التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ المهادنة
مدخل
...
73- كتاب الْمُهَادَنَةِ3
1926- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَالَحَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو
بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سنين"،
وأعاده في مَوْضِعٌ آخَرُ وَزَادَ: "وَكَانَ قَدْ خَرَجَ
لِيَعْتَمِرَ لَا بأهبة القتال، وكان بـ"مكة"
مُسْتَضْعَفُونَ، فَأَرَادَ أَنْ يَظْهَرُوا... "،
الْحَدِيثَ، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ
الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ مُطَوَّلًا فِي قِصَّةِ
الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ4؛ وَكَذَا
ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ
الطَّوِيلِ فِي سَفَرِهِ إلَى الشَّامِ إلَى هِرَقْلَ فِي
الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْهَا5، وَقَالَ
الْبَيْهَقِيُّ: وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ الْمُدَّةَ كَانَتْ
عَشْرَ سِنِينَ؛ كَمَا
__________
3 تسمى المهادنة، والموادعةن والمسالمة: مشتقة من الهدون،
وهو السكون، ومعناها: المصالحة.
وشرعاً: عقد يتضمن مصالحة الإمام أو نائبه أهل الحرب على
ترك القتال مدة مؤقتة.
فاختصاصه بالإمام أو نائبه يميزه عن عقد الأمان الذي ولا
يتوقف على الإمام أو نائبه بل يجوز أن يعقده غيرهما من
المسلمين، واختصاصه بالمدة يميزه عن الذمة فإنه مؤبد.
4 أخرجه البخاري [5/ 675- 679]، كتاب الشروط في الجهاد
والمصالحة مع أهل الحروب، وكتابه الشروط، حديث [2731،
2732].
5 أخرجه البخاري [1/ 46- 48]، كتاب بدء الوحي: باب [6]،
حديث [7]، وأطرافه [51، 2681، 284، 2941، 2978، 3174،
4553، 5980، 6260، 7196، 7541]، ومسلم [6/ 346- 348-
نووي]، كتاب الجهاد والسير: باب كتاب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، حديث [74/
1773].
(4/324)
رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَرَوَى فِي الدَّلَائِلِ عَنْ مُوسَى بْنِ
عُقْبَةَ وَعُرْوَةَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: "فَكَانَ الصُّلْحُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ سَنَتَيْنِ" ، وَقَالَ: هُوَ مَحْمُولٌ
عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ وَقَعَتْ هَذَا الْقَدْرَ، وَهُوَ صَحِيحٌ،
وَأَمَّا أَصْلُ الصُّلْحِ فَكَانَ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ، قَالَ:
وَرَوَاهُ عَاصِمٌ الْعُمَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهَا كَانَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ" ، وَعَاصِمٌ
ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
قُلْت: وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيقِهِ الْحَاكِمُ.
قَوْلُهُ: "وَحَكَى عَنْ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ
فِي الْإِسْلَامِ كَصُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ" ، إمَّا الشَّعْبِيُّ
وَإِمَّا غَيْرُهُ، فَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنْ
الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا فُتِحَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ كَانَ
أَعْظَمَ مِنْ فَتْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ
مُطَوَّلًا.
1927- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"لَمَّا بَلَغَهُ تَأَلُّبُ الْعَرَبِ وَاجْتِمَاعُ الْأَحْزَابِ،
قَالَ لِلْأَنْصَارِ: إنَّ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ
وَاحِدَةٍ، فَهَلْ تَرَوْنَ أَنْ نَدْفَعَ إلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ
ثِمَارِ الْمَدِينَةِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنْ قُلْت عَنْ
وَحْيٍ فَسَمْعٌ وَطَاعَةٌ، وَإِنْ قُلْت عَنْ رَأْيٍ فَرَأْيُك
مُتَّبَعٌ؛ كُنَّا لَا نَدْفَعُ إلَيْهِمْ تَمْرَةً إلَّا بِشِرًى أَوْ
قِرًى، وَنَحْنُ كُفَّارٌ، فَكَيْفَ وَقَدْ أَعَزَّنَا اللَّهُ
بِالْإِسْلَامِ، فَسُرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِقَوْلِهِمْ"، ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي": حَدَّثَنِي عَاصِمُ
بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَمَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ
قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ عَلَى النَّاسِ الْبَلَاءُ، بَعَثَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى عُيَيْنَةَ بْنِ
حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَإِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي
عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ، وَهُمَا قَائِدَا غطفان، فأعطاهما ثلث تمار
الْمَدِينَةِ؛ عَلَى أَنْ يَرْجِعَا بِمَنْ مَعَهُمَا عَنْهُ وَعَنْ
أَصْحَابِهِ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا الصُّلْحُ، وَلَمْ تَقَعْ
الشَّهَادَةُ، فَلَمَّا أَرَادَ ذَلِكَ بَعَثَ إلَى سَعْدِ بْنِ
مُعَاذٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَاسْتَشَارَهُمَا فِيهِ،
فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا1.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عُثْمَانَ
الْغَطَفَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ الْحَارِثُ الْغَطَفَانِيُّ إلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يا محمد،
شاطرنا تمر الْمَدِينَةِ، قَالَ: "حَتَّى أَسْتَأْمِرَ السُّعُودَ،
فَبَعَثَ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَسَعْدِ
بْنِ الرَّبِيعِ، وَسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَسَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ،
فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ
قَوْسٍ وَاحِدَةٍ... "، الْحَدِيثَ2. وَفِيهِ حَسَّانُ بْنُ
الْحَارِثِ3،
__________
1 ذكر القصة بنحوه ابن هشام في "سيرته" [3/ 239- 240]، قال: حدثني عاصم
بن عمر بن قتادة ومن لا أتهم عن محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب
الزهري: قال بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى
عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر وإلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة
المري... فذكره.
2 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" [6/ 135- 136]، وقال: رواه البزار
والطبراني، ورجال البزار والطبراني فيها محمد بن عمرو وحديثه حسن،
وبقية رجاله ثقات.
3 الحارث بن عوف بن حارثة المري، وقد أدرك الإسلام وبعث النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معه رجلاً من الأنصار ليدعو أهله في جواره
إلى الإسلام، فقتله رجل من بني ثعلبة، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال =
(4/325)
1928- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَادَنَ
صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَأَسْلَمَ قَبْلَ
مُضِيِّ الْمُدَّةِ"، تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: "سَيَّرَنِي شَهْرَيْنِ،
فَقَالَ: بَلْ لَك أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ".
حَدِيثُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَادَنَ
قُرَيْشًا، ثُمَّ أَبْطَلَ الْعَهْدَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ"،
تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي سَبَبُ ذَلِكَ.
1929- قَوْلُهُ: "وَإِنَّمَا أَبْطَلَ الْعَهْدَ لِأَنَّهُ وَقَعَ
شَيْءٌ بَيْنَ حُلَفَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُمْ خُزَاعَةُ، وَبَيْنَ حُلَفَاءِ قُرَيْشٍ وَهُمْ بَنُو بكر،
فأعان قُرَيْشٌ حُلَفَاءَهَا عَلَى حُلَفَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَقَضَتْ هُدْنَتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ
بَعْدَ ذَلِكَ: وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا هَادَنَ قُرَيْشًا عَامَ
الْحُدَيْبِيَةِ، دَخَلَ بَنُو خُزَاعَةَ فِي عَهْدِهِ، وَبَنُو بَكْرٍ
فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ، ثُمَّ عَدَا بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ،
وَأَعَانَهُمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ قُرَيْشَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْعَهْدِ، وَسَارَ إلَى
"مَكَّةَ" وَفَتَحَهَا، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ،
حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانَ
بن الحكم؛ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ جَمِيعًا، قَالَ: كَانَ فِي صُلْحِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ، أَنَّهُ مَنْ شَاءَ أَنْ يَدْخُلَ فِي
عَقْدِ مُحَمَّدٍ وَعَهْدِهِ –دَخَلَ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَدْخُلَ فِي
عَهْدِ قُرَيْشٍ وَعَقْدِهَا- دَخَلَ، فَتَوَاثَبَتْ خُزَاعَةُ
فَقَالُوا: نَحْنُ نَدْخُلُ فِي عَقْدِ مُحَمَّدٍ وَعَهْدِهِ،
وَتَوَاثَبَتْ بَنُو بَكْرٍ فَقَالُوا: نَحْنُ نَدْخُلُ فِي عَقْدِ
قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ؛ فَمَكَثُوا فِي تِلْكَ الْهُدْنَةِ نَحْوَ
سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ إنَّ بَنِي
بَكْرٍ وَثَبُوا عَلَى خُزَاعَةَ لَيْلًا بِمَاءٍ لَهُمْ قَرِيبٍ مِنْ
"مَكَّةَ"، فَأَعَانَتْهُمْ قُرَيْشٌ بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ،
فَرَكِبَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشده [من الرجز]:
اللَّهُمَّ إنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ
الْأَتْلَدَا
الْأَبْيَاتَ وَالْقِصَّةَ بِطُولِهَا1.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، عَنْ
ابْنِ عُمَرَ بِمَعْنَاهُ، وَذَكَرَهَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي
"الْمَغَازِي"، وَفِيهَا: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُرِيدُ
قُرَيْشًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَلَيْسَ بَيْنَك وَبَيْنَهُمْ
مُدَّةٌ؟ قَالَ: أَلَمْ يَبْلُغْك مَا صَنَعُوا بِبَنِي كَعْبٍ؟2.
__________
= لحسان: قل فيه، فقال حسان : الأبيات، وأولها [من الطويل]:
يا حار من يغدر بذمة جاره ... منكم فإن محمداً لم يغدر
فبعث الحارث يعتذر، وبعث بدية الرجل ففرقها على أهله.
ينظر: "الاشتقاق" ص [288].
ينظر: ديوانه ص [262].
1 أخرجه البيهقي [9/ 233]، كتاب الجزية: باب نقض أهل العهد أو بعضهم
العهد.
2 أخرجه الواقدي في كتاب المغازي مرسلاً عن جماعة كثيرة كما في "نصب
الراية" للزيلعي [3/ 390].
(4/326)
حَدِيثُ: "أَنَّهُ وَادَعَ يَهُودَ خَيْبَرَ، وَقَالَ: "أُقِرُّكُمْ
مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ" ، تَقَدَّمَ.
1930- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَادَعَ
بَنِي قُرَيْظَةَ، فَلَمَّا قَصَدَ الْأَحْزَابُ الْمَدِينَةَ آوَاهُمْ
سَيِّدُ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَأَعَانَهُمْ بِالسِّلَاحِ، وَلَمْ ينكر
الآخرون ذلك، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ذَلِكَ نَقْضًا لِلْعَهْدِ مِنْ الْكُلِّ، وَقَتَلَهُمْ، وَسَبَى
ذَرَارِيَّهُمْ، إلَّا ابْنَيْ سَعْيَةَ؛ فَإِنَّهُمَا فَارَقَاهُمْ
وَأَسْلَمَا".
أَمَّا الْمُوَادَعَةُ: فَرَوَاهَا أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ،
مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ
رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ1.
وَأَمَّا النَّقْضُ: فَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي"
قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ، وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ
الْقُرَظِيِّ وَعُثْمَانَ بْنِ يَهُودَا أَحَدِ بَنِي عَمْرِو بْنِ
قُرَيْظَةَ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: كَانَ الَّذِينَ
حَزَّبُوا الْأَحْزَابَ نَفَرًا مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَكَانَ
مِنْهُمْ: حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكِنَانَةُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ
وَنَفَرٌ مِنْ بَنِي وَائِلٍ... "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ2، قَالَ:
وَخَرَجَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ حَتَّى أَتَى كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ
صَاحِبَ عَقْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ أَغْلَقَ
حِصْنَهُ، وَقَالَ: إنِّي لَمْ أَرَ مِنْ مُحَمَّدٍ إلَّا صِدْقًا
وَوَفَاءً، وَقَدْ وَادَعَنِي وَوَادَعْته، فَدَعْنِي وَارْجِعْ
عَنِّي، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى فَتَحَ له، فقال له: وَيْحَك يَا
كَعْبُ؛ جِئْتُك بِعِزِّ الدَّهْرِ، بِقُرَيْشٍ وَمَنْ معها، أنزلتها
بـ"رومة"، وَجِئْتُك بِغَطَفَانَ عَلَى قَادَتِهَا وِسَادَتِهَا،
أَنْزَلْتهَا إلَى جَانِبِ أحد، جئتك بـ"بحر" طَامٍّ لَا يَرُدُّهُ
شَيْءٌ، فَقَالَ: جِئْتَنِي –وَاَللَّهِ- بِالذُّلِّ، فَلَمْ يَزَلْ
بِهِ حَتَّى أَطَاعَهُ، فَنَقَضَ الْعَهْدَ، وَأَظْهَرَ الْبَرَاءَةَ
مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ
إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ:
"لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَبَرُ كَعْبٍ، وَنَقْضُ بَنِي قُرَيْظَةَ الْعَهْدَ، بَعَثَ
إِلْيَهِمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَغَيْرَهُ، فَوَجَدُوهُمْ عَلَى
أَخْبَثِ مَا بَلَغَهُ3.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي
قُرَيْظَةَ، فَذَكَرَ قِصَّةَ إسْلَامِ ثعلبة وأسد بني سَعْيَةَ،
وَنُزُولِهِمْ عَنْ حِصْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ4.
وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [5/ 358- 361]، كتاب المغازي: باب وقعة
بني النضير، حديث [9733]، عن الزهري قال: وأخبرني عبد الله بن عبد
الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ... فذكر.
ومن طريق أخرجه أبو داود [3/ 156- 157]، كتاب الخراج والإمارة والفيء:
باب في خبر النضير، حديث [3004]، والبيهقي في "دلائل النبوة: [3/ 178-
179].
2 ذكره ابن هشام في "سيرته" [3/ 229- 230].
3 ذكره ابن هشام في "سيرته" [3/ 235- 238].
4 ذكره ابن هشام في "سيرته" [3/ 356].
(4/327)
وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنْ
عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبُوا مَعَهُ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ
أَمْوَالَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا
بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَمَّنَهُمْ وَأَسْلَمُوا"1.
1931- حَدِيثُ: "أَنَّهُ كَانَ فِي مُهَادَنَةِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقَدْ
جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو رَسُولًا مِنْهُمْ مَنْ جَاءَنَا مِنْكُمْ
مُسْلِمًا رَدَدْنَاهُ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا فَسُحْقًا سُحْقًا"،
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ قُرَيْشًا صَالَحُوا
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ
عَمْرٍو"، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: "فَاشْتَرَطُوا فِي ذَلِكَ
أَنَّ مَنْ جَاءَنَا مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ، وَمَنْ جَاءَ
مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، فَقَالُوا: يا رسول الله، أنكتب
هَذَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، إنَّ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إلَيْهِمْ
فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ" 2، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي صَحِيحِ
الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ، دُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ3.
1932- حَدِيثُ: "أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي
مُعَيْطٍ جَاءَتْ مُسْلِمَةً فِي مُدَّةِ الْهُدْنَةِ وَجَاءَ أَخُوهَا
فِي طَلَبِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ...، إلَى
قَوْلِهِ: فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10]
فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرُدُّ النِّسَاءَ،
وَيَغْرَمُ مُهُورَهُنَّ، الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ فِي
الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ4.
__________
1 أخرجه أحمد [2/ 149]، والبخاري [8/ 67]، كتاب المغازي: باب حديث بني
النضير، حديث [4028]، ومسلم [6/ 334- نووي]، كتاب الجهاد والسير: باب
إجلاء اليهود من الحجاز، حديث [62/ 1766]، وأبو داود [3/ 157]، كتاب
الخراج والإمارة والفيء: باب في خبر النضير، حديث [3005].
2 أخرجه أحمد [3/ 268]، ومسلم [6/ 377- نووي]، كتاب الجهاد والسير: باب
صلح الحديبية في الحديبية، حديث [93/ 1784]، وابن حبان [11/ 214]، كتاب
السير: باب الموادعة والمهادنة، حديث [4870]، وأبو يعلى [6/ 69- 70]،
برقم [3323]، والبيهقي [9/ 226]، كتاب الجزية: باب الهدنة على أن يرد
الإمام من جاء بلده مسلماً من المشركين.
كلهم من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما صالح قريشاً يوم
الحديبية قال لعلي: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم" ، الحديث.
3 حديث المسور تقدم تخريجه في أول هذا الكتاب.
4 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" [5/ 330- 342]، كتاب المغازي: باب غزوة
الحديبية، حديث [9720]، عن معمر قال: أخبروني الزهري قال: أخبرني عروة
بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم صدق كل واحد منها صاحبه،
قال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمن الحديبية في
بضع عشرة مائة من أصحابه... فذكر الحديث بطوله.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد [4/ 328- 331]، والبخاري [5/ 675-
680]، كتاب الشروط: باب الشروط في الجهاد، حديث [2731- 2733]،
والطبراني [20/ 9- 15]، برقم [13]، وأخرجه البيهقي [9/ 144- 145]، في
كتاب السير [5/ 215]، في كتاب الحج =
(4/328)
1933- حَدِيثُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَدَّ أَبَا جَنْدَلٍ وَهُوَ يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، إلَى
أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبَا بَصِيرٍ وَقَدْ جَاءَ فِي
طَلَبِهِ رَجُلَانِ، فَرَدَّهُ إلَيْهِمَا، فقتل أَحَدُهُمَا
وَأَفْلَتَ الْآخَرُ"، هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ، وَقَدْ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِطُولِهِ1.
تَنْبِيهٌ: يَرْسُفُ؛ بِالرَّاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، أَيْ:
يَمْشِي فِي قَيْدِهِ2.
قَوْلُهُ: "وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ حِينَ رُدَّ
إلَى أَبِيهِ: إنَّ دَمَ الْكَافِرِ عِنْدَ الله كدم الكلب، يعرض لَهُ
بِقَتْلِ أَبِيهِ"، أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ فِي
الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ، وَفِيهِ: "قَالَ: فَوَثَبَ عُمَرُ فَقَالَ:
اصْبِرْ أَبَا جَنْدَلٍ؛ فَإِنَّمَا هُمْ الْمُشْرِكُونَ، وَإِنَّمَا
دَمُ أَحَدِهِمْ كَدَمِ كَلْبٍ، قَالَ: وَيُدْنِي قَائِمَ السَّيْفِ
مِنْهُ، قَالَ: رَجَوْت أَنْ يَأْخُذَ السَّيْفَ فَيَضْرِبَ بِهِ
أَبَاهُ، قَالَ: فَضَنَّ الرَّجُلُ بِأَبِيهِ"3.
__________
= [7/ 171]، في كتاب النكاح [10/ 109]، في كتاب آداب القاضي مقطوعاً،
وابن حبان [11/ 216- 227]، كتاب السير: باب الموادعة والمهادنة، حديث
[4872]، وأخرجه أحمد [4/ 331- 332]، كتاب السير: باب الموادعة
والمهادنة، حديث [4872]، وأخرجه أحمد [4/ 331- 332]، والبخاري [4/
362]، كتاب الحج: باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم، حديث [1694،
1695]، [1694]، وأطرافه [1811، 2712، 2731، 4158، 4178، 4181]، [1695]،
وأطرافه في [2711، 2732، 4157، 4179، 4180]، وأبو داود [3/ 85- 86]،
كتاب الجهاد: باب في صلح العدو، حديث [2765]، [4/ 313]، كتاب السنة:
باب في الخلفاء، حديث [4655]، والنسائي في "الكبرى" [2/ 359]، كتاب
الحج: باب إشعار الهدي، حديث [3752]، [5/ 263- 264]، كتاب السير: باب
توجيه عين واحدة، حديث [8840]، [5/ 171]، كتاب السير: باب مشاروة
الإمام الناس إذا كثر العدو، حديث [8581، 8582]، كلهم من طريق معمر عن
الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم...
فذكروا أطرافاً من الحديث.
1 تقدم تخريجه وهو جزء من قصة الحديبية في الحديث السابق.
2 قال ابن الأثير في "النهاية" [2/ 222]، الرسف والرسيف: مشي المقيد
إذا جاء يتحامل برجله مع القيد.
3 تقدم في تخريج حديث المسور.
(4/329)
|