شرح شذور الذهب للجوجري المبحث الثاني:
دراسة كتاب شذورات الذهب للجوجري
المطلب الأول: موضوع الكتاب وعنوانه
...
المطلب الأول: موضوع الكتاب وعنوانه
هذا الكتاب شرح على متن (شذور الذهب) لابن هشام، شرح فيه مؤلفه الجوجري
كتاب (شذور الذهب) لابن هشام شرحا موسعا، التزم فيه بنص متن الشذور.
أما عنوان الكتاب فهو (شرح شذور الذهب) للجوجري.
هذا هو ما جاء على غلاف النسخة الأصلية، وهو ما ذكرته كتب التراجم 1.
وجاء في فهرست مخطوطات النحو والصرف بجامعة الإمام محمد ابن سعود
الإسلامية أنه شرح شذور الذهب (شفاء الصدور) 2.
والصحيح أن (شفاء الصدور) شرح آخر مختصر على شذور الذهب للجوجري أيضا،
سماه (شفاء الصدور في حل ألفاظ الشذور) ، وأنه اختصره من شرحه المطول
على (شذور الذهب) من أجل تلميذه
__________
1 ينظر الضوء اللامع 8/124 والبدر الطالع 1/ 201 والأعلام 6/ 251 ومعجم
المؤلفين 10/260.
2 ينظر فهرست النحو والصرف بجامعة الإمام ص 142.
(1/75)
جعفر بن يحيى بن عبد القوي، كما ذكر ذلك
السخاوي1.
وقد سبق الكلام على مختصره هذا في مبحث مؤلفاته 2.
__________
1 ينظر الضوء اللامع 3/ 70.
2 تنظر ما سبق ص 72.
(1/76)
المطلب الثاني:
توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه
كتاب (شرح شذور الذهب) ثابت النسبة لمؤلفه محمد بن عبد المنعم الجوجري.
وقبل البدء في ذكر الأدلة على ذلك أود أن أذكر قصة حصلت لي مع هذا
الكتاب. فقد كنت فيما سبق قد سجلت الكتاب على أنه لأحمد بن محمد ابن
الهائم، بناء على دليلين:
الأول: وجود ذلك على نسخة من نسخ الكتاب، وهي النسخة الموجودة في ذلك
الوقت، ولم أعثر على غيرها، حيث جاء على غلافها ما يلي: (شرح شذور
الذهب، الضوابط الحسان فيما يتقوم به اللسان لابن هشام لابن الهائم) .
وقد نسبت كتب التراجم (الضوابط الحسان) لابن الهائم وعدته من مؤلفاته،
فلما رأيت هذه العبارة على هذه النسخة من الكتاب اعتقدت أن هذا الكتاب
هو كتاب (الضوابط الحسان) لابن الهائم، لوجود ذلك على غلاف النسخة.
الثاني: نقل بعض المتأخرين نصا كاملا عن هذا الكتاب وصرح في أوله بأنه
من كتاب (شرح شذور الذهب) لابن الهائم.
فقد جاء في كتاب (إعراب آيات الشذور) 1 لأبي القاسم البجائي ما نصه:
"قال ابن الهائم في (شرح الشذور) : هذا كله في المصدر الذي ليس بدلا من
اللفظ بفعله، أما ما هو بدل من اللفظ بفعله فإنه يعمل وإن
__________
1 إعراب آيات الشذور للبجائي 2/664.
(1/77)
لم يخلفه (أنْ) والفعل ولا (ما) ،
والفعل..".
وهذا النص موجود بتمامه في كتابنا هذا 1.
وبعد أن انتهيت من تحقيق الكتاب ودراسة مؤلفه ذكر لي بعض الزملاء أن
لديه كتابا يسمى (شرح شذور الذهب) لمحمد بن عبد المنعم الجوجري، وأنه
قد حصل على نسخة له من تونس، وكان قد أحضره ليقدمه لرسالة الدكتوراه.
فطلبت منه الكتاب للاطلاع عليه، لما له من علاقة بشذور الذهب، فأعارني
الكتاب مشكورا، ولما تصفحت الكتاب فوجئت أن هذا الكتاب وهو شرح شذور
الذهب هو الكتاب الذي قمت بتحقيقه من قبل على أنه لابن الهائم، لأن هذا
الكتاب لا يختلف مع كتابي في شيء، إلا ما يكون من خلاف النسخ فقط.
ولما رجعت مرة أخرى إلى كتب التراجم ظهر لي أن جميع كتب التراجم تنسب
(شرح شذور الذهب) للجوجري، ولم تذكر لابن الهائم شرحا على شذور الذهب،
وبعد ذلك ظهرت أمور أكدت لي بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الكتاب الذي
بين أيدينا هو شرح شذور الذهب لمحمد بن عبد المنعم الجوجري، وليس لابن
الهائم.
ولمّا تبيّن لي ذلك عرضت الأمر على قسم اللغويات الموقر بالجامعة، وبعد
اقتناعهم بالأدلة التي قدمتها وافق القسم مشكورا على تصحيح نسبة الكتاب
من أحمد بن محمد بن الهائم إلى محمد بن عبد المنعم الجوجري
__________
1 تنظر ص 680 من هذا الكتاب.
(1/78)
المتوفى سنة (889 هـ) .
وفيما يلي أذكر الأدلة التي تثبت صحة نسبة الكتاب للجوجري.
وهذه الأدلة أنواع:
أولا: ما ذكرته كتب التراجم:
ترجم للجوجري كل من السخاوي في الضوء اللامع والشوكاني في البدر الطالع
والزركلي في الأعلام وعمر رضا كحالة في معجم المؤلفين، وهؤلاء جميعا
نصوا على أن (الجوجري) شرح شذور الذهب، وعدوا ذلك من مؤلفاته.
قال السخاوي في الضوء اللامع: "كتَب على شذور الذهب مطولا ومختصرا" 1.
وقال الشوكاني في البدر الطالع: "وشرح شذور الذهب شرحا مطولا وشرحا
مختصرا" 2.
وقال الزركلي في الأعلام: "من كتبه.. شرح شذور الذهب، مخطوط في
الأحمدية" 3.
وقال عمر كحالة في معجم المؤلفين: "من آثاره.. شرح شذور الذهب لابن
هشام في النحو"4.
__________
1 الضوء اللامع 8/124.
2 البدر الطالع 2/ 201.
3 الأعلام 6/ 251.
4 معجم المؤلفين 10/260.
(1/79)
ثانيا: النقولات عن هذا الكتاب
نقل عن هذا الكتاب بعض المؤلفين، منهم من صرح باسمه، ومنهم من لم يصرح
بذلك، ولكن يتضح من النص أنه منقول عن هذا الشرح.
وممن صرح باسمه معمر بن يحيي المكي (897 هـ) وهو تلميذ للجوجري. فإنه
نقل عن هذا الكتاب نقولات كثيرة هي بنصها موجودة في كتابنا هذا.
وسأكتفي بذكر موضعين من كتاب معمر المكي، وهما:
1- قال معمر المكي في كتابه (التعليقة المفيدة في العربية) ص 131 ما
نصه: "وأما تقديرا فقال شيخنا المحقق شمس الدين الجوجري حفظ الله مهجته
وخلد رفعته في شرحه على الشذور: "كأنه أراد بقوله: (تقديرا) نحو سيبويه
من الأعلام المبنية إذا كانت مناداة فإن ضمة النداء وهي حركة بناء
مقدرة فيه انتهى".
وهذا النص موجود بتمامه في كتابنا هذا (شرح الشذور) ص..
2- قال معمر المكي في (التعليقة المفيدة في العربية) ص 614: "قوله:
(اسم) كالجنس، قال شيخنا أبقاه الله تعالى في شرحه على الشذور: فيه
إعلام بجنسيته، وأنه ليس كالحال في كونه ظرفا أو مجرورا أو جملة.
انتهى". وهذا الكلام ذكره الجوجري في باب التمييز ص 476 حيث قال:
"فقوله: (اسم) إعلام بجنسيته، وأنه ليس كالحال في كونه ظرفا أو مجرورا
أو جملة".
وقد نقل معمر المكي أيضا نصوصا أخرى من كتاب شيخه (شرح
(1/80)
شذور الذهب) . ينظر (التعليقة المفيدة في
العربية) ص 136 و147 و193 و228 و254 و331 و685 و743.
ثالثا: بعض النصوص الواردة في الكتاب.
ورد في هذا الكتاب بعض النصوص المنقولة عن علماء تأخرت وفاتهم عن وفاة
ابن الهائم المتوفى سنة (815 هـ) .
فقد ورد فيه نصوص من كتاب (شرح الصدر لشرح زوائد الشذور) .
ومؤلف هذا الكتاب هو محمد بن عبد الدائم البرماوي المتوفى سنة (831) هـ
وقيل (836) هـ فيبعد أن ينقل ابن الهائم عن هذا الكتاب الذي توفي صاحبه
بعد وفاته بأكثر من ستة عشر عاما.
وكذلك ورد في كتابنا هذا (شرح الشذور) نصوص من كتاب (حاشية الحفيد ابن
هشام على التوضيح) . وقد توفي الحفيد سنة (835) هـ، وذكر العلماء أن
حاشيته على التوضيح لم تجمع إلا بعد وفاته.
فهذا دليل قاطع على أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا ليس لابن الهائم، إذ
لا يعقل أن ينقل ابن الهائم عن كتاب كُتب بعد وفاته بأكثر من عشرين سنة
على أقل تقدير.
رابعا: (ما جاء في أول الكتاب وآخره) .
جاء في أول هذا الكتاب التصريح بنسبته لمحمد بن عبد المنعم الجوجري.
فقد جاء على غلاف نسخة الأصل (شرح الجوجري على شذور الذهب) وجاء في
مقدمة الكتاب في نسختي (أ) و (ب) ما يلي:
(1/81)
"قال الشيخ الإمام العلامة البحر الفهامة
فريد عصره وحيد دهره أبو عبد الله شمس الدين محمد الشافعي الجوجري..".
وورد في آخر الكتاب في النسخة التونسية التي رمزت لها بالحرف (ب)
التصريح بانتهاء مؤلفه من مسوّدة كتابه هذا في سنة (862) هـ حيث جاء في
[الورقة 213] قال مؤلفه: "فرغت من مسودته في حادي عشر ذي القعدة سنة
اثنتين وستين وثمانمائة..".
فهذا نص صريح في أن مؤلف هذا الكتاب قد فرغ من تأليفه في سنة (862) هـ
فلا يعقل أن يكون هذا الكتاب لابن الهائم المتوفى سنة (815) هـ. وإنما
المعقول أن يكون للجوجري المتوفى سنة (889) هـ الذي نسبته له كتب
التراجم.
الرد على الأدلة التي تنسب الكتاب لابن الهائم:
لم ينسب أحد هذا الكتاب لابن الهائم إلا ما ورد في كتاب أبي القاسم
البجائي عندما نقل نصا عنه، وهذه النسبة خاطئة بالتأكيد لما يلي:
1- أن جميع كتب التراجم لم تذكر لابن الهائم كتابا بهذا الاسم.
2- أن جميع الذين نقلوا نصوصا عن هذا الكتاب لم ينسبوه لابن الهائم،
وقد نسبه بعضهم لمحمد بن عبد المنعم الجوجري.
3- أن هذا النص الذي نقله البجائي موجود في النسختين الأخريين اللتين
نسب الكتاب فيهما صراحة للجوجري.
4- ما عرف عن أبي القاسم البجائي من تساهله في بعض النقولات
(1/82)
والكتب التي ينقل عنها، وتصريحه بأسماء
مؤلفين آخرين لتلك الكتب غير مؤلفيها المعروفين.
وقد ذكر ذلك محقق كتابه (إعراب آيات الشذور 1/ 79) .
ويظهر أن البجائي لما نسب هذا الكتاب لابن الهائم كان قد اطلع على هذه
النسخة وهي النسخة (ج) التي كتب اسم (ابن الهائم) على غلافها، فنقل
النص عنها ونسب الكتاب إليه. يرجح ذلك أن أصل هذه النسخة محفوظ في تونس
والبجائي تونسي أيضا.
أما ما وجد على غلاف تلك النسخة من نسبة الكتاب لابن الهائم فليس ذلك
دليلا على صحة نسبة الكتاب إليه، فكم من كتاب كتب على غلافه اسم آخر
غير مؤلفه الحقيقي.
ولاشك أن هذه النسبة خطأ وقع فيه ناسخ تلك النسخة، بدليل أنه كتب على
النسخة ما يلي:
(شرح شذور الذهب الضوابط الحسان فيما يتقوم به اللسان لابن هشام لابن
الهائم) فنلحظ أن الناسخ قد أدخل عبارة (الضوابط الحسان) بعد قوله:
(شرح شذور الذهب) ثم نسب الكتاب لابن الهائم.
وكتاب (الضوابط الحسان) هو فعلا من كتب (ابن الهائم) وهو كتاب صغير في
النحو، ولكنه مختلف كل الاختلاف عن كتابنا هذا (شرح الشذور) فيظهر أن
الناسخ قد توهم أن (الضوابط الحسان) هو (شرح الشذور) فلذلك عدهما كتابا
واحدا ونسبهما لابن الهائم.
وهذه النسخة متأخرة جدا عن النسختين السابقتين، فقد كتبت
(1/83)
سنة (1109) هـ، فلا يصح اعتماد ما جاء على
غلافها وإلغاء ما جاء في تلك النسختين الأخريين.
وبهذا ثبت لنا خطأ نسبة هذا الكتاب لابن الهائم وصحة نسبته للجوجري.
وعلى إثر ذلك قمت بنسخ الكتاب على النسخ التي حصلت عليها فيما بعد،
وسيأتي الكلام على ذلك في مبحث وصف النسخ المعتمدة.
(1/84)
المطلب الثالث: منهج
المؤلف في الكتاب
سار شمس الدين الجوجري في شرحه لشذور الذهب على منهج تفصيلي يتمثل في
النقاط التالية:
ا- كان يورد نصا أو فقرة من (شذور الذهب) ثم يبدأ في شرحها وتوضيحها
بالأمثلة والشواهد النحوية، وكان يشرح النص أو الفقرة كلمة كلمة، ويوضح
ذلك بالأمثلة.
2- يذكر في الغالب مناسبة الباب أو النص الذي أورده من الشذور لما
قبله.
وهدفه من ذلك أن يسير الكلام على تسلسل واحد، وأن يقع الترابط بين نصوص
الكتاب كلها.
3- يعقب الجوجري على شرحه لكل نص من نصوص الشذور بالتنبيهات التي يذكر
تحتها مسائل كثيرة، بعضها فيه توضيح لما سبق شرحه، وبعضها فيه قياس
لمسائل أخرى على ما ذكره، وبعضها بيان لخطأ وقع فيه بعض العلماء والرد
عليه، وبعضها استدراك وتذييل لما ذكره ابن هشام، وبعضها اعتراض على ابن
هشام ثم الإجابة عنه.
4- يكثر من إيراد الاعتراضات في صورة (فإن قيل) .
ثم يجيب عن ذلك بصورة مقنعة.
وفي الغالب ما يكون ذلك على طريقة أهل الجدل والمنطق، كأن يقول: (فإن
قيل: كذا، قلنا: كذا) و (لا نسلم بذلك، وسلمنا
(1/85)
بذلك..) .
5- يذكر الجوجري مذاهب النحويين في المسائل الخلافية بين البصريين
والكوفيين في الغالب، ويكتفي أحيانا قليلة بذكر مذهب البصريين فقط،
ويهتم كثيرا بآراء ابن مالك، ويذكرها، وبخاصة إذا خالف الجمهور.
وكثيرا ما يعزو الآراء إلى أصحابها. وكان في عرضه للمسائل الخلافية لا
يتعصب لمذهب على آخر، بل كان يرجح ما يراه راجحا بالحجج الثابتة.
فأحيانا يرجح مذهب البصريين، وأحيانا يختار مذهب الكوفيين.
6- يقوم أحيانا بتعريف للباب الذي سيشرحه من حيث اللغة والاصطلاح، كما
فعل في باب الإعراب، حيث عرف الإعراب، لغة واصطلاحا، وكذلك فعل في باب
التمييز.
7- ينتقد الجوجري بعض التعليلات النحوية لبعض العلماء ويورد عليها
اعتراضات، كما فعل ذلك في تعليل بعض العلماء نصب جمع المؤنث السالم
بالكسرة بدل الفتحة بأنه لو أعرب جمع المؤنث السالم بالحركات الثلاث
لكان الفرع أوسع مجالا من الأصل.
فرد عليهم بأن هذه العلة ضعيفة ومنقوضة1.
8- كثيرا ما يستعرض الشارح عبارة ابن هشام في شرحه على
__________
1 ينظر تفصيل ذلك في ص 183.
(1/86)
الشذور، أو من كتبه الأخرى، ثم ينتقدها
ويورد عليها اعتراضات 1.
9- يُتبع أحيانا شرحه لشذور الذهب، بتكملة أو تتمة، إذا أحسَّ أن
المقام يتطلب إيضاحا أكثر مما جاء به في الشرح، وفيما إذا كان متن شذور
الذهب لم يذكر المسألة أصلا، فإنه يتبع ذلك بهذه التكملة ويوردها تحت
عنوان (تتمة في الكلام على كذا ... ) .
كما فعل ذلك في أقسام الضمير وفي باب كان وأخواتها وأفعال القلوب.
10- الاعتذار للمصنف، فكثيرا ما يورد عليه أمورًا لم يذكرها ابن هشام
ثم يعتذر عنه بما يناسب المقام2.
وأحيانا يعترض على بعض التعريفات التي ذكرها ابن هشام3.
11- يقوم أحيانا قليلة بإعراب متن الشذور، كما فعل في باب الاشتغال.
ويفسر أحيانا معاني الكلمات ويضبطها بالشكل كقوله: (خِدْن) بكسر الخاء
وسكون الدال بمعنى صاحب.
12- كان الجوجري مولعاً بالتعليلات النحوية فكان يعلّل كثيرًا من
الأحكام النحوية، وتأتي تعليلاته دقيقة جدا، من ذلك تعليلاته لبناء
__________
1 ينظر على سبيل المثال ص 144 و333 و334 و343 و405 و698.
2 ينظر باب العلم وباب الممنوع من الصرف.
3 تنظر مثلا ص 144 وص 222 وص 227 وص 405.
(1/87)
(أي) الموصولة على الضم في حالة إضافتها
وحذف صدر صلتها، ولإعرابها فيما عدا ذلك 1.
وكذا تعليلاته لبعض العلامات المختصة بالاسم2.
ومثل ذلك تعليلاته لبناء بعض المركبات3.
13- نلحظ استعمال الشارح للمصطلحات المنطقية كثيرا، مثل الكُلّي
والجزئي والجنس والفصل والحَدّ والعلامة.. الخ.
ويقوم أحيانا بتعريف بعض هذه المصطلحات، كقوله: "المراد بالجزئي ما
يدخل تحت كُلّي، يصح كون ذلك الكلي خبرا عنه.."4.
14- يستعمل أحيانا قليلة اصطلاحات الكوفيين؛ كقوله في باب التعدي
واللزوم: ".. كون الفعل لا يبنى منه اسم مفعول تام، أي مستغن عن
صفة.."5.
والمراد بالصفة هنا حرف الجر، وهذا مصطلح كوفي.
__________
1 تنظر ص 264.
2 تنظر ص 144.
3 تنظر ص 237.
4 تنظر ص 142، 143، 759، 785.
5 تنظر ص 633.
(1/88)
المطلب الرابع:
مصادر الجوجري في هذا الكتاب
اعتمد الجوجري في شرحه على (شذور الذهب) على مصادر أصيلة صرح بالنقل من
بعضها، وأخذ من بعضها دون تصريح.
وقد تنوعت مصادر الجوجري التي اعتمد عليها في هذا الباب بين كتب لغوية
ومعاجم وكتب نحوية وصرفية وغير ذلك.
أولا= كتب اللغة والمعاجم:
كان الجوجري يفسر في الغالب ما يمر به من مفردات لغوية، ويذكر أحيانا
اللغات الواردة في بعض الكلمات، وينقل ذلك عن كتب المعاجم فمن المعاجم
التي صَرَّح بذكرها أو بأسماء مؤلفيها ما يلي:
1- الصحاح للجوهري، وقد نقل عنه الجوجري ثلاثة نصوص في ثلاثة مواضع1،
ونقل منه في غيرها دون تصريح.
2- التكملة والذيل والصلة للصاغاني، وقد نقل عنه الجوجري نصا واحدا،
قال في آخره: "حكاه الصاغاني."2.
ثانيا= كتب النحو والصرف:
نقل الجوجري في كتابه هذا نصوصا كثيرة من كتب النحو الأخرى، وقد صرَّح
في أكثر هذه المواضع بالنقل منها.
وقد اهتم الجوجري كثيرا بكتب العلامة ابن مالك فكان ينقل
__________
1 تنظر الصفحات 188 و637 و850.
2 تنظر ص 709.
(1/89)
منها آراءه في غالب المسائل التي ذكرها.
ومن الكتب النحوية التي صرح بالنقل عنها ما يلي:
1- شرح التسهيل لابن مالك، وقد نقل عنه (أحد عشر) نصا1.
2- شرح الكافية الشافية لابن مالك، وقد نقل عنه (تسع) مرات2.
3- تسهيل الفوائد لابن مالك، وقد نقل عنه (إحدى عشرة) مرة3.
وكان ينقل نصوصا كثيرة عن ابن مالك دون أن ينسبها إلى كتاب معين من كتب
ابن مالك.
وقد استطعت أن أوثق جميع هذه النصوص من كتب ابن مالك في مواضعها التي
وردت فيها.
4- أوضح المسالك لابن هشام. وهو من الكتب التي اعتمد عليها الجوجري،
ونقل عنه نصوصا بلغت العشرة 4.
5- شرح شذور الذهب لابن هشام.
وقد نقل عنه في كتابه عشرين مرة5.
__________
1 تنظر مثلا الصفحات 148، 188، 317، 375، 585، 593.
2 تنظر على سبيل المثال الصفحات 594، 624، 836.
3 تنظر على سبيل المثال ص 147، 213، 491، 801، 802.
4 تنظر، مثلا، الصفحات 162، 306، 378، 764.
5 ينظر على سبيل المثال ص 164، 165، 222، 226، 260، 405، 436.
(1/90)
6- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام
وقد صرح بالنقل عنه في موضع واحد1.
7- كتاب سيبويه
وقد نقل عنه نصوصا بلغت ستة نصوص2، ولكنه نقل بالواسطة؛ لأنه يندر في
عصره رجوع العلماء إلى كتاب سيبويه مباشرة.
8- المحصول في شرح الفصول لابن إياز البغدادي
وقد نقل عنه خمس مرات بالنص3.
9- الجامع الصغير في النحو لابن هشام، وقد نقل عنه مرتين4.
10- شرح الصدور لشرح زوائد الشذور للبرماوي.
وقد نقل عنه ثلاثة نصوص وردت في هذا الكتاب5.
11- (اللباب) وقد نقل عنه مرة واحدة6.
ولم يظهر لي مؤلف هذا الكتاب، فهناك كتابان بهذا الاسم، وهما اللباب في
علل البناء والإعراب للعكبري ولباب الإعراب للاسفرائيني ولم أجد هذا
النص الذي ذكره الجوجري في واحد منهما.
__________
1 وذلك في ص 801.
2 تنظر مثلا ص 256، 295، 370.
3 تنظر مثلا الصفحات 170، 208، 279.
4 في ص 162 وص 581.
5 تنظر ص 165، 166، 361، 378.
6 في ص 314.
(1/91)
وقد نقل الجوجري أقوالا كثيرة ونصوصا
متعددة عن كثير من العلماء لم يصرح بالكتب التي نقل عنها.
ومن هؤلاء العلماء الخليل بن أحمد والكسائي والفراء وأبو حاتم
السجستاني وابن السكيت والمبرد وثعلب والزجاج وابن السراج والزجاجي
وأبو علي الفارسي وابن جني والرماني وابن الخشاب وابن الخباز والجرجاني
والعكبري وأبو حيان الأندلسي وابن أم قاسم المرادي وغيرهم.
وكان ينقل عن الرضي الاستراباذي كثيرا، ولم يصرح باسمه ولا باسم كتابه
وإنما كان يقول عنه: "قال بعض المحققين"1.
وكذلك نقل عن ابن هشام الحفيد بعض النصوص2 ولم يصرح باسمه.
ويعد كتاب (توضيح المقاصد) للمرادي من أهم مصادر (الجوجري) .
فقد نقل عنه نصوصا كثيرة، صرح في كثير منها باسم مؤلفه ولم يصرح في
بعضها الآخر بذلك، إلا أنه لم يصرح باسم الكتاب نفسه.
كذلك كتاب (شرح الألفية لابن الناظم) نقل عنه نصوصا وصرح باسمه مرة
واحدة فقط3.
__________
1 ينظر مثلا الصفحات 279، 331، 357.
2 تنظر مثلا ص 395.
3 تنظر 503.
(1/92)
المطلب الخامس:
شواهد الكتاب
يعتمد الاستدلال في النحو العربي على ثلاث ركائز هي السماع والقياس
واستصحاب الحال.
قال ابن الأنباري: "أدلة صناعة الإعراب ثلاثة نقل وقياس واستصحاب
حال"1.
وعرف النقل بأنه "الكلام العربي الفصيح، المنقول بالنقل الصحيح
ومرادنا بالشواهد هنا الدليل الأول من هذه الأدلة، وهو النقل.
والشواهد الخارج عن حد القلة إلى حد الكثرة"2.
وجعله قسمين متواترا وآحادا، وعرف المتواتر بأنه "لغة القرآن وما تواتر
من السنة وكلام العرب"، قال: "وهذا القسم دليل قطعي من أدلة النحو يفيد
العلم"3.النحوية تتكون من أربعة أقسام هي:
الشواهد القرآنية والشواهد الحديثية والشواهد الشعرية وأقوال العرب
الفصحاء.
وقد اهتم الجوجري بالشواهد النحوية جميعها، فكان يستشهد على المسائل
النحوية بالآيات القرآنية، وما فيها من قراءات متواترة وشاذة، ويستشهد
بالأحاديث النبوية، وبأشعار العرب الذين يحتج بشعرهم، وبما
__________
1 الإغراب في جدل الإعراب ص 45.
2 لمع الأدلة ص 81.
3 لمع الأدلة ص 83.
(1/93)
ورد عن العرب من أقوال وحكم وأمثال.
وإذا أردنا أن نتبين بالأرقام طريقة الجوجري في كيفية استشهاده بالأدلة
السابق ذكرها، فسنعرضها على النحو التالي:
أولا الشواهد القرآنية:
تُعدّ آيات القرآن الكريم من أعظم الشواهد التي يحتج بها النحويون على
المسائل النحوية، وقد استشهد الجوجري في هذا الكتاب بكثير من الآيات
القرآنية بقراءاتها المختلفة، حيث بلغت الآيات التي وردت في شرحه على
الشذور1. (355) آية من القرآن الكريم.
واستدل بالقراءات المختلفة المتواترة منها والشاذة.
وكان في عرضه للقراءات لا يعزو القراءة إلى مَن قرأ بها في الغالب
وإنما يقول: (في قراءة بعضهم) أو (في قراءة) أو (قرأ بعضهم) 2.
وقد عزا بعض القراءات لأصحابها، وذلك قليل3.
ثانيا: الأحاديث النبوية:
اختلف العلماء في الاحتجاج بالحديث الشريف على المسائل اللغوية
والنحوية وحاصل خلافهم يرجع إلى ثلاثة أقوال ذكرها البغدادي في
__________
1 ينظر فهرس الشواهد القرآنية.
2 تنظر مثلا ص 196، 379، 509، 595.
3 تنظر الصفحات 242، 340، 627، 818.
(1/94)
خزانة الأدب1 وهي باختصار:
الأول: جواز الاستشهاد بالحديث الشريف على مسائل النحو واللغة. وهذا
مذهب ابن مالك والرضي الاستراباذي وغيرهما، وسبقهما إلى ذلك أبو
البركات بن الأنباري.
الثاني: منع الاحتجاج بالحديث النبوي على مسائل النحو واللغة. وهذا
مذهب ابن الضائع وأبي حيان.
وحجتهم أن الأحاديث النبوية رويت بالمعنى ولم تنقل عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بألفاظها، ولأن أئمة النحو المتقدمين لم
يحتجوا بشيء منه.
وقد رَدّ البغدادي هذا القول بأدلته، وقال2: "والصواب جواز الاحتجاج
بالحديث للنحوي في ضبط ألفاظه، ويلحق به ما روي عن الصحابة وأهل
البيت".
الثالث: جواز الاحتجاج بالأحاديث التي اعتنى بنقل ألفاظها، كالأحاديث
التي قصد بها بيان فصاحته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمثال
النبوية.
وهذا قول الشاطبي والسيوطي.
والراجح: هو الاحتجاج بالحديث الشريف مطلقا؛ لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفصح من نطق بالضاد. وما زال العلماء يحتجون
بالأحاديث
__________
1 خزانة الأدب 1/9-15.
2 خزانة الأدب1/9.
(1/95)
النبوية دون إنكار1 حتى جاء ابن الضائع
وأبو حيان فمنعا ذلك.
وقد جعلها الأنباري أصلا من أصول الاحتجاج في اللغة والنحو في كتابه
(لمع الأدلة) 2.
وقد سار الشارح الجوجري على هذا المذهب، فقد استشهد في كتابه هذا بسبعة
عشر حديثا من الأحاديث النبوية على الأحكام والمسائل النحوية3.
وكان ينص على ذلك ويقول: "الدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام
كذا.."4.
وقد يذكر الحديث كاملا5، وأحيانا يورد منه موضع الاستشهاد فقط، كما في
قوله: (وفي الحديث "وأتْبعه بستٍّ من شوَّال") 6.
ثالثاً: أشعار العرب
يعد الشعر العربي من أهم أصول الاستدلال على المسائل والأحكام النحوية
وقد أكثر النحاة منه في كتبهم، فقلما تجد كتابا نحويا ولو كان صغيرا
إلا وتجد فيه أبياتا من أشعار العرب.
__________
1 ينظر تفصيل ذلك في كتاب (أصول النحو) للأستاذ سعيد الأفغاني ص 46-58.
2 لمع الأدلة ص 83.
3 ينظر فهرس الأحاديث والآثار.
4 تنظر ص 152، 342، 491، 616، 680.
5 ينظر مثال لذلك في ص 557.
6 تنظر ص 853.
(1/96)
وقد بيّن العلماء الشعر الذي يصح الاحتجاج
به، وذكروا أنه يبدأ من العصر الجاهلي وينتهي أواخر القرن الثاني، أي
في حدود سنة (180) هـ تقريبا.
وإذا نظرنا إلى الشواهد الشعرية في كتاب (شرح شذور الذهب) للجوجري تبين
لنا كثرة الشواهد الشعرية التي أوردها الجوجري في هذا الكتاب، حيث بلغت
أربعة وثمانين ومائة بيت من غير المكرر.
وجميع هذه الشواهد من شعر العرب الفصحاء المحتج بشعرهم، عدا بيت واحد
لشاعر مولد هو أبو فراس الحمداني، وقد ذكره للتمثيل به فقط.
وطريقة الجوجري في إيراد الأبيات أنه لا ينسبها إلى قائليها في الغالب
إلا أنه نسب بيتين أو ثلاثة فقط لأصحابها 1.
وكان يورد البيت كاملا2، وأحيانا يورد شطر البيت أو موضع الشاهد منه
فقط3.
رابعا: أقوال العرب وأمثالهم
سار الجوجري في شرحه على (شذور الذهب) على طريقة النحاة
__________
1 تنظر مثلا ص 449، 537، 541.
2 تنظر على سبيل المثال الصفحات 147، 164، 186، 305، 511، 662.
3 تنظر أمثلة لذلك في الصفحات 238، 303، 312، 321، 507، 542، 647
(1/97)
في الاحتجاج بأقوال العرب وأمثالهم على
القواعد النحوية.
وقد ذكر أبو البركات بن الأنباري أن كلام العرب دليل قطعي من أدلة
النحو يفيد العلم1.
وقد بلغ عدد الشواهد من الأقوال والأمثال في هذا الكتاب ستة وأربعين
قولا2، ما بين حكاية مسموعة عن العرب ومثل سائر وغير ذلك.
__________
1 تنظر لمع الأدلة ص 83.
2 تنظر مواضع هذه الأقوال في فهرست الأمثال والأقوال.
(1/98)
المطلب السادس: نقد
الكتاب
يراد بالنقد هنا إبراز ما للكتاب من محاسن ومزايا وما عليه من مآخذ
واعتراضات.
وكتاب (شرح شذور الذهب) للجوجري، كغيره من المصنفات له ميزات ومحاسن،
وعليه بعض المآخذ والاستدراكات، وإن كانت قليلة.
فمن ميزات هذا الكتاب ما يلي:
أولاً: أن هذا الشرح أقدم شرح كامل لكتاب (شذور الذهب) يصل إلينا بعد
شرح مؤلفه ابن هشام.
ثانياً: ذكره لمناسبة كل نص أو فقرة من نصوص (شذور الذهب) لما قبله،
وهذا يعطي الكتاب ترابطا منطقيا بين جميع أبوابه.
ثالثاً: ذكره التعليلات النحوية واستكثاره منها، حيث إنه قلما ترد
مسألة نحوية إلا ويذكر لها التعليل المناسب، وبعض هذه التعليلات لم
أجده في كتب النحو الأخرى.
رابعاً: اعتناؤه بشرح جميع مفردات (شذور الذهب) فلم يترك في هذا المتن
كلمة إلا وقد شرحها ووثق ذلك بالشواهد والأمثلة.
خامساً: عزوه للآراء والمذاهب النحوية كان دقيقا وموفقا إلا في القليل
النادر.
سادساً: أنه كان ينص على قواعد عامة، مثل قوله في أثناء جوابه عن
اعتراض ورد في باب المفعول معه: "لا يلزم من اعتبار أمر عند قوة
(1/99)
الداعي إليه اعتباره عند عدم قوته".
سابعاً: ظهور براعة الشارح وثقافته في مجال علم الرياضيات فكثيرا ما
يستخرج من الأبواب النحوية مسائل رياضية، كما فعل في باب الضمير وباب
الإشارة، وكذلك في باب الصفة المشبهة، ففيه يظهر ذلك بوضوح.
ثامناً: اعتماد كثير من المؤلفين المتأخرين على هذا الكتاب، وبخاصة
الذين قاموا بشرح الشذور أو وضعوا حواشي على بعض شروحه.
فقد وجدت الشيخ زكريا الأنصاري في شرحه على (شذور الذهب) قد اعتمد
اعتمادا كبيرا على شرح الجوجري هذا، فهو قد قام بنقل غالب التعليلات
التي ذكرها الجوجري وأحيانا ينقل عبارات كاملة بنصها دون الإشارة إلى
مؤلفه1.
وكذلك فعل العدوي في حاشيته على شرح شذور الذهب والفاكهي في شرحه على
القطر، والشيخ خالد الأزهري في التصريح، فقد نقل عنه نصين كاملين إلا
أنه لم يصرّح بالجوجري، بل قال: "قال بعضهم"2.
ومن هؤلاء تلميذه معمر بن يحيي المكي، فقد نقل عنه نصوصا كثيرة في
كتابه (التعليقة المفيدة في العربية) وقد صرح في كثير من المواضع بنقله
عن هذا الكتاب. وسيأتي لهذا مزيد بحث في المطلب الثامن.
__________
1 ينظر شرح الشذور لزكريا الأنصاري الورقة [4/ أ] و [الورقة 31/ أ] .
2 تنظر ص 700، 741.
(1/100)
تاسعاً: ظهور شخصية مؤلف هذا الكتاب من
خلال شرحه فهو لا يكتفي بإيراد الأقوال فقط، بل يورد الأقوال مقرونة
بالأدلة ويناقش ويورد اعتراضات عليها ويجيب عن الاعتراضات التي ترد على
القول الذي اختاره أو رجحه. ولكنه يعترض بأسلوب مؤدب، فكثيرا ما يقول:
"وهذا القول فيه نظر" 1 ونحو ذلك، تأدبا مع كبار العلماء.
عاشراً: يصرح الجوجري أحيانا بالسماع من بعض شيوخه مما يعطي النص
توثيقا أكثر، فقد ذكر العلماء أن تلقي العلم بالسماع هو أعلى مراتب
التحمل.
قال في باب العَلَم: "وسمعت من بعض الأشياخ المحققين رحمه الله أن
التحقيق هو الأول لثلاثة أوجه.. 2".
هذه بعض المزايا التي ظهرت لي في أثناء قراءتي لهذا الشرح الكبير.
وعلى الرغم من محاسن هذا الكتاب فإنه لا يخلو أيضا من بعض المآخذ
والاعتراضات التي لا يخلو منها كتاب من كتب البشر، فقد قال الإمام
الشافعي رحمه الله: "أبى الله لغير كتابه أن يتم".
فمن المآخذ على كتاب شرح شذور الذهب للجوجري ما يلي:
أولا: لم يبين الشارح في مقدمته منهجه الذي اتبعه في شرحه للكتاب،
وإنما ذكر مقدمة مقتضبة بيّن فيها هدفه من تأليف الكتاب.
__________
1 تنظر مثلا ص 741.
2 تنظر ص 292.
(1/101)
ثانيا: وقوع الشارح في بعض الأخطاء في
حالات مختلفة، وذلك كما يلي:
1- أنه قد يذكر الآية دون ذكر موضع الاستشهاد منها: فقوله تعالى:
{يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ} استشهد بها على جواز تعليق ما ينصب
ثلاثة مفاعيل واقتصر على هذا الجزء من الآية1، مع أن الشاهد في آخرها،
وهو كسرة همزة (إن) في قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.}
.
2- من خلال عزوه لبعض الآراء النحوية، فقد نَسَب لبعض العلماء أقوالا
ليست لهم.
من ذلك ما نسبه لأبي علي الشلوبين في باب ظرف المكان من أنه يقول:"إن
مفيد المقدار داخل في المبهم"2.
والمعروف عنه أنه يقول: إن المقدر ليس داخلا في المبهم، كما ذكر ذلك في
التوطئة، ونسبه له العلماء.
ولكن هذا نادر وقليل جدا، ولا يكاد يعدو ما ذكرته.
3- من خلال نسبته نصوصا لبعض الكتب النحوية، وهي غير موجودة في هذه
الكتب.
فمن ذلك قوله في ص 801: "ووقع في شرح المصنف التمثيل
__________
1 تنظر صفحة 672.
2 تنظر ص 436.
(1/102)
لهذا بقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ} .
وهذه الآية لم ترد في شرح الشذور أصلا، وقد أوضحت ذلك في الحاشية.
وقوله في ص 148 عند تعريفه للإسناد: "قال في التسهيل: تعلق خبر بمخبر
عنه أو طلب بمطلوب".
وهذا القول لم يرد في التسهيل لابن مالك بل في شرح التسهيل.
ثالثا: توهمه أن (الناقص) في قول العرب: (الناقص والأشج أعدلا بني
مروان) هو الوليد بن اليزيد1.
بينما المعروف أن المراد بالناقص هنا هو (يزيد بن الوليد بن عبد الملك)
كما بينت ذلك في موضعه.
رابعا: استشهاده ببيت لشاعر متأخر زمانه عن عصور الاحتجاج، وهو أبو
فراس الحمداني2.
ولعل عذر (الشارح) في ذلك أن كثيرا من النحويين قد ذكروا هذا البيت
فلعله اتبع طريقتهم، أو أنه ذكر هذا البيت من باب التمثيل فقط، بدلالة
ذكره بيتا قبله شاهدا على القضية نفسها.
__________
1 تنظر ص 727.
2 وذلك في ص 352.
(1/103)
المطلب السابع:
موازنة بين "شرح شذورات الذهب للجوجري" و"شرح شذورات الذهب لابن هشام
...
المطلب السابع: موازنة بين "شرح شذور الذهب للجوجري"و"شرح شذور الذهب
لابن هشام".
لاشك أن الموازنة بين كتب العلماء من أدق الأمور وأصعبها لأنها تحتاج
إلى قراءة متأنية لكل فقرة من فقرات هذه الكتب.
وقد جرت عادة الباحثين بعقد موازنات بين الكتاب الذي يبحثون فيه وكتاب
آخر يماثله في موضوعه.
فاخترت كتاب (شرح شذور الذهب) لابن هشام لأعقد موازنةً بينه وبين موضوع
الرسالة، وهو (شرح شذور الذهب) للجوجري.
وبعد قراءتي للكتابين خرجت بفوارق أساسية وعامة بين الكتابين ألخصها
فيما يلي:
1- لم يذكر الجوجري في مقدمته المنهج الذي اتبعه في الشرح، بينما ذكر
ابن هشام منهجه الذي سار عليه في مقدمته للكتاب.
2- حَرَص الجوجري على ذكر مناسبة كل نص لما قبله1، حتى يكون الكتاب
متسلسلا من أوله إلى آخره، لكن ابن هشام لم يذكر ذلك ولم يهتم به.
3- كان الجوجري يفسر متن (شذور الذهب) كلمة كلمة، ويعلق على كل نص
منها، أما ابن هشام فكان يشرح النص كاملا دون تفسير لكلماته أو
جزئياته.
__________
1 ينظر على سبيل المثال ص 141، 143، 150، 269، 319، 728.
(1/104)
4- اهتم الجوجري بذكر التنبيهات التي
يلحقها في آخر كل باب ويودعها ذكر الخلافات النحوية والاعتراضات على
بعض الأقوال والإجابة عنها ولم يرد ذكر لهذه التنبيهات في كتاب ابن
هشام.
5- ينص الجوجري على ذكر المذاهب النحوية في المسائل الخلافية، وأقوال
العلماء وأدلتهم في الغالب، ولم يهتم ابن هشام بذكر الخلافات النحوية
إلا نادراً.
6- شرح شذور الذهب لابن هشام كتاب تعليمي، كما ذكر ذلك الأستاذ سعيد
الأفغاني1.
أما شرح الشذور للجوجري فهو كتاب مبسوط، توسع فيه شارحه جداً فأورد
الأقوال والمذاهب والتعليلات.
7- كتاب الجوجري فيه مناقشة لأقوال العلماء واعتراضات عليها مع
الاهتمام بذكر التعليلات النحوية2، بينما خلا كتاب ابن هشام من كل ذلك.
هذه أهم الظواهر التي برزت لي أثناء قراءتي لهذين الكتابين.
ولو أردنا أن نُطَبّق هذه الظواهر على الكتابين فلنأخذ مثلا باب الصفة
المشبهة، فنسجد الفرق واضحا بين الكتابين من حيث الأسلوب والمنهج.
__________
1 ينظر كتاب (من تاريخ النحو) للأستاذ سعيد الأفغاني ص 204.
2 تنظر الصفحات 173، 183، 199، 256، 330، 454، 591، 758، 851.
(1/105)
وفيما يلي سأنقل من هذا الباب نصوصا من كلا
الكتابين.
قال ابن هشام في باب الصفة المشبهة1:
"الخامس من الأسماء العاملة عمل الفعل الصفة المشبهة"، ثم قال: ومثال
ذلك قولك: (زيد حسن وجهَِه) بالنصب أو الجر، والأصل (وجهُه) بالرفع،
لأنه فاعل في المعنى؛ إذ الحُسْن في الحقيقة إنما هو للوجه، ولكنك أردت
المبالغة فحولت الإسناد إلى ضمير زيد، فجعلت (زيدا) نفسه حسنا وأخرت
(الوجه) فضلةً، ونصبته على التشبيه بالمفعول به، لأن العامل، وهو
(حَسَن) طالب له من حيث المعنى، لأنه معموله الأصلي، ولا يصح أن ترفعه
على الفاعلية والحالة هذه لاستيفائه فاعله، وهو الضمير، فأشبه المفعول
في قولك: زيد ضارب عمرًا لأن (ضاربا) طالب له، ولا يصح أن ترفعه على
الفاعلية، فنُصب لذلك. فالصفة مشبهة باسم الفاعل المتعدي لواحد،
ومنصوبها يشبه مفعول اسم الفاعل. ثم لك بعد ذلك أن تخفضه بالإضافة،
وتكون الصفة حينئذ مشبهة أيضا، لأن الخفض ناشئ على الأصح عن النصب، لا
عن الرفع، لئلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه، إذ الصفة أبداً عين مرفوعها
وغير منصوبها.." ثم ذكر بعد ذلك الفوارق بين الصفة المشبهة واسم
الفاعل.
ثم قال: "ثم بينت أن الخفض له وجه واحد وهو الإضافة، وأن الرفع له
وجهان، أحدهما أن يكون فاعلا، والثاني أن يكون بدلا من ضمير
__________
1 شرح شذور الذهب ص 396- 399.
(1/106)
مستتر في الصفة، وأن النصب فيه تفصيل، وذلك
أن المنصوب إن كان نكرة ففيه وجهان؛ أحدهما:
أن يكون انتصابه على التشبيه بالمفعول به، والثاني: أن يكون تمييزاً.
وإن كان معرفة امتنع كونه تمييزا، وتعيَّن كونه مشبها بالمفعول به، لأن
التمييز لا يكون إلا نكرة.
ثم بينت أن جواز الرفع والنصب مطلق، وأن جواز الخفض مقيد بألاّ تكون
الصفة بأل والمعمول مجرد منها ومن الإضافة لتاليها، وتضمن ذلك امتناع
الجر في (زيد الحسنُ وجهَه) و (الحسن وجهُ أبيه) و (الحسنُ وجها) و
(الحسنُ وجهُ أبٍ") .
وقال الجوجري في باب الصفة المشبهة1: "هذا هو الخامس مما يعمل عمل
الفعل، وهي الصفة المشبهة باسم الفاعل، وميزها الشيخ بقوله: (كل صفة
صح..) إلى آخره، فقوله: (كل صفة) بمثابة الجنس، يدخل فيه اسم الفاعل
والمفعول والمثال وغيرها.
وقوله: (صح تحويل إسنادها..) إلى آخره بمثابة الفصل، ويخرج ما عداها من
الصفات.
واعلم أن اسم المفعول يصح أن يضاف إلى مرفوعه معنى، وإضافته تستلزم
تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه، نحو (زيد محمود المقاصد) والأصل: محمودة
مقاصده، ثم حولت الإسناد إلى ضمير (زيد) ثم أضفت
__________
1 شرح الشذور للجوجري ص 694.
(1/107)
فقلت: محمود المقاصد، وهو حينئذ جار مجرى
الصفة المشبهة، فلا يضر دخوله في مميز الصفة.
وقد اقتضى كلام المصنف أن اسم الفاعل لا يصح تحويل إسناده إلى ضمير
موصوفه".
ثم أحال القارئ في هذه القضية على ما ذكره في باب المشبه بالمفعول به.
بعد ذلك ذكر الأمور التي خالفت الصفة المشبهة فيها اسم الفاعل كما
ذكرها ابن هشام، ثم زاد على ما ذكره وجهين آخرين، فقال: "ومن وجوه
الافتراق غير ما ذكره الشيخ، أنها تصاغ من اللازم دون المتعدي، وهو
يصاغ منهما. ومنها أنها تكون مجارية للفعل كطاهر، وغير مجارية له وهو
الغالب في المبنية من الثلاثي كحسن وجميل وضخم، واسم الفاعل لا يكون
إلا مجاريا".
ثم ذكر بعد ذلك أوجه الاشتراك والموافقة بين الصفة المشبهة واسم الفاعل
فقال: "وذلك من أوجه:
أحدها: أن كلاً منهما يدل على حدث ومن قام به.
الثاني: أنهما يذكّران ويؤنثان.
الثالث: أن كلاً منهما يُثنَّى ويجمع.
الرابع: أن عملهما مشروط بالاعتماد المشروط في عمله، على ما تقدم فيه،
من غير فرق. لأنه إذا شرط في اسم الفاعل الذي هو الأصل المشبه به ففي
الفرع المشبه الذي هو الصفة أولى.
(1/108)
ثم تابع شرحه للصفة المشبهة بعد أن ذكر
فقرة من الشذور، فقال: "الصفة المشبهة واسم الفاعل مشتركان في العمل،
ومختلفان في التوجيه في الجملة. فوجه الرفع فيها الفاعلية أو الإبدال
من الضمير، ووجه النصب في المعرفة التشبيه بالمفعول به، وفي النكرة
التمييز، ووجه الجر الإضافة.
فقوله: (فاعلا أو بدلا) أي في كل مرفوع. وقوله: (مشبها أو تمييزا) أي
مشبها في المعرفة وتمييزا في النكرة. وقوله: (بالإضافة) أي أن الجر
بسبب الإضافة، فلا ينافي ذلك كون العامل الإضافة، وهذه العبارة تكررت
للمصنف ولغيره من النحاة، واعتُرض على ظاهرها، وقد علمت اندفاعه.
وقوله: (إلا..) إلى آخره بيان لما يستوفى من عمل الصفة للجرّ وهو يحتاج
إلى تمهيد، فنقول: إن الصفة تارة تكون بأل، وتارة تكون مجردة منها، وهي
إما رافعة أو ناصبة أو جارة. فهذه ثلاثة أحوال مضروبة في حالتي
اقترانها بأل وتجردها منها، تصير ستة، والمعمول له مع كل من هذه الستة
ست حالات، لأنه إما بأل كالوجه، أو مضاف لما هو بأل كوجه الأب، أو مضاف
للضمير كوجهه، أو مضاف لمضاف للضمير كوجه أبيه، أو مجرد كوجه، أو مضاف
إلى المجرد كوجه أب، فتصير الصور ستا وثلاثين صورة، كلها تؤخذ من
إطلاقه.
إذا علمت ذلك، فقوله: (إلا إن كانت بأل وهو عار منها) استثناء من قوله:
(أو تجره) فقط، أي أنك ترفع معمول الصفة وتنصبه مطلقا وتجره إلا إن
كان.. إلى آخره.
(1/109)
فدخل تحته أربع صور ممنوعة:
الأولى: أن تكون الصفة بأل والمعمول مجرور مضاف إلى ضمير، نحو (الحسن
وجهه) .
الثانية: أن تكون بأل والمعمول مجرور مضاف إلى مضاف إلى الضمير، نحو
(الحسن وجه أبيه) .
الثالثة: أن تكون بأل والمعمول مجرور مجرد من أل والإضافة، نحو (الحسن
وجهٍ) .
الرابعة: أن تكون بأل والمعمول مجرور مضاف إلى المجرد من أل والإضافة،
نحو (الحسن وجهِ أبٍ) لأن الصفة في كل من هذه الصور بأل والمعمول في كل
منها عارٍ من أل.
ثم نقل عن بعض المتأخرين أنه أوصل الصور الحاصلة من الصفة ومعمولها إلى
أربعة عشر ألف صورة ومائتين وست وخمسين صورة.
ثم أخذ في تفصيل هذه الصور وذكر حالاتها مستشهدا لكل حالة ببعض الشواهد
الشعرية والنثرية أو مُمثِّلاً لها بالأمثلة.
ولو نظرنا إلى الشواهد في هذا الموضع لرأينا أن ابن هشام لم يستشهد فيه
بأي شاهد، بينما استشهد فيه الجوجري بثلاثة شواهد شعرية وقولين من
أقوال العرب.
(1/110)
المطلب الثامن: أثر
هذا الشرح فيمن بعده
شرح شذور الذهب للجوجري مصدر مهم لكثير من المؤلفين الذين جاؤوا بعده،
خصوصا الذين قاموا بشرح شذور الذهب أو كتبوا حواشي على شروحه، وكذلك
تلاميذ الجوجري الذين اهتموا بشرح كتب ابن هشام، ونستطيع أن نتبين تأثر
هؤلاء المؤلفين بكتاب الجوجري على النحو التالي:
1- الشيخ زكريا الأنصاري في شرحه على شذور الذهب، المسمى (بلوغ الأرب
في شرح شذور الذهب) نقل نصوصا كثيرة عن هذا الكتاب، لكنه لم يصرح باسم
الجوجري.
من ذلك ما ورد في (بلوغ الأرب) الورقة 37/ أ: ". لأن الصفة لا تضاف إلى
مرفوعها حتى يقدر تحويل إسنادها عنه إلى ضمير موصوفها، لأنهم لو لم
يقدروا ذلك لزم إضافة الشيء لنفسه، ولأنهم يؤنثون الصفة في نحو (هند
حسنة الوجه) . الخ.. وهذا النص بتمامه في شرح الشذور للجوجري.
2- معمر بن يحيى المكي وهو تلميذ للجوجري ويظهر بوضوح أثر هذا الشرح في
كتابه (التعليقة المفيدة في العربية) فقد نقل عنه عشرة نصوص صرّح فيها
بالنقل من كتاب شيخه (شرح شذور الذهب) ، ونقل منه في مواضع غيرها دون
تصريح، فمن هذه النصوص:
قوله في ص 131: "وأما تقديرا فقال شيخنا المحقق شمس الدين
(1/111)
الجوجري في شرحه على الشذور: كأنه أراد
بقوله: (تقديراً) نحو سيبويه من الأعلام المبنية إذا كانت مناداة فإن
ضمة النداء وهي حركة بناء مقدرة فيه. انتهى".
وهذا النص في شرح الشذور للجوجري ص 227.
وكذلك نقل عنه في الصفحات 136 و147 و193 و228 و254 و331و 614و 685
و743.
3- الشيخ خالد الأزهري وهو أيضا من تلاميذ الجوجري نقل عن كتاب شيخه
(شرح الشذور) نصين كاملين، إلا أنه لم يصرح باسمه وإنما قال (قال
بعضهم) ، وهذان النصان وردا في كتابه (التصريح) وهما:
أ- قال في التصريح 1/319 في باب التنازع: "قال بعضهم: وفيه نظر لأن هذا
يأتي فيما لو كان السببي منصوبا، نحو (زيدا ضربت وأكرمت أخاه) لأن أحد
العامِلَين يعمل في السببي والآخر يعمل في ضميره فيلزم عدم ارتباط ناصب
الضمير بالمبتدأ، فلا معنى لتقييد السببي بالمرفوع. قال: ولعل الوجه ما
ذكره أبو محمد بن السيد البطليوسي من أن (غريمها) إن رُفع بمعنّى يكون
(ممطول) قد جرى على غير من هو له، فيلزم ظهور الضمير، وإن رفع بممطول
فهو خطأ، لأنه قد وُصف بمعنّى، والاسم الذي يعمل عمل الفعل إذا وصف لا
يعمل شيئا، فلا يجوز مررت بضارب ظريف زيدا". انتهى.
وقائل هذا النص هو الجوجري في (شرح الشذور) ص 741.
ب- جاء في التصريح 2/85 في باب إعمال الصفة المشبهة أن
(1/112)
بعض المتأخرين قد أوصل الصور الحاصلة من
الصفة ومعمولها إلى أربعة عشر ألف صورة ومائتين وست وخمسين صورة. ثم
أخذ في تفصيل ذلك.
وفي (شرح الشذور للجوجري) نجد هذا النص كاملا من ص 700 إلى 705.
فيظهر أن الشيخ خالد الأزهري قد نقله عن كتاب شيخه الجوجري، ولم يصّرح
بذلك.
(1/113)
الخاتمة
وبعد هذه الدراسة المفصلة عن العلامة (شمس الدين الجوجري) وكتابه (شرح
شذور الذهب) أريد أن أثبت في هذه الخاتمة أهم الأمور والنتائج التي
توصلت إليها من خلال هذه الدراسة، وهي كما يلي:
1- اهتمام علمائنا السابقين بتأليف كتب مختصرة في النحو، ليسهل حفظها
على المبتدئين، ومن ذلك كتاب (شذور الذهب) لابن هشام.
وقد اهتم العلماء بهذه المختصرات، فأقاموا حولها الشروح والحواشي
والتقريرات، ومن ذلك (شرح شذور الذهب) للجوجري.
2- أن هذا الكتاب، الذي بين أيدينا وهو شرح شذور الذهب هو لمحمد بن عبد
المنعم الجوجري الشافعي المتوفى سنة (889) هـ وليس لابن الهائم، وقد
أثبت ذلك بالأدلة الظاهرة في مبحث توثيق نسبة الكتاب.
3- كثرة تلاميذ الجوجري الذين تلقوا العلوم على يديه، وقد ذكرت منهم
خمسين تلميذا، وأكثرهم من العلماء الذين لهم باع طويل في التأليف.
4- أن كتاب (شرح شذور الذهب) للجوجري هو أول شرح كامل لشذور الذهب يصل
إلينا بعد شرح ابن هشام نفسه، ويتميز (شرح الجوجري) بالبسط والتوسع في
استيعاب المسائل النحوية، وذكر مناسبة كل نص لما قبله.
(1/114)
5- اعتماد كثير من المؤلفين المتأخرين على
(شرح شذور الذهب للجوجري) وتأثرهم به، والنقل عنه في مواضع كثيرة من
كتبهم. منهم الشيخ خالد الأزهري في التصريح ويحيى بن معمر المكي في
التعليقة.
(1/115)
|