شرح ألفية العراقي عبد الكريم الخضير شرح ألفية الحافظ
العراقي (25)
الثالث: الإجازة (لفظ الإجازة وشرطها)
الشيخ: عبد الكريم الخضير
وهو أوهى، يعني القسم الثاني إجازة المعدوم استقلالاً أوهى
وأضعف من الأول؛ لأنهم يقولون: يثبت تبعاً ما لا يثبت
استقلالاً، وأيضاً في الوصايا والأوقاف إذا قيل: غلة الوقف
لفلان ولولده ما تناسلوا، أقوى من أن يقال: الغلة وقف لمن يولد
لفلان لمعدوم على جهة الاستقلال "وهو أوهى" القسم الثاني وأضعف
من الذي قبله "وأجاز الأولا" يعني عطف المعدوم على الموجود
"ابن أبي داود" الحافظ أبو بكر عبد الله بن الإمام الحافظ أبي
داود السجستاني، فقال: أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة، يعني
إلى ما لا نهاية "وهو مثلا ... بالوقف" مثل بالوقف على المعدوم
حيث صح فيما كان معطوفاً على موجود، ولا شك أنه يغتفر في التبع
ما لا يغتفر في الاستقلال، يعني بعض العبادات تصحح تبعاً، ولو
كانت على جهة الاستقلال، ما صححت صارت باطلة، لو صلى شخص صلاة
المغرب بأربعة تشهدات، وهو منفرد، لا يتبع إماماً متعمداً
لذلك، نقول: صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ باطلة، لو كان مع إمام
قلنا: الصلاة صحيحة، كيف يكون مع إمام؟ يأتي والإمام قد رفع
رأسه من الركعة الثانية فيدرك التشهد مع الإمام الأول، ويدرك
التشهد الثاني ثم يأتي بركعة، ثم يتشهد، ثم يأتي بركعة، ثم
يتشهد، فتكون أربعة تشهدات فصلاته صحيحة "وهو مثلا ... بالوقف"
على المعدوم حيث صح فيما كان معطوفاً على موجود و "لكن أبا
الطيب رد" يعني ولكن القاضي أبا الطيب طاهر الطبري "رد ...
كليهما" أي القسمين مطلقاً، وكذلك الماوردي "وهو الصحيح
المعتمد" يعني كالإجازة السابقة، المعلقة بالمشيئة "وهو الصحيح
المعتمد".
(25/1)
"كذا أبو نصر" يعني ردها أبو نصر بن
الصباغ، وبين بطلانها "وجاز مطلقاً" يعني ولكن أجاز مطلقاً،
ولكن جاز مطلقاً الإذن للمعدوم، سواء كان تبعاً لموجود أو
استقلالاً "وجاز مطلقاً ... عند الخطيب" الإمام الحافظ أبي بكر
الخطيب البغدادي، طيب مطلقاً يعني جاء من نسل هذا المجاز بعد
مائة سنة من وفاة المجيز، تجوز الإجازة وإلا ما تجوز؟ عنده
تجوز، لماذا؟ يقول: بعد الزمان ليس بأشد من بعد الأوطان، يعني
إذا كان من بالمشرق يجيز من بالأندلس أو العكس مع بعد الأوطان،
والمسألة مبناها على الاتصال وهذا ما فيه اتصال بأي وجه من
الوجوه؛ فلئن يكون جوازه في بعد الأزمان متصور مثل بعد
الأوطان، قياساً على بعد الديار كذلك بعد الزمان.
. . . . . . . . . وجاز مطلقاً ... عند الخطيب وبه قد سبقا
وبه قد سبقا، أي الخطيب سبق بالجواز مطلقاً، سبق بالقول
بالجواز مطلقاً "من ابن عمروس" يعني من جماعة منهم ابن عمروس
المالكي "مع الفراءِ" مع أبي يعلى الفراء الحنبلي، والدامغاني
الحنفي، وأبي الطيب الطبري، وهؤلاء هم رؤوس مذاهبهم، ابن عمروس
إمام من أئمة المالكية، وأبو يعلى إمام من أئمة الحنابلة،
والدامغاني من أئمة الحنفية، وأبي الطيب الطبري من أئمة
الشافعية، هؤلاء أئمة مذاهبهم، وقد سبقوا الخطيب إلى القول
بالجواز.
من ابن عمروس مع الفراءِ ... وقد رأى الحكم على استواءِ
في الوقف. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .
نعم؟
(25/2)
مباشرة عن المجيز، هو مجاز، داخل بالإجازة
رأساً، هو يقول: ما دام التصريح وجد والإجازة هي مجرد أمر
اعتباري لا قيمة له في الحقيقة والواقع، فما الفرق أن يأذن
لشخص موجود أو شخص معدوم؟ يعني في فرق حقيقي بين أن يأذن لزيد
من الناس، وبين أن يأذن لمن يأتي بعد مائة سنة، يعني لو اشترط
شرط، قال: أجزت كل ماهر بالصناعة، سواء أدرك حياتي، أو كان في
آخر الزمان، يعني من الناحية العملية في فرق؟ لأن الإذن .. ،
الأصل الأذن الإجمالي، هذا لا وجود له في الحقيقة اللغوية ولا
الشرعية في الرواية، إنما هي حقيقة عرفية حادثة، اضطر إليها
الناس، وتساهلوا فيها لمجرد إبقاء سلسلة الإسناد، وإلا كون
الإنسان موجود أو غير موجود، لا سمع ولا سُمع منه، ويش
الفائدة؟ وليس معنى هذا أني أرى التوسع إلى هذا الحد، يعني
الإجازة أنا لا أهتم بها كثيراً حتى ولو كانت من معين، اللهم
إلا أنه من باب التشبه بالقوم، فإذا تيسرت من غير تعب ولا ضياع
وقت من شخص يشرف الإنسان بالانتساب إليه فجيد وإلا لا يتبعها
همته بحيث تضيع عليه الأوقات، وقد يتنازل عن شرطه فيروي عمن
ليسوا بأهل للرواية، كما هو حاصل الآن، يذهبون إلى مصر والشام
والمغرب والهند، فيأتون بإجازات من مبتدعة، هذا ليس بعلم،
العلم دين، والانتساب إليه كشرف النسب، فأنت تنتسب إلى عالم
يروي الحديث بإسناده، وقد يكون من أشد الناس مخالفة للحديث، لا
سيما إذا كان متلبساً ببدعة، وقد يكون متمذهباً متعصباً يخالف
ما في هذه الكتب التي يرويها هذا الإجازة والانتساب إليه ليس
بشيء، لكن إذا وجد من أهل العلم وأهل التحقيق من يشرف طالب
العلم بالانتساب إليه، وما حصل بذلك تعب ولا عناء، ولا إضاعة
أوقات، هذا جيد نتشبه بالقوم، أما التوسع إلى هذا الحد إجازات
عامة، أجزت لمن قال: لا إله إلا الله، ثم يفرح بها من يسمع،
يصير يروي بها عن .. ، رووا بها في القرن العاشر، رووا بكثرة
في الإجازة العامة، لكن هي ليست بشيء، يعني يكفيك أن تقول: قال
الإمام البخاري في صحيحه، ولو ما لك به إجازة ولا سند، ما دام
النسخة مضبوطة ومحررة ومتقنة يكفي، ومثلما قلت يعني الإجازة
التشبه بأهل الفضل طيب، لكن يبقى أن التوسع غير مرضي.
(25/3)
من ابن عمروس مع الفراء ... وقد رأى الحكم
على استواءِ
في الوقف في صحته من تبعا ... أبا حنيفة ومالكاً معا
(25/4)
"وقد رأى الحكم على استواءِ ... في الوقف
على صحته" أي قد رأى صحة الوقف القسمين، يعني على المعدوم
تبعاً واستقلالاً معظم من تبع أبا حنفية ومالك "من تبعا ...
أبا حنفية ومالكاً معا" فيلزمهم القول به في الإجازة، ومن باب
أولى لأن أمرها أوسع من الوقف؛ لأنه لا يترتب عليها حقوق،
فالتساهل فيها أوسع من التساهل بالرواية، يعني إذا أجازوا
الوقف تبعاً واستقلالاً فلئن يجوزوا الإجازة تبعاً للمعدوم
تبعاً واستقلالاً من باب أولى؛ لأن الوقف فيه حقوق، فهو أضيق
من الرواية، فإذا أجازوا الوقف أجازوا الرواية، وأنا أقول
العكس؛ لأن الوقف من مالكه، ومالك المال يتصرف فيه فيما لا
محظور فيه، لكن هل يتصور بالرواية عن النبي -صلى الله عليه
وسلم-؟ هذا أمر لا يملكه هو، فحينما يقولون: إجازة هذه النوع
من الإجازة أولى من إجازة الوقف على المعدوم تبعاً واستقلالاً،
أقول: العكس، هم بنوا على أن الوقف حقوق مالية، فالمعاملة فيها
مبنية على الضيق بخلاف الرواية، أنا أقول: العكس لماذا؟ لأن
هذا الحق الذي صرفه لهذا المعدوم هو مالكه، الذي له أن يتصرف
فيه في حدود ما أباح الله -جل وعلا-، أما بالنسبة للرواية هذه
لا يملكها، وأكرر وأقول: إن اشتراط ابن عبد البر في الإجازة
أنها لا تجوز إلا لماهر بالصناعة فيه قوة عندي، وأنه لا يجاز
كل أحد، ولو كان معلوماً موجوداً حاضراً، فإنه لا يجاز كل أحد،
ما كل أحد يقلد هذا العلم، لكن الماهر بالصناعة الذي إن روى
عنك ما أخطأ، وإن نسب إليك توثق ودقق، أما بالنسبة لغيره .. ،
غير الماهر بالصناعة قد يخطئ في اسم شيخه، قد يخطئ في ضبطه، قد
يخطئ في اسم شيخ شيخه، أو بعض رجال الإسناد، وقد يخطئ في
المتن، فكيف مثل هذا يروي بالسند المتصل من طريقك؟ أنت الذي
مكنته من الرواية، فمثل هذا ما هو من الضروري أن يروي بالسند،
خله يأخذ من الكتب مباشرة ولا يضيره، أما الماهر بالصناعة الذي
إذا أجيز وأذن له بالرواية أذناً إجمالياً هو بهذا الإذن
الإجمالي لا يختلف عنه فيما لو قرأ عليك، أو سمع منك، هو ضابط
متقن، يعني سواء قلت له: اذهب فاقرأ الكتاب في البيت واروه
عني، أو تقول: احضر واقرأه علي وأقرأه عليك، ما في فرق؛ لذلك
بعض
(25/5)
الطلاب يوثق به، ويقال إذا أراد أن يقرأ
كتاباً والشيخ يعرف مستواه يقول: هذا الكتاب ما يصعب عليك، ما
يحتاج أن تقرأه على شيخ، اقرأه بنفسك، وهذا كان قريب جداً من
هذا النوع، قريب جداً من الإجازة؛ لأن بعض الناس ما تثق تقول:
والله اقرأ وارو عني،. . . . . . . . . غير متقن ولا ضابط، لكن
الضابط المتقن الذي إذا قرأ أجاد، سواء قرأ بنفسه بمفرده، أو
قرأ على الشيخ، أو سمع من الشيخ لا فرق، مثل هذا يقال له:
والله اعتمد على نفسك، ومثل هذا الإذن بالتدريس لبعض الطلاب،
يعني الشيخ إذا أنس من الطالب أهلية فإنه يقول: خلاص روح درّس،
أذن له بالتدريس، لكن هل يأذن لكل واحد بهذا اللفظ أو لا يأذن
إلا للماهر؟ ما يمكن أن يأذن إلا لماهر، أما كل واحد من
الطلاب: أذنت لكم أن تدرسوا، مو بصحيح، قد يبوء بإثم بعضهم إذا
لم يكن أهلاً لذلك.
يقول: هل هناك فرق بين الألفاظ التالية: حديث إسناده جيد،
وحديث إسناده قوي، وحديث إسناده لا بأس به؟
قلنا: إن جيد قد تطلق ويراد بها الصحيح، إلا أن عدوله عن لفظ
الصحيح إنما هو لنكتة كما قال الحافظ ابن حجر، إسناده قوي، قوي
قد لا يصل إلى الصحيح، قد يكون حسناً وقد يكون صحيحاً، فالقوة
نسبية، وقد لا يصل إلى درجة الحسن، لكنه يصلح للاعتبار، إسناده
لا بأس به، يعني في الدرجة المتوسطة ليس بصحيح ولا ضعيف.
الراوي المجهول الحال إذا روى عنه جماعة من الرواة ليسوا ممن
يشترطون الرواية عن ثقة، ويبلغ عددهم خمسة هل هذا كافٍ لرفع
جهالة حال الراوي؟
لا، هذا يكفي في رفع جهالة العين، أما جهالة الحال فلا بد من
التنصيص على ثقته.
هل يلزم طالب العلم أن يدرس الكتب كتب السنة أو الستة دارسة
تفصيلية تشمل الأسانيد، علماً بأنه لا يريد الاختصاص بالحديث؟
لا يلزمه، إذا كان لا يريد العناية بهذا الشأن، ولا يريد أن
يكون من أهله يقتصر على المختصرات؛ لأنها هي التي تناسب
مستواه.
يقول -هذا تبع الميمية-: تعلمنا أنه لا يصلح قول: وثقه ابن
معين أو ابن حجر أو الذهبي ... أنه لا يصح قول: وثقه ابن معين؟
(25/6)
كيف لا يصح وثقه ابن معين؟! أو ابن حجر أو
الذهبي، هذا إذا كان قصده أننا نقتصر على هذا، ونبني التصحيح
على مجرد قولنا، نقتصر على قولنا: وثقه ابن معين ثم بعد ذلك
نصحح الخبر، مع أنه قد يوجد من الأئمة من يضعفه هذا متجه، لا
يكفي أن نقول: وثقه ابن معين، يقول: فكيف نصحح العبارة أنكتفي
بقوله: ثقة؟! إذا كان بالفعل ثقة، يعني ما خالف أحد في توثيقه،
أو الراجح توثيقه لا بأس.
يقول: إذا واجهنا عند التخريج راوٍ مجهول لم نجده، لم يخرج في
التهذيبين، ووجدناه في مصدر أصلي، وبتعليق لا يعرف إلا أنه
ربما يكون فلان، فهل نخرجه على ما ترجح؟ أم كيف نتصرف في هذه
الحالة؟
في هذه الحال التوقف، في هذه حال تتوقف عن الحكم على الخبر.
يقول: هذا سؤال خطير جداً، عندنا إشكال في قضية الزواج بنية
الطلاق؛ لما حصل بسببه من مفاسد، يقول هذا من اليمن، وقد سمعنا
أنه جائز؟
(25/7)
الزواج بنية الطلاق هو جائز عند جمهور أهل
العلم، يعني هذا الحكم الأصلي، لكن بعض الممارسات التي تخل
بهذا العقد يحكم عليها بمفردها، ولا يلغى العقد بكامله، بمعنى
الحكم الشرعي ثابت عند عامة أهل العلم جائز، لكن كون بعض الناس
يستعمل مثل هذا العقد على وجه لا يصح لا يعني أن الحكم الشرعي
يلغى، حتى في النكاح الصحيح لو أن شخصاً تزوج امرأة بجميع
الشروط والأركان، ثم أوجد ممارسات خاطئة في هذا النكاح الصحيح،
هل نقول: إن النكاح ليس بصحيح؟ أو نقول: كل نكاح على هذه الصفة
ليس بصحيح؟ لا، لو أن شخصاً تزوج امرأة بالشروط كاملة، نعم
وزواج صحيح ثابت ما فيه أدنى إشكال، لكنه بدلاً من أن يطأ في
القبل صار يطأ في الدبر، نقول: كل نكاح باطل من أجل هذه
الممارسات؟ لا، ممارسات الأشخاص تقدر بقدها، ويحكم على القضايا
الجزية بأحكامها الخاصة، أما الحكم العام لا يغير، لا يمكن
تغييره، عامة أهل العلم على جوازه، يعني مسألة التورق أقرب
نظير للزواج بنية الطلاق، مسألة التورق عامة أهل العلم على
جوازها، يعني حرمها ابن عباس، حرمها عمر بن عبد العزيز، شيخ
الإسلام ابن تيمية يقولون: ما تجوز، الأئمة الأربعة كلهم على
جوازها، ويش معنى مسالة التورق؟ أنت بحاجة إلى دراهم بحاجة إلى
مبلغ من المال تريد تشتري سيارة، تريد تتزوج، تشتري بيت، ما
عندك شيء، بحثت عمن يقرض ما في، ما في قرض، كيف تصنع؟ كيف ينحل
الإشكال عندك؟ يقول عامة أهل العلم بمسألة التورق، مسألة
التورق تأتي إلى شخص يملك سلعة، تشتري بيت، هذا والله عنده عشر
سيارات تقول: بعني هذه السيارات أقساط شهرية، كل شهر أعطيك
عشرة ألآف، عن كل سيارة ألف، وبدلاً من أن تكون قيمة هذه
السيارات ستمائة ألف تصير مبلغها مليون مثلاً، أو تسعمائة ألف،
ثم أنت تقبض هذه السيارات، الشخص الطرف الأول يملكها ملكاً
تاماً مستقراً، ثم يبيعها عليك بالزيادة المناسبة للأجل، ثم
أنت تقبضها قبضاً شرعياً معتبراً، وتبيعها إلى طرف ثالث، هذه
مسألة التورق تجوز عند عامة أهل العلم، ما فيها إشكال، لكن لو
بعت هذه السيارات العشر على صاحبها الأول صارت مسألة العينة
حرام، يجيزها الشافعية لكنها حرام عند عامة أهل العلم، هذا لا
(25/8)
يريد السيارات يريد مبلغ من المال، الذي
يحرمها مثل عمر بن عبد العزيز وقبله ابن عباس يقول: دراهم
بدراهم بينهما حريرة، السلعة ما هي بمقصودة، إنما هي مجرد
تحايل على الربا، طيب عامة أهل العلم، الأئمة الأربعة وأتباعهم
كيف أجازوها؟ أجازوها لأن هذا اشترى سلعة {إِذَا تَدَايَنتُم
بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة
البقرة] ولم يشترط الشرع أن تستعمل هذه السيارة أو لا
تستعملها، المقصود أنك اشتريت سلعة ما اشتريت دارهم، فهذه
جائزة عند عامة أهل العلم، لكن استعمال كثير من الناس، ممارسات
كثير من الناس في مسألة التورق يجعلنا نحكم على هذه الممارسات
بالتحريم، لكن يبقى الحكم الأصلي الجواز، يعني كون المالك
الأصلي ما يملك السعلة، يقول: روح اشتري سلعة وبعدين أنا أسدد
عنك هذا الربا، صار باع له دراهم ما باع له سلعة، كون الشخص
يعيدها إلى صاحبها فتكون مسألة العينة هذا لا يصحح العقد هذا
باطل، كون الشخص أيضاً يتعاقد مع الشخص قبل ملكها، أو يأخذ
عليه عربون يلزمه به هذا كله لا يجوز، هذا كله من بيع ما لا
يملك، أما إذا تكاملت شروطها ولو كانت في الظاهر حيلة، هذا
بيع، بيع سيارة، لكن بعض الممارسات، كثير من الممارسات في
مسألة التورق الآن يدخلها الدخن، ويحكم على هذه التعاملات
بالمنع، لكن لا يقضي على أصل المسألة، يعني كونه وقع قضايا
يأتي يتزوج بنية الطلاق، ثم يقال له: ما اسمك؟ يقول: والله
اسمي أبو عبد الله النجدي، يكتب في العقد، ما في عقد، يعني ما
في عقد رسمي، في إيجاب وقبول وهذا كافٍ شرعاً، الإيجاب والقبول
من الولي، بعد استشارة المرأة والمهر والشهود، ما في أدنى
إشكال، العقد صحيح، ما يلزم أن يدون في أوراق، لكن إذا قيل له:
ما اسمك؟ قال: أبو عبد الله النجدي، طيب ويش الفائدة؟ على شان
ما يعرف، هذا زواج السر الذي جاء منعه، والتحذير منه، لكن شخص
أعطاهم بطاقته، وقال: هذا اسمي، وعرفهم بنفسه، وقال: اسألوا
عني فلان وفلان، وما عنده أدنى إشكال في الزواج، وزُّوج على
الإيجاب القبول، وهو يعرف أنه بعد شهر شهرين يطلق، والمرأة
ووليها لا تعرف شيئاً لا من قريب ولا من بعيد، لا ذكر لفظي ولا
ذكر عرفي، يعني ما
(25/9)
تعارف الناس أن مثل هذا الشخص القادم من
هذه الجهة، أو بهذه الواسطة من السمسار فلان أو كذا أنه يتزوج
زواج مؤقت، لكن إذا عرف الطرف الأخر فهو متعة، هذا من حيث أصل
المسألة.
يقول: لما حصلت بسببه مفاسد، وقد سمعنا أنه جائز، فلذلك أرجو
قراءة ما حصل وإفتائنا، الإشكال أن منهم من كتب في تحريم
الزواج بنية الطلاق بسبب تأثير مسائل واقعية، اطلع على بعض
المسائل فقال: حرام، هذا ما يكفي، يا أخي الزواج الصحيح الصريح
قد يعتريه ما يبطله.
يقول: فلذلك أرجو قراءة ما حصل وإفتائنا في الحكم جزاءكم الله
خيراً، حصل وأن تزوج شباب خليجيون في بعض الدول الإسلامية عن
طريق هذا النوع من الزواج، تزوجوا بفتيات في عمر الزهور، ثم
بعد انقضاء المدة رموهن دون راعي، بل البعض رمى زوجته في
فنادق، وأخذوا كل ما كانوا أعطوهن من النفقات، بل الأدهى من
ذلك والأمر أنه حصل من البعض أن رموهن في العراء، والآن في مثل
تلك البلدان ينظرون خاصة للملتزمين الخليجيين نظرة شؤم بعد
حصول هذه الاعتداءات، وقد نتج عن مثل هذا الزواج فيما نراه في
بلادنا مثل هذه المفاسد، يؤدي إلى العنوسة أنه وسيلة للطلاق،
والطلاق أبغض الحلال، وفيه ظلم للمرأة المسكينة التي تواجه
مصيرها بعده، ويؤدي إلى كره الملتزمين والنظرة إليهم ببشاعة من
قبل الآباء، يزيد من مشكلة العنوسة العالمية، يؤدي إلى فرقة،
سبب للنزاع، سبب للشحناء والبغضاء، وقد يكون خطره أشد من زواج
المتعة؛ لأنه خيانة وغدر ونية خبيثة للزوجة وأهليها، أما
المتعة فهو برضاهم فالمفاسد في حقه أكثر من زواج المتعة
المحرمة، يقول: مثل هذه المفاسد والمشاكل حقيقية وشاهدنها في
بلادنا، وأنا الآن في قرارة نفسي لو يأتي شاب خليجي يريد
الزواج ممكن أنال منه، وأواجهه بشدة؛ لذلك أرجو أن تبينوا
للشباب السعودي أن يتقوا الله في بنات الناس، حفظك الله ...
إلى آخره.
(25/10)
أقول: أعرف مثل هذه المشاكل وأكثر في زواج
صحيح، ما فيه أدنى نية للطلاق، زواج شخص من ابنة عمه، وفعل
فيها أشد من هذا، نقول: النكاح الصحيح باطل لأنه وجد فيه مثل
هذه الأمور؟! المشاكل في بيوت المسلمين كثيرة، ضرب الرجال
للنساء كضرب الحمر موجود، هل هذه تصرفات تحرم أو تبطل النكاح
الصحيح؟ أبداً، المسألة مفترضة بحدودها وقيودها، إيجاب وقبول،
هذا أخفى في نفسه أنه ليس له حاجة بهذه المرأة بعد أن يرجع إلى
بلده، طيب لو أعجبته وصارت عنده أحب إليه من أم أولاده، ما
الذي يمنعه من الاستمرار بها، لو أن زواجه الأول الذي لا ينوي
فيه الطلاق، وكل إنسان يجد في هذا نفسه، سواء صرح به أو لم
يصرح، وهذا وإن لم يذكر فهو شرط معروف ومتداول بين الناس كلهم،
إن أعجبته وإلا طلقها، وإلا إيش معنى مشروعية الطلاق؟ حتى في
النكاح المستمر قد يطلقها بنفس ليلته أو من الغد، هل يعني هذا
أنه ظلمها أو أساء إليها؟ لا، إلا إذا كان ما هناك سبب، أو
أراد الإضرار بها، هذا شيء، لكن كون النتائج تخرج على غير
المراد، أو غير المقصود، سواء كان من قبل الزوج أو الزوجة،
يزوج هذا الشخص على أساس أنه طالب علم، والعلماء وطلاب العلم
ترى ليسوا بمعصومين، يحصل منهم قريب ما يحصل من غيرهم، لكن هم
إلى التقوى أقرب، فإذا وجد هذا من طلاب العلم يوجد من غيرهم
أكثر، لكن طالب العلم عليه أن يراعي أمور، عليه أن يراعي حق
الله -جل وعلا- في هذا العمل الذي هو سنة من سنن المرسلين،
وعليه أن يراعي حق الزوجة، وعليه أن يراعي حق الأصهار، وعليه
أن يراعي حق المجتمع؛ لأنه قدوة، فإذا ضل بسببه أحد وواقع في
مثل ما وقع به أحد واقتدى به عليه وزره؛ لأنه اقتدى به وهو غير
أهل لأن يقتدى به، المقصود أنه مثل هذه الأمور، وما يحتف بهذا
النكاح لا شك أنه يحرم لذاته، لا لأن العقد أصله محرم، لا،
يذكر عن شخص وهو مع الأسف من طلاب العلم، ذهب إلى بلد من
البلدان فوجد أسرة في مزرعة، عندهم يقول: خمس بنات، أخذ الأول
في السنة الأولى، ثم لما أراد السفر طلقها، ذهب إليهم في السنة
الثانية أخذ الثانية، في السنة الثالثة أخذ الثالثة، هؤلاء
عرفوا أنه سوف يطلق بعد شهر، هذه هي المتعة، هذا هو نكاح
(25/11)
المتعة.
على كل حال إذا كان الطرف الثاني لا يعلم، وما في مواطأة
بينهما، لا لفظية ولا عرفية، هذا ما في أدنى إشكال -إن شاء
الله-.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا عرف التحديد، إذا عرف، إذا عرفت المدة سواء
كانت بالتصريح، أو ما يقوم مقامه من عادة مستقرة، فهذا متعة،
هذا هو نكاح المتعة المجمع على تحريمه، لكن المسألة مفترضة في
شخص يعرف أنه ما هو مستمر في هذا البلد، ويقول: أفضل لي من أن
أعرض نفسي لشبه أحصن نفسي، والمرأة تستفيد، وأهلها يستفيدون،
والحمد لله، ولا في شيء، الطلاق أمره شرعي إذا وجد المبرر،
المقصود أنه إذا لم يعرف الطرف الآخر شيئاً فلا إشكال فيه،
وكون هذه الممارسات تحصل من بعض الناس لا تلغي الحكم الشرعي
الأصلي، يحكم على كل قضية بعينها، فمثل هذا الذي رفض أن يعطي
اسمه، رفض يقول: والله ما أقدر أعطيكم اسمي، على كل حال فيه
حل، يعني كما أن مسالة التورق هي المخرج من الربا هذا هو
المخرج من الزنا، هذا بشروطه، ومراعاة أحكامه وحدوده مخرج من
الزنا، كما أن مسألة التورق مخرج من الربا؛ لأنه ما عنده حل،
ما في إلا هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال ما دام أهل العلم ما قيدوه بشيء ولا حددوا فلا نضيق
واسعاً، لا سيما إذا كان الإنسان قصده إعفاف نفسه، ومع ذلك لا
يستطيع أن يأتي بهذه المرأة إلى بلده، ويفتح باب على نفسه، ولا
يتحمل مشاكل وبيت، وما أشبه ذلك، هذا هو أدرى بظروفه، لكن
مثلما تقرر، بالشروط التي ذكرناه، أن الطرف الثاني لا يعرف من
قريب ولا من بعيد، لا يعرف أن هذا الشخص لا بلفظه ولا من عادته
المستقرة، لكن لا يعني أن أناس جاءوا بهذه النية يكون هذا
مثلهم، ما يلزم، ما يلزم أن يكون مثلهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(25/12)
ما في إشكال إذا كان في نفسه ما عليه شيء؛
لأن الضرر يحصل بالطلاق، كم نسب الطلاق في النكاح الصحيح؟ أكثر
من ستين بالمائة الآن، في بعض المجتمعات سبعين، وفي بعضها
خمسين، يعني نسب مهولة، في النكاح الصحيح الذي ينوون استمراره،
يعني المشاكل حاصلة حاصلة، يعني المجتمعات الإسلامية دخلت
عليها مشاكل كانت في غنية عنها، سببه انفتاح الدنيا، والتوسع
في الدنيا، والتساهل في أمر الأعراض؛ لأن الإنسان يأخذ زوجة،
ثم إذا رآها إذا مستواها ... لأنه يشاهد كل لحظة أجمل منها
بكثير، وبنات الجيران، وحريم الجيران، نساء الجيران، ونساء
أقاربه، يعني المجتمعات المنفتحة يحز في نفسه أن زوجته أقل
بكثير من زوجة زميله، فيحتاج إلى أن يؤذيها ويحتقرها ولا
يحترمها، ثم بعد ذلك جاءت هذه القنوات، يعني هل تعلمون أن
شخصاً بال على زوجته في الفراش لما رأى امرأة في القناة؟! يعني
أمور أمور، وإن كانت هذه من خيار الناس صوامة قوامة، يعني
المجتمعات غزيت، يعني كون هذا يقع فيه مشاكل الزواج الصريح
الآن الصحيح اللي ما فيه أدنى خلاف فيه مشاكل يا أخي، فإذا كان
العمل على هذا عند الأئمة فننظر فيما اشترطوا، فإذا طبقت هذه
الشروط ما علينا من الباقي.
يقول: من المعلوم أنه من السنة تناول سبع تمرات في الصباح،
ولكن عندما يأكل الإنسان تسع تمرات أو إحدى عشر تمرة، وما أشبه
ذلك، فهل الزيادة عل السبع تذهب فضيلة السنة، أم أن الأمر
واسع؛ لأن بعض الناس لا يكفيهم سبع تمرات، ولا يسد جوعهم فيضطر
لتناول أكثر، ولكنه يخشى أن يكون قد فاته أجر السنة، فما
قولكم؟
يأكل السبع، ثم يتناول غيرها، من مأكول أخر، أو يشرب ماء، ثم
بعد ذلك يأكل ما شاء، المقصود أن السبع الأولى تفرد قبل غيرها،
فإذا أتم السبع، والمنصوص عليه أنه من تمر العجوة، من تمر
العالية، هذا المنصوص عليه، ولا شك أن فرد من أفراد عموم
التمر، وهذا لا يقتضي تخصيص، لكن إذا وجدت عجوة من تمر العالية
يستمسك بها، إذا لم توجد يقوم مقامها أي تمر، لكن يأكل سبع ثم
بعد ذلك يفصل، إما بأكل، أو بشرب، أو بأي عمل آخر، ثم إذا عاد
يأكل ما شاء، نعم؟ المقصود أنها تكون ها السبع مستقلة، يتصبح
بها مستقلة، ما يسمى فاصل عرفاً.
(25/13)
ألا يدخل في حديث: ((اقرأ وارق)) من يكثر
من التلاوة المصحف، ويختم كثيراً ولو من دون حفظ؟
يرجى له ذلك -إن شاء الله تعالى-، وأجور الحروف ثابتة له.
يقول: لدي مشكلة تؤرقني كثيراً، وأرجو المعذرة على طرحها؛ لأني
مضطر لأنها مسألة في الطهارة، ومخلصها أنه عندما أنتهي من قضاء
حاجتي من الغائط -أكرمكم الله والسامعين- أقوم بالاستنجاء
الكامل والزائد عن الحد في كثير من الأحيان، ولكن المشكلة أنه
مع حرصي الشديد، والمبالغة في الاستنجاء إلا أني أجد في ملابسي
الداخلية مما يباشر موضع الخارج أثراً، قد يكون كثيراً وقليلاً
بحيث يكون النجاسة واضحة، أو لون أصفر، أو إفرازات لها لون
واضح، وله رائحة كريهة، فأصبحت أقوم بغسل هذا الأثر عند كل
صلاة، وقد تعبت كثيراً خاصة في فصل الشتاء، بل أحياناً أجد هذا
الأثر عدة مرات بعد غسله، ولو لم يكن هناك قضاء للحاجة، وهو
أثر حقيقي وواضح، وليس وسواساً، فما توجيهكم؟ وهل أنا ملزم
شرعاً بأن أقوم بالنظر إلى الملابس الداخلية عند كل صلاة؟
هذا الأثر الذي تجده سببه مبالغتك في الطهارة؛ لأنه يقول:
عندما أنتهي من قضاء حاجتي أقوم بالاستنجاء الكامل والزائد عن
الحد، هذا هو الذي أوقعك في المشكلة، لو كنت تقتصر على السنة
ما وقعت في مثل هذا، لكن إن كان له أثر بالفعل ويشق عليك غسله
باستمرار وتنظيفه فعليك أن تتحفظ ولا يضرك ما بقي، لا يلوث
ثيابك، تتحفظ ولا تلتفت إلى ما عداه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وتتوضأ إليه باعتبار أنه حدث دائم، شبه بالحدث الدائم.
يقول: هل النساء الأفضل لهن الصلاة في جماعة إذا كن مجتمعات،
أو لا تشرع لهن الجماعة؟ هل يلزم المرأة أن تظهر الجبهة كاملة
في الصلاة؟ وما هو الحد الذي يجب تغطيته من أسفل الذقن في
الصلاة؟
الجماعة مباحة بالنسبة للمرأة، يعني الصلاة على حد سواء، سواء
صلت في جماعة أو منفردة، لكن صلاتها في بيتها خير لها.
هل يلزم المرأة أن تظهر الجبهة كاملة؟
(25/14)
نعم عليها أن تظهر من وجهها ما تغسله في
الوضوء بحيث لا يكون هناك حائل متصل بين مواضع السجود، لا سيما
الوجه واليدين لا يكون هناك حائل متصل، أما المنفصل فلا بأس
به، فعلى هذا تكشف من وجهها ما يجب غسله في الوضوء.
هل بالإمكان بيان الكتب التي يبدأ بها طالب العلم باختصار؟
وكيف يتخلص الإنسان من النسيان؟
أما كيف يتخلص الإنسان من النسيان فبالمراجعة، وإدامة النظر،
والمذاكرة مع الزملاء، وأما بالنسبة للكتب التي يبدأ بها طالب
العلم باختصار فهذه بينت في أشرط موجودة في الأسواق: كيف يبني
طالب العلم مكتبته.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله،
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
وَالسَّاِبعُ: الإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ ... لِلأَخْذِ عَنْهُ
كَافِرٍ أو طِفْلِ
غَيْرِ مُمَيِزٍ وَذَا الأَخِيْرُ ... رَأَى (أبو الطَّيِّبِ)
وَالْجُمْهُوْرُ
وَلَمْ أَجِدْ فِي كَافِرٍ نَقْلاً، بَلَى ... بِحَضْرَةِ
(الْمِزِّيِّ) تَتْرَا فُعِلا
وَلَمْ أَجِدْ فِي الْحَمْلِ أَيْضَاً نَقْلاَ ... وَهْوَ مِنَ
الْمَعْدُوْمِ أولَى فِعْلاَ
وَ (لِلْخَطِيْبِ) لَمْ أَجِدْ مَنْ فَعَلَهْ ... قُلْتُ:
رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَدْ سَأَلَهْ
مَعْ أبويْهِ فَأَجَازَ، وَلَعَلْ ... مَا اصَّفَّحَ الأَسماءَ
فِيْهَا إِذْ فَعَلْ
وَيَنْبَغِي الْبِنَا عَلى مَا ذَكَرُوْا ... هَلْ يُعْلَمُ
الْحَمْلُ؟ وَهَذَا أَظْهَرُ
وَالثَّامِنُ: الإِذْنُ بِمَا سَيَحْمِلُهْ ... الشَّيْخُ،
وَالصَّحِيْحُ أَنَّا نُبْطِلُهْ
وبعضُ عَصْرِيِّ عِيَاضٍ بَذَلَهْ ... وَ (ابْنُ مُغِيْثٍ)
لَمْ يُجِبْ مَنْ سَأَلَهْ
وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ مَا صَحَّ لَهْ ... أو سَيَصِحُّ،
فَصَحِيْحٌ عَمِلَهْ
(الدَّارَ قُطْنِيُّ) وَسِواهُ أو حَذَفْ ... يَصِحُّ جَازَ
الكُلُّ حَيْثُمَا عَرَفْ
وَالتَّاسِعُ: الإِذْنُ بِمَا أُجِيْزَا ... لِشَيْخِهِ،
فَقِيْلَ: لَنْ يَجُوْزَا
وَرُدَّ، وَالصَّحِيْحُ: الاعْتِمَادُ ... عَلَيْهِ قَدْ
جَوَّزَهُ النُّقَّاْدُ
(25/15)
أبو نُعَيْمٍ، وَكَذَا ابْنُ عُقْدَهْ ...
وَالدَّار َقُطْنِيُّ وَنَصْرٌ بَعْدَهْ
وَالَى ثَلاَثَاً بإِجَازَةٍ وَقَدْ ... رَأَيْتُ مَنْ وَالَى
بِخَمْسٍ يُعْتَمَدْ
وَيَنْبَغِي تَأَمُّلُ الإجازه ... فحيثُ شَيْخُ شَيْخِهِ
أَجَاْزَهْ
بَلِفْظِ مَا صَحَّ لَدَيْهِ لَمْ يُخَطْ ... مَا صَحَّ عِنْدَ
شَيْخِهِ مِنْهُ فَقَطْ
لَفْظُ الإِجَازَةِ وَشَرْطُهَا
أَجَزْتُهُ (ابْنُ فَارِسٍ) قَدْ نَقَلَهْ ... وَإِنَّمَا
الْمَعْرُوْفُ قَدْ أَجَزْتُ لَهْ
وَإِنَّمَا تُسْتَحْسَنُ الإِجَازَهْ ... مِنْ عَالِمٍ بِهِ،
وَمَنْ أَجَازَهْ
طَالِبَ عِلْمٍ (وَالْوَلِيْدُ) ذَا ذَكَرْ ... عَنْ (مَالِكٍ)
شَرْطاً وَعَنْ (أبي عُمَرْ)
أَنَّ الصَّحِيْحَ أَنَّهَا لاَ تُقْبَلُ ... إِلاَّ لِمَاهِرٍ
وَمَا لاَ يُشْكِلُ
وَالْلَفْظُ إِنْ تُجِزْ بِكَتْبٍ أَحْسَنُ ... أو دُوْنَ
لَفْظٍ فَانْوِ وَهْوَ أَدْوَنُ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله،
نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
وَالسَّاِبعُ الإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ ... لِلأَخْذِ عَنْهُ
كَافِرٍ أو طِفْل
النوع السابع من أنواع الإجازة الإجازة لغير أهل وقت الإجازة،
يعني وقت التحمل بالإجازة حال كون المجاز غير أهل، يعني مثل
التحمل بالسماع والعرض، يتحمل الكافر، يتحمل الفاسق، يتحمل
الصغير، وهذا تقدم متى يصح السماع؟ ومتى يصح التحمل؟ وذكروا
الخمس، والخلاف قد تقدم ذكره، والشرط إنما هو حال الأداء، لا
وقت التحمل، يعني تطبيق الشروط التي ذكرها أهل العلم في الراوي
إنما هو حال الأداء، لا في حال التحمل، ولذا حديث جبير بن مطعم
تحمله حال كفره، وتلقاه الأئمة، وخرجوه في كتبهم في الصحيح، في
البخاري وغيره، وحال التحمل هو كافر، وأما بالنسبة لحال الأداء
فلا يقبل إلا مع توافر الشروط، وإذا صح هذا في السماع، وفي
العرض الذي هو القراءة على الشيخ فلئن يصح في الإجازة التي
مبناها على التيسير والتساهل من باب أولى.
(25/16)
يقول: والسابع، النوع السابع من أنواع
الإجازة، الإجازة لغير أهل حين الإجازة، يعني وقت التحمل للأخذ
عنه بطريق الإجازة، بالطريق الثالث من طرق التحمل "كافر أو
طفل" كافر أو فاسق أو مبتدع، أو أي شرط يختل به حاله، مما لا
يقبل معه حال الأداء، أو طفل غير مميز، هناك اشترط التمييز،
اشترطوا التمييز، لماذا؟ لأن مبنى السماع والعرض على الفهم لما
يقال ولما يسمع ليضبطه، أما هنا لمجرد إثبات اسمه في الطباق؛
ليروي فيما بعد؛ لأن الكتب والأسانيد والأجايز كلها مدونة، فلا
تحتاج إلى تمييز وقت الإجازة، هذا يقول: غير مميز تمييزاً يصح
أن يكون معه أن يعد معه سامعاً، يعني هناك في السماع والعرض
اشترطوا أن يكون المتحمل الآخذ مميزاً، وهنا لا يشترط التمييز
لأنه سوف يدون أسمه ضمن السامعين، ثم يؤدي بهذه الإجازة؛ لأنه
إذا اختلف في الإجازة للعموم، واختلف في الإجازة للمعدوم تبعاً
أو استقلالاً، فقبول الموجود وإن كان غير مميز أو مجنون من باب
أولى، ثم إذا ميز أو عقل المجنون يروي بهذه الإجازة، فإذا كان
بعض العلماء أجازوا بالإجازة العامة، ودخلوا في قول المجيز:
أجزت من قال: لا إله إلا الله فلئن يدخلوا في مثل هذه الإجازة
التي نص عليهم فيها من باب أولى.
غير مميز وذا الأخيرُ ... . . . . . . . . .
الإجازة للطفل.
. . . . . . . . . ... رأى أبو الطيب والجمهورُ
أي رآه صحيحاً مطلقاً القاضي أبو الطيب الطبري، وكذا رآه
الجمهور، فيما حكاه عنهم أبو طاهر السلفي، وقبله الخطيب
البغدادي، والقول الثاني هو القول بالبطلان كقول الإمام
الشافعي، قال:
ولم أجد في كافر نقلاً بلى ... . . . . . . . . .
يعني لم أجد في الإجازة للكافر نقلاً مع تصريحهم بصحة سماعه
"بلى" يعني نعم، هناك في حال السماع ما اختلفوا في سماع الكفار
وصحته، وهنا في حال الإجازة اختلفوا فيها، لماذا؟ لأنه في حال
السماع لا ينتظر موافقة أحد، يسمع ويضبط ويحفظ ثم بعد ذلك إن
أدى حال كفره رد عليه، وإن أدى بعد أن أسلم قبل منه، إذا توفرت
فيه الشروط، هنا الاختيار ما له، الاختيار للمجيز هل يجيز
الكافر وإلا ما يجيزه؟ الاختيار للمجيز، ثم قال:
(25/17)
"ولم أجد" في الإجازة "نقلاً" مع تصريحهم
بصحة سماعه "بلى" نعم، بحضرة الحافظ أبي الحجاج المزي،
. . . . . . . . . ... بحضرة المزي تترا فعلا
الحافظ أبي الحجاج المزي صاحب تهذيب الكمال، وصاحب تحفة
الأشراف من الحفاظ المعدودين من أئمة الإسلام في هذا الشأن في
القرن الثامن بحضرة الحافظ أبي الحجاج المزي، تترى أي
متتابعاً، يعني مراراً ليست مرة واحدة، فعلا، وأجازه الحافظ
المزي كإجازة الصوري لابن الديان اليهودي، المتطبب، ابن الديان
يهودي طبيب حضر عند الصوري، وأجيز، وممن أفتى بذلك شيخ الإسلام
ابن تيمية، كان هذا بحضرة الحافظ المزي أجازوه من باب التأليف،
وأن التحمل لا يشترط له الكمال، إنما اشتراط الكمال للأداء،
إضافة إلى أنه في العصور المتأخرة ما صار للرواية القيمة التي
كان لها قبل ذلك في وقت الرواية، إنما هي لمجرد إبقاء سلسلة
الإسناد، فيجاز اليهودي، يجاز الصبي المميز وغير المميز،
وأجازوا على العموم، وأجازوا للمعدوم، المقصود أنهم أجازوا
لهذا اليهودي، طبيب يهودي، وأقرب ما يكون مثل هذا إلى التأليف؛
لأنه لو منع من الإجازة لنفر من الإسلام والمسلمين، لكنه حضر
وأجيز عل الله -جل وعلا- أن يهديه، وبالفعل هداه الله فأسلم،
وصار يروي بهذه الإجازة.
ولم أجد في الحمل أيضاً نقلا ... وهو من المعدوم أولى فعلا
وكذا لم أجد في الإجازة، أو في إجازة الحمل، سواء نفخ فيه
الروح أو لم تنفح فيه الروح، عطف على أبويه أو أبيه أو لا،
يعني استقلالاً؛ لأنه تقدم في المعدوم أنه يعطف على أبويه،
أجزت لك ولولدك ما تناسلوا، ولحبل الحبلة مما لا يوجد فهو
معدوم، أجازه بعض العلماء عطفاً، ومنهم من أجازه استقلالاً،
أجزت لما يولد لفلان، أو ما سيولد لفلان، وإذا كان هذا في
المعدوم الذي لم يحمل به فلئن يجاز المحمول به –الحمل- من باب
أولى.
ولم أجد في الحمل أيضاً نقلا ... وهو من المعدوم أولى فعلا
وهو أي جواز الإجازة للحمل من جواز إجازة المعدوم أولى، فعلاً
يعني بلا شك؛ لأن هذا موجود، وتترتب عليه أحكام، وذاك معدوم لم
يخلق بعد، لم يحصل السبب في إيجاده بعد، فلا شك أنه أولى من
المعدوم ...
وللخطيب لم أجد من فعله ... . . . . . . . . .
(25/18)
ولم أجد، قال: "وللخطيب لم أجد من فعله"
قال: وللخطيب مما يتأيد به عدم النقل في الحمل، لم أجد من
شيوخي من فعله، يعني إجازة الحمل، لم أجد من فعله "قلت: " قد
"رأيت بعضهم قد سُئله" قلت: قد رأيت بعضهم، وهو الحافظ
العلائي، صلاح الدين "قد سُئله" أي الإذن للحمل، الإجازة للحمل
"مع أبويه" يعني تبعاً، حيث سُئل الإجازة لهما، ولحملهما، "مع
أبويه فأجاز" ولم يستثن الحمل؛ لأن الاستدعاء فيه الأبوان،
والحمل، فأجاز، ما قال: أجيز الأبوين دون الحمل "مع أبويه
فأجاز" ولم يستثن الحمل "ولعل" ولكن يمكن، لعل أن يقال يعني
التماس ولعل، لكن يمكن أن يقال: لعل الحافظ العلائي "ما
اصَّفَّح" ما اصفح يعني تصفح، ونظر في الاستدعاء المقدم إليه،
فلم يقف على الحمل، كأنه نظر، قيل له: هذه طلب إجازة من فلان،
وزوجته، ما نظر، وإذا بالإجازة فيها مكتوب: وللحمل، وما دقق
النظر فقال: أجزت، لعله ما اصفح، يعني ما تصفح، والإجازة مع
عدم التصفح سبق لنا أنها صحيحة؛ لأنه إذا صح في السماع، والعرض
أن الشيخ لا يلزمه أن ينظر في وجوه جميع الطلاب الذين يسمعون،
أو يسمع عليه حال سماع الكتاب عليه، ما يلزم أنه –والله- يقول:
فلان من هذا، ويتصفحهم، ويتأكد من أسمائهم، وأهليتهم، ما يلزم،
إذا سمعوا كل يؤدي، وعند الأداء ينظر المتأهل، وغير المتأهل
"فأجاز ولعل ما اصفح" تصفح نظر الأسماء:
. . . . . . . . . ... ما اصفح الأسماء فيها إذ فعل
الأسماء التي فيها -في الاستجازة- طلب الإجازة في الاستدعاء،
ما تصفح الأسماء "إذ فعل" أي حيث أجاز دون تصفح، وعلى كل حال،
وعلى أي حال:
وينبغي البناء على ما ذكروا ... هل يعلم الحمل؟ وهذا أظهر
(25/19)
يعني مسألة الإجازة الحمل مبنية على أنه هو
اللي يُعلم، أو لا يُعلم؟ إيش معنى يُعلم، وإلا ما يُعلم؟ يعني
هل تُعلم حقيقته؟ لا، هل يعامل معاملة المعلوم، أو يعامل
معاملة المجهول؟ هذا هو المقصود، وإلا فعلم الحمل خاص بالله
-جل وعلا-، ويعلم ما في الأرحام في خمس لا يعلمها إلا الله،
وينبغي -على كل حال- ينبغي البناء في القصر، أي بناء صحة
الإجازة له، بناء صحة الإجازة له "على ما ذكروا" أي الفقهاء من
أنه هل يعلم الحمل، أم لا؟ فإن قلنا: لا يعلم، كان كالمعدوم،
وإن قلنا يعلم كان كالموجود، ومعنى علم الحمل يعني معاملة
الحمل معاملة المعلوم، أو معاملة المعدوم، والفقهاء يقولون:
إنه من هذه الحيثية يُعلم، يعني أنه يعامل معاملة الموجود،
معاملة الموجود، ولا شك أنه موجود، بدليل أنه يزيد من قيمة
أمِّه، الجارية الحامل، والدابة الحامل لا شك أن قيمتها أكثر
من قيمتها بدونه، فهو يعامل معاملة الموجود المعلوم، لا معاملة
المعدوم، وهذا النماء يسمونه النماء المتصل، لكن إذا ولدته صار
نماءً منفصلاً، وأما بالنسبة لما في الأرحام هذا يُعلم سهل
العلم به واضح، ولذلك وضع عليه العلامات من عدم الحيض، وضع
عليه ما وجد في العِدَد التي يعلم بها براءة الرحم، وأما
بالنسبة لعلم العلم به، وكيفيته، وذكر أم أنثى؟ كامل أم ناقص؟
هذا علمه إلى الله -جل وعلا-، والأطباء بآلاتهم لما تقدم الطب
زعموا أنهم يعلمون ما في الأرحام من الأيام الأولى، وهذا ليس
بصحيح، أكثره ظنون، وتخبطات، لكن إذا عرفه الملك حينما يتم
الطور الثالث، وبعث إليه الملك، وأمر بكتب أربع كلمات، هذا
بالإمكان أن يعلم؛ لأنه خرج عن دائرة الغيب، خرج عن دائرة
الغيب.
وينبغي البناء على ما ذكروا ... . . . . . . . . .
يعني الفقهاء من أنه:
. . . . . . . . . ... هل يعلم الحمل؟ وهذا أظهر
يعني البناء على كونه يعلم، أو لا يعلم، فمن قال يعلم، قال:
تصح الإجازة له، يعني أنه يعامل معاملة الموجود، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه يعامل معاملة موجود، والذين يقولون: لا يعلم،
هؤلاء يعاملونه معاملة معدوم.
"والثامن" يعني النوع الثامن من أنواع الإجازة:
(25/20)
. . . الإذن بما سيحمله ... الشيخ والصحيح
أنا نبطله
الشيخ حينما يجيز يجيز مروياته، يجيز مروياته، لكن إذا أجاز
أحاديث لم يروها بعد، يقول: إذا حملتها، إذا رويتها أجزت لك أن
ترويها "والثامن" النوع الثامن أنواع الإجازة: الإذن في
الإجازة بمعدوم.
الأول: الإذن بالإجازة للمعدوم، إجازة المعدوم، تبعاً، أو
استقلالاً، وهنا الإجازة بالمعدوم، يعني بالمروي المعدوم الذي
لا يرويه الشيخ إلى الآن، يعني أجزت لك أن تروي مروياتي، وما
سأرويه، يعني ما سأرويه بعد "الإذن بما سيحمله" الإذن بما
سيحمله الشيخ المجيز من المروي مما لم يتحمله بعد، لم يتحمله
إلى الآن، يأتي المستجيز فيطلب من الشيخ المسنِد مروياته،
يقول: والله أنا ما عندي إلا الكتب الستة أجيزك إياها، قال:
أجزني –أيضاً- بالستة، والمسند، والموطأ، وبقية الكتب، ويحدد
له كتب قال: إن رويتها فيما بعد لما أجي مرة ثانية، أصير
انتهيت من المشوار الثاني، هذا معنى "ما سيحمله" يعني فيما
بعد، يعني إن رويته فيما بعد فأنت ترويه عني كمروياتي "الإذن
بما سيحمله الشيخ" يعني المجيز من المروي مما لم يتحمله،
والصحيح بل الصواب "والصحيح أنا نبطله" يعني هذا النوع باطل،
بل الصواب كما قال النووي، وسبقه عياض: أنا نبطله.
ولم يفصلوا بين المعطوف، وغيره، لم يفصلوا بين المعطوف، وغيره،
الذين أبطلوه لم يفصلوا بين أن يقول المجيز: أجزتك ما أرويه،
يعني مروياتي الموجودة الآن حال الإجازة، وما سأرويه، ما أرويه
الآن، أجيزك مروياتي، وما سأرويه؛ لأن الشيخ يعني احتمال أن
يزيد في مروياته فيما بعد، ولا على جهة الاستقلال حيث يقول:
أجزتك بما سأرويه، لا تبعاً، ولا استقلالاً، ولم يستفصلوا،
يقول:
وبعض عصري عياض بذله ... . . . . . . . . .
يعني قد بذله، أي أعطى من سأله ما يرويه، وما سيرويه،
. . . . . . . . . ... وابن مغيث لم يجب من سأله
(25/21)
"ابن مغيث" اسمه يونس بن مغيث القرطبي "لم
يجب من سأله" سأله شخص، فقال: أجزني بما ترويه، وما سترويه فلم
يجبه، فغضب السائل، غضب، فكان الجواب كيف يعطي الشيخ ما لم
يأخذ؟! كيف يعطي ما لم يأخذ؟! يعني هذا مثل بيع ما لا يملك،
بيع ما لا يملك، يعني كأن تأتي إلى شخص ليست له رواية أصلاً،
ثم تقول: أجزني، أجيزك إيش؟ ما عند الشيخ إجازات أبداً، ولا
روايات، فكيف يجيزه، فالذي لا يوجد في مرويات الشيخ حكمه حكم
هذا، حكم الشيخ الذي ليست له رواية، كيف يجيزك، ويعطيك ما لم
يأخذ، وما لم يملك بعد؟! يعني نظير لو جئت إلى تاجر من التجار،
فقلت له: بعني السلعة الفلانية، فقال: ما عندي، قال: أمرها سهل
تذهب إلى السوق، وتشتري، وأنت أيها الشيخ تذهب إلى الشيوخ،
ويقدرونك، ويجيزونك، أنا لو رحت لهم طردوني، يعني الشباب
يقولون هذا الكلام، فالشيخ يقول: لا أستطيع أن أجيزك بما لم
أتحمله، وليست لي به رواية، التاجر –أيضاً- إذا كان من أهل
التحري يقول: كيف أبيعك سلعة، وأنا لم أملكها بعد، والنبي
-عليه الصلاة والسلام- قال لحكيم ابن حزام: ((لا تبع ما ليس
عندك))، يقول: يا أخي أنت عندك دراهم، والسلع موجودة، بعني
الآن، وأنت تصرف إذا ذهبت وجدت، هذا لا يجوز بحال؛ لأن هذا بيع
ما لا يملك، وهذه إجازة ما لا يملك، والتنظير مطابق، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(25/22)
البيع ظاهر، كونه لا يجوز أن يبيع عليه ما
لا يملك، وإن كان وجوده في السوق وجود كثرة، يعني مضمون،
يقولون: مضمون أنه موجود في الأسواق، لكن مع ذلك لا يجوز أن
يبيع ما لا يملك، وهذا –أيضاً- يجيز ما لا يملك، يعني أصل
الإجازة، أصل الإجازة فيها ضعف، يعني لو جاء شخص قال: أريد أن
أُسمع عليك صحيح البخاري، قال: ويش تستفيد؟ هو لا يريد أن
يستفيد علم من قراءته لصحيح البخاري، وإنما يريد أن يستفيد
اتصال الرواية، يقول: أنا والله ما عندي رواية في صحيح
البخاري، أنا لا أروي لصحيح البخاري بالرواية، قال: لا، أنت
احتمال إذا طلبت من أي شيخ إجازة أعطاك، لكن أنا ما يعطوني
إجازة، فأرويك إذا أعطيت إجازة، هذا الكلام ما هو بصحيح،
الإجازة على ما تقدم فيها ضعف، وفي الاستدلال لصحتها غموض إذا
كانت من أهل لمعلومٍ أهل بمعلوم مروي، هذه كلها إذا اجتبرت هذه
الأمور في أصلها ضعف، وفيها خلاف قوي، وإن كان العمل استقر
عليها، فكيف إذا توسعنا مثل هذا التوسع، إجازة عامة لمن قال:
لا إله إلا الله، وإجازة لمعدوم، وإجازة لحمل، وإجازة ما لم
يتحمله المجيز، هذه كلها زيادة في ضعفها.
وبعض عصري عياض بذله ... . . . . . . . . .
يعني قد بذله لمن، أي أعطى من سأله، لكن يونس بن مغيث القرطبي
لم يجب من سأله، فغضب السائل، فقيل له: كيف يعطي ما لم يرو.
وإن يقل: أجزته ما صح له ... أو سيصح فصحيح عمِله
(25/23)
إما أن يقول الشيخ: "أجزته ما صح له" الشيخ
يجيز ما صح له من مروياته حال الإجازة، أو سيصح بعدها، فذاك
صحيح عمله "فصحيح عمِله الدارقطني" عمله الدارقطني، أو قد عمله
الإمام الحافظ الدارقطني، إذا كان الشيخ كثير المرويات، كثير
المرويات، والشيخ ما عنده فهرست، ما دون الكتب التي يرويها
بفهرست ثبت، نعم، ما دونها، فقال: نعم أنا عندي مرويات كثيرة
منها الكتب الستة، ومسند فلان، وفلان وفلان، ومصنف فلان، وموطأ
كذا، وما أدري إيش؟ هذه أنا أذكر أنها لي بها رواية أجزتك
إياها، وما سيصح يعني، إيش معنى سيصح؟ يعني أتذكره، كل كتاب
أتذكره أن لي به رواية وقت الإجازة فأنت مجاز به، يعني ما صح
الآن وقت الإجازة، وما سيصح أني قد حملته فيما بعد، أنت مجاز
به، والفرق بين الصورتين أن هذا موجود، لكنه عازب عن ذهن، أو
عن ذكر المجيز، وذاك معدوم يعرف المجيز أنه ليس من روايته،
وأما هذا يعرف أنه من روايته لا على التفصيل، لا على الإجمال.
(25/24)
"فصحيح" يعني فذاك صحيح، وقد عمله الإمام
الحافظ "الدارقطني وسواه" من الأئمة الحفاظ سواءٌ جمع بين
اللفظين، أو اقتصر على قوله: صح، وحذف قوله: يصح، يعني بعدها،
يعني ما صح، أجزتك ما صح، يكفي، سواءٌ كان ما هو معلوم، أو ما
يؤول فيما بعد إلى العلم، يستوي ذلك ما كان معلوم وقت الإجازة،
أو ما سيؤول إلى العلم أنه من مروياته قبل هذه الإجازة "جاز
الكل حيثما عرف" جاز الكل حيثما عرف الطالب حالة الأداء أنه
مما تحمله شيخه قبل صدور الإجازة "جاز الكل حيثما عرف" يعني
كلما عرفه الطالب أنه من مرويات الشيخ يرويه بهذه الإجازة، ولو
لم يحصل المعرفة بها دفعة واحدة، يعني كأن يكون الشيخ مثلاً
سُرقت كتبه، عنده مروياته كثيرة جداً لا يحيط بها، فسرقت، كلها
مدونة في كتب، وعليها السماعات، سرقت هذه الكتب، قال: أجزتك
بما صح عندك من مروياتي، الآن أنا أذكر مائة كتاب، لكن غيره ما
أذكر، فصار هذا المجاز يروي ما يذكره الشيخ، هذا ما فيه إشكال،
ثم زار البلد الفلاني، فوجد من مرويات الشيخ التي عليها سماعه
مما لا يذكره الشيخ وقت الإجازة، هذا صح عنده أنه من مروياته،
يروي، وإلا ما يروي؟ يروي، ثم بعد مدة وجد زار واحد من أهل
العلم، ووجد عنده مجموعة من الكتب عليها سماع ذلك الشيخ،
فأضافها إلى مرويات الشيخ، فيصح أن يرويه عنه، وهكذا، وهذا
متصور، هذا متصور لا سيما في المكثرين، في المكثرين الذين
يجازون بالجملة، بالكثرة.
"والتاسع" يعني النوع التاسع من أنواع الإجازة:
. . . . . . . . . الإذن بما أجيزا ... لشيخه فقيل: لن يجوزا
"والتاسع" النوع التاسع من أنواع الإجازة: "الإذن" يعني
الإجازة الإذن بالرواية، "بما أجيز لشيخه" المجيز خاصة، كأن
يقول: أجزت لك مجازاتي، أو أجزت لك رواية ما أجيز لي، يعني
إجازة على إجازة، إجازة على إجازة.
(25/25)
الإجازة في أصلها ضعف، ثم إذا تركبت
الإجازة على إجازة أخرى زاد الضعف، ثم إذا كان الطالب يروي
بإجازة عن شيخه الذي يروي عن شيخه بإجازة، عن شيخه الذي يروي
عن شيخه بإجازة كلما لا تزداد ضعف إذا كثرت الأجايز، لكن
الإجازة معتمدة على سماع للشيخ من شيخه فيها قوة، والسماع
معتمد على عرض فيه قوة، لكن إجازة على إجازة على إجازة على
إجازة هذا فيه ضعف.
قال:
والتاسع الإذن بما أجيزا ... لشيخه فقيل: لن يجوزا
يعني هذا النوع اختلف فيه، فقيل: كما قال ابن الأنماطي: إنه لن
يجوز، يعني مطلقاً، وصنف فيه جزءاً، والسبب في ذلك أن الرواية
بالإجازة ضعيفة، والاستدلال لصحتها غموض، عامة أهل العلم
تتابعوا على الرواية بها، والسبب المشقة التي لحقت أهل العلم
بعد عصور الرواية، أيضاً ضعف أثر الرواية، واتصال الإسناد
جعلهم يتسمحون، لكن في أصلها ضعف، وفي الاستدلال لصحتها غموض
كما تقدم، فإذا تركتب إجازة على إجازة نعم، ازداد الضعف، ازداد
الضعف، لكن لو تصورنا أن إنساناً دخل كلية شرعية، التنظير غير
مطابق من كل وجه، لكن فيه مطابقة.
(25/26)
دخل مدرس التفسير، والطلاب جاءوا، يعني مثل
ما يحصل الآن، يأتي بعض الطلاب إلى الكليات الشرعية وهم
متأهلون، لا سيما المتميز منهم من طلاب المعاهد العلمية متأهل،
فقد يكون الذي درسه التفسير في المعهد أفضل ممن سيدرسه في
الكلية، يوجد هذا صح، وإلا لا؟ نعم هذا لمسناه، أو درسه الفقه
أفضل من الذي، أو أدق من الذي درسه في الكلية، وهكذا؛ لأنه لا
يعني أنه هذا يدرس في الجامعة في الكلية، وهذا يدرس في المعهد
أن هذا أجود من هذا، ما يلزم، ما يلزم هذا، المقصود أنه دخل
مدرس التفسير، فإذا فيه أقل من الذي درسه قبل، ثم جاء مدرس في
الحديث، فإذا به بارع، ثم جاء مدرس الفقه، وإذا به متوسط، ثم
جاء مدرس العربية، فإذا به إمام، وهكذا يأتي، ويأتي، هذه يشيل
بعضهم بعض، لكن إذا كانوا كلهم ضعاف؛ فكيف النظرة إلى هذا
المرفق، هذا المحضن الشرعي لطلاب العلم؟ لا شك أنهم يتضاعفون،
ويتساهلون بهذا العلم، هكذا إذا كانت طريقة التحمل كلها ضعيفة
من شيخ إلى شيخ إلى شيخ، كلهم ضعاف، وطريقتهم ضعيفة، هذه
–أيضاً- لا يتشرف طالب العلم بحمل الإسناد الذي هذا وضعه، لكن
إذا كان هذا الضعيف روى بإجازة، والذي بعده روى بأقوى طرق
التحمل بسماع، والثاني روى بعرض، يعني بعضها يجبر بعضاً.
"فقيل: لن يجوزا وردً" يعني لكن قد رد هذا القول، حتى قال ابن
الصلاح: إنه قول من لا يعتد به من المتأخرين، لا يعتد به من
المتأخرين "ورد والصحيح" الذي عليه العمل:
. . . . . . . . . والصحيح الاعتماد ... عليه قد جوزه النقاد
(25/27)
عليه أي على الإجازة بما أجيز الشيخ، بل
بما أجيز شيخه، فيجتمع ثلاث أجايز على نسق، وقد يجتمع أكثر من
ذلك على ما سيأتي "قد جوزه النقاد" منهم "أبو نعيم" الحافظ
الأصبهاني، فقال: الإجازة على الإجازة قوية جائزة، يعني الفرق
بين المثال الذي ذكرته، المثال الذي ذكرته، والأقرب للتنظير أن
يأخذ العلم عن شيخ ضعيف، وشيخه ضعيف، وشيخه ضعيف الثالث،
والرابع ضعيف، والخامس ضعيف، لكن لو أخذ عن شيخ في فهمه قصور،
يعني ما هو ببارع في بابه، لكن حافظته جيده ينقل عن شيخه الذي
عنده قوة، وتميز في التحصيل، هذه نعم فيها ضعف، ثم قوة، ضعف ثم
قوة، وهكذا يجبر بعضها بعضاً، عندنا أبو نعيم الحافظ يقول:
الإجازة على الإجازة قوية، ما دام صححنا الإجازة، صححنا
الرواية بالإجازة، فلماذا لا نصحح الإجازة الثانية، صححنا
الأولى؛ صححنا الثانية، صححنا الثانية، نصحح الثالثة، فالتفريق
بين الأولى، والثانية، هذا تفريق بغير مبرر، فإذا أجيزت
الإجازة جاز، ولو استمر الإسناد كله إجازات، فقال: الإجازة على
الإجازة جائزة.
"وكذا ابن عُقْدة" أبو العباس أحمد بن محمد بن عقدة، لكنه
أجازها في المعطوف خاصة، أجازها في المعطوف خاصة، إيش معنى
المعطوف؟ أجازها على المعطوف على المسموع، أجازها في المعطوف
على المسموع، يقول: أجزتك مسموعاتي، أجزتك مروياتي، ومجازاتي،
لا يجيزه بالإجازات فقط، وإنما يجيزه بمسموعاته، ومجازاته
"والدارقطني" الإمام الحافظ أبو الحسن، الإمام الدارقطني
–أيضاً- جوزه، والدارقطني والفقيه الزاهد "نصر" المقدسي "بعده"
أي بعد الدارقطني، بل أبو الفضل ابن طاهر نقل الاتفاق على صحة
الرواية بالإجازة على الإجازة، نقل الاتفاق على صحة الرواية
بالإجازة على الإجازة، قال:
. . . . . . . . . ... والدارقطني ونصر بعده
(25/28)
نصر المقدسي "والى ثلاثاً" لم يقتصر على
إجازتين "والى ثلاثاً" يعني تابع ثلاث إجازات بعضها عن بعض،
يقول: أنبأنا فلان، قال: أنبأنا فلان، قال: أنبأنا فلان،
إجازات، وبعد أن استعملت "عن" في الزمن المتأخر في الإجازة
يقول: عن فلان، عن فلان، عن فلان، وكلها إجازات، أو أجازني
فلان، قال: أجازني فلان، أجازني فلان، إلى آخره، والى ثلاثاً
من الأجايز، والى ثلاثاً ببعضهم عن بعض "بإجازة" قال المصنف
الحافظ العراقي الناظم في شرحه: وقد رأيت غير واحد من الأئمة،
والمحدثين زادوا على ذلك:
. . . . . . . . . وقد ... رأيت من والى بخمس يعتمد
يعني من الأئمة، والى بخمس أجائز، وهو الحافظ قطب الدين
الحلبي، إذا أجيزت الإجازة فلا مانع أن تستمر، ولا يكفي خمس،
ولا عشر، يعني الأسانيد التي يروى بها في هذه الدهور، في هذه
العصور قد يكون فيها أكثر من خمس عشرة إجازة، خمس عشرة إجازة،
يعني إذا وجد خمسة عشر راوٍ بيننا، وبين البخاري، فكلهم يروون
بإجازة بعضهم عن بعض، نعم من يروي عن البخاري مثل الفربلي،
ومثل الرواة المعتمدين القدامى، يروون بالعرض على الشيخ، لكن
بعدهم صعب العرض على الشيوخ، كثرة الجموع، فاكتفي بالإجازات.
. . . . . . . . . وقد ... رأيت من والى بخمس يعتمد
عرفنا أنه القطب الحلبي.
وينبغي تأمل الإجازة ... . . . . . . . . .
"وينبغي" حيث تقررت الصحة "تأمل" كيفية "الإجازة" الصادرة من
شيخ شيخه لشيخه، ينظر:
وينبغي تأمل الإجازة ... فحيث شيخ شيخه أجازه
"أجازه" أي أجاز شيخه بلفظ "أجزته" ما صح لديه، يعني:
بلفظ ما صح لديه لم يخط ... . . . . . . . . .
يعني لم يتخط، لم يخط يعني لم يتخط، ولم يتعد، إذا قال الشيخ
المجيز: أجزته ما صح لديه، فإنه حينئذٍ لا يتعدى المجاز، وينظر
في إجازة شيخ شيخه لشيخه؛ لأنه قد يظنه أجازه بعموم مروياته،
ويوجد هناك قيد، يوجد هناك قيد لا بد أن يتفطن له، وعلى هذا من
أجيز عليه أن يضبط إجازة شيخه، شيخ شيخه لشيخه؛ لأنه قد يكون
فيها استثناء، أو فيها شرط لا ينطبق عليه.
بلفظ ما صح لديه لم يخط ... . . . . . . . . .
يعني لم يتعد، لم يتعد الراوي:
. . . . . . . . . ... ما صح عند شيخه منه فقط
(25/29)
"ما صح" أي الذي صح شيخه منه من مروي
المجيز فقط؛ لأنه قد يكون هناك قيد يخرج بعض الكتب، وهناك قيد
يخرج بعض الرواة، فيتأكد من إجازة شيخه؛ لأنه إذا كان هناك
قيد، إذا كان شيخ الشيخ أجاز، وذكر في إجازته شرط يخرج هذا
الراوي عنه، فإنه لا تصح الرواية عنه بواسطة هذا الشيخ الذي
وجد القيد الذي يخرجه، أو بعض المرويات قد يكون فيه استثناء
لبعض الكتب، والحافظ ابن حجر أجاز رواية ذم الكلام للهروي،
واستثنى بعض الأبواب، استثنى بعض الأبواب، التي له عليها فيها
ملاحظة، له عليها فيها ملاحظة، فالذي يظن أن الحافظ أجاز أن
يروى عنه ذم الكلام، ولم يعرف هذه الأبواب لا بد أن يقع في
رواية ما لم يروَّ.
(25/30)
قد يكون الكتاب فيه فوت من الشيخ العاشر
مثلاً، فيقول الشيخ العاشر: سمعت الكتاب على الشيخ فلان، إلا
أحاديث من كتاب المناسك، وأحاديث من كتاب الحدود مثلاً، ثم هذا
الشيخ يجيز رواية الكتاب لمن يطلب الإجازة، وبين في إجازته هذا
الفوت، ثم الشيخ يجيز رواية هذا الكتاب، ثم الشيخ يجيز الذي لا
يعرف الإجازة الأولى، وأن فيها فوت، يظن أن الكتاب كامل، مجاز
به كاملاً، فيرويه، وفيه هذا الخرم، فلا بد من أن يتأمل
الإجازة، وهذا ظاهر، يعني تأمل الإجازة؛ لأن بعض الشيوخ ثبته
مجلد، خمسمائة صفحة، نعم هذا موجود، الفهارس، والأثبات كبيرة
جداً، لا سيما عند المتأخرين الذين لهم عناية بالروايات، فتجده
–أحياناً- إذا ذكر كتاب من الكتب، قال: فاتني منه شيء يسير من
قراءته على الشيخ، أو من سماعه، يعني يتخلف الطالب، يعني في
وقت الدرس قد يتخلف، يمرض، فيفوته أحاديث قرئت على الشيخ، وهو
غير حاضر، فينبه على هذا أنه فاتني منه أحاديث من باب كذا،
وأحاديث من باب كذا، والروايات معروفة يعني، طريقة الرواية عند
أهل العلم معروفة، يعني رواية الجلودي مثلاً في صحيح مسلم،
فيها فوت يسير، ورواية فلان في صحيح البخاري فيها فوت، وأحاديث
يسيرة، المقصود أن مثل هذا لا بد من تصفحه، يعني الإنسان إذا
أجيز، إذا أجازه الشيخ المسند من أهل عصره، والإجازات كما
تشوفون بعضها في خمسمائة صفحة، تحوي بالتفصيل مرويات الشيخ،
فيبين في هذه الأمور، وهذا الطالب أخذ الثبت، ورماه، عنده
حفظه، حفظه عنده، وقال: خلاص أنا أروي عن الشيخ كل مروياته،
وقد نص الشيخ أن مروياته على سبيل الإجمال، يعدد الكتب، ثم
يفصلها، يقرأ هذا الإجمال، ولا يقرأ التفصيل، فلا بد من تصفح
هذه الأثبات، وهذه الفهارس لينظر هل فيها فوت لا تصح روايته؟
أو ليس فيها فوت؟ ولذا قال:
وينبغي تأمل الإجازة ... . . . . . . . . .
(25/31)
ثم بعد هذا، بعد أن أنهى الكلام على
الإجازة، وأنواع الإجازة التسعة، ذكر لفظ الإجازة بكيفية
اللفظ، كيف يقول المجيز؟ وشرطه، لفظ الإجازة، وشرطها في
المجيز، والمجاز، واشتراط النية لمن كتب، يعني كتب إجازة
لفلان، قالوا: الكتابة تحتاج إلى نية، نية الأجازة، وإن كانت
صريحة في المطلوب إلا أنها، أما بالنسبة للفظ فهذا ما يحتاج
إلى نية، إذا قال: أجزتك أن تروي عني صحيح البخاري، هذا لا
يحتاج إلى نية، لكن إذا كتب: أجزت فلاناً، قال: أنا –والله- ما
قصدت؛ لأن بعض الناس كثير الكتابة، أنتم ترون إذا دخلتم بيت
شخص، أو حتى من معكم في البيت تجد الناس يتفاوتون، هؤلاء الذين
سكنوا البيت يتفاوتون، واحد يكتب على كل شيء، يأخذ كرتون
المناديل، ويكتب، ويأخذ ما يأخذ يكتب، تجد كل أي ورقة تقع في
يده يكتب عليها، لو يوقع توقيع، أو يكتب أشياء، ثم بعد ذلك
يكتب يجرب القلم مثلاً، أجزت فلاناً، أو بعت على فلان، أو فعلت
فلان، أو كذا، المهم من كثر ما يكتب تجده مثلاً يجرب القلم بأي
لفظ قد يلزمه، لكن لا بد من النية في هذا، وشخص لا يقرأ، ولا
يكتب، فقال لشخص اكتب اسمي رباعي، فكتب له اسمه، فصار يقلده،
يكتبه على كل شيء، يكتب اسمه، فتقدم لعمل جهة من الجهات، يعني
في أول الأمر ما كان هناك شهادات تذكر، الشهادات فيها شح،
فالجهة قالوا: تعرف تكتب؟ قال: إي نعم، قالوا: إيش تكتب؟ قال:
أكتب اللي تبون، قالوا: اكتب اسمك؟ فكتب اسمه رباعي من كثر ما
يردده، فاقتنعوا به، فأقول: إن بعض الناس يكتب كل شيء، وإذا
كان بعد عامل في محل، وإلا شيء، وعنده أوراق، وعنده أقلام،
وقدامه أشياء مكتوبة؛ تجده يقلدها بكثرة، فبعض الناس مجبول على
مثل هذا، فإذا كتب من غير نية هذا لا تصح الإجازة، لا تصح
الإجازة، فلا بد من النية، وسيأتي الحديث عنها، على كل حال
الترجمة معقودة للفظ الإجازة كيف يقول؟ وماذا يشترط لها؟
(25/32)
وكان الأنسب في لفظ الإجازة أن يقدم عليه،
يعني في أول الباب، نعم في أول باب الإجازة؛ لأن لفظ الإجازة
هو من تعريفها، وما يتعلق بالتعريف، يعني الإجازة مثلاً، ثم
الإجازة للسماع هذا حكمها، أما تعريفها ما جاء به الناظم، ما
جاء به الناظم، إنما جاء بتعريف كل الأنواع التسعة، واكتفى عن
التعريف الإجمالي للإجازة، فالأصل أن يأتي بتعريفها لغة،
واصطلاحاً، وكيف يلفظ بها؟ كيف يتلفظ بها؟ فاللفظ ينبغي الأنسب
أن يورد قبل أنواعها.
"أجزته ابن فارس"
"أجزته" ابن فارس قد نقله ... وإنما المعروف "قد أجزت له"
يعني لفظها "أجزته" أي الطالب مسموعاتي، أو مروياتي متعدياً
بنفسه، يعني ما يحتاج إلى أن يعدى بالحرف، ولذا قال: أجزته،
هكذا قال ابن فارس، ابن فارس، أبو الحسين ابن فارس اللغوي
المشهور، صاحب المقاييس، صاحب المجمل، المقصود أنه من مشاهير
أئمة اللغة، قد نقله أي تعدية لفظ الإجازة بنفسه دون حرف، ما
يحتاج أن يقول: أجزت له، يكفي أن يقول: أجزته، كتاب سماه "مآخذ
العلم" هذا الكتاب فيه الكلام على الإجازة، وأنها يجوز أن
يقول: أجزته أخذاً من جواز الماء، جواز الماء الذي هو عبوره من
مكان، وانتقاله إلى آخر؛ لأنه سبق في تعريفها لغة أنها مأخوذة
من العبور، والجواز، فإذا جاز الماء القنطرة، وتعدى من مكان
إلى مكان صح تعديته بدون حرف، أخذاً من جواز الماء الذي يسقاه
المال من الماشية، والزرع، تقول: استجزت فلان فأجازني إذا سقاك
ماءاً لأرضك، أو ماشيتك، بدون حرف.
(25/33)
قال ابن الصلاح: وإنما المعروف لغة،
واصطلاحاً "قد أجزت له رواية مروياتي" متعدياً بالحرف، متعدياً
بالحرف، أجزت لفلان، ولذا المجاز يقال: المجاز له، كما أن
المجاز به يقال: مجاز به، وإذا حصل الإجمال في المتعلق لا بد
من بيانه، فإذا قلت: مجاز، هذا مجاز، فلا يدرى من المجاز، هل
هو المجاز له طالب الإجازة، أو المجاز به؟ فإذا حصل مثل هذا
الإجمال لا بد من بيان المتعلق الذي يحدد، يعني إذا قيل: مجاز،
إيش معنى مجاز؟ هل هو مجاز له، يعني شخص طلب الإجازة فأجيز، أو
هو كتاب مجاز به؟ فمادام هذا التردد موجود؛ فلا بد من ذكر
المتعلق الذي يعين المراد هذا بالنسبة للفظ، وأما شرط صحتها؛
لأنه قال: لفظ الإجازة وشرطها، وأما شرط صحتها، فقال ابن
الصلاح: إنما تستحسن الإجازة من عالم به، ومن أجازه، وإنما
تستحسن الإجازة من عالم به، يعني المجاز، ومن أجازه أي والحال
أن المجاز له طالب علم، يعني من أهله، والوليد ذا ذكر، الوليد
بن بكر الغمري، صاحب كتاب "الوجازة في صحة العمل بالإجازة" أي
نقل في كتابه الوجازة عن إمامه مالك بن أنس شرطاً فيها.
الآن هذا المؤلف يقول: وشرطها، والوليد بن بكر الغمري ذكر في
كتابه "الوجازه في صحة القول والعمل بالإجازة" عن مالك أنه
يُشترط أن يكون المجاز طالب علم، ومن أجازه طالب علم أي من أهل
العلم، والمؤلف يقول:
وإنما تستحسن الإجازة ... من عالم به ومن أجازه
طالب علم. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .
(25/34)
الفرق بين الاستحسان، وبين الاشتراط، نعم
يعني مثل ما يعبر عن بعض الأشياء يقال: شرط كمال، ما فيه تنافر
بين المضاف، والمضاف إليه، شرط كمال ما في تنافر، ما الذي
يقتضيه شرط، وما الذي يقتضيه الكمال؟ متفقان، وإلا متنافران؟
في تعريف حد الشرط، وتعريف الكمال، يعني عندنا، عندنا ضرورات،
وحاجيات، وتحسينات، كماليات، ضرورات، حاجيات، تحسينات،
كماليات، كيف أقول بأن هذا التحسين وهذا الكمال في مقام
الضرورة الشرط، الذي لا يصح العمل إلا به، يعني ما في تنافر
بين اللفظين؟ ويش مقتضى الشرط؟ الشرط أن العمل لا يصح بدونه،
ومقتضى الكمال أن العمل يصح بدونه، بل قد لا يأثم من لا يأتي
بهذا الكمال، ظاهر، وإلا ما هو بظاهر؟ نعم.
المقصود أنهم حينما يقولون هذا العمل في هذا الفعل، هذا العمل
في هذا الفعل شرط، إيش مقتضى الشرط؟ أنه لا يصح إلا به.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نأتي إلى شروط الصلاة مثلاً، الإسلام تصح بدونه، نعم، طيب،
التمييز شرط صحة، البلوغ شرط وجوب، التكليف شرط وجوب، الآن
الشرط في الأصل -يعني دعنا من التفريعات- في الأصل الشرط،
الشرط في حق الصغير التمييز بحيث لا يصح منه إلا .. ، بغض
النظر عن العامل نفسه النظر إلى العمل، احنا ما ننظر إلى عامل،
ننظر إلى عمل، العامل تتفاوت الشروط بحسبه إن كان صغيراً
اشترطنا التمييز، إن كان مكلفاً اشترطنا التكليف لوجوب العمل،
لكن الأصل في جملة الشرط يعني عندنا أركان، وعندنا شروط،
وعندنا واجبات، وعندنا سنن، لجميع الأعمال، فهل نقارن الشرط
بالسنة باعتبار العمل، لا باعتبار العامل، باعتبار العمل لا
نستطيع أن نقارن، اشتراط ما يُشترط للعمل بما يستحب له، نعم،
هل نقول إن الوضوء بالنسبة للصلاة، وهو شرط فيها مثل ما يستحب
لها؟ نعم، مثل رفع اليدين مثلاً، هذا يستحسن، وهذا يشترط، إذن
بين الكلمتين تنافرن، وإلا ما استطعنا أن نميز بين الشرط،
والواجب، والركن، والمستحب، الشيخ يقول:
وإنما تستحسن الإجازة ... . . . . . . . . .
كيف؟ وابن الصلاح يقول: شرط صحتها.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(25/35)
الكلام في شرطها، هو يقول شرطها، وابن
الصلاح يقول: أما شرط صحتها الذي يرتبط بالترجمة، فقال ابن
الصلاح: إنما تستحسن الإجازة، يعني ما معكم الشرح؟ ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه يقول هذا الكلام على شرطها "إنما تستحسن الإجازة" لا شك أن
هذا فيه شيء من التنافر:
وإنما تستحسن الإجازة ... من عالم به. . . . . . . . .
أي بالمجاز "ومن أجازه طالب علم" يعني من أهل العلم "والوليد"
يعني ابن بكر الغمري "ذا ذكر" يعني هذا، ذكر أي نقل في كتابه
الوجازة "عن مالك" إمامه، مالك بن أنس "شرطاً" فيها، يعني إن
كان عالماً، هذا شرط، عالم، طيب العلم يتفاوت، هل المراد
بالعلم بالمجاز به إجمالاً، أو تفصيلاً، يعني المجاز طالب علم،
والمجيز عالم، وكلاهما يشترك في صفة العلم بالمجاز به إجمالاً؛
لأن الإجازة إذن بالرواية يفيد، يفيد الإذن، يفيد الرواية
إجمالاً، ما هو يفيد تفصيلاً، هل نقول: إن المجيز لا بد أن
يكون على معرفة بصحيح البخاري حينما أجازه تفصيلاً، والمجاز
يشترط أن يكون على معرفة بما في صحيح البخاري؟ لا، لا يلزم،
إنما المقصود العلم، والمعرفة الإجمالية بحيث لا يلتبس بغيره،
وعن الحافظ أبي عمر بن عبد البر، يقول:
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . وعن أبي عمر
أن الصحيح أنها لا تقبل ... إلا لماهر. . . . . . . . .
"وعن أبي عمر" يعني ابن عبد البر "أن الصحيح أنها" يعني
الإجازة "لا تقبل إلا لماهر" بالصناعة حاذق فيها، إلا لماهر
بالصناعة يعني حاذق فيها "وما لا يشكل" يعني وحاذق –أيضاً-
فيما لا يشكل، يعني عارف فيما لا يشكل إسناده، يعني، نعم، وما
لا يشكل.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
عندك مفتوحة:
. . . . . . . . . ... إلا لماهر وما لا يشكل
(25/36)
إسناده، أو لا يُشكَلُ، الأصل أنها لو كانت
يُشكِل ما نحتاج إلى "لا"، أن يكون عارفاً بما يُشكِل، نعم
يعني إذا قلنا يُشكِل بكسر الكاف ما نحتاج إلى لا، إلا إذا
قلنا: إن الإجازة مع هذا الشرط، أنه لا بد أن يكون عارفاً أقل
الأحوال بغير المشكلات، أما أن يكون جاهلاً بكل شيء المشكل،
وما لا يشكل؛ هذا لا يصلح أن يجاز، يعني نشترط أدنى مراتب
العلم، أقل الأحوال الذي ما فيه إشكال "وما لا يُشكِل" وهذا
وجه الكسر، وأما على ضبطها بفتح الكاف "يُشكَل" فالحروف إذا
كانت مغفلة عن الشكل نعم يستطيع أن يميز هاذ المجاز بين
عَبِيدَة، وعُبَيدة يستطيع أن يميز، وإذا لم نضبط "ابن
لَهِيعَة" نطقها بالفتح، يعني اعرف ما لا يشكل، وهذا مقتضى
كونه ماهراً بالصناعة، أن يعرف الحروف، وإن لم تُشكَل، أما إذا
قلنا: "وما لا يُشكِل" اشترطنا أدنى قدر للمعرفة، أنه أقل
الأحوال الأمور غير المشكلة، وأما الأمور المشكلة فلو
اشترطناها لتعذر الرواية بالإجازة، فهذا صحيح، وهذا صحيح
"واللفظ" يعني بالإجازة "إن تجز" أيها المحدث "بكتب" يعني بأن
تجمع بين اللفظ، والكتابة "أحسن" وأولى "أو دون" يعني بكتب
"دون لفظ" يعني مجرد كتابة "فانو" الإجازة "وهو" أي هذا الصنيع
"أدون" أي من الإجازة الملفوظ بها في المرتبة، يعني إن كتبها،
ولم ينوها؛ فالظاهر عدم الصحة، فالظاهر عدم الصحة.
المقصود في قول المؤلف:
واللفظ أن تجز بكتب أحسن ... أو دون لفظ فانو وهو. . . . . . .
. .
دون الأول، يعني تكتب فقط دون لفظ، هذا دون الأول، ومنهم من
يقول: إن الظاهر عدم صحتها إذا لم تكن هناك نية.
(25/37)
|