتراط
الحملان، ورجح أن الثمن أوقية، مع ذلك خرج غيره من الوجوه
الأخرى، ففيه الراجح، وفيه المرجوح، فيه الراجح وفيه المرجوح،
فتعامل هذه الروايات معاملة الأحاديث المختلفة ما يوجد في حديث
البخاري راجح ومرجوح؟ يعني راجح من حيث الثبوت، ومرجوح من حيث
الثبوت، وراجح من حيث الدلالة، ومرجوح من حيث الدلالة، ما
يوجد؟ يوجد، وكونه من رواة متعددين هذا ما فيه إشكال، لكن
الإشكال إذا كان في حديث واحد، إذا كان في أحاديث ما في إشكال،
وعلى كل حال الشذوذ علة مانعة؛ إما من قبول الخبر، أو من العمل
به، الشذوذ علة مانعة، أو قادحة في الخبر؛ إما في قبوله، أو في
العمل به بعد قبوله، يعني قد يكون المرجوح مقبول من حيث
الرواية، لكنه من حيث العمل غير مقبول كالمنسوخ؛ لأننا رجحنا
عليه ما هو أقوى منه، وتوافرت فيه شروط القبول، وعرفنا فيما
سبق أن شروط القبول إذا انطبقت على خبر قبلناه والحكم فيه على
الظاهر، والحكم فيه على الظاهر:
وبالصحيح والضعيف قصدوا ... في ظاهر لا القطع. . . . . . . . .
(12/3)
فنحن إذا طبقنا عليه الشروط قبلناه، وإن
كان مرجوحاً، ويوجد ما هو أرجح منه، ولذا تخلصوا من هذا
الإشكال بقولهم أن الشاذ منه المقبول ومنه المردود، فمتى
توافرت فيه الشروط يبقى أنه في الصحة؛ لكنه مرجوح كالمنسوخ،
يعني لا يعمل به، وفي الصحيح –أيضاً- الصحيح والأصح فإذا تعارض
حديث صحيح مع حديث أصح منه، ولو كان المعارض صحيحاً من حيث
الرواية والنقد، فيرجح عليه الأصح، ومعروف أنه في باب التعارض
لابد من أن يبحث عن أوجه للجمع ولو بعدت؛ قبل أن يرجح بعضها
على بعض "فهو بمعناه" فالمنكر بمعناه يعني بمعنى الشاذ "كذا
الشيخ" ابن الصلاح "ذكر"، فلم يميز بينهما؛ لم يميز بين الشاذ
والمنكر، والتمييز بينهما هو المعتمد عند أهل العلم، فالحكم
بالنكارة أقوى عندهم من الحكم بالشذوذ، الحكم بالنكارة عندهم
أقوى من الحكم على الحديث بالشذوذ، ثم مثل، مثال الثاني: وهو
تفرد الراوي الذي لا يحتمل تفرده، مثال تفرد الراوي الذي لا
يحتمل تفرده، ويصلح على رأي ابن الصلاح مثالاً للشاذ، ويصلح
مثالاً للمنكر:
نحو: ((كلوا البلح بالتمر)) الخبر ... . . . . . . . . .
((كلوا البلح بالتمر .. )) جاء الأمر بذلك من حديث أبي زكير،
وهو مخرج عند النسائي وابن ماجه، وقال النسائي فيه: منكر،
((كلوا البلح بالتمر .. ))، يقول: (( .. فإنه إذا أكله ابن آدم
غضب الشيطان، وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق))، هذا
لا يحتمل تفرده؛ لأنه من رواية أبي زكير يحيى بن محمد البصري،
هو من رواية أبي زكير، وأبو زكير خرج له الإمام مسلم مقرون؛
يعني مع غيره، وإلا فتفرده لا يحتمل، تفرد به عند ابن ماجه،
فهو حديث منكر، وعند النسائي، وقال النسائي فيه: منكر؛ لأنه
لماذا حكم عليه النسائي بأنه منكر؛ لأنه تفرد به من لا يحتمل
تفرده، ومثل به ابن الصلاح على هذا، هذا مثال النوع الثاني.
(12/4)
وبالغ ابن الجوزي فأدخله في الموضوعات، لكن
هل نكارته، نكارة الخبر بسبب تفرد راويه، أو بسبب نكارة لفظه؟
معناه ضعيف: ((كلوا البلح بالتمر، فإنه إذا أكله ابن آدم غضب
الشيطان، وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق))؛ هل الذي
يغضب الشيطان طول عمر الإنسان؟ الذي يغضبه العمر المعمور
بالطاعة، الذي يغضب الشيطان العمر المعمور بالطاعة، وإلا العمر
ولو طال إذا لم يعمر بطاعة، أو عمر بمعصية هذا ما يغضب
الشيطان، وفي الحديث الشيطان غضب لما طال عمر ابن آدم: ((عاش
ابن آدم)) هذا معنى المنكر، فالذي يغضب الشيطان هو أن يعمر
المسلم عمره بطاعة الله -جل وعلا- وبما يرضيه:
نحو: ((كلوا البلح بالتمر)) الخبر ... . . . . . . . . .
ومثل للأول المخالفة؛ مخالفة الثقة:
. . . . . . . . . ... ومالك سمى ابن عثمان عمر
(12/5)
وهو معروف عند سائر الأئمة بعمرو بن عثمان،
مالك سماه عمر بن عثمان، كما في الموطأ، وكان مالك -رحمه الله-
إذا مر ببيته أشار إليه، كأنه يقول: هذا الشخص الذي يخالفنا
فيه الناس، أو نخالف فيه الناس، مالك يراه عمر بضم العين،
وغيره يقولون: عمرو، هذا مخالفة من الإمام مالك، هذه مخالفة من
الإمام مالك، -رحمه الله-، ابن الصلاح لما جعل الشاذ، وفي
معناه المنكر؛ جعلهما قسمين: قسم ما يخالف فيه الثقة، وقسم ما
يتفرد به من لا يحتمل تفرده، فالذي يخالف فيه الثقة من هو أكثر
مثل مخالفة مالك يسمي الراوي عمر بن عثمان، وغيره يسميه عمرو
بن عثمان، وتفرد من لا يحتمل تفرده، مثل الحديث: ((كلوا البلح
بالتمر))، فهو يمثل للقسمين "قلت: فماذا؟ " قلت: فماذا، فماذا
يلزم من تفرد مالك بتسمية الراوي عمر؟ وإن سماه غيره عمرو، فإن
مثل هذه المخالفة لا تضر؛ لماذا؟ لأن عمر بن عثمان، وعمرو بن
عثمان، عمر بن عثمان على رأي مالك، وعمرو بن عثمان على رأي
غيره، هما أخوان، وكلاهما ثقة، فهل يضر الخبر أن يتردد الراوي
بين اثنين كلاهما ثقة؟ يضر وإلا ما يضر؟ لو قيل عن حماد، وما
استطعنا أن نميز حماد بن سلمة، وإلا ابن زيد، أو عن سفيان، وما
استطعنا أن نميز؛ يتأثر الخبر؟ ما يتأثر، فالخبر سواءً كان عن
عمرو بن عثمان، كما قال الأكثر، أو عمر بن عثمان كما قال
الإمام مالك ما يتضرر، ولذا قال الحافظ: قلت فماذا يلزم من
تفرد مالك، وماذا يترتب عليه؟ لأن كل منهما ثقة "بل مثاله"
مثال الصحيح المطابق، "بل مثاله حديث نزعه" -صلى الله عليه
وسلم- "خاتمه عند الخلاء ووضعه" هذا الذي يصح أن يكون فيه
المثال المطابق للمخالفة:
قلت: فماذا بل حديث نزعه ... خاتمه عند الخلاء ووضعه
(12/6)
قال أبو داود: منكر، صوابه عن الزهري عن
أنس: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اتخذ خاتماً من ورق ثم
ألقاه" وهذا هو المحفوظ "اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه" لكن
الإلقاء لخاتم الذهب، أو لخاتم الورق؟ اللي علق على الكتاب
يقول: حديث أنس في نزعه خاتمه عند الخلاء، رواه أبو داود،
والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، وأبو داود نص على أنه منكر،
والصواب عن الزهري عن أنس: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم-
اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه" والمعروف أن النبي -عليه الصلاة
والسلام- اتخذ خاتماً من ذهب، فاتخذ الناس خواتم من ذهب ثم
ألقاه، ولا يبعد أن يكون في أول الأمر اتخذ خاتم فضة ثم ألقاه،
ثم اتخذ خاتم ذهب ثم ألقاه، ما يبعد، لكن حديث نزعه هذا منكر؛
لأنه مخالفة لمن هو أوثق منه، ولذا حكم عليه أبو داود -رحمه
الله- بأنه منكر.
سؤال: يقول: نود إعادة أنواع التدليس.
أنواع التدليِس: ذكرنا في الدرس السابق الضابط الذي يفرق به
بين التدليس، والإرسال الخفي، والإرسال الظاهر، هذا يحتاج إلى
إعادة وإلا ما يحتاج؟ ذكرنا الصور الأربع التي بواسطتها نفرق
بين التدليس والإرسال، تحتاج إلى إعادة وإلا ما تحتاج؟ وذكرنا
أن الراوي له مع من يروي عنه أربع حالات: الحالة الأولى: أن
يكون قد سمع منه أحاديث، والثانية: أن يكون لقيه، ولم يثبت
سماعه منه، والحال الثالثة: أن تثبت المعاصرة، ولم يثبت أنه
لقيه، والحال الرابعة: عدم ثبوت المعاصرة، فإن كان من الحال
الأولى، أو الثانية فروى عنه ما لم يسمعه منه؛ يعني ما ثبت أنه
لم يسمعه منه بصيغة موهمة فهذا تدليس، الصورة الثالثة في حال
المعاصرة إذا روى عنه بصيغة موهمة ولم يثبت لقاؤه له، ولا
سماعه منه بصيغة موهمة؛ هذا إرسال خفي، وليس من التدليس، وأما
الصورة الرابعة وهي انتفاء المعاصرة إذا روى عنه بصيغة موهمة؛
هذا إرسال ظاهر.
(12/7)
أنواع التدليس قالوا: تدليس الإسناد،
وتدليس الشيوخ؛ تدليس الإسناد هو إسقاط الراوي، والالتقاء لمن
فوقه بصيغة موهمة؛ يسقط شيخه الضعيف، ويرتقي لمن فوقه، ويكون
قد لقي شيخ شيخه، ويرتقي إليه بعن وأنَّ وقال، هذا تدليس؛
تدليس إسقاط، يدلس شيخه إما لكونه صغير، ويأنف من ذكره، أو
لكونه أكثر من ذكره، أو لكونه ضعيف، ويريد أن يروج الخبر،
المقصود الأهداف الحاملة كثيرة، يسقط شيخه، بهذه الصورة يكون
تدليس بالقطع، بالقطع؛ بأن يقول: فلان، ويسكت ثم يقول: عن
فلان، أو يقول: حدثني ثم يسكت، إما أن يأتي بالصيغة، ثم يسكت،
أو يأتي باسم الراوي ثم يسكت؛ هذا تدليس قطع، وتدليس العطف أن
يأتي براوي: حدثني فلان، ويعطف عليه آخر، وهذا ما فيه إسقاط،
يعطف عليه آخر، ويقدر للمعطوف خبر، فيقول: حدثني فلان، هذا
صحيح حدثه، وفلان غير مسموع لي، أو فلان لم يحدثني، المعطوف،
هذا تدليس عطف، وهناك تدليس التسوية، أن يحذف ثقة؛ يحذف ضعيف
بين ثقتين، تدليس التسوية أن يحذف ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما
الآخر، لقي أحدهما الآخر، وهذا شر أنواع التدليس، وأيضاً هناك
تدليس الشيوخ؛ أن يصف الشيخ بما لا يعرف به، أو يكنيه كنية لا
يعرف بها، أو ينسبه نسبة لا يعرف بها، فلو مثلاً قال: حدثني
أبو صالح الشيباني، حدثني أبو صالح الشيباني مريداً بذلك من؟
الإمام أحمد، صالح أكبر من عبد الله وهو شيباني، لكن الإمام
-رحمه الله- عرف بأبي عبد الله باسمه، وعرف بانتسابه إلى جده
أحمد بن حنبل، المقصود أنه إذا كني أو وصف أو نسب إلى شيء لم
يشتهر به، هذا تدليس شيوخ، والقصد منه إما التفنن في العبارة،
أو امتحان الطلاب، أو تعمية أمر على السامع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حقيقة في إطلاقات الأئمة الكبار قد يطلقون هذا بإزاء هذا، وهذا
بإزاء هذا، مما جعل ابن الصلاح يجعلهما شيئاً واحداً، لكن أكثر
ما يطلق الشاذ بإزاء مخالفة الثقة، وأكثر ما يطلق المنكر بإزاء
مخالفة الضعيف؛ لأن اللفظ لفظ المنكر أقوى من حيث اللغة من لفظ
الشاذ، فيجعل الأقوى للأقوى، والأضعف للأضعف، وإلا وجد استعمال
هذا مكان هذا، وهذا مكان هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(12/8)
فشره للضعف واستصغارا ... وكالخطيب يوهم
استكثارا
طالب:. . . . . . . . .
شر تدليس الشيوخ للضعف واستصغارا، وشر أنواع التدليس مطلقاً
تدليس التسوية؛ يعني تدليس الشيوخ يسمي شيخه بما لا يعرف به،
أو ينسبه بما لم يشتهر به، إذا كان لضعفه هذا شر أنواع تدليس
الشيوخ، إذا كان لضعفه ليوعر الطريق الموصل إليه، هذا شر إذا
كان ضعيفاً بيروج الحديث، وراويه ضعيف هذا شرها، واستصغاراً
–أيضاً-، استصغاراً لمن روى عنه، واحتقاراً له، وترفعاً عن أن
يروي عن من دونه، هذا لا شك أنه قدح في الإخلاص، "وكالخطيب
يوهم استكثاراً" وكالخطيب يوهم استكثاراً من الشيوخ، فيورد
الشيخ على خمس صور، كل صورة يظن الواقف عليها أنه غير الشيخ
الأول، لكن ما يظن بالخطيب هذا، وليس بحاجة إلى مثل هذا، الشيخ
الخطيب -رحمة الله عليه- عنده من الشيوخ ما يغنيه عن مثل هذا
القصد، وإنما يقصد به التفنن في العبارة، وتنشيط القارئ، يعني
لو في مائة موضع من كتاب تقول: حدثني محمد بن سعيد الأنصاري،
كلها تسوقها على هذا الأساس، على هذه الصورة، يمل القارئ، لو
مرة تقول: حدثني محمد بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن سعيد
الأنصاري تنسبه إلى جده، بحيث لا يوقع في لبس، ومرة تقول:
حدثني أبو سعيد الأنصاري، وهو هو، ومسلم يفعل هذا، أحياناً
يأتي بالاسم خماسي، وأحياناً يأتي به مهملاً من دون نسبة، ولا
إلى أبيه، وأحياناً ينسبه إلى أبيه، وأحياناً إلى جده بما لا
يوقع في لبس، أما إذا أوقع في لبس فكان في طبقته من ينسب هذه
النسبة، ويوافقه في الاسم واسم الأب؛ مثل هذا لا بد من البيان،
شرها شر جميع أنواع التدليس، الأول شر أنواع تدليس الشيوخ ما
كان الحامل عليه الضعف، ضعف الراوي، واستصغار الراوي؛ لأن هذا
يقتضي احتقار الراوي.
طالب:. . . . . . . . .
(12/9)
أظن الشذوذ، قالوا مثلاً: ((إن الله يحب
التوابين، ويحب المطهرين)) شاذ، لكن يمكن أن يحكم عليه بالشذوذ
ويش المانع؟ شاذ، فعلى القول بأنهما مترادفان، ويسنده تصرفات
الأئمة، فيطلقون هذا بإزاء هذا، وهذا بإزاء هذا ما في إشكال،
ليست هناك قواعد مطردة عند الأئمة الكبار، ليست هناك قواعد
مطردة بحيث لا يحيدون عنها بخلاف طريقة المتأخرين عندهم قواعد
مطردة ثابتة يمكن أن يربى عليها طالب علم، حتى إذا تأهل بعد
المران الكثير، والتخريج للأحاديث، والنظر في الأسانيد، والنظر
في أحكام الأئمة؛ تتولد لديه الملكة التي يستطيع بها أن يحاكي
المتقدمين، وأما التمرين فيكون على طريقة المتأخرين.
اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله
نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا وارفعنا بما علمتنا، وزدنا
علماً، واغفر لنا ولشيخنا والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المصنف -رحمه الله- تعالى:
الاعتبار والمتابعات والشواهد:
الاعتبار سبرك الحديث هل ... شارك راو غيره فيما حمل
عن شيخه فإن يكن شورك من ... معتبر به فتابع وإن
شورك شيخه ففوق فكذا ... وقد يسمى شاهداً ثم إذا
متن بمعناه أتى فالشاهد ... وما خلا عن كل ذا مفارد
مثاله لو أخذوا إهابها ... فلفظة الدباغ ما أتى بها
عن عمرو إلا ابن عيينة وقد ... توبع عمرو في الدباغ فاعتضد
ثم وجدنا أيما إهاب ... فكان فيه شاهد في الباب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله
نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: يقول الحافظ العراقي -رحمه
الله تعالى- في ألفيته؛ التي هي في الأصل نظم لعلوم الحديث
لابن الصلاح، ومما مضى شرحه في العام الماضي الشاذ والمنكر،
الشاذ والمنكر ويجتمعان في التفرد على ما مضى، فالشاذ يتفرد به
الثقة إما مع قيد المخالفة أو لا، والمنكر يتفرد به الضعيف مع
المخالفة أو لا، وقد يطلق الشاذ بإزاء المنكر والعكس، وبعد ذلك
أردف المؤلف -رحمه الله تعالى- هذين البابين اللذين فيهما تفرد
الراوي:
(12/10)
المنكر الفرد كذا البرديجي ... أطلق
والصواب في التخريج
إلى آخره.
كيف نعرف التفرد وعدم التفرد؟ لا نعرف ذلك إلا بالاعتبار، فإذا
اعتبرنا، وبحثنا في الدواوين، فإن وجدنا شاهداً أو متابعاً؛
انتفى التفرد، وإلا حصل التفرد، ولذا أردف الحافظ العراقي
-رحمه الله تعالى- الشاذ والمنكر بالاعتبار والمتابعات
والشواهد، ليُعلم، وينظر في الحديث إن وجد له شاهد أو متابع
انتفى التفرد، وحينئذٍ لا يصير مجال هناك للشذوذ، ولا النكارة.
أقول: مناسبة هذا الباب، وهذه الترجمة، مناسبة هذه الترجمة لما
قبلها مع الترجمتين اللتين قبلها؛ الشاذ والمنكر، الشاذ على ما
تقدم تحريره عن الإمام الشافعي وغيره: هو ما يخالف فيه الثقة
غيره من الثقات:
وذو الشذوذ ما يخالف الثقة ... فيه الملأ فالشافعي حققه
ومنهم من يطلقه على مجرد التفرد، على مجرد التفرد مطلقاً،
ومنهم من يطلقه على مجرد تفرد الثقة، والمنكر بإزائه، المنكر
بإزائه يطلق، ويراد به الشاذ في تفرد الثقة، أو مع المخالفة،
أو مطلقاً، ويطلق ويراد به تفرد الضعيف، مع مخالفة غيره من
الثقات، أو مجرد تفرد من لا يحتمل تفرده، وهذا كله مضى.
كيف نعرف هذا التفرد؟ كيف نحكم على الحديث بأنه فرد؟ وسيأتي
–أيضاً- ترجمة الأفراد، ترجمة ستأتي الأفراد، وسيأتي –أيضاً-
في أواخر الكتاب الغريب، والأفراد هي ما يتفرد به راوٍ واحد،
والغريب هو ما يتفرد به –أيضاً- راوٍ واحد، إلا أنهم أكثر ما
يطلقون الفرد على التفرد المطلق، والغريب على التفرد النسبي،
وهذا كله سيأتي -إن شاء الله تعالى-،
(12/11)
فجعل الناظم -رحمه الله تعالى- تبعاً للأصل
هذه الترجمة بين البابين السابقين: الشاذ والمنكر، ثم أردفها
بالأفراد، ثم أخر الكلام على الغريب مع العزيز، والمشهور في
أواخر الكتاب، والأصل، والأنسب أن يأتي بالشاذ، ثم المنكر، ثم
الفرد ثم الغريب، ثم بعد ذلك يأتي بالاعتبار، لكنه وسط هذه
الترجمة بين بابين فقدمهما، وبابين فأخرهما، وهذا مما يلاحظ
على الأصل، الذي هو ابن الصلاح؛ لأنه ألفه، ألف كتابه شيئاً
فشيئاً، ألف كتابه ليلقيه على الطلاب في دروس، ولذا جاءت
تراجمه هكذا، وابن الصلاح -رحمه الله تعالى- اجتهد في ترتيب
كتابه، وتحريره، وجمعه من المصادر المختلفة، فأملاه على
الطلاب، ولوحظ عليه بعض الشيء، وهكذا، وهذا هو الشأن في مصنفات
البشر، لا بد أن يلاحظ عليه، ولا يمكن أن يكون الكمال، والتمام
إلا لكتاب الله -جل وعلا-.
هذه الترجمة: "الاعتبار والمتابعات والشواهد" قد يفهم من النسق
بين الثلاث الكلمات الاعتبار، والمتابعات، والشواهد أنها
قسائم، فالاعتبار قسيم للمتابعات، والشواهد، فعلى هذا تكون
الأنواع ثلاثة، الاعتبار، والمتابعات، والشواهد، وهذا الفهم
ليس بصحيح؛ لأن ما يعتضد به الخبر، وما تتعدد به الطرق هي
المتابعات والشواهد فقط، فحق العبارة كما يقول الحافظ ابن حجر:
معرفة الاعتبار للمتابعات، والشواهد، معرفة الاعتبار
للمتابعات، والشواهد، فالاعتبار ليس قسيماً للمتابعات
والشواهد، يعني لا يوجد شيء ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي
الاعتبار، والمتابعات، والشواهد، وإنما هي المتابعات، والشواهد
فقط، وأما الاعتبار، فهو الاختبار، والنظر، والسبر في دواوين
السنة؛ للبحث عن المتابعات، والشواهد، ولذا يقول الحافظ -رحمه
الله تعالى- في نظمه، الحافظ العراقي:
"الاعتبار سبرك الحديث":
الاعتبار سبرك الحديث هل ... شارك راوٍ غيره فيما حمل
(12/12)
فالاعتبار هيئة التوصل، وطريقة التوصل
لمعرفة المتابعات، والشواهد، هيئة التوصل، والطريق إلى التوصل
لمعرفة المتابعات، والشواهد "الاعتبار سبرك الحديث" يعني
اختبارك، ونظرك الحديث في دواوين السنة، والبحث عن الطرق، هذا
هو الاعتبار "هل شارك" راويه الذي يظن تفرده به "راو غيره فيما
حمل" فشارك فعل، فاعله معروف، غيره هذا إيش؟ المفعول المشارك،
اللي هو إيش؟ غيره، مفعول شارك، مفعول شارك، إذن "راوٍ"
إعرابها هذا هو الفاعل؟
. . . . . . . . . هل ... شارك راو غيره فيما حمل
زكريا الأنصاري يشير إلى أن غيره يمكن أن تكون هي الفاعل،
فتكون غيرُه، وراوٍ هي المفعول، لكن هل راوٍ كذا بحذف الياء،
تأتي في حالة النصب؟ أو أن المنقوص في حالة النصب تثبت ياؤه،
ويظهر عليه الإعراب شارك راوياً، ويقول: إن من العرب من يجعل
المنقوص محذوف الياء باستمرار، يعني إذا لم تقترن به "أل"،
وعلى هذا يكون غيره هو الفاعل، وراوٍ هو المفعول على كلامه هو،
لكن ما الداعي لمثل هذا التكلف؟ وبالإمكان أن نقول: "شارك
راوٍ" هذا هو إيش؟ الفاعل؛ لأن المنقوص المجرد عن "أل" في
حالتي الرفع والجر تحذف ياؤه "وغيره" كما ضبط هنا تكون هي إيش؟
المفعول، والراوي سواءٌ شارك غيره، أو شورك؛ في فرق، وإلا ما
في فرق؟
طالب:. . . . . . . . .
من أين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يا أخي، أنا أقول: إن الشخص سواءٌ شارك إذا وجدت المشاركة،
التي هي بين الطرفين، شارك زيد عمراً، هل يختلف التعبير،
ويختلف الأسلوب، ويختلف المفهوم من الجملة؛ إذا قلنا: شارك
زيداً عمرٌو؟ يعني سواءٌ قدمنا الفاعل، أو المفعول يختلف
الأمر، ولا يوجد أي مانع من هذا، وعلى هذا يكون راوٍ هو
الفاعل، وغيره هو المفعول فيما حمل، يعني فيما حمله، وما
موصولة، يعني في الذي حمل، والجملة صلة الموصول، والعائد
محذوف، الأصل فيما حمله من الحديث "عن شيخه فإن يكن" ذاك
الراوي "شورك من معتبر به" معتبر به:
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . فيما حمل
عن شيخه فإن يكن شورك من ... معتبر به. . . . . . . . .
(12/13)
يعني شورك من مثله بأن لا يكون شديد الضعف،
بأن لا يكون كل من المشارِك، والمشارَك شديد الضعف؛ لأن رواية
شديد الضعف وجودها مثل عدمها، لا يستفيد منها الحديث قوة،
فوجودها مثل عدمها إذا كان الراوي شديد الضعف، ولذا قال: "فإن
يكن شورك من معتبر به" كثيراً ما يقال: فلان يعتبر به، وفلان
لا يعتبر به، فإذا كان ممن يعتبر به؛ فضعفه ليس بشديد، وهو
الذي يقبل الانجبار، وقد يكون غير ضعيف وإنما، قد يكون ثقة،
وقد يكون دونه صدوق، فإن كان ثقة، فمشاركته تفيد الخبر، وإلا
ما تفيد الخبر، إن كان الراوي ثقة مشاركته تفيد الخبر، أو لا
تفيده؟ الخبر صحيح دون مشاركة، لكن عند الترجيح، عند المعارضة
يستفيد خبر الثقة بمشاركة غيره له، يستفيد إيش؟ القوة عند
الترجيح، فيرجح على غيره مما لا يشارك فيه، أو ممن لم يشارك
فيه راويه الثقة، فمشاركة الثقة تفيد عند الترجيح، عند
التعارض، والترجيح، ومشاركة من دون الثقة ممن لم يصل إلى حد
الضعف تفيد الحديث الارتقاء إلى درجة الصحيح لغيره، يعني ممن
لا يصل إلى حد الضعف، مشاركة هذا الراوي من مثله ممن لا يصلح
على حد الضعف تفيده قوة، فيرتقي بذلك إلى درجة الصحيح لغيره،
ومشاركة الضعيف ممن يعتبر به تفيد الخبر الارتقاء من الضعيف
إلى الحسن، فنستفيد من المتابعات، والشواهد التقوية، نستفيد
منها التقوية، والترقية للأحاديث من الضعف إلى الحسن، أو من
الحسن إلى الصحة "فإن يكن شورك" إن يكن ذلك الراوي "شورك من
معتبر به" يعني ضعفه لا يرجع إلى عدالته، ولا يصل إلى حد من
يتهم بالكذب مثلاً، وإنما يرجع ضعفه إلى شيء في حفظه مما لا
يصل إلى شدة الضعف في الحفظ بأن يكون سيء الحفظ مثلاً، على
خلاف بينهم في سيء الحفظ؛ هل ينجبر، أو لا ينجبر؟ المقصود أن
مثل هذا إذا كان ضعفه راجع إلى شيء في حفظه؛ فإنه ينجبر، فإنه
ينجبر.
(12/14)
"معتبر به فتابع" فتابع هذا هو التابع،
فالتابع هو الذي يشارك فيه راويه من قبل معتبر به، هذا هو
التابع، والخلاف بين أهل العلم في المتابع، والشاهد، والفرق
بينهما، منهم من يخص المتابع إذا كان المتن بلفظه يروى من طريق
آخر، ولو اختلف الصحابي، منهم من يطلق المتابع على اتحاد
اللفظ، ولو اختلف الصحابي، والشاهد على اختلاف اللفظ، يعني أن
يروى الحديث بالمعنى، ولو اتحد الصحابي، هذا قول في هذه
المسألة، والذي يختاره أكثر المتأخرين أن المتابع ما اتحد
صحابيه، ولو وجد الاختلاف في اللفظ، والشاهد ما اختلف صحابيه،
ولو اتحد اللفظ، ولو اتحد اللفظ.
فمن العلماء من ينظر إلى اللفظ والمعنى، فإن اتحد اللفظ؛
فالمتابع، ولو اختلف الصحابي، وإن اختلف اللفظ واتحد المعنى؛
فالشاهد، ولو اتحد الصحابي، ومنهم من ينظر إلى اتحاد الصحابي،
واختلافه فما اتحد فيه الصحابي؛ فهو المتابع، وما اختلف فيه
الصحابي؛ فهو الشاهد، ولو اتحد المعنى، وهذا هو ما يرجحه أكثر
المتأخرين، وعليه عمل المخرجين ممن يخرج الأحاديث من المتأخرين
"فإن يكن شورك من معتبر به فتابع" إن شورك فيما حمل عن شيخه
مباشرة؛ فتابع متابعة تامة، إن شورك في شيخه، الراوي الأدنى إن
شورك في شيخه فمتابعة تامة، وإن شورك في شيخ شيخه فمتابعة
لكنها قاصرة، وإن توبع في الشيخ الثالث متابعة لكنها أقصر،
وهكذا إلى أن يصل الاتحاد في الصحابي، فعلى سبيل المثال في
حديث الأعمال بالنيات، يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-:
حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان، يرويه البخاري -رحمه الله
تعالى- عن غير الحميدي عن سفيان، هذه متابعة تامة، وإلا قاصرة؟
متابعة تامة، وإلا قاصرة؟ تامة، تامة يا الإخوان؛ لأنها
المشاركة في الشيخ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(12/15)
من بداية السند نعم، الحديث نفسه إذا رواه
البخاري من غير طريق الحميدي عن غير سفيان عن يحيى بن سعيد،
اتحدوا في شيخ الشيخ هذه متابعة، لكنها أقصر من الأولى، واضح،
وإلا ما هو بواضح، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ ثم إلى آخر الإسناد،
إلى أن يتحدوا في عمر -رضي الله تعالى عنه-، إذا تصور أنه روي
من طريق يصح عن غير علقمة عن عمر، لكنه لا يثبت إلا من طريق
عمر، وعنه علقمة، وعنه محمد بن إبراهيم التيمي، وعنه يحيى بن
سعيد، وعنه انتشر.
لو قدر أننا وجدنا حديث الأعمال بالنيات من حديث أبي هريرة
مثلاً، بلفظه؛ ماذا يكون متابعاً، وإلا شاهداً؟ شاهد على القول
الثاني، وإن اتحد اللفظ؛ فمتابع على القول الأول، لو وجدنا
حديث عمر -رضي الله تعالى عنه- مع اختلاف في لفظه، واتحاد في
معناه؛ نقول متابعة، وإلا شاهد؟ شاهد على القول الأول، ومتابع
على القول الثاني، وهكذا.
"وإن شورك شيخه ففوق" ففوق مبني على الضم لماذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، حذف المضاف إليه مع نيته، وقبل، وبعد، والجهات الست إذا
حذف المضاف إليه مع نيته تبنى على الضم، مثل ما تقول: أما بعد،
{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ} [(4) سورة الروم]، لكن إذا
أضيفت أعربت: {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ} [(137) سورة آل
عمران]، {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ} [(26) سورة النحل]،
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(12/16)
نعم، يصير مثل ما يقول شيخ الإسلام عن بعض
المبتدعة إذا ذكر قولاً لا يدل له نقل، ولا عقل قال: هذا من
باب خر عليهم السقف من تحتهم، يعني لا نقل، لا وافق القرآن،
ولا وافق العقل "ففوق فكذا" أي فهو متابع ولكنه قاصر، نعم
متابع لكنه قاصر "وقد يسمى" كل من المتابع لشيخه فمن فوقه
"يسمى شاهداً" قد يسمى المتابع شاهداً، والشاهد يسمى متابعاً،
وبعضهم لا يفرق بين الأمرين، والخطب في هذا كله سهل، سواءٌ
سميناه متابعاً، أو شاهداً الأمر سهل؛ لماذا؟ لأن كلاً من
المتابع، والشاهد يفيد التقوية، يفيد التقوية، مما يتقوى به
الخبر، وقد يسمى شاهداً، ثم بعد فقد المتابعات "ثم إذا متن"
آخر في الباب "متن بمعناه أتى" عن ذلك الصحابي، أو غير الصحابي
"متن بمعناه أتى" سواءٌ اتحد الصحابي، أو اختلف "فالشاهد" وهذا
على القول الأول، أن النظر إلى اللفظ، والمعنى، وهذا هو اختيار
الإمام البيهقي، وعليه جمع من أهل العلم، وعرفنا أن اختيار
أكثر المتأخرين على التفريق بين المتابع، والشاهد في الصحابي
اتفاقاً، واختلافاً، فإن اتحد؛ فهو المتابع، وإن اختلف؛
فالشاهد "وما خلا" يعني تجرد "عن كل ذا" عن كل من التابع، وا
لشاهد:
. . . . . . . . . ... وما خلا عن كل ذا مفارد
"مفارد" يعني أفراد، يعني إذا بحثنا، وسبرنا دواوين السنة، فلم
نجد ما يتابع الراوي على رواية الخبر، ولا وجدنا ما يشهد
للحديث؛ نجزم بأنه فرد، نجزم بأنه فرد "مثاله" أي ما وجد له
متابع، وشاهد بعد البحث، والسبر، والتنقيب في الدواوين:
مثاله: ((لو أخذوا إهابها)) ... . . . . . . . . .
لو أخذوا إهابها، المروي عند الإمام مسلم من طريق سفيان بن
عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس، الحديث في مسلم
عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن
ابن عباس،
مثاله: ((لو أخذوا إهابها)) ... فلفظة: "الدباغ". . . . . . .
. .
يقول: أصل الحديث: ((لو أخذوا إهابها))، يعني الشاة التي أهديت
لمولاة ميمونة، فماتت فرموها، ((لو أخذوا إهابها))، في رواية
سفيان: ((فدبغوه)):
مثاله: ((لو أخذوا إهابها)) ... فلفظة: "الدباغ" ما أتى بها
(12/17)
يعني ما أتى بها أحد "عن عمرو" يعني ابن
دينار "إلا ابن عيينة" إلا ابن عيينة، مصروف، وإلا فالأصل أنه
ممنوع من الصرف، لكنه يصرف للوزن، يصرف للوزن "إلا ابن عيينة،
وقد توبع" شيخه "عمرو" توبع عمرو، يعني شيخه عمرو بن دينار "في
الدباغ" تابعه أسامة بن زيد الليثي عند الدارقطني، والبيهقي،
وتابعه –أيضاً- يزيد بن أبي حبيب، وتابعه –أيضاً- ابن جريج،
سفيان ما توبع، لكن توبع شيخه عمرو بن دينار "في الدباغ
فاعتضد" وعرفنا أنه تابعه ثلاثة: أسامة بن زيد الليثي، ويزيد
بن أبي حبيب، وابن جريج، توبع:
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . في الدباغ فاعتضد
ثم وجدنا: ((أيما إهاب)) ... فكان فيه شاهد في الباب
"ثم وجدنا" عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس: ((أيما إهاب ..
)) يعني (( .. دبغ؛ فقد طهر)):
. . . . . . . . . ... فكان فيه شاهد في الباب
(12/18)
لكونه بمعناه، لكونه بمعناه، مع أنه يلاحظ
اتحاد الصحابي، كلاهما من حديث ابن عباس، كلاهما من حديث ابن
عباس، إذا كان الحديث واحداً، عن صحابي واحدٍ، يعني لا إشكال
في تسميته متابع، الرواية الثانية تسمى متابعة، لكن إذا جزمنا
أن القصة مختلفة مثلاً، القصة مختلفة، والصحابي متحد، فمثلاً
حديث: ((أيما إهاب دبغ؛ فقد طهر)) حديث ثانٍ لابن عباس يختلف
عن حديث الشاه التي أهديت لمولاة ميمونة في قصة أخرى، هل نقول
هذه متابعة، وإلا حديث آخر؟ لأن هذا يلتبس، وتجدون في الأطراف،
أطراف الأحاديث، كالتي صنعها محمد فؤاد عبد الباقي بالنسبة
لصحيح البخاري، تجده –أحياناً- يجعل هذا الحديث، وإن كان
مستقلاً طرفاً للحديث الأول، بمعنى أنه جزء منه، أو موضع آخر
من رواية البخاري لنفس الحديث، يعني يكون الحديثان في موضوع
واحدٍ، لكن المناسبات مختلفة، والقصص، وسبب ورود الحديث مختلف؛
فهل نقول: إنه حديث واحد، أو حديثان لابن عباس في الباب؟ يعني
مقتضى قولهم في هذا الخبر، يعني الحديث عن ابن عباس الأول،
والثاني، الحديثان عن ابن عباس، لكن القصة مختلفة: ((أيما إهاب
دبغ؛ فقد طهر)) في حديث: ((لو أخذوا إهابها))، في حديث الشاه:
((فدبغوه، فانتفعوا به)) في رواية سفيان بن عيينة، والحديث
الآخر: ((أيما إهاب دبغ فقد طهر))، بين الحديثين: حديث الشاه،
والثاني: ((أيما إهاب)) هذا إيش؟ خاص، وهذا إيش؟ ((هلا انتفعتم
بإهابها؟ ))، يعني جلد الشاة الميتة، والثاني: عام في جميع
الجلود: ((أيما إهاب دبغ؛ فقد طهر))، في مثل هذه الصورة يمكن
حمل العام على الخاص، وإلا ما يمكن؟ يحمل العام على الخاص،
وإلا ما يحمل؟ هل نقول: إن هذا خاص بالشاه، وما عدا ذلك لا
يحمل، وفي حكم الشاة جميع ما يؤكل لحمه، أو نقول: لا يحمل
العام على الخاص هنا؟ "أيما" من صيغ العموم، والحديث الأول:
((لو أخذوا إهابها)) في الشاة خاصة، في قضية خاصة، وهذا فيه
عموم، فهل نقول: إن جميع جلود الميتات إذا دبغت طهرت، وإلا خاص
بما يؤكل لحمه؟ نعم، يعني العام إذا ذكر الخاص بحكم موافق لحكم
العام؛ فإنه لا يخصص، إذا اتحد الحكم لا يخصص به، إنما يكون
التنصيص على الخاص من باب التنصيص على بعض أفراد العام
(12/19)
للعناية به، والاهتمام بشأنه، للعناية به،
والاهتمام بشأنه، لو قيل: أعطوا الطلاب، ثم قيل: أعطوا زيداً،
إذا قيل: أعطوا زيداً؛ هل يعني أنه يختص به هذا العطاء دون
غيره من الطلاب، أو نقول: لا، التنصيص على زيد يدل على
الاهتمام به، والعناية بشأنه؟ أهل العلم يقررون أن ذكر الخاص
بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، نعم.
زيادات الثقات
واقبل زيادات الثقات منهم ... ومن سواهم فعليه المعظم
وقيل: لا وقيل: لا منهم وقد ... قسمه الشيخ فقال: ما انفرد
دون الثقات ثقة خالفهم ... فيه صريحا فهو رد عندهم
أو لم يخالف فاقبلنه وادعى ... فيه الخطيب الاتفاق مجمعا
أو خالف الإطلاق نحو جعلت ... تربة الأرض فهي فرد نقلت
فالشافعي وأحمد احتجا بذا ... والوصل والإرسال من ذا أخذا
لكن في الإرسال جرحا فاقتضى ... تقديمه ورد أن مقتضى
هذا قبول الوصل إذ فيه وفي ... الجرح علم زائد للمقتفي
(12/20)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "زيادات
الثقات"، وهذا الباب من أهم ما يبحث في علوم الحديث، ومعرفته،
والإلمام به في غاية الأهمية لطالب العلم، سواءٌ كان من
الناحية النظرية، أو من الناحية العملية، يعني معرفة ما قيل
فيه نظرياً من قبل أهل العلم، ومعرفة ما وقعت الزيادات فيه من
الأحاديث من حيث العمل، فمعرفة الزيادات في المتون، هذه لا
يعرفها إلا القليل النادر، وممن له عناية بمعرفة الزيادات في
المتون ابن خزيمة، ابن خزيمة، ومنهم –أيضاً- أبو بكر
النيسابوري، وله مصنف في الزيادات، له كتاب اسمه "الزوائد"،
وأيضاً- أبو الوليد حسان القرشي، وابن عدي، ونظائرهم من الأئمة
الذين لهم العناية التامة بحفظ السنة، ومعرفة ما يزاد في
الأخبار، ومعرفة ما يزاد في الأخبار، زيادات الثقات تعرف بجمع
الطرق، والأبواب، تعرف بجمع الطرق، والأبواب، فالباب إذا لم
تجمع طرقه لا يتبين مثل هذه الأمور من الزيادات المقبولة، وغير
المقبولة، لا سيما إذا قلنا أن الحكم في القبول والرد لهذه
الزيادات؛ إنما مرده إلى القرائن، مرده إلى القرائن، فإذا جمعت
الطرق، طرق الحديث الواحد، وأحاديث الباب الواحد؛ عرفت
الزيادات المقبولة، والزيادات غير المقبولة، فمرد هذا إلى
القرائن، كما هو صنيع أئمة هذا الشأن، ونظيره ما تقدم في تعارض
الوصل، والإرسال، والرفع، والوقف.
الزيادة من الثقة؛ لأن الباب زيادات الثقات، كثير من أهل العلم
يطلق القبول، يطلق القبول، كثيراً ما تجدون: زيادة من ثقة؛ فهي
مقبولة، في كثير من تصرفات أهل العلم، أما زيادات الصحابة فهي
مقبولة اتفاقاً، مقبولة اتفاقاً، فمثل زيادة: ((أو زرع))، في
حديث أبي هريرة، في اقتناء الكلب هذه مقبولة، وابن عمر -رضي
الله تعالى عنه- يؤكد هذا القبول بأن أبا هريرة كان صاحب زرع،
يعني أنه إذا كان له عناية بهذا الأمر، فإنه يحفظ ما جاء فيه،
خلافاً لبعض المبتدعة، المفتونين، الذين يقولون: إن ابن عمر
يشكك في هذه اللفظة من أبي هريرة، ويتهمه بأنه زادها؛ لأنه
محتاج إليها، حاشا وكلا أن يظن بحافظ الإسلام، الصحابي الجليل
أبي هريرة مثل هذا الظن السيئ، فالزيادات من الصحابة مقبولة
اتفاقاً.
(12/21)
يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: الثقات هنا
هل المراد بالثقة هنا حقيقة الثقة، وهو من جمع بين العدالة،
والحفظ، والضبط، والإتقان، أو المراد به الراوي المقبول؟ فيدخل
فيه من دون الثقة، كالصدوق مثلاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني زيادة من هو دون الثقة، يعني مقبول الرواية مثلاً، هو
مقبول الرواية، صدوق جاء بخبر قبلناه، وعلمنا به، فجاء بزيادة:
جملة، وإلا لفظة؛ نقبل، وإلا ما نقبل؟
طالب:. . . . . . . . .
الثقة، العنوان "زيادات الثقات"، "واقبل زيادات الثقات" وزيادة
الثقة مقبولة، لكن مرادهم بالثقة أعم من كونه عدلاً، حافظاً،
ضابطاً، بل المراد بذلك رواية مقبول الرواية، إذا قبلنا حديثه
قبلنا زيادته، ومن رد حديثه؛ رد زيادته "واقبل زيادات الثقات"
مطلقاً؟ يعني والمراد بذلك في هذا الخلاف من دون الصحابة، أما
الصحابة، فلا يدخلون في هذا الخلاف "واقبل زيادات الثقات"
مطلقاً "منهم" أي ممن روى الحديث بدون هذه الزيادة، ثم رواه
بها، أو العكس، يعني روى الحديث ناقصاً، ثم رواه تاماً، أو
رواه تاماً، ثم رواه ناقصاً.
واقبل زيادات الثقات منهم ... . . . . . . . . .
يعني ممن روى الحديث بدونها "ومن سواهم" أي سوى الراوي بدونها،
يعني تصور هذه الزيادة، إذا قارنا الروايتين عن الراوي نفسه.
(12/22)
|