تصحيح التصحيف وتحرير
التحريف الهمزة والشين
المعجمة
(ح) ويقولون: فلان أشَرُّ من فلان. والصواب أن يقال: هو شَرٌ من فلان،
بغير ألف، كما قال تعالى: (إنّ شَرَّ الدّوابِّ عندَ اللهِ الصُّمُّ
البُكْمُ ... ) ، وكذا فلان خير من فلان، بحذف الهمزة، لأن هاتين
اللفظتين كثُرَ استعمالهما في الكلام، فحذفت الهمزة تخفيفاً ولم يلفظوا
بها إلا في أفعل التعجب خاصةً، كما صححوا فيه المعتل فقالوا: ما أخيرَ
زيداً، وما أشرَّ عَمْراً، كما قالوا: ما أقولَ زيداً. وكذلك قالوا في
الأمر: أخْيرْ بزيدٍ، وأشرِرْ بعَمْرو.
(ح) ويقولون: اشتدّ ساعِدُه. والصواب: اسْتَدّ بالسين المهملة، المراد
به السداد في المَرْمَى، وعليه قول امرئ القيس:
أعلّمُه الرمايةَ كُلَّ يومٍ ... فلما استدّ ساعِدُه رَماني
(1/106)
وقد رواه بعضهم بالشين المعجمة، وأراد به
القوة.
(ص) الذي رواه أبو يعقوب بن خُرّزاذ وغيره من جِلّة العلماء بالسين غير
المعجمة، قال: وسمعت أبا القاسم بن أبي مخلد العُماني يأخذ على رجل
أنشده بحضرته بالشين فقال: معنى استدّ: صار سديداً، والرميُ لا يوصف
بالشدة، وإنما يوصف بالسداد وهو الإصابة.
(ص) وكذا قول الأعشى:
وقد أُخرِجُ الكاعبَ المُسْتَرا ... ةَ مِن خِدْرها وأُشيعُ القِمارا
يقال: استريت الجارية، اخترتها سُرّيّةً، فهو بالسين مهملة، ومن رواه
بالشين معجمة فقد وَهِم.
(ق ص) ويقولون: اشترّت الماشية. والصواب: اجْترّتْ. وهو أن تجتَرّ ما
في بطنها، ومن أمثالهم: لا أكلِّمُك ما اختلفت الجِرّةُ والدِّرة،
الدِّرةُ: اللبن، واختلافهما لأن الجِرّة تعلو الى الفم، والدِّرة
تَسْفُل الى الضَّرْع.
(1/107)
(ص) ويقولون للفرس الأبيض: أشْهب، وليس
كذلك، إنما يقال: هو أبيض وقِرْطاسيّ، فأما الشُهْبَة فهي سواد وبياض.
(ص) ويقولون للكُمَيْت، أو الأشقر تخالط شُقْرتَه شعرة بيضاء: أشْعَل.
وليس كذلك، إنما يقال له صِنابيّ، نُسِب الى الصِّناب، وهو الخَرْدل
والزبيب، فأما الأشعل فهو الذي في عُرْض ذَنَبِه بياض.
(و) تقول العامة: أشليتُ الكلبَ، إذا حرضته على الصيد وأغريته. وهو
خطأ، والصواب: أشليته، إذا دعوته إليك.
قلت: وقد جاء أشليت: أي أغريته على الصيد.
(و) تقول العامة: اشْتَوى اللحم، والصواب: انْشَوى.
قلت: هم يقولونه بالتاء المثناة من فوق بعد الشين، والصواب فيه بالنون
بعد الهمزة.
(و) وتقول العامة: أشفارُ العين، الشعرُ النابتُ على الأجفان. وهو خطأ،
وإنما الأشفار حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر.
(1/108)
(ز) ويقولون: أشحنتُ صَدْرَه، إذا غِظْتَه.
والصواب: خشّنْت صدْرَه وخشّنت بصدره وزعم سيبويه أن الباء هاهنا
زائدة. ويروون أن أحمد بن المعذَّل كتب الى أخيه عبد الصمد في بعض
رسائله: إنّك قد خشّنتَ بصَدْرٍ قلبُه لكَ ناصِح.
(ز) ويقولون: أشْحَنتُ السفينةَ. والصواب: شحَنْتُها.
(و) ويقولون: اشْتَكَتْ عيْنُه، وهو غلط، والصواب: اشْتَكى فلانٌ
عيْنَه، لأنه هو المُشتَكي، لا العين.
(ز) ويقولون للأمرالذي يُشَكُّ فيه: ما أشُكُّ ... ، وذلك خلاف الأمر
المراد.
قلت: لأن ما نافية لشَكّه، وهو يشُكُّ، فناقض الواقع.
(و) العامة تقول: أشْغَلته بكذا فهو في شُغْل مُشغِل.
(1/109)
والصواب: شَغَلْته بكذا فهو في شُغل شاغِل.
قلت: يحكى عن الصاحب بن عباد، رحمه الله تعالى، أنه وقف له كاتب وقال
له: إن رأى مولانا إشْغالي في شيء أرتزق به. فقال: مَنْ يقول إشْغالي
لا يصلح لأشْغالي، (و) وتقول العامة للمريض: أشْفاك الله. والصواب:
شفاكَ اللهُ؛ لأن معنى أشْفاك: ألقاك على شَفا هَلَكة.
قلت: وكثيراً ما يقولون: الله يُكفيك ويُشفيك بضم الياء، وهو مقلوب
المعنى لأن أكفأت القدر، إذا قلبتها، وأشفيت تقدَّم شرْحُه. |