التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ أُمَّهَاتِ الأولاد
مدخل
...
87- كتاب أمهات الْأَوْلَادِ1
2158- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ" 2، أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَلَهُ طُرُقٌ، وَفِي إسْنَادِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيِّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: "أُمُّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ سِقْطًا" ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ.
__________
1 أم الولد هي التي ولدت من سيدها في ملكه ولا خلاف في إباحة التسري ووطء الإماء لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 5- 6]، وقد كانت مارية القبطية أم ولد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي أم إبراهيم ابن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فيها: "أعتقها ولدها" وكانت هاجر أم إسماعيل عليه السلام سرية إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام وكان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمهات أولاد أوصى لكل واحدة منهن بأربعمائة وكان لعلي رضي الله عنه أمهات أولاد ولكثير من الصحابة وكان علي بن الحسن والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله من أمهات أولاد. وروي أن الناس لم يكونوا يرغبون في أمهات الأولاد حتى ولد هؤلاء الثلاثة من أمهات الأولاد فرغب الناس فيهن فإذا وطيء الرجل أمته فأتت بولد بعد وطئه بستة أشهر فصاعداً لحقه نسبة وصارت له بذلك أم ولد، وإن أتت بولد تام الأقل من ستة أشهر لم يلحقه نسبه لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر.
ينظر: "المغنيط [9/ 527- 528].
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 841]، كتاب العتق: باب أمهات الأولاد، رقم [2515]، والحاكم [2/ 19]، وأحمد [1/ 317]، والدارقطني [4/ 132، 133]، كتاب المكاتب: باب رقم [24، 25]، والبيهقي [10/ 346]، كتاب عتق أمهات الأولاد: باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له، والدارمي [2/ 257]، كتاب البيوع: باب في بيع أمهات الأولاد، قال البوصيري في "الزوائد" [2/ 291]: هذا إسناد ضعيف؛ حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس تركه المديني وأحمد بن حنبل والنسائي، وضعفه أبو حاتم وأبو زرعة، وقال البخاري: يقال: إنه يتهم بالزندقة.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد تابعه أبو بكر بن أبي سبرة القرشي ا.هـ.
وتعقبه الذهبي وقال: فيه حسن بن عبد الله وهو متروك.
قال البيهقي: حسن بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس الهاشمي ضعفه أكثر أصحاب الحديث.

(4/519)


2159- حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "إذَا أَوْلَدَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ، وَمَاتَ عَنْهَا فَهِيَ حُرَّةٌ" 1، الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ؛ وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ، وَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ، وَقَالَ صَاحِبُ الْإِلْمَامِ: الْمَعْرُوفُ فِيهِ الْوَقْفُ، وَاَلَّذِي رَفَعَهُ ثِقَةٌ، قِيلَ: وَلَا يَصِحُّ مُسْنَدًا.
2160- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَارِيَةَ: "أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا" ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: "ذُكِرَتْ أُمُّ إبْرَاهِيمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا" 2 ، وَفِي إسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ، قَالَ؛ وَلَهُ عِلَّةٌ، رَوَاهُ مَسْرُوقٌ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَمْرِو، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْن عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ فَعَادَ الْحَدِيثُ إلَى عُمَرَ، وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُمِّ إبْرَاهِيمَ: "أَعْتَقَك وَلَدُك" ، وَهُوَ مُعْضَلٌ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: صح هذا مسند، رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ عَنْ ابْنِ
__________
1 أخرجه الدارقطني [4/ 135]، في كتاب المكاتب: حديث [36]، والبيهقي [10/ 343]، كتاب عتق أمهات الأولاد: باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له.
كلاهما من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً.
قال العظيم آبادي في "التعليق المغيني" [4/ 135]: وأعله ابن عدي بعبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي أبو جعفر المديني، وأسند تضعيفه عن النسائي. والسعدي، والفلاس وابن معين، ولينه هو، وقال: عامة ما يرونه لا يتابع عليه، ومع ضعفه لا يتابع حديثه كذا في الزيعلي ا.هـ.
وأخرجه الدارقطني [4/ 134]، في كتاب المكاتب برقم [35]، والبيهقي [10/ 342- 243]، كلاهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما موقوفاً.
2 أخرجه ابن ماجة [2/ 841]، كتاب العتق: باب أمهات الأولاد، حديث [2516]، والحاكم [2/ 19]، كتاب البيوع: باب بيع أمهات الأولاد، والدارقطني [4/ 131]، كتاب المكاتب، حديث [21، 22، 23]، وابن سعد في "الطبقات" [8/ 173]، وابن عدي في "الكامل" [7/ 297]، والبيهقي [10/ 346]، كتاب أمهات الأولاد: باب الرجل يطأ أمته فتلد منه وابن عساكر في "تاريخ دمشق" [1/ 312- تهذيب]، كلهم من طريق حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس قال: لما ولدت أم إبراهيم قال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعتقها ولدها" .
وهذا إسناد ضعيف لأجل حسين بن عبد الله.
قال أحمد: له أشياء منكرة، وقال ابن معين: ضعيف، وقال البخاري قال علي: تركت حديثه، وقال أبو زرعة: ليس بقوي، وقال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال النسائي: متروك، وقال في موضع آخر: ليس بثقة. ينظر: "تهذيب التهذيب" [2/ 341- 342].
وقال الحافظ في "التقريب" [1/ 176]: ضعيف.
والحديث ذكره الحفظ البوسيري في "الزوئد" [2/ 292]، وقال: هذا إسناد ضعيف حسين بن عبد الله تركه علي بن المديني وأحمد بن حنبل والنسائي وضعفه أبو حاتم وأبو زرعة.
وقال البخاري: يقال إنه كان يتهم بالزندقة ا.هـ.

(4/520)


عَبَّاسٍ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو وَهُوَ الرَّقِّيُّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ خَطَأٌ؛ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ وَهُوَ ابْنُ وَضَّاحٍ، عَنْ مُصْعَبٍ، وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْمِصِّيصِيُّ؛ وَفِيهِ ضَعْفٌ.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: "أُمُّ الْوَلَدِ لَا تُبَاعُ، وَتَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا" ، الدَّارَقُطْنِيُّ بِمَعْنَاهُ، وَقَدْ سَبَقَ إسْنَادُهُ.
2161- حَدِيثُ جَابِرٍ: "كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا"1، أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: "كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِينَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ، لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا"، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا، وَزَادَ: "وَفِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ"، وَفِيهِ: "فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا"2، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ3 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق [7/ 288]، رقم [13211]، وأحمد [3/ 321]، والنسائي في "الكبرى" [3/ 199]، كتاب العتق: باب في أم الولد، حديث [5039]، وابن ماجة [2/ 841]، كتاب العتق: باب أمهات الأولاد، حديث [2517]، وأبو يعلى [4/ 161]، رقم [2229]، وابن حبان [1215- موارد]، والدارقطني [4/ 135]، كتاب المكاتب، حديث [37]، والبيهقي [10/ 348]، كتاب أمهات الأولاد: باب الخلاف في أمهات الأولاد، كلهم من طريق أبي الزبير أنه سمع جابراً يقول: كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حي فينا لا يرى بذلك بأساً.
وصححه ابن حبان.
وقال البوصيري في "الزوئد" [2/ 292]: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
2 أخرجه أبو داود [4/ 27]، كتاب العتق: باب في عتق أمهات الأولاد، حديث [3954]، وابن حبان [1216- موارد]، والحاكم [2/ 18- 19]، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
3 أخرجه النسائي في "الكبرى" [3/ 199]، كتاب العتق: باب في أم الولد، حديث [5041]، والطيالسي [1/ 240- منحة]، رقم [1209]، والحاكم [2/ 19]، كتاب البيوع: باب بيع أمهات الأولاد، والدارقطني [4/ 135]، كتاب المكاتب، حديث [38]، والعقيلي في "الضعفاء" [2/ 74]، والبيهقي [10/ 348]، كتاب عتق أمهات الأولاد: باب الخلاف في أمهات الأولاد، كلهم من طريق زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد قال: كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال النسائي: زيد العمي ليس بالقوي.
وأعله العقيلي بزيد العمي أيضاً وأسند يحيى بن تضعيف أبي الصديق الناجي، وقال: المتن يرويه غير زيد بإسناد جيد. =

(4/521)


قُلْت: نَعَمْ، قَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْأُمَّهَاتِ كَانَ مُبَاحًا، ثُمَّ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، وَلَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ النَّهْيُ، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ نَهَاهُمْ.
قَوْلُهُ: "خَالَفَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ"، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا: عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلَانِ إلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمَا؟ قَالَا: مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَحَلَّ لَنَا أَشْيَاءَ كَانَتْ تَحْرُمُ عَلَيْنَا، قَالَ: مَا أَحَلَّ لَكُمْ؟ قال: أَحَلَّ لَنَا بَيْعَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، قَالَ: أَتَعْرِفَانِ أَبَا حَفْصٍ عُمَرَ؟ فَإِنَّهُ نَهَى أَنْ تُبَاعَ أَوْ تُوهَبَ أَوْ تُورَثَ؛ يَسْتَمْتِعُ بِهَا مَا كَانَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ"1.
قَوْلُهُ: "إنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فِي عَهْدِ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، قَالَ: وَمَشْهُورٌ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ أَبِيعَهُنَّ، فَقَالَ لَهُ عُبَيْدَةُ بْنُ عَمْرٍو: رَأْيُك مَعَ رَأْيِ عُمَرَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِك وَحْدَك، فَيُقَالُ: إنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ2.
قُلْت: الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ مُسْتَنْبَطًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ: "سَمِعْت عَلِيًّا يَقُولُ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ في أمهات الأولاد أن لا يُبَعْنَ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْدُ أَنْ يُبَعْنَ، قَالَ عُبَيْدَةُ: فَقُلْت لَهُ: فَرَأْيُك وَرَأْيُ عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ رَأْيِك وَحْدَك فِي الْفُرْقَةِ"3، وَهَذَا الْإِسْنَادُ مَعْدُودٌ فِي أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ4 مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيِّ قَالَ: اسْتَشَارَنِي عُمَرُ فِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، فَرَأَيْت أَنَا وَهُوَ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ عَتَقَتْ، فَعَمِلَ بِهِ عُمَرُ حَيَاتَهُ، وَعُثْمَانُ حَيَاتَهُ، فَلَمَّا وَلِيت رَأَيْت أَنْ أَرِقَّهُنَّ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ لِعُبَيْدَةَ: فَمَا تَرَى أَنْتَ؟ قَالَ: "رَأْيُ عَلِيٍّ وَعُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ حِينَ أَدْرَكَ
__________
= وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وهو وهم وقد تقدم بيان ضعفه لكن للحديث شاهد صحيح وهو حديث جابر السابق.
1 أخرجه البيهقي [10/ 348].
2 ينظر: البيهقي [10/ 343]، في كتاب عتق أمهات الأولاد، باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له.
3 أخرجه عبد الرزاق [7/ 291]، في أبواب ما يتعلق بالعبيد والإماء، باب بيع العبد أمهات الأولاد، حديث [13224].
4 أخرجه البيهقي [10/ 348]، كتاب عتق أمهات الأولاد: باب الخلاف في أمهات الأولاد، من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبيدة، عن علي رضي الله عنه... فذكره.

(4/522)


الِاخْتِلَافَ" 1.
وَقَوْلُهُ: فَيُقَالُ: إنَّ عَلِيًّا رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ.
قُلْت: أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ2. آخِرُهُ، ولله الحمد على إكماله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وسلم3.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة [4/ 409- 410]، كتاب البيوع والأقضية: باب في بيع أمهات الأولاد، حديث [21590].
2 أخرجه عبد الرزاق [7/ 291- 292]، برقم [13224].
3 ثبت في الأصل: ذكر ابن قدامة في "الكامل" ما يدل على أن علياً عليه السلام لم يرجع عن ذلك رجوعاً صريحاً إنما قال لعبيدة وشريح: أقضيا كما كنتم تقضون؟ فإني أكره الاختلاف وهو واضح في أنه لم يرجع من اجتهاده، ولكن أذن لهما أن يقضيا باجتهادهما الموافق لرأي من تقدم.
قال ابن قدامة: وروى صالح عن أحمد أنه أنه قال: أكره بيعهن، وقد باع علي بن أبي طالب عليه السلام وظاهر هذا أنه يصح البيع من الكراهية والمذهب الأول، وقد ادعى جماعة من المتأخرين الإجماع على منع بيعهن، وأفراد ابن كثير كلاماً على هذه المسألة في جزء مفرد وقال: تلخص لي عن الشافعي أربعة أقوال فيها، وفي المسألة من حديث هي ثمانية أقوال، وقد روي في "الجامع" أن علياً عليه السلام أوصى لأمهات الأولاد في مرضه.
قال المرادي: هذا يدل على أنهن يعتقن بعد موته عليه السلام. انتهت الحاشية.
تتم الكتاب بحمد الله الملك الوهاب بعناية سيدنا الفقيد العارف الفاضل، من عز الشبيه له والمماثل، فخر الأواخر على الأوائل، من لو كان الورع شخصاً ماثلاً لما كان إلا إياه، أو كان في الأرض بدر طالع لما كان إلا محياه، ضياء الإسلام والدين إسماعيل ابن محمد حنش حرس الله ذاته وتولى مكافأته.
وكان الفراغ من تحصيله يوم الثلاثاء لعله ثاني شهر صفر الخير سنة سبع وستين ومائة وألف 1167 ا.هـ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم آمين.
وثبت في ط: تم الكتاب، والحمد لله الذي بنعمة تتم الصالحات.
وجد في آخر النسخة المنقول عنها ما نصه: فرغ منه كاتبه كاتبه أحمد بن أبي بكر بن علي الشافعي الحسن الأسيوطي الأصل في مستهل ربيع الأول سنة أربعين وثمانمائة من خط مصنفه رضي الله عنه، وأما النقط ففي نسخة الأصل في مواضع قليلة، ورأيت بخطه في آخرها فرغه مختصره أحمد بن علي بن حجر تعليقاً في 21 شوال سنة 812 حامداً لله مصلياً على نبيه محمد وعلى آله وصحبه ومسلماً، ثم فرغ منه تتبعاً في جمادي الآخر سنة 820.

(4/523)