غريب الحديث للقاسم بن سلام حَدِيث عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس رَحمَه
الله
كرع وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
عِكْرِمَة [مولى ابْن عَبَّاس -] أَنه كره الكَرْعَ فِي النَّهر. قَالَ
أَبُو زيد وَغَيره: الكَرْع أَن يشرب [الرجلُ -] بِفِيهِ من النَّهر من
غير أَن يشرب بكَفَّيْه وَلَا بِإِنَاء وكل شَيْء شربت مِنْهُ من
إِنَاء أَو غَيره فقد كَرَعْتَ فِيهِ. [وَبَعْضهمْ يَجْعَل الكَرْع أَن
يدْخل
(4/424)
النَّهر دُخُولا ثمَّ يشرب يذهب بِهِ إِلَى
الأكارع يَقُول: حَتَّى يصير أكارعه فِيهِ وَقَالَ ابْن الرّقاع يذكر
رَاعيا ويصفه بالرفق برعاية الْإِبِل فَقَالَ: (الْبَسِيط)
يَسُنُّهَا إبِلٌ مَا إنْ يُجَزِّئُهَا ... جَزْءاً شَديْداً وَمَا إِن
تَرْتَوي كَرَعا
النَّخعِيّ وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن
أذاهِبَ من بُرّ وأذاهب من شعير فَقَالَ: يضمّ بَعْضهَا إِلَى بعض ثمَّ
تُزَكَّى من حَدِيث ابْن الْمُبَارك عَن معمر. قَوْله: الأذاهب
وَاحِدهَا ذَهَبٌ وَهُوَ مكيال لأهل الْيمن ذهب مَعْرُوف عِنْدهم
وَجمعه أذهاب ثمَّ يجمع الأذهاب أذاهب وَهُوَ جمع الْجمع] .
(4/425)
أَحَادِيث إِبْرَاهِيم [رَحمَه الله -]
رسس [وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: إِن كَانَت اللَّيْلَة لتطول
عليَّ حَتَّى ألقاهم وَإِن كنت لأرُسُّه فِي نَفسِي وأحدّث بِهِ
الْخَادِم قَالَ حَدَّثَنِيهِ عبد الرَّحْمَن عَن سُفْيَان عَن
مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم. قَالَ الْأَصْمَعِي: قَوْله: أرُسُّه
الرَّسُّ ابْتِدَاء الشَّيْء وَمِنْه قيل للرجل هُوَ يجد رسَّ الحمّى
ورَسِيْسَها وَذَلِكَ حِين تبدأ فَأَرَادَ إِبْرَاهِيم بقوله: أرُسُّه
فِي نَفسِي يَعْنِي أبتدئ بِذكر الحَدِيث ودرسه فِي نَفسِي
(4/426)
وَيحدث بِهِ خادمه يستذكر بذلك الحَدِيث
قَالَ ذُو الرمة: (الطَّوِيل)
إِذا غَيَّرَ النَّأيُ المُحِبِّيْنَ لم أجدْ ... رَسِيْسَ الْهَوَى
منْ ذكْر مَيَّةَ يَبْرَحُ
حكم وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
إِبْرَاهِيم حكِّم الْيَتِيم كَمَا تُحَكِّم وَلَدَك قَالَ
حَدَّثَنِيهِ ابْن مهْدي عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم.
قَوْله: حَكِّمْه يَقُول: امنعه من الْفساد وَأَصْلحهُ كَمَا تصلح ولدك
وكما تَمنعهُ من الْفساد وكل من منعته من شَيْء فقد حَكَّمْتُه
وأحْكَمْتَه لُغَتَانِ وَقَالَ جرير: (الْكَامِل)
أبني حنيفَة أحكموا سفهاءكم ... إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم أَن أغْضَبا
يَقُول: امنعوهم من التَّعَرُّض لي. ونرى أَن حَكَمَة الدَّابَّة سميت
بِهَذَا الْمَعْنى لِأَنَّهَا تمنع الدَّابَّة من كثير من الْجَهْل.
كفل وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
إِبْرَاهِيم قَالَ: يكره الشّرْب من ثُلْمَة الْإِنَاء وَمن عُرْوَته
[قَالَ -] وَيُقَال إِنَّهَا كفل الشَّيْطَان.
(4/427)
[قَالَ أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ -]
الكِفْل أَصله الْمركب وَهُوَ أَن يدار الكساء حول سَنَام الْبَعِير
ثمَّ يركب يُقَال مِنْهُ: اكتفَلتُ الْبَعِير. فَأَرَادَ إِبْرَاهِيم
أَن العُروة والثُّلمة مركب الشَّيْطَان كَمَا أَن الكِفْل مركب
للنَّاس. [وَمن هَذَا حَدِيث يرْوى مَرْفُوعا فِي الْعَاقِد شعره فِي
الصَّلَاة: أَنه كفل الشَّيْطَان حَدَّثَنِيهِ الْوَاقِدِيّ عَن ابْن
جريج عَن المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي رَافع عَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم. والكفل أيضافي غير هَذَا الْموضع هُوَ الَّذِي لَا
يقدر على ركُوب الدوابَّ وَلَا أرى قَول عبد الله إِلَّا من هَذَا
لَيْسَ من الأول قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد عَن الْعَوام ابْن
حَوْشَب قَالَ: بَلغنِي عَن ابْن مَسْعُود وَذكر فتْنَة فَقَالَ:
إِنِّي كَائِن فِيهَا كالكِفْل آخذٌ مَا أعرف وتارك مَا أنكر. يَقُول:
كَالرّجلِ الَّذِي لَا يقدر على الرّكُوب وَلَا النهوض فِي شَيْء
فَهُوَ لَازم بَيته. ويجمع الكفل أكفالا قَالَ الْأَعْشَى يمدح قوما:
(الْخَفِيف
(4/428)
غَيرُ مِيْل وَلاَ عَواوِيْرَ فِي
الْهَيْجا ... وَلَا عُزَّل وَلَا أكفالِ
والكفل أَيْضا ضِعْف الشَّيْء قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى:
{يُؤْتِكُمْ كِفْلَينِ منْ رَّحْمَتِه} وَيُقَال إِنَّه النَّصِيب
وَذُو الكفل من الْكفَالَة] .
شنر وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث إِبْرَاهِيم إِذا تطيبت الْمَرْأَة ثمَّ خرجت كَانَ ذَلِك شنارا
فِيهِ نَار. قَوْله: شَنار هُوَ الْعَيْب والعار وَنَحْوه [وَقَالَ
الْقطَامِي يمدح الْأُمَرَاء: (الوافر)
وَنحن رَعيَّةٌ وهُمُ رُعاة ... وَلَوْلَا رَعْيُهم شنع الشنار
(4/429)
كرع
وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ
الطّلب فِي أكارع الأَرْض يرويهِ بَعضهم عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم.
قَوْله: الطّلب فِي أكارع الأَرْض يَعْنِي طلب الرزق فِي التِّجَارَة
أَو غَيرهَا وأكارع الأَرْض أطرافها وَكَذَلِكَ أكارع كل شَيْء
أَطْرَافه وَلِهَذَا سميت أكارع الشَّاة. وَالَّذِي يُرَاد من هَذَا
الحَدِيث أَنهم كَرهُوا شدَّة الْحِرْص فِي طلب الدُّنْيَا كَمَا
رُوِيَ عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يكره ركُوب الْبَحْر إِلَّا فِي غَزْو
أَو حج أَو عمْرَة يذهب إِلَى كَرَاهَة ركُوب الْبَحْر لشَيْء من طلب
الدُّنْيَا من تِجَارَة أَو غَيرهَا.
حلل وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
إِبْرَاهِيم فِي المُحرِم يعدو عَلَيْهِ السَّبع أَو اللص قَالَ:
أحِلَّ بِمن أحَلَّ بك قَالَ حدّثنَاهُ هشيم عَن مُغيرَة عَن
إِبْرَاهِيم وَقد 3 رُوِيَ عَن الشّعبِيّ مثله. يَقُول: من ترك
الْإِحْرَام وأحَلَ بك فقاتلك فأحْلِل أَنْت أَيْضا بِهِ وقَاتِله
وَلَا تجْعَل نَفسك مُحْرِماً عَنهُ. وَيدخل فِي هَذَا السَّبع واللصَ
وكل من عرض لَك] .
(4/430)
قفن
وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث إِبْرَاهِيم فِيمَن ذبَح فأبان
الرأسَ قَالَ: تِلْكَ القَفِيْنَة لَا بَأْس بهَا. [قَوْله -]
القَفِيْنَة كَانَ بعض النَّاس يرى أَنَّهَا [الَّتِي -] تُذبح من
القَفا وَلَيْسَت بِتِلْكَ وَلَكِن القَفينة الَّتِي يُبان رأسُها
بِالذبْحِ وَإِن كَانَ من الْحلق [قَالَ أَبُو عبيد: وَلَعَلَّ
الْمَعْنى أَن يرجع إِلَى القَفا لِأَنَّهُ إِذا أبان لم يكن لَهُ بُد
من أَن يَقطع القَفا وَقد قَالُوا: القَفَنُّ فِي مَوضِع القَفا فزادوا
النُّون وَقَالَ الراجز لِابْنِهِ: (الرجز)
(4/431)
اُحِبّ مِنْكَ مَوْضِعَ الْوُشْحَنِّ ...
ومَوْضِعَ الْإِزَار والقفن]
عقب وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث إِبْرَاهِيم المُعْتَقِب ضامِنٌ لما اعْتَقَبَ. [قَوْله -]
المُعْتَقِبُ هُوَ الرجل يَبِيع [الرجلَ -] شَيْئا فَلَا ينقُذُه
المُشْتَرِي بِالثّمن فيأبَى البَائِع أَن يسلِّم إِلَيْهِ السلعةَ
حَتَّى ينقُده فتضيع السّلْعَة عِنْد البَائِع يَقُول: فَالضَّمَان على
البَائِع إِنَّمَا مَاتَت السّلْعَة من مَاله وَلَيْسَ على المُشْتَرِي
من الثّمن شَيْء. وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث إِبْرَاهِيم
أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا بِالصَّلَاةِ فِي دِمَّة الْغنم هَكَذَا
يرْوى الحَدِيث.
(4/432)
دمم
دمن قَالَ أَبُو عبيد: وَإِنَّمَا هُوَ دِمْنَةُ الْغنم بالنُّون فِي
الْكَلَام والدَّمْنَةُ مَا دَمَّنَتِ الإبِلُ والغَنمُ وَمَا سوّدَتْ
من آثَار البعر والأبوال وَجَمعهَا دِمَنٌ. [والدِّمْنة فِي غير هَذَا
الذَّحلُ وَكِلَاهُمَا كثير فِي الشّعْر وَالْكَلَام وَيُقَال لَهَا
المَباءَةُ أَيْضا وَمِنْه الحَدِيث عَن النَّبِيّ صلي الله عَلَيْهِ
وَسلم أَنه قَالَ لَهُ رجل: أأصَلِّي فِي مَباءَة الْغنم قَالَ: نعم] .
عنس وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث إِبْرَاهِيم فِي الرجل / يَقُول إِنَّه 136 / الف
(4/433)
لم يجد امْرَأَته عَذْراء قَالَ: لَا شَيْء
[عَلَيْهِ -] لِأَن العُذْرة قد تُذْهِبُها الحَيْضَة والوَثْبَة وطولُ
التَّعْنيس. قَالَ الْأَصْمَعِي: التَّعنيس أَن تمكث الْجَارِيَة فِي
بَيت أَبَوَيْهَا لَا تزوج حَتَّى تُسِنّ [يُقَال مِنْهُ: قد عُنِّست
فَهِيَ تُعَنّس تَعْنِيْساً قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ غَيره: عَنَسَت
تَعْنُسُ فَإِن تَزَوَّجتْ مَرَّة فَلَا يُقَال عَنَسَتْ إِنَّمَا
يُقَال ذَلِك قبل التَّزْوِيجْ فَهِيَ مُعَنَّسَة وعانِس] . وَالَّذِي
يُرَاد من هَذَا الحَدِيث أَنه لَيْسَ بَينهمَا لعان لِأَنَّهُ لَيْسَ
بقاذف.
طرق جوأ وَقَالَ [أَبُو عبيد -] :
فِي حَدِيث إِبْرَاهِيم فِي الْوضُوء بالَّطرْق [قَالَ -] هُوَ احبُّ
إليّ من التَّيَمُّم.
(4/434)
[قَوْله -] الطَّرْق هُوَ المَاء الَّذِي
يكون فِي الأَرْض فتبول فِيهِ الْإِبِل وَهُوَ مستنقع يُقَال لَهُ
طَرْقٌ ومَطْرُوقٌ [قَالَ الشَّاعِر: (الْخَفِيف)
ثمَّ كَانَ المِزَاجُ مَاء سحابٍ ... لَا جَوٍ آجِنٌ وَلَا مَطْرُوقُ
والجَوَى: المنتن المتغيّر وَمِنْه حَدِيث يَأْجُوج وَمَأْجُوج:
إِنَّهُم يموتون فَتَجْوَى الأَرْض مِنْهُم أَي تُنْتِنُ. والآجِنُ
الْمُتَغَيّر أَيْضا وَهُوَ دون الجَوِي فِي النَّتْن وَهُوَ الَّذِي
يرْوى فِيهِ الحَدِيث عَن الْحسن وَابْن سِيرِين أَنه رخص فِيهِ الْحسن
وَكَرِهَهُ ابْن سِيرِين قَالَ زُهَيْر فِي الجوي: (الوافر)
بسأتَ بنِيئها وجَوِيتَ عَنْهَا ... وَعِنْدِي لَو أردْتَ لَهَا
دَوَاء]
(4/435)
ربب
وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث إِبْرَاهِيم لَيْسَ فِي الرَّبائب
صدقةٌ. [قَوْله -] الربائب هِيَ الْغنم الَّتِي يُربّيها الناسُ فِي
الْبيُوت لألبانها وَلَيْسَت بسائمة واحدتها ربيبة. [وَمِنْه حَدِيث
عَائِشَة رَحمهَا الله: مَا كَانَ لنا طَعَام إِلَّا الأسودان التَّمْر
وَالْمَاء وَكَانَ لنا جيران من الْأَنْصَار لَهُم ربائبُ فَكَانُوا
يَبْعَثُون إِلَيْنَا من أَلْبَانهَا] .
شرا بن وَقَالَ [أَبُو عبيد -] :
فِي حَدِيث إِبْرَاهِيم فِي الرجل يبيعُ الرجلَ وَيشْتَرط الخَلاصَ
قَالَ: لَهُ الشَّرْوَى.
(4/436)
قَوْله: الشِّروى يَعْنِي المِثل وشَرْوى
كل شَيْء مثله.
أَحَادِيث سعيد جُبَير رَحمَه الله
ظعن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
سعيد بن جُبَير رَحمَه الله لَيْسَ فِي جمل ظَعِينةٍ صَدَقةٌ.
الظَّعِينةَ كلّ جمل يُركب ويُعْتَمل عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الأَصْل
وَإِنَّمَا سميت الْمَرْأَة ظَعِينَة لِأَنَّهَا تركبه فَيُقَال: ذهبت
الظعينة وَأَقْبَلت الظعينة وَهِي راكبة وَكَانَ إقبالها وإدبارها بِهِ
فسميت بِهِ كَمَا سميت المزادة
(4/437)
رَاويةً وَإِنَّمَا الرَّاوية الْبَعِير
[وَمِمَّا يبين أَن الظعينة الْبَعِير قَول الشَّاعِر:
(الطَّوِيل)
تَبَيَّن خَليلي هَل تَرَى من ظعائنِ ... لَميَّةَ أمثالِ النَّخيل
المخارفِ
ميَّة امْرَأَة فقد علمنَا أَن النِّسَاء لَا يشبهن بالنَّخيل
وَإِنَّمَا يشبه بالنخيل الْإِبِل الَّتِي عَلَيْهَا الْأَحْمَال.
وَالَّذِي يُرَاد من هَذَا الحَدِيث أَنه يَقُول: لَيْسَ فِي الْإِبِل
العوامل صَدَقَة. إِنَّمَا الصَّدَقَة فِي السَّائِمَة وَهَذَا قَول
يَقُوله أهل الْعرَاق وَأما أهل الْحجاز فيرون عَلَيْهَا مَا يرَوْنَ
على السَّائِمَة] .
زلحف وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث سعيد [بن جُبَير -] مَا ازْلَحَفَّ ناكحُ الأَمَة عَن الزِّنَا
إِلَّا قَلِيلا لِأَن الله [تبَارك و -] تَعَالَى يَقُول: {وَاَنْ
تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} .
(4/438)
قَوْله: مَا ازْلَحَفَّ: يَقُول: مَا
تَنَحَّى عَن ذَلِك وَمَا تَزَحْزَحَ عَنهُ إِلَّا قَلِيلا [وَفِيه
لُغَتَانِ: ازْلَحَفَّ وازْحَلَفَّ مثل جذب وجبذ قَالَ العجاج: (الرجز)
وَالشَّمْس قد كادَتْ تكون دَنَفاً ... أدفَعُها بالرَّاح كي
تَزَحْلَفا
فَبَدَأَ بِالْحَاء قبل اللَّام. وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث سعيد
بن جُبَير أَنه سُئِلَ عَن مكَاتب اشْترط عَلَيْهِ أَهله أَن لَا يخرج
من الْمصر فَقَالَ: أثْقَلْتم ظَهره وجعلتم الأرضَ عَلَيْهِ حَيْصَ بيص
حَيْصَ بَيْصَ قَالَ أَبُو عبيد حدثت بِهِ عَن شريك.
(4/439)
قَالَ الْكسَائي والأصمعي: أَحدهمَا حِيصَ
بِيصَ بِكَسْر الْحَاء وَالْبَاء وَالْآخر حَيْصَ بَيْصَ بفتحهما
وَالْمعْنَى هَهُنَا جَمِيعًا التَّضْيِيق عَلَيْهِ يُقَال للرجل إِذا
وَقع فِي الْأَمر لَا يطيقه وَلَا مخرج لَهُ مِنْهُ: وَقع فِي حِيصَ
بِيصَ وحَيصَ بيص وحيص بيص] .
لهث الشّعبِيّ وَقَالَ [أَبُو عبيد
-] : فِي حَدِيث سعيد [بن جُبَير -] فِي الشَّيْخ الْكَبِير
وَالْمَرْأَة اللَّهْثى وَصَاحب العطاش أَنهم يُفطرون فِي شهر رَمَضَان
ويطعمون. قَوْله: اللَّهْثى يَعْنِي الْمَرْأَة الَّتِي لَا تصبر على
الْعَطش وَالرجل مِنْهُ لَهْثان وَالِاسْم من ذَلِك اللَّهَثُ
واللُّهاث [قَالَ الرَّاعِي:
(4/440)
(الْكَامِل)
حَتَّى إِذا بَرَد السِّجالُ لُهاثَها ... وجَعَلْنَ خَلْفَ
غُروضِهِنَّ ثَمِيلا
يصف الْإِبِل وَيُقَال مِنْهُ لَهِث الرجلُ يَلْهَثُ (يَلْهَثُ)
لَهْثاً إِذا عَطش. وَإِنَّمَا أجزأهم الْإِطْعَام لأَنهم لَا يزدادون
إِلَّا شدّة حَال وَأما الْمَرِيض الَّذِي يبرأ فَلَا يجْزِيه إِلَّا
الْقَضَاء] .
أَحَادِيث عَامر رَحمَه الله
رقق وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
عَامر الشّعبِيّ حِين سُئِلَ عَن رجل
(4/441)
قَبَّلَ أمَّ امْرَأَته فَقَالَ: أعَنْ
صَبُوحٍ تُرَقِّقُ حَرُمت عَلَيْهِ امْرَأَته. قَوْله: أعن صبُوح
تُرَقِّقُ هَذَا مَثَل يضْرب للرجل يظْهر شَيْئا وَهُوَ يعرض
بِغَيْرِهِ قَالَ وَأَخْبرنِي [أَبُو -] زِيَاد الْكلابِي بِأَصْل
هَذَا أَن رجلا نزل بِقوم فأضافوه وأكرموه ليلته فَجعل يَقُول: إِذا
كَانَ غدٌ وأصبحنا من الصبوح مضيت لحاجتي وَفعلت كَذَا وَكَذَا
وَإِنَّمَا يُرِيد بذلك أَن يُوجب الصبوح عَلَيْهِم ففَطَنُوا لَهُ
فَقَالُوا أعن صَبُوح تُرقِّق فَذَهَبت مَثَلا لكل من قَالَ شَيْئا
وَهُوَ يُرِيد غَيره. وَقَوله: تُرَقِّق أَي تُرَقق كَلَامه فتحسنه.
فَوجه الحَدِيث أَن الشّعبِيّ [كَانَ -] اتّهم الرجل الَّذِي سَأَلَهُ
عَن تَقْبِيل أم امْرَأَته وَهُوَ يُرِيد أَن يُهَوِّنه عَلَيْهِ فغلظه
الشّعبِيّ عَلَيْهِ وَظن أَنه يُرِيد مَا وَرَاء ذَلِك.
صعفق وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث عَامر [الشّعبِيّ -] أَنه قَالَ:
(4/442)
مَا جَاءَك عَن أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله
عَلَيْهِ [وَسلم -] فَخذه ودَعْ مَا يَقُول هَؤُلَاءِ الصِّعافِقَةُ.
قَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّعافِقَةُ قوم يحْضرُون السوُّق للتِّجَارَة
وَلَا نَقْدَ مَعَهم وَلَيْسَت لَهُم رؤسَ أَمْوَال فَإِذا اشْترى
التُّجَّار شَيْئا دخلُوا مَعَهم فِيهِ / وَالْوَاحد مِنْهُم: صَعْفَقي
وَقَالَ غير الْأَصْمَعِي: صعفق وَكَذَلِكَ 136 / ب كل من لم يكن لَهُ
رَأس مَال فِي شَيْء وَجمعه صعافِقة وصعافِيقُ [قَالَ أَبُو النَّجْم:
(الرجز)
يَوْم قدرْنا والعزيزُ من قَدَرْ ... وآبتِ الخيلُ وقَضَّيْنَ الوطَرْ
من الصَّعافيق وأدركنا المَئرْ
أَرَادَ بالصعافيق أَنهم ضعفاء لَيست لَهُم شجاعة وَلَا قُوَّة على
قتالنا
(4/443)
وَكَذَلِكَ أَرَادَ الشّعبِيّ أَن
هَؤُلَاءِ لَيْسَ عِنْدهم فِقْهٌ وَلَا عِلم بِمَنْزِلَة أُولَئِكَ
التُّجَّار الَّذين لَيست لَهُم رُؤُوس أَمْوَال.
شَرق وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ عَن رجل
لَطَمَ عين رجل فَشَرِقَتْ بالدَّم وَلما يذهب ضَوؤها فَقَالَ
الشّعبِيّ: (الطَّوِيل)
لَهَا أمرُها حَتَّى إِذا مَا تَبَوَّأتْ ... بأخفافها مأوًى تبوَّأ
مَضْجَعا
بَلغنِي هَذَا الحَدِيث عَن ابْن عُيَيْنَة. قَالَ أَبُو عبيد: لم يزدْ
الشّعبِيّ على هَذَا الْبَيْت وَهَذَا شعر لِلرَّاعِي يصف فِيهِ
الْإِبِل وراعيها فَقَالَ: لَهَا أمرهَا يَقُول: لِلْإِبِلِ أمرهَا فِي
المرعى يَعْنِي ان الرَّاعِي يُهْملها فِيهِ وَلَا يحبسها عَن شَيْء
تريده فَهِيَ تتبع مَا تشْتَهي حَتَّى إِذا صَارَت إِلَى الْموضع
الَّذِي يُعْجِبُها أَقَامَت فِيهِ فَإِذا فعلتْ ذَلِك ألْقى حِينَئِذٍ
عَصَاهُ واضطجع وَهَذَا مثل ضربه الشّعبِيّ للعين المضروبة يَقُول:
إِنَّهَا تُهْمَلُ كَمَا أهملت هَذِه الْإِبِل وَلَا يحكم فِيهَا
بِشَيْء حَتَّى تَأتي على آخر أمرهَا إِمَّا بُرْءٌ وَإِمَّا ذهَاب
(4/444)
فَإِذا فَعَلتْ ذَلِك حُكم حِينَئِذٍ
فِيهَا بقَدر مَا حَدَث كَمَا فعل هَذَا الرَّاعِي حَتَّى أَقَامَت
الإبلُ قضى أمرَه وَأقَام مَعهَا واضطجع.
عقل وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
الشّعبِيّ لَا تعقل الْعَاقِلَة عمدا وَلَا عبدا وَلَا صُلْحًا وَلَا
اعترافا قَالَ حدّثنَاهُ عبد الله بن إِدْرِيس عَن مطرف عَن الشّعبِيّ.
قَوْله: عمدا يَعْنِي أَن كل جِنَايَة عمدٍ لَيست بخطأ فإنّها فِي مَال
الْجَانِي خاصّةً وَكَذَلِكَ الصُّلْح مَا اصْطَلحُوا عَلَيْهِ من
الْجِنَايَات فِي الْخَطَأ فَهُوَ أَيْضا فِي مَال الْجَانِي
وَكَذَلِكَ الِاعْتِرَاف إِذا اعْترف الرجل بِالْجِنَايَةِ من غير
بَيِّنَة تقوم عَلَيْهِ فَإِنَّهَا فِي مَاله وَإِن ادّعى أَنَّهَا
خطأٌ لَا يصدق الرجل على الْعَاقِلَة. وَأما قَوْله: وَلَا عَبْداً
فانَّ النَّاس قد اخْتلفُوا فِي تَأْوِيل هَذَا فَقَالَ لي مُحَمَّد بن
الْحسن: إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَن يقتل العَبْد حرًّا يَقُول: فَلَيْسَ
على عَاقِلَة مَوْلَاهُ شَيْء من جِنَايَة عَبده إِنَّمَا جِنَايَته
فِي رقبته أَن يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ أَو
يفْدِيه وَاحْتج فِي ذَلِك بِشَيْء رَوَاهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ
مُحَمَّد بن الْحسن حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن
(4/445)
أبي الزِّنَاد عَن عبيد الله بن عبد الله
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا تعقل الْعَاقِلَة عمدا وَلَا صلحا وَلَا
اعترافا وَلَا مَا جنى الْمَمْلُوك قَالَ مُحَمَّد: أَفلا ترى أنّه قد
جعل الْجِنَايَة جِنَايَة الْمَمْلُوك وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ
ابْن أبي ليلى: إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَن يكون العَبْد يجنى عَلَيْهِ
يقْتله حرًّا ويجرحه يَقُول: فَلَيْسَ على عَاقِلَة الْجَانِي شَيْء
إِنَّمَا ثمنه فِي مَاله خَاصَّة. قَالَ: فذاكرت الْأَصْمَعِي ذَلِك
فَإِذا هُوَ يرى القَوْل فِيهِ قَول ابْن أبي ليلى على كَلَام الْعَرَب
وَلَا يرى قَول أبي حنيفَة جَائِزا يذهب إِلَى أَنه لَو كَانَ
الْمَعْنى على مَا قَالَ لَكَانَ الْكَلَام لَا تعقِل العاقِلة عَن عبد
وَلم يكن: لَا تَعْقِل عبدا قَالَ أَبُو عبيد: وَهُوَ عِنْدِي كَمَا
قَالَ ابْن أبي ليلى وَعَلِيهِ كَلَام الْعَرَب.
عصر وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
الشّعبِيّ يَعْتَصِر الْوَالِد على وَلَده فِي مَاله يحدثه ابْن
إِدْرِيس عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ.
(4/446)
قَوْله: يَعْتَصر يَقُول: لَهُ أَن يحْبسهُ
عَنهُ ويمنعه إِيَّاه وكل شَيْء حَبسته ومنعته قد اعْتَصْرتَه وَقَالَ
ابْن أَحْمَر: (السَّرِيع)
وإنَّما العَيشُ بِرُبَّانِه ... وَأَنت من أفنانِه مُعْتَصِرْ
ويروى: مُقتفْر وَيُقَال من هَذَا: عَصَرْت الشَّيْء أعصره قَالَ
طرفَة:
(الرجز)
يَعْصِر فِينَا كَالَّذي تعصر]
سفف وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث عَامر [الشّعبِيّ -] أَنه كره أَن يُّسِفَّ الرجلُ النّظر إِلَى
أمه وَابْنَته وَأُخْته. قَالَ: الإسْفاف شِدَّة النّظر وحِدتَّه وكلُّ
شَيء لَزِمَ شَيْئا ولصق
(4/447)
بِهِ فَهُوَ مُسِفٌّ قَالَ عَبِيد يذكر
سحابا قد تدلى حَتَّى لَصِق بِالْأَرْضِ أَو قرب مِنْهَا: [الْبَسِيط]
دانٍ مُسِفَّ فُويقَ الأرضِ هَيْدَبُه ... يكَاد يَدْفَعه من قامَ
بالرَّاحِ
أَحَادِيث الْحسن بن [أبي] الْحسن الْبَصْرِيّ رَحمَه الله
وَجب [قَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث الْحسن فِي إطْعَام الْمَسَاكِين
لكفَّارة
(4/448)
الْيَمين قَالَ يُطعمهُمْ وَجْبةً وَاحِدَة قَالَ حدّثنَاهُ هشيم عَن
يُونُس وَمَنْصُور عَن الْحسن. قَالَ الْكسَائي: الوَجبة الأكْلَة
الْوَاحِدَة يُقَال: فلانٌ يَأْكُل فِي الْيَوْم وَجْبةً إِذا كَانَت
لَهُ أكلةٌ قَالَ الْكسَائي: وَكَذَلِكَ يُقَال هُوَ يَأْكُل وزمة.
قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال من الوَجْبة: قد وَجَّبَ الرجل على نَفسه
الطَّعَام إِذا جعل لنَفسِهِ أكلةَ فِي الْيَوْم. |