الكفاية في علم الرواية ط الكتب الحديثة

عنوان الكتاب:
كتاب الكفاية في علم الرواية
تأليف:
أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي
ت: 463 هـ
دراسة وتحقيق:
عبد الحليم محمد عبد الحليم و عبد الرحمن حسن محمود
الناشر:
دار الكتب الحديثة بالقاهرة ومكتبة المثنى ببغداد
الطبعة الثانية


ص -31- ... بسم الله الرحمن الرحيم
[أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي بدمشق] 1 نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب2 البغدادي الحافظ [قدم علينا من حفظة]"1" رحمه الله تعالى.
الحمد لله الذي هدانا لدينه القويم وأرشدنا إلى صراطه المستقيم وألهمنا الحمد له على ما خولنا من جزيل نعمه وأجدنا3 نعمة علينا مضافة إلى سائر مننه احمده حمد معترف بالتقصير فيما يلزمه من شكر هباته وأسأله التوفيق للعمل بما يقرب إلى مرضاته وأشهد أن لا إله ألا الله شهادة تبلغ معتقدها أمله ويختم الله لقائلها بالسعادة عمله وأشهد أن محمدا عبده المنتخب من بريته ورسوله الداعي لخلقه إلى طاعته أرسله بالحق المبين وابتعثه بالشرع المتين فجلى غوامض الشبهات وأنار حنادس الظلمات وأباد حزب الكفر وأنصاره وشيد أعلام الدين ومناره صلى الله عليه صلاة يعطيه فيها أمنيته ويرفع بها في الآخرة درجته وعلى إخوانه من النبيين وآله الأخيار المنتخبين وتابعيهم بالإحسان أجمعين.
أما بعد فإن الله تبارك وتعالى أنقذ الخلق من نائرة الجهل وخلص الورى من زخارف الضلالة بالكتاب الناطق والوحي الصادق المنزلين على سيد الورى نبينا محمد المصطفى ثم أوجب النجاة من النار وأبعد عن منزل الذل والخسار لمن أطاعه في إمتثال ما أمر والكف عما عنه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: المعروف بالخطيب.
3 قط: وجعله.


ص -32- ... نهى وزجر فقال: {وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} وطاعة الله [في طاعة رسوله]1 وطاعة رسوله في اتباع سننه2 إذ هي النور البهي والأمر الجلي والحجة الواضحة والمحجة اللائحة من تمسك بها اهتدى ومن عدل عنها ضل وغوى.
ولما كان ثابت السنن والآثار وصحاح الأحاديث المنقولة والأخبار ملجأ المسلمين في الأحوال ومركز المؤمنين في الأعمال إذ لا قوام للإسلام إلا باستعمالها ولا ثبات للإيمان3 إلا بانتحالها وجب الاجتهاد في علم 4أصولها ولزم الحث على ما عاد بعمارة سبيلها وقد استفرغت [طائفة من أهل] زماننا وسعها في كتب الأحاديث والمثابرة على جمعها من غير أن يسلكوا مسلك المتقدمين [وينظروا نظر]"1" السلف الماضين في حال الراوي والمروى وتمييز سبيل المرذول والمرضى واستنباط [ما في السنن من] "1" الأحكام وإثارة المستودع فيها من الفقه بالحلال والحرام بل قنعوا من الحديث باسمه [واقتصروا على كتبه في الصحف و] "1" رسمه فهم أغمار وحملة أسفار قد تحملوا المشاق الشديدة وسافروا إلى البلدان البعيدة [وهان عليهم الدأب] "1" والكلال واستوطئوا مركب الحل والارتحال وبذلوا الأنفس والأموال وركبوا المخاوف [والأهوال] "1" شعث الرؤس شحب الألوان خمص البطون نواحل5 الأبدان يقطعون أوقاتهم بالسير في [البلاد طلبا لما] علا من الإسناد لا يريدون شيئا سواه ولا يبتغون6 إلا إياه يحملون عمن لا تثبت عدالته ويأخذون7 ممن لا تجوز 8أمانته ويروون عمن لا يعرفون9 صحة حديثه ولا يتيقن ثبوت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من: قط.
2 قط: سنته.
3 قط: لأمر الدين.
4 قط: حفظ.
5 كذا، وفي وصف: لواحق.
6 صف: فلا يتبعون.
7 قط: ويسمعون.
8 قط: لا تجود.
9 قط: لا يعرف.


ص -33- ... مسموعة ويحتجون بمن لا يحسن قراءة صحيفته ولا يقوم بشيء من شرائط الرواية ولا يفرق بين السماع والإجازة ولا يميز بين المسند والمرسل والمقطوع والمتصل ولا يحفظ اسم شيخه الذي حدثه حتى يستثبته1 من غيره ويكتبون عن الفاسق في فعله المذموم في مذهبه وعن المبتدع في دينه المقطوع على فساد اعتقاده ويرون ذلك جائزا والعمل بروايته واجبا إذا كان السماع ثابتا والإسناد متقدما عاليا فجر هذا الفعل منهم الوقيعة في سلف العلماء وسهل طريق الطعن عليهم لأهل البدع والأهواء حتى ذم الحديث وأهله بعض من ارتسم بالفتوى في الدين ورأى عند إعجابه بنفسه أنه أحد الأئمة المجتهدين بصدوفه عن الآثار إلى الرأي المرذول وتحكمه في الدين برأيه2 المعلول وذلك منه غاية الجهل ونهاية التقصير عن مرتبة [الفضل ينتسب إلى قوم تهيبوا كد الطلب]3 ومعاناة ما فيه من المشقة والنصب وأعيتهم الأحاديث أن يحفظوها واختلفت عليهم الأسانيد فلم يضبطوها فجانبوا ما استثقلوا وعادوا ما جهلوا وآثروا الدعة واستلذوا الراحة ثم تصدروا في المجالس قبل الحين الذي يستحقونه وأخذوا أنفسهم بالطعن على العلم الذي لا يحسنونه أن تعاطي أحدهم رواية حديث فمن صحف ابتاعها كفى مؤونة جمعها من غير سماع لها ولا معرفة بحال ناقلها وإن حفظ شيئا منها خلط الغث بالسمين وألحق الصحيح [بالسقيم وإن قلب عليه إسناد خبر أو سئل عن علة تتعلق بأثر تحير واختلط]"3" وغيث بلحيته وامتخط تورية عن مستور جهالته فهو كالحمار في طاحونته ثم رأى ممن يحفظ الحديث ويعانيه ما ليس في وسعه الجريان فيه فلجأ إلى الازدراء بفرسانه واعتصم بالطعن على الراكضين في ميدانه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: يستثنيه.
2 قط: باجتهاده.
3 من قط.


ص -34- ... كما أخبرنا1 أبو بكر محمد بن عمر بن جعفر الخرقي أنا أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي قال حدثنا أبو العباس أحمد بن على الأبار قال رأيت بالأهواز رجلا حف شاربه وأظنه قد اشترى كتبا وتعبأ للفتيا فذكروا أصحاب الحديث فقال:
ليسوا بشيء وليس يسوون شيئا.
فقلت له: أنت لا تحسن تصلى.
قال: أنا؟
قلت: نعم.
قلت: أيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا افتتحت [الصلاة] ورفعت يديك فسكت فقلت وأيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا وضعت يديك على ركبتيك؟ فسكت قلت أيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجدت؟ فسكت.
قلت: مالك لا تكلم ألم أقل لك إنك لا تحسن تصلى [أنت]2 إنما قيل لك تصلى الغداة ركعتين والظهر أربعا فالزم ذا خير لك من أن تذكر أصحاب الحديث فلست بشيء ولا تحسن شيئا.
فهذا المذكور مثله في الفقهاء كمثل من تقدم ذكرنا له ممن انتسب إلى الحديث ولم يعلق [به منه غير سماعه وكتبه دون نظره في] أنواع عمله.
وأما المحققون فيه المتخصصون به فهم الأئمة العلماء والسادة الفهماء [أهل الفضل والفضيلة والمرتبة الرفيعة] حفظوا على الأمة أحكام الرسول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: أنبأ، هنا وفي غالب المواضع.
2 ليس من قط.


ص -35- ... واخبروا على أنباء التنزيل وأثبتوا ناسخه ومنسوخه [وميزوا محكمه]1 ومتشابهه ودونوا أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأفعاله وضبطوا على اختلاف [الأمور أحواله في يقظته ومنامه]"1" وقعوده وقيامه وملبسه ومركبه ومأكله ومشربه حتى القلامة من ظفره ما كان يصنع بها والنخاعة من فيه كيف كان يلفظها وقوله عند كل فعل يحدثه ولدى كل موقف يشهده تعظيما لقدره [صلى الله عليه وآله وسلم ومعرفة بشرف ما] "1" ذكر عنه وعزى إليه وحفظوا مناقب صحابته ومآثر عشيرته وجاؤا بسير الأنبياء [ومقامات الأولياء واختلاف الفقهاء]"1" ولولا عناية أصحاب الحديث بضبط السنن وجمعها واستنباطها [من معادنها والنظر في طرقها لبطلت الشريعة]2 وتعطلت أحكامها إذ كانت مستخرجة من الآثار المحفوظة ومستفادة من السنن المنقولة فمن عرف للإسلام حقه وأوجب للدين حرمته أكبر أن يحتقر من عظم الله شأنه وأعلى مكانه وأظهر حجته وأبان فضيلته ولم يرتق بطعنه إلى حزب الرسول وأتباع الوحي وأوعية الدين وخزنة العلم الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه فقال: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وكفى المحدث شرفا أن يكون اسمه مقرونا باسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذكره متصلا بذكره {ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.
والواجب على من خصه الله تعالى بهذه الرتبة3 وبلغه إلى هذه لمنزلة أن يبذل مجهوده في تتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسننه وطلبها من مظانها وحملها عن أهلها والتفقه بها والنظر في أحكامها والبحث عن معانيها والتأدب بآدابها ويصدف عما يقل نفعه وتبعد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 من قط.
3 قط: المرتبة.


ص -36- ... فائدته من طلب الشواذ والمنكرات وتتبع الأباطيل والموضوعات ويؤتى1 الحديث حقه من الدراسة والحفظ والتهذيب والضبط ويتميز2 بما تقتضيه حاله ويعود عليه زينه وجماله فقد أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي قال قرئ على أبي أحمد الحسين بن على التميمي وأنا أسمع حدثني3 محمد بن المسيب قال حدثنا أبو الخصيب المصيصي إملاء قال سمعت سعيد بن المغيرة يقول: سمعت مخلد بن الحسين يقول:
إن كان الرجل ليسمع العلم اليسير فيسود به أهل زمانه يعرف ذلك في صدقه وورعه4 وإنه ليروى اليوم خمسين ألف حديث لا تجوز شهادته على قلنسوته.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الأشناني بنيسابور قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال أنبأ ابن وهب وأخبرنا أبو الحسين علي بن القاسم بن الحسن الشاهد بالبصرة واللفظ له قال ثنا أبو روق الهزاني قال ثنا بحر بن نصر الخولاني قال ثنا ابن وهب قال حدثني يحيى بن سلام عن عثمان بن مقسم عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لا ينفعه الله بعلمه".
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد الواعظ مولى بني هاشم قال ثنا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الأزرق إملاء قال حدثني جدي أبو يعقوب إسحاق بن البهلول قال ثنا سفيان ويعلى عن إسماعيل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: ويوفى.
2 صف: وتميز.
3 قط: حدثكم.
4 قط: وفي ورعه.


ص -37- ... يعني ابن أبي خالد عن قيس عن عبد الله رفعه يعلى ووقفه سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله حكمة فهو يقول: بها ورجل آتاه الله ما لا فهو ينفقه في حقه".
وأنا اذكر بمشيئة الله تعالى وتوفيقه في هذا الكتاب ما بطالب1 الحديث حاجة إلى معرفته وبالتفقة فاقة إلى حفظه ودراسته من بيان أصول علم الحديث وشرائطه وأشرح من مذاهب سلف الرواة والنقلة في ذلك ما يكثر نفعه وتعم فائدته ويستدل به على فضل المحدثين واجتهادهم في حفظ الدين ونفيهم تحريف الغالين وانتحال المبطلين2 ببيان الأصول من الجرح والتعديل والتصحيح والتعليل وأقوال الحفاظ في مراعاة الألفاظ [وحكم التدليس] والاحتجاج بالمراسيل والنقل عن أهل الغفلة ومن لا يضبط الرواية وذكر من يرغب عن السماع منه [لسوء مذهبه والعرض]3 على الراوي والفرق بين قول حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وجواز إصلاح اللحن والخطأ في الحديث [ووجوب العمل] بأخبار الآحاد والحجة على من أنكر ذلك وحكم الرواية على الشك وغلبة الظن واختلاف الروايات [بتغاير العبارات] ومتى يصح سماع الصغير وما جاء في المناولة وشرائط صحة الإجازة والمكاتبة وغير ذلك مما يقف عليه [من تأمله ونظر فيه إذا انتهى إليه] وبالله استعين وهو حسبي ونعم الوكيل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: ما لطالب.
2 فهذا ملتقط من الحديث المعروف: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين... وهو مما خرجه ابن وضاح في كتابه "البدع والمحدثات" وقد بسط القول فيه العقيلي في الضعفاء، وابن عدي في الكامل س".
3 من قط.


ص -39 - ... باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وجوب العمل ولزوم التكليف
أخبرنا أبو محمد الحسن بن على بن أحمد بن بشار النيسابوري بالبصرة قال ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري قال ثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني قال ثنا على بن عياش وأبو اليمان قالا حدثنا حريز بن عثمان1 قال حدثني عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "ألا إني أوتيت [الكتاب ومثله معه ألا إني قد أوتيت] 2 القرآن ومثله ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع ولا لقطة من [مال] معاهد إلا أن يستغنى عنها صاحبها".
أخبرنا أبو الحسين على بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قال أنا أبو جعفر بن عمرو بن البحتري الرزاز قال حدثنا يحيى بن جعفر بن الزبرقان قال أنا زيد بن الحباب قال ثنا معاوية بن صالح قال أخبرني الحسن بن جابر أنه سمع المقدام بن معد يكرب الكندي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرم أشياء فذكر الحمر الإنسية ثم قال: "يوشك رجل متكئ على أريكته يحدث بالحديث من حديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا حلالا أحللناه وما وجدنا حراما حرمناه ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل ما حرم الله عز وجل".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: جرير بن سليمان: كذا.
2 من قط.


ص -40- ... أخبرنا على بن محمد بن عبد الله أيضا قال أنا دعلج بن أحمد قال ثنا ابن شيرويه قال ثنا إسحاق وهو ابن راهويه قال أنا عبد الرحمن بن مهدي ح وأخبرني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن على بن الزيات ح وأخبرنا أبو الحسن على بن طلحة بن محمد المقري وأبو الحسين أحمد بن عمر بن روح النهرواني واللفظ لحديثهما قالا أنا أبو حفص بن الزيات قال ثنا عبد الله بن محمد بن ناحية قال ثنا عمرو بن على أبو حفص الصيرفي قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا معاوية بن صالح عن الحسن بن جابر قال سمعت المقدام بن معد يكرب يقول: حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشياء يوم خيبر ثم قال: "يوشك رجل متكئ على أريكته يحدث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه وأن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل ما حرم الله عز وجل".
أخبرنا أبو علي الحسن بن أبي بكر بن شاذان قال أنا مكرم بن أحمد بن محمد بن مكرم القاضي قال حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي قال ثنا محمد بن عيسى يعني ابن الطباع قال ثنا أشعث بن شعبة المصيصي قال حدثنا أرطاة بن المنذر قال سمعت حكيم بن عمير يحدث عن العرباض بن سارية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزل خيبر ومعه من معه من أصحابه ومكر صاحب خيبر مكرا ماردا1 فأقبل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا محمد ألكم أن تذبحوا حمرنا وتأكلوا بقرنا وتضربوا2 نساءنا وتدخلوا بيوتنا فغضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "يا ابن عوف قم فاركب فرسك فناد في الناس إلا أن الجنة لا تحل إلا المؤمن وأن اجتمعوا إلى الصلاة" فاجتمعوا فصلى بهم النبي صلى الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في سنن البيهقي: وكان صاحب خيبر رجلا ماردا منكرا جـ 9 ص 204.
2 صف: وتقربوا: كذا.


ص -41- ... عليه وسلم ثم قام فقال: "بحسب امرئ قد شبع وبطن وهو متكئ على أريكته لا يظن أن لله حراما1 إلا ما في القرآن وإني والله قد حرمت ونهيت ووعظت بأشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر لا أحل من السباع كل ذي ناب ولا الحمر الأهلية ولا أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ولا أكل أموالهم إلا ما طابوا به نفسا ولا ضرب نسائهم إذا أعطوا الذي عليهم".
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري [بنيسابور]2 قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال أنا الربيع بن سليمان قال نا الشافعي قال أنا سفيان ح وأخبرنا [أبو نعيم أحمد بن] عبد الله بن أحمد بن إسحاق الحافظ بأصبهان قال ثنا أبو على محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ثنا بشر بن موسى قال ثنا الحميدي قال ثنا سفيان قال ثنا سالم أبو النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من امرئ مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه". لفظ الحميدي.
أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي قال ثنا على بن أحمد بن النضر قال ثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي قال ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أسماء بن خارجه بن حصن بن حذيفة بن بدر ح وأخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخراساني قال ثنا أبو على الحسين بن أحمد السراج قال ثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي قال ثنا أبو إسحاق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: إن الله حرم.
2 من قط.


ص -42- ... الفزاري عن مالك بن أنس عن سالم أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا أعرفن الرجل يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه1 فيقول: ما أدري ما هذا عندنا كتاب الله ليس هذا فيه" واللفظ لابن الفضل.
أخبرنا الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه أبو سعيد الأصبهاني بها قال ثنا أحمد بن [جعفر بن]2 معبد السمسار قال ثنا عمر بن أحمد بن السني أبو الحسين البغدادي قال حدثنا محمد بن أعين قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال ثنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن يزيد الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لعل أحدكم أن يأتيه حديث من حديثي وهو متكئ على أريكته فيقول: دعونا من هذا ما وجدنا في كتاب الله اتبعنا".
أخبرني أبو القاسم الأزهري قال حدثنا محمد بن المظفر الحافظ قال حدثنا أحمد بن إبراهيم بن خلاد العسكري قال ثنا محمد بن موسى الدولابي قال حدثنا عباد بن صهيب قال ثنا عباد بن كثير قال ثنا محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا عسى رجل أن يبلغه عنى حديث وهو متكئ على أريكته فيقول: لا أدرى ما هذا عليكم بالقرآن فمن بلغه عنى حديث فكذب به أو كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
أخبرني الحسن بن أبي طالب قال ثنا عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ قال ثنا أحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: أما أمرت به وأما نهيت عنه.
2 من قط.


ص -43- ... ابن إسحاق بن البهلول قال ثنا أبي قال ثنا سمرة بن حجر عن حمزة بن أبي حمزة النصيبي عن عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"ما بال أصحاب الحشايا يكذبونى عسى أحدكم يتكئ على فراشه يأكل مما أفاء الله عليه فيؤتى يحدث عنى الأحاديث يقول: لا أرب لي فيها عندنا كتاب الله ما نهاكم عنه فانتهوا وما أمركم به فاتبعوه".
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنا أبو سهل أحمد [بن محمد]1 بن عبد الله بن زياد القطان قال ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال ثنا جويرية بن أسماء عن مالك بن أنس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أخبره أن عبد الله بن عباس أخبره قال: قال عمر رضي الله تعالى عنه:
إن الله تعالى بعث محمدا وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها [وعقلناها] "1" ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورجمنا بعده وأخشى إن طال بالناس زمان يقول: رجل2 والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيترك فريضة3 أنزلها الله فإن الرجم في كتاب الله تعالى [حق على من زنى]"1" إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت عليه أو كان الحبل أو الاعتراف.
أخبرنا عبد الله بن يحيى السكري4 نا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال ثنا سفيان عن [منصور بن المعتمر]5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: قائل.
3 قط: فتترك فريضة.
4 أخبرنا أبو نعيم الحافظ.
5 من قط.


ص -44- ... عن إبراهيم النخعي عن علقمة ان امرأة من بني أسد أتت عبد الله بن مسعود فقالت أنه بلغني انك قلت1 ذيت وذيت والواشمة والمستوشمة وإني قرأت ما بين اللوحين فلم أجد الذي تقول وإني لأظن على أهلك منها قال: فقال لها عبد الله فادخلي فانظري فدخلت فنظرت فلو تر شيئا ثم خرجت فقالت لم ار شيئا فقال لها عبد الله أما قرأت وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت بلى قال: قال فهو ذاك.
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي بنيسابور قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا روح بن عبادة قال ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: كان جبرائيل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسنة [كما ينزل عليه بالقرآن] 2 يعلمه إياها كما يعلمه القرآن.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق قال أنا أبو بكر النجاد قال ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان قال ثنا سهل بن صالح الأنطاكي قال ثنا الهيثم بن خارجة قال ثنا الهيثم بن عمران قال سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول: ينبغي لنا أن نحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما نحفظ القرآن لان الله تعالى يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: لعنت.
2 من قط.


ص -45 - ... باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن وذكر الحاجة في المجمل إلى التفسير والبيان
قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ الله فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فإن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وإن كانت وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فإن لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} فكان ظاهر هذه الآية يدل على أن كل والد يرث ولده وكل مولود يرث والده حتى جاءت السنة بأن المراد ذلك مع اتفاق الدين بين الوالدين والمولودين وأما إذا اختلف الدينان فإنه مانع من التوارث واستقر العمل على ماوردت به السنة في ذلك.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد [بن أحمد] 1 بن رزق التاني ببغداد وأبو حفص عمر بن أحمد بن أبي عمر والبزاز بعكبرا وأبو الحسن على بن أحمد بن هارون المعدل بالنهروان قالوا حدثنا محمد بن يحيى بن عمر بن على بن حرب الطائي قال ثنا على بن حرب قال ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن على بن الحسين ح وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال أنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف قال ثنا بشر بن موسى قال ثنا الحميدي قال ثنا سفيان قال ثنا الزهري قال أخبرني على بن حسين عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" وقال الله تعالى في المرأة يطلقها زوجها ثلاثا {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -46- ... واحتمل ذلك أن يكون المراد به عقد النكاح وحده واحتمل [أن يكون المراد به العقد والإصابة معا فبينت السنة أن المراد به]1 الإصابة بعد العقد.
أخبرنا بذلك القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحرشي2 قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرني عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبرته إن رفاعة القرظي طلق امرأته فبت طلاقها فنكحت3 بعده عبد الرحمن بن الزبير فجاءت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت أنها كانت تحت رفاعة فطلقها [آخر] ثلاث تطليقات فتزوجت بعده بعبد الرحمن بن الزبير وإنه والله ما معه إلا مثل هذه الهدبة [وأخذت بهدبة]4 من جلبابها قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضاحكا وقال: "لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته" قالت وأبو بكر [جالس] عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخالد بن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة لم يؤذن له فطفق خالد ينادى أبا بكر ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فكان ظاهر هذا القول يوجب القطع على كل سارق بسرقته كثرت أو قلت حتى دلت السنة أن المراد به بعض السراق5 وهو من بلغت سرقته في القيمة ربع دينار فصاعدا وأما من لم تبلغ قيمة سرقته هذا القدر فلا قطع فيه6.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 كذا في الأصلين، والصواب: الحيرى كما سيأتي.
3 قط: فتزوجت.
4 من قط.
5 صف: السارق.
6 قط: عليه.


ص -47- ... أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي بالبصرة قال حدثنا أبو على محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي قال ثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال ثنا أحمد بن صالح ووهب بن بيان قالا ثنا [قال أبو داود] وحدثنا ابن السرح قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا" [قال أحمد بن صالح القطع في ربع دينار فصاعدا]1 ولما ذكرناه نظائر كثيرة في الكتاب والسنة اقتصرنا منها على ما أوردناه.
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا روح بن عبادة قال ثنا الأوزاعي عن مكحول قال القرآن [أحوج]2 إلى السنة من السنة إلى القرآن قال: وقال يحيى بن أبي كثير السنة قاضية على الكتاب ليس الكتاب قاضيا على السنة.
أخبرني عبد العزيز بن على الوراق قال ثنا عمر بن أحمد الواعظ قال ثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال ثنا الفضل بن زياد قال سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن الحديث الذي روى أن السنة قاضية على الكتاب قال ما أجسر على هذا أن أقوله ولكن السنة تفسر الكتاب وتعرف الكتاب وتبينه.
أخبرنا أبو الحسن على بن أحمد بن محمد بن بكران الفوي بالبصرة قال ثنا الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا محمد بن عقبة قال ثنا أبو إسحاق الفزاري عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: كان جبرائيل ينزل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 ليس في قط، وفيها، تا، ح.


ص -48- ... على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن والسنة تفسر1 القرآن.
أخبرنا أبو الحسن على بن أحمد بن عمر المقري قال نا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال ثنا معاذ بن المثنى قال ثنا مسدد ح وأخبرني الحسن بن أبي طالب وسياق هذا الحديث له قال ثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن حمدان القاضي قال ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال ثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا على بن زيد عن الحسن أن عمران بن حصين كان جالسا ومعه أصحابه فقال رجل من القوم لا تحدثونا إلا بالقرآن قال: فقال له: أدنه فدنا فقال: أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعا وصلاة العصر أربعا والمغرب ثلاثا تقرأ في اثنتين أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد الطواف بالبيت سبعا والطواف بالصفا والمروة ثم قال: أي قوم خذوا عنا فإنكم والله إن لا تفعلوا [لتضلن]2.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال نا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الخراساني قال ثنا إبراهيم بن الهيثم قال ثنا عفان قال ثنا سعيد بن زيد قال حدثنا الحسن أن رجلا قال لعمران بن الحصين ما هذه الأحاديث التي تحدثوناها وتركتم القرآن قال أرأيت لو أبيت3 أنت وأصحابك [إلا]4 القرآن من أين كنت تعلم أن صلاة الظهر [عدتها]"2" كذا وكذا وصلاة العصر [عدتها]"2" كذا وحين وقتها كذا وصلاة المغرب كذا والموقف بعرفة ورمى الجمار كذا [واليد من أين تقطع أمن]"2" ههنا أم ههنا أم من ههنا ووضع يده على مفصل الكف؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: تفسير.
2 من قط.
3 قط: أتيت، كذا.
4 سقط من الأصلين.


ص -49- ... ووضع يده عند المرفق ووضع [يده عند المنكب اتبعوا]1 حديثنا ما حدثناكم وإلا والله ضللتم.
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال أنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال أخبرني أبي قال حدثني الأوزاعي عن أيوب السختياني أنه قال إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وحدثنا من القرآن فاعلم أنه ضال مضل.
قال الأوزاعي يقول: الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ويدعوه إلى تأويل القرآن.
برأيه أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق البزاز قال حدثنا مكرم بن أحمد القاضي قال ثنا محمد بن الحسن الخوارزمي قال سمعت على بن المديني يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي الرجل إلى الحديث أحوج منه إلى الأكل والشرب وقال الحديث [تفسير]2 القرآن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: يفسر


ص -50 - ... باب الكلام في الأخبار وتقسيمها
الخبر هو ما يصح أن يدخله الصدق أو الكذب وينقسم قسمين خبر تواتر وخبر آحاد.
فأما خبر التواتر فهو ما خبر به القوم الذين يبلغ عددهم حدا يعلم عند مشاهدتهم1 بمستقر العادة أن اتفاق الكذب منهم محال وأن التواطؤ منهم في مقدار الوقت الذي انتشر الخبر عنهم فيه متعذر وأن ما خبروا عنه لا يجوز دخول اللبس والشبهة في مثله وأن أسباب القهر والغلبة والأمور الداعية إلى الكذب منتفية عنهم فمتى تواتر الخبر عن قوم هذه سبيلهم قطع على صدقة وأوجب وقوع العلم ضرورة.
وأما الخبر الآحاد فهو ما قصر عن صفة التواتر ولم يقطع2 به العلم وان روته الجماعة.
والأخبار كلها على ثلاثة اضرب فضرب منها يعلم صحته وضرب منها يعلم فساده وضرب منها لا سبيل إلى العلم بكونه على واحد من الأمرين دون الآخر.
أما الضرب الأول وهو ما يعلم صحته فالطريق إلى معرفته إن لم يتواتر حتى يقع العلم الضروري به أن يكون مما تدل العقول على موجبه كالأخبار عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: مشاهديهم.
2 قط: يقع.


ص -51- ... حدث الأجسام واثبات الصانع وصحة الأعلام التي أظهرها الله عز وجل على أيدي الرسل ونظائر ذلك مما أدلة العقول تقتضي صحته.
وقد يستدل أيضا على صحته بأن يكون خبرا عن أمر اقتضاه نص القرآن أو السنة المتواترة أو اجتمعت1 الأمة على تصديقه أو تلقته الكافة بالقبول وعملت بموجبه لأجله.
وأما الضرب الثاني وهو ما يعلم فساده فالطريق إلى معرفته أن يكون مما [تدفع]2 العقول صحته بموضوعها والأدلة المنصوصة فيها نحو الأخبار عن قدم الأجسام ونفى الصانع وما أشبه ذلك أو يكون مما يدفعه نص القرآن أو السنة المتواترة أو أجمعت الأمة على رده أو يكون خبرا عن أمر من أمور الدين يلزم المكلفين علمه وقطع العذر فيه فإذا ورد ورودا لا يوجب العلم من حيث الضرورة أو الدليل علم بطلانه لان الله تعالى لا يلزم المكلفين علما بأمر لا يعلم إلا بخبر ينقطع ويبلغ في الضعف إلى حد لا يعلم صحته اضطرارا ولا استدلالا ولو علم الله تعالى أن بعض الأخبار الواردة بالعبادات التي يجب علمها يبلغ إلى هذا الحد لأسقط [فرض]"2" العلم به عند انقطاع الخبر وبلوغه في الوهي والضعف إلى حال لا يمكن العلم بصحته أو يكون خبرا عن أمر جسيم ونبأ عظيم مثل خروج أهل إقليم بأسرهم على الإمام أو حصر العدو لأهل الموسم عن البيت الحرام فلا ينقل [نقل]"2" مثله بل يرد ورودا خاصا لا يوجب العلم فيدل ذلك على فساده لان العادة جارية بتظاهر الأخبار عما هذه سبيله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: أجمعت.
2 من قط.


ص -52- ... وأما الضرب الثالث الذي لا يعلم صحته من فساده [فإنه يجب] الوقف عن القطع بكونه صدقا أو كذبا وهذا الضرب لا يدخل إلا فيما يجوز أن يكون ويجوز أن لا يكون [مثل]1 الأخبار التي ينقلها أصحاب الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أحكام الشرع المختلف [فيها وإنما وجب الوقف] فيما هذه حاله من الأخبار لعدم الطريق إلى العلم بكونها صدقا أو كذبا فلم يكن القضاء [بأحد الأمرين] فيها أولى من الآخر إلا أنه يجب العمل بما تضمنت من الأحكام إذا وجد فيها الشرائط التي نذكرها بعد إن شاء الله تعالى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -53 - ... باب الرد على من قال يجب القطع على خبر الواحد بأنه كذب إذا لم يقع العلم بصدقه من ناحية الضرورة أو الاستدلال.
إن قال قائل ما أنكرت من أن الخبر إذا كان مرويا فيما يتعلق بالدين ولم يعلم ضرورة ولا قامت على صحته حجة وجب القطع على كونه كذبا لأن الله تعالى لو علم صدقه لم يخلنا من دليل على ذلك وطريق إليه.
يقال له لم لا يجوز أن يخلينا من ذلك وفيه وقع الخلاف بل ما أنكرت من وجوب كونه صدقا لان الله تعالى لو علم أنه كذب لم يخلنا من دليل على ذلك وفى إخلائه من ذلك دليل على أنه صدق ولا مخرج له من هذا السؤال.
ثم يقال له إن حال الخبر في هذا الباب كحال الشهادة على وقوع الجائز الممكن ولو وجب ما قلته لوجب متى عريت الشهادة المتعلق بها حكم في الدين من دلالة الصدق أن يقطع على أنها كذب وزور وهكذا يجب متى لم يدلنا الله تعالى على أيمان الخلفاء والقضاء والأمراء والسعاة وكل نائب عن الأئمة في شيء من أمر الدين وعلى عدالتهم وطهارة سرائرهم أن يجب القطع على كفرهم وفسقهم ومتى لم يدلنا على صحته القياس في الحكم [وأن] 1 الحق فيه دون غيره وجب [القضاء] على فساده ولا جواب عن شيء من ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -54 - ... وإن قال كما يجب القطع على كذب مدعى الرسالة متى لم يكن معه علم دال على صدقه فكذلك يجب القطع على كذب المخبر متى لم تكن معه حجة تدل على صدقه.
يقال له إن كان هذا قياسا صحيحا فإنه يجب القطع بتكذيب جميع آحاد الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين متى انفردوا بالخبر ولم تكن معهم دلالة على صدقهم وهذا خروج عن الدين1 وجهل ممن صار إليه ولو كان قياس مدعى النبوة وراوي الخبر واحدا لوجب أن يكون في الشهادة مثله وان يقطع على [كل] 2 شهادة لم يقم دليل على صحتها أو يبلغ عدد الشهود عدد أهل التواتر أنها كذب وزور وهذا لا يقوله ذو تحصيل لان ذلك لو كان صحيحا لم يجز لأحد من حكام المسلمين أن يحكم بشهادة اثنين ولا بشهادة أربعة وبشهادة من لم يقم الدليل على صدقة لأنه إنما يحكم بشهادة يعلم أنها كاذبة.
ثم الفرق بين خبر مدعى الرسالة وبين خبر الواحد أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يخبرنا عن الله تعالى بما لا نعلم إلا من جهته وقد أمرنا الله تعالى بتعظيمه ظاهرا و باطنا وموالاته والقطع على طهارته ونقاء سريرته والعلم بأنه صادق في جميع ما يخبر به فوجب مع تكليف ذلك إزاحة العلة فيما به يعلم حصول صدقة والقطع وإلا كان تكليفا للشيء3 مع عدم الدليل عليه وذلك محال وخارج عن باب التعبد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: الإجماع.
2 من قط.
3 صف: تكليفنا للشريعة، كذا.


ص -55- ... وأما خبر الواحد فما تعبدنا فيه بهذا لأنه ليس يخبرنا [عما يخبرنا]1 عنه بما لا يصح أن نعلمه إلا من جهته ولا هو خبر عن الله تعالى ولا نحن مأمورون بالقطع على طهارة سريرته والعلم بأنه صادق في خبره بل إنما تعبدنا بالعمل بخبره متى ظننا كونه صدقا فحاله في ذلك كحال الشاهد الذي أمرنا بالعمل بشهادته دون اعتقاد شيء من هذه الجملة فيه وكما لا يجوز قياس الشهادة على ادعاء النبوة فكذلك لا يجوز قياس الخبر عليها وهذا واضح لا شبهة فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -56- ... معرفة الخبر المتصل الموجب للقبول والعمل
حدثني على بن أحمد الهاشمي قال هذا الكتاب [جدي عيسى]1 بن موسى بن أبي محمد بن المتوكل على الله فقرأت فيه حدثني أبو بكر محمد بن داود النيسابوري قال [سمعت محمد بن نعيم يقول:]"1" سمعت محمد بن [يحيى وهو]"1" الذهلي يقول: ولا يجوز الاحتجاج إلا بالحديث الموصل غير المنقطع الذي ليس فيه [رجل مجهول]"1" ولا رجل مجروح.
أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال أخبرنا محمد بن نعيم الضبي الحافظ قال قرأت بخط [أبى عمرو المستملى سمعت]"1" يحيى بن محمد بن يحيى يقول: لا يكتب الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى يرويه ثقة عن ثقة حتى يتناهى [الخبر]"1" إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الصفة ولا يكون فيهم رجل مجهول ولا [رجل]"1" مجروح فإذا ثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الصفة وجب قبوله والعمل به وترك مخالفته.
قرأت في كتاب أبي الحسين أحمد بن قاج الوراق ثنا على بن الفضل بن ظاهر البلخي [قال ثنا محمد بن غالب الكرابيسي قال ثنا مسلم بن عبد الرحمن البخلى]"1" وهو السلمي قال ثنا عبد الله بن محمد الإمام قال ثنا محمد بن يسار عن قتادة قال: لا يحمل هذا الحديث عن صالح عن طالح ولا عن طالح عن صالح حتى يكون صالح عن صالح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -57- ... أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء في كتابه إلينا من مصر قال حدثنا أحمد بن محمد بن أبي الموت أبو بكر المكي قال: قال لنا أحمد بن زيد بن هارون1 إنما هو صالح عن صالح وصالح عن تابع وتابع عن صاحب وصاحب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن جبرائيل وجبرائيل عن الله عز وجل، يعني في الحديث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصلين.


ص -58- ... معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات في صفة الأخبار وأقسام الجرح والتعديل مختصرا
وصفهم الحديث بأنه مسند يريدون أن إسناده متصل بين رواية وبين من اسند عنه إلا أن أكثر استعمالهم هذه العبارة هو فيما اسند عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة واتصال الإسناد فيه أن يكون واحد من رواته سمعه من فوقه حتى ينتهي ذلك إلى آخره وإن لم يبين فيه السماع بل اقتصر على العنعنة.
وأما المرسل فهو ما انقطع إسناده بأن يكون في رواته من لم يسمعه ممن فوقه إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما ما رواه تابع التابعي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيسمونه المعضل وهو اخفض مرتبة من المرسل. والمرفوع ما أخبر فيه الصحابي عن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو فعله.
والموقوف ما أسنده الراوي إلى الصحابي ولم يتجاوزه.
والمنقطع مثل المرسل إلا أن هذه العبارة تستعمل غالبا في رواية من دون التابعي1 عن الصحابة مثل أن يروى مالك بن أنس عن عبد الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: التابعين.


ص -59- ... ابن عمر أو سفيان الثوري عن جابر بن عبد الله أو شعبة بن الحجاج عن أنس بن مالك وما أشبه ذلك. وقال بعض أهل العلم [بالحديث]1 الحديث المنقطع ما روى عن التابعي ومن دونه موقوفا عليه من قوله أو فعله.
والمدلس رواية المحدث عمن عاصره ولم يلقه فيتوهم أنه سمع منه أو روايته عمن قد لقيه ما لم يسمعه منه هذا هو التدليس في الإسناد.
فأما التدليس للشيوخ فمثل أن يغير اسم شيخه لعلمه بان الناس يرغبون عن الرواية عنه أو يكنيه بغير كنيته أو ينسبه إلى غير نسبته المعروفة من أمره.
ووصفهم لمن روى عنه أنه صحابي يريدون أنه ممن ثبتت صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
والتابعي من صحب الصحابي.
فأما أقسام العبارات بالأخبار عن أحوال الرواة فأرفعها أن يقال حجة أو ثقة وأدونها أن يقال كذاب أو ساقط.
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص بن الخليل الماليني قال أنا أبو أحمد عبد الله بن عدى الحافظ قال ثنا القاسم بن زكريا ويحيى بن صاعد ومحمود2 بن موسى الحلواني وأحمد بن محمد بن سليمان القطان قالوا ثنا عمرو بن [على]3 ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا أبو خلدة قال: فقال له رجل:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ليس في قط.
2 قط: ومحمد.
3 من قط.


ص -60- ... يا أبا سعيد أكان ثقة قال: كان صدوقا وكان [مأمونا وكان]1 خيرا وقال القاسم وكان خيارا الثقة شعبة وسفيان.
أخبرني الحسن بن أبي طالب قال ثنا أحمد [بن إبراهيم بن]"1" شاذان قال أخبرنا الحسين بن محمد بن عفير قال: قال أبو جعفر أحمد بن سنان كان عبد الرحمن [بن مهدي ربما جرى]"1" ذكر حديث الرجل فيه ضعف وهو رجل صدوق فيقول: رجل صالح الحديث.
أخبرنا أبو القاسم عبيد [الله بن عمر بن]"1" أحمد الواعظ قال ثنا أبي قال ثنا الحسين بن صدقة قال ثنا أحمد بن أبي خيثمة قال: قلت: ليحيى بن معين انك تقول فلان ليس به بأس وفلان ضعيف [قال إذا قلت لك ليس به بأس فهو ثقة وإذا قلت لك هو ضعيف]"1" فليس هو بثقة لا يكتب2 حديثه.
حدثني على بن محمد بن نصر الدينوري قال سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول: سألت أبا الحسن الدارقطني قلت له إذا قلت فلان لين أيش تريد به قال: لا يكون ساقطا متروك الحديث ولكن مجروحا بشيء لا يسقط عن العدالة.
وقال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي فيما أخبرني به أبو زرعة روح بن محمد بن أحمد القاضي إجازة شافهنى بها أن على بن محمد بن عمر القصار أخبرهم عنه وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى فإذا قيل للواحد أنه ثقة أو متقن فهو ممن يحتج بحديثه وإذا قيل أنه صدوق،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: لا تكتب.


ص -61- ... أو محله الصدق أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهى المنزلة الثانية [وإذا قيل شيخ فهو بالمنزلة الثالثة يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية]1 وإذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا وإذا قالوا ليس بقوي فهو بمنزلة الأول في كتب حديثه إلا أنه دونه وإذا قالوا ضعيف الحديث فهو دون الثاني لا يطرح حديثه بل يعتبر به وإذا قالوا متروك الحديث أو ذاهب الحديث أو كذاب فهو ساقط الحديث لا يكتب حديثه وهى المنزلة الرابعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -62- ... وصف من يحتج بحديثه ويلزم قبول روايته على الإجمال دون التفصيل
أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال أنا أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي قال ثنا أحمد بن موسى الجوهري [ح وأخبرنا أبو منصور محمد]1 بن عيسى بن عبد العزيز البزاز بهمذان قال ثنا أبو الفضل صالح بن أحمد بن محمد الحافظ لفظا قال ثنا محمد بن حمدان الطرائفي قالا ثنا الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي قال لي: قائل احدد لي أقل ما تقوم به الحجة على أهل العلم حتى يثبت عليهم خبر الخاصة فقلت خبر الواحد عن الواحد حتى ينتهي به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو من انتهى به إليه دونه ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا:
منها أن يكون من حدث به ثقة في دينه معروفا بالصدق في حديثه عاقلا بما يحدث به عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ أو [أن]2 يكون ممن يؤدى الحديث بحروفه كما سمعه لايحدث به على المعنى لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه لم يدر لعله يحيل الحلال إلى الحرام وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته للحديث حافظا إن حدث من حفظه حافظا لكتابه إن حدث من كتابه إذا شرك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وقع في وصف: وأخبرنا منصور بن محمد، وفي قط: وأخبرنا أبو منصور بن محمد، وسيأتي في مواضع: أبو منصور محمد، وهو الصواب "ح".
2 من قط.


ص -63- ... أهل الحفظ في الحديث وافق حديثهم بريئا من أن يكون مدلسا يحدث عمن لقي ما لم يسمع منه ويحدث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما يحدث الثقات خلافه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه حتى ينتهي الحديث موصولا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو إلى من انتهى به إليه دونه لان كل واحد منهم مثبت لمن حدثه مثبت على من حدث عنه فلا يستغنى في كل واحد منهم عما وصفت.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا أبو على محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال: قال عبد الله بن الزبير الحميدي فإن قال قائل فما الحديث الذي يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويلزمنا الحجة به.
قلت هو أن يكون الحديث ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متصلا غير مقطوع معروف الرجال أو يكون حديثا متصلا حدثنيه ثقة [معروف عن]1 رجل جهلته وعرفه الذي حدثني عنه فيكون ثابتا يعرفه من حدثنيه عنه حتى يصل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم [وإن لم يقل]2 كل واحد ممن حدثه سمعت أو حدثنا حتى ينتهي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وان أمكن أن يكون بين المحدث والمحدث عنه واحد أو أكثر لان ذلك عندي على السماع لأدراك المحدث من حدث عنه حتى ينتهي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولازم صحيح يلزمنا قبوله ممن حمله إلينا إذا كان صادقا مدركا لمن روى ذلك عنه مثل شاهدين شهدا عند حاكم على شهادة شاهدين يعرف الحاكم عدالة اللذين شهدا عنده ولم يعرف عدالة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: يعمل.


ص -64- ... من شهدا على شهادته فعليه إجازة شهادتهما على شهادة من شهدا عليه ولا يقف عن الحكم بجهالته بالمشهود على شهادتهما.
قال عبد الله فهذا الظاهر الذي يحكم به والباطن ما غاب عنا من وهم المحدث وكذبه ونسيانه وإدخاله بينه وبين من حدث عنه رجلا أو أكثر وما أشبه ذلك مما يمكن أن يكون ذلك على خلاف ما قال [فلا نكلف]1 علمه إلا بشيء ظهر لنا فلا يسعنا حينئذ قبوله لما ظهر لنا منه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -65- ... ذكر شبهة من زعم أن خبر الواحد يوجب العلم وإبطالها
أخبرني أبو الفضل محمد بن عبيد الله بن أحمد المالكي قال قرأت على القاضي أبي بكر محمد بن الطيب قال فإما من قال من الفقهاء أن خبر الواحد يوجب العلم الظاهر دون الباطن فإنه قول من لا يحصل علم هذا الباب لأن العلم من حقه أن لا يكون علما على الحقيقة بظاهر أو باطن إلا بأن يكون معلومة على ما هو به ظاهرا وباطنا فسقط هذا القول.
قال وتعلقهم في ذلك بقوله عز وجل: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} بعيد لأنه أراد تعالى وهو اعلم فإن علمتموهن في إظهارهن الشهادتين ونطقهن بهما وظهور ذلك منهن معلوم يدرك إذا وقع وإنما سمى النطق إيمانا على معنى أنه دال عليه وعلم في اللسان على إخلاص الاعتقاد ومعرفة القلب مجازا واتساعا ولذلك نفى تعالى الإيمان عمن علم أنه غير معتقد له1 في قوله: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي قولوا استسلمنا فزعا من أسيافهم2.
قال وأما التعلق في أن خبر الواحد يوجب العلم فإن3 الله تعالى لما أوجب العمل به وجب العلم بصدقه وصحته لقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وقوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى الله مَا لا تَعْلَمُونَ} فإنه أيضا بعيد لأنه إنما عنى تعالى بذلك أن لا تقولوا في دين الله ما لا تعلمون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صف: به.
2 قط: من اليسف.
3 كذا: والظاهر بأن "س".


ص -66 - ... إيجابه والقول والحكم به عليكم ولا تقولوا سمعنا ورأينا وشهدنا وأنتم لم تسمعوا وتروا وتشاهدوا وقد ثبت إيجابه تعالى علينا العمل بخبر الواحد وتحريم القطع على أنه صدق أو كذب فالحكم به معلوم من أمر الدين وشهادة بما يعلم ويقطع به ولو كان ما تعلقوا به من ذلك دليلا على صدق خبر الواحد لدل على صدق الشاهدين أو صدق يمين الطالب للحق واوجب القطع بإيمان الإمام والقاضي والمفتى إذ ألزمنا المصير إلى أحكامهم وفتواهم لأنه لا يجوز القول في الدين بغير علم وهذا عجز ممن تعلق به فبطل ما قالوه
باب ذكر بعض الدلائل على صحة العمل بخبر الواحد ووجوبه
قد أفردنا لوجوب العمل بخبر الواحد كتابا ونحن نشير إلى شيء منه في هذا الموضع إذ كان مقتضيا له.
فمن أقوى الأدلة على ذلك ما ظهر واشتهر عن الصحابة من العمل بخبر الواحد.
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري قال أنا أبو على محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني قال ثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى ثنا بشر بن عمر قال ثنا مالك عن ابن شهاب عن عثمان بن إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب قال جاءت الجدة إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه تسأله ميراثها فقال لها مالك في كتاب الله شيء ولا علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا فارجعي حتى أسأل الناس [فسأل الناس] 1 فقال المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاها السدس فقال أبو بكر هل معك غيرك فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال [مثل ما قال المغيرة] "1" فأنفذ لها أبو بكر،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -67- ... ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه تسأله ميراثها فقال مالك في كتاب الله [شيء وما القضاء]1 الذي بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى به إلا لغيرك وما أنا بزائد في الفرائض ولكن هو ذلك السدس فإن اجتمعتما فيه فهو لكما2 وأيتكما خلت به فهو لها.
أخبرنا على بن محمد بن عبد الله المعدل قال أنا على بن محمد بن أحمد المصري قال ثنا ابن أبي مريم قال ثنا الفريابي قال ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت بجالة قال لم يكن عمر أخذ من المجوس الجزية حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذها من مجوس هجر.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان قال ثنا إسماعيل بن إسحاق قال ثنا عبد الله يعني ابن مسلمة القعنبي عن مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة بن عمته زينب بنت كعب إن الفريعة بنت مالك بن سنان وهى أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في منزل يملكه ولا نفقة فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم" قالت فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدعيت له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف قلت" قالت فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: بينكما.


ص -68- ... فقال: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلى فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به.
أخبرنا أبو الحسن على بن القاسم بن الحسن الشاهد قال حدثنا أبو الحسن على بن إسحاق بن محمد البختري المادراني قال ثنا محمد بن عبيد الله المنادى قال ثنا شبابة بن سوار قال ثنا قيس بن الربيع عن عثمان بن المغيرة عن على بن ربيعة عن أسماء بن الحكم الفزاري عن على بن أبي طالب رضي الله عنه قال كنت إذا سمعت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه وإذا حدثني غيري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم أرض حتى يحلف لي أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما من إنسان يصيب ذنبا فيتوضأ ثم يصلى ركعتين فيستغفر الله فيهما إلا غفر له".
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي1 قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال ثنا عثمان بن صالح السهمي قال ثنا ابن لهيعة عن أبي النضر عن عبد الله بن حنين أنه قال: قال رجل من أهل العراق لعبد الله بن عمر إن ابن عباس قال وهو علينا أمير: من أعطى بدينار مائة دينار فليأخذها فقال ابن عمر سمعت عمر بن الخطاب يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " على المنبر "الذهب بالذهب ربا إلا مثلا بمثل لا زيادة فيه وما زاد فيه فهو ربا" فقال ابن عمر فإن كنت في شك فسل أبا سعيد الخدري عن ذلك فانطلق فسأل أبا سعيد فقيل لابن عباس ما قال ابن عمر وأبو سعيد فاستغفر ابن عباس الله وقال هذا رأى رأيته.
وحدثنا على بن محمد بن عبد الله بن بشران قال أنا على بن محمد بن أحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 راجعنا أنساب السمعاني فإذا فيه الحيرى الحرشي.


ص -69- ... المصري قال ثنا عبد الله بن سعيد بن كثير بن عفير عن أبي صالح عن الليث عن كثير بن فرقد عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يكرى المزارع فحدث أن رافع بن خديج [يأثر] 1 عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن ذلك قال نافع فخرج إليه وأنا معه فسأله فقال [رافع نهى]"1" رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كراء المزارع فترك عبد الله كراءها.
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت الأهوازي قال أنا أبو بكر محمد بن جعفر المطيري قال حدثني على بن حرب الطائي نا خالد [بن يزيد عن]"1" سفيان الثوري [ح وأخبرنا] القاضي أبو بكر الحيري قال ثنا محمد بن يعقوب الأصم قال أنا الربيع [بن سليمان]"1" قال أنا الشافعي قال أنا سفيان بن عيينة كلاهما عن عبد الملك بن عمير قال سمعت عبد الرحمن بن عبد الله يحدث عن أبيه بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "نضر الله امرأ2 سمع مقالتي فوعاها وحفظها وعقلها" لم يقل بن عيينة وعقلها وزاد وأداها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو افقه منه ثلاث لا يغل عليها قلب مؤمن3: إخلاص العمل لله ومناصحة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن رحمة الله تحيط من ورائهم" لفظ حديث الثوري.
أنا محمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال أنا أحمد بن جعفر بن سلم قال أخبرنا أحمد بن موسى الجوهري ح وأنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال ثنا محمد بن حمدان الطرائفي قالا ثنا الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي رحمه الله فلما ندب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها امرأ يؤديها والامرؤ واحد دل على أنه لا يأمر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط عبدا.
3 قط: مسلم.


ص -70- ... أن يؤدى عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه لأنه إنما يؤدى عنه حلال يؤتى وحرام يجتنب وحد يقام ومال يؤخذ ويعطى ونصيحة في دين ودنيا.
قال الشافعي وأهل قباء أهل سابقة من الأنصار وفقه وقد كانوا على قبلة فرض الله عليهم استقبالها ولم يكن لهم أن يدعوا فرض الله تعالى في القبلة إلا بما تقوم عليهم به الحجة ولم يلقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسمعوا ما انزل الله عز وجل عليه في تحويل القبلة فيكونوا مستقبلين بكتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم سماعا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا بخبر عامة وانتقلوا بخبر واحد إذ كان عندهم من أهل الصدق عن فرض كان عليهم فتركوه إلى ما أخبرهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أحدث عليهم من تحويل القبلة.
قال الشافعي رحمه الله ولم يكونوا [ليفعلوه]1 إن شاء الله تعالى بخبر واحد إلا عن علم بان الحجة تثبت بمثله إذا كان من أهل الصدق ولا ليحدثوا أيضا مثل هذا العظيم في دينهم إلا عن علم بان لهم أحداثه ولا يدعون أن يخبروا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما صنعوا منه ولو كان ما قبلوا من خبر الواحد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تحويل القبلة وهو فرض مما لا يجوز لقال لهم إن شاء الله تعالى قد كنتم على قبلة ولم يكن لكم تركها إلا بعد علم تقوم به عليكم حجة من سماعكم منى أو خبر عامة أو أكثر من خبر واحد عنى قال الشافعي وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر واليا على الحج في سنة تسع وحضر الحج من أهل بلدان مختلفين وشعوب متفرقة فأقام لهم مناسكهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -71- ... وأخبرهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما لهم وما عليهم وبعث على بن أبي طالب في تلك السنة فقرأ عليهم في مجمعهم يوم النحر آيات من سورة براءة ونبذ إلى قوم على سواء وجعل لقوم مددا ونهاهم عن أمور فكان أبو بكر وعلى معروفين عند أهل مكة بالفضل والدين والصدق وكان من جهلهما وأحدهما من الحاج وجد من يخبره عن صدقهما وفضلهما ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليبعث واحد إلا والحجة قائمة بخبره على من بعثه إليه إن شاء الله تعالى قال الشافعي وفرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمالا على نواحي عرفنا أسماءهم والمواضع التي فرقهم عليها فبعث قيس بن عاصم والزبرقان بن بدر وابن نويرة إلى عشائرهم لعلمه بصدقهم عندهم.
وقدم عليه وفد البحرين فعرفوا من معه فبعث معهم بن سعيد بن العاص وبعث معاذ بن جبل إلى اليمن وأمره أن يقاتل بمن أطاعه من عصاه ويعلمهم ما فرض الله عليهم ويأخذ منهم ما وجب عليهم لمعرفتهم بمعاذ ومكانه منهم وصدقه فيهم وكل من ولى فقد أمره بأخذ ما أوجب الله على من ولاه عليه ولم يكن لأحد عندنا في أحد ممن قدم عليه من أهل الصدق أن يقول: أنت واحد وليس لك أن تأخذ منا ما لم نسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أنه علينا ولا أحسبه بعثهم مشهورين في النواحي التي بعثهم إليها بالصدق إلا لما وصفت من أن تقوم الحجة بمثلهم على من بعثه إليه.
حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي قال أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال قال حدثني عبد الملك الميموني قال ثنا أحمد بن حنبل بحديث ابن عباس حين سأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث قصة يقول: فيها عمر وكان لي أخ يشهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما وأشهده يوما فإذا غبت جاءني بما يكون من الوحي وما يكون من


ص -72 - ... رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلت له في هذا حجة بخبر يجيء به الرجل وحده قال: نعم فاستحسنه.
[قال الخطيب:] 1 وعلى العمل بخبر الواحد كان كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء الخالفين في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا ولم يبلغنا عن أحد منهم إنكار لذلك ولا اعتراض عليه فثبت أن من دين جميعهم وجوبه إذ لو كان فيهم من كان لا يرى العمل به لنقل إلينا الخبر عنه بمذهبه فيه والله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
باب ما جاء في أن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يقبل إلا عن ثقة
أخبرنا على بن محمد بن عبد الله المعدل قال أخبرنا محمد بن عمرو بن البخترى الرزاز قال أنا يحيى بن جعفر قال أنا زيد بن الحباب قال نا ابن لهيعة قال أنا خالد بن زيد عن عامر بن سعد عن عقبة بن نافع القرشي وكان استشهد بإفريقية وانه أوصى ولده فقال: لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا عن ثقة ولا تدينوا وان لبستم العباء ولا يكتبن أحدكم شعرا يشغل قلبه عن القرآن هكذا قال عن خالد بن زيد عن عامر بن سعد.
وقد أخبرناه القاضي أبو العلاء محمد بن على بن أحمد بن يعقوب الواسطي قال أنا على بن عبد الرحمن البكائي بالكوفة قال أنا عبد الله بن غنائم قال أنا أبو كريب قال نا زيد بن الحباب قال نا ابن لهيعة قال حدثني خالد بن يزيد السكسكي عن عماد بن سعد أن عقبة بن نافع القرشي حين


ص -73- ... حضره الموت فقال لبنيه أوصيكم بثلاث لا تأخذوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا من ثقة ولا تدانوا وان لبستم العباء ولا يكتب أحدكم شعرا ليشغل قلبه عن القرآن ورواية أبي كريب الصواب. أخبرنا القاضي أبو بكر الحيري قال نا محمد بن يعقوب الأصم قال أنا الربيع بن سليمان المرادي قال أنا الشافعي قال أنا عمى محمد بن على عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال إني لأسمع الحديث استحسنه فما يمنعني من ذكره إلا كراهية أن يسمعه سامع فيقتدى به أسمعه من الرجل لا أثق به قد حدثه عمن أثق به وأسمعه من الرجل أثق به قد حدث به عمن لا أثق به.
وقال سعد بن إبراهيم لا يحدث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا الثقات أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه البزاز قال ثنا أبو العباس عبد الله بن عبد الرحمن بن حماد العسكري إملاء في سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة قال ثنا العباس بن فضل الأسفاطي قال ثنا على بن عبد الله قال: قال ابن عيينة عن مسعر قال سمعت سعد بن إبراهيم يقول: لا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا الثقات.
وأخبرنا أبو الحسن بن رزقويه أيضا قال أنا أبو على إسماعيل بن محمد الصفار قال ثنا إبراهيم بن دنوقا قال ثنا أبو معمر قال ثنا سفيان [ح وأنا]1 أبو بكر محمد بن عمر [بن جعفر]"1" الخرقي قال أنا أحمد بن جعفر الختلي قال ثنا أحمد بن على الأبار قال ثنا سريح بن يونس أبو الحارث قال ثنا سفيان بن عيينة عن مسعر قال: قال سعد بن إبراهيم إنما يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الثقات وفى [حديث أبي معمر]"1" عن سعد بن إبراهيم قال: لا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا الثقات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -74- ... ذم الروايات عن غير الإثبات
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب نا أبو عتبة أحمد بن الفرج قال نا بقية عن أبي العلاء عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "هلاك أمتي بالعصبية والقدريه والرواية عن غير ثبت".
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنا على بن عبد الرحمن بن عيسى الكوفي قال ثنا أحمد بن حازم قال أنا حسن بن قتيبة قال ثنا عبد الله بن زياد يعني ابن سمعان عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أخوف ما أخاف على أمتي العصبية والقدرية والرواية عن غير عدل".
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال ثنا أحمد بن عيسى1 الخزاز قال ثنا محمد بن إبراهيم الشامي قال ثنا سويد بن عبد العزيز عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "هلاك أمتي في ثلاث في القدرية والعصبية والرواية عن غير ثبت" أخبرني أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان قال أنا دعلج بن أحمد المعدل قال أنا أحمد بن على الأبار ح وأنا محمد بن عمر بن جعفر الخرقي قال أنا أحمد بن جعفر بن سلم الختلي قال ثنا أحمد بن على الأبار قال ثنا عبد الله بن عون الخراز قال ثنا عفيف بن سالم الموصلي عن محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عوف عن ربيعة بن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: على


ص -75 - ... أبى عبد الرحمن قال ثلاث من توديع الإسلام العصبية والقدرية والرواية عن غير ثقة.
أخبرنا القاضي أبو بكر الحيري قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال أنا الربيع بن سليمان قال أنا الشافعي قال أنا سفيان عن يحيى بن سعيد قال سألت ابنا لعبد الله بن عمر عن مسألة فلم يقل فيها شيئا فقيل له أنا لنعظم أن يكون مثلك بن إمام هدى تسأل عن أمر ليس عندك فيه علم فقال أعظم والله من ذلك عند الله عز وجل وعند من عرف الله عز وجل وعند من عقل عن الله عز وجل أن أقول بما ليس لي به علم أو أخبر عن غير ثقة.
آخر الجزء الأول1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط: وبعدها في قط: ويتلوه في الذي يليه، وهو الثاني.

باب وجوب البحث والسؤال للكشف عن الأمور والأحوال:
والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأزواجه أجمعين:
في الأصل بخط المنذري: بلغت بقراءتي لجميعه على سيدنا الشيخ الفقيه الإمام العالم الحافظ، قدوة الأئمة شرف الدين أبي الحسن على بن القاضي المفضل بن على المقدسي أبقاه الله ..
وسمع الجماعة السادة: محيي الدين أبو محمد عبد المحسن بن عبد الكريم بن علوان المخزومي وتاج الدين أبو العباس أحمد ابن الشيخ أبي زكريا يحيى ابن أحمد بن عمر بن جعفر بن اللهيب، وعلم الدين أبو محمد عبد الحق ابن القاضي أبي الحرم مكي بن صالح الشافعي، وكمال الدين أبو البركات عبد الرحمن ابن الشيخ أبي على الحسن بن عبد الله الشافعي ونجم الدين أيوب بن بادس بن بلمان الرواوي، ورضي الدين أبو الحسن مرتضى بن العفيف حاتم بم مسلم المقدسي، وولده أبو الطاهر محمد، والقاضي =


ص -76- ... ............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= أبو عبد الله محمد بن القاضي المفضل أبي القاسم عبد الرحمن ابن الشيخ القاضي المخلص الشيبي، وأخوه عماد الدين أبو العباس أحمد، وعماد الدين أبو العباس أحمد بن محمود بن بدر العلامي، وأبو القاسم ابن الشيخ الإمام أبي الحسن الكوفي، وأبو محمد عبد الله بن علي وعبد الله الفاسي الضرير، وأبو محمد عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم التمار، عرف بالحكمة وصح ذلك. وثبت سماع الشيخ لجميع الكتاب من محمد العثماني بإجازته من محمد بن علي المصيصي وبإجازته، إلا ما سمع منه من السلفي عنه عن الخطيب، وذلك لإحدى عشرة ليلة بقيت من صفر سنة ثمان وستمائة.
كتبه عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري.
والحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد وآله، وهو حسبنا ونعم الوكيل: انتهى ما وجدته.


ص -77- ... الجز الثاني
[أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن على بن أبي العلاء المصيصي بدمشق نا أبو بكر أحمد بن على بن ثابت الحافظ البغدادي المعروف بالخطيب قدم علينا من لفظه قال]1:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.


ص -78 - ... باب وجوب البحث والسؤال للكشف عن الأمور والأحوال
أجمع أهل العلم على أنه لا يقبل إلا خبر العدل كما أنه لا تقبل إلا شهادة العدل ولما ثبت ذلك وجب متى لم تعرف عدالة المخبر والشاهد أن يسأل عنهما أو يستخبر عن أحوالهما أهل المعرفة بهما إذ لا سبيل إلى العلم بما هما عليه إلا بالرجوع إلى قول من كان بهما عارفا في تزكيتهما فدل على أنه لابد منه.
أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ثنا محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤى ثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ثنا أبو كامل ثنا يزيد بن زريع ثنا خالد يعنى الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس أن ماعز بن مالك أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال أنه زنى فأعرض عنه فأعاد عليه مرارا فأعرض عنه فسأل قومه أمجنون هو فقالوا ليس به بأس قال: "أفعلت بها" قال: نعم فأمر به أن يرجم فانطلق به فرجم ولم يصل عليه.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن في أمته ممن يجيء بعده كذابين فحذر منهم ونهى عن قبول رواياتهم وأعلمنا إن الكذب عليه ليس كالكذب على غيره فوجب بذلك النظر في أحوال المحدثين والتفتيش عن أمور الناقلين احتياطا للدين وحفظا للشريعة من تلبيس الملحدين.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود وهو الطيالسي ثنا جرير بن حازم ثنا عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال خطبنا عمر بن الخطاب بالجابية فقال قام فينا رسول الله


ص -79- ... صلى الله عليه وآله وسلم مقامي فيكم فقال: "أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا1 يستحلف ويشهد ولا"1" يستشهد".
أخبرنا أبو الحسن على بن أحمد بن عمر المقري أنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ثنا [معاذ بن المثنى]2 ح وأخبرنا الحسن بن أبي بكر أنا عبد الرحمن بن سيماء المجبر ثنا أحمد بن محمد بن عيسى البرتي قال ثنا مسدد نا يحيى]"2" بن سعيد عن شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "إن بين يدي الساعة كذابين" قال أخي وسمعت جابرا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فاحذروهم".
أخبرنا على بن القاسم بن الحسن البصري قال ثنا على بن إسحاق المادراني قال ثنا جعفر بن محمد الصائغ قال ثنا عبد الله3 بن محمد بن حفص قال ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا صدقة بن المثنى قال ثنا رياح بن الحارث قال كنا في المسجد الأكبر بالكوفة والمغيرة بن شعبة على سرير إذ جاء سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال فأوسع له المغيرة عند رجليه على السرير فقال سعيد بن زيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "إن كذبا على ليس ككذب على أحد من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الداودي أنا على بن عمر الحافظ ثنا محمد بن [مخلد نا محمد بن]"2" غالب تمتام قال سمعت عمر الناقد يقول: دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يحتمل الدنس يعنى الكذب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: ولم.
2 من قط.
3 قط: عبيد الله.


ص -80 - ... أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني أنا عبد الله بن عدى الحافظ نا أحمد بن على المدائني نا أبو أمية ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد أو قال حدثني صاحب لي عن حماد بن زيد عن جعفر بن سليمان قال سمعت المهدي يقول: أقر عندي رجل من الزنادقة أنه وضع أربعمائة حديث فهي تجول في أيدي الناس.
أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن أحمد التميمي الحافظ قال سمعت أبا بكر محمد بن على الصيدلاني بن أخت إبراهيم بن الحسين يقول: سمعت إبراهيم بن الحسين خالي يقول: كنا على باب عفان أنا وأحمد ويحيى بن معين وأبو خيثمة وعد جماعة فجاء غلام فقال ليحيى بن معين انظر إلى هذا الحديث الموضوع فقال يحيى أن للعلم شبابا ينتقدون العلم.
أخبرنا محمد بن عيسى نا صالح نا الحسين بن على نا عبد الرحمن بن محمد وهو الرازي الحنظلي نا أبي أخبرني عبدة بن سليمان قال قيل لابن المبارك هذه الأحاديث المصنوعة قال يعيش لها الجهابذة.