تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب ط ابن حزم

الفصل الرابع: دراسة الكتاب
المبحث الأول
اسم الكتاب
...
الفصل الرابع: دراسة الكتاب
المبحث الأول:
وفيه ما يلي:
أولا: اسم الكتاب.
ثانيا: صحة نسبة الكتاب للمؤلف.
ثالثا: نسخ الكتاب.
رابعا: نماذج من نسختي الكتاب الخطية.
اسم الكتاب:
لم أجد أحدا يخالف في أن اسم الكتاب هو: "تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب".
فقد جاء اسمه هكذا على ورقتي العنوان، في نسختي الكتاب اللتين اعتمدتهما في التحقيق، وإن إحداهما كتبت في حياة المؤلف وسيأتي وصفهما. وذكره الإمام العلامة النظار محمد بن إبراهيم الوزير اليماني المتوفى سنة "840هـ" في كتابه: العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم "2/ 291, 292" عندما نقل كلام الإمام ابن كثير في حديث: "نحن نحكم بالظاهر".
انظره في الحديث رقم "59" من هذا الكتاب, قال ابن الوزير بعد ذلك: انتهى كلامه -أي الحافظ ابن كثير- من كتاب تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب.

(1/55)


صحة نسبة الكتاب للمؤلف:
ليس هناك أدنى شك في أن كتاب "تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب" هو من تأليف الإمام الحافظ ابن كثير, عليه رحمة الله.
فقد ذكره الإمام ابن كثير في البداية والنهاية عند ترجمة ابن الحاجب 13/ 176, وقال: وقد من الله علي, وجمعت كراريس في الكلام على ما أودعه فيه من الأحاديث النبوية, ولله الحمد.
وقال الحافظ ابن حجر في أنباء الغمر "1/ 39": ورأيت نسخة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب له -يعني ابن كثير- بعضها بخط تقي الدين بن رافع.
وذكر الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة 1/ 374، والسيوطي في ذيل طبقات الحفاظ ص361، أن ابن كثير خرج أحاديث مختصر ابن الحاجب.
ثم من جملة الأدلة على نسبة الكتاب للمؤلف، نقول العلماء عنه. فقد ذكر الحافظ ابن حجر في "موافقة الخُبْر الخَبَر في تخريج أحاديث المختصر لابن الحاجب" عن ابن كثير في كتابه تحفة الطالب، كثيرا من النقول، وأشار إليه في مواطن كثيرة, وقد أشرنا إلى جلها في هوامش التحقيق في مواضعها. ومن تلك النقول، ما جاء في ل86 أقال الحافظ: وأما حديث علي -في السرقة- قال ابن كثير: لم أقف عليه وسألت المشايخ فلم يحضرهم فيه شيء1, وقال في الموافقة أيضا ل97 أ، وب: أما حديث ابن مسعود فقال ابن كثير في تخريجه: لا يعرف عنه النقض، ولما ذكر الترمذي حديث بسرة في نقض الوضوء بمس الذكر، قال: وفي الباب، فعدد جماعة ليس فيهم ابن مسعود2.
وقال أيضا في الموافقة خ ل215 ب و216 آ:
قال الحافظ ابن كثير: حديث الخثعمية في الكتب الستة بغير هذا السياق، عن ابن عباس "أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله, إن فريضة الله على عباده ... إلخ الحديث". ثم قال: قال ابن كثير: ولو كان المصنف،
__________
1 انظر ذلك في تحفة الطالب, الرواية رقم "98".
2 المصدر السابق, الرواية رقم "108".

(1/56)


مثل بالحديث الآخر لكان أحسن1.
وقال الحافظ أيضا في ل164 في الحديث: "ليس الخبر كالمعاينة"، "الذي لم يخرجه الحافظ ابن كثير" قال: وأغفله ابن كثير في تخريجه2.
وقال العجلوني في كشف الخفاء ومزيل الإلباس 1/ 449 في الخبر: "خذوا شطر دينكم عن الحميراء":
قال الحافظ عماد الدين -ابن كثير- في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب: هو حديث غريب جدا، بل هو منكر، سألت عنه شيخنا المزي فلم يعرفه، وقال: لم أقف على سند إلى الآن. وقال شيخنا الذهبي: هو من الأحاديث الواهية التي لا يعرف لها إسناد3.
ففي هذا وغيره من النقول، دليل قاطع على صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه ابن كثير, عليه رحمة الله تعالى.
__________
1 المصدر السابق, الروايات رقم "311 و312 و313 و314".
2 انظر الاستدراك ص"281" في تحفة الطالب.
3 المصدر السابق, الرواية رقم "54".

(1/57)


نسخ الكتاب:
1- نسخة فيض الله أفندي، والتي رمزنا لها بالحرف "ف".
وتوجد هذه النسخة بتركيا في مكتبة "فيض الله أفندي" "ملت" بإسلام بول تحت رقم 783/ 1 حديث, وهي نسخة تقع في اثنتين وثلاثين ورقة ونصف, في خمس وستين صفحة مع صفحة العنوان, مكتوبة بخط نسخ جيد، وفي كل صفحة واحد وعشرون سطرا، وفي كل سطر معدل خمس عشرة كلمة.
نسخها: محمد بن أحمد بن ظهير الشافعي، وهي مع كتاب "إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه" للمصنف في مجلد واحد, وقد نسخهما المذكور معا، وكتب في آخر المجلد: علقهما العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى,

(1/57)


محمد بن أحمد بن ظهير الشافعي -عفا الله عنه- وذلك لثمانٍ بقين من ذي الحجة، سنة أربع وأربعين وسبعمائة, والحمد لله رب العالمين. وعلى صفحة العنوان بعض التمليكات وقد وقفت على أصلها في مكتبة فيض الله, ولدي صورة عنها.
وهذه النسخة وإن كانت قد كتبت في حياة المؤلف، إلا أنها رديئة جدا؛ فهي كثيرة السقط، كثيرة التصحيف والتحريف، مما حدا بي إلى اعتماد الأخرى والتي سأذكر وصفها بعد هذه, وستجد نماذج عن النسختين مصورة عن أصليهما بعد هذا الوصف.
2- نسخة دار الكتب المصرية وهي نسخة الأصل:
وهي نسخة مكتوبة بخط نسخ جيد وأوضح من خط سابقتها، موجودة في خزانة دار الكتب المصرية بالقاهرة تحت رقم 373 حديث تيمور، وتقع في حوالي ثلاث وثلاثين ورقة, وفي صفحاتها معدل واحد وعشرين سطرا، في كل سطر معدل خمس عشرة كلمة. ناقصة من آخرها ورقة ونصف كما يبدو وهي في الأصل، ضمن مجموع كما هو مكتوب على صفحة العنوان، ولكنها الآن في مجلد صغير في دار الكتب المصرية وقد وقفت عليها وأخذت صورة عنها. وهي نسخة قديمة كما يظهر من ورقها وخطها وهي جيدة، خالية من السقط والتحريف إلا في النادر. ومكتوب على صفحة العنوان تمليكات وأسماء، أبرزها للإمام "جار الله بن عبد العزيز بن عمر بن محمد بن فهد الهاشمي المكي الشافعي"1. وقد وقع تداخل في بعض صفحاتها؛ وذلك لعدم انتباه المجلد إلى ترتيب أوراقها، وقد رتبت الصورة التي عندي ترتيبا
__________
1 هو الإمام العلامة المسند المؤرخ جار الله بن عبد العزيز بن محمد بن فهد المكي الشافعي, ولد سنة إحدى وتسعين وثمانمائة بمكة، ونشأ في كنف أبويه فحفظ القرآن الكريم, ثم درس واستوفى ما عند مشايخ بلده من السماع, ورحل إلى مصر والشام وحلب وبيت المقدس واليمن وأخذ بها وبغيرها من البلدان، وبرع في العلوم وصنف كتبا منها بلوغ الأرب في معرفة الأنبياء من العرب وغيره. توفي سنة أربع وخمسين وتسعمائة, عليه رحمة الله.
انظر شذرات الذهب 8/ 301.

(1/58)


صحيحا، ورقمتها على الصحة.
ولا شك أن وجود تمليك لإمام مثل جار الله بن فهد، يعطي قيمة علمية للنسخة، وهذه هي أحد الأسباب التي دعتني إلى اتخاذها أصلا، إضافة إلى ما لو أني اتخذت نسخة فيض الله هي الأصل, لتحول الكتاب إلى أرقام وهوامش. وسنلاحظ كثرة الهوامش والأقواس؛ نتيجة السقط والتحريف فيها في آخر الكتاب، وذلك لأنها هي الموجودة وحدها لنقص نسخة دار الكتب كما تقدم1. وإني لم أتخذ نسخة دار الكتب هي الأصل إلا بعد استشارة شيخي المشرف وأساتذة آخرين ممن لهم في التحقيق خبرة -جزى الله الجميع عني خير الجزاء- ثم إن لنسخة الأصل ميزة مهمة على الأخرى, وهي أن نسخة الأصل فيها إضافات أخرى خدمت النص، والذي يظهر لي أن ابن كثير -عليه رحمة الله- قد نظر في كتابه مرة أخرى واستدرك بعض ما فاته وهذا ممكن جدا, إذ إن نسخة فيض الله قد كتبت في حياته وقبل وفاته بثلاثين سنة, فقد كتبت عام 744هـ كما تقدم, فانظر مثلا الحديث رقم "28" وانظر الهامش رقم "2" ص115" من هذا الكتاب.
__________
1 تنتهي نسخة الأصل في ص"402" في الحديث رقم "362" وقد أشرت إلى حيث انتهت في الهامش, وإن ما جاء بعد الإشارة هو ما جاء في نسخة "فيض الله" والتي رمزت لها بالحرف "ف" ولما كانت هذه النسخة كما ذكرت عنها, ومن أنها كثيرة السقط, فإني قد ثبت في النص الألفاظ التي جاءت بها المصادر ولم تذكر فيها, ووضعتها بين حاصرتين وأشرت في الهامش إلى ذلك, وذلك عند غلبة الظن أنه سقط أو تحريف.

(1/59)


نماذج من نسختي الكتاب الخطية:
"نموذج رقم "1" من نسخة الأصل"
وهي صفحة العنوان

(1/60)


"نموذج رقم "2" من نسخة الأصل"
وهي الصفحة الأولى بعد صفحة العنوان

(1/61)


"نموذج رقم "3" الصفحة الثانية بعد صفحة العنوان من نسخة الأصل"

(1/62)


"نموذج رقم "4" الصفحة الأخيرة في نسخة الأصل"

(1/63)


"نموذج رقم "5" صفحة العنوان من نسخة مكتبة فيض الله في تركيا المرموز لها بالحرف "ف""

(1/64)


"نموذج رقم "6" الصفحة الثانية من نسخة ف"

(1/65)


"نموذج رقم "7" الصفحة الثانية من نسخة ف"

(1/66)


"نموذج رقم "8" الصفحة الثالثة من نسخة ف"

(1/67)


"نموذج رقم "8" الصفحة الأخيرة من نسخة "ف""

(1/68)


المبحث الثاني
أولا: من قام على تخريج الكتاب غير الإمام ابن كثير
...
المبحث الثاني:
وفيه ما يلي:
أولا: من قام على تخريج الكتاب غير الإمام ابن كثير.
ثانيا: بعض مزايا كتاب تحفة الطالب.
ثالثا: منهج الحافظ ابن كثير في كتاب تحفة الطالب.
رابعا: منهج التحقيق.
أولا: من قام على تخريج الكتاب غير الإمام ابن كثير
لا بد لنا أن نذكر أربعة من الأئمة غير إمامنا ابن كثير, قد قاموا على خدمة كتاب ابن الحاجب, بتبيين أحاديثه.
فأولهم: الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي، المتوفى سنة "744هـ" -عليه رحمة الله- له كلام على أحاديث مختصر ابن الحاجب لكني أقف عليه، كما أني لم أر أحدا من المخرجين للكتاب نص على الأخذ منه, ولكن الإمام السيوطي ذكر ذلك في ترجمته1.
وثانيهم: الإمام محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، المتوفى سنة "794هـ". له تخريج عليه أيضا، أسماه "المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر"2.
وتوجد منه نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم 324/ 1115
__________
1 انظر تذكرة الحفاظ للسيوطي ص352.
2 قام الدكتور عبد الرحيم قشقري بتحقيقه, وحصل به على درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة, وقد طبع.

(1/69)


حديث، وقد صوره مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى, وهو متوسط الحجم.
وثالثهم: الإمام سراج الدين أبو حفص عمر ابن الإمام أبي الحسين علي بن أحمد بن محمد الأنصاري الشافعي، المتوفى سنة "804هـ", في كتاب أسماه "غاية مأمول الراغب في معرفة أحاديث ابن الحاجب". وهو مختصر جدا, اكتفى فيه بالعزو إلى بعض المصادر في الغالب.
وتوجد منه نسخة في المكتبة السليمانية بإسلام بول, مكتبة داماد إبراهيم باشا, تحت رقم 1/ 396 مجموع.
ورابعهم: الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني, المتوفى سنة "852هـ" في كتاب أسماه "موافقة الخُبْر الخَبر في تخريج أحاديث المختصر"1 وتوجد منه نسخة مصورة في المكتبة المركزية بجامعة أم القرى.
وهو كتاب كبير، وهو عبارة عن أعمال ألقاها على طلابه ويسوق الأحاديث بأسانيده.
ومما تجدر الإشارة إليه، أن تعدد المخرجين لكتاب، أو تعدد الشراح على كتاب، لا يعني الاستغناء عن أحدها إذ "لكل فاضل تحرير" كما قال الإمام ابن كثير في مقدمة كتابه "جامع المسانيد والسنن"2. فلكل إمام منهجه ولكل كتاب أهميته ومزاياه. وقد قال الحافظ ابن حجر في مقدمة كتابه التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير 1/ 9: "أما بعد: فقد وقفت على تخريج أحاديث شرح الوجيز للإمام أبي القاسم الرافعي -شكر الله سعيه- لجماعة من المتأخرين؛ منهم القاضي عز الدين بن جماعة، والإمام أبو أمامة النقاش، والعلامة سراج الدين عمر بن علي الأنصاري المفتي, وبدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي, وعند كل منهم ما ليس عند الآخر من الفوائد والزوائد".
__________
1 قام الدكتور عبد الله الحمد على تحقيق القسم الأول منه, وحصل به على درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
وقد طبع الكتاب بمجلدين بتحقيق الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي, والشيخ صبحي البدري السامرائي.
2 انظر ل2 من المخطوط.

(1/70)


ثانيا: بعض مزايا كتاب تحفة الطالب
مما لا شك فيه أن كتاب الإمام ابن كثير له مزاياه الخاصة وأهميته بين الكتب:
1- أنه كان سابقا في العمل على غيره من المخرجين، إلا ما يحتمل سبق ابن عبد الهادي له في التخريج, والله أعلم.
2- وأنه كتاب مختصر, لا يطيل في ذكر كل الروايات وذكر ألفاظها وتكرار أسانيدها, إلا فيما تدعو الحاجة إليه, ويكتفي بذكر متون بعض الأحاديث التي فيها لفظ حديث الكتاب الأصل، أو القريب منه. ويشير إلى الروايات الأخرى في الباب إن وجدت عن صحابة آخرين, فيقول فيها مثلا: ولأبي هريرة عند مسلم مثله أو نحوه، من غير ذكرها مرة أخرى.
3- ثم إنه كتاب اعتمده من جاء بعده، ومنهم من نص على ذكر اسمه في المواطن التي اعتمد بها عليه، كالإمام ابن حجر في الموافقة، في كثير من المواطن. ومنهم من يشير ولم يذكره، أو لم يشر لكن الكلام هو أصلا لابن كثير كما يفعل الزركشي، وابن الملقن.
4- أن كل حديث قال فيه ابن كثير: لا أعرفه، أو لا يعرف بهذا اللفظ, أو غير ذلك, اعتمده الذين جاءوا بعده فذكروا ذلك، وابن حجر ينص على أن ابن كثير قال ذلك.
5- أن الروايات التي تعرض لها ابن كثير في حديث الباب وجاء بها، ذكرها الذين جاءوا بعده، وربما زادوا روايات أخرى, على أن فيما ذكر الحافظ ابن كثير يغني في المسألة.
6- عندما يذكر ابن الحاجب أن فلانا من الصحابة له هذه الرواية، ولم يعرف ابن كثير أن له مثل هذه الرواية وقال: لا أعرفه من حديث فلان،

(1/71)


وإنما هو من حديث فلان, اعتمد هذا أيضا غيره من الأئمة.
7- في المواطن التي يرى ابن كثير التمثيل بحديث على حديث؛ لكون الثاني صحيحا والآخر فيه مقال, اعتمد ذلك من جاء بعده، وخرج الرواية التي أشار إليها، وابن حجر ينص على قوله.
8- ثم إنه أطال في ذكر بعض المسائل, وفصل آراء العلماء فيها من الصحابة، والتابعين، وغيرهم، وأشار إلى كتاب معتمد في تلك المسألة.
9- ثم إنه -فيما يقول- متحرّ ومتثبت. فهو مع سعة علمه ومنزلته وفضله، يذهب إلى شيوخه يسألهم عن معرفة حديث أو رأيهم في حديث، وإن هذا التثبت والتحري جعله بين الأئمة موضع ثقة واعتزاز, وما يقوله في المسألة هو المعول عليه.
10- إنه سجل آراء شيخيه الإمام المزي والإمام الذهبي في المسائل التي سألهما عنها في هذا الكتاب وصار الكتاب مصدرا لهذه الآراء لمن جاء بعدهما, فعلى شيخنا ابن كثير وعليهم وعلى كل العلماء العاملين رحمة الله تعالى ورضوانه.

(1/72)


ثالثا: منهج الحافظ ابن كثير في كتاب تحفة الطالب
لقد أبان الحافظ عن منهجه في الكتاب, فهو يقول في المقدمة1:
1- فما كان في البخاري ومسلم معا، أو في أحدهما، اكتفيت بعزوه إليهما، أو إلى أحدهما، وإن كان مع ذلك في كتب السنن.
2- وإن لم يكن فيهما، أو في أحدهما، وهو في السنن قلت: رواه الأربعة، وإلا بينت من رواه منهم.
3- وإن لم يكن في شيء من الكتب الستة المذكورة، ذكرت من رواه من غيرهم.
4- وإذا ذكر المصنف حديثا ليس هو في شيء من الكتب الستة بذلك اللفظ الذي أورده، نبهت على ذلك، وذكرت أقرب الألفاظ إلى لفظه، إن شاء الله تعالى.
5- وقد أذكر سند الحديث؛ ليعرف حال صحته من سقمه.
6- وما لم يعرف له سند بالكلية، كقليل من أحاديث الكتاب، سألت عنه مشايخي في الحديث ونبهت عليه.
7- والكلام في الآثار كالأحاديث سواء.
8 - وجعلت ذلك كله مرتبا بحسب وقوعه في الكتاب, أولا فأولا.
9- ومتى كرر المصنف حديثا أو أثرا في موضعين أو مواضع, تكلمت عليه أول مرة ونبهت على ما عداها.
__________
1 انظر ص81, 82 من الكتاب الذي بين يديك.

(1/73)


ملاحظات عامة على الكتاب:
من خلال دراستي للكتاب رأيت أن أسجل بعض الملاحظات عليه, أرجو أن تكون سديدة وموفقة ونافعة, {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} .
فأولاها: أن المؤلف قد رسم لنفسه منهجا في مقدمة كتابه، وهو قد التزم به إلى حد ما، ولم يلتزم به التزاما دقيقا.
فهو قد ذكر أنه إذا لم يجد لفظ المؤلف -ابن الحاجب- في شيء من الكتب الستة، سيذكر أقرب الألفاظ إلى لفظه، إلا أننا نجده في الحديث الذي ذكره ابن الحاجب في قوله: قال ابن عباس, رضي الله عنهما: "كنا نأخذ بالأحدث فالأحدث" نجده لا يذكر اللفظ الأقرب له, بل اختار رواية البخاري, وإنما يؤخذ من أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الآخر فالآخر.
وأشار إلى رواية مسلم في الباب ولم يذكر لفظها، في حين أن رواية مسلم هي القريبة إلى لفظ الكتاب الأصل.

(1/73)


انظر ذلك في الحديث رقم "204 ص267" وانظر رواية مسلم في الهامش.
والأمر الآخر أنه قد لا يتقيد بالألفاظ التي أوردها المصنفون في كتبهم، فنراه يأتي بنحو الحديث، فهو قد يختصر الأحاديث أو يتصرف في بعض ألفاظها، فهل هذا يعني أنه ممن يرى جواز الرواية بالمعنى؟ أو ذلك مرجعه إلى اختلاف روايات في أصل الكتب التي رجع إليها؟
والأول هو الراجح؛ لكثرة النصوص التي جاءت على هذا النحو، والله أعلم.
وإن مما يلاحظ أيضا أنه في بعض الأحيان يعزو اللفظ إلى مصنف من المصنفين، فيقول مثلا: رواه البخاري ومسلم وهذا لفظه, أو وهذا لفظ البخاري.
ومع ذلك, أرى أن اللفظ الذي أورده لا يطابق تماما ألفاظ المصنفين كما في كتبهم المطبوعة، فيختصر فيه.
هذا ما أردت تسجيله في هذا والله أعلم. وإن كتاب تحفة الطالب هو أحد الكتب المعتمدة في بابه، وقد اعتمده أئمة أثبات كالإمام الزيلعي والزركشي وابن حجر وغيرهم، كما رأيت في توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف في قسم الدراسة، وما ستراه في ثنايا التحقيق في حواشي الكتاب, إن شاء الله تعالى.

(1/74)


رابعا: منهج التحقيق
1- ضبط النص، بالاعتماد على نسختي الكتاب، واستدراك النقص فيما وجد فيهما من مراجع الكتاب الأصلية.
2- ذكر السورة ورقم الآية فيما ورد في الكتاب من الآيات.
3- تخريج الأحاديث والآثار، بذكر الكتاب, والباب، والجزء، والصفحة، ورقم الحديث إن وجد، ورقم الباب في صحيح البخاري.
4- حاولت الاستقصاء في عزو الحديث، بذكر الموضع الذي تكرر فيه، وخاصة في صحيح البخاري، حيث يتكرر الحديث في الغالب في أكثر من باب وكتاب.
5- إذا كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما أضفت إلى تخريجه الكتب الستة، والموطأ، وسنن الدارمي، ومسند الإمام أحمد. وإذا لم يكن فيهما، أو في أحدهما، حاولت أن أضيف إلى ذلك مصادر أخرى في التخريج.
6- أكملت الأحاديث من مصادرها فيما ذكر المصنف بعضه في الغالب, وجعلت التتمة في الهامش في مكان عزوه.
7- طابقت النصوص التي يذكرها المصنف مع المصادر، فإن كان بلفظه ذكرت ذلك، وإلا نبهت على أنه بنحوه، وقد أبين اللفظ كما جاء في المصدر الذي يعزو الحديث إليه, إلا ما كان الاختلاف بينهما يسيرا.
8- اعتمدت حكم الأئمة على الحديث، وتركت التنصيص في الحكم فيما لهم فيه حكم في الغالب؛ لأن في حكمهم غنى عن ذلك, وحكمت على ما لم يكن لهم فيه حكم, وذلك من خلال معرفة حال رجاله.
9- ترجمت للرجال الوارد ذكرهم في الكتاب، إلا ما لم أقف على ترجمته، وذكرت بعض مصادر ترجمتهم.
10- وضحت الأحاديث التي رأيت أنها تحتاج إلى إيضاح، وذكرت في بعضها شيئا عن فقه الحديث، دون التعرض للتفصيل، وأحلت القارئ إلى بعض المصادر الحديثية، وقد أذكر أيضا بعض مصادر الفقه في المسألة، وجعلت ذلك تحت عنوان "توضيح", وجعلت ذلك بعد تخريج الحديث.
11- رقمت الأحاديث والآثار الواردة في الكتاب.
12- تتبعت القَوْلات التي ذكرها ابن كثير عن ابن الحاجب في مختصر منتهى السول والأمل, وذكرت رقم الصفحة من المختصر لكل قولة في الهامش, وثبت ألفاظ الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- والترضي والترحم إن ذكرت في إحدى النسختين دون الإشارة في الغالب.
13- عملت فهارس للكتاب, تضمنت ما يلي:
أ- فهرست الآيات.

(1/74)


ب- فهرست الأحاديث والآثار.
جـ- فهرست الأعلام.
د- فهرست المصادر والمراجع.
هـ- فهرست الموضوعات.
وبالله التوفيق....

(1/76)