شرح شافية ابن الحاجب ركن الدين الاستراباذي

 [الإبدال] 1:
قوله: "الإبدال2.... يُعَرَّف بأمثلة اشتقاقه ... "3 إلى آخره4.
الإبدال يقع في الأنواع الثلاثة، نحو: أُجُوه، وهَرَاقَ، وأَلَّا فَعَلْتَ5.
أي: يعرف الإبدال6 بأمثلة اشتقت مما اشتق منه الكلمة التي فيها الحرف المبدل، كتُراث -للمال الموروث- فإن أمثلة اشتقاقه: وَرِث، ويَرِث، ووارث, ووارثة "151", وموروث.
__________
1 الغرض من هذا الباب بيان الحروف التي تبدل من غيرها إبدالا شائعا بغير إدغام، فإن إبدال الإدغام لا ينظر إليه في هذا الباب؛ لأنه يكون في جميع حروف المعجم إلا الألف، ويراد بالإبدال ما يشمل القلب؛ إذ كل منهما تغيير في الموضع، إلا أن الإبدال إزالة، والقلب إحالة، ومن ثم اختص بحروف العلة والهمزة. "ينظر الممتع: 1/ 319، وشرح الكافية الشافية: 4/ 2077، والأشموني: 3/ 820".
2 لفظة "الإبدال": ساقطة من "ق".
3 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "الإبدال: جعل حرف مكان حرف غيره، ويعرف بأمثلة اشتقاقه كتراث وأجوه، وبقلة استعماله كالثَّعَالي، وبكونه فرعا والحرف زائد كضُوَيْرِب، وبكونه فرعا وهو أصل كمُوَيْه، وبلزوم بناء مجهول نحو: هَرَاق واصطبر وادَّارَك.
وحروفه: "أنصت يوم جد طاه زل"، وقول بعضهم: "استنجده يوم طال" وهم في نقص الصاد والزاي؛ لثبوت صراط وزقر, وفي زيادة السين، ولو أورد: اسَّمَع ورد: اذَّكَر واظَّلَم". "الشافية، ص13".
4 إلى آخره: ساقط من "ق".
5 قال الرضي: "الإبدال في اصطلاحهم أعم من قلب الهمزة، ومن قلب الواو والياء والألف، لكنه ذكر قلب الهمزة في تخفيف الهمزة مشروحا، وذكر قلب الواو والياء والألف في الإعلال مبسوطا, فهو يشير في هذا الباب إلى كل واحد منهما جملا، ويذكر فيه إبدال غيرها مفصلا". "شرح الشافية: 3/ 197".
6 في "هـ": اعلم أن الإبدال يعرف.

(2/848)


فبهذه1 الأمثلة يعرف أن التاء في "تراث" مبدلة عن الواو2؛ لأنه فرع على ما اشتق منه، والفرع لا بد من أن يوجد فيه حروف الأصل3.
وكأُجُوه؛ فإنه جمع وجه وتصرفات الوجه بالواو, نحو: وُجّه، وتَوَجّه، ووجاهة، ووجوه، والتوجيه، والتوجّه؛ فعلم منها أن الهمزة في أجوه بدل من4 الواو.
ويعرف الإبدال بقلة استعمال ما ذلك الحرف فيه، بخلاف ما فيه الحرف الآخر، كالثَّعَالي والأَرَاني، فإنهما أقل استعمالا من الثعالب والأرانب.
ويعرف الإبدال في الثعالي بأمثلة اشتقاقه "أيضا"5؛ لأنه جمع ثعلب. ويقال6: ثعلبة للأنثى, وثُعْلُبَان للذكر7.
ويعرف الإبدال أيضا بكون الكلمة فرعا لكلمة أخرى والحرف زائد في الأصل؛ فالحرف الذي بإزاء الزائد في الفرع بدل عن الزائد كضُوَيْرِب في تصغير ضارب، [فإنه فرع ضارب] 8. والألف زائدة في الأصل؛ فالواو التي هي بإزاء الألف بدل من9 الألف التي في ضارب.
__________
1 في الأصل, "ق": فهذه, وما أثبتناه من "هـ".
2 ينظر كتاب الإبدال، لابن السكيت: 139.
3 في الأصل, "ق": زيادة لفظة "أصلية" بعد "الأصل"، ولا أراها مناسبة.
4 في "هـ": عن.
5 لفظة "أيضا" إضافة من "هـ".
6 قاله السائي، حكاه عنه الجوهري في صحاحه "ثعلب" 1/ 93.
7 في "ق": للذكور، وفي "هـ": للمذكر.
8 العبارة التي بين المعقوفتين مكررة في "هـ".
9 في "هـ": عن.

(2/849)


وهو منقوض بعَلْقَيَان؛ لأن علقيان فرع على الواحد الذي عَلْقَى، و1 ياؤه زائدة، وليست بدلا عن الألف في عَلْقَى2، بل الألف بدل عن الياء.
وفيه نظر [لأنا لا نسلم أن الياء في علقيان هي الياء التي أبدل ألف علقى عنها, بدليل حُبْلَيان في حُبْلَى] 3.
ويعرف الإبدال أيضا بكون ما فيه الحرف فرعا لكلمة أخرى، والحرف أصل في الفرع، فالحرف الذي في الأصل بإزاء ذلك الحرف بدل عن ذلك الحرف، كمُوَيه، فإنه فرع ماء؛ لأنه تصغيره, فلما كان مُوَيْه تصغير ماء، والهاء أصل في مويه، والهمزة في ماء بإزاء هاء في مويه، اعلم أن الهمزة في ماء بدل من الهاء, وأن4 أصله: مَوَه؛ لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، فقلبت الواو ألفا والهاء همزة.
فإن قيل: هذا منقوض [بأوائل] 5؛ لأن6 نحو "أوائل" فرع "الأول"، والهمزة في أوائل غير زائدة، مع أنه ليس ما في الواحد بدلا منها، بل هي بدل مما في الواحد.
__________
1 الواو ساقطة من "هـ".
2 علقى: نبت. قيل: يكون واحدا وجمعا, وألفه للتأنيث فلا ينون. قال العجاج يصف ثورا:
"فحط في عَلْقَى وفي مكُور"
"ينظر الصحاح "علق": 4/ 1532".
3 ما بين المعقوفتين إضافة من "هـ", وموضعه في الأصل "ق": "وكذا في المتن".
4 في الأصل: فإن, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 بأوائل: إضافة من "ق".
6 في الأصل, "هـ": بأن, وما أثبتناه من "ق".

(2/850)


قلنا: لا يتوجه هذا النقض؛ لأنه لا يلزم من كون الهمزة غير زائدة1 في الفرع أن تكون أصلية؛ [لجواز أن تكون بدلا] 2 في الفرع.
ويعرف [الإبدال أيضا] 3 بلزوم بناء مجهول في كلامهم4 إن لم يحكم بالإبدال، نحو: هراق, فإن لم يكن الهاء5 في6 هراق بدلا من7 الهمزة في أراق لكان هراق على وزن هَفْعَل، فإن الراء والقاف حروف أصلية، والألف بدلا من8 العين، وحينئذ لو لم تكن الهاء9 بدلا من10 الهمزة لوجب الإتيان بالهاء في وزن هراق، فوزنه حينئذ هَفْعَل، وهو بناء مجهول في كلامهم.
ونحو "اصطبر" فإن لم نحكم بأن الطاء بدل من التاء لكان وزنه "افطعل" وهو بناء مجهول في كلامهم11. فلهذا حكمنا بأن الطاء
__________
1 زائدة: مطموسة في "هـ".
2 ما بين المعقوفتين إضافة من "هـ".
3 ما بين المعقوفتين مطموس في "هـ".
4 في "هـ": الكلام.
5 في الأصل: الفاء, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
6 لفظة "في": ساقطة من "ق".
7 في "هـ": عن.
8 في "هـ": عن.
9 في الأصل: الفاء, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
10 في "هـ": عن.
11 وللرضي رأي آخر غير هذا، يعترض على المصنف ههنا ويرى أن اضْطَرب على وزن افْطَعَل، وفَحَصْط، وزنه فَعَلْط، وهراق وزنه هفعل، وفُقَيْمِح وزنه فُعَيْلِج، وأنه يعبر عن كل الزائد المبدل منه في هذه المواضع بالبدل، لا بالمبدل منه. "ينظر شرح الشافية 10/ 18".

(2/851)


بدل من التاء حتى يكون وزنه افتعل، وهو موجود في كلامهم.
ونحو "ادّارك"، فإنا لو لم1 نحكم بأن الدال الأولى بدل من2 التاء لكان وزنه افْدَاعَل، وهو بناء مجهول في كلامهم؛ فلهذا قلنا: الدال الأولى بدل من التاء، حتى يكون وزنه: تفاعل3، فأبدلت التاء دالا وأسكنت الدال الأولى وأدغمت4 "125" في الدال الثانية, ثم أُتي بهمزة الوصل لئلا يلزم الابتداء بالساكن.
__________
1 لفظة "لم" إضافة من "ق"، "هـ".
2 في "هـ": عن.
3 في "هـ": اتفاعل.
4 وأدغمت: ساقطة من "ق"، "هـ".

(2/852)


[حروف الإبدال] :
وحروف الإبدال عنده هي1 الهمزة، والنون, والصاد، والتاء, والياء، والواو، والميم، والجيم، والدال، والطاء، والألف، والهاء، والزاي، واللام, ويجمعها: "أنصت يوم جد طاه زل".
وقال بعضهم, منهم صاحب المفصل: يجمع حروف الإبدال قولهم: "استنجده2 يوم طال" ولم يذكر الصاد والزاي, [وزاد السين] 3. وهذا وهم منه4 في نقصان الصاد والزاي5؛ لأن كل
__________
1 في النسخ الثلاث: هذه, والصحيح ما أثبتناه.
2 في الأصل, "ق": استنجد، والصحيح ما أثبتناه من "هـ".
3 ما بين المعقوفتين إضافة من "ق"، "هـ".
4 أي: من صاحب المفصل.
5 بل هو وهم من ابن الحاجب ومن تابعه، كركن الدين والرضي والأشموني، فابن الحاجب يذكر في الشافية وفي شرح المفصل أن الزمخشري أسقط الصاد والزاي, وأن حروف الإبدال يجمعها عنده: "استنجده يوم طال" وتابعه ركن الدين والرضي والأشموني. والحق أن الزمخشري لم يسقطهما، فهو يقول في المفصل "ص360": "وحروفه حروف الزيادة والطاء والدال والجيم والصاد والزاي, ويجمعها قولك: "استنجده يوم صال زط"".
فالزمخشري أضاف السين وعدّها من حروف الإبدال، لكنه لم يسقط الصاد والزاي كما ذكر ابن الحاجب ومن تابعه.
وللوقوف على ما قاله ابن الحاجب والرضي والأشموني في نسبة ذلك للزمخشري, ينظر الإيضاح: 2/ 392، وشرح الشافية 3/ 199، والأشموني: 3/ 823.
والذي أسقط الزاي دون زيادة السين هو ابن عصفور الإشبيلي المتوفى "ت 669هـ" حيث يرى أن حروف الإبدال الشائعة يجمعها قولنا: "أجد طويت منهلا". "ينظر الممتع 1/ 319".
ويذكر ابن مالك في التسهيل "ص: 300" أن حروف الإبدال الشائعة في غير إدغام يجمعها قولك: "لجد صرف شكس آمن طي ثوب عزته" وأن الضروري في التصريف =

(2/853)


واحد1 منهما يبدل2 من السين في سراط3 وسقر؛ لثبوت صراط4 وزقر5. وكذلك في زيادة السين، فإنه ليس من حروف الإبدال.
__________
= هجاء: "طويت دائما".
ولكنه يقول في شرح الكافية الشافية "4/ 2077": "حروف الإبدال المبوب عليها في كتب التصريف هي الحروف التي تبدل من غيرها لغير إدغام, والتي لا بد من ذكرها, وهي هذه التسعة أي: هادأت مطوي, وما سواها مما ذكره الزمخشري وغيره مستغنى عنه كاللام والنون والجيم والسين. وربما كان غير هذه مجاورة حرف الاستعلاء مطردا على لغة, فذكرها أولى من ذكر السين، إذ ليس للسين موضع يطرد إبدالها فيه. وكذلك اللام والنون إبدالهما من غيرهما إنما هو بالنقل في كَلِم محفوظة، كقولهم في: "أُصَيْلان: أُصَيْلال".
1 في "ق": واحدة.
2 في "هـ": بدل.
3 جاء في اللسان: والسراط: السبيل الواضح، والصراط لغة في السراط، والصاد أعلى لمكان المضارعة، وإن كانت السين هي الأصل. "سرط: 3/ 1993".
4 وأبدلت الزاي من السين كذلك، فقيل: زراط. "المصدر السابق "زرط": 3/ 1826".
وقرأ قنبل من طريق ابن مجاهد، وكذا رويس بالسين في {الصِّرَاطَ} في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] ، ووافقهما ابن محيصن. ويقرأ خلف عن حمزة بإشمام الصاد الزاي في كل القرآن، ومعناه: مزج الصاد بالزاي، وهي لغة قيس، ووافقه المطوعي، والباقون بالصاد وهي لغة قريش. "ينظر الإتحاف: 123".
وقال الأخفش: "الصراط فيه لغتان: السين والصاد، إلا أنا نختار الصاد؛ لأن كتابتها على ذلك في جميع القرآن". معاني القرآن: 16.
5 في اللسان: "السقر: من جوارح الطير, معروف، لغة في الصقر والزقر: الصقر، مضارعه؛ وذلك لأن كلبا تقلب السين مع القاف خاصة زايًا، ويقولون في {مَسَّ سَقَرَ} : مس زَقَر، وشاة زَفْعَاء، في: سَفْعَاء" "سقر: 3/ 2036".

(2/854)


فإذا ورد إبدال1 السين من التاء في "اسَّمع"؛ لأن أصله: استمع، فأبدلت السين عن2 التاء وأدغمت السين في السين، فصار "اسّمع"، ورد حينئذ أن تكون الذال والظاء من حروف الإبدال، لمجيء: اذّكر واظّلم؛ أصلهما: اذْتَكَر واظْتَلَم؛ فأبدلت الذال من التاء3، والظاء4 من التاء، وأدغمت الذال في الذال، والظاء في الظاء, فصارا: اذّكر، واظّلم.
لكن الذال والظاء ليستا5 من حروف الإبدال، فلم تكن السين أيضا من حروف الإبدال.
ويعلم مما ذكرناه أن المراد بحروف الإبدال حروف تبدل لا للإدغام؛ لأنه لو لم يكن المراد ذلك لكان جميع الحروف غير الصاد والشين والفاء والزاي حروف الإبدال؛ لأن غيرها تبدل للإدغام، لكن لا يسمى جميع الحروف التي هي غيرها حروف الإبدال6.
__________
1 في "هـ": يدل.
2 في "هـ": من.
3 في "ق": الذال.
4 "والظاء": ساقطة من "ق".
5 في "ق"، "هـ": ليسا.
6 ينظر الممتع: 1/ 319، والأشموني: 3/ 820.

(2/855)


[مواطن إبدال الهمزة] :
قوله: "فالهمزة [تُبدل1 من حروف اللين والعين والهاء ... "2.
اعلم أن أحد حروف الإبدال الهمزة] 3، وهي تبدل من حروف اللين ومن العين ومن الهاء.
__________
1 لفظة "تبدل" ساقطة من "ق".
2 عبارة المصنف بتمامها: "فالهمزة تبدل من حروف اللين وَالْعَيْنِ وَالْهَاءِ، فَمِنَ اللِّينِ إعْلاَلٌ لاَزِمٌ فِي نحو: كساء ورداء وقائل وبائع وأواصل, وجائز في: أجوه وأوري. وأما نحو: دأبة وشأبة والعألم وبأز وشئمة ومؤقد فشاذ, وأُباب -بحر- أشذ, وما شاذ". "الشافية، ص14".
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".

(2/856)


[إبدال الهمزة من حروف اللين] :
أما إبدالها من حروف اللين فواجب1، نحو2: كساء ورداء وقائل وبائع وأواصل. أصلها: كساوٌ، ورداي، وقاول، وبايع، ووَوَاصل، أبدلت الهمزة عنها وجوبا3، لما مر، وجائز4 في نحو: أجوه وأوري. أصلهما: وجوه ووري؛ أبدلت الهمزة من الواو جوازا، لما مر.
وأما إبدال الهمزة من الألف في "دأبّة" و"شأبّة"5 و"العألم"6
__________
1 في "هـ": فلازم، وفي "ق": فجائز.
2 زادت في الأصل "ق" لفظة "في" قبل "نحو", والأصح حذفها كما في "هـ".
3 في "هـ": وجبا.
4 في الأصل: وجوازا, والمناسب للسياق ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 حكي ذلك عن أبي زيد في كتابه الهمز. ينظر الممتع: 1/ 320، وشرح شواهد الشافية 168.
6 همز العجاج "العالم" في قوله:
فخندف هامة هذا العألم
ينظر ديوانه ص58، 60، وسر الصناعة: 1/ 101، وشرح الشافية 3/ 205، وشرح شواهدها: 428. وقيل: إن العجاج همز "العالم" ضرورة ليجنب البيت السناد، حيث إن ألف "عالم" تأسيس لا يجوز معها إلا مثلها، فلما قال: اسلمي همز "العالم"؛ ليجري القافية على منهاج واحد في عدم التأسيس.

(2/856)


وبأز1، وعن الياء في "شئمة"2, وعن الواو في "مؤقد" فشاذ ضعيف؛ لأنه يزيد ثقلا3.
__________
1 حكاه اللحياني عن العرب، وأصله واو، بدليل: أبواز. "ينظر الشافية، للرضي: 3/ 205".
2 الشئمة: الخلق والطبيعة، وأصله: الشيمة بالياء، فهمز. "ينظر اللسان شيم: 4/ 2379".
3 يزيد ثقلا: مطموس في "هـ".

(2/857)


[إبدال الهمزة عن العين] :
وأما إبدال الهمزة عن العين فهو أشذ، نحو: أُباب البحر1، أي: عُباب البحر، وهو معظم الماء؛ لكون هذا الإبدال في غاية القلة2.
__________
1 ينظر سر الصناعة: 1/ 121، وفيه يرى ابن جني أن الأرجح أن تكون الهمزة في "أباب البحر" أصلًا.
2 سمع قول الراجز:
أباب بحر ضاحك زهوك
ينظر سر الصناعة 1/ 121، والمفصل 363، وشرح الشافية 3/ 207، وشرح شواهدها 432-436، واللسان أبد: 1/ 4.

(2/857)


[إبدال الهمزة عن الهاء] :
وأما إبدال الهمزة عن الهاء فشاذ؛ لقلة هذا الإبدال، لكنه لازم في ماء. أصله: ماه، بدليل التصغير على مويه، وعدم استعمال ماه.

(2/857)


[مواطن إبدال الألف] :
والألف تبدل عن1 أختيها، أي: من الواو والياء والهمزة والهاء.
أما إبدال الألف عن أختيها فلازم في2 نحو: قال وباع، ونحو: آل على رأي، فإن أصله عند الكسائي أول؛ لأن تصغيره عند بعضهم "أويل"3، قلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار: آل.
[وإنما قال: "على رأي"؛ لأن الألف فيه مبدلة عن الهاء عند البصريين] 4.
وآل الرجل: أهله وعياله5.
وضعيف في ياجل6، من يَيْجَل7؛ لعدم موجب القلب.
وشاذ مع لزومه في نحو: طائي، لما مر.
__________
1 في "ق"، "هـ": من.
2 لفظة "في": ساقطة من "هـ".
3 في اللسان "أول" 1/ 174: "وروى الفراء عن الكسائي في تصغير آل: أويل".
4 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
5 الصحاح أول: 4/ 1627.
وفي اللسان "أهل" 1/ 164: "وآل الرجل: أهله، وآل الله وآل رسوله: أولياؤه أصلها أهل، ثم أبدلت الهاء همزة فصارت في التقدير: أأل، فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفا كما قالوا: آدم وآخر، وفي الفعل: آمن وآزر، فإن قيل: ولِمَ زعمت أنهم قلبوا الهاء همزة ثم قلبوها فيما بعد، وما أنكرت من أن يكونوا قلبوا الهاء ألفا في أول الحال؟ فالجواب أن الهاء لم تقلب ألفا في غير هذا الموضع فيقاس هذا عليه, فعلى هذا أبدلت الهمزة ألفا.
6 في "هـ": يا رجل. تصحيف.
7 ينظر الكتاب: 4/ 238.

(2/858)


"وأما"1 إبدال الألف من2 الهمزة ففي "راس" كما تقدم في تخفيف الهمزة.
وأما إبدال الألف من3 الهاء ففي "آل" على رأي، وهو رأي البصريين؛ فإن أصله عندهم "أهل", فأبدلت الألف4 من الهاء5.
__________
1 وأما: إضافة من "ق"، "هـ".
2 في "هـ": عن.
3 في "هـ": عن.
4 في "هـ": الهمزة.
5 ينظر الحاشية.

(2/859)


[مواطن إبدال الياء] :
قوله1: "والياء من أختيها....2 إلى آخره"3.
أي: وتبدل الياء من أختيها -أعني: الواو والألف-4 ومن الهمزة، ومن أحد حرفي5 المضاعف، ومن النون والعين "153" والباء والسين والتاء.
أما إبدالها من أختيها فيكون6 لازما في نحو: مِيقات، وغازٍ، وقِيام, وحِياض. أصلها: مِوْقات، وغازِو، وقِوَام، وحِوَاض، فأبدلت الياء من الواو لانكسار ما قبلها إبدالا لازما، وقد مر ذلك.
ويكون شاذا في: حبلى، وصُيَّم, وصِبْيَة، ويَيْجَل؛ فإن إبدال الياء عن ألف حبلى شاذ ضعيف.
وكذلك إبدال الياء عن الواو في صيم، جمع صائم، من: صام يصوم، وفي ييجل، أصله: يَوْجَل,
__________
1 قوله: موضعها بياض في "هـ".
2 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "والياء من أختيها، وَمِنْ الْهَمْزَةِ، وَمِنْ أَحَدِ حَرْفِي الْمُضَاعَفِ، وَالنُّونِ، وَالْعَيْنِ، وَالْبَاءِ، وَالسِّينِ، وَالثَّاءِ. فَمِنْ أُخْتَيْهَا لاَزِمٌ فِي نَحْوِ: مِيقَّاتٍ وغازٍ وَأَدْل وَقِيَامٍ وَحِيَاضٍ ومفاتيح ومفيتيح ودتم وَسَيِّد، وَشَاذٌّ فِي نَحْوِ: حُبْلَى وَصُيَّم وَصِبْيَةٍ وَيَيْجَلُ، وَمِنَ الْهَمْزَةِ فِي نَحْوِ: ذِيبٍ، وَمِنَ الباقي مسموع كثير في نحو: أمليت وقصيت, وَفِي نَحْوِ: أَنَاسِيَّ، وَأَمَّا الضَّفَادِي وَالثّعَالِي وَالسَّادِي والثالي فضعيف". "الشافية، ص14".
3 إلى آخره: ساقط من "ق".
4 ما بين الشرطتين إضافة من "هـ".
5 في الأصل, "ق": حروف, وما أثبتناه من "هـ".
6 في "ق": ليكون.

(2/860)


وفي صبية، جمع صَبِيّ، من: صبا يصبو, شاذ1؛ لعدم موجب الإبدال، لكنه لازم2.
وأما إبدال الياء من3 الهمزة ففي4 نحو: ذيب؛ لكونها ساكنة بعد كسرة, وقد مر في تخفيف الهمزة.
وأما إبدال الياء عن الإدغام, فمسموع كثير في نحو: أمليت، وقصيت, أصلهما: أمللت5، وقصصت.
وأما [إبدال الياء] 6 من النون ففي نحو: أناسيّ، أصله: أناسين؛ لأنه جمع إنسان، فأبدلت من النون وأدغمت الياء في الياء.
وأما إبدال الياء من العين ففي نحو: الضفادي، في: الضفادع, ومن الباء، في نحو7: الثعالي في الثعالب8, ومن السين، في نحو: السادي في: السادس، ومن الثاء في9 نحو: الثالي في: الثالث, فشاذ ضعيف.
__________
1 في الأصل: شاذا, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 في "هـ": لازما.
3 في "هـ": عن.
4 في "هـ": في.
5 لفظة "أمللت" ساقطة من "ق".
6 في "هـ": إبداله.
7 لفظة "نحو" ساقطة من "ق".
8 في "هـ": ثعالب.
9 لفظة "نحو": إضافة من "ق"، "هـ".

(2/861)


[مواطن إبدال الواو] :
قوله1: "والواو من أختيها....2 إلى آخره"3.
أي: وتبدل الواو من أختيها، أعني4: الياء والألف، ومن الهمزة.
أما إبدال الواو من أختيها فلازم وشاذ ضعيف.
أما اللازم، ففي5: ضوارب، وضويرب؛ لأن ضوارب جمع ضاربة، وضويرب تصغير ضارب، فالواو فيهما بدل من6 ألف ضارب، لازم.
وفي نحو: رحوي وعصوي7, فإنه أبدلت الواو فيهما من ألف رحى وعصا إبدالا لازما لوجوب الإبدال في النسبة؛ لوجوب كسر ما قبل ياء النسبة, وكان إبدال الواو منهما أولى لئلا يجتمع ثلاث ياءات.
وفي نحو: موقن، وطُوبى، وبوطر، وبَقْوَى؛ فإنه أبدلت الواو فيها من الياء إبدالا واجبا.
__________
1 قوله: موضعها بياض في "هـ".
2 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "والواو تبدل مِنْ أُخْتَيْهَا، وَمِنَ الْهَمْزَةِ. فَمنْ أُخْتَيْهَا لاَزِمٌ في: ضوارب وضويرب ورجوي وعصوي وموقن وطوبى وبوطر وبقرى، وشَاذّ ضَعيفٌ فِي: هَذَا أَمْرٌ مَمْضُوّ عَلَيْهِ، وَنَهُوٌّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجِبَاوَةٍ. وَمِنَ الْهَمْزِ فِي نحو: جُونَة وجُون". "الشافية، ص14".
3 إلى آخره: ساقط من "ق".
4 لفظة "أعني" ساقطة من "هـ".
5 لفظة "نحو" ساقطة من "ق".
6 في "هـ": عن.
7 في "هـ": عدي. تصحيف.

(2/862)


أما إبدالها من1 الياء فلأن الموقن من اليقين، وطوبى من الطيب، وبوطر من البَيْطَرة، وبَقْوَى من بقي.
وأما إبدالها [منها] 2 بالوجوب، فلِمَا مر.
وأما الشاذ الضعيف ففي قولهم: هذا أمر مَمْضُوّ عليه، وهذا أمر نهوّ عن المنكر؛ وفي جباوة؛ لأن الممضو عليه من: مضيت عليه؛ فأصله: مَمْضِيّ عليه، وأن نهوًّا عن المنكر من نهى ينهى، على وزن: فعول, وأصله3: نهيٌّ، وأن4 جباوة أصلها5: جباية، من: جبا يجبي؛ أبدلت الواو من الياء في هذه الصورة إبدالا6 شاذا ضعيفا.
اعلم أن في كون واو7 الممضو بدلا من الياء نظرا؛ لأنه يقال: مضيت على الأمر مُضِيًّا, ومضوت على الأمر مَضُوًّا ومُضُوًّا8.
وكذا في كون الواو بدلا في جباوة من الياء في جباية نظر9؛ لأن جباوة وجباية لغتان؛ يقال: جبا الماء في الأرض جبوا وجبيا،
__________
1 في "هـ": عن.
2 منها: إضافة من "ق"، "هـ".
3 في "هـ": وقياسه.
4 في "هـ": "وفي" بدل "وأن".
5 لفظة "أصلها" ساقطة من "هـ".
6 في "هـ": وإبدالها.
7 في "هـ": الواو.
8 ذكره ابن منظور في اللسان "مضى": 6/ 4222.
9 لفظة "نظر" ساقطة من "ق".

(2/863)


وجبا الخراج جباوة وجباية1. وكما أن الواو في: جبوا ليس بدلا من الياء في: جبيا, كذلك الواو في جباوة ليست بدلا من الياء في جباية.
وأما إبدال الواو من الهمزة ففي نحو2: جونة وجون؛ أصلهما3: جؤنة [وجؤن] 4 بالهمزة، فأبدلت الواو منها5 "154".
وقيل: المثال غلط؛ لأن تركيب جأن مهمل في الكلام, وحينئذ لا يعلم أن أصل عين6 جونة الهمزة. ولا دليل على جواز همز7 عينها سوى قول صاحب الصحاح: [والجونة -بالضم- مصدر الجَوْن من الخيل8. ثم قال] 9: والجونة أيضا جونة العطار، وربما همز10، 11.
__________
1 ينظر اللسان "جبى": 1/ 541.
2 لفظة "نحو" ساقطة من "ق".
3 في النسخ الثلاث: أصلها, والمناسب للمعنى ما أثبتناه.
4 وجؤن: إضافة من المحقق.
5 ينظر الممتع: 1/ 362.
6 لفظة "عين" ساقطة من "ق".
7 في "هـ": همزة.
8 الصحاح "جون" 5/ 2096.
9 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
10 الصحاح جون: 5/ 2096, وفي الأصل "ق": همزت, وما أثبتناه من "هـ" يوافق ما في الصحاح.
11 وذكر ابن منظور الجُؤْنَة تحت مادة "جأن"، وقال: "الجؤنة: سلة مستديرة مغشَّاة أدما, يجعل فيها الطِّيب والثياب". "اللسان "جأن": 1/ 530".

(2/864)


وقول صاحب الصحاح: "وربما همز"1 ظاهر في إرادة عكس ما ذكر2 المصنف؛ لأنه جعله معتلا في الأصل والهمزة فيه بدلا3 من4 الواو.
والمثال5 المطابق: جُؤْوَة وجُؤًى، من جَئِيَ الفرس جُؤْوَة، وهي حُمرة في سواد6.
وتجمع الجؤوة على جؤى، على حد: غُرْفَة وغُرَف. وإذا7 خفف همزته8 قيل9: جُوَّة، وجُوًى.
__________
1 في "ق": همزة.
2 في "هـ": ما ذكره.
3 في "هـ": بدل.
4 في "هـ": عن.
5 في "ق": مثال.
6 ينظر الصحاح "جأى": 6/ 2297.
7 في "هـ": فإذا.
8 في الأصل, "ق": همزة, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
9 لفظة "قبل" ساقطة من "ق".

(2/865)


[مواطن إبدال الميم] :
قوله: "والميم من الواو [واللام] 1 ... "2 إلى آخره3.
أي: وتبدل الميم من الواو واللام والنون والباء.
أما إبدالها من الواو فلازم في "فم" وحده [إذا لم يضف] 4 لئلا يلزم اسم معرب على حرف واحد، على ما مر في النحو.
وإبدالها من لام التعريف ضعيف5، وهي لغة طائية، كقوله6 -عليه الصلاة والسلام-7: "ليس من امبر امصيام في امسفر"8.
__________
1 واللام: إضافة من "ق"، "هـ".
2 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَالْمِيمُ مِنَ الْوَاوِ وَاللاَّمِ وَالنُّونِ وَالْبَاءِ، فَمِنَ الْوَاوِ لاَزِمٌ فِي فَمٍ وَحْدَهُ وضَعِيفٌ فِي لام التعريف، وهي لغة طائية، ومن النون لازم في عَنْبَرِ وشَنْبَاءَ, وَضَعِيفٌ فِي الْبَنَامِ وَطَامَهُ اللهُ على الخير، ومن الباء في: بنات مَخْر, وما زلت راتما, ومن كثم". "الشافية، ص14".
3 إلى آخره: ساقط من "ق".
4 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
5 في "هـ": فضعيف.
6 في "ق": لقوله.
7 ما بين الشرطتين إضافة من "هـ".
8 في البخاري, 9/ 116, 117، كتاب الصوم: "حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الأنصاري قال: سمعت محمد بن عمرو بن الحسين بن علي بن جابر بن علي بن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فرأى زحاما ورجلا قد ظُلِّل عليه، فقال: $"ما هذا؟ " فقالوا: صائم، فقال: $"ليس من البر الصوم في السفر". ا. هـ.
وينظر في الحديث كذلك: صحيح مسلم 4/ 229، وسنن أبي داود صوم: 2/ 1317, والترمذي صوم: 3/ 81، والنسائي 4/ 175, 176، وابن ماجه: 1/ 532، والدارمي: 2/ 9. ورواية: "ليس من امبر امصيام في امسفر" موجودة في مسند الإمام أحمد 5/ 434.

(2/866)


ولقائل أن يمنع كونها بدلا من اللام؛ لجواز أن تكون مرادفة لها, فيكون التعريف بالاستقلال1، لا لكونها بدلا من اللام.
وأما إبدالها من النون فلازم في: عَمْبَر وشَمْبَاء -من الشنب- يقال: شَنِبَ2 الثغر شَنَبًا، إذا رقت أسنانه3 وجرى الماء عليها4, والوصف منه أشنب, والأنثى منه5: شَنْبَاء6.
وكذا كل نون وقعت ساكنة قبل الباء.
وكذا لو كانت من كلمتين نحو7: رجلٌ باع؛ لأن التنوين نون ساكنة, وإبدال الميم من النون ضعيف في قولهم: البنام، في: البنان8 وهي أطراف الأصابع، جمع: البنانة9. وطامه10 الله على الخير
__________
1 في "هـ": باستعمال.
2 لفظة "شنب" مطموسة في "هـ".
3 في "هـ": الإنسان.
4 ينظر اللسان "شنب": 4/ 2336.
5 منه: ساقطة من "هـ".
6 وقال الجوهري: "الشنب: حدة في الأسنان، ويقال: برد وعذوبة, وامرأة شنباء, بينة الشنب. قال الجرمي: سمعت الأصمعي يقول: الشنب: برد الفم والأسنان, فقلت: إن أصحابنا يقولون: هو حدتها حين تطلع، فيراد بذلك حداثتها وطراءتها؛ لأنها إذا أتت عليها السنون احتكت. فقال: ما هو إلا بردها". "الصحاح "شنب": 1/ 158".
7 في الأصل: "في نحو", والأنسب حذف "في" كما في "ق"، "هـ".
8 ينظر الممتع: 1/ 392، وشرح الشافية للرضي: 3/ 216.
9 ينظر الصحاح "بنن": 5/ 2081.
10 ينظر المفصل: 367، والممتع: 1/ 394, وشرح الشافية 3/ 217.

(2/867)


في: طانه الله على الخير، أي1: جبله2 على الخير، من الطين3.
وكذا إبدالها من الباء ضعيف في قولهم4: بنات مخر، في: بنات5 بخر6، يقال للسحاب يأتين قُبُلَ الصيف منتصبات: بنات بَخْر ومَخْر7، والباء هي الأصل لأنه من البخار. ويقال لهذا السحاب: بنات بحر ومحر, بالحاء المهملة أيضا8.
وفي قولهم9: ما زلت راتما، أي: راتبا؛ من: رتب الرجل وغيره رَتْبا ورُتُوبا، فهو راتب، وراتم: إذا انتصب قائما10.
ونحو: كَثَم11 في: كَثَب، وهو القُرْب12.
__________
1 لفظة "أي" ساقطة من "هـ".
2 في "هـ": جبل.
3 ينظر الصحاح "طين": 6/ 2159.
4 ينظر الإبدال لأبي الطيب: 1/ 41، والممتع: 2/ 392، وشرح الشافية: 3/ 217.
5 لفظة "بنات" ساقطة من "هـ".
6 وعلى الإبدال جاء قول طرفة:
كبَنَات المَخْر يمأذن كما ... أنبت الصيف عساليج الخضر
"ديوانه: 74، والممتع: 1/ 392".
7 الصحاح "بخر": 2/ 86.
8 ينظر الصحاح "بحر": 2/ 585.
9 حكاه أبو عمرو الشيباني عن العرب. ينظر الممتع: 1/ 393.
10 ينظر الصحاح "رتب": 1/ 133.
11 ينظر الإبدال، لأبي الطيب: 1/ 49، والممتع: 1/ 393.
12 ينظر الصحاح "كثب": 1/ 209.

(2/868)


[مواطن إبدال النون] :
قوله: "والنون من الواو واللام شاذ ... "1 إلى آخره2.
أي: وإبدال النون من الواو شاذ في صنعاني، وبهراني؛ لأن أصلهما: صنعاوي، وبهراوي؛ لأنهما منسوبان إلى: صنعاء، وهي قصبة اليمن3، وبهراء، وهي قبيلة من اليمن4.
وقياس النسبة إليهما: صنعاوي وبهراوي.
وكذلك5 إبدال النون من اللام ضعيف في "لَعَنَّ", أصله: "لَعَلَّ"6.
__________
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "والنون من الواو واللام شاذ في نحو: صنعاني وبهراني، وضعيف في: لَعَنَّ" "الشافية، ص14".
2 إلى آخره: ساقط من "هـ".
3 معجم البلدان: 5/ 386, 387.
4 ينظر اللسان: 1/ 371.
5 في "ق"، "هـ": وكذا.
6 وقيل: هما أصلان؛ لأن الحرف قليل التصرف. "ينظر: شرح الشافية، للرضي: 3/ 219".

(2/869)


[مواطن إبدال التاء] :
قوله1: "والتاء من الواو...."2 إلى آخره3.
أي: وتبدل التاء من الواو والياء والسين والباء والصاد.
أما4 إبدالها من الواو والياء فلازم في نحو5: اتَّعد، واتَّسر؛ لأن أصلهما: اوْتَعد وايْتَسر؛ قلبت الواو والياء تاء وأدغمت التاء في التاء، فصارا: اتعد، واتسر6، كما مر7.
وشاذ في أَتْلَجه8، أي: أولجه -من الولوج- فأبدلت9 التاء من الواو إبدالا شاذا.
وأما إبدالها من السين، ففي طسْت10 وحده، أصله "155": طسّ لأن جمعه طسوس، فأبدلت التاء من السين الأخيرة.
فإن قيل: يجمع أيضا على "طُسُوت" فلِمَ حكمتم بأن السين أصل,
__________
1 قوله: موضعها بياض في "هـ".
2 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَالتَّاءُ مِنَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ وَالسِّين وَالْبَاءِ والصَّادِ، فَمِنَ الْوَاوِ والْيَاءِ لاَزِمٌ فِي نَحْوِ: اتَّعَدَ وَاتَّسَرَ عَلَى الأَفْصَحِ، وشَاذّ فِي نَحْوِ: أَتْلَجَهُ، وَفِي طَسْتِ وَحْدَهُ, وَفِي الذَّعَالِت ولِصْت ضَعِيفٌ". "الشافية: ص14".
3 إلى آخره: ساقط من "ق".
4 في "ق": وأما.
5 لفظة "نحو" ساقطة من "هـ".
6 في "هـ": ايتسر, لعله سهو من الناسخ.
7 كما مر: ساقط من "هـ".
8 ينظر المفصل: 367، والممتع: 1/ 384.
9 في الأصل, "ق": فإبدال, وما أثبتناه من "هـ".
10 ينظر المفصل: 368، والممتع: 1/ 389.

(2/870)


والتاء بدل من غير عكس؟
قلنا: لِمَا تقدم من أن ليست من حروف الإبدال، مع أنه لم يثبت إبدال السين من التاء، بخلاف عكسه.
وأما إبدالها من الباء ففي الذَّعَالِت1 من الذعالب، جمع الذِّعلبة وهي النعامة2. ويقال أيضا للناقة السريعة السير: ذعلبة3؛ تشبيهًا بالنعامة في سرعتها4. وقيل: الذعالب: أخلاق من الثياب، جمع ذُعْلُوب5. [وفي الصحاح6: "أنها قِطَع الخِرَق", أصلها: ذعاليب. إذا قلنا: إنها جمع ذعلوب] 7 حذف الياء منها.
ويقال للجمل: ذعلب؛ تشبيهًا بالنعامة في سرعتها8.
وإنما قضي بأصالة الباء في ذعالب دون التاء؛ لأن الباء لا تكون بدلا، ولأنها أكثر استعمالا.
ومن الصاد في لِصْت9 -من لِصّ- ضعيف.
__________
1 ينظر المفصل: 368.
2 ينظر اللسان "ذلب": 3/ 1504.
3 في "هـ": ذعلبة.
4 ينظر الصحاح "ذعلب": 1/ 127, 128، واللسان "ذعلب" 3/ 1503, 1504.
5 ينظر اللسان "ذعلب": 3/ 1504.
6 ذعلب: 1/ 128، وحكى الجوهري عن أبي عمرو أن أطراف الثياب يقال لها: الذعاليب. "ينظر المصدر السابق".
7 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
8 ينظر اللسان "ذعلب": 3/ 1504.
9 ينظر المفصل: 368.

(2/871)


[مواطن إبدال الهاء] :
قوله: "والهاء من الهمزة والألف والياء...."1 إلى آخره2.
أي: وتبدل الهاء من الهمزة والألف والياء والتاء.
أما إبدالها من الهمزة ففي: هَرَقْتُ الماء3، وهَرَحْتُ الدابة4، وهِيَّاك5، ولِهَنّك فاعل، وفي: هِنْ فعلتَ فعلتُ6, من: أرقتُ, وأرحتُ، وإياك، ولأنك: أبدلت الهاء من الهمزة لكراهتهم بقاء صورة إن مع لام الابتداء؛ لأن لام الابتداء لا تجامع إن، كما مر في النحو.
[وهو في لهنك7 ضعيف.
__________
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَالْهَاءُ مِنَ الْهَمْزَةِ وَالأَلِفِ وَالْيَاءِ وَالتَّاءِ. فَمِنَ الهمزة فمسموع فِي: هَرَقْتُ وَهَرَحْتُ وَهِيَّاكَ وَلَهِنَّكَ، وَهِنْ فَعَلْتَ، في طيئ، وهَذَا الَّذِي فِي: أذَا الَّذِي. وَمِنَ الأَلِفِ شَاذٌّ في أَنَه وحيهلَه وَفِي مَهْ مستفسرا، وفي يا هناه عَلَى رَأي, وَمِنَ الْيَاءِ فِي هَذِهْ، وَمِنَ التاء في باب رحمة وقفا". "الشافية، ص14".
2 إلى آخره: ساقط من "ق".
3 ينظر الإبدال لابن السكيت: 88.
4 حكاه ابن السكيت عن الكسائي. "ينظر المصدر السابق".
5 قال ابن عصفور في الممتع "1/ 397": "أنشد أبو الحسن "الأخفش":
فهِيَّاك والأمر الذي إن توسعت ... موارده ضاقت عليك المصادر
والبيت أورده أبو تمام في حماسته ص335 "رقم 422" برواية: "إياك" على أنه مجزوم.
وينسب البيت لمضرِّس بن ربعي الفقعسي، ولطفيل الغنوي. "ينظر الممتع: 1/ 397, وشرح الشافية للرضي: 3/ 223، وشرح شواهدها: 476 "228"، وشمس العلوم: 1/ 16".
6 لفظة "فعلت" ساقطة من "هـ".
7 لهنك: مطموسة في "هـ".

(2/872)


وإن فعلتَ فعلتُ1؛ فأبدلت الهاء من الهمزة] 2 وهو في: هِنْ فعلت لغة طائية3.
وأما إبدالها من الهمزة في قولهم: "هذا الذي"4 في "أذا الذي" فشاذ.
وأما إبدال الهاء من الألف في هَنَا، من: أنا5، وفي حيهلَهْ، من: حيهلا، وفي مَهْ من: ما للاستفهام، فشاذ6, والهاء في قول امرئ القيس7:
"39"
وقد رابني قولها: يا هَنَاهُ ... ويحك ألحقت شرا بشر8
مبدلة عن الألف المنقلبة عن الواو في هنوات، على رأي9، وأصله: هَنَاوٌ، فقلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ لأن
__________
1 فعلت: ساقطة من "هـ".
2 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
3 ينظر شرح الشافية للرضي 3/ 223، وينظر كذلك الممتع: 1/ 397.
4 ينظر المفصل: 369، والممتع: 1/ 399, 400، وابن يعيش: 10/ 43، وشرح الشافية للرضي: 3/ 224، وشرح شواهدها: 447.
5 من أنا: ساقط من "هـ".
6 ينظر المفصل: 369، وشرح للرضي: 3/ 224.
7 ديوانه، ص: 111.
8 البيت من المتقارب، وهو من قصيدة له يصف فرسه وخروجه إلى الصيد. ينظر في المفصل: 369، وأساس البلاغة: 707، والإيضاح في شرح المفصل: 2/ 410، وابن يعيش: 10/ 43.
والشاهد فيه أن الهاء بدل من الواو عند أهل البصرة، وعند الكوفيين للوقف.
9 وهذا رأي البصريين عدا أبي زيد والأخفش. ينظر الممتع: 1/ 401، والإيضاح 2/ 410 وشرح الشافية: 3/ 225، وشرح الكافية: 2/ 138.

(2/873)


الفاصل غير حصين، فالتقى ألفان1، فقلبت [الألف] 2 الثانية هاء، على وجه الشذوذ. ولو سلك بها القياس لقلب همزة.
فإن قيل: من أين جاء الألف التي قبل الهاء؟
قلنا: هي الألف التي في هنات، جمع هن، فأبدلت الواو المقدرة بعدها ألفا، ثم أبدلت الألف3 هاء، وهي المتولدة من إشباع الفتحة.
وإنما قال: "على رأي" لأن في هاء: يا هناه أقوالا للبصريين غير ما ذكره4، وقولا واحدا للكوفيين والأخفش.
أما أقوال البصريين، فأحدها: أنها5 بدل عن6 الواو7.
وثانيها: أنها8 بدل عن ألف9 مبدلة عن واو10.
وثالثها: أن الهاء أصلية وليست بدلا, وضعف لقلة باب سلس11.
__________
1 في الأصل: الساكنان, وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 لفظة "الألف" إضافة من "ق"، "هـ".
3 لفظة "الألف" ساقطة من "ق".
4 غير ما ذكره: ساقط من "ق".
5 في "ق": أنه, وفي "هـ": أن الهاء.
6 في "ق"، "هـ": من.
7 ينظر شرح الشافية للرضي: 3/ 225، وشرح الكافية له: 2/ 138.
8 في "هـ": أن الهاء.
9 في النسخ الثلاث: همزة، والصحيح ما أثبتناه.
10 ينظر المصنف: 3/ 140-143، والمفصل: 370، والإيضاح: 2/ 410.
11 ينظر الممتع: 1/ 401، وقال ابن الحاجب: ليس هذا بعيدا. "الإيضاح 2/ 411".

(2/874)


ورابعها: أن الألف بدل من الواو [التي في هنوات، والهاء للسكت1.
وأما قول الكوفيين والأخفش2 فهو: أن الهاء والألف3 زائدتان4] والهاء للسكت والوقف5, واللام محذوفة، كما حذفت في هن وهنه.
ويبطل هذا القول والقول الرابع للبصريين جواز تحريكها في السعة، وهاء السكت والوقف لا يجوز تحريكهما في السعة6.
__________
1 في "هـ": ورابعها: أن الهاء للسكت والألف بدل من الواو التي في هنوات.
2 ومعهم أبو زيد. ينظر المنصف: 3/ 142، والممتع: 1/ 401، وشرح الشافية: 3/ 225، وابن يعيش: 10/ 44.
3 في "هـ": الألف والهاء.
4 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
5 واختاره ابن عصفور، حيث قال: "والوجه عندي أنها زائدة للوقف؛ لأن ذلك قد سمع له نظير في الشعر، كما ذكرت لك. وأيضا فإن ابن كيسان -رحمه الله- قد حكى في "المختار" له أن العرب تقول: يا هناه, بفتح الهاء الواقعة بعد الألف وكسرها وضمها، فمن كسرها فلأنها هاء السكت فهي في الأصل ساكنة، ومن حركها بالفتح فإنه أتبع حركتها حركة ما قبلها، ومن ضم فإنه أجراها مجرى حرف من الأصل, فضمها كما يضم آخر المنادى. ولو كانت الهاء بدلا من الواو لم يكن للكسر والفتح وجه، ولوجب الضم كسائر المناديات". "الممتع: 1/ 402".
6 ينظر الإيضاح 2/ 410, ويبطل قول الكوفيين أيضا أن هاء السكت لا تكون في الوصل وهذه في الوصل, فثبت أنها ليست هاء السكت، وإذا لم تكن هاء السكت فلا تخلو إما أن تكون أصلية أو زائدة، ولا تكون زائدة لأن الهاء لا تزاد آخرا فثبت أنها أصلية، فإما أن تكون هاء في الوصل أو بدلا وليست هاء في الوصل بدليل قولهم: هَنَوَات، فثبت أنها بدل عن أصل، وإذا ثبت أنها بدل عن أصل لم يخل إما أن تكون عن ألف أو لا، وقد ثبت أن أصلها واو، وأنها في محل ينقلب فيه الواو ألفا، فثبت أنها عن الألف. "الإيضاح: 2/ 410, 411".

(2/875)


وأجابوا عنه بأنها إنما حركت لما وصلت؛ تشبيهًا لهاء السكت بهاء الضمير1.
وقال أبو البقاء2: "إنه هن أضيف إلى ياء المتكلم، فصار: ياهَنِي، ثم أبدلت من الكسرة فتحة، ومن الياء ألف، كما فعلوا في غلام، وألحق في آخره الهاء للوقف، فصار: يا هناه، كما قيل3: يا غلاماه" وهو حسن.
وقال بعض الفضلاء: معنى قولنا: يا هناه: يا رجل سوء4.
وأما إبدال الهاء من الياء، ففي: هَذِه, أصله: هَذِي5.
وإنما جعلت الياء أصلا دون الهاء؛ لأنه ثبت أن الياء للتأنيث في باب تضربين، واضربي؛ ولهذا عد كثير من النحاة الياء من علامة التأنيث6.
__________
1 ينظر شرح الشافية للجاربردي "مجموعة الشافية: 1/ 323".
2 هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين الإمام محب الدين، أبو البقاء العكبري البغدادي الضرير النحوي الحنبلي. ولد ببغداد عام "538هـ"، وتوفي "616هـ". من مصنفاته: إعراب القرآن، إعراب الحديث، إعراب الشواذ، التفسير، شرح الفصيح، شرح اللمع، شرح أبيات الكتاب، اللباب، وغيرها. "ينظر في ترجمته بغية الوعاة: 2/ 38-40، والإعلام: 4/ 208, 209".
3 في "ق": نحو.
4 لم أستدل على صاحب هذا القول, والذي في اللسان: "ويقال في النداء خاصة: يا هناه، معناه: يا فلان". "هنا: 6/ 4713".
5 ينظر الإبدال، لأبي الطيب: 2/ 530، والمنصف: 3/ 149.
6 ينظر شرح الجاربردي "مجموعة الشافية: 1/ 323".

(2/876)


وأما إبدال الهاء من التاء1 ففي الوقف على الأسماء المؤنثة بالتاء، نحو "رحمة"؛ فإنها تقلب هاء2 في الوقف مطلقا، كما مر في الوقف3.
__________
1 من التاء: ساقط من "ق".
2 في "هـ": الهاء.
3 ينظر ص"535" من البحث, وفي "ق": "النحو" بدل "الوقف".

(2/877)


[إبدال اللام] :
قوله1: "واللام من النون والضاد ... "2 إلى آخره3.
أي: وإبدال4 اللام من النون لقرب المخرج بينهما، نحو: أُصَيْلَال والأصل: أُصَيْلَان5, قليل.
وأُصَيْلَان: تصغير أُصْلان [وأُصْلان: جمع الأصيل] 6 فإن الأصيل يجمع7 على أُصْلان؛ مثل: بعير وبُعْران، فأبدلت اللام من النون8.
__________
1 قوله: موضعها بياض في "هـ".
2 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "واللَّامُ مِنَ النُّونِ وَالضَّادِ فِي أُصْيَلاَلٍ قَلِيلٌ، وفي الطجع رديء". "الشافية، ص14".
3 إلى آخره: ساقط من "ق".
4 في "هـ": وأبدل.
5 ينظر الكتاب: 2/ 314، وشمس العلوم: 1/ 15، والمفصل: 370، والممتع: 1/ 403، وابن يعيش: 10/ 46، وشرح الشافية للرضي: 3/ 226.
ورُوي قول النابغة الذبياني "من البسيط":
وقفت فيها أُصَيْلانا أسائِلها ... عَيَّت جوابا وما بالربع من أحد
بالنون واللام في الديوان "30"، والكتاب "2/ 314", والإنصاف "111": "أصيلانا" بالنون. وفي المفصل: 370، والإيضاح 2/ 411، وابن يعيش 9/ 143، 10/ 45", وشرح الجاربردي "مجموعة الشافية: 1/ 323"، وشرح شواهد شروح الشافية "481": "أصيلالا" باللام. وينظر كذلك: المقتضب: 4/ 114، والإيضاح للفارسي: 211، ومجاز القرآن 2/ 310، وإصلاح المنطق: 47.
6 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
7 في الأصل: "جمع", وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
8 ينظر الصحاح "أصل": 4/ 1623، وحكى الجوهري عن اللحياني: لقيته أصيلالا وأصيلانا. "المصدر السابق".

(2/878)


والأصيل: وقت مقارنة الغروب1.
وإبدال اللام من الضاد2، نحو: الْطَجع, في3: اضْطَجع4 رديء5.
__________
1 ينظر المصدر السابق.
2 من الضاد: مطموس في "هـ".
3 في "هـ": "و" بدل "في".
4 حيث جاء في قول منظور بن حبة الأسدي "من الرجز":
لما رأى أن لادعه ولا شبع
مال إلى أرطاة حقف فالْطَجَع
يريد: فاضْطَجع. ينظر: المنصف: 2/ 32، والخصائص: 1/ 63، 3/ 163، وإصلاح المنطق 95، وشرح شواهد الإصلاح ورقة "90"، والمفصل: 370، وابن يعيش: 9/ 143، 10/ 46، وشرح الشافية للرضي: 3/ 226، وشرح شواهد شروحها: 480.
5 في الصحاح "ضجع" 3/ 1248: "وقال المازني: بعض العرب يقول: الطجع، ويكره الجمع بين حرفين مطبقين، ويبدل مكان الضاد أقرب الحروف إليها, وهو اللام".

(2/879)


[إبدال الطاء] :
قوله: "والطاء من التاء لازم ... "1 إلى آخره.
أي: وإبدال الطاء من التاء2 فيما وقعت فيه تاء الافتعال بعد الضاد3، لازم، نحو "اصطبر". أصله: اصتبر. وفي "فعلتُ" إذا كانت التاء بعد الصاد أو الضاد أو الطاء، نحو: حُصْطُ، وحُضْطُ، وخَبَطّ في: حصتُ، وحضتُ، وخبطتُ، شاذ, وهو لغة بني تميم4.
[حصت، من: حاص يحيص حَيْصًا، إذا عدل وحاد5. وحضت من: حاض الماء] 6 يحوض حَوْضًا7. وخبطت من: خبط البعير الأرض بيده، خَبْطًا، إذا ضربها8.
__________
1 العبارة بتمامها: "والطَّاءُ مِنَ التَّاءِ لاَزِمٌ فِي اصْطَبَرَ، وشاذٌّ في حصط" "الشافية، ص14".
2 ينظر الكتاب: 4/ 239، والممتع: 1/ 360.
3 ليس بعد الضاد وحدها، ولكن بعد أي حرف من حروف الإطباق المستعلية التي هي: الصاد والضاد والطاء والظاء؛ وذلك لأن التاء مهموسة لا إطباق فيها، وهذه الحروف مجهورة مطبقة، فاختاروا حرفاً مستعلياً من مخرج التاء، وهو الطاء، فجعلوه مكان التاء؛ لأنه مناسب للتاء في المخرج, والصادِ والضاد والظاء في الإطباق. "المحقق".
4 الكتاب: 4/ 240. وعلى هذه اللغة جاء قول علقمة الفحل "من الطويل":
وفي كل حي قد خَبَطَّ بنعمة ... فحق لشأس من نداك ذنوب
رواه أبو علي الفارسي، عن أبي بكر عن أبي العباس: "خَبَطَّ" على إبدال الطاء من التاء. قاله ابن عصفور في الممتع: 1/ 361. وينظر البيت في ديوان علقمة "37"، وسر صناعة الإعراب: 1/ 225، ومجالس ثعلب: 1/ 78 "برواية: خَبَطْتَ".
5 اللسان "حيص": 2/ 1070.
6 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
7 ينظر الصحاح "حوض": 3/ 1073.
8 الصحاح "خبط": 3/ 1121.

(2/880)


[إبدال الدال] :
قوله: "والدال من التاء ... "1 إلى آخره2.
أي: وإبدال الدال من التاء لازم في كل موضع وقعت فيه تاء الافتعال بعد الزاي3 أو الذال، نحو: ازدجر، وادّكر. في: ازتجر واذتكر من الزجر، والذكر. وسيأتي في باب الإدغام4.
وشاذ في نحو قولهم: "فُزْد"5 في: فُزْتُ، وفي "اجدمعوا" في: اجتمعوا، و"اجْدَزَّ" في: اجْتَزَّ، و"دَوْلِج" -لكناس الوحش الذي يلج فيه6- في: تَوْلِج. والتاء في تولج بدل من الواو؛ لأنه من الولوج7.
__________
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَالدَّالُ مِنَ التَّاءِ لاَزِمٌ فِي نَحْوِ: ازْدَجَرَ، وادكر، وشاذ في: فزد واجدمعوا واجدز ودولج" "الشافية، ص14".
2 إلى آخره: ساقط من "ق".
3 في "ق"، "هـ": الراء. وعلة القلب ههنا أن الزاي مجهورة والتاء مطموسة، والتاء شديدة والزاي رخوة، فتباعد ما بين الزاي والتاء، فقربوا أحد الحرفين من الآخر ليقرب النطق بهما، فأبدلوا الدال من التاء؛ لأنها أخت التاء في المخرج والشدة، وأخت الزاي في الجهر. "الممتع: 1/ 356".
4 وذلك في ص "889" من الكتاب.
5 ينظر الكتاب: 4/ 240.
6 الصحاح "ولج" 1/ 348.
7 في "ق": الولوجة.

(2/881)


[إبدال الجيم] :
قوله: "وَالْجِيمُ مِنَ الْيَاءِ الْمُشدَّدَةِ...."1 إلى آخره2.
أي3: والجيم تبدل من الياء المشددة في الموقف، وهي لغة قوم من بني سعد من تميم4.
وإنما جاز إبدال الجيم من الياء لاشتراكهما في المخرج؛ لكونهما من وسط, واشتراكهما في الجهر.
وإنما اختص هذا الإبدال بالوقف5؛ لأن الوقف يزيدها خفاء وهو شاذ، نحو6: فُقَيْمِجّ، أي: فُقَيْمِيّ7.
فالجيم أبدلت من الياء المشددة للنسبة في حال الوقف.
__________
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "والجيم من الياء الْمُشَدَّدَةِ فِي نَحْوِ:
لاهُمّ إنْ كُنْتَ قَبِلْتَ حجتَجْ
أشذ، ومِنَ الْيَاءِ الْمَفْتُوحَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ:
حَتَّى إذَا مَا أمسجَتْ وأمسجَا
أشَذُّ". "الشافية، ص14".
2 إلى آخره: ساقط من "ق".
3 لفظة "أي" ساقطة من "هـ".
4 ينظر الكتاب 4/ 240، وسر الصناعة: 1/ 192-195.
5 في "هـ": في الوقف.
6 في "ق": في.
7 وذلك فيما حكي عن أبي عمرو بن العلاء من أنه لقي أعرابيا فقال له: ممن أنت؟ فقال: فقيمج. فقال له: من أيهم؟ فقال: مُرِّج. يريد: فقيمي، ومري.
"ينظر الإبدال لابن السكيت: 95، والإبدال لأبي الطيب 1/ 259، والأمالي للقالي: 2/ 77 والمفصل: 371، والممتع 1/ 353".

(2/882)


وقد أجرى الوصل مجرى الوقف من قال:
"40"
خالي عويف وأبو عَلِجّ ... المطعمان اللحم1 بالعَشِجّ2
أي: وأبو عليّ، وبالعشيّ.
وهذا الإبدال أشذ؛ لعدم الوقف.
وتبدل أيضا من الياء غير المشددة3، كقولهم4:
__________
1 في "ق"، "هـ": الشحم.
2 لرجل من أهل البادية لم يعرف اسمه، قال ابن جني في سر الصناعة "1/ 192: "قرأت على أبي بكر، عن بعض أصحاب يعقوب بن السكيت، عن يعقوب، قال: قال الأصمعي: حدثني خلف، قال: أنشدني رجل من أهل البادية:
عمي عويف وأبو علج
إلى آخر الأبيات الأربعة, يريد: أبو علي، وبالعشي". "ينظر الإبدال لابن السكيت ص95"، وينظر في البيتين: الكتاب: 4/ 182، والمنصف: 2/ 178، 3/ 79، والمفصل: 371، والممتع: 1/ 353، والمقرب: 152، 214، وابن يعيش 9/ 74، 10/ 50، والعيني: 4/ 585، وشمس العلوم 1/ 15، وشرح الشافية للرضي: 2/ 287, وشرح شواهد الشافية: 212-215، والتصريح: 2/ 67.
والاستشهاد بالبيتين على أن بعض بني سعد يبدلون الياء جيما في الوقف.
3 في النسخ الثلاث: الغير المشددة, والأصح ما أثبتناه.
4 بيتان من الرجز المشطور، ينسبان لرجل من أهل اليمن لم يذكر اسمه. ينظر فيهما: النوادر: 194، ومجالس ثعلب: 1/ 177، والإبدال لابن السكيت: 96، وسر الصناعة: 1/ 193، والإبدال لأبي الطيب: 1/ 260، والمفصل: 372، والممتع: 1/ 355، والعيني: 4/ 570، وشرح الشافية: 2/ 287، وشرح شواهدها: 215-218. والشاحج: الحمار أو البغل.
والشاهد: إبدال الجيم من الياء غير المشددة, كما ذكر ركن الدين.

(2/883)


"41"
لاهُمّ إن كنت قبلت حجتِجْ ... فلا يزال شاحج يأتيك بِجْ
أي: حجتي، وبي. وهذا الإبدال أشذ من إبدالها من الياء المشددة لعدم التشديد.
وإبدالها من الياء في قوله:
"42"
حَتَّى إذَا مَا أمسجَتْ وأمسجَا1
"157"
أي: أمْسَيَتْ، وأمسيا أشذ؛ لأن حق هذه الياء أن تقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
اعلم أن صاحب المفصل [لم يتعرض لشذوذ هذا الإبدال2, وذكر الموفق3 الأندلسي4 في شرح المفصل5] 6 أن هذا الإبدال حسن بشروط ثلاثة: تشديد الياء، والوقف، والشعر. فإن اختل أحدها7 فهو قليل8.
__________
1 رجز، لم يعرف قائله. أنشده ابن جني في سر الصناعة: 1/ 194، والزمخشري في مفصله: 373, وابن عصفور في الممتع: 1/ 355. وينظر كذلك: شمس العلوم: 1/ 15، وشرح الشافية للرضي: 3/ 230، وشرح شواهد شروحها: 486، والعيني: 4/ 570. والشاهد فيه: إبدال الجيم من الياء في: "أمْسَجَتْ، وأمْسَجَا" والأصل: أمسيت وأمسيا.
2 حيث ذكر الشاهد السابق ولم يعلق عليه، ولم يذكر شذوذ ما فيه. "ينظر المفصل: 373".
3 في الأصل: الموافق, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
4 هو يعيش بن علي بن يعيش بن محمد بن يحيى النحوي الحلبي موفق الدين، أبو البقاء المشهور بابن يعيش، ولد "553هـ" وكان من كبار أئمة العربية، ماهرا في النحو والتصريف, توفي "643هـ". من أهم مصنفاته: شرح المفصل وشرح تصريف المازني وشرح التصريف الملوكي. ينظر في ترجمته بغية الوعاة: 2/ 351, 352.
5 9/ 74.
6 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
7 في الأصل "هـ": أحدهما, والصحيح ما أثبتناه من "ق".
8 زيدت لفظة "شاذ" في "ق"، "هـ".

(2/884)


[إبدال الصاد] :
قوله1: "والصاد تبدل من السين2...." إلى آخره3.
أي: وتبدل الصاد من السين الذي4 بعدها غين أو خَاءٌ أَوْ قَافٌ أَوْ طَاءٌ، جَوَازاً، نَحْوُ: أَصْبَغ، وصَلَخ، ومسّ صَقر, وصِرَاط, في: أسبغ, وسلخ، ومس سقر، وسراط5.
وإنما أبدلوا الصاد من السين بعد هذه الحروف6؛ لموافقة الصاد هذه الحروف في الاستعلاء، ومنافرة السين حروف الاستعلاء، مع موافقة السين الصاد في المخرج والصفير والهمس7.
اعلم أن إبدال الزاي من السين قبل القاف في نحو: {مَسَّ سَقَرَ} 8 لغة بني كلب9.
__________
1 قوله: موضعها بياض في "ق"، "هـ".
2 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "والصاد من السين التي بعدها غين أو خَاءٌ أَوْ قَافٌ أَوْ طَاءٌ جَوَازاً، نَحْوُ: أصبغ, وصلخ، ومس صقر، وصراط". "الشافية، ص14".
3 إلى آخره: ساقط من "ق".
4 في الأصل, "هـ": الذي، وما أثبتناه من "ق".
5 ينظر سر الصناعة: 1/ 220، والإبدال لأبي الطيب: 2/ 172-196, والمفصل: 373، وابن يعيش: 10/ 51، والممتع: 1/ 410.
6 قال ابن عصفور: "والسبب في ذلك -أي: في هذا الإبدال- أن القاف والطاء والخاء والغين حروف استعلاء والسين حرف من سفل, فكرهوا الخروج من تسفل إلى تصعد، فأبدلوا من السين صادا؛ ليتجانس الحرفان". الممتع: 1/ 411.
7 في "ق": والهمزة. تصحيف.
8 سورة القمر: من الآية "48".
9 فيقولون: مس زقر. ينظر اللسان "سقر": 3/ 2036.

(2/885)


[إبدال الزاي] :
قوله: "والزاي من السين ... "1 إلى آخره2.
أي: والزاي تبدل من السين3 والصاد الساكنتين4 الواقعتين قبل5 الدال؛ لأن الزاي حرف مجهور6 كالدال ويوافق الصاد والسين في المخرج والصفير نحو: يَزْدُل، وكقول حاتم7:"هكذا فَزْدِي أَنَهْ"8، أي: يَسْدُل، وهكذا فَصْدي أنا9.
__________
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَالزَّايُ مِنَ السِّينِ وَالصَّادِ الْوَاقِعَتَيْنِ قَبْلَ الدَّالِ ساكنتين، نحو: يزدل، وهكذا فزدي أنه". "الشافية، ص14".
2 إلى آخره: ساقط من "ق".
3 لفظة "السين" مطموسة في "ق".
4 في "ق": الساكنة.
5 في "ق": بعد.
6 في "ق", "هـ": مهجور. تحريف.
7 هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن حشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ بن أدد بن زيد بن كهلان. ينظر ترجمته في: الأغاني: 17/ 278.
8 هذه عبارة نسبت لحاتم الطائي، قيل: إنه كان أسيرا، فأمرته ربة المنزل أن يفصد لها ناقة، فنحرها، فلامته على نحره إياها، فقال: هكذا فصدي. "ينظر المفصل: 373، وابن يعيش: 10/ 53، والإيضاح 2/ 414، وشرح الشافية للرضي: 2/ 294، 3/ 232".
والذي في مجمع الأمثال للميداني "2/ 293": "هكذا فصدي". قيل: إن أول من تكلم به كعب بن ماقة، وذلك أنه كان أسيرا في عنزة, فأمرته أم منزله أن يفصد لها ناقة, فنحرها فلامته على نحره إياها، فقال: هكذا فصدي. يريد أنه لا يصنع إلا ما تصنع الكرام" ا. هـ.
9 ينظر المصدر السابق.

(2/886)


وهذا الإبدال قليل.
قوله: "وقد ضُورع بالصاد والزاي دونها ... "1 إلى آخره2.
أي: و [قد] 3 ضُورع بالصاد الساكنة الزاي، ولم يضارع بالزاي الصاد؛ يعني يقولون: "يصدق" بإشمام الصاد الزاي؛ لإمكان ذلك فيها، ولا يقولون: يَزْدُل, بإشمام الزاي4 الصاد؛ لعدم إمكان ذلك فيها.
وضُورع بالصاد المتحركة أيضا الزاي5، فيقولون في صَدَرَ، وصَدَفَ: صدر وصدف، بإشمام الصاد الزاي، ولم يقولوا بإشمام الزاي الصاد. ولم يقولوا: زَدَرَ، بإبدال الزاي عن الصاد؛ لقوة الصاد بالحركة.
والمضارعة أكثر من الإبدال, والبيان أكثر من المضارعة والإبدال.
__________
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَقَدْ ضُورِعَ بالصَّادِ الزَّايُ دُونَهَا, وَضُورِعَ بِهَا مُتَحَرِّكَةً أَيْضاً، نَحْوُ: صَدَرَ وَصَدَقَ، وَالْبَيَانُ أَكْثَرُ فِيهِمَا، وَنَحْوُ: مسَّ زَقَرَ, كَلْبِيَّةٌ, وَأَجْدَرُ وَأَشْدَقُ بالمضارعة قليل". "الشافية، ص14".
2 إلى آخره: ساقط من "ق".
3 لفظة "قد" إضافة من "هـ".
4 لفظة "الزاي" ساقطة من "ق".
5 معنى قوله: "وضورع بالصاد الزاي" جعل الصاد مضارعاً للزاي، بأن يُنْحَى بالصاد نحو الزاي، فيشَمّ الصادُ صوتَ الزاي، ولا يجوز قلبها زاياً صريحا؛ لوقوع الحركة فاصلة بينهما. "ينظر شرح الشافية، للرضي: 3/ 232".

(2/887)


وأما1 أجدر2، بمضارعة الجيم الشين, وأشدق، بمضارعة الشين الجيم, فقليل3 يتعسر ذلك في النطق؛ ولهذا لم يأت في القرآن والكلام الفصيح4.
__________
1 في الأصل: وما, والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 في "هـ": أجل. تصحيف.
3 ينظر المفصل: 374.
4 قال ابن الحاجب في الإيضاح "2/ 415": "ومثل الصاد في المضارعة إشراب الجيم صوت الشين، وإشراب الشين صوت الجيم وهي لغة قليلة رديئة؛ لعسر ذلك في النطق، لذلك لم يأت في القرآن ولا في كلام فصيح بخلاف إشراب الصاد بصوت الزاي, فإنه ورد في القرآن وفي الكلام الفصيح". ا. هـ.

(2/888)