الخصائص

باب في الجمع بين الأضعف والأقوى في عقد واحد:
وذلك جائز عنهم1، وظاهر وجه الحكمة في لغتهم2؛ قال الفرزدق:
كلاهما حين جد الجرى بينهما ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابى3
"فقوله: كلاهما قد أقلعا ضعيف؛ لأنه حمل على المعنى؛ وقوله: وكلا أنفيهما رابى"4 قوي لأنه حمل على اللفظ. وأنشد أبو عمرو الشيباني:
كلا جانبيه يعسلان كلاهما ... كما اهتز خوط النبعة المتتابع5
فإخباره بـ"يعسلان" عن "كلا جانبيه"6 ضعيف على ما ذكرنا. وأما "كلاهما" فإن جعلته توكيدا لـ"كلا" ففيه ضعيف؛ لأنه حمل على المعنى دون اللفظ. ولو كان على اللفظ لوجب أن يقول: كلا جانبيه يعسل كله، أو قال: يعسلان كله، فحمل "يعسلان" على المعنى، و"كله" على اللفظ، وإن كان في هذا ضعف، لمراجعة اللفظ بعد الحمل على المعنى. وإن جعلت "كلاهما" توكيدا للضمير في "يعسلان" فإنه قوى، لأنهما في اللفظ اثنان كما أنهما في المعنى كذلك.
وقال الله -سبحانه: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} 7 فحمل أول الكلام على اللفظ، وآخره على المعنى، والحمل على اللفظ أقوى.
__________
1 في ط: "عندهم".
2 بعده في ط: "عنهم".
3 انظر ص423 من الجزء الثاني.
4 سقط ما بين القوسين في ش.
5 يعسلان: يهتزان. والخوط: الغصن الناعم. والنبعة شجر يتخذ منه السهام، والمتتابع وصف من التتابع وهو الإسراع واللجاجة أي سريع في الاهتزاز. وكأن هذا في وصف رمح.
6 في ش: "جانبيها".
7 آية 112 سورة البقرة.

(3/317)


وتقول: أنتم كلكم بينكم درهم. فظاهر هذا أن يكون "كلكم" توكيدا لـ"أنتم" والجملة بعده خبر "عنه. ويجوز أن يكون كلكم مبتدأ ثانيا، والجملة بعده خبر"1 عن "كلكم". وكان أجود من2 ذلك أن يقال: بينه درهم؛ لأنه لفظ كل مفرد؛ ليكون كقولك أنتم غلامكم له مال. ويجوز أيضا: أنتم كلكم بينهم درهم، فيكون عود الضمير بلفظ الغائب حملا على اللفظ، وجمعه حملا على المعنى. كل ذلك "مساغ عندهم"3 ومجاز بينهم.
وقال ابن4 قيس:
لئن فتنتني لهي بالأمس أفتنت ... سعيدا فأضحى قد قلى كل مسلم
وفتن أقوى من أفتن؛ حتى إن الأصمعي لما أنشد هذا البيت شاهدا لأفتن قال: ذلك مخنث، ولست آخذ بلغته. وقد جاء به رؤبة إلا أنه لم يضممه إلى غيره؛ قال:
يعرضن إعراضا لدين المفتن5
ولسنا ندفع أن في الكلام كثيرا من الضعف فاشيا، وسمتا منه مسلوكا متطرقا.
وإنما غرضنا هنا أن نرى إجازة العرب جمعها بين قوى الكلام وضعيفه في عقد واحد وأن لذلك وجها من النظر صحيحا. وسنذكره.
__________
1 سقط ما بين القوسين في ش.
2 سقط في ش.
3 كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "مشاع عنهم".
4 نسبه غير ابن جني إلى أعشى همدان، وهو في الصبح المنير 340 في شعره مع بيت بعده:
وألقى مصابيح القراءة واشترى ... وصال الغواني بالكتاب المتمم
وهو يريد سعيد بن جبير، وانظر اللسان "فتن".
5 من أرجوزة يمدح فيها بلال بن أبي بردة. والبيت في الحديث عن النساء، وقوله: "يعرضن" أي يمكن من وصلهن، يقول: إنهن يتيسرن ويمهلن لمن يفتن بهن من الشبان.

(3/318)


وأما قوله:
أما ابن طوق فقد أوفى بذمته ... كما وفى بقلاص النجم حاديها1
فلغتان قويتان.
وقال:
لم تتلفع بفضل مئزرها ... دعدٌ ولم تسق دعد في العلب2
فصرف ولم يصرف. وأجود اللغتين ترك الصرف.
وقال:
إني لأكنى بأجبال عن اجبلها ... وبآسم أودية عن اسم واديها3
وأجبال أقوى من أجبل، وهما -كما ترى- في بيت واحد.
ومثله في المعنى لا في الصنعة4 قول الاخر:
أبكى إلى الشرق ما كانت منازلها ... مما يلي الغرب خوف القيل والقال
وأذكر الخال في الخد اليمين لها ... خوف الوشاة وما في الخد من خال5
وقال6:
أنك يا معاويا بن الأفضل
__________
1 انظر ص371 من الجزء الأول.
2 في ط: "تغذ" في موضع "تسق" وفي د، هـ، ز: "بالعلب" بدل "في العلب" وانظر ص63 من هذا الجزء.
3 في ط: "ذكر" بدل "اسم".
4 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "صنعة الإعراب".
5 في ط: "منازلهم" بدل منازلها، وفي ط، ز: "بالخلد" في مكان "في الحد" والبيتان لابن الأحنف. وانظر ديوانه: 128 طبع الجوائب.
6 في أرجوزة للعجاج:
فقد رأى الراءون غير البطل ... أنك يا يزيد يابن الأفحل
إذ زلزل الأقوام لم تزلزل ... عن دين موسى والرسول المرسل
وفي شرح الديوان أن المعنى يزيد بن معاوية، وفي أراجز البكري أنه يزيد بن عبد الملك، وجاء في كتاب سيبويه 1/ 334 الرجز منسوبا إلى العجاج هكذا.
فقد رأى الراءون غير البطل ... أنك يا معاويا بن الأفضل
وتبعه المؤلف، ويبدو أن الصواب ما أثبت عن الديوان.

(3/319)


قال صاحب الكتاب: أراد: يا معاوية فرخمه على يا حارُ فصار يا معاوى، ثم رخّمه ثانيا على قولك: يا حارِ، فصار: يامعاوِ؛ كما ترى. أفلا تراه كيف1 جمع بين الترخيمين: أحدهما2 على يا حارُ، وهو الضعيف، والآخر3 على يا حارِ، وهو القوي.
ووجه الحكمة "في الجمع بين اللغتين"4: القويّة والضعيفة في كلام واحد هو: أن يُروك أن جميع كلامهم -وإن تفاوت أحواله فيما ذكرنا وغيره- على ذكر منهم وثابت في نفوسهم. نعم وليؤنِّسك بذاك حتى إنك إذا رأيتهم5، وقد جمعوا بين ما يقوى، وما يضعف في عقد واحد، ولم "يتحاموه ولم يتجنبوه"6، ولم يقدح أقواهما في أضعفهما، كنت إذا أفردت الضعيف منهما بنفسه، ولم تضممه إلى القوي، فيتبين7 به ضعفه وتقصيره عنه، آنس به وأقل احتشاما لاستعماله فقد عرفت ما جاء عنهم من نحو قولهم: كل مجرٍ بالخلاء يسر. وأنشد الأصمعي:
فلا تصلي بمطروق إذا ما ... سرى في القوم أصبح مستكينا
إذا شرب المرضة قال: أوكي ... على ما في سقائك قد روينا8
__________
1 سقط في ش.
2 سقط في د، هـ، ز.
3 كذا في ش. وفي ز، ط: "جمع اللغتين".
4 سقط هذا الحرف في ش.
5 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "يتحاشوه ولم يحتشموه".
6 كذا في ش. وفي ز، ط: "فيبين".
7 كذا في ش، وفي ز، ط: "بخلاء". وفي أمثال الميداني في أصل هذا المثل أن رجلا كان له فرس قد أعجبه إذا أجراه وحده، فأنزله في حلبة السباق، فجاء بين الخيل متخلفا مسبوقا، فقال الرجل هذا المثل. ويقال أيضا كل مجر بخلاء سابق.
8 البيتان لابن أحمر يخاطب امرأته، ويوصيها ألا تتزوج بعده بخيلا. وقوله: "فلا تصلي بمطروق" أي لا تصلي حيالك به، والمطروق: الضعيف اللين، والمرضة: اللبن ينقع فيه التمر بعد نزع نواه، وقوله: "أوكي" أي غطي. وانظر اللسان "رضض".

(3/320)


وغرضه في هذين البيتين أن يريك1 خفضة في حال دعته2. وقريب منه قول لبيد:
يا عين هلا بكيت أربد إذ ... قمنا وقام الخصوم في كبد3
أي: هناك يُعرف قد الإنسان، لا4 في في حال الخلوة والخفيضة5. وعليه قولها6:
يذكرني طلوع الشمس صخرا ... وأذكره لكل غروب شمس
أي وقتى الإغارة والإضافة. وقد كثر جدا. وآخر ما جاء به شاعرنا، قال7:
وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنزالا
ونظير هذا الإنسان يكون له ابنان أو أكثر من ذلك، فلا يمنعه نجابة النجيب منهما الاعتراف بأدونهما، وجمعه بينهما في المقام الواحد إذا احتاج إلى ذلك.
وقد كنا قدمنا8 في هذا الكتاب حكاية أبي العباس مع عمارة وقد قرأ: "ولا الليل سابقُ النهارَ"9 فقال له "أبو العباس"10: ما أردت؟ فقال: أردت: سابق النهار. فقال: فهلا قلته! فقال عمارة10: لو قلته لكان أوزن.
وهذا يدلك على أنهم قد يستعملون من الكلام ما غيره "آثر في نفوسهم منه"11؛ سعة في التفسح، وإرخاء12 للتنفس13، وشحا على ما جشموه14 فتواضعوه، أن يتكارهوه فيلغوه ويطرحوه. فاعرف ذلك مذهبا لهم، ولا "تطعن عليهم"15 متى ورد عنهم شيء منه.
__________
1 في د، هـ، ز: "يريد".
2 في ط: "تغبه".
3 في ز، ط: "قام" في مكان: "قمنا". في "كبد" أي في شدة وعناه. وفي الأغاني 15/ 130 "السامي": "الكبد: الثبات والقيام". وكان أربد أخا لبيد لأمه، وقد أصابته صاعقة فأحرقته، في قصة له في الأغاني.
4 سقط في ش.
5 كذا في ش. وفي ط: "الخفية" وفي ز: "الخفضة". والخفيضة: لين العيش وسعته.
6 أي الخنساء في رثاء أخيها صخر. وفي ط:
وأبكية لكل مغيب شمس
7 في ز: "فقال". والبيت من قصيدة يمدح فيها أبو الطيب سيف الدولة بن حمدان، ويذكر انتصاره على الروم يقول: إنهم أظهروا الإقدام على سيف الدولة، فلما أحسوا به فروا من بين يديه.
8 انظر ص126، 150 من الجزء الأول.
9 آية 40 سورة يس.
10 سقط في ش.
11 في د، هـ: "أثبت منه في أنفسهم".
12 في ز: "إرحايا".
13 في ش: "للمتنفس".
14 كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "تجشموه".
15 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "تراجع عنه".

(3/321)


باب في جمع الأشباه من حيث يغمض الاشتباه:
هذا غور من اللغة1 بطين، يحتاج مجتابه إلى فقاهة في النفس، ونصاعة من2 الفكر، ومساءلة خاصية3، ليست4 بمبتذلة ولا ذات هجنة.
ألقيت يوما على بعض من كان5 يعتادني، فقلت6: من أين تجمع بين قوله7:
لدن بهز الكف يعسل متنه ... فيه كما عسل الطريق الثعلب
وبين قولنا: اختصم زيد وعمرو؟ فأجبل8 ورجع مستفهما. فقلت: اجتماعهما من حيث وضع كل واحد منهما في غير الموضع الذي بدئ له. وذلك9 أن الطريق خاص وضع موضع العام. وذلك أن وضع هذا أن يقال: كما عسل أمامه الثعلب، وذلك الأمام قد كان يصلح لأشياء من الأماكن كثيرة: من طريق وعسف
__________
1 كذا في ش، وفي، هـ، ز، ط: "العربية".
2 في د، هـ، ز: "في".
3 كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "خاصة".
4 في ش: "وليست".
5 زيادة في ط.
6 سقط في ش.
7 أي ساعدة بن جؤية الهذلي وهو في وصف الرمح، واللدن: اللين الناعم، وقوله: "يعسل متنه" يشتد اهتزازه، ويقال: عسل الثعلب والذئب في سيره: اشتد اضطرابه، وانظر الخزانة في الشاهد التاسع والستين بعد المائة.
8 أي انقطع، وأصل ذلك أن الحافر ليبلغ الماء يفض إلى جبل أو صخر ولا يجد ماء.
9 في ط: "ألا ترى".

(3/322)


وغيرهما. فوضع الطريق -وهو بعض ما كان يصلح للأمام أن يقع عليه- موضع الأمام. فنظير هذا أن واو العطف وضعها لغير الترتيب، وأن تصلح للأوقات الثلاثة، نحو جاء زيد وبكر. فيصلح أن يكونا جاءا معا، وأن يكون زيد قبل بكر، وأن يكون بكر قبل زيد. ثم إنك1 قد تنقلها من هذا العموم إلى الخصوص. وذلك قولهم2: اختصم زيد وعمرو. فهذا لا يجوز أن يكون الواو فيه إلا لوقوع الأمرين في وقت واحد. ففي هذا أيضا إخراج الواو عن أول ما وضعت له في ألأصل: من صلاحها للأزمنة الثلاثة والاقتصار بها على بعضها؛ كما اقتصر على الطريق من بعض ما كان يصلح له الأمام.
ومن ذلك أن يقال لك3: من أين تجمع بين قول الله سبحانه: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} 4 من قول الشاعر:
زمان عليّ غراب غداف ... فطيره الدهر عنى فطارا5
فالجواب: أن في كل واحد من الآية والبيت دليلا على قوة شبه الظرف بالفعل. أما الآية فلأنه عطف الظرف في قوله: {فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ} على قوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} والعطف نظير التثنية؛ وهو مؤذن بالتماثل والتشابه. وأما البيت فلأنه عطف الفعل فيه على الظرف الذي هو قوله: "علي غراب غداف". وهذا واضح. وبهذا يقوى عندي قول مبرمان: إن الفاء في نحو قولك: خرجت فإذا زيد عاطفة، وليست زائدة كما قال أبو عثمان؛ ولا للجزاء كما قال الزيادي.
__________
1 في ش: "إنها".
2 في ز، ط: "قولك".
3 سقط في ش.
4 آيتا 9، 10 من سورة الطارق.
5 في ز، ط: "الشيب" في مكان "الدهر" وانظر ص108 من الجزء الأول.

(3/323)


ومن ذلك أن يقال: من أين تجمع قول1 الله سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} 2 مع قول امرئ القيس:
على لا حب لا يهتدي بمناره ... إذا ساقه العود النباطي جرجرا3
والجواب أن معنى قوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} : لم يذل فيحتاج إلى ولى من الذل؛ كما أن هذا معناه: لا منار به فيهتدى به. ومثله قول الآخر:
لا تفزع الأرنب أهوالها ... ولا يرى الضب بها ينجحر4
وعليه قول الله تعالى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} 5، أى لا يشفعون لهم فينتفعوا بذلك. يدل عليه قوله عز اسمه: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} 6 وإذا كان كذلك فلا شفاعة إلا للمرتضى7. فعلمت بذلك أن لو "شفع لهم لا ينتفعون"8 بذلك. ومنه قولهم: هذا أمر لا ينادى وليده أى لا وليد فيه فينادى.
فإن قيل: فإذا كان لا منار به ولا وليد فيه "ولا أرنب هناك"9 فما وجه إضافة هذه الأشياء إلى ما لا ملابسة بينها وبينه؟
قيل: لا10؛ بل هناك ملابسة لأجلها ما صحت الإضافة. وذلك أن العرف أن يكون في الأرض الواسعة منا يهتدى به، وأرنب تحلها. فإذا شاهد الإنسان هذا البساط11 من الأرض خاليا من المنار والأرنب12، ضرب بفكره إلى ما فقده
__________
1 في ز، ط: "مع قول".
2 ختام سورة الإسراء.
3 في ز، ط: "الديافي" في مكان "النباطي" والنباطي -بضم النون وفتحها- المنسوب إلى النبط، وانظر ص167 من هذا الجزء.
4 انظر المرجع السابق.
5 آية 48 سورة المدثر.
6 آية 28 سورة الأنبياء.
7 في ز، ط: "للمرضى". يريد أن الشفاعة خصت بمن ارتضى الله، وهؤلاء سخط الله عليهم ولم يرضهم.
8 كذا في د، هـ، ز. وفي ش: "شفعوا لا ينفعوا". وفي ط: "شفع فيهم لا تنفعوا".
9 سقط ما بين القوسين في ش.
10 سقط في ز، ط.
11 كذا في ش. وفي ز، ط: "البسيط". والبساط -بفتح الباء وكسرها: الأرض الواسعة، وكذا البسيط.
12 كذا في ش، وفي ز، ط: "الأرانب".

(3/324)


منهما فصار ذلك القدر من الفكر وصلة بين الشيئين، وجامعا لمعتاد الأمرين. وكذلك1 إذا عظم الأمر واشتد الخطب على أنه لا يقوم له، ولا يحضر فيه إلا الأجلاد وذوو البسالة، دون الولدان وذوي الضراعة. فصار العلم بفقد هذا الضرب من الناس وصله فيه2 بينهما، وعذرا في تصاقبهما3 وتدانى حاليهما.
ومن ذلك أن يقال: من أين تجمع قول الأعشى:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وبت كما بات السليم مسهدا4
مع قول الآخر -فيما رويناه عن ابن الأعرابي:
وطعنة مستبسل ثائر ... ترد الكتيبة نصف النهار5
ومع قول العجاج:
ولم يضع جاركم لحم الوضم6
ومع قوله أيضًا:
حتى إذا اصطفوا له جدارا7
__________
1 في ز، ط: "لذلك".
2 زيادة في ز، ط.
3 في ش، د، هـ، ز: "تصافيهما" ويبدو أنه تصحيف لما أثبت وفي ط: "تضامنهما".
4 هذا مطلع قصيدة له في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان عزم على الإسلام فصدته قريش. والسليم: اللديغ. وانظر الصبح المنير 101.
5 في ز، ط: "يرد" في مكان "ترد". والبيت من أربعة أبيات لسبرة بن عمرة الفقعسي في نوادر أبي زيد 155. وفيها: "حاسر" في مكان "ثائر".
6 من رجز له يخاطب فيه مروان بن الحكم. وقبله:
مروان إن الله أوصى بالذمم ... وجعل الجيران أستار الحرم
وفي الديوان: "لم يكن" في مكان "لم يضع".
7 من أرجوزة له يمدح فيها الحجاج، ويذكر إيقاعه بالخوارج، فقوله: "اصطفوا" أي الخوارج، يريد: أنهم برزوا له في الموقعة. وجواب الشرط في قولهم بعد:
أورد حذا تسبق الأبصارا ... يسيقن بالموت القنا الحرارا
وهو يريد بالخذ منها ما خفيفة، والحرار جمع الحرى، وصفها بذلك لحرارة الطعن بها.

(3/325)


والجواب: أن التقاء هذه المواضع كلها هو في1 أن نصب في جميعها "على المصدر"2 ما ليس مصدرا. وذلك أن قوله: "ليلة أرمدا" انتصب3 "ليلة" منه على المصدر؛ وتقديره: ألم تغتمض عيناك اغتماض ليلة أرمد، فلما حذف المضاف الذي هو "اغتماض" أقام "ليلة" مقامه، فنصبها على المصدر؛ كما كان الاغتماض منصوبا عليه. فالليلة إذًا ههنا منصوبة على المصدر لا على الظرف. كذا قال أبو على لنا. وهو كما ذكر؛ لما ذكرنا. فكذلك4 إذًا قوله:
ترد5 الكتيبة نصف النهار
"إنما نصف النهار"6 منصوب على المصدر لا على الظرف؛ ألا ترى أن ابن الأعرابي قال في تفسيره: إن معناه: ترد الكتيبة مقدار نصف اليوم أى مقدار مسيرة نصف يوم. فليس إذًا معناه: تردها في وقت نصف7 النهار؛ بل: الرد الذي لو بدئ أول النهار لبلغ نصف يوم. وكذلك قول العجاج:
ولم يضع جاركم لحم الوضم
فـ"لحم الوضم" منصوب على المصدر، أى ضياع لحم الوضم. وكذلك قوله8 أيضًا:
حتى إذا اصطفوا له جدارا
فـ"جدارا" الوضم منصوب على المصدر. هذا هو الظاهر؛ ألا ترى أن معناه: "حتى إذا اصطفوا8 له" اصطفاف جدار، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه؛
__________
1 سقط في ش.
2 سقط ما بين القوسين في ش.
3 كذا في ش، وفي ز، ط: "ينصب".
4 كذا في ش، وفي ز، ط: "وكذلك".
5 في ز، ط: "يرد".
6 كذا في ط، وسقط في ش، ز.
7 في د، هـ، ز: "انتصاف".
8 سقط في ش.

(3/326)


على ما مضى. وقد يجوز أن يكون "جدارا" حالا أي مثل الجدار، وأن يكون أيضًا منصوبا على فعل آخر، أى صاروا جدارا، أى مثل جدار، فنصبه1 في هذا الموضع2 على أنه خبر صاروا. والأول أظهر وأصنع.
ومن ذلك أن يقال: من أين يجمع قول الله سبحانه: {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ} 3 مع قوله تعالى: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ} 4. والتقاؤهما أن أبا علي -رحمه الله- كان يقول: إن عين "استكانوا" من الياء، وكان يأخذه من لفظ5 الكين ومعناه، وهو لحم باطن الفرج، أى فما ذلوا وما خضعوا. وذلك لذل هذا الموضع ومهانته. وكذلك قوله: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ} إنما هو من لفظ الحياء6 ومعناه "أى الفرج"7، أى يطئوهن8 وهذا واضح.
ومن ذلك أن يقال: من أين "يجمع بين"9 قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} 10، وبين11 قوله: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} 12. والتقاءهما من قبل أن الفاء في قوله سبحانه: {فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} إنما دخلت لما في الصفة التي هي قوله: {الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ} "من معنى الشرط"13، أى إن فررتم منه لاقاكم -فجعل- عز اسمه- هربهم منه سببا للقيه إياهم؛ على وجه المبالغة؛ حتى كأن هذا مسبب عن هذا؛ كما قال زهير:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه14
__________
1 كذا في ش، وفي ز، ط: "فتنصبه".
2 سقط في ز، ش.
3 آية 76 سورة المؤمنين.
4 آية 49 سورة البقرة.
5 كذا في ز، وفي ش: "لحم" وسقط كلاهما في ط.
6 وظاهر الأمر أنه من لفظ الحياة أي يتركون بناتكم أحياء للخدمة.
7 سقط ما بين القوسين في ش.
8 ويرى بعضهم أن المعنى على هذا التفتيش على أرحام النساء، فإذا كان الجنين ذكرا أسقطت المرأة، وإن كان أنثى أبقى على حملها.
9 كذا في ش. وفي ز، ط: "يجتمع".
10 آية 8 سورة الجمعة.
11 كذا في ش، وفي ز، ط: "مع".
12 آيتا 4، 5 سورة الماعون.
13 سقط ما بين القوسين في ز، ط.
14 عجزه:
ولو رام أسباب السماء بسلم
وأسباب المنايا ما يفضى إلي الموت، وأسباب السماء مراقيها أو نواحيها، والبيت في معلقته.

(3/327)


فمعنى الشرط إذًا1 إنما هو مفاد من الصفة لا الموصوف. وكذلك قوله عز وجل: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} إنما استحقوا الويل لسهوهم عن الصلاة، لا للصلاة نفسها، والسهو مفاد من الصفة لا من2 الموصوف. فقد ترى إلى اجتماع الصفتين في أن المستحق من المعنى إنما هو لما فيهما من الفعل الذي هو الفرار والسهو، وليس من نفس الموصوفين اللذين هما الموت والمصلون. وليس كذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِم} 3، من قبل أن معنى الفعل المشروط به هنا إنما هو مفاد من نفس الاسم الذي ليس موصوفا، أعنى: الذين ينفقون. وهذا واضح.
وقال لى أبو علي -رحمه الله: إنى لم أودع كتابى" "في الحجة" شيئا من انتزاع أبي العباس غير هذا الموضع، أعنى قوله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} مع قوله:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
وكان -رحمه الله- يستحسن الجمع بينهما.
ومن ذلك أن يقال: من أين يجمع4 قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} 5 مع قول الأعشى:
حتى يقول الناس مما رأوا ... يا عجبا للميت الناشر6
والتقاؤهما أن معناه: فاجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة، وكذلك قوله: حتى يقول الناس، أى حتى يقول كل واحد من الناس: يا عجبا!؛ ألا ترى أنه
__________
1 سقط في ط.
2 سقط في ش.
3 آية 274 سورة البقرة.
4 في ز: "يجتمع".
5 آية 4 سورة النور.
6 قبله -وهو في الغزل:
لو أسندت مبنا إلى نحرها ... عاش ولم ينقل إلى قابر
والناشر: الذي حبي بعد الموت: والقابر وصف من قبر الميت: دفنه، وانظر الصبح المنير 105.

(3/328)


لولا ذلك لقيل: يا عجبنا. ومثل ذلك ما حكاه أبز ويد من قولهم: أتينا الأمير فكسانا كلنا حلة وأعطانا كلنا مائة؛ أى كسا كل واحد منا، حلة وأعطاه مائة. ومثل قوله سبحانه: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ} 1 أى: أو لم نعمر كل واحد منكم ما يتذكر فيه من تذكر.
ومن ذلك أن يقال: من أين يجمع2 قول العجاج3:
وكحل العينين بالعواور
مع قول الآخر:
لما رأى أن لادعه ولا شبع ... مال إلى أرطاة حقف فالطجع4
واجتماعهما أنه صحح الواو في العواور، لإرادة الياء في العواوير5، كما أنه أراد: فاضطجع، ثم أبدل من الضاد6 لا ما. فكان قياسه إذ زالت الضاد وخلفتها اللام أن تظهر تاء افتعل، فيقال: التجع، كما يقال: التفت، والتقم، والتحف. لكن أقرت الطاء بحالها ليكون اللفظ بها دليلا على إرادة الضاد التي هذه اللام بدل منها، كما دلت صحة الواو "في العواور"7 على إرادة الياء في العواوير، وكما دلت الهمزة في أوائيل -إذا مددت مضطرا- على زيادة الياء فيها وأن الغرض إنما هو أفاعل لا أفاعيل.
ونحو من الطجع في إقرار الطاء لإرادة الضاد ما حكى لنا أبو علي عن خلف من قولهم: التقطت النوى واستقطته واضتقطته. فصحة التاء مع الضاد في اضتقطته
__________
1 آية 37 سورة فاطر.
2 في ز، ط: "يجتمع".
3 كذا قال المؤلف، والرجز لجندل بن المثنى الطهوي. وانظر ص196 من الجزء الأول.
4 انظر ص264 من الجزء الأول.
5 كذا في ط، وفي ش، ز: "عواوير".
6 زيادة في ز.
7 سقط ما بين القوسين في ش.

(3/329)


دليل على إرادة اللام1 في التقطته، وإن هذه الضاد بدل من تلك اللام؛ كما أن لام الطجع بدل من ضاد اضطجع: هذا هنا كذلك ثمة.
ونحو من ذلك ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم: لا أكلمك حيرى2 دهرٍ، بإسكان الياء في الكلام وعن غير ضرورة من الشعر. وذلك أنه أراد: حيرى دهر -أى امتداد الدهر، وهو من الحيرة؛ لأنها مؤذنة بالوقوف والمطاولة- فحذف الياء الأخيرة3، وبقيت الياء الأولى على سكونها، وجعل بقاؤها ساكنة على الحال التي كانت عليها قبل حذف الأخرى من بعدها دليلا على إرادة هذا المعنى فيها وأنها ليست مبنية على التخفيف في أول أمرها إذ لو كانت كذلك لوجب تحريكها بالفتح فيقال: لا أكلمك حيرى دهر كقولك: مدة الدهر "وأبد الأبد ويد المسند"4 و:
بقاء الوحى في الصم الصلاب
ونحو ذلك. وهذا يدل على أن المحذوف من الياءين في قوله:
بكى بعينك واكف القطر ... ابن الحوارى العالى الذكر5
إنما هو الياء الثانية في الحوارى، كما أن المحذوف من حيرى دهر، إنما هو الثانية في حيرى. فاعرفه.
ومثله إنشاد أبي الحسن:
ارهن بنيك عنهم أرهن بنى
__________
1 في ش: "الثاء".
2 أي طول الدهر. وقد جاء فيه فتح الحاء وكسرها.
3 في ط: "الآخرة".
4 سقط ما بين القوسين في ش.
5 الحواري: هو الزبير بن العوام حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي خاصته وناصره، وابنه عبد الله.

(3/330)


يريد بني، فحذف الياء الثانية للقافية، ولم يعد النون التي كان حذفها للإضافة، فيقول: بنين؛ لأنه نوى الياء الثانية، فجعل ذلك دليلا على إرادتها ونيته إياها.
فهذا شرح من خاصي السؤال1، لم تكد تجرى به عادة في الاستعمال. وقد كان أبو علي رحمه الله -وإن لم يكن تطرقه2- يعتاد3 من الإلقاء نحوا منه، فيتلو الآية، وينشد البيت، ثم يقول: ما في هذا مما يسأل عنه؟ من غير أن يبرز4 "نفس حال"5 المسئول عنه، ولا يسمح بذكره من جهته، ويكله إلى استنباط المسئول عنه، حتى إذا وقع له غرض أبي علي فيه، أخذ في الجواب عليه.
__________
1 كذا في ز، ط، وفي ش: "خاص".
2 سقط في ش. و"تطرقه": اتخذه طريقا مسلوكا، ومنهجا معروفا.
3 في ش: "يعتاده".
4 كذا في ش. وفي ز، ط: "يحرر".
5 كذا في ش. وفي ز، ط: "حال نفس".

(3/331)


باب في المستحيل، وصحة قياس الفروع، على فساد الأصول:
اعلم أن هذا الباب، وإن ألانه عندك ظاهر ترجمته، وغض منه في نفسك بذاذة سمته، فإن فيه ومن ورائه تحصينا للمعاني، وتحريرا للألفاظ، وتشجيعا على مزاولة الأغراض.
والكلام فيه من موضعين:
أحدهما: ذكر استقامة المعنى من1 استحالته، والآخر: الاستطالة على اللفظ بتحريفه والتعلب به، ليكون ذلك مدرجة للفكر، ومشجعة للنفس، وارتياضا لما يرد من ذلك الطرز. وليس لك أن تقول: فما في الاشتغال بإنشاء فروع كاذبة2، عن3 أصول فاسدة! وقد كان في التشاغل بالصحيح، مغنٍ عن التكلف للسقيم. هذا خطأ من القول، من قبل أنه إذا أصلح الفكر، وشحذ البصر، وفتق النظر، كان ذلك عونا لك، وسيفا ماضيا في يدك؛ ألا ترى إلى ما كان نحو هذا من الحساب وما فيه من التصرف والاعتمال.
وذلك قولك4: إذا فرضت5 أن سبعة في خمسة أربعون فكم يجب أن يكون على هذا ثمانية في ثلاثة؟ فجوابه أن تقول: سبعة وعشرون وثلاثة أسباع. وبابه -على الاختصار- أن تزيد على الأربعة والعشرين سُبُعها، وهو ثلاثة وثلاثة أسباع؛ كما زدت على الخمسة والثلاثين سبعها -وهو خمسة- حتى صارت: أربعين.
وكذلك لو قال: لو كانت سبعة في خمسة ثلاثين، كم كان يجب أن تكون ثمانية في ثلاثة؟ لقلت: عشرين وأربعة أسباع، نقصت من الأربعة والعشرين سبعها، كما نقصت من الخمسة والثلاثين سبعها. وكذلك لو كان نصف المائة أربعين لكان نصف الثلاثين اثنى عشر. "وكذلك لو كان نصف المائة ستين لكان نصف الثلاثين ثمانية عشر"6.
ومن المحال أن يقول لك: ما تقول في مال نصفه ثلثاه، كم ينبغي أن يكون ثلثه؟ فجوابه أن تقول: أربعة أتساعه. وكذلك لو قال: ما تقول في مال ربعه وخمسه نصفه وعشره، كم ينبغي أن يكون نصفه وثلثه؟ فجوابه أن يكون: جميعه7 وتسعه. وكذلك لو قال: ما تقول في مال نصفه ثلاثة أمثاله، كم يجب أن تكون
__________
1 في ط: "ر".
2 كذا في ش. وفي ز: "كادة" وفي ط: "كازة".
3 في ط: "على".
4 في د، هـ، ز، ط: "كقولك".
5 في ز، ط: "فرضنا".
6 ما بين القوسين زيادة في ز.
7 في د، هـ، ز: "خمسة".

(3/332)


سبعة أمثاله؟ فجوابه أن تقول: اثنين وأربعين مثلا له. "وكذلك لو قال: ما تقول في مال ضعفه ثلثه كم ينبغي أن يكون أربعة أخماسه؟ وجوابه أن تقول: عشره وثلث عشره"1. وكذلك لو قال لك: إذا كانت أربعة وخمسة ثلاثة عشر فكم يجب أن يكون تسعة وستة؟ فجوابه أن تقول: أحدا وعشرين وثلثين.
وكذلك طريق الفرائض أيضا؛ ألا تراه لو قال: مات رجل، وخلف ابنا وثلاث عشرة بنتا، فأصاب الواحدة ثلاثة أرباع ما خلفه المتوفى، كم يجب أن2 يصيب الجماعة؟ فالجواب أنه يصيب جميع الورثة مثل ما خلفه المتوفى إحدى عشرة مرة وربعا.
وكذلك لو قال: امرأة ماتت، وخلفت زوجا وأختين لأب وأم، فأصاب كل واحدة3 منهما أربعة أتساع ما خلفته المتوفاة، كم ينبغي أن يصيب جميع4 الورثة؟ والجواب أنه يصيبهم ما خلفته المرأة وخمسة أتساعه.
فهذه كلها ونحوه من غير ما ذكرنا، أجوبة صحيحة، على أصول فاسدة.
ولو شئت أن تزيد وتغمض في السؤال لكان ذلك لك5. وإنما الغرض في هذا ونحوه التدرب به، والارتياض بالصنعة فيه. وستراه بإذن الله.
فمن المحال أن تنقض أول كلامك بآخره. وذلك كقولك: قمت غدا، وسأقوم أمس، ونحو هذا. فإن قلت: فقد تقول؛ إن قمت غدا قمت معك، وتقول: لم أقم أمس، وتقول: أعزك الله، وأطال بقاءك، فتأتى بلفظ الماضي ومعناه الاستقبال؛ وقال6:
ولقد أمر على اللئيم يسبنى ... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
__________
1 ما بين القوسين زيادة في ط.
2 في د، هـ، ط: "ينبغي".
3 كذا في ط. وفي ش: "واحد".
4 في ز، ط: "جماعة".
5 سقط في ش.
6 أي رجل من بني سلول، وانظر الكتاب 1/ 416، والخزانة في الشاهد 55.

(3/333)


أي: ولقد مررت. وقال1:
وإنى لآتيكم تشكر ما مضى ... من الأمر واستيجاب ما كان في غد
أي ما يكون. وقال:
أوديت إن لم تحب حبو المعتنك2
أي أودى -وأمثاله كثيرة.
قيل: ما قدمناه على ما أردنا فيه. فأما هذه المواضع المتجوزة3، وما كان نحوها، فقد ذكرنا أكثرها فيما حكيناه عن أبي علي، وقد سأل أبا بكر عنه في4 نحو هذا فقال "أبو بكر"5 كان حكم الأفعال أن تأتي كلها6 بلفظ واحد؛ لأنها لمعنى واحد، غير أنه لما كان الغرض في صناعتها أن تفيد أزمنتها، خولف بين مُثُلها، ليكون ذلك دليلا على المراد فيها. قال: فإن أمن اللبس فيها جاز أن يقع بعضها موقع بعض. وذلك مع حرف الشرط؛ نحو إن قمت جلست؛ لأن الشرط معلوم أنه لا يصح إلا مع الاستقبال. وكذلك لم يقم أمس، وجب لدخول لم ما لولا هي لم يجز. قال7: ولأن المضارع أسبق في الرتبة من الماضي، فإذا نفى8 الأصل كان الفرع أشد انتفاء. وكذلك أيضا حديث الشرط في نحو إن قمت قمت جئت فيه بلفظ الماضي الواجب تحقيقا للأمر، وتثبيتا له، أي إن هذا وعد موفى به لا محالة؛ كما أن الماضي واجب ثابت لا محالة.
__________
1 أي الطرماح. وقبله:
من كان لا يأتيك إلا لحاجة ... يروح بها فيما يروح ويغتدي
وقوله: "وإني لآتيكم" كذا في نسخ الخصائص والصواب -كما في الديوان 146: "فإني لآتيكم" إذ هو جواب الشرط في البيت قبله.
2 انظر ص391 من الجزء الثاني.
3 كذا في د، هـ، ز، ط، وسقط في ش.
4 في د، هـ، ز: "مثل".
5 سقط ما بين القوسين في ش.
6 سقط في ش، وثبت في ط.
7 سقط في د، هـ، ز.
8 في د، هـ، ز: "انتقى".

(3/334)


أي إن لم تتداركني هلكت الساعة غير1 شك، هكذا يريد. فلأجله ما2 جاء بلفظ الواجب الواقع غير المرتاب به، ولا المشكوك في وقوعه. وقد نظر إلى هذا الموضع أبو العتاهية، فاتبعه فيه، وإن صغر لفظه، وتحاقر دونه. قال:
عتب الساعة الساعهْ ... أموت الساعة الساعهْ
وهذا -على نذالة3 لفظه- وفق ما نحن على سمته. وهذا هذا. وليس كذلك قولك: قمت غدا، وسأقوم أمس، لأنه عارٍ من جميع ما نحن فيه؛ إلا أنه لو دل دليل من لفظ أو حال لجاز نحو هذا. فأما على تعرية منه، وخلوه مما شرطناه فيه فلا.
ومن المحال قولك: زيد أفضل إخوته، ونحو ذلك. وذلك أن أفضل: أفعل، وأفعل هذه التي4 معناها المبالغة والمفاضلة، متى أضيفت إلى شيء فهى بعضه؛ كقولك: زيد أفضل الناس، فهذا جائز؛ لأنه منهم، والياقوت أنفس الأحجار؛ لأنه بعضها. ولا تقول: زيد أفضل الحمير، ولا الياقوت أنفس الطعام؛ لأنهما ليسا منهما. وهذا مفاد5 هذا. فعلى ذلك لم يجيزوا: زيد أفضل إخوته؛ لأنه ليس واحد من إخوته، وإنما هو واحد من بنى أبيه؛ ألا ترى أنه لو كان له إخوة بالبصرة وهو ببغداد، وكان6 بعضهم وهم7 بالبصرة، لوجب من هذا أن يكون من ببغداد البتة في حال كونه بها، مقيما بالبصرة البتة في تلك الحال. وأيضا فإن الإخوة مضافون إلى ضمير زيد، وهي الهاء في إخوته، فلو كان واحدا منهم وهم مضافون إلى ضميره كما ترى؛ لوجب أيضا8 أن يكون داخلا معهم في إضافته
__________
1 كذا في ش، وفي ز، ط: "من غير".
2 زيادة في ز، ط.
3 كذا في ش. وفي ز، ط: "نزالة". والنذالة: الخسة، وتزول اللفظة انحدارها عن مرتبة العلوة. ولم أقف على النزالة.
4 في ط: "هي التي".
5 في د: "مقاد".
6 كذا في ز، ط وفي ش: "فكان".
7 كذا في ط، وفي ش، ز: "جميعهم".
8 سقط في ش.

(3/336)


إلى ضميره، وضمير الشيء هو الشيء البتة، والشيء لا يضاف إلى نفسه. وأما1 قول الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} 2 فإن الحق هنا غير اليقين، وإنما هو خالصه وواضحه فجرى مجرى إضافة البعض إلى الكل؛ نحو هذا ثوب خز. ونحوه قولهم: الواحد بعض العشرة. ولا يلزم من حيث كان الواحد بعض العشرة أن يكون بعض نفسه؛ لأنه لم يضف إلى نفسه، وإنما أضيف إلى جماعة نفسه بعضها وليس كذلك زيد أفضل إخوته؛ لأن الإخوة مضافة إلى نفس زيد، وهي الهاء التي هي ضميره. ولو كان زيد بعضهم وهم مضافون إلى ضميره لكان هو أيضا مضافا إلى ضميره الذي هو نفسه، وهذا محال. فاعرف ذلك فرقا بين الموضعين؛ فإنه واضح.
فأما قولنا3: أخذت كل المال، وضربت كل القوم، فليس الكل هو ما أضيف إليه. قال أبو بكر: إنما الكل عبارة عن أجزاء الشيء، وكما جاز أن يضاف أجزاء الجزء الواحد4 إلى الجملة، جاز أيضا أن تضاف الأجزاء كلها إليه.
فإن قيل: فالأجزاء كلها هي الجملة، فقد عاد الأمر إلى إضافة الشيء إلى نفسه.
قيل: هذا فاسد، وليس أجزاء الشيء هي الشيء وإن كان مركبا منها. بل الكل في هذا جارٍ مجرى البعض في أنه ليس بالشيء5 نفسه؛ كما أن البعض ليس به نفسه. يدل على ذلك وأن حال البعض متصورة في الكل قولك: كل
__________
1 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "فأما".
2 آية 51 سورة الحاقة.
3 سقط في ش المكتوب من هنا إلى قوله: "وصواب المسألة".
4 زيادة في ط.
5 كذا في ط، وفي ز: "الشيء".

(3/337)


القوم عاقل، أي كل واحد منهم على انفراده عاقل. هذا هو الظاهر، وهو طريق الحمل على اللفظ؛ قال تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} 1، وقال تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} 2 فوحد، وقال3:
كلا أبويكم كان فرع دعامة
فلم يقل: كانا، وهو الباب. ومثله قول الأعشى أيضا:
حتى يقول الناس مما رأوا ... يا عجبا للميت الناشر4
أي حتى يقول كل واحد منهم: يا عجبا. وعليه قول الآخر:
تفوقت مال ابنى حجير وما هما ... بذي حطمة فانٍ ولا ضرع غمر5
أي: وما كل واحد منهما كذلك.
فأما قوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} 6 و {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} 7 فمحمول على المعنى دون اللفظ. وكأنه إنما حمل عليه هنا لأن كلا فيه غير مضافة، فلما لم تضف إلى جماعة عوض من ذلك ذكر الجماعة في الخيبر. ألا ترى أنه لو قال: وكل له
__________
1 آية 95 سورة مريم.
2 آية 33 سورة الكهف.
3 أي الأعشى في علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل، وهو يمدح عامر أو يهجو علقمة. وقبله معه:
أعلقم قد حكمتني فوجدتني ... بكم عالما على الحكومة غائصا
كلا أبويكم كان فرع دعامة ... ولكنهم زادوا وأصبحت ناقصا
ويروى: "فرعا دعامة". والفرع: الشريف الرئيس، ودعامة العشيرة سيدها، شبه بدعامة البناء فعلى الإضافة المعنى أنه رئيس منسول من رئيس، وعلى الوصف يكون الكلام على التوكيد.
4 انظر ص328 من هذا الجزء.
5 تفوق المال: أخذه شيئا فشيئا، وهو من قولهم: تفوق شرابه، وذو الحطمة: الهرم: والحطمة: المرة من حطمته السن إذا أسن وضعف، والقاني: الشيخ الكبير، والضرع: الضعيف، والغمر: من لم يجرب الأمور.
6 آية 87 سورة النمل.
7 آية 116 سورة البقرة.

(3/338)


قانت لم يكن فيه لفظ الجمع1 البتة، ولما قال: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} 2 فجاء بلفظ الجماعة مضافا إليها، استغنى به عن ذكر الجماعة في الخبر.
وتقول -على اللفظ: كل نسائك قائم، ويجوز: قائمة إفرادا على اللفظ أيضا، وقائمات على المعنى البتة؛ قال الله -سبحانه: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء} 3 ولم يقل: كواحدة؛ لأن الموضع موضع عموم، فغلب فيه التذكير، وإن كان معناه: ليست كل واحدة منكن كواحدة من النساء؛ لما ذكرناه من دخول الكلام "معنى العموم"4. فاعرف ذلك.
وصواب5 المسألة أن تقول: زيد أفضل بني أبيه، وأكرم نجل أبيه "وعترة أبيه"6، ونحو ذلك، وأن تقول: زيد أفضل من إخوته؛ لأن بدخول "مِن" ارتفعت الإضافة فجازت المسألة.
ومن المحال قولك: أحق الناس بمال أبيه ابنه. وذلك أنك إذا ذكرت الأبوة فقد انطوت على البنوة، فكأنك إذًا إنما قلت: أحق الناس بمال أبيه أحق الناس بمال أبيه. فجرى ذلك7 مجرى قولك: زيد زيد، والقائم القائم، ونحو ذلك مما ليس في الجزء الثاني منه إلا ما في الجزء الأول البتة، وليس على ذلك عقد8 الإخبار؛ لأنه "يجب أن يستفاد من الجزء الثاني"9 ما ليس مستفادا من الجزء الأول. ولذلك10 لم يجيزوا: ناكح الجارية واطئها، ولا رب الجارية مالكها؛ لأن الجزء الأول مستوف لما انطوى عليه الثاني.
__________
1 في ط: "الجميع".
2 آية 95 سورة مريم.
3 آية 32 سورة الأحزاب.
4 كذا في ط، وفي ز: "على المعنى".
5 انظر هامش "3" ص337 من هذا الجزء.
6 سقط ما بين القوسين في ش. وعترة الرجل: أقرباؤه وعشيرته الأدنون.
7 زيادة في ط.
8 في ش: "عقدة".
9 في ش: "لا يجب أن يستفاد من الجزء الثاني إلا".
10 كذا في ط، وفي ش، ز: "كذلك".

(3/339)


فإن قلت: فقد قال أبو النجم:
أنا أبو النجم وشعري شعري1
وقال الآخر:
إذ الناس ناسٌ والبلاد بغرة ... وإذ أم عمار صديقٌ مساعف2
"وقال3 آخر":
بلاد بها كنا وكنا نحلها ... إذ الناس ناس والبلاد بلاد4
وقال الآخر:
هذه رجائي وهذي مصر عامرةً ... وأنت أنت وقد ناديت من كثب
وأنشد أبو زيد:
رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع ... فقلت وأنكرت الوجوه هُم هُم5
وأمثاله كثيرة.
__________
1 من أرجوزة له، وبعده:
لله دري ما أجن صدري ... من كلمات باقيات الحر
وانظر الخزانة في الشاهد الحادي والسبعين، والكامل بشرح المرصفي 1/ 158.
2 ورد في اللسان "سعف" غير معزو. وفيه "والزمان" في موضع "والبلاد".
3 سقط ما بين القوسين في ش.
4 في مواسم الأدب 1/ 152 أنه وجد في شعب جبل في سمح -وهي قرية باليمن- سهم من سهام عاد مكتوب عليه:
ألا هل إلى أبيات سمح بذي اللوى ... أو الرمل من قبل الممات معاد
بلاد بها كنا وكنا نحبها ... إذا الناس ناس والبلاد بلاد
5 هذا من قصيدة لأبي خراش الهذلي. وكان يطلبه قوم يثأر لهم فوقفوا في طريقه يريدون قتله. فلما مر بهم أظهروا أنهم من عشيرته وحيوه وأمنوه، ولكنه عرف في وجوههم الشر وأنكرهم وقال: هم هم، أي أعدائي المطالبون بدمي، وخويلد اسمه، وقد نجا منهم بعدوه، وكان من العدائين الذين لا يسبقون. وانظر الخزانة في الشاهد الثاني والسبعين.

(3/340)


قيل: هذا كله وغيره مما هو جار مجراه، محمول عندنا على معناه دون لفظه؛ ألا ترى أن المعنى: وشعرى متناهٍ في الجودة، على ما تعرفه وكما بلغك1، وقوله: إذ الناس ناس أي: إذ الناس أحرار، والبلاد أحرار، وأنت أنت أي: وأنت المعروف بالكرم، وهم هم أي: هم الذين أعرفهم بالشر والنكر لم يستحيلوا ولم يتغيروا.
فلولا هذه الأغراض وأنها مرادة معتزمة، لم يجز شيء من ذلك؛ لتعرى الجزء الآخر2 من زيادة الفائدة على الجزء الأول. وكأنه إنما أعيد لفظ الأول لضرب من الإدلال والثقة بمحصول الحال. أي أنا أبو النجم الذي يكتفى باسمه من صفته ونعته. وكذلك بقية الباب؛ كما قال:
أنا الحباب الذي يكفي سمي نسبي3
ونظر إليه شاعرنا وقلبه، فقال:
ومن يصفك فقد سماك للعرب4
ولكن صحة المسألة أن تقول: أحق الناس بماله أبيه أبرهم به، وأقومهم بحقوقه. فتزيد في الثاني ما ليس موجودا5 في الأول.
__________
1 سقط في ش.
2 في ش: "الأخير".
3 عجزه -كما في اللسان في سما:
إذا القميص تعدى وسمه النسب
4 من قصيدة في مرئية أخت سيف الدولة، وقبله معه:
يا أخت خير أخ يا بنت خير أب ... كناية بهما عن أشرب النسب
أجل قدرك أن تسمى مؤبنة ... ومن يصفك فقد سماك للعرب
5 سقط في ش.

(3/341)


فهذه1 طريقة استحالة المعنى. وهو باب.
وأما صحة قياس الفروع، على فساد الأصول فكأن يقول لك قائل: لو كانت الناقة من لفظ "القنو" ما كان يكون مثالها من الفعل؟.
فجوابه أن تقول: علفة. وذلك أن النون عين "والألف منقلبة عن واو، والواو لام"2 القنو، والقاف فاؤه. ولو كان القنو مشتقا من لفظ الناقة لكان مثاله لفع. فهذان أصلان فاسدان، والقياس عليهما آوٍ بالفرعين إليهما.
وكذلك لو كانت الأسكفة مشتقة من استكف الشيء -على ما قال وذهب إليه أحمد بن يحيى لكانت أسفعلة- ولو كان استكف مشتقا من الأسكفة، لكان على اللفظ: افتعل بتشديد اللام، وعلى الأصل3: افتعلل؛ لأن أصله على الحقيقة: استكفف.
ومن ذلك "أن لو كان ماهان عربيا"4، فكان من5 لفظ هوم أو هيم لكان لعفان. "ولو كان من لفظ الوهم لكان لفعان"6. ولو كان من لفظ همى لكان: علفان. ولو وجد في الكلام تركيب "وم هـ" فكان ماهان من لفظه لكان مثاله: عفلان. ولو كان من لفظ النهم لكان: لاعافا. ولو كان من لفظ المهيمن لكان: عافالا7. ولو كان في الكلام تركيب "م ن هـ" فكان ماهان منه لكان: فالاعا8. ولو كان فيه تركيب "ن م هـ" "فكان منه لكان"9: عالافا.
وذهب أبو عبيدة في المندوحة إلى أنها من قولهم: انداح بطنه إذا اتسع. وذلك خطأ فاحش. ولو كانت منه لكانت: منفعلة. وقد ذكرنا ذلك في باب
__________
1 في ش: "فهذا".
2 سقط ما بين القوسين في ش.
3 كذا في ز، ط، وفي ش: "المعنى".
4 في ط: "لو أن ماهان كان".
5 سقط في ش.
6 سقط ما بين القوسين في ش.
7 في ش: "فاعالا".
8 في ش: "لافاعا".
9 سقط ما بين القوسين في ش.

(3/342)


سقطات العلماء1. نعم ولو كانت من لفظ الواحد لكانت: منلفعة. ولو كانت من لفظ حدوت لكانت: منعلفة. ولو كانت من دحوت لكانت: منفلعة. ولو كان في الكلام تركيب "ود ح" فكانت مندوحة منه لكانت: منعفلة. ولو كان قولهم: انداح بطنه من لفظ مندوحة لكانت: أفعال، بألف2 موصولة "واللام مخففة"3.
وذهب بعض أشياخ اللغة في يستعور إلى أنه: يفتعول، وأخذه من سعر. وهذا غلط4. ولو كان من قولهم: عرس بالمكان لكان: يلتفوعا. ولو كان من سَرُع لكان: يفتلوعا. ولو كان من عسر لكان: يعتفولا. ولو كان من لفظ رسع لكان: يعتلوفا. ولو كان من لفظ رعس لكان: يلتعوفا.
وأما تيهورة فلو كانت من تركيب5 "هـ ر ت" لكانت: ليفوعة. "ولو كانت من لفظ "ت ر هـ" لكانت: فيلوعة. ولو كانت من لفظ "هـ ت ر" لكانت: عيفولة"5. ولو كانت من لفظ "ر هـ ت"، لكانت: ليعوفة. ولو كانت من لفظ "ر ت هـ"، لكانت: عيلوفة. ومع هذا فليست من لفظ "ت هـ ر"، وإن كانت -في الظاهر وعلى البادى- منه بل هي عندنا من لفظ "هـ ور". وقد ذكر ذلك أبو على في تذكرته فغنينا عن إعادته. وإنما غرضنا هنا مساق الفروع على فساد الأصول لما يعقب ذلك من قوة الصنعة وإرهاف الفكرة.
وأما مرمريس فلو كانت من لفظ "س م ر"، لكانت: علعليف. ولو كانت من لفظ "ر س م": لكانت لفلفيع ولو كانت من لفظ "ر م س" لكانت: عفعفيل. ولو كانت من لفظ "س ر م"، لكانت: لعلعيف. ولو كانت من لفظ "م س ر"
__________
1 انظر ص285 من هذا الجزء.
2 في ط: "بهمزة"، وفي ز: "مهموزة وموصولة".
3 سقط ما بين القوسين في ز.
4 وإنما هو: "فعللول".
5 كذا في ش، وفي ز، ط: "لفظ".

(3/343)


لكانت: فلفليع"1. لكنها عندنا من لفظ "م ر س"، وهي على الحقيقة فعفعيل منه.
وأما قرقرير لقرقرة الحمام فإنها فعلليل، وهو رباعي، وليست من هذا الطرز الذي مضى.
وأما قندأو2 فإنها فنعلو، من لفظ "ق د أ"، ولو كانت من لفظ "ق د و" لكانت: فنعأل. ولو كانت من لفظ "د وق" لكانت: لنفأع. ولو كانت من لفظ "ن ق د" لكانت: عفلأو. ولو كانت من لفظ "ن د ق" لكانت: لفعأو. ولو كانت من لفظ الندأة3 لكانت قفلعو، فحكمت بزيادة القاف، وهذا أغرب مما قبله. ولو كانت من لفظ النآدى4 لكانت: قفلعو بزيادة القاف أيضا.
والمسائل "من هذا النجر"5 تمتد وتنقاد؛ إلا أن هذا طريق صنعتها. فاعرفه وقسه بإذن الله تعالى.
__________
1 سقط ما بين القوسين في ش.
2 هو القصير من الرجال، وجل فتدأو: صلب.
3 الندأة "بفتح النون وضمها": كثرة المال.
4 النآدى -بفتح الدال: الداهية. وقد رسم هكذا في ش، وفي ط: "النآد" وهو بمعنى "النآدى".
5 كذا في ش وفي ط: "على هذا النحو".

(3/344)


باب في المستحيل، وصحة قياس الفروع، على فساد الأصول
...
ونحو من ذلك لفظ الدعاء ومجيئة على صورة الماضي الواقع؛ نحو أيدك الله، وحرسك الله، إنما كان ذلك1 تحقيقا له وتفؤلا2 بوقوعه أن هذا ثابت بإذن الله، وواقع3 غير ذي شك. وعلى ذلك يقول السامع للدعاء إذا كان مريدا لمعناه: وقع إن شاء الله ووجب لا محالة أن4 يقع ويجب.
وأما قوله:
ولقد أمر على اللئيم يسبني
فإنما حكى فيه الحال الماضية، والحال لفظها أبدا في بالمضارع؛ نحو قولك: زيد يتحدث ويقرأ، أي هو في حال تحدث، وقراءة. وعلى نحو من حكاية الحال في نحو5 هذا قولك: كان6 زيد سيقوم أمس، أي كان متوقعا "منه القيام"7 فيما مضى. وكذلك قول الطرماح:
واستيجاب ما كان في غد
يكون عذره فيه: أنه جاء بلفظ الواجب؛ تحقيقا له، وثقة بوقوعه، أي إن الجميل منكم واقع متى أريد، وواجب متى طلب.
وكذلك قوله:
أوديت إن لم تحب حبو المعتنك
جاء به8 بلفظ الواجب؛ لمكان حرف الشرط الذي معه، أي إن هذا كذا لا شك فيه، فالله الله "في أمرى"9 يؤكد بذلك10 على حكم في قوله:
يا حكم الوارث عن عبد الملك
__________
1 في د، هـ، ز: "فيه".
2 كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "تفاؤلا".
3 سقط حرف العطف في ش.
4 كذا في ش، وفي ز، ط: "أي".
5 في ط: "مثل".
6 زيادة في ط.
7 كذا في ز، ط، وفي ش: "للقيام".
8 سقط في ش.
9 كذا في ش، وفي ز، ط: "في".
10 في ز، ط، وفي ش: "ذلك".

(3/325)


فهرس الجزء الثالث من الخصائص:
110- باب في حفظ المراتب 7-10:
تصريف خطايا "7". تصريف إوزة "8". بناء فعلول -بضم الفاء- من طويت "9".
111- باب في التغييرين يعترضان في المثال الواحد بأيهما يبدأ 10-19:
بناء مثال إوزة من أويت "11". مثالي جعفر من الواو "11". مثال فعل -بوزن قفل- من وأبت "12". رأس مخفف رأس يجتمع في القافية مع ناس وفلس "13. مثال فعل من روى "14". فعول من القوة "16". مثال خروع من قلت "17". مثال عليب من البيع "17". فعل من أفعلت من اليوم "18". مثال عوارة من القول "19-22".
112- باب في العدول عن الثقيل إلى ما هو أثقل منه لضرب من الاستخفاف 20-22:
تصريف الحيوان "20". ديوان واجلهواذ "20". النسب إلى آية وراية "21". فعاليل من رميت "21". تصغير أحوى "22". عمير في عنبر "22".
113- باب في إقلال الحفل بما يلطف من الحكم 22-25:
العطف على الضمير المرفوع المتصل "22". مسألة في الإمالة "23". الجمع في القافية بين عمود ويعود "23". الجمع في القافية بين باب وكتاب، وبين الساكن والمسكن في الشعر المقيد "24". الجمع بين دونه ودينه ودفين "25".
114- باب في إضافة الاسم إلى المسمى، والمسمى إلى الاسم 26-34:
لبس الاسم عين المسمى "26". لا يضاف الشيء إلى نفسه "26". تأتي الإضافة على معنى اللام وعلى معنى من "28". شواهد فيها إضافة ذي وحي، ليس الاسم في "اسم السلام" زائدا "31". مثل في قولهم: مثلي لا يأتي القبيح ليس زائدا "32".
115- باب في اختصاص الأعلام بما لا يكون مثله في الأجناس 34-36:
يأتي العلم للعين وللمعنى "34" يأتي العلم مصححا مع وجود موجب العلة "35".

(3/345)


116- باب في تسمية الفعل 36-53:
اسم الفعل الطلبي "37". الكلام على هلم "37". أمثلة لاسم الفعل الخبري "39" وما بعدها: أف وآوتاه، وسرعان ووشكان وحس ولب ووى وهيهات، وإلى، وهمام وحمحام وخماح وبحباح وأولى، الدليل على أن هذه الألفاظ أسماء "46". فائدة وضع أسماء الأفعال "48". لا ينصب المضارع بعد الفاء في جواب اسم الفعل "49". ينصب المضارع بعد الفاء في جواب نحو دراك عند المؤلف "51". علة بناء اسم الفعل "51".
117- باب في أن سبب الحكم قد يكون سببا لضده على وجه 53-58:
الوجه في اعتلال القود ونحوه "54" ندى وأندية "55". يتيم وأيتام "55". الإظهار في مقام الإضمار "55". بقاء الإعلال في لياح "57"، الإدغام قد يكون سببا للتصحيح وقد يكون سببا للإعلال "57".
118- باب في اقتضاء الموضع لك لفظا هو معك إلا أنه ليس بصاحبك 58-60:
فتحة اسم لا في نحو لا رجل غير الفتحة التي يقتضيها لا "58". الكسرة في المضاف لياء المتكلم ليست كسرة الإعراب. وكلامه هنا يفيد أن هذا المضاف معرب "59". حيث فاعل في قولك يسعني حيث يسعك "59". كسرة أمس المبني "59". زيادة أل في الذي والتي وبنات الأوبر "60". اللام في الآن زائدة وتعرفه بلام مقدرة "60". كتابه التعاقب في العربية "60".
119- باب في احتمال القلب لظاهر الحكم 61-63:
زمن وأزمن وجبل وأجبل "61". ثلج وأثلاج وفرح وأفراخ "61". الجباوة من جبيت والشكاية من شكوت "61". القنية من قنيت أو من قنوت "61". غسا يغسى وجبا يجبى "62". زيد مررت به واقفا يجوز في واقفا أن يكون حالا من زيد وأن يكون حالا من الضمير في به "62". شواهد فيها ارتكاب الضرورة مع القدرة على تركها "63".
120- باب في أن الحكم للطارئ 64-67:
النسب إلى نحو كرسي وبختي "65". لو سميت الواحد بهندات قلت في جمعه: هندات، وكذا لو سميت بمساجد قلت في الجمع: مساجد "65". جمع ذلك -بزنة قفل- على ذلك "66". قول الفراء في قوله تعالى: {إن هذان لساحران} "67".

(3/346)


121- باب في الشيء يرد فيوجب له القياس حكما ويجوز أن يأتي السماع بضده أيقطع بظاهره أم يتوقف إلى أن يرد السماع بجلية حاله 68-69:
نون نحو عنبر وتاء نحو بلتع "68". ألف آءة "68
122- باب في الاقتصار في التقسيم على ما يقرب ويحسن لا على ما يبعد ويقبح 69-72:
ما يحتمله مروان من الوزن "69". ما يحتمله أيمن من الوزن "70". ما يحتمله عصى "71". ما يحتمله إوي "71".
123- باب في خصوص ما يقنع فيه العموم من أحكام صناعة الإعراب 72-73:
ذكر في هذا الباب أمثلة يفسد فيها التخصيص.
124- باب في تركيب المذاهب 73-76:
تصغير ما نقص منه حرف كهار في هائر: مذاهب النحويين فيه "73" وما بعدها. صرف نحو جوار علما "74". حرف إعرات التثنية "75". تخريج جابة في قولهم: أساء سمعا فأساء جابة "76".
125- باب في السلب 77-85:
مادة "ع ج م" "77". مادة "ش ك و" "78". مادة "م ر ض" "79". مادة "ق ذ ي" "79". قول أبي الجراح: بي إجل فأجلوني "80". مادة "أث م" "80". التودية والسكاك "80". النالة والمنلاة والساهر "81". مادة "ب ط ن" "81". ورد السلب في "خ ف ي" "83". الأسماء هي الأول والأفعال توابع وثوان لها "84". بناء المضارع إذا لحقنه نون التوكيد "85".
126- باب في وجوب الجائز 86-89:
تصغير نحو جدول ونحو عجوز "86". ما قام إلا زيدا أحد "87". يقال: أجنة ولا يقال وجنة وهو الأصل "87". تصريف أوار "87" وما بعدها. فعل من وأيت "88". البرية والذربة والخابية والنبي "88". ما جاء فيه فعل فعل يفعل ويفعل بضم عين المضارع وكسرها "88".

(3/347)


127- باب في إجراء اللازم مجرى غير اللازم وإجراء غير اللازم مجرى اللازم 89-95:
أمثلة فيها فك الإدغام "89". عوى الكلب عوية "89" وما بعدها، قراءة ابن مسعود: فقلاله قولا لينا "91". قول بعضهم في الابتداء: الحمر في الأحمر "92". قراءة بعضهم: قالوا لأن جئت بالحق بتخفيف الآن وإثبات واو قالوا "93". قراءة أبي عمرو: وأنه أهلك عاد عاد الولي "93". قوله تعالى: لكنا هو الله ربي "94". تخفيف رؤيا ونؤى "94".
128- باب في إجراء المتصل مجرى المنفصل وإجراء المنفصل مجرى المتصل 95-98:
الإدغام في نحو اقتتل وتحاجونني "96".
129- باب في احتمال اللفظ الثقيل لضرورة التمثيل 98-99:
مبنى هذا الباب أنه يكون في الميزان الصرفي من ترك الإدغام وغيره ما لا يكون في الكلام، فيقال في وزن جحنقل: "فعنلل بإظهار النون ليبين حال الموزون" ولو قيل: فعلل -كما تقضي به قاعدة الإدغام- لم يمثل الموزون.
130- باب في الدلالة اللفظية والصناعية والمعنوية 100-103:
يدل الفعل على الحدث بالدلالة اللفظية، وعلى الزمان بالصناعية، وعلى الفاعل بالمعنوية "100". تخريج قولهم: إني لأمر بالرجل مثلك "101". المرقاة والمرقاة بكسر الميم وفتحها "102". ودلالات اسم الفاعل، ونحو قطع "103".
131- باب في الاحتياط 103-113:
أورد أمثلة من التوكيد اللفظي والمعنوي "103" وما بعدها. فرسة وعجوزة "106". التأكيد بهاء النسب كقولهم: دواري "106"، من الاحتياط قولهم: يا بؤس للجهل "108". زيادة باء الجر من الجارة "108" لا يجتمع حرفان لمعنى واحد ويجتمع أكثر من مؤكد للجملة "109". وما بعدها. ما يقال لمن يحسن القيام على ما قاله "113". معاني وجد "113".
132- باب في فك الصيغ 113-122:
جندل -بفتح النون- وبابه "116". باب علبط "116". تكسير ما ثالثه حرف لين "118". تصغير ألد "118". تكسير كروان على كروان، أشد "120". جمع أنون على أتانين "121". تصغير رجل على رويجل "121". جمع إكليل على أكلة "122".

(3/348)


133- باب في كمية الحركات 122-123:
الحركات الأصلية ثلاث، والفرعية ثلاث "122". ليس في كلامهم ضمة مشربة فتحة ولا كسرة مشربة فتحة "123".
134- باب في مطل الحركات 123-126:
رأي في "اتباع الشجاع" "124". رأي في تصريف ضيفن "124". خذه من حيث وليسا "125". تصريف آمين "125". أكلت لحما شاة "125".
135- باب في مطل الحروف 126-135:
حروف المدر يريد مدها إذا وقع بعدها الهمز أو حرف مشدد أو وقف عليها عند التذكر "127". إبدال الألف همزة "128". الإدغام في نحو جيب بكر "129". المدة عند التذكر "130". مطل الحركات عند التذكر "131". حكم الساكن الصحيح عند التذكر "132". حكم الساكن المعتل عند التذكر "133".
136- باب في إنابة الحركة عن الحرف والحرف عن الحركة 135-138:
أمثلة للاستغناء بالحركة عن الحرف "135" وما بعدها. أمثلة لنيابة الحرف عن الحركة "137" وما بعدها.
137- باب في هجوم الحركات على الحركات 128-144:
قراءة "فلإمه الثلث" "143". قراءة "بما أنزليك" "143". قول أعرابية لبناتها: أفي السوتنتنه "144".
138- باب في شواذ الهمز 144-151:
من شاذ الهمزة أئمة "145". منائر في جمع منارة "147". أمثلة لشواذ الهمزة "147" وما بعدها.
139- باب في حذف الهمزة وإبداله 151-156:
الكلام على ويلمه "152". قراءة ابن كثير: إنها لحدى الكبر "152". تصريف الناس "152". لن عند الخليل "153". سقوط همزة القطع "153". قولهم: قربت وأخطيت "154". قراءة بعضهم في الوقف: أن تيويا في أن تبوءا "155". محاورة بين أبي زيد وسيبويه في قويت "155" وما بعدها.

(3/349)


140- باب في حرف اللين المجهول 156-159:
مدة الإنكار "156" وما بعدها، قول بعضهم: أنا إنيه حين قيل له: أتخرج إلى البادية؟ "158".
141- باب في بقاء الحكم مع زوال العلة 15-166:
غديان وعشيان والأريحية وهذا الباب "163". صبية وقنية "164-166".
142- باب في توجه اللفظ الواحد إلى معنيين اثنين 166-175:
قولهم: هذا أمر لا ينادي وليده "166". قولهم: زاحم بعود أودع "171". قوله تعالى: {ويكأنه لا يفلح الكافرون} "172".
143- باب في الاكتفاء بالسبب من المسيب، وبالمسيب من السبب 176-180:
أورد أمثلة من المجاز لعلاقة السببية "176" وما بعدها.
144- باب في كثرة الثقيل وقلة الخفيف 180-188:
وقوع الجملة موقع المفرد، ووقوع المفرد موقع الجملة "181". قد يقع النقل في النكرة، نحو الينجلب "183". تبادل الياء والهمزة "185". لغة هذيل في جوزات "187".
145- باب القول في فوائت الكتاب 188-190:
فيه ثناء على سيبويه والاعتذار عنه في الإخلال ببعض موازين الأسماء.
146- ذكر الأمثلة الفائتة للكتاب 190-221:
ذكر فيه الأمثلة التي أخل بذكرها سيبويه. تلقامة وتلعابة "190". تغيير الأعلام في الشعر كعطاء في عطية "191". فرناس وفرانس "194". تنوفي ومسولي "194". ترجمان "196". شحم أمهج "197". مهوأن "198". مقبئن "199". عياهم "205". ذم أبي على كتاب العين "200". تماضر وترامز "200". ينابعات "201". دحندح "201". عفوين "202". ترعاية "203". الصبر "203". قولهم في الوقف: ضربته "203". قولهم في الوقف: ادع واغز "204". هزنيزان وعقزران "204". هديكر "205". زيتون، ميسون، قيطون "206". الهندلع "206". كذبذب وكذبذب "207". الدرداقس "207". الخزرانق "208". شمنصير "208". الموقى "208". تأكيد الصفة الصفة بزيادة ياء مشددة كأحمري "208". المأقي "209".

(3/350)


جبروة "209". مسكين ومنديل "209". حوريت "210". خلبوت وحيوت "210". ترفؤة "210". سمرطول "210". قرعبلانة "211". الألف والنون تعاقبان تاء التأنيث في أن حذفها علامة الجمع "211". كروان وكروان، وشدة وأشد "212". عقربان "213". مألك "215". أصرى "215". زئبر وضئيل وخرفع "215". اقتل واعبد بكسر الهمزة في الابتداء "215". إزلزل "215". الخزعال، والقسطال "216". سراوع "216". الأربعاوي "217". الفرنوس "217". الحبليل وويلمة "217". طيلسان بكسر اللام "218". يستعور رأرونان والتواطخ وأسكفة "218". السليطط "218". صعفوق "218". زيزفون "218". الماطرون "219". الماجشون "219". السقلاطون وأطربون وضهيد وعتيد "219". الخرنياش والقهوباة "220". إوز، وزونك وضفنط "220". زونزك وزوزي "221". زونوق وتعفرت ويرنأ "221".
147- باب في الجوار 221-230:
صيم في صوم "221". نقل حركة الإعراب إلى ما قبلها في الوقف نحو هذا بكر "223".
استقباح نحو العقق مع الحمق والمحرق في الشعر "223". الجوار المنفصل في نحو هذا حجر ضب خرب "223". قراءة بعضهم: حتى إذا اداركوا بإثبات ألف إذا والجمع بين الساكنين "224". تجاور الأزمنة في نحو قولهم: أحسنت إليه إذ أطاعني "225". قوله تعالى: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} "227" تجاور الأمكنة لا يجري به ما يجري لتجاور الأزمنة "228". لا يجرؤ البدل إذا كان الناني أكثر من الأول "229".
148- باب في نقض الأصول وإنشاء أصول غيرها منها 230-334:
بأيات الصبي "230". الحازباز "231". تكتب اللام الجارية مفصولة في نحو يال بكر "232". قولهم: لا أهلم وقولهم هاهيت وعاعيت وحاحيت "223". قولهم: دعدعت وجهجهت "234". كتابه في شرح الزجر لثابت بن محمد "234".
149- باب في الامتناع من نقض الغرض 234-243:
البداء عند اليهود "234". الامتناع من إدغام الملحق نحو جليب "235". امتناعهم من تعريف الفعل "236". امتناعهم من إلحاق من الجارة بأفعل التفضيل المعرف بأل "236". امتناعهم من إلحاق علامة التأنيث لما فيه علامته نحو مسلمات وفيه الكلام على جمع الجمع "238". وصف العلم "241". منع تنوين الفعل "243". تنوين الأعلام "243".

(3/351)


150- باب في التراجع عند التناهي 244-248:
نفي النفي إيجاب "244". جمع نحو ظلمة على ظلم معرى من علامة التأنيث "244". علة تجرد نحو صبور من علامة التأنيث "246". علة جمود نعم الرجل "247". إذا فاق الشيء في بابه سموه خارجها "248".
151- باب فيما يؤمنه علم العربية من الاعتقادات الدينية 248-258:
مبني هذا الباب على أن أكثر من ضل عن الشريعة استهواء للضلالة ضعفه في اللغة، تهجين الرسول عليه الصلاة والسلام اللحن في العربية "249". قوله تعالى: {يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله} "250". قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله} "250" قوله تعالى: {مما عملته أيدينا} "251". قوله تعالى: {السموات مطويات بيمينه} "252". قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: خلق الله آدم على صوته "253". قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} "254". قوله تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} "256". الكلام على أفعلت الشيء بمعنى وافقته وصادقته كذلك "256". كتاب لقطرب في الرد على الملحدين، وكتاب لأبي علي في تفسير القرآن "258".
152- باب في تجاذب المعاني والإعراب 258-263:
قوله تعالى: {إنه على رجعة لقادر يوم تبلى السرائر} "258". قوله تعالى: {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} "259". ورجل عدل وقوم رضا "262". قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} "263".
153- باب في التفسير على المعنى دون اللفظ 263-267:
قول سيبويه: حتى الناصبة للفعل "263". قول سيبويه: فجار معدولة عن الفجرة "264". قولهم: أهلك والليل "264". قولهم: معي عشرة فأحدهن لي "265". همزة أحد في قولهم: ما بالدار أحد "265". قوله تعالى: {من أنصاري إلى الله} "266". قوله تعالى: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} "266".
154- باب في قوة اللفظ لقوة المعنى 267-272:
فيه الكلام على نحو خشن واخشوشن وقدر واقتدر. قوله تعالى: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} "268". قوله تعالى: {تكاد السوات يتفطرن منه} "268". باب جميل وجمال ووضئ ووضاء "269". حمل التصغير على التكسير "271".

(3/352)


155- باب في نقض الأوضاع إذا ضامها طارئ عليها 272-273:
قوله تعالى: {أأنت قلت للناس} ، {آلله أذن لكم} ، {ألست بربكم} "272" وصف العلم "273".
156- باب في الاستخلاص من الأعلام معاني الأوصاف 273-276:
قوله: أنا أبو المنهال بعض الأحيان "273". إنما سميت هانئا لنهنأ "274". كل غائية هند "274". مررت برجل صوف تكنه "275".
157- باب في أغلاط العرب 276-285:
قصة الأعرابي الذي بايع أن يشرب عليه لين ولا يتنحنح "278". الحروف المهموسة "279". همز مصائب "280". قولهم في راية: راء وفي زاي: زاء "280" منارة ومنائر ومزادة ومزائد "281". وراء وتصغيرها "281". حلأت السوبق ورثأت زوجي واستلأمت الحجر ولبات بالحج "282". مسيل وأمثلة "282". معين "282". غلط للشجري "283". فقد ذي الرمة "283". نقد كثير "283". نقد الحطيئة "285".
158- باب في سقطات العلماء 285-312:
غلط للأصمعي سببه التصحيف "285". تصحيف الفراء "286". تصحيف لأبي عمرو الشيباني "286". رأى أبي عبيدة في مندوحة "286". رأى ابن الأعرابي في أرونان "287". رأى ثعلب في أسكفة "287". وأي ثعلب في تنور "288". المواد التي لم ترد إلا مزيدة مثل كوكب "288". التنور لفظة اشترك فيها للغات "288". رأى ثعلب في النواطخ "289". تصحيف المفضل الضبي "290". تعقب المبرد سيبويه في ألفاظ يسيرة ومع ذلك فقد رجع عنه "290". القدح في كتاب العين "291". ذم كتاب الجمهرة "296". اختلاس الكسائي واليزيدي في الشراء أممدود هو أم مقصور "292". يتخولنا بالموعظة وبتخوننا "292" عد نصيب أخطاء الكميت وهو ينشد شعره "293". رأى الكسائي في وزن أولق "294". قول الكسائي: أي هكذا خلقت "295". تعقب الأصمعي شعبة بن الحجاج "295". نادرة لأبي عمرو بن العلاء مع من أنشده بيتا قافيته: مروتيه، ومثلها لعبد الملك بن مروان في هذا البيت "296". اختلافهم في أبرق وأرعد وبرق ورعد "296" تصحيف الأصمعي قليله في بيت "297". جمع ريح على أرياح "298". إنكار الأصمعي لزوجة "298". نقد لذي الرمة وتقدم في الباب السابق "299". معرفة بعض العرب لحروف الهجاء وتشببهم بعض الأعضاء بها "299" وما بعدها. تغليظ الأصمعي أبا

(3/353)


عمرو الشيباني في معنى بيت "300". رؤبة مع الطرماح والكميت "300" وما بعدها. تعقب قدماه البصريين لرؤبة وأبيه في اللغة "300". غلط أبي عبيدة في صياغة الأمر من عنيت بحاجتك "302"، أصل قم وغلط الفراء فيه "302". تغليظ الأصمعي للجرمي في مسألة لغوية، وتغليط الجرمي للأصمعي في تصغير مختار "303". بحيث في قوله تعالى: {هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزقتم إنكم لفي خلق جديد} "303". بناء مثل عنكبوت من سفرجل "304". قراءة بعضهم: {وقولوا للناس حسنى} "304". بحث في قولهم: ضربه فحشت يده "304". بحث في قول ذي الرمة: وعينان قال الله كونا فكانا. "305". سؤال رجل لسيبويه عن قول الشاعر: يا صاح يا ذا الضامر العنس "305". حذف لام الأمر في غير الضرورة ومناقشة المازني للفراء في ذلك "306". نصب الجمع المؤنث السالم بالفتحة "307".
يجيز المازني أن يقال: لا مسلمات لك بفتح التاء في باب لا خاصة "308". أغمى على المريض وغمي عليه "308". كم وكمأة "308". الصقر والزقر والسقر "308". صحف المفضل الضبي في بيت لأوس، ورد الأصمعي عليه "309". إنكار الأصمعي على ابن الأعرابي في إعراب بيت "309". تصحف الأصمعي في بيت الحارث بن حلزة "تعتر" إلى "تعنز" ورد أبو عمرو الشيباني عليه "310". أوقع الأصمعي أبا توبة في الخطأ في معنى بيت "311". إنكار الأصمعي بعض رواية أبي زيد "311". الخطأ في المثل: "مثقل استعان بدفيه" الفردوس هل هو مذكر "311". أنكر أبو عبيدة على النحويين قولهم: إن هاء التأنيث لا تدخل على ألف التأنيث لورود علقاة في علقى "312".
159- باب في صدق النقلة، وثقة الرواة والحملة 312-316:
أولية النحو "312" وما بعدها. زاد أبو عمرو بن العلاء بيتا في شعر الأعشى "313". الثناء على الأصمعي، وهو صناجة الرواة "314". الثناء على أبي زيد وأبي عبيدة وأبي حاتم وأبي الحسن الأخفش والكسائي "314". سيبويه وكتابه "315". احتياط أبي علي في الرواية "316".
160- باب في الجمع بين الأضعف والأقوى في عقد واحد 317-322:
الحمل على المعنى أو على اللفظ. وذكر فيه كلا ومن وكلا "317" وما بعدها، فتن وأفتن "318". وفي وأوفى "319". صرف دعد ومنعه الصرف "319". أجبل في جمع جبل "319". ترخيم المرخم "320" الحكمة في الجمع بين اللغتين "320"، قراءة عمارة {ولا الليل سابق النهار} بترك تنوين "سابق" ونصيب "النهار" "321".

(3/354)


161- باب في جمع الأشباه، من حيث يغمض الاشتباه 322-331:
وجه الجمع بين قول الشاعر:
لدن بهز الكف يعسل متنه
فيه كما عسل الطريق الثعلب
وقولهم: اختصم زيد وعمرو "322". الجمع بين قول الشاعر:
زمان على غراب غداف فطيره الدهر عني فطارا
وقوله تعالى: {يوم تبلى السرائر فماله من قوة ولا ناصر} "321". الجمع بين قول امرئ القيس:
على لا حب لا يهدي بمناره إذا ساقه العود النباطي جرجرا
وقوله تعالى: {ولم يكن له ولي من الذل} "324". الجمع بين قول الأعشى:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وبت كما بات السليم مشهدا
وقول الشاعر:
وطعنة مستبسل ثائر ترد الكتيبة نصف النهار
"325". الجمع بين قوله تعالى: {فما استكانوا لربهم} وقوله تعالى: {يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم} "327". الجمع بين قوله تعالى: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم} ، وقوله تعالى: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} "327". الجمع بين قول الأعشى:
حتى يقول الناس مما رأوا يا عجبا للميت الناشر
وقوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} "328" الجمع بين قول الراجز:
وكحل العينين بالعواور
وقول الآخر:
لما رأى أن لا دعة ولا شبع مال إلى أرطأة حقف فالطجع
"329". التقطت النوى واستقطته واضقطته "329". لا أكلمه حيرى دهر "330". شواهد فيها تسكين الياء المشددة "330".
162- باب في المستحيل، وصحة قياس الفروع على فساد الأصول 331-344:
ذكر في هذا الباب أمثلة فيها البناء على أصول فاسدة، كأن يقول لك: "إذا فرضت أن سبعة في خمسة أربعون" فكم يجب أن يكون على هذا ثمانية في ثلاثة، والغرض من هذا شحذ الذهن، قول العرب: إن قمت غدا قمت معك، ووجه هذا "323"، المضارع أسبق في الرتبة من الماضي "334". الوجه في مجيء الدعاء على صورة الماضي، نحو أيدك الله "335". زيد أفضل

(3/355)


إخوته "326"، قوله تعالى: {وإنه لحق اليقين} ليس الحق فيه هو اليقين "327. أخذت كل المال ليس فيه إضافة الشيء إلى نفسه "327". مراعاة اللفظ أو المعنى في كلتا وكل "328". من المحال أن يقال: أحق الناس بمال أبيه ابنه "329". قول أبي النجم:
أنا أبو النجم وشعرى شعرى
وشواهد في هذا المعنى "340". قياس الفروع على فساد الأصول، وذكر فيه أمثلة من هذا النوع "342". وزن "الناقة" بفرض أخذها من "القنو"، وزن "أسكفه" بفرض أخذها من "استكف". زنة "ما هان" لو كان عربها، زنة المندوحة لو أخذت من "انداح" "342". وزن يستعور "343". وزن يتمورة "343". مر مريس "343" فرفر، قندار "344".

(3/356)