غريب الحديث للقاسم بن سلام نسى
قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: إِن وَجه هَذَا [الحَدِيث -] إِنَّمَا هُوَ
على التارك لتلاوة الْقُرْآن الجافي عَنهُ وَمِمَّا يبين ذَلِك قَوْله:
واستذكروا الْقُرْآن وَفِي حَدِيث آخر: تعهدوا الْقُرْآن فَلَيْسَ
يُقَال هَذَا إِلَّا للتارك وَكَذَلِكَ حَدِيث الضَّحَّاك بن مُزَاحم:
مَا من أحد تعلم الْقُرْآن ثمَّ نَسيَه إِلَّا بذنب يحدثه لِأَن اللَّه
تبَارك وَتَعَالَى يَقُول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِّنْ مُّصِيْبَةٍ
فَبِمَا كَسَبَتْ أيْدِيْكُمْ} وإنّ نِسْيَان الْقُرْآن من أعظم
المصائب. [قَالَ أَبُو عبيد -] : إِنَّمَا هَذَا على التّرْك فَأَما
الَّذِي هُوَ دائب فِي تِلَاوَته حَرِيص على حفظه إِلَّا أَن النسْيَان
يغلبه فَلَيْسَ من ذَلِك فِي شَيْء. وَمِمَّا يُحَقّق ذَلِك أَن رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد كَانَ ينسى الشَّيْء
(3/149)
من الْقُرْآن حَتَّى يذكرهُ. وَمن ذَلِك
حَدِيث عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع قِرَاءَة
رجل فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: مَاله رَحمَه اللَّه لقد أذكرني آياتٍ
كنتُ نسيتُها من سُورَة كَذَا وَكَذَا.
حرش وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَن رجلا أَتَاهُ بضباب قد احترشها
فَقَالَ: إِن أمة مُسِخَت فَلَا أَدْرِي لعلَ هَذِه مِنْهَا. قَالَ
أَبُو عبيد: قَوْله: احترشها هُوَ أَن يَأْتِي جُحر الضبّ فَيدْخل
فِيهِ عودًا أَو شَيْئا فيحرّكه حَتَّى يسمع الضبّ فيظن أَن حَيَّة
تُرِيدُ أَن تدخل
(3/150)
عَلَيْهِ الجُحْرَ والحيّة زَعَمُوا
أَنَّهَا تدخل عَلَيْهِ الْجُحر فيستخرجه مِنْهُ قَالَ: وَمِنْه قيل
هَذَا الْمثل: أظلم من الحيّة فَإِذا سمع تِلْكَ الْحَرَكَة أخرج ذَنبه
إِلَيْهَا ليضربها بِهِ فَرُبمَا قطعهَا بِاثْنَتَيْنِ فَإِذا رَآهُ
المحترش قد أخرج ذَنبه قبض عَلَيْهِ [حَتَّى -] يجتذبه فَهَكَذَا يحترش
الضباب فِيمَا تَقول الْأَعْرَاب. وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه
أَنه لم يدع أكل الضَّب على التَّحْرِيم لَهُ -] وَلَكِن للتقذر.
قرن وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام فِي الضَّالة إِذا كتمها قَالَ: فِيهَا
قرينتها مثلهَا إِن أَدَّاهَا بعد مَا كتمها أَو وُجِدت عِنْده
فَعَلَيهِ مثلهَا.
(3/151)
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: [فِيهَا -]
قرينتها مثلهَا يَقُول: إِن وجد [رجل -] ضَالَّة [وَهِي -] من
الْحَيَوَان خَاصَّة كَأَنَّهُ يَعْنِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْخَيْل
[وَالْبِغَال -] وَالْحمير يَقُول: فَكَانَ يَنْبَغِي [لَهُ -] أَن لَا
يؤويها فانه لَا يؤوى الضَّالة إِلَّا ضالّ وَقَالَ: ضَالَّة الْمُسلم
حرق النَّار فَإِن لم ينشدها حَتَّى تُوجد عِنْده أَخذهَا صَاحبهَا
وَأخذ أَيْضا مِنْهُ مثلهَا وَهَذَا عِنْدِي على وَجه الْعقُوبَة
والتأديب لَهُ وَهَذَا مثلّ قَوْله فِي منع الصَّدَقَة: إِنَّا
آخِذُوهَا وَشطر إبِله عَزمَة من عَزمَات رَبنَا وَهَذَا كَمَا قضى عمر
رَضِي الله عَنهُ 6 86 / الف على حَاطِب وَكَانَ عبيده سرقوا نَاقَة
لرجل من مزينة فنحروها فَأمر عمر بقطعهم ثمَّ قَالَ: ردوهم عليّ
وَقَالَ لحاطب: إِنِّي أَرَاك تجيعهم ثمَّ قَالَ للمزني: كم كَانَت
قيمَة نَاقَتك قَالَ: طُلِبَتْ مني بأربعمائة [دِرْهَم -] فَقَالَ
لحاطب: اذْهَبْ فادفع إِلَيْهِ ثَمَانِي مائَة دِرْهَم فأضعف عَلَيْهِ
الْقيمَة
(3/152)
عُقُوبَة لَهُ لَا أعرف للْحَدِيث وَجها
غير هَذَا [قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ -] : وَلَيْسَ الْحُكَّام الْيَوْم
على هَذَا إِنَّمَا يلزمونه الْقيمَة. وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي
حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام حِين ذكر أَشْرَاط السَّاعَة فَقَالَ: من
أشراطها كَذَا كَذَا وَأَن ينْطق الرُّوَيْبِضة قيل: يَا رَسُول الله
وَمَا الرويبضة فَقَالَ: الرجل التافه ينْطق فِي أَمر الْعَامَّة.
تفه لكع غدر قَالَ أَبُو عبيد:
التافه يَعْنِي الخسيس الخامل من النَّاس وَكَذَلِكَ كل خسيس فَهُوَ
تافه وَمِنْه قَول إِبْرَاهِيم: تجوز شَهَادَة العَبْد فِي الشَّيْء
التافه وَمِنْه قَول عبد الله [فِي -] الْقُرْآن: لَا يتفه وَلَا
يتشانّ. وَتَأْويل حَدِيث
(3/153)
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام [هَذَا -] مثل
الحَدِيث الآخر: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون أسعد النَّاس [بالدنيا
-] لُكَع بْن لُكَع وَهُوَ العَبْد والسفلة وَمِنْه قيل للاَمَة: يَا
لَكاع ويروى عَن عمر أَنه كَانَ إِذا رأى أمَة متقنّعة ضربهَا بِالدرةِ
وَقَالَ: يَا لكِاع (لكِاع) أتَشَبَّهين بالحرائر يَقُول: اكشفي رَأسك
وَكَذَلِكَ يُقَال للرجل: يَا خُبَث وللأنثى: يَا خَباث وَكَذَلِكَ غدر
وغدار [و -] من الْغدر حَدِيث الْمُغيرَة بْن شُعْبَة وَرَأى عُرْوَة
بْن مَسْعُود عَمه يكلم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ويتناول لحيته
يمّسها فَقَالَ أمسك يدك عَن لحية النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قبل أَن
لَا تصل إِلَيْك فَقَالَ عُرْوَة: يَا غُدَر وَهل غسلت رَأسك من غدرتك
إِلَّا بالْأَمْس. وَمِمَّا يثبت حَدِيث الرويبضة الحَدِيث الآخر أَنه
قَالَ: من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يُرى رِعاء الشَّاة رُؤُوس
(3/154)
النَّاس وَأَن يرى العراة الْجُوع يتبارون
فِي الْبناء وَأَن تَلد الْمَرْأَة ربّها أَو ربّتها. وَقَالَ [أَبُو
عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه بعث مصدّقا فَانْتهى
إِلَى رجل من الْعَرَب لَهُ إبل فَجعل يطْلب فِي إبِله فَقَالَ لَهُ:
مَا تنظر فَقَالَ: بنت مَخَاض أَو بنت لبون فَقَالَ: إِنِّي لأكْره أَن
أعطي اللَّه من مَالِي مَا لَا ظهر فيركب وَلَا لبن فيحلب فاخترها
نَاقَة.
خير قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله:
فاخترها نَاقَة يَقُول: فاختر مِنْهَا نَاقَة
(3/155)
وَالْعرب تَقول: اخْتَرْت بني فلَان رجلا
يُرِيدُونَ اخْتَرْت مِنْهُم رجلا قَالَ اللَّه عز وَجل {وَاخْتَارَ
مُوْسى قَوْمَهُ سَبْعِيْنَ رَجُلاً لِّمِيْقَاتِنَا} يُقَال: هُوَ فِي
التَّفْسِير: إِنَّمَا هُوَ وَاخْتَارَ مُوسَى من قومه سبعين رجلا
وَقَالَ الرَّاعِي يمدح رجلا: [الْبَسِيط]
اخْتَرْتُك النَّاس إِذْ رَثَّتْ خلائقُهم ... واعتل من كَانَ يُرجى
عِنْده السُّولُ
وَيُقَال: اخْتَرْتُك من النَّاس.
عنن ولى شأم وَقَالَ أَبُو عُبَيْد:
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه سُئِلَ عَن الْإِبِل فَقَالَ:
أعنان الشَّيَاطِين لَا تُقبل إِلَّا مُوَلَّية وَلَا تدبر إِلَّا
مولية وَلَا يَأْتِي نَفعهَا إِلَّا من جَانبهَا الأشأم. قَوْله: أعنان
الشَّيَاطِين بَلغنِي عَن يُونُس بْن حبيب الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ:
(3/156)
أعنان كل شَيْء نواحيه وَأما الَّذِي نحكيه
نَحن فأعناه الشَّيْء نواحيه قَالَه أَبُو عَمْرو وَغَيره من
عُلَمَائِنَا فَإِن كَانَت الأعنان مَحْفُوظَة فَإِنَّهُ أَرَادَ [أَن
-] الْإِبِل من نواحي الشَّيَاطِين أَنَّهَا على أخلاقها وطبائعها
وَهَذَا شَبيه بِالْحَدِيثِ الآخر أَنَّهَا خلقت من الشَّيَاطِين وَفِي
حَدِيث ثَالِث: إِن على ذرْوَة كل بعير شَيْطَانا. وَقَوله: لَا تقبل
إِلَّا مُوَلِّية وَلَا تدبر إِلَّا مُوَلِّية فَهَذَا عِنْدِي كالمثل
الَّذِي يُقَال فِيهَا: إِنَّهَا إِذا أَقبلت أَدْبَرت وَإِذا أَدْبَرت
أَدْبَرت وَذَلِكَ لِكَثْرَة آفاتها وَسُرْعَة فنائها. وَقَوله: لَا
يَأْتِي خَيرهَا إِلَّا من جَانبهَا الأشأم يَعْنِي الشمَال وَيُقَال
لليد الشمَال: الشؤمى قَالَ الْأَعْشَى: [الطَّوِيل]
وأنحى على شؤمَى يَدَيْهِ فزادها ... بأظمأ من فرع الذؤابة أسحما
وَمِنْه قَوْله عز وَجل {وَأَصْحَابُ المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة}
(3/157)
يُرِيد أَصْحَاب الشمَال. وَمعنى قَوْله:
لَا يَأْتِي نَفعهَا إِلَّا من هُنَاكَ يَعْنِي أَنَّهَا لَا تُحلب
وَلَا تُركب إِلَّا من شمالها وَهُوَ الْجَانِب الَّذِي يُقَال لَهُ:
الوحشي 86 / ب فِي قَول الْأَصْمَعِي / لِأَنَّهُ الشمَال قَالَ:
والأيمن هُوَ الْإِنْسِي والأنسي أَيْضا وَقَالَ بَعضهم: [لَا وَلَكِن
-] الْإِنْسِي هوالذي يَأْتِيهِ النَّاس فِي الاحتلاب وَالرُّكُوب
والوحشي هُوَ الْأَيْمن لِأَن الدَّابَّة لَا تُؤْتى من جَانبهَا
الْأَيْمن إِنَّمَا تُؤْتى من الْأَيْسَر. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ:
وَهَذَا هُوَ القَوْل عِنْدِي [و -] قَالَ زُهَيْر يذكر بقرة أفرعتها
الْكلاب فَانْصَرَفت فَقَالَ: [الطَّوِيل]
فجالت على وحشيِّها وَكَأَنَّهَا ... مسربلة من رازقيٍّ مُعَضَّدِ
وَقَالَ ذُو الرمة يصف ثورا فِي مثل تِلْكَ الْحَال: [الْبَسِيط]
فانصاع جَانِبه الوحشى وانكدرت ... يَلْحَبْنَ لَا يأتَلِي الْمَطْلُوب
والطلبُ
يَعْنِي بِالطَّلَبِ الْكلاب فعلى هَذَا أشعارهم وإِنَّمَا هُوَ
الْجَانِب الوحشي
(3/158)
الْأَيْمن لِأَن الْخَائِف إِنَّمَا يفر من
مَوضِع المخافة إِلَى مَوضِع الْأَمْن. وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: نزل الْقُرْآن على سَبْعَة
أحرف كلهَا كافٍ شافٍ وَبَعْضهمْ يرويهِ: فاقرأوا كَمَا عُلِّمتم.
حرف قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله:
سَبْعَة أحرف يَعْنِي سبع لُغَات من لُغَات الْعَرَب وَلَيْسَ
مَعْنَاهُ أَن يكون فِي الْحَرْف الْوَاحِد سَبْعَة أوجه هَذَا لم يسمع
بِهِ قطّ وَلَكِن يَقُول: هَذِه اللُّغَات السَّبع مُتَفَرِّقَة فِي
الْقُرْآن فبعضه نزل بلغَة قُرَيْش وَبَعضه بلغَة هُذَيْل وَبَعضه
بلغَة هوَازن وَبَعضه بلغَة أهل الْيمن وَكَذَلِكَ سَائِر اللُّغَات
ومعانيها مَعَ هَذَا كُله وَاحِد وَمِمَّا يبين ذَلِك
(3/159)
قَول ابْن مَسْعُود: إِنِّي [قد -] سَمِعت
الْقِرَاءَة فوجدتهم متقاربين فأقرأوا كَمَا علمْتُم إِنَّمَا هُوَ
كَقَوْل أحدكُم: هلّم وتعال وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن سِيرِين: [إِنَّمَا
هُوَ كَقَوْلِك: هلّم وتعال وَأَقْبل ثمَّ فسره ابْن سِيرِين -]
فَقَالَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود / اِنْ كَانَتْ إلاَّ زَقْيَةً
واحِدَةً /. وَفِي قراءتنا {اِنْ كَانَتْ إلاَّ صَيْحَةً وَّاحِدَةً}
وَالْمعْنَى فيهمَا وَاحِد وعَلى هَذَا سَائِر اللُّغَات. وَقد رُوِيَ
فِي حَدِيث خلاف هَذَا. قَالَ: نزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف: حَلَال
وَحرَام وَأمر وَنهي وَخبر مَا كَانَ قبلكُمْ وَخبر مَا هُوَ كَائِن
بعدكم وَضرب الْأَمْثَال. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ولسنا نَدْرِي مَا
وَجه هَذَا الحَدِيث لِأَنَّهُ شاذّ غير مُسْند وَالْأَحَادِيث المسندة
المثبتة ترده. أَلا ترى أَن فِي حَدِيث عمر الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي
أَوله أَنه قَالَ: سَمِعت هِشَام بْن حَكِيم بْن حزَام يقْرَأ سُورَة
الْفرْقَان على غير مَا أقرؤها. وَقد كَانَ رَسُول الله
(3/160)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقْرَأَنيهَا
فَأتيت بِهِ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَأَخْبَرته فَقَالَ [لَهُ -]
: اقْرَأ فَقَرَأَ تِلْكَ الْقِرَاءَة فَقَالَ: هَكَذَا أنزلت ثمَّ
قَالَ لي: اقْرَأ فَقَرَأت قراءتي فَقَالَ: هَكَذَا أنزلت ثمَّ قَالَ:
إِن [هَذَا -] الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف فاقرؤا مَا تيَسّر
مِنْهُ وَكَذَلِكَ حَدِيث أبي بْن كَعْب هُوَ مثل حَدِيث عمر أَو
نَحوه. فَهَذَا يبين لَك أَن الِاخْتِلَاف إِنَّمَا هُوَ فِي اللَّفْظ
وَالْمعْنَى وَاحِد وَلَو كَانَ الِاخْتِلَاف فِي الْحَلَال وَالْحرَام
لما جَازَ أَن يُقَال فِي شَيْء هُوَ حرَام: هَكَذَا نزل ثمَّ يَقُول
آخر فِي ذَلِك بِعَيْنِه: إِنَّه حَلَال فَيَقُول: هَكَذَا نزل
وَكَذَلِكَ الْأَمر وَالنَّهْي وَكَذَلِكَ الْأَخْبَار لَا يجوز أَن
يُقَال فِي خبر قد مضى: إِنَّه كَانَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: هَكَذَا
نزل ثمَّ يَقُول الآخر بِخِلَاف ذَلِك الْخَبَر فَيَقُول: هَكَذَا نزل
وَكَذَلِكَ الْخَبَر المستأنف كَخَبَر الْقِيَامَة وَالْجنَّة
وَالنَّار وَمن توهم أَن فِي هَذَا شَيْئا من الِاخْتِلَاف فقد زعم أَن
الْقُرْآن يكذب بعضه بَعْضًا ويتناقض وَلَيْسَ يكون الْمَعْنى فِي
السَّبْعَة الأحرف إِلَّا على اللُّغَات لَا غير بِمَعْنى وَاحِد لَا
يخْتَلف فِيهِ فِي حَلَال وَلَا حرَام وَلَا خبر وَلَا غير ذَلِك.
قَالَ أَبُو عبيد:
(3/161)
إِلَّا أَنه فِي بعض الحَدِيث: نزل
الْقُرْآن على خَمْسَة وَلَيْسَ فِيهِ ذكر أحرف فَهَذَا قَول قد
يحْتَمل الْمَعْنى الآخر.
هلع وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام: إِن من شَرّ مَا 87 / الف أعطي /
العَبْد أَو كَلَام هَذَا مَعْنَاهُ شُحّ هَالِع وَجبن خَالع. قَالَ
أَبُو عُبَيْد: أما قَوْله: الهالع فَإِنَّهُ المحزن وَأَصله من الْجزع
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَالِاسْم مِنْهُ الهُلاع وَهُوَ أَشد الْجزع
[وَقد رُوِيَ عَن الْحسن فِي قَوْله {اِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ
هَلُوْعَاً} قَالَ: بَخِيلًا بِالْخَيرِ -] ويروى عَن عِكْرِمَة فِي
قَوْله: هلوعا قَالَ: ضجورا
خلع قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقد
يكون الْبُخْل والضجر من الْجزع.
(3/162)
والجبن الخالع: الَّذِي يخلع قلبه من شدته.
حُرِس وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام
أَنه سُئِلَ عَن حريسة الْجَبَل فَقَالَ: فِيهَا غرم مثلهَا وجَلَدات
نَكالا فَإِذا آواها المراح فَفِيهَا الْقطع. قَالَ أَبُو عبيد:
وَإِنَّمَا هَذَا فِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم فَإِنَّهَا رُبمَا
أدْركهَا اللَّيْل وَهِي فِي الْجَبَل لم تصل إِلَى مُراحِها فَلَا قطع
على سارقها فَإِذا آواها المُراح فَكَانَت فِي حرز وَلها حَافظ فعلى
سارقها الْقطع. وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه أَنه حَيْثُ ذكر
الْقطع لم يذكر غرم السَّارِق.
جفل وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام حِين ذكر الدَّجَّال فَقَالَ: جٌفال
الشَعر فِي صفة ذكرهَا.
(3/163)
حبك
قَالَ أَبُو عبيد: [قَوْله -] : الجُفال يَعْنِي الْكثير الشّعْر قَالَ
ذُو الرمة يصف شعرًا: [الوافر]
وأسودُ كالأساودِ مُسْبَكِرًّا ... على المتنينِ مُنْسَدرا جُفالا
المسبكر: المسترسل وَقد يكون أَيْضا: المعتدل الْمُسْتَقيم فِي غير
هَذَا [الْموضع -] والمنسدر: المنتصب وَبَعْضهمْ يرويهِ: منسدلا من
السدل وهما سَوَاء. وَفِي حَدِيث آخر فِي الدَّجَّال: رَأسه حُبُك.
يُقَال: هِيَ الطرائق
(3/164)
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَالسَّمَاءِ
ذاتِ الحبك} .
غمد وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: لَيْسَ أحد يدْخل الْجنَّة
بِعَمَلِهِ قيل: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله قَالَ: وَلَا أَنا إِلَّا
أَن يتغمّدني اللَّه برحمته. قَالَ الْأَصْمَعِي: قَوْله: يتغمدني
يلبسني ويغشّيني قَالَ العجاج:
[الرجز]
يُغَمِّد الأعداءَ جُونا مِردَسا
قَالَ: يَعْنِي أَنه يلقِي نَفسه عَلَيْهِم ويركبهم ويغشيهم نَفسه
وَيقبل عَلَيْهِم والمردس: الْحجر الَّذِي يَرْمِي بِهِ يُقَال: رَدَست
أردِس ردسا -
(3/165)
إِذا رميت بِهِ. قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا
أَحسب قَوْله يتغمدني إِلَّا مأخوذا من غمد السَّيْف لِأَنَّك إِذا
أغمدته فقد ألبسته إِيَّاه وَغَشيتهُ بِهِ.
خنز وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حيدثه عَلَيْهِ السَّلَام: لَوْلَا بَنو إِسْرَائِيل مَا خَنِز
الطَّعَام وَلَا أنتن اللَّحْم كَانُوا يرفعون طَعَام يومهم لغدهم.
قَوْله: خَنِز يَعْنِي أنتن وَفِيه لُغَتَانِ: [يُقَال -] : خَنِز
يخنَز وخزَن يخزَن مقلوب كَقَوْلِهِم: جبذ وجذب قَالَ طرفَة: [الرمل]
ثمَّ لَا يخزن فِينَا لَحمهَا ... إِنَّمَا يخزن لحم المدخرْ
وَفِي نَتن اللَّحْم أَيْضا لُغَات فِي غير هَذَا الحَدِيث يُقَال: صلّ
اللَّحْم
(3/166)
وأصَلّ وخَمّ وأَخَمّ وثَنِت ونَثِت كل
هَذَا إِذا أروح وَتغَير. وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه
عَلَيْهِ السَّلَام حِين ذكر الْمَدِينَة فَقَالَ: من أحدث فِيهَا
حَدثا أَو آوى مُحدثا فَعَلَيهِ لعنة اللَّه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
لَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل. قَالَ: الصّرْف التَّوْبَة وَالْعدْل
الْفِدْيَة
صرف عدل [قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ -] :
وَفِي الْقُرْآن مَا يصدق هَذَا التَّفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَاِنْ
تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذ مِنْهَا} وَقَوله: {وَلاَ يُقْبَلُ
مِنْهَا عَدْلٌ وَّلاَ تَنْفَعُهَا شَفَاعَة} فَهَذَا من قَول النَّبِي
عَلَيْهِ السَّلَام: لَا يقبل مِنْهُ عدل. وَأما الصّرْف فَلَا
(3/167)
أَدْرِي قَوْله: {فَمَا تَسْتَطِيْعُونَ
صَرْفاً وَّلاَ نَصْراً} من هَذَا أَو لَا وَبَعض النَّاس يحملهُ على
هَذَا وَيُقَال: إِن الصّرْف النَّافِلَة وَالْعدْل الْفَرِيضَة. 3
قَالَ أَبُو عبيد: والتفسيير الأول أشبه بِالْمَعْنَى. وَقَوله: من
أحدث فِيهَا حَدثا أَو آوى مُحدثا فَإِن الْحَدث كل حد لله تَعَالَى
يجب على صَاحبه أَن يُقَام عَلَيْهِ وَهَذَا شَبيه بِحَدِيث ابْن
عَبَّاس فِي الرجل يَأْتِي حدا من حُدُود اللَّه تَعَالَى 87 / ب ثمَّ
يلجأ إِلَى الْحرم أَنه قَالَ: لَا يُقَام عَلَيْهِ الْحَد فِي الْحرم
وَلكنه لَا يُجَالس وَلَا يبابع وَلَا يكلم حَتَّى يخرج مِنْهُ فَإِذا
خرج مِنْهُ أقيم عَلَيْهِ الْحَد فَجعل النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام
حُرْمَة الْمَدِينَة كَحُرْمَةِ مَكَّة فِي المأثم فِي صَاحب الْحَد
[أَن -] لَا يؤويه أحد حَتَّى يخرج مِنْهَا فيقام عَلَيْهِ وَلَيْسَ
حكمهمَا فِي الْحُدُود فِي الدُّنْيَا سَوَاء لِأَن الْحُدُود لَا
يُقَام بِمَكَّة إِلَّا لمن أَصَابَهَا بِمَكَّة وَلكنهَا فِي المأثم
سَوَاء. وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه
كره عشر خلال
(3/168)
مِنْهَا تَغْيِير الشيب يَعْنِي نتفه وعزل
المَاء عَن محلّه وإفساد الصَّبِي غير محرمه.
غير عزل فسد قَالَ أَبُو عبيد: أما
تَغْيِير الشيب فَإِن تَفْسِيره فِي الحَدِيث أَنه نتفه. وَأما عزل
المَاء عَن محلّه فَإِنَّهُ الْعَزْل عَن النِّسَاء فِي النِّكَاح.
وَأما إِفْسَاد الصبيّ غير مُحرّمه فاِن إِفْسَاد الصبيّ أَن يُجَامع
الرجل امْرَأَته وَهِي ترْضع وَهُوَ الغَيل والغِيلة. وَمِنْه حَدِيث
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: لقد هَمَمْت أَن أنهِي عَن الغِيلة وَقد
ذَكرْنَاهُ فِي غير هَذَا الْموضع. وَقَوله: غير محرّمه يَعْنِي أَنه
كرهه وَلم يبلغ بِهِ التَّحْرِيم.
(3/169)
طلق
وتغ وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام: مَا
من أَمِير عشرَة إِلَّا وَهُوَ يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة مغلولة
يَدَاهُ إِلَى عُنُقه حَتَّى يكون عمله [هُوَ -] الَّذِي يُطلقهُ أَو
يوتغه. قَوْله: يُطلقهُ يَعْنِي ينجيه. وَقَوله: يوتغه يَعْنِي يهلكه
يُقَال: وتِغَ الرجل يَوْتَغ وتَغا إِذا هلك وأوتغه غَيره. ويكون
أَيْضا أَن يتغيه غَيره فِي معنى يوتغه. وَبَعْضهمْ يرويهِ بِالْقَافِ
فَأَما من رَوَاهُ بِالْقَافِ فَإِنَّهُ لَا وَجه لَهُ عندنَا وَلَا
نعرفه.
(3/170)
وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه
عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: على قافية رَأس أحدكُم ثَلَاث عُقَد فَإِذا
قَامَ من اللَّيْل فَتَوَضَّأ وصلّى انحلّت عقدَة.
قفا قَالَ أَبُو عبيد: القافية هِيَ
الْقَفَا فَكَأَن معنى الحَدِيث أَن على قفا أحدكُم ثَلَاث عقد
للشَّيْطَان وَإِنَّمَا قيل لآخر حرفٍ من بَيت الشّعْر قافية لِأَنَّهُ
خلف الْبَيْت كُله وكل كلمة تقفو الْبَيْت فَهِيَ قافية.
هيد وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قيل لَهُ فِي الْمَسْجِد: يَا رَسُول
الله هِدْه فَقَالَ: بل عرش كعرش مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام.
(3/171)
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: هِدْه كَانَ
سُفْيَان بْن عُيَيْنَة يَقُول: مَعْنَاهُ أصلحه وتأويله كَمَا قَالَ
وَأَصله أَن يُرَاد لَهُ الْإِصْلَاح بعد الْهدم وكل شَيْء حركته فقد
هِدْتَه تَهِيده هَيدا فَكَأَن الْمَعْنى أَنه يهدم ثمَّ يسْتَأْنف
بِنَاؤُه ويصَلح. وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ
السَّلَام أَنه قَالَ: من منحه الْمُشْركُونَ أَرضًا فَلَا أَرض لَهُ.
منح قَالَ أَبُو عبيد: وَجهه عندنَا
وَالله أعلم أنّه الذمّي يمنح الْمُسلم أَرضًا والمنيحة الْعَارِية
ليزرعها قَوْله: فَلَا أَرض لَهُ يَعْنِي أَن خَراجها على ربّها
الْمُشرك وَلَا يُسقط الخَراج عَنهُ مِنْحته المسلمَ إِيَّاهَا وَلَا
يكون على الْمُسلم خراجها وَهَذَا مثل حَدِيثه الآخر: لَيْسَ على
الْمُسلم جِزْيَة.
(3/172)
سبح
وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام حِين ذكر
اللَّه تَعَالَى فَقَالَ: حجابه النُّور لَو كَشفَه لأحرقتْ سُبُحات
وَجهه مَا انْتهى إِلَيْهِ بَصَره. يُقَال فِي السبُّحة: إِنَّهَا جلال
وَجهه ونوره. وَمِنْه قيل: سُبْحَانَ الله 88 / الف إِنَّمَا هُوَ /
تَعْظِيم اللَّه وتنزيهه وهَذَا الْحَرْف قَوْله: سُبُحات وَجهه لم
نَسْمَعهُ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.
(3/173)
صفق
وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام: إِن أكبر
الْكَبَائِر أَن تقَاتل أهل صفقتك وتبدل سنتك وتفارق أمتك. قَالَ:
قِتَاله أهل صفقته أَن يُعْطي الرجل عَهده وميثاقه ثمَّ يقاتله وتبديل
سنته أَن يرجع أَعْرَابِيًا بعد هجرته ومفارقته أمته أَن يلْحق
بالمشركين. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا التَّفْسِير كُله فِي
الحَدِيث وَلَا أَدْرِي أهوَ عَن
(3/174)
الْحسن أَو غَيره.
غرر وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام: لَا تغارُّ التَّحِيَّة. فالغِرار
النُّقْصَان وَأَصله من غِرار النَّاقة وَهُوَ أَن ينقص لَبنهَا
يُقَال: [قد -] غارّت النَّاقة فَهِيَ مغارّ. فَمَعْنَى الحَدِيث أَنه
لَا ينقص السَّلَام ونقصانه أَن يُقَال: السَّلَام عَلَيْك وَإِذا سلم
[عَلَيْك -] أَن تَقول: وَعَلَيْك والتمام أَن تَقول: السَّلَام
عَلَيْكُم وإِذا رددت أَن تَقول: وَعَلَيْكُم وَإِن كَانَ الَّذِي
يسلّم عَلَيْهِ أَو يردّ عَلَيْهِ وَاحِدًا وَكَانَ ابْن عمر يردّ
كَمَا يسلّم عَلَيْهِ.
حِين وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أنّه
قَالَ فِي بعض أَسْفَاره: تَحَيَّنُوا نوقكم.
(3/175)
قَالَ أَبُو عَمْرو: التحيين أَن تحلبها
مرّة وَاحِدَة يُقَال: قد حينها إِذا جعل لَهَا ذَلِك الْوَقْت قَالَ
المَخبّل: [الطَّوِيل]
إِذا اُفنت أروي عِيالَك أفنُها ... وَإِن حُيَّنتْ أربي على الوَطْب
حَيْنُها
طبب وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام حِين قَالَ: فَلَعَلَّ طِبًّا
أَصَابَهُ ثمَّ نشّره بِقُلْ أَعُوْذُ بِرَبِّ النَّاسِ. قَالَ أَبُو
عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الطبّ الِسحر وَإِنَّمَا كنى عَن السِحْر
بالطَبّ كَمَا كنى عَن اللديغ بالسليم والطبّ: الرجل الحاذق بالأمور
قَالَ عنترة: [الْكَامِل]
(3/176)
إِن تُغْدفْي دُوْنِي القِنَاعَ فانَّني
... طَبّ بِأخذ الْفَارِس المستلئمِ
والمستلئم الَّذِي لبس لأمته واللأمة الدرْع.
عفر نقى وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -]
: فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أنّه قَالَ: يُحشر النَّاس يَوْم
الْقِيَامَة على أَرض بَيْضَاء عَفْراء كقُرصة النَّقِيّ لَيْسَ فِيهَا
مَعْلَم لأحد. قَوْله: عَفْراء الأعفر: الْأَبْيَض لَيْسَ بشديد
الْبيَاض. والنقي: الْحوَاري والمَعْلَمُ: الْأَثر قَالَ الشَّاعِر:
[المديد]
يطعم النَّاس إِذا أمحلوا ... من نقي فَوْقه اُدُمُهْ
وضع وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أنّه أَفَاضَ وَعَلِيهِ السكينَة وأوضع
فِي وَادي مُحسَّر.
(3/177)
قَالَ أَبُو عبيد: الإيضاع سير مثل الخبب
وَهُوَ من سير الْإِبِل يُقَال لَهُ: الإيضاع وَقَالَ الشَّاعِر:
[الوافر]
إِذا أُعطيت رَاحِلَة ورحلا ... فَلم أوضع فَقَامَ عَليّ ناعي
نصص وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام حِين دفع من عَرَفَات العَنَق فَإِذا
وجد فجوة نَص. قَالَ أَبُو عبيد: النَّص التحريك حَتَّى يسْتَخْرج من
الدَّابَّة أقْصَى سَيرهَا قَالَ الشَّاعِر: [الرجز]
(3/178)
وتقطع الْخرق بسير نَص
قبط وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام: إِنَّه كسا امْرَأَة قُبطِيّة فَقَالَ
رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم: مرها فلتتخذ تحتهَا غلالة
لَا تصف حجم عظامها. يَقُول: إِذا لصق الثَّوْب بالجسد أبدى عَن
خلقهَا. وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه
نهى عَن التلّقي وَعَن ذبح ذَوَات الدَّر وَعَن ذبح قَنِيّ الْغنم.
دُرَر قِنَا لقا قَالَ أَبُو عبيد: ذَوَات الدّرّ ذَوَات اللَّبن. وقنى
الْغنم الَّتِي تقتني للْوَلَد أَو اللَّبن وَيُقَال: قِنوة وقُنوة
والمصدر [مِنْهُ -] القُنيان والقِنيان قَالَ الشَّاعِر: [الْبَسِيط]
لَو كَانَ للدهر مالٌ كَانَ مُتْلِدَه ... لَكَانَ للدهر صَخْر مَال
قنيان
(3/179)
والتلقي أَن يتلَقَّى الرجل الْأَعْرَاب تقدم بالسلعة وَلَا تعرف سِعر
السُّوق فتبيعها رخيصة. |