سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة كِبَارُ التَّابِعِيْنَ
102 - مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ
الأُمَوِيُّ * (خ)
ابْنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ،
المَلِكُ، أَبُو عَبْدِ المَلِكِ القُرَشِيُّ،
الأُمَوِيُّ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى: أَبَا القَاسِمِ، وَأَبَا الحَكَمِ.
مَوْلِدُهُ: بِمَكَّةَ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنِ ابْنِ
الزُّبَيْرِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
وَقِيْلَ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ.
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ.
وَعَنْهُ: سَهْلُ بنُ سَعْدٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ -
وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ،
وَعُرْوَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ،
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 35، نسب قريش: 159، 160، طبقات
خليفة: ت 1984، المحبر: 22، 55، 58، 228، 377، التاريخ
الكبير 7 / 368، المعارف: 353، الجرح والتعديل 8 / 271،
تاريخ الطبري 5 / 530 وما بعدها، و610، مروج الذهب 3 /
285، جمهرة أنساب العرب: 87، الاستيعاب: 1387، الجمع بين
رجال الصحيحين 2 / 501، تاريخ ابن عساكر 16 / 170 آ، أسد
الغابة 5 / 144، الكامل 4 / 191، الحلة السيراء 1 / 28،
تهذيب الأسماء واللغات 1 / 2 / 87، تهذيب الكمال: 1315،
تاريخ الإسلام 3 / 70، تذهيب التهذيب 4 / 30 آ، البداية
والنهاية 8 / 239 و257، العقد الثمين 7 / 165، الإصابة 3 /
477، تهذيب التهذيب 10 / 91، النجوم الزاهرة 1 / 164، 169،
خلاصة تذهيب الكمال: 318، شذرات الذهب 1 / 73.
(3/476)
وَمُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ
المَلِكِ.
وَكَانَ كَاتِبَ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ، وَإِلَيه
الخَاتِمُ، فَخَانَهُ، وَأَجْلَبُوا بِسَبِبِهِ عَلَى
عُثْمَانَ، ثُمَّ نَجَا هُوَ، وَسَارَ مَعَ طَلْحَةَ
وَالزُّبَيْرِ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، فَقَتَلَ
طَلْحَةَ يَوْمَ الجَمَلِ، وَنَجَا - لاَ نُجِّيَ - ثُمَّ
وَلِي المَدِيْنَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ لِمُعَاوِيَةَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ طَرَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الطَّائِفِ (1) ،
ثُمَّ أَقْدَمَهُ عُثْمَانُ إِلَى المَدِيْنَةِ لأَنَّهُ
عَمُّهُ.
وَلَمَّا هَلَكَ وَلَدُ يَزِيْدَ؛ أَقْبَلَ مَرْوَانُ،
وَانْضَمَّ إِلَيْهِ بَنُو أُمَيَّةَ وَغَيْرُهُم،
وَحَارَبَ الضَّحَّاكَ الفِهْرِيَّ، فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ
دِمَشْقَ، ثُمَّ مِصْرَ، وَدَعَا بِالخِلاَفَةِ.
وَكَانَ ذَا شَهَامَةٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَمَكْرٍ، وَدَهَاءٍ،
أَحْمَرَ الوَجْهِ، قَصِيراً؛ أَوْقَصَ (2) ، دَقِيْقَ
العُنُقِ، كَبِيْرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، يُلَقَّبُ:
خَيْطَ بَاطِلٍ (3) .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا انْهَزَمُوا يَوْمَ الجَمَلِ،
سَأَلَ عَلِيٌّ عَنْ مَرْوَانَ، وَقَالَ:
يَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ
سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ (4) .
وَقَالَ قَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ: قُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ:
مَنْ تَرَى لِلأَمْرِ بَعْدَكَ؟
فَسَمَّى رِجَالاً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا القَارِئُ
الفَقِيْهُ الشَّدِيدُ فِي حُدُوْدِ اللهِ، مَرْوَانُ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مَرْوَانُ يَتَتَبَّعُ قَضَاءَ
عُمَرَ.
وَرَوَى: ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ:
كَانَ مَرْوَانُ أَمِيْراً عَلَيْنَا، فَكَانَ يَسُبُّ
رَجُلاً كُلَّ جُمُعَةٍ، ثُمَّ عُزِلَ بِسَعِيْدِ بنِ
العَاصِ، وَكَانَ سَعِيْدٌ لاَ يَسُبُّهُ، ثُمَّ أُعِيْدَ
مَرْوَانُ، فَكَانَ يَسُبُّ.
فَقِيْلَ لِلْحَسَنِ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُوْلُ؟
__________
(1) انظر " أسد الغابة " 2 / 37.
(2) الاوقص: قصير العنق خلقة.
(3) قال الثعالبي في " ثمار القلوب ": 76: لقب بذلك لأنه
كان طويلا مضطربا.
(4) ابن عساكر 16 / 173 آ.
(3/477)
فَجَعَلَ لاَ يَرُدُّ شَيْئاً...، وَسَاقَ
حِكَايَةً (1) .
قَالَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: عَنْ أَبِي يَحْيَى، قَالَ:
كُنْتُ بَيْنَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَمَرْوَانَ،
وَالحُسَيْنُ يُسَابُّ مَرْوَانَ، فَنَهَاهُ الحَسَنُ.
فَقَالَ مَرْوَانُ: أَنْتُم أَهْلُ بَيتٍ مَلْعُوْنُوْنَ.
فَقَالَ الحَسَنُ: وَيْلَكَ قُلْتَ هَذَا! وَاللهِ لَقَدْ
لَعَنَ اللهُ أَبَاكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ وَأَنْتَ
فِي صُلْبِهِ -يَعْنِي: قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ (2) -.
وَأَبُو يَحْيَى هَذَا: نَخَعِيٌّ، لاَ أَعْرِفُهُ.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَنْ أَبِيْهِ: كَانَ الحَسَنُ
وَالحُسَيْنُ يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ، وَلاَ
يُعِيدَانِ (3) .
العَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
إِذَا بَلَغَ بَنُو العَاصِ ثَلاَثِيْنَ رَجُلاً،
اتَّخَذُوا مَالَ اللهِ دُوَلاً، وَدِيْنَ اللهِ دَغَلاً،
وَعِبَادَ اللهِ خَوَلاً (4) .
جَاءَ هَذَا مَرْفُوعاً، لَكِنْ فِيْهِ عَطِيَّةُ
العَوْفِيُّ (5) .
قُلْتُ: اسْتَولَى مَرْوَانُ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ
تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ خَنْقاً،
__________
(1) أوردها المصنف بتمامها في " تاريخه " 3 / 72.
(2) ابن عساكر 16 / 174 ب.
(3) أورده ابن كثير في " البداية " 8 / 358: عن الشافعي:
أنبأنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، وزاد
فيه " ويقعدان بها " وهو عند ابن عساكر 16 / 175 آ.
(4) ابن عساكر 6 / 176 ب.
(5) أخرجه أحمد 3 / 80 من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن
جرير، عن الأعمش، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد
مرفوعا...ورواه أبو يعلى عن زكريا بن زحمويه، عن صالح بن
عمر، عن مطرف، عن عطية، عن أبي سعيد..وإسناده ضعيف لضعف
عطية العوفي، ورواه الطبراني من طريق أبي المغيرة، عن أبي
بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن أبي ذر.
وإسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم، ثم هو منقطع، وله
طرق أخرى أوردها ابن كثير في " البداية " 8 / 259 وكلها لا
تصح.
(3/478)
مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَسِتِّيْنَ.
قَالَ مَالِكٌ: تَذَكَّرَ مَرْوَانُ، فَقَالَ: قَرَأْتُ
كِتَابَ اللهِ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ أَصْبَحْتُ
فِيمَا أَنَا فِيْهِ مِنْ هرقِ الدِّمَاءِ وَهَذَا
الشَّأْنِ (1) ؟!
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانُوا يَنْقِمُوْنَ عَلَى عُثْمَانَ
تَقْرِيبَ مَرْوَانَ، وَتَصَرُّفَهُ.
وَقَاتَلَ يَوْمَ الجَمَلِ أَشَدَّ قِتَالٍ، فَلَمَّا
رَأَى الهَزِيْمَةَ (2) ، رَمَى طَلْحَةَ بِسَهْمٍ،
فَقَتَلَهُ، وَجُرِحَ يَوْمَئِذٍ، فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ
امْرَأَةٍ، فَدَاوَوْهُ، وَاخْتَفَى، فَأَمَّنَهُ عَلِيٌّ،
فَبَايَعَهُ، وَرُدَّ إِلَى المَدِيْنَةِ.
وَكَانَ يَوْمَ الحَرَّةِ مَعَ مُسْرِفِ بنِ عُقْبَةَ
يُحَرِّضُهُ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
قَالَ: وَعَقَدَ لِوَلَدَيْهِ؛ عَبْدِ المَلِكِ، وَعَبْدِ
العَزِيْزِ بَعْدَهُ، وَزَهَّدَ النَّاسَ فِي خَالِدِ بنِ
يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَوَضَعَ مِنْهُ، وَسَبَّهُ
يَوْماً، وَكَانَ مُتَزَوِّجاً بِأُمِّهِ، فَأَضْمَرَتْ
لَهُ الشَّرَّ، فَنَامَ، فَوَثَبَتْ فِي جَوَارِيهَا،
وَغَمَّتْهُ بِوِسَادَةٍ قَعَدْنَ عَلَى جَوَانِبِهَا،
فَتَلِفَ، وَصَرَخْنَ، وَظُنَّ أَنَّهُ مَاتَ فُجَاءةً (3)
.
وَقِيْلَ: مَاتَ بِالطَّاعُوْنِ.
103 - مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حُذَيْفَةَ أَبُو القَاسِمِ
العَبْشَمِيُّ *
هُوَ: الأَمِيْرُ، أَبُو القَاسِمِ العَبْشَمِيُّ، أَحَدُ
الأَشْرَافِ، وُلِدَ لأَبِيْهِ لَمَّا هَاجَرَ
__________
(1) ابن عساكر 16 / 179 آ.
(2) تحرفت في المطبوع إلى " الهدنة ".
(3) " طبقات ابن سعد " 5 / 37، 40، وانظر 3 / 223.
(*) المحبر: 104، 274، التاريخ الصغير 1 / 81، تاريخ
الطبري 5 / 105، الولاة والقضاة: 14، جمهرة أنساب العرب:
77، الاستيعاب: 1369، تاريخ ابن عساكر 15 / 106 آ أسد
الغابة 5 / 87، الكامل 3 / 265، الوافي بالوفيات 2 / 328،
العقد الثمين 1 / 454، الإصابة 3 / 373.
(3/479)
الهِجْرَةَ الأُوْلَى إِلَى الحَبَشَةِ.
وَلَهُ رُؤْيَةٌ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - كَانَ هَذَا ابْنَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً،
أَوْ أَكْثَرَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ،
البَدْرِيِّيْنَ.
وَكَانَ جَدُّهُ عُتْبَةُ بنُ رَبِيْعَةَ سَيِّدَ
المُشْرِكِيْنَ وَكَبِيْرَهُم، فَقُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ،
وَاسْتُشْهِدَ أَبُو حُذَيْفَةَ يَوْمَ اليَمَامَةِ،
فَنشَأَ مُحَمَّدٌ فِي حَجْرِ عُثْمَانَ.
وَأُمُّهُ: هِيَ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ العَامِرِيَّةُ.
وَتَرَبَّى فِي حِشْمَةٍ وَبَأْوٍ، ثُمَّ كَانَ مِمَّنْ
قَامَ عَلَى عُثْمَانَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى إِمْرَةِ
مِصْرَ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُلَيْلٍ (1)
البَلَوِيُّ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: وَانْبَرَى بِمِصْرَ مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي حُذَيْفَةَ عَلَى مُتَوَلِّيهَا عُقْبَةَ بنِ
مَالِكٍ، اسْتَعْمَلَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي سَرْحٍ
لَمَّا وَفَدَ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَخْرَجَ عُقْبَةَ عَنِ
الفُسْطَاطِ، وَخَلَعَ عُثْمَانَ.
وَكَانَ يُسَمَّى: مَشْؤُومَ قُرَيْشٍ.
وَذَكَرَهُ شَبَابٌ فِي تَسْمِيَةِ عُمَّالِ عَلِيٍّ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَلَى مِصْرَ، فَقَالَ:
وَلَّى مُحَمَّداً، ثُمَّ عَزَلَهُ بِقَيْسِ بنِ سَعْدٍ
(2) .
ابْنُ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بنُ عِمْرَانَ،
حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
مُلَيْلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ جَالِساً بِقُرْبِ
المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَخَرَجَ مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي حُذَيْفَةَ، فَاسْتَوَى عَلَى المِنْبَرِ، فَخَطَبَ،
وَقَرَأَ سُوْرَةً - وَكَانَ مِنْ أَقْرَأِ النَّاسِ -
فَقَالَ عُقْبَةُ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (لَيَقْرَأَنَّ القُرْآنَ رِجَالٌ
لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُم، يَمْرُقُوْنَ مِنَ الدِّيْنِ
كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ
__________
(1) في الأصل " مليك " وهو خطأ، والتصويب من مشتبه المؤلف
وغيره.
(2) " تاريخ خليفة ": 201.
(3/480)
مِنَ الرَّمِيَّةِ).
فَسَمِعَهَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَقَالَ:
وَاللهِ لَئِنْ كُنْتَ صَادِقاً - وَإِنَّكَ مَا عَلِمْتُ
لَكَذُوبٌ - إِنَّكَ لَمِنْهُم (1) .
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: حَمْلُ هَذَا الحَدِيْثِ
أَنَّهُم يُجَمِّعُوْنَ مَعَهُم، وَيَقُوْلُوْنَ لَهُم
هَذِهِ المَقَالَةَ.
ابْنُ عَوْنٍ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ
أَبِي حُذَيْفَةَ بنِ عُتْبَةَ وَكَعْباً رَكِبَا
سَفِيْنَةً، فَقَالَ مُحَمَّدٌ:
يَا كَعْبُ! أَمَا تَجِدُ سَفِيْنَتَنَا هَذِهِ فِي
التَّوْرَاةِ كَيْفَ تَجْرِي؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ أَجِدُ فِيْهَا رَجُلاً أَشْقَى
الفِتْيَةِ مِنْ قُرَيْشٍ، يَنْزُو فِي الفِتْنَةِ نَزْوَ
الحِمَارِ، لاَ تَكُوْنُ أَنْتَ هُوَ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ،
قَالَ:
انْطَلَقَ ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَ مُعَاوِيَةَ،
حَتَّى دَخَلَ بِهِمُ الشَّامَ، فَفَرَّقَهُم نِصْفَيْنِ،
فَسَجَنَ ابْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَجَمَاعَةً بِدِمَشْقَ،
وَسَجَنَ ابْنَ عُدَيْسٍ وَجَمَاعَةً بِبَعْلَبَكَّ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قُتِلَ ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ
بِفِلَسْطِيْنَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ.
وَكَانَ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ مِصْرَ.
قُلْتُ: عَامَّةُ مَنْ سَعَى فِي دَمِ عُثْمَانَ قُتِلُوا،
وَعَسَى القَتْلُ خَيْراً لَهُم وَتَمْحِيْصاً.
104 - مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ *
__________
(1) رجاله ثقات، وهو في " المسند " 4 / 145 من طريق علي بن
إسحاق بهذا الإسناد.
(*) نسب قريش: 277، التاريخ الكبير 1 / 124، التاريخ
الصغير 1 / 253، الجرح والتعديل 7 / 301، تاريخ الطبري 5 /
94، مروج الذهب 3 / 160، 197، الولاة والقضاة: 26، جمهرة
أنساب العرب: 138، الاستيعاب: 366، أسد الغابة 5 / 102،
الكامل 3 / 352، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 1 / 85، تهذيب
الكمال: 1178، العبر 1 / 44، تذهيب =
(3/481)
وَلَدَتْهُ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِي
حَجَّةِ الوَدَاعِ، وَقْتَ الإِحْرَامِ (1) .
وَكَانَ قَدْ وَلاَّهُ عُثْمَانُ إِمْرَةَ مِصْرَ، كَمَا
هُوَ مُبَيَّنٌ فِي سِيْرَةِ عُثْمَانَ، ثُمَّ سَارَ
لِحِصَارِ عُثْمَانَ، وَفَعَلَ أَمْراً كَبِيْراً، فَكَانَ
أَحَدَ مَنْ تَوَثَّبَ عَلَى عُثْمَانَ حَتَّى قُتِلَ،
ثُمَّ انْضَمَّ إِلَى عَلِيٍّ، فَكَانَ مِنْ أُمَرَائِهِ،
فَسَيَّرَهُ عَلَى إِمْرَةِ مِصْرَ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ، فِي رَمَضَانِهَا، فَالْتَقَى هُوَ
وَعَسْكَرُ مُعَاوِيَةَ، فَانْهَزَمَ جَمْعُ مُحَمَّدٍ،
وَاخْتَفَى هُوَ فِي بَيْتِ مِصْرِيَّةٍ، فَدَلَّتْ
عَلَيْهِ.
فَقَالَ: احْفَظُونِي فِي أَبِي بَكْرٍ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ حُدَيْجٍ: قَتَلْتَ ثَمَانِيْنَ
مِنْ قَوْمِي فِي دَمِ الشَّهِيْدِ عُثْمَانَ،
وَأَتْرُكُكَ، وَأَنْتَ صَاحِبُهُ!
فَقَتَلَهُ، وَدَسَّهُ فِي بَطْنِ حِمَارٍ مَيِّتٍ،
وَأَحْرَقَهُ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ: أُتِيَ بِمُحَمَّدٍ
أَسِيْراً إِلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ، فَقَتَلَهُ
-يَعْنِي: بِعُثْمَانَ -.
قُلْتُ: أَرْسَلَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ القَاسِمُ بنُ
مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ.
105 - عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي طَلْحَةَ زَيْدِ بنِ سَهْلٍ
الأَنْصَارِيُّ *
ابْنِ الأَسْوَدِ بنِ حَرَامٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخُو
أَنَسِ بنِ مَالِكٍ لأُمِّهِ (2).
__________
= التهذيب 3 / 192 آ، البداية والنهاية 7 / 318، العقد
الثمين 2 / 68، الإصابة 3 / 472، تهذيب التهذيب 9 / 80،
النجوم الزاهرة 1 / 106، خلاصة تذهيب الكمال: 280، شذرات
الذهب 1 / 48.
(1) انظر " مسند الشافعي " 2 / 4، و" صحيح مسلم " (1218)
في الحج: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 74، طبقات خليفة: ت 2029، التاريخ
الكبير 5 / 94، الجرح والتعديل 5 / 57، الاستيعاب: 929،
الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 272، أسد الغابة 3 / 284،
تهذيب الأسماء واللغات 1 / 1 / 273، تهذيب الكمال: 697،
تاريخ الإسلام 3 / 266، تذهيب التهذيب 2 / 155 ب، البداية
والنهاية 9 / 43، الإصابة 3 / 60، تهذيب التهذيب 5 / 269،
خلاصة تذهيب الكمال: 171.
(2) تحرفت في المطبوع إلى " لأنه ".
(3/482)
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَنَّكَهُ (1) .
وَهُوَ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ لَيْلَةَ
مَاتَ وَلَدُهَا، فَكَتَمَتْ أَبَا طَلْحَةَ مَوْتَهُ،
حَتَّى تَعَشَّى، وَتَصَنَّعَتْ لَهُ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا - حَتَّى أَتَاهَا، وَحَمَلَتْ بِهَذَا.
فَأَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ غَادِياً عَلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ:
(أَعَرَّسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ بَارَكَ اللهُ لَكُم فِي
لَيْلَتِكُم (2)).
وَيُقَالُ: ذَاكَ الصَّبِيُّ المَيِّتُ هُوَ أَبُو
عُمَيْرٍ صَاحِبُ النُّغَيْرِ (3) .
فَنَشَأَ عَبْدُ اللهِ، وَقَرَأَ العِلْمَ، وَجَاءهُ
عَشْرَةُ أَوْلاَدٍ قَرَؤُوا القُرْآنَ، وَرَوَى
أَكْثَرُهُم العِلْمَ، مِنْهُم: إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ - شَيْخُ مَالِكٍ - وَعَبْدُ
اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ هَذَانِ، وَأَبُو طُوَالَةَ،
وَسُلَيْمَانُ مَوْلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُم.
وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ، يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ،
وَعَنْ أَخِيْهِ؛ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ.
__________
(1) أخرجه البخاري 9 / 508، ومسلم (2144) من طريق أنس قال:
ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم حين ولد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في
عباءة يهنأ بعيرا له، فقال: " هل تمر ؟ " فقلت: نعم،
فناولته تمرات، فألقاهن في فيه، فلاكهن، ثم فغر فالصبي،
فمجه في فيه، فجعل الصبي يتلمظه، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " حب الانصار التمر ".
وسماه عبد الله.
(2) انظر الحديث بطوله في البخاري 3 / 135، 137 في
الجنائز: باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة، و9 / 508 في
العقيقة، ومسلم (2144) (23) في الآداب: باب استحباب تحنيك
المولود عند ولادته.
(3) النغير: تصغير النغر وهو طائر يشبه العصفور، أحمر
المنقار يجمع على نغران.
قال أنس بن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن
الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير، قال: أحسبه
فطيما وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ما فعل النغير - نغير
كان يلعب به...أخرجه البخاري 10 / 481، ومسلم (2150).
(3/483)
وَمَاتَ: قَبْلَ أَنَسٍ بِمُدَّةٍ لَيْسَتْ
بِكَثِيْرَةٍ.
رَوَى لَهُ: مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ.
106 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ
المَخْزُوْمِيُّ * (خَ، 4)
ابْنِ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ،
مِنْ أَشْرَافِ بَنِي مَخْزُوْمٍ.
كَانَ أَبُوْهُ مِنَ الطُّلَقَاءِ، وَمِمَّنْ حَسُنَ
إِسْلاَمُهُ.
وَلاَ صُحْبَةَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، بَلْ لَهُ رُؤْيَةٌ،
وَتِلْكَ صُحْبَةٌ مُقَيَّدَةٌ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ،
وَعَلِيٍّ، وَأُمِّ المُؤْمِنِيْنَ حَفْصَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ - أَحَدُ الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ -
وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو قِلاَبَةَ، وَهِشَامُ بنُ عَمْرٍو
الفَزَارِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
حَاطِبٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ أَرْسَلَتْهُ عَائِشَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ
يُكَلِّمُهُ فِي حُجْرِ بنِ الأَدْبَرِ، فَوَجَدَهُ قَدْ
قَتَلَهُ، وَفَرَطَ الأَمْرُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُوْلُ:
لأَنْ أَكُوْنَ قَعَدْتُ عَنْ مَسِيْرِي
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 5، طبقات خليفة: ت 1997، المحبر:
67، التاريخ الكبير 5 / 272، التاريخ الصغير 2 / 73، الجرح
والتعديل 5 / 224، مشاهير علماء الأمصار: ت 445، جمهرة
أنساب العرب: 145، الاستيعاب 827، تاريخ ابن عساكر: 9 /
447 ب، أسد الغابة 3 / 431، تهذيب الكمال: 782، تذهيب
التهذيب 2 / 207 ب، العقد الثمين 5 / 345، الإصابة 3 / 66،
تهذيب التهذيب 6 / 156، خلاصة تذهيب الكمال: 191.
(1) " الطبقات " 5 / 6.
(3/484)
إِلَى البَصْرَةِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ
أَنْ يَكُوْنَ لِي عَشْرَةُ أَوْلاَدٍ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ.
قُلْتُ: هُوَ ابْنُ أُخْتِ أَبِي جَهْلٍ.
وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ.
تُوُفِّيَ: قَبْلَ مُعَاوِيَةَ، وَمَاتَ أَبُوْهُ زَمَنَ
عُمَرَ.
107 - مَحْمُودُ بنُ لَبِيْدِ بنِ عُقْبَةَ بنِ رَافِعٍ
الأَنْصَارِيُّ * (م، 4)
أَبُو نُعَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ، الأَوْسِيُّ،
الأَشْهَلِيُّ، المَدَنِيُّ.
وُلِدَ: بِالمَدِيْنَةِ، فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى عَنْهُ
أَحَادِيْثَ يُرْسِلُهَا.
وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَقَتَادَةَ بنِ
النُّعْمَانِ، وَرَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَاصِمُ
بنُ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَفِي أَبِيْهِ نَزَلَتْ آيَةُ الرُّخْصَةِ (1)، فِيْمَنْ
لاَ يَسْتَطِيْعُ الصَّوْمَ.
قَالَ البُخَارِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 77، طبقات خليفة: ت 2039، التاريخ
الكبير 7 / 402، المعرفة والتاريخ 1 / 356، الجرح والتعديل
8 / 289، الاستيعاب: 1378، الجمع بين رجال الصحيحين 2 /
505، أسد الغابة 5 / 117، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 2 /
84، تهذيب الكمال: 1310، تاريخ الإسلام 4 / 52، العبر 1 /
115: تذهيب التهذيب 4 / 26 ب، مرآة الجنان 1 / 200،
البداية والنهاية 9 / 189، الإصابة 3 / 387، تهذيب التهذيب
10 / 65، خلاصة تذهيب الكمال: 317، شذرات الذهب 1 / 112.
(1) وهي فيما أظن الآية (184) من سورة البقرة، ونصها (وعلى
الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)، لكن لم أحد أحدا من
العلماء تابع المؤلف على ذلك.
انظر " الطبري " 3 / 425 وما بعدها، و" الدر المنثور " 1 /
177، 179، وابن كثير 1 / 215.
(3/485)
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: هُوَ
أَسَنُّ مِنْ مَحْمُوْدِ بنِ الرَّبِيْعِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ ابْنُ لَبِيْدٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَتِسْعِيْنَ.
وَيُقَالُ: فِي سَنَةِ سِتٍّ.
108 - هَاشِمُ بنُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ
الزُّهْرِيُّ *
وَيُعْرَفُ: بِالمِرْقَالِ (1) .
مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ.
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ؛ فَذَهَبَتْ
عَيْنُهُ يَوْمَئِذٍ، وَشَهِدَ فُتُوحَ دِمَشْقَ.
وَكَانَ مَعَهُ رَايَةُ الإِمَامِ عَلِيٍّ يَوْمَ
صِفِّيْنَ، فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ (2) .
وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالشَّجَاعَةِ وَالإِقدَامِ -
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
وَبَعْضُهُم عَدَّهُ فِي الصَّحَابَةِ، بِاعْتِبَارِ
إِدْرَاكِ زَمَنِ النُّبُوَّةِ.
109 - طَارِقُ بنُ شِهَابِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ سَلَمَةَ
الأَحْمَسِيُّ * (ع)
البَجَلِيُّ، الكُوْفِيُّ.
__________
(*) طبقات خليفة: ت 831، المحبر: انظر الفهرس، تاريخ
الطبري 5 / 42، مروج الذهب 3 / 130، المستدرك 3 / 395،
الاستيعاب: 1546، تاريخ بغداد 1 / 196، أسد الغابة 5 /
377، العبر 1 / 39، مرآة الجنان 1 / 101، العقد الثمين 7 /
359، الإصابة 3 / 593، شذرات الذهب 1 / 46.
(1) نقل الحافظ في " الإصابة " 3 / 593 عن الدولابي: أنه
لقب بالمرقال، لأنه كان يرقل في الحرب، أي: يسرع، من
الارقال: وهو ضرب من العدو.
(2) أورده الحافظ في " الإصابة " 3 / 593 من طريق يعقوب بن
شيبة، عن حبيب بن أبي ثابت، ومن طريق يعقوب بن سفيان، عن
الزهري...
(* *) طبقات خليفة: ت 735، 958، التاريخ الكبير 4 / 352،
الجرح والتعديل 4 / 485، مشاهير علماء الأمصار: ت 319،
جمهرة أنساب العرب: 389، الاستيعاب.
755، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 234، تاريخ ابن عساكر 8
/ 242 ب، أسد الغابة =
(3/486)
رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَغَزَا فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ غَيْرَ
مَرَّةٍ، وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ،
وَبِلاَلٍ، وَخَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ،
وَعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَيْسُ بنُ مُسْلِمٍ، وَسِمَاكُ بنُ
حَرْبٍ، وَعَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ، وَسُلَيمَانُ بنُ
مَيْسَرَةَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ،
وَمُخَارِقُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ قَيْسُ بنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَغَزَوتُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ بِضْعاً وَثَلاَثِيْنَ -أَوْ قَالَ: بِضْعاً
وَأَرْبَعِيْنَ - مِنْ بَيْنِ غَزْوَةٍ وَسَرِيَّةٍ (1) .
قُلْتُ: وَمَعَ كَثْرَةِ جِهَادِهِ (2) ، كَانَ
مَعْدُوْداً مِنَ العُلَمَاءِ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: بَلْ تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ.
فَأَمَّا مَا رَوَاهُ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ،
عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ؛ مِنْ أَنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، فَخَطَأٌ بَيِّنٌ، أَوْ
سَبْقُ قَلَمٍ.
__________
= 3 / 70، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 1 / 251، تهذيب
الكمال: 622، تاريخ الإسلام 3 / 259، تذهيب التهذيب 2 /
101 آ، مجمع الزوائد 9 / 407، البداية والنهاية 9 / 51،
الإصابة 2 / 202، تهذيب التهذيب 5 / 3، خلاصة تذهيب
الكمال: 151.
(1) أخرجه أحمد 4 / 314، 315، والطبراني (8205) من طريق
محمد بن جعفر، عن شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب،
وهذا سند صحيح، وذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 407، 408
عنهما، وقال: ورجالهما: رجال الصحيح، وهو عند ابن عساكر 8
/ 244 ب.
وأخرجه الطيالسي في " مسنده " 2 / 146، والطبراني (8204)
من طريق شعبة " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوت في
خلافة أبي بكر في السرايا غيرها ".
(2) تحرف في المطبوع إلى " ومع كبره وجهاده ".
(3/487)
110 - عَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادِ بنِ
الهَادِ اللَّيْثِيُّ أَبُو الوَلِيْدِ * (ع)
الفَقِيْهُ، أَبُو الوَلِيْدِ المَدَنِيُّ، ثُمَّ
الكُوْفِيُّ.
وَأُمُّهُ: هِيَ سُلْمَى، أُخْتُ أَسْمَاءَ بِنْتِ
عُمَيْسٍ.
وَكَانَتْ سُلْمَى تَحْتَ حَمْزَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -
فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ، تَزَوَّجَهَا شَدَّادٌ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ - فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللهِ فِي زَمَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَعَلِيٍّ،
وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ،
وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَمَنْصُوْرُ
بنُ المُعْتَمِرِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شُبْرُمَةَ، وَأَبُو
إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ،
وَذَرٌّ الهَمْدَانِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ عَمَّارٍ
الدُّهْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
عَدَّهُ خَلِيْفَةُ فِي تَابِعِي أَهْلِ الكُوْفَةِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنْ
تَابِعِي أَهْلِ المَدِيْنَةِ:
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَكَانَ ثِقَةً، قَلِيْلَ
الحَدِيْثِ، شِيْعِيّاً (1) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ: كَانَ يَأْتِي الكُوْفَةَ
كَثِيْراً، فَنَزَلَهَا، وَخَرَجَ مَعَ ابْنِ
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 61 و6 / 126، طبقات خليفة: ت 1096،
المحبر: 108، التاريخ الكبير 5 / 115، الكنى 2 / 147،
الجرح والتعديل 5 / 80، جمهرة أنساب العرب: 182،
الاستيعاب: 926، تاريخ بغداد 9 / 437، الجمع بين رجال
الصحيحين 1 / 263، تاريخ ابن عساكر 9 / 202 آ، أسد الغابة
3 / 275، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 1 / 272، تهذيب
الكمال: 292، تاريخ الإسلام 3 / 265، تذهيب التهذيب 2 /
151 ب، البداية والنهاية 9 / 37، الإصابة 3 / 60، تهذيب
التهذيب 5 / 251، خلاصة تذهيب الكمال: 170، شذرات الذهب 1
/ 90.
(1) " طبقات ابن سعد " 5 / 61.
(3/488)
الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ لَيْلَةَ دُجَيْلَ
(1) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ
شَدَّادٍ يَقُوْلُ:
وَدِدْتُ أَنِّي قُمْتُ عَلَى المِنْبَرِ مِنْ غُدْوَةٍ
إِلَى الظُّهْرِ، فَأَذْكُرُ فَضَائِلَ عَلِيِّ بنِ أَبِي
طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ثُمَّ أَنْزِلُ،
فَيُضْرَبُ عُنُقِي (2) .
قُلْتُ: هَذَا غُلُوٌّ وَإِسْرَافٌ.
سَمِعَهَا: خَالِدٌ الطَّحَّانُ، مِنْ عَطَاءٍ.
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ: مُخَرَّجٌ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ،
وَلاَ نِزَاعَ فِي ثِقَتِهِ.
111 - كَعْبُ الأَحْبَارِ كَعْبُ بنُ مَاتِعٍ
الحِمْيَرِيُّ * (د، ت، س)
هُوَ: كَعْبُ بنُ مَاتِعٍ الحِمْيَرِيُّ، اليَمَانِيُّ،
العَلاَّمَةُ، الحَبْرُ، الَّذِي كَانَ يَهُودِيّاً،
فَأَسْلَمَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدِمَ المَدِيْنَةَ مِنَ اليَمَنِ
فِي أَيَّامِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَجَالَسَ
أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَكَانَ يُحَدِّثُهُم عَنِ الكُتُبِ الإِسْرَائِيْليَّةِ،
وَيَحْفَظُ عَجَائِبَ (3) ، وَيَأْخُذُ السُّنَنَ عَنِ
الصَّحَابَةِ. وَكَانَ حَسَنَ الإِسْلاَمِ،
__________
(1) ابن سعد 5 / 61، ودجيل: اسم نهر ببغداد، انظر خبر
الوقعة في الطبري 6 / 382.
(2) ابن عساكر 9 / 205 آ.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 445، طبقات خليفة: ت 2895، المحبر:
131، التاريخ الكبير 7 / 223، التاريخ الصغير 1 / 62،
المعارف: 430، الجرح والتعديل 7 / 161، جمهرة أنساب العرب:
434، تاريخ ابن عساكر 14 / 280 آ، أسد الغابة 4 / 487،
تهذيب الأسماء واللغات 1 / 2 / 68، تهذيب الكمال: 1146،
تذكرة الحفاظ 1 / 49، العبر 1 / 35، تذهيب التهذيب 3 / 170
آ، الإصابة 3 / 315، تهذيب التهذيب 8 / 438، النجوم
الزاهرة 1 / 90، خلاصة
تذهيب الكمال: 273، شذرات الذهب 1 / 40.
(3) قال الحافظ ابن كثير في تفسير سورة النمل، بعدما أورد
طائفة من الاخبار في قصة ملكة سبأ مع سليمان عيله السلام:
والاقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب
مما وجد في صحفهم، كروايات كعب ووهب سامحهما الله تعالى
فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل، من
الاوابد والغرائب والعجائب، مما كان ومما لم يكن، ومما حرف
وبدل =
(3/489)
مَتِيْنَ الدّيَانَةِ، مِنْ نُبَلاَءِ
العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَصُهَيْبٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةُ، وَابْنُ
عَبَّاسٍ، وَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ رِوَايَةِ الصَّحَابِيِّ
عَنِ التَّابِعِيِّ، وَهُوَ نَادِرٌ عَزِيزٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ،
وَتُبَيْعٌ الحِمْيَرِيُّ ابْنُ امْرَأَةِ كَعْبٍ، وَأَبُو
سَلاَّمٍ الأَسْوَدُ.
وَرَوَى عَنْهُ: عِدَّةٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ؛ كَعَطَاءِ
بنِ يَسَارٍ، وَغَيْرِهِ، مُرْسَلاً.
وَكَانَ خَبِيْراً بِكُتُبِ اليَهُوْدِ، لَهُ ذَوْقٌ فِي
مَعْرِفَةِ صَحِيحِهَا مِنْ بَاطِلِهَا فِي الجُمْلَةِ.
وَقَعَ لَهُ رِوَايَةٌ فِي (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ)،
وَ(التِّرْمِذِيِّ)، وَ(النَّسَائِيِّ (1)).
سَكَنَ بِالشَّامِ بِأَخَرَةٍ، وَكَانَ يَغْزُو مَعَ
الصَّحَابَةِ.
رَوَى: خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ،
قَالَ: لأَنْ أَبْكِي مِنْ خَشْيَةٍ،
__________
= ونسخ، وقد أغنانا الله بما هو أصح منه وأنفع وأوضح
وأبلغ، ولله الحمد والمنة.
وأخرج البخاري في " صحيحه " 13 / 281، 282 في الاعتصام:
باب قول النبي صلى الله عيه وسلم: " لا تسألوا أهل الكتاب
عن شيء " من طريق حميد بن عبد الرحمن، أنه سمع معاوية يحدث
رهطا من قريش بالمدينة لما حج في خلافته وذكر كعب الاحبار،
فقال: إن كان من أصدق هؤلاء
المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا لنبلو مع
ذلك عليه الكذب.
وما يحكيه كعب عن الكتب القديمة فليس بحجة عند أحد من أهل
العلم، وهذا عمر رضي الله عنه يقول له فيما أخرجه أبو زرعة
الدمشقي في " تاريخه " 1 / 544: لتتركن الأحاديث، أو
لالحقنك بأرض القردة.
وليس كل ما نسب إليه في الكتب بثابت عنه، فإن الكذابين من
بعده، قد نسبوا إليه أشياء كثيرة لم يقلها.
(1) وأخطأ من زعم أنه خرج له البخاري ومسلم، فإنهما لم
يسندا من طريقه شيئا من الحديث، وإنما جرى ذكره في "
الصحيحين " عرضا، وليس يؤثر عن أحد من المتقدمين توثيق
كعب، إلا أن بعض الصحابة أثنى عليه بالعلم.
(3/490)
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ
بِوَزْنِي ذَهَباً (1).
تُوُفِّيَ كَعْبٌ بِحِمْصَ، ذَاهِباً لِلْغَزْوِ، فِي
أَوَاخِرِ خِلاَفَةِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -
فَلَقَدْ كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو الرَّبَابِ مُطَرِّفُ بنُ
مَالِكٍ القُشَيْرِيُّ، أَحَدُ مَنْ شَهِدَ فَتْحَ
تُسْتَرَ.
فَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي
الرَّبَابِ، قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
- نَعُوْدُهُ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيْرٌ، وَكُنْتُ
أَحَدَ خَمْسَةٍ وَلُوا قَبْضَ السُّوْسِ.
فَأَتَانِي رَجُلٌ بِكِتَابٍ، فَقَالَ: بِيْعُوْنِيْهِ،
فَإِنَّهُ كِتَابُ اللهِ، أُحْسِنُ أَقْرَؤُهُ وَلاَ
تُحْسِنُوْنَ.
فَنَزَعْنَا دُفَّتَيْهِ، فَأَخَذَهُ بِدِرْهَمَيْنِ.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، خَرَجْنَا إِلَى الشَّامِ،
وَصَحِبَنَا شَيْخٌ عَلَى حِمَارٍ، بَيْنَ يَدَيْهِ
مُصْحَفٌ يَقْرَؤُهُ، وَيَبْكِي، فَقُلْتُ:
مَا أَشْبَهَ هَذَا المُصْحَفَ بِمُصْحَفٍ شَأْنُهُ كَذَا
وَكَذَا.
فَقَالَ: إِنَّهُ هُوَ.
قُلْتُ: فَأَيْنَ تُرِيْدُ؟
قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ كَعْبُ الأَحْبَارِ عَامَ
أَوَّلَ، فَأَتَيْتُهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَهَذَا
وَجْهِي إِلَيْهِ.
قُلْتُ: فَأَنَا مَعَكَ.
فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى قَدِمْنَا الشَّامَ، فَقَعَدْنَا
عِنْدَ كَعْبٍ، فَجَاءَ عِشْرُوْنَ مِنَ اليَهُوْدِ،
فِيْهِم شَيْخٌ كَبِيْرٌ يَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ
بِحَرِيْرَةٍ، فَقَالُوا: أَوْسِعُوا أَوْسِعُوا.
فَأَوْسَعُوا، وَرَكِبْنَا أَعْنَاقَهُم، فَتَكَلَّمُوا.
فَقَالَ كَعْبٌ: يَا نُعَيْمُ! أَتُجِيْبُ هَؤُلاَءِ، أَوْ
أُجِيْبُهُم؟
قَالَ: دَعُوْنِي حَتَّى أُفَقِّهَ هَؤُلاَءِ مَا قَالُوا،
إِنَّ هَؤُلاَءِ أَثْنَوْا عَلَى أَهْلِ مِلَّتِنَا
خَيراً، ثُمَّ قَلَبُوا أَلْسِنَتَهُم، فَزَعَمُوا أَنَّا
بِعْنَا الآخِرَةَ بِالدُّنْيَا، هَلُمَّ فَلنُوَاثِقْكُم،
فَإِنْ جِئْتُم بِأَهْدَى مِمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ،
اتَّبَعنَاكُم، وَإِلاَّ فَاتَّبِعُوْنَا إِنْ جِئْنَا
بِأَهْدَى مِنْهُ.
قَالَ: فَتَوَاثَقُوا.
فَقَالَ كَعْبٌ: أَرْسِلْ إِلَيَّ ذَلِكَ المُصْحَفَ.
فَجِيْءَ بِهِ، فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا
بَيْنَنَا؟
قَالُوا: نَعَمْ، لاَ يُحْسِنُ أَحَدٌ أَنْ يَكْتُبَ
مِثْلَهُ
__________
(1) ابن عساكر 14 / 285 آ.
(3/491)
اليَوْمَ.
فَدَفَعَ إِلَى شَابٍّ مِنْهُم، فَقَرَأَ كَأَسْرَعِ
قَارِئٍ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى مَكَانٍ مِنْهُ، نَظَرَ
إِلَى أَصْحَابِهِ كَالرَّجُلِ يُؤذِنُ صَاحِبَهُ
بِالشَّيْءِ، ثُمَّ جَمَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يه.
فَنَبَذَهُ.
فَقَالَ كَعْبٌ: آهُ.
وَأَخَذَهُ، فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ، فَقَرَأَ، فَأَتَى
عَلَى آيَةٍ مِنْهُ، فَخَرُّوا سُجَّداً، وَبَقِيَ
الشَّيْخُ يَبْكِي.
قِيْلَ: وَمَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: وَمَا لِي لاَ أَبْكِي، رَجُلٌ عَمِلَ فِي
الضَّلاَلَةِ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، وَلَمْ أَعْرِفِ
الإِسْلاَمَ حَتَّى كَانَ اليَوْمَ.
وَقَالَ هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ،
عَنْ مُطَرِّفِ بنِ مَالِكٍ (1) ، قَالَ:
أَصَبْنَا دَانِيَالَ بِالسُّوسِ، فِي لَحْدٍ مِنْ صُفْرٍ،
وَكَانَ أَهْلُ السُّوسِ إِذَا أَسْنَتُوا،
اسْتَخْرَجُوهُ، فَاسْتَسْقَوْا بِهِ؛ وَأَصَبْنَا مَعَهُ
رَبْطَتَيْنِ مِنْ كَتَّانٍ وَسِتِّيْنَ جَرَّةً
مَخْتُوْمَةً، فَفَتَحْنَا وَاحِدَةً، فَإِذَا فِيْهَا
عَشْرَةُ آلاَفٍ، وَأَصَبْنَا مَعَهُ رَبْعَةً فِيْهَا
كِتَابٌ، وَكَانَ مَعَنَا أَجِيْرٌ نَصْرَانِيٌّ يُقَالُ
لَهُ: نُعَيْمٌ، فَاشْتَرَاهَا بِدِرْهَمَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنِي أَبُو حَسَّانٍ:
أَنَّ أَوَّلَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ حُرْقُوْصٌ،
فَأَعْطَاهُ أَبُو مُوْسَى الرَّبْطَتَيْنِ، وَمائَتَيْ
دِرْهَمٍ.
ثُمَّ إِنَّهُ طَلَبَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ
الرَّبْطَتَيْنِ، فَأَبَى، فَشَققَهَا عَمَائِمَ، وَكَتَبَ
أَبُو مُوْسَى فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ؛ فَكَتَبَ
إِلَيْهِ:
إِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَعَا أَنْ لاَ يَرِثَهُ إِلاَّ
المُسْلِمُوْنَ، فَصَلِّ عَلَيْهِ، وَادْفِنْهُ.
قَالَ هَمَّامُ بنُ يَحْيَى: وَحَدَّثَنَا فَرْقَدٌ،
حَدَّثَنَا أَبُو تَمِيْمَةَ:
أَنَّ كِتَابَ عُمَرَ جَاءَ: أَنِ اغْسِلْهُ بِالسِّدْرِ
وَمَاءِ الرَّيْحَانِ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيْثِ مُطَرِّفِ بنِ مَالِكٍ،
قَالَ:
فَبَدَا لِي أَنْ آتِيَ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَبَيْنَا
أَنَا فِي الطَّرِيْقِ، إِذَا أَنَا بِرَاكِبٍ شَبَّهْتُهُ
بِذَلِكَ الأَجِيْرِ
__________
(1) ترجمه في " الجرح والتعديل " 8 / 312، فقال: مطرف بن
مالك أبو الرئاب القشيري شهد فتح تستر مع أبي موسى
الأشعري، روى عنه زرارة بن أوفى ومحمد بن سيرين سمعت أبي
يقول ذلك.
وباقي رجال السند ثقات، وانظر في ما ورد في دانيال "
البداية والنهاية " 2 / 40، 42.
(3/492)
النَّصْرَانِيِّ، فَقُلْتُ: نُعَيْمُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: مَا فَعَلْتَ بِنَصْرَانِيَّتِكَ؟
قَالَ: تَحَنَّفْتُ بَعْدَكَ.
ثُمَّ أَتَيْنَا دِمَشْقَ، فَلَقِيْتُ (1) كَعْباً،
فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتُم بَيْتَ المَقْدِسِ، فَاجْعَلُوا
الصَّخْرَةَ بَيْنَكُم وَبَيْنَ القِبْلَةِ.
ثُمَّ انْطَلَقْنَا ثَلاَثَتُنَا حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا
الدَّرْدَاءِ.
فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ لِكَعْبٍ: أَلاَ تُعْدِنِي
عَلَى أَخِيْكَ؟ يَقُوْمُ اللَّيْلَ وَيَصُوْمُ
النَّهَارَ.
قَالَ: فَجَعَلَ لَهَا مِنْ كُلِّ ثَلاَثِ لَيَالٍ
لَيْلَةً.
ثُمَّ أَتَيْنَا بَيْتَ المَقْدِسِ، فَسَمِعَتْ يَهُوْدُ
بِنُعَيْمٍ وَكَعْبٍ، فَاجْتَمَعُوا.
فَقَالَ كَعْبٌ: هَذَا كِتَابٌ قَدِيْمٌ، وَإِنَّهُ
بِلُغَتِكُمْ (2) ، فَاقْرَؤُوهُ.
فَقَرَأَهُ قَارِئُهُم حَتَّى أَتَى عَلَى ذَلِكَ
المَكَانِ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيْناً
فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ، وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ
الخَاسِرِيْنَ) [آلُ عِمْرَانَ: 85].
فَأَسْلَمَ مِنْهُم اثْنَانِ وَأَرْبَعُوْنَ حَبْراً،
فَفَرَضَ لَهُم مُعَاوِيَةُ، وَأَعْطَاهُم.
ثُمَّ قَالَ هَمَّامٌ: وَحَدَّثَنِي بِسْطَامُ بنُ
مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ:
أَنَّهُم تَذَاكَرُوا ذَلِكَ الكِتَابَ، فَمَرَّ بِهِم
شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ، فَقَالَ: عَلَى الخَبِيْرِ
سَقَطْتُم؛ إِنَّ كَعْباً لَمَّا احتُضِرَ، قَالَ: أَلاَ
رَجُلٌ أَأْتَمِنُهُ عَلَى أَمَانَةٍ؟
فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا.
فَدَفَعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الكِتَابَ، وَقَالَ: ارْكَبِ
البُحَيْرَةَ، فَإِذَا بَلَغْتَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا،
فَاقْذِفْهُ.
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ كَعْبٍ، فَقَالَ: كِتَابٌ فِيْهِ
عِلْمٌ، وَيَمُوْتُ كَعْبٌ لاَ أُفَرِّطُ بِهِ.
فَأَتَى كَعْباً، وَقَالَ: فَعَلْتُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ.
قَالَ: فَمَا رَأَيْتَ؟
قَالَ: لَمْ أَرَ شَيْئاً.
فَعَلِمَ كَذِبَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ، وَيَطْلُبُ
إِلَيْهِ حَتَّى رَدَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَلاَ مَنْ
يُؤَدِّي أَمَانَةً؟
قَالَ رَجُلٌ: أَنَا.
فَرَكِبَ سَفِيْنَةً، فَلَمَّا أَتَى ذَلِكَ المَكَانَ،
ذَهَبَ لِيَقْذِفَهُ، فَانْفَرَجَ لَهُ البَحْرُ، حَتَّى
رَأَى الأَرْضَ، فَقَذَفَهُ، وَأَتَاهُ، فَأَخْبَرَهُ.
فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّهَا التَّوْرَاةُ كَمَا أَنْزَلَهَا
اللهُ عَلَى مُوْسَى،
__________
(1) تحرف في المطبوع إلى " فبلغت ".
(2) تحرف في المطبوع إلى " بلغكم ".
(3/493)
مَا غُيِّرَتْ وَلاَ بُدِّلَتْ، وَلَكِنْ
خَشِيْتُ أَنْ يُتَّكَلَ عَلَى مَا فِيْهَا، وَلَكِن
قُوْلُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَلَقِّنُوْهَا
مَوْتَاكُم.
هَكَذَا رَوَاهُ: ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي
(تَارِيْخِهِ)، عَنْ هُدْبَةَ، عَنْ هَمَّامٍ.
وَشَهْرٌ لَمْ يَلْحَقْ كَعْباً.
وَهَذَا القَوْلُ مِنْ كَعْبٍ دَالٌّ عَلَى أَنَّ تِيْكَ
النُّسْخَةَ مَا غُيِّرَتْ وَلاَ بُدِّلَتْ، وَأَنَّ مَا
عَدَاهَا بِخِلاَفِ ذَلِكَ.
فَمَنِ الَّذِي يَسْتَحِلُّ أَنْ يُورِدَ اليَوْمَ مِنَ
التَّوْرَاةِ شَيْئاً عَلَى وَجْهِ الاحْتِجَاجِ
مُعْتَقِداً أَنَّهَا التَّوْرَاةُ المُنْزَلَةُ؟ كَلاَّ
وَاللهِ.
112 - زِيَادُ بنُ أَبِيْهِ زِيَادُ بنُ عُبَيْدٍ
الثَّقَفِيُّ *
وَهُوَ زِيَادُ بنُ عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ، وَهُوَ زِيَاد
ابْنُ سُمَيَّةَ، وَهِيَ أُمُّهُ، وَهُوَ زِيَادُ بنُ
أَبِي سُفْيَانَ الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ (1) مُعَاوِيَةُ
بِأَنَّهُ أَخُوْهُ.
كَانَتْ سُمَيَّةُ مَوْلاَةً لِلْحَارِثِ بنِ كَلَدَةَ
الثَّقَفِيِّ طَبِيبِ العَرَبِ.
يُكْنَى: أَبَا المُغِيْرَةِ.
لَهُ إِدْرَاكٌ، وُلِدَ عَامَ الهِجْرَةِ، وَأَسْلَمَ
زَمَنَ الصِّدِّيْقِ وَهُوَ مُرَاهِقٌ.
وَهُوَ أَخُو أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ الصَّحَابِيِّ
لأُمِّهِ.
ثُمَّ كَانَ كَاتِباً لأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ زَمَنَ
إِمْرَتِهِ عَلَى البَصْرَةِ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 99، طبقات خليفة: ت 1516، المحبر:
184، 303، 479، التاريخ الكبير 3 / 357، التاريخ الصغير 1
/ 115، المعارف: 346، تاريخ الطبري 5 / 176، 214، 288،
مروج الذهب 3 / 192، 215، الاستيعاب: 523، تاريخ ابن عساكر
6 / 242 آ، أسد الغابة 2 / 271، الكامل 3 / 493، تهذيب
الأسماء واللغات 1 / 1 / 198، العبر 1 / 58، تاريخ الإسلام
2 / 279، 280، الوافي بالوفيات 15 / 10، مرآة الجنان 1 /
126، الإصابة 1 / 580، شذرات الذهب 1 / 59، خزانة الأدب 2
/ 517، تهذيب ابن عساكر 5 / 409.
(1) في الأصل: " استحلفه ".
(3/494)
سَمِعَ مِنَ: عُمَرَ، وَغَيْرِهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيْرِيْنَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ
عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ رَأْياً، وَعَقْلاً،
وَحَزْماً، وَدَهَاءً، وَفِطْنَةً.
كَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي النُّبْلِ
وَالسُّؤْدُدِ.
وَكَانَ كَاتِباً بَلِيْغاً.
كَتَبَ أَيْضاً لِلْمُغِيْرَةِ، وَلابْنِ عَبَّاسٍ،
وَنَابَ عَنْهُ بِالبَصْرَةِ.
يُقَالُ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى الطَّائِفَ،
فَسَكِرَ، فَطَلَبَ بَغِيّاً، فَوَاقَعَ سُمَيَّةَ،
وَكَانَتْ مُزَوَّجَةً بِعُبَيْدٍ، فَوَلَدَتْ مِنْ
جِمَاعِهِ زِيَاداً.
فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ أَفْرَادِ الدَّهْرِ،
اسْتَعْطَفَهُ، وَادَّعَاهُ، وَقَالَ: نَزَلَ مِنْ ظَهْرِ
أَبِي.
وَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ، كَانَ زِيَادٌ نَائِباً لَهُ
عَلَى إِقْلِيْمِ فَارِسٍ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: قَالَ زِيَادٌ لأَبِي بَكْرَةَ:
أَلَمْ تَرَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يُرِيْدُنِي عَلَى
كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ وُلِدْتُ عَلَى فِرَاشِ عُبَيْدٍ،
وَأَشْبَهْتُهُ؟ وَقَدْ عَلِمْتُ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ: (مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيْهِ،
فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) (1).
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر 5 / 412، وأخرج البخاري 12 / 46 في
الفرائض: باب من ادعى إلى غير أبيه، من طريق مسدد، عن خالد
بن عبد الله الواسطي، عن خالد بن مهران الحذاء، عن أبي
عثمان النهدي، عن سعد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " من ادعى إلى غير أبيه، وهو
يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام ".
فذكرته (القائل أبو عثمان النهدي) لأبي بكرة، فقال: وأنا
سمعته أذناي، ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه مسلم برقم (63) من طريق عمرو الناقد، حدثنا هشيم بن
بشير، أخبرنا خالد عن أبي عثمان قال: لما ادعي زياد لقيت
أبا بكرة، فقلت له: ما هذا الذي صنعتم ؟ إني سمعت سعد ابن
أبي وقاص يقول: سمع أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يقول: " من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه، يعلم أنه
غير أبيه، فالجنة عليه حرام " فقال أبو بكرة: وأنا سمعته
من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ في " الفتح " 12 / 46: وكان كثير من الصحابة
والتابعين ينكرون ذلك على معاوية محتجين بحديث: " الولد
للفراش " وإنما خص أبو عثمان النهدي، أبا بكرة بالانكار،
لان زيادا كان أخاه من أمه.
(3/495)
ثُمَّ أَتَى فِي العَامِ المُقْبِلِ،
وَقَدِ ادَّعَاهُ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَخْطَبَ مِنْ
زِيَادٍ.
وَقَالَ قَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَخْصَبَ نَادِياً، وَلاَ أَكْرَمَ جَلِيْساً، وَلاَ
أَشْبَهَ سَرِيرَةً بِعَلاَنِيَةٍ مِنْ زِيَادٍ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: مَا رَأَيْتُ
أَحَداً قَطُّ خَيْراً مِنْ زِيَادٍ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ (الفِصَلِ): لَقَدِ
امْتَنَعَ زِيَادٌ وَهُوَ فِقَعَةُ القَاعِ (1)، لاَ
نَسَبَ لَهُ وَلاَ سَابِقَةً، فَمَا أَطَاقَهُ مُعَاوِيَةُ
إِلاَّ بِالمُدَارَاةِ، ثُمَّ اسْتَرْضَاهُ، وَوَلاَّهُ.
قَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: كَانَ زِيَادٌ أَفْتَكَ مِنَ
الحَجَّاجِ لِمَنْ يُخَالِفُ هَوَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: بَلَغَ ابْنَ عُمَرَ أَنَّ
زِيَاداً كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ:
إِنِّيْ قَدْ ضَبَطْتُ العِرَاقَ بِيَمِيْنِي، وَشِمَالِي
فَارِغَةٌ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ الحِجَازَ.
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تَجْعَلْ
فِي القَتْلِ كَفَّارَةً، فَمَوْتاً لابْنِ سُمَيَّةَ لاَ
قَتْلاً.
فَخَرَجَ فِي أُصْبُعِهِ طَاعُوْنٌ، فَمَاتَ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: بَلَغَ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ
أَنَّ زِيَاداً يَتَتَبَّعُ شِيْعَةَ عَلِيٍّ
بِالبَصْرَةِ، فَيَقْتُلُهُم، فَدَعَا عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ جَمَعَ أَهْلَ الكُوْفَةِ لِيَعْرِضَهُم
عَلَى البَرَاءةِ مِنْ أَبِي الحَسَنِ، فَأَصَابَهُ
حِيْنَئِذٍ طَاعُوْنٌ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَلَهُ أَخْبَارٌ طَوِيْلَةٌ.
وَليَ المِصْرَيْنِ؛ فَكَانَ يَشْتُو بِالبَصْرَةِ،
وَيَصِيْفُ بِالكُوْفَةِ.
__________
(1) الفقعة: جمع فقع: ضرب من الكمأة أبيض يظهر على وجه
الأرض، فيوطأ، والكمأة السوداء تستر في الأرض، ويقال للذي
لاأصل له: فقع.
والقاع: الأرض الواسعة السهلة.
(3/496)
دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أُتِيَ
زِيَادٌ فِي مَيِّتٍ تَرَكَ عَمَّةً وَخَالَةً، فَقَالَ:
قَضَى فِيْهَا عُمَرُ أَنْ جَعَلَ الخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ
الأُخْتِ، وَالعَمَّةَ بِمَنْزِلَةِ الأَخِ،
فَأَعْطَاهُمَا المَالَ (1).
113 - صِلَةُ بنُ أَشْيَمَ أَبُو الصَّهْبَاءِ العَدَوِيُّ
*
الزَّاهِدُ، العَابِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو الصَّهْبَاءِ
العَدَوِيُّ، البَصْرِيُّ، زَوْجُ العَالِمَةِ مُعَاذَةَ
(2) العَدَوِيَّةِ.
مَا عَلِمْتُهُ رَوَى سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَهْلُهُ؛ مُعَاذَةُ، وَالحَسَنُ،
وَحُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ،
وَغَيْرُهُم.
ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الزُّهْدِ): عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، قَالَ:
بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قَالَ: (يَكُوْنُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ
لَهُ: صِلَةُ، يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ كَذَا
وَكَذَا (3)).
هَذَا حَدِيْثٌ مُعْضَلٌ.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ يَزِيْدَ الرِّشْكِ، عَنْ
مُعَاذَةَ، قَالَتْ:
كَانَ أَبُو الصَّهْبَاءِ يُصَلِّي حَتَّى مَا يَسْتَطِيعُ
أَنْ يَأْتِيَ فِرَاشَهُ إِلاَّ زَحْفاً (4).
__________
(1) ابن سعد 7 / 100.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 134، طبقات خليفة: ت 1528، التاريخ
الكبير 4 / 321، الكنى 2 / 13، الجرح والتعديل 4 / 447،
الحلية 2 / 237، أسد الغابة 4 / 34، تاريخ الإسلام 3 / 19،
البداية والنهاية 9 / 15، الإصابة 2 / 200.
(2) من رجال " التهذيب " وحديثها في الكتب الستة.
(3) إسناده ضعيف لاعضاله، كما قال المؤلف، والحديث المعضل:
هو الذي سقط من إسناده اثنان على التوالي.
والخبر في " حلية الأولياء " 2 / 241 من طريق ابن المبارك.
(4) أخرجه ابن سعد 7 / 136 من طريق عفان بهذا الإسناد، وهو
صحيح.
(3/497)
وَقَالَتْ مُعَاذَةُ: كَانَ أَصْحَابُهُ -
تَعْنِي: صِلَةَ - إِذَا الْتَقَوْا عَانَقَ بَعْضُهُم
بَعْضاً.
وَقَالَ ثَابِتٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى صِلَةَ بِنَعْيِ
أَخِيْهِ، فَقَالَ لَهُ: ادْنُ، فَكُلْ، فَقَدْ نُعِيَ
إِلَيَّ أَخِي مُنْذُ حِيْنٍ، قَالَ -تَعَالَى -: {إِنَّكَ
مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتُوْنَ (1) } [الزُّمَرُ: 30].
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ:
أَنَّ صِلَةَ كَانَ فِي الغَزْوِ، وَمَعَهُ ابْنُهُ،
فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ! تَقَدَّمْ، فَقَاتِلْ حَتَّى
أَحْتَسِبَكَ.
فَحَمَلَ، فَقَاتَلَ، حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ
صِلَةُ، فَقُتِلَ، فَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَ
امْرَأَتِهِ مُعَاذَةَ، فَقَالَتْ: مَرْحَباً إِنْ
كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِتُهَنِّئْنَنِي، وَإِنْ كُنْتُنَّ
جِئْتُنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَارْجِعْنَ (2) .
جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ: عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، عَنْ
صِلَةَ، قَالَ:
خَرَجْنَا فِي قَرْيَةٍ وَأَنَا عَلَى دَابَّتِي فِي
زَمَانِ فُيُوضِ المَاءِ، فَأَنَا أَسِيْرُ عَلَى
مُسَنَّاةٍ (3)، فَسِرْتُ يَوْماً لاَ أَجِدُ مَا آكُلُ،
فَلَقِيَنِي عِلْجٌ يَحْمِلُ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْئاً،
فَقُلْتُ: ضَعْهُ.
فَإِذَا هُوَ خُبْزٌ، قُلْتُ: أَطْعِمْنِي.
فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ وَلَكِنْ فِيْهِ شَحْمُ خِنْزِيْرٍ.
فَتَرَكْتُهُ، ثُمَّ لَقِيْتُ آخَرَ، فَقُلْتُ:
أَطْعِمْنِي.
قَالَ: هُوَ زَادِي لأَيَّامٍ، فَإِنْ نَقصتَهُ،
أَجَعْتَنِي.
فَتَرَكْتُهُ، فَوَاللهِ إِنِّيْ لأَسِيْرُ، إِذْ سَمِعْتُ
خَلْفِي وَجْبَةً كَوَجْبَةِ الطَّيْرِ، فَالْتَفَتُّ،
فَإِذَا هُوَ شَيْءٌ مَلْفُوفٌ فِي سِبٍّ أَبْيَضَ،
فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا دَوْخَلَةٌ مِنْ رُطَبٍ فِي
زَمَانٍ لَيْسَ فِي الأَرْضِ رُطبَةٌ، فَأَكَلْتُ مِنْهُ،
ثُمَّ لَفَفْتُ مَا بَقِيَ، وَرَكِبْتُ الفَرَسَ،
وَحَمَلْتُ مَعِي نُوَاهُنَّ.
__________
(1) " حلية الأولياء " 2 / 238، وابن سعد 7 / 137، ورجاله
ثقات.
(2) ابن سعد 7 / 137، و" حلية الأولياء " 2 / 239، ورجاله
ثقات.
(3) المسناة: صغيرة (أي: سد) تبنى للسيل لترد الماء، سميت
مسناة، لان فيها مفاتح للماء بقدر ما تحتاج إليه لئلا
يغلب.
(3/498)
قَالَ جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ: فَحَدَّثَنِي
أَوْفَى بنُ دِلْهَمٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ ذَلِكَ السِّبَّ مَعَ امْرَأَتِهِ، فِيْهِ
مُصْحَفٌ، ثُمَّ فُقِدَ بَعْدُ (1) .
وَرَوَى نَحْوَهُ: عَوْفٌ، عَنْ أَبِي السَّلِيْلِ، عَنْ
صِلَةَ (2) .
فَهَذِهِ كَرَامَةٌ ثَابِتَةٌ.
ابْنُ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ سَعِيْدٍ،
أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بنُ جَعْفَرِ بنِ زَيْدٍ، أَنَّ
أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ:
خَرَجْنَا فِي غَزَاةٍ إِلَى كَابُلَ، وَفِي الجَيْشِ
صِلَةُ، فَنَزَلُوا، فَقُلْتُ: لأَرْمُقَنَّ عَمَلَهُ.
فَصَلَّى، ثُمَّ اضطَجَعَ، فَالْتَمَسَ غَفْلَةَ النَّاسِ،
ثُمَّ وَثَبَ، فَدَخَلَ غَيْضَةً، فَدَخَلْتُ،
فَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا
مِنْهُ، فَصَعدْتُ شَجَرَةً، أَفَتَرَاهُ الْتَفَتَ
إِلَيْهِ حَتَّى سَجَدَ؟
فَقُلْتُ: الآنَ يَفْتَرِسُهُ فَلاَ شَيْءَ.
فَجَلَسَ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَالَ: يَا سَبْعُ! اطْلُبِ
الرِّزْقَ بِمَكَانٍ آخَرَ.
فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ زَئِيْراً أَقُوْلُ؛ تَصَدَّعَ
مِنْهُ الجَبَلُ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ جَلَسَ،
فَحَمِدَ اللهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا،
ثُمَّ قَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيْرَنِي مِنَ
النَّارِ، أَوَ مِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ
الجَنَّةَ (3) ؟!
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنِ السَّرِيِّ بنِ يَحْيَى،
حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ هِلاَلٍ:
أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِصِلَةَ: يَا أَبَا الصَّهْبَاءِ!
رَأَيْتُ أَنِّي أُعْطِيْتُ شَهِدَةً، وَأُعْطِيْتَ
شَهِدتَيْنِ.
فَقَالَ: تَسْتَشْهِدُ وَأَنَا وَابْنِي.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ يَزِيْدَ بنِ زِيَادٍ، لَقِيَتْهُمُ
التُّرْكُ بِسِجِسْتَانَ، فَانْهَزَمُوا.
وَقَالَ صِلَةُ: يَا بُنَيَّ! ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ.
قَالَ: يَا أَبَه؛ تُرِيْدُ الخَيْرَ لِنَفْسِكَ،
وَتَأْمُرُنِي بِالرُّجُوْعِ!
قَالَ: فَتَقَدَّمْ.
فَتَقَدَّمَ، فَقَاتَلَ حَتَّى
__________
(1) رجاله ثقات، أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 2 / 239 من
طريق عبد الله بن المبارك بهذا الإسناد.
والسب: الخمار، والدوخلة: زبيل من خوص يجعل فيه التمر.
(2) في " تاريخ المؤلف " 3 / 20: قلت: هذا حديث صحيح، روى
نحوه عوف الاعرابي عن أبي السليل، عن صلة.
(3) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 2 / 240 من طريق ابن
المبارك. وإسناده ضعيف.
(3/499)
أُصِيْبَ، فَرَمَى صِلَةُ عَنْ جَسَدِهِ،
وَكَانَ رَامِياً، حَتَّى تَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَأَقْبَلَ
حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ، فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَاتَلَ
حَتَّى قُتِلَ (1) .
قُلْتُ: وَكَانَتْ هَذِهِ المَلْحَمَةُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَسِتِّيْنَ - رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى -.
114 - أُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ
الهَاشِمِيَّةُ *
ابْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ الهَاشِمِيَّةُ،
شَقِيْقَةُ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ.
وُلِدَتْ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الهِجْرَةِ،
وَرَأَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَلَمْ تَرْوِ عَنْهُ شَيْئاً.
خَطَبَهَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَهِيَ صَغِيْرَةٌ،
فَقِيْلَ لَهُ: مَا تُرِيْدُ إِلَيْهَا؟
قَالَ: إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ
مُنْقَطِعٌ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلاَّ سَبَبِي وَنَسَبِي)
(2).
__________
(1) رجاله ثقات.
(*) طبقات ابن سعد 8 / 463، نسب قريش: 349، المحبر: 53،
101، 437، التاريخ الصغير 1 / 102، جمهرة أنساب العرب:
انظر الفهرس، الاستيعاب: 1954، أسد الغابة 7 / 387، تهذيب
الأسماء واللغات 1 / 2 / 365، تاريخ الإسلام 2 / 254،
الإصابة 4 / 492.
(2) حديث صحيح، أخرجه الحاكم 3 / 142 من طريق السري بن
خزيمة، عن معلى ابن راشد، حدثنا وهيب بن خالد، عن جعفر بن
محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، أن عمر بن
الخطاب...وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه
الذهبي في " المختصر " فقال: منقطع، وأخرجه ابن سعد في "
الطبقات " 8 / 463 من طريق أنس بن عياض الليثي، عن جعفر بن
محمد، عن أبيه، أن عمر...، وأورده السيوطي في " الدر
المنثور " 5 / 15، وزاد نسبته للبزار، والطبراني،
والبيهقي، والضياء المقدسي في " المختارة " وأورده الهيثمي
في " المجمع " 9 / 173 وقال: رواه الطبراني في " الأوسط "
و" الكبير "، =
(3/500)
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدِ بنِ
أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ عُمَرَ تَزَوَّجَهَا، فَأَصْدَقَهَا أَرْبَعِيْنَ
أَلْفاً.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: قَالَ عُمَرُ
لِعَلِيٍّ:
زَوِّجْنِيْهَا أَبَا حَسَنٍ، فَإِنِّي أَرْصُدُ مِنْ
كَرَامَتِهَا مَا لاَ يَرْصُدُ أَحَدٌ.
قَالَ: فَأَنَا أَبْعَثُهَا إِلَيْكَ، فَإِنْ رَضِيْتَهَا،
فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا - يَعْتَلُّ بِصِغَرِهَا -.
قَالَ: فَبَعَثَهَا إِلَيْهِ بِبُرْدٍ، وَقَالَ لَهَا:
قُوْلِي لَهُ: هَذَا البُرْدُ الَّذِي قُلْتُ لَكَ.
فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: قُوْلِي لَهُ: قَدْ
رَضِيْتُ - رَضِيَ اللهُ عَنْكَ -.
وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى سَاقِهَا، فَكَشَفَهَا، فَقَالَتْ:
أَتَفْعَلُ هَذَا؟ لَوْلاَ أَنَّكَ أَمِيْرُ
المُؤْمِنِيْنَ، لَكَسَرْتُ أَنْفَكَ.
ثُمَّ مَضَتْ إِلَى أَبِيْهَا، فَأَخْبَرَتْهُ، وَقَالَتْ:
بَعَثْتَنِي إِلَى شَيخِ سُوءٍ!
قَالَ: يَا بُنِيَّةُ! إِنَّهُ زَوْجُكِ (1).
وَرَوَى نَحْوَهَا: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ
دِيْنَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، مُرْسَلاً (2) .
وَنَقَلَ الزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُه: أَنَّهَا وَلَدَتْ
لِعُمَرَ زَيْداً.
وَقِيْلَ: وَلَدَتْ لَهُ رُقَيَّةَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ عَنْهَا عُمَرُ،
فَتَزَوَّجَهَا عَوْنُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ.
فَحَدَّثنِي أَبِي، قَالَ: دَخَلَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ
عَلَيْهَا لَمَّا مَاتَ عُمَرُ، فَقَالاَ:
إِنْ مَكَّنْتِ أَبَاكِ مِنْ رُمَّتِكِ (3) ، أَنْكَحَكِ
بَعْضَ أَيْتَامِهِ، وَإِنْ أَرَدْتِ أَنْ تُصِيْبِي
بِنَفْسِكِ مَالاً عَظِيْماً، لَتُصِيْبِنَّهُ.
__________
= ورجالهما رجال الصحيح غير الحسن بن سهل وهو ثقة.
وفي الباب عن المسور بن مخرمة عند أحمد 4 / 322 بلفظ: " إن
الأنساب يوم القيامة تنقطع، غير نسبي وسبي وصهري " وسنده
حسن في الشواهد، وعن ابن عمر عند ابن عساكر.
(1) انظر التعليق السابق.
(2) أخرجه عبد الرزاق، وسعيد بن منصور في " سننه " (520 -
521)، وابن عبد البر 4 / 491 في " الاستيعاب ".
(3) تحرفت في المطبوع إلى " رقبتك ".
(3/501)
فَلَمْ يَزَلْ بِهَا عَلِيٌّ حَتَّى
زَوَّجَهَا بِعَوْنٍ، فَأَحَبَّتْهُ، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا
(1) .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَزَوَّجَهَا أَبُوْهَا
بِمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، فَمَاتَ، ثُمَّ زَوَّجَهَا
أَبُوْهَا بِعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، فَمَاتَتْ
عِنْدَهُ.
قُلْتُ: فَلَمْ يُولِدْهَا أَحَدٌ مِنَ الإِخْوَةِ
الثَّلاَثَةِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: وَلَدَتْ جَارِيَةً لِمُحَمَّدِ بنِ
جَعْفَرٍ اسْمُهَا بَثْنَةُ.
وَرَوَى: ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
جِئْتُ وَقَدْ صَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَخِيْهِ زَيْدِ
بنِ عُمَرَ، وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُوْم بِنْتُ عَلِيٍّ (2)
.
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي
عَمَّارٍ:
أَنَّ أُمَّ كُلْثُوْمَ وَزَيْدَ بنَ عُمَرَ مَاتَا،
فَكُفِّنَا، وَصَلَّى عَلَيْهِمَا سَعِيْدُ بنُ العَاصِ
-يَعْنِي: أَمِيْرَ المَدِيْنَةِ (3) -.
وَكَانَ ابْنُهَا زَيْدٌ مِنْ سَادَةِ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ،
تُوُفِّيَ شَابّاً، وَلَمْ يُعْقِبْ.
وَعَنْ رَجُلٍ، قَالَ: وَفَدْنَا مَعَ زَيْدٍ عَلَى
مُعَاوِيَةَ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَكَانَ زَيْدٌ مِنْ
أَجْمَلِ النَّاسِ، فَأسْمَعَهُ بُسْرٌ كَلِمَةً؛ فَنَزَلَ
إِلَيْهِ زَيْدٌ، فَصَرَعَهُ، وَخَنَقَهُ، وَبَرَكَ عَلَى
صَدْرِهِ، وَقَالَ لِمُعَاوِيَةَ:
إِنِّيْ لأَعْلَمُ أَنَّ هَذَا عَنْ رَأْيِكَ، وَأَنَا
ابْنُ الخَلِيفَتَيْنِ.
ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا، قَدْ تَشَعَّثَ رَأْسُهُ
وَعِمَامَتُهُ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ،
وَأَمَرَ لَهُ بِمائَةِ أَلْفٍ، وَلِعَشْرٍ مِنْ
أَتْبَاعِهِ بِمَبْلَغٍ.
يُقَالُ: وَقَعَتْ هَوسَةٌ بِاللَّيْلِ، فَرَكِبَ زَيْدٌ
فِيْهَا، فَأَصَابَهُ حَجَرٌ، فَمَاتَ مِنْهُ، وَذَلِكَ
فِي أَوَائِلِ دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ -رَحِمَهُ اللهُ -.
__________
(1) أورد الخبر بأطول مما هنا ابن الأثير في " أسد الغابة
" 7 / 388.
(2) انظر ابن سعد 8 / 464، و" التاريخ الصغير " 1 / 102
للبخاري.
(3) أخرجه ابن سعد 8 / 464، 465 من طريق وكيع بن الجراح
بهذا الإسناد، وهو صحيح.
(3/502)
115 - عَبْدُ اللهِ بنُ ثَعْلَبَةَ بنِ
صُعَيْرٍ العُذْرِيُّ * (خَ، د، س)
الشَّيْخُ، أَبُو مُحَمَّدٍ العُذْرِيُّ، المَدَنِيُّ،
حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ.
مَسَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
رَأْسَهُ، فَوَعَى ذَلِكَ (1) .
وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ عَامَ الفَتْحِ، وَقَدْ شَهِدَ
الجَابِيَةَ.
فَلَوْ كَانَ مَوْلِدُهُ عَامَ الفَتْحِ، لَصَبَا عَنْ
شُهُودِ الجَابِيَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ،
وَجَابِرٍ.
وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَأَخُوْهُ؛ عَبْدُ اللهِ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ.
وَكَانَ شَاعِراً، فَصِيْحاً، نَسَّابَةً.
رَوَى: مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّهُ كَانَ
يُجَالِسُ عَبْدَ اللهِ بنَ ثَعْلَبَةَ، وَكَانَ
يَتَعَلَّمُ مِنْهُ النَّسَبَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَسَأَلَهُ
عَنْ شَيْءٍ مِنَ الفِقْهِ، فَقَالَ:
إِنْ كُنْتَ تُرِيْدُ هَذَا، فَعَلَيْكَ بِسَعِيْدِ بنِ
المُسَيِّبِ (2) .
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْ: سَعْدِ بنِ أَبِي
وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَاضِي
المَدِيْنَةِ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ
آخِرَ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ
سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
(*) طبقات خليفة: ت 130، 2043، التاريخ الكبير 5 / 35،
المعرفة والتاريخ 1 / 253، 358، الكنى 1 / 52، الجرح
والتعديل 5 / 19، المستدرك 3 / 279، جمهرة أنساب العرب:
450، الاستيعاب: 876، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 245،
وفيه صغير بالغين، تاريخ ابن عساكر 9 / 9 ب، أسد الغابة 3
/ 190، تهذيب الكمال: 669، تاريخ الإسلام 3 / 262، العبر 1
/ 104، تذهيب التهذيب 2 / 134 آ، مرآة الجنان 1 / 179،
الإصابة 2 / 285، تهذيب التهذيب 5 / 165، خلاصة تذهيب
الكمال: 163، شذرات الذهب 1 / 98.
(1) " التاريخ الكبير " 5 / 36.
(2) أخرجه البخاري في " تاريخه " 5 / 36 بإسناد صحيح عن
ابن شهاب كما قال الحافظ في " الإصابة " 2 / 285.
وهو عند ابن عساكر.
(3/503)
وَمِمَّنْ أَدْرَكَ زَمَانَ النُّبُوَّةِ:
116 - عَبْدُ اللهِ بنُ رُبَيِّعَةَ بنِ فَرْقَدٍ
السُّلَمِيُّ * (د، س)
قِيْلَ: لَهُ صُحْبَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ، فَحَدِيْثُهُ
مِنْ قَبِيْلِ المُرْسَلِ.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنِ: ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَابْنِ
عَبَّاسٍ، وَعُبَيْدِ بنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى،
وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ
المُعْتَمِرِ - وَهُوَ عَمُّ وَالِدِ مَنْصُوْرٍ -
وَعَلِيُّ بنُ الأَقْمَرِ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ،
وَطَائِفَةٌ.
نَزَلَ الكُوْفَةَ.
شُعْبَةُ: عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رُبَيِّعَةَ؛
وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ.
هَكَذَا قَالَ (1) .
تُوُفِّيَ: بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ.
وَرُبَيِّعَةُ بِالتَّثْقِيْلِ: مِنَ الأَسْمَاءِ
المُفْرَدَةِ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 6 / 196، طبقات خليفة: ت 1003، التاريخ
الكبير 5 / 86، الجرح والتعديل 5 / 54، الاستيعاب: 897،
أسد الغابة 3 / 230، تهذيب الكمال: 680، تاريخ
الإسلام 3 / 264، تذهيب التهذيب 2 / 143 ب، الإصابة 2 /
305، تهذيب التهذيب 5 / 208، خلاصة تذهيب الكمال: 167.
(1) جاء في " سنن النسائي " 2 / 19 في الاذان: باب أذان
الراعي، أخبرنا إسحاق بن منصور، أنبأنا عبد الرحمن بن
مهدي، عن شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن
ربيعة أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر،
فسمع صوت رجل يؤذن، فقالى مثل قوله، ثم قال: " إن هذا
لراعي غنم أو عازب عن أهله " فنظروا فإذا هو راعي غنم.
وإسناده صحيح.
وفي " الإصابة " 2 / 305: وقال ابن المبارك عن شعبة في
روايته: وله صحبة.
قال البخاري: لم يتابع شعبة على ذلك.
قلت (القائل ابن حجر): الحديث أخرجه أبو داود (2524) من
طريق شعبة عن عمرو بن مرة، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله
بن ربيعة السلمي - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم - عن عبيد بن خالد السلمي، فذكر حديثا..=
(3/504)
117 - الصُّنَابِحِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ عُسَيْلَةَ المُرَادِيُّ * (ع)
الفَقِيْهُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
عُسَيْلَةَ المُرَادِيُّ، ثُمَّ الصُّنَابِحِيُّ، نَزِيْلُ
دِمَشْقَ.
قَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَيَالٍ، وَصَلَّى خَلْفَ
الصِّدِّيْقِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ، وَعَنْ: مُعَاذٍ، وَبِلاَلٍ،
وَعُبَادَةَ، وَشَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: مَرْثَدٌ اليَزَنِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ عَدِيٍّ،
وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَمَكْحُوْلٌ، وَأَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الحُبُلِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ: رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ، فَسَمَّاهُ
عَبْدَ اللهِ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: بَقِيَ إِلَى زَمَنِ عَبْدِ
المَلِكِ، وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَهُ عَلَى
__________
= قلت: ليست جملة (وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم) في المطبوع من " سنن أبي داود "،
ولكنها في " سنن النسائي " 4 / 74 في الجنائز: باب الدعاء
من طريق سويد بن نصر، أنبأنا عبد الله، حدثنا شعبة، عن
عمرو بن مرة، سمعت عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله بن
ربيعة السلمي - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم - عن عبيد بن خالد السلمي أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم آخى بين رجلين، فقتل أحدهما، ومات الآخر بعده، فصلينا
عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما قلتم ؟ "
قالوا: دعونا له: " اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم
ألحقه بصاحبه " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فأين
صلاته بعد صلاته ؟ وأين عمله بعد عمله ؟ فلما بينهما كما
بين السماء والارض " وإسناده صحيح.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 443، 509، طبقات خليفة: ت 2734،
التاريخ الكبير 5 / 321، المعرفة والتاريخ 2 / 306، 314،
361، الجرح والتعديل 5 / 262، الاستيعاب 841، طبقات
الشيرازي: 77، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 283، تاريخ ابن
عساكر 10 / 27 ب، أسد الغابة 3 / 475، تهذيب الكمال: 805،
806، تاريخ الإسلام 3 / 187، تذهيب التهذيب 2 / 219 آ،
البداية والنهاية 8 / 323، الإصابة 3 / 97، تهذيب التهذيب
6 / 229، خلاصة تذهيب الكمال: 196.
(3/505)
السَّرِيْرِ، رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ: وَعَبْدُ اللهِ الصُّنَابِحِيُّ يُشبِهُ أَنْ
يَكُوْنَ لَهُ صُحْبَةٌ (1) .
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: الَّذِي رَوَى عَنْهُ قَيْسُ
بنُ أَبِي حَازِمٍ فِي الحَوْضِ (2) ، هُوَ الصُّنَابِحُ
بنُ الأَعْسَرِ الأَحْمَسِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ.
__________
(1) وذكره ابن سعد 7 / 426 في الصحابة الذين نزلوا الشام،
وهو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث: " إن
الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان..." أخرجه مالك في " الموطأ
" 1 / 220، وعنه الشافعي في " الرسالة " رقم (874)، و"
اختلاف الحديث " ص: 125، و" الام " 1 / 396 - 397، من طريق
زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله
الصنابحي، أن رسول الله...، ورواه زهير بن محمد، عن زيد بن
أسلم، عن عطاء، عن عبد الله الصنابحي قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ولم ينفرد زهير بهذا التصريح بسماع
عبد الله الصنابحي من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد صرح
به مالك أيضا.
فيما أخرجه الدارقطني في غرائب مالك، من طريق إسماعيل بن
أبي الحارث، وابن مندة من طريق إسماعيل الصائغ، كلاهما عن
مالك، وزهير بن محمد، قالا: حدثنا زيد بن أسلم بهذا، ورواه
أيضا ابن سعد 7 / 426 من طريق سهيل بن سعيد، حدثنا حفص بن
ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، قال: سمعت عبد
الله الصنابحي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " إن الشمس تطلع من قرن شيطان، فإذا طلعت قارنها،
فإذا ارتفعت فارقها، ويقارنها حين تستوي، فإذا نزلت للغروب
قارنها، وإذا غربت فارقها، فلا تصلوا هذه الساعات الثلاث
".
وجاء في " حاشية الام " 1 / 130 عن السراج البلقيني ما
نصه، حديث الصنابحي هذا هو في " الموطأ " روايتنا من طريق
يحيى بن يحيى، وأخرجه النسائي من حديث قتيبة عن مالك كذلك،
وأما ابن ماجه فأخرج الحديث (1253) من طريق شيخه إسحاق بن
منصور الكوسج، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن
عطاء بن يسار، عن أبي عبد الله الصنابحي، كذا وقع في كتاب
ابن ماجه عن أبي عبد الله، واعلم أن جماعة من الأقدمين
نسبوا الامام مالكا إلى أنه وقع له خلل في هذا الحديث،
باعتبار اعتقادهم أن الصنابحي في هذا الحديث هو عبد الرحمن
بن عسيلة، أبو عبد الله، وليس الامر كما زعموا، بل هذا
صحابي غير عبد الرحمن بن عسيلة، وغير الصنابح بن الاعسر
الاحمسي، وقد بينت ذلك بيانا شافيا في تصنيف لطيف سميته: "
الطريقة الواضحة في تبيين الصنابحة " فلينظر، فإنه نفيس.
(2) أخرجه أحمد 4 / 351، وابن ماجه (3944) في الفتن من
طرق، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن
الصنابح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا إني
=
(3/506)
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيُّ ثِقَةً، قَلِيلَ الحَدِيْثِ
(1) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ أَحَادِيْثُ يُرْسِلُهَا.
وَبَعْضُهُم يَهِمُ فِيْهِ، فَيَقُوْلُ: عَبْدُ اللهِ
الصُّنَابِحِيُّ.
وَبَعْضُهُم يَقُوْلُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الصُّنَابِحِيُّ.
وَعَنْ مَرْثَدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عُسَيْلَةَ، قَالَ:
مَا فَاتَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إِلاَّ بِخَمْسِ لَيَالٍ، قُبِضَ وَأَنَا
بِالجُحْفَةِ (2) .
قَالَ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، عَنْ مَحْمُوْدِ (3) بنِ
الرَّبِيْعِ:
كُنَّا عِنْدَ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، فَأَقْبَلَ
الصُّنَابِحِيُّ، فَقَالَ عُبَادَةُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ
يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ كَأَنَّمَا رُقِيَ بهِ فَوْقَ
سَبْعِ سَمَاوَاتٍ فَعَمِلَ عَلَى مَا رَأَى، فَلْيَنْظُرْ
إِلَى هَذَا (4) .
رَوَاهَا: ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ رَجَاءٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ رَبِّ: قَالَ لَنَا الصُّنَابِحِيُّ
بِدِمَشْقَ وَقَدِ احْتُضِرَ (5).
118 - صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ أُمُّ مَنْصُوْرٍ
القُرَشِيَّةُ * (ع)
ابْنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ بنِ عَبْدِ العُزَّى
بنِ عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيِّ بنِ
__________
= فرطكم على الحوض، وإني مكاثر بكم الأمم، فلا تقتتلن بعدي
". وإسناده صحيح كما قال البوصيري في " الزوائد " ورقة:
245.
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 509.
(2) أخرجه ابن سعد 7 / 510 من طريق عبد الله بن نمير، عن
محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب بهذا الإسناد...وهو في
" تاريخ الفسوي " 2 / 314 و363، وابن عساكر 1 / 30 آ، و"
الرحلة في طلب الحديث ": 167 للخطيب.
(3) في الأصل: محمد، وهو خطأ.
(4) أخرجه الفسوي في " تاريخه " 2 / 361، 362 من طريق ابن
المبارك، عن ابن عون، عن رجاء بن حيوة...، وهو عند ابن
عساكر 10 / 30 ب.
(5) بياض قدر نصف سطر في الأصل، وكتب فيه: كذا وجد.
* طبقات ابن سعد 8 / 469، الاستيعاب: 1873، أسد الغابة 7 /
172، تهذيب الأسماء =
(3/507)
كِلاَبٍ، الفَقِيْهَةُ، العَالِمَةُ، أُمُّ
مَنْصُوْرٍ القُرَشِيَّةُ، العَبْدِرِيَّةُ، المَكِّيَّةُ،
الحَجَبِيَّةُ.
يُقَالُ: لَهَا رُؤْيَةٌ.
وَوَهَّى هَذَا: الدَّارَقُطْنِيُّ (1) .
وَكَانَ أَبُوْهَا مِنْ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ.
رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ)،
وَ(النَّسَائِيِّ)، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى المَرَاسِيلِ.
وَرَوَتْ عَنْ: عَائِشَةَ، وَأُمِّ حَبِيْبَةَ، وَأُمِّ
سَلَمَةَ؛ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهَا: ابْنُهَا؛ مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الحَجَبِيُّ، وَسِبْطُهَا؛ مُحَمَّدُ بنُ
عِمْرَانَ الحَجَبِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُسْلِمِ بنِ
يَنَّاقَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرٍ، وَقَتَادَةُ،
وَيَعْقُوْبُ بنُ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعُمَرُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَيْصِنٍ السَّهْمِيُّ
المُقْرِئُ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا ابْنُ
جُرَيْجٍ، بَلْ أَدْرَكَهَا.
__________
= واللغات 1 / 2 / 349، تهذيب الكمال: 1686، تاريخ الإسلام
3 / 258، تذهيب التهذيب 4 / 264 آ، العقد الثمين 8 / 258،
الإصابة 4 / 348، تهذيب التهذيب 12 / 430، خلاصة تذهيب
الكمال: 424.
(1) رده الحافظ ابن حجر في " الإصابة " 4 / 348 فقال:
وأبعد من قال: لا رؤية لها، فقد ثبت حديثها في " صحيح
البخاري " تعليقا 3 / 171 في الجنائز قال: وقال أبان بن
صالح، عن الحسن بن مسلم، عن صفية بنت شيبة، قالت: سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يخطب عام الفتح فقال: " يا ايها
الناس: إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والارض..."
الحديث.
ووصله ابن ماجه (3109) من هذا الوجه.
وأخرج ابن مندة، من طريق محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد
الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن صفية بنت شيبة قالت:
والله لكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
دخل الكعبة...وأخرج أبو داود (1878) من طريق ابن إسحاق،
حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن عبد الله
بن أبي ثور، عن صفية قالت: لما اطمأن رسول الله صلى الله
عليه وسلم بمكة عام الفتح، طاف على بعير يستلم الركن بمحجن
في يده، قالت: وأنا أنظر إليه.
قال المزي: وسنده حسن.
وانظر " فتح الباري " 9 / 207.
(3/508)
وَفِي (سُنَنِ ابْنِ مَاجَه)، مِنْ طَرِيقِ
مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ:
أَنَّهَا رَأَتْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَوْم الفَتْحِ دَخَلَ الكَعْبَةَ، وَلَهَا
عِيْدَانٌ، فَكَسَرَهَا (1) .
أَحْسِبُ أَنَّهَا عَاشَتْ إِلَى دَوْلَةِ الوَلِيْدِ بنِ
عَبْدِ المَلِكِ.
119 - يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمِ بنِ
الحَارِثِ الإِبْرَاهِيْمِيُّ * (4)
أَبُو يَعْقُوْبَ الإِبْرَاهِيْمِيُّ، الإِسْرَائِيْلِيُّ،
المَدَنِيُّ، حَلِيفُ الأَنْصَارِ.
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فَسَمَّاهُ: يُوْسُفَ، وَأَجْلَسَهُ فِي
حَجْرِهِ (2) ، وَلَهُ رُؤْيَةٌ مَا.
وَلَهُ رِوَايَةُ حَدِيْثَيْنِ، حُكْمُهُمَا الإِرسَالُ.
وَحَدَّث عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
رَوَى عَنْهُ: عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعِيْسَى
بنُ مَعْقِلٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي الهَيْثَمِ
العَطَّارُ.
وَشَهِدَ مَوْتَ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِدِمَشْقَ.
وَقَدْ رَوَى: حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
أَبِي يَحْيَى، عَنْ يَزِيْدَ بنِ
__________
(1) أخرجه ابن ماجه (2947) في المناسك: باب من استلم الركن
بمحجنه، ورجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق.
(*) طبقات خليفة: ت 30 و978، التاريخ الكبير 8 / 371،
الجرح والتعديل 9 / 225، الاستيعاب: 1590، تاريخ ابن عساكر
نسخة باريس 45 آ، أسد الغابة 3 / 264، و5 / 529، تهذيب
الأسماء واللغات 1 / 2 / 165، تهذيب الكمال: 1559، تاريخ
الإسلام 4 / 70، تذهيب التهذيب 4 / 189 ب، الإصابة 3 /
671، تهذيب التهذيب 11 / 416، خلاصة تذهيب الكمال: 377.
(2) أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (838)، وأحمد 4 /
35 و6 / 6، وأسناده صحيح كما قال الحافظ في " الفتح 11 /
476.
(3/509)
أَبِي أُمَيَّةَ الأَعْوَرِ، عَنْ يُوْسُفَ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخَذَ كِسْرَةً، فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً، وَقَالَ:
(هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ).
فَأَكَلَهَا (1) .
فَإِنْ صَحَّ هَذَا، فَهُوَ صَحَابِيٌّ.
وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ
الخَامِسَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ:
يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ؛ هُوَ رَجُلٌ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيْلَ، مِنْ وَلَدِ يُوْسُفَ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ ثِقَةً.
لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَهُ رُؤْيَةٌ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ شَبَابٌ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ.
خَلَفُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
غَدَوْتُ مَعَ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ فِي
يَوْمِ عِيدٍ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ كَانَتِ الصَّلاَةُ
عَلَى عَهْدِ عُمَرَ؟
قَالَ: كَانَ يَبْدَأُ بِالخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلاَةِ.
غَرِيْبٌ جِدّاً.
120 - عَبْدُ اللهِ بنُ عُكَيْمٍ الجُهَنِيُّ * (م، 4)
قِيْلَ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَدْ أَسْلَمَ بِلاَ رَيْبٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَلَّى
__________
(1) رجاله ثقات، خلا يزيد بن أبي أمية الاعور، فإنه مجهول،
وهو في " سنن أبي داود " (3830) في الاطعمة: باب في التمر.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 113، طبقات خليفة: ت 754، 965،
التاريخ الكبير =
(3/510)
خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
وَهُوَ القَائِلُ: أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْل مَوْتِهِ
بِشَهْرَيْنِ: (أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ
بِإِهَابٍ وَلاَ عَصَبٍ (1)).
حَدَّث عَنْهُ بِذَلِكَ: الحَكَمُ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ
مَسْعُوْدٍ.
رَوَى عَنْهُ: هِلاَلٌ الوَزَّانُ (2) ، وَمُسْلِمٌ
الجُهَنِيُّ، وَالحَكَمُ، وَجَمَاعَةٌ.
رَوَى: مُوْسَى الجُهَنِيُّ، عَنْ بِنْتِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُكَيْمٍ، قَالَتْ:
كَانَ أَبِي يُحِبُّ عُثْمَانَ، وَكَانَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى يُحِبُّ عَلِيّاً -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُمَا -.
قَالَتْ: وَكَانَا مُتَوَاخِيَيْنِ، فَمَا سَمِعْتُهُمَا
يَذْكُرَانِهِمَا بِشَيْءٍ قَطُّ، إِلاَّ أَنِّي سَمِعْتُ
أَبِي يَقُوْلُ: لَوْ أَنَّ صَاحِبَكَ صَبَرَ، أَتَاهُ
النَّاسُ (3) .
قِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُكَيْمٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ.
شُعْبَةُ: عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ
ابْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ:
كَتَبَ إِلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَأَنَا غُلاَمٌ شَابٌّ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ:
(أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلاَ
عَصَبٍ) (4).
__________
= 5 / 39، الجرح والتعديل 5 / 121، جمهرة أنساب العرب:
445، الاستيعاب: 949، تاريخ بغداد 10 / 3، الجمع بين رجال
الصحيحين 1 / 246، أسد الغابة 3 / 339، تهذيب الكمال: 712،
تاريخ الإسلام 3 / 267، تذهيب التهذيب 2 / 167، تهذيب
التهذيب 5 / 323، الإصابة 2 / 346، خلاصة تذهيب الكمال:
175.
(1) أخرجه أبو داود (4127) و(4128)، والترمذي (1729)،
والنسائي 7 / 175، وابن سعد 6 / 113.
وهو حديث ضعيف لاضطرابه كما ذكر غير واحد من أئمة الحديث،
وقد بسط ذلك الزيلعي في " نصب الراية " 1 / 120، 122، وابن
حجر في " تلخيص الحبير " 1 / 47، 48.
(2) تحرف في المطبوع إلى " الوراق ".
(3) أخرجه ابن سعد 6 / 114 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن
سفيان بهذا الإسناد.
(4) ابن سعد 6 / 113، وقد تقدم أنه ضعيف لاضطرابه.
(3/511)
قَالَ هِلاَلٌ الوَزَّانُ: سَمِعْتُ عَبْدَ
اللهِ بنَ عُكَيْمٍ يَقُوْلُ: بَايَعْتُ عُمَرَ بِيَدِي
هَذِهِ.
ابْنُ فُضَيْلٍ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِسْحَاقَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ القُرَشِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُكَيْمٍ، عَنْ عَلِيٍّ:
أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَالَ المُؤَذِّنُ: أَشْهِدُ أَنَّ
مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ، قَالَ: وَإِنَّ الَّذِيْنَ
كَذَّبُوا مُحَمَّداً لَجَاحِدُوْنَ (1) .
وَعَنِ الحَكَمِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي
لَيْلَى قَدَّمَ عَبْدَ اللهِ بنَ عُكَيْمٍ فِي الصَّلاَةِ
عَلَى أُمِّهِ، وَكَانَ إِمَامَهُم (2) .
وَذَكَرَ: هِلاَلُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ (3)
عُكَيْمٍ، قَالَ:
لاَ أُعِيْنُ عَلَى دَمِ (4) خَلِيْفَةٍ أَبَداً بَعْدَ
عُثْمَانَ.
فَقِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا مَعْبَدٍ! أَوَ أَعَنْتَ
عَلَيْهِ؟
قَالَ: كُنْتُ أَعُدُّ ذِكْرَ مَسَاوِيْهِ عَوْناً عَلَى
دَمِهِ.
تُوُفِّيَ ابْنُ عُكَيْمٍ: فِي وِلاَيَةِ الحَجَّاجِ.
121 - عُبَيْدُ اللهِ بنُ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ
المُطَّلِبِ الهَاشِمِيُّ *
ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَأَخُو: عَبْدِ اللهِ،
__________
(1) أخرجه ابن سعد 6 / 114.
(2) ابن سعد 6 / 114.
(3) تحرف في المطبوع إلى " أبي ".
(4) تصحف في المطبوع إلى " ذمه ".
(*) نسب قريش: 27، طبقات خليفة: ت 1972، المحبر: 17، 107،
146، 292، 456، التاريخ الصغير 1 / 142، مروج الذهب 3 /
370، جمهرة أنساب العرب: 18، 19، الاستيعاب: 1009، أسد
الغابة 3 / 524، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 1 / 312، تهذيب
الكمال: 881، تاريخ الإسلام 2 / 304 و3 / 281، العبر 1 /
63، تذهيب التهذيب 2 / 265 آ، مرآة الجنان 1 / 130،
البداية والنهاية 8 / 90، العقد الثمين 5 / 309، الإصابة 2
/ 437، تهذيب التهذيب 7 / 19، خلاصة تذهيب الكمال: 212،
شذرات الذهب 1 / 64، خزانة الأدب 3 / 256، 502.
(3/512)
وَكَثِيْرٍ، وَالفَضْلِ، وَقُثَمَ،
وَمَعْبَدٍ، وَتَمَّامٍ.
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -.
وَقِيْلَ: لَهُ رُؤْيَةٌ.
وَلَهُ حَدِيْثٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي (سُنَنِ النَّسَائِيِّ (1))، حُكْمُهُ
أَنَّهُ مُرْسَلٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعَطَاءٌ،
وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ،
وَغَيْرُهُم.
وَكَانَ أَمِيْراً، شَرِيْفاً، جَوَاداً، مُمَدَّحاً.
ذَكَرَهُ: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ
الخَامِسَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ:
كَانَ أَصْغَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ.
ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَكَانَ رَجُلاً تَاجِراً، مَاتَ بِالمَدِيْنَةِ.
فَذَكَرَ الوَاقِدِيُّ: أَنَّهُ بَقِيَ إِلَى دَوْلَةِ
يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ.
قُلْتُ: هُوَ شَقِيْقُ عَبْدِ اللهِ، وَلِيَ إِمْرَةَ
اليَمَنِ لابْنِ عَمِّهِ عَلِيٍّ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ،
وَقَدْ ذَبَحَ بُسْرُ بنُ أَرْطَاةَ وَلَدَيْهِ عُدْوَاناً
وَظُلْماً، وَتَوَلَّهَتْ أُمُّهُمَا عَلَيْهِمَا،
وَهَرَبَ عُبَيْدُ الله.
قِيْلَ: إِنَّ عُبَيْدَ (2) اللهِ وَصَلَ مَرَّةً رَجُلاً
بِمائَةِ أَلْفٍ.
__________
(1) 6 / 148 في الطلاق: باب إحلال المطلقة ثلاثا والنكاح
الذي يحلها به، من طريق علي ابن حجر، عن هشيم، أنبأنا يحيى
بن أبي إسحاق (وقد تحرف في المطبوع إلى يحيى عن أبي إسحاق)
عن سليمان بن يسار، عن عبيد الله بن عباس (وقد تحرف في
المطبوع إلى عبد الله بن عباس) أن الغميصاء أو الرميصاء
أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها أنه لا يصل
إليها، فلم يلبث أن جاء زوجها، فقال: يارسول الله هي
كاذبة، وهو يصل إليها، ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها
الأول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس ذلك حتى
تذوقي عسيلته ".
وأخرجه أحمد 1 / 214 من طريق هشيم بهذا الإسناد، ورجاله
ثقات، إلا أنه ليس بصريح بأن عبيد الله شهد القصة.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 4 / 340 مختصرا عن عبيد الله
والفضل بن العباس، وقال: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال
الصحيح.
(2) تحرف في المطبوع إلى " عبد ".
(3/513)
قَالَ الفَسَوِيُّ: مَاتَ زَمَنَ
مُعَاوِيَةَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ.
وَأَمَّا أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ،
فَقَالاَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عُبَيْدُ اللهِ أَصْغَرَ مِنْ
عَبْدِ اللهِ بِسَنَةٍ، سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
- قُثَمُ بنُ العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ
وَأُمُّهُ: أُمُّ الفَضْلِ، الَّتِي يَقُوْلُ فِيْهَا
الكَلْبِيُّ: إِنَّهَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ خَدِيْجَةَ، قَدْ
ذُكِرَ (1) .
122 - عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ
النَّوْفَلِيُّ * (خَ، م)
ابْنِ عَدِيِّ بنِ نَوْفَلِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ
قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ القُرَشِيُّ، النَّوْفَلِيُّ.
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ (2) -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنَ الطُّلَقَاءِ. مَا ذَكَرَهُ فِي
__________
(1) في الصفحة 440 من هذا الجزء.
(*) طبقات خليفة: ت 1982، المحبر: 357، التاريخ الكبير 5 /
391، المعرفة والتاريخ 1 / 411، الجرح والتعديل 5 / 329،
الاستيعاب: 1010، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 303، تاريخ
ابن عساكر 10 / 353 آ، أسد الغابة 3 / 256، تهذيب الأسماء
واللغات 1 / 1 / 313، تهذيب الكمال: 886، تاريخ الإسلام 4
/ 30، تذهيب التهذيب 3 / 19 آ، البداية والنهاية 9 / 51،
العقد الثمين 5 / 312، الإصابة 3 / 74، تهذيب التهذيب 7 /
36، خلاصة تذهيب الكمال: 213.
(2) جاء في " صحيح البخاري " 7 / 46 و144 أن عثمان رضي
الله عنه قال له: يا ابن أخي: أدركت رسول الله صلى الله
عليه وسلم ؟ قال: لا، ولكن قد خلص إلي من علمه ما خلص من
العذراء في سترها، قال الحافظ: ومراده بالادراك: إدراك
السماع منه والاخذ عنه، وبالرؤية به رؤية المميز له، ولم
يرد هنا الادراك بالسن فإنه ولد في حياة النبي صلى الله
عليه وسلم، وفي المغازي 7 / 282، 283 في قصة مقتل حمزة، من
حديث وحشي بن حرب ما يدل على ذلك.
(3/514)
الصَّحَابَةِ أَحَدٌ، سِوَى ابْنِ سَعْدٍ.
حَدَّثَ عُبَيْدُ اللهِ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ،
وَعَلِيٍّ، وَكَعْبٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بنُ يَزِيْدَ اللَّيْثِيُّ،
وَمَعْمَرُ بنُ أَبِي حَبِيْبَةَ.
رَوَى: عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
عَدِيٍّ:
أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، وَهُوَ مَحْصُوْرٌ،
وَعَلِيٌّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّيْ أَتَحَرَّجُ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَ
هَؤُلاَءِ وَأَنْتَ الإِمَامُ.
فَقَالَ: إِنَّ الصَّلاَةَ أَحْسَنُ مَا عَمِلَ النَّاسُ،
فَإِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ مُحْسِنِيْنَ، فَأَحْسِنْ
مَعَهُم (1) .
قَالَ عَطَاءُ بنُ يَزِيْدَ (2) : كَانَ عُبَيْدُ اللهِ
بنُ عَدِيٍّ مِنْ فُقَهَاءِ قُرَيْشٍ، وَعُلَمَائِهِم.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنْ
أَهْلِ المَدِيْنَةِ:
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ الأَكْبَرِ بنِ الخِيَارِ،
وَأُمُّهُ: أُمُّ قِتَالٍ بِنْتِ أُسَيْدِ بنِ أَبِي
العَيْصِ الأُمَوِيَّةُ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ.
وَلَهُ دَارٌ بِالمَدِيْنَةِ.
مَاتَ: فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ،
ثِقَةٌ، قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ، فَقَالَ: قُتِلَ عَدِيُّ بنُ
الخِيَارِ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِراً (3) .
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ عُبَيْدُ اللهِ قَدْ رَأَى
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
__________
(1) أخرجه ابن عساكر 10 / 353 ب.
(2) تحرف في المطبوع إلى " زيد ".
(3) قال الحافظ في " الفتح " 7 / 46: لم يثبت أنه قتل
كافرا، وإن ذكر ابن ماكولا وغيره، فإن ابن سعد ذكره في
طبقة الفتحيين.
(3/515)
123 - رَبِيْعَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
الهُدَيْرِ القُرَشِيُّ * (خَ، د)
التَّمِيْمِيُّ، المَدَنِيُّ.
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَلَعَلَّهُ رَآهُ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَطَلْحَةَ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ، وَهُوَ مُقِلٌّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَا أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدٌ وَأَبُو بَكْرٍ
ابْنَا المُنْكَدِرِ، وَعُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
التَّيْمِيُّ، وَرَبِيْعَةُ الرَّأْيُ، وَغَيْرُهُم.
وَذَكَرَهُ: ابْنُ حِبَّانَ فِي (الثِّقَاتِ (1)).
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، وَلَهُ سَبْعٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
فَلَعَلَّهُ وُلِدَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، سَنَةَ سِتٍّ.
وَجَدُّهُ الهُدَيْرُ: هُوَ ابْنُ عَبْدِ العُزَّى بنِ
عَامِرِ بنِ الحَارِثِ بنِ حَارِثَةَ بنِ سَعْدِ بنِ
تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ.
وَلَمْ أَرَ أَحَداً عَدَّ عَبْدَ اللهِ بنَ الهُدَيْرِ
فِي مُسْلِمَةِ الفَتْحِ، فَلَعَلَّهُ مَاتَ قَبْلَ
الفَتْحِ، لاَ بَلْ تَأَخَّرَ حَتَّى وُلِدَ لَهُ
المُنْكَدِرُ فِيمَا بَعْدُ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
124 - رَبِيْعَةُ بنُ عِبَادٍ الدِّيْلِيُّ الحِجَازِيُّ
**
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 27، طبقات خليفة: ت 1995، التاريخ
الكبير 3 / 281، مشاهير علماء الأمصار: ت 484، الاستيعاب:
492، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 136، أسد الغابة 2 /
214، تهذيب الكمال: 410، تذهيب التهذيب 1 / 220 ب، العقد
الثمين 4 / 397، الإصابة 1 / 523، تهذيب التهذيب 3 / 257،
خلاصة تذهيب الكمال: 99، شذرات الذهب 1 / 79.
(1) وقال ابن سعد 5 / 27: وكان ثقة قليل الحديث، وقال
العجلي: تابعي، مدني ثقة من كبار التابعين وقال الدار
قطني: تابعي كبير، قليل المسند.
(* *) طبقات خليفة: ت 212 وفيه عباد، التاريخ الكبير 3 /
280، الجرح والتعديل =
(3/516)
رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - بِسُوْقِ ذِي المَجَازِ (1) قَبْلَ أَنْ
يُسْلِمَ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَشَهِدَ اليَرْمُوْكَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَعِبَادٌ: بِالكَسْرِ وَالتَّخْفِيْفِ عِنْدَ الحَافِظِ
عَبْدِ الغَنِيِّ المِصْرِيِّ، وَقَيَّدَهُ
بِالتَّخْفِيْفِ وَالفَتْحِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
مَنْدَةَ، وَهَذَا فِيْهِ نَظَرٌ.
وَلاَ رَيْبَ فِي سَمَاعِ رَبِيْعَةَ مِنَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ كَانَ
قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، وَهِشَامُ
بنُ عُرْوَةَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: شَهِدَ اليَرْمُوْكَ، وَتُوُفِّيَ فِي
خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ تِسْعِيْنَ.
125 - أَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ
الأَنْصَارِيُّ * (ع)
الأَوْسِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ،
الحُجَّةُ.
اسْمُهُ: أَسْعَدُ بِاسْمِ جَدِّهِ لأُمِّهِ، النَّقِيبُ،
السَّيِّدُ، أَسَعْدُ بنُ زُرَارَةَ.
__________
= 3 / 472، مشاهير علماء الأمصار: ت 552، الاستيعاب 492،
تاريخ ابن عساكر 6 / 107 ب، تاريخ ابن عساكر نسخة الزيتونة
27 ب، أسد الغابة 2 / 213، الإصابة 1 / 509.
(1) أخرجه أحمد 3 / 492 من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد،
عن أبيه، عن ربيعة بن عباد الديلي، وكان جاهليا أسلم،
فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بصر عيني بسوق ذي
المجاز يقول: " يا أيها الناس: قولوا لا إله إلا الله
تفلحوا " الحديث وهذا سند قوي.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 82، طبقات خليفة: ت 654 و2176،
المعرفة والتاريخ 1 / 375، الكنى 1 / 14، مشاهير علماء
الأمصار: ت 139، الاستيعاب: 82، تاريخ ابن عساكر 2 / 403
آ، أسد الغابة 3 / 470 و6 / 18، تهذيب الكمال: 94، تاريخ
الإسلام 4 / 71، العبر 1 / 118، تذهيب التهذيب 1 / 59 ب،
مرآة الزمان 1 / 207، البداية والنهاية 9 / 190، الإصابة 4
/ 9، تهذيب التهذيب 1 / 263، خلاصة تذهيب الكمال: 38،
شذرات الذهب 1 / 118، تهذيب ابن عساكر 3 / 7.
(3/517)
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَآهُ - فِيمَا قِيْلَ -.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ،
وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ،
وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَمُحَمَّدُ
بنُ المُنْكَدِرِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَيَعْقُوْبُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَابْنَاهُ؛ مُحَمَّدٌ وَسَهْلٌ ابْنَا
أَبِي أُمَامَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَحَدَ العُلَمَاءِ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا
أُمَامَةَ وَقَدْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ،
وَكَانَ مِنْ عِلِّيَّةِ الأَنْصَارِ وَعُلَمَائِهِم،
وَمِنْ أَبْنَاءِ البَدْرِيِّيْنَ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ: عَنْ حَكِيْمِ بنِ
حَكِيْمِ بنِ عَبَّادِ بنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
بنِ سَهْلٍ، قَالَ:
كَتَبَ مَعِي عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ:
إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ: (اللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لاَ مَوْلَى
لَهُ، وَالخَالُ وَارِثُ مَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ (1)).
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ: عَنْ عُتْبَةَ بنِ مُسْلِمٍ،
قَالَ:
اسْتوَى عُثْمَانُ عَلَى
__________
(1) أخرجه الترمذي (2130) في الفرائض، وهو في " المسند " 1
/ 28 و46، وابن ماجه (2737)، وسنده حسن كما قال الترمذي،
وصححه ابن حبان (1227)، وله شاهد من حديث المقدام الكندي
عند أبي داود (2900) وابن ماجه (2634)، وصححه ابن حبان
(1225) وغيره.
(3/518)
المِنْبَرِ، فَحَصَبُوْهُ حَتَّى حِيْلَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ
يَوْمَئِذٍ أَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ (1) .
اتَّفَقُوا عَلَى وَفَاتِهِ فِي سَنَةِ مائَةٍ.
126 - مَحْمُوْدُ بنُ الرَّبِيْعِ بنِ سُرَاقَةَ بنِ
عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ - وَيُقَالُ: أَبُو نُعَيْمٍ -
الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، المَدَنِيُّ.
وَأُمُّهُ: هِيَ جَمِيْلَةُ بِنْتُ أَبِي صَعْصَعَةَ
الأَنْصَارِيَّةُ.
أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَعَقَلَ مِنْهُ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِهِ مِنْ
بِئْرٍ فِي دَارِهِم، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ أَرْبَعِ
سِنِيْنَ (2).
__________
(1) " تهذيب ابن عساكر " 3 / 9.
(*) طبقات خليفة: ت 646 و2038، التاريخ الكبير 7 / 402،
المعرفة والتاريخ 1 / 355، الجرح والتعديل 8 / 289،
الاستيعاب: 1378، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 504، أسد
الغابة 5 / 116، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 2 / 84، تهذيب
الكمال: 1309، تاريخ الإسلام 4 / 52، العبر 1 / 117، تذهيب
التهذيب 4 / 26 آ، مرآة الزمان 1 / 206، الإصابة 3 / 386،
تهذيب التهذيب 10 / 63، خلاصة تذهيب الكمال: 317، شذرات
الذهب 1 / 116.
(2) أخرجه البخاري 1 / 157 في العلم، باب متى يصح سماع
الصغير من طريق الزبيدي، عن الزهري، عن محمود بن الربيع
قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي
وأنا ابن خمس سنين.
وذكر القاضي عياض في " الالماع " ص: 63 وغيره أن في بعض
الروايات أنه كان ابن أربع، قال الحافظ في " الفتح ": ولم
أقف على هذا صريحا في شيء من روايات بعد التتبع التام، إلا
إن كان ذلك مأخوذا من قول صاحب " الاستيعاب ": إنه عقل
المجة وهو ابن أربع سنين أو خمس ".
وأخرجه مسلم (265) في المساجد: باب الرخصة في التخلف عن
الجماعة لعذر من طريق الاوزاعي، حدثني الزهري، عن محمود
الربيع قال: " إني لاعقل مجة مجها رسول الله صلى الله عليه
وسلم من دلو في دارنا ".
(3/519)
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَيُّوْبَ
الأَنْصَارِيِّ، وَعِتْبَانَ (1) بنِ مَالِكٍ، وَعُبَادَةَ
بنِ الصَّامِتِ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَمَكْحُوْلٌ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ،
وَالزُّهْرِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ: أَنَسُ بنُ مَالِكٍ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ سُمَيْعٍ: هُوَ خَتَنُ
عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَأَمَّا أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ،
مِنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: اجْتَازَ بِدِمَشْقَ غَازِياً
إِلَى القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ،
وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَكَذَا أَرَّخَهُ: عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ
التَّمِيْمِيُّ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ.
127 - قَيْسُ بنُ مَكْشُوْحٍ أَبُو حَسَّانٍ المُرَادِيُّ
*
الأَمِيْرُ، أَبُو حَسَّانٍ المُرَادِيُّ، مِنْ وُجُوْهِ
العَرَبِ المَوْصُوْفِيْنَ بِالشَّجَاعَةِ.
وَكَانَ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ الأَسْوَدِ
العَنْسِيِّ، وَقُلِعَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ.
وَكَانَ ذَا رَأْيٍ فِي الحَرْبِ وَنَجْدَةٍ.
وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ،
فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ.
__________
(1) تحرفت في المطبوع إلى " وغسان ".
(*) طبقات ابن سعد 5 / 525، المحبر: 261، معجم الشعراء:
198، الاستيعاب: 1299، أسد الغابة 4 / 447، تهذيب الأسماء
واللغات 2 / 64، الإصابة 3 / 260، شذرات الذهب 1 / 49،
المنتخب من ذيل المذيل: 545.
(3/520)
128 - عَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ
رَبِيْعَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ العَنْزِيُّ *
بِالسُّكُوْنِ، المَدَنِيُّ، حَلِيْفُ بَنِي عَدِيِّ بنِ
كَعْبٍ.
وَعَنْزٌ: أَخُو بَكْرِ بنِ وَائِلٍ.
استُشْهِدَ أَخُوْهُ سَمِيُّهُ عَبْدُ اللهِ فِي حِصَارِ
الطَّائِفِ.
وَكَانَ أَبُوْهُمَا عَامِرُ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ كَعْبِ
بنِ مَالِكٍ مِنْ كِبَارِ المُهَاجِرِيْنَ
البَدْرِيِّيْنَ.
حَدَّثَ عَبْدُ اللهِ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُمَرَ،
وَعُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ،
وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ.
وَلَهُ حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ فِي (سُنَنِ أَبِي دَاوْدَ (1)).
حَدَّثَ عَنْهُ: عَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ حَفْصٍ الوَقَّاصِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / ؟، طبقات خليفة: ت 128 و438 و2009،
التاريخ الكبير 5 / 11، المعرفة والتاريخ 1 / 251، 358،
الجرح والتعديل 5 / 122، الاستيعاب: 930، الجمع بين رجال
الصحيحين 1 / 244، أسد الغابة 3 / 286، تهذيب الأسماء
واللغات 1 / 1 / 273، تهذيب الكمال: 697، تاريخ الإسلام 3
/ 267، العبر 1 / 100 وفيه العتري، وهو تصحيف، تذهيب
التهذيب 2 / 155 ب، مرآة الجنان 1 / 176، العقد الثمين 5 /
185، الإصابة 2 / 329، تهذيب التهذيب 5 / 270، خلاصة تذهيب
الكمال: 171.
(1) أخرجه أحمد 3 / 447، وأبو داود (4991) من طريق الليث،
عن محمد بن عجلان، عن مولى لعبد الله بن عامر، حدثه عن عبد
الله بن عامر أنه قال: دعتني أمي يوما ورسول الله صلى الله
عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعالى أعطيك، فقال لها
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما أردت أن تعطيه ؟ "
قالت: أعطيه تمرا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أما إنك لو لم تعطيه شيئا، كتبت عليك كذبة ".
ورجاله ثقات، خلا مولى عبد الله فإنه مجهول.
(3/521)
129 - يَزِيْدُ بنُ مُفَرِّغٍ زِيَادِ بنِ
رَبِيْعَةَ الحِمْيَرِيُّ *
مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ، وَكَانَ أَبُوْهُ زِيَادُ بنُ
رَبِيْعَةَ حَدَّاداً.
وَقِيْلَ: شَعَّاباً بِتَبَالَةَ.
وَتَبَالَةُ بِالفَتْحِ: قَرْيَةٌ بِالحِجَازِ، مِمَّا
يَلِي اليَمَنَ (1) .
وَلُقِّبَ مُفَرِّغاً؛ لأَنَّهُ رَاهَنَ عَلَى سقَاءٍ مِنْ
لَبَنٍ، فَشَرِبَهُ حَتَّى فَرَّغَهُ.
وَلابْنِ مُفَرِّغٍ هَجْوٌ مُقْذِعٌ، وَمَدِيْحٌ،
وَنَظْمُهُ سَائِرٌ.
وَهَجَا عُبَيْدَ اللهِ بنَ زِيَادٍ؛ فَأَتَى وَطَلَبَ
مِنْ مُعَاوِيَةَ قَتْلَهُ، فَلَمْ يَأذَنْ، وَقَالَ:
أَدِّبْهُ.
وَاسْتَجَارَ يَزِيْدُ بِالمُنْذِرِ بنِ الجَارُوْدِ،
فَأَتَى عُبَيْدُ اللهِ البَصْرَةَ، فَسَقَاهُ مُسْهِلاً،
وَأَرْكَبَهُ حِمَاراً رَبَطَهُ فَوْقَهُ، وَطَوَّفَ بِهِ
وَهُوَ يَسْلَحُ فِي الأَسْوَاقِ، فَقَالَ:
يَغْسِلُ المَاءُ مَا صَنَعْتَ وَشِعْرِي ... رَاسِخٌ
مِنْكَ فِي العِظَامِ البَوَالِي (2)
__________
(*) طبقات فحول الشعراء: 686، 693، الشعر والشعراء: 276،
أنساب الاشراف 4 / 374، تاريخ الطبري 5 / 317، الاغاني 18
/ 254، 298، جمهرة أنساب العرب: 436، تاريخ ابن عساكر 18 /
138 ب، معجم الأدباء 20 / 43، 46، الكامل 3 / 522، وفيات
الأعيان 6 / 342، 362، تاريخ الإسلام 3 / 90، البداية
والنهاية 8 / 95 و314، خزانة الأدب 2 / 515.
(1) قال ابن خلكان 6 / 343: هي بليدة على طريق اليمن
للخارج من مكة.
وهذا المكان كثير الخصب، له ذكر في الاخبار والامثال
والاشعار، وهي أول ولاية وليها الحجاج بن يوسف الثقفي، ولم
يكن رآها قبل ذلك، فخرج إليها، فلما قرب منها سأل عنها،
فقيل له: إنها وراء تلك الاكمة، فقال: لاخير في ولاية
تسترها أكمة، ورجع عنها محتقرا لها وتركها.
فضربت العرب بها
المثل، وقالت للشئ الحقير: أهون من تبالة على الحجاج.
(2) الخبر مطولا في " الاغاني " 18 / 263، 264 و" أنساب
الاشراف " 4 / 375، وخزانة الأدب 2 / 215 والبيت من قصيدة
مطلعها: دار سلمى بالخبت ذي الاطلال * كيف نوم الاسير في
الاغلال
(3/522)
وَهُوَ القَائِلُ هَذَا البَيْتَ:
العَبْدُ يُقْرَعُ بِالعَصَا ... وَالحُرُّ تَكْفِيْهِ
المَلاَمَهْ (1)
وَنَقَلَ صَاحِبُ (المِرْآةِ): أَنَّ ابْنَ مُفَرِّغٍ
مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ.
130 - عَمْرُو بنُ سَلِمَةَ أَبُو بُرَيْدٍ الجَرْمِيُّ *
(خَ، د، س)
وَقِيْلَ: أَبُو يَزِيْدَ، وَهَذَا الَّذِي كَانَ يَؤُمُّ
قَوْمَهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَهُوَ صَبِيٌّ (2) .
وَلأَبِيْهِ: صُحْبَةٌ، وَوِفَادَةٌ.
وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهُ وَفَدَ مَعَ أَبِيْهِ، وَلَهُ
رُؤْيَةٌ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
__________
(1) البيت في شعر ابن مفرغ 140، و" طبقات فحول الشعراء "
688، 689 و" الاغاني " 18 / 261، وخزانة الأدب 2 / 213،
214 من قصيدة مطلعها:
أصرمت حبلك من أمامة * من بعد أيام برامه
(*) طبقات ابن سعد 7 / 89، الكنى 1 / 126، الجرح والتعديل
6 / 235، جمهرة أنساب العرب: 452، الاستيعاب 1179، الجمع
بين رجال الصحيحين 1 / 371، أسد الغابة 4 / 234، تهذيب
الأسماء واللغات 1 / 2 / 27، تهذيب الكمال: 1036، تاريخ
الإسلام 3 / 290، العبر 1 / 100، تذهيب التهذيب 3 / 99 ب،
العبر 1 / 176، الإصابة 2 / 541، تهذيب التهذيب 8 / 42،
خلاصة تذهيب الكمال: 245، شذرات الذهب 1 / 95.
(2) أخرج البخاري 8 / 18 في المغازي: باب مقام النبي صلى
الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح من طريق سليمان بن حرب،
حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمرو بن
سلمة قال: قال لي أبو قلابة: ألا تلقاه فتسأله ؟ قال:
فلقيته فسألته، فقال: كنا بما ممر الناس، وكان يمر بنا
الركبان فنسألهم، ما للناس ما للناس، ما هذا الرجل ؟
فيقولون: يزعم أن الله أرسله، أوحى إليه، أوحى الله بكذا،
فكنت أحفظ ذاك الكلام، فكأنما يقر في صدري، وكانت العرب
تلوم بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر
عليهم فهو نبي صادق.
فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه
وسلم حقا، فقال: صلو صلاة كذا في حين كذا وصلوا صلاة كذا
في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم
قرآنا، فنظروا، فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني، لما كنت أتلقى
من الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين،
وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت، تقلصت عني، فقالت امرأة من
الحي: ألا تغطون عنا است قارئكم ؟ فاشتروا، =
(3/523)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو قِلاَبَةَ
الجَرْمِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَعَاصِمٌ
الأَحْوَلُ، وَأَيُّوْبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَغَيْرُهُم.
لَهُ رِوَايَةٌ فِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ)، وَفِي
(سُنَنِ النَّسَائِيِّ).
وَكَانَ قَدْ نَزَلَ البَصْرَةَ.
أَرَّخَ الإِمَامُ أَحْمَدُ مَوْتَهُ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَثَمَانِيْنَ.
أَمَّا:
131 - عَمْرُو بنُ سَلِمَةَ الهَمْدَانِيُّ الكُوْفِيُّ *
(بَخ)
فَتَابِعِيٌّ كَبِيْرٌ، مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ.
سَمِعَ: عَلِيّاً، وَابْنَ مَسْعُوْدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي
زِيَادٍ.
مَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ أَيْضاً، وَدُفِنَ
هُوَ وَعَمْرُو بنُ حُرَيْثٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ (1) .
132 - كَعْبُ بنُ سُوْرٍ الأَزْدِيُّ **
قَاضِي البَصْرَةِ، وَلِيهَا لِعُمَرَ وَعُثْمَانَ.
وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ
__________
فقطعوا لي قميصا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص.
وأخرجه أبو داود (585) وفيه: " فكنت أؤمهم وأنا ابن سبع
سنين أو ثمان سنين "، وللنسائي 2 / 80، 81: " فكنت أؤمهم
وأنا ابن ثمان سنين "، وانظر ابن سعد 7 / 89، 90.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 171، التاريخ الكبير 6 / 337،
التاريخ الصغير 1 / 189، الجرح والتعديل 6 / 235، تهذيب
الكمال: 1036، تاريخ الإسلام 3 / 290، العبر 1 / 100،
تذهيب التهذيب 3 / 99 ب، تهذيب التهذيب 8 / 42، خلاصة
تذهيب الكمال: 45، شذرات الذهب 1 / 96.
(1) " التاريخ الصغير " 1 / 189.
(* *) طبقات ابن سعد 7 / 91، طبقات خليفة: ت 1617، التاريخ
الكبير 7 / 223، =
(3/524)
وَعُلَمَائِهِم.
قُتِلَ يَوْمَ الجَمَلِ، قَامَ يَعِظُ النَّاسَ
وَيُذَكِّرُهُم، فَجَاءهُ سَهْمُ غَرْبٍ، فَقَتَلَهُ -
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
133 - زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ بنِ حُجْرِ بنِ الحَارِثِ
العَبْدِيُّ *
ابْنِ هِجْرِسِ بنِ صَبِرَةَ بنِ حِدْرِجَانَ بنِ عِسَاسٍ
العَبْدِيُّ، الكُوْفِيُّ.
أَخُو صَعْصَعَةَ بنِ صُوْحَانَ، وَلَهُمَا أَخٌ اسْمُهُ
سَيْحَانُ، لاَ يَكَادُ يُعْرَفُ.
كُنْيَةُ زَيْدٍ: أَبُو سُلَيْمَانَ.
وَقِيْلَ: أَبُو عَائِشَةَ.
كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العُبَّادِ، ذَكَرُوْهُ فِي كُتُبِ
مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ، وَلاَ صُحْبَةَ لَهُ.
لَكِنَّهُ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمِعَ مِنْ: عُمَرَ،
وَعَلِيٍّ، وَسَلْمَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَالعَيْزَارُ بنُ
حُرَيْثٍ، وَلاَ رِوَايَةَ لَهُ فِي الأُمَّهَاتِ،
لأَنَّهُ قَدِيْمُ الوَفَاةِ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُم: أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا الأَجْلَحُ، عَنْ
عُبَيْدِ بنِ لاَحِقٍ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ رَجُلٌ، فَسَاقَ بِالقَوْمِ،
وَرَجَزَ، ثُمَّ نَزَلَ آخَرُ،
__________
= التاريخ الصغير 1 / 75، المعارف: 430، أخبار القضاة 1 /
274، الجرح والتعديل 7 / 162، جمهرة أنساب العرب: 380،
الاستيعاب: 1318، أسد الغابة 4 / 479، الإصابة 3 / 314.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 123، طبقات خليفة: ت 1024، وفيه
بفتح الصاد، التاريخ الكبير 3 / 397، المعارف: 402، مشاهير
علماء الأمصار: ت 745، الاستيعاب: 555، تاريخ بغداد 8 /
439، تاريخ ابن عساكر 6 / 315 ب، أسد الغابة 2 / 291،
الوافي بالوفيات 15 / 32، مرآة الجنان 1 / 99، مجمع
الزوائد 9 / 398، الإصابة 1 / 568 و574، تعجيل المنفعة:
97، شذرات الذهب 1 / 44، تهذيب ابن عساكر 6 / 12.
(3/525)
ثُمَّ بَدَا لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُوَاسِيَ أَصْحَابَهُ،
فَنَزَلَ.
فَجَعَلَ يَقُوْلُ:
جُنْدُبُ وَمَا جُنْدُبُ ... وَالأقْطَعُ الخَيْرِ زَيْدُ
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! سَمِعْنَاكَ اللَّيْلَةَ
تَقُوْلُ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: (رَجُلاَنِ فِي الأُمَّةِ يَضْرِبُ أَحَدُهُمَا
ضَرْبَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَالآخَرُ
تُقْطَعُ يَدُهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، ثُمَّ يَتْبَعُ آخِرُ
جَسَدِهِ أَوَّلَهُ).
قَالَ الأَجْلَحُ: أَمَّا جُنْدُبٌ، فَقَتَلَ السَّاحِرَ،
وَأَمَّا زَيْدٌ، فَقُطِعَتْ يَدُهُ يَوْمَ جَلُوْلاَءَ،
وَقُتِلَ يَوْمَ الجَمَلِ (1) .
قَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
كَانَ زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ يُحَدِّثُ، فَقَالَ
أَعْرَابِيٌّ: إِنَّ حَدِيْثَكَ يُعْجِبُنِي، وَإِنَّ
يَدَكَ لَتُرِيْبُنِي.
قَالَ: أَوَ مَا تَرَاهَا الشِّمَالَ؟
قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي اليَمِيْنَ يَقْطَعُوْنَ أَمِ
الشِّمَالَ؟
فَقَالَ زَيْدٌ: صَدَقَ اللهُ: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ
كُفْراً وَنِفَاقاً، وَأَجْدَرُ أَنْ لاَ يَعْلَمُوا
حُدُوْدَ مَا أَنْزَلَ اللهُ} [التَّوْبَةُ: 98].
فَذَكَرَ الأَعْمَشُ: أَنَّ يَدَهُ قُطِعَتْ يَوْمَ
نَهَاوْنَدَ (2) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الهُذَيْلِ:
أَنَّ وَفْدَ الكُوْفَةِ قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ، فِيهِم
زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ، فَجَاءهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
الشَّامِ يَسْتَمِدُّ، فَقَالَ:
يَا أَهْلَ الكُوْفَة! إِنَّكُم كَنْزُ أَهْلِ
الإِسْلاَمِ، إِنِ اسْتَمَدَّكُم أَهْلُ البَصْرَةِ،
أَمْدَدْتُمُوْهُم، وَإِنِ اسْتَمَدَّكُم أَهْلُ الشَّامِ،
أَمْدَدْتُمُوْهُم.
وَجَعَلَ عُمَرُ يُرَحِّلُ لِزِيْدٍ، وَقَالَ: يَا أَهْلَ
الكُوْفَةِ! هَكَذَا فَاصْنَعُوا بِزَيْدٍ، وَإِلاَّ
عَذَّبْتُكُم (3).
__________
(1) الاجلح وهو ابن عبد الله بن حجية ضعيف، وعبيد بن لاحق
لم أجد من ترجمه، وهو في " الطبقات ابن سعد " 6 / 123 (2)
" طبقات ابن سعد " 6 / 123، 124.
(3) ابن سعد 6 / 124.
(3/526)
وَرَوَى: الأَجْلَحُ، عَنِ ابْنِ أَبِي
الهُذَيْلِ، قَالَ:
دَعَا عُمَرُ زَيْدَ بنُ صُوْحَانَ، فَضَفَّنَهُ عَلَى
الرَّحْلِ كَمَا تُضَفِّنُوْنَ أُمَرَاءكُم، ثُمَّ
الْتَفَتَ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: اصْنَعُوا هَذَا
بِزَيدٍ وَأَصْحَابِ زَيْدٍ (1) .
سِمَاكٌ: عَنِ النُّعْمَانِ أَبِي قُدَامَةَ:
أَنَّهُ كَانَ فِي جَيْشٍ، عَلَيْهِم سَلْمَانُ
الفَارِسِيُّ، فَكَانَ يَؤُمُّهُم زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ،
يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ سَلْمَانُ (2) .
سِمَاكٌ، عَنْ رَجُلٍ (3): أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ يَقُوْلُ
لِزَيْدِ بنِ صُوْحَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: قُمْ،
فَذَكِّرْ قَوْمَكَ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ،
حَدَّثَنَا عُقْبَةُ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ
بنُ هِلاَلٍ، قَالَ:
قَامَ زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: يَا
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مِلْتَ فَمَالَتْ أُمَّتُكَ،
اعْتَدِلْ يَعْتَدِلُوا.
قَالَ: أَسَامِعٌ مُطِيْعٌ أَنْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: الْحَقْ بِالشَّامِ.
فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ لَحِقَ بِحَيْثُ أَمَرَهُ
(4) .
أَيُّوْبُ السَّخْتِيَانِيُّ: عَنْ غَيْلاَنَ (5) بنِ
جَرِيرٍ، قَالَ:
ارْتُثَّ (6) زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ يَوْمَ الجَمَلِ،
فَدَخلُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا: أَبْشِرْ بِالجَنَّةِ.
قَالَ: تَقُوْلُوْنَ قَادِرِيْنَ، أَوِ النَّارَ فَلاَ
تَدْرُوْنَ، إِنَّا غَزَوْنَا القَوْمَ فِي بِلاَدِهِم،
وَقَتَلْنَا أَمِيْرَهُم، فَلَيْتَنَا إِذْ ظُلِمْنَا،
صَبَرْنَا (7).
__________
(1) ابن سعد 6 / 124.
وقوله " فضفنه على الرجل " أي: حمله عليه.
(2) ابن سعد 6 / 124.
(3) سماه ابن سعد 6 / 124 ملحان بن ثروان.
(4) ابن سعد 6 / 124، 125.
(5) تحرف في المطبوع إلى " علان ".
(6) الارتثات: أن يحمل الجريح من المعركة وهو ضعيف أثخنته
جراحه، فهو مرتث ورثيث.
(7) ابن سعد 6 / 125.
(3/527)
رَوَى نَحْوَهُ: العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ،
عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ الحيِّ الَّذِيْنَ كَانَ فِيهِم
زَيْدٌ...، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ:
شُدُّوا عَلَيَّ إِزَارِي، فَإِنِّي مُخَاصِمٌ، وَأَفْضُوا
بِخَدِّي إِلَى الأَرْضِ، وَأَسْرِعُوا الانْكِفَاتَ
عَنِّي (1) .
الثَّوْرِيُّ: عَنْ مُخَوَّلٍ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ
حُرَيْثٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ صُوْحَانَ، قَالَ:
لاَ تَغْسِلُوا عَنِّي دَماً، وَلاَ تَنْزِعُوا عَنِّي
ثَوْباً، إِلاَّ الخُفَّيْنِ، وَأَرْمِسُونِي فِي الأَرْضِ
رَمْساً، فَإِنِّي مُخَاصِمٌ، أُحَاجُّ يَوْمَ القِيَامَةِ
(2) .
قَالَ عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ: قَالَ زَيْدٌ:
ادْفُنُوْنِي وَابْنَ أُمِّي فِي قَبْرٍ، وَلاَ تَغْسِلُوا
عَنَّا دَماً، فَإِنَّا قَوْمٌ مُخَاصِمُوْنَ (3) .
قِيْلَ: كَانَ قُتِلَ مَعَهُ أَخُوْهُ سَيْحَانُ،
فَدُفِنَا فِي قَبْرٍ.
وَرُوِي: أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُدْفَنَ مَعَهُ مُصْحَفُهُ.
نَقَلَهُ: ابْنُ سَعْدٍ (4) ، بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ،
ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، قَلِيلَ الحَدِيْثِ.
134 - صَعْصَعَةُ بنُ صُوْحَانَ أَبُو طَلْحَةَ * (س)
أَحَدُ خُطَبَاءِ العَرَبِ.
كَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ عَلِيٍّ. قُتِلَ
__________
(1) ابن سعد 6 / 125.
(2) ابن سعد 6 / 125، وابن عساكر 6 / 319 ب، 320 آ.
(3) ابن سعد 6 / 125.
(4) 6 / 125، 126.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 221، طبقات خليفة: ت 1025، التاريخ
الكبير 4 / 319، المعارف: 402، الجرح والتعديل 4 / 446،
مروج الذهب 3 / 228، الاستيعاب: 717، تاريخ ابن عساكر 8 /
153، أسد الغابة 3 / 21، تهذيب الكمال: 607، تاريخ الإسلام
2 / 293، تذهيب التهذيب 2 / 92 ب، الإصابة 2 / 200، تهذيب
التهذيب 4 / 422، خلاصة تذهيب الكمال: 147، تهذيب ابن
عساكر 6 / 425.
(3/528)
أَخَوَاهُ يَوْمَ الجَمَلِ، فَأَخَذَ
صَعْصَعَةُ الرَّايَةَ.
يَرْوِي عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ - وَبَقِيَ إِلَى
خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ -.
وَثَّقَهُ: ابْنُ سَعْدٍ.
وَكَانَ شَرِيْفاً، مُطَاعاً، أَمِيْراً، فَصِيْحاً،
مُفَوَّهاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ بُرَيْدَةَ،
وَالمِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو، وَأَبُو إِسْحَاقَ.
يُقَالُ: وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَخَطَبَ، فَقَالَ:
إِنْ كُنْتُ لأُبْغِضُ أَنْ أَرَاكَ خَطِيْباً.
قَالَ: وَأَنَا إِنْ كُنْتُ لأُبْغِضُ أَنْ أَرَاكَ
خَلِيْفَةً (1) .
وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عُمَرَ.
135 - عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ
القُرَشِيُّ * (ع)
ابْنِ عَمِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ
بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، السَّيِّدُ، الأَمِيْرُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَدَنِيُّ،
وَلَقَبُهُ: بَبَّةُ.
لأَبِيْهِ وَلِجَدِّهِ: صُحْبَةٌ.
وَكَانَ نَوْفَلٌ مِنْ أَسَنِّ الصَّحَابَةِ، مِنْ
أَسْنَانِ حَمْزَةَ، وَالعَبَّاسِ عَمَّيْهِ.
عِدَادُهُ فِي مُسْلِمَةِ الفَتْحِ، وَلَمْ يَرْوِ
شَيْئاً.
__________
(1) الخبر عند ابن عساكر 8 / 156 آ ب، وذكر الخطبة بطولها.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 24 و7 / 100، نسب قريش: 30، 31، 86،
طبقات خليفة: ت 1511 و1630 و1979 و2050، المحبر: 104، 257،
التاريخ الكبير 5 / 63، أخبار القضاة 1 / 113، الجرح
والتعديل 5 / 30، الاستيعاب: 885، تاريخ بغداد 1 / 211،
الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 248، تاريخ ابن عساكر 9 / 46
ب، أسد الغابة 3 / 207، تهذيب الكمال: 673، تاريخ الإسلام
3 / 263، العبر 1 / 98، تذهيب التهذيب 2 / 137 آ، العقد
الثمين 5 / 128، الإصابة 3 / 58، تهذيب التهذيب 5 / 180،
خلاصة تذهيب الكمال: 164.
(3/529)
وَأَمَّا الحَارِثُ، فَلَهُ حَدِيْثٌ فِي
(مُسْنِدِ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ).
وَقَدْ وَلِي إِمْرَةَ مَكَّةَ لِعُمَرَ، تُوُفِّيَ فِي
زَمَنِ عُثْمَانَ، وَكَانَ قَدْ أَتَى بِوَلَدِهِ بَبَّةَ
إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- فَحَنَّكَهُ.
حَدَّثَ بَبَّةُ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ،
وَأُبَيٍّ، وَالعَبَّاسِ، وَصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ،
وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَأُمِّ هَانِئ بِنْتِ أَبِي
طَالِبٍ، وَكَعْبٍ الحَبْرِ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: وَلدُهُ؛ إِسْحَاقُ، وَعَبْدُ اللهِ،
وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو التَّيَّاحِ يَزِيْدُ بنُ
حُمَيْدٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَعَبْدُ
المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ،
وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَآخَرُوْنَ.
رَوَى: عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، تَابِعِيٌّ، أَتَتْ
بِهِ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إِذْ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَتَفَلَ فِي فِيْهِ،
وَدَعَا لَهُ (1) .
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: أُمُّهُ هِيَ هِندٌ؛
أُخْتُ مُعَاوِيَةَ.
قُلْتُ: وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ أُمِّ
حَبِيْبَةَ.
قَالَ: وَكَانَتْ تُنَقِّزُهُ وَتَقُوْلُ:
يَا بَبَّةُ يَا بَبَّهْ ... لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ
جَارِيَةً خِدَبَّهْ (2) ... تَسُودُ أَهْلَ الكَعْبَهْ
اصْطَلَحَ كُبَرَاءُ أَهْلِ البَصْرَةِ عَلَى تَأْمِيْرِهِ
عَلَيْهِم عِنْدَ هُرُوْبِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ
إِلَى الشَّامِ لَمَّا هَلَكَ يَزِيْدُ.
ثُمَّ كَتَبُوا بِالبَيْعَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ،
فَوَلاَّهُ
__________
(1) ابن سعد 5 / 240.
(2) الخدبة: السمينة العظيمة، والشعر عند ابن عساكر 9 / 47
ب.
(3/530)
عَلَيْهِم، ثُمَّ عَزَلَهُ (1) .
وَلَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ ابْنِ الأَشْعَثِ (2) ، هَرَبَ
عَبْدُ اللهِ إِلَى الشَّامِ خَوْفاً مِنَ الحَجَّاجِ.
وَقِيْلَ: مَاتَ بِعُمَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ.
قُلْتُ: عَاشَ بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَقَارَبَ
الثَّمَانِيْنَ.
وَكَانَ مِنْ سَادَةِ بَنِي هَاشِمٍ، يَصْلُحُ
لِلْخِلاَفَةِ لِعِلْمِهِ، وَسُؤْدُدِهِ.
136
- حُكَيْمُ (3) بنُ جَبَلَةَ العَبْدِيُّ *
الأَمِيْرُ، أَحَدُ الأَشْرَافِ الأَبْطَالِ، كَانَ ذَا
دِيْنٍ وَتَأَلُّهٍ.
أَمَّرَهُ عُثْمَانُ عَلَى السِّنْدِ مُدَّةً، ثُمَّ
نَزَلَ البَصْرَةَ.
وَكَانَ أَحَدَ مَنْ ثَارَ فِي فِتْنَةِ عُثْمَانَ.
فَقِيْلَ: لَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ يَوْمَ الجَمَلِ حَتَّى
قُطِعَتْ رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا، وَضَرَبَ بِهَا الَّذِي
قَطَعَهَا، فَقَتَلَهُ بِهَا، وَبَقِي يُقَاتِلُ عَلَى
رِجْلٍ وَاحِدَةٍ، وَيَرْتَجِزُ، وَيَقُوْلُ:
__________
(1) ابن سعد 5 / 25، 26.
(2) ابن الاشعث: هو عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث بن قيس
الكندي، قال المؤلف في " دول الإسلام " 1 / 57: وفي سنة
ثمانين بعث الحجاج على إمرة سجستان عبد الرحمن بن محمد بن
الاشعث بن قيس، فسار إليها، فلما استقر بها، خلع الحجاج،
وخرج، وبايعه خلق عظيم، وأقبل بهم كالسيل العرم، والتف
عليه أمم لبغضهم في الحجاج وعسفه، فجرت بينه وبين الحجاج
حروب يطول وصفها، حتى قيل: كان بينهم ثمانون وقعة.
وقد تم الغلب للحجاج، وظفر به في سجستان سنة أربع وثماين،
وقتله.
(3) ضبط في الأصل بضم الحاء على التصغير، وكذلك ضبطه
الحافظ في " الإصابة " 1 / 379.
(*) مروج الذهب 3 / 87، جمهرة أنساب العرب: 298، الاستيعاب
366، أسد الغابة 2 / 44. الإصابة 1 / 379.
(3/531)
يَا سَاقِ لَنْ تُرَاعِي ... إِنَّ مَعِي
ذِرَاعِي
أَحْمِي بِهَا كُرَاعِي ...
فَنَزَفَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيْرٌ، فَجَلَسَ مُتَّكِئاً عَلَى
المَقْتُوْلِ الَّذِي قَطَعَ سَاقَهُ، فَمَرَّ بِهِ
فَارِسٌ، فَقَالَ: مَنْ قَطَعَ رِجْلَكَ؟
قَالَ: وِسَادَتِي.
فَمَا سُمِعَ بِأَشْجَعَ مِنْهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ
سُحَيْمٌ الحُدَّانِيُّ، فَقَتَلَهُ.
137 - جَبَلَةُ بنُ الأَيْهَمِ الغَسَّانِيُّ أَبُو
المُنْذِرِ *
مَلِكُ آلِ جَفْنَةَ بِالشَّامِ، أَسْلَمَ، وَأَهْدَى
لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
هَدِيَّةً (1) ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ، ارْتَدَّ،
وَلَحِقَ بِالرُّوْمِ.
وَكَانَ دَاسَ رَجُلاً، فَلَكَمَهُ الرَّجُلُ، فَهَمَّ
بِقَتْلِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: الْطِمْهُ بَدَلَهَا.
فَغَضِبَ، وَارْتَحَلَ، ثُمَّ نَدِمَ عَلَى رِدَّتِهِ -
نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ العُتُوِّ وَالكِبْرِ -.
138 - عُقْبَةُ بنُ نَافِعٍ القُرَشِيُّ الفِهْرِيُّ **
الأَمِيْرُ، نَائِبُ إِفْرِيْقِيَةَ لِمُعَاوِيَةَ،
وَلِيَزِيْدَ، وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ
__________
(*) المحبر: 76، 372، الاغاني 15 / 157، 173، جمهرة أنساب
العرب: 372، تاريخ الإسلام 2 / 214، البداية والنهاية 8 /
63، شذرات الذهب 1 / 27، خزانة الأدب 2 / 241.
(1) نقل ابن كثير في " البداية " 8 / 63 عن ابن عساكر
قوله: إنه لم يسلم قط، وهكذا صرح به الواحدي، وسعيد بن عبد
العزيز.
(* *) التاريخ الكبير 6 / 435، فتوح مصر: 194، 197، الطبري
5 / 240، رياض النفوس 1 / 62، جمهرة أنساب العرب: 163،
178، الاستيعاب: 1075، تاريخ ابن عساكر 11 / 358 ب، أسد
الغابة 4 / 59، الكامل 4 / 105، معالم الايمان 1 / 164،
167، تاريخ الإسلام 3 / 49، البداية والنهاية 8 / 217،
العقد الثمين 6 / 111، الإصابة 2 / 492، حسن المحاضرة 2 /
220.
(3/532)
القَيْرَوَانَ، وَأَسْكَنَهَا النَّاسَ.
وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ، وَحَزْمٍ، وَديَانَةٍ، لَمْ
يَصِحَّ لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَاخْتَطَّ
بِهَا.
حَكَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ الأَمِيْرُ أَبُو عُبَيْدَةَ
مَرَّةً، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هُبَيْرَةَ، وَعُلَيُّ بنُ
رَبَاحٍ، وَعَمَّارُ بنُ سَعْدٍ.
وَهُوَ ابْنُ أَخِي العَاصِ بنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ
لأُمِّهِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: جَهَّزَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى عَشْرَةِ
آلاَفٍ، فَافْتَتَحَ إِفْرِيْقِيَةَ، وَاخْتَطَّ
قَيْرَوَانَهَا.
وَكَانَ المَوْضِعُ غَيْضَةً لاَ يُرَامُ مِنَ السِّبَاعِ
وَالأَفَاعِي، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ فِيْهَا
شَيْءٌ، وَهَرَبُوا، حَتَّى إِنَّ الوُحُوشَ لَتَحْمِلُ
أَوْلاَدَهَا.
فَحَدَّثَنِي مُوْسَى بنُ عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
نَادَى: إِنَّا نَازلُوْنَ فَاظعَنُوا.
فَخَرَجْنَ مِنْ جِحَرتِهِنَّ هَوَارِبَ (1) .
وَرَوَى نَحْوَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى
بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، قَالَ:
لَمَّا افْتَتَحَ عُقْبَةُ إِفْرِيْقِيَةَ، قَالَ: يَا
أَهْلَ الوَادِي! إِنَّا حَالُّوْنَ - إِنْ شَاءَ اللهُ -
فَاظْعَنُوا، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
فَمَا رَأَيْنَا حَجَراً وَلاَ شَجَراً إِلاَّ يَخْرُجُ
مِنْ تَحْتِهِ دَابَّةٌ حَتَّى هَبَطْنَ بَطْنَ الوَادِي.
ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْزِلُوا بِسْمِ اللهِ (2) .
وَعَنْ مُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ، قَالَ: كَانَ عُقْبَةُ
بنُ نَافِعٍ مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
وَعَنْ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ، قَالَ:
قَدِمَ عُقْبَةُ عَلَى يَزِيْدَ، فَرَدَّهُ وَالِياً عَلَى
المَغْرِبِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، فَغَزَا
السُّوْسَ الأَدْنَى، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَدْ سَبَقَهُ جُلُّ
الجَيْشِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنَ العَدُوِّ،
فَقُتِلَ عُقْبَةُ وَأَصْحَابُهُ.
__________
(1) الطبري 5 / 240، وابن عساكر 11 / 359 آ، 360 ب.
(2) ابن عساكر 11 / 360 آ، ب و" رياض النفوس " 1 / 9، و"
طبقات علماء إفريقية ": 8، و" معالم الايمان " 1 / 9، و"
معجم ما استعجم " 3 / 1105، و" حسن المحاضرة " 2 / 220،
221.
(3/533)
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قُتِلَ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
139 - الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ بنِ
حَرْبٍ *
وَلِي لِعَمِّهِ مُعَاوِيَةَ المَدِيْنَةَ، وَكَانَ ذَا
جُوْدٍ، وَحِلْمٍ، وَسُؤْدُدٍ، وَدِيَانَةٍ، وَوَلِي
المَوْسِمَ مَرَّاتٍ.
وَلَمَّا جَاءهُ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ، وَبَيْعَةُ يَزِيْدَ،
لَمْ يُشَدِّدْ عَلَى الحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ،
فَانْمَلَسَا مِنْهُ.
فَلاَمَهُ مَرْوَانُ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأَقْتُلَهُمَا،
وَلاَ أَقْطَعَ رَحِمَهُمَا.
وَقِيْلَ: إِنَّهُم أَرَادُوْهُ عَلَى الخِلاَفَةِ بَعْدَ
مُعَاوِيَةَ بنِ يَزِيْدَ، فَأَبَى.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: أَرَادَ أَهْلُ الشَّامِ
الوَلِيْدَ بنَ عُتْبَةَ (1) عَلَى الخِلاَفَةِ، فَطُعِنَ،
فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بنِ يَزِيْدَ.
وَيُقَالُ: قُدِّمَ لِلصَّلاَةِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بنِ
يَزِيْدَ، فَأَخَذَهُ الطَّاعُوْنُ فِي الصَّلاَةِ، فَلَمْ
يُرْفَعْ إِلاَّ وَهُوَ مَيتٌ (2) .
140 - قَيْسُ بنُ ذَرِيْحٍ اللَّيْثِيُّ **
مِنْ أَعْرَابِ الحِجَازِ، شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، كَانَ
يُشَبِّبُ بِأُمِّ مَعْمَرٍ لُبْنَى بِنْتِ
__________
(*) نسب قريش: 132، 133، المحبر: 85، 441، الجرح والتعديل
9 / 12، جمهرة أنساب العرب: 111، تاريخ ابن عساكر 17 / 431
ب، العقد الثمين 7 / 391، شذرات الذهب 1 / 72.
(1) تحرفت في المطبوع إلى " عقبة ".
(2) ابن عساكر 17 / 433 آ.
(* *) الشعر والشعراء: 628، 629، الاغاني 9 / 180، 219،
المؤتلف والمختلف: 120، سمط اللآلي: 379 و701 و710، تاريخ
ابن عساكر 14 / 221 آ، تاريخ الإسلام =
(3/534)
الحُبَابِ الكَعْبِيَّةِ، ثُمَّ إِنَّهُ
تَزَوَّجَ بِهَا.
وَقِيْلَ: كَانَ أَخاً لِلْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
- مِنَ الرَّضَاعَةِ.
وَكَانَ يَكُوْنُ بِقُدَيْدٍ وَقَعَ بَيْنَ أُمِّهِ
وَبَيْنَ لُبْنَى فَأَبْغَضَتْهَا، فَمَا زَالَتْ
تَتَحَيَّلُ حَتَّى طَلَّقَ لُبْنَى، وَقَالَ لأُمِّهِ:
أَمَا إِنَّهُ آخِرُ عَهْدِكِ بِي، وَعَظُمَ بِهِ فِرَاقُ
أَهْلِهِ، وَجَهَدَهُ.
وَهُوَ القَائِلُ:
وَكُلُّ مُلِمَّاتِ الزَّمَانِ وَجَدْتُهَا ... - سِوَى
فُرْقَةِ الأَحْبَابِ - هَيِّنَةَ الخَطْبِ (1)
وَنَظْمُهُ فِي الذُّرْوَةِ العُلْيَا رِقَّةً،
وَحَلاَوَةً، وَجَزَالَةً.
وَكَانَ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ.
141 - أَسْمَاءُ بنُ خَارِجَةَ بنِ حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ
بنِ بَدْرٍ الفَزَارِيُّ *
الأَمِيْرُ، أَبُو حَسَّانٍ. وَقِيْلَ: أَبُو هِنْدٍ،
__________
= 3 / 61، الوافي بالوفيات 3 / 204، 208، البداية والنهاية
8 / 313، النجوم الزاهرة 1 / 182، تزيين الاشواق 1 / 53،
62، عصر المأمون 2 / 152، رغبة الآمل 5 / 242.
(1) البيت في " الاغاني " 9 / 189، و" مجالس ثعلب " 1 /
237، من قصيدة مطلعها: أيا كبدا طارت صدوعا نوافذا * ويا
حسرتا ماذا تغلغل في القلب.
وأورد أبو تمام في باب النسيب من " حماسته " 3 / 222 بشرح
التبريزي: ثلاثة أبيات، أولها البيت الذي ذكره المصنف،
وبعده:
وقلت لقلبي حسين لج به الهوى * وكلفني ما لاأطيق من الحب
ألا أيها القلب الذي قاده الهوى * أفق لاأقر الله عينك من
قلب
ولم ينسبها لأحد.
(*) المحبر: 154، مشاهير علماء الأمصار: ت 532، الكامل 4 /
260، تاريخ الإسلام 2 / 385، فوات الوفيات 1 / 168، 169،
البداية والنهاية 9 / 43، النجوم الزاهرة 1 / 179، تهذيب
ابن عساكر 3 / 44، 49.
(3/535)
الفَزَارِيُّ، الكُوْفِيُّ، مِنْ كِبَارِ
الأَشْرَافِ.
وَهُوَ ابْنُ أَخِي عُيَيْنَةَ بنِ حِصْنٍ؛ أَحَدِ
المُؤلَّفَةِ قُلُوْبُهُم.
رَوَى أَسْمَاءُ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَعَنْهُ: وَلَدُهُ؛ مَالِكٌ، وَعَلِيُّ بنُ رَبِيْعَةَ.
وَفِيه يَقُوْلُ القَطَامِيُّ (1) :
إِذَا مَاتَ ابْنُ خَارِجَةَ بنِ حِصْنٍ ... فَلاَ
مَطَرَتْ عَلَى الأَرْضِ السَّمَاءُ
وَلاَ رَجَعَ البَرِيْدُ بِغُنْمِ جَيْشٍ ... وَلاَ
حَمَلَتْ عَلَى الطُّهْرِ النِّسَاءُ (2)
قَالَ المُحَدِّثُ مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ
الحَارِثِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَسْمَاءَ بنِ خَارِجَةَ
الفَزَارِيُّ:
أَتَيْتُ الأَعْمَشَ، فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ:
لَقَدْ قَسَمَ جَدُّكَ أَسْمَاءُ قَسْماً، فَنَسِيَ جَاراً
لَهُ، فَاسْتَحْيَى أَنْ يُعْطِيَهُ، وَقَدْ بَدَّى
غَيْرَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَصَبَّ عَلَيْهِ المَالَ
صَبّاً، أَفَتَفْعَلُ ذَا أَنْتَ؟
وَرَوَى: أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قَالَ:
فَاخَرَ أَسْمَاءُ بنُ خَارِجَةَ
__________
(1) هو عمير بن شييم بن عمرو بن عباد من بني جشم بن بكر
أبو سعيد التغلبي، والقطامي لقب غلب عليه، قال ابن سلام:
كان شاعرا فحلا، رقيق الحواشي، حلو الشعر، والأخطل أبعد
منه ذكرا، وأمتن شعرا.
ومما يتمثل به من شعره:
والناس من يلق خيرا قائلون له * ما يشتهي ولام المخطئ
الهبل
قد يدرك المتأني بعض حاجته * وقد يكون مع المستعجل الزلل
" طبقات فحول الشعراء ": 535، 540.
(2) أوردهما ابن سلام: 539 للقطامي، وليسا في ديوانه، ولا
في زيادته، وهما مع بيتين آخرين للاخطل في " تهذيب ابن
عساكر " 3 / 42، و" حماسة ابن الشجري " 108، 109، و" أنساب
الاشراف " 11 / 249، و" فوات الوفيات " 1 / 168 وليست في
ديوانه، ونسبت لعبد الله ابن الزبيري الأسدي في " الوحشيات
" رقم (904)، و" الاغاني " 4 / 246، وهي غير منسوبة في "
العقد الفريد " 3 / 290.
(3/536)
رَجُلاً، فَقَالَ: أَنَا ابْنُ الأَشْيَاخِ
الكِرَامِ.
فَقَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: ذَاكَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ
بنِ إِسْحَاقَ الذَّبِيْحِ (1) بنِ إِبْرَاهِيْمَ
الخَلِيْلِ.
إِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ أَسْمَاءُ سَنَةَ
سِتٍّ وَسِتِّيْنَ.
قُلْتُ: وَمِنْ أَوْلاَدِهِ: شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو
إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ بنِ
أَسْمَاءَ بنِ خَارِجَةَ.
وَبَنُو فَزَارَةَ مِنْ مُضَرَ.
وَلِخَارِجَةَ أَيْضاً صُحْبَةٌ يَسِيْرَةٌ، وَلاَ
رِوَايَةَ لَهُ وَلاَ لِعُيَيْنَةَ.
142 - حَسَّانُ بنُ مَالِكِ بنِ بَحْدَلِ بنِ أُنَيْفٍ
أَبُو سُلَيْمَانَ الكَلْبِيُّ *
أَمِيْرُ العَرَبِ، أَبُو سُلَيْمَانَ الكَلْبِيُّ.
مِنْ أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّيْنَ.
وَهُوَ الَّذِي شَدَّ مِنْ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ،
وَبَايَعَهُ.
قَالَ الكَلْبِيُّ: سَلَّمُوا بِالخِلاَفَةِ عَلَى
حَسَّانٍ أَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً، ثُمَّ سَلَّمَ الأَمْرَ
إِلَى مَرْوَانَ.
وَلَهُ قَصْرٌ بِدِمَشْقَ، وَهُوَ قَصْرُ البَحَادِلَةِ،
ثُمَّ صَارَ يُعْرَفُ: بِقَصْرِ ابْنِ أَبِي الحديدِ.
وَهُوَ الَّذِي يَفْتَخِرُ وَيَقُوْلُ:
فَإِنْ لاَ يَكُنْ مِنَّا الخَلِيْفَةُ نَفْسُهُ ... فَمَا
نَالَهَا إِلاَّ وَنَحْنُ شُهُودُ
__________
(1) الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم: أن
الذبيح هو إسماعيل لا إسحاق.
وانظر تفصيل ذلك في " زاد المعاد " 1 / 71، 75.
(*) الطبري 5 / 531 - 533، - الكامل 4 / 145 - 148، تاريخ
الإسلام 3 / 5، تاج العروس
7 / 222، تهذيب ابن عساكر 4 / 148.
(3/537)
143 - شَقِيْقُ بنُ ثَوْرٍ أَبُو الفَضْلِ
السَّدُوْسِيُّ *
الأَمِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ السَّدُوْسِيُّ، سَيِّدُ
بَكْرِ بنِ وَائِلٍ فِي الإِسْلاَمِ، وَكَانَ رَأْسَهُم
يَوْمَ صِفِّيْنَ مَعَ عَلِيٍّ، وَيَوْمَ الجَمَلِ.
يَرْوِي عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
وَعَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَخَلاَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ.
وَقُتِلَ أَبُوْهُ فِي فَتْحِ تُسْتَرَ.
قِيْلَ: إِنَّ شَقِيْقاً هَذَا لَمَّا احتُضِرَ، قَالَ:
لَيْتَهُ لَمْ يَسُدْ قَوْمَهُ، فَكَمْ مِنْ بَاطِلٍ قَدْ
حَقَّقْنَاهُ، وَحَقٍّ أَبْطَلْنَاهُ (1) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ.
144 - المُخْتَارُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ
الكَذَّابُ **
كَانَ وَالِدُهُ الأَمِيْرُ أَبُو عُبَيْدٍ بنُ مَسْعُوْدِ
بنِ عَمْرِو بنِ عُمَيْرِ بنِ عَوْفِ بنِ عُقْدَةَ بنِ
عَنَزَةَ بنِ عَوْفِ بنِ ثَقِيفٍ، قَدْ أَسْلَمَ فِي
حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَلَمْ نَعْلَمْ لَهُ صُحْبَةً.
اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ عَلَى جَيْشٍ،
فَغَزَا العِرَاقَ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ
__________
(*) التاريخ الكبير 4 / 246، الجرح والتعديل 4 / 372،
مشاهير علماء الأمصار: ت 669، جمهرة أنساب العرب: 318،
تاريخ ابن عساكر 8 / 52 آ، تهذيب الكمال: 588، تاريخ
الإسلام 3 / 18، تذهيب التهذيب 2 / 18 آ، تهذيب التهذيب 4
/ 361، خلاصة تذهيب الكمال: 142، تهذيب ابن عساكر 6 / 335.
(1) ابن عساكر 8 / 53 آ.
(* *) المحبر: 70، 302، 491، المعارف: 400، تاريخ الطبري 5
/ 569، و6 / 7، 38.
وما بعدها، 93 مروج الذهب 3 / 273، جمهرة أنساب العرب:
268، الاستيعاب: 1465، أسد الغابة 5 / 122، الكامل 4 /
211، 267، تاريخ الإسلام 2 / 377، و3 / 70، البداية
والنهاية 8 / 289، الإصابة 3 / 518، شذرات الذهب 1 / 74،
75.
(3/538)
وَقْعَةُ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ.
وَنَشَأَ المُخْتَارُ، فَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ ثَقِيْفٍ،
وَذَوِي الرَّأْيِ، وَالفَصَاحَةِ، وَالشَّجَاعَةِ،
وَالدَّهَاءِ، وَقِلَّةِ الدِّيْنِ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: (يَكُوْنُ فِي ثَقِيْفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيْرٌ
(1)).
فَكَانَ الكَذَّابُ هَذَا، ادَّعَى أَنَّ الوَحْيَ
يَأْتِيهِ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ الغَيْبَ، وَكَانَ
المُبِيْرُ الحَجَّاجَ - قَبَّحَهُمَا اللهُ -.
قَالَ أَحْمَدُ فِي (مُسْنِدِهِ): حَدَّثَنَا ابْنُ
نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ (2) ، حَدَّثَنَا
السُّدِّيُّ، عَنْ رِفَاعَةَ الفِتْيَانِيِّ (3) ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى المُخْتَارِ، فَأَلْقَى لِي وِسَادَةً،
وَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّ جِبْرِيْلَ قَامَ عَنْ هَذِهِ،
لأَلْقَيْتُهَا لَكَ.
فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَذَكَرْتُ حَدِيْثاً
حَدَّثَنِيْهِ عَمْرُو بنُ الحمقِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
-: (أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَمَّنَ مُؤْمِناً عَلَى دَمِهِ
فَقَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ القَاتِلِ بَرِيْءٌ (4)).
وَرَوَى: مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَقْرَأَنِي الأَحْنَفُ كِتَابَ المُخْتَارِ إِلَيْهِ
يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَكَانَ المُخْتَارُ قَدْ سَارَ
مِنَ الطَّائِفِ بَعْدَ مَصْرِعِ الحُسَيْنِ إِلَى
مَكَّةَ، فَأَتَى ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ قَدْ طُرِدَ
لِشرِّهِ إِلَى الطَّائِفِ، فَأَظْهَرَ المُنَاصَحَةَ،
__________
(1) أخرجه مسلم (2545) في فضائل الصحابة من حديث أسماء بنت
أبي بكر، وأخرجه أحمد 2 / 62، والترمذي (2220) و(3944) من
حديث ابن عمر.
(2) تحرف في المطبوع إلى " عمير ".
(3) بكسر الفاء وسكون التاء وفتح الياء وبعد الالف نون:
نسبة إلى فتيان بن ثعلبة بن معاوية ابن زيد كما في "
المشتبه " و" اللباب " و" تبصير المنتبه " و" توضيح
المشتبه ": 2 الورقة: 192.
وأخطأ الحافظ في " التقريب " فقال: " القتباني " بكسر
القاف وسكون التاء بعدها موحدة.
(4) إسناده حسن، وهو في " المسند " 5 / 223، وأخرجه أحمد 5
/ 222، وابن ماجه (2688) من طريقين، عن عبد الملك بن عمير،
عن رفاعة بن شداد الفتياني قال: كنت أقوم على رأس المختار،
فلما تبينت كذابته، هممت وايم الله أن أسل سيفي، فأضرب
عنقه، حتى ذكرت حديثا حدثنيه عمرو بن الحمق قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أمن رجلا على نفسه،
فقتله، أعطي لواء الغدر يوم القيامة " وإسناده صحيح.
(3/539)
وَتَرَدَّدَ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ،
فَكَانُوا يَسْمَعُوْنَ مَا يُنْكَرُ.
فَلَمَّا مَاتَ يَزِيْدُ، اسْتَأْذَنَ ابْنَ الزُّبَيْرِ
فِي الرَّوَاحِ إِلَى العِرَاقِ، فَرَكَنَ إِلَيْهِ،
وَأَذِنَ لَهُ، وَكَتَبَ إِلَى نَائِبِهِ بِالعِرَاقِ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُطِيْعٍ يُوصِيْهِ بِهِ، فَكَانَ
يَخْتلِفُ إِلَى ابْنِ مُطِيْعٍ.
ثُمَّ أَخَذَ يَعِيْبُ فِي البَاطِنِ ابْنَ الزُّبَيْرِ،
وَيُثْنِي عَلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ،
وَأَخَذَ يَشْغَبُ عَلَى ابْنِ مُطِيْعٍ، وَيَمْكُرُ،
وَيَكْذِبُ، فَاسْتَغْوَى جَمَاعَةً، وَالْتَفَّتْ
عَلَيْهِ الشِّيْعَةُ، فَخَافَهُ ابْنُ مُطِيْعٍ، وَفَرَّ
مِنَ الكُوْفَةِ، وَتَمَكَّنَ هُوَ، وَدَعَا ابْنَ
الزُّبَيْرِ إِلَى مُبَايعَةِ مُحَمَّدِ ابْنِ
الحَنَفِيَّةِ، فَأَبَى، فَحَصَرَهُ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ،
وَتَوَعَّدَهُ، فَتَأَلَّمَتِ الشِّيْعَةُ لَهُ، وَرَدَّ
المُخْتَارَ إِلَى مَكَّةَ.
ثُمَّ بَعَثَ مَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِبْرَاهِيْمَ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ عَلَى خَرَاجِ الكُوْفَةِ،
فَقَدِمَ المُخْتَارُ وَقَدْ هَاجَتِ الشِّيْعَةُ
لِلطَّلَبِ بِالثَّأْرِ، وَعَلَيْهِم سُلَيْمَانُ بنُ
صُرَدٍ.
فَأَخَذَ المُخْتَارُ يُفْسِدُهُم، وَيَقُوْلُ: إِنِّيْ
جِئْتُ مِنْ قِبَلِ المَهْدِيِّ ابْنِ الوَصِيِّ -
يُرِيْدُ: ابْنَ الحَنَفِيَّةِ -.
فَتَبِعَهُ خَلْقٌ، وَقَالَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ لاَ
يَصْنَعُ شَيْئاً، إِنَّمَا يُلْقِي بِالنَّاسِ إِلَى
التَّهْلُكَةِ، وَلاَ خِبْرَةَ لَهُ بِالحَرْبِ.
وَخَافَ عُمَرُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَذَهَبَ
عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الخَطْمِيُّ نَائِبُ ابْنِ
الزُّبَيْرِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ إِلَى ابْنِ
صُرَدٍ، فَقَالاَ:
إِنَّكُم أَحَبُّ أَهْلِ بَلَدِنَا إِلَيْنَا، فَلاَ
تَفْجَعُوْنَا بِأَنْفُسِكُم، وَلاَ تَنْقُصُوا عَدَدَنَا
بِخُرُوجِكُم، قِفُوا حَتَّى نَتَهَيَّأَ.
قَالَ ابْنُ صُرَدٍ: قَدْ خَرَجْنَا لأَمْرٍ، وَلاَ
نُرَانَا إِلاَّ شَاخِصِيْنَ.
فَسَارَ، وَمَعَهُ كُلُّ مُسْتَمِيْتٍ، وَمَرُّوا بِقَبْرِ
الحُسَيْنِ، فَبَكَوْا، وَأَقَامُوا يَوْماً عِنْدَهُ،
وَقَالُوا: يَا رَبِّ، قَدْ خَذَلْنَاهُ، فَاغْفِرْ لَنَا،
وَتُبْ عَلَيْنَا.
ثُمَّ نَزَلُوا قَرْقِيْسِيَا، فَتَمَّ المَصَافُّ
بِعَيْنِ الوَرْدَةِ، وَقُتِلَ ابْنُ صُرَدٍ وَعَامَّةُ
التَّوَّابِيْنَ، وَمَرِضَ عُبَيْدُ اللهِ بِالجَزِيْرَةِ،
فَاشْتَغَلَ بِذَلِكَ وَبقِتَالِ أَهْلِهَا عَنِ العِرَاقِ
سَنَةً، وَحَاصَرَ المَوْصِلَ.
وَأَمَّا المُخْتَارُ، فَسُجِنَ مُدَّةً، ثُمَّ خَرَجَ،
فَحَارَبَهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ، فَقَتلَ رِفَاعَةَ بنَ
شَدَّادٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ سَعْدٍ، وَعِدَّةً.
وَغَلَبَ عَلَى الكُوْفَةِ، وَهَرَبَ مِنْهُ
(3/540)
نَائِبُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَتَلَ
جَمَاعَةً مِمَّنْ قَاتَلَ الحُسَيْنَ، وَقَتَلَ الشِّمْرَ
بنَ ذِي الجَوْشِنِ، وَعُمَرَ بنَ سَعْدٍ، وَقَالَ: إِنَّ
جِبْرِيْلَ يَنْزِلُ عَلَيَّ بِالوَحْيِ.
وَاخْتَلَقَ كِتَاباً عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ إِلَيْهِ
يَأْمُرُهُ بِنَصْرِ الشِّيْعَةِ، وَثَارَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ الأَشْتَرِ فِي عَشِيْرَتِهِ، فَقَتلَ صَاحِبَ
الشُّرَطَةِ، وَسُرَّ بِهِ المُخْتَارُ، وَقَوِيَ،
وَعَسْكَرُوا بِدَيْرِ هِنْدٍ، فَحَارَبَهُم نَائِبُ ابْنِ
الزُّبَيْرِ، ثُمَّ ضَعُفَ وَاخْتَفَى، وَأَخَذَ
المُخْتَارُ فِي العَدْلِ، وَحُسْنِ السِّيْرَةِ.
وَبَعَثَ إِلَى النَّائِبِ بِمَالٍ، وَقَالَ: اهْرُبْ.
وَوَجَدَ المُخْتَارُ فِي بَيْتِ المَالِ سَبْعَةَ آلاَفِ
أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَنْفَقَ فِي جَيْشِهِ، وَكَتَبَ إِلَى
ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّيْ رَأَيْتُ عَامِلَكَ مُدَاهِناً
لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أُقِرَّهُ.
فَانْخَدَعَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ
بِوِلاَيَةِ الكُوْفَةِ، فَجَهَّزَ ابْنَ الأَشْتَرِ
لِحَرْبِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فِي آخِرِ سَنَةِ
سِتٍّ وَسِتِّيْنَ، وَمَعَهُ كُرْسِيٌّ عَلَى بَغْلٍ
أَشْهَبَ.
وَقَالَ المُخْتَارُ: هَذَا فِيْهِ سِرٌّ، وَهُوَ آيَةٌ
لَكُم، كَمَا كَانَ التَّابُوتُ لِبَنِي إِسْرَائِيْلَ.
فَحَفُّوا بِهِ يَدْعُوْنَ، فَتَأَلَّمَ ابْنُ الأَشْتَرِ،
وَقَالَ:
اللَّهُمَّ لاَ تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ
مِنَّا، سُنَّةَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ إِذْ عَكَفُوا عَلَى
العِجْلِ.
فَعَنْ طُفَيْلِ بنِ جَعْدَةَ بنِ هُبَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ لِي جَارٌ زَيَّاتٌ، لَهُ كُرْسِيٌّ، فَاحْتَجْتُ
(1) ، فَقُلْتُ لِلْمُخْتَارِ: إِنِّيْ كُنْتُ أَكْتُمُكَ
شَيْئاً، وَالآنَ أَذْكُرُهُ.
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قُلْتُ: كُرْسِيٌّ كَانَ أَبِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ، كَانَ
يَرَى أَنَّ فِيْهِ أَثَارَةً مِنْ عِلْمٍ.
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! لِمَ أَخَّرتَه؟
فَجِيْءَ بِهِ وَعَلَيْهِ سِتْرٌ، فَأَمَرَ لِي بِاثْنَيْ
عَشَرَ أَلْفاً، وَدَعَا بِالصَّلاَةِ جَامِعَةً،
فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ:
إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الأُمَمِ الخَالِيَةِ أَمْرٌ
إِلاَّ وَهُوَ كَائِنٌ فِيْكُم، وَقَدْ كَانَ فِي بَنِي
إِسْرَائِيْلَ التَّابُوتُ، وَإِنَّ فِيْنَا
__________
(1) تحرف في المطبوع إلى " قد احتجب ".
(3/541)
مِثْلَهُ، اكْشِفُوا هَذَا.
فَكَشَفُوا الأَثْوَابَ، وَقَامَتِ السَّبَائِيَّةُ (1) ،
فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُم، فَأَنْكَرَ شَبَثُ بنُ رِبْعِيٍّ،
فَضُرِبَ.
فَلَمَّا انْتَصَرُوا عَلَى عُبَيْدِ اللهِ، افْتُتِنُوا
بِالكُرْسِيِّ، وَتغَالَوْا فِيْهِ، فَقُلْتُ: إِنَّا
للهِ، وَنَدِمْتُ.
فَلَمَّا زَادَ كَلاَمُ النَّاسِ، غُيِّبَ.
وَكَانَ المُخْتَارُ يَرْبِطُهُم بِالمُحَالِ وَالكَذِبِ،
وَيَتَأَلَّفُهُم بِقَتْلِ النَّوَاصِبِ (2) .
عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي مَعَ
المُخْتَارِ، فَقَالَ لَنَا: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ شُرطَةَ
اللهِ قَدْ حَسُّوهُم بِالسُّيُوْفِ بِقُرْبِ (3)
نَصِيْبِيْنَ.
فَدَخَلْنَا المَدَائِنَ، فَوَاللهِ إِنَّهُ
لَيَخْطُبُنَا، إِذْ جَاءتْهُ البُشْرَى بِالنَّصْرِ،
فَقَالَ: أَلَمْ أُبَشِّرْكُم بِهَذَا؟
قَالُوا: بَلَى.
فَقَالَ لِي هَمْدَانِيٌّ: أَتُؤْمِنُ الآنَ؟
قُلْتُ: بِمَاذَا؟
قَالَ: بِأَنَّ المُخْتَارَ يَعْلَمُ الغَيْبَ، أَلَمْ
يَقُلْ لَنَا: إِنَّهُم هُزِمُوا؟
قُلْتُ: إِنَّمَا زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ بِنَصِيْبِيْنَ،
وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ بِالخَازِرِ (4) مِنَ
المَوْصِلِ.
قَالَ: وَاللهِ لاَ تُؤْمِنُ يَا شَعْبِيُّ حَتَّى تَرَى
العَذَابَ الأَلِيْمَ.
وَقِيْلَ: كَانَ رَجُلٌ يَقُوْلُ: قَدْ وُضِعَ لَنَا
اليَوْمَ وَحْيٌ، مَا سَمِعَ النَّاسُ بِمِثْلِهِ؛ فِيْهِ
نَبَأُ مَا يَكُوْنُ.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ عَامِرٍ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَضَعُ
لَهُم عَبْدُ اللهِ بنُ نَوْفٍ، وَيَقُوْلُ:
إِنَّ المُخْتَارَ أَمَرَنِي بِهِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْ
ذَلِكَ المُخْتَارُ.
فَقَالَ سُرَاقَةُ البَارِقِيُّ:
__________
(1) تحرف في المطبوع إلى " السباسبة " والسبائية: أتباع
عبد الله بن سبأ.
(2) أورده المؤلف في " تاريخه " 2 / 373 من طريق ابن
المبارك، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، حدثتي معبد بن خالد،
حدثني طفيل بن جعدة بن هبيرة..(3) تحرف في المطبوع إلى "
ففرقت ".
(4) قال ياقوت: الخازر: بعد الالف زاي مكسورة، وهو نهر بين
إربل والموصل، ثم بين الزاب الأعلى والموصل، وهو موضع كانت
عنده وقعة بين عبيد الله بن زياد، وإبراهيم بن مالك الاشتر
النخعي في أيام المختار في سنة 67 ه.
وانظر تفصيلها في " تاريخ الإسلام " 2 / 375 وما بعدها
للمؤلف.
(3/542)
كَفَرْتُ بِوَحْيِكُم وَجَعَلْتُ نَذْراً
... عَلَيَّ هِجَاءكُم حَتَّى المَمَاتِ
أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تَرْأَيَاهُ ... كِلاَنَا
عَالِمٌ بِالتُّرَّهَاتِ
وَوَقَعَ المَصَافُّ، فَقُتِلَ ابْنُ زِيَادٍ، قَدَّهُ
ابْنُ الأَشْتَرِ نِصْفَيْنِ.
وَكَانَ بَطَلَ النَّخَعِ، وَفَارِسَ اليَمَانِيَّةِ،
فَدَخَلَ المَوْصِلَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الجَزِيْرَةِ.
ثُمَّ وَجَّهَ المُخْتَارُ أَرْبعَةَ آلاَفِ فَارِسٍ فِي
نَصْرِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَكَلَّمُوا ابْنَ
الزُّبَيْرِ، وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الشِّعْبِ، وَأَقَامُوا
فِي خِدْمَتِه أَشْهُراً، حَتَّى بَلَغَهُم قَتْلُ
المُخْتَارِ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلِمَ مَكْرَهُ،
فَنَدَبَ لِحَرْبِهِ أَخَاهُ مُصْعَباً.
فَقَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ، وَشَبَثُ (1) بنُ
رِبْعِيٍّ إِلَى البَصْرَةِ يَسْتَصْرِخَانِ النَّاسَ
عَلَى الكَذَّابِ، ثُمَّ الْتَقَى مُصْعَبٌ وَجَيْشُ
المُخْتَارِ، فَقُتِلَ ابْنُ الأَشْعَثِ، وَعُبَيْدُ اللهِ
بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَانْفَلَّ
الكُوْفِيُّوْنَ، فَحَصَرَهُم مُصْعَبٌ فِي دَارِ
الإِمَارَةِ.
فَكَانَ المُخْتَارُ يَبْرُزُ فِي فُرْسَانِهِ،
وَيُقَاتِلُ، حَتَّى قَتَلَهُ طَرِيْفٌ الحَنَفِيُّ
وَأَخُوْهُ طَرَّافٌ، فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَسِتِّيْنَ، وَأَتَيَا بِرَأْسِهِ مُصْعَباً،
فَوَهَبَهُمَا ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَقُتِلَ مِنَ
الفَرِيْقَيْنِ سَبْعُ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ المُخْتَارُ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً.
ثُمَّ إِنَّ مُصْعَباً أَسَاءَ، فَأَمَّنَ بِقَصْرِ
الإِمَارَةِ خَلْقاً، ثُمَّ قَتَلَهُم غَدْراً، وَذُبِحَتْ
عَمْرَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ صَبْراً،
لأَنَّهَا شَهِدَتْ أَنَّ زَوْجَهَا المُخْتَارَ عَبْدٌ
صَالِحٌ.
وَأَقْبَلَ فِي نَجْدَةِ مُصْعَبٍ المُهَلَّبُ بنُ أَبِي
صُفْرَةَ فِي الرِّجَالِ وَالأَمْوَالِ.
وَلَمَّا خُذِلَ المُخْتَارُ، قَالَ لِصَاحِبِهِ: مَا مِنَ
المَوْتِ بُدٌّ، وَحَبَّذَا مَصَارِعُ الكِرَامِ.
وَقَلَّ عَلَيْهِ القُوْتُ فِي الحِصَارِ وَالمَاءُ،
وَجَاعُوا فِي القَصْرِ، فَبَرَزَ المُخْتَارُ لِلْمَوْتِ
فِي تِسْعَةَ عَشَرَ مُقَاتِلاً.
فَقَالَ المُخْتَارُ: أَتُؤَمِّنُوْنِي؟
قَالُوا: لاَ، إِلاَّ عَلَى الحُكْمِ.
قَالَ: لاَ أُحَكِّمُ فِي
__________
(1) تحرفت في المطبوع إلى " شئيت ".
(3/543)
نَفْسِي.
وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَأَمْكَنَ أَهْلُ القَصْرِ مِنْ
أَنْفُسِهِم، فَبَعَثَ إِلَيْهِم عَبَّادَ بنَ حُصَيْنٍ،
فَكَانَ يُخْرِجُهُم مُكَتَّفِيْنَ، وَيَقْتُلُهُم.
فَقَالَ رَجُلٌ لِمُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ: الحَمْدُ للهِ
الَّذِي ابْتَلاَنَا بِالأَسْرِ، وَابْتَلاَكَ أَنْ
تَعْفُوَ، وَهُمَا مَنْزِلَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا رِضَى
اللهِ، وَالأُخْرَى سَخَطُهُ، مَنْ عَفَا، عَفَا اللهُ
عَنْهُ، وَمَنْ قَتَلَ، لَمْ يَأْمَنِ القِصَاصَ، نَحْنُ
أَهْلُ قِبْلَتِكُم وَعَلَى مِلَّتِكُم، لَسْنَا تُرْكاً
وَلاَ دَيْلَماً، قَاتَلْنَا إِخْوَانَنَا كَمَا اقْتَتَلَ
أَهْلُ الشَّامِ بَيْنَهُم، ثُمَّ اصْطَلَحُوا، وَقَدْ
مَلَكْتُم، فَأَسْجِحُوا.
فَرَقَّ مُصْعَبٌ، وَهَمَّ أَنْ يَدَعَهُم، فَوَثَبَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ،
وَقَالَ: اخْتَرْنَا أَوِ اخْتَرْهُم.
وَقَالَ آخَرُ: قُتِلَ أَبِي فِي خَمْسِ مائَةٍ مِنْ
هَمْدَانَ وَتُخَلِّيْهِم؟!
وَسُمِرَتْ كَفُّ المُخْتَارِ إِلَى جَانِبِ المَسْجَدِ.
وَرَوَى: إِسْحَاقُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
جَاءَ مُصْعَبٌ يَزُوْرُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيْ
عَمِّ! أَسْأَلُكَ عَنْ قَوْمٍ خَلَعُوا الطَّاعَةَ،
وَقَاتَلُوا حَتَّى إِذَا غُلِبُوا، تَحَصَّنُوا،
وَطَلَبُوا الأَمَانَ، فَأُعْطُوا، ثُمَّ قُتِلُوا.
قَالَ: كَمِ العَدَدُ؟
قَالَ: خَمْسَةُ آلاَفٍ.
فَسَبَّحَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُصْعَبُ! لَوْ
أَنَّ امْرَءاً أَتَى مَاشِيَةَ الزُّبَيْرِ، فَذَبَحَ
مِنْهَا خَمْسَةَ آلاَفِ شَاةٍ فِي غَدَاةٍ، أَكُنْتَ
تَعُدُّهُ مُسْرِفاً؟
قَالَ: نَعَمَ.
قَالَ: فَتَرَاهُ إِسْرَافاً فِي البَهَائِمِ، وَقَتَلْتَ
مَنْ وَحَّدَ اللهَ، أَمَا كَانَ فِيهِم مُكْرَهٌ أَوْ
جَاهِلٌ تُرْجَى تَوْبَتُهُ؟! اصْبُبْ يَا ابْنَ أَخِي
مِنَ المَاءِ البَارِدِ مَا اسْتَطَعْتَ فِي دُنْيَاكَ.
وَقَدْ كَانَ المُخْتَارُ مُعْظِماً لابْنِ عُمَرَ،
يُنْفِذُ إِلَيْهِ بِالأَمْوَالِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ
تَحْتَهُ صَفِيَّةُ أُخْتُ المُخْتَارِ.
وَنَشَأَ المُخْتَارُ بِالمَدِيْنَةِ، يُعْرَفُ بِالمَيْلِ
إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى البَصْرَةِ
يُظْهِرُ بِهَا ذِكْرَ الحُسَيْنِ فِي أَيَّامِ
مُعَاوِيَةَ، فَأُخْبِرَ بِهِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ،
فَأُمْسِكَ، وَضَرَبَهُ مائَةً، وَدرَّعَهُ عَبَاءةً،
وَنَفَاهُ إِلَى الطَّائِفِ.
فَلَمَّا عَاذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالبَيْتِ، خَرَجَ
إِلَيْهِ.
(3/544)
145 - عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادِ بنِ
أَبِيْهِ أَبُو حَفْصٍ *
أَمِيْرُ العِرَاقِ، أَبُو حَفْصٍ.
وَلِيَ البَصْرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَهُ
ثِنْتَانِ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَوَلِيَ خُرَاسَانَ،
فَكَانَ أَوَّلَ عَرَبِيٍّ قَطَعَ جَيْحُوْنَ، وَافتَتَحَ
بِيْكَنْدَ (1) ، وَغَيْرَهَا.
وَكَانَ جَمِيْلَ الصُّوْرَةِ، قَبِيْحَ السَّرِيْرَةِ.
وَقِيْلَ: كَانَتْ أُمُّهُ مَرْجَانَةُ مِنْ بَنَاتِ
مُلُوْكِ الفُرْسِ.
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ بِالبَصْرَةِ
وَبَيْنَ يَدَيْهِ ثَلاَثَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ
جَاءتْهُ مِنْ خَرَاجِ أَصْبَهَانَ، وَهِيَ كَالتَّلِّ.
رَوَى: السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عُبَيْدُ اللهِ، أَمَّرَهُ مُعَاوِيَةُ،
غُلاَماً سَفِيْهاً، سَفَكَ الدِّمَاءَ سَفْكاً شَدِيْداً،
فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ، فَقَالَ:
انْتَهِ (2) عَمَّا أَرَاكَ تَصْنَعُ، فَإِنَّ شَرَّ
الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ.
قَالَ: مَا أَنْتَ وَذَاكَ؟ إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ
حُثَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -.
قَالَ: وَهَلْ كَانَ فِيْهِم حُثَالَةٌ لاَ أُمَّ لَكَ!
قَالَ: فَمَرِضَ ابْنُ مُغَفَّلٍ، فَجَاءهُ الأَمِيْرُ
عُبَيْدُ اللهِ عَائِداً، فَقَالَ: أَتَعْهَدُ إِلَيْنَا
شَيْئاً؟
قَالَ: لاَ تُصَلِّ عَلَيَّ، وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِي.
قَالَ الحَسَنُ: وَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ جَبَاناً، رَكِبَ،
فَرَأَى النَّاسَ فِي
__________
(*) المحبر: 245، 246، التاريخ الكبير 5 / 381، التاريخ
الصغير 1 / 150، 151، تاريخ الطبري 5 / 295، 316، 504 و6 /
86، مروج الذهب 3 / 282، تاريخ ابن عساكر 10 / 328 آ،
تاريخ الإسلام 3 / 43، البداية والنهاية 8 / 823، شذرات
الذهب 1 / 74.
(1) قال ياقوت: بكسر الباء، وفتح الكاف، وسكون النون: بلدة
بين بخارى وجيحون على مرحلة من بخارى.
(2) تحرفت في المطبوع إلى " انتبه ".
(3/545)
السِّكَكِ، فَقَالَ: مَا لِهَؤُلاَءِ؟
قَالُوا: مَاتَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ (1) .
وَقِيْلَ: الَّذِي خَاطَبَهُ هُوَ عَائِذُ بنُ عَمْرٍو
المُزَنِيُّ، كَمَا فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (2))،
فَلَعَلَّهَا وَاقِعَتَانِ.
وَقَدْ جَرَتْ لِعُبَيْدِ اللهِ خُطُوبٌ، وَأَبْغَضَهُ
المُسْلِمُوْنَ لِمَا فَعَلَ بِالحُسَيْنِ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ - فَلَمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيْدَ، هَرَبَ بَعْدَ
أَنْ كَادَ يُؤْسَرُ، وَاخْتَرَقَ البَرِّيَّةَ إِلَى
الشَّامِ، وَانْضَمَّ إِلَى مَرْوَانَ.
ثُمَّ سَارَ فِي جَيْشٍ كَثِيْفٍ، وَعَمِلَ المَصَافَّ
بِرَأْسِ عَيْنٍ.
وَاسْتُخْلِفَ مُعَاوِيَةُ بنُ يَزِيْدَ شَابّاً
مَلِيْحاً، وَسِيْماً، صَالِحاً، فَتَمَرَّضَ، وَمَاتَ
بَعْدَ شَهْرَيْنِ.
قِيْلَ لَهُ: اسْتَخْلِفْ.
فَقَالَ: مَا أَصَبْتُ مِنْ حَلاَوَتِهَا، فَلِمَ
أَتَحَمَّلُ مَرَارَتَهَا؟
وَعَاشَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ:
ابْنُ عَمِّهِ عُثْمَانُ بنُ عَنْبَسَةَ (3) بنِ أَبِي
سُفْيَانَ، فَأَرَادُوْهُ عَلَى الخِلاَفَةِ، فَأَبَى،
وَلَحِقَ بِخَالِهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَبَايَعَهُ.
وَهَمَّ مَرْوَانُ بِمُبَايَعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ،
فَأَتَاهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ هَارِباً مِنَ
العِرَاقِ، وَكَانَ قَدْ خَطَبَ، وَنَعَى إِلَى النَّاسِ
يَزِيْدَ، وَبَذَلَ العَطَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ
الرِّيَاحِيُّ يَدْعُو إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَالَ
إِلَيْهِ النَّاسُ.
فَقَالَ النَّاسُ لِعُبَيْدِ اللهِ: أَخْرِجْ لَنَا
إِخْوَانَنَا مِنَ السُّجُونِ - وَكَانَتْ مَمْلُوْءةً
مِنَ الخَوَارِجِ -.
قَالَ: لاَ
__________
(1) أخرجه ابن عساكر 10 / 331 / آ، ب، والزيادة منه.
(2) رقم (1830) في لامارة: باب فضيلة الامام العادل من
طريق شيبان بن فروخ، عن جرير بن حازم عن الحسن أن عائذ بن
عمرو - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - دخل
على عبيد الله بن زياد، فقال: أي بني: إني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " إن شر الرعاء الحطمة " فإياك
أن تكون منهم، فقال له: اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: وهل كانت لهم نخالة، إنما
كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم، وأخرجه أ حمد 5 / 64 من
طريق عبد الرحمن بن مهدي عن جرير بن حازم.
(3) تحرف في الأصل إلى " عتبة ".
(3/546)
تَفْعَلُوا.
فَأَبَوْا، فَأَخْرَجَهُم، فَجَعَلُوا يُبَايِعُوْنَهُ،
فَمَا تَكَامَلَ آخِرُهُم حَتَّى أَغْلَظُوا لَهُ، ثُمَّ
عَسْكَرُوا.
وَقِيْلَ: خَرَجُوا يَمْسَحُوْنَ الجُدُرَ بِأَيْدِيهِم،
وَيَقُوْلُوْنَ: هَذِهِ بَيْعَةُ ابْنِ مَرْجَانَةَ.
وَنَهَبُوا خَيْلَهُ، فَخَرَجَ لَيْلاً، وَاسْتجَارَ
بِمَسْعُوْدِ بنِ عَمْرٍو رَئِيْسِ الأَزْدِ، فَأَجَارَهُ.
وَأَمَّرَ أَهْلُ البَصْرَةِ عَلَيْهِم عَبْدَ اللهِ بنَ
الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ الهَاشِمِيَّ، فَشَدَّتِ
الخَوَارِجُ عَلَى مَسْعُوْدٍ، فَقَتَلُوْهُ، وَتَفَاقَمَ
الشَّرُّ، وَصَارُوا حِزْبَيْنِ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّاماً،
فَكَانَ عَلَى الخَوَارِجِ نَافِعُ بنُ الأَزْرَقِ،
وَفَرَّ عُبَيْدُ اللهِ قَبْلَ مَقْتَلِ مَسْعُوْدٍ فِي
مائَةٍ مِنَ الأَزْدِ إِلَى الشَّامِ، فَوَصَلَ إِلَى
الجَابِيَةِ وَهُنَاكَ بَنُو أُمَيَّةَ، فَبَايَعَ هُوَ
وَمَرْوَانُ خَالِدَ بنَ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ فِي
نِصْفِ ذِي القَعْدَةِ، ثُمَّ الْتَقَوْا هُم وَالضَّحَاكُ
بِمَرْجِ دِمَشْقَ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّاماً فِي ذِي
الحِجَّةِ.
وَكَانَ الضَّحَّاكُ بنُ قَيْسٍ فِي سِتِّيْنَ أَلْفاً،
وَالأُمَوِيَّةُ فِي ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفاً، وَأَشَارَ
عُبَيْدُ اللهِ بِمَكِيدَةٍ، فَسَأَلُوا الضَّحَّاكَ
المُوَادَعَةَ، فَأَجَابَ، فَكَبَسَهُم مَرْوَانُ،
وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ فِي عِدَّةٍ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ،
وَثَارَتِ الخَوَارِجُ بِمِصْرَ، وَدَعَوْا إِلَى ابْنِ
الزُّبَيْرِ يَظُنُّونَهُ مِنْهُم، فَبَعَثَ عَلَى مِصْرَ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ جَحْدَمٍ الفِهْرِيَّ،
وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الكُوْفَةِ عَامِرَ بنَ مَسْعُوْدٍ
الجُمَحِيَّ، وَهَدَمَ الكَعْبَةَ، وَبَنَاهَا، وَأَلْصَقَ
بَابَيْهَا بِالأَرْضِ، وَأَدْخَلَ فِيْهَا سِتَّةَ
أَذْرُعٍ مِنَ الحِجْرِ (1) .
وَأَمَّا أَكْثَرُ الشَّامِيِّيْنَ، فَبَايَعُوا مَرْوَانَ
فِي أَوَّلِ سَنَةِ خَمْسٍ، وَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ
عَلَى خُرَاسَانَ المُهَلَّبَ بنَ أَبِي صُفْرَةَ،
فَحَارَبَ الخَوَارِجَ، وَمَزَّقَهُم.
وَسَارَ
__________
(1) انظر البخاري بشرح " الفتح " 3 / 351، 358 في الحج:
باب فضل مكة وبنيانها، ومسلم (1333) (398) و(399) و(400)
و(401) و(402) و(403) و(404) في الحج: باب نقض الكعبة
وبنائها.
(3/547)
مَرْوَانُ، فَأَخَذَ مِصْرَ بَعْد حِصَارٍ
وَقِتَالٍ شَدِيْدٍ، وَتَزَوَّجَ بِوَالِدَةِ خَالِدِ بنِ
يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ،
فَمَا تَمَّ ذَلِكَ، وَقَتَلَتْهُ الزَّوْجَةُ، لِكَوْنِهِ
قَالَ لِخَالِدٍ مَرَّةً: يَا ابْنَ رَطبَةِ الاسْتِ.
وَجَهَّزَ إِلَى العِرَاقِ عُبَيْدَ اللهِ بنَ زِيَادٍ،
فَالْتَقَاهُ شِيْعَةُ الحُسَيْنِ، فَغُلِبُوا، وَكَانَ
مَعَ عُبَيْدِ اللهِ حُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ
السَّكُوْنِيُّ، وَشُرَحْبِيْلُ بنُ ذِي الكَلاَعِ،
وَأَدْهَمُ البَاهِلِيُّ، وَرَبِيْعَةُ بنُ مُخَارِقٍ،
وَحَمِيْلَةُ الخَثْعَمِيُّ، وَقَوْمُهُم.
وَكَانَتْ مَلْحَمَةً مَشْهُودَةً، فَتَوَثَّبَ
المُخْتَارُ الكَذَّابُ بِالكُوْفَةِ، وَجَهَّزَ
إِبْرَاهِيْمَ بنَ الأَشْتَرِ لِحَرْبِ عُبَيْدِ اللهِ فِي
ثَمَانِيَةِ آلاَفٍ، فَالْتَقَوْا فِي أَوَّلِ سَنَةِ
سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ بِالخَازِرِ، كَبَسَهُمُ ابْنُ
الأَشْتَرِ سَحَراً، وَالْتَحَمَ الحَرْبُ، وَقُتِلَ
خَلْقٌ، فَانْهَزَمَ الشَّامِيُّوْنَ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ
اللهِ، وَحُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ، وَشُرَحْبِيْلُ بنُ ذِي
الكَلاَعِ، وَبَعَثَ برُؤُوْسِهِم إِلَى مَكَّةَ.
ثُمَّ تَمَكَّنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَغَضِبَ عَلَى
المُخْتَارِ، وَلاَحَ لَهُ ضَلاَلُهُ، فَجَهَّزَ
لِحَرْبِهِ مُصْعَبَ بنَ الزُّبَيْرِ، فَظَفِرَ بِهِ،
وَقَتَلَ مِنْ أَعْوَانِهِ خَلاَئِقَ، وَكَتَبَ إِلَى
الجَزِيْرَةِ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَشْتَرِ: إِنْ
أَطَعْتَنِي وَبَايَعْتَ، فَلَكَ الشَّامُ.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ: إِنْ بَايَعْتَنِي،
فَلَكَ العِرَاقُ.
فَاسْتَشَارَ قُوَّادَهُ، فَتَرَدَّدُوا، فَقَالَ: لاَ
أُوثِرُ عَلَى مِصْرِي وَقَوْمِي أَحَداً.
وَسَارَ إِلَى خِدْمَةِ مُصْعَبٍ، فَكَانَ مَعَهُ إِلَى
أَنْ قُتِلاَ.
وَقَدْ كَانَتْ مَرْجَانَةُ تَقُوْلُ لابْنِهَا عُبَيْدِ
اللهِ: قَتَلْتَ ابْنَ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاَ تَرَى الجَنَّةَ - أَوْ
نَحْوَ هَذَا -.
قَالَ أَبُو اليَقْظَانِ: قُتِلَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ
زِيَادٍ يَوْمَ عَاشُورَاء سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ: عَنْ أَبِي
الطُّفَيْلِ، قَالَ: عَزَلْنَا سَبْعَةَ أَرْؤُسٍ،
(3/548)
وَغَطَّيْنَا مِنْهَا رَأْسَ حُصَيْنِ بنِ
نُمَيْرٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَجِئْتُ،
فَكَشَفْتُهَا، فَإِذَا حَيَّةٌ فِي رَأْسِ عُبَيْدِ اللهِ
تَأْكُلُ (1) .
وَصَحَّ مِنْ حَدِيْثِ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:
جِيْءَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ
وَأَصْحَابِهِ، فَأَتَيْنَاهُم وَهُم يَقُوْلُوْنَ: قَدْ
جَاءتْ، قَدْ جَاءتْ.
فَإِذَا حَيَّةٌ تَخَلَّلُ الرُّؤُوْسَ، حَتَّى دَخَلَتْ
فِي مَنْخِرِ عُبَيْدِ اللهِ، فَمَكَثَتْ هُنَيَّةً، ثُمَّ
خَرَجَتْ، وَغَابَتْ.
ثُمَّ قَالُوا: قَدْ جَاءتْ، قَدْ جَاءتْ.
فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثاً (2) .
قُلْتُ: الشِّيْعِيُّ لاَ يَطِيْبُ عَيْشُهُ حَتَّى
يَلْعَنَ هَذَا وَدُوْنَهُ، وَنَحْنُ نُبْغِضُهُم فِي
اللهِ، وَنَبْرَأُ مِنْهُم وَلاَ نَلْعَنُهُم، وَأَمْرُهُم
إِلَى اللهِ.
تَمَّ بِعَوْنهِ -تَعَالَى - الجُزءُ الثَّالِثُ مِنْ
(سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ).
وَيَلِيْهِ الجُزْءُ الرَّابِعُ، وَأَوَّلُهُ: تَرْجَمَةُ
المَجْنُوْنِ قَيْسِ بنِ المُلَوِّحِ.
__________
(1) ابن عساكر 10 / 335 آ.
(2) أخرجه الترمذي (3780) في المناقب، وقال: حسن صحيح، وهو
كما قال
(3/549)
|