التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ صَلَاةِ الاستسقاء
مدخل
...
11- كتاب صلاة الِاسْتِسْقَاءِ 1.
711 - قَوْلُهُ هِيَ أَنْوَاعٌ أدناها الدُّعَاءُ
الْمُجَرَّدُ وَأَوْسَطُهَا الدُّعَاءُ خَلْفَ
الصَّلَوَاتِ وَأَفْضَلُهَا الِاسْتِسْقَاءُ
بِرَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ وَالْأَخْبَارُ وَرَدَتْ
بِجَمِيعِهِ انْتَهَى.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَرَدَ فِي حَدِيثِ آبِي اللَّحْمِ
أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ
الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ2
وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى أَبُو
عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ زِيَادَاتِهِ عَنْ عَامِرِ
بْنِ خَارِجَةَ أَنَّ قَوْمًا شَكَوْا إلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَحْطَ
__________
= العدني وخالد بن يزيد العمري وهما ضعيفان واهيان أيضا
ا?.
وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح؛ قال يحيى: إبراهيم بن
الحكم بن أبان ليس بشيء. وقال أحمد: ليس بثقة. وقال
النسائي والأزدي: متروك. وقد روى هذا عن الحكم بن أبان حفص
بن عمر العدني وخالد بن يزيد العمري؛ فأما حفص فقال
النسائي ليس بثقة وأما خالد بن يزيد فقال يحيى: هو كذاب.
قلت: له طريق آخر عن الحكم بن أبان، فقد رواه عنه سلم بن
جعفر عند أبي داود والنسائي ورواية عند البيهقي في تهذيب
الكمال. وسلم بن جعفر وثقه يحيى بن كثير العنبري؛ قال:
حدثنا سلم بن جعفر وكان ثقة.
ذكره ابن حبان في الثقات.
كذا المزي في تهذيب الكمال "11/214" وقال الذهبي في
الميزان "3/262": وثقه بعضهم وقال الأزدي متروك، ووثقه
يحيى بن كثير صاحبه ا?. وتعقب ابن حجر الأزدي فقال عنه:
صدوق تكلم فيه الأزدي بغير حجة "التقريب" "3476". قلت:
فعلى هذا يكون الحديث حسنا فسلم بن جعفر لا ينزل حديثه عن
درجة الحسن، والحكم بن أبان صدوق له أوهام كما قال الحافظ
في التقريب "1447" وبقية رجاله ثقات.
1 الاستسقاء: استفعال من السقيا، قال القاضي عياض،
الاستسقاء: الدعاء بطلب السقيا، فكأنه يقول: باب الصلاة
لأجل طلب السقيا.
والأصل في ذلك قبل الإجماع الاتباع، روى الشيخان وغيرهما
من حديث عبد الله بن زيد، قال: خرج رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المصلى يستسقي، فاستقبل
القبلة، وحول رداءه، وصلى ركعتين.
ويستأنس لذلك بقوله تعالى: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى
لِقَوْمِهِ} [البقرة: 60].
2 أخرجه أحمد "5/223" وأبو داود "1/303" كتاب الصلاة، باب:
رفع اليدين في الاستسقاء، حديث "1168" كلاهما من طريق عبد
الله بن وهب عن حيوة وعمر بن مالك عن ابن الهاد عن محمد بن
إبراهيم، عن عمير مولى بني أبي اللحمر: أنه رأى النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستسقي عند أحجار الزيت
قريبا من الزوراء قائما يدعو يستسقي رافعا يديه قبل وجهه،
لا يجاوز بها رأسه [مقبل بباطن كفيه إلى وجهه].
"*" ما بين القوسين زيادة عند أحمد.
وأخرجه أحمد "5/223" والترمذي "2/443" كتاب الصلاة، باب:
ما جاء في صلاة الاستسقاء، حديث "557" والنسائي "3/159"
كتاب الاستسقاء، باب: كيف يرفع، حديث "1513" كلهم من طريق
قتيبة قال: حدثني الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي
هلال عن يزيد بن عبد الله عن عمير مولى بني أبي اللحمر...
فذكره.
قال الترمذي: كذا قال قتيبة في هذا الحديث "عن أبي
اللحمر"، ولا نعرف له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إلا هذا الحديث الواحد.
وعمير مولى أبي اللحمر قد روى النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث وله صحبة.
(2/223)
الْمَطَرِ فَقَالَ "اُجْثُوا عَلَى الرُّكَبِ ثُمَّ قُولُوا يَا رَبُّ
يَا رَبُّ" 1 الْحَدِيثَ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَمَا
سَيَأْتِي.
وَأَمَّا الثَّالِثُ فَهُوَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ
الْآتِي.
712 - حَدِيثُ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِالنَّاسِ
يَسْتَسْقِي بِهِمْ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا
بِالْقِرَاءَةِ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَدَعَا وَاسْتَسْقَى
وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد هَكَذَا وَهُوَ
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْجَهْرَ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ2.
تَنْبِيهٌ عَمُّ عَبَّادٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ
عَاصِمٍ الْمَازِنِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ
أَخًا لِأَبِيهِ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ عَمُّهُ لِأَنَّهُ كَانَ زَوْجَ
أُمِّهِ وَقِيلَ كَانَ تَمِيمٌ أَخَا عَبْدِ اللَّهِ لِأُمِّهِ
أُمُّهُمَا أُمُّ عُمَارَةَ نَسِيبَةُ.
__________
1 أخرجه الطبراني في الأوسط "6/458"، حديث "5978". والبخاري في
"التاريخ الكبير" "6/457".
والبزار "1/320" في أبواب الاستسقاء، باب: التواضع عند الاستسقاء، حديث
"665" كلاهما من طريق حفص بن النضر ثنا عامر بن خارجة بن سعد عن جده
سعد [عند الطبراني عن أبيه عن جده] أن قوماً شكوا إلى رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قحط المطر فأمرهم أن يجثوا على الركب، قال:
قولوا "يا رب يا رب" ففعلوا فسقوا حتى أحبوا أن يكشف عنهم.
قال البزار: لا نعلمه يروى إلا عن سعد، وليس له عن سعد إلا هذا الطريق،
وعمر فلا أحسبه سمع من جده شيئاً.
قال الطبراني: لا نعلمه يروى هذا الحديث عن سعد إلا بهذا الإسناد، تفرد
به محمد بن يحيى الأزدي.
قال الهيثمي في "المجمع" "2/217" بعد أن ذكر النص عالياً: هذا لفظه عند
البزار، وقال الطبراني في الأوسط عامر بن خارجة بن سعد عن أبيه عن جده
سعداً أن قوماً شكوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قحط المطر فقال: "اجثوا على الركب، وقولوا: يا رب يا رب" ، ورفع
السبابة إلى السماء فسقوا حتى أحبوا أن يكشف عنهم. والصواب رواية
الطبراني، وقوله عامر كذلك ذكره الذهبي في ترجمة عامر بن خارجة وضعفه
ا?.
والهيثمي يشير إلى قول الذهبي في الميزان "4/16": عامر بن خارجة عن جده
سعد بن مالك قال البخاري: في إسناده نظر: ثم ذكر له هذا الحديث.
وقول البخاري هذا ذكره بعد أن أخرج الحديث في تاريخه الكبير "6/457".
2 أخرجه البخاري "2/514": كتاب الاستسقاء: باب الجهر بالقراءة في
الاستسقاء، الحديث "1024"، مسلم "2/611": كتاب الاستسقاء، الحديث
"2/894"، "4/894"، وأبو داود "1/686/687": كتاب الصلاة: باب صلاة
الاستسقاء، الحديث "1161"، والترمذي "2/34": كتاب الصلاة: باب صلاة
الاستسقاء، الحديث "553"، والنسائي "3/164": كتاب الاستسقاء: باب الجهر
بالقراءة في الاستسقاء، وابن ماجة "1/403": كتاب إقامة الصلاة: باب في
صلاة الاستسقاء، الحديث "1267"، وأحمد "4/39"، والدارمي "1/361": كتاب
الصلاة: باب صلاة الاستسقاء، وابن الجارود "1/326": كتاب الصلاة: باب
الاستسقاء كيف هو، والدارقطني "2/67": كتاب الاستسقاء، الحديث "5"،
والبيهقي "3/347": كتاب صلاة الاستسقاء: باب صلاة الاستسقاء ركعتين.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2/224)
713 - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى مُتَبَذِّلًا فَصَلَّى
رَكْعَتَيْنِ كما يصلى الْعِيدَ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ
وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ
وَالْبَيْهَقِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ
كِنَانَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهِ وَأَتَمُّ مِنْهُ
يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ1.
714 - حَدِيثٌ "أَرْجَى الدُّعَاءِ دُعَاءُ الْأَخِ لِلْأَخِ بِظَهْرِ
الْغَيْبِ" أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إنَّ أَسْرَعَ
الدُّعَاءِ إجَابَةً دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ2 وَالتِّرْمِذِيُّ
وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِثْلُهُ3
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أم الدارداء حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَبُو الدَّرْدَاءِ
أَنَّ
__________
1 أخرجه أبو داود "1/688": كتاب الصلاة: باب صلاة الاستسقاء، الحديث
"1165"، والترمذي "2/35": كتاب الصلاة: باب ما جاء في صلاة الاستسقاء،
الحديث "555"، والنسائي "3/156": كتاب الاستسقاء، باب جلوس الإمام على
المنبر للاستسقاء، وابن ماجة "1/403": كتاب إقامة الصلاة: باب صلاة
الاستسقاء، الحديث "1266"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/324":
كتاب الصلاة: باب صلاة الاستسقاء، وابن الجارود "ص 98": كتاب الصلاة:
باب صلاة الاستسقاء، الحديث "253"، والدارقطني "2/68": كتاب الاستسقاء،
الحديث "11"، والحاكم "326- 327": كتاب الاستسقاء: باب تقليب الرداء...
والبيهقي "3/347": كتاب الاستسقاء: باب صلاة الاستسقاء ركعتين كصلاة
العيدين، من طريق هشام بن إسحاق عن عبد الله بن كنانة، عن أبيه قال
أرسلني الوليد بن عقبة وهو أمير المدينة إلى ابن عباس أسأله عن استسقاء
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأتيته، فقال: إن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج مبتذلاً متواضعاً متضرعاً،
حتى أتى المصلى فلم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع
التكبير، وصلى ركعتين كما يصلي في العيد.
وقال الترمذي: "حسن صحيح".
وأخرجه الدارقطني "2/66": كتاب الاستسقاء، الحديث "4"، والحاكم
"1/326": كتاب الاستسقاء: باب تقليب الرداء والتكبير في صلاة
الاستسقاء، والبيهقي "3/348" كتاب الاستسقاء: باب صلاة الاستسقاء
ركعتين كصلاة العيدين، من رواية محمد بن عبد العزيز بن عبد الملك، عن
أبيه، عن طلحة بن يحيى؛ قال: أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة
الاستسقاء، فقال: سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين إلا أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلب رداءه، فجعل يمينه على
يساره، ويساره على يمينه، فصلى ركعتين يكبر في الأولى: سبع تكبيرات،
وقرأ سبح اسم ربك الأعلى وقرأ في الثانية: هل أتاك حديث الغاشية، وكبر
خمس تكبيرات.
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، وتعقبه الذهبي، فقال: "ضعف عبد العزيز".
قال البيهقي: "محمد بن عبد العزيز هذا غير قوي، وتعقبه ابن التركماني
بأنهم أغلطوا القول فيه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي:
متروك، وضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث ليس له حديث
مستقيم.
2 أخرجه أبو داود "2/89" كتاب الصلاة، باب: الدعاء بظهر الغيب، حديث
"1535" من حديث عبد الله بن عمر بن العاص بهذا اللفظ وليس كما ذكر
المصنف من حديث أبي هريرة.
وقد رواه ابن عدي في "الكامل" "2/734" من حديث أبي هريرة بلفظ "إذا دعا
الغائب للغائب قال له الملك: ولك مثله" وانظر الذي بعده.
3 وأخرجه الترمذي "4/352" كتاب البر والصلة، باب: ما جاء في دعوة الأخ
لأخيه بظهر الغيب، حديث "1980" من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله
عنه- قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والإفريقي
يضعف في الحديث وهو عبد الله بن زياد بن أنعم وعبد الله بن زيد هو أبو
عبد الرحمن الحبلي.
(2/225)
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "دَعْوَةُ
الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ
عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ قَالَ
الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَك بِمِثْلٍ" 1 وَلَهُ عَنْ
أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَحْوُهُ2 فقيل هي الكبرى والأصح أَنَّهَا الصُّغْرَى وَرِوَايَتُهَا
إنَّمَا هِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
715 - حَدِيثٌ "إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ"
الْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ مِنْ
حَدِيثِ عَائِشَةَ تَفَرَّدَ بِهِ يُوسُفُ بْنُ السَّفَرِ عَنْ
الْأَوْزَاعِيِّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَكَانَ بَقِيَّةُ رُبَّمَا
دَلَّسَهُ3 وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا
"يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ" الْحَدِيثَ4.
قَوْلُهُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ
يُصَلِّ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ لَمْ
أَجِدْهُ صَرِيحًا لَكِنْ بِالِاسْتِقْرَاءِ يَتَبَيَّنُ صِحَّةُ
ذَلِكَ.
716 - حَدِيثٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ إلَى
الصَّحْرَاءِ هُوَ
__________
1 أخرجه مسلم "9/57- 58" كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب:
فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب، حديث "86، 87/2732".
وأبو داود "2/89" كتاب الصلاة، باب: الدعاء بظهر الغيب، حديث "1534" من
طريق طلحة بن عبد الله بن كريز حدثتني أم الدرداء قالت: حدثني سيدي أبو
الدرداء... فذكره بنحوه.
2 أخرجه أحمد "5/159" ومسلم "9/58" كتاب الذكر والدعاء والتوبة
والاستغفار، باب: فضل الدعاء للمسلمين، حديث "88/2733" وابن ماجة
"2/966" كتاب المناسك، باب: فضل دعاء الحاج، حديث "2895". من طريق
صفوان بن عبد الله بن صفوان وكانت تحته الدرداء، قال: قدمت الشام،
فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجد أم الدرداء وقالت: أتريد
الحج العام؟ قلت نعم، قالت فادع الله لنا بخير؛ فإن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: "دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر
الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك
الموكل به آمين ولك مثله" . وهذا لفظ مسلم.
3 أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" "4/452" من طريق بقية حدثنا يوسف
بن السفر عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة به.
وأخرجه من طريق آخر أسقط فيه بقية يوسف بن السفر. ثم نقل قول البخاري:
يوسف بن السفر أبو الفيض كاتب الأوزاعي منكر الحديث.
ثم أخرج له من هذين الطريقين هذا الحديث، ثم قال: ولعله بقية أخذه عن
يوسف بن السفر.
4 أخرجه مالك "1/213" كتاب القرآن، باب: ما جاء في الدعاء، حديث "29"
وأحمد "2/487".
والبخاري "12/427" كتاب الدعوات، باب: يستجاب للعبد ما لم يعجل، حديث
"6340".
ومسلم "9/60" كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب بيان أنه
يستجاب للداعي ما لم يعجل فيقول دعوت فلم يستجب لي، حديث "90، 91، 92/
2735" وأبو داود "2/78" كتاب الصلاة، باب: الدعاء، حديث "1484".
والترمذي "5/464" كتاب الدعاء، باب: ما جاء فيمن يستعجل في دعاءه، حديث
"3387" وابن ماجة "2/1266" كتاب الدعاء، باب: يستجاب لأحدكم ما لم
يعجل، حديث "3853"
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2/226)
بَيِّنٌ في حديث عبد اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
مِنْ حديث عائشة قالت شكى النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُحُوطَ الْمَطَرِ فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ
فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ
الشَّمْسِ1 الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا أَبُو عَلِيِّ
بْنِ السَّكَنِ.
717 - قَوْلُهُ يَأْمُرُهُمْ الْإِمَامُ بِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
قَبْلَ يَوْمِ الْخُرُوجِ وَبِالْخُرُوجِ عَنْ الْمَظَالِمِ
وَبِالتَّقَرُّبِ بِالْخَيْرِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ فِي الرَّابِعِ
صِيَامًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَثَرٌ فِي الْإِجَابَةِ عَلَى مَا
وَرَدَ فِي أَخْبَارٍ نُقِلَتْ.
فَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ
دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ
وَالْمَظْلُومُ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ
مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُدِلَّةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2
وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ
حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ3
وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَبِي جَعْفَرٍ الْمُؤَذِّنِ رَاوِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ وَزَعَمَ ابْنُ حِبَّانَ
أَنَّهُ أَبُو جَعْفَرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ
عَلِيٍّ فَإِنْ صَحَّ قَوْلُهُ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَمْ
يُدْرِكْ أَبَا هُرَيْرَةَ نَعَمْ وَقَعَ فِي النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ
تَصْرِيحُهُ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَثَبَتَ أَنَّهُ آخَرُ
غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَوَقَعَ فِي
رِوَايَةٍ لِلْبَاغَنْدِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَلِيٍّ فَلَعَلَّهُ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَافَقَ
أَبَا جَعْفَرَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي
كُنْيَتِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَقَدْ جَزَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ
الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ بِأَنَّهُ غَيْرُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
__________
1 أخرجه أبو داود "1/304" كتاب الصلاة، باب: رفع اليدين في الاستسقاء،
حديث "1173".
وابن حبان "7/109" كتاب الصلاة، باب صلاة الاستسقاء، حديث "2860"
والحاكم "1/328".
والبيهقي "3/349" كتاب صلاة الاستسقاء، باب: ذكر الأخبار التي تدل على
أنه دعاء أو خطب قبل الصلاة.
قال الخطيب: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
2 أخرجه الترمذي "5/578" كتاب الدعوات، باب: في العفو والعافية، حديث
"3598" وابن ماجة "1/557" كتاب الصيام، باب: الصائم لا ترد دعوته، حديث
"1752".
وابن خزيمة "3/199" حديث "1901" وابن حبان "8/215" كتاب الصوم، باب:
فضل الصوم، حديث "3428".
قال الترمذي: هذه حديث حسن.
3 أخرجه أحمد "2/258، 348، 517، 523".
وأبو داود "2/89" كتاب الصلاة، باب: الدعاء بظهر الغيب، حديث "1536"
والترمذي "5/502" كتاب الدعوات، باب: "48"، حديث "3448".
وابن ماجة "2/127" كتاب الدعاء، باب: دعوة الوالد ودعوة المظلوم، حديث
"3862". قال الترمذي: هذا حديث حسن.
(2/227)
تَنْبِيهٌ: لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ ذِكْرُ الصَّائِمِ
وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ
"دَعْوَةُ الْوَالِدِ وَالصَّائِمِ وَالْمُسَافِرِ"1.
وَمِنْهَا حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة "إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ
إلَّا طَيِّبًا" الْحَدِيث أَخْرَجَهُ مُسْلِم2.
وَحَدِيث ابْن عُمْر "لَمْ يَنْقُصْ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ
إلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ وَجَوْرِ
السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ
إلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا البهائم لم
يُمْطَرُوا"3 رَوَاهُ ابْن مَاجَهْ.
وَحَدِيث بُرَيْدَةَ "مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إلَّا كَانَ
الْقَتْلُ فِيهِمْ وَلَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إلَّا حَبَسَ
اللَّهُ عَنْهُمْ الْقَطْرَ" رَوَاهُ الْحَاكِمُ4 وَالْبَيْهَقِيُّ5
وَاخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ فَقِيلَ
عَنْهُ هَكَذَا وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي كُلِّ
اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ
بالله شيئا إلا امرؤ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ
فَيَقُولُ اُتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا" أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ6.
قَوْلُهُ وَيُخْرِجُونَ الشُّيُوخَ وَالصِّبْيَانَ لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ
إلَى الْإِجَابَةِ أَقْرَبُ انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لَهُ
بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ رَأَى
سَعْدٌ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَّا
بِضُعَفَائِكُمْ" ؟7 وَصُورَتُهُ مُرْسَلٌ وَوَصَلَهُ الْبَرْقَانِيُّ
فِي مُسْتَخْرَجِهِ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ
وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ
ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ كَانَ أَخَوَانِ أَحَدُهُمَا يَحْتَرِفُ والآخر
يأتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فشكى الْمُحْتَرِفُ
أَخَاهُ فَقَالَ "لَعَلَّك تُرْزَقُ بِهِ" 8.
__________
1 أخرجه البيهقي "3/345" كتاب صلاة الاستسقاء، باب: استحباب الصيام
للاستسقاء لما يرجى من دعاء الصائم.
2 أخرجه مسلم "4/107" كتاب الزكاة، باب: قبول الصدقة من الكسب الطيب
وترتيبها، حديث "65/1015".
3 أخرجه ابن ماجة "2/1332- 1333" كتاب الفتن، باب: العقوبات، حديث
"4019".
قال في الزوائد: هذا حديث صالح لعمل به، وقد اختلفوا في ابن أبي مالك
وأبيه.
4 أخرجه الحاكم "2/126" قال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
ووافقه الذهبي.
5 أخرجه البيهقي "3/345" كتاب الاستسقاء، باب: استحباب الصيام لما يرجى
من دعاء الصائم.
6 أخرجه مسلم "8/365" كتاب البر والصلة والآداب، باب: النهي عن الشحناء
والتهاجر، حديث "36/2565".
7 أخرجه البخاري "6/184" كتاب الجهاد والسير، باب: من استعان بالضعفاء
والصالحين في الحرب، حديث "2896".
8 أخرجه النسائي "6/45" كتاب الجهاد، باب: الاستنصار بالضعيف، وأبو
نعيم في الحلية "8/290" والحاكم "1/93- 94" قال الحاكم: هذا حديث صحيح
على شرط مسلم ورواته عن آخرهم ثقات أثبات ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(2/228)
قَوْلُهُ وَيَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ الْخَيْرِ
فَإِنَّ لَهُ أَثَرًا فِي الْإِجَابَةِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ
انْتَهَى يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا
مِنْ قِصَّةِ الثَّلَاثَةِ أَصْحَابِ الْغَارِ.
718 - حَدِيثٌ رُوِيَ أَنَّ الْبَهَائِمَ تَسْتَسْقِي
الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَفَعَهُ قَالَ "خَرَجَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَسْتَسْقِي
فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ بَعْضَ قَوَائِمَهَا إلَى
السَّمَاءِ فَقَالَ ارْجِعُوا فَقَدْ اُسْتُجِيبَ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ
شَأْنِ النَّمْلَةِ" 1 وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ خَرَجَ سُلَيْمَانُ
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَسْتَسْقِي الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ
الطَّحَاوِيُّ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الصِّدِّيقِ
النَّاجِي قَالَ "خَرَجَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ" فَذَكَرَهُ وَفِي آخِرِهِ ارْجِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ
بِغَيْرِكُمْ وَفِي ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي
أَثْنَاءِ حَدِيثِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَقَدْ
تَقَدَّمَ.
719 - حَدِيثٌ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
"لَوْلَا رِجَالٌ رُكَّعٌ وَصِبْيَانٌ رُضَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ
لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا" أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَوَّلُهُ "مَهْلًا
عَنْ اللَّهِ مَهْلًا فَإِنَّهُ لَوْلَا شَبَابٌ خُشَّعٌ وَبَهَائِمُ
رُتَّعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا" 2
وَفِي إسْنَادِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ وَقَدْ
ضَعَّفُوهُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ فِي ترجمة
مسافع الذيلي مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ مُسَافِعٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَوْلَا عباد لله رُكَّعٌ وَصِبْيَةٌ
رُضَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ لَصَبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابَ صَبًّا"
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ3 وَابْنُ عَدِيٍّ وَمَالِكٌ قَالَ أَبُو
حَاتِمٍ وَابْنُ مَعِينٍ مَجْهُولٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي
الثِّقَاتِ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ
وَلَهُ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا فِي
مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ
أَبِي الظَّاهِرِيَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ "مَا مِنْ يَوْمٍ إلَّا وَيُنَادِي مُنَادٍ مَهْلًا
أَيُّهَا النَّاسُ مَهْلًا فَإِنَّ لِلَّهِ سَطَوَاتٌ وَلَوْلَا
رِجَالٌ خُشَّعٌ وَصِبْيَانٌ رُضَّعٌ وَدَوَابُّ رُتَّعٌ لَصَبَّ
عَلَيْكُمْ الْعَذَابَ صَبًّا ثُمَّ رُضِضْتُمْ بِهِ رَضًّا" .
قَوْلُهُ فِي تَعْلِيلِ كَرَاهَةِ خُرُوجِ أَهْلِ الذِّمَّةِ
لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا كَانُوا سَبَبًا لِلْقَحْطِ وَفِي الْمُهَذَّبِ
عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة:
159] قَالَ دَوَابُّ الْأَرْضِ انْتَهَى وَفِي ابْنِ مَاجَهْ مِنْ
حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ4.
__________
1 أخرجه الدارقطني "2/66" في كتاب الاستسقاء، حديث "1" والحاكم "1/325-
326" قال الحاكم: هذه حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أخرجه أبو يعلى "11/287" رقم "6402" والبزار "3212- كشف" والخطيب في
"تاريخ بغداد" "6/64" من طريق إبراهيم بن خيثم عن عراك بن مالك عن أبيه
عن جده عن أبي هريرة به.
وذكره الهيثمي في "المجمع" "10/230" وقال: رواه البزار والطبراني في
الأوسط... وأبو يعلى وفيه إبراهيم بن خيثم وهو ضعيف.
3 أخرجه البيهقي "3/345" كتاب الاستسقاء باب: استحباب الصيام لما يرجى
من دعاء الصائم.
4 أخرجه البيهقي "2/1334" كتاب الفتن، باب: العقوبات، حديث "4021".
(2/229)
قَوْلُهُ وَقَدْ يعجل دُعَاءُ الْكَافِرِ اسْتِدْرَاجًا انْتَهَى
وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا "إنَّ
اللَّهَ لَا يَظْلِمُ الْكَافِرَ حَسَنَةً يُثَابُ الرِّزْقَ عَلَيْهَا
فِي الدُّنْيَا" 1 الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَذْكُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْمِ
فِي نَفْسِهِ مَا فَعَلَ مِنْ خَيْرٍ فَيَجْعَلُهُ شَافِعًا انْتَهَى
وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ الثَّلَاثَةِ فِي الْغَارِ وَهُوَ فِي
الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ.
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي الْعِيدَ وَفِي
رِوَايَةٍ صَنَعَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا صَنَعَ فِي الْعِيدِ
تَقَدَّمَ وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ فِي السُّنَنِ وَالثَّانِي فِي
الْمُسْتَدْرَكِ.
حَدِيثٌ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَقْتَ صَلَاةِ
الْعِيدِ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ خَرَجَ حِينَ بَدَا
حَاجِبُ الشَّمْسِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِيهِ
فَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ.
720 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إلَى الِاسْتِسْقَاءِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ
ثُمَّ خَطَبَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو عَوَانَةَ
وَالْبَيْهَقِيُّ أُتِمُّ مِنْ هَذَا2 قَالَ الْبَيْهَقِيّ تَفَرَّدَ
بِهِ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ فقال فِي الْخِلَافِيَّاتِ رُوَاتُهُ
ثِقَاتٌ.
تَنْبِيهٌ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي أَنَّ الْخُطْبَةَ قَبْلَ
الصَّلَاةِ أَوْ الْعَكْسُ فَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ بَدَأَ
بِالْخُطْبَةِ وَكَذَا لِأَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي
حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ خَرَجَ
يَسْتَسْقِي فَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ لَكِنْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ
وَلِابْنِ قُتَيْبَةَ فِي الْغَرِيبِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوُهُ.
721 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إذَا اسْتَسْقَى قَالَ "اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا
مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا سَحًّا
طَبَقًا دَائِمًا اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا
مِنْ الْقَانِطِينَ اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ
اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوهُ إلَّا إلَيْكَ
اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ
وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا
الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ
مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك
كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا" هَذَا
الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ تَعْلِيقًا3 فَقَالَ
وَرُوِيَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ
__________
1 أخرجه مسلم "9/164" كتاب صفات المنافقين، باب: جزاء المؤمن بحسناته
في الدنيا والآخرة، وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا، حديث "56/2808" من
حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
2 أخرجه أحمد "2/326" وابن ماجة "1/403- 404" كتاب إقامة الصلاة، باب:
ما جاء في صلاة الاستسقاء، حديث "1268" والبيهقي "3/347".
قال البوصيري في "الزوائد" "1/416": هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
3 أخرجه الشافعي في "الأم" "1/417".
(2/230)
فَذَكَرَهُ وَزَادَ بعد قولا مُجَلَّلًا عَامًا وَزَادَ بَعْدَ
قَوْلِهِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِمِ وَالْخَلْقِ وَالْبَاقِي
مِثْلُهُ سَوَاءً وَلَمْ نَقِفْ لَهُ عَلَى إسْنَادٍ وَلَا وَصَلَهُ
الْبَيْهَقِيُّ فِي مُصَنَّفَاتِهِ بَلْ رَوَاهُ فِي الْمَعْرِفَةِ
مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ1 قَالَ وَيُرْوَى عَنْ سَالِمٍ بِهِ ثُمَّ
قَالَ وَقَدْ روينا بعضه هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَبَعْضَ مَعَانِيهَا فِي
حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ وَفِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ وَفِي
حَدِيثِ غَيْرِهِمْ ثُمَّ سَاقَهَا بِأَسَانِيدِهِ2.
أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَلَفْظُهُ "اللَّهُمَّ أَغِثْنَا" وَفِي لَفْظٍ
"اللَّهُمَّ اسْقِنَا" وَسَيَأْتِي.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ
حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَوَاكٍ3 وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ
وَلَفْظُهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هَوَازِنُ فَقَالَ "قولوا اللهم اسقنا عيثا مُغِيثًا" الْحَدِيثَ
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَاكِي هَوَازِنَ4 وَوَقَعَ عِنْدَ
الْخَطَّابِيِّ فِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ رَأَيْت النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاكِئُ بِضَمِّ الْيَاءِ
الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَآخِرُهُ هَمْزَةٌ ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ
مَعْنَاهُ يَتَحَامَلُ عَلَى يَدَيْهِ إذَا رَفَعَهُمَا وَقَدْ
تَعَقَّبْهُ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَقَالَ هَذَا لَمْ تَأْتِ
بِهِ الرِّوَايَةُ وَلَيْسَ هُوَ وَاضِحَ الْمَعْنَى وَصَحَّحَ
بَعْضُهُمْ مَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ الْبَزَّارُ
بِلَفْظٍ يُزِيلُ الْإِشْكَالَ وَهُوَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ بَوَاكِيَ
أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ
أَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ بِالْإِرْسَالِ وَقَالَ
رِوَايَةُ مَنْ قَالَ عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ
جَابِرٍ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَجَرَى النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ
صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ وَيُقَالُ مُرَّةُ بْنُ كَعْبٍ
فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ5.
__________
1 أخرجه الشافعي في "معرفة السنن والآثار" "3/100" كتاب الاستسقاء،
باب: الدعاء في الاستسقاء، حديث "2015".
2 ينظر "معرفة السنن والآثار" "3/100- 101".
3 أخرجه أبو داود "1/203" كتاب الصلاة، باب: رفع اليدين في الاستسقاء،
حديث "1169" والحاكم "1/327"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه البيهقي "3/355" كتاب صلاة الاستسقاء، باب: الدعاء في
الاستسقاء.
5 أخرجه الحاكم "1/328" أنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا على مضر فأتيته فقلت: يا رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله قد أعطاك واستجاب لك، وإن قومك قد
هلكوا فادعوا الله لهم، فقال: "اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً سريعاً
غدقاً طبقاً عاجلاً غير رائث نافعاً غير ضارٍ" فما كانت الأجمة أو
نحوها حتى سقى.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح، إسناده على شرط الشيخين، بهز بن أسد العمي
الثقة الثتب قد رواه عن شعبة بإسناده عن مرة بن كعب ولم يشك فيه مرة بن
كعب البهزي صحابي مشهور، ووافقه الذهبي.
(2/231)
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ فَرَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا1.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ2 وَأَبُو
عَوَانَةَ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا3 وَرَجَّحَهُ أَبُو
حَاتِمٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ
عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهَا حَدَّثَهَا أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ وَادِيًا دَهْشًا لَا مَاءَ
فِيهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَلْفَاظٌ غَرِيبَةٌ كَثِيرَةٌ
أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ بِسَنَدٍ واهي وَعَنْ عَامِرِ بْنِ
خَارِجَةَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ قَوْمًا شَكَوْا إلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَحْطَ الْمَطَرِ
فَقَالَ "اُجْثُوا عَلَى الرُّكَبِ وَقُولُوا يَا رَبُّ يَا رَبُّ"
قَالَ فَفَعَلُوا فَسُقُوا حَتَّى أَحَبُّوا أَنْ يُكْشَفَ عَنْهُمْ
رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ وَفِي سَنَدِهِ اخْتِلَافٌ وَرُوِيَ أَيْضًا
عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ كَانَ إذَا اسْتَسْقَى قَالَ
"أَنْزِلْ عَلَى أَرْضِنَا زِينَتَهَا وَسَكَنَهَا" وَإِسْنَادُهُ
ضَعِيفٌ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَسْقِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ عَنْ عَشْرَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ غَيْرِ ابْنِ
عُمَرَ يُعْطِي مَجْمُوعُهَا أكثر فِي حَدِيثِهِ وَعِنْدَ
الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَامَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى فَكَبَّرَ ثَلَاثَ
تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ قَالَ "اللَّهُمَّ اسْقِنَا ثَلَاثًا اللَّهُمَّ
اُرْزُقْنَا سَمْنًا وَلَبَنًا وَشَحْمًا وَلَحْمًا" الْحَدِيثَ
وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ4 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 أخرجه البيهقي "3/356" كتاب صلاة الاستسقاء، باب: الدعاء في
الاستسقاء، من طريق يعلى بن الأشدق ثنا عبد الله بن بن جراد أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا استسقى قال: "اللهم اسقنا
غيثا مغيثاً مرياً توسع به لعبادك تغرز به الضرع وتحيي به الزرع..."
وعلة ضعف الحديث أن عبد الله بن جراد هذا مجهول، لا يصح خبره؛ لأنه من
رواية يعلى بن الأشدق الكذاب عنه "ينظر ميزان الاعتدال للذهبي" "4/71".
2 أخرجه ابن ماجة "1/404" كتاب الإقامة، باب: ما جاء في الدعاء في
الاستسقاء، حديث "1270".
قال البوصيري: في "الزوائد" "1/418": هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، روى
أصحاب السنن الأربعة بعضه من حديث ابن عباس أيضا.
3 أخرجه أبو داود "1/305" كتاب الصلاة، باب: رفع اليدين في الاستسقاء،
حديث "1176" من طريق يحيى بن سعيد عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا استسقى، قال:
"اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحي بلدك" .
وأخرجه مالك "1/190- 191" كتاب الاستسقاء، باب: ما جاء في الاستسقاء،
حديث "2".
وأبو داود "1/305" كتاب الصلاة، باب: رفع اليدين في الاستسقاء، حديث
"1176" كلاهما من طريق مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب به مرسلا.
4 أخرجه الطبراني "8/239" حديث "7822" من طريق عبيد الله بن زحر عن علي
بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة... فذكره.
قال الهيثمي في "المجمع" "2/217": رواه الطبراني في الكبير وفيه عبيد
الله بن زحر عن علي بن يزيد وكلاهما ضعيف.
(2/232)
722 - حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ
مُسْلِمٌ بِهَذَا1.
723 - قَوْلُهُ السُّنَّةُ لِمَنْ دَعَا لِدَفْعِ الْبَلَاءِ أَنْ
يَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ فَإِذَا سَأَلَ اللَّهَ
شَيْئًا جَعَلَ بَطْنَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ أَحْمَدُ مِنْ
حَدِيثِ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا سَأَلَ جَعَلَ بَاطِنَ
كَفَّيْهِ إلَيْهِ وَإِذَا اسْتَعَاذَ جَعَلَ ظَاهِرَهُمَا إلَيْهِ
وَفِيهِ ابْنُ لَهَيْعَةَ2.
724 - قَوْلُهُ ثَبَتَ تَحْوِيلُ الرِّدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ3 وَلِلْحَاكِمِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ
لِيَتَحَوَّلَ الْقَحْطُ4.
725 - حَدِيثٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمَّ
بِالتَّنْكِيسِ لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ خَمِيصَةٌ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ
فَقَلَبَهَا مِنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَسْفَلِ أَبُو دَاوُد
وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَأَبُو عَوَانَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ
حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَلَفْظُهُ اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ
خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أَسْفَلَهَا فَيَجْعَلَهُ
أَعْلَاهَا فَلَمَّا ثَقُلَتْ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ زَادَ
أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَيُحَوِّلُ النَّاسُ معه5 قال في الإمام
إسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
726 - قَوْلُهُ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ التَّفَاؤُلُ بِتَحْوِيلِ
الْحَالِ مِنْ الْجُدُوبَةِ إلَى الْخِصْبِ انْتَهَى وقد رَوَى
الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ وَلَفْظُهُ
اسْتَسْقَى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّلَ الْقَحْطُ وَذَكَرَهُ
إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ قَوْلِ وَكِيعٍ وَفِي
الطُّوَالَاتِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه أحمد "4/56" من طريق ابن لهيعة عن حبان بن واسع عن خلاد بن
السائب... فذكره.
وخلاد بن السائب ثقة ووهم من زعم أنه صحابي "التقريب" "1771".
وابن لهيعة سيء الحفظ.
3 تقدم تخريجه وعبد الله وهو عم عباد بن تميم.
4 تقدم تخريجه.
5 أخرجه أحمد "4/41" وأبو داود "1/302" كتاب الصلاة، باب في جماع أبواب
صلاة الاستسقاء وتفريعها، حديث "1164".
والنسائي "3/156" كتاب الاستسقاء، باب: الحال التي يستحب للإمام أن
يكون عليها إذا خرج، حديث "1507" مختصراً.
وابن حبان "7/188" كتاب الصلاة، باب: صلاة الاستسقاء، حديث "2867".
والحاكم "1/327".
وابن خزيمة "2/335" حديث "1415".
كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غرية عن عباد بن تميم عن
عبد الله بن زيد به. قال الحاكم: قد اتفقا على إخراج حديث عباد بن تميم
ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وهو صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
(2/233)
أَنَسٍ بِلَفْظِ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ لِكَيْ يَنْقَلِبَ الْقَحْطُ إلَى
الْخِصْبِ.
727 - حَدِيثُ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ يُعْجِبُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ
حَدِيثٍ1 وَلَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَا طِيَرَةَ
وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَأُحِبُّ
الْفَأْلَ2 وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ كَانَ
يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ3 وَفِي
الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا الطَّيْرُ تَجْرِي بِقَدَرٍ وَكَانَ
يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ4.
728 - حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ الْبُخَارِيُّ
مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ5 وَاسْتَدْرَكَهُ الْحَاكِمُ
فَوَهِمَ6 وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُطَوَّلًا بِسَنَدٍ
ضَعِيفٍ.
729 - حَدِيثٌ أَنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَسْقَى بِيَزِيدَ بْنِ
الْأَسْوَدِ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ فِي تَارِيخِهِ بِسَنَدٍ
صَحِيحٍ وَرَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ فِي السُّنَّةِ
فِي كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ مِنْهُ وَرَوَى ابْنُ بَشْكُوَال مِنْ
طَرِيقِ ضَمْرَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي حَمَلَةَ قَالَ أَصَابَ النَّاسَ
قَحْطٌ بِدِمَشْقَ فَخَرَجَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ يَسْتَسْقِي
فَقَالَ أَيْنَ يَزِيدُ بْنُ الْأَسْوَدِ فَقَامَ وَعَلَيْهِ بُرْنُسٌ
ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيْ رَبُّ إنْ
عِبَادَك تَقَرَّبُوا بِي إلَيْك فَاسْقِهِمْ قَالَ فَمَا انْصَرَفُوا
إلَّا وَهُمْ يَخُوضُونَ فِي الْمَاءِ7 وَرَوَى أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ
أَنَّ نَحْوَ ذَلِكَ وَقَعَ لِمُعَاوِيَةَ مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ
الْخَوْلَانِيِّ.
__________
1 أخرجه البخاري "11/375" كتاب الطب، باب: الفأل، حديث "5756" وطرفه في
"5776" ومسلم "7/477" كتاب السلام، باب: الطيرة والفأل وما يكون فيه،
حديث "111، 112/ 2224".
2 أخرجه البخاري "11/1377" كتاب الطب، باب: لا هامة، حديث "5757" ومسلم
"7/477" كتاب السلام، باب: الطيرة والفأل وما يكون فيه، حديث "110،
113، 114/2223".
3 أخرجه ابن ماجة "2/1170" كتاب الطب، باب: من كان يعجبه الفأل ويكره
الطيرة، حديث "3536" وابن حبان "13/490" كتاب العدوى والطيرة والفأل.
ذكر الزجر عن تطير المرء في الأشياء، حديث "6121".
4 أخرجه الحاكم "1/32" وقال: احتج الشيخان، برواة هذا الحديث عن آخرهم
عير يوسف بن أبي بردة والذي عندي أنهما لم يحملاه بجرح ولا يضعف بل
لقلة حديثه فإنه عزيز الحديث جدا، ووافقه الذهبي.
5 أخرجه البخاري "3/182" كتاب الاستسقاء، باب: سؤال الناس الإمام
الاستسقاء إذا قحطوا، حديث "1010" وطرفه في "371".
6 أخرجه الحاكم "3/334" في كتاب معرفة الصحابة.
7 أخرجه ابن بشكوال في المستغيثين بالله "142" حديث "146".
(2/234)
|