التلخيص الحبير ط العلمية - مقدمة المؤلف
...
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ1 مُخْرِجِ الْحَيِّ مِنْ الْمَيِّتِ
وَمُخْرِجِ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ الْعَلِيمِ بِمَا
تُخْفِي الصُّدُورُ وَتُبْدِيه مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
أَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَأَعُوذُ بِهِ فِي أَدَاءِ
شُكْرِهَا مِنْ الْمَطْلِ وَاللَّيِّ2 وَأَشْهَدُ أَنْ لَا
إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الَّذِي
هَدَانَا إلَى الرُّشْدِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَهْلِ
الْغَيِّ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ الَّذِي أَبَاحَ لَهُ الْفَيْءَ وَأَظَلَّ
أُمَّتَهُ مِنْ ظِلِّ هَدْيِهِ بِأَوْسَعِ فَيْءٍ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ مِنْ
كُلِّ قَبِيلَةٍ وَحَيٍّ.
أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى تَخْرِيجِ
أَحَادِيثِ شَرْحِ الْوَجِيزِ لِلْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِم
الرَّافِعِيِّ3 شكر لله سَعْيَهُ لِجَمَاعَةٍ مِنْ
الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الْقَاضِي عِزُّ الدِّينِ بْنُ
جَمَاعَةٍ4 وَالْإِمَامُ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ
النَّقَّاشِ5 وَالْعَلَّامَةُ سِرَاجُ الدِّينِ عُمَرُ
بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ6 وَالْمُفْتِي بَدْرُ
الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
__________
1 الحَمْدُ: بالفتح وسكون الميم في اللغة هو الوصف بالجميل
على الجميل الاختياري على قصد التعظيم، ونقيضه الذم.
وينقسم الحمد إلى أقسام، منها:
الحمد القولي: هو حمد اللسان وثناؤه على الحقِّ بما أثنى
به على نفسه على لسان أنبيائه.
الحمد الفعلي: هو الإتيان بالأعمال البدنية ابتغاءً لوجه
الله تعالى.
الحمد الحالي: هو الذي يكون بحسب الروح والقلب كالاتصاف
بالكمالات العلمية، والتخلّق بالأخلاق الآلهية.
الحمد العرقي: فعل يشعر لتعظيم المنعم بسبب كونه منعماً،
أعمّ من أن يكون فعل اللسان أو الأركان. ينظر: كشاف
الاصطلاحات: 2/26، التعريفات ص55.
2 المطل: التسويف بالعِدَةِ والدَّيْن. ترتيب القاموس
4/258 واللي: المطل مختار الصحاح ص 609.
3 ينظر ترجمته في مقدمة هذا الكتاب.
وقال ابن قاضي شهبة "1/102" ومن تصانيفه، تخريج أحاديث
الرافعي مجلدين وهو كتاب نفيس جليل.
4 عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن
علي بن جماعة، قاضي القضاة بدر الدين أبي عبد الله الكناني
الحموي. أخذ الأصلين عن الشيخ علاء الدين الباجي والنحو عن
الشيخ أبي حيان. وقال الإسنوى: نشأ في العلم والدين ومحبة
أهل الخير، ودرس وأفتى، وصنف تصانيف كثيرة حسنة ووّلي
القضاء فسار فيه سيرة حسنة. من تصانيفه كتاب كبير في
المناسك والمناسك الصغرى والسيرة الكبرى. توفي بمكة في
جمادى الآخرة سنة 0767 انظر: ابن قاضي شهبة 3/ 101، شذرات
الذهب 6/208، البدر الطالع 1/359.
5 محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى بن عبد الرحيم،
المغربي الأصل، المصري، الإمام شمس الدين أبو أمامة،
المعروف بابن النقاش. مولده في رجب سنة 720. كان من
الفقهاء المبرزين، والفصحاء المشهورين وله نظم ونثر حسن.
له مصنفات: شرح العمدة في نحو ثمان مجلدات، وشرح ألفية بن
مالك وكتاب النظائر والفروق وشرح التسهيل. توفي في ربيع
الأول سنة 0763 انظر ابن قاضي شهبة 3/131، بغية الوعاة 78،
الدرر الكامنة 4/71.
6 عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله، عمدة المصنفين،
سراج الدين أبو حفص الأنصاري، المعروف بابن الملقن، كان
أبوه نحويا معروفاً، ولد سنة 723، أخد عن الإسنوي ولازمه،
وعن غيره من شيوخ العصر، وسمع الحديث الكثير، ومهر في
الفنون، وشرح زوائد مسلم وزوائد أبي داود وغيرهما وشرح
منهاج البيضاوي، وعمل الأشباه والنظائر، وله تخريج أحاديث
الرافعي "البدر المنير" وهو مطبوع، وكذلك "تحفة المحتاج"
وهو مطبوع. توفي سنّة 804 انظر: ط. ابن قاضي شهبة 4/43،
إنباء الغمر 5/41، البدر الطالع 1/508.
(1/115)
اللَّهِ الزَّرْكَشِيُّ1 وَعِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ
الْآخَرِ مِنْ الْفَوَائِدِ وَالزَّوَائِدِ وَأَوْسَعُهَا عِبَارَةً
وَأَخْلَصُهَا إشَارَةً كِتَابُ شَيْخِنَا سِرَاجِ الدِّينِ إلَّا
أَنَّهُ أَطَالَهُ بِالتَّكْرَارِ فَجَاءَ فِي سَبْعِ مُجَلَّدَاتٍ
ثُمَّ رَأَيْته لَخَصَّهُ فِي مُجَلَّدَةٍ لَطِيفَةٍ أَخَلَّ فِيهَا
بِكَثِيرٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْمُطَوَّلِ وَتَنْبِيهَاته فَرَأَيْتُ
تَلْخِيصَهُ فِي قَدْرِ ثُلُثِ حَجْمِهِ مَعَ الِالْتِزَامِ
بِتَحْصِيلِ مَقَاصِدِهِ فَمَنَّ اللَّهُ بِذَلِكَ ثُمَّ تَتَبَّعْتُ
عَلَيْهِ الْفَوَائِدَ الزَّوَائِدَ مِنْ تَخَارِيجِ الْمَذْكُورِينَ
مَعَهُ وَمِنْ تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْهِدَايَةِ2 فِي فِقْهِ
الْحَنَفِيَّةِ لِلْإِمَامِ جَمَالِ الدِّينِ الزَّيْلَعِيِّ3
لِأَنَّهُ يُنَبِّهُ فِيهِ عَلَى مَا يَحْتَجُّ بِهِ مُخَالِفُوهُ
وَأَرْجُو اللَّهَ إنْ تَمَّ هَذَا التَّتَبُّعَ أَنْ يَكُونَ حَاوِيًا
لِجُلِّ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ الْفُقَهَاءُ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ فِي
الْفُرُوعِ وَهَذَا مَقْصَدٌ جَلِيلٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمَسْئُولُ
أَنْ يَنْفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا وَيُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا وأن
يزيدنا علما و[أن] 4 يُعِيذَنَا مِنْ حَالِ أَهْلِ النَّارِ وَلَهُ
الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
__________
1 محمد بن بهادر بن عبد الله، العالم العلامة، المصنف المحرر، بدر
الدين أبو عبد الله المصري، الزركشي. مولده سنّة 45، أخد عن الشيخين
جمال الدين الإسنوي وسراج الدين البلقيني ورحل إلى حلب إلى شهاب الدين
الأذرعي وتخرج بمغلطاي في الحديث. كان فقيهاً أصولياً، أديبا فاضلاً في
جميع ذلك. من تصانيفه تكملة شرح المنهاج للإسنوي. نوفي في رجب سنّة
0794 انظر: ابن قاضي شهبة 3/167، شذرات الذهب 6/335، معجم المؤلفين
9/121.
2 الهداية في الفروع لشيخ الإسلام برهان الدين علي ابن أبي بكر
المزغيناني الحنفي المتوفى سنة 593 ثلاث وتسعين وخمسمائة وهو شرح على
متن له سماه بداية المبتدى ولكنه في الحقيقة كالشرح لمختصر القدوري
وللجامع الصغير لمحمد وعادته أن يحرر كلام الإمامين من المدعي والدليل
ثم يحرر مدعي الإمام الأعظم ويبسط دليله بحيث يخرج الجواب من أدلتهما
فإذا كان تحريره مخالفاً لهذه العادة يفهم منه الميل إلى ما ادعى
الإمامان ووظيفته أن يشرح مسائل الجامع الصغير والقدوري وإذا قال قال
في الكتاب أراد القدوري. قال الشيخ أكمل الدين روى أن صاحب الهداية بقي
في تصنيف الكتاب ثلاث عشرة سنّة وكان صائماً في تلك المدة لا يفطر
أصلاً وكان يجتهد أن لا يطلع على صومه أحد فكان ببركة زهده وورعه كتابه
مقبولاً بين العلماء. ينظر كشف الظنون 2/2031- 2032.
3 عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي، أبو محمد جمال الدين فقيه عالم
بالحديث، أصله من الزيلع "في الصومال" ووفاته في القاهرة سنّة 762هـ.
من كتبه: "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية" في مذهب الحنفية،
"وتخريج أحاديث الكشاف"، وهو غير الزيلعي "عثمان " شارح الكنز. ينظر:
الأعلام "4/147"، البدر الطالع "1/402"، وحسن المحاضرة "1/203".
4 سقط في الأصل.
(1/116)
|