تصحيح التصحيف وتحرير التحريف

حرف الكاف
(وح) ونظيرُ هذا الوهم قولُهم: حضرتِ الكافّةُ، فيوهمون فيه أيضاً، على ما حكاه ثعلب فيما فسره من معاني القرآن، كما وهِمَ القاضي أبو بكر بن قُرَيْعَة حين استُثبِتَ عن شيء حكاه فقال: هذا ترويه الكافّةُ عن الكافّة، والحافّةُ عن الحافّةِ والصافّةُ عن الصافّة. والصواب فيه أن يقال: حضرَ الناسُ كافّةً، كما قال تعالى: (ادْخُلوا في السِّلْمِ كافّةً) ، لأن العرب لم تُلحق لامَ التعريف بكافّة كما لم تُلحقها بلفظة مَعاً ولا بلفظة طُرّاً.
ومن حكم لفظة كافّة أن تأتي متعقِّبة، وأما تصديرها في قوله تعالى: (وما أرسلناكَ إلا كافّةً للنّاس) ، فقيل إنه مما قُدِّم لفظُه وأُخِّر معناه، وتقديره: وما أرسلناك إلا جامعاً بالإنذار والبشارة للناس كافّةً، كما حُمِلَ قولُه تعالى: (وغَرابيبُ سودٌ) على التقديم والتأخير، وقيل إن كافّة في الآية بمعنى كافّ، وإلحاق الهاء للمبالغة، كالهاء في علاّمة ونسّابة.
(ص ز) ويقولون: كاغَظ، بالظاء المعجمة. والصواب كاغَد، بالدال غير المعجمة، أخبرنا به أبو عليّ، ولا أدري ذلك عن غيره.
(ز) ويقولون للجارية التي استكملت النّهود: كاعِبٌ، والكاعب التي كعَبَ ثديُها، وذلك قبل النهود، يقال: كعَبَ ثديُها وتكعّبَ، إذا تدوّر، وجارية كاعِب وكَعاب.
(ص) ويقولون: أقرتْ فلانة، امرأةُ - كانَ - فلان، المتوفَّى عنها، فيجمعون بين العِيّ واللحن، لأن بقولهم: المتوفّى عنها يُعلَم أنّ الزوجية قد انقطعتْ بينهما بالوفاةِ، وأنها الآن ليست في عصمته، وإنما كانت زوجةً في حياته، فلا معنى لزيادة كان إلا العِيّ.
وأما اللحن فلأنهم حالوا بكان بين المضافِ والمضافِ إليه

(/)


وإنما تدخل كان في مثل هذه المواضع في ضرورة الشعر لإقامة الوزن، كما قال الشاعر:
سَراةُ بني أبي بكر تَسامَىعلى كانَ المطهَّمةِ الجِيادِ
(و) العامة تقول: الكُبولة، وإنما هي الجَبولاء بالجيم والمد.
(ز) ويقولون: في وجهه كَبْأةٌ، بالهمز. والصواب كَبْوَة، وقد كَبا يكْبو إذا تغيّر وجهُه، وأكبأه الأمرُ يُكبِئُه قال الشاعر:
لا يغلِبُ الجهلُ حِلْمي عند مَقْدرةٍ ... ولا العَضيهةُ من ذي الضِّغْنِ تُكبيني
(ص) ويقولون: كَبّار للقَبّار. والصواب: كبَر.
(و) العامة تقول: كِتّان بكسر الكاف: والصواب فتح الكاف.

(1/436)


(وق) ويقولون: كبَلْتُ الشيءَ إذا خلَطته، والمعروف: لبَكْتُ وبكّلت وربّكت، إذا خلطت، فأما كبَلْتُ فمعناه: قيدت يقال: كبلته كبْلاً، والكَبْل: القيد.
(و) العامة تقول: عندي شيء بكثرة، بكسر الكاف. والصواب فتحها.
(و) العامة تقول: قد كُثِرَ الشيءُ وكُسِدَ، بضم الكاف فيهما. والصواب: كثُرَ وكَسُد، بفتح الكاف فيهما وضم الثاء والسين.
(ز) ويقولون للصُّبْرة من الطعام: كُدْس بالضم. والصواب كَدْس بالفتح، والجمع أكداس، ومعناه ركوب الشيءِ الشيءَ، ومنه التكدس في سير الدوابّ، وهو ركوب بعضها بعضاً.
(ق) وهو كَداء، بالمد، جبل بمكة، والعامة تقصره.
(وق) ويقولون للخيوط المعقّدة: كُدّاد، وإنما كلام العرب جُدّاد.
(وق) ويقولون لبثرة تخرج في جوف العين: كُدكُد.

(1/437)


الصواب فيه الجُدْجُد، بجيمين.
(ق) ويقولون للمتأفِّف: قد كدّفَ وهو يكَدِّف.
وإنما يقال: جدّف يجدِّف تجديفاً، بالجيم، إذا استقلّ ما أعطاه الله من النعمة، ويقال: لا تجدِّفْ بأيام الله.
(ك) حدثنا الحزنبل محمد بن عبد الله بن عاصم قال: كنا عند ابن الأعرابي وحضر أبو هِفّان، فقال ابن الأعرابي: قال ابن أبي شبة العبلي:
أفاضَ المَدامِعَ قَتْلى كذا وقَتْلى بكُثْوة لم تُرْمَسِ
فغمز أبو هفان رجلاً فقال: قل: ما معنى قتلى كذا؟ قال: قال يريد كثرتهم. فلما قمنا قال لي أبو هفان: سمعتَ الى هذا المُعجِبِ الرقيع، صحّف اسمَ الرجل وهو ابن أبي سِنّة، والشعر:
أفاض المدامعَ قتلى كدا ... ............
(ز) ويقولون: كُرْناسَة، للدفتر، ويجمعونها على كرانس، ويصرفون الفعل فيقولون: كرْنَستُ الكتابَ، وذلك خطأ. والصواب

(1/438)


كُرّاسة وكراريس، وقد كرّست الدفتر، وكل ما ضممتَ وركبتَ بعضَه فوق بعض فهو مكرَّس، ولذلك قيل كراسة لأنها مُطارَقة بعضها فوق بعض.
(ز) ويقولون لجمع الكَرْمِ: كرْمات والصواب كُروم، والكُروم القلائد أيضاً، ويقال كرْمَة وكرْمات، ويجوز أن يقال كُرومات فيكون جمعاً للجميع كما يقال: طُرُقات لجمع الطُرَق.
(ز) ويقولون: كُرْعُ الشاةِ وغيرها. والصواب: كُراع، والكراع من الإنسان ما دون الركبة، ومن الدوابّ ما دون الكعْب ويقال للدقيق القوائم من الدوابّ: أكرع، وللأنثى كرْعاء.
(ص) ويقولون في جمع كُراع: كَوارِع. والصواب أكارِع، وفي أقل العدد: أكْرُع.
(ق ز) ويقولون للبلد: كرَمان، وينسبون إليه: كرَمانيّ.
والصواب: كرْمان.
قلت: يريد أنهم يحركون الراء بالفتح والصواب سكونها.

(1/439)


(وق) ويقولون للجوالق الصغير: كُرْزَكَة، وإنما هو الكُرْز، ومنه المثل: يا رُبَّ شَدٍّ في الكُرْز.
(وق) وتقول: هو الكُرْدوس، والجمع كَرادِيس، بالسين المهملة لا غير. والعامة تقوله بالشين، وهو خطأ.
والكراديس رءوس العظام، وقيل كل عظم تام كُرْدوس.
(ق) وهي كَرْبَلاء بالمدّ، والعامة تقصرها.
قلت: هو مكان قتل به الحسين بن عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنهما، وماأحسن قول بعض الشعراء فيه يرثيه:
لا كربَ لا إلاّ رَزِيّة كَرْبَلا
(و) العامة تقول: فعلتُ هذا كَراهيّة أنْ أعصيك، وتشدّد الياء من الكراهية وهي مخففة.
(و) العامة تقول الكَرَوْيَا، مقصورة. والصواب مدُّها.
قلت: قال بعض أهل اللغة كَرَوِيّاء على مثل زَكَريّاء، قاله ابن بري، وقال أبو منصور الجواليقي: هو ممدود كَرَوْيَا بفتح الراء وسكون الواو وفتح الياء مخففة، وقال بعضهم كَرْوِيّا بفتح الكاف

(1/440)


وسكون الراء وكسر الواو وتشديد الياء وآخره ألف مقصورة، ورأيته بخطّ ياقوت كَرَوْياء، بفتح الكاف والراء وسكون الواو وفتح الياء مخففة وبعدها ألف ممدودة.
(ز) ويقولون للعود الذي يُتَبَخَّر به كُسْتٌ. والصواب: قُسْط، وفيه لغة أخرى: كُسْط.
(ص) ويقولون: نَدمتُ ندامةَ الكُسْعِيّ. والصواب الكُسَعِيّ، بفتح السين.
(ق) ويقولون: كِسْلان بكسر الكاف. والصواب كَسْلان بالفتح.
(ص) ويقولون: كُشْكار. والصواب خُشْكار، بالخاء في أوله.
(ص) ويقولون: كُشاجِم. والصواب كَشاجِم، بفتح الكاف.
حكى لنا الشيخ أبو بكر عن أبي القاسم بن أبي مخلد العُماني

(1/441)


قال: كشاجم لقب له، جمعت أحرفه من صناعته، أخذ الكاف من كاتب والشين من شاعر والألف من أديب، والجيم من مُنَجِّم، والميم من مُغَنٍّ. قال: ثم طلَبَ الطّبَّ بعد ذلك حتى مَهَرَ فيه وصار أكبر علمه فزيد في اسمه طاء من طيب، ثم قدمت على سائر حروفه لغلبة الطبِّ عليه فقيل طَكَشاجم، ولكنه لم يَسِرْ كما سار كشاجم.
(و) العامة تقول: أصاب فلاناً كَظّة، فيفتحون الكاف. والصواب كسرها.
قلت: الكِظّةُ ما يعتري الإنسان عن الامتلاء من الطعام، يقال كظّه يكظه كظاً، وكظني الأمر، أي جهدني.
(ز) ويقولون لعقب الرجل: كَعْب. والكَعْب هو العظم الناتئ في مَفْصِل القدم من الساق، وهو حد الوضوء.
وروى أبو حاتم عن الأصمعي أن الكَعْبَ ما بين المِنْجَمَين الغائص في ظهر القدم.
قلت: قال الجوهري: الكعْبُ: العظمُ الناشِزُ عند ملتقى الساق والقدم، وأنكر الأصمعي قول القائل إنه في ظهر القدم، وكُعوب الرمح: النواشِزُ في أطراف الأنابيب.
(ز) ويقولون: كفّفتِ المرأةُ شعرَها، إذا صرّفته.
والصواب كفَأَتْ شعرَها، قال يعقوب: كفّأ لمّته يُكَفِّئُها تكفِئَة، إذا صرّفها، وليس الأول ببعيد من الاشتقاق.

(1/442)


(و) العامة تقول: كفّة الميزان. والصواب كِفّة، بكسر الكاف.
(ز) ويقولون لواحد الكُلَى: كُلْوَة. والصواب كُلْيَة، تقول كَلَيْتُه، إذا أصبتَ كُلْيَته، فهو مَكْليّ، وبعض اللغويين قال إن أهل اليمن يقولون: كُلْوَة بالضم، وذلك مردود.
(ز) ويقولون للآلة التي يُمسك بها القينُ الحديدَ عند الإيقاد والضرب: كَلْبَتان، وكذلك يقولون للتي يُقلَع بها الأسنان.
والصواب المعروف من كلامهم: كلاليب واحدها كُلاّب وكَلّوب، قال رؤبة:
بجذبِ كَلّوب شديدِ المِحْجَن
(ح) ومثل ذلك أنهم لا يؤكدون بلفظة كُلّ إلا ما يمكن فيه التبعيض، فلهذا أجازوا أن يقال: ذهبَ المالُ كُلُّه، لكونه يُبَعَّضُ، ومنعوا: ذهب زيدٌ كلُّه، لأنه مما لا يتجزّأ.
قلت: ويجوز أن يقول: اشتريتُ العَبْدَ كُلَّه، لجواز أن يكون مُبَعَّضاً.

(1/443)


(ح) ويقولون: كلا الرجلين خَرَجا، وكلتا المرأتين حضرَتا. والاختيار أن يوحَّدَ لفظُ الخبر فيهما فيقال: كلا الرجلين خرجَ وكلتا المرأتين حضَرتْ، لأن كلا وكلتا اسمانِ مفردان وضعا لتأكيد الاثنين، وليستا في ذاتيهما مثنيين.
قلت: لو كانتا مثنيين لكان لهما واحد، ولا واحد لهما فهما غير مثنيين حقيقةً، إذ لا يقال كِلت مفرد كِلا ولا كِلت مفرد كِلتا، ومثلما اثنانِ واثنتانِ ليس مفردهما اثنا واثنتا، فاعرفْه.
(ح) ومن ذلك أنهم يكتبون كُلّما موصولة في كل موطن. والصواب أن تُكتَب موصولة إذا كانت بمعنى كلّ وقت كقوله عزّ وجلّ: (كلّما أوْقَدوا ناراً للحَرْبِ أطْفأَها الله) ، وإن وقعتْ ما المقترِنة بها موقع الذي كتبت مفصولة نحو: كُلّ ما عِندَك حسَنٌ، وكذلك حكم إنّ وأين وأيّ.
(ح) فأما مَنْ إذا اتصلتْ بلفظة كلّ أو بلفظة مع لم تكتب إلا مفصولة، وإنما كتبت موصولة في عمّنْ وممّنْ لأجل إدغام النون في الميم، كما أدغمتْ في عمّا وفي إنْ الشرطية إذا وصلتْ بما فصارت إمّا.

(1/444)


(ز) ويقولون كَلّة لشقاق الحَرير المتّخذة كالبيت. والصواب كِلَّة، وكِلَل وكِلال.
قلت: يريد أنهم يفتحون الكاف، والصواب بالكسر.
(ز) ويقولون في النسبة الى كَلْب: كِلْبيّ. والصواب كَلْبيّ بفتح الكاف.
(ص) ويقولون: كُلِفْتُ بكذا. والصواب كَلِفتُ أكْلَفُ.
قلت يريد أنهم يضمون الكاف ويكسرون اللام، والصواب فتح الكاف وكسر اللام.
(م) ويقولون كُلوة الخروف. والصواب كُلْيَة.
(ز) ويقولون: فرس كَمْتا. والصواب كُمَيْت للذكر والأنثى، هكذا استعملته العرب مصغَّراً تصغير الترخيم، وكان أصله أكمت للمذكر وكَمْتاء للمؤنث، فإذا جمعوا جعلوا الجمع على التكبير فقالوا كُمْت، وزعم الخليل أنهم إنما استعملوه مصغراً لأنها حمرة مخالَطة بسواد.
(و) العامة تقول كَنّاني فلانٌ، بالتشديد. وصوابه التخفيف.

(1/445)


(ق) ويقولون لضرب من السمك الكَنْعَتُ بالتاء، وإنما الكَنْعَدُ بالدال، قال جرير:
كانوا إذا جعَلوا في صِيرِهم بَصلاً ... ثم اشتوَوا مالِحاً من كَنْعَدٍ جدَفوا
(ز) ويقولون للوعاء الذي يجعل الرجلُ فيه متاعه عند السفر من سكين وغيره: كيْف. والصواب كِنْف، بالنون، لأنه يكتنف ما فيه، ومنه قول عمر رضي الله عنه في ابن مسعود: كُنَيْفٌ حُشِيَ عِلْماً.
(ز) ويقولون كَنيسية، فيزيدون آخرها ياءً. والصواب كَنيسة وجمعها كَنائس.
(ص) ويقولون: الكَهانة. والصواب الكِهانة، بالكسر، ومن أمثالهم: ظَنُّ العاقِلِ كِهانة.
(ق ص) ويقولون: رجل كُوْسَج. والصواب كَوْسَج، بفتح الكاف والسين.

(1/446)


(ص) ويقولون: الكُورة والصَّلْوجان والصواب: الكُرة والصّولَجان.
قلت: يريد الكُرَة مخففة الراء، والصولجان الواو قبل اللام.
(ص) ويقولون: ما يعرِفُ كوعَه من بوعِه.
الكوع: رأس الزَّند الذي يلي الإبهام، والبُوع: ما يلي طَرَفَيْ يدي الإنسان إذا مدّهما يميناً وشمالاً، يقال: باعَ يَبوعُ، وقد بُعْتُ الحبلَ بَوْعاً، إذا قِستَه بباعِك.
(ص) ويقولون للأسود: كُوش. والصواب كُوشيّ أو ابن كوشيّ، لأن كُوشاً ولدُ حام بن نوح عليه السلام.
(ق) ويقولون لمدقّ القصّار: الكُوذين، والكلام الكُذَيْنِق، قال الشاعر:
قامة القُصْعُلِ الضئيل وكفٌ ... خِنصَراها كُذَيْنِقا قَصّارِ
(ز) ويقولون للزقِّ الذي ينفخ به الحداد: كِيْر. والصواب الصحيح المعروف أن الكِيْرَ موقدُ النار الذي يبنيه الحداد، ويقال له الكُور أيضاً، قال علقمة بن عَبَدة يصف سنام الناقة:

(1/447)


قد عُرِّيَتْ حقبةً حتّى استطفّ لَها ... كِتْرٌ كَحافَةِ كَيْرِ القينِ مَلْمومُ
(وح) يقولون: قال فلان كيْتَ وكَيْتَ، فيوهمون فيه، لأن العرب تقول: كان الأمر كيْتَ وكيْتَ، وقال فلان: ذَيْتَ وذَيْتَ، فيجعلون كيْتَ وكَيْتَ كنايةً عن الأفعال، وذَيْتَ وذَيْتَ كنايةً عن المقال، كما يكنون عن مقدار الشيء بكذا وكذا فيقولون: قال فلان من الشعر كذا وكذا بيتاً، واشترى الأمير كذا وكذا عَبْداً.

(1/448)