غريب الحديث للقاسم بن سلام 135 - / الف
حقق بن / وَقَالَ [أَبُو عبيد -] :
فِي حَدِيث مطرف حِين قَالَ لِابْنِهِ لما اجْتهد فِي الْعِبَادَة: خير
الْأُمُور أوساطها والحسنة بَين السيئتين وَشر السّير الْحَقْحَقَةُ.
سئية [قَالَ الْأَصْمَعِي -] قَوْله: الْحَسَنَة بَين السيئتين يَعْنِي
أَن الغلو فِي الْعِبَادَة سَيِّئَة وَالتَّقْصِير سَيِّئَة والاقتصاد
بَينهمَا حَسَنَة. وَقَوله: شَرّ السّير الحَقْحَقَة وَهُوَ أَن
يُّلحَّ فِي شدَّة السّير حَتَّى تقوم عَلَيْهِ رَاحِلَته أَو تعطب
فَيبقى مُنْقَطِعًا بِهِ. وَهَذَا مثل ضربه للمجتهد فِي الْعِبَادَة
حَتَّى يحسر.
(4/388)
[حَدِيث صَفْوَان مُحرز رَحمَه الله
وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث صَفْوَان بن مُحرز إِذا دخلت بَيْتِي
فَأكلت رغيفا وشربت عَلَيْهِ من المَاء فعلى الدُّنْيَا العفاء.
عَفا قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: العفاء مَمْدُود وَهُوَ الدُّرُوس
والهلاك وَقَالَ زُهَيْر يذكر دَارا: (الوافر)
تَحَمَّل أهلُها مِنْهَا فبانوا ... على آثارِ مَن ذهبَ العفاءُ
وَهَذَا كَقَوْلِهِم: عَلَيْهِ الدبار إِذا دَعَا عَلَيْهِم أَن يدبر
فَلَا يرجع.
(4/389)
حَدِيث أَبى الْعَالِيَة رَحمَه الله
مزر مزز وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث أَبى الْعَالِيَة اشرب النَّبِيذ وَلَا تمزر. من حَدِيث جرير
عَن عَاصِم عَن أَبى الْعَالِيَة. قَوْله: وَلَا تمزر هُوَ أَن يشرب
قَلِيلا قَلِيلا ليسكن يَقُول: فَإِنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يشربه
بِمرَّة حَتَّى يرْوى كَمَا يشرب المَاء وَقَالَ الْأمَوِي: التمزر
هُوَ التذوق وَالشرب الْقَلِيل قَالَ: وأنشدنا الراجز يصف الْخمر:
(الرجز)
تكون بعد الحسْوِ والتَّمَزَّر ... فِي فَمه مثل عصير السُّكَّرِ
قَالَ أَبُو عبيد: والتمزز شَبيه الْمَعْنى بالتمزر يُقَال: تمززت
الشَّيْء إِذا تمصصته قَلِيلا قَلِيلا وَمِنْه حَدِيث طاؤس
بن قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حدّثنَاهُ ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن طاؤس عَن
أَبِيه قَالَ: المزة الْوَاحِدَة تحرم. يَعْنِي
(4/390)
المصة من الرَّضَاع أَن يمص مِنْهُ
الْيَسِير وَقَالَ الْأَعْشَى
(المتقارب)
تمزَّزْتُها غير مُسْتَدْبر ... على الشُّرب أَو مُنكر مَا علم
يُرِيد مَا علمت أَي مَا علم المستدبر رد علم على المستدبر وَاسم المصة
مِنْهَا المزة.
حَدِيث أبي الْمنْهَال سيار سَلامَة رَحمَه الله
ضحح جوز نشط لسب وَقَالَ أَبُو
عبيد: فِي حَدِيث أَبى الْمنْهَال سيار بن سَلامَة قَالَ: بَلغنِي أَن
فِي النَّار أَوديَة فِي ضحضاح فِي تِلْكَ الأودية حيات أَمْثَال أجواز
الْإِبِل وعقارب أَمْثَال البغال الخنس إِذا سقط إلَيْهِنَّ بعض أهل
النَّار أنشأن بِهِ نشطا ولسبا هَذَا يرْوى عَن عَوْف عَن أَبى
الْمنْهَال.
(4/391)
قَوْله: ضحضاح أصل الضحضاح فِي المَاء إِذا
كَانَ قَلِيلا رَقِيقا فَشبه قلَّة النَّار بِهِ وَمِنْه الحَدِيث
الَّذِي يرْوى فِي أَبى طَالب أَنه فِي ضحضاح من نَار يغلي مِنْهُ
دماغه. وَقَوله: أجواز الْإِبِل يَعْنِي أوساطها وَجوز كل شَيْء وَسطه:
قَالَ الْأَعْشَى: (المتقارب)
فقد أقطع الجوزَ جوزَ الفلا ... ة بالحُرّة البازل العَنْسلِ
يَعْنِي وسط الفلاة. وَقَوله: أنشأن بِهِ نشطا ولسبا النشط للحيات
واللسب للعقارب قَالَ الْأَصْمَعِي: النشط هُوَ اللسع بِسُرْعَة
واختلاس يُقَال مِنْهُ: قد نشطته الْحَيَّة وانتشطته وَكَذَلِكَ كل
شَيْء اختلسته فقد انتشطته وَمِنْه قيل لِلْإِبِلِ الَّتِي يمر بهَا
الْقَوْم فِي سفرهم من غير أَن يَكُونُوا قصدُوا إِلَيْهَا فيستاقونها:
النشيطة قَالَ الشَّاعِر يمدح رجلا: (الوافر)
لَك المِرباع مِنْهَا والصفايا ... وحُكمك والنَّشيطةُ والفُضولُ
خنس الربعِي قَالَ أَبُو عبيد:
وَأما اللسب فَيُقَال مِنْهُ: لسبته الْعَقْرَب تلسبه لسبا إِذا
(4/392)
لدغته كَذَلِك قَالَ الْكسَائي قَالَ:
وَيُقَال أَيْضا أبْرَتْه تأبِرُه أَبْرا وَإِنَّمَا نرى أَنه أَخذهَا
من الأبْرَة ووكَعتْ تَكَعُ كُله وَاحِد. وَأما الخنس فالقصار الْأنف.
حَدِيث خَالِد رَحمَه الله
أسيا فلذ وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث خَالِد الربعِي أَن رجلا من عباد بني إِسْرَائِيل أذْنب ذَنبا
ثمَّ تَابَ فثقب تَرْقُوَته فَجعل فِيهَا سلسلة ثمَّ أوثقها إِلَى
آسِيَة من أواسي الْمَسْجِد يرْوى هَذَا عَن عَوْف عَن خَالِد الربعِي.
قَوْله: آسِيَة الآسية السارية وَجَمعهَا أواسي وَهِي الأساطين وَقَالَ
النَّابِغَة الذبياني فِي الآسية: (الطَّوِيل)
(4/393)
فَإِن تَكُ قد وَدَّعتَ غيرَ مُذَمَّم ...
أواسيَ مُلَكٍ أثبتَتْهَا الأوائُل
وَهَكَذَا يرْوى عَن عبد الله بن مَسْعُود رَحمَه الله حِين ذكر
أَشْرَاط السَّاعَة فَقَالَ: وَتَرْمِي الأرضُ بأفلاذ كَبِدهَا قيل:
وَمَا أفلاذ كَبِدهَا قَالَ: أَمْثَال هَذِه الأواسي من الذَّهَب
وَالْفِضَّة هَكَذَا هُوَ فِي حَدِيث عَوْف عَن رجل عَن عبد الله بن
مَسْعُود وَهُوَ فِي حَدِيث مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن ثَابت بن قُطْبَة
عَن عبد الله: أَمْثَال هَذِه السَّوَارِي وهما سَوَاء. وَأما أفلاذ
كَبِدهَا فواحدها فِلْذٌ وَهِي الحُزَّة من الكبد وَمِنْه قَول أعشى
بأهلة: (الْبَسِيط)
تكفيه حُزة فِلذ إِن ألم بهَا ... من الشَواء ويروى شربه الغْمَرُ
(4/394)
بن قَالَ أَبُو عبيد: فَأَرَادَ عبد الله
بأفلاذ كَبِدهَا كنوز الذَّهَب وَالْفِضَّة جعلهَا كَأَنَّهَا أكباد
الأَرْض والحزة والفلذة الْقطعَة.
حَدِيث عبد الله خباب رَحمَه الله
مذقر [رَحمَه وَقَالَ أَبُو عبيد:
فِي حَدِيث عبد الله بن خباب حِين قتلتْه الْخَوَارِج على شاطئ نهر
فَسَالَ دَمه فِي المَاء قَالَ: فَمَا امْذَقَرَّ قَالَ حَدَّثَنِيهِ
أَبُو النَّضر عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن حميد بْن هِلَال.
قَالَ الْأَصْمَعِي: الامْذِقرار أَن يجْتَمع الدَّم ثمَّ يَنْقَطِع
قِطَعًا وَلَا يخْتَلط بِالْمَاءِ يَقُول: فَلم يَك كَذَلِك وَلكنه
سَالَ وامتزج بِالْمَاءِ -] .
(4/395)
حَدِيث يحيى بن يعمر الله -]
أبل وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
يحيى بن يعمر أيَّ مالٍ أدّيت زكاتَه وبل فقد ذهبت أبَلَتُه ويروى:
وَبَلَته. فأبدل بِالْوَاو الْألف هَذَا كَقَوْلِهِم: أحد [و -]
إِنَّمَا هُوَ وَحَد والوَبَلة هِيَ شرّه ومضرّته وَأَصلهَا فِي
الطَّعَام وَهِي وخامته وأذاؤه ومضرته وَهِي هَهُنَا فِي المآثم
يَقُول: فَإِذا أدّيت زَكَاته فَلَيْسَ هُوَ حِينَئِذٍ بكنز يخَاف
فِيهِ التبعة.
حَدِيث وهب بن مُنَبّه
أبل وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث وهب [بن مُنَبّه -] لقد تأبَّل آدم
(4/396)
عَلَيْهِ السَّلَام على ابْنه الْمَقْتُول
كَذَا وَكَذَا عَاما لَا يُصِيب حَوَّاء. قَوْله: تأبَّلَ هُوَ تفعل من
الأبول وَهُوَ أَن تجزأ الْوَحْش عَن المَاء فَلَا تقربه يُقَال
مِنْهُ: قد أبَلَتْ تأبُلُ (تأبَلُ) أبولًا وجَزَأت تجزأ جُزْءا
سَوَاء.
بن قَالَ أَبُو عبيد: فَشبه امْتنَاع آدم عَلَيْهِ السَّلَام من غشيان
حَوَّاء بامتناع الْوَحْش من وُرُود المَاء إِذا أبلت.
[أَحَادِيث سعيد الْمسيب رَحمَه الله]
بَدَأَ وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث سعيد بن الْمسيب قَالَ: فِي
حَرِيم
(4/397)
الْبِئْر البَدِيء خمس وَعِشْرُونَ ذِرَاعا
وَفِي القَلِيب خَمْسُونَ ذِرَاعا قَالَ حَدَّثَنِيهِ أَبُو النَّضر
عَن لَيْث بن سعد عَن ابْن شهَاب عَن ابْن الْمسيب. قَالَ
الْأَصْمَعِي: البديء الَّتِي ابتدئت فحفرت
قلب قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي
أَنَّهَا حفرت فِي الْإِسْلَام وَلَيْسَت بعادِيَّة وَذَلِكَ أَن يحتفر
الرجل الْبِئْر فِي الأَرْض الْموَات الَّتِي لَا ربّ لَهَا يَقُول:
فَلهُ خمس وَعِشْرُونَ ذِرَاعا حواليها حريما لَهَا لَيْسَ لأحد من
النَّاس أَن يحتفر فِي تِلْكَ الْخمس وَالْعِشْرين الذِّرَاع بِئْرا
وَإِنَّمَا شبهت هَذِه الْبِئْر بِالْأَرْضِ الَّتِي يُحْيِيها الرجل
فَيكون مَالِكًا لَهَا بِحَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: من أحيى
أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ. وَأما قَوْله: فِي القَلِيب خَمْسُونَ
ذِرَاعا فَإِن القليب الْبِئْر العادية
(4/398)
الْقَدِيمَة الَّتِي لَا يعلم لَهَا ربٌّ
وَلَا حافر تكون بالبَراري فَيَقُول: لَيْسَ لأحد أَن ينزل على خمسين
ذِرَاعا مِنْهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهَا عَامَّة للنَّاس فَإِذا نزلها
نَازل منع غَيره وَهَذَا كَحَدِيث رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ
وَسلم: لَا يمْنَع فضل المَاء ليمنع بِهِ فضل الْكلأ. وَإِنَّمَا معنى
النُّزُول أَن لَا يتخذها أحد دَارا وَيُقِيم بهَا. فَأَما أَن يكون
عَابِر سَبِيل فَلَا.
شرى وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
سعيد بْن الْمسيب أَنه قَالَ لرجل: انْزِلْ أشراء الْحرم. قَالَ:
الأشراء النواحي وَالْوَاحد شَرًى مَقْصُور وَهِي النَّاحِيَة قَالَ
الْقطَامِي: (الْكَامِل)
لُعِنَ الكواعبُ بعدَ يَوْم وصَلْتَني ... بشَرَى الفراتِ وَبعد يومِ
الجوسَقِ
حنظب بن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث سعيد بن الْمسيب أَن ابْن حَرْمَلَة سَأَلَهُ فَقَالَ: قَتَلْتُ
قُرادا أَو حُنْظُبا فَقَالَ: تصدَّق بتمرة قَالَ: حَدَّثَنِيهِ يحيى
(4/399)
عَن ابْن حَرْمَلَة أَنه سَأَلَ ابْن
الْمسيب عَن ذَلِك. قَوْله: حُنْظُب يَعْنِي الذّكر من الخنافس قَالَ
حسان: (المتقارب)
وأمُّك سوداءُ مَوْدُوْنَةٌ ... كأنّ أناملَها الحُنْظُبُ]
أَحَادِيث عُرْوَة الزبير رَحمَه الله
حنن لبب [وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث عُرْوَة بن الزبير أنّه كَانَ يَقُول فِي
(4/400)
تلبيته: لَبَّيك رَّبَنَا وحَنَانَيْك
قَالَ: حدّثنَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه.
قَوْله: حَنَانَيْك يُرِيد: رحمتك وَالْعرب تَقول: حَنانَك يَا رب
وحَنَانَيْك يَا رب بِمَعْنى وَاحِد قَالَ امْرُؤ الْقَيْس: (الوافر)
وَيَمْنَحُها بَنُو شَمَجَى بن جَرْم ... مَعيزَهم حَنَانَك ذَا
الحَنَانِ
يُرِيد: رحمتك يَا رب وَقَالَ طرفَة: (الطَّوِيل)
حنانيك بعضُ الشَّرِّ أهونُ من بعضِ ... وَقد رُوِيَ عَن عِكْرِمَة
أَنه قَالَ فِي قَوْله عز وَجل {وَحَنَاناً مِّنْ لَّدُنَّا} قَالَ:
الرَّحْمَة وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: لَا أَدْرِي مَا
الحنان. قَالَ: وحَدثني حجاج عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار عَن
عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {أَصْحَابَ
الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ}
(4/401)
قَالَ: مَا أَدْرِي مَا الرقيم أكتاب أم
بُنيان وَفِي قَوْله عز وَجل {وَحَنَاناً مِّنْ لَّدُنَّا} قَالَ:
وَالله مَا أَدْرِي مَا الحنان. وَأما قَوْله: لَبَّيْك فَإِن تَفْسِير
التَّلْبِيَة عِنْد النَّحْوِيين فِيمَا يحْكى عَن الْخَلِيل أَنه
كَانَ يَقُول: أَصْلهَا من: ألْبَبْتُ بِالْمَكَانِ فَإِذا دَعَا الرجل
صَاحبه فَقَالَ لبيْك فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنا مُقيم عنْدك أَنا مَعَك
ثمَّ وكّد ذَلِك فَقَالَ: لبيْك يَعْنِي إِقَامَة بعد إِقَامَة هَذَا
تَفْسِير الْخَلِيل] .
جبجب وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث عُرْوَة أَنه كَانَت تَمُوت لَهُ الْبَقَرَة فيأمر أَن يتَّخذ
من جلدهَا جَباجِب. قَالَ أَبُو عبيد: الجَبَاجِب هِيَ الزَّبيل من
الْجُلُود واحدتها: جُبْجُبَة وَلَا أعلم أَبَا عَمْرو إِلَّا [و -] قد
قَالَ مثل ذَلِك [ثمَّ بَلغنِي عَنهُ أَنه قَالَ: وَأما الجبجبة
فالكَرِش يُجعل فِيهَا اللَّحْم المقطّع
(4/402)
وَلَا أرى هَذَا من حَدِيث عُرْوَة لِأَن
الْميتَة لَا ينْتَفع بكَرشِها إِنَّمَا الْمَعْنى عِنْدِي: على الْجلد
قَالَ الشَّاعِر: (الطَّوِيل)
إِذا عضرضت مِنْهَا كهاة سَمِينَة ... فَلَا تهد مِنْهَا واتَّشِقْ
وتَجَبْجَبِ
يَقُول: اتخذ مِنْهَا وشائق وجَباجِب والكهاة من الْإِبِل الْعَظِيمَة
السمينة وقَوْله: إِذا عرضت من الْعَارِضَة وَهِي الَّتِي يُصِيبهَا
الدَّاء فتنحر قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: بَنو فلَان يَأْكُلُون
الْعَوَارِض يَعْنِي أَنهم لَا ينحرون إِلَّا من دَاء يُصِيب الْإِبِل
يعيبهم بذلك والعبيط الَّتِي تُنحر من غير عِلّة. قَالَ أَبُو عبيد:
والوَشِيقة أَن تُقَطع الشَاة أَعْضَاء ثمَّ تُغْلى إغلاءة وَلَا يبلغ
بهَا النضج كُله ثمَّ ترفع فِي الأكْرَاش والأوعية فِي الْأَسْفَار
وَغَيرهَا وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: الْخلْع] .
ثمم رمم عمم وَقَالَ [أَبُو عبيد -]
: فِي حَدِيث عُرْوَة حِين ذكر أُحَيْحَة بن الجُلاح وَقَول أَخْوَاله
فِيهِ: كُنَّا أهل ثُمِّهِ ورُمِّهِ حَتَّى اسْتَوَى على عممه.
(4/403)
هَكَذَا يحدثونه: أهل ثُمِّهِ ورُمِّهِ
بِالضَّمِّ وَوَجهه عِنْدِي ثَمّهِ ورَمّهِ بِالْفَتْح والثَّمُّ:
إصْلَاح الشَّيْء وإحكامه يُقَال مِنْهُ: ثَمَمْتُ اَثُمّ ثَمّاً.
والرَّمُّ من الْمطعم يُقَال: رَمَمْتُ ارُمُّ رَمًّا وَمِنْه سميت
مِرَمَّةُ الشَّاة لِأَنَّهَا تَأْكُل بهَا [قَالَ هميان بن قُحَافَة
يذكر الْإِبِل وَأَلْبَانهَا: (الرجز)
حَتَّى إِذا مَا قَضَتِ الحَوَائِجَا ... وَمَلأتْ حُلاّبُها
الخلانِجاَ
مِنْهَا وثَمّوا الأوطُب النواشجا
الخلانج هِيَ آنِية الخلنج. وَقَوله: وَثَمُّوا أَرَادَ أَنهم شدّوها
وأحكموها] . وَقَوله: اسْتَوَى على عَمَمه أَرَادَ [على -] طوله
واعتدال
(4/404)
شبابه وَمِنْه يُقَال للنبات إِذا طَال: قد
اعتَمَّ وَبِه سمّيت الْمَرْأَة التامّة القَوام والخلْقِ: عَمِيْمَة.
يمن بن [وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث عُرْوَة بن الزبير أنّه قَالَ: لَيْمُنُكَ لَئِن كنت ابتَلَيْتَ
لقد عافَيْتَ ولَئن كنت أخَذْتَ لقد أبقيت
(4/405)
قَالَ حدّثنَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَن
هِشَام بْن عُرْوَة عَن أَبِيه. قَوْله: ليمنك وأيمنك إنماهي يَمِين
وَهِي كَقَوْلِهِم: يَمِين الله كَانُوا يحلفُونَ بهَا قَالَ امْرُؤ
الْقَيْس: (الطَّوِيل)
فقلتُ يَمِينُ الله أبْرَحُ قَاعِداً ... وَلَو ضَرَبوا رَأْسِي
لَدَيْكِ وأوصالي
فَحلف بِيَمِين الله ثمَّ تُجْمَعُ اليمينُ أيْمُن كَمَا قَالَ
زُهَيْر: (الوافر)
فَتُجْمَعُ أيْمُنُ منّا ومِنكُم ... بُمْقَسَمةٍ تَمُورُ بهَا
الدِّماءُ
ثمَّ يحلفُونَ بأيمُن الله فَيْقولون: أيمُنُ الله لَا أفعل ذَلِك
وأيْمُنُك يَا رَبّ إِذا خَاطب ربَّه فعلى هَذَا قَالَ عُرْوَة:
لَيْمُنُك لَئِن كنت ابْتليت لقد عافيت فَهَذَا هُوَ الأَصْل فِي
أيْمُنُ الله ثمَّ كثر هَذَا فِي كَلَامهم وخَفّ على ألسنتهم حَتَّى
حذفوا النُّون كَمَا حذفوا فِي قَوْلهم: لم يكن فَقَالُوا: لم يَكُ
وَكَذَلِكَ قَالُوا أيْمُن الله لأفْعَلَنَّ ذَاك وأيم الله لأفْعَلَنّ
ذَاك قَالَ وفيهَا لُغَات سوى هَذِه كَثِيرَة.
(4/406)
حَدِيث الْقَاسِم مُحَمَّد بن أبي بكر
رَحمَه الله
قفا لصا بن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث الْقَاسِم بن مُحَمَّد لَا حَدَّ إِلَّا فِي القّفْو البيِّن
قَالَ حدّثنَاهُ هشيم قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن
الْقَاسِم بن مُحَمَّد. قَوْله: القَفْو يعْنى القَذْف يُقَال مِنْهُ:
قَفَوْت الرجلَ أقْفُوْه وَمِنْه حَدِيث حسان بن عَطِيَّة قَالَ
حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن حسان قَالَ: من قَفا
مُؤمنا بِمَا لَيْسَ فِيهِ وقَفَه الله فِي رَدْغَة الخبال حَتَّى
يَجِيء بالمخرج مِنْهُ وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع: نَحن بَنو
النَّضر بن كنَانَة لَا نَنْتَفي من أبيْنَا وَلَا نَقْفُو أمّنا ويروى
عَن امْرَأَة من الْعَرَب أَنه قيل لَهَا: إِن فلَانا قد هَجاكِ
فَقَالَت: مَا قَفا وَلَا لَصَا تَقول: لم يَقذفْني وَقَوْلها: لَصَا
هُوَ مثل قَفا يُقَال مِنْهُ: رجل لاَصٍ قَالَ العجاج: (الرجز)
(4/407)
إِنِّي امرؤٌ عَن جارتي غبيُّ ... عَفُّ
فَلَا لاصٍ وَلَا مَلْصيُّ
يَقُول: لَا قاذفٌ وَلَا مَقْذُوْفٌ. فَالَّذِي أَرَادَ الْقَاسِم أَنه
لَا حدَّ على قَاذف حَتَّى يُصَرح بِالزِّنَا وَهَذَا قَول يَقُوله أهل
الْعرَاق وَأما أهل الْحجاز فيرون الحدّ فِي التَّعْرِيض وَكَذَلِكَ
يرْوى عَن عمر رَضِي اللَّه عَنهُ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير عَن
الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن عمر: أَنه
كَانَ يضْرب فِي التَّعْرِيض الحدّ وَقَول عمر أولى بالاتباع.
حَدِيث سَالم عبد الله بن عمر بن الْخطاب رَحمَه الله
تبن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
سَالم بن عبد الله قَالَ: كنّا نقُول فِي الْحَامِل المتوفَّى عَنْهَا
زوجُها إِنَّه يُنْفَقُ عَلَيْهَا من جَمِيع المَال حَتَّى تَبَّنْتُمْ
(4/408)
مَا تَبَّنْتُم قَالَ حدّثنَاهُ ابْن مهْدي
عَن سُفْيَان عَن حبيب بن أبي ثَابت أَنه سمع سَالم بن عبد الله يَقُول
ذَلِك. قَالَ عبد الرَّحْمَن: أَرَاهَا خَلَّطْتم وَقَالَ أَبُو
عُبَيْدَة: هَذَا من التَبانَة والطَّبانة ومعناهما جَمِيعًا شدَّة
الفطنة والدقة فِي النّظر يُقَال مِنْهُ: رجل تَبِنٌ وطَبِنٌ إِذا
كَانَ فطنا دَقِيق النّظر فِي الْأُمُور وَقَالَ أَبُو عَمْرو مثل
ذَلِك. وَقَالَ أَبُو عبيد: وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع: إِن الرجل
لَيتكلَّم الْكَلِمَة يُتَبِّن فِيهَا يَهوى بهَا فِي النَّار وَهُوَ
عِنْدِي إغماض الْكَلَام فِي الجدل والخصومات فِي الدِّين وَمِنْه
حَدِيث معَاذ بن جبل: إياك ومُغْمِضاتِ الْأُمُور. فَالَّذِي أَرَادَ
سَالم أَنه كَانَ يَقُول: كُنَّا نقُول كَذَا وَكَذَا حَتَّى أدقَقْتم
النّظر فقلتم غير ذَلِك.
(4/409)
كدن
لقع بن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث سَالم حِين دخل على هِشَام بن
عبد الْملك فَقَالَ لَهُ: إِنَّك لَحَسَنُ الكِدْنة (فَخرج من عِنْده
فَحُمَّ فَقَالَ: لَقَعَني الأحْول بَعيْنه. قَوْله: حَسَن الكِدْنَة)
فَإِن الكِدْنَة اللَّحم يُقَال: امْرَأَة ذَات كِدْنة قَالَ
وَأَخْبرنِي الْأَحْمَر عَن أبي الْجراح قَالَ: رَأَيْت مَيَّةَ فَإِذا
امْرَأَة ذَات كِدْنَة فَقلت: أَأَنْت الَّتِي كَانَ يُشَبِّبُ بكِ ذُو
الرمة فَقَالَت: إِنَّه وَالله كَانَ خيرا منكِ. وَأما قَوْله:
لَقَعَني الْحول بِعَيْنِه يَعْنِي هشاما
(4/410)
يَقُول: أصابني مَا مِنْهَا يُقَال:
لَقْعْتُ الرَّجلَ بالبعْرة إِذا رَمَيْتَه بهَا وَيُقَال: لقعت الرجل
بعيني إِذا أصَبته بعَين.
حَدِيث عبد الله عبد الله بن عمر بن الْخطاب رَحمَه الله
كوس بن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث عبد الله بن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ عِنْد الْحجَّاج
فَقَالَ: مَا ندِمتُ على شَيْء نَدَمي على أَن لَا أكون قتلت ابْن عمر
فَقَالَ عبد الله بن عبد الله: أما وَالله لَو فعلت ذَاك
(4/411)
لَكَوَّسَكَ اللهِ فِي النَّار رأسُك
أسفلُك قَالَ: حدّثنَاهُ معَاذ عَن ابْن عون قَالَ سَمِعت رجلا يحدث
مُحَمَّد بن سِيرِين بذلك فِي حَدِيث طَوِيل. قَوْله: لكَوَّسَكَ الله
يَعْنِي لَكَبَّكَ الله على رَأسك يُقَال: كوَّسته على رَأسه تكويسا
إِذا قلّبته وَقد كاسَ هُوَ يَكُوسُ إِذا فعل ذَلِك قَالَت عَمْرَةُ
أُخْت الْعَبَّاس بن مرداس وَأمّهَا الخنساء تَرْثى أخاها وتذكر أَنه
كَانَ يُعَرْقِبُ الْإِبِل حَتَّى تركب رؤوسها فَقَالَت: (المتقارب)
فَظَلَّتْ تَكُوْسُ عَلى أكْرُعٍِ ... ثَلاثٍ وغادَرْت أخْرى خَضْيبا
تَعْنِي الْقَائِمَة الَّتِي عَرْقب وَهِي مُخَضَّبَةٌ بِالدَّمِ.
حَدِيث أبي سَلمَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَحمَه الله
عرا بن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف
(4/412)
كنت أرى الرُّؤْيَا أُعرَى مِنْهَا غير
أَنِّي لَا أُزمِّل حَتَّى لقِيت أَبَا قَتَادَة فَذكرت ذَلِك لَهُ.
قَوْله: أُعرَى مِنْهَا هُوَ من العرواء وهِيَ الرعدة عِنْد الحمّى
يُقَال مِنْهُ: قد عُرِي الرجل فَهُوَ مَعروّ إِذا وجد ذَلِك فَإِذا
تثاءب عَلَيْهَا فَهِيَ الثُّؤَباء فَإِذا تمطى عَلَيْهَا فَهِيَ
المُطَواء فَإِذا عَرِقَ فَهِيَ الرُّحَضَاء وَمِنْه الحَدِيث
الْمَرْفُوع أَنه جعل يَمْسَح الرُّحضاء عَن وَجْهه فِي مَرضه الَّذِي
مَاتَ فِيهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَإِذا أَصَابَته الْحمى
الشَّدِيدَة قيل: أَصَابَته البرحاء] .
أَحَادِيث عمر عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان رَحمَه الله
أطر وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان رَحمَه الله
(4/413)
أَنه سُئِلَ عَن السّنة فِي قصّ الشَّارِب
فَقَالَ: أَن تَقُصَّه حَتَّى يَبْدُو الإطارُ. قَوْله: الإطار يَعْنِي
الحَيد الشاخص مَا بَين مَقَصِّ الشَّارب وطَرْف الشِّفة الْمُحِيط
بالفم وَكَذَلِكَ كل شَيْء مُحِيط بِشَيْء فَهُوَ إطارٌ لَهُ [قَالَ
بِشْر بن أبي خازِم الْأَسدي: (الوافر)
وحلَّ الحيُّ حيُّ بني سُبَيع ... قُراضِبةً وَنحن لَهُم إطار
(4/414)
أَي محدقون بهم وقراضبة أَرض] .
نضا رمل نفض وَقَالَ [أَبُو عبيد -]
: فِي حَدِيث عُمَر [بْن عَبْد الْعَزِيز -] أَنه خطب بِعَرَفَات
فَقَالَ: إِنَّكُم [قد -] أنضَيتم الظهرَ وأرملتم وَلَيْسَ السَّابِق
من سبق بعيره وَلَا فرسه وَلَكِن السَّابِق مَن غُفر لَهُ. قَوْله:
أنضيتم الظّهْر يَقُول: هَزَلتم ظهرَكم وَهِي الدوابُّ وَيُقَال للناقة
المهزولة: نِضْوَة ونِضْو وَجَمعهَا: أنضاء [وَقد أنضيتها إنضاء: قَالَ
الْأَعْشَى: (الْبَسِيط)
أنضيتها بعد مَا طَال الهبابُ بهَا ... تؤمّ هوذةَ لَا نِكْساً وَلَا
وَرَعا -]
والإرمال: إنفاد الزَّاد [وَمِنْه حَدِيث إِبْرَاهِيم: إِذا سَاق الرجل
هَديا فأرمل فَلَا بَأْس أَن يشرب من لبن هَدْيه. والإنفاض مثل
(4/415)
الإرمال يُقَال: قد أنفض الْقَوْم وَمِنْه
حَدِيث أبي هُرَيْرَة: كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ
وَسلم فِي سفر فأرملنا وأنفضنا. وَيُقَال: قد أقوى الرجل وأقفر وأوحش
كل هَذَا من نفاد الزَّاد مثل الإرمال وَيُقَال فِي ذهَاب المَال:
أَصْرَم وأعدم] .
بوك فلط وَقَالَ [أَبُو عبيد -] :
فِي حَدِيث عُمَر [بْن عَبْد الْعَزِيز -] أَنه رفع إِلَيْهِ رجل قَالَ
لرجل: إِنَّك تَبوكها يَعْنِي امْرَأَة ذكرهَا فَأمر بضربه فَجعل الرجل
يَقُول: أأضرب فلاطا. 135 / ب قَوْله: تبوْكها كلمة أَصْلهَا / فِي
ضراب الْبَهَائِم فَرَأى عمر ذَلِك قَذْفاً وَإِن لم يكن صَرَّح
بِالزِّنَا وَهَذَا حجَّة لمن رأى الْحَد فِي التَّعْرِيض. وَقَوله:
أأُضَربَ فِلاطا فَإِن الفلاط الْفجأَة وَهَذِه لُغَة هُذَيْل تَقول:
لقِيت فلَانا فِلاطا قَالَ [أَبُو عبيد -] : وأظن
(4/416)
[أَن -] الرجل كَانَ مِنْهُم. [وَإِنَّمَا
نرى الرجل قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ لم يدر أَن الْكَلِمَة كَانَت قَذْفاً
فَجعل يتعجّب لِمَ يضْرب بِغَيْر ذَنْب أَي أَنه أمرٌ نزل بِهِ فَجْأَة
-] .
ضمير وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث عُمَر [بْن عَبْد الْعَزِيز -] أَنه كتب إِلَى مَيْمُون بن
مهْرَان فِي مظالم كَانَت فِي بَيت المَال أَن يردّها إِلَى
أَرْبَابهَا ويأخُذَ مِنْهَا زكاةَ عامها فانَّه كَانَ مَالا ضمارًا.
[قَوْله: ضمارًا -] الضِمار هُوَ الْغَائِب الَّذِي لَا يُرْجَى فَإِذا
رُجِيَ فَلَيْسَ بِضمارٍ [قَالَ الرَّاعِي: (الوافر)
(4/417)
طلَبْنَ مزارَه فأصَبْنَ منْهُ ... عطاءُ
لَمْ يَكُن عِدَةً ضمارا -]
وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه أَنه لم ير على المَال زَكَاة إِذا
كَانَ لَا يُرْجى وَإِن مرت عَلَيْهِ السِّنون أَلا ترَاهُ [إِنَّمَا
-] قَالَ [لَهُ -] : خُذ مِنْهَا زَكَاة عامها.
خلق وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث عمر [بن عبد الْعَزِيز -] أَنه كُتِب إِلَيْهِ فِي امْرَأَة
خَلْقاء تزوّجها رجلٌ فكتَب إِلَيْهِ: إِن كَانُوا علمُوا بذلك
فأغْرِمْهم صَداقها لزَوجهَا يَعْنِي الَّذين زَوَّجوها وَإِن كَانُوا
لم يعلمُوا فَلَيْسَ عَلَيْهِم إلاّ أَن يحلفوا مَا علمُوا بذلك. قَالَ
أَبُو عبيد: الخَلْقاء [هِيَ -] مثل الرَّتْقاء وَإِنَّمَا سميت
(4/418)
خلقاء لِأَنَّهُ مُصْمت وَلِهَذَا قيل
للصخْرة المَلْساء: خَلْقاء أَي لَيْسَ فِيهَا وَصْم وَلَا كسر قَالَ
الْأَعْشَى: [الْبَسِيط]
قد يتْرك الدهرُ فِي خَلْقاءَ راسِيةٍ ... وَهْياً ويُنْزِل مِنْهَا
الأعصمَ الصدعا
غنظ وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث عُمَر [بْن عَبْد الْعَزِيز -] أَنه ذكر الْمَوْت فَقَالَ:
غَنْظٌ لَيْسَ كالغَنْظ وكَظٌّ لَيْسَ كالكَظِّ. قَوْله: غَنْظٌ هُوَ
أشدُّ الكرب وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يَقُول: هُوَ أَن يشرف الرجل على
الْمَوْت من الكرب ثمَّ يُفْلَت مِنْهُ يُقَال: غَنَظْت الرجل أغنِظُه
غَنْظاً إِذا بلغت بِهِ ذَلِك قَالَ الشَّاعِر: [الْكَامِل]
وَلَقَد لَقِيتَ فوارِساً من رَهْطِنا ... غنظوك غنظ جَرَادَة الْعيار
(4/419)
[أَحَادِيث مُجَاهِد رَحمَه الله
ربب وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
مُجَاهِد أَنه كَانَ يكره أَن يتزوَّجَ الرجلُ امرأةَ رابِّه وإنّ
عَطاءً وطاؤساً كَانَا لَا يَرَيان بذلك بَأْسا قَالَ حدّثنَاهُ يحيى
بْن سعيد عَن سيف بن سُلَيْمَان عَن مجاهدٍ وَعَطَاء وطاوسٍ. قَوْله:
امْرَأَة رابِّه يَعْنِي امْرَأَة زَوْج أمِّه وَهُوَ الَّذِي تسمّيه
العامّة الرَّبيبَ وَإِنَّمَا الرَّبيب ابْن امرأةِ الرجل فَهُوَ
رَبيبٌ لزَوجهَا وزوجُها المَرْبُوب لَهُ وَإِنَّمَا قيل لَهُ رابٌّ
لأنّه يَرُبُّه ويُرَبَّيه وَهُوَ الْغذَاء والتربية وَابْن الْمَرْأَة
هُوَ المَرْبُوب فَلهَذَا قيل: رَبيب كَمَا يُقَال للمَقْتول: قَتيل
وللمجروح: جَريح وَكَانَ عُمر بن أبي سَلَمة يُسَمي رَبيبَ النَّبِيّ
صلي الله عَلَيْهِ وَسلم
(4/420)
لِأَنَّهُ ابْن أمّ سَلَمة وَقَالَ مَعْن
بن أَوْس الْمُزنِيّ وَذكر ضَيْعَة لَهُ كَانَ جاراه فِيهَا عمر بن أبي
سَلمَة وَعَاصِم بن عمر بن الْخطاب فَقَالَ: (الطَّوِيل)
وإنّ لَهَا جارَين لَنْ يَغْدِرا بِها ... رَبِيبَ النَّبَّي وَابْن
خَيْرِ الخَلائِف
يَعْنِي عمر بن أبي سَلمَة وَعَاصِم بن عمر بن الْخطاب. وَقَالَ أَبُو
عبيد: فِي حَدِيث مُجَاهِد مَا أصابَ الصائمُ شَويً إلاَّ الغيبةَ
والكَذِبَ قَالَ حَدَّثَنِيهِ يحيى بْن سعيد عَن الْأَعْمَش عَن
مُجَاهِد. قَالَ يحيى: الشَّوى هُوَ الشَّيْء الهَيِّن اليسيرُ
شوا نزاعة قَالَ أَبُو عبيد:
وَهَذَا وَجهه وإياه أَرَادَ مجاهدٌ وَلَكِن لهَذَا أصل وأصل ذَلِك أَن
الشَّوى نَفسه من الْإِنْسَان والبهيمة إِنَّمَا هُوَ الْأَطْرَاف
قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {كَلاَّ إنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً
لِلشَّوى} إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا إِذا أَن الشوى لَيْسَ بالمَقْتل
لِأَنَّهُ الْأَطْرَاف. فَالَّذِي أَرَادَ مُجَاهِد أَن كلَّ شَيْء
أَصَابَهُ الصَّائم فَهُوَ شَوًى لَيْسَ يُبطل صومَه فَيكون كالمَقْتل
لَهُ إلاَّ الغِيبةَ والكَذِبَ فإنّهما يُبْطِلان الصَّومَ مثل الَّذِي
أصَاب المقتل فَقتل.
(4/421)
قير
وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث مُجَاهِد يَغْدُو الشيطانُ
بَقْيرَوَانه إِلَى السُّوق فيفعل كَذَا وَكَذَا من حَدِيث ابْن
عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد. قَوْله: قَيْرَوانه يَعْنِي
أَصْحَابه وكلّ قافلة أَو جَيش فَهُوَ قَيْرَوان قَالَ امْرُؤ
الْقَيْس: (المنسرح)
وغارةٍ ذاتِ قَيْرَوانٍ ... كأنَّ أسْرَابَها الرِّعالُ
قَالَ أَبُو عبيد: وأظن الْكَلِمَة فِي الأَصْل فارسية لِأَن فَارس
تسمي الْقَافِلَة كاروان فعرّبت.
(4/422)
منىمقابلتها وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث مُجَاهِد أنّ الْحرم حَرَمٌ مَناهُ من السَّمَاوَات السَّبع
وَالْأَرضين السَّبع وَأَنه رَابِع أَرْبَعَة عشر بَيْتا فِي كلِّ
سَمَاء بيتٌ وَفِي كلِّ أَرض بيتٌ لَو سَقَطت لسقط بَعْضهَا على بعض
قَالَ سَمِعت يزِيد بْن هَارُون يحدثه عَن جرير بن حَازِم عَن حميد
الْأَعْرَج عَن مُجَاهِد. قَوْله: مَناهُ يَعْنِي قَصْدَه وحِذاءه
يُقَال: دارِي مَنى دارِ فلانٍ أَي وَهُوَ حرف مَقْصُور. وَقَالَ أَبُو
عبيد: فِي حَدِيث مُجَاهِد أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يَّتَوَرَّك
الرجلُ على رِجله اليُمنى فِي الأَرْض المُسْتَحِيلَة فِي الصَّلَاة
قَالَ سَمِعت مُحَمَّد ابْن كثير يحدثه عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن وَاصل
بن أبي جميل عَن مُجَاهِد. قَالَ ابْن كثير: المُسْتَحِيلَة الَّتِي
لَيست بمستوية
حول ورك قَالَ أَبُو عبيد:
وَإِنَّمَا سمّاها مُسْتَحِيلَةً لِأَنَّهَا استحالت عَن الاسْتوَاء
إِلَى العِوَج. وَأما التَّوَرُّك على اليُمنى فَإِنَّهُ وضعُ الوَرك
عَلَيْهَا وَمِنْه حَدِيث إِبْرَاهِيم: أَنه كَانَ يكره التَّوِرِك فِي
الصَّلَاة. يَعْنِي وضع الأليتين أَو إِحْدَاهمَا
(4/423)
على الأَرْض] . |