التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ الكتابة
مدخل
...
86- كتاب الْكِتَابَةِ1
2155- حَدِيثُ: "مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا أَوْ
مُكَاتَبًا فِي كِتَابَتِهِ، أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي
ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ" ، الْحَاكِمُ
مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ بِهِ بِلَفْظِ: "مَنْ
أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ غَارِمًا
فِي عُسْرَتِهِ، أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ،
أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظله" ، والبيهقي
عَنْهُ بِهِ2.
حَدِيثُ: "الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ
دِرْهَمٌ" ، يَأْتِي، وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي
"الْمُوَطَّأِ" عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ
مَوْقُوفًا3، وَرَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ مِنْ طَرِيقٍ
أُخْرَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا،
وَأَعَلَّهُ.
2156- حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن
جده: المكاتب قن مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ4
دِرْهَمٌ، أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ
طُرُقٍ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ
__________
1 الكتابة لغة: الضم والجمع، ومنها الكتيبة: وهي الطائفة
من الجيش العظيم، والكتب لجمع الحروف في الخط.
ومعنى المكاتبة في الشرع: هو أن يكاتب الرجل عبده على مال
يؤديه منجماً عليه: فإذا أذاه فهو حر، ولها حالتان:
الأولى: أن يطلبها العبد ويجيبه السيد.
الثانية: أن يطلبها العبد ويأباها السيد، وفيها قولان:
الأول: لعكرمة وعطاء ومسروق وعمرو بن دينار والضحاك بن
مزاحم وجماعة أهل الظاهر أن ذلك واجب على السيد. وقال
علماء الأمصار: لا يجب ذلك. وتعلق من أوجبها بمطلق الأمر،
وافعل بمطلقه على الوجوب حتى يأتي الدليل بغيره. وروي ذلك
عن عمر بن الخطاب وابن عباس، واختاره الطبراني.
وتمسك الجمهور بأن الإجماع منعقد على أنه لو سأله أن يبيعه
من غيره لم يلزمه ذلك، ولم يجبر عليه وإن ضوعف له في
الثمن. وكذلك لو قال له: أعتقني أو دبرني، أو زوجني لم
يلزمه ذلك بإجماع فكذلك الكتابة؛ لأنها معاوضة فلا تصح إلا
عن تراض. وقولهم: مطلق الأمر يقتضي الوجوب صحيح لكن إذا
عري عن قرينة تقتضي صرفه عن الوجوب، وتعليقه هنا بشرك علم
الخير فيه؛ فعلق الوجوب على أمر باطن وهو علم السيد
بالخيرية، إذا قال العبد: كاتبني؛ وقال السيد: لم أعلم فيك
خيراً، وهو أمر باطن، فيرجع فيه إليه ويعول عليه. وهذا قوي
في بابه.
2 أخرجه أحمد [3/ 487]، والحاكم [2/ 89، 90]، [2/ 217]،
والبيهقي [10/ 320]، كتاب المكاتب: باب فضل من أعان كاتباً
في رقبته.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن
فيه عمرو بن ثابت وهو رافضي متروك.
3 أخرجه مالك في "الموطأ" [21/ 787]، كتاب المكاتب: باب
القضاء في المكاتب رقم [1].
4 أخرجه أبو داود [2/ 414]، كتاب العتق: باب في المكاتب
يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت، رقم [3926- 3927]،
والنسائي في "الكبرى" [3/ 197]، كتاب العتق: باب ذكر
الاختلاف على علي في المكاتب يؤدي بعض ما عليه، رقم [5025/
1 و2، 5026، 5027/ 4]، [21/ 218]، وابن ماجة [2/ 842]،
كتاب العتق: باب المكاتب، رقم [2519]، والبيهقي =
(4/516)
مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَلَفْظُهُ: "وَمَنْ كَانَ مُكَاتَبًا عَلَى
مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَضَاهَا إلَّا أُوقِيَّةً، فَهُوَ عَبْدٌ" ،
قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ،
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: عَطَاءٌ هَذَا هُوَ الْخُرَاسَانِيُّ، وَلَمْ
يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي
حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا
إلَّا عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ رَضِيتُ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ يُثْبِتُهُ، وَعَلَى هَذَا فُتْيَا الْمُفْتِينَ.
2157- حَدِيثُ بَرِيرَةَ: "أَنَّهَا اسْتَعَانَتْ بِعَائِشَةَ فِي
كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ: إنْ بَاعُوكِ وَيَكُونُ لِي الْوَلَاءُ
صَبَبْت لَهُمْ صَبًّا، فَرَاجَعَتْهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يَبِيعُوا
إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْوَلَاءُ... " الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ1، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ
حَدِيثِ بَرِيرَةَ نَفْسِهَا2.
حَدِيثُ عُثْمَانَ: "أَنَّهُ غَضِبَ عَلَى عَبْدٍ لَهُ، فَقَالَ:
لَأُعَاقِبَنَّكَ أَوْ لَأُكَاتِبَنَّكَ عَلَى نَجْمَيْنِ"،
الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ رَجُلٍ
قَالَ: "كُنْت مَمْلُوكًا لِعُثْمَانَ"، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا،
وَفِيهِ قِصَّةٌ لِلزُّبَيْرِ مَعَهُ3.
حَدِيثُ عَلِيِّ: "الْكِتَابَةُ عَلَى نَجْمَيْنِ"، قَالَ ابْنُ أَبِي
شَيْبَةَ: نَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حَجَّاجِ، عَنْ
حُصَيْنِ الْحَارِثِيِّ، عَنْ عَلِيِّ: قَالَ "إذَا تَتَابَعَ عَلَى
الْمُكَاتَبِ نَجْمَانِ، فَلَمْ يُؤَدِّ نُجُومَهُ، رُدَّ إلَى
الرِّقِّ"4.
قَوْلُهُ: "اُشْتُهِرَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ قَوْلًا
وَفِعْلًا الْكِتَابَةُ عَلَى نَجْمَيْنِ"، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ
مِنْ فِعْلِ عُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ5، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
عَنْ عَلِيِّ كَمَا تَرَى.
__________
= [10/ 324، 325]ن كتاب المكاتب: باب المكلف عبد ما بقي عليه درهم.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وذكره الزيلعي في "نصب الراية" [4/ 143]، وعزاه لأبي داود وقال فيه
إسماعيل بن عياش لكنه عن شيخ شامي ثقة.
وعزاه أيضاً إلى ابن عدي من طريق سليمان بن أرقم. وقال: وضعف سليمان بن
أرقم عن أحمد وأبي دواد والنسائي وابن معين وقالوا كلهم فيه: إنه
متروك.
قال ابن عدي: ولعل البلاء فيه من المسيب بن شريك، وهو الذي رواه عن
سليمان، فإنه شر من سليمان... انتهى.
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه النسائي في "الكبرى" [3/ 195- 196]، كتاب العتق: باب كيف
الكتابة وذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر بريرة في ذلك، حديث [5017].
3 أخرجه البيهقي [10/ 320- 321]، كتاب المكاتب: باب مكاتبة الرجل عبده
أو أمته على نجمين فأكثر بمال صحيح.
4 أخرجه ابن أبي شيبة [4/ 394]، كتاب البيوع والأقضية: باب من رد
المكاتب إذا عجز، حديث [21413].
5 تقدم تخريجه من البيهقي من فعل عثمان رضي الله عنه.
(4/517)
حَدِيثُ عَلِيٍّ: "يُحَطُّ عَنْ الْمُكَاتَبِ قَدْرَ رُبُعِ
كِتَابَتِهِ"1، النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا،
وَصَحَّحَ الْمَوْقُوفَ النَّسَائِيُّ؛ كَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ
وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ، رَوَاهُ ابْنِ جُرَيْجٍ
عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ السُّلَمِيِّ مَرْفُوعًا، وَابْنُ
جُرَيْجٍ إنَّمَا سَمِعَ مِنْ عَطَاءٍ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ،
وَرِوَايَةُ الْوَقْفِ أَصَحُّ.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ
وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ"، وَحَطَّ عَنْهُ خَمْسَةَ آلَافِ"،
مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" بِهَذَا2، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ
مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ3.
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ: "اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ
بَنِي لَيْثٍ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ بِسَبْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ... "،
الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِتَمَامِهِ4.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: إجْبَارُ السَّيِّدِ فِيمَا إذَا
عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ الْمَحَلِّ"،
الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ
بَنِي لَيْثٍ... "، فَذَكَرَ قِصَّتَهُ مَعَ عُمَرَ فِي إلْزَامِهَا
بِأَخْذِ مَالِ الْكِتَابَةِ مِنْهُ مُعَجَّلًا5.
__________
1 أخرجه الحاكم [2/ 397]، وعبد الرزاق [8/ 375]، رقم [15589]، والبيهقي
[10/ 329]، عن علي مرفوعاً.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي وزاد: روي
موقوفاً.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" [5/ 83]، وعزاه إلى عبد الرزاق وابن
أبي حاتم والحاكم والديلمي وابن المنذر والبيهقي وابن مردويه من طرق عن
عبد الله بن حبيب عن علي به.
أما الموقوف عن علي:
فكره أيضاً السيوطي في "الدرر" وعزاه إلى عبد الرزاق وسعيد بن منصور
وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي من طريق أبي
عبد الرحمن السلمي عن علي موقوفاً.
2 أخرجه مالك في "موطأه" [2/ 788]، في كتاب المكاتب: باب القضاء في
المكاتب، حديث [3]، بلاغاً.
3 أخرجه البيهقي [10/ 330]، كتاب المكاتب: باب ما جاء في تفسير قوله عز
وجل: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33].
4 أخرجه البيهقي [10/ 334- 335]، كتاب المكاتب: باب تعجل الكتابة.
5 أخرجه الدارقطني [4/ 122]، في كاب المكاتب: برقم [3]، من طريق عبد
الله بن عبد العزيز الليثي عن سعيد بن أبي سعيد المقبري أنه حدثه عن
أبيه قال: اشترتني... فذكر الحديث.
قال العظيم آبادي في "التعليق المغني": عبد الله بن عبد العزيز بن عبد
الله بن عامر الليثي وهو ضعيف، واختلط بأخرة. كذا في "التقريب". وقال
البخاري: هو منكر الحديث، وكان مالك يرضاه ا.هـ.
وأخرج البخاري تعليقاً قال: قال روح عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أواجب
علي إذا علمت له مالاً أن أكاتبه؟
قال: ما أراه إلا واجباً. وقال عمرو بن دينار: قلت لعطاء: أتأثره عن
أحد؟
قال: لا، ثم أخبرني أن موسى بن أنس أخبره أن سيرين سأل أنساً المكاتبة،
وكان كثير المال، فأبى، فانطلق إلى عمر رضي الله عنه فقال: كاتبه،
فأبى. فضربه بالدرة، ويتلو عمر رضي الله عنه: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ
عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} [النور: 33] فكاتبه. [5/ 494]، كتاب
المكاتب: باب المكاتب ونجومه في كل سنة نجم، قبل رقم [2560].
وقد وصله إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن".
ينظر: كلام ابن حجر في تعليقه على الحديث في "الفتح" [5/ 495].
(4/518)
|