المهروانيات = الفوائد المنتخبة الصحاح والغرائب

الفصل الأول ترجمة: أبي القاسم المهرواني وتحته أحد عشر مبحثا:

(1/31)


المَبْحَث الأَوَّل دراسة موجزة عن عصره:
1) من النّاحية السّياسيّة:
عاش المِهْروانيّ رحمه الله تعالى في بغداد، عاصمة الخلافة العبّاسيّة، في المنتصف تقريبا ممَّا يُطلق عليه المؤرخون: العصر العبّاسيّ الثّاني، الّذي بدأ بنهاية خلافة المتوكّل بقتله سنة: (247هـ) ، وانتهى بسقوط بغداد على أيدي المغول سنة (656هـ) ...
وتولّى الخلافة في العصر المشار إليه: سبعة وعشرون خليفة ... وُلِدَ المهرواني قبل سنة من موت الرابع عشر منهم: الطّائع لله عبد الكريم ابن المطيع (ت: 381هـ) والّذي استولى العبيديّون في عهده على الحرمين الشّريفين.
وعايش خلافة القادر بالله أحمد بن المقتدر (381- 422هـ) ، وكان عالما، عابدًا، له مُصَنّف أودعه بعض كلام أهل العلم، ومناظرتهم للمعتزلة والرّافضة، وذمّهم لهم.
وخلافة القائم بأمر الله عبد الله بن القادر (422- 467هـ) المشهور بالصّلاح، وحبّ الخير، وهو الذي استنجد بالسّلاجقة للتّخلّص من البويهيّين الرّافضة، ولدرء الخطر العُبيديّ الإسماعيليّ.
وأدرك السّنة الأولى من خلافة المقتدي بأمر الله بن محمَّد بن القائم بأمر الله (467- 478هـ) الّذي بدأ في عهده ظهور الإسماعيليّة في قلعة (آلموت) في أصبهان.

(1/33)


وكان أكثر خلفاء العصر العبّاسيّ الثّاني مغلوبين على أمرهم، ليس لهم من أمر الخلافة إلاّ اسمها، ورسمها، ومظهرها، فلم تكن لهم تلك السّلطة في الحكم، وإدارة شؤون البلاد، والعباد، وإنما كان يمسك بزمام الأمور: البويهيّون، الأتراك، الّذين تنحدر أصولهم من أُسرة فارسيّة تعتنق المذهب الزّيديّ الشّيعيّ، وبدأ نفوذهم في الدولة العبّاسيّة في حدود سنة (344هـ تقريبا) ، واعتدوا على الخلفاء بالعزل، وإثارة النّاس عليهم، أو قتلهم.
وكانوا يريدون إقامة دولة رافضيّة لولا حفظ الله لدينه وشريعته، ثمّ خوفهم من القتل، إلى أن مكّن الله منهم باستنجاد الخليفة القائم بأمر الله، سنة (447هـ) بطغرل بك السّلجوقيّ "وكان من أهل السّنّة والجماعة"، فقضى عليهم، وتسلّم الأمور، ووضع الخلافة تحت حمايته.. هذا أوّلاً، وثانيا: السَّلاجقة ... وبدأ نفوذهم المطلق في الدّولة بعد أن قضى طغرل بك على البويهيّين، وخصوصا بعد أن تزوّج الخليفة بأخت طغرل بك فأمسك بزمام أمور الدولة، وتمكّن، إلى أن تلاشى نفوذهم سنة: (590هـ) على أيدي الخوارزميّين.
وعظم في عهد طغرل بك أمر: أرسلان البساسيريّ (عميل العبيديّين في مِصْر) ، فتسلّط على الخليفة، وأراد قتله، وإسقاط دولته، فَتُنُبِّه لأمره، وطرده طغرل بك من بغداد، إلى أن مكّنه الله من القضاء عليه، سنة: (451هـ) .
واشتدّت في أوائل هذه الحِقْبَة فتنة العيّارين (1) ببغداد، وقووا على
_________
(1) العيّار: الكثير الذّهاب، والمجئ في الأرض.
وهو من الرّجال: الّذي يُخَلِّي نفسه وهواها، ولا يردعها، ولا يزجرها.
انظر: لسان العرب (حرف: الرّاء، فصل: العين المهملة) 4/622 - 623، والمعجم الوسيط (مادة: عير) ص / 369.

(1/34)


الدّولة، والتفّ حولهم أُناس من المؤذين، وطالبوا بضرائب الأمتعة، وجبوا الأموال.
كما اشتدّ أمر الشّطّار (1) ، وقويت شوكتهم، وأتوا بيوت النّاس نهارًا، جهارًا، وقَتَلوا، وأشرف النّاس منهم على أمر عظيم.
وكان يُدعى بين فَينة، وأخرى إلى أصحاب مذاهب، أو اتجّاهات ... كدعوة أبي ركوة (2) "واسمه: الوليد، وهو أمويّ من ولد هشام بن عبد الملك" سنة: (397هـ) إلى القائم من بني أُميّة ويأخذ البيعة على من يستجيب له، وأسرّ إلى أتباعه أنّه الإمام، وقوي أمره، ولقّب نفسه:
الثّائر بأمر الله، المنتصر لدين الله من أعداء الله!
واستولى على بعض نواحي المغرب، وضرب السِّكَّة (3) باسمه، وألقابه إلى أن قتله الحاكم العُبيديّ بمصر، وأمر به فطيف به على حمار.
ودعا صاحب الموصل للحاكم "أحد خلفاء الباطنيّة في مصر، في وقته، واسمه: مَنْصور"، ودُعي إليه في المدائن، والأنبار، وغيرهما.
_________
(1) يقال: شطر الرّجل على قومه: أعياهم شرًّا، وخبثا، وفجورًا. انظر: لسان العرب (حرف الرّاء، فصل: الشّين المعجمة) 4/408، والمعجم الوسيط (مادّة: شطر) ص / 482.
(2) كنّي بأبي ركوة؛ لركوة كانت معه، يحملها في أسفاره، على مذهب الصّوفية.
(3) الدّينار، والدّرهم المضروبين، سُمّي كل واحد منهما سكّة لأنه طبع عليه بالحديدة المعلِّمة له. انظر: لسان العرب (حرف: الكاف، فصل: السّين المهملة) 10/440 441.

(1/35)


وفي سنة (440هـ) أقام المُعِزّ بن باديس بالمغرب الدعوة للقائم بأمر الله العبّاسيّ، وخلع طاعة المستنصر العُبيديّ، وجرت حروب هائلة بينه، وبين العرب الّذين دخلوا القيروان.
كما جرت حروب طاحنة أخرى، سنة (444هـ) بين الغُزّ من السّلجوقيّة، وصاحب غزنة على الملك، قُتل فيها عدد كثير قتلة جاهلية.
ومن هنا يحسن بي أن أُشير إلى أنّ من أبرز الأحداث في تأريخ الدّولة العبّاسيّة قيام العديد من الدّول أو الدّويلات إلى جانبها أو انفصالها عنها ... عاصر المهروانيّ منها:
الدّولة الأمويّة في الأندلس ... الّتي ظهرت سنة: (138هـ) ، وسقطت نهائيا في حياته، سنة: (422هـ) ، وظهر بعدُ في الأندلس ما يُسمّى بعهد ملوك الطّوائف الّذي تمزّقت فيه وحدتها.
الدّولة السَّامانيّة بخراسان، والّتي سقطت سنة: (389هـ) .
الدّولة العُبيديّة (296 - 567هـ) ... وسيطرت على إفريقيّة أوّلاً، ثمّ مِصْر، ثمّ بسطت نفوذها على الشّأم، والحجاز، واليمن.
وهي دولة باطنيّة، تظهر التّشيّع لأهل البيت، وتبطن الكفر، والفسق، أجمع العلماء على كفرهم وقتالهم ... وقام النّاس في بغداد ضدّهم، وبيّنوا زيف نسبهم المُدّعى لأهل البيت، وأبانوا عقائدهم للنّاس، وأنّهم زنادقة، وشاع هذا الإنكار في الحرمين، وغيرهما (1) .
_________
(1) انظر: كشف الشبهات لشيخ الإسلام: محمَّد بن عبد الوهاب رحمه الله (ص/2324) .

(1/36)


وظهرت في العقدين الأخيرين من حياته دولة المرابطين بالمغرب العربيّ، ثمّ بالأندلس بعد وفاته.
وساعدت عدّة عوامل في ظهور هذه الدّول وغيرها إلى جانب الدّولة الأُمّ الدّولة العبّاسيّة منها: ضعف سلطة خلفائها (في العصر الثّاني) ، وسعة نطاقها، وتصارع الأفكار السياسيّة، والمذاهب العقديّة، مع ما كان لبعض هذه الدّول من أثر في إيصال الإسلام إلى بقاع لم يكن وصلها من قبل.
ومع شدّة هذا الضّعف النّاخر في جسم الدّولة الإسلاميّة آنذاك، وانقسامها، وهذه القلاقل، والفتن، والصّراعات الدّامية، وتقتيل النّاس، وأخد الأموال فقد توسّعت رقعة الدّولة شيئا ما ...
فافتتح ابن سُبكتِكين (1) خوارزم، سنة: (407هـ) ، وأرضا من أرض الهند، سنة: (410هـ) وقهر أهلها، وكسّر أصنامهم، وغنم منهم ما لا يحصى، وضرب عليهم الخراج. وغزا مطلوب الكرديّ بلاد الخزّ، فقتل، وسبى، وغنم أيضا. واستولت السّلجوقيّة على جميع خراسان، سنة: (432هـ) ، والرّيّ سنة: (435هـ) .
وجرت عدّة وقائع بين المسلمين، والرّوم ...
منها ما كان في سنة: (463هـ) من معركة كبرى عُرفت بمعركة: مُلاذكُرْد بين جيش المسلمين بقيادة: أَلْب آرْسِلاَن،
_________
(1) بضم السين المهملة، والباء الموحدة، وسكون الكاف، وكسر التاء المثناة من فوقها، والكاف الثانية، وسكون الياء المثناة من تحتها، وبعدها نون.
انظر: وفيات الأعيان (5/182) .

(1/37)


وجيش الرّوم بقيادة: ملكهم آنذاك، قُتل الرّوم فيها مقتلة عظيمة، وأُسر ملكهم، ثمّ أُطلق، وكانت معركة من المعارك الحاسمة التي أدّت إلى انتشار الإسلام في آسيا الصغرى، وماحولها.
2) من النّاحية العلميّة:
يُعَدُّ العصر العبّاسيّ الثّاني من أكثر العصور الإسلاميّة ازدهارًا بالعلم والثّقافة، والأدب.
ولعلّ المشتغلين بالعلم من أهل ذلك العصر لم يتأثّروا كثيرًا بالضّعف الّذي هيمن على الدّولة، بل اندفع كثير منهم نحو العلم، والتّعلّم، وتوسّعت الرّحلة في طلب الحديث، وظهر أئمّة كبار في أكثر العلوم، والفنون ...
ومن العوامل الّتي ساعدت على ذلك إلى جانب أهل العلم وطلاّبه الّذين حملوا عبء تحصيل العلم، وتبليغه: اهتمام بعض الخلفاء، والوزراء في التّشجيع عليه، ودعمه ... فكثرت المؤلّفات، والمصنّفات في شتّى العلوم، والمعارف خصوصاً علم الحديث الشّريف.
ويكفي للدّلالة على ذلك أنّ ابن الجوزيّ ذكر في: (المنتظم) (1) وفاة نحو من خمسين وخمسمائة إنسان، ما بين إمام عالم مصنّف، وغير مصنّف.
وأَزْيَد على هذا العدد بعشرين نجده عند الذّهبيّ في: (العبر) (2) ،
_________
(1) (14/344 - 16/179) .
(2) (2/155 - 325) .

(1/38)


وهذا في الفترة الّتي عاشها المِهْروانيّ رحمه الله من تأريخ ولادته إلى سنة وفاته فقط.
ومن هؤلاء الأئمّة: أبو بكر بن شاذان، وأبو عليّ التّنوخيّ، وأبو الحسن الدّارقطنيّ، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسن الحربيّ، وابن بطّة، والخطّابيّ، والفقيه الشّافعيّ زاهر بن أحمد السّرخسيّ، وابن أبي زيد القيروانيّ شيخ المالكيّة في المغرب في وقته، وابن أخي ميمي، وأبو نصر الجوهريّ، وأبو طاهر المخلّص، وأبو عبد الله بن منده، وابن الباقلاّنيّ الأصوليّ، وأبو عبد الله الحاكم، وعبد الغنيّ بن سعيد الأزديّ، وابن مردويه صاحب التّفسير، وأبو نعيم الأصبهانيّ، والبيهقيّ، والحافظ ابن عبد البرّ، وخلق يطول ذكرهم.
وإنّ هذه الكوكبة ممّن ذُكر، ومن غيرهم من أهل العلم، والمشتغلين به فيها دليل ظاهر على قُوّة الحركة العلميّة، وضخامتها في تلك الفترة تفيّأ المسلمون ظلالها قديما وحديثا، وإلى أن يشاء الله ربّ العالمين.
3) من النّاحية الدّينيّة:
تزامن في هذه الحِقبة من الزّمن وجود طوائف أخرى غير أهل السّنّة والجماعة من أهل البدع، والأهواء، المنحرفين في فهم العقيدة الإسلاميّة عن فهم السّلف الصّالح من أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم ومن تبعهم، وسار على هديهم بإحسان؛ فنهجوا نهجا خاطئا أدّى إلى تفرّق الأمّة إلى شيع، وأحزاب متناحرة ...
فقد وقعت عدّة مصادمات، ومجابهات بين أهل السّنّة والجماعة من جهة، والرّافضة من جهة أخرى، يُقتّل فيها أُناس، وتُحرق دور، ومتاجر

(1/39)


في بغداد، وواسط، وغيرهما.
وفي سنة: (382هـ) استولى أبو الحسن بن المعلم الكوكبيّ على أمور السُّلطان بهاء الدّولة كلها، فمنع الرّافضة من عمل المأتم يوم عاشوراء الّذي كان يُعمل من نحو ثلاثين سنة، إلاّ أنّه قويت شوكتهم في آخر هذا العقد لتسلّط البويهيّين الشّيعة على الخليفة في بغداد، فتمادوا في غيّهم بعمل مأتم عاشوراء باللَطم، والعويل، ونصب القباب، وعمل الزِّينة، وشعار الأعياد يوم الغدير.
وعمدت جهلة أهل السّنّة، وأحدثوا في مقابل يوم الغدير (1) : يوم الغار، وجعلوه بعد ثمانية أيّام من يوم الغدير، وهو السّادس والعشرون من ذي الحجّة، وزعموا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم وأبا بكر اختفيا حينئذ في الغار، وهذا جهل وغلط، ومقابلة للبدعة ببدعة أُخرى.
وجعلوا بإزاء عاشوراء، وبعده بثمانية أيّام أيضا يوم مصرع مصعب بن الزّبير، وزاروا قبره يومئذ، وبكوا عليه، ونظَّروه بالحسين نعوذ بالله من الجهل، والفتن وداموا على هذا العمل القبيح عشر سنين!
ولمّا كانت ولاية الخليفة القادر بالله (ت: 422هـ) وكان صاحب سُنّة قمع المعتزلة، والرّافضة، وأخذ خطوطهم بالتّوبة، وأرسل إلى بعض الآفاق ببثّ السُّنّة فيها، وأمر بلعن المعتزلة، والرّافضة، والجهميّة، وغيرهم من الضُّلاّل على المنابر.
_________
(1) غدير خمّ، وحديثه في صحيح مسلم (كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عليّ رضي الله عنه) 4/1873 رقم/2408، وغيره.

(1/40)


وسبق (1) أنّ له مصنّفا أودعه بعض كلام أهل العلم، وردودهم على المعتزلة، والرّافضة، وأمر بقراءته على النّاس في أيّام الجُمع.
ومع بداية القرن الخامس قوي أمر الحاكم (أحد خلفاء الباطنيّة في مصر) ودُعي إليه بالموصل، والمدائن، وغيرهما، وحدثت عدّة مناوشات بين أهل السُّنَّة والجماعة من جهة، والباطنيّة من جهة أخرى في أطراف الشّأم والحرمين خصوصا بعد أن قام بعض الباطنيّة بضرب الحجر الأسود بآلة معه، وأراد هدم البيت، فقُتل في الحال، وقُتل جماعة ممّن اتّهم بمعاونته، واختبط الوفد المصريّ الّذي قدم معه، ومال النّاس على رَكْبِهم بالنّهب، والإيذاء، والضّرب.
4) من النّاحية الاقتصاديّة:
أدّى ضعف الدّولة العبّاسيّة آنذاك، وكَثْرَةُ الفتن، والقلاقل والاضطّرابات، وتسلّط العيّارين، والشُّطّار على العامّة، وما صاحب ذلك من القحط الشّديد الّذي أضرّ بعدّة جهات في الدّولة الإسلاميّة، وفيضانات غرقت بغداد، والبصرة، والأُبلَّة بسببها عدّة مرّات، وذهب من جرّائها كثير من أموال المسلمين وممتلكاتهم، وبَرَدٍ عظيم إلى الغاية ينزل بعضه في الأرض نحوًا من ذراع، وهبوب رياح قويّة دمّرت المزارع، والحقول، وقلعت الأصول العاتية من الزّيتون، والنّخيل، وغيرهما، وحرائق مدمّرة، كل ذلك أنتج ضعفا اقتصاديا ترى ذكره في كلّ تأريخ من تواريخ تلك الفترة، واستشرى بسببه ضرر بالغ بالبلاد، والعباد، وتفشّت الأوبئة، والأمراض الّتي ذهب بسبب بعضها في البصرة سنة:
_________
(1) انظر ص / 33.

(1/41)


(406هـ) العدد الكثير من النّاس، حتّى عجز الحفّارون عن حفر القبور؛ وذهب أيضا بسببها في ماوراء النّهر سنة: (449هـ) ألف ألف إنسان وستّمائة ألف (1) !
_________
(1) انظر في هذا المبحث: المنتظم (14/344 16/179) ، والعبر (2/155 - 325) ، وتأريخ الدّولة الإسلاميّة في العصر العبّاسيّ للدّكتور: خليل السّامرّائيّ، والدّكتور: طارق سلطان، والدّكتور: جزيل الجومرد، وتأريخ الدّولة العبّاسيّة للدّكتور: جمال الدّين الشّيّال، والدّولة الإسلاميّة في العصر العبّاسيّ، والعلاقات السّياسيّة مع الأمويّين والفاطميّين للدّكتور: حسين محمَّد سليمان.

(1/42)


المَبْحَث الثّاني اسمه، ونسبه، ونسبته، وكنيته:
هو الشّيخ، الإمام، الزّاهد، العابد، الصّادق، بقيّة المشايخ (1) الحافظ (2) : يوسف بْنُ محمَّد بْنِ أَحْمَدَ بْنِ محمَّد (3) بن أحمد (4) المِهْروانيّ (5) ، الهَمَذَانيّ (6) ، أبو القاسم، البغداديّ (7) .
_________
(1) سير أعلام النّبلاء للذّهبيّ (18/346) .
(2) انظر: الأربعين لابن حاتم (94 ق 2) نقلاً عن: الحافظ الخطيب البغداديّ للطّحّان (ص / 111) .
(3) الأنساب للسّمعانيّ (5/415) .
(4) السّير (18/346) .
(5) بكسر الميم، وسكون الهاء، وفتح الرّاء والواو، وفي آخرها النّون نسبة إلى مِهْرَوَان: ناحية مشتلمة على قرى بهَمَذان ... انظر: الأنساب (5/415) . وانظر: معجم البلدان (5/233) .
وتفرّد ابن ناصر الدين في: (توضيح المشتبه 9/128) فقال بفتح الميم في أوّله، والأوّل أشبه، وأشهر.
وتَحرَّفت نسبته في المطبوع من: (المنتظم 16/179 ت / 3461) إلى: النّهروانيّ بالنّون بدل الميم.
(6) بالهاء والميم المفتوحتين، والذّال المنقوطة بعدها نسبة إلى هَمَذَان: مدينة بالجبال مشهورة، على طريق الحج والقوافل، عذبة الماء، طيّبة الهواء، فتحها المغيرة بن شعبة رضي الله عنه في جمادى الأولى على رأس ستّة أشهر من مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه. انظر: الأنساب (5/649) ، ومعجم البلدان (5/410) .
وتصحّفت هذه النّسبة في المطبوع من: (شذرات الذّهب 3/331) إلى: الهمدانيّ بالميم السّاكنة، والدّال المهملة.
(7) الأنساب (5/415- 416) . هذا، وقد يلتبس على غير المدقّق رجل آخر بالمهروانيّ شاركه في طبقته وفي اسمه، وبعض نسبه، وكنيته، وينسب إلى هَمَذَان أيضا، وهو: (أبو القاسم يوسف بن محمَّد بن يوسف بن الحسن الهمذانيّ الخطيب) له ترجمة عقب ترجمة المهروانيّ في:
(المنتظم 16/179 ت / 3462) ، و (معجم البلدان 5/233) ، و (السّير 18/348) ، و (العبر 2/325) ، وغيرها ... فليُنْتَبَه.

(1/43)


المَبْحَث الثّالث مولده:
ولِد أبو القاسم المهروانيّ سنة: ثمانين وثلاثمائة للهجرة (1) .
_________
(1) المنتظم (16/179) ت / 3461.

(1/44)


المَبْحَث الرّابع نشأته، وطلبه للعلم:
لم تسعفنا المصادر بترجمة مفصّلة، وافية للمِهروانيّ يرحمه الله فلا نجد فيها بالتّالي ما يدلّ على كيفيّة نشأته، إلاّ أنّ الرجل موصوف بالصّلاح، والزّهد، والعبادة، وهو مع ذلك ثقة، محدّث، والغالب على من كان بهذه الصِّفة أنّه نشأ نشأة جيّدة، في ظلّ أهل بيت غرسوا فيه هذه المبادئ السّامية، والقيم الرّفيعة، حتى كبر، وصار له شأنه، ومنزلته، فقصده الطلاّب، واهتمّ أهل العلم بالأخذ عنه، والانتقاء عليه.
أما طلبه للعلم: فلم تحدّد المصادر لنا أيضا بدء طلبه له، إلاّ أنّه يمكن أن أقول: إنّ المهرواني همذانيّ الأصل، نزل بغداد، وسكن بها، وكانت عاصمة الخلافة العبّاسيّة، ومركزًا مهما من مراكز العلم في ذلك العصر، يقصدها طلاّب العلم وإن تباعدت بهم الدّيار، ونأت بهم الأسفار ... والمهروانيّ حلّ بها في وقت مبكّر من عمره، وأخذ عن كبار علماء أهلها، ومحدّثيهم، ولعلّه ما شرع في الأخذ عنهم إلاّ في وقت متأخّر نوعا ما، حيث نجد أنّ أقدم شيخ له حدّدت المصادر تأريخ وفاته تحديدًا دقيقا هو: أبو أحمد الفرضيّ، المتوفّى سنة: (406هـ) ، ويكون عُمر المهروانيّ آنذاك: ستّ وعشرون سنة، مع أنّا لا نعلم متى أخذ عنه، وسمع منه، مع أنّ أحاديثه عنه عالية جدًّا كبقيّة مشايخه.
ولو أنّه طلب العلم في سنّ مبكّرة جدًّا لأخذ عن: أبي بكر الجوهريّ، وأبي بكر السّمسار، وابن حبّابة، وأبي بكر الهاشميّ، وأبي حفص الكتّانيّ، وابن أخي ميمي، وأبي إسحاق الطّبريّ، وأبي القاسم ابن

(1/45)


زنجويه، وعثمان بن محمَّد المخرِّميّ، وأبي طاهر المخلّص، والإسماعيليّ، وأبي الفضل الهاشميّ، والحسين بن هارون، وأبي مسعود الدّمشقيّ الحافظ، وخلف الواسطيّ الحافظ، وأبي الحسن بن النّجّار، وابن البغداديّ، وابن شاذان، وغيرهم من البغداديّين، أو الواردين عليهم ممّن مات في أواخر القرن الرابع، أو أوائل الخامس، أو عن بعضهم على أقلّ تقدير.
ولو قيل: لعلّ سبب ذلك هو تأخّره في الخروج من همذان؛ لقلتُ: لأخذ عن مسند همذان في وقته: عبد الرّحمن بن محمَّد، المعروف بابن شبانه (ت: 425هـ) (1) والله تعالى أعلم.
ثمّ إنّ المهرواني رحمه الله لم يكتف بالأخذ في بغداد عن شيخه أبي أحمد الفرضيّ، بل أخذ عن جماعة آخرين كانوا من كبار المحدّثين في عصرهم، وصار يروي عنهم بعلوّ باهر فيما بعد.
_________
(1) انظر ترجمته في: السّير (17/432) .

(1/46)


المبْحَث الخامِس رَحلاته:
لم يتوسّع المِهْروانيّ رحمه الله في الرّحلة لطلب الحديث، وكلّ ما أعرفه عنه أنّه خرج من هَمَذَان وسكن بغداد، ممّا كان له الأثر في طلبه للعلم، وتحصيله، والأخذ من أفواه الرّواة؛ لتوفّرهم، وكثرتهم بها في ذلك الوقت، وهو ما لا يوجد في همَذان ... ولعلّه بعد ذلك طاب له المقام، فاستقرّ هناك، وسكن رباط (1) الزّوزنيّ (2) .
_________
(1) واحد الرّباطات: دور يقيم بها الفقراء، ويتفرّغون للعبادة والتّعليم.
انظر: مراكز ومعاهد التّعليم في الإسلام للدّكتور: عبد الغني النّوري، بحث منشور في مجلّة التّربية (مجلّة محكّمة تصدر عن اللّجنة الوطنيّة القطريّة للتّربية والثّقافة والعلوم) العدد: 116، ص / 79.
وانظر: المعجم الوسيط (1/323) .
(2) انظر: المنتظم (16/179) ، ولم أقف على تعيين هذا الموضع في ما بين يديّ من مصادر والله تعالى أعلم.

(1/47)


المبحَث السّادس شيوخه:
طلب المِهروانيّ العلم على أيدي شيوخ بغداد، ولا أعرف أنّه أخذ عن غيرهم، فسمع من قدمائهم، من أكابر أهل العلم فيهم وأفاد من علمهم، وأدبهم، وخلقهم، وصار لهم الأثر في تكوينه الفكريّ، ونضوجه العلميّ ...
وأسوق هنا من وقفت عليه منهم، مع التّعريف المقتضب بهم، وبيان عدد ما انتقى الخطيب للمِهروانيّ عن كلّ واحد منهم في هذا الكتاب، مرتّبا لهم على سنيّ الوفيّات:
1- محمَّد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمَّد بن حمدويه الطّوسيّ، أبو بكر، البغداديّ ... ترجم له الخطيب في: (تأريخ بغداد) (1) ، وذكر أنّه سمع منه أيضا: هبة الله بن الحسن بن منصور الطّبريّ، وحدّثه عنه: أبو بكر أحمد بن سلمان المقرئ، الواسطيّ.
وقال: "وكان صدوقا، وأحسبه مات بعد سنة: خمس وأربعمائة بيسير" اهـ.
وانتقى للمهروانيّ عنه: تسعة أحاديث (2) .
2- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ محمَّد بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الفَرَضيّ، أبو أحمد البغداديّ، المقرئ ... سمع القاضي المحامليّ، ويوسف بن يعقوب بن
_________
(1) (1/351) ت / 277.
(2) انظر رقم / 20، 28، 51، 70، 75، 107، 122، 152، 153.

(1/48)


البهلول، وغيرهما.
وروى عنه أيضا: عليّ بن البُسريّ، وأبو محمَّد الخلاّل، وأحمد ابن عليّ بن أبي عثمان، وغيرهم.
قال الخطيب في (تأريخه) (1) : "وكان ثقة، صادقا، ديّنا، ورعا".
وقال (2) : "وسمعت الأزهريّ ذكره، فقال: كان إماما من الأئمّة ... حدّثني أبو القاسم منصور بن عمر الفقيه الكرخيّ قال: لم أر في الشّيوخ من يعلّم العلم لله خالصا لا يشوبه شيء من الدّنيا غير أبي أحمد الفرضيّ؛ فإنّه كان يكره أدنى سبب حتى المديح لأجْل العلم. قال: وكان قد اجتمعت فيه أدوات الرّئاسة من علم، وقرآن، وإسناد، وحالة متّسعة في الدّنيا، وغير ذلك من الأسباب الّتي يُداخل بمثلها السّلطان، وتنال بها الدنيا، وكان مع ذلك أورع الخلق.." إلى أن قال: " ... ولم أرَ في الشّيوخ مثله" اهـ.
وقال السّمعانيّ في (الأنساب) (3) : "كان إماما، فاضلاً، ثقة، مأمونا، من الأئمّة الورعين، وكان رأسا في القراءات".
مات رحمه الله عن اثنتين وثمانين سنة في شوّال سنة: ستّ وأربعمائة ببغداد (4) .
_________
(1) (10/380) ت / 5549.
(2) (10/380، 381) .
(3) (4/366) .
(4) انظر ترجمته أيضا في: اللّباب لابن الأثير (2/422) ، والسّير (17/212) ، وغاية النّهاية (1/411) ت/ 2043.

(1/49)


انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: سبعة وعشرين حديثا، وأثرًا (1) .
3- الشّيخ، الإمام، الفقيه، القاضي: محمَّد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ ابن إسماعيل الضّبيّ، المحامليّ، أبو الحسين، البغداديّ، الشّافعيّ ... سمع أحمد ابن سلمان النّجّاد، وإسماعيل بن محمَّد الصّفّار، وأبا عمرو بن السّمّاك، وغيرهم. وروى عنه أيضا: أخوه أحمد، وسُلَيم الرّازيّ، وأبو الغنائم ابن أبي عثمان، وآخرون.
قال الخطيب في (تأريخه) (2) : ".. وكان ثقة، صادقا، خيّرًا، فاضلاً"، ونقل عن الدّارقطنيّ قال: ".. حفظ القرآن، والفرائض، وحسابها، ودرس الفقه على مذهب الشّافعيّ، وكتب الحديث، ولزم العلم، ونشأ فيه، وهو عندي ممّن يزداد خيرًا كل يوم" اهـ.
مات في يوم الخميس العاشر من رجب، سنة: سبع وأربعمائة (3) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: ستة أحاديث (4) .
4- الإمام، الحافظ: أَحْمَدُ بْنُ محمَّد بْنِ يُوسُفَ بن محمَّد بن دُوْست
_________
(1) انظر رقم / 1، 4، 25، 31، 32، 34، 35، 48، 53، 63، 64، 69، 73، 74، 91، 92، 106، 108، 109، 116، 129، 138، 139، 140، 141، 170، 171.
(2) (1/334) ت / 241.
(3) انظر ترجمته أيضا في:
المنتظم لابن الجوزيّ (15/123) ت/3068، وطبقات الشّافعيّة للسّبكيّ (4/103) ،وطبقات الشّافعيّة للإسنويّ (2/203) ت / 1026، والسّير (17/265) ، والشّذرات (3/185) .
(4) انظر رقم / 7، 62، 84، 135، 150، 151.

(1/50)


البزّاز، أبو عبد الله، البغداديّ ...
سمع من: محمَّد بن جَعْفر المَطِيْريّ، وأبي عبد الله بن عيّاش، وعمر ابن الحسن الأشنانيّ، والصّفّار، وطبقتهم.
وكتب عنه أيضا: الحسن الخلاّل، واللاّلكائيّ، وأبو القاسم الأزهريّ، وجماعة. قال الخطيب في: (تأريخه) (1) :
"وكان مكثرًا من الحديث، عارفا به، حافظا له ... تكلّم محمَّد بن أبي الفوارس في روايته عن المَطِيْريّ، وطعن عليه ... سمعت أبا القاسم الأزهريّ يقول: ابن دوست ضعيف، رأيت كتبه كلّها طريّة، وكان يذكر أنّ أصوله العتّق غرقت، فاستدرك نسخها".
وقال ابن الجوزيّ في (المنتظم) (2) مُعلّقا على كلام الأزهريّ: "وهذا ليس بشيء؛ لأنّه من الجائز أن يكون قابل بالطّريّة نسخا قد قرئت عليه، وقد كان الرّجل يملي من حفظه، فيجوز أن يكون حافظا لما ذهب" اهـ.
وذكره ابن تغري بردي في: (النّجوم الزّاهرة) (3) ، وقال: "كان حافظا، متقنا".
مات في شهر رمضان، من سنة: سبع وأربعمائة (4) .
_________
(1) (5/124، 125) ت / 2546.
(2) (15/121) ت / 3066.
(3) (4/241) .
(4) وانظر أيضا: المغني (1/58) ت / 454، ولسان الميزان (1/297) ت / 877.

(1/51)


انتقى الخطيب للمهرواني عنه: اثني عشر حديثا (1) .
5- الشّيخ، المعمَّر، مسند بغداد في وقته: عبد الله بن عبيد الله بن يحيى بن زكريّا المؤدّب، أبو محمَّد البغداديّ، المعروف بابن البيّع ...
روى عن: الحسين بن إسماعيل المحامليّ، وغيره.
وعنه: عبد الرّحمن بن أحمد الدّجّاجيّ، ومحمد بن محمَّد العكبريّ، ونصر بن البطر، وجماعة.
قال الخطيب في (تأريخه) (2) : "وكان ثقة". وترجم له الذّهبيّ في: (السّير) (3) ، وأثنى عليه.
مات في رجب، سنة: ثمان وأربعمائة (4) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: واحداً وعشرين حديثا (5) .
6- الشّيخ، المحدّث: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ محمَّد بْنِ نصر بن الفضل بن إدريس السُّتُوريّ (6) أبو القاسم، البغداديّ ...
_________
(1) انظر رقم / 5، 11، 40، 52، 66، 81، 101، 119، 120، 132، 144، 145.
(2) (10/39) ت / 5162.
(3) (17/221) .
(4) انظر ترجمته أيضا في: العبر (2/215) ، والشّذرات لابن العماد (3/187) .
(5) انظر رقم / 2، 9، 22، 26، 36، 37، 49، 50، 61، 65، 76، 77، 93، 94، 103، 117، 118، 131، 142، 143، 164.
(6) بضمّ السّين المهملة، والتّاء المنقوطة باثنتين من فوقها، وفي آخرها الرّاء، وهذه النّسبة إما لحفظ السّتور والبوابيّة على ما جرت به عادة الملوك، أو حمل أستار الكعبة. انظر: الأنساب (3/221) .

(1/52)


سمع من: إسماعيل الصّفّار، وأبي بكر الشّافعيّ، وجعفر الخلديّ، والنّجّاد، وطبقتهم.
وروى عنه أيضا: الخطيب البغداديّ، وأبي بكر بن حمدويه الرّزّاز، وغيرهما.
قال الخطيب: ".. وكان لا بأس به، مات في ذي القعدة، من سنة: ثمان وأربعمائة" (1) .
وانتقى للمهروانيّ عنه: ثلاثة أحاديث (2) .
7- الشّيخ، المسند الكبير: أحمد بن محمَّد بْنِ مُوسَى بْنِ هَارُونَ بْنِ الصّلت القرشيّ، أبو الحسن الأهوازيّ ...
سمع القاضي أبا عبد الله المحامليّ، وأبا العبّاس بن عقدة، وجماعة.
وحدّث عنه أيضا: الخطيب البغداديّ، وأبو القاسم بن منده، ويحيى بن أحمد السّيبيّ فيما يقال، وعليّ بن الحسين بن قريش البنّاء.
قال الخطيب في (تأريخه) (3) : "كتبت عنه، وكان صدوقا، صالحا".
_________
(1) تأريخ بغداد (10/467) ت / 5643.
وانظر أيضا: الأنساب (3/221) ، وذكر السّمعانيّ فيه أنّ وفاة السُّتُوريّ كانت في رمضان، سنة: خمس عشرة وأربعمائة وأظنّه وهم.
(2) انظر رقم / 12، 57، 72.
(3) (4/370) ت / 2240.

(1/53)


وقال البرقانيّ - كما في: تأريخ بغداد (1) -: "ابنا الصّلت: ضعيفان" يعني: هذا، وأحمد بن محمَّد بن موسى بن القاسم ... له ترجمة في: تأريخ بغدادٍ (2) كذلك.
وقال أبو ذرّ الهرويّ - كما في: لسان الميزان - (3) : "لا بأس بهما إذا حدّثا من أصولهما" اهـ.
وترجم الذّهبيّ في: (السّير) (4) له، واقتصر على قول الخطيب ولم يحك غيره.
مات في جمادى الآخرة، سنة: تسع وأربعمائة (5) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: تسعة أحاديث (6) .
8- الشّيخ، المعمَّر، مسند الوقت: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ محمَّد بْنِ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ محمَّد بْنِ مهديّ الفارسيّ، أبو عمر الكازرونيّ، ثمّ البغداديّ، البزّاز ...
سمع كثيرًا من القاضي المحامليّ، وأبي العبّاس بن عقدة، وسمع من محمَّد ابن مخلد العطّار، والحسين بن يحيى بن عيّاش، وغيرهم.
وحدّث عنه أيضا: الخطيب البغداديّ، وهبة الله بن الحسين
_________
(1) (5/94 - 95) ت / 2491.
(2) المصدر المتقدّم نفسه، الجزء والصّحيفة نفسيهما.
(3) (1/256) ت / 800.
(4) (17/187) .
(5) انظر ترجمته أيضا في: الميزان (1/132) ت / 533.
(6) انظر رقم / 6، 16، 41، 67، 82، 83، 124، 148، 149.

(1/54)


البزاز، وأبو عبد الله النّعاليّ، وابن البُسريّ، وجماعة.
قال الخطيب في: (تأريخه) (1) : ".. وكان ثقة، أمينا".
وترجم الذّهبيّ في: (السّير) (2) له، وأثنى عليه، وقال:
".. وتفرّد، وبَعُدَ صيته".
مات في رجب، من سنة: عشر وأربعمائة (3) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: ثلاثة عشر حديثا (4) .
9- محمَّد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبان الهيتيّ (5) ، التّغلبيّ، أبو بكر البغداديّ، المعروف بابن أبي عباية ...
حدّث عن: ابن السّمّاك، وأحمد بن سلمان النّجّاد، وابن الدّقم، وغيرهم.
وروى عنه أيضا: أبو بكر الخطيب، والأزهريّ.
قال الخطيب: ".. وكانت أصول أبي بكر الهيتيّ سقيمة، كثيرة الخطأ، إلاّ أنّه كان شيخا، مستورًا، صالحا ... وكان مغفّلاً، مع خلوّه
_________
(1) (11/14) ت / 5675.
(2) (17/221) .
(3) انظر ترجمته أيضا في: المنتظم (15/136) ت / 3087،
والنّجوم الزّاهرة (4/244) .
(4) انظر رقم /3، 15، 21، 27، 38، 39، 54، 78، 79، 121، 130، 146، 147.
(5) بكسر الهاء، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها التّاء المنقوطة من فوقها باثنتين ... انظر: الأنساب (5/659) .

(1/55)


من علم الحديث، وحدّثنا عن شيخ شيخه، وهو لا يعلم" (1) .
مات بالأنبار في يوم عيد الفطر، سنة: عشر وأربعمائة وقيل: إنّ وفاته كانت بهيت، فالله أعلم (2) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: خمسة أحاديث (3) .
10- الإمام، المحدِّث، المعمَّر: محمَّد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمَّد بن أحمد ابن رزقويه البزّاز، أبو الحسن، البغداديّ ...
سمع: محمَّد بن يحيى الطّائيّ، والصّفّار، وأبا جعفر بن البختريّ، وعثمان بن السّمّاك، وطبقتهم، ومن بعدهم.
وحدّث عنه أيضا: الخطيب، وابن الغريق، ونصر بن البَطِر، وعبد الله بن عبد الصّمد بن المأمون، وآخرون.
قال الخطيب رحمه الله: ".. وكان ثقة، صدوقا، كثير السّماع، والكتابة، حسن الإعتقاد، جميل المذهب، مديما لتلاوة القرآن، شديدًا على أهل البدع.." إلى أن قال: ".. وسمعت البرقانيّ يُسأل عنه، فقال: ثقة" (4) اهـ.
_________
(1) انظر: تأريخ بغداد (5/475) ت / 3027.
(2) انظر ترجمته أيضا في: الأنساب (5/659) ، والميزان (5/55) ت / 7808، ولسان الميزان (5/236) ت / 820.
(3) انظر رقم / 10، 42، 60، 80، 105.
(4) تأريخ بغداد (1/351) ت / 278، وهذا الشّيخ أوّل شيخ كتب الخطيب عنه، وأوّل ما سمعه منه كان في سنة: ثلاث وأربعمائة (كما في الموضع نفسه من تأريخه) وكان عمره آنذاك: إحدى عشرة سنة.

(1/56)


مات ببغداد، في جمادى الأولى، من سنة: اثنتي عشرة وأربعمائة (1) .
انتقى الخطيب للمهرواني عنه: ثمانية أحاديث (2) .
11- الحافظ، المجوّد، الأمين، الرّحّال: محمَّد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمَّد بن فارس بن سهل، أبو الفتح، البغداديّ ... المعروف بابن أبي الفوارس.
سمع: جعفر الخلديّ، ودعلج السّجزيّ، وأبا عليّ بن الصّوّاف، وأحمد بن الفضل بن خزيمة، وطبقتهم.
وحدّث عنه أيضا: الخطيب، وأبو سعد المالينيّ، وأبو بكر البرقانيّ، واللالكائيّ، وآخرون.
قال الخطيب في: (تأريخه) (3) : ".. وكان ذا حفظ، ومعرفة، وأمانة، وثقة، مشهورًا بالصّلاح، وكتب النّاس بانتخابه على الشّيوخ، وتخريجه"، ترجم له الذّهبيّ في "تذكرة الحفّاظ" (4) ، وأثنى عليه كثيرًا.
مات في ذي القعدة، من سنة: اثنتي عشرة وأربعمائة (5) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: خمسة أحاديث (6) .
_________
(1) انظر ترجمته أيضا في: المنتظم (15/148) ت/3101، والسّير (17/258) ، والنّجوم الزّاهرة (4/256) .
(2) انظر رقم / 8، 29، 43،59، 86، 111، 154، 155.
(3) (1/352) ت / 279.
(4) (3/1053) .
(5) انظر ترجمته أيضا في: المنتظم (15/149) ت / 3102، والعبر (2/221) ، والشّذرات (3/196) .
(6) انظر رقم / 97، 127، 163، 167، 169.

(1/57)


12- الشّيخ، الصّالح: الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُرْهان الغزّال (1) ، أبو عبد الله، البغداديّ، البزّاز ...
سمع: إسماعيل الصّفّار، ومحمد بن عمرو الرّزّاز، وأبا عمرو بن السّمّاك، وعبد الباقي بن قانع، وطبقتهم.
روى عنه: أبوا بكر: البيهقيّ، والخطيب، وأبو الفوارس طرّاد النَّقيب، وآخرون.
قال الخطيب في: (تأريخه) (2) : "وكان شيخا، ثقة، صالحا، كثير البكاء عند الذّكر".
وترجم له ابن الجوزيّ في (المنتظم) (3) ، والذّهبيّ في (السّير) (4) ، وأثنيا عليه.
مات في ذي الحجّة، من سنة: اثنتي عشرة وأربعمائة (5) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: أربعة أحاديث (6) .
13- الشّيخ: مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ بْنِ جَعْفَرٍ بن إسحاق العكبريّ (7) ، أبو سهل، الفارسيّ، ثمّ البغداديّ ... حدّث عن: أبي سهل القطّان، وأبي
_________
(1) بفتح الغين المعجمة، وتشديد الزّاي. انظر: الأنساب (4/289) .
(2) (1/352) ت / 279.
(3) (15/147) ت / 3098.
(4) (17/265) .
(5) وانظر ترجمته أيضا في: العبر (2/221) ، والشّذرات (3/195) .
(6) انظر رقم / 13، 55، 68، 86.
(7) بضمّ العين، وفتح الباء الموحّدة وقيل: بضمّ الباء أيضا والصّحيح فتحها ... انظر: الأنساب (4/221) .

(1/58)


بكر النقّاش، وأحمد بن عثمان الأدميّ، وغيرهم.
وعنه أيضا: الخطيب البغداديّ، وآخر يقال له: عبد المُتَعال (1) .
قال الخطيب: "وسمعت أحمد بن عليّ البادا ذَكَرَه، فقال: كان عبدًا، صالحا، أدام الصّيام ثلاثين سنة، وليس هو في الحديث بذاك؛ لأنه روى كتاب (القناعة) (2) عن شيخ لم يسمعه محمود منه. قلت: والشّيخ هو: عليّ بن الفرج بن أبي روح" (3) اهـ.
مات بعكبرا في شعبان، من سنة: ثلاث عشرة وأربعمائة (4) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: سبعة أحاديث (5) .
14- الشّيخ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إبراهيم القزوينيّ (6) ، أبو القاسم، الخبّاز، الصّوفيّ، البغداديّ ...
حدّث عن: أبي الحسن القطّان، وأحمد بن محمَّد بن رزمة القزوينيّين، ومحمد بن هارون الرّيحانيّ.
وعنه أيضا: الخطيب، وأبو سعد السّمّان، وأبو منصور المقوّميّ.
_________
(1) انظر: لسان الميزان (6/4) .
(2) لابن أبي الدّنيا ... انظر: المرجع المتقدّم نفسه، الجزء والصّحيفة نفسيهما.
(3) تأريخ بغداد (13/96) ت / 7082.
(4) انظر ترجمته أيضا في: معجم البلدان (2/42) ،والميزان (5/203) ت /8368، ولسان الميزان (6/3) ت / 5.
(5) انظر رقم / 58، 71، 87، 104، 115، 136، 166.
(6) بفتح القاف، وسكون الزّاي، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها النّون ... انظر: الأنساب (4/493) .

(1/59)


قال الخطيب في (تأريخه) (1) : "حدّثني أبو عمرو الزّهريّ الفقيه: أنّ أهل قَزْوين كانوا يضعّفون عبد الرّحمن بن أحمد في روايته عن أبي الحسن القطّان" اهـ.
قال الحافظ في: (لسان الميزان) (2) معلّقا:
"هذه عبارته، فَضَعْفُه على هذا مقيّد بما رواه عن أبي الحسن فقط، وقد روى عن غيره أحاديث مستقيمة إن شاء الله".
مات رحمه الله سنة: ثلاث عشرة وأربعمائة (3) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: خمسة أحاديث (4) .
15- الشّيخ، الصّالح، المعمَّر، الإمام: الحسين بن الحسن ابن محمَّد بن القاسم الغضائريّ (5) ، أبو عبد الله، المخزوميّ، البغداديّ ...
سمع: أبا عمرو بن السّمّاك، ومحمد بن يحيى الصّوليّ، ومحمد بن عمرو الرّزّاز، والخلديّ، ومن في طبقتهم. وعنه: أبوا بكر: البيهقيّ، والبغداديّ الخطيب، وابن الغريق، والقاسم بن الفضل الثّقفيّ الرّئيس، وآخرون ... قال الخطيب في (تأريخه) (6) : "كتبنا عنه، وكان ثقة،
_________
(1) (10/303) ت / 5450.
(2) (3/404) ت / 1594.
(3) انظر ترجمته أيضا في: التّدوين في أخباز قزوين (3/140) ، والميزان (3/260) ت / 4808.
(4) انظر رقم / 18، 47، 98، 110، 162.
(5) بفتح الغين والضّاد المعجمتين، والياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وفي آخرها الرّاء. انظر: الأنساب (4/299) .
(6) (8/34) ت / 4083.

(1/60)


فاضلاً". ووثّقه أيضا: السّمعانيّ في (الأنساب) (1) ، والذّهبيّ في (السّير) (2) وغيرهم.
مات في المُحرَّم، من سنة: أربع عشرة وأربعمائة (3) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: ستة أحاديث (4) .
16- الشّيخ المعمَّر، مسند وقته: هِلَالُ بْنُ محمَّد بْنِ جَعْفَرٍ بن سعدان الحفّار، الكسكريّ (5) ، أبو الفتح، البغداديّ ...
سمع من: أبي جعفر بن البختريّ، والصّفّار، والحسين بن يحيى القطّان، وعثمان بن أحمد الدّقّاق، وجماعة.
وعنه: البيهقيّ، والخطيب، وأبو نصر السّجزيّ، والرّئيس الثّقفيّ، وطرّاد الزّينبيّ، وخلق سواهم ... قال الخطيب: "كتبنا عنه، وكان صدوقا" (6) ، وقال السّمعانيّ: "كان ثقة، صدوقا، مكثرًا من الحديث" (7) ، وترجم له الذّهبيّ في: (السّير) (8) ، وأثنى عليه.
_________
(1) (4/299) .
(2) (17/327) .
(3) انظر ترجمته أيضا في: المنتظم (15/160) ت/3117، والشّذرات (3/200) .
(4) انظر رقم / 95، 96، 112، 113، 114، 165.
(5) بالسّين المهملة السّاكنة بين الكافين المفتوحتين، وفي آخرها الرّاء، نسبة إلى كسكر قرية بالعراق ... انظر: الأنساب (5/70) .
(6) تأريخ بغداد (14/75) ت / 7426.
(7) الأنساب (5/70) .
(8) (17/293) .

(1/61)


مات في صفر، من سنة: أربع عشرة وأربعمائة (1) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: سبعة أحاديث (2) .
17- الشّيخ، العالم، المُسْنِد: عَلِيُّ بْنُ محمَّد بْنِ عَبْدِ الله بن بِشْران المعدِّل، أبو الحسين الأمويّ، البغداديّ ...
سمع: عليّ بن محمَّد المصريّ، ومحمد بن عمرو الرّزّاز، وأبا الحسين ابن الأشنانيّ، والحسين بن صفوان البرذعيّ، وعبد الله بن محمَّد الفاكهيّ، وأبا بكر الشّافعيّ، وغيرهم.
وعنه أيضا: البيهقيّ، والخطيب، والحسن بن البنّاء، وأبو الفضل الدقّاق، وعليّ بن عبد الواحد، وجماعة غيرهم.
قال الخطيب في: (تأريخه) (3) : ".. وكان صدوقا، ثقة، ثبتا، حسن الأخلاق، تامّ المروءة، ظاهر الدّيانة".
وقال الذّهبيّ في: (السّير) (4) : "روى شيئا كثيرًا على سداد، وصدق، وصحّة رواية، كان عدلاً، وقورًا".
توفّي في شعبان، من سنة: خمس عشرة وأربعمائة (5) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: تسعة أحاديث (6) .
18 الشّيخ، العالم، المُسْنِد: محمَّد بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ محمَّد بن الفضل القطّان، أبو الحسين المتوثيّ (7) ، ثمّ البغداديّ، الأزرق ...
سمع من: محمَّد بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بن عليّ بن حرب، والنّجّاد، وابن درستويه، وأبي سهل بن زياد، في أمثالهم.
وعنه أيضا: البيهقيّ، والخطيب البغداديّ، وأبو عليّ الوخشيّ، وانتخب عليه: ابن أبي الفوارس، واللاّلكائيّ.
وثّقه الخطيب (8) ، وابن الجوزيّ (9) ، والذّهبيّ (10) .
وقال السّمعانيّ (11) : "صدوق".
مات في رمضان، سنة: خمس عشرة وأربعمائة (12) .
_________
(1) انظر ترجمته أيضا في: المتنظم (15/162) ت / 3122، وتذكرة الحفّاظ (3/1057- 1058) ، والشّذرات (3/201) .
(2) انظر رقم / 19، 45، 102، 123، 137، 156، 157.
(3) (12/98) ت / 6527.
(4) (17/312) .
(5) انظر ترجمته أيضا في: المنتظم (15/167) ت /3129، والعبر (2/229) ، والشّذرات (3/203) .
(6) انظر رقم / 14، 33، 46، 89، 90، 125، 134، 158، 159.
(7) بفتح الميم، وضمّ التّاء المثنّاة المشدّدة ثالث الحروف، وفي آخرها الثّاء المثلّثة.
انظر: الأنساب (5/193) .
(8) في: تأريخ بغداد (2/249) ت / 718.
(9) في: المنتظم (15/169) ت / 3135.
(10) في: العبر (2/229) .
(11) في: الأنساب (4/520) .
(12) انظر ترجمته أيضا في: الشّذرات (3/203) .

(1/62)


انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: أربعة أحاديث (1) .
19- الشّيخ، المُعَمَّر: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عبد الجبّار السُّكَّريّ (2) ،
_________
(1) انظر رقم / 17، 44، 99، 100.
(2) بضمّ السّين المهملة، وفتح الكاف المشدّدة، وفي آخرها الرّاء، نسبة إلى عمل السكر، وبيعه، وشرائه ... انظر: الأنساب (3/266) .

(1/63)


أبو محمد، البغداديّ ...
سمع من: ابن أبي روبا، والصّفّار، والنّجّاد، وأبي بكر الشّافعيّ، في جماعة آخرين.
وعنه أيضا: البيهقيّ، والخطيب، وابن البسريّ، وآخرون.
قال الخطيب في: (تأريخه) (1) : "كتبنا عنه، وكان صدوقا".
مات في صفر، من سنة: سبع عشرة وأربعمائة (2) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: خمسة أحاديث (3) .
20- إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ بن عروة البُنْدار، أبو القاسم البغداديّ ...
حدّث عن: أبي بكر الشّافعيّ، وأبي سهل بن زياد. وروى عنه أيضاً: الخطيب البغداديّ، وقال: "وكان صدوقاً" (4) .
ومات في المُحرّم، سنة: ثلاث وعشرين وأربعمائة.
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: ثلاثة أحاديث (5) .
_________
(1) (10/199) ت / 5347.
(2) انظر ترجمته أيضا في: كشف النّقاب لابن الجوزيّ (2/447) ت / 1478، والسّير (17/386) ، ونزهة الألباب لابن حجر (2/228) ت / 2866، والشّذرات (3/208) .
(3) انظر رقم / 23، 56، 88، 126، 160.
(4) تأريخ بغداد (6/313) ت / 3359.
(5) انظر رقم / 24، 128، 161.

(1/64)


21- أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدُوسٍ بن محمَّد الجصّاص، المُعدِّل، أبو نصر، البغداديّ، ثمّ الأهوزايّ ...
سمع من: أبي عليّ بن الصّوّاف، وأبي بكر بن خلاّد، وأبي القاسم الطّبرانيّ، وأبي الشّيخ الأصبهانيّ، ومن في طبقتهم.
وعنه أيضا: الخطيب البغداديّ، وقال: "وكان ثقة ثبتا".
مات بالأهواز، سنة: ثلاث وعشرين وأربعمائة (1) .
انتقى الخطيب للمهروانيّ عنه: ثلاثة أحاديث (2) .
وممّا سبق يظهر للمتأمّل في تراجم هؤلاء الشّيوخ عدّة أمور،
أهمّها:
1- أنّه ليس فيهم أحد اتّهم في دينه، وعقيدته.
2- أنّ السِّمة الغالبة عليهم أنّهم ممّن يُقبل حديثهم، ويُحتجّ به ... فكثير منهم من الثّقات (3) ، ومنهم من حديثه في درجة الحسن (4) .
3- أنّ اثنينِ منهم ضُعّفا تضعيفا مطلقا (5) .
4- وواحداً ضُعّف في روايته عن شيخ من شيوخه، وأحاديثه عن غيره مستقيمة (6) .
_________
(1) المصدر المتقدّم نفسه (4/323) ت / 2131.
(2) انظر رقم / 30، 133، 168.
(3) انظر رقم/2، 3، 5، 6، 8، 10، 11، 12، 15، 16، 17، 18، 21منهم.
(4) وعددهم: خمسة ... انظر رقم / 1، 4، 7، 19، 20 منهم.
(5) انظر رقم / 9، 13 منهم.
(6) انظر رقم / 14.

(1/65)


وجملة هذين الأمرين السّابقين: ثلاثة شيوخ، من واحد وعشرين شيخا، انتقى الخطيب للمهروانيّ عنهم سبعة عشر حديثاً من أحاديث الكتاب وآثاره البالغة: واحداً وسبعين ومائة حديث وأثر ... وهذا يعطي ميزة جيّدة لأحاديث الكتاب تدلّ على جلالة قدره، وقدر صاحب أحاديثه، ومخرّجه، ومنزلتهما في آنٍ واحد.
5- وصف كثير منهم بالصّلاح، والعبادة، وجودة الأخلاق (1) ... وكل ذلك انعكس على المهروانيّ رحمه الله فأثّر فيه، فعُرف عنه ما عُرف عنهم (2) ، وهذا دالّ على إفادته من عبادتهم، وخلقهم، مع ما استفاده من علمهم، وروايتهم.
6- غالبهم إن لم يكن كلّهم من المسندين، المعمَّرين الّذين سمعوا قديما، وتأخّرت وفاتهم، وكلّهم مات قبل أن يُتمّ المهروانيّ نصف ما آتاه الله من عُمُر، ممّا كان له الأثر في العلوّ الباهر لأسانيد الكتاب، وهذه ميزة أخرى.
7- تحصّل للخطيب البغداديّ السّماع من كثير منهم (3) ، وفاته السّماع من عدد منهم (4) ، ولم يتحصّل عنده شيء بَعْدُ ممّا سمعه من أحدهم (5) .
8- أنّ الخطيب رحمه الله انتقى للمهروانيّ عن جميع هؤلاء الشّيوخ الّذين سبق ذكرهم.
_________
(1) انظر مثلاً رقم / 2، 3، 7، 10، 11، 12، 17 منهم.
(2) انظر ص / 78 79.
(3) انظر مثلاً الأرقام /4، 7، 9، 14، 21.
(4) انظر مثلاً تراجم أصحاب الأرقام /1، 2، 6 في: تأريخ بغداد.
(5) انظر رقم / 3.

(1/66)


المبْحَث السَّابع تلاميذه ومن انتقى عليه:
بعد أن كان المِهْروانيّ رحمه الله تلميذًا، يتلقّى عن شيوخه ما يفيدونه إيّاه، ويحضر مجالس إسماعهم، وإملائهم، ويتزوّد من أدبهم، وعلمهم، ويكتب رواياته عنهم، ها هو ذا من بَعْدُ يُقْصد للانتقاء عليه، والسّماع منه ...
وتلاميذ الشّيخ يتلقّون أدبه، وعلمه، ورُبّما تأثّروا بأقواله، وأفعاله، وتصرّفاته، وربّما بطريقته، ومنهجه في الحياة أيضا، وما أفادهم إيّاه من علم له أجره بعد موته، فهو من علمه الذي لا ينقطع.
بل وكلّما استُفيد عنهم من بعده (1) .
والمِهْروانيّ مشهود له بالعلم والحفظ، والكياسة والفضل، أسانيده عالية، اتّجه طلاّب العلم إليه وقصدوه، فتتلمذ عليه جماعة نشروا علمه، وأبرزوا نجمه، وأفادوا عنه مَنْ بعدهم، ذاع صيتهم، واشتهر ذكرهم، حتى صاروا من جهابذة علم الحديث، ورواته ...
وأسوق هنا ما وقفت عليه منهم، معتنيا بتوثيق تلمذة كلٍّ منهم على المِهْروانيّ (2) ، مع التّعريف المقتضب بهم، وذكر فضلهم، ونُبْلهم، مُرتّبا لهم على سنيّ الوفيّات، خاتما بمن لم أقف على تراجمهم:
1- الشّيخ الإمام المحدّث الحافظ القدوة: أَبُو بَكْرٍ محمَّد بْنُ أَحْمَدَ
_________
(1) أخرج مسلم في صحيحه (كتاب: الوصيّة، باب: ما يلحق الإنسان من الثّواب بعد وفاته) 3/1255 رقم الحديث/1631 بسنده عن إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرّحمن الحرقيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "إذا ماتَ الإنسانُ انقطعَ عنهُ عملُه إلاّ مِن ثلاثةٍ: إلاّ منْ صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفعُ بِهِ، أو ولدٍ صالحٍ يدعُو لَه".
(2) عند أقدم المترجمين بكسر الجيم أو بالعزو إلى سماع من سماعات الكتاب.

(1/67)


ابن عبد الباقي الدّقّاق، المعروف بابن الخاضبة ... قرأ الكتاب على المهروانيّ كما في أحد السّماعات (1) .
قال ابن الدّمياطيّ في (المستفاد) (2) : ".. وله معرفة بهذا الشّأن، ويوصف بالحفظ، والصّدق، والثّقة، وكان ورعا، زاهدًا، محبوبا إلى النّاس.."، ثمّ قال: "قال محمَّد بن طاهر المقدسيّ: ما كان في الدّنيا أحسن قراءة للحديث من أبي بكر بن الخاضبة في وقته، لو سمع بقراءته إنسان يومين لما مَلّ قراءته".
وقال الذّهبيّ (3) : ".. وقرأ للنّاس الكثير، وكان مقرئ المحدّثين ببغداد ... وهو متوسّط في الفنّ، مع ديانة متينة، وتعبّد، وفصاحة، وحُسن قراءة".
مات في ربيع الأوّل، سنة: تسع وثمانين وأربعمائة (4) .
2- الشّيخ الإمام المقرئ المسند: هبة الله بن أحمد بن عمر بن الطَّبَر (5) الحريريّ، أبو القاسم، البغداديّ ...
روى الحافظ كما في: (المجمع المؤسّس) (6) المهروانيّات من عدّة طرق عن المهروانيّ، منها طريق ابن الطَّبَر هذا.
_________
(1) ب [1/أ] .
(2) (ص/5) ت/2.
(3) السّير (19/110) .
(4) انظر ترجمته أيضا في: سؤالات السّلفيّ (ص/102) ، والمنتظم (17/35) ت/3664،ولسان الميزان (5/57) ت/192.
(5) بفتح الطّاء المهملة، والباء المعجمة بواحدة.
انظر: تبصير المنتبه (3/863) .
(6) (2/199) .

(1/68)


قال ابن الجوزيّ (1) : "كان صحيح السّماع، قويّ التّديّن، كثير الذّكر، دائم التّلاوة".
وقال ابن نقطة في: (التّكملة) (2) : "وكان ثقة، صحيح السّماع، والرّوايات". وقال الذّهبيّ في: (العبر) (3) : "وكان ثقة، صالحا، مُمتّعا بحواسّه".
مات في جمادى الآخرة، من سنة: إحدى وثلاثين وخمسمائة (4) .
3- الشّيخ الإمام المسند المُعمَّر: عبد المنعم بن أبي القاسم عبد الكريم القشيريّ، أبو المظفّر النّيسابوريّ، الصّوفيّ ...
قال ابن نقطة في: (التّقييد) (5) : "سمع من أبيه، ومن أبي سعيد الكنجروذيّ، وأبي القاسم المهروانيّ". وقال ابن النّجّار: "اشتغل بالعبادة، وكتابة المصاحف ... وكان لطيف المعاشرة، ظريف المحاورة، كريم الصّحبة.." (6) اهـ. وقال الذّهبيّ: "قال السّمعانيّ: شيخ ظريف، مستور الحال، سليم الجانب.. وكان حسن الإصغاء لما يقرأ عليه" (7) . مات بين العيدين، سنة: اثنتين وثلاثين وخمسمائة (8) .
4- الإمام العالم الورع: يوسف بن أيّوب بن يوسف بن حسين
_________
(1) المنتظم (17/326) ت/4029.
(2) (4/13) ت/3872.
(3) (2/440) .
(4) انظر ترجمته في: السّير (19/593) ، والشّذرات (4/97) .
(5) (ص/377) ت/485.
(6) ذيل تأريخ بغداد (1/165) .
(7) السّير (19/623) .
(8) انظر ترجمته أيضا في: المنتخب من السياق لتأريخ نيسابور (ص/365) ت/1212، والأنساب (4/503) .

(1/69)


الهَمَذَانيّ، أبو يعقوب، المروزيّ، الصّوفيّ، البوزنجرديّ (1) ...
قال السّمعانيّ في (الأنساب) (2) أثناء ترجمته للمهروانيّ: "روى لي عنه: أبو يعقوب يوسف بن أيّوب الهمذانيّ ... ".
وقال في ترجمة أبي يعقوب (3) : "كان إماما، ورعا، عاملاً بعلمه، حجّة على المسلمين..".
وقال الذّهبيّ في (السّير) (4) : ".. وكتب الكثير، وعُني بالحديث، وأكثر التّرحال ... كان مشغولاً بالعبادة، من أولياء الله". مات في ربيع الأوّل، سنة: خمس وثلاثين وخمسمائة (5) .
5- الشّيخ الإمام العدل، مسند العصر، القاضي: محمَّد بن عبد الباقي بْنُ محمَّد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأنصاري، أبو بكر البغداديّ ...
قال السّمعانيّ في (الأنساب) (6) أثناء ترجمته للمهروانيّ: "روى لي عنه أبو يعقوب الهمذانيّ ... وأبو بكر محمَّد بن عبد الباقي الأنصاريّ..". ونقل ابن الدّمياطيّ في: (المستفاد) (7) عن السّمعانيّ
قال: "محمَّد ابن عبد الباقي الأنصاريّ أسند شيخ بقي على وجه الأرض.. متديّن، حسن الكلام، حلو المنطق، مليح المحاورة، ما رأيت أجمع للفنون منه..".
_________
(1) بضمّ الباء الموحدة، وفتح الزّاي والنّون، وكسر الجيم، وسكون الرّاء، في آخرها الدّال المهملة ... انظر: الأنساب (1/412) .
(2) (5/416) .
(3) (1/412) .
(4) (20/66 67) .
(5) انظر ترجمته أيضا في: المنتظم (18/15) ت/4072، وطبقات الشّافعيّة للإسنويّ (2/300) ت/1234، والنّجوم الزّاهرة (5/260) .
(6) (5/416) .
(7) (ص/20) ت/15.

(1/70)


وقال ابن الجوزيّ: "كان فَهْما، ثبتا، حجّة، متقنا في علوم كثيرة، متفرّدًا في علم الفرائض.." (1) . مات في رجب، من سنة: خمس وثلاثين وخمسمائة (2) .
6- الشّيخ الجليل الصّالح: عبد الرّحمن بن المحدّث أبي غالب محمَّد ابن عبد الواحد بن حسن الزُّريقيّ، أبو منصور، القزّاز ...
قال السّمعانيّ في (الأنساب) (3) أثناء ترجمة للمهروانيّ: "روى لي عنه: أبو يعقوب الهمذانيّ ... ، وأبو منصور عبد الرّحمن ابن أبي غالب..".
قال ابن الجوزيّ: "كان من أولاد المحدّثين ... وكان صحيح السّماع ... وكان ساكتا قليل الكلام، خيّرًا، سليما، صبورًا على العزلة، حسن الأخلاق" (4) .
وقال الذّهبيّ: "الشّيخ الجليل الثّقة ... راوي: (تأريخ الخطيب) عنه سوى الجزء السّادس بعد الثّلاثين، غاب لوفاة أُمّه" (5) . مات في شوّال، سنة: خمس وثلاثين وخمسمائة (6) .
7- الشّيخ العالم الصّالح المسند: يحيى بن عليّ بن محمَّد بن عليّ ابن الطّراح المدير (7) ، أبو محمَّد، البغداديّ ...
_________
(1) المنتظم (18/13) ت/4071.
(2) انظر ترجمته أيضا في: الأنساب (5/495) ، والسّير (20/23) ، ولسان الميزان (5/241) ت/844.
(3) (5/416) .
(4) المنتظم (18/11) ت/4067.
(5) السّير (20/69) .
(6) انظر ترجمته أيضا في: الأنساب (3/150) ، وتبصير المنتبه (4/1247) ، والشّذرات (4/106) .
(7) بضمّ الرّاء، وكسر الدّال المهملة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الرّاء ... انظر: الأنساب (5/234) .

(1/71)


عدّ ابن الجوزيّ في (المنتظم) (1) المهروانيّ من شيوخه الّذين سمع منهم، وقال: ".. وكان سماعه صحيحا، وكان من أهل السّنّة، شهد له بذلك شيخنا ابن ناصر، وكان له سمت المشايخ، ووقارهم، وسكونهم مشغولاً بما يعنيه، وكان كثير الرغبة في الخير، وزيارة القبور"، مات في رمضان، سنة: ستّ وثلاثين وخمسمائة (2) .
8- الشّيخ المحدّث الإمام، المسند: إسماعيل بن أحمد بن عمر السّمرقنديّ، أبو القاسم، البغداديّ، الحافظ ...
قال السّمعانيّ في (الأنساب) (3) أثناء ترجمته للمهروانيّ:
"روى لي عنه: أبو يعقوب الهمذانيّ ... وأبو القاسم إسماعيل ابن أحمد السّمرقنديّ". وقال ابن الجوزيّ: ".. وكان له يقظة، ومعرفة بالحديث.. وكان شيخنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن يقول: أبو القاسم السّمرقنديّ استاذ خراسان، والعراق" (4) .
وفي (المستفاد) (5) لابن الدّمياطيّ: "وكان ثقة، صدوقا، فاضلاً"، ونقل عن أبي طاهر السّلفيّ قال: "أبو القاسم ثقة" (6) . مات في ذي القعدة، سنة: ستّ وثلاثين وخمسمائة (7) .
_________
(1) (18/25) ت/4086.
(2) انظر ترجمته أيضا في: السّير (20/77) ، والشّذرات (4/114) .
(3) (5/416) .
(4) المنتظم (18/21) ت/4075.
(5) (ص/85) ت/54.
(6) (ص/86) .
(7) انظر ترجمته أيضا في: طبقات الشّافعيّة للسّبكيّ (7/46) ت/735، والعبر (2/450) .

(1/72)


9- الشّيخ المحدّث: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمَّد بْنِ محمَّد بن البيضاويّ (1) ، الفارسيّ، أبو الفتح، البغداديّ ...
روى الحافظ كما في: (المجمع المؤسّس) (2) المهروانيّات من عدّة طرق عن المهروانيّ، منها طريق أبي الفتح هذا.
قال السّمعانيّ (كما في: السّير) (3) : "شيخ، صالح، متواضع، مُتحرٍّ في قضائه الخير". مات في جمادى الأولى، سنة: سبع وثلاثين وخمسمائة (4) .
10- الشّيخ الفقيه العالم المسند: إبراهيم بن محمَّد بن منصور الكرخيّ (5) ، أبو البدر البغداديّ ...
قال السّمعانيّ في: (الأنساب) (6) : ".. سمع أبا بكر الخطيب.. وأبا القاسم المهروانيّ.. كان شيخا، مسنّا، مستورًا، كبيرًا، صالحا، ديّنا".
وقال الذّهبيّ في: (السّير) (7) : "شيخ، صالح، معمّر، ثقة". مات في ربيع الأوّل، سنة: تسع وثلاثين وخمسمائة (8) .
11- الشّيخ الإمام المعمَّر شيخ القرّاء: محمَّد بن عبد الملك بن
_________
(1) بفتح الباء المنقوطة بواحدة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفتح الضّاد المعجمة، وفي آخرها الواو ... انظر: الأنساب (1/431) .
(2) (2/199- 200) .
(3) (20/182) .
(4) انظر ترجمته أيضا في: المنتظم (18/29) ت/ 4093، والعبر (2/452) .
(5) بفتح الكاف، وسكون الرّاء، وفي آخرها الخاء المعجمة.
انظر: الأنساب (5/53) .
(6) (5/53) .
(7) (20/79) .
(8) انظر ترجمته أيضا في: المنتظم (18/39) ت/4105، والشّذرات (4/121) .

(1/73)


الحسن بن خيرون الدبّاس، أبو منصور، البغداديّ، المقرئ ...
روى الحافظ كما في: (المجمع المؤسّس) (1) المهروانيّات من عدّة طرق عن المهروانيّ، منها طريق أبي منصور بن خيرون هذا.
قال ابن الجوزيّ: "وكان ثقة، وكان سماعه صحيحا" (2) .
وقال ابن نقطة في: (التّكملة) (3) : "وكان ثقة".
وقال ابن الأثير في: (غاية النّهاية) (4) : "وكان صالحا، خيّرًا، إماما في القراءات". مات في رجب، سنة: تسع وثلاثين وخمسمائة.
12- الشّيخ، الإمام، المُعمَّر، الفقيه، القاضي، مسند العراق في وقته: محمَّد بن عمر بن يوسف بن محمَّد الأُرمويّ (5) ، أبو الفضل، البغداديّ، الشّافعيّ ... راوي الكتاب (المهروانيّات) عن أبي القاسم المِهْروانيّ.
قال السّمعانيّ: " ... عُمّر العمر الطّويل حتى مات أقرانه، وصار آخر من روى عن هؤلاء الشّيوخ، سمعت منه الكثير ببغداد" (6) .
وقال ابن الجوزيّ: " ... قرأت عليه كثيرًا من حديثه، وكان سماعه صحيحا، وكان فقيها على مذهب الشّافعيّ ... وكان ثقة، ديّنا، كثير التّلاوة للقرآن" (7) .
_________
(1) (2/199) .
(2) (18/42) ت/4112.
(3) (2/455) ت/1989.
(4) (2/192) ت/3209.
(5) بضمّ الألف، وسكون الرّاء، وفتح الميم، وفي آخرها الواو. انظر: الأنساب (1/115) .
(6) الأنساب (1/116) .
(7) المنتظم (18/86) ت/4174.

(1/74)


وفي (المستفاد) (1) لابن الدّمياطيّ: "وهو إمام متديّن، ثقة، صدوق، صالح، حسن الكلام في المسائل، كثير التّلاوة للقرآن". مات رحمه الله رابع رجب، سنة: سبع وأربعين وخمسمائة (2) .
وممّن سمع الكتاب على أبي القاسم المِهروانيّ رحمه الله كما في بعض السماعات:
13- أحمد بن محمَّد الغزّال (3) .
14- وإسماعيل بن صالح البصريّ ... كاتب السّماع - المذكور - على المهروانيّ.
15- وأبو محمَّد الحسن بن الشّيخ الأجلّ أبي منصور عبد الملك ابن محمَّد بن يوسف البغداديّ.
16- والحسين بن هارون.
17- وأبو الحسن عليّ بن أبي منصور، أخو أبي محمَّد الحسن المتقدّم (4) .
18- وعمر بن يوسف الأُرمويّ والد أبي الفضل محمد، راوي الكتاب عن المهروانيّ (5) .
_________
(1) (ص/33) ت/25.
(2) انظر ترجمته أيضا في: السّير (20/183) ، والعبر (3/3) ، وطبقات الشّافعيّة للسّبكيّ (6/165) ، والنّجوم الزّاهرة (5/291) .
(3) ب [1/أ] ، وكذا كلّ من بعده من تلاميذ المهروانيّ أُثبتت أسماؤهم في هذا السّماع.
(4) برقم/15، ولعلّهما لم يشتغلا بالعلم لمّا كبرا، فقد قال ابن الجوزيّ في (المنتظم 16/110) في آخر ترجمة أبيهما: "ومن العجائب: ما ذكره هبة الله بن المبارك السّقطيّ قال: توفّي الأجَلّ أبو منصور، فورث عنه ابناه ثلاثين ألف دينار، فتزوّجا بابنتيّ عليّ بن جردة، وقد ورثتا عن أبيهما ثلاثين ألف دينار عقارًا، وعينا فأنفق الجماعة ذلك في أيسر زمان، حتى ظلّ قوم منهم يتكفّفون النّاس" والله أعلم.
(5) وله الفضل بعد الله عزّ وجل في التبكير بابنه، وإسماعه من الشّيوخ.

(1/75)


19- ويعقوب بن سليم.
20- وفاطمة بنت أبي الفوارس بن مُوَحِّد.
وممّا سبق يظهر للمتأمّل في تراجم من وجدّت ترجمته من هؤلاء التلاميذ أمور أهمّها:
1- أنّه ليس فيهم أحد اتّهم في دينه، وعقيدته أيضا.
2- كلّهم ممنّ يقبل حديثه، ويُحتجّ به.
3- كلّهم من الفضلاء، العبّاد، الصّلحاء.
4- غالبهم من المسندين، المعمَّرين (1) ، الذين يُقْصَدُون للتّحمّل عنهم؛ طلبا لنيل الأسانيد العالية؛ لما لها من قيمة رفيعة، لا سيّما إذا عُمَّر هؤلاء القاصدون، وعُرفوا برواية الحديث، وجودة ضبطه، ونقله.
أمّا المنتقيان عنه:
- فأوّلهما:
- الحافظ أبو بكر الخطيب البغداديّ في هذا الكتاب (المهروانيّات) .
- والآخر:
- أبو الفضل بن خيرون (2) ... انتقى عليه: (الفوائد العوالي الصّحاح المخرّجة على كتابي البخاريّ، ومسلم) وستأتي (3) .
_________
(1) انظر رقم/2، 4، 6، 7، 8 منهم.
(2) هو الحافظ، العدل، المسند، الحجة: أحمد بن الحسن بن أحمد البغداديّ المقرئ ... مات في رجب، من سنة: ثمان وثمانين وأربعمائة، وله أربع وثمانون سنة، وشهر واحد.
انظر ترجمته في: المنتظم (17/17) ت/3647، والسّير (19/105) ، والوافي بالوفيّات (6/320) .
(3) انظر ص/80.

(1/76)


المبْحَث الثّامن رُتْبَتُه:
المهرواني محدّث، حافظ، أجمع من ترجم له من الأئمّة الحفّاظ المتقدّمين، والمتأخّرين على ثقته، وتثبّته، واتّفقت كلمتهم على مدحه، والثّناء عليه، ولم يطعن أحد في عدالته، وضبطه ...
قال تلميذه، وراوي كتابه أبو الفضل الأرموي (1) : "ثقة".
وقال السّمعانيّ في: (الأنساب) (2) : "ثقة، صدوق".
وقال ابن الجوزيّ في (المنتظم) (3) : "وكان ثقة".
وقال الذّهبيّ في (السّير) (4) : "وكان من ثقات النّقلة".
وقال أبو الغنائم النّرسيّ (كما في: الأربعين لابن حاتم) (5) عن الخطيب البغداديّ: ".. وخرَّج على الحفّاظ" اهـ، ومنهم: المهروانيّ رحمه الله.
_________
(1) انظر: ب [1/ب] ، د [1/ب] من المهروانيّات.
(2) (5/416) .
(3) (16/179) ت/3461.
(4) (18/347) .
(5) انظر ص/36.

(1/77)


المَبْحَث التّاسع زهده، وعبادته:
إنّ النّاظر في ترجمة المهروانيّ ليخرج بدلالة جليّة واضحة على أنَّ الرّجل من أهل العلم، والعبادة، والصّلاح، المشتغلين بذكر الله عزّ وجل والإنابة إليه، زاهدٌ في الدنيا، زهد من تلاشت عنده مظاهرها، وتجلَّت حقيقتها ...
قال الهيتيّ: "شيخ، صالح، جليل" (1) .
وقال السّاجيّ (كما في: مَلء العيبة لابن رُشيد) (2) : "كان شيخا، صالحا، صوفيا".
وقال السّمعانيّ في: (الأنساب) (3) : "صالح، متصوّف".
ووصفه الذّهبيّ في (السّير) (4) بالزّاهد، العابد.
وقال في (العبر) : "الصّوفيّ، العبد، الصّالح" (5) .
وقال أبو محمَّد المكّيّ في: (مرآة الجنان) : "العبد الصَّالح ... الصّوفيّ" (6) .
وما وصِف به يرحمه الله من التّصوّف هو ما كان عليه بعض الأوائل من مجاهدة الطّبع بردّه عن الأخلاق الرّذيلة، وحمله على الأخلاق الجميلة من الزّهد، والحلم، والصّبر، والإخلاص، إلى غير ذلك من الخصال الحسنة الّتي تكسب المدح في الدّنيا، والثّواب في الأخرى (7) .
_________
(1) انظر ص/957 من الرّسالة.
(2) (3/150) .
(3) (5/416) .
(4) (18/346) .
(5) (2/325) .
(6) (3/97) .
(7) انظر: تلبيس إبليس لابن الجوزيّ (ص/199) .

(1/78)


ولم يُنْقَل عنه ما يُخِلُّ بدين، أو عقل، ولا يُعرف في شيوخه، أو تلاميذه من اتّهم في دينه، مع ما كان عليه يرحمه الله من الحفظ لسُنّة رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم وتدوينها، وضبطها، وما يعرف عنه من الثّقة، والعلم، وحسن العمل إن شَاء الله ومخالطة للنّاس، والأخذ عنهم، وعقد المجالس للتّحديث، والإسماع، وكتابة الحديث.

(1/79)


المبْحَث العَاشِر آثاره:
ظهر لنا جليا ممّا تقدّم من ترجمة المهروانيّ رحمه الله اتّصاله بعلماء عصره، وإفادته منهم، ثمّ روايته، وتحديثه عنهم، مع ثقته، وصلاحه، إلاّ أنّه لم يُخلّف من بعده كثيرًا من الآثار؛ لعدم اشتغاله بالتّصنيف - فيما يظهر - وكُلّ ما وقفت عليه أنّه أُثر عنه مُنتقَيَان:
- أوّلهما: الفوائد المنتخبة الصّحاح والغرائب، المشهور بالمِهْروانيّات، انتقاء: الخطيب البغداديّ له، وهو هذا الكتاب الّذي أنا بصدد دراسته، وتحقيقه.
- والثّاني: كتاب آخر في الفوائد، من انتقاء الحافظ: أبي الفضل ابن خيرون (1) .
قال السّمعانيّ: "انتقى عليه، وانتخب الفوائد الإمام أبو بكر أحمد ابن عليّ بن ثابت الخطيب الحافظ، وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون الأمير، البغداديّان" (2) .
وما انتقاه ابن خيرون رحمه الله ما يزال في حكم المفقود، فلم أقف عليه في المكتبات، أو فهارس المخطوطات مع اعتنائي، وحرصي الشّدِيْدَين على ذلك.
وقد وقع سماع هذا المنتقى لأبي موسى المقدسيّ رحمه الله فأفادنا بمعلومات جيّدة عنه (تتعلّق باسم الكتاب الّذي يكشف عن نوع فوائده الحديثيّة، وراويه عن المهروانيّ، وسند أبي موسى إليه، وأوّل الكتاب، وآخره، وغير ذلك) ...
_________
(1) تقدّمت ترجمته ... انظر: ص/76.
(2) الأنساب (5/416) .

(1/80)


قال في: (ثبَت مسموعاته) ما نصّه:
"سمعت على الشّيخ أبي الفتوح يوسف بن المبارك بن كامل الخفّاف (1) بقراءة: الفقيه عزّ الدّين أبي الفتح محمَّد بن الحافظ أبي محمَّد عبد الغنيّ بن عبد الواحد (2) ، وأخواه: عبد الله (3) ، وعبد الرّحمن (4) ، ومحمد بن أختي (5) في يوم الأحد التّاسع من شهر ربيع الآخر، من سنة ثمان وتسعين وخمسمائة:
الجزء الثّاني من: الفوائد العوالي الصّحاح المخرّجة على كتابي البخاريّ ومسلم، تخريج: أبي الفضل بن خيرون للشّيخ أبي القاسم يوسف بْنُ محمَّد بْنِ أَحْمَدَ بْنِ محمَّد المهروانيّ من أصوله، وسماعاته، رواية الشّيخ المذكور (6) عن أبي منصور عبد الرّحمن بن محمَّد بن عبد الواحد القزّاز عنه (7) .
أوّله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسول الله: "إنّ الله قال: مَن عَادى لِي وَلياً فقَد آذَنَني بِالحَرْب ... " الحديث.
وآخره:
شربنا بريق من هواها مكرر ... وليس يعاف الريق من كان صاريا
_________
(1) البغداديّ، المقرئ ... صالح، حافظ، عَسِرٌ في الرّواية.
مات سنة: إحدى وستّمائة.
انظر: التّكملة للمنذريّ (2/60) ت/877، والسّير (21/417) .
(2) محدّث، حافظ، إمام ... انظر: السّير (21/468) .
(3) هو: أبو موسى نفسه.
(4) انظر: السّير (21/468) .
(5) لم أقف على ترجمة له.
(6) أي: الخفّاف.
(7) أي: عن المهروانيّ.

(1/81)


الجزء للعزّ (1) " (2) اهـ.
ويظهر ممّا سبق:
1- أنّ من المُحتمل أنّ الكتاب يقع في عِدّة أجزاء كبيرة نوعاًما (3) ؛ إذ تتابع على قراءة الثّاني منه أربعة من القرّاء.
2- وأنّ أحاديثه من العوالي الصّحاح، المخرّجة على الصّحيحين، ولكن لا يُدرى هل تكلّم ابن خيرون على هذه الأحاديث أم لا؟
3- وأنّ كلّ جزء خُتم بالأشعار، أو الآثار.
4- ويظهر أيضاً: احتمال وجود أكثر من حديث من انتقاء ابن خيرون فيما انتقاه الخطيب.
وأنّ الحديث قد يُخرّج على الشّيخ أكثر من مرّة ... فالحديث الأوّل من الجزء الثّاني في انتقاء ابن خيرون هو الحديث الخامس نفسه من الجزء الثّاني في انتقاء الخطيب البغداديّ (4) .
_________
(1) محمَّد بن عبد الغنيّ، أخي أبي موسى.
(2) [138/ب] .
(3) نوع (ما) هنا زائدة، يُؤتى بها لِتَصْلاح اللّفظ، لازمة له، فهي زائدة في الأصل على الكلمة، وتفيد فيها معها معنىً يزول بزوالها ...
وأفاد بعض أهل اللّغة أنّها اسم في معنى الصّفة؛ للتّعظيم والتّكثير، نقله المالَقيّ في رصف المباني (ص/383) ، وقال: "والصّحيح أنّها حرف يُفيد التّوكيد، كما تُفيد النّون".
(4) انظر ص/628 رقم الحديث/38.

(1/82)


المَبْحَثُ الحادِي عَشَر وفاته
توفّي المهروانيّ يوم الأربعاء، رابع عشر ذي الحجّة، سنة: ثمان وستّين وأربعمائة، ببغداد.
ودفن على باب رباط الزّوزنيّ (1) .
وكان له يوم مات: ثمان وثمانون سنة.
فرحمه الله رحمة واسعة، وتجاوز عنه، وجعل ما خلّفه لنا بعد وفاته في ميزان حسناته يوم يلقاه، إنّه وليّ ذلك، والقادر عليه.
_________
(1) انظر: الأنساب (5/416) ، والمنتظم (16/179) ت/3461، والسّير (18/347) .

(1/83)