سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ
التَّابِعِيْنَ
108 - أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ
الزُّهْرِيُّ * (ع)
ابْنِ عَبْدِ عَوْفٍ بنِ عَبْدِ بنِ الحَارِثِ بنِ
زُهْرَةَ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ القُرَشِيُّ،
الزُّهْرِيُّ، الحَافِظُ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ
بِالمَدِيْنَةِ.
قِيْلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ.
وَقِيْلَ: إِسْمَاعِيْل.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ بِشَيْءٍ قَلِيْلٍ؛ لِكَوْنِهِ
تُوُفِّيَ وَهَذَا صَبِيٌّ.
وَعَنْ: أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
سَلاَمٍ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ
سَلَمَةَ، وَبِنْتِهَا؛ زَيْنَبَ، وَأُمِّ سُلَيْمٍ،
وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ،
وَمُعَيْقِيْبٍ الدَّوْسِيِّ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ
شُعْبَةَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ - وَلَمْ يُدْرِكْهُ -
وَعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَحَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ،
وَثَوْبَانَ، وَحَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ،
وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ - مُرْسَلٌ - وَطَلْحَةَ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ - كَذَلِكَ - وَرَبِيْعَةَ بنِ كَعْبٍ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ
عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَزَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ،
وَنَافِعِ بنِ عَبْدِ الحَارِثِ، وَعِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثُمَّ عَنْ: بُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ، وَجَعْفَرِ بنِ عَمْرِو
بنِ أُمَيَّةَ، وَعُرْوَةَ، وَعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ،
وَغَيْرِهِم.
وَنَزَلَ، إِلَى أَنْ رَوَى عَنْ: عُمَرَ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ.
كَانَ طَلاَّبَةً لِلْعِلْمِ، فَقِيْهاً، مُجْتَهِداً،
كَبِيْرَ القَدْرِ، حُجَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عُمَرُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ،
وَابْنُ أَخِيْهِ؛ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَابْنُ
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 155، المعارف 238، المعرفة والتاريخ
1 / 558، أخبار القضاة 1 / 116، طبقات الفقهاء للشيرازي
61، تاريخ ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 149 آ، تهذيب الأسماء
واللغات القسم الأول من الجزء الثاني 240 تهذيب الكمال ص
1616، تاريخ الإسلام 4 / 76، تذكرة الحفاظ 1 / 59، العبر 1
/ 112، تذهيب التهذيب 4 / 214 ب، البداية والنهاية 9 /
116، تهذيب التهذيب 12 / 115، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 23،
خلاصة تذهيب التهذيب 145.
(4/287)
أَخِيْهِ؛ عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ سُهَيْلٍ،
وَابْنُ أَخِيْهِ؛ زُرَارَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وَعُرْوَةُ،
وَعِرَاكُ بنُ مَالِكٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَسَعِيْدٌ
المَقْبُرِيُّ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعُمَرُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ، وَنَافِعٌ العُمَرِيُّ،
وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَسَلَمَةُ
بنُ كُهَيْلٍ، وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَسَالِمٌ أَبُو
النَّضْرِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَأَبُو طُوَالَةَ،
وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الفَضْلِ
الهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي لَبِيْدٍ،
وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ،
وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَائِدَةَ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ،
وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَأَخُوْهُ؛ عَبْدُ رَبِّهِ بنُ
سَعِيْدٍ، وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بنِ جُبَيْرِ
بنِ مُطْعِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَرْمَلَةَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، وَنُوْحُ بنُ
أَبِي بِلاَلٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَة مِنَ
المَدَنِيِّيْنَ (1) : كَانَ ثِقَةً، فَقِيْهاً، كَثِيْرَ
الحَدِيْثِ، وَأُمُّهُ تُمَاضِرُ بِنْتُ الأَصْبَغِ بنِ
عَمْرٍو، مِنْ أَهْلِ دُوْمَةَ الجَنْدَلِ، أَدْرَكَتْ
حَيَاةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَهِيَ أَوَّلُ كَلْبِيَّةٍ نَكَحَهَا قُرَشِيٌّ.
وَأَرْضَعَتْهُ: أُمُّ كُلْثُوْمٍ، فَعَائِشَةُ خَالَتُهُ
مِنَ الرَّضَاعَةِ (2) .
وَرَوَى: الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: لَوْ
رَفَقْتَ بِابْنِ عَبَّاسٍ، لاَسْتَخْرَجْتَ مِنْهُ
عِلْماً كَثِيْراً (3) .
قَالَ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: كَانَ أَبُو سَلَمَةَ
يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ (4) .
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: أَبُو سَلَمَةَ
فِي زَمَانِهِ خَيْرٌ مِنِ ابْنِ عُمَرَ فِي زَمَانِهِ (5)
.
__________
(1) في الطبعة التي قدم لها د.
إحسان عباس من الطبقات، معدود في الطبقة الأولى من تابعي
المدينة، انظر طبقات ابن سعد 5 / 155 و157، ثم انظر 2 / 89
وابن عساكر 9 / 49 آ.
(2) انظر أخبار القضاة 1 / 117.
(3) المعرفة والتاريخ 1 / 559 ولفظه: " لو وقفت " وانظر
ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 150 ب.
(4) ابن سعد 5 / 156.
(5) ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 150 ب.
(4/288)
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ، إِمَامٌ.
وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ عِنْدَنَا مِنْ رِجَالِ أَهْلِ
العِلْمِ، اسْمُ أَحَدِهِم كُنْيَتُهُ؛ مِنْهُم: أَبُو
سَلَمَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ
الضَّبِّيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا البَصْرَةَ أَبُو سَلَمَةَ
فِي إِمَارَةِ بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ رَجُلاً
صَبِيْحاً، كَأَنَّ وَجْهَهُ دِيْنَارٌ هِرَقْلِيٌّ (1) .
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَجَدْتُهُم
بُحُوْراً: عُرْوَةُ، وَابْنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو
سَلَمَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ كَثِيْراً مَا يُخَالِفُ
ابْنَ عَبَّاسٍ، فَحُرِمَ لِذَلِكَ مِنْهُ عِلْماً
كَثِيْراً.
قَالَهُ: الزُّهْرِيُّ (2) .
عُقَيْلٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ:
قَدِمْتُ مِصْرَ عَلَى عَبْدِ العَزِيْزِ -يَعْنِي:
مُتَوَلِّيْهَا- وَأَنَا أُحَدِّثُ عَنْ سَعِيْدِ بنِ
المُسَيِّبِ، فَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ قَارِظٍ: مَا
أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ إِلاَّ عَنْ سَعِيْدٍ!
فَقُلْتُ: أَجَلْ.
فَقَالَ: لَقَدْ تَرَكْتَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَوْمِكَ لاَ
أَعْلَمُ أَكْثَرَ حَدِيْثاً مِنْهُمَا: عُرْوَةُ، وَأَبُو
سَلَمَةَ (3) .
قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَجَدْتُ
عُرْوَةَ بَحْراً لاَ تُكَدِّرُهُ الدِّلاَءُ.
قُلْتُ: لَمْ يُكْثِرْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَهُوَ مِنْ
عَشِيْرَتِهِ؛ رُبَّمَا كَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ،
وَإِلاَّ فَمَا أَبُو سَلَمَةَ بِدُوْنِ عُرْوَةَ فِي
سَعَةِ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (4) : تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ
بِالمَدِيْنَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فِي
خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) ابن سعد 5 / 156.
(2) انظر ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 150 ب ولفظه: " فكان
يماري ابن عباس " وفي رواية أخرى: " وكان أبو سلمة ينازع
ابن عباس في المسائل ويماريه ".
(3) ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 150 ب.
(4) في الطبقات 5 / 157.
(4/289)
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: فِي وَفَاتِهِ
وَسِنِّهِ مَا لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَاتَ
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ فِي وَفَاتِهِ
كَالأَوَّلِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا
أَبُو سَلَمَةَ زَمَن بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ
زَوَّجَ بِنْتَهُ بِمُدِّ تَمْرٍ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ:
أَنَا أَفْقَهُ مَنْ بَالَ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي المَبَارِكِ.
رَوَاهَا: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْهُ (1) .
ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ:
كَانَ أَبُو سَلَمَةَ مَعَ قَوْمٍ، فَرَأَوْا قَطِيْعاً
مِنْ غَنَمٍ، فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: اللَّهُمَّ إِنْ
كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِكَ أَنْ أَكُوْنَ خَلِيْفَةً،
فَاسْقِنَا مِنْ لَبَنِهَا.
فَانْتَهَى إِلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ تُيُوْسٌ كُلُّهَا (2)
.
قَالَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ: عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا
قَالَتْ لأَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ حَدَثٌ:
إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ الفَرُّوْجِ، يَسْمَعُ
الدِّيَكَةَ تَصِيْحُ، فَيَصِيْحُ (3) .
وَرُوِيَ عَنِ: الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
قَدِمَ أَبُو سَلَمَةَ الكُوْفَةَ، فَكَانَ يَمْشِي
بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ، فَسُئِلَ عَنْ أَعْلَمِ مَنْ
بَقِيَ، فَتَمَنَّعَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: رَجُلٌ
بَيْنَكُمَا (4) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً، أَنَّ عُمَرَ بنَ طَبَرْزَذَ (5)
أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) انظر أخبار القضاة 1 / 116 وابن عساكر نسخة (ع) 9 /
151 ب.
(2) المعرفة والتاريخ 1 / 560 وابن عساكر نسخة (ع) 9 / 152
آ.
(3) أورده ابن عساكر مطولا في نسخة (ع) 9 / 151 ب.
(4) المصدر السابق وانظر ابن سعد 5 / 156.
(5) هو المسند الكبير ابو حفص عمر بن محمد بن معمر
البغدادي المؤدب، ويعرف بابن طبرزذ المتوفى 607 ه
والطبرزذ: بذال معجمة هو السكر فارسي معرب.
تأتي ترجمته في المجلد الثالث عشر من الأصل 116 آ.
(4/290)
غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ،
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (لاَ تَشُدُّوا الرِّحَالَ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ
مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي، وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ،
وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى (1)).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ،
أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ البَطِرِ (2) ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ الرَّبَالِيُّ (3) ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ، وَالحُلْمُ
مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُم شَيْئاً
يَكْرَهُهُ، فَلْيَبْزُقْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاَثَ
مَرَّاتٍ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا،
فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ (4)).
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ (5) : عُزِلَ مَرْوَانُ
عَنِ المَدِيْنَة فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ،
وَوَلِيَهَا سَعِيْدُ بنُ العَاصِ، فَاسْتَقْضَى أَبَا
سَلَمَةَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
__________
(1) سنده حسن، وأخرجه البخاري 3 / 51، ومسلم (1397) من
طريق سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن
النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تشد الرحال إلا إلى
ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد الاقصى "
وأخرجه مسلم (827) عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ " لا
تشدوا الرحال ".
(2) هو مسند العراق نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر
البغدادي البزاز المتوفى 494 ه تأتي ترجمته في المجلد
الثاني عشر من الأصل 10 آ.
(3) نسبة إلى ربال جده، وهو حفص بن عمرو بن ربال.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه مالك في الموطأ 2 / 957 عن يحيى
بن سعيد، عن أبي سلمة، عن أبي قتادة، والبخاري 12 / 344 من
طريق يحيى بن بكير، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن
أبي سلمة، وأخرجه مسلم (2261) (2) عن القعنبي، عن سليمان
بن بلال. عن يحيى بن سعيد.
(5) في تاريخه ص 228.
(4/291)
فَلَمْ يَزَلْ قَاضِياً حَتَّى عُزِلَ
سَعِيْدٌ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
سَلَمَةُ الأَبْرَشُ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَأْتِي المَكْتَبَ، فَيَنْطَلِقُ
بِالغُلاَمِ إِلَى بَيْتِهِ، فَيُمْلِي عَلَيْهِ
الحَدِيْثَ (1).
109 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ
الزُّهْرِيُّ * (خَ، م)
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، أَبُو إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ،
العَوْفِيُّ، المَدَنِيُّ.
وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخُو أَبِي
سَلَمَةَ الفَقِيْهِ، وَحُمَيْدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ.
وَعَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَسَعْدٍ،
وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ، وَجُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ،
وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَاضِي
المَدِيْنَةِ، وَصَالِحُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَطَاءُ بنُ
أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، وَغَيْرُهُم.
وَأُمُّهُ: هِيَ المُهَاجِرَةُ أُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ
عُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ شَهِدَ حِصَارَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ سِنٍّ
عَالِيَةٍ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
__________
(1) ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 151 ب، 152 آ.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 55، طبقات خليفة ت 2076، تاريخ
البخاري 1 / 295، المعارف 237، المعرفة والتاريخ 1 / 367،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الأول 111،
الاستيعاب ت 2، تاريخ ابن عساكر 2 / 230 آ، أسد الغابة 1 /
42، تهذيب الكمال ص 59، تاريخ الإسلام 3 / 335، العبر 1 /
112، تذهيب التهذيب 1 / 38 ب، الإصابة ت 404، تهذيب
التهذيب 1 / 139، خلاصة تذهيب التهذيب 19، شذرات الذهب 1 /
111، تهذيب ابن عساكر 2 / 228.
(4/292)
110 - وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الزُّهْرِيُّ * (ع)
أَخُوْهُ وَشَقِيْقُهُ، وَخَالُهُمَا عُثْمَانُ؛ لأَنَّهُ
أَخُو أُمِّ كُلْثُوْمٍ مِنَ الأُمِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبَوَيْهِ.
وَعَنْ: خَالِهِ؛ عُثْمَانَ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ،
وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ،
وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَاضِي، وَابْنُ
أَبِي مُلَيْكَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَفْوَانُ بنُ
سُلَيْمٍ، وَقَتَادَةُ، وَآخَرُوْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَحِقَ عُمَرَ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ،
بَلْ وُلِدَ فِي أَيَّامِهِ.
وَكَانَ فَقِيْهاً، نَبِيْلاً، شَرِيْفاً.
وَثَّقَهُ: أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَمائَةٍ،
فَقَدْ وَهِمَ (1).
111 - حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِيُّ **
(ع)
شَيْخٌ، بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، عَالِمٌ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ
الثَّقَفِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ.
مَوْتُهُ قَرِيْبٌ مِنْ مَوْتِ سَمِيِّهِ: حُمَيْدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَيَرْوِي أَيْضاً عَنْ: سَعْدِ بنِ هِشَامٍ، وَأَوْلاَدِ
سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 153، طبقات خليفة ت 2075، تاريخ
البخاري 2 / 345، المعارف 238، المعرفة والتاريخ 1 / 367،
الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 225، أسد
الغابة 2 / 54، تهذيب الكمال ص 339، تاريخ الإسلام 3 /
360، العبر 1 / 113، تذهيب التهذيب 1 / 179 آ، البداية
والنهاية 9 / 140، تهذيب التهذيب 3 / 45، خلاصة تذهيب
التهذيب 94، شذرات الذهب 1 / 111.
(1) انظر ابن سعد 5 / 155.
(* *) طبقات ابن سعد 7 / 147، طبقات خليفة ت 1662، تاريخ
البخاري 2 / 346، المعرفة والتاريخ 2 / 67، الجرح والتعديل
القسم الثاني من المجلد الأول 225، أخبار أصبهان 1 / 290،
طبقات الفقهاء للشيرازي 88، تهذيب الكمال ص 339، تاريخ
الإسلام 3 / 246 و360، تذهيب التهذيب 1 / 179 آ، تهذيب
التهذيب 3 / 46، خلاصة تذهيب التهذيب 94.
(4/293)
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ
بُرَيْدَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
المُنْتَشِرِ، وَقَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ، وَأَبُو بِشْرٍ
جَعْفَرُ بنُ إِيَاسٍ، وَدَاوُدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الأَوْدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ يَقُوْل: هُوَ
أَفْقَهُ أَهْلِ البَصْرَةِ.
رَوَاهُ: مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ (1) .
وَرَوَى: هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
كَانَ حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَعْلَمَ أَهْلِ
المِصْرَيْنِ -يَعْنِي: الكُوْفَةَ وَالبَصْرَةَ-.
112 - حَسَّانُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ
الغَسَّانِيُّ أَمِيْرُ المَغْرِبِ *
وَأَمِيْرُ العَرَبِ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ حَسَّانُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ
المُنْذِرِ الغَسَّانِيُّ.
حَكَى عَنْهُ: أَبُو قَبِيْلٍ المَعَافِرِيُّ، وَكَانَ
بَطَلاً، شُجَاعاً، غَزَّاءً.
افْتَتَحَ فِي المَغْرِب بِلاَداً، وَكَانَتْ لَهُ فِي
دِمَشْقَ دَارٌ كَبِيْرَةٌ، وَقَدْ جَهَّزَهُ مُعَاوِيَةُ،
فَصَالَحَ البَرْبَرَ، وَقَرَّرَ عَلَيْهِم الخَرَاجَ،
وَحَكَمَ عَلَى المَغْرِبِ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً،
وَهَذَّبَ الإِقْلِيْمَ، إِلَى أَنْ عَزَلَهُ الوَلِيْدُ
بنُ عَبْدِ المَلِكِ، فَقَدِمَ بِأَمْوَالٍ، وَتُحَفٍ،
وَجَوَاهِرَ عَظِيْمَةٍ، ثُمَّ قَالَ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّمَا خَرَجْتُ
مُجَاهِداً للهِ، وَلَيْسَ مِثْلِي مِنْ يَخُوْنُ.
وَأَحْضَرَ خَزَائِنَ المَالِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى
وِلاَيَتِكَ.
فَأَبَى، وَحَلَفَ: أَنَّهُ لاَ يَلِي لِبَنِي أُمَيَّةَ
أَبَداً.
وَكَانَ يُدْعَى: الشَّيْخَ الأَمِيْنَ؛ لِثِقَتِهِ،
وَجَلاَلَتِهِ.
وَأَمَّا أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: فَأَرَّخَ مَوْتَ
حَسَّانٍ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
113 - الشَّعْبِيُّ عَامِرُ بنُ شَرَاحِيْلَ بن عَبْدِ بنِ
ذِي كِبَارٍ **
وَذُوْ كِبَارٍ: قَيْلٌ مِنْ أَقْيَالِ
__________
(1) انظر تاريخ البخاري 2 / 346 والمعرفة والتاريخ 2 / 68.
(*) تقدمت ترجمته ومصادرها على الصفحة 140 من هذا الجزء.
(* *) طبقات ابن سعد 6 / 246، طبقات خليفة ت 1144، تاريخ
البخاري 6 / 450، تاريخ البخاري الصغير 1 / 243، 253، 254،
المعارف 449، المعرفة والتاريخ 2 / 592، =
(4/294)
اليَمِنِ، الإِمَامُ، عَلاَّمَةُ العَصْرِ،
أَبُو عَمْرٍو الهَمْدَانِيُّ، ثُمَّ الشَّعْبِيُّ.
وَيُقَالُ: هُوَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَكَانَتْ
أُمُّهُ مِنْ سَبْيِ جَلُوْلاَءَ (1) .
مَوْلِدُهُ: فِي إِمْرَةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، لِسِتِّ
سِنِيْنَ خَلَتْ مِنْهَا، فَهَذِهِ رِوَايَةٌ.
وَقِيْلَ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، قَالَهُ
شَبَابٌ (2) .
وَكَانَتْ جَلُوْلاَءُ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ (3) .
وَرَوَى: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: وُلِدْتُ عَامَ
جَلُوْلاَءَ (4) .
فَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، وَلَيْسَ السَّرِيُّ
بِمُعْتَمَدٍ، قَدِ اتُّهِمَ.
وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ: وُلِدَ الشَّعْبِيُّ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ (5).
__________
= أخبار القضاة 2 / 413، المنتخب من ذيل المذيل للطبري
635، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثالث 322،
الاكليل 8 / 145، الحلية 4 / 310، طبقات الشافعية للعبادي
58، تاريخ بغداد 12 / 227، طبقات الفقهاء للشيرازي 81، سمط
اللآلي 751، الجمع بين رجال الصحيحين 377، تاريخ ابن عساكر
(عاصم عايذ) 138، والاصل (س) 8 / 342 ب، طبقات فقهاء اليمن
70، اللباب 2 / 21، معجم البلدان (شعب)، وفيات الأعيان 3 /
12، تهذيب الكمال ص 642، تاريخ الإسلام 4 / 130، تذكرة
الحفاظ 1 / 74، العبر 1 / 127، تذهيب التهذيب 2 / 114 آ،
البداية والنهاية 9 / 230، غاية النهاية ت 1500، طبقات
المعتزلة 130، 139، تهذيب التهذيب 5 / 65، النجوم الزاهرة
1 / 253، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 32، خلاصة تذهيب التهذيب
184، شذرات الذهب 1 / 126، تهذيب ابن عساكر 7 / 141.
(1) انظر أخبار القضاة 2 / 425 وتاريخ بغداد 12 / 227
وجلولاء: قرية بناحية فارس كانت بها
الوقعة المشهورة التي انتصر فيها المسلمون سنة 16 ه.
وموضعها اليوم في العراق، مرحلة قزرلرباط (أي الرباط
الاحمر) سمتها الحكومة العراقية بالسعدية.
انظر معجم البلدان وبلدان الخلافة الشرقية ص 87 ووفيات
الأعيان 3 / 16.
وانظر خبر الوقعة في الطبري 4 / 24.
(2) هو خليفة بن خياط في تاريخه ص 149.
(3) في الطبري وابن الأثير ومعجم البلدان سنة 16 ه، وفي
تاريخ خليفة: ومعجم ما استعجم سنة 17 كما هنا وقيل: سنة
تسع عشرة.
(4) ابن عساكر (عاصم عايذ) 141.
(5) المصدر السابق ص 142.
(4/295)
وَيُقَارِبُهَا: رِوَايَةُ حَجَّاجٍ
الأَعْوَرِ، عَنْ شُعْبَةَ:
قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ: الشَّعْبِيُّ أَكْبَرُ مِنِّي
بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ (1) .
قُلْتُ: وَإِنَّمَا وُلِدَ أَبُو إِسْحَاقَ بَعْد سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ (2) : هُوَ مِنْ حِمْيَرٍ،
وَعِدَادُهُ فِي هَمْدَانَ.
قُلْتُ: رَأَى عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَصَلَّى
خَلْفَهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: عِدَّةٍ مِنْ كُبَرَاءِ الصَّحَابَةِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيْدِ
بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَدِيِّ بنِ
حَاتِمٍ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ
البَدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعْدٍ،
وَعَائِشَةَ، وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ،
وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ،
وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ سَمُرَةَ، وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ،
وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، وَالبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ،
وَزَيْدِ بن أَرْقَمَ، وَبُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ،
وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَحُبْشِيِّ بنِ جُنَادَةَ،
وَالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيِّ، وَوَهْبِ بنِ
خَنْبَشٍ الطَّائِيِّ، وَعُرْوَةَ بنِ مُضَرِّسٍ،
وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ،
وَأَبِي سَرِيْحَةَ الغِفَارِيِّ، وَمَيْمُوْنَةَ، وَأُمِّ
سَلَمَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَفَاطِمَةَ
بِنْتِ قَيْسٍ، وَأُمِّ هَانِئ، وَأَبِي جُحَيْفَةَ
السُّوَائِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبْزَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ،
وَالمِقْدَامِ بن مَعْدِ يْكَرِبَ، وَعَامِرِ بنِ شَهْرٍ،
وَعُرْوَةَ بنِ الجَعْدِ البَارِقِيِّ، وَعَوْفِ بنِ
مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُطِيْعِ بنِ
الأَسْوَدِ العَدَوِيِّ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ صَيْفِيٍّ، وَغَيْرِ هَؤُلاَءِ
الخَمْسِيْنَ مِنَ الصَّحَابَةِ.
__________
(1) انظر أخبار القضاة 2 / 426.
(2) في الطبقات 6 / 246.
(4/296)
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ،
وَالحَارِثِ الأَعْوَرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي
لَيْلَى، وَالقَاضِي شُرَيْحٍ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ،
وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ،
وَمَكْحُوْلٌ الشَّامِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الغُدَانِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ،
وَمُغِيْرَةُ بنُ مِقْسَمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ،
وَمُجَالِدٌ، وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنُ
أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي
عِيْسَى الحَنَّاطُ (1) ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ
المَنْتُوْفُ، وَأَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ، وَأُمَمٌ
سِوَاهُم.
وَقَبِيْلَتُهُ: مَنْ كَانَ مِنْهُم بِالكُوْفَةِ، قِيْلَ:
شَعْبِيٌّ.
وَمَنْ كَانَ بِمِصْرَ، قِيْلَ: الأُشْعُوْبِيُّ.
وَمَنْ كَانَ بِاليَمَنِ، قِيْلَ لَهُم: آلُ ذِي
شَعْبَيْنِ.
وَمَنْ كَانَ بِالشَّامِ، قِيْلَ: الشَّعْبَانِيُّ.
وَأُرَى قَبِيْلَةَ شَعْبَانَ نَزَلَتْ بِمَرْجِ كَفْرَ
بَطْنَا (2) ، فَعُرِفَ بِهِم، وَهُمْ جَمِيْعاً وَلَدُ
حَسَّانِ بنِ عَمْرِو بنِ شَعْبَيْنِ (3) .
قَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: فَبَنُو عَلِيِّ بنِ
حَسَّانِ بنِ عَمْرٍو رَهْطُ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ،
دَخَلُوا فِي جُمْهُوْرِ هَمْدَانَ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ
تَوْءماً ضَئِيْلاً، فَكَانَ يَقُوْلُ: إِنِّي زُوْحِمْتُ
فِي الرَّحِمِ.
قَالَ: وَأَقَامَ فِي المَدِيْنَة ثَمَانِيَة أَشْهُرٍ
هَارِباً مِنَ المُخْتَارِ، فَسَمِع مِنِ ابْنِ عُمَرَ،
وَتَعَلَّمَ الحِسَابَ مِنَ الحَارِثِ الأَعْوَرِ، وَكَانَ
حَافِظاً، وَمَا كَتَبَ شَيْئاً قَطُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (4) : أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مُرَّةَ الشَّعْبَانِيُّ، حَدَّثَنِي
__________
(1) ثلثه ابن ماكولا تبعا للدار قطني، فإنه قال: وعيسى بن
أبي عيسى الحباط والحناط والخياط، وهو يشتهر بالحاء
والنون.
انظر المشتبه للمؤلف 252.
(2) من قرى غوطة دمشق (الشرقية) من إقليم داعية، تقع إلى
الغرب من قرية " جسرين " انظر معجم البلدان وغوطة دمشق
لمحمد كرد علي.
(3) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 145، 146.
(4) في الطبقات 6 / 246.
(4/297)
أَشْيَاخٌ مِنْ شَعْبَانَ؛ مِنْهُم:
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ - وَكَانَ عَالِماً -:
أَنَّ مَطَراً أَصَابَ اليَمَنَ، فَجَحَفَ السَّيْلُ
مَوْضِعاً، فَأَبْدَى عَنْ أَزَجٍ (1) عَلَيْهِ بَابٌ مِنْ
حِجَارَةٍ، فَكُسِرَ الغَلَقُ، وَدُخِلَ، فَإِذَا بَهُوٌ
عَظِيْمٌ، فِيْهِ سَرِيْرٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِذَا عَلَيْهِ
رَجُلٌ، شَبَرْنَاهُ فَإِذَا طُوْلُهُ اثْنَا عَشَرَ
شِبْراً، وَإِذَا عَلَيْهِ جِبَابٌ مِنْ وَشْيٍ
مَنْسُوْجَةٌ بِالذَّهَبِ، وَإِلَى جَنْبِهِ مِحْجَنٌ مِنْ
ذَهَبٍ، عَلَى رَأْسِهِ يَاقُوْتَةٌ حَمْرَاءُ، وَإِذَا
رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، لَهُ ضَفْرَانِ،
وَإِلَى جَنْبِهِ لَوْحٌ مَكْتُوْبٌ فِيْهِ
بِالحِمْيَرِيَّةِ:
بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ رَبَّ حِمْيَرٍ، أَنَا حَسَّانُ بنُ
عَمْرٍو القَيْلُ (2) ، إِذْ لاَ قَيْلَ إِلاَّ اللهُ،
عِشْتُ بِأَمَلٍ، وَمُتُّ بِأَجِلٍ؛ أَيَّامَ وَخْزِهَيْدَ
(3) ، وَمَا وَخْزُهَيْدُ؟ هَلَكَ فِيْهِ اثْنَا عَشَرَ
أَلْفَ قَيْلٍ، فَكُنْتُ آخِرَهُم قَيْلاً، فَأَتَيْتُ
جَبَلَ ذِي شَعْبَيْنِ؛ لِيُجِيْرَنِي مِنَ المَوْتِ،
فَأَخْفَرَنِي.
وَإِلَى جَنْبِهِ سَيْفٌ مَكْتُوْبٌ فِيْهِ: أَنَا قَيْلٌ،
بِي يُدْرَكُ الثَّأْرُ.
شُعْبَةُ: عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ خَمْسَ مائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (4)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ (5) .
هُشَيْمٌ: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَالِمٍ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
مَا مَاتَ ذُوْ قَرَابَةٍ
__________
(1) الازج: بناء مستطيل مقوس السقف.
(2) القيل: الملك من ملوك حمير يتقيل من قبله من ملوكهم
(يشبهه) (لسان).
(3) في الأصل: " وخزهيذ " بالذال المعجمة، وما أثبتناه من
الاشتقاق والتاج.
وال " وخز ": الطعن النافذ، أو هو الطاعون.
و" هيد " قال ياقوت في معجم البلدان: وأيام هيد أيام موتان
كانت في الجاهلية في الدهر الأول، قيل: مات فيها.
اثنا عشر ألفا.
هكذا ذكره العمراني في أسماء الاماكن ولا أدري ما معناه.
اه.
انظر ابن سعد 6 / 246، والاشتقاق 524 وابن عساكر (عاصم
عايذ) 144، 145.
(4) التاريخ الصغير للبخاري 1 / 253، 254 وأخبار القضاة 2
/ 428.
(5) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 167 وما بعدها.
(4/298)
لِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، إِلاَّ وَقَضَيْتُ
عَنْهُ، وَلاَ ضَرَبْتُ مَمْلُوْكاً لِي قَطُّ، وَلاَ
حَلَلْتُ حَبْوَتِي إِلَى شَيْءٍ مِمَّا يَنْظُرُ
النَّاسُ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ كَانَ أَفْقَهَ مِنَ
الشَّعْبِيِّ.
قُلْتُ: وَلاَ شُرَيْحٌ؟
فَغَضِبَ، وَقَالَ: إِنَّ شُرَيْحاً لَمْ أَنْظُرْ
أَمْرَهُ (1) .
زَائِدَةُ: عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ فِي أَصْحَابِ المُلاَّ،
فَأَقْبَلَ الشَّعْبِيُّ، فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيْمُ،
فَقَالَ لَهُ: يَا أَعْوَرُ، لَوْ أَنَّ أَصْحَابِي
أَبْصَرُوْكَ.
ثُمَّ جَاءَ، فَجَلَسَ فِي مَوْضِعِ إِبْرَاهِيْمَ.
سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ مِنَ الشَّعْبِيِّ، إِلاَّ
سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، وَلاَ طَاوُوْسَ، وَلاَ
عَطَاءً، وَلاَ الحَسَنَ، وَلاَ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَقَدْ
رَأَيْتُ كُلَّهُم.
عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا جَرِيْرُ بنُ
أَيُّوْبَ، قَالَ:
سَأَلَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ عَنْ وَلَدِ الزِّنَى: شَرُّ
الثَّلاَثَةِ هُوَ (2) ؟
فَقَالَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَرُجِمَتْ أُمُّهُ وَهُوَ
فِي بَطْنِهَا، وَلَمْ تُؤَخَّرْ حَتَّى تَلِدَ.
__________
(1) ابن عساكر (عاصم عايذ) 170 ولفظه: " لم أبطن أمره ".
(2) يشير إلى الحديث الذي أخرجه أحمد 2 / 311، وأبو داود
(3963) والحاكم 2 / 214 من طريق جرير عن سهيل عن أبي صالح
عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " ولد الزنى شر الثلاثة " وسهيل بن أبي صالح ثقة
لكنه تغير حفظه بأخرة، وأخرجه الحاكم 2 / 215 من طريق أخرى
عن أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة،
وأخرجه الحاكم أيضا من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن
إسحاق، عن الزهري، عن عروة قال: بلغ عائشة رضي الله عنها
أن أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ولد الزنى شر الثلاثة " فقالت: رحم الله أبا هريرة، أساء
سمعا فأساء إصابة، لم يكن الحديث على هذا، إنما كان رجل من
المنافقين يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " من
يعذرني من فلان " قيل: يارسول الله، مع ما به ولد زنى،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هو شر الثلاثة "
والله عزوجل يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى).
وسلمة بن الفضل مختلف فيه.
وباقي رجاله ثقات وأخرج عبد الرزاق في " المصنف " =
(4/299)
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا حُرٌّ، عَنْ
مُغِيْرَةَ:
قَالَ رَجُلٌ مِنَ الكَيْسَانِيَّةِ (1) عِنْدَ
الشَّعْبِيِّ: كَانَتْ عَائِشَةُ مِنْ أَبْغَضِ زَوْجَاتِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِ.
قَالَ: خَالَفْتَ سُنَّةَ نَبِيِّكَ.
عَلِيُّ بنُ القَاسِمِ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ:
قَالَ لِي ابْنُ سِيْرِيْنَ: الْزَمِ الشَّعْبِيَّ،
فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُسْتَفْتَى وَأَصْحَابُ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مُتَوَافِرُوْنَ (2) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ فِي كِتَابِ
(الحِكْمَةِ):
قِيْلَ لِلشَّعْبِيِّ: مِنْ أَيْنَ لَكَ كُلُّ هَذَا
العِلْمِ؟
قَالَ: بِنَفْيِ الاغْتِمَامِ، وَالسَّيْرِ فِي البِلاَدِ،
وَصَبْرٍ كَصَبْرِ الحَمَامِ، وَبُكُوْرٍ كَبُكُوْرِ
الغُرَابِ (3) .
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عُلَمَاءُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ:
ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَالشَّعْبِيُّ فِي
زَمَانِهِ، وَالثَّوْرِيُّ فِي زَمَانِهِ (4) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (5) : كَانَ الشَّعْبِيُّ ضَئِيْلاً،
نَحِيْفاً، وُلِدَ هُوَ وَأَخٌ لَهُ تَوْءماً.
__________
= (13860) من طريق معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن
عائشة، قالت: كان إذا قيل لها: هو شر الثلاثة، عابت ذلك،
وقالت: ما عليه من وزر أبويه، قال الله: (لاتزر وازرة وزر
أخرى) وإسناده صحيح، وأخرجه أيضا (13861) من طريق الثوري
عن هشام بن عروة، عن أبيه وأخرج أحمد 6 / 109 عن عائشة
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هو أشر الثلاثة
إذا عمل بعمل أبويه " وإسناده ضعيف.
وأخرجه البيهقي في سننه 10 / 58 وقال ليس بالقوي، وقد روى
مثله بإسناد ضعيف عن ابن عباس، وقال صاحب الاستذكار: قد
أنكر ابن عباس على من روى في ولد الزنى أنه شر الثلاثة،
وقال: لو كان شر الثلاثة ما استوني بأمه أن ترجم حتى تضعه.
رواه ابن وهب عن معاوية بن صالح، عن علي بن طلحة عن ابن
عباس.
(1) الكيسانية هم أتباع كيسان مولى علي رضي الله عنه،
وقيل: كيسان لقب المختار الثقفي، والكيسانية فرقة شيعية
اعتقدت بإمامها بأنه محيط بالعلوم كلها، ويجمعهم القول بأن
الدين طاعة رجل، فحملهم ذلك على تأويل الاركان الشرعية على
رجال فعطلوها.
انظر الملل والنحل 1 / 147، والمقالات والفرق 21،
والفاطميون في مصر 34، والتاج (كيس).
(2) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 166.
(3) ابن عساكر (عاصم عايذ) 163 ولفظه: " وصبر كصبر الحمار
".
(4) تاريخ بغداد 12 / 227 وانظر أخبار القضاة 2 / 421.
(5) في الطبقات 6 / 247.
(4/300)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
العِجْلِيُّ: سَمِعَ الشَّعْبِيُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ
وَأَرْبَعِيْنَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: وَلاَ يَكَادُ يُرْسِلُ إِلاَّ صَحِيْحاً.
رَوَى: عَقِيْلُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ،
عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ الغُدَانِيِّ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ خَمْسَ مائَةِ صَحَابِيٍّ، أَوْ أَكْثَرَ،
يَقُوْلُوْنَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ،
وَعَلِيٌّ (1) .
وَأَمَّا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، فَرَوَاهُ عَنْ
شُعْبَةَ، وَفِيْهِ: يَقُوْلُوْنَ: عَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ،
وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ (2) .
ابْنُ فُضَيْلٍ: عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، سَمِعْتُ
الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ:
مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ إِلَى يَوْمِي
هَذَا، وَلاَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِحَدِيْثٍ قَطُّ إِلاَّ
حَفِظْتُهُ، وَلاَ أَحْبَبْتُ أَنَّ يُعِيْدَهُ عَلَيَّ
(3) .
هَذَا سَمَاعُنَا فِي (مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ).
أَنْبَأَنَا مَالِكُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
فُضَيْلٍ:
فَكَأَنَّ الشَّعْبِيَّ يُخَاطِبُكَ بِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ
عَلَى أَنَّهُ أُمِّيٌّ، لاَ كَتَبَ وَلاَ قَرَأَ.
الفَسَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ (4)): حَدَّثَنَا
الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ
شُبْرُمَةَ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ:
مَا سَمِعْتُ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً رَجُلاً يُحَدِّثُ
بِحَدِيْثٍ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ
نَسِيْتُ مِنَ العِلْمِ مَا لَوْ حَفِظَهُ رَجُلٌ لَكَانَ
بِهِ عَالِماً.
نُوْحُ بنُ قَيْسٍ: عَنْ يُوْنُسَ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ
وَادِعٍ الرَّاسِبِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ،
__________
(1) ابن عساكر (عاصم عايذ) 155، 156.
(2) المصدر السابق 156.
(3) المصدر السابق 157 وانظر ابن سعد 6 / 249 وتاريخ بغداد
2 / 229.
(4) 3 / 372 وهو في قسم النصوص المقتبسة من المجلد
المفقود.
والخبر في تاريخ بغداد 12 / 229 وانظر ابن عساكر (عاصم
عايذ) 158.
(4/301)
قَالَ: مَا أَرْوِي شَيْئاً أَقَلَّ مِنَ
الشِّعْرِ، وَلَوْ شِئْتُ، لأَنْشَدْتُكُم شَهْراً لاَ
أُعِيْدُ (1) .
وَرُوِيَتْ عَنْ: نُوْحٍ مَرَّةً، فَقَالَ: عَنْ يُوْنُسَ،
وَوَادِعٍ.
مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ
يَقُوْلُ:
كَانَ عُمَرُ فِي زَمَانِهِ رَأْسَ النَّاسِ وَهُوَ
جَامِعٌ، وَكَانَ بَعْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ،
وَكَانَ بَعْدَهُ الشَّعْبِيُّ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ
بَعْدَهُ الثَّوْرِيُّ فِي زَمَانِهِ، ثُمَّ كَانَ
بَعْدَهُ يَحْيَى بنُ آدَمَ (2) .
شَرِيْكٌ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:
مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِالشَّعْبِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ
المَغَازِي، فَقَالَ: كَأَنَّ هَذَا كَانَ شَاهِداً
مَعَنَا، وَلَهُوَ أَحْفَظُ لَهَا مِنِّي وَأَعْلَمُ (3) .
أَشْعَبُ بنُ سَوَّارٍ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، وَلِلشَّعْبِيِّ حَلْقَةٌ
عَظِيْمَةٌ، وَالصَّحَابَةُ يَوْمَئِذٍ كَثِيْرٌ (4) .
ابْن عُيَيْنَةَ: عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ:
مَا جَالَسْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
وَقَالَ عَاصِمُ بنُ سُلَيْمَانَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ أَهْلِ الكُوْفَةِ وَالبَصْرَةِ
وَالحِجَازِ وَالآفَاقِ مِنَ الشَّعْبِيِّ (4) .
أَبُو مُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَلاَ تَعْجَبُوْنَ مِنْ هَذَا
الأَعْوَرِ؟! يَأْتِيْنِي بِاللَّيْلِ، فَيَسْأَلُنِي،
وَيُفْتِي بِالنَّهَارِ - يَعْنِي: إِبْرَاهِيْمَ - (5).
أَبُو شِهَابٍ: عَنِ الصَّلْتِ بنِ بَهْرَامَ، قَالَ: مَا
بَلَغَ أَحَدٌ مَبْلَغَ الشَّعْبِيِّ أَكْثَرَ مِنْهُ
يَقُوْلُ: لاَ أَدْرِي (6) .
__________
(1) ابن عساكر (عاصم عايذ) 160.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق 164.
(4) الحلية 4 / 310.
(5) المعرفة والتاريخ 2 / 603.
(6) ابن سعد 6 / 250.
(4/302)
أَبُو عَاصِمٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا جَاءهُ شَيْءٌ اتَّقَاهُ،
وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ يَقُوْلُ وَيَقُوْلُ (1) .
جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ صَاحِبَ قِيَاسٍ، وَالشَّعْبِيُّ
صَاحِبَ آثَارٍ (2) .
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ:
كَانَ الشَّعْبِيُّ مُنْبَسِطاً، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ
مُنْقَبِضاً، فَإِذَا وَقَعَتِ الفَتْوَى، انْقَبَضَ
الشَّعْبِيُّ، وَانْبَسَطَ إِبْرَاهِيْمُ (2) .
وَقَالَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ: مَا اجْتَمَعَ
الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ، إِلاَّ سَكَتَ
إِبْرَاهِيْمُ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الجَابِيَةِ الفَرَّاءُ،
قَالَ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّا لَسْنَا بِالفُقَهَاءِ،
وَلَكِنَّا سَمِعنَا الحَدِيْثَ فَرَوَيْنَاهُ، وَلَكِنَّ
الفُقَهَاءَ مَنْ إِذَا عَلِمَ، عَمِلَ (3) .
مَالِكُ بنُ مِغْولٍ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْل:
لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ عَلِمْتُ مِنْ ذَا العِلْمِ شَيْئاً
(4) .
قُلْتُ: لأَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى العَالِمِ، فَيَنْبَغِي
أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، ويُنَبِّهَ الجَاهِلَ، فَيَأْمُرَهُ
وَيَنْهَاهُ، وَلأَنَّهُ مَظِنَّةٌ أَنْ لاَ يُخْلِصَ
فِيْهِ، وَأَن يَفْتَخِرَ بِهِ، ويُمَارِيَ بِهِ،
لِيَنَالَ رِئَاسَةً، ودُنْيَا فَانِيَةً.
الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ
شُبْرُمَةَ:
سُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْ فِيْهِ،
فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: أَبُو عَمْرٍو يَقُوْلُ فِيْهِ
كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ الشَّعْبِيُّ:
__________
(1) ابن عساكر (عاصم عايذ) 176.
(2) المصدر السابق 177.
(3) المصدر السابق 178 وانظر الحلية 4 / 311.
(4) ابن عساكر (عاصم عايذ) 178.
(4/303)
هَذَا فِي المَحْيَا، فَأَنْتَ فِي
المَمَاتِ عَلَيَّ أَكْذَبُ (1) .
قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: وَجَّهَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ
مَرْوَانَ الشَّعْبِيَّ إِلَى مَلِكِ الرُّوْمِ -يَعْنِي:
رَسُوْلاً- فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ:
يَا شَعْبِيُّ، أَتَدْرِي مَا كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ مَلِكُ
الرُّوْمِ؟
قَالَ: وَمَا كَتَبَ بِهِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟
قَالَ: كُنْتُ أَتَعَجَّبُ لأَهْلِ دِيَانَتِكَ، كَيْفَ
لَمْ يَسْتَخْلِفُوا عَلَيْهِم رَسُوْلَكَ؟!
قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، لأَنَّهُ رَآنِي
وَلَمْ يَرَكْ (2) .
أَوْرَدَهَا: الأَصْمَعِيُّ؛ وَفِيْهَا قَالَ: يَا
شَعْبِيُّ، إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُغْرِيَنِي بِقَتْلِكَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ الرُّوْمِ، فَقَالَ: للهِ
أَبُوْهُ! وَاللهِ مَا أَرَدْتُ إِلاَّ ذَاكَ (2) .
يُوْسُفُ بنُ بَهْلُوْلٍ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا جَابِرُ
بنُ نُوْحٍ، حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ،
قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ الحَجَّاجُ، سَأَلنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ
العِلْمِ، فَوَجَدَنِي بِهَا عَارِفاً، فَجَعَلَنِي
عَرِيْفاً عَلَى قَوْمِي الشَّعْبِيِّيْنَ، وَمَنْكِباً
(3) عَلَى جَمِيْعِ هَمْدَانَ، وَفَرَضَ لِي، فَلَمْ
أَزَلْ عِنْدَهُ بِأَحْسَنِ مَنْزِلَةٍ حَتَّى كَانَ
شَأْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَشْعَثِ، فَأَتَانِي
قُرَّاءُ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا
عَمْرٍو، إِنَّكَ زَعِيْمُ القُرَّاءِ.
فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُم، فَقُمْتُ
بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَذْكُرُ الحَجَّاجَ، وَأَعِيْبُهُ
بِأَشْيَاءَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ:
أَلاَ تَعْجَبُوْنَ مِنْ هَذَا الخَبِيْثِ؟! أَمَا لَئِنْ
أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ، لأَجْعَلَنَّ الدُّنْيَا
عَلَيْهِ أَضْيَقَ مِنْ مَسْكِ جَمَلٍ (4) .
قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا أَنْ هُزِمْنَا، فَجِئْتُ إِلَى
بَيْتِي، وَأَغْلَقْتُ عَلَيَّ، فَمَكَثْتُ تِسْعَةَ
أَشْهُرٍ، فَنَدَبَ النَّاسَ لِخُرَاسَانَ، فَقَامَ
قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ، فَقَالَ: أَنَا لَهَا.
فَعَقَدَ لَهُ عَلَى خُرَاسَانَ، فَنَادَى مُنَادِيْهِ:
مَنْ لَحِقَ بِعَسْكَرِ قُتَيْبَةَ، فَهُوَ آمِنٌ.
فَاشْتَرَى مَوْلَىً لِي حِمَاراً، وَزَوَّدَنِي، ثُمَّ
خَرَجْتُ، فَكُنْتُ فِي العَسْكَرِ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ
حَتَّى أَتَيْنَا فَرْغَانَةَ (5) ؛
__________
(1) المصدر السابق 178، 179.
(2) المصدر السابق 199.
(3) قال الليث: منكب القوم رأس العرفاء.
(4) المسك: الجلد، ولفظ ابن عساكر حمل) بالمهملة.
(5) فرغانة: مدينة وكورة واسعة بما وراء النهر، متاخمة
لبلاد تركستان في زاوية من ناحية =
(4/304)
فَجَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ بَرِقَ (1) ،
فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ،
عِنْدِي عِلْمُ مَا تُرِيْدُ.
فَقَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: أُعِيْذُكَ أَلاَّ تَسْأَلَ عَنْ ذَاكَ.
فَعَرَفَ أَنِّي مِمَّنْ يُخْفِي نَفْسَهُ، فَدَعَا
بِكِتَابٍ، فَقَالَ: اكْتُبْ نُسْخَةً.
قُلْتُ: لاَ تَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ.
فَجَعَلْتُ أُمِلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَنْظُرُ، حَتَّى
فَرَغَ مِنْ كِتَابِ الفَتْحِ.
قَالَ: فَحَمَلَنِي عَلَى بَغْلَةٍ، وَأَرْسَلَ إِلَيَّ
بِسَرَقٍ (2) مِنْ حَرِيْرٍ، وَكُنْتُ عِنْدَهُ فِي
أَحْسَنِ مَنْزِلَةٍ، فَإِنِّي لَيْلَةً أَتَعَشَّى
مَعَهُ، إِذَا أَنَا بِرَسُوْلِ الحَجَّاجِ بِكِتَابٍ
فِيْهِ:
إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا، فَإِنَّ صَاحِبَ
كِتَابِكَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، فَإِنْ فَاتَكَ، قَطَعْتُ
يَدَكَ عَلَى رِجْلِكَ، وَعَزَلْتُكَ.
قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، وَقَالَ: مَا عَرَفْتُكَ
قَبْلَ السَّاعَةِ، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ
الأَرْضِ، فَوَاللهِ لأَحْلِفَنَّ لَهُ بِكُلِّ يَمِيْنٍ.
فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيْر، إِنَّ مِثْلِي لاَ يَخْفَى.
فَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ.
قَالَ: فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ، وَقَالَ: إِذَا وَصَلْتُمْ
إِلَى خَضْرَاءِ وَاسِطَ، فَقَيِّدُوْهُ، ثُمَّ
أَدْخِلُوْهُ عَلَى الحَجَّاجِ.
فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْ وَاسِطٍ، اسْتَقْبَلَنِي ابْنُ
أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ:
يَا أَبَا عَمْرٍو، إِنِّي لأَضِنُّ بِكَ عَنِ القَتْلِ،
إِذَا دَخَلْتَ عَلَى الأَمِيْرِ، فَقُلْ كَذَا، وَقُلْ
كَذَا.
فَلَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، وَرَآنِي، قَالَ: لاَ
مَرْحَباً وَلاَ أَهْلاً، جِئْتَنِي وَلَسْتَ فِي
الشَّرَفِ مِنْ قَوْمِكَ، وَلاَ عرِيْفاً، فَفَعَلْتَ
وَفَعَلْتَ، ثُمَّ خَرَجْتَ عَلَيَّ.
وَأَنَا سَاكِتٌ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ.
فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، كُلُّ مَا قُلْتَهُ
حَقٌّ، وَلَكِنَّا قَدِ اكْتَحَلْنَا بَعْدَكَ السَّهَرَ،
وَتَحَلَّسْنَا (3) الخَوْفَ، وَلَمْ نَكُنْ مَعَ ذَلِكَ
بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ،
فَهَذَا أَوَانُ حَقَنْتَ لِي دَمِي، وَاسْتَقْبَلْتَ بِيَ
التَّوْبَةَ.
قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ (4).
__________
= هيطل من جهة مطلع الشمس على يمين القاصد لبلاد الترك.
اه.
معجم البلدان.
(1) برق: تحير.
(2) السرق: مفردها سرقة، وهي القطعة من جيد الجرير.
(3) انظر الصفحة التالية 306 حاشية (1).
(4) أورد ابن عساكر الخبر مطولا (عاصم عايذ) 208 وما
بعدها، وما بين الحاصرتين منه.
(4/305)
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا أُدْخِلَ
الشَّعْبِيُّ عَلَى الحَجَّاجِ، قَالَ: هِيْه يَا
شَعْبِيُّ!
فَقَالَ: أَحْزَنَ بِنَا المَنْزِلُ، وَاسْتَحْلَسْنَا
الخَوْفَ (1) ، فَلَمْ نَكُنْ فِيْمَا فَعَلْنَا بَرَرَةً
أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ.
فَقَالَ: للهِ دَرُّكَ (2) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (3) : قَالَ أَصْحَابُنَا:
كَانَ الشَّعْبِيُّ فِيْمَنْ خَرَجَ مَعَ القُرَّاءِ عَلَى
الحَجَّاجِ، ثُمَّ اخْتَفَى زَمَاناً، وَكَانَ يَكْتُبُ
إِلَى يَزِيْدَ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يُكَلِّمَ فِيْهِ
الحَجَّاجَ.
قُلْتُ: خَرَجَ القُرَّاءُ وَهُمْ أَهْلُ القُرْآنِ
وَالصَّلاَحِ بِالعِرَاقِ عَلَى الحَجَّاجِ؛ لِظُلْمِهِ
وَتَأْخِيْرِهِ الصَّلاَةَ وَالجَمْعِ فِي الحَضَرِ،
وَكَانَ ذَلِكَ مَذْهَباً وَاهِياً لِبَنِي أُمَيَّةَ،
كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: (يَكُوْنُ عَلَيْكُم أُمَرَاءُ يُمِيْتُوْنَ
الصَّلاَةَ) (4) .
فَخَرَجَ عَلَى الحَجَّاجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ، وَكَانَ شَرِيْفاً،
مُطَاعاً، وَجَدَّتُهُ أُخْتُ الصِّدِّيْقِ، فَالْتَفَّ
(5) عَلَى مائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيْدُوْنَ، وَضَاقَتْ
عَلَى الحَجَّاجِ الدُّنْيَا، وَكَادَ أَنْ يَزُوْلَ
مُلْكُهُ، وَهَزَمُوْهُ مَرَّاتٍ، وَعَايَنَ التَّلَفَ،
وَهُوَ ثَابِتٌ مِقْدَامٌ، إِلَى أَنِ انْتَصَرَ،
وَتَمَزَّقَ جَمْعُ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَقُتِلَ خَلْقٌ
__________
(1) أحزن بنا المنزل: صار ذا حزونة (خشونة) كأن المنزل
أركبهم الحزونة حيث نزلوا فيه.
واستحلس فلان الخوف: إذا لم يفارقه الخوف ولم يأمن.
(2) ابن عساكر (عاصم عايذ) 211، وانظر الحلية 4 / 325
واللسان (حلس).
(3) في الطبقات 6 / 249.
له تتمة.
(4) أخرج مسلم في صحيحه (648) وأبو داود (431) والترمذي
(176) وابن ماجه (1256) عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون
الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها " ؟ قال: قلت:
فما تأمرني ؟ قال: " صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم
فصل فإنها لك نافلة ".
وأخرج أبو داود (434) من حديث قبيصة بن وقاص، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يكون عليكم أمراء من بعدي
يؤخرون الصلاة، فهي لكم وهي عليهم، فصلوا معهم ما صلوا
القبلة ".
(5) التف عليه القوم: اجتمعوا.
فعلى هذا تكون العبارة: " فالتف عليه مئة ألف ".
(4/306)
كَثِيْرٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، فَكَانَ
مَنْ ظَفِرَ بِهِ الحَجَّاجُ مِنْهُم، قَتَلَهُ، إِلاَّ
مَنْ بَاءَ مِنْهُم بِالكُفْرِ عَلَى نَفْسِهِ،
فَيَدَعُهُ.
سَعْدُ بنُ عَامِرٍ: عَنْ حُمَيْدِ بنِ الأَسْوَدِ، عَنْ
عِيْسَى الحَنَّاطِ (1) ، قَالَ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّمَا كَانَ يَطْلُبُ هَذَا
العِلْمَ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيْهِ خَصْلَتَانِ: العَقْلُ
وَالنُّسْكُ، فَإِنْ كَانَ عَاقِلاً، وَلَمْ يَكُنْ
نَاسِكاً، قَالَ: هَذَا أَمْرٌ لاَ يَنَالُهُ إِلاَّ
النُّسَّاكُ، فَلَنْ أَطْلُبَهُ.
وَإِنْ كَانَ نَاسِكاً، وَلَمْ يَكُنْ عَاقِلاً، قَالَ:
هَذَا أَمْرٌ لاَ يَنَالُهُ إِلاَّ العُقَلاَءُ، فَلَنْ
أَطْلُبَهُ.
يَقُوْلُ الشَّعْبِيُّ: فَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ يَكُوْنَ
يَطْلُبُهُ اليَوْمَ مِنْ لَيْسَ فِيْهِ وَاحِدَةٌ
مِنْهُمَا، لاَ عَقْلَ وَلاَ نُسْكَ (2) .
قُلْتُ: أَظُنُّهُ أَرَادَ بِالعَقْلِ الفَهْمَ
وَالذَّكَاءَ.
قَالَ مُجَالِدٌ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ
أَبِي خَالِدٍ يَزْدَرِدُ العِلْمَ ازْدِرَاداً.
وَقَلَّمَا رَوَى الأَعْمَشُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَرَوَى:
حَفْصٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لاَ
بَأْسَ بِذَبِيْحَةِ اللِّيْطَةِ (3) .
فَقُلْتُ لِلأَعْمَشِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا مَنَعَكَ
مِنْ إِتْيَانِ الشَّعْبِيِّ؟
قَالَ: وَيْحَكَ! كَيْفَ كُنْتُ آتِيْهِ، وَهُوَ إِذَا
رَآنِي سَخَرَ بِي، وَيَقُوْلُ: هَذِهِ هَيْئَةُ عَالِمٍ!
مَا هَيْئَتُكَ إِلاَّ هَيْئَةُ حَائِكٍ.
وَكُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ إِبْرَاهِيْمَ أَكْرَمَنِي،
وَأَدْنَانِي.
قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ
بِحَدِيْثٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا يُرْفَعُ إِلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: مَنْ دُوْنَهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا، إِنْ كَانَ
فِيْهِ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانُ.
خَالِدٌ الحَذَّاءُ: عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ:
مَا كُذِبَ عَلَى أَحَدٍ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَا كُذِبَ
عَلَى عَلِيٍّ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
مَا جَلَسْتُ مَعَ قَوْمٍ مُذْ كَذَا
__________
(1) انظر التعليق (1) صفحة 297.
(2) ابن عساكر (عاصم عايذ) 226.
(3) الليطة: قشرة القصب المحددة.
(4/307)
وَكَذَا، فَخَاضُوا فِي حَدِيْثٍ إِلاَّ
كُنْتُ أَعْلَمَهُم بِهِ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ
يَزِيْدَ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ:
وَاللهِ لَوْ أَصَبْتُ تِسْعاً وَتِسْعِيْنَ مَرَّةً
وَأَخْطَأْتُ مَرَّةً، لأَعَدُّوا عَلَيَّ تِلْكَ
الوَاحِدَةَ (1) .
وَعَنْ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَأَنِّي بِهَذَا العِلْمِ تَحَوَّلَ
إِلَى خُرَاسَانَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: عَنْ عَمْرِو بنِ
خَلِيْفَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الشَّعْبِيِّ،
قَالَ:
أَصْبَحَتِ الأُمَّةُ عَلَى أَرْبَعِ فِرَقٍ: مُحِبٌّ
لِعَلِيٍّ مُبْغِضٌ لِعُثْمَانَ، وَمُحِبٌّ لِعُثْمَانَ
مُبْغِضٌ لِعَلِيٍّ، وَمُحِبٌّ لَهُمَا، وَمُبْغِضٌ
لَهُمَا.
قُلْتُ: مِنْ أَيِّهِمَا أَنْتَ؟
قَالَ: مُبْغِضٌ لِبَاغِضِهِمَا (2) .
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ
لِي الشَّعْبِيُّ:
أُحَدِّثُكَ عَنِ القَوْمِ كَأَنَّكَ شَهِدْتَهُم، كَانَ
شُرَيْحٌ أَعْلَمَهُم بِالقَضَاءِ، وَكَانَ عَبِيْدَةُ
يُوَازِي شُرَيْحاً فِي عِلْمِ القَضَاءِ، وَأَمَّا
عَلْقَمَةُ فَانْتَهَى إِلَى عِلْمِ عَبْدِ اللهِ، لَمْ
يُجَاوِزْهُ، وَأَمَّا مَسْرُوْقٌ فَأَخَذَ عَنْ كُلٍّ،
وَكَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ أَعْلَمَهُم عِلْماً،
وَأَوْرَعَهُم وَرَعاً (3) .
قَالَ زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: كَانَ الشَّعْبِيُّ
يَمُرُّ بِأَبِي صَالِحٍ (4) ، فَيَأْخُذُ بِأُذُنِهِ،
وَيَقُوْل: تُفَسِّرُ القُرْآنَ وَأَنْتَ لاَ تَقْرَأُ
القُرْآنَ!
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ نَجْدَةَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ،
حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنِي
رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ، قَالَ:
جَلَسْتُ إِلَى الشَّعْبِيِّ بِدِمَشْقَ، فِي خِلاَفَةِ
عَبْدِ المَلِكِ، فَحَدَّثَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَنَّهُ قَالَ: (اعْبُدُوا
__________
(1) انظر الحلية 4 / 320، 321 وقوله: لاعدوا، أي لعدوا.
انظر التاج (عدد).
(2) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 182 والحلية 4 / 321.
(3) لقد تكرر الخبر في عدة مواضع بسياقات مختلفة، انظر ص
102.
(4) هو باذام مولى أم هانئ، ضعفه غير واحد.
(4/308)
رَبَّكُم، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً،
وَأَقِيْمُوا الصَّلاَةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ،
وَأَطِيْعُوا الأُمَرَاءَ، فَإِنْ كَانَ خَيْراً، فَلَكُم،
وَإِنْ كَانَ شَرّاً، فَعَلَيْهِم، وَأَنْتُم مِنْهُ
بُرَآءُ (1)).
فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ: كَذَبْتَ.
هَكَذَا رَوَاهُ الحَاكِمُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُضَارِبٍ العُمَرِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مِهْرَانَ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَا:
أَخْطَأْتَ.
قُرَادٌ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
طَارِقِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عَلَى بَابِ الشَّعْبِيِّ، إِذْ جَاءَ
جَرِيْرُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَرِيْرٍ البَجَلِيُّ، فَدَعَا
الشَّعْبِيُّ لَهُ بِوِسَادَةٍ.
فَقُلْنَا لَهُ: حَوْلَكَ أَشْيَاخٌ، وَجَاءَ هَذَا
الغُلاَمُ فَدَعَوْتَ لَهُ بِوِسَادَةٍ؟!
قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْقَى لِجَدِّهِ وِسَادَةً،
وَقَالَ: (إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيْمُ قَوْمٍ،
فَأَكْرِمُوْهُ (2)).
شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عِيَاضٍ، عَنْ
مُجَالِدٍ، قَالَ:
كُنْتُ أَمْشِي مَعَ قَيْسٍ الأَرْقَبِ، فَمَرَرْنَا
بِالشَّعْبِيِّ، فَقَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: اتَّقِ اللهَ،
لاَ يُشْعِلْكَ بِنَارِهِ.
فَقَالَ قَيْسٌ: أَمَا -وَاللهِ- قَدْ كُنْتُ فِي هَذِهِ
الدَّارِ - كَذَا قَالَ، وَلَعَلَّهُ فِي هَذَا الرَّأْيِ
-.
ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَمَا تَرَكْتُهُ إِلاَّ لِحُبِّ
الدُّنْيَا.
قَالَ: فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَلَعَنَكَ اللهُ.
قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ؟
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا كُنْتُ أَعْرِفُ فُقَهَاءَ
الكُوْفَةِ، إِلاَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللهِ قَبْلَ أَنْ
يَقْدَمَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ، وَلَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ
عَبْدِ اللهِ يُسَمَّوْنَ قَنَادِيْلَ المَسْجِدِ، أَوْ
سُرُجَ المِصْرِ.
قَالَ قَيْسٌ: أَفَلاَ تَعْرِفُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ الحَارِثَ الأَعْوَرَ؟ قَالَ:
نَعَمْ،
__________
(1) رجاله ثقات خلا سعيد بن عبد العزيز فإنه اختلط بأخرة.
(2) حديث حسن أخرجه حسن الطبراني عن جرير، وابن عدي
والبيهقي وابن خزيمة والبزار، وأخرجه ابن ماجه عن ابن عمر،
والبزار عن أبي هريرة، وابن عدي عن معاذ وأبي قتادة،
والحاكم عن جابر، والطبراني عن ابن عباس، وابن عساكر عن
أنس.
وانظر المقاصد الحسنة.
(4/309)
لَقَدْ تَعْلَّمْتُ مِنْهُ حِسَابَ
الفَرَائِضِ، فَخَشِيْتُ عَلَى نَفْسِي مِنْهُ
الوَسْوَاسَ، فَلاَ أَدْرِي مِمَّنْ تَعَلَّمَهُ.
قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ ابْنَ صَبُوْرٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَلَمْ يَكُنْ بِفَقِيْهٍ، وَلَمْ يَكُنْ
فِيْهِ خَيْرٌ.
قَالَ: فَهَلْ تَعْرِف صَعْصَعَةَ بنَ صُوْحَانَ؟
قَالَ: كَانَ رَجُلاً خَطِيْباً، وَلَمْ يَكُنْ
بِفَقِيْهٍ.
قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ رُشَيْداً الهَجَرِيَّ؟
قَالَ الشَّعْبِيُّ: نَعَمْ، بَيْنمَا أَنَا وَاقِفٌ فِي
الهَجَرِيِّيْنَ، إِذْ قَالَ لِي رَجُلٌ: هَلْ لَكَ فِي
رَجُلٍ عَلَيْنَا، يُحِبُّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَأَدْخَلَنِي عَلَى رُشَيْدٍ، فَقَالَ: خَرَجْتُ حَاجّاً،
فَلَمَّا قَضَيْتُ نُسُكِي، قُلْتُ: لَوْ أَحْدَثْتُ
عَهْداً بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَمَرَرْتُ بِالمَدِيْنَةِ، فَأَتَيْتُ بَابَ عَلِيٍّ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقُلْتُ لإِنْسَانٍ: اسْتَأْذِنْ
لِي عَلَى سَيِّدِ المُسْلِمِيْنَ.
فَقَالَ: هُوَ نَائِمٌ، وَهُوَ يَحْسِبُ أَنِّي أَعْنِي
الحَسَنَ.
قُلْتُ: لَسْتُ أَعْنِي الحَسَنَ، إِنَّمَا أَعْنِي
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَإِمَامَ المُتَّقِيْنَ،
وَقَائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلِيْنَ.
قَالَ: أَوَ لَيْسَ قَدْ مَاتَ؟
فَبَكَى، فَقُلْتُ: أَمَا - وَاللهِ - إِنَّهُ
لَيَتَنَفَّسُ الآنَ بِنَفَسِ حَيٍّ، وَيَعْتَرِقُ مِنَ
الدِّثَارِ الثَّقِيْلِ.
فَقَالَ: أَمَا إِذْ عَرَفْتَ سِرَّ آلِ مُحَمَّدٍ،
فَادْخُلْ عَلَيْهِ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ.
فَدَخَلْتُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَسَلَّمْتُ
عَلَيْهِ، وَأَنْبَأَنِي بِأَشْيَاءَ تَكُوْنُ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَقُلْتُ لِرُشَيْدٍ: إِنْ كُنْتَ
كَاذِباً، فَلَعَنَكَ اللهُ.
ثُمَّ خَرَجْتُ، وَبَلَغَ الحَدِيْثُ زِيَاداً، فَقَطَعَ
لِسَانَهُ، وَصَلَبَهُ (1) .
قَالَ شَبَابَةُ: وَحَدَّثَنِيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ
مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ
عَلْقَمَةَ، قَالَ:
أَفْرَطَ نَاسٌ فِي حُبِّ عَلِيٍّ، كَمَا أَفْرَطَتِ
النَّصَارَى فِي حُبِّ المَسِيْحِ.
وَرَوَى: خَالِدُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
حُبُّ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمَعْرِفَةُ فَضْلِهِمَا
مِنَ السُّنَّةِ.
__________
(1) رشيد الهجري، قال الجوزجاني: كذاب غير ثقة، وقال
النسائي: ليس بالقوي وقال البخاري: يتكلمون فيه.
وقال ابن معين: لا يساوي شيئا.
وانظر الخبر في الضعفاء والمجروحين 1 / 298 والميزان
للمؤلف 2 / 52.
(4/310)
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ: عَنِ الشَّعْبِيِّ:
مَا بَكَيْتُ مِنْ زَمَانٍ، إِلاَّ بَكَيْتُ عَلَيْهِ (1)
.
رَوَى: مُجَالِدٌ، وَغَيْرُهُ:
أَنَّ رَجُلاً مُغَفَّلاً لَقِيَ الشَّعْبِيَّ، وَمَعَهُ
امْرَأَةٌ تَمْشِي، فَقَالَ: أَيُّكُمَا الشَّعْبِيُّ؟
قَالَ: هَذِهِ (2) .
وَعَنْ عَامِرِ بنِ يِسَافٍ (3) ، قَالَ:
قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: امْضِ بِنَا، نَفِرَّ مِنْ
أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
فَخَرَجْنَا، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا شَيْخٌ، فَقَالَ لَهُ
الشَّعْبِيُّ: مَا صَنْعَتُكَ؟
قَالَ: رَفَّاءٌ.
قَالَ: عِنْدَنَا دَنٌّ مَكْسُوْرٌ، تَرْفُوْهُ لَنَا؟
قَالَ: إِنْ هَيَّأْتَ لِي سُلُوْكاً مِنْ رَمْلٍ،
رَفَوْتُهُ.
فَضَحِكَ الشَّعْبِيُّ حَتَّى اسْتَلْقَى (4) .
رَوَى: عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ بَعْد نَبِيِّهَا، إِلاَّ ظَهَرُ
أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَى أَهْلِ حَقِّهَا (5) .
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ: عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، قَالَ:
رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ سَلَّمَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ،
فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ.
فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَوَ لَيْسَ فِي
رَحْمَةِ اللهِ، لَوْلاَ ذَلِكَ، لَهَلَكَ (6) .
رَوَى: مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَعَنَ اللهُ
أَرَأَيْتَ (7) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ: قَالَ الشَّعْبِيُّ:
أَرَأَيْتُم لَوْ قُتِلَ الأَحْنَفُ، وَقُتِلَ مَعَهُ
صَغِيْرٌ، أَكَانَتْ دِيَتُهُمَا سَوَاءً، أَمْ يُفَضَّلُ
الأَحْنَفُ لِعَقْلِهِ وَحِلْمِهِ؟
قُلْتُ: بَلْ سَوَاءٌ.
قَالَ: فَلَيْسَ القِيَاسُ بِشَيْءٍ (7).
__________
(1) الحلية 4 / 323.
(2) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 233.
(3) هو عامر بن عبد الله بن يساف اليمامي ينسب إلى جده.
(4) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 234.
(5) الحلية 4 / 313.
(6) لا ندري كيف خفي على الشعبي حديث مسلم في الصحيح
(2167) من طريق أبي هريرة مرفوعا: " لا تبدأوا اليهود ولا
النصارى بالسلام ".
(7) الحلية 4 / 320 وانظر ما قبلها.
(4/311)
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ: نِعْمَ
الشَّيْءُ الغَوْغَاءُ، يَسُدُّوْنَ السَّيْلَ،
وَيُطْفِئُوْنَ الحَرِيْقَ، وَيَشْغَبُوْنَ عَلَى وُلاَةِ
السَّوْءِ (1) .
وَبَلَغَنَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يَا
لَيْتَنِي أَنْفَلِتُ مِنْ عِلْمِي كَفَافاً، لاَ عَلَيَّ
وَلاَ لِيَ (2) .
إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ: عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ:
أَتَى رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ، فَقَالَ: مَا اسْمُ امْرَأَةِ
إِبْلِيْسَ؟
قَالَ: ذَاكَ عُرْسٌ مَا شَهِدْتُهُ (3) .
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، قَالَ:
سُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَمَّنْ نَذَرَ أَنْ يُطِلِّقَ
امْرَأَتَهُ، قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قَالَ: فَنَهَيْتُ الشَّعْبِيَّ أَنَا، فَقَالَ: رُدُّوا
عَلَيَّ الرَّجُلَ، نَذْرُكَ فِي عُنُقِكَ إِلَى يَوْمِ
القِيَامَةِ.
عِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي المَسْجِدِ،
وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ مِلْحَفَةً حَمْرَاءَ، وَإِزَاراً
أَصْفَرَ (4) .
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: اسْتَعْمَلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ
الشَّعْبِيَّ عَلَى قَضَاءٍ، وَكَلَّفَهُ أَنْ
يُسَامِرَهُ، فَقَالَ: لاَ أَسْتطِيْعُ، فَأَفْرِدْنِي
بِأَحَدِهِمَا (5) .
قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: كَانَ الشَّعْبِيُّ أَكْثَرَ
حَدِيْثاً مِنَ الحَسَنِ، وَأَسَنَّ مِنْهُ بِسَنَتَيْنِ.
الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَرِهَ الصَّالِحُوْنَ
__________
(1) الحلية 4 / 324.
(2) انظر ابن سعد 6 / 250 وابن عساكر (عاصم عايذ) 175.
(3) ابن عساكر (عاصم عايذ) 232.
(4) المعرفة والتاريخ 5 / 593، وانظر ابن سعد 6 / 253.
وفي الأصل سقطت ألف (أصفر).
(5) انظر المعرفة والتاريخ 2 / 593، وأخبار القضاة 2 /
414.
(4/312)
الأَوَّلُوْنَ الإِكثَارَ مِنَ الحَدِيْثِ،
وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا
حَدَّثْتُ إِلاَّ بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ
الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: الهَيْثَمُ وَاهٍ.
وَرُوِيَ عَنِ: الشَّعْبِيِّ، قَالَ: رُزِقَ صِبِيَانُ
هَذَا الزَّمَانِ مِنَ العَقْلِ مَا نَقَصَ مِنْ
أَعْمَارِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ.
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: مَرَّ الشَّعْبِيُّ وَأَنَا
مَعَهُ بِإِنْسَانٍ وَهُوَ يَقُوْلُ:
فُتِنَ الشَّعْبِيُّ لَمَّا ... رَفَعَ الطَّرْفَ
إِلَيْهَا
فَلَمَّا رَأَى الشَّعْبِيَّ كَأَنَّهُ (1) وَلَمْ يُتِمَّ
البَيْتَ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: نَظَرَ الطَّرْفَ
إِلَيْهَا.
قُلْتُ: هَذِهِ أَبْيَاتٌ مَشْهُوْرَةٌ، عَمِلَهَا رَجُلٌ
تَحَاكَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ إِلَى الشَّعْبِيِّ أَيَّامَ
قَضَائِهِ (2) يَقُوْلُ فِيْهَا:
فَتَنَتْهُ بِبَنَانٍ ... وَبِخَطَّيْ مُقْلَتَيْهَا (3)
قَالَ لِلْجِلْوَازِ (4): قَدِّمْـ ... ـهَا، وَأَحْضِرْ
شَاهِدَيْهَا
__________
(1) [ يعني هابه ] زيادة عند ابن عساكر (عاصم عايذ) 223،
والخبر أيضا في المعرفة والتاريخ 2 / 594، 595.
(2) ذكر وكيع بسنده في " أخبار القضاة " 2 / 416، 417 أن
الابيات للبارقي اختصم مع امرأة الخ..وفي خبر آخر نسبها
للحكم بن عبدل.
وقد ساق صاحب العقد الخبر والابيات، وأضاف ما نصه: " قال
الشعبي: فدخلت على عبد الملك بن مروان، فلما نظر إلي تبسم
وقال: فتن الشعبي..ثم قال: ما فعلت بقائل هذه الابيات ؟
قلت: أوجعته ضربا يا أمير المؤمنين بما انتهك من حرمتي في
مجلس الحكومة، وبما افترى به علي.
قال: أحسنت ".
انظر العقد الفريد 1 / 73.
(3) كذا الأصل، ولعله وهم، فرواية وكيع وصاحب العقد وابن
عساكر: " وبخطي حاجبيها "
ولفظ المقلتين جاء في بيت آخر: وبنان كالمدارى * وبحسن
مقلتيها
(4) في الأصل: (للجواز) وهو تصحيف والجلواز: الشرطي.
(4/313)
فَقَضَى جَوْراً عَلَى الخَصْـ ... ـمِ
وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهَا
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: عَنِ الشَّعْبِيِّ: إِذَا
عَظُمَتِ الحَلْقَةُ، فَإِنَّمَا هُوَ نَجَاءٌ أَوْ
نِدَاءٌ (1) .
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ: أَخْبَرَكُمُ ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
مُحَارِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
البُوْشَنْجِيُّ (2) ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ كَعْبٍ
(ح).
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ حُبَيْشٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ زَنْجَوَيْه، أَنْبَأَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقِّيُّ (ح).
وَحَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
المُعَلَّى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنْ عَبَّادِ بنِ
مُوْسَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أُتِيَ بِيَ الحَجَّاجُ مُوْثَقاً، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ
إِلَى بَابِ القَصْرِ، لَقِيَنِي يَزِيْدُ بنُ أَبِي
مُسْلِمٍ، فَقَالَ: إِنَّا للهِ يَا شَعْبِيُّ لِمَا
بَيْنَ دَفَّتَيْكَ مِنَ العِلْمِ، وَلَيْسَ بِيَوْمِ
شَفَاعَةٍ، بُؤْ لِلأَمِيْرِ بِالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ
عَلَى نَفْسِكَ، فَبِالحَرِيِّ أَنْ تَنْجُوَ.
ثُمَّ لَقِيَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحَجَّاجِ، فَقَالَ لِي
مِثْلَ مَقَالَةِ يَزِيْدَ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ،
قَالَ: وَأَنْتَ يَا شَعْبِيُّ فِيْمَنْ خَرَجَ عَلَيْنَا
وَكَثَّرَ؟
قُلْتُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، أَحْزَنَ بِنَا
المَنْزِلُ، وَأَجْدَبَ الجَنَابُ (3) ، وَضَاقَ
المَسْلَكُ، وَاكْتَحَلْنَا السَّهَرَ، وَاسْتَحْلَسْنَا
الخَوْفَ، وَوَقَعْنَا فِي خِزْيَةٍ لَمْ نَكُنْ فِيْهَا
بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ.
قَالَ: صَدَقَ وَاللهِ، مَا بَرُّوْا فِي خُرُوْجِهِمْ
عَلَيْنَا، وَلاَ قَوُوْا عَلَيْنَا حَيْثُ فَجَرُوا،
فَأَطْلَقُوا عَنِّي.
قَالَ: فَاحْتَاجَ إِلَى فَرِيْضَةٍ، فَقَالَ: مَا
تَقُوْلُ فِي أُخْتٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ؟
قُلْتُ: اخْتَلَفَ فِيْهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَصْحَابِ
رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
عُثْمَانُ، وَزَيْدٌ، وَابْنُ
__________
(1) ما بين الحاصرتين من ابن سعد 6 / 254 والحلية 4 / 323.
ولفظ اللسان والتاج: " بذاء أو نجاء " انظر مادة (نجا)
(2) نسبة إلى بوشنج وهي بلد على سبعة فراسخ من هراة.اه.
أنساب السمعاني.
(3) جناب القوم: ما حولهم، والجدب: المحل نقيض الخصب.
ويقال: فلان خصيب الجناب وجديب الجناب.
(لسان) وانظر حاشية (1) صفحة 306.
(4/314)
مَسْعُوْدٍ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ.
قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ؟ إِنْ كَانَ
لَمُنَقِّباً (1) .
قُلْتُ: جَعَلَ الجَدَّ أَباً، وَأَعْطَى الأُمَّ
الثُّلُثَ، وَلَمْ يُعْطِي الأُخْتَ شَيْئاً.
قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟
يَعْنِي: عُثْمَانَ.
قُلْتُ: جَعَلَهَا أَثْلاَثاً.
قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا زَيْدٌ؟
قُلْتُ: جَعَلَهَا مِنْ تِسْعَةٍ، فَأَعْطَى الأُمَّ
ثَلاَثاً، وَأَعْطَى الجَدَّ أَرْبَعاً، وَأَعْطَى
الأُخْتَ سَهْمَيْنِ.
قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا ابْنُ مَسْعُوْدٍ؟
قُلْتُ: جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ، أَعْطَى الأُخْتَ
ثَلاَثاً، وَأَعْطَى الأُمَّ سَهْماً، وَأَعْطَى الجَدَّ
سَهْمَيْنِ.
قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا أَبُو تُرَابٍ؟
قُلْتُ: جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ، فَأَعْطَى الأُخْتَ
ثَلاَثاً، وَالأُمَّ سَهْمَيْنِ، وَالجَدَّ سَهْماً.
قَالَ: مُرِ القَاضِي، فَلْيُمْضِهَا عَلَى مَا أَمْضَاهَا
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانُ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ
الحَاجِبُ، فَقَالَ: إِنَّ بِالبَابِ رُسُلاً.
قَالَ: ائْذَنْ لَهُمْ.
فَدَخَلُوا عَمَائِمُهُمْ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ،
وَسُيُوْفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ، وَكُتُبُهُمْ فِي
أَيْمَانِهِمْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ
يُقَالُ لَهُ: سِيَابَةُ بنُ عَاصِمٍ، فَقَالَ: مِنْ
أَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ: مِنَ الشَّامِ.
قَالَ: كَيْفَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟ كَيْفَ حَشَمُهُ؟
قَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، أَصَابَنِي فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَ
أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ ثَلاَثُ سَحَائِبَ.
قَالَ: فَانْعَتْ لِي.
قَالَ: أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِحَوْرَانَ، فَوَقَعَ
قَطْرٌ صِغَارٌ، وَقَطْرٌ كِبَارٌ، فَكَانَ الكِبَارُ
لُحْمَةً لِلْصِّغَارِ، فَوَقَعَ سَبْطٌ مُتَدَارَكٌ،
وَهُوَ السَّحُّ (2) الَّذِي سَمِعْتَ بِهِ، فَوَادٍ
سَائِلٍ، وَوَادٍ نَازِحٍ (3) ، وَأَرْضٌ مُقْبِلَةٌ،
وَأَرْضٌ مُدْبِرَةٌ، فَأَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِسَوَاءَ
-أَوْ قَالَ: بِالقَرْيَتَيْنِ (4) - شَكَّ عِيْسَى،
فَلَبَّدَتْ الدِّمَاثَ،
__________
(1) كذا الأصل، ولفظ الحلية " لمتقيا " ولفظ الفسوي "
لمفتيا " ونقب عن الاخبار وغيرها: بحث عنها وفتش وأخبر
بها.
(2) مطر سبط: متدارك سح، أراد بالسبط المطر الواسع الكثير،
والسح الصب الكثير أو السيلان من فوق.
(3) في الأصل: " تارح " مصحف، وما أثبتناه من الحلية، ولفظ
الفسوي: " سائح ".
(4) قال ياقوت في " معجم البلدان ": سوى بضم أوله والقصر:
اسم ماء لبهراء من ناحية السماوة..ولما احتاج ابن قيس
الرقيات إلى مده لضرورة الشعر فتح أوله قياسا فقال:
(4/315)
وَأَسَالَتِ العَزَازَ، وَأَدْحَضَتِ
التِّلاَعَ (1) ، فَصَدَعَتْ عَنِ الكَمْأَةِ
أَمَاكِنَهَا، وَأَصَابَتْنِي أَيْضاً سَحَابَةٌ فَقَاءتِ
العُيُوْنُ بَعْدَ الرِّيِّ، وَامْتَلأَتِ الإِخَاذُ (2) ،
وَأُفْعِمَتِ (3) الأَوْدِيَةُ، وَجِئْتُكَ فِي مِثْلِ
وِجَارِ (4) الضَّبُعِ.
ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ.
فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ
وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟
قَالَ: لاَ، كَثُرَ الإِعْصَارُ، وَاغْبَرَّ البِلاَدُ،
وَأُكِلَ مَا أَشْرَفَ مِنَ الجَنْبَةِ (5) ،
فَاسْتَيْقَنَّا أَنَّهُ عَامُ سَنَةٍ.
فَقَالَ: بِئْسَ المُخْبِرُ أَنْتَ.
ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ.
فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَقَالَ: هَلْ
كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟
قَالَ: تَقَنَّعَتِ (6) الرُّوَّادُ تَدْعُو إِلَى
زِيَادَتِهَا (7) ، وَسَمِعْتُ قَائِلاً يَقُوْلُ: هَلُمَّ
أُظْعِنُكُمْ إِلَى مَحَلَّةٍ تُطْفَأُ فِيْهَا
النِّيْرَانُ، وَتَشَكَّى فِيْهَا النِّسَاءُ، وَتَنَافَسُ
فِيْهَا
__________
وسواء وقريتان وعين التمر * خرق يكل فيه البعير
والقريتان: قرية كبيرة من أعمال حمص، بينها وبين تدمر
مرحلتان.
(1) الدماث: السهول، ولبدت الدماث: أي صيرتها لا تسوخ فيها
الارجل.
والعزاز:
الأرض الصلبة أو المكان الصلب السريع السيل.
وأدحضت التلاع: صيرتها مزلقة.
(2) قاءت الأرض الكمأة: أخرجتها وأظهرتها.
وفي حديث عائشة تصف عمر: وبعج الأرض فقاءت أكلها: أي أظهرت
نباتها وخزائنها.
والاخاذ: هو مجتمع الماء، شبيه بالغدير.
(3) في الأصل: " أنعمت " مصحفة، وما أثبتناه من " المعرفة
والتاريخ " و" الحلية " و" ابن عساكر ".
(4) الوجار: سرب الضبع إذا حفر فأمعن.
قال ابن الأثير: قال الخطابي: هو خطأ، وإنما هو " في مثل
جار الضبع " يقال: غيث جار الضبع، أي يدخل عليها في وجارها
حتى يخرجها منه، قال: ويشهد لذلك أنه جاء في رواية أخرى: "
وجئتك في ماء يجر الضبع ويستخرجها من وجارها انظر اللسان
(وجر).
(5) في الأصل (الجببة)، وما أثبتناه من الحلية وابن عساكر
واللسان، والجنبة: وهي رطب الصليان من النبات، وقيل:
الجنبة هو ما فوق البقل ودون الشجر، والصليان: نبت له سنمة
عظيمة كأنها رأس القصبة، والعرب تسميه خبزة الابل.
(6) في الحديث: " تقنع يديك في الدعاء " أي ترفعهما.
(7) كذا الأصل، و" الحلية " بالزاي المعجمة، ورواية "
المعرفة والتاريخ " وابن عساكر =
(4/316)
المِعْزَى.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَلَمْ يَدْرِ الحَجَّاجُ مَا قَالَ.
فَقَالَ: وَيْحَكَ! إِنَّمَا تُحَدِّثُ أَهْلَ الشَّامِ،
فَأَفْهِمْهُمْ.
فَقَالَ: نَعَمْ، أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، أَخْصَبَ
النَّاسُ، فَكَانَ التَّمْرُ، وَالسَّمْنُ، وَالزُّبْدُ،
وَاللَّبَنُ، فَلاَ تُوْقَدُ نَارٌ لِيُخْتَبَزَ بِهَا،
وَأَمَّا تَشَكِّي النِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ تَظَلُّ
بِرِبْقِ (1) بَهْمِهَا تَمْخَضُ لَبَنَهَا، فَتَبِيْتُ
وَلَهَا أَنِيْنٌ مِنْ عَضُدَيْهَا، كَأَنَّهَا لَيْسَتَا
مَعَهَا، وَأَمَّا تَنَافُسُ المِعْزَى، فَإِنَّهَا
تَرْعَى مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ، وَأَلْوَانِ الثَّمَرِ،
وَنَوْرِ النَّبَاتِ مَا تُشْبِعُ بُطُوْنَهَا، وَلاَ
تُشْبِعُ عُيُوْنَهَا، فَتَبِيْتُ وَقَدِ امْتَلأَتْ
أَكْرَاشُهَا، لَهَا مِنَ الكَظَّةِ جِرَّةٌ (2) ،
فَتَبْقَى الجِرَّةُ حَتَّى تَسْتَنْزِلَ بِهَا
الدَّرَّةَ.
ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ.
فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المَوَالِي، كَانَ يُقَالُ أَنَّهُ
مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ (3) ،
فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي لاَ أُحْسِنُ أَقُوْلُ كَمَا
قَالَ هَؤُلاَءِ.
قَالَ: قُلْ كَمَا تُحْسِنُ.
قَالَ: أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِحُلْوَانَ (4) ، فَلَمْ
أَزَلْ أَطَأُ فِي إِثْرِهَا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى
الأَمِيْرِ.
فَقَالَ الحَجَّاجُ: لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرَهُمْ فِي
المَطَرِ خُطْبَةً، إِنَّكَ أَطْوَلُهُمْ بِالسَّيْفِ
خَطْوَةً (5) .
وَبِهِ: إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ
بنُ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادِ بنِ مُوْسَى
العُكْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ
__________
= واللسان: " سمعت الرواد تدعو إلى ريادتها " بالراء
المهملة، ولعله هو الصواب.
(1) الربق والربقة: الحبل والحلقة تشد بها الغنم الصغار
لئلا ترضع.
(لسان) ولفظ ابن عساكر: " تربق بهمها وتمخض لبنها ".
(2) الكظة: البطنة، والجرة: ما يخرجه البعير من بطنه
ليمضغه ثم يبلعه (لسان).
(3) زاد ابن عساكر: " قال: من أين ؟ قال من خراسان.
فقال: هل كان..الخ ".
(4) حلوان: مدينة عامرة في آخر حدود خراسان مما يلي
أصبهان.
انظر معجم البلدان.
(5) الخبر في الحلية 4 / 325 وما بعدها، وانظر المعرفة
والتاريخ 2 / 598 وما بعدها، وابن عساكر (عاصم عايذ) 215
وما بعدها.
(4/317)
الهُذَلِيُّ، قَالَ:
قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: أَلاَ أُحَدِّثُكَ حَدِيْثاً
تَحْفَظُهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ إِنْ كُنْتُ حَافِظاً
كَمَا حَفِظتُ:
إِنَّهُ لَمَّا أُتِيَ بِيَ الحَجَّاجُ وَأَنَا مُقَيَّدٌ،
فَخَرَجَ إِلَيَّ يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ:
إِنَّا للهِ...، فَذَكَرَ نَحْوَهُ (1) .
عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ
سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، وَمُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ،
قَالَ:
شَهِدْتُ عَلِيّاً جَلَدَ شُرَاحَةَ يَوْمَ الخَمِيْسِ،
وَرَجَمَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَكَأَنَّهُم أَنْكَرُوا،
أَوْ رَأَى أَنَّهُم أَنْكَرُوا، فَقَالَ: جَلَدْتُهَا
بِكِتَابِ اللهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ
(2) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
رَوَاهُ: جَمَاعَةٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَزَادَ
بَعْضُهُم: إِنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِالزِّنَى.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُجَالِدٍ، وَخَلِيْفَةُ،
وَطَائِفَةٌ: مَاتَ الشَّعْبِيُّ سَنَة أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
زَادَ ابْنُ مُجَالِدٍ: وَقَدْ بَلَغَ ثِنْتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً (3) .
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، عَنْ
سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً (4) .
وَفِيْهِمَا أَرَّخَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
نُمَيْرٍ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَحْيَى: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
وَالأَوَّلُ أَشْهَرُ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ
شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
إِنَّمَا سُمِّيَ هَوَىً؛ لأَنَّهُ يَهْوِي بِأَصْحَابِهِ
(5) .
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ،
قَالَ: لاَ أَدْرِي: نِصْفُ العِلْمِ (6).
__________
(1) الحلية 4 / 327 وانظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 215 وما
بعدها.
(2) الحلية 4 / 329.
سنده قوي، وأخرجه أحمد 1 / 107 و140 و141 و143 و153 من طرق
عن الشعبي.
(3) انظر طبقات خليفة 1 / 363، وتاريخ البخاري 6 / 450،
وابن عساكر (عاصم عايذ) 241 وما بعدها.
(4) انظر ابن سعد 6 / 255.
(5) انظر الحلية 4 / 320.
(6) انظر ابن سعد 6 / 250.
(4/318)
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ
الفَارِسِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا ابْنُ اللَّتِّيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو
الوَقْتِ، أَنْبَأَنَا الدَّاوُوْدِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
حَمُّوْيَةَ (1) ، أَنْبَأَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، أَنْبَأَنَا
مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ - هُوَ ابْنُ
مِغْوَلٍ - قَالَ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا حَدَّثُوْكَ هَؤُلاَءِ (2) عَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخُذْهُ،
وَمَا قَالُوْهُ بِرَأْيِهِم، فَأَلْقِهِ فِي الحُشِّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً،
أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ
غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الجَهْمِ السِّمَّرِيُّ (3) ،
حَدَّثَنَا يَعْلَى، وَيَزِيْدُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ:
أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى
الكَعْبَةِ، فَمَشَى نِصْفَ الطَّرِيْقِ، ثُمَّ رَكِبَ؟
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا كَانَ عَاماً قَابِلاً،
فَلْيَرْكَبْ مَا مَشَى، وَلْيَمْشِي مَا رَكِبَ،
وَيَنْحَرُ بَدَنَةً.
114
- عَبْدُ الرَّحْمَنِ (4) بنُ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ
* (ع)
أَخُو عُبَيْدِ اللهِ المَذْكُوْرِ (5) .
يُكْنَى: أَبَا بَحْرٍ.
وَقِيْلَ: أَبَا حَاتِمٍ.
__________
(1) هو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية الحموي السرخسي.
راوي الصحيح، المتوفى 381 ه.
تأتي ترجمته في المجلد 10 / 541 من الأصل الخطي.
(2) على لغة " أكلوني البراغيث " وانظر ابن سعد 6 / 251
وابن عساكر (عاصم عايذ) 181
(3) نسبة إلى سمر بلد من أعمال كسكر بين واسط والبصرة.اه.
(أنساب السمعاني).
(4) سيكرر المؤلف ترجمته في ص 411.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 190، طبقات خليفة ت 1641، تاريخ
البخاري 5 / 260، المعارف 289، تاريخ ابن عساكر 10 / 114
ب، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول 295،
تهذيب الكمال ص 779، تاريخ الإسلام 4 / 23 و141، العبر 1 /
123، تذهيب التهذيب 2 / 206 آ، الإصابة ت 6678، تهذيب
التهذيب 6 / 148، خلاصة تذهيب التهذيب 224، شذرات الذهب 1
/ 122.
(5) ص 138 من هذا الجزء.
(4/319)
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَلِيّاً.
وَعَنْهُ: ابْنُ سِيْرِيْنَ، وَأَبُو بِشْرٍ (1) ،
وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَآخَرُوْنَ.
وُلِدَ: زَمَنَ عُمَرَ، وَكَانَ ثِقَةً، كَبِيْرَ
القَدْرِ، مُقْرِئاً، عَالِماً.
قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ أَقْرَأَ أَهْلِ البَصْرَةِ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَنْعَمُ النَّاسِ، أَنَا
أَبُو أَرْبَعِيْنَ، وَعَمُّ أَرْبَعِيْنَ، وَخَالُ
أَرْبَعِيْنَ، وَعَمِّي زِيَادٌ الأَمِيْرُ، وَكُنْتُ
أَوَّلَ مَوْلُوْدٍ بِالبَصْرَةِ (2).
كَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً، أَعْطَى إِنْسَاناً تِسْعَ
مائَةِ جَامُوْسَةٍ.
وَقِيْلَ: ذَاكَ أَخُوْهُ (3) .
قَالَ المَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ.
115 - خَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي
سَبْرَةَ المَذْحِجِيُّ * (ع)
يَزِيْدَ بنِ مَالِكِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ ذُؤَيْبِ بنِ
سَلَمَةَ بنِ عَمْرِو بنِ ذُهْلِ (4) بنِ مُرَّانَ بنِ
جُعْفِيٍّ المَذْحِجِيُّ، ثُمَّ الجُعْفِيُّ، الكُوْفِيُّ،
الفَقِيْهُ.
وَلأَبِيْهِ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ.
وَعَنْ: عَائِشَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَعَدِيِّ
بنِ حَاتِمٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عَمْرٍو، وَعَنْ
سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَلَمْ يَلْقَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ.
__________
(1) هو ابن وحشية جعفر بن إياس.
(2) انظر ابن عساكر 10 / 116 آوقد كرر المؤلف الخبر في
ترجمته على ص 412.
(3) انظر الخبر في ترجمة أخيه ص 138، وفي ترجمته أيضا ص
412.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 286، طبقات خليفة ت 1138 و1148،
تاريخ البخاري 3 / 215، المعرفة والتاريخ 3 / 141، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 393، الحلية 4 /
113، تهذيب الكمال ص 384، تاريخ الإسلام 3 / 247، تذهيب
التهذيب 1 / 203 آ، تهذيب التهذيب
3 / 178، خلاصة تذهيب التهذيب 107.
(4) في جمهرة ابن حزم ص 410: " سلمة بن سعد بن عمرو بن
ذهل. الخ ":
(4/320)
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ،
وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشُ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العُبَّادِ، مَا نَجَا مِنْ
فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ إِلاَّ هُوَ وَإِبْرَاهِيْمُ
النَّخَعِيُّ - فِيْمَا قِيْلَ - وَحَدِيْثُهُ فِي
دَوَاوِيْنِ الإِسْلاَمِ.
وَكَانَ سَخِيّاً، جَوَاداً، يَرْكَبُ الخَيْلَ،
وَيَغْزُو.
قَالَ شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خَيْثَمَةَ،
قَالَ:
لَمَّا وُلِدَ أَبِي، سَمَّاهُ جَدِّي عَزِيْزاً، ثُمَّ
ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (سَمِّهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ (1)).
وَقِيْلَ: وُلِدَ لِلْمُسَيّبِ بِالكُوْفَةِ ابْنٌ،
فَاشْتَرَى خَيْثَمَةُ لَهُ ظِئْراً، فَبَعَثَ بِهَا
إِلَيْهِ (2) .
وَقَالَ طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ: كَانَ خَيْثَمَةُ
وَإِبْرَاهِيْمُ أَعْجَبَ أَهْلِ الكُوْفَةِ إِلَيَّ (3) .
قَالَ شُعْبَةُ: عَنْ نُعَيْمِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فِي جَنَازَةِ خَيْثَمَةَ، وَهُوَ
عَلَى حِمَارٍ، وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاحُزْنَاهُ، أَوْ
كَلِمَةً نَحْوَهَا (4) .
وَرُوِيَ عَنْ خَيْثَمَةَ: أَنَّهُ أَدْرَكَ ثَلاَثَةَ
عَشَرَ صَحَابِيّاً، مَا مِنْهُم مَنْ غَيَّرَ شَيْبَهُ.
116 - سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرِ بنِ هِشَامٍ الوَالِبِيُّ
مَوْلاَهُم * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، المُفَسِّرُ،
الشَّهِيْدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ - وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ
اللهِ - الأَسَدِيُّ، الوَالِبِيُّ مَوْلاَهُم،
الكُوْفِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
__________
(1) ابن سعد 6 / 286 وأخرجه أحمد 4 / 178 عن أبي إسحاق عن
خيثمة عن أبيه.
(2) ابن سعد 6 / 287.
(3) انظر ابن سعد 6 / 287.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق ولفظه: " غير شيئا " وانظر الحلية 4 /
120.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 256، الزهد لأحمد، 370، طبقات خليفة
ت 2534، تاريخ =
(4/321)
رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ - فَأَكْثَرَ
وَجَوَّدَ -.
وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، وَعَائِشَةَ،
وَعَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ فِي
(سُنَنِ النَّسَائِيِّ)، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي
مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ - وَهُوَ مُرْسَلٌ -.
وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالضَّحَّاكِ
بنِ قَيْسٍ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ.
وَرَوَى عَنِ التَّابِعِيْنَ؛ مِثْلِ: أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ
العُلَمَاءِ.
قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ،
وَطَائِفَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَآدَمُ بنُ
سُلَيْمَانَ وَالِدُ يَحْيَى، وَأَشْعَثُ بنُ أَبِي
الشَّعْثَاءِ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَبُكَيْرُ
بنُ شِهَابٍ، وَثَابِتُ بنُ عَجْلاَنَ، وَأَبُو
المِقْدَامِ ثَابِتُ بنُ هُرْمُزَ، وَجَعْفَرُ بنُ أَبِي
المُغِيْرَةِ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بنُ أَبِي
وَحْشِيَّةَ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَحَبِيْبُ
بنُ أَبِي عَمْرَةَ، وَحَسَّانُ بنُ أَبِي الأَشْرَسِ،
وَحُصَيْنٌ، وَالحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَخُصَيْفٌ
الجَزَرِيُّ، وَذَرٌّ الهَمْدَانِيُّ، وَزَيْدٌ
العَمِّيُّ، وَسَالِمٌ الأَفْطَسُ، وَسَلَمَةُ بنُ
كُهَيْلٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ،
وَسُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ،
وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَأَبُو سِنَانٍ ضِرَارُ بنُ
مُرَّةَ، وَطَارِقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَلْحَةُ
بنُ مُصَرِّفٍ، وَأَبُو سِنَانٍ طَلْحَةُ بنُ نَافِعٍ،
وَأَبُو حَرِيْزٍ عَبْدُ اللهِ بنُ حُسَيْنٍ، وَابْنُهُ؛
عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ
__________
= البخاري 3 / 461، المعارف 445، المعرفة والتاريخ 1 /
712، أخبار القضاة 2 / 411، الجرح والتعديل القسم الأول من
المجلد الثاني 9، الحلية 272 4، أخبار أصبهان 1 / 324،
طبقات الفقهاء للشيرازي 82، تهذيب الأسماء واللغات القسم
الأول من الجزء الأول 216، وفيات الأعيان 2 / 371، تهذيب
الكمال 480، تاريخ الإسلام 4 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 71،
العبر 1 / 112، تذهيب التهذيب 2 / 13 ب، البداية والنهاية
9 / 96 و98، العقد الثمين 4 / 549، غاية النهاية ت 1340،
تهذيب التهذيب 4 / 11، النجوم الزاهرة 1 / 228، طبقات
الحفاظ للسيوطي ص 31، خلاصة تذهيب التهذيب 136، طبقات
المفسرين 1 / 181، شذرات الذهب 1 / 108.
(4/322)
بنِ خُثَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عِيْسَى
بنِ أَبِي لَيْلَى، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَامِرٍ
الثَّعْلَبِيُّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ،
وَعَبْدُ الكَرِيْمِ أَبُو أُمَيَّةَ البَصْرِيُّ،
وَابْنُهُ؛ عَبْدُ المَلِكِ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَبْدُ
المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ
مَيْسَرَةَ، وعُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ، وَعُثْمَانُ بنُ
أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعُثْمَانُ بنُ قَيْسٍ، وَعَدِيُّ بنُ
ثَابِتٍ، وَعَزْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ
بنُ السَّائِبِ، وَعِكْرِمَةُ بنُ خَالِدٍ، وَعَلِيُّ بنُ
بَذِيْمَةَ، وَعَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ، وَعَمْرُو بنُ
دِيْنَارٍ، وَعَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ البَصْرِيُّ، وَعَمْرُو
بنُ عَمْرٍو المَدَنِيُّ، وَعَمْرُو بنُ
مُرَّةَ، وَعَمْرُو بنُ هَرِمٍ، وَفَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ،
وَفُضَيْلُ بنُ عَمْرٍو الفُقَيْمِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ
أَبِي أَيُّوْبَ، وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي بَزَّةَ،
وَكَثِيْرُ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ، وَكُلْثُوْمُ
بنُ جَبْرٍ، وَمَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ، وَمُجَاهِدٌ -
رَفِيْقُهُ - وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَبِي مُحَمَّدٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
وَاسِعٍ، وَمَسْعُوْدُ بنُ مَالِكٍ، وَمُسْلِمٌ
البَطِيْنُ، وَالمُغِيْرَةُ بنُ النُّعْمَانِ،
وَمَنْصُوْرُ بنُ حَيَّانَ، وَمَنْصُوْرُ بنُ
المُعْتَمِرِ، وَالمِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو، وَمُوْسَى بنُ
أَبِي عَائِشَةَ، وَأَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ الأَكْبَرُ
مُوْسَى بنُ نَافِعٍ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ،
وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَهِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ،
وَوَبَرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَهْبُ بنُ
مَأْنُوْسٍ، وَأَبُو هُبَيْرَةَ يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ،
وَيَحْيَى بنُ مَيْمُوْنٍ أَبُو المُعَلَّى العَطَّارُ،
وَيَعْلَى بنُ حَكِيْمٍ، وَيَعْلَى بنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو
إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَأَبُو حَصِيْنٍ الأَسَدِيُّ،
وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَأَبُو الصَّهْبَاءِ
الكُوْفِيُّ، وَأَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو
هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
رَوَى: ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ أَصْبَغَ بنِ
زَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ دِيْكٌ، كَانَ يَقُوْم مِنَ
اللَّيْلِ بِصِيَاحِهِ، فَلَمْ يَصِحْ لَيْلَةً مِنَ
اللَّيَالِي حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمْ يُصَلِّ سَعِيْدٌ
تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَشَقَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَهُ،
قَطَعَ اللهُ صَوْتَهُ؟!
فَمَا سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ بَعْدُ.
فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ، لاَ تَدْعُ عَلَى
شَيْءٍ بَعْدَهَا (1) .
__________
(1) الحلية 4 / 274.
(4/323)
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: قَدِمَ سَعِيْدٌ
أَصْبَهَانَ زَمَنَ الحَجَّاجِ، وَأَخَذُوا عَنْهُ (1) .
وَعَنْ عُمَرَ بنِ حَبِيْبٍ، قَالَ:
كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِأَصْبَهَانَ لاَ يُحَدِّثُ،
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الكُوْفَةِ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُ.
فَقُلْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: انْشُرْ بَزَّكَ
حَيْثُ تُعْرَفُ (2) .
قَالَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ
جُبَيْرٍ بفَارِسٍ، وَكَانَ يَتَحَزَّنُ، يَقُوْلُ: لَيْسَ
أَحَدٌ يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ.
وَكَانَ يُبْكِيْنَا، ثُمَّ عَسَى أَنْ لاَ يَقُوْمَ
حَتَّى نَضْحَكَ.
شُعْبَةُ: عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي أَيُّوْبَ:
كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِأَصْبَهَانَ، وَكَانَ
غُلاَمٌ مَجُوْسِيٌّ يَخْدِمُهُ، وَكَانَ يَأْتِيْهِ
بِالمُصْحَفِ فِي غِلاَفِهِ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ: سَمِعْتُ سَعِيْداً
يُرَدِّدُ هَذِهِ الآيَةَ فِي الصَّلاَةِ بِضْعاً
وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجِعُوْنَ
فِيْهِ إِلَى اللهِ} [البَقَرَةُ (3) : 281].
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ
اللَّبَّانِ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي
الرَّبِيْعِ السَّمَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ،
عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ
هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، قَالَ:
دَخَلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ الكَعْبَةَ، فَقَرَأَ
القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ (4) .
الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: عَنْ وِقَاءِ بنِ إِيَاسٍ، قَالَ:
كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِيْمَا
بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعَشَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ،
وَكَانُوا يُؤَخِّرُوْنَ العِشَاءَ (5).
__________
(1) انظر أخبار أصبهان 1 / 324.
(2) انظر أخبار أصبهان 1 / 324.
(3) الحلية 4 / 272.
(4) الزهد لأحمد 370.
(5) إسناده ضعيف لضعف وقاء، وانظر ابن سعد 6 / 259 فقد
تصحف فيه إلى (وفاء).
(4/324)
قُلْتُ: هَذَا خِلاَفُ السُّنَّةِ، وَقَدْ
صَحَّ النَّهْيُ عَنْ قِرَاءةِ القُرْآنِ فِي أَقَلَّ مِنْ
ثَلاَثٍ (1) .
يَزِيْدُ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي
سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ
(2) .
يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي
المُغِيْرَةِ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ
يَسْتَفْتُوْنَهُ، يَقُوْلُ: أَلَيْسَ فِيْكُمُ ابْنُ
أُمِّ الدَّهْمَاءِ؟ -يَعْنِي: سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ (3)
-.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بنِ
مَيْمُوْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ (4) ، قَالَ:
لَقَدْ مَاتَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ
الأَرْضِ أَحَدٌ إِلاَّ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى عِلْمِهِ.
وَقَالَ ضِرَارُ بنُ مُرَّةَ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ،
قَالَ: التَّوَكُّل عَلَى اللهِ جِمَاعُ الإِيْمَانِ.
وَكَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صِدْقَ
التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَحُسْنَ الظَنِّ بِكَ (5) .
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ هِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ، قَالَ:
خَرَجْتُ مَعَ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ فِي رَجَبٍ،
فَأَحْرَمَ مِنَ الكُوْفَةِ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ
عُمْرَتِهِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالحَجِّ فِي النِّصْفِ مِنْ
ذِي القَعْدَةِ، وَكَانَ يُحْرِمُ (6) فِي كُلِّ سَنَةٍ
مَرَّتَيْنِ؛ مَرَّةً لِلْحَجِّ، وَمَرَّةً لِلْعُمْرَةِ.
__________
(1) انظر التعليق (2) ص 132.
(2) ابن سعد 6 / 259، والزهد لأحمد 370، والحلية 4 / 273.
(3) الحلية 4 / 273، وانظر ابن سعد 6 / 257.
(4) في الأصل: " أمه " وهو تصحيف.
والخبر في المعرفة والتاريخ 1 / 712، 713 والحلية 4 / 273.
وانظر ابن سعد 6 / 266.
(5) الحلية 4 / 274.
(6) كذا الأصل، ولفظ أحمد وأبي نعيم: " يخرج " انظر الزهد
370 والحلية 4 / 275.
(4/325)
ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ عَطَاءِ بنِ
دِيْنَارٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
إِنَّ الخَشْيَةَ أَنْ تَخْشَى اللهَ حَتَّى تَحُوْلَ
خَشْيَتُكَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ، فَتِلْكَ
الخَشْيَةُ، وَالذِّكْرُ طَاعَةُ اللهِ، فَمَنْ أَطَاعَ
اللهَ، فَقَدْ ذَكَرَهُ، وَمَنْ لَمْ يُطِعْهُ، فَلَيْسَ
بِذَاكِرٍ، وَإِنْ أَكْثَرَ التَّسْبِيْحَ وَتِلاَوَةَ
القُرْآنِ (1) .
وَرُوِيَ عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ:
قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: لأَنْ أَنْشُرَ عِلْمِي،
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَذْهَبَ بِهِ إِلَى قَبْرِي
(2) .
قَالَ هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ
جُبَيْرٍ: مَا عَلاَمَةُ هَلاَكِ النَّاسِ؟
قَالَ: إِذَا ذَهَبَ عُلَمَاؤُهُم (3).
وَقَالَ عُمَرُ بنُ ذَرٍّ: كَتَبَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ
إِلَى أَبِي كِتَاباً أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللهِ، وَقَالَ:
إِنَّ بَقَاءَ المُسْلِمِ كُلَّ يَوْمٍ غَنِيْمَةٌ...،
فَذَكَرَ الفَرَائِضَ وَالصَّلَوَاتِ وَمَا يَرْزُقُهُ
اللهُ مِنْ ذِكْرِهِ (4) .
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنِ الفُضَيْلِ بنِ
مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي حَرِيْزٍ:
أَنَّ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: لاَ تُطْفِئُوا
سُرُجَكُم (5) لَيَالِيَ العَشْرِ - تُعْجِبُهُ
العِبَادَةُ - وَيَقُوْل: أَيْقِظُوا خَدَمَكُم
يَتَسَحَّرُوْنَ لِصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ (6) .
عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ: أَنْبَأَنَا هِلاَلُ بنُ
خَبَّابٍ: خَرَجْنَا مَعَ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ فِي
__________
(1) الحلية 4 / 276.
(2) انظر ابن سعد 6 / 258.
(3) الحلية 4 / 276، وانظر ابن سعد 6 / 262.
(4) الحلية 4 / 280، وانظر 4 / 276.
(5) في نسخة " مصابيحكم ".
(6) الحلية 4 / 281.
وكان رحمه الله يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا في
فضل العبادة في هذه الايام، فقد روى البخاري 2 / 381 و383
في العيدين باب فضل العمل في أيام التشريق، والترمذي (757)
وأبو داود (2438) وابن ماجه (1727) من طرق عن مسلم البطين،
عن سعيد =
(4/326)
جَنَازَةٍ، فَكَانَ يُحَدِّثُنَا فِي
الطَّرِيْقِ، وَيُذَكِّرُنَا حَتَّى بَلَغَ، فَلَمَّا
جَلَسَ، لَمْ يَزَلْ يُحَدِّثُنَا حَتَّى قُمْنَا،
فَرَجَعْنَا، وَكَانَ كَثِيْرَ الذِّكْرِ للهِ (1) .
وَعَنْ سَعِيْدٍ، قَالَ: وَدِدْتُ النَّاسَ أَخَذُوا مَا
عِنْدِي، فَإِنَّهُ مِمَّا يَهُمُّنِي (2) .
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، قَالَ:
أَتَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ:
إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَادِمٌ -يَعْنِي: خَالِدَ بنَ
عَبْدِ اللهِ- وَلاَ آمَنُهُ عَلَيْكَ، فَأَطِعْنِي،
وَاخْرُجْ.
فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ فَرَرْتُ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ
مِنَ اللهِ.
قُلْتُ: إِنِّي لأَرَاكَ كَمَا سَمَّتْكَ أُمُّكَ (3)
سَعِيْداً.
فَقَدِمَ خَالِدٌ مَكَّةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ،
فَأَخَذَهُ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَالِدٍ،
حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بنُ شِبْلٍ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ
بُوْذَوَيْه، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ وَهْبٍ وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ يَوْمَ
عَرَفَةَ بِنَخِيْلِ ابْنِ عَامِرٍ، فَقَالَ لَهُ وَهْبٌ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، كَمْ لَكَ مُنْذُ خِفْتَ مِنَ
الحَجَّاجِ؟
قَالَ: خَرَجْتُ عَنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَامِلٌ،
فَجَاءنِي الَّذِي فِي بَطْنِهَا، وَقَدْ خَرَجَ وَجْهُهُ.
فَقَالَ وَهْبٌ: إِنَّ مَنْ قَبْلَكُم كَانَ إِذَا أَصَابَ
أَحَدَهُم بَلاَءٌ عَدَّهُ رُخَاءً، وَإِذَا أَصَابَهُ
رُخَاءٌ عَدَّهُ بَلاَءً (4).
__________
= ابن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام العمل الصالح فيهن
أحب إلى الله من هذه الايام العشر " قالوا: يا رسول الله،
ولا الجهاد في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " ولا الجهاد، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من
ذلك بشيء ".
وصوم يوم عرفة سنة لغير الحاج، لما رواه مسلم (1162) وأبو
داود (2425) من حديث أبي قتادة مرفوعا: " صيام يوم عرفة
أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده
".
(1) الحلية 4 / 280.
(2) الحلية 4 / 283.
(3) في الأصل: (أمتك) وما أثبتناه من الحلية 4 / 274، 275
وتاريخ الطبري 6 / 488.
وانظر ص 337.
(4) الحلية 4 / 289، 290.
(4/327)
قَالَ سَالِمُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ: لَمَّا
أُتِيَ الحَجَّاجُ بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَنَا
سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ.
قَالَ: أَنْتَ شَقِيُّ بنُ كُسَيْرٍ، لأَقْتُلَنَّكَ.
قَالَ: فَإِذاً أَنَا كَمَا سَمَّتْنِي أُمِّي.
ثُمَّ قَالَ: دَعُوْنِي أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ: وَجِّهُوْهُ إِلَى قِبْلَةِ النَّصَارَى.
قَالَ: {أَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ}.
وَقَالَ: إِنِّي أَسْتعِيْذُ مِنْكَ بِمَا عَاذَتْ بِهِ
مَرْيَمُ.
قَالَ: وَمَا عَاذَتْ بِهِ؟
قَالَ: قَالَتْ: {إِنِّي أَعُوْذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ
إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً}.
رَوَاهَا: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَالِمٍ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَقْتُلْ بَعْدَ
سَعِيْدٍ إِلاَّ رَجُلاً وَاحِداً (1) .
وَعَنْ عُتْبَةَ مَوْلَى الحَجَّاجِ، قَالَ:
حَضَرْتُ سَعِيْداً حِيْنَ أَتَى بِهِ الحَجَّاجُ
بِوَاسِطَ، فَجَعَلَ الحَجَّاجُ يَقُوْلُ: أَلَمْ أَفْعَلْ
بِكَ؟! أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟!
فَيَقُوْلُ: بَلَى.
قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ مِنْ خُرُوْجِكَ
عَلَيْنَا؟
قَالَ: بَيْعَةٌ كَانَتْ عَلَيَّ - يَعْنِي: لابْنِ
الأَشْعَثِ -.
فَغَضِبَ الحَجَّاجُ، وَصَفَّقَ بِيَدَيْهِ، وَقَالَ:
فَبَيْعَةُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ كَانَتْ أَسْبَقُ
وَأَوْلَى.
وَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ (2) .
وَقِيْلَ: لَوْ لَمْ يُوْاجِهْهُ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ
بِهَذَا، لاَسْتَحْيَاهُ كَمَا عَفَا عَنِ الشَّعْبِيِّ
لَمَّا لاَطَفَهُ فِي الاعْتِذَارِ.
حَامِدُ بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ أَبُو
مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بنُ
أَبِي شَدَّادٍ:
بَلَغَنِي أَنَّ الحَجَّاجَ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ سَعِيْدُ
بنُ جُبَيْرٍ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ قَائِداً يُسَمَّى
المُتَلَمِّسَ بنَ أَحْوَصَ فِي عِشْرِيْنَ مِنْ أَهْلِ
الشَّامِ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُوْنَهُ، إِذَا هُمْ
برَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَسَأَلُوْهُ عَنْهُ؟
فَقَالَ: صِفُوْهُ لِي.
فَوَصَفُوْهُ، فَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ، فَانْطَلقُوا،
فَوَجَدُوْهُ سَاجِداً يُنَاجِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ،
فَدَنَوْا، وَسَلَّمُوا،
__________
(1) الحلية 4 / 290.
(2) الحلية 4 / 290، وانظر ابن سعد 6 / 265.
(4/328)
فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَأَتَمَّ بَقِيَّةَ
صَلاَتِهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، فَقَالُوا:
إِنَّا رُسُلُ الحَجَّاجِ إِلَيْكَ، فَأَجِبْهُ.
قَالَ: وَلاَ بُدَّ مِنَ الإِجَابَةِ؟
قَالُوا: لاَ بُدَّ.
فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَامَ مَعَهُم،
حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَيْرِ الرَّاهِبِ، فَقَالَ
الرَّاهِبُ: يَا مَعْشَرَ الفُرْسَانِ أَصَبْتُمْ
صَاحِبَكُم؟
قَالُوا: نَعَمْ.
فَقَالَ: اصْعَدُوا، فَإِنَّ اللَّبْوَةَ وَالأَسَدَ
يَأْوِيَانِ حَوْلَ الدَّيْرِ.
فَفَعَلُوا، وَأَبَى سَعِيْدٌ أَنْ يَدْخُلَ، فَقَالُوا:
مَا نَرَاكَ إِلاَّ وَأَنْتَ تُرِيْدُ الهَرَبَ مِنَّا.
قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ لاَ أَدْخُلُ مَنْزِلَ مُشْرِكٍ
أَبَداً.
قَالُوا: فَإِنَّا لاَ نَدَعُكَ، فَإِنَّ السِّبَاعَ
تَقْتُلُكَ.
قَالَ: لاَ ضَيْرَ، إِنَّ مَعِيَ رَبِّي يَصْرِفُهَا
عَنِّي، وَيَجْعَلُهَا حَرَساً تَحْرُسُنِي.
قَالُوا: فَأَنْتَ مِنَ الأَنْبِيَاءِ؟
قَالَ: مَا أَنَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، وَلَكِنْ عَبْدٌ
مِنْ عَبِيْدِ اللهِ مُذْنِبٌ.
قَالَ الرَّاهِبُ: فَلْيُعْطِنِي مَا أَثِقُ بِهِ عَلَى
طُمَأْنِيْنَةٍ.
فَعَرَضُوا عَلَى سَعِيْدٍ أَنْ يُعْطِيَ الرَّاهِبَ مَا
يُرِيْدُ.
قَالَ: إِنِّي أُعْطِي العَظِيْمَ الَّذِي لاَ شَرِيْكَ
لَهُ، لاَ أَبْرَحُ مَكَانِي حَتَّى أُصْبِحَ - إِنْ شَاءَ
اللهُ -.
فَرَضِيَ الرَّاهِبُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُم: اصْعَدُوا،
وَأَوْتِرُوا القِسِّيَّ، لِتُنَفِّرُوا السِّبَاعَ عَنْ
هَذَا العَبْدِ الصَّالِحِ، فَإِنَّهُ كَرِهَ الدُّخُوْلَ
فِي الصَّوْمَعَةِ لِمَكَانِكُمْ.
فَلَمَّا صَعِدُوا، وَأَوْتَرُوا القِسِّيَّ، إِذَا هُمْ
بِلَبْوَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ، فَلَمَّا دَنَتْ مِنْ
سَعِيْدٍ، تَحَكَّكَتْ بِهِ، وَتَمَسَّحَتْ بِهِ، ثُمَّ
رَبَضَتْ قَرِيْباً مِنْهُ، وَأَقْبَلَ الأَسَدُ يَصْنَعُ
كَذَلِكَ.
فَلَمَّا رَأَى الرَّاهِبُ ذَلِكَ، وَأَصْبَحُوا، نَزَلَ
إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَرَائِعِ دِيْنِهِ، وَسُنَنِ
رَسُوْلِهِ، فَفَسَّرَ لَهُ سَعِيْدٌ ذَلِكَ كُلَّهُ،
فَأَسْلَمَ، وَأَقْبَلَ القَوْمُ عَلَى سَعِيْدٍ
يَعْتَذِرُوْنَ إِلَيْهِ، وَيُقَبِّلُوْنَ يَدَيْهِ
وَرِجْلَيْهِ، وَيَأْخُذُوْنَ التُّرَابَ الَّذِي
وَطِئَهُ، فَيَقُوْلُوْنَ: يَا سَعِيْدُ، حَلَّفَنَا
الحَجَّاجُ بِالطَّلاَقِ وَالعَتَاقِ، إِنْ نَحْنُ
رَأَيْنَاكَ لاَ نَدَعُكَ حَتَّى نُشْخِصَكَ إِلَيْهِ،
فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ.
قَالَ: امْضُوا لأَمْرِكُم، فَإِنِّي لاَئِذٌ بِخَالِقِي
(1) ، وَلاَ رَادَّ لِقَضَائِهِ.
فَسَارُوا حَتَّى بَلَغُوا وَاسِطَ، فَقَالَ سَعِيْدٌ:
قَدْ تَحَرَّمْتُ بِكُم وَصَحِبْتُكُم، وَلَسْتُ أَشُكُّ
أَنَّ أَجَلِي قَدْ حَضَرَ، فَدَعُوْنِي اللَّيْلَةَ آخُذْ
أُهْبَةَ المَوْتِ، وَأَسْتَعِدَّ لِمُنْكَرٍ وَنَكِيْرٍ،
وَأَذْكُرْ عَذَابَ القَبْرِ، فَإِذَا أَصْبَحْتُم،
__________
(1) في الأصل " فإني لاند لخالقي " والصواب ما أثبتناه من
الحلية.
(4/329)
فَالمِيْعَادُ بَيْنَنَا المَكَانُ الَّذِي
تُرِيْدُوْنَ.
فَقَالَ بَعْضُهُم: لاَ تُرِيْدُوْنَ (1) أَثَراً بَعْد
عَيْنٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُم: قَدْ بَلَغْتُم أَمْنَكُم (2) ،
وَاسْتَوْجَبْتُم جَوَائِزَ الأَمِيْرِ، فَلاَ تَعْجَزُوا
عَنْهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُم: يُعْطِيْكُم مَا أَعْطَى الرَّاهِبَ،
وَيْلَكُم! أَمَا لَكُم عِبْرَةٌ بِالأَسَدِ.
وَنَظَرُوا إِلَى سَعِيْدٍ قَدْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ،
وَشَعِثَ رَأْسُهُ، وَاغْبَرَّ لَوْنُهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ،
وَلَمْ يَشْرَبْ، وَلَمْ يَضْحَكْ مُنْذُ يَوْمِ لَقُوْهُ
وَصَحِبُوْهُ، فَقَالُوا:
يَا خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ، لَيْتَنَا لَمْ نَعْرِفْكَ،
وَلَمْ نُسَرَّحْ إِلَيْكَ، الوَيْلُ لَنَا وَيْلاً
طَوِيْلاً، كَيْفَ ابْتُلِيْنَا بِكَ! اعْذُرْنَا عِنْدَ
خَالِقِنَا يَوْمَ الحَشْرِ الأَكْبَرِ، فَإِنَّهُ
القَاضِي الأَكْبَرُ، وَالعَدْلُ الَّذِي لاَ يَجُوْرُ.
قَالَ: مَا أَعْذَرَنِي لَكُم وَأَرْضَانِي لِمَا سَبَقَ
مِنْ عِلْمِ اللهِ فِيَّ.
فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ البُكَاءِ وَالمُجَاوَبَةِ، قَالَ
كَفِيْلُهُ: أَسْأَلُكَ بِاللهِ لَمَا زَوَّدْتَنَا مِنْ
دُعَائِكَ وَكَلاَمِكَ، فَإِنَّا لَنْ نَلْقَى مِثْلَكَ
أَبَداً.
فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَخَلَّوْا سَبِيْلَهُ، فَغَسَلَ
رَأْسَهُ وَمِدْرَعَتَهُ وَكِسَاءهُ، وَهُم مُحْتَفُوْنَ
اللَّيْلَ كُلَّهُ، يُنَادُوْنَ بِالوَيْلِ وَاللَّهْفِ.
فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُوْدُ الصُّبْحِ، جَاءهُم سَعِيْدٌ،
فَقَرَعَ البَابَ، فَنَزَلُوا، وَبَكَوْا مَعَهُ،
وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى الحَجَّاجِ، وَآخَرَ مَعَهُ،
فَدَخَلاَ، فَقَالَ الحَجَّاجُ: أَتَيْتُمُوْنِي
بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ؟
قَالُوا (3): نَعَمْ، وَعَايَنَّا مِنَّا العَجَبَ.
فَصَرَفَ بِوَجْهِهِ عَنْهُم، فَقَالَ: أَدْخِلُوْهُ
عَلَيَّ.
فَخَرَجَ المُتَلَمِّسُ، فَقَالَ لِسَعِيْدٍ (4) :
أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ، وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ.
فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟
قَالَ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ.
قَالَ: أَنْتَ شَقِيُّ بنُ كُسَيْرٍ.
قَالَ: بَلْ أُمِّي كَانَتْ أَعْلَمَ بِاسْمِي مِنْكَ.
قَالَ: شَقِيْتَ أَنْتَ، وَشَقِيَتْ أُمُّكَ.
قَالَ: الغَيْبُ يَعْلَمُهُ (5) غَيْرُكَ.
قَالَ: لأُبْدِلَنَّكَ بِالدُّنْيَا نَاراً تَلَظَّى.
قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ
__________
(1) لفظ الحلية: " لا نريد ".
(2) لفظ الحلية: " أملكم ".
(3) في الأصل: " قالا " وما أثبتناه من الحلية.
(4) من الحلية.
(5) في الأصل: " يعلمك " وما أثبتناه من الحلية.
(4/330)
بِيَدِكَ لاتَّخَذْتُكَ إِلَهاً.
قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
قَالَ: نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، إِمَامُ الهُدَى.
قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ، فِي الجَنَّةِ هُوَ
أَمْ فِي النَّارِ؟
قَالَ: لَوْ دَخَلْتُهَا، فَرَأَيْتُ أَهْلَهَا، عَرَفْتُ.
قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي الخُلَفَاءِ؟
قَالَ: لَسْتُ عَلَيْهِم بِوَكِيْلٍ.
قَالَ: فَأَيُّهُم أَعْجَبُ إِلَيْكَ؟
قَالَ: أَرْضَاهُم لِخَالِقِي.
قَالَ: فَأَيُّهُم أَرْضَى لِلْخَالِقِ؟
قَالَ: عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَهُ.
قَالَ: أَبَيْتَ أَنْ تَصْدُقَنِي.
قَالَ: إِنِّي لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَكْذِبَكَ.
قَالَ: فَمَا بَالُكَ لَمْ تَضْحَكْ؟
قَالَ: لَمْ تَسْتَوِ القُلُوْبُ.
قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ الحَجَّاجُ بِاللُّؤْلُؤِ
وَاليَاقُوْتِ وَالزَّبَرْجَدِ، فَجَمَعَهُ بنُ يَدَيْ
سَعِيْدٍ، فَقَالَ:
إِنْ كُنْتَ جَمَعْتَهُ لِتَفْتَدِيَ بِهِ مِنْ فَزَعِ
يَوْمِ القِيَامَةِ فَصَالِحٌ، وَإِلاَّ فَفَزْعَةٌ
وَاحِدَةٌ تُذْهِلُ كُلَّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ،
وَلاَ خَيْرَ فِي شَيْءٍ جُمِعَ لِلدُّنْيَا إِلاَّ مَا
طَابَ وَزَكَا.
ثُمَّ دَعَا الحَجَّاجُ بِالعُوْدِ وَالنَّايِ، فَلَمَّا
ضُرِبَ بِالعُوْدِ وَنُفِخَ فِي النَّايِ، بَكَى، فَقَالَ
الحَجَّاجُ: مَا يُبْكِيْكَ؟ هُوَ اللَّهْوُ.
قَالَ: بَلْ هُوَ الحُزْنُ، أَمَّا النَّفْخُ فَذَكَّرَنِي
يَوْمَ نَفْخِ الصُّوْرِ، وَأَمَّا العُوْدُ فَشَجَرَةٌ
قُطِعَتْ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ، وَأَمَّا الأَوْتَارُ
فَأَمْعَاءُ شَاةٍ يُبْعَثُ بِهَا مَعَكَ يَوْمَ
القِيَامَةِ.
فَقَالَ الحَجَّاجُ: وَيْلَكَ يَا سَعِيْدُ!
قَالَ: الوَيْلُ لِمَنْ زُحْزِحَ عَنِ الجَنَّةِ،
وَأُدْخِلَ النَّارُ.
قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ تُرِيْدُ أَنْ أَقْتُلَكَ؟
قَالَ: اخْتَرْ لِنَفْسِكَ يَا حَجَّاجُ، فَوَاللهِ مَا
تَقْتُلُنِي قِتْلَةً، إِلاَّ قَتَلْتُكَ قَتْلَةً فِي
الآخِرَةِ.
قَالَ: فَتُرِيْدُ أَنْ أَعْفُوَ عَنْكَ؟
قَالَ: إِنْ كَانَ العَفْوُ، فَمِنَ اللهِ، وَأَمَّا
أَنْتَ فَلاَ بَرَاءةَ لَكَ وَلاَ عُذْرَ.
قَالَ: اذْهبُوا بِهِ، فَاقْتُلُوْهُ.
فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ البَابِ، ضَحِكَ، فَأُخْبِرَ
الحَجَّاجُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَ بِرَدِّهِ، فَقَالَ: مَا
أَضْحَكَكَ؟
قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ جُرْأَتِكَ عَلَى اللهِ، وَحِلْمِهِ
عَنْكَ!
فَأَمَرَ بِالنِّطْعِ، فَبُسِطَ، فَقَالَ: اقْتُلُوْهُ.
فَقَالَ: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ}.
قَالَ: شُدُّوا بِهِ لِغَيْرِ القِبْلَةِ.
قَالَ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ}.
قَالَ: كُبُّوْهُ لِوَجْهِهِ.
قَالَ: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُم، وَفِيْهَا نُعِيْدُكُم}.
قَالَ: اذْبَحُوْهُ.
قَالَ: إِنِّي أَشْهَدُ وَأُحَاجُّ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللهُ، وَحْدَهُ لاَ
(4/331)
شَرِيْكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً
عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، خُذْهَا مِنِّي حَتَّى تَلْقَانِي
يَوْمَ القِيَامَةِ.
ثُمَّ دَعَا اللهَ سَعِيْدٌ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ
تُسَلِّطْهُ عَلَى أَحَدٍ يَقْتُلُهُ بَعْدِي.
فَذُبِحَ عَلَى النِّطْعِ.
وَبَلَغَنَا: أَنَّ الحَجَّاجَ عَاشَ بَعْدَهُ خَمْسَ
عَشَرةَ لَيْلَةً، وَقَعَتْ فِي بَطْنِهِ الأَكِلَةُ (1) ،
فَدَعَا بِالطَّبِيْبِ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَنَظَرَ
إِلَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِلَحْمٍ مُنْتِنٍ، فَعَلَّقَهُ فِي
خَيْطٍ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي حَلْقِهِ، فَتَرَكَهُ
سَاعَةً، ثُمَّ اسْتَخْرَجَهُ، وَقَدْ لَزِقَ بِهِ مِنَ
الدَّمِ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاجٍ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، غَيْرُ صَحِيْحَةٍ.
رَوَاهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي (الحِلْيَةِ)، فَقَالَ (2) :
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا خَالِي أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَيَّةَ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ كِتَابَةً، حَدَّثَنَا
حَامِدُ بنُ يَحْيَى.
هَارُوْنُ الحَمَّالُ (3) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مَسْلَمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ كَاتِبِ الحَجَّاجِ، قَالَ
مَالِكٌ - هُوَ أَخٌ لأَبِي سَلَمَةَ الَّذِي كَانَ عَلَى
بَيْتِ المَالِ - قَالَ:
كُنْتُ أَكْتُبُ لِلْحَجَّاجِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ
يَسْتَخِفُّنِي، وَيَسْتَحْسِنُ كِتَابَتِي، وَأَدْخُلُ
عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْماً
بَعْدَ مَا قَتَلَ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ وَهُوَ فِي
قُبَّةٍ لَهُ، لَهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ، فَدَخَلْتُ
عَلَيْهِ مِمَّا يَلِي ظَهْرَهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
مَا لِي وَلِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ.
فَخَرَجْتُ رُوَيْداً، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ إِنْ عَلِمَ بِي
قَتَلَنِي، فَلَمْ يَنْشَبْ قَلِيْلاً حَتَّى مَاتَ (4) .
أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ،
عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ:
دَعَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ حِيْنَ دُعِيَ لِلْقَتْلِ (5)
، فَجَعَلَ ابْنُهُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا
__________
(1) الاكلة: كفرحة، داء يقع في العضو فيأتكل منه.
(2) 4 / 291 - 294.
(3) قيل: إنه لقب بالحمال لكثرة ما حمل من العلم.
(أنساب السمعاني).
(4) الحلية 4 / 291.
(5) عباره أبي نعيم: " دعا سعيد بن جبير ابنه.." انظر
الحلية 4 / 275.
(4/332)
يُبْكِيْكَ؟! مَا بَقَاءُ أَبِيْكَ بَعْدَ
سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ
جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدٍ، قَالَ:
قُحِطَ النَّاسُ فِي زَمَانِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوْكِ بَنِي
إِسْرَائِيْلَ ثَلاَثَ سِنِيْنَ، فَقَالَ المَلِكُ:
لَيُرْسِلَنَّ عَلَيْنَا السَّمَاءَ، أَوْ
لَنُؤْذِيَنَّهُ.
قَالُوا: كَيْفَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تُؤْذِيَهُ وَهُوَ
فِي السَّمَاءِ وَأَنْتَ فِي الأَرْضِ؟!
قَالَ: أَقْتُلُ أَوْلِيَاءهِ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ،
فَيَكُوْنُ ذَلِكَ أَذَىً لَهُ.
قَالَ: فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ السَّمَاءَ (1) .
وَرَوَى: أَصْبَغُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ الأَعْرَجِ،
قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَبْكِي بِاللَّيْلِ
حَتَّى عَمِشَ (2) .
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ
جُبَيْرٍ يَؤُمُّنَا، يُرَجِّعُ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ (3)
.
وَرَوَى: الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ:
قَالَ سَعِيْدٌ: قَرَأْتُ القُرْآنَ فِي رَكْعَتَيْنِ فِي
الكَعْبَةِ (4) .
جَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ: عَنْ أَشْعَثَ بنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ:
كَانَ يُقَالُ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ جِهْبِذُ
العُلَمَاءِ (5) .
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
جُبَيْرٍ، قَالَ:
لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ، فَأَقْسَمَتْ عَلَيَّ أُمِّي أَنْ
أَسْتَرْقِيَ، فَأَعْطَيْتُ الرَّاقِي يَدِي الَّتِي لَمْ
تُلْدَغْ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُحَنِّثَهَا (6).
__________
(1) الحلية 4 / 282.
(2) الحلية 4 / 272 وانظر الزهد لأحمد 370.
(3) الحلية 4 / 273، وانظر ابن سعد 6 / 260.
(4) ابن سعد 6 / 256.
(5) سيكرر المؤلف الخبر على ص 341، وما بين الحاصرتين منه.
والجهبذ: النقاد الخبير بغوامض الأمور، البارع العارف بطرق
النقد، وهو معرب.
(6) الحلية 4 / 275، وحنث الرجل في يمينه إذا لم يبر فيه.
(4/333)
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: عَنْ يَعْلَى بنِ
حَكِيْمٍ، قَالَ:
قَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: مَا رَأَيْتُ أَرْعَى
لِحُرْمَةِ هَذَا البَيْتِ، وَلاَ أَحْرَصَ عَلَيْهِ مِنْ
أَهْلِ البَصْرَةِ، لَقَدْ رَأَيْتُ جَارِيَةً ذَاتَ
لَيْلَةٍ تَعَلَّقَتْ بَأَسْتَارِ الكَعْبَةِ، تَدْعُو
وَتَضَرَّعُ وَتَبْكِي حَتَّى مَاتَتْ.
إِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ.
مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا
يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي
المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
لَمَّا أَهْبَطَ اللهُ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ، كَانَ
فِيْهَا نَسْرٌ وَحُوْتٌ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمَا،
فَلَمَّا رَأَى النَّسْرُ آدَمَ، وَكَانَ يَأْوِي إِلَى
الحُوْتِ يَبِيْتُ عِنْدَهُ، فَقَالَ:
يَا حُوْتُ، لَقَدْ أُهْبِطَ اليَوْمَ إِلَى الأَرْضِ
شَيْءٌ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ، وَيَبْطِشُ بِيَدَيْهِ.
قَالَ: لَئِنْ كُنْتَ صَادِقاً مَا لِي فِي البَحْرِ
مِنْهُ مَنْجَىً، وَلاَ لَكَ فِي البَرِّ (1) .
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَوْ فَارَقَ
ذِكْرُ المَوْتِ قَلْبِي، لَخِشِيْتُ أَنْ يُفْسِدَ
عَلَيَّ قَلْبِي (2) .
وَعَنْهُ، قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا جَمْعٌ (3) مِنْ
جُمَعِ الآخِرَةِ.
رَوَاهُ: ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ هِشَامٍ (4) ،
عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: عَنْ بُكَيْرِ بنِ عَتِيْقٍ، قَالَ:
سَقَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ شَرْبَةً مِنْ عَسَلٍ فِي
قَدَحٍ، فَشَرِبَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لأُسْأَلَنَّ
عَنْهُ.
قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: شَرِبْتُهُ، وَأَنَا أَسْتَلِذُّهُ (5) .
وَعَنْ خَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
شَهِدْتُ مَقْتَلَ سَعِيْدٍ، فَلَمَّا بَانَ
__________
(1) الحلية 4 / 278.
(2) الزهد لأحمد 371 والحلية 4 / 279.
(3) لفظ أحمد وأبي نعيم " جمعة من جمع ".
(4) في الأصل: " هاشم " وما أثبتناه من نص الخبر عند أحمد
في " الزهد " 371، والحلية 4 / 279، 280 وسرد المؤلف لرواة
سعيد في صدر الترجمة.
(5) الحلية 4 / 281، وما بين الحاصرتين منه.
وانظر الزهد لأحمد 371.
(4/334)
رَأْسُهُ، قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ،
لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَلَمْ يُتِمَّ الثَّالِثَةَ
(1).
هَمَّامُ بنُ يَحْيَى: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ، عَنْ
أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
رَآنِي أَبُو مَسْعُوْدٍ البَدْرِيُّ فِي يَوْمِ عِيْدٍ
وَلِي ذُؤَابَةٌ، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! إِنَّهُ لاَ
صَلاَةَ فِي مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ قَبْلَ صَلاَةِ
الإِمَامِ، فَإِذَا صَلَّى الإِمَامُ، فَصَلِّ بَعْدَهَا
رَكْعَتَيْنِ، وَأَطِلِ القِرَاءةَ.
شُعْبَةُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: حَدِّثْ.
قَالَ: أُحَدِّثُ وَأَنْتَ هَا هُنَا؟!
قَالَ: أَوَلَيْسَ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ أَنْ
تُحِدِّثَ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَإِنْ أَصَبْتَ فَذَاكَ،
وَإِنْ أَخْطَأْتَ عَلَّمْتُكَ (2) .
يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي
المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
رُبَّمَا أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَكَتَبْتُ فِي
صَحِيْفَتِي حَتَّى أَمْلأَهَا، وَكَتَبْتُ فِي نَعْلِي
حَتَّى أَمْلأَهَا، وَكَتَبْتُ فِي كَفِّي (3) .
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ: كَانَ ابْنُ
عَبَّاسٍ بَعْدَ مَا عَمِيَ إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ
الكُوْفَةِ يَسْأَلُوْنَهُ، يَقُوْلُ: تَسْأَلُوْنِي
وَفِيْكُم ابْنُ أُمِّ دَهْمَاءَ! -يَعْنِي: سَعِيْدَ بنَ
جُبَيْرٍ (4) -.
وَقَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
جُبَيْرٍ، قَالَ:
كُنْتُ أَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ فِي صَحِيْفَةٍ، وَلَوْ
عَلِمَ بِهَا، كَانَتِ الفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ (5).
__________
(1) الحلية 4 / 291، وانظر ابن سعد 6 / 265، وصفحة 340 رقم
(2) من هذا الجزء.
(2) ابن سعد 6 / 256، 257، وانظر وفيات الأعيان 2 / 371.
(3) ابن سعد 6 / 257 وزاد في آخره: "..وربما أتيته فلم
أكتب حديثا حتى أرجع، لا يسأله أحد عن شيء ".
(4) ابن سعد 6 / 257 وما بين الحاصرتين منه، وانظر الجرح
والتعديل القسم الأول من المجلد الثاني 9.
(4) ابن سعد 6 / 257 وما بين الحاصرتين منه، وانظر الجرح
والتعديل القسم الأول من المجلد الثاني 9.
(5) ابن سعد 6 / 258.
(4/335)
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَسْلَمَ
المِنْقَرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ عَنْ فَرِيْضَةٍ، فَقَالَ:
ائْتِ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ
بِالحِسَابِ مِنِّي، وَهُوَ يَفْرِضُ فِيْهَا مَا أَفْرِضُ
(1) .
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ،
قَالَ:
كَانَ يَقُصُّ لَنَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ كُلَّ يَوْمٍ
مَرَّتَيْنِ، بَعْدَ الفَجْرِ وَبَعْدَ العَصْرِ (2) .
قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ: عَنِ الصَّعْبِ بنِ عُثْمَانَ،
قَالَ:
قَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: مَا مَضَتْ عَلَيَّ
لَيْلَتَانِ مُنْذُ قُتِلَ الحُسَيْنُ إِلاَّ أَقْرَأُ
فِيْهِمَا القُرْآنَ، إِلاَّ مَرِيْضاً أَوْ مُسَافِراً
(3) .
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي الجَحَّافِ، عَنْ مُسْلِمٍ
البَطِيْنِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ:
أَنَّهُ كَانَ لاَ يَدَعُ أَحَداً يَغْتَابُ عِنْدَهُ (4)
.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ، قَالَ:
رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ يُصَلِّي فِي الطَّاقِ،
وَلاَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ، وَيَعْتَمُّ، وَيُرْخِي
لَهَا طَرَفاً مِنْ وَرَائِهِ شِبْراً (5) .
قُلْتُ: الطَّاقُ: هُوَ المِحْرَابُ.
قَالَ هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ
جُبَيْرٍ أَهَلَّ مِنَ الكُوْفَةِ (6) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ (7) : كَانَ الَّذِي قَبَضَ
عَلَى سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: وَالِي مَكَّةَ خَالِدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ القَسْرِيُّ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى
الحَجَّاجِ، فَأَخْبَرَنَا يَزِيْدُ، عَنْ عَبْدِ
__________
(1) ابن سعد 6 / 258، وانظر أخبار القضاة 2 / 411، والجرح
والتعديل القسم الأول من المجلد الثاني 9.
(2) ابن سعد 6 / 259.
(3) ابن سعد 6 / 259، 260.
(4) انظر ابن سعد 6 / 261.
(5) ابن سعد 6 / 262.
(6) المصدر السابق وما بين الحاصرتين منه.
(7) في الطبقات 6 / 264.
(4/336)
المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ:
سَمِعَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ صَوْتَ القُيُوْدِ،
فَقَالَ: مَا هَذَا؟
قِيْلَ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ،
وَأَصْحَابُهُمَا يَطُوْفُوْنَ بِالبَيْتِ.
فَقَالَ: اقْطَعُوا عَلَيْهِمُ الطَّوَافَ.
وَأَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، أَنْبَأَنَا
الرَّبِيْعُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ حِيْنَ جِيْءَ بِهِ
إِلَى الحَجَّاجِ، فَبَكَى رَجُلٌ، فَقَالَ سَعِيْدٌ: مَا
يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: لِمَا أَصَابَكَ.
قَالَ: فَلاَ تَبْكِ، كَانَ فِي عِلْمِ اللهِ أَنْ
يَكُوْنَ هَذَا، ثُمَّ تَلاَ: {مَا أَصَابَكَ مِنْ
مُصِيْبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُم إِلاَّ فِي
كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا (1) } [الحَدِيْدُ:
22].
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ:
سُئِلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ عَنِ الخِضَابِ بِالوَسِمَةِ
(2) ، فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: يَكْسُو اللهُ العَبْدَ
النُّوْرَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يُطْفِئُهُ بِالسَّوَادِ
(3) .
الحُسَيْنُ بنُ حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ: حَدَّثَنَا
وَاصِلُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ
بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ سَعِيْداً بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا
قَادِمٌ -يَعْنِي: خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ- وَلَسْتُ
آمَنُهُ عَلَيْكَ.
قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ فَرَرْتُ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنَ
اللهِ (4) .
قُلْتُ: طَالَ اخْتِفَاؤُهُ، فَإِنَّ قِيَامَ القُرَّاءِ
عَلَى الحَجَّاجِ كَانَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ، وَمَا ظَفِرُوا بِسَعِيْدٍ إِلَى سَنَةِ
خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ؛ السَّنَةِ الَّتِي قَلَعَ اللهُ
فِيْهَا الحَجَّاجَ.
__________
(1) ابن سعد 6 / 264.
(2) الوسمة: شجر له ورق يختضب به.
(3) ابن سعد 6 / 267، وانظر حديث النهي عن الخضاب بالسواد
في صفحة 339 وأخرج مسلم في " صحيحه " (2102) من طريق جابر
قال: أتي بأبي قحافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
الفتح كأن رأسه ثغامة بيضاء فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " غيروه وجنبوه السواد ".
(4) تقدم الخبر على الصفحة 327، وانظره مفصلا في تاريخ
الطبري 6 / 487، 488.
(4/337)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ:
فَأَخْبَرَنِي يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ:
أَتَيْنَا سَعِيْداً، فَإِذَا هُوَ طَيِّبُ النَّفْسِ،
وَبِنْتُهُ فِي حَجْرِهِ، فَبَكَتْ، وَشَيَّعْنَاهُ إِلَى
بَابِ الجِسْرِ، فَقَالَ الحَرَسُ لَهُ: أَعْطِنَا
كَفِيْلاً، فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ تُغْرِقَ نَفْسَكَ.
قَالَ: فَكُنْتُ فِيْمَنْ كَفَلَ بِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَبَلَغَنِي أَنَّ الحَجَّاجَ قَالَ:
ائْتُوْنِي بِسَيْفٍ عَرِيْضٍ (1) .
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: كَانَ الشَّعْبِيُّ يَرَى
التَّقِيَّةَ، وَكَانَ ابْنُ جُبَيْرٍ لاَ يَرَى
التَّقِيَّةَ، وَكَانَ الحَجَّاجُ إِذَا أَتَى بِالرَّجُلِ
-يَعْنِي: مِمَّنْ قَامَ عَلَيْهِ- قَالَ لَهُ: أَكَفَرْتَ
بِخُرُوْجِكَ عَلَيَّ، فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، خَلَّى
سَبِيْلَهُ.
فَقَالَ لِسَعِيْدٍ: أَكَفَرْتَ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ أَقْتُلُكَ؟
قَالَ: اخْتَرْ أَنْتَ، فَإِنَّ القِصَاصَ أَمَامَكَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ
أَيْمَنَ، قَالَ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: مَا تَقُوْلُ
لِلْحَجَّاجِ؟
قَالَ: لاَ أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالكُفْرِ.
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ
جَعْفَرٍ:
عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: (إِنَّ فِي النَّارِ
لَرَجُلاً يُنَادِي قَدْرَ أَلْفِ عَامٍ: يَا حَنَّانُ،
يَا مَنَّانُ.
فَيَقُوْلُ: يَا جِبْرِيْلُ، أَخْرِجْ عَبْدِي مِنَ
النَّارِ.
قَالَ: فَيَأْتِيْهَا، فَيَجِدُهَا مُطَبَقَةً،
فَيَرْجِعُ، فَيَقُوْلُ: يَا رَبِّ {إِنَّهَا عَلَيْهِم
مُؤْصَدَةٌ} [الهُمَزَةُ: 8].
فَيَقُوْلُ: يَا جِبْرِيْلُ، ارْجِعْ، فَفُكَّهَا،
فَأَخْرِجْ عَبْدِي مِنَ النَّارِ.
فَيَفُكُّهَا، فَيَخْرُجُ مِثْلَ الخِيَالِ، فَيَطْرَحُهُ
عَلَى سَاحِلِ الجَنَّةِ، حَتَّى يُنْبِتَ اللهُ لَهُ
شَعْراً وَلَحْماً (2)).
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ: عَنْ عَطَاءِ بنِ
السَّائِبِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (كَانَ نَبِيُّ اللهِ سُلَيْمَانُ إِذَا قَامَ فِي
مُصَلاَّهُ، رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ،
فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ؟
قَالَتِ: الخُرْنُوْبُ (3) .
قَالَ: لأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ (4) ؟
فَقَالَتْ: لِخَرَابِ هَذَا البَيْتِ. فَقَالَ:
__________
(1) انظر الحلية 4 / 275.
(2) الحلية 4 / 285.
(3) ويروى بفتح الخاء، ويقال: الخروب: وهو نوعان بري،
وشامي، فالاول: ذو أفنان وحمل، وله شوك يرتفع قدر الذراع،
وفيه حب صلب زلال بشع، لا يؤكل إلا في الجهد.
والثاني: حلو يؤكل، عريض وأكبر من سابقه.
التاج (خرب).
(4) في الحلية: " أنبت ".
(4/338)
اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَيْهِم (1) مَوْتِي
حَتَّى يَعْلَمَ الإِنْسُ أَنَّ الجِنَّ لاَ تَعْلَمُ
الغَيْبَ.
قَالَ: فَنَحَتَهَا عَصاً يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا،
فَأَكَلَتْهَا الأَرَضَةُ، فَسَقَطَتْ، فَخَرَّ،
فَحَزِرُوْا أَكْلَهَا الأَرَضَةَ، فَوَجَدُوْهُ حَوْلاً،
فَتَبَيَّنَتِ الإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُوْنَ
الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المَهِيْنِ (2) -
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا هَكَذَا - فَشَكَرَتِ
الجِنُّ الأَرَضَةَ، فَكَانَتْ تَأْتِيْهَا بِالمَاءِ
حَيْثُ كَانَتْ (3) .
قَرَأْتُهُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا
يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوْسَى بنُ
مَسْعُوْدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ.
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الجُذَامِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ الفُوِّيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ
الخِلَعِيُّ، أَنْبَأَنَا شُعَيْبُ بنُ عَبْدِ
المِنْهَالِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ
رَوْحُ بنُ الفَرَجِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ خَالِدٍ،
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ
الكَرِيْمِ بنِ مَالِكٍ الجَزَرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (يَكُوْنُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ
يَخْضِبُوْنَ بِهَذَا السَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الحَمَامِ،
لاَ يَرِيْحُوْنَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ) (4).
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، غَرِيْبٌ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ
طَرِيْقِ عَبْدِ اللهِ الرَّقِّيِّ.
__________
(1) في الحلية: " عم على الجن ".
(2) الآية 14 من سورة سبأ: (فلما خر تبينت الجن أن لو
كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).
(3) الحلية 4 / 304 وانظر التاج (خرب)
(4) أخرجه النسائي 8 / 138 في الزينة، باب النهي عن الخضاب
بالسواد، وأبو داود (4212) في الترجل، باب ما جاء في خضاب
السواد، وأحمد 1 / 273، وإسناده قوي.
(4/339)
قَالَ خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَمَّنْ
حَدَّثَهُ: إِنَّ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ لَمَّا نَدَرَ (1)
رَأْسُهُ، هَلَّلَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يُفْصِحُ بِهَا (2) .
يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ التِّنِّيْسِيُّ (3) : حَدَّثَنَا
صَالِحُ بنُ عُمَرَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ،
قَالَ:
لَمَّا أَخَذَ الحَجَّاجُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ، قَالَ:
مَا أُرَانِي إِلاَّ مَقْتُوْلاً، وَسَأُخْبِرُكُمْ:
إِنِّي كُنْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي دَعَوْنَا حِيْنَ
وَجَدْنَا حَلاَوَةَ الدُّعَاءِ، ثُمَّ سَأَلْنَا اللهَ
الشَّهَادَةَ، فَكِلاَ صَاحِبَيَّ رُزِقَهَا، وَأَنَا
أَنْتَظِرُهَا.
قَالَ: فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الإِجَابَةَ عِنْدَ
حَلاَوَةِ الدُّعَاءِ (4) .
قُلْتُ: وَلَمَّا عَلِمَ مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، ثَبَتَ
لِلْقَتْلِ، وَلَمْ يَكْتَرِثْ، وَلاَ عَامَلَ عَدُوَّهُ
بِالتَّقِيَّةِ المُبَاحَةِ لَهُ - رَحِمَهُ اللهُ
تَعَالَى -.
أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عِيْسَى
بنُ يُوْنُسَ، سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ:
لَمَّا جِيْءَ بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَطَلْقِ بنِ
حَبِيْبٍ، وَأَصْحَابِهِمَا دَخَلْتُ عَلَيْهِمُ
السِّجْنَ، فَقُلْتُ: جَاءَ بِكُمْ شُرْطِيٌّ أَوْ
جُلَيْوِيْزٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى القَتْلِ، أَفَلاَ
كَتَّفْتُمُوْهُ وَأَلْقَيْتُمُوْهُ فِي البَرِّيَّةِ؟!
فَقَالَ سَعِيْدٌ: فَمَنْ كَانَ يَسْقِيْهِ المَاءَ إِذَا
عَطِشَ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ:
حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي رَبِيْعَةُ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ:
وَكَانَ سَعِيْدٌ مِنَ العُبَّادِ العُلَمَاءِ، قَتَلَهُ
الحَجَّاجُ، وَجَدَهُ فِي الكَعْبَةِ وَنَاساً فِيْهِم
طَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، فَسَارِ بِهِم إِلَى العِرَاقِ،
فَقَتَلَهُمْ عَنْ غَيْرِ شَيْءٍ تَعَلَّقَ عَلَيْهِمْ
بِهِ إِلاَّ العِبَادَةَ، فَلَمَّا قُتِلَ سَعِيْدُ بنُ
جُبَيْرٍ، خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيْرٌ حَتَّى رَاعَ
الحَجَّاجَ، فَدَعَا طَبِيْباً، قَالَ لَهُ: مَا بَالُ
دَمِ هَذَا
__________
(1) ندر الشئ: سقط.
(2) انظر ص 335 رقم (1).
(3) نسبة إلى جزيرة " تنيس " في بحر مصر، قريبة من البر ما
بين الفرما ودمياط.
(معجم البلدان والأنساب).
(4) الحلية 4 / 274.
(4/340)
كَثِيْرٌ؟
قَالَ: إِنْ أَمَّنْتَنِي أَخْبَرْتُكَ.
فَأَمَّنَهُ، قَالَ: قَتَلْتَهُ وَنَفْسُهُ مَعَهُ (1) .
عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ: عَنْ خُصَيْفٍ، قَالَ:
كَانَ أَعْلَمَهُمْ بِالقُرْآنِ: مُجَاهِدٌ،
وَأَعْلَمَهُمْ بِالحَجِّ: عَطَاءٌ، وَأَعْلَمَهُمْ
بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ: طَاوُوْسٌ، وَأَعْلَمَهُمْ
بِالطَّلاَقِ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَجْمَعَهُمْ
لِهَذِهِ العُلُوْمِ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ (2) .
أَبُو أُسَامَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنِي مَسْعُوْدُ
بنُ الحَكَمِ، قَالَ:
قَالَ لِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: أَتُجَالِسُ سَعِيْدَ
بنَ جُبَيْرٍ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: لأُحِبُّ مُجَالَسَتَهُ وَحَدِيْثَهُ.
ثُمَّ أَشَارَ نَحْوَ الكُوْفَةِ، وَقَالَ: إِنَّ
هَؤُلاَءِ يُشِيْرُوْنَ إِلَيْنَا بِمَا لَيْسَ عِنْدَنَا
(3) .
جَرِيْرٌ: عَنْ أَشْعَثَ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
كَانَ يُقَالُ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ جِهْبِذُ
العُلَمَاءِ (4) .
الأَصْبَغُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ
سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ عَنْ حَدِيْثٍ فَلَمْ يُرِدْ أَنْ
يُحَدِّثَنِي، قَالَ: كَيْفَ تُبَاعُ الحِنْطَةُ؟
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَرَاءِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بنُ المَدِيْنِيِّ، قَالَ:
لَيْسَ فِي أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ سَعِيْدِ بنِ
جُبَيْرٍ.
قِيْلَ: وَلاَ طَاوُوْسٌ؟
قَالَ: وَلاَ طَاوُوْسٌ، وَلاَ أَحَدٌ.
وَكَانَ قَتْلُهُ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَاشَ تِسْعاً
وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يَصْنَعْ شَيْئاً، وَقَدْ
مَرَّ قَوْلُهُ (5) لابْنِهِ: مَا بَقَاءُ أَبِيْكَ بَعْدَ
سَبْعٍ
__________
(1) انظر وفيات الأعيان 2 / 374.
(2) انظر طبقات الفقهاء للشيرازي 82، ووفيات الأعيان 2 /
372.
(3) انظر ابن سعد 6 / 258.
(4) الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثاني 10،
والحلية 4 / 273، وانظر الخبر ومعنى جهبذ على الصفحة 333
رقم (5).
(5) على الصفحة 333.
(4/341)
وَخَمْسِيْنَ.
فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ مَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي
الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ-.
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الحَافِظِ
بنُ بَدْرَانَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا
سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
بنِ البُسْرِيِّ (1) ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ
المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيْدِ
بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَكَرَّمَ -: (اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ، وَلَوْ بِشَوْصِ
السِّوَاكِ (2)).
وَبِهِ: إِلَى المُخَلِّصِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيْعِ
الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ،
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
سَلُوْنَا، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَسْأَلُوْنَا عَنْ شَيْءٍ
إِلاَّ وَقَدْ سَأَلْنَا عَنْهُ.
فَقَالَ رَجُلٌ: أَفِي الجَنَّةِ غِنَاءٌ؟
قَالَ: فِيْهَا أَكْمَاتٌ (3) مِنْ مِسْكٍ، عَلَيْهِنَّ
جَوَارٍ يَحْمَدْنَ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - بِأَصْوَاتٍ
لَمْ تَسْمَعِ الآذَانُ بِمِثْلِهَا قَطُّ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ أَبِي
عُمَرَ كِتَابَةً، أَنَّ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدٍ
أَخْبَرَهُم، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو
بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ شَدَّادٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
أَوْحَى اللهُ إِلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (إِنِّي قَدْ قَتَلْتُ بِيَحْيَى بنِ
زَكَرِيَّا سَبْعِيْنَ أَلْفاً، وإِنِّي قَاتِلٌ بِابْنِ
ابْنَتِكَ سَبْعِيْنَ أَلْفاً وَسَبْعِيْنَ أَلْفاً).
__________
(1) في الأصل بالياء مصحف، وما أثبتناه من أنساب السمعاني
ومشتبه النسبة للمؤلف.
(2) رجاله ثقات، وأخرجه الطبراني والبزار والبيهقي.
وقد صححه الحافظ العراقي والهيثمي والسخاوي.
وشوص السواك بضم الشين وفتحها: غسالة السواك أو ما يتفتت
منه.
(3) جمع أكمة، وهي التل.
وسند الحديث حسن.
(4/342)
هَذَا حَدِيْثٌ نَظِيْفُ الإِسْنَادِ،
مُنْكَرُ اللَّفْظِ.
وَعَبْدُ اللهِ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَخَرَّجَ لَهُ
مُسْلِمٌ.
117 - الحَجَّاجُ بنُ يُوْسُفَ الثَّقَفِيُّ *
أَهْلَكَهُ اللهُ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ، كَهْلاً.
وَكَانَ ظَلُوْماً، جَبَّاراً، نَاصِبِيّاً، خَبِيْثاً،
سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ، وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ،
وَإِقْدَامٍ، وَمَكْرٍ، وَدَهَاءٍ، وَفَصَاحَةٍ،
وَبَلاَغَةٍ، وَتعَظِيْمٍ لِلْقُرَآنِ.
قَدْ سُقْتُ مِنْ سُوْءِ سِيْرَتِهِ فِي (تَارِيْخِي
الكَبِيْرِ)، وَحِصَارِهِ لابْنِ الزُّبَيْرِ
بِالكَعْبَةِ، وَرَمْيِهِ إِيَّاهَا بِالمَنْجَنِيْقِ،
وَإِذْلاَلِهِ لأَهْلِ الحَرَمَيْنِ، ثُمَّ وِلاَيَتِهِ
عَلَى العِرَاقِ وَالمَشْرِقِ كُلِّهِ عِشْرِيْنَ سَنَةً،
وَحُرُوْبِ ابْنِ الأَشْعَثِ لَهُ، وَتَأْخِيْرِهِ
لِلصَّلَوَاتِ إِلَى أَنِ اسْتَأْصَلَهُ اللهُ،
فَنَسُبُّهُ وَلاَ نُحِبُّهُ، بَلْ نُبْغِضُهُ فِي اللهِ،
فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الإِيْمَانِ.
وَلَهُ حَسَنَاتٌ مَغْمُوْرَةٌ فِي بَحْرِ ذُنُوْبِهِ،
وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، وَلَهُ تَوْحِيْدٌ فِي
الجُمْلَةِ، وَنُظَرَاءُ مِنْ ظَلَمَةِ الجَبَابِرَةِ
وَالأُمَرَاءِ.
118
- أَبُو بُرْدَةَ (1) بنُ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ
عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسٍ ** (ع)
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الثَّبْتُ، حَارِثٌ - وَيُقَالُ:
__________
(*) تاريخ البخاري 2 / 373، المعارف 395 و548، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 168، مروج الذهب 3
/ 365، البدء والتاريخ 6 / 27، تاريخ ابن عساكر 4 / 105
تاريخ ابن الأثير 4 / 583، تاريخ الإسلام 3 / 349، العبر 1
/ 112، سرح العيون 170، البداية والنهاية 9 / 117، تهذيب
التهذيب 2 / 210، لسان الميزان 2 / 180، تعجيل المنفعة 87،
النجوم الزاهرة 1 / 230 خلاصة تذهيب التهذيب 73، شذرات
الذهب 1 / 106، تهذيب ابن عساكر 4 / 51.
(1) سيكرر المؤلف ترجمته في أول المجلد الخامس من الأصل.
(* *) طبقات ابن سعد 6 / 268، طبقات خليفة ت 1153، تاريخ
البخاري 6 / 447، تاريخ البخاري الصغير 1 / 248، المعارف
589، أخبار القضاة 2 / 408، الاكليل 10 / 46، تاريخ =
(4/343)
عَامِرٌ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ كُنْيَتُهُ -
ابْنُ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بنِ حَضَّارٍ
الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، وَكَانَ قَاضِيَ الكُوْفَةِ
لِلْحَجَّاجِ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِأَخِيْهِ أَبِي بَكْرٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ،
وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ،
وَحُذَيْفَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ، وَأَبِي
هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ،
وَالبَرَاءِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَالأَغَرِّ المُزَنِيِّ،
وَعِدَّةٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى: عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، وَالرَبِيْعِ
بنِ خُثَيْمٍ، وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ سَعِيْدٌ، وَيُوْسُفُ،
وَالأَمِيْرُ بِلاَلٌ، وَحَفِيْدُهُ؛ بُرَيْدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالقَاسِمُ
بنُ مُخَيْمَرَةَ، وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
السَّبِيْعِيُّ، وَمَكْحُوْلٌ الشَّامِيُّ، وَقَتَادَةُ،
وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ،
وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَعَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ،
وَعَوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَالنَّضْرُ بنُ أَنَسٍ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو صَخْرَةَ
جَامِعُ بنُ شَدَّادٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَأَشْعَثُ
بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَحَكِيْمُ بنُ الدَّيْلَمِ،
وَحُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، وَطَلْحَةُ بنُ يَحْيَى بنِ
طَلْحَةَ، وَأَبُو حُصَيْنٍ، وَفُرَاتُ بنُ السَّائِبِ،
وَلَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَبُكَيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ الأَشَجِّ، وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ
الحَدِيْثِ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: كُوْفِيٌّ، تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ.
__________
= ابن عساكر (عاصم عايذ) 371، وفيات الأعيان 3 / 10، تهذيب
الكمال ص 1578، تاريخ الإسلام 4 / 216، تذكرة الحفاظ 1 /
89، العبر 1 / 128، تذهيب التهذيب 4 / 199 آ، البداية
والنهاية 9 / 231، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 36، النجوم
الزاهرة 1 / 252، شذرات الذهب 1 / 126.
(1) لم نجد هذا القول في ترجمته في المطبوع من الطبقات ط
دار صادر.
(4/344)
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
وَهْبٍ: حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ
عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ يَزِيْدَ بنَ المُهَلَّبِ لَمَّا وَلِيَ خُرَاسَانَ،
قَالَ: دُلُّوْنِي عَلَى رَجُلٍ كَامِلٍ لِخِصَالِ
الخَيْرِ.
فَدُلَّ عَلَى أَبِي بُرْدَةَ الأَشْعَرِيِّ، فَلَمَّا
جَاءَ، رَآهُ رَجُلاً فَائِقاً، فَلَمَّا كَلَّمَهُ، رَأَى
مِنْ مَخْبَرَتِهِ أَفَضْلَ مِنْ مَرْآتِهِ، فَقَالَ:
إِنِّي وَلَّيْتُكَ كَذَا وَكَذَا مِنْ عَمَلِي.
فَاسْتَعْفَاهُ، فَأَبَى أَنَّ يُعْفِيَهُ، فَقَالَ:
أَيُّهَا الأَمِيْرُ، أَلاَ أُخْبِرُكَ بِشَيْءٍ
حَدَّثَنِيْهُ أَبِي إِنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
قَالَ: هَاتِهِ.
قَالَ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (مَنْ تَوَلَّى عَمَلاً
وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ العَمَلِ
بِأَهْلٍ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)،
وَأَنَا أَشْهَدُ أَيُّهَا الأَمِيْرُ أَنِّي لَسْتُ
بِأَهْلٍ لِمَا دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ.
فَقَالَ: مَا زِدْتَ عَلَى أَنْ حَرَّضْتَنَا عَلَى
نَفْسِكَ، وَرَغَّبْتَنَا فِيْكَ، فَاخْرُجْ إِلَى
عَهْدِكَ، فَإِنِّي غَيْرُ مُعْفِيْكَ.
فَخَرَجَ، ثُمَّ أَقَامَ فِيْهِم مَا شَاءَ اللهُ أَنْ
يُقِيْمَ، فَاسْتَأْذَنَ فِي القُدُوْم عَلَيْهِ، فَأَذِنَ
لَهُ، فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ، أَلاَ أُحَدِّثُكَ
بِشَيْءٍ حَدَّثَنِيْهُ أَبِي سَمِعَهُ مِنْ رَسُوْلِ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
قَالَ: قَالَ: (مَلْعُوْنٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ اللهِ،
وَمَلْعُوْنٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللهِ ثُمَّ مَنَعَ
سَائِلَهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ هُجْراً)، وَأَنَا سَائِلُكَ
بِوَجْهِ اللهِ إِلاَّ مَا أَعْفَيْتَنِي أَيُّهَا
الأَمِيْرُ مِنْ عَمَلِكَ، فَأَعْفَاهُ.
رَوَاهُ: الرُّوْيَانِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ)، عَنْ أَحْمَدَ
(1) .
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَأَلَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ أَبَا بُرْدَةَ بنَ أَبِي مُوْسَى: كَمْ
__________
(1) رجاله ثقات إلا عبد الله بن عياش، فقد قال أبو حاتم:
ليس بالمتين، صدوق يكتب حديثه، وهو قريب من ابن لهيعة.
وضعفه أبو داود والنسائي، وأخرج له مسلم في الشواهد لا في
الأصول.
والخبر بتمامه أورده ابن عساكر في تاريخه (عاصم عايذ) 387
من طريق الروياني.
والحديث الثاني " ملعون من سأل.." رواه الطبراني أيضا من
حديث أبي موسى الأشعري، وحسنه الحافظ العراقي، وقال
الهيثمي: رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو
ثقة، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح، فإذا ضم هذا
السند إلى سند الروياني حدث منهما قوة.
(4/345)
أَتَى عَلَيْكَ؟
قَالَ: أَشُدَّانِ - يَعْنِي: أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِيْنَ
- (1) .
ذِكْرُ الاخْتِلاَفِ فِي وَفَاةِ أَبِي بُرْدَةَ:
رَوَى: الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ
المَنْتُوْفِ (2) : أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَخَلِيْفَةُ، وَطَائِفَةٌ: مَاتَ
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ وَلَهُ بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ
سَنَةً.
وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ.
119
- أَيُّوْبُ ابْنُ القِرِّيَّةِ (3) النَّمَرِيُّ *
وَهِيَ أُمُّهُ.
وَاسْمُ أَبِيْهِ: يَزِيْدُ (4) بنُ قَيْسِ بنِ زُرَارَةَ
النَّمَرِيُّ، الهِلاَلِيُّ، أَعْرَابِيٌّ، أُمِّيٌّ،
فَصِيْحٌ، مُفَوَّهٌ، يُضْرَبُ بِبَلاَغَتِهِ المَثَلُ (5)
.
وَفَدَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَعَلَى الحَجَّاجِ،
فَأُعْجِبَ بِفَصَاحَتِهِ، ثُمَّ بَعَثَهُ رَسُوْلاً إِلَى
ابْنِ الأَشْعَثِ إِلَى سِجِسْتَانَ، فَأَمَرَهُ أَنْ
يَخْلَعَ الحَجَّاجَ، وَيَقُوْمَ بِذَلِكَ وَيَشْتِمَهُ.
فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا رَسُوْلٌ.
فَقَالَ: لَتَفْعَلَنَّ، أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ.
فَفَعَلَ، فَلَمَّا انْتَصَرَ الحَجَّاجُ، جِيءَ بِابْنِ
القِرِّيَّةِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ
العِرَاقِ؟
قَالَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَقٍّ وَبِبَاطِلٍ.
قَالَ: فَأَهْلُ الحِجَازِ؟
قَالَ: أَسْرَعُ النَّاسِ إِلَى فِتْنَةٍ، وَأَعْجَزُهُمْ
عَنْهَا.
قَالَ: فَأَهْلُ الشَّامِ؟
قَالَ: أَطْوَعُ شَيْءٍ لأُمَرَائِهِمْ.
قَالَ: فَأَهْلُ مِصْرَ؟
__________
(1) ابن عساكر (عاصم عايذ) 389، وانظر تاريخ البخاري 6 /
448.
(2) واسمه عبد الله، وهو غير ابن عياش القتباني، انظر
ميزان الاعتدال 2 / 469، 470 وانظر ابن عساكر (عاصم عايذ)
390.
(*) سبق للمؤلف أن ترجم له ص 197، فمصادر ترجمته هناك.
(3) القرية من الطير: الحوصلة (الاشتقاق).
(4) انظر وفيات الأعيان 1 / 250 والاشتقاق 335 ففيهما اسم
أبيه (زيد).
(5) ذكرنا نتفا من بلاغته في الحاشية (1) ص 197.
(4/346)
قَالَ: عَبِيْدُ مَنْ عَلِمْتَ.
قَالَ: فَأَهْلُ الجَزِيْرَةِ؟
قَالَ: أَشْجَعُ فُرْسَانٍ، وَأَقْتَلُ لِلأَقْرَانِ.
قَالَ: فَأَهْلُ اليَمَنِ؟
قَالَ: أَهْلُ سَمْعٍ وَطَاعَةٍ.
ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ قبَائِلِ العَرَبِ، وَعَنِ
البُلْدَانِ، وَهُوَ يُجِيْبُ، ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ،
وَنَدِمَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ.
طَوَّلَ أَخْبَارَهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ (1).
120 - الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ بنِ
الحَكَمِ الأُمَوِيُّ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو العَبَّاسِ الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ الأُمَوِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ، الَّذِي أَنْشَأَ جَامِعَ بَنِي
أُمَيَّةَ.
بُوْيِعَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيْهِ، وَكَانَ مُتْرَفاً،
دَمِيْماً، سَائِلَ الأَنْفِ، طَوِيْلاً، أَسْمَرَ،
بِوَجْهِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ، فِي عَنْفَقَتِهِ (2)
شَيْبٌ، يَتَبَخْتَرُ فِي مَشْيِهِ.
وَكَانَ قَلِيْلَ العِلْمِ، نُهْمَتُهُ فِي البِنَاءِ،
أَنْشَأَ أَيْضاً مَسْجِدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَخْرَفَهُ، وَرُزِقَ فِي
دَوْلَتِهِ سَعَادَةً.
فَفَتَحَ بَوَّابَةَ الأَنْدَلُسِ، وَبِلاَدَ التُّرْكِ،
وَكَانَ لُحَنَةً، وَحَرَصَ عَلَى النَّحْوِ أَشْهُراً،
فَمَا نَفَعَ، وَغَزَا الرُّوْمَ مَرَّاتٍ فِي دَوْلَةِ
أَبِيْهِ، وَحَجَّ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ ثَلاَثٍ، وَخَتَمَ فِي
رَمَضَانَ سَبْعَ عَشْرَةَ خَتْمَةً.
وَكَانَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ أَنَّ اللهَ ذَكَرَ قَوْمَ
لُوْطٍ، مَا شَعَرْتُ أَنَّ أَحَداً يَفْعَلُ ذَلِكَ.
__________
(1) انظر مصادر الترجمة ص 197.
(*) المعارف 359، تاريخ اليعقوبي 3 / 27، الطبري 6 / 495
وما بعدها، مروج الذهب 3 / 365 وما بعدها، عنوان المعارف
15، تاريخ ابن عساكر 17 / 420 آ، تاريخ ابن الأثير 5 / 8
وما بعدها، تاريخ الإسلام 4 / 65، العبر 1 / 114، فوات
الوفيات 4 / 254، البداية والنهاية 9 / 70 و161، العقد
الثمين 7 / 389، الذهب المسبوك للمقريزي 29، النجوم
الزاهرة 1 / 220 و234، تاريخ الخلفاء 223، تاريخ الخميس 2
/ 311، 314، شذرات الذهب 1 / 111.
(2) العنفقة: شعيرات بين الشفة السفلى والذقن.
(4/347)
قَالَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: رَحِمَ اللهُ
الوَلِيْدَ، وَأَيْنَ مِثْلُ الوَلِيْدِ، افْتَتَحَ
الهِنْدَ وَالأَنْدَلُسَ، وَكَانَ يُعْطِي قِصَاعَ
الفِضَّةِ أَقْسِمُهَا عَلَى القُرَّاءِ (1) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى المِنْبَرِ (يَا
لَيْتُهَا) بِالضَّمِّ (2) ، وَكَانَ فِيْهِ عَسَفٌ،
وَجَبَرُوْتٌ، وَقِيَامٌ بِأَمْرِ الخِلاَفَةِ، وَقَدْ
فَرَضَ لِلْفُقَهَاءِ، وَالأَيْتَامِ، وَالزَّمْنَى،
وَالضُّعَفَاءِ، وَضَبَطَ الأُمُوْرَ - فَاللهُ
يُسَامِحُهُ -.
وَقَدْ سَاقَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَخْبَارَهُ (3) .
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ، وَلَهُ إِحْدَى وَخَمْسُوْنَ سَنَةً.
وَكَانَ فِي الخِلاَفَةِ عَشْرَ سِنِيْنَ، سِوَى
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَقَبْرُهُ بِبَابِ الصَّغِيْرِ.
وَقَام بَعْدَهُ: أَخُوْهُ سُلَيْمَانُ بِعَهْدٍ لَهُ مِنْ
أَبِيْهِمَا عَبْدِ المَلِكِ.
وَقَدْ كَانَ عَزَمَ عَلَى خَلْعِ سُلَيْمَانَ مِنْ
وِلاَيَةِ العَهْدِ لِوَلَدِهِ عَبْدِ العَزِيْزِ،
فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ،
وَقَالَ: لِسُلَيْمَانَ بَيْعَةٌ فِي أَعْنَاقِنَا.
فَأَخَذَهُ الوَلِيْدُ، وَطَيَّنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَتَحَ
عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ وَقَدْ مَالَتْ عُنُقُهُ.
وَقِيْلَ: خَنَقَهُ بِالمِنْدِيْلِ حَتَّى صَاحَتْ
أُخْتُهُ أُمُّ البَنِيْنَ، فَشَكَرَ سُلَيْمَانُ لِعُمَرَ
ذَلِكَ، وَعَهِدَ إِلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ.
وَلَهُ تَرْجَمَةٌ طَوِيْلَةٌ فِي (تَارِيْخِ دِمَشْقَ)،
وَغَيْرِ ذَلِكَ.
121 - مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَالكٍ
الزُّهْرِيُّ * (خَ، م، ت، س، ق)
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو القَاسِمِ القُرَشِيُّ،
الزُّهْرِيُّ، المَدَنِيُّ، أَخُو: عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ
الأَمِيْرِ، وَعَامِرِ بن سَعْدٍ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ
سَعْدٍ.
__________
(1) ابن عساكر 17 / 423 ب.
(2) الخبر في ابن عساكر 17 / 424 آ، وتمامه: " قرأ: (يا
ليتها كانت القاضية) وضم التاء، فقال عمر بن عبد العزيز:
يا ليتها كانت عليك وأراحتنا منك ".
(3) س 17 / 420 آ.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 167 و6 / 221، طبقات خليفة ت 2081،
تاريخ البخاري 1 / 88، المعارف 244، الجرح والتعديل القسم
الثاني من المجلد الثالث 261، تهذيب الكمال 1200، تاريخ
الإسلام 3 / 294، العبر 1 / 95، تذهيب التهذيب 3 / 205 ب،
تهذيب التهذيب 9 / 183، خلاصه تذهيب التهذيب 337، شذرات
الذهب 1 / 91.
(4/348)
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ.
وَعَنْ: عُثْمَانَ بنِ عَفَّان، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ،
وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ إِبْرَاهِيْمُ وَإِسْمَاعِيْلُ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ
جُبَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ،
وَجَمَاعَةٌ.
رَوَى جُمْلَةً صَالِحَةً مِنَ العِلْمِ، ثُمَّ كَانَ
مِمَّنْ قَامَ عَلَى الحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ،
فَأُسِرَ يَوْمَ دَيْرِ الجَمَاجِمِ، فَقَتَلَهُ
الحَجَّاجُ.
رَوَى لَهُ: الشَّيْخَانِ، وَالتِّرْمِذِيُّ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ.
قِيْلَ: إِنَّهُ انْهَزَمَ إِلَى المَدَائِنِ، فَتَجَمَّعَ
إِلَيْهِ نَاسٌ كَثِيْرٌ، ثُمَّ لَحِقَ بِالبَصْرَةِ.
وَكَانَ مَصْرعُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
122 - أَخُوْه
ُ: عَامِرُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ *
(ع)
إِمَامٌ، ثِقَةٌ، مَدَنِيٌّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ، وَعَائِشَةَ،
وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَجَابِرَ بنَ سَمُرَةَ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ دَاوُدُ بنُ عَامِرٍ، وَابْنَا
إِخْوَتِهِ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ،
وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
123 - وَأَخُوْهُمَا
: عُمَرُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ **
(س)
أَمِيْرُ السَّرِيَةِ الَّذِيْنَ قَاتَلُوا الحُسَيْنَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ثُمَّ قَتَلَهُ
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 167، طبقات خليفة ت 2079، تاريخ
البخاري 6 / 449، المعارف 244، المعرفة والتاريخ 1 / 368،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثالث 321، تهذيب
الكمال ص 641، تاريخ الإسلام 4 / 130، العبر 1 / 127،
تذهيب التهذيب 2 / 114 آ البداية والنهاية 9 / 230، تهذيب
التهذيب 5 / 63 خلاصة تذهيب التهذيب 184، شذرات الذهب 1 /
126.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 168، طبقات خليفة ت 2080، تاريخ
البخاري 6 / 158، المعارف 243، الجرح والتعديل القسم الأول
من المجلد الثالث 111، تاريخ ابن عساكر =
(4/349)
المُخْتَارُ، وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ
وَإِقْدَامٍ.
رَوَى لَهُ: النَّسَائِيُّ.
قُتِلَ هُوَ وَوَلَدَاهُ صَبْراً.
124 - وَأَخُوْهُم
: عَمْرُو بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ *
قُتِلَ يَوْمَ الحَرَّةِ.
125 - وَأَخُوْهُم
: مُصْعَبُ بنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ ** (ع)
بَقِيَ بِالكُوْفَةِ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
خَرَّجُوا لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
126 - وَأَخُوْهُم
: إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ *** (خَ، م)
وَالِدُ قَاضِي المَدِيْنَةِ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ.
حَدِيْثُهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ).
127 - وَأَخُوْهُم
: عُمَيْرُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ
****
قُتِلَ أَيْضاً يَوْمَ الحَرَّةِ.
__________
= 13 / 109 آ، تهذيب الكمال ص 1014، تاريخ الإسلام 3 / 52،
العبر 1 / 73، تذهيب التهذيب 3 / 84 آ، البداية والنهاية 8
/ 273، الإصابة ت 6827، تهذيب التهذيب 7 / 450، خلاصة
تذهيب التهذيب 283.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 168، المعارف 106، شذرات الذهب 1 /
74.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 169 و6 / 222، طبقات خليفة ت
2082، تاريخ البخاري 7 / 350، المعارف 244، الجرح والتعديل
القسم الأول من المجلد الرابع 303، تهذيب الأسماء واللغات
القسم الأول من الجزء الثاني 95، تهذيب الكمال ص 1333،
تاريخ الإسلام 4 / 204، العبر 1 / 125، تذهيب التهذيب 4 /
41 ب، البداية والنهاية 9 / 229، تهذيب التهذيب 10 / 160،
شذرات الذهب 1 / 125، خلاصة تذهيب التهذيب 377.
(* * *) طبقات ابن سعد 5 / 169، طبقات خليفة ت 2083، تاريخ
البخاري 1 / 288، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد
الأول 101، تهذيب الكمال ص 56، تذهيب التهذيب 1 / 35 ب،
تهذيب التهذيب 1 / 123، خلاصة تذهيب التهذيب 17.
(* * * *) طبقات ابن سعد 5 / 169.
(4/350)
128 - وَإِخْوَتُهُم
: إِسْمَاعِيْلُ *
129 - وَيَحْيَى **
130 - و
َعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَبْنَاءُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ
الزُّهْرِيُّ ***
لَهُم ذِكْرٌ.
131 - بُشَيْرُ بنُ كَعْبِ بنِ أُبَيٍّ الحِمْيَرِيُّ
العَدَوِيُّ **** (خَ، 4)
الفَقِيْهُ، أَبُو أَيُّوْبَ الحِمْيَرِيُّ، العَدَوِيُّ،
البَصْرِيُّ، العَابِدُ، أَحَدُ المُخَضْرَمِيْنَ.
قِيْلَ: إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ
اسْتعَمَلَهُ عَلَى بَعْضِ الأُمُوْرِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي
هُرَيْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ،
وَقَتَادَةُ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، وَالعَلاَءُ بنُ
زِيَادٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ أَحَدَ القُرَّاءِ وَالزُّهَّادِ -رَحِمَهُ
اللهُ-.
132 - أَمَّا: بَشِيْرُ بنُ كَعْبٍ ***** العَلَوِيُّ
بِفَتْحِ المُوَحَّدَةِ، فَهُوَ شَاعِرٌ، لَهُ ذِكْرٌ.
كَانَ فِي دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ.
133 - أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ الأُمَوِيُّ
المَدَنِيُّ ****** (م، 4)
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الأَمِيْرُ، أَبُو سَعْدٍ ابْنُ
أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي عَمْرٍو الأُمَوِيُّ،
المَدَنِيُّ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 170.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 170، طبقات خليفة ت 2086، تاريخ
البخاري 8 / 275، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد
الرابع 153.
(* * *) طبقات ابن سعد 5 / 170.
(* * * *) طبقات ابن سعد 7 / 223، طبقات خليفة ت 1685،
تاريخ البخاري 2 / 132،
المعرفة والتاريخ 2 / 93، الجرح والتعديل القسم الأول من
المجلد الأول 395، تهذيب الكمال ص 155، تذهيب التهذيب 1 /
86 ب، تاريخ الإسلام 3 / 243، الإصابة ت 822، تهذيب
التهذيب 1 / 471، خلاصة تذهيب التهذيب 50، تهذيب ابن عساكر
3 / 274.
(* * * * *) تاريخ الإسلام 3 / 243.
(* * * * * *) طبقات ابن سعد 5 / 151، طبقات خليفة ت 2058،
تاريخ البخاري 1 / 450 =
(4/351)
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ،
وَأَبُو الزِّنَادِ، وَجَمَاعَةٌ.
لَهُ أَحَادِيْثُ قَلِيْلَةٌ، وَوِفَادَةٌ عَلَى عَبْدِ
المَلِكِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
أَبَانٍ، سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُوْلُ:
مَنْ قَالَ فِي أَوَّلِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ: بِسْمِ
اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي
الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيْعُ
العَلِيْمُ، لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ اليَوْمَ شَيْءٌ، أَوْ
تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
فَلَمَّا أَصَابَ أَبَانَ الفَالِجُ، قَالَ: إِنِّي
-وَاللهِ- نَسِيْتُ هَذَا الدُّعَاءَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ
لِيَمْضِيَ فِيَّ أَمْرُ اللهِ.
حَدِيْث صَحِيْح.
وَرَوَاهُ عَنْ أَبَانَ: مُنْذِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الحِزَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ.
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ (1) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (2) : ثِقَةٌ، لَهُ أَحَادِيْثُ عَنْ
أَبِيْهِ.
وَكَانَ بِهِ صَمَمٌ، وَوَضَحٌ كَثِيْرٌ، أَصَابَهُ
الفَالِجُ فِي أَوَاخِر عُمُرِهِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ (3) : هُوَ أَخُو عَمْرٍو، وَأُمُّهُمَا:
أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ جُنْدُبٍ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ (4) : كَانَ وِلاَيَةُ أَبَانٍ عَلَى
المَدِيْنَةِ سَبْعَ سِنِيْنَ.
__________
= المعارف 201، أخبار القضاة 1 / 129، الجرح والتعديل
القسم الأول من المجلد الأول 295، تاريخ ابن عساكر 2 / 153
آ، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول 97،
تهذيب الكمال ص 48، تاريخ الإسلام 3 / 241، العبر 1 / 129،
تذهيب التهذيب 1 / 31 آ، البداية والنهاية 9 / 233، تهذيب
التهذيب 1 / 97، النجوم الزاهرة 1 / 253، شذرات الذهب 1 /
131، تهذيب ابن عساكر 2 / 134.
(1) (3385) في الدعوات باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا
أمسى، وقال: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 446 و474 وابنه عبد الله في زوائده (528) وأبو
داود (5088) وابن ماجه (3369) وصححه ابن حبان (2352)
والحاكم 1 / 514 ووافقه المؤلف في مختصره.
وانظر ابن سعد 5 / 152، 153.
(2) في الطبقات 5 / 152، 153.
(3) في طبقاته 2 / 601.
(4) انظر ابن سعد 5 / 152.
(4/352)
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: مَاتَ
أَبَانٌ قَبْلَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: فُقَهَاءُ المَدِيْنَةِ
عَشْرَةٌ: أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ، وَسَعِيْدُ بنُ
المُسَيِّبِ...، وَذَكَرَ سَائِرَهُم.
قَالَ مَالِكٌ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ:
أَنَّ وَالِدَهُ أَبَا بَكْرٍ بنَ حَزْمٍ كَانَ
يَتَعَلَّمُ مِنْ أَبَانٍ القَضَاءَ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَعْلَمَ بِحَدِيْثٍ وَلاَ فَقْهٍ مِنْ أَبَانِ بنِ
عُثْمَانَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: إِنَّ أَبَاناً تُوُفِّيَ سَنَةَ
خَمْسٍ وَمائَةٍ.
134 - أَخُوْه
ُ: عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ الأُمَوِيُّ * (ع)
قَدِيْمُ المَوْتِ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ.
وَعَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَآخَرُوْنَ.
ثِقَةٌ، لَيْسَ بِالمُكْثِرِ.
135 - مُوَرِّقٌ العِجْلِيُّ أَبُو المُعْتَمِرِ
البَصْرِيُّ **
الإِمَامُ، أَبُو المُعْتَمِرِ البَصْرِيُّ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 150، طبقات خليفة ت 2059، المعارف
199، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثالث 248،
تاريخ ابن عساكر 13 / 291 آ، تهذيب الكمال ص 1048، تاريخ
الإسلام 3 / 197 و290، تذهيب التهذيب 3 / 106 آ، تهذيب
التهذيب 8 / 78، خلاصة تذهيب التهذيب 291.
(* *) طبقات ابن سعد 7 / 213، الزهد لأحمد 305، طبقات
خليفة ت 1720، تاريخ البخاري 8 / 51، المعارف 470، الجرح
والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع 403، الحلية 2 /
234، تهذيب الكمال ص 1384، تاريخ الإسلام 4 / 206، العبر 1
/ 122، تذهيب التهذيب 4 / 75 ب، تهذيب التهذيب 10 / 331،
خلاصة تذهيب التهذيب 398.
(4/353)
يَرْوِي عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ،
وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَطَائِفَةٍ مِمَّنْ لَمْ يَلْحَقِ
السَّمَاعَ مِنْهُم، فَذَلِكَ مُرْسَلٌ.
وَرَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجُنْدُبِ بنِ عَبْدِ اللهِ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَوْبَةُ العَنْبَرِيُّ، وَقَتَادَةُ بنُ
دِعَامَةَ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : كَانَ ثِقَةً، عَابِداً،
تُوُفِّيَ فِي وِلاَيَةِ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ عَلَى
العِرَاقِ.
يُوْسُفُ بنُ عَطِيَّةَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بنُ زِيَادٍ،
قَالَ:
قَالَ مُوَرِّقٌ العِجْلِيُّ: مَا مِنْ أَمْرٍ يَبْلُغُنِي
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَوْتِ أَحَبِّ أَهْلِي إِلَيَّ (2)
.
وَقَالَ: تَعَلَّمْتُ الصَّمْتَ فِي عَشْرِ سِنِيْنَ،
وَمَا قُلْتُ شَيْئاً قَطُّ إِذَا غَضِبْتُ أَنْدَمُ
عَلَيْهِ إِذَا زَالَ غَضَبِي (3) .
رَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ جَمِيْلِ (4) بنِ
مُرَّةَ، قَالَ:
كَانَ مُوَرِّقٌ -رَحِمَهُ اللهُ- يَجِيْئُنَا،
فَيَقُوْلُ: أَمْسِكُوا لَنَا هَذِهِ الصُّرَةَ، فَإِنِ
احْتَجْتُم، فَأَنْفِقُوْهَا.
فَيَكُوْنُ آخِرَ عَهْدِهِ بِهَا.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ
أَصْحَابِنَا، قَالَ:
كَانَ مُوَرِّقٌ يَتَّجِرُ، فَيُصِيْبُ المَالَ، فَلاَ
يَأْتِي عَلَيْهِ جُمُعَةٌ وَعِنْدَهُ مِنْهُ شَيْءٌ،
وَكَانَ يَأْتِي الأَخَ، فَيُعْطِيْهِ الأَرْبَعَ مائَةٍ
وَالخَمْسَ مائَةٍ، وَيَقُوْل: ضَعْهَا لَنَا عِنْدَكَ.
ثُمَّ يَلْقَاهُ بَعْدُ، فَيَقُوْلُ: شَأْنُكَ بِهَا، لاَ
حَاجَةَ لِي فِيْهَا (5).
__________
(1) في الطبقات 7 / 213 و216.
(2) الحلية 2 / 234،، وانظر ابن سعد 7 / 215.
(3) الحلية 2 / 235، وانظر ابن سعد 7 / 213، 214.
(4) في الأصل: " حميد " مصحف، وما أثبتناه من التهذيب،
والخبر في ابن سعد 7 / 215.
(5) ابن سعد 7 / 215، 216، والحلية 2 / 236، وما بين
الحاصرتين منهما.
(4/354)
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ (1) : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ خُلَيْفٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ،
عَنْ مُوَرِّقٍ، قَالَ:
مَا امْتَلأْتُ غَضَباً قَطُّ، وَلَقَدْ سَأَلْتُ اللهَ
حَاجَةً مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَمَا شَفَّعَنِي
فِيْهَا، وَمَا سَئِمْتُ مِنَ الدُّعَاءِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا فَارُوْقٌ، حَدَّثَنَا أَبُو
مُسْلِمٍ الكَشِّيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ شَبِيْبٍ،
حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ،
عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ (2) مَسْعُوْدٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (فَضْلُ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ عَلَى صَلاَةِ
الرَّجُلِ وَحْدَهُ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُوْنَ دَرَجَةً) (3).
136 - أَبُو سَلاَّمٍ مَمْطُوْرٌ الحَبَشِيُّ ثُمَّ
الدِّمَشْقِيُّ * (م، 4)
الأَسْوَدُ، الأَعْرَجُ.
وَقِيْلَ: إِنَّمَا قِيْلَ لَهُ الحَبَشِيُّ نِسْبَةً
إِلَى حَيٍّ مِنْ حِمْيَرٍ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ بِالشَّامِ.
حَدَّثَ عَنْ: حُذَيْفَةَ، وَثَوْبَانَ، وَعَلِيٍّ،
وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَمْرِو بنِ عَبَسَةَ، وَكَثِيْرٌ مِنْ
ذَلِكَ مَرَاسِيْلُ، كَعَادَةِ الشَّامِيِّيْنَ
يُرْسِلُوْنَ عَنِ الكِبَارِ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: أَبِي
__________
(1) في الطبقات 7 / 214.
(2) في الأصل: " أبي " مصحف.
(3) رجاله ثقات، وهو في الحلية 2 / 237 وأخرجه أحمد 1 /
437.
وفي الباب عن ابن عمر، عند مالك 1 / 129، والبخاري 2 /
109، 110، ومسلم (650) بلفظ " صلاة الجماعة أفضل من صلاة
الفذ بسبع وعشرين درجة ".
وعن أبي هريرة عن مالك في الموطأ 1 / 129 والبخاري 2 /
113، ومسلم بلفظ " صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده
بخمسة وعشرين جزءا ".
وعن أبي سعيد الخدري عند البخاري 2 / 112 بلفظ " صلاة
الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ".
وانظر " مجمع الزوائد " 2 / 38، 39.
(*) تاريخ البخاري 8 / 57، المعرفة والتاريخ 2 / 334،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع 431، تاريخ
ابن عساكر 17 / 96 ب، تهذيب الكمال ص 1373 و1619، تاريخ
الإسلام 4 / 205، العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 4 / 68 ب،
تهذيب التهذيب 10 / 296، خلاصة تذهيب التهذيب 398، شذرات
الذهب 1 / 124.
(4/355)
أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ (1) بنِ غَنْمٍ، وَأَبِي أَسْمَاءَ
الرَّحَبِيِّ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْعرِيِّ،
وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، وَطَائِفَة.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَنَّ أَبَا سَلاَّمٍ
سَمِعَ مِنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ بِبَيْتِ
المَقْدِسِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَفِيْدَاهُ؛ يَزِيْدُ وَمُعَاوِيَةُ
ابْنَا سَلاَّمٍ، وَمَكْحُوْلٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
يَزِيْدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ،
وَالأَوْزَاعِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَعُمِّرَ دَهْراً.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ
بِأَحَادِيْثَ مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ.
وَاسْتَقْدَمَهُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ - فِي
خِلاَفَتِهِ - إِلَيْهِ عَلَى البَرِيْدِ، لِيُشَافِهَهُ
بِمَا سَمِعَ مِنْ ثَوْبَانَ فِي حَوْضِ (2) النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ:
__________
(1) في الأصل: " عبد الرحيم " مصحف، وما أثبتناه من ؟ ؟
التهذيب.
(2) حديث ثوبان في الحوض أخرجه أحمد 5 / 275 من طريق
الحسين بن محمد، حدثنا ابن عياش عن محمد بن المهاجر عن
العباس بن سالم اللخمي قال: بعث عمر بن عبد العزيز إلى أبي
سلام الحبشي فحمل إليه على البريد ليسأله عن الحوض فقدم به
عليه فسأله فقال: سمعت ثوبان يقول: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: " إن حوضي من عدن إلى عمان البلقاء،
ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأكاويبه عدد
النجوم، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، أول الناس
ورودا عليه فقراء المهاجرين، فقال عمر بن الخطاب رضي الله
عنه: من هم يا رسول الله ؟ قال: هم الشعث رؤوسا، الدنس
ثيابا الذين لا ينكحون المتنعمات، ولا تفتح لهم أبواب
السدد ".
فقال عمر بن عبد العزيز: لقد نكحت المتنعمات وفتحت لي
السدد إلا أن يرحمني الله، والله لا جرم أن لا أدهن رأسي
حتى يشعث، ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ.
وأخرجه الترمذي (2444) في القيامة باب ما جاء في صفة أواني
الحوض، وابن ماجه (4303) في الزهد باب ذكر الحوض من حديث
محمد بن المهاجر عن العباس بن سالم عن ابن سلام، وإسناده
صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه المؤلف عليه في " مختصره "
وأخرجه مسلم (2301) وأحمد أيضا 5 / 280، 282 من طريق سالم
بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: " إني لبعقر حوضي أذود الناس لاهل
اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم " فسئل عن عرضه فقال: "
من مقامي إلى عمان " وسئل عن شرابه فقال: " أشد بياضا من
اللبن وأحلى من
العسل، يغت فيه ميزابان يمدانه من الجنة، أحدهما من ذهب،
والآخر من ورق ".
(4/356)
شَقَقْتَ عَلِيَّ.
فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَأَكْرَمَهُ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَمائَةٍ.
فَإِنْ كَانَ الأَوْزَاعِيُّ شَافَهَهُ، فَهُوَ أَكْبَرُ
شَيْخٍ لَهُ.
137 - مَالِكُ بنُ أَسْمَاءَ * بنِ خَارِجَةَ الفَزَارِيُّ
مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ، لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عَبْدِ
المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ عَامِلاً عَلَى
الحِيْرَةِ لِلْحَجَّاجِ.
وَكَانَ جَمِيْلاً، وَسِيْماً.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
رُبَّمَا قَدْ لُقِيْتُ أَمْسِ كَئِيْباً ... أَقْطَعُ
اللَّيْلَ عَبْرَةً وَنَحِيْبَا
أَيُّهَا المُشْفِقُ المُلِحُّ حِذَاراً ... إِنَّ
لِلْمَوْتِ طَالِباً وَرَقِيْبَا
138 - أَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ شَرَاحِيْلُ بنُ
آدَةَ ** (م، 4)
مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ دِمَشْقَ، وَفِي اسْمِهِ
أَقْوَالٌ، أَقْوَاهَا: شَرَاحِيْلُ بنُ آدَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَثَوْبَانَ،
وَشَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي
ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، وَأَوْسِ بنِ أَوْسٍ،
وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَحَسَّانُ
بنُ عَطِيَّةَ، وَيَحْيَى الذِّمَارِيُّ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَجَمَاعَةٌ.
__________
(*) الشعر والشعراء 666، الاغاني 16 / 41، معجم المرزباني
266، سمط اللآلي 15، تاريخ ابن عساكر 16 / 81 ب، تاريخ
الإسلام 4 / 188، لسان الميزان 5 / 2.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 536، طبقات خليفة ت 2913، تاريخ
البخاري 4 / 255، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد
الثاني 373، تاريخ ابن عساكر 8 / 8 آ، تاريخ الإسلام 3 /
254 و4 / 71، العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 2 / 71 ب،
تهذيب التهذيب 4 / 319، خلاصة تذهيب التهذيب 164، شذرات
الذهب 1 / 123، تهذيب ابن عساكر 6 / 296.
(4/357)
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ،
وَغَيْرُهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ (1) : هُوَ يَمَانِيٌّ، نَزَلَ
دِمَشْقَ.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ (2) : لَعَلَّهُ مِنْ
صَنْعَاءِ اليَمَنِ، فَنَزَلَ صَنْعَاءَ دِمَشْقَ (3).
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ المائَةِ، وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ
البُخَارِيُّ، وَلاَ لأَبِي سَلاَّمٍ؛ لأَنَّهُمَا لاَ
يَكَادَانِ يُصَرِّحَانِ بِاللِّقَاءِ، وَهُوَ لاَ
يَقْنَعُ بِالمُعَاصَرَةِ (4) .
وَفِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ): عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي
قِلاَبَةَ، قَالَ:
كُنْتُ بِالشَّامِ فِي حَلْقَةٍ فِيْهَا مُسْلِمُ بنُ
يَسَارٍ، فَجَاءَ أَبُو الأَشْعَثِ، فَقَالُوا: أَبُو
الأَشْعَثِ، أَبُو الأَشْعَثِ.
فَجَلَسَ، فَقَالُوا لَهُ: حَدِّثْ أَخَانَا حَدِيْثَ
عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
قَالَ: نَعَمْ، غَزَوْنَا غَزَاةً، وَعَلَى النَّاسِ
مُعَاوِيَةُ، فَغَنِمْنَا، فَكَانَ فِيْمَا غَنِمْنَا
آنِيَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ رَجُلاً أَنْ
يَبِيْعَهَا فِي أُعْطِيَاتِ النَّاسِ، فَتَسَارَعَ
النَّاسُ فِي ذَلِكَ.
فَقَامَ عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ، فَقَالَ:
إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَنْهَى
__________
(1) في الطبقات 5 / 536.
(2) في تاريخه 8 / 9 ب.
(3) صنعاء اليمن: هي قصبتها وأحسن بلادها، تشبه بدمشق
لكثرة فواكهها، وتدفق مياهها، تقع إلى الشمال من عدن،
وتبعد عنها ثمانية وستين ميلا.
وصنعاء دمشق: قرية على بابها، دون المزة. انظر معجم
البلدان.
(4) يشترط البخاري رحمه الله في الحديث، الذي يرويه العدل
الضابط غير المدلس عن شيخه بلفظ عن، ثبوت ملاقاة الراوي
لمن روى عنه ولو مرة واحدة، بينما يكتفي الامام مسلم
بالمعاصرة، وقد أنكر على شيخه البخاري في خطبة صحيحه
اشتراط اللقي وادعى أنه قول مخترع لم يسبق قائله إليه، وأن
الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالاخبار قديما وحديثا
أنه يكفي في ذلك كونهما في عصر واحد.
انظر مقدمة صحيح مسلم 1 / 28، 29.
(4/358)
عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ (1)
...، الحَدِيْثَ.
139 - رِبْعِيُّ بنُ حِرَاشِ بنِ جَحْشِ بنِ عَمْرٍو
الغَطَفَانِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الوَلِيُّ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ،
أَبُو مَرْيَمَ (2) الغَطَفَانِيُّ، ثُمَّ العَبْسِيُّ،
الكُوْفِيُّ، المُعَمَّرُ، أَخُو العَبْدِ الصَّالِحِ
مَسْعُوْدٍ؛ الَّذِي تَكَلَّمَ بَعْدَ المَوْتِ.
سَمِع مِنْ: عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ يَوْمَ الجَابِيَةِ (3)
، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُوْسَى
الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ،
وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَأَبِي بَكْرَةَ
الثَّقَفِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ،
وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ
__________
(1) أخرجه مسلم (1587) في المساقاة: باب الصرف وبيع الذهب
بالورق نقدا.
وتمامه: " والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير،
والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينا بعين،
فمن زاد أو ازداد فقد أربى " فرد الناس ما أخذوا فبلغ ذلك
معاوية فقام خطيبا فقال: ألا ما بال رجال يحدثون عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه، فلم
نسمعها منه ! فقام عبادة ابن الصامت، فأعاد القصة ثم قال:
لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كره
معاوية - أو قال وإن رغم - ما أبالي أن لا أصحبه في جنده
ليلة سوداء.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 127، طبقات خليفة ت 1104، تاريخ
البخاري 3 / 327، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد
الأول 509، الحلية 4 / 367 وفيه صحف بالخاء المعجمة، تاريخ
بغداد 8 / 433، تاريخ ابن عساكر 6 / 99 ب، أسد الغابة 2 /
162، وفيات الأعيان 2 / 300، تهذيب الكمال ص 402، تاريخ
الإسلام 4 / 111، تذكرة الحفاظ 1 / 65، العبر 1 / 121،
تذهيب
التهذيب 1 / 215 ب، الإصابة ت 2721، تهذيب التهذيب 3 /
236، النجوم الزاهرة 1 / 253، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 27،
خلاصة تذهيب التهذيب 114، شذرات الذهب 1 / 121، تهذيب ابن
عساكر 5 / 300.
(2) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل استدركناه من الإصابة
وتهذيب الكمال.
(3) انظر تعريف الجابية ص 132 رقم (1).
(4/359)
عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَآخَرُوْنَ.
عِمْرَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ، قَالَ:
خَطَبَنَا عُمَرُ بِالجَابِيَةِ (1) .
وَعَنِ الكَلْبِيِّ (2) : أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ إِلَى حِرَاشِ بنِ
جَحْشٍ، فَخَرَّقَ كِتَابَهُ (3) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ: رَأَيْتُ
رِبْعِيَّ بنَ حِرَاشٍ مَرَّ بِعَشَّارٍ، وَمَعَهُ مَالٌ،
فَوَضَعَهُ عَلَى قَرَبُوْسِ سَرْجِهِ، ثُمَّ غَطَّاهُ،
وَمَرَّ (4) .
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَتَى رَجُلٌ الحَجَّاجَ، فَقَالَ:
إِنَّ رِبْعِيَّ بنَ حِرَاشٍ زَعَمُوا لاَ يَكْذِبُ،
وَقَدْ قَدِمَ وَلدَاهُ عَاصِيَيْنِ.
قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ الحَجَّاجُ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ
ابْنَاكَ؟
قَالَ: هُمَا فِي البَيْتِ - وَاللهُ المُسْتَعَانُ -.
فَقَالَ لَهُ الحَجَّاجُ بنُ يُوْسُفَ: هُمَا لَكَ.
وَأَعْجَبَهُ صِدْقُهُ (5) .
وَرَوَاهَا: الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، وَزَادَ:
قَالُوا: مَنْ ذَكَرْتَ يَا أَبَا سُفْيَانَ؟
قَالَ: ذَكَرْتُ رِبْعِيّاً؛ وَتَدْرُوْنَ مَنْ رِبْعِيٌّ؟
كَانَ رِبْعِيٌّ مِنْ أَشْجَعَ، زَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ
لَمْ يَكْذِبْ قَطُّ (5) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: رِبْعِيٌّ
ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ.
__________
(1) ابن عساكر 6 / 100 آ.
(2) هو محمد بن السائب أبو النضر الكوفي المفسر النسابة،
ضعفه غير واحد، وبعضهم اتهمه، وقال الدار قطني وجماعة:
متروك.
وقال ابن حبان: لا يحل ذكره في الكتب فكيف الاحتجاج به.
(3) ابن سعد 6 / 127.
(4) ابن عساكر 6 / 101 ب، والقربوس: حنو السرج.
(5) ابن عساكر 6 / 101 ب.
(4/360)
البُرْجُلاَنِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ جَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا بَكْرُ بنُ
مُحَمَّدٍ العَابِدُ، عَنِ الحَارِثِ الغَنَوِيِّ، قَالَ:
آلَى رِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ أَنْ لاَ تَفْتَرَّ
أَسْنَانُهُ ضَاحِكاً حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ مَصِيْرُهُ؟
قَالَ الحَارِثُ: فَأَخْبَرَ الَّذِي غَسَّلَهُ أَنَّهُ
لَمْ يَزَلْ مُتَبَسِّماً عَلَى سَرِيْرِهِ، وَنَحْنُ
نُغَسِّلِهُ، حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهُ - رَحْمَةُ اللهِ
عَلَيْهِ (1) -.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: بَنُوْ حِرَاشٍ
ثَلاَثَةٌ: رِبْعِيٌّ، وَرَبِيْعٌ، وَمَسْعُوْدٌ.
قَالَ مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ: سُعِيَ إِلَى
الحَجَّاجِ بِأَنَّكَ ضَرَبْتَ البَعْثَ عَلَى
ابْنَيْ رِبْعِيٍّ، فَعَصَيَا.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ مُنْحَنٍ،
فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنَاكَ؟
قَالَ: هُمَا فِي البَيْتِ.
قَالَ: فَحَمَلَهُ، وَكَسَاهُ، وَأَوْصَى بِهِ خَيْراً (2)
.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ البَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ رِيَاحٍ الأَشْجَعِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبِي، عَنْ عَبِيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، قَالَ:
كُنَّا أَرْبَعَةَ إِخْوَةٍ، فَكَانَ الرَّبِيْعُ
أَكْثَرَنَا صَلاَةً وَصِيَاماً فِي الهَوَاجِرِ،
وَإِنَّهُ تُوُفِّيَ، فَبَيْنَا نَحْنُ حَوْلَهُ قَدْ
بَعَثْنَا مَنْ يَبْتَاعُ لَهُ كَفَناً، إِذْ كَشَفَ
الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم.
فَقَالَ القَوْمُ: عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ يَا أَخَا
عِيْسَى، أَبَعْدَ المَوْتِ؟
قَالَ: نَعَمْ، إِنِّي لَقِيْتُ رَبِّي بَعْدَكُم،
فَلقِيْتُ رَبّاً غَيْرَ غَضْبَانَ، وَاسْتَقْبَلَنِي
بِرُوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَإِسْتَبْرَقٍ، أَلاَ وَإِنَّ أَبَا
القَاسِمِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ عَلَيَّ، فَعَجِّلُوْنِي.
ثُمَّ كَانَ بِمَنْزِلَةِ حَصَاةٍ رُمِيَ بِهَا فِي
طَسْتٍ.
فَنُمِيَ الحَدِيْثُ إِلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا - فَقَالَتْ:
أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (يَتَكَلَّمُ رَجُلٌ مِنْ
أُمَّتِي بَعْدَ المَوْتِ) (3).
__________
(1) ابن عساكر 6 / 102 آ.
(2) انظر الحلية 4 / 369 وابن عساكر 6 / 101 ب.
(3) الخبر في الحلية 4 / 367، 368، وذكره ابن عبد البر في
الاستيعاب في ترجمة زيد بن خارجة ت 844 ورجال إسناده ثقات
لكن ليس فيه المرفوع، وهو الاصح فقد رواه عن عبد الملك غير
واحد فما رفعه.
(4/361)
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ (1) : وَرَوَاهُ عَنْ
عَبْدِ المَلِكِ: زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالثَّوْرِيُّ،
وَابْنُ عُيَيْنَةَ.
وَمَا رَفَعَهُ سِوَى عَبِيْدَةُ.
وَبِهِ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو
عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ،
حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، قَالَ:
مَاتَ أَخٌ لَنَا، فَسَجَّيْنَاهُ، فَذَهَبْتُ فِي
الْتِمَاسِ كَفَنِهِ، فَرَجَعْتُ وَقَدْ كَشَفَ الثَّوْبَ،
وَهُوَ يَقُوْلُ:...، فَذَكَرَ نَحْوَهُ؛ وَفِيْهِ:
وَعَدْتُ (2) رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أَنْ لاَ يَذْهَبَ حَتَّى أُدْرِكَهُ.
قَالَ: فَمَا شَبَّهْتُ خُرُوْجَ نَفْسِهِ إِلاَّ
كَحَصَاةٍ أُلْقِيَتْ فِي مَاءٍ، فَرَسَبَتْ.
فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: قَدْ كُنَّا
نَتَحَدَّثُ أَنَّ رَجُلاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ
يَتَكَلَّمُ بَعْدَ المَوْتِ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: حَدَّثُوْنَا أَنَّ
رِبْعِيّاً تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ (3) : بَعْد الجَمَاجِمِ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بنُ
المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ
بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى
وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَنَة مائَةٍ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ: سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
140 - أَبُو ظَبْيَانَ الجَنْبِيُّ الكُوْفِيُّ حُصَيْنُ
بنُ جُنْدُبٍ * (ع)
وَاسْمُهُ: حُصَيْنُ بنُ جُنْدُبِ بنِ عَمْرٍو، مِنْ
عُلَمَاءِ الكُوْفَةِ.
__________
(1) في الحلية 4 / 368.
(2) لفظ أبي نعيم في الحلية: " ووعدني ".
(3) في تاريخه 288.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 224 و241، طبقات خليفة ت 1152،
تاريخ البخاري 3 / 3، الجرح والتعديل القسم الثاني من
المجلد الأول 190، تاريخ ابن عساكر 5 / 73 ب، تهذيب =
(4/362)
يَرْوِيْ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ،
وَحُذَيْفَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ
بِمُتَّصِلٍ.
وَرَوَى عَنْ: جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَأُسَامَةَ بنِ
زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ قَابُوْسٌ، وَحُصَيْنُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ،
وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى
صِدْقِهِ، وَحَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ كُلِّهَا.
وَكَانَ مِمَّنْ غَزَا القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ مَعَ
يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ.
141 - أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ
الهُذَلِيُّ * (ع)
الكُوْفِيُّ، أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
يُقَالُ اسْمُهُ: عَامِرٌ، وَلَكِنْ لاَ يَرِدُ إِلاَّ
بِالكُنْيَةِ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ شَيْئاً، وَأَرْسَلَ عَنْهُ
أَشْيَاءَ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ،
وَكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ، وَعَنْ: مَسْرُوْقٍ،
وَعَلْقَمَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَسَالِمٌ
الأَفْطَسُ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَخُصَيْفٌ
الجَزَرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَزَرِيُّ، وَأَبُو
إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَثَّقُوْهُ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ.
__________
= الكمال ص 50 و1624، تاريخ الإسلام 3 / 319 و4 / 79،
العبر 1 / 105، تذهيب التهذيب 1 / 160 ب، تهذيب التهذيب 2
/ 379، خلاصة تذهيب التهذيب 85، شذرات الذهب 1 / 99، تهذيب
ابن عساكر 4 / 373.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 210، طبقات خليفة ت 1098، تاريخ
البخاري 9 / 51، الحلية 4 / 204، تهذيب الكمال ص 645
و1623، تاريخ الإسلام 3 / 320، تذهيب التهذيب 2 / 117 آ،
تهذيب التهذيب 5 / 75، خلاصة تذهيب التهذيب 185، شذرات
الذهب 1 / 90.
(4/363)
142 - طُوَيْسٌ المَدَنِيُّ أَبُو عَبْدِ
المُنْعِمِ عِيْسَى بنُ عَبْدِ الله *
أَحَدُ مَنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي صِنَاعَةِ
الغِنَاءِ.
اسْمُهُ: أَبُو عَبْدِ المُنْعِمِ، عِيْسَى بنُ عَبْدِ
اللهِ.
وَكَانَ أَحْوَلَ، طُوَالاً.
وَكَانَ يُقَالُ: أَشْأَمُ مِنْ طُوَيْسٍ؛ قِيْلَ:
لأَنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفُطِمَ يَوْمَ مَوْتِ أَبِي
بَكْرٍ، وَبَلَغَ يَوْمَ مَقْتَلِ عُمَرَ، وَتَزَوَّجَ
يَوْمَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، وَوُلِدَ لَهُ يَوْمَ مَقْتَلِ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم -.
مَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ.
143 - مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ
التَّيْمِيُّ المَدَنِيُّ ** (ع)
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، أَبُو عِيْسَى القُرَشِيُّ،
التَّيْمِيُّ، المَدَنِيُّ، نَزِيْلُ الكُوْفَةِ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ.
وَعَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي
أَيُّوْبَ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ،
وَغَيْرِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عِمْرَانُ، وَحَفِيْدُهُ؛
سُلَيْمَانُ بنُ عِيْسَى، وَأَوْلاَدُ إِخْوَتِهِ؛
مُعَاوِيَةُ وَمُوْسَى ابْنَا إِسْحَاقَ بنِ طَلْحَةَ،
وَطَلْحَةُ وَإِسْحَاقُ ابْنَا يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ،
وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَبَيَانُ بنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ
المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَعُثْمَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ
__________
(*) المعارف 322، الاغاني 2 / 170، وفيات الأعيان 3 / 506،
تاريخ الإسلام 4 / 16، فوات الوفيات 2 / 137، سرح العيون
380، البداية والنهاية 9 / 84، النجوم الزاهرة 1 / 225،
شذرات الذهب 1 / 100.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 161 و6 / 211، نسب قريش لمصعب
281، طبقات خليفة ت 1109، تاريخ البخاري 7 / 286، المعارف
233، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع 147،
الحلية 4 / 371، تاريخ ابن عساكر 17 / 137 ب، تهذيب الكمال
ص 1386، تاريخ الإسلام 4 / 206، العبر 1 / 126، تذهيب
التهذيب 4 / 79 ب، غايه النهاية 3683، تهذيب التهذيب، 10 /
350، خلاصة تذهيب التهذيب 391، شذرات الذهب 1 / 125.
(4/364)
بنِ مَوْهَبٍ، وَابْنَاهُ؛ مُحَمَّدٌ
وَعَمْرُو ابْنَا عُثْمَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ (1) : هُوَ أَفَضْلُ
وَلَدِ طَلْحَةَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ.
قُلْتُ: كَانَ مُحَمَّدٌ هَذَا أَكْبَرَ أَوْلاَدِ
أَبِيْهِ، قُتِلَ مَعَهُ يَوْمَ الجَمَلِ، وَكَانَ
عَابِداً، نَبِيْلاً، ثُمَّ أَفَضْلُهُمْ مُوْسَى صَاحِبُ
التَّرْجَمَةِ، ثُمَّ عِيْسَى بنُ طَلْحَةَ (2) ، ثُمَّ
يَحْيَى بنُ طَلْحَةَ (3) ، ثُمَّ يَعْقُوْبُ بنُ طَلْحَةَ
(4) أَحَدُ الأَجْوَادِ، قُتِلَ يَوْمَ الحَرَّةِ، ثُمَّ
زَكَرِيَّا بنُ طَلْحَةَ (5) سِبْطِ أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيْقِ، ثُمَّ إِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ (6) ، ثُمَّ
عِمْرَانُ بنُ طَلْحَةَ (7) ، وَلَهُمْ أَوْلاَدٌ
وَعَقِبٌ.
قِيْلَ: كَانَ مُوْسَى يُسَمَّى المَهْدِيُّ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَرَوَى: الأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بنِ
سُمَيْرٍ (8) ، قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ المُخْتَارُ
الكَذَّابُ بِالكُوْفَةِ، هَرَبَ مِنْهُ نَاسٌ، فَقَدِمُوا
عَلَيْنَا البَصْرَةَ، فَكَانَ مِنْهُم
__________
(1) في الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع 148.
(2) ترجمته في ص 367.
(3) انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 5 / 164، طبقات خليفة ت
1111 و2095، تاريخ البخاري 8 / 283، المعارف 232، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 160، تاريخ ابن
عساكر 18 / 71 ب، تهذيب الكمال ص 1503، تذهيب التهذيب 4 /
157 ب، تهذيب التهذيب 11 / 233، خلاصة تذهيب التهذيب 424.
(4) انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 5 / 165، طبقات خليفة ت
1996، المعارف 232، تاريخ ابن عساكر نسخة باريس 15 آ،
العبر 1 / 68، شذرات الذهب 2 / 71.
(5) في الأصل: " زكريا وطلحة " تصحيف.
وانظر ترجمته في طبقات ابن سعد 5 / 166، المعارف 233.
(6) تأتي ترجمته في ص 368.
(7) تأتي ترجمته في ص 370.
(8) هو خالد بن سمير السدوسي البصري، وثقه النسائي وغيره،
ووقع في تهذيب التهذيب والخلاصة مصحفا بالشين المعجمة.
انظر الإكمال والتبصير.
(4/365)
مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَكَانَ فِي
زَمَانِهِ يَرَوْنَ أَنَّهُ المَهْدِيُّ، فَغَشِيْنَاهُ،
فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ طَوِيْلُ السُّكُوْتِ، شَدِيْدُ
الكَآبَةِ وَالحُزْنِ، إِلَى أَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ
يَوْماً، فَقَالَ: وَاللهِ لأَنْ أَعْلَمَ أَنَّهَا
فِتْنَةٌ لَهَا انْقِضَاءٌ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا
وَكَذَا، وَأَعْظَمَ الخَطَرَ.
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، وَمَا الَّذِي
تَرْهَبُ أَنْ يَكُوْنَ أَعْظَمَ مِنَ الفِتْنَةِ؟
قَالَ: الهَرْجُ.
قَالُوا: وَمَا الهَرْجُ؟
قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُوْنَا القَتْلَ القَتْلَ
حَتَّى تَقُوْمَ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ (1) .
وَعَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، قَالَ: صَحِبْتُ عُثْمَانَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ مَوْهَبٍ: رَأَيْتُ مُوْسَى بنَ طَلْحَةَ
يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ (2) .
وَقَالَ عِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: رَأَيْتُ عَلَى
مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ بُرْنُسَ خَزٍّ (3) .
رَوَى: صَالِحُ بنُ مُوْسَى الطَّلْحِيُّ، عَنْ عَاصِمِ
بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، قَالَ:
فُصَحَاءُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ: مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ
التَّيْمِيُّ، وَقَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ الأَسَدِيُّ،
وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ (3) .
وَوَرَدَ مِثْلُ هَذَا القَوْلِ عَنْ: عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمَيْرٍ (4) .
مَاتَ مُوْسَى: فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا أَبُو
عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا
الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ
هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ
مُوْسَى بنِ
__________
(1) انظر الخبر مطولا عند ابن سعد في الطبقات 5 / 162،
وانظر الحلية 4 / 371، 372
(2) ابن سعد 6 / 212.
(3) الحلية 4 / 371.
(4) انظر المصدر السابق.
(4/366)
طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ
الأَنْصَارِيِّ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَجُهَيْنَةُ، وَأَشْجَعُ،
وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي كَعْبٍ مَوَالِيَّ دُوْنَ
النَّاسِ، وَاللهُ وَرَسُوْلُهُ مَوْلاَهُم) (1) .
144 - عِيْسَى بنُ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ أَبُو
مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ * (ع)
التَّيْمِيُّ، المَدَنِيُّ، أَحَدُ الإِخْوَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأَبِي
هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَطَلْحَةُ
بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنَ الحُلَمَاءِ الأَشْرَافِ، وَالعُلَمَاءِ
الثِّقَاتِ، وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَعَاشَ إِلَى
حُدُوْدِ سَنَةِ مائَةٍ.
وَرَوَى: أَيُّوْبُ بنُ عَبَايَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ
مِرْبَاعٍ، قَالَ:
دَخَلَ رَجُلٌ إِلَى عِيْسَى بنِ طَلْحَةَ، فَأَنْشَدَ
عِيْسَى:
يَقُوْلُوْنَ: لَوْ عَذَّبْتَ قَلْبَكَ لاَرْعَوَى ...
فَقُلْتُ: وَهَلْ لِلْعَاشِقِيْنَ قُلُوْبُ؟
عَدِمْتُ فُؤَادِي كَيْفَ عَذَّبَهُ الهَوَى* ؟! ... وَمَا
لِفُؤَادِي مِنْ هَوَاهُ طَبِيْبُ
فَقَامَ الرَّجُلُ، فَأَسْبَلَ إِزَارَهُ، وَمضَى إِلَى
بَابِ الحُجْرَةِ يَتَبَخْتَرُ، ثُمَّ يَرْجِعُ حَتَّى
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في الحلية 4 / 374، وأخرجه الحاكم في
" المستدرك " 4 / 82.
وصححه المؤلف في مختصره، وأخرجه الحاكم أيضا 2 / 82 من
طريق يحيى بن جعفر عن يزيد بن هارون به.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 164، طبقات خليفة ت 1110، 2094،
تاريخ البخاري 6 / 385، المعارف 232، المعرفة والتاريخ 1 /
366، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثالث 279،
تاريخ ابن عساكر 14 / 7 آ، تهذيب الكمال ص 1083، تاريخ
الإسلام 4 / 43، العبر 1 / 120، تذهيب التهذيب 3 / 128 آ،
تهذيب التهذيب 8 / 215، خلاصة تذهيب التهذيب 302، شذرات
الذهب 1 / 119.
(4/367)
عَادَ إِلَى مَجْلِسِهِ طَرِباً، وَقَالَ:
أَحْسَنْتَ.
فَضَحِكَ عِيْسَى وَجَلَسَاؤُهُ لِطَرَبِ الرَّجُلِ (1) .
145 - مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ * المُلَقَّبُ بِالسَّجَّادِ
لِعِبَادَتِهِ وَتَأَلُّهِهِ.
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قُتِلَ شَابّاً يَوْمَ الجَمَلِ (2) ، لَمْ
يَزَلْ بِهِ أَبُوْهُ حَتَّى سَارَ مَعَهُ.
وَأُمُّهُ: هِيَ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَسَيَأْتِي
ابْنُهُ إِبْرَاهِيْمُ.
146 - إِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ *
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَائِشَةَ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ مُعَاوِيَةُ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛
إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى.
__________
(1) البيت الأول لبشار بن برد، وهو في ديوانه 1 / 186 من
قصيدة يتغزل فيها بسعدى بنت صقر، وأورده صاحب الاغاني في
ترجمته 3 / 171، والرواية فيه " لو عزيت ".
والخبر والبيتان في تاريخ ابن عساكر 14 / 8 ب، 9 آ وروايته
موافقة للديوان.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 52، نسب قريش لمصعب 281، طبقات
خليفة ت 1994، المعارف 231، الجرح والتعديل القسم الثاني
من المجلد الثالث 291، مستدرك الحاكم 3 / 374 وما بعدها،
الاستيعاب ت 2334، أسد الغابة 4 / 322، العقد الثمين 2 /
36، الإصابة ت 7781، تعجيل المنفعة 366، شذرات الذهب 1 /
43.
(2) في " نسب قريش " لمصعب 281: " وكان طلحة أمره يوم
الجمل أن يتقدم باللواء، فتقدم ونثل درعه بين رجليه، وقام
عليها، فجعل كلما حمل عليه رجل قال: نشدتك ب " حم " فينصرف
الرجل عنه، حتى شد عليه رجل من أسد بن خزيمة، يقال له
جرير، فنشده محمد ب " حم " فلم يثنه ذلك.
ففي ذلك يقول الأسدي: وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الأذى
فيما ترى العين مسلم
ضممت إليه بالسنان قميصه * فخر صريعا لليدين وللفم
على غير شيء غير أن ليس تابعا * عليا ومن لا يتبع الحق
يظلم
فذكرني حاميم والرمح شاجر * فهلا تلا حاميم قبل التقدم
فمر به علي رضي الله عنه في القتلى فقال: " السجاد ورب
الكعبة، هذا الذي قتله بر أبيه ".
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 166، تاريخ البخاري 1 / 393،
المعارف 232، أخبار القضاة 1 / 226، الجرح والتعديل القسم
الأول من المجلد الأول 226، تاريخ ابن عساكر 2 / 381 آ =
(4/368)
وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ مُعَاوِيَةَ بنِ
أَبِي سُفْيَانَ، وَجَدُّهُ: هُوَ عُتْبَةُ بنُ
رَبِيْعَةَ.
وَلاَّهُ مُعَاوِيَةُ خَرَاجَ خُرَاسَانَ، فَمَاتَ هُنَاكَ
فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ.
أَرَّخَهُ: المَدَائِنِيُّ.
147 - عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ
التَّيْمِيَّةُ * (ع)
بِنْتُ أُخْتِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ؛ أُمِّ
كُلْثُوْمٍ؛ بِنْتَيِ الصِّدِّيْقِ.
تَزَوَّجَهَا ابْنُ خَالِهَا؛ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، ثُمَّ
بَعْدَهُ: أَمِيْرُ العِرَاقِ مُصْعَبٌ، فَأَصْدَقَهَا
مُصْعَبٌ مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
قِيْلَ: وَكَانَتْ أَجْمَلَ نِسَاءِ زَمَانِهَا
وَأَرْأَسَهُنَّ.
وَحَدِيْثُهَا مُخَرَّجٌ فِي الصِّحَاحِ.
وَلَمَّا قُتِلَ مُصْعَبُ بنُ الزُّبَيْرِ، تَزَوَّجَهَا
عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ، فَأَصْدَقَهَا
أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ الشَّاعِرُ
(1) :
بُضْعُ الفَتَاةِ بِأَلْفِ أَلْفٍ كَامِلٍ ... وَتَبِيْتُ
سَادَاتُ الجُيُوْشِ جِيَاعَا (2)
رَوَتْ عَنْ: خَالَتِهَا عَائِشَةَ.
وَعَنْهَا: حَبِيْبُ بنُ أَبِي عَمْرَةَ، وَابْنُ
أَخِيْهَا؛ طَلْحَةُ بنُ يَحْيَى، وَابْنُ أَخِيْهَا
الآخَرُ؛ مُعَاوِيَةُ بنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ ابْنِ
أَخِيْهَا مُوْسَى؛ عُبَيْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ،
وَفُضَيْلٌ الفُقَيْمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَفَدَتْ عَلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ،
فَاحْتَرَمَهَا، وَوَصَلَهَا بِجُمْلَةٍ كَبِيْرَةٍ.
وَثَّقَهَا: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
__________
= تهذيب الكمال ص 86، تاريخ الإسلام 2 / 273، تذهيب
التهذيب 1 / 56 آ، تهذيب التهذيب 1 / 238، خلاصة تذهيب
التهذيب 28، تهذيب ابن عساكر 2 / 444.
(*) طبقات ابن سعد 8 / 467، المعارف 233، الاغاني 11 / 176
ط دار الكتب، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء
الثاني 352، تهذيب الكمال ص 1697، تاريخ الإسلام 4 / 135،
العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 4 / 267 آ، البداية والنهاية
9 / 302، تهذيب التهذيب 12 / 436، النجوم الزاهرة 1 / 290،
خلاصة تذهيب التهذيب 493، شذرات الذهب 1 / 122.
(1) هو أنس بن زنيم الديلي كما في المعارف 233 والاغاني ط
الدار 3 / 361 وقبله: أبلغ أمير المؤمنين رسالة * من ناصح
لك لا يريد خداعا (2) في الأصل: " جياع " وهو تصحيف
والبضع: المهر.
(4/369)
هُشَيْمٌ: أَنْبَأَنَا مُغِيْرَةُ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ:
أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ، قَالَتْ: إِنْ
تَزَوَّجَتْ مُصْعَباً فَهُوَ عَلَيْهَا كَظَهْرِ
أُمِّهَا.
فَتَزَوَّجَتْهُ، فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ، فَأُمِرَتْ أَنْ
تُكَفِّرَ، فَأَعْتَقَتْ غُلاَماً لَهَا ثَمَنَ أَلْفَيْنِ
(1) .
رَوَاهُ: سَعِيْدٌ فِي (سُنَنِهِ (2)).
بَقِيَتْ إِلَى قَرِيْبٍ مِنْ سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَةٍ
بِالمَدِيْنَةِ.
148 - عِمْرَانُ بنُ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ * (د، ت،
ق)
قَدِيْمُ الوَفَاةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَأُمِّهِ؛ حَمْنَةَ، وَعَلِيٍّ.
وَعَنْهُ: ابْنَا أَخِيْهِ؛ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَمُعَاوِيَةُ بنُ إِسْحَاقَ، وَسَعْدُ بنُ طَرِيْفٍ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ.
وَقِيْلَ: انْقَرَضَ عَقِبُهُ.
وَيُقَالُ: وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
149 - عِكْرِمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيُّ
** (خَ، م)
ابْنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامِ بنِ المُغِيْرَةِ، سَيِّدُ
بَنِي مَخْزُوْمٍ فِي
__________
(1) أي بثمن ألفين، ولفظ المؤلف في " تاريخ الإسلام ": "
ثمنه ألفان ".
(2) هو سعيد بن منصور المروزي المتوفى 227 ه.
وسننه من مظان المعضل والمنقطع والمرسل.
انظر الرسالة المستطرفة 34.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 166، طبقات خليفة ت 2092، تاريخ
البخاري 6 / 416، المعارف 232، الجرح والتعديل القسم الأول
من المجلد الثالث 499، تاريخ ابن عساكر 12 / 339 آ، أسد
الغابة 4 / 138، تهذيب الكمال ص 1061، تاريخ الإسلام 3 /
286، تذهيب التهذيب 3 / 114 ب، العقد الثمين 6 / 422،
الإصابة ت 6271، تهذيب التهذيب 8 / 133، خلاصة تذهيب
التهذيب 295.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 209، طبقات خليفة ت 2099، تاريخ
البخاري 7 / 50، المعرفة والتاريخ 1 / 372، الجرح والتعديل
القسم الثاني من المجلد الثالث 10، تهذيب الكمال ص 953،
تاريخ الإسلام 4 / 156، تذهيب التهذيب 3 / 48 ب، تهذيب
التهذيب 7 / 260، خلاصة تذهيب التهذيب 270.
كرر المؤلف ترجمته في ص 419.
(4/370)
زَمَانِهِ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأَخُو الفَقِيْهِ أَبِي بَكْرٍ.
سَمِع: أَبَاهُ، وَابْنَ عَمْرٍو السَّهْمِيَّ، وَأُمَّ
سَلَمَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَمُحَمَّدٌ،
وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَيْفِيٍّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : هُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ،
ثِقَةٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ المائَةِ.
150 - أَبُو الجَوْزَاءِ أَوْسُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الرَّبَعِيُّ البَصْرِيُّ * (ع)
مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الأَشْهَبِ العُطَارِدِيُّ، وَعَمْرُو
بنُ مَالِكٍ النُّكْرِيُّ، وَبُدَيْلُ بنُ مَيْسَرَةَ،
وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ أَحَدَ العُبَّادِ الَّذِيْنَ قَامُوا عَلَى
الحَجَّاجِ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الجَمَاجِمِ.
رَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَالِكٍ،
سَمِعَ أَبَا الجَوْزَاءِ يَقُوْلُ:
مَا لَعَنْتُ شَيْئاً قَطُّ، وَلاَ أَكَلْتُ شَيْئاً
مَلْعُوْناً قَطُّ، وَلاَ آذَيْتُ أَحَداً قَطُّ (2) .
قُلْتُ: انْظُر إِلَى هَذَا السَّيِّدِ، وَاقْتَدِ بِهِ.
__________
(1) في الطبقات 5 / 209.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 223، طبقات خليفة ت 1668، تاريخ
البخاري 2 / 16، المعارف ؟ ؟ 469، الجرح والتعديل القسم
الأول من المجلد الأول 304، الحلية 3 / 78، تهذيب الكمال ص
117 و1599، تاريخ الإسلام 3 / 316، العبر 1 / 96، تذهيب
التهذيب 1 / 75 آ، تهذيب التهذيب 1 / 383، خلاصة تذهيب
التهذيب 41، شذرات الذهب 1 / 93.
(2) الحلية 3 / 78، 79، وانظر ابن سعد 7 / 223 و224.
(4/371)
وَعَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: مَا مَارَيْتُ
(1) أَحَداً قَطُّ.
وَرَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مَالِكٍ، قَالَ: لأَنْ
أُجَالِسَ الخَنَازِيْرَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ
أُجَالِسَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ (2) .
وَكَانَ أَبُو الجَوْزَاءِ قَوِيّاً بِالمَرَّةِ.
رَوَى: نُوْحُ بنُ قَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيِّ،
قَالَ:
كَانَ أَبُو الجَوْزَاءِ يُوْاصِلُ أُسْبُوْعاً،
وَيَقْبِضُ عَلَى ذِرَاعِ الشَّابِّ، فَيَكَادُ
يَحْطِمُهَا (3).
151 - شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشْعرِيُّ *
(4، م مَقْرُوْناً)
الشَّامِيُّ، مَوْلَى الصَّحَابِيَّةِ أَسْمَاءَ بِنْتِ
يَزِيْدَ الأَنْصَارِيَّةِ، كَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ
التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَتِهِ؛ أَسْمَاءَ.
وَعَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَأَبِي
سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَيُرْسِلُ عَنْ: بِلاَلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَسَلْمَانَ،
وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ،
وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ
__________
(1) المراء: الجدل.
وفي الاثر: " من ترك المراء وهو محق بنى الله له بيتا في
الجنة ".
(2) الحلية 3 / 78 وما بين الحاصرتين منه، وانظر ابن سعد 7
/ 224.
(3) الحلية 3 / 79، 80، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم
عن صوم الوصال في الأحاديث الصحيحة.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 449، طبقات خليفة ت 2931، تاريخ
البخاري 4 / 258، المعارف 448، المعرفة والتاريخ 2 / 97،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثاني 382، الحلية
6 / 59، ذكر أخبار أصبهان 1 / 343، طبقات الفقهاء للشيرازي
74، تاريخ ابن عساكر 8 / 69 ب، تهذيب الكمال ص 589، تاريخ
الإسلام 4 / 12، العبر 1 / 119، تذهيب التهذيب 2 / 82 ب،
البداية والنهاية 9 / 304 وانظر 176، غاية النهاية ت 1434،
تهذيب التهذيب 4 / 369، النجوم الزاهرة 1 / 271،، خلاصه
تذهيب التهذيب 169، شذرات الذهب 1 / 119، تهذيب ابن عساكر
6 / 345.
(4/372)
بنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَمُقَاتِلُ بنُ
حَيَّانَ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَأَشْعَثُ بنُ
عَبْدِ اللهِ الحُدَّانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَعُبَيْدُ
اللهِ بنُ زِيَادٍ المَكِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ
بَهْرَامَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
أَبَانُ بنُ صَمْعَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِشَهْرٍ: يَا أَبَا
سَعِيْدٍ (1) ...، وَبِهَا كَنَّاهُ: مُسْلِمٌ،
وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ شَهْرٍ، قَالَ: عَرَضْتُ
القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ (2) .
وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَهِيْكٍ، قَالَ: قَرَأْتُ القُرْآنَ
عَلَى: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَمَاعَةٍ،
فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقْرَأَ مِنْ شَهْرِ بنِ
حَوْشَبٍ.
رَوَاهُ: البُخَارِيُّ (3) فِي تَرْجَمَةِ شَهْرٍ، ثُمَّ
قَالَ:
سَمِعَ مِنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ، وَأُمِّ
سَلَمَةَ، وَجُنْدُبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ اللهِ
بنِ عَمْرٍو.
عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ
بَهْرَامَ، قَالَ:
أَتَى عَلَى شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ ثَمَانُوْنَ سَنَةً،
وَرَأَيْتُهُ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، طَرَفُهَا
بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَعِمَامَةٍ أُخْرَى قَدْ أَوْثَقَ
بِهَا وَسَطَهُ سَوْدَاءَ، وَرَأَيْتُهُ مَخْضُوْباً
خِضَابَةً سَوْدَاءَ فِي حُمْرَةٍ، وَوَفَدَ عَلَى بِلاَلِ
بنِ مِرْدَاسٍ الفَزَارِيِّ بِحَوْلاَيَا (4) ،
فَأَجَازَهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهَا.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ
نُوَيْرَةَ: دُعِيَ شَهْرُ بنُ
__________
(1) ابن عساكر 8 / 70 آ.
(2) ابن عساكر 8 / 70 ب.
(3) ليست هذه الرواية في ترجمة شهر عند البخاري من المطبوع
في تاريخه 4 / 258، 259 ولا في التاريخ الصغير وانظر ابن
عساكر 8 / 70 ب.
(4) حولايا: قرية كانت بنواحي النهروان خربت الآن اه. معجم
البلدان.
(4/373)
حَوْشَبٍ إِلَى وَلِيْمَةٍ، وَأَنَا
مَعَهُ، فَدَخَلْنَا، فَأَصَبْنَا (1) مِنْ طَعَامِهِمْ،
فَلَمَّا سَمِعَ شَهْرُ المِزْمَارَ، وَضَعَ أُصْبُعَيْهِ
فِي أُذُنَيْهِ، وَخَرَجَ.
رَوَى: حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ: شَهْرٌ ثِقَةٌ، مَا أَحْسَنَ حَدِيْثَهُ (2) !
وَقَالَ حَنْبَلٌ (3) : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ
يَقُوْلُ: شَهْرٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ مُحَمَّدٌ -يَعْنِي:
البُخَارِيَّ-: شَهْرٌ حَسَنُ الحَدِيْثِ. وَقَوَّى
أَمْرَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ
عَوْنٍ، ثُمَّ إِنَّهُ رَوَى عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ (4) .
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: شَهْرٌ
ثَبْتٌ (5) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ، وَلاَ
يُتَدَيَّنُ بِحَدِيْثِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَيْسَ هُوَ بِدُوْنِ
أَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَرَوَى: مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بنُ
زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى: النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَوْنٍ، قَالَ: إِنَّ شَهْراً تَرَكُوْهُ (6).
__________
(1) في الأصل: " فأطيبنا " وهو تصحيف، وما أثبتناه من
تاريخ ابن عساكر 8 / 71 آ، وما بين الحاصرتين منه.
(2) انظر ابن عساكر 8 / 71 آ.
(3) هو حنبل بن إسحاق بن حنبل كما في ابن عساكر 8 / 71 آ.
(4) انظر ابن عساكر 8 / 71 ب.
(5) ابن عساكر 8 / 71 ب.
(6) المعارف 448، وابن عساكر 8 / 73 ب، وزاد ما نصه: " قال
أبو داود، قال النضر: تركوه أي طعنوا فيه ".
وفي تهذيب الكمال للمزي: " قال يعقوب بن سفيان: وشهر وإن
قال ابن عون تركوه فهو ثقة ".
وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 97، 98.
(4/374)
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ:
قَدِمَ شَهْرٌ عَلَى الحَجَّاجِ، فَحَدَّثَ بِالعِرَاقِ،
وَلَمْ يُوْقَفْ مِنْهُ عَلَى كَذِبٍ، وَكَانَ رَجُلاً
يَتَنَسَّكُ (1) .
وَقَالَ: قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: كَانَ يَحْيَى
بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْ شَهْرٍ،
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْهُ.
قُلْتُ: يَعْنِي الاحْتِجَاجَ وَعَدَمَهُ.
وَرَوَى: يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ عَلَى بَيْتِ المَالِ، فَأَخَذَ
خَرِيْطَةً فِيْهَا دَرَاهِمُ، فَقِيْلَ فِيْهِ:
لَقَدْ بَاعَ شَهْرٌ دِيْنَهُ بِخَرِيْطَةٍ ... فَمَنْ
يَأْمَنُ القُرَّاءَ بَعْدَكَ يَا شَهْرُ؟
أَخَذْتَ بِهَا شَيْئاً طَفِيْفاً وَبِعْتَهُ ... مِنِ
ابْنِ جَرِيْرٍ، إِنَّ هَذَا هُوَ الغَدْرُ (2)
قُلْتُ (3) : إِسْنَادُهَا مُنْقَطِعٌ، وَلَعَلَّهَا
وَقَعَتْ وَتَابَ مِنْهَا، أَوْ أَخَذَهَا مُتَأَوِّلاً
أَنَّ لَهُ فِي بَيْتِ مَالِ المُسْلِمِيْنَ حَقّاً -
نَسْأَلُ اللهَ الصَّفْحَ -.
فَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى القَطَّانِ، عَنْ عَبَّادِ بنِ
مَنْصُوْرٍ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ،
فَسَرَقَ عَيْبَتِي (4) ، فَمَا أَدْرِي مَا أَقُوْلُ!
وَمِنْ مَلِيْحِ قَوْلِ شَهْرٍ: مَنْ رَكِبَ مَشْهُوْراً
مِنَ الدَّوَابِّ، وَلَبِسَ مَشْهُوْراً مِنَ الثِّيَابِ،
أَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَرِيْماً (5).
__________
(1) ابن عساكر 8 / 72 آ، وتتمة الخبر: " إلا أنه روى
أحاديث ينفرد بها لم يشركه فيها غيره مثل حديث البناني عن
شهر عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (عمل غير
صالح) وأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (يا عبادي الذين
أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر
الذنوب جميعا) ولا يبالي ويذكر عنه أحاديث عدة، ثم يقول
راوي الخبر: " فشهر يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم
أحاديث من القرآن لا يأتي بها غيره " انظر بعض هذه
الأحاديث ص 377، 378، من هذا الجزء.
(2) البيتان والخبر في تاريخ ابن عساكر 8 / 72 ب، 73 آ.
وقد أوردهما الطبري في تاريخه 6 / 538، 539، من طريق آخر،
وعزا البيتين للقطامي الكلبي، ويقال لسنان بن مكمل النمري.
(3) في الأصل: " قال " تصحيف.
(4) العيبة: الوعاء.
والخبر في ابن عساكر 8 / 72 ب.
(5) ابن عساكر 8 / 71 آ.
(4/375)
قُلْتُ: مَنْ فَعَلَهُ لِيُعِزَّ
الدِّيْنَ، وَيُرْغِمَ المُنَافِقِيْنَ، وَيَتَوَاضَعَ
مَعَ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِيْنَ، وَيَحْمَدَ رَبَّ
العَالِمِيْنَ، فَحَسَنٌ، وَمَنْ فَعَلَهُ بَذْخاً
وَتِيْهاً وَفَخْراً، أَذَلَّهُ اللهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ،
فَإِنْ عُوْتِبَ وَوُعِظِ، فَكَابَرَ، وَادَّعَى أَنَّهُ
لَيْسَ بِمُخْتَالٍ وَلاَ تَيَّاهٍ، فَأَعْرِضْ عَنْهُ،
فَإِنَّهُ أَحْمَقٌ مَغْرُوْرٌ بِنَفْسِهِ.
قَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ: شَهْرٌ لاَ يُشْبِهُ
حَدِيْثُهُ حَدِيْثَ النَّاسِ، كَأَنَّهُ مُوْلَعٌ
بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّعْدِيُّ (1) .
الطَّيَالِسِّيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ عُقْبَةَ
بنِ عَامِرٍ:
قَالَ شُعْبَةُ: فَلَقِيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَطَاءٍ،
فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي زِيَادُ بنُ مِخْرَاقٍ،
فَقَدِمْتُ عَلَى زِيَادٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ:
حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
عَنْ شَهْرٍ، عَنْ حَدِيْثِ عُقْبَةَ، عَنْ عُمَرَ فِي
الوُضُوْءِ.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عَوْنٍ عَنْ:
حَدِيْثِ هِلاَلِ بنِ أَبِي زَيْنَبَ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (لاَ تَجِفُّ الأَرْضُ مِنْ دَمِ الشَّهِيْدِ
حَتَّى تَبْتَدِرَهُ زَوْجَتَاهُ).
فَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: مَا يُصْنَعُ بِشَهْرٍ، إِنَّ
شُعْبَةَ قَدْ تَرَكَ شَهْراً (2) .
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ حَفْصٍ المَدَائِنِيُّ: سَأَلْتُ
شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَهْرَامَ، فَقَالَ:
صَدُوْقٌ، إِلاَّ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ شَهْرٍ (3) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ
بَهْرَامَ حَدِيْثُهُ مُقَارِبٌ مِنْ حَدِيْثِ
__________
(1) ابن عساكر 8 / 74 آ.
(2) ابن عساكر 8 / 73 آ، وأخرجه أحمد 2 / 297 و427 و428،
وابن ماجه (2798) من
طريق هلال بن أبي زينب، عن شهر، عن أبي هريرة.
وإسناده ضعيف لضعف شهر وجهالة هلال.
(3) ابن عساكر 8 / 74 آ.
(4/376)
شَهْرٍ، وَكَانَ يَحْفَظُهَا كَأَنَّهُ
يَقْرَأُ سُوْرَةً، وَهِيَ سَبْعُوْنَ حَدِيْثاً (1) .
قَالَ سَيَّارُ بنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ
سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ، عَنْ شَهْرِ
بنِ حَوْشَبٍ، قَالَ:
لَمَّا قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ، مَكَثَ آدَمُ مائَةَ
سَنَةٍ لاَ يَضْحَكُ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
تَغَيَّرَتِ البِلاَدُ وَمَنْ عَلَيْهَا ... فَوَجْهُ
الأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِيْحُ
تَغَيَّرَ كُلُّ ذِي لَوْنٍ وَطَعْمٍ ... وَقَلَّ
بَشَاشَةً الوَجْهُ المَلِيْحُ (2)
إِسْحَاقُ بنُ المُنْذِرِ: شَيْخٌ، صَدُوْقٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (لِكُلِّ نَبِيٍّ حَرَمٌ، وَحَرَمِيَ المَدِيْنَةُ
(3)).
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَرَأَ: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ (4) } [هُوْدٌ:
46].
الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ: عَنْ شَهْرٍ، عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
نَهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ (5).
__________
(1) ابن عساكر 8 / 71 وتمامه: " وهى طوال، وفيها حروف
ينبغي أن تضبط، ولكن يقطعونها ".
(2) الحلية 6 / 63، والميزان 2 / 284.
وقد روى الطبري الخبر والبيتين من طريق آخر في تاريخه 1 /
145 وتفسيره 6 / 190، وفيه: برفع " بشاشة " وخفض " الوجه
المليح " وفيه على هذا إقواء.
والشعر مفتعل منحول.
(3) أخرجه أبو نعيم في " ذكر أخبار أصبهان " 1 / 343 من
طريق عبد الله بن جعفر عن
إسماعيل بن عبد الله، عن إسماعيل بن أبان عن عبد الحميد بن
بهرام، عن شهر، عن ابن عباس.
وأخرجه أحمد في " المسند " 1 / 318 من طريق عبد الحميد بن
بهرام عن شهر عن ابن عباس، وتمامه عنده: " اللهم إني
أحرمها بحرمك أن لا يؤوى فيها محدث، ولا يختلى خلاها، ولا
يعضد شوكها، ولا تؤخذ لقطتها إلا لمنشد ".
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه 8 / 70 آ، وذكره الهيثمي في
المجمع 3 / 301 ونسبه لأحمد وحسن إسناده.
(4) وأخرجه أحمد 6 / 294 و322 من طريق ثابت عن شهر.
وهي قراءة الكسائي انظر " الكشف عن وجوه القراءات السبع "
1 / 530 وتفسير القرطبي 9 / 46.
(5) أخرجه أحمد 6 / 309 وأبو داود (3686) من طريق الحكم عن
شهر.
(4/377)
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: عَنْ شَهْرٍ، عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَرَأَ: {إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعاً
وَلاَ يُبَالِي (1) } [الزُّمَرُ: 53].
فَهَذَا مَا اسْتُنْكِرَ مِنْ حَدِيْثِ شَهْرٍ فِي سَعَةِ
رِوَايَتِهِ، وَمَا ذَاكَ بِالمُنْكَرِ جِدّاً (2) .
يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: شَهْرٌ ثِقَةٌ، طَعَنَ فِيْهِ
بَعْضُهُمْ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ سُفْيَانَ: شَهْرٌ وَإِنْ
تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ عَوْنٍ، فَهُوَ ثِقَةٌ.
قُلْتُ: الرَّجُلُ غَيْرُ مَدْفُوْعٍ عَنْ صِدْقٍ
وَعِلْمٍ، وَالاحْتِجَاجُ بِهِ مُتَرَجِّحٌ.
ذِكْرُ الاخْتِلاَفِ فِي تَارِيْخِ مَوْتِهِ:
قَالَ صَاحِبُهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ مائَةٍ.
وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ: المَدَائِنِيُّ، وَالهَيْثَمُ
بنُ عَدِيٍّ، وَخَلِيْفَةُ، وَآخَرُوْنَ.
وَيُرْوَى أَنَّهُ تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ، وَلَمْ يَصِحَّ.
وَأَمَّا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ
إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَةٍ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَكَاتِبُهُ: سَنَةَ اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ.
وَيَعْضُدُهُ: أَنَّ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: أَدْرَكْتُ شَهْرَ
بنَ حَوْشَبٍ، وَتَرَكْتُهُ عَمْداً، لَمْ آخُذْ عَنْهُ.
قُلْتُ: وَمَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ- وَطَلَبَ العِلْمَ بَعْدَ الخَمْسِيْنَ، فِي
أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ.
__________
(1) أخرجه أحمد 6 / 454 والترمذي (3235) وحسنه.
وذكره القرطبي في التفسير 15 / 269 ثم قال: " وفي مصحف ابن
مسعود (إن الله يغفر الذنوب جميعا) لمن يشاء.
قال أبو جعفر النحاس: وهاتان القراءتان على التفسير " اه.
وأم سلمة هي أسماء بنت يزيد بن السكن الانصارية.
(2) انظر صفحة 375 حاشية (1).
(4/378)
152 - عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ * بنِ أَبِي
رَبِيْعَةَ بنِ المُغِيْرَةِ المَخْزُوْمِيُّ
ابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ
يَقَظَةَ، شَاعِرُ قُرَيْشٍ فِي وَقْتِهِ، أَبُو
الخَطَّابِ المَخْزُوْمِيُّ، وَكَانَ يَتَغَزَّلُ
بِالثُّرَيَّا العَبْشَمِيَّةِ.
مَوْلِدُهُ: لَيْلَةَ مَقْتَلِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (1) -.
وَشِعْرُهُ سَائِرٌ مُدَوَّنٌ، غَزَا البَحْرَ، فَأَحْرَقَ
العَدُوُّ سَفِيْنَتَهُ، فَاحْتَرَقَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، وَمَا بَيَّنَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
153 - يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ الأَسَدِيُّ الكَاهِلِيُّ
مَوْلاَهُم ** (م، 4)
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، شَيْخُ
القُرَّاءِ، الأَسَدِيُّ، الكَاهِلِيُّ مَوْلاَهُم،
الكُوْفِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلاَمِ.
قَدْ ذَكَرْتُهُ فِي (طَبَقَاتِ القُرَّاءِ).
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: اسْمُ أَبِيْهِ وَثَّابٍ:
بَزْدَوَيْه بنُ مَاهَوَيْه، سَبَاهُ مُجَاشِعُ بنُ
مَسْعُوْدٍ السُّلَمِيُّ مِنْ قَاشَانَ، إِذِ
افْتَتَحَهَا، وَكَانَ وَثَّابٌ مِنْ أَبْنَاءِ
أَشْرَافِهَا، ثُمَّ وَقَعَ فِي سَهْمِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
فَسَمَّاهُ وَثَّاباً.
وَتَزَوَّجَ، فَوُلِدَ لَهُ يَحْيَى، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ
ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الرُّجُوْعِ إِلَى قَاشَانَ، فَأَذِنَ
لَهُ، فَدَخَلَ هُوَ وَابْنُهُ يَحْيَى الكُوْفَةَ.
فَقَالَ يَحْيَى: يَا أَبَتِ، إِنِّي آثَرْتُ العِلْمَ
عَلَى المَالِ.
فَأَذِنَ لَهُ فِي المُقَامِ، فَأَقْبَلَ عَلَى
__________
(*) الشعر والشعراء 457، الاغاني 1 / 30، تاريخ ابن عساكر
3 / 120 ب، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء
الثاني 15، وفيان الأعيان 3 / 436، تاريخ الإسلام 4 / 161،
سرح العيون 356، البداية والنهاية 9 / 92، العقد الثمين 6
/ 311، النجوم الزاهرة 1 / 247، شذرات الذهب 1 / 101،
خزانة الأدب (بتحقيق هارون) 2 / 32.
(1) وقد قيل: أي حق رفع، وأي باطل وضع.
(* *) طبقات ابن سعد 6 / 299، طبقات خليفة ت 1116، تاريخ
البخاري 8 / 308، المعارف 529، الجرح والتعديل القسم
الثاني من المجلد الرابع 193، ذكر أخبار أصبهان 2 / 356،
تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الثاني 159،
تهذيب الكمال ص 1527، تاريخ الإسلام 4 / 209، العبر 1 /
126، تذهيب التهذيب 4 / 168 آ، غاية النهاية ت 3871، تهذيب
التهذيب 11 / 294، النجوم الزاهرة 1 / 252، خلاصة تذهيب
التهذيب 429، شذرات الذهب 1 / 125.
(4/379)
القُرْآنِ، وَتَلاَ عَلَى أَصْحَابِ
عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، حَتَّى صَارَ أَقْرَأَ
أَهْلِ زَمَانِهِ.
فَأَوْرَثَ وَثَّابٌ عَقِبَهُ، فَحَازُوا رِئَاسَةَ
الدَّارَيْنِ، لأَنَّ يَحْيَى فَاقَ نُظَرَاءهُ فِي
القُرْآنِ وَالآثَارِ، وَفَاقَ خَالِدُ بنُ وَثَّابٍ،
وَوَلَدَاهُ أَزْهَرُ وَمَخْلَدٌ فِي رِئَاسَةِ الدُّنْيَا
وَالوِلاَيَاتِ، وَاتَّصَلَتْ رِئَاسَةُ عَقِبِهِ إِلَى
أَيَّامِنَا بِأَصْبَهَانَ، وَلَهُمُ الصِّيْتُ
وَالذِّكْرُ فِي الثَّرْوَةِ، وَالتِّنَايَةِ (1) ،
وَالحَظِّ الجَسِيْمِ مِنَ الجَلاَلَةِ وَالنَّبَاهَةِ.
قُلْتُ حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ.
وَرَوَى مُرْسَلاً: عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ،
وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنِ: ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَسْرُوْقٍ،
وَعَلْقَمَةَ، وَزِرٍّ، وَالأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ،
وَعَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، وَأَبِي عَمْرٍو
الشَّيْبَانِيِّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ يَحْيَى بنُ
وَثَّابٍ القِرَاءةَ عَرْضاً عَنْ: عَلْقَمَةَ،
وَمَسْرُوْقٍ، وَالأَسْوَدِ، وَالشَّيْبَانِيِّ،
وَالسُّلَمِيِّ.
قُلْتُ: الثَّبْتُ أَنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ كُلَّهُ عَلَى
عُبَيْدِ بنِ نُضَيْلَةَ؛ صَاحِبِ عَلْقَمَةَ، فَتَحَفَّظَ
عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ آيَةً (2) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ:
تَعَلَّمَ يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ مِنْ عُبَيْدٍ آيَةً
آيَةً، وَكَانَ -وَاللهِ- قَارِئاً (3) .
قُلْتُ: قَرَأَ عَلَيْهِ: الأَعْمَشُ، وَطَلْحَةُ بنُ
مُصَرِّفٍ، وَأَبُو حُصَيْنٍ، وَحُمْرَانُ بنُ أَعْيَنَ،
وَطَائِفَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: عَاصِمٌ، وَأَبُو العُمَيْسِ عُتْبَةُ
المَسْعُوْدِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَقَتَادَةُ،
وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالأَعْمَشُ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ: كَانَ الأَعْمَشُ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ،
__________
(1) التناية: الفلاحة والزراعة.
(2) انظر ابن سعد 6 / 117 و342.
(3) ابن سعد 6 / 299.
(4/380)
وَكُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ قَدْ جَثَا،
قُلْتُ: هَذَا وُقِفَ لِلْحِسَابِ، فَيَقُوْلُ: أَيْ
رَبِّ، أَذْنَبْتُ كَذَا، فَعَفَوْتَ عَنِّي، فَلاَ
أَعُوْدُ، وَأَذْنَبْتُ كَذَا، فَعَفَوْتَ عَنِّي، فَلاَ
أَعُوْدُ.
يَحْيَى بنُ عِيْسَى الرَّمْلِيُّ: عَنِ الأَعْمَشِ،
قَالَ:
كَانَ يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ
قِرَاءةً، رُبَّمَا اشْتَهَيْتُ أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَهُ
مِنْ حُسْنِ قِرَاءتِهِ، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ، لاَ
تُسْمَعُ فِي المَسْجِدِ حَرَكَةٌ، كَأَنْ لَيْسَ فِي
المَسْجِدِ أَحَدٌ.
حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ
الأَعْمَشِ:
كَانَ يَحْيَى إِذَا قَضَى صَلاَتَهُ، مَكَثَ مَلِيّاً،
تُعْرَفُ فِيْهِ كَآبَةُ الصَّلاَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: هُوَ تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ،
مُقْرِئٌ، يَؤُمُّ قَوْمَهُ، وَقَدْ أَمَرَ الحَجَّاجُ
أَنْ لاَ يَؤُمَّ بِالكُوْفَةِ إِلاَّ عَرَبِيٌّ،
وَاسْتَثْنَى يَحْيَى بنَ وَثَّابٍ، فَصَلَّى بِهِمْ
يَوْماً، ثُمَّ تَرَكَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: كَانَ الأَعْمَشُ
يَقُوْلُ: يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ أَقْرَأُ مَنْ بَالَ عَلَى
تُرَابٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ
يَقُوْلُ:
قَرَأَ يَحْيَى عَلَى عَلْقَمَةَ، وَقَرَأَ عَلْقَمَةُ
عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ، فَأَيُّ قِرَاءةٍ أَفَضْلُ مِنْ
هَذِهِ (1) ؟!
قَالَ مَخْلَدُ بنُ خِدَاشٍ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ
يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً بَالَ فِي التُّرَابِ أَقْرَأَ مِنْ
يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ يَحْيَى
بنُ وَثَّابٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
رَوَى: جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ الحَدِيْثَ: (مَنْ رَاحَ إِلَى
الجُمُعَةِ، فَلْيَغْتَسِلْ).
__________
(1) ابن سعد 6 / 211 وروايته: "..قرأ يحيى على عبيد بن
نضيلة، وقرأ عبيد بن نضيلة على علقمة.
" وهو الاشبه بالصواب، وانظر أيضا ابن سعد 6 / 117 و342.
(4/381)
هَذَا حَسَنٌ، نَظِيْفُ الإِسْنَادِ (1).
154 - خَالِدُ ابْنُ الخَلِيْفَةِ يَزِيْدَ بنِ
مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ الأُمَوِيُّ * (د)
الإِمَامُ، البَارِعُ، أَبُو هَاشِمٍ القُرَشِيُّ،
الأُمَوِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، أَخُو: الخَلِيْفَةِ
مُعَاوِيَةَ، وَالفَقِيْهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ.
وَعَنْ: دِحْيَةَ - وَلَمْ يَلْقَهُ -.
وَعَنْهُ: رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَعُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ،
وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الأَعْيَسِ الخَوْلاَنِيُّ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ مَوْصُوْفاً
بِالعِلْمِ وَقَوْلِ الشِّعْرِ.
وَقِيْلَ: دَارُ الحِجَارَةِ كَانَتْ دَارَهُ، وَقَدْ
صَارَتِ اليَوْمَ قَيْسَارِيَّةً لِلذَّهَبِ المَمْدُوْدِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: وَهُوَ وَأَخَوَاهُ
مِنْ صَالِحِي القَوْمِ (2) .
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ: أَنَّ خَالِداً كَانَ يَصُوْمُ
الأَعْيَادَ: الجُمُعَةَ، وَالسَّبْتَ، وَالأَحَدَ.
قُلْتُ: أَجَازَ شَاعِراً بِمائَةِ أَلْفٍ؛ لِقَوْلِهِ
فِيْهِ:
سَأَلْتُ النَّدَى وَالجُوْدَ: حُرَّانِ أَنْتُمَا* ؟ ...
فَقَالاَ جَمِيْعاً: إِنَّنَا لَعَبِيْد
__________
(1) وأخرجه مالك في الموطأ 1 / 102، والبخاري 2 / 295 من
طريق نافع عن ابن عمر بلفظ: " إذا جاء أحدكم الجمعة
فليغتسل " وأخرجه مسلم (844) من طريق الليث عن ابن شهاب
ونافع عن ابن عمر به.
(*) تاريخ البخاري 3 / 181، المعارف 352، الجرح والتعديل
القسم الثاني من المجلد الأول 357، فهرست ابن النديم 419،
تاريخ ابن عساكر 5 / 288 ب، معجم الأدباء 11 / 35 أسد
الغابة 2 / 97، وفيات الأعيان 2 / 224، تهذيب الكمال ص
368، تاريخ الإسلام 3 / 246، العبر 1 / 105، تذهيب التهذيب
1 / 194 ب، البداية والنهاية 8 / 236 و9 / 80، الإصابة ت
2362، تهذيب التهذيب 3 / 128، النجوم الزاهرة 1 / 221،
خلاصة تذهيب التهذيب 103، تهذيب ابن عساكر 5 / 119.
(2) انظر ابن عساكر 5 / 289 ب.
(4/382)
فَقُلْتُ: فَمَنْ مَوْلاَكُمَا؟
فَتَطَاوَلاَ ... عَلَيَّ، وَقَالاَ: خَالِدُ بنُ يَزِيْد
(1)
وَقَدْ ذُكِرَ خَالِدٌ لِلْخِلاَفَةِ عِنْدَ مَوْتِ
أَخِيْهِ مُعَاوِيَةَ، فَلَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ، وَغَلَبَ
عَلَى الأَمْرِ مَرْوَانُ بِشَرْطِ أَنَّ خَالِداً وَلِيُّ
عَهْدِهِ.
قِيْلَ: تَهَدَّدَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ
خَالِداً، وَسَطَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَتُهَدِّدُنِي
وَيَدُ اللهِ فَوْقَكَ مَانِعَةٌ، وَعَطَاؤُهُ دُوْنَكَ
مَبْذُوْلٌ؟! (2)
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قِيْلَ لِخَالِدِ بنِ يَزِيْدَ: مَا
أَقْرَبُ شَيْءٍ؟
قَالَ: الأَجَلُ.
قِيْلَ: فَمَا أَبْعَدُ شَيْءٍ؟
قَالَ: الأَمَلُ.
قِيْلَ: فَمَا أَرْجَى شَيْءٍ؟
قَالَ: العَمَلُ (3) .
وَعَنْهُ، قَالَ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ لَجُوْجاً،
مُمَارِياً، مُعْجَباً بِرَأْيِهِ، فَقَدْ تَمَّتْ
خَسَارَتُهُ (3) .
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (4) : كَانَ خَالِدٌ يَعْرِفُ
الكِيْمِيَاءَ، وَصَنَّفَ فِيْهَا ثَلاَثَ رَسَائِلَ،
وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، أَوْ خَمْسٍ
وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ.
155 - المُهَلَّبُ بنُ أَبِي صُفْرَةَ ظَالِمٍ الأَزْدِيُّ
* (د، ت، س)
الأَمِيْرُ، البَطَلُ، قَائِدُ الكَتَائِبِ، أَبُو
سَعِيْدٍ المُهَلَّبُ بنُ أَبِي صُفْرَةَ ظَالِمِ
__________
(1) انظر الخبر والبيتين في " ابن عساكر " 5 / 291 آ.
(2) ابن عساكر 5 / 291 آ.
وانظر الاخبار الموفقيات 467، 468.
(3) ابن عساكر 5 / 291 ب.
(4) في " وفيات الأعيان " 2 / 224.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 129، طبقات خليفة ت 1620، تاريخ
البخاري 8 / 25، المعارف 399، تاريخ الطبري 6 / 354،،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع 369، تاريخ
ابن عساكر 17 / 221 ب، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول
من الجزء الثاني 117، وفيات الأعيان 5 / 350، تهذيب الكمال
ص 1383، تاريخ الإسلام 307، العبر 1 / 95، تذهيب التهذيب 4
/ 75 آ، سرح العيون 194، الإصابة ت 8633، تهذيب التهذيب،
10 / 329، النجوم الزاهرة 1 / 206، خلاصة تذهيب التهذيب
389، شذرات الذهب 1 / 90.
(4/383)
بنِ سَرَّاقِ بنِ صُبْحِ بنِ كِنْدِيِّ بنِ
عَمْرٍو الأَزْدِيُّ، العَتَكِيُّ، البَصْرِيُّ.
وُلِدَ: عَامَ الفَتْحِ.
وَقِيْلَ: بَلْ ذَلِكَ أَبُوْهُ.
حَدَّثَ المُهَلَّبُ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ
العَاصِ، وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ، وَابْنِ عُمَرَ،
وَالبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ.
رَوَى عَنْهُ: سِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ،
وَعُمَرُ بنُ سَيْفٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : ارْتَدَّ قَوْمُ المُهَلَّبِ،
فَقَاتَلَهُمْ عِكْرِمَةُ بنُ أَبِي جَهْلٍ، وَظَفِرَ
بِهِمْ، وَبَعَث بِذَرَارِيْهِمْ إِلَى الصِّدِّيْقِ،
فِيْهِم أَبُو صُفْرَةَ مُرَاهِقاً، ثُمَّ نَزَلَ
البَصْرَةَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ (2) : سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
غَزَا المُهَلَّبُ الهِنْدَ، وَوَلِيَ الجَزِيْرَةَ لابْنِ
الزُّبَيْرِ، وَحَارَبَ الخَوَارِجَ، ثُمَّ وَلِيَ
خُرَاسَانَ.
وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّ الحَجَّاجَ بِالَغَ فِي
احْترَامِ المُهَلَّبِ لَمَّا دَوَّخَ الأَزَارِقَةَ،
وَلَقَدْ قُتِلَ مِنْهُم فِي مَلْحَمَةٍ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ
وَثَمَانِ مائَةٍ.
وَرَوَى: الحَسَنُ بنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَمِيْراً قَطُّ أَفَضْلَ وَلاَ أَسْخَى
وَلاَ أَشْجَعَ مِنَ المُهَلَّبِ، وَلاَ أَبْعَدَ مِمَّا
يَكْرَهُ، وَلاَ أَقْرَبَ مِمَّا يُحِبُّ (3) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: كَانَ
بِالبَصْرَةِ أَرْبَعَةٌ لَيْسَ مِثْلَهُمْ:
الأَحْنَفُ: فِي حِلْمِهِ، وَعَفَافِهِ، وَمَنْزِلَتِهِ
مِنْ عَلِيٍّ، وَالحَسَنُ: فِي زُهْدِهِ، وَفَصَاحْتِهِ،
وَسَخَائِهِ، وَمَحَلِّهِ مِنَ القُلُوْبِ، وَالمُهَلَّبُ
بنُ أَبِي صُفْرَةَ:... فَذَكَرَ أَمْرَهُ، وَسَوَّارٌ
القَاضِي: فِي عَفَافِهِ، وَتَحَرِّيْهِ لِلْحَقٍّ (3) .
وَعَنِ المُهَلَّبِ، قَالَ: يُعْجِبُنِي فِي الرَّجُلِ
أَنْ أَرَى عَقْلَهُ زَائِداً عَلَى لِسَانِهِ (4).
__________
(1) في الطبقات، انظر 7 / 101، 102.
(2) في تاريخه، انظر 206 و262.
(3) ابن عساكر 17 / 225 ب.
(4) ابن عساكر 17 / 226 ب، وانظر ما قبلها.
(4/384)
وَرَوَى: رَوْحُ بنُ قَبِيْصَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ المُهَلَّبُ:
مَا شَيْءٌ أَبْقَى لِلْمُلْكِ مِنَ العَفْوِ، خَيْرُ
مَنَاقِبِ المَلِكِ العَفْوُ (1) .
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ العَفْوُ مِنَ المَلِكِ
عَنِ القَتْلِ، إِلاَّ فِي الحُدُوْدِ، وَأَنْ لاَ
يَعْفُوَ عَنْ وَالٍ ظَالِمٍ، وَلاَ عَنْ قَاضٍ مُرْتَشٍ،
بَلْ يُعَجِّلُ بِالعَزْلِ، وَيُعَاقِبُ المُتَّهَمَ
بِالسَّجْنِ، فَحِلْمُ المُلُوْكِ مَحْمُوْدٌ إِذَا مَا
اتَّقَوُا اللهَ، وَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ المُهَلَّبُ غَازِياً، بِمَرْوِ
الرُّوْذِ (2) ، فِي ذِي الحُجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ، وَوَلِيَ خُرَاسَانَ
بَعْدَهُ: ابْنُهُ؛ يَزِيْدُ بنُ المُهَلَّبِ.
156 - جَمِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ * بنِ مَعْمَرٍ أَبُو
عَمْرٍو العُذْرِيُّ
الشَّاعِرُ الشَّهِيْرُ، صَاحِبُ بُثَيْنَةَ، لَهُ شِعْرٌ
فِي الذُّرْوَةِ لَطَافَةً، وَرِقَةً، وَبَلاَغَةً.
بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ مائَةٍ، وَكَانَ مَعَهُ فِي
زَمَانِهِ:
الأَخْطَلُ شَاعِرُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ،
وَاسْمُهُ غِيَاثُ بنُ غَوْثٍ التَّغْلِبِيُّ
النَّصْرَانِيُّ (3) ، مُقَدَّمُ الشُّعَرَاءِ، وَشَاعِرُ
وَقْتِهِ جَرِيْرُ بنُ الخَطْفَى (4) ، وَشَاعِرُ العَصْرِ
الفَرَزْدَقُ المُجَاشِعِيُّ (5) ، وَشَاعِرُ قُرَيْشٍ
عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ
المَخْزُوْمِيُّ (6) ، وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ (7) وَلَدُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ الخُزَاعِيُّ
المَدَنِيُّ،
__________
(1) ابن عساكر 17 / 227 آ ولفظه: " خير مناقب الملوك العفو
".
(2) انظر التعريف بمرو الروذ ص 87 حاشية (2).
(*) طبقات فحول الشعراء 2 / 669، الشعر والشعراء 346،
الاغاني 7 / 77، المؤتلف والمختلف 72، تاريخ ابن عساكر 4 /
5 آ، وفيات الأعيان، 1 / 366، تاريخ الإسلام 3 / 347،
البداية والنهاية 9 / 44، حسن المحاضرة 1 / 558، شذرات
الذهب 1 / 91، خزانة الأدب (بتحقيق هارون) 1 / 397، تهذيب
ابن عساكر 3 / 398.
وقد تقدمت ترجمته في ص 181.
(3) ستأتي ترجمته في ص 589 من هذا الجزء.
(4) ستأتي ترجمته في ص 590 من هذا الجزء.
(5) ستأتي ترجمته في ص 590 من هذا الجزء.
(6) مرت ترجمته في ص 379 من هذا الجزء.
(7) انظر ترجمته في المجلد الخامس 45 آ من الأصل.
(4/385)
وَشَاعِرُ المَدِيْنَةِ عَبْدُ اللهِ بنُ
قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ (1) الَّذِي يَتَغَزَّلُ فِي
كَثِيْرَة، وَالأَحْوَصُ (2) المَدَنِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَاصِمِ بنِ ثَابِتِ بنِ
أَبِي الأَقْلَحِ، وَزِيَادٌ الأَعْجَمُ (3) أَحَدُ
البُلَغَاءِ، وَعَدِيُّ بنُ زَيْدٍ يُعْرَفُ بِابْنِ
الرِّقَاعِ الأَبْرَصِ (4) ، أَمَّا عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ
(5) الحَمَّادُ العِبَادِيُّ فَقَدِيْمٌ نَصْرَانِيٌّ،
شَاعِرٌ، مُفْلِقٌ.
157 - عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ ابْنِ الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ
أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ * (ع)
ابْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ،
السَّيِّدُ، الإِمَامُ، زَيْنُ العَابِدِيْنَ
الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ، المَدَنِيُّ.
يُكْنَى: أَبَا الحُسَيْنِ.
وَيُقَالُ: أَبُو الحَسَنِ.
وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ.
وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ.
وَأُمُّهُ: أُمُّ وَلَدٍ، اسْمُهَا: سَلاَّمَةُ سُلاَفَةُ
بِنْتُ مَلِكِ الفُرْسِ يَزْدَجِرْدَ.
وَقِيْلَ: غَزَالَةُ.
وُلِدَ فِي: سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ ظَنّاً.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ؛ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ،
وَكَانَ مَعَهُ يَوْمَ كَائِنَةِ كَرْبَلاَءَ، وَلَهُ
ثَلاَثٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ
مَوْعُوْكاً، فَلَمْ يُقَاتِلْ، وَلاَ تَعَرَّضُوا لَهُ،
بَلْ أَحْضَرُوْهُ
__________
(1) والمشهور (عبيد الله)، انظر ترجمته في تاريخ الإسلام
للمؤلف 3 / 190.
(2) ستأتي ترجمته في ص 593 من هذا الجزء.
(3) ستأتي ترجمته في ص 597 من هذا الجزء.
(4) انظر ترجمته في المجلد الخامس 33 آ من الأصل.
(5) انظر ترجمته في المجلد الخامس 33 آ من الأصل.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 211، طبقات خليفة ت 2044، تاريخ
البخاري 6 / 266، المعارف 214، المعرفة والتاريخ 1 / 360
و544، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثالث 178،
الحلية 3 / 133، طبقات الفقهاء للشيرازي 63، تاريخ ابن
عساكر 12 / 15 ب، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من
الجزء الأول 343، وفيات الأعيان 3 / 266، تهذيب الكمال ص
965، تاريخ الإسلام 4 / 34، تذكره الحفاظ 1 / 70، العبر 1
/ 111، تذهيب التهذيب 3 / 57 آ، البداية والنهاية 9 / 103،
غاية النهاية ت 2206، تهذيب التهذيب 7 / 304، النجوم
الزاهرة 1 / 229، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 30، خلاصة تذهيب
التهذيب 272.
(4/386)
مَعَ آلِهِ إِلَى دِمَشْقَ، فَأَكْرَمَهُ
يَزِيْدُ، وَرَدَّهُ مَعَ آلِهِ إِلَى المَدِيْنَةِ.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: جَدِّهِ مُرْسَلاً، وَعَنْ:
صَفِيَّةَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ، وَذَلِكَ فِي
(الصَّحِيْحَيْنِ)، وَعَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ،
وَعَائِشَةَ، وَرِوَايَتُهُ عَنْهَا فِي (مُسْلِمٍ)،
وَعَنْ: أَبِي رَافِعٍ، وَعَمِّهِ؛ الحَسَنِ، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَالمِسْوَرِ بنِ
مَخْرَمَةَ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ،
وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْ: مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ
أَبِي رَافِعٍ، وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَسَعِيْدِ
بنِ مَرْجَانَةَ، وَذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ،
وَعَمْرِو بنِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَلَيْسَ
بِالمُكْثِرِ مِنَ الرِّوَايَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ؛ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدٌ،
وَعُمَرُ، وَزَيْدٌ المَقْتُوْلٌ، وَعَبْدُ اللهِ،
وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَالحَكَمُ بنُ
عُتَيْبَةَ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، وَيَحْيَى بنُ
سَعِيْدٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَعَلِيُّ بنُ جُدْعَانَ،
وَمُسْلِمٌ البَطِيْنُ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ،
وَعَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَعَاصِمُ بنُ عُمَرَ بنِ
قَتَادَةَ بنِ النُّعْمَانِ، وَأَبُوْهُ؛ عُمَرُ،
وَالقَعْقَاعُ بنُ حَكِيْمٍ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيْمُ
عُرْوَةَ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ
المَكِّيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ مُسْلِمِ بنِ هُرْمُزَ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفُرَاتِ
التَّمِيْمِيُّ، وَالمِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ، وَطَاوُوْسٌ،
وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : هُوَ عَلِيٌّ الأَصْغَرُ،
وَأَمَّا أَخُوْهُ عَلِيٌّ الأَكْبَرُ، فَقُتِلَ مَعَ
أَبِيْهِ بِكَرْبَلاَءَ.
وَكَانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ ثِقَةً، مَأْمُوْناً،
كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، عَالِياً، رَفِيْعاً، وَرِعاً.
رَوَى: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ: مَا
رَأَيْتُ قُرَشِياً أَفَضْلَ مِنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ
(2) .
__________
(1) في الطبقات 5 / 211 و222.
(2) ابن عساكر 12 / 18 آ، والمعرفة والتاريخ 1 / 544.
(4/387)
وَقِيْلَ: إِنَّ عُمَرَ بنَ سَعْدٍ قَالَ
يَوْمَ كَرْبَلاَءَ: لاَ تَعَرَّضُوا لِهَذَا المَرِيْضِ
-يَعْنِي: عَلِيّاً (1) -.
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
كَانَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ مِنَ العُلَمَاءِ،
وَكَانَ إِذَا دَخَلَ فِي صَلاَتِهِ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ
إِنْسَانٌ، لَمْ يُقْبِلْ عَلَيْهِ حَتَّى يَفْرُغَ،
وَإِنَّ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ كَانَ مِنْ أَهْلِ
الفَضْلِ، وَكَانَ يَأْتِيْهِ، فَيَجْلِسُ إِلَيْهِ،
فَيُطَوِّلُ عُبَيْدُ اللهِ فِي صَلاَتِهِ، وَلاَ
يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، فَقِيْلَ لَهُ: عَلِيٌّ وَهُوَ
مِمَّنْ هُوَ مِنْهُ!
فَقَالَ: لاَ بُدَّ لِمَنْ طَلَبَ هَذَا الأَمْرَ أَنْ
يُعَنَّى بِهِ (2) .
وَقَالَ: قَالَ نَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ لِعَلِيِّ بنِ
الحُسَيْنِ: إِنَّكَ تُجَالِسُ أَقْوَاماً دُوْناً!
قَالَ: آتِي مَنْ أَنْتَفِعُ بِمُجَالَسَتِهِ فِي دِيْنِي.
قَالَ: وَكَانَ نَافِعٌ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ، وَكَانَ
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ رَجُلاً لَهُ فَضْلٌ فِي الدِّيْنِ
(3) .
ابْنُ سَعْدٍ: عَنْ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ
بنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:
كَانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ يَخْرُجُ عَلَى رَاحِلَتِه
إِلَى مَكَّةَ وَيَرْجِعُ لاَ يَقْرَعُهَا، وَكَانَ
يُجَالِسُ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ، فَقِيْلَ لَهُ: تَدَعُ
قُرَيْشاً، وَتُجَالِسُ عَبْدَ بَنِي عَدِيٍّ!
فَقَالَ: إِنَّمَا يَجْلِسُ الرَّجُلُ حَيْثُ يَنْتَفِعُ
(4) .
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَرْدَكَ - يُقَالُ: هُوَ
أَخُو عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ لأُمِّهِ - قَالَ:
كَانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ يَدْخُلُ المَسْجِدَ،
فَيَشُقُّ النَّاسَ حَتَّى يَجْلِسَ فِي حَلْقَةِ زَيْدِ
بنِ أَسْلَمَ.
فَقَالَ لَهُ نَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ: غَفَرَ اللهُ لَكَ،
أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ، تَأْتِي تَتَخَطَّى حَتَّى
تَجْلِسَ مَعَ هَذَا العَبْدِ!
فَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: العِلْمُ يُبْتَغَى
وَيُؤْتَى وَيُطْلَبُ مِنْ حَيْثُ كَانَ (5) .
__________
(1) انظر ابن سعد 5 / 212، وابن عساكر 12 / 17 آ.
(2) ابن عساكر 12 / 17 ب، وانظر ابن سعد 5 / 215، 216،
والمعرفة والتاريخ 1 / 545.
(3) ابن عساكر 12 / 17 ب.
(4) ابن سعد 5 / 216 وابن عساكر 12 / 17 ب.
(5) ابن عساكر 12 / 17 ب، وانظر الحلية 3 / 137، 138،
والخبر أيضا في تهذيب الكمال وما بين الحاصرتين منه.
(4/388)
الأَعْمَشُ: عَنْ مَسْعُوْدِ بنِ مَالِكٍ:
قَالَ لِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: تَسْتَطِيْعُ أَنْ
تَجْمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ؟
قُلْتُ: مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ؟
قَالَ: أَشْيَاءُ أُرِيْدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا، إِنَّ
النَّاسَ يَأْتُوْنَنَا بِمَا لَيْسَ عِنْدَنَا (1) .
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:
مَا كَانَ أَكْثَرَ مُجَالَسَتِي مَعَ عَلِيِّ بنِ
الحُسَيْنِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً كَانَ أَفْقَهَ
مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ (2) .
وَرَوَى: شُعَيْبٌ، عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:
كَانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ مِنْ أَفَضْلِ أَهْلِ
بَيْتِهِ، وَأَحْسَنِهِم طَاعَةً، وَأَحَبِّهِم إِلَى
مَرْوَانَ، وَإِلَى عَبْدِ المَلِكِ (3) .
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُهْرِيِّ: لَمْ أُدْرِكْ مِنْ أَهْلِ
البَيْتِ أَفَضْلَ مِنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ (4) .
وَرَوَى: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ فِيْهِم مِثْلَ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ.
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ فِي
أَهْلِ البَيْتِ مِثْلُهُ، وَهُوَ ابْنُ أَمَةٍ (5) .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، سَمِعْتُ
عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ - وَكَانَ أَفَضْلَ هَاشِمِيٍّ
أَدْرَكْتُهُ - يَقُوْلُ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَحِبُّوْنَا حُبَّ الإِسْلاَمِ،
فَمَا بَرِحَ بِنَا حُبُّكُم حَتَّى صَارَ عَلَيْنَا
عَاراً (6) .
أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ
عَلِيٍّ: يَا أَهْلَ العِرَاقِ، أَحِبُّوْنَا
__________
(1) ابن عساكر 12 / 18 آ، وانظر ابن سعد 5 / 516.
(2) انظر ابن عساكر 12 / 19 ب.
(3) ابن سعد 5 / 215 ولفظه: " من أقصد أهل بيته " وابن
عساكر 12 / 18 آ، ب.
(4) الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثالث 179.
(5) ابن عساكر 12 / 19 آ.
(6) ابن سعد 5 / 214 وابن عساكر 12 / 19 آ، وانظر الحلية 3
/ 136.
(4/389)
حُبَّ الإِسْلاَمِ، وَلاَ تُحِبُّوْنَا
حُبَّ الأَصْنَامِ، فَمَا زَالَ بِنَا حُبُّكُم حَتَّى
صَارَ عَلَيْنَا شَيْناً (1) .
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمْ يَكُنْ لَهُ عَقِبٌ -يَعْنِي:
الحُسَيْنَ- إِلاَّ مِنِ ابْنِهِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَكُنْ
لِعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ وَلَدٌ إِلاَّ مِنْ أُمِّ عَبْدِ
اللهِ بِنْتِ الحَسَنِ، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّهِ، فَقَالَ
لَهُ مَرْوَانُ: أَرَى نَسْلَ أَبِيْكَ قَدِ انْقَطَعَ،
فَلَوِ اتَّخَذْتَ السَّرَارِي، لَعَلَّ اللهَ أَنْ
يَرْزُقَكَ مِنْهُنَّ.
قَالَ: مَا عِنْدِي مَا أَشْتَرِي.
قَالَ: فَأَنَا أُقْرِضُكَ.
فَأَقْرَضَهُ مائَةَ أَلْفٍ، فَاتَّخَذَ السَّرَارِيَ،
وَوُلِدَ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الوَلَدِ، ثُمَّ أَوْصَى
مَرْوَانُ لَمَّا احْتُضِرَ: أَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنْهُ
ذَلِكَ المَالُ (2) .
إِسْنَادُهَا مُنْقَطِعٌ، وَمَرْوَانُ مَا احْتُضِرَ،
فَإِنَّ امْرَأَتَهَ غَمَّتْهُ تَحْتَ وِسَادَةٍ هِيَ
وَجَوَارِيْهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ البَرْقِيِّ (3) : نَسْلُ
الحُسَيْنِ كُلُّهُ مِنْ قِبَلِ ابْنِهِ عَلِيٍّ
الأَصْغَرِ، وَكَانَ أَفَضْلَ أَهْلِ زَمَانِهِ.
وَيُقَالُ: إِنَّ قُرَيْشاً رَغِبَتْ فِي أُمَّهَاتِ
الأَوْلاَدِ بَعْدَ الزُّهْدِ فِيْهنَّ حِيْنَ نَشَأَ
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ (4) .
قَالَ العِجْلِيُّ: عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ مَدَنِيٌّ،
تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَسْمَعْ عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ مِنْ عَائِشَةَ، وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
صَالِحٍ يَقُوْلُ: سِنُّهُ وَسِنُّ الزُّهْرِيِّ وَاحِدٌ.
قُلْتُ: وَهِمَ ابْنُ صَالِحٍ، بَلْ عَلِيٌّ أَسَنُّ
بِكَثِيْرٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ.
__________
(1) ابن عساكر 12 / 23 آ.
(2) ابن عساكر 12 / 19 آ.
(3) هو الحافظ أحمد بن عبد الله بن البرقي، نسبة إلى "
برقة " من قرى قم، كان هو وإخوته يتجرون إليها فعرفوا بها،
تأتي ترجمته ضمن ترجمة أخيه محمد بن عبد الله في المجلد
التاسع 10 من الأصل.
(4) ابن عساكر 12 / 19 آ، وانظر ص 460 من هذا الجزء.
(4/390)
وَرُوِيَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
شَيْبَةَ، قَالَ:
أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ كُلِّهَا: الزُّهْرِيُّ، عَنْ
عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَلِيٍّ (1)
.
عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ العُمَرِيُّ: عَنِ الزُهْرِيِّ،
قَالَ:
حَدَّثْتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ بِحَدِيْثٍ، فَلَمَّا
فَرَغْتُ، قَالَ: أَحْسَنْتَ! هَكَذَا حُدِّثْنَاهُ.
قُلْتُ: مَا أُرَانِي إِلاَّ حَدَّثْتُكَ بِحَدِيْثٍ
أَنْتَ (2) أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي.
قَالَ: لاَ تَقُلْ ذَاكَ، فَلَيْسَ مَا لاَ يُعْرَفُ مِنَ
العِلْمِ، إِنَّمَا العِلْمُ مَا عُرِفَ، وَتَوَاطَأَتْ
عَلَيْهِ الأَلْسُنُ (3) .
وَقِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً قَالَ لابْنِ المُسَيِّبِ: مَا
رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنْ فُلاَنٍ!
قَالَ: هَلْ رَأَيْتَ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنْهُ (4) !
وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: مَا أَكَلَ عَلِيُّ
بنُ الحُسَيْنِ بِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِرْهَماً قَطُّ (5) .
ابْنُ سَعْدٍ: عَنْ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيْدِ
بنِ خَالِدٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، قَالَ:
بَعَثَ المُخْتَارُ إِلَى عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بِمائَةِ
أَلْفٍ، فَكَرِهَ أَنْ يَقْبَلَهَا، وَخَافَ أَنْ
يَرُدَّهَا، فَاحْتَبَسَهَا عِنْدَهُ.
فَلَمَّا قُتِلَ المُخْتَارُ، بَعَثَ يُخْبِرُ بِهَا
عَبْدَ المَلِكِ، وَقَالَ: ابْعَثْ مَنْ يَقْبَضُهَا.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ: يَا ابْنَ العَمِّ،
خُذْهَا، قَدْ طَيَّبْتُهَا لَكَ، فَقَبِلَهَا (6) .
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ: عَنْ أَبِي
نُوْحٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ:
وَقَعَ حَرِيْقٌ فِي بَيْتٍ فِيْهِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ
وَهُوَ سَاجِدٌ، فَجَعَلُوا يَقُوْلُوْنَ: يَا ابْنَ
رَسُوْلِ اللهِ، النَّارَ!
فَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى طُفِئَتْ.
فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَلْهَتْنِي عَنْهَا
__________
(1) ابن عساكر 12 / 19 ب.
(2) في الأصل: " انه " وهو تصحيف.
(3) انظر ابن عساكر 12 / 19 ب.
(4) الحلية 3 / 141 وابن عساكر 12 / 19 ب.
(5) ابن عساكر 12 / 19 ب.
(6) رواه ابن سعد في الطبقات 5 / 213 مطولا وابن عساكر 12
/ 19 ب.
(4/391)
النَّارُ الأُخْرَى (1) .
ابْنُ سَعْدٍ: عَنْ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ:
كَانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ إِذَا مَشَى لاَ تُجَاوِزُ
يَدُهُ فَخِذَيْهِ، وَلاَ يَخْطِرُ بِهَا، وَإِذَا قَامَ
إِلَى الصَّلاَةِ، أَخَذَتْهُ رِعْدَةٌ.
فَقِيْلَ لَهُ، فَقَالَ: تَدْرُوْنَ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ
أَقُوْمُ وَمَنْ أُنَاجِي (2) ؟!
وَعَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ، اصْفَرَّ (3) .
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ: عَنْ
سُفْيَانَ:
حَجَّ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، فَلَمَّا أَحْرَمَ
اصْفَرَّ، وَانْتَفَضَ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُلَبِّيَ.
فَقِيْلَ: أَلاَ تُلَبِّي؟
قَالَ: أَخْشَى أَنْ أَقُوْلَ: لَبَّيْكَ، فَيَقُوْلُ لِي:
لاَ لَبَّيْكَ.
فَلَمَّا لَبَّى، غُشِيَ عَلَيْهِ، وَسَقَطَ مِنْ
رَاحِلَتِهِ، فَلَمْ يَزَلْ بَعْضُ ذَلِكَ بِهِ حَتَّى
قَضَى حَجَّهُ (3) .
إِسْنَادُهَا مُرْسَلٌ.
وَرَوَى: مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَالِكٍ:
أَحْرَمَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ
يُلَبِّيَ، قَالَهَا، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَسَقَطَ مِنْ
نَاقَتِهِ، فَهُشِمَ.
وَلَقَدْ بَلَغَنِي: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي كُلِّ
يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ إِلَى أَنْ مَاتَ،
وَكَانَ يُسَمَّى: زَيْنُ العَابِدِيْنَ؛ لِعِبَادَتِهِ
(4) .
وَيُرْوَى عَنْ: جَابِرٍ الجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ:
كَانَ أَبِي يُصَلِّي فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ
رَكْعَةٍ، فَلَمَّا احْتُضِرَ، بَكَى.
فَقُلْتُ: يَا أَبْتِ! مَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: يَا بُنَيَّ! إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ
القِيَامَةِ، لَمْ يَبْقَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلاَ نَبِيٌّ
مُرْسَلٌ إِلاَّ كَانَ للهِ
__________
(1) ابن عساكر 12 / 19 ب.
(2) ابن سعد 5 / 216، وانظر الحلية 3 / 133.
(3) ابن عساكر 12 / 20 آ.
(4) ابن عساكر 12 / 20 آ.
(4/392)
فِيْهِ المَشِيْئَةُ، إِنْ شَاءَ
عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ (1) .
إِسْنَادُهَا تَالِفٌ.
عَنْ طَاوُوْسٍ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ وَهُوَ
سَاجِدٌ فِي الحِجْرِ يَقُوْلُ:
عُبَيْدُكَ بِفِنَائِكَ، مِسْكِيْنُكَ بِفِنَائِكَ،
سَائِلُكَ بِفِنَائِكَ، فَقِيْرُكَ بِفِنَائِكَ.
قَالَ: فَوَاللهِ مَا دَعَوْتُ بِهِ فِي كَرْبٍ قَطُّ،
إِلاَّ كُشِفَ عَنِّي (2) .
حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ:
أَنَّ أَبَاهُ قَاسَمَ اللهَ -تَعَالَى- مَالَهُ
مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُذْنِبَ
التَّوَّابَ (3) .
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ:
أَنَّ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ كَانَ يَحْمِلُ الخُبْزَ
بِاللَّيْلِ عَلَى ظَهْرِهِ، يَتْبَعُ بِهِ المَسَاكِيْنَ
فِي الظُّلْمَةِ، وَيَقُوْلُ: إِنَّ الصَّدَقَةَ فِي
سَوَادِ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ (4) .
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ:
كَانَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ يَعِيْشُوْنَ لاَ
يَدْرُوْنَ مِنْ أَيْنَ كَانَ مَعَاشُهُم، فَلَمَّا مَاتَ
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، فَقَدُوا ذَلِكَ الَّذِي كَانُوا
يُؤْتَوْنَ بِاللَّيْلِ (5) .
جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: عَنْ عَمْرِو بنِ
ثَابِتٍ:
لَمَّا مَاتَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَجَدُوا بِظَهْرِهِ
أَثَراً مِمَّا كَانَ يَنْقُلُ الجُرْبَ بِاللَّيْلِ إِلَى
مَنَازِلِ الأَرَامِلِ (6) .
__________
(1) المصدر السابق.
(2) أورده ابن عساكر مطولا 12 / 20 آ، ب.
(3) ابن سعد 5 / 219، وابن عساكر 12 / 21 آ، وانظر الحلية
3 / 140.
(4) ابن عساكر 12 / 21 آ، وانظر الحلية 3 / 135، 136.
(5) الحلية 3 / 136، وابن عساكر 12 / 21 آ، وما بين
الحاصرتين منهما.
(6) ابن عساكر 12 / 21 آ، وانظر الحلية 3 / 136.
(4/393)
وَقَالَ شَيْبَةُ بنُ نَعَامَةَ: لَمَّا
مَاتَ عَلِيٌّ، وَجَدُوْهُ يَعُوْلَ مائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ
(1) .
قُلْتُ: لِهَذَا كَانَ يُبَخَّلُ، فَإِنَّهُ يُنْفِقُ
سِرّاً، وَيَظُنُّ أَهْلُهُ أَنَّهُ يَجْمَعُ
الدَّرَاهِمَ.
وَقَالَ بَعْضُهُم: مَا فَقَدْنَا صَدَقَةَ السِّرِّ
حَتَّى تُوُفِّيَ عَلِيٌّ (2) .
وَرَوَى: وَاقِدُ بنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ مَرْجَانَةَ:
أَنَّهُ لَمَّا حَدَّثَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بِحَدِيْثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ: (مَنْ أَعْتَقَ نَسَمَةً مُؤْمِنَةً،
أَعْتَقَ اللهُ كُلَّ عُضْوٍ مِنْهُ بَعُضْوٍ مِنْهُ مِنَ
النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ (3))، فَأَعْتَقَ
عَلِيٌّ غُلاَماً لَهُ، أَعْطَاهُ فِيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ
جَعْفَرٍ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
وَرَوَى: حَاتِمُ بنُ أَبِي صَغِيْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ
دِيْنَارٍ، قَالَ:
دَخَلَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ
أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلَ مُحَمَّدٌ
يَبْكِي، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟
قَالَ: عَلَيَّ دَيْنٌ.
قَالَ: وَكَمْ هُوَ؟
قَالَ: بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
قَالَ: فَهِيَ عَلَيَّ (4) .
عَلِيُّ بنُ مُوْسَى الرِّضَا: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: إِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنَ
اللهِ أَنْ أَرَى الأَخَ مِنْ إِخْوَانِي، فَأَسْأَلَ
اللهَ لَهُ الجَنَّةَ، وَأَبْخَلَ عَلَيْهِ بِالدُّنْيَا،
فَإِذَا كَانَ غَداً قِيْلَ لِي: لَوْ كَانَتِ الجَنَّةُ
بِيَدِكَ، لَكُنْتَ بِهَا أَبْخَلَ وَأَبْخَلَ (5) .
قَالَ أَبُو حَازِمٍ المَدَنِيُّ: مَا رَأَيْتُ
هَاشِمِيّاً أَفْقَهَ مِنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ،
سَمِعْتُهُ وَقَدْ سُئِلَ:
كَيْفَ كَانَتْ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ عِنْدَ
رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
__________
(1) ابن عساكر 12 / 21 آ، وانظر ابن سعد 5 / 222، والحلية
3 / 136.
(2) انظر الحلية 3 / 136، وابن عساكر 12 / 21 آ، ب.
(3) متفق عليه.
(4) الحلية 3 / 141 وابن عساكر 12 / 21 ب، ولفظهما: " خمسة
عشر ألف دينار ".
(5) ابن عساكر 12 / 21 ب.
(4/394)
فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى القَبْرِ، ثُمَّ
قَالَ: بِمَنْزِلَتِهِمَا مِنْهُ السَّاعَةَ (1) .
رَوَاهَا: ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ.
يَحْيَى بنُ كَثِيْرٍ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ
أَبِي بَكْرٍ؟
قَالَ: عَنِ الصِّدِّيْقِ تَسْأَلُ؟
قَالَ: وَتُسَمِّيْهِ الصِّدِّيْقَ؟
قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! قَدْ سَمَّاهُ صِدِّيْقاً مَنْ
هُوَ خَيْرٌ مِنِّي؛ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالمُهَاجِرُوْنَ، وَالأَنْصَارُ،
فَمَنْ لَمْ يُسَمِّهِ صِدِّيْقاً، فَلاَ صَدَّقَ اللهَ
قَوْلَهُ، اذْهَبْ، فَأَحِبَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ،
وَتَوَلَّهُمَا، فَمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ فَفِي عُنُقِي
(2) .
وَعَنْهُ: أَنَّهُ أَتَاهُ قَوْمٌ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ،
فَقَالَ: حَسْبُنَا أَنْ نَكُوْنَ مِنْ صَالِحِي
قَوْمِنَا.
الزُّبَيْرُ فِي (النَّسَبِ): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ قُدَامَةَ الجُمَحِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ،
قَالَ:
قَدِمَ قَوْمٌ مِنَ العِرَاقِ، فَجَلَسُوا إِلَيَّ،
فَذَكَرُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَسَبُّوْهُمَا، ثُمَّ
ابْتَرَكُوا فِي عُثْمَانَ ابْتِرَاكاً، فَشَتَمْتُهُم (3)
.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ:
مَا يَسُرُّنِي بِنَصِيْبِي مِنَ الذُّلِّ حُمْرُ
النَّعَمِ (4) .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ
بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ،
حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ فُضَيْلِ بنِ غَزْوَانَ،
__________
(1) ابن عساكر 12 / 22 آ.
(2) ابن عساكر 12 / 22 ب.
(3) أورده ابن عساكر مطولا 12 / 22 ب، وابترك الرجل في
عرضه، وعليه: " تنقصه واجتهد في ذمه.
(4) الحلية 3 / 137 وابن عساكر 12 / 24 ب.
(4/395)
قَالَ:
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: مَنْ ضَحِكَ ضِحْكَةً،
مَجَّ مَجَّةً مِنْ عِلْمٍ (1) .
وَبِهِ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ
الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنْ
حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ
الحُسَيْنِ، قَالَ:
إِنَّ الجَسَدَ إِذَا لَمْ يَمْرَضْ أَشِرَ، وَلاَ خَيْرَ
فِي جَسَدٍ يَأْشَرُ (2) .
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: فَقْدُ الأَحِبَّةِ
غُرْبَةٌ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ أَنْ
تُحَسِّنَ فِي لَوَائِحِ (3) العُيُوْنِ عَلاَنِيَتِي،
وَتُقَبِّحَ فِي خَفِيَّاتِ العُيُوْنِ سَرِيْرَتِي،
اللَّهُمَّ كَمَا أَسَأْتُ وَأَحْسَنْتَ إِلَيَّ، فَإِذَا
عُدْتُ، فَعُدْ عَلَيَّ (4) .
قَالَ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ عَلِيِّ
بنِ الحُسَيْنِ:
اللَّهُمَّ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي، فَأَعْجَزُ
عَنْهَا، وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى المَخْلُوْقِيْنَ،
فَيُضَيِّعُوْنِي (5) .
قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنِ الزُهْرِيِّ: سَأَلْتُ
عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ عَنِ القُرْآنِ؟
فَقَالَ: كِتَابُ اللهِ وَكَلاَمُهُ (6) .
أَبُو عُبَيْدَةَ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ،
عَنِ القَاسِمِ بنِ عَوْفٍ، قَالَ:
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: جَاءنِي رَجُلٌ، فَقَالَ:
جِئْتُكَ فِي حَاجَةٍ، وَمَا جِئْتُ حَاجّاً وَلاَ
مُعْتَمِراً.
قُلْتُ: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: جِئْتُ لأَسْأَلَكَ مَتَى يُبْعَثُ عَلِيٌّ؟
فَقُلْتُ: يُبْعَثُ - وَاللهِ - يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ
تُهِمُّهُ نَفْسُهُ.
__________
(1) الحلية 3 / 134.
(2) الحلية 3 / 134.
(3) لوائح الشئ: ما يبدو منه وتظهر علامته عليه، ولفظ أبي
نعيم في الحلية: " لوائع " بالعين
المهملة، ولفظ ابن عساكر: " لوامع ".
(4) الحلية 3 / 134، وابن عساكر 12 / 28 آ.
(5) ابن عساكر 12 / 20 ب.
(6) ابن عساكر 12 / 22 آ.
(4/396)
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى
الشَّيْبَانِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو يَعْقُوْبَ
المَدَنِيُّ، قَالَ:
كَانَ بَيْنَ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ وَبَيْنَ ابْنِ عَمِّهِ
عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ شَيْءٌ، فَمَا تَرَكَ حَسَنٌ
شَيْئاً إِلاَّ قَالَهُ، وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ، فَذَهَبَ
حَسَنٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ، أَتَاهُ عَلِيٌّ،
فَخَرَجَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا ابْنَ عَمِّي، إِنْ كُنْتَ صَادِقاً،
فَغَفَرَ اللهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَغَفَرَ
اللهُ لَكَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ.
قَالَ: فَالْتَزَمَهُ حَسَنٌ، وَبَكَى، حَتَّى رَثَى لَهُ
(1) .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ دِيْنَارٍ -
ثِقَةٌ - قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنِ المُخْتَارِ، فَقَالَ: قَامَ
أَبِي عَلَى بَابِ الكَعْبَةِ، فَلَعَنَ المُخْتَارَ،
فَقِيْلَ لَهُ: تَلْعَنُهُ، وَإِنَّمَا ذُبِحَ فِيْكُم؟!
قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ عَلَى اللهِ، وَعَلَى
رَسُوْلِهِ (2) .
وَعَنِ الحَكَمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ:
إِنَّا لَنُصَلِّي خَلْفَهُم -يَعْنِي: الأُمَوِيَّةَ-
مِنْ غَيْرِ تَقِيَّةٍ، وَأَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ
كَانَ يُصَلِّي خَلْفَهُم مِنْ غَيْرِ تَقِيَّةٍ (3) .
رَوَاهُ: أَبُو إِسْرَائِيْلَ المُلاَئِيُّ، عَنْهُ.
وَرَوَى: عُمَرُ بنُ حَبِيْبٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ،
قَالَ:
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: وَاللهِ مَا قُتِلَ
عُثْمَانُ -رَحِمَهُ اللهُ- عَلَى وَجْهِ الحَقِّ (4) .
نَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ
كَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ.
وَقِيْلَ: كَانَ لَهُ كِسَاءٌ أَصْفَرُ يَلْبَسُهُ يَوْمَ
الجُمُعَةِ (5) .
__________
(1) انظر ابن عساكر 12 / 24 آ.
(2) ابن سعد 5 / 213 وابن عساكر 12 / 23 ب.
(3) ابن سعد 5 / 213.
(4) ابن سعد 5 / 216.
(5) انظر ابن سعد 5 / 217.
(4/397)
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ: رَأَيْتُ
عَلَى عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ كِسَاءَ خَزٍّ، وَجُبَّةَ
خَزًّ (1) .
وَرَوَى: حُسَيْنُ بنُ زَيْدِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَمِّهِ:
أَنَّ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ كَانَ يَشْتَرِي كِسَاءَ
الخَزِّ بِخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، يَشْتُو فِيْهِ، ثُمَّ
يَبِيْعُهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ (2) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بنَ
الحُسَيْنِ يَعْتَمُّ، وَيُرْخِي مِنْهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ
(2) .
وَقِيْلَ: كَانَ يَلْبَسُ فِي الصِّيْفِ ثَوْبَيْنِ
مُمُشَّقَيْنِ مِنْ ثِيَابِ مِصْرَ، وَيَتْلُو: {قُلْ مَنْ
حَرَّمَ زِيْنَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرجَ لِعِبَادِهِ،
وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ (2) } [الأَعْرَافُ: 31].
وَقِيْلَ: كَانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ إِذَا سَارَ فِي
المَدِيْنَةِ عَلَى بَغْلَتِهِ، لَمْ يَقُلْ لأَحَدٍ:
الطَّرِيْقَ، وَيَقُوْلُ: هُوَ مُشْتَرَكٌ، لَيْسَ لِي
أَنْ أُنَحِّيَ عَنْهُ أَحَداً.
وَكَانَ لَهُ جَلاَلَةٌ عجِيْبَةٌ، وَحُقَّ لَهُ -وَاللهِ-
ذَلِكَ، فَقَدْ كَانَ أَهْلاً لِلإِمَامَةِ العُظْمَى؛
لِشَرَفِهِ، وَسُؤْدَدِهِ، وَعِلْمِهِ، وَتَأَلُّهِهِ،
وَكَمَالِ عَقْلِهِ.
قَدِ اشْتَهَرَتْ قَصِيْدَةُ الفَرَزْدَقِ - وَهِيَ
سَمَاعُنَا -: أَنَّ هِشَامَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ حَجَّ
قُبَيْلَ وِلاَيَتِهِ الخِلاَفَةَ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ
اسْتِلاَمَ الحَجَرِ، زُوْحِمَ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَنَا
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ مِنَ الحَجَرِ، تَفَرَّقُوا
عَنْهُ؛ إِجْلاَلاً لَهُ.
فَوَجَمَ لَهَا هِشَامٌ، وَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَمَا
أَعْرِفُهُ؟
فَأَنْشَأَ الفَرَزْدَقُ يَقُوْلُ:
هَذَا الَّذِي تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ ...
وَالبَيْتُ يَعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هَذَا ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللهِ كُلِّهِمِ ... هَذَا
التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ العَلَمُ
إِذَا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ قَائِلُهَا : ... إِلَى
مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الكَرَمُ
__________
(1) ابن سعد 5 / 217.
(2) انظر ابن سعد 5 / 218.
(4/398)
يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفَانُ رَاحَتِهِ
... رُكْنَ الحَطِيْمِ إِذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ
يُغْضِي حَيَاءً، وَيُغْضَى مِنْ مَهَابَتِهِ ... فَمَا
يُكَلَّمُ إِلاَّ حِيْنَ يَبْتَسِمُ
هَذَا ابْنُ فَاطِمَةٍ إِنْ كُنْتَ جَاهِلَهُ ...
بِجَدِّهِ أَنْبِيَاءُ اللهِ قَدْ خُتِمُوا (1)
وَهِيَ قَصِيْدَةٌ طَوِيْلَةٌ.
قَالَ: فَأَمَرَ هِشَامٌ بِحَبْسِ الفَرَزْدَقِ، فَحُبِسَ
بِعُسْفَانَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ
بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: اعْذِرْ أَبَا
فَرَاسٍ.
فَرَدَّهَا، وَقَالَ: مَا قُلْتُ ذَلِكَ إِلاَّ غَضَباً
للهِ وَلِرَسُوْلِهِ.
فَرَدَّهَا إِلَيْهِ، وَقَالَ: بِحَقِّي عَلَيْكَ لَمَا
قَبِلْتَهَا، فَقَدْ عَلِمَ اللهُ نِيَّتَكَ، وَرَأَى
مَكَانَكَ، فَقَبِلَهَا.
وَقَالَ فِي هِشَامٍ:
أَيَحْبِسُنِي بَيْنَ المَدِيْنَةِ وَالَّتِي ...
إِلَيْهَا قُلُوْبُ النَّاسِ يَهْوِي مُنِيْبُهَا
يُقَلِّبُ رَأْساً لَمْ يَكُنْ رَأْسَ سَيِّدٍ ...
وَعَيْنَيْنِ حَوْلاَوَيْنِ بَادٍ عُيُوْبُهَا (2)
وَكَانَتْ أُمُّ عَلِيٍّ مِنْ بَنَاتِ مُلُوْكِ
الأَكَاسِرَةِ، تَزَوَّجَ بِهَا بَعْدَ الحُسَيْنِ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ-: مَوْلاَهُ زُيَيْدٌ، فَوَلَدَتْ لَهُ:
عَبْدَ اللهِ بنَ زُيَيْدٍ - بِيَاءيْنِ -.
قَالَهُ: ابْنُ سَعْدٍ (3) .
وَقِيْلَ: هِيَ عَمَّةُ أُمِّ الخَلِيْفَةِ يَزِيْدَ بنِ
الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَالبُخَارِيُّ،
وَالفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
__________
(1) أورد ابن عساكر الخبر والابيات بروايات مختلفة 12 / 25
ب، 26 آ، وانظر الخبر والابيات في الحلية 3 / 139 والاغاني
ط الدار 15 / 326، 327 وفي نسبة الابيات أقوال: أحدها أنها
للحزين الكناني في عبد الله بن عبد الملك، الثاني أنها
لداود بن سلم في قثم بن العباس، الثالث
أنها للفرزدق، وقد رجح أبو الفرج الأول، انظر الاغاني ط
الدار 15 / 325 - 329.
والابيات في ديوان الفرزدق 2 / 848، 849.
(2) البيتان والخبر في ابن عساكر 12 / 26 آ، والاغاني ط
الدار 15 / 327 ولفظه: " وعينا له حولاء باد عيوبها " وهما
أيضا في الديوان 1 / 51 وروايته: يرددني بين المدينة والتي
* إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب عينا لم تكن لخليفة *
مشوهة حولاء باد عيوبها
(3) في الطبقات 5 / 211.
(4/399)
وَتِسْعِيْنَ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ.
وَقَالَ يَحْيَى أَخُو مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
حَسَنٍ: مَاتَ فِي رَابِعَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ،
لَيْلَةَ الثُّلاَثَاءِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَشَبَابٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ مَعْنُ بنُ عِيْسَى: سَنَةَ ثَلاَثٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ.
وَالأَوَّلُ الصَّحِيْحُ (1) .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ: عَاشَ أَبِي ثَمَانِياً
وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: قَبْرُهُ بِالبَقِيْعِ، وَلاَ بَقِيَّةَ
لِلْحُسَيْنِ، إِلاَّ مِنْ قِبَلِ ابْنِهِ زَيْنِ
العَابِدِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ (2) ،
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الدِّيْنَوَرِيُّ
بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
أَنْبَأَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ (ح).
وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ بِطِّيْخٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ،
وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ خَوْلاَنَ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ الوَاعِظُ،
وَأَخْبَرَتْنَا خَدِيْجَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَنْبَأَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ (3) الكَاتِبَةُ، أَنْبَأَنَا
الحُسَيْنُ بنُ طَلْحَةَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ المَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عُمَرَ
بنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ) (4) .
__________
(1) انظر أخبار وفاته في ابن عساكر 12 / 28 ب وما بعدها.
(2) نسبة إلى أبرقوه، ومعناه فوق الجبل، وهو بلد مشهور
بأرض فارس.
انظر معجم البلدان وأنساب السمعاني.
(3) تأتي ترجمتها في المجلد الثاني عشر 275 من الأصل.
(4) الحلية 3 / 144، وأخرجه البخاري 12 / 43، ومسلم (1614)
كلاهما في الفرائض.
(4/400)
كَذَا يَقُوْلُ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ: عُمَرُ
بنُ عُثْمَانَ.
وَخَالَفَهُ عَشْرَةٌ ثِقَاتٌ، فَرَوَوْهُ عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ.
فَكُلُّهُم قَالَ: عَنْ عَمْرِو بنِ عُثْمَانَ.
وَكَذَلِكَ هُوَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ): عَمْرٌو.
158 - ابْنُه
ُ: أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
الحُسَيْنِ * (ع)
هُوَ السَّيِّدُ، الإِمَامُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ العَلَوِيُّ،
الفَاطِمِيُّ، المَدَنِيُّ، وَلَدُ زَيْنِ العَابِدِيْنَ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، فِي حَيَاة عَائِشَةَ
وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
أَرَّخَ ذَلِكَ: أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ.
رَوَى عَنْ جَدَّيْهِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
مُرْسَلاً.
وَعَنْ جَدَّيْهِ: الحَسَنِ، وَالحُسَيْنِ مُرْسَلاً
أَيْضاً.
وَعَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَعَائِشَةَ
مُرْسَلاً. د
وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ،
وَأَبِيْهِ؛ زَيْنِ العَابِدِيْنَ، وَمُحَمَّدِ ابْنِ
الحَنَفِيَّةِ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ
مُرْسَلاً أَيْضاً.
وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ، وَهُوَ فِي الرِّوَايَة
كَأَبِيْهِ وَابْنِهِ جَعْفَرٍ، ثَلاَثتُهُمْ لاَ يَبْلُغُ
حَدِيْثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم جُزْءاً ضَخْماً، وَلَكِنْ
لَهُم مَسَائِلُ وَفَتَاوٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ،
وَالأَعْرَجُ - مَعَ تَقَدُّمِهِمَا - وَعَمْرُو بنُ
دِيْنَارٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ،
وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ،
وَرَبِيْعَةُ الرَّأْيِ، وَلَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ،
وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَقُرَّةُ بنُ خَالِدٍ، وَحَجَّاجُ بنُ
أَرْطَاةَ،
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 320، طبقات خليفة ت 2233، تاريخ
البخاري 1 / 183، المعارف 215، المعرفة والتاريخ 1 / 360،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع 26، ذيل
المذيل 641، الحلية 3 / 180، طبقات الفقهاء للشيرازي 64،
تاريخ ابن عساكر 15 / 350 ب، تهذيب الأسماء واللغات القسم
الأول من الجزء الأول 87، تهذيب الكمال ص 1244 و1597،
تذكرة الحفاظ 1 / 117، العبر 1 / 142 و148، تاريخ الإسلام
4 / 299، البداية والنهاية 9 / 309، تهذيب التهذيب 9 /
350، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 49، خلاصة تذهيب التهذيب 352،
طبقات المفسرين 2 / 537، شذرات الذهب 1 / 149.
(4/401)
وَالأَعْمَشُ، وَمُخَوَّلُ بنُ رَاشِدٍ،
وَحَرْبُ بنُ سُرَيْجٍ، وَالقَاسِمُ بنُ الفَضْلِ
الحُدَّانِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَرِوَايَتُهُ عَنِ الحَسَنِ وَعَائِشَةَ فِي (سُنَنِ
النَّسَائِيِّ)، وَذَلِكَ مُنْقَطِعٌ.
وَرِوَايَتُهُ عَنْ سَمُرَةَ فِي (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ).
وَكَانَ أَحَدَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ العِلْمِ وَالعَمَلِ،
وَالسُّؤْدُدِ وَالشَّرَفِ، وَالثِّقَةِ وَالرَّزَانَةِ،
وَكَانَ أَهْلاً لِلْخِلاَفَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ
الاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِيْنَ تُبَجِّلُهُمُ الشِّيْعَةُ
الإِمَامِيَّةُ، وَتَقُوْلُ بِعِصْمَتِهِمْ
وَبِمَعْرِفَتِهِمْ بِجَمِيْعِ الدِّيْنِ.
فَلاَ عِصْمَةَ إِلاَّ لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّبِيِّيْنَ،
وَكلُّ أَحَدٍ يُصِيْبُ وَيُخْطِئُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ
قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ، سِوَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ مَعْصُوْمٌ، مُؤَيَّدٌ
بِالوَحْيِ.
وَشُهِرَ أَبُو جَعْفَرٍ: بِالبَاقِرِ، مِنْ: بَقَرَ
العِلْمَ، أَيْ: شَقَّهُ، فَعَرَفَ أَصْلَهُ وَخَفِيَّهُ.
وَلَقَدْ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ إِمَاماً مُجْتَهِداً،
تَالِياً لِكِتَابِ اللهِ، كَبِيْرَ الشَّأْنِ، وَلَكِنْ
لاَ يَبْلُغُ فِي القُرْآنِ دَرَجَةَ ابْنِ كَثِيْرٍ
وَنَحْوِهُ، وَلاَ فِي الفِقْهِ دَرَجَةَ أَبِي الزِّنَادِ
وَرَبِيْعَةَ، وَلاَ فِي الحِفْظِ وَمَعْرِفَةِ السُّنَنِ
دَرَجَةَ قَتَادَةَ وَابْنِ شِهَابٍ، فَلاَ نُحَابِيْهِ
وَلاَ نَحِيْفُ عَلَيْهِ، وَنُحِبُّهُ فِي اللهِ؛ لِمَا
تَجَمَّعَ فِيْهِ مِنْ صِفَاتِ الكَمَالِ.
قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ:
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَابْنَهُ جَعْفَراً عَنْ أَبِي
بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالاَ لِي: يَا سَالِمُ،
تَوَلَّهُمَا، وَابْرَأْ مِنْ عَدُوِّهِمَا، فَإِنَّهُمَا
كَانَا إِمَامَيْ هُدَىً (1) .
كَانَ سَالِمٌ فِيْهِ تَشَيُّعٌ ظَاهِرٌ، وَمعَ هَذَا
فَيَبُثُّ هَذَا القَوْلَ الحَقَّ، وَإِنَّمَا يَعْرِفُ
الفَضْلَ لأَهْلِ الفَضْلِ ذُوْ الفَضْلِ، وَكَذَلِكَ
نَاقِلُهَا ابْنُ فُضَيْلٍ شِيْعِيٌّ، ثِقَةٌ، فَعَثَّرَ
اللهُ شِيْعَةَ زَمَانِنَا، مَا أَغْرَقَهُمْ فِي الجَهْلِ
وَالكَذِبِ! فَيَنَالُوْنَ مِنْ
__________
(1) ابن عساكر 15 / 355 ب، وانظر ابن سعد 5 / 321.
(4/402)
الشَّيْخَيْنِ، وَزِيْرَيِ المُصْطَفَى
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَحْمِلُوْنَ هَذَا
القَوْلَ مِنَ البَاقِرِ وَالصَّادِقِ عَلَى التَّقِيَّةِ.
وَرَوَى: إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ بَسَّامٍ
الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ،
فَقَالَ: وَاللهِ إِنِّي لأَتَوَلاَّهُمَا، وَأَسْتَغْفِرُ
لَهُمَا، وَمَا أَدْرَكْتُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي
إِلاَّ وَهُوَ يَتَوَلاَّهُمَا (1) .
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَأَبُو جَعْفَرٍ نَخْتَلِفُ إِلَى جَابِرٍ،
نَكْتُبُ عَنْهُ فِي أَلْوَاحٍ، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا
جَعْفَرٍ كَانَ يُصَلِّي فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
مائَةً وَخَمْسِيْنَ رَكْعَةً.
وَقَدْ عَدَّهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ فِي فُقَهَاءِ
التَّابِعِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ، وَاتَّفَقَ الحُفَّاظُ
عَلَى الاحْتِجَاجِ بِأَبِي جَعْفَرٍ.
قَالَ القَطِيْعِيُّ فِي (فَوَائِدِهِ): حَدَّثَنَا أَبُو
مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ
جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ: مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ بِالمَجُوْسِ!
فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، فَرَوَى عَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
(سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ) (2) .
هَذَا مُرْسَلٌ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ يُقَالُ
لِمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ: بَاقِرُ العِلْمِ، وَأُمُّهُ:
هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بِنْتُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ القُرَظِيُّ:
__________
(1) ابن عساكر 15 / 355 ب، وانظر ابن سعد 5 / 321.
(2) أخرجه ابن عساكر 15 / 351 آ وقال في نهايته: " هذا
منقطع، محمد لم يدرك عمر " وأخرج مالك في " الموطأ " من
طريق جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر..، وفي البخاري 6 / 184،
185، من طريق سفيان عن عمرو بن دينار أنه سمع بجالة يقول:
لم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ الجزية من المجوس
حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم
أخذها من مجوس هجر.
(4/403)
يَا بَاقِرَ العِلْمِ لأَهْلِ التُّقَى ...
وَخَيْرَ مَنْ لَبَّى عَلَى الأَجْبُلِ
وَقَالَ فِيْهِ مَالِكُ بنُ أَعْيَنَ (1) :
إِذَا طَلَبَ النَّاسُ عِلْمَ القُرَا ... نِ كَانَتْ
قُرَيْشٌ عَلَيْهِ عِيَالاَ
وَإِنْ قِيْلَ: إِبْنُ ابْنِ بِنْتِ الرَّسُوْ ... لِ
نِلْتَ بِذَلِكَ فَرْعاً طُوَالاَ
تَحُوْمُ تُهَلِّلُ لِلْمُدْلِجِيْنَ ... جِبَالٌ
تُوَرِّثُ عِلْماً جِبَالاَ (2)
ابْنُ عُقْدَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ أَبِي نَجِيْحٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَسَّانٍ
القُرَشِيُّ، عَنْ عَمِّهِ؛ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
كَثِيْرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
قَالَ أَبِي: أَجْلَسَنِي جَدِّي الحُسَيْنُ فِي حِجْرِه،
وَقَالَ لِي: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ (3).
عَنْ أَبَانِ بنِ تَغْلِبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ،
قَالَ:
أَتَانِي جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَنَا فِي
الكِتَابِ، فَقَالَ لِي: اكْشِفْ عَنْ بَطْنِكَ.
فَكَشَفْتُ، فَأَلْصَقَ بَطْنَهُ بِبَطْنِي، ثُمَّ قَالَ:
أَمَرَنِي رَسُوْلُ اللهِ أَنْ أُقْرِئَكَ مِنْهُ
السَّلاَمَ (3) .
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لاَ أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ أَبَانٍ
غَيْرُ المُفَضَّلِ بنِ صَالِحٍ أَبِي جَمِيْلَةَ
النّخَّاسِ.
لُوَيْنٌ (4) : حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوْبَ عَبْدُ اللهِ
بنُ يَحْيَى، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى أَبِي
__________
(1) هو مالك بن أعين الجهني ؟ ؟، حجازي، توفي سنة ثمان
وأربعين ومئة.
انظر معجم المرزباني 268.
(2) الخبر والابيات في ابن عساكر 15 / 351 ب.
ولفظه: " وإن قيل: إني ابن بنت الرسول " و" نجوم تهلل
للمدلجين " والابيات أيضا في معجم المرزباني 268 ولفظه: "
وإن قيل أين ابن بنت الرسول " و" نجوم تهلل ".
(3) ابن عساكر 15 / 352 ب.
(4) هو أبو جعفر محمد بن سليمان بن حبيب، تأتي ترجمته في
المجلد الثامن 133 من الأصل.
لقب بلوين لأنه يبيع الدواب فيقول: هذا الفرس لوين.
هذا الفرس. وانظر تهذيب التهذيب 9 / 198.
(4/404)
جَعْفَرٍ إِزَاراً أَصْفَرَ، وَكَانَ
يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسِيْنَ رَكْعَةً
بِالمَكْتُوْبَةِ (1) .
وَعَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ: فِي قَوْلِهِ: {لآيَاتٍ
لِلْمُتَوَسِّمِيْنَ} [الحِجْرُ: 75]، قَالَ: كَانَ أَبُو
جَعْفَرٍ مِنْهُم (2) .
الزُّبَيْرُ فِي (النَّسَبِ): حَدَّثَنِي عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ:
حَجَّ الخَلِيْفَةُ هِشَامٌ، فَدَخَلَ الحَرَمَ مُتَّكِئاً
عَلَى يَدِ سَالِمٍ مَوْلاَهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ الحُسَيْنِ جَالِسٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ، هَذَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ.
فَقَالَ: المَفْتُوْنُ بِهِ أَهْلُ العِرَاقِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: اذْهب إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: يَقُوْلُ لَكَ
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ: مَا الَّذِي يَأْكُلُ النَّاسُ
وَيَشْرَبُوْنَ إِلَى أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَهُم يَوْمَ
القِيَامَةِ؟
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى مِثْلِ
قُرْصَةِ النَّقِيِّ (3) ، فِيْهَا الأَنْهَارُ
مُفَجَّرَةٌ.
فَرَأَى هِشَامٌ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ، فَقَالَ: اللهُ
أَكْبَرُ، اذْهَبْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: مَا
أَشْغَلَهُمْ عَنِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ يَوْمَئِذٍ!
فَفَعَلَ، فَقَالَ: قُلْ لَهُ: هُم فِي النَّارِ أَشْغَلُ،
وَلَمْ يُشْغَلُوا أَنْ قَالُوا: {أَفِيْضُوا عَلَيْنَا
مِنَ المَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ (4) }
[الأَعْرَافُ: 49].
قَالَ المُطَّلِبُ بنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بنُ
أَبِي سُلَيْمٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
وَهُوَ يَذْكُرُ ذُنُوْبَهُ، وَمَا يَقُوْلُ النَّاسُ
فِيْهِ، فَبَكَى (5) .
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: مَنْ دَخَلَ قَلْبَهُ مَا
فِي خَالِصِ دِيْنِ اللهِ، شَغَلَهُ عَمَّا سِوَاهُ، مَا
الدُّنْيَا؟! وَمَا عَسَى أَنْ تَكُوْنَ؟! هَلْ هُوَ
إِلاَّ مَرْكَبٌ رَكِبْتَهُ، أَو ثَوْبٌ لَبِسْتَهُ، أَوِ
امْرَأَةٌ أَصَبْتَهَا؟! (6)
__________
(1) الحلية 3 / 182.
(2) ابن عساكر 15 / 353 ب.
(3) قال ابن الأثير: النقي: يعني الخبز الحوارى.
(4) ابن عساكر 15 / 353 ب.
(5) ابن عساكر 15 / 354 آ.
(6) أورده ابن عساكر مطولا، يخاطب أبو جعفر فيه جابر
الجعفي 15 / 354 آ.
(4/405)
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
الرَّازِيُّ، عَنِ المِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، قَالَ:
اذْكُرُوا مِنْ عَظَمَةِ اللهِ مَا شِئْتُمْ، وَلاَ
تَذْكُرُوْنَ مِنْهُ شَيْئاً إِلاَّ وَهِيَ (1) أَعْظَمُ
مِنْهُ، وَاذْكُرُوا مِنَ النَّارِ مَا شِئْتُمْ، وَلاَ
تَذْكُرُوا مِنْهَا شَيْئاً إِلاَّ وَهِيَ أَشَدُّ مِنْهُ،
وَاذْكُرُوا مِنَ الجَنَّةِ مَا شِئْتُمْ، وَلاَ
تَذْكُرُوا مِنْهَا شَيْئاً إِلاَّ وَهِيَ أَفَضْلُ (2) .
وَعَنْ جَابِرٍ الجُعْفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ،
قَالَ:
أَجْمَعَ بَنُوْ فَاطِمَةَ عَلَى أَنْ يَقُوْلُوا فِي
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحْسَنَ مَا يَكُوْنُ مِنَ
القَوْلِ (3) .
قُلْتُ: أُمُّ فَرْوَةَ بِنْتُ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ: هِيَ صَاحِبَةُ أَبِي
جَعْفَرٍ البَاقِرِ، وَأُمُّ وَلَدِهِ جَعْفَرٍ
الصَّادِقِ.
مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ: عَنْ خَلَفِ بنِ
حَوْشَبٍ، عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ - وَكَانَ
يَتَرَفَّضُ - قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَهُوَ مَرِيْضٌ، فَقَالَ -
وَأَظُنُّ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِي -: اللَّهُمَّ إِنِّي
أَتَوَلَّى وَأُحِبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، اللَّهُمَّ
إِنْ كَانَ فِي نَفْسِي غَيْرُ هَذَا، فَلاَ نَالَتْنِي
شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ (4) -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي
سُلَيْمَانَ:
قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ
اللهُ وَرَسُوْلُهُ وَالَّذِيْنَ آمَنُوا} [المَائِدَةُ:
58].
قَالَ: هُمْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قُلْتُ: إِنَّهُم يَقُوْلُوْنَ هُوَ عَلِيٌّ.
قَالَ: عَلِيٌّ مِنْهُم (5) .
شَبَابَةُ: أَنْبَأَنَا بَسَّامٌ، سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ
يَقُوْلُ: كَانَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ
__________
(1) في الأصل: " وهم " وما أثبتناه من ابن عساكر.
(2) ابن عساكر 15 / 354 ب.
(3) ابن عساكر 15 / 355 آ.
(4) ابن عساكر 15 / 355 ب.
(5) ابن عساكر 15 / 356 ب، 357 آ، وانظر الحلية 3 / 185.
(4/406)
يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ،
يَتَبَادَرَانِ (1) الصَّفَّ، وَكَانَ الحُسَيْنُ يَسُبُّ
مَرْوَانَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ حَتَّى يَنْزِلَ،
أَفَتَقِيَّةٌ هَذِهِ؟!
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، قَالَ:
يَزْعُمُوْنَ أَنِّي المَهْدِيُّ، وَإِنِّي إِلَى أَجَلِي
أَدْنَى مِنِّي إِلَى مَا يَدْعُوْنَ (2) .
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: اشْتَكَى بَعْضُ أَوْلاَدِ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، فَجَزِعَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُخْبِرَ
بِمَوْتِهِ، فَسُرِّيَ عَنْهُ.
فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: نَدْعُوْا اللهَ
فِيْمَا نُحِبُّ، فَإِذَا وَقَعَ مَا نَكْرَهُ، لَمْ
نُخَالِفِ اللهَ فِيْمَا أَحَبَّ (3) .
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لِعَمَّتِهِ فَاطِمَةَ
بِنْتِ الحُسَيْنِ:
هَذِهِ تُوُفِّيَ لِي ثَمَانِياً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
فَمَاتَ فِيْهَا (4).
قَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ
الكَرِيْمِ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
جُبَّةَ خَزٍّ، وَمُطْرَفَ خَزٍّ (5) .
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ثَوْباً مُعْلَماً،
فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِالأُصْبُعَيْنِ مِنَ
العَلَمِ بِالإِبرِيْسِمِ فِي الثَّوْبِ (6) .
وَقَالَ عُمَرُ بنُ مَوْهَبٍ: رَأَيْتُ عَلَى أَبِي
جَعْفَرٍ مِلْحَفَةً حَمْرَاءَ.
__________
(1) في الأصل: سقطت الراء من " يبادران " ولفظ ابن عساكر "
يبتدران "، والخبر فيه 15 / 357 آ.
(2) ابن عساكر 15 / 357 آ وتمامه: " ولو أن الناس اجتمعوا
على أن يأتيهم العدل من باب لخالفهم القدر حتى يأتي من باب
آخر " اه.
(3) ابن عساكر 15 / 358 آ، وانظر الحلية 3 / 187.
(4) ابن سعد 5 / 324 وابن عساكر 15 / 358 آ.
وفي الأصل " ثمان وخمسون " بالرفع.
(5) ابن سعد 5 / 321.
(6) ابن سعد 5 / 322، وما بين الحاصرتين منه، والابريسم:
الحرير.
(4/407)
وَرَوَى: إِسْرَائِيْلُ، عَنْ عَبْدِ
الأَعْلَى:
أَنَّهُ رَأَى مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ يُرْسِلُ عِمَامَتَهُ
خَلْفَهُ، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الوَسْمَةِ، فَقَالَ: هُوَ
خِضَابُنَا أَهْلَ البَيْتِ (1) .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
المَصِّيْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ خُلَيْدٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، نَبَّأَنَا بَسَّامٌ
الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ عَنِ
القُرْآنِ، فَقَالَ: كَلاَمُ اللهِ، غَيْرُ مَخْلُوْقٍ (2)
.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَلِيِّ بنِ حُبَيْشٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
شَرِيْكٍ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ
الجُعْفِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ عَنْ
حِلْيَةِ السُّيُوْفِ، فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، قَدْ
حَلَّى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ سَيْفَهُ.
قُلْتُ: وَتَقُوْلُ الصِّدِّيْقُ؟
فَوَثَبَ وَثْبَةً، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، ثُمَّ
قَالَ: نَعَمْ الصِّدِّيْقُ، نَعَمْ الصِّدِّيْقُ، فَمَنْ
لَمْ يَقُلِ الصِّدِّيْقَ، فَلاَ صَدَّقَ اللهُ لَهُ
قَوْلاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ (3) .
عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيٍّ، قَالَ:
مَا دَخَلَ قَلْبَ امْرِئٍ مِنَ الكِبْرِ شَيْءٌ إِلاَّ
نَقَصَ مِنْ عَقْلِهِ مِقْدَارَ ذَلِكَ (4) .
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: الصَّوَاعِقُ تُصِيْبُ
المُؤْمِنَ وَغَيْرَ المُؤْمِنِ، وَلاَ تُصِيْبُ
الذَّاكِرَ.
وَعَنْهُ، قَالَ: سِلاَحُ اللِّئَامِ، قُبْحُ الكَلاَمِ
(5) .
__________
(1) ابن سعد 5 / 322.
(2) الحلية 3 / 188.
(3) الحلية 3 / 184، 185.
(4) انظر الحلية 3 / 180.
(5) الحلية 3 / 183 ولفظه: " سلام اللئام ".
(4/408)
مَاتَ أَبُو جَعْفَرٍ: سَنَةَ أَرْبَعَ
عَشْرَةَ وَمائَةٍ بِالمَدِيْنَةِ.
أَرَّخَهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ،
وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ.
وَمِنْ عَالِي رِوَايَتِهِ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ، وَطَائِفَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ
الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
بنُ هَزَارْمَرْدَ (1) ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ،
أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ،
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، قَالَ:
كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الحَجُّ جِهَادُ
كُلِّ ضَعِيْفٍ) (2) .
159 - قُرَّةُ بنُ شَرِيْكٍ* القَيْسِيُّ
القِنَّسْرِيْنِيُّ
نَائِبُ دِيَارِ مِصْرَ لِلْوَلِيْدِ، ظَالِمٌ، جَبَّارٌ،
عَاتٍ، فَاسِقٌ.
مَاتَ بِمِصْرَ بَعْدَ أَنْ وَلِيَهَا سَبْعَةَ أَعْوَامٍ،
أَنْشَأَ جَامِعَ الفُسْطَاطِ، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ
مِنْهُ الصُّنَّاعُ، دَخَلَهُ، وَدَعَا بِالخُمُوْرِ
وَالمُطْرِبِيْنَ، وَيَقُوْلُ: لَنَا اللَّيْلُ، وَلَهُمُ
النَّهَارُ.
وَكَانَ جَائِراً، عَسُوْفاً، هَمَّتِ الخَوَارِجُ
بِاغْتِيَالِهِ، فَعَلِمَ، وَقَتَلَهُمْ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ:
الوَلِيْدُ بِالشَّامِ، وَالحَجَّاجُ بِالعِرَاقِ،
وَعُثْمَانُ المُرِّيُّ بِالحِجَازِ، وَقُرَّةُ بِمِصْرَ،
امْتَلأَتِ الدُّنْيَا -وَاللهِ- جَوْراً (3) .
__________
(1) هو عبد الله بن محمد الصريفيني، تأتي ترجمته في المجلد
الحادي عشر 440 من الأصل.
ومعنى هزار مرد: ألف رجل (بالفارسية) وقد ضبطه محقق التاج
خطأ بكسر الهاء.
انظر التاج (هزارمرد) (هزر).
(2) وأخرجه ابن ماجه (2902) وأحمد 6 / 294، 303، 314، من
طريق القاسم بن الفضل، عن أبي جعفر محمد بن علي عن أم سلمة
ورجاله ثقات، لكنه منقطع، وله شاهد من حديث علي رضي الله
عنه عند القضاعي، وآخر من حديث أبي هريرة عند أحمد 2 / 421
والنسائي 5 / 113، 114 يتقوى بهما.
(*) ولاة مصر وقضاتها 63، تاريخ ابن عساكر 14 / 208 آ،
تاريخ الإسلام 4 / 46، العبر
1 / 113، البداية والنهاية 9 / 169، النجوم الزاهرة 1 /
217، حسن المحاضرة 1 / 587، 588، شذرات الذهب 1 / 111.
(3) ابن عساكر 14 / 208 ب.
(4/409)
وَقِيْلَ: وَصَلَ نَعْيُ الحَجَّاجِ
وَقُرَّةَ فِي وَقْتٍ عَلَى الوَلِيْدِ، وَلَمْ يَصِحَّ،
فَإِنَّ قُرَّةَ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ سَنَةِ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ (1) .
160 - قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمِ * بنِ عَمْرِو بنِ حُصَيْنِ
بنِ رَبِيْعَةَ البَاهِلِيُّ
الأَمِيْرُ، أَبُو حَفْصٍ، أَحَدُ الأَبْطَالِ
وَالشُّجْعَانِ، وَمِنْ ذَوِي الحَزْمِ، وَالدَّهَاءِ،
وَالرَّأْيِ، وَالغَنَاءِ.
وَهُوَ الَّذِي فَتَحَ خُوَارَزْمَ، وَبُخَارَى،
وَسَمَرْقَنْدَ، وَكَانُوا قَدْ نَقَضُوا وَارْتَدُّوا،
ثُمَّ إِنَّهُ افْتَتَحَ فَرْغَانَةَ، وَبِلاَدَ التُّرْكِ
فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَلِيَ خُرَاسَانَ عَشْرَ سِنِيْنَ.
وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ: عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي
سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ.
وَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتَ الوَلِيْدِ، نَزَعَ الطَّاعَةَ،
فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ جَيْشُهُ، وَقَام عَلَيْهِ رَئِيْسُ
تَمِيْمٍ وَكِيْعُ بنُ حَسَّانٍ، وَأَلَّبَ عَلَيْهِ،
ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فِي عَشْرَةٍ مِنْ فُرْسَانِ
تَمِيْمٍ، فَقَتَلُوْهُ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ، وَعَاشَ ثَمَانِياً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ قُتِلَ أَبُوْهُ الأَمِيْرُ أَبُو صَالِحٍ مَعَ
مُصْعَبٍ.
وَبَاهِلَةُ: قَبِيْلَةٌ مُنْحَطَّةٌ بَيْنَ العَرَبِ،
قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَوْ قِيْلَ لِلْكَلْبِ: يَا بَاهِلِيُّ ... عَوَى
الكَلْبُ مِنْ لُؤْمِ هَذَا النَّسَبْ (2)
__________
(1) انظر المصدر السابق.
(*) البيان والتبيين 2 / 132، المعارف 406، الكامل للمبرد
3 / 13، تاريخ الطبري 6 / 506، وما بعدها، معجم المرزباني
212، تاريخ ابن الأثير 5 / 12، وفيات الأعيان 4 / 86،
تاريخ الإسلام 4 / 45، العبر 1 / 114، سرح العيون 186،
تاريخ ابن خلدون 3 / 59 و66، النجوم الزاهرة 1 / 233،
شذرات الذهب 1 / 112، خزانة الأدب 3 / 657، رغبة الآمل 3 /
6 و6 / 118.
(2) البيت في الكامل للمبرد 3 / 11، وثمار القلوب 119،
ووفيات الأعيان 4 / 90.
ونسبه الثعالبي لأبي هفان، وقبله: أباهل ينبحني كلبكم *
وأسدكم ككلاب العرب
(4/410)
وَقَالَ آخَرُ:
وَمَا يَنْفَعُ الأَصْلُ مِنْ هَاشِمٍ ... إِذَا كَانَتِ
النَّفْسُ مِنْ بَاهِلَهْ (1)
قِيْلَ: إِنَّ قُتَيْبَةَ قَالَ لِهُبَيْرَةَ: أَيُّ
رَجُلٍ أَنْتَ لَوْلاَ أَنَّ أَخْوَالَكَ مِنْ سَلُوْلٍ،
فَلَوْ بَادَلْتَ بِهِم.
قَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ، بَادِلْ بِهِم مَنْ شِئْتَ،
وَجَنِّبْنِي بَاهِلَةَ (2) .
وَقِيْلَ لأَعْرَابِيٍّ: أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ بَاهِلِيٌّ
وَتَدْخُلُ الجَنَّةَ؟
قَالَ: إِيْ وَاللهِ، بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَهْلُ
الجَنَّةِ أَنِّي بَاهِلِيٌّ (3) .
وَلقِيَ أَعْرَابِيٌّ آخَرَ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟
قَالَ: مِنْ بَاهِلَةَ.
فَرَثَى لَهُ، فَقَالَ: أَزِيْدُكَ؟ إِنِّي لَسْتُ مِنْ
أَنْفُسِهِمْ، بَلْ مِنْ مَوَالِيْهِمْ.
فَأَخَذَ الأَعْرَابِيُّ يُقَبِّلُ يَدَيْهِ، وَيَقُوْلُ:
مَا ابْتَلاَكَ اللهُ بِهَذِهِ الرَّزِيَّةِ إِلاَّ
وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ (4) .
قُلْتُ: لَمْ يَنَلْ قُتَيْبَةُ أَعْلَى الرُّتَبِ
بِالنَّسَبِ، بَلْ بِكَمَالِ الحَزْمِ، وَالعَزْمِ،
وَالإِقْدَامِ، وَالسَّعْدِ، وَكَثْرَةِ الفُتُوْحَاتِ،
وَوُفُوْرِ الهَيْبَةِ.
وَمِنْ أَحْفَادِهِ: الأَمِيْرُ سَعِيْدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ
قُتَيْبَةَ، الَّذِي وَلِيَ أَرْمِيْنِيَةَ، وَالمَوْصِلَ،
وَالسِّنْدَ، وَسِجِسْتَانَ، وَكَانَ فَارِساً جَوَاداً،
لَهُ أَخْبَارٌ وَمَنَاقِبُ، مَاتَ زَمَنَ المَأْمُوْنِ،
سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمَائتَيْنِ.
161 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بنِ
الحَارِثِ الثَّقَفِيُّ * (ع)
وَيُقَالُ: اسْمُ أَبِيْهِ: مَسْرُوْحٌ الثَّقَفِيُّ،
أَبُو بَحْرٍ.
__________
(1) أورده الثعالبي في " ثمار القلوب " 119، و" التمثيل
والمحاضرة " 456، ولم يعزه لأحد، وقبله: فخرت فأصلك أصل
شريف * ضررت به نفسك الخاملة
(2) وفيات الأعيان 4 / 90.
(3) انظر ثمار القلوب 119، ووفيات الأعيان 4 / 90، 91.
(4) انظر وفيات الأعيان 4 / 90.
(*) تقدمت ترجمته ومصادرها في ص 319.
(4/411)
وَقِيْلَ: أَبُو حَاتِمٍ.
وُلِدَ: فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ
وُلِدَ بِالبَصْرَةِ.
سَمِع: عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبَاهُ، وَعَبْدَ
اللهِ بنَ عَمْرٍو.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَعَبْدُ
المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو بِشْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ
زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَقَتَادَةُ،
وَابْنُ عَوْنٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَعَ أَبِيْهِ، ثُمَّ
قَدِمَ نَوْبَةً أُخْرَى.
قَالَ خَلِيْفَةُ، وَغَيْرُهُ: مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعَ
عَشْرَةَ.
قُلْتُ: وَكَانَتِ البَصْرَةُ حِيْنَئِذٍ صَغِيْرَةً
جِدّاً، لَمْ يَكْمُلْ بِنَاؤُهَا.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : نَحَرُوا لَهُ جَزُوْراً وَهُمْ
بِالخُرَيْبَةِ (2) ، وَأَطْعَمَ أَهْلَ البَصْرَةِ،
وَكَفَتْهُمْ، وَكَانُوا ثَلاَثَ مائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيْثُ.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ صَفْوَانَ: سَمِعْتُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيَّ، يَقُوْلُ:
أَنَا أَنْعَمُ النَّاسِ، أَنَا أَبُو أَرْبَعِيْنَ،
وَعَمُّ أَرْبَعِيْنَ، وَخَالُ أَرْبَعِيْنَ، أَبِي أَبُو
بَكْرَةَ، وَعَمِّي زِيَادٌ، وَأَنَا أَوَّلُ مَوْلُوْدٍ
وُلِدَ بِالبَصْرَةِ، فَنُحِرَتْ عَلِيَّ جَزُوْرٌ (3) .
رَوَاهُ: هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، عَنْهُ.
رَوَى: هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: اشْتَكَى
رَجُلٌ، فَوُصِفَ لَهُ لَبَنُ الجَوَامِيْسِ، فَبَعَثَ
إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرَةَ: أَنِ
ابْعَثْ إِلَيْنَا بِجَامُوْسَةٍ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِتِسْعِ مائَةِ جَامُوْسَةٍ، فَقَالَ:
إِنَّمَا أَرَدْتُ وَاحِدَةً.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ (4) أَنِ اقْبِضْهَا كُلَّهَا.
وَرُوِيَتْ هَذِهِ الحِكَايَةُ لأَخِيْهِ الأَمِيْرِ
عُبَيْدِ اللهِ، وَذَلِكَ أَشْبَهُ (5).
__________
(1) في الطبقات 7 / 190.
(2) الخريبة: موضع بالبصرة.
(3) تقدم الخبر، انظره في ص 320.
(4) في الأصل: " إليها " تصحيف.
(5) راجع ص 138.
(4/412)
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: عَبْدُ
الرَّحْمَنِ ثِقَةٌ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ.
وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ.
162 - تُبَيْعُ بنُ عَامِرٍ الحِمْيَرِيُّ الحَبْرُ * (س)
ابْنُ امْرَأَةِ كَعْبِ الأَحْبَارِ.
قَرَأَ الكُتُبَ، وَأَسْلَمَ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ،
أَوْ عُمَرَ.
وَرَوَى عَنْ: كَعْبٍ - فَأَكْثَرَ - وَعَنْ: أَبِي
الدَّرْدَاءِ.
وَعَرَضَ القُرْآنَ عَلَى: مُجَاهِدٍ، وَكَانَ رَفِيْقَهُ
فِي الغَزْوِ.
رَوَى عَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَأَبُو قَبِيْلٍ
المَعَافِرِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَحَكِيْمُ
بنُ عُمَيْرٍ، وَحَيَّانُ أَبُو النَّضْرِ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ سَبْعُ كُنَى، ذَكَرَهَا الحَافِظُ ابْنُ
عَسَاكِرَ، وَهِيَ: أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ،
وَأَبُو عُتْبَةَ، وَأَبُو أَيْمَنَ، وَأَبُو حِمْيَرٍ،
وَأَبُو غَطِيْفٍ، وَأَبُو عَامِرٍ، وَالأُوْلَى (1)
أَشْهَرُهَا.
وَقَالَ: قَرَأَ القُرْآنَ بِأَرْوَادَ (2) ، جَزِيْرَةٌ
قَرِيْبَةٌ مِنْ قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ، وَنَهَى عَمْراً
الأَشْدَقَ عَنْ خُرُوْجِهِ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ.
وَقَالَ عَبْدُ الغَنِيِّ المِصْرِيُّ: هُوَ تُبَيْعٌ
صَاحِبُ المَلاَحِمِ.
وَعَنْ حُسَيْنِ بنِ شُفَيٍّ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَأَقْبَلَ
تُبَيْعٌ، فَقَالَ: أَتَاكُمْ أَعْرَفُ مَنْ عَلَيْهَا.
ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا تُبَيْعُ، أَخْبِرْنَا عَنِ
الخَيْرَاتِ
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 452، طبقات خليفة ت 2893، تاريخ ابن
عساكر 3 / 257 ب تهذيب الكمال ص 168، تاريخ الإسلام 4 /
95، تذهيب التهذيب 1 / 93 ب، الإصابة ت 860، تهذيب التهذيب
1 / 508، خلاصة تذهيب التهذيب 55، تهذيب ابن عساكر 3 /
342.
(1) في الأصل " الأول ".
(2) غزاها المسلمون وفتحوها سنة أربع وخمسين مع جنادة بن
أبي أمية في أيام معاوية.
وبها أقرأ مجاهد تبيعا القرآن، ويقال: بل أقرأه القرآن
برودس انظر معجم البلدان.
(4/413)
الثَّلاَثِ؟
قَالَ: اللِّسَانُ الصَّدُوْقُ، وَقَلْبٌ تَقِيٌّ،
وَامْرَأَةٌ صَالِحَةٌ (1) .
اللَّيْثُ: عَنْ رَشِيْدِ بنِ كَيْسَانَ، قَالَ:
كُنَّا بِرُوْدِسَ (2) ، وَأَمِيْرُنَا جُنَادَةُ بنُ
أَبِي أُمَيَّةَ، فَكَتَبَ إِلَيْنَا مُعَاوِيَةُ أَنَّهُ
الشِّتَاءُ، فَتَأَهَّبُوا.
فَقَالَ تُبَيْعُ ابْنُ امْرَأَةِ كَعْبٍ: تَقْفُلُوْنَ
إِلَى كَذَا وَكَذَا.
فَأَنْكَرُوا، حَتَّى قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: مَا
يُسَمُّوْنَكَ إِلاَّ الكَذَّابَ.
قَالَ: فَإِنَّهُ يَأْتِيْهِمُ الإِذْنُ يَوْمَ كَذَا،
وَيَأْتِي رِيْحٌ يَوْمَئِذٍ تَقْلَعُ هَذِهِ البُنَيَّةَ
(3) .
فَانْتَشَرَ قَوْلُهُ، وَأَصْبَحُوا يَنْتَظِرُوْنَ
ذَلِكَ، فَأَقْبَلَتْ رِيْحٌ أَحَاطَتْ بِالبُنَيَّةِ (3)
، فَقَلَعَتْهَا، وَتَصَايَحَ النَّاسُ، فَإِذَا قَارِبٌ
فِي البَحْرِ، فِيْهِ الخَبَرُ بِمَوْتِ مُعَاوِيَةَ،
وَبَيْعَةِ يَزِيْدَ، وَأَذِنَ لَهُم فِي القُفُوْلِ،
فَأَثْنَوْا عَلَى تُبَيْعٍ (4) .
تُوُفِّيَ تُبَيْعٌ عَنْ عُمُرٍ طَوِيْلٍ، سَنَةَ إِحْدَى
وَمائَةٍ، بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ.
خَرَّجَ لَهُ: النَّسَائِيُّ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ
بَأْساً، وَحَدِيْثُهُ عَزِيْزٌ.
163 - أَبُو رَافِعٍ الصَّائغُ المَدَنِيُّ ثُمَّ
البَصْرِيُّ نُفَيْعٌ * (ع)
مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ، وَهُوَ مَوْلَى آلِ
عُمَرَ.
اسْمُهُ: نُفَيْعٌ، ذَلِكَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَأَبِي
مُوْسَى، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ،
وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُم.
__________
(1) أورده ابن عساكر مطولا 3 / 259 آ.
(2) رودس: جزيرة مقابل الإسكندرية على ليلة منها في البحر
وهي أول بلاد إفرنجة.
انظر معجم البلدان.
(3) لفظ ابن عساكر: " الثنية ".
(4) أورده ابن عساكر مطولا 3 / 259 ب.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 122، طبقات خليفة ت 2013، الجرح
والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع 489، الاستيعاب ت
2947، أسد الغابة 5 / 191، تهذيب الأسماء واللغات القسم
الأول من الجزء الثاني 230، تهذيب الكمال ص 1427، 1610،
تاريخ الإسلام 4 / 74، تذكرة الحفاظ 1 / 65، تذهيب التهذيب
4 / 104 ب، الإصابة - كنى ت 432، تهذيب التهذيب 404.
(4/414)
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ،
وَبَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ، وَثَابِتٌ،
وَقَتَادَةُ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ،
وَعَطَاءُ بنُ أَبِي مَيْمُوْنَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: لَمَّا أُعْتِقَ أَبُو
رَافِعٍ، بَكَى، وَقَالَ: كَانَ لِي أَجْرَانِ، فَذَهَبَ
أَحَدُهُمَا.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ
الأَوَّلِيْنَ، وَمِنْ نُظَرَاءِ أَبِي العَالِيَةِ
وَبَابَتِهِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ.
164 - خَالِدُ بنُ مُهَاجِرٍ ابْنِ سَيْفِ اللهِ خَالِدِ
بنِ الوَلِيْدِ المَخْزُوْمِيُّ * (م)
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمْرَةَ.
رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي
يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ رَافِعٍ،
وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ.
وَكَانَ فَاضِلاً، شَاعِراً، وَافِرَ الحُرْمَةِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: اتَّهَمَهُ مُعَاوِيَةُ
بِأَنَّهُ دَسَّ عَلَى عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
خَالِدٍ طَبِيْباً سَمَّهُ، فَقَتَلَ مُعَاوِيَةُ
الطَّبِيْبَ.
وَقِيْلَ: بَلْ قَتَلَ الطَّبِيْبَ - وَاسْمُهُ ابْنُ
أَثَالٍ - خَالِدٌ؛ وَلَدُ المَسْمُوْمِ.
فَنَابَذَ خَالِدُ بنُ مُهَاجِرٍ بَنِي أُمَيَّةَ،
وَانْضَمَّ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ (1) .
خَرَّجَ لَهُ: مُسْلِمٌ.
__________
(*) تاريخ البخاري 3 / 170، المعرفة والتاريخ 1 / 373،
الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 351، الاغاني
15 / 11، تاريخ ابن عساكر 5 / 263 آ، تهذيب الكمال ص 365،
تاريخ الإسلام 3 / 362، تذهيب التهذيب، 1 / 193 آ، تهذيب
التهذيب 3 / 120، خلاصة تذهيب التهذيب 103، خزانة الأدب
(بتحقيق هارون) 2 / 234، تهذيب ابن عساكر 5 / 94.
(1) انظر الخبر مفصلا في الاغاني ط الدار 16 / وانظر ابن
عساكر 5 / 264 آ.
(4/415)
165 - أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ الحَارِثِ المَخْزُوْمِيُّ * (ع)
ابْنِ هِشَامِ بنِ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمٍ الإِمَامُ.
أَحَدُ الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ بِالمَدِيْنَةِ
النَّبَوِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالصَّحِيْحُ
أَنَّ اسْمَهُ كُنْيَتُهُ.
وَهُوَ مِنْ سَادَةِ بَنِي مَخْزُوْمٍ، وَهُوَ وَالِدُ:
عَبْدِ اللهِ، وَسَلَمَةَ، وَعَبْدِ المَلِكِ، وَعُمَرَ،
وَأَخُو: عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ المَلِكِ، وَعِكْرِمَةَ،
وَمُحَمَّدٍ، وَمُغِيْرَةَ، وَيَحْيَى، وَعَائِشَةَ،
وَأُمِّ الحَارِثِ.
وَكَانَ ضرِيْراً.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ، وَأَبِي
مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ
سَلَمَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَنَوْفَلِ بنِ
مُعَاوِيَةَ، وَمَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مُطِيْعٍ، وَأَبِي رَافِعٍ النَّبَوِيِّ،
وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ المَلِكِ،
وَمُجَاهِدٌ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ،
وَالشَّعْبِيُّ، وَعِرَاكُ بنُ مَالِكٍ، وَعُمَرُ بنُ
دِيْنَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ رَبِّهِ بنُ
سَعِيْدٍ، وَعِكْرِمَةُ بنُ خَالِدٍ، وَسُمَيٌّ مَوْلاَهُ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ كَعْبٍ
الحِمْيَرِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، وَابْنُ
أُخْتِهِ؛ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: اسْمُهُ كُنْيَتُهُ، وَقَدْ أَضَرَّ،
وَقَدِ اسْتُصْغِرَ يَوْمَ الجَمَلِ، فَرُدَّ هُوَ
وَعُرْوَةُ.
وَكَانَ ثِقَةً، فَقِيْهاً، عَالِماً، سَخِيّاً، كَثِيْرَ
الحَدِيْثِ (1) .
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 207، نسب قريش لمصعب 303، 304،
طبقات خليفة ت 2097، تاريخ البخاري 9 / 9، المعارف 282،
الحلية 2 / 187، طبقات الفقهاء للشيرازي 59، تاريخ ابن
عساكر (باريس) 86 ب، تهذيب الكمال ص 1588، تاريخ الإسلام 4
/ 72، تذكرة الحفاظ 1 / 59، العبر 1 / 111، تذهيب التهذيب
4 / 201 ب، البداية والنهاية 9 / 115، تهذيب التهذيب 9 /
295 و12 / 30، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 24، خلاصة تذهيب
التهذيب 444، شذرات الذهب 1 / 104.
(1) ابن سعد 5 / 208.
(4/416)
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : وُلِدَ فِي
خِلاَفَةِ عُمَرَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: رَاهِبُ
قُرَيْشٍ؛ لِكَثْرَةِ صَلاَتِهِ، وَكَانَ مَكْفُوْفاً.
وَقَالَ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: هُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ
المُسْلِمِيْنَ، هُوَ وَإِخْوَتُهُ، يُضْرَبُ بِهِمُ
المَثَلُ (2) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ إِذَا سَجَدَ، يَضَعُ يَدَهُ
فِي طَشْتِ مَاءٍ؛ مِنْ عِلَّةٍ كَانَ يَجِدُهَا.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: هُوَ أَحَدُ فُقَهَاءِ
المَدِيْنَةِ السَّبْعَةِ، وَكَانَ يُسَمَّى: الرَّاهِبَ،
وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ قُرَيْشٍ (3) .
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ،
عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ:
أَنَّ الفُقَهَاءَ السَّبْعَةَ الَّذِيْنَ كَانَ أَبُو
الزِّنَادِ يَذْكُرُهُمْ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ،
وَعُرْوَةُ، وَالقَاسِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُتْبَةَ، وَخَارِجَةُ بنُ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ،
وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ (4) .
وَرَوَى: الشَّعْبِيُّ، عَنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ (5) :
أَنَّ أَخَاهُ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَصُوْمُ وَلاَ
يُفْطِرُ...، فِي حَدِيْثٍ ذَكَرَهُ (6) .
__________
(1) في الطبقات 5 / 207، 208 عن محمد بن عمر الواقدي.
(2) انظر ابن عساكر (باريس) 87 ب.
(3) المصدر السابق 86 ب.
(4) المصدر السابق 87 ب.
(5) في الأصل: " عبد العزيز " وهو تصحيف، وما أثبتناه من
ابن عساكر وتهذيب ابن حجر.
(6) الخبر في ابن عساكر (باريس) 88 آ، ب، وتمامه: " فدخل
عليه ابنه وهو مفطر فقال: ما شأنك اليوم مفطرا ؟ قال:
أصابتني جنابة فلم أغتسل حتى أصبحت، فأفتاني أبو هريرة أن
أفطر.
فأرسلوا إلى عائشة يسألونها، فقالت: كان النبي صلى الله
عليه وسلم تصيبه الجنابة فيغتسل بعدما يصبح ثم يخرج رأسه
يقطر، فيصلي بأصحابه ثم يصوم ذلك اليوم ".
(4/417)
قُلْتُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ مِمَّنْ جَمَعَ العِلْمَ وَالعَمَلَ
وَالشَّرَفَ، وَكَانَ مِمَّنْ خَلَفَ أَبَاهُ فِي
الجَلاَلَةِ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ
التَّمِيْمِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَابْنُ مَعِيْنٍ،
وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ، وَالفَلاَّسُ، وَأَبُو
عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ
المَخْرَمِيِّ، قَالَ:
صَلَّى أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَصْرَ،
فَدَخَلَ مُغْتَسَلَهُ، فَسَقَطَ، فَجَعَلَ يَقُوْلُ:
وَاللهِ مَا أَحْدَثْتُ فِي صَدْرِ نَهَارِي هَذَا
شَيْئاً.
فَمَا عَلِمْتُ أَنَّ الشَّمْسَ غَرَبَتْ حَتَّى مَاتَ،
وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ،
بِالمَدِيْنَةِ (1) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ (2) : يُقَالَ لَهَا: سَنَةُ
الفُقَهَاءِ؛ لِكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُم.
وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ،
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ
الخِلَعِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
النَّحَّاسِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّاهِرِ المَدِيْنِيُّ،
حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُهْرِيِّ، عَنْ أَبِي
بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي
مَسْعُوْدٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
نَهَى عَنْ: ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ،
وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ (3) .
__________
(1) ابن سعد 5 / 208، وابن عساكر (باريس) 89 آ، وما بين
الحاصرتين منهما.
(2) انظر ابن سعد 5 / 208.
(3) أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 656.
والبخاري 4 / 353، ومسلم (1567) وأبو داود (3481) والترمذي
(1276) و(1133) و(2072) وابن ماجه (2159) والنسائي (4670).
وحلوان الكاهن: ما يأخذه المتكهن على كهانته.
وفعل الكهان والتنجيم، والضرب بالحصى وغير ذلك مما يتعاناه
العرافون والمشعوذون من استطلاع الغيب، حرام وباطل، لا
يجوز لأحد أن يأتي أمثال هؤلاء فيسألهم أو يصدق مقالهم.
فقد أخرج الامام أحمد 2 / 408 و476 من حديث أبي هريرة
مرفوعا " من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدقه
بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " إسناده صحيح.
(4/418)
وَبِهِ: إِلَى يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ (1) ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَبَا مَسْعُوْدٍ
عُقْبَةَ بنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (ثَلاَثٌ هُنَّ سُحْتٌ: ثَمَنُ الكَلْبِ، وَمَهْرُ
البَغِيِّ، وَحُلْوَانُ الكَاهِنِ).
وَأَخْرَجَهُ: أَصْحَابُ الأُمَّهَاتِ السِّتَّةِ مِنْ:
حَدِيْثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، عَنِ
الزُهْرِيِّ (2) .
وَكَانَ وَالِدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ مِنْ
كِبَارِ التَّابِعِيْنَ، وَأَشْرَافِ قَوْمِهِ، يُوْصَفُ
بِالعَقْلِ وَالفَضْلِ، وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا عَلِمْتُ لَهُ
صُحْبَةً.
لَهُ رِوَايَةٌ فِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ).
166 - وَأَخُوْه
ُ: عِكْرِمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيُّ *
(خَ، م، د، س)
ثِقَةٌ، جَلِيْلُ القَدْرِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ
عَمْرٍو.
وَعَنْهُ: ابْنَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَمُحَمَّدٌ، وَيَحْيَى
بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَيْفِيٍّ، وَابْنُ شِهَابٍ
الزُّهْرِيُّ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ سَعْدٍ.
قِيْلَ تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ - رَحْمَهُ
اللهُ -.
167 - فَأَمَّا جَدُّه
ُ: الحَارِثُ بنُ هِشَامٍ المَخْزُوْمِيُّ ** (ق)
أَخُو أَبِي جَهْلٍ، فَأَسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَحَسُنَ
إِسْلاَمُهُ، وَكَانَ خَيِّراً،
__________
(1) في الأصل: " مزيد " وهو تصحيف.
(2) انظر تخريج الحديث السابق.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 209، طبقات خليفة ت 2099، تاريخ
البخاري 7 / 50، المعرفة والتاريخ 1 / 372، الجرح والتعديل
القسم الثاني من المجلد الثالث 10، تهذيب الكمال ص 953،
تاريخ الإسلام 4 / 156، تذهيب التهذيب 3 / 48 ب، تهذيب
التهذيب، 7 / 260، خلاصة تذهيب التهذيب 270، وقد تقدمت
ترجمته في ص 370.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 444 و7 / 404، طبقات خليفة ت
2819، المعارف 281، الجرح =
(4/419)
شَرِيْفاً، كَبِيْرَ القَدْرِ.
وَهُوَ الَّذِي أَجَارَتْهُ أُمُّ هَانِئ، فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قَدْ
أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ (1)).
لَهُ رِوَايَةٌ فِي (سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ (2)).
أَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مائَةً مِنَ الإِبِلِ.
اسْتُشْهِدَ بِالشَّامِ، وَتَزَوَّجَ عُمَرُ بَعْدَهُ
بِامْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تَزَوَّجَ عُمَرُ بِابْنَتِهِ أُمِّ
حَكِيْمٍ.
مَاتَ: فِي طَاعُوْنِ عَمَوَاسَ (3) ، سَنَةَ ثَمَانِيَ
عَشْرَةَ.
ابْنُ المُبَارَكِ: أَنْبَأَنَا الأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ،
عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ بنِ أَبِي عَقْرَبٍ، قَالَ:
خَرَجَ الحَارِثُ بنُ هِشَامٍ، فَجَزِعَ (4) أَهْلُ
مَكَّةَ، وَخَرَجُوا يُشَيِّعُوْنَهُ، فَوَقَفَ،
__________
= والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 92، المستدرك 3 /
277 وما بعدها، الاستيعاب ت 440، تاريخ ابن عساكر 4 / 68
ب، أسد الغابة 1 / 420، تهذيب الكمال ص 223، العبر 1 / 22،
تذهيب التهذيب 1 / 116 آ، تاريخ الإسلام 2 / 25، البداية
والنهاية 7 / 93، العقد الثمين 4 / 32. الإصابة ت 1504،
تهذيب التهذيب 2 / 161، خلاصة تذهيب التهذيب 69، تهذيب ابن
عساكر 4 / 8.
(1) أخرجه مالك 1 / 152، والبخاري 6 / 195، 196، ومسلم 1 /
498 (336) (82) من طريق أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله
أن أبا مرة مولى عقيل بن أبي طالب..وانظر شرح الموطأ
للزرقاني 1 / 305، 306 فقد توسع في بيان اسم الذي أجارته.
(2) رقم (1991) في النكاح باب متى يستحب البناء بالنساء من
طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عبد
الملك بن الحارث بن هشام عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه
وسلم تزوج أم سلمة في شوال وجمعها إليه في شوال.
(3) ويقال عمواس: كورة من فلسطين، بالقرب من بيت المقدس،
وقيل: هي ضيعة على ستة أميال من الرملة على طريق بيت
المقدس، وفيها كان ابتداء الطاعون في أيام عمر بن الخطاب
رضي الله عنه، ثم فشا في أرض الشام، فمات فيه خلق كثير من
الصحابة وغيرهم، وقيل: مات فيه خمسة وعشرون ألفا من
المسلمين.
انظر معجم البلدان.
(4) في الأصل: " فخرج " مصحف، والصواب ما أثبتناه من
الاستيعاب وابن عساكر.
(4/420)
وَوَقَفُوا حَوْلَهُ يَبْكُوْنَ، فَقَالَ:
وَاللهِ مَا خَرَجْتُ رَغْبَةً بِنَفْسِي عَنْكُم، وَلاَ
اخْتِيَارَ بَلَدٍ عَلَى بَلَدِكُمْ، وَلَكِنَّ هَذَا
الأَمْرَ كَانَ، فَخَرَجَتْ فِيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ،
مَا كَانُوا مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهَا، وَلاَ فِي
بُيُوْتِهَا، وَأَصْبَحْنَا -وَاللهِ- لَوْ أَنَّ جِبَالَ
مَكَّةَ ذَهَباً فَأَنْفَقْنَاهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ، مَا
أَدْرَكْنَا يَوْماً مِنْ أَيَّامِهِمْ، فَنَلْتَمِسُ أَنْ
نُشَارِكَهُمْ فِي الآخِرَةِ، فَاتَّقَى اللهَ امْرُؤٌ (1)
.
فَتَوَجَّهَ غَازِياً إِلَى الشَّامِ، وَاتَّبَعَهُ
ثَقَلُهُ، فَأُصِيْبَ شَهِيْداً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
168 - عُرْوَةُ ابْنُ حَوَارِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - * (ع)
وَابْنُ عَمَّتِهِ صَفِيَّةَ: الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ
بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ
قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ، الإِمَامُ، عَالِمُ المَدِيْنَةِ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ،
المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ، أَحَدُ الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ بِشَيْءٍ يَسِيْرٍ؛ لِصِغَرِهِ.
وَعَنْ: أُمِّهِ؛ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيْقِ.
وَعَنْ: خَالَتِهِ؛ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ،
وَلاَزَمَهَا، وَتَفَقَّهَ بِهَا.
وَعَنْ: سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي
طَالِبٍ، وَسَهْلِ بنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَسُفْيَانَ بنِ
عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ، وَجَابِرٍ، وَالحَسَنِ،
وَالحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ، وَأَبِي
حُمَيْدٍ، وَأَبِي
__________
(1) أورده ابن عبد البر في " الاستيعاب " 1 / 303، 304،
وابن عساكر 4 / 71 آ.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 178، الزهد لأحمد 371، طبقات خليفة
ت 2066، تاريخ البخاري 7 / 31، جمهرة نسب قريش للزبير بن
بكار 262، 283، المعارف 222، المعرفة والتاريخ 1 / 264
و550، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثالث 395،
الحلية 2 / 176
طبقات الفقهاء للشيرازي 58، تاريخ ابن عساكر 11 / 280 ب،
تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول 331،
وفيات الأعيان 3 / 255، تهذيب الكمال ص 932، تاريخ الإسلام
4 / 31، تذكرة الحفاظ 1 / 58، العبر 1 / 110، تذهيب
التهذيب 3 / 38 ب، البداية والنهاية 9 / 101، غاية النهاية
ت 2114، تهذيب التهذيب 7 / 180، النجوم الزاهرة 1 / 228،
طبقات الحفاظ للسيوطي 23، خلاصة تذهيب التهذيب 265، شذرات
الذهب 1 / 103.
(4/421)
هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ
بنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ،
وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ،
وَمُعَاوِيَةَ، وَعَمْرِو بنِ العَاصِ، وَابْنِهِ؛ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَأُمِّ هَانِئ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ،
وَقَيْسِ بنِ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، وَحَكِيْمِ بنِ
حِزَامٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: بَنُوْهُ؛ يَحْيَى، وَعُثْمَانُ، وَهِشَامٌ،
وَمُحَمَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَصَفْوَانُ بنُ
سُلَيْمٍ، وَبَكْرُ بنُ سَوَادَةَ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي
حَبِيْبٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
المُنْكَدِرِ، وَأَبُو الأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ - وَهُوَ يَتِيْمُ عُرْوَةَ - وَصَالِحُ بنُ
كَيْسَانَ، وَحَفِيْدُهُ؛ عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُرْوَةَ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ
الزُّبَيْرِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ خَلِيْفَةُ (1) : وُلِدَ عُرْوَةُ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ.
فَهَذَا قَوْلٌ قَوِيٌّ.
وَقِيْلَ: مَوْلِدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: وُلِدَ لَسِتِّ سِنِيْنَ
خَلَتْ مِنْ خِلاَفَةِ عُثْمَانَ.
وَقَالَ مَرَّةً (2) : وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ،
وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا رَوَاهُ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: أَذْكُرُ أَنَّ أَبِي الزُّبَيْرَ
كَانَ يُنَقِّزُنِي، وَيَقُوْلُ:
مُبَارَكٌ مِنْ وَلَدِ الصِّدِّيْقِ ... أَبْيَضُ مِنْ آلِ
أَبِي عَتِيْقِ
أَلَذُّهُ كَمَا أَلَذُّ رِيْقِي (3) ...
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الضَّحَّاكِ، قَالَ:
قَالَ عُرْوَةُ: وَقَفْتُ وَأَنَا غُلاَمٌ أَنْظُرُ إِلَى
الَّذِيْنَ قَدْ حَصَرُوا عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
وَقَدْ مَشَى
__________
(1) في تاريخه 156
(2) قول مصعب هذا في تاريخ ابن عساكر 11 / 283، وكذا في
تاريخ الإسلام للمؤلف.
(3) ابن عساكر 11 / 283 آ.
(4/422)
أَحَدُهُمْ عَلَى الخَشَبَةِ لِيَدْخُلَ
إِلَى عُثْمَانَ، فَلَقِيَهُ عَلَيْهَا أَخِي عَبْدُ اللهِ
بنُ الزُّبَيْرِ، فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً، طَاحَ قَتِيْلاً
عَلَى البَلاَطِ.
فَقُلْتُ لِصِبْيَانٍ مَعِي: قَتَلَهُ أَخِي.
فَوَثَبَ عَلَيَّ الَّذِيْنَ حَصَرُوا عُثْمَانَ،
فَكَشَفُوْنِي، فَوَجَدُوْنِي لَمْ أُنْبِتْ، فَخَلَّوْنِي
(1) .
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ.
أَبُو أُسَامَةَ: عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رُدِدْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
يَوْمَ الجَمَلِ، اسْتُصْغِرْنَا (2) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كَانَ عُمُرُهُ يَوْمَئِذٍ
ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَكُلُّ هَذَا مُطَابِقٌ؛
لأَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ صَالِحٍ،
حَدَّثَنِي عَامِرُ بنُ صَالِحِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ قَدِمَ البَصْرَةَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ
عَامِلٌ عَلَيْهَا، فَيُقَالُ أَنْشَدَهُ:
أَمُتُّ بِأَرْحَامٍ إِلَيْكَ قَرِيْبَةٍ ... وَلاَ قُرْبَ
بِالأَرْحَامِ مَا لَمْ تُقَرِّبِ
فَقَالَ لِعُرْوَةَ: مَنْ قَالَ هَذَا؟
قَالَ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ جَحْشٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَهَلْ تَدْرِي مَا قَالَ لَهُ
رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: قَالَ لَهُ: (صَدَقْتَ).
ثُمَّ قَالَ لِي: مَا أَقْدَمَكَ البَصْرَةَ؟
قُلْتُ: اشْتَدَّتِ الحَالُ، وَأَبَى عَبْدُ اللهِ أَنْ
يَقْسِمَ سَبْعَ حِجَجٍ، وَتَأَلَّى حَتَّى يَقْضِيَ
دَيْنَ الزُّبَيْرِ.
قَالَ: فَأَجَازَنِي، وَأَعْطَانِي، ثُمَّ لَحِقَ عُرْوَةُ
بِمِصْرَ، فَأَقَامَ بِهَا بَعْدُ (3) .
__________
(1) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 283 ب، وما بين الحاصرتين
منه.
وأنبت الغلام: إذا نبتت عانته.
(2) ابن عساكر 11 / 283 ب، وابن سعد 5 / 179.
(3) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 290 آ.
والبيت في ابن هشام 1 / 474 برواية مختلفة.
(4/423)
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ هِشَامٍ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كُنْتُ أَتَعَلَّقُ بِشَعْرٍ فِي
ظَهْرِ أَبِي (1) .
وَيُرْوَى عَنِ: الزُهْرِيِّ، عَنْ قَبِيْصَةَ بنِ
ذُؤَيْبٍ، قَالَ:
كُنَّا فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ وَإِلَى آخِرِهَا
نَجْتَمِعُ فِي حَلْقَةٍ بِالمَسْجِدِ بِاللَّيْلِ، أَنَا،
وَمُصْعَبٌ وَعُرْوَةُ ابْنَا الزُّبَيْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ المِسْوَرُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَكُنَّا نَتَفَرَّقُ
بِالنَّهَارِ، فَكُنْتُ أَنَا أُجَالِسُ زَيْدَ بنَ
ثَابِتٍ، وَهُوَ مُتَرَئِّسٌ بِالمَدِيْنَةِ فِي القَضَاءِ
وَالفَتْوَى وَالقِرَاءةِ وَالفَرَائِضِ فِي عَهْدِ
عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، ثُمَّ كُنْتُ أَنَا
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نُجَالِسُ أَبَا
هُرَيْرَةَ، وَكَانَ عُرْوَةُ يَغْلِبُنَا بِدُخُوْلِهِ
عَلَى عَائِشَةَ (2) .
قَالَ هِشَامٌ: عَنْ أَبِيْهِ: مَا مَاتَتْ عَائِشَةُ
حَتَّى تَرَكْتُهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ (2)
.
مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ لَنَا وَنَحْنُ شَبَابٌ: مَا لَكُم
لاَ تَعَلَّمُوْنَ، إِنْ تَكُوْنُوا (3) صِغَارَ قَوْمٍ
يُوْشِكُ أَنْ تَكُوْنُوا كِبَارَ قَوْمٍ، وَمَا خَيْرُ
الشَّيْخِ أَنْ يَكُوْنَ شَيْخاً وَهُوَ جَاهِلٌ، لَقَدْ
رَأَيْتُنِي قَبْلَ مَوْتِ عَائِشَةَ بِأَرْبَعِ حِجَجٍ
وَأَنَا أَقُوْلُ، لَوْ مَاتَتِ اليَوْمَ مَا نَدِمْتُ
عَلَى حَدِيْثٍ عِنْدَهَا إِلاَّ وَقَدْ وَعَيْتُهُ،
وَلَقَدْ كَانَ يَبْلُغُنِي عَنِ الصَّحَابِيِّ
الحَدِيْثُ، فَآتِيْهِ، فَأَجِدُهُ قَدْ قَالَ، فَأَجْلِسُ
عَلَى بَابِهِ، ثُمَّ أَسْأَلُهُ عَنْهُ (4) .
__________
(1) انظر ابن عساكر 11 / 284 آ.
(2) ابن عساكر 11 / 284 آ.
(3) في الأصل: " نكون " تصحيف.
(4) أورد بعضها أبو نعيم في الحلية 2 / 177 من طريق
الاصمعي عن ابن أبي الزناد عن هشام عن أبيه، وانظر المعرفة
والتاريخ 1 / 551 وابن عساكر 11 / 285 ب.
(4/424)
عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ
اللاَّحِقِيُّ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَا أَجِدُ أَعْلَمَ
مِنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، وَمَا أَعْلَمُهُ يَعْلَمُ
شَيْئاً أَجْهَلُهُ (1) .
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فُقَهَاءُ المَدِيْنَةِ
أَرْبَعَةٌ: سَعِيْدٌ، وَعُرْوَةُ، وَقَبِيْصَةُ، وَعَبْدُ
المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ (1) .
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُهْرِيِّ،
قَالَ: رَأَيْتُ عُرْوَةَ بَحْراً لاَ تُكَدِّرُهُ
الدِّلاَءُ (2) .
يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ: عَنْ هِشَامٍ، قَالَ:
وَاللهِ مَا تَعَلَّمْنَا جُزْءاً مِنْ أَلْفَيْ جُزْءٍ
أَوْ أَلْفِ جُزْءٍ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي (3) .
الأَصْمَعِيُّ: عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ صُعَيْرٍ (4) عَنْ شَيْءٍ مِنَ الفِقْهِ،
فَقَالَ: عَلَيْكَ بِهَذَا.
وَأَشَارَ إِلَى ابْنِ المُسَيِّبِ، فَجَالَسْتُهُ سَبْعَ
سِنِيْنَ، لاَ أَرَى أَنَّ عَالِماً غَيْرَهُ، ثُمَّ
تَحَوَّلْتُ إِلَى عُرْوَةَ، فَفَجَّرْتُ بِهِ ثَبَجَ
بَحْرٍ (5) .
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
دَخَلْتُ مَعَ أَبِي المَسْجِدَ، فَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدِ
اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ أَبِي: انْظُرْ مَنْ
هَذَا؟
فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ عُرْوَةُ، فَأَخْبَرْتُهُ،
وَتَعَجَّبْتُ.
فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، لاَ تَعْجَبْ، لَقَدْ رَأَيْتُ
أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَسْأَلُوْنَهُ (6) .
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ
عُرْوَةُ يَتَأَلَّفُ النَّاسَ عَلَى حَدِيْثِهِ (7) .
__________
(1) ابن عساكر 11 / 284 آ.
(2) ابن عساكر 11 / 284 ب، وانظر المعرفة والتاريخ 1 /
552.
(3) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 282 آ، وانظر تاريخ
البخاري 7 / 32.
(4) هو عبد الله بن ثعلبة بن صعير المازني، شيخ للزهري،
وأبوه له صحبة انظر مشتبه النسبة 411.
(5) ابن عساكر 11 / 284 ب.
(6) ابن عساكر 11 / 285 آ.
(7) الحلية 2 / 176، وابن عساكر 11 / 285 ب، وقد كرره
المؤلف في ص 431.
(4/425)
وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: عَنْ هِشَامٍ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ يُقَالُ: أَزْهَدُ النَّاسِ فِي عَالِمٍ أَهْلُهُ.
مَعْمَرٌ: عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ أَحْرَقَ كُتُباً لَهُ، فِيْهَا فِقْهٌ، ثُمَّ
قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ فَدَيْتُهَا بِأَهْلِي
وَمَالِي (1) .
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَرْوَى لِلشِّعْرِ مِنْ عُرْوَةَ،
فَقِيْلَ لَهُ: مَا أَرْوَاكَ لِلشِّعْرِ!
فَقَالَ: مَا رِوَايَتِي مَا فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ، مَا
كَانَ يَنْزِلُ بِهَا شَيْءٌ، إِلاَّ أَنْشَدَتْ فِيْهِ
شِعْراً (2) .
ضَمْرَةُ: عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ:
كَانَ عُرْوَةُ يَقْرَأُ رُبُعَ القُرْآنِ كُلَّ يَوْمٍ
فِي المُصْحَفِ نَظَراً، وَيَقُوْمُ بِهِ اللَّيْلَ، فَمَا
تَرَكَهُ إِلاَّ لَيْلَةَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ، وَكَانَ
وَقَعَ فِيْهَا الآكِلَةُ (3) ، فَنُشِرَتْ، وَكَانَ إِذَا
كَانَ أَيَّامَ الرُّطَبِ يَثْلِمُ حَائِطَهُ، ثُمَّ
يَأْذَنُ لِلنَّاسِ فِيْهِ، فَيَدْخُلُوْنَ يَأْكُلُوْنَ
وَيَحْمِلُوْنَ (4) .
الزُّبَيْرُ فِي (النَّسَبِ): حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
عَبْدِ المَلِكِ الهُدَيْرِيُّ، عَنِ المُغِيْرَةِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ اللهِ
المَخْزُوْمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، قَالَ:
العِلْمُ لِوَاحِدٍ مِنْ ثَلاَثَةٍ: لِذِي حَسَبٍ
يُزَيِّنُهُ بِهِ، أَوْ ذِي دِيْنٍ يَسُوْسُ بِهِ
دِيْنَهُ، أَوْ مُخْتَبِطٍ (5) سُلْطَاناً يُتْحِفُهُ
بِعِلْمِهِ، وَلاَ أَعْلَمُ أَحَداً أَشْرَطَ لِهَذِهِ
الخِلاَلِ مِنْ عُرْوَةَ، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ
(6) .
__________
(1) ابن عساكر 11 / 286 آ، وانظر ابن سعد 5 / 179، وانظر ص
436 من هذا الجزء.
(2) ابن عساكر 11 / 286 آ.
(3) كذا الأصل، وضبط المعجم الكبير: الاكلة، وهي المرض
المسمى ب (الغنغرينا).
وانظر الحلية 2 / 178، 179.
(4) ابن عساكر 11 / 286 ب.
وانظر الحلية 2 / 178 - 180.
(5) الخبط: طلب المعروف، والمختبط: الذي يسألك بلا وسيلة
ولا قرابة ولا معرفة.
(6) ابن عساكر 11 / 285 ب، وزاد في نهايته: " كلاهما حسيب
دين، من السلطان بارا ".
(4/426)
أَنَسُ بنُ عِيَاضٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ، قَالَ:
لَمَّا اتَّخَذَ عُرْوَةُ قَصْرَهُ بِالعَقِيْقِ (1) ،
قَالَ لَهُ النَّاسُ: جَفَوْتَ مَسْجِدَ رَسُوْلَ اللهِ!
قَالَ: رَأَيْتُ مَسَاجِدَهُم لاَهِيَةً، وَأَسْوَاقَهُم
لاَغِيَةً، وَالفَاحِشَةَ فِي فِجَاجِهِم عَالِيَةً،
فَكَانَ فِيْمَا هُنَالِكَ - عَمَّا هُم فِيْهِ -
عَافِيَةً (2) .
مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: عَنْ جَدِّهِ، عَنْ هِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَعَثَ إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ مَقْدَمُهُ المَدِيْنَةَ،
فَكَشَفَنِي، وَسَأَلَنِي، وَاسْتَنْشَدَنِي، ثُمَّ قَالَ
لِي: أَتَرْوِي قَوْلَ جَدَّتِكَ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ
المُطَّلِبِ:
خَالَجْتُ آبَادَ الدُّهُوْرِ عَلَيْهِمُ ... وَأَسْمَاءُ
لَمْ تَشْعُرْ بِذَلِكَ أَيِّمُ
فَلَو كَانَ زَبْرٌ مُشْرِكاً لَعَذَرْتُهُ ...
وَلَكِنَّهُ - قَدْ يَزْعُمُ النَّاسُ - مُسْلِمُ
قُلْتُ: نَعَمْ، وَأَرْوِي قَوْلَهَا:
أَلاَ أَبْلِغْ بَنِي عَمِّي رَسُوْلاً ... فَفِيْمَ
الكَيْدُ فِيْنَا وَالإِمَارُ
وَسَائِلْ فِي جُمُوْعِ بَنِي عَلِيٍّ ... إِذَا كَثُرَ
التَّنَاشُدُ وَالفَخَارُ
بِأَنَّا لاَ نُقِرُّ الضَّيْمَ فِيْنَا ... وَنَحْنُ
لِمَنْ تَوَسَّمَنَا نُضَارُ
مَتَى نَقْرَعْ بِمَرْوَتِكُمْ نَسُؤْكُم ... وَتَظْعَنْ
مِنْ أَمَاثِلِكُم دِيَارُ
وَيَظْعَنْ أَهْلُ مَكَّةَ وَهْيَ سَكْنٌ ... هُمُ
الأَخْيَارُ إِنْ ذُكِرَ الخِيَارُ
مَجَازِيْلُ العَطَاءِ إِذَا وَهَبْنَا ... وَأَيْسَارُ
إِذَا حُبَّ القَتَارُ
وَنَحْنُ الغَافِرُوْنَ إِذَا قَدَرْنَا ... وَفِيْنَا
عِنْدَ عَدْوَتِنَا انْتِصَارُ
وَأَنَّا وَالسَّوَابِحُ يَوْمَ جَمْعٍ ... بِأَيْدِيْهَا
وَقَدْ سَطَعَ الغُبَارُ
قَالَ: وَإِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ فِي قَتْلِ أَبِي
أُزَيْهِرٍ، تُعَيِّرُ بِهِ أَبَا سُفْيَانَ بنَ حَرْبٍ،
__________
(1) العقيق: موضع بناحية المدينة، ويقال هما عقيقان:
الأكبر وهو مما يلي الحرة، ما بين أرض عروة بن الزبير إلى
قصر المراجل، والثاني هو الاصغر، وقد حددهما ياقوت في "
معجم البلدان ".
(2) ابن عساكر 11 / 292 آ، ب.
(4/427)
وَكَانَ صِهْرُهُ قَتَلَهُ هِشَامُ بنُ
الوَلِيْدِ...، وَذَكَرَ القِصَّةَ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: حَسْبُكَ يَا ابْنَ أَخِي، هَذِهِ
بِتِلْكَ (1) .
وَلِعُرْوَةَ فِي قَصْرِهِ بِالعَقِيْقِ:
بَنَيْنَاهُ فَأَحْسَنَّا بُنَاهُ ... بِحَمْدِ اللهِ فِي
خَيْرِ العَقِيْقِ
تَرَاهُم يَنْظُرُوْنَ إِلَيْهِ شَزْراً ... يَلُوْحُ
لَهُم عَلَى وَضَحِ الطَّرِيْقِ
فَسَاءَ الكَاشِحِيْنَ وَكَانَ غَيْظاً ... لأَعْدَائِي
وَسُرَّ بِهِ صَدِيْقِي
يَرَاهُ كُلُّ مُخْتَلِفٍ وَسَارٍ ... وَمُعْتَمِدٍ إِلَى
البَيْتِ العتِيْقِ (2)
وَقِيْلَ: لَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَائِهِ وَبِئَارِهِ (3) ،
دَعَا جَمَاعَةً، فَطَعِمَ النَّاسُ، وَجَعَلُوا
يُبَرِّكُوْنَ وَيَنْصَرِفُوْنَ (4) .
الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ حَسَنٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بنِ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (يَكُوْنُ فِي آخِرِ أُمَّتِي مَسْخٌ وَخَسْفٌ
وَقَذْفٌ، وَذَلِكَ عِنْدَ ظُهُوْرِ شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ
قَوْمِ لُوْطٍ).
قَالَ عُرْوَةُ: فَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ شَيْءٌ
مِنْهُ، فَتَنَحَّيْتُ عَنْهَا، وَخَشِيْتُ أَنْ يَقَعَ
وَأَنَا بِهَا، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لاَ يُصِيْبُ إِلاَّ
أَهْلَ القَصَبَةِ (5) .
قَالَ الزُّبَيْرُ: وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ
حَمْزَةَ مِثْلَهُ، بِمِثْلِ إِسْنَادِهِ.
وَبِئرُ عُرْوَةَ: مَشْهُوْرٌ بِالعَقِيْقِ، طَيِّبُ
المَاءِ، وَفِيْهِ يَقُوْلُ الشَّاعِرُ:
لَوْ يَعْلَمُ الشَّيْخُ غُدُوِّي بِالسَّحَرْ ... قَصْداً
إِلَى البِئْرِ الَّتِي كَانَ حَفَرْ
__________
(1) الخبر والابيات في ابن عساكر 11 / 290 آ.
(2) الابيات في ابن عساكر 11 / 292 ب.
(3) بئاره: أي حفر آباره.
(4) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 292 آ.
(5) ضعيف لارساله وجهالة محمد بن يعقوب بن عتبة، وعبد الله
بن عكرمه لم يوثقه غير ابن حبان.
(4/428)
فِي فَتِيَةٍ مِثْلِ الدَّنَانِيْرِ غُرَرْ
... وَقَاهُمُ اللهُ النِّفَاقَ وَالضَّجَرْ
بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَزَيْدٍ وَعُمَرْ ... ثُمَّ
الحَوَارِيِّ لَهُم جَدٌّ أَغَرّ
قَدْ شَمَخَ المَجْدُ هُنَاكَ وَازْمَخَرّ ... فَهُم
عَلَيْهَا بِالعَشِيِّ وَالبُكَرْ
يَسْقُوْنَ مَنْ جَاءَ وَلاَ يُؤْذَى بَشَرْ ... لَزَادَ
فِي الشُّكْرِ وَإِنْ كَانَ شَكَرْ
قَالَ الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنَا عَمِّي مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ
اللهِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ قَدْ بَاعَ مَالَهُ
بِالغَابَةِ (1) ، الَّذِي يُعْرَفُ بِالسِّقَايَةِ مِنْ
مُعَاوِيَةَ بِمائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، ثُمَّ قَسَمَهَا
فِي بَنِي أَسَدٍ وَتَيْمٍ، فَاشْتُرِيَ مُجَاحٌ (2)
لِعُرْوَةَ مِنْ ذَلِكَ بِأُلُوْفِ دَنَانِيْرَ.
الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ
عَامِرِ بنِ صَالِحٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:
قَدِمَ عُرْوَةُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ،
فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيْرِ، فَجَاءَ قَوْمٌ،
فَوَقَعُوا فِي عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ.
فَخَرَجَ عُرْوَةُ، وَقَالَ لِلآذِنِ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ
أَخِي، فَإِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَقَعُوا فِيْهِ، فَلاَ
تَأْذَنُوا لِي عَلَيْكُم.
فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعَبْدِ المَلِكِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ
المَلِكِ: حَدَّثُوْنِي بِمَا قُلْتَ، وَإِنَّ أَخَاكَ
لَمْ نَقْتُلْهُ لِعَدَاوَةٍ، وَلَكِنَّهُ طَلَبَ أَمْراً
وَطَلَبْنَاهُ، فَقَتَلْنَاهُ، وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ
مِنْ أَخْلاَقِهِمْ أَنْ لاَ يَقْتُلُوا رَجُلاً إِلاَّ
شَتَمُوْهُ، فَإِذَا أَذِنَّا لأَحَدٍ قَبْلَكَ، فَقَدْ
جَاءَ مَنْ يَشْتِمُهُ، فَانْصَرفَ.
ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ قَدِمَ عَلَى الوَلِيْدِ حِيْنَ
شَئِفَتْ (3) رِجْلُهُ، فَقِيْلَ: اقْطَعْهَا.
قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَقْطَعَ مِنِّي طَائِفاً.
فَارْتَفَعَتْ إِلَى الرُّكْبَةِ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهَا
إِنْ وَقَعَتْ فِي رُكْبَتِكَ، قَتَلَتْكَ.
فَقَطَعَهَا، فَلَمْ يُقَبِّضْ وَجْهَهُ.
وَقِيْلَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَهَا: نَسْقِيْكَ
دَوَاءً لاَ تَجِدُ لَهَا أَلَماً؟
فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ هَذَا الحَائِطَ وَقَانِي
أَذَاهَا.
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:
وَقَعَتْ الآكِلَةُ فِي رِجْلِ عُرْوَةَ، فَصَعِدَتْ فِي
__________
(1) الغابة: موضع قرب المدينة، على بريد منها من ناحية
الشام. انظر معجم البلدان.
(2) مجاح: قال البكري: ماء لبني عبد الله بن الزبير،
معروف، أعطاه عروة أخاه، هكذا روى الزبير بن أبي بكر وهكذا
ضبط عنه. معجم ما استعجم 1164.
(3) شئفت رجله: إذا خرجت بها الشأفة، وهي قرحة تخرج في
القدم أو في أسفله.
(4/429)
سَاقِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الوَلِيْدُ،
فَحُمِلَ إِلَيْهِ، وَدَعَا الأَطِبَّاءَ.
فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ إِلاَّ القَطْعُ،
فَقُطِعَتْ، فَمَا تَضَوَّرَ وَجْهُهُ (1) .
عُمَرُ بنُ عَبْدِ الغَفَّارِ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ:
أَنَّ أَبَاهُ وَقَعَتْ فِي رِجْلِهِ الآكِلَةُ، فَقِيْلَ:
أَلاَ نَدْعُوْا لَكَ طَبِيْباً؟
قَالَ: إِنَّ شِئْتُم.
فَقَالُوا: نَسْقِيْكَ شَرَاباً يَزُوْلُ فِيْهِ عَقْلُكَ.
فَقَالَ: امْضِ لِشَأْنِكَ، مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ
خَلْقاً يَشْرَبُ مَا يُزِيْلُ عَقْلَهُ حَتَّى لاَ
يَعْرِفَ بِهِ (2) .
فَوُضِعَ المِنْشَارُ عَلَى رُكْبَتِهِ اليُسْرَى، فَمَا
سَمِعْنَا لَهُ حِسّاً.
فَلَمَّا قَطَعَهَا، جَعَلَ يَقُوْلُ: لَئِنْ أَخَذْتَ
لَقَدْ أَبْقَيْتَ، وَلَئِنْ ابْتَلَيْتَ لَقَدْ
عَافَيْتَ، وَمَا تَرَكَ جُزْءهُ بِالقُرْآنِ تِلْكَ
اللَّيْلَةَ (3) .
يَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ (4) : حَدَّثَنَا عَامِرُ بنُ
صَالِحٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ:
أَنَّ أَبَاهُ خَرَجَ إِلَى الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ
المَلِكِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي القُرَى، وَجَدَ
فِي رِجْلِهِ شَيْئاً، فَظَهَرَتْ بِهِ قَرْحَةٌ، ثُمَّ
تَرَقَّى بِهِ الوَجَعُ، وَقَدِمَ عَلَى الوَلِيْدِ وَهُوَ
فِي مَحْمِلٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ،
اقْطَعْهَا.
قَالَ: دُوْنَكَ، فَدَعَا لَهُ الطَّبِيْبَ، وَقَالَ:
اشْرَبْ المُرْقِدَ (5) .
فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَطَعَهَا مِنْ نِصْفِ السَّاقِ، فَمَا
زَادَ أَنْ يَقُوْلَ: حَسِّ حَسِّ (6) .
فَقَالَ الوَلِيْدُ: مَا رَأَيْتُ شَيْخاً قَطُّ أَصْبَرَ
مِنْ هَذَا.
وَأُصِيْبَ عُرْوَةُ بِابْنِهِ مُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ
السَّفَرِ، رَكَضَتْهُ بَغْلَةٌ فِي اصْطَبْلٍ، فَلَمْ
يُسْمَعْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ كَلِمَةً.
فَلَمَّا كَانَ بِوَادِي القُرَى، قَالَ: {لَقَدْ
لَقِيْنَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً} [الكَهْفُ: 63]،
اللَّهُمَّ كَانَ لِي بَنُوْنَ سَبْعَةٌ، فَأَخَذْتَ
وَاحِداً أَبْقَيْتَ لِي سِتَّةً، وَكَانَ لِي أَطْرَافٌ
__________
(1) الحلية 2 / 179 وابن عساكر 11 / 286 ب.
(2) في ابن عساكر: " لايعرف ربه ".
(3) ابن عساكر 11 / 286 ب.
(4) هو يعقوب بن إبراهيم العبدي الدورقي المتوفى سنة 251
تأتى ترجمته في المجلد الثامن 117 من الأصل.
(5) المرقد: شيء يشرب فينوم من يشربه ويرقده.
(6) حس: كلمة تقال عند الالم.
(4/430)
أَرْبَعَةٌ، فَأَخَذْتَ طَرَفاً
وَأَبْقَيْتَ ثَلاَثَةً، وَلَئِنْ (1) ابْتَلَيْتَ لَقَدْ
عَافَيْتَ، وَلَئِنْ أَخَذْتَ لَقَدْ أَبْقَيْتَ (2) .
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:
نَظَرَ أَبِي إِلَى رِجْلِهِ فِي الطَّسْتِ، فَقَالَ:
إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنِّي مَا مَشَيْتُ بِكِ إِلَى
مَعْصِيَةٍ قَطُّ، وَأَنَا أَعْلَمُ (3) .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ:
أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَأَنَّهُ قَالَ:
يَا بَنِيَّ سَلُوْنِي، فَلَقَدْ تُرِكْتُ حَتَّى كِدْتُ
أَنْسَى، وَإِنِّي لأُسْأَلُ عَنِ الحَدِيْثِ، فَيُفْتَحُ
لِي حَدِيْثُ يَوْمَيْنِ (4) .
قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ عُرْوَةُ يَتَأَلَّفُ النَّاسَ
عَلَى حَدِيْثِهِ (5) .
أَبُو أُسَامَةَ: عَنْ هِشَامٍ:
أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَهُوَ صَائِمٌ، وَجَعَلُوا
يَقُوْلُوْنَ لَهُ: أَفْطِرْ، فَلَمْ يُفْطِرْ (6) .
سُلَيْمَانُ بنُ مَعْبَدٍ: حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ، عَنِ
ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
اجْتَمَعَ فِي الحِجْرِ مُصْعَبٌ، وَعَبْدُ اللهِ،
وَعُرْوَةُ بَنُوْ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ عُمَرَ،
فَقَالُوا: تَمَنَّوْا.
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَمَّا أَنَا، فَأَتَمَنَّى
الخِلاَفَةَ.
وَقَالَ عُرْوَةُ: أَتَمَنَّى أَنْ يُؤْخَذَ عَنِّي
العِلْمُ.
وَقَالَ مُصْعَبٌ: أَمَّا أَنَا، فَأَتَمَنَّى إِمْرَةَ
العِرَاقِ، وَالجَمْعَ بَيْنَ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ،
وَسُكَيْنَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ.
وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ: أَتَمَنَّى المَغْفِرَةَ.
فَنَالُوا مَا تَمَنَّوْا، وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ
غُفِرَ لَهُ (7) .
__________
(1) في الأصل: " إن ابتليت " وما أثبتناه من ابن عساكر.
(2) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 287 ا، وانظر جمهرة نسب
قريش للزبير 283، والمعرفة والتاريخ 1 / 553 والحلية 2 /
179.
(3) ابن عساكر 11 / 287 ب، وانظر المعرفة والتاريخ 1 /
553.
(4) ابن سعد 5 / 179 و180، وانظر المعرفة والتاريخ 1 /
552.
(5) تقدم الخبر في ص 425 رقم (7).
(6) ابن عساكر 11 / 288 آ.
(7) الحلية 2 / 176 وابن عساكر 11 / 288 ب، وانظره رقم (4)
من صفحة 141 من هذا الجزء في ترجمة مصعب
(4/431)
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ آتِي عُرْوَةَ، فَأَجِلِسُ بِبَابِهِ مَلِيّاً،
وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَدْخُلَ دَخَلْتُ، فَأَرْجِعُ وَمَا
أَدْخُلُ إِعْظَاماً لَهُ (1) .
وَعَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:
خَطَبْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِنْتَهُ سَوْدَةَ، وَنَحْنُ
فِي الطَّوَافِ، فَلَمْ يُجِبْنِي بِشَيْءٍ، فَلَمَّا
دَخَلْتُ المَدِيْنَةَ بَعْدَهُ، مَضَيْتُ إِلَيْهِ،
فَقَالَ: أَكُنْتَ ذَكَرْتَ سَوْدَةَ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: إِنَّكَ ذَكَرْتَهَا وَنَحْنُ فِي الطَّوَافِ
يَتَخَايَلُ اللهُ بَيْنَ أَعْيُنِنَا، أَفَلَكَ فِيْهَا
حَاجَةٌ؟
قُلْتُ: أَحْرَصُ مَا كُنْتُ.
قَالَ: يَا غُلاَمُ، ادْعُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ اللهِ،
وَنَافِعاً مَوْلَى عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: وَبَعْضَ آلِ الزُّبَيْرِ؟
قَالَ: لاَ.
قُلْتُ: فَمَوْلَى خُبَيْبٍ؟
قَالَ: ذَاكَ أَبْعَدُ.
ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: هَذَا عُرْوَةُ بنُ أَبِي عَبْدِ
اللهِ، وَقَدْ عَلِمْتُمَا حَالَهُ، وَقَدْ خَطَبَ إِلَيَّ
سَوْدَةَ، وَقَدْ زَوَّجْتُهُ إِيَّاهَا بِمَا جَعَلَ
اللهُ لِلْمُسْلِمَاتِ عَلَى المُسْلِمِيْنَ مِنْ
إِمْسَاكٍ بِمَعْرُوْفٍ، أَوْ تَسْرِيْحٍ بِإِحْسَانٍ،
وَعَلَى أَنْ يَسْتَحِلَّهَا بِمَا يَسْتَحِلُّ بِهِ
مِثْلَهَا، أَقَبِلْتَ يَا عُرْوَةُ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ (2) .
قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: أَقَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ
بِمَكَّةَ تِسْعَ سِنِيْنَ، وَعُرْوَةُ مَعَهُ (3) .
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمَّا قُتِلَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ، خَرَجَ عُرْوَةُ إِلَى المَدِيْنَةِ
بِالأَمْوَالِ، فَاسْتَدْعُوْهَا، وَسَارَ إِلَى عَبْدِ
المَلِكِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ البَرِيْدِ
بِالخَبَرِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى البَابِ، قَالَ
لِلْبَوَّابٍ: قُلْ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ: أَبُو
عَبْدِ اللهِ بِالبَابِ.
فَقَالَ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ؟
قَالَ: قُلْ لَهُ كَذَا.
فَدَخَلَ، فَقَالَ: هَا هُنَا رَجُلٌ عَلَيْهِ أَثَرُ
السَّفَرِ، قَالَ كَيْتَ وَكَيْتَ.
فَقَالَ: ذَاكَ عُرْوَةُ، فَائْذَنْ لَهُ.
فَلَمَّا رَآهُ، زَالَ لَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَجَعَلَ
يَسْأَلُهُ كَيْفَ أَبُو بَكْرٍ؟ -يَعْنِي: عَبْدَ اللهِ
بنَ الزُّبَيْرِ-.
فَقَالَ: قُتِلَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
فَنَزَلَ عَبْدُ المَلِكِ عَنِ السَّرِيْرِ، فَسَجَدَ،
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الحَجَّاجُ: إِنَّ عُرْوَةَ قَدْ
خَرَجَ،
__________
(1) ابن عساكر 11 / 288 ب.
(2) ابن عساكر 11 / 289 ب، 290 آ.
(3) ابن عساكر 11 / 290 ب.
(4/432)
وَالأَمْوَالُ عِنْدَهُ.
قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ: مَا تَدَعُوْنَ الرَّجُلَ حَتَّى يَأْخُذَ
سَيْفَهُ فَيَمُوْتَ كَرِيْماً!
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، كَتَبَ إِلَى الحَجَّاجِ: أَنْ
أَعْرِضْ عَنْ ذَلِكَ (1) .
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (2) : هُوَ الَّذِي حَفَرَ بِئْرَ
عُرْوَةَ بِالمَدِيْنَةِ، وَمَا بِالمَدِيْنَةِ أَعْذَبُ
مِنْ مَائِهَا.
جَرِيْرٌ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:
مَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ يَذْكُرُ
أَبِي بِسُوْءٍ (3) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: عُرْوَةُ
بنُ الزُّبَيْرِ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ،
لَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنَ الفِتَنِ (4) .
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: ثِقَةٌ (5) .
قَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ إِسْحَاقَ: عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:
مَا بَرَّ وَالِدَهُ مَنْ شَدَّ الطَّرَفَ إِلَيْهِ (5) .
عَامِرُ بنُ صَالِحٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:
سَقَطَ أَخِي مُحَمَّدٌ - وَأُمُّهُ بِنْتُ الحَكَمِ بنِ
أَبِي العَاصِ - مِنْ أَعْلَى سَطْحٍ فِي اصْطَبْلِ
الوَلِيْدِ، فَضَرَبَتْهُ الدَّوَابُّ بِقَوَائِمِهَا،
فَقَتَلَتْهُ (6).
فَأَتَى عُرْوَةَ رَجُلٌ يُعَزِّيْهِ، فَقَالَ: إِنْ
كُنْتَ تُعَزِّيْنِي بِرِجْلِي، فَقَدِ احْتَسَبْتُهَا.
قَالَ: بَلْ أُعَزِّيْكَ بِمُحَمَّدٍ ابْنِكَ.
قَالَ: وَمَا لَهُ؟
فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَخَذْتَ عُضْواً
وَتَرَكْتَ أَعْضَاءً، وَأَخَذْتَ ابْناً وَتَرَكْتَ
أَبْنَاءً. فَلَمَّا
__________
(1) المعرفة والتاريخ 1 / 554 وابن عساكر 11 / 290 ب.
(2) في وفيات الأعيان 3 / 257.
(3) ابن عساكر 11 / 291 ب.
(4) ابن عساكر 11 / 291 ب، وقد كرره المؤلف في ص 436.
(5) ابن عساكر 11 / 291 ب.
(6) انظر خبر مقتله في جمهرة نسب قريش للزبير 277 و278.
(4/433)
قَدِمَ المَدِيْنَةَ، أَتَاهُ ابْنُ
المُنْكَدِرِ، فَقَالَ: كَيْفَ كُنْتَ؟
قَالَ: {لَقَدْ لَقِيْنَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً
(1) } [الكَهْفُ: 63].
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي غَيْرُ
وَاحِدٍ:
أَنَّ عِيْسَى بنَ طَلْحَةَ جَاءَ إِلَى عُرْوَةَ حِيْنَ
قَدِمَ، فَقَالَ عُرْوَةُ لِبَعْضِ بَنِيْهِ: اكْشِفْ
لِعَمِّكَ رِجْلِي.
فَفَعَلَ، فَقَالَ عِيْسَى: إِنَّا - وَاللهِ يَا أَبَا
عَبْدِ اللهِ - مَا أَعْدَدْنَاكَ لِلصِّرَاعِ، وَلاَ
لِلسِّبَاقِ، وَلَقَدْ أَبْقَى اللهُ مِنْكَ لَنَا مَا
كُنَّا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ؛ رَأْيَكَ وَعِلْمَكَ.
فَقَالَ: مَا عَزَّانِي أَحَدٌ مِثْلَكَ (2) .
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (3) : كَانَ أَحْسَنَ مَنْ
عَزَّاهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ،
فَقَالَ:
وَاللهِ مَا بِكَ حَاجَةٌ إِلَى المَشْيِ، وَلاَ أَرَبٌ
فِي السَّعْيِ، وَقَدْ تَقَدَّمَكَ عُضْوٌ مِنْ
أَعْضَائِكَ، وَابْنٌ مِنْ أَبْنَائِكَ إِلَى الجَنَّةِ،
وَالكُلُّ تَبَعٌ لِلبَعْضِ - إِنْ شَاءَ اللهُ - وَقَدْ
أَبْقَى اللهُ لَنَا مِنْكَ مَا كُنَّا إِلَيْهِ فُقَرَاءَ
مِنْ عِلْمِكَ وَرَأْيِكَ، وَاللهُ وَلِيُّ ثَوَابِكَ،
وَالضَّمِيْنُ بِحِسَابِكَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: تُوُفِّيَ عُرْوَةُ وَهُوَ ابْنُ
سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً (4) .
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَشَبَابٌ:
مَاتَ عُرْوَةُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ، وَالوَاقِدِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ،
وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالفَلاَّسُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَيُقَالُ: سَنَةَ إِحْدَى وَمائَةٍ، وَلَيْسَ هَذَا
بِشَيْءٍ.
ذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ)
مِنْ شُيُوْخِ عُرْوَةَ: أُمُّهُ أَسْمَاءُ،
__________
(1) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 290 ب.
(2) ابن عساكر 11 / 288 آ.
(3) في وفيات الأعيان 3 / 256.
(4) ابن عساكر 11/ 294 آ.
(4/434)
وَخَالَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ،
وَأُمُّ حَبِيْبَةَ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَأُمُّ هَانِئ،
وَأُمُّ شَرِيْكٍ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، وَضُبَاعَةُ
بِنْتُ الزُّبَيْرِ، وَبُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ،
وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَمْرَةُ
الأَنْصَارِيَّةُ.
وَمِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ: بَكْرُ بنُ سَوَادَةَ،
وَتَمِيْمُ بنُ سَلَمَةَ، وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ،
وَجَعْفَرُ بنُ مُصْعَبٍ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ،
وَحَبِيْبٌ مَوْلَى عُرْوَةَ، وَخَالِدُ بنُ أَبِي
عِمْرَانَ قَاضِي إِفْرِيْقِيَةَ، وَدَاوُدُ بنُ مُدْرِكٍ،
وَالزِّبْرِقَانُ بنُ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ، وَزُمَيْلٌ
مَوْلَى عُرْوَةَ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَسَعِيْدُ
بنُ خَالِدٍ الأُمَوِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ عُوَيْمِرٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَشَيْبَةُ
الخُضْرِيُّ، وَصَالِحُ بنُ حَسَّانٍ، وَصَالِحُ بنُ
كَيْسَانَ، وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ، وَعَاصِمُ بنُ
عُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِنْسَانَ الطَّائِفِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ، وَأَبُو
الزِّنَادِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المَاجِشُوْنِ، وَابْنُ
أَبِي مُلَيْكَةَ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ عُرْوَةَ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ نِيَارٍ، وَعَبْدُ اللهِ البَهِيُّ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدٍ الزُّهْرِيُّ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ،
وَابْنُهُ؛ عُثْمَانُ، وَعُثْمَانُ بنُ الوَلِيْدِ،
وَعِرَاكُ بنُ مَالِكٍ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ،
وَعَلِيُّ بنُ جُدْعَانَ، وَحَفِيْدُهُ؛ عُمَرُ بنُ عَبْدِ
اللهِ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعَمْرُو بنُ
دِيْنَارٍ، وَعِمْرَانُ بنُ أَبِي أَنَسٍ، وَمُجَاهِدُ بنُ
وَرْدَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ،
وَابْنُ أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ
الزُّبَيْرِ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيْمُ عُرْوَةَ،
وَابْنُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ عُرْوَةَ، وَالزُّهْرِيُّ،
وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَمَخْلَدُ بنُ خِفَافٍ،
وَمُسَافِعُ بنُ شَيْبَةَ، وَمُسْلِمُ بنُ قُرْطٍ،
وَمُعَاوِيَةُ بنُ إِسْحَاقَ، وَمُنْذِرُ بنُ
المُغِيْرَةِ، وَمُوْسَى بنُ عُتْبَةَ،
وَهِشَامٌ - ابْنُهُ - وَهِلاَلٌ الوَزَّانُ، وَالوَلِيْدُ
بنُ أَبِي الوَلِيْدِ، وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ، وَيَحْيَى
بنُ أَبِي كَثِيْرٍ - وَقِيْلَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ -
وَيَزِيْدُ بنُ رُوْمَانَ، وَيَزِيْدُ بنُ خُصَيْفَةَ (1)
، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُسَيْطٍ، وَيَزِيْدُ
بنُ أَبِي يَزِيْدَ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ
__________
(1) هو يزيد بن عبد الله بن خصيفة، ترجمته في المجلد
الخامس 205 من الأصل.
(4/435)
أَبِي مُوْسَى، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ - وَهُمَا مِنْ أَقْرَانِهِ - وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ حَفْصٍ الزُّهْرِيُّ.
وَقَدْ رَوَى رَفِيْقُهُ أَبُو سَلَمَةَ أَيْضاً عَنْ
عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ عُرْوَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : كَانَ عُرْوَةُ ثِقَةً، ثَبْتاً،
مَأْمُوْناً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، فَقِيْهاً، عَالِماً.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: مَدَنِيٌّ، ثِقَةٌ، رَجُلٌ
صَالِحٌ، لَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنَ الفِتَنِ (2) .
وَرَوَى: يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،
قَالَ:
كَانَ إِذَا حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، ثُمَّ حَدَّثَتْنِي
عَمْرَةُ، صَدَّقَ عِنْدِي حَدِيْثُ عَمْرَةَ حَدِيْثَ
عُرْوَةَ، فَلَمَّا تَبَحَّرْتُهُمَا، إِذَا عُرْوَةُ
بَحْرٌ لاَ يُنْزَفُ (3) .
الأَصْمَعِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ:
قَالَ عُرْوَةُ: كُنَّا نَقُوْلُ لاَ نَتَّخِذُ كِتَاباً
مَعَ كِتَابِ اللهِ، فَمَحَوْتُ كُتُبِي، فَوَاللهِ
لَوَدِدْتُ أَنَّ كُتُبِي عِنْدِي، إِنَّ كِتَابَ اللهِ
قَدِ اسْتَمَرَّتْ مَرِيْرَتُهُ (4) .
عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ الهُنَائِيُّ: عَنْ هِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ:
أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَصُوْمُ الدَّهْرَ إِلاَّ يَوْمَ
الفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَمَاتَ وَهُوَ صَائِمٌ (5)
.
وَقَالَ هِشَامٌ: قَالَ أَبِي: رُبَّ كَلِمَةِ ذُلٍّ
احْتَمَلْتُهَا، أَوْرَثَتْنِي عِزّاً طَوِيْلاً (6) .
__________
(1) في الطبقات 5 / 179 عن محمد بن عمر.
(2) سبق للمؤلف أن ذكر الخبر في ص 433.
3) ابن سعد 5 / 181 وتاريخ البخاري 7 / 31 ولفظه: " فلما
استخبرتهما ".
(4) الحلية 2 / 176 وابن عساكر 11 / 286 آ واستمرت مريرته:
أي قوي واستحكم وانظر.
ص 426.
(5) ابن سعد 5 / 180 وابن عساكر 11 / 288 ب، وانظر الزهد
لأحمد 371.
(6) الحلية 2 / 177.
(4/436)
وَقَالَ: مَا حَدَّثْتُ أَحَداً بِشَيْءٍ
مِنَ العِلْمِ قَطُّ لاَ يَبْلُغُهُ عَقْلُهُ، إِلاَّ
كَانَ ضَلاَلَةً عَلَيْهِ (1) .
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وُلِدَ عُرْوَةُ فِي آخِرِ
خِلاَفَةِ عُمَرَ، وَكَانَ أَصْغَرَ مِنْ أَخِيْهِ عَبْدِ
اللهِ بِعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: غَيْرُ ذَلِكَ.
يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ (2) : عَنْ عِيْسَى بنِ هِلاَلٍ،
عَنْ شُرَيْحِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ أَبِي
حَمْزَةَ، عَنِ الزُهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:
كُنْتُ غُلاَماً لِي ذُؤَابَتَانِ، فَقُمْتُ أَرْكَعُ
رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، فَبَصُرَ بِي عُمَرُ،
وَمَعَهُ الدِّرَّةُ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ، فَرَرْتُ
مِنْهُ، فَلَحِقَنِي، فَأَخَذَ بِذُؤَابَتِي.
قَالَ: فَنَهَانِي.
قُلْتُ: لاَ أَعُوْدُ (3) .
الأَشْبَهُ أَنَّ هَذَا جَرَى لأَخِيْهِ عَبْدِ اللهِ،
أَوْ جَرَى لَهُ مَعَ عُثْمَانَ.
169 - خَارِجَةُ بنُ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ أَبُو زَيْدٍ
الأَنْصَارِيُّ * (ع)
الفَقِيْهُ، الإِمَامُ ابْنُ الإِمَامِ، وَأَحَدُ
الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الأَعْلاَمِ،
__________
(1) المعرفة والتاريخ 1 / 550 وابن عساكر 11 / 286 آ.
(2) في المعرفة والتاريخ 1 / 364، 365.
(3) وأورده ابن عساكر في تاريخه 11 / 283 ب، ولفظه " فأحضر
في طلبي حتى تعلق بذؤابتي.
يا أمير المؤمنين لا أعود " وكذا لفظ الفسوي في " المعرفة
والتاريخ ".
(*) طبقات ابن سعد 5 / 262، طبقات خليفة ت 2185، تاريخ
البخاري 3 / 204، المعارف 260، المعرفة والتاريخ 1 / 376
و567، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 374،
الحلية 2 / 189، طبقات الفقهاء للشيرازي 60، تاريخ ابن
عساكر 5 / 200 ب، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من
الجزء الأول 172، وفيات الأعيان 2 / 223، تهذيب الكمال،
تاريخ الإسلام 3 / 362، تذكرة الحفاظ 1 / 85، العبر 1 /
119، تذهيب التهذيب 1 / 184 ب، البداية والنهاية 9 / 187،
تهذيب التهذيب 3 / 74، النجوم الزاهرة 1 / 242، طبقات
الحفاظ للسيوطي ص 35، خلاصة تذهيب التهذيب 99، شذرات الذهب
1 / 118، تهذيب ابن عساكر 5 / 27.
(4/437)
أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ،
النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، وَأَجَلُّ إِخْوَتِهِ،
وَهُمْ: إِسْمَاعِيْلُ، وَسُلَيْمَانُ، وَيَحْيَى،
وَسَعْدٌ.
وَجَدُّهُ لأُمِّهِ هُوَ: سَعْدُ بنُ الرَّبِيْعِ
الأَنْصَارِيُّ، أَحَدُ النُّقَبَاءِ السَّادَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَمِّهِ؛ يَزِيْدَ، وَأُسَامَةَ
بنِ زَيْدٍ، وَأُمِّهِ؛ أُمِّ سَعْدٍ بِنْتِ سَعْدٍ،
وَأُمِّ العَلاَءِ الأَنْصَارِيَّةِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ أَبِي عَمْرَةَ.
وَلَمْ يَكُنْ بِالمُكْثِرِ مِنَ الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ سُلَيْمَانُ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛
سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ،
وَأَبُو الزِّنَادِ - وَهُوَ تِلْمِيْذُهُ فِي الفِقْهِ -
وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو
بنِ عُثْمَانَ، وَعُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ الأَنْصَارِيُّ،
وَمُجَالِدُ بنُ عَوْفٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الدِّيْبَاجُ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ قُسَيْطٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ حَزْمٍ،
وَآخَرُوْنَ.
وَرِوَايَتُهُ عَنْ عَمِّهِ مُرْسَلَةٌ؛ قَالَ مُوْسَى بنُ
عُقْبَةَ: لأَنَّ عَمَّهُ قُتِلَ زَمَنَ الصِّدِّيْقِ (1)
.
وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي
الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ الفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ الَّذِيْنَ يُسْأَلُوْنَ
بِالمَدِيْنَةِ، وَيُنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِمْ: سَعِيْدُ
بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَعُرْوَةُ، وَالقَاسِمُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
اللهِ، وَخَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ
(2) .
وَرَوَى: الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
عُمَرَ، قَالَ:
كَانَ الفِقْهُ بَعْدَ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالمَدِيْنَةِ فِي:
خَارِجَةَ بنِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَسَعِيْدِ بنِ
المُسَيِّبِ،
__________
(1) قال البخاري: فإن صح قول موسى بن عقبة أن يزيد بن ثابت
قتل أيام اليمامة في عهد أبي بكر، فإن خارجة لم يدرك يزيد.
اه.انظر التاريخ الصغير 1 / 42.
(2) ابن عساكر 5 / 201 ب.
(4/438)
وَعُرْوَةَ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ،
وَقَبِيْصَةَ بنِ ذُؤَيْبٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ
مَرْوَانَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ مَوْلَى
مَيْمُوْنَةَ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ الزُّبَيْرِ: كَانَ خَارِجَةُ بنُ
زَيْدٍ، وَطَلْحَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ فِي
زَمَانِهِمَا يُسْتَفْتَيَانِ، وَيَنْتَهِي النَّاسُ إِلَى
قَوْلِهِمَا، وَيَقْسِمَانِ المَوَارِيْثَ بَيْنَ
أَهْلِهَا مِنَ الدُّوْرِ، وَالنَّخِيْلِ، وَالأَمْوَالِ،
وَيَكْتُبَانِ الوَثَائِقَ لِلنَّاسِ (1) .
وَرَوَى: مَعْنٌ القَزَّازُ، عَنْ زَيْدِ بنِ السَّائِبِ،
قَالَ:
أَجَازَ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ خَارِجَةَ بنَ
زَيْدٍ بِمَالٍ، فَقَسَمَهُ (1) .
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ نَجِيْحٍ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَحْيَى - هُوَ ابْنُ زَيْدِ بنِ
ثَابِتٍ -:
أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ كَتَبَ أَنَّ يُعْطَى
خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ مَا قُطِعَ عَنْهُ مِنَ
الدِّيْوَانِ.
فَمَشَى خَارِجَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ،
فَقَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنَّ يَلْزَمَ أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ مِنْ هَذَا مَقَالَةٌ، وَلِيَ نُظَرَاءُ،
فَإِنْ عَمَّهُمْ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بِهَذَا،
فَعَلْتُ، وَإِنْ هُوَ خَصَّنِي بِهِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ
ذَلِكَ لَهُ.
فَكَتَبَ عُمَرُ: لاَ يَسَعُ المَالُ لِذَلِكَ، وَلَوْ
وَسِعَهُ، لَفَعَلْتُ (1) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: خَارِجَةُ
بنُ زَيْدٍ: مَدَنِيٌّ، تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ (1) .
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيُّ،
سَمِعْتُ خَارِجَةَ بنَ زَيْدٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُنِي وَنَحْنُ غِلْمَانُ شَبَابٌ زَمَنَ عُثْمَانَ،
وَإِنَّ أَشَدَّنَا وَثْبَةً الَّذِي يَثِبُ قَبْرَ
عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ حَتَّى يُجَاوِزَهُ (2) .
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُصْعَبٍ،
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَحْيَى بنِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ،
عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنِّي بَنَيْتُ
__________
(1) ابن عساكر 5 / 202 آ.
(2) ابن عساكر 5 / 202 ب، وانظر المعرفة والتاريخ 1 / 567.
(4/439)
سَبْعِيْنَ دَرَجَةً، فَلَمَّا فَرَغْتُ
مِنْهَا، تَهَوَّرَتْ، وَهَذِهِ السَّنَةُ لِي سَبْعُوْنَ
سَنَةً قَدْ أَكْمَلْتُهَا، فَمَاتَ عَنْهَا (1) .
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ
حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ،
قَدِمَ قَادِمٌ السَّاعَةَ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ خَارِجَةَ
بنَ زَيْدٍ مَاتَ.
فَاسْتَرْجَعَ عُمَرُ، وَصَفَّقَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى
الأُخْرَى، وَقَالَ: ثُلْمَةٌ -وَاللهِ- فِي الإِسْلاَمِ
(2) .
قَالَ الفَلاَّسُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ: مَاتَ خَارِجَةُ
سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ،
وَخَلِيْفَةُ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَعِدَّةٌ: مَاتَ سَنَةَ
مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: صَلَّى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ (3) .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المَرْدَاوِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ،
وَأَنْبَأَنَا ابْنُ عَلَوْنَ، أَنْبَأَنَا البَهَاءُ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ الكَاتِبَةُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَرْقَانِيُّ، قَرَأْتُ عَلَى
أَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ، أَخْبَرَكُم
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامِيُّ، حَدَّثَنَا
خَلَفُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ،
قَالَ:
أَمَرَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَنْ أَتَعَلَّمَ كِتَابَ يَهُوْدٍ، فَمَا
مَرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُ، كُنْتُ
أَكْتُبُ لَهُ إِلَى يَهُوْدٍ إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِم،
فَإِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، قَرَأْتُ كِتَابَهُم لَهُ.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (4) تَعْلِيْقاً، فَقَالَ:
وَقَالَ خَارِجَةُ، عَنْ أَبِيْهِ.
__________
(1) ابن عساكر 5 / 202 ب، ولفظه: " فمات فيها ".
(2) ابن عساكر 5 / 202 ب.
(3) انظر ابن سعد 5 / 263.
(4) 13 / 161 في الاحكام باب ترجمة الحكام، وهل يجوز
ترجمان واحد، بصيغة الجزم.
وهو حديث صحيح أخرجه موصولا أبو داود (3645) والترمذي
(2716) وأحمد 5 / 186 من حديث عبد =
(4/440)
وَمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الزِّنَادِ
مِنْ شَرْطِ البُخَارِيِّ، وَهُوَ وَسَطٌ.
ابْنُ وَهْبٍ: أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
أَبِيْهِ، حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ:
قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ سَكْرَانُ
أَنْصَارِيّاً فِي عَهْدِ مُعَاوِيَةَ، وَلَمْ يَكُنْ
عَلَى ذَلِكَ شَهَادَةٌ إِلاَّ لَطْخٌ وَشُبْهَةٌ،
فَاجْتَمَعَ رَأْيُ النَّاسِ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ وُلاَةُ
المَقْتُوْلِ، ثُمَّ يُسَلَّمُ إِلَيْهِم، فَيَقْتُلُوْهُ.
فَرَكِبْنَا إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَصَصْنَا عَلَيْهِ
القِصَّةَ، فَكَتَبَ إِلَى سَعِيْدِ بنِ العَاصِ: إِنْ
كَانَ مَا ذَكَرْنَاهُ لَهُ حَقّاً أَنْ يُحْلِفَنَا عَلَى
القَاتِلِ، ثُمَّ يُسْلِمَهُ إِلَيْنَا.
فَجِئْنَا بِكِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلَى سَعِيْدٍ، فَقَالَ:
أَنَا مُنَفِّذٌ كِتَابَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ،
فَاغْدُوا عَلَى بَرَكَةِ اللهِ.
فَغَدَوْنَا عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَهُ إِلَيْنَا بَعْدَ أَنْ
حَلَفْنَا خَمْسِيْنَ يَمِيْناً.
170 - يَحْيَى بنُ يَعْمَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ
العَدْوَانِيُّ * (ع)
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، المُقْرِئُ، أَبُو سُلَيْمَانَ
العَدْوَانِيُّ، البَصْرِيُّ، قَاضِي مَرْوَ.
وَيُكْنَى: أَبَا عَدِيٍّ.
__________
= الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت،
قال: قال زيد بن ثابت: أمرني رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فتعلمت له كتاب يهود، وقال: " إني والله ما آمن يهود
على كتابي " فتعلمته، فلم يمر بي نصف شهر حتى حذقته، فكنت
أكتب له إذا كتب وأقرأ له إذا كتب إليه.
وسنده حسن.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وصححه الحاكم 1 / 75 ووافقه المؤلف.
وأخرجه أحمد 5 / 183 والحاكم 3 / 422 من طريق جرير عن
الأعمش عن ثابت بن عبيد، قال: قال زيد بن ثابت: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " أتحسن السريانية ؟ إنها تأتيني
كتب " فقلت: لا، قال: " فتعلمها " فتعلمتها في سبعة عشر
يوما.وإسناده صحيح.
(1) ابن عساكر 5 / 201 آ.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 368، طبقات خليفة ت 1649، تاريخ
البخاري 8 / 311، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد
الرابع 196، معجم المرزباني 485 وفيه يحيى بن نعيم، طبقات
النحويين واللغويين 27، فهرست ابن النديم 47، معجم الأدباء
20 / 42، ونزهة الألباء (بتحقيق السامرائي) 8، وفيات
الأعيان 6 / 173، تهذيب الكمال ص 1529، تاريخ الإسلام 4 /
68، تذكرة الحفاظ 1 / 71، تذهيب التهذيب 4 / 171 آ،
البداية والنهاية 9 / 73، غاية النهاية ت =
(4/441)
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ،
وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ - مُرْسَلاً -.
وَعَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ،
وَابْنِ عُمَرَ، وَعِدَّةٍ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: أَبِي الأَسْوَدِ الدُّئْلِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ - وَهُوَ
مِنْ طَبَقَتِهِ - وَقَتَادَةُ، وَعَطَاءٌ
الخُرَاسَانِيُّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَيَحْيَى
بنُ عُقَيْلٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ سُوَيْدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَحَمَلَةِ الحُجَّةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ نَقَّطَ
المَصَاحِفَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوْجَدَ تَشْكِيْلُ
الكِتَابَةِ بِمُدَّةٍ طَوِيْلَةٍ، وَكَانَ ذَا لَسَنٍ
وَفَصَاحَةٍ، أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ.
وَكَانَ الحَجَّاجُ قَدْ نَفَاهُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ
الأَمِيْرُ قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ، وَوَلاَّهُ قَضَاءَ
خُرَاسَانَ، فَكَانَ إِذَا انْتَقَلَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى
بَلَدٍ، اسْتُخْلِفَ عَلَى القَضَاءِ بِهَا، ثُمَّ إِنَّ
قُتَيْبَةَ عَزَلَهُ؛ لِمَا قِيْلَ عَنْهُ أَنَّهُ
يَشْرَبُ المُنَصَّفَ (1) .
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: رَوَى القِرَاءةَ عَنْهُ
عَرْضاً: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو
عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ.
عِمْرَانُ القَطَّانُ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بن
عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ فُطَيْمَةَ، عَنْ يَحْيَى
بنِ يَعْمَرَ، قَالَ:
قَالَ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: فِي القُرْآنِ
لَحْنٌ، سَتُقِيْمُهُ العَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا (2) .
__________
= 3871، تهذيب التهذيب 11 / 350، النجوم الزاهرة 1 / 217،
بغية الوعاة 2 / 345، طبقات
الحفاظ للسيوطي ص 30، خلاصة تذهيب التهذيب 429، شذرات
الذهب 1 / 175.
(1) المنصف من الشراب: الذي يطبخ حتى يذهب نصفه.
(2) إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن فطيمة.
(4/442)
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ (1) :
تُوُفِّيَ يَحْيَى بنُ يَعْمَرَ قَبْلَ التِّسْعِيْنَ.
171 - عُمَيْرُ بنُ سَعِيْدٍ النَّخَعِيُّ الكُوْفِيُّ *
(خَ، م، د، ق)
شَيْخٌ، ثِقَةٌ، فَقِيْهٌ، مُعَمَّرٌ، مِنَ البَقَايَا.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارِ
بنِ يَاسِرٍ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ، وَسَعْدِ بنِ أَبِي
وَقَّاصٍ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو حَصِيْنٍ عُثْمَانُ بنُ عَاصِمٍ،
وَالأَعْمَشُ، وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ، وَحَجَّاجُ بنُ
أَرْطَاةَ، وَفِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَمِسْعَرُ بنُ
كِدَامٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (2) : تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسَ
عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ جَاوَزَ المائَةَ.
172 - يَزِيْدُ بنُ أَبِي كَبْشَةَ جِبْرِيْلَ بنِ يَسَارٍ
البَتَلْهِيُّ (3) ** (خ)
مِنْ كِبَارِ الأُمَرَاءِ.
وَاسْمُ أَبِيْهِ: جِبْرِيْلُ بنُ يَسَارٍ.
عُدَّ فِي التَّابِعِيْنَ.
__________
1) في تاريخه 302، 303 (*) طبقات ابن سعد 6 / 170، طبقات
خليفة ت 1143، تاريخ البخاري 6 / 532، الجرح والتعديل
القسم الأول من المجلد الثالث 376، ذكر أخبار أصبهان 2 /
35، تهذيب الكمال ص 1064، تذهيب التهذيب 3 / 117 آ، تاريخ
الإسلام 4 / 287، تهذيب التهذيب 8 / 146، خلاصة تذهيب
التهذيب 296.
(2) في الطبقات 6 / 170.
(* *) تاريخ البخاري 8 / 354، الجرح والتعديل القسم الثاني
من المجلد الرابع 286، تاريخ ابن عساكر 18 / 186 آ، تهذيب
الكمال ص 1544، تذهيب التهذيب 4 / 179 آ، تهذيب التهذيب 11
/ 354، خلاصة تذهيب التهذيب 434.
(3) نسبة إلى " بيت لهيا " أي بيت الالهة.
قرية مشهورة بغوطة دمشق، قيل: إن آزر أبا إبراهيم الخليل
كان ينحت بها الاصنام.
انظر معجم البلدان.
(4/443)
وَرَوَى عَنْ: أَبِيْهِ؛ أَبِي كَبْشَةَ
السَّكْسَكِيِّ، وَمَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ.
رَوَى عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ، وَالحَكَمُ،
وَأَبُو بِشْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ السَّكْسَكِيُّ.
وَكَانَ مُقَدَّمَ السَّكَاسِكِ، وَصَاحِبُ شُرْطَةِ
عَبْدِ المَلِكِ، وَوَلِيَ عَلَى الغَزَاةِ، ثُمَّ وَلِيَ
إِمْرَةَ العِرَاقَيْنِ لِلْوَلِيْدِ.
فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ سُلَيْمَانُ، وَلاَّهُ خَرَاجَ
السِّنْدِ، وَنَزَلَتْ رُتْبَتُهُ قَلِيْلاً، فَأَدْرَكَهُ
الأَجَلُ بِالسِّنْدِ قَبْلَ سَنَةِ مائَةٍ.
وَوَقَعَ لَنَا رِوَايَتُهُ فِي (السَّهْوِ)، فِي نُسْخَةِ
يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَوَرَدَ:
أَنَّهُ كَانَ يَصُوْمُ فِي السَّفَرِ، وَوَلِيَ
العِرَاقَيْنِ بَعْدَ الحَجَّاجِ، وَكَانَ كَبِيْرَ
الشَّأْنِ -رَحِمَهُ اللهُ- وَقَلَّمَا رَوَى.
لَهُ ذِكْرٌ فِي الصَّوْمِ فِي (البُخَارِيِّ).
173 - سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ المَدَنِيُّ مَوْلَى أُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةَ * (ع)
الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، عَالِمُ المَدِيْنَةِ،
وَمُفْتِيْهَا، أَبُو أَيُّوْبَ - وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ - المَدَنِيُّ، مَوْلَى
أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةَ الهِلاَلِيَّةِ،
وَأَخُو: عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ،
وَعَبْدِ اللهِ.
وَقِيْلَ: كَانَ سُلَيْمَانُ مُكَاتَباً لأُمِّ سَلَمَةَ.
وُلِدَ: فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ،
وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ، وَجَابِرِ
بنِ عَبْدِ اللهِ، وَرَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ، وَابْنِ
عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 174، طبقات خليفة ت 2131، تاريخ
البخاري 4 / 41، المعرفة والتاريخ 1 / 549، الجرح والتعديل
القسم الأول من المجلد الثاني 149، الحلية 2 / 190، طبقات
الفقهاء للشيرازي 60، تاريخ ابن عساكر (أحمد الثالث) صورة
رقم 648، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء
الأول 234، وفيات الأعيان 2 / 399، تهذيب الكمال ص 549،
تاريخ الإسلام 4 / 120، تذكرة الحفاظ 1 / 85، العبر 1 /
131، تذهيب التهذيب 2 / 57 آ، البداية والنهاية 9 / 244،
غاية النهاية ت 1396، تهذيب التهذيب 4 / 228، النجوم
الزاهرة 1 / 252، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 35، خلاصة تذهيب
التهذيب 155، شذرات الذهب 1 / 134.
(4/444)
سَلَمَةَ، وَمَيْمُوْنَةَ، وَأَبِي رَافِعٍ
مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَحَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَالمِقْدَادِ بنِ
الأَسْوَدِ - وَذَلِكَ فِي (أَبِي دَاوُدَ)،
وَ(النَّسَائِيِّ)، وَ(ابْنِ مَاجَهْ) وَمَا أُرَاهُ
لَقِيَهُ - وَسَلَمَةَ بنِ صَخْرٍ البَيَاضِيِّ - مُرْسَلٌ
- وَعَبْدِ اللهِ بنِ حُذَافَةَ السَّهمِيِّ - مُرْسَلٌ -
وَالفَضْلِ بنِ العَبَّاسِ - مُرْسَلٌ - وَأَبِي سَعِيْدٍ
الخُدْرِيِّ، وَالرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، وَعَدَدٍ
مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَيَرْوِي أَيْضاً عَنْ: عُرْوَةَ، وَكُرَيْبٍ، وَعِرَاكِ
بنِ مَالِكٍ، وَأَبِي مُرَاوِحٍ، وَعَمْرَةَ، وَمُسْلِمِ
بنِ السَّائِبِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، بِحَيْثُ إِنَّ
بَعْضَهُمْ قَدْ فَضَّلَهُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ
المُسَيِّبِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ؛ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ،
وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ،
وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، وَسَالِمٌ أَبُو
النَّضْرِ، وَرَبِيْعَةُ الرَّأْيِ، وَأَبُو الأَسْوَدِ
يَتِيْمُ عُرْوَةَ، وَيَعْلَى بنُ حَكِيْمٍ، وَيَعْقُوْبُ
بنُ عُتْبَةَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَصَالِحُ بنُ
كَيْسَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الكِنْدِيُّ، وَيَحْيَى بنُ
سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ يُوْسُفَ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ الفَضْلِ الهَاشِمِيُّ، وَعَمْرُو بنُ
شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَرْمَلَةَ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَخُثَيْمُ بنُ
عِرَاكٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كَانَ مِمَّنْ أَدْرَكْتُ مِنْ
فُقَهَاءِ المَدِيْنَةِ وَعُلَمَائِهِم، مِمَّنْ يُرْضَى
وَيُنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِم: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ،
وَعُرْوَةُ، وَالقَاسِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَخَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ
يَسَارٍ، فِي مَشْيَخَةٍ أَجِلَّةٍ سِوَاهُم مِنْ
نُظَرَائِهِم، أَهْلُ فَقْهٍ، وَصَلاَحٍ، وَفَضْلٍ (1) .
__________
(1) ابن عساكر (أحمد الثالث) 652.
(4/445)
قَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ
الحَنَفِيَّةِ: سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ عِنْدَنَا
أَفْهَمُ مِنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ (1) .
الوَاقِدِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ
الهُذَلِيِّ، سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ يَسَارٍ يَقُوْلُ:
سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بَقِيَّةُ النَّاسِ.
وَسَمِعْتُ السَّائِلَ يَأْتِي سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ،
فَيَقُوْلُ: اذْهَبْ إِلَى سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ،
فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ اليَوْمَ (2) .
وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ مِنْ
عُلَمَاءِ النَّاسِ بَعْدَ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ،
وَكَانَ كَثِيْراً مَا يُوْافِقُ سَعِيْداً، وَكَانَ
سَعِيْدٌ لاَ يُجْتَرَأُ عَلَيْهِ (3) .
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: عَنْ مُصْعَبِ بنِ
عُثْمَانَ:
كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهاً،
فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ، فَسَامَتْهُ نَفْسَهُ،
فَامْتَنَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِذاً أَفْضَحُكَ.
فَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ، وَتَرَكَهَا فِي مَنْزِلِهِ،
وَهَرَبَ مِنْهَا.
قَالَ سُلَيْمَانُ: فَرَأَيْتُ يُوْسُفَ -عَلَيْهِ
السَّلاَمُ- وَكَأَنِّي أَقُوْلُ لَهُ: أَنْتَ يُوْسُفُ؟
قَالَ: نَعَمْ، أَنَا يُوْسُفُ الَّذِي هَمَمْتُ، وَأَنْتَ
سُلَيْمَانُ الَّذِي لَمْ تَهُمَّ (4) .
إِسْنَادُهَا مُنْقَطِعٌ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: سُلَيْمَانُ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَأْمُوْنٌ، فَاضِلٌ، عَابِدٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَحَدُ الأَئِمَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ (5) : كَانَ ثِقَةً، عَالِماً،
رَفِيْعاً، فَقِيْهاً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، مَاتَ سَنَةَ
سَبْعٍ وَمائَةٍ (6) .
__________
(1) ابن سعد 5 / 174، والفسوي في " المعرفة والتاريخ " 1 /
549 وزاد: " ولم يقل أفقه ".
(2) ابن عساكر (أحمد الثالث) 655.
(3) المعرفة والتاريخ 1 / 549، وابن عساكر (أحمد الثالث)
655.
(4) الحلية 2 / 190، 191، وابن عساكر (أحمد الثالث) 654.
(5) في الطبقات 5 / 175.
(6) لفظ ابن سعد: " عاليا " وزاد في نهاية الخبر: " وهو
ابن ثلاث وسبعين سنة ".
(4/446)
وَكَذَا أَرَّخَهُ: مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ
اللهِ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَالفَلاَّسُ، وَعَلِيُّ بنُ
عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ، وَالبُخَارِيُّ،
وَطَائِفَةٌ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: فَيَكُوْنُ مَوْلِدُهُ فِي أَوَاخِرِ أَيَّامِ
عُثْمَانَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ.
وَهَذَا وَهْمٌ، لَعَلَّهُ تَصَحَّفَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: سَنَةَ مائَةٍ.
وَهَذَا شَاذٌّ، وَأَشَذُّ مِنْهُ: رِوَايَةُ البُخَارِيِّ
(1) ، عَنْ هَارُوْنَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَجُلٍ:
أَنَّهُ مَاتَ هُوَ وَابْنُ المُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ
الفُقَهَاءِ؛ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي
المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ
خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ، حَدَّثَنَا
ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي يُوْنُسُ بنُ يُوْسُفَ (2) ،
عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ، قَالَ:
تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لَهُ
نَاتِلُ أَخُو أَهْلِ الشَّامِ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ،
حَدِّثْنَا حَدِيْثاً سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ: سَمِعتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (أَوَّلُ النَّاسِ يُقْضَى فِيْهِ
يَوْمَ القِيَامَةِ ثَلاَثَةٌ:
رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ،
فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيْهَا؟
قَالَ: قَاتَلْتُ فِي سَبِيْلِكَ حَتَّى اسْتُشَهِدْتَ.
فَقَالَ: كَذَبْتَ، إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ:
فُلاَنٌ جَرِيْءٌ، فَقَدْ قِيْلَ.
فَأُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى أُلْقِيَ
فِي النَّارِ.
وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وَقَرَأَ القُرْآنَ،
فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفهَا،
فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيْهَا؟
قَالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وَقَرَأْتُ القُرْآنَ،
وَعَلَّمْتُهُ فِيْكَ.
قَالَ: كَذَبْتَ، إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلاَنٌ
عَالِمٌ، وَفُلاَن قَارِئٌ، فَقَدْ قِيْلَ.
فَأُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى النَّارِ.
وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مِنْ أَنْوَاعِ المَالِ، فَأُتِيَ
بِهِ، فَعَرَّفَهُ نَعِمَهُ،
__________
(1) في التاريخ الصغير 1 / 235.
(2) في الأصل: " سيف " وهو تصحيف، والصواب من الحلية
ومصادر التخريج.
(4/447)
فَعَرَفَهَا، قَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيْهَا؟
قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ شَيْءٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ
فِيْهِ، إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيْهِ لَكَ.
فَقَالَ: كَذَبْتَ، إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ:
فُلاَنٌ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيْلَ.
فَأُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى أُلْقِيَ
فِي النَّارِ).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ (1) .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ:
قَدِمَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ،
فَدَعَاهُ أَبِي إِلَى الحَمَّامِ، وَصَنَعَ لَهُ طَعَاماً
(2) ، وَكَانَ أَبُوْهُ يَسَارٌ فَارِسِيّاً.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: وَلِيَ سُلَيْمَانُ سُوْقَ
المَدِيْنَةِ لأَمِيْرِهَا عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ
(3) .
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَالبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ:
يُكْنَى: أَبَا أَيُّوْبَ.
وَعَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ،
فَسَأَلْتُ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِهَا بِالطَّلاَقِ،
فَقِيْلَ: سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ (4) .
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ
يَسَارٍ يَصُوْمُ الدَّهْرَ، وَكَانَ أَخُوْهُ عَطَاءٌ
يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً (5) .
174 - عَطَاءُ بنُ يَسَارٍ المَدَنِيُّ * (ع)
وَكَانَ أَخُوْهُ إِمَاماً، فَقِيْهاً، وَاعِظاً،
مُذَكِّراً، ثَبْتاً، حُجَّةً، كَبِيْرَ القَدْرِ.
__________
(1) الحلية 2 / 192 وما بين الحاصرتين ساقط من الأصل،
استدركناه منه، وأخرجه مسلم في صحيحه (1905) في الامارة
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله،
وأحمد 2 / 322 من طريق ابن جريج عن يونس بن يوسف، عن
سليمان بن يسار، به.
(2) ابن عساكر (أحمد الثالث) 651.
(3) ابن سعد 5 / 175.
(4) ابن عساكر (أحمد الثالث) 655.
(5) ابن عساكر (أحمد الثالث) 654.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 173، طبقات خليفة ت 2132، تاريخ
البخاري 6 / 461 =
(4/448)
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَيُّوْبَ، وَزَيْدٍ،
وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ،
وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، وَصَفْوَانُ بنُ
سُلَيْمٍ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَهِلاَلُ بنُ
عَلِيٍّ، وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ.
رَوَى: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، أَنَّ
أَبَا حَازِمٍ قَالَ:
مَا رَأَيْتُ رَجُلاً كَانَ أَلْزَمَ لِمَسْجِدِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عَطَاءِ
بنِ يَسَارٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعَ عَطَاءٌ مِنِ ابْنِ
مَسْعُوْدٍ.
وَيُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: مَاتَ قَبْلَ المائَةِ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
175 - مُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ أَبُو الحَجَّاجِ المَكِّيُّ
الأَسْوَدُ * (ع)
الإِمَامُ، شَيْخُ القُرَّاءِ وَالمُفَسِّرِيْنَ، أَبُو
الحَجَّاجِ المَكِّيُّ، الأَسْوَدُ، مَوْلَى السَّائِبِ
بنِ أَبِي السَّائِبِ المَخْزُوْمِيِّ.
وَيُقَالُ: مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ
__________
= المعارف 459، المعرفة والتاريخ 1 / 564، الجرح والتعديل
القسم الأول من المجلد الثالث 338، تاريخ ابن عساكر 11 /
335 آ، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول
335، تهذيب الكمال ص 940، تاريخ الإسلام 4 / 34 و155،
تذكرة الحفاظ 1 / 84، العبر 1 / 125، تذهيب التهذيب 3 / 43
آ، غاية النهاية ت 2122، تهذيب التهذيب 7 / 217، النجوم
الزاهرة 1 / 229، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 34، خلاصة تذهيب
التهذيب 267، شذرات الذهب 1 / 125.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 466، طبقات خليفة ت 2535، تاريخ
البخاري 7 / 411، المعارف 444، المعرفة والتاريخ 1 / 711،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع 319، الحلية
3 / 279، طبقات الفقهاء للشيرازي 69، تاريخ ابن عساكر 16 /
125 ب، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الثاني
83، تهذيب الكمال ص 1306، تاريخ الإسلام 4 / 190، تذكرة
الحفاظ 1 / 86، العبر 1 / 125، تذهيب التهذيب 4 / 22 آ،
البداية والنهاية 9 / 224، العقد الثمين 7 / 132، غاية
النهاية ت 2659، الإصابة ت 8363، تهذيب التهذيب 10 / 42،
طبقات الحفاظ للسيوطي ص 35، خلاصة تذهيب التهذيب 369،
شذرات الذهب 1 / 125.
(4/449)
القَارِئِ.
وَيُقَالُ: مَوْلَى قَيْسِ بنِ الحَارِثِ المَخْزُوْمِيِّ.
رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ - فَأَكْثَرَ وَأَطَابَ -
وَعَنْهُ أَخَذَ القُرْآنَ، وَالتَّفْسِيْرَ، وَالفِقْهَ.
وَعَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَسَعْدِ بنِ
أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَابْنِ
عُمَرَ، وَرَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ، وَأُمِّ كُرْزٍ،
وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ
الخُدْرِيِّ، وَأُمِّ هَانِئ، وَأُسَيْدِ بنِ ظُهَيْرٍ،
وَعِدَّةٍ.
تَلاَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُم: ابْنُ كَثِيْرٍ
الدَّارِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ، وَابْنُ
مُحَيْصِنٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: عِكْرِمَةُ، وَطَاوُوْسٌ، وَعَطَاءٌ -
وَهُمْ مِنْ أَقْرَانِهِ - وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ،
وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَابْنُ
أَبِي نَجِيْحٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ،
وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ،
وَابْنُ عَوْنٍ، وَعُمَرُ بنُ ذَرٍّ، وَمَعْرُوْفُ بنُ
مُشْكَانَ، وَقَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ، وَالفَضْلُ بنُ
مَيْمُوْنٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرٍ، وَحُمَيْدٌ
الأَعْرَجُ، وَبُكَيْرُ بنُ الأَخْنَسِ، وَالحَسَنُ
الفُقَيْمِيُّ، وَخُصَيْفٌ، وَسُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ،
وَسَيْفُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ
الجَزَرِيُّ، وَأَبُو حُصَيْنٍ، وَالعَوَّامُ بنُ
حَوْشَبٍ، وَفِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَالنَّضْرُ بنُ
عَرَبِيٍّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ
مَيْمُوْنٍ، سَمِعْتُ مُجَاهِداً يَقُوْلُ:
عَرَضْتُ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلاَثِيْنَ
مَرَّةً (1) .
وَرَوَى: ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بنِ صَالِحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، قَالَ:
عَرَضْتُ القُرْآنَ ثَلاَثَ عَرْضَاتٍ عَلَى ابْنِ
عَبَّاسٍ، أَقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ، أَسْأَلُهُ:
فِيْمَ نَزَلَتْ؟ وَكَيْفَ كَانَتْ (2) ؟
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ،
حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا
__________
(1) ابن سعد 5 / 466، والحلية 3 / 280 وابن عساكر 16 / 127
آ ولفظهم: " ثلاثين عرضة "
(2) الحلية 3 / 279، 280، وابن عساكر 16 / 127 آ.
(4/450)
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
قُسْطَنْطِيْنَ، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى شِبْلِ بنِ عَبَّادٍ، وَقَرَأَ عَلَى ابْنِ
كَثِيْرٍ، وَأَخْبَرَهُ ابْنُ كَثِيْرٍ: أَنَّهُ قَرَأَ
عَلَى مُجَاهِدٍ، وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ
(1) .
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: خُذُوا التَّفْسِيْرَ مِنْ
أَرْبَعَةٍ: مُجَاهِدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ،
وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ (2) .
وَقَالَ خُصَيْفٌ: كَانَ مُجَاهِدٌ أَعْلَمَهُم
بِالتَّفْسِيْرِ (3) .
وَقَالَ قَتَادَةُ: أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالتَّفْسِيْرِ
مُجَاهِدٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: قُلْتُ لِلأَعْمَشِ: مَا
بَالُهُم يَتَّقُوْنَ تَفْسِيْرَ مُجَاهِدٍ؟
قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ يَسْأَلُ أَهْلَ
الكِتَابِ (4) .
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعَ مُجَاهِدٌ مِنْ
عَائِشَةَ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا (5) .
قُلْتُ: بَلَى، قَدْ سَمِعَ مِنْهَا شَيْئاً يَسِيْراً.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لأَنْ أَكُوْنَ سَمِعْتُ مِنْ
مُجَاهِدٍ، فَأَقُوْلَ: سَمِعْتُ مُجَاهِداً، أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي (6) .
قُلْتُ: مَعَ أَنَّهُ قَلَّمَا سَمِعَ مِنْ مُجَاهِدٍ
حَرْفَيْنِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَطَائِفَةٌ: مُجَاهِدٌ
ثِقَةٌ.
__________
(1) ابن عساكر 16 / 127 آ.
(2) ابن عساكر 16 / 128 آ، والضحاك هو ابن مزاحم تأتي
ترجمته في ص 598.
(3) ابن عساكر 16 / 128 آ.
(4) ابن سعد 5 / 467.
(5) ابن عساكر 16 / 128 آ.
وفي رواية أخرى لابن عساكر: " قال يحيى بن سعيد: كان شعبة
ينكر مجاهدا سمع من عائشة ".
(6) ابن عساكر 16 / 128 ب، وروايته: " لان أكون سمعت من
محمد بن مجاهد..".
(4/451)
وَيُقَالُ: سَكَنَ الكُوْفَةَ بِأَخَرَةٍ،
وَكَانَ كَثِيْرَ الأَسْفَارِ وَالتَّنَقُّلِ.
قَالَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً
يُرِيْدُ بِهَذَا العِلْمِ وَجْهَ اللهِ إِلاَّ هَؤُلاَءِ
الثَّلاَثَةَ: عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَطَاوُوْسٌ (1) .
بَقِيَّةُ: عَنْ حَبِيْبِ بنِ صَالِحٍ، سَمِعَ مُجَاهِداً
يَقُوْلُ: اسْتَفْرَغَ عِلْمِيَ القُرْآنُ (2) .
شُعْبَةُ: عَنْ رَجُلٍ، سَمِعْتُ مُجَاهِداً يَقُوْلُ:
صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أَخْدُمَهُ،
فَكَانَ يَخْدُمُنِي (3) .
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرٍ: عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
رُبَّمَا أَخَذَ ابْنُ عُمَرَ لِي بِالرِّكَابِ (4) .
قَالَ الأَعْمَشُ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ مُجَاهِداً،
ازْدَرَيْتُهُ مُتَبَذِّلاً، كَأَنَّهُ خَرْبَنْدَجٌ ضَلَّ
حِمَارَهُ، وَهُوَ مُغْتَمٌّ (5) .
رَوَى: الأَجْلَحُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
طَلَبْنَا هَذَا العِلْمَ وَمَا لَنَا فِيْهِ نِيَّةٌ،
ثُمَّ رَزَقَ اللهُ النِّيَّةَ بَعْدُ (6) .
وَقَالَ مَنْصُوْرٌ: عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لاَ
تُنَوِّهُوا بِي فِي الخَلْقِ (7) .
__________
(1) ابن عساكر 16 / 129 آ.
(2) المعرفة والتاريخ 1 / 712 وابن عساكر 16 / 128 آ.
(3) ابن عساكر 16 / 129 آ، والحلية 3 / 285، 286، وروايته:
" شعبة عن عبيد الله بن عمر عن مجاهد يقول.
" وفي رواية أخرى لابن عساكر " عبيد الله بن عمر، عن مجاهد
يقول".
(4) ابن عساكر 16 / 129 ب.
(5) ابن عساكر 16 / 129 ب، وانظر ابن سعد 5 / 466، 467،
والمعرفة والتاريخ 1 / 711، 712، والحلية 3 / 279، ولفظ
أبي نعيم: " خربندة " وهو حارس الحمار أو مؤجره واللفظة
فارسية.
(6) المعرفة والتاريخ 1 / 712 وابن عساكر 16 / 129 ب، 130
آ.
(7) ابن عساكر 16 / 130 آ.
(4/452)
حُصَيْنٌ: عَنْ مُجَاهِدٍ:
بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي، إِذْ قَامَ مِثْلُ الغُلاَمِ
ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَشَدَدْتُ عَلَيْهِ لآخُذَهُ، فَوَثَبَ،
فَوَقَعَ (1) خَلْفَ الحَائِطِ حَتَّى سَمِعْتُ
وَجْبَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُم يَهَابُوْنَكُمْ كَمَا
تَهَابُوْنَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُلْكِ سُلَيْمَانَ (2) .
وَرُوِيَ عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ مُجَاهِدٌ
كَأَنَّهُ حَمَّالٌ، فَإِذَا نَطَقَ، خَرَجَ مِنْ فِيْهِ
اللُّؤْلُؤُ.
وَقَالَ حُمَيْدٌ الأَعْرَجُ: كَانَ مُجَاهِدٌ -رَحِمَهُ
اللهُ- يُكَبِّرُ مِنْ سُوْرَةِ (وَالضُّحَى (3)).
قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ (4) : قَدِمَ
مُجَاهِدٌ عَلَى سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، ثُمَّ
عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَشَهِدَ وَفَاتَهُ.
فَرَوَى: مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مَعْرُوْفِ بنِ
مُشْكَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
قَالَ لِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: يَا مُجَاهِدُ،
مَا يَقُوْلُ النَّاسُ فِيَّ؟
قُلْتُ: يَقُوْلُوْنَ: مَسْحُوْرٌ.
قَالَ: مَا أَنَا بِمَسْحُوْرٍ.
ثُمَّ دَعَا غُلاَماً لَهُ، فَقَالَ: وَيَحَكَ! مَا
حَمَلَكَ عَلَى أَنْ سَقَيْتَنِي السُّمَّ؟
قَالَ: أَلْفُ دِيْنَارٍ أُعْطِيْتُهَا، وَأَنْ أُعْتَقَ.
قَالَ: هَاتِهَا.
فَجَاءَ بِهَا، فَأَلْقَاهَا فِي بَيْتِ المَالِ، وَقَالَ:
اذْهَبْ حَيْثُ لاَ يَرَاكَ أَحَدٌ (5) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ: عَنِ الثَّوْرِيِّ، قَالَ:
مُجَاهِدٌ مَوْلَىً لِبَنِي زُهْرَةَ (6) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مُجَاهِدٌ مَوْلَى عَبْدِ
اللهِ بنِ السَّائِبِ (7) .
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَوْلَى قَيْسِ بنِ
السَّائِبِ.
__________
(1) في الأصل " وقع " وما أثبتناه من ابن عساكر.
(2) ابن عساكر 16 / 130 آ.
(3) أي عند ختم القرآن.
وانظر ابن عساكر 16 / 127 ب.
(4) في تاريخه 16 / 125 ب.
(5) المصدر السابق، وما بين الحاصرتين منه.
(6) ابن عساكر 16 / 126 آ.
(7) المصدر السابق.
(4/453)
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ ابْنُ
إِسْحَاقَ يَقُوْلُ فِي أَحَادِيْثِ مُجَاهِدٍ كُلِّهَا:
مُجَاهِدُ بنُ جُبَيْرٍ (1) ، وَهُوَ مَوْلَى قَيْسِ بنِ
السَّائِبِ بنِ أَبِي السَّائِبِ، وَكَانَ السَّائِبُ
شَرِيْكَ النَّبِيِّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ (2) : مَوْلَى قَيْسٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ كَقَوْلِ أَحْمَدَ.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ المِصْرِيُّ (3)
لِلْمِصْرِيِّيْنَ: مُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ آخَرُ، ذَكَرَهُ
ابْنُ يُوْنُسَ (4) .
قَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ مُجَاهِدٌ:
لَوْ كُنْتُ قَرَأْتُ قِرَاءةَ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، لَمْ
أَحْتَجْ أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ كَثِيْرٍ مِنَ
القُرْآنِ مِمَّا سَأَلْتُ (5) .
رَوَاهُ: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْهُ.
مَطَرٌ الوَرَّاقُ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ:
الزُّهْرِيُّ، وَأَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالقُرْآنِ:
مُجَاهِدٌ (5) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (6) : مُجَاهِدٌ: ثِقَةٌ، فَقِيْهٌ،
عَالِمٌ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ.
قَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: أَحَادِيْثُ مُجَاهِدٍ عَنْ عَلِيٍّ
وَعَائِشَةَ: مَرَاسِيْلُ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، قَالَ:
رُبَّمَا أَخَذَ لِي ابْنُ عُمَرَ بِالرِّكَابِ،
وَرُبَّمَا أَدْخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَصَابِعَهُ فِي
إِبِطِي (7) .
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَالَ: مَا أَدْرِي أَيُّ
__________
(1) كذا الأصل، إذ يقال له ابن جبير أيضا كما في صدر
ترجمته عند ابن عساكر.
ولفظه في هذا الخبر: " جبر " 16 / 126 ب.
(2) في الطبقات 5 / 466.
(3) هو عبد الغني بن سعيد أبو محمد الأزدي المصري، صاحب
كتاب المؤتلف، المتوفى سنة 409، تأتي ترجمته في المجلد
الحادي عشر 59 ب من الأصل.
(4) ابن عساكر 16 / 127 آ.
(5) ابن عساكر 16 / 128 آ.
(6) في الطبقات 5 / 467.
(7) الحلية 3 / 285.
(4/454)
النِّعْمَتَيْنِ أَعْظَمُ: أَنْ هَدَانِي
لِلإِسْلاَمِ، أَوْ عَافَانِي مِنْ هَذِهِ الأَهْوَاءِ (1)
؟
قُلْتُ: مِثْلُ الرَّفْضِ، وَالقَدَرِ، وَالتَّجَهُّمِ.
يَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ
مُجَاهِدٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي، فَجَاءَ وَلَدُهُ يَعْقُوْبُ،
فَقَالَ: يَا أَبَتَاهُ، إِنَّ لَنَا أَصْحَاباً
يَزْعُمُوْنَ أَنَّ إِيْمَانَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلِ
الأَرْضِ وَاحِدٌ.
فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، مَا هَؤُلاَءِ بِأَصْحَابِي، لاَ
يَجْعَلُ اللهُ مَنْ هُوَ مُنْغَمِسٌ فِي الخَطَايَا
كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ (2) .
وَبِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
كُنْتُ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ، فَسَمِعْتُ رَجُلاً يَقُوْلُ
لامْرَأَةِ المَيِّتِ: لاَ تَسْبِقِيْنِي بِنَفْسِكِ.
قَالَتْ: قَدْ سُبِقْتَ.
قُلْتُ: وَلِمُجَاهِدٍ أَقْوَالٌ وَغَرَائِبُ فِي العِلْمِ
وَالتَّفْسِيْرِ تُسْتَنْكَرُ، وَبَلَغَنَا: أَنَّهُ
ذَهَبَ إِلَى بَابِلَ، وَطَلَبَ مِنْ مُتَوَلِّيْهَا أَنْ
يُوْقِفَهُ عَلَى هَارُوْتَ وَمَارُوْتَ.
قَالَ: فَبَعَثَ مَعِي يَهُوْدِيّاً، حَتَّى أَتَيْنَا
تَنُّوْراً فِي الأَرْضِ، فَكَشَفَ لَنَا عَنْهُمَا،
فَإِذَا بِهِمَا مُعَلَّقَانِ مُنَكَّسَانِ.
فَقُلْتُ: آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكُمَا، فَاضْرِبَا.
فَغُشِيَ عَلِيَّ وَعَلَى اليَهُوْدِيِّ، ثُمَّ أَفَقْنَا
بَعْدَ حِيْنٍ، فَلاَمَنِي اليَهُوْدِيُّ، وَقَالَ: كِدْتَ
أَنْ تُهْلِكَنَا (3) .
قَالَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ: مَاتَ مُجَاهِدٌ سَنَةَ
مائَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ، فَإِنَّ مُجَاهِداً رَأَى
عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ يَمُوْتُ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ مُجَاهِدٌ وَهُوَ سَاجِدٌ،
سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَمائَةٍ (4) .
وَكَذَا أَرَّخَهُ: الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ،
وَالمَدَائِنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَقَالَ حَمَّادٌ الخَيَّاطُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ،
وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ. وَقَالَ
__________
(1) الحلية 3 / 293 وفيه " علي بن عبيد " مصحف.
وابن عساكر 16 / 130 آ، ب.
(2) ابن عساكر 16 / 130 ب.
(3) ستذكر القصة برواية أخرى على الصفحة التالية.
(4) ابن سعد 5 / 467 وابن عساكر 16 / 130 ب.
(4/455)
ابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُ: سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
وَجَاءَ عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ: سَنَةَ ثَمَانٍ
وَمائَةٍ.
رَوَاهُ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعَنْهُ: سَنَةَ
سَبْعٍ وَمائَةٍ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ، قَالَ:
بَلَغ مُجَاهِدٌ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً (1) .
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ الحَافِظُ:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ القُدُّوْسِ، عَنِ
الأَعْمَشِ، قَالَ:
كَانَ مُجَاهِدٌ لاَ يَسْمَعُ بِأُعْجُوْبَةٍ، إِلاَّ
ذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ذَهَبَ إِلَى بِئْرِ
بَرَهُوْتَ (2) بِحَضْرَمَوْتَ، وَذَهَب إِلَى بَابِلَ،
عَلَيْهَا وَالٍ.
فَقَالَ لَهُ مُجَاهِدٌ: تَعْرِضُ عَلِيَّ هَارُوْتَ
وَمَارُوْتَ؟
قَالَ: فَدَعَا رَجُلاً مِنَ السَّحَرَةِ، فَقَالَ:
اذْهَبْ بِهِ.
فَقَالَ اليَهُوْدِيُّ: بِشَرْطِ أَنْ لاَ تَدْعُوَ اللهَ
عِنْدَهُمَا.
قَالَ: فَذَهَبَ بِي إِلَى قَلْعَةٍ، فَقَطَعَ مِنْهَا
حَجَراً، ثُمَّ قَالَ: خُذْ بِرِجْلِي.
فَهَوَى بِهِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى جَوْبَةٍ (3) ،
فَإِذَا هُمَا مُعَلَّقَانِ مُنَكَّسَانِ (4)
كَالجَبَلَيْنِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمَا، قُلْتُ:
سُبْحَانَ اللهِ خَالِقِكُمَا.
فَاضْطَرَبَا، فَكَأَنَّ الجِبَالَ تَدَكْدَكَتْ، فَغُشِيَ
عَلَيَّ وَعَلَى اليَهُوْدِيِّ، ثُمَّ أَفَاقَ قَبْلِي،
فَقَالَ: أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ، وَأَهْلَكْتَنِي (5) .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ، أَنْبَأَنَا
أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ شِيْرَوَيْه، حَدَّثَنَا ابْنُ رَاهُوَيْه،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ، وَالمُحَارِبِيُّ،
قَالاَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بنِ صَالِحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: عَرَضْتُ القُرْآنَ
__________
(1) ابن سعد 5 / 467.
(2) كذا ضبطها صاحب التاج (برهت)، وهو واد معروف، أو بئر
عميقة بحضرموت اليمن، لا يستطاع النزول إلى قعرها، وهو مقر
أرواح الكفار، كما حققه ابن ظهيرة في " تاريخ مكة " ويقال:
برهوت كعصفور.
وفي حديث علي: " شر بئر في الأرض برهوت ".
(3) الجوبة: فجوة أو منفتق من الأرض بلا بناء.
(4) في الأصل: " معلقين منكسين ".
(5) انظر الحلية 3 / 288، وإسناده ضعيف لضعف محمد بن حميد.
(4/456)
عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلاَث عَرْضَاتٍ،
أَقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ، أَسْأَلُهُ فِيْمَ نَزَلَتْ؟
وَكَيْفَ كَانَتْ؟ (1)
وَبِهِ: إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ
الحَسَنِ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ القَاضِي، حَدَّثَنَا
عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ
الحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
الرَّعْدُ مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ بِصَوْتِهِ (2) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا
مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَمِّي؛
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ،
أَنْبَأَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو
عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، نَبَّأَنَا الحُسَيْنُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ،
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ شُجَاعٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مَرَّتَيْنِ عَلَى المِنْبَرِ يَقُوْلُ:
(الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَزْناً
بِوَزْنٍ) (3) .
176 - سَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ العَدَوِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، الحَافِظُ، مُفْتِي
__________
(1) تقدم الخبر في ص 450 - رقم (2).
(2) الحلية 2 / 284، 285، وأخرجه ابن جرير 1 / 150 من طريق
محمد بن المثنى عن محمد بن جعفر عن شعبة عن الحكم عن
مجاهد.
(3) رجاله ثقات، وأخرجه مالك في الموطأ 2 / 632، 633،
والبخاري 4 / 317 ومسلم (1584) عن نافع عن أبي سعيد الخدري
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تبيعوا الذهب
بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا
تبيعوا منها غائبا بناجز ".
(*) طبقات ابن سعد 5 / 195، طبقات خليفة ت 2113، تاريخ
البخاري 4 / 115، المعارف 186، المعرفة والتاريخ 1 / 554،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثاني 184، الحلية
2 / 193، طبقات الفقهاء للشيرازي 62، تاريخ ابن عساكر 7 /
12 آ، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول
207، وفيات الأعيان 2 / 349، تهذيب الكمال ص 461، تاريخ
الإسلام 4 / 115، تذكرة الحفاظ 1 / 82، العبر 1 / 130،
تذهيب التهذيب 2 / 2 ب، البداية والنهاية 9 / 234، غاية
النهاية ت 1315، تهذيب التهذيب 3 / 436، النجوم الزاهرة 1
/ 256، طبقات الحفاظ =
(4/457)
المَدِيْنَةِ، أَبُو عُمَرَ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ، المَدَنِيُّ.
وَأُمُّهُ: أُمُّ وَلَدٍ.
مَوْلِدُهُ: فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ
الهَرَوِيُّ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ الجُرْجَانِيُّ،
أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الأَدِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى
المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بنُ أَشْرَسَ،
حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ - وَسَأَلْتُ
يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْهُ، فَوَثَّقَهُ - عَنْ سَالِمٍ،
عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
صَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ،
فَقَالَ: (أَلاَ إِنَّ الفِتَنَ مِنْ هَا هُنَا - ثَلاَثَ
مَرَّاتٍ - وَمِنْ ثَمَّ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ
(1)).
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ عَالٍ، وَلاَ يَقَعُ لَنَا حَدِيْثُ
سَالِمٍ أَعْلَى مِنْ هَذَا.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ - فَجَوَّدَ وَأَكْثَرَ -.
وَعَنْ: عَائِشَةَ - وَذَلِكَ فِي (سُنَنِ النَّسَائِيِّ)-
وَأَبِي هُرَيْرَةَ - وَذَلِكَ فِي (البُخَارِيِّ)
وَ(مُسْلِمٍ)-.
وَعَنْ: زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ العَدَوِيِّ، وَأَبِي
لُبَابَةَ بنِ عَبْدِ المُنْذِرِ - وَذَلِكَ مُرْسَلٌ -.
وَعَنْ: رَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ، وَسَفِيْنَةَ، وَأَبِي
رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَامْرَأَةِ
أَبِيْهِ؛ صَفِيَّةَ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ أَبُو بَكْرٍ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي
الجَعْدِ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعَمْرُو بنُ
دِيْنَارٍ القَهْرمَانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ،
وَيَحْيَى بنُ أَبِي إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ حَزْمٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي
حَرْمَلَةَ، وَكَثِيْرُ بنُ زَيْدٍ، وَفُضَيْلُ بنُ
غَزْوَانَ، وَحَنْظَلَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَصَالِحُ
بنُ كَيْسَانَ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَائِدَةَ
أَبُو وَاقِدٍ، وَعَاصِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ أَبِي رَوَّادٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ، وَعِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛
عُمَرُ بنُ حَمْزَةَ، وَابْنُ ابْنِ
__________
= للسيوطي ص 33، خلاصة تذهيب التهذيب 131، شذرات الذهب 1 /
133، تهذيب ابن عساكر 6 / 52.
(1) ابن عساكر 7 / 12 ب.
وإسناده حسن كما ذكر المصنف.
(4/458)
أَخِيْهِ؛ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
زَيْدٍ، وَابْنُ ابْنِ أَخِيْهِ؛ خَالِدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ
بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ القَاسِمُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
رَوَى: عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ،
قَالَ:
قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: أَتَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُ ابْنِي
سَالِماً؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: بِاسْمِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ
-يَعْنِي: أَحَدَ السَّابِقِيْنَ (1) -.
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ أَشْبَهَ وَلَدِ عُمَرَ
بِهِ، وَكَانَ سَالِمٌ أَشْبَهَ وَلَدِ عَبْدِ اللهِ بِهِ
(2) .
رَوَى: سَلَمَةُ الأَبْرَشُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
رَأَيْتُ سَالِمَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَلْبَسُ الصُّوْفَ،
وَكَانَ عِلْجَ الخَلْقِ، يُعَالِجُ بِيَدَيْهِ،
وَيَعْمَلُ (3) .
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: قَدِمَ جَمَاعَةٌ مِنَ
المِصْرِيِّيْنَ المَدِيْنَةَ، فَأَتَوْا بَابَ سَالِمِ
بنِ عَبْدِ اللهِ، فَسَمِعُوا رُغَاءَ بِعِيْرٍ، فَبَيْنَا
هُمْ كَذَلِكَ، خَرَجَ عَلَيْهِم رَجُلٌ شَدِيْدُ
الأُدْمَةِ، مُتَّزِرٌ بِكِسَاءِ صُوْفٍ إِلَى
ثَنْدُوَتِهِ، فَقَالُوا لَهُ: مَوْلاَكَ دَاخِلٌ؟
قَالَ: مَنْ تُرِيْدُوْنَ؟
قَالُوا: سَالِمٌ.
قَالَ: فَلَمَّا كَلَّمَهُم، جَاءَ شَيْءٌ غَيَّرَ
المَنْظَرَ.
قَالَ: مَنْ أَرَدْتُمْ؟
قَالُوا: سَالِمٌ.
قَالَ: هَا أَنَا ذَا، فَمَا جَاءَ بِكُم؟
قَالُوا: أَرَدْنَا أَنْ نُسَائِلَكَ.
قَالَ (4) : سَلُوا عَمَّا شِئْتم.
وَجَلَسَ، وَيَدُهُ مُلَطَّخَةٌ (5) بِالدَّمِ وَالقَيْحِ
الَّذِي أَصَابَهُ مِنَ البَعِيْرِ، فَسَأَلُوْهُ (6) .
قَالَ أَشْهَبٌ: عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي زَمَانِ سَالِمٍ أَشْبَهَ بِمَنْ
مَضَى مِنَ الصَّالِحِيْنَ، فِي الزُّهْدِ، وَالفَضْلِ،
وَالعَيْشِ مِنْهُ؛ كَانَ يَلْبَسُ الثَّوْبَ
__________
(1) ابن عساكر 7 / 13 آ.
(2) ابن عساكر 7 / 13 ب، 14 آ.
(3) ابن عساكر 7 / 15 ب.
(4) في الأصل: " قالوا ".
(5) في الأصل: " ملطخ ".
(6) ابن عساكر 7 / 14 ب، 15 آ.
(4/459)
بِدِرْهَمَيْنِ، وَيَشْتَرِي الشِّمَالَ
(1) لِيَحْمِلَهَا.
قَالَ: فَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ لِسَالِمٍ
وَرَآهُ حَسَنَ السُّحْنَةِ: أَيَّ شَيْءٍ تَأْكُلُ؟
قَالَ: الخُبْزَ وَالزَّيْتَ، وَإِذَا وَجَدْتُ اللَّحْمَ،
أَكَلْتُهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ (2) : أَوَ تَشْتَهِيْهِ؟
قَالَ: إِذَا لَمْ أَشْتَهِهِ، تَرَكْتُهُ حَتَّى
أَشْتَهِيَهُ (3) .
وَرَوَى: أَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُوْنِ
بنِ مِهْرَانَ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَوَّمْتُ كُلَّ شَيْءٍ
فِي بَيْتِهِ، فَمَا وَجَدْتُهُ يَسْوَى مائَةَ دِرْهَمٍ،
ثُمَّ دَخَلْتُ مَرَّةً أُخْرَى، فَمَا وَجَدْتُ مَا
يَسْوَى ثَمَنَ طَيْلَسَانَ، وَدَخَلتُ عَلَى سَالِمٍ مِنْ
بَعْدِهِ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِ أَبِيْهِ (4) .
رَوَى: زَيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ،
قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُقَبِّلُ سَالِماً، وَيَقُوْلُ:
شَيْخٌ يُقَبِّلُ شَيْخاً (5) .
ابْنُ سَعْدٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ المَكِّيِّ،
سَمِعَ خَالِدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ يَقُوْلُ:
بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُلاَمُ فِي حُبِّ
سَالِمٍ، فَكَانَ يَقُوْلُ:
يَلُوْمُوْنَنِي فِي سَالِمٍ وَأَلُوْمُهُمْ ...
وَجِلْدَةُ بَيْنَ العَيْنِ وَالأَنْفِ سَالِمُ (6)
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ
يَكْرَهُوْنَ اتِّخَاذِ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ، حَتَّى
نَشَأَ فِيْهِم الغُرُّ السَّادَةُ: عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بنُ
عَبْدِ اللهِ، فَفَاقُوا أَهْلَ المَدِيْنَةِ عِلْماً
وَتُقَىً وَعِبَادَةً وَوَرَعاً، فَرَغِبَ النَّاسُ
حِيْنَئِذٍ فِي السَّرَارِي (7) .
__________
(1) مفردها: شملة، وهي كساء دون القطيفة يشتمل به.
(2) كذا الأصل وتاريخ ابن عساكر، ويحتمل أن يكون القائل له
هو عمر بن عبد العزيز، لأنه كان يجلس في مجلس سليمان، وإلا
فيكون سقط من الأصل: " يا أبا " فإنها كنية المترجم.
(3) المعرفة والتاريخ 1 / 556 وابن عساكر 7 / 14 آ.
(4) ابن عساكر 7 / 14 آ.
(5) ابن عساكر 7 / 14 آ.
(6) طبقات ابن سعد 5 / 196 وابن عساكر 7 / 14 آ.
(7) ابن عساكر 7 / 14 ب، وقد تقدم الخبر بنحوه في ص 390.
(4/460)
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: كَانَ فُقَهَاءُ
أَهْلِ المَدِيْنَةِ الَّذِيْنَ كَانُوا يَصْدُرُوْنَ عَنْ
رَأْيِهِم سَبْعَةٌ: ابْنُ المُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ
يَسَارٍ، وَسَالِمٌ، وَالقَاسِمُ، وَعُرْوَةُ، وَعُبَيْدُ
اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَخَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ،
وَكَانُوا إِذَا جَاءتْهُم مَسْأَلَةٌ، دَخَلُوا فِيْهَا
جَمِيْعاً، فَنَظَرُوا فِيْهَا، وَلاَ يَقْضِي القَاضِي
حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْهِم، فَيَنْظُرُوْنَ فِيْهَا،
فَيَصْدُرُوْنَ.
ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ
رُوْمَانَ، عَنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى السُّوْقِ فِي حَوَائِجِ
نَفْسِهِ، وَاشْتَرَى شَمْلَةً، فَانْتَهَى بِهَا إِلَى
المَسْجِدِ، فَرَمَى بِهَا إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ
سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ تَبْعَثُ مَنْ يَحْمِلُهَا
لَكَ؟
فَقَالَ: بَلْ أَنَا أَحْمِلُهَا.
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَخْرُجُ إِلَى السُّوْقِ،
فَيَشْتَرِي، وَكَانَ سَالِمٌ دَهْرَهُ يَشْتَرِي فِي
الأَسْوَاقِ، وَكَانَ مِنْ أَفَضْلِ أَهْلِ زَمَانِهِ (2)
.
وَرَوَى: أَبُو سَعِيْدٍ الحَارِثِيُّ، عَنِ العُتْبِيِّ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
دَخَلَ سَالِمٌ عَلَى سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ،
وَعَلَى سَالِمٍ ثِيَابٌ غَلِيْظَةٌ رَثَّةٌ، فَلَمْ
يَزَلْ سُلَيْمَانُ يُرَحِّبُ بِهِ، وَيَرْفَعُهُ حَتَّى
أَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيْرِهِ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ فِي المَجْلِسِ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أُخْرَيَاتِ النَّاسِ: مَا
اسْتَطَاعَ خَالُكَ أَنْ يَلْبَسَ ثِيَاباً فَاخِرَةً
أَحْسَنَ مِنْ هَذِهِ، يَدْخُلُ فِيْهَا عَلَى أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ؟!
قَالَ: وَعَلَى المُتَكَلِّمِ ثِيَابٌ سَرِيَّةٌ، لَهَا
قِيْمَةٌ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا رَأَيْتُ هَذِهِ الثِّيَابَ
الَّتِي عَلَى خَالِي وَضَعَتْهُ فِي مَكَانِكَ، وَلاَ
رَأَيْتُ ثِيَابَكَ هَذِهِ رَفَعَتْكَ إِلَى مَكَانِ
خَالِي ذَاكَ (3).
__________
(1) ابن عساكر 7 / 14 ب، وقد تقدم بنحوه في ص 438، 439.
(2) ابن عساكر 7 / 16 آ.
(3) ابن عساكر 7 / 16 آ، وزاد في نهايته: " قال القاضي:
لقد أحسن عمر في جوابه وأجاد في الذب عن خاله.
وقد أنشدنا ابن دريد في خبر قد ذكرته في غير هذا الموضع
لبعض الأعراب: =
(4/461)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
العِجْلِيُّ: سَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ: تَابِعِيٌّ،
ثِقَةٌ (1) .
وَقَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ رَاهُوَيْه: أَصَحُّ
الأَسَانِيْدِ: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ
أَبِيْهِ.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
سَالِمٌ وَالقَاسِمُ حَدِيْثُهُمَا قَرِيْبٌ مِنَ
السَّوَاءِ؛ وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ أَيْضاً قَرِيْبٌ
مِنْهُمَا، وَإِبْرَاهِيْمُ أَعْجَبُ إِلَيَّ مُرْسَلاَتٍ
مِنْهُم.
قَالَ عَبَّاسٌ: قُلْتُ لِيَحْيَى: فَسَالِمٌ أَعْلَمُ
بِابْنِ عُمَرَ أَوْ نَافِعٍ؟
قَالَ: يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ نَافِعاً لَمْ يُحَدِّثْ
حَتَّى مَاتَ سَالِمٌ (2) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَمْ يَسْمَعْ سَالِمٌ مِنْ
عَائِشَةَ (3) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ مَرْفُوْعاً: (فِيْمَا سَقَتِ
السَّمَاءُ العُشْرُ (4) ...)، الحَدِيْثَ: وَرَوَاهُ
نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَوْلَهُ، قَالَ:
وَاخْتَلَفَ سَالِمٌ وَنَافِعٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فِي
ثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ: هَذَا أَحَدُهَا.
وَالثَّانِي: (مَنْ بَاعَ عَبْداً لَهُ مَالٌ (5))،
فَقَالَ: سَالِمٌ، عَنْ أَبِيْهِ، مَرْفُوْعاً.
وَقَالَ: نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَوْلَهُ.
__________
= يغايظونا بقمصان لهم جدد * كأنها لا ترى في السوق قمصانا
ليس القميص إذا جددت رقعته * بجاعل رجلا إلا كما كانا "
(1) ابن عساكر 7 / 14 ب.
(2) ابن عساكر 7 / 14 آ.
(3) انظر ابن عساكر 7 / 14 ب.
(4) أخرجه البخاري 3 / 274، 276 وأبو داود (1596) والنسائي
5 / 41 وابن ماجه (1817).
ونقل الحافظ في التلخيص 2 / 169 قول أبي زرعة: الصحيح وقفه
على ابن عمر، ذكره ابن أبي حاتم عنه في العلل.
وقد رواه مسلم (980) والنسائي 5 / 41، 42، من حديث جابر،
ورواه الترمذي (639) وابن ماجه (1816) من حديث أبي هريرة،
والنسائي 5 / 42، وابن ماجه (1818) من حديث معاذ.
(5) وتمامه: " فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع " أخرجه
الشافعي 2 / 160 والبخاري 5 / 37 و38 في الشرب باب الرجل
يكون له حمر أو شرب من حائط أو في نخل.
ومسلم (1543) (80) من =
(4/462)
وَقَالَ سَالِمٌ، عَنْ أَبِيْهِ،
مَرْفُوْعاً: (يَخْرُجُ نَارٌ مِنْ قِبَلِ اليَمَنِ (1)
...).
وَرَوَاهُ: نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ كَعْبٍ،
قَوْلَهُ.
قَالَ: أَبُو سَالِمٍ أَجَلُّ مِنْ نَافِعٍ، وَأَحَادِيْثُ
نَافِعٍ أَوْلَى بِالصَّوَابِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ (2) : كَانَ سَالِمٌ ثِقَةً،
كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، عَالِياً مِنَ الرِّجَالِ، وَرِعاً.
قَالَ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ: حَجَّ هِشَامُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ (3) فِي سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ،
فَأَعْجَبَتْهُ سُحْنَتُهُ، فَقَالَ: أَيَّ شَيْءٍ
تَأْكُلُ؟
فَقَالَ: الخُبْزَ وَالزَّيْتَ.
قَالَ: فَإِذَا لَمْ تَشْتَهِهِ؟
قَالَ: أُخَمِّرُهُ حَتَّى أَشْتَهِيَهُ.
فَعَانَهُ (4) هِشَامٌ، فَمَرِضَ، وَمَاتَ، فَشَهِدَهُ
هِشَامٌ، وَأَجْفَلَ النَّاسُ فِي جَنَازَتِهِ (5) ،
فَرَآهُم هِشَامٌ، فَقَالَ: إِنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ
لَكَثِيْرٌ.
فَضَرَبَ عَلَيْهِم بَعْثاً، أَخْرَجَ فِيْهِ جَمَاعَةً
مِنْهُم، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْهُم أَحَدٌ.
فَتَشَاءمَ بِهِ أَهْلُ المَدِيْنَةِ، فَقَالُوا: عَانَ
فَقِيْهَنَا، وَعَانَ أَهْلَ بَلَدِنَا (6) .
قَالَ جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: حَدَّثَنِي أَشْعَبُ
الطَّمَعِ، قَالَ:
قَالَ لِي سَالِمٌ: لاَ تَسْأَلْ أَحَداً غَيْرَ اللهِ
-تَعَالَى-.
وَقَالَ فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بنَ
عَبْدِ اللهِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ (7).
__________
= طريق ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر.
وقد رجح مسلم ما رجحه النسائي ورجح البخاري رواية سالم في
رفع الحديث كما نقله الترمذي عنه في العلل.
(1) الترمذي (2217).
(2) في الطبقات 5 / 200.
(3) لفظ ابن عساكر: " فجاءه سالم الخ ؟ ؟ ".
(4) عانه: أصابه بالعين.
(5) أجفل القوم: انقلعوا كلهم فمضوا (6) في الأصل: " أعان
" والصواب ما أثبتناه ؟ ؟ من ابن عساكر واللسان، والخبر في
ابن عساكر 7 / 17 ب، وانظر ابن سعد 5 / 200، 201.
(7) ابن سعد 5 / 197.
(4/463)
وَقَالَ مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنِي
خَالِدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى سَالِمٍ قَلَنْسُوَةً بَيْضَاءَ،
وَعِمَامَةً بَيْضَاءً يَسْدُلُ مِنْهَا خَلْفَهُ أَكْثَرَ
مِنْ شِبْرٍ (1) .
قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: أَتَيْنَا (2) سَالِمَ
بنَ عَبْدِ اللهِ، وَهُوَ فِي قَمِيْصٍ وَجُبَّةٍ قَدْ
اتَّزَرَ فَوْقَهَا.
قَالَ نَافِعٌ: كَانَ سَالِمٌ يَرْكَبُ فِي عَهْدِ ابْنِ
عُمَرَ بِالقَطِيْفَةِ الأُرْجُوَانِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (3) : أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ
المُسَيِّبِ، قَالَ:
أَشْبَهُ وَلَدِ ابْنِ عُمَرَ بِهِ: سَالِمٌ.
وَقِيْلَ: كَانَ سَالِمٌ يَرْكَبُ حِمَاراً عَتِيْقاً
زَرِيّاً، فَعَمَدَ أَوْلاَدُهُ، فَقَطَعُوا ذَنَبَهُ
حَتَّى لاَ يَعُوْدَ يَرْكَبُهُ سَالِمٌ، فَرَكِبَ وَهُوَ
أَقْطَشُ الذَّنَبِ، فَعَمَدُوا، فَقَطَعُوا أُذُنَهُ،
فَرَكِبَهُ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ ذَلِكَ، ثُمَّ جَدَعُوا
أُذُنَهُ الأُخْرَى، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرْكَبُهُ
تَوَاضُعاً، وَاطِّرَاحاً لِلتَّكَلُّفِ (4) .
الأَصْمَعِيُّ: عَنْ أَشْعَبَ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: حُمِلَ
إِلَيْنَا هَرِيْسَةٌ وَأَنَا صَائِمٌ، فَاقْعُدْ كُلْ.
قَالَ: فَأَمْعَنْتُ؛ فَقَالَ: ارْفُقْ، فَمَا بَقِيَ
يُحْمَلُ مَعَكَ.
قَالَ: فَرَجَعْتُ، فَقَالَتِ المَرْأَةُ: يَا مَشْؤُوْمُ،
بَعَثَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ عُثْمَانَ
يَطْلُبُكَ، وَقُلْتُ: إِنَّكَ مَرِيْضٌ!
قَالَ: أَحْسَنْتَ.
فَدَخَلَ حَمَّاماً، وَتَمَرَّجَ بِدُهْنٍ وَصُفْرَةٍ.
قَالَ: وَعَصَبْتُ رَأْسِي، وَأَخَذْتُ قَصَبَةً
أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا، وَأَتَيْتُهُ.
فَقَالَ: أَشْعَبُ؟!
قُلْتُ: نَعَمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا قُمْتُ مُنْذُ
شَهْرَيْنِ.
قَالَ: وَعِنْدَهُ سَالِمٌ، وَلَمْ أَشْعُرْ، فَقَالَ:
وَيْحَكَ يَا أَشْعَبُ!
وَغَضِبَ، وَخَرَجَ، فَقَالَ عَبْدُ
__________
(1) ابن سعد 5 / 197.
(2) لفظ ابن سعد 5 / 197: " أمنا سالم".
(3) في الطبقات 5 / 195، 196.
(4) انظر ابن عساكر 7 / 15 ب.
(4/464)
اللهِ: مَا غَضِبَ خَالِي سَالِمٌ إِلاَّ
مِنْ شَيْءٍ.
فَاعْتَرَفْتُ لَهُ، فَضَحِكَ هُوَ وَجُلَسَاؤُهُ،
وَوَهَبَ لِي، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا أَشْعَبُ قَدْ لَقِيَ
سَالِماً، فَقَالَ:
وَيْحَكَ! أَلَمْ تَأْكُلْ عِنْدِي الهَرِيْسَةَ؟
قُلْتُ: بَلَى.
فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ شَكَّكْتَنِي (1) .
وَحَكَى الأَصْمَعِيُّ: أَنَّ أَشْعَبَ مَرَّ فِي
طَرِيْقٍ، فَعَبَثَ بِهِ الصِّبْيَانُ، فَقَالَ:
وَيْحَكُمْ! سَالِمٌ يَقْسِمُ جَوْزاً أَوْ تَمْراً.
فَمَرُّوا يَعْدُوْنَ، فَغَدَا أَشْعَبُ مَعَهُم، وَقَالَ:
مَا يُدْرِيْنِي لَعَلَّهُ حَقٌّ (2) .
مَاتَ سَالِمٌ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمائَةٍ.
قَالَهُ: ابْنُ شَوْذَبٍ، وَعَطَّافُ بنُ خَالِدٍ،
وَضَمْرَةُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعِدَّةٌ.
زَادَ بَعْضُهُم: فِي ذِي القَعْدَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُم: فِي ذِي الحِجَّةِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ
هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بَعْد انْصِرَافِهِ مِنَ
الحَجِّ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَأَبُو أُمَيَّةَ بنُ يَعْلَى:
سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو عُمَرَ
الضَّرِيْرُ: سَنَةَ ثَمَانٍ.
وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ (3) : قَدِمَ سَالِمٌ
الشَّامَ وَافداً عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بِبَيْعَةِ
وَالِدِهِ لَهُ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى الوَلِيْدِ، ثُمَّ
عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: قُلْتُ لِسَالِمٍ فِي
حَدِيْثٍ: أَسَمِعْتَهُ مِنِ ابْنِ عُمَرَ؟
فَقَالَ: مَرَّةً وَاحِدَةً! أَكْثَرَ مِنْ مائَةِ مَرَّةٍ
(4) .
__________
(1) أورده ابن عساكر مطولا مع خلاف يسير، في ترجمة أشعب 3
/ 28 آ.
(2) انظر ابن عساكر 3 / 29 ب.
(3) في تاريخه 7 / 12 آ.
(4) المعرفة والتاريخ 1 / 554، وابن عساكر 7 / 14 آ،
ولفظهما: " نعم وأكثر من مئة مرة ".
(4/465)
قَالَ هَمَّامٌ: عَنْ عَطَاءِ بنِ
السَّائِبِ:
دَفَعَ الحَجَّاجُ رَجُلاً إِلَى سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ
لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: أَمُسْلِمٌ أَنْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَصَلَّيْتَ اليَوْمَ الصُّبْحَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَرُدَّ إِلَى الحَجَّاجِ، فَرَمَى بِالسَّيْفِ، وَقَالَ:
ذَكَرَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، وَأَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ،
وَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ، فَهُوَ فِي
ذِمَّةِ اللهِ (1)).
فَقَالَ: لَسْنَا نَقْتُلُهُ عَلَى صَلاَةٍ، وَلَكِنَّهُ
مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ.
فَقَالَ: هَا هُنَا مَنْ هُوَ أَوْلَى بِعُثْمَانَ مِنِّي.
فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: مِكْيَس، مِكْيَس
(2) .
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: دَخَلَ هِشَامٌ الكَعْبَةَ،
فَإِذَا هُوَ بِسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ:
سَلْنِي حَاجَةً.
قَالَ: إِنِّي أَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أَسْأَلَ فِي
بَيْتِهِ غَيْرَهُ.
فَلَمَّا خَرَجَا، قَالَ: الآنَ فَسَلْنِي حَاجَةً.
فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ: مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا، أَمْ
مِنْ حَوَائِجِ الآخِرَةِ؟
فَقَالَ: مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا.
قَالَ: وَاللهِ مَا سَأَلْتُ الدُّنْيَا مَنْ يَمْلِكُهَا،
فَكَيْفَ أَسْأَلُهَا مَنْ لاَ يَمْلِكُهَا (3) ؟
وَكَانَ سَالِمٌ حَسَنَ الخُلُقِ؛ فَرُوِيَ عَنْ:
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُقْبَةَ، قَالَ:
كَانَ سَالِمٌ إِذَا خَلاَ، حَدَّثَنَا حَدِيْثَ
الفِتْيَانِ.
وَعَنْ أَبِي سَعْدٍ، قَالَ: كَانَ سَالِمٌ غَلِيْظاً،
كَأَنَّهُ حَمَّالٌ (4) .
وَقِيْلَ: كَانَ عَلَى سَمْتِ أَبِيْهِ فِي عَدَمِ
الرَّفَاهِيَةِ.
حَمَّادُ بنُ عِيْسَى الجُهَنِيُّ: حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ،
عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
__________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه (657) من حديث جندب بن عبد الله،
وتمامه: " فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء.
فيدركه فيكبه في نار جهنم " وأخرجه الترمذي (2164) من حديث
أبي هريرة.
(2) كذا ضبط في الأصل، وفي اللسان والتاج مكيس كمعظم: كيس
معروف بالعقل.
والخبر في ابن سعد 5 / 196 وابن عسار 7 / 15 آ.
(3) ابن عساكر 7 / 16 ب، وما بين الحاصرتين منه.
(4) ابن عساكر 7 / 17 آ، وفيه جمال بالمعجمة.
(4/466)
عُمَرَ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
إِذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، لَمْ يُرْسِلْهُمَا
حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ (1) .
تَفَرَّدَ بِهِ: حَمَّادٌ، وَفِيْهِ لِيْنٌ.
177 - أَبُو الطُّفَيْلِ * عَامِرُ بنُ وَاثِلَةَ
الكِنَانِيُّ
قَدْ ذُكِرَ (2) ، وَكَانَ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ عَامَ
أُحُدٍ (3) .
وَقَالَ سَيْفُ بنُ وَهْبٍ: دَخَلْتُ بِمَكَّةَ عَلَى
أَبِي الطُّفَيْلِ، فَقَالَ لِي: أَنَا ابْنُ تِسْعِيْنَ
سَنَةً وَنِصْفِ سَنَةٍ (4) .
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: رَأَيْتُ جِنَازَةَ أَبِي
الطُّفَيْلِ بِمَكَّةَ، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ (5) .
قُلْتُ: هُوَ آخِرُ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفَاةً.
__________
(1) ابن عساكر 7 / 12 ب، وأخرجه الترمذي (3383) من طريق
حماد بن عيسى، وهو مع ضعفه فقد حسنه الحافظ ابن حجر في "
بلوغ المرام " بشواهد، منها حديث ابن عباس عند أبي داود
(1485).
(*) طبقات ابن سعد 5 / 457 و6 / 64، طبقات خليفة ت 176
و841 و2519، تاريخ البخاري 6 / 446، المعارف 341، المعرفة
والتاريخ 1 / 295 و359، الجرح والتعديل القسم الأول من
المجلد الثالث 328. الأغاني 13 / 166، الاستيعاب ت 1344،
ابن عساكر 8 / 412 ب، أسد الغابة 3 / 96، تهذيب الكمال 646
و1623، تاريخ الإسلام 4 / 78، العبر 1 / 118، 136، تذهيب
التهذيب 2 / 118 آ، البداية والنهاية 9 / 190، العقد
الثمين 5 / 87، الإصابة ت 4436، كنى 676، تهذيب التهذيب 5
/ 82، النجوم الزاهرة 1 / 243، خلاصة تذهيب التهذيب 185،
شذرات الذهب 1 / 118، خزانة الأدب (بتحقيق هارون) 4 / 41،
تهذيب ابن عساكر 7 / 203.
(2) في القسم الأول من المجلد الرابع 114 آ من الأصل.
(3) انظر ابن سعد 6 / 64.
(4) ابن عساكر 8 / 417 آ، وطوله البخاري 6 / 446، 447،
وكذا ابن عساكر 414 آ.
(5) ابن عساكر 8 / 418 آ.
(4/467)
178 - أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ عَبْدُ
اللهِ بنُ زَيْدِ * (ع)
ابْنِ عَمْرِو - أَوْ عَامِرِ - بنِ نَاتِلِ (1) بنِ
مَالِكٍ، الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو قِلاَبَةَ
الجَرْمِيُّ، البَصْرِيُّ.
وَجَرْمٌ: بَطْنٌ مِنَ الحَافِ (2) بنِ قُضَاعَةَ.
قَدِمَ الشَّامَ، وَانْقَطَعَ بِدَارَيَّا، مَا عَلِمْتُ
مَتَى وُلِدَ.
حَدَّثَ عَنْ: ثَابِتِ بنِ الضَّحَّاكِ فِي الكُتُبِ
كُلِّهَا.
وَعَنْ: أَنَسٍ كَذَلِكَ، وَمَالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ
كَذَلِكَ.
وَعَنْ: حُذَيْفَةَ فِي (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ)- وَلَمْ
يَلْحَقْهُ - وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ فِي (سُنَنِ
النَّسَائِيِّ)، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ فِي (سُنَنِ
التِّرْمِذِيِّ)، وَعَنْبَسَةَ بنِ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ
فِي (البُخَارِيِّ) وَ(مُسْلِمٍ)، وَعَنْ زَهْدَمِ بنِ
مُضَرِّبٍ (3) ، وَعَمِّهِ؛ أَبِي المُهَلَّبِ
الجَرْمِيِّ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَأَبِي
هُرَيْرَةَ فِي (سُنَنِ النَّسَائِيِّ)، وَمُعَاذَةَ
العَدَوِيَّةِ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ،
وَعَائِشَةَ الكُبْرَى فِي (مُسْلِمٍ) وَ(التِّرْمِذِيِّ)
وَ(النَّسَائِيِّ)، وَمُعَاوِيَةَ فِي (أَبِي دَاوُدَ)
وَ(النَّسَائِيِّ)، وَعَمْرِو بنِ سَلِمَةَ الجَرْمِيِّ
فِي (البُخَارِيِّ) وَ(سُنَن النَّسَائِيِّ)،
وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ فِي (أَبِي دَاوُدَ)
وَ(النَّسَائِيِّ) وَ(ابْنِ
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 183، طبقات خليفة ت 1730، تاريخ
البخاري 5 / 92، المعارف 446، المعرفة والتاريخ 2 / 65،
الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 57، تاريخ
داريا 60، الحلية 2 / 282، طبقات الفقهاء للشيرازي 89،
تاريخ ابن عساكر 9 / 156 آ، تهذيب الكمال ص 685، 1645،
تاريخ الإسلام 4 / 221، تذكرة الحفاظ 1 / 88، العبر 1 /
127، تذهيب التهذيب 2 / 146 آ، البداية والنهاية 9 / 231،
تهذيب التهذيب 5 / 224، النجوم الزاهرة 1 / 254، طبقات
الحفاظ للسيوطي ص 36، خلاصة تذهيب التهذيب 198، شذرات
الذهب 1 / 126، تهذيب ابن عساكر 7 / 429.
(1) كذا ضبط في الأصل وفي جمهرة ابن حزم. وقد جاء في تاريخ
داريا وابن عساكر (نايل).
(2) ويقال الحافي كما في جمهرة ابن حزم.
والحاف من الحفى كما في " الاشتقاق " و" الحاف " مما حذفت
العرب ياءه اجتزاء بالكسرة كالعاص بن أمية، وقوله تعالى:
(دعوة الداع) " انظر أمالي ابن الشجري 2 / 73.
(3) في تقريب التهذيب " مضرس " وهو تصحيف.
(4/468)
مَاجَه)، وَقَبِيْصَةَ بنِ مُخَارِقٍ فِي
(أَبِي دَاوُدَ) وَ(النَّسَائِيِّ)، وَعَنْ خَلْقٍ
سِوَاهُم.
وَهُوَ يُدَلِّسُ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الهُدَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَوْلاَهُ؛ أَبُو رَجَاءٍ سَلْمَانُ،
وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ،
وَقَتَادَةُ، وَعِمْرَانُ بنُ حُدَيْرٍ، وَالمُثَنَّى بنُ
سَعِيْدٍ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَمَيْمُوْنُ
القَنَّادُ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَخَالِدٌ
الحَذَّاءُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي
هِنْدٍ، وَحَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ، وَأَبُو عَامِرٍ
الخَزَّارُ، وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ
الحَدِيْثِ، وَكَانَ دِيْوَانُهُ بِالشَّامِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي حَمَلَةَ: قَدِمَ عَلَيْنَا
مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ، فَقُلْنَا لَهُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، لَوْ عَلِمَ اللهُ أَنَّ
بِالعِرَاقِ مَنْ هُوَ أَفَضْلُ مِنْكَ لَجَاءنَا بِهِ.
فَقَالَ: كَيْفَ لَوْ رَأَيْتُم عَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدٍ
أَبَا قِلاَبَةَ الجَرْمِيَّ!
قَالَ: فَمَا ذَهَبَتِ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى
قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو قِلاَبَةَ (2) .
قَالَ القَاضِي عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ
الخَوْلاَنِيُّ فِي (تَارِيْخِ دَارِيَّا (3)):
مَوْلِدُ أَبِي قِلاَبَةَ بِالبَصْرَةِ، وَقَدِمَ
الشَّامَ، فَنَزَلَ دَارِيَّا، وَسَكَنَ بِهَا عِنْدَ
ابْنِ عَمِّهِ بَيْهَسِ بنِ صُهَيْبِ بنِ عَامِلِ بنِ
نَاتِلٍ.
رَوَى: أَشْهَبُ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
مَاتَ ابْنُ المُسَيِّبِ وَالقَاسِمُ وَلَمْ يَتْرُكُوا
كُتُباً، وَمَاتَ أَبُو قِلاَبَةَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ
تَرَكَ حِمْلَ بَغْلٍ كُتُباً (4) .
وَرَوَى: أَيُّوْبُ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ، قَالَ:
لَوْ كَانَ أَبُو قِلاَبَةَ مِنَ العَجَمِ،
__________
(1) في الطبقات 7 / 183.
(2) ابن عساكر 9 / 156 ب وانظر ص 511 من هذا الجزء.
(3) ص 61، وكذا ابن عساكر 9 / 157 آ، وما بين الحاصرتين
منهما.
(4) ابن عساكر 9 / 159 ب.
(4/469)
لَكَانَ مُوْبَذَ مُوْبَذَانَ -يَعْنِي:
قَاضِي القُضَاةِ (1) -.
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي خُشَيْنَةَ
صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، قَالَ:
ذُكِرَ أَبُو قِلاَبَةَ عِنْدَ ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ:
ذَاكَ أَخِي حَقّاً (2) .
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ذَكَرَ أَيُّوْبُ لِمُحَمَّدٍ
حَدِيْثَ أَبِي قِلاَبَةَ، فَقَالَ:
أَبُو قِلاَبَةَ - إِنْ شَاءَ اللهُ - ثِقَةٌ، رَجُلٌ
صَالِحٌ، وَلَكِنْ عَمَّنْ ذَكَرَهُ أَبُو قِلاَبَةَ (3) .
قَالَ حَمَّادٌ: سَمِعْتُ أَيُّوْبَ ذَكَرَ أَبَا
قِلاَبَةَ، فَقَالَ:
كَانَ -وَاللهِ- مِنَ الفُقَهَاءِ ذَوِي الأَلْبَابِ،
إِنِّي وَجَدْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالقَضَاءِ أَشَدَّهُم
مِنْهُ فِرَاراً، وَأَشَدَّهُم مِنْهُ فَرَقاً؛ وَمَا
أَدْرَكْتُ بِهَذَا المِصْرِ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ مِنْ
أَبِي قِلاَبَةَ، لاَ أَدْرِي مَا مُحَمَّدٌ (4) .
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أُذَيْنَةَ -يَعْنِي:
قَاضِي البَصْرَةِ- زَمَنَ شُرَيْحٍ، ذُكِرَ أَبُو
قِلاَبَةَ لِلْقَضَاءِ، فَهَرَبَ حَتَّى أَتَى
اليَمَامَةَ.
قَالَ: فَلَقِيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لَهُ فِي
ذَلِكَ، فَقَالَ:
مَا وَجَدْتُ مَثَلَ القَاضِي العَالِمِ إِلاَّ مَثَلَ
رَجُلٍ وَقَعَ فِي بَحْرٍ، فَمَا عَسَى أَنْ يَسْبَحَ
حَتَّى يَغْرَقَ (5) .
وَقَالَ خَالِدٌ الحَذَّاءُ: كَانَ أَبُو قِلاَبَةَ إِذَا
حَدَّثَنَا بِثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ، قَالَ: قَدْ
أَكْثَرْتُ (6).
__________
(1) ابن سعد 7 / 183، والمعرفة والتاريخ 2 / 65 والحلية 2
/ 284.
(2) ابن سعد 7 / 183، 184.
(3) ابن عساكر 9 / 160 آ.
(4) ابن سعد 7 / 183 وزاد: " لو خبر " وفي رواية لابن
عساكر 9 / 161 آ: " لو جبر عليه " وفي رواية أخرى 9 / 161
ب زاد في نهاية الخبر: " لا أدري ما محمد بن سيرين، فكان
يراد على القضاء فيفر إلى الشام مرة، ويفر إلى اليمامة
مرة، فكان إذا قدم البصرة كان كالمستخفي حتى يخرج " وانظر
المعرفة والتاريخ 2 / 67 والحلية 2 / 285.
(5) ابن عساكر 9 / 161 به وانظر ابن سعد 7 / 183 والمعرفة
والتاريخ 2 / 65، 66.
(6) ابن سعد 7 / 185 والحلية 2 / 287.
(4/470)
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ:
بَصْرِيٌّ، تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ، كَانَ يَحْمِلُ عَلَى
عَلِيٍّ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ شَيْئاً، وَلَمْ يَسْمَعْ
مِنْ ثَوْبَانَ شَيْئاً (1) .
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ
مِنْ أَبِي قِلاَبَةَ (2) .
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: أَبُو قِلاَبَةَ
عَرَبِيٌّ مِنْ جَرْمٍ، مَاتَ بِالشَّامِ، وَأَدْرَكَ
خِلاَفَةَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
أَبُو رَجَاءٍ: عَنْ مَوْلاَهُ؛ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ،
فَذَكَرُوا القَسَامَةَ (3) ، فَحَدَّثْتُهُ عَنْ أَنَسٍ
بِقِصَّةِ العُرَنِيِّيْنَ (4) .
قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا دَامَ
فِيْكُم هَذَا، أَوْ مِثْلُ هَذَا (5) .
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: رَوَى أَبُو قِلاَبَةَ عَنْ
سَمُرَةَ، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَرَوَى عَنْ هِشَامِ بنِ
عَامِرٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.
__________
(1) انظر ابن عساكر 9 / 160 ب.
(2) ابن عساكر 9 / 163 آ.
(3) حديث القسامة أخرجه مسلم (1669) والبخاري 10 / 443.
والقسامة: قال البغوي في " شرح السنة " 10 / 216: صورة
قتيل القسامة أن يوجد قتيل وادعى وليه على رجل أو على
جماعة وعليهم لوث ظاهر، واللوث ما يغلب على القلب صدق
المدعي بأنه وجد فيما بين قوم أعداء لهم لا يخالطهم غيرهم
كقتيل خيبر وجد بينهم والعداوة بين الانصار وبين أهل خيبر
ظاهرة، أو اجتمع جماعة في بيت أو صحراء وتفرقوا عن قتيل،
أو وجد في ناحية قتيل وثم رجل مختضب بدمه أو شهد عدل واحد
على أن فلانا قتله أو قاله جماعة من العبيد والنسوان جاؤوا
متفرقين بحيث يؤمن تواطؤهم ونحو ذلك من أنواع اللوث فيبدأ
بيمين المدعي فيحلف خمسين يمينا ويستحق دعواه، وإن لم يكن
هناك لوث فالقول قول المدعى عليه مع يمينه كما في سائر
الدعاوى.
(4) حديث العرنيين أخرجه البخاري 12 / 98 في المحاربين في
فاتحته، باب لم يحسم النبي صلى الله عليه وسلم من أهل
الردة حتى هلكوا، وباب لم يسق المرتدون المحاربون حتى
ماتوا، وباب سمر النبي صلى الله عليه وسلم أعين المحاربين،
وفي المغازي باب قصة عكل وعرينة، وفي تفسير سورة المائدة
باب إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله..وأخرجه مسلم
(1671) في القسامة باب حكم المحاربين من حديث أنس بن مالك.
(5) الحلية 2 / 284، وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 65.
(4/471)
قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بنِ
الخَطَّابِ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، فَكَانَ يُرْسِلُ
كَثِيْراً.
قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: رَآنِي أَبُو
قِلاَبَةَ وَقَدِ اشْتَرَيْتُ تَمْراً رَدِيْئاً، فَقَالَ:
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ نَزَعَ مِنْ كُلِّ
رَدِيْءٍ بَرَكَتَهُ (1) .
وَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: لَيْسَ شَيْءٌ أَطْيَبَ مِنَ
الرُّوْحِ، مَا انْتُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَنْتَنَ (2)
.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، حَدَّثَنَا اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا
الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ
بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: لاَ تُجَالِسُوا أَهْلَ
الأَهْوَاءِ، وَلاَ تُحَادِثُوْهُم، فَإِنِّي لاَ آمَنُ
أَنْ يَغْمُرُوْكُم فِي ضَلاَلَتِهِم، أَوْ يُلْبِسُوا
عَلَيْكُم مَا كُنْتُم تَعْرِفُوْنَ (3) .
وَعَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ:
إِذَا حَدَّثْتَ الرَّجُلَ بِالسُّنَّةِ، فَقَالَ: دَعْنَا
مِنْ هَذَا وَهَاتِ كِتَابَ اللهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ
ضَالٌّ (4).
قُلْتُ أَنَا: وَإِذَا رَأَيْتَ المُتَكَلِّمَ
المُبْتَدِعَ يَقُوْلُ: دَعْنَا مِنَ الكِتَابِ
وَالأَحَادِيْثِ الآحَادِ وَهَاتِ العَقْلَ، فَاعْلَمْ
أَنَّهُ أَبُو جَهْلٍ، وَإِذَا رَأَيْتَ السَّالِكَ
التَّوْحِيْدِيَّ يَقُوْلُ: دَعْنَا مِنَ النَّقْلِ وَمِنَ
العَقْلِ وَهَاتِ الذَّوْقَ وَالوَجْدَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ
إِبْلِيْسُ قَدْ ظَهَرَ بِصُوْرَةِ بَشَرٍ، أَوْ قَدْ
حَلَّ فِيْهِ، فَإِنْ جَبُنْتَ مِنْهُ، فَاهْرُبْ،
وَإِلاَّ فَاصْرَعْهُ، وَابْرُكْ عَلَى صَدْرِهِ،
وَاقْرَأْ عَلَيْهِ آيَةَ الكُرْسِيِّ، وَاخْنُقْهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ
بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ
القَاضِي، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ،
أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
__________
(1) انظر الحلية 2 / 286 وابن عساكر 9 / 163 آ، والخبر
فيهما مطول.
(2) الحلية 2 / 287.
(3) الحلية 2 / 287، وابن سعد 7 / 184 وفيه: " ولا
تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم ".
(4) ابن سعد 7 / 184.
(4/472)
أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ،
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ القَوَارِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ:
دَخَلَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ عَلَى أَبِي
قِلاَبَةَ يَعُوْدُهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا قِلاَبَةَ،
تَشَدَّدْ، لاَ يَشْمَتْ بِنَا المُنَافِقُوْنَ (1) .
رَوَى: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ
جَابِرٍ، قَالَ:
قِيْلَ لِعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ: هَذَا أَبُو
قِلاَبَةَ.
قَالَ: مَا أَقْدَمَهُ؟
قَالُوا: مُتَعَوِّذاً مِنَ الحَجَّاجِ، أَرَادَهُ عَلَى
القَضَاءِ، فَكَتَبَ إِلَى الحَجَّاجِ بِالوَصَاةِ بِهِ.
فَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: لَنْ أَخْرُجَ مِنَ الشَّامِ (2)
.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ (3) : لاَ يُعْرَفُ لأَبِي قِلاَبَةَ
تَدْلِيْسٌ.
قُلْتُ: مَعْنَى هَذَا: أَنَّهُ إِذَا رَوَى شَيْئاً عَنْ
عُمَرَ أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَثَلاً مُرْسَلاً لاَ
يَدْرِي مَنِ الَّذِي حَدَّثَهُ بِهِ، بِخِلاَفِ
تَدْلِيْسِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، فَإِنَّهُ كَانَ
يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ، ثُمَّ يُسْقِطُهُم، كَعَلِيِّ
بنِ زَيْدٍ تِلْمِيْذِهِ.
وَيُرْوَى: أَنَّ أَبَا قِلاَبَةَ عَطِشَ وَهُوَ صَائِمٌ،
فَأَكْرَمَهُ اللهُ لَمَّا دَعَا بِأَنْ أَظَلَّتْهُ
سَحَابَةٌ، وَأَمْطَرَتْ عَلَى جَسَدِهِ، فَذَهَبَ
عَطَشُهُ (4) .
قَالَ سَلَمَةُ بنُ وَاصِلٍ: مَاتَ أَبُو قِلاَبَةَ
-رَحِمَهُ اللهُ- بِالشَّامِ، فَأَوْصَى بِكُتُبِهِ
لأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ (5) .
وَقَالَ أَيُّوْبُ: فَلَمَّا جَاءتْنِي الكُتُبُ،
أَخْبَرْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، وَقُلْتُ لَهُ: أُحَدِّثُ
مِنْهَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
ثُمَّ قَالَ: لاَ آمُرُكَ، وَلاَ أَنْهَاكَ (6) .
__________
(1) انظر ابن سعد 7 / 185 وكذا في المعرفة والتاريخ 2 / 67
وابن عساكر 9 / 163 آ.
(2) أورده ابن عساكر مطولا 9 / 156 ب، وما بين الحاصرتين
منه.
(3) في الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 58.
(4) انظر الخبر مطولا في ابن عساكر 9 / 160 ب.
(5) ابن عساكر 9 / 163 آ، ب.
(6) ابن عساكر 9 / 163 ب، ولفظه: " فأخذت منها " وانظر ابن
سعد 7 / 185.
(4/473)
وَقِيْلَ: إِنَّ أَيُّوْبَ وَزَنَ كِرَاءَ
حِمْلِهَا بِضْعَةَ عَشَرَ دِرْهَماً، فَقَالَ حَمَّادُ
بنُ زَيْدٍ: جِيْءَ بِهَا فِي عِدْلِ رَاحِلَةٍ.
وَقَدْ أَخْبَرَنِي عَبْدُ المُؤْمِنِ شَيْخُنَا: أَنَّ
أَبَا قِلاَبَةَ مِمَّنْ ابْتُلِيَ فِي بَدَنِهِ
وَدِيْنِهِ، أُرِيْدَ عَلَى القَضَاءِ، فَهَرَبَ إِلَى
الشَّامِ، فَمَاتَ بِعَرِيْشِ مِصْرَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ،
وَقَدْ ذَهَبَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاَهُ وَبَصَرُهُ، وَهُوَ
مَعَ ذَلِكَ حَامِدٌ شَاكِرٌ.
وَكَذَا أَرَّخَ مَوْتَهُ: شَبَابٌ، وَأَبُو عُبَيْدٍ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: سَنَةَ أَرْبَعٍ، أَوْ خَمْسٍ
وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ، أَوْ
سَبْعٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ فِي
كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ،
أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ (1) ، أَنْبَأَنَا
مَحْمُوْدٌ الأَزْدِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ
الجَرَّاحِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو العَبَّاسِ
المَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ،
عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي: أَبُو بَكْرٍ،
وَأَشَدُّهُم فِي أَمْرِ اللهِ: عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُم
حَيَاءً: عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُم لِكِتَابِ اللهِ:
أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُم: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ،
وَأَعْلَمُهُم بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ: مُعَاذُ بنُ
جَبَلٍ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، أَلاَ
وَإِنَّ أَمِيْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ
الجرَّاحِ).
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، صَحِيْحٌ (2) .
وَبِهِ فِي (سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ (3)): حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ
__________
(1) هو نصر بن سيار بن صاعد أبو الفتح الكتاني متوفى سنة
572 ه تأتي ترجمته في المجلد الثاني عشر 275 ب من الأصل.
(2) رجاله ثقات، وسنده قوي، وهو في سنن الترمذي (3791)
وأخرجه أحمد 3 / 184 و281، وابن ماجه (154).
(3) رقم (3790).
(4/474)
الرَّحْمَنِ، عَنْ دَاوُدَ العَطَّارِ،
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي: أَبُو بَكْرٍ،
وَأَشَدُّهُم فِي دِيْنَ اللهِ: عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُم
حَيَاءً: عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُم بِالحَلاَلِ
وَالحَرَامِ: مُعَاذٌ، وَأَفْرَضُهُم: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ،
وَأَقْرَؤُهُم: أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ،
وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ
الجَرَّاحِ).
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
قُلْتُ: سُفْيَانُ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
179 - عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ
الهُذَلِيُّ المَدَنِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، مُفْتِي المَدِيْنَةِ،
وَعَالِمُهَا، وَأَحَدُ الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ الهُذَلِيُّ، المَدَنِيُّ، الأَعْمَى.
وَهُوَ أَخُو المُحَدِّثِ عَوْنٍ، وَجَدُّهُمَا عُتْبَةُ
هُوَ: أَخُو عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا-.
وُلِدَ: فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ، أَوْ بُعَيْدَهَا.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ،
وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَأَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ،
وَزَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ -
وَلاَزَمَهُ طَوِيْلاً - وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي
سَعِيْدٍ، وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، وَمَيْمُوْنَةَ،
وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَأُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ،
وَوَالِدِهِ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْ: عُمَرَ، وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ، وَعُثْمَانَ بنِ
حُنَيْفٍ، وَغَيْرِهِم مُرْسَلاً.
وَعَنْهُ: أَخُوْهُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَضَمْرَةُ بنُ
سَعِيْدٍ المَازِنِيُّ، وَعِرَاكُ بنُ مَالِكٍ، وَمُوْسَى
بنُ أَبِي عَائِشَةَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَصَالِحُ بنُ
كَيْسَانَ، وَخُصَيْفٌ الجَزَرِيُّ،
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 250، طبقات خليفة ت 2087، تاريخ
البخاري 5 / 385، المعارف 250، المعرفة والتاريخ 1 / 560،
الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 319، الحلية
2 / 188، طبقات الفقهاء للشيرازي 60، تهذيب الأسماء
واللغات القسم الأول من الجزء الأول 312، وفيات الأعيان 3
/ 115، تهذيب الكمال ص 884، تاريخ الإسلام 4 / 30، تذكرة
الحفاظ 1 / 74. العبر 1 / 116، تذهيب التهذيب 2 / 265 ب،
تهذيب التهذيب 7 / 23، طبقات الحفاظ للسيوطي 32، خلاصة
تذهيب التهذيب 251، شذرات الذهب 1 / 114.
(4/475)
وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَسَالِمٌ
أَبُو النَّضْرِ، وَطَلْحَةُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ،
وَعَبْدُ المَجِيْدِ بنُ سُهَيْلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي الجَهْمِ العَدَوِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ ثِقَةً، عَالِماً، فَقِيْهاً،
كَثِيْرَ الحَدِيْثِ وَالعِلْمِ بِالشِّعْرِ، وَقَدْ
ذَهَبَ بَصَرُهُ (1).
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ
أَعْمَشَ، وَكَانَ أَحَدَ فُقَهَاءِ المَدِيْنَةِ، ثِقَةً،
رَجُلاً صَالِحاً، جَامِعاً لِلْعِلْمِ، وَهُوَ مُعَلِّمُ
عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ،
إِمَامٌ.
يُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ (2) : عَنْ عُمَارَةَ
(3) بنِ زَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:
كَانَ أَبُو سَلَمَةَ يَسْأَلُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ
يَخْزُنُ عَنْهُ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ يُلْطِفُهُ،
فَكَانَ يُعِزُّهُ عِزّاً (4) .
عَبْدُ اللهِ بنُ شَبِيْبٍ: عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ
مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:
مَا جَالَسْتُ أَحَداً مِنَ العُلَمَاءِ إِلاَّ وَأَرَى
أَنِّي قَدْ أَتَيْتُ عَلَى مَا عِنْدَهُ، وَقَدْ كُنْتُ
أَخْتَلِفُ إِلَى عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، حَتَّى مَا
كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْهُ إِلاَّ مُعَاداً، مَا خَلاَ
عُبَيْدَ اللهِ، فَإِنَّهُ لَمْ آتِهِ إِلاَّ وَجَدْتُ
عِنْدَهُ عِلْماً طَرِيْفاً.
وَرَوَى: يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِّيُّ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ
__________
(1) ابن سعد 5 / 250.
(2) في الأصل " المؤذن " وهو تصحيف.
(3) كذا الأصل، وفي الطبقات: حماد بن زيد، ويغلب على الظن
أن ما في الطبقات هو الصواب.
(4) أي: يتحفه بالقليل، والخبر في ابن سعد 5 / 250.
(4/476)
عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:
مَا سَمِعْتُ حَدِيْثاً قَطُّ فَأَشَاءُ (1) أَنْ أَعِيَهُ
إِلاَّ وَعَيْتُهُ.
وَرَوَى: يَعْقُوْبُ هَذَا، عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:
كَانَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ لاَ أَشَاءُ أَنْ
أَقَعَ مِنْهُ عَلَى مَا لاَ أَجِدُهُ إِلاَّ عِنْدَهُ
إِلاَّ وَقَعْتُ عَلَيْهِ.
مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ - وَهُوَ وَاهٍ -: عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ:
كُنْتُ أَخْدُمُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ اللهِ حَتَّى
أَنْ كُنْتُ أَسْتَقِي لَهُ المَاءَ المَالِحَ، وَكَانَ
يَقُوْلُ لِجَارِيَتِهِ: مَنْ بِالبَابِ؟
فَتَقُوْلُ: غُلاَمُكَ الأَعْمَشُ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ
بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ
التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ،
أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ
النَّوْفَلِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ،
قَالَ:
كَتَبَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ
إِلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ:
بِسْمِ الَّذِي أُنْزِلَتْ مِنْ عِنْدِهِ السُّوَرُ ...
وَالحَمْدُ للهِ، أَمَّا بَعْدُ يَا عُمَرُ
إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ ... فَكُنْ
عَلَى حَذَرٍ قَدْ يَنْفَعُ الحَذَرُ
وَاصْبِرْ عَلَى القَدَرِ المَحْتُوْمِ، وَارْضَ بِهِ ...
وَإِنْ أَتَاكَ بِمَا لاَ تَشْتَهِي القَدَرُ
فَمَا صَفَا لامْرِئٍ عَيْشٌ يُسَرُّ بِهِ ... إِلاَّ
سَيَتْبَعُ يَوْماً صَفْوَهُ كَدَرُ (2)
قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
اللهِ بَحْراً مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ (3) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ الحِزَامِيُّ: قَالَ
مَالِكٌ:
كَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَأْتِي
__________
(1) في الأصل: " حاشا " والصواب ما أثبتناه من المعرفة
والتاريخ 1 / 560 وتاريخ الإسلام 4 / 30.
(2) الخبر والابيات في الحلية 2 / 188، 189.
(3) انظر المعرفة والتاريخ 1 / 561.
(4/477)
عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ اللهِ، وَكَانَ
مِنَ العُلَمَاءِ، فَكَانَ يُحَدِّثُهُ وَيَسْتَسْقِي هَوَ
لَهُ المَاءَ مِنَ البِئْرِ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ
يُطَوِّلُ الصَّلاَةَ، وَلاَ يَعْجَلُ عَنْهَا لأَحَدٍ.
قَالَ: فَبَلَغَنِي أَنَّ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ جَاءهُ
وَهُوَ يُصَلِّي، فَجَلَسَ يَنْتَظِرُهُ، وَطَوَّلَ
عَلَيْهِ، فَعُوْتِبَ عُبَيْدُ اللهِ فِي ذَلِكَ،
وَقِيْلَ:
يَأْتِيْكَ ابْنُ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَحْبِسُهُ هَذَا الحَبْسَ!
فَقَالَ: اللَّهُمَّ غَفْراً، لاَ بُدَّ لِمَنْ طَلَبَ
هَذَا الشَّأْنَ أَنْ يُعَنَّى (1) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الحَافِظُ،
أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ المُعْطِي، أَنْبَأَنَا
أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ
أَحْمَدَ، قَالَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ البَزَّارُ،
أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ
عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ
حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ
الزُهْرِيِّ، حَدَّثَهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ،
سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:
جِئْتُ أَنَا وَالفَضْلُ عَلَى أَتَانٍ يَوْمَ عَرَفَةَ،
وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَمَرَرْنَا عَلَى بَعْضِ الصَّفِّ،
فَنَزَلْنَا عَنْهَا، وَتَرَكْنَاهَا تَرْتَعُ، وَلَمْ
يَقُلْ لَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- شَيْئاً (2) .
وَبِهِ: عَنِ الزُهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
اللهِ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ
فَأَصَابَهُ شَيْءٌ، فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ).
هَذَا مُرْسَلٌ، قَوِيُّ الإِسْنَادِ (3) ، فِيْهِ الحَضُّ
عَلَى غَسْلِ اليَدِ مِنَ الزَّفَرِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
نُمَيْرٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ: مَاتَ عُبَيْدُ اللهِ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
__________
(1) انظر الخبر بنحوه في ترجمة علي بن الحسين ص 388 من هذا
الجزء.
(2) وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 155، 156 من طريق ابن
شهاب الزهري عن عبيد الله ابن عبد الله عن ابن عباس، وهو
في البخاري 1 / 472 ومسلم (504).
(3) وهو حديث صحيح أخرجه موصولا أبو داود (3852) والدارمي
2 / 104، وأحمد 2 / 263، 341، 537، وابن ماجه (3297) من
طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من نام وفي يده غمر ولم
يغسله فأصابه شيء، فلا يلومن إلا نفسه " والغمر: الدسم
والزهومة من ريح اللحم.
(4/478)
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَعَلِيُّ
بنُ المَدِيْنِيِّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
180 - صَالِحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ أَبُو الخَلِيْلِ
الضُّبَعِيُّ مَوْلاَهُم * (ع)
البَصْرِيُّ، وهُوَ صَالِحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ.
رَوَى عَنْ: سَفِيْنَةَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ
بنِ الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ، وَأَبِي عَلْقَمَةَ.
وَعَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ،
وَأَيُّوْبُ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَمَنْصُوْرُ بنُ
المُعْتَمِرِ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي
مُوْسَى، مُرْسَلاً.
بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ المائَةِ.
181 - كُرَيْبُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ أَبُو رِشْدِيْنَ
الهَاشِمِيُّ ** (ع)
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو رِشْدِيْنَ الهَاشِمِيُّ،
العَبَّاسِيُّ، الحِجَازِيُّ، وَالِدُ: رِشْدِيْنَ
وَمُحَمَّدٍ.
أَدْرَكَ عُثْمَانَ، وَأَرْسَلَ عَنِ: الفَضْلِ بنِ
عَبَّاسٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَهُ؛ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُمِّ
الفَضْلِ أُمَّهِ، وَأُخْتِهَا؛ مَيْمُوْنَةَ، وَأُسَامَةَ
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 237، تاريخ البخاري 4 / 289، الجرح
والتعديل القسم الأول من المجلد الثاني 415، تهذيب الكمال
ص 599، تاريخ الإسلام 4 / 14، تذهيب التهذيب 2 / 88 ب،
تهذيب التهذيب 4 / 402، خلاصة تذهيب التهذيب 171.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 293، طبقات خليفة ت 2538، تاريخ
البخاري 7 / 231، المعرفة والتاريخ 1 / 417، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 168، تاريخ ابن
عساكر 14 / 272 ب، تهذيب الكمال ص 1146، 1611، تاريخ
الإسلام 4 / 48، العبر 1 / 117، تذهيب التهذيب 3 / 169 ب،
البداية والنهاية 9 / 186 تهذيب التهذيب 8 / 433، خلاصة
تذهيب التهذيب 322، شذرات الذهب 1 / 114.
(4/479)
بنِ زَيْدٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَأُمِّ
هَانِئ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عُمَرَ،
وَالمِسْوَرِ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - مَعَ
تَقَدُّمِهِ - وَمَكْحُوْلٌ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ،
وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ،
وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ، وَمَنْصُوْرُ بنُ
المُعْتَمِرِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ،
وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَأَخُوْهُ؛ يَعْقُوْبُ بنُ
عَبْدِ اللهِ، وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ، وَأَبُو
صَخْرٍ حُمَيْدُ بنُ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي
حَرْمَلَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : كَانَ ثِقَةً، حَسَنَ
الحَدِيْثِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ زُهَيْرُ بنُ مُعَاِويَةَ: عَنْ مُوْسَى بنِ
عُقْبَةَ، قَالَ:
وَضَعَ عِنْدَنَا كُرَيْبٌ حِمْلَ بَعِيْرٍ - أَوْ عِدْلَ
بَعِيْرٍ - مِنْ كُتُبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَكَانَ عَلِيُّ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ إِذَا أَرَادَ الكِتَابَ،
كَتَبَ إِلَيْهِ: ابْعَثْ إِلَيَّ بِصَحِيْفَةِ كَذَا
وَكَذَا.
فَيَنْسَخُهَا، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِ إِحِدَاهُمَا (2) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَالمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيْفَةُ،
وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ: وَلَدَاهُ؛ مُحَمَّدٌ وَرِشْدِيْنُ.
182 - بَشِيْرُ بنُ نَهِيْكٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ
البَصْرِيُّ * (ع)
العَالِمُ، الثِّقَةُ، أَبُو الشَّعْثَاءِ البَصْرِيُّ.
__________
(1) في الطبقات 5 / 293.
(2) الخبر في ابن سعد 5 / 293.
(*) طبقات خليفة ت 1597، 1655، تاريخ البخاري 2 / 105،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الأول 379، تهذيب
الكمال ص 155، تاريخ الإسلام 3 / 345، تذهيب التهذيب 1 /
86 ب، تهذيب التهذيب 1 / 470، خلاصة تذهيب التهذيب 50.
(4/480)
عَنْ: بَشِيْرِ بنِ الخَصَاصِيَّةِ،
وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
وَعَنْهُ: الوَلِيْدُ بنُ بَرَكَةَ، وَأَبُو مِجْلَزٍ
لاَحِقٌ، وَالنَّضْرُ بنُ أَنَسٍ، وَخَالِدُ بنُ سُمَيْرٍ
(1) ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ.
حَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
شَذَّ: أَبُو حَاتِمٍ، فَقَالَ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
183 - سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبْزَى *
مِنْ عُلَمَاءِ الكُوْفَةِ، وَثِقَاتِهِمْ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ.
رَوَى عَنْهُ: ذَرٌّ الهَمْدَانِيُّ، وَالحَكَمُ،
وَقَتَادَةُ، وَزُبَيْدٌ اليَامِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ
السَّائِبِ.
وَهُوَ مُقِلٌّ.
184 - أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بنُ زَيْدٍ الأَزْدِيُّ
اليَحْمَدِيُّ * (ع)
مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ، الخَوْفِيُّ - بِخَاءٍ
مُعْجَمَةٍ (2) -.
وَالخَوْفُ: نَاحِيَةٌ مِنْ عُمَانَ.
كَانَ عَالِمَ أَهْلِ البَصْرَةِ فِي زَمَانِهِ، يُعَدُّ
مَعَ
__________
(1) انظر التعليق رقم (8) ص 365.
(*) تاريخ البخاري 3 / 494، الجرح والتعديل القسم الأول من
المجلد الثاني 39، تهذيب الكمال ص 497، تاريخ الإسلام 4 /
4، تذهيب التهذيب 2 / 22 ب، تهذيب التهذيب 4 / 54، خلاصة
تذهيب التهذيب 140.
(* *) طبقات ابن سعد 7 / 179، طبقات خليفة ت 1729، تاريخ
البخاري 2 / 204، المعارف 453، المعرفة والتاريخ 2 / 12،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الأول 494، الحلية 3
/ 85، طبقات الفقهاء للشيرازي 88، تهذيب الأسماء واللغات
القسم الأول من الجزء الأول 141 والقسم الأول من الجزء
الثاني 244، تهذيب الكمال ص 179، 1620 تاريخ الإسلام 4 /
77، تذكرة الحفاظ 1 / 67، العبر 1 / 108، تذهيب التهذيب 1
/ 99 آ، البداية والنهاية 9 / 93، غاية النهاية، ت 868،
تهذيب التهذيب 2 / 38، النجوم الزاهرة 1 / 252،، طبقات
الحفاظ للسيوطي ص 28، خلاصة تذهيب التهذيب 59، شذرات الذهب
1 / 101.
(2) كذا ضبط في الأصل ونص عليه المؤلف في " مشتبه النسبة "
و" تاريخ الإسلام " وتبعه =
(4/481)
الحَسَنِ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ، وَهُوَ مِنْ
كِبَارِ تَلاَمِذَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَأَيُّوْبُ
السَّخْتِيَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَآخَرُوْنَ.
رَوَى: عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَوْ أَنَّ أَهْلَ البَصْرَةِ نَزَلُوا عِنْدَ قَوْلِ
جَابِرِ بنِ زَيْدٍ، لأَوْسَعَهُم عِلْماً عَمَّا فِي
كِتَابِ اللهِ (1) .
وَرُوِيَ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:
تَسْأَلُوْنِي وَفِيْكُم جَابِرُ بنُ زَيْدٍ (2) !
وَعَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ
أَحَداً أَعْلَمَ مِنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ (3) .
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَتْ لأَبِي الشَّعْثَاءِ
حَلْقَةٌ بِجَامِعِ البَصْرَةِ يُفْتِي فِيْهَا قَبْلَ
الحَسَنِ، وَكَانَ مِنَ المُجْتَهِدِيْنَ فِي العِبَادَةِ،
وَقَدْ كَانُوا يُفَضِّلُوْنَ الحَسَنَ عَلَيْهِ، حَتَّى
خَفَّ الحَسَنُ فِي شَأْنِ ابْنِ الأَشْعَثِ.
قُلْتُ: لَمْ يَخِفَّ، بَلْ خَرَجَ مُكْرَهاً.
قَالَ أَيُّوْبُ: رَأَيْتُ أَبَا الشَّعْثَاءِ، وَكَانَ
لَبِيْباً (4) .
وَقَالَ قَتَادَةُ يَوْمَ مَوْتِ أَبِي الشَّعْثَاءِ:
اليَوْمَ دُفِنَ عِلْمُ أَهْلِ البَصْرَةِ -أَوْ قَالَ:
عَالِمُ العِرَاقِ (5) -.
وَعَنْ إِيَاسِ بنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ
البَصْرَةِ وَمُفْتِيْهِم جَابِرُ بنُ زَيْدٍ (6).
__________
= ابن حجر في " التبصير " إلا أنه في تهذيب الكمال ومعجم
البلدان والقاموس ينسب إلى درب الجوف بالبصرة.
واختلف أيضا في ضبط الخوف التي في عمان، فقيل بالجيم
والحاء والخاء، انظر التاج.
(1) ابن سعد 7 / 179، 180 والمعرفة والتاريخ 2 / 12
والحلية 3 / 85.
(2) الحلية 3 / 86.
(3) المصدر السابق والمعرفة والتاريخ 2 / 13 وروايتهما: "
ما رأيت أحدا أعلم بالفتيا من أبي الشعثاء ".
(4) انظر ابن سعد 7 / 180 والمعرفة والتاريخ 2 / 12.
(5) انظر الحلية 3 / 86.
(6) انظر ابن سعد 7 / 180 والحلية 3 / 86.
(4/482)
وَعَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: لَوِ
ابْتُلِيْتُ بِالقَضَاءِ، لَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي،
وَهَرَبْتُ (1) .
قَالَ أَحْمَدُ، وَالفَلاَّسُ، وَالبُخَارِيُّ،
وَغَيْرُهُم: تُوُفِّيَ أَبُو الشَّعْثَاءِ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ.
وَشَذَّ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَمائَةٍ.
حَدِيْثُهُ فِي الدَّوَاوِيْنِ المَعْرُوْفَةِ.
185 - الحَسَن ابْنُ سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - * (س)
السَّيِّدِ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ، ابْنِ أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ
الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ، المَدَنِيُّ، الإِمَامُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ.
وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ وَالفُتْيَا مَعَ صِدْقِهِ
وَجَلاَلَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ عَمِّهِ؛
الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وَسُهَيْلُ
بنُ أَبِي صَالِحٍ، وَالوَلِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، وَفُضَيْلُ
بنُ مَرْزُوْقٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ يَسَارٍ وَالِدُ
مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُم.
ابْنُ عَجْلاَنَ: عَنْ سُهَيْلٍ، وَسَعِيْدٍ مَوْلَى
المُهْرِيِّ، عَنْ حَسَنِ بنِ حَسَنِ بنِ عَلِيٍّ:
أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً وَقَفَ عَلَى البَيْتِ الَّذِي
فِيْهِ قَبْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَدْعُو لَهُ، وَيُصَلِّي
__________
(1) انظر الحلية 3 / 86.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 319، نسب قريش لمصعب 46، طبقات
خليفة ت 2045، تاريخ البخاري 2 / 289، المعارف 212، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 5، تاريخ ابن،
عساكر 4 / 217 آ، تهذيب الكمال ص 255، تاريخ الإسلام 3 /
356، العبر 1 / 196، تذهيب التهذيب 1 / 132 ب، البداية
والنهاية 9 / 170، تهذيب التهذيب 2 / 263، خلاصة تذهيب
التهذيب 77، تهذيب ابن عساكر 4 / 165.
(4/483)
عَلَيْهِ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ (1) : لاَ
تَفْعَلْ، فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ تَتَّخِذُوا بَيْتِيَ
عِيْداً، وَلاَ تَجْعَلُوا بُيُوْتَكُم قُبُوْراً،
وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ مَا كُنْتُم، فَإِنَّ صَلاَتَكُم
تَبْلُغُنِي) (2).
هَذَا مُرْسَلٌ، وَمَا اسْتَدَلَّ حَسَنٌ فِي فَتْوَاهُ
بِطَائِلٍ مِنَ الدَّلاَلَةِ، فَمَنْ وَقَفَ عِنْدَ
الحُجْرَةِ المُقَدَّسَةِ ذَلِيْلاً، مُسْلِماً،
مُصَلِيّاً عَلَى نَبِيِّهِ، فَيَا طُوْبَى لَهُ، فَقَدْ
أَحْسَنَ الزِّيَارَةَ، وَأَجْمَلَ فِي التَّذَلُّلِ
وَالحُبِّ، وَقَدْ أَتَى بِعِبَادَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَنْ
صَلَّى عَلَيْهِ فِي أَرْضِهِ، أَوْ فِي صَلاَتِهِ، إِذِ
الزَّائِرُ لَهُ أَجْرُ الزِّيَارَةِ، وَأَجْرُ الصَّلاَةِ
عَلَيْهِ، وَالمُصَلِّي عَلَيْهِ فِي سَائِرِ البِلاَدِ
لَهُ أَجْرُ الصَّلاَةِ فَقَطْ، فَمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ
وَاحِدَةً، صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْراً، وَلَكِنْ مَنْ
زَارَهُ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - وَأَسَاءَ أَدَبَ
الزِّيَارَةِ، أَوْ سَجَدَ لِلْقَبْرِ، أَوْ فَعَلَ مَا
لاَ يُشْرَعُ، فَهَذَا فَعَلَ حَسَناً وَسَيِّئاً،
فَيُعَلَّمُ بِرفْقٍ، وَاللهُ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ.
فَوَاللهِ مَا يَحْصَلُ الانْزِعَاجُ لِمُسْلِمٍ،
وَالصِّيَاحُ وَتَقْبِيْلُ الجُدْرَانِ، وَكَثْرَةِ
البُكَاءِ، إِلاَّ وَهُوَ مُحِبٌّ للهِ وَلِرَسُوْلِهِ،
فَحُبُّهُ المِعْيَارُ وَالفَارِقُ بَيْنَ أَهْلِ
الجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ، فَزِيَارَةُ قَبْرِهِ مِنْ
أَفَضْلِ القُرَبِ، وَشَدُّ الرِّحَالِ إِلَى قُبُوْرِ
الأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ، لَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ
غَيْرُ مَأْذُوْنٍ فِيْهِ لِعُمُوْمِ قَوْلِهِ - صَلَوَاتُ
اللهُ عَلَيْهِ -: (لاَ تَشُدُّوا الرِّحَالَ إِلاَّ إِلَى
ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ) (3) .
فَشَدُّ الرِّحَالِ إِلَى نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
__________
(1) في الأصل: " فقالوا " وما أثبتناه من ابن عساكر.
(2) حديث حسن وأخرجه ابن أبي شيبة وابن عساكر 4 / 217 آ،
وعبد الرزاق في المصنف (6726) من طريق سهيل بن أبي سهيل
ويقويه ما أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي
رقم (20) من طريق علي بن الحسين أنه رأى رجلا كان يأتي كل
غداة فيزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه ويصنع
ذلك ما اشتهره عليه علي بن الحسين، فقال له علي بن حسين:
هل لك أن أحدثك حديثا عن أبي ؟ قال نعم، فقال له علي بن
الحسين: أخبرني أبي عن جدي أنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " لا تجعلوا قبري عيدا ولا تجعلوا بيوتكم
قبورا وصلوا علي وسلموا حيث ما كنتم فسيبلغني صلاتكم
وسلامكم " وفي سنده مستور وباقي رجاله ثقات.
(3) سبق تخريجه في ص 291. رقم (1).
(4/484)
مُسْتَلْزِمٌ لِشَدِّ الرَّحْلِ إِلَى
مَسْجِدِهِ، وَذَلِكَ مَشْرُوْعٌ بِلاَ نِزَاعٍ، إِذْ لاَ
وُصُوْلَ إِلَى حُجْرَتِهِ إِلاَّ بَعْدَ الدُّخُوْلِ
إِلَى مَسْجِدِهِ، فَلْيَبْدَأْ بِتَحِيَّةِ المَسْجِدِ،
ثُمَّ بِتَحِيَّةِ صَاحِبِ المَسْجِدِ - رَزَقَنَا اللهُ
وَإِيَّاكُمْ ذَلِكَ آمِيْنَ (1) -.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: أُمُّ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ
هَذَا هِيَ: خَوْلَةُ بِنْتُ فُلاَنٍ (2) الفَزَارِيَّةُ،
وَهِيَ وَالِدَةُ إِبْرَاهِيْمَ وَدَاوُدَ وَالقَاسِمِ؛
أَوْلاَدِ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ
السَّجَّادِ.
قَالَ: وَكَانَ الحَسَنُ وَلِيَّ صَدَقَةِ عَلِيٍّ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
قَالَ لَهُ الحَجَّاجُ يَوْماً، وَهُوَ يُسَايِرُهُ فِي
مَوْكِبِهِ بِالمَدِيْنَةِ: أَدْخِلْ عَمَّكَ عُمَرَ بنَ
عَلِيٍّ مَعَكَ فِي صَدَقَةِ عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ عَمُّكَ
وَبَقِيَّةُ أَهْلِكَ.
فَقَالَ: لاَ أُغَيِّرُ شَرْطَ عَلِيٍّ.
قَالَ: إِذاً أَدْخِلْهُ مَعَكَ.
قَالَ: فَسَارَ الحَسَنُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ
مَرْوَانَ، فَرَحَّبَ بِهِ، وَوَصَلَهَ، وَكَتَبَ لَهُ
كِتَاباً إِلَى الحَجَّاجِ لاَ يُجَاوِزُهُ (3) .
زَائِدَةُ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو مُصْعَبٍ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ بنَ
مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى هِشَامِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
مُتَوَلِّي المَدِيْنَةِ: بَلَغَنِي أَنَّ الحَسَنَ بنَ
الحَسَنِ يُكَاتِبُ أَهْلَ العِرَاقِ، فَاسْتَحْضِرْهُ.
قَالَ: فَجِيءَ بِهِ.
فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: يَا ابْنَ عَمِّ،
قُلْ كَلِمَاتِ الفَرَجِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ
الحَلِيْمُ الكَرِيْمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ العَلِيُّ
العَظِيْمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ
السَّبْعِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ
الكَرِيْمِ.
قَالَ: فَخُلِّيَ عَنِّي (4) .
__________
(1) قصد المؤلف رحمه الله بهذا الاستطراد الرد على شيخه
ابن تيمية الذي يقول بعدم جواز شد الرحل لزيارة قبر النبي
صلى الله عليه وسلم ويرى أن على الحاج أن ينوي زيارة
المسجد النبوي كما هو مبين في محله.
(2) هي خولة بنت منظور بن زبان بن سيار، كما في " ابن سعد
" و" نسب قريش " لمصعب
و" ابن عساكر ".
(3) أورده مصعب الزبيري في " نسب قريش " 46، 47 مطولا،
وكذا ابن عساكر 4 / 218 آ، ب.
(4) أورده ابن عساكر 4 / 218 ب مطولا، وأخرجه البخاري 11 /
123 في الدعوات باب =
(4/485)
وَرُوِيَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: عَنْ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، لَكِنْ قَالَ:
كَتَبَ الوَلِيْدُ إِلَى عُثْمَانَ المُرِّيِّ: انْظُرِ
الحَسَنَ بنَ الحَسَنِ، فَاجْلِدْهُ مائَةً، وَوَقِّفْهُ
لِلنَّاسِ يَوْماً، وَلاَ أُرَانِي إِلاَّ قَاتِلَهُ.
قَالَ: فَعَلَّمَهُ عَلِيٌّ كَلِمَاتِ الكَرْبِ.
فُضَيْلُ بنُ مَرْزُوْقٍ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الحَسَنِ
يَقُوْلُ لِرَجُلٍ مِنَ الرَّافِضَّةِ: إِنَّ قَتْلَكَ
قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ.
فَقَالَ: إِنَّكَ تَمْزَحُ!
فَقَالَ: وَاللهِ مَا هُوَ مِنِّي بِمُزَاحٍ (1) .
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ (2) : كَانَ فُضَيْلُ بنُ
مَرْزُوْقٍ يَقُوْل:
سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الحَسَنِ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ مِنَ
الرَّافِضَّةِ: أَحِبُّوْنَا، فَإِنْ عَصَيْنَا اللهَ،
فَأَبْغِضُوْنَا، فَلَوْ كَانَ اللهُ نَافِعاً أَحَداً
بِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِغَيْرِ طَاعَةٍ، لَنَفَعَ أَبَاهُ
وَأُمَّهُ (3) .
وَرَوَى: فُضَيْلُ بنُ مَرْزُوْقٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ: دَخَلَ عَلَيَّ المُغِيْرَةُ
بنُ سَعِيْدٍ -يَعْنِي: الَّذِي أُحْرِقَ فِي
الزَّنْدَقَةِ- فَذَكَرَ مِنْ قَرَابَتِي وَشَبَهِي
بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَكُنْتُ أُشَبَّهُ وَأَنَا شَابٌّ بِرَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ لَعَنَ أَبَا
بَكْرٍ وَعُمَرَ.
فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللهِ، أَعِنْدِي!
ثُمَّ خَنَقْتُهُ -وَاللهِ- حَتَّى دَلعَ لِسَانُهُ (4) .
تُوُفِّيَ الحَسَنُ بنُ الحَسَنِ: سَنَةَ تِسْعٍ
وَتِسْعِيْنَ.
وَقِيْلَ: فِي سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ.
__________
= الدعاء عند الكرب، ومسلم (2730) في الذكر والدعاء باب
دعاء الكرب من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان يقول عند الكرب: " لا إله إلا الله العظيم
الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله
رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم ".
(1) ابن عساكر 4 / 219 آ.
(2) في " نسب قريش " 49.
(3) والخبر في " ابن عساكر " 4 / 219 آ، وقد أورده ابن سعد
5 / 319، 320 عن شبابة بن سوار الفزاري عن الفضيل بن مرزوق
مطولا.
(4) أورد المؤلف هذه القصة في ترجمته للمغيرة بن سعيد
البجلي في " ميزان الاعتدال " 4 / 161، ولكنه عزاها لابنه
إبراهيم بن حسن، وفضيل بن مرزوق روى عنهما.
(4/486)
وَقِيْلَ: كَانَتْ شِيْعَةُ العِرَاقِ
يُمَنُّوْنَ الحَسَنَ الإِمَارَةَ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ
يُبْغِضُهُم دِيَانَةً.
وَلَهُ أَخْبَارٌ طَوِيْلَةٌ فِي (تَارِيْخِ ابْنِ
عَسَاكِرَ (1))، وَكَانَ يَصْلُحُ لِلْخِلاَفَةِ.
186 - أَخُوْهُ: زَيْدُ ابْنُ سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ * -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَالِدُ أَمِيْرِ المَدِيْنَةِ الحَسَنِ بنِ زَيْدٍ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ وَيَزِيْدُ بنُ عِيَاضِ بنِ
جُعْدُبَةَ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحٌ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي المَوَّالِ.
ذَكَرَهُ: ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.
وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: إِنَّ زَيْدَ
بنَ الحَسَنِ شَرِيْفُ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَدُّوا إِلَيْهِ
صَدَقَاتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-.
وَقِيْلَ: كَانَ يَتَعَجَّبُ النَّاسُ مِنْ عِظَمِ
خِلْقَتِهِ، وَكَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً، كَبِيْرَ
القَدْرِ، عَاشَ سَبْعِيْنَ سَنَةً، وَلِلشُّعَرَاءِ
فِيْهِ مدَائِحُ.
مَاتَ: بَعْدَ المائَةِ.
187 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَائِذٍ الأَزْدِيُّ
الثُّمَالِيُّ ** (4)
الحِمْصِيُّ.
مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ التَّابِعِيْنَ، وَبَعْضُهُم
يَظُنُّ
__________
(1) 4 / 217 آ.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 318، تاريخ البخاري 3 / 392، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 560، تاريخ ابن
عساكر 6 / 300 ب، تهذيب الكمال ص 454، تاريخ الإسلام 4 /
113، تذهيب التهذيب 1 / 250 ب، تهذيب التهذيب 3 / 406،
خلاصة تذهيب التهذيب 127، تهذيب ابن عساكر 5 / 462.
(* *) طبقات خليفة ت 2927، تاريخ البخاري 5 / 324، المعرفة
والتاريخ 2 / 382، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد
الثاني 270، أسد الغابة 3 / 303، تهذيب الكمال ص =
(4/487)
أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَلاَ يَصِحُّ
ذَلِكَ.
وَكَانَ ثِقَةً، طَلاَّبَةً لِلْعِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي
ذَرٍّ، وَعَمْرِو بنِ عَبَسَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَحْفُوْظُ بنُ عَلْقَمَةَ، وَرَاشِدُ بنُ
سَعْدٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَثَوْرُ بنُ
يَزِيْدَ، وَصَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، وَسُلَيْمُ بنُ
عَامِرٍ، وَيَحْيَى بنُ جَابِرٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ:
أَحَادِيْثُهُ مَرَاسِيْلُ -يَعْنِي: أَنَّهُ يُرْسِلُ
عَمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ كَعَوَائِدِ الشَّامِيِّيْنَ،
وَإِنَّمَا اعْتَنَوْا بِالإِسْنَادِ لَمَّا سَكَنَ
فِيْهِمُ الزُّهْرِيُّ، وَنَحْوُهُ-.
قِيْلَ: إِنَّ ابْنَ عَائِذٍ كَانَ فِيْمَنْ خَرَجَ مَعَ
القُرَّاءِ عَلَى الحَجَّاجِ، فَأُسِرَ يَوْمَ الجَمَاجِمِ
(1) ، فَعَفَا عَنْهُ الحَجَّاجُ لِجَلاَلَتِهِ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ، خَلَّفَ صُحُفاً وَكُتُباً.
قَالَ بَقِيَّةُ: حَدَّثَنِي ثَوْرٌ، قَالَ:
كَانَ أَهْلُ حِمْصَ يَأْخُذُوْنَ كُتُبَ ابْنِ عَائِذٍ،
فَمَا وَجَدُوا فِيْهَا مِنَ الأَحْكَامِ عَمَدُوا بِهَا
عَلَى بَابِ المَسْجِدِ، قَنَاعَةً بِهَا، وَرِضَىً
بِحَدِيْثِهِ (2) .
قَالَ بَقِيَّةُ: وَحَدَّثَنِي أَرْطَاةُ بنُ المُنْذِرِ،
قَالَ:
اقْتَسَمَ رِجَالٌ مِنَ الجُنْدِ كُتُبَ ابْنِ عَائِذٍ
بَيْنَهُم بِالمِيْزَانِ؛ لِقَنَاعَتِهِ فِيْهِم.
__________
= 799، تاريخ الإسلام 4 / 26، تذهيب التهذيب 2 / 214 ب،
الإصابة ت 5147، 6694، تهذيب التهذيب 6 / 203، خلاصة تذهيب
التهذيب 229.
(1) انظر تعريف يوم الجماجم في ص 196 رقم (1) و526 رقم
(4).
(2) المعرفة والتاريخ 2 / 383.
(4/488)
هَارُوْنُ الحَمَّالُ: حَدَّثَنَا
الوَلِيْدُ بنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا الأَحْوَصُ بنُ
حَكِيْمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
عَائِذٍ الثُّمَالِيِّ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يُغَيِّرُ لِحْيَتَهُ بِمَاءِ السِّدْرِ، وَكَانَ
يَأْمُرُنَا بِالتَّغْيِيْرِ، مُخَالَفَةً لِلْعَجَمِ (1)
.
قِيْلَ: إِنَّ الحَجَّاجَ لَمَّا أُتِيَ بِعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَائِذٍ، قَالَ لَهُ الحَجَّاجُ: كَيْفَ
أَصْبَحْتَ؟
قَالَ: لاَ كَمَا يُرِيْد اللهُ، وَلاَ كَمَا يُرِيْدُ
الشَّيْطَانُ، وَلاَ كَمَا أُرِيْدُ.
قَالَ: وَيَحك! مَا تَقُوْلُ؟
قَالَ: نَعَمْ، يُرِيْد اللهُ أَنْ أَكُوْنَ عَابِداً
زَاهِداً، وَمَا أَنَا كَذَلِكَ، وَيُرِيْدُ الشَّيْطَانُ
أَنْ أَكُوْنَ فَاسِقاً مَارِقاً، وَمَا أَنَا بِذَاكَ،
وَأُرِيْدُ أَنْ أَكُوْنَ مُخَلَّىً فِي بَيْتِي، آمِناً
فِي أَهْلِي، وَمَا أَنَا بِذَاكَ.
فَقَالَ الحَجَّاجُ: أَدَبٌ عِرَاقِيٌّ، وَمَوْلِدٌ
شَامِيٌّ، وَجِيْرَانُنَا إِذْ كُنَّا بِالطَّائِفِ،
خَلُّوا عَنْهُ.
188 - عَلِيُّ بنُ رَبِيْعَةَ أَبُو المُغِيْرَةِ
الوَالِبِيُّ الكُوْفِيُّ * (ع)
مِنَ العُلَمَاءِ الأَثْبَاتِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَسْمَاءَ بنِ الحَكَمِ،
وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَابْنِ عُمَرَ.
وَعَنْهُ: سَعْدُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ، وَسَلَمَةُ
بنُ كُهَيْلٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَعَاصِمُ بنُ أَبِي
النَّجُوْدِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي الصُّفَيْرَا (2)
، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف الاحوص بن حكيم، ثم هو مرسل.
والسدر: شجر النبق، وهو لونان: عبري لا شوك له أصفر مز
ينبت على الماء، وضال بري لا يصلح ورقه للغسول ا ه.
(لسان).
(*) طبقات ابن سعد 6 / 226، طبقات خليفة ت 1118، تاريخ
البخاري 6 / 273، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد
الثالث 185، تهذيب الكمال ص 971، تاريخ الإسلام 4 / 39،
تذهيب التهذيب 3 / 61 آ، تهذيب التهذيب 7 / 320، خلاصة
تذهيب التهذيب 274.
(2) هو إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيرا، من رجال
الترمذي كما في التبصير 839.
(4/489)
189 - رَاشِدُ بنُ سَعْدٍ الحُبْرَانِيُّ *
(4)
وَيُقَالُ: المَقْرَائِيُّ (1) ، الفَقِيْهُ، مُحَدِّثُ
حِمْصَ.
يَرْوِي عَنْ: سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمُعَاوِيَةَ
بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَثَوْبَانَ، وَعُتْبَةَ بنِ عَبْدٍ
السُّلَمِيِّ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَأَنَسٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيُّ، وَحَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ،
وَصَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
مَرْيَمَ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَأَهْلُ حِمْصَ.
وَثَّقَهُ: غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُم: ابْنُ مَعِيْنٍ،
وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ سَعْدٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَحْدَهُ: هُوَ ضَعِيْفٌ.
فَهَذَا مِنْ أَقْوَالِهِ المَرْدُوْدَةِ.
وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ،
يُعْتَبَرُ بِهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ يَرْوِي أَيْضاً عَنْ عَوْفِ بنِ
مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَإِنَّهُ شَهِدَ صِفِّيْنَ مَعَ
مُعَاوِيَةَ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا - وَهُوَ مُمْكِنٌ -
فَقَدْ عَاشَ نَحْوَ التِّسْعِيْنَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ
مَكْحُوْلٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيْفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمائَةٍ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 456، طبقات خليفة ت 2934، تاريخ
البخاري 3 / 292، المعرفة والتاريخ 2 / 332، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 483، الحلية 6 /
117، تاريخ ابن عساكر 6 / 88 آ، تهذيب الكمال ص 399، تاريخ
الإسلام 4 / 111 و248، تذهيب التهذيب 1 / 214 آ، البداية
والنهاية 9 / 257، تهذيب التهذيب 3 / 225، خلاصة تذهيب
التهذيب 113، تهذيب ابن عساكر 5 / 292.
(1) كذا ضبط في الأصل، نسبة إلى " مقرى " قرية تحت جبل
قاسيون، قال المؤلف في " مشتبه النسبة " 610: والمحدثون
يضمونه وهو خطأ.
وانظر معجم البلدان.
(4/490)
ثَوْرٌ - فِي (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ)-:
عَنْ رَاشِدٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً، فَأَصَابَهُمُ البَرْدُ،
فَأَمَرَهُم أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى العَصَائِبِ
وَالتَّسَاخِيْنِ (1) .
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
وَخَرَّجَهُ الحَاكِمُ، فَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ،
فَأَخْطَأَ، فَإِنَّ الشَّيْخَيْنِ مَا احْتَجَّا
بِرَاشِدٍ وَلاَ ثَوْرٍ مِنْ شَرْطِ مُسْلِمٍ.
190 - خِلاَسُ بنُ عَمْرٍو الهَجَرِيُّ * (ع)
بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، خَرَّجُوا لَهُ فِي الصِّحَاحِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي
هُرَيْرَةَ.
وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَعَوْفٌ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي
هِنْدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ.
وَإِنَّمَا رِوَايَتُهُ عَنْ عَلِيٍّ كِتَابٌ وَقَعَ بِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
191 - أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ ** (م،
4)
وَالرَّحْبَةُ: قَرْيَةٌ عَامِرَةٌ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ (2)
.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ: رَحْبَةُ
دِمَشْقَ رَأَيْتُهَا عَامِرَةً، بَيْنَهَا وَبَيْنَ
البَلَدِ مِيْلٌ.
__________
(1) أخرجه أبو داود (146) في الطهارة باب المسح على
العمامة، وصححه الحاكم 1 / 169 ووافقه المؤلف، وإسناده
صحيح.
وإعلال أحمد له بعدم سماع راشد بن سعد من ثوبان فيه نظر،
فإنهم قالوا: إن راشدا شهد مع معاوية " صفين " وثوبان مات
سنة أربع وخمسين، ومات راشد سنة ثمان ومئة.
والتساخين: الخفاف وكل ما تسخن به القدم كالجورب.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 149، أخبار القضاة 2 / 383، تهذيب
الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول 177، تهذيب
الكمال ص 383، تاريخ الإسلام 3 / 364، تذهيب التهذيب 1 /
203 آ، تهذيب التهذيب 3 / 176، خلاصة تذهيب التهذيب 108.
(* *) طبقات خليفة ت 2886، تاريخ البخاري 9 / 5، تاريخ ابن
عساكر 13 / 302 آ، تهذيب الكمال ص 1580، تاريخ الإسلام 4 /
71، تذهيب التهذيب 3 / 109 آ، تهذيب التهذيب 8 / 99، خلاصة
تذهيب التهذيب 293.
(2) قد يتوهم القارئ أن أبا أسماء ينسب إلى هذه القرية،
والصواب ما ذكره المؤلف في =
(4/491)
حَدَّثَ عَنْ: شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ،
وَثَوْبَانَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَوْسِ بنِ أَوْسٍ،
وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، وَمُعَاوِيَةَ.
وَعَنْ: أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ
أَبِي ذَرٍّ فِي (مُسْلِمٍ).
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَلاَّمٍ مَمْطُوْرٌ، وَأَبُو
الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، وَأَبُو قِلاَبَةَ
الجَرْمِيُّ، وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، وَرَبِيْعَةُ بنُ
يَزِيْدَ القَصِيْرُ، وَيَحْيَى بنُ الحَارِثِ
الذِّمَارِيُّ، وَرَاشِدٌ الصَّنْعَانِيُّ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الشَّامِ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ البُخَارِيُّ.
وَفِي اسْمِ أَبِي أَسْمَاءَ اخْتِلاَفٌ، فَقِيْلَ:
عَمْرُو بنُ مَرْثَدٍ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ سُمَيْعٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ
النَّصْرِيُّ: اسْمُهُ: عَمْرُو بنُ أَسْمَاءَ.
لَمْ أَقَعْ لَهُ بِوَفَاةٍ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ
التَّابِعِيْنَ.
أَرَى أَنَّهُ مَاتَ فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ
المَلِكِ.
192 - حَنَشُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ حَنْظَلَةَ
النَّسَائِيُّ * (م، 4)
أَبُو رِشْدِيْنَ النَّسَائِيُّ، الصَّنْعَانِيُّ.
__________
= " مشتبه النسبة " 311 من أن أبا أسماء ينسب إلى رحبة بن
زرعة وهو بطن من حمير، والسمعاني في " الأنساب " 249 ب.
وانظر التاج واللسان (رحب).
(*) طبقات ابن سعد 5 / 536، تاريخ البخاري 3 / 99، المعرفة
والتاريخ 2 / 530، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد
الأول 291، تاريخ ابن عساكر 5 / 179 ب، طبقات فقهاء اليمن
57، تهذيب الكمال ص 343، تاريخ الإسلام 3 / 246 و361،
العبر 1 / 119، تذهيب التهذيب 1 / 181 آ، البداية والنهاية
9 / 187، تهذيب التهذيب 3 / 57، شذرات الذهب 1 / 119،
تهذيب ابن عساكر 5 / 10.
(4/492)
حَدَّثَ (1) عَنْ: فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ،
وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوَيْفِعِ بنِ
ثَابِتٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ الحَارِثُ، وَقَيْسُ بنُ الحَجَّاجِ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ هُبَيْرَةَ، وَخَالِدُ بنُ أَبِي
عِمْرَانَ، وَرَبِيْعَةُ بنُ سُلَيْمٍ، وَعِدَّةٌ.
نَزَلَ إِفْرِيْقِيَةَ مُرَابطاً، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ
مائَةٍ.
وَثَّقَهُ: العِجْلِيُّ.
وَأَمَّا ابْنُ يُوْنُسَ، فَقَالَ: كَانَ مَعَ عَلِيٍّ،
وَقَدِمَ بَعْدَ مَقْتَلِهِ مِصْرَ، ثُمَّ ثَارَ مَعَ
ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَظَفِرَ بِهِ ابْنُ مَرْوَانَ،
فَعَفَا عَنْهُ.
قُلْتُ: وَهِمَ ابْنُ يُوْنُسَ وَابْنُ عَسَاكِرَ (2) فِي
أَنَّهُ صَاحِبُ عَلِيٍّ؛ لأَنَّ ذَاكَ حَنَشُ بنُ
رَبِيْعَةَ (3) ، أَوِ ابْنُ المُعْتَمِرِ الكِنَانِيُّ
الكُوْفِيُّ، يَرْوِي عَنْهُ: الحَكَمُ، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَهْلُ الكُوْفَةِ، وَفِيْهِ لِيْنٌ.
مَاتَ قَبْلَ التِّسْعِيْنَ.
193 - يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ أَبُو
العَلاَءِ العَامِرِيُّ * (ع)
البَصْرِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَأَخِيْهِ؛ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ
اللهِ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) انظر قول ابن عساكر 5 / 179 ب.
(3) انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 6 / 225، طبقات خليفة ت
1092، تاريخ البخاري 3 / 99، الجرح، والتعديل القسم الثاني
من المجلد الأول 291، تهذيب الكمال ص 346، تاريخ الإسلام 3
/ 246، تذهيب التهذيب 1 / 181 آ، الإصابة ت 2114، تهذيب
التهذيب 3 / 58، خلاصة تذهيب التهذيب 96.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 155، طبقات خليفة ت 1700، تاريخ
البخاري 8 / 345، المعارف 436، الجرح والتعديل القسم
الثاني من المجلد الرابع 274، الحلية 2 / 212 أسد الغابة 5
/ 116، تهذيب الكمال ص 1540، تاريخ الإسلام 4 / 212، العبر
1 / 133، تذهيب التهذيب 4 / 177 آ، الإصابة 9445، تهذيب
التهذيب 11 / 341، النجوم الزاهرة 1 / 270، شذرات الذهب 1
/ 135.
(4/493)
أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ، وَعُثْمَانَ بنِ
أَبِي العَاصِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِيَاضِ بنِ
حِمَارٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَسَعِيْدٌ الجُرَيْرِيُّ،
وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ،
وَقُرَّةُ بنُ خَالِدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَكْبَرُ مِنَ الحَسَنِ
البَصْرِيِّ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: عَلَى هَذَا يَكُوْن مَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ
الصِّدِّيْقِ.
وَكَانَ ثِقَةً، فَاضِلاً، كَبِيْرَ القَدْرِ، بَلَغَنَا
أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي المُصْحَفِ، فَرُبَّمَا غُشِيَ
عَلَيْهِ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
خُلَيْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ الحَافِظُ بِإِسْنَادٍ لَهُ، عَنْ ثَابِتٍ
البُنَانِيِّ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ فِي مَجْلِسٍ، فَقِيْلَ لأَبِي العَلاَءِ
يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ: تَكَلَّمْ.
فَقَالَ: أَوَهُنَاكَ أَنَا؟... ثُمَّ ذَكَرَ الكَلاَمَ
وَمُؤْنَتَهُ (1) .
قُلْتُ: يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنَّ يَتَكَلَّمَ
بِنِيَّةٍ وَحُسْنِ قَصْدٍ، فَإِنْ أَعْجَبَهُ كَلاَمُهُ،
فَلْيَصْمُتْ، فَإِنْ أَعْجَبَهُ الصَّمْتُ، فَلْيَنْطِقْ،
وَلاَ يَفْتُرْ عَنْ مُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهَا
تُحِبُّ الظُّهُوْرَ وَالثَّنَاءَ.
تُوُفِّيَ يَزِيْدُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ
وَمائَةٍ.
قَالَ أَبُو خَلْدَةَ: رَأَيْتُ أَبَا العَلاَءِ بنَ
الشِّخِّيْرِ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
194 - عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَيْرِيْزِ بنِ جُنَادَةَ بنِ
وَهْبٍ القُرَشِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، القُدْوَةُ، الرَّبَّانِيُّ، أَبُو
مُحَيْرِيْزٍ القُرَشِيُّ، الجُمَحِيُّ، المَكِّيُّ.
__________
(1) الحلية 2 / 213.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 447، طبقات خليفة ت 2753، تاريخ
البخاري 5 / 193، المعرفة =
(4/494)
حَدَّثَ عَنْ: عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ،
وَأَبِي مَحْذُوْرَةَ المُؤَذِّنِ زَوْجِ أُمِّهِ،
وَمُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ
الخُدْرِيِّ، وَالصُّنَابِحِيِّ (1) ، وَطَائِفَةٍ.
وَاسْمُ زَوْجِ أُمِّهِ: سَمُرَةُ، وَلاَ أَعْلَمُ أَحَداً
ذَكَرَ مُحَيْرِيْزاً فِي الصَّحَابَةِ، وَالظَّاهِرُ
أَنَّهُ مِنَ الطُّلَقَاءِ (2) .
حَدَّثَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيْزٍ: خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ،
وَمَكْحُوْلٌ، وَحَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ، وَالزُّهْرِيُّ،
وَأَبُو زُرْعَةَ يَحْيَى السَّيْبَانِيُّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
أَبِي عَبْلَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ، وَمِنْ سَادَةِ
التَّابِعِيْنَ.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا
يَقْدَمُ فِلَسْطِيْنَ، فَيَلْقَى ابْنَ مُحَيْرِيْزٍ،
فَتَتَقَاصَرُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ؛ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ
ابْنِ مُحَيْرِيْزٍ (3) .
قَالَ عَمْرُو بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَيْرِيْزٍ:
كَانَ جَدِّي يَخْتِمُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، وَرُبَّمَا
فَرَشْنَا لَهُ، فَلَمْ يَنَمْ عَلَيْهِ (4) .
وَقَالَ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ: إِنْ يَفْخَرْ عَلَيْنَا
أَهْلُ المَدِيْنَةِ بِعَابِدِهِم ابْنِ عُمَرَ،
__________
= والتاريخ 2 / 335، 364، الجرح والتعديل القسم الثاني من
المجلد الثاني 168، الحلية 5 / 138، الاستيعاب ت 1652،
تاريخ ابن عساكر المجلدة 29 (صل) 69 آ، أسد الغابة 3 /
252، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول
287، تهذيب الكمال ص 340، تاريخ الإسلام 4 / 21، تذكرة
الحفاظ 1 / 64، العبر 1 / 117، تذهيب التهذيب 2 / 185 ب،
البداية والنهاية 9 / 185، العقد الثمين 5 / 246، الإصابة
ت 6633، تهذيب التهذيب 6 / 32، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 27،
خلاصة تذهيب التهذيب 214، شذرات الذهب 1 / 116.
(1) هو أبو عبد الله عبد الرحمن عسيلة الصنابحي نسبة إلى
صنابح بن زاهر من مراد كما في " اللباب ".
(2) الطلقاء هم كفار قريش الذين جمعهم الرسول صلى الله
عليه وسلم بعيد فتح مكة وقال لهم: " ما تظنون أني فاعل بكم
؟ " فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: " اذهبوا فأنتم
الطلقاء ".
(3) ابن عساكر المجلدة 29 (صل) 70 ب.
(4) المصدر السابق 71 آ.
(4/495)
فَإِنَّا نَفْخَرُ عَلَيْهِم بِعَابِدِنَا
ابْنِ مُحَيْرِيْزٍ (1) .
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ مُحَيْرِيْزٍ صَمُوْتاً، مُعْتَزِلاً
فِي بَيْتِهِ (2) .
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنُ مُحَيْرِيْزٍ مِنْ أَحْرَصِ شَيْءٍ
أَنْ يَكْتُمَ مِنْ نَفْسِهِ أَحْسَنَ مَا عِنْدَهُ (2) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَأَى عَلَى خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ
مُعَاوِيَةَ جُبَّةَ خَزٍّ، فَقَالَ: أَتَلْبَسُ الخَزَّ؟
قَالَ: إِنَّمَا أَلْبَسُ لِهَؤُلاَءِ.
وَأَشَارَ إِلَى الخَلِيْفَةِ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: مَا
يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ خَوْفُكَ مِنَ اللهِ بِأَحَدٍ
مِنْ خَلْقِهِ (3) .
وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: مَنْ كَانَ مُقْتَدِياً،
فَلْيَقْتَدِ بِمِثْلِ ابْنِ مُحَيْرِيْزٍ، إِنَّ اللهَ
لَمْ يَكُنْ لِيُضِلَّ أُمَّةً فِيْهَا ابْنُ مُحَيْرِيْزٍ
(4) .
قَالَ يَحْيَى السَّيْبَانِيُّ: قَالَ لَنَا ابْنُ
مُحَيْرِيْزٍ:
إِنِّي أُحَدِّثُكُم، فَلاَ تَقُوْلُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ
مُحَيْرِيْزٍ، إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَصْرَعَنِي ذَلِكَ
القَوْلُ مَصْرَعاً يَسُوْؤُنِي (5) .
وَقَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ ابْنَ
مُحَيْرِيْزٍ يَقُوْل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
ذِكْراً خَامِلاً (5) .
وَعَنْ رَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ، قَالَ: بَقَاءُ ابْنِ
مُحَيْرِيْزٍ أَمَانٌ لِلنَّاسِ (6) .
مَاتَ: فِي دَوْلَةِ الوَلِيْدِ.
195 - مُوْسَى بنُ نُصَيْرٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
اللَّخْمِيُّ *
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
اللَّخْمِيُّ، مُتَوَلِّي إِقْلِيْمِ المَغْرِبِ،
وَفَاتِحُ الأَنْدَلُس.
__________
(1) المعرفة والتاريخ 2 / 335.
(2) ابن عساكر المجلدة 29 (صل) 71 آ.
(3) المصدر السابق 71 ب بخلاف يسير.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق 72 آ.
(6) المصدر السابق 73 ب، ولفظه: " بقاء ابن محيريز بين
أظهر هؤلاء الناس أمان لهم ".
(*) تاريخ علماء الأندلس 2 / 18، جذوة المقتبس 317، تاريخ
ابن عساكر 17 / 204 ب =
(4/496)
قِيْلَ: كَانَ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنْ
لَخْمٍ.
وَقِيْلَ: وَلاَؤُه لِبَنِي أُمَيَّةَ.
وَكَانَ أَعْرَجَ، مَهِيْباً، ذَا رَأْيٍ وَحَزْمٍ.
يَرْوِي عَنْ: تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عَبْدُ العَزِيْزِ، وَيَزِيْدُ
بنُ مَسْرُوْقٍ.
وَلِيَ غَزْوَ البَحْرِ لِمُعَاوِيَةَ، فَغَزَا قُبْرُسَ
(1) ، وَبَنَى هُنَاكَ حُصُوْناً، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ
عَلَى أَقْصَى المَغْرِبِ مَوْلاَهُ طَارِقاً، فَبَادَرَ،
وَافْتَتَحَ الأَنْدَلُسَ، وَلَحِقَهُ مُوْسَى، فَتَمَّمَ
فَتْحَهَا، وَجَرَتْ لَهُ عَجَائِبُ هَائِلَةٌ، وَعَمِلَ
مَعَ الرُّوْمِ مَصَافّاً مَشْهُوْداً، وَلَمَّا هَمَّ
المُسْلِمُوْنَ بِالهَزِيْمَةِ، كَشَفَ مُوْسَى
سُرَادِقَهُ عَنْ بَنَاتِهِ وَحَرَمِهِ، وَبَرَزَ،
وَرَفَعَ يَدَيْهِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ
وَالبُكَاءِ، فَكُسِرَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ جُفُوْنُ
السُّيُوْفِ، وَصَدَقُوا اللِّقَاءَ، وَنَزَلَ النَّصْرُ،
وَغَنِمُوا مَا لاَ يُعَبَّرُ عَنْهُ، مِنْ ذَلِكَ
مَائِدَةُ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - مِنْ
ذَهَبٍ وَجَوَاهِرَ.
وَقِيْلَ: ظَفِرَ بِسِتَّةَ عَشَرَ قُمْقُماً (2) ،
عَلَيْهَا خَتْمُ سُلَيْمَانَ، فَفَتَحَ أَرْبَعَةً،
وَنَقَبَ مِنْهَا وَاحِداً، فَإِذَا شَيْطَانٌ يَقُوْلُ:
يَا نَبِيَّ اللهِ، لاَ أَعُوْدُ أُفْسِدُ فِي الأَرْضِ.
ثُمَّ نَظَرَ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا أَرَى سُلَيْمَانَ
وَلاَ مُلْكَهُ.
وَذَهَب، فَطُمِرَتِ البَوَاقِي.
وَقَالَ اللَّيْثُ: بَعَثَ مُوْسَى ابْنَهُ مَرْوَانَ
عَلَى الجَيْشِ، فَأَصَابَ مِنَ السَّبْيِ مائَةَ أَلْفٍ،
وَبَعَثَ ابْنَ أَخِيْهِ، فَسَبَى أَيْضاً مائَةَ أَلْفٍ
مِنَ البَرْبَرِ، وَدَلَّهُ رَجُلٌ عَلَى كَنْزٍ
بِالأَنْدَلُسِ، فَنَزَعُوا بَابَهُ، فَسَالَ عَلَيْهِم
مِنَ اليَاقُوْتِ وَالزَّبَرْجَدِ مَا بَهَرَهُم.
قَالَ اللَّيْثُ: إِنْ كَانَتِ الطِّنْفِسَةُ لَتُوْجَدُ
مَنْسُوْجَةً بِالذَّهَبِ وَاللُّؤْلُؤِ وَاليَاقُوْتِ،
لاَ يَسْتَطِيْعُ
__________
= بغية الملتمس 442، الحلة السيراء 30، وفيات الأعيان 5 /
318، البيان المغرب 1 / 46، تاريخ الإسلام 4 / 58، العبر 1
/ 116، البداية والنهاية 9 / 171، النجوم الزاهرة 1 / 235،
نفح الطيب
1 / 229، 283، شذرات الذهب 1 / 112.
(1) قبرس: جزيرة في شرق البحر المتوسط تقع بين الساحل
السوري والساحل التركي.
(2) القمقم آنية معروفة من نحاس وغيره، يسخن فيها الماء
ويكون ضيق الرأس، معرب (كمكم) ومنه صغير الحجم يعجل فيه
ماء الورد.
(4/497)
اثْنَانِ حَمْلَهَا، فَيَقْسِمَانِهَا
بِالفَأْسِ (1) .
وَقِيْلَ: لَمَّا دَخَلَ مُوْسَى إِفْرِيْقِيَةَ، وَجَدَ
غَالِبَ مَدَائِنِهَا خَالِيَةً لاخْتِلاَفِ أَيْدِي
البَرْبَرِ، وَكَانَ القَحْطُ، فَأَمَرَ النَّاسَ
بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلاَحِ، وَبَرَزَ بِهِم
إِلَى الصَّحْرَاءِ، وَمَعَهُ سَائِرُ الحَيَوَانَاتِ،
فَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَوْلاَدِهَا، فَوَقَعَ
البُكَاءُ وَالضَّجِيْجُ، وَبَقِيَ إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ
صَلَّى، وَخَطَبَ، فَمَا ذَكَرَ الوَلِيْدَ.
فَقِيْلَ لَهُ: أَلاَ تَدْعُو لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ؟!
فَقَالَ: هَذَا مَقَامٌ لاَ يُدْعَى فِيْهِ إِلاَّ للهِ.
فَسُقُوا، وَأُغِيْثُوا.
وَلَمَّا تَمَادَى فِي سَيْرِهِ فِي الأَنْدَلُسِ، أَتَى
أَرْضاً تَمِيْدُ بِأَهْلِهَا، فَقَالَ عَسْكَرُهُ: إِلَى
أَيْنَ تُرِيْدُ أَنْ تَذْهَبَ بِنَا؟ حَسْبُنَا مَا
بِأَيْدِيْنَا.
فَقَالَ: لَوْ أَطَعْتُمُوْنِي، لَوَصَلْتُ إِلَى
القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى المَغْرِبِ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى
بَغْلِهِ كَوْكَبٍ، وَهُوَ يَجُرُّ الدُّنْيَا بَيْنَ
يَدَيْهِ، أَمَرَ بِالعَجَلِ تَجُرُّ أَوْقَارَ الذَّهَبِ
وَالحَرِيْرِ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنَهُ بِإِفْرِيْقِيَةَ،
وَأَخَذَ مَعَهُ مائَةً مِنْ كُبَرَاءِ البَرْبَرِ،
وَمائَةً وَعِشْرِيْنَ مِنَ المُلُوْكِ وَأَوْلاَدِهِم،
فَقَدِمَ مِصْرَ فِي هَيْئَةٍ مَا سُمِعَ بِمِثْلِهَا،
فَوَصَلَ العُلَمَاءَ وَالأَشْرَافَ، وَسَارَ إِلَى
الشَّامِ، فَبَلَغَهُ مَرَضُ الوَلِيْدِ، وَكَتَبَ
إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ يَأْمُرُهُ بِالتَّوَقُّفِ، فَمَا
سَمِعَ مِنْهُ، فَآلَى سُلَيْمَانُ إِنْ ظَفِرَ بِهِ،
لَيَصْلِبَنَّهُ.
وَقَدِمَ قَبْلَ مَوْتِ الوَلِيْدِ، فَأَخَذَ مَا لاَ
يُحَدُّ مِنَ النَّفَائِسِ، وَوَضَعَ بَاقِيْهِ فِي بَيْتِ
المَالِ، وَقُوِّمَتِ المَائِدَةُ بِمائَةِ أَلْفِ
دِيْنَارٍ.
وَوَلِيَ سُلَيْمَانُ، فَأَهَانَهُ، وَوُقِّفَ فِي الحَرِّ
- وَكَانَ سَمِيْناً - حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، وَبَقِيَ
عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يَتَأَلَّمُ لَهُ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَفْصٍ، مَا أَظُنُّ
إِلاَّ أَنَّنِي خَرَجْتُ مِنْ يَمِيْنِي.
وَضَمَّهُ يَزِيْدُ بنُ المُهَلَّبِ إِلَيْهِ، ثُمَّ فَدَى
نَفْسَهُ بِبَذْلِ أَلْفِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَقِيْلَ
__________
(1) انظر الخبر مفصلا في ابن عساكر 17 / 206 آ.
(4/498)
لَهُ: أَنْتَ فِي خَلْقٍ مِنْ مَوَالِيْكَ
وَجُنْدِكَ، أَفَلاَ أَقَمْتَ فِي مَقَرِّ عِزِّكَ،
وَبَعَثْتَ بِالتَّقَادُمِ!
قَالَ: لَوْ أَرَدْتُ لَصَارَ، وَلَكِنْ آثَرْتُ اللهَ،
وَلَمْ أَرَ الخُرُوْجَ.
فَقَالَ لَهُ يَزِيْدُ: وَكَّلْنَا ذَاكَ الرَّجُلَ -
أَرَادَ بِهَذَا قُدُوْمَهُ عَلَى الحَجَّاجِ -.
وَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ يَوْماً: مَا كُنْتَ تَفْزَعُ
إِلَيْهِ عِنْدَ الحَرْبِ؟
قَالَ: الدُّعَاءُ وَالصَّبْرُ.
قَالَ: فَأَيَّ الخَيْلِ رَأَيْتَ أَصْبَرَ؟
قَالَ: الشُّقْرُ.
قَالَ: فَأَيُّ الأُمَمِ أَشَدُّ قِتَالاً؟
قَالَ: هُم أَكْثَرُ مَنْ أَنْ أَصِفَ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الرُّوْمِ.
قَالَ: أُسْدٌ فِي حُصُوْنِهِمْ، عُقْبَانُ عَلَى
خُيُوْلِهِم، نِسَاءٌ فِي مَرَاكِبِهِم، إِنْ رَأَوْا
فُرْصَةً، انْتَهَزُوْهَا، وَإِنْ رَأَوْا غَلَبَةً،
فَأَوْعَالٌ تَذْهَبُ فِي الجِبَالِ، لاَ يَرَوْنَ
الهَزِيْمَةَ عَاراً.
قَالَ: فَالبَرْبَرُ؟
قَالَ: هُم أَشْبَهُ العَجَمِ بِالعَرَبِ لِقَاءً
وَنَجْدَةً وَصَبْراً وَفُرُوْسِيَّةً، غَيْرَ أَنَّهُم
أَغْدَرُ النَّاسِ.
قَالَ: فَأَهْلُ الأَنْدَلُسِ؟
قَالَ: مُلُوْكٌ مُتْرَفُوْنَ، وَفُرْسَانٌ لاَ
يَجْبُنُوْنَ.
قَالَ: فَالفِرَنْجُ؟
قَالَ: هُنَاكَ العَدَدُ وَالجَلَدُ وَالشِّدَّةُ
وَالبَأْسُ.
قَالَ: فَكَيْفَ كَانَتِ الحَرْبُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُم؟
قَالَ: أَمَّا هَذَا، فَوَاللهِ مَا هُزِمَتْ لِي رَايَةٌ
قَطُّ، وَلاَ بُدِّدَ لِي جَمْعٌ، وَلاَ نُكِبَ
المُسْلِمُوْنَ مَعِي مُنْذُ اقْتَحَمْتُ الأَرْبَعِيْنَ
إِلَى أَنْ بَلَغْتُ الثَّمَانِيْنَ، وَلَقَدْ بَعَثْتُ
إِلَى الوَلِيْدِ بِتَوْرِ (1) زَبَرْجَدٍ، كَانَ يُجْعَلُ
فِيْهِ اللَّبَنُ حَتَّى تُرَى فِيْهِ الشَّعْرَةُ
البَيْضَاءُ...، ثُمَّ أَخَذَ يُعَدِّدُ مَا أَصَابَ مِنَ
الجَوْهَرِ وَالزَّبَرْجَدِ حَتَّى تَحَيَّرَ سُلَيْمَانُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ مَرْوَانَ لَمَّا قَرَّرَ وَلَدَهُ عَبْدَ
العَزِيْزِ عَلَى مِصْرَ، جَعَلَ عِنْدَهُ مُوْسَى بنَ
نُصَيْرٍ، ثُمَّ كَانَ مُوْسَى مَعَ بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ
وَزِيْراً بِالعِرَاقِ.
قَالَ الفَسَوِيُّ: كَانَ ذَا حَزْمٍ وَتَدْبِيْرٍ،
افْتَتَحَ بِلاَداً كَثِيْرَةً، وَوَلِيَ إِفْرِيْقِيَةَ
سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ مَرَّةً: وَاللهِ لَوِ انْقَادَ
النَّاسُ لِي، لَقُدْتُهُم حَتَّى أُوْقِفَهُم عَلَى
__________
(1) التور: الاناء.
(4/499)
رُوْمِيَّةَ، ثُمَّ لَيَفْتَحَنَّهَا اللهُ
عَلَى يَدَيَّ.
وَقِيْلَ: جَلَسَ الوَلِيْدُ عَلَى مِنْبَرِهِ يَوْمَ
الجُمُعَةِ، فَأَتَى مُوْسَى وَقَدْ أَلْبَسَ ثَلاَثِيْنَ
مِنَ المُلُوْكِ التِّيْجَانَ وَالثِّيَابَ الفَاخِرَةَ،
وَدَخَلَ بِهِمُ المَسْجِدَ، وَأَوْقَفَهُم تَحْتَ
المِنْبَرِ، فَحَمِدَ الوَلِيْدُ اللهَ وَشَكَرَهُ.
وَقَدْ حَجَّ مُوْسَى مَعَ سُلَيْمَانَ، فَمَاتَ
بِالمَدِيْنَةِ.
وَقَالَ مَرَّةً: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، لَقَدْ
كَانَتِ الأَلْفُ شَاةٍ تُبَاعُ بِمائَةِ دِرْهَمٍ،
وَتُبَاعُ النَّاقَةُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ، وَتَمُرُّ
النَّاسُ بِالبَقَرِ، فَلاَ يَلْتَفِتُوْنَ إِلَيْهَا،
وَلَقَدْ رَأَيْتُ العِلْجَ الشَّاطِرَ وَزَوْجَتَهُ
وَأَوْلاَدَهُ يُبَاعُوْنَ بِخَمْسِيْنَ دِرْهَماً.
196 - وَكَانَ فَتْحُ إِقْلِيْمِ الأَنْدَلُسِ فِي
رَمَضَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ، عَلَى يَدِ:
طَارِقٍ* مَوْلَى مُوْسَى بنِ نُصَيْرٍ
وكَان أَمِيْراً عَلَى طَنْجَةَ بِأَقْصَى المَغْرِبِ،
فَبَلَغَهُ اخْتِلاَفُ الفِرَنْجِ وَاقْتِتَالُهُم،
وَكَاتَبَهُ صَاحِبُ الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ لِيَمُدَّهُ
عَلَى عَدُوِّهِ، فَبَادَرَ طَارِقٌ، وَعَدَّى فِي
جُنْدِهِ، وَهَزَمَ الفِرَنْجَ، وَافْتَتَحَ قُرْطُبَةَ،
وَقَتَلَ صَاحِبَهَا لُذْرِيْقَ، وَكَتَبَ بِالنَّصْرِ
إِلَى مَوْلاَهُ، فَحَسَدَهُ عَلَى الانْفِرَادِ بِهَذَا
الفَتْحِ العَظِيْمِ، وَتَوَعَّدَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ لاَ
يَتَجَاوَزَ مَكَانَهُ، وَأَسْرَعَ مُوْسَى بِجُيُوْشِهِ،
فَتَلَقَّاهُ طَارِقٌ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا مَوْلاَكَ،
وَهَذَا الفَتْحُ لَكَ.
فَأَقَامَ مُوْسَى بنُ نُصَيْرٍ بِالأَنْدَلُسِ سَنَتَيْنِ
يَغْزُو وَيَغْنَمُ، وَقَبَضَ عَلَى طَارِقٍ، وَأَسَاءَ
إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ عَلَى الأَنْدَلُسِ وَلَدَهُ
عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ مُوْسَى، وَكَانَ جُنْدُهُ
عَامَّتُهُم مِنَ البَرْبَرِ، فِيْهِم شَجَاعَةٌ
مُفْرِطَةٌ وَإِقْدَامٌ.
__________
(*) تاريخ الطبري 6 / 468، تاريخ ابن عساكر 8 / 241 ب،
بغية الملتمس 11 و315، تاريخ ابن الأثير 4 / 556، المعجب
9، البيان المغرب 1 / 43، تاريخ الإسلام 4 / 15، نفح الطيب
1 / 229 وما بعدها، تهذيب ابن عساكر 7 / 41.
(4/500)
وَلَهُ فُتُوْحَات عَظِيْمَةٌ جِدّاً
بِالمَغْرِبِ، كَمَا كَانَ لِقُتَيْبَةَ بنِ مُسْلِمٍ
بِالمَشْرِقِ - فِي هَذَا الوَقْتِ - فُتُوْحَاتٌ لَمْ
يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا.
وَفِي هَذِهِ المُدَّةِ وَبَعْدَهَا كَانَتْ غَزْوَةُ
القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ، وَدَامَ
الحِصَارُ نَحْواً مِنْ سَنَةٍ، وَكَانَ عَلَمُ الجِهَادِ
فِي أَطْرَافِ البِلاَدِ مَنْشُوْراً، وَالدِّيْنُ
مَنْصُوْراً، وَالدَّوْلَةُ عَظِيْمَةً، وَالكَلِمَةُ
وَاحِدَةً.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَخْبَرَنِي
رَجُلٌ:
أَنَّ سُلَيْمَانَ هَمَّ بِالإِقَامَةِ بِبَيْتِ
المَقْدِسِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ مُوْسَى بنُ نُصَيْرٍ،
وَأَخُوْهُ مَسْلَمَةُ، فَجَاءهُ الخَبَرُ أَنَّ الرُّوْمَ
طَلَعُوا مِنْ سَاحِلِ حِمْصَ، وَسَبَوْا جَمَاعَةً
فِيْهِمُ امْرَأَةٌ لَهَا ذِكْرٌ.
فَغَضِبَ سُلَيْمَان، وَقَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ هَذَا،
نَغْزُوْهُم وَيَغْزُوْنَا، وَاللهِ لأَغْزُوَنَّهُم
غَزْوَةً أَفْتَحُ فِيْهَا القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ، أَوْ
أَمُوْتُ.
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى مَسْلَمَةَ وَإِلَى مُوْسَى بنِ
نُصَيْرٍ، فَقَالَ: أَشِيْرَا عَلَيْهِ.
فَقَالَ مُوْسَى: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنْ
أَرَدْتَ ذَلِكَ، فَسِرْ سِيْرَةَ الصَّحَابَةِ فِيْمَا
فَتَحُوْهُ، كُلَّمَا فَتَحُوا مَدِيْنَةً اتَّخَذُوْهَا
دَاراً، وَحَازُوْهَا لِلإِسْلاَمِ، فَابْدَأْ
بِالدُّرُوْبِ، وَافْتَحْ حُصُوْنَهَا حَتَّى تَبْلُغَ
القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ، فَإِنَّهُم سَيُعْطُوْنَ
بِأَيْدِيْهِم.
فَقَالَ لِمَسْلَمَةَ: مَا تَقُوْلُ أَنْتَ؟
قَالَ: هَذَا الرَّأْيُ إِنْ طَالَ عُمُرٌ إِلَيْهِ، أَوْ
كَانَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى رَأْيِكَ، وَبَرِيْدُ ذَلِكَ
خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُغْزِيَ
المُسْلِمِيْنَ بَرّاً وَبَحْراً القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ،
فَيُحَاصِرُوْنَهَا، فَإِنَّهُم مَا دَامَ عَلَيْهِم
البَلاَءُ، أَعْطَوُا الجِزْيَةَ، أَوْ أُخِذَتْ عَنْوَةً،
فَمَتَى وَقَعَ ذَلِكَ، كَانَ مَا دُوْنَهَا مِنَ
الحُصُوْنِ بِيَدِكَ.
قَالَ: هَذَا الرَّأْيُ.
فَأَغْزَى أَهْلَ الشَّامِ وَالجَزِيْرَةِ فِي البَرِّ،
فِي نَحْوٍ مِنْ عِشْرِيْنَ وَمائَةِ أَلْفٍ، وَأَغْزَى
أَهْلَ مِصْرَ وَالمَغْرِبَ فِي البَحْرِ، فِي أَلْفِ
مَرْكَبٍ، عَلَيْهِم عُمَرُ بنُ هُبَيْرَةَ، وَعَلَى
الكُلِّ مَسْلَمَةُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ.
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: فَأَخْبَرَنِي غَيْرُ
وَاحِدٍ:
أَنَّ سُلَيْمَانَ أَخْرَجَ لَهُمُ العَطَاءَ، وَبَيَّنَ
لَهُم غَزْوَتَهُم وَطُوْلَهَا، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ،
وَصَلَّى الجُمُعَةَ، ثُمَّ عَادَ
(4/501)
إِلَى المِنْبَرِ، وَأَخْبَرَهُم
بِيَمِيْنِهِ مِنْ حِصَارِهِ القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ:
فَانْفِرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللهِ، وَعَلَيْكُم بِتَقْوَى
اللهِ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ.
وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ بِدَابِقٍ (1) ، وَسَارَ
مَسْلَمَةُ، وَأَخَذَ مَعَهُ أَليُوْنَ الرُّوْمِيَّ
المَرْعَشِيَّ لِيَدُلَّهُ عَلَى الطَّرِيْقِ وَالعُوَارِ،
وَأَخَذَ مِيْثَاقَهُ عَلَى المُنَاصَحَةِ إِلَى أَنْ
عَبَرُوا الخَلِيْجَ، وَحَاصَرُوا قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ
إِلَى أَنْ بَرَّحَ بِهِمُ الحِصَارُ، وَعَرَضَ أَهْلُهَا
الفِدْيَةَ، فَأَبَى مَسْلَمَةُ إِلاَّ أَنَّ يَفْتَحَهَا
عَنْوَةً.
قَالُوا: فَابْعَثْ إِلَيْنَا أَلْيُوْنَ، فَإِنَّهُ
مِنَّا، وَيَفْهَمُ كَلاَمَنَا.
فَبَعَثَهُ، فَغَدَرَ، وَقَالَ: إِنْ مَلَّكْتُمُوْنِي،
أَمِنْتُم.
فَمَلَّكُوْهُ، فَخَرَجَ، وَقَالَ: قَدْ أَجَابُوْنِي أَنْ
يَفْتَحُوْهَا، لَكِنْ لاَ يَفْتَحُوْنَهَا حَتَّى
تَتَنَحَّى عَنْهُم.
قَالَ: أَخْشَى غَدْرَكَ.
فَحَلَفَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ كُلَّ مَا فِيْهَا
مِنْ سَبْيٍ وَمَالٍ، فَانْتَقَلَ مَسْلَمَةُ، وَدَخَلَ
أَلْيُوْنُ - لَعَنَهُ اللهُ - فَلَبِسَ التَّاجَ،
وَأَمَرَ بِنَقْلِ العُلُوْفَاتِ مِنْ خَارِجٍ.
فَمَلَؤُوا الأَهْرَاءَ (2) ، وَجَاءَ الصَّرِيْخُ إِلَى
مَسْلَمَةَ، فَكَبَّرَ بِالجَيْشِ، فَأَدْرَكَ شَيْئاً
مِنَ العُلُوْفَاتِ، فَغَلَّقُوا الأَبْوَابَ دُوْنَهُ،
فَبَعَثَ إِلَى أَلْيُوْنَ يُنَاشِدُهُ عَهْدَهُ،
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَلْيُوْنُ يَقُوْلُ: مُلْكُ
الرُّوْمِ لاَ يُبَاعُ بِالوَفَاءِ.
وَنَزَلَ مَسْلَمَةُ بِفِنَائِهَا ثَلاَثِيْنَ شَهْراً
حَتَّى أَكَلَ النَّاسُ فِي المُعَسْكَرِ المَيْتَةَ
وَالعَذِرَةَ مِنَ الجُوْعِ، هَذَا وَفِي وَسَطِ
المُعَسْكَرِ عُرْمَةُ حِنْطَةٍ مِثْلُ الجَبَلِ،
يَغْبِطُوْنَ بِهَا الرُّوْمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ: غَزَوْنَا
القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ، فَجُعْنَا حَتَّى هَلَكَ نَاسٌ
كَثِيْرٌ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ إِلَى قَضَاءِ
الحَاجَةِ وَالآخَرُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَإِذَا قَامَ،
أَقْبَل ذَاكَ عَلَى رَجِيْعِهِ، فَأَكَلَهُ، وَإِنْ كَانَ
الرَّجُلُ لَيَذْهَبُ إِلَى الحَاجَةِ، فَيُؤْخَذُ
وَيُذْبَحُ وَيُؤْكَلُ، وَإِنَّ الأَهْرَاءَ مِنَ
الطَّعَامِ كَالتِّلاَلِ لاَ نَصِلُ إِلَيْهَا، نُكَايِدُ
بِهَا أَهْلَ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ.
فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ،
أَذِنَ لَهُم فِي التَّرَحُّلِ عَنْهَا.
__________
(1) دابق: قرية قرب حلب من أعمال عزاز.
(2) مفردها هري: وهو بيت ضخم يجمع فيه طعام السلطان.
(4/502)
197 - يَزِيْدُ بنُ المُهَلَّبِ * بنِ
أَبِي صُفْرَةَ أَبُو خَالِدٍ الأَزْدِيُّ
الأَمِيْرُ، أَبُو خَالِدٍ الأَزْدِيُّ.
وَلِي المَشْرِقَ بَعْدَ أَبِيْهِ، ثُمَّ وَلِي البَصْرَةَ
لِسُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، ثُمَّ عَزَلَهُ عُمَرُ
بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بَعَدِيِّ بنِ أَرْطَاةَ،
وَطَلَبَهُ عُمَرُ، وَسَجَنَهُ (1) .
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو
إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ.
مَوْلِدُهُ: زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَخَمْسِيْنَ، وَكَانَ الحَجَّاجُ قَدْ عَزَلَهُ
وَعَذَّبَهُ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُ الضَّرْبَ
عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ مائَةَ أَلْفِ
دِرْهَمٍ.
فَقَصَدَهُ الأَخْطَلُ، وَمَدَحَهُ، فَأَعْطَاهُ مائَةَ
أَلْفٍ، فَعَجِبَ الحَجَّاجُ مِنْ جُوْدِهِ فِي تِلْكَ
الحَالِ، وَعَفَا عَنْهُ، وَاعْتَقَلَهُ، ثُمَّ هَرَبَ
مِنْ حَبْسِهِ.
وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي السَّخَاءِ وَالشَّجَاعَةِ، وَكَانَ
الحَجَّاجُ مُزَوَّجاً بِأُخْتِهِ، وَكَانَ يَدْعُو:
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ آلُ المُهَلَّبِ بُرَآءَ، فَلاَ
تُسَلِّطْنِي عَلَيْهِم، وَنَجِّهِمْ.
وَقِيْلَ: هَرَبَ يَزِيْدُ مِنَ الحَبْسِ، وَقَصَدَ عَبْدَ
المَلِكِ، فَمَرَّ بِعُرَيْبٍ فِي البَرِّيَّةِ، فَقَالَ
لِغُلاَمِهِ: اسْتَسْقِنَا مِنْهُم لَبَناً.
فَسَقَوْهُ، فَقَالَ: أَعْطِهِم أَلْفاً.
قَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ لاَ يَعْرِفُوْنَكَ.
قَالَ: لَكِنِّي أَعْرِفُ نَفْسِي (2) .
وَقِيْلَ: أَغْرَمَ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
عُمَرَ بنَ هُبَيْرَةَ الأَمِيْرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ،
فَمَشَى فِي جَمَاعَةٍ إِلَى يَزِيْدَ بنِ المُهَلَّبِ،
فَأَدَّاهَا عَنْهُ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ قَدْ وَلاَّهُ
العِرَاقَ وَخُرَاسَانَ.
قَالَ: فَوَدَّعَنِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ،
وَقَالَ: يَا يَزِيْدُ، اتَّقِ
__________
(*) المعارف 400، تاريخ اليعقوبي 3 / 52، تاريخ الطبري 6 /
523 وما بعدها، التنبيه والاشراف 277، معجم ما استعجم 950،
تاريخ ابن الأثير 5 / 23 وما بعدها، وفيات الأعيان 6 /
278، تاريخ الإسلام 4 / 215، العبر 1 / 125، شذرات الذهب 1
/ 124، خزانة الأدب 1 / 105، رغبة الآمل 4 / 189.
(1) انظر خبر القبض على يزيد بن المهلب في الطبري 6 / 556،
وابن الأثير 5 / 48.
(2) وفيات الأعيان 6 / 280.
(4/503)
اللهَ، فَإِنِّي وَضَعْتُ الوَلِيْدَ فِي
لَحْدِهِ، فَإِذَا هُوَ يَرْتَكِضُ فِي أَكْفَانِهِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ (1) : فَسَارَ يَزِيْدُ إِلَى
خُرَاسَانَ، ثُمَّ رُدَّ مِنْهَا سَنَةَ تِسْعٍ
وَتِسْعِيْنَ، فَعَزَلَهُ عُمَرُ بَعَدِيِّ بنِ أَرْطَاةَ،
فَدَخَلَ لِيُسَلِّمَ عَلَى عَدِيٍّ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ،
وَجَهَّزَهُ إِلَى عُمَرَ، فَسَجَنَهُ حَتَّى مَاتَ
عُمَرُ.
وَحَكَى المَدَائِنِيُّ: أَنَّ يَزِيْدَ بنَ المُهَلَّبِ
كَانَ يَصِلُ نَدِيْماً لَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِمائَةِ
دِيْنَارٍ، فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ، أَعْطَاهُ
ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
قُلْتُ: مُلُوْكُ دَهْرِنَا أَكْرَمُ! فَأُوْلَئِكَ
كَانُوا لِلْفَاضِلِ وَالشَّاعِرِ، وَهَؤُلاَءِ يُعْطُوْنَ
مَنْ لاَ يَفْهَمُ شَيْئاً، وَلاَ فِيْهِ نَجْدَةٌ
أَكْثَرَ مِنْ عَطَاءِ المُتَقَدِّمِيْنَ.
قِيْلَ: أَمَرَ يَزِيْدُ بنُ المُهَلَّبِ بِإِنْفَاذِ
مائَةِ أَلْفٍ إِلَى رَجُلٍ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ: لَمْ
أَذْكُرْهَا تَمَنُّناً، وَلَمْ أَدَعْ ذِكْرَهَا
تَجَبُّراً.
وَعَنْهُ، قَالَ: مَنْ عُرِفَ بِالصِّدْقِ، جَازَ
كَذِبُهُ، وَمَنْ عُرِفَ بِالكَذِبِ، لَمْ يَجُزْ
صِدْقُهُ.
قَالَ الكَلْبِيُّ: أَنْشَدَ زِيَادٌ الأَعْجَمُ يَزِيْدَ
بنَ المُهَلَّبِ:
وَمَا مَاتَ المُهَلَّبُ مُذْ رَأَيْنَا ... عَلَى
أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ يَزِيْدَا
لَهُ كَفَّانِ كَفُّ نَدَىً وَجُوْدٍ ... وَأُخْرَى
تُمْطِرُ العَلَقَ الحَدِيْدَا
فَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ حَجَّ، فَلَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ
الحَلاَّقُ، أَعْطَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَدُهِشَ بِهَا،
وَقَالَ: أَمْضِي أُبَشِّرُ أُمِّي.
قَالَ: أَعْطُوْهُ أَلْفاً أُخْرَى.
فَقَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إِنْ حَلَقْتُ رَأْسَ أَحَدٍ
بَعْدَكَ.
قَالَ: أَعْطُوْهُ أَلْفَيْنِ آخَرَيْنِ (2) .
قِيْلَ: دَخَلَ حَمْزَةُ بنُ بِيْضٍ عَلَى يَزِيْدَ فِي
حَبْسِهِ، فَأَنْشَدَهُ:
__________
(1) في تاريخه ص 320.
(2) وفيات الأعيان 6 / 280.
(4/504)
أَصْبَحَ فِي قَيْدِكَ السَّمَاحُ مَعَ الـ
... ـحِلْمِ وَفَنُّ الآدَابِ وَالخُطَبُ
لاَ بَطِرٌ إِنْ تَتَابَعَتْ نِعَمٌ ... وَصَابِرٌ فِي
البَلاَءِ مُحْتَسِبُ
فَقَالَ يَزِيْدُ: مَا لَنَا وَلَكَ يَا هَذَا.
قَالَ: وَجَدْتُكَ رَخِيْصاً، فَأَحْبَبْتُ أَنْ
أُسْلِفَكَ.
فَقَالَ لِخَادِمِهِ: كَمْ مَعَكَ مِنَ النَّفَقَةِ؟
قَالَ: نَحْوُ عَشْرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
قَالَ: ادْفَعْهَا إِلَيْهِ (1) .
غَزَا يَزِيْدُ طَبَرِسْتَانَ، وَهَزَمَ الإِصْبَهْبَذَ
(2) ، ثُمَّ صَالَحَهُم عَلَى سَبْعِ مائَةِ أَلْفٍ،
وَعَلَى أَرْبَعِ مائَةِ حِمْلِ زَعْفَرَانَ.
ثُمَّ نَكَثَ أَهْلُ جُرْجَانَ، فَحَاصَرَهُم مُدَّةً،
وَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً، فَصَلَبَ مِنْهُم مَسَافَةَ
فَرْسَخَيْنِ، وَأَسَرَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، ثُمَّ
ضَرَبَ أَعْنَاقَهُم عَلَى نَهْرِ جُرْجَانَ حَتَّى
دَارَتِ الطَّاحُوْنُ بِدِمَائِهِم.
وَكَانَ ذَا تِيْهٍ وَكِبْرٍ، رَآهُ مُطَرِّفُ بنُ
الشِّخِّيْرِ يَسْحَبُ حُلَّتَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ
هَذِهِ مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ.
قَالَ: أَوَ مَا تَعْرِفُنِي؟
قَالَ: بَلَى، أَوَّلُكَ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُكَ
جِيْفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَنْتَ بَيْنَ ذَلِكَ تَحْمِلُ
العَذِرَةَ (3) .
وَعَنْهُ، قَالَ: الحَيَاةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ
المَوْتِ، وَحُسْنُ الثَّنَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ
الحَيَاةِ.
وَقِيْلَ لَهُ: أَلاَ تُنْشِئُ لَكَ دَاراً؟
قَالَ: لاَ، إِنْ كُنْتُ مُتَوَلِّياً، فَدَارُ
الإِمَارَةِ، وَإِنَّ كُنْتُ مَعْزُوْلاً، فَالسِّجْنُ.
__________
(1) البيتان والخبر في الاغاني ط الدار 12 / 291 بسياق
مختلف، وقيل: إنها ليزيد بن الحكم ورواية البيت الأول فيه:
أصبح في قيدك السماحة وال * جود وفضل الصلاح والخطب وزاد
ثالثا: بززت سبق الجهاد في مهل * وقصرت دون سعيك العرب
وذكر الخبر والابيات أيضا بسياق آخر في 16 / 149، 150
(طبعة دار الثقافة) وأما ابن خلكان فقد نسب البيتين
للفرزدق، انظر وفيات الأعيان 6 / 300.
(2) الاصبهبذ: الأمير.
وهو منقول عن الفارسية: (اسبه) جيش، (وبد) رئيس.
(3) انظر وفيات الأعيان 6 / 284.
(4) وفيات الأعيان 6 / 294.
(4/505)
قُلْتُ: هَكَذَا هُوَ، وَإِنْ كَانَ
غَازِياً فَالسَّرْجُ، وَإِنْ كَانَ حَاجّاً فَالكُوْرُ
(1) ، وَإِنْ كَانَ مَيْتاً فَالقَبْرُ، فَهَلْ مِنْ
عَامِرٍ لِدَارِ مَقَرِّهِ؟!
ثُمَّ إِنَّ يَزِيْدَ بنَ المُهَلَّبِ، لَمَّا اسْتُخْلِفَ
يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ غَلَبَ عَلَى البَصْرَةِ،
وَتَسَمَّى بِالقَحْطَانِيِّ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ
مَسْلَمَةُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ
يَزِيْدُ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمائَةٍ.
وَقَدِ اسْتَوْعَبَ ابْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ خَلِّكَانَ
أَخْبَارَ يَزِيْدَ بنِ (2) المُهَلَّبِ بِطُوْلِهَا.
قَالَ شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ: سَمِعْتُ الحَسَنَ
البَصْرِيَّ يَقُوْلُ فِي فِتْنَةِ يَزِيْدَ بنِ
المُهَلَّبِ:
هَذَا عَدُوُّ اللهِ يَزِيْدُ بنُ المُهَلَّبِ، كُلَّمَا
نَعَقَ بِهِم نَاعِقٌ، اتَّبَعُوْهُ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ: أَنَّ يَزِيْدَ قَالَ:
أَدْعُوْكُم إِلَى سُنَّةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
فَخَطَبَ الحَسَنُ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اصْرَعْ يَزِيْدَ
بنَ المُهَلَّبِ صَرْعَةً تَجْعَلُهُ نَكَالاً، يَا
عَجَباً لِفَاسِقٍ غَيَّرَ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ،
يَنْتَهِكُ المَحَارِمَ، يَأْكُلُ مَعَهُم مَا أَكَلُوا،
وَيَقْتُلُ مَنْ قَتَلُوا، حَتَّى إِذَا مُنِعَ شَيْئاً،
قَالَ: إِنِّي غَضْبَانُ فَاغْضَبُوا، فَنَصَبَ قَصَباً
عَلَيْهَا خِرَقٌ، فَاتَّبَعَهُ رِجْرِجَةٌ وَرَعَاعٌ،
يَقُوْل: أَطْلُبُ بِسُنَّةِ عُمَرَ، إِنَّ مِنْ سُنَّةِ
عُمَرَ أَنْ تُوْضَعَ رِجْلاَهُ فِي القَيْدِ، ثُمَّ
يُوْضَعَ حَيْثُ وَضَعَهُ عُمَرُ (3) .
قُلْتُ: قُتِلَ عَنْ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً،
وَلَقَدْ قَاتَلَ قِتَالاً عَظِيْماً، وَتَفَلَّلَتْ
جُمُوْعُهُ، فَمَا زَالَ يَحْمِلُ بِنَفْسِه فِي
الأُلُوْفِ لاَ لِجِهَادٍ، بَلْ شَجَاعَةً وَحَمِيَّةً،
حَتَّى ذَاقَ حِمَامَهُ - نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ هَذِهِ
القِتْلَةِ الجَاهِلِيَّةِ -.
__________
(1) الكور: الرحل.
(2) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، فترجمة يزيد عند ابن
خلكان تقع في 32 صفحة 6 / 78 - 309، أما عند ابن عساكر في
التاريخ فترجمته تقع في القسم المفقود ما بين يزيد بن
معاوية ويزيد بن يزيد.
(3) انظر وفيات الأعيان 6 / 304.
(4/506)
198 - حَفْصَةُ بِنْتُ سِيْرِيْنَ أُمُّ
الهُذَيْلِ الفَقِيْهَةُ * (ع)
الأَنْصَارِيَّةُ.
رَوَتْ عَنْ: أُمِّ عَطِيَّةَ، وَأُمِّ الرَّائِحِ،
وَمَوْلاَهَا؛ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَأَبِي العَالِيَةِ.
رَوَى عَنْهَا: أَخُوْهَا؛ مُحَمَّدٌ، وَقَتَادَةُ،
وَأَيُّوْبُ، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَابْنُ عَوْنٍ،
وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ.
رُوِيَ عَنْ: إِيَاسِ بنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: مَا
أَدْرَكْتُ أَحَداً أُفَضِّلُهُ عَلَيْهَا.
وَقَالَ: قَرَأَتِ القُرْآنَ وَهِيَ بِنْتُ ثِنْتَيْ
عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَاشَتْ سَبْعِيْنَ سَنَةً، فَذَكَرُوا
لَهُ الحَسَنَ وَابْنَ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا
فَمَا أُفَضِّلُ عَلَيْهَا أَحَداً.
وَقَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: مَكَثَتْ حَفْصَةُ
بِنْتُ سِيْرِيْنَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً لاَ تَخْرُجُ مِنْ
مُصَلاَّهَا إِلاَّ لِقَائِلَةٍ أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَتْ بَعْدَ المائَةِ.
199 - عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَعْدٍ
الأَنْصَارِيَّةُ ** (ع)
ابْنِ زُرَارَةَ بنِ عُدُسٍ الأَنْصَارِيَّةُ،
النَّجَّارِيَّةُ، المَدَنِيَّةُ، الفَقِيْهَةُ،
تَرْيِبَةُ عَائِشَةَ وَتِلْمِيْذَتُهَا.
قِيْلَ: لأَبِيْهَا صُحْبَةٌ، وَجَدُّهَا سَعْدٌ مِنْ
قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ أَخُو النَّقِيْبِ
الكَبِيْرِ أَسْعَدِ بنِ زُرَارَةَ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 8 / 484، تهذيب الكمال ص 1679، تاريخ
الإسلام 4 / 107، العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 4 / 258 ب،
تهذيب التهذيب 12 / 409، النجوم الزاهرة 1 / 275، خلاصة
تذهيب التهذيب 490، شذرات الذهب 1 / 122.
(* *) طبقات ابن سعد 8 / 480، تهذيب الكمال ص 1697، تاريخ
الإسلام 4 / 40، العبر 1 / 117، تذهيب التهذيب 4 / 267 ب،
تهذيب التهذيب 12 / 438، خلاصة تذهيب التهذيب 494، شذرات
الذهب 1 / 114.
(4/507)
حَدَّثَتْ عَنْ: عَائِشَةَ، وَأُمِّ
سَلَمَةَ، وَرَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ، وَأُخْتِهَا؛ أُمِّ
هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ.
حَدَّثَ عَنْهَا: وَلَدُهَا؛ أَبُو الرِّجَالِ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنَاهُ؛ حَارِثَةُ وَمَالِكٌ،
وَابْنُ أُخْتِهَا؛ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ حَزْمٍ،
وَابْنَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَمُحَمَّدٌ، وَالزُّهْرِيُّ،
وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَتْ عَالِمَةً، فَقِيْهَةً، حُجَّةً، كَثِيْرَةَ
العِلْمِ.
رَوَى: أَيُّوْبُ بنُ سُوَيْدٍ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ:
أَنَّهُ قَالَ لِي: يَا غُلاَمُ، أَرَاكَ تَحْرِصُ عَلَى
طَلَبِ العِلْمِ، أَفَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى وِعَائِهِ؟
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: عَلَيْكَ بِعَمْرَةَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ فِي
حَجْرِ عَائِشَةَ.
قَالَ: فَأَتَيْتُهَا، فَوَجَدْتُهَا بَحْراً لاَ
يُنْزَفُ.
قُلْتُ: اخْتَلَفُوا فِي وَفَاتِهَا، فَقِيْلَ:
تُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمائَةٍ.
وَحَدِيْثُهَا كَثِيْرٌ فِي دَوَاوِيْنِ الإِسْلاَمِ.
200 - مُعَاذَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ أُمُّ الصَّهْبَاءِ
العَدَوِيَّةُ * (ع)
السِّيدَةُ، العَالِمَةُ، أُمُّ الصَّهْبَاءِ
العَدَوِيَّةُ، البَصْرِيَّةُ، العَابِدَةُ، زَوْجَةُ
السَّيِّدِ القُدْوَةِ: صِلَةَ بنِ أَشْيَمَ.
رَوَتْ عَنْ: عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَائِشَةَ،
وَهِشَامِ بنِ عَامِرٍ.
حَدَّثَ عَنْهَا: أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَيَزِيْدُ
الرِّشْكُ (1) ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ،
__________
(*) طبقات ابن سعد 8 / 483، تهذيب الكمال ص 1705، تذهيب
التهذيب 4 / 272 ب، تاريخ الإسلام 3 / 304، تهذيب التهذيب
12 / 452، شذرات الذهب 1 / 122، خلاصة تذهيب التهذيب 496.
(1) يقال: الرشك هو الكبير اللحية، ويقال: هو الذي يعد على
الرماة في السبق.
وقد رجح شارح القاموس الأول وقال: وحقيقة هذه اللفظة: ريشك
بزيادة الياء: وريش هو اللحية والكاف للتصغير، أريد به
التهويل والتعظيم، ثم عربت بحذف الياء.
انظر التاج (رشك).
(4/508)
وَعُمَرُ بنُ ذَرٍّ، وَإِسْحَاقُ بنُ
سُوَيْدٍ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدِيْثُهَا مُحْتَجٌّ بِهِ فِي الصِّحَاحِ.
وَثَّقَهَا: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
بَلَغَنَا: أَنَّهَا كَانَتْ تُحْيِي اللَّيْلَ عِبَادَةً،
وَتَقُوْلُ: عَجِبْتُ لِعَيْنٍ تَنَامُ، وَقَدْ عَلِمَتْ
طُوْلَ الرُّقَادِ فِي ظُلَمِ القُبُوْرِ.
وَلَمَّا اسْتُشْهِدَ زَوْجُهَا صِلَةُ وَابْنُهَا فِي
بَعْضِ الحُرُوْبِ، اجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَهَا،
فَقَالَتْ:
مَرْحَباً بِكُنَّ إِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِلْهَنَاءِ،
وَإِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَارْجِعْنَ.
وَكَانَتْ تَقُوْلُ: وَاللهِ مَا أُحِبُّ البَقَاءَ إِلاَّ
لأَتَقَرَّبَ إِلَى رَبِّي بِالوَسَائِلِ، لَعَلَّهُ
يَجْمَعُ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي الشَّعْثَاءِ وَابْنِهِ
فِي الجَنَّةِ.
أَرَخَّ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ وَفَاتَهَا: فِي
سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
201 - فَأَمَّا زَوْجُهَا
: صِلَةُ بنُ أَشْيَمَ *
فَسَيِّدٌ كَبِيْرٌ، لَكِنَّهُ مَا رَوَى سِوَى حَدِيْثٍ
وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَمَاتَ: شَهِيْداً، قَبْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ - كَمَا
قَدَّمْنَا -.
202 - رَبِيْعَةُ بنُ لَقِيْطٍ ** التُّجِيْبِيُّ
المِصْرِيُّ
رَوَى عَنْ: مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرِو بنِ العَاصِ، وَابْنِ
حَوَالَةَ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 134، طبقات خليفة ت 1528، تاريخ
البخاري 4 / 321، المعرفة والتاريخ 2 / 77، الجرح والتعديل
القسم الأول من المجلد الثاني 447، الحلية 2 / 237، أسد
الغابة 3 / 29، تاريخ الإسلام 3 / 19، البداية والنهاية 9
/ 15، الإصابة ت 4132، النجوم الزاهرة 1 / 194.
وقد مرت ترجمته كما أشار المؤلف برقم (333).
(* *) تاريخ البخاري 3 / 283، الجرح والتعديل القسم الثاني
من المجلد الأول 475، أسد
الغابة 2 / 172، تاريخ الإسلام 3 / 218، و365، الإصابة ت
2756، تعجيل المنفعة 128، حسن المحاضرة 1 / 267.
(4/509)
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ إِسْحَاقُ، وَيَزِيْدُ
بنُ أَبِي حَبِيْبٍ.
وَثَّقَهُ: العِجْلِيُّ.
قَالَ يَزِيْدُ: أَخْبَرَنِي رَبِيْعَةُ بنُ لَقِيْطٍ:
أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَمْرِو بنِ العَاصِ عَامَ
الجَمَاعَةِ، فَمُطِرُوا دَماً عَبِيْطاً (1) ، فَلَقَدْ
رَأَيْتُنِي أَنْصِبُ الإِنَاءَ فَيَمْتَلِئُ، وَظَنَّ
النَّاسُ أَنَّهَا السَّاعَةُ، وَمَاجُوا، فَقَامَ
عَمْرٌو، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ،
ثُمَّ قَالَ:
أَيُّهَا النَّاسُ، أَصْلِحُوا مَا بَيْنَكُم، وَلاَ
يَضُرُّكُم لَوِ اصْطَدَمَ هَذَانِ الجَبَلاَنِ.
وَرَوَاهُ: عَمْرُو بنُ الحَارِثِ، عَنْ يَزِيْدَ، عَنْهُ:
أَنَّهُم كَانُوا حِيْنَ قَفَلُوا مِنَ العِرَاقِ،
فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ بِدِجْلَةَ دَماً عَبِيْطاً،
فَقَالُوا: القِيَامَةَ...، وَذَكَرَ نَحْوَهُ.
203 - مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ
البَصْرِيُّ * (د، س، ق)
القُدْوَةُ، الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
البَصْرِيُّ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
وَقِيْلَ: مَوْلَى بَنِي تَيْمٍ، مِنْ مَوَالِي طَلْحَةَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
رَوَى عَنْ: عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ - وَلَمْ يَلْقَهُ
-.
وَعَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِيْهِ
يَسَارٍ - فَقِيْلَ: لأَبِيْهِ صُحْبَةٌ -.
وَعَنْ: أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ - وَهُوَ مِنْ
طَبَقَتِهِ - وَقَتَادَةُ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ،
وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ،
وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) العبيط: الدم الطري.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 186، الزهد لأحمد 248، طبقات خليفة
ت 1672، تاريخ البخاري 7 / 275، المعارف 234، المعرفة
والتاريخ 2 / 85، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد
الرابع 198، الحلية 2 / 290، طبقات الفقهاء للشيرازي 88،
تاريخ ابن عساكر 16 / 243 ب، تهذيب الأسماء واللغات القسم
الأول من الجزء الثاني 93، تهذيب الكمال ص 1329، تاريخ
الإسلام 4 / 54 و203، العبر 1 / 120، تذهيب التهذيب 4 / 38
ب، البداية والنهاية 9 / 186، العقد الثمين 7 / 192 تهذيب
التهذيب 10 / 140، خلاصة تذهيب التهذيب 376، شذرات الذهب 1
/ 119.
(4/510)
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ لاَ يُفَضَّلُ
عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ (1) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ (2) : كَانَ ثِقَةً، فَاضِلاً،
عَابِداً، وَرِعاً.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي حَمَلَةَ: قَدِمَ عَلَيْنَا
مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا
عَبْدِ اللهِ، لَوْ عَلِمَ اللهُ أَنَّ بِالعِرَاقِ مَنْ
هُوَ أَفْضَلُ مِنْكَ، لأَتَانَا بِهِ.
فَقَالَ: كَيْفَ لَوْ رَأَيْتُم أَبَا قِلاَبَةَ (3) ؟!
رَوَى: هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: مُسْلِمُ بنُ
يَسَارٍ خَامِسُ خَمْسَةٍ مِنْ فُقَهَاءِ البَصْرَةِ (4) .
وَرَوَى: هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنِ العَلاَءِ بنِ
زِيَادٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ:
لَوْ كُنْتُ مُتَمَنِّياً، لَتَمَنَّيْتُ فِقْهَ الحَسَنِ،
وَوَرَعَ ابْنِ سِيْرِيْنَ، وَصَوَابَ مُطَرِّفٍ،
وَصَلاَةَ مُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ (5) .
رَوَى: حُمَيْدُ بنُ الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ،
قَالَ:
أَدْرَكْتُ هَذَا المَسْجِدَ، وَمَا فِيْهِ حَلْقَةٌ
تُنْسَبُ إِلَى الفِقْهِ، إِلاَّ حَلْقَةُ مُسْلِمِ بنِ
يَسَارٍ (6) .
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمِ بنِ
يَسَارٍ:
إِنَّ أَبَاهُ كَانَ إِذَا صَلَّى كَأَنَّهُ وَدٌّ، لاَ
يَمِيْلُ لاَ هَكَذَا، وَلاَ هَكَذَا (7).
__________
(1) ابن سعد 7 / 186.
(2) في الطبقات 7 / 188.
(3) الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 87، وابن عساكر في
تاريخه 16 / 244 آ وأضافا:
" فما ذهبت الايام والليالي حتى أتانا الله بأبي قلابة "
وانظر الخبر فقد تقدم في ترجمة أبي قلابة ص 469 من هذا
الجزء.
(4) المعرفة والتاريخ 2 / 88، وابن عساكر 16 / 245 آ.
(5) ابن عساكر 16 / 245 ا وانظر صفحة 577 و602.
(6) الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 86، وابن عساكر في
تاريخه 16 / 245 آ، وأضافا: " قال: إن في الحلقة من هو أسن
منه، غير أنها كانت تنسب إليه ".
(7) المعرفة والتاريخ 2 / 85، وابن عساكر 16 / 245 ب.
والود: الوتد.
ثم انظر ابن سعد 7 / 186 والحلية 2 / 291.
(4/511)
وَقَالَ غَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ: كَانَ
مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ إِذَا صَلَّى، كَأَنَّهُ ثَوْبٌ
مُلْقَىً (1) .
وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: كَانَ مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ
يَقُوْلُ لأَهْلِهِ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ:
تَحَدَّثُوا، فَلَسْتُ أَسْمَعُ حَدِيْثَكُم (2) .
وَرَوَى: أَنَّهُ وَقَعَ حَرِيْقٌ فِي دَارِهِ،
وَأُطْفِئَ، فَلَمَّا ذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: مَا
شَعَرْتُ (3) .
رَوَاهَا: سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، عَنْ
مَعْدِيِّ بنِ سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَغَيْرُهُ:
حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ بنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ
بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ
مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، قَالَ:
كَانَ مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ يَحُجُّ كُلَّ سَنَةٍ،
وَيُحَجِّجُ مَعَهُ رِجَالاً مِنْ إِخْوَانِهِ،
تَعَوَّدُوا ذَلِكَ، فَأَبْطَأَ عَاماً حَتَّى فَاتَتْ
أَيَّامُ الحَجِّ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: اخْرُجُوا.
فَقَالُوا: كَيْفَ؟
قَالَ: لاَ بُدَّ أَنْ تَخْرُجُوا.
فَفَعَلُوا اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَأَصَابَهُم حِيْنَ
جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ إِعصَارٌ شَدِيْدٌ، حَتَّى
كَادَ لاَ يَرَى بَعْضُهُم بَعْضاً، فَأَصْبَحُوا وَهُمْ
يَنْظُرُوْنَ إِلَى جِبَالِ تِهَامَةَ، فَحَمِدُوا اللهَ،
فَقَالَ: مَا تَعْجَبُوْنَ مِنْ هَذَا فِي قُدْرَةِ الله
-تَعَالَى (4) -.
قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ فِي كَلاَمٍ
فِي القَدَرِ:
هُمَا وَادِيَانِ عَمِيْقَانِ، يَسْلُكُ فِيْهِمَا
النَّاسُ، لَنْ يُدْرَكَ غَوْرُهُمَا، فَاعْمَلْ عَمَلَ
رَجُلٍ، تَعْلَمْ أَنَّهُ لَنْ يُنْجِيَكَ إِلاَّ
عَمَلُكَ، وَتَوَكَّلْ تَوَكُّلَ رَجُلٍ، تَعْلَمْ أَنَّهُ
لاَ يُصِيْبُكُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَكَ (5) .
__________
(1) الحلية 2 / 291 وابن عساكر 16 / 245 ب.
وأورده الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 85 بطريق أخرى.
(2) الحلية 2 / 290 وابن عساكر 16 / 246 آ، وانظر ابن سعد
7 / 186.
(3) ابن عساكر 16 / 246 آ، وانظر ابن سعد 7 / 186.
(4) ابن عساكر 16 / 247 آ.
(5) ابن عساكر 16 / 248 ب.
(4/512)
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: لَمَّا وَقَعَتِ
الفِتْنَةُ زَمَن ابْنِ الأَشْعَثِ، خَفَّ مُسْلِمٌ
فِيْهَا، وَأَبْطَأَ الحَسَنُ، فَارْتَفَعَ الحَسَنُ،
وَاتَّضَعَ مُسْلِمٌ.
قُلْتُ: إِنَّمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الآخِرَةِ، فَقَدْ
يَرْتَفِعَانِ مَعاً.
قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: قِيْلَ لابْنِ
الأَشْعَثِ:
إِنْ أَرَدْتَ أَنَّ يُقْتَلُوا حَوْلَكَ كَمَا قُتِلُوا
يَوْمَ الجَمَلِ حَوْلَ جَمَلِ عَائِشَةَ، فَأَخْرِجْ
مَعَكَ مُسْلِمَ بنَ يَسَارٍ.
فَأَخْرَجَهُ مُكْرَهاً (1) .
قَالَ أَيُّوْبُ: عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ لِي
مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ:
إِنِّي أَحْمَدُ اللهَ إِلَيْك أَنِّي لَمْ أُرْمَ
بِسَهْمٍ، وَلَمْ أَضْرِبْ فِيْهَا (2) بِسَيْفٍ.
قُلْتُ لَهُ: فَكَيْفَ بِمَنْ رَآكَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ.
فَقَالَ: هَذَا مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ لَنْ يُقَاتِلَ
إِلاَّ عَلَى حَقٍّ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ؟
فَبَكَى - وَاللهِ - حَتَّى وَدِدْتُ أَنَّ الأَرْضَ
انْشَقَّتْ فَدَخَلْتُ فِيْهَا (3) .
قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: وَفِي القُرَّاءِ
الَّذِيْنَ خَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، لاَ أَعْلَمُ
أَحَداً مِنْهُم قُتِلَ، إِلاَّ رَغِبَ لَهُ عَنْ
مَصْرَعِهِ، أَوْ نَجَا إِلاَّ نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ
مِنْهُ (4) .
قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: إِنَّ الحَسَنَ
البَصْرِيَّ لَمَّا مَاتَ مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ، قَالَ:
وَامُعَلِّمَاهُ (5) .
قُلْتُ: لِمُسْلِمٍ - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -
تَرْجَمَةٌ حَافِلَةٌ فِي (تَارِيْخِ الحَافِظِ ابْنِ
عَسَاكِرَ) (6) .
__________
(1) المعرفة والتاريخ 2 / 86 وابن عساكر 16 / 248 ب.
(2) الضمير عائد على فتنة ابن الاشعث.
(3) ابن عساكر 16 / 248 ب، وما بين الحاصرتين منه، وانظر
ابن سعد 7 / 188.
والمعرفة والتاريخ 2 / 86، 87.
(4) انظر ابن سعد 7 / 188.
(5) ابن عساكر 16 / 249 آ.
(6) 16 / 243 ب.
(4/513)
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ،
وَالفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ مائَةٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى
وَمائَةٍ.
204 - أَمَّا
: مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ أَبُو عُثْمَانَ المِصْرِيُّ
الطُّنْبُذِيُّ * (د، ت، ق)
وَطُنْبُذُ (1) : قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مِصْرَ، فَكَانَ
رَضِيْعَ الخَلِيْفَةِ عَبْدِ المَلِكِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَكْرُ بنُ عَمْرٍو، وَالمَعَافِرِيُّ،
وَأَبُو هَانِئ حُمَيْدُ بنُ هَانِئ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ زِيَادٍ الإِفْرِيْقِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ، صَدُوْقٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ.
205 - و
َ مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ الجُهَنِيُّ ** (د، ت، س)
تَابِعِيٌّ.
رَوَى شَيْئاً عَنْ: عُمَرَ.
وَقِيْلَ: عَنْ نُعَيْمٍ، عَنْ عُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الخَطَّابِيُّ.
206 - و
َ مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ *** الدَّوْسِيُّ
لَهُ شَيْءٌ عَنْ مَوْلاَهُ لأُمِّ سَلَمَةَ.
__________
(*) طبقات خليفة ت 2784، تاريخ البخاري 7 / 275، الجرح
والتعديل القسم االاول من المجلد الرابع 199، تهذيب الكمال
ص 1329، 1631، تاريخ الإسلام 4 / 55 و203، تذهيب التهذيب 4
/ 39 آ، تهذيب التهذيب 10 / 141، حسن المحاضرة 1 / 262،
خلاصة تذهيب التهذيب 376، تاج العروس (طنبذ).
(1) كذا الأصل وأنساب السمعاني واللباب وتاج العروس، أما
ياقوت فقد ضبطه في معجم البلدان بالفتح وزيادة تاء (طنبذة)
وقال: قرية من أعمال البهنسى من صعيد مصر.
(* *) تاريخ البخاري 7 / 276، تهذيب الكمال ص 1330، تذهيب
التهذيب 4 / 39 آ ميزان الاعتدال 4 / 108، تهذيب التهذيب
10 / 142.
(* * *) الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع 199،
ميزان الاعتدال 4 / 108.
(4/514)
207 - زِيَادُ بنُ جُبَيْرِ بنِ حَيَّةَ
الثَّقَفِيُّ البَصْرِيُّ * (ع)
عَنْ: أَبِيْهِ، وَسَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ،
وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَابْنِ عُمَرَ.
وَعَنْهُ: ابْنَا أَخِيْهِ؛ سَعِيْدٌ وَمُغِيْرَةُ؛ ابْنَا
عُبَيْدِ اللهِ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ،
وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ.
208 - عِيَاضُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي
سَرْحٍ القُرَشِيُّ ** (ع)
العَامِرِيُّ، المِصْرِيُّ، ابْنُ أَمِيْرِ مِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ،
وَابْنِ عُمَرَ.
وَعَنْهُ: بُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ،
وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، وَدَاوُدُ بنُ قَيْسٍ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَجْلاَنَ.
وَحَدِيْثُهُ فِي دَوَاوِيْنِ الإِسْلاَمِ.
209 - زُرَارَةُ بنُ أَوْفَى أَبُو حَاجِبٍ العَامِرِيُّ
*** (ع)
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، قَاضِي البَصْرَةِ، أَبُو حَاجِبٍ
العَامِرِيُّ، البَصْرِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
__________
(1) تكررت ترجمة زياد بن جبير في ص 605.
(*) طبقات خليفة 1697، تاريخ البخاري 3 / 347، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 526، تهذيب الكمال
ص 441، تاريخ الإسلام 4 / 133، تذهيب التهذيب 1 / 242 آ،
تهذيب التهذيب 3 / 357، خلاصة تذهيب التهذيب 124.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 242، تاريخ البخاري 7 / 21، الجرح
التعديل القسم الأول من المجلد الثالث 408، تهذيب الكمال ص
1079، تاريخ الإسلام 4 / 178، تذهيب التهذيب 3 / 126 ب،
تهذيب التهذيب 8 / 200، خلاصة تذهيب التهذيب 301.
(* * *) طبقات ابن سعد 7 / 150، طبقات خليفة ت 1571، تاريخ
البخاري 3 / 438، أخبار القضاة 1 / 292، الجرح والتعديل
القسم الثاني من المجلد الأول 603، الحلية 2 / 258، =
(4/515)
سَمِعَ: عِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ، وَأَبَا
هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَقَتَادَةُ،
وَبَهْزُ بنُ حَكِيْمٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
صَحَّ أَنَّهُ قَرَأَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ، فَلَمَّا
قَرَأَ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُوْرِ} [المُدَّثِّرُ:
8]، خَرَّ مَيْتاً.
وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ،
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي سُوَيْدٍ الذَّارِعُ، حَدَّثَنَا
صَالِحٌ المُرِّيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بنِ
أَوْفَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟
فَقَالَ: (الحَالُّ المُرْتَحِلُ).
قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَمَا الحَالُّ المُرْتَحِلُ؟
قَالَ: (صَاحِبُ القُرْآنِ، يَضْرِبُ فِي أَوَّلِهِ حَتَّى
يَبْلُغَ آخِرَهُ، وَفِي آخِرِهِ حَتَّى يَبْلُغَ
أَوَّلَهُ (1)).
وَكَذَا رَوَاهُ: يَعْقُوْبُ الحَضْرَمِيُّ، وَزَيْدُ بنُ
الحُبَابِ، عَنْ صَالِحٍ، وَهُوَ لَيِّنٌ.
عَتَّابُ بنُ المُثَنَّى القُشَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا بَهْزُ
بنُ حَكِيْمٍ، قَالَ:
صَلَّى بِنَا زُرَارَةُ فِي مَسْجِدِ بَنِي قُشَيْرٍ،
فَقَرَأَ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُوْرِ}
[المُدَّثِّرُ: 8]، فَخَرَّ مَيْتاً، فَكُنْتُ فِيْمَنْ
حَمَلَهُ إِلَى دَارِهِ، وَقَدِمَ الحَجَّاجُ البَصْرَةَ
وَهُوَ يَقُصُّ فِي دَارِهِ (2) .
__________
= تهذيب الكمال ص 429، تاريخ الإسلام 3 / 368، العبر 1 /
109، تذهيب التهذيب 1 / 236 آ، البداية والنهاية 9 / 93،
تهذيب التهذيب 3 / 322، خلاصة تذهيب التهذيب 121، شذرات
الذهب 1 / 102.
(1) الحلية 2 / 260، وإسناده ضعيف لضعف صالح المري.
(2) الحلية 2 / 258، 259.
(4/516)
210 - صِلَةُ بنُ زُفَرَ العَبْسِيُّ
الكُوْفِيُّ * (ع)
تَابِعِيٌّ كَبِيْرٌ، ثِقَةٌ، فَاضِلٌ، مُخَرَّجٌ لَهُ فِي
الكُتُبِ كُلِّهَا.
يَرْوِي عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَمَّارٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُتَيْرُ بنُ شَكَلٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ،
وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَمَا أَظُنُّهُ
شَافَهَهُ، لأَنَّهُ يُقَالُ: تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ
مُصْعَبٍ، وَوِلاَيَتِهِ عَلَى العِرَاقِ.
211 - يَزِيْدُ بنُ الأَصَمِّ أَبُو عَوْفٍ العَامِرِيُّ
** (م، 4)
مِنْ جِلَّةِ التَّابِعِيْنَ بِالرَّقَّةِ، وَلأَبِيْهِ
صُحْبَةٌ، وَهُوَ عَمْرٌو - وَيُقَالُ: عَبْدُ عَمْرٍو،
وَيُقَالُ: عُدَسُ بنُ مُعَاوِيَةَ - الإِمَامُ،
الحَافِظُ، أَبُو عَوْفٍ العَامِرِيُّ، البَكَّائِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: خَالَتِهِ؛ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ
مَيْمُوْنَةَ، وَابْنِ خَالَتِهِ؛ ابْنِ عَبَّاسٍ،
وَعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدِ بنِ أَبِي
وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ،
وَمُعَاوِيَةَ، وَعَوْفِ بنِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِم.
وَلَمْ تَصِحَّ رِوَايَتُهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَقَدْ
أَدْرَكَهُ، وَكَانَ بِالكُوْفَةِ فِي خِلاَفَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ
الأَصَمِّ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَرَاشِدُ بنُ
كَيْسَانَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
__________
(*) طبقات ابن سعد 6 / 195، طبقات خليفة ت 1006، تاريخ
البخاري 4 / 321، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد
الثاني 446، تاريخ بغداد 9 / 335، تهذيب الكمال ص 613،
تاريخ الإسلام 3 / 163، تذهيب التهذيب 2 / 95 ب، تهذيب
التهذيب 4 / 437، خلاصة تذهيب التهذيب 176.
(* *) طبقات ابن سعد 7 / 479، طبقات خليفة ت 3067، تاريخ
البخاري 8 / 318، المعرفة والتاريخ 1 / 396، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 252، الحلية 4 /
97، تاريخ ابن عساكر 18 / 124 آ، أسد الغابة 5 / 104،
تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الثاني 161،
تهذيب الكمال ص 1532، تاريخ الإسلام 4 / 210، العبر 1 /
126، تذهيب التهذيب 4 / 172 ب، العقد الثمين 7 / 460،
الإصابة ت 9381، تهذيب التهذيب 11 / 313، خلاصة تذهيب
التهذيب 430.
(4/517)
الشَّيْبَانِيُّ، وَابْنُ شِهَابٍ،
وَأَجْلَحُ الكِنْدِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ بَذِيْمَةَ،
وَيَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ - عَلَى خِلاَفٍ
فِيْهِ - وَجَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، وَلَيْثُ بنُ أَبِي
سُلَيْمٍ، وَأَبُو جَنَابٍ الكَلْبِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ
بنُ عَطَاءٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَأُمُّهُ: بَرْزَةُ الهِلاَلِيَّةُ (1) ؛ أُخْتُ: أُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ، وَأُمِّ الفَضْلِ لُبَابَةَ الكُبْرَى (2)
، وَعِصْمَةَ وَالِدَةِ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ (3) .
وَكَانَ كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
قَالَهُ: ابْنُ سَعْدٍ.
وَثَّقَهُ: العِجْلِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ: سَمَّى رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَصَمَّ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ، وَكَتَبَ لَهُ بِمَائِهِ الَّذِي أَسْلَمَ
عَلَيْهِ ذِي القَصَّةِ (4) .
قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الظُّلَّةِ -يَعْنِي:
أَصْحَابَ الصُّفَّةِ (5) -.
وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ: هُوَ ابْنُ أُخْتِ
مَيْمُوْنَةَ، وَهِيَ رَبَّتْهُ (6) .
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ:
دَخَلْتُ مَعَ الشَّعْبِيِّ المَسْجِدَ، فَقَالَ: هَلْ
تَرَى أَحَداً مِنْ أَصْحَابِنَا نَجْلِسُ إِلَيْهِ؟
ثُمَّ نَظَرَ، فَرَأَى
__________
(1) انظر ترجمتها في طبقات ابن سعد 8 / 280، والاصابة -
نساءت 718.
(2) انظر ترجمتها في طبقات ابن سعد 8 / 277، والاصابة -
نساءت 1448.
(3) انظر ترجمتها في طبقات ابن سعد 8 / 279، والاصابة -
نساءت 943.
(4) ذو قصة: موضع بين زبالة والشقوق، دون الشقوق بميلين،
فيه قلب للاعراب يدخلها ماء عذب زلال.
وقال نصر: ذو القصة موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون
ميلا وهو طريق الربذة، انظر معجم البلدان.
(5) ابن عساكر 18 / 126 آ، وأهل الصفة كانوا أضياف
الإسلام، كانوا يبيتون في مسجده صلى الله عليه وسلم، وهي
موضع مظلل من المسجد.
(6) ابن عساكر 18 / 126 ب.
(4/518)
يَزِيْدَ بنَ الأَصَمِّ، فَقَالَ: هَلْ
لَكَ أَنْ نَجْلِسَ إِلَيْهِ، فَإِنَّ خَالَتَهُ
مَيْمُوْنَةُ؟
فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ (1) .
قَالَ شَيْخُنَا فِي (تَهْذِيْبِهِ): يُقَالُ: إِنَّ لَهُ
رُؤْيَةً مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-.
قَالَ بَعْضُ وَلَدِ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ: إِنَّهُ
مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَمائَةٍ (2) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ
الحَرَّانِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ الأَصَمِّ:
أَنَّ يَزِيْدَ بنَ الأَصَمِّ مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ،
وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ،
عَنْ مَيْمُوْنَةَ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
إِذَا سَجَدَ، جَافَى حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ
(3).
212 - يَزِيْدُ بنُ الحَكَمِ * بنِ أَبِي العَاصِ
الثَّقَفِيُّ البَصْرِيُّ
مِنْ فُصَحَاءِ الشُّعَرَاءِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَمِّهِ؛ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ.
رَوَى عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ،
فَوَصَلَهُ بِمَالٍ جَسِيْمٍ، وَكَانَ قَدْ عُيِّنَ
لإِمْرَةِ فَارِسٍ.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
شَرَيْتُ الصِّبَا وَالجَهْلَ بِالْحِلْمِ وَالتُّقَى ...
وَرَاجَعْتُ عَقْلِي، وَالحَلِيْمُ يُرَاجِعُ
__________
(1) المصدر السابق.
(2) ابن عساكر 18 / 125 ب، وانظر ابن سعد 7 / 479.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (497) (239) وأبو داود (898)
والنسائي 2 / 213.
(*) الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 257،
الاغاني ط الدار 12 / 286، سمط اللآلي 238، تاريخ ابن
عساكر 21 / 134 ب، تاريخ الإسلام 4 / 211، خزانة الأدب
(بتحقيق هارون) 1 / 113، رغبة الآمل 8 / 40، 48.
(4/519)
أَبَى الشَّيْبُ وَالإِسْلاَمُ أَنْ
أَتْبَعَ الهَوَى ... وَفِي الشَّيْبِ وَالإِسْلاَمِ
لِلْمَرْءِ وَازِعُ (1)
213 - إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ أَبُو عِمْرَانَ بنُ
يَزِيْدَ بنِ قَيْسٍ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، فَقِيْهُ العِرَاقِ، أَبُو
عِمْرَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ بنِ قَيْسِ بنِ
الأَسْوَدِ بنِ عَمْرِو بنِ رَبِيْعَةَ بنِ ذُهْلِ بنِ
سَعْدِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّخَعِ (2) النَّخَعِيُّ،
اليَمَانِيُّ، ثُمَّ الكُوْفِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
وَهُوَ ابْنُ مُلَيْكَةَ؛ أُخْتِ الأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ.
رَوَى عَنْ: خَالِهِ، وَمَسْرُوْقٍ، وَعَلْقَمَةَ بنِ
قَيْسٍ، وَعَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ
البَجَلِيِّ، وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَالرَّبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ
المُحَارِبِيِّ، وَسَالِمِ بنِ مِنْجَابٍ، وَسُوَيْدِ بنِ
غَفَلَةَ، وَالقَاضِي شُرَيْحٍ، وَشُرَيْحِ بنِ أَرْطَاةَ،
وَأَبِي مَعْمَرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ سَخْبَرَةَ، وَعُبَيْدِ
بنِ نُضَيْلَةَ، وَعُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، وَأَبِي
عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
السُّلَمِيِّ، وَخَالِهِ؛ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
يَزِيْدَ، وَهَمَّامِ بنِ الحَارِثِ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم
مِنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ.
وَلَمْ نَجْد لَهُ سَمَاعاً مِنَ الصَّحَابَةِ
المُتَأَخِّرِيْنَ الَّذِيْنَ كَانُوا مَعَهُ بِالكُوْفَةِ
__________
(1) البيت الأخير في حماسة ابن الشجري 139.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 270، طبقات خليفة ت 1140، تاريخ
البخاري 1 / 333، المعارف 463، المعرفة والتاريخ 2 / 100
و604، الجرح والتعدل القسم الأول من المجلد الأول 144،
الحلية 4 / 219، طبقات الفقهاء للشيرازي 82، تهذيب الأسماء
واللغات القسم الأول من الجزء الأول 104، وفيات الأعيان 1
/ 25، تهذيب الكمال ص 68، تذكرة الحفاظ 1 / 69، تاريخ
الإسلام 3 / 335، العبر 1 / 113، تذهيب التهذيب 1 / 45 آ،
البداية والنهاية 9 / 140، غاية النهاية ت 125، تهذيب
التهذيب 1 / 177، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 29، خلاصة تذهيب
التهذيب 23 شذرات الذهب 1 / 111.
(2) في الأصل: " ربيعة بن ذهل " مكرر سهوا، وما بين
الحاصرتين ساقط، وقد ساق ابن حزم نسبه في الجمهرة 415 على
الشكل التالي: " إبراهيم بن يزيد بن الأسود بن ربيع بن ذهل
بن حارثة ابن سعد بن مالك بن النخع " أما عند ابن سعد
وخليفة وابن خلكان فبإسقاط " ذهل ".
(4/520)
كَالبَرَاءِ، وَأَبِي جُحَيْفَةَ،
وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ.
وَقَدْ دَخَلَ عَلَى أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ
وَهُوَ صَبِيٌّ، وَلَمْ يَلْبَثْ لَهُ مِنْهَا سَمَاعٌ،
عَلَى أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْهَا فِي كُتُبِ أَبِي
دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَالقَزْوِيْنِيِّ، فَأَهْلُ
الصَّنْعَةِ يَعُدُّوْنَ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَّصِلٍ مَعَ
عَدِّهِم كُلِّهِم لإِبْرَاهِيْمَ فِي التَّابِعِيْنَ،
وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كِبَارِهِم.
وَكَانَ بَصِيْراً بِعِلْمِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَاسِعَ
الرِّوَايَةِ، فَقِيْهَ النَّفْسِ، كَبِيْرَ الشَّأْنِ،
كَثِيْرَ المَحَاسِنِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
رَوَى عَنْهُ: الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَعَمْرُو بنُ
مُرَّةَ، وَحَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ - تِلْمِيْذُهُ
- وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَمُغِيْرَةُ بنُ مِقْسَمٍ -
تِلْمِيْذُهِ - وَأَبُو مَعْشَرٍ بنُ زِيَادِ بنِ
كُلَيْبٍ، وَأَبُو حَصِيْنٍ عُثْمَانُ بنُ عَاصِمٍ،
وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ، وَعُبَيْدَةُ بنُ
مُعَتِّبٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرٍ، وَالحَارِثُ
العُكْلِيُّ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَابْنُ عَوْنٍ،
وَشِبَاكٌ الضَّبِّيُّ، وَشُعَيْبُ بنُ الحَبْحَابِ،
وَعُبَيْدَةُ بنُ مُعَتِّبٍ (1) ، وَعَطَاءُ بنُ
السَّائِبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ
المُحَارِبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شُبْرُمَةَ، وَعَلِيُّ
بنُ مُدْرِكٍ، وَفُضَيْلُ بنُ عَمْرٍو الفُقَيْمِيُّ،
وَهِشَامُ بنُ عَائِذٍ الأَسَدِيُّ، وَوَاصِلُ بنُ
حَيَّانَ الأَحْدَبُ، وَزُبَيْدٌ اليَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ خَالِدٍ الضَّبِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ،
وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَأَبُو حَمْزَةَ
الأَعْوَرُ مَيْمُوْنٌ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: لَمْ
يُحَدَّثْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ أَدْرَكَ مِنْهُم
جَمَاعَةً، وَرَأَى عَائِشَةً.
وَكَانَ مُفْتِيَ أَهْلِ الكُوْفَةِ هُوَ وَالشَّعْبِيُّ
فِي زَمَانِهِمَا، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً، فَقِيْهاً،
مُتَوَقِّياً، قَلِيْلَ التَّكَلُّفِ وَهُوَ مُخْتَفٍ مِنَ
الحَجَّاجِ.
رَوَى: أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ
إِبْرَاهِيْمُ صَيْرَفِيَّ الحَدِيْثِ (2).
__________
(1) سبق ذكره قبل سطرين.
(2) أورده أبو نعيم في الحلية 4 / 219، 220 مطولا.
(4/521)
وَرَوَى: جَرِيْرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
أَبِي خَالِدٍ، قَالَ:
كَانَ الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَأَبُو الضُّحَى
يَجْتَمِعُوْنَ فِي المَسْجِدِ يَتَذَاكَرُوْنَ
الحَدِيْثَ، فَإِذَا جَاءهُم شَيْءٌ لَيْسَ فِيْهِ
عِنْدَهُم رِوَايَةٌ، رَمَوْا إِبْرَاهِيْمَ
بِأَبْصَارِهِم (1) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَرَاسِيْلُ إِبْرَاهِيْمَ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَرَاسِيْلِ الشَّعْبِيِّ.
قَالَهُ: عَبَّاسٌ، عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَصَفْتُ إِبْرَاهِيْمَ لابْنِ
سِيْرِيْنَ، قَالَ:
لَعَلَّهُ ذَاكَ الفَتَى الأَعْوَرُ الَّذِي كَانَ
يُجَالِسُنَا عِنْد عَلْقَمَةَ، كَانَ فِي القَوْمِ
وَكَأَنَّهُ لَيْسَ فِيْهِم (2) .
شُعْبَةُ: عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
مَا كَتَبْتُ شَيْئاً قَطُّ (3) .
قَالَ مُغِيْرَةُ: كُنَّا نَهَابُ إِبْرَاهِيْمَ هَيْبَةَ
الأَمِيْرِ (4) .
وَقَالَ طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ: مَا بِالكُوْفَةِ
أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ، وَخَيْثَمَةَ (5) .
قَالَ فُضَيْلٌ الفُقَيْمِيُّ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ:
مَا كَتَبَ إِنْسَانٌ كِتَاباً إِلاَّ اتَّكَلَ عَلَيْهِ
(5) .
قَالَ أَبُو قَطَنٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ
الأَعْمَشِ:
قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ: إِذَا حَدَّثْتَنِي عَنْ عَبْدِ
اللهِ، فَأَسْنِدْ.
قَالَ: إِذَا قُلْتُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ، فَقَدْ
سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ،
وَإِذَا قُلْتُ: حَدَّثَنِي فُلاَنٌ، فَحَدَّثَنِي فُلاَنٌ
(6) .
وَقَالَ مُغِيْرَةُ: كَرِهَ إِبْرَاهِيْمُ أَنْ يَسْتَنِدَ
إِلَى سَارِيَةٍ (7) .
__________
(1) الحلية 4 / 221 بخلاف يسير.
(2) ابن سعد 6 / 270.
(3) المصدر السابق والمعرفة والتاريخ 2 / 609.
(4) ابن سعد 6 / 271 والمعرفة والتاريخ 2 / 604.
(5) ابن سعد 6 / 271.
(6) ابن سعد 6 / 272 وانظر ص 527 من هذا الجزء.
(7) ابن سعد 6 / 273.
(4/522)
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ:
جَلَستُ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ، فَقَالَ فِي المُرْجِئَة
قَوْلاً غَيْرُهُ أَحْسَنُ مِنْهُ.
وَجَاءَ ذَمُّ الإِرْجَاءِ مِنْ وَجُوْهٍ عَنْهُ (1) .
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: أَتَسْتَفْتُوْنِي
وَفِيْكُم إِبْرَاهِيْمُ (2) ؟!
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ
يَحُجُّ مَعَ عَمِّهِ وَخَالِهِ؛ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ،
وَكَانَ يُبْغِضُ المُرْجِئَةَ، وَيَقُوْل:
لأَنَا عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ المُرْجِئَةِ،
أَخَوْفُ عَلَيْهِم مِنْ عِدَّتِهِم مِنَ الأَزَارِقَةِ
(3) .
تُوُفِّيَ: وَلَهُ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ
الحَبْحَابِ، حَدَّثَتْنِي هُنَيْدَةُ امْرَأَةُ
إِبْرَاهِيْمَ:
أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ كَانَ يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ
يَوْماً (4) .
قَالَ سَعِيْدُ بنُ صَالِحٍ الأَشَجُّ: عَنْ حَكِيْمِ بنِ
جُبَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
مَا بِهَا عَرِيْفٌ إِلاَّ كَافِرٌ (5) .
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ،
حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ يَأْتِي السُّلْطَانَ، فَيَسْأَلُهُمُ
الجَوَائِزَ (6) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ رَبِيْعَةَ الكِلاَبِيُّ: عَنِ
العَلاَءِ بنِ زُهَيْرٍ، قَالَ:
قَدِمَ إِبْرَاهِيْمُ عَلَى أَبِي وَهُوَ عَلَى حُلْوَانَ،
فَحَمَلَهُ عَلَى بِرْذَوْنٍ، وَكَسَاهُ أَثْوَاباً،
وَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقَبِلَهُ (6) .
__________
(1) انظر ابن سعد 6 / 273، 274.
(2) ابن سعد 6 / 270 والحلية 4 / 221.
(3) ابن سعد 6 / 274.
(4) ابن سعد 6 / 276 والحلية 4 / 224.
(5) ابن سعد 6 / 276.
(6) ابن سعد 6 / 277.
(4/523)
قَالَ الأَعْمَشُ: رُبَّمَا رَأَيْتُ
إِبْرَاهِيْمَ يُصَلِّي، ثُمَّ يَأْتِيْنَا، فَيَمْكُثُ
سَاعَةً كَأَنَّهُ مَرِيْضٌ (1) .
قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ:
بَشَّرْتُ إِبْرَاهِيْمَ بِمَوْتِ الحَجَّاجِ، فَسَجَدَ،
وَرَأَيْتُهُ يَبْكِي مِنَ الفَرَحِ (2) .
وَقَالَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ: مَا رَأَيْتُ
إِبْرَاهِيْمَ فِي صَيْفٍ قَطُّ، إِلاَّ وَعَلَيْهِ
مِلْحَفَةٌ حَمْرَاءُ، وَإِزَارٌ أَصْفَرُ (3) .
وَقَالَ مُغِيْرَةُ: رَأَيْتُ إِبْرَاهِيْمَ يُرْخِي
عِمَامَتَهُ مِنْ وَرَائِهِ (4) .
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَاتَ وَهُوَ (5) ابْنُ
نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ، بَعْدَ الحَجَّاجِ بِأَرْبَعَةِ
أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: دَخَلَ إِبْرَاهِيْمُ عَلَى
أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ، وَسَمِعَ: زَيْدَ بنَ
أَرْقَمَ، وَالمُغِيْرَةَ بنَ شُعْبَةَ، وَأَنَسَ بنَ
مَالِكٍ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَمَنْصُوْرٌ، وَالمُغِيْرَةُ
بنُ مِقْسَمٍ، وَالأَعْمَشُ، وَغَيْرُهُم مِنَ
التَّابِعِيْنَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بنِ أَبِي
أُنَيْسَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ:
قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ: يَا أَبَا عِمْرَانَ،
مَنْ أَدْرَكْتَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ.
__________
(1) ابن سعد 6 / 279 والمعرفة والتاريخ 2 / 605.
(2) ابن سعد 6 / 280.
(3) ابن سعد 6 / 281، وقد رواه بطريق أخرى 6 / 282 عن أكيل
قال: ما رأيت.
(4) انظر ابن سعد 6 / 283.
(5) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، استدركناه من ابن سعد
6 / 284.
(4/524)
سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ المُبَارَكِيُّ:
حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَمْرٍو،
عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ، فَقَالَ: يَا أَبَا
عِمْرَانَ.
وَقَالَ ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: سَمِعْتُ رَجُلاً
يَذْكُرُ:
أَنَّ حَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ قَدِمَ عَلَيْهِمُ
البَصْرَةَ، فَجَاءهُ فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ، وَعَلَيْهِ
ثَوْبٌ صُوْفٌ، فَقَالَ لَهُ: ضَعْ عَنْكَ
نَصْرَانِيَّتَكَ هَذِهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي (1)
نَنْتَظِرُ إِبْرَاهِيْمَ، فَيَخْرُجُ، عَلَيْهِ
مُعَصْفَرَةٌ، وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ المَيْتَةَ قَدْ
حَلَّتْ لَهُ (2) .
شُعْبَةُ بنُ أَبِي مَعْشَرٍ: عَنِ النَّخَعِيِّ:
أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ، فَيَرَى
عَلَيْهَا ثِيَاباً حِبَراً.
فَقَالَ أَيُّوْبُ: وَكَيْفَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا؟
قَالَ: كَانَ يَخْرُجُ مَعَ عَمِّهِ وَخَالِهِ حَاجّاً
وَهُوَ غُلاَمٌ قَبْل أَنْ يَحْتَلِمَ، وَكَانَ بَيْنَهُم
وِدٌّ وَإِخَاءٌ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَائِشَةَ
وِدٌّ وَإِخَاءٌ (3).
شَرِيْكٌ: عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يُسَيْرٍ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ:
أَدْخَلَنِي خَالِي الأَسْوَدُ عَلَى عَائِشَةَ، وَعَلَيَّ
أَوْضَاحٌ (4) .
جَرِيْرٌ: عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ يَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ مَعَ
الأَسْوَدِ وَعَلْقَمَةَ، وَمَاتَ وَلَهُ سَبْعٌ
وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، أَوْ نَحْوَهُ.
وَقَالَ سُلَيْمُ بنُ أَخْضَرَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ،
قَالَ:
مَاتَ إِبْرَاهِيْمُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الخَمْسِيْنَ
إِلَى السِتِّيْنَ.
عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ، قَالَ:
قِيْلَ لإِبْرَاهِيْمَ: قَتَلَ الحَجَّاجُ سَعِيْدَ بنَ
جُبَيْرٍ.
قَالَ: يَرْحَمُهُ اللهُ، مَا تُرِكَ بَعْدَهُ خَلَفٌ.
قَالَ: فَسَمِعَ بِذَلِكَ
__________
(1) لفظ الحلية " رأيتنا ".
(2) الحلية 4 / 221، 222.
(3) انظر ابن سعد 6 / 271.
(4) الاوضاح: حلي من الدراهم أو الفضة.
(4/525)
الشَّعْبِيُّ، فَقَالَ: هُوَ بِالأَمْسِ
يَعِيْبُهُ بِخُرُوْجِهِ عَلَى الحَجَّاجِ، وَيَقُوْلُ
اليَوْمَ هَذَا!
فَلَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيْمُ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا
تُرِكَ بَعْدَهُ خَلَفٌ.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ
عَاصِمٍ، قَالَ:
تَبِعْتُ الشَّعْبِيَّ، فَمَرَرْنَا بِإِبْرَاهِيْمَ،
فَقَامَ لَهُ إِبْرَاهِيْمُ عَنْ مَجْلِسِهِ، فَقَالَ لَهُ
الشَّعْبِيُّ:
أَمَا إِنِّي أَفْقَهُ مِنْكَ حَيّاً، وَأَنْتَ أَفْقَهُ
مِنِّي مَيْتاً، وَذَاكَ أَنَّ لَكَ أَصْحَاباً
يَلْزَمُوْنَكَ، فَيُحْيُوْنَ عِلْمَكَ (1) .
مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ: حَدَّثَنِي
مَيْمُوْنٌ أَبُو حَمْزَةَ الأَعْوَرُ، قَالَ:
قَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ: تَكَلَّمْتُ، وَلَوْ وَجَدْتُ
بُدّاً، لَمْ أَتَكَلَّمْ، وَإِنَّ زَمَاناً أَكُوْنُ
فِيْهِ فَقِيْهاً لَزَمَانُ سُوْءٍ (2) .
قَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ
إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ:
يَا أَبَا عِمْرَانَ، إِنَّ الحَسَنَ البَصْرِيَّ
يَقُوْلُ: إِذَا تَوَاجَهَ المُسْلِمَانِ بسَيْفَيْهِمَا،
فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُوْلُ فِي النَّارِ.
فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا مَنْ قَاتَلَ عَلَى الدُّنْيَا،
فَأَمَّا قِتَالُ مَنْ بَغَى، فَلاَ بَأْسَ بِهِ.
فَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: هَكَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا عَنِ
ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالُوا لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ يَوْم الزَّاوِيَةِ (3) ؟
قَالَ: فِي بَيْتِي.
قَالُوا: فَأَيْنَ كُنْتُ يَوْمَ الجَمَاجِمِ (4) ؟
قَالَ: فِي بَيْتِي.
قَالُوا: فَإِنَّ عَلْقَمَةَ شَهِدَ صِفِّيْنَ مَعَ
عَلِيٍّ.
فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ، مَنْ لَنَا مِثْلُ عَلِيِّ بنِ أَبِي
طَالِبٍ وَرِجَالِهِ.
عَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ، قَالَ:
كُنْتُ فِيْمَنْ دَفَنَ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيَّ
لَيْلاً
__________
(1) انظر ابن سعد 6 / 284.
(2) الحلية 4 / 223.
(3) الزاوية: موضع قرب البصرة، كانت به الوقعة المشهورة
بين الحجاج وعبد الرحمن بن الاشعث، قتل فيها خلق كثير من
الفريقين وذلك في سنة 83 للهجرة.
انظر معجم البلدان وتاريخ الطبري 6 / 342.
(4) يوم الجماجم كان بين الحجاج بن يوسف الثقفي وعبد
الرحمن بن محمد بن الاشعث سنة 83 أو 82 ه على سبعة فراسخ
من الكوفة.
(4/526)
سَابِعَ سَبْعَةٍ، أَوْ تَاسِعَ تِسْعَةٍ،
فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَدَفَنْتُم صَاحِبَكُم؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَا تَرَكَ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْهُ،
أَوْ أَفْقَهَ مِنْهُ.
قُلْتُ: وَلاَ الحَسَنَ، وَلاَ ابْنَ سِيْرِيْنَ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَلاَ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ، وَلاَ مِنْ
أَهْلِ الكُوْفَةِ، وَلاَ مِنْ أَهْلِ الحِجَازِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: وَلاَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ (1) .
رَوَى: التِّرْمِذِيُّ (2) ، مِنْ طَرِيْقِ شُعْبَةَ، عَنِ
الأَعْمَشِ، قَالَ:
قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ: أَسْنِدْ لِي عَنِ
ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ: إِذَا حَدَّثْتُكُم عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، فَهُوَ الَّذِي سَمِعْتُ، وَإِذَا
قُلْتُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ، فَهُوَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ
عَنْ عَبْدِ اللهِ.
فِي سِنِّ إِبْرَاهِيْمَ قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: عَاشَ
تِسْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، الثَّانِي: أَنَّهُ عَاشَ
ثَمَانِياً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَعَبْدُ الوَلِيِّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَحْمَدُ
بنُ هِبَةِ اللهِ، وَعِيْسَى بنُ بَرَكَةَ، وَجَمَاعَةٌ،
قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا
سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ حُضُوْراً فِي
سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ،
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ زُنْبُوْرٍ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا
يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ
مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ
وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ،
وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ
اللهِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالَ
لَهَا: أُمُّ يَعْقُوْبَ، كَانَتْ تَقْرَأُ القُرْآنَ،
فَأَتَتْه، فَقَالَتْ:
مَا حَدِيْثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ: أَنَّكَ لَعَنْتَ
الوَاشِمَاتِ، وَالمُسْتَوْشِمَاتِ،
__________
(1) أورده أبو نعيم في الحلية 4 / 220 مطولا، وانظر ابن
سعد 6 / 284.
(2) أي في كتاب العلل ص 223 بشرح الحافظ ابن رجب الحنبلي.
(4/527)
وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ
لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ؟
قَالَ: وَمَا لِيَ لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُوْلُ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي
كِتَابِ اللهِ.
فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيِ
المُصْحَفِ، فَمَا وَجَدْتُهُ (1) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ، حَدَّثُوْنَا عَنِ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ كَثِيْراً مِنْ حَدِيْثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ مَنْسُوْخٌ.
قُلْتُ: وَكَانَ كَثِيْرٌ مِنْ حَدِيْثِهِ نَاسِخاً،
لأَنَّ إِسْلاَمَهُ لَيَالِيَ فَتْحِ خَيْبَرَ،
وَالنَّاسِخُ وَالمَنْسُوْخُ فِي جَنْبِ مَا حَمَلَ مِنَ
العِلْمِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- نَزْرٌ قَلِيْلٌ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ
الاجْتِهَادِ، وَمِنْ أَهْلِ الفَتْوَى -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- فَالسُّنَنُ الثَّابِتَةُ لاَ تُرَدُّ
بِالدَّعَاوَى.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ،
حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ،
قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَرَدَّ لِحَدِيْثٍ لَمْ يَسْمَعْهُ
مِنْ إِبْرَاهِيْمَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ لَمَّا احْتُضِرَ، جَزِعَ
جَزَعاً شَدِيْداً، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:
وَأَيُّ خَطَرٍ أَعْظَمُ مِمَّا أَنَا فِيْهِ، أَتَوَقَّعُ
رَسُوْلاً يَرِدُ عَلَيَّ مِنْ رَبِّي، إِمَّا
بِالجَنَّةِ، وَإِمَّا بِالنَّارِ، وَاللهِ لَوَدِدْتُ
أَنَّهَا تَلَجْلَجُ فِي حَلْقِي إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ
(2) .
__________
(1) أخرجه البخاري 10 / 313، 314 في اللباس باب المتفلجات
للحسن، وباب المتنمصات، وباب الموصولة، وباب المستوشمة،
ومسلم (2125) في اللباس والزينة باب تحريم فعل الواصلة
والمستوصلة وفيه زيادة: " قال ابن مسعود: والله لئن قرأتيه
لقد وجدتيه (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه
فانتهوا) [ الحشر: 7 ].
والوشم هو أن تغرز المرأة ظهر كفها ومعصمها بإبرة أو بمسلة
حتى تؤثر فيه، ثم تحشوه بالكحل أو النيل أو بالنؤور -
والنؤور دخان الشحم - فيزرق أثره أو يخضر.
والنامصة التي تزين النساء بالنمص وهو نتف الشعر من الوجه.
والمتفلجات: من الفلج وهو تباعد ما بين الأسنان، يكون
خلقة.
والمتفلجات هن اللاتي يفعلن ذلك ويتكلفنه - اه.
(لسان).
(2) وفيات الأعيان 1 / 25.
(4/528)
رَوَى: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ،
قَالَ:
جَهَدْنَا أَنَّ نُجْلِسَ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيَّ
إِلَى سَارِيَةٍ، وَأَرَدْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ، فَأَبَى،
وَكَانَ يَأْتِي المَسْجِدَ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ وَرَيْطَةٌ
(1) مُعَصْفَرَةٌ.
قَالَ: وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَ الشُّرَطِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ
ذَكِيّاً، حَافِظاً، صَاحِبَ سُنَّةٍ.
قَالَ مُغِيْرَةُ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ إِذَا طَلَبَهُ
إِنْسَانٌ لاَ يُحِبُّ لِقَاءهُ، خَرَجَتِ الجَارِيَةُ،
فَقَالَتِ: اطْلُبُوْهُ فِي المَسْجِدِ (2) .
رَوَى: قَيْسٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ،
قَالَ:
أَتَى رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّي ذَكَرْتُ رَجُلاً بِشَيْءٍ،
فَبَلَغَهُ عَنِّي، فَكَيْفَ أَعْتَذِرُ إِلَيْهِ؟
قَالَ: تَقُوْلُ: وَاللهِ إِنَّ اللهَ لَيْعَلَمُ مَا
قُلْتُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ إِبْرَاهِيْمُ
القِرَاءةَ عَرْضاً عَنْ: عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ.
قَرَأَ عَلَيْهِ: الأَعْمَشُ، وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ.
وَرَوَى: وَكِيْعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
الجَهْرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ:
بِدْعَةٌ (3) .
214 - أَبُو نَضْرَةَ العَبْدِيُّ المُنْذِرُ بنُ مَالِكِ
بنِ قُطَعَةَ * (م ، 4)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو نَضْرَةَ
العَبْدِيُّ،
__________
(1) القباء: ثوب يلبس فوق الثياب أو القميص ويتمنطق عليه،
والريطة، الملاءة كلها نسج واحد وقطعة واحدة.
(2) انظر وفيات الأعيان 1 / 25.
(3) أخرج أحمد 4 / 85 والترمذي (244) والنسائي 2 / 135 عن
ابن عبد الله بن مغفل وقال: سمعني أبي وأنا أقول: بسم الله
الرحمن الرحيم وقال: أي بني إياك والحدث، فقد صليت مع
النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان
فلم أسمع أحدا منهم يقولها، فلا تقلها، إذا صليت فقل:
الحمد لله رب العالمين، وهو حديث حسن.
انظر شرح السنة 3 / 52، 57.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 208، طبقات خليفة ت 1718، تاريخ
البخاري 7 / 355، =
(4/529)
ثُمَّ العَوَقِيُّ، البَصْرِيُّ.
وَالعَوَقَةُ: بَطْنٌ مِنْ عَبْدِ القَيْسِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِمْرَانَ
بنِ حُصَيْنٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ،
وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ،
وَجَابِرٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَطَائِفَةٍ مِنَ
الصَّحَابَةِ.
وَأَرْسَلَ عَنْ: أَبِي ذَرٍّ.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: صُهَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ،
وَسُمَيْرِ (1) بنِ نَهَارٍ، وَسَعْدِ بنِ الأَطْوَلِ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَوَلَةَ، وَقَيْسِ بنِ عُبَادٍ،
وَأَبِي فَرَاسٍ النَّهْدِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ بِالبَصْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَيَحْيَى بنُ كَثِيْرٍ،
وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ،
وَأَبُو بِشْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ،
وَسَعِيْدٌ الجُرَيْرِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ،
وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَالصَّلْتُ بنُ دِيْنَارٍ،
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ صُهَيْبٍ، وَعَوْفٌ
الأَعْرَابِيُّ، وَكَهْمَسُ بنُ الحَسَنِ، وَأَبُو
الأَشْهَبِ العُطَارِدِيُّ، وَالمُسْتَمِرُّ بنُ
الرَّيَّانِ، وَأَبُو عَقِيْلٍ الدَّوْرَقِيُّ،
وَالقَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الحُدَّانِيُّ، وَابْنُهُ؛
عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي نَضْرَةَ، وَالعَوَّامُ بنُ
حَمْزَةَ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَسُوَيْدُ
بنُ حُجَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَوْذَبٍ، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا عَلِمْتُ إِلاَّ
خَيْراً.
وَرَوَى: إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ (2) : ثِقَةٌ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ،
وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يُحْتَجُّ بِهِ.
__________
= المعارف 449، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد
الرابع 241، الحلية 3 / 97، تهذيب الكمال ص 1375، 1659،
العبر 1 / 133، تاريخ الإسلام 4 / 225، تذهيب التهذيب 4 /
69 ب، البداية والنهاية 9 / 259، تهذيب التهذيب 10 / 302،
خلاصة تذهيب التهذيب 387، شذرات الذهب 1 / 135.
(1) ويقال شتير.
(2) في الطبقات 7 / 208.
(4/530)
سَالِمُ بنُ نُوْحٍ: أَنْبَأَنَا
الجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ:
خَرَجَ عَلَيْنَا طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ فِي
ثَوْبَيْنِ مُمَصَّرَيْنِ (1) .
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي (الثِّقَاتِ): كَانَ مِمَّنْ
يُخْطِئُ، وَكَانَ مِنْ فُصَحَاءِ النَّاسِ، فُلِجَ فِي
آخِرِ عُمُرِهِ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَمائَةٍ، أَوْ سَنَةَ سَبْعٍ،
وَأَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الحَسَنُ، فَصَلَّى
عَلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ
عَلَى العِرَاقِ.
قُلْتُ: اسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ، وَلَمْ يَرْوِ
لَهُ.
وَقَدْ أَوْرَدَهُ: العُقَيْلِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ فِي
كِتَابَيْهِمَا، فَمَا ذَكَرَا لَهُ شَيْئاً يَدُلُّ عَلَى
لِيْنٍ فِيْهِ.
بَلَى قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ عَرِيْفاً لِقَوْمِهِ.
قُلْتُ: هُوَ مِمَّنْ اشْتُهِرَ بِالكُنْيَةِ، وَقَعَ لِي
حَدِيْثُهُ بِعُلُوٍّ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
العَصْرُوْنِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ
مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي
سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو
يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا
أَبُو الأَشْهَبِ، نَبَّأَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي
سَعِيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
بَيْنمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى
رَاحِلَتِهِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ يَمِيْناً وَشِمَالاً.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى
مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ زَادٍ،
فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ...).
فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَ، حَتَّى
رَأَيْنَا أَنَّهُ لاَ حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّراً، فَقَالَ لَهُم:
(تَقَدَّمُوا، فَائْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُم مَنْ
بَعْدَكُم، لاَ
__________
(1) الثوب الممصر: المصبوغ بحمرة خفيفة.
(4/531)
يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُوْنَ حَتَّى
يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ).
أَخْرَجَهُمَا: مُسْلِمٌ (1) ، مِنْ طَرِيْقِ أَبِي
الأَشْهَبِ.
215 - بَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو أَبُو عَبْدِ
اللهِ المُزَنِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الوَاعِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ، البَصْرِيُّ، أَحَدُ
الأَعْلاَمِ، يُذْكَرُ مَعَ الحَسَنِ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: المُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَابْنِ
عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَأَبِي
رَافِعٍ الصَّائِغِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَعَاصِمٌ
الأَحْوَلُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَحَبِيْبٌ
العَجَمِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَقَتَادَةُ،
وَغَالِبٌ القَطَّانُ، وَأَبُو عَامِرٍ صَالِحٌ
الخَزَّازُ، وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، وَصَالِحٌ
المُرِّيُّ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ الكَاتِبُ (2) : كَانَ بَكْرٌ
المُزَنِيُّ ثِقَةً، ثَبْتاً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ،
حُجَّةً، فَقِيْهاً.
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: الحَسَنُ شَيْخُ
البَصْرَةِ، وَبَكْرٌ المُزَنِيُّ فَتَاهَا (3) .
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ: أَخْبَرَتْنِي أُخْتِي،
قَالَتْ:
كَانَ أَبُوْكَ قَدْ جَعَلَ عَلَى
__________
(1) الأول برقم (1728) في اللقطة باب استحباب المواساة
بفضول المال.
والثاني برقم (438) في الصلاة باب تسوية الصفوف وإقامتها
وفضل الأول.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 209 طبقات خليفة ت 1680، تاريخ
البخاري 2 / 90، المعارف 457، الجرح والتعديل القسم الأول
من المجلد الأول 388، الحلية 2 / 224، تهذيب الكمال ص 158،
تاريخ الإسلام 4 / 93، العبر 1 / 133، تذهيب التهذيب 1 /
88 ب البداية والنهاية 9 / 256، تهذيب التهذيب 1 / 484،
خلاصة تذهيب التهذيب 51، شذرات الذهب 1 / 135.
(2) في الطبقات 7 / 209.
(3) المصدر السابق.
(4/532)
نَفْسِهِ أَنْ لاَ يَسْمَعَ رَجُلَيْنِ
يَتَنَازَعَانِ فِي القَدَرِ، إِلاَّ قَامَ فَصَلَّى
رَكْعَتَيْنِ (1).
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ البَصْرَةَ كَانَتْ
تَغْلِي فِي ذَلِكَ الوَقْتِ بِالقَدَرِ، وَإِلاَّ فَلَوْ
جَعَلَ الفَقِيْهُ اليَوْمَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ،
لأَوْشَكَ أَنْ يَبْقَى السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ لاَ
يَسْمَعُ مُتَنَازِعَيْنِ فِي القَدَرِ وَللهِ الحَمْدُ،
وَلاَ يَتَظَاهِرُ أَحَدٌ بِالشَّامِ وَمِصْرَ بِإِنْكَارِ
القَدَرِ.
عَنْ بَكْرٍ المُزَنِيِّ - وَهُوَ فِي (الزُّهْدِ)
لأَحْمَدَ - قَالَ:
كَانَ الرَّجُلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ إِذَا بَلَغ
المَبْلَغَ، فَمَشَى فِي النَّاسِ، تُظِلُّهُ غَمَامَةٌ
(2) .
قُلْتُ: شَاهِدُهُ أَنَّ اللهَ قَالَ: {وَظَلَّلْنَا
عَلَيْكُمُ الغَمَامَ} [البَقَرَةُ: 57، الأَعْرَافُ: 159]
فَفَعَلَ بِهِم تَعَالَى ذَلِكَ عَاماً، وَكَانَ فِيْهِمُ
الطَّائِعُ وَالعَاصِي، فَنَبِيُّنَا - صَلَوَاتُ اللهُ
عَلَيْهِ - أَكْرَمُ الخَلْقِ عَلَى رَبِّهِ، وَمَا
كَانَتْ لَهُ غَمَامَةُ تُظِلُّهُ، وَلاَ صَحَّ ذَلِكَ (3)
، بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمَّا رَمَى الجَمْرَةَ، كَانَ
بِلاَلٌ يُظِلُّهُ بِثَوْبِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ،
وَلَكِنْ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ الأَعَاجِيْبُ
وَالآيَاتُ، وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ خَيْرَ
الأُمَمِ، وَإِيْمَانُهُم أَثْبَتَ، لَمْ يَحْتَاجُوا
إِلَى بُرْهَانٍ، وَلاَ إِلَى خَوَارِقَ، فَافْهَمْ هَذَا،
وَكُلَّمَا ازْدَادَ المُؤْمِنُ عِلْماً وَيَقِيْناً، لَمْ
يَحْتَجْ إِلَى الخَوَارِقِ، وَإِنَّمَا الخَوَارِقُ
لِلضُّعَفَاءِ، وَيَكْثُرُ ذَلِكَ فِي اقْتِرَابِ
السَّاعَةِ.
عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ الحَذَّاءُ: حَدَّثَنَا
يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، قَالَ:
قُوِّمَتْ كِسْوَةُ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ أَرْبَعَةَ
آلاَفٍ.
وَسَاقَهَا: أَبُو نُعَيْمٍ (4) بِإِسْنَادٍ آخَرَ، عَنْ
حُمَيْدٍ.
__________
(1) الحلية 2 / 225 وانظر المصدر السابق.
(2) الحلية 2 / 226 وله تتمة.
(3) يريد المؤلف رحمه الله خبر التقاء الرسول صلى الله
عليه وسلم ببحيرى الراهب وقد أورده في تاريخه الكبير 2 /
26 - 30 واستنكره جدا وقال: وفيه ألفاظ منكرة تشبه ألفاظ
الطرقية لكن الحافظ ابن حجر وغيره صححوا الحديث، وعدوا لفظ
(وبعث معه أبو بكر بلالا) منكرا.
(4) في الحلية 2 / 227.
(4/533)
عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ: سَمِعْتُ
إِنْسَاناً، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي:
أَنَّهُ كَانَ وَاقِفاً بِعَرَفَةَ، فَرَقَّ، فَقَالَ:
لَوْلاَ أَنِّي فِيْهِم، لَقُلْتُ: قَدْ غُفِرَ لَهُم (1)
.
قُلْتُ: كَذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يُزْرِيَ
عَلَى نَفْسِهِ، وَيَهْضِمَهَا.
أَبُو هِلاَلٍ: عَنْ غَالِبٍ القَطَّانِ، عَنْ بَكْرٍ:
أَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ بِهِ لِلْقَضَاءِ، قَالَ: إِنِّي
سَأُخْبِرُكَ عَنِّي، إِنِّي لاَ عِلْمَ لِي -وَاللهِ-
بِالقَضَاءِ، فَإِنْ كُنْتُ صَادِقاً، فَمَا يَنْبَغِي
لَكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَنِي، وَإِنْ كُنْتُ كَاذِباً، فَلاَ
تُوَلِّ كَاذِباً (2) .
رَوَى: حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، عَنْ بَكْرٍ، قَالَ:
إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَعِيْشَ عَيْشَ الأَغْنِيَاءِ،
وَأَمُوْتَ مَوْتَ الفُقَرَاءِ.
فَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- كَذَلِكَ، يَلْبَسُ كِسْوَتَهُ،
ثُمَّ يَجِيْءُ إِلَى المَسَاكِيْنِ، فَيَجْلِسُ مَعَهُم
يُحَدِّثُهُم، وَيَقُوْلُ: لَعَلَّهم يَفْرَحُوْنَ
بِذَلِكَ (3) .
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: كَانَتْ قِيْمَةُ
كِسْوَةِ بَكْرٍ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، كَانَتْ أُمُّهُ ذَاتَ
مَيْسَرَةٍ، وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ كَثِيْرُ المَالِ (4) .
وَرَوَى: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ
كُلْثُوْمِ بنِ جَوْشَنٍ، قَالَ:
اشْتَرَى بَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ طَيْلَسَاناً بِأَرْبَعِ
مائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَرَادَ الخَيَّاطُ أَنْ يَقْطَعَهُ،
فَذَهَبَ لِيَذُرَّ عَلَيْهِ تُرَاباً، فَقَالَ لَهُ
بَكْرٌ: كَمَا أَنْتَ.
فَأَمَرَ بِكَافُوْرٍ، فَسُحِقَ، ثُمَّ ذَرَّهُ عَلَيْهِ
(5) .
عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ الكِلاَبِيُّ: حَدَّثَنَا عُتْبَةُ
بنُ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيُّ، سَمِعْتُ بَكْراً
المُزَنِيَّ يَقُوْلُ فِي دُعَائِهِ:
أَصْبَحْتُ لاَ أَمْلِكُ مَا أَرْجُو، وَلاَ أَدْفَعُ عَنْ
نَفْسِي مَا أَكْرَهُ، أَمْرِي بِيَدِ غَيْرِي، وَلاَ
فَقِيْرَ أَفْقَرُ مِنِّي (6) .
__________
(1) ابن سعد 7 / 209.
(2) ابن سعد مطولا 7 / 210.
(3) ابن سعد 7 / 210 وانظر الحلية 2 / 227.
(4) ابن سعد 7 / 210 وزاد: " وكان يكره أن يرد عليها شيئا
".
(5) ابن سعد 7 / 210.
(6) ابن سعد 7 / 210، 211 وله تتمة.
(4/534)
قَالَ أَبُو الأَشْهَبِ: سَمِعْتُ بَكْراً
يَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا رِزْقاً يَزِيْدُنَا لَكَ شُكْراً،
وَإِلَيْك فَاقَةً وَفَقْراً، وَبِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ
غِنَىً (1) .
قَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ: كَانَ بَكْرُ بنُ عَبْدِ
اللهِ مُجَابَ الدَّعْوَةِ (2) .
قَالَ مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: حَضَرَ الحَسَنُ جِنَازَةَ
بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ عَلَى حِمَارٍ، فَرَأَى النَّاسَ
يَزْدَحِمُوْنَ، فَقَالَ:
مَا يُوْزَرُوْنَ أَكْثَرَ مِمَّا يُؤْجَرُوْنَ، كَانُوا
يَنْظُرُوْنَ، فَإِنَّ قَدِرُوا عَلَى حَمْلِ الجِنَازَةِ،
أَعْقَبُوا إِخْوَانَهُم (3) .
قَالَ غَالِبٌ القَطَّانُ: قَالَ بَكْرٌ:
إِيَّاكَ مِنَ الكَلاَمِ، مَا إِنْ أَصَبْتَ فِيْهِ لَمْ
تُؤْجَرْ، وَإِنْ أَخْطَأْتَ تُوْزَرْ، وَذَلِكَ سُوْءُ
الظَنِّ بِأَخِيْكَ (4) .
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا
زِيَادُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ بَكْرَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ
(5) .
قَالَ مُؤَمِّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: مَاتَ بَكْرُ بنُ
عَبْدِ اللهِ سَنَةَ سِتٍّ وَمائَةٍ.
وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ - وَهُوَ أَصَحُّ -: إِنَّهُ مَاتَ
سَنَةَ ثَمَانٍ وَمائَةٍ (6) .
قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ
الكَرِيْمِ الثَّقَفِيُّ، سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ عَبْدِ
اللهِ يَقُوْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ:
لَوْ قِيْلَ لِي: خُذْ بِيَدِ خَيْرِ أَهْلِ المَسْجِدِ،
لَقُلْتُ: دُلُّوْنِي عَلَى أَنْصَحِهِم لِعَامَّتِهِم،
فَإِذَا قِيْلَ: هَذَا، أَخَذْتُ بِيَدِهِ.
وَلَوْ قِيْلَ لِي: خُذْ بِيَدِ شَرِّهِم، لَقُلْتُ:
دُلُّوْنِي عَلَى أَغَشِّهِم لِعَامَّتِهِم.
وَلَوْ أَنَّ مُنَادِياً نَادَى مِنَ السَّمَاءِ: إِنَّهُ
لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْكُم إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ،
لَكَانَ يَنْبَغِي لِكُلِّ إِنْسَانٍ أَنْ يَلْتَمِسَ
__________
(1) ابن سعد 7 / 211 وانظر الحلية 2 / 225.
(2) الحلية 2 / 230.
(3) ابن سعد 7 / 211.
(4) ابن سعد 7 / 210 وانظر الحلية 2 / 226.
(5) ابن سعد 7 / 211.
(6) انظر ابن سعد 7 / 211.
(4/535)
أَنْ يَكُوْنَ هُوَ.
وَلَوْ أَنَّ مُنَادِياً نَادَى: إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ
النَّارَ مِنْكُم إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ، لَكَانَ
يَنْبَغِي لِكُلِّ إِنْسَانٍ أَنَّ يَفْرَقَ أَنْ يَكُوْنَ
ذَلِكَ الوَاحِدَ (1) .
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ، أَخْبَرَكُمُ ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بن مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
فَضَالَةَ أَخُو مُبَارَكٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ عَبْدِ
اللهِ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ، وَمَعَهَا
صَبِيَّانِ لَهَا، فَأَعْطَتْهَا ثَلاَثَ تَمْرَاتٍ،
فَأَعْطَتْ كُلَّ صَبِيٍّ تَمْرَةً، فَأَكَلاَ
تَمْرَتَيْهِمَا، ثُمَّ نَظَرَا إِلَى أُمِّهِمَا،
فَأَخَذَتِ التَّمْرَةَ، فَشَقَّتْهَا نِصْفَيْنِ،
فَأَعْطَتْ ذَا نِصْفاً وَذَا نِصْفاً.
فَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ: (مَا أَعْجَبَكِ مِنْ
ذَلِكَ؟ فَإِنَّ اللهَ قَدْ رَحِمَهَا بِرَحْمَتِهَا
صَبِيَّيْهَا (2)).
غَرِيْبٌ.
تَفَرَّدَ بِهِ: عُبَيْدُ الرَّحْمَن، وَهُوَ صَدُوْقٌ،
مُقِلٌّ، رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ
مَهْدِيٍّ، وَلاَ شَيْءَ لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ:
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ.
216 - خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ بنِ أَبِي كَرِبٍ
الكَلاَعِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، شَيْخُ أَهْلِ الشَّامِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الكَلاَعِيُّ، الحِمْصِيُّ.
__________
(1) الحلية 2 / 224 ولعمر رضي الله عنه قول بمعناه.
(2) الحلية 2 / 230، 231 وأخرجه أحمد 6 / 92 ومسلم (2630)
في البر والصلة باب فضل
الاحسان إلى البنات، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها، فسألتني فلم تجد عندي شيئا
غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها، فأخذتها فقسمتها بين
ابنتيها ولم تأكل منها شيئا.
ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل علي النبي صلى الله عليه
وسلم: فحدثته حديثها فقال: " من ابتلي من البنات بشيء
فأحسن إليهن كن له سترا من النار ".
(*) طبقات ابن سعد 7 / 455، طبقات خليفة ت 2928، تاريخ
البخاري 3 / 176، =
(4/536)
حَدَّثَ عَنْ: خَلْقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ -
وَأَكْثَرُ ذَلِكَ مُرْسَلٌ -.
رَوَى عَنْ: ثَوْبَانَ، وَأَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ،
وَمُعَاوِيَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالمِقْدَامِ بنِ
مَعْدِيْ كَرِبٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعُتْبَةَ بنِ عَبْدٍ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ
المَازِنِيِّ، وَذِي مِخْبَرٍ ابْنِ أَخِي النَّجَاشِيِّ،
وَجُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ، وَحُجْرِ بنِ حُجْرٍ،
وَرَبِيْعَةَ بنِ الغَازِ، وَخِيَارِ بنِ سَلَمَةَ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ، وَعَمْرِو بنِ
الأَسْوَدِ - وَهُوَ عُمَيْرٌ - وَكَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ،
وَمَالِكِ بنِ يَخَامِرَ، وَأَبِي بَحْرِيَّةَ، وَأَبِي
رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَأَرْسَلَ عَنْ: مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ، وَعَائِشَةَ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ،
وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ، وَغَيْرِهِم.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ،
وَحَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ، وَعَامِرُ بنُ جَشِيْبٍ،
وَفُضَيْلُ بنُ فَضَالَةَ، وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ (1) ،
وَالأَحْوَصُ بنُ حَكِيْمٍ، وَبَحِيْرُ بنُ سَعْدٍ،
وَصَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الشُّعَيْثِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
أَبِي مَالِكٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ،
وَعَبْدَةُ بِنْتُ خَالِدٍ - ابْنَتُهُ - وَقَوْمٌ،
آخِرُهُم وَفَاةً: حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ الرَّحَبِيُّ.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي أَئِمَّةِ الفِقْهِ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ سَعْدٍ، وَالعِجْلِيُّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ
شَيْبَةَ، وَابْنُ خِرَاشٍ، وَالنَّسَائِيُّ.
رَوَى: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَتْنَا عَبْدَةُ
بِنْتُ خَالِدٍ، وَأُمُّ الضَّحَّاكِ بِنْتُ
__________
= المعارف 625، المعرفة والتاريخ 2 / 332، ذيل المذيل 632،
الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 351 الحلية 5
/ 210، تاريخ ابن عساكر 5 / 257 آ، تهذيب الكمال ص 365،
تاريخ الإسلام 4 / 109، تذكرة الحفاظ 1 / 87، العبر 1 /
126، تذهيب التهذيب 1 / 192 آ، البداية والنهاية 9 / 230،
تهذيب التهذيب 3 / 118، النجوم الزاهرة 1 / 252، طبقات
السيوطي ص 36، خلاصة تذهيب التهذيب 103، شذرات الذهب 1 /
126، تهذيب ابن عساكر 5 / 89.
(1) في الأصل: " مزيد " تصحيف.
(4/537)
رَاشِدٍ مَوْلاَةُ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ:
أَنَّ خَالِدَ بنَ مَعْدَانَ قَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعِيْنَ
مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (1) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-.
بَقِيَّةُ: عَنْ بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَلْزَم لِلْعِلْمِ مِنْ خَالِدِ بنِ
مَعْدَانَ، وَكَانَ عِلْمُهُ فِي مُصْحَفٍ لَهُ أَزْرَارٌ
وَعُرَىً (1) .
وَقَالَ أَيْضاً: كَتَبَ الوَلِيْدُ إِلَى خَالِدِ بنِ
مَعْدَانَ فِي مَسْأَلَةٍ، فَأَجَابَهُ فِيْهَا خَالِدٌ،
فَحَمَلَ القُضَاةَ عَلَى قَوْلِهِ (1) .
وَرَوَى: بَقِيَّةُ، عَنْ عُمَرَ بنِ جُعْثُمٍ، قَالَ:
كَانَ خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ إِذَا قَعَدَ، لَمْ يَقْدِرْ
أَحَدٌ مِنْهُم يَذْكُرُ الدُّنْيَا عِنْدَهُ؛ هَيْبَةً
لَهُ (2) .
بَقِيَّةُ: عَنْ حَبِيْبِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ:
مَا خِفْنَا أَحَداً مِنَ النَّاسِ مَا خِفْنَا خَالِدَ
بنَ مَعْدَانَ (2) .
وَقَالَ بَقِيَّةُ: كَانَ الأَوْزَاعِيُّ يُعَظِّمُ
خَالِدَ بنَ مَعْدَانَ، فَقَالَ لَنَا: لَهُ عَقِبٌ؟
فَقُلْنَا: لَهُ ابْنَةٌ.
قَالَ: فَائْتُوْهَا، فَسَلُوْهَا عَنْ هَدْيِ أَبِيْهَا.
قَالَ: فَكَانَ سَبَبُ إِتْيَانِنَا عِنْدَهُ بِسَبَبِ
الأَوْزَاعِيِّ (3) .
وَقَالَ صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو: كَانَ خَالِدُ بنُ
مَعْدَانَ إِذَا أُمِرَ النَّاسُ بِالغَزْوِ، كَانَ
فُسْطَاطُهُ أَوَّلَ فُسْطَاطٍ بِدَابِقٍ (4) .
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: كَانَ الثَّوْرِيُّ إِذَا
جَلَسْنَا مَعَهُ، إِنَّمَا يُسْمِعُ (5) المَوْتُ
المَوْتَ.
فَحَدَّثَنَا عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ،
قَالَ:
لَوْ كَانَ المَوْتُ عِلْماً يُسْتَبَقُ إِلَيْهِ، مَا
سَبَقَنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ، إِلاَّ أَنْ يَسْبِقَنِي
رَجُلٌ بِفَضْلِ قُوَّةٍ؛ قَالَ: فَمَا
__________
(1) ابن عساكر 5 / 258 ب.
(2) ابن عساكر 5 / 259 آ.
(3) ابن عساكر 5 / 259 آ.
(4) المصدر السابق، ودابق: بكسر الباء.
وقد روي بفتحها، قرية قرب حلب من أعمال عزاز بينها وبين
حلب أربعة فراسخ، انظر معجم البلدان.
(5) لفظ ابن عساكر: " نسمع " بالنون.
(4/538)
زَالَ الثَّوْرِيُّ يُحِبُّ خَالِدَ بنَ
مَعْدَانَ مُذْ بَلَغَهُ هَذَا عَنْهُ (1) .
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: عَنْ عَبْدَةَ بِنْتِ خَالِدٍ،
قَالَتْ:
قَلَّمَا كَانَ خَالِدٌ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ إِلاَّ
وَهُوَ يَذْكُرُ شَوْقَهُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِلَى أَصْحَابِهِ مِنَ
المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ، ثُمَّ يُسَمِّيْهِم،
وَيَقُوْلُ:
هُم أَصْلِي وَفَصْلِي، وَإِلَيْهِم يَحِنُّ قَلْبِي،
طَالَ شَوْقِي إِلَيْهِم، فَعَجِّلْ رَبِّ قَبْضِي
إِلَيْكَ.
حَتَّى يَغْلِبَهُ النَّوْمُ، وَهُوَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ
(2) .
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ
مَعْدَانَ، قَالَ:
لاَ يَفْقَهُ الرَّجُلُ كُلَّ الفِقْهِ حَتَّى يَرَى
النَّاسَ فِي جَنْبِ اللهِ أَمْثَالَ الأَبَاعِرِ، ثُمَّ
يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِهِ (3) ، فَيَكُوْنُ لَهَا أَحْقَرَ
حَاقِرٍ (4) .
وَقَالَ شُجَاعُ بنُ الوَلِيْدِ: عَنْ عَمْرٍو
الإِيَامِيِّ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، قَالَ:
مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلاَّ وَلَهُ أَرْبَعُ (5) أَعْيُنٍ:
عَيْنَانِ فِي رَأْسِهِ يُبْصِرُ بِهِمَا أَمْرَ
الدُّنْيَا، وَعَيْنَان فِي قَلْبِهِ يُبْصِرُ بِهِمَا
أَمْرَ الآخِرَةِ، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ
خَيْراً، فَتَحَ عَيْنَيْهِ اللَّتَيْنِ فِي قَلْبِهِ،
فَأَبْصَرَ بِهِمَا مَا وُعِدَ بِالغَيْبِ، فَأَمِنَ
الغَيْبَ بِالغَيْبِ (6) .
بَقِيَّةُ: عَنْ بَحِيْرٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ،
قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ خَلِيْلُ اللهِ إِذَا أُتِيَ بِقِطْفٍ
مِنَ العِنَبِ، أَكَلَ حَبَّةً حَبَّةً، وَذَكَرَ اللهَ
عِنْدَ كُلِّ حَبَّةٍ (7) .
الأَوْزَاعِيُّ: بَلَغَنِي عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ،
أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ:
أَكْلٌ وَحَمْدٌ، خَيْرٌ مِنْ أَكْلٍ وَصَمْتٍ (8) .
__________
(1) ابن عساكر 5 / 259 ب، وانظر ابن سعد 7 / 455 والحلية 5
/ 210، 211.
(2) الحلية 5 / 210 وابن عساكر 5 / 259 ب.
(3) في الأصل " نفسها " وهو تصحيف.
(4) الحلية 5 / 212.
(5) في الأصل: " أربعة " وهو تصحيف.
(6) ابن عساكر 5 / 260 آ، وأورده أبو نعيم في الحلية 5 /
212 بطريق آخر.
(7) انظر الحلية 5 / 211.
(8) الحلية 5 / 212.
(4/539)
حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ: عَنْ خَالِدِ بنِ
مَعْدَانَ، قَالَ:
إِذَا فَتَحَ أَحَدُكُم بَابَ خَيْرٍ، فَلْيُسْرِعْ
إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَتَى يُغْلَقُ عَنْهُ
(1) .
وَقَالَ أَيْضاً: العَيْنُ مَالٌ، وَالنَّفْسُ مَالٌ،
وَخَيْرُ مَالِ العَبْدِ مَا انْتَفَعَ بِهِ
وَابْتَذَلَهُ، وَشَرُّ أَمْوَالِكَ مَا لاَ تَرَاهُ وَلاَ
يَرَاكَ، وَحِسَابُهُ عَلَيْكَ، وَنَفْعُهُ لِغَيْرِكَ (2)
.
رَوَى: عَطِيَّةُ بنُ بَقِيَّةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ، سَمِعْتُ خَالِدَ بنَ مَعْدَانَ
يَقُوْلُ:
مَنِ الْتَمَسَ المَحَامِدَ فِي مُخَالَفَةِ الحَقِّ،
رَدَّ اللهُ تِلْكَ المَحَامِدَ عَلَيْهِ ذَمّاً، وَمَنِ
اجْترَأَ عَلَى المَلاَوِمِ فِي مُوَافِقَةِ الحَقِّ،
رَدَّ اللهُ تِلْكَ المَلاَومَ عَلَيْهِ حَمْداً (3) .
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: مَاتَ خَالِدُ بنُ
مَعْدَانَ وَهُوَ صَائِمٌ (4) .
وَرَوَى: إِبْرَاهِيْمُ بنُ جَعْفَرٍ الأَشْعرِيُّ، عَنْ
سَلَمَةَ بنِ شَبِيْبٍ، قَالَ:
كَانَ خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ يُسَبِّحُ فِي اليَوْمِ
أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ تَسبِيْحَةٍ، سِوَى مَا يَقْرَأُ مِنَ
القُرْآنِ، فَلَمَّا مَاتَ فَوُضِعَ عَلَى سَرِيْرِهِ
لِيُغَسَّلَ، جَعَلَ بِأُصْبُعِهِ كَذَا يُحَرِّكُهَا
-يَعْنِي: بِالتَّسْبِيْحِ (5) -.
هَذَا إِسْنَادٌ مُنْقَطِعٌ.
قَالَ الهَيْثَمُ، وَالمَدَائِنِيُّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ،
وَالفَلاَّسُ، وَعِدَّةٌ: مَاتَ خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ (6) : أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
__________
(1) الحلية 5 / 211 ولفظه: " إذا فتح لاحدكم ".
(2) المصدر السابق.
(3) الحلية 5 / 213، 214 وابن عساكر 5 / 260 آ.
(4) ابن سعد 7 / 455 وابن عساكر 5 / 260 آ، وانظر الحلية 5
/ 210.
(5) الحلية 5 / 210 وابن عساكر 5 / 260 آ بطريق آخر.
(6) في الطبقات 7 / 455.
(4/540)
وَقَالَ عُفَيْرُ بنُ مَعْدَانَ،
وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ رَبِّهِ، وَدُحَيْمٌ، وَطَائِفَةٌ:
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
وَرَوَى: يَحْيَى بنُ صَالِحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
عَيَّاشٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَمائَةٍ.
217 - نَافِعُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ
القُرَشِيُّ * (ع)
ابْنِ نَوْفَلِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ،
الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ -
وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ - القُرَشِيُّ،
النَّوْفَلِيُّ، المَدَنِيُّ، أَخُو مُحَمَّدِ بنِ
جُبَيْرٍ.
رِوَايَتُهُ عَنِ: العَبَّاسِ، وَالزُّبَيْرِ عِنْدَ
البُخَارِيِّ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَائِشَةَ، وَجَرِيْرٍ،
وَعَلِيِّ، وَالمُغِيْرَةِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَافِعِ
بنِ خَدِيْجٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي
العَاصِ، وَأَبِي شُرَيْحٍ الخُزَاعِيِّ، وَأُمِّ
سَلَمَةَ، وَمَسْعُوْدِ بنِ الحَكَمِ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: رَفِيْقُهُ؛ عُرْوَةُ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ،
وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعُبَيْدُ اللهِ
بنُ أَبِي يَزِيْدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَصَالِحُ
بنُ كَيْسَانَ، وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ الفَضْلِ الهَاشِمِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عَطَاءِ
بنِ أَبِي الخُوَارِ، وَوَاقِدُ بنُ عَمْرِو بنِ سَعْدِ
بنِ مُعَاذٍ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو
الغُصْنِ ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 205، طبقات خليفة ت 2065، تاريخ
البخاري 8 / 82، المعارف 285، المعرفة والتاريخ 1 / 364
و565، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الرابع 451،
تاريخ ابن عساكر 17 / 250 آ، تهذيب الأسماء واللغات القسم
الأول من الجزء الأول 121، تهذيب الكمال ص 1405، تاريخ
الإسلام 4 / 62، العبر 1 / 117، تذهيب التهذيب 4 / 89 آ،
البداية والنهاية 9 / 186، تهذيب التهذيب 10 / 404، خلاصة
تذهيب التهذيب 399، شذرات الذهب 1 / 116.
(4/541)
وَثَّقَهُ: العِجْلِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ،
وَجَمَاعَةٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: أَصْحَابُ زَيْدٍ
الَّذِيْنَ كَانُوا يَأْخُذُوْنَ عَنْهُ، وَيُفْتُوْنَ
بِفَتْوَاهُ، مِنْهُم مَنْ لَقِيَهُ، وَمِنْهُم مَنْ لَمْ
يَلْقَهُ، وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، فَذَكَرَ
مِنْهُم: نَافِعَ بنَ جُبَيْرٍ (1).
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ،
كَانَ يَحُجُّ مَاشِياً وَنَاقَتُهُ تُقَادُ، وَكَانَ
يَخْضِبُ بِالوَسِمَةِ (2) .
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: كَانَ نَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ
يُعَدُّ مِنْ فُصَحَاءِ قُرَيْشٍ؛ هُوَ، وَعُمَرُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ (3)
.
وَعَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَنْ شَهِدَ
جِنَازَةً لِيَرَاهُ أَهْلُهَا، فَلاَ يَشْهَدْهَا (4) .
وَقِيْلَ: قَدِمَ نَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ عَلَى الحَجَّاجِ،
فَقَالَ الحَجَّاجُ:
قَتَلْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ
صَفْوَانَ، وَابْنَ مُطِيْعٍ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ
قَتَلْتُ ابْنَ عُمَرَ.
فَقَالَ لَهُ: مَا أَرَادَ اللهُ بِكَ، خَيْرٌ مِمَّا
أَرَدْتَ لِنَفْسِكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ لَهُ عَنْبَسَةُ بنُ سَعِيْدٍ: لاَ
خَيْرَ لَكَ فِي المُقَامِ عِنْدَ هَذَا.
قَالَ: جِئْتُ لِلْغَزْوِ.
ثُمَّ وَدَّعَ الحَجَّاجَ، وَسَارَ نَحْوَ الدَّيْلَمِ (5)
.
مَالِكُ بنُ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ: كُنْتُ
أُصَلِّي إِلَى جَنْبِ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ،
فَيَغْمِزُنِي، فَأَفْتَحُ عَلَيْهِ وَنَحْنُ نُصَلِّي.
__________
(1) ابن عساكر 17 / 251 ب.
(2) انظر ابن سعد 5 / 206.
(3) انظر ابن عساكر 17 / 251 ب، 252 آ.
(4) ابن عساكر 17 / 252 ب، ولفظه: " ومن لم يشهد الجنازة
إلا ليراه أهلها فلا يشهدها ".
(5) ابن عساكر 17 / 252 ب، 253 آ مطولا، وانظر المعرفة
والتاريخ 565، 566 وانظر التعريف بالديلم صفحة 260.
(6) ابن عساكر 17 / 252 آ، وانظر معنى الفتح ص 559.
(4/542)
مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ:
عَنْ عَمْرٍو:
أَنَّ نَافِعَ بنَ جُبَيْرٍ كَانَ يَحُجُّ مَاشِياً،
وَرَاحِلَتُهُ تُقَادُ مَعَهُ.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ،
عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
مَا صَخِبْتُ بِمَكَّةَ قَطُّ، وَلاَ آجَرْتُ أَرْضاً لِي
قَطُّ، مَنِ اسْتَقْرَضَهَا، أَقْرَضْتُهُ.
قَالَ: وَكَانَ يَقْضِي مَنَاسِكَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ (1)
.
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبَّاسٍ، عَنْ
نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ:
أَنَّهُ قِيْلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يَقُوْلُوْنَ:
كَأَنَّهُ -يَعْنِي: التِّيْهَ-.
فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ رَكِبْتُ الحِمَارَ، وَلَبِسْتُ
الشَّمْلَةَ، وَحَلَبْتُ الشَّاةَ، وَقَدْ قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا فِيْمَنْ
فَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الكِبْرِ شَيْءٌ).
هَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ (2) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَكَاتِبُهُ (3) ، وَخَلِيْفَةُ،
وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ:
مَاتَ نَافِعٌ فِي خِلاَفَةِ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ
المَلِكِ، وَسُلَيْمَانُ اسْتُخْلِفَ سَنَةَ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ.
وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي
الزِّنَادِ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ
وَتِسْعِيْنَ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ - فِيْمَا أَرَى
-.
218 - وَأَخُوْه
ُ: مُحَمَّدُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ القُرَشِيُّ * (ع)
إِمَامٌ، فَقِيْهٌ، ثَبْتٌ.
يُكْنَى: أَبَا سَعِيْدٍ.
__________
1) ابن عساكر 17 / 252 ب.
(2) أخرجه ابن سعد في الطبقات 5 / 206 والترمذي (2001) من
طريق شبابة عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن نافع بن
جبير عن أبيه بنحوه، وقال: هذا حديث حس صحيح غريب.
ورواية المرسل أصح، لان المعروف بالتيه نافع لا أبوه.
(3) في الطبقات 5 / 207.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 205، طبقات خليفة ت 2064، تاريخ
البخاري 1 / 52، المعرفة =
(4/543)
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُمَرَ، وَابْنِ
عَبَّاسٍ.
وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ.
رَوَى عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ؛ جُبَيْرٌ، وَعُمَرُ،
وَسَعِيْدٌ، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ،
وَالزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَآخَرُوْنَ
مِنَ المَدَنِيِّيْنَ.
وَكَانَ أَحَدَ العُلَمَاءِ الأَشْرَافِ، صَاحِبَ كُتُبٍ
وَعِنَايَةٍ بِالعِلْمِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : ثِقَةٌ، قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: مَاتَ بَعْدَ أَخِيْهِ نَافِعٍ بِقَلِيْلٍ،
بِالمَدِيْنَةِ.
فَقِيْلَ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ.
219 - وَهْبُ بنُ مُنَبِّهِ بنِ كَامِلِ بنِ سِيْجِ بنِ
ذِي كِبَارٍ * (ع)
وهُوَ الأُسْوَارُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ،
الأَخْبَارِيُّ، القَصَصِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الأَبْنَاوِيُّ، اليَمَانِيُّ، الذِّمَارِيُّ،
الصَّنْعَانِيُّ.
أَخُو: هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ، وَمَعْقِلِ بنِ مُنَبِّهٍ،
وَغَيْلاَنَ بنِ مُنَبِّهٍ.
__________
= والتاريخ 1 / 363، الجرح والتعديل القسم الثاني من
المجلد الثالث 218، تاريخ ابن عساكر 15 / 79 آ، تهذيب
الكمال ص 1181، تاريخ الإسلام 4 / 50، تذهيب التهذيب 3 /
193 ب، البداية والنهاية 9 / 186، تهذيب التهذيب 9 / 91،
خلاصة تذهيب التهذيب 330.
(1) في الطبقات 5 / 205.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 543، الزهد لأحمد 371، طبقات خليفة
ت 2652، تاريخ البخاري 8 / 164، المعارف 459، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 24 ذيل المذيل
640، الحلية 4 / 23، طبقات الفقهاء للشيرازي 74، تاريخ ابن
عساكر 17 / 474 آ، طبقات فقهاء اليمن 57، معجم الأدباء 19
/ 259، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من المجلد
الثاني 149، وفيات الأعيان 6 / 37، تهذيب الكمال ص 1484،
تاريخ الإسلام 5 / 14، تذكرة الحفاظ 1 / 95، العبر 1 /
143، تذهيب التهذيب 4 / 143 آ، البداية والنهاية 9 / 276،
تهذيب التهذيب 11 / 166،
طبقات الخواص 161، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 41، خلاصة تذهيب
التهذيب 419، شذرات الذهب 1 / 150.
(2) كذا ضبطه المؤلف، وقال شارح القاموس: بالفتح والكسر
والتحريك.انظر (سيج).
(4/544)
مَوْلِدُهُ: فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، سَنَة
أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَرَحَلَ، وَحَجَّ.
وَأَخَذَ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ - إِنْ
صَحَّ - وَأَبِي سَعِيْدٍ، وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ،
وَجَابِرٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو
بنِ العَاصِ - عَلَى خِلاَفٍ فِيْهِ - وَطَاوُوْسٍ.
حَتَّى إِنَّهُ يَنْزِلُ وَيَرْوِي عَنْ: عَمْرِو بنِ
دِيْنَارٍ، وَأَخِيْهِ؛ هَمَّامٍ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ،
وَفَنَّجٍ اليَمَانِيِّ - وَلاَ يُدْرَى مَنْ فَنَّجٌ؟!
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَسِمَاكُ بنُ
الفَضْلِ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَعَاصِمُ بنُ رَجَاءِ
بنِ حَيْوَةَ، وَيَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ،
وَإِسْرَائِيْلُ أَبُو مُوْسَى، وَهَمَّامُ بنُ نَافِعٍ
أَبُو عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَالمُغِيْرَةُ بنُ حَكِيْمٍ،
وَالمُنْذِرُ بنُ النُّعْمَانِ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛
عَقِيْلُ بنُ مَعْقِلٍ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ
الصَّمَدِ بنُ مَعْقِلٍ، وَسِبْطُهُ؛ إِدْرِيْسُ بنُ
سِنَانٍ، وَصَالِحُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ
حَوْرَانَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ خُلَّجٍ، وَدَاوُدُ بنُ
قَيْسٍ، وَعِمْرَانُ بنُ هِرْبِذٍ أَبُو الهُذَيْلِ،
وَعِمْرَانُ بنُ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّوْنَ، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
وَرِوَايَتُهُ (لِلْمُسْنَدِ) قَلِيْلَةٌ، وَإِنَّمَا
غَزَارَةُ عِلْمِهِ فِي الإِسْرَائِيْلِيَّاتِ، وَمِنْ
صَحَائِفِ أَهْلِ الكِتَابِ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ، لَهُ
شَرَفٌ.
قَالَ: وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ لَهُ
(ذِي) هُوَ شَرِيْفٌ، يُقَالَ: فُلاَنٌ لَهُ (ذِي)،
وَفُلاَنٌ لاَ (ذِي) لَهُ.
قَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ، كَانَ عَلَى
قَضَاءِ صَنْعَاءَ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ: سَمِعْتُ
مَسْلَمَةَ بنَ هَمَّامِ بنِ مَسْلَمَةَ بنِ هَمَّامٍ
يَذْكُرُ عَنْ آبَائِهِ:
أَنَّ هَمَّاماً، وَوَهْباً، وَعَبْدَ اللهِ، وَمَعْقِلاً،
وَمَسْلَمَةَ بَنُوْ مُنَبِّهٍ أَصْلُهُم مِنْ خُرَاسَانَ،
مِنْ هَرَاةَ، فَمُنَبِّهٌ مِنْ أَهْلِ هَرَاةَ، خَرَجَ
أَيَّامَ كِسْرَى،
(4/545)
وَكِسْرَى أَخْرَجَهُ مِنْ هَرَاةَ، ثُمَّ
إِنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ.
وَمَسْكَنُهُم بِاليَمَنِ، وَكَانَ وَهْبُ بنُ مُنَبِّهٍ
يَخْتَلِفُ إِلَى هَرَاةَ، وَيَتَفَقَّدُ أَمْرَ هَرَاةَ
(1) .
حَسَّانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
زَبَّانَ (2) ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رَاشِدٍ،
عَنْ مَوْلَىً لِسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، سَمِعْتُ
خَالِدَ بنَ مَعْدَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةَ بنِ
الصَّامِتِ:
سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَقُوْلُ: (سَيَكُوْنُ فِي أُمَّتِي رَجُلاَنِ؛
أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ: وَهْبٌ، يُؤْتِيْهِ اللهُ
الحُكْمَ، وَالآخَرُ يُقَالُ لَهُ: غَيْلاَنُ، هُوَ
أَشَدُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيْسَ (3)).
سُئِلَ ابْنُ مَعِيْنٍ عَنِ ابْنِ زَبَّانَ، وَشَيْخِهِ،
فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُهُمَا.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: عَنْ مَرْوَانَ بنِ سَالِمٍ -
وَاهٍ (4) - عَنْ أَحْوَصَ بنِ حَكِيْمٍ، عَنْ خَالِدٍ،
عَنْ عُبَادَةَ مَرْفُوْعاً، نَحْوَهُ، وَقَالَ: (أَضَرُّ
عَلَى أُمَّتِي).
وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ وَهْبٍ،
قَالَ:
يَقُوْلُوْنَ: عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ كَانَ أَعْلَمَ
أَهْلِ زَمَانِهِ، وَإِنَّ كَعْباً أَعْلَمُ أَهْلِ
زَمَانِهِ، أَفَرَأَيْتَ مَنْ جَمَعَ عِلْمَهُمَا، أَهُوَ
أَعْلَمُ أَمْ هُمَا (5) ؟
إِسْنَادُهَا مُظْلِمٌ.
وَعَنْ كَثِيْرٍ: أَنَّهُ سَارَ مَعَ وَهْبٍ، فَبَاتُوا
بِصَعْدَةَ (6) عِنْدَ رَجُلٍ، فَخَرَجَتْ بِنْتُ
الرَّجُلِ، فَرَأَتْ مِصْبَاحاً، فَاطَّلَعَ صَاحِبُ
المَنْزِلِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ صَافّاً قَدَمَيْهِ فِي
__________
(1) ابن عساكر 17 / 476 آ.
(2) في الأصل " ريان " مصحف، وما أثبتناه من الإكمال 4 /
119 والميزان للمؤلف.
(3) ابن عساكر 17 / 476 ب، وأخرجه ابن سعد في الطبقات 5 /
543، ولا يصح.
(4) نقل المؤلف في " الميزان " عن الدار قطني أنه متروك،
وقال البخاري ومسلم وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال أبو
عروبة الحراني: يضع الحديث.
وقال ابن عدي: عامة حديثه مما لا يتابعه الثقات عليه.
ثم أورد له هذا الخبر.
وشيخه فيه وهو أحوص بن حكيم ضعيف الحفظ، قال فيه ابن حجر
في " لسان الميزان " 6 / 253: الإسناد إلى الاحوص واه جدا.
(5) ابن عساكر 17 / 477 آ.
(6) اسم موضع.
(4/546)
ضِيَاءٍ كَأَنَّهُ بَيَاضُ الشَّمْسِ،
فَقَالَ الرَّجُلُ: رَأَيْتُكَ اللَّيْلَةَ فِي هَيْئَةٍ.
وَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: اكْتُمْ مَا رَأَيْتَ (1) .
مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ: حَدَّثَنِي المُثَنَّى بنُ
الصَّبَّاحِ، قَالَ:
لَبِثَ وَهْبُ بنُ مُنَبِّهٍ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ
يَسُبَّ شَيْئاً فِيْهِ الرُّوْحُ، وَلَبِثَ عِشْرِيْنَ
سَنَةً لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَ العِشَاءِ وَالصُّبْحِ
وُضُوْءاً.
قَالَ: وَقَالَ وَهْبٌ: لَقَدْ قَرَأْتُ ثَلاَثِيْنَ
كِتَاباً نَزَلَتْ عَلَى ثَلاَثِيْنَ نَبِيّاً (2) .
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ
مَعْقِلٍ، قَالَ:
صَحِبْتُ عَمِّي وَهْباً أَشْهُراً يُصَلِّي الغَدَاةَ
بِوُضُوْءِ العِشَاءِ (1) .
وَقَالَ سَلْمُ بنُ مَيْمُوْنٍ الخَوَّاصُ: عَنْ مُسْلِمٍ
الزَّنْجِيِّ، قَالَ:
لَبِثَ وَهْبُ بنُ مُنَبِّهٍ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لاَ
يَرْقُدُ عَلَى فِرَاشٍ، وَعِشْرِيْنَ سَنَةً لَمْ
يَجْعَلْ بَيْنَ العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ وُضُوْءاً (3) .
وَرَوَى: عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِيْهِ،
قَالَ:
رَأَيْتُ وَهْباً إِذَا قَامَ فِي الوَتْرِ، قَالَ: لَكَ
الحَمْدُ السَّرْمَدُ حَمْداً لاَ يُحْصِيْهِ العَدَدُ،
وَلاَ يَقْطَعُهُ الأَبَدُ، كَمَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ
تُحْمَدَ، وَكَمَا أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ، وَكَمَا هُوَ لَكَ
عَلَيْنَا حَقٌّ (4) .
وَرَوَى: عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ وَهْبٌ يَحْفَظُ كَلاَمَهُ كُلَّ يَوْمٍ، فَإِنْ
سَلِمَ أَفْطَرَ، وَإِلاَّ طَوَى (4) .
قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مَعْقِلٍ: قَالَ الجَعْدُ بنُ
دِرْهَمٍ:
مَا كَلَّمْتُ عَالِماً قَطُّ إِلاَّ غَضِبَ، وَحَلَّ
حَبْوَتَهُ غَيْرَ وَهْبٍ (4) .
مَعْمَرٌ: عَنْ سِمَاكِ بنِ الفَضْلِ، قَالَ: كُنَّا
عِنْدَ عُرْوَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَمِيْرِ،
__________
(1) ابن عساكر 17 / 477 ب.
(2) ابن سعد 5 / 543 وابن عساكر 17 / 477 آ.
(3) ابن عساكر 17 / 477 آ.
(4) ابن عساكر 17 / 477 ب.
(4/547)
وَإِلَى جَنْبِهِ وَهْبٌ، فَجَاءَ قَوْمٌ،
فَشَكَوْا عَامِلَهُم، وَذَكَرُوا مِنْهُ شَيْئاً
قَبِيْحاً، فَتَنَاوَلَ وَهْبٌ عَصاً كَانَتْ فِي يَدِ
عُرْوَةَ، فَضَرَبَ بِهَا رَأْسَ العَامِلِ حَتَّى سَالَ
الدَّمُ.
فَضَحِكَ عُرْوَةُ، وَاسْتَلْقَى، وَقَالَ: يَعِيْبُ
عَلَيْنَا وَهْبٌ الغَضَبَ وَهُوَ يَغْضَبُ!
قَالَ: وَمَا لِيَ لاَ أَغْضَبُ وَقَدْ غَضِبَ الَّذِي
خَلَقَ الأَحْلاَمَ، يَقُوْلُ تَعَالَى: {فَلَمَّا
آسَفُوْنَا انْتَقَمْنَا مِنْهُم (1) } [الزُّخْرُفُ: 55].
وَرَوَى: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنْ
عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ مَعْقِلٍ:
قِيْلَ لِوَهْبٍ: إِنَّكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ كُنْتَ
تَرَى الرُّؤْيَا، فَتُحَدِّثُنَا بِهَا، فَتَكُوْنُ
حَقّاً!
قَالَ: هَيْهَاتَ، ذَهَبَ ذَلِكَ عَنِّي مُنْذُ وَلِيْتُ
القَضَاءَ (2) .
وَعَنْ وَهْبٍ: الدَّرَاهِمُ خَوَاتِيْمُ اللهِ فِي
الأَرْضِ، فَمَنْ ذَهَب بِخَاتَمِ اللهِ، قُضِيَتْ
حَاجَتُهُ (3) .
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى وَهْبٍ دَارَهُ بِصَنْعَاءَ، فَأَطْعَمَنِي
مِنْ جَوْزِةٍ فِي دَارِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: وَدِدْتُ
أَنَّكَ لَمْ تَكُنْ كَتَبْتَ فِي القَدَرِ كِتَاباً.
فَقَالَ: وَأَنَا وَاللهِ (4) .
أَحْمَدُ: عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، سَمِعْتُ أَبِي
يَقُوْلُ:
حَجَّ عَامَّةُ الفُقَهَاءِ سَنَةَ مائَةٍ، فَحَجَّ
وَهْبٌ، فَلَمَّا صَلُّوُا العِشَاءَ، أَتَاهُ نَفَرٌ
فِيْهِم عَطَاءٌ وَالحَسَنُ، وَهُم يُرِيْدُوْنَ أَنْ
يُذَاكِرُوْهُ القَدَرَ.
قَالَ: فَافْتَنَّ فِي بَابٍ مِنَ الحَمْدِ، فَمَا زَالَ
فِيْهِ حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَافْتَرَقُوا وَلَمْ
يَسْأَلُوْهُ عَنْ شَيْءٍ (5) .
قَالَ أَحْمَدُ: اتُّهِم بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَرَجَعَ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: رَجَعَ.
__________
(1) ابن عساكر 17 / 477 ب.
(2) المصدر السابق، وانظر الحلية 4 / 56.
(3) ابن عساكر 17 / 482 آ، وانظر الحلية 4 / 53.
(4) ابن عساكر 17 / 479 آ.
(5) ابن عساكر 17 / 479 ب.
(4/548)
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ أَبِي سِنَانٍ
عِيْسَى بنِ سِنَانٍ، سَمِعْتُ وَهْباً يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَقُوْلُ بِالقَدَرِ، حَتَّى قَرَأْتُ بِضْعَةً
وَسَبْعِيْنَ كِتَاباً مِنْ كُتُبِ الأَنْبِيَاءِ، فِي
كُلِّهَا: مَنْ جَعَلَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئاً مِنَ
المَشِيْئَةِ فَقَدْ كَفَرَ، فَتَرَكْتُ قَوْلِي (1) .
أَبُو أُسَامَةَ: عَنْ أَبِي سِنَانٍ، سَمِعْتُ وَهْباً
يَقُوْلُ لِعَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ:
كَانَ العُلَمَاءُ قَبْلَنَا قَدِ اسْتَغْنَوْا
بِعِلْمْهِم عَنْ دُنْيَا غَيْرِهِم، فَكَانُوا لاَ
يَلْتَفِتُوْنَ إِلَيْهَا، وَكَانَ أَهْلُ الدُّنْيَا
يَبْذُلُوْنَ دُنْيَاهُم فِي عِلْمِهِم، فَأَصْبَحَ أَهْلُ
العِلْمِ يَبْذُلُوْنَ لأَهْلِ الدُّنْيَا عِلْمَهُم،
رَغْبَةً فِي دُنْيَاهُم، وَأَصْبَحَ أَهْلُ الدُّنْيَا
قَدْ زَهِدُوا فِي عِلْمِهِم لَمَّا رَأَوْا مِنْ سُوْءِ
مَوْضِعِهِ عِنْدَهُم (2) .
وَعَنْهُ، قَالَ: احْفَظُوا عَنِّي ثَلاَثاً: إِيَّاكُم
وَهَوَىً مُتَّبَعاً، وَقَرِيْنَ سُوْءٍ، وَإِعْجَابَ
المَرْءِ بِنَفْسِهِ (3) .
وَعَنْهُ: دَعْ المِرَاءَ وَالجَدَلَ، فَإِنَّهُ لَنْ
يَعْجُزَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ،
فَكَيْفَ تُعَادِي وَتُجَادِلُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ
مِنْكَ؟! وَرَجُلٌ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنْهُ، فَكَيْفَ
تُعَادِي وَتُجَادِلُ مَنْ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَلاَ
يُطِيْعُكَ (4) ؟!
أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلاَّمٍ،
عَنْ وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ:
العِلْمُ خَلِيْلُ المُؤْمِنِ، وَالحِلْمُ وَزِيْرُهُ،
وَالعَقْلُ دَلِيْلُهُ، وَالعَمَلُ قَيِّمُهُ، وَالصَّبْرُ
أَمِيْرُ جُنُوْدِهِ، وَالرِّفْقُ أَبُوْهُ، وَاللِّيْنُ
أَخُوْهُ (5) .
عَنْ وَهْبٍ: المُؤْمِنُ يَنْظُرُ لِيَعْلَمَ،
وَيَتَكَلَّمُ لِيَفْهَمَ، وَيَسْكُتُ لِيَسْلَمَ،
وَيَخْلُو لِيَغْنَمَ (6) .
__________
(1) المصدر السابق، وانظر ابن سعد 5 / 543 والحلية 4 / 24.
(2) ابن عساكر 17 / 480 آ، وفي الحلية 4 / 79 له تتمة.
(3) الزهد لأحمد 374 وابن عساكر 17 / 480 آ.
(4) ابن عساكر 17 / 470 آ.
(5) ابن عساكر 17 / 480 آ، ب.
(6) الحلية 4 / 68 وابن عساكر 17 / 480 ب، وانظر صفحة 551
من هذا الجزء.
(4/549)
الإِيْمَانُ عُرْيَانُ، وَلِبَاسُهُ
التَّقْوَى، وَزِيْنَتُهُ الحَيَاءُ، وَمَالُهُ الفِقْهُ
(1) .
ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ أَصَابَ البِرَّ: السَّخَاءُ،
وَالصَّبْرُ عَلَى الأَذَى، وَطِيْبُ الكَلاَمِ (1) .
أَبُو اليَمَانِ: عَنْ عَبَّاسِ بنِ يَزِيْدَ، قَالَ:
قَالَ وَهْبُ بنُ مُنَبِّهٍ: اسْتَكْثِرْ مِنَ الإِخْوَانِ
مَا اسْتَطَعْتَ، فَإِنِ اسْتَغْنَيْتَ عَنْهُم، لَمْ
يَضُرُّوْكَ، وَإِنِ احْتَجْتَ إِلَيْهِم، نَفَعُوْكَ (2)
.
وَعَنْ وَهْبٍ: إِذَا سَمِعْتَ مَنْ يَمْدَحُكُ بِمَا
لَيْسَ فِيْكَ، فَلاَ تَأْمَنْهُ أَنْ يَذُمَّكَ بِمَا
لَيْسَ فِيْكَ (3) .
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ وُهَيْبِ بنِ الوَرْدِ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ، فَقَالَ: قَدْ
حَدَّثْتُ نَفْسِي أَنْ لاَ أُخَالِطَ النَّاسَ.
قَالَ: لاَ تَفْعَلْ، إِنَّهُ لاَ بُدَّ لَكَ مِنَ
النَّاسِ، وَلاَ بُدَّ لَهُم مِنْكَ، وَلَهُم إِلَيْكَ
حَوَائِجُ، وَلَكَ نَحْوُهَا، لَكِنْ كُنْ فِيْهِم
أَصَمَّ، سَمِيْعاً، أَعْمَى، بَصِيْراً، سَكُوْتاً،
نَطُوْقاً (4) .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا
ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَّانَ (5) ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رُسْتَه، حَدَّثَنَا
بِشْرُ بنُ هِلاَلٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ،
عَنْ أَبِي
__________
(1) ابن عساكر 17 / 480 ب.
(2) ابن عساكر 17 / 480 ب، 481 آ.
(3) ابن عساكر 17 / 481 ب، وانظر عيون الاخبار 1 / 275،
276.
(4) ابن عساكر 17 / 481 آ، وانظر عيون الاخبار 3 / 21.
ولقاء الناس ونصحهم وحثهم على فعل الخير والصبر على أذاهم
أفضل من البعد عنهم، وذلك في نص الحديث الذي خرجه الترمذي
وأحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن ماجه عن ابن عمر:
مرفوعا " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل
من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم " وسنده
قوي.
(5) هو أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، تأتي
ترجمته في المجلد العاشر 235 آ من الأصل.
(4/550)
سِنَانٍ، قَالَ:
اجْتَمَعَ وَهْبٌ، وَعَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ، فَقَالَ
لَهُ عَطَاءٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا هَذَا الَّذِي
فَشَا عَنْكَ فِي القَدَرِ؟
فَقَالَ: مَا تَكَلَّمْتُ فِي القَدَرِ بِشَيْءٍ، وَلاَ
أَعْرِفُ هَذَا، قَرَأْتُ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ كِتَاباً
مِنْ كُتُبِ اللهِ، مِنْهَا سَبْعُوْنَ ظَاهِرَةٌ فِي
الكَنَائِسِ، وَمِنْهَا عِشْرُوْنَ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ
القَلِيْلُ، فَوَجَدْتُ فِيْهَا كُلِّهَا: أَنَّ مَنْ
وَكَلَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئاً مِنَ المَشِيْئَةِ، فَقَدْ
كَفَرَ (1) .
وَبِهِ: إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ،
حَدَّثَنَا السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ
مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنِي
أَبِي، سَمِعْتُ وَهْباً يَقُوْلُ:
رُبَّمَا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ بِوُضُوْءِ العَتَمَةِ (2) .
وَعَنْ وَهبٍ، قَالَ:
كَانَ نُوْحٌ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مِنْ أَجْمَلِ أَهْلِ
زَمَانِهِ، وَكَانَ يَلْبَسُ البُرْقُعَ، فَأَصَابَتْهُم
مَجَاعَةٌ فِي السَّفِيْنَةِ، فَكَانَ نُوْحٌ إِذَا
تَجَلَّى لَهُم بِوَجْهِهِ، شَبِعُوا (3) .
وَعَنْ وَهْبٍ: أَنَّ عِيْسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- قَالَ
لِلْحَوَارِيِّيْنَ: أَشَدُّكُم جَزَعاً عَلَى
المُصِيْبَةِ، أَشَدُّكُم حُبّاً لِلدُّنْيَا (3) .
وَعَنْ وَهْبٍ، قَالَ: المُؤْمِنُ يُخَالِطُ لِيَعْلَمَ،
وَيَسْكُتُ لِيَسْلَمَ، وَيَتَكَلَّمُ لِيَفْهَمَ،
وَيَخْلُو لِيَغْنَمَ (4) .
وَعَنْهُ: قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الكُتُبِ: ابْنَ آدَمَ، لاَ
خَيْر لَكَ فِي أَنْ تَعْلَمَ مَا لَمْ تَعْلَمْ وَلَمْ
تَعْمَلْ بِمَا عَلِمْتَ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَرَجُلٍ
احْتَطَبَ حَطَباً، فَحَزَمَ حُزْمَةً، فَذَهَبَ
يَحْمِلُهَا، فَعَجِزَ عَنْهَا، فَضَمَّ إِلَيْهَا أُخْرَى
(5) .
__________
(1) الحلية 4 / 24، وانظر ابن سعد 5 / 543.
(2) الحلية 4 / 66، 67.
(3) الحلية 4 / 67.
(4) انظره فقد تقدم ص 549 رقم (6).
(5) الحلية 4 / 71.
(4/551)
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ
أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي مُوْسَى اليَمَانِيِّ
(1) ، عَنْ وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (مَنْ سَكَنَ البَادِيَةَ، جَفَا، وَمَنِ
اتَّبَعَ الصَّيْدَ، غَفَلَ، وَمَنْ أَتَى السُّلْطَانَ،
افْتُتِنَ (2)).
أَبُو مُوْسَى: مَجْهُوْلٌ (3) .
مُبَارَكُ بنُ سَعِيْدٍ الثَّوْرِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ،
عَنْ جَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ:
قَالَ وَهْبٌ: طُوْبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ
عَيْبِ أَخِيْهِ، طُوْبَى لِمَنْ تَوَاضَعَ للهِ مِنْ
غَيْرِ مَسْكَنَةٍ، طُوْبَى لِمَنْ تَصَدَّقَ مِنْ مَالٍ
جَمَعَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، طُوْبَى لأَهْلِ
الضُّرِّ وَأَهْلِ المَسْكَنَةِ، طُوْبَى لِمَنْ جَالَسَ
أَهْلَ العِلْمِ وَالحِلْمِ، طُوْبَى لِمَنِ اقْتَدَى
بِأَهْلِ العِلْمِ وَالحِلْمِ وَالخَشْيَةِ، طُوْبَى
لِمَنْ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ فَلَمْ يَعْدُهَا (4) .
عَنْ وَهْبٍ: الأَحْمَقُ إِذَا تَكَلَّمَ، فَضَحَهُ
حُمْقُهُ، وَإِذَا سَكَتَ، فَضَحَهُ عِيُّهُ، وَإِذَا
عَمِلَ، أَفْسَدَ، وَإِذَا تَرَكَ، أَضَاعَ، لاَ عِلْمُهُ
يُعِيْنُهُ، وَلاَ عِلْمُ غَيْرِهِ يَنْفَعُهُ، تَوَدُّ
أُمُّهُ أَنَّهَا ثَكِلَتْهُ، وَامْرَأَتُهُ لَوْ
عَدِمَتْهُ، وَيَتَمَنَّى جَارُهُ مِنْهُ الوَحْدَةَ،
وَيَجِدُ جَلِيْسُهُ مِنْهُ الوَحْشَةَ.
__________
(1) في الأصل: " الثمامي " وهو تصحيف وما أثبتناه من
الحلية وميزان الاعتدال.
(2) أخرجه أبو نعيم في الحلية 4 / 72، وهو في المسند 1 /
357 وسنن أبي داود (2859) والترمذي (2256) والنسائي (7 /
195، 196) باب اتباع الصيد كلهم من حديث سفيان عن أبي موسى
عن وهب بن منبه عن ابن عباس.
وأبو موسى مجهول وباقي رجاله ثقات.
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد 2 / 371، وسنده حسن.
(3) قال المؤلف في الميزان: شيخ يماني يجهل، وما روى عنه
غير الثوري، ولعله إسرائيل ابن موسى، وإلا فهو مجهول.
(4) ابن عساكر 17 / 483 ب، وما بين الحاصرتين منه، وأورده
الامام أحمد في " الزهد " 371، 372 من طريق عمر بن أيوب عن
جعفر عن وهب، وأبو نعيم في " الحلية " 4 / 67 من طريق
إسماعيل بن سعيد الكسائي عن كثير بن هشام عن جعفر عن وهب.
(4/552)
عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ (1) :
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بنُ
قَيْسٍ، قَالَ:
كَانَ لِي صَدِيْقٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شَمِرٍ ذُوْ
خَوْلاَنَ، فَخَرَجْتُ مِنْ صَنْعَاءَ أُرِيْدُ
قَرْيَتَهُ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا، وَجَدْتُ كِتَاباً
مَخْتُوْماً إِلَى أَبِي شَمِرٍ، فَجِئْتُهُ، فَوَجَدْتُهُ
مَهْمُوْماً حَزِيْناً، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ،
فَقَالَ:
قَدِمَ رَسُوْلٌ مِنْ صَنْعَاءَ، فَذَكَرَ أَنَّ
أَصْدِقَاءَ لِي كَتَبُوا لِي كِتَاباً، فَضَيَّعَهُ
الرَّسُوْلُ.
قُلْتُ: فَهَذَا الكِتَابُ.
فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ.
فَفَضَّهُ، فَقَرَأَهُ، فَقُلْتُ: أَقْرِئْنِيْهِ.
فَقَالَ: إِنِّي لأَسْتَحْدِثُ سِنَّكَ.
قُلْتُ: فَمَا فِيْهِ؟
قَالَ: ضَرْبُ الرِّقَابِ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ كَتَبَهُ إِلَيْكَ نَاسٌ حَرُوْرِيَّةٌ
فِي زَكَاةِ مَالِكٍ.
قَالَ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُهُم؟
قُلْتُ: إِنِّي وَأَصْحَاباً لِي نُجَالِسُ وَهْبَ بنَ
مُنَبِّهٍ، فَيَقُوْلُ لَنَا: احْذَرُوا أَيُّهَا
الأَحْدَاثُ الأَغْمَارُ هَؤُلاَءِ الحَرُوْرَاءَ، لاَ
يُدْخِلُوْنَكُم فِي رَأْيِهِم المُخَالِفِ، فَإِنَّهُم
عُرَّةٌ (2) لِهَذِهِ الأُمَّةِ.
فَدَفَعَ إِلَيَّ الكِتَابَ، فَقَرَأْتُهُ، فَإِذَا
فِيْهِ: سَلاَمٌ عَلَيْكَ، فَإِنَّا نَحْمَدُ إِلَيْكَ
اللهَ، وَنُوْصِيْكَ بِتَقْوَاهُ، فَإِنَّ دِيْنَ اللهِ
رُشْدٌ وَهُدَىً، وَإِنَّ دِيْنَ اللهِ طَاعَةُ اللهِ،
وَمُخَالَفَةُ مَنْ خَالَفَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ، فَإِذَا
جَاءكَ كِتَابُنَا، فَانْظُرْ أَنْ تُؤَدِّيَ - إِنْ شَاءَ
اللهُ - مَا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكَ مِنْ حَقِّهِ،
تَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ وَلاَيَةِ اللهِ، وَوَلاَيَةَ
أَوْلِيَائِهِ، وَالسَّلاَمُ.
قُلْتُ لَهُ: فَإِنِّي أَنْهَاكَ عَنْهُم.
قَالَ: فَكَيْفَ أَتَّبِعُ قَوْلَكَ، وَأَتْرُكُ قَوْلَ
مَنْ هُوَ أَقْدَمُ مِنْكَ؟!
قُلْتُ: فَتُحِبُّ أَنْ أُدْخِلَكَ عَلَى وَهْبٍ حَتَّى
تَسْمَعَ قَوْلَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَنَزَلنَا إِلَى صَنْعَاءَ، فَأَدْخَلْتُهُ عَلَى وَهْبٍ
- وَمَسْعُوْدُ بنُ عَوْفٍ وَالٍ عَلَى اليَمَنِ مِنْ
قِبَلِ عُرْوَةَ بنِ مُحَمَّدٍ - فَوَجَدْنَا عِنْدَ
وَهْبٍ نَفَراً.
فَقَالَ لِي بَعْضُ النَّفَرِ: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟
قُلْتُ: لَهُ حَاجَةٌ.
فَقَامَ القَوْمُ، فَقَالَ وَهْبٌ: مَا حَاجَتُكَ يَا ذَا
خَوْلاَنَ؟
فَهَرَجَ (3) ، وَجَبُنَ، فَقَالَ لِي وَهْبٌ: عَبِّرْ
عَنْهُ.
قُلْتُ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ
__________
(1) ابن عساكر 17 / 483 آ.
(2) العرة: عذرة الناس، ويقال: فلان عرة أهله، أي شرهم.
(3) هرج في الحديث: خلط فيه.
(4/553)
القُرْآنِ وَالصَّلاَحِ، وَاللهُ أَعْلَمُ
بِسَرِيْرَتِهِ، فَأَخْبَرَنِي:
أَنَّهُ عَرَضَ لَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ حَرُوْرَاءَ،
فَقَالُوا لَهُ: زَكَاتُكَ الَّتِي تُؤَدِّيْهَا إِلَى
الأُمَرَاءِ لاَ تُجْزِئُ عَنْكَ، لأَنَّهُم لاَ
يَضَعُوْنَهَا فِي مَوَاضِعِهَا، فَأَدِّهَا إِلَيْنَا،
وَرَأَيْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ أَنَّ كَلاَمَكَ
أَشْفَى لَهُ مِنْ كَلاَمِي.
فَقَالَ: يَا ذَا خَوْلاَنَ، أَتُرِيْدُ أَنْ تَكُوْنَ
بَعْدَ الكِبَرِ حَرُوْرِيّاً، تَشْهَدُ عَلَى مَنْ هُوَ
خَيْرٌ مِنْكَ بِالضَّلاَلَةِ؟! فَمَاذَا أَنْتَ قَائِلٌ
للهِ غَداً حِيْنَ يَقِفُكَ اللهُ وَمَنْ شَهِدْتَ
عَلَيْهِ؟ فَاللهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالإِيْمَانِ، وَأَنْتَ
تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالكُفْرِ، وَالله يَشْهَدُ لَهُ
بِالهُدَى، وَأَنْتَ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالضَّلاَلَةِ،
فَأَيْنَ تَقَعُ إِذَا خَالَفَ رَأْيُكَ أَمْرَ اللهِ؟
وَشَهَادَتُكَ شَهَادَةَ اللهِ؟ أَخْبِرْنِي يَا ذَا
خَوْلاَنَ، مَاذَا يَقُوْلُوْنَ لَكَ؟
فَتَكَلَّمَ عِنْد ذَلِكَ، وَقَالَ لِوَهْبٍ: إِنَّهُم
يَأْمُرُوْنَنِي أَنْ لاَ أَتَصَدَّقَ إِلاَّ عَلَى مَنْ
يَرَى رَأْيَهُم، وَلاَ أَسْتَغْفِرَ إِلاَّ لَهُ.
فَقَالَ: صَدَقْتَ، هَذِهِ مِحْنَتُهُم الكَاذِبَةُ،
فَأَمَّا قَوْلُهُم فِي الصَّدَقَةِ:
فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ
أَهْلِ اليَمَنِ دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ
رَبَطَتْهَا (1) ، أَفَإِنْسَانٌ مِمَّنْ يَعْبُدُ اللهَ
يُوَحِّدُهُ وَلاَ يُشْرِكُ بِهِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ أَنْ
يُطْعِمَهُ مِنْ جُوْعٍ أَوْ هِرَّةٌ؟! وَاللهُ يَقُوْلُ:
{وَيُطْعِمُوْنَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيْناً
وَيَتِيْماً وَأَسِيْراً} [الإِنْسَانُ: 8] الآيَاتُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُم: لاَ يُسْتَغْفَرُ إِلاَّ لِمَنْ يَرَى
رَأْيَهُم، أَهُمْ خَيْرٌ أَمِ المَلاَئِكَةُ، وَاللهُ
يَقُوْلُ: {وَيَسْتَغْفِرُوْنَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ}
[الشُّوْرَى: 5]، فَوَاللهِ مَا فَعَلَتِ المَلاَئِكَةُ
ذَلِكَ حَتَّى أُمِرُوا بِهِ: {لاَ يَسْبِقُوْنَهُ
بِالقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُوْنَ}
[الأَنْبِيَاءُ: 27]، وَجَاءَ مُيَسَّراً:
{وَيَسْتَغْفِرُوْنَ لِلَّذِيْنَ آمَنُوا} [غَافِرُ: 7].
يَا ذَا خَوْلاَنَ، إِنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ صَدْرَ
الإِسْلاَمِ، فَوَاللهِ مَا كَانَتِ الخَوَارِجُ
__________
(1) حديث الهرة أخرجه البخاري 6 / 254 في بدء الخلق باب
إذا وقع الذباب في شراب أحدكم، ومسلم (2242) في البر
والصلة باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها عن عبد الله بن عمر
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " دخلت امرأة النار
في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ".
(4/554)
جَمَاعَةً قَطُّ، إِلاَّ فَرَّقَهَا اللهُ
عَلَى شَرِّ حَالاَتِهِم، وَمَا أَظْهَرَ أَحَدٌ مِنْهُم
قَوْلَهُ، إِلاَّ ضَرَبَ اللهُ عُنُقَهُ، وَلَوْ مَكَّنَ
اللهُ لَهُم مِنْ رَأْيِهِم، لَفَسَدَتِ الأَرْضُ،
وَقُطِعَتِ السُّبُلُ وَالحَجُّ، وَلَعَادَ أَمْرُ
الإِسْلاَمِ جَاهِلِيَّةً، وَإِذاً لَقَامَ (1) جَمَاعَةٌ
كُلٌّ مِنْهُم يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ الخِلاَفَةَ، مَعَ
كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفٍ،
يُقَاتِلُ بَعْضُهُم بَعْضاً، وَيَشْهَدُ بَعْضُهُم عَلَى
بَعْضٍ بِالكُفْرِ، حَتَّى يُصْبِحَ المُؤْمِنُ خَائِفاً
عَلَى نَفْسِهِ وَدِيْنِهِ وَدَمِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ،
لاَ يَدْرِي مَعَ مَنْ يَكُوْنُ، قَالَ تَعَالَى:
(وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ
لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} [البَقَرَةُ: 251]، وَقَالَ: {إِنَّا
لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِيْنَ آمَنُوا} [غَافِرُ:
51]، فَلَوْ كَانُوا مُؤْمِنِيْنَ لَنُصِرُوا، وَقَالَ:
{وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الغَالِبُوْنَ} [الصَّافَّاتُ:
173].
أَلاَ يَسَعُكَ يَا ذَا خَوْلاَنَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ
مَا وَسِعَ نُوْحاً مِنْ عَبَدَةِ الأَصْنَامِ، إِذْ قَالَ
لَهُ قَوْمُهُ: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ
الأَرْذَلُوْنَ} [الشُّعَرَاءُ: 111]. ...، إِلَى أَنْ
قَالَ:
فَقَالَ ذُوْ خَوْلاَنَ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟
قَالَ: أُنْظُرْ زَكَاتَكَ، فَأَدِّهَا إِلَى مَنْ
وَلاَّهُ اللهُ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَجَمَعَهُم
عَلَيْهِ، فَإِنَّ المُلْكَ مِنَ اللهِ وَحْدِهِ
وَبِيَدِهِ، يُؤْتِيْهِ مَنْ يَشَاءُ، فَإِذَا
أَدَّيْتَهَا إِلَى وَالِي الأَمْرِ، بَرِئْتَ مِنْهَا،
وَإِنْ كَانَ فَضْلٌ، فَصِلْ بِهِ أَرْحَامَكَ
وَمَوَالِيْكَ وَجِيْرَانَكَ وَالضَّيْفَ.
فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي نَزَلْتُ عَنْ رَأْيِ
الحَرُوْرِيَّةِ (2) .
وَفِي (العَقْلِ) لابْنِ المُحَبَّرِ (3) : ذِكْرُ صِفَاتٍ
حَمِيْدَةٍ لِلْعَاقِلِ، نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ سَطْراً،
فِيْهَا مائَةُ خَصْلَةٍ.
وَعَنْ وَهْبٍ، قَالَ: احْتمَالُ الذُّلِّ خَيْرٌ مِنِ
انْتِصَارٍ يَزِيْدُ صَاحِبَهُ قَمْأَةً (4) .
وَقَدِ امْتُحِنَ وَهْبٌ، وَحُبِسَ، وَضُرِبَ: فَرَوَى
حِبَّانُ بنُ زُهَيْرٍ العَدَوِيُّ، قَالَ:
__________
(1) في الأصل: وإذا أقام جماعة.
(2) أورده ابن عساكر مطولا 17 / 478 آ.
(3) هو داود بن المحبر.
انظر ما قيل فيه وفي كتابه، الميزان للمؤلف 2 / 20.
(4) القمأة: الخصب والدعة.
(4/555)
حَدَّثَنِي أَبُو الصَّيْدَاءِ (1) صَالِحُ
بنُ طَرِيْفٍ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ (2) العِرَاقَ،
بَكَيْتُ، وَقُلْتُ: هَذَا الَّذِي ضَرَبَ وَهْبَ بنَ
مُنَبِّهٍ حَتَّى قَتَلَهُ (3) .
يَعْنِي: لَمَّا وَلِيَ إِمْرَةَ اليَمَنِ، ثُمَّ نَقَلَهُ
الخَلِيْفَةُ هِشَامٌ إِلَى إِمْرَةِ العِرَاقِ، وَكَانَ
جَبَّاراً، عَنِيْداً، مَهِيْباً، كَانَ سِمَاطُهُ
بِالعِرَاقِ - فِيْمَا حَكَى المَدَائِنِيُّ - كُلَّ
يَوْمٍ خَمْسَ مائَةِ مَائِدَةٍ، أَبْعَدُ المَوَائِدِ
وَأَقْرَبُهَا سَوَاءٌ فِي الجُوْدَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ
عُزِلَ عَنِ العِرَاقِ عِنْدَ مَقْتَلِ الوَلِيْدِ
الفَاسِقِ، ثُمَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ - وَللهِ الحَمْدُ -
فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ (4) .
قُلْتُ: لاَ شَيْءَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) لِوَهْبِ بنِ
مُنَبِّهٍ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ:
أَنْبَأَنَاهُ ابْنُ قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ،
أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَخِيْهِ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: لَيْسَ أَحَدٌ
أَكْثَرَ حَدِيْثاً عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنِّي، إِلاَّ عَبْدَ اللهِ بنَ
عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ، وَكُنْتُ لاَ
أَكْتُبُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَكَاتِبُهُ (5) ، وَشَبَابٌ، وَأَبُو
عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ إِدْرِيْسَ: مَاتَ
سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ وَالِدُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ
بنُ مَعْقِلٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ: مَاتَ سَنَةَ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
زَادَ عَبْدُ الصَّمَدِ: فِي المُحَرَّمِ.
__________
(1) في الأصل: " أبو الصيد " وما أثبتناه من الكنى
للدولابي 2 / 14 وتاريخ الطبري 6 / 559 و7 / 54 وما بعدها.
(2) في الأصل: " عمى " تصحيف.
(3) انظر الخبر مفصلا في " الكنى " للدولابي 2 / 14، وقد
أورده ابن عساكر في تاريخه ناقصا
17 / 483 ب.
(4) ستأتي ترجمة يوسف بن عمر في المجلد الخامس 136 ب، وما
بين الحاصرتين استدركناه منه.
(5) في الطبقات 5 / 543.
(4/556)
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ
ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
220 - رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ بنِ جَرْوَلٍ الكِنْدِيُّ *
(م، 4 خت)
وَقِيْلَ: ابْنُ جَزْلٍ (1) .
وَقِيْلَ: ابْنُ جَنْدَلٍ.
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الوزِيْرُ العَادِلُ، أَبُو نَصْرٍ
الكِنْدِيُّ، الأَزْدِيُّ - وَيُقَالُ: الفِلَسْطِيْنِيُّ
- الفَقِيْهُ، مِنْ جِلَّةِ التَّابِعِيْنَ، وَلِجَدِّهِ
جَرْوَلِ بنِ الأَحْنَفِ صُحْبَةٌ - فِيْمَا قِيْلَ -.
حَدَّثَ رَجَاءٌ عَنْ: مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بن الصَّامِتِ، وَطَائِفَةٍ.
أَرْسَلَ عَنْ: هَؤُلاَءِ، وَعَنْ غَيْرِهِم.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو،
وَمُعَاوِيَةَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَجَابِرٍ،
وَأَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، وَمَحْمُوْدِ بنِ
الرَّبِيْعِ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ
مَرْوَانَ، وَأَبِيْهِ؛ حَيْوَةَ، وَأَبِي إِدْرِيْسَ،
وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَكْحُوْلٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ،
وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
أَبِي عَبْلَةَ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ،
وَأَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَجْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ، وَعُرْوَةُ بنُ
رُوَيْمٍ، وَرَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَثَوْرُ بنُ
يَزِيْدَ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 454، طبقات خليفة ت 2924، تاريخ
البخاري 3 / 312، المعارف 472، المعرفة والتاريخ 2 / 329
و368، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 501،
الحلية 5 / 170، طبقات الفقهاء للشيرازي 75، تاريخ ابن
عساكر 6 / 116 آ، تهذيب الأسماء
واللغات القسم الأول من الجزء الأول 190، وفيات الأعيان 2
/ 301، تهذيب الكمال 411، تاريخ الإسلام 4 / 249، تذكرة
الحفاظ 1 / 111، العبر 1 / 138، تذهيب التهذيب 1 / 223 آ،
البداية والنهاية 9 / 304 تهذيب التهذيب 3 / 265، النجوم
الزاهرة 1 / 271، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 45، خلاصة تذهيب
التهذيب 117، شذرات الذهب 1 / 145، تهذيب ابن عساكر 5 /
315.
(1) كذا الأصل وفي الاشتقاق 368، 562 (خنزل) وفي الإصابة
في ترجمة جده جرول نقلا عن ابن عساكر (جنزل).
(4/557)
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : كَانَ ثِقَةً،
عَالِماً، فَاضِلاً، كَثِيْرَ العِلْمِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
قَالَ مَكْحُوْلٌ: مَا زِلْتُ مُضْطَلِعاً عَلَى مَنْ
نَاوَأَنِي (2) حَتَّى عَاوَنَهُم عَلَيَّ رَجَاءُ بنُ
حَيْوَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ سَيِّدَ أَهْلِ الشَّامِ
فِي أَنْفُسِهِم (3) .
قُلْتُ: كَانَ مَا بَيْنَهُمَا فَاسِداً، وَمَا زَالَ
الأَقْرَانُ يَنَالُ بَعْضُهُم مِنْ بَعْضٍ، وَمَكْحُوْلٌ
وَرَجَاءٌ إِمَامَانِ، فَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِ
أَحَدٍ مِنْهُمَا فِي الآخَرِ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ (4) : كَانَ رَجَاءٌ قَدِمَ
الكُوْفَةَ مَعَ بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ، فَسَمِعَ مِنْهُ:
أَبُو إِسْحَاقَ، وَقَتَادَةُ.
ابْنُ شَوْذَبٍ: عَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ، قَالَ: مَا
رَأَيْتُ شَامِيّاً أَفَضْلَ مِنْ رَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ
(5) .
وَقَالَ ضَمْرَةُ: عَنْ رَجَاءِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ:
مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَحَبُّ إِلَيَّ
أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ مِنْ رَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ (6) .
وَيُرْوَى عَنْ: رَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ، قَالَ:
مَنْ لَمْ يُؤَاخِ إِلاَّ مَنْ لاَ عَيْبَ فِيْهِ، قَلَّ
صَدِيْقُهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْ صَدِيْقِهِ إِلاَّ
بِالإِخْلاَصِ لَهُ، دَامَ سَخَطُهُ، وَمَنْ عَاتَبَ
إِخْوَانَهُ عَلَى كُلِّ ذَنْبٍ، كَثُرَ عَدُوُّهُ (7) .
__________
(1) في الطبقات 7 / 454.
(2) في الأصل: " ناداني " وما أثبتناه من ابن عساكر.
(3) ابن عساكر 6 / 118 آ، وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 368
وقد ورد الخبر في ترجمة مكحول البصري في المجلد الخامس من
الأصل 48 آ.
(4) في المعرفة والتاريخ 2 / 368، 369.
(5) الحلية 5 / 170 وابن عساكر 6 / 118 آ، وانظر المعرفة
والتاريخ 2 / 371 ففيه بلفظ " أفقه " بدل " أفضل " وله
تتمة.
وكذا في طبقات الفقهاء للشيرازي 75.
(6) ابن عساكر 6 / 118 آ، وفي المعرفة والتاريخ 2 / 371،
372 من طريق ضمرة عن رجاء عن نعيم بن سلامة قال:.
(7) ابن عساكر 6 / 118 ب.
(4/558)
قَالَ رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ القَصِيْرُ:
وَقَفَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ فِي قِرَاءتِهِ،
فَقَالَ لِرَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ: أَلاَ فَتَحْتَ عَلَيَّ
(1) ؟
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَوْنٍ إِذَا ذَكَرَ مَنْ
يُعْجِبُهُ، ذَكَرَ رَجَاءَ بنَ حَيْوَةَ (2) .
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ ثَلاَثَةً مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُم: مُحَمَّدَ بنَ
سِيْرِيْنَ بِالعِرَاقِ، وَالقَاسِمَ بنَ مُحَمَّدٍ
بِالحِجَازِ، وَرَجَاءَ بنَ حَيْوَةَ بِالشَّامِ (3) .
الأَنْصَارِيُّ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالحَسَنُ
يَأْتُوْنَ بِالحَدِيْثِ عَلَى المَعَانِي، وَكَانَ
القَاسِمُ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَرجَاءٌ يُعِيْدُوْنَ
الحَدِيْثَ عَلَى حُرُوْفِهِ (4) .
ضَمْرَةُ: عَنْ رَجَاءِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ:
كَانَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ يُجْرِي عَلَى رَجَاءِ
بنِ حَيْوَةَ ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً فِي كُلِّ شَهْرٍ،
فَلَمَّا وَلِيَ هِشَامٌ الخِلاَفَةَ، قَالَ: مَا هَذَا
بِرَأْيٍ.
فَقَطَعَهَا، فَرَأَى هِشَامٌ أَبَاهُ فِي النَّوْمِ،
فَعَاتَبَهُ فِي ذَلِكَ، فَأَجْرَاهَا (5) .
قُلْتُ: كَانَ فِي نَفْسِ هِشَامٍ مِنْهُ شَيْءٌ (6) ؛
لِكَوْنِهِ عَمِلَ عَلَى تَأْخِيْرِهِ وَقْتَ وَفَاةِ
أَخِيْهِ سُلَيْمَانَ، وَعَقَدَ الخِلاَفَةَ لابْنِ
عَمِّهِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
قَالَ رَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ: نَظَرَ رَجَاءُ بنُ
حَيْوَةَ إِلَى رَجُلٍ يَنْعُسُ بَعْدَ
__________
(1) المصدر السابق يقال: فتح عليه، علمه وعرفه، ومنه الفتح
على القارئ إذا أرتج عليه (تاج) (2) الحلية 5 / 170.
(3) ابن عساكر 6 / 118 ب، وتاريخ الإسلام 4 / 249، وما بين
الحاصرتين منهما، وانظر المعرفة والتاريخ 1 / 548 و2 / 368
والحلية 5 / 170.
(4) ابن عساكر 6 / 119 آ، وانظر ابن سعد 7 / 454 والمعرفة
والتاريخ 2 / 368.
(5) ابن عساكر 6 / 119 آ، والمعرفة والتاريخ 2 ؟ ؟ / 370
بخلاف يسير.
(6) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل.
(4/559)
الصُّبْحِ، فَقَالَ: انْتَبِهْ، لاَ
يَظُنُّوْنَ أَنَّ ذَا عَنْ سَهَرٍ (1) .
عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ ذَكْوَانَ، عَنْ رَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ،
قَالَ:
كُنْتُ وَاقِفاً عَلَى بَابِ سُلَيْمَانَ، إِذْ أَتَانِي
آتٍ لَمْ أَرَهُ قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ، فَقَالَ:
يَا رَجَاءُ، إِنَّكَ قَدِ ابْتُلِيْتَ بِهَذَا،
وَابْتُلِيَ بِكَ، وَفِي قُرْبِهِ الوَتَغُ (2) ،
فَعَلَيْكَ بِالمَعْرُوْفِ وَعَوْنِ الضَّعِيْفِ، يَا
رَجَاءُ، مَنْ كَانَتْ لَهُ مَنْزِلَةٌ مِنْ سُلْطَانٍ،
فَرَفَعَ حَاجَةَ ضَعِيْفٍ لاَ يَسْتَطِيْعُ رَفْعَهَا،
لَقِيَ اللهَ وَقَدْ شَدَّ قَدَمَيْهِ لِلْحِسَابِ بَيْنَ
يَدَيْهِ (3) .
قُلْتُ: كَانَ رَجَاءٌ كَبِيْرَ المَنْزِلَةِ عِنْدَ
سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَعِنْدَ عُمَرَ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَجْرَى اللهُ عَلَى يَدَيْهِ
الخَيْرَاتِ، ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أُخِّرَ،
فَأَقْبَلَ عَلَى شَأْنِهِ.
فَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: قِيْلَ لِرَجَاءٍ: إِنَّكَ
كُنْتَ تَأْتِي السُّلْطَانَ، فَتَرَكْتَهُم!
فَقَالَ: يَكْفِيْنِي الَّذِي أَدَعُهُم لَهُ (4) .
وَرَوَى: ضَمْرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي
عَبْلَةَ، قَالَ:
كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ، فَكَانَ
يَدْعُو بَعْدَ الصُّبْحِ بِدَعَوَاتٍ، فَغَابَ (5) ،
فَتَكَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ المُؤَذِّنِيْنَ، فَأَنْكَرَ
رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ صَوْتَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
قَالَ: أَنَا يَا أَبَا المِقْدَامِ.
قَالَ: اسْكُتْ، فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَسْمَعَ الخَيْرَ
إِلاَّ مِنْ أَهْلِهِ (6) .
__________
(1) المعرفة والتاريخ 2 / 371، وابن عساكر 6 / 120 ب بخلاف
يسير.
(2) الوتغ: الهلاك.
(3) ابن عساكر 6 / 119 ب، وأورده أبو نعيم في " الحلية " 5
/ 171 بألفاظ مقاربة ولكن من طريق عبد الله بن بكر عن سالم
بن نوح عن محمد بن ذكوان عن رجاء بن حيوة.
(4) ابن عساكر 6 / 119 ب، وانظر تاريخ البخاري 3 / 312
والمعرفة والتاريخ 2 / 370 والحلية 5 / 171.
(5) في الأصل: " فعات " وما أثبتناه من الحلية وابن عساكر.
(6) ابن عساكر 6 / 120 آ، والحلية 5 / 172.
(4/560)
قَالَ صَفْوَانُ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرٍ الدِّمَشْقِيُّ القَارِئُ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ،
قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ، فَتَذَاكَرْنَا شُكْرَ
النِّعَمِ، فَقَالَ: مَا أَحَدٌ يَقُوْمُ بِشُكْرِ
نِعْمَةٍ.
وَخَلْفَنَا رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ كِسَاءٌ، فَقَالَ:
وَلاَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟
فَقُلْنَا: وَمَا ذِكْرُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ هُنَا!
وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ.
قَالَ: فَغَفَلْنَا عَنْهُ، فَالْتَفَتَ رَجَاءٌ، فَلَمْ
يَرَهُ، فَقَالَ: أُتِيْتُم مِنْ صَاحِبِ الكِسَاءِ،
فَإِنْ دُعِيْتُم فَاسْتُحْلِفْتُم، فَاحْلِفُوا.
قَالَ: فَمَا عِلْمُنَا إِلاَّ بِحَرَسِيٍّ قَدْ أَقْبَلَ
عَلَيْهِ، قَالَ: هِيْهِ يَا رَجَاءُ، يُذْكَرُ أَمِيْرُ
المُؤْمِنِيْنَ، فَلاَ تَحْتَجُّ لَهُ؟!
قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ؟
قَالَ: ذَكَرْتُم شُكْرَ النِّعَمِ، فَقُلْتُم: مَا أَحَدٌ
يَقُوْمُ بِشُكْرِ نِعْمَةٍ، قِيْلَ لَكُم: وَلاَ أَمِيْرُ
المُؤْمِنِيْنَ؟ فَقُلْتَ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ رَجُلٌ
مِنَ النَّاسِ.
فَقُلْتُ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ.
قَالَ: آللهِ؟
قُلْتُ: آللهِ.
قَالَ: فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ السَّاعِي، فَضُرِبَ
سَبْعِيْنَ سَوْطاً، فَخَرَجْتُ وَهُوَ مُتَلَوِّثٌ
بِدَمِهِ، فَقَالَ: هَذَا وَأَنْتَ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ؟
قُلْتُ: سَبْعِيْنَ سَوْطاً فِي ظَهْرِكَ، خَيْرٌ مِنْ
دَمِ مُؤْمِنٍ.
قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَكَانَ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ بَعْدَ
ذَلِكَ إِذَا جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ يَقُوْلُ،
وَيَتَلَفَّتُ: احْذَرُوا صَاحِبَ الكِسَاءِ (1) .
قَالَ مَسْلَمَةُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيْرُ
السَّرَايَا: بِرَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ وَبِأَمْثَالِهِ
نُنْصَرُ (2) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: أَدْرَكَ رَجَاءُ بنُ
حَيْوَةَ مُعَاوِيَةَ، وَمَاتَ فِي أَوَّلِ إِمْرَةِ
هِشَامٍ (3) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَخَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ (4) :
مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
__________
(1) ابن عساكر 6 / 120 آ، ب.
(2) انظر ابن عساكر 6 / 117 ب.
(3) ابن عساكر 6 / 120 ب.
(4) في الطبقات 2 / 793 وتاريخه 343.
(4/561)
221 - عُمَرُ بنُ هُبَيْرَةَ * بنِ
مُعَاوِيَةَ بنِ سُكَيْنٍ الفَزَارِيُّ
الأَمِيْرُ، أَبُو المُثَنَّى الفَزَارِيُّ، الشَّامِيُّ،
أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ، وَوَالِدُ أَمِيْرِهَا يَزِيْدَ.
كَانَ يَنُوْبُ لِيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ،
فَعَزَلَهُ هِشَامٌ.
وَقَدْ وُلِّيَ غَزْوَ البَحْرِ سَنَةَ سَبْعٍ، نَوْبَةَ
قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ، وَجُمِعَتْ لَهُ العِرَاقُ فِي
سَنَةِ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ، ثُمَّ عُزِلَ بِخَالِدٍ
القَسْرِيِّ، فَقَيَّدَهُ، وَأَلْبَسَهُ عَبَاءةً،
وَسَجَنَهُ، فَتَحَيَّلَ غِلْمَانُهُ، وَنَقَبُوا سَرَباً
أَخْرَجُوْهُ مِنْهُ، فَهَرَبَ، وَاسْتَجَارَ بِالأَمِيْرِ
مَسْلَمَةَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَأَجَارَهُ، ثُمَّ لَمْ
يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ تَقَرِيْباً.
222 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَلْحَةَ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ ** (م، 4)
اسْتُشْهِدَ أَبُوْهُ مَعَ جَدِّهِ يَوْم الجَمَلِ.
وَرَوَى عَنْ: سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ،
وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
عَمْرٍو، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ زَيْدِ
بنِ المُهَاجِرِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَسَنٍ، وَطَلْحَةُ
بنُ يَحْيَى، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الكَمَالِ، وَلِيَ خَرَاجَ العِرَاقِ
لابْنِ الزُّبَيْرِ، وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ
__________
(*) المعارف 408، مروج الذهب 4 / 37، تاريخ ابن عساكر 13 /
188 ب، تاريخ ابن الأثير 5 / 97، 98، 103، تاريخ الإسلام 4
/ 176، خزانة الأدب 3 / 144.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 52، طبقات خليفة ت 2237، تاريخ
البخاري 1 / 315، المعارف 232، الجرح والتعديل القسم الأول
من المجلد الأول 124، تاريخ ابن عساكر 2 / 255 آ، تهذيب
الكمال ص 63، تاريخ الإسلام 4 / 90، العبر 1 / 135، تذهيب
التهذيب 1 / 41 آ، تهذيب التهذيب 1 / 153، خلاصة تذهيب
التهذيب 21، شذرات الذهب 1 / 136، تهذيب ابن عساكر 2 /
260.
(4/562)
المَلِكِ، فَوَعَظَهُ، وَكَانَ يُقَالُ
لَهُ: أَسَدُ قُرَيْشٍ، قَوَّالاً بِالحَقِّ، فَصِيْحاً،
صَارِماً، وَكَانَ أَعْرَجَ، مُوَثَّقاً.
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى، حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ
الزُّهْرِيُّ، قَالَ:
وَلِيَ الحَجَّاجُ الحَرَمَيْنِ، فَبَالَغَ فِي إِجْلاَلِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، ثُمَّ
أَخَذَه مَعَهُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَقَالَ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، قَدِمْتُ عَلَيْكَ بِرَجُلِ
الحِجَازِ، لَمْ أَدَعْ لَهُ نَظِيْراً.
فَأَذِنَ لَهُ، وَأَجْلَسَهُ عَلَى فُرُشِهِ، وَقَالَ:
إِنَّ الحَجَّاجَ أَذْكَرَنَا فَضْلَكَ.
قَالَ: فَنَصَحَهُ، وَذَكَرَ عَسْفَ الحَجَّاجِ،
فَتَنَمَّرَ لَهُ، وَأَقَامَهُ، ثُمَّ بَعْدَ سَاعَةٍ
خَرَجَ الحَجَّاجُ، فَاعْتَنَقَ إِبْرَاهِيْمَ، وَدَعَا
لَهُ.
قَالَ: فَقُلْتُ: يَهْزَأُ بِي.
ثُمَّ أُدْخِلْتُ، فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: لَعَلَّ - يَا
ابْنَ طَلْحَةَ - شَارَكَكَ فِي نَصِيْحَتِكَ أَحَدٌ؟
قُلْتُ: لاَ وَاللهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُحَابِياً أَحَداً،
لَحَابَيْتُ الحَجَّاجَ، لأَثَارَةٍ عِنْدِي، وَلَكِنْ
آثَرْتُ اللهَ وَرَسُوْلَهُ.
فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ وَأَزَلْتُهُ عَنِ
الحَرَمَيْنِ، وَأَعْلَمْتُهُ أَنَّكَ اسْتَنْزَلْتَنِي
عَنْهُمَا اسْتِصْغَاراً لَهُمَا، وَوَلَّيْتُهُ
العِرَاقَيْنِ؛ لِمَا هُنَاكَ مِنَ الأُمُوْرِ، فَاخْرُجْ
مَعَهُ (1) .
تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيْمُ: سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ، عَنْ
نَحْوِ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ مَوْتُهُ بِمِنَىً، زَمَنَ الحَجِّ.
223 - الحَسَنُ البَصْرِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ * (4)
هُوَ: الحَسَنُ بنُ أَبِي الحَسَنِ يَسَارٍ، أَبُو
سَعِيْدٍ، مَوْلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ
__________
(1) أورده ابن عساكر في تاريخه مطولا 2 / 255 آ، ب.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 156، طبقات خليفة ت 1726، الزهد
لأحمد 258، تاريخ البخاري 2 / 289، المعارف 440، المعرفة
والتاريخ 2 / 32 و3 / 338، أخبار القضاة 2 / 3، ذيل المذيل
636، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 40،
الحلية 2 / 131، ذكر أخبار أصبهان 1 / 254، فهرست ابن
النديم 202، طبقات الفقهاء للشيرازي 87، الحسن البصري =
(4/563)
الأَنْصَارِيُّ.
وَيُقَالُ: مَوْلَى أَبِي اليَسَرِ كَعْبِ بنِ عَمْرٍو
السُّلَمِيِّ.
قَالَهُ: عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ مُطَهَّرٍ، عَنْ غَاضِرَةَ
بِنْتِ قَرْهَدٍ (1) العَوْفِيِّ.
ثُمَّ قَالَ: وَكَانَتْ أُمُّ الحَسَنِ مَوْلاَةً لأُمِّ
سَلَمَةَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ المَخْزُوْمِيَّةِ.
وَيُقَالُ: كَانَ مَوْلَى جَمِيْلِ بنِ قُطْبَةَ (2) .
وَيسَارٌ أَبُوْهُ: مِنْ سَبْيِ مَيْسَانَ (3) ، سَكَنَ
المَدِيْنَةَ، وَأُعْتِقَ، وَتَزَوَّجَ بِهَا فِي
خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَوُلِدَ لَهُ بِهَا الحَسَنُ -
رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ - لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ
خِلاَفَةِ عُمَرَ.
وَاسْمُ أُمِّهِ: خَيْرَةُ.
ثُمَّ نَشَأَ الحَسَنُ بِوَادِي القُرَى، وَحَضَرَ
الجُمُعَةَ مَعَ عُثْمَانَ، وَسَمِعَهُ يَخْطُبُ، وَشَهِدَ
يَوْمَ الدَّارِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ
سَنَةً.
قَالَ الحَجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ: سُبِيَتْ أُمُّ الحَسَنِ
البَصْرِيِّ مِنْ مَيْسَانَ، وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ،
وَوَلَدَتْهُ بِالمَدِيْنَةِ.
وَقَالَ سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنِي أَبُو كَرِبٍ،
قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ وَابْنُ سِيْرِيْنَ مَوْلَيَيْنِ لِعَبْدِ
اللهِ بنِ رَوَاحَةَ، وَقَدِمَا البَصْرَةَ مَعَ أَنَسٍ.
قُلْتُ: القَوْلاَنِ شَاذَّانِ (4) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو
الشَّعَّابُ بِإِسْنَادٍ لَهُ، قَالَ:
كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَبْعَثُ أُمَّ الحَسَنِ فِي
الحَاجَةِ، فَيَبْكِي وَهُوَ طِفْلٌ، فَتُسْكِتُهُ أُمُّ
سَلَمَةَ بِثَدْيِهَا،
__________
= لأبي الفرج بن الجوزي، تهذيب الأسماء واللغات القسم
الأول من الجزء الأول 161، وفيات الأعيان 2 / 69، تهذيب
الكمال ص 256، تاريخ الإسلام 4 / 98، تذكرة الحفاظ 1 / 66،
تذهيب التهذيب 1 / 133 آ، البداية والنهاية 9 / 266 و268،
غاية النهاية ت 1074، تهذيب التهذيب 2 / 263، النجوم
الزاهرة 1 / 267، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 28، خلاصة تذهيب
التهذيب 77، طبقات المفسرين 1 / 147، شذرات الذهب 1 / 136.
(1) كذا الأصل، وضبطه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل
القسم الثاني من المجلد الثالث 56: " فرهد " بالفاء.
(2) انظر أخبار القضاة 2 / 4.
(3) ميسان: كورة واسعة كثيرة القرى والنخل بين البصرة
وواسط.
انظر معجم البلدان.
(4) وانظر أخبار القضاة 2 / 3.
(4/564)
وَتُخْرِجُهُ إِلَى أَصْحَابِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ
صَغِيْرٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ مُنْقَطِعَةً إِلَيْهَا،
فَكَانُوا يَدْعُوْنَ لَهُ، فَأَخْرَجَتْهُ إِلَى عُمَرَ،
فَدَعَا لَهُ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي
الدِّيْنِ، وَحَبِّبْهُ إِلَى النَّاسِ (1) .
قُلْتُ: إِسْنَادُهَا مُرْسَلٌ.
يُوْنُسُ: عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ: أَنَّهَا كَانَتْ
تُرْضِعُ لأُمِّ سَلَمَةَ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: قَالَ الحَسَنُ:
كَانَ أَبِي وَأُمِّي لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ،
فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَسَاقَ أَبِي
وَأُمِّي فِي مَهْرِهَا، فَأَعْتَقَتْنَا السَّلَمِيَّةُ
(2) .
يُوْنُسُ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ لِي الحَجَّاجُ: مَا
أَمَدُكَ يَا حَسَنُ؟
قُلْتُ: سَنَتَانِ مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ (3) .
وَكَانَ سَيِّدَ أَهْلِ زَمَانِهِ عِلْماً وَعَمَلاً.
قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ أَبِي يَقُوْلُ:
الحَسَنُ شَيْخُ أَهْلِ البَصْرَةِ.
وَرُوِيَ أَنَّ ثَدْيَ أُمِّ سَلَمَةَ دَرَّ عَلَيْهِ،
وَرَضِعَهَا غَيْرَ مَرَّةٍ (4) .
رَأَى: عُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَالكِبَارَ.
وَرَوَى عَنْ: عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ
شُعْبَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَمُرَةَ، وَسَمُرَةَ
بنِ جُنْدَبٍ، وَأَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ،
وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، وَجَابِرٍ، وَجُنْدُبٍ
البَجَلِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَمْرِو بنِ تَغْلِبٍ،
وَمَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ، وَالأَسْوَدِ بنِ سَرِيْعٍ،
وَأَنَسٍ، وَخَلْقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: حِطَّانَ بنِ عَبْدِ اللهِ
الرَّقَاشِيِّ.
وَرَوَى عَنْ: خَلْقٍ مِنَ التَّابِعِيْنَ.
__________
(1) أخبار القضاة 2 / 5.
(2) انظر ابن سعد 7 / 156.
(3) ابن سعد 7 / 157، والامد: أمدان، الأول عند ولادة
الإنسان، والثاني عند موته.
وقول الحجاج من الأول كما في التاج (أمد).
(4) انظر الخبر في الحلية 2 / 147.
(4/565)
وَعَنْهُ: أَيُّوْبُ، وَشَيْبَانُ
النَّحْوِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ،
وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ،
وَمَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ،
وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَالرَّبِيْعُ بنُ صَبِيْحٍ،
وَيَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ، وَمُبَارَكُ
بنُ فَضَالَةَ، وَأَبَانُ بنُ يَزِيْدَ العَطَّارُ،
وَقُرَّةُ بنُ خَالِدٍ، وَحَزْمٌ القُطَعِيُّ، وَسَلاَّمُ
بنُ مِسْكِيْنٍ، وَشُمَيْطُ بنُ عَجْلاَنَ، وَصَالِحٌ
أَبُو عَامِرٍ الخَزَّازُ، وَعَبَّادُ بنُ رَاشِدٍ،
وَأَبُو حَرِيْزٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ قَاضِي
سِجِسْتَانَ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ
الضَّالُّ (1) ، وَوَاصِلٌ أَبُو حَرَّةَ الرَّقَاشِيُّ،
وَهِشَامُ بنُ زِيَادٍ، وَشَبِيْبُ بنُ شَيْبَةَ،
وَأَشْعَثُ بنُ بِرَازٍ، وَأَشْعَثُ بنُ جَابِرٍ
الحُدَّانِيُّ، وَأَشْعَثُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
الحُمْرَانِيُّ، وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ، وَأَبُو
الأَشْهَبِ، وَأُمَمٌ سِوَاهُمْ.
وَقَدْ رَوَى بِالإِرسَالِ عَنْ طَائِفَةٍ: كَعَلِيٍّ،
وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمَا، وَلاَ مِنْ
أَبِي مُوْسَى، وَلاَ مِنِ ابْنِ سَرِيْعٍ، وَلاَ مِنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَلاَ مِنْ عَمْرِو بنِ
تَغْلِبٍ، وَلاَ مِنْ عِمْرَانَ، وَلاَ مِنْ أَبِي
بَرْزَةَ، وَلاَ مِنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَلاَ مِنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلاَ مِنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، وَلاَ
مِنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ، وَلاَ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَلاَ
مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلاَ مِنْ جَابِرٍ، وَلاَ مِنْ
أَبِي سَعِيْدٍ.
قَالَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَمْ يُعْرَفْ لِلْحَسَنِ سَمَاعٌ
مِنْ دَغْفَلٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَلَمَةَ بنِ
المُحَبِّقِ (2) ، وَلاَ مِنَ العَبَّاسِ، وَلاَ مِنْ
أُبَيٍّ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: قُلْتُ لابْنِ
المَدِيْنِيِّ: يُقَالُ عَنِ الحَسَنِ: أَخَذْتُ
__________
(1) قال السمعاني في الأنساب: وليس هذا من الضلالة في
الدين، وإنما سمي الضال لأنه ضل في طريق مكة، وكان من
عقلاء أهل البصرة ومتقيهم وثقاتهم.
(2) قال أبو محمد العسكري في كتاب التصحيف: المحبق بكسر
الباء، وأصحاب الحديث يصحفون ويفتحون الباء.
انظر التاج (حبق).
(4/566)
بِحُجْزَةِ سَبْعِيْنَ بَدْرِيّاً.
فَقَالَ: هَذَا بَاطِلٌ، أَحْصَيْتُ أَهْلَ بَدْرٍ
الَّذِيْنَ يُرْوَى عَنْهُم، فَلَمْ يَبْلُغُوا
خَمْسِيْنَ، مِنْهُم مِنَ المُهَاجِرِيْنَ أَرْبَعَةٌ
وَعِشْرُوْنَ.
وَقَالَ شُعَيْبُ بنُ الحَبْحَابِ، عَنْهُ: رَأَيْتُ
عُثْمَانَ يُصَبُّ عَلَيْهِ مِنْ إِبْرِيْقٍ (1) .
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: أَحَادِيْثُهُ عَنْ سَمُرَةَ،
سَمِعْنَا أَنَّهَا كِتَابٌ (2) .
قُلْتُ: قَدْ صَحَّ سَمَاعُهُ فِي حَدِيْثِ العَقِيْقَةِ
(3) ، وَفِي حَدِيْثِ النَّهْيِ عَنْ المُثْلَةِ مِنْ
سَمُرَةَ (4) .
وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا شَافَهَ الحَسَنُ بَدْرِيّاً
بِحَدِيْثٍ (5) .
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ فِي أَحَادِيْثِ سَمُرَةَ
رِوَايَةَ الحَسَنِ: سَمِعْنَا أَنَّهَا مِنْ كِتَابِ
مَعْنٍ القَزَّازِ (2) .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو: سَمِعْتُ الحَسَنَ
يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: الوُضُوْءُ مِمَّا
غَيَّرَتِ النَّارُ.
فَقَالَ الحَسَنُ: لاَ أَدَعُهُ أَبَداً (6) .
__________
(1) ابن سعد 7 / 157.
(2) انظر ابن سعد 7 / 157 والمنتخب من ذيل المذيل 637.
(3) حديث العقيقة أخرجه أحمد 5 / 7 و17 و22، وأبو داود
(2838) والنسائي 7 / 166، والترمذي (1522) من طريق الحسن
عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الغلام
مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويسمى، ويحلق رأسه "
وإسناده صحيح فقد أخرج البخاري 9 / 512 من طريق عبد الله
بن أبي الأسود، حدثنا قريش بن أنس، عن حبيب بن الشهيد،
قال: أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن ممن سمع حديث العقيقة،
فسألته فقال: من سمرة بن جندب.
(4) حديث النهي عن المثلة أخرجه أبو داود (2667) من طريق
معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن الهياج بن
عمران، أن عمران أبق له غلام، فجعل لله عليه لئن قدر عليه
ليقطعن يده، فأرسلني لاسأل له، فأتيت سمرة بن جندب فسألته
فقال: " كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحثنا على الصدقة
وينهانا عن المثلة ".
(5) انظر ابن سعد 7 / 159 والمعرفة والتاريخ 2 / 35.
(6) ابن سعد 7 / 158. وقد صح من طريق جابر رضي الله عنه
قوله: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ترك الوضوء مما غيرت النار. وأخرجه أبو داود (192)
والنسائي 1 / 108 وإسناده صحيح.
(4/567)
مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلاَلٍ،
سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ:
كَانَ مُوْسَى نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لاَ يَغْتَسِلُ إِلاَّ مُسْتَتِراً.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ بُرَيْدَةَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟
قَالَ: مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (1) .
قَالَ يُوْنُسُ، وَعَلِيُّ بنُ جُدْعَانَ: لَمْ يَسْمَعِ
الحَسَنُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (2) .
هَمَّامٌ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ:
سَمِعْتُ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُوْلُ فِي
خُطْبَتِهِ - أُرَاهُ قَالَ -: اقْتُلُوا الكِلاَبَ
وَالحَمَامَ.
شُعَيْبُ بنُ الحَبْحَابِ: عَنِ الحَسَنِ:
شَهِدْتُ عُثْمَانَ جُمَعاً تِبَاعاً يَأْمُرُ بِذَبْحِ
الحَمَامِ وَقَتْلِ الكِلاَبِ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، وَآخَرُ،
عَنِ الحَسَنِ، بِمِثْلِهِ.
بَهْزُ بنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ
زِيَادٍ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
رَأَيْتُ عُثْمَانَ نَائِماً فِي المَسْجِدِ حَتَّى جَاءهُ
المُؤَذِّنُ، فَقَامَ، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الحَصَى عَلَى
جَنْبِهِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ، سَمِعْتُ الحَسَنَ
يَقُوْلُ:
خَرَجَ عَلَيْنَا عُثْمَانُ، فَكَانَ بَيْنَهُم
تَخْلِيْطٌ، فَتَرَامَوْا بِالحَصْبَاءِ.
وَعَنْ أَبِي مُوْسَى، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
شَهِدْتُ عُثْمَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَامَ يَخْطُبُ،
فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ كِتَابَ
اللهِ.
فَقَالَ عُثْمَانُ: اجْلِسْ، أَمَا لِكِتَابِ اللهِ
مُنْشِدٌ غَيْرَكَ؟!
قَالَ: فَجَلَسَ، ثُمَّ قَامَ - أَوْ قَامَ رَجُلٌ
غَيْرُهُ - فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ لَهُ:
اجْلِسْ، أَمَا لِكِتَابِ اللهِ مُنْشِدٌ غَيْرَكَ.
فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الشُّرَطَ
لِيُجْلِسُوْهُ، فَقَامَ النَّاسُ، فَحَالُوا بَيْنَهُم
وَبَيْنَهُ، ثُمَّ تَرَامَوْا بِالبَطْحَاءِ (3) حَتَّى
يَقُوْلَ القَائِلُ: مَا أَكَادُ أَرَى السَّمَاءَ مِنَ
البَطْحَاءِ.
__________
(1) ابن سعد 7 / 158، وما بين الحاصرتين منه.
(2) المصدر السابق وانظر المنتخب من ذيل المذيل 637.
(3) البطحاء: التراب السهل اللين والحصى مما قد جرته
السيول.
(4/568)
فَنَزَلَ عَنْ مِنْبَرِهِ، وَدَخَلَ
دَارَهُ، وَلَمْ يُصَلِّ الجُمُعَةَ يَوْمَئِذٍ.
مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيْلٍ، حَدَّثَنَا
الحَسَنُ، قَالَ:
خَرَجَ عُثْمَانُ، فَقَامَ يَخْطُبُ...، فَذَكَرَ بَعْضَ
حَدِيْثِ أَبِي مُوْسَى.
سُلَيْمُ بنُ أَخْضَرَ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا
الحَسَنُ، قَالَ:
كَانَ عُثْمَانُ يَوْماً يَخْطُبُ، فَقَامَ رَجُلٌ،
فَقَالَ: إِنَّا نَسْأَلُكَ كِتَابَ اللهِ...، ثُمَّ
ذَكَرَ نَحْوَهُ.
فَحَصَبُوْهُ، فَحَصَبُوا الَّذِيْنَ حَصَبُوْهُ، ثُمَّ
تَحَاصَبُ القَوْمُ -وَاللهِ- فَأُنْزِلَ الشَّيْخُ
يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، مَا كَادَ أَنَّ يُقِيْمَ
عُنُقَهُ حَتَّى أُدْخِلَ الدَّارَ، فَقَالَ:
لَوْ جِئْتُمْ بِأُمِّ المُؤْمِنِيْنَ، عَسَى أَنْ
يَكُفُّوا عَنْهُ.
قَالَ: فَجَاؤُوا بِأُمِّ حَبِيْبَةَ بِنْتِ أَبِي
سُفْيَانَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا وَهِيَ عَلَى بَغْلَةٍ
بَيْضَاءَ فِي مِحَفَّةٍ (1) ، فَلَمَّا جَاؤُوا بِهَا
إِلَى الدَّارِ، صَرَفُوا وَجْهَ البَغْلَةِ حَتَّى
رَدُّوْهَا.
حُرَيْثُ بنُ السَّائِبِ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ، قَالَ:
كُنْتُ أَدْخُلُ بُيُوْتَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ أَتَنَاوَلُ
سَقْفَهَا بِيَدِي، وَأَنَا غُلاَمٌ مُحْتَلِمٌ يَوْمَئِذٍ
(2) .
ضَمْرَةُ: عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ:
قَالَ الحَسَنُ: كُنْتُ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ ابْنَ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
ثُمَّ قَالَ الحَسَنُ: لَوْلاَ النِّسْيَانُ، كَانَ
العِلْمُ كَثِيْراً.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ الحَسَنِ،
قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ.
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ، حَدَّثَنَا
عَمْرُو بنُ تَغْلِبٍ، مَرْفُوْعاً: (تُقَاتِلُوْنَ
قَوْماً يَنْتَعِلُوْنَ الشَّعْرَ (3)).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ
بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا
__________
(1) المحفة: مركب للنساء كالهودج إلا أنه لا قبة له.
(2) انظر ابن سعد 7 / 161.
(3) أخرجه أحمد 5 / 69، 70 وإسناده صحيح.
(4/569)
مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا
سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ
البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ،
حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا
شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ
فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ،
قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلَى جَنْبِ خَشَبَةٍ؛
يُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ،
قَالَ: (ابْنُوا لِي مِنْبَراً لَهُ عَتَبَتَانِ).
فَلَمَّا قَامَ عَلَى المِنْبَرِ يَخْطُبُ، حَنَّتِ
الخَشَبَةُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-.
قَالَ: وَأَنَا فِي المَسْجِدِ، فَسَمِعْتُ الخَشَبَةَ
تَحِنُّ حَنِيْنَ الوَالِهِ، فَمَا زَالَتْ تَحِنُّ حَتَّى
نَزَلَ إِلَيْهَا، فَاحْتَضَنَهَا، فَسَكَنَتْ.
وَكَانَ الحَسَنُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيْثِ،
بَكَى، ثُمَّ قَالَ: يَا عِبَادَ اللهِ، الخَشَبَةُ
تَحِنُّ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- شَوْقاً إِلَيْهِ، فَأَنْتُم أَحَقُّ أَنْ
تَشْتَاقُوا إِلَى لِقَائِهِ.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، غَرِيْبٌ (1) ، مَا وَقَعَ لِي
مِنْ رِوَايَةِ الحَسَنِ أَعْلَى مِنْهُ، سِوَى حَدِيْثٍ
آخَرَ، سَأَسُوْقُهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيُّ،
أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
الكَاتِبُ، أَنْبَأَنَا الأُرْمَوِيُّ، وَمُحَمَّدٌ
الطَّرَائِفِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ بنُ الدَّايَةِ،
قَالُوا:
أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، أَنْبَأَنَا
أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الزُّهْرِيُّ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ
الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ،
حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ:
حَدَّثَنَا الحَسَنُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: {أَفَرَأَيْتَ
مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}
__________
(1) رجاله ثقات، لكن مباركا عنعن.
وأخرجه أحمد في المسند 3 / 226 من طريق هاشم عن المبارك عن
الحسن.
وحنين الجذع ثابت عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم، منها حديث جابر عند البخاري 2 / 323، والنسائي
3 / 102، وحديث ابن عمر عند البخاري 6 / 331 و332،
والترمذي (505).
(4/570)
[الجَاثِيَةُ: 23]، قَالَ: هُوَ
المُنَافِقُ، لاَ يَهْوَى شَيْئاً إِلاَّ رَكِبَهُ (1) .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ
الحُبَابِ الكَاتِبُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُخْتَارٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا
القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، وَأَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
الفَرَّاءِ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ،
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ الإِبَرِيَّةُ، وَتَجَنِّي
الوَهْبَانِيَّةُ، قَالَتَا:
أَخْبَرَنَا طِرَادٌ الزَّيْنَبِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَفَّارُ، أَنْبَأَنَا
الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو
الأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا حَزْمٌ القُطَعِيُّ، سَمِعْتُ
الحَسَنَ يَقُوْلُ:
بَلَغَنَا أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: (رَحِمَ اللهُ عَبْداً تَكَلَّمَ
فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ (2)).
وَبِهِ: حَدَّثَنَا حَزْمٌ، قَالَ:
رَأَيْتُ الحَسَنَ قَدِمَ مَكَّةَ، فَقَامَ خَلْفَ
المَقَامِ، فَصَلَّى، فَجَاءَ عَطَاءٌ، وَطَاوُوْسٌ،
وَمُجَاهِدٌ، وَعَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، فَجَلَسُوا
إِلَيْهِ.
هَذَا أَعْلَى مَا يَقَعُ لَنَا عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ
-رَحِمَهُ اللهُ-.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى
بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: لَمْ يَسْمَعِ الحَسَنُ مِنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
قِيْلَ لَهُ: فَفِي بَعْضِ الحَدِيْثِ: حَدَّثَنَا أَبُو
هُرَيْرَةَ!
قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ: حَدَّثَنَا رَبِيْعَةُ بنُ
كُلْثُوْمٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
نَبَّأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ:
عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- ثَلاَثاً: الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ،
وَالوِتْرُ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ، وَصِيَامُ ثَلاَثَةٍ مِنْ
كُلِّ شَهْرٍ (3) .
رَبِيْعَةُ: صَدُوْقٌ، خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ.
__________
(1) رجاله ثقات.
(2) أخرجه ابن المبارك في الزهد 380 من طريق ابن لهيعة،
قال: حدثني خالد بن أبي عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم
أمسك لسانه طويلا ثم أرسله ثم قال: " أتخوف عليكم هذا، رحم
الله عبدا قال خيرا وغنم، أو سكت عن سوء فسلم ".
ورجاله ثقات لكنه معضل.
وقد روي موصولا من حديث أبي أمامة.
وقال الحافظ العراقي في تخريج الاحياء 3 / 95: روى ابن أبي
الدنيا في الصمت والبيهقي في الشعب من حديث أنس بسند فيه
ضعف فإنه من رواية إسماعيل بن عياش، عن الحجازيين، فالحديث
حسن بمجموع طرقه.
وأخرجه أحمد في الزهد 277.
(3) رجاله ثقات، وأخرجه ابن سعد 7 / 158 من طريق مسلم بن
إبراهيم عن ربيعة بن =
(4/571)
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: عَنْ سَالِمٍ
الخَيَّاطِ، سَمِعْتُ الحَسَنَ، وَابْنَ سِيْرِيْنَ
يَقُوْلاَنِ:
سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
سَالِمٌ: وَاهٍ.
وَالحَسَنُ - مَعَ جَلاَلَتِهِ -: فَهُوَ مُدَلِّسٌ،
وَمَرَاسِيْلُهُ لَيْسَتْ بِذَاكَ، وَلَمْ يَطْلُبِ
الحَدِيْثَ فِي صِبَاهُ، وَكَانَ كَثِيْرَ الجِهَادِ،
وَصَارَ كَاتِباً لأَمِيْرِ خُرَاسَانَ الرَّبِيْعِ بنِ
زِيَادٍ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: كَانَ الحَسَنُ
يَغْزُو، وَكَانَ مُفْتِيَ البَصْرَةِ جَابِرُ بنُ زَيْدٍ
أَبُو الشَّعْثَاءِ، ثُمَّ جَاءَ الحَسَنُ، فَكَانَ
يُفْتِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ (1) : كَانَ الحَسَنُ
-رَحِمَهُ اللهُ- جَامِعاً، عَالِماً، رَفِيْعاً،
فَقِيْهاً، ثِقَةً، حُجَّةً، مَأْمُوْناً، عَابِداً،
نَاسِكاً، كَثِيْرَ العِلْمِ، فَصِيْحاً، جَمِيْلاً،
وَسِيْماً، وَمَا أَرْسَلَهُ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ.
الأَصْمَعِيُّ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ زَنْداً أَعْرَضَ مِنْ زَنْدِ الحَسَنِ
البَصْرِيِّ، كَانَ عَرْضُهُ شِبْراً.
قُلْتُ: كَانَ رَجُلاً تَامَّ الشَّكْلِ، مَلِيْحَ
الصُّوْرَةِ، بَهِيّاً، وَكَانَ مِنَ الشُّجْعَانِ
المَوْصُوْفِيْنَ.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: عَنِ الأَصْبَغِ بنِ زَيْدٍ،
سَمِعَ العَوَّامَ بنَ حَوْشَبٍ، قَالَ: مَا أُشَبِّهُ
الحَسَنَ إِلاَّ بِنَبِيٍّ.
وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَشْبَهَ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مِنْهُ (2) .
__________
= كلثوم عن الحسن، وأخرجه أحمد 2 / 254 من طريق أسود بن
عامر، عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن قال: قال أبو
هريرة.
(1) في الطبقات 7 / 157 و158.
(2) انظر ابن سعد 7 / 162 وأخبار القضاة 2 / 7.
(4/572)
حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: قَالَ لَنَا أَبُو
قَتَادَةَ:
الْزَمُوا هَذَا الشَّيْخَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَشْبَهَ رَأْياً بِعُمَرَ مِنْهُ -يَعْنِي: الحَسَنَ (1)
-.
وَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَلُوا الحَسَنَ،
فَإِنَّهُ حَفِظَ وَنَسِيْنَا.
وَقَالَ مَطَرٌ الوَرَّاقُ: لَمَّا ظَهَرَ الحَسَنُ، جَاءَ
كَأَنَّمَا كَانَ فِي الآخِرَةِ، فَهُوَ يُخْبِرُ عَمَّا
عَايَنَ (2) .
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ
الَّذِي كَانَ أَسْوَدَ مِنَ الحَسَنِ.
عَنْ أَمَةِ الحَكَمِ، قَالَتْ: كَانَ الحَسَنُ يَجِيْءُ
إِلَى حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ، فَمَا رَأَيْتُ شَابّاً
قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ وَجْهاً مِنْهُ!
وَعَنْ جُرْثُوْمَةَ (3) ، قَالَ: رَأَيْتُ الحَسَنَ
يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ (4) .
أَبُو هِلاَلٍ: رَأَيْتُ الحَسَنَ يُغَيِّرُ
بِالصُّفْرَةِ.
وَقَالَ عَارِمٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ،
قَالَ: رَأَيْتُ الحَسَنَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا جَمَعْتُ عِلْمَ الحَسَنِ إِلَى
أَحَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ، إِلاَّ وَجَدْتُ لَهُ فَضْلاً
عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ،
كَتَبَ فِيْهِ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ يَسْأَلُهُ،
وَمَا جَالَسْتُ فَقِيْهاً قَطُّ، إِلاَّ رَأَيْتُ فَضْلَ
الحَسَنِ.
قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: كَانَ الرَّجُلُ
يَجْلِسُ إِلَى الحَسَنِ ثَلاَثَ حِجَجٍ مَا يَسْأَلُهُ
عَنِ المَسْأَلَةِ هَيْبَةً لَهُ.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: قُلْتُ لِلأَشْعَثِ: قَدْ
لَقِيْتَ عَطَاءً وَعِنْدَكَ مَسَائِلُ، أَفَلاَ
سَأَلْتَهُ؟!
قَالَ: مَا لَقِيْتُ أَحَداً بَعْدَ الحَسَنِ إِلاَّ
صَغُرَ فِي عَيْنِي.
وَقَالَ أَبُو هِلاَلٍ: كُنْتُ عِنْدَ قَتَادَةَ، فَجَاءَ
خَبَرٌ بِمَوْتِ الحَسَنِ، فَقُلْتُ:
__________
(1) ابن سعد 7 / 161 والمعرفة والتاريخ 2 / 47، 48 بنحوه.
(2) انظر المعرفة والتاريخ 2 / 48.
(3) هو جرثومة بن عبد الله أبو محمد النساج مولى بلال بن
أبي بردة.
(4) وانظر ابن سعد 7 / 160.
(4/573)
لَقَدْ كَانَ غَمَسَ فِي العِلْمِ
غَمْسَةً.
قَالَ قَتَادَةُ: بَلْ نَبَتَ (1) فِيْهِ، وَتَحَقَّبَهُ
(2) ، وَتَشَرَّبَهُ، وَاللهِ لاَ يُبْغِضُهُ إِلاَّ
حَرُوْرِيٌّ (3) .
مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ
قَتَادَةَ، قَالَ:
يُقَالُ: مَا خَلَتِ الأَرْضُ قَطُّ مِنْ سَبْعَةِ رَهْطٍ،
بِهِم يُسْقَوْنَ، وَبِهِم يُدْفَعُ عَنْهُم، وَإِنِّي
لأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ الحَسَنُ أَحَدَ السَّبْعَةِ.
قَالَ قَتَادَةُ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَكْمَلَ مُرُوْءةً
مِنَ الحَسَنِ.
وَقَالَ حُمَيْدٌ، وَيُوْنُسُ: مَا رَأَيْنَا أَحَداً
أَكْمَلَ مُرُوْءةً مِنَ الحَسَنِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ يَزِيْدَ، قَالَ:
سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ،
وَالقَاسِمِ، وَغَيْرِهِم: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الحَسَنِ،
وَلَوْ أَدْرَكَ الصَّحَابَةَ وَلَهُ مِثْلُ أَسْنَانِهِم،
مَا تَقَدَّمُوْهُ (4).
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ حَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ:
سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ القِرَاءةِ عَلَى الجَنَازَةِ،
قَالَ: مَا سَمِعْنَا وَلاَ عِلَمْنَا أَنَّهُ يُقْرَأُ
عَلَيْهَا.
قُلْتُ: إِنَّ الحَسَنَ يَقُوْلُ: يُقْرَأُ عَلَيْهَا (5)
.
قَالَ عَطَاءٌ: عَلَيْكَ بِذَاكَ، ذَاكَ إِمَامٌ ضَخْمٌ
يُقْتَدَى بِهِ.
وَقَالَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي
لَمْ أَرَ أَحَداً أَقْرَبَ قَوْلاً مِنْ فِعْلٍ مِنَ
الحَسَنِ (6) .
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ: عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ،
قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى الحَسَنِ
__________
(1) ابن سعد: " ثبت ".
(2) ابن سعد: " تحقنه ".
(3) ابن سعد 7 / 174.
(4) وانظر ابن سعد 7 / 161.
(5) وهو في الصحيح، فقد أخرج البخاري في صحيحه 3 / 164 عن
طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: صليت خلف ابن عباس على
جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب وقال: لتعلموا أنها سنة.
(6) وأورده ابن سعد 7 / 176 من طريق آخر عن عمارة بألفاظ
مقاربة.
(4/574)
عَشْرَ سِنِيْنَ أَوْ مَا شَاءَ اللهُ،
فَلَيْسَ مِنْ يَوْمٍ إِلاَّ أَسْمَعُ مِنْهُ مَا لَمْ
أَسْمَعْ قَبْلَ ذَلِكَ.
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ
مِسْكِيْنٍ: رَأَيْتُ عَلَى الحَسَنِ قَبَاءً مِثْلَ
الذَّهَبِ يَتَأَلَّقُ.
وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ يُوْنُسَ:
كَانَ الحَسَنُ يَلْبَسُ فِي الشِّتَاءِ: قَبَاءً
حِبَرَةً، وَطَيْلَسَاناً كُرْدِيّاً، وَعِمَامَةً
سَوْدَاءَ، وَفِي الصِّيفِ: إِزَارَ كَتَّانٍ،
وَقَمِيْصاً، وَبُرْداً حِبَرَةً.
وَرَوَى: حَوْشَبٌ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: المُؤْمِنُ
يُدَارِي دِيْنَهُ بِالثِّيَابِ.
يُوْنُسُ: عَنِ الحَسَنِ: أَنَّهُ كَانَ مِنْ رُؤُوْسِ
العُلَمَاءِ فِي الفِتَنِ وَالدِّمَاءِ وَالفُرُوْجِ (1) .
وَقَالَ عَوْفٌ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَعْلَمَ بِطَرِيْقِ
الجَنَّةِ مِنَ الحَسَنِ (2) .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ حَازِمٍ، قَالَ:
قَامَ الحَسَنُ مِنَ الجَامِعِ، فَاتَّبَعَهُ نَاسٌ،
فَالْتَفَتَ إِلَيْهِم، وَقَالَ: إِنَّ خَفْقَ النِّعَالِ
حَوْلَ الرِّجَالِ قَلَّمَا يُلْبِثُ الحَمْقَى (3) .
وَرَوَى: حَوْشَبٌ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
يَا ابْنَ آدَمَ، وَاللهِ إِنْ قَرَأْتَ القُرْآنَ ثُمَّ
آمَنْتَ بِهِ، لَيَطُوْلَنَّ فِي الدُّنْيَا حُزْنُكَ،
وَلَيَشْتَدَّنَّ فِي الدُّنْيَا خَوْفُكَ،
وَلَيَكْثُرَنَّ فِي الدُّنْيَا بُكَاؤُكَ (4) .
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عِيْسَى اليَشْكُرِيُّ: مَا
رَأَيْتُ أَحَداً أَطْوَلَ حُزْناً مِنَ الحَسَنِ، مَا
رَأَيْتُهُ إِلاَّ حَسِبْتُهُ حَدِيْثَ عَهْدٍ
بِمُصِيْبَةٍ (5) .
__________
(1) أورده ابن سعد 7 / 163 بإسقاط " الفروج " وهي الثغور.
(2) انظر المعرفة والتاريخ 2 / 50.
(3) انظر ابن سعد 7 / 168 ويلبث: من اللبث، وهو المكث
والتوقف.
(4) الزهد لأحمد 259 والحلية 2 / 133، 134.
(5) الزهد لأحمد 259 والحلية 2 / 133.
(4/575)
الثَّوْرِيُّ: عَنْ عِمْرَانَ القَصِيْرِ،
قَالَ:
سَأَلْتُ الحَسَن عَنْ شَيْءٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ
الفُقَهَاءَ يَقُوْلُوْنَ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: وَهَلْ رَأَيْتَ فَقِيْهاً بِعَيْنِكَ! إِنَّمَا
الفَقِيْهُ: الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا، البَصِيْرُ
بِدِيْنِهِ (1) ، المُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ (2)
.
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ ذَكْوَانَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ
صَفْوَانَ، قَالَ:
لَقِيْتُ مَسْلَمَةَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ، فَقَالَ: يَا
خَالِدُ، أَخْبِرْنِي عَنْ حَسَنِ أَهْلِ البَصْرَةِ؟
قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أُخْبِرُكَ عَنْهُ بِعِلْمٍ،
أَنَا جَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ، وَجَلِيْسُهُ فِي
مَجْلِسِهِ، وَأَعْلَمُ مَنْ قِبَلِي بِهِ: أَشْبَهُ
النَّاسِ سَرِيْرَةً بِعَلاَنِيَةٍ، وَأَشْبَهُهُ قَوْلاً
بِفِعْلٍ، إِنْ قَعَدَ عَلَى أَمْرٍ، قَامَ بِهِ، وَإِنْ
قَامَ عَلَى أَمْرٍ، قَعَدَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَمَرَ
بِأَمْرٍ، كَانَ أَعْمَلَ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ نَهَى
عَنْ شَيْءٍ، كَانَ أَتْرَكَ النَّاسِ لَهُ، رَأَيْتُهُ
مُسْتَغْنِياً عَنِ النَّاسِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ
مُحْتَاجِيْنَ إِلَيْهِ.
قَالَ: حَسْبُكَ، كَيْفَ يَضِلُّ قَوْمٌ هَذَا فِيْهِم (3)
؟
هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: سَمِعْتُ الحَسَنَ يَحْلِفُ
بِاللهِ: مَا أَعَزَّ أَحَدٌ الدِّرْهَمَ إِلاَّ أَذَلَّهُ
اللهُ (4) .
وَقَالَ حَزْمُ بنُ أَبِي حَزْمٍ: سَمِعْتُ الحَسَنَ
يَقُوْلُ:
بِئْسَ الرَّفِيْقَانِ: الدِّيْنَارُ وَالدِّرْهَمُ، لاَ
يَنْفَعَانِكَ حَتَّى يُفَارِقَاكَ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: كُلُّ شَيْءٍ: قَالَ
الحَسَنُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَجَدْتَ لَهُ أَصْلاً ثَابِتاً، مَا خَلاَ
أَرْبَعَةِ أَحَادِيْثَ.
__________
(1) لفظ الامام أحمد في الزهد: " البصير بذنبه ".
(2) الحلية 2 / 147 وانظر الزهد لأحمد 267 و279.
(3) الحلية 2 / 147، 148، وأورده الفسوي في " المعرفة
والتاريخ " 2 / 51، 52 من طريق عبد الله بن بكير السهمى عن
محمد بن ذكوان، ولفظه ؟ ؟ " ؟ ؟ كيف ضل قوم هذا فيهم -
يعني اتباعهم ابن المهلب ".
(4) الزهد لأحمد 270 والحلية 2 / 152.
(4/576)
رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ
الأَسْوَدُ، قَالَ:
تَمَنَّى رَجُلٌ، فَقَالَ: لَيْتَنِي بِزُهْدِ الحَسَنِ،
وَوَرَعِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، وَعِبَادَةِ عَامِرِ بنِ
عَبْدِ قَيْسٍ، وَفِقْهِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ،
وَذِكْرِ مُطَرِّفِ بنِ الشِّخِّيْرِ بِشَيْءٍ.
قَالَ: فَنَظَرُوا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدُوْهُ كُلَّهُ
كَامِلاً فِي الحَسَنِ (1) .
عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: عَنِ الفُضَيْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ:
سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ: أَنَا يَوْمَ الدَّارِ ابْنُ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، جَمَعْتُ القُرْآنَ، أَنْظُرُ
إِلَى طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
الفُضَيْلُ: لاَ يُعْرَفُ.
يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ
التَّبُوْذَكِيَّ يَقُوْلُ: حَفِظْتُ عَنِ الحَسَنِ
ثَمَانِيَةَ آلاَفِ مَسْأَلَةٍ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ
زَيْدٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ،
وَالقَاسِمَ فِي آخَرِيْنَ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الحَسَنِ!
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ:
قَالَ لَنَا أَبُو قَتَادَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَشْبَهَ رَأْياً بِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ مِنْهُ
-يَعْنِي: الحَسَنَ (2) -.
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى الحَسَنِ وَهُوَ نَائِمٌ، وَعِنْدَ
رَأْسِهِ سَلَّةٌ، فَجَذَبْنَاهَا، فَإِذَا خُبْزٌ
وَفَاكِهَةٌ، فَجَعَلْنَا نَأْكُلُ، فَانْتَبَهَ،
فَرَآنَا، فَسَرَّهُ، فَتَبَسَّمَ، وَهُوَ يَقْرَأُ: {أَوْ
صَدِيْقِكُم} لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُم (3) .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَيُّوْبَ يَقُوْلُ:
كَانَ الحَسَنُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ كَأَنَّهُ الدُّرُّ،
فَتَكَلَّمَ قَوْمٌ مِنْ بَعْدِهِ بِكَلاَمٍ يَخْرُجُ مِنْ
أَفْوَاهِهِم كَأَنَّهُ القَيْءُ.
__________
(1) ابن سعد 7 / 165، ولفظه: " وذكر مطرفا بن الشخير بشيء
لا يحفظه روح ".
(2) ابن سعد 7 / 161 والمعرفة والتاريخ 2 / 47، 48، 51،
وانظر الزهد لأحمد 267.
(3) الآية: (أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو
أشتاتا) [ النور: 61 ]
(4/577)
وَقَالَ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: كَانَ
الحَسَنُ يَصُوْمُ: البِيْضَ، وَأَشْهُرَ الحُرُمِ،
وَالاثْنَيْنَ، وَالخَمِيْسَ (1) .
يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
كُنَّا نُعَارِي (2) أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
غَالِبٌ القَطَّانُ: عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ
المُزَنِيِّ، قَالَ:
مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَفْقَهِ مَنْ
رَأَيْنَا، فَلْيَنْظُرْ إِلَى الحَسَنِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الحَسَنُ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ
بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ (3) .
رَوَى: أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ،
قَالَ:
لَمْ يَحُجَّ الحَسَنُ إِلاَّ حَجَّتَيْنِ، وَكَانَ
يَكُوْنُ بِخُرَاسَانَ! وَكَانَ يُرَافِقُ مِثْلَ
قَطَرِيِّ بنِ الفُجَاءةِ، وَالمُهَلَّبِ بنِ أَبِي
صُفْرَةَ، وَكَانَ مِنَ الشُّجْعَانِ.
قَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: كَانَ الحَسَنُ أَشْجَعَ
أَهْلِ زَمَانِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ: مَا رَأَيْتُ
أَفْصَحَ مِنَ الحَسَنِ، وَالحَجَّاجِ.
فُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ: عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
مَا حُلِّيَتِ الجَنَّةُ لأُمَّةٍ مَا حُلِّيَتْ لِهَذِهِ
الأُمَّةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى لَهَا عَاشِقاً.
أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِيُّ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
ابْنَ آدَمَ، تَرْكُ الخَطِيْئَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ
مُعَالَجَةِ التَّوْبَةِ، مَا يُؤْمِنُكَ أَنْ تَكُوْنَ
أَصَبْتَ كَبِيْرَةً أُغْلِقَ دُوْنَهَا بَابُ
التَّوْبَةِ، فَأَنْتَ فِي غَيْرِ مَعْمَلٍ (4) .
__________
(1) الزهد لأحمد 269.
(2) يقال: نحن نعاري: أي نركب الخيل أعراء.
(3) ابن سعد 7 / 163.
(4) أورد بعضه أحمد في الزهد 279.
(4/578)
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: عَنِ الحَسَنِ،
قَالَ:
أَهِيْنُوا الدُّنْيَا، فَوَاللهِ لأَهْنَأُ مَا تَكُوْنُ
إِذَا أَهَنْتَهَا (1) .
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ الحَسَنُ مِنْ
أَشَدِّ النَّاسِ، وَكَانَ المُهَلَّبُ إِذَا قَاتَلَ
المُشْرِكِيْنَ، يُقَدِّمُهُ (2) .
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ (3) فِي
(طَبَقَاتِ النُّسَّاكِ):
كَانَ عَامَّةُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ النُّسَّاكِ
يَأْتُوْنَ الحَسَنَ، وَيَسْمَعُوْنَ كَلاَمَهُ،
وَيُذْعِنُوْنَ لَهُ بِالفِقْهِ فِي هَذِهِ المَعَانِي
خَاصَّةً، وَكَانَ عَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ
الوَاحِدِ بنُ زَيْدٍ مِنَ المُلاَزِمِيْنَ لَهُ، وَكَانَ
لَهُ مَجْلِسٌ خَاصٌّ فِي مَنْزِلِهِ، لاَ يَكَادُ
يَتَكَلَّمُ فِيْهِ إِلاَّ فِي مَعَانِي الزُّهْدِ
وَالنُّسُكِ وَعُلُوْمِ البَاطِنِ، فَإِنْ سَأَلَهُ
إِنْسَانٌ غَيْرَهَا، تَبَرَّمَ بِهِ، وَقَالَ: إِنَّمَا
خَلَوْنَا مَعَ إِخْوَانِنَا نَتَذَاكَرُ.
فَأَمَّا حَلْقَتُهُ فِي المَسْجِدِ، فَكَانَ يَمُرُّ
فِيْهَا الحَدِيْثُ، وَالفِقْهُ، وَعِلْمُ القُرْآنِ
وَاللُّغَةِ، وَسَائِرُ العُلُوْمِ، وَكَانَ رُبَّمَا
يُسْأَلُ عَنِ التَّصَوُّفِ، فَيُجِيْبُ، وَكَانَ مِنْهُم
مَنْ يَصْحَبُهُ لِلْحَدِيْثِ، وَكَانَ مِنْهُم مَنْ
يَصْحَبُهُ لِلْقُرَآنِ وَالبَيَانِ، وَمِنْهُم مَنْ
يَصْحَبُهُ لِلْبَلاَغَةِ، وَمِنْهُم مَنْ يَصْحَبُهُ
لِلإِخْلاَصِ وَعِلْمِ الخُصُوْصِ، كَعَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ
(4) ، وَأَبِي جَهِيْرٍ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زَيْدٍ،
وَصَالِحٍ المُرِّيِّ، وَشُمَيْطٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ
النَّاجِيِّ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ اشْتُهِرَ
بِحَالٍ -يَعْنِي: فِي العِبَادَةِ-.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ: كَذَبَ عَلَى
الحَسَنِ ضَرْبَانِ مِنْ
__________
(1) ابن سعد 7 / 168 ولفظه: " إذا أهنتموها "، والزهد
لأحمد 282.
(2) أورده الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 49 مطولا.
(3) هو أحمد بن محمد بن زياد أبو سعيد بن الاعرابي البصري
الصوفي المتوفى سنة 340 ه.
وكتابه هذا نقل عنه المؤلف في أكثر من موضع، انظر ترجمته
في المجلد العاشر 100 آ من الأصل.
(4) انظر ترجمته في المجلد الخامس 186 آ من الأصل.
(4/579)
النَّاسِ، قَوْمٌ القَدَرُ رَأْيُهُم؛
لِيُنْفِقُوْهُ فِي النَّاسِ بِالحَسَنِ، وَقَوْمٌ فِي
صُدُوْرِهِم شَنَآنٌ وَبُغْضٌ لِلْحَسَنِ، وَأَنَا
نَازَلْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي القَدَرِ حَتَّى
خَوَّفْتُهُ بِالسُّلْطَانِ، فَقَالَ: لاَ أَعُوْدُ فِيْهِ
بَعْدَ اليَوْمِ، فَلاَ أَعْلَمُ أَحَداً يَسْتَطِيْعُ
أَنْ يَعِيْبَ الحَسَنَ إِلاَّ بِهِ، وَقَدْ أَدْرَكْتُ
الحَسَنَ -وَاللهِ- وَمَا يَقُوْلُهُ (1) .
قَالَ الحَمَّادَانِ: عَنْ يُوْنُسَ، قَالَ: مَا
اسْتَخَفَّ الحَسَنَ شَيْءٌ مَا اسْتَخَفَّهُ القَدَرُ (2)
.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: أَنَّ أَيُّوْبَ، وَحُمَيْداً
خَوَّفَا الحَسَنَ بِالسُّلْطَانِ، فَقَالَ لَهُمَا: وَلاَ
تَرَيَانِ ذَاكَ؟
قَالاَ: لاَ.
قَالَ: لاَ أَعُوْدُ (3) .
قَالَ حَمَّادٌ: لاَ أَعْلَمُ أَحَداً يَسْتَطِيْعُ أَنْ
يَعِيْبَ الحَسَنَ إِلاَّ بِهِ.
وَرَوَى: أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّ
الحَسَنَ تَكَلَّمَ فِي القَدَرِ.
رَوَاهُ: مُغِيْرَةُ بنُ مِقْسَمٍ، عَنْهُ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: رَجَعَ الحَسَنُ عَنْ
قَوْلِهِ فِي القَدَرِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ حُمَيْدٍ:
سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ: خَلَقَ اللهُ الشَّيْطَانَ،
وَخَلَقَ الخَيْرَ، وَخَلَقَ الشَّرَّ.
فَقَالَ رَجُلٌ: قَاتَلَهُمُ اللهُ، يَكْذِبُوْنَ عَلَى
هَذَا الشَّيْخِ.
أَبُو الأَشْهَبِ: سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ فِي
قَوْلِهِ: {وَحِيْلَ بَيْنَهُم وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُوْنَ}
[سَبَأٌ: 54]، قَالَ: حِيْلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
الإِيْمَانِ (4) .
وَقَالَ حَمَّادٌ: عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: قَرَأْتُ
القُرْآنَ كُلَّهُ عَلَى الحَسَنِ، فَفَسَّرَهُ
__________
(1) أورده الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 34 مجزءا،
وانظر ابن سعد 7 / 167.
(2) أخبار القضاة 2 / 13.
(3) انظر ابن سعد 7 / 167.
(4) المعرفة والتاريخ 2 / 40، وانظر 39 منه.
(4/580)
لِي أَجْمَعَ عَلَى الإِثْبَاتِ،
فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي
قُلُوْبِ المُجْرِمِيْنَ} [الشُّعَرَاءُ: 200]، قَالَ:
الشِّرْكُ سَلَكَهُ اللهُ فِي قُلُوْبِهِم (1) .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، قَالَ:
سَأَلَ الرَّجُلُ الحَسَنَ، فَقَالَ: {وَلاَ يَزَالُوْنَ
مُخْتَلِفِيْنَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هُوْدٌ: 118،
119]؟
قَالَ: أَهْلُ رَحْمَتِهَ لاَ يَخْتَلِفُوْنَ، وَلِذَلِكَ
خَلَقهُم، خَلَقَ هَؤُلاَءِ لِجَنَّتِهِ، وَخَلَقَ
هَؤُلاَءِ لِنَارِهِ.
فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ، آدَمُ خُلِقَ لِلسَّمَاءِ
أَمْ لِلأَرْضِ؟
قَالَ: لِلأَرْضِ خُلِقَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ اعْتَصَمَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ
الشَّجَرَةِ؟
قَالَ: لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا،
لأَنَّهُ خُلِقَ لِلأَرْضِ.
فَقُلْتُ: {وَمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِيْنَ* إِلاَّ
مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيْمِ} [الصَّافَّاتُ: 162، 163]؟
قَالَ: نَعَمْ، الشَّيَاطِيْنُ لاَ يُضِلُّوْنَ إِلاَّ
مَنْ أَحَبَّ اللهُ لَهُ أَنْ يَصْلَى الجَحِيْمَ (2) .
أَبُو هِلاَلٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمٍ: دَخَلْتُ عَلَى
الحَسَنِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَلَمْ يَكُنْ جَمَّعَ،
فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ، أَمَا جَمَّعْتَ؟
قَالَ: أَرَدْتُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ مَنَعَنِي قَضَاءُ اللهِ
(3) .
مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ: سَأَلْنَا الحَسَنَ عَنِ
القُرْآنِ، فَفَسَّرَهُ كُلَّهُ عَلَى الإِثْبَاتِ.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: عَنْ رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ
عَوْنٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
مَنْ كَذَّبَ بِالقَدَرِ فَقَدْ كَفَرَ (4) .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
لَمَّا وَلِيَ الحَسَنُ القَضَاءَ، كَلَّمَنِي
__________
(1) المعرفة والتاريخ 2 / 40.
(2) المعرفة والتاريخ 2 / 41 وانظر 38، 39 منه.
(3) المعرفة والتاريخ 2 / 36.
(4) الزهد لأحمد 285، والمعرفة والتاريخ 2 / 44.
(4/581)
رَجُلٌ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي مَالِ
يَتِيْمٍ يُدْفَعُ إِلَيْهِ وَيَضُمُّهُ.
فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ: أَتَعْرِفُ الرَّجُلَ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ.
رَجَاءُ بنُ سَلَمَةَ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ - وَقِيْلَ لَهُ فِي الحَسَنِ: وَمَا كَانَ
يَنْحَلُ إِلَيْهِ أَهْلُ القَدَرِ؟ - قَالَ:
كَانُوا يَأْتُوْنَ الشَّيْخَ بِكَلاَمٍ مُجْمَلٍ، لَوْ
فَسَّرُوْهُ لَهُم، لَسَاءهُم (1) .
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: كَلَّمْتُ مَطَراً الوَرَّاقَ فِي
بَيْعِ المَصَاحِفِ، فَقَالَ:
قَدْ كَانَ حَبْرَا الأُمَّةِ، أَوْ فَقِيْهَا الأُمَّةِ
لاَ يَرَيَانِ بِهِ بَأْساً: الحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ (2)
.
ابْنُ شَوْذَبٍ: عَنْ مَطَرٍ، قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى الحَسَنِ نَعُوْدُهُ، فَمَا كَانَ فِي
البَيْتِ شَيْءٌ، لاَ فِرَاشٌ، وَلاَ بِسَاطٌ، وَلاَ
وِسَادَةٌ، وَلاَ حَصِيْرٌ، إِلاَّ سَرِيْرٌ مَرْمُوْلٌ
هُوَ عَلَيْهِ (3).
عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
وُلِّيَ وَهْبٌ القَضَاءَ زَمَنَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ، فَلَمْ يُحْمَدْ فَهْمُهُ، فَحَدَّثْتُ بِهِ
مَعْمَراً، فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: وُلِّيَ الحَسَنُ
القَضَاءَ زَمَن عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَلَمْ
يُحْمَدْ فَهْمُهُ (4) .
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ
يَجْلِسُ إِلَى الحَسَنِ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلاَءِ،
فَيَتَكَلَّمُ فِي الخُصُوْصِ حَتَّى نَسَبَتْهُ
القَدَرِيَّةُ إِلَى الجَبْرِ، وَتَكَلَّمَ فِي
الاكْتِسَابِ حَتَّى نَسَبَتْهُ السُّنَّةُ إِلَى
القَدَرِ، كُلُّ ذَلِكَ لافْتِنَانِهِ، وَتَفَاوُتِ
النَّاسِ
__________
(1) " المعرفة والتاريخ " 2 / 47 من طريق سعيد بن أسد عن
ضمرة عن رجل عن ابن عون..وربما يكون الصواب: لو فسروه له.
(2) المعرفة والتاريخ 2 / 48، ولفظه: " فقال: أتنهوني عن
بيع المصحف وقد كان حبرا الأمة..".
(3) المعرفة والتاريخ 2 / 48 والسرير المرمول: الذي نسج
وجهه بالسعف ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير.
انظر اللسان (رمل).
(4) أورده الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 49 بألفاظ
مقاربة، وانظر أخبار القضاة 2 / 7 و8.
(4/582)
عِنْدَهُ، وَتَفَاوُتِهِمْ فِي الأَخْذِ
عَنْهُ، وَهُوَ بَرِيْءٌ مِنَ القَدَرِ، وَمِنْ كُلِّ
بِدْعَةٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ مَرَّ إِثْبَاتُ الحَسَنِ لِلأَقْدَارِ
مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْهُ، سِوَى حِكَايَةِ أَيُّوْبَ
عَنْهُ، فَلَعَلَّهَا هَفْوَةٌ مِنْهُ، وَرَجَعَ عَنْهَا -
وَللهِ الحَمْدُ -.
كَمَا نَقَلَ أَحْمَدُ الأَبَّارُ فِي (تَارِيْخِهِ):
حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بنُ إِهَابٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ
الحَسَنِ، قَالَ:
الخَيْرُ بِقَدَرٍ، وَالشَّرُّ لَيْسَ بِقَدَرٍ.
قُلْتُ: قَدْ رُمِيَ قَتَادَةُ بِالقَدَرِ.
قَالَ غُنْدَرٌ: عَنْ شُعْبَةَ: رَأَيْتُ عَلَى الحَسَنِ
عِمَامَةً سَوْدَاءَ.
وَقَالَ سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: رَأَيْتُ عَلَى الحَسَنِ
طَيْلَسَاناً، كَأَنَّمَا يَجْرِي فِيْهِ المَاءُ،
وَخَمِيْصَةً كَأَنَّهَا خَزٌّ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ الحَسَنُ يَرْوِي بِالمَعْنَى
(1) .
أَيُّوْبُ: قِيْلَ لابْنِ الأَشْعَثِ: إِنَّ سَرَّكَ أَنَّ
يُقْتَلُوا حَوْلَكَ كَمَا قُتِلُوا حَوْلَ جَمَلِ
عَائِشَةَ، فَأَخْرِجِ الحَسَنَ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأَكْرَهَهُ.
قَالَ سُلَيْمُ بنُ أَخْضَرَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ،
قَالُوا لابْنِ الأَشْعَثِ: أَخْرِجِ الحَسَنَ.
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بَيْنَ
الجِسْرَيْنِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، فَغَفِلُوا
عَنْهُ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي نَهْرٍ حَتَّى نَجَا
مِنْهُم، وَكَادَ يَهْلِكُ يَوْمَئِذٍ.
وَقَالَ القَاسِمُ الحُدَّانِيُّ: رَأَيْتُ الحَسَنَ
قَاعِداً فِي أَصْلِ مِنْبَرِ ابْنِ الأَشْعَثِ (2) .
هِشَامٌ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
كَانَ الرَّجُلُ يَطْلُبُ العِلْمَ، فَلاَ يَلْبَثُ أَنْ
يَرَى ذَلِكَ فِي تَخَشُّعِهِ، وَزُهْدِهِ، وَلِسَانِهِ،
وَبَصَرِهِ (3) .
__________
(1) انظر ابن سعد 7 / 158.
(2) ابن سعد 7 / 165.
(3) أورده أحمد في " الزهد " 261 و285 بخلاف يسير.
(4/583)
حَمَّادٌ: سَمِعْتُ ثَابِتاً يَقُوْلُ:
لَوْلاَ أَنْ تَصْنَعُوا بِي مَا صَنَعْتُمْ بِالحَسَنِ،
حَدَّثْتُكُم أَحَادِيْثَ مُوْنِقَةً.
ثُمَّ قَالَ: مَنَعُوْهُ القَائِلَةَ، مَنَعُوْهُ
النَّوْمَ.
حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ: كَانَ الحَسَنُ يَقُوْلُ:
اصْحَبِ النَّاسَ بِمَا شِئْتَ أَنْ تَصَحَبَهُمْ،
فَإِنَّهُم سَيَصْحَبُوْنَكَ بِمِثْلِهِ.
قَالَ أَيُّوْبُ: مَا وَجَدْتُ رِيْحَ مَرْقَةٍ طُبِخَتْ
أَطْيَبَ مِنْ رِيْحِ قِدْرِ الحَسَنِ (1) .
وَقَالَ أَبُو هِلاَلٍ: قَلَّمَا دَخَلْنَا عَلَى
الحَسَنِ، إِلاَّ وَقَدْ رَأَيْنَا قِدْراً يَفُوْحُ
مِنْهَا رِيْحٌ طَيِّبَةٌ.
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بنُ أَبِي
تَمِيْمَةَ:
شَهِدْتُ الحَسَنَ فِي جِنَازَةِ أَبِي رَجَاءٍ عَلَى
بَغْلَةٍ، وَالفَرَزْدَقُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى بَعِيْرٍ،
فَقَالَ لَهُ الفَرَزْدَقُ: قَدِ اسْتَشْرَفَنَا النَّاسُ،
يَقُوْلُوْنَ: خَيْرُ النَّاسِ، وَشَرُّ النَّاسِ.
قَالَ: يَا أَبَا فَرَاسٍ، كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ
ذِي طِمْرَيْنِ خَيْرٌ مِنِّي، وَكَمْ مِنْ شَيْخٍ
مُشْرِكٍ أَنْتَ خَيْرٌ مِنْهُ، مَا أَعْدَدْتَ
لِلْمَوْتِ؟
قَالَ: شَهَادَةَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
قَالَ: إِنَّ مَعَهَا شُرُوْطاً، فَإِيَّاكَ وَقَذْفَ
المُحْصَنَةِ.
قَالَ: هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ؟
قَالَ: نَعَمْ (2) .
ضَمْرَةُ: عَنْ أَصْبَغَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ: مَاتَ
الحَسَنُ، وَتَرَكَ كُتُباً فِيْهَا عِلْمٌ.
مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ
الحُصَيْنِ البَاهِلِيُّ، قَالَ:
بَعَثْتُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ:
ابْعَثْ إِلَيَّ بِكُتُبِ أَبِيْكَ.
فَبَعَثَ إِلَيَّ: أَنَّهُ لَمَّا ثَقُلَ، قَالَ لِي:
اجْمَعْهَا لِي، فَجَمَعْتُهَا لَهُ، وَمَا أَدْرِي مَا
يَصْنَعُ بِهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا، فَقَالَ لِلْخَادِمِ:
اسْجُرِي التَّنُّوْرَ.
ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَأُحْرِقَتْ غَيْرَ صَحِيْفَةٍ
وَاحِدَةٍ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيَّ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ
كَانَ يَقُوْلُ: ارْوِ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيْفَةِ.
ثُمَّ لَقِيْتُهُ بَعْدُ، فَأَخْبَرَنِي بِهِ مُشَافَهَةً
بِمِثْلِ مَا أَدَّى الرَّسُوْلُ (3) .
__________
(1) ابن سعد 7 / 167.
(2) انظر طبقات ابن سلام 335 والكامل للمبرد 1 / 119 وصفحة
255 من هذا الجزء.
(3) ابن سعد 7 / 174، 175 والمنتخب من ذيل المذيل 639.
(4/584)
وَعَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ فِي ذِكْرِ
الثَّمَانِيَةِ مِنَ التَّابِعِيْنَ، قَالَ:
وَأَمَّا الحَسَنُ، فَمَا رَأَيْنَا أَحَداً أَطْوَلَ
حُزْناً مِنْهُ، مَا كُنَّا نَرَاهُ إِلاَّ حَدِيْثَ
عَهْدٍ بِمُصِيْبَةٍ، ثُمَّ قَالَ: نَضْحَكُ وَلاَ نَدْرِي
لَعَلَّ اللهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِنَا.
وَقَالَ: لاَ أَقْبَلُ مِنْكُم شَيْئاً، وَيَحَكَ يَا
ابْنَ آدَمَ! هَلْ لَكَ بِمُحَارِبَةِ اللهِ -يَعْنِي:
قُوَّةً-.
وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَقْوَاماً كَانَتِ الدُّنْيَا
أَهْوَنَ عَلَى أَحَدِهِمْ مِنَ التُّرَابِ تَحْتَ
قَدَمَيْهِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَقْوَاماً يُمْسِي (1)
أَحَدُهُمْ وَلاَ يَجِدُ عِنْدَهُ إِلاَّ قُوْتاً،
فَيَقُوْلُ: لاَ أَجْعَلُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَطْنِي.
فَيَتَصَدَّقُ بِبَعْضِهِ، وَلَعَلَّهُ أَجْوَعُ إِلَيْهِ
مِمَّنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ (2).
قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: لَوْ رَأَيْتَ
الحَسَنَ، لَقُلْتَ: إِنَّكَ لَمْ تُجَالِسْ فَقِيْهاً
قَطُّ.
وَعَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: مَا زَالَ الحَسَنُ يَعِي
الحِكْمَةَ حَتَّى نَطَقَ بِهَا، وَكَانَ إِذَا ذُكِرَ
الحَسَنُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ، قَالَ: ذَاكَ
الَّذِي يُشْبِهُ كَلاَمُهُ كَلاَمَ الأَنْبِيَاءِ (3) .
صَالِحٌ المُرِّيُّ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
ابْنَ آدَمَ، إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ، كُلَّمَا ذَهَبَ
يَوْمٌ، ذَهَبَ بَعْضُكَ (4) .
مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ:
فَضَحَ المَوْتُ الدُّنْيَا، فَلَمْ يَتْرُكْ فِيْهَا
لِذِي لُبٍّ فَرَحاً (5) .
وَرَوَى: ثَابِتٌ، عَنْهُ، قَالَ: ضَحِكُ المُؤْمِنِ
غَفْلَةٌ مِنْ قَلْبِهِ (6) .
__________
(1) في الأصل: " يمشي " بالمعجمة وما أثبتناه من الحلية.
(2) أورده أبو نعيم في الحلية 2 / 134 مطولا.
(3) الحلية 2 / 147، وأورد الفسوي بعضه في " المعرفة
والتاريخ " 2 / 45.
(4) الحلية 2 / 148.
(5) الحلية 2 / 149، وأورده أحمد في " الزهد " 258 من طريق
آخر.
(6) ابن سعد 7 / 170، والحلية 2 / 152، وأورد نحوه أحمد في
" الزهد " 279.
(4/585)
أَبُو نُعَيْمٍ فِي (الحِلْيَةِ (1)):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
الفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا
عِصْمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ الخَزَّازُ (2) ، حَدَّثَنَا
فُضَيْلُ بنُ جَعْفَرٍ، قَالَ:
خَرَجَ الحَسَنُ مِنْ عِنْدِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَإِذَا
هُوَ بِالقُرَّاءِ عَلَى البَابِ، فَقَالَ: مَا
يُجْلِسُكُمْ هَا هُنَا، تُرِيْدُوْنَ الدُّخُوْلَ عَلَى
هَؤُلاَءِ الخُبَثَاءِ، أَمَا وَاللهِ مَا مُجَالَسَتُهُمْ
مُجَالَسَةُ الأَبرَارِ، تَفَرَّقُوا، فَرَّقَ اللهُ
بَيْنَ أَرْوَاحِكُم وَأَجَسَادِكُم، قَدْ فَرْطَحْتُم (3)
نِعَالَكُم، وَشَمَّرْتُم ثِيَابَكُم، وَجَزَزْتُم
شُعُوْرَكُم، فَضَحْتُمُ القُرَّاءَ، فَضَحَكُمُ اللهُ،
وَاللهِ لَوْ زَهِدْتُم فِيْمَا عِنْدَهُم، لَرَغِبُوا
فِيْمَا عِنْدَكُم، وَلَكِنَّكُم رَغِبْتُم فِيْمَا
عِنْدَهُم، فَزَهِدُوا فِيْكُم، أَبْعَدَ اللهُ مَنْ
أَبْعَدَ.
وَعَنِ الحَسَنِ، قَالَ: ابْنَ آدَم، السِّكِّيْنُ
تُحَدُّ، وَالكَبْشُ يُعْلَفُ، وَالتَّنُّوْرُ يُسْجَرُ
(4) .
ابْنُ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بنُ صُبَيْحٍ،
عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
المُؤْمِنُ مَنْ عَلِمَ أَنَّ مَا قَالَ اللهُ كَمَا
قَالَ، وَالمُؤْمِنُ أَحْسَنُ النَّاسِ عَمَلاً، وَأَشَدُّ
النَّاسِ وَجَلاً، فَلَو أَنْفَقَ جَبَلاً مِنْ مَالٍ، مَا
أَمِنَ دُوْنَ أَنْ يُعَايِنَ، لاَ يَزْدَادُ صَلاَحاً
وَبِرّاً إِلاَّ ازْدَادَ فَرَقاً، وَالمُنَافِقُ
يَقُوْلُ: سَوَادُ النَّاسِ كَثِيْرٌ، وَسَيُغْفَرُ لِي،
وَلاَ بَأْسَ عَلَيَّ، فَيُسِيْءُ العَمَلَ، وَيَتَمَنَّى
عَلَى اللهِ (5) .
الطَّيَالِسِيُّ فِي (المُسْنَدِ (6)) الَّذِي
سَمِعْنَاهُ: حَدَّثَنَا جَسْرٌ أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ
الحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ الْتِمَاسَ وَجْهِ
اللهِ، غُفِرَ لَهُ).
__________
(1) 2 / 150، 151.
(2) في الحلية: " الحراني " وهو تصحيف.
انظر ترجمته في الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد
الثالث 20.
(3) كل شيء عرضته فقد فرطحته.
(4) الحلية 2 / 152 والزهد لأحمد 270.
(5) الحلية 2 / 153 ولفظه: " فينسئ العمل ".
(6) 2 / 23، وجسر ضعيف، والحسن مدلس وقد عنعن.
(4/586)
رَوَاهُ: يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ،
وَغَيْرُهُ، عَنِ الحَسَنِ.
خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا صَالِحٌ المُرِّيُّ، عَنْ
يُوْنُسَ، قَالَ:
لَمَّا حَضَرَتِ الحَسَنَ الوَفَاةُ، جَعَلَ يَسْتَرْجِعُ،
فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُهُ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ، قَدْ
غَمَمْتَنَا، فَهَلْ رَأَيْتَ شَيْئاً؟
قَالَ: هِيَ نَفْسِي، لَمْ أُصَبْ بِمِثْلِهَا.
قَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: كُنَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ
عَشِيَّةَ يَوْمِ الخَمِيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ
بَعْدَ العَصْرِ، فَقَالَ: مَاتَ الحَسَنُ.
فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ، وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ،
وَأَمْسَكَ عَنِ الكَلاَمِ، فَمَا تَكَلَّمَ حَتَّى
غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَأَمْسَكَ القَوْمُ عَنْهُ مِمَّا
رَأَوْا مِنْ وَجْدِهِ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَمَا عَاشَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ بَعْدَ
الحَسَنِ إِلاَّ مائَةَ يَوْمٍ.
قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: مَاتَ الحَسَنُ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ
عَشْرٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ: إِنَّ أَبَاهُ عَاشَ
نَحْواً مِنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ، وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ
مَشْهُوْدَةً، صَلَّوْا عَلَيْهِ عَقِيْبَ الجُمُعَةِ
بِالبَصْرَةِ، فَشَيَّعَهُ الخَلْقُ، وَازْدَحَمُوا
عَلَيْهِ، حَتَّى إِنَّ صَلاَةَ العَصْرِ لَمْ تُقَمْ فِي
الجَامِعِ.
وَيُرْوَى: أَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ
إِفَاقَةً، فَقَالَ: لَقَدْ نَبَّهْتُمُوْنِي مِنْ
جَنَّاتٍ وَعُيُوْنٍ، وَمَقَامٍ كَرِيْمٍ.
قُلْتُ: اخْتَلَفَ النُّقَّادُ فِي الاحْتِجَاجِ
بِنُسْخَةِ الحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَهِيَ نَحْوٌ مِنْ
خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً، فَقَدْ ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ
سَمُرَةَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيْثَ
العَقِيْقَةِ (1) .
وَقَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ،
حَدَّثَنِي الحَسَنُ، عَنْ هَيَّاجِ بنِ
__________
(1) انظر تخريج حديث العقيقة ص 567 حاشية (3).
(4/587)
عِمْرَانَ البُرْجُمِيِّ:
أَنَّ غُلاَماً لَهُ أَبَقَ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ إِنْ
قَدِرَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ، فَلَمَّا قَدِرَ
عَلَيْهِ، بَعَثَنِي إِلَى عِمْرَانَ، فَسَأَلْتُهُ،
فَقَالَ: أَخْبِرْهُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى
الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ المُثْلَةِ، فَلْيُكَفِّرْ
عَنْ يَمِيْنِهِ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ غُلاَمِهِ.
قَالَ: وَبَعَثنِي إِلَى سَمُرَةَ، فَقَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ
المُثْلَةِ، لِيُكَفِّرْ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَيَتَجَاوَزْ
عَنْ غُلاَمِهِ.
قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا أَعْرَضَ أَهْلُ الصَّحِيْحِ عَنْ
كَثِيْرٍ مِمَّا يَقُوْلُ فِيْهِ الحَسَنُ عَنْ فُلاَنٍ،
وَإِنْ كَانَ مِمَّا قَدْ ثَبَتَ لُقِيُّهُ فِيْهِ
لِفُلاَنٍ المُعَيَّنِ، لأَنَّ الحَسَنَ مَعْرُوْفٌ
بِالتَّدْلِيْسِ، وَيُدَلِّسُ عَنِ الضُّعَفَاءِ،
فَيَبْقَى فِي النَّفْسِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّنَا وَإِنْ
ثَبَّتْنَا سَمَاعَهُ مِنْ سَمُرَةَ، يَجُوْزُ أَنْ
يَكُوْنَ لَمْ يَسْمَعْ فِيْهِ غَالِبَ النُّسْخَةِ
الَّتِي عَنْ سَمُرَةَ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
224 - سَعِيْدُ بنُ أَبِي الحَسَنِ يَسَارٍ البَصْرِيُّ *
(ع)
أَخُو الحَسَنِ البَصْرِيِّ، مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ
(1) .
حَدَّثَ عَنْ: أُمِّهِ؛ خَيْرَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ،
وَأَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ،
وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَعَلِيُّ
بنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 178، طبقات خليفة ت 1727، الزهد
لأحمد 287، تاريخ البخاري 3 / 462، الجرح والتعديل القسم
الأول من المجلد الثاني 72، تهذيب الكمال ص 486، تاريخ
الإسلام 4 / 7 و119، تذهيب التهذيب 2 / 15 ب، تهذيب
التهذيب 4 / 16، خلاصة تذهيب التهذيب 137.
(1) في الأصل الذي اعتمدناه، خرم يبدأ من هنا إلى آخر
المجلد، وقد اعتمدنا النسخة الثانية لأحمد الثالث لاكمال
هذا الخرم، وهي لا ترقى إلى الأصل الذي اعتمدناه من حيث
الضبط وسلامة النص.
فلذا اضطررنا إلى مقابلة النصوص جميعها على المصادر التي
نقل عنها المؤلف ما وجدنا إلى ذلك سبيلا.
(4/588)
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ،
وَلَمَّا تُوُفِّيَ حَزِنَ عَلَيْهِ أَخُوْهُ، وَبَكَى.
قِيْلَ: مَاتَ قَبْلَهُ بِعَامٍ، وَالصَّحِيْحُ أَنَّهُ
مَاتَ سَنَةَ مائَةٍ، وَكَانَ يُسَمَّى رَاهِباً
لِدِيْنِهِ (1) -رَحِمَهُ اللهُ-.
حَدِيْثُهُ فِي الدَّوَاوِيْنِ كُلِّهَا - وَاللهُ
أَعْلَمُ -.
225 - الأَخْطَلُ غِيَاثُ بنُ غَوْثٍ التَّغْلِبِيُّ
النَّصْرَانِيُّ *
شَاعِرُ زَمَانِهِ، وَاسْمُهُ: غِيَاثُ بنُ غَوْثٍ
التَّغْلِبِيُّ، النَّصْرَانِيُّ.
قِيْلَ لِلْفَرَزْدَقِ: مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ؟
قَالَ: كَفَاكَ بِي إِذَا افْتَخَرْتُ، وَبِجَرِيْرٍ إِذَا
هَجَا، وَبِابْنِ النَّصْرَانِيَّةِ إِذَا امْتَدَحَ.
وَكَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ يُجْزِلُ عَطَاءَ
الأَخْطَلِ، وَيُفَضِّلُهُ فِي الشِّعْرِ عَلَى غَيْرِهِ.
وَلِلأُخَيْطِلِ (2) :
وَالنَّاسُ هَمُّهُمُ الحَيَاةُ، وَلاَ أَرَى ... طُوْلَ
الحَيَاةِ يَزِيْدُ غَيْرَ خَبَالِ
وَإِذَا افْتَقَرْتَ إِلَى الذَّخَائِرِ لَمْ تَجِدْ ...
ذُخْراً يَكُوْنُ كَصَالِحِ الأَعْمَالِ (3)
وَقِيْلَ: إِنَّ الأَخْطَلَ قَيَّدَهُ الأُسْقُفُّ،
وَأَهَانَهُ، فَلِيْمَ فِي صَبْرِهِ لَهُ، فَقَالَ:
إِنَّهُ الدِّيْنُ، إِنَّهُ الدِّيْنُ (4) .
وَقَدْ حَصَّلَ أَمْوَالاً جَزِيْلَةً مِنْ بَنِي
أُمَيَّةَ، وَمَاتَ قَبْلَ الفَرَزْدَقِ بِسَنَوَاتٍ.
__________
(1) في الأصل:: راهب المدينة، والراهب: المتعبد، هو من
الرهبة، الخوف.
(*) طبقات ابن سلام 1 / 451، الشعر والشعراء 393، الاغاني
7 / 169، سمط اللآلي 44، تاريخ ابن عساكر 14 / 73 آ، تاريخ
الإسلام 3 / 337، شرح شواهد المغني 46، خزانة الأدب
(بتحقيق هارون) 1 / 459.
(2) في الأصل " للاخطيل " وهو تحريف.
(3) البيتان في ديوانه 248 وتاريخ الإسلام 3 / 337.
وعزاهما الطبري في تاريخه 6 / 186 لابن مقبل، وأورد الثاني
منهما ابن سلام في طبقاته 1 / 493 وكذا أبو الفرج في
أغانيه ط دار الكتب 8 / 310 وابن عساكر 14 / 73 ب، 77 آ.
وعزاه المبرد في " الكامل " 2 / 14 للخليل بن أحمد.
والمرجح أنهما من قصيدة للاخطل.
(4) انظر الخبر مفصلا في طبقات ابن سلام 1 / 490.
(4/589)
226 - الفَرَزْدَقُ أَبُو فِرَاسٍ هَمَّامُ
بنُ غَالِبٍ التَّمِيْمِيُّ *
شَاعِرُ عَصْرِهِ، أَبُو فِرَاسٍ هَمَّامُ بنُ غَالِبِ بنِ
صَعْصَعَةَ بنِ نَاجِيَةَ التَّمِيْمِيُّ، البَصْرِيُّ.
أَرْسَلَ عَنْ: عَلِيٍّ.
وَيَرْوِي عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالحُسَيْنِ، وَابْنِ
عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: الكُمَيْتُ، وَمَرْوَانُ الأَصْفَرُ، وَخَالِدٌ
الحَذَّاءُ، وَأَشْعَثُ الحُمْرَانِيُّ، وَالصَّعِقُ بنُ
ثَابِتٍ، وَابْنُهُ؛ لَبَطَةُ (1) ، وَحَفِيْدُهُ؛
أَعْيَنُ بنُ لَبَطَةَ.
وَفَدَ عَلَى الوَلِيْدِ، وَعَلَى سُلَيْمَانَ،
وَمَدَحَهُمَا.
وَنَظْمُهُ فِي الذِّرْوَةِ.
كَانَ وَجْهُهُ كَالفَرَزْدَقِ، وَهِيَ الطُّلْمَةُ (2)
الكَبِيْرَةُ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ، فَكَانَ أَشْعَرَ
أَهْلِ زَمَانِهِ مَعَ جَرِيْرٍ وَالأَخْطَلِ
النَّصْرَانِيِّ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَةٍ مِنَ
الأَعْيَانِ مَعَ الحَسَنِ البَصْرِيِّ:
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَأَبُو
الطُّفَيْلِ عَامِرُ بنُ وَاثِلَةَ - فِي قَوْلٍ -
وَجَرِيْرُ بنُ الخَطَفَى التَّمِيْمِيُّ الشَّاعِرُ،
وَنُعَيْمُ بنُ أَبِي هِنْدٍ الأَشْجَعِيُّ الكُوْفِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ
اللهِ التَّمِيْمِيُّ.
227 - جَرِيْرٌ أَبُو حَزْرَةَ بنُ عَطِيَّةَ بنِ
الخَطَفَى التَّمِيْمِيُّ **
شَاعِرُ زَمَانِهِ، أَبُو حَزْرَةَ جَرِيْرُ بنُ عَطِيَّةَ
بنِ الخَطَفَى التَّمِيْمِيُّ، البَصْرِيُّ.
__________
(*) طبقات ابن سلام 1 / 299، الشعر والشعراء 381، الاغاني
8 / 186 و19 / 3، معجم المرزباني 465، المبهج 50، سمط
اللآلي 44، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء
الثاني 280، وفيات الأعيان 6 / 86، تاريخ الإسلام 4 / 178،
مرآة الجنان 1 / 238، سرح العيون 389 و464، البداية
والنهاية 9 / 265، النجوم الزاهرة 1 / 268، شذرات الذهب 1
/ 141، خزانة الأدب (بتحقيق هارون) 1 / 217.
(1) لبطة: من قولهم تلابط القوم بالسيوف إذا تضاربوا.
(الاشتقاق) 240.
(2) في الأصل: " الظلمة " بالمعجمة تصحيف، وهي الخبزة،
ولفظ المؤلف في تاريخه: " وهو الرغيف الضخم ".
(* *) طبقات ابن سلام 1 / 374، الشعر والشعراء 374،
الاغاني 7 / 38، سمط اللآلي =
(4/590)
مَدَحَ يَزِيْدَ بنَ مُعَاوِيَةَ،
وَخُلَفَاءَ بَنِي أُمَيَّةَ، وَشِعْرُهُ مُدَوَّنٌ.
عَنْ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيْراً
وَمَا تُضَمُّ شَفَتَاهُ مِنَ التَّسْبِيْحِ.
قُلْتُ: هَذَا حَالُكَ وَتَقْذِفُ المُحْصنَاتِ!
فَقَالَ: {إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}
[هُوْدٌ: 115] وَعْدٌ مِنَ اللهِ حَقٌّ.
وَعَنْ بَشَّارٍ الأَعْمَى، قَالَ: أَهْلُ الشَّامِ
أَجْمَعُوا عَلَى جَرِيْرٍ وَالفَرَزْدَقِ وَالأَخْطَلِ
النَّصْرَانِيِّ.
قُلْتُ: فَضَّلَ جَرِيْراً عَلَى الفَرَزْدَقِ جَمَاعَةٌ.
وَرَوَى يُوْنُسُ بنُ حَبِيْبٍ: أَنَّ الفَرَزْدَقَ قَالَ
لامْرَأَتِهِ نَوَارٍ: أَنَا أَشْعَرُ أَمِ ابْنُ
المَرَاغَةِ؟
قَالَتْ: غَلَبَكَ عَلَى حُلْوِهِ، وَشَرِكَكَ فِي
مُرِّهِ.
وَقَالَ مَرْوَانُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ:
ذَهَبَ الفَرَزْدَقُ بِالفَخَارِ، وَإِنَّمَا ... حُلْوُ
القَرِيْضِ وَمُرُّهُ لِجَرِيْرِ
وَقِيْلَ: كَانَ جَرِيْرٌ عَفِيْفاً، مُنِيْباً.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ عَشْرٍ بَعْدَ الفَرَزْدَقِ بِشَهْرٍ،
وَتَرْجَمَتُهُ فِي (تَارِيْخِ دِمَشْقَ (1)) فِي
كُرَّاسَيْنِ.
228 - بُشَيْرُ بنُ يَسَارٍ المَدَنِيُّ * (ع)
مَدَنِيٌّ، إِمَامٌ، ثِقَةٌ، مِنْ مَوَالِي الأَنْصَارِ،
وَمَا هُوَ بِأَخِي عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، وَلاَ
سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ.
__________
= 292، شرح المقامات الحريرية 2 / 349، وفيات الأعيان 1 /
321، تاريخ الإسلام 4 / 95، مرآة الجنان 1 / 235، البداية
والنهاية 9 / 260 النجوم الزاهرة 1 / 269، شرح شواهد
المغني 1 / 45، شذرات الذهب 1 / 140، خزانة الأدب 1 / 36.
(1) يبدو أن ترجمة جرير تقع في القسم المفقود ما بين "
جبريل - جعونة " من تاريخ ابن عساكر.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 303، طبقات خليفة ت 2155، 2225،
تاريخ البخاري 2 / 132، الجرح والتعديل القسم الأول من
المجلد الأول 394، تهذيب الأسماء واللغات القسم =
(4/591)
وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ (1) : كَانَ فَقِيْهاً، أَدْرَكَ
عَامَّةَ الصَّحَابَةِ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْ: سُوَيْدِ بنِ النُّعْمَانِ،
وَمُحَيَّصَةَ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَسَهْلِ بنِ أَبِي
حَثْمَةَ، وَرَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ.
لَهُ: أَحَادِيْثُ.
رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَرَبِيْعَةُ
الرَّأْيُ، وَالوَلِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ،
وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ بِضْعٍ (2) وَمائَةٍ - وَاللهُ أَعْلَمُ
-.
229 - بُسْرُ (3) بنُ عُبَيْدِ اللهِ الحَضْرَمِيُّ(ع)
الفَقِيْهُ، شَامِيٌّ، جَلِيْلٌ، ثِقَةٌ.
يَرْوِي عَنْ: وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ، وَرُوَيْفِعٍ،
وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ،
وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، وَزَيْدُ بنُ وَاقِدٍ، وَابْنُ
زَبْرٍ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: هُوَ أَحْفَظُ أَصْحَابِ أَبِي
إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ.
قُلْتُ: عَاشَ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَةٍ،
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ دِمَشْقَ.
تُوُفِّيَ: فِي خِلاَفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
__________
= الأول من الجزء الأول 134، تهذيب الكمال ص 157، تاريخ
الإسلام 4 / 93، العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 1 / 87 آ،
تهذيب التهذيب 1 / 472، خلاصة تذهيب التهذيب 51.
(1) في الطبقات 5 / 303.
(2) وفي العبر ذكره المؤلف مع من توفي بعد المئة.
(3) في الأصل " بشر " بالمعجمة تصحيف.
(*) تاريخ البخاري 2 / 124، الجرح والتعديل القسم الأول من
المجلد الأول 423، تهذيب الكمال ص 146، تاريخ الإسلام 4 /
93، تذهيب التهذيب 1 / 82 ب، تهذيب التهذيب 1 / 438.
خلاصة تذهيب التهذيب 47.
(4/592)
230 - الأَحْوَصُ الشَّاعِرُ * أَبُو
عَاصِمٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ
ابْنِ صَاحِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَاصِمِ بنِ ثَابِتٍ... ابْنِ ثَابِتِ بن أَبِي
الأَقْلَحِ الأَنْصَارِيُّ، الَّذِي نَفَاهُ عُمَرُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ إِلَى جَزِيْرَةِ دَهْلَكَ (1) ؛
لِكَثْرَةِ هَجْوِهِ.
وَقِيْلَ: نَفَاهُ سُلَيْمَانُ الخَلِيْفَةُ؛ لِكَوْنِهِ
شَبَّبَ بِعَاتِكَةَ بِنْتِ يَزِيْدَ، بِقَوْلِهِ:
يَا بَيْتَ عَاتِكَةَ الَّذِي أَتَعَزَّلُ ... حَذَرَ
العِدَى، وَبِهِ الفُؤَادُ مُوَكَّلُ
إِنِّي لأَمْنَحُكَ الصُّدُوْدَ، وَإِنَّنِي ... - قَسَماً
إِلَيْكِ - مَعَ الصُّدُوْدِ لأَمْيَلُ (2)
231 - يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ أَبُو العَلاَءِ بنُ
دِيْنَارٍ الثَّقَفِيُّ **
أَمِيْرُ المَغْرِبِ، أَبُو العَلاَءِ بنُ دِيْنَارٍ
الثَّقَفِيُّ، مَوْلَى الحَجَّاجِ، وَكَاتِبُهُ،
وَمُشِيْرُهُ.
اسْتَخْلَفَهُ الحَجَّاجُ عِنْدَ مَوْتِهِ عَلَى أَمْوَالِ
الخَرَاجِ، فَضَبَطَ ذَلِكَ، وَأَقَرَّهُ الوَلِيْدُ،
حَتَّى لَقَدْ قَالَ: مَثَلِي وَمَثَلُ الحَجَّاجِ وَأَبِي
العَلاَءِ، كَمَنْ ضَاعَ مِنْهُ دِرْهَمٌ فَوَجَدَ
دِيْنَاراً.
ثُمَّ وَلِيَ الخِلاَفَةَ سُلَيْمَانُ، فَطُلِبَ أَبُو
العَلاَءِ فِي غُلٍّ، وَكَانَ قَصِيْراً، دَمِيْماً،
كَبِيْرَ البَطْنِ، مُشَوَّهاً، فَنَظَر إِلَيْهِ
سُلَيْمَانُ، فَقَالَ: لَعَنَ اللهُ مَنْ وَلاَّكَ.
قَالَ: لاَ تَفْعَلْ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ،
فَإِنَّك رَأَيْتَنِي وَالأُمُوْرُ مُدْبِرَةٌ عَنِّي،
فَلَوْ رَأَيْتَنِي فِي الإِقْبَالِ، لاسْتَعْظَمْتَ مَا
اسْتَحْقَرْتَ.
فَقَالَ: قَاتَلَهُ اللهُ، مَا أَسَدَّ (3) عَقْلَهُ.
ثُمَّ
__________
(*) طبقات ابن سلام 655، الشعر والشعراء 424، الاغاني 4 /
40 و6 / 53، الموشح 231، المبهج 23، سمط اللآلي 73، تاريخ
الإسلام 4 / 91، خزانة الأدب (بتحقيق هارون) 2 / 16.
(1) دهلك: جزيرة في بحر اليمن، وهو مرسى بين بلاد اليمن
والحبشة.
(2) البيتان من قصيدة يمدح بها عمر بن عبد العزيز حينما
كان أمير المدينة.
انظر: الاغاني ط الدار
21 / 97 - 101.
(* *) تاريخ الطبري 6 / 617، الكامل لابن الأثير 5 / 101،
تاريخ ابن عساكر 18 / 193 ب، وفيات الأعيان 6 / 309، تاريخ
الإسلام 4 / 215، مرآة الجنان 1 / 212، النجوم الزاهرة 1 /
245، شذرات الذهب 1 / 124، الاستقصا 1 / 46، رغبة الآمل 5
/ 167، 169.
(3) في الأصل: " ما أشد " بالمعجمة، تصحيف، وما أثبتناه من
وفيات الأعيان 6 / 310.
(4/593)
قَالَ: أَتَرَى الحَجَّاجَ يَهْوِي بَعْدُ
فِي جَهَنَّمَ، أَوْ بَلَغَ قَعْرَهَا؟
قَالَ: لاَ تَقُلْ ذَاكَ، فَإِنَّهُ يُحْشَرُ مَعَ مَنْ
وَلاَّهُ.
فَقَالَ: مِثْلُ هَذَا فَلْيُصْطَنَعْ.
ثُمَّ إِنَّهُ كَشَفَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَجِدْهُ خَانَ فِي
دِرْهَمٍ، وَهَمَّ باسْتِكْتَابِهِ، ثُمَّ أَمَّرَهُ عَلَى
إِفْرِيْقِيَةَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، فَثَارَتْ
عَلَيْهِ الخَوَارِجُ، فَفَتَكُوا بِهِ؛ لِظُلْمِهِ،
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمائَةٍ.
232 - أَبُو بَحْرِيَّةَ * عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسٍ
الكِنْدِيُّ (4)
التَّرَاغِمِيُّ، الحِمْصِيُّ، مِنْ كِبَارِ
التَّابِعِيْنَ، شَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالجَابِيَةِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ،
وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، وَيَزِيْدُ بنُ
قُطَيْبٍ، وَضَمْرَةُ بنُ حَبِيْبٍ، وَيُوْنُسُ بنُ
مَيْسَرَةَ، وَابْنُهُ؛ بَحْرِيَّةُ بنُ عَبْدِ اللهِ،
وَأَبُو ظَبْيَةَ الكَلاَعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
مَرْيَمَ، وَغَيْرُهُم.
وَكَانَ عَالِماً، فَاضِلاً، نَاسِكاً، مُجَاهِداً.
عَنِ الوَاقِدِيِّ: أَنَّ عُثْمَانَ كَتَبَ إِلَى
مُعَاوِيَةَ:
أَنْ أَغْزِ الصَّائِفَةَ رَجُلاً مَأْمُوْناً عَلَى
المُسْلِمِيْنَ، رَفِيْقاً بِسِيَاسَتِهِم.
فَعَقَدَ لأَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسٍ -
وَكَانَ فَقِيْهاً، نَاسِكاً، يُحْمَلُ عَنْهُ الحَدِيْثُ
- حَتَّى مَاتَ فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ.
وَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ وَخُلَفَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ
يُعَظِّمُوْنَهُ.
233
- بُسْرُ (1) بنُ سَعِيْدٍ المَدَنِيُّ مَوْلَى بَنِي
الحَضْرَمِيِّ * (ع)
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، المَدَنِيُّ، مَوْلَى بَنِي
الحَضْرَمِيِّ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 442، تاريخ البخاري 5 / 171،
المعرفة والتاريخ 2 / 313، الكنى 1 / 125، الجرح والتعديل
القسم الثاني من المجلد الثاني 138، تاريخ ابن عساكر صل 27
ب تهذيب الكمال ص 725، 1578، تاريخ الإسلام 4 / 72، تذهيب
التهذيب 2 / 174 آ، غاية النهاية ت 1850، الاصابد كنى ت
148، تهذيب التهذيب 5 / 364، خلاصة تذهيب التهذيب 210.
(1) في الأصل: " بشر " بالمعجمة وكذا في سائر الترجمة وهو
تصحيف.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 281، طبقات خليفة ت 2156، 2228
تاريخ البخاري =.
(4/594)
حَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ،
وَسَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ،
وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، وَسَالِمٌ
أَبُو النَّضْرِ، وَبُكَيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
الأَشَجِّ، وَأَخُوْهُ؛ يَعْقُوْبُ، وَزَيْدُ بنُ
أَسْلَمَ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ (1) : كَانَ مِنَ العُبَّادِ
المُنْقَطِعِيْنَ، وَالزُّهَّادِ، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
وَرُوِيَ: أَنَّ الوَلِيْدَ سَأَلَ عُمَرَ بنَ عَبْدِ
العَزِيْزِ: مَنْ أَفَضْلُ أَهْلِ زَمَانِهِ
بِالمَدِيْنَةِ؟
فَقَالَ: مَوْلَىً لِبَنِي الحَضْرَمِيِّ، يُقَالُ لَهُ:
بُسْرٌ.
وَيُقَالُ: إِنَّ رَجُلاً وَشَى عَلَى بُسْرٍ عِنْدَ
الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ: بِأَنَّهُ يَعِيْبُكُم.
قَالَ: فَأَحْضَرَهُ، وَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لَمْ أَقُلْهُ،
اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ صَادِقاً، فَأَرِنِي بِهِ آيَةً.
فَاضْطَّرَبَ الرَّجُلُ حَتَّى مَاتَ.
قَالَ مَالِكٌ: تُوُفِّيَ بُسْرٌ -رَحِمَهُ اللهُ- فَمَا
خَلَّفَ كَفَناً.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مائَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو
نُعَيْمٍ فِي (الحِلْيَةِ)، كَأَنَّهُ نَسِيَهُ.
234 - سَبَلاَنُ سَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى
النَّصْرِيِّيْنَ * (م، د، س، ق)
وهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى المَهْرِيِّ (2) ، وَهُوَ
__________
= 2 / 123 المعرفة والتاريخ 1 / 422، الجرح والتعديل القسم
الأول من المجلد الأول 423، تهذيب الكمال ص 145، تاريخ
الإسلام 3 / 345، العبر 1 / 119، تذهيب التهذيب 1 / 82 آ،
تهذيب التهذيب 1 / 437، خلاصة تذهيب التهذيب 47.
(1) في الطبقات 5 / 282.
(*) طبقات ابن سعد 5 / 301، طبقات خليفة ت 2166، تاريخ
البخاري 4 / 109، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد
الثاني 184، تهذيب الكمال ص 464، تاريخ الإسلام 4 / 117،
تذهيب التهذيب 2 / 3 ب، تهذيب التهذيب 3 / 438، خلاصة
تذهيب التهذيب 131.
(2) في الأصل: " النهري " وفي التاريخ للمؤلف " المهدي "
وكلاهما تصحيف، وما أثبتناه من التهذيب.
(4/595)
سَالِمٌ الدَّوْسِيُّ (1) ، وَهُوَ سَالِمٌ
مَوْلَى أَوْسِ بنِ الحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ، وَهُوَ
سَالِمٌ مَوْلَى شَدَّادِ بنِ الهَادِ.
كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ المَدِيْنَةِ.
رَوَى عَنْ: سَعْدِ (2) بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ،
وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: سَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، وَأَبُو الأَسْوَدِ
اليَتِيْمُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو،
وَآخَرُوْنَ.
وُثِّقَ، وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.
235 - سُلَيْمَانُ بنُ قَتَّةَ التَّيْمِيُّ * مَوْلاَهُم
البَصْرِيُّ
المُقْرِئُ، مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ.
عَرَضَ خَتْمَةً عَلَى: ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرِو بنِ العَاصِ.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ: عَاصِمٌ الجَحْدَرِيُّ (3) .
وَحَدَّثَ عَنْهُ: مُوْسَى بنُ أَبِي عَائِشَةَ،
وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَأَبَانُ بنُ أَبِي عَيَّاشٍ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَقَتَّةُ: هِيَ أُمُّهُ.
__________
(1) في الأصل: " السدوسي " وكذا في تاريخ المؤلف وهو
تصحيف، وما أثبتناه من تاريخ البخاري والجرح والتعديل
والتهذيب.
(2) في الأصل: " سعيد " تصحيف.
وما بين الحاصرتين من تاريخ الإسلام.
(*) تاريخ البخاري 4 / 32، الجرح والتعديل القسم الأول من
المجلد الثاني 136، المبهج 44 تاريخ الإسلام 4 / 120، غاية
النهاية ت 1385، تعجيل المنفعة 167 وفيه قنة مصحف، تبصير
المنتبه 1122، تاج العروس (قتت).
(3) في الأصل: " الحجازي " وهو تصحيف.
وما أثبتناه من الميزان وتاريخ الإسلام للمؤلف وتعجيل
المنفعة، وغاية النهاية.
(4/596)
236 - زِيَادٌ الأَعْجَمُ بنُ سُلَيْمٍ
العَبْدِيُّ مَوْلاَهُم * (د، ت، ق)
مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ.
وَهُوَ أَبُو أُمَامَةَ زِيَادُ بنُ سُلَيْمٍ العَبْدِيُّ
مَوْلاَهُم.
وَكَانَ فِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ.
رَوَى عَنْ: أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَشَهِدَ مَعَهُ
فَتْحَ إِصْطَخْرَ (1) ، وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمْرٍو.
وَحَدِيْثُهُ فِي السُّنَنِ.
رَوَى عَنْهُ: طَاوُوْسٌ، وَهِشَامُ بنُ قَحْذَمٍ (2) ،
وَأَخُوْهُ؛ المُحَبِّرُ بنُ قَحْذَمٍ (2) .
امْتَدَحَ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ، وَرَثَى
المُهَلَّبَ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
خَرَّجَ لَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ
مَاجَه - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
237 - الرَّاعِي أَبُو جَنْدَلٍ عُبَيْدُ بنُ حُصَيْنٍ
النُّمَيْرِيُّ **
مِنْ كِبَارِ الشُّعَرَاءِ، أَبُو جَنْدَلٍ عُبَيْدُ بنُ
حُصَيْنٍ النُّمَيْرِيُّ، الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ
جَرِيْرٌ:
__________
(*) طبقات فحول الشعراء 693، الشعر والشعراء 343، الاغاني
14 / 102 وفيه زياد بن سليمان، معجم الأدباء 11 / 168،
وفيه زياد بن سلمى، تاريخ ابن عساكر 6 / 237 ب، تاريخ
الإسلام 4 / 113، العبر 1 / 123، شرح شواهد المغني 206،
خزانة الأدب 4 / 193، شذرات الذهب 1 / 123، تهذيب ابن
عساكر 5 / 404، تهذيب التهذيب 3 / 370.
(1) إصطخر: بلدة بفارس، من أعيان حصون فارس ومدنها وكورها،
قيل: كان أول من أنشأها إصطخر بن طهمورث ملك الفرس. انظر
معجم البلدان.
(2) في الأصل " محذم " وهو تصحيف.
(* *) طبقات فحول الشعراء 502، الاغاني 20 / 168، المؤتلف
والمختلف 122، سمط اللآلي 50، تاريخ ابن عساكر 11 / 6 آ،
تاريخ الإسلام 4 / 111، شرح شواهد المغني 336، خزانة الآدب
1 / 504.
(4/597)
فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ
... فَلاَ كَعْباً بَلَغْتَ وَلاَ كِلاَبَا (1)
وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِالرَّاعِي؛ لِكَثْرَةِ مَا يَصِفُ
الإِبِلَ فِي شِعْرِهِ.
امْتَدَحَ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوَانَ، وَلَهُ فِي
ابْنِ الرِّقَاعِ العَامِلِيِّ:
لَوْ كُنْتُ مِنْ أَحَدٍ يُهْجَى هَجَوْتُكُمُ ... يَا
ابْنَ الرِّقَاعِ، وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أَحَدِ
تَأْبَى قُضَاعَةُ أَنْ تَعْرِفْ لَكُم نَسَباً ...
وَابْنَا نِزَارٍ فَأَنْتُم بَيْضَةُ البَلَدِ (2)
وَهُوَ القَائِلُ:
إِنَّ الزَّمَانَ الَّذِي نَرْجُوْ هَوَادِيَهُ ...
يَأْتِي عَلَى الحَجَرِ القَاسِي فَيَنْفَلِقُ
مَا الدَّهْرُ لِلنَّاسِ إِلاَّ مِثْلُ وَارِدَةٍ ...
إِذَا مَضَى عُنُقٌ مِنْهَا بَدَا عُنُقُ (3)
238 - الضَّحَّاكُ بنُ مُزَاحِمٍ * الهِلاَلِيُّ (4)
أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيْلَ: أَبُو القَاسِمِ، صَاحِبُ
(التَّفْسِيْرِ).
كَانَ مِنْ أَوعِيَةِ العِلْمِ، وَلَيْسَ بِالمُجَوِّدِ
لِحَدِيْثِهِ، وَهُوَ صَدُوْقٌ فِي نَفْسِهِ.
وَكَانَ لَهُ أَخَوَانِ: مُحَمَّدٌ، وَمُسْلِمٌ، وَكَانَ
يَكُوْنُ بِبَلْخٍ وَبِسَمَرْقَنْدَ.
__________
(1) البيت في ديوانه 821 والكامل 1 / 340 والخزانة 4 /
595، وفيه (فغض) بتثليث الضاد.
(2) روي البيتان في كتب كثيرة منها طبقات ابن سلام 503،
504 والاغاني ط دار الثقافة 23 / 361 ولفظه: " لم تعرف لكم
نسبا " وكذا اللسان (بيض)، والديوان 64 وروايته: " أن ترضى
لكم نسبا " ورواية المؤلف في تاريخه: " أن يعزى لكم ".
(3) البيتان في شعره ص 105، وخاص الخاص للثعالبي 84.
والواردة: وارد الماء، والعنق: الطائفة من الناس.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 300 و7 / 369، طبقات خليفة ت 2950،
تاريخ البخاري 4 / 332، الجرح والتعديل القسم الأول من
المجلد الثاني 458، تهذيب الكمال ص 618، تذهيب التهذيب 2 /
98 ب، تاريخ الإسلام 4 / 125، العبر 1 / 124، ميزان
الاعتدال 2 / 325، المغني في الضعفاء 1 / 312، مرآة الجنان
1 / 213، البداية والنهاية 9 / 223، غاية النهاية ت 1467،
تهذيب التهذيب 4 / 453، النجوم الزاهرة 1 / 248، خلاصة
تذهيب التهذيب 177، طبقات المفسرين 1 / 216، شذرات الذهب 1
/ 124.
(4/598)
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي
سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بنِ
مَالِكٍ.
وَعَنِ: الأَسْوَدِ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٍ،
وَطَاوُوْسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَبَعْضُهُم يَقُوْلُ: لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ -
فَاللهُ أَعْلَمُ -.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَارَةُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَأَبُو
سَعْدٍ البَقَّالُ (1) ، وَجُوَيْبِرُ بنُ سَعِيْدٍ،
وَمُقَاتِلٌ، وَعَلِيُّ بنُ الحَكَمِ، وَأَبُو رَوْقٍ (2)
عَطِيَّةُ، وَأَبُو جَنَابٍ الكَلْبِيُّ يَحْيَى بن أَبِي
حَيَّةَ، وَنَهْشَلُ بنُ سَعِيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ
الرَّمَّاحِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي رَوَّادٍ،
وَقُرَّةُ بنُ خَالِدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُمَا.
وَحَدِيْثُهُ فِي السُّنَنِ، لاَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ).
وَقَدْ ضَعَّفَهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُدَلِّسُ.
وَقِيْلَ: كَانَ فَقِيْهَ مَكْتَبٍ كَبِيْرٍ إِلَى
الغَايَةِ، فِيْهِ ثَلاَثَةُ آلاَفِ صَبِيٍّ، فَكَانَ
يَرْكَبُ حِمَاراً، وَيَدُوْرُ عَلَى الصِّبْيَانِ.
وَلَهُ بَاعٌ كَبِيْرٌ فِي التَّفْسِيْرِ وَالقَصَصِ.
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: كَانَ الضَّحَّاكُ
يُعَلِّمُ وَلاَ يَأْخُذُ أَجْراً.
وَرَوَى: شُعْبَةُ، عَنْ مُشَاشٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ الضَّحَّاكَ: هَلْ لَقِيْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ؟
فَقَالَ: لاَ.
وَرَوَى: شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَيْسَرَةَ،
قَالَ:
لَمْ يَلْقَ الضَّحَّاكُ ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّمَا لَقِيَ
سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ بِالرَّيِّ، فَأَخَذَ عَنْهُ
التَّفْسِيْرَ (3) .
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ شُعْبَةُ يُنْكِرُ أَنْ
يَكُوْنَ الضَّحَّاكُ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَطُّ.
ثُمَّ قَالَ القَطَّانُ: وَالضَّحَّاكُ عِنْدَنَا
ضَعِيْفٌ.
__________
(1) في الأصل " أبو سعيد " وما أثبتناه من التاريخ للمؤلف
والتهذيب.
(2) في الأصل: " ردف " وهو تصحيف.
(3) ابن سعد 6 / 301.
(4/599)
وَأَمَّا أَبُو جَنَابٍ (1) الكَلْبِيُّ:
فَرَوَى عَنِ الضَّحَّاك، قَالَ:
جَاوَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سَبْعَ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: أَبُو جَنَابٍ لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَالأَوَّلُ
أَصَحُّ.
وَرَوَى: قَبِيْصَةُ، عَنْ قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، قَالَ:
كَانَ الضَّحَّاكُ إِذَا أَمْسَى، بَكَى، فَيُقَالَ لَهُ،
فَيَقُوْلُ: لاَ أَدْرِي مَا صَعَدَ اليَوْمَ مِنْ عَمَلِي
(2) .
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي السَّوْدَاءِ، عَنِ
الضَّحَّاك (3) ، قَالَ:
أَدْرَكْتُهُم وَمَا يَتَعَلَّمُوْنَ إِلاَّ الوَرَعَ.
قَالَ قُرَّةُ: كَانَ هِجِّيْرَى (4) الضَّحَّاكِ إِذَا
سَكَتَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
وَرَوَى: مَيْمُوْنٌ أَبُو عَبْدِ اللهِ، عَنِ
الضَّحَّاكِ، قَالَ:
حَقٌّ عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ أَنْ يَكُوْنَ
فَقِيْهاً، وَتَلاَ قَوْلَ اللهِ: {كُوْنُوا
رَبَّانِيِّيْنَ بِمَا كُنْتُم تُعَلِّمُوْنَ الكِتَابَ}
[آلُ عِمْرَانَ: 79].
زُهَيْرُ بنُ مُعَاِويَةَ: عَنْ بَشِيْرٍ أَبِي
إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ:
كُنْتُ ابْنَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً جَلْداً، غَزَّاءَ.
نَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَفَاةُ الضَّحَّاكِ فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
خَمْسٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ الوَلِيْدِ،
وَالنَّيْسَابُوْرِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَمائَةٍ.
__________
(1) في الأصل: " أبو سفيان " وهو تصحيف.
(2) تاريخ الإسلام 4 / 125، وما بين الحاصرتين منه.
(3) في الأصل: " عن أبي الضحاك " زيادة من الناسخ.
والخبر في طبقات ابن سعد 6 / 301.
(4) الهجير والهجيرى: الدأب والعادة والديدن.
(4/600)
239 - طَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ العَنَزِيُّ *
(م، 4)
بَصْرِيٌّ، زَاهِدٌ كَبِيْرٌ، مِنَ العُلَمَاءِ
العَامِلِيْنَ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ،
وَجُنْدُبِ بنِ سُفْيَانَ، وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ،
وَالأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ،
وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ
التَّيْمِيُّ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَمُصْعَبُ بنُ
شَيْبَةَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ طَيِّبَ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ، بَرّاً
بِوَالِدَيْهِ.
رُوِيَ عَنْ طَاوُوْسٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْسَنَ صَوْتاً مِنْهُ، وَكَانَ
مِمَّنْ يَخْشَى اللهَ -تَعَالَى-.
عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: عَنْ بَكْرٍ المُزَنِيِّ، قَالَ:
لَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ ابْنِ الأَشْعَثِ، قَالَ طَلْقُ
بنُ حَبِيْبٍ: اتَّقُوْهَا بِالتَّقْوَى.
فَقِيْلَ لَهُ: صِفْ لَنَا التَّقْوَى.
فَقَالَ: العَمَلُ بِطَاعَةِ اللهِ، عَلَى نُوْرٍ مِنَ
اللهِ، رَجَاءَ ثَوَابِ اللهِ، وَتَرْكِ مَعَاصِي اللهِ،
عَلَى نُوْرٍ مِنَ اللهِ، مَخَافَةَ عَذَابِ اللهِ (1) .
قُلْتُ: أَبْدَعَ وَأَوْجَزَ، فَلاَ تَقْوَى إِلاَّ
بِعَمَلٍ، وَلاَ عَمَلَ إِلاَّ بِتَرَوٍّ مِنَ العِلْمِ
وَالاتِّبَاعِ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَلِكَ إِلاَّ
بِالإِخْلاَصِ للهِ، لاَ لِيُقَالَ: فُلاَنٌ تَارِكٌ
لِلْمَعَاصِي بِنُوْرِ الفِقْهِ، إِذِ المَعَاصِي
يَفْتَقِرُ اجْتِنَابُهَا إِلَى مَعْرِفَتِهَا، وَيَكُوْنُ
التَّرْكُ خَوْفاً مِنَ اللهِ، لاَ لِيُمْدَحَ
بِتَرْكِهَا، فَمَنْ دَاوَمَ عَلَى هَذِهِ الوَصِيَّةِ،
فَقَدْ فَازَ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 227، طبقات خليفة ت 1722، تاريخ
البخاري 4 / 359، المعارف 468، الجرح والتعديل القسم الأول
من المجلد الثاني 490، الحلية 3 / 63، تهذيب الكمال ص 632،
تاريخ الإسلام 4 / 129، تذهيب التهذيب 2 / 108 آ، ميزان
الاعتدال 2 / 345، البداية والنهاية 9 / 101، تهذيب
التهذيب 5 / 31، خلاصة تذهيب التهذيب 181.
(1) انظر الحلية 3 / 64.
(4/601)
وَرَوَى: سَعْدُ (1) بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الزُّهْرِيُّ، عَنْ طَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ، قَالَ:
إِنَّ حُقُوْقَ اللهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَقُوْمَ بِهَا
العِبَادُ، وَإِنَّ نِعَمَ اللهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ
تُحْصَى، وَلَكِنْ أَصْبِحُوا تَائِبِيْنَ، وَأَمْسُوا
تَائِبِيْنَ (2) .
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ يُقَالُ:
فِقْهُ الحَسَنِ، وَوَرَعُ ابْنِ سِيْرِيْنَ، وَحِلْمُ
مُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ، وَعِبَادَةُ طَلْقٍ، وَكَانَ طَلْقٌ
يَتَكَلَّمُ عَلَى النَّاسِ وَيَعِظُ (3) .
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ: مَا
رَأَيْتُ أَحَداً أَعْبَدَ مِنْ طَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الحَجَّاجَ - قَاتَلَهُ اللهُ - قَتَلَ
طَلْقاً مَعَ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَلَمْ يَصِحَّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ (4) : طَلْقٌ: صَدُوْقٌ، يَرَى
الإِرْجَاءَ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الكَرِيْمِ
يَقُوْلُ:
كَانَ طَلْقٌ لاَ يَرْكَعُ إِذَا افْتَتَحَ سُوْرَةَ
البَقَرَةِ حَتَّى يَبْلُغَ العَنْكَبُوْتَ، وَكَانَ
يَقُوْلُ: أَشْتَهِي أَنْ أَقُوْمَ حَتَّى يَشْتَكِيَ
صُلْبِي (5) .
غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ طَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ عِلْمَ الخَائِفِيْنَ مِنْكَ، وَخَوْفَ
العَالِمِيْنَ (6) بِكَ، وَيَقِيْنَ المُتَوَكِّلِيْنَ
عَلَيْكَ، وَتَوَكُّلَ المُوْقِنِيْنَ بِكَ، وَإِنَابَةَ
المُخْبِتِيْنَ إِلَيْكَ، وَإِخْبَاتَ
__________
(1) في الأصل: " سعيد " تصحيف.
(2) انظر الحلية 3 / 65.
(3) انظر الحلية 3 / 64. وصفحة 511 و577.
(4) في الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثاني 491.
(5) الحلية 3 / 64.
(6) في الأصل: " العاملين " وما أثبتناه من التاريخ للمؤلف
والحلية.
(4/602)
المُنِيْبِيْنَ إِلَيْكَ، وَشُكْرَ
الصَّابِرِيْنَ لَكَ، وَصَبْرَ الشَّاكِرِيْنَ لَكَ،
وَلَحَاقاً بِالأَحْيَاءِ المَرْزُوْقِيْنَ عِنْدَكَ (1) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: طَلْقٌ: سَمِعَ مِنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ، مُرْجِئٌ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ،
قَالَ:
لَمْ يَكُنْ بِبَلَدنَا أَحَدٌ أَحْسَنَ مُدَارَاةً
لِصَلاَتِهِ مِنْ طَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ (2) .
وَعَنْ كُلْثُوْمِ بنِ جَبْرٍ، قَالَ:
كَانَ المُتَمَنِّي بِالبَصْرَةِ يَقُوْلُ (3) : عِبَادَةُ
طَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ، وَحِلْمُ مُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ.
مَاتَ طَلْقٌ: قَبْلَ المائَةِ.
240 - الضَّحَّاكُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَرْزَبٍ
الأَشْعرِيُّ * (ت، ق)
وَقِيْلَ: ابْنِ عَرْزَمٍ (4) .
الأَمِيْرُ، نَائِبُ دِمَشْقَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشْعرِيُّ،
الطَّبَرَانِيُّ، الأُرْدُنِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي مُوْسَى
الأَشْعَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غَنْمٍ،
وَابْنِهِ.
وَعَنْهُ: مَكْحُوْلٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ
الأَلْهَانِيُّ، وَأَبُو طَلْحَةَ الخَوْلاَنِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ،
وَالأَوْزَاعِيُّ، وَحَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ.
__________
(1) الحلية 3 / 63، 64 وروايته: " ونجاة الاحياء المرزوقين
عندك ".
(2) الحلية 3 / 64.
(3) في الأصل " بورع " بدل " يقول " وما أثبتناه من الحلية
3 / 64.
(*) تاريخ البخاري 4 / 333، الجرح والتعديل القسم الأول من
المجلد الثاني 459، تاريخ ابن عساكر 8 / 203 آ، تهذيب
الكمال ص 616، تاريخ الإسلام 4 / 124، ميزان الاعتدال 2 /
324، تذهيب التهذيب 2 / 97 آ، تهذيب التهذيب 4 / 446،
خلاصة تذهيب التهذيب 176، تهذيب ابن عساكر 7 / 6.
(4) قال المؤلف في تاريخ الإسلام 4 / 124: " وعرزب بالباء
أصح ".
(4/603)
وَثَّقَهُ: العِجْلِيُّ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ مِنْ خَيْرِ الوُلاَةِ.
قَالَ ابْنُ زَبْرٍ: سَمِعْتُهُ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ
دِمَشْقَ.
قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ مَنْ تَوَلَّى إِمْرَةَ دِمَشْقَ
أَوْ نَحْوَهَا، هُوَ الَّذِي يَخْطُبُ بِالنَّاسِ.
241 - الضَّحَّاكُ المِشْرَقِيُّ * (خَ، م)
عَنْ: أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ.
حَدِيْثُهُ فِي: (البُخَارِيِّ) وَ(مُسْلِمٍ).
242 - عَبْدُ اللهِ بنُ حُنَيْنٍ المَدَنِيُّ ** (ع)
مَوْلَى العَبَّاسِ، أَبُو عَلِيٍّ.
يروِي عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَابْنِ
عَبَّاسٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ إِبْرَاهِيْمُ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ،
وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ، وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ،
وَآخَرُوْنَ.
ثِقَةٌ، كَبِيْرٌ.
243 - وَابْنُه
ُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ
المَدَنِيُّ *** (ع)
أَبُو إِسْحَاقَ.
أَرْسَلَ عَنْ: عَلِيٍّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ.
__________
(*) هو ابن شرحبيل أو شراحيل كما نص المؤلف في تاريخه.
وترجمته في تاريخ البخاري 4 / 335، الجرح والتعديل القسم
الأول من المجلد الثاني 461، تهذيب الكمال ص 615، تاريخ
الإسلام 4 / 126، مشتبه النسبة 592، تذهيب التهذيب 2 / 97
آ، ميزان الاعتدال 2 / 324، تهذيب التهذيب 4 / 444، خلاصة
تذهيب التهذيب 176.
(* *) طبقات ابن سعد 5 / 286، تاريخ البخاري 5 / 69، الجرح
والتعديل القسم الثاني من
المجلد الثاني 40، تهذيب الكمال ص 676، تاريخ الإسلام 4 /
136، تذهيب التهذيب 2 / 139 ب، تهذيب التهذيب 5 / 193،
خلاصة تذهيب التهذيب 195.
(* * *) تاريخ البخاري 1 / 299، المعرفة والتاريخ 1 / 415،
الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الأول 108، تهذيب
الكمال ص 58، تاريخ الإسلام 4 / 90، العبر 1 / 122، تذهيب
التهذيب 1 / 37 ب، تهذيب التهذيب 1 / 133، خلاصة تذهيب
التهذيب 18، شذرات الذهب 1 / 122.
(4/604)
وَعَنْهُ: زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، وَابْنُ
عَجْلاَنَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو،
وَعِدَّةٌ.
وَهُوَ ثِقَةٌ أَيْضاً.
مَاتَ: بَعْدَ أَبِيْهِ بِيَسِيْرٍ، بَعْدَ المائَةِ.
حَدِيْثُهُمَا فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، وَهُوَ قَلِيْلٌ.
244 - عُبَيْدُ بنُ حُنَيْنٍ مَوْلَى آلِ زَيْدِ بنِ
الخَطَّابِ * (ع)
مَدَنِيٌّ، ثِقَةٌ.
رَوَى عَنْ: زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي مُوْسَى، وَأَبِي
هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وَعَنْهُ: سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَأَبُو طُوَالَةَ،
وَأَبُو الزِّنَادِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَعِدَّةٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ.
وَلَهُ أَخَوَانِ: مُحَمَّدٌ، وَعَبْدُ اللهِ.
245 - زِيَادُ بنُ جُبَيْرِ بنِ حَيَّةَ الثَّقَفِيُّ **
بَصْرِيٌّ، حُجَّةٌ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَسَعْدٍ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ
شُعْبَةَ، وَابْنِ عُمَرَ.
وَعَنْهُ: ابْنُ عَوْنٍ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ،
وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 285، طبقات خليفة ت 2129، 2172،
تاريخ البخاري 5 / 446 الجرح والتعديل القسم الثاني من
المجلد الثاني 404، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 262، تهذيب
الكمال ص 894،، تاريخ الإسلام 4 / 149، تذهيب التهذيب 3 /
22 ب، تهذيب التهذيب 7 / 63، خلاصة تذهيب التهذيب 254.
(* *) سبق للمؤلف أن ترجم له في ص 515 فمصادر ترجمته هناك.
(4/605)
246 - مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ أَبُو
بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو بَكْرٍ
الأَنْصَارِيُّ، الأَنَسِيُّ، البَصْرِيُّ، مَوْلَى أَنَسِ
بنِ مَالِكٍ خَادِمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ سَبْيِ جَرْجَرَايَا (1) ،
تَمَلَّكَهُ أَنَسٌ، ثُمَّ كَاتَبَهُ عَلَى أُلُوْفٍ مِنَ
المَالِ، فَوَفَّاهُ، وَعَجَّلَ لَهُ مَالَ الكِتَابَةِ
قَبْلَ حُلُوْلِهِ، فَتَمَنَّعَ أَنَسٌ مِنْ أَخْذِهِ
لَمَّا رَأَى سِيْرِيْنَ قَدْ كَثُرَ مَالُهُ مِنَ
التِّجَارَةِ، وَأَمَلَ أَنْ يَرِثَهُ، فَحَاكَمَهُ إِلَى
عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَأَلْزَمَهُ تَعْجِيْلَ
المُؤَجَّلِ.
قَالَ أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ: وُلِدَ أَخِي مُحَمَّدٌ
لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ (2) ،
وَوُلِدْتُ بَعْدَهُ بِسَنَةٍ قَابِلَةٍ.
سَمِع: أَبَا هُرَيْرَةَ، وَعِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ،
وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَدِيَّ بنَ حَاتِمٍ، وَابْنَ عُمَرَ،
وَعَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيَّ، وَشُرَيْحاً القَاضِي،
وَأَنَسَ بنَ مَالِكٍ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوْبُ، وَيُوْنُسُ بنُ
عُبَيْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَخَالِدٌ
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 193، الزهد لأحمد 306، طبقات خليفة
ت 1728، تاريخ البخاري 1 / 90، المعارف 442، المعرفة
والتاريخ 2 / 54، ذيل المذيل 640، الجرح والتعديل القسم
الثاني من المجلد الثالث 280، الحلية 2 / 263، تاريخ بغداد
5 / 331، طبقات الفقهاء للشيرازي 88، تاريخ ابن عساكر 15 /
210 آ، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول
82، وفيات الأعيان 4 / 181، تهذيب الكمال ص 1207، تاريخ
الإسلام 4 / 192، تذكرة الحفاظ 1 / 73، العبر 1 / 135،
تذهيب التهذيب 3 / 210 ب، مرآة الجنان 1 / 232، البداية
والنهاية 9 / 267 و274، غاية النهاية ت 3057، تهذيب
التهذيب 9 / 214، النجوم الزاهرة 1 / 268، طبقات الفقهاء
للسيوطي 31، خلاصة تذهيب التهذيب 340، شذرات الذهب 1 /
138.
(1) جرجرايا: بلد من أعمال النهروان الأسفل بين واسط
وبغداد من الجانب الشرقي، انظر معجم البلدان.
(2) كذا الأصل، والصواب (عثمان) كما في ابن سعد 7 / 193
وتاريخ الخطيب 5 / 333 وباقي الروايات والمصادر، وقد
أثبتنا (عمر) لوروده في رواية أخرى بعد سطور، ولتعليق
المؤلف على ذلك في الصفحة التالية.
(4/606)
الحَذَّاءُ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ،
وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَقُرَّةُ بنُ خَالِدٍ،
وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ،
وَأَبُو هِلاَلٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمٍ، وَيَزِيْدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ، وَعُقْبَةُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الأَصَمُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ،
وَأَبُو بَكْرٍ سُلْمَى الهُذَلِيُّ، وَحَيَّانُ بنُ
حُصَيْنٍ، وَشَبِيْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ
المُغِيْرَةِ، وَخُلَيْدُ بنُ دَعْلَجٍ.
قَالَ خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ
أَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ:
وُلِدَ أَخِي مُحَمَّدٌ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ
خِلاَفَةِ عُمَرَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هَكَذَا وَجَدْتُ فِي كِتَابِي: عُمَرَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: عُثْمَانَ.
قُلْتُ: الثَّانِي أَشْبَهُ، وَلَوْ كَانَ أَوْلاَهُمَا
الأَوَّلُ، لَكَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ فِي سِنِّ الحَسَنِ،
وَمَعْلُوْمٌ أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ أَصْغَرَ
بِسَنَوَاتٍ، لَكِنْ يَشْهَدُ لِلأَوَّلِ: قَوْلُ عَارِمٍ،
عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ: عَاشَ ابْنُ سِيْرِيْنَ
نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَيَشْهَدُ لِلثَّانِي: قَوْلُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُعَلَّى
بنِ هِلاَلٍ (1) ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ،
قَالَ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ
ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ، قَالَ:
حَجَّ بِنَا أَبُو الوَلِيْدِ، فَمَرَّ بِنَا عَلَى
المَدِيْنَةِ، فَأَدْخَلَنَا عَلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ،
وَنَحْنُ سَبْعَةٌ وَلَدُ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ لَهُ:
هَؤُلاَءِ بَنُوْ سِيْرِيْنَ.
فَقَالَ زَيْدٌ: هَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَانِ لأُمٍّ،
وَهَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَا مِنْ أُمٍّ.
قَالَ: فَمَا أَخْطَأَ.
وَكَانَ يَحْيَى أَخَا مُحَمَّدٍ مِنْ أُمِّهِ.
وَقِيْلَ: بَلْ مَعْبَدٌ كَانَ أَخَا مُحَمَّدٍ لأُمِّهِ
(2) .
قَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: أَدْرَكَ مُحَمَّدٌ
ثَلاَثِيْنَ صَحَابِيّاً.
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ عَطِيَّةَ:
رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ قَصِيْراً، عَظِيْمَ
__________
(1) في الأصل: " معلى بن الاعلم " تحريف، وما أثبتناه من
تهذيب الكمال.
(2) المعرفة والتاريخ 2 / 58، وانظر بن سعد 7 / 193 وتاريخ
الخطيب 5 / 332، 333.
(4/607)
البَطْنِ، لَهُ وَفْرَةٌ، يَفْرِقُ
شَعْرَهُ، كَثِيْرَ المُزَاحِ وَالضَّحِكِ، يَخْضِبُ
بِالحِنَّاءِ (1) .
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَأْتِي بِالحَدِيْثِ
عَلَى حُرُوْفِهِ، وَكَانَ الحَسَنُ صَاحِبَ مَعْنَىً.
عَوْنُ بنُ عُمَارَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنِي
أَصْدَقُ مَنْ أَدْرَكْتُ؛ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ.
قَالَ حَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ: كُنْتُ عِنْدَ عَمْرِو
بنِ دِيْنَارٍ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ
طَاوُوْسٍ.
فَقَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ - وَكَانَ جَالِساً
-: وَاللهِ لَوْ رَأَى مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ، لَمْ
يَقُلْهُ.
مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُوْلُ: مَا
رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَعَنْ خُلَيْفِ بنِ عُقْبَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ
سِيْرِيْنَ نَسِيْجَ وَحْدِهِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ عُثْمَانَ البَتِّيِّ،
قَالَ:
لَمْ يَكُنْ بِالبَصْرَةِ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ
مِنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ (2) .
وَعَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ، قَالَ:
كَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُوْلُ لَنَا: عَلَيْكُم بِذَلِكَ
الأَصَمِّ -يَعْنِي: ابْنَ سِيْرِيْنَ (3) -.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ أَفْطَنَ
مِنَ الحَسَنِ فِي أَشْيَاءَ (4) .
__________
(1) ابن عساكر 15 / 213 آ، وزاد: " وافر اللحية ".
(2) ابن سعد 7 / 196 وتاريخ الخطيب 5 / 337، ولفظهما: " لم
يكن أحد بهذه النقرة أعلم بالقضاء.." وابن عساكر 15 / 217
آ، ولفظه: " ما رأيت بهذه النقرة - يعني البصرة - أحدا
أعلم بالقضاء..".
(3) ابن سعد 7 / 195 وابن عساكر 15 / 217 ب، 218 آ.
(4) ابن عساكر 15 / 217 ب بنحوه.
(4/608)
وَقَالَ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ: كَانَ
ابْنُ سِيْرِيْنَ حَسَنَ العِلْمِ بِالفَرَائِضِ
وَالقَضَاءِ وَالحِسَابِ (1) .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ عَاصِمٍ، سَمِعْتُ مُوَرِّقاً
العِجْلِيَّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ فِي وَرَعِهِ، وَلاَ
أَوْرَعَ فِي فَقْهِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ (2)
.
وَقَالَ عَاصِمٌ: وَذُكِرَ مُحَمَّدٌ عِنْدَ أَبِي
قِلاَبَةَ، فَقَالَ: اصْرِفُوْهُ كَيْفَ شِئْتُم،
فَلَتَجِدُنَّهُ أَشَدَّكُم وَرَعاً، وَأَمْلَكَكُم
لِنَفْسِهِ (3) .
حَمَّادٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ،
قَالَ:
وَمِنْ يَسْتَطِيْعُ مَا يُطِيْقُ؟! مُحَمَّدٌ يَرْكَبُ
مِثْلَ حَدِّ السِّنَانِ (4) .
النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
ثَلاَثَةٌ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَهُم: ابْنُ
سِيْرِيْنَ بِالعِرَاقِ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ
بِالحِجَازِ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ بِالشَّامِ،
كَأَنَّهُمُ الْتَقَوْا، فَتَوَاصَوْا.
وَقَدْ وَقَفَ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ دَيْنٌ كَثِيْرٌ
مِنْ أَجْلِ زَيْتٍ كَثِيْرٍ أَرَاقَهُ؛ لِكَوْنِهِ وَجَدَ
فِي بَعْضِ الظُّرُوْفِ فَأْرَةً.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ:
قَالَ لِي مُحَمَّدٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَمْ يَكُنْ
يَمْنَعُنِي مِنْ مُجَالَسَتِكُم إِلاَّ مَخَافَةُ
الشُّهْرَةِ، فَلَمْ يَزَلْ بِيَ البَلاَءُ حَتَّى قُمْتُ
عَلَى المَصْطَبَةِ.
فَقِيْلَ: هَذَا ابْنُ سِيْرِيْنَ، أَكَلَ أَمْوَالَ
النَّاسِ، وكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيْرٌ (5) .
__________
(1) انظر تاريخ البخاري 1 / 91 والجرح والتعديل القسم
الثاني من المجلد الثالث 280.
(2) ابن سعد 7 / 196، والمعرفة والتاريخ 2 / 56.
(3) ابن عساكر 15 / 211 آ، 216 ب، 217 آ، وانظر ابن سعد 7
/ 196 والمعرفة والتاريخ 2 / 56 وتاريخ الخطيب 5 / 334
وتاريخ البخاري 1 / 90، 91.
(4) ابن عساكر 15 / 211 آ، وأورد ابن سعد 7 / 198 بنحوه،
وكذا المعرفة والتاريخ 2 / 57 والحلية 2 / 267 وتاريخ
الخطيب 5 / 337.
(5) ابن سعد 7 / 199 والمعرفة والتاريخ 2 / 61 والحلية 2 /
271 وتاريخ الخطيب 5 / 335 =
(4/609)
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: رَأَيْتُ
مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ فِي السُّوْقِ، فَمَا رَآهُ
أَحَدٌ إِلاَّ ذَكَرَ اللهَ (1) .
مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ البَاهِلِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ
يَقُوْلُ:
لَمْ يَكُنْ كُوْفِيٌّ وَلاَ بَصْرِيٌّ لَهُ مِثْلُ وَرَعِ
مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَعَنْ زُهَيْرٍ الأَقْطَعِ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ
سِيْرِيْنَ إِذَا ذَكَرَ المَوْتَ، مَاتَ كُلُّ عُضْوٍ
مِنْهُ عَلَى حِدَةٍ (2).
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَرَى أَنَّ أَهْلَ
الأَهْوَاءِ أَسْرَعُ النَّاسِ رِدَّةً، وَأَنَّ هَذِهِ
نَزَلَتْ فِيْهِم: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِيْنَ
يَخُوْضُوْنَ فِي آيَاتِنَا، فَأَعْرِضْ عَنْهُم حَتَّى
يَخُوْضُوا فِي حَدِيْثٍ غَيْرِهِ} [الأَنْعَامُ: 68]،
وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْخَى نَفْساً مِنِ ابْنِ عَوْنٍ
(3) .
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: عَنْ قُرَّةَ، قَالَ:
أَكَلْتُ عِنْدَ ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: إِنَّ
الطَّعَامَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يُقْسَمَ عَلَيْهِ (4) .
وَعَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ مُتَوَارِياً مِنَ الحَجَّاجِ، فَمَاتَتْ
بِنْتٌ لَهُ، فَبَادَرْتُ إِلَيْهِ رَجَاءَ أَنْ يَقُوْلَ
لِي: صَلِّ عَلَيْهَا.
فَبَكَى، حَتَّى ارْتَفَعَ نَحِيْبُهُ، ثُمَّ قَالَ لِي:
اذْهبْ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، فَقُلْ لَهُ:
لِيُصَلِّ عَلَيْهَا.
فَعَرَفَ حِيْنَ جَاءَ الحَقَائِقُ، أَنَّهُ لاَ يَعْدِلُ
بِابْنِ سِيْرِيْنَ أَحَداً (5) .
الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ،
__________
= وابن عساكر 15 / 226 ب، ولفظهم: " فلم يزل بي البلاء حتى
أخذ بلحيتي فأقمت على المصطبة".
(1) المعرفة والتاريخ 2 / 63 بنحوه.
(2) الزهد 308 والمعرفة والتاريخ 2 / 59.
(3) في الأصل لم يذكر قائل هذا.ولعله أقحم في النص.
(4) انظر الحلية 2 / 268، 269.
(5) انظر ابن سعد 7 / 204.
(4/610)
وَالشَّعْبِيُّ: يَأْتُوْنَ بِالحَدِيْثِ
عَلَى المَعَانِي، وَكَانَ القَاسِمُ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ،
وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ: يُقَيِّدُوْنَ الحَدِيْثَ عَلَى
حُرُوْفِهِ.
خَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ
مُحَمَّدٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ سُوْدَ الرُّؤُوْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَهْلِ
الكُوْفَةِ، إِلاَّ أَنَّ فِيْهِم حِدَّةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ: كَانَ ابْنُ
سِيْرِيْنَ فَقِيْهاً، عَالِماً، وَرِعاً، أَدِيْباً،
كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، صَدُوْقاً، شَهِدَ لَهُ أَهْلُ
العِلْمِ وَالفَضْلِ بِذَلِكَ، وَهُوَ حُجَّةٌ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ:
قَالَ مُحَمَّد: إِنَّ هَذَا العِلْمَ دَيْنٌ، فَانْظُرُوا
عَمَّنْ تَأْخُذُوْنَ دَيْنَكُم (1) .
الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: حَدَّثَنَا
عَمْرُو بنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا
مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
نَزَلَ بِنَا أَبُو قَتَادَةَ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى
سَطْحٍ لَنَا - قَالَ: وَنَحْنُ عَشْرَةٌ مِنْ وَلَدِ
سِيْرِيْنَ - فَانْقَضَّ كَوْكَبٌ مِنَ السَّمَاءِ،
فَأَتْبَعْنَاهُ أَبْصَارَنَا، فَنَهَانَا أَبُو قَتَادَةَ
عَنْ ذَلِكَ.
وَعَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ: قُلْتُ لابْنِ
سِيْرِيْنَ: مَا تَرَى فِي السَّمَاعِ مِنْ أَهْلِ
الأَهْوَاءِ؟
قَالَ: لاَ نَسْمَعُ مِنْهُم وَلاَ كَرَامَةً.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ جَعْفَرٍ البَصْرِيُّ،
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ الأَهْوَازِيُّ
بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ،
حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ:
أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُ الرَّجُلُ، فَلاَ يُقْبِلُ
عَلَيْهِ، وَيَقُوْلُ: مَا أَتَّهِمُكَ، وَلاَ الَّذِي
يُحَدِّثُكَ، وَلَكِنْ مَنْ بَيْنَكُمَا أَتَّهِمُهُ.
قَالَ سُلَيْمَانُ: إِنَّمَا يَقَعُ الكَذِبُ بِالَّذِي
وَضَعَ الحَدِيْثَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
__________
(1) انظر ابن سعد 7 / 194 والحلية 2 / 278 ومسلم 1 / 14 في
المقدمة في باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا
تكون إلا عن الثقات.
(4/611)
وَقَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: سَمِعْتُ
مُحَمَّداً يَقُوْلُ: ذَهَب العِلْمُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ
شَذَرَاتٌ فِي أَوْعِيَةٍ شَتَّى.
خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ
مَيْمُوْنٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ يُحَدِّثُ
بِأَحَادِيْثِ النَّاسِ، وَيُنْشِدُ الشِّعْرَ، وَيَضْحَكُ
حَتَّى يَمِيْلَ، فَإِذَا جَاءَ بِالحَدِيْثِ مِنَ
المُسْنَدِ، كَلَحَ وَتَقَبَّضَ.
أَشْهَلُ بنُ حَاتِمٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ،
قَالَ:
قَالَ عُمَرُ لابْنِ مَسْعُوْدٍ - أَوْ لأَبِي مَسْعُوْدٍ
-: إِنَّكَ تُفْتِي النَّاسَ وَلَسْتَ بِأَمِيْرٍ، وَلِّ
حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا (1) .
قَالَ: وَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّمَا يُفْتِي النَّاسَ
أَحَدُ ثَلاَثَةٍ: مَنْ يَعْلَمُ مَا نُسِخَ مِنَ
القُرْآنِ.
قَالُوا: وَمَنْ يَعْلَمُ مَا نُسِخَ مِنَ القُرْآنِ؟
قَالَ: عُمَرُ، أَوْ أَمِيْرٌ لاَ يَجِدُ بُدّاً، أَوْ
أَحْمَقُ مُتَكَلِّفٌ (2) .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: وَلَسْتُ بِوَاحِدٍ مِنْ
هَذَيْنِ، وَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ الثَّالِثَ.
يَزِيْدُ بنُ طَهْمَانَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ،
قَالَ:
كَانَ مُعَاوِيَةُ لاَ يُتَّهَمُ فِي الحَدِيْثِ عَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ عَنْ
سَبَبِ الدَّيْنِ الَّذِي رَكِبَ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ
حَتَّى حُبِسَ بِهِ؟ فَقَالَ:
كَانَ بَاعَ مِنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ جَارِيَةً، فَرَجَعَتْ إِلَى
مُحَمَّدٍ، فَشَكَتْ أَنَّهَا تُعَذِّبُهَا،
__________
(1) اورده الدارمي 1 / 61 في المقدمة من طريق آخر، قال عمر
لابن مسعود: ألم أنبأ أو أنبئت أنك تفتي ولست بأمير، ول
حارها من تولى قارها.وأورده عبد الرزاق في المصنف 20678 عن
معمر عن أيوب عن ابن سيرين بنحوه.
(2) وأخرجه عبد الرزاق في المصنف من طريق معمر عن أيوب عن
ابن سيرين.
(4/612)
فَأَخَذَهَا مُحَمَّدٌ، وَكَانَ قَدْ
أَنْفَقَ ثَمَنَهَا، فَهِيَ الَّتِي حَبَسَتْهُ، وَهِيَ
الَّتِي تَزَوَّجَهَا سَلْمُ بنُ زِيَادٍ، وَأَخْرَجَهَا
إِلَى خُرَاسَانَ، وَكَانَ أَبُوْهَا يُلَقَّبُ:
كِرْكِرَةَ (1) .
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ (2) : كَانَ سَبَبُ حَبْسِهِ أَنْ
أَخَذَ زَيْتاً بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَوَجَدَ
فِي زِقٍّ مِنْهُ فَأْرَةً، فَظَنَّ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي
المَعْصَرَةِ، وَصَبَّ الزَّيْتَ كُلَّهُ، وَكَانَ
يَقُوْلُ: إِنِّي ابْتُلِيْتُ بِذَنْبٍ أَذَنَبْتُهُ
مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَ: فَكَانُوا يَظُنُّوْنَ أَنَّهُ عَيَّرَ رَجُلاً
بِفَقْرٍ (3) .
إِسْمَاعِيْلُ (4) بنُ زَكَرِيَّا: عَنْ عَاصِمٍ
الأَحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
لَقَدْ أَتَى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ وَمَا يُسْأَلُ عَنْ
إِسْنَادِ الحَدِيْثِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الفِتْنَةُ،
سُئِلَ عَنْ إِسْنَادِ الحَدِيْثِ، فَيُنْظَرُ مَنْ كَانَ
مِنْ أَهْلِ البِدَعِ، تُرِكَ حَدِيْثُهُ (5) .
قَالَ أَشْعَثُ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ (6) إِذَا سُئِلَ
عَنِ الحَلاَلِ وَالحَرَامِ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ حَتَّى
تَقُوْلَ: كَأَنَّهُ لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ (7) .
وَقَالَ يُوْنُسُ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ صَاحِبَ ضَحِكٍ
وَمُزَاحٍ.
هُشَيْمٌ: عَنْ مَنْصُوْرٍ:
كَانَ مُحَمَّدٌ يَضْحَكُ حَتَّى تَدْمَعَ عَيْنَاهُ،
وَكَانَ الحَسَنُ يُحَدِّثُنَا وَيَبْكِي (8) .
__________
(1) انظر ابن سعد 7 / 199 وصفحة 616 من هذا الجزء.
(2) في الأصل: " المديني " وما أثبتناه من تاريخ الخطيب
وابن عساكر.
(3) أورد ابن عساكر 15 / 226 آ بنحوه، وانظر تاريخ الخطيب
5 / 335.
(4) في الأصل: " إسماعيل وزكريا " تصحيف.
(5) انظر الحلية 2 / 278.
(6) في الأصل: " ابن السمان " تصحيف.
(7) الحلية 2 / 264 وابن عساكر 15 / 218 آ، وانظر ابن سعد
7 / 195 والمعرفة والتاريخ 2 / 60.
(8) انظر ابن عساكر 15 / 220 ب.
(4/613)
سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا
عُمَارَةُ بنُ مِهْرَانَ، قَالَ:
كُنَّا فِي جِنَازَة حَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ،
فَوُضِعَتِ الجَنَازَةُ، وَدَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ
سِيْرِيْنَ صِهْرِيْجاً يَتَوَضَّأُ.
فَقَالَ الحَسَنُ: أَيْنَ هُوَ؟
قَالُوا: يَتَوَضَّأُ صَبّاً صَبّاً، دَلْكاً دَلْكاً،
عَذَابٌ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَهْلِهِ (1) .
حَمَّادٌ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: سَمِعَ ابْنَ سِيْرِيْنَ
يَنْهَى عَنِ الجِدَالِ، إِلاَّ رَجَاءَ إِنْ كَلَّمْتَهُ
أَنْ يَرْجِعَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
سِيْرِيْنَ يَقُوْلُ:
كَاتَبَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَبِي أَبَا عَمْرَةَ عَلَى
أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَدَّاهَا مُحَمَّدُ بنُ
سِيْرِيْنَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَنَسٍ: هَذِهِ
مُكَاتَبَةُ سِيْرِيْنَ عِنْدَنَا، وَكَانَ قَيْناً (2) .
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ
سِيْرِيْنَ بِوَاسِطَ، فَلَمْ أَرَ أَجْبَنَ مِنْ فَتْوَىً
مِنْهُ، وَلاَ أَجْرَأَ عَلَى رُؤْيَا مِنْهُ (3) .
قَالَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: لَمْ يَكُنْ يَعْرِضُ
لِمُحَمَّدٍ أَمْرَانِ فِي ذِمَّتِهِ (4) ، إِلاَّ أَخَذَ
بِأَوْثَقِهِمَا (5) .
قَالَ بَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ: مَنْ أَرَادَ
أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَوْرَعِ مَنْ أَدْرَكْنَا،
فَلْيَنْظُرْ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ (6) .
__________
(1) انظر المعرفة والتاريخ 2 / 58.
(2) المعرفة والتاريخ 2 / 57، وتاريخ الخطيب 5 / 332، وابن
عساكر 15 / 212 ب وقد نصوا على المكاتبة وهي: " هذا ما
كاتب عليه أنس بن مالك فتاه سيرين على كذا وكذا ألفا وعلى
غلامين يعملان عمله ".
(3) ابن عساكر 15 / 218 آ.
(4) لفظ المؤلف في التاريخ، وأبي نعيم في الحلية وابن
عساكر: " دينه ".
(5) ابن عساكر 15 / 219 آ، وانظر الحلية 2 / 268.
(6) انظر الزهد لأحمد 308 والحلية 2 / 266.
(4/614)
وَقَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: كَانَ
مُحَمَّدٌ يَتَّجِرُ، فَإِذَا ارْتَابَ فِي شَيْءٍ،
تَرَكَهُ (1) .
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَشَدِّ
النَّاسِ إِزْارَءً عَلَى نَفْسِهِ (2) .
وَقَالَ غَالِبٌ القَطَّانُ: خُذُوا بِحِلْمِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ، وَلاَ تَأْخُذُوا بِغَضَبِ الحَسَنِ (3) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ: كَانَ
مُحَمَّدٌ يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً (4) .
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَصُوْمُ
عَاشُوْرَاءَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يُفْطِرُ بَعْدَ ذَلِكَ
يَوْمَيْنِ (5) .
قَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ،
فَذَكَرَ رَجُلاً، فَقَالَ: ذَاكَ الأَسْوَدُ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ للهِ، إِنِّي اغْتَبْتُهُ (6) .
مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ:
أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ بَعَثَ إِلَى
الحَسَنِ، فَقَبِلَ، وَبَعَثَ إِلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ،
فَلَمْ يَقْبَلْ (7) .
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: عَنْ رَجَاءٍ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ يَجِيْءُ إِلَى السُّلْطَانِ،
وَيَعِيْبُهُم، وَكَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ لاَ يَجِيْءُ
إِلَيْهِم، وَلاَ يَعِيْبُهُم (8) .
قَالَ هِشَامٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً عِنْدَ السُّلْطَانِ
أَصْلَبَ مِنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ (9) .
__________
(1) ابن سعد 7 / 197 بنحوه.
(2) ابن عساكر 15 / 220 آ، وتاريخ الخطيب 5 / 335 بنحوه.
(3) ابن سعد 7 / 195.
(4) ابن سعد 7 / 200 وابن عساكر 15 / 221 آ، وانظر الزهد
307.
(5) ابن عساكر 15 / 221 آ.
(6) ابن سعد 7 / 196 بنحوه، وانظر الحلية 2 / 268 وابن
عساكر 15 / 222 ب.
(7) ابن سعد 7 / 202 وابن عساكر 15 / 224 آ.
(8) المعرفة والتاريخ، 2 / 64 وابن عساكر 15 / 224 آ.
(9) ابن عساكر 15 / 224 آ.
(4/615)
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ:
رَأَيْت الحَسَنَ فِي النَّوْمِ مُقَيَّداً، وَرَأَيْتُ
ابْنَ سِيْرِيْنَ فِي النَّوْمِ مُقَيَّداً (1) .
أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ: عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ:
أَنَّ ابْنَ سِيْرِيْنَ اشْتَرَى بَيْعاً مِنْ مَنُوْنِيَا
(2) ، فَأَشْرَفَ فِيْهِ عَلَى رِبْحِ ثَمَانِيْنَ
أَلْفاً، فَعَرَضَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ، فَتَرَكَهُ.
قَالَ هِشَامٌ: مَا هُوَ -وَاللهِ- بِرِباً (3) .
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: سَأَلْتُ الأَنْصَارِيَّ عَنْ
سَبَبِ الدَّيْنِ الَّذِي رَكِبَ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ
حَتَّى حُبِسَ؟
قَالَ: اشْتَرَى طَعَاماً بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفاً،
فَأُخْبِرَ عَنْ أَصْلِ الطَّعَامِ بِشَيْءٍ، فَكَرِهَهُ،
فَتَرَكَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، فَحُبِسَ عَلَى المَالِ،
حَبَسَتْهُ امْرَأَةٌ، وَكَانَ الَّذِي حَبَسَهُ مَالِكُ
بنُ المُنْذِرِ (4) .
وَقَالَ هِشَامٌ: تَرَكَ مُحَمَّدٌ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً
فِي شَيْءٍ مَا يَرَوْنَ بِهِ اليَوْمَ بَأْساً (5) .
وَعَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ مَرَّةً لِرَجُلٍ: يَا مُفْلِسُ،
فَعُوْقِبْتُ (6) .
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ - وَبَلَغَهُ
هَذَا - فَقَالَ: قَلَّتْ ذُنُوْبُ القَوْمِ، فَعَرَفُوا
مِنْ أَيْنَ أُتُوا، وَكَثُرَتْ ذُنُوْبُنَا، فَلَمْ
نَدْرِ مِنْ أَيْنَ نُؤْتَى (6) .
قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ (7) : أَنَّ
السَّجَّانَ قَالَ لابْنِ سِيْرِيْنَ: إِذَا كَانَ
اللَّيْلُ، فَاذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ،
__________
(1) تاريخ الخطيب 5 / 336 وابن عساكر 15 / 224 ب، وانظر
ابن سعد 7 / 197.
(2) منونيا: قرية من قرى " نهر الملك " كانت أولا مدينة
ولها ذكر في أخبار الفرس.
و" نهر الملك " كورة واسعة ببغداد.
(3) ابن سعد 7 / 199، وابن عساكر 15 / 227 آ.
(4) ابن سعد 7 / 198 وابن عساكر 15 / 226 آ، وما بين
الحاصرتين منهما، وانظر ص 613.
(5) انظر الحلية 2 / 266.
(6) انظر الحلية 2 / 271.
(7) في الأصل: " مسلم عن يسار " تصحيف.
(4/616)
فَإِذَا أَصْبَحْتَ، فَتَعَالَ.
قَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَكُوْنُ لَكَ عَوْناً عَلَى
خِيَانَةِ السُّلْطَانِ (1) .
قَالَ مَعْمَرٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ،
فَقَالَ:
رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً،
فَخَرَجَتْ مِنْهَا أَعْظَمَ مَا كَانَتْ، وَرَأَيْتُ
حَمَامَةً أُخْرَى الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ
أَصْغَرَ مِمَّا دَخَلَتْ، وَرَأَيْتُ أُخْرَى الْتَقَمَتْ
لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ كَمَا دَخَلَتْ.
فَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: أَمَّا الأُوْلَى: فَذَاكَ
الحَسَنُ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ فَيُجَوِّدُهُ بِمَنْطِقِهِ،
وَيَصِلُ فِيْهِ مِنْ مَوَاعِظِهِ، وَأَمَّا الَّتِي
صَغُرَتْ فَأَنَا، أَسْمَعُ الحَدِيْثَ فَأُسْقِطُ مِنْهُ،
وَأَمَّا الَّتِي خَرَجَتْ كَمَا دَخَلَتْ فَقَتَادَةُ،
فَهُوَ أَحْفَظُ النَّاسِ (2) .
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمٍ
المَرْوَزِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَتَرَكْتُهُ،
وَجَالَسْتُ الإِبَاضِيَّةَ، فَرَأَيْتُ كَأَنِّي مَعَ
قَوْمٍ يَحْمِلُوْنَ جِنَازَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَذَكَرْتُهُ لَهُ، فَقَالَ:
مَالَكَ جَالَسْتَ أَقْوَاماً يُرِيْدُوْنَ أَنْ
يَدْفِنُوا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ (3) -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!
وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، قَالَ:
قَصَّ رَجُلٌ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ
كَأَنَّ بِيَدِي قَدَحاً مِنْ زُجَاجٍ فِيْهِ مَاءٌ،
فَانْكَسَرَ القَدَحُ، وَبَقِيَ المَاءُ.
فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّك لَمْ تَرَ شَيْئاً.
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ!
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: فَمَنْ كَذَبَ فَمَا عَلَيَّ،
سَتَلِدُ امْرَأَتُكَ وَتَمُوْتُ، وَيَبْقَى وَلَدُهَا.
فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُل، قَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ
شَيْئاً.
فَمَا لَبِثَ أَنَّ وُلِدَ لَهُ، وَمَاتَتِ امْرَأَتُهُ
(4) .
قَالَ: وَدَخَلَ آخَرُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي
وَجَارِيَةً سَوْدَاءَ نَأْكُلُ فِي قَصْعَةٍ
__________
(1) تاريخ الخطيب 5 / 334 وابن عساكر 15 / 226 ب.
(2) ابن عساكر 15 / 227 ب، وأورده بسياق آخر 227 آ.
(3) ابن عساكر 15 / 227 ب، والاباضية: قوم من الخوارج.راجع
التاج (أبض).
(4) ابن عساكر 15 / 227 ب، 228 آ.
(4/617)
سَمَكَةً.
قَالَ: أَتُهَيِّئُ لِي طَعَاماً وَتَدْعُوْنِي؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَفَعَلَ، فَلَمَّا وُضِعَتِ المَائِدَةُ، إِذَا جَارِيَةٌ
سَوْدَاءُ!
فَقَالَ لَهُ ابْنُ سِيْرِيْنَ: هَلْ أَصَبْتَ هَذِهِ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَادْخُلْ بِهَا المَخْدَعَ.
فَدَخَلَ، وَصَاحَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، رَجُلٌ -وَاللهِ-.
فَقَالَ: هَذَا الَّذِي شَارَكَكَ فِي أَهْلِكَ (1) .
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ مُغِيْرَةَ بنِ حَفْصٍ،
قَالَ:
سُئِلَ ابْنُ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ
الجَوْزَاءَ تَقَدَّمَتِ الثُّرَيَّا.
قَالَ: هَذَا الحَسَنُ يَمُوْتُ قَبْلِي، ثُمَّ
أَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَرْفَعُ مِنِّي (2) .
قَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ فِي التَّعْبِيْرِ
عَجَائِبُ يَطُوْلُ الكِتَابُ بِذِكْرِهَا، وَكَانَ لَهُ
فِي ذَلِكَ تَأْيِيْدٌ إِلَهِيٌّ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ،
قَالَ:
كَانَ لِمُحَمَّدٍ سَبْعَةُ أَوْرَادٍ، فَإِذَا فَاتَهُ
شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ، قَرَأَهُ بِالنَّهَارِ (3) .
حَمَّادٌ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ
يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ (4) .
قُلْتُ: كَانَ مَشْهُوْراً بِالوَسْوَاسِ.
قَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: رَأَيْتُهُ إِذَا
تَوَضَّأَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، بَلَغَ عَضَلَةَ سَاقَيْهِ
(5) .
قَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ
مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ كُنْيَتَهَ: أَبُو بَكْرٍ،
وَرَأَيْتُهُ يَتَخَتَّمُ فِي الشِّمَالِ (6) .
__________
(1) أورده ابن عساكر 15 / 228 آ مطولا.
(2) ابن عساكر 15 / 228 آ، وانظر الحلية 2 / 277.
(3) ابن عساكر 15 / 221 آ، وما بين الحاصرتين من تاريخ
المؤلف وابن عساكر.
وأورد أبو نعيم في الحلية 2 / 271، 272 بنحوه.
(4) ابن سعد 7 / 200.
(5) ابن سعد 7 / 203.
(6) انظر ابن سعد 7 / 203.
(4/618)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو: سَمِعْتُ
ابْنَ سِيْرِيْنَ يَقُوْلُ: عَقَقْتُ عَنْ نَفْسِي
بُخْتِيَّةً (1) .
وَقَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: رَأَيْتُ ابْنَ
سِيْرِيْنَ يَلْبَسُ طَيْلَسَاناً، وَيَلْبَسُ كِسَاءً
أَبْيَضَ فِي الشِّتَاءِ، وَعِمَامَةً بَيْضَاءَ
وَفَرْوَةً (2) .
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: رَأَيْتُ ابْنَ
سِيْرِيْنَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الثَّمِيْنَةَ،
وَالطَّيَالِسَ، وَالعَمَائِمَ (2) .
يَحْيَى بنُ خُلَيْفٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَتَعَمَّمُ بِعِمَامَةٍ
بَيْضَاءَ لاَطِيَةٍ، قَدْ أَرْخَى ذَوَائِبَهَا مِنْ
خَلْفِهِ، وَرَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ (2) .
قَالَ أَبُو الأَشْهَبِ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَ
كَتَّانٍ (2) .
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو:
رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَخْضِبُ بِحِنَّاءٍ وَكَتَمٍ،
وَرَأَيْتُهُ لاَ يُحْفِي شَارِبَهُ (3) .
قَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ: أَمَرَ ابْنُ سِيْرِيْنَ
سُوَيْداً أَنْ يَجْعَلَ لَهُ حُلَّةً حِبَرَةً يُكَفَّنُ
فِيْهَا (4) .
وَقَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ
بِنْتُ سِيْرِيْنَ، قَالَتْ:
كَانَتْ وَالِدَةُ مُحَمَّدٍ حِجَازِيَّةً، وَكَانَ
يُعْجِبُهَا الصِّبْغُ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى
لَهَا ثَوْباً، اشْتَرَى أَلْيَنَ مَا يَجِدُ، فَإِذَا
كَانَ عِيْدٌ، صَبَغَ لَهَا ثِيَاباً، وَمَا رَأَيْتُهُ
رَافِعاً صَوْتَهُ عَلَيْهَا، كَانَ إِذَا كَلَّمَهَا
كَالمُصْغِي إِلَيْهَا (5) .
__________
(1) انظر ابن سعد 7 / 204، وعققت: من عق فلان عن ابنه: إذا
ذبح عنه شاة يوم أسبوعه.
والبختية: الانثى من الجمال البخت (طوال الاعناق).(لسان).
(2) ابن سعد 7 / 204.
(3) انظر ابن سعد 7 / 204 و205.
(4) ابن سعد 7 / 205.
(5) ابن سعد 7 / 198 وابن عساكر 15 / 223 آ.
(4/619)
بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَنِ ابْنِ
عَوْنٍ:
أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ أُمِّهِ لَوْ
رَآهُ رَجُلٌ لاَ يَعْرِفُهُ، ظَنَّ أَنَّ بِهِ مَرَضاً
مِنْ خَفْضِ كَلاَمِهِ عِنْدَهَا (1) .
أَزْهَرُ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانُوا إِذَا ذَكَرُوا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَجُلاً
بِسَيِّئَةٍ، ذَكَرَهُ هُوَ بِأَحْسَنِ مَا يَعْلَمُ.
وَجَاءهُ نَاسٌ، فَقَالُوا: إِنَّا نِلْنَا مِنْكَ،
فَاجْعَلْنَا فِي حِلٍّ.
قَالَ: لاَ أُحِلُّ لَكُمْ شَيْئاً حَرَّمَهُ اللهُ (2) .
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ،
قَالَ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أَشْتَرِيَ
البَزَّ، فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ بِالكُوْفَةِ،
فَسَاوَمْتُهُ، فَجَعَلَ إِذَا بَاعَنِي صِنْفاً مِنْ
أَصْنَافِ البَزِّ، قَالَ: هَلْ رَضِيْتَ؟
فَأَقُوْلُ: نَعَمْ.
فَيُعِيْدُ ذَلِكَ عَلَيَّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ
يَدْعُو رَجُلَيْنِ، فَيُشْهِدُهُمَا، وَكَانَ لاَ
يَشْتَرِي وَلاَ يَبِيْعُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ
الحَجَّاجِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَرَعَهُ، مَا
تَرَكْتُ شَيْئاً مِنْ حَاجَتِي أَجِدُهُ عِنْدَهُ إِلاَّ
اشْتَرَيْتُهُ، حَتَّى لَفَائِفَ البَزِّ (3) .
أَبُو كُدَيْنَةَ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ إِذَا وَقَعَ عِنْدَهُ دِرْهَمُ
زَيْفٍ أَوْ سُتُّوْقٍ، لَمْ يَشْتَرِ بِهِ، فَمَاتَ
يَوْمَ مَاتَ وَعِنْدَهُ خَمْسُ مائَةٍ زُيُوْفاً
وَسُتُّوْقَةً (4) .
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ،
قَالَ:
كَانَتْ وَصِيَّةُ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ: ذَكَرَ مَا
أَوْصَى بِهِ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي عَمْرَةَ أَهْلَهُ
وَبَنِيْهِ؛ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ، وَيُصْلِحُوا ذَاتَ
بَيْنِهِم، وَأَنْ يُطِيْعُوا اللهَ وَرَسُوْلَهُ إِنْ
كَانُوا مُؤْمِنِيْنَ، وَأَوْصَاهُم بِمَا أَوْصَى بِهِ:
{... إِبْرَاهِيْمُ بَنِيْهِ وَيَعْقُوْبُ: يَا بَنِيَّ،
إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّيْنَ، فَلاَ تَمُوْتُنَّ
__________
(1) ابن عساكر 15 / 223 آ.
(2) ابن سعد 7 / 200، وانظر الحلية 2 / 263.
(3) ابن سعد 7 / 202 وابن عساكر 15 / 219 ب.
(4) ابن سعد 7 / 201، 202.
(4/620)
إِلاَّ وَأَنْتُم مُسْلِمُوْنَ}
[البَقَرَةُ: 132]، وَأَوْصَاهُم أَنْ لاَ يَدَعُوا أَنَّ
يَكُوْنُوا إِخْوَانَ الأَنْصَارِ وَمَوَالِيَهُم فِي
الدِّيْنِ، فَإِنَّ العَفَافَ وَالصِّدْقَ خَيْرٌ
وَأَبْقَى وَأَكْرَمُ مِنَ الزِّنَى وَالكَذِبِ، وَأَوْصَى
فِيْمَا تَرَكَ: إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ قَبْلَ أَنْ
أُغَيِّرَ وَصِيَّتِي...، فَذَكَرَ الوَصِيَّةَ (1) .
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ
السِّيْرِيْنِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيْهِ؛
عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
لَمَّا ضَمِنْتُ عَلَى أَبِي دَيْنَهُ، قَالَ لِي:
بِالوَفَاءِ؟
قُلْتُ: بِالوَفَاءِ.
فَدَعَى لِي بِخَيْرٍ، فَقضَى عَبْدُ اللهِ عَنْهُ
ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَمَا مَاتَ عَبْدُ اللهِ
حَتَّى قَوَّمْنَا مَالَهُ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ
دِرْهَمٍ، أَوْ نَحْوَهَا (2) .
قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: أَنَا زَرَرْتُ عَلَى
مُحَمَّدٍ القَمِيْصَ -يَعْنِي: لَمَّا كَفَّنَهُ (3) -.
وَرَوَى: أَيُّوْبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَنْ يُجْعَلَ لِقَمِيْصِ
المَيِّتِ أَزْرَارٌ، وَيُكَفَّ (4) .
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ مُحَمَّدٌ بَعْدَ الحَسَنِ
البَصْرِيِّ بِمائَةِ يَوْمٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ.
خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ،
قَالَ:
مَاتَ ابْنُ سِيْرِيْنَ لِتِسْعٍ مَضَيْنَ مِنْ شَوَّالٍ،
سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ (5) .
أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ
أَيُّوْبَ:
أَنَّ رَجُلَيْنِ تَآخَيَا، فَتَعَاهَدَا إِنْ مَاتَ
أَحَدُهُمَا قَبْلَ الآخَرِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِمَا وَجَدَ،
فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَرَآهُ
__________
(1) ابن سعد 7 / 205، وابن عساكر 15 / 228 ب.
(2) ابن سعد 7 / 205.
(3) ابن سعد 7 / 206، وانظر 205، وما بين الحاصرتين من
تاريخ المؤلف.
(4) ابن سعد 7 / 205.
(5) ابن عساكر 15 / 230 آ.
(4/621)
الآخَرُ فِي النَّوْمِ، فَسَأَلَهُ عَنِ
الحَسَنِ البَصْرِيِّ؟
قَالَ: ذَاكَ مَلَكٌ فِي الجَنَّةِ لاَ يَعْصِي.
قَالَ: فَابْنُ سِيْرِيْنَ؟
قَالَ: ذَاكَ فِيْمَا شَاءَ وَاشْتَهَى، شَتَّانَ مَا
بَيْنَهُمَا.
قَالَ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَدْرَكَ الحَسَنَ؟
قَالَ: بِشِدَّةِ الخَوْفِ وَالحُزْنِ (1) .
جَمَاعَةٌ: سَمِعُوا المُحَارِبِيَّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ
بنُ دِيْنَارٍ، قَالَ:
كَانَ الحَكَمُ بنُ جَحْلٍ صَدِيْقاً لابْنِ سِيْرِيْنَ،
فَحَزِنَ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ حَتَّى كَانَ يُعَادُ.
ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُهُ فِي المَنَامِ فِي حَالِ كَذَا
وَكَذَا، فَسَأَلْتُهُ لَمَّا سَرَّنِي: مَا فَعَلَ
الحَسَنُ؟
قَالَ: رُفِعَ فَوْقِي سَبْعِيْنَ دَرَجَةً.
قُلْتُ: بِمَ؟ فَقَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّكَ فَوْقَهُ!
قَالَ: بِطُوْلِ الحُزْنِ (2) .
وَقَدْ كَانَ الأَوْزَاعِيُّ أَشَارَ عَلَيْهِ يَحْيَى بنُ
أَبِي كَثِيْرٍ أَنْ يَرْتَحِلَ إِلَى البَصْرَةِ،
لِلُقِيِّ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، فَأَتَى، فَوَجَدَهُ
فِي مَرَضِ المَوْتِ، فَعَادَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ -
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
وَبَلَغَنِي أَنَّ اسْمَ أُمِّهِ: صَفِيَّةُ، مَوْلاَةٌ
لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
247 - أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ * (ع)
كَان آخِرَهُم مَوْتاً، أُدْخِلَ عَلَى زَيْدِ (3) بنِ
ثَابِتٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: جُنْدُبٍ البَجَلِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ،
وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَسْرُوْقٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ عَوْنٍ، وَخَالِدٌ، وَشُعْبَةُ،
وَالحَمَّادَانِ، وَهَمَّامٌ، وَأَبَانٌ العَطَّارُ،
وَخَلْقٌ.
__________
(1) ابن عساكر 15 / 230 آ، ب، وما بين الحاصرتين من
التاريخ للمؤلف.
(2) ابن عساكر 15 / 230 ب.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 207، طبقات خليفة ت 1777، المعارف
442، أخبار القضاة 2 / 382، الجرح والتعديل القسم الأول من
المجلد الأول 287، تاريخ ابن عساكر 3 / 73 ب تهذيب الكمال
ص 124، تاريخ الإسلام 4 / 233، العبر 1 / 151، تذهيب
التهذيب 1 / 73 آ، مرآة الجنان 1 / 256، تهذيب التهذيب 1 /
374، خلاصة تذهيب التهذيب 40، شذرات الذهب 1 / 157، تهذيب
ابن عساكر 3 / 138.
(3) في الأصل: " يزيد " تصحيف.
(4/622)
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ،
وَغَيْرُهُ.
مَاتَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ - وَاللهُ
أَعْلَمُ (1) -.
جَاءَ فِي الأَصْلِ الَّذِي اعْتَمَدْنَاهُ مَا نَصُّهُ :
تَمَّ الجُزءُ الرَّابِعُ مِنْ (سِيَرِ أَعْلاَمِ
النُّبَلاَءِ) لِلشَّيْخِ الإِمَامِ الحُجَّةِ شَمْسِ
الدِّيْنِ بنِ الذَّهَبِيِّ ، فسح الله فِي مدَّته.
وَهُوَ أَوَّلُ نُسْخَةٍ نُسِخَتْ مِنْ خَطِّ المُصَنِّفِ
وَقُوْبِلَتْ عَلَيْهِ.
وَيَتلُوهُ فِي الجُزْءِ الَّذِي يَلِيْهِ وَهُوَ
الخَامِسُ : أَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى عَبْدُ
اللهِ بنُ قَيْسِ بنِ حَضَّارٍ الأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ.
وَكَانَ الفَرَاغُ مِنْ نَسْخِهِ فِي سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسَبْعِ مائَةٍ.
وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ
عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيُّهِ، وَخِيرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ
وَسَلَّمَ
المُجَلَّدُ الخَامِسُ
(4/623)
|