شرح ألفية العراقي عبد الكريم الخضير

شرح ألفية الحافظ العراقي (24)
الثالث: الإجازة

الشيخ: عبد الكريم الخضير
يعني سمع لفظاً أو عرضاً، روى عن الشيخ حضر مجلس التحديث وقال الشيخ: لا أنت يا فلان لا تروِ عني لا أجيز ولا أبيح لك أن تروي عني، يمتنع وإلا ما يمتنع؟ ما يمتنع؛ لأنه لا يملك
ولا يضر سامعاً أن يمنعه ... الشيخُ. . . . . . . . .
المسمع بعد الفراغ من السماع أو قبله لا يضره يروي عنه "أن يروي عنه ما قد سمعه" أن يروي ما قد سمعه، يروي عنه ما قد سمعه منه، حيث لا يذكر علة للمنع، بأن يقول: لا لعلة بينة، ولا لريبة في المسموع، يقول: لا ترويه عني، أو ما أذنت لك في روايته عني، أو نحو ذلك، أو أنت يا فلان من بين الطلاب لا تروي عني، الشيخ لا يملك، العلم ليس بملك لهذا الشيخ، العلم مشاع فلا يملك منعه، قد يكون الشيخ ممن يأخذ الأجرة على التحديث، وهذا تقدم، يأخذ الأجرة على التحديث، فيأتي من يأتي يعني الطلاب يدفعون أجرة لهذا الشيخ ويحدثون، فيأتي شخص ما دفع أجرة يبي يجلس، الشيخ متكلم متكلم ولا يضره، فيخرجه من المجلس، فيجلس خارج المنزل ويسمع ويقيد، فبعض من امتهن هذه المهنة التي هي أخذ الأجرة على التحديث يأمر بدق الهاون، الهاون معروف وإلا ما هو بمعروف؟ نعم؟ إحنا نسميه النجر الذي يدق به القهوة وغيرها مما يراد طحنه، على شان إيش؟ من أجل اللي برع ما يسمع، يشوش عليه؛ لأنه ما دفع شيء، إذا لم يدفع أجرة، قصة النسائي -رحمه الله تعالى- مع الحارث بن مسكين، الحارث بن مسكين إمام في الرواية، في الثقة، في الضبط والعدالة، والنسائي شخص معروف أنه يهتم بمظهره يلبس الجديد من كل شيء، ومن رآه طمع فيه، إذا كان يأخذ أجرة عادية على الناس زاد عليه، والنسائي لا يريد أن يدفع أجره؛ لأن هذه عبادة ما يدفع عليها أجرة في الأصل، العلم من العبادات المحضة، الأصل فيها أنه لا يأخذ عليها أجرة، فمنعه الحارث بن مسكين من السماع، فصار يجلس وراء سارية ويستمع، فلما روى عن الحارث بن مسكين ماذا يقول؟ هل يقول: حدثنا الحارث بن مسكين وقد منعه؟ هل يقول: أخبرنا الحارث بن مسكين؟ لا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(24/1)


لا ما يقول: سمعت، بدون صيغة، يقول: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، وهذا نهاية في الورع والدقة، لا يقول: حدثنا، ولا أخبرنا، ولا شيء، يقول: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، بدون صيغة، لكن الذين طبعوا سنن النسائي يثبتون أخبرنا على الجادة؛ لأن قبله أخبرنا، والذي بعده أخبرنا، لكن المعروف في الأداء عن الحارث بن مسكين أنه يقول: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، ومع ذلك لا يضره منعه من قبل الحارث بن مسكين، فالنسائي -رحمه الله- لورعه لم يثبت صيغة، ولإمامة الحارث بن مسكين وثقته وضبطه لم يهدر ولم يترك ما سمعه منه.
ولا يضر سامعاً أن يمنعه ... الشيخ أن يروي ما قد سمعه
يعني منه، و "كذلك التخصيص" لا يضر التخصيص يعني يقول: خلاص لا يروي عني إلا فلان، لماذا؟ لأنه دفع الأجرة، والبقية ما دفعوا، فكل من دفع أجرة قال: اروِ عني، ما يملك، و "كذلك التخصيص" يعني لا يضر من الشيخ لواحد أو لمجموعة بالسماع، "أو رجعت" يعني أو قول الشيخ: رجعت، ترى ما حدثتكم، ترى ما صار شيء، كل الأحاديث التي سمعتموها مني لا تروونها، رجعت عنها، "ما لم يقل أخطأت أو شككت" نعم المؤثر في هذا أن يقول: أخطأت في الرواية، إذا قال: أخطأت ما يروى عنه؛ لأنه يخلو إما أن يكون صادقاً في قوله أو كاذباً، فإن كان صادقاً فلا تجوز رواية الخطأ، وإن كان كاذباً سقطت رويته خلاص، سقطت عدالته؛ لأنه كذب، "ما لم يقل" يعني مع ذلك مع المنع: أخطأت فيما حدثت به، أو شككت في سماعه، أو نحو ذلك، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين يا ذا الجلال والإكرام، قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ
ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلىِ السَّمَاعَا ... وَنُوِّعَتْ لِتِسْعَةٍ أَنْوَاعَا
ارْفَعُهَا بِحَيْثُ لاَ مُنَاولَهْ ... تَعْيِيْنُهُ الْمُجَازَ وَالْمُجْازَ لَهْ

(24/2)


وَبَعْضُهُمْ حَكَى اتِّفَاقَهُمْ عَلَى ... جَوَازِ ذَا، وَذَهَبَ (الْبَاجِيْ) إِلَى
نَفْي الْخِلاَفِ مُطْلَقَاً، وَهْوَ غَلَطْ ... قال: وَالاخْتِلاَفُ فِي الْعَمَلِ قَطْ
وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بأَِنْ للشَّافِعِي ... قَوْلاَنِ فِيْهَا ثُمَّ بَعْضُ تَابِعي
مَذْهَبِهِ (الْقَاضِي حُسَيْنٌ مَنَعَا ... وَصَاحِبُ (الْحَاوي) بِهِ قَدْ قَطَعَا
قَالاَ كَشُعْبَةٍ وَلَو جَازَتْ إِذَنْ ... لَبَطْلَتْ رِحْلَةُ طُلاَّبِ السُّنَنْ
وَعَنْ (أبي الشَّيْخِ) مَعَ (الْحَرْبِيِّ) ... إِبْطَالُهَا كَذَاكَ (لِلسِّجْزِيِّ)
لَكِنْ عَلى جَوَازِهَا اسْتَقَرَّا ... عَمَلُهُمْ، وَالأَكْثَرُوْنَ طُرَّا
قَالُوا بِهِ، كَذَا وُجُوْبُ الْعَمَلِ ... بِهَا، وَقِيْلَ: لاَ كَحُكْمِ الْمُرْسَلِ
وَالثَّانِ: أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجَازَ لَهْ ... دُوْنَ الْمُجَازِ، وَهْوَ أَيْضَاً قَبِلَهْ
جُمْهُوْرُهُمْ رِوَايَةً وَعَمَلاَ ... وَالْخُلْفُ أَقْوَى فِيْهِ مِمَّا قَدْ خَلاَ
وَالثَّالِثُ: التَّعْمِيْمُ فِي الْمُجَازِ ... لَهُ، وَقَدْ مَالَ إِلى الْجَوَازِ
مُطْلَقَاً (الْخَطِيْبُ) (وَابْنُ مَنْدَهْ) ... ثُمَّ (أبو الْعَلاَءِ) أَيْضَاً بَعْدَهْ
وَجَازَ لِلْمَوْجُوْدِ عِنْدَ (الطَّبَرِيْ) ... وَالشَّيْخُ لِلإِْبْطَالِ مَالَ فَاحْذَرِ
وَمَا يَعُمُّ مَعَ وَصْفِ حَصْرِ ... كَالْعُلَمَا يَوْمَئِذٍ بِالثَّغْرِ
فَإِنَّهُ إِلى الْجَوَازِ أَقْرَبُ ... قُلْتُ (عِيَاضٌ) قالَ: لَسْتُ أَحْسِبُ
فِي ذَا اخْتِلاَفَاً بَيْنَهُمْ مِمَّنْ يَرَى ... إِجَازَةً لِكَوْنِهِ مُنْحَصِرَا
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: الثالث: أي القسم الثالث من أنواع التحمل بعد السماع من لفظ الشيخ والقراءة عليه، الذي يسمونه العرض الإجازة.

(24/3)


الإجازة: مصدر أجاز يجيز إجازة، وأصلها إجوازة كإعانة وإقامة، يقولون: تحركت الواو، وتوهم افتتاح ما قبلها فقلبت ألفاً، فاجتمع ألفان، فحذفت إحداهما، إما الأصلية أو المنقلبة عن الواو، على خلاف بين الأخفش وسيبويه، قولهم تحركت الواو وتوهم انفتاح ما قبلها، كل هذا تمرير للقواعد، تمرير للقاعدة، ومنهم من يقول كالخضري في حاشيته على ابن عقيل يقول: تحركت الواو بحسب الأصل، وانفتح ما قبلها باعتبار الحال، يعني بعد القلب، وهذا لا يجري على قاعدتهم، المقصود أن هذا أصلها إجوازة كإقامة وإعانة وإمامة، وغيرها ما جاء على هذا الوزن، وأصل اللفظ يرد للعبور والانتقال، تقول: عبرت أو جزت النهر إذا عبرته وانتقلت من ضفة إلى أخرى، وأيضاً يرد اللفظ للإباحة الذي هو الجواز، قسيم المنع، وقسيم الحظر، وبعضهم يقول: إن الإجازة مأخوذة من المجاز، ويقول: إن حقيقة الرواية إنما هي في السماع والعرض، ومجازها بالإجازة والمناولة، وما يلي ذلك؛ لأن الإجازة لا يدل عليها لا مستند شرعي ولا لغة، لا يطلق على من أذن له أن يحدث عن شخص أن الشخص الأول حدثه، يعني في اللغة، ولا في الشرع، إذا قال: إذا وجدت فرصة مناسبة لئن تتحدث باسمي أو تحدث عني بكلام طيب فحدث، الشرع يؤيد هذا وإلا ما يؤيده؟ ما يؤيد هذا، يعني لو أنت قلت، أو قيل لك في أي عقد تحضره وتصدق المتعاقدين فأنت وكيل عني اشهد وأثبت شهادتي، أذنت له أن يشهد عنك، يجوز وإلا ما يجوز؟ ما يجوز أبداً، ما يجوز، ولو قلت له: شوف أدنى مناسبة أو فرصة للحديث، إذا رأيت مجتمع من الناس، الناس مجتمعين في مناسبة فتحدث بكلام طيب تعظ به الناس باسمي، قل: إن فلان يقول كذا، يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز، ولذا حجة من منع الرواية بالإجازة أن من قال لغيره: حدث عني بما لم تسمعه مني كأنه قال له: أجزت لك أن تكذب عليّ، والأصل في الرواية على ما تقدم، إما أن يسمع من لفظ الشيخ، أو يقرأ على الشيخ فيقر، هذه الأنواع الأخيرة بدءً بالإجازة احتيج إليها، كثر الناس، وكثرت الأحاديث، فصار من الشاق جداً، ومن الذي لا يطاق أن يجلس كل شيخ لكل طالب في كل كتاب، مستحيل هذا، يعني إذا قدرنا أن كتب السنة يعني في ألف مجلد، والراوي

(24/4)


المسند الشيخ الذي عنده، الذي روى هذه الكتب بالسماع أو بالعرض عن شيوخه يستحيل أن يجلس لكل من جاءه أن يقرأ عليه جميع هذه الكتب، فتسمحوا بقول الشيخ: أذنت لك يا فلان أن تروي عني مروياتي هذه الكتب، هذه هي الإجازة، الإذن بالرواية الإجمالي، الإذن بالرواية المفيد للإخبار الإجمالي عرفاً، الإذن بالرواية المفيد للإخبار الإجمالي عرفاً، فهو يروي عنك إجمالاً، ثم يحدث عنك تفصيلاً، أجزتك أن تروي عني صحيح البخاري، ثم يقول: حدثنا شيخنا قال: قال البخاري إلى إسناده حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان ... إلى آخره، هو ما تلقى عنك حديث: الأعمال بالنيات لا بالسماع منك، ما سمعه من لفظك، ولا قرأه عليك، وإنما تسمح الناس في مثل هذا الإذن، وصارت الكتب والأحاديث تروى به نظراً للمشقة العظيمة التي تلحق المسندين مع كثرة الطلاب وكثرة الكتب، وصارت الإجازة بالنسبة للطلاب الحديث بعد أن كان طالب العلم يلزمه أن يرحل من أجل حديث واحد يسمعه، يرحل من المدينة إلى بغداد، يرحل من المدينة إلى مصر، يرحل من المدينة إلى اليمن؛ ليسمع حديث يوجد عند فلان من الرواة، صار يكتب إليه ويجيز وينتهي الإشكال بجميع ما يرويه، وتيسر الأمر للطلاب، يعني نظير تيسر الطلب الآن من خلال الآلات، يعني الرجل في بيته ومتخفف من جميع التكاليف التي تلزمه لو خرج، وجالس في بيته ويسمع الدروس، هذه من نعم الله، ومع ذلك يسمع تفصيلاً، ما هو بمثل الإجازة بعد أقوى من الإجازة، يسمع تفصيلاً، ولا يحتاج إلى أن يرحل، يعني الطالب في أقصى المشرق يسمع في الوقت الذي يسمع فيه من في أقصى المغرب، واحتيج للإجازة؛ لأن المسافات بعيدة، والأحاديث كثيرة، والشيوخ كثير فشق عليهم، وشفع لهذا التسامح الأثر المرتب على الرواية، يعني الإجازة ما كانت معروفة في عصور الرواية، حينما كانت الرواية بالفعل يترتب عليها التصحيح والتضعيف، لكن لما كان الأثر المرتب على اتصال الأسانيد هو مجرد إبقاء السلسلة التي هي خصيصة هذه الأمة تسامحوا، سهل اروِ عني صحيح البخاري؛ لأن صحيح البخاري مدون ومضبوط ومتقن، وأنا أروي صحيح البخاري برواية أبي ذر، وبرواية فلان أو علان، وأنت ترويه عن طريقي بهذه الرواية، فما

(24/5)


صار للرواية ذاك الأثر البالغ الذي يترتب عليه الثبوت من عدمه، فتسامحوا في كيفية الرواية، وتجاوزوا عن كثير من الشروط التي يشترطونها في الرواة؛ لأنه الآن صار أثرها يعني مالها أثر حقيقي عملي، يقول بعض من أبطل الإجازة: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة، هذه يحتج بها من يرى أن الإجازة غير صحيحة، ولكن هذا الاستدلال، أو هذه العلة التي من أجلها تبطل الإجازة علل لا تثمل ولا تثبت أمام التمحيص؛ لأن الرحلة ليست مقصودة لذاتها؛ لأنه يلزم عليه أنه لو رحل من المشرق أو المغرب وروى عن الشيخ بالإجازة صحت روايته؛ لأنه ما بطلت الرحلة، والإجازة لا تتأثر سواء حضر إلى الشيخ أو لم يحضر.
يقول -رحمه الله تعالى-:
طالب:. . . . . . . . .
عرفنا أنها ترد للعبور والانتقال، ترد أيضاً للإباحة التي هي قسيم المنع، وقال بعضهم: إنها من المجاز، كونها للعبور أو الانتقال العبارة عبرت أو المروي عبر من الشيخ إلى تلميذه بهذا الإذن الإجمالي، وأيضاً الإباحة كأنه يبيح له أن يروي عنه، ويجيز له أن يروي عنه، وكذلك قولهم: إنها مأخوذة من المجاز، هذا عند من يثبت المجاز، يقول: إن حقيقة الرواية إنما هي بما يسمع من لفظ الشيخ، أو يقرأ عليه، وما عدا ذلك مجاز، لماذا؟ لأنه لفظ استعمل في غير ما وضع له، وهذه حقيقة المجاز عند من يقول به.
قال -رحمه الله-:
ثم الإجازة تلي السماعا ... . . . . . . . . .
الذي هو القسم الأول أو الثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل بالفعل الإجازة تلي السماع وعلى هذا تكون فوق العرض؟ نعم؟ إذا قلنا: "ثم الإجازة تلي السماعا" تلي القسم الأول، إذاً القسم الثاني وليست الثالث، هاه؟
إذا قلنا: إنها تلي السماع يعني من لفظ الشيخ، قلنا: إنها أقوى من العرض، وهي القسم الثاني وليس الثالث، حتى الناظم يفسر هذا الكلام بأن الإجازة تلي السماع عرضاً، يعني الذي يسمع من لفظ القارئ على الشيخ، السماع يشمل السماع المرتبة الأولى، ويشمل السماع الثاني؛ لأن السماع القسم الأول والثاني كلاهما سماع، الأول من لفظ الشيخ، والثاني من لفظ القارئ على الشيخ، فهو مجمل يتناول القسمين، ولذا صارت الإجازة هي القسم الثالث.

(24/6)


ثم الإجازة تلي السماعا ... . . . . . . . . .
وابن منده يرى أنها أعلى منه، أعلى من السماع، ومنهم من يقول: هما سواء، ما دام أذن له أن يروي فكأنه سمع، وهذين القولين ليسا بشيء؛ لأن الخلاف في أصل جواز الإجازة، في أصل جواز الرواية بالإجازة، والقسم الأول والثاني تصح الرواية بهما بالإجماع، ولهما من الدلائل اللغوية والشرعية مما لا يجعل في النفس أدنى ريب أو شك في صحة الرواية بهما، أما الإجازة فالخلاف فيها قوي، والرواية بها والاستدلال للرواية بها لا شك أن فيه غموض، يعني شيء حادث طارئ، لا يوجد في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا في عصر صحابته الكرام، ولا في عصر التابعين، إنما وجد متأخر.
ثم الإجازة تلي السماعا ... ونوعت لتسعة أنواعا
نوعت يعني قد نوعت الإجازة لتسعة أنواعاً، يعني تسعة أنواع، وهي متفاوتة في القوة والضعف؛ لأن منها ما يعين فيه المجاز له، والمجاز به، كأن يقول: أجزت لمحمد بن عبد الله بن فلان الفلاني عيّن المجاز له برواية صحيح البخاري عني، عين المجاز والمجاز به، هذه أرفع الأنواع، الثاني: يعين المجاز ولا يعين المجاز به، الثالث: يعين المجاز به ولا يعين المجاز ... إلى آخر الأقسام التي سوف يذكرها الناظم -رحمه الله تعالى- واحداً تلو الآخر.
فأرفعها اللي هو النوع الأول.
أرفعها بحيث لا مناوله ... . . . . . . . . .
أرفع هذه الأنواع التسعة حيث لا مناولة؛ لأن الكلام في القسم الثالث في الإجازة المجردة عن المناولة؛ لأن عندنا إجازة مجردة، أجزت لك أن تروي عني صحيح البخاري، وهناك مناولة مقرونة بالإجازة، هذا صحيح البخاري خذه فاروه عني، لا شك أن هذا أعلى.
الثالث: المناولة المجردة عن الإجازة، وهذه باطلة على ما سيأتي.
وإن خلت عن إذن المناوله ... قيل: تصح والأصح باطله
يعني إذا ناوله كتاب يرويه عنه بمجرد المناولة؟ لا، وسيأتي الكلام في هذا، المقصود أن الكلام في الإجازة المجردة عن المناولة، الباب كله في الإجازة المجردة عن المناولة، فأرفعها مما تجرد بحيث لا مناولة معها
. . . . . . . . . ... تعينه المجاز والمجاز له

(24/7)


الأول تعينه تعيين المجيز المجاز به الكتاب، والمجاز له وهو الطالب، هذا أرفع أنواع الإجازة.
وبعضهم حكى اتفاقه على ... جواز ذا. . . . . . . . .
بعضهم فيما ذكره القاضي عياض حكى اتفاقهم، يعني اتفاق العلماء على جواز ذا، يعني هذا النوع، لكن ذهب القاضي أبو الوليد سلميان بن خلف الباجي إلى نفي الخلاف مطلقاً، يعني عن صحة الإجازة التي من هذا النوع، مطلقاً يعني من هذا النوع وغيره "وذهب الباجي إلى ... نفي الخلاف مطلقاً" يعني عن صحة الإجازة، فقال: صحيحة مطلقاً هذا النوع وغيره "وهو غلط" يعني كما ستراه من الخلاف في الأنواع الأخرى
. . . . . . . . . وهو غلط ... قال: والاختلاف في العمل قط
يعني قال الباجي: والاختلاف، يقول الباجي: لا خلاف في جواز الرواية بها، يعني الإجازة، لكن الاختلاف في العمل قط، الخلاف إنما هو في العمل، يعني الرواية تجوز، لكن العمل لا يجوزن مثل إيش؟ المرسل تجوز رواية، لكن لا يجوز العمل به، المرسل، المنقطع، المعلق، تجوز روايتها، لكن لا يجوز العمل بها، ولذلك قال: قال -يعني الباجي-: لا خلاف في جواز الرواية بها، والاختلاف إنما هو في العمل قط، يعني فقط، وفي الدرس -درس الميمية- مر علينا قط مراداً بها فقط.
. . . . . . . . . ... وبالعتيق تمسك قط واعتصمِ
يعني فقط دون غيره، وهنا يقول: "والاختلاف في العمل" يعني بها، الاختلاف إنما هو في العمل بها "قط" أي فقط.
ورده الشيخ بأن للشافعي ... قولان فيها ثم بعض تابعي
ورده أي قول الباجي بنفي الخلاف الشيخ ابن الصلاح، بـ (أن) هذه مخففة من الثقيلة "بأن للشافعي ... قولان فيها" مخففة، إذا خففت أن وإن قل العمل.
وخففت إن فقل العملُ ... . . . . . . . . .
يعني يكون إهمالها أقوى من إعمالها، ولذا قال: "قولان" لم يقل: قولين، وهي اسم (إن) الأصل أنه اسم إن، لكنها لما خففت قل العمل، {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طه].
وخففت (إن) فقل العملُ ... . . . . . . . . .

(24/8)


"ورده الشيخ" يعني رد قول الباجي الشيخ ابن الصلاح "بـ (أن) " وهذه مثلما قلنا: مخففة من الثقيلة، ولذلك رفع اسمها ولم ينصب "بـ (أن) للشافعي" وكذلك لمالك قولان فيها، أي في جوازها ومنعها، فقول الشافعي يجيز الإجازة، وقول يمنع الإجازة، والربيع فاته قدر يسير من الأم للشافعي، فاته بالسماع فأراد أن يتحمله بالإجازة فرفض الإمام الشافعي، قال: اجلس واقرأ، هذا يدل على أنه لا يرى الإجازة، وروي عنه بل ثبت عنه أنه أجاز مما يجعل المنع إنما هو لتكون الرواية مطردة، تكون رواية الكتاب كلها بالعرض.
"قولان فيها" أي في جوازها ومنعها "ثم بعض تابعي" يعني ثم رده بعض تابعي مذهبه، يعني مذهب الشافعي،
مذهبه القاضي الحسين منعا ... . . . . . . . . .
بعض تابعي مذهب الشافعي منع الرواية بها جزماً، وهو القاضي الحسين بن محمد المروزي، أحد أعيان المذهب، وأحد الوجوه، أصحاب الوجوه المعتبرة في المذهب، منع الرواية بها جزماً.
. . . . . . . . . ... وصاحب الحاوي به قد قطعا
الماوردي أبو الحسن الماوردي أيضاً إمام من أئمتهم "صاحب الحاوي" الكبير "فيه" يعني في الحاوي "به" بعدم الجواز "قد قطعا" مع عزوه المنع لمذهب الشافعي، عزا لمذهب الشافعي المنع أيضاً "وقالا" يعني القاضي حسين والماوردي "كشعبةٍ" يعني كقول شعبة بالصرف للضرورة وإلا فالأصل أنه ممنوع من الصرف، "كشعبة ولو جازت إذن" يعني ولو جازت الإجازة إذن بالنون؛ لأن بعضهم يكتبها بالألف والتنوين إذاً.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
حرف مثل إيش؟ يعني النون فيه ليست منقلبة عن تنوين، إنما هي أصلية عند المبرد، ومن يقول بقوله، ويقول: "وددت أن أكوي يد من كتبها بالألف" مع أن غيره يجيز هذا، يتوسع فيه؛ لأن التنوين نون ساكنة ينطق بها ولا تكتب.
"ولو جازت" يعني الإجازة "إذن" بالنون.
. . . . . . . . . ... لبطلت رحلة طلاب السنن
الرحلة: هي الانتقال من البلد إلى غيره من البلدان التي يكثر فيها أهل العلم، أهل الرواية، أهل الإسناد، وما زالت -ولله الحمد- الرحلات تتتابع لطلب العلم، وإن لم تكن للرواية لكنها لطلب العلم، وهو في الجملة محمود.
. . . . . . . . . ... لبطلت رحلة طلاب السنن

(24/9)


لأجلها، يعني لأجل السنن من بلد إلى بلد لاستغنائهم بالإجازة عنها، يعني الآن ما يحتاج ولا من يرحل بالكتاب، يعني إذا طلبت الإجازة من المشرق إلى المغرب أو العكس، هذا الاستدعاء للإجازة يحتاج إلى من يرحل به إلى المشرق، الآن اكتب الطلب وبالفاكس يمشي ويرجع عليك نفس الشيء بلحظة، تيسرت الأمور ولله الحمد.
. . . . . . . . . ... لبطلت رحلة طلاب السنن
وقلت: إن هذه العلة لا تكفي لرد الإجازة؛ لأن الرحلة ليست مقصودة لذاتها، الرحلة ليست مقصودة لذاتها، الآلات أبطلت الرحلة عند كثير من طلاب العلم، الآلات يطلب العلم وهو في بيته، ويحصل ما يحصله من يطلب الدرس، وقد يجاب على سؤاله قبل سؤال من يحضر الدرس.
وعن أبي الشيخ مع الحربي ... إبطالها كذاك للسجزي
وجاء عن أبي الشيخ عبد الله بن محمد الأصبهاني مع أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي، وصالح بن محمد المعروف بجزرة، إمام من أئمة الحديث، جاء عنهم إبطالها، وحكاه الآمدي وابن الحاجب عن أبي حنيفة وأبي يوسف "كذلك للسجزي" أبي نصر عبد الله بن سعيد الوائلي السجستاني، يقال: السجستاني وسجزي "لكن على جوازها" على جواز الإجازة.
لكن على جوازها استقرا ... عملهم. . . . . . . . .
أي عمل أهل الحديث قاطبة، وصار إجماعاً، يعني بعد عصور الرواية استقر الأمر على جواز الإجازة.
لكن على جوازها استقرا ... عملهم والأكثرون طرا

(24/10)


"قالوا به" أو بها، والأكثرون طراً عملهم يعني عمل أهل الحديث قاطبة، ونقل فيها الإجماع، "والأكثرون" من العلماء "طراً" يعني جميعاً "قالوا به" أي بالجواز، قالوا به، الأكثرون طراً كيف ينقل الإجماع وهو يقول: والأكثرون طراً قالوا به أي الجواز؟ يعني قبل انعقاد الإجماع، يعني قول الجمهور قبل انعقاد الإجماع، ثم انقرض الخلاف، قالوا به أو بها، يعني بالجواز بالرواية بها، وقال السلفي وهي ضرورية، السلفي يقول: ضرورية، السلفي إمام مسند محدث مكثر جاب البلدان والأقطار من أجل الرواية، ولو جلس في كل بلد ليأخذ عن أهله بالسماع أو بالعرض ما رجع إلى أهله، لكنه جاب الأقطار والبلدان والتقى بالشيوخ وأهل الإسناد وأخذ مروياتهم بالإجازة، ورجع إلى بلده، وعد من المسندين الكبار، ولذا يقول: هي ضرورية، لماذا؟ لأنها لو لم تكن ضرورية وألزم بأن يسمع أو يعرض، ما رجع إلى أهله، يعني الرحلة من بلد إلى بلد تحتاج إلى أشهر، جابر بن عبد الله سافر إلى عبد الله بن أُنيس شهر كامل من أجل حديث واحد، والسلفي جاب الأقطار وحمل مئات الألوف من الأحاديث بطريق الإجازة، ولو سمعها أو عرضها لاحتاج إلى أضعاف عمره فضلاً عن كونه يرجع إلى بلده أو لا يرجع، ولذا قال: هي ضرورية.
. . . . . . . . . كذا وجوب العملِ ... بها وقيل: لا كحكم المرسلِ
كذا لما استقر الأمر على جواز الرواية بها، كذا استقر كما هو المعتمد وجوب العمل والاحتجاج بالمروي بها، قد يقول قائل: إن المعول في الاحتجاج والعمل هو ما دون في الكتب بالأسانيد المتصلة بالسماع والعرض، فلسنا بحاجة إلى أن نعول على الإجازة ونعتمد عليها.
. . . . . . . . . كذا وجوب العملِ ... بها وقيل: لا كحكم المرسلِ

(24/11)


يعني لو افترضنا أن عالم من أهل الحديث ومن أهل الفقه ليست عنده إجازات، وليست عنده روايات بالكتب، كتب السنة المدونة كالصحيحين والسنن والمعاجم والمسانيد والمصنفات والمستخرجات والموطأت ما عنده روايات ماذا نقول عنه؟ نقول: هذا ليس بمحدث وله عناية كبيرة بمعرفة الحديث رواية ودراية؟ لكن ما عنده أسانيد، يقول: أنا ما أؤمن بأهمية الأسانيد، ثم ماذا إذا قلت: حدثني فلان عن فلان في عشرين نفساً إلى البخاري ثم قلت: قال الإمام البخاري: حدثنا الحميدي، ويش يستفيد الحديث؟ يقول: ما له قيمة، ولذلك لو قيل لي: أجزتك قلت: ما أريد، هذا يبقى محدث وفقيه وإلا يقال: ما له قيمة هذا، ما عنده أسانيد؟ محدث؛ لأن اتصال الأسانيد في العصور المتأخرة ليس له أثر عملي، العمل على صحة نسبة الكتب إلى مؤلفيها، فإذا ثبتت نسبة الكتاب إلى مؤلفه انتهى الإشكال، تدرس الإسناد من هذا المؤلف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وماعدا ذلك .. ، لكن لو كان لك رواية بصحيح البخاري ثم جاء من يدرس .. ، رواية في سنن أبي داود دعنا من صحيح البخاري؛ لأنه ما يحتاج إلى دراسة، بينك وبين أبي داود مثلاً ثمانية عشر أو تسعة عشر نفساً، ثم جاء واحد يحتاج إلى أن يستدل بحديث من سنن أبي داود عن طرقك، وذكر إسنادك كاملاً، ثم قال أبو داود .. ، وذكر الحديث هل يترجم لك؟ وينظر في قوتك وضعفك؟ يحتاج يترجم لشيخك لينظر .. ؟ يترجم لثمانية عشر شخصاً لينظر هل فيهم المقبول وفيهم المردود؟ لا، أبداً ما يحتاج إلى هذا، ما يحتاج إلى هذا إطلاقاً، وقل مثل هذا في الكتب الأصلية التي تروي الحديث بالوسائط، يعني البغوي مسند، يروي الحديث أحياناً بأسانيده المستقلة، وأحياناً بواسطة الكتب يروي عن اثنين أو ثلاثة، ثم يقول: حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا الحميدي قال: حدثنا فلان، في شرح السنة، ونحن نحقق شرح السنة نصحح ونضعف نحتاج إلى أن ندرس من بين البغوي إلى البخاري والحديث في صحيحه؟ ما نحتاج، نحتاج إلى أن ندرس البغوي ثم شيخه، ثم شيخ شيخه، ثم اللؤلؤي، ثم أبي داود، ثم سند أبي داود إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ ما نحتاج، فالكتب المسندة الأصلية التي تروي بواسطة الكتب، بواسطة الأئمة

(24/12)


المصنفين كالبيهقي مثلاً يروي أحاديث عن طريق أصحاب الكتب، وقد يروي أحاديث بسنده المستقل؛ لأنه إمام مسند، ما رواه على جهة الاستقلال، هذا يدرس، يدرس شيخه، يدرس شيخ شيخه إلى أخر السند، لكن ما رواه في أثناء الطريق إمام مصنف نرجع إلى الأصل وندرس إسناد أبي داود أو إسناد الترمذي، أو إسناد ابن ماجه، أو إسناد الكتب المصنفة المتداولة، بعد أنه نتأكد أن هذا الحديث موجود في الأصل، فنرجع إلى دراسة هذا الحديث في الأصل؛ لأن المؤلف قد يعتمد على رواية ليست هي المتداولة بين أيدينا، فلا نجد الحديث في سنن أبي داود؛ لأننا اعتمدنا رواية اللؤلؤي، وهو اعتمد رواية ابن داسه مثلاً، أو رواية ابن العبد، أو أورد الحديث من طريق البخاري، فبحثنا عنه ما وجدناه في صحيح البخاري؛ لأنه اعتمد رواية حماد بن شاكر، ونحن اعتمدنا على رواية أبي ذر، ومع ذلك إذا رواه عن طريق حماد بن شاكر عرفنا أنه في رواية حماد بن شاكر هل نبحث عن هذه الرواية لنتأكد؟ أو نثق بهذا الإمام البيهقي ونقول: خلاص خرجه الإمام البخاري وهو موجود في رواية حماد مما زاده عن رواية ... ؟ مع أن رواية حماد الغالب فيها النقص ليس فيها الزيادة، يعني نثق بهذا الإمام، ولا نحتاج إلى أن ندرس الواسطة، يعني شدد كما تقدم في أوائل الألفية حينما تكلم الناظم عن نقل الحديث من الكتب المتعمدة، قال:
قلت: ولابن خير امتناعُ ... نقل سوى مرويه إجماعُ
يعني كلام ابن خير في فهرسته –الإشبيلي- يجعل طالب العلم يحرص على الإجازة، لماذا؟ لأنه قال: يمتنع أن ينقل حتى من الكتب المؤلفة تنقل حديثاً وأنت ليست لك به رواية، أو تعمل بحديث ليست لك به رواية، فيجعل الذي لا رواية له متصلة بالأئمة بالكتب يجعله لا يجوز له أن يتطاول على هذه الكتب، ولا يروي منها، ولا ينقل، ولا يعمل، حتى تكون له به رواية، لكن هذا الإجماع الذي نقله منقوض بإجماع آخر، ابن برهان نقل الإجماع على أنه يجوز لمن أراد الرواية أو النقل أو العمل أن ينقل من صحيح البخاري، ويعمل بما في صحيح البخاري ولو لم تكن له به رواية، وهذا محل إجماع.
. . . . . . . . . كذا وجوب العملِ ... بها. . . . . . . . .

(24/13)


يعني والأكثرون طراً، أو الإجماع إن ثبت عدم المخالف فيما بعد، عدم المخالف، إن لم يوجد مخالف فيما بعد، هذا في الرواية والعمل "وقيل" وهو قول أهل الظاهر كابن حزم وغيره: لا يجوز العمل به، تجوز الرواية بها لكن لا يجوز العمل بها كحكم الحديث المرسل؛ لأن فيها انقطاع، يعني ما دامت هذه الرواية بالإجازة غير معتبرة، يعني تروي بواسطة الإجازة الخبر، لكن لا تعمل به؛ لأن الشيخ الذي تحدث عنه بالإجازة ما حدثك، لا أسمعك ولا سمع منك، فحكمها حكم المرسل، لكن الخطيب البغدادي الحافظ رد هذا الكلام، يقول: كيف يكون من تعرف عينه وعدالته بمنزلة من لا نعرفه؟! في السند المرسل ويشمل أنواع الانقطاع فيه راوٍ لا نعرف عينه، فيه سقط ما نعرفه، لكن في الإجازة أنت تعرف الذي أجازك، ومن أجازه ومن أجازه إلى أخره كلهم معروفون، ففرق بينها وبين المرسل.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
دعنا ممن يقول به، لكن على القول بعدم الجواز به؛ لأنه إذا صحت الرواية بالأصل المقيس عليه كقول الحنفية والمالكية من باب أولى أن تصح الرواية بالفرع، مع أنه ذكر عن مالك وأبي حنفية أنهم لا يرون الرواية بالإجازة "والثانِ" يعني النوع الثاني، وحذفت الياء.
والثانِ أن يعين المجاز له ... دون المجاز وهو أيضاً قبله
جمهورهم. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .

(24/14)


إذا عين المجاز له دون المجاز به هذا النوع أيضاً قبله الجمهور من العلماء، الثاني: من أنواع الإجازة المجردة من المناولة أن يعين المجيز المجاز له –الطالب- دون الكتاب المجاز به "وهو" أي هذا النوع "أيضاً قبله ... جمهورهم" أي جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء سلفاً وخلفاً "رواية وعملاً" رواية به من غير تعيين للمجاز به، وعملاً بالمروي به بشرطه، هو الآن مجهول لكن بشرط أن يؤول إلى العلم، شريطة أن يؤول إلى العلم، لكن لو استمرت الجهالة، أجزتك أن تروي عني بعض مروياتي، هذا يؤول إلى العلم؟ هذا لا يمكن أن يؤول إلى العلم، لكن لو قال له: أجزت لك أن تروي عني جميع مروياتي، الآن ما عين، ومروياته منها ما تقدم عن الإجازة، ومنها ما تأخر، يعني بعض ما أجيز به ما حصل إلى الآن، فهو يروي عنه جميع مروياته إلى وفاته، حتى ما تتجدد منها، هنا ما عين المجاز به، لكنه يؤول إلى العلم، لو قال: اشتريت منك هذه السلعة بما في ذمة فلان لي، قال: كم اللي في ذمة فلان؟ قال: والله بالدفتر، ما بعد جمعنا، المجموع إلى الآن ما بعد طلع، لكن هذا يؤول إلى العلم، يجمع ويعرف، فليس الثمن مجهولاً، لكن لو قال: اشتريت هذه السلعة ببعض ما في ذمة فلان لي، هذا الثمن مجهول، والبيع باطل؛ لأنه اختل شرطه.
ثم قال:
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . وهو أيضاً قبله
جمهورهم رواية وعملاً ... والخلف أقوى فيه مما قد خلا
ولكن الخلف الذي هو الخلاف أقوى في هذا النوع من الذي قبله، ولكن الخلف في جواز الرواية والعمل أقوى في هذا النوع مما قد خلا، أي من النوع الذي قبله، بحيث لم يحكَ فيه الإجماع، هذا النوع ما حكي فيه الإجماع بخلاف النوع الأول "والثالث" أي النوع الثالث من أنواع الإجازة،
. . . . . . . . . التعميم في المجازِ ... له وقد مال إلى الجوازِ
مطلقاً الخطيب وابن منده ... ثم أبو العلاء أيضاً بعده
النوع الثالث من أنواع الإجازة التعميم في المجاز له، وتحت هذا صورتان.

(24/15)


الصور الأولى: أن يعين المجاز به، والصورة الثانية: ألا يعين المجاز به، الصورة الأولى أن يقول: أجزت لمن قال: لا إله إلا الله، أو لجميع المسلمين، أو لأهل الإقليم الفلاني، أجزت لهم أن يرووا عني، يعين المجاز به صحيح البخاري هذه الصورة الأول، أو لا يعين، فيقول: مروياتي.
"والثالث التعميم في المجاز ... له" سواء عين المجاز به أو أطلق، كأن يقول: أجزت للمسلمين أن يرووا عني مروياتي أو صحيح البخاري على وجه الخصوص.
"له وقد مال" يعني ذهب "إلى الجواز ... مطلقاً الخطيب" البغدادي أبو بكر الحافظ "مطلقاً" سواء الموجود حين الإجازة أو بعدها قبل وفاة المجيز أطلق، قال: أجزت لأهل الإقليم الفلاني أن يرووا عني مروياتي، أو كتاب بعينه، وأهل الإقليم الفلاني منهم الموجود، ومنهم من سيوجدن موجود وقت الإجازة، ومنهم من سيوجد بعد ذلك، وعلى كل حال الإجازة في أصلها ضعف، وتزداد ضعفاً بهذا التوسع، أجزت لمن قال: لا إله إلا الله، أجزت للمسلمين، أجزت لأهل الإقليم الفلاني، كلما انحصر اللفظ صارت أقرب إلى الجواز،
وكلما شاع اللفظ صارت أقرب إلى المنع، الحافظ ابن عبد البر يشترط في الإجازة أن يكون المجاز -الطالب طالب الإجازة- أن يكون ماهراً بالصناعة، ما هراً بالصناعة، يعني من أهل الحديث، يستحق أن يروي، ويثق به الشيخ، أن يأذن له بالرواية، ولو ليُسمعه، أو يسمع منه؛ لأنه محل ثقة من الشيخ أنه يعرف إذا قرأ أتقن، وإذا سمع حفظ، أما الإجازة تقول: أجزت لفلان، وولد فلان، وولد ولد فلان ممن هو أهل للرواية ومنهم ليس بأهل، أو أجزت لأهل الإقليم الفلاني، وفيهم الأبله، وفيهم المغفل، وفيهم الصغير، فيهم الكبير، فيهم من لا يستحق أن يتحمل هذا العلم، لاشك أنها أن ضعفها ظاهر.
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . وقد مال إلى الجواز
مطلقاً الخطيب وابن منده ... . . . . . . . . .
مال إليه –أيضاً- الحافظ أبو عبد الله ابن منده، ومنده تقال بالهاء في الوقف، والدرج، تقال بالهاء في الوقف والدرج، مثل ابن ماجه، مثل ابن داسه، يعني ألفاظ أعجمية لا تخضع لقوانين العربية أنها إذا وقف عليها لها حكم، وإذا أدرجت لها حكم

(24/16)


ولعلنا نتذكر السؤال الذي ورد في درس المغرب للتنبيه على الأخوة الذين يحصل لهم شيء من النعاس في الدرس، ومعلوم أن روايتهم تكون ضعيفة، حتى قال بعض أهل العلم: إن الإجازة على وجهها خير من السماع الرديء، الإجازة على وجهها خير من السماع من الرديء، ولا شك أن النعاس يسري، ويؤثر على غيره، وإن كان لا يحصل منه حركة، ولا أذى، ولا تشويش، لكنه يسري، وبعضهم يتحايل بعض السراق يتحايل، فيدخل المحل، ويجلس، ثم يتثاءب أمام صاحب المحل، ثم بعد ذلك ينعس حتى يؤثر عليه، فينعس، ثم يسرق ما يشاء، على كل حال السماع الردي الإجازة خير منه، والانتساب كما معروف في الدراسة النظامية خير من الحضور الذي لا تترب عليه أي آثار.
مطلقاً الخطيب وابن منده ... ثم أبو العلاء أيضاً بعده
الحافظ الثقة أبو العلاء الهمداني "أيضا بعده" أي بعد ابن منده،
وجاز للموجود عند الطبري ... والشيخ للإبطال مال فاحذر
وكذا جاز التعميم في الإجازة للموجود حين صدروها خاصة عند أبي الطبيب الطاهر الطبري فيما نقله الخطيب "والشيخ للإبطال" يعني وكذا الشيخ ابن الصلاح للإبطال –أيضاً- مال.
وقال الإجازة بأصلها ضعيفة، وتزداد بهذا التوسع ضعفاً، هذا التوسع، وهذا الاسترسال يزيدها ضعفاً كثيراً لا ينبغي احتماله، وعلى هذا "فاحذرِ" بدون ياء، كسرة، فاحذرِ عندك ياء؟ ها؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه موجود ياء، فاحذر بالكسر؛ لأنه ها؟
طالب:. . . . . . . . .

(24/17)


أي ثانية؟ والثاني لا، لا الثاني بحذف الياء، معروف أنه بحذف الياء، لا هو الصحيح أنه بدون ياء، لكن هذه الطبعة المحققة المراجعة هذه فيها ياء، ومعلوم أن الفوات لا بد منه، يعني ما أحد يزعم أن عمله كامل، يعني ومراجعتي للكتاب قبل طبعة مراجعة خفيفة، معروف أن الإنسان قد يثق بالمحقق، ثم بعد ذلك لا يدقق عليه تدقيقاً تاماً، ويفوته بعض الشيء، ولوجود بعض الملاحظات على هذه الألفية، وبعض الكتب التي وضع عليها اسمي صرت أمتنع من التقديم، لأنه يكلف، لو أردت أن تراجع الكتاب حرفاً حرفاً، حققه أنت، نعم، والله يجيبوا لك يقول: راجع كتابي، وقدم له صرت أرفض رفضاً تاماً؛ لأني وقفت على أشياء ما أدري كيف فاتت؟ يعني قراءتي لها سرد، سرد واختبار بعد ما هو بقراءة تامة، لكن الأخوان يقولون يكفينا المقدمة التي كتبتها؛ لأن فيها منهجية لطلب علوم الحديث، لأن فعل الأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه، يبنى على ما يجزم به مضارعه، والمضارع إنما يجزم بحذف حرف العلة.
وما يعم مع وصف حصر ... كالعلما يومئذ بالثغر

(24/18)


"وما يعم" يعني قد صرح ابن الصلاح بقوله: ما يعم مع وصف حاصل، يعني يخفف هذا العموم، "أجزت لجميع المسلمين" هذا لا يمكن الإحاطة به، من قال: لا إله إلا الله، هذا عموم العموم، نعم، لكن لو قال: أهل الثغر، أو أهل البلد الفلاني، أو أهل القرية الفلانية، وكل ما صغر يكون الحصر فيه أقرب، أدق، ويكون الرواية بها أقوى؛ لأنها كلما توسعت ضعفت، كلما توسعت ضعفت، يعني مثال ذلك أن تأتي بحبر، نعم معك حبر في فنجان مثلاً، أو بياله تسكبه على هذا الكأس يصير اللون غامق، يكون اللون للحبر، وإذا زدت قليلاً خف اللون، وإذا سكبته في البحر مثلاً؛ انتهى خلاص ذاب، وهذا مثل الإجازة، الآن الإجازة الأصل أن الرواية بين الشيخ والطالب كفاحاً، مواجهة، هذا الأصل، ثم إذا توسع فيها يأتي الاستدعاء، وفيه عشرة أشخاص يطلبون الإجازة بكتاب كذا، هؤلاء محصورون، مائة شخص، أكثر، والرواية أضعف لماذا؟ لأن الشيخ كل ما يقل العدد يعرف أعيانهم، ويتصفحهم، ويحيط بهم، ويعرف الأهل من غير الأهل، لكن إذا زادوا ما يستطيع أن يتصفحهم، ولا يعرفهم، حتى ولا يستطيع أن يقرأ أسمائهم، ولا قراءة، فضلاً عن كونه لا أسماء مكتوبة، ولا استدعاء، من تلقاء نفسك أجزت من قال: لا إله إلا الله، فلا شك أن بهذا التوسع تزداد ضعفاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يكتب لأنه حضر، وهو مميز، هذا ما يضر، وقت التحمُّل لا يُشترط شروط، الشرط في وقت الأداء، إذا أراد أن يؤدي طبق عليه الشروط، هذا أشرنا إليه سابقاً.
وما يعم مع وصف حصر ... كالعلما يومئذ بالثغر
بالقصر، الموجودين يوم الإجازة "يومئذ" يعني يوم الإجازة "بالثغر" بالثغر الثغور التي هي الحدود، الحدود التي تجب حياطتها، وصيانتها من استغلال الأعداء لغفلة أهلها، ولذا جاء الحث، وعظيم الأجر على المرابطة في الثغور، فإنه في هذه الصورة يعني الحصر إلى الجواز،
فإنه إلى الجواز أقرب ... قلت: عياض قال: لست أحسب
في ذا اختلافاً بينهم ممن يرى ... إجازةً لكونه منحصرا
يعني إذا قال: أجزت أهل الرياض، أو قال: أجزت أهل الخرج، أيهما أقوى؟
طالب:. . . . . . . . .

(24/19)


نعم؛ لأنه كلما زاد الحصر كان الرواية أقوى؛ لأنها الأصل فيها الحصر، بين شيخٍ، وتلميذه، فإذا زاد العدد كل ما له تضعف، مثل ما نظرنا بالحبر "فإنه" يعني في هذا الصورة "إلى الجواز أقرب"، قلت: وعياض سبق ابن الصلاح في كلامه هذا، وقال: "لست أحسب" يعني أظن في جواز "ذا اختلافاً" بينهم أي العلماء "ممن يرى إجازة" أي يعتمد الإجازة الخاصة رواية، وعملاً "لكونه منحصراً" لكونه منحصراً، يعني مع قلة المجازين يتجه القول بجوازها، وعلى كل حال كلام ابن عبد البر لاشك أنه قوي، ومتين، ودقيق، أنه لا يجاز إلا الماهرة بالصناعة، لا يجاز إلا الماهر بالصناعة؛ لأن الأصل في الرواية السماع، أو العرض، والأصل أنه لا يروي عنك إلا إذا سمع منك، أو سمعت منه، لكن لصعوبة هذا الأمر، صعوبة الرواية، وحصر الرواية بالطريقين فيه صعوبة، فيه كلفة، تكليف بما لا يطاق، فأقل الأحوال أن تثق بهذا الشخص أنه إذا سمع منك أتقن، وإذا قرأ عليك أجاد، وهذا هو الماهر بالصناعة، وابن عبد البر شرطه هذا قوي، وبهذا تحفظ الإجازة، وتحفظ الرواية عن غير أهلها "كالعلما يومئذٍ" كالعلماء بالقصر الموجودين يوم الإجازة "يومئذ بالثغر" يعني خصص بوصفين، وكلما زادت القيود انحصر العدد.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هم ما يرون اشتراط العلم، علم المجاز، لا ما ذكره إلا ابن عبد البر ما دام أجيز، وصاروا يجيزون لأناس لا يحسنون شيئاً عنده هذا الصحيح كتب اسمه عليه في الطباق، وصار يرويه الناس، وأحياناً يأخذ أجره، ويتكسب من ورائه، هذا الذي صار في آخر الزمان، هو في عموم يبقى العموم، يعني كونه يجيز أهل الخرج، نقول: أولى من أجيز أهل الرياض، لكن يبقى نعم.
طالب:. . . . . . . . .
ما عين، ما يحتاج، ما هو بتعيين، ما قال: أجزت فلان وفلان، وفلان وفلان، لا أجزت أهل الثغر، أجزت أهل الخرج ما في تعيين.
هذا يقول: يرد في ذكر بعض الأحاديث أنه جيد، أو لا بأس به، هل ذلك أن مرتبته مرتبة الحسن لغيره، أو الضعيف، ومن من المحدثين يذكر هذه الدرجة؟

(24/20)


أما جيد، فقد أطلقها الترمذي في بعض الأحاديث، قال: حديث جيد حسن، فرأوا أن كلمة جيد بمعنى الصحيح، ابن حجر -رحمه الله- قال: الجهبذ لا ينزل عن كلمة صحيح إلى جيد إلا لنكته، هناك سبب ينزله من درجة الصحيح، "لا بأس به" يمكن أن يقال في الحسن: لا بأس به.
يقول: هذا امرأة تقول: قد من الله علي بطلب العلم، وتحصيل قدر مبارك منه، ولدي جهود في دورة الدروس العلمية، والمحاضرات، ونفع الله بها، وكتب الله لها القبول، وأحرص فيما بيني وبين الله على الإكثار من العبادات، ومع ذلك أجد في قلبي من القسوة مالا يشكى إلا إلى الله، وأتحسر، وأنا أمام الناس يصلح حالهم على يدي، وأنا في حرمان من صلاح حالي مع الله، فأرجوا منكم التوجيه.
على كل حال ما المسؤول بأحسن حال من السائل.
يقول هذا –أيضاً-، أو طالبة تقول:
وجاز للموجود عند الطبري ... . . . . . . . . .
هل صورة المسألة: "يجيز الشيخ أحداً أمامه خاصة يكون في المجلس، فيرى الطبري جواز الإجازة لمن كان موجوداً"؟ هل هذه صورة المسألة؟
لا، الوجود هنا معناه أنه حي في ذلك الوقت، يعني في مقابل المعدوم، لأنه سيأتي من توسع في الأجايز، وأجازها للمعدوم تبعاً للموجود، أو استقلالاً.
يقول: هل يجوز جمع الشفع، والوتر في صلاة واحدة؟
يعني في سلام واحد، ثلاث ركعات في سلام واحد، لا بأس إ-ن شاء الله-، سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، والسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
والرابع: الجهل بمن أجيز له ... أو ما أجيز كأجزت أزفله
بعض سماعاتي كذا إن سمى ... كتاباً أو شخصاً وقد تسمى
به سواه ثم لما يتضح ... مراده من ذاك فهو لا يصح
أما المسمون مع البيان ... فلا يضر الجهل بالأعيان
وتنبغي الصحة إن جملهم ... من غير عد وتصفح لهم
والخامس: التعليق في الإجازة ... بمن يشاؤها الذي أجازه
أو غيره معيناً والأولى ... أكثر جهلاً وأجاز الكلا
معاً أبو يعلى الإمام الحنبلي ... مع ابن عمروس وقالا: ينجلي
الجهل إذ يشاؤها والظاهر ... بطلانها أفتى بذاك طاهر

(24/21)


قلت: وجدت ابن أبي خيثمة ... أجاز كالثانية المبهمة
وإن يقل: من شاء يروي قربا ... ونحوه الأزدي مجيزاً كتبا
أما: أجزت لفلان إن يرد ... فالأظهر الأقوى الجواز فاعتمد
والسادس: الإذن لمعدوم تبع ... كقوله: أجزت لفلان مع
أولاده ونسله وعقبه ... حيث أتوا أو خصص المعدوم به
وهو أوهى وأجاز الأولا ... ابن أبي داود وهو مثلا
بالوقف، لكن أبا الطيب رد ... كليهما وهو الصحيح المعتمد
كذا أبو نصر وجاز مطلقاً ... عند الخطيب وبه قد سبقا
من ابن عمروس مع الفراء ... وقد رأى الحكم على استواء
في الوقف في صحته من تبعا ... أبا حنيفة ومالكا معا
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "والرابع" أي النوع الرابع من أنواع الإجازة.
تقدم ذكر الثلاثة، الأول: تعيين المجاز له، والمجاز به، والثاني: أن يعين المجاز له دون تعيين للمجاز به، والثالث التعميم في الإجازة، الإجازة العامة، والنوع الرابع من أنواع الإجازة: الجهل بمن أجيز له، يقول:
والرابع الجهل بمن أجيز له ... أو ما أجيز كأجزت أزفلة
بعض سماعاتي كذا إن سما ... كتاباً أو شخصاً وقد تسمى
به سواه ثم لما يتضح ... مراده من ذاك فهو لا يصح
"الجهل بمن أجيز له" هذا هو النوع الرابع من أنواع الإجازة، بمن أجيز له من الناس، يعني من الطلاب يجهل من أجيز له، أو بما أجيز به من المروي، أو بما أجيز به من المروي، كأن يقول: أجزت بعض الناس،

(24/22)


أجزت بعض الناس، أو بما أجيز به من المروي، أو بما أجيز به من المروي يكون مجهولاً، كأن يجيز بعض مسموعاته هذا مجهول، المجاز به مجهول، إذا قال: أجزت بعض الناس، معروف بعض الناس؟ ليس بمعروف، ولا يؤول إلى العلم، وكذالك إذا قال: أجزت ببعض مسموعاتي، أجزت فلاناً ببعض مسموعاتي، يعني لو عين المجاز، أو المجاز به، وجهل أحدهما دخل في هذا، إذا قال: أجزت بعض الناس صحيح البخاري، هذا جهل بالمجاز له، لكنه تعيين بالمجاز به، والعكس: أجزت فلاناً –معين- بعض مسموعاتي، أو بعض مروياتي، هذا تعيين للمجاز له، وجهل بالمجاز به، وقد يكون الجهل بالأمرين معاً، أجزت بعض الناس بعض مروياتي.
يقول: الوجه الرابع "الجهل بمن أجيز له، أو ما أجيز" يعني من المروي "كأجزت أزفلة" الأزفلة الجماعة من الناس، غير محددين "بعض سماعاتي" و "كذا إن سمى" يعني وكذا من هذا النوع إن سمى المجيز:
. . . . . . . . . ... كتاباً أو شخصاً وقد تسمى

(24/23)


"به سواه" ولا يمكن تحديده، إذا قال: أجزت محمد بن عبد الله الأنصاري، ويوجد بهذا الاسم مجموعة من الناس، ولا يعرف المراد منهم هذه جهالة بالمجاز له، وكذا لو قال: أجزت كتاب السنن، أجزت فلاناً كتاب السنن، ما يدرى هل هو سنن أبي داوود، أو سنن الترمذي أو سنن النسائي، أو البيهقي، أو ابن ماجه، أو الدارقطني، ما ندري، لكن إذا وجد ما يدل على ذلك بحيث يؤول إلى العلم لا بأس كمن يطلب اسمه محمد ابن زيد بن ثابت الأنصاري ... إلى آخره، محدد، ويطلب الإجازة، يكتب استدعاء من فلان بن فلان محمد ابن عبد الله بن زيد بن عمرو الأنصاري، معروف هذا، ولا له شريك في الاسم، الخماسي يطلب من الشيخ إجازته بكتاب السنن لأبي داوود، ثم بعد ذلك يكتب الشيخ: أجزت محمد بن عبد الله الأنصاري أن يروي عني كتاب السنن، هذا السؤال يدل على المراد، محدد، طالب الإجازة محدد، والكتاب المطلوب إجازته محدد، وما يأتي في الجواب، ما يأتي في الجواب معاد فيه السؤال حكماً، يعني إذا سئل كأنه أعاد السؤال، فأجاب بالإجمال؛ لأنه لا يحتاج أن يعيد، ولذلكم تجدون في الفتاوى، وغيرها يسأل فلان عن فلان، فقال: الحكم كذا، يعني حكم ما سألت عنه كذا، وبعضهم يعيد السؤال، يعيد السؤال، لكن لا داعي لإعادة السؤال، وهو معروف في عرض، وطرح السائل لا داعي لعرض السؤال؛ لأنه في الحكم موجود.

(24/24)


النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن التطهر في البحر، بماء البحر، أنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا؛ أفنتوضأ بماء البحر؟ قال: الجواب: ((هو الطهور ماؤه، الحل ميتته))، يعني نمسك الجواب ما مر علينا السؤال إطلاقاً، الجواب فقط يفيدنا شيئاً؟ ما يفيدنا شيئاً، لكن السؤال معاد في الجواب، ولذا إذا جاء الاستدعاء من شخص مميز معروف؛ لأن بعض الناس يشاركه في الثلاثي عشرة أشاخص، لكن في الرباعي يشاركه خمسة، في الخماسي ما شاركه أحد يتميز يتعين يتحدد، فذكر في الاستدعاء الاسم خماسياً، بحيث لا يشاركه فيه أحد، وذكر في السؤال الكتاب مضاف إلى صاحبه السنن للبيهقي مثلاً، أو السنن لأبي داوود، ثم بعد ذلك يقول المجيز: أجزت فلان بن فلان بن فلان بالاسم الذي يشارك فيه العشرة نعم؟ كتاب السنن بهذا اللفظ الذي يشارك فيه مجموعة من الكتب، هذا متحدد، يعني من خلال الاستدعاء الذي هو طلب الإجازة تحدد المراد و "كذا إن سمى" من هذا النوع إن سمى المجيز:
. . . . . . . . . ... كتاباً أو شخصاً وقد تسمى
كتاباً كالسنن، أو شخصاً كمحمد بن عبد الله الدمشقي.
في الكتب كثيراً ما يقولون: وفي الصحيح، وفي الصحيح حديث أبي هريرة كذا، فيه أكثر من كتاب يقال له الصحيح، هل المراد الصحيح للبخاري، الصحيح لمسلم، الصحيح لابن خزيمة، الصحيح لابن حبان، الحاكم بعضهم يطلق عليه الصحيح، صحيح ابن السكن، صحيح أبي عوانة، صحيح من؟ إذا جرت عادة المؤلف أنه لا يطلق الصحيح إلا على البخاري انتهى الإشكال؟ أو على الصحيحين انتهى الإشكال؟ وإلا فإننا لا نجزم الكتاب المعين، والذي يغلب على الظن أنه يريد في الحديث الصحيح، ولا يريد كتاباً بعينه إلا إذا اضطرد من عادته، وجادته أنه يريد كتاباً بعينه "وقد تسمى به سواه" أي بالكتاب، أو بالشخص "سواه" سوى من ذكر "ثم لما يتضح" يعني لم يتضح المراد خلاص حاولنا نفهم، حاولنا ما في فائدة، مازال الإبهام قائماً، ولم نستطع أن نتوصل إلى المراد.

(24/25)


"ثم لما يتضح مراده" أي مراد المجيز من ذاك كله بقرينة من القرائن "من ذاك فهو" يعني هذا النوع "لا يصح" لا يصح لماذا؟ للجهل في هذه الصورة، أو في هذه الصور كلها الثلاث، للجهل في هذه الصور كلها عند السامع.
أما المسمون مع البيان ... . . . . . . . . .
"المسمون" الجماعة المسمون، المعينون في استدعاء، أو غيره "مع البيان" لأنسابهم، وشهرهم، وما يتميزون به، بحيث لا يشتبهون بغيرهم:
أما المسمون مع البيان ... فلا يضر الجهل بالأعيان

(24/26)


لا يضر الجهل من المجيز بالأعيان، وعدم معرفته بهم، والإجازة حينئذ صحيحة يعني إذا وجد استدعاء، وفيه مائة شخص، المجيز يعرف عشرة منهم، وتسعون ما يدري منهم، تسعون منهم لا يعرفهم، كما لو كانوا عنده بين يديه مائة شخص، وقال: أذنت لكم أن ترووا عني صحيح البخاري، ما يلزم أن يكون عارفاً بالجميع، أو ولا عارف ولا واحد منهم، ما يلزم؛ لأنهم محددون، معينون بأعيانهم، ما فيه أدنى أشكال، ومعرفة الشيخ لهم لا تلزم، كالرواية بالسماع، أو بالعرض، يعني قد يأتي شخص ليعرض على الشيخ كتاباً من الكتب، ويقرأ الكتاب، وينتهي من الكتاب، وما يعرف اسمه، كما هو الحال في شأن الدروس الآن، يمكن يحضر طلاب من عشر سنين ما يعرف إيش أسماؤهم؟ الشيخ ما يعرفش أسماءهم، الشيخ يعرف أحد، اثنين، هذا مجرب بالدارسة بالجامعة أنا أعرفهم، إما متميز جداً، أو ضعيف جداً، أما المتوسطون هؤلاء في الغالب لا يعرفون؛ لأن المتميز ما في شك أنه ينبأ عن نفسه، ويكثر السؤال، وإذا خرج المدرس تبعه، وسأله يحتاج إلى أن توجد هناك رابطة بينهما، الضعيف جداً من كثر ما يؤنب، وانتبه يا فلان، ومن كثر ما يردد: عيد السؤال مرتين، ثلاثاً حتى يفهم يعرف، يعني اسمه ينطبع في القلب، وإلا كل هؤلاء المائة طالب في القاعة تردد أسماؤهم كل يوم في التحضير، ولا يعرفون؛ لأن الحفظ غير مقصود لهذه الأمور، غير مقصود لهذه الأمور، نعم بعض الناس عنده حذق، وعنده دقة، وحافظ قوية تسعف، ودقة نظر بحيث يميز بينهم، وبعض الناس -الله المستعان- يعني لو يتردد عليه باليوم عشرة مرات ما عرفه، وكل له اهتمامه، كل يحفظ ما يهتم به، يعني أدركنا من شيوخنا من يفرق بالنفس، ومن يفرق بالصوت الضعيف، ولو انقطع مدد متطاولة، ومن يفرق بصوت الأقارب، يعرف صوت الأب، صوت العم، صوت الخال، يعرف أن هذا فلان، وعرفنا من شيوخنا –أيضاً-، ومن الحفاظ الضابطين المتقنين من إذا سلم عليه: من؟ كل من سلم عليه قال: من؟ ولو هو أقرب الناس إليه؛ لأن جهده، واهتمامه منصرف إلى غير هذا الأمر.

(24/27)


حتى قالوا في الشيخ سليمان بن عبد الله بن الأمام المجدد، قالوا: إنه يعرف رجال الحديث أكثر من معرفته برجال الدرعية، أهل بلده كم عدد رجال الدرعية؟ نفر يسير، وكلهم من أقاربه، ومن أصهاره، ومن جماعته، ومع ذلك يعرف رجال الحديث أكثر منهم ليش؟ لماذا؟ لأن اهتمامه منصب إلى رجال الحديث.
أما المسمون مع البيان ... فلا يضر الجهل بالأعيان
يعني من الطرائف أني التقيت بشخص ظننت أن المدة أربعين عاماً ما رآني، كفيف هو، ولا يسمع لا راديو، ولا مسجل، ولا شيء؛ لأنه احتمال يصير سامعاً التجريد، وإلا غيره، ما يسمع من الأخوان الباقين على خلقتهم، فوجدته في المناسبة سلمت عليه من دون .. ، يعني بصوت عادي، قال واحد: هل تصدق أنه يعرفك؟ قلت: لا، مستحيل، لي أربعين سنة ما شفته، يوم سأله قال: هذا فلان، يوم قلت: أربعين، قال: لا، خمسة وأربعين، وأنا بدون مبالغة لو طلع من المحل الذي فيه المناسبة، ودخل مع باب ثانٍ، سلمت عليه من جديد نسيته، وهو كفيف، وأنا مبصر، فهذه وهائب، لكن كل إنسان له اهتمام، له اهتمام، يعني إنسان يضبط كذا، وإنسان ما يضبط كذا؛ لأنه مهتم بكذا، فتجد بعض طلاب العلم لو قيل له: احفظ بيت ما استطاع، احفظ آية شقت عليه، لكن أرقام سيارات الحارة كلها محفوظة، وحروفها، لكن هذا الحافظة ينبغي أن توجه للأهم، والأنفع، وما يجدي، قد يقال مثلاً: حفظ الأرقام زين ينفع؛ لو سرقت سيارة، أو شيء من هذا، أو يعني ينفع لكن مع ذلك ما هو بمثل نفع قال الله، وقال رسوله، هذا بالنسبة له فضول إذا كان طالب علم.
يقول:
وتنبغي الصحة إن جملهم ... . . . . . . . . .
أي جمعهم بالإجازة،
. . . . . . . . . ... من غير عد وتصفح لهم

(24/28)


"من غير عد" يعني أعطي كشف في مائة شخص يطلبون الإجازة، فقال: أجزت لهؤلاء الذين طلبوا الإجازة، والمذكورين أسماؤهم، وعددهم كذا، من غير أن يقرأ الأسماء، ويتصفح هذه الأسماء، وقد يطلب منه مقارنته على الواقع؛ لأن التحضير في المدارس، وفي الجامعات، يعني تطبيق الاسم على الواقع مهم في الأيام الأولى؛ لماذا؟ لأنه قد يأتي بالرقم، أو بالاسم، ثم يقول: حاضر، وهو ما هو بهو، فالتصفح، والعد، والانتباه لهذه الأمور مطلوب؛ لأنه يترتب عليها أمور، أمور نظامية الدافع إليها المصلحة، فهذه مهم يعني الاعتناء بها، أما الإجازة -الله المستعان- هو أجاز لمن طلب، ولو لم يعرف أسماءهم، ولا تصفح أعيانهم، وإذا كان مثل هذا يجوز في السماع، لا يتصفح الأسماء، ولا الأعيان، ولا الأشخاص، الشيخ يحدث، والمسجد مملوء من الطلاب كلهم يروون عنه، هل يقول قائل: إن الرواية ما تصح؛ لأنه ما عرف الأسماء، ولا تصفح الأشخاص، ما هو بصحيح؟ الرواية صحيحة.
"والخامس" يعني النوع الخامس من أنواع الإجازة:
والخامس: التعليق في الإجازة ... . . . . . . . . .
ويش هي؟
طالب:. . . . . . . . .
الجهل؟ الجهل يعني الجهل المجاز له، والمجاز به، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
فهو لا يصح، لا يصح؛ لأنه البعض "أجزت بعض الناس" كيف يتم؟ من يروي، ومن لا يروي؟ هل يستطيع أحد أن يروي بهذه الإجازة بأنه بعض الناس، أو يقول: لا تجوز لي؛ لأني من بعض الناس الذين لم يقصدوا، لا، لا هذه ما فيها إشكال أنها ما تجوز، ولا تصح الرواية بها.
والخامس: التعليق في الإجازة ... بمن يشاؤها الذي أجازه
"والخامس" يعني النوع الخامس من أنواع الإجازة في الإجازة "التعليق في الإجازة" ابن الصلاح لم يفرد هذا النوع عن الذي قبله، لم يفرد هذا النوع عن الذي قبله، وإفراده حسن؛ لأنه يختلف عنه "بمن يشاؤها"
. . . . . . . . . ... بمن يشاؤها الذي أجازه

(24/29)


التعليق في الإجازة أما أن يكون بمن يشاؤها، يشاء الإجازة التي أجازه الشيخ، يعني أنها معلقة بمشيئة شخص مبهم لنفسه "أجزت من شاء"، يعني من أراد أن يروي عني بالإجازة؛ فليروي، كأن يقول: من شاء أن أجيز له، ومن شاء أن يروي عني بالإجازة؛ فله ذلك، هذا تعليق بإجازة مبهم، أو بمشيئة بمهم، إجازة معلقة بمشيئة مبهم "أو غيره" أو يشاءها غيره أي غير المجاز حال كونه معيناً "أجزت لمن شاء زيد من الناس" "والأولى" يعني وغيره معيناً، فهي معلقة بمشيئة مسمى، بمشيئة مسمىً لغيره، يعني إذا شاء زيد أجزت، أو أجزت لمن يشاء زيد، فالذي علقت الإجازة بمشيئته معين بخلاف الصورة الأولى.
قال ابن الصلاح: والأولى أكثر جهلاً، والأولى أي التعليق بمشيئة المجاز له المبهم، أكثر جهلاً، وانتشاراً من الثانية، وانتشاراً من الثانية فإنها معلقة بمشيئة من لا يحصون، ومن لا يحصرون، الأولى، والثانية معلقة بمشيئة شخص، أو أشخاص محصورين "وأجاز الكل" أي الصورتين المعلقة بالمشيئة، مشيئة المبهم، أو مشية المعين "وأجاز الكل"

معاً أبو يعلى الإمام الحنبلي
الجهل إذ يشاؤها والظاهر
مع ابن عمروس وقالا: ينجلي
بطلانها. . . . . . . . .

وأجاز الكل معاً القاضي أبو يعلى محمد بن حسين ابن الفراء الحنبلي، والد مؤلف الطبقات، ذاك ابن أبي يعلى "مع ابن عمروس" محمد بن عبد الله المالكي "وقالا" معللين الجواز "ينجلي الجهل" فيها إن يشاؤها المجاز له، إن يشاؤها، إذا شاءها انجلت، فهي مرتبطة بالمشيئة، فإذا شاءها عملنا أنها تحددت، يعني ما تحددت في وقت الإجازة، يعني نظير ذلك إذا قلت: بلغ سلامي فلان، فقال: إن شاء الله، فهو بالخيار، إن شاء بلغ، وإن لم يشأ لم يبلغ؛ لماذا؟ لأنه إن بلغ؛ فقد شاء الله، وإن لم يبلغ؛ فإن الله لم يشأ، وهكذا.

(24/30)


إذا قال: أجزت من شاء فلان؛ فإنه إذا أجاز، أو شاء أن يجاز فلان تعين، وإذا لم يشأ لم يتعين، لكن بالنسبة لمشيئة الخالق لا يمكن الإطلاع عليها؛ لأن مشيئة الرب -جل وعلا- غالبة، ومشيئة العبد تابعة، لكن في مثل التصرفات العادية، إن شئت، هذا مخل، مخل بالعقود، هذا مخل بالعقود؛ فكيف بمثل هذا الذي فيه نقل رواية عن فلان، وهي مرتبطة بمشيئة فلان؟ طيب لو قال: إن شاء فلان، أو متى شاء فلان، فليرو عني فلان، ومتى لم يشأ لم يرو، تصير روايته معلقة بفلان، يوم يروي، ويوم ما يروي، إذا قال له: أنا شئت أن تروي؛ يروي! لا، لا هذا كله تلاعب، مثل هذه الأمور أصل الإجازة فيها ضعف، والاستدلال لجوازها فيه غموض، فكيف إذا توسعوا فيها مثل هذا التوسع؟ تزاد ضعفاً بلا شك.
. . . . . . . . . ... مع ابن عمروس وقالا: ينجلي
الجهل إن يشاؤها والظاهر ... بطلانها. . . . . . . . .
بطلانها، هذا هو الصحيح، والظاهر وعدم صحتها، وقد أفتى بذلك القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري،
. . . . . . . . . والظاهر ... بطلانها أفتى بذاك طاهر
أفتى بذاك طاهر بن عبد الله الطبري المعروف، القاضي أبو الطيب.
"قلت" هذا الحافظ العراقي:
قلت: وجدت ابن أبي خيثمة ... أجاز كالثانية المبهمة
أجاز كالصورة المبهمة، والثاني، النوع الثاني: أن يعين المجاز له دون المجاز به،
قلت: وجدت ابن أبي خيثمة ... أجاز كالثانية المبهمة
قلت: ولكن قد وجدت الحافظ أبا بكرٍ أحمد بن أبي خيثمة، زهير بن حرب صاحب التاريخ، وصاحب يحي بن معين، مشهور عند أهل العلم، أجاز بكيفية، كالثانية المبهمة في المجاز فقط "كالثانية المبهمة" الثانية أي ثانية؟ المبهمة في المجاز فقط، يعني أجزت فلان بن فلان بن فلان، أو أجزت بعض الناس كتاب كذا، الآن الثانية، أن يعين المجاز له دون المجاز به، يعين المجاز له دون المجاز به، والعكس؛ لأنه يقول:
قلت: وجدت ابن أبي خيثمة ... أجاز كالثانية المبهمة
لأنه قال: أجزت رواية تاريخي بقراءة فلان علي من أحب فلان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني المجاز هو بنفسه المقصود أن التعليق بمشيئة .. ، شوف الآن:
والخامس: التعليق في الإجازة ... بما يشاؤه الذي أجازه

(24/31)


يقول: إن شئت فاروِ عني، أو إن شئت أجزت فلاناً، أو أجزت فلاناً إن شئت، فيعلق الرواية بمشيئته، أو بمشيئة غيره، لكنها بمشيئة معين، لكن الصورة الأولى بمشيئة مبهم؛ لأنه قال بن أبي خيثمة: أجزت لفلان أن يروي عني تاريخي، له تاريخ كبير كبير، وكله علم، يعني لو وجد .. ، ووجد منه قطع صغيرة، ما هو بكامل، لكان فيه نفع عظيم، تاريخ بن أبي خيثمة، ما هو على سرد الحوادث، وإلا شيء، لا، تاريخ علم الحديث، يعني الرجال، وغيرهم، مع أن فيه قضايا، وفيه حوادث، وفيه عبر، وفيه أشياء، لكنه نفعه لأهل الحديث أكثر من غيرهم، يقول: أجزت لفلان بن فلان بن فلان أن يروي عني تاريخي برواية فلان بن فلان إن أحب فلان، إن أحب مثل إذا شاء فلان.
وإن يقل: من شاء يروي قربا ... ونحوه الأزدي مجيزاً كتبا
ما تقدم في التعليق إنما هو لنفس الإجازة، لكن إن يقل: من شاء الرواية عني، التعليق للمجاز، التعليق هنا للمجاز "وإن يقل: من يشاء يوري" يعني من شاء الرواية عني يروي، فقد أجزته "قربا" القول بالصحة؛ لماذا؟ لأن في الصور الأولى وسائط، وسائط مشيئة للرواية لفلان، نعم في وساطة، لكن هنا مشيئة لرواية نفسه "وإن يقل: من شاء يروي" يعني يروي عني "قربا" يعني فقد أجزته قرب القول بصحته.
قال ابن الصلاح،
. . . . . . . . . ... ونحوه الأزدي مجيزاً كتبا
هذا كلام ابن الصلاح "ونحوه" أي نحو ما تقدم، أبو الفتح الأزدي "مجيزاً" حال كونه مجيزاً "كتبا" بخطه، وقال: أجزت رواية ذلك لجميع من أحب أن يروي عني، أجزت رواية ذلك لجميع من أحب أن يروي عني، ومعلوم أن أبو الفتح متكلم فيه عند أهل العلم، وأما كلامه في الرجال، فغير مرضي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أجزت لجميع من أحب من يروي عني، لفظ مطلق، ما في موجود، ولا غيره، عاده بيجي عاده المعدوم، بيجي السادس.
أما: أجزت لفلان أن يرد ... فالأظهر الأقوى الجواز فاعتمد
لأنه قال: أجزت من شاء أن يروي عني، من غير تحديد، من شاء أن يروي عني، من أحب أن يروي عني، كما في كلام الأزدي، أما أسهل من هذا أن يقول: أجزت لفلان أن يُرد، أما لو قال: أجزت لك، أو أجزت لفلان إن يرد، أو يحب الرواية عني:

(24/32)


. . . ... فالأظهر الأقوى الجواز فاعتمد
الأظهر الأقوى في هذه الصورة الجواز؛ لانتفاء الجهالة "فاعتمد" ذلك، وإن حكا ابن الأثير المنع فيها عن قوم، المنع فيها عن قوم، ابن الأثير في مقدمة "جامع الأصول" حكا المنع؛ لأن فيها تردد، فيها تردد من قبل المجاز؛ هل يقبل، أو لا يقبل؟ ولا شك أن هذا يضعف الإجازة، ومثل ما استصحبنا –سابقاً- أن الإجازة أصلها فيها ضعف.
"والسادس" يعني النوع السادس من أنواع الإجازة:
. . . . . . . . . الإذن لمعدوم تبع ... كقوله: أجزت لفلان مع
أولاده ونسله وعقبه ... حيث أتوا. . . . . . . . .
النوع السادس من أنواع الإجازة: الإذن يعني الإجازة، الإذن بالراوية لمعدوم وهو على قسمين: تبع يتبع الموجود: أجزت لفلان بن فلان الفلاني، وولده ما تناسلوا، يعني إلى قيام الساعة، المعدوم تبع لأيش؟ للموجود، أو تكون لمعدوم استقلالاً: أجزت لمن يولد لفلان:
والسادس: الأذن لمعدوم تبع ... . . . . . . . . .
تبع لموجودٍ عطف عليه، تبع الأصل إيش؟ أن يقول: تبعاً، نعم تبعاً لغة ربيعة يكتفون بالفتح عن التنوين، يعني ممكن أن قلت: سمعت أنس بن مالك، وغيرهم يقول: لابد أن تقول سمعت أنساً بن مالك، أما لغة ربيعة، اللغة الربعية على ما قالوا: الاكتفاء بالفتح عن التنوين، وعلى لغتهم يجري الاستعمال الآن، يعني صعب أن تقول في كل حديث: سمعت أنساً بن مالك، فتقول: سمعت أنس بن مالك، على طول، وأما التسكين فهو من أجل الوزن:
. . . . . . . . . تبع ... كقوله: أجزت لفلان مع
أولاده ونسله وعقبه ... . . . . . . . . .
أجزت الكتاب الفلاني لفلان بن فلان بن فلان مع:
أولاده ونسله وعقبه ... حيث أتوا. . . . . . . . .
في حياة المجيز، أو بعده؛ لأنه إذا أجاز فلان، ونسله، وعقبه، يعني ما تناسلوا إلى مالا نهاية "حيث أتوا" يعني متى ما ولدوا أجزتهم "أو خصص المعدوم به" يعني أجاز المعدوم على سبيل الاستقلال، أي بالإذن له من غير عطف له على موجود، من غير عطف له على موجود، كأن يقول: أجزت لمن يولد لفلان، من غير فلان "وهو أوهى" يعني القسم الثاني إجازة المعدوم استقلالاً أوهى، وأضعف من الأول.

(24/33)