الكفاية في علم الرواية ط الكتب الحديثة ص -596 - ...
باب القول في حكم الخبر يرويه المحدث تارة زائدا وأخرى ناقصا
إذا كان المحدث قد روى خبرا فحفظ عنه ثم أعاد روايته على
النقصان من الرواية المتقدمة وحذف بعض منه فإن الاعتماد على
روايته الأولى والعمل بما تقتضيه ألزم وأولى.
أخبرنا محمد بن علي بن الفتح الحربي قال أنا عمر بن إبراهيم
المقري قال ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال ثنا أبو
خيثمة قال ثنا حفص بن غياث قال ثنا عاصم عن أبي عثمان قال قلت
له: إنك تحدثنا بالحديث فربما حدثتناه كذلك وربما نقصته قال
عليك بالسماع الأول.
وإن كان لما أعاد روايته زاد في متنه وذكر ما لم يورده في
الدفعة الأولى فالحكم يتعلق بالرواية المتأخرة دون المتقدمة
والعلة في الموضعين [جميعا] 1 إن الزيادة مقبولة من العدل
ويحتمل أن يكون تعمد اختصار الحديث والحذف منه لما رواه ناقصا
وأورده في الدفعة الأخرى بكماله فلا تكون إحدى الروايتين مكذبة
للأخرى كما ذكرناه في رواية الحديث مرفوعا تارة وموقوفا أخرى
أن ذلك لا يؤثر ضعفا فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
ص -597 - ...
باب القول في حكم خبر العدل إذا انفرد برواية زيادة فيه لم
يروها غيره
قال الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث زيادة الثقة مقبولة إذا
انفرد بها ولم يفرقوا بين زيادة يتعلق بها حكم شرعي أو لا
يتعلق بها حكم وبين زيادة توجب نقصانا من أحكام تثبت بخبر ليست
فيه تلك الزيادة وبين زيادة توجب تغيير الحكم الثابت أو زيادة
لا توجب ذلك وسواء كانت الزيادة في خبر رواه راويه مرة ناقصا
ثم رواه بعد وفيه تلك الزيادة أو كانت الزيادة قد رواها غير
ولم يروها هو.
وقال فريق ممن قبل زيادة العدل الذي ينفرد بها إنما يجب قبولها
إذا أفادت حكما يتعلق بها وأما إذا لم يتعلق بها حكم فلا.
وقال آخرون يجب قبول الزيادة من جهة اللفظ دون المعنى.
وحكى عن فرقة ممن ينتحل مذهب الشافعي أنها قالت تقبل الزيادة
من الثقة إذا كانت من جهة غير الراوي فأما إن كان1 هو الذي روى
الناقص ثم روى الزيادة بعد فإنها لا تقبل.
وقال قوم من أصحاب الحديث زيادة الثقة إذا انفرد بها غير
مقبولة ما لم يروها معه الحفاظ وترك الحفاظ لنقلها وذهابهم عن
معرفتها يوهنها ويضعف أمرها ويكون معارضا لها.
والدي نختاره من هذه الأقوال إن الزيادة الواردة مقبولة على كل
الوجوه ومعمول بها إذا كان راويها عدلا حافظا ومتقنا ضابطا.
والدليل على صحة ذلك أمور:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: يكون.
ص -598- ... أحدها: اتفاق جميع أهل العلم
على أنه لو انفرد الثقة بنقل حديث لم ينقله غيره لوجب قبوله
ولم يكن ترك الرواة لنقله إن كانوا عرفوه وذهابهم عن العلم به
معارضا له ولا قادحا في عدالة راويه ولا مبطلا له وكذلك 1سبيل
الإنفراد بالزيادة.
فإن قيل: ما أنكرت أن يكون الفرق بين الأمرين أنه غير ممتنع
سماع الواحد الحديث من الراوي وحده وانفراده به ويمتنع في
العادة سماع الجماعة لحديث واحد وذهاب زيادة فيه عليهم
ونسيانها إلا الواحد بل هو أقرب إلى الغلط والسهو منهم فافترق
الأمران.
قلت: هذا باطل من وجوه غير ممتنعة:
أحدها: أن يكون الراوي حدث بالحديث في وقتين وكانت الزيادة في
أحدهما دون الوقت الآخر ويحتمل أيضا أن يكون قد كرر الراوي
الحديث فرواه أولا بالزيادة وسمعه الواحد ثم أعاده بغير زيادة
اقتصارا على أنه قد كان أتمه من قبل وضبطه عنه من يجب العمل
بخبره إذا رواه عنه وذلك غير ممتنع وربما كان الراوي قد سها عن
ذكر تلك الزيادة لما كرر الحديث وتركها غير متعمد لحذفها ويجوز
أن يكون ابتدأ بذكر ذلك الحديث وفي أوله الزيادة ثم دخل
[داخل]2 فأدرك بقية الحديث ولم يسمع الزيادة فنقل ما سمعه
فيكون السامع الأول قد وعاه بتمامه.
وقد روى مثل هذا في خبر جرى الكلام فيه بين الزبير بن العوام
وبين بعض الصحابة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: فكذلك.
2 من قط.
ص -599- ... أخبرناه أبو الحسن علي بن
القاسم بن الحسن الشاهد بالبصرة قال ثنا علي بن إسحاق
المادرائي قال ثنا جنيد بن حكيم قال حدثنا مصعب يعني ابن عبد
الله الزبيري قال ثنا الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي
الزناد عن هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة عن أبيه قال سمع
الزبير رجلا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما
فرغ الرجل من حديثه قال له الزبير هل سمعت هذا من رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم قال: نعم قال: صدقت ولكنك كنت يومئذ
غائبا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدث عن رجال1 من
أهل الكتاب فجئت في آخر الحديث ورسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يحدث فحسبت أنه يحدث عن نفسه هذا ومثله يمنعنا من الحديث
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وكذلك روى عن زيد بن ثابت أنه قال لرافع بن خديج في روايته عن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم النهي عن كراء المزارع.
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل وأبو الفتح
هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال إبراهيم حدثنا وقال هلال أنا
الحسين بن يحيى ين عياش القطان قال حدثنا أبو الأشعث أحمد بن
المقدام العجلي قال ثنا يزيد بن زريع عن عبد الرحمن بن إسحاق
[ح وأخبرنا] القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد
الهاشمي قال ثنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي قال ثنا
أبو داود سليمان بن الأشعث قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال
ثنا ابن علية [قال أبو داود] وثنا مسدد قال ثنا بشر يعني ابن
المفضل المعني عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن
عمار عن الوليد بن أبي الوليد عن عروة بن الزبير قال: قال: زيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: رجل.
ص -600- ... ابن ثابت يغفر الله لرافع بن
خديج أنا والله اعلم بالحديث منه إنما أتاه رجلان قال مسدد من
الأنصار ثم اتفقا قد اقتتلا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم: "إن كان هذا شانكم فلا تكروا المزارع" زاد مسدد فسمع
قوله تكروا المزارع واللفظ لحديث أبي داود.
ويجوز أن يسمع من الراوي الاثنان والثلاثة فينسى اثنان منهما
الزيادة ويحفظها الواحد ويرويها ويجوز أن يحضر الحماعة سماع
الحديث فيتطاول حتى يغشى النوم بعضهم أو يشغله خاطر نفس وفكر
قلت في أمر آخر فيقتطعه عما سمعه غيره وربما عرض لبعض سامعي
الحديث أمر يوجب القيام ويضطره إلى ترك استتمام الحديث وإذا
كان ما ذكرناه جائزا فسد ما قاله المخالف.
أخبرنا أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر الإمام بأصبهان قال ثنا
سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال ثنا علي بن عبد العزيز
قال ثنا أبو نعيم "قال سليمان" وثنا معاذ بن المثنى قال ثنا
محمد بن كثير قال ثنا سفيان عن جامع بن شداد أبي صخرة1
المحاربي عن صفوان بن محرز المازني عن عمران بن حصين قال أتى
نفر من بني تميم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "اقبلوا
البشرى يا بني تميم" فقالوا قد بشرتنا فأعطنا فرئى ذلك في وجه
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء نفر من أهل اليمن
فقال: "اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم" قالوا قد قبلنا
يا رسول الله فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدث
ببدء الخلق والعرش فجاء رجل فقال: يا عمران راحلتك فقمت فليتني
لم أقم.
ويدل أيضا على صحة ما ذكرناه أن الثقة العدل يقول سمعت وحفظت
ما لم يسمع الباقون وهم يقولون ما سمعنا ولا حفظنا وليس ذلك
تكذيبا له وإنما هو أخبار عن عدم علمهم بما علمه وذلك لا يمنع
علمه به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: أبي صخر، خطأ "ح".
ص -601- ... ولهذا المعنى وجب قبول الخبر
إذا انفرد به دونهم ولأجله أيضا قبلت الزيادة في الشهادة إذا
شهدوا جميعا بثبوت الحق وشهد بعضهم بزيادة حق آخر وبالبراءة
منه ولم يشهد الآخرون.
وأما علة من اعتل في ترك قبولها ببعد ذهابها عن الجماعة وحفظ
الواحد لها فقد بينا فسادها فيما تقدم وجواز ذلك من غير وجه.
وأما فصل من فصل بين أن تكون الزيادة موجبة لحكم أو غير موجبة
له فلا وجه له لأنه إذا وجب قبولها مع إيجابها حكما زائدا فبأن
تقبل إذا لم توجب زيادة حكم أولى لان ما يثبت به الحكم أشد في
هذا الباب.
ومن الأحاديث التي تفرد بعض رواتها بزيادة فيها توجب زيادة حكم
ما أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن محمد الأصبهاني الحافظ
بنيسابور قال أنا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا عبد الله بن محمد
بن شيرويه قال حدثنا أبو كريب قال ثنا ابن أبي زائدة1 عن سعد
بن طارق2 قال حدثني ربعي بن حراش عن حذيفة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم: "فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا
كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا
إذا لم نجد الماء" وذكر خصلة أخرى قوله: "وجعلت تربتها لنا
طهورا" زيادة لم يروها فيما أعلم غير سعد بن طارق"2" عن ربعي
بن حراش فكل الأحاديث لفظها: "وجعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا".
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال ثنا
الحسن بن مكرم بن حسان قال ثنا عثمان بن عمر قال ثنا مالك بن
مغول عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله
بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو يحيى بن زكريا، ووقع في صف، ابن أبي زياد، كذا "ح".
2 في صف سعيد بن أبي طارق: خطأ "ح".
ص -602 - ... وآله وسلم: "أي العمل أفضل
قال": الصلاة في أول وقتها" ثم أي قال": الجهاد في سبيل الله"
قلت ثم أي قال": بر الوالدين".
قوله: "في أول وقتها" زيادة لا نعلم رواها في حديث ابن مسعود
إلا عثمان بن عمر عن مالك بن مغول وكل الرواة قالوا عن مالك
الصلاة لوقتها.
وأما فصل من فصل بين أن تكون الزيادة في الخبر من رواية روايه
بغير زيادة وبين أن تكون من رواية غيره فإنه لا وجه له لأنه قد
يسمع الحديث متكررا تارة بزيادة وتارة بغير زيادة كما يسمعه
على الوجهين من راويين وقد ينسى الزيادة تارة فيرويه بحذفها مع
النسيان لها والشك فيها ويذكرها فيرويها مع الذكر واليقين.
وكما أنه لو روى الحديث ونسيه فقال لا أذكر أني رويته وقد حفظ
عنه ثقة وجب قبوله برواية الثقة عنه فكذلك هذا.
وكما لو روى حديثا مثبتا لحكم وحديثا ناسخا له وجب قبولهما
فكذلك حكم خبره إذا رواه تارة زائدا وتارة ناقصا وهذه جملة
كافية.
باب في وجوب اطراح المنكر
والمستحيل من الأحاديث
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل
قال أنا علي بن محمد بن احمد المصري قال ثنا يحيى بن أيوب
العلاف قال سمعت يحيى بن بكير يقول حدثني زين1 بن شعيب
المعافري عن أبي شريح عن شراحيل بن يزيد عن مسلم بن يسار عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يكون2
دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تعرفوا أنتم ولا
آباؤكم فإياكم وإياهم أن يضلوكم3 أو يفتنوكم" قال يحيى بن بكير
وكان مالك بن أنس يعجب بزين4 بن شعيب المعافري.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ضبطه في التبصير وغيره، ووقع في صف: زيد، خطأ "ح".
2 قط: يكونون.
3 قط: إياكم أيضلونكم، كذا "ح".
4 صف: يزيد، خطأ "ح".
ص -603- ... أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى
الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا
إبراهيم بن منقذ الخولاني بمصر قال حدثني إدريس بن يحيى عن بكر
بن مضر عن عمارة بن غزية عن عبد الملك بن سعيد بن سويد عن أبي
أسيد أو عن أبي حميد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قال: "إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم
وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به وإذا سمعتم
الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه
منكم بعيد فأنا أبعدكم منه".
أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال ثنا أبو العباس
محمد بن نصر بن مكرم المعدل وأحمد بن إبراهيم بن شاذان قالا
ثنا أبو بكر بن أبي داود قال ثنا المسيب بن واضح1 قال ثنا سليم
أبو مسلم المكي وهو بن مسلم عن يونس بن يزيد عن الزهري عن محمد
بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم: "ما حدثتم عني مما تعرفونه فخذوه وما حدثتم عني مما
تنكرونه فلا تأخذوا به" قال: "فإني لا أقول المنكر ولست من
أهله" صلى الله عليه وآله وسلم.
أخبرنا إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل قال ثنا أحمد بن كامل
القاضي قال ثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال ثنا محمد بن
عبيد يعني المحاربي قال ثنا صالح بن موسى عن عبد العزيز بن
رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم أنه قال: "سيأتيكم عني أحاديث مختلفة فما جاءكم موافقا
لكتاب الله وسنتي2 فهو مني وما جاءكم مخالفا لكتاب الله تعالى
وسنتي"2" فليس مني".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زاد في صف: قال ثنا واضح، وفي ترجمة سليم من لسان الميزان
رواية المسيب عنه "ح".
2 قط: ولستني.
ص -604- ... أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق
البزاز قال أنا أبو عمرو1 عثمان بن محمد بن سنقة بقراءتي عليه
قال ثنا الحسن بن الطيب الشجاعي قال ثنا قتيبة قال ثنا الربيع2
عن سيار أبي المنهال عن أبي العالية قال لا تقوم الساعة حتى
يمشي إبليس في الطرق والأسواق فيقول حدثني فلان عن فلان عن
النبي صلى الله عليه وسلم بكذا أو كذا.
أخبرني محمد بن الحسين القطان قال أنا دعلج بن أحمد قال أنا
أحمد بن علي الأبار قال حدثني عبد الرحيم بن خازم3 البلخي قال
ثنا الحكم4 الخاستي5 قال سمعت حماد بن زيد يقول وضعت الزنادقة
على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثنى عشر ألف حديث.
أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد الفقيه قال ثنا محمد
بن خلف بن جيان6 الخلال قال ثنا الحسين بن إسماعيل قال ثنا أبو
أمية الطرسوسي قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن
جعفر بن سليمان قال سمعت المهدي يقول7: أقر عندي رجل من
الزنادقة أنه وضع أربعمائة حديث فهي تجول في أيدي الناس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 له ترجمة في تاريخ المؤلف، ووقع في صف: أبو عمر "ح".
2 في قط: ثنا قتيبة بن الربيع، كذا وفي ترجمة الشجاعي من تاريخ
المؤلف أنه يروي عن قتيبة بن سعيد "ح".
3 ضبطه في التبصير، ووقع في صف: عبد الرحمن بن حازم "ح".
4 هو ابن المبارك كما في معجم البلدان في "خلست".
5 ضبطه في الأنساب ومعجم البلدان، ووقع في صف: الحاشتي "ح".
6 ضبطه في المشتبه، ووقع في صف: حيان "ح".
7 من: قط.
ص -605 - ... أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل قال أنا عبد الله
بن جعفر بن درستويه قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا أبو نعيم
قال ثنا سفيان عن أبيه قال: قال الربيع بن خثيم إن من الحديث
حديثا له ضوء كضوء النهار نعرفه وإن من الحديث حديثا له ظلمة
كظلمة الليل ننكره.
كتب إلينا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي وحدثناه محمد
بن يوسف النيسابوري عنه قال ثنا أبو الميمون البجلي قال ثنا
أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري1 قال ثنا أحمد بن أبي
الحواري قال ثنا الوليد بن مسلم قال سمعت الأوزاعي يقول كنا
نسمع الحديث ونعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم الزائف فما
عرفوا منه أخذناه وما أنكروا منه تركناه.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا دعلج [بن أحمد] 2 ثنا
أحمد بن علي الأبار قال: قال أبو غسان يعني زنيجا قال جرير كنت
إذا سمعت الحديث جئت به إلى المغيرة فعرضته عليه فما قال لي
القه ألقيته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ضبطه في المشتبه، ووقع في صف: ابن عمر البصري "ح".
2 من قط. باب ذكر ما يقبل فيه
خبر الواحد وما لا يقبل فيه
خبر الواحد لا يقبل في شيء من أبواب الدين المأخوذ على
المكلفين العلم بها والقطع عليها والعلة في ذلك أنه إذا لم
يعلم أن الخبر قول رسول الله3 صلى الله عليه وآله وسلم كان
أبعد من العلم بمضمونه فأما ما عدا ذلك من الأحكام التي لم
يوجب علينا العلم بان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قررها
وأخبر عن الله عز وجل بها فإن خبر الواحد فيها مقبول والعمل به
واجب ويكون ما ورد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 قط: للرسول.
ص -606 - ... فيه شرعا لسائر المكلفين أن
يعمل به وذلك نحو ما ورد في الحدود والكفارات وهلال رمضان
وشوال وأحكام الطلاق والعتاق والحج والزكاة والمواريث
والبياعات والطهارة والصلاة1 وتحريم المحظورات.
ولا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل وحكم القرآن الثابت
المحكم والسنة المعلومة والفعل الجاري مجرى السنة كل دليل
مقطوع به وإنما يقبل به فيما لا يقطع به مما يجوز ورود التعبد
به كالأحكام التي تقدم ذكرنا لها وما أشبهها مما لم نذكره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: والصلوات.
باب القول في تعارض الإخبار وما
يصح التعارض فيه وما لا يصح
حدثت عن أبي أحمد محمد بن محمد [بن أحمد] 2 بن إسحاق
النيسابوري الحافظ قال سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة
يقول لا أعرف أنه روى عن رسول الله3 صلى الله عليه وآله وسلم
حديثان بإسنادين صحيحين متضادان فمن كان عنده فليأت به حتى
أؤلف بينهما.
حدثني محمد بن عبيد الله المالكي أنه قرئ على القاضي أبي بكر
محمد بن الطيب قال الأخبار على ضربين: ضرب منها يعلم أن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم تكلم به إما بضرورة أو دليل.
ومنها مالا يعلم كونه متكلما به.
وكل خبرين علم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تكلم بهما فلا
يصح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 من قط.
3 قط: عن النبي.
ص -607- ... دخول التعارض فيهما على وجه
وإن كان ظاهرهما متعارضين لأن معنى التعارض بين الخبرين
والقرآن من أمر ونهي وغير ذلك أن يكون موجب أحدهما منافيا1
لموجب الآخر وذلك يبطل التكليف إن كانا أمرا ونهيا وإباحة
وحظرا أو يوجب كون أحدهما صدقا والآخر كذبا إن كانا خبرين
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم منزه عن ذلك اجمع معصوم منه
باتفاق الأمة وكل مثبت للنبوة وإذا ثبت هذه الجملة وجب متى علم
أن قولين ظاهرهما التعارض ونفي أحدهما لموجب الآخر أن يحمل
النفي والإثبات على أنهما في زمانين أو فريقين أو على شخصين أو
على صفتين مختلفتين هذا ما لا بد منه مع العلم بإحالة مناقضته
صلى الله عليه وآله وسلم في شيء من تقرير الشرع والبلاغ وهذا
مثل أن يعلم أنه قال: الصلاة واجبة على أمتي وقال أيضا ليست
بواجبه أو الحج واجب على زيد هذا وهو غير واجب عليه وقد نهيت
عن الفعل ولم أنه عنه وهو مطيع لله فيه وهو عاص به وأمثال ذلك
فيجب أن يكون المراد بهذا أو نحوه أنه آمر للأمة بالصلاة في
وقت وغير آمر [لها بها في غيره وآمر لها بها إذا كانت متطهرة
وناهيها]2 إذا كانت محدثة وآمل لزيد بالحج إذا قدر وغير آمر
إذا لم يقدر فلا بد من حمل ما علم أنه تكلم به من التعارض على
بعض هذه الوجوه وليس يقع التعارض بين قوليه الأبان يقدر كونه
آمر بالشيء وناهيا عنه لمن أمر به على وجه ما أمره به وذلك
إحالة في وصفه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط نافيا.
2 من قط.
ص -608 - ...
باب القول في ترجيح الأخبار
ما أوجب العلم من الإخبار لا يصح دخول التقوية والترجيح فيه
لأن المعلومين إذا تعارضا استحال تقوية أحدهما على الآخر إذ
العلوم كلها تتعلق بسائر المعلومات على طريقة واحدة لا يصح
التزايد والاختلاف فيها.
وأما ما لا يوجب من الإخبار دخول التقوية والترجيح فيها إذا لم
يمكن الجمع بينها في الاستعمال لتعارضها في الظاهر وإنما يصبح
دخول الترجيح فيما لأنها تقتضي غلبة الظن دون العمل والقطع
ومعلوم أن الظن يقوي بعضه على بعض عند كثرة الأحوال والأمور
المقوية لغلبته فصح بذلك تقوية أحد الخبرين على الآخر بوجه من
الوجوه فتارة بكثرة الرواة وتارة بعدالتهم وشدة ضبطهم وتارة
بما يعضد أحد الخبرين من الترجيحات التي نذكرها بعد إن شاء
الله وكل خبر واحد دل العقل أو نص الكتاب أو الثابت من الأخبار
أو الإجماع أو الأدلة الثابتة المعلومة على صحته وجد خبر آخر
يعارضه فإنه يجب اطراح ذلك المعارض والعمل بالثابت الصحيح
اللازم لأن العمل بالمعلوم واجب على كل حال.
أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال
ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه البخاري قال ثنا عبد
العزيز بن حاتم قال ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال سمعت عبد
الله بن المبارك يقول إجماع الناس على شيء أوثق في نفسي من
سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود.
فمما يوجب تقوية أحد الخبرين المتعارضين وترجيحه على الآخر
سلامته في متنه من الاضطراب وحصول ذلك في الآخر لان الظن بصحة
ما سلم متنه من الاضطراب يقوي ويضعف في النفس سلامة ما اختلف
لفظ متنه.
ص -609- ... وإن كان اختلافا يؤدي إلى
اختلاف معنى الخبر فو آكد واظهر في اضطرابه وأجدر أن يكون
راويه ضعيفا قليل الضبط لما سمعه أو كثير التساهل في تغيير لفظ
الحديث وان كان اختلاف اللفظ لا يوجب اختلاف معناه فهو أقرب من
الوجه الأول غير أن ما لم يختلف لفظه أولى بالتقديم عليه.
فإن قيل يجب أن تكون رواية الزيادة في المتن اضطرابا قلنا لا
يجب ذلك لأنه في معنى خبرين منفصلين على ما بيناه وإن عرف محدث
بكثرة الزيادات في الأحاديث التي يرويها الجماعة الحفاظ بغير
زيادة وسبق إلى الظن قلة ضبطه وتساهله بالتغيير والزيادة قدم
خبر غيره عليه.
ومما يوجب ذلك أيضا أن يكون سنده عاريا من الاضطراب وسند الآخر
مضطربا واضطراب السند أن يذكر راويه رجالا فيلبس أسماءهم
وأنسابهم ونعوتهم تدليسا للرواية عنهم وإنما يفعل ذلك غالبا في
الرواية عن الضعفاء.
وقد يرجح أحد الخبرين بان يكون مرويا في تضاعيف قصة مشهورة
متداولة معروفة عند أهل النقل لأن ما يرويه الواحد مع غيره
أقرب في النفس إلى الصحة مما يرويه الواحد عاريا عن قصة
مشهورة.
وقد يرجح أيضا بضبط راويه وحفظه وقلة غلطه لأن الظن يقوى بذلك
أخبرنا محمد بن جعفر بن علان الوراق قال أنا أبو الفتح محمد بن
الحسين الأزدي قال ثنا أبو يعلى أحمد بن علي قال ثنا الحارث بن
سريج قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول إنما يستدل على حفظ
المحدث إذا لم يختلف عليه الحفاظ.
ويرجح أيضا بأن يقول راويه سمعت فلانا ويقول راوي الآخر كتب
إلى فلان لأن المخبر عن السماع والتلقي إذا كان ضابطا أبعد عن
الغلط فيما سمعه والآخر يخبر عن كتاب يجوز دخول التحريف والغلط
فيه.
ص -610- ... ويرجع أيضا بأن يكون أحدهما
منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومرفوعا إليه والآخر
مختلفا فيه فيروي تارة مرفوعا وأخرى موقوفا لان ما كان مختلفا1
فيه أمكن أن لا يكون مرفوعا ولا يمكن مثل ذلك فيما اجمع أنه عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ويرجع بان يكون أحدهما قد اختلف النقلة على راويه فمنهم من
يروي عنه الحديث في إثبات حكم عن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم ومنهم من يرويه عنه في نفى ذلك الحكم والآخر لم يختلف
نقلته في أنه روى أحدهما.
ويرجح بأن يكون راوي الخبر من هو صاحب القصة والآخر ليس كذلك
وهذا نحو رواية ميمونة بنت الحارث قالت تزوجني رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم ونحن حلالان فوجب تقديم خبرها على خبر ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوجها وهو محرم
لأنها اعرف بالقصة.
ويرجح بأن يوافق مسند المحدث مرسل غيره من الثقات فيجب ترجيح
ما اجتمع فيه الاتصال والإرسال على ما انفرد عن ذلك.
ويرجح بأن يطابق أحد المتعارضين عمل الأمة بموجبه لجواز أن
تكون عملت بذلك لأجله ولم تعمل بموجب الآخر لعلة فيه.
ويرجح بكثرة الرواة لأحد الخبرين لأن الغلط عنهم والسهو ابعد
وهو إلى الأقل أقرب ويرجح بأن يكون رواته فقهاء لأن عناية
الفقيه بما يتعلق من الأحكام أشد من عناية غيره بذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من صف، ووقع في قط بدلها: "متفق على أنه مروي عن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ومرفوع إليه والآخر مختلف".
ص -611- ... أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد
بن عبد الواحد المروروذي قال ثنا محمد بن عبد الله بن محمد
الحافظ بنيسابور قال ثنا أبو الطيب محمد بن أحمد المذكر قال
ثنا إبراهيم بن محمد المروزي عن علي بن خشرم قال: قال لنا وكيع
أي الإستادين أحب إليكم الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله أو
سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله فقلنا الأعمش
عن أبي وائل فقال يا سبحان الله الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ
وسفيان فقيه ومنصور فقيه إبراهيم فقيه وعلقمة فقيه وحديث
تداوله الفقهاء خير من أن يتداوله الشيوخ.
أخبرني علي بن أبي علي البصري قال ثنا محمد بن خلف بن محمد
الخلال قال ثنا محمد بن هارون بن حميد قال ثنا إبراهيم بن سعيد
قال سمعت وكيعا يقول حديث الفقهاء أحب إلي من حديث المشايخ.
ويرجح بأن يكون أحد الخبرين خارجا على وجه البيان للحكم والآخر
ليس كذلك وهذا نحو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أيما
إهاب دبغ فقد طهر" ولم يفصل بين جلد ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل
فهو مقدم على ما روى عنه من نهيه عن جلود السباع أن تفترش لأنه
لم يقصد بذلك النهي بيان نجاستها بل يجوز أن يكون نهى1 عن ذلك
لأن في افتراشها خيلاء وتشبها بملوك الأعاجم وليس في الخبر
تصريح 2بنجاستها فوجب تقديم خبر الدباغ.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن
حيان قال ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب قال ثنا أبو حاتم يعني
الرازي قال ثنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قط: بل يجوز في النهي.
2 قط: مسوغ، وكتب بالهامش: "تأمل في لفظ مسوغ ولفظه في النهي".
ص -612 - ... يونس بن عبد الأعلى قال: قال
لي محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله الأصل قرآن وسنة فإن لم
يكن فقياس عليهما وإذا اتصل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم [وصح الأخذ منه] 1 فهو سنة والإجماع أكبر من الخبر
المفرد والحديث2 على ظاهره فإذا احتمل المعاني فما أشبه منها
ظاهره أولاها به وإذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسنادا أولاها
وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب ولا يقاس أصل على
أصل ولا يقال لأصل نم وكيف؟!
وإنما يقال للفرع: لم؟ فإذا صح قياسه على الأصل صح وقامت به
الحجة3.
انتهى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قط.
2 قط: والخبر المفرد.
3 بهامش قط ما لفظه: بلغ مقابلة، فصح إن شاء الله تعالى.
|