غريب الحديث للقاسم بن سلام شحح
قَالَ أَبُو عبيد: وكل ماضٍ فِي كَلَام أَو سير فَهُوَ شحشح قَالَ
الْأمَوِي: الشحشح المواظب على الشَّيْء وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ
الطَّائِي: [الطَّوِيل]
كأنَّ المطايا ليلةَ الخِمس عُلِّقَتْ ... بوثَّابة تنضو الرواسمَ
شحشحِ ... وَقَالَ ذُو الرمة: [الطَّوِيل]
(3/441)
لدُنْ غُدوَةٍ حتّى إِذا امتدّتِ الضُّحى
... وحثّ القَطِينَ الشَحشَحانَ المكلّفُ ... يَعْنِي الْحَادِي.
ويُقَال: الشَّحْشَح هُوَ الْبَخِيل المُمسِك وَقَالَ الراجز يصف هدرَ
الْبَعِير: [الرجز]
فردَّدَ الَهدْرَ وَمَا أَن شَحْشَحا
رزز وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام من وجد فِي بَطْنه رِزّاً فَليَنْصرِفْ
ولْيَتوضَّأ. قَالَ أَبُو عَمْرو: إِنَّمَا هُوَ الاُرز مثل أُرزِ
الحَيّة وَهُوَ دورانها
(3/442)
وانقباضها فشبّه دوران الرّيح فِي بَطْنه
بذلك وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ الرِزّ يَعْنِي الصَّوْت بالبطن من
القَرْقَرة وَنَحْوهَا. قَالَ أَبُو عبيد: وَالْمَحْفُوظ عندنَا مَا
قَالَ الْأَصْمَعِي وَعَلِيهِ جَاءَ الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ الرِزّ
وَكَذَلِكَ كلّ صَوت لَيْسَ بالشديدِ نَحْو ذَلِك من الْأَصْوَات
فَهُوَ رِزّ قَالَ ذُو الرُمّة يصف بَعِيرًا يهدر فِي الشَّقْشِقَة:
[الرجز]
رقشاء تنتاح اللُّغامَ المُزْبِدا ... دَوَّمَ فِيهَا رزه وأرعدا
(3/443)
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يصف السَّحَاب
والرعد وَغَيره: [الرجز] 1 / ب ... كأنّ فِي رَبابة الكِبارِ ... رِزَّ
عِشار جُلن فِي عِشارِ ... قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه من الْفِقْه أَن
ينْصَرف وَيتَوَضَّأ وَيَبْنِي على صلَاته مَا لم يتَكَلَّم وَهَذَا
إِنَّمَا هُوَ قبل أَن يحدث وَلَكِن وَجهه عِنْدِي إِذا خَافَ الحَدَث
قَالَ: وَالَّذِي أخْتَار فِي هَذَا أَن يتَكَلَّم ويسْتَقْبل
الصَّلَاة.
وَدَن وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام فِي
ذِي الثُّدَيَّة الْمَقْتُول بالنهروان أَنه مُوْدَن الْيَد أَو
مُثْدَن الْيَد أَو مخدَج الْيَد. قَالَ الْكسَائي وغيه: المودَن
الْيَد الْقصير الْيَد يُقَال: أودنت
(3/444)
الشَّيْء قصرته
ثدن قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَفِيه
لُغَة أُخْرَى: ودنته فَهُوَ مودون قَالَ حسان يذمّ رجلا: [المتقارب]
وأمّك سوداءُ مودونةٌ ... كأنّ أناملَها الحُنْظبُ ... [والحُنْظُب:
ذكر الخنافس وَفِيه لُغَتَانِ: الحُنْظُب والحُنْظَب -] [والعُنْظُب
والعُنظاب ذكر الْجَرَاد -] وَقَالَ غَيره فِي اللُّغَة الأولى:
[المتقارب]
وَقد طُلِقَت لَيْلَة كلَّها ... فجاءتْ بِهِ مُؤدَنا خَنْفَقِيقا ...
وَبَعْضهمْ يرويهِ: موتنا.
(3/445)
وَقَوله: مُثدَن الْيَد قَالَ بعض النَّاس:
نرَاهُ أَخذه من ثُندوة الثدي وَهِي أَصله شبّه يَده فِي قصرهَا
واجتماعها بذلك
خدج ثدى قَالَ أَبُو عبيد: فَإِن
كَانَ من هَذَا فَالْقِيَاس أَن يُقَال: مثند لِأَن النةون قبل الدَّال
فِي الثندوة إِلَّا أَن يكون من المقلوب فَذَلِك كثير فِي الْكَلَام.
وَأما قَوْله: مُخدَج الْيَد فَإِنَّهُ الْقصير أَيْضا أَخذ من إخداج
النَّاقة ولدَها وَهُوَ أَن تلده لغير تَمام فِي خلقه. قَالَ الْفراء:
إِنَّمَا قيل ذُو الثديّة فأدخلت الْهَاء فِيهَا وَإِنَّمَا هِيَ
تَصْغِير ثَدْي والثدي ذكر لِأَنَّهَا كَأَنَّهَا بَقِيَّة ثدي قد ذهب
أَكْثَره فقلّلها كَمَا قَالُوا: لحيمة وشحيمة فأنث على هَذَا
التَّأْوِيل وَقَالَ بَعضهم: يَقُول: ذُو اليُدَيّة قَالَ أَبُو عبيد:
وَلَا أرى الأَصْل كَانَ إِلَّا هَذَا وَلَكِن الْأَحَادِيث كلهَا
تَتَابَعَت بالثاء ذُو الثُّدَية.
نغر وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَن امْرَأَة جَاءَتْهُ فَذكرت أَن
زَوجهَا يَأْتِي جاريتَها فَقَالَ: إِن كنتِ صَادِقَة رجمناه وَإِن
(3/446)
كنتِ كَاذِبَة جلدناك. فَقَالَت: رُدّوني
إِلَى أَهلِي غّيْرَي نَغِرةً. قَالَ الْأَصْمَعِي: سَأَلَني شُعْبَة
عَن هَذَا فَقلت: [هُوَ -] مَأْخُوذ من نغر الْقدر وَهُوَ غِليانها
وفورها يُقَال مِنْهُ: نغَرت تنغِر ونَغِرت تنغَر إِذا غلت. فَمَعْنَاه
أَنَّهَا أَرَادَت أَن جوفها يغلي من الغيظ والغيرة ثمَّ لم تَجِد
عِنْده مَا تُرِيدُ. قَالَ وَيُقَال مِنْهُ: رَأَيْت فلَانا يتنغّر على
فلَان أَي يغلي جَوْفه عَلَيْهِ غيظا. قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَفِي
هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه أَن على الرجل أَن وَقع جَارِيَة امْرَأَته
الحدَّ وَفِيه أَيْضا أَنه إِذا قذفه بذلك قَاذف كَانَ على قَاذفه
الْحَد أَلا تسمع قَوْله: وَإِن كنتِ كَاذِبَة جلدناكِ وَوجه هَذَا
كُله إِذا لم يكن الْفَاعِل جَاهِلا بِمَا يَأْتِي أَو بِمَا يَقُول
فَإِن كَانَ جَاهِلا وادّعى شُبْهَة درئ عَنهُ الْحَد فِي ذَلِك كلّه
وَفِيه أَيْضا أَن رجلا لَو قذف رجلا بِحَضْرَة حَاكم وَلَيْسَ
الْمَقْذُوف بحاضر أَنه لَا شَيْء على الْقَاذِف حَتَّى يَأْتِي فيطلب
حدّه لِأَنَّهُ لَا يدرى لَعَلَّه يَجِيء فيصدّقه أَلا ترى أَن
(3/447)
عليا لم يعرض لَهَا وَفِيه أَن الْحَاكِم
إِذا قذف عِنْده رجل ثمَّ جَاءَ الْمَقْذُوف يطْلب حَقه أَخذه
الْحَاكِم بِالْحَدِّ لسماعه أَلا ترَاهُ يَقُول: وَإِن كنتِ كَاذِبَة
جلدناكِ
أسو برزخ وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -]
: فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه صلى بِقوم فأسوى برزخا وَفِي
[بعض -] الحَدِيث أَنه قَرَأَ برزخا فأسوى حرفا من الْقُرْآن. 2 / الف
قَالَ الْكسَائي: قَوْله: أسوى يَعْنِي أسقط وأغفل يُقَال: / أسويت
الشَّيْء إِذا تركته وأغفلته. قَالَ: والبرزخ مَا بَين كل شَيْئَيْنِ
وَمِنْه قيل للْمَيت: هُوَ فِي البرزخ لِأَنَّهُ بَين الدُّنْيَا
وَالْآخِرَة وَمِنْه قَول أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ حِين دفن مَيتا
فَقَرَأَ: {وَمِن وَّرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُوْن}
فَأَرَادَ
(3/448)
أَبُو عبد الرَّحْمَن بالبرزخ مَا بَين
الْموضع الَّذِي أسقط عليّ مِنْهُ ذَلِك الْحَرْف إِلَى الْموضع الآخر
الَّذِي [كَانَ -] انْتهى إِلَيْهِ وَمِنْه قَول عبد الله أَنه سُئِلَ
عَن الرجل يجد الوسوسة فَقَالَ: تِلْكَ برازخ الْإِيمَان قَالَ أَبُو
عبيد: قَالَ بَعضهم: مَا بَين أول الْإِيمَان وَآخره وَفِي هَذَا
الحَدِيث تَقْوِيَة للْحَدِيث الآخر: الْإِيمَان ثَلَاث وَسَبْعُونَ
شُعْبَة أوّلها الْإِيمَان بِاللَّه وَأَدْنَاهَا إمَاطَة الْأَذَى عَن
الطَّرِيق وَقَالَ بَعضهم: هُوَ مَا بَين الْيَقِين وَالشَّكّ يُقَال:
برازخ الْإِيمَان.
عذر وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ لقوم
(3/449)
وَهُوَ يعاتبهم: مالكم لَا تُنَظِّفون
عَذِراتكم. قَالَ الْأَصْمَعِي: العَذِرة أَصْلهَا فِناء الدَّار
وإيّاها أَرَادَ عليّ. قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَإِنَّمَا سميت عَذِرة
النَّاس بِهَذَا لِأَنَّهَا كانتْ تُلقَى بالأفِنية فكُنِي عَنْهَا
باسم الفِناء كَمَا كني بالغائط أَيْضا وَإِنَّمَا الْغَائِط الأَرْض
المطمئنة فَكَانَ أحدهم يقْضِي حَاجته هُنَاكَ فَسُمي بهَا قَالَ
الحطيئة يذكر الْعذرَة إِنَّهَا الفناء: [الطَّوِيل]
لعمري لقد جرّبتُكم فوجدتُكم ... قِباحَ الوجوهِ سيِّئي العَذِراتِ ...
يُرِيد الأفنية لِأَنَّهَا لَيست بنظيفة وَهَذَا مِمَّا يبين لَك أصل
الْعذرَة مَا هِيَ. وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ
السَّلَام أنّه وكّلَ عبدَ الله
(3/450)
ابْن جَعْفَر بِالْخُصُومَةِ وَقَالَ: إِن
للخصومة قُحما. قَالَ أَبُو زِيَاد الْكلابِي: القحم المهالك
قحم [قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا
أرى أصل هَذَا إِلَّا من التَقَحُّم لِأَنَّهُ يَتقَحَّمُ المهالك -]
وَمِنْه قحمة الْأَعْرَاب هُوَ أَن تصيبهم السَّنةُ فتُهلِكَهم فَهُوَ
تَقَحُّمها عَلَيْهِم أَو تَقَحُّمهمُ بلادَ الرِّيف قَالَ ذُو
الرُّمَة يصف الْإِبِل وَشدَّة مَا تلقى من السّير حَتَّى تُجهض:
[الطَّوِيل]
يُطَرِّحْنَ بالأولادِ أَو يلتزمْنَها ... على قُحَم بَين الفلا
والمناهلِ ... وَقَالَ جرير [بن الخطفي -] : [الْبَسِيط]
قد جرّبَتْ مصرُ والضَّحَاك أنّهُمُ ... قوم إِذا حَاربُوا فِي حربهم
قحم
(3/451)
وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه أَنه
أجَاز أَن يوكِّل الرجلُ غيرهَ بِالْخُصُومَةِ وَهُوَ شَاهد وَكَانَ
أَبُو حنيفَة لَا يُجِيز هَذَا إِلَّا لمريض أَو غَائِب وَكَانَ أَبُو
يُوسُف وَمُحَمّد يجيزانه يأخذان بقول عَليّ رَضِي الله عَنهُ.
شَرق وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام لَا
جُمُعَة وَلَا تَشْرِيق إِلَّا فِي مصرٍ جَامع. قَالَ الْأَصْمَعِي:
التَّشْرِيق صَلَاة الْعِيد وَإِنَّمَا أَخذه من شروق الشَّمْس لِأَن
ذَلِك وَقتهَا قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي أَنه لَا صَلَاة يَوْم
الْعِيد وَلَا جُمُعَة إِلَّا على أهل الْأَمْصَار وَإِنَّمَا سميت
صَلَاة الْعِيد تشريقا لإشراق الشَّمْس وَهُوَ إضاءتها لِأَن ذَلِك
وَقتهَا يُقَال: شرّقت الشَّمْس إِذا طلعت شُروقا وأشرقت إشراقا إِذا أَضَاءَت قَالَ: وَأَخْبرنِي الْأَصْمَعِي عَن
شُعْبَة قَالَ قَالَ لي سماك بن حَرْب فِي يَوْم عيد: اذْهَبْ بِنَا
إِلَى المُشَرَّق يَعْنِي الْمصلى. قَالَ أَبُو عبيد: وَمِمَّا يبين
هَذَا الْمَعْنى حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(3/452)
قَالَ: من ذبح قبل التَّشْرِيق فليُعد
وَفِي ذَلِك يَقُول الأخطل: [الْبَسِيط]
وبالهدايا إِذا احمرَّتْ مَذارِعُها ... فِي يَوْم ذَبح وتشريق
وتَنْحارِ ... قَالَ أَبُو عبيد: وأمّا قَوْلهم: / أَيَّام التَّشْرِيق
فَإِن فِيهِ قَوْلَيْنِ يُقَال: سميت 2 / ب بذلك لأَنهم كَانُوا
يُشَرِّقون فِيهَا لُحُوم الْأَضَاحِي وَيُقَال: بل سميت بذلك
لِأَنَّهَا كلهَا أَيَّام تَشْرِيق لصَلَاة يَوْم النَّحْر يَقُول:
فَصَارَت هَذِه الْأَيَّام تبعا ليَوْم النَّحْر وَهَذَا أعجب
الْقَوْلَيْنِ إليّ وَكَانَ أَبُو حنيفَة يذهب بالتشريق إِلَى
التَّكْبِير فِي دُبُر الصَّلَوَات يَقُول: لَا تَكْبِير إِلَّا على
أهل الْأَمْصَار تِلْكَ الْأَيَّام فَيَقُول: من صلى فِي سفر أَو فِي
غير مصر فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَكْبِير وَهَذَا كَلَام لم نجد أحدا يعرفهُ
أَن التَّكْبِير يُقَال لَهُ التَّشْرِيق وَلَيْسَ يَأْخُذ بِهِ [أحد
-] من أَصْحَابه لَا أَبُو يُوسُف وَلَا مُحَمَّد كلهم يرى
(3/453)
التَّكْبِير على الْمُسلمين جَمِيعًا
حَيْثُ كَانُوا فِي السّفر والحضر وَفِي الْأَمْصَار وَغَيرهَا.
صعل صمع وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -]
: فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام استكثِروا من الطّواف بِهَذَا
الْبَيْت قبل أَن يُحَال بَيْنكُم وَبَينه فَكَأَنِّي بِرَجُل من
الْحَبَشَة أصعلِ أصمع حَمِش السَّاقَيْن قَاعد عَلَيْهَا وَهِي
تُهدَم. قَالَ الْأَصْمَعِي: قَوْله: أصعل هَكَذَا يرْوى فَأَما فِي
كَلَام الْعَرَب فَهُوَ صَعْلٌ بِغَيْر ألف وَهُوَ الصَّغِير الرَّأْس
وَكَذَلِكَ الْحَبَشَة وَلِهَذَا قيل للظليم: صَعْل قَالَ عنترة يصفه:
[الْكَامِل]
صعلٍ يعود بِذِي الْعَشِيرَة بيضُه ... كَالْعَبْدِ ذِي الفرو
الطَّوِيل الأصلمِ ... الأصلم الْمَقْطُوع الْأذن.
(3/454)
قَالَ: والأصمع الصَّغِير الْأذن يُقَال
مِنْهُ: رجل أصمع وَامْرَأَة صمعاء وَكَذَلِكَ غير النَّاس وَمِنْه
حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يضحَّي بالصمعاء
قَالَ أَبُو عبيد: يذهب ابْن عَبَّاس إِلَى أَن هَذَا خلقَة وَلَو
كَانَت مَقْطُوعَة الْأذن مَا أجزت وَيُقَال أَيْضا فِي غير هَذَا: قلب
أصمع إِذا كَانَ ذكيا فطنا. وَقد روى بعض النَّاس أَن الأصعل بِالْألف
لُغَة وَلَا أَدْرِي عَمَّن هُوَ.
خرط وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه أَتَاهُ قوم بِرَجُل فَقَالُوا:
إِن هَذَا يؤمنا وَنحن لَهُ كَارِهُون فَقَالَ لَهُ عَليّ عَلَيْهِ
السَّلَام: إِنَّك لخَروط أتؤم قما [و -] هم لَك كَارِهُون
(3/455)
قَوْله: خَروط يَعْنِي الَّذِي يتهوّر فِي
الْأُمُور ويركب رَأسه فِي كل مَا يُرِيد بِالْجَهْلِ وَقلة الْمعرفَة
بالأمور وَمِنْه قيل: انخرط فلَان علينا إِذا اندرأ عَلَيْهِم
بالْقَوْل السيء وبالفعل قَالَ العجاج يصف ثورا مضىفي سيره: [الرجز]
فظل يرقَدّ من النشاط ... كالبربري لَجَّ فِي انخراطِ ... شبهه بالفرس
الْبَرْبَرِي إِذا لَجّ فِي شدَّة السّير. وَفِي هَذَا الحَدِيث من
الْفِقْه أَنه لم يقل لَهُ: لَا صَلَاة لَك وَلم يَأْمُرهُ
بِالْإِعَادَةِ إِنَّمَا كره لَهُ مَا صنع وَلم ير أَن يحكم عَلَيْهِ
باعتزالهم فِي الْإِمَامَة وإِنَّمَا أنكر عَلَيْهِ فعله فأفتاه
فَتْوَى وَلم يبلغنَا أَن أحدا حكم بِهَذَا حكما وَلَكِن فَتيا فَأَما
الْأَذَان فقد بلغنَا فِيهِ حكم عَن ابْن شبْرمَة قَالَ: تشاحّ النَّاس
فِي الْأَذَان بالقادسية فاختصموا إِلَى سعد فأقرع بَينهم. وَقَالَ
[أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا بلغ
النِّسَاء نَص
(3/456)
الحَقائِق وَبَعْضهمْ يَقُول: الحِقاق
فالعَصَبة أولى. قَوْله: نَص الحقاق
نصص قحم قَالَ أَبُو عبيد: وأصل
النَصّ [هُوَ -] 3 / الف مُنْتَهى الْأَشْيَاء ومبلغ أقصاها وَمِنْه
قيل: نَصصتُ الرجلَ / إِذا استقصيتَ مَسْأَلته عَن الشَّيْء حَتَّى
تستخرج كل مَا عِنده وَكَذَلِكَ النصّ فِي السّير إِنَّمَا هُوَ أقْصَى
مَا تقدر عَلَيْهِ الدَّابَّة فنصُّ الحِقاق إِنَّمَا هُوَ الْإِدْرَاك
لِأَنَّهُ مُنْتَهى الصغر وَالْوَقْت الَّذِي يخرج مِنْهُ الصَّغِير
إِلَى الْكَبِير. يَقُول: فَإِذا بلغ النِّسَاء ذَلِك فالعَصبَةُ أولى
بِالْمَرْأَةِ من أمّها إِذا كَانُوا مَحرما مثل الأخوةَ والأعمام
بتزويجها إِن أَرَادوا وَهَذَا مِمَّا يبيّن لَك أَن الْعصبَة
والأولياء لَيْسَ لَهُم أَن يزوِّجوا الْيَتِيمَة حَتَّى تُدرك وَلَو
كَانَ لَهُم ذَلِك لم ينْتَظر بهَا نصَّ الحِقاق وَلَيْسَ يجوز
التَّزْوِيج على الصَّغِيرَة إِلَّا لأَبِيهَا خاصّة وَلَو جَازَ لغيره
مَا احْتَاجَ إِلَى ذكر الْوَقْت. وَقَوله: الحِقاق إِنَّمَا هُوَ
المُحاقّة أَن تحاقّ الْأُم الْعصبَة فِيهِنَّ فَذَلِك الحِقاق
فَتَقول: أَنا أحقّ وَيَقُول أُولَئِكَ: نَحن أَحَق وَهَذَا:
(3/457)
كَقَوْلِك جادلته جِدالا ومُجادَلة
وَكَذَلِكَ حاققته حِقاقا ومُحاقّة. [قَالَ -] : وَبَلغنِي عَن ابْن
الْمُبَارك أَنه قَالَ: نصّ الحِقاق بُلُوغ الْعقل وَهُوَ مثل
الْإِدْرَاك لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ مُنْتَهى الْأَمر الَّذِي تجب
بِهِ الْحُقُوق وَالْأَحْكَام فَهَذَا الْعقل والإدراك وَلَا عقل يعْتد
بِهِ قبل الْإِدْرَاك. وَمن رَوَاهُ: نَصّ الحقائِق فَإِنَّهُ أَرَادَ
جمع حَقِيقَة وحقائق.
سبق صلا وَقَالَ [أَبُو عبيد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام سبق رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ
وَسلم وصلّى أَبُو بكر وثلّث عمر وخَبطتنا فتْنَة فَمَا شَاءَ الله.
قَوْله: سبق رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم [وصلّى أَبُو بكر
-] قَالَ الْأَصْمَعِي: إِنَّمَا أصل هَذَا فِي الْخَيل فَالسَّابِق
الأول وَالْمُصَلي الثَّانِي
(3/458)
الَّذِي يتلوه قَالَ: وَإِنَّمَا قيل لَهُ
المُصَلِّى لِأَنَّهُ يكون عِنْد صَلا الأولِ وصلاه جانبا ذَنبه عَن
يَمِينه وشماله ثمَّ يتلوه الثَّالِث وَمِمَّا يبيّن ذَلِك أَن أَصله
فِي الْخَيل حَدِيث بِلَال إِن رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ
وَسلم كَانَ سبق بَين الْخَيل فَسَأَلَ رجل بِلَالًا: من سبق فَقَالَ:
رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّمَا عنيت فِي
الْخَيل فَقَالَ بِلَال: وَأَنا عنيت فِي الْخَيْر.
لمظ قَالَ أَبُو عبيد: وَلم نسْمع
فِي سوابق الْخَيل مِمَّن يوثَق بِعِلْمِهِ اسْما لشَيْء مِنْهَا
إِلَّا الثَّانِي والعاشر فَإِن الثَّانِي اسْمه الْمُصَلِّي والعاشر
السُّكيت وَمَا سوى ذَينك فَيُقَال لَهُ الثَّالِث وَالرَّابِع كَذَلِك
إِلَى التَّاسِع.
(3/459)
وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه
عَلَيْهِ السَّلَام الْإِيمَان يَبْدُو لُمْظة فِي الْقلب كلما
ازْدَادَ الْإِيمَان ازدادت اللُمظة. قَوْله: لمظة قَالَ الْأَصْمَعِي:
اللمظة هِيَ مثل النُّكْتَة وَنَحْوهَا من البياضَ وَمِنْه قيل: فرس
ألمظ إِذا كَانَ بجحفلته شَيْء من الْبيَاض. والمحدثون يَقُولُونَ:
لمظة بِالْفَتْح وَأما كَلَام الْعَرَب فبالضم [لُمْظة -] مثل دُهمة
وشُهبة وَحُمرَة وصُفرة وَمَا أشبه ذَلِك وَقد رَوَاهُ بَعضهم: لمطة
بِالطَّاءِ فَهَذَا الَّذِي لَا نعرفه وَلَا نرَاهُ حفظ. وَفِي هَذَا
الحَدِيث حجَّة على من أنكر أَن يكون الْإِيمَان يزِيد أَو ينقص أَلا
ترَاهُ يَقُول:
(3/460)
كلما ازْدَادَ الْإِيمَان ازدادت تِلْكَ
اللمظة مَعَ أَحَادِيث فِي هَذَا كَثِيرَة وعدة آيَات من الْقُرْآن.
صدق قهز وَقَالَ [أَبُو عبيد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَن رجلا أَتَاهُ وَعَلِيهِ ثوب من
قَهْز فَقَالَ: إِن بني فلَان ضربوا بني فلَان بالكُناسة فَقَالَ
عَليّ: صَدَقني سِنَّ بَكره. قَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره: هَذَا مَثَل
تضربه الْعَرَب للرجل يَأْتِي بالْخبر
(3/461)
3 - / ب على وَجهه وَيصدق فِيهِ وَيُقَال:
إِن أصل هَذَا أَن الرجل رُبمَا بَاعَ بعيره فيسأله المُشْتَرِي عَن
سنه فيكذبه / فَعرض رجل بكرا لَهُ فَصدق فِي سنه فَقَالَ الآخر: صدقني
سنَّ بكره فَصَارَ مثلا لمن أخبر بِصدق. وَقَوله: ثوب من قَهز يُقَال:
هِيَ ثِيَاب بيض أحسبها يخالطها الْحَرِير قَالَ [أَبُو عبيد -] :
وَلَا أرى هَذِه الْكَلِمَة عَرَبِيَّة وَقد ذكرتها مَعَ هَذَا
الْعَرَب فِي أشعارها فَقَالَ ذُو الرمة يصف البزاة الْبيض:
[الطَّوِيل]
من الزُّرق أَو صُقْعٍ كَأَن رؤوسها ... من القَهز (الَقِهز)
والقَوهيِّ بيض المقانع ... وَقَالَ أَبُو النَّجْم الْعجلِيّ يصف
الْحمر وَبَيَاض بطونها: [الرجز]
كَأَن لون القِهز فِي خُصورها ... والقْبُطرِيِّ البيضِ فِي تأزيرها
(3/462)
والقَبطَري أَيْضا.
نوم ذيع سيح بذر وَقَالَ [أَبُو
عبيد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام وَذكر آخر الزَّمَان والفتن
فَقَالَ: خير أهل ذَلِك الزَّمَان كل نَوَمَة أُولَئِكَ مصابيح الْهدى
لَيْسُوا بالمساييح وَلَا المذاييع البُذُرِ. قَوْله: كل نُومَة
يَعْنِي الخاملَ الذكرِ الغامضَ فِي النَّاس الَّذِي لَا يعرف الشَّرّ
وَلَا أَهله. وَأما المذاييع فَإِن واحدهم مِذْياع وَهُوَ الَّذِي إِذا
سمع عَن أحد بِفَاحِشَة أَو رَآهَا مِنْهُ أفشاها عَلَيْهِ وأذاعها.
والمساييح الَّذين يسيحون فِي الأَرْض بِالشَّرِّ والنميمة والإفساد
بَين النَّاس. والبُذُر أَيْضا نَحْو ذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذ
من البَذْر وَيُقَال: بذرت الحَب وَغَيره إِذا فرّقته فِي الأَرْض
وَكَذَلِكَ
(3/463)
هَذَا يبذر الْكَلَام بالنميمة وَالْفساد
وَالْوَاحد مِنْهُ بَذور.
ظنن جد وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام فِي الرجل يكون لَهُ الدَّين الظنون
قَالَ: يُزَكِّيه لما مضى إِذا قَبضه إِن كَانَ صَادِقا. قَوْله:
الظنون هُوَ الَّذِي لَا يدْرِي صَاحبه أيقضيه الَّذِي عَلَيْهِ
الدَّين أم لَا كَأَنَّهُ الَّذِي لَا يرجوه وَكَذَلِكَ كل أَمر تطالبه
وَلَا تَدْرِي على أَي شَيْء أَنْت مِنْهُ فَهُوَ ظنون قَالَ
الْأَعْشَى: [السَّرِيع]
(3/464)
مَا جُعِل الجُدُّ الظَّنونُ الَّذِي ...
جُنِّبَ صَوبَ اللَّجِبِ الماطرِ
مثل الفُراتِيّ إِذا مَا جرى ... يَقذَف بالبوصي والماهرِ ... فالجُدّ
الْبِئْر [الَّتِي -] تكون فِي الكلاِ والظَّنون الَّذِي لَا يدْرِي
فِيهَا مَاء أم لَا. وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه [أَنه -] من
كَانَ لَهُ دَين عل النَّاس فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يزكّيه حَتَّى
يقبضهُ فَإِذا قَبضه زكّاه لما مضى وَإِن كَانَ لَا يرجوه. وَهَذَا
يردّ قَول من قَالَ: إِنَّمَا زَكَاته على الَّذِي عَلَيْهِ المَال
لِأَنَّهُ [هُوَ -] المنتفع بِهِ وَهُوَ شَيْء يرْوى عَن إِبْرَاهِيم
وَالْعَمَل عندنَا على قَول عَليّ.
(3/465)
فُقُر وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي
حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام مَنْ أحبَّنا أهلَ الْبَيْت فليُعِدَّ للفقر
جِلبابا أَو تِجفافا. [قَالَ -] : وَقد تأوّله بعض النَّاس على أَنه
أَرَادَ مَنْ أحبّنا افْتقر فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَ لهَذَا وَجه لأَنا
قد نرى من يُحِبهُمْ فيهم مَا فِي سَائِر النَّاس من الْغِنَا والفقر
وَلكنه عِنْدِي إِنَّمَا أَرَادَ فَقْرَ يَوْم الْقِيَامَة يَقُول:
ليُعِدّ ليومِ فَقْره وفاقته عملا صَالحا ينْتَفع بِهِ فِي يَوْم
الْقِيَامَة وَإِنَّمَا هَذَا مِنْهُ على وَجه الْوَعْظ والنصيحة لَهُ
كَقَوْلِك: من أحبّ أَن يَصْحَبني وَيكون معي فَعَلَيهِ بتقوى الله
وَاجْتنَاب مَعَاصيه فَإِنَّهُ لَا يكون لي صاحبا إِلَّا من كَانَت
لَهُ هَذِه حَالَة لَيْسَ للْحَدِيث وَجه غير هَذَا.
(3/466)
عذب
وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه شيّع /
سريّة 4 / الف أَو جَيْشًا فَقَالَ: أعذِبوا عَن النِّسَاء. يَقُول:
امنعوا أَنفسكُم عَن ذكر النِّسَاء وشَغل الْقُلُوب بِهن فَإِن ذَلِك
يَكسِركم عَن الْغَزْو وكل من منعته شَيْئا فقد أعذبته قَالَ عبيد بن
الأبرص: [الْكَامِل]
وتبدّلوا اليعبوبَ بعد إلههم ... صنما فَقَرّوا (فَقَرّوا) يَا جديل
وأعْذِبوا ... والعاذب والعَذوب سَوَاء. وَيُقَال للْفرس وَغَيره:
عَذوب إِذا بَات لَا يَأْكُل شَيْئا وَلَا يشرب لِأَنَّهُ مُمْتَنع من
ذَلِك قَالَ النَّابِغَة الْجَعْدِي يصف ثورا: [الطَّوِيل]
(3/467)
فباتَ عَذوبا للسماء كأنّه ... سُهَيلٌ
إِذا مَا أفردَتْه الكواكِبُ ... شبّهه بسُهَيل لِأَن الْكَوَاكِب
تَزُول عَنهُ وَيبقى مُنْفَردا لَيْسَ مَعَه شَيْء مِنْهَا. وَيُقَال:
العَذوب الَّذِي بَات وَلَيْسَ بَينه وَبَين السَّمَاء سِتر قَالَ:
وَكَذَلِكَ العاذب.
يسر وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام إنّ المَرء المسلمَ مَا لم يَغْشَ
يخْشَعُ لَهَا إِذا ذكِرَت وتغري بِهِ لئام النَّاس كالياسرِ الفالجِ
ينْتَظر فَوزةً من قِداحه أَو دَاعِي الله فَمَا عِنْد الله خير
للأَبرار. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة والأصمعي وَأَبُو عَمْرو وَغَيرهم دخل
كَلَام بَعضهم فِي بعض قَالُوا: [قَوْله -] : الياسر من المَيسَر
(المَيَسِر) وَهُوَ القِمار الَّذِي كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة
يَفْعَلُونَهُ حَتَّى نزل الْقُرْآن بِالنَّهْي عَنهُ فِي قَوْله
تَعَالَى {إنَّما الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلاَمُ
رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطان فَاجْتَنِبُوهُ}
(3/468)
الْآيَة وَكَانَ أَمر الميسِر أنّهم
كَانُوا يشْتَرونَ جَزورا فينحرونها ثمَّ يجزّونها أَجزَاء وَقد
اخْتلفُوا فِي عدد الْأَجْزَاء فَقَالَ أَبُو عَمْرو: على عشرَة
أَجزَاء وَقَالَ الْأَصْمَعِي: على ثَمَانِيَة وَعشْرين جُزْءا وَلم
يعرف أَبُو عُبَيْدَة لَهَا عددا ثمَّ يُسهمون عَلَيْهَا بِعشْرَة قداح
لسبعة مِنْهَا أنصباء وَهِي: الفَذّ والتَوأمُ والرَّقيب والناقِسُ
والحِلس والمُسْبَل والمُعَلَّى وَثَلَاثَة مِنْهَا لَيست لَهَا أنصباء
وَهِي: المَنيحُ والسفيح والوغذ ثمَّ يجعلونها على يَدي رَجُلٍ عَدْلٍ
عِنْدهم يَحِيلها لَهُم باسم رجلٍ رجلٍ ثمَّ يقسّمونها على قدر مَا
تخرج لَهُم السِّهَام فَمن خرج سَهْمه من هَذِه السَّبْعَة الَّتِي
لَهَا أنصباء أَخذ من الْأَجْزَاء بِحِصَّة ذَلِك وَإِن خرج لَهُ
وَاحِد من الثَّلَاثَة فقد اخْتلف النَّاس فِي هَذَا الْموضع فَقَالَ
بَعضهم: من خرجت باسمه لم يَأْخُذ شَيْئا وَلم يغرم وَلَكِن يُعَاد
الثَّانِيَة وَلَا يكون لَهُ نصيب وَيكون لَغوا وَقَالَ بَعضهم: بل
يصير ثمن هَذِه الْجَزُور كُله علىأصحاب هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة فيكونون
مقمورين وَيَأْخُذ أَصْحَاب السَّبْعَة أنصباءهم على مَا خرج لَهُم
فَهَؤُلَاءِ الياسرون قَالَ أَبُو عبيد: وَلم أجد علماءنا يستقصون
معرفَة [علم -] هَذَا وَلَا يَدعُونَهُ كُله وَرَأَيْت أَبَا عُبَيْدَة
أقلهم ادِّعَاء لعلمه قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَقد سَأَلت عَنهُ
الْأَعْرَاب فَقَالُوا: لَا علم لنا بِهَذَا لِأَنَّهُ شَيْء قد قطعه
الْإِسْلَام مُنْذُ جَاءَ فلسنا نَدْرِي كَيفَ كَانُوا
(3/469)
ييسرون
فلج نأنأ بطن غور قَالَ أَبُو عبيد:
فالياسرون هم الَّذِي يتقامرون على الجَزور وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي
أهل الشّرف مِنْهُم والثروةِ والجدةِ وَكَانُوا يفتخرون بِهِ قَالَ
الْأَعْشَى يمدح قوما: [السَّرِيع]
المُطعِمُو الضيفِ إِذا مَا شَتَوا ... والجاعلو القُوتِ على الياسرِ
... وَقَالَ طرفَة: [الرمل]
فهُمُ أيسارُ لُقْمَان إِذا ... أغْلَتِ الشتوةُ أبداء الجُزُر ...
وَهُوَ كثير فِي أشعارهم فَأَرَادَ عليّ بقوله: كالياسرِ الفالجِ
ينْتَظر فَوزةً من قِداحه أَو دَاعِي الله فَمَا عِنْد الله خير
للأبرار يَقُول: هُوَ بَين خيرتين 4 / ب إِمَّا صَار إِلَى مَا يحب من
الدُّنْيَا / فَهُوَ بِمَنْزِلَة المعلّى وَغَيره من القِداح الَّتِي
لَهَا حظوظ أَو بِمَنْزِلَة الَّتِي لَا حظوظ لَهَا يَعْنِي الْمَوْت
فَيحرم ذَلِك فِي الدُّنْيَا وَمَا عِنْد الله خير لَهُ. والفالج:
القامر يُقَال: قد فَلَجَ عَلَيْهِم وفَلَجَهم قَالَ الراجز فِي
الفالج: [الرجز]
لمّا رأيتُ فالجا قد فَلجَا ... وَمِمَّا يبين ذَلِك أَنه أَرَادَ
بالحرمان فِي الدُّنْيَا المَنيح حَدِيث يرْوى عَن جَابر
(3/470)
ابْن عبد الله قَالَ: كنتُ مَنِيحَ
أَصْحَابِي يومَ بدر. [قَالَ -] : وَكَانَ أَصْحَاب الحاديث يحملون
هَذَا على استقاء المَاء لَهُم وَلَيْسَ هَذَا من استقاء المَاء فِي
شَيْء إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أنّه لم يَأْخُذ سَهْما من الْغَنِيمَة
يَوْمئِذٍ لصغره وَقَالَ العجاج يذكر فرسا سبق خيلا: [الرجز]
قطعهَا بنفسٍ مريّح ... عطفَ الْمُعَلَّى صكّ بالمنيح ... يَعْنِي أَنه
سبقها كَمَا قَمَر المُعلَّى المنيحَ قَالَ الْكُمَيْت: [الوافر]
فَمهْلًا يَا قضاعَ فَلَا تَكُونِي ... مَنِيحا فِي قداح يَدَيْ مُجيلِ
... يَعْنِي فِي انتسابهم إِلَى الْيمن وتركهم النّسَب الأول.
(3/471)
ذرا
شذر رَحا زحزح وقا [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام
يَوْم الْجمل وَغَابَ عَنهُ سُلَيْمَان بن صُرَد فَبَلغهُ عَنهُ قَول
فَقَالَ سُلَيْمَان: بَلغنِي عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ ذرو من قَول
تشذَّر لي بِهِ من شتم وأبعاد فسرت إِلَيْهِ جوادا.
(3/473)
قَوْله: ذرو هُوَ الشَّيْء الْيَسِير من
القَوْل كَأَنَّهُ طرف من الْخَبَر وَلَيْسَ بالْخبر كُله. والتشذر
التوعّد والتهدّد قَالَ لبيد يذكر رجَالًا وَيذكر عَدَاوَة بعض لبَعض:
[الْكَامِل]
غُلْبٌ تَشَذَّرَ بالذحول كَأَنَّهَا ... جِنّ البديِّ رواسيا أقدامُها
... وَقَالَ صَخْر بن حَبناء أَخُو الْمُغيرَة بن حَبناء: [الوافر]
أَتَانِي عَن مغيرةَ ذرْوُ قولٍ ... وَعَن عِيسَى فقلتُ لَهُ كذاكا
(3/474)
وَفِي حَدِيث آخر لِسُلَيْمَان قَالَ:
أتيتُ عليّا حِين فرغ [من -] مرحى الْجمل فَلَمَّا رَآنِي قَالَ:
تزحزحتَ وتربصتَ وتنأنأتَ فَكيف رَأَيْت الله صنع فَقلت: يَا أَمِير
الْمُؤمنِينَ إِن الشوط بطين وَقد بَقِي من الْأُمُور مَا تعرف بِهِ
صديقَك من عدوّك قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان: فَلَمَّا قَامَ قلت لِلْحسنِ
بن عَليّ: مَا أغنيت مني شَيْئا فَقَالَ: هُوَ يَقُول لَك الْآن هَذَا
وَقد قَالَ لي يَوْم التقى النَّاس وَمَشى بَعضهم إِلَى بعض: مَا ظَنك
بامرئ جمع بَين هذَيْن الغارين مَا أرى بعد هَذَا خيرا. قَوْله: مرحى
الْجمل يَعْنِي الْموضع الَّذِي دارت عَلَيْهِ رحى الْحَرْب قَالَ
الشَّاعِر: [الطَّوِيل]
فدرنا كَا دارَتْ على قُطْبها الرَّحَى ... ودارتْ على هام الرِّجَال
الصفائحُ ... وَقَوله: تزحزحتَ أَي تباعدتَ. وَقَوله: تنأنأتَ يَقُول:
ضَعُفْتَ وَهُوَ من قَول أبي بكر رَضِي الله عَنهُ:
(3/475)
خير النَّاس من مَاتَ فِي النأنأة وَمِنْه
قيل للرجل الضَّعِيف: نأنأ وَقد فسرناه فِي غير هَذَا الْموضع.
وَقَوله: إِن الشوط بطين يَعْنِي الْبعيد. وَقَوله: جمع بَين هذَيْن
الغارين الْغَار الْجَمَاعَة من النَّاس الْكَثِيرَة وكل جمع عَظِيم
غَار. وَمِنْه قَول الْأَحْنَف يَوْم انْصَرف الزبير رَضِي الله عَنهُ
من وقْعَة الْجمل فَقيل لَهُ: هَذَا الزبير وَكَانَ الْأَحْنَف
يَوْمئِذٍ بوادي السبَاع مَعَ قومه قد اعتزل الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا
فَقَالَ: مَا أصنع بِهِ إِن كَانَ جمع بَين هذَيْن الغارين ثمَّ
انْصَرف وَترك النَّاس.
(3/476)
ورد
شرع وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام فِي
الرجل الَّذِي سَافر مَعَ أَصْحَاب لَهُ فَلم يرجع حِين رجعُوا فاتّهم
أَهله أَصْحَابه فرفعوهم إِلَى شُرَيْح فَسَأَلَهُمْ الْبَيِّنَة على
قَتله فَارْتَفعُوا إِلَى عليّ فأخبروه بقول شُرَيْح قَالَ عليّ:
[الرجز]
أوردَها سعدٌ وسعدٌ مشتمِل ... يَا سعدُ لَا تُروى بهذاك الإبِل
5 - / الف ثمَّ قَالَ: إِن أَهْون السَّقْي التشريع [قَالَ -] : ثمَّ
فرّق بَينهم وسألهم فَاخْتَلَفُوا ثمَّ أقرّوا بقتْله فأحسبه قَالَ:
فَقَتلهُمْ بِهِ. قَوْله: أوردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل هَذَا مَثَل
يُقَال: إِن أَصله كَانَ أَن رجلا أورد إبِله مَاء لَا تصل إِلَى شربه
إِلَّا بالاستقاء ثمَّ اشْتَمَل ونام وَتركهَا لم يستقِ لَهَا يَقُول:
فَهَذَا الْفِعْل لَا تُروَى بِهِ الْإِبِل حَتَّى
(3/477)
يستقى لَهَا. وَقَوله: إِن أهونَ الّسَّقي
التشريعُ وَهُوَ مَثَل أَيْضا يَقُول: إِن أيسر مَا يَنْبَغِي أَن يفعل
بهَا أَن يُمكنهَا من الشَّرِيعَة أَو الْحَوْض ويعرض عَلَيْهَا المَاء
دون أَن يستقى لَهَا لتشرب. فَأَرَادَ عليّ بِهَذَيْنِ المثلين أَن
أَهْون مَا كَانَ يَنْبَغِي لشريح أَن يفعل أَن يستقصى فِي
الْمَسْأَلَة وَالنَّظَر والكشف عَن خبر الرجل حَتَّى يعْذر فِي طلبه
وَلَا يقْتَصر على طلب الْبَيِّنَة فَقَط كَمَا اقْتصر الَّذِي أورد
إبلَه ثمَّ نَام. وَفِي هَذَا الحَدِيث من الحكم أَن عليّا امتحن فِي
حد وَلَا يُمتَحن فِي الْحُدُود وَإِنَّمَا ذَلِك لِأَن هَذَا من
حُقُوق النَّاس وكلّ حقّ من حُقُوقهم فَإِنَّهُ يُمتَحن فِيهِ كَمَا
يُمتحن فِي جَمِيع الدعاوي. وأمّا الْحُدُود الَّتِي لَا امتحان فِيهَا
فحدود النَّاس فيمَ بَينهم وَبَين الله تَعَالَى مثل الزِّنَا وَشرب
الْخمر. وأمّا الْقَتْل وكلّ مَا كَانَ من حُقُوق النَّاس فَإِنَّهُ
وَإِن كَانَ حدّا يسْأَل عَنهُ الإِمَام ويستقصي لِأَنَّهُ من مظالم
النَّاس وحقوقهم الَّتِي يدّعيها بَعضهم على بعض وَكَذَلِكَ كلّ
جِرَاحَة دون النَّفس فَهِيَ مثل النَفْس وَكَذَلِكَ القَذْفُ فَهَذَا
كُله يُمتحن فِيهِ إِذا ادّعاها مُدّع. وَفِي المثلين تَفْسِير آخر
قَالَ
(3/478)
الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِن قَوْله أوردَها
سعدٌ وسعدٌ مُشْتَمل يَقُول: إِنَّه جَاءَ بإبله إِلَى شَرِيعَة لَا
يحْتَاج فِيهَا إِلَى استقاء [المَاء -] فَجعلت تشرب وَهُوَ مُشْتَمل
بكسائه وَكَذَلِكَ قَوْله: إِن أَهْون السَّقْي التشريعُ يَعْنِي أَن
يُوردَها شَرِيعةَ المَاء وَلَا يُحتاج إِلَى الاستقاء لَهَا. [قَالَ
أَبُو عبيد: وَهُوَ أعجب الْقَوْلَيْنِ إليّ -] .
حمر وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام كُنَّا إِذا احمرّ الْبَأْس اتقينا
برَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم فَلم يكن أحد منا أقرب إِلَى
الْعَدو مِنْهُ. قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: هُوَ الْمَوْت الْأَحْمَر
وَالْمَوْت الْأسود قَالَ: وَمَعْنَاهُ الشَّديد قَالَ: وَأرى أَصله
مأخوذا من ألوان السبَاع يَقُول: كَأَنَّهُ من شدته سبع إِذا أَهْوى
إِلَى الْإِنْسَان وَيُقَال هوى قَالَ أَبُو زبيد يصف الْأسد:
[الطَّوِيل]
(3/479)
إِذا عَلقتْ قِرناً خطاطيفُ كفّهِ ... رأى
الموتَ بالعينَينِ أسودَ أحمرا ... قَالَ أَبُو عبيد: فَكَأَن عليّا
أَرَادَ بقوله: احمرّ الْبَأْس أنّه صارَ فِي الشدَّة والهول مثل
ذَلِك. وَمن هَذَا حَدِيث عبد الله بن الصَّامِت قَالَ: أسْرع الأَرْض
خرابا البصرةُ ومصرُ قيل: وَمَا يخربهما قَالَ: الْقَتْل الْأَحْمَر
والجوع الأغبر. قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: هَذِه وَطْأَة حَمْرَاء
إِذا كَانَت جَدِيدَة ووطأة دهماء إِذا كَانَت دارسة قَالَ ذُو الرمة:
[الطَّوِيل]
سِوَى وطأةٍ دهماءَ من غير جَعْدةٍ ... ثنى أختَها فِي غَرز كبداء
ضامرِ ... فَكَأَن الْمَعْنى فِي هذَيْن الْحَدِيثين الْمَوْت
الْجَدِيد مَعَ مَا يشبه بِهِ من ألوان السبَاع. 5 / ب
سمد وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام / أَنه خرج وَالنَّاس ينتظرونه
للصَّلَاة قيَاما فَقَالَ: مَالِي أَرَاكُم سامدين
(3/480)
قَوْله: سامدين يَعْنِي الْقيام وكل رَافع
رَأسه فو سامد وَقد سَمِد يسمُد ويسمَد سُمودا وَمِنْه قَول
إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن ينتظروا الإِمَام قِياما
وَلَكِن قُعودا وَيَقُولُونَ ذَلِك السمود. قَالَ أَبُو عبيد: والسمود
أَيْضا فِي غير هَذَا الْموضع اللَّهْو والغناء يُقَال: السامدون
اللاهون وَمِنْه قَول الله تَعَالَى {وَأَنْتُمْ سامدون} وعَن ابْن
عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: سامدون قَالَ: الْغناء فِي لُغَة حمير
أُسمدي لنا أَي غَنَّي لنا.
فهر سدل وَقَالَ [أَبُو عبيد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه خرج فَرَأى قوما يصلونَ قد سدلوا
ثيابَهم فَقَالَ: كأنَّهم الْيَهُود قد خَرَجوا من فهرهم.
(3/481)
قَوْله: فُهرهم هُوَ مَوضِع مِدرِاسهم
الَّذِي يَجْتَمعُونَ فِيهِ كالعيد يصلّون فِيهِ ويَسدلون ثِيَابهمْ
وَهِي كلمة نبطيةأو عَبرانية أَصْلهَا بُهر فعُرّبت بِالْفَاءِ فَقيل
فُهر. والسَّدل هُوَ إسبال الرجل ثوبَه من غير أَن يُضمّ جانبيه بَين
يَدَيْهِ فَإِن ضمّه فَلَيْسَ بسَدْل وَقد رويت فِيهِ الْكَرَاهَة عَن
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَعَن عَطاء أَنه كره السدل فَقيل لَهُ:
عَن النَّبِي قَالَ: نعم.
نمط غلا جَفا وَقَالَ [أَبُو
عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام خير هَذِه الْأمة النَّمط
الأوسَطُ يَلْحَقُ بِهم التَّالِي وَيرجع إِلَيْهِم الغالي.
(3/482)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَغَيره فِي
النَّمَط (النَّمَطِ) : هُوَ الطَّرِيقَة يُقَال: الزم هَذَا النَّمَطَ
قَالَ: والنَّمَطُ أَيْضا هُوَ الضَّرْبُ من الضَّروبِ والنَّوعُ من
الْأَنْوَاع يُقَال: لَيْسَ هَذَا من ذَلِك النَّمطِ أَي من ذَلِك
النَّوع يُقَال هَذَا فِي الْمَتَاع وَالْعلم وَغير ذَلِك وَالْمعْنَى
الَّذِي أَرَادَ عليّ أَنه كره الغُلُوَّ وَالتَّقْصِير كالحديث الآخر
حِين ذكر حَامِل الْقُرْآن فَقَالَ: غير الغالي فِيهِ وَلَا الجافي
عَنهُ فالغالي فِيهِ هُوَ المُتَعّمِقُ حَتَّى يُخرجهُ ذَلِك إِلَى
إكفار النَّاس كنحو من مَذْهَب الْخَوَارِج وَأهل الْبدع والجافي عَنهُ
التارك لَهُ وللعمل بِهِ وَلَكِن الْقَصْد من ذَلِك.
بظر وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام حِين أُتِي فِي فَرِيضَة وَعِنْده
شُرَيْح فَقَالَ [لَهُ عليّ -] : مَا تَقول أَنْت أيّها العَبْد الأبظر
قَوْله: الأبظر هُوَ الَّذِي فِي شَفَته الْعليا طول ونتوء فِي وَسطهَا
محاذي الْأنف وَإِنَّمَا نرَاهُ قَالَ لشريح: أيّها العَبْد لِأَنَّهُ
قد كَانَ وَقع
(3/483)
عَلَيْهِ سباء فِي الْجَاهِلِيَّة.
حمر ضيطر وَقَالَ [أَبُو عبيد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام حِين أَتَاهُ الْأَشْعَث بن قيس وَهُوَ
على الْمِنْبَر فَقَالَ: غلّبْتنا عَلَيْك هَذِه الْحَمْرَاء فَقَالَ
عليّ: من يَعذِرني من هَؤُلَاءِ الضياطرة يتَخَلَّف أحدهم يتقلب على
حشاياه وَهَؤُلَاء يهجرون إليّ إِن طردتهم إِنِّي إِذا لمن الظَّالِمين
وَالله لقد سمعته يَقُول: لَيَضْرِبَنَّكم على الدَّين عَوْدا كَمَا
ضربتموهم عَلَيْهِ بدءا. قَوْله: الْحَمْرَاء يَعْنِي الْعَجم والموالي
سمّوا بذلك لِأَن الْغَالِب على ألوان الْعَرَب السُمرة والأَدمة
وَالْغَالِب على ألوان الْعَجم الْبيَاض والحُمرة وَهَذَا كَقَوْل
النَّاس: إِن أردتَ أَن تذكر بني آدم فَقلت: أحمرهم وأسودهم فأحمرهم
كلّ من غلَب عَلَيْهِ البياضُ وأسودُهم من غَلَبتْ عَلَيْهِ الأُدمة.
وَأما الضياطرة فهم الضِّخام الَّذين لَا غَناء عِنْدهم وَلَا نفع
واحدهم
(3/484)
ضَيطار. قَالَ: ويروى عَن عمر أنّه كتب
إِلَى أُمَرَاء الأجناد بِالشَّام: مَن أعتَقْتُم من هَذِه الْحَمْرَاء
فأحَبّوا أَن يَكُونُوا مَعَكم / فِي الْعَطاء فاجعلوهم أسوتكم. 6 /
الف وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه
صلّى الْجُمُعَة بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أقبل عَلَيْهِم فَقَالَ:
أتِمّوا الصَّلاةَ. قَوْله: أتِمّوا الصَّلاة حَمَلَهُ بعض الْفُقَهَاء
على أنّه أَرَادَ صلّوا بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ لتَكون أَرْبعا وَهَذَا
خلاف السُّنة لِأَن عمر يَقُول: الجمعةُ ركعتانِ تمامٌ غيرَ قَصْرٍ على
لِسَان النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَقد كَانَ النَّبِيّ صلي الله
عَلَيْهِ وَسلم يُصلّي الرَّكْعَتَيْنِ بعدَهما فِي بَيته كَرَاهَة أَن
يَظُنَّ الناسُ أنّهما مِنْهَا. ويروى عَن عمرَان بن حُصَيْن أَنه قيل
لَهُ: إنّك إِنَّمَا تصلي بعد الْجُمُعَة
(3/485)
رَكْعَتَيْنِ لتمامِ أَربع فَقَالَ: لِأَن
تخْتَلف النيازك فِي صَدْرِي أحبّ إليّ من [أَن -] أَقُول ذَلِك
وَلَكِن وَجهه عِنْدِي أَنه رأى مِنْهُم فِي صلَاتهم خللا فَأَمرهمْ
بإتمام الرُّكُوع وَالسُّجُود أَو أَن يكون بَعضهم فَاتَهُ الرُّكُوع
كلّه فَأمره أَن يصلّي الظُّهر أَرْبعا لَيْسَ يَخْلُو عِنْدِي من أحد
هذَيْن الْوَجْهَيْنِ [وَالله أعلم -] . وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] :
فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام فِي ابْنَتَيْن وأبوين وَامْرَأَة
قَالَ: صَار ثُمنها تُسعا. قَوْله: صَار ثُمنها تُسَعا أَرَادَ أَن
السِّهَام عالت حَتَّى صَار للْمَرْأَة التُسَعُ وَلها فِي الأَصْل
الثُمنُ وَذَلِكَ أَن الْفَرِيضَة لَو لم تَعُلَ كانتْ من أَرْبَعَة
وَعشْرين لَا تخرُج من أقلَّ من ذَلِك لِاجْتِمَاع السُدُس والثُمن
[فِيهَا -] فلمّا عالت صارَتْ من سَبعة وَعشْرين للابنتين الثُّلُثَانِ
سِتَّة عشر وللأَبوين السُدُسان ثَمَانِيَة وللمرأة الثُمنُ فَهَذِهِ
ثَلَاثَة من سَبْعَة وَعشْرين وَهُوَ التسع وَكَانَ لَهَا
(3/486)
|