تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب ط ابن حزم القياس
1:
وقوله2: ومنها ألا يكون معدولا به عن القياس, كشهادة خزيمة.
304- قد تقدم حديث خزيمة في مسائل العام والخاص3.
قوله: ورد بأنهم قاسوا "أنت حرام" على الطلاق، واليمين,
والظهار4.
اختلف الصحابة -رضي الله عنهم- فالأئمة بعدهم، في الرجل يقول
لزوجته: أنت عليَّ حرام، على أقوال:
فذهب علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وابن عمر رضي الله عنهم:
إلى أنها تطلق ثلاثا.
وبه يقول: الحسن، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى5.
وقال آخرون: بل تلزمه كفارة يمين.
يروى هذا عن أبي بكر الصديق، وعمر، وابن مسعود، وعائشة، وابن
عمر، وزيد بن ثابت، في رواية عنهما.
__________
1 القياس: هو إلحاق أمر غير منصوص على حكمه بأمر آخر منصوص على
حكمه؛ للاشتراك بينهما في علة الحكم.
انظر أصول الفقه للشيخ محمد أبي زهرة ص"173".
2 في ف "قوله". وانظر القولة في مختصر المنتهى في ص"177".
3 انظر الحديث رقم "184 و185".
4 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"188".
5 انظر هذه الأقوال في المحلى 11/ 384 في أحكام الطلاق, في
مسألة: ومن قال لامرأته: أنت علي حرام, في القول الأول منها
وزاد فيه: وروي عن الحكم بن عتيبة.
(1/354)
305- ورواه مسلم عن ابن عباس1.
وبه يقول: ابن المسيب، وسليمان بن يسار2، وسعيد بن جبير3،
والحسن -في رواية- وعطاء, وعكرمة, وأبو الشعثاء4، وطاوس،
والشعبي، ونافع5،
__________
1 مسلم: في كتاب الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرّم امرأته
ولم ينو طلاقا, حديث "18, 19" 2/ 1100.
ولفظه:
عن ابن عباس قال: "إذا حرم الرجل عليه امرأته, فهي يمين
يكفرها. وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ".
وأخرجه البخاري: في كتاب التفسير " في سورة التحريم" باب 1
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ
لَكَ ... } إلخ, 6/ 68 بنحوه.
وأخرجه النسائي: في كتاب الطلاق, باب تأويل قوله عز وجل: {يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}
6/ 151.
وأخرجه: في السنن الكبرى في التفسير.
انظر تحفة الأشراف 4/ 415.
وأخرجه ابن ماجه: في كتاب الطلاق، باب الحرام 1/ 670.
2 هو: الإمام سليمان بن يسار الهلالي, المدني مولى ميمونة،
وقيل: أم سلمة -رضي الله عنهم- ثقة فاضل، أحد الفقهاء السبعة.
من كبار الثالثة، مات بعد المائة, وقيل قبلها.
التقريب 1/ 331, التهذيب 4/ 228.
3 هو: الإمام سعيد بن جبير الأسدي -مولاهم- الكوفي, ثقة، ثبت،
فقيه، وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما مرسلة. قتل بين يدي
الحجاج سنة خمس وتسعين ومائة, رضي الله عنه.
التقريب 1/ 292, التهذيب 4/ 11.
4 هو: جابر بن زيد الأزدي ثم الجوفي -بفتح الجيم وسكون الواو-
البصري، أبو الشعثاء، مشهور بكنيته، ثقة, فقيه. من الثالثة,
مات سنة ثلاث وتسعين ومائة.
التقريب 1/ 122, التهذيب 1/ 38.
5 هو: نافع أبو عبد الله المدني, مولى ابن عمر. ثقة، ثبت، فقيه
مشهور. من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك.
التقريب 2/ 296, التهذيب 10/ 412.
(1/355)
ومكحول، وقتادة، والأوزاعي، وأبو ثور1، 2.
وقال آخرون: تلزمه كفارة الظهار.
306- روى3 الثوري، عن منصور4، عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس
قال: في الحرام والنذر عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو
إطعام ستين مسكينا5.
وبهذا يقول: سعيد بن جبير -في رواية عنه- وأبو قلابة عبد الله
بن زيد الجرمي6، ووهب بن منبه7،......................
__________
1 هو: إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي, أبو
ثور, ويقال: كنيته أبو عبد الله وأبو ثور لقب. فقيه، ثقة، صاحب
الشافعي، من العاشرة. مات سنة أربعين ومائة. تاريخ بغداد 6/
65, التقريب 1/ 35, التهذيب 1/ 118.
2 انظر ما تقدم في هذا الرأي في القول الثامن من المسألة في
المحلى 11/ 385, 386.
3 في ف: "وروي".
4 هو: منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عثاب -بمثلثة
ثقيلة- الكوفي، ثقة, ثبت، وكان لا يدلس. من طبقة الأعمش، مات
سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
التقريب 2/ 276, التهذيب 10/ 312.
5 في المحلى 11/ 385 وصححه.
وأخرجه عبد الرزاق: في المصنف، في كتاب الطلاق، باب الحرام,
حديث "11385" 6/ 404.
من طريق الثوري به، وإسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي في كتاب الخلع والطلاق، باب من قال لامرأته:
أنت علي حرام 7/ 351 من طريق أخرى عن علي بن أبي طلحة، عن ابن
عباس بنحوه, وهو منقطع؛ لأن علي بن أبي طلحة لم ير ابن عباس.
6 هو: عبد الله بن زيد بن عمرو, أو عامر الجرمي -بفتح الجيم-
البصري، أبو قلابة -بكسر القاف- ثقة، فقيه، فاضل, كثير
الإرسال. من الثالثة, مات بالشام هاربا من القضاء سنة أربع
ومائة, وقيل بعدها.
التقريب 1/ 417, التهذيب 5/ 224.
7 هو: وهب بن منبه بن كامل اليماني، الأبناوي -بفتح الهمزة
وسكون الباء- أبو عبد الله، ثقة. من الثالثة, مات سنة بضع عشرة
ومائة.
التقريب 2/ 339, التهذيب 11/ 166.
(1/356)
وعثمان البتي1, وأحمد بن حنبل2.
حكى ذلك كله أبو محمد بن حزم، ونقل في هذه المسألة اثني عشر
قولا تركت سردها خشية الإطالة, وذكرت ما أشار إليه المصنف3.
وقوله: مثل قول الراوي:
307 و308- "سها فسجد"، "وزنى ماعز فرجم"4.
قد تقدم الكلام على هذين في العام والخاص5.
قوله: مثل: واقعت أهلي في نهار رمضان, فقال: "أعتق رقبة" 6.
309- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "جاء رجل إلى النبي
-صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت يا رسول الله7, قال: "وما
أهلكك؟ " قال: وقعت على امرأتي8 في رمضان. قال9: "هل تجد ما
تعتق رقبة؟ " قال: لا. قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين
متتابعين؟ " قال: لا. قال: "فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ "
قال: لا ... وساق الحديث". رواه الجماعة10.
__________
1 وقع في ف: "الليثي" وهو خطأ.
وهو: عثمان بن مسلم البتي -بفتح الباء وتشديد التاء- أبو عمرو
البصري, يقال: اسم أبيه سليمان، صدوق فقيه, عابوا عليه الإفتاء
بالرأي. من الخامسة, مات سنة ثلاث وأربعين ومائة.
التقريب 2/ 14, التهذيب 7/ 153.
2 انظر هذا الرأي في القول السابع من المسألة في المحلى 11/
185.
3 انظر ذلك في المحلى 11/ 384-390. وانظر مصنف عبد الرزاق 6/
399-405, ومصنف ابن أبي شيبة 5/ 72-76. وانظر فتح الباري 9/
371-374.
4 انظر القولة في مختصر المنتهى ص188.
5 في الحديث رقم "167" والحديث رقم "181".
6 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"188".
7 في ف زيادة: "وأهلكت".
8 في ف: جاء "أهلي امرأتي".
9 في ف: "فقال".
10 رواه مسلم بلفظه: في كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع
في نهار رمضان على =
(1/357)
...............................................................
__________
= الصائم، ووجوب الكفارة الكبرى فيه وبيانها, حديث "81-84" 2/
781-783.
وتتمة الحديث: " ... قال: ثم جلس. فأُتي النبي -صلى الله عليه
وسلم- بعرق فيه تمر, فقال: "تصدق بهذا" فقال: أفقر منا، فما
بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا! فضحك النبي -صلى الله عليه
وسلم- حتى بدت أنيابه ثم قال: "اذهب فاطعمه أهلك" ".
والعرق في الحديث: هو -بفتح العين والراء- زنبيل مصنوع من
الخوص, وكل شيء مظفور فهو عرق.
ولابتيها: اللابة: الحرة, وهي الأرض ذات الحجارة السود التي قد
ألبستها لكثرتها, وجمعها: لابات. والمراد حرتا المدينة
المنورة، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
انظر البخاري: في كتاب الصوم، باب "30" إذا جامع في رمضان ...
إلخ.
وفي باب "31" المجامع في رمضان، هل يطعم أهله من الكفارة إذا
كانوا محاويج؟ 2/ 235, 236.
وفي كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب "20" إذا وهب هبة
فقبضها الآخر, ولم يقل: قبضت 3/ 137.
وفي كتاب النفقات، باب "13" نفقة المعسر على أهله 6/ 194.
وفي كتاب كفارات الأيمان، باب "2" قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ
اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ... } إلخ.
وفي باب "3" من أعان المعسر في الكفارة 7/ 236 مختصرا.
وفي كتاب المحاربين من أهل الكفر والمرتدين، باب "26" من أصاب
ذنبا من دون الحد ... إلخ 8/ 23.
وأبو داود: في كتاب الصوم, باب كفارة من أتى أهله في رمضان,
حديث "2390-2393" 2/ 783-786.
والترمذي: في أبواب الصيام، باب ما جاء في كفارة الفطر في
رمضان, حديث "724" 3/ 93, 94.
وقال أبو عيسى: "حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح".
وابن ماجه: في كتاب الصوم, باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما
في رمضان, حديث "1671" 1/ 534.
والنسائي في السنن الكبرى, في الصوم.
انظر تحفة الأشراف 9/ 327.
وأخرجه الدارمي في كتاب الصوم, باب في الذي يقع على امرأته في
شهر رمضان نهارا 2/ 11.
وأخرجه الإمام أحمد 2/ 241 و516.
(1/358)
وفي لفظ ابن ماجه: "فقال: "أعتق رقبة".
قال: لا أجدها ... وذكر الحديث".
قوله: ومثل: "أينقص الرطب إذا يبس؟ " قالوا: نعم. قال: "فلا
إذًا" 1.
310- عن سعد بن أبي وقاص قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- سُئِل عن اشتراء الرطب بالتمر، فقال: "أينقص الرطب إذا
يبس؟ " قالوا: نعم. فنهى عن ذلك".
رواه أبو داود, والنسائي، وابن ماجه، والترمذي, وقال: حديث حسن
صحيح. وصححه ابن خزيمة والحاكم أيضا2.
__________
1 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"188" وفيه: "إذا جَفَّ".
2 أبو داود: في كتاب البيوع والإجارة، باب في التمر بالتمر,
حديث "3359" 3/ 654-657.
والنسائي: في كتاب البيوع، باب اشتراء التمر بالرطب 7/ 268,
269.
وابن ماجه: في كتاب التجارات، باب بيع الرطب بالتمر, حديث
"2264" 2/ 761.
والترمذي: في أبواب البيوع، باب ما جاء في النهي عن المحاقلة
والمزابنة, حديث "1225" 3/ 519 وفيه لفظه.
والحاكم في المستدرك: في كتاب البيوع 2/ 38, 39. وصححه ووافقه
الذهبي على التصحيح.
وأخرجه الإمام مالك: في كتاب البيوع، باب ما يُكره من بيع
الثمر, حديث "22" 2/ 462.
وأخرجه الإمام أحمد 1/ 179.
وأخرجه ابن الجارود في المنتقى, باب ما جاء في الربا, حديث
"657" ص221.
وأخرجه الدارقطني: في كتاب البيوع, حديث "204-206" 3/ 49, 50.
وأخرجه الإمام الشافعي في الأم 3/ 15.
وأخرجه: في الرسالة ص331, 332.
"قلت": وقد جاء عن بعض الأئمة إعلال هذا الحديث. ونُقل هذا عن
الإمام أبي حنيفة، والطحاوي، والطبراني، وابن حزم -رحمهم الله
تعالى- من أجل زيد أبي عياش, ومدار الحديث عليه. وقالوا: هو
مجهول.
وتعقبوا على ذلك، قال المنذري في مختصر أبي داود 5/ 34: كيف
يكون مجهولا, وقد روى عنه اثنان ثقتان: عبد الله بن يزيد -مولى
الأسود بن سفيان- وعمران بن أبي أنس، وهما ممن احتج به مسلم في
صحيحه, وقد عرفه أئمة هذا الشأن؟ هذا, والإمام مالك قد أخرج
حديثه في موطئه، مع شدة تحريه في الرجال، ونقده، وتتبعه =
(1/359)
قوله: ومثال النظير: لما سألته الخثعمية:
"إن أبي أدركته الوفاة وعليه فريضة الحج: أينفعه إن حججت عنه؟
فقال: "أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته، أكان ينفعه؟ " قالت:
نعم"1.
حديث الخثعمية رواه أهل الكتب الستة, ولم أره2 في شيء منها
بهذا السياق3.
311- عن ابن عباس "أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله, إن
أبي أدركته فريضة الله في الحج شيخا كبيرا, لا يستطيع أن يستوي
على ظهر بعيره, قال4: "حجي عنه" ".
__________
= لأحوالهم. والترمذي: قد أخرج حديثه، وصححه كما ذكرنا, وصحح
حديث الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ا. هـ.
وقال الخطابي في المعالم 5/ 33: وأبو عياش -هذا- مولى لبني
زهرة, معروف. وقد ذكره الإمام مالك في الموطأ، وهو لا يروي عن
رجل متروك الحديث بوجه، وهذا من شأن مالك وعادته معلومة ا. هـ.
وقال الحاكم في المستدرك 2/ 39: هذا حديث صحيح؛ لإجماع أئمة
النقل على إمامة مالك بن أنس، وأنه محكم في كل ما يرويه من
الحديث؛ إذ لم يوجد في رواياته إلا الصحيح، خصوصا في حديث أهل
المدينة، ثم لمتابعة هؤلاء الأئمة إياه في روايته عن عبد الله
بن يزيد، والشيخان لم يخرجاه لما خشياه من جهالة زيد أبي عياش.
ا. هـ.
ونقل الحافظ في التلخيص 3/ 10 عن الدارقطني في أبي عياش قال
فيه: "ثقة ثبت".
وفي التهذيب 3/ 423, 424 عنه قوله فيه: "ثقة" ونقل تصحيح
الترمذي وابن ماجه وابن خزيمة للحديث أيضا. وذكره ابن حبان في
الثقات 4/ 251.
وانظر المحلى لابن حزم 8/ 462, والأحكام له 7/ 153, وتحفة
الأحوذي 4/ 419, 420, ونصب الراية 4/ 40-42، التلخيص الحبير 3/
9, 10. وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر في الحديث في الرسالة,
ص332.
1 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"189".
2 في ف زيادة "يصلني" بعدها.
3 ونقل الحافظ في الموافقة "ل216 أ" كلام الإمام ابن كثير في
هذا الحديث.
4 في ف: "فقال".
(1/360)
رواه الجماعة1.
__________
1 قلت: هذا الحديث جاء عن عبد الله بن عباس, والفضل بن عباس,
رضي الله عنهم.
وقد جعلهما المزي -عليه رحمة الله- من مسنديهما.
فحديث عبد الله بن عباس: جاء من طريق سليمان بن يسار عنه.
أخرجه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
انظر تحفة الأشراف 4/ 466.
وحديث الفضل بن عباس: جاء من طريق سليمان بن يسار، عن عبد الله
بن عباس، عن الفضل بن عباس, رضي الله عنهم.
أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
انظر تحفة الأشراف 8/ 266.
وسأخرج كلا الطريقين, وأذكر توضيحا لهذا بعد التخريج, بإذنه
تعالى.
أولا: حديث ابن عباس, وفي حديثه قصة الفضل, رضي الله عنهم.
رواه البخاري في كتاب الحج، باب "24" حج المرأة عن الرجل 2/
218.
وفي كتاب المغازي, باب "67" حجة الوداع 5/ 125.
وفي كتاب الاستئذان باب "2" قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ
بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى
أَهْلِهَا ... } إلخ 7/ 126.
ومسلم: في كتاب الحج، باب الحد على العاجز لزمانة وهرم
ونحوهما، أو للموت، حديث "407" 2/ 973.
وأبو داود: في كتاب المناسك، باب الرجل يحج مع غيره, حديث
"1809" 2/ 400.
والنسائي: في كتاب الحج، باب حج المرأة عن الرجل 5/ 118 و119.
وفي كتاب آداب القضاة، باب الحكم بالتشبيه والتمثيل ... إلخ 8/
228.
وفي السنن الكبرى, في القضاء.
انظر تحفة الأشراف 4/ 467.
ثانيا: حديث الفضل بن عباس, رضي الله عنهما.
رواه البخاري: في كتاب الحج، باب "23" الحج عمن لا يستطيع
الثبوت على الراحلة 2/ 218.
ومسلم: في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز ... إلخ, حديث "408"
2/ 974.
والترمذي: في أبواب الحج، باب ما جاء في الحج عن الشيخ الكبير
والميت, حديث "928" 3/ 258.
ولفظه قريب من لفظ حديث الباب. وقال أبو عيسى: "حديث الفضل بن
عباس حديث حسن صحيح". =
(1/361)
312- وللبخاري أيضا عنه: "أن امرأة من
جهينة جاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أمي نذرت أن
تحج, فلم تحج حتى ماتت, أفأحج عنها؟ قال: "نعم حجي عنها، أرأيت
لو كان على أمك دَيْن أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق
بالوفاء" "1.
وأقرب ما رأيت إلى لفظ المصنف:
313- ما رواه ابن ماجه، عن عبد الله بن عباس، عن أخيه الفضل:
"أنه كان ردف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غداة النحر،
فأتته امرأة من خثعم فقالت: يا رسول الله, إن فريضة الله في
الحج, أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يركب، أفأحج عنه؟
قال: "نعم, فإنه لو كان على أبيك دين فقضيته" "2.
__________
= والنسائي: في كتاب آداب القضاة، باب الحكم بالتشبيه والتمثيل
... إلخ 8/ 227.
وابن ماجه في كتاب المناسك، باب الحج عن الحي إذا لم يستطع,
حديث "2909" 2/ 971.
توضيح:
قال الإمام الترمذي بعد حديث الباب 3/ 259:
قال محمد, يعني الإمام البخاري وكان قد سأله عن هذا الحديث:
يحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل وغيره عن النبي -صلى
الله عليه وسلم- وأرسله, ولم يذكر الذي سمعه منه ا. هـ.
"قلت": ولعل المصنف -رحمه الله- عزا حديث ابن عباس للجماعة؛
لأن حديث الفضل عندهم جاء من طريقه, وسيذكر المصنف حديث ابن
ماجه قريبا, أي: الذي رواه عبد الله بن عباس عن أخيه الفضل
-رضي الله عنهم جميعا- والله تعالى أعلم.
1 البخاري في كتاب الحج, باب "22" الحج والنذور عن الميت ...
إلخ 2/ 217, 218 بلفظه.
وفي كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة, باب "12" من شبه أصلا
معلوما بأصل مبين ... إلخ 8/ 150 بلفظه.
وفيه: "أن امرأة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-
فقالت.... الحديث".
وأخرجه النسائي في كتاب الحج, باب الحج عن الميت الذي لم يحج
5/ 116.
2 ابن ماجه في كتاب المناسك, باب الحج عن الحي إذا لم يستطع,
حديث "2909" 2/ 971.
وقد سبق تخريجه والإشارة إليه قريبا.
(1/362)
ولو أن المصنف مثل هذا الأصل بما في
الصحيحين:
314- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "جاءت امرأة إلى رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله, إن أمي ماتت
وعليها صوم نذر, أفأصوم عنها؟ فقال1: "أرأيت لو كان على أمك
دين فقضيته, أكان يؤدي ذلك عنها؟ " قالت: نعم. قال: "فصومي عن
أمك" "2 لكان أحسن.
قوله: وقيل: إن قوله لما سأله عمر عن قبلة الصائم: "أرأيت لو
تمضمضت, أكان ذلك مفسدا؟ " فقال: لا3.
315- رواه4 أبو داود والنسائي من حديث الليث بن سعد, عن بكير
بن عبد الله5، عن عبد الملك بن سعيد6, عن جابر بن عبد الله
قال:
__________
1 في ف: "قال".
2 مسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت, حديث "156"
2/ 804" وفيه لفظه.
والبخاري في كتاب الصيام, باب "42" من مات وعليه صوم، وقال
الحسن: إن صام عنه ثلاثون رجلا يوما واحدا, جاز 2/ 240 بنحوه.
والترمذي: في أبواب الصوم، باب ما جاء في الصوم عن الميت, حديث
"716, 717" 3/ 86, 87.
وقال أبو عيسى: "حديث ابن عباس حديث حسن صحيح".
وفي تحفة الأشراف 4/ 443 عنه: "وقال: حسن", وفي لفظه: "إن أختي
ماتت".
وأخرجه النسائي: في السنن الكبرى، في الصيام.
انظر تحفة الأشراف 4/ 443.
وأخرجه ابن ماجه: في كتاب الصيام، باب من مات وعليه صيام نذر,
حديث "1758" 1/ 559.
3 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"189" وفيه: "وقيل: إن قوله
-عليه الصلاة والسلام- لما سأله عمر ... إلخ".
4 في ف: "روى".
5 هو: بكير -مصغرا- بن عبد الله بن الأشج -مولى بني مخزوم-
المدني أبو عبد الله، أو أبو يوسف، نزيل مصر, ثقة. من الخامسة,
مات سنة عشرين ومائة, وقيل بعدها. التقريب 1/ 108, التهذيب 1/
491.
6 هو: عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري المدني, تابعي, ثقة,
من الثالثة.
(1/363)
"قال عمر: هَشِشْتُ فقبَّلت وأنا صائم،
فقلت: يا رسول الله, صنعت اليوم أمرا عظيما قبلت وأنا صائم؟!
قال: "أرأيت لو تمضمضت من الماء وأنت صائم؟ " قلت: لا بأس،
قال: "فَمَهْ""1.
قال النسائي: هذا حديث منكر، وبكير مأمون، وعبد الملك روى عنه
غير واحد، ولا يدرى ممن هذا2.
__________
1 التقريب 1/ 519, التهذيب 6/ 395.
أبو داود: في كتاب الصوم، باب القبلة للصائم، حديث "2385" 2/
779 بلفظه.
والنسائي: في السنن الكبرى, في الصيام.
انظر تحفة الأشراف 8/ 17.
وأخرجه الدارمي: في كتاب الصيام، باب الرخصة في القبلة للصائم
2/ 13.
وأخرجه الإمام أحمد 1/ 21 و52.
وأخرجه ابن خزيمة: في صحيحه، في كتاب الصيام، باب الرخصة في
قبلة الصائم, حديث "1999" 3/ 245.
وأخرجه ابن حبان: في كتاب الصيام، باب القبلة للصائم, حديث
"904" ص227 "موارد الظمآن".
وأخرجه الحاكم: في المستدرك، في كتاب الصوم 1/ 431.
وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه
الذهبي.
وكلهم من طريق الليث به.
2 انظر تحفة الأشراف 8/ 17, والميزان 2/ 655.
"قلت": تكلم بعض النقاد في هذا الحديث وعدوه منكرا؛ منهم
الإمام النسائي والإمام أحمد. على أن آخرين صححوه؛ منهم ابن
خزيمة، وابن حبان، والحاكم.
وقال الحافظ في الموافقة ل217 أ: رجاله رجال الصحيح إلا عبد
الملك بن سعيد، وقد وثقه بعضهم وتوقف فيه بعضهم، وأشار البزار
إلى أنه تفرد به. واستنكره أحمد والنسائي، وأعله ابن الجوزي
بليث؛ توهما منه أنه ابن أبي سليم، وليس كذلك, بل هو الليث بن
سعد الإمام المشهور, وقد وقع في رواية أحمد تصريح الليث بتحديث
بكير له ا. هـ.
وقال الشيخ أحمد شاكر "1/ 138" من المسند بتحقيقه:
وقد نقل تصحيح ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم للحديث, قال:
"ولا أدري وجه النكارة فيه" ا. هـ.
"قلت": وقد وثق الأئمة بكيرا؛ منهم الإمام النسائي, فقد قال
فيه: "ثقة ثبت مأمون, وقال مرة أخرى فيه: ثقة". =
(1/364)
قوله: ومثل أن يفرق بين حكمين بصفة مع
ذكرهما مثل: "للراجل سهم وللفارس سهمان" أو مع ذكر أحدهما مثل:
"القاتل لا يرث"1.
هذان حديثان، الأول:
316- عن مجمع بن جارية2, وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن,
قال: "شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
فذكر الحديث, إلى أن قال: فقسمت خيبر على أهل الحديبية، فقسمها
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ثمانية عشر سهما، وكان
الجيش ألفا وخمسمائة، فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين،
وأعطى الراجل سهما".
رواه أبو داود3, وقال: حديث.......................
__________
= وقال أحمد بن صالح المصري: إذا رأيت بكير بن عبد الله روى عن
رجل فلا تسأل عنه, فهو الثقة الذي لا شك فيه ا. هـ. والله
تعالى أعلم.
انظر تهذيب التهذيب 1/ 492, 493.
توضيح:
قوله في الحديث "هششت": هش لهذا الأمر يهش هشاشة؛ إذا فرح به
واستبشر، وارتاح له وخف.
وقوله -صلى الله عليه وسلم- لعمر: "فمه" أي: فماذا يكون؟ أي:
لا شيء في ذلك.
انظر مادة "هشش" في النهاية 5/ 664, ومادة "مهه" 4/ 377.
وقد اختُلف في جواز القبلة للصائم: فأجازها بعضهم وكرهها
آخرون, على أن البعض قد منعها. وقال وغيرهم بجوازها للشيخ ونهي
الشاب عنها، وإن البعض الآخر قد توسط في الأمر، فقال: هي جائزة
لمن يملك إربه، ولا يخاف على نفسه من دواعي القبلة, على ألا
يكون في الأمر مبالغة.
انظر معالم السنن 3/ 262-264, والمحلى 6/ 305-316.
1 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"189".
2 هو مجمع -بضم أوله وكسر الميم الثانية وتشديدها- بن جارية بن
عامر الأنصاري, الأوسي المدني. صحابي كريم, مات في خلافة
معاوية, رضي الله تعالى عنهما.
الإصابة 5/ 776, التهذيب 10/ 48, طبقات القراء لابن الجزري 2/
42.
3 أبو داود: في كتاب الجهاد، باب فيمن أُسهم له سهم, حديث
"2736" 3/ 174.
وتتمة الحديث، عنه قال: "شهدنا الحديبية مع رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- فلما انصرفنا عنها، إذا الناس يهزّون الأباعر،
فقال بعض الناس لبعص: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى =
(1/365)
[ابن] 1 عمر أصح. قال: والوهم في حديث مجمع
حيث قال: ثلاثمائة, وكانوا مائتي فارس2.
وكذا قال الدارقطني سواء3.
__________
= رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرجنا مع الناس نُوجِف،
فوجدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- واقفا على راحلته عند كُراع
الغميم, فلما اجتمع الناس قرأ عليهم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ
فَتْحًا مُبِينًا} فقال رجل: يا رسول الله, أفتح هو؟ قال:
"نعم, والذي نفس محمد بيده إنه لفتح" فقسمت خيبر ... الحديث".
ومعنى يهزون أي: يحركون رواحلهم.
ومعنى نوجف أي: نسرع, والإيجاف: الركض والإسراع. انظر معالم
السنن 4/ 52.
وأخرجه أبو داود أيضا في كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب ما
جاء في حكم أرض خيبر, حديث "3015" 3/ 413 مختصرا.
وأخرجه الإمام أحمد 3/ 420.
والدارقطني في سننه، في كتاب السير, حديث "18" 4/ 105.
والحاكم في المستدرك، في كتاب قسم الفيء 2/ 131.
وقال: هذا حديث كبير صحيح الإسناد ولم يخرجاه, ووافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي: في كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب ما جاء في
سهم الراجل والفارس 6/ 325.
1 ساقطة من الأصل, وما أثبته من ف.
2 أبو داود في السنن بعد حديث الباب 3/ 175.
قال: "حديث أبي معاوية -وهو حديث ابن عمر الذي ذكره المصنف,
وسيأتي بعد هذا- أصح, والعمل عليه, وأرى الوهم في حديث
مجمع.... إلخ".
3 لم أقف على كلام الدارقطني في السنن، ولم أر أحدا نقله عنه
فيما رجعت إليه.
"قلت": وقال المنذري في مختصر أبي داود 4/ 53, وقال البيهقي:
والذي رواه مجمع بن يعقوب بإسناده في عدد الجيش وعدد الفرسان
قد خُولف فيه، ففي رواية جابر وأهل المغازي: "أنهم كانوا ألفا
وأربعمائة, وهم أهل الحديبية" وفي رواية ابن عباس، وصالح بن
كيسان، ويسير بن يسار: "أن الخيل مائتا فارس, وكان للفرس
سهمان، ولصاحبه سهم, ولكل راجل سهم".
وقال البيهقي في السنن الكبرى 6/ 326: والرواية في قَسْم خيبر
متعارضة؛ فإنها قسمت في أهل الحديبية، وأهل الحديبية كانوا في
أكثر الروايات ألفا وأربعمائة. ا. هـ.
وقد تكلم بعض الأئمة في سند الرواية؛ فقد نقل البيهقي في السنن
الكبرى 6/ 325 عن الشافعي في القديم, قوله: مجمع بن يعقوب شيخ
لا يعرف. =
(1/366)
قلت: هذا الحديث أقرب ما رأيت في هذا
الباب.
317- وحديث ابن عمر الذي أشار إليه أبو داود في الصحيحين "أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعل للفرس سهمين, ولصاحبه
سهما"1.
وفي لفظ:
"قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر [للفرس] 2
سهمين, وللراجل سهما" لفظ البخاري3.
__________
= وكذلك نقل الزيلعي في نصب الراية 3/ 417 عن ابن القطان سبب
إعلال الحديث الجهل بحال يعقوب بن مجمع. قال: ولا يعرف روى عنه
غير ابنه, وابنه مجمع ثقة.
وقد تعقب ابن التركماني في الجوهر النقي "6/ 325, 326 من
السنن" على هذا الكلام فقال: قلت: هذا الحديث أخرجه الحاكم في
المستدرك, وقال: حديث أكبره صحيح الإسناد, ومجمع بن يعقوب
معروف. قال صاحب الكمال: روى عنه القعنبي، ويحيى الوحاضي،
وإسماعيل بن أبي أويس، ويونس المؤدب، وأبو عامر العقدي،
وغيرهم. وقال ابن سعد: توفي بالمدينة, وكان ثقة. وقال أبو
حاتم، وابن معين: ليس به بأس. وروى له أبو داود والنسائي.
انتهى.
"قلت": وقال الحافظ في التقريب 2/ 230 فيه: صدوق، وقال في
الموافقة "ل217 ب" عن هذا الحديث: حديث غريب. وقال في الفتح 6/
68 عن الحديث: وفي إسناده ضعف.
1 البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب "51" سهام الفرس ... إلخ
3/ 218.
ومسلم: في كتاب الجهاد والسير، باب كيفية قسمة الغنيمة بين
الحاضرين 3/ 1383.
2 في الأصل "للفارس", وما أثبته من ف ومن صحيح البخاري.
3 في كتاب المغازي: باب "38" غزوة خيبر 5/ 79.
وقال البخاري: فسره نافع, فقال: إذا كان مع الرجل فرس فله
ثلاثة أسهم، فإن لم يكن له فرس فله سهم.
وأخرجه أبو داود: في كتاب الجهاد, باب سهمان الخيل, حديث
"2723" 3/ 172.
وأخرجه الترمذي: في أبواب السير، باب في سهم الخيل, حديث
"1554" 4/ 124.
وقال أبو عيسى: "حديث ابن عمر حديث حسن صحيح".
وأخرجه ابن ماجه: في كتاب الجهاد, باب قسمة الغنائم, حديث
"2854" 2/ 952.
وأخرجه الدارمي: في كتاب السير، باب في سهمان الخيل 2/ 225,
226.
وأخرجه الإمام أحمد 2/ 2 و62.
(1/367)
وقال الدارقطني:
ثنا أبو بكر النيسابوري1, ثنا أحمد بن منصور2, ثنا أبو بكر بن
أبي شيبة قال: ثنا ابن نمير3, ثنا [عبيد الله] 4- هو العمري5-
عن نافع, عن ابن عمر, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "جعل
للفارس سهمين, وللراجل سهما"6.
قال أبو بكر النيسابوري: هذا عندي وهم من أبي بكر بن أبي شيبة،
أو من [الرمادي] 7 لأن أحمد بن حنبل، وعبد الرحمن بن بشر،
وغيرهما، رووه عن ابن نمير خلاف هذا على ما تقدم.
قال أبو بكر النيسابوري: وقد رواه نعيم بن حماد, عن ابن
المبارك, عن عبيد الله كما روى ابن أبي شيبة. ولعل الوهم من
نعيم؛ لأن ابن المبارك من أثبت الناس8.
__________
1 هو: عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون -مولى أبان
بن عثمان بن عفان- إمام فقيه, ومحدث ثقة. قال الدارقطني: لم
يُرَ في مشايخنا أحفظ منه للأسانيد والمتون، وكان من أفقه
المشايخ. مات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد 10/ 120, البداية والنهاية 11/ 186, شذرات الذهب
2/ 302.
2 هو: أحمد بن منصور بن سيار بن المعارك البغدادي الرمادي, أبو
بكر ثقة حافظ. قال الخطيب: رحل وأكثر الكتابة والسماع وصنف
المسند. من الحادية عشرة, مات سنة خمسين ومائتين. تذكرة الحفاظ
2/ 564, التقريب 1/ 26, التهذيب 6/ 83, 84.
3 هو: عبد الله بن نمير -بالتصغير- الهمذاني -بسكون الميم- أبو
هشام الكوفي, ثقة, من كبار التاسعة. مات سنة تسع وتسعين ومائة.
التقريب 1/ 457, التهذيب 6/ 57.
4 من الأصل "عبد الله" وهو خطأ, وما أثبته من ف وسنن
الدارقطني.
5 هو: عبيد الله بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري -رضي
الله عنهم- المدني، أبو عثمان، ثقة, ثبت. من الخامسة, مات
بالمدينة سنة بضع وأربعين ومائة.
تذكرة الحفاظ 1/ 161, التقريب 1/ 537, التهذيب 7/ 38.
6 الدارقطني في السنن, في كتاب السير, حديث "19" 4/ 106.
7 في الأصل: "الزيادي" بالمعجمة بعدها ياء, والذي أثبته من ف
ومن سنن الدارقطني.
8 انظر سنن الدارقطني, في كتاب السير, حديث "20" 4/ 106 قال:
"حدثنا أبو بكر النيسابوري، نا أحمد بن منصور، نا نعيم بن
حماد، نا ابن المبارك، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن
عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه أسهم للفارس سهمين,
وللراحل سهما". =
(1/368)
وقد رواه عبد الله بن عمر1 عن نافع أيضا,
وعبد الله ضعيف.
قال خالد الحذاء2: لا يختلف فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-
أن للفارس ثلاثة
__________
= قال أحمد: كذا لفظ نعيم عن ابن المبارك, والناس يخالفونه.
قال النيسابوري: ولعل الوهم من نعيم؛ لأن ابن المبارك من أثبت
الناس. ا. هـ.
"قلت": وكلام أبي بكر النيسابوري الذي رواه الدارقطني يتلخص في
أن الرواية التي تقول: "أسهم للفارس سهمين, وللراجل سهما" وهم,
والصواب: "أن للفرس سهمين".
وقد قال الحافظ في الفتح 6/ 68 مجيبا على كلام الدارقطني هذا:
قلت: لا؛ لأن المعنى أسهم للفارس بسبب فرسه سهمين غير سهمه
المختص به. وقد رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ومسنده بهذا
الإسناد فقال "للفرس" وكذلك أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب الجهاد
له، عن ابن أبي شيبة, وكأن الرمادي رواه بالمعنى. وقد أخرجه
أحمد عن أبي أسامة وابن نمير معا بلفظ: "أسهم للفرس" وعلى هذا
التأويل أيضا يحمل ما رواه نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن
عبيد الله مثل رواية الرمادي ... إلخ ا. هـ.
1 هو: عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب -رضي
الله عنهم- العمري المدني، أبو عبد الرحمن، ضعّفه علي بن
المدني، ويحيى بن سعيد، وابن سعد, والنسائي.
وقال البخاري: لا أروي عنه شيئا. وقال ابن حبان: فحش خطؤه،
استحق الترك. وقال يعقوب بن أبي شيبة: صدوق، في حديثه اضطراب.
وقال ابن معين: ليس به بأس، يكتب حديثه. وقال عنه الحافظ في
التقريب: ضعيف عابد. من السابعة, مات سنة إحدى وسبعين ومائة,
وقيل بعدها.
انظر التاريخ الكبير 5/ 145, وتاريخ يحيى بن سعيد الدارمي
ص151, والتقريب 1/ 434, والجرح والتعديل 5/ 109, 110, والضعفاء
الصغير ص65, والضعفاء والمتروكين ص62, والمجروحين 2/ 7, وميزان
الاعتدال 2/ 465.
ورواية عبد الله هذه، أخرجها الدارقطني في سننه, في كتاب
السير, حديث "21" 4/ 106 ولفظه: "أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- كان يسهم للخيل للفارس سهمين, وللراجل سهما".
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى, في كتاب قسم الفيء والغنيمة,
باب ما جاء في سهم الراجل والفارس 6/ 325.
"قلت": وحديثه هذا حسن؛ لمتابعة عبيد الله بن عمر له, وقد تقدم
حديثه قبل هذا.
2 هو: خالد بن مهران -بكسر الميم- البصري أبو المنازل, والحذاء
لقب له ولم يكن حذاء. قيل: إنه كان يجلس إليهم، وقيل: لأنه كان
يقول: أحذو على هذا النحو. ثقة يرسل, تغير لما قدم الشام, من
الخامسة.
تذكرة الحفاظ 1/ 149, التقريب 1/ 219, التهذيب 3/ 120, الكواكب
النيرات ص461, الميزان 1/ 642.
(1/369)
أسهم، وللراجل سهما1.
والحديث الثاني.
318- وهو قوله: "القاتل لا يرث".
تقدم الكلام عليه في التخصيص2.
قوله: ومثل ذلك وصف مناسب مع الحكم: "لا يقضي القاضي وهو
غضبان" 3.
319- عن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- يقول: "لا يقضين حاكم على اثنين, وهو غضبان"
رواه الجماعة4.
ورواه الشافعي، ولفظه: "لا يحكم الحاكم، أو لا يقضي القاضي بين
اثنين، وهو غضبان" 5.
__________
1 انظر قوله في سنن الدارقطني في كتاب السير 4/ 107. وفي سنن
البيهقي الكبرى, كتاب قسم الفيء والغنيمة 6/ 327.
2 كذا في الأصل, وفي نسخة ف أعيد نفس الكلام السابق في الحديث.
وقد تقدم الكلام على الحديث وتخريجه, انظر الحديث رقم "212".
3 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"189".
4 البخاري: في كتاب الأحكام، باب "13" هل يقضي الحاكم أو يفتي
وهو غضبان؟ 8/ 108, 109 وفيه "حكم" بدل "حاكم" وفيه قصة.
ومسلم: في كتاب الأقضية، باب قضاء القاضي وهو غضبان, حديث "16"
3/ 1342, 1343.
وأبو داود: في كتاب الأقضية، باب القاضي يقضي وهو غضبان, حديث
"3589" 4/ 16.
والترمذي: في أبواب الأحكام، باب ما جاء: لا يقضي القاضي وهو
غضبان, حديث "1343" 3/ 611, 612.
وقال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح".
والنسائي: في كتاب آداب القضاة، باب ذكر ما ينبغي للحاكم أن
يتجنبه 8/ 237, وفي باب النهي عن أن يقضى في قضاء بقضاءين 8/
247.
والنسائي أيضا: في السنن الكبرى في القضاة. انظر تحفة الأشراف
9/ 45.
وابن ماجه: في كتاب الأحكام, باب لا يحكم الحاكم وهو غضبان,
حديث "2316" 2/ 776.
5 الشافعي في المسند, في كتاب أدب القاضي ص378.
(1/370)
قوله: فمن ذلك رجوعهم إلى أبي بكر الصديق
-رضي الله عنه- في قتال بني حنيفة، على الزكاة1.
قد2 تقدم في مسائل العام والخاص3:
320- حديث4 أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "لما توفي رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- وكفر من كفر من العرب, قال عمر لأبي بكر:
كيف تقاتل الناس ... وذكر الحديث, إلى أن قال: "فقال أبو بكر
رضي الله عنه: [والله] 5 لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة،
والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- لأقاتلنّهم". فقال عمر: فوالله, ما هو إلا أن رأيت
أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق".
رواه الجماعة إلا ابن ماجه.
ثم إن الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- وافقوا أبا بكر -رضي
الله عنه- على قتال من ارتد من العرب؛ كبني حنيفة أصحاب مسيلمة
الكذاب، ومن منع الزكاة ولم يرتدّ.
وهذا مشهور في كتب المغازي والسير6.
قوله: ومن ذلك قول بعض الأنصار في أم الأب: "تركت التي لو كانت
هي الميتة [ورث] 7 الجميع". وتوريث عمر المبتوتة بالرأي8.
هذان أثران، الأول:
__________
1 انظر القولة في مختصر المنتهى "199".
2 في ف: "فقد".
3 تقدم في الحديث رقم "134".
4 في ف: "عن".
5 من ف.
5 انظر تاريخ الطبري 3/ 277, والبداية والنهاية 6/ 311.
7 في الأصل "ورثت", وما أثبته من ف ومن مختصر المنتهى.
8 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"199".
(1/371)
321- روى أبو محمد بن حزم من طريق يحيى بن
سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر1 "أن رجلا مات
وترك جدتيه؛ أم أمه وأم أبيه، فأتوا أبا بكر الصديق -رضي الله
عنه- فأعطى أم الأم السدس دون أم الأب. فقال عبد الرحمن بن سهل
الأنصاري البدري2: "لقد تركت التي لو كانت هي الميتة ورث مالها
كله, فشرك بينهما""3.
هذا وإن كان منقطعا, لكنه جيد.
وأما الثاني:
322- وهو توريث عمر المبتوتة
بالرأي4..............................
__________
1 هو: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، أبو
محمد أو أبو عبد الرحمن القرشي, التيمي المدني, أحد فقهاء
المدينة. ثقة, من كبار الثالثة. مات سنة ست ومائة على الصحيح.
تذكرة الحفاظ 1/ 96, التقريب 2/ 120, التهذيب 8/ 333, السير 5/
53.
2 هو: عبد الرحمن بن سهل الأنصاري, شهد بدرا وأحدا والخندق
والمشاهد، وهو الذي نهش، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
عمارة بن حزم فرقاه، وخرج بعد بدر معتمرا فأسرته قريش، ففدى به
أبو سفيان ولده المأسور يوم بدر، غزا على عهد عثمان ومعاوية
على الشام أميرا. الإصابة 4/ 312.
3 النص كما في المحلى: "فقال عبد الرحمن بن سهل الأنصاري, وكان
بدريا: لقد ورثت التي لو كانت هي الميتة ورث مالها كله, فشرك
بينهما في السدس".
انظر المحلى في كتاب المواريث 10/ 350.
وأخرجه الإمام مالك: في الفرائض, باب ميراث الجدة, حديث "15"
2/ 513.
وأخرجه الدارقطني: في كتاب الفرائض, حديث "72, 73" 4/ 90.
وأخرجه البيهقي: في كتاب الفرائض، باب فرض الجدة والجدتين 6/
235.
كلهم من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري به. ورجال إسناده ثقات,
لكن القاسم بن محمد لم يدرك جده أبا بكر الصديق رضي الله عنه,
فالرواية منقطعة.
قال الذهبي في السير 5/ 54: "ولد في خلافة الإمام علي, فروايته
عن أبيه عن جده انقطاع على انقطاع, وكل منهما لم يلحق أباه.
وربي القاسم في حجر عمته أم المؤمنين عائشة, وتفقه منها وأكثر
عنها".
4 قلت: وتوريث عمر -رضي الله عنه- المبتوتة بالرأي الذي ذكره
ابن الحاجب, ذكر فيه البيهقي أثرا بسند ضعيف في سننه الكبرى,
في كتاب الخلع والطلاق, باب توريث المبتوتة في المرض 7/ 363
بإسناده إلى سفيان الثوري عن المغيرة بن مقسم, عن إبراهيم
النخعي "أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال في الذي طلق
امرأته وهو مريض قال: ترثه في العدة, ولا يرثها" وقال البيهقي:
هذا منقطع ولم يسمعه مغيرة من إبراهيم, إنما قال: ذكر عبيدة عن
إبراهيم, وعبيدة الضبي ضعيف ولم يرفعه عبيدة إلى عمر في رواية
يحيى القطان عنه, إنما ذكره عن إبراهيم والشعبي عن شريح ليس
فيه عمر رضي الله عنه ا. هـ.
(1/372)
فالمشهور1.
323- ما رواه مالك، والشافعي، بسند صحيح "أن عثمان -رضي الله
عنه- ورّث تماضر بنت الأصبغ من عبد الرحمن بن عوف، وكان قد
طلّقها في مرضه فبتّها"2.
واحتج الشافعي [رضي الله عنه] 3 في القديم بهذا.
324- ولعل المصنف أشار إلى ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده:
أن غيلان بن سلمة الثقفي، لما كان في عهد عمر، طلق نساءه وقسم
ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر فقال: إني لأظن الشيطان فيما
يسترق من السمع سمع بموتك، فقذفه في نفسك, ولعلك لا تمكث إلا
قليلا، وايم الله لتراجعن نساءك، ولترجعن مالك، أو لأورثهن منك
[و] 4 لآمرن بقبرك أن يرجم, كما رجم قبر أبي رغال"5.
فأما قوله: وقول علي لعمر لما شك في قتل الجماعة بالواحد:
أرأيت
__________
1 قال الحافظ في الموافقة ل "321 ب": قال ابن كثير في تخريجه:
لا أعرفه عن عمر, بل هو عن عثمان ا. هـ.
"قلت": الذي وقع في النسختين ما ذكر هنا, والله أعلم.
2 الموطأ في كتاب الطلاق, باب المريض, حديث "40" 2/ 571.
والشافعي في المسند, من كتاب الطلاق والرجعة ص294.
وأخرجه الدارقطني في كتاب الطلاق والخلع والإيلاء, حديث
"156-158" 4/ 64.
وأخرجه البيهقي في كتاب الخلع والطلاق, باب ما جاء في توريث
المبتوتة في مرض الموت 7/ 363, وكلهم بنحوه.
3 في ف, ولم تذكر في الأصل.
4 في الأصل: "أو" وفي ف, ومسند أحمد كما أثبته.
5 انظر مسند الإمام أحمد 1/ 14, وانظر تخريج الحديث رقم "239"
وقال الحافظ في الموافقة ل231 ب "قال ابن كثير في تخريجه ...
لعله أراد قصة غيلان بن سلمة حين طلق نساءه, فقال له عمر ...
إلخ, ثم قال الحافظ: قلت: قصة غيلان لا تشعر بتوريث المبتوتة,
بل بخلاف ذلك, وإلا فلا فائدة للمراجعة".
(1/373)
لو اشترك نفر في سرقة1؟
فإنه غريب, وكيف يشك عمر في قتل الجماعة بالواحد؟
325- وقد روى البخاري عن ابن عمر2 رضي الله عنهما "أن غلاما
قتل غِيلة -وفي رواية: أن أربعة قتلوا صبيا- فقال عمر: لو
اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم"3.
__________
1 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"199".
2 في ف عن "عبد الله بن عمر".
3 الروايتان في كتاب الديات, باب "21" إذا أصاب قوم من رجل, هل
يعاقب أو يقتص منهم كلهم.... إلخ 8/ 42.
"قلت": قال الحافظ في الموافقة ل232 ب بعد أن ذكر كلام الحافظ
ابن كثير في هذه المسألة:
قال: وقال السبكي في شرحه, أي على المختصر: هذا أثر يذكره
الأصوليون ولا يعرف, وإنما المعروف عن عمر أنه قال في رجل قتله
جماعة: "لو تمالأ أهل صنعاء فيه لقتلتهم" ونقل الزركشي في
المعتبر "82 ب" أن الذهبي قال: لم أظفر له بسند وتعقبه -أي
الزركشي- بأن الخطابي أورده في غريب الحديث. "قلت: هو في
الغريب 2/ 83, 84" من طريق محمد بن هاشم، نا الدبري, عن عبد
الرزاق، عن ابن جريج، عن عبد الكريم، هو ابن المخارق "في حديث
عمر -رضي الله عنه- في القتيل الذي اشترك فيه سبعة نفر, أنه
كاد يشك في القود، فقال له علي: يا أمير المؤمنين، أرأيت لو أن
نفرا اشتركوا في سرقة جزور، فأخذ هذا عضوا وهذا عضوا، أكنت
قاطعهم؟ قال: نعم, قال: فذلك، حين استهرج له الرأي.
"قلت": هذا لفظ الخطابي. وقال: استهرج أصله في الكلام: السعة
والكثرة, والمعنى أن رأيه قد قوي في ذلك واتسع؛ لوضوح الدلالة
وقرب التمثيل, ومعناه راجع إلى الكثرة. ا. هـ.
"قلت": وهو في مصنف عبد الرزاق "9/ 477" ووقع في لفظه "استمدح"
بدل "استهرج" في المطبوع, ومعناه: "حسن الرأي" وساقه الحافظ
ابن حجر في الموافقة ل223 أبسنده إلى عبد الرزاق وقال في لفظه:
"استهرج" كما ذكره الزركشي. ثم قال الحافظ: وهذا موقوف ضعيف؛
لضعف عبد الكريم، وانقطاع السند بينه وبين عمر وعلي، وإن كان
محفوظا فلا تنافي بينه وبين الأثر الذي ذكره البخاري، فلعله
قال ذلك بعد هذه القصة, فجزم بعد أن توقف, والله أعلم ا. هـ.
(1/374)
.................................................................
__________
استدراك:
قوله: مسألة:
القياس يجري في الحدود والكفارات ... إلى أن قال: وقد حُدّ في
الخمر بالقياس.
"قلت": قال الحافظ في الموافقة 233 ب: قلت: هذا لم يذكره ابن
كثير ولا من تبعه من المخرجين، وقد تعرض له الشراح، وقالوا:
أراد به حديث علي، ثم ذكره بإسناده إلى الإمام مالك.
وهو في الموطأ: في كتاب الأشربة, باب الحد في الخمر, حديث رقم
"2" 2/ 842.
عن ثور بن زيد الديلمي "أن عمر بن الخطاب استشار في الخمر
يشربها الرجل, فقال له علي بن أبي طالب: نرى أن تجلده ثمانين،
فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى -أو كما قال-
فجلد عمر في الخمر ثمانين".
وقال الحافظ: هكذا أورده مالك في الموطأ معضل الإسناد، مختصر
المتن.
وقد أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 374, 375 بسنده إلى الزهري
قال: حدثني عبد الرحمن بن أزهر -رضي الله عنه- قال: "رأيت رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين يتخلل الناس، يسأل عن منزل
خالد بن الوليد, فأتي بسكران، فأمر رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- من كان عنده أن يضربوه بما كان في أيديهم. قال: وحثا
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التراب في وجهه.
قال: ثم أتي أبو بكر -رضي الله عنه- بسكران, فتوخى الذي كان من
ضربهم يومئذ، فضرب أربعين, وضرب عمر -رضي الله عنه- أربعين.
قال الزهري: فحدثني حميد بن عبد الرحمن, عن وبرة الكلبي، قال:
أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر رضي الله عنهما، فأتيته وهو في
المسجد معه عثمان بن عفان، وعلي, وعبد الرحمن بن عوف، طلحة,
والزبير -رضي الله عنهم- متكئ معه في المسجد, فقلت: إن خالد بن
الوليد أرسلني إليك وهو يقرئ عليك السلام، ويقول: إن الناس قد
انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة, فقال عمر: هؤلاء عندك
فسلهم. فقال علي رضي الله عنه: نراه إذا سكر هذى وإذا هذى
افترى, وعلى المفتري ثمانون, فقال عمر: أبلغ صاحبك ما قال.
فجلد خالد ثمانين، وجلد عمر ثمانين، وكان عمر إذا أتي بالرجل
القوي المنهمك في الشراب جلده ثمانين, وإذا أتي بالرجل الضعيف
التي كانت معه الزلة جلده أربعين، ثم جلد عثمان ثمانين
وأربعين. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"
ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم أيضا 3/ 375, 376 بسنده عن ثور بن زيد الديلي,
عن عكرمة, عن ابن عباس في حديث طويل, وفيه مثل ما ذكر من قصة
علي مع عمر في الحد، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه
الذهبي.
وقد ذكر الحافظ مثل حديث الحاكم بإسناده, وقال: هذا حديث حسن,
أخرجه النسائي في الكبرى. وذكر أحاديث أخرى بأسانيده أيضا
وحسنها. =
(1/375)
قوله: ومن ذلك إلحاق بعضهم الجد بالأخ,
وبعضهم بالأب1.
326- اختلف علماء الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- ثم من بعدهم
في الجد إذا اجتمع مع الإخوة، على أقوال:
أحدها: أن يكون كأحد الإخوة، فيقاسمهم ويعصب إناثهم، بشرط ألا
ينقص حقه بذلك عن الثلث.
هذا قول عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود -في رواية عنهم- وأبي
موسى الأشعرى، وزيد بن ثابت في المشهور عنه.
وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، والأوزاعي،
والثوري، وعبيد الله بن الحسن العنبري2،........
__________
= انظر الموافقة ل223 ب 234 أو ب. وانظر القولة في مختصر
المنتهى ص"201".
توضيح:
قول رسول خالد لعمر رضي الله عنهم أجمعين: إن الناس انهمكوا في
الخمر وتحاقروا العقوبة, ليس معناه على ظاهره، فالناس قطعا في
تلك الأيام، أهل القرن المختار, كانوا على درجة عالية من الورع
والتقوى وتحري الحلال, والبعد عن الحرام ومواطن الشبهات، كما
أنه لا يعني هذا أنهم كانوا مجتمعا ملائكيا لا تقع فيه بعض
الأخطاء، إلا أن الخطأ في زمانهم كان مستبشعا في غاية
الاستبشاع والنكارة، وإذا ما وقع من نفر زلل, عد ذلك شرا
مستطيرا. ومن هذا الباب كان رؤية خالد -رضي الله عنه- موطن
الخطأ، وطلب الفتوى من أمير المؤمنين للتشديد في العقوبة. وكان
جواب عمر لرسوله أن يسأل الصحب المختار -الذي جلس معهم جلسة
الأخوة, التي رباهم الإسلام عليها, يتداولون فيها ما يصلح
دنياهم ويعمر أخراهم- وهو أميرهم وأمير المؤمنين، تعلمنا دروسا
وتعطينا عظاة، إنها أخوة الإسلام، إنها حرية الإسلام، إنها
سماحته وعظمته ... اللهم اهدنا الصراط المستقيم, صراط الذين
أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين.
"قلت": وقد اختلف الأئمة في حد شارب الخمر, فقال أبو حنيفة
ومالك: يحد ثمانين. وقال الشافعي: يحد أربعين. وعن أحمد
روايتان كالمذهبين. ومن جعلها أربعين فإنه جوز للحاكم أن يبلغ
بها أكثر من ذلك تعزيزا إن رأى في ذلك المصلحة.
1 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"199".
2 هو: عبيد الله بن الحسن بن الحصين بن أبي الحر العنبري، قاضي
البصرة، الثقة الفقيه, من السابعة. مات سنة ثمان وستين ومائة.
التقريب 1/ 531، التهذيب 7/ 7.
(1/376)
وأبو يوسف1، ومحمد بن الحسن2.
وقال آخرون: بل الجد كالأب ههنا، يحجب الإخوة.
قال ابن حزم: هذا هو الثابت عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأبي
موسى، وابن عباس، وغيرهم.
وروي عن أبي هريرة، وأبي الدرداء3، وعائشة، وأبي بن كعب، ومعاذ
بن جبل، وعبد الله بن الزبير.
وهو قول طاوس، وعطاء، وجابر بن زيد، والحسن، وشريح، والشعبي،
وعبد الله بن عتبة بن مسعود، وقتادة، والثوري -في رواية عنه-
ونعيم بن حماد.
وبه يقول: أبو حنيفة، وأحمد -في رواية عنه- وأبو ثور،
والمزني4، وداود، واختاره ابن حزم.
__________
1 هو: الإمام يعقوب بن إبراهيم، أبو يوسف القاضي، صاحب أبي
حنيفة, وهو أول من دعي بقاضي القضاة في الإسلام، وهو أول شيخ
للإمام أحمد في الحديث. صاحب كتاب الخراج, مات ببغداد سنة
182هـ.
تاريخ بغداد 14/ 242.
2 هو: الإمام ابن الحسن بن فرقد الشيباني الكوفي, أبو عبد
الله, صاحب الإمام أبي حنيفة. كان من بحور العلم وأئمة الفقه،
قويا في مالك، لينه النسائي وغيره من قبل حفظه، ولاه الرشيد
قضاء الرقة، وخرج به معه إلى الري، فمات بها سنة تسع وثمانين
ومائة.
تعجيل المنفعة ص238.
3 هو: عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري أبو الدرداء. مختلف في
اسمه واسم أبيه، وإنما هو مشهور بكنيته. وقيل: اسمه عامر،
وعويمر لقب له. صحابي جليل, أول مشاهده أحد. وكان عابدا, مات
في آخر خلافة عثمان, وقيل: عاش بعد ذلك, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 4/ 747, التهذيب 8/ 175.
4 هو: إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمر بن إسحاق، أبو
إبراهيم المزني صاحب الإمام الشافعي وأحد الأئمة في مذهبه. كان
جبلا في العلم، مناظرا، محجاجا. مات سنة أربع وستين ومائة.
طبقات الشافعية 2/ 93.
(1/377)
ثم إنه نقل في هذه المسألة أقوالا كثيرة،
من أغربها: أن الإخوة يقدمون على الجد. نقله عن عبد الرحمن بن
غنم الأشعري, وهو صحابي في قول, وقال به زيد بن ثابت أولا ثم
رجع عنه1.
327 و328- وقوله: "لو كان على أبيك دين" "أينقص الرطب".
تقدم بيان هذين في هذا الباب2.
329- وقوله: ورد بأن ذلك لقوله: "حكمي على الواحد".
تقدم الكلام عليه في مسائل العام والخاص3.
330- وقوله: واستدل بحديث معاذ.
تقدم الكلام عليه في مسائل الإجماع4.
331- وقوله: قالوا: "ادرءوا الحدود بالشبهات".
تقدم الكلام عليه في مسائل الأخبار5.
__________
1 انظر هذه الأقوال والتي سبقتها في المسألة, في المحلى 10/
364-376.
2 انظر الحديث رقم "313" والحديث رقم "311".
وانظر القولة في مختصر المنتهى ص"200".
3 انظر الحديث رقم "180" وانظر القولة في مختصر المنتهى
ص"200".
4 انظر الحديث رقم "38-40" وانظر القولة في مختصر المنتهى
ص"200".
5 انظر الحديث رقم "117" وانظر القولة في مختصر المنتهى
ص"202".
(1/378)
|