فقه اللغة وسر العربية

الفصل الحادي والثلاثون فيما يذكَّر ويؤنَّث.
وقد نطق القرآن باللغتين: من ذلك السَّبيل قال الله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} 3 وقال جلّ ذكره: {هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} 4 ومن ذلك الطاغوت قال تعالى في تذكيره: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} 5 وفي تأنيثها: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} 6.
الفصل الثاني والثلاثون: فيما يقع على الواحد والجمع.
من ذلك الفُلك قال الله تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} 7 فلما جمعه قال: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} 8 ومن ذلك قولهم: رَجُل جُنُبٌ ورِجال جُنُبٌ وفي القرآن: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} 9 ومن ذلك العدو. قال تعالى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} 10 وقال: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} 11 ومن ذلك الضيف: قال الله عزّ وجلّ: {هَؤُلاءِ ضَيفِي فَلا تَفْضَحُونِ} 12.
__________
1 سورة هود الآية: 80.
2 سورة الرعد الآية: 31.
3 سورة الأعراف الآية: 146.
4 سورة يوسف الآية: 108.
5 سورة النساء الآية: 60.
6 سورة الزمر الآية: 17.
7 سورة يّس الآية: 41.
8 سورة البقرة الآية: 164.
9 سورة المائدة الآية: 6.
10 سورة الشعراء: 77.
11 سورة النساء الآية: 92.
12 سورة الحجر الآية: 68.

(1/233)


الفصل الثالث والثلاثون: في جمع الجمع.
العرب تقول: أعراب وأعاريب وأَعطِية وأَعطِيات وأَسقية وأسقيات وطُرُق وطُرُقات وجمال وجمالات وأَسوِرة وأساور قال الله عزّ وجلّ {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ, كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ, وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} 1 وقال عزّوجَلّ: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} 2. وليس كل جمع يجمع كما لا يجمع كل مصدر.
الفصل الرابع والثلاثون: في الخطاب الشامل للذكران والإناث وما يَفْرِق بينهم.
قال الله عزّوجلّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} 3 وقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} 4 فعمَّ بهذا الخطاب الرجال والنساء وغلَّب الرجال وتغليبهم من سنن العرب. وكان ثعلب يقول العرب تقول: امرُؤٌ وامرأانِ وقوم وامرأةٌ وامرأتان ونِسوة لا يقال للنساء قوم وإنما سمِّي الرجال دون النساء قوماً لأنهم يقومون في الأمور كما قال عزَّ ذكره: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} 5 يقال: قائم وقوم كما يقال زائر وَزَور وصائم وصوم ومما يدل على أنَّ القوم رجال دون النساء قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ} 6 وقول زهير: [من الخفيف]
وما أدري وسَوف إخالُ أدري ... أقومٌ آلُ حِصْنٍ أم نِساءُ.