تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب ط ابن حزم

الاستدلال 1:
قوله: لنا الأحاديث متظافرة. كان يتعبد، كان يتحنث، كان يصلي، كان يطوف2.
335- قد تقدم في حديث عائشة الذي في الصحيحين: "أن أول ما بدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم3- من الوحي: الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّب إليه الخلاء, فكان يخلو بغار حراء، وكان يتحنث الليالي ذوات العدد -والتحنث: التعبد- حتى فجئه الحق وهو بغار حراء ... الحديث بطوله"4.
فثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يتحنث قبل البعثة, وهو يشمل ما ذكر المصنف إلا الصلاة5.
__________
1 قال ابن الحاجب في المختصر ص"215":
الاستدلال يطلق على ذكر الدليل، ويطلق على نوع خاص وهو المقصود. فقيل: ما ليس بنص ولا إجماع ولا قياس ولا قياس علة, فيدخل نفي الفارق والتلازم.
2 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"218" وفي نسخة ف حرفت كلمة "يطوف" إلى "يطول".
3 في ف: "النبي صلى الله عليه وسلم" وفي الأصل والصحيح كما أثبته.
4 تقدم في الحديث رقم "233".
5 قال الحافظ في الموافقة "235 ب": مسلم, ولكن لا يكتفي في التخريج؛ لأنه عبر بالأحاديث فيحتاج إلى التحديث بحسب هذه الألفاظ.
"قلت": لقد ذكر الحافظ ابن كثير حديث عائشة -رضي الله عنها- في تحنثه بغار حراء قبل البعثة, وذكر طرفا منه. وقال: تقدم كما رأيت، والباقي نعم أشار إليها من غير إيراد لفظها, وسأذكرها بإذنه تعالى.
وانظر الموافقة ل235 ب. وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى ما قال الحافظ ابن كثير -عليهما رحمة الله تعالى- في هذه القولة.

(1/384)


336- وثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحج، ويقف مع الناس بعرفات، ولا يقف مع الحُمْس1.
337- والحج: كانت العرب تطوف فيه2.
__________
1 الحمس: جمع الأحمس، وهم: قريش ومن ولدت، وكنانة، وجديلة قيس. سُموا حمسا؛ لأنهم تحمسوا في دينهم, والحماسة: الشجاعة. وكانوا يقفون بمزدلفة ولا يقفون بعرفة، ويقولون: نحن أهل الله, فلا نخرج من الحرم. وكانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها وهم محرمون.
انظر مادة "حمس" في النهاية 1/ 440.
أما حجه -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة:
فقد أخرج البخاري، في كتاب الحج، باب "91" الوقوف بعرفة 2/ 175 عن جبير بن مطعم قال: "أظللت بعيرا لي فذهبت أطلبه يوم عرفة, فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، واقفا بعرفة فقلت: هذا والله من الحمس, فما شأنه ههنا! ".
وأخرجه مسلم: في كتاب الحج، باب في الوقوف وقول الله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} حديث "153" 2/ 894 وزاد فيه: "وكانت قريش تعد من الحمس".
وأخرجه النسائي: في كتاب الحج، باب رفع اليدين في الدعاء بعرفة 5/ 255.
وأخرجه الدارمي: في كتاب المناسك، باب الوقوف بعرفة 2/ 56.
وأخرجه الإمام أحمد 4/ 80.
وأخرجه ابن خزيمة: في كتاب الحج, باب الوقوف بعرفة على الرواحل، حديث "2823" 4/ 257 و258.
ولفظه عن جبير بن مطعم قال:
"وكانت قريش إنما تدفع من المزدلفة, ويقولون: "نحن الحمس فلا نخرج من الحرم, وقد تركوا الموقف على عرفة. قال: فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة إلى جمل له, ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة فيقف معهم، يدفع إذا دفعوا" من رواية ابن إسحاق:
وقد أخرجه إسحاق بن راهويه من طريق ابن إسحاق كما في رواية ابن خزيمة.
وأخرجه أيضا عن الفضل بن موسى عن عثمان بن الأسود, عن عطاء, أن جبير بن مطعم قال: "أظللت حمارا لي في الجاهلية فوجدته بعرفة, فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقفا بعرفات مع الناس, فلما أسلمت علمت أن الله وفقه لذلك".
وانظر فتح الباري 3/ 516.
2 في الموافقة ل235 ب نقلا عن المصنف ابن كثير -رحمه الله تعالى- قوله: =

(1/385)


وأما الصلاة قبل المبعث، فلم أر في حديث ما يدل على ذلك1.
قوله: وأيضا ثبت أنه قال: "من نام عن صلاة أو نسيها, فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" وتلا: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} 2.
338- عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها, لا كفارة لها إلا ذلك" أخرجاه3.
__________
= "من عادة العرب أنهم يطوفون في الحج والعمرة".
"قلت": أخرج البخاري، في كتاب الحج, باب "91" الوقوف بعرفة 2/ 175 عن عروة بن الزبير قال: "كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس -والحمس: قريش وما ولدت- وكان الحمس يحتسبون على الناس، يعطي الرجل الرجل الثياب يطوف فيها، وتعطي المرأة المرأة الثياب تطوف فيها، فمن لم تعطه الحمس طاف بالبيت عريانا، وكان يفيض جماعة الناس من عرفات وتفيض الحمس من جمع".
جمع, بفتح الجيم وسكون الميم: علم للمزدلفة, سميت بذلك لأن آدم -عليه السلام- وحواء لما أهبطا اجتمعا بها.
انظر مادة "جمع" في النهاية 1/ 296.
وأخرجه مسلم في كتاب الحج, باب في الوقوف ... إلخ, حديث "152" 2/ 894.
1 وقال ابن الملقن في غاية ما مول الراغب, ل35 ب: لا يحضرني.
"قلت": ولم يذكر الزركشي في المعتبر, ولا ابن حجر في الموافقة في هذا شيئا.
انظر المعتبر "ل88 أ" وانظر الموافقة "ل235 ب".
2 من الآية "14" في سورة طه. وانظر القولة في مختصر المنتهى ص"219".
3 مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها, حديث "314" 1/ 477 واللفظ له.
والبخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب "37" من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها.... إلخ 1/ 148.
وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها, حديث "442" 1/ 307, 308.
وأخرجه الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في الرجل ينسى الصلاة, حديث "178" 1/ 335, 336. وقال أبو عيسى: "حديث أنس حديث حسن صحيح".
وأخرجه النسائي في كتاب المواقيت, باب فيمن نسي صلاة، وفي باب من نام عن صلاة 2/ 293, 294.
وأخرجه ابن ماجه في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها, حديث "695, 696" "1/ 227".

(1/386)


ولمسلم: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة, أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها؛ فإن الله تعالى يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} 1 ".
339- وله عن أبي هريرة مثله2.
وقوله: قالوا: لم يذكر في حديث معاذ.
340- تقدم الكلام على حديث معاذ، في مسائل الإجماع3.
وقوله: قالوا:
341 و342- "أصحابي كالنجوم". "اقتدوا باللذين من بعدي".
تقدم الكلام عليهما في الإجماع أيضا4.
قوله:
قالوا: ولى عبد الرحمن عليا بشرط الاقتداء بالشيخين فلم يقبل، وولى عثمان فقبل5.
__________
1 مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة.... إلخ, حديث "309" 1/ 477.
2 مسلم: في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة.... إلخ, حديث "316" 1/ 471 وفيه قصة.
وأخرجه النسائي: في كتاب مواقيت الصلاة، باب إعادة من نام عن الصلاة لوقتها من الغد 1/ 295، 296 من غير قصة.
وأخرجه ابن ماجه: في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها, حديث "697" 1/ 227, 228 وفيه قصة.
3 انظر الحديث رقم "37-39" وانظر القولة في مختصر المنتهى ص"219".
4 انظر الحديث رقم "50" وانظر القولة في مختصر المنتهى ص"220".
وانظر الأحاديث رقم "47-49".
5 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"220".
وعبد الرحمن: هو ابن عوف -رضي الله عنه- وهو أحد الستة الذين وكل سيدنا عمر -رضي الله عنه- أمر الشورى في الخلافة إليهم، ومعه سيدنا عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن مالك -رضي الله عنهم أجمعين- وأوصاهم ألا تتعدى أيام ثلاثة بعد وفاته من غير أن يختاروا خليفة للمسلمين.
فعزل عبد الرحمن -رضي الله عنه- نفسه عن إمرة الخلافة إليه, وقام بالمداولة والمشاورة بين الباقين حتى يتم اختيار أحدهم للخلافة. =

(1/387)


343- روى عبد الله ابن الإمام أحمد [بن حنبل] 1, في مسند أبيه من
__________
= قال الإمام الذهبي في السير 1/ 86: ومن أفضل أعمال عبد الرحمن عزله نفسه من الأمر وقت الشورى، واختياره للأمة من أشار به أهل الحل والعقد، فنهض في ذلك أتم النهوض، على جمع الأمة على عثمان، ولو كان محابيا فيها، لأخذها لنفسه، أو لولاها ابن عمه وأقرب الجماعة إليه سعد بن أبي وقاص ا. هـ.
"قلت": وكيف تتصور محاباته! وهو من هو بين الصحب المختارين وأحد السابقين الأولين. شهد بدرا والمشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وممن مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راضٍ، إضافة لما كان عليه من علم وفضل وكياسة ورجاحة فكر وحسن تدبير. وعلى هذا كان اختيار سيدنا عمر له وبقية الصحب لأمر الخلافة والشورى. ولقد عُرف عن الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- نزاهتهم في الحكم في أية قضية كانت, وأيا كان موقعهم. وبعدهم عن أي شيء يمكن أن يكون للدنيا فيه نصيب، ولم يكونوا يطلبون منصبا ليتعالوا فيه عن القوم أو يحققوا كسبا أو ثراء من وراء ذلك -معاذ الله- بل كانوا يطلبون وجه الله في كل تصرف ويحاسبون أنفسهم على الصغيرة والكبيرة. أولئك الذين هدى الله. ولا داعي لضرب الأمثلة على ذلك؛ فإنها معروفة بينة عند كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد, إلا ممن أعمى الضلال بصيرتهم وبصرهم، وغلفت الذنوب والآثام قلوبهم، وغيب التعصب وعيهم، لا يبعد أن يماروا أو يقولوا مثل ذلك. ومتى كان تصورهم سليما وشكهم مقبولا وقولهم صحيحا؟ أولئك المأجورون المنبوذون، المحرومون من نعمة سلامة السريرة وحسن الظن وبراءة القصد وصحة الأعمال, أعاذنا الله والمسلمين من أن نَزل أو نُزل, أو نَضل أو نُضل آمين.
وسيدنا علي -رضي الله عنه- رأى في اختيار عثمان للخلافة مصلحة الأمة كما رأى عبد الرحمن وأهل الشورى وأجمعت الأمة واجتمعت عليه, فقام بها خير قيام, فجزاه وجزى الصحب الكرام عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء, ورضي الله تعالى عنهم أجمعين.
أما قوله: فلم يقبل, عن سيدنا علي رضي الله تعالى, فقد قال الإمام الزركشي -عليه رحمة الله- في المعتبر ل88 ب:
لا تصح, والمحفوظ ما رواه عبد الله بن أحمد في زياداته -أي الذي سيأتي- ولم يصح أيضا. انظر قصة البيعة في صحيح البخاري في فضائل الصحابة 4/ 204-407.
وانظر فتح الباري 7/ 60-69, والفتح أيضا 13/ 893-896 و918 و924 و932.
1 ما بين المعقوفتين زيادة من ف.
وهو: عبد الله بن أحمد بن حنبل, الشيباني أبو عبد الرحمن, ثقة. من الثانية عشرة, مات سنة تسعين ومائتين.
التقريب 1/ 401, التهذيب 5/ 141.

(1/388)


زياداته1.
ثنا سفيان بن وكيع, ثنا قبيصة2, ثنا أبو بكر بن عياش3, عن عاصم4, عن أبي وائل5، قال: "قلت لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان, وتركتم عليا؟ فقال: ما ذنبي, قد بدأت بعلي فقلت: أبايعك على كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسيرة أبي بكر وعمر, فقال: فيما استطعت. ثم عرضت6 ذلك على عثمان فقال: نعم"7.
فسفيان غير حجة, وإنما آفته من وَرَّاقه. كذا قاله ابن أبي حاتم8، وابن حبان9،
__________
1 في ف: "في الزيادات".
2 هو: قُبَيصة بن الليث بن قُبَيصة بن برمة الأسدي الكوفي، أبو عيسى، ويقال: أبو معاوية. صدوق من التاسعة.
التقريب 2/ 122, التهذيب 8/ 349.
3 هو: أبو بكر بن عيَّاش السلمي الأسدي الكوفي, الحناط المقرئ, مولى واصل الأحدب. كان من مشايخ الكوفة وقرائهم, مقبول من السابعة.
التقريب 2/ 399, التهذيب 12/ 37, الجرح والتعديل 9/ 238, طبقات القراء 1/ 346.
4 هو: عاصم بن بهدلة -بالدال المهملة المفتوحة- بن أبي النجود -بفتح النون المشددة- الأسدي مولاهم, الكوفي أبو بكر المقرئ, صدوق له أوهام, حجة في القراءة, وحديثه في الصحيحين مقرون. من السادسة, مات سنة ثمان وعشرين ومائة.
التقريب 1/ 383, التهذيب 5/ 38, طبقات القراء 1/ 346, الميزان 2/ 357.
5 هو: شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي أبو وائل. ثقة مخضرم, أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يره. مات في خلافة عمر بن عبد العزيز, وله مائة سنة.
التقريب 1/ 354, التهذيب 4/ 361.
6 في ف: "عزمت".
7 مسند الإمام أحمد 1/ 75.
8 في الجرح والتعديل 4/ 231-234 في قصة له معه.
وفيها: أنه قال له, أن يترك وراقه، ويرمي المستخرجات التي كان وراقه قد زاد فيها ما ليس من حديثه، ويقتصر على أصوله. فقال له: مقبول منك.... فما فعل شيئا مما قاله. ثم قال: فبطل الشيخ، وكان يحدث بتلك الأحاديث التي قد أدخلت بين حديثه, وقد سرق من حديث المحدثين. ا. هـ.
9 قال في المجروحين 1/ 359:
"كان شيخا فاضلا صدوقا, إلا أنه ابتلي بوراق سوء, كان يُدخل عليه الحديث، وكان يثق به فيجيب فيما يقرأ عليه، وقيل له بعد ذلك في أشياء منها فلم يرجع. فمن أجل إصراره على ما قيل له استُحق الترك ... ثم قال: وهو من الضرب الذي ذكرته مرارا، أن لو خَرَّ من السماء فتخطفه الطير أحب إليه من أن يكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكنهم أفسدوه.

(1/389)


وابن عدي1.
وقال البخاري: يتكلمون فيه؛ لأشياء لقنوه إياها2.
وقال أبو زرعة: متهم بالكذب3.
قوله: "وما رآه المسلمون حسنا, فهو عند الله حسن"4.
__________
1 في الكامل ق1/ ج2/ 108.
2 في التاريخ الصغير 2/ 385. وقال في الضعفاء الصغير ص55: ليس بشيء.
3 انظر الجرح والتعديل 4/ 231.
وفي الضعفاء والمتروكين سوء آلات الرذعي له.
"2/ 404 أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية". قلت لأبي زرعة: سفيان بن وكيع كان يتهم بالكذب؟ قال: الكذب فقط.
"قلت": وسفيان بن وكيع هذا هو ولد وكيع بن الجراح, الإمام صاحب الشافعي. كان صدوقا لكنه ابتلي بوراق سوء فأدخل عليه ما ليس في حديثه, فنصح فلم يقبل, فسقط حديثه, وهو من الطبقة العاشرة.
وانظر ترجمته في التقريب 1/ 312, والتهذيب 4/ 123، والميزان 2/ 173.
"وأقول": قال الحافظ في الموافقة ل236 أوب في حديث الباب: له شاهد أخرجه الذهلي في الزهريات وابن عساكر من طريقه في ترجمة عثمان, من طريق عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أبيه, فذكر قصة أهل الشورى وتفويضهم الأمر إلى عبد الرحمن بن عوف. وفيها: أنه قال لعلي: هل أنت متابعي إن وليتك على سنة الله ورسوله وسنة الماضييْنِ قبل؟ قال: لا ولكن على طاقتي. قال: فقال عثمان: أنا أبايعك على ما شرطت ... الحديث.
وهو من رواية عمران بن عبد العزيز المدني وفيه لين, ولكنها تعضد برواية أبي وائل, أي: المتقدمة. ا. هـ.
"وأقول": لا تعضده رواية أبي وائل؛ لأن فيها سفيان وهو متروك كما تقدم في الكلام عنه, والله أعلم.
4 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"221".

(1/390)


334- هذا مأثور عن عبد الله بن مسعود، بسند جيد أنه قال: "ما رآه المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ"1.
345- ورواه سيف بن عمر في كتاب وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه مرفوعا، ولكن بإسناد غريب جدا فقال: عن المستنير بن يزيد النخعي2, عن أرطاة بن
__________
1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1/ 379.
من طريق:
أبي بكر عياش، ثنا عاصم عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: "إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه. فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد, فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه فما رأى المسلمون حسنا ... إلخ".
وأخرجه الحاكم في المستدرك, في كتاب معرفة الصحابة 3/ 78, 79.
من طريق الإمام أحمد بمثل حديث الباب, وزاد فيه: "وقد رأى الصحابة جميعا أن يستخلفوا أبا بكر, رضي الله عنه" وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أبو داود الطيالسي: في مسنده، في كتاب العلم، باب ما جاء في فضل العلم والعلماء والتفقه في الدين 1/ 33.
من طريق: المسعودي عن عاصم, عن أبي وائل, عن عبد الله بن مسعود.
وأخرجه أبو نعيم، في الحلية 1/ 375.
من طريق: أبي داود الطيالسي، عن المسعودي به.
وأخرجه البيهقي في الاعتقاد ص322.
من طريق: أبي داود أيضا.
وقد حسَّن الموقوف الحافظ في الموافقة ل236 ب, وقال: أخرجه الإمام أحمد في كتاب السنة، وقد وهم من عزاه إلى المسند. وتبعه السخاوي في المقاصد الحسنة ص367 وحسن الموقوف أيضا.
والزركشي في ل88 ب وعزاه للمسند. "قلت": وهو عزو صحيح كما رأيت في التخريج.
2 المستنير بن يزيد النخعي, روى عن عروة بن غزية الديثني، وعن أرطاة بن جهيش، وعن إبراهيم بن يزيد النخعي ... وله ذكر في تاريخ الطبري. انظر 3/ 185 و231 و323 و329 و330 و401، 4/ 32 و33 و305.

(1/391)


أرطاة النخعي1، عن الحارث بن مرة الجهني2, عنه3.
قوله: وقد سُئل مالك عن أربعين مسألة, فقال في ست وثلاثين منها: لا أدري4.
346- رأيت في بعض الكتب، في أدب المفتي والمستفتي.
أن الهيثم بن جميل5 قال: "شهدت مالكا، وقد سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري".
وكذلك نقلها الشيخ محيي الدين النووي6 في مقدمة شرح المهذب7.
قوله: و "لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت، لما سقت الهدي" 8.
347- قال جابر في حديثه الطويل في مسلم: "حتى إذا كان آخر طوافه -يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم- على المروة قال: "إني لو 9 استقبلت من أمري
__________
1 لم أقف على ترجمته, ولعله: أرطاة بن أبي أرطاة، روى عن عكرمة وروى عنه الحجاج بن أبي عثمان الصواف.
انظر ترجمته في التاريخ الكبير 2/ 58, والجرح والتعديل 2/ 326.
2 لم أقف على ترجمته.
3 لم أقف على كتاب سيف المذكور، ولم أر أحدا من المخرجين أو غيرهم يعزوه إليه, ولم تذكر هذه الرواية في نسخة ف والله أعلم.
4 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"221 و222".
5 هو: الهيثم بن جميل البغدادي أبو سهل. ثقة، من أصحاب الحديث, قال الحافظ في التقريب: وكأنه ترك فتغير. من صغار التاسعة, مات سنة ثلاث عشرة ومائة.
التقريب 2/ 326, التهذيب 11/ 90, الكواكب النيرات ص496.
6 هو: الإمام محيي الدين يحيى بن شرف بن مري, الحزامي الحوراني الشافعي, الحافظ الثقة القدوة الورع, شيخ الإسلام صاحب المصنفات, مشهور. مات سنة ست وسبعين وستمائة. تذكرة الحفاظ 4/ 1470.
7 المجموع 1/ 74.
وأخرجها ابن عبد البر في الانتقاء بسنده, عن الهيثم بن جميل ص38.
8 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"222".
9 كذا في نسخة الأصل وفي نسخة ف: "لو استقبلت...." وفي الصحيح: "لو أني استقبلت....".

(1/392)


ما استدبرت, لم أسق الهدى ... الحديث " "1.
قوله: لنا قول أبي بكر رضي الله عنه: "لا ها الله2 إذًا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله, فيعطيك سلبه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق" "3.
348- عن أبي قتادة الأنصاري قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حنين ... فذكر قصته في قتله القتيل, وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قتل قتيلا له عليه بينة, فله سلبه" فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست. ثم قال مثل ذلك. قال: فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست. ثم قال ذلك الثالثة، فقمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لك يا أبا قتادة؟ " فقصصت4 عليه القصة. فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله, سَلَب ذلك القتيل عندي فأرضه من حقه. فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لا ها الله [إذًا] 5 لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق فأعطه إياه" فأعطاني فبعت الدرع, فابتعت مخرفا6 في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام".
رواه البخاري ومسلم7.
__________
1 انظر حديث جابر عند مسلم في كتاب الحج, باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم, حديث رقم "147" 2/ 886-892.
وانظر تخريج الحديث رقم "14".
2 لا ها الله: هو قسم, ومعناه: أي: لا والله, لا يكون الأمر ذا.
انظر النهاية مادة "ها" 5/ 237.
3 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"223".
4 في ف: "فقصّيت".
5 ساقطة من الأصل, وما أثبته من ف ومن الصحيحين.
6 من ف وقع "مخرفا" وهو خطأ.
والمخرف -بفتح الميم وسكون الخاء وفتح الراء- أي: بستان من النخيل, وجمعه: مخارف.
انظر النهاية في غريب الحديث، مادة "خرف" 2/ 24.
7 تقدم تخريجه في الحديث رقم "228".

(1/393)


قوله: وحكّم سعد بن معاذ1 في بني قريظة، فحكم بقتلهم وسبي ذراريهم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة" 2.
349- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى سعد, فأتى على حمار فلما دنا من المسجد قال للأنصار: "قوموا إلى سيدكم أو خيركم" فقال: "هؤلاء نزلوا على حكمك" فقال: تقتل مقاتلهم، وتسبى ذراريهم. فقال: "قضيت بحكم الله تعالى وربما قال: بحكم الملك" ".
رواه البخاري، وهذا لفظه ومسلم3.
__________
1 هو: سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري الأسهلي، سيد الأوس. شهد بدرا وأحدا والخندق واستشهد بعد شهر من سهم أصابه فيها. اهتز العرش لموته, ومناقبه كثيرة. وكان موته سنة خمس للهجرة, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 3/ 84, التهذيب 3/ 481, السير 1/ 279.
2 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"223".
وسبع أرقعة: يعني سبع سماوات، وكل سماء يقال لها: رقيع، والجمع: أرقعة. وقيل: الرقيع اسم سماء الدنيا, فأعطي كل سماء اسمها.
النهاية مادة "رقع" 2/ 251.
3 البخاري في كتاب المغازي, باب "30" مرجع النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحزاب ... إلخ 5/ 50 وفيه لفظه.
وفي كتاب الجهاد والسير، باب "168" إذا نزل العدو على حكم رجل 4/ 28.
وفي كتاب مناقب الأنصار، باب "12" مناقب سعد بن معاذ رضي الله عنه 4/ 227.
وفي كتاب الاستئذان، باب "26" قول النبي صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى سيدكم" 7/ 135.
ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتل من نقض العهد ... إلخ, حديث "64" 3/ 1388, 1389.
وأخرجه أبو داود: في كتاب الأدب، باب ما جاء في القيام, حديث "5215, 5216" 5/ 390, 391.
وأخرجه النسائي: في السنن الكبرى، في المناقب، وفي السير، وفي القضاء.
انظر تحفة الأشراف 3/ 227, 228.
وأخرجه الإمام أحمد 3/ 22 و71.

(1/394)


350- ورواه محمد بن إسحاق في السيرة، عن عاصم بن عمر بن قتادة1, عن عبد الرحمن بن [عمرو] 2 بن سعد بن معاذ3, عن علقمة بن وقاض: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لسعد بن معاذ حين حكم في بني قريظة: "لقد حكم فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعه" 4, وهذا مرسل5.
351- وروى مثله، الإمام سعيد6 بن يحيى بن سعيد الأموي، في مغازيه عن أبيه, عن محمد بن إسحاق، عن أبيه7، عن معبد بن كعب بن مالك8.
352- وقد روي أيضا بسند جيد، من حديث عامر بن سعد بن أبي
__________
1 هو: عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأوسي الأنصاري المدني، أبو عمر, ثقة، عالم بالمغازي. من الرابعة، مات بعد العشرين ومائة.
التقريب 1/ 385, التهذيب 5/ 53, الثقات 5/ 235.
2 ساقطة من النسختين, وما أثبته من سيرة ابن هشام. انظر 3/ 146.
3 هو: عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري, سئل عنه أبو زرعة فقال: مديني ثقة, وذكره ابن حبان في الثقات.
التاريخ الكبير 5/ 326, الثقات 5/ 112, الجرح والتعديل 5/ 265.
4 في سيرة ابن هشام 3/ 146 وفيها: "لقد حكمت فيهم ... إلخ ".
5 قال الحافظ في الموافقة "ل237 ب": مرسل رجاله ثقات.
"قلت": علقمة بن وقاص بن محصن الليثي. ليس له صحبة على القول الصحيح, وهو ثقة.
انظر الإصابة 5/ 66, والتقريب 2/ 31, والتهذيب 7/ 280, والثقات 5/ 209.
6 وقع في ف: "ابن سعيد يحيى بن سعيد".
7 هو: إسحاق بن يسار المدني، والد محمد، صاحب المغازي, مولى قيس بن مخرمة, ثقة من الثالثة.
التقريب 1/ 62, التهذيب 1/ 257, الجرح والتعديل 2/ 237.
8 هو: عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري السلمي -بفتح المهملة واللام- المدني.
قال الحافظ في التهذيب: ذكره ابن حبان في الثقات, وله في صحيح البخاري حديث واحد. وقال في التقريب: مقبول, من الثالثة.
التقريب 2/ 262, التهذيب 10/ 224, الثقات 5/ 432, الجرح والتعديل 8/ 279.
"قلت": ولم أقف على كتاب المغازي هذا، ولم أر أحدا من المخرجين يسوقه من طريقه.

(1/395)


وقاص1، عن أبيه2.
353- قوله: عن علي، وزيد, وغيرهما، أنهم3 خطئوا ابن عباس في ترك العَوْل وخطأهم، وقال:
"من باهلني باهلته، إن الله لم يجعل في مال واحد نصفا ونصفا وثلثا".
قد تقدم قريب من هذا في مسألة، لو ندر المخالف، من مسائل الإجماع4.
وقوله: قالوا:
354- قال: "بأيهم اقتديتم اهتديتم".
355- وقوله -بعيده بيسير- الصحابة: "أصحابي كالنجوم".
تقدم الكلام على هذا كله في الاجتماع5.
قوله: قالوا: [قال] : "لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها". فقال العباس: "إلا الإذخر؟ " فقال: "إلا الإذخر" 6.
__________
1 هو: عامر بن سعد بن أبي وقاص، الزهري المدني، ثقة من الثالثة، مات سنة أربع ومائة.
التقريب 1/ 387, التهذيب 5/ 63, الثقات 5/ 186.
2 أخرجه النسائي: في السنن الكبرى في المناقب.
انظر تحفة الأشراف 3/ 293.
وأخرجه الحاكم: في كتاب الجهاد 2/ 123, 124.
وقال الذهبي: صحيح.
وأخرجه البيهقي: في كتاب السير، باب ما يفعله بذراري من ظهر عليه 9/ 63.
3 في ف: "أنهما" وهو خطأ.
4 انظر الحديث رقم "41" وانظر القولة في مختصر المنتهى ص"225 و226".
5 تقدم تخريجه في الحديث رقم "50-53".
وانظر القولتين في مختصر المنتهى ص"227 و229" وما بين المعقوفتين من المختصر.
6 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"229".

(1/396)


356- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: " قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض" إلى أن قال: "فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه ولا يُنفّر صيده، ولا تُلتقط لقطته إلا من عرّفها، ولا يختلى خلاها" فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله1؛ فإنه لقَيْنهم ولبيوتهم؟ فقال: "إلا الإذخر" ".
رواه البخاري ومسلم, وهذا لفظه2.
__________
1 في نسخة ف والصحيحين: "يا رسول الله, إلا الإذخر" وفي الأصل كما أثبته.
2 البخاري في كتاب الحج، باب "43" فضل الحرم ... إلخ 2/ 157 مختصرا.
وفي كتاب جزاء الصيد، باب "9" لا ينفر صيد الحرم 2/ 213.
وفي باب "10" لا يحل القتال بمكة 2/ 214.
وفي باب "8" لا يعضد شجر الحرم، معلقا 2/ 213.
وفي كتاب البيوع، باب "28" ما قيل في الصواغ ... إلخ 3/ 13.
وفي كتاب الجزية والموادعة، باب "22" إثم الغادر للبر والفاجر 4/ 72.
ومسلم في كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام, حديث "445" 2/ 986, 987.
وأخرجه أبو داود: في كتاب المناسك، باب تحريم مكة, حديث "2018" 2/ 521 مختصرا جدا.
وأخرجه النسائي: في كتاب المناسك، باب حرمة مكة 5/ 203.
وأخرجه في السنن الكبرى، في السير وفي البيعة.
انظر تحفة الأشراف 5/ 26.
وأخرجه الإمام أحمد 1/ 253.
توضيح:
قوله: "يعضد" في الحديث أي: يقطع. والعضد بفتح العين، وسكون الضاد: القطع. و "يختلى خلاها": الخلا -بفتح المعجمة- هو النبات الرطب الرقيق ما دام رطبا. واختلاؤه: قطعه. وأخلت الأرض: كثر خلاها. فإذا يبس فهو حشيش.
والإذخر, بكسر الهمزة والخاء: حشيشة طيبة الرائحة, تسقف بها البيوت فوق الخشب.
وقوله: لقينهم: القين, بفتح القاف وسكون الياء: مفرد قيون, وهو الحداد والصائغ.
انظر النهاية مادة "عضد" 3/ 251 و"خلا" 2/ 75, "وإذخر" 1/ 23 "وقين" 4/ 135.
وانظر شرح الحديث عند الإمام النووي على صحيح مسلم 9/ 123-130, وفتح الباري 4/ 41-49.

(1/397)


قوله: قالوا: "لولا أن أشق". أحجنا هذا لعامنا أو للأبد؟ فقال: "للأبد"، و "لو قلت: نعم لوجبت" 1.
هذان2 حديثان، الأول:
357- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي, لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة".
رواه الجماعة3.
وأما الثاني:
358- فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضا قال:
"خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا أيها الناس, قد فرض عليكم الحج فحجوا".
فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو قلت: نعم لوجبت, ولما استطعتم" ".
رواه مسلم4.
359- وفي حديث جابر عند مسلم: "لما أمرهم بالفسخ قام سراقة [بن مالك] 5 بن جعشم6 فقال: يا رسول الله, ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك
__________
1 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"230".
2 في ف: "وهذان".
3 تقدم تخريجه في الحديث رقم "5".
4 مسلم في كتاب الحج, باب فرض الحج مرة في العمر, حديث "412" 2/ 975, وتتمة الحديث:
ثم قال: "ذروني ما تركتكم. فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم. فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم, وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".
وأخرجه النسائي في كتاب المناسك, باب وجوب الحج 5/ 110, 111.
5 ساقطة من النسختين, وأثبتناها من الصحيح.
6 في ف: "خثعم" وهو خطأ.
وهو: سراقة بن مالك بن جعشم -بضم الجيم وسكون العين وضم الشين- الكناني المدلجي، يكنى أبا سفيان، هو الذي أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- حين هاجر إلى المدينة, ودعا النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه حتى ساخت رجلا فرسه، ثم إنه طلب منه الخلاص، وألا يدل عليه. ففعل وكتب له أمانا. أسلم يوم الفتح، وعده النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يلبس سواري كسرى، فلبسها في عهد عمر. مات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين, وقيل غير ذلك رضي الله عنه. الإصابة 3/ 42.

(1/398)


رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصابعه واحدة في الأخرى, وقال: "دخلت العمرة في الحج [مرتين] 1 لا, بل لأبد أبد".
هذا لفظ مسلم2.
ولم أر سياق لفظ الكتاب في شيء من الكتب الستة3.
قوله: ولما قتل النضر بن الحارث4, ثم أنشدته ابنته5:
ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو سمعته ما قتلته" 6.
__________
1 ساقطة من الأصل, وأثبتها من ف ومن صحيح مسلم.
2 انظر حديث جابر الطويل في صحيح مسلم رقم "147" 2/ 886-892. وانظر تخريج الحديث رقم "14".
3 قال ابن حجر في الموافقة ل238 أفي الحديث الذي ذكره ابن الحاجب, وأشار إليه المصنف هنا:
هو ملفق في حديثين، وذكر حديث أبي هريرة وحديث جابر رضي الله عنهما، اللذين ذكرهما المصنف أخيرا.
4 هو: النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي، كان أحد وجوه الكفر في قريش وأحد الشياطين المعاندين، وكان ممن يؤذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وينصب العداوة له ولدعوته. أسر يوم بدر وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقتله.
انظر سيرة ابن إسحاق ص175-184, وسيرة ابن هشام 1/ 262-265.
5 هي: قتيلة بنت النضر بن الحارث القرشية. قال ابن حجر في الإصابة: لم أر التصريح بإسلامها, لكن إن كانت عاشت إلى الفتح فهي من جملة الصحابيات.
الإصابة 8/ 79, الاستيعاب 4/ 1904.
6 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"230".

(1/399)


36- ذكر1 ابن إسحاق في السيرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رجع من بدر العظمى, ومعه الأسارى فيهم: النضر بن الحارث بن كلدة، وعقبة بن أبي معيط2, وغيرهما من شياطين العرب,
ومر بالصفراء3، أمر علي بن أبي طالب، فضرب عنق النضر بن الحارث صبرا4 بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم5.
قال ابن هشام: فقالت قتيلة بنت الحارث أخت النضر ارتجالا:
يا راكبا إن الأثيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت موفق6
أبلغ بها ميتا بأن تحية ... ما إن تزال بها النجائب تخفق7
مني إليك وعبرة مسفوحة ... جادت بواكفها8 وأخرى تخنق
هل تسمعن9 النضر إن ناديته ... أم كيف يسمع ميت لا ينطق؟
__________
1 في ف: "ذكره".
2 هو: عقبة بن أبي معيط القرشي, أحد صناديد قريش وشياطينهم الذين جندوا أنفسهم لخدمة الشيطان, وإيذاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصد عن دعوته. وهو الظالم الذي نزل فيه قول الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ... } [الفرقان: 27-29] وهي فيه وفي غيره من الأشقياء فإنها عامة في كل ظالم. كما قال الحافظ ابن كثير في تفسيره "3/ 217": فكل ظالم سوف يندم يوم القيامة غاية الندم, ويعضّ على يديه قائلا مقالته: ولات ساعة مندم.
وانظر سيرة ابن إسحاق 175-184, وسيرة ابن هشام 1/ 262-265.
3 الصفراء: هو وادٍ من ناحية المدينة, كثير النخل والزرع, بينه وبين بدر مرحلة.
انظر معجم البلدان 3/ 412.
4 صبرا -بفتح الصاد وسكون الباء- أي: حُبس ومُسك، فضرب عنقه.
انظر مادة "صبر" في النهاية 3/ 8, والقاموس المحيط 2/ 68.
5 انظر سيرة ابن هشام 2/ 208, وانظر الاستيعاب 4/ 1905.
6 الأثيل: موضع قرب المدينة بين بدر ووادي الصفراء, وهو الموضع الذي قتل فيه النضر بن الحارث.
ومظنة: موضع إيقاع الظن.
7 النجائب: الإبل الكرام. وتخفق أي: تسرع.
8 بواكفها, الواكف: السائل.
9 وقع في سيرة ابن هشام: "يسمعنّي" وفي الحماسة "فليسمعنّ".

(1/400)


أمحمد يا خير ضنء1 كريمة ... من قومها والفحل فحل معرق2
ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق3
أو كنت قابل فدية فلينفقن ... [ما] 4 عز ما يغلو به ما ينفق
والنضر أقرب من أسرت قرابة ... وأحقهم إن كان عتق يعتق
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه5 ... لله أرحام هناك تشقق6
صبرا يقاد إلى المنية متبعا ... [رسف] 7 المقيد وهو عان8 موثق
قال ابن هشام: فيقال, والله أعلم: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بلغه هذا الشعر, قال: "لو بلغني هذا قبل قتله, لمننت عليه" 9.
قوله: وأيضا: {لمَ أَذِنْتَ} ، {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ} 10 حتى قال:
__________
1 الضنء: الأصل.
2 المعرق: الكريم.
3 المحنق: الشديد الغيظ.
4 في الأصل "يا" وما أثبته من ف, ومن سيرة ابن هشام.
5 تنوشه: تتناوله.
6 تشقق: تقطع.
7 في الأصل: "رشف" وفي ف والمراجع كما أثبته.
ورسف المقيد: المشي الثقيل, كمشي المقيد.
8 عانٍ: العاني: الأسير.
انظر الأبيات وشرحها في شرح المرزوقي للحماسة "2/ 63-968.
9 في سيرة ابن هشام 2/ 285, وانظر الاستيعاب 4/ 1905.
وانظر الأبيات في أسد الغابة 7/ 241, 242, والإصابة 8/ 80, والاستيعاب 4/ 1904, 1905, والحماسة لأبي تمام 1/ 477, 478, وزهر الآداب 1/ 65.
قال ابن الملقن في غاية مأمول الراغب ل38 أ:
قوله: "لو سمعت ما قتلته" لم يثبت لنا بإسناد صحيح.
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب 4/ 1905: قال الزبير: وسمعت بعض أهل العلم يغمز أبياتها هذه, ويذكر أنها مصنوعة.
وانظر زهر الآداب 1/ 65.
10 في ف: جاء بعدها {أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} وفي مختصر المنتهى كما في الأصل.

(1/401)


361- "لو نزل من السماء عذاب, ما نجا منه غير عمر" لأنه أشار بقتلهم1.
هذا الحديث بهذا اللفظ لم أره في شيء من الكتب2، 3.
362- وإنما في صحيح مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما أسروا الأسارى -يعني يوم بدر4- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر, رضي الله عنهما: "ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ ".
فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله هم بنو العم والعشيرة, أرى أن نأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار، وعسى الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ترى يابن الخطاب؟ " قال: لا والله يا رسول الله, ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكن أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم, فتمكن عليا من5 عقيل فيضرب عنقه، وتمكنني من فلان -نسيب لعمر- فأضرب عنقه, فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قال أبو بكر ولم يهو ما قال عمر. فلما كان من الغد جئت, فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر قاعدين يبكيان. قلت: يا رسول الله, أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت وإلا تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء, لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة, شجرة قريبة منه" وأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} 6
__________
1 انظر القولة في المختصر ص"230".
2 في ف زيادة "الستة" بعدها.
3 قال ابن الملقن في غاية مأمول الراغب ل39 "أ" و"ب": وأما الذهبي فقال: لا يعرف بهذا اللفظ. وكذا قال غير واحد ممن تكلم على هذا الكتاب.
4 إلى هنا انتهت نسخة الأصل وهي نسخة دار الكتب المصرية, وبعد هذا ستكون الإشارة إلى صفحات نسخة فيض الله أفندي بإسلام بول بتركيا، والتي أشرنا إليها بالحرف "ف".
5 الإشارة الآن إلى بداية الصفحة في نسخة ف.
6 الآيات 67-69 من سورة الأنفال.
وهي قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ, لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .

(1/402)


فأحل الله الغنيمة لهم1.
قوله: وأيضا: "فإنكم تختصمون إليَّ, ولعل أحدكم ألحن بحجته، فمن قضيت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذه؛ فإنما قطع له قطعة من نار" 2.
363- عن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنما [أنا] 3 بشر وإنكم تختصمون إلي, ولعل 4 بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له [على] 5 نحو ما أسمع [منه] 6. فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه 7؛ فأنما أقطع [له] 8 قطعة من النار".
رواه الشافعي وهذا لفظه، والبخاري, ومسلم9.
__________
1 رواه مسلم في كتاب الجهاد والسير, باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر, وإباحة الغنائم, حديث "58" 3/ 1383-1385 بنحوه في حديث طويل, في أوله قصة دعائه -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر, وإمداد الله له بالملائكة.
2 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"230".
3 ساقطة من ف, وما أثبتناه من المسند.
4 في المسند "فلعل".
5 ساقطة من ف, وأثبتها من المسند.
6 ساقطة من ف, وأثبتها من المسند.
7 في المسند: "فلا يأخذ منه" وفي نسخة ف كما أثبته.
8 ساقطة من ف وأثبتها في المسند.
9 الشافعي في مسنده، في كتاب إبطال الاستحسان ص265.
والبخاري في كتاب المظالم, باب "16" إثم من خاصم على باطل وهو يعلمه 1/ 103.
وفي الشهادات, باب "27" من أقام البينة بعد اليمين ... إلخ 3/ 162.
وأخرجه معلقا في الباب أيضا.
وفي كتاب الحِيَل، باب "10" حدثنا محمد بن كثير ... إلخ 8/ 62.
وفي كتاب الأحكام, باب "20" موعظة الإمام المخصوم.
وفي باب "29"، من قضي له بحق أخيه فلا يأخذه ... إلخ.
وفي باب "31" القضاء في كثير المال وقليله 8/ 112 و116 و117.
ومسلم في كتاب الأقضية، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة, حديث "4-6" 3/ 1337, 1338. =

(1/403)


وقوله:
364- وقال: "إنما أحكم بالظاهر".
تقدم في الإجماع1.
قوله: [وقال] 2 صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه، ولكن يقبض العلماء, حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسُئلوا, فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا".
365- عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله لا يقبض العلم, بل يقبض العلماء حتى إذا لم يُبق عالما، اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا".
رواه البخاري ومسلم3.
__________
= وأخرجه أبو داود, في كتاب الأقضية، باب في قضاء القاضي إذا أخطأ, حديث "3583" 4/ 12.
وأخرجه الترمذي، في أبواب الأحكام, باب في التشديد على من يقضى له ما ليس له, حديث "1339" 3/ 615.
وقال أبو عيسى: "حديث أم سلمة حديث حسن صحيح".
وأخرجه النسائي، في كتاب أدب القضاة, باب الحكم بالظاهر 8/ 233.
وأخرجه ابن ماجه, في كتاب الأحكام, باب قضية الحاكم لا تحل حراما, حديث "2317" 2/ 777.
وأخرجه الإمام مالك, في كتاب الأقضية, باب الترغيب في القضاء بالحق, حديث "1" 2/ 719.
وأخرجه الإمام أحمد 6/ 203 و290 و308 و320.
1 تقدم تخريجه في الحديث رقم "59" وانظر القولة في مختصر المنتهى ص"230".
2 ساقطة من ف وأثبتها من المختصر. وانظر القولة في مختصر المنتهى ص"233 و234".
3 البخاري في كتاب العلم، باب "34" كيف يقبض العلم ... إلخ 1/ 33, 34.
ولفظه: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد, ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ... إلخ ".
وفي كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب "7" ما يذكر في ذم الرأي ... إلخ 8/ 148.
ومسلم في كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان, حديث "13" 4/ 2058. =

(1/404)


قوله: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق, حتى يأتي أمر الله, [أو] 1 حتى يظهر الدجال" 2.
366- وعن المغيرة بن شعبة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون".
رواه البخاري وهذا لفظه, ومسلم3.
__________
= وأخرجه الترمذي في أبواب العلم, باب ما جاء في ذهاب العلم, حديث "2652" 5/ 31.
وقال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح".
وأخرجه النسائي في السنن الكبرى, في العلم.
انظر تحفة الأشراف 6/ 361.
وأخرجه ابن ماجه في المقدمة, باب اجتناب الرأي والقياس, حديث "52" 1/ 20.
وأخرجه الدارمي في المقدمة, باب في ذهاب العلم 1/ 77.
وأخرجه الإمام أحمد 2/ 162 و190 و203.
1 في نسخة ف: "و", وما أثبته من المختصر.
2 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"234".
3 رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب "10" قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ... إلخ " 8/ 149، وفيه لفظه.
وأخرجه في كتاب المناقب، باب "28" حدثني محمد بن المثنى ... إلخ 4/ 187.
ومن كتاب التوحيد، باب "29" قول الله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 8/ 189.
ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي.. إلخ " حديث "171" 3/ 1523.
وأخرجه الدارمي في كتاب الجهاد، باب جهاد المشركين باللسان واليد 2/ 213.
وأخرجه الإمام أحمد 4/ 244 و248 و252.
"قلت": وأما اللفظة الثانية وهي قوله: "أو حتى يظهر الدجال".
قال الحافظ في الموافقة ل239 ب: قال السبكي في شرحه: ليس في لفظ الصحيحين: "حتى يظهر الدجال".
ثم قال: وأغرب الزركشي فقال في تخريجه "وهو في المعتبر ل93 ب": أخرجه مسلم من حديث عمران بن حصين قلت, الكلام للحافظ: ولم أجده ولا ذكره الحميدي في مسند عمران من جمعه أصلا. وروينا معناه من حديث قرة بن إياس المزني بلفظ: "حتى يقاتلوا الدجال".
وأخرجه الحافظ أبو إسماعيل في كتاب ذم الكلام، من رواية عمران بن إسحاق، عن شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه. وهي لفظة شاذة، فقد رواها الحفاظ من أصحاب شعبة عنه بلفظ: "حتى تقوم الساعة". وأخرجه الترمذي، من طريق الطيالسي عن شعبة كذلك. ا. هـ.

(1/405)


وقوله: وأيضا قال:
367- "أصحابي كالنجوم".
تقدم في الإجماع1.
قوله: [في الترجيح, وبأن يكون المباشر؛ كرواية أبي رافع "نكح ميمونة وهو حلال، وكان السفير بينهما" على رواية ابن عباس رضي الله عنه "نكح ميمونة وهو حرام"] 2.
368- أما رواية أبي رافع: فروى الترمذي، عن قتيبة3، عن حماد بن زيد، عن مطر الوراق4، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن, عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع رضي الله عنه "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وبنى بها
__________
1 تقدم في الحديث رقم "50-53".
2 وقع في النسخة ف: "قوله: وأن يكون السفير؛ كرواية أبي رافع: نكح ميمونة وهو حلال. أما رواية أبي رافع فروى الترمذي ... إلخ" والذي أثبته من المختصر ومن الموافقة.
انظر القولة في مختصر المنتهى ص"236", وانظر حاشية التفتازاني 2/ 310 والموافقة ل239 ب.
3 هو: قتيبة بن سعيد بن جميل -بفتح الجيم- بن طريف الثقفي, أبو رجاء البغلاني -بفتح الموحدة وسكون المعجمة- يقال: اسمه يحيى، وقيل: علي, ثقة, ثبت من العاشرة. مات سنة أربعين ومائتين عن تسعين سنة.
التقريب 2/ 113, التهذيب 8/ 358.
4 هو: مطر -بفتحتين- بن طهمان -بفتح الطاء وسكون الهاء- الوراق, أبو رجاء السلمي، مولاهم الخراساني. سكن البصرة, صدوق كثير الخطأ, وحديثه عن عطاء ضعيف. من السادسة, مات سنة خمس وقيل: تسع وعشرين ومائة.
التقريب 1/ 252, التهذيب 10/ 167, الميزان 4/ 126.

(1/406)


حلالا، وكنت [أنا] 1 الرسول [فيما] 2 بينهما"3.
قال الترمذي: حسن، ولا نعلم أحدا أسنده غير حماد, عن مطر [الوراق، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار] 4.
369- وقد رواه مالك, عن ربيعة, عن سليمان [بن يسار] 5 مرسلا6.
370- ورواه [أيضا] 7 سليمان بن بلال, عن ربيعة مرسلا8.
371- وأما رواية ابن عباس: فروى البخاري واللفظ له، ومسلم عنه قال:
__________
1 ساقطة من ف, وأثبتها من الجامع.
2 ساقطة من ف, وأثبتها من الجامع.
3 الترمذي في أبواب الحج، باب كراهية تزويج المحرم, حديث "841" 3/ 191.
وأخرجه النسائي في السنن الكبرى, في النكاح.
انظر تحفة الأشراف 9/ 200.
وأخرجه الدارمي، في كتاب المناسك, باب في تزويج المحرم 2/ 28.
وأخرجه الإمام أحمد 9/ 392.
كلهم من طريق حماد بن زيد به, مرفوعا أيضا.
4 ما بين المعقوفتين ساقطة من ف, وأثبتها من الجامع.
وكلام الإمام الترمذي هذا والذي يأتي، قاله في الجامع بعد حديث الباب 3/ 191, 192.
5 ساقطة من ف, وأثبتها من الجامع.
6 أخرجه الإمام مالك في الموطأ، في كتاب الحج، باب نكاح المحرم, حديث "69" 1/ 348.
7 ساقطة من ف, وأثبتها من الجامع.
8 هو: سليمان بن بلال التيمي مولاهم, أبو محمد وأبو أيوب, المدني. ثقة من الثامنة, مات سنة سبع وسبعين ومائة.
التقريب 1/ 322, التهذيب 4/ 175.
وروايته أخرجها النسائي في السنن الكبرى, في النكاح.
انظر تحفة الأشراف 9/ 200.

(1/407)


"تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ميمونة وهو محرم، وبنى بها وهو حلال, وماتت بسَرِف"1.
قوله: وبأن يكون صاحب القصة.
372- كرواية ميمونة: "تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن حلالان"2.
رواه أبو داود بهذا اللفظ3 ومسلم ولفظه:
"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوجها حلالا, وبنى بها حلالا"4.
__________
1 البخاري في كتاب المغازي, باب "43" عمرة القضاء 5/ 86, وفيه لفظه.
وفي كتاب جزاء الصيد, باب "12" تزويج المحرم 2/ 214 مختصرا.
وفي كتاب النكاح, باب "30" نكاح المحرم 5/ 129 مختصرا أيضا.
ومسلم في كتاب النكاح, باب تحريم نكاح المحرم وكراهية خطبته, حديث"46" 2/ 1031.
وأخرجه أبو داود في كتاب الحج، باب المحرم يتزوج "1844" 2/ 423.
وأخرجه الترمذي في أبواب الحج, باب ما جاء في الرخصة في ذلك, حديث "843 و845" 3/ 192, 193.
وقال أبو عيسى: "حديث ابن عباس حديث حسن صحيح".
وأخرجه النسائي في كتاب المناسك, باب الرخصة في النكاح للمحرم 5/ 191, 192.
وأخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح, باب المحرم يتزوج, حديث "1965" 1/ 632.
2 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"236".
3 أبو داود في كتاب المناسك, باب المحرم يتزوج, حديث "1844" 2/ 422, 423 وفيه زيادة "بسرف" في آخره, ولم تذكر في المختصر.
4 لم أجد اللفظ عند مسلم كما في نسخة ف.
والذي في مسلم، في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح المحرم ... إلخ, حديث "48" 2/ 1032.
عن يزيد بن الأصم، حدثتني ميمونة بنت الحارث "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوجها وهو حلال. قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس".
ولفظه جاء في مسند الإمام أحمد 6/ 333 وفيه زيادة.
وأخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح، باب المحرم يتزوج, حديث "1964" 1/ 632.
وأخرجه الدارمي، في كتاب المناسك، باب في تزويج المحرم 2/ 38.
وأخرجه الإمام أحمد 6/ 335 بلفظ أبي داود, وزاد فيه "بعدما رجع".
توضيح:
سرف: هو -بفتح السين وكسر الراء- موضع من مكة على عشرة أميال, وقيل: أقل. =

(1/408)


قوله:
وبأن يكون مشافها؛ كرواية القاسم عن عائشة "أن بريرة عتقت، وكان زوجها عبدا" على من روى "أنه كان حرا" لأنها عمة القاسم1.
هذان حديثان، الأول:
373- روى مسلم، من حديث القاسم بن محمد بن أبي بكر، عن عائشة رضي الله عنها "أن بريرة عُتقت, وكان زوجها عبدا".
وله عن عروة بن الزبير عن عائشة "أن بريرة أُعتقت وكان زوجها عبدا, فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم [فاختارت نفسها] 2 ولو كان حرا لم يخيرها"3.
رواه أبو داود والترمذي وصححه4.
__________
= انظر النهاية مادة "سرف" 2/ 362.
قال الإمام الترمذي في الجامع 3/ 193, 194: اختلفوا في تزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- ميمونة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوجها في طريق مكة, فقال بعضهم: تزوجها حلالا، وظهر أمر تزويجها وهو محرم، ثم بنى بها وهو حلال بسرف في طريق مكة.
وماتت ميمونة بسرف، حيث بنى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودفنت بسرف ا. هـ.
وقال الإمام البيهقي في السنن الكبرى 7/ 58: فالرواية مختلفة في نكاحه -صلى الله عليه وسلم- وهو محرم.
فإن صح أنه نكح وهو محرم, وقد قال: "لا ينكح المحرم ولا ينكح" فحينئذ يتصور التخصيص.
1 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"236".
2 ساقطة من ف, وأثبتها من الصحيح.
3 مسلم في كتاب العتق, باب إنما الولاء لمن أعتق، حديث "9" 2/ 1143, 1144.
4 أبو داود: في كتاب الطلاق، باب في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد, حديث "2234" 2/ 672.
والترمذي في أبواب الرضاع, باب في المرأة تعتق ولها زوج, حديث "1154" 3/ 451, 452 من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: "كان زوج بريرة عبدا, فخيرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاختارت نفسها, ولو كان حرا لم يخيرها".
وقال أبو عيسى: "حديث عائشة حسن صحيح".
وأخرجه النسائي في السنن الكبرى، في الطلاق والفرائض، من حديث القاسم.
انظر تحفة الأشراف 12/ 269.

(1/409)


وأما الثاني:
وهو رواية من روى عن عائشة رضي الله عنها "أن زوج بريرة كان حالة العتق حرا".
374- فروى الأربعة من حديث الأسود بن يزيد, عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان زوج بريرة حرا, فلما أعتقت خيرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاختارت نفسها"1.
قال الترمذي: حسن صحيح2.
وقال البخاري: قول الأسود منقطع, وقول ابن عباس: "رأيته عبدا أصح"3.
وقال البيهقي4: وقد أدرج سفيان5 هذه الكلمة "وكان حرا" فجعلها
__________
1 رواه أبو داود: في كتاب الطلاق، باب من قال: كان حرا, حديث "2235" 2/ 672 ولفظه:
"أن زوج بريرة كان حرا حين أعتقت, وأنها خيرت فقالت: ما أحب أن أكون معه وأن لي كذا وكذا".
والترمذي في أبواب الرضاع، باب ما جاء في المرأة تعتق ولها زوج, حديث "1155" 3/ 452.
والنسائي في كتاب الطلاق، باب خيار الأمة تعتق وزوجها حر 6/ 163.
وابن ماجه: في كتاب الطلاق، باب خيار الأمة إذا أعتقت, حديث "2074" 1/ 670.
2 انظر الجامع 3/ 452.
3 البخاري في الصحيح في كتاب الفرائض, باب "20" ميرات السائبة 8/ 10.
قال الحافظ في الفتح 12/ 40:
وقول الأسود منقطع، أي: لم يصله بذكر عائشة فيه. وقول ابن عباس أصح؛ لأنه ذكر أنه رآه, وقد صح أنه حضر القصة وشاهدها، فيترجح قوله على قول من لم يشهدها، فإن الأسود لم يدخل المدينة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الحافظ: ويستفاد من تعبير البخاري: قول الأسود منقطع، جواز إطلاق المنقطع في موضع المرسل، خلافا لما اشتهر في الاستعمال، من تخصيص المنقطع بما يسقط منه من أثناء السند واحد، إلا في صورة سقوط الصحابي بين التابعي والنبي -صلى الله عليه وسلم- فإن ذلك يسمى عندهم المرسل. ا. هـ.
4 في السنن الكبرى، في كتاب النكاح، باب من زعم أن زوج بريرة كان حرا يوم أعتقت 7/ 223.
5 هو: الثوري.

(1/410)


من قول عائشة، وإنما هو قول الأسود نفسه، كما فصله أبو عوانة1 وغيره.
قال: وقد روى القاسم، وعروة، ومجاهد [وعمرة بنت عبد الرحمن] 2 عن عائشة, رضي الله عنها "أنه كان عبدا"3.
وقال أبو البركات بن تيمية4 في المنتقى، وأبو الفرج ابن الجوزي5 قبله في التحقيق: ثم عائشة عمة القاسم، وخالة عروة فروايتهما عنها أولى من رواية أجنبي يسمع من وراء حجاب6.
__________
1 هو: وضاح -بتشديد المعجمة- بن عبد الله اليشكري البزار, مولى يزيد بن عطاء, أبو عوانة مشهور بكنيته، ثقة, ثبت. من السابعة, مات سنة خمس أو ست وسبعين ومائة.
التقريب 2/ 331, التهذيب 11/ 116.
وحديثه أخرجه البخاري، في كتاب الفرائض، باب "20" ميراث السائبة 8/ 9, 10.
عن الأسود أن عائشة -رضي الله عنها- اشترت بريرة لتعتقها واشترط أهلها ولاءها، فقالت: يا رسول الله, إني اشتريت بريرة لأعتقها، وإن أهلها يشترطون ولاءها, فقال: "أعتقيها, فإنما الولاء لمن أعتق" أو قال: "أعطي الثمن" قال: فاشترتها فأعتقتها.
قال: وخُيرت فاختارت نفسها, وقالت: لو أعطيت كذا وكذا ما كنت معه. قال الأسود: "وكان زوجها حرا".
2 في نسخة ف: "وعمر" وهو خطأ, وما أثبتناه من السنن الكبرى للبيهقي.
وهي: عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية, كانت في حجر عائشة وأكثرت الرواية عنها. ثقة من الثالثة، ماتت قبل المائة وقيل بعدها.
التقريب 2/ 607, التهذيب 12/ 438.
3 انظر ذلك في السنن الكبرى للبيهقي 7/ 224.
وانظر روايتهم عنده أيضا في كتاب النكاح، باب الأمة تعتق وزوجها عبد 7/ 220, 221.
4 هو: الإمام مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني, الثقة المحدث، الفقيه الأصولي المفسر ... جد شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية. توفي سنة اثنتين وخمسين وستمائة.
انظر ذيل طبقات الحنابلة 2/ 249, غاية النهاية 1/ 385.
وانظر كلامه في المنتقى في أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم 2/ 532.
5 هو: الإمام جمال الدين عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد بن عبيد الله القرشي البغدادي, أبو الفرج الحافظ الثقة, واعظ بغداد صاحب التصانيف, مشهور.
توفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة ببغداد. تذكرة الحفاظ 4/ 1342.
6 انظر كلامهما في المنتقى في أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم 2/ 532, وانظر التحقيق مع التنقيح ل383 أ.

(1/411)


قوله: وأن يكون أقرب عند سماعه، كرواية ابن عمر: "أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان تحت ناقته حين لبى"1.
375- روى مسلم عن ابن عمر "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أهلّ بالحج مفردا"2.
قوله: والمثبت على النافي كحديث بلال: "دخل البيت وصلى. وقال أسامة: دخل ولم يصل"3.
[هذان حديثان] 4 أما الأول:
376- فعن عبد الله بن عمر قال: "دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو وأسامة بن زيد وبلال5 وعثمان بن طلحة6 البيت, فأغلقوا عليهم الباب, فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالا، فسألته: هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم بين العمودين اليمانيين".
رواه البخاري، ومسلم7.
__________
1 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"236".
2 مسلم في كتاب الحج, باب الإفراد والقِرَان بالحج والعمرة, حديث "184" 2/ 904 و905.
وانظر الحديث رقم "86".
3 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"238".
4 ساقطة من نسخة ف, والسياق يقتضي إثباتها.
5 هو: الصحابي الجليل بلال بن رباح, وهو ابن حمامة وهي أمه. أبو عبد الله مولى أبي بكر، مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من السابقين الأولين الذين عُذبوا في الله. شهد بدرا والمشاهد, شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجنة. توفي بالشام سنة سبع أو ثماني عشرة, وقيل: سنة عشرين.
الإصابة 1/ 326, التهذيب 1/ 502, السير 1/ 347.
6 هو: عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عثمان بن عبد الدار العبدري الحجبي, حاجب البيت الحرام وأحد المهاجرين. صحابي شهير, مات سنة اثنتين وأربعين رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 4/ 450, التهذيب 1/ 502, السير 3/ 10.
7 البخاري: في كتاب الحج، باب "51" إغلاق البيت, ويصلي في أي نواحي البيت شاء 2/ 160 بنحوه.
ومسلم في كتاب الحج، باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره, حديث "393" وفي الحديث "388-392" بنحوه وفيهما قصة, والحديث "394" بنحوه 2/ 966, 967. =

(1/412)


وأما الثاني:
377- فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أخبرني أسامة بن زيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه، حتى خرج، فلما خرج، ركع في قبل البيت ركعتين. وقال: "هذه القبلة"، قلت له: ما نواحيها؟ أفي زواياها؟ قال: "بل في كل قبلة من البيت".
رواه مسلم1.
[تم الكتاب ولله الحمد]
__________
= وأخرجه النسائي في كتاب المساجد، باب الصلاة في الكعبة 2/ 33, 34.
وفي كتاب المناسك، باب دخول البيت 5/ 217.
وأخرجه في السنن الكبرى في المناسك.
انظر تحفة الأشراف 5/ 387.
وأخرجه الإمام أحمد 2/ 120.
1 مسلم: في كتاب الحج، باب استحباب دخول الكعبة.... إلخ, حديث "395" 2/ 968.
بلفظه.
وأخرجه النسائي: في كتاب المناسك، باب موضع الصلاة من الكعبة 5/ 220.
توضيح:
قال الزركشي في المعتبر "ل95 أ" عن الطحاوي في شرح الآثار:
قال: وقال بعضهم: طريقة الجمع أولى من الترجيح؛ وذلك أن أسامة غاب في الحين الذي صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يشاهد الصلاة، فاستصحب النفي لسرعة رجعته فأخبر عنه, وبلال لم يغب فأخبر عما شاهد.
ويعضده ما رواه ابن المنذر عن أسامة قال: رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- صورا في الكعبة, فكنت آتيه بماء في الدلو يضرب به تلك الصور. فيحتمل أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في حال مضي أسامة في طلب الماء ا. هـ.

(1/413)