سير أعلام النبلاء، ط الرسالة

الطَّبَقَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ
49 - عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ بنِ جَهْمِ بنِ عِيْسَى العَصَرِيُّ * (خَ)
ابْنِ حَسَّانِ ابْنِ صَاحِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أَشَجِّ عَبْدِ القَيْسِ المُنْذِرِ العَصَرِيُّ (1) ، البَصْرِيُّ، مُسْنِدُ وَقْتِهِ، وَمُؤَذِّنُ جَامِعِ البَصْرَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَرُؤْبَةَ بنِ العَجَّاجِ، وَجَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، وَشُعْبَةَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ)- وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِهِ - وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَسِيْدُ بنُ عَاصِمٍ، وَالحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو
__________
(*) تاريخ خليفة: 476، طبقات خليفة ت (1954)، التاريخ الصغير 2 / 340، التاريخ الكبير 6 / 256، الجرح والتعديل 6 / 172، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 351، المعجم المشتمل: 186، تهذيب الكمال لوحة 923، تذهيب التهذيب 3 / 35 / 1، الكاشف 2 / 257، المغني في الضعفاء 2 / 429، ميزان الاعتدال 3 / 59، تذكرة الحفاظ 1 / 375، العبر 1 / 380، تهذيب التهذيب 7 / 157، طبقات الحفاظ: 162، خلاصة تذهيب الكمال: 263، شذرات الذهب 2 / 47.
(1) نسبة إلى " عصر " بطن من عبد القيس، وهو عصر بن عوف بن عمرو بن عوف بن جذيمة. " الأنساب " 8 / 465.

(10/209)


مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ الذَّرَّاعُ، وَمُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا الأَصْبَهَانِيُّ، وَخَلْقٌ، خَاتِمَتُهُمُ: أَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ بِأَخَرَةٍ يُلَقَّنُ (1) .
قُلْتُ: يَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُمْ بِالحَدِيْثِ، فَيَتَوَقَّفُ فِيْهِ، وَيَتَغَلَّطُ، فَيَرُدُّوْنَ عَلَيْهِ، فَيَقُوْلُ.
وَمِثْلُ هَذَا غَضٌّ عَنْ رُتْبَةِ الحِفْظِ؛ لِجَوَازِ أَنَّ فِيْمَا رُدَّ عَلَيْهِ زِيَادَةً أَوْ تَغْييراً يَسِيْراً - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَاتَ فِي حَادِيَ عَشَرِ رَجَبٍ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُلُوْكٍ (2) ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ (3) ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ كَانَ العِلْمُ مُعَلَّقاً بِالثُّرَيَّا، لَتَنَاوَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ) (4) .
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 172.
(2) هو أبو المواهب أحمد بن محمد بن ملوك الوراق، شيخ لابن طبرزد.
" تبصير المنتبه " 4 / 1316.
(3) نسبة إلى الغطريف جده.
(4) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وهو في " المسند " 2 / 297 و420 و422 و469، و" حلية الأولياء " 6 / 64، و" تاريخ أصبهان " 1 / 4، وذكره الهيثمي في " المجمع " 10 / 64، وقال: رواه أحمد وفيه شهر، وثقه أحمد وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: وهو في البخاري 8 / 492، 493، ومسلم (2546) من حديث أبي هريرة بلفظ: " لو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من فارس ".

(10/210)


50 - عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ أَبُو الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ * (4)
مَوْلَى الأَمِيْرِ فَاتِحِ خُرَاسَانَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ القُرَشِيِّ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَأَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ، وَسَلِيْمٍ مَوْلَى الشَّعْبِيِّ، وَهِشَامِ بنِ سَعْدٍ المَدَنِيِّ، وَخَارِجَةَ بنِ مُصْعَبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ العُمَرِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَيُقَالُ: هُوَ نَيْسَابُوْرِيُّ الأَصْلِ، تَحَوَّلُوا إِلَى مَرْوَ.
وَكَانَ عَلِيٌّ عَالِماً، صَاحِبَ حَدِيْثٍ كَأَبِيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَعَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ، وَرَجَاءُ بنُ مُرَجَّى، وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلِ بنِ خُوَيْلِدٍ (1) ، وَمُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُنِيْبٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ (2) .
قَالَ البُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (3) .
__________
(*) التاريخ الكبير 6 / 267، التاريخ الصغير 2 / 321، الجرح والتعديل 6 / 179، تهذيب الكمال لوحة 967، تذهيب التهذيب 3 / 59 / 2، العبر 1 / 360، 361، ميزان الاعتدال 3 / 123، الكاشف 2 / 282، المغني في الضعفاء 2 / 446، تهذيب التهذيب 7 / 308، خلاصة تذهيب الكمال: 273، شذرات الذهب 2 / 27.
(1) في الأصل: " خويلة " وهو خطأ، ومحمد بن عقيل من رجال التهذيب.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 179.
(3) " التاريخ الكبير " 6 / 267.

(10/211)


قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ: البُخَارِيُّ فِي (الأَدَبِ)، وَمُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ، وَأَرْبَابُ السُّنَنِ، وَهُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ، كَبِيْرُ القَدْرِ.

51 - خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ التَّمِيْمِيُّ الكُوْفِيُّ * (س، ق)
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيْمِيُّ، الكُوْفِيُّ، مَوْلَى آلِ جَعْدَةَ.
نَزَلَ المَصِّيْصَةَ لِلْجهَادِ، وَصَحِبَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَاصِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّهْشَلِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَزَائِدَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ - أَحَدُ شُيُوْخِهِ - وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ، وَصَاعِقَةُ، وَالدُّوْرِيُّ، وَالصَّاغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ الأَزْرَقُ، وَعَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ (1) .
وَثَّقَهُ: أَبُو حَاتِمٍ (2) .
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: صَدُوْقٌ (3) .
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ، أَحَدُ النُّسَّاكِ وَالمُجَاهِدِيْنَ (4) .
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 491، التاريخ لابن معين: 149، التاريخ الكبير 3 / 197، التاريخ الصغير 2 / 316، الجرح والتعديل 3 / 370، تهذيب الكمال لوحة 378، تذهيب التهذيب 1 / 198 / 2، الكاشف 1 / 281، تذكرة الحفاظ 1 / 379، تهذيب التهذيب 3 / 148، خلاصة تذهيب الكمال: 105.
(1) نسبة إلى ترقف: بلدة من نواحي العراق.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 370.
(3) " تاريخ ابن معين " ص 149.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 378.

(10/212)


قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (1) .
وَعِنْدَهُ عَنْ سُفْيَانَ عَشْرَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ.

52 - عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ أَبُو حَفْصٍ التِّنِّيْسِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو حَفْصٍ التِّنِّيْسِيُّ، مِنْ مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ، دِمَشْقِيٌّ، سَكَنَ تِنِّيْسَ، فَنُسِبَ إِلَيْهَا.
حَدَّثَ عَنْ: الأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي مُعَيْدٍ حَفْصِ بنِ غَيْلاَنَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَصَدَقَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّمِيْنِ، وَزُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيِّ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَإِدْرِيْسَ بنِ يَزِيْدَ الأَوْدِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ سَعِيْدٌ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، وَدُحَيْمٌ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْنَدِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَالذُّهْلِيُّ، وَابْنُ وَارَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَرْقِيِّ، وَأَخُوْهُ؛ أَحْمَدُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْدٍ المَقْدِسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبُّوْدٍ، وَخَلْقٌ.
قَالَ حَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ: لَمَّا رَجَعْنَا مِنْ مِصْرَ، دَخَلْنَا عَلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: مَرَرْتُمْ بعَمْرِو بنِ أَبِي سَلَمَةَ؟
فَقُلْنَا: وَمَا عِنْدَهُ خَمْسُوْنَ حَدِيْثاً، وَالبَاقِي مُنَاوَلَةً.
قَالَ: كُنْتُمْ تَنْظُرُوْنَ فِي المُنَاوَلَةِ، وَتَأَخُذُوْنَ مِنْهَا (2) .
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 491.
(*) التاريخ الصغير 2 / 326، التاريخ الكبير 6 / 341، تاريخ أبي زرعة 1 / 264 و265 و275 و285 و315 و709 و723، الجرح والتعديل 6 / 235، الأنساب 3 / 96، تهذيب الكمال لوحة 1036، تذهيب التهذيب 3 / 99 / 1، الكاشف 2 / 330، ميزان الاعتدال 3 / 262، تهذيب التهذيب 8 / 43، مقدمة فتح الباري: 430، خلاصة تذهيب الكمال: 289.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1037.
والمناولة: هي أن يعطي الشيخ للطالب أصل =

(10/213)


قَالَ الوَلِيْدُ بنُ بَكْرٍ العُمَرِيُّ: عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الأَخْبَارِ، مِنْ نَمَطِ ابْنِ وَهْبٍ، يَخْتَارُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ.
قُلْتُ: حَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، وَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ.
وَقَدْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَحدَهُ (1) .
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.

53 - مُعَاوِيَةُ بنُ عَمْرِو بنِ المُهَلَّبِ بنِ عَمْرٍو الأَزْدِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، أَبُو عَمْرٍو الأَزْدِيُّ، المَعْنِيُّ (2) ، البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْرَائِيْلَ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَزَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ المَسْعُوْدِيِّ، وَفُضَيْلِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ - وَهُوَ مَعَ الجَمَاعَةِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ - وَأَبُو بَكْرٍ
__________
= سماعه، أو فرعا مقابلا به، ويقول له: هذا سماعي عن فلان فاروه عني، أو أجزت لك روايته عني، ثم يبقيه معه ملكا له، أو يعيره إياه لينسخه ويقابل به، ثم يعيده للشيخ.
والمناولة المقرونة بالاجازة مع التمكين من النسخة هي أعلى أنواع الاجازة على الاطلاق، ودونها المناولة المقرونة بالاجازة من غير تمكين من النسخة، وأضعفها المناولة المجردة من الاجازة.
انظر " شرح ألفية الحديث " للسخاوي 2 / 101 وما بعدها.
(1) كذا قال هنا، مع أنه قال في " الميزان " 3 / 262: وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
وقال الساجي: ضعيف.
وقال العقيلي: في حديثه وهم.
وانظر " الجرح والتعديل " 6 / 235، 236، و" تهذيب الكمال " لوحة 1037.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 341، التاريخ لابن معين: 573، طبقات خليفة ت (1622)، التاريخ الكبير 7 / 334، التاريخ الصغير 2 / 328، تاريخ بغداد 13 / 197، 198، تهذيب الكمال لوحة 1346، العبر 1 / 366، تذهيب التهذيب 3 / 52 / 1، الكاشف 3 / 158، تهذيب التهذيب 10 / 215، خلاصة تذهيب الكمال: 382، شذرات الذهب 2 / 34.
(2) نسبة إلى معن بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بطن بن الاوس.

(10/214)


ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَعَمْرُو بنُ النَّاقِدِ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَهَارُوْنُ الحَمَّالُ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ الأَزْدِيُّ - سِبْطُهُ - وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: صَدُوْقٌ، ثِقَةٌ (1) .
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ رَجُلاً شُجَاعاً، لاَ يُبَالِي بِلِقَاءِ عِشْرِيْنَ (2) .
وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الكَرْمَانِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: يَرْوِي عَنْ زَائِدَةَ (مُصَنَّفَهُ)، وَيَرْوِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ كِتَابَ (السِّيْرَةِ فِي دَارِ الحَرْبِ).
نَزَلَ بَغْدَادَ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُهَا (3) .
قَالَ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ الأَزْدِيُّ: رَأَيْتُ جَدِّي -رَحِمَهُ اللهُ- مُعَاوِيَةَ بنَ عَمْرٍو، وَهُوَ عِنْدَ رَأْسِ أُمِّي، وَهِيَ فِي المَوْتِ، فَجَعَلَ وَجْهَهَا بِحِذَاءِ القِبْلَةِ، وَرِجْلَيْهَا بِحِذَاءِ القِبْلَةِ، فَلَمَّا قَارَبَتْ أَنْ تَقْضِيَ، سَتَرَهَا مِنَّا، وَصَلَّى عَلَيْهَا، فَكَبَّرَ أَرْبَعاً.
قَالَ: وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (4) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي غُرَّةِ جُمَادَى الأُوْلَى، مِنْهَا (5) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 198، و" تهذيب الكمال " لوحة 1346.
(2) " تاريخ ابن معين " ص 573.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 341.
(4) " تاريخ بغداد " 13 / 198، و" تهذيب الكمال " لوحة 1346.
(5) " طبقات ابن سعد " 7 / 341.

(10/215)


54 - أَبُو أَحْمَدَ المُؤَدِّبُ حُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرُّوْذِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو أَحْمَدَ حُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَهْرَامَ المَرُّوْذِيُّ، المُؤَدِّبُ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَجَرِيرِ بنِ حَازِمٍ، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، وَإِسْرَائِيْلَ بنِ يُوْنُسَ، وَأَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بنِ مُطَرِّفٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ قَرْمٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ - وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ - وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَحَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ الأَشْعَرِيُّ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: اكتُبُوا عَنْ أَبِي أَحْمَدَ حُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ.
وَجَاءَ أَحْمَدُ مَعِيَ إِلَيْهِ، يَسْأَلُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي (1) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ (2) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (3) .
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 338، تاريخ ابن معين: 119، التاريخ الكبير 2 / 390، الجرح والتعديل 3 / 64، تاريخ بغداد 8 / 88 - 90، تهذيب الكمال لوحة 298، تذهيب التهذيب 1 / 158 / 2، الكاشف 1 / 234، ميزان الاعتدال 1 / 1 / 547، المغني في الضعفاء 1 / 175، العبر 1 / 366، تهذيب التهذيب 2 / 366، طبقات الحفاظ: 161، خلاصة تذهيب الكمال: 84.
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 89.
(2) " الطبقات " 7 / 338.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 298.

(10/216)


قُلْتُ: اخْتَلَفُوا فِي وَفَاتِهِ.
فَقَالَ حَنْبَلٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (1) .
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ (2) .
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ، أَوِ الثَّمَانِيْنَ، وَحَدِيْثُهُ فِي الأُصُوْلِ السِّتَّةِ.

55 - خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ أَبُو الهَيْثَمِ البَجَلِيُّ * (خَ، م، ت، س، ق)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، المُكْثِرُ، المُغْرِبُ، أَبُو الهَيْثَمِ البَجَلِيُّ، الكُوْفِيُّ، القَطَوَانِيُّ.
وَقَطَوَانُ: مَكَانٌ بِالكُوْفَةِ.
جُلُّ رِوَايَتِهِ عَنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: مَالِكٍ، وَأَبِي الغُصْنِ ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَنَافِعِ بنِ أَبِي نُعَيْمٍ، وَعَلِيِّ بنِ صَالِحِ بنِ حَيٍّ، وَكَثِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الفِطْرِيِّ (3) ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ)، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ كَرَامَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 90.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 298.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 406، التاريخ الكبير 3 / 147، التاريخ الصغير 2 / 331، الجرح والتعديل 3 / 354، الكامل لابن عدي 2 / لوحة 237، الأنساب 10 / 197، المعجم المشتمل: 114، اللباب 3 / 47، تهذيب الكمال لوحة 367، تذكرة الحفاظ 1 / 406، العبر 1 / 364، ميزان الاعتدال 1 / 640، تذهيب التهذيب 1 / 192 / 1، الكاشف 1 / 274، تهذيب التهذيب 3 / 116، طبقات الحفاظ: 173، خلاصة تذهيب الكمال: 102، شذرات الذهب 2 / 29.
(3) نسبة إلى الفطريين، وهم من موالي بني مخزوم " الأنساب " 9 / 317.

(10/217)


شَدَّادٍ المِسْمَعِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَدْ رَوَى الجَمَاعَةُ - سِوَى أَبِي دَاوُدَ - عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ (1) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: صَدُوْقٌ، لَكِنَّهُ يَتَشَيَّعُ (2) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَهُ أَحَادِيْثُ مَنَاكِيْرُ (3) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ مُنْكَرَ الحَدِيْثِ، مُفْرِطاً فِي التَّشَيُّعِ، كَتَبُوا عَنْهُ ضَرُوْرَةً (4) .
وَذَكَرَهُ: ابْنُ عَدِيٍّ فِي (كَامِلِهِ (5))، فَأَوْرَدَ لَهُ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ مُنْكَرَةٍ (6) .
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (7) .
وَزَادَ صَاحِبُ (النَّبَلِ): مَاتَ فِي المُحَرَّمِ (8) .
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي جَمْعِهِ لِحَدِيْثِ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 367.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 367.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 367.
(4) " الطبقات الكبرى " 6 / 406.
(5) 2 / لوحة 237.
(6) قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 398: قلت: أما التشيع فقد قدمنا أنه إذا كان ثبت الاخذ والاداء لا يضره، لا سيما ولم يكن داعية إلى رأيه، وأما المناكير، فقد تتبعها أبو أحمد بن عدي من حديثه، وأوردها في " كامله " وليس فيها شيء مما أخرجه له البخاري، بل لم أر له عنده من أفراده سوى حديث واحد، وهو حديث أبي هريرة: " من عادى لي وليا.
" الحديث.
وروى له الباقون سوى أبي داود.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 367.
(8) " المعجم المشتمل " ص 114

(10/218)


وَقِيْلَ: بَلِ القَطَوَانِيُّ لَقَبٌ لَهُ.
وَقِيْلَ: نِسْبَةً إِلَى مَحَلَّةٍ (1) .
وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ مَوْتاً: مُحَمَّدُ بنُ شَدَّادٍ.
قَالَهُ: الخَطِيْبُ.
وَرَوَى البُخَارِيُّ حَدِيْثَ: (مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً، فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ) عَنِ ابْنِ كرَامَةَ، عَنْ خَالِدٍ.
وَهُوَ غَرِيْبٌ جِدّاً، لَمْ يَرْوِهِ سِوَى ابْنِ كَرَامَةَ، عَنْهُ (2) .

56 - سُرَيْجُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ مَرْوَانَ الجَوْهَرِيُّ * (خَ، 4)
الإِمَامُ، أَبُو الحُسَيْنِ - وَقِيْلَ: أَبُو الحَسَنِ - البَغْدَادِيُّ، الجَوْهَرِيُّ، اللُّؤْلُؤِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَنَافِعِ بنِ عُمَرَ المَكِّيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُؤَمَّلِ المَخْزُوْمِيِّ، وَحَشْرَجِ بنِ نُبَاتَةَ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَالبَاقُوْنَ - بِوَاسِطَةٍ سِوَى مُسْلِمٍ - وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
__________
(1) " المعجم المشتمل " ص 114
(2) الحديث أخرجه البخاري 11 / 292، 295 في الرقاق: باب التواضع.
وقال الحافظ: ولكن للحديث طرق أخرى يدل مجموعها على أن له أصلا، ثم ذكره عن عائشة وأبي أمامة، وعلي، وابن عباس، وأنس، وحذيفة، ومعاذ بن جبل، وعزاها إلى مخرجيها، وتكلم عليها، فارجع إليه.
(*) التاريخ الكبير 4 / 205، الجرح والتعديل 4 / 304، تاريخ بغداد 9 / 217، المعجم المشتمل: 125، تهذيب الكمال لوحة 469، تذهيب التهذيب 2 / 6 / 1، الكاشف 1 / 349، ميزان الاعتدال 2 / 116، تهذيب التهذيب 3 / 457، خلاصة تذهيب الكمال: 132.

(10/219)


وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ أَيْضاً، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.
وَثَّقَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَقَدْ غَلِطَ فِي أَحَادِيْثَ (1) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (2) .
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَعْيَانِ المُحَدِّثِيْنَ.
قَالَ حَنْبَلٌ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الأَضْحَى، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (3) .
قُلْتُ: فِيْهَا مَاتَ حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ (4) ، وَمُوْسَى بنُ دَاوُدَ الضَّبِّيُّ (5) ، وَهِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ العَطَّارُ العَابِدُ، وَعَمْرُو بنُ مَسْعَدَةَ كَاتِبُ السِّرِّ لِلْمَأْمُوْنِ (6) ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ (7) .

57 - عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ بنِ أَعْيَنَ بنِ لَيْثٍ المِصْرِيُّ * (س)
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، مُفْتِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، المَالِكِيُّ، صَاحِبُ مَالِكٍ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ مَوَالِي عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- (8) .
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 469.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 469.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 469.
(4) سترد ترجمته في الصفحة 352 من هذا الجزء.
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة 136.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة 181.
(7) سترد ترجمته في الصفحة 265 من هذا الجزء.
* التاريخ الكبير 5 / 142، الجرح والتعديل 5 / 105، الانتقاء 52، 53، 113، ترتيب المدارك 2 / 523 - 528، وفيات الأعيان 3 / 34، 35، تهذيب الكمال لوحة 701، الكاشف 2 / 102، العبر 1 / 366، تذهيب التهذيب 2 / 159، 160، البداية والنهاية 10 / 269، الديباج المذهب 1 / 419 - 421، تهذيب التهذيب 5 / 289، حسن المحاضرة 1 / 305، خلاصة تذهيب الكمال: 204، شذرات الذهب 2 / 34، شجرة النور الزكية 1 / 59.
(8) " تهذيب الكمال " لوحة 701.

(10/220)


وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: اللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ، وَمَالِكَ بنَ أَنَسٍ، وَمُفَضَّلَ بنَ فَضَالَةَ، وَمُسْلِمَ بنَ خَالِدٍ الزَّنْجِيَّ، وَيَعْقُوْبَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإِسْكَنْدَرَانِيَّ، وَبَكْرَ بنَ مُضَرَ، وَابْنَ القَاسِمِ، وَابْنَ وَهْبٍ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ الأَئِمَّةُ: مُحَمَّدٌ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الحَكَمِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ البَرْقِيِّ، وَخَيْرُ بنُ عَرَفَةَ، وَمِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ الرُّعَيْنِيُّ، وَأَبُو يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو أَبُو الكَرَوَّسِ (1) ، وَمَالِكُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَيْفٍ التُّجِيْبِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ: أَبُو زُرْعَةَ (2) .
وَقَالَ ابْنُ وَارَةَ: كَانَ شَيْخَ أَهْلِ مِصْرَ (3) .
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: لَمْ أَرَ بِمِصْرَ أَعْقَلَ مِنْهُ، وَمِنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ (4) .
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِمَّنْ عَقَلَ مَذْهَبَ مَالِكٍ، وَفَرَّعَ عَلَى أُصُوْلِهِ (5) .
قُلْتُ: لَمْ يَثْبُتْ قَوْلُ ابْنِ مَعِيْنٍ: إِنَّهُ كَذَّابٌ.
__________
(1) في " تبصير المنتبه " 3 / 1192: وبفتح الكاف والراء وتشديد الواو: أبوالكروس محمد بن عمرو بن تمام الواسطي، روى عنه محمد بن عبد السلام البيروتي مكحول، وآخرون.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 702، و" حسن المحاضرة " 1 / 305.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 702.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 702.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 702، و" حسن المحاضرة " 1 / 305، ولفظه فيهما: كان ممن عقد على مذهب مالك، وفرع على أصوله.

(10/221)


قَالَ أَبُو عُمَرَ الكِنْدِيُّ: سَكَنَ أَبُوْهُ وَجَدُّهُ أَعْيَنُ جَمِيْعاً بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَبِهَا مَاتَا (1) .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: صَنَّفَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ كِتَاباً، اخْتَصَرَ فِيْهِ أَسْمِعَتَهُ مِنِ ابْنِ القَاسِمِ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَأَشْهَبَ، ثُمَّ اخْتَصَرَ مِنْ ذَلِكَ كِتَاباً صَغِيْراً، وَعَلَى الكِتَابَيْنِ مَعَ غَيْرِهِمَا مُعَوَّلُ البَغْدَادِيِّيْنَ المَالِكيَّةِ فِي المُدَارَسَةِ، وَإِيَّاهُمَا شَرَحَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ (2) .
قُلْتُ: وَذَكَرُوا أَنَّهُ صَنَّفَ كِتَابَ (الأَمْوَالِ)، وَكِتَابَ (مَنَاقِبِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ) وَسَارَتْ بِتَصَانِيْفِهِ الرُّكْبَانُ، وَكَانَ وَافِرَ الجَلاَلَةِ، كَثِيْرَ المَالِ، رَفِيْعَ المَنْزِلَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الفِيْرُوْزَابَاذِيُّ (3) : كَانَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ أَعْلَمَ أَصْحَابِ مَالِكٍ بِمُخْتَلِفِ قَوْلِهِ، أَفْضَتْ إِلَيْهِ الرِّئَاسَةُ بِمِصْرَ بَعْدَ أَشْهَبَ (4) .
قِيْلَ: إِنَّهُ أَعْطَى الشَّافِعِيَّ أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَأَخَذَ لَهُ مِنْ رَئِيْسَيْنِ (5) أَلْفَي دِيْنَارٍ، وَكَانَ يُزَكِّي العُدُوْلَ وَيُجَرِّحُهُم، وَمَا كَانَ يَشْهَدُ، وَدُفِنَ إِلَى جَنْبِ الشَّافِعِيِّ (6) .
قُلْتُ: وَكَانَ يُحَرِّضُ وَلَدَهُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ عَلَى مُلاَزَمَةِ الشَّافِعِيِّ.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 702.
(2) " الانتقاء " ص 53، و" ترتيب المدارك " 2 / 524.
(3) هو إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي الفيروزآبادي - نسبة إلى فيروزاباذ: بلدة بفارس بالقرب من شيراز - له كتاب " طبقات الفقهاء " و" اللمع " و" التنبيه ".
توفي سنة 476 ه وسترد ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(4) " ترتيب المدارك " 2 / 524.
(5) عند ابن خلكان: " رجلين " بدل " رئيسين ".
(6) " وفيات الأعيان " 3 / 35.

(10/222)


مَاتَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ-.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُذْهِبُ فِي جَمَاعَةٍ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَمُّوَيْه، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الحَكَمِ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ صَالِحٍ - هُوَ ابْنُ عَطَاءٍ - عَنْ جَابِرٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (أَنَا قَائِدُ المُرْسَلِيْنَ - وَلاَ فَخْرَ - وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّيْنَ - وَلاَ فَخْرَ - وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ - وَلاَ فَخْرَ -).
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ.
وَصَالِحٌ هَذَا: مِصْرِيٌّ، مَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْساً (1) .

58 - أَبُو المُغِيْرَةِ عَبْدُ القُدُّوْسِ بنُ الحَجَّاجِ الخَوْلاَنِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، مُسْنِدُ حِمْصَ، أَبُو المُغِيْرَةِ عَبْدُ القُدُّوسِ
__________
(1) وباقي رجاله ثقات، وهو في " سنن الدارمي " 1 / 27، لكن فيه بين صالح بن عطاء وبين جابر عطاء بن رباح.
وفي الباب عن أبي هريرة: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع " أخرجه أحمد 2 / 540، وأبو داود (4763)، ومسلم (2278). وعن أبي سعيد الخدري بلفظ: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر " أخرجه أحمد 3 / 2، والترمذي (3618)، وابن ماجه (4308)، وله شاهد من حديث عبد الله بن سلام عند ابن حبان (2128).
(*) التاريخ الصغير 2 / 324، التاريخ الكبير 6 / 120، الجرح والتعديل 6 / 56، المعجم المشتمل: 174، تهذيب الكمال لوحة 848، تذهيب التهذيب 2 / 246 / 1، الكاشف 2 / 204، ميزان الاعتدال 2 / 643، تذكرة الحفاظ 1 / 386، العبر 1 / 363، تهذيب التهذيب 6 / 369، خلاصة تذهيب الكمال: 242، شذرات الذهب 2 / 28.

(10/223)


بنُ الحَجَّاجِ الخَوْلاَنِيُّ، الحِمْصِيُّ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ، وَأَرْطَاةَ بنِ المُنْذِرِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدَةَ بِنْتِ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ، وَأَبِي عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَيَزِيْدَ بنِ عَطَاءٍ اليَشْكُرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ المَسْعُوْدِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ سِنَانٍ، وَعَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ يَزِيْدَ بنِ تَمِيْمٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَالذُّهْلِيُّ، وَسَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ يَزِيْدَ الحَوْطِيُّ (1) ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ زَنْجُوْيَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَوْطِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (3) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (4) .
قَالَ ابْنُ زَنْجُوْيَةَ: مَا رَأَيْتُ أَخْوَفَ للهِ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ سُلَيْمَانَ، وَلاَ رَأَيْتُ أَخْشَعَ مِنْ أَبِي المُغِيْرَةِ، وَلاَ أَحْفَظَ مِنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَلاَ أَعْقَلَ مِنْ
__________
(1) نسبة إلى " حوط " وهي قرية بمدينة حمص أو مدينة جبلة بالساحل.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 849.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 56.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 849.

(10/224)


أَبِي مُسْهِرٍ، وَلاَ أَوْرَعَ مِنَ الفِرْيَابِيِّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ أَبُو المُغِيْرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ (1) ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ، وَهُوَ وَالبَاقُوْنَ عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.

59 - أَسَدُ بنُ الفُرَاتِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَرَّانِيُّ ثُمَّ المَغْرِبِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القَاضِي، الأَمِيْرُ، مُقَدَّمُ المُجَاهِدِيْنَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ المَغْرِبِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بِحَرَّانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَهُ: ابْنُ مَاكُوْلاَ (2) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: سَنَةَ خَمْسٍ.
وَدَخَلَ القَيْرَوَانَ مَعَ أَبِيْهِ فِي الجِهَادِ، وَكَانَ أَبُوْهُ الفُرَاتُ بنُ سِنَانٍ مِنْ أَعْيَانِ الجُنْدِ.
رَوَى: أَسَدٌ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ (المُوَطَّأَ)، وَعَنْ: يَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَبِي يُوْسُفَ القَاضِي، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ.
وَغَلَبَ عَلَيْهِ عِلْمُ الرَّأْيِ، وَكَتَبَ عِلْمَ أَبِي حَنِيْفَةَ.
أَخَذَ عَنْهُ: شَيْخُهُ؛ أَبُو يُوْسُفَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ تَفَقَّهَ أَوَّلاً عَلَى الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ زِيَادٍ التُّوْنُسِيِّ.
__________
(1) " التاريخ الكبير " 6 / 120، 121.
(*) رياض النفوس 1 / 172 - 189، الإكمال لابن ماكولا 4 / 454، 455، ترتيب المدارك 2 / 465، وفيات الأعيان 3 / 182، معالم الايمان 2 / 3 - 26، العبر 1 / 364، الاحاطة في أخبار غرناطة 1 / 422، الديباج المذهب 1 / 305، 306، قضاة الأندلس: 54، شذرات الذهب 2 / 28، 29، شجرة النور الزكية 1 / 62.
(2) في " الإكمال " 4 / 454، 455.

(10/225)


قِيْلَ: إِنَّهُ رَجَعَ مِنَ العِرَاقِ، فَدَخَلَ عَلَى ابْنِ وَهْبٍ، فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبُ أَبِي حَنِيْفَةَ.
وَسَأَلَهُ أَنْ يُجِيْبَ فِيْهَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، فَأَبَى، وَتَوَرَّعَ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى ابْنِ القَاسِمِ، فَأَجَابَهُ بِمَا حَفِظَ عَنْ مَالِكٍ، وَبِمَا يَعْلَمُ مِنْ قَوَاعِدِ مَالِكٍ، وَتُسَمَّى هَذِهِ المَسَائِلُ: الأَسَدِيَّةُ (1) .
وَحَصَلَتْ بِإِفْرِيْقِيَةَ لَهُ رِيَاسَةٌ وَإِمْرَةٌ، وَأَخَذُوا عَنْهُ، وَتَفَقَّهُوا بِهِ.
وَحَمَلَ عَنْهُ سُحْنُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ، ثُمَّ ارْتَحَلَ سُحْنُوْنُ بِالأَسَدِيَّةِ إِلَى ابْنِ القَاسِمِ، وَعَرَضَهَا عَلَيْهِ.
فَقَالَ ابْنُ القَاسِمِ: فِيْهَا أَشْيَاءُ لاَ بُدَّ أَنْ تُغَيَّرَ، وَأَجَابَ عَنْ أَمَاكِنَ.
ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَسَدِ بنِ الفُرَاتِ: أَنْ عَارِضْ كُتُبَكَ بِكُتُبِ سُحْنُوْنَ.
فَلَمْ يَفْعَلْ، وَعَزَّ عَلَيْهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ القَاسِمِ، فَتَأَلَّمَ، وَقَالَ:
اللَّهُمَّ لاَ تُبَارِكْ فِي الأَسَدِيَّةِ، فَهِيَ مَرْفُوْضَةٌ عِنْدَ المَالِكِيَّةِ (2) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: كَانَ عِنْدَ ابْنِ القَاسِمِ نَحْوُ ثَلاَثِ مائَةِ جِلْدٍ مَسَائِلَ عَنْ مَالِكٍ، وَكَانَ أَسَدٌ مِنْ أَهْلِ المَغْرِبِ سَأَلَ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ عَنْ مَسَائِلَ، ثُمَّ سَأَلَ ابْنَ وَهْبٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ.
فَأَتَى ابْنَ القَاسِمِ، فَتَوَسَّعَ لَهُ، وَأَجَابَ بِمَا عِنْدَهُ عَنْ مَالِكٍ، وَبِمَا يَرَاهُ.
قَالَ: وَالنَّاسُ يَتَكَلَّمُوْنَ فِي هَذِهِ المَسَائِلِ (3) .
قَالَ عَبْدُ الرَّحِيْمِ الزَّاهِدُ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَسَدٌ، فَقُلْتُ: بِمَ تَأْمُرُنِي؟ بِقَولِ مَالِكٍ، أَوْ بِقَولِ أَهْلِ العِرَاقِ؟
فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيْدُ الآخِرَةَ، فَعَلَيْكَ بِمَالِكٍ.
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 469.
(2) انظر خبر المسائل الاسدية في " ترتيب المدارك " 2 / 469 - 473.
(3) " ترتيب المدارك " 2 / 469 - 471.

(10/226)


وَقِيْلَ: نَفِدَتْ نَفَقَةُ أَسَدٍ وَهُوَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَكَلَّمَ فِيْهِ الدَّوْلَةَ، فَنَفَّذُوا إِلَيْهِ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ (1) .
وَقَدْ كَانَ أَسَدٌ ذَا إِتْقَانٍ، وَتَحْرِيْرٍ لِكُتُبِهِ، لَقَدْ بِيْعَتْ كُتُبُ فَقِيْهٍ، فَنُوْدِيَ عَلَيْهَا: هَذِهِ قُوْبِلَتْ عَلَى كُتُبِ الإِفْرِيْقِيِّ، فَاشْتَرَوْهَا وَرَقَتَيْنِ بِدِرْهَمٍ.
وَعَنِ ابْنِ القَاسِمِ، أَنَّهُ قَالَ لأَسَدٍ:
أَنَا أَقْرَأُ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَتْمَتَيْنِ، فَأَنْزِلُ لَكَ عَنْ خَتْمَةٍ -يَعْنِي: لاشْتِغَالِهِ بِهِ- (2) .
قَالَ دَاوُدُ بنُ أَحْمَدَ: رَأَيْتُ أَسَداً يَعْرِضُ التَّفْسِيْرَ، فَقَرَأَ: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي}، فَقَالَ:
وَيلُ أُمِّ أَهْلِ البِدَعِ، يَزْعُمُوْنَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ كَلاَماً، يَقُوْلُ: أَنَا (3) .
قُلْتُ: آمَنْتُ بِالَّذِي يَقُوْلُ: {إِنِّيْ أَنَا اللهُ}، وَبأَنَّ مُوْسَى كَلِيْمُهُ سَمِعَ هَذَا مِنْهُ، وَلَكِنِّي لاَ أَدْرِي كَيْفَ تَكَلَّمَ اللهُ؟
مَضَى أَسَدٌ أَمِيْراً عَلَى الغُزَاةِ مِنْ قِبَلِ زَيَادَةِ اللهِ الأَغْلَبِيِّ مُتَوَلِّي المَغْرِبِ، فَافْتَتَحَ بَلَداً مِنْ جَزِيْرَةِ صَقِلِّيَّةَ (4) ، وَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ هُنَاكَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ مَعَ تَوَسُّعِهِ فِي العِلْمِ فَارِساً، بَطَلاً، شُجَاعاً، مِقْدَاماً، زَحَفَ إِلَيْهِ صَاحِبُ صَقِلِّيَّةَ فِي مائَةِ أَلْفٍ وَخَمْسِيْنَ أَلْفاً.
قَالَ رَجُلٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَسَداً
__________
(1) انظر " معالم الايمان " 2 / 9 - 11.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 469.
(3) " ترتيب المدارك " 2 / 474.
(4) كذا ضبطت في الأصل، وقال ياقوت في " معجمه ": صقلية بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء، وأكثر أهل صقلية يفتحون الصاد واللام، وهي من جزائر بحر المغرب مقابلة إفريقية.

(10/227)


وَبِيَدِهِ اللِّوَاءُ يَقْرَأُ سُوْرَةَ يس، ثُمَّ حَمَلَ بِالجَيْشِ، فَهَزَمَ العَدُوَّ، وَرَأَيْتُ الدَّمَ، وَقَدْ سَالَ عَلَى قَنَاةِ اللِّوَاءِ وَعَلَى ذِرَاعِهِ (1) .
وَمَرِضَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ سَرَقُوْسِيَةَ (2) .
وَلَمَّا وَلاَّهُ صَاحِبُ المَغْرِبِ الغَزْوَ، قَالَ: قَدْ زِدْتُكَ الإِمْرَةَ، وَهِيَ أَشْرَفُ، فَأَنْتَ أَمِيْرٌ وَقَاضٍ (3) .

60 - أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بنُ مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ * (ع)
ابْنِ عَبْدِ الأَعْلَى بنِ مُسْهِرٍ، الإِمَامُ، شَيْخُ الشَّامِ، أَبُو مُسْهِرٍ بنُ أَبِي ذُرَامَةَ الغَسَّانِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الفَقِيْهُ.
قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: أَيُّوْبَ بنِ تَمِيْمٍ، وَصَدَقَةَ بنِ خَالِدٍ، وَسُوَيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ تِلاَوَتِهِم عَلَى يَحْيَى الذِّمَارِيِّ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ أَيْضاً عَلَى: سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَلاَزمَهُ، وَسَمِعَ مِنْهُ.
وَمِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَسَعِيْدِ بنِ بِشْرٍ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ سَلاَّمٍ،
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 477.
(2) في " معجم البلدان ": سرقوسة: أكبر مدينة بجزيرة صقلية.
وانظر " ترتيب المدارك " 2 / 477 وفيه: وتوفي وهو محاصر سرقوسة.
(3) انظر الخبر بتمامه في " ترتيب المدارك " 2 / 477.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 473، تاريخ ابن معين: 339، التاريخ الكبير 6 / 73، التاريخ الصغير 2 / 339، الجرح والتعديل 6 / 29، تاريخ بغداد 11 / 72 - 75، ترتيب المدارك 2 / 416 - 419، مناقب الامام أحمد: 486 - 487، تهذيب الكمال لوحة 761، تذهيب التهذيب 2 / 198 / 1، 2، العبر 1 / 374، تذكرة الحفاظ 1 / 381، الكاشف 2 / 147، عيون التواريخ 7 / لوحة 314، طبقات القراء لابن الجزري 1 / 355، تهذيب التهذيب 6 / 98، طبقات الحفاظ: 163، خلاصة تذهيب الكمال: 221، شذرات الذهب 2 / 44.

(10/228)


وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَيَحْيَى بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي المُهَاجِرِ، وَيَحْيَى بنِ حَمْزَةَ القَاضِي، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُهَاجِرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَمَاعَةَ، وَخَالِدِ بنِ يَزِيْدَ المُرِّيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَأَخَذَ بِمَكَّةَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَخَذَ حَرْفَ نَافِعِ بنِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْهُ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ، وَدُحَيْمٌ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ - وَلَكِنْ قَلَّ مَا رَوَى عَنْهُ - وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَعَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ (1) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ سَمُّوْيَه، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَهَارُوْنُ بنُ مُوْسَى الأَخْفَشُ المُقْرِئُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الرَّوَّاسِ الهَاشِمِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ دُحَيْمٌ: وُلِدَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ (2) .
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَدْ رَأَيْتُ الأَوْزَاعِيَّ، وَرَأَيْتُ ابْنَ جَابِرٍ، وَجَالَسْتُهُ (3) .
__________
(1) هذه النسبة إلى بلاد مجتمعة وراء نهر جيحون يقال لها: " جغانيان "، وتعرب فيقال لها: " الصغانيان "، وهي كورة واسعة كثيرة الماء والشجر والاهل، وسوقها كبيرة، ومسجدها حسن مشهور، والنسبة إليها: الصغاني والصاغاني أيضا.
" الأنساب " 8 / 68.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 72.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 72.

(10/229)


قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَبُو مُسْهِرٍ رَاوِيَةَ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَكَانَ أُشْخِصَ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى المَأْمُوْنِ بِالرَّقَّةِ، فَسَأَلَهُ عَنِ القُرْآنِ، فَقَالَ: هُوَ كَلاَمُ اللهِ.
وَأَبَى أَنْ يَقُوْلُ: مَخْلُوْقٌ.
فَدَعَا لَهُ بِالنِّطْعِ وَالسَّيْفِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، قَالَ: مَخْلُوْقٌ.
فَتَرَكَهُ مِنَ القَتْلِ، وَقَالَ: أَمَّا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ ذَاكَ قَبْلَ السَّيْفِ، لَقَبِلْتُ مِنْكَ، وَلَكِنَّكَ تَخْرُجُ الآنَ فَتَقُوْلُ: قُلْتُ ذَاكَ فَرَقاً مِنَ القَتْلِ.
فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ بِبَغْدَادَ، فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَمَاتَ بَعْدَ قَلِيْلٍ فِي الحَبْسِ، فِي غُرَّةِ رَجَبٍ، مِنَ السَّنَةِ، فَشَهِدَهُ قَوْمٌ كَثِيْرٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ (1) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ:
وُلِدَ لِي وَلَدٌ وَالأَوْزَاعِيُّ حَيٌّ، وَجَالَسْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ ثِنْتَي عَشْرَة سَنَةً، وَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَحْفَظَ لِحَدِيْثِهِ مِنِّي، غَيْرَ أَنِّي نَسِيْتُ (2) ، وَسَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُوْلُ:
كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لأَكْتُبَ إِلَيْهِ بِحَدِيْثِ أُمِّ حَبِيْبَةَ فِي مَسِّ الفَرْجِ (3) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
الَّذِي
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 473، و" مناقب الامام أحمد " لابن الجوزي ص 486، 487، و" تهذيب الكمال " لوحة 762، و" تهذيب التهذيب " 6 / 100 وقد تحرف فيه " ابن سعد " إلى " أبي سعيد "، و" راوية " إلى " روايته ".
(2) " تاريخ دمشق " لأبي زرعة 1 / 580، 581، و" تاريخ بغداد " 11 / 72، و" تهذيب الكمال " لوحة 761.
(3) " تاريخ دمشق " لأبي زرعة 1 / 396 و" تاريخ بغداد " 11 / 73، ولفظ الحديث: " من مس فرجه فليتوضأ " أخرجه ابن ماجة (481) من طريق الهيثم بن حميد، حدثنا العلاء ابن الحارث، عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من مس فرجه فليتوضأ " قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 36: هذا إسناد فيه مقال، مكحول الدمشقي مدلس، وقد رواه بالعنعنة، فوجب ترك حديثه، لا سيما وقد قال البخاري وأبو زرعة وهشام بن عمار وأبو مسهر وغيرهم: إنه لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان، فالاسناد منقطع.
وانظر " نصب الراية " 1 / 56، 57.

(10/230)


يُحَدِّثُ بِبَلَدٍ بِهِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالتَّحْدِيثِ مِنْهُ، أَحْمَقُ، وَإِذَا رَأَيتَنِي أُحَدِّثُ بِبَلَدٍ فِيْهَا مِثْلُ أَبِي مُسْهِرٍ، فَيَنْبَغِي لِلِحْيَتِي أَنْ تُحْلَقَ (1) .
رَوَى الفَصْلَ الثَّانِي: أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ يَحْيَى أَيْضاً (2) .
مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ: عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
مُنْذُ خَرَجْتُ مِنَ الأَنْبَارِ إِلَى أَنْ رَجَعْتُ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي مُسْهِرٍ (3) .
أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ مُنْذُ خَرَجْتُ مِنْ بِلاَدِي أَحَداً أَشْبَهَ بِالمَشْيَخَةِ الَّذِيْنَ أَدْرَكْتُهُم مِنْ أَبِي مُسْهِرٍ (4) .
قَالَ: فَيَّاضُ بنُ زُهَيْرٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كُلُّ مَنْ ثَبَّتَ أَبُو مُسْهِرٍ مِنَ الشَّامِيِّينَ فَهُوَ مُثْبَتٌ (5) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
عِنْدَكُم ثَلاَثَةٌ أَصْحَابُ حَدِيْثٍ: الوَلِيْدُ، وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ (6) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ أَبَا مُسْهِرٍ، مَا كَانَ أَثْبَتَهُ!... وَجَعَلَ يُطْرِيهِ (7) .
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 761، والزيادة منه.
(2) بل روى الفصل الأول وهو قوله: " والذي يحدث وفي البلد أولى بالتحديث منه فهو أحمق " انظر " تاريخ بغداد " 11 / 74، و" تهذيب الكمال " لوحة 761، و" الجرح والتعديل " 6 / 29.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 762.
(4) " الجرح والتعديل " 6 / 29.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 762.
(6) تاريخ دمشق لأبي زرعة 1 / 384، و" تاريخ بغداد " 11 / 73، و" تهذيب الكمال " لوحة 761.
(7) " تاريخ بغداد " 11 / 73، و" تهذيب الكمال " لوحة 761.

(10/231)


قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَأَيْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَحْضُرُ الجَامِعَ بِأَحْسَنِ هَيْئَةٍ فِي البَيَاضِ، وَالسَّاجِ، وَالخُفِّ، وَيَعْتَمُّ عَلَى طَوِيْلَةٍ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ عَدَنِيَّةٍ (1) .
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، فَقَالَ:
ثِقَةٌ، مَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنْهُ مِمَّنْ كَتَبْنَا عَنْهُ، هُوَ وَأَبُو الجَمَاهِرِ (2) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ: خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ المَعْرُوْفُ بِأَبِي العَمَيْطَرِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ (3) ، وَأُمُّهُ هِيَ نَفِيْسَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ (4) ، فَوَلَّى أَبَا مُسْهِرٍ قَضَاءَ دِمَشْقَ كُرْهاً، ثُمَّ إِنَّهُ تَنَحَّى عَنِ القَضَاءِ لَمَّا خُلِعَ أَبُو العَمَيْطَرِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَا شَبَّهْتُكَ فِي الحِفْظِ إِلاَّ بِجَدِّكَ أَبِي ذُرَامَةَ، مَا كَانَ يَسْمَعُ شَيْئاً إِلاَّ حَفِظَهُ (5) .
وَقَالَ أَبُو الجَمَاهِرِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ: مَا رَأَيْتُ بِالشَّامِ مِثْلَ أَبِي مُسْهِرٍ (6) .
قَالَ العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُوْلُ:
لَقَدْ حَرَصْتُ عَلَى عِلْمِ الأَوْزَاعِيِّ حَتَّى كَتَبْتُ عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ كِتَاباً،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 762.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 29.
(3) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع من هذا الكتاب.
(4) انظر " الكامل " لابن الأثير 6 / 249، و" النجوم الزاهرة " 2 / 147، 148.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 762.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 762.

(10/232)


حَتَّى لَقِيْتُ أَبَاكَ الوَلِيْدَ، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ عِلْماً لَمْ يَكُنْ عِنْدَ القَوْمِ (1) .
قَالَ ابْنُ زَنْجُوْيَةَ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُوْلُ: عَرَامَةُ الصَّبِيِّ فِي صِغَرِهِ زيَادَةٌ فِي عَقْلِهِ فِي كِبَرِهِ (2) .
قَالَ ابْنُ دَيْزِيْلَ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يُنْشِدُ:
هَبْكَ عُمِّرْتَ مِثْلَ مَا عَاشَ نُوحٌ ... ثُمَّ لاَقَيْتَ كُلَّ ذَاكَ يَسَارَا
هَلْ مِنَ المَوْتِ - لاَ أَبَالَكَ - بُدٌّ ... أَيُّ حَيٍّ إِلَى سِوَى المَوْتِ صَارَا
مَبْدَأُ مِحْنَةِ الإِمَامِ أَبِي مُسْهِرٍ:
قَالَ عَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ النُّفَيْلِيُّ: كُنَّا عَلَى بَابِ أَبِي مُسْهِرٍ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَمَرِضَ، فَعُدْنَاهُ، وَقُلْنَا: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟
قَالَ: فِي عَافِيَةٍ رَاضِياً عَنِ اللهِ، سَاخِطاً عَلَى ذِي القَرْنَيْنِ، كَيْفَ لَمْ يَجْعَلْ سَدّاً بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ العِرَاقِ، كَمَا جَعَلَهُ بَيْنَ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَبَيْنَ يَأْجُوْجَ وَمَأْجُوْجَ.
فَمَا كَانَ بَعْدَ هَذَا إِلاَّ يَسِيْراً، حَتَّى وَافَى المَأْمُوْنُ دِمَشْقَ، وَنَزَلَ بِدَيْرِ مُرَّانَ (3) ، وَبنَى القُبَّةَ فَوقَ الجَبَلِ، فَكَانَ بِاللَّيْلِ يَأْمُرُ بِجَمْرٍ عَظِيْمٍ، فَيُوَقَدُ،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 29.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 73. والعرامة: الشدة والشراسة. وانظر " اللسان ".
(3) قال الشيخ محمد أحمد دهمان في مقدمة كتاب " تاريخ الصالحية " ص 7: هي محلة كانت عامرة آهلة بالسكان، ومحلها اليوم في السفح الواقع أسفل قبة السيار، وأعلى بستان الدواسة، يطل منها الإنسان على الربوة وحدائقها ذات البهجة التي كان يزرع فيها قديما الزعفران، ولا تزال تلك الجهة حتى اليوم تدعى بدير مران، وعرفت تلك الجهة بهذا الاسم لوجود دير يدعى بدير مران، ذكره أبو الفرج الأصبهاني في " الاغاني " وقال: إنه دير على تلعة مشرفة عالية تحتها مروج ومياه حسنة.

(10/233)


وَيُجْعَلُ فِي طُسُوتٍ كِبَارٍ تُدَلَّى مِنْ عِنْدِ القُبَيْبَةِ بِسَلاَسِلَ وَحِبَالٍ، فَتُضِيءُ لَهَا الغُوْطَةُ، فَيُبْصِرُهَا بِاللَّيْلِ.
وَكَانَ لأَبِي مُسْهِرٍ حَلْقَةٌ فِي الجَامِعِ بَيْنَ العِشَاءَيْنِ، عِنْدَ حَائِطِ الشَّرْقِيِّ، فَبَيْنَا هُوَ لَيْلَةً، إِذْ قَدْ دَخَلَ الجَامِعَ ضَوْءٌ عَظِيْمٌ، فَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: مَا هَذَا؟
قَالُوا: النَّارُ الَّتِي تُدَلَّى مِنَ الجَبَلِ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، حَتَّى تُضِيءَ لَهُ الغُوْطَةُ.
فَقَالَ: {أَتَبْنُوْنَ بِكُلِّ رِيْعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُوْنَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُوْنَ} الآيَةَ [الشُّعَرَاءُ: 128 وَ129] وَكَانَ فِي الحَلْقَةِ صَاحِبُ خَبَرٍ لِلْمَأْمُوْنِ، فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى المَأْمُوْنِ، فَحَقَدَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَهُ أَيْضاً أَنَّهُ كَانَ عَلَى قَضَاءِ أَبِي العَمَيْطَرِ.
فلَمَّا رَحَلَ المَأْمُوْنُ، أَمَرَ بِحَمْلِ أَبِي مُسْهِرٍ إِلَيْهِ، فَامْتَحَنَهُ بِالرَّقَّةِ فِي القُرْآنِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ المَأْمُوْنُ بَأْساً وَبَلاَءً عَلَى الإسْلاَمِ.
أَبُو الدَّحْدَاحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ حَامِدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَصْبَغَ - وَكَانَ مَعَ أَبِي مُسْهِرٍ هُوَ وَابْنُ أَبِي النَّجَا، خَرَجَا مَعَهُ يَخْدُمَانِهِ - فَحَدَّثَنِي أَصْبَغُ:
أَنَّ أَبَا مُسْهِرٍ دَخَلَ عَلَى المَأْمُوْنِ بِالرَّقَّةِ، وَقَدْ ضَرَبَ رَقَبَةَ رَجُلٍ وَهُوَ مَطْرُوْحٌ، فَأَوْقَفَ أَبَا مُسْهِرٍ فِي الحَالِ، فَامْتَحَنَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَأَمَرَ بِهِ، فَوُضِعَ فِي النِّطْعِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَأَجَابَ إِلَى خَلْقِ القُرْآنِ، فَأُخْرِجَ مِنَ النِّطْعِ، فَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ، فَأُعِيدَ إِلَى النِّطْعِ، فَأَجَابَ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى العِرَاقِ، وَلَمْ يَثِقْ بِقَولِهِ، فَمَا حَذِرَ، وَأَقَامَ عِنْدَ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ -يَعْنِي: نَائِبَ بَغْدَادَ- أَيَّاماً، لاَ تَبْلُغُ مائَةَ يَوْمٍ، وَمَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ- (1) .
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 11 / 72، 73.

(10/234)


قَالَ الحَسَنُ بنُ حَامِدٍ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ:
أَنَّ أَبَا مُسْهِرٍ أُقِيْمَ بِبَغْدَادَ لِيَقُوْلَ قَوْلاً يُبَرِّئُ فِيْهِ نَفْسَهُ مِنَ المِحْنَةِ، وَيُوقَى المَكْرُوْهَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ المَوْقِفِ: جَزَى اللهُ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ خَيْراً، عَلَّمَنَا مَا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ، وَعَلِمَ عِلْماً مَا عَلِمَهُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَقَالَ: قُلْ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ وَإِلاَّ ضَرَبْتُ عُنُقَكَ، أَلاَ فَهُوَ مَخْلُوْقٌ.
قَالَ: فَأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ لَهُ فِي هَذِهِ المَقَالَةِ نَجَاةٌ.
الصُّوْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: لَمَّا صَارَ المَأْمُوْنُ إِلَى دِمَشْقَ، ذَكَرُوا لَهُ أَبَا مُسْهِرٍ، وَوَصَفُوهُ بِالعِلْمِ وَالفِقْهِ، فَأَحْضَرَهُ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟
قَالَ: كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ اسْتَجَارَكَ، فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ} [التَّوْبَةُ: 5].
فَقَالَ: أَمَخْلُوْقٌ هُوَ، أَوْ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ؟
قَالَ: مَا يَقُوْلُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟
قَالَ: مَخْلُوْقٌ.
قَالَ: يُخْبِرُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ عَنِ الصَّحَابَةِ، أَوِ التَّابِعِيْنَ؟
قَالَ: بِالنَّظَرِ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! نَحْنُ مَعَ الجُمْهُوْرِ الأَعْظَمِ، أَقُوْلُ بِقَوْلِهِم، وَالقُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
قَالَ: يَا شَيْخُ! أَخْبِرْنِي عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَلِ اخْتَتَنَ؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ فِي هَذَا شَيْئاً.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْهُ أَكَانَ يُشْهِدُ إِذَا زَوَّجَ، أَوْ تَزَوَّجَ؟
قَالَ: وَلاَ أَدْرِي.
قَالَ: اخْرُجْ قَبَّحَكَ اللهُ، وَقَبَّحَ مَنْ قَلَّدَكَ دِيْنَهُ، وَجَعَلَكَ قُدْوَةً (1) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْظَمَ قَدْراً مِنْ أَبِي مُسْهِرٍ، كُنْتُ أَرَاهُ إِذَا خَرَجَ إِلَى المَسْجَدِ، اصْطَفَّ النَّاسُ يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهِ، وَيُقَبِّلُوْنَ يَدَهُ (2) .
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 2 / 418، 419.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 29.

(10/235)


قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ البَصْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيَّ - وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا مُسْهِرٍ كَانَ مُتَكَبِّراً فِي نَفْسِهِ - فَقَالَ:
كَانَ مِنْ ثِقَاتِ النَّاسِ، رَحِمَ اللهُ أَبَا مُسْهِرٍ، لَقَدْ كَانَ مِنَ الإِسْلاَمِ بِمَكَانٍ، حُمِلَ عَلَى المِحْنَةِ فَأَبَى، وَحُمِلَ عَلَى السَّيْفِ فَمَدَّ رَأْسَهُ، وَجُرِّدَ السَّيْفُ فَأَبَى، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ مِنْهُ، حُمِلَ إِلَى السِّجْنِ، فَمَاتَ (1) .
وَقِيْلَ: عَاشَ أَبُو مُسْهِرٍ تِسْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ الذُّهْلِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يُنْشِدُ:
وَلاَ خَيْرَ فِي الدُّنْيَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ... مِنَ اللهِ فِي دَارِ المُقَامِ نَصِيبُ
فَإِنْ تُعْجِبِ الدُّنْيَا رِجَالاً فَإِنَّهُ ... مَتَاعٌ قَلِيْلٌ وَالزَّوَالُ قَرِيْبُ
قَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ أَبُو مُسْهِرٍ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (2) .
قُلْتُ: حَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِبَغْدَادَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ (3) ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ، وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ مَنْدُوَيْه، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ المُظَفَّرِ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 74.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 75.
(3) نسبة إلى " أرمية " وهي مدينة عظيمة بأذربيجان.

(10/236)


حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ:
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: (وُضُوْءٌ عَلَى وُضُوْءٍ، عَشْرُ حَسَنَاتٍ).
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ، أَخْبَرُكُمْ مُكْرَمُ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ عَلِيٍّ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْدِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (ح).
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَابْنُ عَمِّهِ؛ عَبْدُ المُنْعِمِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ صَابِرٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ وَعَبْدُ العَزِيْزِ ابْنَا بَرَكَاتٍ الخُشُوْعِيِّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي بنُ صَابِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ النَّسِيْبُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المَوَازِيْنِيِّ، وَأَخُوْهُ؛ أَبُو الفَضْلِ، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيُّ (1) ، وَأَبُو القَاسِمِ الكِلاَبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ طَاهِرٍ النَّحْوِيُّ، قَالُوا كُلُّهُم:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سُلْوَانَ المَازِنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ جَعْفَرٍ المُؤَذِّنُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ الهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمٍ، سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا سَلاَّمٍ يُحَدِّثُ عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ قَالَ فِي يَوْمٍ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مائَتَي مَرَّةٍ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ).
هَذَا خَبَرٌ فِيْه إِرْسَالٌ، وَفِيْهِ انقِطَاعٌ؛ لأَنَّ أَبَا سَلاَّمٍ لَمْ يَلْقَ كَعْباً (2) .
وَفِي (تَارِيْخِ أَبِي زُرْعَةَ): قُلْتُ لأَبِي مُسْهِرٍ: سَمِعَ مُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمٍ
__________
(1) هو محمد بن الحسين الحنائي، نسبة إلى بيع الحناء.
(2) لكنه صح من وجه آخر، فقد أخرج مالك في " الموطأ " 1 / 212، 213، ومن طريقه مسلم (2691) في الذكر والدعاء: باب فضل التهليل والتسبيح، والترمذي (3466) في الدعوات، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر ".

(10/237)


مِنْ جَدِّهِ؟
قَالَ: نَعَمْ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ أَبَا سَلاَّمٍ...، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ مَوْقُوْفاً (1) .

61 - زَيْنَبُ بِنْتُ الأَمِيْرِ سُلَيْمَانَ عَمِّ المَنْصُوْرِ العَبَّاسِيَّةُ *
الَّتِي يُنْسَبُ إِلَيْهَا الزَّيْنَبِيُّوْنَ.
كَانَتْ طِفْلَةً مَعَ أَهلِهَا بِالحُمَيْمَةِ (2) ، ثُمَّ نَشَأَتْ فِي السَّعَادَةِ، وَرأَتْ عِدَّةَ خُلَفَاءٍ، أَوَّلُهُم ابْنُ عَمِّهَا السَّفَاحُ، ثُمَّ المَنْصُوْرُ، ثُمَّ المَهْدِيُّ، ثُمَّ الهَادِي، ثُمَّ الرَّشِيْدُ، ثُمَّ الأَمِيْنُ، ثُمَّ المَأْمُوْنُ، وَطَالَ عُمُرُهَا، وَوَلِيَ أَبُوْهَا وَأَخَوَاهَا مُحَمَّدٌ وَجَعْفَرٌ.
رَوَتْ عَنْ: أَبِيْهَا.
حَدَّثَ عَنْهَا: وَلَدُهَا؛ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الإِمَامُ، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ الخَلِيْلِ بنِ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ القُرَشِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُوْسَى العَبَّاسِيُّ، وَالمَأْمُوْنُ، وَكَانَ يُكْرِمُهَا، وَيُجِلُّهَا.
وَبَقِيَتْ إِلَى سَنَةِ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَيُقَالُ: عَاشَتْ إِلَى بَعْدِ المَأْمُوْنِ، وَعُمِّرَتْ، فَطِرَادٌ الزَّيْنَبِيُّ (3) وَأَقَارِبُهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَبْدِ اللهِ وَلَدِهَا.
__________
(1) " تاريخ دمشق " لأبي زرعة 1 / 373، 374.
(*) تاريخ بغداد 14 / 435.
(2) تصغير " الحمة " من أعمال عمان في أطراف الشام.
(3) هو طراد بن محمد بن علي الهاشمي العباسي الزينبي البغدادي، مسند العراق، توفي سنة 491 ه، وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر، ترجمة رقم (23).

(10/238)


62 - حَبَّانُ بنُ هِلاَلٍ أَبُو حَبِيْبٍ البَاهِلِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو حَبِيْبٍ البَاهِلِيُّ - وَيُقَالُ: الكِنَانِيُّ - البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَمَعْمَرِ بنِ رَاشِدٍ، وَسَلْمِ بنِ زَرِيْرٍ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَأَبَانِ بنِ يَزِيْدَ، وَجُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّرِامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيُّ (1) ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمُ.
وَكَانَ قَدْ قَطَعَ الرِّوَايَةَ قَبْل مَوْتِهِ بِسَنَوَاتٍ، فَلِهَذَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ البُخَارِيُّ، وَلاَ أَبُو حَاتِمٍ.
وَقَدْ وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ (2) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، ثَبْتاً، امْتَنَعَ مِنَ التَّحْدِيْثِ قَبْلَ مَوْتِهِ.
قَالَ: وَمَاتَ بِالبَصْرَةِ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (3) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَبَّانُ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ بِالبَصْرَةِ (4) .
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 299، التاريخ الصغير 2 / 331، المعارف: 521، تهذيب الكمال لوحة 226، تذهيب التهذيب 1 / 117 / 1، الكاشف 1 / 200، تذكرة الحفاظ 1 / 364، العبر 1 / 369، عيون التواريخ 7 / لوحة 314، تهذيب التهذيب 2 / 170، طبقات الحفاظ: 162، خلاصة تذهيب الكمال: 70، شذرات الذهب 2 / 36.
(1) قال في " الأنساب " 4 / 257: هذه النسبة إلى الجد: وهو حنين، أو أبو الحنين.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 226.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 299.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 226.

(10/239)


وَقَالَ بَكَّارُ بنُ قُتَيْبَةَ: مَا رَأَيْتُ نَحْوِيّاً يُشْبِهُ الفُقَهَاءَ إِلاَّ حَبَّانَ بنَ هِلاَلٍ، وَالمَازِنِيَّ.
قُلْتُ: كَانَ حَبَّانُ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْ مَعْمَرٍ.
وَمَوْلِدُهُ: فِي حُدُوْدِ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.

63 - طَلْقُ بنُ غَنَّامِ بنِ طَلْقِ بنِ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ * (خَ، 4)
المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، ابْنُ عَمِّ القَاضِي حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ (1) النَّخَعِيِّ، الكُوْفِيِّ، وَنَائِبُه عَلَى القَضَاءِ، وَكَانَ كَاتِبَ الحُكْمِ لِشَرِيْكٍ القَاضِي.
سَمِعَ: زَائِدَةَ، وَشَيْبَانَ، وَالمَسْعُوْدِيَّ، وَمَالِكَ بنَ مِغْوَلٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ - وَهَمَّامَ بنَ يَحْيَى، وَشَرِيْكَ بنَ عَبْدِ اللهِ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَرْبَابُ السُّنَنِ بِوَاسِطَةٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ المَصِّيْصِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، مَاتَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (2) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: صَالِحُ الحَدِيْثِ (3) .
__________
(*) طبقات ابن سعد 6 / 405، التاريخ الصغير 2 / 331، الجرح والتعديل 4 / 491، المعجم المشتمل: 146، تهذيب الكمال لوحة 632، تذهيب التهذيب 2 / 109 / 2، العبر 1 / 360، الكاشف 2 / 46، تهذيب التهذيب 5 / 33، خلاصة تذهيب الكمال: 181، شذرات الذهب 2 / 27.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع ص 22.
(2) " الطبقات الكبرى " 6 / 405.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 633.

(10/240)


64 - زُبَيْدَةُ أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ جَعْفَرِ بنِ المَنْصُوْرِ *
السِّتُّ، المُحَجَّبَةُ، أَمَةُ العَزِيْزِ، وَتُكْنَى: أُمَّ جَعْفَرٍ بِنْتُ جَعْفَرِ ابْنِ المَنْصُوْرِ أَبِي جَعْفَرٍ العَبَّاسِيَّةُ، وَالِدَةُ الأَمِيْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الرَّشِيْدِ.
قِيْلَ: لَمْ تَلِدْ عَبَّاسِيَّةٌ خَلِيْفَةً سِوَاهَا.
وكَانَتْ عَظِيْمَةَ الجَاهِ وَالمَالِ، لَهَا آثَارٌ حَمِيْدَةٌ فِي طَرِيْقِ الحَجِّ، وَجَدُّهَا المَنْصُوْرُ هُوَ لَقَّبَهَا: زُبَيْدَةَ (1) .
وَمِنْ حِشْمَتِهَا أَنَّهَا لَمَّا حَجَّتْ، نَابَهَا بِضْعَةٌ وَخَمْسُوْنَ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ (2) .
وَكَانَ فِي قَصْرِهَا مِنَ الجَوَارِي نَحْوٌ مِنْ مائَةِ جَارِيَةٍ، كُلُّهُنَّ يَحْفَظْنَ القُرْآنَ (3) .
وَكَانَ المَأْمُوْنُ يُبَالِغُ فِي إِجْلاَلِهَا.
وَقَالَتْ لَهُ مَرَّةً: لَئِنْ فَقَدتُ ابْناً خَلِيْفَةً، لَقَدْ عُوِّضْتُ ابْناً خَلِيْفَةً لَمْ أَلِدْهُ، وَمَا خَسِرَ مَنِ اعْتَاضَ مِثْلَكَ (4) .
تُوُفِّيَتْ: سنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ بغداد 14 / 433، شرح المقامات للشريشي 2 / 225، رحلة ابن جبير: 208، وفيات الأعيان 2 / 314 - 317، عيون التواريخ 7 / لوحة 311 - 313، البداية والنهاية 10 / 271، النجوم الزاهرة 2 / 213، 214، الدر المنثور في طبقات ربات الخدور: 215 - 219.
(1) في " البداية والنهاية " 10 / 271: وإنما لقبت زبيدة لان جدها أبا جعفر المنصور كان يلاعبها ويرقصها وهي صغيرة، ويقول: إنما أنت زبيدة، لبياضها، فغلب ذلك عليها، فلا تعرف إلا به.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 433، و" وفيات الأعيان " 2 / 314.
(3) " وفيات الأعيان " 2 / 314.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 433، 434، و" وفيات الأعيان " 2 / 316.

(10/241)


65 - عَفَّانُ بنُ مُسْلِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَصْرِيُّ الصَّفَّارُ * (ع)
مَوْلَى عَزْرَةَ بنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ العِرَاقِ، أَبُو عُثْمَانَ البَصْرِيُّ، الصَّفَّارُ (1) ، بَقِيَّةُ الأَعْلاَمِ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ تَحْدِيْداً، أَوْ تَقْرِيْباً.
وَسَمِعَ مِنْ: شُعْبَةَ، وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، وَهَمَّامٍ، وَالحَمَّادَيْنِ، وَصَخْرِ بنِ جُوَيْرِيَةَ، وَدَيْلَمِ بنِ غَزْوَانَ، وَوُهَيْبِ بنِ خَالِدٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَالأَسْوَدِ بنِ شَيْبَانَ، وَطَبَقَتِهِم مِنْ مَشْيَخَةِ بَلَدِهِ، وَاسْتَوطَنَ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَحَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ بِوَاسِطَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: أَحْمَدُ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَإِسْحَاقُ، وَالفَلاَّسُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالذُّهْلِيُّ، وَالقَوَارِيْرِيُّ، وَخَلَفُ بنُ سَالِمٍ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَالزَّعْفَرَانِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ، وَهِلاَلُ بنُ العَلاَءِ، وَأَبَوَا زُرْعَةَ (2) ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَالحَسَنُ بنُ سَلاَّمٍ السَّوَّاقُ (3) ، وَإِبْرَاهِيْمُ
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 336، تاريخ ابن معين: 407، طبقات خليفة ت (1942)، تاريخ خليفة: 476، التاريخ الكبير 7 / 72، التاريخ الصغير 2 / 342، المعارف لابن قتيبة: 524، الجرح والتعديل 7 / 30، الكامل لابن عدي 4 / لوحة 669، تاريخ بغداد 12 / 269 - 277، المعجم المشتمل: 186، 187، تهذيب الكمال لوحة 943، ميزان الاعتدال 3 / 81، 82، العبر 1 / 380، تذكرة الحفاظ 1 / 379 - 381، تذهيب التهذيب 3 / 44 / 1، الكاشف 3 / 270، تهذيب التهذيب 7 / 239، طبقات الحفاظ: 163، 164، خلاصة تذهيب الكمال: 268، شذرات الذهب 2 / 47.
(1) نسبة إلى بيع الاواني الصفرية المصنوعة من الصفر، وهو ضرب من النحاس.
(2) أي: الرازي والدمشقي.
(3) نسبة إلى بيع السويق.

(10/242)


الحَرْبِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، إِمَامٌ.
وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ، مَتِيْنٌ (1) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: عَفَّانُ يُكْنَى أَبَا عُثْمَانَ، ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، كَانَ عَلَى مَسَائِلِ مُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ القَاضِي، فَجُعِلَ لَهُ عَشْرَةُ آلاَفِ دِيْنَارٍ عَلَى أَنْ يَقِفَ عَنْ تَعْدِيْلِ رَجُلٍ، فَلاَ يَقُوْلَ: عَدْلٌ وَلاَ غَيْرُ عَدْلٍ.
فَأَبَى، وَقَالَ: لاَ أُبْطِلُ حَقّاً مِنَ الحُقُوْقِ.
وَكَانَ يَذْهَبُ بِرِقَاعِ المَسَائِلِ إِلَى المَوْضِعِ البَعِيْدِ يَسْأَلُ، فَجَاءَ يَوْماً إِلَى مُعَاذٍ بِالرِّقَاعِ، وَقَدْ تَلَطَّخَتْ بِالنَّاطِفِ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا؟
قَالَ: إِنِّيْ أَذهَبُ إِلَى المَوْضِعِ البَعِيْدِ، فَأَجُوْعُ، فَأَخَذْتُ نَاطِفاً، جَعَلْتُهُ فِي كُمِّي، أَكَلْتُهُ (2) .
الدَّغُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ خَاقَانَ المَرْوَزِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ عَلِيٍّ، قَالَ: جَاءَنِي عَفَّانُ فِي نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالَ لِي: عِنْدَك شَيْءٌ نَأْكُلُهُ؟
فَمَا وَجَدْتُ فِي مَنْزِلِي خُبْزاً، وَلاَ دَقِيْقاً، وَلاَ شَيْئاً نَشْتَرِي بِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ عِنْدِي سَوِيْقَ شَعِيْرٍ.
فَقَالَ لِي: أَخْرِجْهُ.
فَأَخْرَجْتُهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ أَكْلاً جَيِّداً، فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأُعْجُوْبَةٍ؟ شَهِدَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ عِنْدَ القَاضِي مُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ عَلَى رَجُلٍ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُمَا، فَجَاءَنِي صَاحِبُ الدَّنَانِيْرِ، فَقَالَ: لَكَ نِصْفُهَا، وَتُعَدِّلَ شَاهِدَيَّ.
فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ لَكَ (3) .
قَالَ: وَكَانَ عَفَّانُ عَلَى مَسْأَلَةِ مُعَاذٍ. قَالَ: وَقِيْلَ لِمُعَاذٍ: مَا تَصْنَعُ
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 30.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 269، 270، و" تهذيب الكمال " لوحة 943، والناطف: نوع من الحلواء.
(3) كذا الأصل، وهو الموافق لما في " تهذيب الكمال " و" تذهيب التهذيب "، وفي " تاريخ بغداد ": أستجيب لك !

(10/243)


بِعَفَّانَ، وَهُوَ مُغَفَّلٌ؟
فَسَكَتَ، فَوَجَّهَهُ يَوْماً فِي مَسْأَلَةٍ، فَذَهَبَ، فَسَأَلَ عَنْهُم، وَجَعَلَ المَسْأَلَةَ فِي كُمِّهِ، وَاشْتَرَى قُبَّيْطاً (1) ، وَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ، وَجَاءَ، فَأَخْرَجَ إِلَى مُعَاذٍ المَسْأَلَةَ، وَقَدِ اخْتَلَطَ بِهَا القُبَّيْطُ، فَضَحِكَ، وَقَالَ: مَنْ يَلُوْمُنِي عَلَى عَفَّانَ (2) ؟
قَالَ حَنْبَلٌ: حَضَرْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ وَابْنَ مَعِيْنٍ عِنْدَ عَفَّانَ، بَعْدَ مَا دَعَاهُ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ لِلْمِحْنَةِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ امْتَحَنَ مِنَ النَّاسِ عَفَّانَ، فَسَأَلَهُ يَحْيَى مِنَ الغَدِ بَعْدَ مَا امْتُحِنَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ حَاضِرٌ وَنَحْنُ مَعَهُ، فَقَالَ: أَخْبِرْنَا بِمَا قَالَ لَكَ إِسْحَاقُ؟
قَالَ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، لَمْ أُسَوِّدْ وَجْهَكَ، وَلاَ وُجُوْهَ أَصْحَابِكَ، إِنِّيْ لَمْ أُجِبْ.
فَقَالَ لَهُ: فَكَيْفَ كَانَ؟
قَالَ: دَعَانِي، وَقَرَأَ عَلَيَّ الكِتَابَ الَّذِي كَتَبَ بِهِ المَأْمُوْنُ مِنَ الجَزِيْرَةِ، فَإِذَا فِيْهِ: امْتَحِنْ عَفَّانَ، وَادْعُهُ إِلَى أَنْ يَقُوْلَ: القُرْآنُ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقِرَّهُ عَلَى أَمْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُجِبْكَ إِلَى مَا كَتَبْتُ بِهِ إِلَيْكَ، فَاقْطَعْ عَنْهُ الَّذِي يُجْرَى عَلَيْهِ - وَكَانَ المَأْمُوْنُ يُجْرِي عَلَى عَفَّانَ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ -.
فَلَمَّا قَرَأَ عَلَيَّ الكِتَابَ، قَالَ لِي إِسْحَاقُ: مَا تَقُوْلُ؟
فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} حَتَّى خَتَمْتُهَا.
فَقُلْتُ: أَمَخْلُوْقٌ هَذَا؟
فَقَالَ: يَا شَيْخُ! إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَقُوْلُ: إِنَّكَ إِنْ لَمْ تُجِبْهُ إِلَى الَّذِي يَدْعُوكَ إِلَيْهِ، يَقْطَعْ عَنْكَ مَا يُجرِي عَلَيْكَ.
فَقُلْتُ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُم وَمَا تُوْعَدُوْنَ} [الذَّارِيَاتُ: 22].
فَسَكَتَ عَنِّي، وَانْصَرَفْتُ.
فَسُرَّ بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَيَحْيَى (3) .
__________
(1) في القاموس: القبيط: الناطف.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 270، و" تهذيب الكمال " لوحة 943، و" تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 1.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 271، و" تهذيب الكمال " لوحة 943، و" تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 2.

(10/244)


قُلْتُ: هَذِهِ الحِكَايَةُ تَدُلُّ عَلَى جَلاَلَةِ عَفَّانَ، وَارْتِفَاعِ شَأْنِهِ عِنْدَ الدَّوْلَةِ، فَإِنَّ غَيْرَهُ امْتُحِنَ، وَقُيِّدَ، وَسُجِنَ، وَعَفَّانُ فَمَا فَعَلُوا مَعَهُ غَيْرَ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ عَنْهُ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ دَيْزِيْلَ يَقُوْلُ:
لَمَّا دُعِيَ عَفَّانُ لِلْمِحْنَةِ، كُنْتُ آخِذاً بِلِجَامِ حِمَارِهِ، فَلَمَّا حَضَرَ، عُرِضَ عَلَيْهِ القَوْلُ، فَامْتَنَعَ أَنْ يُجِيْبَ.
فَقِيْلَ لَهُ: يُحْبَسُ عَطَاؤُكَ - قَالَ: وَكَانَ يُعْطَى فِي كُلِّ شَهْرٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ - فَقَالَ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُم وَمَا تُوْعَدُوْنَ}.
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى دَارِهِ، عَذَلَهُ نِسَاؤُهُ وَمَنْ فِي دَارِهِ.
قَالَ: وَكَانَ فِي دَارِهِ نَحْوُ أَرْبَعِيْنَ إِنْسَاناً، فَدَقَّ عَلَيْهِ دَاقٌّ البَابَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ شَبَّهْتُهُ بِسَمَّانٍ أَوْ زَيَّاتٍ، وَمَعَهُ كِيْسٌ فِيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانُ! ثَبَّتَكَ اللهُ كَمَا ثَبَّتَّ الدِّيْنَ، وَهَذَا فِي كُلِّ شَهْرٍ (1) .
حَاجِبُ الطُّوْسِيِّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُنِيْبٍ، قَالَ:
قَالَ عَفَّانُ: اخْتَلَفْتُ أَنَا وَفُلاَنٌ إِلَى حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ سَنَةً، لاَ نَكْتُبُ شَيْئاً، وَسَأَلْنَاهُ الإِمْلاَءَ، فَلَمَّا أَعْيَاهُ، دَعَا بِنَا إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ: وَيْحَكُمْ! تُشْلُوْنَ (2) عَلَيَّ النَّاسَ.
قُلْنَا: لاَ نَكْتُبُ إِلاَّ إِمْلاَءً، فَأَملَى بَعْدَ ذَلِكَ (3) .
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: إِذَا اخْتَلَفَ أَبُو الوَلِيْدِ وَعَفَّانُ عَنْ حَمَّادٍ، فَالقَوْلُ قَوْلُ عَفَّانَ، عَفَّانُ أَثْبَتُ مِنْهُ، وَأَكْيَسُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، وَعَفَّانُ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 271، 272، و" تهذيب الكمال " لوحة 943، و" تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 2.
(2) تشلون: أي: تغرون، من أشليت الكلب على الصيد: إذا أغريته، وقد تحرف في " تاريخ بغداد " إلى: " تسألون ".
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 272، و" تهذيب الكمال " لوحة 943.

(10/245)


أَثْبَتُ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ (1) .
ابْنُ الغَلاَبِيِّ، قَالَ: ذُكِرَ لابْنِ مَعِيْنٍ عَفَّانُ، وَثَبْتُهُ، فَقَالَ: قَدْ أَخَذْتُ عَلِيْهِ خَطَأَهُ فِي غَيْرِ حَدِيْثٍ (2) .
عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّائِغَ، قَالَ:
اجْتَمَعَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَفَّانُ: فَقَالَ عَفَّانُ: ثَلاَثَةٌ يُضَعَّفُوْنَ فِي ثَلاَثَةٍ: عَلِيٌّ فِي حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَأَحْمَدُ فِي إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ فِي شَرِيْكٍ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: وَرَابِعٌ مَعَهُمْ.
قَالَ: مَنْ؟
قَالَ: عَفَّانُ فِي شُعْبَةَ.
ثُمَّ قَالَ الجَوْهَرِيُّ: وَأَرْبَعَتُهُم أَقْوِيَاءُ، وَلَكِنَّ هَذَا عَلَى المُزَاحِ (3) .
قُلْتُ: وَلأَنَّهُم كَتَبُوا وَهُم صِغَارٌ عَنِ المَذْكُوْرِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا رَأَيْتُ الأَلْفَاظَ فِي كِتَابِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ أَكْثرَ مِنْهَا عِنْدَ عَفَّانَ، يَعْنِي: أَنْبَأَنَا، وَأَخْبَرَنَا، وَسَمِعْتُ، وَحَدَّثَنَا، يَعْنِي: شُعْبَةَ (4) .
قَالَ حَنْبَلٌ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عَنْ عَفَّانَ، فَقَالَ: عَفَّانُ، وَحَبَّانُ، وَبَهْزٌ: هَؤُلاَءِ المُتَثَبِّتُوْنَ.
ثُمَّ قَالَ: قَالَ عَفَّانُ: كُنْتُ أُوْقِفُ شُعْبَةَ عَلَى الأَخْبَارِ.
قَالَ: وَعَفَّانُ أَضْبَطُهُم لِلأَسَامِي (5) .
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 12 / 272، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 272، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 272، و" تهذيب الكمال " لوحة 944، وانظر " تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 2.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 273، و" تهذيب الكمال " لوحة 944، و" تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 2.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 273، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.

(10/246)


قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي عَوْفٍ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
كَانَ عَفَّانُ، وَبَهْزٌ، وَحَبَّانُ يَخْتَلِفُوْنَ إِلَيَّ، فَكَانَ عَفَّانُ أَضْبَطَهُم لِلْحَدِيْثِ، وَأَنْكَدَهُم، عَمِلْتُ عَلَيْهِم مَرَّةً فِي شَيْءٍ، فَمَا فَطِنَ لِي إِلاَّ عَفَّانُ (1) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَفَّانُ أَثْبَتُ مِنْ حَبَّانَ (2) .
قَالَ حَسَّانُ بنُ حَسَنٍ المُجَاشِعِيُّ (3) : قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ عَفَّانُ:
مَا سَمِعْتُ مِنْ أَحَدٍ حَدِيْثاً إِلاَّ عَرَضْتُ عَلَيْهِ، غَيْرَ شُعْبَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُمَكِّنِّي أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْهِ.
وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَفَّانُ -يَعْنِي: عِنْدَ عَلِيٍّ- فَقَالَ: كَيْفَ أَذْكُرُ رَجُلاً يَشُكُّ فِي حَرْفٍ فَيَضْرِبُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْطُرٍ.
وَسَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:
أَتَيْنَا أَبَا عَوَانَةَ، فَقَالَ: مَنْ عَلَى البَابِ؟
فَقُلْنَا: عَفَّانُ، وَبَهْزٌ، وَحَبَّانُ.
فَقَالَ: هَؤُلاَءِ بَلاَءٌ مِنَ البَلاَءِ، قَدْ سَمِعُوا يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَعْرِضُوا (4) .
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ عَفَّانُ يَسْمَعُ بِالغَدَاةِ، وَيَعْرِضُ بِالعَشِيِّ (5) .
وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: قُلْتُ لأَحْمَدَ: مَنْ تَابَعَ عَفَّانُ عَلَى كَذَا؟
فَقَالَ: وَعَفَّانُ يَحْتَاجُ إِلَى مُتَابِعٍ (6) ؟!
وَقَالَ أَحْمَدُ: مَنْ يُفْلِتُ مِنَ التَّصْحِيْفِ؟ كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُشَكِّلُ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 273، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 273، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(3) نسبة إلى مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 273، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 274، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(6) " تاريخ بغداد " 12 / 274، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.

(10/247)


الحَرْفَ إِذَا كَانَ شَدِيْداً، وَكَانَ هَؤُلاَءِ أَصْحَابَ الشَّكْلِ: عَفَّانُ، وَبَهْزٌ، وَحَبَّانُ (1) .
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
أَصْحَابُ الحَدِيْثِ خَمْسَةٌ: مَالِكٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَعَفَّانُ (2) .
عَبَّاسٌ: عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
كَانَ -وَاللهِ- عَفَّانُ أَثْبَتَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ فِي حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ (3) .
مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ النَّسَائِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ:
مَنْ أَثْبَتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، أَوْ عَفَّانُ؟
قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحْفَظُ لِحَدِيْثِهِ، وَحَدِيْثِ النَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ رِجَالِ عَفَّانَ فِي الكِتَابِ، وَكَانَ عَفَّانُ أَسَنَّ مِنْهُ بِسَنَتَيْنِ (4).
وَعَنْ عَفَّانَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي حَدِيْثٍ، فَبَعَثَا يَسْأَلاَنِي (5) .
وَقَالَ القَوَارِيْرِيُّ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ:
مَا أَحَدٌ يُخَالِفُنِي فِي الحَدِيْثِ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ عَفَّانَ (6) .
مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ بَحْرٍ: حَدَّثَنَا الفَلاَّسُ، قَالَ: رَأَيْتُ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 274، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 274، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 274، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 275، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 275، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
وعبد الرحمن هو ابن مهدي.
(6) " تاريخ بغداد " 12 / 275، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.

(10/248)


يَحْيَى يَوْماً حَدَّثَ بِحَدِيْثٍ، فَقَالَ لَهُ عَفَّانُ: لَيْسَ هُوَ هَكَذَا.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، أَتَيْتُ يَحْيَى، فَقَالَ: هُوَ كَمَا قَالَ عَفَّانُ، وَلَقَدْ سَأَلْتُ اللهَ أَنْ لاَ يَكُوْنَ عِنْدِي عَلَى خِلاَفِ مَا قَالَ عَفَّانُ (1) .
قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ العُلَمَاءُ، فَانْظُرْ يَا مِسْكِيْنُ كَيْفَ أَنْتَ عَنْهُم بِمَعْزِلٍ.
قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَعْرِضُ عَلَى عَفَّانَ مَا سَمِعَهُ مِنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ (2) .
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ: سَمِعْتُ المُعَيْطِيَّ يَقُوْلُ:
عَفَّانُ أَثْبَتُ مِنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ (3) .
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ فَهْمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
عَفَّانُ أَثْبَتُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَخْطَأَ عَفَّانُ قَطُّ إِلاَّ مَرَّةً، فِي حَدِيْثٍ أَنَا لَقَّنْتُهُ إِيَّاهُ، فَأَسْتَغْفِرُ اللهَ (4) .
قَالَ خَلَفُ بنُ سَالِمٍ: مَا رَأَيْتُ مَنْ يُحْسِنُ الحَدِيْثَ إِلاَّ عَفَّانَ بنَ مُسْلِمٍ، وَبَهْزَ بنَ أَسَدٍ (5).
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: عَفَّانُ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، مُتْقِنٌ، صَحِيْحُ الكِتَابِ، قَلِيْلُ الخَطَأِ (6) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 275.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 275، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 276، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 276، و" تهذيب الكمال " لوحة 944، وتمامه: قال ابن فهم: وما سمعت يحيى بن معين يستغفر الله قط إلا ذلك اليوم.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 276، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(6) " تاريخ بغداد " 12 / 276.

(10/249)


وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: عَفَّانُ: ثِقَةٌ، مِنْ خِيَارِ المُسْلِمِيْنَ (1) .
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: عَفَّانُ وَأَبُو نُعَيْمٍ، لاَ أَقْبَلُ قَوْلَهُمَا فِي الرِّجَالِ، لاَ يَدَعُوْنَ أَحَداً إِلاَّ وَقَعُوا فِيْهِ (2) .
يَعْنِي: أَنَّهُ لاَ يَخْتَارُ قَوْلَهُمَا فِي الجَرْحِ لِتَشْدِيْدِهِمَا، فَأَمَّا إِذَا وَثَّقَا أَحَداً، فَنَاهِيْكَ بِهِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَزِمَنَا عَفَّانُ عَشْرَ سِنِيْنَ، وَكَانَ أَثْبَتَ مِنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ (3) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عَفَّانُ: إِمَامٌ، ثِقَةٌ، مَتِيْنٌ، مُتْقِنٌ (4) .
جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ عَفَّانَ يَقُوْلُ:
يَكُوْنُ عِنْدَ أَحَدِهِم حَدِيْثٌ، فَيُخْرِجُهُ بِالمُقَرِّعَةِ، كَتَبْتُ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ، مَا حَدَّثْتُ مِنْهَا بِأَلْفَيْنِ، وَكَتَبْتُ عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ سِتَّةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ، مَا حَدَّثْتُ مِنْهَا بِأَلْفٍ، وَكَتَبْتُ عَنْ وُهَيْبٍ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ مَا حَدَّثْتُ مِنْهَا بِأَلْفِ حَدِيْثٍ (5) .
قُلْتُ: مَا فَوْقَ عَفَّانَ أَحَدٌ فِي الثِّقَةِ، وَقَدْ تَنَاكَدَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ بِإِيْرَادِهِ فِي كِتَابِ (الكَامِلِ)، لكِنَّهُ أَبْدَى أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيَذُبَّ عَنْهُ، فَإِنَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي دَاوُدَ قَالَ:
سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ يَقُوْلُ: أَتُرَى عَفَّانُ كَانَ يَضْبِطُ عَنْ شُعْبَةَ؟ وَاللهِ لَوْ جَهَدَ جَهْدَهُ أَنْ يَضْبِطَ عَنْهُ حَدِيْثاً وَاحِداً، مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، كَانَ بَطِيْئاً رَدِيْءَ الفَهْمِ (6) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 276.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 944.
(3) " الجرح والتعديل " 7 / 30.
(4) " الجرح والتعديل " 7 / 30.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 944.
(6) " الكامل في الضعفاء " 4 / لوحة 669.

(10/250)


ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَفَّانُ أَشْهَرُ وَأَوْثَقُ مِنْ أَنْ يُقَالَ فِيْهِ شَيْءٌ (1) ، وَلاَ أَعْلَمُ لَهُ إِلاَّ أَحَادِيْثَ مَرَاسِيْلَ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَغَيْرِهِ، وَصَلَهَا، وَأَحَادِيْثَ مَوْقُوْفَةً رَفَعَهَا، وَهَذَا مِمَّا لاَ يَنْقُصُهُ، فَإِنَّ الثِّقَةَ قَدْ يَهِمُ، وَعَفَّانُ كَانَ قَدْ رَحَلَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ مِنْ مِصْرَ، كَانَتْ رِحْلَتُهُ إِلَيْهِ خَاصَّةً دُوْنَ غَيْرِهِ (2) .
الفَسَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ): قَالَ سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ:
قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: طَلَبْتُ عَفَّانَ فِي مَنْزِلِهِ، قَالُوا: خَرَجَ.
فَخَرَجتُ أَسْأَلُ عَنْهُ، فَقِيْلَ: تَوَجَّهَ هَكَذَا.
فَجَعَلْتُ أَمْضِي أَسْأَلُ عَنْهُ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مَقْبُرَةٍ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِ بِنْتِ أَخِي ذِي الرِّيَاسَتَيْنِ (3) ، فَبَزَقْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: سَوْءةٌ لَكَ.
قَالَ: يَا هَذَا! الخُبْزَ الخُبْزَ!
قُلْتُ: لاَ أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَكَ.
قَالَ: فَقَالَ لِي أَحْمَدُ: لاَ تَذْكُرَنَّ هَذَا، فَإِنَّهُ قَدْ قَامَ فِي المِحْنَةِ مُقَاماً مَحْمُوْداً عَلَيْهِ، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الكَلاَمِ (4) .
قَالَ الحَسَنُ الحُلْوَانِيُّ: قُلْتُ لِعَفَّانَ: كَيْفَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ؟
قَالَ: كُنْتُ قَدْ أَلْحَحْتُ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ، فَأَضَرَّ ذَلِكَ بِي، فَحَلَفتُ لاَ أَكْتُبُ الحَدِيْثَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَقَدِمَ عِكْرِمَةُ فِي تِلْكَ الثَّلاَثَةِ الأَيَّامِ، فَحَدَّثَ، ثُمَّ خَرَجَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ
__________
(1) نص العبارة في " الكامل ": عفان أشهر وأصدق وأوثق من أن يقال فيه شيء مما ينسب فيه إلى الضعف.
(2) " الكامل " لابن عدي 4 / لوحة 669، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(3) ذو الرئاستين هو الفضل بن سهل، تقدمت ترجمته في الصفحة 99 من هذا الجزء.
(4) " المعرفة والتاريخ " 2 / 178.

(10/251)


أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ:
نَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلَوْلاً (1) .
وَكَانَ بَسَّامٌ لَقَّنَهُ هَمَّاماً، فَلَمَّا فَرَغَهُ، قَالَ لَهُ بَسَّامٌ: مَا حَدَّثَكُم بِهَذَا هَمَّامٌ، وَلاَ حَدَّثَهُ قَتَادَةُ هَمَّاماً.
فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ أَخْطَأَ، فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى لِحْيَةِ بَسَّامٍ، وَقَالَ: ادْعُوا لِي صَاحِبَ الرَّبْعِ يَا فَاجِرُ.
قَالَ: فَمَا خَلَّصُوهُ مِنْهُ إِلاَّ بِالجَهْدِ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَهِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَفَعَهُ شُعْبَةُ - قَالَ: (يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الكَلْبُ وَالحِمَارُ وَالمَرْأَةُ).
قَالَ الفَلاَّسُ: فَقَالَ لَهُ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الخَلِيْلِ، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ... فَبَكَى يَحْيَى، وَقَالَ:
اجْتَرَأْتَ عَلَيَّ، ذَهَبَ أَصْحَابِي خَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَمُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ.
__________
(1) وأخرجه أحمد في " المسند " 5 / 42 من طريق أبي النضر وعفان، حدثنا المبارك،
عن الحسن، عن أبي بكرة.
قال عفان في حديثه: حدثنا المبارك قال: سمعت الحسن يقول: أخبرني أبو بكرة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم يتعاطون سيفا مسلولا، فقال: " لعن الله من فعل هذا، أو ليس قد نهيت عن هذا " ثم قال: " إذا سل أحدكم سيفه، فنظر إليه، فأراد أن يناوله أخاه، فليغمده، ثم يناوله إياه " وله شاهد يتقوى به من حديث جابر عند أبي داود (2588)، وأحمد 3 / 300 و361، والترمذي (2164) وحسنه.
(2) " الكامل " لابن عدي 4 / لوحة 669، ولابي داود برقم (703) من طريق مسدد، حدثنا يحيى، عن شعبة، حدثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس - رفعه شعبة - قال: " يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب " وأخرجه النسائي 2 / 64 من طريق يحيى ابن سعيد به.
وعن عائشة: ذكر عندها ما يقطع الصلاة: الكلب والحمار والمرأة، فقالت: شبهتمونا بالحمر والكلاب ! والله لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة، فأكره أن أجلس، فأوذي النبي صلى الله عليه وسلم، فأنسل من عند رجليه.
أخرجه البخاري 1 / 485 في سترة المصلي: باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء، ومسلم (512) في الصلاة: باب الاعتراض بين يدي المصلي. =

(10/252)


قُلْتُ: مِثْلُ هَذَا يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ حَدَّثَ بِهِ قَتَادَةُ مَرَّةً، عَنْ جَابِرٍ، فَدَلَّسَهُ كَعَوَائِدِهِ، وَمَرَّةً رَوَاهُ عَنْ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ أَبِي الشَّعْثَاءِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا العَتِيْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلاَّبُ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي أَبُو خَيْثَمَةَ: كُنْتُ أَنَا وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عِنْدَ عَفَّانَ فَقَالَ لِي: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ كَيْفَ كُنْتَ فِي سَفَرِكَ؟ بَرَّ اللهُ حَجَّكَ.
فَقُلْتُ: لَمْ أَحُجَّ.
قَالَ: مَا شَكَكْتُ أَنَّكَ حَاجٌّ.
ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا عُثْمَانَ؟
قَالَ: بِخَيْرٍ، الجَارِيَةُ تَقُوْلُ لِي: أَنْتَ مُصَدَّعٌ وَأَنَا فِي عَافِيَةٍ.
فَقُلْتُ: أَيْشٍ أَكَلْتَ اليَوْمَ؟
قَالَ: أَكَلْتُ أَكْلَةَ رُزٍّ، وَلَيْسَ أَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ إِلَى غَدٍ أَوْ بِالعَشِيِّ، آكُلُ أُخْرَى تَكْفِيْنِي لِغَدٍ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: فَلَمَّا كَانَ بِالعَشِيِّ، جِئْتُ إِلَيْهِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ كَمَا حَكَى أَبُو خَيْثَمَةَ، فَقَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: إِنَّ يَحْيَى يَقُوْلُ: إِنَّكَ قَدِ اخْتَلَطْتَ.
فَقَالَ: لَعَنَ اللهُ يَحْيَى، أَرْجُو أَنْ يُمَتِّعَنِي اللهُ بِعَقْلِي حَتَّى أَمُوْتَ.
قَالَ الحَرْبِيُّ: يَكُوْنُ سَاعَةً خَرِفاً، وَسَاعَةً عَقِلاً (1) .
أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ أَبِي وَيَحْيَى يَقُوْلاَنِ: أَنْكَرْنَا عَفَّانَ فِي
__________
= وفي الباب عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: " لا يقطع الصلاة شيء.." أخرجه الدارقطني 1 / 368، والبيهقي 2 / 278، وفي سنده مجالد بن سعيد وهو سيئ الحفظ، لكن له شواهد تقويه من حديث أبي أمامة وأبي هريرة وأنس عند الدارقطني 1 / 367 و368 و369.
وروى سعيد بن منصور في " سننه " فيما ذكره الحافظ في " الفتح " 1 / 485 بإسناد صحيح عن علي وعثمان وغيرهما نحو ذلك موقوفا.
وفي " الموطأ " 1 / 156 عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي. وإسناده صحيح.
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 276.

(10/253)


صَفَرٍ، لأَيَّامٍ خَلَوْنَ مِنْهُ، سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ (1) .
قُلْتُ: كُلُّ تَغَيُّرٍ يُوْجَدُ فِي مَرَضِ المَوْتِ، فَلَيْسَ بِقَادِحٍ فِي الثِّقَةِ، فَإِنَّ غَالِبَ النَّاسِ يَعْتَرِيْهِم فِي المَرَضِ الحَادِّ نَحْوُ ذَلِكَ، وَيَتِمُّ لَهُمْ وَقْتَ السِّيَاقِ وَقَبْلَهُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا المَحْذُوْرُ أَنْ يَقَعَ الاخْتِلاَطُ بِالثِّقَةِ، فَيُحَدِّثُ فِي حَالِ اخْتِلاَطِهِ بِمَا يَضْطَرِبُ فِي إِسْنَادِهِ، أَوْ مَتْنِهِ، فَيُخَالَفُ فِيْهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَتُوُفِّيَ بَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَوَهْمٌ، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي الحِكَايَةِ بِعَيْنِهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ، وَهَذَا هُوَ الحَقُّ، فَإِنَّ عَفَّانَ كَادَ أَبُو دَاوُدَ أَنْ يَلْحَقَهُ، وَإِنَّمَا دَخَلَ أَبُو دَاوُدَ بَغْدَادَ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ، وَقَدْ قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ عَفَّانَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ عَفَّانُ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، أَوْ قَبْلَهَا (2) .
وَقَالَ مُطَيَّنٌ، وَابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ (3) .
قُلْتُ: عَاشَ خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ-.
أَخْبَرَنَا شَيْخُ الإِسْلاَمِ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عُمَرَ، فِي جَمَاعَةٍ إِذْناً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 277، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(2) " التاريخ الصغير " 2 / 342، و" تاريخ بغداد " 12 / 277، و" تهذيب الكمال " لوحة 944.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 336، و" تاريخ بغداد " 12 / 277، وتهذيب الكمال " لوحة 944.

(10/254)


بنِ شَاكِرٍ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوْبَ العَتَكِيُّ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -:
أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: (أَصُمْتِ أَمْسِ؟).
قَالَتْ: لاَ.
قَالَ: (أَتُرِيْدِيْنَ أَنْ تَصُوْمِي غَداً؟).
قَالَتْ: لاَ.
قَالَ: (فَأَفْطِرِي) (1).

66 - أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَالِدٍ الأَحْوَلُ *
الكَاتِبُ، أَبُو العَبَّاسِ، وَزَرَ لِلْمَأْمُوْنِ بَعْد الفَضْلِ بنِ سَهْلٍ.
وَكَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً، شَهْماً، دَاهِيَةً، سَائِساً، زَعِراً.
قَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَقَدْ أُعْطَيْتَ مَا لَمْ يُعْطَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: وَيْلَكَ! مَا هُوَ؟
قَالَ: إِنَّ اللهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {لَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيْظَ القَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آلُ عِمْرَانَ: 159]، وَأَنْتَ فَظٌّ غَلِيْظٌ، وَلاَ يَنْفَضُّ مَنْ حَوْلَكَ (2) .
وَكَانَ أَبُوْهُ كَاتِباً لِوَزِيْرِ المَهْدِيِّ، أَصْلُهُ مِنَ الأُرْدُنِّ، وَقَدْ نَابَ أَحْمَدُ فِي الوِزَارَةِ عَنِ الحَسَنِ بنِ سَهْلٍ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ العَبَّاسِ يَقُوْلُ:
بَعَثَنِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَالِدٍ إِلَى الأَمِيْرِ طَلْحَةَ بنِ طَاهِرٍ، وَقَالَ لِي: قُلْ
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 6 / 430، والبخاري 4 / 203، 204 من طريق شعبة، عن قتادة بهذا الإسناد، وأخرجه أبو داود (2422) من طريقين عن همام، عن قتادة، به.
(*) عيون التواريخ 7 / لوحة 278 - 280، النجوم الزاهرة 2 / 203، وانظر الطبري 8 / 575، 579، 595، 603، والكامل لابن الأثير 6 / 357، 361، 382، 383، 386.
(2) الخبر بأطول مما هنا في " عيون التواريخ " 7 / لوحة 278.

(10/255)


لَهُ: لَيْسَتْ لَكَ بِالسَّوَادِ قَرْيَةٌ، وَهَذِهِ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَاشتَرِ بِهَا قَرْيَةً، وَاللهِ لَئِنْ فَعَلْتَ، لَتَسُرَّنِّي، وَإِنْ أَبَيْتَ، لَتُغْضِبَنِّي.
فَرَدَّهَا، وَقَالَ: أَخْذُهَا غُنْمٌ، وَالحَالُ بَيْنَنَا تَرْتَفِعُ عَنْ مَزِيْدِ الوِدِّ أَوْ نَقْصِهِ.
قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ أَكْرَمَ مِنْهُمَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي طَاهِرٍ: كَانَ أَحْمَدُ عَابِساً، مُكْفَهِرّاً فِي وَجْهِ الخَاصِّ وَالعَامِّ، غَيْرَ أَنَّ فِعْلَهُ كَانَ حَسَناً.
وَمِنْ كَلاَمِ أَحْمَدَ، قَالَ: مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَفْسِهِ بِالبَذْلِ، لَمْ يَقْدِرْ عَلَى عَدُوِّهِ بِالقَتْلِ.
قُلْتُ: الشَّجَاعَةُ وَالسَّخَاءُ أَخَوَانِ، فَمَنْ لَمْ يَجُدْ بِمَالِهِ، فَلَنْ (1) يَجُوْدَ بِنَفْسِهِ.
مَاتَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.

67 - عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ الكِلاَبِيُّ القَيْسِيُّ البَصْرِيُّ * (ع)
الحَافِظُ، أَحَدُ الأَثبَاتِ.
سَمِعَ: جَدَّهُ؛ عُبَيْدَ اللهِ بنَ الوَازِعِ، وَشُعْبَةَ، وَجَرِيْرَ بنَ حَازِمٍ، وَهَمَّامَ بنَ يَحْيَى، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ،
__________
(1) في الأصل: " لن ".
(*) طبقات ابن سعد 7 / 305، تاريخ خليفة: 189، التاريخ الكبير 6 / 355، التاريخ الصغير 2 / 327، الجرح والتعديل 6 / 250، تاريخ بغداد 12 / 202، الأنساب 10 / 512، تهذيب الكمال لوحة 1039، تذهيب التهذيب 3 / 102 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 392 العبر 1 / 364، المغني في الضعفاء 2 / 485، ميزان الاعتدال 3 / 269، 270، تهذيب التهذيب 8 / 58، طبقات الحفاظ: 166، خلاصة تذهيب الكمال: 290، شذرات الذهب 2 / 29.

(10/256)


وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَالكُدَيْمِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ (1) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (2) .
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيْثٍ (3) .
قَالَ البُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (4) .
قُلْتُ: هُوَ مَعْدُوْدٌ فِي كِبَارِ شُيُوْخِ البُخَارِيِّ، وَلاَ يَقَعُ لَنَا حَدِيْثُهُ فِي الأَجزَاءِ أَعْلَى مِنْ كِتَابِ (الجَامِعِ الصَّحِيْحِ)- وَاللهُ أَعْلَمُ -.

68 - القَعْنَبِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ قَعْنَبٍ * (خَ، م، د)
عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ قَعْنَبٍ، الإِمَامُ، الثَّبْتُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ،
__________
(1) الروايات عن يحيى بن معين في عمرو بن عاصم ثلاثة: ففي رواية قال: ثقة.
وفي رواية قال: أراه صدوقا.
وفي رواية: صالح.
انظر " تاريخ بغداد " 12 / 202، و" تهذيب الكمال " لوحة 1039، و" الجرح والتعديل " 6 / 250.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1039.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1039، و" تذكرة الحفاظ " 1 / 392.
(4) " التاريخ الكبير " 6 / 355، و" تهذيب الكمال " لوحة 1039.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 302، طبقات خليفة ت (1957)، تاريخ خليفة: 28 و476، التاريخ الكبير 5 / 212، التاريخ الصغير 2 / 345، المعارف لابن قتيبة: 524، الجرح والتعديل 5 / 181، الانتقاء: 61، ترتيب المدارك 1 / 397 - 399، الأنساب 10 / 208، 209، وفيات الأعيان 3 / 40، تهذيب الكمال لوحة 742، تذهيب التهذيب 2 / 188 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 383، العبر 1 / 382، 383، الكاشف 1 / 131، مرآة الجنان 2 / 81، الديباج المذهب 1 / 411، 412، العقد الثمين 5 / 285، تهذيب التهذيب 6 / 31، طبقات الحفاظ: 165، خلاصة تذهيب الكمال: 215، شذرات الذهب 2 / 49، شجرة النور الزكية 1 / 57.

(10/257)


أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَارِثِيُّ، القَعْنَبِيُّ، المَدَنِيُّ، نَزِيْلُ البَصْرَةِ، ثُمَّ مَكَّةَ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ بِيَسِيْرٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَفْلَحَ بنِ حُمَيْدٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَشُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَدَاوُدَ بنِ قَيْسٍ الفَرَّاءِ، وَسَلَمَةَ بنِ وَرْدَانَ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَنَافِعِ بنِ عُمَرَ الجُمَحِيِّ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي بَكْرٍ المَدَنِيِّ، وَالحَكَمِ بنِ الصَّلْتِ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَعِيْسَى بنِ حَفْصِ بنِ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَهِشَامِ بنِ سَعْدٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالخُرَيْبِيُّ - وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ - وَمُحَمَّدُ بنُ سَنْجَرَ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَعَمْرُو بنُ مَنْصُوْرٍ النَّسَائِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ تَمْتَامُ (1) ، وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُعَاذٍ دُرَّانُ، وَإِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضاً، وَأَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ حَدِيْثَهُ بِوَاسِطَةٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: مَا كَتَبْتُ عَنْ أَحَدٍ أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنَ القَعْنَبِيِّ (2) .
__________
(1) تمتام هو لقب له، وسترد ترجمته في الجزء الثالث عشر برقم (188).
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 181، و" ترتيب المدارك " 1 / 398.

(10/258)


قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُلْتُ لأَبِي: القَعْنَبِيُّ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي (المُوَطَّأِ) أَوْ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ؟
قَالَ: بَلِ القَعْنَبِيُّ، لَمْ أَرَ أَخْشَعَ مِنْهُ (1) .
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِيْنِيُّ الوَاهِي، عَنِ المَيْمُوْنِيِّ، سَمِعْتُ القَعْنَبِيَّ يَقُوْلُ:
اخْتَلَفْتُ إِلَى مَالِكٍ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، مَا مِنْ حَدِيْثٍ فِي (المُوَطَّأِ) إِلاَّ لَوْ شِئْتُ قُلْتُ: سَمِعْتُهُ مِرَاراً (2) .
وَعَنْ عَبْدِ الصَّمدِ بنِ الفَضْلِ: مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ:...، فَذَكَرَ مِنْهُمُ القَعْنَبِيَّ (3) .
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا حَنْبَلٌ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، حَدَّثَنَا القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأَوَّلِ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ، فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) (4) .
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 181.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 742 وتتمته فيه: ولكني اقتصرت بقراءتي عليه لان مالكا كان يذهب إلى أن قراءة الرجل على العالم أثبت من قراءة العالم عليه.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 742.
(4) إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، ومنصور هو ابن المعتمر، وربعي هو ابن حراش، وأبو مسعود هو عقبة بن عمرو الأنصاري البدري، وأخرجه أحمد 5 / 273، وأبو داود (4797) من طريق القعنبي بهذا الإسناد، وأخرجه البخاري 6 / 380 و10 / 434 من طريق أحمد بن يونس، عن زهير، عن منصور به.
وأخرجه أيضا 6 / 380، 381 من طريق آدم، عن شعبة. به.
وأخرجه ابن ماجة (4183) من طريق عمرو بن رافع، عن جرير عن منصور، به.
وأخرجه أحمد 4 / 121 من طريق روح، عن شعبة والثوري، عن منصور به، و4 / 122 من طريق عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور به.
وكلمة " الأول " لم ترد عند البخاري، وهي عند أبي داود وأحمد وابن ماجة بلفظ " الأولى " قال الحافظ في " الفتح ": أي التي قبل نبينا صلى الله عليه وسلم.

(10/259)


وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: لاَ يُقَدَّمُ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ (المُوَطَّأِ) عَلَى القَعْنَبِيِّ.
قُلْتُ: حَدُّ الوَلِيِّ الرُّسُوخُ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ مِثْلُ القَعْنَبِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، حُجَّةٌ، لَمْ أَرَ أَخْشَعَ مِنْهُ، سَأَلنَاهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْنَا (المُوَطَّأ)، فَقَالَ: تَعَالَوْا بِالغَدَاةِ.
فَقُلْنَا: لَنَا مَجْلِسٌ عِنْدَ حَجَّاجِ بنِ مِنْهَالٍ.
قَالَ: فَإِذَا فَرَغْتُم مِنْهُ؟
قُلْنَا: نَأْتِي حِيْنَئِذٍ مُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ.
قَالَ: فَإِذَا فَرَغْتُم؟
قُلْنَا: نَأْتِي أَبَا حُذَيْفَةَ النَّهْدِيَّ.
قَالَ: فَبَعْدَ العَصْرِ؟
قُلْنَا: نَأْتِي عَارِماً أَبَا النُّعْمَانِ.
قَالَ: فَبَعْدَ المَغْرِبِ؟
فَكَانَ يَأْتِينَا بِاللَّيْلِ، فَيَخْرُجُ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ كَبْلٌ مَا تَحْتَهُ شَيْءٌ فِي الصَّيْفِ، فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا فِي الحَرِّ الشَّدِيدِ حِيْنَئِذٍ (1).
__________
= وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " - كما قال الحافظ ابن رجب - قولان: أحدهما: أنه ليس بمعنى الامر أن يصنع ما شاء، ولكنه على معنى الذم والنهي عنه، وأهل هذه المقالة لهم طريقان: أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، والمعنى: إذا لم يكن حياء فاعمل ما شئت، فالله يجازيك عليه، كقوله تعالى: (اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير).
والطريق الثاني: أنه أمر ومعناه الخبر، والمعنى أن من لم يستحي صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر وما يمتنع
من مثله من له حياء، على حد قوله صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " فإن لفظه لفظ الامر، ومعناه الخبر، وأن من كذب عليه يتبوأ مقعده من النار.
وهذا اختيار أبي عبيد القاسم بن سلام، وابن قتيبة، ومحمد بن نصر المروزي، وغيرهم، وروى أبو داود عن الامام أحمد ما يدل على مثل هذا القول.
والقول الثاني في معنى قوله: " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ": أنه أمر بفعل ما يشاء على ظاهر أمره، وأن المعنى: إذا كان الذي يريد فعله مما لا يستحى من فعله لا من الله ولا من الناس لكونه من أفعال الطاعات، أو من جميل الاخلاق والآداب المستحسنة، فاصنع منه حينئذ ما شئت.
وهذا قول جماعة من الأئمة منهم إسحاق المروزي الشافعي، وحكي مثله عن الامام أحمد.
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 181، والكبل: الفرو الكبير.

(10/260)


قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً يُحَدِّثُ للهِ إِلاَّ وَكِيْعاً، وَالقَعْنَبِيَّ (1) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحِيْرِيُّ:
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: قُلْتُ لِلْقَعْنَبِيِّ: مَا لَكَ لاَ تَرْوِي عَنْ شُعْبَةَ غَيْرَ هَذَا الحَدِيْثِ؟
قَالَ: كَانَ شُعْبَةُ يَسْتَثْقِلُنِي، فَلاَ يُحَدِّثُنِي.
يَعْنِي حَدِيْثَ: (إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ، فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ).
وَالحَدِيْثُ يَقَعُ عَالِياً فِي (جُزْءِ الغِطْرِيْفِ (2)) لابْنِ البُخَارِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ الخُرَيْبِيُّ - وَكَانَ كَبِيْرَ القَدْرِ -: حَدَّثَنِي القَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ -وَاللهِ- عِنْدِي خَيْرٌ مِنْ مَالِكٍ (3) .
قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ: كَانَ القَعْنَبِيُّ مُجَابَ الدَّعْوَةِ (4) .
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَذَكَرَ أَصْحَابَ مَالِكٍ، فَقِيْلَ لَهُ: مَعْنٌ، ثُمَّ القَعْنَبِيُّ.
قَالَ: لاَ، بَلِ القَعْنَبِيُّ، ثُمَّ مَعْنٌ (5) .
وَيُرْوَى عَنْ أَبِي سَبْرَةَ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْقَعْنَبِيِّ: حَدَّثْتَ، وَلَمْ تَكُنْ
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 742.
(2) سماع القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر الطبري المتوفى سنة 450 ه، وقد أخطأ صاحب " كشف الظنون " فكناه بأبي بكر، والغطريف هو أبو أحمد محمد ابن أحمد بن الحسين بن القاسم بن السري بن الغطريف الجرجاني الرباطي الحافظ، توفي في رجب عن سن عالية، روى عن أبي خليفة، وعبد الله بن ناجية، وابن خزيمة وطبقتهم.
وكان صواما قواما متقنا.
انظر " العبر " 3 / 5، 6 وفيات سنة 377 ه، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 971، 972.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 742، و" ترتيب المدارك " 1 / 399.
(4) " العقد الثمين " 5 / 285.
(5) " تذكرة الحفاظ " 1 / 383، ومعن هو ابن عيسى.

(10/261)


تُحَدِّثُ!
قَالَ: إِنِّيْ أُرِيْتُ كَأَنَّ القِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ، فَصِيْحَ بِأَهْلِ العِلْمِ، فَقَامُوا وَقُمْتُ مَعَهُم، فَنُوْدِيَ بِي: اجْلِسْ.
فَقُلْتُ: إِلَهِي! أَلَمْ أَكُنْ أَطْلُبُ؟
قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهُم نَشَرُوا، وَأَخْفَيْتَهُ.
قَالَ: فَحَدَّثْتُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: سَمِعْتُهُم بِالبَصْرَةِ يَقُوْلُوْنَ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ مِنَ الأَبْدَالِ (1) .
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي: كَانَ القَعْنَبِيُّ مِنَ المُجْتَهِدِيْنَ فِي العِبَادَةِ.
وَقَالَ الإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ نَصْرَ بنَ مَرْزُوْقٍ يَقُوْلُ:
أَثْبَتُ النَّاسِ فِي (المُوَطَّأِ): القَعْنَبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ بَعْدَهُ (2) .
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي: كَانَ القَعْنَبِيُّ لاَ يَرْضَى قِرَاءةَ حَبِيْبٍ، فَمَا زَالَ حَتَّى قَرَأَ لِنَفْسِهِ (المُوَطَّأَ) عَلَى مَالِكٍ (3) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ الكَاتِبُ: كَانَ القَعْنَبِيُّ عَابِداً، فَاضِلاً، قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ كُتُبَهُ (4) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشِّيْرَازِيُّ فِي كِتَابِ (الأَلْقَابِ) لَهُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُسْتَمْلِي، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُنِيْرٍ البَلْخِيَّ، سَمِعْتُ حَمْدَانَ بنَ سَهْلٍ البَلْخِيَّ الفَقِيْهَ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً إِذَا رُؤِيَ ذُكِرَ اللهُ -تَعَالَى- إِلاَّ القَعْنَبِيَّ -
__________
(1) " العقد الثمين " 5 / 285.
(2) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 1 / 384، وعبد الله بن يوسف سترد ترجمته في الصفحة 357 من هذا الجزء.
(3) أورده المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 1 / 384، وحبيب هذا هو حبيب بن أبي حبيب، كاتب مالك، ضعيف، ترجمه المؤلف في " ميزان الاعتدال " 1 / 452، وله ترجمة في " ترتيب المدارك " 1 / 378.
(4) " طبقات ابن سعد " 7 / 302.

(10/262)


رَحِمَهُ اللهُ- فَإِنَّهُ كَانَ إِذَا مَرَّ بِمَجْلِسٍ، يَقُوْلُوْنَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُسَمَّى الرَّاهِبُ لِعِبَادتِهِ، وَفَضْلِهِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ الهَيْثَمِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا القَعْنَبِيَّ، خَرَجَ إِلَيْنَا كَأَنَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى جَهَنَّمَ (1) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّهَيْرِيُّ، عَنِ الحُنَيْنِيِّ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَدِمَ ابْنُ قَعْنَبٍ مِنْ سَفَرٍ، فَقَالَ مَالِكٌ: قُوْمُوا بِنَا إِلَى خَيْرِ أَهْلِ الأَرْضِ (2) .
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:
يُقَدَّمُ فِي (المُوَطَّأِ): مَعْنُ بنُ عِيْسَى، وَابْنُ وَهْبٍ، وَالقَعْنَبِيُّ.
ثُمَّ قَالَ: وَأَبُو مُصْعَبٍ ثِقَةٌ فِي (المُوَطَّأِ).
وَقَدْ رَوَيْتُ حِكَايَةً فِي سَمَاعِ القَعْنَبِيِّ لِذَاكَ الحَدِيْثِ مِنْ شُعْبَةَ لاَ تَصِحُّ، وَأَنَّهُ هَجَمَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ، فَوَجَدَهُ يَبُوْلُ فِي بَلُّوْعَةٍ، فَقَالَ: حَدِّثْنِي.
فَلاَمَهُ، وَعَنَّفَهُ، وَقَالَ: تَهْجُمُ عَلَى دَارِي، ثُمَّ تَقُوْلُ: حَدِّثْنِي وَأَنَا عَلَى هَذِهِ الحَالَةِ؟!
قَالَ: إِنِّيْ أَخْشَى الفَوْتَ.
فَرَوَى لَهُ الحَدِيْثَ فِي قِلَّةِ الحَيَاءِ، وَحَلَفَ أَنْ لاَ يُحَدِّثَهُ بِسِوَاهُ.
وَفِي الجُمْلَةِ: لَمْ يُدْرِكِ القَعْنَبِيُّ شُعْبَةَ إِلاَّ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ، فَلَمْ يُكْثِرْ عَنْهُ، وَقَدْ حَدَّثَهُ أَفْلَحُ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَفْلَحُ أَكْبَرُ مِنْ شُعْبَةَ قَلِيْلاً.
وَقَدْ سَمِعْتُ (المُوَطَّأَ) بِحَلَبَ، وَبَعْلَبَكَّ مِنْ رِوَايَةِ القَعْنَبِيِّ (3) ، عَنْ مَالِكٍ.
__________
(1) " وفيات الأعيان " 3 / 40، و" ترتيب المدارك " 1 / 399.
(2) " ترتيب المدارك " 1 / 398، و" تهذيب الكمال " لوحة 742.
(3) لم يطبع " الموطأ " بروايته، ويغلب على ظني أن في مكتبة الحرم المكي نسخة منه.

(10/263)


وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لِمُسْلِمٍ، سَمِعَ مِنْهُ فِي أَيَّامِ المَوْسِمِ، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ، وَلَمْ يُكْثِرْ عَنْهُ.
وَمَاتَ القَعْنَبِيُّ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ الأَنْدَلُسِيُّ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا القَعْنَبِيُّ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ، فَوَجَدتُهُ بَاكِياً، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا الَّذِي يُبْكِيْكَ؟!
قَالَ: يَا ابْنَ قَعْنَبٍ! عَلَى مَا فَرَطَ مِنِّي، لَيْتَنِي جُلِدْتُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَكَلَّمْتُ بِهَا فِي هَذَا الأَمْرِ بِسَوْطٍ، وَلَمْ يَكُنْ فَرَطَ مِنِّي مَا فَرَطَ مِنْ هَذَا الرَّأْيِ، وَهَذِهِ المَسَائِلِ، قَدْ كَانَ لِي سَعَةٌ فِيْمَا سُبِقْتُ إِلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بنُ حُمَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
طَيَّبْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِحُرْمِهِ حِيْنَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِيْنَ أَحَلَّ، قَبْلَ أَنْ يَطُوْفَ بِالبَيْتِ.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، عَالٍ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ (1) ، عَنِ القَعْنَبِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَى شَيْءٍ فِي (صَحِيْحِهِ).
__________
(1) برقم (1189) (32) ورواه مالك في " الموطأ " 1 / 328 في الحج: باب ما جاء في الطيب في الحج ومن طريقه البخاري 3 / 315، في الحج: باب الطيب عند الاحرام ومسلم (1189) (33)، والنسائي 5 / 137، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، وأخرجه البخاري 3 / 464 و10 / 308، من طريقين عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة.

(10/264)


69 - إِسْمَاعِيْلُ بنُ مَسْلَمَةَ أَبُو بِشْرٍ القَعْنَبِيُّ * (ق)
وَمَاتَ أَبُو بِشْرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مَسْلَمَةَ - أَخُو القَعْنَبِيِّ قبلَهُ - فِي: سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، بِمِصْرَ.
رَوَى عَنْ: شُعْبَةَ، وَوُهَيْبٍ، وَالحَمَّادَيْنِ.
وَعَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (1) .
وَلَهُمَا إِخْوَةٌ وَهُم: يَحْيَى، وَعَبْدُ المَلِكِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ، وَليسوا بِالمَشْهُوْرِينَ.

70 - عَارِمٌ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ السَّدُوْسِيُّ البَصْرِيُّ ** (ع)
الحَافِظُ، الثَّبْتُ، الإِمَامُ، أَبُو النُّعْمَانِ السَّدُوْسِيُّ، البَصْرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
(*) الجرح والتعديل 2 / 201، تهذيب الكمال لوحة 112، تذهيب التهذيب 1 / 67 / 1، الكاشف 1 / 129، ميزان الاعتدال 1 / 251، تهذيب التهذيب 1 / 335، خلاصة تذهيب الكمال: 36.
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 201.
(* *) طبقات ابن سعد 7 / 305، طبقات خليفة ت (1947)، تاريخ خليفة: 478، التاريخ الصغير 2 / 351، التاريخ الكبير 1 / 208، المعارف: 522، الضعفاء للعقيلي لوحة 394، 395، الجرح والتعديل 8 / 58، الأنساب 7 / 59، المعجم المشتمل: 268، تهذيب الكمال لوحة 1257، تذكرة الحفاظ 1 / 410، العبر 1 / 392، 393، ميزان الاعتدال 4 / 7 - 9، تهذيب التهذيب 9 / 402، طبقات الحفاظ: 170، خلاصة تذهيب الكمال: 356، شذرات الذهب 2 / 55.

(10/265)


وَسَمِعَ: حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَجَرِيْرَ بنَ حَازِمٍ، وَثَابِتَ بنَ يَزِيْدَ الأَحْوَلَ، وَدَاوُدَ بنَ أَبِي الفُرَاتِ، وَمَهْدِيَّ بنَ مَيْمُوْنَ، وَعُمَارَةَ بنَ زَاذَان، وَأَبَا هِلاَلٍ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيَّ، وَقَزَعَةَ بنَ سُوَيْدٍ، وَوُهَيْباً، وَعَبْدَ الوَارِثِ، وَأَبَا عَوَانَةَ، وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ زِيَادٍ، وَخَلْقاً.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَسُلَيْمَانُ بنُ سَيْفٍ، وَالكُدَيْمِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو الأَحْوَصِ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الذُّهْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ عَارِمٌ، وَكَانَ بَعِيْداً مِنَ العَرَامَةِ (1) .
وَقَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنَا عَارِمٌ الصَّدُوْقُ المَأْمُوْنُ (2) .
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الزُّرَيْقِيُّ: حَدَّثَنَا عَارمٌ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ (3) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ (4) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: إِذَا حَدَّثَكَ عَارمٌ فَاخْتِمْ عَلَيْهِ، عَارمٌ لاَ يتَأَخَّرُ عَنْ عَفَّانَ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ يُقَدِّمُ عَارماً عَلَى نَفْسِهِ إِذَا خَالَفَهُ فِي شَيْءٍ، وَيرجعُ إِلَى مَا يَقُوْلُ عَارمٌ، وَهُوَ أَثْبَتُ أَصْحَابِ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، بَعْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَقَالَ: عَارمٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ (5) .
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1258، والعرامة: الشدة والقوة والشراسة.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1258.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1258.
(4) " التاريخ الكبير " 1 / 208.
(5) " الجرح والتعديل " 8 / 58.

(10/266)


ثُمَّ قَالَ: اختلطَ عَارمٌ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَزالَ عَقْلُهُ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الاخْتِلاَطِ، فسَمَاعُهُ صَحِيْحٌ.
وَكَتَبْتُ عَنْهُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ بَعْدَ مَا اختلطَ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ سنَةِ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَسَمَاعُهُ جَيِّدٌ.
قَالَ: وَأَبُو زُرْعَةَ لَقِيَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ (1) .
وَسُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ عَارمٍ، فَقَالَ: ثِقَةٌ (2) .
وَرَوَى الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ الذَّرَّاعُ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عَارماً أُنْكِرَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، ثُمَّ رَاجَعَهُ عَقْلُهُ، وَاسْتحكمَ بِهِ الاخْتِلاَطُ سنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (3) .
مَاتَ: عَارمٌ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ، فِي صَفَرٍ.
أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَارمٍ، فَحَدَّثَ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ مَاعزاً سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الصَّوْم فِي السَّفَرِ.
فَقُلْتُ لَهُ: حَمْزَةُ الأَسْلَمِيُّ بَدَلَ مَاعزٍ.
فَقَالَ: يَا بُنَيَّ! مَاعزٌ لاَ يَشْقَى بِهِ جليسُه.
يَعْنِي: أَنَّ عَارماً قَالَ هَذَا، وَقَدْ زَالَ عَقْلُهُ (4) .
قُلْتُ: فَرَّجَ عَنَّا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي شَأْنِ عَارمٍ، فَقَالَ: تَغَيَّرَ بِأَخَرَةٍ، وَمَا ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ اختلاَطِهِ حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
فَانْظُرْ قَوْلَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ أَبِي الحَسَنِ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ قَوْلِ ذَاكَ الخَسَّافِ، المتفَاصحِ أَبِي حَاتِمٍ بنِ حِبَّان فِي عَارِمٍ، فَقَالَ: اختلطَ
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 59.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 58.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1258.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1258.

(10/267)


فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَتَغَيَّرَ حَتَّى كَانَ لاَ يَدْرِي مَا يُحَدِّثُ بِهِ، فَوَقَعَ فِي حَدِيْثِهِ المَنَاكِيْرُ الكَثِيْرَةُ، فيجبُ التَّنَكُّبُ عَنْ حَدِيْثِهِ فِيْمَا رَوَاهُ المُتَأَخِّروْنَ، فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ هَذَا مِنْ هَذَا، تُرِكَ الكُلُّ، وَلاَ يحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا (1) .
قُلْتُ: فَأَيْنَ مَا زعمتَ مِنَ المَنَاكِيْرِ الكَثِيْرَةِ؟ فَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا حَدِيْثاً.
بَلَى، لَهُ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، عَنْ أَنَسٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بشِقِّ تمرَةٍ) وَقَدْ كَانَ حَدَّثَ بِهِ مِنْ قَبْلُ عَنِ الحَسَنِ، بَدَلَ أَنَسٍ، مُرْسَلاً، وَهُوَ أَشبَهُ (2) ، وَكَذَا رَوَاهُ عَفَّانُ وَغَيْرُهُ، عَنْ حَمَّادٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ يَقُوْلُ: جِئْتُ عَارماً، فطرحَ لِي حَصِيراً عَلَى البَابِ، وَخَرَجَ، وَقَالَ: مَرْحَباً، أَيشٍ كَانَ خَبَرُكَ، مَا رأَيتُكَ مُنْذُ مُدَّةٍ، وَمَا كُنْتُ جئتُهُ قبْلَهَا.
ثُمَّ قَالَ لِي: قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ:
أَيُّهَا الطَّالبُ عِلْماً ... إِيتِ حَمَّادَ بنَ زَيْدْ
فَاستَفِدْ حِلْماً وَعِلْماً ... ثُمَّ قَيِّدْهُ بِقَيْدْ
وَالقيدُ بقيْدٍ، وَجَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ عَلَى أُصْبُعِهُ مِرَاراً، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ اختلَطَ (3) .
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: سَمَاعُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيِّ مِنْ عَارمٍ سنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 294 - 295، و" ميزان الاعتدال " 4 / 8.
(2) الحديث في " مسند البزار " (934) من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن الفضل، عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد، وقال: لا نعلم رواه هكذا إلا محمد بن الفضل.
قلت: لكن الحديث صح من وجه آخر، فقد أخرجه البخاري 3 / 225، ومسلم (1016) (67) من حديث عدي بن حاتم، وأحمد 6 / 79، والبزار (936) عن عائشة، والبزار (937) عن أبي هريرة، والطبراني في " الكبير " عن ابن عباس وعن أبي أمامة. انظر " مجمع الزوائد " 3 / 106.
(3) " الضعفاء " للعقيلي: لوحة 395، و" ميزان الاعتدال " 4 / 8 (4) " الضعفاء " للعقيلي: لوحة 394.

(10/268)


قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: إِذَا ذَكَرْتَ أَبَا النُّعْمَانِ، فَاذكُرْ أَيُّوْبَ، وَابْنَ عَوْنٍ (1) .
قَالَ العُقَيْلِيُّ: قَالَ لِي جَدِّي: مَا رَأَيْتُ بِالبَصْرَةِ شَيْخاً أَحسنَ صَلاَةً مِنْ عَارمٍ، كَانُوا يَقُوْلُوْنَ: أَخذَ الصَّلاَةَ عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ.
قَالَ: وَكَانَ عَارمٌ أَخشعَ مَنْ رَأَيْتُ -رَحِمَهُ اللهُ (2) -.
قُلْتُ: لَمْ يَأْخُذْ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ لِتَغَيُّرِهِ، وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ مَنْ خلَّطَ فِي كَلاَمِهِ كتَخْلِيطِ السَّكرَانِ، أَنْ لاَ يُحْمَلَ عَنْهُ البَتَّةَ، وَأَنَّ مَنْ تَغَيَّرَ لكَثْرَةِ النِّسْيَانِ، أَنْ لاَ يُؤْخَذَ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَارمٌ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الحكمِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ:
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ: (نُهِيَ أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ وَهُوَ قَائِمٌ، وَأَنَّ يَلْتَقِمَ فَمَ السِّقَاءِ، فَيَشْرَبَ مِنْهُ).
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ (3) ، وَعَلِيُّ بنُ الحَكَمِ رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ، وَوُثِّقَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ شَكَّرَ، عَنْ بَعْضِ شُيُوْخِهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَبَقِيَتْ عَلَيَّ بَقِيَّةٌ، وَأَرَدْتُ السَّفَرَ، فَقُلْتُ لَهُ، فَانتهرَنِي، فَرُحْتُ
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 4 / 9.
(2) " الضعفاء " لوحة 395.
(3) وهو كما قال، وفي الباب عن أنس وأبي هريرة عند مسلم (2024) (113) و(2026)، وعن أبي سعيد الخدري عند البخاري 10 / 78، ومسلم (2023)، وأبي داود (3720)، والترمذي (1891)، وعن أبي هريرة عند البخاري 10 / 78، 79.

(10/269)


مَغْمُوماً، فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (مَا لِي أَرَاكَ مَغْمُوماً؟).
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيَّ، فَزَبَرَنِي.
فَقَالَ: (إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكْتُبَ العِلْمَ للهِ، فَاكْتُبْ عَنِ القَعْنَبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ السَّدُوْسِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ الغُدَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيِّ).
فَأَصبحتُ، وَحكيتُ الرُّؤيَا.
فَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: شَكَوْتَنِي إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَاتِ حَتَّى أَقرأَ عَلَيْكَ.
قُلْتُ: لاَ وَاللهِ.
ثُمَّ لَحِقْتُ بِأُولَئِكَ، فكَتَبْتُ عَنْهُم.

71 - عَبْدَانُ عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ جَبَلَةَ الأَزْدِيُّ * (خَ)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ مَرْوَ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ جَبَلَةَ بنِ أَبِي رَوَّادٍ مَيْمُوْنَ - أَوْ أَيْمَنَ - الأَزْدِيُّ، العَتَكِيُّ مَوْلاَهُمْ، المَرْوَزِيُّ، أَخُو المُحَدِّثِ عَبْدِ العَزِيْزِ شَاذَانَ، وَهُمَا سِبْطَا شَيْخِ مَكَّةَ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رَوَّادٍ (1) .
وُلِدَ: سَنَةَ نيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: شُعْبَةَ حَدِيْثاً وَاحِداً.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، عَنْ شُعْبَةَ شَيْئاً كَثِيْراً.
وَمِنْ: أَبِي حَمْزَةَ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ السُّكَّرِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَعِيْسَى بنِ عُبَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَيَزِيْدِ بنِ زُرَيْعٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِخُرَاسَانَ، وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ.
__________
(*) التاريخ الصغير 2 / 345، 346، الجرح والتعديل 5 / 113، المعجم المشتمل: 157، تهذيب الكمال لوحة 709، تذكرة الحفاظ 1 / 401، الكاشف 2 / 108، العبر 1 / 382، تذهيب التهذيب 2 / 165 / 1، دول الإسلام 1 / 134، تهذيب التهذيب 5 / 313، 314، طبقات الحفاظ: 173، 174، خلاصة تذهيب الكمال: 206، شذرات الذهب 2 / 49.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء السابع من هذا الكتاب ص 184.

(10/270)


حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ كَثِيْراً، وَرَوَى مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ بوَاسِطَةٍ، وَأَحْمَدُ بنُ شَبُّوْيَه، وَأَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، وَالعَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ، وَأَبُو المُوَجَّهِ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قَشْمَرْد، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ ثِقَةً، مُجَوِّداً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ الآمُلِيُّ (1) : تَصَدَّقَ عَبْدَانُ فِي حيَاتِهِ بِأَلفِ أَلفِ دِرْهَمٍ، وَكَتَبَ كُتُبَ ابْنِ المُبَارَكِ بقلمٍ وَاحِدٍ (2) .
قَالَ: وَقَالَ عَبْدَانُ: مَا سَأَلَنِي أَحَدٌ حَاجَةً إِلاَّ قُمْتُ لَهُ بنفسِي، فَإِنْ تَمَّ، وَإِلاَّ قُمْتُ لَهُ بِمَالِي، فَإِنْ تَمَّ، وَإِلاَّ اسْتَعَنْتُ بِالإِخْوَانِ، فَإِنْ تَمَّ، وَإِلاَّ اسْتَعنتُ بِالسُّلْطَانِ (3) .
وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: مَا بَقِيَ إِلاَّ الرِّحْلَةُ إِلَى عَبْدَانَ بِخُرَاسَانَ (4) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: هُوَ إِمَامُ بَلَدِهِ فِي الحَدِيْثِ، سَمِعَ مِنْ شُعْبَةَ أَحَادِيْثَ دُوْنَ العشرَةِ، وَلَمْ يُعْقِبْ، وَرِثَهُ أَخُوْهُ، وَقَدْ وَلاَّهُ ابْنُ طَاهِرٍ قَضَاءَ الجُوْزَجَانِ (5) ، ثُمَّ اسْتَعفَى، فَأُعْفِي.
قُلْتُ: وَكَذَا قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ شُعْبَةَ دُوْنَ العشرَةِ.
__________
(1) نسبة إلى " آمل " وهي بليدة غربي جيحون على طريق بخارى.
انظر " الأنساب " 1 / 106، 107، و" معجم البلدان " 1 / 58.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 709.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 709.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 709.
(5) هي كورة واسعة من كور خراسان بين مرو الروذ وبلخ انظر " معجم البلدان " 2 / 182.

(10/271)


قَالَ أَبُو سَعْدٍ (1) السَّمْعَانِيُّ: دَخَلْتُ بَرُوْجِرْدَ (2) ، فَقَعَدْتُ أَنْسَخُ فِي جُزءٍ بِجَامِعِهَا، وَإِلَى جَانِبِي شَيْخٌ.
فَقَالَ: مَا تَكْتُبُ؟
فَتَبَرَّمْتُ بِسُؤَالِهِ، وَقُلْتُ: الحَدِيْثَ.
قَالَ: حَدِيْثُ مَنْ؟
قُلْتُ: مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ مَرْوَ.
قَالَ: مَنْ تَعْرِفُ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ بِمَرْوَ؟
قُلْتُ: عَبْدَانُ، وَصَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ، وَابْنُ مُنِيْرٍ.
فَقَالَ: وَمَا اسْمُ عَبْدَانَ؟
قُلْتُ: عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ.
ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الأَدَبِ مَعَهُ، فَقَالَ: وَلِمَ لُقِّبَ عَبْدَانَ؟
فَقُلْتُ: يُفِيْدُنَا الشَّيْخُ.
قَالَ: وُجُوْدُ عَبْدٍ فِي اسْمِهِ وَفِي كُنْيَتِهِ، فَلُقِّبَ بِهِمَا عَلَى التَّثْنِيَةِ.
فَقُلْتُ: عَمَّنْ يَأْثُرُهُ الشَّيْخُ؟
قَالَ: عَنْ شَيْخِنَا مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ المَقْدِسِيِّ (3) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ عَبْدَانُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، عَنْ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.

72 - المَأْمُوْنُ عَبْدُ اللهِ بنُ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو العَبَّاسِ، عَبْدُ اللهِ بنُ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ المَهْدِيِّ
__________
(1) في الأصل: " أبو سعيد " وهو تحريف.
(2) هي بلدة بين همذان والكرج كانت منزلا لوزير آل أبي دلف. انظر " معجم البلدان " 1 / 404.
(3) الخبر في " التحبير في المعجم الكبير " 2 / 248 للسمعاني، و" معجم البلدان " 1 / 404، 405 وفيه: ثم بعد ذلك كتبت عنه أحاديث من أجزاء انتخبتها عليه. وهذا الشيخ الذي لقيه هو الحافظ أبو الفضل محمد بن هبة الله بن العلاء البروجردي وسيترجم في الجزء العشرين.
(*) المعارف لابن قتيبة: 387، الاخبار الطوال: 400، تاريخ اليعقوبي 3 / 172، الطبري 8 / 478، مروج الذهب للمسعودي 2 / 247 - 269، البدء والتاريخ 6 / 112، الفهرست: 129، تاريخ بغداد 10 / 183، الكامل لابن الأثير 6 / 282، النبراس لابن دحية 46 - 63، العبر (انظر فهرست الجزء الأول)، عيون التواريخ 8 / لوحة 12، البداية والنهاية 10 / 244، الذهب المسبوك: 186، النجوم الزاهرة 2 / 225، تاريخ الخلفاء: 306 - 333، تاريخ الخميس 2 / 334، شذرات الذهب 2 / 39، فوات الوفيات 2 / 235 - 239.

(10/272)


ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ العَبَّاسِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ
وَقَرَأَ العِلْمَ، وَالأَدَبَ، وَالأَخْبَارَ، وَالعَقْلِيَّاتِ، وَعُلُوْمَ الأَوَائِلِ، وَأَمَرَ بِتَعْرِيْبِ كُتُبِهِم، وَبَالَغَ، وَعَمِلَ الرَّصَدَ (1) فَوْقَ جَبَلِ دِمَشْقَ، وَدَعَا إِلَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ وَبَالَغَ (2) ، نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ.
وَسَمِعَ مِنْ: هُشَيْمٍ، وَعُبَيْدِ بنِ العَوَّامِ، وَيُوْسُفَ بنِ عَطِيَّةَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ الفَضْلُ، وَيَحْيَى بنُ أَكْثَمَ، وَجَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ الأَمِيْرُ، وَدِعْبِلٌ الشَّاعِرُ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَارِثِ الشِّيْعِيُّ.
وَكَانَ مِنْ رِجَالِ بَنِي العَبَّاسِ حَزْماً، وَعَزْماً، وَرَأْياً، وَعَقْلاً، وَهَيْبَةً، وَحِلْماً، وَمَحَاسِنُهُ كَثِيْرَةٌ فِي الجُمْلَةِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: كَانَ أَبْيَضَ رَبعَةً، حَسَنَ الوَجْهِ، تَعلُوهُ صُفْرَةٌ، قَدْ وَخَطَهُ الشَّيْبُ، وَكَانَ طَوِيْلَ اللِّحْيَةِ، أَعْيَنَ، ضَيِقَ الجبينِ، عَلَى خَدِّهِ شَامَةٌ (3) .
أَتَتْهُ وَفَاةُ أَبِيْهِ وَهُوَ بِمَرْوَ سَائِراً لغَزْوِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، فَبايعَ مَنْ قِبَلَهُ لأَخِيهِ الأَمِيْنِ، ثُمَّ جَرَتْ بينهُمَا أُمُورٌ، وَخُطُوبٌ، وَبلاَءٌ، وَحُرُوبٌ تُشَيِّبُ النَّوَاصِي،
__________
(1) الرصد في علم الفلك: اسم لموضع تعين فيه حركات الكواكب.
(2) ولم يقتصر على ذلك، بل حمل الناس على هذا الرأي الخطأ بالقوة والاكراه.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 184، و" فوات الوفيات " 2 / 235، و" تاريخ الخميس " 2 / 334. و" النجوم الزاهرة " 2 / 225.

(10/273)


إِلَى أَنْ قُتِلَ الأَمِيْنُ، وَبَايعَ النَّاسُ المَأْمُوْنَ، فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ (1) .
قَالَ الخُطَبِيُّ (2) : كُنْيَتُهُ أَبُو العَبَّاسِ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ، اكتنَى بِأَبِي جَعْفَرٍ، وَاسمُ أُمِّهِ: مرَاجلُ، مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا بِهِ (3) .
قَالَ: وَدُعِيَ لَهُ بِالخِلاَفَةِ، فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، إِلَى أَنْ قُتِلَ الأَمِيْنُ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَاسْتعملَ عَلَى العِرَاقِ الحَسَنَ بنَ سَهْلٍ، ثُمَّ بايعَ بِالعهدِ لِعَلِيِّ بنِ مُوْسَى الرِّضَى، وَنَوَّهَ بِذِكْرِهِ، وَنَبَذَ السَّوَادَ، وَأَبدَلَهُ بِالخُضْرَةِ (4) ، فَهَاجَتْ بَنو العَبَّاسِ، وَخلعُوا المَأْمُوْنَ، ثُمَّ بايعُوا عَمَّهُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ المَهْدِيِّ (5) ، وَلَقَّبُوهُ المُبَارَكَ، وَعَسْكَرُوا، فَحَارَبَهُم الحَسَنُ بنُ سَهْلٍ، فَهَزمُوهُ، فَتَحَيَّزَ إِلَى وَاسِطٍ، ثُمَّ سَارَ جَيْشُ المَأْمُوْنِ، عَلَيْهِم حُمَيْدٌ الطُّوْسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ هِشَامٍ، فَالتَقَوا إِبْرَاهِيْمَ، فَهَزمُوهُ، فَاخْتَفَى زَمَاناً (6) ، وَانقطعَ خبرُهُ، إِلَى أَنْ ظُفِرَ بِهِ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِيْنَ، فَعَفَا عَنْهُ المَأْمُوْنُ (7) .
وَكَانَ المَأْمُوْنُ عَالِماً، فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، وَكَانَ يَقُوْلُ: مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي
__________
(1) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 478، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 282، و" عيون التواريخ " 7 / 114، و" البداية والنهاية " 10 / 240.
(2) نسبة إلى الخطب وإنشائها.
انظر " الأنساب " 5 / 147.
(3) " تايخ بغداد " 10 / 184، و" تاريخ المسعودي " 7 / 1، و" فوات الوفيات " 2 / 236، و" النجوم الزاهرة " 2 / 225.
(4) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 554، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 326، و" عيون التواريخ 7 / لوحة 148، و" مروج الذهب " 7 / 60، 61.
(5) " تاريخ الطبري " 8 / 555 و557، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 327، و" عيون التواريخ " 7 / لوحة 149.
(6) " تاريخ الطبري " 8 / 571 - 573، و" الكامل " 6 / 354.
(7) " تاريخ الطبري " 8 / 603 و604 - 606، و" الكامل " 6 / 392 - 395، و" عيون التواريخ 7 / لوحة 237 - 243.

(10/274)


سُفْيَانَ بِعَمْرِهِ، وَعَبْدُ المَلِكِ بِحَجَّاجِهِ، وَأَنَا بنفسِي (1) .
وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ، أَنَّ المَنْصُوْرَ قَالَهَا.
وَعَنِ المَأْمُوْنِ أَنَّهُ تَلاَ فِي رَمَضَانَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ خَتْمَةً (2) .
الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ، قَالَ لِي المَأْمُوْنُ: أُرِيْدُ أَنْ أُحَدِّثَ.
قُلْتُ: وَمَنْ أَوْلَى بِهَذَا مِنْكَ؟
قَالَ: ضَعُوا لِي مِنْبَراً، ثُمَّ صَعِدَ.
قَالَ: فَأَوَّلُ مَا حَدَّثَنَا عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي الجَهْمِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً: (امرُؤُ القيسِ صَاحِبُ لوَاءِ الشُّعرَاءِ إِلَى النَّارِ (3)).
ثُمَّ حَدَّثَ بنحوٍ مِنْ ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً، وَنَزَلَ.
فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَ أَبَا يَحْيَى مَجْلِسَنَا؟
قُلْتُ: أَجلُّ مَجْلِسٍ، تَفَقَّهَ الخَاصَّةُ وَالعَامَّةُ.
قَالَ: مَا رَأَيْتُ لَهُ حَلاَوَةً، إِنَّمَا المَجْلِسُ لأَصْحَابِ الخُلْقَانِ وَالمحَابرِ (4) .
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَهْلِ بنِ عَسْكَرٍ، قَالَ: تَقَدَّمَ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 190، و" فوات الوفيات " 2 / 236، و" تاريخ
الخلفاء ": 306.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 190، و" فوات الوفيات " 2 / 236.
(3) إسناده ضعيف لضعف أبي الجهم.
قال فيه أبو زرعة الرازي: واه.
وقال ابن عدي: شيخ مجهول لا يعرف له اسم، وخبره منكر، ولا أعرف له غيره.
وقال ابن حبان: يروي عن الزهري ما ليس من حديثه، ولا يجوز الاحتجاج بروايته إذا انفرد.
وقال ابن عبد البر: لا يصح حديثه.
انظر " المجروحين " 3 / 150، و" الميزان " 4 / 512.
و" لسان الميزان " 7 / 28، 29.
وأخرجه أحمد في " المسند " 2 / 229 من طريق هشيم بهذا الإسناد، وأورده ابن كثير في " البداية " 2 / 118 عن المسند، وقال: وقد روى هذا الحديث عن هشيم جماعة كثيرون، منهم بشر بن الحكم، والحسن بن عرفة، وعبد الله بن هارون أمير المؤمنين المأمون، ويحيى ابن عدي.
وذكره الهيثمي في " المجمع " 8 / 119 ونسبه لأحمد والبزار، وقال: وفي إسناده أبو الجهم شيخ هشيم بن بشير ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(4) " فوات الوفيات " 2 / 236، والخلقان: جمع خلق، يقال: ثوب خلق، وملحفة خلقة، والجمع خلقان.

(10/275)


رَجُلٌ غَرِيْبٌ بِيَدِهِ مِحْبَرَةٌ إِلَى المَأْمُوْنِ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! صَاحِبُ حَدِيْثٍ، مُنْقَطِعٌ بِهِ.
فَقَالَ: مَا تَحْفَظُ فِي بَابِ كَذَا وَكَذَا؟
فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئاً.
فَقَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، وَحَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ حتَّى ذَكَرَ البَابَ، ثُمَّ سأَلَهُ عَنْ بَابٍ آخرَ، فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئاً.
فَقَالَ: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ، وَحَدَّثَنَا فُلاَنٌ، ثُمَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ: يَطْلُبُ أَحَدُهُم الحَدِيْثَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَقُوْلُ:
أَنَا مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، أَعْطُوْهُ ثَلاَثَةَ دَرَاهِمٍ (1) .
قُلْتُ: وَكَانَ جَوَاَداً، مُمَدَّحاً، مِعَطَاءً، وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ فَرَّقَ فِي جلسَةٍ سِتَّةً وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ يَشْرَبُ نَبِيْذَ الكُوْفَةِ.
وَقِيْلَ: بَلْ يَشْرَبُ الخَمْرَ (2) ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَعْطَى أَعْرَابِيّاً مَدَحَهُ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
مَسْرُوْقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكِنْدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ الكِنْدِيُّ، جَارٌ لِعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، قَالَ:
حَجَّ الرَّشِيْدُ، فَدَخَلَ الكُوْفَةَ، فَلَمْ يتَخَلَّفْ إِلاَّ ابْنُ إِدْرِيْسَ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمَا الأَمِيْنَ وَالمَأْمُوْنَ، فَحَدَّثَهُمَا ابْنُ إِدْرِيْسَ بِمائَةِ حَدِيْثٍ.
فَقَالَ المَأْمُوْنُ: يَا عمّ! أَتَأَذنُ لِي أَنْ أُعِيْدَهَا حِفْظاً؟
قَالَ: افعلْ.
فَأَعَادَهَا، فَعَجِبَ مِنْ حِفْظِهِ (3) ، وَمَضَيَا إِلَى عِيْسَى، فَحَدَّثَهُمَا.
فَأَمَرَ لَهُ المَأْمُوْنُ بشعرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَأَبَى، وَقَالَ: وَلاَ شربَةَ مَاءٍ عَلَى حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
__________
(1) " فوات الوفيات " 2 / 237، و" تاريخ الخلفاء " 331 - 332.
(2) تصدير المصنف هذا الخبر ب " قيل " يشعر بوهائه وعدم صحته، فليتقطن لهذا الذين ينقلون الاخبار دونما تمييز، فيقولون المترجم ما لم يقله، أو ينسبون إليه ما هو برئ منه براءة الذئب من دم يوسف.
(3) " تاريخ الخلفاء " ص 327.

(10/276)


رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: أَنَّ المَأْمُوْنَ جلسَ، فَجَاءتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: مَاتَ أَخِي، وَخَلَّفَ سِتَّ مائَةِ دِيْنَارٍ، فَأَعْطَوْنِي دِيْنَاراً وَاحِداً، وَقَالُوا: هَذَا مِيرَاثُكِ.
فَحَسَبَ المَأْمُوْنُ، وَقَالَ: هَذَا خَلَّفَ أَرْبَعَ بنَاتٍ.
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: لَهُنَّ (1) أَرْبَعُ مائَةِ دِيْنَارٍ.
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: وَخَلَّفَ أُمّاً، فلهَا مائَةُ دِيْنَارٍ، وَزَوْجَةً لَهَا خَمْسَةٌ وَسَبْعُوْنَ دِيْنَاراً، بِاللهِ أَلَكِ اثْنَا عَشرَ أَخاً؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ دِيْنَارَان، وَلكِ دِيْنَارٌ (2) .
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: قَالَ لِي المَأْمُوْنُ: خَبِّرْنِي عَنْ قَوْلِ هندٍ بِنْتِ عُتْبَةَ:
نَحْنُ بنَاتُ طَارِق ... نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقْ
مَنْ هُوَ طَارِقٌ؟
فَنَظَرْتُ فِي نَسَبِهَا فلَمْ أَجِدْهُ، فَقُلْتُ: لاَ أَعْرِفُ.
قَالَ: إِنَّمَا أَرَادَتْ النَّجْمَ، انتسَبَتْ إِلَيْهِ لِحُسْنِهَا (3) ، ثُمَّ دَحَا إِلَيَّ بِعَنْبَرَةٍ بِعْتُهَا بِخَمْسَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ (4) .
__________
(1) في الأصل: لهما.
(2) " فوات الوفيات " 2 / 236، و" تاريخ الخلفاء " ص 315
(3) هذا التعليل مقبول فيما لو كان الشعر لهند بنت عتبة، والصحيح أنه ليس لها، وإنما تمثلت به يوم أحد تحرض المشركين على قتال النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لهند بنت بياضة بن رياح بن طارق الايادي قالته حين لقيت إياد جيش الفرس بالجزيرة، وكان رئيس إياد يومئذ بياضة بن رياح ابن طارق الايادي، فطارق في الشعر هو جدها.
و" بنات " يروى بالرفع والنصب، فمن رفعه فعلى خبر الابتداء، ومن نصبه فعلى المدح والتخصيص، ويكون الخبر قولها: " نمشي ". وبعد هذا البيت: المسك في المفارق * والدر في المخانق إن تقلبوا نعانق * ونفرش النمارق أو تدبروا نفارق * فراق غير وامق انظر " شرح أبيات مغني اللبيب " 6 / 188 - 190 للبغدادي، و" الفاخر " ص 23، و" الروض الانف " للسهيلي 3 / 161.
(4) " تاريخ الخلفاء " ص 319.

(10/277)


عَنِ المَأْمُوْنِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكتبَ كِتَاباً سِرّاً، فَلْيَكْتُبْ بِلَبَنٍ حُلِبَ لِوَقْتِهِ، وَيُرْسِلُهُ، فَيَعمَدُ إِلَى قِرْطَاسٍ فَيُحْرِقُهُ، وَيَذُرُّ رَمَادَهُ عَلَى الكِتَابَةِ، فَيُقرَأُ لَهُ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: اقتَرَحَ المَأْمُوْنُ فِي الشِّطْرَنْجِ أَشْيَاءَ، وَكَانَ يُحِبُّ اللَّعِبَ بِهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يَقُوْلُ: نَلعَبُ بِهَا، بَلْ نَتَنَاقَلُ بِهَا (1) .
وَعَنْ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، قَالَ: كَانَ المَأْمُوْنُ يَجْلِسُ لِلْمُنَاظَرَةِ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ، فَجَاءَ رَجُلٌ قَدْ شَمَّرَ ثِيَابَهُ، وَنَعلُهُ فِي يَدِهِ، فَوَقَفَ عَلَى طَرَفِ البِسَاطِ، وَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم.
فَرَدَّ المَأْمُوْنُ.
فَقَالَ: أَتَاذَنُ لِي فِي الدُّنُوِّ.
قَالَ: ادْنُ، وَتَكَلَّمْ.
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا المَجْلِسِ الَّذِي أَنْتَ فِيْهِ، جَلَستَهُ بِاجْتِمَاعِ الأُمَّةِ، أَمْ بِالغَلَبَةِ وَالقَهْرِ؟
قَالَ: لاَ بِهَذَا وَلاَ بِهَذَا، بَلْ كَانَ يَتَوَلَّى أَمرَ الأُمَّةِ مَنْ عَقَدَ لِي وَلأَخِي، فَلَمَّا صَارَ الأَمْرُ إِلَيَّ، عَلِمْتُ أَنِّي مُحْتَاجٌ إِلَى اجْتِمَاعِ كَلمَةِ المُسْلِمِيْنَ عَلَى الرِّضَى بِي، فَرَأَيْتُ أَنِّي مَتَى خَلَّيتُ الأَمْرَ، اضْطَرَبَ حَبْلُ الإِسْلاَمِ، وَمَرِجَ عَهْدُهُم، وَتَنَازَعُوا، وَبَطَلَ الحَجُّ وَالجِهَادُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَقُمْتُ حِيَاطَةً لِلْمُسْلِمِيْنَ، إِلَى أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى مَنْ يَرْضَوْنَهُ، فَأُسْلِمُ إِلَيْهِ.
فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ، وَذَهَبَ.
فَوَجَّهَ المَأْمُوْنُ مَنْ يَكْشِفُ خَبَرَهُ، فَرَجَعَ، فَقَالَ: مَضَى إِلَى مَسْجِدٍ فِيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً فِي هَيْئَتِهِ، فَقَالُوا: لَقِيتَ الرَّجُلَ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَأَخْبَرَهُم بِمَا جَرَى.
فَقَالُوا: مَا نَرَى بِمَا قَالَ بَأْساً، وَافْتَرَقُوا.
فَقَالَ المَأْمُوْنُ: كُفِيْنَا مُؤْنَةَ هَؤُلاَءِ بِأَيسَرِ الخَطْبِ (2) .
وَقِيْلَ: إِنَّ المَأْمُوْنَ اسْتَخْرَجَ كُتُبَ الفَلاَسِفَةِ وَاليُونَانِ مِنْ جَزِيْرَةِ
__________
(1) " تاريخ الخلفاء " ص 324.
(2) " مروج الذهب " للمسعودي 7 / 39 - 43، و" تاريخ الخلفاء " 327.

(10/278)


قُبْرُسَ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ مَرَّتَينِ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ المُنَجِّمُ: كَانَ أَمَّاراً بِالعَدْلِ، مَحْمُوْدَ السِّيْرَةِ، مَيْمُوْنَ النَّقِيْبَةِ، فَقِيْهَ النَّفْسِ، يُعَدُّ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ (1) .
وَرُوِيَ عَنِ الرَّشِيْدِ، قَالَ: إِنِّيْ لأَعْرِفُ فِي عَبْدِ اللهِ ابْنِي حَزْمَ المَنْصُوْرِ، وَنُسُكَ المَهْدِيِّ، وَعِزَّةَ الهَادِي، وَلَوْ أَشَاءُ أَنْ أَنْسِبَهُ إِلَى الرَّابِعِ -يَعْنِي: نَفْسَه- لَفَعَلتُ، وَقَدْ قَدَّمْتُ مُحَمَّداً عَلَيْهِ، وَإِنِّيْ لأَعْلَمُ أَنَّهُ مُنْقَادٌ إِلَى هَوَاهُ، مُبَذِّرٌ لِمَا حَوَتْهُ يَدَاهُ، يُشَارِكُ فِي رَأْيِهِ الإِمَاءُ، وَلَوْلاَ أُمُّ جَعْفَرٍ، وَمَيلُ الهَاشِمِيِّينَ إِلَيْهِ، لَقَدَّمْتُ عَلَيْهِ عَبْدَ اللهِ (2) .
عَنِ المَأْمُوْنِ، قَالَ: لَوْ عَرَفَ النَّاسُ حُبِّي لِلْعفْوِ، لَتَقَرَّبُوا إِلَيَّ بِالجَرَائِمِ (3) ، وَأَخَافُ أَنْ لاَ أُوجَرَ فِيْهِ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ: كَانَ المَأْمُوْنُ يَحْلُمُ حَتَّى يُغِيْظَنَا.
قِيْلَ: مَرَّ مَلاَّحٌ، فَقَالَ: أَتَظُنُّونَ أَنَّ هَذَا يَنْبُلُ عِنْدِي وَقَدْ قَتَلَ أَخَاهُ الأَمِيْنَ؟!
فَسَمِعَهَا المَأْمُوْنُ، فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: مَا الحِيلَةُ حَتَّى أَنْبُلَ فِي عَينِ هَذَا السَّيِّدِ الجَلِيْلِ (4) ؟
قِيْلَ: أَهدَى مَلِكُ الرُّوْمِ لِلْمَأْمُوْنِ نَفَائِسَ، مِنْهَا مائَةُ رَطْلِ مِسْكٍ، وَمائَةُ حُلَّةٍ سَمُّورٍ.
فَقَالَ المَأْمُوْنُ: أَضْعِفُوهَا لَهُ لِيَعْلَمَ عِزَّ الإِسْلاَمِ (5) .
__________
(1) " فوات الوفيات " 2 / 237.
(2) " تاريخ الخلفاء ": 307.
(3) " فوات الوفيات " 2 / 236.
(4) " تاريخ بغداد " 10 / 189، و" فوات الوفيات " 2 / 236، و" عيون التواريخ " 8 / لوحة 15 و" تاريخ الخلفاء " 320.
(5) " فوات الوفيات " 2 / 237، والسمور: حيوان يشبه النمس، منه أسود لامع وأشقر، تسوى من جلوده فراء غالية الاثمان.

(10/279)


وَقِيْلَ: أُدْخِلَ خَارِجِيٌّ عَلَى المَأْمُوْنِ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الخِلاَفِ؟
قَالَ: قَوْلُهُ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُوْلِئَكَ هُمُ الكَافِرُوْنَ}.
قَالَ: أَلَكَ عِلْمٌ بِأَنَّهَا مُنْزَلَةٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَمَا دَلِيْلُكَ؟
قَالَ: إِجْمَاعُ الأُمَّةِ.
قَالَ: فَكَمَا رَضِيتَ بِإِجْمَاعِهِم فِي التَّنْزِيلِ، فَارْضَ بِإِجْمَاعِهِم فِي التَّأْوِيْلِ.
قَالَ: صَدَقْتَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ (1) !
الغَلاَبِيُّ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ سَابِقٍ، قَالَ:
دَخَلَ المَأْمُوْنُ دِيوَانَ الخَرَاجِ، فَرَأَى غُلاَماً جَمِيْلاً، عَلَى أُذُنِهِ قَلَمٌ، فَأَعْجَبَهُ جَمَالُهُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: النَّاشِئُ فِي دَوْلَتِكَ، وَخِرِّيجُ أَدَبِكَ، وَالمُتَقَلِّبُ فِي نِعْمَتِكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، حَسَنُ بنُ رَجَاءَ.
فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! بِالإِحْسَانِ فِي البَدِيْهَةِ تَفَاضَلَتِ العُقُوْلُ.
ثُمَّ أَمَرَ بِرَفْعِ رُتْبَتِهِ، وَأَمَرَ لَهُ بِمائَةِ أَلفٍ.
وَعَنِ المَأْمُوْنِ، قَالَ: أَعْيَانِي جَوَابُ ثَلاَثَةٍ:
صِرْتُ إِلَى أُمِّ ذِي الرِّيَاسَتَينِ الفَضْلِ بنِ سَهْلٍ أُعَزِّيهَا فِيْهِ، وَقُلْتُ: لاَ تَأْسَيْ عَلَيْهِ، فَإِنِّي عِوَضُهُ لَكِ.
قَالَتْ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! وَكَيْفَ لاَ أَحزَنُ عَلَى وَلَدٍ أَكْسَبَنِي مِثْلَكَ.
قَالَ: وَأُتِيْتُ بِمُتَنَبِّئٍ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا مُوْسَى بنُ عِمْرَانَ.
قُلْتُ: وَيْحَكَ! مُوْسَى كَانَتْ لَهُ آيَاتٌ، فَائْتِنِي بِهَا حَتَّى أُومِنَ بِكَ.
قَالَ: إِنَّمَا أَتَيْتُ بِالمُعجِزَاتِ فِرْعَوْنَ، فَإِنْ قُلْتَ: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى كَمَا قَالَ، أَتَيْتُكَ بِالآيَاتِ.
وَأَتَى أَهْلُ الكُوْفَةِ يَشْكُوْنَ عَامِلَهُم، فَقَالَ خَطِيْبُهُم: هُوَ شَرُّ عَامِلٍ،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 186، و" تاريخ الخلفاء " 319 - 320.

(10/280)


أَمَّا فِي أَوَّلِ سَنَةٍ، فَبِعْنَا الأَثَاثَ وَالعَقَارَ، وَفِي الثَّانِيَة بِعْنَا الضِّيَاعَ، وَفِي الثَّالِثَةِ نَزَحْنَا وَأَتَيْنَاكَ.
قَالَ: كَذَبْتَ، بَلْ هُوَ مَحْمُودٌ، وَعَرَفْتُ سَخَطَكُمْ عَلَى العُمَّالِ.
قَالَ: صَدَقْتَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! وَكَذَبْتُ، قَدْ خَصَصْتَنَا بِهِ مُدَّةً دُوْنَ بَاقِي البِلاَدِ، فَاسْتَعْمِلْهُ عَلَى بَلَدٍ آخَرَ، لِيَشْمَلَهُم مِنْ عَدْلِهِ وَإِنصَافِهِ مَا شَمِلَنَا.
فَقُلْتُ: قُمْ فِي غَيْرِ حِفْظِ اللهِ، قَدْ عَزَلْتُهُ (1) .
أَوَّلُ قُدُومِ المَأْمُوْنِ مِنْ خُرَاسَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ، فَدَخَلَ بَغْدَادَ فِي مَحْمِلٍ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ نِفْطَوَيْه: حَكَى دَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ المَأْمُوْنِ، وَعِنْدَهُ قُوَّادُ خُرَاسَانَ، وَقَدْ دَعَا إِلَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، فَقَالَ لَهُم: مَا تَقُولُوْنَ فِي القُرْآنِ؟
فَقَالُوا: كَانَ شُيُوْخُنَا يَقُوْلُوْنَ: مَا كَانَ فِيْهِ مِنْ ذِكْرِ الحَمِيرِ، وَالجِمَالِ، وَالبَقَرِ، فَهُوَ مَخْلُوْقٌ، فَأَمَّا إِذْ قَالَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ: هُوَ مَخْلُوْقٌ، فَنَحْنُ نَقُوْلُ: كُلُّهُ مَخْلُوْقٌ.
فَقُلْتُ لِلْمَأْمُوْنِ: أَتَفرَحُ بِمُوَافَقَةِ هَؤُلاَءِ (2) ؟
قُلْتُ: وَكَانَ شِيْعِيّاً.
قَالَ نِفْطَوَيْه: بَعَثَ المَأْمُوْنُ مُنَادِياً، فَنَادَى فِي النَّاسِ بِبَرَاءةِ الذِّمَّةِ مِمَّنْ تَرَحَّمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَوْ ذَكَرَهُ بِخَيْرٍ، وَكَانَ كَلاَمُهُ فِي القُرْآنِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ، وَاضْطَربُوا، وَلَمْ يَنَلْ مَقْصُودَهُ، فَفَتَرَ إِلَى وَقْتٍ (3) .
وَعَنِ المَأْمُوْنِ، قَالَ: النَّاسُ ثَلاَثَةٌ: رَجُلٌ مِنْهُم مِثْلُ الغِذَاءِ، لاَبُدَّ مِنْهُ،
__________
(1) " مروج الذهب " 7 / 35 - 38.
(2) " فوات الوفيات " 2 / 237، 238.
(3) " فوات الوفيات " 2 / 238.

(10/281)


وَمِنْهُم كَالدَّوَاءِ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي حَالِ المَرَضِ، وَمِنْهُم كَالدَّاءِ مَكْرُوهٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (1) .
وَعَنْهُ، قَالَ: لاَ نُزْهَةَ أَلَذُّ مِنَ النَّظَرِ فِي عُقُوْلِ الرِّجَالِ.
وَعَنْهُ: غَلَبَةُ الحُجَّةِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ غَلَبَةِ القُدْرَةِ (2) .
وَعَنْهُ: المَلِكُ يَغتَفِرُ كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ القَدْحَ فِي المُلْكِ، وَإِفشَاءَ السِّرِّ، وَالتَّعَرُّضَ لِلْحُرَمِ (3) .
وَعَنْهُ: أَعْيَتِ الحِيلَةُ فِي الأَمْرِ إِذَا أَقبَلَ أَنْ يُدْبِرَ، وَإِذَا أَدْبَرَ أَنْ يُقْبِلَ (4) .
وَقِيْلَ لَهُ: أَيُّ المَجَالِسِ أَحسَنُ؟
قَالَ: مَا نُظِرَ فِيْهِ إِلَى النَّاسِ، فَلاَ مَنْظَرَ أَحسَنُ مِنَ النَّاسِ (5) .
أَبُو دَاوُدَ المَصَاحِفِيُّ (6) : حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى المَأْمُوْنِ، فَقَلْتُ: إِنِّيْ قُلْتُ اليَوْمَ هَذَا:
أَصْبَحَ دِيْنِي الَّذِي أَدِيْنُ بِهِ ... وَلَسْتُ مِنْهُ الغَدَاةَ مُعْتَذِرَا
حُبُّ عَلِيٍّ بَعْدَ النَّبِيِّ وَلاَ ... أَشْتُمُ صِدِّيقَهُ وَلاَ عُمَرَا
وَابْنُ عَفَّانَ فِي الجِنَانِ مَعَ الـ ... أَبْرَارِ ذَاكَ القَتِيلُ مُصْطَبِرَا
وَعَائِشُ الأُمُّ لَسْتُ أَشْتُمُهَا ... مَنْ يَفْتَرِيهَا فَنَحْنُ مِنْهُ بَرَا (7)
__________
(1) " شذرات الذهب " 2 / 42.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 186.
(3) " مروج الذهب " 7 / 7.
(4) " مروج الذهب " 7 / 8، و" تاريخ الخلفاء ": 328.
(5) " تاريخ الخلفاء ": 328.
(6) هو سليمان بن سليم المصاحفي البلخي، كان يكتب المصاحف فنسب إليها. انظر " اللباب " 3 / 218.
(7) الابيات في " فوات الوفيات " 2 / 238.

(10/282)


قِيْلَ: إِنَّ المَأْمُوْنَ لِتَشَيُّعِهِ أَمَرَ بِالنِّدَاءِ بِإِبَاحَةِ المُتْعَةِ - مُتْعَةِ النِّسَاءِ - فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ، فَذَكَرَ لَهُ حَدِيْثَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِتَحْرِيْمِهَا، فَلَمَّا عَلِمَ بِصِحَّةِ الحَدِيْثِ، رَجَعَ إِلَى الحَقِّ، وَأَمَرَ بِالنِّدَاءِ بِتَحْرِيْمِهَا (1) .
أَمَا مَسْأَلَةُ القُرْآنِ، فَمَا رَجَعَ عَنْهَا، وَصَمَّمَ عَلَى امْتِحَانِ العُلَمَاءِ فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، وَشَدَّدَ عَلَيْهِم، فَأَخَذَهُ اللهُ (2) .
وَكَانَ كَثِيْرَ الغَزْوِ.
وَفِي ثَانِي سَنَةٍ مِنْ خِلاَفتِهِ: خَرَجَ عَلَيْهِ بِالكُوْفَةِ مُحَمَّدُ بنُ طَبَاطَبَا العَلَوِيُّ، يَدعُو إِلَى الرِّضَى مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَالعَمَلِ بِالسُّنَّةِ، وَكَانَ مُدِيرَ دَولَتِهِ أَبُو السَّرَايَا الشَّيْبَانِيُّ، وَيُسْرِعُ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَبَادَرَ إِلَيْهِ الأَعرَابُ.
فَالتَقَاهُ عَسْكَرُ المَأْمُوْنِ، عَلَيْهِم زُهَيْرُ بنُ المُسَيَّبِ، فَانهَزَمُوا، وَقَوِيَ أَمرُ العَلَوِيِّ، ثُمَّ أَصْبَحَ مَيتاً فَجأَةً، فَقِيْلَ: سَمَّهُ أَبُو السَّرَايَا، وَأَقَامَ فِي الحَالِ مكَانَهُ أَمرَدَ عَلَوِيّاً، ثُمَّ تَجَهَّزَ لِحَرْبِهِم جَيْشٌ، فَكُسِرُوا، وَقُتِلَ مُقَدَّمُهُم عَبْدُوْسٌ المَرْوَرُّوْذِيُّ، وَقَوِيَ الطَّالِبِيُّونَ، وَأَخَذُوا وَاسِطاً وَالبَصْرَةَ، وَعَظُمَ الخَطْبُ.
ثُمَّ حُشِدَ الجَيْشُ، عَلَيْهِم هَرْثَمَةُ، وَجَرَتْ فُصُولٌ طَوِيْلَةٌ، وَالتَقَوْا غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ هَرَبَ أَبُو السَّرَايَا وَالطَّالِبِيُّونَ مِنَ الكُوْفَةِ، ثُمَّ قُتِلَ أَبُو السَّرَايَا سَنَة مائَتَيْنِ، وَهَاجَتِ العَلَوِيَّةُ بِمَكَّةَ، وَحَارَبُوا، وَعَظُمَ هَرْثَمَةُ بنُ أَعْيَنَ، وَأُعْطِيَ إِمْرَةَ الشَّامِ، فَلَمْ يَرْضَ بِهَا، وَذَهَبَ إِلَى مَرْوَ، فَقَتَلُوهُ (3) .
__________
(1) " فوات الوفيات " 2 / 238، وحديث علي رضي الله عنه في تحريم المتعة مخرج في
البخاري 7 / 369، ومسلم (1407)، وانظر لزاما " زاد المعاد " 3 / 343 و459، 464 و5 / 111، 112، " طبع مؤسسة الرسالة ".
(2) " فوات الوفيات " 2 / 238.
(3) انظر تفصيل ذلك في " تاريخ الطبري " 8 / 528 - 531، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 302 - 307.

(10/283)


ثُمَّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَمائَتَيْنِ: جَعَلَ المَأْمُوْنُ وَلِيَّ عَهْدِهِ عَلِيّاً الرِّضَى، وَلَبِسَ الخُضْرَةَ، وَثَارَتِ العَبَّاسِيَّةُ، فَخَلَعُوهُ (1) ، وَفِيْهَا تَحَرَّكَ بَابَكُ الخُرَّمِيُّ بِأَذْرَبِيْجَانَ (2) ، وَقَتَلَ، وَسَبَى، وَذَكَرَ الرِّضَى لِلْمَأْمُوْنِ مَا النَّاسُ فِيْهِ مِنَ الحَرْبِ وَالفِتَنِ مُنْذُ قَتْلِ الأَمِيْنِ، وَبِمَا كَانَ الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ يُخْفِيهِ عَنْهُ مِنَ الأَخْبَارِ، وَأَنَّ أَهْلَ بيتِهِ قَدْ خَرَجُوا وَنَقَمُوا أَشْيَاءَ، وَيَقُوْلُوْنَ: هُوَ مَسْحُوْرٌ، وَهُوَ مَجْنُوْنٌ.
قَالَ: وَمَنْ يَعْرِفُ هَذَا؟
قَالَ: عِدَّةٌ مِنْ أُمَرَائِكَ، فَاسْأَلْهُم.
فَأَبَوْا أَنْ يَنطِقُوا إِلاَّ بِأَمَانٍ مِنَ الفَضْلِ، فَضَمِنَ ذَلِكَ، فَبَيَّنُوا لَهُ، وَأَنَّ طَاهِرَ بنَ الحُسَيْنِ قَدْ أَبلَى فِي طَاعَتِكَ، وَفَتَحَ الأَمصَارَ، وَقَادَ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ الخِلاَفَةَ، ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَصُيِّرَ فِي الرَّقَّةِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى العِرَاقِ حَاكماً، لَضَبَطَهَا، بِخلاَف الحَسَنِ بنِ سَهْلٍ.
وَقَالُوا لَهُ: فَسِرْ إِلَى العِرَاقِ، فَلَو رَآكَ القُوَّادُ، لأَذْعَنُوا بِالطَّاعَةِ.
فَقَالَ: سِيْرُوا.
فَلَمَّا عَلِمَ الفَضْلُ، ضَرَبَ بَعْضَهُم، وَحَبَسَ آخَرِيْنَ، وَمَا أَمكَنَ المَأْمُوْنَ مُبَادَرَتُهُ، فَسَارَ مِنْ مَرْوَ إِلَى سَرْخَسَ، فَشَدَّ قَوْمٌ عَلَى الفَضْلِ، فَقَتَلُوهُ فِي حَمَّامٍ، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمائَتَيْنِ، عَنْ سِتِّيْنَ سَنَةً، فَجَعَلَ المَأْمُوْنُ لِمَنْ جَاءَ بِقَاتِلِيهِ عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَكَانُوا أَرْبَعَةً مِنْ مَمَالِيْكِ المَأْمُوْنِ، فَقَالُوا: أَنْتَ أَمَرْتَنَا بِقَتْلِهِ.
فَأَنْكَرَ، وضَرَبَ أَعْنَاقَهُم (3) .
وَضَعُفَ أَمرُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المَهْدِيِّ بَعْدَ مُحَاربَةٍ وَبَلاَءٍ.
وَفِي سَنَةِ 203: مَاتَ الرِّضَى فَجْأَةً (4) .
__________
(1) انظر الصفحة (274)، التعليق رقم (4)، (5).
(2) انظر " الكامل " لابن الأثير 6 / 328.
(3) " الكامل " لابن الأثير 6 / 346 - 348، و" تاريخ الطبري " 8 / 564، 565.
(4) انظر خبر وفاته في " تاريخ الطبري " 8 / 568، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 351.

(10/284)


وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ: وَصَلَ المَأْمُوْنُ، فَتَلَقَّاهُ إِلَى النَّهْرَوَانِ بَنُوَ العَبَّاسِ، وَبَنُو أَبِي طَالِبٍ، وَعَتَبُوا عَلَيْهِ فِي لُبْسِ الخُضْرَةِ، فَتَوَقَّفَ، ثُمَّ أَعَادَ السَّوَادَ (1) .
وَفِيْهَا: التَقَى يَحْيَى بنُ مُعَاذٍ أَمِيْرُ الجَزِيْرَةِ بَابَكَ الخُرَّمِيَّ (2) ، وَوَلِيَ طَاهِرٌ جَمِيْعَ خُرَاسَانَ، وَأَمَرَ لَهُ بِعَشرَةِ آلاَفِ أَلفِ دِرْهَمٍ.
وَفِيْهَا - أَعْنِي: سَنَةَ 205 -: نُصِرَ المُسْلِمُوْنَ عَلَى بَابَكَ، وَبَيَّتُوهُ.
وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ: خَرَجَ بِاليَمَنِ عَلَوِيٌّ (3) ، فَأَمَّنَهُ المَأْمُوْنُ، وَقَدِمَ.
وَمَاتَ طَاهِرٌ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ قَدْ قَطَعَ دَعْوَةَ المَأْمُوْنِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَخَرَجَ، فَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ؛ طَلْحَةُ، فَوَلاَّهُ المَأْمُوْنُ خُرَاسَانَ، فَبَقِيَ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ، وَمَاتَ، فَوَلِيَهَا أَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ (4) .
وَكَانَتِ الحُرُوبُ شَدِيْدَةً بَيْنَ عَسْكَرِ الإِسْلاَمِ وَبَيْنَ بَابَكَ.
وَظَهَرَ بِاليَمَنِ الصَّنَادِيْقِيُّ، وَقَتَلَ، وَسَبَى، وَادَّعَى النُّبُوَّةَ، ثُمَّ هَلَكَ بِالطَّاعُونِ.
وَخَرَجَ حَسَنٌ أَخُو طَاهِرِ بنِ الحُسَيْنِ بِكَرْمَانَ، فَظَفِرَ بِهِ المَأْمُوْنُ، وَعَفَا عَنْهُ.
وَكَانَ المَأْمُوْنُ يُجِلُّ أَهْلَ الكَلاَمِ، وَيَتَنَاظرُوْنَ فِي مَجْلِسِهِ، وَسَارَ صَدَقَةُ بنُ عَلِيٍّ لِحَرْبِ بَابَكَ، فَأَسَرَهُ بَابَكُ، وَتَمَرَّدَ، وَعَتَا.
__________
(1) " تاريخ الطبري " 8 / 574، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 357.
(2) " الكامل " لابن الأثير 6 / 358.
(3) هو عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله العلوي.
انظر خبر خروجه في " تاريخ الطبري " 8 / 593، و" الكامل " 6 / 381.
(4) " الكامل " لابن الأثير 6 / 382 - 383.

(10/285)


وَفِي سَنَةِ عشرٍ: دَخَلَ المَأْمُوْنُ بِبُوْرَانَ بِنْتِ الحَسَنِ بنِ سَهْلٍ بِوَاسِطَ، وَأَقَامَ عِنْدَهَا بِجَيْشِهِ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً، فَكَانَتْ نَفَقَةُ الحَسَنِ عَلَى العُرْسِ وَتَوَابِعِهِ خَمْسِيْنَ أَلفَ أَلفِ دِرْهَمٍ، فَمَلَّكَهُ المَأْمُوْنُ مَدِينَةً، وَأَعْطَاهُ مِنَ المَالِ خَمْسَ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ (1) .
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ: قَهَرَ ابْنُ طَاهِرٍ المُتَغَلِّبِيْنَ عَلَى مِصْرَ، وَأَسَرَ جَمَاعَةً (2) .
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ: سَارَ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الطُّوْسِيُّ لِمُحَاربَةِ بَابَكَ، وَأَظهَرَ المَأْمُوْنُ تَفْضِيْلَ عَلِيٍّ عَلَى الشَّيْخَيْنِ، وَأَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ، وَاسْتَعمَلَ عَلَى مِصْرَ وَالشَّامِ أَخَاهُ المُعْتَصِمَ، فَقَتَلَ طَائِفَةً، وَهَذَّبَ مِصْرَ، وَوَقَعَ المَصَافُّ مَعَ بَابَكَ مَرَّاتٍ (3).
وَفِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ: سَارَ المَأْمُوْنُ لِغَزْوِ الرُّوْمِ، وَمِنْ غَزْوَتِهِ عَطَفَ إِلَى دِمَشْقَ (4) .
وَفِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ: كَرَّ غَازياً فِي الرُّوْمِ، وَجَهَّزَ أَخَاهُ المُعْتَصِمَ، فَفَتَحَ حُصُوناً.
وَدَخَلَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِصْرَ، وَقَتَلَ المُتَغَلِّبُ عَلَيْهَا عَبْدُوْساً الفِهْرِيَّ، ثُمَّ كَرَّ إِلَى أَذَنَةَ، وَسَارَ، فَنَازَلَ لُؤْلُؤَةً (5)، وَحَاصَرَهَا مائَةَ يَوْمٍ، وَتَرَحَّلَ (6) .
__________
(1) انظر خبر بناء المأمون ببوران في " تاريخ الطبري " 8 / 606، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 395، و" البداية والنهاية " 10 / 265.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 613، و" الكامل " 6 / 396 وفيهما في حوادث سنة عشر ومئتين.
(3) " تاريخ الطبري " 8 / 619، و" الكامل " 6 / 407 - 408.
(4) " تاريخ الطبري " 8 / 623، و" الكامل " 6 / 417.
(5) هي قلعة بالقرب من طرسوس.
(6) " تاريخ الطبري " 8 / 625 - 628، و" الكامل " 6 / 419 - 421.

(10/286)


وَأَقبَلَ تُوفِيلُ طَاغيَةُ الرُّوْمِ (1) ، ثُمَّ وَقَعَتِ الهُدْنَةُ بَعْدَ أَنْ كَتَبَ تُوفِيلُ، فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ، وَأَغلَظَ فِي المُكَاتِبَةِ، فَغَضِبَ المَأْمُوْنُ، وَعَزَمَ عَلَى المَسِيْرِ إِلَى قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ، فَهَجَمَ الشِّتَاءُ (2) .
وَفِيْهَا: وَقَعَ حَرِيْقٌ عَظِيْمٌ بِالبَصْرَةِ، أَذهَبَ أَكْثَرَهَا.
وَفِي سَنَةِ (218): اهتَمَّ المَأْمُوْنُ بِبِنَاءِ طُوَانَةَ، وَحَشَدَ لَهَا الصُّنَّاعَ، وَبنَاهَا مِيْلاً فِي مِيْلٍ، وَهِيَ وَرَاءَ طَرَسُوْسَ، وَافتَتَحَ عِدَّةَ حُصُوْنٍ (3) ، وَبَالَغَ فِي مِحْنَةِ القُرْآنِ، وَحَبَسَ إِمَامَ الدِّمَشْقِيِّينَ أَبَا مُسْهِرٍ، بَعْدَ أَنْ وَضَعَهُ فِي النِّطْعِ لِلْقَتلِ، فَتَلَفَّظَ مُكْرَهاً (4) .
وَكَتَبَ المَأْمُوْنُ إِلَى نَائِبِهِ عَلَى العِرَاقِ؛ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الخُزَاعِيِّ كِتَاباً يَمتَحِنُ العُلَمَاءَ، يَقُوْلُ فِيْهِ:
وَقَدْ عَرَفْنَا أَنَّ الجُمْهُوْرَ الأَعْظَمَ، وَالسَّوَادَ مِنْ حَشوِ الرَّعِيَةِ وَسَفِلَةِ العَامَّةِ، مِمَّنْ لاَ نَظَرَ لَهُم وَلاَ رَوِيَّةَ، أَهْلُ جَهَالَةٍ وَعَمَىً عَنْ أَنْ يَعْرِفُوا اللهَ كُنْهَ مَعْرِفَتِهِ، وَيَقْدُرُوهُ حَقَّ قَدْرِه، وَيُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، فَسَاوَوْا بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَأَطبَقُوا عَلَى أَنَّ القُرْآنَ قَدِيْمٌ لَمْ يَخْتَرِعْهُ اللهُ، وَقَدْ قَالَ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً}، فُكُلُّ مَا جَعَلَهُ، فَقَدْ خَلَقَهُ، كَمَا قَالَ: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّوْرَ}، وَقَالَ: {نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ}، فَأَخبَرَ أَنَّهُ قَصَصٌ لأُمُورٍ أَحَدَثَهُ بعدَهَا،
__________
(1) وهو الذي ذكره أبو تمام في قصيدته البائية التي قالها في فتح عمورية في البيت الخمسين،
وهو: لما رأى الحرب رأي العين توفلس * والحرب مشتقة المعنى من الحرب
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 629 - 630.
(3) " تاريخ الطبري " 8 / 631، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 440 - 441.
(4) " تاريخ الطبري " 8 / 643.

(10/287)


وَقَالَ: {وَأُحْكِمَتْ آيَاتُه ثُمَّ فُصِّلَتْ} وَاللهُ مُحْكِمٌ لَهُ، فَهُوَ خَالِقُهُ وَمُبْدِعُهُ.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَمَاتَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ السَّمْتِ الكَاذِبِ، وَالتَّخَشُّعِ لِغَيرِ اللهِ، إِلَى مُوَافَقَتِهِم، فَرَأَى أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَنَّهُم شَرُّ الأُمَّةِ، وَلَعَمْرُو أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّ أَكذَبَ النَّاسِ مَنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَوَحْيِهِ، وَلَمْ يَعْرِفِ اللهَ حقَّ مَعْرِفَتِهِ، فَاجمَعِ القُضَاةَ وَامتَحِنْهُم فِيْمَا يَقُوْلُوْنَ، وَأَعْلِمْهُم أَنِّي غَيْرُ مُسْتَعِينٌ فِي عَمَلٍ، وَلاَ وَاثِقٌ بِمَنْ لاَ يُوثَقُ بِدِيْنِهِ، فَإِنْ وَافقُوا، فَمُرْهُم بِنَصِّ مَنْ بِحَضْرَتِهِم مِنَ الشُّهُودِ، وَمَسْأَلَتِهِم عَنْ عِلْمِهِم فِي القُرْآنِ، وَرَدِّ شَهَادَةَ مَنْ لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ مَخْلُوْقٌ (1) .
وَكَتَبَ المَأْمُوْنُ أَيْضاً فِي أَشْخَاصٍ سَبْعَةٍ: مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ، وَابْنِ مَعِيْنٍ، وَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَبِي مُسْلِمٍ المُسْتَمْلِي، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ دَاوُدَ، وَأَحْمَدَ الدَّوْرَقِيِّ، فَامْتُحِنُوا، فَأَجَابُوا (2) - قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: جَبُنَّا خَوْفاً مِنَ السَّيْفِ (3) -.
وَكَتَبَ بِإِحضَارِ مَنِ امتَنَعَ مِنْهُم: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ، وَأَبِي حَسَّانٍ الزِّيَادِيِّ، وَالقَوَارِيْرِيِّ، وَسَجَّادَةَ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي مُقَاتِلٍ، وَذَيَّالِ بنِ الهَيْثَمِ، وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَسَعْدُوَيْه، فِي عِدَّةٍ، فَتَلَكَّأَ طَائِفَةٌ، وَصَمَّمَ أَحْمَدُ وَابْنُ نُوْحٍ، فَقُيِّدَا، وَبَعَثَ بِهِمَا، فَلَمَّا بَلَغَا الرَّقَّةَ، تَلَقَّاهُم مَوْتُ المَأْمُوْنِ، وَكَانَ مَرِضَ بِأَرْضِ الثَّغْرِ.
فَلَمَّا احْتُضِرَ، طَلَبَ ابْنَهُ العَبَّاسَ لِيَقْدَمَ، فَوَافَاهُ بآخِرِ رَمَقٍ، وَقَدْ نُفِّذَتِ الكُتُبُ إِلَى البُلْدَانِ، فِيْهَا:
مِنَ المَأْمُوْنِ وَأَخِيْهِ أَبِي إِسْحَاقَ الخَلِيْفَةِ
__________
(1) " تاريخ الطبري " 8 / 632 - 633، و" عيون التواريخ " 8 / لوحة 1 - 2، و" تاريخ الخلفاء " 308 - 309.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 634، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 423، و" تاريخ الخلفاء " 309 - 310.
(3) " تاريخ الخلفاء ": 310.

(10/288)


مِنْ بَعْدِهِ.
فَقِيْلَ: وَقَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ المَأْمُوْنِ.
وَقِيْلَ: بَلْ بِأَمرِهِ (1) .
وَأَشهَدَ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ المَوْتِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ هَارُوْنَ أَشهَدَ عَلَيْهِ أَنَّ اللهَ وَحدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَنَّهُ خَالِقٌ، وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوْقٌ، وَلاَ يَخلُو القُرْآنُ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ شَيْئاً لَهُ مِثْلٌ، وَاللهُ لاَ مِثْلَ لَهُ، وَالبَعْثُ حَقٌّ، وَإِنِّيْ مُذْنِبٌ، أَرْجُو وَأَخَافُ.
وَلْيُصَلِّ عَلَيَّ أَقرَبُكُم، وَلْيُكَبِّرْ خَمْساً، فَرَحِمَ اللهُ عَبداً اتَّعَظَ وَفَكَّرَ فِيْمَا حَتَمَ اللهُ علَى جَمِيْعِ خَلْقِهِ مِنَ الفَنَاءِ، فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي تَوَحَّدَ بِالبَقَاءِ.
ثُمَّ لْيَنْظُرِ امْرُؤٌ مَا كُنْتُ فِيْهِ مِنْ عِزِّ الخِلاَفَةِ، هَلْ أَغْنَى عَنِّي شَيْئاً إِذْ نَزَلَ أَمْرُ اللهُِ بِي؟ لاَ وَاللهِ، لَكِنْ أُضْعِفَ بِهِ عَلَيَّ الحِسَابُ، فَيَا لَيْتَنِي لَمْ أَكُ شَيْئاً.
يَا أَخِي! ادْنُ مِنِّي، وَاتَّعِظْ بِمَا تَرَى، وَخُذْ بِسِيْرَةِ أَخِيْكَ فِي القُرْآنِ، وَاعْمَلْ فِي الخِلاَفَةِ إِذْ طَوَّقَكَهَا اللهُ عَمَلَ المُرِيْدِ للهِ، الخَائِفِ مِنْ عِقَابِهِ، وَلاَ تَغْتَرَّ، فَكَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِكَ المَوْتُ.
وَلاَ تُغْفِلْ أَمرَ الرَّعِيَّةِ، الرَّعِيَّةَ الرَّعِيَّةَ، فَإِنَّ المُلْكَ بِهِم، اللهَ اللهَ فِيْهِم وَفِي غَيْرِهِم.
يَا أَبَا إِسْحَاقَ، عَلَيْكَ عَهْدُ اللهِ، لَتَقُومَنَّ بِحَقِّهِ فِي عِبَادِهِ، وَلَتُؤْثِرَنَّ طَاعَتَهُ علَى مَعْصِيَتِهِ.
فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
هَؤُلاَءِ بَنُو عَمِّكَ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَحْسِنْ صُحْبَتَهُم، وَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيْئِهِم (2) .
ثُمَّ مَاتَ فِي رَجَبٍ، فِي ثَانِي عَشَرِهِ، سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: بِالبَذَنْدُوْنَ (3) ، فَنَقَلَهُ ابْنُه العَبَّاسُ، وَدَفَنَهُ بِطَرَسُوْسَ، فِي دَارِ خَاقَانَ خَادِمِ أَبِيْهِ (4) .
__________
(1) " تاريخ الخلفاء " 310 - 313.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 647 - 650، و" عيون التواريخ " 8 / لوحة 26، 27، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 429 - 431.
(3) قرية من قرى الثغر بينها وبين طرسوس مسيرة يوم.
(4) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 650، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 431، 432.

(10/289)


قَالَ الأَصْمَعِيُّ: كَانَ نَقَشَ خَاتَمَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ (1) .
وَلَهُ مِنَ الأَوْلاَدِ: مُحَمَّدٌ الكَبِيْرُ، وَالعَبَّاسُ، وَعَلِيٌّ، وَمُحَمَّدٌ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَالحَسَنُ، وَأَحْمَدُ، وَعِيْسَى، وَإِسْمَاعِيْلُ، وَالفَضْلُ، وَمُوْسَى، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَيَعْقُوْبُ، وَحَسَنٌ، وَسُلَيْمَانُ، وَهَارُوْنُ، وَجَعْفَرٌ، وَإِسْحَاقُ، وَعِدَّةُ بَنَاتٍ (2) .

73 - المُعْتَصِمُ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الرَّشَيْدِ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ مُحَمَّدُ ابْنُ الرَّشِيْدِ هَارُوْنَ بنِ مُحَمَّدٍ المَهْدِيِّ بنِ المَنْصُوْرِ العَبَّاسِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأُمُّهُ: مَارِدَةُ، أُمُّ وَلَدٍ (3) .
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَأَخِيْهِ المَأْمُوْنِ يَسِيْراً.
رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاقُ المَوْصِلِيُّ، وَحَمْدُوْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ.
بُوْيِعَ بِعَهدٍ مِنَ المَأْمُوْنِ، فِي رَابِعَ عَشَرَ رَجَبٍ، سنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ (4) .
__________
(1) " تاريخ الخلفاء " 315.
(2) في عيون التواريخ " 8 / لوحة 28: قال الصولي: كان للمأمون تسعة عشر ذكرا، وتسع بنات.
(*) المعارف لابن قتيبة: 392، الاخبار الطوال: 401، تاريخ اليعقوبي 3 / 197، تاريخ الطبري 9 / 118 - 123، مروج الذهب للمسعودي 7 / 102، البدء والتاريخ 6 / 114، تاريخ بغداد 3 / 342، الكامل لابن الأثير 6 / 439 و523 - 528، العبر 1 / 400 - 402، عيون التواريخ 8 / لوحة 118 - 121، فوات الوفيات 4 / 48، الوافي بالوفيات 5 / 139، البداية والنهاية 10 / 295 - 297، الذهب المسبوك للمقريزي: 221، النجوم الزاهرة 2 / 250، تاريخ الخلفاء: 333 - 340، تاريخ الخميس 2 / 336، شذرات الذهب 2 / 63، 64.
(3) انظر " تاريخ الطبري " 9 / 123، و" الكامل " 6 / 525، و" تاريخ بغداد " 3 / 342، و" فوات الوفيات " 4 / 48.
(4) " تاريخ الطبري " 8 / 667، و" الكامل " 6 / 439، و" فوات الوفيات " 4 / 84.

(10/290)


وَكَانَ أَبْيَضَ، أَصهَبَ اللِّحْيَةِ طَوِيْلَهَا، رَبْعَ القَامَةِ، مُشْرَبَ اللَّوْنِ، ذَا قُوَّةٍ، وَبَطْشٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَهَيْبَةٍ، لَكِنَّهُ نَزْرُ العِلْمِ (1) .
قِيْلَ: كَانَ مَعَهُ غُلاَمٌ فِي المَكْتَبِ، فَمَاتَ الغُلاَمُ، فَقَالَ لَهُ أَبُوْهُ: يَا مُحَمَّدُ! مَاتَ غُلاَمُكَ؟
قَالَ: نَعَمْ يَا سَيِّدِي، وَاسْتَرَاحَ مِنَ الكُتَّابِ.
فَقَالَ: أَوَ إِنَّ الكُتَّابَ لَيَبْلُغُ مِنْكَ هَذَا؟ دَعُوهُ.
فَكَانَتْ قِرَاءتُهُ ضَعِيفَةً (2) .
قَالَ خَلِيْفَةُ: حَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ مائَتَيْنِ (3) .
قَالَ الرِّيَاشِيُّ: كَتَبَ طَاغِيَةُ الرُّوْمِ إِلَى المُعْتَصِمِ يَتَهَدَّدُهُ، فَأَمَرَ بِجَوَابِهِ، فَلَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِ، رَمَاهُ، وَقَالَ لِلْكَاتِبِ: اكْتُبْ، أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ، وَسَمِعْتُ خِطَابَكَ، وَالجَوَابُ مَا تَرَى، لاَ مَا تَسْمَعُ، وَسَيَعْلَمُ الكَافِرُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (4) .
قُلْتُ: وَامْتَحَنَ النَّاسَ بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الأَمْصَارِ، وَأَخَذَ بِذَلِكَ المُؤَذِّنِيْنَ، وَفُقَهَاءَ المَكَاتِبِ، وَدَامَ ذَلِكَ حَتَّى أَزَالَهُ المُتَوَكِّلُ بَعْدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ عَاماً.
وَكَانَ فِي سَنَةِ 218: الوَبَاءُ المُفْرِطُ، وَالقَحْطُ بِمِصْرَ، وَمَاتَ أَكْثَرُهُم، وَأَمَرَ المُعْتَصِمُ بِهَدِّ طُوَانَةَ الَّتِي بَذَّرَ المَأْمُوْنُ فِي بِنَائِهَا مِنْ عَامَيْنِ بُيُوْتَ
__________
(1) " فوات الوفيات " 4 / 48.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 343، و" فوات الوفيات " 4 / 49، و" البداية والنهاية " 10 / 295، و" تاريخ الخلفاء " 334.
(3) " تاريخ خليفة ": 470.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 344، و" البداية والنهاية " 10 / 296. قوله: (وسيعلم الكافر) هي قراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو، وقرأ الباقون: (وسيعلم الكفار). " النشر " 2 / 298.

(10/291)


الأَمْوَالِ (1) ، وَاشتَدَّ البَلاَءُ بِبَابَكَ، وَهَزَمَ الجُيُوشَ، وَدَخَلَ فِي دِيْنِهِ خَلاَئِقُ مِنَ العَجَمِ، وَعَسْكَرَ بِهَمَذَانَ، فَبَرَزَ لِقِتَالِهِ إِسْحَاقُ المُصْعَبِيُّ، فَكَانَتْ مَلْحَمَةً عُظْمَى، فَيُقَالُ: قُتِلَ مِنْهُم سِتُّوْنَ أَلْفاً، وَهَرَبَ بَاقِيْهِم إِلَى الرُّوْمِ (2) .
وَظَهَرَ سَنَةَ 219: مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ العَلَوِيُّ، يَدْعُو إِلَى الرِّضَى مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَتَمَّتْ لَهُ حُرُوبٌ، إِلَى أَنْ قَيَّدَهُ ابْنُ طَاهِرٍ، ثُمَّ هَرَبَ مِنَ السِّجْنِ، وَأَضمَرَتْهُ البِلاَدُ (3) .
وَفِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ: عَقَدَ المُعْتَصِمُ لِلأَفْشِيْنِ (4) فِي جَيْشٍ لَجِبٍ لِقِتَالِ بَابَكَ، فَتَمَّتْ مَلْحَمَةٌ انْهَزَمَ فِيْهَا بَابَكُ إِلَى مُوَغَانَ، وَمِنْهَا إِلَى مَدِيْنَةٍ تُسَمَّى البَذُّ (5) .
وَفِي رَمَضَانَ: كَانَتْ مِحْنَةُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي القُرْآنِ، وضُرِبَ بِالسِّيَاطِ حَتَّى زَالَ عَقْلُهُ، وَلَمْ يُجِبْ، فَأَطْلَقُوهُ (6) ، وَأَمَرَ المُعْتَصِمُ بِإِنشَاءِ مَدِيْنَةِ
__________
(1) " تايخ الطبري " 8 / 667.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 667، 668، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 441.
(3) انظر " مروج الذهب " للمسعودي 7 / 116، 117، و" تاريخ الطبري " 9 / 7، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 442، 443، و" البداية والنهاية " 10 / 282.
(4) اسمه حيدر بن كاوس، عقد له المعتصم في قتال بابك الخرمي، وكان من الامراء الشجعان، واتهم بالكفر وعبادة الاصنام، فسجنه المعتصم حتى مات سنة (226) ه انظر " العبر " 1 / 395.
(5) انظر خبر هذه الوقعة في " مروج الذهب " 7 / 123 - 127، و" تاريخ الطبري " 9 / 13، 14، و" الكامل " 6 / 449 - 451.
وموغان - ويقال لها: موقان -: ولاية بأذربيجان فيها قرى ومروج كثيرة.
معجم البلدان 5 / 225، والبذ: كورة بين أذربيجان وأران، بها كان مخرج بابك الخرمي.
انظر " معجم البلدان " 1 / 361، وانظر الصفحة 294 تعليق (2) من هذا الجزء.
(6) سترد ترجمة الامام أحمد ومحنته مفصلة في الجزء الحادي عشر من هذا الكتاب برقم (78).

(10/292)


سَامَرَّا (1) ، اشتَرَى أَرْضَهَا مِنْ رُهبَانَ بِالقَاطُوْلِ (2) ، وَغَضِبَ عَلَى وَزِيرِهِ الفَضْلِ بنِ مَرْوَانَ، وَأَخَذَ مِنْهُ نَحْواً مِنْ عَشْرَةِ آلاَفِ أَلفِ دِيْنَارٍ، وَنَفَاهُ (3) ، وَاسْتَوْزَرَ مُحَمَّدَ بنَ الزَّيَّاتِ، وَاعْتَنَى بِاقْتِنَاءِ المَمَالِيْكِ التُّرْكِ، وَبَعَثَ إِلَى النَّوَاحِي فِي شِرَائِهِم، وَأَلبَسَهُمُ الحَرِيْرَ وَالذَّهَبَ (4) .
وَفِي سَنَةِ 221: كَانَتْ وَقعَةٌ بَيْنَ العَسْكَرِ وَبَابَكَ (5) .
وَحَجَّ فِيْهَا حَنْبَلٌ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كِسْوَةَ الكَعْبَةِ وَقَدْ كُتِبَ فِيْهَا فِي الدَّارَاتِ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ اللَّطِيْفُ الخَبِيْرُ (6) ، فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: قَاتَلَ اللهُ الخَبِيْثَ، عَمَدَ إِلَى كَلاَمِ اللهِ فَغَيَّرَهُ - عَنَى ابْنَ أَبِي دَاوُدَ -.
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ: كَانَ المَصَافُّ بَيْنَ بَابَكَ الخُرَّمِيِّ، وَبَيْنَ الأَفْشِيْنِ، فَطَحَنَهُ الأَفْشِيْنُ، وَاسْتَبَاحَ عَسْكَرَهُ، وَهَرَبَ، ثُمَّ إِنَّهُ أُسِرَ بَعْدَ فُصُولٍ طَوِيْلَةٍ (7) ، وَكَانَ أَحَدَ الأَبطَالِ، أَخَافَ الإِسْلاَمَ وَأَهلَهُ، وَهَزَمَ الجُيُوشَ
__________
(1) انظر خبر بناء هذه المدينة في " مروج الذهب " للمسعودي 7 / 120، 121، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 451، 452.
(2) القاطول: نهر معروف يأخذ من دجلة على خمسة فراسخ من سامراء، وقد ذكره البحتري في قصيدته التي يرثي بها المتوكل في " ديوانه " 2 / 1045: محل على القاطول أخلق داثره * وعادت صروف الدهر جيشا تغاوره وانظر " مروج الذهب " 7 / 127، و" الروض المعطار " 300، 301 و449، 450.
(3) انظر " تاريخ الطبري " 9 / 18 - 22، و" الكامل " 6 / 453، 454.
(4) " مروج الذهب " للمسعودي 7 / 118.
(5) " تاريخ الطبري " 9 / 23 - 27، و" الكامل " 6 / 456.
(6) التلاوة: (وهو السميع البصير)، فغير ما في التلاوة ليسلم له مذهبه، وهذا من أبين
الأدلة على فساد رأي المعتزلة ومجافاته للنصوص القطعية التي لا يرقى إليها شك.
(7) ذكرها ابن جرير الطبري في " تاريخه " 9 / 29 - 51.

(10/293)


عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَغَلَبَ عَلَى أَذْرَبِيْجَانَ وَغَيْرِهَا، وَأَرَادَ أَنْ يُقِيْمَ المِلَّةَ المَجُوْسِيَّةَ، وَظَهَرَ فِي أَيَّامِهِ المَازَيَارُ أَيْضاً بِالمَجُوْسِيَّةِ بِطَبَرِسْتَانَ (1) ، وَعَظُمَ البَلاَءُ.
وَكَانَ المُعْتَصِمُ وَالمَأْمُوْنُ قَدْ أَنفَقُوا عَلَى حَرْبِ بَابَكَ قنَاطِيْرَ مُقَنْطَرَةً مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، فَفِي هَذِهِ السَّنَةِ بَعَثَ المُعْتَصِمُ نَفَقَاتٍ إِلَى جَيْشِهِ مَعَ الأَفْشِيْنِ، فَكَانَتْ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ، وَأُخِذَتِ البَذُّ؛ مَدِيْنَةُ بَابَكَ اللَّعِينِ (2) ، وَاخْتَفَى فِي غَيْضَةٍ، وَأُسِرَ أَهلُهُ وَأَوْلاَدُهُ، وَقُطِعَ دَابِرُ الخُرَّمِيَّةِ.
ثُمَّ وَرَدَ أَمَانٌ مِنَ المُعْتَصِمِ لِبَابَكَ، فَبَعَثَ بِهِ الأَفْشِينُ إِلَيْهِ مَعَ اثْنَيْنِ، وَكَتَبَ ابْنُه إِلَيْهِ يُشِيْرُ عَلَيْهِ بِقَبُولِ الأَمَانِ، فَلَمَّا دَخَلاَ إِلَى الشَّعْرَاءِ (3) الَّتِي فِيْهَا بَابَكُ، قَتَلَ أَحَدَهُمَا، وَقَالَ لِلآخَرِ: امضِ إِلَى ابْنِ الفَاعِلَةِ ابْنِي، فَقُلْ: لَوْ كَانَ ابْنِي، لَلَحِقَ بِي، ثُمَّ مَزَّقَ الأَمَانَ، وَفَارَقَ الغَيْضَةَ، وَصَعِدَ الجَبَلَ فِي
__________
(1) من بلاد خراسان بفتح أوله وثانيه، سميت بذلك لان الشجر كان حولها شيئا كثيرا، فلم يصل إليها جنود كسرى حتى قطعوه بالفأس.
والطبر بالفارسية: الفأس، واستان: الشجر.
انظر " الروض المعطار " ص 383.
(2) انظر تفصيل ذلك في " تاريخ الطبري " 9 / 31 - 45، و" الكامل " 6 / 462 وما بعدها، وللبحتري من قصيدة يمدح بها أبا سعيد بن يوسف الثغري - وكان من قواد حميد الطوسي في حربه مع بابك الخرمي - في " ديوانه " 2 / 1256:
لله درك يوم بابك فارسا * بطلا لابواب الحتوف قروعا
حتى ظفرت ببذهم فتركته * للذل جانبه وكان منيعا وله فيه أيضا في " ديوانه " 1 / 9:
ما زلت تقرع باب بابك بالقنا * وتزوره في غارة شعواء
حتى أخذت بنصل سيفك عنوة * منه الذي أعيا على الخلفاء
أخليت منه البذ وهي قراره * ونصبته علما بسامراء وانظر " ديوان أبي تمام " 2 / 18 و24 و34.
(3) الشعراء: الأرض الكثيرة الشجر.

(10/294)


طُرُقٍ يَعْرِفُهَا، لاَ تُسْلَكُ (1) .
وَكَانَ الأَفْشِينُ قَدْ رَتَّبَ الكُمَنَاءَ فِي المَضَايِقِ، فَنَجَا بَابَكُ، وَلَجَأَ إِلَى جِبَالِ أَرْمِيْنِيَةَ، فَلَقِيَهُ سَهْلٌ البَطْرِيْقُ، فَقَالَ: الطَّلَبُ وَرَاءَكَ، فَانزِلْ عِنْدِي.
فَنَزَلَ، وَرَكَنَ إِلَيْهِ، فَبَعَثَ البَطْرِيقُ إِلَى الأَفْشِيْنِ بِذَلِكَ، فَجَاءَ فُرْسَانٌ، فَأَحَاطُوا بِهِ، وَأَخَذُوهُ.
وَكَانَ المُعْتَصِمُ قَدْ جَعَلَ لِمَنْ جَاءَ بِهِ حَيّاً أَلفَيْ أَلفِ دِرْهَمٍ، وَلِمَنْ جَاءَ بِرَأْسِهِ أَلفَ أَلفٍ، فَأُعْطِيَ البَطْرِيقُ أَلفَ أَلفٍ، وَأُطْلِقَ لَهُ خَرَاجُهُ عِشْرِيْنَ سَنَةً (2) .
وَقَالَ المَسْعُوْدِيُّ: هَرَبَ بَابَكُ بِأَخِيْهِ وَأَهلِهِ وَخَوَاصِّهِ فِي زِيِّ التُّجَّارِ، فَنَزَلَ بِأَرْضِ أَرْمِيْنِيَةَ بِعَمَلِ سَهْلِ بنِ سُنْبَاطٍ، فَابْتَاعُوا شَاةً مِنْ رَاعٍ، فَنَكِرَهُم، فَأَتَى سَهْلاً، فَأَعْلَمَهُ، فَقَالَ: هَذَا بَابَكُ بِلاَ شَكٍّ.
فَرَكِبَ فِي أَجْنَادِهِ، حَتَّى أَتَى بَابَكَ، فَتَرَجَّلَ، وَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالمُلْكِ، وَقَالَ: قُمْ إِلَى قَصْرِكَ، فَأَنَا عَبْدُكَ.
فَمَضَى مَعَهُ، وَمَدَّ السِّمَاطَ لَهُ، وَأَكَلَ مَعَهُ، فَقَالَ بَابَكُ: أَمِثْلُكَ يَأْكلُ مَعِي؟!
فَوَقَفَ، وَاعْتَذَرَ، ثُمَّ أَحْضَرَ حَدَّاداً لِيُقَيِّدَهُ، فَقَالَ: أَغَدْراً يَا سَهْلُ؟
قَالَ: يَا ابْنَ الفَاعِلَةِ، إِنَّمَا أَنْتَ رَاعِي بَقَرٍ.
ثُمَّ قَيَّدَ أَتْبَاعَهُ، وَكَاتَبَ الأَفْشِيْنَ، فَجَهَّزَ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، فَتَسَلَّمُوهُ، وَجَاءَ سَهْلٌ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ الأَفْشِيْنُ، وَبُعِثَتْ بِطَاقَةٌ بِذَلِكَ إِلَى بَغْدَادَ، فَضَجَّ النَّاسُ بِالتَّكْبِيْرِ وَالشُّكْرِ للهِ، ثُمَّ قَدِمُوا بِبَابَكَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ (3) .
وَكَانَ المُعْتَصِمُ يَبْعَثُ كُلَّ يَوْمٍ بِخِلْعَةٍ وَفَرَسٍ لِلأَفْشِيْنِ، وَمِنْ سُرُوْرِهِ بِذَلِكَ، رَتَّبَ البَرِيْدَ مِنْهُ إِلَى الأَفْشِيْنَ، فَكَانَ يَجِيْئُهُ الخَبَرُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ
__________
(1) انظر " تاريخ الطبري " 9 / 45 - 47، و" الكامل " 6 / 471، 472.
(2) انظر " تاريخ الطبري " 9 / 47 - 51 و54، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 472 - 473، و" البداية والنهاية " 10 / 283، 284.
(3) " مروج الذهب " 7 / 124 - 132.

(10/295)


مَسِيْرَةُ شَهْرٍ.
ثُمَّ أَتى أَحْمَدُ بنُ أَبِي دُوَادَ مُتَنَكِّراً فِي اللَّيْلِ، فَشَاهدَ بَابَكَ، ثُمَّ أَعْلَمَ المُعْتَصِمَ، فَمَا صَبَرَ، وَأَتَاهُ مُتَنَكِّراً، فَتَأَمَّلَهُ (1) .
وَكَانَ هَذَا الشَّقِيُّ ثِنْوِيّاً (2) ، عَلَى دِيْنِ مَانِي وَمَزْدَكَ، يَقُوْلُ بِتَنَاسُخِ الأَروَاحِ، وَيَستَحِلُّ البِنْتَ وَأُمَّهَا (3) .
وَقِيْلَ: كَانَ وَلَدَ زِنَىً، وَكَانَتْ أُمُّهُ عَوْرَاءَ، يُقَالُ لَهَا: رُوْمِيَّةُ العِلْجَةُ، وَكَانَ عَلِيُّ بنُ مَزْدَكَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ زَنَى بِهَا، وَبَابَكُ مِنْهُ.
وَقِيْلَ: كَانَتْ صُعْلُوكَةً مِنْ قُرَى أَذْرَبِيْجَانَ، فَزَنَى بِهَا نَبَطِيٌّ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِبَابَكَ، فَرُبِّيَ بَابَكُ أَجِيْراً فِي القَريَةِ.
وَكَانَ هُنَاكَ قَوْمٌ مِنَ الخُرَّمِيَّةِ لَهُم كَبِيْرَانِ: جَاوَنْدَانُ (4) وَعِمْرَانُ، فَتَفَرَّسَ جَاوَنْدَانُ النَّجَابَةَ (5) فِي بَابَكَ، فَاكْتَرَاهُ مِنْ أُمِّهِ، فَهَوِيَتْهُ زَوْجَةُ جَاوَنْدَانَ، وَأَطلَعَتْهُ عَلَى الأَسْرَارِ.
ثُمَّ قُتِلَ زَوْجُهَا فِي مُحَاربَةٍ لابْنِ عَمِّهِ، فَزَعَمَتْ أَنَّ زَوْجَهَا اسْتَخلَفَ بَابَكَ، فَصَدَّقَهَا الجَمِيْعُ.
فَأَمرَهُم أَنْ يَقْتُلُوا مَنْ وَجَدُوهُ فِي اللَّيْلِ، فَأَصبَحَ عِدَّةُ قَتْلَى، وَانضَافَ إِلَيْهِم كُلَّ شِرِّيرٍ وَقَاطعِ طَرِيْقٍ، وَصَارَ أَمرُ بَابَكَ إِلَى مَا صَارَ، وَكَانَتْ دَولَتُهُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، بَلْ أَزْيَدَ، وَكَانَ مَعَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِيْنَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ فَارِغِيْنَ مِنَ الدِّيْنِ، وَبَعْضُهُم زَنَادِقَةٌ، وَقَتَلُوا، وَسَبَوْا، وَأَخَذُوا الحُصُونَ (6) .
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 52.
(2) انظر " الملل والنحل " 1 / 244.
(3) انظر " الوافي بالوفيات " 10 / 65، و" الفرق بين الفرق " ص 251، 252، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 328، و" الأنساب " للسمعاني 2 / 13.
(4) في " الكامل " و" الوافي بالوفيات ": جاويدان.
(5) في الأصل: " النجائر " وهو خطأ، وفي " الوافى بالوفيات ": " الجلادة ".
(6) " الوافي بالوفيات " 10 / 62.

(10/296)


نَعَمْ، وَأَمَرَ المُعْتَصِمُ، فَأُرْكِبَ بَابَكُ فِيلاً، وَأَلبَسَهُ الدِّيبَاجَ، وَقَلَنْسُوَةً كَبِيْرَةً مِنْ سَمُّورٍ، وَطَافُوا بِهِ، ثُمَّ قُطِعَتْ أَرْبَعَتُهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ، ثُمَّ ذُبِحَ، وَطِيفَ بِرَأْسِهِ بِسَامَرَّاءَ، ثُمَّ بُعِثَ بِأَخِيْهِ إِلَى بَغْدَادَ، فَعُمِلَ بِهِ كَذَلِكَ (1) .
وَيُقَالُ: كَانَ أَشْجَعَ مِنْ بَابَكَ، فَقَالَ: يَا بَابَكُ! قَدْ عَمِلْتَ مَا لَمْ يَعْمَلْهُ أَحَدٌ، فَاصْبِرْ صَبراً لَمْ يَصْبِرْهُ أَحَدٌ.
قَالَ: سَوفَ تَرَى.
فَلَمَّا قَطَعُوا يَدَهُ، خَضَبَ صُوْرَتَهُ بِالدَّمِ، فَقَالَ المُعْتَصِمُ: لِمَ فَعَلْتَ؟
قَالَ: إِنَّكَ أَمَرْتَ بِقَطعِ أَطْرَافِي، وَفِي نَفْسِكَ أَنْ لاَ تَكْوِيَهَا، فَيَنْزِفُ الدَّمُ، فَيَصْفَرُّ لَوْنِي، فَتَظُنُّونَهُ جَزَعاً مِنِّي.
فَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّ أَفْعَالَهُ لاَ تُسَوِّغُ الصَّنِيعَةَ وَالعَفْوَ، لاَسْتَبْقَيْتُهُ، ثُمَّ أُحْرِقَ (2) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَبَادَ مِنَ الأُمَّةِ خَلاَئِقَ.
وَبِخَطِّ الإِمَامِ ابْنِ الصَّلاَحِ: أَنَّ قَتْلَى بَابَكَ بَلَغُوا أَلفَ أَلفٍ وَخَمْسَ مائَةِ أَلْفٍ (3) ، وَأُحْصِيَ قَتْلَى أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ فَبَلَغُوا أَلفَيْ أَلفٍ.
وَفِيْهَا: التَقَى طَاغيَةُ الرُّوْمِ وَالأَفْشِيْنُ، فَهَزَمَهُ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَيَّامٍ.
وَخَرَّبَ المُعْتَصِمُ أَنْقِرَةَ، وَأَنْكَى فِي الرُّوْمِ.
وَأَخَذَ عَمُّوْرِيَّةَ عَنْوَةً (4) ، وَأَوطَأَ الرُّوْمَ خَوْفاً وَذُلاًّ، وَأَخَذَ بِثَأْرِ الإِسْلاَمِ مِنَ الطَّاغِيَةِ تُوفِيلَ بنِ مِيْخَائِيْلَ، الَّذِي أَغَارَ عَلَى زِبَطْرَةَ وَمَلَطْيَةَ، فَدَخَلَ المُعْتَصِمُ الرُّوْمَ فِي مائَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ وَأَزْيَدَ، حَتَّى لَقِيْلَ: كَانَ فِي خَمْسِ مائَةِ أَلْفٍ، وَصَمَّمَ عَلَى مُحَاصَرَةِ قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ،
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 52، 53، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 477، 478، و" الوافي بالوفيات " 10 / 62، 63.
(2) " الوافي بالوفيات " 10 / 63 - 64.
(3) " الوافي بالوفيات " 10 / 64.
(4) انظر خبر فتح عمورية في " تاريخ الطبري 9 / 57 - 70، و" البداية والنهاية " 10 / 286 - 288، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 480 - 488.

(10/297)


فَأَتَاهُ مَا أَزْعَجَهُ مِنْ خُرُوجِ العَبَّاسِ بنِ المَأْمُوْنِ عَلَيْهِ، فَظَفِرَ بِالعَبَّاسِ.
وَكَانَ العَبَّاسُ بَدِيْعَ الحُسْنِ، وَكَانَ بَلِيْداً، غَزَا فِي أَيَّامِ أَبِيْهِ الرُّوْمَ، وَوَلِيَ الجَزِيْرَةَ، وَذَهَبَتْ مِنْهُ الخِلاَفَةُ بِغَيْبَتِهِ، ثُمَّ نَخَّاهُ عُجَيْفٌ، وَشَجَّعَهُ عَلَى الخُرُوجِ، وَوَافَقَهُ عِدَّةُ أُمرَاءَ، وَعَرَفَ المُعْتَصِمُ، فَأَخَذَ العَبَّاسَ.
فَقِيْلَ: غَمَّهُ بِكِسَاءٍ حَتَّى تَلِفَ بِمَنْبِجَ (1) .
وَقِيْلَ: إِنَّ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ نَظَرَ إِلَيْهِ، فَتَبَسَّمَ المَأْمُوْنُ، فَرَوَى يَحْيَى حَدِيْثاً فِي النَّظَرِ إِلَى الوَجْهِ الحَسَنِ، فَقَالَ المَأْمُوْنُ: اتَّقِ اللهَ، فَهَذَا الحَدِيْثُ كَذِبٌ.
وَلَمَّا عَظُمَ الأَفْشِيْنُ بِاسْتِئْصَالِهِ لِبَابَكَ، طَلَبَ نِيَابَةَ خُرَاسَانَ، وَبَلَغَهُ خُرُوْجُ المَازَيَارَ، وَمُحَارَبَتُهُ لابْنِ طَاهِرٍ، فَدَسَّ مَنِ اسْتَمَالَهُ لَهُ، وَقَوَّى عَزْمَهُ، وَخَرَّبَ المَازَيَارُ البِلاَدَ، وَقَتَلَ، وَعَسَفَ.
ثُمَّ جَهَّزَ المُعْتَصِمُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ الأَفْشِيْنَ لِحَرْبِهِ، وَبَعَثَ ابْنُ طَاهِرٍ جَيْشاً، عَلَيْهِم عَمُّهُ لِحَرْبِهِ أَيْضاً، وَجَرَتْ حُرُوْبٌ يَطُوْلُ بَسْطُهَا، وَقُتِلَ المَازَيَارُ (2) .
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ: قَبَضَ المُعْتَصِمُ عَلَى الأَفْشِيْنِ، وَكَانَ عَدُوّاً لابْنِ طَاهِرٍ، وَابْنِ أَبِي دُوَادَ، فَعَقَرَاهُ، وَأَلْقَيَا فِي ذِهْنِ المُعْتَصِمِ أَنَّهُ يُرِيْدُ قَتْلَكَ، فَتَهَدَّدَ كَاتِبَهُ، فَاعْتَرَفَ، وَقَالَ:
أَمَرَنِي أَنْ أَكْتُبَ إِلَى المَازَيَارِ: إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَغَيْرُكَ، وَجَيْشُ الخَلِيْفَةِ عِنْدَ ابْنِ طَاهِرٍ، وَمَا عِنْدَ الخَلِيْفَةِ سِوَايَ، فَإِنْ هَزَمْتَ ابْنَ طَاهِرٍ، كَفَيْتُكَ المُعْتَصِمَ، وَيَخْلُصُ لَنَا الدِّينُ الأَبْيَضُ -يَعْنِي:
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 71 - 77، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 489 - 439.
(2) انظر خبره في " تاريخ الطبري " 9 / 80 - 84، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 495.

(10/298)


المَجُوْسِيَّةَ- وَكَانَ يُتَّهَمُ بِهَا.
فَوَهَبَ المُعْتَصِمُ لِلْكَاتِبِ ذَهَباً، وَقَالَ: إِنْ نَطَقْتَ، قَتَلْتُكَ (1) .
وَعَنِ ابْنِ أَبِي دُوَادَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْكِي وَيَقْلَقُ، وَقَالَ لِي:
رَجُلٌ أَنْفَقْتُ عَلَيْهِ أَلْفَيْ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَيُرِيْدُ قَتْلِي؟! قَدْ تَصَدَّقْتُ بِعَشْرَةِ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَخُذْهَا، فَفَرِّقْهَا (2) .
وَكَانَ الأَفْشِيْنُ قَدْ بَعَثَ أَمْوَالاً لَهُ إِلَى أُشْرُوْسَنَةَ (3) ، وَهَمَّ بِالهَرَبِ إِلَيْهَا، ثُمَّ هَيَّأَ دَعْوَةً لِيَسُمَّ فِيْهَا المُعْتَصِمَ وَقُوَّادَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِئْ، سَمَّ القُوَّادَ، وَيَذْهَبُ إِلَى أَرْمِيْنِيَةَ، وَمِنْهَا إِلَى أُشْرُوْسَنَةَ، فَمَا تَهَيَّأَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَبَضَ عَلَيْهِ المُعْتَصِمُ، وَعَلَى ابْنِهِ حَسَنٍ، وَأُتِيَ بِالمَازَيَارِ أَسِيْراً (4) .
فَقِيْلَ: أُحْضِرَ هُوَ، وَالأَفْشِيْنُ، وَمُوْبِذُ مَلِكُ السُّغْدِ، وَمَرْزُبَانُ عِنْدَ المُعْتَصِمِ، فَأُحْضِرَ اثْنَانِ، فَعُرِّيَا، فَإِذَا أَجْنَابُهُمَا عَرِيَّةٌ مِنَ اللَّحْمِ.
فَقَالَ ابْنُ الزَّيَّاتِ لِلأَفْشِيْنِ: يَا حَيْدَرُ، تَعْرِفُهُمَا؟
قَالَ: نَعَمْ، هَذَا مُؤَذِّنٌ وَهَذَا إِمَامٌ، بَنَيَا مَسْجِداً بِأُشْرُوْسَنَةَ، ضَرَبْتُهُمَا أَلْفَ سَوْطٍ، لأَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ مُلُوْكِ السُّغْدِ عَهْداً أَنْ أَتْرُكَ كُلَّ قَوْمٍ عَلَى دِيْنِهِم، فَوَثَبَ هَذَانِ عَلَى بَيْتِ أَصْنَامِ أُشْرُوْسَنَةَ، فَرَمَيَا الأَصْنَامَ، وَعَمِلاَهُ مَسْجِداً، فَضَرَبْتُهُمَا.
قَالَ ابْنُ الزَّيَّاتِ: فَمَا كِتَابٌ قَدْ زَيَّنْتَهُ بِالذَّهَبِ وَالجَوَاهِرِ فِيْهِ الكُفْرُ؟
قَالَ: كِتَابٌ وَرِثْتُهُ مِنْ أَبِي، فِيْهِ آدَابٌ وَحِكَمٌ لِلأَكَاسِرَةِ، فَآخُذُ مِنْهُ الأَدَبَ،
__________
(1) " عيون التواريخ " 8 / لوحة 103.
(2) " عيون التواريخ " 8 / لوحة 103.
(3) هي بلدة كبيرة بما وراء النهر بين سيحون وسمرقند انظر " معجم البلدان " 1 / 197.
(4) انظر خبر غضب المعتصم على الافشين في " تاريخ الطبري " 9 / 104 - 110، و" الكامل " 6 / 510 - 516.

(10/299)


وَأَدَعُ مَا سِوَاهُ، مِثْلَ كِتَابِ (كَلِيْلَةَ وَدِمْنَةَ).
فَقَالَ ابْنُ الزَّيَّاتِ لِلْمُوْبِذِ: مَا تَقُوْلُ؟
قَالَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ المَخْنُوْقَةَ، وَيَحْمِلُنِي عَلَى أَكْلِهَا، وَيَقُوْلُ: لَحْمُهَا أَرْطَبُ.
وَقَالَ لِي: إِنِّيْ دَخَلْتُ لِهَؤُلاَءِ فِي كُلِّ مَا أَكْرَهُ حَتَّى أَكَلْتُ الزَّيْتَ، وَرَكِبْتُ الجَمَلَ، وَلَبِسْتُ النَّعْلَ، غَيْرَ أَنِّي مَا حَلَقْتُ عَانَتِي قَطُّ، وَلَمْ يَخْتَتِنْ - وَكَانَ المُوْبِذُ مَجُوْسِيّاً، وَأَسْلَمَ بَعْدُ -.
قَالَ الأَفْشِيْنُ: خَبِّرُوْنِي عَنْ هَذَا المُتَكَلِّمِ، أَثِقَةٌ هُوَ فِي دِيْنِهِ؟
قَالُوا: لاَ.
قَالَ: فَكَيْفَ تُصَدِّقُوْنَهُ؟
فَقَامَ المَرْزُبَانُ، فَقَالَ: يَا أَفْشِيْنُ، كَيْفَ يَكْتُبُ إِلَيْكَ أَهْلُ مَمْلَكَتِكَ؟
قَالَ: كَمَا يَكْتُبُوْنَ إِلَى آبَائِي: إِلَى الإِلِهِ مِنْ عَبْدِهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ: فَمَا أَبْقَيْتَ لِفِرْعَوْنَ؟
قَالَ: خِفْتُ فَسَادَهُمْ بِتَغْيِيْرِ العَادَةِ.
قَالَ لَهُ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُصْعَبِيُّ: كَيْفَ تَحْلِفُ فَنُصَدِّقَكَ، وَأَنْتَ تَدَّعِي مَا يَدَّعِي فِرْعَوْنُ؟
قَالَ: يَا إِسْحَاقُ، هَذِهِ سُوْرَةٌ قَرَأَهَا عُجَيْفٌ عَلَى عَلِيِّ بنِ هِشَامٍ، وَأَنْتَ تَقْرَؤُهَا عَلَيَّ، فَانْظُرْ مَنْ يَقْرَؤُهَا عَلَيْكَ.
ثُمَّ تَقَدَّمَ مَازَيَارُ، فَقِيْلَ: أَتَعرِفُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالُوا: هَلْ كَاتَبْتَهُ؟
قَالَ: لاَ.
فَقَالُوا لِلْمَازَيَارِ: أَكَتَبَ إِلَيْكَ؟
قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَخُوْهُ عَلَى لِسَانِه: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَنْصُرُ هَذَا الدِّيْنَ الأَبْيَضَ غَيْرِي وَغَيْرُكَ وَغَيْرُ بَابَكَ، فَأَمَّا بَابَكُ فَبِحُمْقِهِ قَتَلَ نَفْسَهُ، فَإِنْ خَالَفْتَ، لَمْ يَكُنْ لِلْخَلِيْفَةِ مَنْ يَرَى لِقِتَالِكَ غَيْرِي وَمَعِيَ الفُرْسَانُ وَأَهْلُ النَّجْدَةِ وَالبَأْسِ، فَإِنْ وُجِّهْتُ إِلَيْكَ، لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يُحَارِبُنَا إِلاَّ العَرَبُ وَالمَغَارِبَةُ وَالأَترَاكُ، فَأَمَّا العَرَبِيُّ فَمَنْزِلتُهُ كَكَلْبٍ أَطْرَحُ لَهُ كِسْرَةً، ثُمَّ أَضْرِبُ رَأْسَهُ بِالدَّبُّوسِ، وَهَؤُلاَءِ الذِّئَابُ -يَعْنِي: المَغَارِبَةَ- فَأَكْلَةُ رَأْسٍ، وَأَمَّا التُّرْكِيُّ فإِنَّمَا هِيَ سَاعَةٌ وَتَنْفَدُ سِهَامُهُم، ثُمَّ تَجُولُ عَلَيْهِمُ الخَيْلُ جَولَةً، وَيَعُودُ الدِّيْنُ إِلَى مَا كَانَ.

(10/300)


فَقَالَ الأَفْشِيْنُ: هَذَا يَدَّعِي عَلَى أَخِي، وَلَوْ كُنْتُ قَدْ كَتَبْتُ بِهَذَا إِلَيْهِ لأَخْدَعَهُ، لَكَانَ غَيْرَ مُسْتَنْكَرٍ، وَكُنْتُ آخُذُ بِرَقَبَتِهِ.
فَزَجَرَهُ ابْنُ أَبِي دُوَادَ، وَقَالَ: أَخَتِيْنٌ أَنْتَ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: لِمَ؟
قَالَ: خِفْتُ التَّلَفَ.
قَالَ: أَنْتَ تَلْقَى الحُرُوبَ وَتَخَافُ مِنْ قِطْعَةِ قُلْفَةٍ؟
قَالَ: تِلْكَ ضَرُورَةٌ أَصْبِرُ عَلَيْهَا، وَتِلْكَ القُلْفَةُ لاَ أَخْرُجُ بِهَا مِنَ الإِسْلاَمِ.
فَقَالَ أَحْمَدُ: قَدْ بَانَ لَكُم أَمرُهُ (1) .
وَفِيْهَا: سَقَطَتْ أَكْثَرُ الأَهْوَازِ مِنَ الزَّلْزَلَةِ، وَدَامَتْ أَيَّاماً (2) .
وَفِي سَنَةِ سِتٍّ: وَقَعَ بَرَدٌ كَالبَيْضِ مِنَ السَّمَاءِ، قَتَلَ ثَلاَثَ مائَةٍ وَسَبْعِيْنَ نَفْساً.
وَمُنِعَ الأَفْشِيْنُ المَذْكُوْرُ مِنَ الطَّعَامِ، حَتَّى هَلَكَ، ثُمَّ صُلِبَ مَيْتاً، وَأُحْرِقَ مَعَ أَصْنَامٍ عِنْدَهُ، وَهُوَ مِنْ أَوْلاَدِ الأَكَاسِرَةِ، وَكَانَ أَكْبَرَ الدَّوْلَةِ (3) .
وَأَمَّا المَازَيَارُ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ قَارِنٍ، فَظَالِمٌ، غَاشِمٌ، جَبَّارٌ، ظَهَرَ بِطَبَرِسْتَانَ، وَحَارَبَ عَسْكَرَ المُعْتَصِمِ، ثُمَّ أُسِرَ، فَضُرِبَ حَتَّى مَاتَ، وَصُلِبَ، وَتَرَكَ أَمْوَالاً لاَ تَنْحَصِرُ (4) .
وَفِي سَنَةِ (227): ظَهَرَ أَبُو حَرْبٍ المُبَرْقَعُ بِفِلَسْطِيْنَ! وَزَعَمَ أَنَّهُ
__________
(1) انظر هذه المناظرة في " تاريخ الطبري " 9 / 107 - 110، و" الكامل " لابن الأثير 6 / 513 - 516، و" عيون التواريخ " 8 / لوحة 103 - 107
(2) " عيون التواريخ " 8 / لوحة 107.
(3) " تاريخ الطبري " 9 / 111، و" الكامل " 6 / 517، وانظر قصيدة أبي تمام التي مدح بها المعتصم، ومطلعها: الحق أبلج والسيوف عوار * فحذار من أسد العرين حذار وهي في " ديوانه " 2 / 198 - 209 بشرح التبريزي.
(4) انظر " الوافي بالوفيات " 4 / 337، 338، و" عيون التواريخ " 8 / لوحة 108.

(10/301)


السُّفْيَانِيُّ، وَدَعَا إِلَى إِقَامَةِ الحَقِّ، وَكَانَ قَتَلَ جُنْدِيّاً أَذَى زَوْجَتَهُ، ثُمَّ أَلْبَسَ وَجْهَهُ بُرْقُعاً، وَأَقَامَ بِالغَوْرِ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ البَرِّ، وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ أَمِيْرُ دِمَشْقَ رَجَاءُ الحَصَّارِيُّ فِي أَلفِ فَارِسٍ، فَوَجَدَهُ فِي زُهَاءِ مائَةِ أَلْفٍ، فَهَابَهُ، فَلَمَّا جَاءَ وَقْتُ الزِّرَاعَةِ، تَفَرَّقُوا، حَتَّى بَقِيَ فِي نَحْوِ أَلْفَيْنِ، فَالتَقَوْا، وَكَانَ المُبَرْقَعُ شُجَاعاً مِقْدَاماً، فَحَمَلَ عَلَى الجَيْشِ، فَأَفْرَجُوا، فَأَحَاطُوا بِهِ، فَأَسَرُوهُ، وَسُجِنَ، فَمَاتَ (1) .
قَالَ ابْنُ عَائِذٍ: وَاقَعَ رَجَاءُ أَهْلَ المَرْجِ، وَجِسْرِيْنَ، وَكَفْرَ بَطْنَا، وَسَقْبَا (2) ، وَقُتِلَ خَلْقٌ.
وَقِيْلَ: بَيَّتَ أَهْلَ كَفْرَ بَطْنَا، فَقَتَلَ أَزْيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ، وَقَتَلَ الأَطفَالَ، وَقُتِلَ مِنَ الجُنْدِ ثَلاَثُ مائَةٍ.
قَالَ نِفْطَوَيْه: يُقَالُ لِلْمُعْتَصِمِ: المُثَمَّنُ، فَإِنَّهُ ثَامِنُ بَنِي العَبَّاسِ، وَتَمَلَّكَ ثَمَانِيَ سِنِيْنَ، وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ.
وَلَهُ فُتُوْحَاتٌ ثَمَانِيَةٌ: بَابَكُ، وَعَمُّوْرِيَّةُ، وَالزُّطُّ، وَبَحْرُ البَصْرَةِ، وَقَلْعَةُ الأَجْرَافِ، وَعَرَبُ دِيَارِ رَبِيْعَةَ، وَالشَّارِي، وَفَتْحُ مِصْرَ -يَعْنِي: قَهَرَ أَهْلَهَا- قَبْلَ خِلاَفَتِهِ.
وَقَتَلَ ثَمَانِيَةً: بَابَكَ، وَالأَفْشِيْنَ، وَمَازَيَارَ، وَبَاطِيْسَ، وَرَئِيْسَ الزَّنَادِقَةِ، وَعُجَيْفاً، وَقَارُوْنَ، وَأَمِيْرَ الرَّافِضَةِ (3) .
وَقَالَ غَيْرُ نِفْطَوَيْه: خَلَّفَ مِنَ الذَّهَبِ ثَمَانِيَةَ آلاَفِ أَلفِ دِيْنَارٍ، وثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ، وَثَمَانِيْنَ أَلْفَ فَرَسٍ، وثَمَانِيَةَ آلاَفِ مَمْلُوْكٍ، وثَمَانِيَةَ
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 116 - 118، و" الكامل " 6 / 522، 523، و" عيون التواريخ 8 / لوحة 117، 118.
(2) وهي قرى من غوطة دمشق الشرقية.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 343، و" العبر " 1 / 401، و" الوافي بالوفيات " 5 / 140.

(10/302)


آلاَفِ جَارِيَةٍ، وَبَنَى ثَمَانِيَةَ قُصُوْرٍ.
وَقِيْلَ: بَلَغَ مَمَالِيْكُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفاً، وَكَانَ ذَا سَطْوَةٍ إِذَا غَضِبَ، لاَ يُبَالِي مَنْ قَتَلَ (1) .
قَالَ إِسْحَاقُ المَوْصِلِيُّ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ، وَعِنْدَهُ قَيِّنَةٌ تُغَنِّي، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى؟
قُلْتُ: تَقْهَرُ الغِنَاءَ بِرِفْقٍ، وَتُجِيْلُهُ بِرِفْقٍ، وَتَخْرُجُ مِنْ شَيْءٍ إِلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَفِي صَوْتِهَا شَجاً وَشُذُوْرٌ أَحْسَنُ مِنْ دُرٍّ عَلَى نُحُوْرٍ.
فَقَالَ: وَصْفُكَ لَهَا أَحْسَنُ، خُذْهَا لَكَ.
فَامْتَنَعْتُ لِعِلْمِي بِمَحَبَّتِهِ لَهَا، فَأَعْطَانِي مِقْدَارَ قِيْمَتِهَا (2) .
قِيْلَ: لَمَّا تَجَهَّزَ لِغَزْوِ عَمُّوْرِيَّةَ، زَعَمَ المُنَجِّمُوْنَ أَنَّهُ طَالِعُ نَحْسٍ وَيُكْسَرُ، فَانْتَصَرَ، فَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ تِلْكَ القَصِيْدَةَ (3) :
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ ... فِي حَدِّهِ الحَدُّ بَيْنَ الجَدِّ وَاللَّعِبِ (4)
وَالعِلْمُ فِي شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَةً ... بَيْنَ الخَمِيْسَيْنِ لاَ فِي السَّبْعَةِ الشُّهُبِ
__________
(1) " فوات الوفيات " 4 / 48، و" عيون التواريخ " 8 / لوحة 119، والعبر 1 / 401، 402.
(2) " تاريخ الطبري " 9 / 122.
(3) وتعد من أجود قصائده، وتقع في واحد وسبعين بيتا، وفيها يقول: يا يوم وقعة عمورية انصرفت * عنك المنى حفلا معسولة الحلب أبقيت جد بني الإسلام في صعد * والمشركين ودار الشرك في صبب وكان فتح عمورية سنة 223 ه وهي من أعظم بلاد الروم في آسيا الصغرى.
انظر " ديوان أبي تمام " 1 / 40 - 74 بشرح التبريزي.
(4) وبعده في " الديوان ": بيض الصفائح لا سود الصحائف في * متونهن جلاء الشك والريب (5) قال التبريزي: يرد على المنجمين ما حكموا به، لان الظفر كان بعد حكمهم، =

(10/303)


أَيْنَ الرِّوَايَةُ؟ أَمْ أَيْنَ النُّجُوْمُ وَمَا ... صَاغُوهُ مِنْ زُخْرُفٍ فِيْهَا وَمِنْ كَذِبِ (1) ؟
تَخَرُّصاً وَأَحَادِيْثاً مُلَفَّقَةً ... لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ وَلاَ غَرَبِ (2)
عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ، قَالَ: كَانَ المُعْتَصِمُ يُخْرِجُ إِلَيَّ سَاعِدَهُ، وَيَقُوْلُ: عَضَّهُ بِأَكْبَرِ قُوَّتِكَ.
فَأَقُوْلُ: مَا تَطِيْبُ نَفْسِي.
فَيَقُوْلُ: لاَ يَضُرُّنِي.
فَأَرُوْمُ ذَلِكَ، فَإِذَا هُوَ لاَ تَعْمَلُ فِيْهِ الأَسِنَّةُ، فَضْلاً عَنِ الأَسنَانِ.
وَقَبَضَ عَلَى جُنْدِيٍّ ظَالِمٍ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ عِظَامِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ، فَسَقَطَ (3) .
وَعَنِ ابْنِ أَبِي دُوَادَ، وَذَكَرَ المُعْتَصِمَ، فَبَالَغَ، وَقَالَ: كُنْتُ أُزَامِلُهُ فِي سَفَرِهِ، وَوَصَفَ سَعَةَ أَخْلاَقِهِ (4) .
__________
= ويعني ب " شهب الا رماح ": أسنتها، وب " السبعة الشهب ": الطوالع التي أرفعها زحل، وأدناها القمر.
وقوله: " لامعة " نصب على الحال من " شهب الا رماح ".
والخميسان: الجيشان.
(1) أصل الزخرف: ما يعجبك من متاع الدنيا، وربما خص به الذهب، ويقال للقول المحسن المكذوب: زخرف، لأنه حسن ليغر.
(2) التخرص: التكذب وافتراء القول.
و" ملفقة " أي: ضم بعضها إلى بعض، وليست من شكل واحد.
و" النبع ": شجر صلب ينبت في رؤوس الجبال، وتتخذ منه القسي، وإذا وصف الرجل بالجلادة والصبر شبه بالنبع، أي: أنه صلب لا يقدر على كسره، ومن أمثالهم: " النبع يقرع بعضه بعضا " يضرب مثلا للقوم الاشداء يبلون بمثلهم في الشدة.
و" الغرب ": شجر ينبت على الانهار ليس له قوة.
يقول: هذه الأحاديث ليست بقوية ولا ضعيفة، أي: غير شيء، كما يقال: ما هو بخل ولا خمر، أي: هو كالمعدوم ليس عنده خير ولا شر.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 346، و" الوافي بالوفيات " 5 / 140، و" فوات الوفيات " 4 / 49، وفيها أن هذا الجندي أخذ ابنا لامرأة، فأمره برده، فامتنع، فقبض عليه.
(4) انظر ما وصفه به في " تاريخ بغداد " 3 / 345.

(10/304)


قَالَ الخَطِيْبُ: كَثُرَ عَسْكَرُ المُعْتَصِمِ، وَضَاقَتْ عَلَيْهِم بَغْدَادُ، فَبَنَى مَدِيْنَةَ (سُرَّ مَنْ رَأَى)، وَتَحَوَّلَ إِلَيْهَا.
وَتُسمَّى أَيْضاً: العَسْكَرَ (1) .
وَقِيْلَ: كَانَ عَلِيْقُ دَوَابِّ المُعْتَصِمِ خَمْسِيْنَ أَلْفَ مِخْلاَةٍ (2) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِهِ: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوْتُوا، أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً} [الأَنْعَامُ: 44].
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: جَعَلَ المُعْتَصِمُ يَقُوْلُ: ذَهَبَتِ الحِيلَةُ، فَلَيْسَ حِيْلَةً حَتَّى صَمَتَ (3) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: أُوْخَذُ وَحْدِي مِنْ بَيْنِ هَذَا الخَلْقِ.
وَلَهُ نَظْمٌ وَسَطٌ (4) ، وَكَلِمَاتٌ جَيِّدَةٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ جَعَلَ زَنْدَ رَجُلٍ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، فَكَسَرَهُ (5) .
قِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: عَاقِلٌ عَاقِلٌ مَرَّتَينِ أَحْمَقُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 346، و" فوات الوفيات " 4 / 49.
ويقال: إن السبب في بنائها أن المعتصم أمر أبا الوزير أحمد بن خالد الكاتب أن يأخذ مالا، ويشتري به في هذه الناحية (أي: ناحية سامراء) موضعا يبني فيه مدينة، وقال له: إني أتخوف أن يصيح هؤلاء الحربية صيحة، فيقتلوا غلماني، فإذا ابتعت لي هذا الموضع كنت فوقهم، فإن رابني رائب أتيتهم في البر والبحر، حتى آتي عليهم، فاشترى أبو الوزير الموضع، وخرج المعتصم في آخر سنة 220 حتى نزل القاطول، وبدأ بالبناء سنة 221، وما زالت تعمر حتى أصبحت من أعظم الحواضر الإسلامية أيام المعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر، ثم بدأت في التناقص منذ خلافة المستعين حتى ولي الخلافة المعتضد، فتركها إلى بغداد، وبدأ الخراب يزحف نحوها.
انظر " معجم البلدان " 3 / 174 - 178.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 346، و" فوات الوفيات " 4 / 49.
(3) انظر " فوات الوفيات " 4 / 49.
(4) انظر شيئا من نظمه في " فوات الوفيات " 4 / 49، 50.
(5) " فوات الوفيات " 4 / 49، و" الوافي بالوفيات " 5 / 140.

(10/305)


قَالَ إِسْحَاقُ المُصْعَبِيُّ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ المُعْتَصِمِ رَجُلاً، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يُمْلِي كِتَاباً، وَيَقْرَأُ كِتَاباً، وَيعْقِدُ بِيَدِهِ، وَإِنَّهُ لَيُنْشِدُ شِعْراً يَتَمَثَّلُ بِهِ.
مَاتَ المُعْتَصِمُ: يَوْمَ الخَمِيْسِ، لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ سَبْعٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً وَسَبْعَةُ أَشْهُرٍ، وَدُفِنَ (بِسُرَّ مَنْ رَأَى)، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ الوَاثِقُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَخَافُكَ مِنْ قِبَلِي، وَلاَ أَخَافُكَ مِنْ قِبَلِكَ، وَأَرْجُوْكَ مِنْ قِبَلِكَ، وَلاَ أَرْجُوْكَ مِن قِبَلِي (1) .
وَلْنَذْكُرْ مَعَهُ ابْنَهُ الوَاثِقَ.
وَلَهُ مِنَ الوَلَدِ أَيْضاً: جَعْفَرٌ المُتَوَكِّلُ، وَالعَبَّاسُ، وَعَلِيٌّ، وَأَحْمَدُ، وَمُحَمَّدٌ، وَعَبْدُ اللهِ، وَسُلَيْمَانُ، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَفَاطِمَةُ، وَأُمُّ القَاسِمِ، وَأُمُّ العَبَّاسِ، وَأُمُّ مُوْسَى، وَعَائِشَةُ، وَأُمُّ الفَضْلِ، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ، وَأُمُّ عِيْسَى، وَأُمُّ مُوْسَى، وَأُمُّ أَبِيْهَا، وَأُمُّ عَبْدِ اللهِ.

74 - الوَاثِقُ بِاللهِ هَارُوْنُ ابْنُ المُعْتَصِمِ بِاللهِ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو القَاسِمِ هَارُوْنُ ابْنُ المُعْتَصِمِ بِاللهِ أَبِي إِسْحَاقَ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ ابْنِ المَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بنِ المَنْصُوْرِ العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
وَأُمُّهُ: رُوْمِيَّةٌ اسْمُهَا (قَرَاطِيْسُ (2))، أَدْرَكْتْ خِلاَفَتَهُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 346.
(*) تاريخ اليعقوبي 3 / 204، تاريخ الطبري 9 / 123، مروج الذهب للمسعودي 7 / 145، الاغاني 9 / 276 - 300، تاريخ بغداد 14 / 15، الكامل في التاريخ 6 / 528، النبراس لابن دحية: 73 - 80، فوات الوفيات 4 / 228 - 230، تاريخ الخلفاء: 367، تاريخ الخميس 2 / 337.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 16، و" مروج الذهب " 7 / 145، و" فوات الوفيات " 4 / 228، و" عيون التواريخ " 8 / لوحة 118.

(10/306)


وَلِيَ الأَمْرَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيْهِ، فِي سَنَةِ (227).
وَكَانَ مَوْلِدُهُ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ: مَا أَحسَنَ أَحَدٌ إِلَى الطَّالِبِيِّيْنَ مَا أَحسَنَ إِلَيْهِمُ الوَاثِقُ! مَا مَاتَ وَفِيْهِم فَقِيْرٌ (1) .
وَقَالَ حَمْدُوْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: كَانَ الوَاثِقُ مَلِيْحَ الشِّعْرِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَوْلَىً أَهدَاهُ لَهُ مِنْ مِصْرَ شَخْصٌ، فَأَغْضَبَهُ، فَحَرِدَ، حَتَّى قَالَ لِبَعْضِ الخَدَمِ: وَاللهِ إِنَّ مَوْلاَيَ لَيَرُومُ أَنْ أُكَلِّمَهُ مِنْ أَمْسِ، فَمَا أَفْعَلُ، فَعَمِلَ الوَاثِقُ:
يَا ذَا الَّذِي بِعَذَابِي ظَلَّ مُفْتَخِرَا ... مَا أَنْتَ إِلاَّ مَلِيْكٌ جَارَ إِذْ قَدَرَا
لَوْلاَ الهَوَى لَتَجَازَيْنَا عَلَى قَدَرٍ ... وَإِنْ أُفِقْ مِنْهُ يَوْماً مَا فَسَوْفَ تَرَى (2)
قَالَ الخَطِيْبُ: اسْتَولَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي دُوَادَ عَلَى الوَاثِقِ، وَحَمَلَهُ عَلَى التَّشَدُّدِ فِي المِحْنَةِ، وَالدُّعَاءِ إِلَى خَلْقِ القُرْآنِ (3) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ قُبَيْلَ مَوْتِهِ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَسْبَاطٍ، قَالَ:
حُمِلَ رَجُلٌ مُقَيَّدٌ، فَأُدْخِلَ عَلَى ابْنِ أَبِي دُوَادَ بِحُضُوْرِ الوَاثِقِ، فَقَالَ لأَحْمَدَ:
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 19، و" فوات الوفيات " 4 / 225، و" تاريخ الخلفاء " ص 342.
(2) البيتان في " الاغاني " 9 / 297، و" فوات الوفيات " 4 / 229، و" تاريخ الخلفاء " ص 368. وفي الأصل: " جاد " بالدال بدل " جار " وهو خطأ.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 19، و" فوات الوفيات " 4 / 229.

(10/307)


أَخْبِرْنِي عَنْ مَا دَعَوْتُمُ النَّاسَ إِلَيْهِ، أَعَلِمَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا دَعَا إِلَيْهِ، أَمْ شَيْءٌ لَمْ يَعْلَمْهُ؟
قَالَ: بَلْ عَلِمَهُ.
قَالَ: فَكَانَ يَسَعُهُ أَنْ لاَ يَدْعُوَ النَّاسَ إِلَيْهِ، وَأَنْتُم لاَ يَسَعُكُم؟! فَبُهِتُوا، وَضَحِكَ الوَاثِقُ، وَقَامَ قَابِضاً عَلَى فَمِهِ، وَدَخَلَ مَجْلِساً، وَمَدَّ رِجْلَيْهِ وَهُوَ يَقُوْلُ:
أَمرٌ وَسِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَسْكُتَ عَنْهُ، وَلاَ يَسَعُنَا!
ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى الشَّيْخُ ثَلاَثَ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَأَنَّ يُرَدَّ إِلَى بَلَدِهِ (1) .
وَعَنْ طَاهِرِ بنِ خَلَفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ المُهْتَدِي بِاللهِ بنِ الوَاثِقِ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلاً، أَحْضَرَنَا.
قَالَ: فَأُتِي بِشَيْخٍ مَخْضُوْبٍ مُقَيَّدٍ، فَقَالَ أَبِي: ائِذَنُوا لأَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ وَأَصْحَابِهِ.
وَأُدْخِلَ الشَّيْخُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: لاَ سَلَّمَ اللهُ عَلَيْكَ.
قَالَ: بِئْسَ مَا أَدَّبَكَ مُؤَدِّبُكَ، قَالَ الله -تَعَالَى-: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحَيَّةٍ، فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا، أَوْ رُدُّوْهَا}[النِّسَاءُ: 86].
فَقَالَ أَحْمَدُ: الرَّجُلُ مُتَكَلِّمٌ.
قَالَ: كَلِّمْهُ.
فَقَالَ: يَا شَيْخُ، مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟
قَالَ: لَمْ تُنْصِفْنِي وَلِيَ السُّؤَالُ.
قَالَ: سَلْ.
قَالَ: مَا تَقُوْلُ أَنْتَ؟
قَالَ: مَخْلُوْقٌ.
قَالَ: هَذَا شَيْءٌ عَلِمَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَالخُلَفَاءُ، أَمْ لَمْ يَعْلَمُوهُ؟
فَقَالَ: شَيْءٌ لَمْ يَعْلَمُوهُ.
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، شَيْءٌ لَمْ يَعْلَمُوهُ وَعَلِمْتَهُ أَنْتَ؟!
فَخَجِلَ، وَقَالَ: أَقِلْنِي.
قَالَ: المَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟
قَالَ: مَخْلُوْقٌ.
قَالَ: شَيْءٌ عَلِمَهُ رَسُوْلُ اللهِ؟
قَالَ: عَلِمَهُ.
قَالَ: أَعَلِمَهُ وَلَمْ يَدْعُ النَّاسَ إِلَيْهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَوَسِعَهُ ذَلِكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أَفَلاَ وَسِعَكَ مَا وَسِعَهُ، وَوَسِعَ الخُلَفَاءَ بَعْدَهُ؟
فَقَامَ الوَاثِقُ، فَدَخَلَ الخَلْوَةَ،
__________
(1) " فوات الوفيات " 4 / 229، و" عيون التواريخ " 8 / لوحة 168، و" تاريخ الخلفاء " ص 368.

(10/308)


وَاسْتَلقَى وَهُوَ يَقُوْلُ:
شَيْءٌ لَمْ يَعْلَمْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ أَبُو بَكْرٍ، وَلاَ عُمَرُ، وَلاَ عُثْمَانُ، وَلاَ عَلِيٌّ، عَلِمْتَهُ أَنْتَ! سُبْحَانَ اللهِ، عَرَفُوهُ، وَلَمْ يَدْعُوا إِلَيْهِ النَّاسَ! فَهَلاَّ وَسِعَكَ مَا وَسِعَهُم!
ثُمَّ أَمرَ بِرَفْعِ قَيْدِ الشَّيْخِ، وَأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعِ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَسَقَطَ مِنْ عَيْنِهِ ابْنُ أَبِي دُوَادَ، وَلَمْ يَمْتَحِنْ بَعْدَهَا أَحَداً.
فِي إِسْنَادِهَا مَجَاهِيْلُ، فَاللهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا.
وَرَوَى نَحْواً مِنْهَا: أَحْمَدُ بنُ السِّنْدِيِّ الحَدَّادُ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ المُمْتَنِعِ، عَنْ صَالِحِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيِّ، عَنِ المُهْتَدِي بِاللهِ.
قَالَ صَالِحٌ: حَضَرْتُهُ وَقَدْ جَلَسَ، وَالقِصَصُ تُقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيَأْمُرُ بِالتَّوقِيْعِ عَلَيْهَا، فَسَرَّنِي ذَلِكَ، وَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَفَطِنَ، وَنَظَرَ إِلَيَّ، فَغَضَضْتُ عَنْهُ.
قَالَ: فَقَالَ لِي: فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ تُحِبُّ أَنْ تَقُوْلَهُ.
فَلَمَّا انْفَضَّ المَجْلِسُ، أُدخِلْتُ مَجْلِسَهُ، فَقَالَ: تَقُوْلُ مَا دَارَ فِي نَفْسِكَ، أَوْ أَقُوْلُهُ لَكَ؟
قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، مَا تَرَى؟
قَالَ: أَقُوْلُ: إِنَّهُ قَدِ اسْتَحسَنْتَ مَا رَأَيْتَ مِنَّا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِكَ: أَيُّ خَلِيْفَةٍ خَلِيْفَتُنَا إِنْ لَمْ يَكُنْ يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ؟
قَالَ: فَوَرَدَ عَلَيَّ أَمْرٌ عَظِيْمٌ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا نَفْسُ، هَلْ تَمُوتِيْنَ قَبْلَ أَجَلِكِ؟!
فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَأَطْرَقَ، ثُمَّ قَالَ: اسْمَعْ، فَوَاللهِ لَتَسْمَعَنَّ الحَقَّ.
فَسُرِّيَ عَنِّي، وَقُلْتُ: وَمَنْ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْكَ وَأَنْتَ خَلِيْفَةُ رَبِّ العَالَمِيْنَ (1) ؟!
قَالَ: مَا زِلْتُ أَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ صَدْراً مِنْ أَيَّامِ الوَاثِقِ حَتَّى أَقْدَمَ شَيْخاً مِنْ أَذَنَةَ، فَأُدْخِلَ مُقَيَّداً، وَهُوَ شَيْخٌ جَمِيْلٌ، حَسَنُ الشَّيبَةِ، فَرَأَيْتُ الوَاثِقَ قَدِ اسْتَحْيَا مِنْهُ، وَرَقَّ لَهُ، فَمَا زَالَ يُدْنِيهِ حَتَّى قَرُبَ
__________
(1) الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لم يعطوا هذا اللقب لأبي بكر الصديق، وهو أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قالوا له: يا خليفة رسول الله.

(10/309)


مِنْهُ، وَجَلَسَ، فَقَالَ: نَاظِرِ ابْنَ أَبِي دُوَادَ.
قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّهُ يَضْعُفُ عَنِ المُنَاظَرَةِ.
فَغَضِبَ، وَقَالَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ يَضْعُفُ عَنْ مُنَاظَرَتِكَ أَنْتَ؟!
قَالَ: هَوِّنْ عَلَيْكَ، وَائْذَنْ لِي، وَاحْفَظْ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَحْمَدُ، أَخْبِرْنِي عَنْ مَقَالَتِكَ هَذِهِ، هِيَ مَقَالَةٌ وَاجِبَةٌ دَاخِلَةٌ فِي عَقْدِ الدِّيْنِ، فَلاَ يَكُوْنُ الدِّيْنُ كَامِلاً حَتَّى تُقَالَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ بَعَثَهُ اللهُ، هَلْ سَتَرَ شَيْئاً مِمَّا أُمِرَ بِهِ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَدَعَا إِلَى مَقَالَتِكَ هَذِهِ؟
فَسَكَتَ، فَقَالَ الشَّيْخُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَاحِدَةٌ.
قَالَ الوَاثِقُ: وَاحِدَةٌ.
ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ اللهِ -تَعَالَى- حِيْنَ قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ} [المَائِدَةُ: 3]، أَكَانَ اللهُ هُوَ الصَّادِقُ فِي إِكْمَالِ دِيْنِنَا، أَوْ أَنْتَ الصَّادِقُ فِي نُقْصَانِهِ حَتَّى يُقَالَ بِمَقَالَتِكَ؟
فَسَكَتَ أَحْمَدُ، فَقَالَ الشَّيْخُ: اثْنَتَانِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ مَقَالَتِكَ هَذِهِ، أَعَلِمَهَا رَسُوْلُ اللهِ، أَمْ جَهِلَهَا؟
قَالَ: عَلِمَهَا.
قَالَ: فَدَعَا إِلَيْهَا؟
فَسَكَتَ.
قَالَ الشَّيْخُ: ثَلاَثَةٌ.
ثُمَّ قَالَ: فَاَتَّسَعَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُمْسِكَ عَنْهَا، وَلَمْ يُطَالِبْ أُمَّتَهُ بِهَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَاتَّسَعَ ذَلِكَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَأَعْرَضَ الشَّيْخُ عَنْهُ، وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، قَدْ قَدَّمْتُ القَوْلَ بِأَنَّ أَحْمَدَ يَضْعُفُ عَنِ المُنَاظَرَةِ، يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنْ لَمْ يتَّسِعْ لَكَ مِنَ الإِمْسَاكِ عَنْ هَذِهِ المَقَالَةِ مَا زَعَمَ هَذَا أَنَّهُ اتَّسَعَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ، فَلاَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْكَ.
قَالَ الوَاثِقُ: نَعَمْ، كَذَا هُوَ، اقْطَعُوا قَيْدَ الشَّيْخِ.
فَلَمَّا قَطَعُوْهُ، ضَرَبَ بِيَدِهِ، فَأَخَذَهُ، فَقَالَ الوَاثِقُ: لِمَ أَخَذْتَهُ؟
قَالَ: لأَنِّي نَوَيْتُ أَنْ أُوْصِيَ أَنْ يُجْعَلَ مَعِيَ فِي كَفَنِي لأُخَاصِمَ هَذَا بِهِ عِنْدَ اللهِ.
ثُمَّ بَكَى، فَبَكَى الوَاثِقُ، وَبَكَيْنَا، ثُمَّ سَأَلَهُ الوَاثِقُ أَنْ يُحَالَّهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ.
فَقَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي بِهَا.
ثُمَّ قَالَ المُهْتَدِي: فَرَجَعْتُ عَنْ هَذِهِ المَقَالَةِ، وَأَظُنُّ الوَاثِقَ رَجَعَ عَنْهَا فِي يَوْمَئِذٍ.

(10/310)


قَالَ إِبْرَاهِيْمُ نِفْطَوَيْه: حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ العَبَّاسِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ المُهْتَدِي بِاللهِ:
أَنَّ الوَاثِقَ مَاتَ وَقَدْ تَابَ عَنِ القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ (1) .
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: كَانَ أَبْيَضَ، تَعْلُوْهُ صُفْرَةٌ، حَسَنَ اللِّحْيَةِ، فِي عَيْنِهِ نُكْتَةٌ (2) .
قُلْتُ: وَكَانَ وَافِرَ الأَدَبِ.
قِيْلَ: إِنَّ جَارِيَةً غَنَّتْهُ شِعْرَ العَرْجِيِّ (3) :
أَظَلُوْمُ إِنَّ مُصَابَكُم رَجُلاً ... رَدَّ السَّلاَمَ تَحِيَّةً ظُلْمُ
فَمَنِ الحَاضِرِيْنَ مَنْ صَوَّبَ نَصْبَ (رَجُلاً)، وَمِنْهُم مَنْ رَفَعَ.
فَقَالَتْ: هَكَذَا لَقَّنَنِي المَازِنِيُّ.
فَطَلَبَ المَازِنِيَّ، فَلَمَّا مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: مِمَّن الرَّجُلُ؟
قَالَ: مِنْ مَازِنٍ.
قَالَ: أَيُّ المَوَازِنِ؛ أَمَازِنُ تَمِيْمٍ؟ أَمْ مَازِنُ قَيْسٍ؟ أُم مَازِنُ رَبِيْعَةَ؟
قُلْتُ: مَازِنُ رَبِيْعَةَ.
فَكَلَّمَنِي حِيْنَئِذٍ بِلُغَةِ قَوْمِي.
فَقَالَ: با اسْمُكَ؟ - لأَنَّهُم يَقْلِبُوْنَ المِيمَ باءً، وَالبَاءَ مِيماً - فَكَرِهْتُ أَنْ أُوَاجِهَهُ بِـ (مكر).
فَقُلْتُ: بَكْرٌ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَفَطِنَ لَهَا، وَأَعْجَبَتْه، قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي هَذَا البَيْتِ؟
قُلْتُ: الوَجْهُ النَّصْبُ، لأَنَّ (مُصَابَكُم) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى: (إِصَابَتِكُم)، فَعَارَضَنِي ابْنُ اليَزِيْدِيِّ.
قُلْتُ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ إِنَّ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 18، و" فوات الوفيات " 4 / 229.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 21، و" فوات الوفيات " 4 / 228.
(3) وكذا نسبه ابن خلكان 1 / 284، والحريري في " درة الغواص ": 43 إلى العرجي، وهو في " ديوانه ": 193، ونسبه صاحب " الاغاني " 9 / 234 إلى الحارث بن خالد المخزومي، ونقله عنه ياقوت في " معجم الأدباء " 7 / 111، وقال الصلاح الصفدي في " الوافي " 10 / 212 بعد أن نقل نسبته إلى العرجي عن المبرد: وقال آخرون - وهو الصحيح -: إنه للحارث بن خالد المخزومي من أبيات أولها:
أقوى من ال ظليمة الحزم * فالعنزتان فأوحش الخطم
وبعد البيت المذكور: أقصيته وأراد سلمكم * فليهنه إذ جاءك السلم

(10/311)


ضَرْبَكَ زَيْداً ظُلْمٌ، فَالرَّجُلُ مَفْعُوْلُ (مُصَابَكُم)، والكَلاَمُ مُعَلَّقٌ إِلَى أَنْ تَقُوْلَ: (ظُلْمٌ)، فَيَتُمُّ الكَلاَمُ.
فَأُعْجِبَ الوَاثِقُ، وَأَعْطَانِي أَلْفَ دِيْنَارٍ (1) .
قِيْلَ: إِنَّ الوَاثِقَ كَانَ ذَا نَهْمَةٍ بِالجِمَاعِ؛ بِحَيْثُ إِنَّهُ أَكَلَ لَحْمَ سَبُعٍ لِذَلِكَ، فَوَلَّدَ لَهُ مَرَضاً صَعْباً كَانَ فِيْهِ حَتْفُهُ.
وفِي العَامِ الثَّانِي مِنْ دَوْلَتِهِ: قَدَّمَ مَوْلاَهُ أَشْنَاسَ عَلَى القُوَّادِ، وَأَلْبَسَهُ تَاجاً، وَوِشَاحَيْنِ مُجَوْهَرَيْنِ (2) .
وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ: صَادَرَ الدَّوَاوِيْنَ، وَضَرَبَ أَحْمَدَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَأَخَذَ مِنْهُ ثَمَانِ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَمِن سُلَيْمَانَ بنِ وَهْبٍ أَرْبَعَ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
وَأَخَذَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ الخَصِيْبِ وَكَاتِبِهِ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ (3) .
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ: قُتِلَ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الخُزَاعِيُّ (4) الشَّهِيْدُ ظُلْماً، وَأَمَرَ بِامْتِحَانِ الأَئِمَّةِ وَالمُؤَذِّنِيْن بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَافتَكَّ مِنْ أَسْرِ الرُّوْمِ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ وَسِتَّ مائَةِ نَفْسٍ.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ: مَنْ لَمْ يَقُلْ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ، فَلاَ تَفْتَكُّوهُ (5) .
وَفِيْهَا: جَاءَ المَجُوْسُ الأَرْدَمَانِيُّونَ فِي مَرَاكِبَ مِنْ سَاحِلِ البَحْرِ الأَعْظَمِ،
__________
(1) " نزهة الالباء " 183 - 185، و" وفيات الأعيان " 1 / 284، و" إنباه الرواة " 1 / 249، و" الاغاني " 9 / 234، 235، و" الوافي بالوفيات " 10 / 212، 213، و" عيون التواريخ " 8 / لوحة 135.
(2) " تاريخ الطبري " 9 / 124، و" الكامل " لابن الأثير 7 / 9.
(3) " تاريخ الطبري " 9 / 127، 128، و" الكامل " لابن الأثير 7 / 10، و" فوات الوفيات " 4 / 230 وفيه: في سنة (202) بدل (229) وهو خطأ، لان خلافة الواثق إنما كانت في أول سنة (227 ه).
(4) سترد ترجمته في الجزء الحادي عشر من الكتاب ص 166.
(5) انظر خبر الفداء بين المسلمين والروم في " تاريخ الطبري " 9 / 141، و" الكامل " لابن الأثير 7 / 24.

(10/312)


فَدَخَلُوا إِشْبِيْلِيَّةَ بِالسَّيْفِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا سُوْرٌ بَعْدُ.
فَجَهَّزَ لِحَرْبِهِم أَمِيْرُ الأَنْدَلُسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ المَرْوَانِيُّ جَيْشاً، فَالتَقَوْا، فَانْهَزَمَ الأَرْدَمَانِيُّونَ، وَأُسِرَ مِنْهُم أَرْبَعَةُ آلاَفٍ - وَللهِ الحَمْدُ -.
قَالَ زُرْقَانُ بنُ أَبِي دُوَادَ: لَمَّا احْتُضِرَ الوَاثِقُ، رَدَّدَ هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ:
المَوْتُ فِيْهِ جَمِيْعُ الخَلْقِ مُشْتَرِكٌ ... لاَ سُوقَةٌ مِنْهُمُ يَبْقَى وَلاَ مَلِكُ
مَا ضَرَّ أَهْلَ قَلِيْلٍ فِي تَفَرُّقِهم ... وَلَيْسَ يُغْنِي عَنِ الأَمْلاَكِ مَا مَلَكُوا
ثمَّ أَمَرَ بِالبُسُطِ، فَطُوِيَتْ، وَأَلْصَقَ خَدَّهُ بِالتُّرَابِ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ:
يَا مَنْ لاَ يَزُولُ مُلْكُهُ، ارْحَمْ مَنْ قَدْ زَالَ مُلْكُهُ (1) .
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاثِقِيُّ أَمِيْرُ البَصْرَةِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كُنْتُ أُمَرِّضُ الوَاثِقَ، فَلَحِقَتْهُ غَشْيَةٌ، فَمَا شَكَكْنَا أَنَّهُ مَاتَ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: تَقَدَّمُوا.
فَمَا جَسَرَ أَحَدٌ سِوَايَ، فَلَمَّا أَنْ أَرَدْتُ أَنْ أَضَعَ يَدِي عَلَى أَنْفِهِ، فَتَحَ عَيْنَيْهِ، فَرُعِبْتُ، وَرَجَعْتُ إِلَى خَلْفٍ، فَتَعَلَّقَتْ قَبِيْعَةُ (2) سَيْفِي بِالعَتَبَةِ، فَعَثَرْتُ، وَانْدَقَّ السَّيْفُ، وَكَادَ أَنْ يَجْرَحَنِي، وَاسْتَدْعَيْتُ سَيْفاً، وَجِئْتُ، فَوَقَفْتُ سَاعَةً، فَتَلِفَ الرَّجُلُ، فَشَدَدْتُ لَحْيَيْهِ وَغَمَّضْتُهُ، وَسَجَّيتُهُ، وَأَخَذَ الفَرَّاشُوْنَ مَا تَحْتَهُ لِيَرُدُّوْهُ إِلَى الخَزَائِنِ، وَتُرِكَ وَحْدَهُ.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ: إِنَّا نُرِيْدُ أَنْ نَتَشَاغَلَ بِعَقْدِ البَيْعَةِ، فَاحْفَظْهُ، فَرَدَدْتُ بَابَ المَجْلِسِ، وَجَلَسْتُ عِنْدَ البَابِ، فَحَسَسْتُ بَعْدَ سَاعَةٍ بِحَرَكَةٍ أَفْزَعَتْنِي، فَأَدخُلُ، فَإِذَا بِجَرْذُوْنٍ قَدِ اسْتَلَّ عَيْنَ الوَاثِقِ، فَأَكَلَهَا، فَقُلْتُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، هَذِهِ العَيْنُ الَّتِي فَتَحَهَا مِنْ
__________
(1) البيتان في " تاريخ بغداد " 14 / 19، و" الكامل " لابن الأثير 7 / 29، و" فوات الوفيات " 4 / 230، وفيهما: " تفاقرهم " بدل " تفرقهم " و" تاريخ الخلفاء ": 344 وفيه: " تفارقهم ".
(2) هي التي على رأس قائم السيف، وربما اتخذت من فضة.

(10/313)


سَاعَةٍ، فَانْدَقَّ سَيْفِي هَيْبَةً لَهَا (1) !
قُلْتُ: كَانَتْ خِلاَفَتُهُ خَمْسَ سِنِيْنَ وَنِصْفاً، مَاتَ بِسَامَرَّا، لِسِتٍّ بَقِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) ، وَبَايَعُوا بَعْدَهُ أَخَاهُ المُتَوَكِّلَ.

75 - مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو عَمْرٍو الأَزْدِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، مُسْنِدُ البَصْرَةِ، أَبُو عَمْرٍو الأَزْدِيُّ، الفَرَاهِيدِيُّ مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ، القَصَّابُ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ يَسِيْراً.
وَعَنْ: قُرَّةَ بنِ خَالِدٍ، وَمَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُسْلِمٍ العَبْدِيِّ، وَأَبِي (3) الغُصْنِ دُجَيْنٍ اليَرْبُوْعِيِّ، وَأَبِي خَلْدَةَ خَالِدِ بنِ دِيْنَارٍ، وَشُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ، وَهَمَّامٍ، وَأَبَانٍ، وَسَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُثَنَّى، وَالأَسْوَدِ بنِ شَيْبَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ فَضَاءٍ، وَالمُسْتَمِرِّ بنِ الرَّيَّانِ، وَوُهَيْبٍ، وَالقَاسِمِ بنِ الفَضْلِ الحُدَّانِيِّ، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 19، 20، و" الكامل " لابن الأثير 7 / 30، و" عيون التواريخ " 8 / لوحة 167.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 20.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 304، طبقات خليفة ت (1944)، تاريخ خليفة: 476، التاريخ الكبير 7 / 254، التاريخ الصغير 2 / 346، الجرح والتعديل 8 / 181، تهذيب الكمال لوحة 1322، تذهيب التهذيب 4 / 35 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 394، العبر 1 / 385، الكاشف 3 / 139، تهذيب التهذيب 10 / 121، خلاصة تذهيب الكمال: 374، شذرات الذهب 2 / 50.
(3) في الأصل: " ابن " وهو خطأ، انظر " الجرح والتعديل " 3 / 443.

(10/314)


وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لأَبِي دَاوُدَ - وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَزَيْدُ بنُ أَخْزَمَ، وَحَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَيَحْيَى بنُ مَطَرِّفٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَحَفْصُ بنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ سِنْجَه، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُوَيْدٍ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَنْجَرَ الجُرْجَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
رَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ (1) .
وَقَالَ الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ الأَعْرَجُ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يُقَدِّمُ مُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ عَلَى مُعَاذِ بنِ هِشَامٍ، وَيَقُوْلُ: لاَ أَجْعَلُ رَجُلاً لَمْ يَرْوِ إِلاَّ عَنْ أَبِيْهِ، كَرَجُلٍ رَوَى عَنِ النَّاسِ (2) .
وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
كَتَبْتُ عَنْ ثَمَانِ مائَة ِشَيْخٍ، مَا جُزْتُ الجِسْرَ (3) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَا رَحَلَ مُسْلِمٌ إِلَى أَحَدٍ، وَكَتَبَ عَنْ قَرِيْبٍ مِنْ أَلفِ شَيْخٍ، وَهَؤُلاَءِ أَصْحَابُ شُيُوْخِ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِدْرِيْسَ (4) .
وَقَالَ أَيْضاً: كَانَ مُسْلِمٌ يَحْفَظُ حَدِيْثَه عَنْ قُرَّةَ، وَيَحْفَظُ حَدِيْثَ هِشَامٍ،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 181.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.

(10/315)


وَحَدِيْثَ أَبَانٍ العَطَّارِ، يَهُذُّهُ هَذّاً، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنِ ابْنِ كَثِيْرٍ، كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ -يَعْنِي: مُحَمَّداً- لاَ يَحْفَظُ، وَكَانَتْ فِيْهِ سَلاَمَةٌ (1) .
قَالَ نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
قَعَدتُ مَرَّةً أُذَاكِرُ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدِ بنِ قَيْسٍ، فَقَالَ: كِدتَ تَلقَى أَبَا هُرَيْرَةَ - يُرِيْدُ عَلَى سَبِيْلِ المُبَالَغَةِ (2) -.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَان مُسْلِمٌ يَسْكُنُ البَصْرَةَ فِي دَارٍ كَبِيْرَةٍ، وَإِنَّمَا مَعَهُ أُخْتُهُ عَجُوْزٌ كَبِيْرَةٌ، وَكَانَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَغِيْظُوهُ، قَالُوا: أُخْتُكَ قَدَرِيَّةٌ.
فَيَقُوْلُ: لاَ -وَاللهِ- إِلاَّ مُثْبِتَةٌ.
وَكَانَ ثِقَةً، عَمِيَ بِأَخَرَةٍ، وَرَوَى عَنْ سَبْعِيْنَ امْرَأَةً (3) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
مَا أَتَيْتُ حَلاَلاً وَلاَ حَرَاماً قَطُّ، وَكَانَ أَتَى عَلَيْهِ نَيِّفٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً (4) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ لاَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ -يَعْنِي: الجِمَاعَ- وَهُوَ ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ (5) .
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (6) ، وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1323، وهذه الظاهرة ظاهرة الاكثار من الرواية عن النساء وأخذ العلم عنهن استمرت حتى عصر المؤلف، وفي مشيخته تراجم لكثير من النساء اللائي روى عنهن، وأفاد منهن، وهذا من أبين الأدلة على تشجيع الإسلام للمرأة أن تتعلم، وتستمر في العلم حتى تبلغ درجة الاستاذة، فيؤخذ عنها، ويستفاد منها.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(5) " الجرح والتعديل " 8 / 181.
(6) " طبقات ابن سعد " 7 / 304.

(10/316)


أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا سَحَّامَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا أَنَسُ بنُ مَالِكٍ وَاسِطَ، فَحَدَّثَنَا:
أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ مِن أَمْرِهِ حَاجَةً وَفَقْراً، فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَنَهَضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَدخُلَ فِيْهَا، فَتَعَلَّقَ بِهِ الرَّجُلُ، فَقَامَ مَعَهُ حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، عَالٍ جِدّاً، وَسَحَّامَةُ مَذْكُوْرٌ فِي كِتَابِ (الثِّقَات) لابْنِ حِبَّانَ (1) .
وَقَدْ أَخرَجَ لَهُ البُخَارِيُّ هَذَا الحَدِيْثَ فِي كِتَابِ (الأَدَبِ (2))، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ، عَنْهُ.
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنِ الحَسَنِ، سَمِعْتُ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- جُمَعاً مُتَوَالِيَاتٍ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الكِلاَبِ، وَذَبْحِ الحَمَامِ.
فِي الإِسْنَادَيْنِ ضَعفٌ مِنْ جِهَةِ زَاهِرٍ وَعُمَرَ؛ لإِخْلاَلِهِمَا بِالصَّلاَةِ، فَلَو كَانَ فِيَّ وَرَعٌ، لَمَا رَوَيتُ لِمَنْ هَذَا نَعْتُهُ (3) .
__________
(1) وروى عنه أبو عامر العقدي، ووكيع، ومحمد بن ربيعة، ومسلم بن إبراهيم، وسلم بن قتيبة.
(2) برقم (278).
(3) رحم الله المؤلف، فقد وصف نفسه بعدم الورع لأنه روى عمن هذا وصفه، مع أنه
بين حاله، وكشف عن أمره، فكيف يكون حال من يروي عن الكذابين والضعفاء، ويسكت عنهم، ولا يبين حالهم ؟ !

(10/317)


بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بنُ عُمَرَ، سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
طَلَبتُ الحَدِيْثَ، فَلَمْ أَرَ أَهْلَ الحَدِيْثِ عَلَى مِثْلِ مَا هُم عَلَيْهِ اليَوْمَ، وَلَوْلاَ أَنِّي أَقُوْلُ: إِنَّهَا سُنَّةٌ أُحْيِيْهَا، وَبِدْعَةٌ أُمِيْتُهَا - لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنِّي بَعْضَ مَا أَنَا فِيْهِ - مَا حَدَّثْتُ.

76 - البَابْلُتِّيُّ يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الضَّحَّاكِ الأُمَوِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، أَبُو سَعِيْدٍ يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الضَّحَّاكِ بنِ بَابْلُتَ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمْ، البَابْلُتِّيُّ (1) ، الحَرَّانِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: زَوجِ أُمِّهِ؛ أَبِي عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَصَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو السَّكْسَكِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَسُلَيْمَانُ بنُ سَيْفٍ، وَأَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ النَّصِيْبِيُّ، وَحَفْصُ بنُ عُمَرَ سِنْجَه، وَطَائِفَةٌ، آخِرُهُم مَوْتاً: ابْنُ زَوْجَتِهِ؛ أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الحَرَّانِيُّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَمَّا السَّمَاعُ فَلاَ يُدْفَعُ (2) .
وَضَعَّفَهُ: أَبُو زُرْعَةَ (3) ، وَغَيْرُهُ.
__________
(*) التاريخ الكبير 8 / 288، الجرح والتعديل 9 / 164، الكامل في الضعفاء 4 / لوحة 845، الأنساب 2 / 14، تهذيب الكمال لوحة 1505، الكاشف 3 / 261، تذهيب التهذيب 4 / 158 / 2، ميزان الاعتدال 4 / 390، 391، المغني في الضعفاء 2 / 739، العبر 1 / 376، تهذيب التهذيب 11 / 240، خلاصة تذهيب الكمال 425، شذرات الذهب 2 / 45.
(1) نسبة إلى " بابلت " موضع بالجزيرة.
" الأنساب " 2 / 14.
(2) " التاريخ الكبير " 8 / 288.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 164.

(10/318)


وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، تَفَرَّدَ بِبَعْضِهَا، وَأَثَرُ الضَّعْفِ عَلَى حَدِيْثِهِ بَيِّنٌ (1) .
قُلْتُ: مَرَّ بِهِ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَأَكْرَمَ نُزُلَهُ، وَأَتْحَفَهُ، فَاسْتَحَى مِنْهُ، وَمَا بَالَغَ فِي تَلْيِيْنِهِ، وَهُوَ مِمَّنْ تَجُوْزُ رِوَايَةُ حَدِيْثِهِ، وَوَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَقِيْلَ لِي: إِنَّهُ وَجَّهَ إِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ صُرَّةَ دَنَانِيْرَ، وَأَطْعَمَهُ، فَقَبِلَ الطَّعَامَ، وَرَدَّ الصُرَّةَ، وَقَالَ:
وَاللهِ إِنَّ صِلَتَهُ حَسَنَةٌ، وَطَعَامَهُ طَيِّبٌ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ -وَاللهِ- مِنَ الأَوْزَاعِيِّ شَيْئاً (2) .
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةُ السَّنَدِ.

77 - أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بنُ نَافِعٍ البَهْرَانِيُّ الحِمْصِيُّ * (ع)
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو اليَمَانِ البَهْرَانِيُّ، الحِمْصِيُّ، مَوْلَى امْرَأَةٍ بَهْرَانِيَّةٍ تُدْعَى أُمَّ سَلَمَةٍ، كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بنِ رُوْبَةَ التَّغْلِبِيِّ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، وَطَلَبَ العِلْمَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
__________
(1) " الكامل " في الضعفاء 4 / لوحة 846.
(2) " الكامل " في الضعفاء 4 / لوحة 845، 846، و" تهذيب الكمال " لوحة 1506.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 472، تاريخ ابن معين: 127، التاريخ الصغير 2 / 346، التاريخ الكبير 2 / 344، الجرح والتعديل 3 / 129، المعجم المشتمل: 110، تهذيب الكمال لوحة 319، تذهيب التهذيب 1 / 168 / 2، الكاشف 1 / 247، تذكرة الحفاظ 1 / 412، العبر 1 / 384، 385، مقدمة فتح الباري ص 396، تهذيب التهذيب 2 / 440، طبقات الحفاظ: 168، خلاصة تذهيب الكمال: 90، تهذيب ابن عساكر 4 / 413.

(10/319)


فَرَوَى عَنْ: صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَشُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ، وَأَرْطَاةَ بنِ المُنْذِرِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَيَزِيْدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ ذِي عُصْوَانَ، وَأَبِي مَهْدِيٍّ سَعِيْدِ بنِ سِنَانٍ، وَطَائِفَةٍ، وَمَا عَلِمْتُ لَهُ رِحْلَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَعَمْرُو بنُ مَنْصُوْرٍ النَّسَائِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ فَضَالَةَ، وَعِمْرَانُ بنُ بَكَّارٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَمُوْسَى بنُ عِيْسَى بنِ المُنْذِرِ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَكَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَمَّا حَدِيْثُ أَبِي اليَمَانِ عَنْ حَرِيْزٍ وَصَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو فَصَحِيْحٌ (1) .
ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، وَاسْتَحَلَّ ذَلِكَ بِشَيْءٍ عَجِيْبٍ، كانَ أَمرُ شُعَيْبٍ فِي الحَدِيْثِ عَسِراً جِدّاً، وَكَانَ عَلِيُّ بنُ عَبَّاسٍ سَمِعَ مِنْهُ، وَذَكَرَ قِصَّةً لأَهْلِ حِمْصَ أُرَاهَا أَنَّهُم سَأَلُوْهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُم فِي أَنْ يَرْوُوا عَنْهُ، فَقَالَ لَهُم: لاَ تَرْوُوا هَذِهِ الأَحَادِيْثَ عَنِّي -يَعْنِي: شُعَيْباً-.
قَالُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: ثُمَّ كَلَّمُوهُ، وَحَضَرَ ذَلِكَ أَبُو اليَمَانِ، فَقَالَ لَهُم: ارْوُوا تِلْكَ الأَحَادِيْثَ عَنِّي.
قَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مُنَاوَلَةً (2) ؟
قَالَ: لَوْ كَانَ مُنَاوَلَةً، كَانَ لَمْ يُعْطِهُم كُتُباً وَلاَ شَيْئاً، إِنَّمَا سَمِعَ هَذَا فَقَطْ، فَكَانَ وَلَدُ شُعَيْبٍ يَقُوْلُ:
إِنَّ أَبَا اليَمَانِ جَاءنِي، فَأَخَذَ كُتُبَ شُعَيْبٍ مِنِّي بَعْدُ، وَهُوَ يَقُوْلُ:
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 129، و" تهذيب الكمال " لوحة 319.
(2) في الأصل: " منالة " وهو خطأ.

(10/320)


أَخْبَرَنَا.
فَكَأَنَّهُ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ، بِأَنْ سَمِعَ شُعَيْباً يَقُوْلُ لِقَوْمٍ: ارْوُوْهُ عَنِّي (1) .
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ: سَمِعْتُ أَبَا اليَمَانِ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَيْفَ سَمِعْتَ الكُتُبَ مِنْ شُعَيْبٍ؟
قُلْتُ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ بَعْضَهُ، وَبَعْضُهُ قَرَأَهُ عَلَيَّ، وَبَعْضُهُ أَجَازَ لِي، وَبَعْضُهُ مُنَاوَلَةً.
قَالَ: فَقَالَ فِي كُلِّهِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ (2) .
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: سَأَلْتُ أَبَا اليَمَانِ عَنْ حَدِيْثِ شُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ مُنَاوَلَةً، المُنَاوَلَةُ لَمْ أُخْرِجْهَا إِلَى أَحَدٍ (3).
وَرَوَى: أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، قَالَ:
كَانَ شُعَيْبٌ عَسِراً فِي الحَدِيْثِ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ حِيْنَ حَضَرَتهُ الوَفَاةُ، فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبِي، وَقَدْ صَحَّحْتُهَا، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا، فَلْيَأْخُذْهَا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِضَ، فَلْيَعْرِضْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَهَا مِنِ ابْنِي، فَلْيَسْمَعْهَا، فَإِنَّهُ قَدْ سَمِعَهَا مِنِّي (4) .
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ، قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 319، وقال الحافظ في " مقدمة الفتح ": 396: الحكم ابن نافع أبو اليمان الحمصي مجمع على ثقته، اعتمده البخاري، وروى عنه الكثير، وروى له الباقون بواسطة، تكلم بعضهم في سماعه من شعيب، فقيل: إنه مناولة، وقيل: إذن مجرد، وقد قال الفضل بن غسان: سمعت يحيى بن معين يقول: سألت أبا اليمان عن حديث شعيب،
فقال: ليس هو مناولة، المناولة لم أخرجها لأحمد، وبالغ أبو زرعة الرازي، فقال: لم يسمع أبو اليمان من شعيب إلا حديثا واحدا.
قلت (القائل ابن حجر): إن صح ذلك، فهو حجة في صحة الرواية بالاجازة، إلا أنه كان يقول في جميع ذلك: " أخبرنا " ولا مشاححة في ذلك إن كان اصطلاحا له.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 319.
(3) أورد المؤلف الخبر في " ميزان الاعتدال " 1 / 581.
(4) " تاريخ دمشق " لأبي زرعة 1 / 434 و2 / 716.

(10/321)


اليَمَانِ مِنْ شُعَيْبٍ إِلاَّ حَدِيْثاً وَاحِداً، وَالبَاقِي إِجَازَةً (1) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ يَقُوْلُ:
لَمْ يَسْمَعْ أَبُو اليَمَانِ مِنْ شُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ إِلاَّ كَلِمَةً (2) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيْبَةَ، فَقَالَ:
لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، هَذَا مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، فَسَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ عَنْهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَنكَرَهُ (3) .
قُلْتُ: قُرِئَ هَذَا عَلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الدَّرَجِيِّ، وَأَجَازَهُ لِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيْبَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (أُرِيْتُ مَا تَلْقَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، وَسَفْكِ بَعْضِهِم دِمَاءَ بَعْضٍ، وَكَانَ ذَلِكَ سَابِقاً مِنَ اللهِ، فَسَأَلْتُه (4) أَنْ يُوَلِّيَنِي شَفَاعَةً فِيْهِم، فَفَعَلَ).
رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، فَقَالَ:
عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ أَنَسٍ (5) ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ:
فَقُلْتُ: هَا هُنَا
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 319.
(2) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 582.
(3) " تاريخ دمشق " لأبي زرعة 1 / 456.
(4) في الأصل: " فسألني " وهو خطأ.
(5) هو في " المسند " 6 / 428.
وابن أبي حسين: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين بن الحارث بن عامر بن نوفل المكي النوفلي ثقة روى حديثه أصحاب الكتب الستة، وأورده ابن كثير في " النهاية " 2 / 327 من طريق البيهقي قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الاودي، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، حدثنا شعيب، عن الزهري، عن أنس، عن أم حبيبة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره، ونقل عن البيهقي قوله: هذا إسناد صحيح.

(10/322)


قَوْمٌ يُحَدِّثُوْنَ بِهِ: عَنْ أَبِي اليَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: لَيْسَ ذَا مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ (1) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
كِتَابُ شُعَيْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ مُلصَقٌ بِكِتَابِ الزُّهْرِيِّ، فَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا اليَمَانِ حَدَّثَهُم بِهِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ اخْتَلَطَ بِكِتَابِ الزُّهْرِيِّ، فَرَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ يَعذِرُ أَبَا اليَمَانِ، وَلاَ يَحْمِلُ عَلَيْهِ فِيْهِ (2) .
وَقَالَ مَكْحُوْلٌ البَيْرُوْتِيُّ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ الحَرَّانِيِّ:
سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ حَدِيْثِ أَبِي اليَمَانِ -يَعْنِي: المَذْكُوْرَ- فَقَالَ:
أَنَا سَأَلْتُ أَبَا اليَمَانِ، فَقَالَ: الحَدِيْثُ حَدِيْثُ الزُّهْرِيِّ، فَمَنْ كَتَبَهُ عَنِّي، فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ كَتَبَهُ عَنِّي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، فَهُوَ خَطَأٌ، إِنَّمَا كُتِبَ فِي آخِرِ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، فَغَلِطْتُ، فَحَدَّثْتُ بِهِ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَهُوَ صَحِيْحٌ مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ (3) .
وَرَوَى: ابْنُ صَاعِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَانِئ النَّيْسَابُوْرِيِّ، قَالَ لَنَا أَبُو اليَمَانِ:
الحَدِيْثُ حَدِيْثُ الزُّهْرِيِّ، وَالَّذِي حَدَّثْتُكُم عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ غَلِطْتُ فِيْهِ بِوَرَقَةٍ قَلَبْتُهَا (4) .
قُلْتُ: تَعَيَّنَ أَنَّ الحَدِيْثَ وَهِمَ فِيْهِ أَبُو اليَمَانِ، وَصَمَّمَ عَلَى الوَهْمِ؛ لأَنَّ الكِبَارَ حَكَمُوا بِأَنَّ الحَدِيْثَ مَا هُوَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
__________
(1) " تاريخ دمشق " لأبي زرعة 1 / 456، و" تهذيب الكمال " لوحة 319.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 319.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 319.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 319.

(10/323)


عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ فِي حَدِيْثِ أَبِي اليَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ).
فَقَالَ يَحْيَى: إِنَّمَا هُوَ عَنْ سُحَيْمٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (1) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو اليَمَانِ يُسَمَّى كَاتِبَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، كَمَا يُسَمَّى أَبُو صَالِحٍ كَاتِبَ اللَّيْثِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، نَبِيْلٌ، صَدُوْقٌ (2) .
وَقَالَ العِجْلِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ (3) .
وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ: كَانَ ثِقَةً، وَكَانَ بِسَلَمِيَّةَ (4) ، وَكَانَ إِذَا جَاءهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ، قَالَ لَهُم: الْقُطُوا لِيَ الزَّعْفَرَانَ، وَثَمَّتَ يَنبُتُ الزَّعْفَرَانُ.
فَكَانُوا يَلقُطُونَ، ثُمَّ يُحَدِّثِهُم (5) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الطَّرَسُوْسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا اليَمَانِ يَقُوْلُ:
صِرتُ إِلَى مَالِكٍ، فَرَأَيْتُ ثَمَّ مِنَ الحُجَّابِ وَالفَرْشِ شَيْئاً عَجِيْباً، فَقُلْتُ: لَيْسَ ذَا مِنْ أَخْلاَقِ العُلَمَاءِ، فَمَضَيتُ، وَتَرَكتُهُ، ثُمَّ نَدِمتُ بَعْدُ (6) .
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة، 320، ولم أجده من حديث أبي هريرة، وهو من حديث عائشة في البخاري 4 / 284، 285، ومسلم (2884)، وأحمد 6 / 105، و" حلية الأولياء " 5 / 11، ومن حديث أم سلمة عند مسلم (2882)، وأحمد 6 / 259، و289 و290 و316، 317، وأبي داود (4286)، والترمذي (2171)، ومن حديث حفصة عند مسلم (2883)، وأحمد 6 / 287، ومن حديث صفية عند أحمد 6 / 336 و337، والترمذي (2184).
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 129.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 320.
(4) ويقال أيضا بسكون الميم وتخفيف الياء، وهي بليدة في ناحية البرية من أعمال حماه.
انظر " معجم البلدان " 3 / 240.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 320.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 320، و" تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 413.

(10/324)


وَبَلَغَنَا: أَنَّ أَبَا اليَمَانِ كَتَبَ كُتُبَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَلَمْ يَدَعْ مِنْهَا شَيْئاً فِي القَرَاطِيْسِ.
وَفِي (الصَّحِيْحَيْنِ) نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً عِنْدَ البُخَارِيِّ عَنْ أَبِي اليَمَانِ، قَدْ أَخْرَجَهَا: مُسْلِمٌ، عَنِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، وَجَمِيْعُهَا يَقُوْلُ فِيْهَا: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، مَا قَالَ قَطُّ: حَدَّثَنَا، فَهَذَا يُوضِحُ لَكَ أَنَّهَا بِالإِجَازَةِ، وَهِيَ مَنْقُوْلَةٌ جَزماً مِنْ خَطَّ شُعَيْبٍ، وَكَانَ مِنْ أَثْبَتِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ.
وَالمَقْصُوْدُ مِنَ الرِّوَايَةِ إِنَّمَا هُوَ العِلْمُ الحَاصِلُ بِأَنَّ هَذَا الخَبَرَ حَدَّثَ بِهِ فُلاَنٌ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ مِنْ صِفَاتِ الأَدَاءِ.
وَقَدْ كَانَ أَبُو اليَمَانِ عَالِمَ وَقْتِه بِحِمْصَ، اسْتَقْدَمَهُ المَأْمُوْنُ لِيُوَلِّيَهُ قَضَاءَ حِمْصَ.
وَرَوَينَا بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، أَنَّهُ قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ (1) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى، وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَالفَسَوِيُّ: مَاتَ أَبُو اليَمَانِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَالبُخَارِيُّ، وَمُطَيَّنٌ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
زَادَ ابْنُ سَعْدٍ: فِي ذِي الحِجَّةِ، بِحِمْصَ (3) .
__________
(1) " تاريخ دمشق " لأبي زرعة الدمشقي 1 / 84 و2 / 708.
(2) " تاريخ دمشق " لأبي زرعة 2 / 708، و" تاريخ الفسوي " 1 / 205، و" تهذيب الكمال " لوحة 320.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 472، والتاريخ الكبير " 2 / 344، و" تهذيب الكمال " لوحة 320.

(10/325)


78 - حُجَيْنُ بنُ المُثَنَّى اليَمَانِيُّ * (خَ، م، د، ت، س)
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو عُمَرَ اليَمَانِيُّ، اللُّؤْلُؤِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، وَحَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، وَالرَّمَادِيُّ، وَعَبَّاسُ الدُّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ زَاجُ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ سَعْدٍ (1) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ قَاضِياً عَلَى خُرَاسَانَ، وَأَصْلُهُ مِنَ اليَمَامَةِ (2) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَدِمَ بَغْدَادَ وَنَزَلَهَا، وَكَانَ صَاحِبَ جَوْهَرٍ وَلُؤْلُؤٍ، لَزِمَ السُّوْقَ، وَكَانَ ثِقَةً (3) .
قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى نَحْوِ سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ.

79 - قَالُوْنُ أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ مِيْنَا **
مُقْرِئُ المَدِيْنَةِ، وَتِلْمِيْذُ نَافِعٍ.
هُوَ: الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، النَّحْوِيُّ، أَبُو
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 338، التاريخ الكبير 3 / 134، تاريخ بغداد 8 / 382، 383، تهذيب الكمال لوحة 240، تذهيب التهذيب 1 / 124 / 2، الكاشف 1 / 209، تهذيب التهذيب 2 / 216، خلاصة تذهيب الكمال: 97.
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 338، وفيه: " حجير " بدل " حجين " وهو خطأ.
(2) " التاريخ الكبير " 3 / 134.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 328.
(* *) الجرح والتعديل 6 / 290، إرشاد الاريب 6 / 103، العبر 1 / 380، معرفة القراء الكبار 1 / 128، طبقات القراء لابن الجزري 1 / 615، النجوم الزاهرة 2 / 235، شذرات الذهب 2 / 48.

(10/326)


مُوْسَى عِيْسَى بنُ مِيْنَا، مَوْلَى بَنِي زُرَيْقٍ.
يُقَال: كَانَ رَبِيْبَ نَافِعٍ، فَلَقَّبَهُ بِقَالُوْنَ؛ لِجَوْدَةِ قِرَاءَتِهِ (1) .
رَوَى عَنْ: شَيْخِهِ.
وَعَنْ: مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَابْنِ أَبِي الزِّنَادِ.
وَعَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ، وَابْنُ دَيْزِيْلَ، وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَأَبُو نَشِيْطٍ، وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ، وَخَلْقٌ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ: ابْنُهُ؛ أَحْمَدُ، وَالحُلْوَانِيُّ، وَأَبُو نَشِيْطٍ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الهِسِنْجَانِيُّ (2) : كَانَ شَدِيْدَ الصَّمَمِ، فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى شَفَتَيِ القَارِئِ وَيَرُدُّ (3) .
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.

80 - سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ الجُمَحِيُّ * (ع)
هُوَ: الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ، مُحَدِّثُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ سَعِيْدُ بنُ الحَكَمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَالِمٍ الجُمَحِيُّ مَوْلاَهُمْ، المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: نَافِعِ بنِ عُمَرَ الجُمَحِيِّ، وَأَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) " غاية النهاية " 1 / 615.
(2) نسبة إلى قرية من قرى الري يقال لها: هسنكان، فعرب، فقيل: هسنجان.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 290، و" غاية النهاية " لابن الجزري 1 / 615.
* التاريخ الكبير 3 / 512، التاريخ الصغير 2 / 350، الجرح والتعديل 4 / 13، 14، المعجم المشتمل: 126، تهذيب الكمال لوحة 486، تذهيب التهذيب 2 / 16 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 392، العبر 1 / 390، الكاشف 1 / 358، تهذيب التهذيب 4 / 82، حسن المحاضرة 1 / 346، طبقات الحفاظ: 167، خلاصة تذهيب الكمال: 137، شذرات الذهب 2 / 53، 54.

(10/327)


مُطَرِّفٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَنَافِعِ بنِ يَزِيْدَ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَخَلاَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ الحَضْرَمِيِّ، وَالعَطَّافِ بنِ خَالِدٍ، وَخَلْقٍ مِنْ طَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: البُخَارَيُّ، وَالذُّهْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَحَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ، وَعُبَيْدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَزَّارُ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ، وَالفَسَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَرْقِيِّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ - وَأَثْنَى عَلَيْهِ - وَخَلْقٌ سِوَاهُم، مِنْهُم: ابْنُ أَخِيْهِ؛ أَحْمَدُ بنُ سَعْدٍ الحَافِظُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عِنْدِي حُجَّةٌ (1) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ (2) .
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
قَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، كَانَ لَهُ دِهْلِيْزٌ طَوِيْلٌ، وَكَانَ يَأْتِيْهِ الرَّجُلُ، فَيَقِفُ، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَيَرَدُّ عَلَيْهِ: لاَ سَلَّمَ اللهُ عَلَيْكَ، وَلاَ حَفِظَكَ، وَفَعَلَ بِكَ.
فَأَقُوْلُ: مَا هَذَا؟
فَيَقُوْلُ: قَدَرِيٌّ.
وَيَأْتِي آخَرُ، فَيَقُوْلُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَقُوْلُ: مَا هَذَا؟
فَيَقُوْلُ: جَهْمِيٌّ، خَبِيْثٌ.
وَيَأْتِي آخَرُ، فَيَقُوْلُ: رَافِضِيٌّ، وَلاَ نَظُنُّ إِلاَّ رَدَّ عَلَيْهِ سَلاَمَهُ.
وَكَانَ عَاقِلاً، لَمْ أَرَ بِمِصْرَ أَعْقَلَ مِنْهُ، وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ (3) .
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 487.
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 14.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 487 وليس ذا من أدب الإسلام، فإن الله تعالى يقول: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها).

(10/328)


قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بِمَدِيْنَةِ سَابُوْرَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَسَأَلَهُ كِتَاباً يَنْظُرُ فِيْهِ، أَوْ سَأَلَهُ أَنْ يُحَدِّثَهُ بِأَحَادِيْثَ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ.
وَسَأَلَهُ آخَرُ فِي ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ، فَقَالَ لَهُ الأَوَّلُ: سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُجِبْنِي، وَسأَلَكَ هَذَا فَأَجَبْتَهُ، وَلَيْسَ هَذَا حَقَّ العِلْمِ - أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنَ الكَلاَمِ -.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ الشَّيْبَانِيُّ مِنَ السَّيْبَانِيِّ، وَأَبَا حَمْزَةَ مِنْ أَبِي جَمْرَةَ، وَكِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثْنَاكَ وَخَصَصْنَاكَ كَمَا خَصَصْنَا هَذَا (1) .
قُلْتُ: يَقَعُ فِي حَدِيْثِ سَعِيْدٍ غَرَائِبُ لِسَعَةِ عِلْمِهِ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: سَعِيْدُ بنُ الحَكَمِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ الفَقِيْهُ مَوْلَى أَبِي فَاطِمَةَ، وَيُقَالُ: أَبُو فُطَيْمَةَ، مَوْلَى أَبِي الضُّبَيْعِ، مَوْلَى بَنِي جُمَحَ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَمَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
خَرَّجَ لَهُ: أَصْحَابُ الكُتُبِ السِّتَّةِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، وَابْنُ لَهِيْعَةَ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَامِر بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِب:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِذَا سَجَدَ
__________
(1) " المحدث الفاصل " ص 274، و" تهذيب الكمال " لوحة 487.
والشيباني: هو أبو عمرو سعد بن إياس، والسيباني: هو أبو عمرو زرعة، وأبو حمزة: هو عمران بن أبي عطاء القصاب، وأبو جمرة: هو نصر بن عمران الضبعي، والاربعة من رجال " التهذيب ".
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 487.

(10/329)


العَبْدُ، سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرَابٍ: الجَبْهَةُ، وَكَفَّاهُ، وَرُكْبَتَاهُ، وَقَدَمَاهُ (1)).
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: اللَّيْثُ، وَبَكْرُ بنُ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ الهَادِ.
وَأَخْرَجَهُ: الجَمَاعَةُ، سِوَى البُخَارِيِّ.

81 - سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبِ بنِ بَجِيْلٍ الوَاشِحِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو أَيُّوْبَ الوَاشِحِيُّ (2) ، الأَزْدِيُّ، البَصْرِيُّ، قَاضِي مَكَّةَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ سَمِعَ بِي مِنْ يَهُوْدِيٍ أَوْ نَصْرَانِيٍ، ثُمَّ لَمْ يُسْلِمْ، دَخَلَ النَّارَ (3)).
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَحَوْشَبِ بنِ عَقِيْلٍ، وَالأَسْوَدِ بنِ شَيْبَانَ، وَيَزِيْدَ
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (491) في الصلاة: باب أعضاء السجود، وأبو داود (891)، والترمذي (272)، والنسائي 2 / 208، والآراب: جمع إرب، وهو العضو.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 300، طبقات خليفة ت (1946)، تاريخ خليفة: 438، التاريخ الكبير 4 / 8، التاريخ الصغير 2 / 351، الجرح والتعديل 4 / 108، المعارف: 526، تاريخ بغداد 9 / 33، المعجم المشتمل: 133، اللباب 3 / 348، وفيات الأعيان 2 / 418 - 420، تهذيب الكمال لوحة 536، الكاشف 1 / 391، 392، العبر 1 / 390، 391، تذكرة الحفاظ 1 / 393، العقد الثمين 4 / 601 - 603، تهذيب التهذيب 4 / 178، طبقات الحفاظ: 166، خلاصة تذهيب الكمال: 151، شذرات الذهب 2 / 54.
(2) نسبة إلى واشح، بطن من الازد.
(3) إسناده صحيح، إبراهيم بن عبد الله هو الحافظ المسند أبو مسلم الكجي، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس.
وأخرجه مسلم (153) في الايمان من حديث أبي هريرة.

(10/330)


بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَبِسْطَامِ بنِ حُرَيْثٍ، وَالسَّرِيِّ بنِ يَحْيَى، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالحُمَيْدِيُّ - وَمَاتَ قَبْلَهُ - وَعَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ، وَيَحْيَى بنُ مُوْسَى خَتُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الخَلاَّلُ، وَحَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَالدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ الضُّرَيْسِ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَمِنْ القُدَمَاءِ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: إِمَامٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، كَانَ لاَيُدَلِّسُ، وَيَتَكَلَّمُ فِي الرِّجَالِ، وَفِي الفِقْهِ، وَلَيْسَ بِدُوْنِ عَفَّانَ، وَلَعَلَّهُ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَقَدْ ظَهَرَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفِ حَدِيْثٍ، وَمَا رَأَيْتُ فِي يَدِهِ كِتَاباً قَطُّ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيِّ فِي حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَفِي كُلِّ شَيْءٍ.
وَلَقَدْ حَضَرْتُ مَجْلِسَ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ بِبَغْدَادَ، فَحَزَرُوا مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ: أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ رَجُلٍ.
وَكَانَ مَجْلِسُهُ عِنْدَ قَصْرِ المَأْمُوْنِ، فَبَنَى لَهُ شِبْهَ مِنْبَرٍ، فَصَعِدَ سُلَيْمَانُ، وَحَضَرَ حَوْلَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ القُوَّادِ، عَلَيْهِم السَّوَادُ، وَالمَأْمُوْنُ فَوْقَ قَصْرِهِ، وَقَدْ فُتِحَ بَابُ القَصْرِ، وَقَدْ أُرْسِلَ سِتْرٌ شِفٌّ وَهُوَ خَلْفَهُ، وَكَتَبَ مَا يُمْلِي.
فَسُئِلَ سُلَيْمَانُ أَوَّلَ شَيْءٍ حَدِيْثَ حَوْشَبِ بنِ عَقِيْلٍ، فَلَعَلَّهُ قَدْ قَالَ: حَدَّثَنَا حَوْشَبُ بنُ عَقِيْلٍ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ مَرَّاتٍ، وَهُم يَقُوْلُوْنَ: لاَ نَسْمَعُ، فَقَامَ مُسْتَمْلٍ وَمُسْتَمْلِيَانِ وَثَلاَثَةٌ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُوْلُوْنَ: لاَ نَسْمَعُ، حَتَّى قَالُوا: لَيْسَ الرَّأْيُ إِلاَّ أَنْ يَحْضُرَ هَارُوْنُ المُسْتَمْلِي.
فَلَمَّا حَضَرَ، قَالَ: مَنْ ذَكَرْتَ؟
فَإِذَا صَوْتُهُ خِلاَفُ الرَّعْدِ، فَسَكَتُوا، وَقَعَدَ المُسْتَمْلُوْنَ كُلُّهُم، فَاسْتَملَى هَارُوْنُ، وَكَانَ

(10/331)


لاَ يُسْأَلُ عَنْ حَدِيْثٍ إِلاَّ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ.
وَسُئِلَ عَنْ حَدِيْثِ فَتْحِ مَكَّةَ، فَحَدَّثَنَا بِهِ مِنْ حِفْظِهِ، فَقُمْنَا، فَأَتَيْنَا عَفَّانَ، فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُم أَبُو أَيُّوْبَ؟ فَإِذَا هُوَ يُعَظِّمُهُ (1) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ أَيْضاً: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ قَلَّ مَنْ يَرْضَى مِنَ المَشَايِخ، فَإِذَا رَأَيْتَهُ قَدْ رَوَى عَنْ شَيْخٍ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ ثِقَةٌ (2) .
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ يَقُوْلُ:
طَلَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَاخْتَلَفْتُ إِلَى شُعْبَةَ، فَلَمَّا مَاتَ، جَالَسْتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ، وَأَعْقِلُ مَوْتَ ابْنِ عَوْنٍ، وَكُنْتُ لاَ أَكْتُبُ عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ حَدِيْثَ ابْنِ عَوْنٍ، كُنْت أَقُوْلُ: رَجُلٌ قَدْ أَدْرَكْتُ مَوْتَهُ، ثُمَّ إِنِّيْ كَتَبْتُهُ بَعْدُ (3) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الصُّوْلِيُّ: حَدَّثَنَا المُقَدَّمِيُّ القَاضِي، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ، قَالَ:
قَالَ لِي المَأْمُوْنُ: مَنْ تَرَكْتَ بِالبَصْرَةِ؟
فَوَصَفْتُ لَهُ مَشَايِخَ، مِنْهُم سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَقُلْتُ: هُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ لِلْحَدِيْثِ، عَاقِلٌ، فِي نِهَايَةِ السِّتْرِ وَالصِّيَانَةِ.
فَأَمَرَنِي بِحَمْلِهِ إِلَيْهِ، فكَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَقَدِمَ، فَاتَّفَقَ أَنِّي أَدْخَلْتُهُ إِلَيْهِ، وَفِي المَجْلِسِ ابْنُ أَبِي دُوَادَ، وثُمَامَةُ، وَأَشْبَاهٌ لَهُمَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَدْخُلَ مِثْلُهُ بِحَضْرَتِهِم.
فَلَمَّا دَخَلَ، سَلَّمَ، فَأَجَابَهُ المَأْمُوْنُ، وَرَفَعَ مَجْلِسَهُ، وَدَعَا لَهُ سُلَيْمَانُ بِالعِزِّ وَالتَّوْفِيْقِ.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، نَسْأَلُ الشَّيْخَ عَنْ مَسْأَلَةٍ؟
فَنَظَرَ المَأْمُوْنُ إِلَيْهِ نَظَرَ تَخْيِيْرٍ لَهُ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ
__________
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 108، 109، والزيادة منه.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 536.
(3) " تاريخ الفسوي " 1 / 137، و" تاريخ بغداد " 9 / 34.

(10/332)


رَجُلٌ لابْنِ شُبْرُمَةَ: أَسْأَلُكَ؟
قَالَ: إِنْ كَانَتْ مَسْأَلَتُكَ لاَ تُضْحِكُ الجَلِيْسَ، وَلاَ تُزْرِي بِالمَسْؤُوْلِ، فَسَلْ.
وَحَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: قَالَ إِيَاسُ بنُ مُعَاوِيَةَ:
مِنَ المَسَائِلِ مَا لاَ يَنْبَغِي لِلسَّائِلِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا، وَلاَ لِلْمُجِيْبِ أَنْ يُجِيْبَ فِيْهَا.
فَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَتُهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا، فَلْيَسْأَلْ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ هَذَا، فَلْيُمْسِكْ.
قَالَ: فَهَابُوْهُ، فَمَا نَطَقَ أَحَدٌ مِنْهُم حَتَّى قَامَ، وَوَلاَّهُ قَضَاءَ مَكَّةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهَا (1) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا المِسْعَرِيُّ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلى سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، فَقَالَ: إِنَّ مَوْلاَكَ فُلاَناً مَاتَ، وَخَلَّفَ قِيْمَةَ عِشْرِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ: فُلاَنٌ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنِّي، المَالُ لِذَاكَ دُوْنِي.
قَالَ: وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُحْتَاجٌ إِلَى دِرْهَمٍ (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ: وَلِيَ سُلَيْمَانُ قَضَاءَ مَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، ثُمَّ عُزِلَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (3) .
أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، وَطَائِفَةٌ، سَمِعُوا أَبَا اليُمْنِ الكِنْدِيَّ، أَخْبَرَنَا القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا البُرْقَانِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ ذُكِرَ لَهُ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، فَجَعَلَ يُكَثِّرُهُ، فَقَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
مَا أَخَافُ عَلَى أَيُّوْبَ وَابْنِ عَوْنٍ إِلاَّ الحَدِيْثَ (4) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 35، 36، و" تهذيب الكمال " لوحة 536، و" وفيات الأعيان " 2 / 419.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 35، و" تهذيب الكمال " لوحة 536.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 36.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 36، و" التاريخ الكبير " 4 / 9، و" تهذيب الكمال " لوحة 536.

(10/333)


أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ:
كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ يُحَدِّثُ بِحَدِيْثٍ، ثُمَّ يُحَدِّثُ بِهِ كَأَنَّهُ لَيْسَ ذَاكَ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ يُحَدِّثُ عَلَى المَعْنَى، فَتَتَغَيَّرُ أَلْفَاظُ الحَدِيْثِ فِي رِوَايَتِهِ (2) .
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: كَتَبْنَا عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ حَيٌّ (3) .
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، صَاحِبَ حِفْظٍ (4) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ (5) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: وُلِدْتُ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ (6) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ: رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ، وَصُرِفَ مِنْ قَضَائِهَا، وَمَاتَ بِالبَصْرَةِ، فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (7) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 36، و" تهذيب الكمال " لوحة 536.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 36.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 36، و" تهذيب الكمال " لوحة 537.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 36، و" تهذيب الكمال " لوحة 537.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 537.
(6) " التاريخ الكبير " 4 / 9.
(7) " الطبقات الكبرى " لابن سعد 7 / 300.

(10/334)


82 - آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ أَبُو الحَسَنِ الخُرَاسَانِيُّ * (خَ، ت، س، ق)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الشَّامِ، أَبُو الحَسَنِ الخُرَاسَانِيُّ، المَرُّوْذِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ العَسْقَلاَنِيُّ، مُحَدِّثُ عَسْقَلاَنَ (1) .
وَاسمُ أَبِيْهِ: نَاهِيَةُ بنُ شُعَيْبٍ، وَقِيْلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ: بِالعِرَاقِ، وَمِصْرَ، وَالحَرَمَيْنِ، وَالشَّامِ.
حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، وَشُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ، وَالمَسْعُوْدِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ، وَوَرْقَاءَ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، وَإِسْرَائِيْلَ بنِ يُوْنُسَ، وَحَفْصِ بنِ مَيْسَرَةَ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ)، وَأَحْمَدُ بنُ الأَزْهَرِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العَكَّاوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَهَاشِمُ بنُ مَرْثَدٍ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَثَابِتُ بنُ نُعَيْمٍ الهُوْجِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ سِيْفَنَّه، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 490، التاريخ الكبير 2 / 39، التاريخ الصغير 2 / 342، الجرح والتعديل 2 / 268، تاريخ بغداد 7 / 27، الأنساب 8 / 449، 450، المعجم المشتمل: 72، صفة الصفوة 4 / 308، 309، تهذيب الكمال لوحة 74، العبر 1 / 379، تذهيب التهذيب 1 / 48 / 2، الكاشف 1 / 101، تذكرة الحفاظ 1 / 409، تهذيب التهذيب 1 / 196، طبقات الحفاظ: 168، 169، خلاصة تذهيب الكمال: 14، شذرات الذهب 2 / 47.
(1) وهي التي في الشام، مدينة من أعمال فلسطين على ساحل البحر بين غزة وبيت جبرين. وهناك موضع آخر يقال له عسقلان في " بلخ " ينسب إليه جماعة من المحدثين أيضا. انظر " الأنساب " 8 / 449، و" معجم البلدان " 4 / 122.

(10/335)


قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، مُتَعَبِّدٌ، مِنْ خَيَارِ عِبَادِ اللهِ (1) .
وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: كَانَ مَكِيْناً عِنْدَ شُعْبَةَ، كَانَ مِنَ السِّتَةِ الَّذِيْنَ يَضْبِطُوْنَ عِنْدَهُ الحَدِيْثَ (2) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: أَتَيْتُ آدَمَ العَسْقَلاَنِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ.
فَقَالَ: لاَ تُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلاَمَ.
قُلْتُ: وَلِمَ؟
قَالَ: لأَنَّهُ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ.
فَأَخْبَرْتُهُ بِعُذْرِهِ، وَأَنَّهُ أَظْهَرَ النَّدَامَةَ، وَأَخْبَرَ النَّاسَ بِالرُّجُوْعِ.
قَالَ: فَأَقْرِئْهُ السَّلاَمَ، وَإِذَا أَتَيْتَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَأَقرِهِ السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: يَا هَذَا، اتَّقِ اللهَ، وَتَقَرَّبْ إِلَى اللهِ -تَعَالَى- بِمَا أَنْتَ فِيْهِ، وَلاَ يَسْتَفِزَّنَّكَ أَحَدٌ، فَإِنَّكَ - إِنْ شَاءَ اللهُ - مُشْرِفٌ عَلَى الجَنَّةِ.
وَقُلْ لَهُ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَرَادَكُم عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ، فَلاَ تُطِيْعُوْهُ).
قَالَ: فَأَبْلَغْتُ ذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ حَيّاً وَمَيِّتاً، فَلَقَدْ أَحْسَنَ النَّصِيْحَةَ (3) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَضَرْتُ آدَمَ بنَ أَبِي إِيَاسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ وَسُئِلَ عَنْ شُعْبَةَ، أَكَانَ يُمْلِي عَلَيْهِم بِبَغْدَادَ، أَوْ كَانَ يَقْرَأُ؟
قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ، وَكَانَ أَرْبَعَةٌ يَكْتُبُوْنَ: آدَمُ، وَعَلِيٌّ النَّسَائِيُّ، فَقَالَ آدَمُ: صَدَقَ أَحْمَدُ، كُنْتُ سَرِيْعَ الخَطِّ، وَكُنْتُ أَكْتُبُ، وَكَانَ النَّاسُ يَأْخُذُوْنَ مِنْ عِنْدِي،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 268.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 28 و29، و" تهذيب الكمال " لوحة 74.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 27، 28، و" تهذيب الكمال " لوحة 74، وسند الحديث حسن، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ: " من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه " أخرجه أحمد 3 / 67، وابن ماجة (2863) وسنده حسن، وصححه ابن حبان (1552)، والحاكم والبوصيري في " الزوائد " ورقة 182 / 2.

(10/336)


وَقَدِمَ شُعْبَةُ بَغْدَادَ، فَحَدَّثَ بِهَا أَرْبَعِيْنَ مَجْلِساً، فِي كُلِّ مَجْلِسٍ مائَةُ حَدِيْثٍ، فَحَضَرْتُ مِنْهَا عِشْرِيْنَ مَجْلِساً.
(1) قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الهَيْثَمِ البَلَدِيُّ: بَلَغَ آدَمُ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ لاَ يَخْضِبُ، كَانَ أَشْغَلَ مِنْ ذَلِكَ -يَعْنِي: مِنَ العِبَادَةِ (2) -.
قَالَ الحُسَيْنُ الكَوْكَبِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ، قَالَ:
لَمَّا حَضَرَتْ آدَمَ الوَفَاةُ، خَتَمَ القُرْآنَ وَهُوَ مُسَجَّىً، ثُمَّ قَالَ:
بِحُبِّي لَكَ إِلاَّ مَا رَفَقْتَ لِهَذَا المَصْرَعِ، كُنْتُ أُؤَمِّلُكَ لِهَذَا اليَوْمِ، كُنْتُ أَرْجُوْكَ.
ثُمَّ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، ثُمَّ قَضَى -رَحِمَهُ اللهُ (3) -.
رَوَاهَا: أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ المَقْدِسِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَاتَ آدَمُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً (4) .
وَفِي السَّنَةِ أَرَّخَهُ: يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ (5) ، وَمُطَيَّنٌ (6) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ (7) .
قُلْتُ: الأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ رَفِيْقُهُ بِشْرُ بنُ بَكْرٍ التِّنِّيْسِيُّ (8) ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِمُدَّةٍ.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 268.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 74.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 29، و" صفة الصفوة " 4 / 308، و" تهذيب الكمال " لوحة 74.
(4) " الطبقات الكبرى " 7 / 490.
(5) " المعرفة والتاريخ " 1 / 204، 205.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 75.
(7) " تاريخ أبي زرعة " 1 / 304.
(8) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع من هذا الكتاب ص 507، وهو متوفى سنة 205 ه.

(10/337)


أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
سُئِلَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - عَنْ قَتْلِ الحَيَّةِ، قَالَ: (خُلِقَتْ هِيَ وَالإِنْسَانُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَدُوٌّ لِصَاحِبِهِ، إِنْ رَآهَا أَفْزَعَتْهُ، وَإِن لَدَغَتْهُ قَتَلَتْهُ، فَاقْتُلْهَا حَيْثُ وَجَدْتَهَا).
جَابِرُ الجُعْفِيُّ: وَاهٍ (1) .
وَفِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ: وَفَاةُ شَيْخِ القُرَّاءِ قَالُوْنَ، وَهُوَ الإِمَامُ النَّحْوِيُّ أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ مِيْنَا المَدَنِيُّ، مَوْلَى زُهْرَةَ، وَشَيْخُهُ نَافِعٌ هُوَ الَّذِي لَقَبَهُ قَالُوْنَ؛ لِجُوْدَةِ أَدَائِهِ.
سُقْتُ مِنْ حَالِهِ فِي (دِيْوَانِ القُرَّاءِ) (2) .

83 - عَلِيُّ بنُ عَيَّاشِ بنِ مُسْلِمٍ الأَلْهَانِيُّ * (خَ (3)، 4)
الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، العَابِدُ، أَبُو الحَسَنِ الأَلْهَانِيُّ (4) ، الحِمْصِيُّ.
__________
(1) في " ميزان الاعتدال " 1 / 380: وقال النسائي وغيره: متروك.
وقال يحيى: لا يكتب حديثه ولا كرامة.
وقال أبو داود: ليس عندي بالقوي في حديثه.
وقال الجوزجاني: كذاب، سألت أحمد عنه، فقال: تركه عبد الرحمن فاستراح.
(2) وأيضا فقد ترجمه في الصفحة 326 من هذا الجزء.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 473، التاريخ الكبير 6 / 290، الجرح والتعديل 6 / 199، المعجم المشتمل: 195، تهذيب الكمال لوحة 988، 989، تذهيب التهذيب 3 / 71 / 2، الكاشف 2 / 292، تذكرة الحفاظ 1 / 384، 385، العبر 1 / 376، تهذيب التهذيب 7 / 368، 369، طبقات الحفاظ: 165، خلاصة تذهيب الكمال: 276، شذرات الذهب 2 / 45.
(3) في الأصل: " م " وهو خطأ، والتصويب من " التهذيب " وفروعه.
(4) نسبة إلى ألهان بن مالك أخي همدان بن مالك.

(10/338)


قَالَ: وُلِدْتُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ (1) .
حَدَّثَ عَنْ: حَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ التَّابِعِيِّ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ، وَشُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ، وَالمُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ - وَمَا أَحْسِبُهُ لَحِقَهُ - وَأَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بنِ مُطَرِّفٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَصَدَقَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّمِيْنِ، وَعُتْبَةَ بنِ ضَمْرَةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرُو بنُ مَنْصُوْرٍ النَّسَائِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَالبُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ)، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الهَيْثَمِ البَلَدِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الحَوْطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَوْطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَيَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ سَمُّوْيَه، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ بنِ عِرْقٍ، وَخَلْقٌ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَجَمَاعَةٌ (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كُنْتُ أُفِيْدُ النَّاسَ عَنْ عَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ وَأَنَا بِدِمَشْقَ، فَيَخْرُجُوْنَ إِلَيْهِ، وَيَسْمَعُوْنَ مِنْهُ، وَأَنَا مُقِيْمٌ بِدِمَشْقَ، حَتَّى وَرَدَ نَعِيُّهُ (3) .
قَالَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ: أَدْخَلْتُ عَلِيَّ بنَ عَيَّاشٍ عَلَى المَأْمُوْنِ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ بَكَى، فَقَالَ: يَا يَحْيَى أَدْخَلْتَ عَلَيَّ مَجْنُوْناً!
فَقُلْتُ: أَدْخَلْتُ عَلَيْكَ خَيْرَ أَهْلِ الشَّامِ وَأَعْلَمَهُم مَا خَلاَ أَبَا المُغِيْرَةِ (4) ؟
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 989.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 989.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 199.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 989.

(10/339)


قُلْتُ: الرَّجُلُ عَمِلَ بِالسُّنَةِ، فَسَلَّمَ، وَتبَسَّمَ، ثُمَّ بَكَى لَمَّا رَأَى مِنَ الكِبْرِ وَالجَبَرُوْتِ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (1) .
أَخْبَرَنَا شَيْخُ الإِسْلاَمِ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ كِتَابَةً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
كَانَ الآخِرَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرْكُ الوُضُوْءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (2) .
وَبِهِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (طَهُوْرُ كُلِّ أَدِيْمٍ دِبَاغُهُ).
هَذَا حَدِيْثٌ نَظِيْفُ الإِسْنَادِ (3) ، غَرِيْبٌ، لَمْ أَجِدْهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَجَمَاعَةٌ إِذْناً، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ، أَخْبَرَنَا مَحْمُوْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ،
__________
(1) " المعرفة والتاريخ " 1 / 203.
(2) وأخرجه أبو داود (192)، والنسائي 1 / 108، وابن الجارود (21)، والبيهقي 1 / 155 كلهم من طريق علي بن عياش بهذا الإسناد، وهذا إسناد صحيح.
(3) رجاله رجال الصحيح، وأخرجه أحمد 6 / 154، 155 من طريق آخر عن عائشة، وفي الباب عن ابن عباس عند مسلم (366)، ومالك 2 / 498، وأبي داود (4123)، والترمذي (1728)، والنسائي 7 / 173، وأحمد 1 / 372، وعن سلمة بن المحبق عند أحمد 3 / 476، و5 / 6، وأبي داود (4125)، والنسائي 7 / 173، 174.

(10/340)


أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَاذشَاهُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ النَّصْرِيِّ، سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بنَ الأَسْقَعِ يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مِنْ أَعْظَمِ الفِرَى أَنْ يُدْعَى الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيْهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ فِي المَنَامِ مَا لَمْ يَرَ، وَيَقُوْلَ عَلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ مَا لَمْ يَقُلْ).
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ (1) ، عَنْ عَلِيٍّ.
قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سَعِيْدٍ القَاضِي: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ البَهْرَانِيُّ، قَالَ:
وَجَّهَ المَأْمُوْنُ إِلَى أَهْلِ حِمْصَ لِيَقْدَمُوا عَلَيْهِ دِمَشْقَ، فَاخْتَارُوا أَرْبَعَةً: يَحْيَى بنَ صَالِحٍ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَعَلِيَّ بنَ عَيَّاشٍ، وَخَالِدَ بنَ خَلِيٍّ، فَأُدْخِلَ خَالِدٌ، فَقِيْلَ: مَا تَقُوْلُ فِي أَبِي اليَمَانِ؟
قَالَ: شَيْخُنَا، وَعَالِمُنَا.
قَالَ: فَمَا تَقُوْلُ فِي عَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ؟
قَالَ: رَجُلٌ مِن الأَبْدَالِ، إِذَا نَزَلَتْ بِنَا نَازِلَةٌ، سَأَلْنَاهُ، فَدَعَا اللهَ، فَيَكُفُّهَا، وَإِذَا اسْتَسْقَى لَنَا، سُقِيْنَا (2) .

84 - أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو
__________
(1) 6 / 394 في الأنبياء: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل عليه السلام.
(2) سيورد المؤلف هذا الخبر بتمامه في الصفحة 640 في ترجمة خالد بن خلي، فانظره.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 300، تاريخ ابن معين: 618، طبقات خليفة ت (1945)، التاريخ الكبير 8 / 195، التاريخ الصغير 2 / 355، المعارف لابن قتيبة: 521، الجرح والتعديل 9 / 65، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 548، الأنساب 8 / 283، المعجم المشتمل: 312، تهذيب الكمال لوحة 1440، 1441، تذهيب التهذيب 4 / 116 / 2، العبر 1 / 399، 400، تذكرة الحفاظ 1 / 382، ميزان الاعتدال 4 / 301، الكاشف 3 / 223، =

(10/341)


الوَلِيْد البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ، الطَّيَالِسِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ.
حَدَّثَ عَنْ: عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، وَعُمَرَ بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَشُعْبَةَ، وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَدَاوُدَ بنِ أَبِي الفُرَاتِ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَزَائِدَةَ، وَأَبِي هَاشِمٍ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَالمُثَنَّى بنِ سَعِيْدٍ الضُّبَعِيِّ، وَعَاصِمِ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ، وَسَلْمِ بنِ زَرِيْرٍ، وَعُمَرَ بنِ مُرَقِّعِ بنِ صَيْفِيٍّ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَسَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ، وَابْنِ المَاجَشُوْنِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الغَسِيْلِ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَبُنْدَارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى، وَالذُّهْلِيُّ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الخَلاَّلُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَتَمْتَامُ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ المَازِنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ، وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ سَوْرَةَ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو القَطِرَانِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الرَّبِيْعِ بنِ شَاهِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَنْبَرٍ البَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ بُكَيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَأَحْمَدُ
__________
= عيون التواريخ 8 / لوحة 123، 124، تهذيب التهذيب 11 / 45 - 47، طبقات الحفاظ: 164، خلاصة تذهيب الكمال: 410، شذرات الذهب 2 / 62، 63.

(10/342)


بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الخُزَاعِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سَهْلٍ المُجَوِّزُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، خَاتِمَتُهُم: أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَبُو الوَلِيْدِ مُتْقِنٌ (1) .
وَقَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ، أَبُو الوَلِيْدِ اليَوْمَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، مَا أُقَدِّمُ عَلَيْهِ اليَوْمَ أَحَداً مِنَ المُحَدِّثِيْنَ (2) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ الحَافِظُ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
أَبُو الوَلِيْدِ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي شُعْبَةَ، أَوْ أَبُو النَّضْرِ؟
قَالَ: إِنْ كَانَ أَبُو الوَلِيْدِ يَكْتُبُ عِنْدَ شُعْبَةَ، فَأَبُو الوَلِيْدِ.
قُلْتُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ يَقُوْلُ:
بَيْنَا أَنَا أَكْتُبُ عِنْدَ شُعْبَةَ، إِذْ بَصُرَ بِي، فَقَالَ: وَتَكْتُبُ؟
فَوَضَعْتُ الأَلْوَاحَ مِنْ يَدِي، وَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ (3) .
قُلْتُ: كَأَنَّهُ كَرِهَ الكِتَابَةَ؛ لأَنَّهُ كَانَ قَادِراً عَلَى أَنْ يَحْفَظَ.
وَقَالَ ابْنُ وَارَةَ أَيْضاً: قَالَ لِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ:
اكْتُبْ عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ الأُصُوْلَ، فَإِنَّ غَيْرَ الأُصُوْلِ تُصِيْبُ.
وَقَالَ لِي أَبُو نُعَيْمٍ: لَوْلاَ أَبُو الوَلِيْدِ، مَا أَشَرْتُ عَلَيْكَ أَنْ تَقْدَمَ البَصْرَةَ، فَإِنْ دَخَلْتَهَا، لاَ تَجِدُ فِيْهَا إِلاَّ مُغَفَّلاً إِلاَّ أَبَا الوَلِيْدِ (4).
قُلْتُ: عَفَا اللهُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَدْ كَانَ إِذْ ذَاكَ بِالبَصْرَةِ مِثْلُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَعْلاَمِ الحَدِيْثِ.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 65، و" تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 65، و" تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 65، و" تهذيب الكمال " لوحة 1441.

(10/343)


قَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو الوَلِيْدِ، وَمَا أُرَانِي أَدْرَكْتُ مِثْلَهُ (1) .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَبُو الوَلِيْدِ شَيْخُ الإِسْلاَمِ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو حَفْصٍ المَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ غَالِبٍ، سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ يَقُوْلُ:
لَوْ كُنْتُ عَبْداً لَكُم، لاَسْتُبِعْتُ، إِلَى مَتَى؟! هُوَ ذَا أُحَدِّثُ مُنْذُ سَبْعِيْنَ سَنَةً، أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ عَنِّي جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، كَتَبَ عَنِّي حَدِيْثَ القِلاَدَةِ (2) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: أَبُو الوَلِيْدِ: بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ، كَانَ يَرْوِي عَنْ سَبْعِيْنَ امْرَأَةً، وَكَانَتْ إِلَيْهِ الرِّحْلَةُ بَعْد أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ (3) .
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ أَمِيْرُ المُحَدِّثِيْنَ (4) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ - وَذَكَرَ أَبَا الوَلِيْدِ - فَقَالَ:
أَدْرِكَ نِصْفَ الإِسْلاَمِ، وَكَانَ إِمَاماً فِي زَمَانِهِ، جَلِيْلاً عِنْدَ النَّاسِ (5) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَبُو الوَلِيْدِ: إِمَامٌ، فَقِيْهٌ، عَاقِلٌ، ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مَا رَأَيْتُ فِي يَدِهِ كِتَاباً قَطُّ.
وَسُئِلَ أَبِي عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ، وَحَجَّاجِ بنِ
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(2) حديث القلادة رواه فضالة بن عبيد، وقد تقدم تخريجه في الجزء التاسع ص 13 في ترجمة جرير بن عبد الحميد، فانظره.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 66.
(5) " الجرح والتعديل " 9 / 66، و" تهذيب الكمال " لوحة 1441.

(10/344)


مِنْهَالٍ، فَقَالَ: أَبُو الوَلِيْدِ عِنْدَ النَّاسِ أَكْبَرُ.
كَانَ يُقَالُ: سَمَاعُهُ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ فِيْهِ شَيْءٌ، كَأَنَّهُ (1) سَمِعَ مِنْهُ بِأَخَرَةٍ، وَكَانَ حَمَّادٌ سَاءَ حِفْظُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: مَا رَأَيْتُ قَطُّ بَعْدَهُ كِتَاباً أَصَحَّ مِنْ كِتَابِهِ (3) .
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الزِّيَادِيِّ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ البَصْرَةَ وَالنَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: مَا بِالبَصْرَةِ أَعْقَلُ مِنْ أَبِي الوَلِيْدِ، وَبَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ (4) .
وَرَوَى: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّادٍ، قَالَ:
اسْتَأَذَنَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى الوِسَادَةِ، ثُمَّ قَالَ لِلْخَادمِ: قُولِي لَهُ: السَّاعَةَ وَضَعَ رَأْسَهُ (5) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَالبُخَارِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ أَبُو الوَلِيْدِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (6) .
قَالَ البُخَارِيُّ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ (7) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي صَفَرٍ مِنْهَا (8) .
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، أَنْبَأَكُم عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا
__________
(1) في الأصل على هامش النسخة: فإنه " خ.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 66، و" تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(6) " طبقات ابن سعد " 7 / 300.
(7) " التاريخ الصغير " 2 / 355.
(8) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.

(10/345)


إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُوْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِذَا سُئِلَ المُسْلِمُ فِي القَبْرِ، فَشَهِدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِيْنَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إِبْرَاهِيْمُ: 27].
وَبِهِ: قَالَ البَجَلِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا.
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ (1) ، عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ، وَالحَوْضِيِّ.
أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَسَعْدَ بنِ رَوْحٍ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ (2) الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، حَدَّثَنَا شَهْرٌ، سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُوْلُ:
جَاءَتْ فَاطِمَةُ غُدَيَّةً بِثَرِيْدٍ لَهَا تَحْمِلُهَا فِي طَبَقٍ، حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهَا: (أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟)
قَالَتْ: هُوَ فِي البَيْتِ.
قَالَ: (ادْعِيْهِ، وَائْتِيْنِي بِابْنَيَّ).
قَالَتْ: فَجَاءتْ تَقُودُ ابْنَيْهَا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي يَدٍ، وَعَلِيٌّ يَمْشِي فِي أَثَرِهَا، حَتَّى دَخَلُوا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَجلَسَهُمَا فِي حَجْرِهِ، وَجَلَسَ عَلِيٌّ عَلَى يَمِيْنِهِ، وَجَلَسَتْ فَاطِمَةُ عَنْ يَسَارِهِ.
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَأَخَذتُ مِنْ تَحتِي كِسَاءً كَانَ بِسَاطَنَا عَلَى المَنَامَةِ فِي البَيْتِ، بِبُرْمَةٍ فِيْهَا خَزِيرَةٌ (3) ، فَجَلَسُوا يَأْكلُوْنَ مِنْ تِلْكَ البُرْمَةِ، وَأَنَا
__________
(1) 3 / 184 في الجنائز: باب ما جاء في عذاب القبر، و8 / 286 في تفسير سورة إبراهيم: باب (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت).
(2) في الأصل: " أبو داود " وهو خطأ.
(3) قال في " النهاية ": الخزيرة: لحم يقطع صغارا، ويصب عليه ماء كثير، فإذا نضج ذر عليه الدقيق.
والبرمة: القدر.

(10/346)


أُصَلِّي فِي تِلْكَ الحُجْرَةِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ، وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيْراً} [الأَحْزَابُ: 33]، فَأَخَذَ فَضْلَ الكِسَاءِ، فَغَشَّاهُم، ثُمَّ أَخرَجَ يَدَهُ اليُمْنَى مِنَ الكِسَاءِ، وَأَلوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي وَحَامَتِي (1)).
قَالَتْ: فَأَدخَلْتُ رَأْسِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَأَنَا مَعَكُم.
قَالَ: (أَنْتِ إِلَى خَيْرٍ) مَرَّتَيْنِ (2) .
رَوَاهُ: التِّرْمِذِيُّ (3) مُخْتَصَراً، وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيْقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ.

85 - إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبَانٍ الوَرَّاقُ الكُوْفِيُّ * (خَ)
الحَافِظُ.
سَمِعَ: مِسْعَرَ بنَ كِدَامٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الغَسِيْلِ، وَإِسْرَائِيْلَ بنَ يُوْنُسَ، وَعَبْدَ الحَمِيْدِ بنَ بَهْرَامَ، وَأَبَا المُحَيَّاةِ يَحْيَى بنَ يَعْلَى التَّيْمِيَّ، وَيَحْيَى بنَ يَعْلَى الأَسْلَمِيَّ، وَأَبَا الأَحْوَصِ سَلاَّمَ بنَ سُلَيْمٍ، وَشَرِيْكَ بنَ عَبْدِ اللهِ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
__________
(1) في " النهاية " حامة الإنسان: خاصته ومن يقرب منه، وهو الحميم أيضا.
(2) أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " برقم (2666) وهو حديث صحيح تقدم تخريجه في الجزء الثالث من هذا الكتاب ص 254، 255.
(3) برقم (3871).
(*) العلل لأحمد: 263، التاريخ الكبير 1 / 347، التاريخ الصغير 2 / 237، الجرح والتعديل 2 / 160، 161، الكامل لابن عدي 1 / لوحة 26، المعجم المشتمل: 78، تهذيب الكمال لوحة 95، ميزان الاعتدال 1 / 212، المغني في الضعفاء 1 / 77، الكاشف 1 / 117، تذهيب التهذيب 1 / 60 / 1، مقدمة فتح الباري ص 387، تهذيب التهذيب 1 / 269، 270.

(10/347)


حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ أَبِي غَرَزَةَ الغِفَارِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ الحَكَمِ الحِبَرِيُّ (1) ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيُّ، وَبَشَرٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبَانٍ الوَرَّاقُ ثِقَةٌ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبَانٍ الغَنَوِيُّ كَذَّابٌ، وَضَعَ حَدِيْثاً: أَنَّ السَّابِعَ مِنْ وَلَدِ العَبَّاسِ يَلْبَسُ الخُضْرَةَ.
يَعْنِي: المَأْمُوْنَ.
قِيْلَ: كَانَ فِي الوَرَّاقِ تَشَيُّعٌ قَلِيْلٌ كَدَأْبِ أَهْلِ بَلَدِهِ.
أَرَّخَ أَبُو جَعْفَرٍ مُطَيَّنٌ مَوْتَ الوَرَّاقِ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.

86 - الغَنَوِيُّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبَانٍ *
أَبُو إِسْحَاقَ الكُوْفِيُّ، الحَنَّاطُ، الكَذَّابُ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ.
__________
(1) هذه النسبة إلى ثياب يقال لها: الحبرة، وهي ضرب من برود اليمن، انظر " الأنساب " 4 / 44.
(*) التاريخ الكبير 1 / 347، التاريخ الصغير 2 / 337، الضعفاء الصغير: 16، الضعفاء والمتروكين: 16 للنسائي، الضعفاء للعقيلي لوحة 27، الجرح والتعديل 2 / 160، كتاب المجروحين والضعفاء 1 / 128، الكامل لابن عدي 1 / لوحة: 26، تاريخ بغداد 6 / 240، 242، تهذيب الكمال لوحة: 96، تذهيب التهذيب 1 / 60 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 211، 212، المغني في الضعفاء 1 / 77، تهذيب التهذيب 1 / 270، خلاصة تذهيب الكمال: 32.
(2) أي: إسماعيل بن أبان الوراق.

(10/348)


حَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَجْلاَنَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَعِدَّةٍ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ الوَلِيْدِ الفَحَّامُ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي غَرَزَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ نَاصِحٍ، وَطَائِفَةٌ.
كَذَّبَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ (1) .
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ حَدِيْثِهِ عَنْ هِشَامٍ وَغَيْرِهِ لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهِ، إِمَّا إِسْنَاداً، وَإِمَّا مَتْناً (2) .
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ.
ذَكَرْنَاهُ لِلتَّمْيِيْزِ - اللهُ يُسَامِحُهُ -.

87 - عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقِ بنِ دِيْنَارِ بنِ مِشْعَبٍ العَبْدِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَيْخُ خُرَاسَانَ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَبْدِيُّ مَوْلاَهُمْ، المَرْوَزِيُّ.
يُقَالُ: إِنَّهُ مَوْلَى آلِ الجَارُوْدِ العَبْدِيِّ.
وَكَانَ جَدُّهُ شَقِيْقٌ بَصْرِيّاً، فَقَدِمَ خُرَاسَانَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي حَمْزَةَ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ السُّكَّرِيِّ، وَالحُسَيْنِ بنِ
__________
(1) التاريخ الكبير " 1 / 347.
(2) " الكامل " 1 لوحة 26.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 376، طبقات خليفة ت (3153)، التاريخ الكبير 6 / 268، التاريخ الصغير 2 / 333، الجرح والتعديل 6 / 180، تاريخ بغداد 11 / 370، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 353، المعجم المشتمل 189، تهذيب الكمال لوحة 962، تذهيب التهذيب 3 / 56 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 370، العبر 1 / 368، الكاشف 2 / 281، تهذيب التهذيب 7 / 298، طبقات الحفاظ 158، شذرات الذهب 2 / 35، خلاصة تذهيب الكمال 272.

(10/349)


وَاقِدٍ، وَأَبِي المُنِيْبِ عُبَيْدِ اللهِ العَتَكِيِّ، وَإِسْرَائِيْلَ بنِ يُوْنُسَ، وَخَارِجَةَ بنِ مُصْعَبٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ، وَقَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَوْنِ بنِ مُوْسَى، وَشَرِيْكٍ القَاضِي، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَلَزِمَ ابْنَ المُبَارَكِ دَهْراً، وَحَمَلَ عَنْهُ جَمِيْعَ تَصَانِيْفِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْرٍ، وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الضَّعِيْفُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَعْقُوْبَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ الآمُلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هِشَامِ بنِ أَبِي دَارَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ زَاجُ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ، وَأَيُّوْبُ بنُ الحَسَنِ الزَّاهِدُ، وَرَوْحُ بنُ الفَرَجِ البَغْدَادِيُّ، وَوَلَدُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُهْزَادَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي النَّضْرِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ بِخُرَاسَانَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ - وَقِيْلَ لَهُ: عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ - قَالَ:
لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، إِلاَّ أَنَّهُم تَكَلَّمُوا فِيْهِ فِي الإِرْجَاءِ، وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ (1) .
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ: وَجَدتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِه:
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا -يَعْنِي: ابْنَ مَعِيْنٍ-: مَا أَعْلَمُ أَحَداً قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ خُرَاسَانَ كَانَ أَفْضَلَ مِنِ ابْنِ شَقِيْقٍ.
وَكَانُوا كَتَبُوا فِي أَمرِه كِتَاباً أَنَّهُ يَرَى الإِرْجَاءَ، فَقُلْنَا لَهُ، فَقَالَ: لاَ أَجعَلُكُم فِي حِلٍّ (2) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 371، و" تهذيب الكمال " لوحة 963.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 371، و" تهذيب الكمال " لوحة 963.

(10/350)


ثُمَّ قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا: وَكَانَ عَالِماً بِابْنِ المُبَارَكِ، قَدْ سَمِعَ الكُتُبَ مِرَاراً، حَدَّثَ يَوْماً عَنِ: ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ شُرَاجَةَ، فَقِيْلَ لَهُ: شُرَاحَةَ.
فَقَالَ: لاَ، ابْنُ شُرَاجَةَ.
سَمِعْتُه مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ مَرَّةً.
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا: وَهُوَ الصَّوَابُ: ابْنُ شُرَاجَةَ -يَعْنِي: بِالجِيمِ (1) -.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَثْبَتُ أَصْحَابِ ابْنِ المُبَارَكِ: سُفْيَانُ بنُ زِيَادٍ، وَبَعدَه: سُلَيْمَانُ، وَبَعدَه: عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، قَدْ سَمِعَ عَلِيٌّ الكُتُبَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَرَّةً (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ (3) .
وَقَالَ أَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ: قُلْتُ لِلشَّقِيْقِيِّ: سَمِعْتَ مِنْ أَبِي حَمْزَةَ كِتَابَ الصَّلاَةِ؟
قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ، وَلَكِنْ نَهَقَ حِمَارٌ يَوْماً، فَاشتَبَهَ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 371، و" تهذيب الكمال " لوحة 963.
وقال البخاري في " " تاريخه " 3 / 396: زيد بن شراحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.
وفي " الجرح والتعديل " 3 / 564: زيد بن شراحة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مراسيل ليست له صحبة، وهو تابعي بصري لا يدرى من أدرك، روى عنه عاصم الاحول، وعوف الاعرابي، سمعت أبي يقول ذلك.
وقال ابن ماكولا في " الإكمال " 5 / 50، وبالجيم: زيد بن شراجة روى عنه عوف الاعرابي، وقيل بالحاء، وبالجيم أصح، قاله يحيى بن معين.
وفي " مشتبه " المؤلف 2 / 393: وبجيم زيد ابن شراجة شيخ لعوف الاعرابي.
وعلق عليه ابن ناصر الدين في " توضيح المشتبه " 2 / 101 / 1 فقال: قلت: وجدته في تاريخ البخاري بخط أبي الغنائم النرسي بضم أوله وبالحاء المهملة، وقد فتح المصنف أوله فيما وجدته بخطه، والصواب ما ذكره البخاري، فقال: زيد ابن شراحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، وأشار ابن ماكولا إلى الخلاف، فقال: وقيد بالحاء، وبالجيم أصح، قاله يحيى بن معين.
وفي القاموس: وزيد بن شراجة كسحابة شيخ لعوف الاعرابي.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 371، و" تهذيب الكمال " لوحة 963.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 180.

(10/351)


عَلَيَّ حَدِيْثٌ، فَلاَ أَدْرِي أَيُّ حَدِيْثٍ هُوَ؟ فَتَرَكتُ الكِتَابَ كُلَّه (1) .
قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: كَانَ ابْنُ شَقِيْقٍ جَامِعاً، وَكَانَ فِي الزَّمَانِ الأَوَّلِ يُعَدُّ مِنْ أَحْفَظِهِم لِكُتُبِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَقَدْ شَارَكَ ابْنَ المُبَارَكِ فِي كَثِيْرٍ مِنْ شُيُوْخِهِ، مِثْلِ شَرِيْكٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ، وَقَيْسٍ، وَكَانَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَكَانَ أَوَّلُ أَمرِهِ المُنَازَعَةَ مَعَ أَهْلِ الكِتَابِ، حَتَّى كَتَبَ التَّوْارَةَ وَالإِنْجِيْلَ وَالأَرْبَعَةَ وَالعِشْرِيْنَ كِتَاباً مِنْ كُتُبِ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، ثُمَّ صَارَ شَيْخاً عَاجِزاً (2) ، لاَ يُمكِنُه أَنْ يَقْرَأَ، فَكَانَ يُحَدِّثُ كُلَّ إِنْسَانٍ الَحَدِيْثَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (3) .
وَكَذَا أَرَّخَهُ: الفَسَوِيُّ (4) ، وَمُطَيَّنٌ.
قَالَ أَبُو رَجَاءَ مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه المَرْوَزِيُّ: وُلِدَ لَيْلَةَ قُتِلَ أَبُو مُسْلِمٍ بِالمَدَائِنِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، وَكَانَ يَسْكُنُ البَهَارَةَ، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ.
وَقِيْلَ فِي وَفَاتِه: سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
وَنَقَلَهُ: ابْنُ حِبَّانَ.

88 - حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ أَبُو مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ * (ع)
الحَافِظُ، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، الحُجَّةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 963.
(2) في " تاريخ بغداد " و" تهذيب الكمال ": ضعيفا.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 372، و" تهذيب الكمال " لوحة 963.
(4) " المعرفة والتاريخ " 1 / 199.
(*) العلل 353، طبقات ابن سعد 7 / 301، طبقات خليفة ت (1943)، تاريخ خليفة 475، التاريخ الكبير 2 / 380، التاريخ الصغير 2 / 338، الجرح والتعديل 3 / 166، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 99، المعجم المشتمل 94، تهذيب الكمال لوحة 238، تهذيب التهذيب 1 / 123 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 403، العبر 1 / 371، الكاشف 1 / 208، تهذيب =

(10/352)


الأَنْمَاطِيُّ (1) ، أَخُو مُحَمَّدٍ (2) .
حَدَّثَ عَنْ: قُرَّةَ بنِ خَالِدٍ، وَشُعْبَةَ، وَجُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيِّ، وَالحَمَّادَيْنِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَمَالِكٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَالبَاقُوْنَ بِوَاسِطَةٍ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ شَاذَانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَهِلاَلُ بنُ العَلاَءِ الرَّقِّيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، فَاضِلٌ (3) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ، كَانَ سِمْسَاراً، يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ دِيْنَارٍ حَبَّةً، فَجَاءَ خُرَاسَانِيٌّ مُوْسِرٌ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَاشْتَرَى لَهُ أَنْمَاطاً، فَأَعْطَاهُ التَّاجِرُ ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟
قَالَ: سَمْسَرَتُكَ.
قَالَ: دَنَانِيْرُكَ أَهوَنُ عَلَيَّ مِنْ هَذَا التُّرَابِ، هَاتِ مِنْ كُلِّ دِيْنَارٍ حَبَّةً.
فَأَخَذَ مِنْهُ دِيْنَاراً، وَكِسَراً (4) .
قَالَ خَلَفٌ كُرْدُوْسُ: كَانَ حَجَّاجٌ صَاحِبَ سُنَّةٍ يُظهِرُهَا، مَاتَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (5) .
__________
= التهذيب 2 / 206، طبقات الحفاظ 171، خلاصة تذهيب الكمال: 72، شذرات الذهب
2 / 38.
(1) نسبة إلى بيع الانماط، وهي الفرش التي تبسط.
" الأنساب " 1 / 376.
(2) سترد ترجمته في الصفحة 642 من هذا الجزء.
(3) " الجرح والتعديل " 3 / 167.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 238.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 238.

(10/353)


وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَالبُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، فِي شَوَّالٍ (1) .
وَفِي عَصْرِهِ: حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ، وَقَدْ مَرَّ (2) .
وَحَجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ الفَسَاطِيْطِيُّ (3) : يَرْوِي أَيْضاً عَنْ قُرَّةَ بنِ خَالِدٍ، وَهُوَ لَيِّنٌ.
وَحَجَّاجُ بنُ أَبِي مَنِيْعٍ الرُّصَافِيُّ (4) : الَّذِي يَرْوِي عَنْ جَدِّهِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي زِيَادٍ نُسْخَةً، عَنِ الزُّهْرِيِّ، صَدُوْقٌ، لَقِيَهُ الذُّهْلِيُّ، وَابْنُ وَارَةَ، وَالفَسَوِيُّ.

89 - الحَوْضِيُّ حَفْصُ بنُ عُمَرَ بنِ الحَارِثِ بنِ سَخْبَرَةَ * (خَ، د، س)
الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، الحَافِظُ، أَبُو
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 301، و" التاريخ الكبير " 2 / 380.
(2) الذي مر في الجزء التاسع هو الحجاج بن محمد المصيصي الاعور، وهو ترمذي الأصل، سكن بغداد، ثم تحول إلى المصيصة، ولم ينسبه أحد فيما نعلم إلى الرقي، ولم نجد في هذه الطبقة في كتب التراجم من يسمى بهذا الاسم وينسب إلى الرقي.
(3) نسبة إلى الفساطيط، وهي البيوت من الشعر كما في " الأنساب " و" اللباب " وفي الأصل والمطبوع من " التاريخ الكبير " للبخاري 2 / 380: " الفسطاطي " وهو خطأ.
مترجم في: طبقات ابن سعد 7 / 305، الجرح والتعديل 3 / 167، الأنساب 9 / 302، اللباب 2 / 431، تهذيب الكمال لوحة 238، تذهيب التهذيب 1 / 124 / 1، ميزان الاعتدال
1 / 465، المغني في الضعفاء 1 / 151، الكاشف 1 / 208، تهذيب التهذيب 2 / 208، خلاصة تذهيب الكمال: 73.
(4) نسبة إلى رصافة الشام كما ذكر السمعاني في " الأنساب " 6 / 130، ونسبه البخاري في " التاريخ الكبير " شاميا، ورصافة الشام هي رصافة هشام بن عبد الملك تقع في غربي الرقة، بناها لما وقع الطاعون بالشام، وكان يسكنها في الصيف.
وحجاج هذا مترجم في: التاريخ الكبير 2 / 380، الأنساب 6 / 130، اللباب 2 / 29، تهذيب الكمال لوحة 238، تذهيب التهذيب 1 / 124 / 1، تهذيب التهذيب 2 / 207، خلاصة تذهيب الكمال: 73.
(*) العلل 189، طبقات ابن سعد 7 / 306، التاريخ الكبير 2 / 366، الجرح والتعديل 3 / 182، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 93، الأنساب 4 / 271، المعجم المشتمل: 108، اللباب 1 / 401، 402، تهذيب الكمال 2 / 307، تذهيب التهذيب 1 / 163 / 1. =

(10/354)


عُمَرَ الأَزْدِيُّ، النَّمِرِيُّ؛ مِنَ النَّمِرِ بنِ غَيْمَانَ، البَصْرِيُّ، المَشْهُوْرُ: بِالحَوْضِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، وَأَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ وَاصِلِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَشُعْبَةَ، وَهَمَّامٍ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالبُخَارِيُّ أَيْضاً وَالنَّسَائِيُّ بِوَاسِطَةٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَةُ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَأَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خُرَّزَاذَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ الرَّازِيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الخُزَاعِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
رَوَى: أَبُو طَالِبٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: هُوَ ثَبْتٌ، مُتْقِنٌ، لاَ يُؤْخَذُ عَلَيْهِ حَرْفٌ وَاحِدٌ (1) .
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدَيْنِيِّ: اجْتَمَعَ أَهْلُ البَصْرَةِ عَلَى عَدَالَةِ أَبِي عُمَرَ الحَوْضِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ (2) .
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ جَرِيْرِ بنِ جَبَلَةَ: أَبُو عُمَرَ هُوَ مَوْلَى النَّمِرِيِّيْنَ، صَاحِبُ كِتَابٍ، مُتْقِنٌ، رَأَيْتُهُ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ (3) .
__________
= تذكرة الحفاظ 1 / 405، العبر 1 / 393، الكاشف 1 / 241، ميزان الاعتدال 1 / 566، تهذيب التهذيب 2 / 405، طبقات الحفاظ: 172، خلاصة تذهيب الكمال 87، شذرات الذهب 2 / 156.
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 182، و" تهذيب الكمال " لوحة 307.
(2) تهذيب الكمال " لوحة 307.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 308.

(10/355)


وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُتْقِنٌ، صَدُوْقٌ، أَعْرَابِيٌّ، فَصِيْحٌ (1) .

90 - الحُسَيْنُ بنُ حَفْصِ بنِ الفَضْلِ بنِ يَحْيَى بنِ ذَكْوَانَ الهَمْدَانِيُّ * (م، ق)
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الجَلِيْلُ، الفَقِيْهُ الأَوْحَدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، أَصْلُه كُوْفِيٌّ.
نَقَلَ عِلْماً كَثِيْراً، وَتَفَقَّهَ، وَأَفْتَى بِمَذْهَبِ الكُوْفِيِّيْنَ، وَكَانَ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ أَصْبَهَانَ، وَقَضَاؤُهَا، وَأَمرُ الفَتَاوَى (2) .
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رَوَّادٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَهِشَامِ بنِ سَعْدٍ، وَأَبِي يُوْسُفَ القَاضِي، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَفِيْدُهُ؛ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَأَسِيْدُ بنُ عَاصِمٍ، وَعُمَرُ بنُ شَبَّةَ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغُ، وَيَحْيَى بنُ حَاتِمٍ العَسْكَرِيُّ، وَالكُدَيْمِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عِصَامِ بنِ يَزِيْدَ جَبَّرُ (3) .
__________
(1) الجرح والتعديل " 3 / 182.
(*) التاريخ الكبير 2 / 391، التاريخ الصغير 2 / 320، الجرح والتعديل 3 / 50، طبقات المحدثين بأصبهان 42 / 1 لأبي الشيخ، أخبار أصبهان 1 / 274، 276، تهذيب الكمال لوحة 287، تذهيب التهذيب 1 / 147 / 2، العبر 1 / 362، الكاشف 1 / 230، تهذيب التهذيب 2 / 337، خلاصة تذهيب الكمال 82، شذرات الذهب 2 / 28.
(2) " أخبار أصبهان " 1 / 274.
(3) " الجرح والتعديل " 3 / 50، وجبر: بفتح الجيم وتثقيل الموحدة المفتوحة ثم راء، هو لقب عصام بن يزيد الأصبهاني.

(10/356)


قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ: كَانَ وَجْهَ النَّاسِ وَزَينَهُم، وَكَانَ دَخْلُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مائَةَ أَلْفٍ، فَمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ قَطُّ، وَكَانَتْ صِلاَتُهُ وَجَوَائِزُه دَارَّةً عَلَى المُحَدِّثِيْنَ وَأَهْلِ العِلْمِ وَالفَضْلِ، مِثْلِ أَبِي مَسْعُوْدٍ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ، وَكَانَ مِنَ المُخْتَصِّيْنَ بِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَقِيْلَ: إِنَّ سُفْيَانَ حَجَّ عَلَى مَرْكَبِهِ (1) .
قُلْتُ: خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجَيْرَانِيُّ (2) .
مَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ.

91 - عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ الكَلاَعِيُّ * (خَ، د، ت، س)
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُتْقِنُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الكَلاَعِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، ثُمَّ التِّنِّيْسِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَسَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ يَحْيَى الطَّرَابُلُسِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَالِمٍ الحِمْصِيِّ، وَيَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَصَدَقَةَ بنِ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) أخبار أصبهان 1/ 274 ، 275 ، وتهذيب الكمال لوحة 287 ، 288
(2) ضبطه السمعاني في الأنساب 3 / 407 : بفتح الجيم وسكون الياء وبعدها الراء وفي آخرها النون، وقال : هذه النسبة إلى جيران من قرى أصبهان على فرسخين منها فيما أظن، والمشهور بالنسبة إليها محمد بن إبراهيم الجيراني.
(*) التاريخ الكبير 5 / 233 ، التاريخ الصغير 2 / 338 ، الجرح والتعديل 5 / 205 ، الكامل لابن عدي لوحة 438 ، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 268 ، الأنساب 3 / 96 ، تاريخ ابن عساكر 29 / 186 ، المعجم المشتمل 163 ، 164 ، تهذيب الكمال لوحة 758 ، تذهيب التهذيب 2 / 196 / 2 ، تذكرة الحفاظ 1 / 404 ، 405 ، العبر 1 / 373 ، الكاشف 2 / 145 ، ميزان الاعتدال 2 / 528 ، تهذيب التهذيب 6 / 86 ، طبقات الحفاظ 172 ، حسن المحاضرة 1 / 346 ، خلاصة تهذيب الكمال : 219 ، شذرات الذهب 2 / 44

(10/357)


مُهَاجِرٍ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ المُوَقَّرِيِّ، وَبَكْرِ بنِ مُضَرَ، وَعِدَّةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالذُّهْلِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبُّوْدٍ، وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ، وَأَبُو يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ النَّصِيْبِيُّ، وَبَكْرُ بنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَالرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ المُرَادِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي (المُوَطَّأِ): عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ، وَالقَعْنَبِيُّ.
وَقَالَ أَيْضاً: مَا بَقِيَ عَلَى أَدِيْمِ الأَرْضِ أَوْثَقُ مِنْهُ فِي (المُوَطَّأِ).
يُرِيْدُ: عَبْدَ اللهِ بنَ يُوْسُفَ (1) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ مِنْ أَثْبَتِ الشَّامِيِّيْنَ (2) .
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: سَمِعَ مَعِيَ (المُوَطَّأَ) فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ (3) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ (4) .
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: صَدُوْقٌ، خَيِّرٌ، فَاضِلٌ (5) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (6) .
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: ثِقَةٌ، حَسَنُ الحَدِيْثِ، وَعِنْدَهُ عَنْ مَالِكٍ مَسَائِلُ (7) .
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 758.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 758.
(3) " الكامل " لابن عدي 3 / لوحة 438، و" تهذيب الكمال " لوحة 758.
(4) " الجرح والتعديل " 5 / 205.
(5) " الكامل " لابن عدي 3 / لوحة 438.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 758.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 758.

(10/358)


92 - ابْنُ المَاجَشُوْنِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّيْمِيُّ * (س، ق)
العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ، مُفْتِي المَدِيْنَةِ، أَبُو مَرْوَانَ عَبْدُ المَلِكِ ابْنُ الإِمَامِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ بنِ المَاجَشُوْنِ التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُمْ، المَدَنِيُّ، المَالِكِيُّ، تِلْمِيْذُ الإِمَامِ مَالِكٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَخَالِهِ؛ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ المَاجَشُوْنِ، وَمُسْلِمٍ الزَّنْجِيِّ، وَمَالِكٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ الفَقِيْهُ، وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَسَعْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ المَدِيْنَةِ فِي زَمَانِهِ (1) .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَ فَقِيْهاً، فَصِيْحاً، دَارَتْ عَلَيْهِ الفُتْيَا فِي زَمَانِهِ، وَعَلَى أَبِيْهِ قَبْلَهُ، وَكَانَ ضَرِيْراً.
قِيْلَ: إِنَّهُ عَمِيَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ. قَالَ:
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 442، التاريخ الكبير 5 / 424، التاريخ الصغير 2 / 329، الجرح والتعديل 5 / 358، الانتقاء: 57، طبقات الفقهاء للشيرازي: 148، ترتيب المدارك 2 / 360، 365، وفيات الأعيان 3 / 166، 167، تهذيب الكمال: لوحة (850)، تذهيب التهذيب 2 / 251 / 2، ميزان الاعتدال: 2 / 658، 659، العبر 1 / 363، الكاشف 2 / 211، نكت الهميان 2 / 197، الديباج المذهب 2 / 866، تهذيب التهذيب 6 / 408، خلاصة تذهيب الكمال: 244 - 245، شذرات الذهب 2 / 28، شجرة النور الزكية 1 / 56.
والماجشون بكسر الجيم وفتحها وضمها، وعلى كسرها اقتصر السمعاني في " الأنساب "، وابن خلكان في " الوفيات "، والنووي في " شرح مسلم "، وابن حجر في " التقريب "، وابن فرحون في " الديباج المذهب "، وفي " شرح الشفاء ": معناه: الابيض المشرب بحمرة، معرب: " ماه كون " معناه لون القمر. انظر شرح القاموس 4 / 348.
(1) " الانتقاء " لابن عبد البر: ص 58، و" ترتيب المدارك " 2 / 360، و" تهذيب الكمال " لوحة 859.

(10/359)


وَكَانَ مُوْلَعاً بِسَمَاعِ الغِنَاءِ (1) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ المُعَذَّلِ الفَقِيْهُ: كُلَّمَا تَذَكَّرْتُ أَنَّ التُّرَابَ يَأْكُلُ لِسَانَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ المَاجَشُوْنِ، صَغُرَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِي (2) .
وَكَانَ ابْنُ المُعَذَّلِ مِنَ الفُصَحَاءِ المَذْكُوْرِيْنَ، فَقِيْلَ لَهُ: أَيْنَ لِسَانُكَ مِنْ لِسَانِ أُسْتَاذِكَ عَبْدِ المَلِكِ؟
فَقَالَ: لِسَانُهُ إِذَا تَعَايَى، أَحْيَى مِنْ لِسَانِي إِذَا تَحَايَى (3) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ لاَ يَعقِلُ الحَدِيْثَ (4) -يَعْنِي: لَمْ يَكُنْ مِنْ فُرْسَانِهِ- وَإِلاَّ فَهُوَ ثِقَةٌ فِي نَفْسِهِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بَحْراً لاَ تُكَدِّرُهُ الدِّلاَءُ (5) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ.

93 - التَّبُوْذَكِيُّ أَبُو سَلَمَةَ مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ * (ع)
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو سَلَمَةَ مُوْسَى بنُ
__________
(1) " الانتقاء ": ص 57.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 377، و" ترتيب المدارك " 2 / 361.
(3) " وفيات الأعيان " 3 / 377، و" ترتيب المدارك " 2 / 361.
(4) " وفيات الأعيان " 3 / 378، و" تهذيب الكمال " لوحة 859.
(5) " الديباج المذهب " 2 / 7.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 306، طبقات خليفة ت (1952)، تاريخ خليفة 206، التاريخ الكبير 7 / 280، التاريخ الصغير 2 / 349، الجرح والتعديل 8 / 136، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 484، الأنساب 3 / 23، المعجم المشتمل 296، تهذيب الكمال لوحة: 1381، تذهيب التهذيب 4 / 76 / 1، تذكرة الحفاظ 394 - 395، ميزان الاعتدال 4 / 200، العبر 1 / 388، الكاشف 3 / 180 - 181، تهذيب التهذيب 10 / 333، مقدمة فتح الباري 446، طبقات الحفاظ 176 - 177، خلاصة تذهيب الكمال 389.

(10/360)


إِسْمَاعِيْلَ المِنْقَرِيُّ مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ، التَّبُوْذَكِيُّ.
وُلِدَ: فِي صَدْرِ خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ.
وَرَوَى عَنْ: أَعْيَنَ الخُوَارِزْمِيِّ - مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ - وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَشُعْبَةَ حَدِيْثاً وَاحِداً، وَجُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَالقَاسِمِ بنِ الفَضْلِ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، وَأَبِي هِلاَلٍ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَالضَّحَّاكِ بنِ نَبَرَاسٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المُخْتَارِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُسْلِمٍ، وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَوُهَيْبٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ حَدِيْثاً وَاحِداً، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، أَوَّلُ سَمَاعَاتِه فِي عَامِ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالبَاقُوْنَ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الخَلاَّلُ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ تَمْتَامُ، وَأَبُو الأَحْوَصِ العُكْبَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ، وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، وَسِبْطُهُ؛ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَبَّاسٌ: عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
مَا جَلَسْتُ إِلَى شَيْخٍ إِلاَّ هَابَنِي، أَوْ عَرَفَ لِي، مَا خَلاَ هَذَا الأَثْرَمِ التَّبُوْذَكِيِّ، فَعَدَدتُ لابْنِ مَعِيْنٍ مَا كَتَبنَا عَنْهُ خَمْسَةً وَثَلاَثِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ (1) .
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1381.

(10/361)


وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ (1) .
وَرَوَى: أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
كَانَ كَيِّساً، وَكَانَ حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ رَجُلاً صَالِحاً، وَأَبُو سَلَمَةَ أَتْقَنُهُمَا (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ يَقُوْلُ: مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ (3) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَنْ لَمْ يَكْتُبْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، كَتَبَ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ (4) .
قُلْتُ: هَكَذَا جَرَى لِمُسْلِمٍ، تَوَانَى فِي لُقِيِّهِ، فَكَتَبَ عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ (5) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ ثِقَةً، لاَ أَعْلَمُ أَحَداً بِالبَصْرَةِ مِمَّن أَدرَكْنَاهُ أَحْسَنَ حَدِيْثاً مِنْهُ (6) .
قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ التَّبُوْذَكِيَّ؛ لأَنَّهُ اشْتَرَى بِتَبُوْذَكَ دَاراً، فَنُسِبَ إِلَيْهَا (7) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
لاَ جُزِيَ خَيْراً مَنْ سَمَّانِي
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 136، و" تهذيب الكمال " لوحة 1381.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 136.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 136.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 306.
(5) " الطبقات الكبرى " 8 / 306.
(6) وقال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 446: أحد الاثبات الثقات، اعتمده البخاري، فروى عنه علما كثيرا، ووثقه الجمهور، وشذ ابن خراش، فقال: تكلم الناس فيه وهو صدوق، كذا قال ولم يفسر ذلك الكلام.
(7) " الجرح والتعديل " 8 / 306.

(10/362)


تَبُوْذَكِيَّ، أَنَا مَوْلَى بَنِي مِنْقَرٍ، إِنَّمَا نَزَلَ دَارِي قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ تَبُوْذَكَ، فَسَمَّوْنِي تَبُوْذَكِيَّ (1) .
وَيُقَالُ: التَّبُوْذَكِيُّ: هُوَ الَّذِي يَبِيْعُ رِقَابَ الدَّجَاجِ وَقَوَانِصَهَا (2) .
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنَ المُتَّقِيْنَ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ القَاسِمِ بنِ دُحَيْمٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ المِنْقَرِيِّ البَصْرِيِّ:
قَدِمَ عَلَيْنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَكَتَبَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّيْ أُرِيْدُ أَنْ أَذْكُرَ لَكَ شَيْئاً، فَلاَ تَغْضَبْ.
قَالَ: هَاتِ.
قَالَ: حَدِيْثُ هَمَّامٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ حَدِيْثَ الغَارِ (3) لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، إِنَّمَا رَوَاهُ عَفَّانُ وَحِبَّانُ، وَلَمْ أَجِدْه فِي صَدْرِ كِتَابِكَ، إِنَّمَا وَجَدْتُهُ عَلَى ظَهْرِهِ.
قَالَ: فَتَقُوْلُ مَاذَا؟
قَالَ: تَحْلِفُ لِي أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ هَمَّامٍ؟
قَالَ: ذَكَرْتَ أَنَّكَ كَتَبْتَ عَنِّي عِشْرِيْنَ أَلْفاً، فَإِنْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِيْهَا صَادِقاً، فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تُكَذِّبَنِي فِي حَدِيْثٍ، وَإِنْ كُنْتُ عِنْدَكَ كَاذِباً، مَا يَنْبَغِي أَنْ تُصَدِّقَنِي فِيْهَا، وَلاَ تَكْتُبَ عَنِّي شَيْئاً، وَتَرْمِيَ بِهِ، بَرَّةُ بِنْتُ أَبِي عَاصِمٍ طَالِقٌ ثَلاَثاً إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ مِنْ هَمَّامٍ، وَاللهِ لاَ كَلَّمتُكَ أَبَداً (4) .
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1381.
(2) انظر " الأنساب " 3 / 22، 23.
(3) أخرجه البخاري 7 / 202 في الهجرة، من طريق موسى بن إسماعيل، حدثنا همام، عن ثابت، عن أنس، عن أبي بكر رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا.
قال:
" اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما ".
وأخرجه البخاري 7 / 9، 10، من طريق محمد بن سنان، عن همام، وأخرجه أيضا 8 / 245 من طريق عبد الله بن محمد، حدثنا حبان، عن همام.
وأخرجه مسلم (2381)، من طرق عن حبان بن هلال، عن همام.
وأخرجه الترمذي (3096) من طريق زياد بن أيوب، عن عفان بن مسلم، عن همام.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1381، 1382.

(10/363)


قَالَ حَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ الجَوْهَرِيُّ: كَانَ أَبُو سَلَمَةَ أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ، وَكَانَ قَدْ رَأَى سَعِيْدَ بنَ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَحَفِظَ عَنْهُ مَسَائِلَ، مَاتَ بِالبَصْرَةِ، فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ لَيْلَةَ الثُّلاَثَاءِ، لِثَلاَثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ (2) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَلَمَةَ مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (أُعْطِيَ يُوْسُفُ شَطْرَ الحُسْنِ).
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ (3) ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً.
كَتَبَ إِلَيْنَا أَبُو الفَرَجِ بنُ قُدَامَةَ، وَغَيْرهُ: أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُم، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْنُسَ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سَلَمَةَ بنِ أَبِي الحُسَامِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَخِيْهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: اجْتَمَعَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ، وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئاً، وَذَكَرَ حَدِيْثَ أُمِّ زَرْعٍ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ لِي
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1382.
(2) " الطبقات " 7 / 306.
(3) رقم (162) في الايمان: باب الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلاة.

(10/364)


رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشَةُ! فَكُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ).
رَوَاهُ: مُسْلِمٌ (1) ، عَنِ الحُلْوَانِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً بِعُلُوِّ دَرَجَتَيْنِ.
أَمَّا:

94 - مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ البَجَلِيُّ الجَبُّلِيُّ *
فَشَيْخٌ، صَادِقٌ، مُعَاصِرٌ لِلتَّبُوْذَكِيِّ.
رَوَى عَنْ: يَعْقُوْبَ القُمِّيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ، وَالحَسَنُ بنُ سَهْلٍ المُجَوِّزُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (2) .
وَجَبُّلُ: قَرْيَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ وَاسِطَ.

95 - مُعَلَّى بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّازِيُّ أَبُو يَعْلَى الحَنَفِيُّ ** (ع)
العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، أَبُو يَعْلَى الحَنَفِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ، وَمُفْتِيْهَا.
__________
(1) رقم (2448) في فضائل الصحابة: باب ذكر حديث أم زرع.
* الجرح والتعديل 8 / 136، الأنساب 3 / 182 - 183. معجم البلدان 2 / 104.
(2) الجرح والتعديل 8 / 136.
(* *) طبقات ابن سعد 7 / 341، التاريخ الكبير 7 / 394، التاريخ الصغير 2 / 323، الضعفاء للعقيلي لوحة 422، الجرح والتعديل 3 / 334، الكامل لابن عدي لوحة 777، تاريخ بغداد 13 / 188 - 190، تذهيب التهذيب 4 / 56، تذكرة الحفاظ 1 / 377، ميزان الاعتدال 4 / 150 - 151، المغني في الضعفاء 2 / 670، العبر 1 / 357، الكاشف =

(10/365)


وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عِكْرِمَةَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَزْدِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَشَرِيْكٍ القَاضِي، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَهُشَيْمٍ، وَيَحْيَى بنِ حَمْزَةَ القَاضِي، وَصَدَقَةَ بنِ خَالِدٍ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَعَمْرِو بنِ أَبِي المِقْدَامِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي المَوَالِ، وَعَبْدِ الوَارِثِ، وَأَبِي أُوَيْسٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَالقَاضِي أَبِي يُوْسُفَ، وَتَفَقَّهَ بِهِ مُدَّةً، وَكَتَبَ عَنْ خَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَأَحْكَمَ الفِقْهَ وَالحَدِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو ثَوْرٍ الفَقِيْهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَةُ، وَحَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، وَأَحْمَدُ بنُ الأَزْهَرِ، وَالفَضْلُ بنُ سَهْلٍ الأَعْرَجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ فِي غَيْرِ (الصَّحِيْحِ)، وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَأَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَابْنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُكْرَمٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: مَا كَتَبْتُ عَنْهُ شَيْئاً (1) .
وَقَالَ أَيْضاً: كَانَ يُحَدِّثُ بِمَا وَافَقَ الرَّأْيَ، وَكَانَ كُلَّ يَوْمٍ يُخْطِئُ فِي حَدِيْثَيْنِ وَثَلاَثَةٍ، فَكُنتُ أَجُوزُهُ إِلَى عُبَيْدِ بنِ أَبِي قُرَّةَ فِي قَطِيْعَةِ الرَّبِيْعِ (2) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ الطَّبَّاعِ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ مُعَلَّى
__________
= 3 / 164، تهذيب التهذيب 10 / 238، مقدمة الفتح 444، طبقات الحفاظ: 160، خلاصة تذهيب الكمال 388، شذرات الذهب 2 / 27، الفوائد البهية 215.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1353.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 189، و" تهذيب الكمال " لوحة 1353.

(10/366)


الرَّازِيِّ، فَسَكَتَ (1) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قِيْلَ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: كَيْفَ لَمْ تَكْتُبْ عَنِ المُعَلَّى بنِ مَنْصُوْرٍ؟
قَالَ: كَانَ يَكْتُبُ الشُّرُوْطَ، وَمَنْ كَتَبَهَا، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ (2) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَحِمَ اللهُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبِهِ غُصَصٌ مِنْ أَحَادِيْثَ ظَهَرَتْ عَنِ المُعَلَّى بنِ مَنْصُوْرٍ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَكَانَ المُعَلَّى أَشبَهَ القَوْمِ -يَعْنِي: أَصْحَابَ الرَّأْيِ- بِأَهْلِ العِلْمِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ طَلاَّبَةً لِلْعِلْمِ، رَحَلَ وَعُنِيَ، فَتَصَبَّرَ أَحْمَدُ عَنْ تِلْكَ الأَحَادِيْثِ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا حَرْفاً، وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا، فَسَمِعُوا مِنْهُ، المُعَلَّى صَدُوْقٌ (3) .
وَرَوَى: عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ (4) .
وَقَالَ يَحْيَى أَيْضاً: إِذَا اخْتَلَفَ مُعَلَّى وَإِسْحَاقُ بنُ الطَّبَّاعِ فِي حَدِيْثٍ عَنْ مَالِكٍ، فَالقَوْلُ قَوْلُ مُعَلَّى.
مُعَلَّى: أَثْبَتُ مِنْهُ، وَخَيْرٌ مِنْهُ (5) .
__________
(1) " الكامل " لابن عدي 4 / لوحة 777، و" تهذيب الكمال " لوحة 1353.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 334، والشروط: علم يبحث عن كيفية ثبت الاحكام الثابتة عند القاضي في الكتب والسجلات على وجه يصح الاحتجاج به عند انقضاء شهود الحال، وموضوعه تلك الاحكام من حيث الكتابة، وبعض مبادئه مأخوذ من الفقه، وبعضها من علم الانشاء، وبعضها من الرسوم والعادات والامور الاستحسانية، وهو من فروع الفقه من حيث كون ترتيب معانيه موافقا لقوانين الشرع، وقد يجعل من فروع الأدب باعتبار تحسين الألفاظ.
والشروطي: هو الذي يتولى كتابة ذلك.
وقد صنف في هذا العلم مصنفات كثيرة، انظرها في " كشف الظنون " 2 / 1046، وانظر " مفتاح السعادة " 1 / 272، و" الأنساب " 7 / 321.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 189، و" تهذيب الكمال " لوحة 1353.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 334، و" تاريخ بغداد " 13 / 189.
(5) " تاريخ بغداد " 13 / 189، و" تهذيب الكمال " لوحة 1353.

(10/367)


قَالَ عِمْرَانُ بنُ بَكَّارٍ القَافْلاَنِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَعَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالاَ:
سَمِعْنَا يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كَانَ المُعَلَّى بنُ مَنْصُوْرٍ يَوْماً يُصَلِّي، فَوَقَعَ عَلَى رَأْسِهِ كُورُ الزَّنَابِيْرِ، فَمَا الْتَفَتَ وَلاَ انْفَتَلَ حَتَّى أَتَمَّ صَلاَتَه، فَنَظَرُوا، فَإِذَا رَأْسُهُ صَارَ هَكَذَا مِنْ شِدَّةِ الانْتِفَاخِ (1) .
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَكَانَ نَبِيْلاً، طَلَبُوهُ لِلْقَضَاءِ غَيْرَ مَرَّةٍ؛ فَأَبَى (2) .
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ فِيْمَا تَفَرَّدَ بِهِ وَشُورِكَ فِيْهِ، مُتْقِنٌ، صَدُوْقٌ، فَقِيْهٌ، مَأْمُوْنٌ (3) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نَزَلَ بَغْدَادَ، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ، وَكَانَ صَدُوْقاً، صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَرَأْيٍ وَفِقْهٍ، فَمِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَمِنْهُم مَنْ لاَ يَرْوِي عَنْهُ، وَكَانَ يَنْزِلُ الكَرخَ (4) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ صَدُوْقاً فِي الحَدِيْثِ، وَكَانَ صَاحِبَ رَأْيٍ (5) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: كَانَ مُعَلَّى مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ أَبِي يُوْسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَمِنْ ثِقَاتِهِم فِي النَّقْلِ وَالرِّوَايَةِ (6) .
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ، لأَنِّي لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً (7) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 189، و" تهذيب الكمال " لوحة 1353.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 190، و" تهذيب الكمال " لوحة 1353.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1353.
(4) " طبقات ابن سعد " 7 / 341.
(5) " الجرح والتعديل " 8 / 334.
(6) " تاريخ بغداد " 13 / 190، و" تهذيب الكمال " لوحة 1353.
(7) " الكامل " لابن عدى 4 / لوحة 777.

(10/368)


وَقَالَ سَهْلُ بنُ عَمَّارٍ: كُنْتُ عِنْدَ المُعَلَّى بنِ مَنْصُوْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ حَرْبٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ فِي أَيَّامِ خَاضَ النَّاسُ فِي القُرْآنِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُقَاتِلٍ المَرْوَزِيُّ، فَذَكَرَ لِلْمُعَلَّى أَنَّ النَّاسَ قَدْ خَاضُوا فِي أَمْرِهِ، فَقَالَ: مَاذَا يَقُوْلُوْنَ؟
قَالَ: يَقُوْلُوْنَ: إِنَّكَ تَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ.
فَقَالَ: مَا قُلْتُ، وَمَنْ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ عِنْدِي كَافِرٌ (1) .
قُلْتُ: كَانَ مُعَلَّى صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ، وَكَانَ بَرِيْئاً مِنَ التَّجَهُّمِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (2) .
قُلْتُ: رَوَى لَهُ الجَمَاعَةُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ): كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرْوِي عَنْ مُعَلَّى؛ لأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ فِي الرَّأْيِ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَغَيْرُهُ يُوَثِّقُهُ.
وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، فَغَلِطَ بِلاَ رَيْبٍ، فَنَقَلَ عَنْ أَبِيْهِ أَنَّهُ قَالَ:
قِيْلَ لأَحْمَدَ: كَيْفَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ مُعَلَّى؟
فَقَالَ: كَانَ يَكْذِبُ.
وَإِنَّمَا الصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ (3) .
وَمِنْ مُفْرَدَاتِ مُعَلَّى بنِ مَنْصُوْرٍ فِي إِسْنَادٍ لاَ فِي مَتْنٍ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (4) لَهُ،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 188، و" تهذيب الكمال " لوحة 1353، 1354.
(2) " طبقات ابن سعد " 7 / 341، و" تهذيب الكمال " لوحة 1354.
(3) وهو قوله في الصفحة 367: كان يكتب الشروط، ومن كتبها لم يخل من أن يكذب. وهو الذي نقله ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 8 / 334، ولم يرد فيه ما ذكره المصنف عنه، فلعله قال ذلك في موضع آخر.
(4) برقم (2107) في النكاح: باب الصداق، وإسناده صحيح، وأخرجه أحمد 6 / 427 من طريق إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن المبارك به، وأخرجه النسائي 6 / 119، من طريق العباس بن محمد الدوري، عن علي بن الحسين بن شقيق، عن عبد الله ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أم حبيبة..، وأخرجه البيهقي 7 / 232 من طريق يعقوب بن سفيان، عن عبد الله بن عثمان، عن عبد الله بن المبارك.

(10/369)


عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيْبَةَ: أَنَّ النَّجَاشِيَّ زَوَّجَهَا بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَخَالَفَه عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، فَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، فَقَالَ: عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلاً (1) .
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ المِسْوَرِ، قَالَ:
وَضَعَتْ سُبَيْعَةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِأَيَّامٍ قَلاَئِلَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسْتَأْذِنُهُ فِي النِّكَاحِ، فَأَذِنَ لَهَا (2) .
وَأَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ إِسْحَاقَ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَقَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَطِيْبُ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ:
أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حُبْلَى، فَلَمْ تَمكُثْ إِلاَّ لَيَالِيَ حَتَّى وَضَعَتْ، فَلَمَّا فَصَلَتْ، خُطِبَتْ، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُوْلَ اللهِ فِي النِّكَاحِ حِيْنَ وَضَعَتْ، فَأَذِنَ لَهَا، فَنُكِحَتْ.
__________
(1) " سنن أبي داود " (2108) عن الزهري، ولم يذكر عروة.
(2) إسناده صحيح.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 590 في الطلاق: باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور، وأخرجه من طريق مالك: البخاري 9 / 417، وأحمد 4 / 327، والنسائي 6 / 190.

(10/370)


96 - عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ * (م، 4)
مِنْ كِبَارِ فُقَهَاءِ المَدِيْنَةِ.
بَالَغَ القَاضِي عِيَاضٌ فِي تَقْرِيْظِه، وَذَكَرَهُ فِي صَدْرِ كِتَابِ (المَدَارِكِ) لَهُ، فَقَالَ (1) :
وَلَقَدْ بَعَثَ سُحْنُوْنُ فِي مُحَمَّدِ بنِ رَزِيْنٍ، وَقَدْ بَلَغَه أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَ مِنِ ابْنِ نَافِعٍ؟
فَقَالَ: أَصْلَحَكَ اللهُ، إِنَّمَا هُوَ الزُّبَيْرِيُّ، وَلَيْسَ بِالصَّائِغِ.
فَقَالَ لَهُ: فَلِمَ دَلَّسْتَ؟
ثُمَّ قَالَ سُحْنُوْنُ: مَاذَا يَخرُجُ بَعْدِي مِنَ العَقَارِبِ؟!
فَقَدْ رَأَى سُحْنُوْنُ وُجُوْبَ بَيَانِهِمَا، وَإِنْ كَانَا ثِقَتَيْنِ إِمَامَيْنِ، حَتَّى لاَ تَخْتَلِطَ رِوَايَاتُهُمَا، فَإِنَّ الصَّائِغَ أَكْبَرُ وَأَقدَمُ وَأَثْبَتُ فِي مَالِكٍ لِطُولِ صُحبَتِه لَهُ، وَهُوَ الَّذِي خَلَّفَه فِي مَجْلِسِه بَعْدَ ابْنِ كِنَانَةَ، وَهُوَ الَّذِي يَحكِي عَنْهُ يَحْيَى بنُ يَحْيَى (2) ، وَسُحْنُوْنُ، وَيَروِيَانِ عَنْهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ سُحْنُوْنُ سَمَاعَهُ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ أَشْهَبَ - كَمَا نَذكُرُهُ بَعْدُ -.
وَوَفَاتُهُ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا قَدْ قِيْلَ فِي وَفَاتِهِ، وَالأَصَحُّ مَا سَنَذكُرُهُ بَعْدُ فِيْهَا.
قَالَ (3) : وَمَاتَ الزُّبَيْرِيُّ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ شَيْخُ ابْنِ
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 438، التاريخ الكبير 5 / 213، وفيه: الصانع بدل الصائغ.
التاريخ الصغير: 2 / 309، المجروحين والضعفاء 2 / 20 - 21، الجرح والتعديل 5 / 183، الكامل لابن عدي لوحة: 426، ترتيب المدارك 1 / 356 - 358، تهذيب الكمال لوحة: 748، تذهيب التذهيب 2 / 191 / 2، ميزان الاعتدال 2 / 513 - 514، العبر 1 / 349، الكاشف 2 / 136، المغني في الضعفاء 1 / 360، الديباج المذهب 1 / 409، 410، تهذيب التهذيب 6 / 51 - 52، خلاصة تذهيب الكمال 216، شذرات الذهب 2 / 15، شجرة النور 1 / 55.
(1) النص بطوله في " ترتيب المدارك " 1 / 47، 48.
(2) هو يحيى بن يحيى الليثي صاحب الرواية المشهورة المتداولة في الشرق والغرب للموطأ.
وسترد ترجمته في الصفحة 519 من هذا الجزء.
(3) القائل: القاضي عياض.

(10/371)


حَبِيْبٍ، وَسَعِيْدِ بنِ حَسَّانٍ، وَكَثِيْراً مَا تَختَلِطُ رِوَايَتُهُم عِنْدَ الفُقَهَاءِ حَتَّى لاَ عِلْمَ عِنْدَ أَكْثَرِهِم بِأَنَّهُمَا رَجُلاَنِ، وَرُبَّمَا جَاءتْ رِوَايَةُ أَحَدِهِمَا مُخَالِفَةً لِرِوَايَةِ الآخَرِ، فَيَقُوْلُوْنَ: فِي ذَلِكَ اخْتِلاَفٌ عَنِ ابْنِ نَافِعٍ.
وَقَدْ وَهِمَ فِيْهِمَا عَظِيْمٌ مِنْ شُيُوْخِ الأَنْدَلُسِيِّيْنَ بَعْدَ أَنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، لَكِنَّه زَعَمَ (1) أَنَّ أَحَدَهُمَا وَلَدُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَإِنَّمَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ العُمَرِيُّ شَيْخٌ قَدِيْمٌ، يُذكَرُ مَعَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَنَحْوِهِ.
قُلْتُ: وَعَبْدُ اللهِ الصَّائِغُ حَدِيْثُهُ مُخَرَّجٌ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، سِوَى (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ)، وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي مَخْزُوْمٍ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ - الَّذِي قَامَ بِالمَدِيْنَةِ وَقُتِلَ (2) - وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ يَزِيْدَ الكَعْبِيِّ - صَاحِبِ أَنَسٍ - وَكَثِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، وَدَاوُدَ بنِ قَيْسٍ الفَرَّاءِ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَلَيْسَ هُوَ بِالمُتَوَسِّعِ فِي الحَدِيْثِ جِدّاً، بَلْ كَانَ بَارِعاً فِي الفِقْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَسُحْنُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ، وَسَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الخَلاَّلُ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، وَعِدَّةٌ.
__________
(1) إلى هنا النقل عن " ترتيب المدارك " وما بعد ذلك يختلف عما هنا، ففيه: زعم أن صاحب السماع هو الزبيري، وأنه المذكور في العتبية.
(2) انظر خبر قيامه، في " تاريخ الطبري " 7 / 552، و" الكامل " لابن الأثير 5 / 529، وقد طول المؤلف ترجمته في الجزء السادس من هذا الكتاب ص 210.

(10/372)


رَوَى: أَبُو طَالِبٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:
كَانَ صَاحِبَ رَأْيِ مَالِكٍ، وَكَانَ يُفْتِي أَهْلَ المَدِيْنَةِ، وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبَ حَدِيْثٍ، كَانَ ضَيِّقاً فِيْهِ (1) .
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ (2) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: تَعْرِفُ وَتُنْكِرُ (3) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ لَيِّنٌ فِي حِفْظِهِ، وَكِتَابُهُ أَصَحُّ (4) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (5) .
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى عَنْ (6) مَالِكٍ غَرَائِبَ (7) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ قَدْ لَزِمَ مَالِكاً لُزُوْماً شَدِيْداً.
ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ دُوْنَ مَعْنٍ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَمائَتَيْنِ (8) .
قُلْتُ: فَهَذَا الصَّوَابُ فِي وَفَاتِهِ، وَمَا عَدَاهُ فَوَهْمٌ وَتَصْحِيْفٌ.
وَقَدْ أَخْطَأَ الإِمَامُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَتِهِ خَطَأً لاَ يُحْتَمَلُ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ فِي تَرْجَمَتِهِ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ، فَسَاقَه بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ بُخْتٍ المَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ (9) : وَإِذَا رَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ مِثْلُ عَبْدِ الوَهَّابِ
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 184، و" تهذيب الكمال " لوحة 748.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 184.
(3) " التاريخ الكبير " 5 / 213 ونصه فيه: " يعرف حفظه وينكر وكتابه أصح ".
(4) " الجرح والتعديل " 5 / 184.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 748.
(6) في الأصل: " عنه " وهو خطأ.
(7) " الكامل " لابن عدي: 3 / لوحة 446.
(8) " الطبقات الكبرى " 5 / 438.
(9) في " كامله " 3 / لوحة 446.

(10/373)


بنِ بُخْتٍ، يَكُوْنُ ذَلِكَ دَلِيْلاً عَلَى جَلاَلَتِهِ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الكِبَارِ عَنِ الصِّغَارِ.
قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ يُمْكِنُ أَنْ يَرْوِيَ عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ عَنْ هِشَامٍ، وَلَمْ يَأْخُذْ عَنْ أَحَدٍ حَتَّى مَاتَ هِشَامٌ؟
وَمِنْ أَيْنَ يُمْكِنُ أَنْ يُحَدِّثَ عَبْدُ الوَهَّابِ عَنِ الصَّائِغِ، وَإِنَّمَا وُلِدَ الصَّائِغُ بَعْد مَوْتِ عَبْدِ الوَهَّابِ بِأَعْوَامٍ عَدِيْدَةٍ؟
وَإِنَّمَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ المَذْكُوْرُ فِي الحَدِيْثِ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، مَاتَ قَدِيْماً فِي دَوْلَةِ أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ.
فَأَمَّا:

97 - عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الزُّبَيْرِيُّ * (س، ق)
فَهُوَ حَفِيْدُ ثَابِتِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدٍ القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ، المَدَنِيُّ، الَّذِي يُعرَفُ: بِعَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ الصَّغِيْرِ.
رَوَى عَنْ: أَخِيْهِ؛ عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ الكَبِيْرِ.
وَعَنْ: مَالِكٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَهَارُوْنُ الحَمَّالُ، وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُعَذَّلِ الفَقِيْهُ، وَأَبُو عُتْبَةَ الحِمْصِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: صَدُوْقٌ (1) .
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 439، التاريخ الكبير 5 / 213 - 214، التاريخ الصغير 2 / 337، الجرح والتعديل 5 / 184، جمهرة نسب قريش 95، ترتيب المدارك 1 / 365 - 367، تهذيب الكمال لوحة 747، تذهيب التهذيب 2 / 191 / 2، الكاشف 2 / 136، ميزان الاعتدال 2 / 514، العبر 1 / 369، الديباج المذهب 1 / 411، تهذيب التهذيب 6 / 50، خلاصة تذهيب الكمال 216، شذرات الذهب 2 / 36، شجرة النور 1 / 56.
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 184.

(10/374)


وَقَالَ البُخَارِيُّ: أَحَادِيْثُهُ مَعْرُوْفَةٌ (1) .
قَالَ ابْنُ عَمِّه الزُّبَيْرُ (2) : كَانَ المَنْظُوْرَ إِلَيْهِ مِنْ قُرَيْشٍ بِالمَدِيْنَةِ فِي هَدْيِهِ وَفِقْهِهِ وَعَفَافِهِ، وَكَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَكَذَا وَرَّخَ البُخَارِيُّ وَفَاتَه (3) ، وَهِيَ بَعْدَ وَفَاةِ الصَّائِغِ بِعَشْرَةِ أَعْوَامٍ.
خَرَّجَ لَهُ: النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
حَدِيْثٌ لِلصَّائِغِ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بنُ المُغِيْرَةِ المَخْزُوْمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ (4)).
هَذَا حَدِيْثٌ مِنَ الأَفْرَادِ.
وَعَبْدُ اللهِ هَذَا: هُوَ الصَّائِغُ، وَرَدَ مَنْسُوْباً - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
__________
(1) " التاريخ الكبير " 5 / 214.
(2) أي الزبير بن بكار في كتابه " جمهرة نسب قريش " ص 96.
(3) في " تاريخه الكبير " 5 / 214.
(4) حديث صحيح، وهو من حديث ابن عمر عند مسلم (2003)، وأبي داود
(3679)، والترمذي (1861)، وأحمد 2 / 16، و21 و29 و134 و137، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 4 / 215، 216، والدارقطني 4 / 248 و249، والبيهقي 8 / 293، وابن ماجه (3390)، وابن الجارود (857) و(859).

(10/375)


98 - دِيْنَارٌ أَبُو مِكْيَسٍ الحَبَشِيُّ الأَسْوَدُ *
المُعَمَّرُ.
زَعَمَ أَنَّهُ مَوْلَىً لأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَحَدَّثَ عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البَرْبَرِيُّ، وَأَحْمَدُ غُلاَمُ خَلِيْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاجِيَةَ، وَعِيْسَى بنُ يَعْقُوْبَ الزَّجَّاجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَصَّاصُ - شَيْخٌ لِلطَّبَرَانِيِّ - وَغَيْرُهُم.
وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُوْنٍ.
مَاتَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي (كَامِلِهِ (1)): مُنْكَرُ الحَدِيْثِ، ذَاهِبُهُ، شِبْهُ مَجْهُوْلٌ.
قُلْتُ: يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ كَذَّابٌ، مَا لَحِقَ أَنَساً أَبَداً.

99 - عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ أَبُو عُمَرَ الغُدَانِيُّ ** (خَ، س، ق)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو عُمَرَ الغُدَانِيُّ (2) ، البَصْرِيُّ.
وَيُقَالُ: كُنيَتُهُ أَبُو عَمْرٍو.
وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ جَدِّهِ، فَقِيْلَ: مُثَنَّى، وَقِيْلَ: عُمَرُ.
__________
(*) المجروحين والضعفاء 1 / 295، الكامل لابن عدي لوحة: 262، تاريخ بغداد 8 / 381، 382، ميزان الاعتدال 2 / 30 - 31، المغني في الضعفاء 1 / 224، لسان الميزان 2 / 434 - 435.
(1) 2 / لوحة 262.
(* *) طبقات خليفة ت (1961)، التاريخ الكبير 5 / 91، الجرح والتعديل 5 / 55، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 267، المعجم المشتمل (153)، تهذيب الكمال لوحة (680) تذهيب التهذيب 2 / 143 - 144 / 1، ميزان الاعتدال 2 / 421، المغني في الضعفاء 2 / 338، العبر 1 / 380، تذكرة الحفاظ 1 / 404، الكاشف 2 / 85، دول الإسلام 1 / 133، تهذيب التهذيب 5 / 208، مقدمة فتح الباري 411، خلاصة تذهيب الكمال (197).
(2) نسبة إلى غدانة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.
انظر " الأنساب " 9 / 127.

(10/376)


رَوَى عَنْ: شُعْبَةَ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَعَاصِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ، وَهَمَّامٍ، وَعِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، وَعِمْرَانَ بنِ دَاوَرَ القَطَّانِ، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ سَلَمَةَ بنِ أَبِي الحُسَامِ، وَحَرْبِ بنِ شَدَّادٍ، وَجَرِيْرِ بنِ أَيُّوْبَ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَالمَسْعُوْدِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ، وَخَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ، وَرَجَاءُ بنُ مُرَجَّى، وَأَبُو قِلابَةَ الرَّقَاشِيُّ، وَعُثَمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ أَخُو أَبِي دَاوُدَ - وَلَمْ يَلقَهُ أَبُو دَاوُدَ - وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَهِلاَلُ بنُ العَلاَءِ، وَابْنُ وَارَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُعَاذٍ دُرَّانُ (1) ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
رَوَى: عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: كَانَ شَيْخاً صَدُوْقاً، لاَ بَأْسَ بِهِ (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْهُ، فَقَالَ:
حَسَنُ الحَدِيْثِ عَنْ إِسْرَائِيْلَ، وَجَعَلَ يُثْنِي عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ ثِقَةً، رِضَىً (3) .
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُرْفُطَةَ السُّلَمِيِّ، عَنْ خِدَاشٍ أَبِي سَلاَمَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (أُوْصِي امْرَءاً بِأُمِّهِ، أُوْصِي امْرَءاً بِأَبِيْهِ، أُوْصِي امْرَءاً بِمَوْلاَهُ
__________
(1) في الأصل: " درائي "، وهو أبو بكر محمد بن معاذ بن سفيان بن المستهل العنزي البصري ثم الحلبي، المتوفى سنة 294، وسيترجمه المؤلف في الجزء الثالث عشر برقم (269).
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 55.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 55.

(10/377)


الَّذِي يَلِيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ أَذَاةٌ تُؤْذِيْهِ (1)).
وَيَقَعُ لِي حَدِيْثُه فِي (جُزْءِ ابْنِ نُجَيْدٍ (2)) بِعُلُوٍّ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: اجْتَمَعَ أَهْلُ البَصْرَةِ عَلَى عَدَالَةِ رَجُلَيْنِ؛ أَبِي عُمَرَ الحَوْضِيِّ (3) ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ (4) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (5) .
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: صَدُوْقٌ، كَثِيْرُ الغَلَطِ وَالتَّصْحِيْفِ، لَيْسَ بِحُجَّةٍ (6) .
قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ (7))، وَأَخَرَجَ لَهُ: النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
__________
(1) إسناده ضعيف لجهالة عبيد الله بن علي بن عرفطة، وباقي رجاله ثقات، وهو في " المسند " 4 / 311، وابن ماجه (3657)، والمستدرك 4 / 150، وفي الباب ما يشهد له عن معاوية بن حيدة عند أحمد 5 / 3 و5، وأبي داود (5139)، والترمذي (1898)، والبخاري في " الأدب المفرد " (3) بلفظ: قلت: يا رسول الله، من أبر ؟ قال: " أمك " قلت: من أبر ؟ قال: " أمك " قلت: من أبر ؟ قال: " أمك " قلت: من أبر ؟ قال: " أباك، ثم الاقرب فالاقرب ".
وسنده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم 4 / 150، ووافقه
الذهبي.
وعن كليب بن منفعة عند أبي داود (5140)، والبخاري في " الأدب المفرد " (47) بلفظ: قال جدي: يا رسول الله، من أبر ؟ قال: " أمك وأباك، وأختك وأخاك، ومولاك الذي يلي ذاك، حق واجب، ورحم موصولة ".
وسنده حسن في الشواهد.
وعن أبي رمثة عند أحمد، 2 / 226، والحاكم 4 / 150، 151.
(2) تقدم التعريف به في الصفحة 162 من هذا الجزءت (2).
(3) نسبة إلى " الحوض " موضع بالبصرة، انظر " الأنساب " 4 / 271، و" معجم البلدان " 2 / 320.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 680.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 680.
(6) " الجرح والتعديل " 5 / 55، و" تهذيب الكمال " لوحة 680.
(7) قال الحافظ في " المقدمة " 411: قد لقيه البخاري، وحدث عنه بأحاديث يسيرة، وروى أيضا عن محمد عنه أحاديث أخرى.

(10/378)


قِيْلَ: مَاتَ فِي آخِرِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ، وَغَيْرُهُ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ.
فَقِيْلَ: فِي المُحَرَّمِ، مِنْهَا (1) .
ثمَّ إِنَّ البُخَارِيَّ قَدْ رَوَى عَنْ مُحَمَّدٍ غَيْرِ مَنْسُوْبٍ عَنْهُ (2) ، فَكَانَ مُحَمَّداً الذُّهْلِيَّ.

100 - عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ أَبُو عِمْرَانَ البَصْرِيُّ * (م، د، س، ق)
الإِمَامُ، أَبُو عِمْرَانَ البَصْرِيُّ، ثُمَّ المَكِّيُّ، عَالِمٌ، صَاحِبُ حَدِيْثٍ، مِنْ أَقْرَانِ وَكِيْعٍ، جِهَتُهُ مَعَ الغُدَانِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ، وَأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَمُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَطَائِفَةٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى: شَرِيْكٍ، وَمَالِكٍ.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَسُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ، وَابْنُ مَعِيْنٍ،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 680.
(2) 6 / 363: باب ما ذكر عن بني إسرائيل: حديث أبرص وأقرع وأعمى.
قال الجياني: لم ينسبه أحد من الرواة، ولعله محمد بن يحيى الذهلي.
قال الحافظ في المقدمة " ص 232: قد جوز أن يكون الذهلي أبو ذر الهروي في روايته، فقال: يشبه أن يكون محمدا هذا هو الذهلي، وقد سمع البخاري من عبد الله بن رجاء، ولكن هذا الحديث عنده عن محمد، عن عبد الله بن رجاء، ثم ذكره بسنده، عن محمد بن يحيى الذهلي، عن عبد الله بن رجاء، وكذلك ساقه أبو نعيم في " مستخرجه " من طريق الذهلي عن عبد الله بن رجاء.
(*) تاريخ ابن معين 306، طبقات ابن سعد 5 / 500، التاريخ الكبير 5 / 91، التاريخ الصغير 2 / 336، المعرفة والتاريخ 3 / 52، الجرح والتعديل 5 / 54، تهذيب الكمال لوحة (681)، تذهيب التهذيب 2 / 144 / 1، الكاشف 2 / 85، العقد الثمين 5 / 136 - 137، تهذيب التهذيب 5 / 211، طبقات الحفاظ (172)، خلاصة تذهيب الكمال (197).

(10/379)


وَالقَوَارِيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَدَنِيُّ، وَهِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَصَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ، وَزَيْدُ بنُ الحَرِيْشِ، وَسُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَهَارُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ ذَكَرَهُ، فَحَسَّنَ أَمرَه (1) .
وَرَوَى: المَيْمُوْنِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: رَأَيْتُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ (2) .
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ (3) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (4) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ اثْنَانِ: المَكِّيُّ، وَالبَصْرِيُّ، لَيْسَ بِهِمَا بَأْسٌ (5) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، بَصْرِيٌّ، سَكَنَ مَكَّةَ، وَبِهَا مَاتَ (6) .
قُلْتُ: مَاتَ بَعْدَ التِّسْعِيْنَ وَمائَةٍ، أُرَى.

101 - مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرِ بنِ أَبِي عَطَاءٍ الصَّنْعَانِيُّ * (د، ت، س)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو يُوْسُفَ الصَّنْعَانِيُّ، ثُمَّ المَصِّيْصِيُّ.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 54.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 681.
(3) " تاريخ يحيى بن معين ": 306.
(4) " الجرح والتعديل " 5 / 55.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 681.
(6) " طبقات ابن سعد " 5 / 500.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 489، طبقات خليفة ت (3057)، التاريخ الكبير 1 / 218، =

(10/380)


حَدَّثَ عَنْ: الأَوْزَاعِيِّ، وَسَمِعَ مِنْهُ بِبَيْرُوْتَ.
وَعَنْ: مَعْمَرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَوْذَبٍ، وَحَمَّادِ بن سَلَمَةَ، وَزَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُوْرَانِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ، وَشِهَابُ بنُ عَبَّادٍ العَبْدِيُّ، وَأَبُو عُمَيْرٍ بنُ النَّحَّاسِ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، وَعَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الهَيْثَمِ قَاضِي عُكْبَرَا، وَالحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، وَفَهْدُ بنُ سُلَيْمَانَ الدَّلاَّلُ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: هُوَ مِنْ صَنْعَاءِ دِمَشْقَ (1) .
وَذَكَرَ هِبَةُ اللهِ بنُ الأَكْفَانِيِّ: أَنَّهُ مِنْ مَصِّيْصَةِ دِمَشْقَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ مُرَابِطاً بِثَغرِ الشَّامِ، بِمَدِيْنَةِ المَصِّيْصَةِ، وَحَدِيْثُهُ عَالٍ فِي (الغَيْلاَنِيَّاتِ).
وَأَمَّا خَلِيْفَةُ، فَقَالَ: هُوَ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ، وَنَشَأَ بِالشَّامِ، وَسَكَنَ المَصِّيْصَةَ (2) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ (3) : هُوَ مَوْلَىً لِثَقِيْفٍ، رَوَى عَنْ مَعْمَرٍ وَالأَوْزَاعِيِّ،
__________
= التاريخ الصغير 2 / 336، المعرفة والتاريخ 1 / 201، الضعفاء للعقيلي لوحة (396)، الجرح والتعديل 8 / 69، تهذيب الكمال لوحة (1261)، ميزان الاعتدال 4 / 18 - 20، المغني في الضعفاء 2 / 626 - 627، الكاشف 3 / 91، العبر 1 / 370، تهذيب التهذيب 9 / 415، خلاصة تذهيب الكمال (357)، شذرات الذهب 2 / 38.
(1) وهي قرية على باب دمشق دون المزة مقابل مسجد خاتون. انظر " معجم البلدان " 3 / 429.
(2) " طبقات خليفة ": 318.
والمصيصة: قرية من قرى دمشق بالقرب من بيت لهيا.
كما في " معجم البلدان " 5 / 145 (3) في " تاريخه الكبير " 1 / 218.

(10/381)


أَصْلُهُ مِنْ نَاحِيَةِ اليَمَنِ، ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ:
بَعَثَ إِلَى اليَمَنِ، فَأَتَى بِكِتَابٍ، فَرَوَاهُ، مَاتَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ، قَالَ:
مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ المَصِّيْصِيُّ اليَوْمَ أَوْثَقُ النَّاسِ، يَنْبَغِي أَنْ يُرْحَلَ إِلَيْهِ، قَدْ كَانَ يُكْتَبُ عَنْهُ فِي حَيَاةِ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِالخَيْرِ مُنْذُ كَانَ (1) .
رَوَى: غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ:
كَانَ عِنْدَنَا بِبَيْرُوْتَ صَيَّادٌ، يَخرُجُ يَوْمَ الجُمُعَةِ يَصطَادُ، وَلاَ يَمْنَعُهُ مَكَانُ الجُمُعَةِ، فَخَرَجَ يَوْماً، فَخُسِفَ بِهِ وَبِبَغْلَتِهِ (2) ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ أُذُنَاهَا وَذَنَبُهَا.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: يَذْكُرُوْنَ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ كَثِيْرٍ الصَّنْعَانِيَّ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ (3) .
مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ كَثِيْرٍ يُنْشِدُ:
بُنَيُّ كَثِيْرٍ كَثِيْرُ الذُّنُوبِ ... فَفِي الحِلِّ وَالبِلِّ مَنْ كَانَ سَبَّهْ
بُنَيُّ كَثِيْرٍ دَهَتْه اثْنَتَانِ ... رِيَاءٌ وَعُجْبٌ يُخَالِطْنَ قَلْبَهْ
بُنَيُّ كَثِيْرٍ أَكُولٌ نَؤُومٌ ... وَمَا ذَاكَ مِنْ فِعْلِ مَنْ خَافَ رَبَّهْ
بُنَيُّ كَثِيْرٍ يُعَلِّمُ عِلْماً ... لَقَدْ أَعْوَزَ الصُّوفُ مَنْ جَزَّ كَلْبَهْ
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ، فَقَالَ:
دُفِعَ إِلَيْهِ كِتَابُ الأَوْزَاعِيِّ، وَفِي كُلِّ حَدِيْثٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ - اسْمُهُ - فَقَرَأَهُ
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 69.
(2) في الأصل: " ببلغته ".
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 489.

(10/382)


إِلَى آخِرِهِ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ (1) .
قُلْتُ: هَذَا هُوَ التَّدمِيغُ، وَبِكُلِّ حَالٍ، فَيُكْتَبُ حَدِيْثُه، أَمَا الحُجَّةُ بِهِ فَلاَ تَنهَضُ.
وَقَدْ تُوُفِّيَ -رَحِمَهُ اللهُ-: فِي تَاسِعَ عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِي الرُّوَاةِ: مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ القُرَشِيُّ الكُوْفِيُّ (2) : شَيْخٌ، لَيِّنٌ، يَرْوِي عَنْ لَيْثِ بنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَغَيْرِهِ، لَكِنْ قَوَّاهُ ابْنُ مَعِيْنٍ (3) .
وَمُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ السُّلَمِيُّ البَصْرِيُّ القَصَّابُ (4) : يَرْوِي عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاوُوْسٍ، وَجَمَاعَةٍ، ضَعَّفُوْهُ.

102 - مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ العَبْدِيُّ * (ع)
الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ العَبْدِيُّ، البَصْرِيُّ.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 69، 70.
(2) مترجم في: تاريخ ابن معين: 536، التاريخ الكبير 1 / 217، الضعفاء للعقيلي: لوحة 396، الجرح والتعديل 8 / 68، المجروحين والضعفاء 2 / 287، تاريخ بغداد 3 / 191 - 193، ميزان الاعتدال 4 / 17، 18، المغني في الضعفاء 2 / 626.
وذكره الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب 9 / 419، ولسان الميزان 5 / 351، 352.
(3) انظر " تاريخ ابن معين ": ص 536.
(4) مترجم في: التاريخ الكبير 1 / 218، الضعفاء الصغير: ص 105، الضعفاء للعقيلي: لوحة 396، الجرح والتعديل 8 / 70، المجروحين والضعفاء 2 / 287، ميزان الاعتدال 4 / 17، المغني في الضعفاء 2 / 626، وذكره الحافظ ابن حجر في تهذيبه 9 / 419 تمييزا، ولسان الميزان 5 / 351.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 305، طبقات خليفة ت: 1951، التاريخ الكبير: 1 / 218، التاريخ الصغير 2 / 349، الجرح والتعديل 8 / 70، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 448، المعجم المشتمل 268، تهذيب الكمال لوحة 1261، ميزان الاعتدال 4 / 18، الكاشف 3 / 91، العبر 1 / 388، المغني في الضعفاء 2 / 627، تهذيب التهذيب 9 / 416، خلاصة تذهيب الكمال 357، شذرات الذهب 2 / 52.

(10/383)


حَدَّثَ عَنْ: أَخِيْهِ؛ سُلَيْمَانَ بنِ كَثِيْرٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ بِخَمْسِيْنَ سَنَةً، لَقِيَ الزُّهْرِيَّ وَالكِبَارَ -.
وَحَدَّثَ مُحَمَّدٌ أَيْضاً عَنْ: شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُم.
وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَمَعْرِفَةٍ، سَمِعَ بِالبَصْرَةِ وَبِالكُوْفَةِ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَحَدِيْثُهُ مُخَرَّجٌ فِي الصِّحَاحِ كُلِّهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ (1))، وَأَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ)، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ الدَّارِمِيُّ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (2) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: رَوَى لَنَا الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ عَنْهُ، وَكَانَ تَقِيّاً، فَاضِلاً، يَخْضِبُ، عَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً (4) .
وَرَوَى: ابْنُ الجُنَيْدِ الخُتَّلِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَسْتَأْهِلُ أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ.
قُلْتُ: الرَّجُلُ مِمَّن طَفَرَ القَنْطَرَةَ، وَمَا عَلِمْنَا لَهُ شَيْئاً مُنْكَراً يُلَيَّنُ بِهِ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّ أَبَا الوَلِيْدِ أَحْفَظُ مِنْهُ، وَأَرفَعُ.
__________
(1) قال الحافظ في " المقدمة " 441: روى عنه البخاري ثلاثة أحاديث.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 70.
(3) " التاريخ الكبير " 1 / 218.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1261.

(10/384)


103 - مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرِ بنِ مَرْوَانَ الفِهْرِيُّ *
شَيْخٌ، شَامِيٌّ، وَاهٍ، نَزَلَ بَغْدَادَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي عَبْلَةَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ.
وَعَنْهُ: حَامِدُ بنُ شُعَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَكُنْ ثِقَةً.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى بَوَاطِيْلَ.
وَقَالَ الأَزْدِيُّ: مَتْرُوْكٌ (1) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَرِيْباً مِنْ سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

104 - العَوَقِيُّ مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ البَاهِلِيُّ ** (خَ، د، ت، ق)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ البَاهِلِيُّ، البَصْرِيُّ، العَوَقِيُّ.
وَالعَوَقَةُ: حَيٌّ نَزَلَ فِيْهِم، وَهُمْ بَطْنٌ مِنَ الأَزْدِ (2) .
حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَفُلَيْحِ بنِ
__________
(*) الجرح والتعديل 8 / 70، تاريخ بغداد 3 / 193، 194، ميزان الاعتدال 4 / 20، المغني في الضعفاء 2 / 627، لسان الميزان 5 / 352، 353.
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 194.
(* *) التاريخ الكبير 1 / 108، التاريخ الصغير 2 / 350، الجرح والتعديل 7 / 279، الإكمال 6 / 315، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 459، الأنساب 9 / 91، المعجم المشتمل 243، تهذيب الكمال لوحة 1205، تذهيب التهذيب 3 / 208 / 2، الكاشف 3 / 50، العبر 1 / 388، تهذيب التهذيب 9 / 304، خلاصة تذهيب الكمال 338، شذرات الذهب 2 / 52.
(2) انظر " الأنساب " للسمعاني 9 / 91.

(10/385)


سُلَيْمَانَ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيِّ، وَسَلِيْمِ بنِ حَيَّانَ، وَنَافِعِ بنِ عُمَرَ الجُمَحِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَحَفْصُ بنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ سِنْجَه، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
يَقَعُ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (1) .
قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
قُلْتُ: مَاتَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
يَقَعُ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ بِسَنَدٍ فِيْهِ إِجَازَةٌ.

105 - ابْنُ الطَّبَّاعِ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ نَجِيْحٍ * (خت، د، س، ق)
الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ ابْنُ الطَّبَّاعِ البَغْدَادِيُّ، أَخُو الحَافِظِ الإِمَامِ إِسْحَاقَ بنِ عِيْسَى، وَيُوْسُفَ بنِ عِيْسَى.
تَحَوَّلَ إِلَى الشَّامِ، وَرَابَطَ بِأَذَنَةَ مِنْ بِلاَدِ الثُّغُوْرِ.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 279.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1206.
(*) التاريخ الكبير 1 / 203، الجرح والتعديل 8 / 38، تاريخ بغداد 2 / 395، 396، الأنساب 8 / 196، تاريخ دمشق 15 / 426، المعجم المشتمل 266، اللباب 2 / 272 تهذيب الكمال لوحة 1255، تذكرة الحفاظ 1 / 411، العبر 1 / 392، الكاشف 3 / 87 تهذيب التهذيب 9 / 392، خلاصة تذهيب الكمال 355، شذرات الذهب 2 / 55.

(10/386)


وَحَدَّثَ عَنْ: مَالِكٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَجُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ، وَقَزَعَةَ بنِ سُوَيْدٍ، وَشَرِيْكِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي المَوَالِ، وَأَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بنِ مُطَرِّفٍ، وَهُشَيْمٍ - وَهُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ - وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَعَمْرِو بنِ أَبِي المِقْدَامِ، وَمُجَمِّعِ بنِ يَعْقُوْبَ، وَمَطَرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْنَقِ، وَعَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ السَّدُوْسِيِّ، وَعَبَّادِ بنِ عَبَّادٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَحَجَّاجٍ الأَعْوَرِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ - وَعَلَّقَ لَهُ البُخَارِيُّ - وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ الدَّارِمِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَعْقُوْبَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَطَالِبُ بنُ قُرَّةَ الأَذَنِيُّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الدَّيْرَعَاقُوْلِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، وَأَحْمَدُ بنُ خُلَيْدٍ الحَلَبِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الحَوْطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ مَشَايِخِ الإسْلاَمِ.
ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: لَبِيْبٌ، كَيِّسٌ (1) .
وَقَالَ الأَثْرَمُ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَذَكَرَ حَدِيْثَ هُشَيْمٍ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي الَّذِي يَصُوْمُ فِي كَفَّارَةٍ ثُمَّ يُوْسِرُ، قَالَ:
لاَ أُرَاهُ سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، قِيْلَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى: إِنَّهُ يَقُوْلُ فِيْهِ: قَالَ: أَخْبَرْنَا ابْنُ شُبْرُمَةَ.
فَكَأَنَّهُ تَعَجَّبَ، فَقُلْتُ لأَحْمَدَ: أَلاَ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ عَالِمٌ بِهَذَا.
قَالَ: نَعَمْ، أَبُو جَعْفَرٍ كَيِّسٌ، فَهْمٌ (2) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 395، وفيه: فقال: إن ابن الطباع لثبت كيس.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 395، و" تهذيب الكمال " لوحة 1255، 1256.

(10/387)


وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ يَسْأَلاَنِهِ عَنْ حَدِيْثِ هُشَيْمٍ -يَعْنِي: أَبَا جَعْفَرٍ-.
قَالَ: وَمَا أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ بِهِ مِنْهُ (1) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى يَقُوْلُ:
اخْتَلَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وأَبُو دَاوُد فِي حَدِيْث هُشَيْمٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: كَانَ يُدَلِّسُهُ، وَقَالَ الآخَرُ: هُوَ سَمَاعٌ.
فَتَرَاضَيَا بِي، فَأَخْبَرْتُهُمَا بِمَا عِنْدِي، فَاقتَصَرَا عَلَيْهِ (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الطَّبَّاعِ الثِّقَةُ المَأْمُوْنُ، مَا رَأَيْتُ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ أَحْفَظَ لِلأَبْوَابِ مِنْهُ (3) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنِ ابْنَيِ الطَّبَّاعِ، فَقَالَ: مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَكَانَ إِسْحَاقُ أَجَلَّ، وَمُحَمَّدٌ أَتْقَنَ (4) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى أَفْضَلُهُمَا.
ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَتَفَقَّهُ، وَكَانَ يَحْفَظُ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، وَكَانَ رُبَّمَا دَلَّسَ (5) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ (6) .
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِهِم بِهُشَيْمٍ، كَانَ يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ يَسْأَلاَنِه عَنْ حَدِيْثِ هُشَيْمٍ (7) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 395، 396، و" تهذيب الكمال " لوحة 1256.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 396، وهو فيه عن محمد بن إدريس الحنظلي قال: سمعت محمد بن عيسى.
و" تهذيب الكمال " لوحة 1256.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 39.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 38، 39.
(5) " تاريخ بغداد " 2 / 396، و" تهذيب الكمال " لوحة 1256.
(6) " تاريخ بغداد " 2 / 396، و" تهذيب الكمال " لوحة 1256.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 1256.

(10/388)


مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، بِالثُّغُوْرِ.

106 - الأُوَيْسِيُّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى *
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ عَمْرِو بنِ أُوَيْسِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي سَرْحٍ القُرَشِيُّ، العَامِرِيُّ، الأُوَيْسِيُّ، المَدِيْنِيُّ، مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ المَاجَشُوْنِ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَنَافِعِ بنِ عُمَرَ الجُمَحِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ لَهُ بِوَاسِطَةٍ، وَهَارُوْنُ الحَمَّالُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ (1) ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَبِيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ.
لَمْ أَظْفَرْ لَهُ بِوَفَاةٍ، وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، لَمْ يَلحَقْهُ مُسْلِمٌ.
__________
(*) التاريخ الكبير 6 / 13، الجرح والتعديل 5 / 387، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 311، المعجم المشتمل 172، تهذيب الكمال لوحة 841، تذهيب التهذيب 2 / 242 / 2، ميزان الاعتدال 2 / 630، الكاشف 2 / 200، المغني في الضعفاء 2 / 398، تهذيب التهذيب 6 / 345، 346، خلاصة تذهيب الكمال 240.
(1) قال السمعاني في " الأنساب " 10 / 196: نسبة إلى قطوان: موضع بالكوفة، ولعله اسم رجل أو قبيلة نزلت هذا الموضع، فنسب الموضع إليهم.

(10/389)


107 - الصُّوْرِيُّ مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ يَعْلَى * (ع)
الإِمَامُ، العَابِدُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، الفَقِيْهُ، مُفْتِي دِمَشْقَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ يَعْلَى القُرَشِيُّ، الصُّوْرِيُّ، القَلاَنسِيُّ.
سَمِعَ: سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمَالِكَ بنَ أَنَسٍ، وَمُعَاوِيَةَ بنَ سَلاَّمٍ، وَصَدَقَةَ بنَ خَالِدٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَيَّاشٍ، وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى بنَ حَمْزَةَ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَعَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مُسَلَّمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بُرْدٍ، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كَانَ شَيْخَ البَلَدِ، يُفْتِي دِمَشْقَ بَعْدَ أَبِي مُسْهِرٍ (1) .
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ (2) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ رَجُلَ الشَّامِ بَعْدَ أَبِي مُسْهِرٍ (3) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ ثِقَةً (4) .
__________
(*) التاريخ الكبير 1 / 241، التاريخ الصغير 2 / 232، تاريخ دمشق لأبي زرعة 1 / 282، الجرح والتعديل 8 / 104، الأنساب 8 / 104، اللباب 2 / 250، تهذيب الكمال لوحة 1262، تذكرة الحفاظ 1 / 386، 387، العبر 1 / 367، الكاشف 3 / 92، عيون التواريخ 7 / الورقة 306، 307، تهذيب التهذيب 9 / 423، طبقات الحفاظ 165، خلاصة تذهيب الكمال: 357.
(1) تاريخ أبي زرعة 1 / 282، وتاريخ الفسوي 1 / 200، و" تهذيب الكمال " لوحة 1262، و" عيون التواريخ " 7 / لوحة 307.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1262.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1262.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 104.

(10/390)


قُلْتُ: خَرَّجُوا لَهُ فِي الدَّوَاوِيْنِ السِّتَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ الدِّرَفْسِ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: اعمَلْ للهِ، فَإِنَّهُ أَنفَعُ لَكَ مِنَ العَمَلِ لِنَفْسِكَ.
وَعَنْهُ، قَالَ: عَلاَمَةُ الحُبِّ للهِ المُرَاقَبَةُ لِلْمَحْبُوْبِ، وَالتَّحَرِّي لِمَرْضَاتِهِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: كَذَبَ مَنِ ادَّعَى المَعْرِفَةَ وَيَدُه تَرعَى فِي قِصَاعِ المُكْثِرِيْنَ، مَنْ وَضَعَ يَدَهُ فِي قَصعَةِ غَيْرِهِ، ذَلَّ لَهُ.
وَعَنْهُ: اتَّقِ اللهَ تَقْوَىً لاَ تَطَّلِعُ عَلَيْهِ نَفْسُكَ، فَتُسَلِّطَ الآفَةَ عَلَى قَلْبِكَ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَهِدْتُ جَنَازَةَ مُحَمَّدِ بنِ المُبَارَكِ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو مُسْهِرٍ بِبَابِ الجَابِيَةِ، وَجَعَلَ يُثْنِي عَلَيْهِ (1) .
قَالَ الكَلاَبَاذِيُّ: رَوَى البُخَارِيُّ فِي الجِهَادِ عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: يَحْفَظُ الإِسْنَادَ.

108 - إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَبْدِ اللهِ الأَصْبَحِيُّ * (خَ، م)
ابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أُوَيْسِ بنِ مَالِكِ بنِ أَبِي عَامِرٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ،
__________
(1) " تاريخ أبي زرعة " 1 / 282.
(*) التاريخ الكبير 1 / 364، التاريخ الصغير 2 / 354، الضعفاء والمتروكين للنسائي: 18، الضعفاء للعقيلي لوحة 30، الجرح والتعديل 2 / 180، الكامل لابن عدي لوحة 30، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 25، ترتيب المدارك 1 / 369، 370، المعجم المشتمل (81) تهذيب الكمال لوحة 105، 106، تذهيب التهذيب 1 / 64 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 409، العبر 1 / 396، ميزان الاعتدال 1 / 222، 223، المغني في الضعفاء 1 / 79، الديباج المذهب 1 / 281، 282، غاية النهاية 1 / 162، تهذيب التهذيب 1 / 310، 312، مقدمة فتح الباري 388، طبقات الحفاظ 175، خلاصة تذهيب الكمال: 35، شذرات الذهب 2 / 58، شجرة النور 1 / 56.

(10/391)


الصَّدُوْقُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَصْبَحِيُّ، المَدَنِيُّ، أَخُو أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ.
قَرَأَ القُرْآنَ وَجَوَّدَهُ عَلَى نَافِعٍ، فَكَانَ آخِرَ تَلاَمِذَتِهِ وَفَاةً.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ؛ عَبْدِ اللهِ، وَأَخِيْهِ؛ أَبِي بَكْرٍ، وَخَالِهِ؛ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَسَلَمَةَ بنِ وَرْدَانَ - صَاحِبِ أَنَسٍ - وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي حَبِيْبَةَ، وَكَثِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الزِّنَادِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، ثُمَّ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ بِوَاسِطَةٍ، وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ الصَّائِغُ، وَعَلِيُّ بنُ جَبَلَةَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ السُّرِّيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّرِامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَالفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ عَالِمَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَمُحَدِّثَهُم فِي زَمَانِهِ عَلَى نَقْصٍ فِي حِفْظِهِ وَإِتْقَانِه، وَلَوْلاَ أَنَّ الشَّيخَينِ احْتَجَّا بِهِ، لَزُحْزِحَ حَدِيْثُهُ عَنْ دَرَجَةِ الصَّحِيْحِ إِلَى دَرَجَةِ الحَسَنِ.
هَذَا الَّذِي عِنْدِي فِيْهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ (1) .
وَرُوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: صَدُوْقٌ، ضَعِيْفُ العَقْلِ، لَيْسَ
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 181، و" تهذيب الكمال " لوحة 106.

(10/392)


بِذَاكَ (1) .
يَعْنِي: أَنَّهُ لاَ يُحسِنُ الحَدِيْثَ، وَلاَ يَعْرِفُ أَنْ يُؤَدِّيَه، أَوْ أَنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ غَيْرِ كِتَابِهِ (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، وَكَانَ مُغَفَّلاً (3) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ (4) .
وَقَالَ مَرَّةً فَبَالَغَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ أَختَارُه فِي الصَّحِيْحِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: رَوَى عَنْ خَالِه غَرَائِبَ لاَ يُتَابِعُهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِيْهِ (5) .
قُلْتُ: الرَّجُلُ قَدْ وَثَبَ إِلَى ذَاكَ البِرِّ، وَاعتَمَدَهُ صَاحِبَا (الصَّحِيْحَيْنِ (6))، وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ صَاحِبُ أَفرَادٍ وَمَنَاكِيْرَ تَنْغَمِرُ فِي سَعَةِ مَا رَوَى، فَإِنَّهُ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ عَبْدِ اللهِ كَاتِبِ اللَّيْثِ (7) .
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 181، و" تهذيب الكمال " لوحة 106.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 106.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 181.
(4) " الضعفاء والمتروكين ": ص 18.
(5) " الكامل " لابن عدي 1 / لوحة 30.
(6) قال الحافظ في " مقدمة فتح الباري " ص 388، إلا أنهما لم يكثرا من تخريج
حديثه، ولا أخرج له البخاري مما تفرد به سوى حديثين، وأما مسلم فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري، وروى له الباقون سوى النسائي، فإنه أطلق القول بضعفه.
ثم قال الحافظ: وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن إسماعيل أخرج له أصوله، وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به ليحدث به، ويعرض عما سواه، وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه، لأنه كتب من أصوله، وعلى هذا لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره، إلا إن شاركه فيه غيره، فيعتبر به.
(7) سترد ترجمته قريبا في الصفحة 405.

(10/393)


ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلُ مَرَّةً، فَوَثَّقَهُ، وَقَالَ: قَامَ فِي أَمرِ المِحْنَةِ مَقَاماً مَحْمُوْداً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ: قَالَ لِي إِسْمَاعِيْلُ: لَيْسَ اليَوْمَ بِالمَدِيْنَةِ أَحَدٌ قَرَأَ عَلَى نَافِعٍ غَيْرِي.
وَقَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَقِيْلَ لَهُ: مَنْ بِالمَدِيْنَةِ اليَوْمَ؟
فَقَالَ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ هُوَ عَالِمٌ كَثِيْرُ العِلْمِ، أَوْ نَحْوُ هَذَا.
قَالَ البُرْقَانِيُّ: قُلْتُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: لِمَ ضَعَّفَ النَّسَائِيُّ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي أُوَيْسٍ؟
فَقَالَ: ذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الهَاشِمِيُّ - وَهُوَ إِمَامٌ كَانَ النَّسَائِيُّ يَخُصُّهُ - قَالَ:
حَكَى لِيَ النَّسَائِيُّ، أَنَّهُ حَكَى لَهُ سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ - ثُمَّ تَوَقَّفَ النَّسَائِيُّ، فَمَا زِلْتُ أُدَارِيهِ أَنْ يَحكِيَ لِيَ الحِكَايَةَ - حَتَّى قَالَ:
قَالَ لِي سَلَمَةُ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُوْلُ:
رُبَّمَا كُنْتُ أَضَعُ الحَدِيْثَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ فِيْمَا بَيْنَهُم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البُرْقَانِيُّ: فَقُلْتُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: مَنْ حَكَى لَكَ هَذَا عَنِ ابْنِ مُوْسَى؟
قَالَ: الوَزِيْرُ -يَعْنِي: ابْنَ حِنْزَابَه- وَكَتَبتُهَا مِنْ كِتَابِهِ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ أَيْضاً، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: قَالَ لَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الهَاشِمِيُّ صَاحِبُ اليَمَنِ:
خَرَجتُ مَعِي بِإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ إِلَى اليَمَنِ، فَدَخَلَ إِلَيَّ يَوْماً وَمَعَهُ ثَوْبُ وَشْيٍ، فَقَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلاَثاً إِنْ لَمْ تَشْتَرِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِمائَةِ دِيْنَارٍ.
فَقُلتُ لِلْغُلاَمِ: زِنْ لَهُ.
فَوَزَنَ لَهُ، وَإِذا بِالثَّوبِ يُسَاوِي خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، فَسَأَلْتُه بَعْدُ، فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ أَعْطَانِي مِنْهَا عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً.
قُلْتُ: هَذِهِ سَخَافَةُ عَقلٍ وَاضِحَةٌ.

(10/394)


مَاتَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ سَبْعٍ، فِي رَجَبٍ - رَحِمَهُ اللهُ بِمَنِّهِ -.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ البُرْقَانِيُّ، قَرَأْتُ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُمُ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ السُّرِّيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ ابْن عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:
ذُكِرَ المُتَلاَعِنَانِ (1) عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ عَاصِمُ بنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلاً، ثُمَّ انْصَرَف، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِن قَومِهِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً.
فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابتُلِيتُ بِهَذَا إِلاَّ لِقَولِي.
فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَه، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرّاً، قَلِيْلَ اللَّحْمِ، جَعْداً، قَطَطاً.
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ بَيِّنْ).
فَوَضعَتْ شَبِيهاً بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وُجِدَ عِنْدَهَا، فَلاَعَنَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُمَا.
فَقَالَ رَجُلٌ لابْنِ عَبَّاسٍ فِي المَجْلِسِ: هِيَ الَّتِي قَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (لَوْ كُنْتُ رَاجِماً بِغَيْر بَيِّنَةٍ، لَرَجَمْتُ هَذِهِ)؟
قَالَ: لاَ، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ السُّوْءَ فِي الإِسْلاَمِ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ (2) ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ.
__________
(1) في الأصل: " المتلاعنين " وهو خطأ.
(2) رقم (1497) في أول اللعان، وأخرجه البخاري 9 / 400، 401، عن سعيد بن عفير، ومسلم (1497) عن محمد بن رمح، وعيسى بن حماد، والنسائي 6 / 173، 174 من طريق عيسى بن حماد، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1 / 356 و357 من طريقين عن ابن جريج أخبرني يحيى بن سعيد.
وأخرجه أحمد 1 / 337، والطحاوي 3 / 100، من طريق ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن القاسم، عن ابن عباس.

(10/395)


109 - الهَيْثَمُ بنُ جَمِيْلٍ أَبُو سَهْلٍ الأَنْطَاكِيُّ * (بَخ، ق (1))
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الكَبِيْرُ، الثَّبْتُ، أَبُو سَهْلٍ الأَنْطَاكِيُّ، وَهُوَ بَغْدَادِيٌّ، سَكَنَ أَنْطَاكِيَّةَ.
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَاللَّيْثِ، وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَشَرِيْكٍ، وَمِنْدَلِ بنِ عَلِيٍّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَيُوْسُفُ بنُ مُسْلِمٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ (2) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ (3) .
وَأَمَّا أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ بِالحَافِظِ، يَغْلَطُ علَى الثِّقَاتِ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ يَتَعَمَّدُ الكَذِبَ (4) .
وَقَالَ عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (5) .
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 490، التاريخ الكبير 8 / 216، التاريخ الصغير 2 / 331، الجرح والتعديل 9 / 86، الكامل لابن عدي لوحة 820، تاريخ بغداد 14 / 56، 57، الأنساب 1 / 370، تهذيب الكمال لوحة 1453، تذهيب التهذيب 4 / 125، تذكرة الحفاظ 1 / 363، ميزان الاعتدال 4 / 320، العبر 1 / 365، الكاشف 3 / 230، تهذيب التهذيب 11 / 90، طبقات الحفاظ 162، خلاصة تذهيب الكمال 412، شذرات الذهب 2 / 36.
(1) لم تذكر الرموز في الأصل، واستدركت من " تهذيب الكمال " وفروعه.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 57، و" تهذيب الكمال " لوحة 1453.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 57، و" تهذيب الكمال " لوحة 1453.
(4) " الكامل " لابن عدي " 4 / لوحة 820.
(5) " تاريخ بغداد " 14 / 57، و" تهذيب الكمال " لوحة 1453.

(10/396)


110 - السُّوْرِيْنِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، مُحَدِّثُ نَيْسَابُوْرَ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ الخُرَاسَانِيُّ، المُطَّوِّعِيُّ، الغَازِي.
سَمِعَ: ابْنَ المُبَارَكِ، وَجَرِيْرَ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَهُوَ مِنْ رُفَقَاءِ إِسْحَاقَ (1) ، وَإِنَّمَا قَدَّمْنَاهُ لِقِدَمِ مَوْتِهِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ، وَغَيْرُهُم.
وَصَنَّفَ (المُسْنَدَ)، وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ يُقَدِّمُهُ، وَيُفَخِّمُهُ (2) .
استُشْهِدَ فِي حَرْبِ بَابَكَ الخُرَّمِيِّ (3) ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَيُقَالُ: سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ فِي الكُهُوْلَةِ (4) .

111 - بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَصْرِيُّ *
ابْنِ الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ البَصْرِيُّ، السِّيْرِيْنِيُّ.
__________
(*) الجرح والتعديل 2 / 141، 142، الأنساب 7 / 186، معجم البلدان 3 / 279، اللباب 2 / 153 - وهو فيها جميعا " السورياني ".
قال السمعاني: هذه النسبة إلى سوريان، وظني أنها قرية من قرى نيسابور.
وتذكرة الحفاظ 1 / 414، 415، وطبقات الحفاظ: 180.
(1) هو إسحاق بن راهويه، وسترد ترجمته في الجزء الحادي عشر من هذا الكتاب
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 1 / 414، 415، و" طبقات الحفاظ ": 180.
(3) تقدم الحديث عن بابك الخرمي في الصفحة 293 - 297 من هذا الجزء.
(4) زاد المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 1 / 414 قوله: فلم ينتشر حديثه.
(* *) التاريخ الكبير 2 / 122، الضعفاء للعقيلي لوحة: 55، الجرح والتعديل 2 / 409 - 410، المجروحين لابن حبان 1 / 197، وفيه: بكار بن عبد الله بن محمد بن سيرين - أسقط اسم أبيه -، الكامل لابن عدي لوحة 1 / 78، ميزان الاعتدال 1 / 341، 342، المغني في الضعفاء 1 / 111، العبر 1 / 390، لسان الميزان 2 / 44 - 45، شذرات الذهب 2 / 53.

(10/397)


حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عَوْنٍ، وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَعَبَّادِ بنِ رَاشِدٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي دَاوُدَ البُرُلُّسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا الغَلاَبِيُّ، وَعَبَّادُ بنُ عَلِيٍّ البَصْرِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ، قَالَ:
سُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنْ بَكَّارٍ السِّيْرِيْنِيِّ، فَقَالَ: كَتَبْتُ عَنْهُ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (1) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ، لاَ يسْكُنُ القَلْبُ إِلَيْهِ (2) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ذَاهِبُ الحَدِيْثِ (3) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ (4) .
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَالعُمَرِيِّ أَشْيَاءَ مَقْلُوْبَةً لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهَا، لاَ يُعْجِبُنِي الاحْتِجَاجُ بِخَبَرِهِ إِذَا انْفَرَدَ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: أَبُو خَلِيْفَةَ (5) .
قُلْتُ: هُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ وَفَاةً.
قَالَ العُقَيْلِيُّ (6) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، قَالاَ:
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 409، 410.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 410.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 410.
(4) " التاريخ الكبير " 2 / 122.
(5) " المجروحين والضعفاء " 1 / 197.
(6) في كتابه " الضعفاء " لوحة 55.

(10/398)


حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (الرُّكْنُ يَمَانٍ).
قَالَ العُقَيْلِيُّ: هَذَا لَيْسَ يَثْبُتُ.

112 - الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ أَبُو عَلِيٍّ البَجَلِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، العَابِدُ، أَبُو عَلِيٍّ البَجَلِيُّ، القَسْرِيُّ، الكُوْفِيُّ، البُوْرَانِيُّ (1) - وَيُقَالُ: أَيْضاً البَوَارِيُّ (2) - الخَشَّابُ، الحُصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ إِيَادِ بنِ لَقِيْطٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ الوَرْدِ، وَأَبِي الأَحْوَصِ، وَشَرِيْكٍ، وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الحُمَيْسِيِّ، وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالبَاقُوْنَ بِوَاسِطَةٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيَّانِ، وَأَبُو حَازِمٍ بنُ أَبِي غَرَزَةَ، وَعُثْمَانُ بنُ
__________
(*) طبقات ابن سعد 6 / 409، التاريخ الكبير 2 / 294، التاريخ الصغير 2 / 341، الجرح والتعديل 3 / 13 - 14، تاريخ بغداد 7 / 307، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 81، الأنساب 2 / 324، المعجم المشتمل 98، اللباب 1 / 184، تهذيب الكمال لوحة: 264، تذهيب التهذيب 1 / 136 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 458، العبر 1 / 381، الكاشف 1 / 221، تهذيب التهذيب 2 / 277، طبقات الحفاظ: 200، خلاصة تذهيب الكمال: 78.
(1) نسبة إلى عمل البواري - جمع: بارية - وهي الحصير المنسوج، تبسط في الدور ويجلس عليها.
(2) في " مشتبه " المؤلف 1 / 99: البواري نسبة إلى بيع البواري: الحسن بن الربيع.
وعلق عليه ابن ناصر الدين الدمشقي في " توضيح المشتبه " 1 / الورقة 82، فقال: كذا وجدته بخط المصنف " البواري " بتقديم الالف على الراء وهو خطأ وإنما الصواب: " البورائي " بضم الموحدة وسكون الواو، ثم راء مفتوحة بعدها ألف، ثم همزة مكسورة تليها ياء النسب، من غير نون قبلها عند ابن عساكر، وقاله بزيادة نون بعد الالف الحافظ أبو الحجاج المزي في استدراكه على ابن عساكر في " معجم النبل " وقبله ابن نقطة.

(10/399)


سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، صَالِحٌ، مُتَعَبِّدٌ، كَانَ يَبِيْعُ البَوَارِي (1) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ مِنْ أَوْثَقِ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ (2) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ ومائَتَيْنِ (3) .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ يَبِيْعُ الخَشَبَ والقَصَبَ (4) .
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَهُوَ مِنْ كِبَارِ مَشْيَخَةِ مُسْلِمٍ.

113 - المَدَائِنِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سَيْفٍ المَدَائِنِيُّ، الأَخْبَارِيُّ.
نَزَلَ بَغْدَادَ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَكَانَ عَجَباً
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 264.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 14.
(3) " طبقات ابن سعد " 6 / 409.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 264.
(*) الفهرست: 113، تاريخ بغداد 12 / 54 - 56، معجم الأدباء 14 / 124 - 139، الكامل لابن الأثير، 6 / 516، اللباب 3 / 182، ميزان الاعتدال 3 / 153، المغني في الضعفاء 2 / 454، مرآة الجنان، 2 / 83، لسان الميزان 4 / 253، 254، النجوم الزاهرة 2 / 259، روضات الجنات 472، 473، شذرات الذهب 2 / 54.

(10/400)


فِي مَعْرِفَةِ السِّيَرِ وَالمَغَازِي وَالأَنسَابِ وَأَيَّامِ العَرَبِ، مُصَدِّقاً فِيْمَا يَنْقُلُهُ، عَالِيَ الإِسْنَادِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ: قُرَّةَ بنَ خَالِدٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ - وَشُعْبَةَ، وَجُوَيْرِيَةَ بنَ أَسْمَاءَ، وَعَوَانَةَ بنَ الحَكَمِ، وَابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، وَمُبَارَكَ بنَ فَضَالَةَ، وَحَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَسَلاَّمَ بنَ مِسْكِيْنٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَكَانَ نَشَأَ بِالبَصْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُتَوَكِّلِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: كَانَ أَبِي، وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَجْلِسُوْنَ بِالعَشِيَّاتِ عَلَى بَابِ مُصْعَبٍ، فَمَرَّ رَجُلٌ لَيْلَةً عَلَى حِمَارٍ فَارِهٍ، وَبِزَّةٍ حَسَنَةٍ، فَسَلَّمَ، وَخَصَّ بِمَسْأَلَتِهِ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ.
فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: يَا أَبَا الحَسَنِ، إِلَى أَيْنَ؟
قَالَ: إِلَى هَذَا الكَرِيْمِ الَّذِي يَمْلأُ كُمِّيَ دَنَانِيْرَ وَدَرَاهِمَ؛ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيِّ.
فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ يَحْيَى: ثِقَةٌ ثِقَةٌ ثِقَةٌ.
فَسَأَلْتُ أَبِي: مَنْ هَذَا؟
قَالَ: هَذَا المَدَائِنِيُّ (1) .
قَالَ الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ: سَرَدَ المَدَائِنِيُّ الصَّوْمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَقَارَبَ المائَةَ، وَقِيْلَ لَهُ فِي مَرَضِهِ: مَا تَشْتَهِي؟
قَالَ: أَشْتَهِي أَنْ أَعِيْشَ (2) .
قَالَ: وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ عَالِماً بِالفُتُوْحِ وَالمَغَازِي وَالشِّعْرِ، صَدُوْقاً فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ غَيْرُ الحَارِثِ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ، وَمَاتَ فِي دَارِ
__________
(1) " معجم الأدباء " 14 / 126.
(2) " معجم الأدباء " 14 / 125.

(10/401)


إِسْحَاقَ المَوْصِلِيِّ، كَانَ مُنْقَطِعاً إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الإِخْشِيْذِ (1) المُتَكَلِّمُ: كَانَ المَدَائِنِيُّ مُتَكَلِّماً، مِنْ غِلْمَانِ مَعْمَرِ بنِ الأَشْعَثِ (2) .
حَكَى المَدَائِنِيُّ: أَنَّهُ أُدْخِلَ عَلَى المَأْمُوْنِ، فَحَدَّثَهُ بِأَحَادِيْثَ فِي عَلِيٍّ، فَلَعَنَ بَنِي أُمَيَّةَ.
فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي المُثَنَّى بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ:
كُنْتُ بِالشَّامِ، فَجَعَلْتُ لاَ أَسْمَعُ عَلِيّاً، وَلاَ حَسَناً، إِنَّمَا أَسْمَعُ: مُعَاوِيَةَ، يَزِيْدَ، الوَلِيْدَ، فَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ عَلَى بَابِهِ، فَقَالَ: اسقِهِ يَا حَسَنُ.
فَقُلْتُ: أَسَمَّيْتَ حَسَناً؟
فَقَالَ: أَوْلاَدِي: حَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَجَعْفَرٌ، فَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ يُسَمُّوْنَ أَوْلاَدَهُم بِأَسْمَاءِ خُلَفَاءِ اللهِ، ثُمَّ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَلَدَهُ وَيَشْتِمُهُ.
قُلْتُ: ظَنَنْتُكَ خَيْرَ أَهْلِ الشَّامِ، وَإِذَا لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ شَرٌّ مِنْكَ.
فَقَالَ المَأْمُوْنُ: لاَ جَرَمَ قَدْ جَعَلَ اللهُ مَنْ يَلْعَنُ أَحْيَاءَهُم وَأَمْوَاتَهُم (3) - يُرِيْدُ النَّاصِبَةَ -.
قَدْ ذَكَرْنَا فَوتَ مُصَنَّفَاتِ المَدَائِنِيِّ فِي خَمْسِ وَرَقَاتٍ وَنِصْفٍ، مِنْهَا: (تَسْمِيَةُ المُنَافِقِيْنَ)، (خُطَبُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ)، كِتَابُ (فُتُوْحِهِ)، كِتَابُ (عُهُوْدِهِ)، كِتَابُ (أَخْبَارِ قُرَيْشٍ)، (أَخْبَارُ أَهْلِ البَيْتِ)، (مَنْ هَجَاهَا زَوْجُهَا)، (تَارِيْخُ الخُلَفَاءِ)، (خُطَبُ عَلِيٍّ وَكُتُبُهُ)، (أَخْبَارُ الحَجَّاجِ)، (أَخْبَارُ الشُّعَرَاءِ)، (قِصَّةُ أَصْحَابِ الكَهْفِ)، (سِيْرَةُ ابْنِ سِيْرِيْنَ)، (أَخْبَارُ الأَكَلَةِ)، كِتَابُ (الزّجْرِ وَالفَأْلِ)، كِتَابُ (الجَوَاهِرِ)، وَأَشْيَاءُ كَثِيْرَةٌ عَدِيْمَةُ الوُقُوْعِ (4) .
__________
(1) هو أبو بكر أحمد بن علي.
من أفاضل المعتزلة وصلحائهم وزهادهم، متوفى سنة 326 ه.
مترجم في " الفهرست " لابن النديم: ص: 220.
(2) " الفهرست " ص 113.
(3) " معجم الأدباء " 14 / 128، 129.
(4) ذكر كتبه ابن النديم في " الفهرست " 113 - 117، ونقلها عنه ياقوت في " معجم الأدباء " 14 / 129 - 139.

(10/402)


114 - عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحِ بنِ مُسْلِمِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيُّ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُقْرِئُ، أَبُو أَحْمَدَ العِجْلِيُّ، الكُوْفِيُّ، وَالِدُ الحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيِّ، صَاحِبِ (التَّارِيْخِ).
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَسْبَاطِ بنِ نَصْرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَفُضَيْلِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَشَبِيْبِ بنِ شَيْبَةَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَالحَسَنِ بنِ صَالِحِ بنِ حَيٍّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ، وَطَائِفَةٌ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ دَنُوْقَا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ العِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
أَقْرَأَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنِّيْ أَنَا الرَّزَّاقُ ذُوْ القُوَّةِ المَتِيْنُ) (1) .
__________
(*) الضعفاء للعقيلي لوحة 209، الجرح والتعديل 5 / 85، 86، تاريخ بغداد 9 / 477 - 478، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 265، المعجم المشتمل 155، تهذيب الكمال لوحة: 694 - 695، تذهيب التهذيب 2 / 153 أ - 154 ب، ميزان الاعتدال 2 / 445 - 447، معرفة القراء الكبار 1 / 137، الكاشف 2 / 96 - 97، غاية النهاية 1 / 423، تهذيب التهذيب 5 / 261، 263، خلاصة تذهيب الكمال: 201.
(1) إسناده حسن، وأخرجه أحمد 1 / 394، وأبو داود (3993)، والترمذي (2940) من طريقين، عن إسرائيل بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وهذه قراءة ابن مسعود انفرد بها، والتلاوة المجمع عليها: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).

(10/403)


حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ (1) ؛ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ بنُ أَبِي غَرَزَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى البَلاَذُرِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ)، وَبِشْرُ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ - فِيْمَا قِيْلَ - وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ تَمْتَامُ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَنُوْقَا، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ المُؤَدِّبُ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الخَالِقِ بنِ مَنْصُوْرٍ، عَنْهُ (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (3) .
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مُسْتَقِيْمُ الحَدِيْثِ (4) .
يُقَالُ: إِنَّ البُخَارِيَّ رَوَى عَنْهُ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ، بَلْ إِنَّمَا رَوَى عَنْ كَاتِبِ اللَّيْثِ.
وَقَدْ نَزَلَ صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ بَغْدَادَ، وَأَقْرَأَ بِهَا القُرْآنَ، فَتَلاَ عَلَيْهِ: الطَّيِّبُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ الرَّازِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: مَاتَ أَبِي سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
هَكَذَا ضَبَطَ وَفَاةَ أَبِيْهِ - فَاللهُ أَعْلَمُ - فَإِنَّ فِي الرُّوَاةِ المَذْكُوْرِيْنَ عَنْ عَبْدِ اللهِ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ الحَدِيْثَ إِلاَّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَعَلَّهُ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ.
ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِهِ، وَأَنَّ أَبَا زُرْعَةَ وَأَبَا حَاتِمٍ حَدَّثَا عَنْهُ (5) ، فَأَوَّلُ رِحْلَةِ أَبِي حَاتِمٍ كَانَتْ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَإِنَّمَا
__________
(1) في الأصل: " عن أبي " وهو خطأ.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 477، و" تهذيب الكمال " لوحة 695.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 86.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 695.
(5) " الجرح والتعديل " 5 / 86.

(10/404)


ارْتَحَلَ أَبُو زُرْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيُتَأَمَّلُ هَذَا.
وَلَمْ يَقَعْ لِهَذَا الشَّيْخِ رِوَايَةٌ فِي الدَّوَاوِيْنِ السِّتَّةِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.

115 - عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ الجُهَنِيُّ * (خَ، د، ت، ق)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ المِصْرِيِّيْنَ، أَبُو صَالِحٍ الجُهَنِيُّ مَوْلاَهُمُ، المِصْرِيُّ، كَاتِبُ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ.
قَدْ شَرَحْتُ حَالَهُ فِي (مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ)، وَليَّنَّاهُ.
وَبِكُلِّ حَالٍ، فَكَانَ صَدُوْقاً فِي نَفْسِهِ، مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، أَصَابَهُ دَاءُ شَيْخِهِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، وَتَهَاوَنَ بِنَفْسِهِ حَتَّى ضَعُفَ حَدِيْثُهُ، وَلَمْ يُتْرَكْ بِحَمْدِ اللهِ، وَالأَحَادِيْثُ الَّتِي نَقَمُوهَا عَلَيْهِ مَعْدُوْدَةٌ فِي سَعَةِ مَا رَوَى (1) .
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
ورَأَى: زَبَّانَ بنَ فَائِدٍ، وَعَمْرَو بنَ الحَارِثِ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُوْسَى بنِ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّمَشْقِيِّ، وَنَافِعِ بنِ يَزِيْدَ، وضِمَامِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
__________
(*) التارخ الكبير 5 / 121، الضعفاء والمتروكين للنسائي: 63، الضعفاء للعقيلي لوحة: 209، الجرح والتعديل 5 / 86 - 87، المجروحين 2 / 40 - 43، الكامل لابن عدي لوحة 438 - 439، تاريخ بغداد 9 / 478 - 481، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 268، المعجم المشتمل: 155، تهذيب الكمال لوحة: 693، تذهيب التهذيب 2 / 152 ب - 153 أ، تذكرة الحفاظ 1 / 388، 390، العبر 1 / 387، ميزان الاعتدال 2 / 440، 447، الكاشف 2 / 96 - 97، المغني في الضعفاء 1 / 343، تهذيب التهذيب 5 / 256 - 261، مقدمة فتح الباري 411 - 413، طبقات الحفاظ: 169، حسن المحاضرة 1 / 346،
خلاصة تذهيب الكمال: 201، شذرات الذهب 2 / 51.
(1) انظر " مقدمة الفتح " 1 / 411، 413.

(10/405)


وَلاَزمَ اللَّيْثَ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَحَمَلَ عَنْهُ تَصَانِيْفَهُ، وَكَانَ كَاتِباً لَهُ عَلَى أَمْوَالِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ - شَيْخُهُ - وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَحَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ، خَاتِمَتُهُم: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي السَّوَّارِ المِصْرِيُّ المُتَوْفَى سَنَةَ (297).
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ الوَلِيْدِ أَبُو المُهَنَّى، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ:
يَرْفَعُ الحَدِيْثَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ الشُّكْرَ، فَمُنِعَ الزِّيَادَةَ)، الحَدِيْثَ.
قَالَ ابْنُ دَيْزِيْلَ: ثُمَّ لَقِيْتُ أَبَا صَالِحٍ، فَقَالَ: أَنَا حَدَّثْتُ اللَّيْثَ بِهَذَا.
قُلْتُ: فَمَنْ حَدَّثَكَ؟
قَالَ: يَحْيَى بنُ عُطَارِدِ بنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِيْهِ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قُلْتُ: وَهُوَ مُرْسَلٌ، لاَ، بَلْ مُعْضَلٌ (1) .
استَشْهَدَ البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ) بِأَبِي صَالِحٍ، بَلْ قَدْ رَوَى عَنْهُ حَدِيْثاً، وَقَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، وَهَذَا ثَابِتٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ
__________
(1) وفي " الدر المنثور " للسيوطي 4 / 71: وأخرج البخاري في " تاريخه " والضياء المقدسي في " المختارة " عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ألهم خمسة لم يحرم من خمسة: من ألهم الدعاء لم يحرم الاجابة، لان الله يقول: [ ادعوني أستجب لكم ]، ومن ألهم التوبة لم يحرم القبول، لان الله يقول: [ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ]، ومن ألهم الشكر لم يحرم الزيادة، لان الله تعالى يقول: [ لئن شكرتم لازيدنكم ]، ومن ألهم الاستغفار لم يحرم المغفرة، لان الله تعالى يقول: [ استغفروا ربكم إنه كان غفارا ]، ومن ألهم النفقة لم يحرم الخلف، لان الله تعالى يقول [ وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ].

(10/406)


المُتْقَنَةِ، فَقَالَ: فِي أَوِّلِ الحَدِيْثِ:
قَالَ اللَّيْثُ (1) : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيْثِ الَّذِي اسْتَدَانَ مِنْ رَجُلٍ أَلفَ دِيْنَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِكَفِيْلٍ، قَالَ: كَفَى بِاللهِ وَكِيْلاً.
وَالحَدِيْثُ مَشْهُوْرٌ، عَلَّقَهُ البُخَارِيُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ المُحَدِّثُوْنَ قَبْلَنَا فِي تَفْسِيْرِ الفَتْحِ مِنَ (الصَّحِيْحِ (2)):
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ (3) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِلاَلٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَذَكَرَ حَدِيْثَ: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيْراً (4) .
__________
(1) 4 / 385 في أول الكفالة: قال الحافظ: وقع هنا في نسخة الصغاني: حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، وقد تقدم في باب التجارة في البحر 4 / 255، أن أبا ذر وأبا الوقت وصلاه في آخره، قال البخاري: حدثني عبد الله بن صالح، حدثني الليث به، ووصله أبو ذر هنا من روايته عن شيخه علي بن وصيف، حدثنا محمد بن غسان، حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني، حدثنا عبد الله بن صالح به، وكذلك وصله بهذا الإسناد في باب ما يستخرج من البحر من كتاب الزكاة 3 / 287، ولم ينفرد به عبد الله بن صالح، فقد أخرجه الاسماعيلي من طريق عاصم بن علي، وآدم بن أبي إياس، والنسائي من طريق داود بن منصور، كلهم عن الليث، وأخرجه الامام أحمد 2 / 348 عن يونس بن محمد، عن الليث.
وله طريق أخرى عن أبي هريرة علقها البخاري في كتاب الاستئذان 11 / 40 من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، ووصلها في " الأدب المفرد " (1128)، وصححه ابن حبان من هذا الوجه.
(2) 8 / 449 في التفسير.
(3) قال الحافظ: في رواية أبي ذر وأبي علي بن السكن: عبد الله بن مسلمة أي: القعنبي، ووقع عند غيرهما عبد الله غير منسوب، فتردد فيه أبو مسعود بين أن يكون عبد الله بن رجاء وعبد الله بن صالح كاتب الليث، وقال أبو علي الجياني: عندي أنه عبد الله بن صالح، ورجح هذا المزي، وشده بأن البخاري أخرج هذا الحديث بعينه في كتاب " الأدب المفرد " (247) عن عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز.
قلت (القائل ابن حجر): لكن لا يلزم من ذلك الجزم به، وما المانع أن يكون له في الحديث الواحد شيخان عن شيخ واحد، وليس الذي وقع في " الأدب " بأرجح مما وقع الجزم به في رواية أبي علي وأبي ذر، وهما حافظان.
(4) ونصه: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن هذه الآية التي في =

(10/407)


فَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ، وَالوَلِيْدُ بنُ بَكْرٍ الأَنْدَلُسِيُّ، وَهِبَةُ اللهِ اللاَّلْكَائِيُّ: عَبْدُ اللهِ هَذَا هُوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ العِجْلِيُّ الكُوْفِيُّ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكَنِ (1) فِي رِوَايَتِهِ الصَّحِيْحَ عَنِ الفَرَبْرِيِّ، عَنِ البُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ -يَعْنِي: القَعْنَبِيَّ- حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ الحَافِظُ (2) فِي (الأَطْرَافِ): عَبْدُ اللهِ هُوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ.
ثُمَّ قَالَ: وَالحَدِيْثُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ، وَعِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ الحَافِظُ (3) : بَلْ هُوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ.
__________
= القرآن: [ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ] قال في التوراة: " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وحرزا للاميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالاسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله الا الله، فيفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا ".
(1) هو الحافظ الحجة أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البغدادي، نزيل بغداد، المتوفى سنة 353 ه، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 3 / 938.
(2) هو إبراهيم بن محمد بن عبيد أبو مسعود الدمشقي الحافظ، مصنف كتاب " الاطراف " على الصحيح، متوفى سنة 400، وقيل 401، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 2 / 1068 - 1070 - وكتب الاطراف تذكر أحاديث كل صحابي على حدة كما يفعل أصحاب المسانيد، إلا أنهم يقتصرون على ذكر طرف منه، وهو بمثابة فهرس للاحاديث، ومن أعظم كتب الاطراف وأوعبها: كتاب " تحفة الاشراف بمعرفة الاطراف " للحافظ المزي المتوفى 742 ه وقد جمع فيه أحاديث الكتب الستة وبعض لواحقها، وقد صدر منه أجزاء بتحقيق عبد الصمد شرف الدين.
وللشيخ عبد الغني النابلسي: " ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الحديث " وهو مطبوع في مجلدين.
(3) في كتابه " تقييد المهمل وتمييز المشكل " في رجال الصحيحين 2 / لوحة 681.

(10/408)


قَالَ لَنَا أَبُو الحَجَّاجِ الحَافِظُ: وَهَذَا أَوْلَى الأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ.
قَالَ: لأَنَّ البُخَارِيَّ رَوَاهُ فِي كِتَابِ (الأَدَبِ (1)) فِي بَابِ الانْبِسَاطِ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ.
ذَكَرَهُ عَقِيْبَ حَدِيْثِ (2) مُحَمَّدِ بنِ سِنَانٍ العَوَقِيِّ، عَنْ فُلَيْحٍ، عَنْ هِلاَلٍ.
وَرَوَاهُ فِي البُيُوعِ مِنَ (الجَامِعِ الصَّحِيْحِ (3))، عَنِ العَوَقِيِّ.
فَالحَدِيْثُ عِنْدَ البُخَارِيِّ عَنِ الرَّجُلَيْنِ فِي (الأَدَبِ)، وَفِي (الصَّحِيْحِ)...، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الرَّجُلَيْنِ، وَقَعَ الاشْتِرَاكُ فِي قَوْلِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ بَيْنَ العِجْلِيِّ الكُوْفِيِّ، وَبَيْنَ الجُهَنِيِّ الكَاتِبِ، فَكَوْنُهُ الكَاتِبَ أَوْلَى، لأَنَّا تَيَقَنَّا أَنَّ البُخَارِيَّ قَدْ سَمِعَ مِنْ كَاتِبِ اللَّيْثِ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ فِي (تَارِيْخِهِ)، وَفِي أَمَاكِنَ، وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي حَقِّ العِجْلِيِّ، فَإِنَّ البُخَارِيَّ ذَكَرَ لَهُ تَرْجَمَةً صَغِيْرَةً مُخْتَصَرَةً جِدّاً فِي (تَارِيْخِهِ)، لَمْ يَرْوِ عَنْهُ فِيْهَا شَيْئاً، وَلاَ وَجَدْنَا أَبَداً لَهُ رِوَايَةً مُتَيَقَّنَةً عَنْهُ، لاَ فِي (الصَّحِيْحِ)، وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنْ تَوَالِيْفِهِ، بَلْ قَدْ رَوَى فِي (تَارِيْخِهِ) عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
نَعَمْ، وَلَمْ نَجِدْ لِلْعِجْلِيِّ رِوَايَةً عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ، مَتْنُهُ (الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ (4)).
رَوَاهُ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، بِخِلاَفِ كَاتِبِ اللَّيْثِ، فَإِنَّهُ مُكْثِرٌ عَنِ ابْنِ (5) أَبِي سَلَمَةَ (6) .
__________
(1) برقم (247).
(2) برقم (246).
(3) 4 / 287: باب كراهية السخب في الاسواق.
(4) وأخرجه البخاري في " صحيحه " 5 / 73، وفي " الأدب المفرد " (475) من طريق أحمد بن يونس، عن عبد العزيز الماجشون، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعا: " الظلم ظلمات يوم القيامة " وأخرجه مسلم (2579) من طريق محمد بن حاتم، عن شبابة، عن عبد العزيز بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد 2 / 137 من طريق موسى بن داود، و2 / 156 من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم، كلاهما عن عبد العزيز به.
(5) سقط لفظ " ابن " من الأصل، واستدرك من " تهذيب الكمال ".
(6) نقله الذهبي عن " تهذيب الكمال " لوحة 695 بتصرف.

(10/409)


قُلْتُ: وَأَيْضاً فَإِنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ رَوَى الحَدِيْثَ المَذْكُوْرَ عَنْ كَاتِبِ اللَّيْثِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ.
وَفِي الجِهَادِ مِنَ (الصَّحِيْحِ (1)) أَيْضاً: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَفَلَ مِنْ حَجٍّ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (2) .
فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكَنِ: حَدَّثَنَا الفِرْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ فَذَكَرَ، رَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي (مُصَنَّفِهِ).
وَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ فِي (الأَطْرَافِ): هَذَا الحَدِيْثُ يَرْوِيْهِ النَّاسُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ (3) .
قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ أَيْضاً عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ، فَاللهُ أَعْلَمُ أَيُّهُمَا هُوَ.
وَقَالَ الغَسَّانِيُّ: بَلْ هُوَ كَاتِبُ اللَّيْثِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِباً عَلَى مَغَلِّ اللَّيْثِ، مُنْكَرَ الحَدِيْثِ جِدّاً، وَكَانَ فِي نَفْسِهِ صَدُوْقاً، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: كَانَ لَهُ جَارٌ يُعَادِيهِ، فَكَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ عَلَى شَيْخِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ، وَيَكْتُبُ فِي
__________
(1) 6 / 95: باب التكبير إذا علا شرفا.
(2) ونصه بتمامه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من الحج أو العمرة - ولا أعلمه إلا قال: الغزو - يقول كلما أوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا، ثم قال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الاحزاب وحده " قال صالح: فقلت له: ألم يقل عبد الله: إن شاء الله ؟ قال: لا.
(3) قال الحافظ في " الفتح " 6 / 95: زعم أبو مسعود أن عبد الله هو ابن صالح، وتعقبه الجياني بأنه وقع في رواية ابن السكن عبد الله بن يوسف وهو المعتمد. وقال في " المقدمة " 142: وعبد الله: هو ابن صالح كما جزم به أبو علي الغساني.

(10/410)


قِرْطَاسٍ بِخَطٍّ يُشبِهُ خَطَّ عَبْدِ اللهِ، وَيَطْرَحُهُ فِي دَارهِ بَيْنَ الكُتُبِ، فَيَجِدُهُ عَبْدُ اللهِ، فَيُحَدِّثُ بِهِ عَلَى التَّوَهُّمِ أَنَّهُ خَطُّهُ (1) .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (حَجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ خَيْرٌ مِنْ عَشْرِ غَزَوَاتٍ، وَغَزْوَةٌ لِمَنْ حَجَّ خَيْرٌ مِنْ عَشْرِ حِجَجٍ، وَغَزْوَةٌ فِي البَحْرِ خَيْرٌ مِنْ عَشْرَةٍ فِي البِرِّ (2)).
حَدَّثَنَاهُ: أَبُو عَرُوْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَزُّوْنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ سَيْفٍ، عَنْ شُفَيٍّ الأَصْبَحِيِّ، سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (يَكُوْنُ خَلْفِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيْفَةً: أَبُو بَكْرٍ لاَ يَلْبَثُ إِلاَّ قَلِيْلاً، وَصَاحِبُ رَحَا دَارَةِ العَرَبِ عُمَرُ...)، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (3) .
حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ.
قُلْتُ: قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ المُؤَيَّدِ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ صِرْمَا، وَابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ
__________
(1) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 40.
(2) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 41، والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير "، ونسبه للطبراني والبيهقي، وأورده الهيثمي في " المجمع " 5 / 281، وقال: رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وأعله بعبد الله بن صالح كاتب الليث.
(3) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 42، وتمامه: " وصاحب رحا دارة العرب، يعيش حميدا، ويموت شهيدا " قالوا: ومن هو ؟ قال: " عمر بن الخطاب وقد فعل " قال: ثم التفت إلى عثمان، فقال: " يا عثمان، إن كان الله ألبسك قميصا، فإن أرادك الناس على خلعه فلا تخلعه، فوالذي نفسي بيده لئن خلعته لا ترى الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ".

(10/411)


النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا الصُّوْفِيُّ، فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ.
فَأَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ أَبِي زَكَرِيَّا (1) وَنَقْدِهِ، كَيْفَ يَسْتَحِلُّ رِوَايَةَ مِثْلِ هَذَا، وَيَسْكُتُ عَنْ تَوْهِيَتِهِ؟!
وَسَاقَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ عَدِيٍّ جَمَاعَةَ أَحَادِيْثَ تَفَرَّدَ بِهَا مُنْكَرَةٍ (2) .
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، رَوَى عَنْهُ: اللَّيْثُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَدُحَيْمٌ (3) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: سَمِعْتُ أَبِي - وَسُئِلَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ - فَقَالَ:
أَتَسْأَلُوْنِي عَنْ أَقرَبِ رَجُلٍ إِلَى اللَّيْثِ؟ رَجُلٍ مَعَهُ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، وَسَفَرِهِ وَحَضَرِهِ، وَيَخْلُو مَعَهُ غَالباً، فَلاَ يُنْكَرُ لِمِثْلِهِ أَنْ يُكْثِرَ عَنِ اللَّيْثِ (4) .
وَقَالَ أَبِي؛ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَمِيْنٌ، صَدُوْقٌ مَا عَلِمتُهُ (5) .
وَأَثْنَى عَلَى عَبْدِ اللهِ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ عَالِمُ مِصْرَ (6) .
وَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ شُعَيْبِ بنِ اللَّيْثِ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، سَمِعَ مِنْ جَدِّي حَدِيْثَهُ، وَكَانَ أَبِي يَحُضُّهُ عَلَى التَّحْدِيْثِ (7) .
__________
(1) أي: يحيى بن معين.
(2) انظر " المجروحين والضعفاء " 2 / 41 - 43، و" الكامل " 3 / لوحة 438، 439.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 86.
(4) " الجرح والتعديل " 5 / 86.
(5) " الجرح والتعديل " 5 / 87.
(6) " الجرح والتعديل " 5 / 86.
وسعيد بن عفير سترد ترجمته في هذا الجزء في الصفحة 583.
(7) " الجرح والتعديل " 5 / 86، و" تهذيب الكمال " لوحة 694.

(10/412)


وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: فَسَدَ بِأَخَرَةٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ (1) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
أَقَلُّ الأَحْوَالِ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الكُتُبَ عَلَى اللَّيْثِ، فَأَجَازَهَا لَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ كَتَبَ إِلَى اللَّيْثِ بِهَذَا الدُّرْجِ (2).
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: لاَ أَعْلَمُ أَحَداً رَوَى عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ إِلاَّ أَبَا صَالِحٍ، وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ أَخْرَجَ دُرْجاً قَدْ ذَهَبَ أَعلاَهُ، وَلَمْ يَدْرِ حَدِيْثَ مَنْ هُوَ، فَقِيْلَ لَهُ: حَدِيْثُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ (3) .
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يُوَثِّقُهُ، وَعِنْدِي أَنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ فِي الحَدِيْثِ (4) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ (5) .
وَرَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: صَحِبْتُ
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 87، و" تاريخ بغداد " 9 / 480، و" الكامل " لابن عدي 3 / لوحة 438، و" تهذيب الكمال " لوحة 694.
وقال الحافظ في " المقدمة " ص 411،
412، بعد أن نقل قول أحمد وغيره فيه: ظاهر كلام هؤلاء الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيما، ثم طرأ عليه فيه تخليط، فمقتضى ذلك أن ما يجئ من روايته عن أهل الحذق كيحيى بن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم، فهو من صحيح حديثه، وما يجئ من رواية الشيوخ عنه، فيتوقف فيه.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 87.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 87، و" تهذيب الكمال " لوحة 694.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 481، و" تهذيب الكمال " لوحة 694.
(5) " الضعفاء والمتروكين ": 63.

(10/413)


اللَّيْثَ عِشْرِيْنَ سَنَةً (1) .
قَالَ الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: مَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ صَالِحٍ إِلاَّ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَوْ يُسَبِّحُ (2) .
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ.
الرَّمَادِيُّ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ: شَهِدْنَا الأَضْحَى بِبَغْدَادَ مَعَ اللَّيْثِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ (3) .
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: ضَرَبْتُ عَلَى حَدِيْثِ كَاتِبِ اللَّيْثِ، وَلاَ أَرْوِي عَنْهُ شَيْئاً (4) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي، وَأَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلاَنِ:
حَدِيْثُ (إِنَّ اللهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي) مَوْضُوْعٌ، وَالحَمْلُ فِيْهِ عَلَى أَبِي صَالِحٍ.
قُلْتُ: وَمِنْ أَنْكَرِ مَا نَقَمُوا عَلَى أَبِي صَالِحٍ رِوَايَتُهُ عَنْ نَافِعِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ زُهْرَةَ بنِ مَعْبَدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ:
عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوْعاً: (إِنَّ اللهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي عَلَى جَمِيْعِ العَالَمِيْنَ (5))، الحَدِيْثَ بِطُولِهِ.
لَكِنْ قَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعٍ، رَوَاهُ عَلِيُّ بنُ دَاوُدَ القَنْطَرِيُّ،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 694، وتتمته فيه: لا يتغدى ولا يتعشى إلا مع الناس.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 479، و" تهذيب الكمال " لوحة 694.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 694.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 481، و" تهذيب الكمال " لوحة 694.
(5) وتمامه كما في " المجروحين " 2 / 41: ما خلا النبيين والمرسلين، واختار من اصحابي أربعة - وفي كل أصحابي خير - أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، واختار أمتي على سائر الأمم ".

(10/414)


وَمُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ العَسْكَرِيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، فَتَخَلَّصَ أَبُو صَالِحٍ (1) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ مِنْ وَضْعِ خَالِدِ بنِ نَجِيْحٍ المِصْرِيِّ، وَكَانَ يَضَعُ فِي كُتُبِ الشُّيُوْخِ (2) .
قُلْتُ: لَعَلَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَافِعِ بنِ يَزِيْدَ، مَعَ أَنَّ نَافِعاً صَدُوْقٌ، قَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: أَبُو صَالِحٍ عِنْدِي مُسْتَقِيْمُ الحَدِيْثِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَقَعُ فِي حَدِيْثِهِ غَلَطٌ، وَلاَ يَتَعَمَّدُ الكَذِبَ (3) .
نَقَلَ ابْنُ يُوْنُسَ وَغَيْرُهُ مَوْتَ أَبِي صَالِحٍ: فِي يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (4) .
قُلْتُ: قَدْ كَانَ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَهُوَ فِي عَقْلِي أَقْوَى مِنْ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، وَأَسِيْدٍ الجَمَّالِ، وَمَا هُوَ بِدُوْنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ الأَصْبَحِيِّ.
أُنْبِئْتُ عَنْ جَمَاعَةٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بنُ شُعَيْبٍ، وَبَكْرُ بنُ سَهْلٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ الحَارِثِ، عَنْ
__________
(1) في " الميزان " 2 / 442: قلت: قد رواه أبو العباس محمد بن أحمد الأثرم صدوق، حدثنا علي بن داود القنطري ثقة، حدثنا سعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح، عن نافع فذكره.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 87.
(3) " الكامل في الضعفاء " 3 / لوحة 439.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 694.

(10/415)


مَكْحُوْلٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُم مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، وَإِنْ هُوَ عَمِلَ الكَبَائِرَ، وَالصَّلاَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُم عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَمْوُتُ، بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً، وَإِنْ هُوَ عَمِلَ الكَبَائِرَ) (1) .

116 - حَمَّادُ بنُ مَالِكِ بنِ بِسْطَامَ بنِ دِرْهَمٍ الأَشْجَعِيُّ *
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الحَرَسْتَانِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: الأَوْزَاعِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَسَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ - وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ - وَمَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ المَلِكِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْرِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
أَخْرَجَ حَمَّادُ بنُ مَالِكٍ مِقْدَارَ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، فَأُخْبِرَ أَبُو مُسْهِرٍ بِذَلِكَ،
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن صالح، ومكحول لم يسمع من أبي هريرة، ولكن لم ينفرد به عبد الله، فقد أخرجه أبو داود (594) و(2533) ومن طريقه البيهقي 3 / 121 عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، عن معاوية بن صالح بهذا الإسناد.
وقال البيهقي في " معرفة السنن والآثار ": إسناد صحيح إلا أن فيه إرسالا بين مكحول، وأبي هريرة.
ورواه الدارقطني ص 185 وقال: مكحول لم يسمع من أبي هريرة، ومن دونه ثقات. وانظر " نصب الراية " 2 / 26، 27.
(*) التاريخ الكبير 3 / 28، الجرح والتعديل 3 / 149، الأنساب 4 / 106، معجم البلدان 2 / 241، اللباب 1 / 356، ميزان الاعتدال 1 / 602، العبر 1 / 402، المغني في الضعفاء 1 / 191، لسان الميزان 2 / 353، شذرات الذهب 2 / 64، تهذيب ابن عساكر 4 / 430.

(10/416)


فَأَنْكَرَ، وَقَالَ: لَمْ يُدْرِكِ ابْنَ جَابِرٍ (1) .
وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ، فَقَالَ: شَيْخٌ (2) .
وَقَالَ إِسْحَاقُ بن إِبْرَاهِيْمَ الهَرَوِيُّ القَرَّابُ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

117 - عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ البَاهِلِيُّ * (خَ مَقْرُوْناً، د)
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، مُسْنِدُ البَصْرَةِ، أَبُو عُثْمَانَ البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَصْرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَرَوَى عَنْ: مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، وَعِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، وَشُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ المَسْعُوْدِيِّ، وَأَبِي إِدْرِيْسَ - صَاحِبٍ لأَنَسِ بنِ مَالِكٍ - وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ) مَقْرُوْناً بِآخَرَ (3) ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 149، والزيادة منه.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 149.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 305، التاريخ الكبير 6 / 373، التاريخ الصغير 2 / 300، الضعفاء للعقيلي لوحة 311، الجرح والتعديل 6 / 263، 264، تهذيب الكمال لوحة: 1050، تذهيب التهذيب 3 / 109، 1، 2، الكاشف 2 / 342، المغني في الضعفاء 2 / 489، ميزان الاعتدال 3 / 287، 288، العبر 1 / 391، تهذيب التهذيب 8 / 98، مقدمة فتح الباري: 431، 432، خلاصة تذهيب الكمال: 293، شذرات الذهب 2 / 54.
(3) قال الحافظ في " المقدمة " ص 431: لم يخرج عنه البخاري في " الصحيح " سوى حديثين، أحدهما: حديثه عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عروة في فضل عائشة، وهو عنده 7 / 83 بمتابعة آدم بن أبي إياس وغندر وغيرهما عن شعبه.
والثاني: حديثه عن شعبة، عن ابن أبي بكر، عن أنس في ذكر الكبائر مقرونا عنده بعبد الصمد عن شعبة، فوضح أنه لم يخرج له احتجاجا.

(10/417)


(سُنَنِهِ)- وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِهِ - وَحَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ الهَيْثَمِ العَاقُوْلِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ الأَنْطَاكِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ التَّمَّارُ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ القَوَارِيْرِيُّ: كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ لاَ يَرْضَى عَمْرَو بنَ مَرْزُوْقٍ فِي الحَدِيْثِ (1) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ ذَكَرَ عَمْرَو بنَ مَرْزُوْقٍ، فَقَالَ: جَاءَ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُم، فَحَسَدُوْهُ (2) .
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ سَعْدٍ البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
كَانَتِ الكُتُبُ الَّتِي عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ لِعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَكَانَ عَمْرٌو رَجُلاً غَزَّاءً يَغْزُو فِي البَحْرِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو دَاوُدَ، حَوَّلَ عَمْرٌو كُتُبَهُ (3) .
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: تَرَكُوا حَدِيْثَ الفَهْدَيْنِ وَالعَمْرَيْنِ.
يُرِيْدُ: فَهْدَ بنَ عَوْفٍ، وَفَهْدَ بنَ حَيَّانَ، وَعَمْرَو بنَ حَكَّامٍ، وَعَمْرَو بنَ مَرْزُوْقٍ (4) .
قِيْلَ: كَانَ عِنْدَ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ عَنْ شُعْبَةَ ثَلاَثَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ (5) .
قَالَ أَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ: سَمَاعُ أَبِي دَاوُدَ وَعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ مِنْ شُعْبَةَ كَانَ شَيْئاً وَاحِداً، وَكَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يُطرِي عَمْراً، وَيَرْفَعُ ذِكْرَهُ.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 264.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 264، و" تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 264، و" تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(4) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 311، و" تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 1050.

(10/418)


قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ - وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ لَيَّنَهُ - قَالَ: لاَ أَدْرِي مَا يَقُوْلُ عَلِيٌّ، عَمْرٌو رَجُلٌ صَالِحٌ (1) .
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ الأَسَدِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لِوَلَدِهِ صَالِحٍ حِيْنَ رَجَعَ مِنَ البَصْرَةِ: لِمَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ؟
فَقَالَ: نُهِيْتُ.
فَقَالَ: إِنَّ عَفَّانَ كَانَ يَرْضَاهُ، وَمَنْ كَانَ يَرْضَى عَفَّانُ (2) ؟! كَانَ عَمْرٌو صَاحِبَ غَزْوٍ وَخَيْرٍ (3) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ أَبِي قِمَاشٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، فَقَالَ:
ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، صَاحِبُ غَزْوٍ وَقُرْآنٍ وَفَضْلٍ...، وَحَمِدَهُ جِدّاً (4) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ ثِقَةً، مِنَ العُبَّادِ، لَمْ نَجِدْ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ كَانَ أَحْسَنَ حَدِيْثاً مِنْهُ (5) .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ يَقُوْلُ:
لَمْ يَكُنْ بِالبَصْرَةِ مَجْلِسٌ أَكْبَرَ مِنْ مَجْلِسِ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ -رَحِمَهُ اللهُ- كَانَ فِيْهِ عَشْرَةُ آلاَفِ نَفْسٍ (6) .
قَالَ النَّسَائِيُّ فِي (الكُنَى): أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَبِيْبٍ، حَدَّثَنَا بُنْدَارُ، سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ مَرْزُوْقٍ - وَسُئِلَ: أَتَزَوَّجْتَ أَلْفَ امْرَأَةٍ؟ - فَقَالَ: أَوْ زِيَادَةً عَلَى أَلْفِ امْرَأَةٍ (7) .
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 263، و" تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 263.
(3) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 311، و" تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(5) " الجرح والتعديل " 6 / 264.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 1050.

(10/419)


قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ أَبِي قِمَاشٍ: رَأَيْتُ عَمْراً أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، كَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ، وَمَاتَ بِالبَصْرَةِ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
أَمَّا:
118

- عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ الوَاشِحِيُّ (2) البَصْرِيُّ **
فَمُحَدِّثٌ، صَدُوْقٌ، فِي طَبَقَةِ مَشْيَخَةِ الأَوَّلِ.
رَوَى عَنْ: عَوْنِ بنِ أَبِي شَدَّادٍ، وَغَيْرِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (3) .
قُلْتُ: مَا لِهَذَا شَيْءٌ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
ذَكَرْتُهُ لِلتَّمْيِيْزِ.

119 - مُحَمَّدُ بنُ الرُّوْمِيِّ البَصْرِيُّ ** (ت)
هُوَ مُحَمَّدُ ابْنُ المُحَدِّثِ عُمَرَ ابْنِ المُحَدِّثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(*) التاريخ الكبير 6 / 372، الجرح والتعديل 6 / 263، تهذيب الكمال لوحة: 1051، تذهيب التهذيب 3 / 109 / 2، ميزان الاعتدال، 3 / 288، تهذيب التهذيب 8 / 101، 102، خلاصة تذهيب الكمال: 293.
(2) نسبة إلى واشح: بطن من الازد.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1051.
(* *) التاريخ الكبير 1 / 178، 179، الجرح والتعديل 8 / 21، 22، تهذيب الكمال لوحة: 1247، ميزان الاعتدال 3 / 668، المغني في الضعفاء 2 / 620، الكاشف 3 / 81، تهذيب التهذيب 9 / 165، خلاصة تذهيب الكمال: 336.

(10/420)


البَصْرِيُّ، وَيُعْرَفُ عَبْدُ اللهِ: بِالرُّوْمِيِّ (1) .
حَدَّثَ مُحَمَّدٌ عَنْ: شُعْبَةَ، وَشَرِيْكٍ، وَأَبِيْهِ، وَغَيْرِهِم.
وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُوْسَى الفَزَارِيُّ، وَالبُخَارِيُّ (2) ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَآخَرُوْنَ.
ضَعَّفَهُ: أَبُو دَاوُدَ (3) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فِيْهِ لِيْنٌ (4).
وَكَانَ جَدُّهُ:

120 - عَبْدُ اللهِ الرُّوْمِيُّ *
يَرْوِي عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ.
مَاتَ: سَنَةَ (131)، عَنْ سِنٍّ عَالِيَةٍ.
وَ

121 - عُمَرُ بنُ الرُّوْمِيِّ *
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ؛ عَبْدِ اللهِ.
__________
(1) في " التاريخ الكبير " 5 / 133: قال حماد بن زيد: حدثنا عبد الله الرومي ولم يكن روميا، كان رجلا منا من أهل خراسان.
(2) في غير " صحيحه ".
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1248.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 22، و" تهذيب الكمال " لوحة 1248.
(*) التاريخ الكبير 5 / 133، الجرح والتعديل 5 / 95.
(* *) التاريخ الكبير 6 / 169، 170، الجرح والتعديل 6 / 119، المغني في الضعفاء 2 / 470، ميزان الاعتدال 3 / 212.

(10/421)


وَعَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ، وَقُتَيْبَةُ، وَالقَوَارِيْرِيُّ، وَغَيْرُهُم.
صَدُوْقٌ.
مَاتَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَبَقِيَ مُحَمَّدُ بنُ الرُّوْمِيِّ إِلَى قُرْبِ سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

122 - سَهْلُ بنُ بَكَّارٍ أَبُو بِشْرٍ البَصْرِيُّ * (خَ، د، س)
الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو بِشْرٍ البَصْرِيُّ، أَحَدُ البَقَايَا.
حَدَّثَ عَنْ: جَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَشُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيِّ، وَأَبَانٍ العَطَّارِ، وَجُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ، وَالسَّرِيِّ بنِ يَحْيَى، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ (1) .
وَرَوَى النَّسَائِيُّ لَهُ أَيْضاً.
مَاتَ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ.

123 - سَهْلُ بنُ تَمَّامِ بنِ بَزِيْعٍ أَبُو عَمْرٍو الطُّفَاوِيُّ ** (د)
الإِمَامُ، أَبُو عَمْرٍو الطُّفَاوِيُّ، البَصْرِيُّ، شَيْخٌ، مُعَمَّرٌ، صُوَيْلِحٌ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 302، التاريخ الكبير 4 / 103، الجرح والتعديل 4 / 194، المعجم المشتمل: 138، تهذيب الكمال لوحة: 557، تذهيب التهذيب 2 / 60، 1، 2، تذكرة الحفاظ 1 / 398، الكاشف 1 / 406، العبر 1 / 399، تهذيب التهذيب 4 / 247، مقدمة فتح الباري: 406.
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 194.
(* *) الجرح والتعديل 4 / 194، المعجم المشتمل: 138، تهذيب الكمال لوحة: 557، تذهيب التهذيب 2 / 60 / 2، ميزان الاعتدال 2 / 237، الكاشف 1 / 406، المغني في الضعفاء 1 / 287، تهذيب التهذيب 4 / 247، خلاصة تذهيب الكمال: 157.

(10/422)


حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَقُرَّةَ بنِ خَالِدٍ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيِّ، وَعَبَّادِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَصَالِحِ بنِ أَبِي الجَوْزَاءِ، وَعَمْرِو بنِ سُلَيْمٍ البَاهِلِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ)، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَابْنُ خَالِهِ؛ أَبُو حَاتِمٍ، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ (1) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَمْ يَكُنْ يَكْذِبُ، رُبَّمَا وَهِمَ فِي الشَّيْءِ (2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

124 - عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ السَكَنِ بنِ الفَضْلِ العَتَكِيُّ *
هُوَ: الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بنُ السَّكَنِ بنِ الفَضْلِ بنِ المُؤْتَمَنِ الأَزْدِيُّ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَالأَسْوَدِ بنِ شَيْبَانَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ (الأَدَبِ)، وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ البُخَارِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (3) .
__________
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 194.
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 194.
(*) التاريخ الكبير 5 / 55، التاريخ الصغير 2 / 531، الجرح والتعديل 5 / 18، تهذيب الكمال لوحة: 669، تذهيب التهذيب 2 / 134 / 1، تهذيب التهذيب 5 / 164، خلاصة تذهيب الكمال: 192.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 18.

(10/423)


وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ (224) (1).

125 - عَبْدُ اللهِ بنُ خَيْرَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ الكُوْفِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الكُوْفِيُّ، نَزَلَ بَغْدَادَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ المَسْعُوْدِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ تَمْتَامُ، وَعِيْسَى زَغَاثُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: اعْتَبَرْتُ لَهُ أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً، فَوَجَدتُهَا مُسْتَقِيْمَةً تَدُلُّ عَلَى ثِقَتِهِ (2) .
وَقَدْ ذَكَرَهُ العُقَيْلِيُّ، فَقَالَ: لاَ يُتَابَعُ عَلَى حَدِيْثٍ.
ثُمَّ إِنَّه سَاقَ لَهُ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ حَسَنَةٍ، أَحَدُهَا مَوْقُوْفٌ، فَرَفَعَهُ (3).

126 - يَحْيَى بنُ عَبْدُوَيْه البَغْدَادِيُّ **
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ بنُ سُنَيْنٍ، وَجَعْفَرُ بنُ كُزَالَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُم.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 669.
(*) الضعفاء للعقيلي لوحة 203، تاريخ بغداد 9 / 450 - 451، ميزان الاعتدال 2 / 415، المغني في الضعفاء 1 / 336، لسان الميزان 3 / 282.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 451.
(3) " الضعفاء " لوحة 203.
(* *) الكامل لابن عدي لوحة: 838، ميزان الاعتدال 4 / 394، المغني في الضعفاء 2 / 740، لسان الميزان 6 / 268 - 269.

(10/424)


أَثْنَى عَلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَمَرَ وَلَدَه عَبْدَ اللهِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ (1) .
وَأَمَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَرَمَاهُ بِالكَذِبِ.
تُوُفِّيَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

127 - عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الخَطَّابِ أَبُو الحَسَنِ الكُوْفِيُّ * (ق)
الثِّقَةُ، الإِمَامُ، أَبُو الحَسَنِ الكُوْفِيُّ، ثُمَّ البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَالحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، وَأَبِي مَعْشَرٍ السِّنْدِيِّ، وَقَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ رَجَاءَ الزُّبَيْدِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَأَحْمَدُ بنُ الأَزْهَرِ، وَأَبُو قِلاَبَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ (2) ، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ المَازِنِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ: الفَلاَّسُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (3) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (4) .
قُلْتُ: رَوَى لَهُ ابْنُ مَاجَهْ فَقَطْ.
__________
(1) " الكامل " لابن عدي 4 / لوحة 838.
(*) التاريخ الكبير 6 / 29، الجرح والتعديل 5 / 381، تهذيب الكمال لوحة: 838، تذهيب التهذيب 2 / 239 / 2، الكاشف 2 / 197 - 198، تهذيب التهذيب 6 / 335، خلاصة تذهيب الكمال: 239.
(2) نسبة إلى عمل الاسفاط وبيعها وهي ما يوضع فيه الطيب وما شابهه من أدوات النساء.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 381.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 838.

(10/425)


128 - قُرَّةُ بنُ حَبِيْبٍ أَبُو عَلِيٍّ البَصْرِيُّ الرَّمَّاحُ * (خَ)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَلِيٍّ البَصْرِيُّ، الرَّمَّاحُ، القَنَوِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الثِّقَاتِ.
وَعَنْ: شُعْبَةَ، وَأَبِي الأَشْهَبِ العُطَارِدِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ - فِي بَعْضِ تَوَالِيْفِهِ - وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَأَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ تَمْتَامُ؛ وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الخُزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سَهْلٍ المُجَوِّزُ، وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى: البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ)، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ (1) .
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ-.

129 - الصَّلْتُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الخَارَكِيُّ ** (خَ، س)
ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، المُحَدِّثُ، أَبُو هَمَّامٍ
__________
(*) تاريخ الكبير 6 / 183 - 184، الجرح والتعديل 7 / 132، الأنساب 10 / 252، اللباب 3 / 61، تهذيب الكمال لوحة 1128، تذهيب التهذيب 3 / 159 / 2، الكاشف 2 / 399، تهذيب التهذيب 8 / 370 - 371، خلاصة تذهيب الكمال: 316.
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 132.
(* *) التاريخ الكبير 4 / 304، الجرح والتعديل 4 / 441، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 225، الأنساب 5 / 15 - 16، المعجم المشتمل: 144، معجم البلدان 2 / 337، اللباب 1 / 410، تهذيب الكمال لوحة: 612، تذهيب التهذيب 2 / 96 / 1، الكاشف 2 / 31، تهذيب التهذيب 4 / 435، خلاصة تذهيب الكمال: 175.

(10/426)


الخَارَكِيُّ، البَصْرِيُّ، الثِّقَةُ.
وَخَارَكُ: سَاحِلُ البَصْرَةِ (1) .
حَدَّثَ عَنْ: مَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَغَسَّانَ بنِ الأَغَرِّ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَرَوْحُ بنُ حَاتِمٍ، وَالعَبَّاسُ العَنْبَرِيُّ، وَعِيْسَى بنُ شَاذَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَرْزُوْقٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ، أَتَيتُهُ أَيَّامَ الأَنْصَاريِّ (2) ، فَلَمْ يُقْضَ لِيَ أَنْ أَسْمَع مِنْهُ (3) .
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي (الثِّقَاتِ).

130 - عَمْرُو بنُ خَالِدِ بنِ فَرُّوْخٍ التَّمِيْمِيُّ * (خَ، ق)
ابْنِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَاقِدِ بنِ لَيْثٍ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ - وَيُقَالُ: الخُزَاعِيُّ - الجَزَرِيُّ، الحَرَّانِيُّ، نَزِيْل
__________
(1) وقال ياقوت في " معجمه " 2 / 337: خارك: جزيرة في وسط البحر الفارسي، وهي جبل عال في وسط البحر، إذا خرجت المراكب من عبادان تريد عمان وطابت بها الريح وصلت إليها في يوم وليلة.
(2) هو محمد بن عبد الله الأنصاري أبو عبد الله، قاضي البصرة، تقدمت ترجمته في الجزء التاسع من هذا الكتاب.
(3) " الجرح والتعديل " 4 / 441.
(*) التاريخ الكبير 6 / 327، التاريخ الصغير 2 / 358، الجرح والتعديل 6 / 230، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 370، المعجم المشتمل: 203، تهذيب الكمال لوحة: 1032، تذهيب التهذيب 3 / 97 / 1، ميزان الاعتدال 3 / 258، الكاشف 2 / 227، 228، المغني في الضعفاء 2 / 484، تهذيب التهذيب 8 / 25 - 26، النجوم الزاهرة 2 / 257، حسن المحاضرة 1 / 286، خلاصة تذهيب الكمال: 288.

(10/427)


مِصْرَ، وَهُوَ وَالِدُ الإِمَامِ أَبِي عُلاَثَةَ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، وَأَبِي خَيْثَمَةَ عَلِيِّ بنِ عَمْرٍو.
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَهْرَامَ، وَالنَّضْرِ بن عَرَبِيٍّ، وَأَبِي عَقِيْلٍ يَحْيَى بنِ المُتَوَكِّلِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ لَهِيْعَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَأَبِي المَلِيْحِ، وَزُهَيْرٍ، وَشَرِيْكٍ، وَبَكْرِ بنِ مُضَرَ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ أَبِي مُسَاوِرٍ الجَرَّارِ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، وَسَمُّوْيَه، وَأَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بنُ الفَرَجِ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَيَحْيَى بن عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ، وَالحَسَنُ بنُ الفَرَجِ الغَزِّيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ حُمَيْدٍ العَكِّيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَوَلَدَاهُ، وَأَبُو الأَحْوَصِ العُكْبَرِيُّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: مِصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (1) .
قَالَ البُخَارِيُّ (2) ، وَغَيْرهُ: مَاتَ بِمِصْرَ، سَنَة تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

131 - عَبْدُ المَلِكِ بنُ هِشَامِ بنِ أَيُّوْبَ أَبُو مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيُّ *
العَلاَّمَةُ، النَّحْوِيُّ، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيُّ،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 230.
(2) " التاريخ الكبير " 6 / 327، و" التاريخ الصغير " 2 / 358.
(*) السيرة النبوية 1 / 17 - 18، الروض الانف 1 / 7، مقدمة شرح السيرة للخشني 1 / 3، إنباه الرواة 2 / 211 - 212، وفيات الأعيان 3 / 177، الإشارة إلى وفيات الأعيان لوحة: 44، عيون التواريخ 7 / 287، الوافي بالوفيات 6 / 26، البداية والنهاية 10 / 281 - 282، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 111 - 112، حسن المحاضرة 1 / 531، بغية الوعاة 2 / 115.

(10/428)


السَّدُوْسِيُّ - وَقِيْلَ: الحِمْيَرِيُّ - المَعَافِرِيُّ، البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
هَذَّبَ السِّيْرَةَ النَّبَوِيَّةَ، وَسَمِعَهَا مِنْ زِيَادٍ البَكَّائِيِّ صَاحِبِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَخَفَّفَ مِنْ أَشعَارِهَا، وَرَوَى فِيْهَا مَوَاضِعَ عَنْ عَبْدِ الوَارِثِ بنِ سَعِيْدٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، رَوَاهَا عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ حَسَنٍ القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَرْقِيِّ، وَأَخُوْهُ؛ أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ.
وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي أَنسَابِ حِمْيَرٍ وَمُلُوكِهَا.
وَالأَصَحُّ أنَّه ذُهْلِيٌّ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَأَرَّخ وَفَاتَه فِي ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (1) .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُطَّلِبِيُّ بِالرَّمْلَةِ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنُ حَيَّوَيْه، سَمِعْتُ المُزَنِيَّ يَقُوْلُ:
قَدِمَ عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ، وَكَانَ بِمِصْرَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ هِشَامٍ صَاحِبُ (المَغَازِي)، وَكَانَ عَلاَّمَةَ أَهْلِ مِصْرَ بِالعَرَبِيَّةِ وَالشِّعْرِ، فَقِيْلَ لَهُ فِي المَصِيْرِ إِلَى الشَّافِعِيِّ، فَتَثَاقَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا ظَنَنتُ أَنَّ اللهَ يَخلُقُ مِثْلَ الشَّافِعِيِّ (2) .
وَفِي (الرَّوْضِ الأُنُفِ): أَنَّ ابْنَ هِشَامٍ مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (3) .
فَهَذَا وَهِمَ فِيْهِ أَبُو القَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ، بَلِ الصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ.
__________
(1) " وفيات الأعيان " 3 / 177.
(2) " مناقب الشافعي " للبيهقي 2 / 42، و" توالي التأسيس " 2 / 60، وقد أورد المؤلف هذا الخبر في ترجمة الشافعي في أول هذا الجزء.
(3) " الروض الانف " 1 / 7.

(10/429)


132 - أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ دِرْهَمٍ النَّهْدِيُّ * (ع)
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، الإِمَامُ، أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ مَوْلاَهُمْ، الكُوْفِيُّ، سِبْطُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الفَقِيْهِ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْرَائِيْلَ، وَوَرْقَاءَ، وَعِيْسَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَفُضَيْلِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَالحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، وَالحَكَمِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الغَسِيْلِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَمِنْدَلِ بنِ عَلِيٍّ، وَحِبَّانَ بنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي مَعْشَرٍ السِّنْدِيِّ، وَيَحْيَى بنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيُوْسُفُ بنُ مُوْسَى، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَهَارُوْنُ الحَمَّالُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرُّهَاوِيُّ (1) ، وَأَحْمَدُ بنُ مُلاَعِبٍ، وَسَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، وَفَهْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّنْعَانِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ دَاوُدَ البَغْدَادِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ لأَحَمْدَ بنِ حَنْبَلٍ:
إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكْتُبَ عَنْ رَجُلٍ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ مِنْهُ شَيْء،
__________
(*) تاريخ يحيى بن معين: 543، طبقات ابن سعد 6 / 404 - 405، التاريخ الكبير 7 / 315، التاريخ الصغير 2 / 339، الجرح والتعديل 8 / 206، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 481، المعجم المشتمل 284 - 285، تهذيب الكمال 1294 - 1295، تذهيب التهذيب 4 / 14 / 2، تذكرة الحفاظ 1 1 / 402، 403، العبر 1 / 378، الكاشف 2 / 112، ميزان الاعتدال 3 / 424 - 425، تهذيب التهذيب 10 / 2 - 9، طبقات الحفاظ: 171، خلاصة تذهيب الكمال: 366، شذرات الذهب: 2 / 46.
(1) نسبة إلى الرها: بلدة من بلاد الجزيرة بينها وبين حران ستة فراسخ. " الأنساب " 6 / 194.

(10/430)


فَاكتُبْ عَنْ أَبِي غَسَّانَ (1) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِالكُوْفَةِ أَتْقَنَ مِنْ أَبِي غَسَّانَ (2) .
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ، صَحِيْحُ الكِتَابِ، مِنَ العَابِدِيْنَ.
وَقَالَ أَيْضاً: كَانَ ثِقَةً، مُتَثَبِّتاً (3) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: أَبُو غَسَّانَ مُحَدِّثٌ، مِنْ أَئِمَةِ المُحَدِّثِيْنَ (4) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو غَسَّانَ يُمْلِي عَلَيْنَا مِنْ أَصْلِهِ، وَكَانَ لاَ يُمْلِي حَدِيْثاً حَتَّى يَقْرَأَه، وَكَانَ يَنحُو، لَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَتْقَنَ مِنْ أَبِي غَسَّانَ، لاَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَلاَ غَيْرُه، وَأَبُو غَسَّانَ أَتْقَنُ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَهُوَ مُتْقِنٌ، ثِقَةٌ، كَانَ لَهُ فَضلٌ وَصَلاَحٌ وَعِبَادَةٌ، وَصِحَّةُ حَدِيْثٍ وَاسْتقَامَةٌ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ سَجَّادَتَانِ، كُنْتُ إِذَا نَظَرتُ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ قَبْرٍ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى (5) -.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ (6) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (7) .
__________
(1) انظر " تاريخ ابن معين ": 543.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 206.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1295.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1295.
(5) " الجرح والتعديل " 8 / 206، 207.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 1295.
(7) " طبقات ابن سعد " 6 / 405.

(10/431)


قُلْتُ: حَدِيْثُه فِي كُلِّ الأُصُوْلِ، وَفِيْهِ أَدنَى تَشَيُّعٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يُوْسُفَ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَقِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ النَّهْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيّ، عَنْ صُبَيْحٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ: (أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُمْ، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُم).
تَفَرَّدَ بِهِ: أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ.
رَوَاهُ: التِّرْمِذِيُّ (1) عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ عَنْ عَلِيِّ بنِ قَادِمٍ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ الحُلْوَانِيِّ، وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي غَسَّانَ، جَمِيْعاً عَنْ أَسْبَاطٍ.
وَصُبَيْحٌ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَيْسَ بِمَعْرُوْفٍ.
أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ الغَازِيُّ، قَالَ:
سَأَلْتُ البُخَارِيَّ عَنْ أَبِي غَسَّانَ، قَالَ: وَعمَّاذَا تَسْأَلُ؟
قُلْتُ: التَّشَيُّعُ.
فَقَالَ: هُوَ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَلَوْ رَأَيْتُم عُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَجَمَاعَةَ مَشَايِخِنَا الكُوْفِيِّيْنَ، لَمَا سَأَلْتُمُوْنَا عَنْ أَبِي غَسَّانَ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ مُعَظِّمِيْنَ (2) لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِنَّمَا يَنَالاَنِ مِنْ مُعَاوِيَةَ، وَذَوِيْهِ.
رَضِيَ اللهُ عَنْ جَمِيْعِ الصَّحَابَةِ.
__________
(1) رقم (3879)، وابن ماجه (145)، وأخرجه الطبراني في " الكبير " برقم (2619)، وابن حبان (2244)، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد وغيره يتقوى به تقدم في الجزء الثالث من هذا الكتاب ص 257.
(2) في الأصل: " معظمان " وهو خطأ.

(10/432)


133 - شَاذُ بنُ فَيَّاضٍ أَبُو عُبَيْدَةَ اليَشْكُرِيُّ * (د، س)
الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو عُبَيْدَةَ اليَشْكُرِيُّ، البَصْرِيُّ.
وَاسْمُهُ: هِلاَلٌ، وَشَاذُ: لَقَبٌ أَعْجَمِيٌّ، مُخَفَّفُ الذَّالِ.
وَقِيْلَ: مُثَقَّلَةٌ، وَمَعْنَاهُ: فَرْحَانُ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، وَعِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، وَشُعْبَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَحَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ المَازِنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، ثِقَةٌ (1) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
خَرَّجَ لَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضاً.
__________
(*) التاريخ الكبير 8 / 211، التاريخ الصغير 2 / 353، الجرح والتعديل 9 / 78، المجروحين والضعفاء 1 / 363 - 364، تهذيب الكمال لوحة: 570، تذهيب التهذيب 2 / 69 / 1، ميزان الاعتدال 2 / 260 و4 / 216، العبر 1 / 394، الكاشف 2 / 3، المغني في الضعفاء 1 / 294، تهذيب التهذيب 4 / 299، خلاصة تذهيب الكمال: 162، شذرات الذهب 2 / 56 - 57.
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 78.
(2) " التاريخ الكبير " 8 / 211.

(10/433)


134 - شَاذُ بنُ يَحْيَى الوَاسِطِيُّ *
شَيْخٌ، صَدُوْقٌ.
حَدَّثَ عَنْ: وَكِيْعٍ، وَيَزِيْدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ، وَتَمِيْمُ بنُ المُنْتَصِرِ، وَأَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ، وَعَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ، وَآخَرُوْنَ.
ذُكِرَ تَمْيِيْزاً.

135 - عَبْدُ اللهِ بنُ سَوَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قُدَامَةَ العَنْبَرِيُّ ** (س)
القَاضِي، الإِمَامُ، أَبُو السَّوَّارِ العَنْبَرِيُّ، البَصْرِيُّ، كَانَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَجَدُّهُ قُضَاةَ البَصْرَةِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكْرٍ المُزَنِيِّ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَوُهَيْبِ بنِ خَالِدٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ سَوَّارٌ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَحَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
خَرَّجَ لَهُ النَّسَائِيُّ فِي الفَرَائِضِ حَدِيْثاً.
__________
(*) الجرح والتعديل 4 / 392، تهذيب الكمال لوحة: 570، تذهيب التهذيب 2 / 69 / 1، تهذيب التهذيب 4 / 299 - 300، خلاصة تذهيب الكمال: 162.
(* *) أخبار القضاة 2 / 155، الجرح والتعديل 5 / 77، تهذيب الكمال لوحة: 691، تذهيب التهذيب 2 / 150 / 2، الكاشف 2 / 94، تهذيب التهذيب 5 / 248، خلاصة تهذيب الكمال: 200.

(10/434)


وَثَّقَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ، وَعِلْمٍ، وَمَعْرِفَةٍ.
مَاتَ فِي: سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِيْنَ.
وَتُوُفِّيَ وَلَدُهُ سَوَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ قَاضِي البَصْرَةِ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
أَدْرَكَ عَبْدَ الوَارِثِ التَّنُّوْرِيَّ، وَنَحْوَهُ، وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ.

136 - إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرِو بن نَجِيْحٍ البَجَلِيُّ مَوْلاَهُمْ *
الكُوْفِيُّ، شَيْخُ أَصْبَهَانَ، وَمُسْنِدُهَا.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ: مَالِكَ بنَ مِغْوَلٍ، وَكَامِلاً أَبَا العَلاَءِ، وَمِسْعَرَ بنَ كِدَامٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيَّ، وَعَبْدَ الغَفَّارِ بنَ القَاسِمِ، وَفُضَيْلَ بنَ مَرْزُوْقٍ، وَطَائِفَةً.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتَفَرَّدَ فِي وَقْتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَمَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الفَرَجِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ نَائِلَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ نُصَيْرٍ المَدِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الفَرْقَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصَّفَّارُ، وَخَلْقٌ مِنَ الأَصْبَهَانِيِّيْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَهْ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أُورْمَةَ ذَكَرَ
__________
(1) وسيورد المؤلف ترجمته مفصلة في الجزء الحادي عشر ص (543).
(*) الضعفاء للعقيلي لوحة: 30، الكامل لابن عدي 1 / 30، طبقات المحدثين لوحة: 86، تاريخ أصبهان 1 / 208 - 209، ميزان الاعتدال 1 / 239 - 240، المغني في الضعفاء 1 / 85، تهذيب التهذيب 1 / 320، لسان الميزان 1 / 425 - 426.

(10/435)


إِسْمَاعِيْلَ بنَ عَمْرٍو، فَأَحسَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: شَيْخٌ مِثْلُ ذَاكَ ضَعَّفُوهُ! وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ (1).
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي (تَارِيْخِ الثِّقَاتِ).
وَأَمَّا الدَّارَقُطْنِيُّ فَضَعَّفَهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ (2) : حَدَّثَ عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ بِأَحَادِيْثَ لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهَا.
وَرَوَى عَنْهُ: أَسِيدُ بنُ عَاصِمٍ، وَالقَاسِمُ بنُ نَصْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ.
ثُمَّ سَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَحَادِيْثَ، فَقَالَ: هَذِهِ مَعَ سَائِرِ رِوَايَاتِه الَّتِي لَمْ أَذكُرْهَا، عَامَّتُهَا مِمَّا لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، مِنْ أَبْنَاء التِّسْعِيْنَ.

137 - عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ مُطَهَّرِ بنِ حُسَامٍ الأَزْدِيُّ * (خَ، د)
ابْنِ مِصَكِّ بنِ ظَالِمِ بنِ شَيْطَانٍ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو ظَفَرٍ الأَزْدِيُّ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، وَمُوْسَى بنِ خَلَفٍ العَمِّيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ
__________
(1) انظر كتاب " أخبار أصبهان " لأبي نعيم 1 / 208، وفيه " ضيعوه " بدل " ضعفوه ".
(2) في " الكامل في الضعفاء " 1 / لوحة 30.
(*) التاريخ الكبير 6 / 67، الجرح والتعديل 6 / 48، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 324، المعجم المشتمل: 172، تهذيب الكمال لوحة: 835، تذهيب التهذيب 2 / 238 / 2، الكاشف 2 / 196، خلاصة تذهيب الكمال: 238.
تهذيب التهذيب 6 / 235.

(10/436)


خُرَّزَاذَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ المَازِنِيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضاً عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى، عَنْهُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (1) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَاتَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ (2) .
قُلْتُ: مَاتَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.

138 - عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى القُرَشِيُّ *
ابْنِ الأَمِيْر الَّذِي افتَتَحَ إِقْلِيْمَ خُرَاسَانَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ؛ عَبْدِ اللهِ (3) بنِ عَامِرِ بنِ كُرَيْزِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ القُرَشِيُّ، العَبْشَمِيُّ، الكُرَيْزِيُّ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَصَالِحِ بنِ أَبِي الأَخْضَرِ، وَأَبِي المِقْدَامِ هِشَامِ بنِ زِيَادٍ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ مُتَوَسِّطُ الحَالِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَيْسَ حَدِيْثُه بِالقَائِمِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 48.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 835.
(*) التاريخ الكبير 6 / 122، الجرح والتعديل 6 / 54، ميزان الاعتدال 2 / 640، لسان الميزان 4 / 41.
(3) وقد تقدمت ترجمته في الجزء الثالث من هذا الكتاب ص 18.

(10/437)


139 - عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ دَاوُدَ بنِ مِهْرَانَ بنِ زِيَادٍ البَكْرِيُّ * (خَ، د، س، ق)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو صَالِحٍ البَكْرِيُّ، الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، الإِفْرِيْقِيُّ المَوْلِدِ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَارَ بِهِ أَبُوْهُ وَهُوَ طِفْلٌ، فَنَشَأَ بِالبَصْرَةِ، وَتَفَقَّه، وَكَتَبَ العِلْمَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِصْرَ مَعَ وَالِدِه.
سَمِعَ: حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَزُهَيْرَ بنَ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَيَّاشٍ القِتْبَانِيَّ، وَاللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ لَهِيْعَةَ، وَيَعْقُوْبَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِئَ، وَأَبا المَلِيْحِ الرَّقِّيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَيَّاشٍ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَبِوَاسِطَةٍ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ، وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَمَّادٍ الآمُلِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ نَافِعٍ الطَّحَّانُ، وَالمِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ الرُّعَيْنِيُّ، وَمُوْسَى بنُ عِيْسَى بنِ المُنْذِرِ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العَلاَّفُ، وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ السَّهْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ زُغْبَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَالجَلاَلَةِ، وَالحِشْمَةِ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَتْ أُمُّهُ بِنْتَ سَعِيْدِ بنِ يَزِيْدَ الأَزْدِيِّ
__________
(*) التاريخ الكبير 6 / 121، التاريخ الصغير 2 / 350، الجرح والتعديل 6 / 54، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 329، المعجم المشتمل: 173، تهذيب الكمال لوحة: 847، تذهيب التهذيب 2 / 245 / 2، الكاشف 2 / 203، تهذيب التهذيب 6 / 365، خلاصة تذهيب الكمال 241.

(10/438)


البَصْرِيِّ.
قَدِمَ مِصْرَ مَعَ أَبِيْهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ (1) ، وَذَهَبَ إِلَى المَغْرِبِ.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَكَانَ أَحَدَ وُجُوْهِ المِصْرِيِّيْنَ.
قَدِمَ المَأْمُوْنُ مِصْرَ، فَكَانَ عَبْدُ الغَفَّارِ يُجَالِسَهُ، وَلَهُ مَعَهُ أَخْبَارٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ (2) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعَ بِالبَصْرَةِ وَبِمِصْرَ وَالشَّامِ وَالجَزِيْرَةِ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: الحَرَّانِيُّ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّ أَخَوَيْه عَبْدَ اللهِ وَعَبْدَ العَزِيْزِ وُلِدَا بِحَرَّانَ، وَلَهُم ثَروَةٌ وَنِعمَةٌ.
وَوُلِدَ أَخَوَاهُ عَبْدُ الخَالِقِ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بِإِفْرِيْقِيَةَ، ثُمَّ تَحَوَّلُوا مِنْهَا (3) .
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: مَاتَ أَبُو صَالِحٍ بِمِصْرَ، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: وَهِمَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ.

140 - عِيْسَى بنُ دِيْنَارٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الغَافِقِيُّ القُرْطُبِيُّ *
فَقِيْهُ الأَنْدَلُسِ، وَمُفْتِيْهَا، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الغَافِقِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
ارْتَحَلَ، وَلَزِمَ ابْنَ القَاسِمِ مُدَّةً، وَعَوَّلَ عَلَيْهِ، وَكَانَ صَالِحاً، خَيِّراً، وَرِعاً، يُذْكَرُ بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ.
__________
(1) انظر " تهذيب الكمال " لوحة 848، و" تذهيب التهذيب " 2 / 245.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 54.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 848.
(*) جذوة المقتبس 298، ترتيب المدارك 3 / 16 - 20، العبر 1 / 363، الديباج المذهب 2 / 64 - 66، تاريخ ابن الفرضي 1 / 331، شذرات الذهب 2 / 28.

(10/439)


كَانَ ابْنُ وَضَّاحٍ يَقُوْلُ: هُوَ الَّذِي عَلَّمَ أَهْلَ الأَنْدَلُسِ الفِقْهَ (1) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَيْمَنَ: هُوَ كَانَ أَفْقَهَ مِنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ (2) .
وَقَالَ الفَقِيْهُ أَبَانُ بنُ عِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ: كَانَ أَبِي قَدْ أَجْمَعَ عَلَى تَرْكِ الفُتْيَا بِالرَّأْيِ، وَأَحَبَّ الفَتْوَى بِالحَدِيْثِ، فَأَعجَلَتْهُ المَنِيَّةُ عَنْ ذَلِكَ (3) .
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الفِقْهِ، وَلَكِنَّهُ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فِي سِنِّ الكُهُوْلَةِ -رَحِمَهُ اللهُ-.

141 - عِيْسَى بنُ أَبَانٍ *
فَقِيْهُ العِرَاقِ، تِلْمِيْذُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، وَقَاضِي البَصْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ، وَهُشَيْمٍ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ.
وَعَنْهُ: الحَسَنُ بنُ سَلاَّمٍ السَّوَّاقُ، وَغَيْرُهُ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ وَذَكَاءٌ مُفْرِطٌ، وَفِيْهِ سَخَاءٌ وَجُودٌ زَائِدُ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخَذَ عَنْهُ: بَكَّارُ بنُ قُتَيْبَةَ.
__________
(1) " ترتيب المدارك " 3 / 19، و" الديباج المذهب " 2 / 65.
(2) " ترتيب المدارك " 3 / 16، و" الديباج المذهب " 2 / 64.
(3) " ترتيب المدارك " 3 / 19.
(*) أخبار القضاة لوكيع 2 / 170 - 172، تاريخ بغداد 11 / 157 - 160، إيضاح المكنون 1 / 23، 26، الجواهر المضية 1 / 401، الفوائد البهية 151، كشف الظنون 1431، 1440، هدية العارفين 1 / 806.

(10/440)


142 - عَوْنُ بنُ سَلاَّمٍ أَبُو جَعْفَرٍ الكُوْفِيُّ * (م)
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُعَمَّرُ، الصَّادِقُ، أَبُو جَعْفَرٍ الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ النَّهْشَلِيَّ، وَإِسْرَائِيْلَ بنَ يُوْنُسَ، وَزُهَيْرَ بنَ مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ - وَهُوَ مِنْ كِبَارِ مَشْيَخَتِهِ - وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّنٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الخَطْمِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ الحَمَّالُ، وَآخَرُوْنَ.
وَعَاشَ: تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَهُوَ صَدُوْقٌ، مَا عَلِمتُ بِهِ بَأْساً.
مَاتَ: فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمِمَّنْ كَانَ بَعْدَ المائَتَيْنِ مِنْ رُؤُوْسِ المُتَكَلِّمِيْنَ وَالمُعْتَزِلَةِ: بِشْرُ بنُ غِيَاثٍ (1) المَرِيْسِيُّ العَدَوِيُّ مَوْلَى آلِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، وَأَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بنُ المُعْتَمِرِ (2) الكُوْفِيُّ الأَبْرَصُ - مِنْ كِبَارِ المُعْتَزِلَةِ وَمُصَنِّفِيْهِم - وَأَبُو مَعْنٍ ثُمَامَةُ بنُ أَشْرَسَ (3) النُّمَيْرِيُّ البَصْرِيُّ، وَأَبُو الهُذَيْلِ مُحَمَّدُ بنُ الهُذَيْلِ العَلاَّفُ البَصْرِيُّ (4) ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَيَّارٍ البَصْرِيُّ النَّظَّامُ (5) ، وَهِشَامُ بنُ
__________
(*) الجرح والتعديل 6 / 388، تاريخ بغداد 12 / 293 - 294، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 402، المعجم المشتمل: 208، تهذيب الكمال لوحة: 1067، تذهيب التهذيب 3 / 120 / 1، ميزان الاعتدال 3 / 306، العبر 1 / 407، الكاشف 2 / 357، المغني في الضعفاء 2 / 495، تهذيب التهذيب 8 / 170 - 171، خلاصة تذهيب الكمال: 298، شذرات الذهب 2 / 69.
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة 199 من هذا الجزء.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة 203 من هذا الجزء.
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة 203 من هذا الجزء.
(4) سترد ترجمته في الصفحة 542 من هذا الجزء.
(5) سترد ترجمته في الصفحة 541 من هذا الجزء.

(10/441)


الحَكَمِ (1) الكُوْفِيُّ الرَّافِضِيُّ المُجَسِّمُ، وَضِرَارُ بنُ عَمْرٍو (2) - الَّذِي تُنْسَبُ الضِّرَارِيَّةُ إِلَيْهِ - وَأَبُو المُعْتَمِرِ مُعَمَّرُ بنُ عَبَّادٍ (3) - وَقِيْلَ: مُعَمَّرُ بنُ عَمْرٍو - البَصْرِيُّ العَطَّارُ، وَهِشَامُ بنُ عَمْرٍو الفُوَطِيُّ (4) ، وَدَاوُدُ الجَوَارِبِيُّ، وَالوَلِيْدُ بنُ أَبَانٍ الكَرَابِيْسِيُّ (5) ، وَابْنُ كَيْسَانَ الأَصَمُّ، وَأَبُو مُوْسَى الفَرَّاءُ البَغْدَادِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى (6) البَصْرِيُّ المُلَقَّبُ: بِالمَرْدَازِ، وَجَعْفَرُ بنُ حَرْبٍ (7) ، وَجَعْفَرُ بنُ مُبَشِّرٍ (8) ، وَآخَرُوْنَ.
نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ البِدَعِ، وَأَنْ نَقُوْلَ عَلَى اللهِ مَا لاَ نَعْلَمُ.

143 - زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُمْ * (خَ، ت)
ابْنِ زُرَيْقٍ - وَقِيْلَ: ابْنِ الصَّلْتِ - الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُمْ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ، أَخُو نَزِيْلِ مِصْرَ يُوْسُفَ بنِ عَدِيٍّ، وَكَانَ عَدِيٌّ ذِمِّيّاً فَأَسْلَمَ.
حَدَّثَ زَكَرِيَّا عَنْ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَشَرِيْكٍ، وَأَبِي الأَحْوَصِ،
__________
(1) سترد ترجمته في الصفحة 543 من هذا الجزء.
(2) سترد ترجمته في " الصفحة 544 من هذا الجزء.
(3) سترد ترجمته في الصفحة 546 من هذا الجزء.
(4) سترد ترجمته في الصفحة 547 من هذا الجزء.
(5) سترد ترجمته في الصفحة 548 من هذا الجزء.
(6) في الأصل: " أبو عيسى " وهو خطأ، وسترد ترجمته في الصفحة 548 من هذا الجزء.
(7) سترد ترجمته في الصفحة 549 من هذا الجزء.
(8) سترد ترجمته في الصفحة 549 من هذا الجزء.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 407، التاريخ الكبير 3 / 424، الجرح والتعديل 3 / 600، تاريخ بغداد 8 / 455، تهذيب الكمال لوحة: 434، تذهيب التهذيب 1 / 237 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 395، العبر 1 / 362، الكاشف 1 / 323، تهذيب التهذيب 3 / 331، طبقات الحفاظ 169 - 170، خلاصة تذهيب الكمال: 122، شذرات الذهب 2 / 28.

(10/442)


وَهُشَيْمٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَحَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَرْبَهَارِيُّ (1) ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ خَارِجَ (الصَّحِيْحِ)، وَفِي (الصَّحِيْحِ) بِوَاسِطَةٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كُوْفِيٌّ، ثِقَةٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ، مُتَقَشِّفٌ (2) .
وَقَالَ المُنْذِرُ بنُ شَاذَانَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، جَاءهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى، فقَالاَ: أَخرِجْ إِلَيْنَا كِتَابَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو.
فَقَالَ: مَا تَصْنَعُوْنَ بِهِ؟ خُذُوا حَتَّى أُملِيَ عَلَيْكُم كُلَّه.
وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ، فَيُمَيِّزُ أَلفَاظَهُم (3) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: هُوَ ثِقَةٌ، وَرِعٌ (4) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ إِلَيْكَ مُشْتَاقٌ.
قَالَ أَبُو عَوْفٍ البُزُوْرِيُّ: مَا كَتَبْتُ عَنْ أَحَدٍ أَفْضَلَ مِنْ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ.
وَقَالَ أَبُو يَحْيَى صَاعِقَةُ: قَدِمَ زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، فَكَلَّمُوا لَهُ مَنْ يَسْتَعْمِلُه عَلَى قَرْيَةٍ فِي الشَّهرِ بِثَلاَثِيْنَ دِرْهَماً، فَرَجَعَ بَعْدَ شَهْرٍ، وَقَالَ: لَيْسَ أَجِدُنِي
__________
(1) نسبة إلى " بربهار " وهي الادوية التي تجلب من الهند من الحشيش والعقاقير والفلوس وغيرها.
" الأنساب " 2 / 125.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 456، و" تهذيب الكمال " ولوحة 433.
(3) " الجرح والتعديل " 3 / 600، و" تهذيب الكمال " لوحة 434.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 456، و" تهذيب الكمال " لوحة 434.

(10/443)


أَعمَلُ بِقَدَرِ الأُجْرَةِ (1) .
وَاشْتَكَتْ عَيْنُهُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِكُحْلٍ، قَالَ: أَنْتَ مِمَّنْ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ مِنِّي؟
قَالَ: نَعَمْ، فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَه (2) .
وَقَدْ نَال مِنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ الكُوْفِيُّ بِلاَ حُجَّةٍ، وَقَالَ: مَا لَهُ وَلِلْحَدِيْثِ؟ هُوَ بِالتَّوْرَاةِ أَعْلَمُ (3) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ مَوَالِي تَيْمِ اللهِ، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً، ثِقَةً.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ (4) .
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي الحَارِثِ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ فِي ثَانِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، بِبَغْدَادَ (5) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَغَيْرُهُ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَقِيْلٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
خَرَجتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي نَخْلٍ لَهَا، يُقَالُ لَهُ: الأَسْوَافُ (6)، فَفَرَشَتْ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَحْتَ صَوْرٍ (7) لَهَا مَرْشُوْشٍ، فَقَالَ: (الآنَ يَأْتِيْكُم رَجُلٌ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 456.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 456.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 455.
(4) " طبقات ابن سعد " 6 / 407.
(5) " تاريخ بغداد " 8 / 456، و" تهذيب الكمال " لوحة 434.
(6) هو موضع بناحية البقيع في المدينة المنورة.
(7) الصور بفتح الصاد وإسكان الواو: الجماعة من النخل، ولا واحد له من لفظه.

(10/444)


فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: (الآنَ يَأْتِيكُم رَجُلٌ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ).
فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: (الآنَ يَأْتِيكُم رَجُلٌ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ).
قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَأْسَه مُطَأْطِئاً مِنْ تَحْتَ الصَّوْرِ، ثُمَّ يَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ عَلِيّاً).
فَجَاءَ عَلَيٌّ، ثُمَّ إِنَّ الأَنْصَارِيَّةَ ذَبَحَتْ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةً، وَصَنَعَتْهَا، فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا، فَلَمَّا حَضَرَتِ الظُّهْرُ، قَامَ فَصَلَّى، وَصَلَّيْنَا، مَا تَوَضَّأَ وَلاَ تَوَضَّأْنَا، فَلَمَّا حَضَرَتِ العَصْرُ، صَلَّى، وَمَا تَوَضَّأَ وَلاَ تَوَضَّأْنَا.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
أَخْرَجَه: التِّرْمِذِيُّ (1) ، عَنْ عَبْدٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ.

144 - عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَسْلَمَةَ أَبُو مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ *
الفَقِيْهُ، أَبُو مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَخَذَ عَنْ: مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: سَمُّوْيَه، وَالحَسَنُ بنُ قُتَيْبَةَ العَسْقَلاَنِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ.
ضَعَّفَهُ: ابْنُ يُوْنُسَ، وَابْنُ حِبَّانَ (2) .
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: أَبطَأَ حَبِيْبٌ، فَقَالَ مَالِكٌ: لِيَقْرَأْ بَعْضُكُم. فَقَرَأَ
__________
(1) رقم (80) في الطهارة: باب ما جاء في ترك الوضوء مما غيرت النار، وأخرجه أحمد 3 / 387، وأبو داود الطيالسي 2 / 138 من طريق زائدة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل. وأخرجه أحمد 3 / 375 من طريق محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل..
(*) الجرح والتعديل 5 / 371، المجروحين والضعفاء 2 / 134، ترتيب المدارك 1 / 530، ميزان الاعتدال 2 / 664، المغني في الضعفاء 2 / 408، لسان الميزان 4 / 68.
(2) انظر كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 134.

(10/445)


عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَسْلَمَةَ، فَلَمَّا مَرَّ بِابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: شِهَابٌ - فَعَلَ ذَلِكَ مرَاراً -.
وَضَجِرَ مَالِكٌ، وَكَانَ يَغِيْبُ فَيَكْتُبُ فِي أَلوَاحِهِ مَا يَسْمَعُ مِنْ مَالِكٍ، فَيَقُوْلُ: أَنَا كَتَبْتُهُ.
فَيَعجَبُ مِنْ تَغَفُّلِهِ.
وَقَرَأَ لَنَا عَلَى مَالِكٍ فِي النُّذُورِ، قَالَ: فَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ (جُزْءاً وَفَتَىً مَكسُوْراً).
فَضَحِكَ مَالِكٌ، وَقَالَ: (جِرْوَ (1) قِثَّاءٍ مَكْسُوراً) عَافَاكَ اللهُ.
رَوَاهَا: ابْنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ أَحْمَدَ بنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، فَذَكَرَهَا كُلَّهَا.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَجَدَّهُ هُوَ: يَزِيْدُ مَوْلَى جُزْءِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ.

145 - هِشَامُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيُّ *
السُّنِّيُّ (2) ، الفَقِيْهُ، أَحَدُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المُخْتَارِ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ - وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ - وَمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ العَطَّارُ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَحَمْدَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
__________
(1) الجرو: صغار القثاء.
(*) الجرح والتعديل 9 / 67، المجروحين والضعفاء 3 / 90، ميزان الاعتدال 4 / 300، العبر 1 / 383، عيون التواريخ 8 / 65، تهذيب التهذيب 11 / 47 - 48، لسان الميزان 6 / 195، شذرات الذهب 2 / 49، الفوائد البهية 324.
(2) في " الأنساب " 7 / 175: هذه النسبة إلى السنة التي هي ضد البدعة، ولما كثر أهل البدع خصوا جماعة بهذا الانتساب.

(10/446)


وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ.
قَالَ مُوْسَى بنُ نُصَيْرٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
لَقِيْتُ أَلْفاً وَسَبْعَ مائَةِ شَيْخٍ، أَصْغَرُهُم عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَخَرَجَ مِنِّي فِي طَلَبِ العِلْمِ سَبْعُ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ (1) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (2) ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعظَمَ قَدْراً، وَلاَ أَجَلَّ مِنْ هِشَامِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بِالرَّيِّ، وَأَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ بِدِمَشْقَ.
وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ، فَلَيَّنَهُ، وَسَاقَ لَهُ خَبَراً لاَ يُحْتَمَلُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوْعاً: (الدَّجَاجُ غَنَمُ فُقَرَاءِ أُمَّتِي، وَالجُمُعَةُ حَجُّهُم (3)).
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (طَبَقَاتِ الحَنَفِيَّةِ): هُوَ لَيِّنٌ فِي الرِّوَايَةِ، وَفِي دَارِهِ مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ (4) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ الخَرَّازُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ:
القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلَيْسَ اللهُ يَقُوْلُ: {مَا يَأْتِيْهِم مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}؟
فَقَالَ: مُحْدَثٌ إِلَيْنَا، وَلَيْسَ عِنْدَ اللهِ بِمُحْدَثٍ.
قُلْتُ: لأَنَّه مِنْ عِلْمِ اللهِ، وَعِلْمُ اللهِ لاَ يُوْصَفُ بِالحَدَثِ.
مَاتَ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَرَّخُه: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ العَبْدِيُّ.
__________
(1) انظر " عيون التواريخ " 8 / لوحة 65.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 67.
(3) كتاب " المجروحين والضعفاء " 3 / 90، وأورده السخاوي في " المقاصد الحسنة " ص 175، ونسبه للديلمي من طريق هشام بن عبيد الله بهذا الإسناد.
(4) انظر " ميزان الاعتدال " 4 / 300، و" الفوائد البهية ": 223، ومحمد بن الحسن تقدمت ترجمته في الجزء التاسع برقم (45).

(10/447)


146 - أَبُو الجُمَاهِرِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ التَّنُوْخِيُّ * (د، ق)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الجُمَاهِرِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ التَّنُوْخِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الكَفْرَسُوْسِيُّ (1) .
سَمِعَ: خُلَيْدَ بنَ دَعْلَجٍ، وَسَعِيْدَ بنَ بَشِيْرٍ، وَسَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسُلَيْمَانَ بنَ بِلاَلٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَيَّاشٍ، وَالهَيْثَمَ بنَ حُمَيْدٍ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَمُحَمَّدُِ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ)، وَإِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ جَرِيْرٍ الصُّوْرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ: رَفِيْقُهُ؛ أَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ (2) .
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: كَانَ أَوْثَقَ مَنْ أَدرَكْنَا بِدِمَشْقَ، وَرَأَيْتُ أَهْلَ البَلَدِ مُجْمِعِينَ عَلَى صَلاَحِهِ، وَرَأَيتُهُم يُقَدِّمُونَهُ عَلَى هِشَامٍ، وَعَلَى أَبِي أَيُّوْبَ -يَعْنِي: ابْنَ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ (3) -.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ (4) .
__________
(*) التاريخ الكبير 1 / 181، تاريخ دمشق لأبي زرعة 1 / 283، الجرح والتعديل 8 / 25، معجم البلدان 4 / 469، تهذيب الكمال لوحة 1241، تذهيب التهذيب 3 / 231 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 407 - 408، العبر 1 / 392، الكاشف 3 / 77، تهذيب التهذيب 9 / 338، طبقات الحفاظ 173، خلاصة تذهيب الكمال: 351، شذرات الذهب 2 / 55.
(1) نسبة إلى كفر سوسية قرية من قرى دمشق.
وانظر " معجم البلدان " 4 / 469.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 25.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1241.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1241.

(10/448)


وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، أَوْ سَنَةَ إِحْدَى.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ، وَعَنْ رَجُلٍ عَنْهُ (1) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفصَحَ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ (2) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا رَأَيْتُ أَفصَحَ مِنْهُ، وَمِن أَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَالفَسَوِيُّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .

147 - أَبُو هَمَّامٍ الدَّلاَّلُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَبَّبٍ * (د، س، ق)
الإِمَام، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو هَمَّامٍ القُرَشِيُّ، البَصْرِيُّ، بَيَّاعُ الرَّقِيقِ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ السَّائِبِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ، وَإِسْرَائِيْلَ بنِ يُوْنُسَ.
وَعَنْهُ: رَجَاءُ بنُ مُرَجَّى، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البِرْتِيُّ (4) القَاضِي، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) في " تذهيب التهذيب " 3 / لوحة 231: وروى أبو داود عن محمود بن خالد عنه.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1241.
(3) " تاريخ دمشق " لأبي زرعة 1 / 283، و" المعرفة والتاريخ " 1 / 206، 207.
(*) التاريخ الكبير 1 / 247، الجرح والتعديل 8 / 96، تهذيب الكمال لوحة: 1264، العبر 1 / 383، ميزان الاعتدال 4 / 25، الكاشف 3 / 93، عيون التواريخ 8 / 65، تهذيب التهذيب 9 / 426، خلاصة تذهيب الكمال: 357، شذرات الذهب 2 / 49.
(4) نسبة إلى " برت " مدينة بنواحي بغداد. " الأنساب " 2 / 127.

(10/449)


وَثَّقَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَى لَهُ هُوَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ.
مَاتَ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ-.

148 - عَمْرُو بنُ عَوْنِ بنِ أَوْسِ بنِ الجَعْدِ السُّلَمِيُّ * (خَ، د)
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الإِمَامُ، أَبُو عُثْمَانَ السُّلَمِيُّ، الوَاسِطِيُّ، البَزَّازُ.
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَشَرِيْكِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَهُشَيْمٍ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ.
وَقَالَ فِيْهِ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: هُوَ مِمَّنْ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ خَيْراً (1) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ، قَلَّ مَنْ رَأَيْتُ أَثْبَتَ مِنْهُ (2) .
__________
(*) تاريخ ابن معين: 451، التاريخ الكبير 6 / 361، التاريخ الصغير 2 / 352، الجرح والتعديل 6 / 252، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 368، المعجم المشتمل: 205، تهذيب الكمال لوحة: 1046، تذهيب التهذيب 3 / 107 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 426 - 427، العبر 1 / 387 - 388، الكاشف 2 / 338، غاية النهاية 1 / 602، تهذيب التهذيب 8 / 86، طبقات الحفاظ: 183، خلاصة تذهيب الكمال: 292، شذرات الذهب 2 / 52.
(1) " تاريخ ابن معين ": 451، و" الجرح والتعديل " 6 / 252.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 252، و" تهذيب الكمال " لوحة 1047.

(10/450)


وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، حُجَّةٌ، كَانَ يَحْفَظُ حَدِيْثَه (1) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ (2) .
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ مَرَّةً، فَأَطنَبَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ (3) .
قُلْتُ: كَانَ عَالِماً بِهُشَيْمٍ جِدّاً.
قَالَ حَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ: مَاتَ عَمْرُو بنُ عَوْنٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (4) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العِمَادِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيُّ (5) ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، عَنِ الرُّكَيْنِ بنِ الرَّبِيْعِ بنِ عُمَيْلَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَا أَكْثَرَ أَحَدٌ مِنَ الرِّبَا، إِلاَّ كَانَ عَاقبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قُلٍّ).
أَخْرَجَه: القَزْوِيْنِيُّ (6) ، عَنْ عَبَّاسِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ عَوْنٍ.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 252.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1047.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1047.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1047.
(5) الكاغد والكاغذ: القرطاس، وهو الصحيفة التي يكتب عليها، تتخذ من بردي يكون بمصر.
وقال السمعاني في " الأنساب " 10 / 326، وهذه النسبة إلى عمل الكاغذ الذي يكتب عليه وبيعه، وهو لا يعمل في المشرق إلا بسمرقند.
(6) هو في " سننه " برقم (2279).
وقال البوصيري في " زوائده " الورقة 145: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
ورواه الامام أحمد في " مسنده " 1 / 395 و424 من حديث ابن مسعود أيضا، والحاكم 2 / 36 وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في " مسنده " من طريق شريك، عن الركين بإسناده ومتنه سواء، وأبو يعلى الموصلي: حدثنا بشر بن الوليد، حدثنا شريك، عن الركين بن الربيع، عن أبيه به. وحسنه الحافظ في " الفتح " 4 / 266.

(10/451)


149 - الرَّبِيْعُ بنُ يَحْيَى بنِ مِقْسَمٍ الأُشْنَانِيُّ * (خَ، د)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو الفَضْلِ المَرَئِيُّ (1) ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَمَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، وَزَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَحَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ (2) .
وَأَمَّا الدَّارَقُطْنِيُّ، فَلَيَّنَهُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ:
رَوَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ فِي الجَمعِ بَيْنَ الصَّلاَتَينِ (3) . قَالَ:
__________
(*) التاريخ الكبير 3 / 278، الجرح والتعديل 3 / 471، تاريخ بغداد 8 / 417، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 134، المعجم المشتمل: 120، تهذيب الكمال لوحة 409، تذهيب التهذيب 1 / 220 / 1، ميزان الاعتدال 2 / 43، الكاشف 1 / 30، المغني في الضعفاء 1 / 229، العبر 1 / 390، تهذيب التهذيب 3 / 252، خلاصة تذهيب الكمال: 116، شذرات الذهب 2 / 53.
(1) نسبة إلى امرئ القيس بن مضر، والنسبة إلى امرئ القيس: " امرئي " بكسر الراء، ويقال: " مرئي " بفتح الميم والراء وحذف همزة الوصل، وهذا هو المطرد عند سيبويه لأنه المسموع.
انظر الخضري على ابن عقيل 2 / 164، اللسان: " مرأ "، التاج: " قيس "، اللباب 3 / 191.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 471.
(3) أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " 1 / 161 من طرق عن الربيع بن يحيى الاشناني، حدثنا سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة للرخص من غير خوف ولا علة. وقد أورده =

(10/452)


وَهَذَا يُسقِطُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
يَعْنِي: مَنْ أَتَى بِهَذَا مِمَّنْ هُوَ صَاحِبُ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ، أَثَّرَ فِيْهِ لِيْناً، بِحَيْثُ تَنْحَطُّ رُتْبَةُ المائَةِ أَلْفٍ عَنْ دَرَجَةِ الاحْتِجَاجِ، وَإِنَّمَا هَذَا عَلَى سَبِيْلِ المُبَالَغَةِ، فَكَمْ مِمَّنْ قَدْ رَوَى مائَتَيْ حَدِيْثٍ، وَوَهِمَ مِنْهَا فِي حَدِيْثَيْنِ وَثَلاَثَةٍ وَهُوَ ثِقَةٌ؟
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ الأُشْنَانِيُّ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
قُلْتُ: كَانَ مُعَمَّراً، مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.

150 - الوُحَاظِيُّ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ صَالِحٍ * (خَ، م)
الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ صَالِحٍ
__________
= ابن أبي حاتم في " العلل " 1 / 116، ونقل عن أبيه قوله: إنه باطل عندي، هذا خطأ لم أدخله في التصنيف أراد أبا الزبير عن جابر، أو أبا الزبير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. الخطأ من الربيع.
ورواية أبي الزبير عن جابر التي أشار إليها أبو حاتم أخرجها ابن عساكر 17 / 273 / 1 من طريق محمد بن إبراهيم، عن شعبة، عن أبي الزبير، عن جابر.
ورواية أبي الزبير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر.
أخرجه مالك 1 / 144، وعنه مسلم (705) في صلاة المسافرين: باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، وأبو داود (1210)، والنسائي 1 / 290.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 409.
(*) العلل لأحمد بن حنبل: 187، طبقات ابن سعد 7 / 473، التاريخ الكبير 8 / 282، التاريخ الصغير 2 / 346، تاريخ الفسوي 1 / 206، الضعفاء للعقيلي لوحة 442، الجرح والتعديل 9 / 158، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 562، طبقات الحنابلة 1 / 402، تاريخ دمشق 12 / 288 / أ، المعجم المشتمل: 319، اللباب 3 / 354، تهذيب الكمال لوحة 1502، تذهيب التهذيب 4 / 157 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 408، الكاشف 3 / 258، العبر 1 / 385، تهذيب التهذيب 11 / 229، مقدمة فتح الباري: 452، طبقات الحفاظ: 173، خلاصة تذهيب الكمال: 425، شذرات الذهب 2 / 50.

(10/453)


الوُحَاظِيُّ (1) ، الدِّمَشْقِيُّ - وَقِيْلَ: الحِمْصِيُّ -.
حَدَّثَ عَنْ: مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَفُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَحَمَّادِ بنِ شُعَيْبٍ الكُوْفِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ، وَسَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُهَاجِرٍ، وَسَلَمَةَ بنِ كُلْثُوْمٍ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ سَلاَّمٍ الحَبَشِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَهُوَ وَالبَاقُوْنَ - سِوَى النَّسَائِيِّ - عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الحَوْطِيَّانِ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ القَاسِمِ الرَّوَّاسُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الجَكَّانِيُّ (2) ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ (3) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ (4) .
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ: حَسَنُ الحَدِيْثِ، صَاحِبُ رَأْيٍ، وَكَانَ عَدِيلَ (5) مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الفَقِيْهِ إِلَى مَكَّةَ (6).
__________
(1) نسبة إلى وحاظة بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك.
" اللباب " 3 / 354.
(2) نسبة إلى جكان: محلة على باب مدينة هراة " معجم البلدان " 2 / 148.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 158، و" تاريخ دمشق " لأبي زرعة 1 / 462، و" تهذيب
الكمال " لوحة 1503.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 158.
(5) أي كان رفيقه في المحمل، ففي " اللسان ": عدل الرجل في المحمل وعادله: ركب معه.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.

(10/454)


قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ صَالِحٍ بِثَلاَثَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً عَنْ مَالِكٍ، مَا وَجَدنَا لَهَا أَصْلاً عِنْدَ غَيْرِهِ (1) .
وَمِمَّنْ وَثَّقَهُ: ابْنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَغَمَزَهُ بَعْضُ الأَئِمَّةِ لِبِدْعَةٍ فِيْهِ، لاَ لِعَدَمِ إِتْقَانٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، أَنَّ يَحْيَى بنَ صَالِحٍ قَالَ:
لَوْ تَرَكَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ عَشْرَةَ أَحَادِيْثَ -يَعْنِي: هَذِهِ الَّتِي فِي الرُّؤْيَةِ- ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: كَأَنَّهُ نَزَعَ إِلَى رَأْيِ جَهْمٍ (2) .
قُلْتُ: وَالمُعْتَزِلَةُ تَقُوْلُ: لَوْ أَنَّ المُحَدِّثِيْنَ تَرَكُوا أَلفَ حَدِيْثٍ فِي الصِّفَاتِ وَالأَسْمَاءِ وَالرُّؤْيَةِ وَالنُّزُولِ، لأَصَابُوا.
وَالقَدَرِيَّةُ تَقُوْلُ: لَوْ أَنَّهُم تَرَكُوا سَبْعِيْنَ حَدِيْثاً فِي إِثْبَاتِ القَدَرِ.
وَالرَّافِضَةُ تَقُوْلُ: لَوْ أَنَّ الجُمْهُوْرَ تَرَكُوا مِنَ الأَحَادِيْثِ الَّتِي يَدَّعُونَ صِحَّتَهَا أَلفَ حَدِيْثٍ، لأَصَابُوا.
وَكَثِيْرٌ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ يَرُدُّوْنَ أَحَادِيْثَ شَافَهَ بِهَا الحَافِظُ المُفْتِي المُجْتَهِدُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ مَا كَانَ فَقِيْهاً (3) ، وَيَأْتُونَنَا بِأَحَادِيْثَ سَاقِطَةٍ، أَو لاَ يُعْرَفُ لَهَا إِسْنَادٌ أَصْلاً مُحْتَجِّينَ بِهَا.
قُلْنَا: وَلِلْكُلِّ مَوْقِفٌ بَيْنَ يَدِيِ اللهِ -تَعَالَى-.
يَا سُبْحَانَ اللهِ! أَحَادِيْثُ رُؤْيَةِ اللهِ فِي الآخِرَةِ مُتَوَاتِرَةٌ، وَالقُرْآنُ مُصَدِّقٌ لَهَا، فَأَيْنَ الإِنْصَافُ؟!
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: يَحْيَى الوُحَاظِيُّ حِمْصِيُّ جَهْمِيٌّ (4) .
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.
(2) " العلل " لأحمد بن حنبل: 187.
(3) انظر التعليق رقم (1) في الصفحة 619 من الجزء الثاني من هذا الكتاب.
(4) " الضعفاء " للعقيلي: لوحة 442.

(10/455)


قُلْتُ: قَدْ كَانَ يُنْكِرُ الإِرْجَاءَ.
فَقَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ صَالِحٍ عَنِ الإِيْمَان، فَقَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو المَلِيْحِ، سَمِعْتُ مَيْمُوْنَ بنَ مِهْرَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَقْدَمُ مِنَ الإِرْجَاءِ (1) .
قُلْتُ: قَدِمَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ حِمْصَ، فَمَا أَخَذَ عَنْ يَحْيَى شَيْئاً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ يَحْيَى بنِ صَالِحٍ، فَقَالَ:
رَأَيْتُهُ فِي جَنَازَةِ أَبِي المُغِيْرَةِ، فَجَعَلَ أَبِي يُضَعِّفُهُ (2) .
وَقَالَ إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ: حَدَّثَنَا الوُحَاظِيُّ، وَكَانَ مُرْجِئاً، خَبِيْثاً، دَاعِيَ دَعْوَةٍ (3) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ رَبِّهِ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ لِيَحْيَى الوُحَاظِيِّ: اجتَنِبِ الرَّأْيَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- يَقُوْلُ: البَوْلُ فِي المَسْجَدِ أَحسَنُ مِنْ بَعْضِ قِيَاسِهِم (4) .
قَالَ جَمَاعَةٌ: مَاتَ الوُحَاظِيُّ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (5) .
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.
(2) " العلل " لأحمد بن حنبل: 187 وفيه " يصفه " بدل " يضعفه " وهو تحريف.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.
وقال الحافظ في " مقدمة الفتح ": هو من شيوخ البخاري، وثقه يحيى بن معين، وأبو اليمان، وابن عدي، وذمه أحمد لأنه نسبه إلى شيء من رأي جهم، وقال إسحاق بن منصور: كان مرجئا، وقال الساجي، هو من أهل الصدق والأمانة، وقال أبو حاتم: صدوق.
(5) " التاريخ الكبير " 8 / 282، و" تاريخ الفسوي " 1 / 206، و" تاريخ دمشق " لأبي زرعة 1 / 284 و2 / 708.

(10/456)


151 - أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ التَّمِيْمِيُّ اليَرْبُوْعِيُّ الكُوْفِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، الحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ التَّمِيْمِيُّ، اليَرْبُوْعِيُّ، الكُوْفِيُّ، يُنْسَبُ إِلَى جَدِّه تَخْفِيْفاً.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، تَخْمِيْناً.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّه؛ يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ اليَرْبُوْعِيِّ.
وَمِنِ: ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَالحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، وَزَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ، وَعَاصِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ العُمَرِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَخَلْقٍ.
وَكَانَ عَارِفاً بِحَدِيْثِ بَلَدِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ - وَهُوَ مِنْ كُبَرَاءِ شُيُوْخِهِ - وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، وَأَبُو حُصَيْنٍ الوَادِعِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ شَرِيْكٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: عَمَّنْ أَكْتُبُ؟
قَالَ: ارْحَلْ إِلَى أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ، فَإِنَّهُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ (1) .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ ثِقَةً، مُتْقِناً (2) .
__________
(*) طبقات ابن سعد 7 / 405، تاريخ خليفة: 478، التاريخ الكبير 2 / 5، التاريخ الصغير 2 / 355، الجرح والتعديل 2 / 57، تهذيب الكمال لوحة 29، تهذيب التهذيب 1 / 16 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 400، 401، العبر 1 / 398، الكاشف 1 / 62، 63، دول الإسلام: 137، تهذيب التهذيب 1 / 50، طبقات الحفاظ: 174، خلاصة تذهيب الكمال: 8، شذرات الذهب 2 / 59.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 29.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 57.

(10/457)


قَالَ أَبُو دَاوُدَ صَاحِبُ (السُّنَنِ): سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ، فَقَالَ:
لاَ تُصَلِّ خَلْفَ مَنْ يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ، هَؤُلاَءِ كُفَّارٌ (1) .
بَلَغَنَا عَنْ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ، قَالَ: قُلْتُ:
إِذَا رَجَعتُ مِنْ عِنْدِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، أَخَذتُ نَفْسِي بِخَيْرِ مَا عَلِمتُ، وَإِذَا أَتَيتُ مَالِكَ بنَ مِغْوَلٍ، تَحَفَّظْتُ مِنْ لِسَانِي، وَإِذَا أَتَيتُ شَرِيْكاً، رَجَعتُ بِعَقْلٍ تَامٍّ، وَإِذَا أَتَيتَ مِنْدَلَ بنَ عَلِيٍّ، أَهَمَّتنِي نَفْسِي مِنْ حُسْنِ صَلاَتِه (2) .
قُلْتُ: مِنْ جَلاَلَةِ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ عِنْدَ البُخَارِيِّ أَنَّهُ رَوَى أَيْضاً عَنْ يُوْسُفَ بنِ مُوْسَى، عَنْهُ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .
أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَرِيْكٍ الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيْلٍ مِن خُلَّتِهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيْلاً، لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيْلاً).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، كُوْفِيُّ الإِسْنَادِ.
حَدَّثَ بِهِ: السُّفْيَانَانِ، وَوَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ، عَنِ الأَعْمَشِ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ (4) ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 1 / 400.
(2) " تذكرة الحفاظ " 1 / 401.
(3) " التاريخ الكبير " 2 / 5.
(4) رقم (2383) (7) في أول فضائل الصحابة، وابن ماجه (93) في فضائل أصحاب النبي =

(10/458)


وَقَدْ سُقتُ لابْنِ يُوْنُسَ حَدِيْثاً آخَرَ فِي تَرْجَمَةِ زَائِدَةَ (1) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، عَنْ مَسْعُوْدٍ الجَمَّالِ، وَأَبِي الفَضَائِلِ الكَاغَدِيِّ، قَالاَ:
أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُبَيْشٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ فُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
رَأْى رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّهُ قِيْلَ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ أَمَرَكُم نَبِيُّكُم؟
قَالَ: أَمَرَنَا أَنْ نُسَبِّحَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ، وَنَحْمَدَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعاً وَثَلاَثِيْنَ.
قَالَ: فَسَبِّحُوا خَمْساً وَعِشْرِيْنَ، وَاحْمَدُوا خَمْساً وَعِشْرِيْنَ، وَكَبِّرُوا خَمْساً وَعِشْرِيْنَ، وَهَلِّلُوا خَمْساً وَعِشْرِيْنَ، فَتِلْكَ مائَةٌ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ، ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (افْعَلُوا كَمَا قَالَ الأَنْصَارِيُّ).
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ (2) ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ.

152 - عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ بنِ عُبَيْدٍ البَغْدَادِيُّ * (خَ، د)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، مُسْنِدُ بَغْدَادَ، أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ،
__________
= صلى الله عليه وسلم، وليس في المطبوع من سنن النسائي اختصار ابن السني، فإن كتاب المناقب محذوف منه برمته، وأخرجه الترمذي (3655) في المناقب من طريق محمود بن غيلان، حدثنا عبد
الرزاق، أخبرنا الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الاحوص، عن عبد الله بن مسعود.
(1) هو في الجزء السابع من هذا الكتاب ص 378 في آخر ترجمة زائدة بن قدامة.
(2) 3 / 76 في السهو: باب نوع آخر من عدد التسبيح، من طريق أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم، عن أحمد بن عبد الله بن يونس بهذا الإسناد وهو حسن، وأخرجه أحمد 5 / 184، والدارمي 1 / 312 من طريق عثمان بن عمر، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح، عن زيد بن ثابت، وصححه ابن خزيمة (752) وابن حبان (2340).
(*) طبقات ابن سعد 7 / 338، 339، التاريخ الكبير 6 / 265، الضعفاء للعقيلي لوحة 295، الجرح والتعديل 6 / 178، تاريخ بغداد 11 / 360 - 366، الجمع بين رجال الصحيحين =

(10/459)


الجَوْهَرِيُّ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ (1) .
وَسَمِعَ مِنْ: شُعْبَةَ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ - أَحَدِ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ - وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالمَسْعُوْدِيِّ، وَفُضَيْلِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَالقَاسِمِ بنِ الفَضْلِ الحُدَّانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيِّ، وَمَعْرُوْفِ بنِ وَاصِلٍ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَبَحْرِ بنِ كَنِيْزٍ السَّقَّاءِ، وَجَسْرِ بنِ الحَسَنِ، وَالحَسَنِ بنِ صَالِحِ بنِ حَيٍّ، وَالحَمَّادَيْنِ، وَالرَّبِيْعِ بنِ صَبِيْحٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَسَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، وَصَخْرِ بنِ جُوَيْرِيَةَ، وَعَاصِمِ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَهْرَامَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيِّ، وَقَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَاشِدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُطَرِّفٍ، وَوَرْقَاءَ بنِ عُمَرَ، وَأَبِي الأَشْهَبِ العُطَارِدِيِّ، وَأَبِي عَقِيْلٍ يَحْيَى بنِ المُتَوَكِّلِ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَخَلَفُ بنُ سَالِمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ شَيْئاً يَسِيْراً، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ،
__________
= 1 / 355، المعجم المشتمل: 188، تهذيب الكمال 5 / 959، تهذيب التهذيب 3 / 54، 55، تذكرة الحفاظ 1 / 399، الكاشف 2 / 280، العبر 1 / 406، ميزان الاعتدال 3 / 116، 117، تهذيب التهذيب 7 / 289، مقدمة فتح الباري: 429، طبقات الحفاظ: 175، خلاصة تذهيب الكمال: 272، شذرات الذهب 2 / 68، الرسالة المستطرفة: 68.
(1) في " طبقات ابن سعد " 7 / 338: قال علي بن الجعد: ولدت سنة ست وثلاثين ومئة.
وفي " تاريخ بغداد " 11 / 366 عن حنبل بن إسحاق قال: ولد علي بن الجعد سنة ثلاث وثلاثين ومئة.

(10/460)


وَالزَّعْفَرَانِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَعِيْدٍ المَرْوَزِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ البَرَاثِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ، وَعُمَرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسِ بنِ كَامِلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْحَاقَ الصُّوْفِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ المَهْرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ، سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ الأَعْمَشَ، وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ شَيْئاً (1) .
وَقَالَ مُوْسَى بنُ الحَسَنِ السَّقَلِيُّ (2) : قَالَ لَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ:
قَدِمتُ البَصْرَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَكَانَ سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ حَيّاً (3) .
قَالَ نِفْطَوَيْه (4) : كَانَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ أَكْبَرَ مِنْ بَغْدَادَ بِعَشْرِ سِنِيْنَ، وَكَانَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ أَكْبَرَ مِنْ سَامَرَّا بِسِتِّ سِنِيْنَ (5) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 360، و" تهذيب الكمال " لوحة 959.
(2) نسبة إلى " صقلية " جزيرة من جزر البحر الابيض المتوسط - يقال: صقلي وسقلي بالصاد والسين - ضبطها السمعاني في " الأنساب " 8 / 80 بفتح الصاد والقاف وفي آخرها اللام.
وتابعه عليه ابن الأثير في " اللباب " والسيوطي في " لب اللباب "، وضبطها ابن خلكان كذلك في " وفيات الأعيان " 3 / 215 وزاد عليهم تشديد اللام، وقال ياقوت في " معجمه " 3 / 416: بثلاث كسرات وتشديد اللام، والياء أيضا مشددة، والبعض يقول بالسين، وأكثر أهل صقلية يفتحون الصاد واللام.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 360، و" تهذيب الكمال " لوحة 959.
(4) هو أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة العتكي الأزدي المتوفي سنة 323 ه.
(5) " تاريخ بغداد " 11 / 360، و" تهذيب الكمال " لوحة 959.
وفي " معجم البلدان " 1 / 457 أن أبا العباس السفاح شرع في عمارة بغداد سنة 145، ونزلها سنة 149.

(10/461)


قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أُخْبِرْتُ عَنْ مُوْسَى بنِ دَاوُدَ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَكُنَّا عِنْدَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَأَملَى عَلَيْنَا عِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، فَحَفِظَهَا، وَأَملاَهَا عَلَيْنَا (1) .
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ خَلَفَ بنَ سَالِمٍ يَقُوْلُ:
صِرتُ أَنَا وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَعِيْنٍ إِلَى عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا كُتُبَهُ، وَأَلقَاهَا بَيْنَ أَيدِينَا، وَذَهَبَ، وَظَنَنَّا أَنَّهُ يَتَّخِذُ لَنَا طَعَاماً، فَلَمْ نَجِدْ فِي كُتُبِهِ إِلاَّ خَطَأً وَاحِداً، فَلَمَّا فَرَغنَا مِنَ الطَّعَامِ، قَالَ: هَاتُوا.
فَحَدَّثَ بِكُلِّ شَيْءٍ كَتَبنَاهُ حِفْظاً (2) .
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَهُ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .
قَالَ البَغَوِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ يَقُوْلُ:
كَتَبْتُ عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ، بِالكُوْفَةِ، أَملَى عَلَيْنَا مِنْ صَحِيفَةٍ (4) .
قَالَ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
كَانَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ يُحَدِّثُ بِثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ عَنْ شُعْبَةَ، وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ مَالِكٍ ثَلاَثَةُ أَحَادِيْثَ (5) .
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيُّ: سَأَلْتُ عَبْدُوْسَ بنَ هَانِئ عَنْ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 361، و" تهذيب الكمال " لوحة 959.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 361، و" تهذيب الكمال " لوحة 959.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 361، 362، و" تهذيب الكمال " لوحة 959.
(4) " تاريخ بغداد " 11 / 362، و" تهذيب الكمال " لوحة 959.
(5) " تاريخ بغداد " 11 / 362، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.

(10/462)


حَالِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي لَقِيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ.
فَقَالَ: كَانَ يُتَّهَمُ بِالجَهْمِ!
قَالَ: قَدْ قِيْلَ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ كَمَا قَالُوا، إِلاَّ أَنَّ ابْنَهُ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ كَانَ عَلَى قَضَاءِ بَغْدَادَ، وَكَانَ يَقُوْلُ بِقَوْلِ جَهْمٍ.
قَالَ: وَكَانَ عِنْد عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ نَحْوٌ مِنْ أَلفٍ وَمائَتَيْ حَدِيْثٍ، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ المَشَايِخَ، فَزَهِدتُ فِيْهِ، بِسَبَبِ هَذَا القَوْلِ، ثُمَّ نَدِمتُ بَعْدُ (1) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ زِيَادٍ السُّوْسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيَّ - وَذَكَرَ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ - فَقَالَ: لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ، وَضَعَّفَ أَمرَهُ جِدّاً (2) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ: عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: مُتَشَبِّثٌ بِغَيْرِ بِدْعَةٍ، زَائِغٌ عَنِ الحَقِّ (3) .
وَقَالَ أَبُو يَحْيَى النَّاقِدُ: سَمِعْتُ أَبَا غَسَّانَ الدُّوْرِيَّ (4) يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، فَذَكَرُوا حَدِيْثَ ابْنِ عُمَرَ:
كُنَّا نُفَاضِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَقُوْلُ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَيَبْلُغُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلاَ يُنْكِرُهُ (5) .
فَقَالَ عَلِيٌّ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الصَّبِيِّ، هُوَ لَمْ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 362، 363، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 363، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 363، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.
(4) على هامش الأصل " المروزي " نسخة وفي " التهذيب ": الدوري المروزي.
(5) أخرج البخاري 7 / 14 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب فضل أبي بكر، عن ابن عمر قال: كنا نخير بن الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنخير أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان.
وفي رواية له ذكرها في باب مناقب عثمان 7 / 47: كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم.
ولأحمد 2 / 14: كنا نعد ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي وأصحابه متوافرون: أبو بكر وعمر وعثمان ثم نسكت، ولأبي داود (4627): كنا نقول ورسول الله =

(10/463)


يُحسِنْ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَه يَقُوْلُ: كُنَّا نُفَاضِلُ!
وَكُنْتُ عِنْدَهُ، فَذَكَرُوا حَدِيْثَ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ (1)).
قَالَ: مَا جَعَلَهُ اللهُ سَيِّداً (2) .
قُلْتُ: أَبُو غَسَّانَ لاَ أَعرِفُ حَالَهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ صَدَقَ، فَلَعَلَّ ابْنَ الجَعْدِ قَدْ تَابَ مِنْ هَذِهِ الوَرطَةِ، بَلْ جَعَلَهُ سَيِّداً عَلَى رَغْمِ أَنْفِ كُلِّ جَاهِلٍ، فَإِنَّ مَنْ أَصَرَّ عَلَى مِثْلِ هَذَا مِنَ الرَدِّ عَلَى سَيِّدِ البَشَرِ، يَكْفُرُ بِلاَ مَثْنَوِيَّةٍ (3) ، وَأَيُّ سُؤْدُدٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنَّهُ بُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ، ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الأَمرِ لِقَرَابَتِهِ، وَبَايَعَهُ عَلَى أَنَّهُ وَلِيُّ عَهْدِ المُؤْمِنِيْنَ، وَأَنَّ الخِلاَفَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِ مُعَاوِيَةَ حَسْماً لِلْفِتْنَةِ، وَحَقْناً لِلدِّمَاءِ، وَإِصْلاَحاً بَيْنَ جُيُوْشِ الأُمَّةِ، لِيَتَفَرَّغُوا لِجِهَادِ الأَعدَاءِ، وَيَخلُصُوا مِنْ قِتَالِ بَعْضِهِم بَعْضاً، فَصَحَّ فِيْهِ تَفَرُّسُ جَدِّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعُدَّ ذَلِكَ مِنَ المُعْجِزَاتِ، وَمِن بَابِ إِخبَارِهِ بِالكَوَائِنِ بَعْدَهُ، وَظَهَرَ كَمَالُ سُؤْدُدِ السَّيِّدِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ؛ رَيْحَانَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَبِيْبِه - وَللهِ الحَمْدُ -.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ: بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ: ابْنُ عُمَرَ ذَاكَ الصَّبِيُّ.
قَالَ: لَمْ أَقُلْ، وَلَكِنَّ مُعَاوِيَةَ مَا أَكْرَهُ أَنْ يُعَذِّبَهُ اللهُ (4) .
__________
= صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان.
زاد الطبراني في روايته: فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره.
(1) قاله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه، وتمامه: " ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين " أخرجه البخاري 5 / 225 و7 / 74، وأبو داود (4662)، والنسائي 3 / 107، والترمذي (3775) من حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 363، 364، و" تهذيب الكمال " لوحة 960، و" الضعفاء " للعقيلي لوحة 295.
(3) أي: بلا استثناء.
(4) " تاريخ بغداد " 11 / 364، و" الضعفاء " للعقيلي لوحة 295، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.

(10/464)


وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ سُفْيَانَ المُسْتَمْلِي: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، فَذَكَرَ عُثْمَانَ، فَقَالَ:
أَخَذَ مِنْ بَيْتِ المَالِ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ، مَا أَخَذَهَا إِلاَّ بِحَقٍّ (1) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ أَعْلَى عِنْدِي مِنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، عَلِيٌّ وُسِمَ بِمَيسَمِ سُوءٍ، قَالَ: مَا يَسُوؤُنِي أَنْ يُعَذَّبَ مُعَاوِيَةُ (2) .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ: لِمَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ؟
قَالَ: نَهَانِي أَبِي أَنْ أَذهَبَ إِلَيْهِ، وَكَانَ يَبلُغُه عَنْهُ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الصَّحَابَةَ (3) .
قَالَ زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، فَقَالَ الهَيْثَمُ: وَمِثْلُهُ يُسْأَلُ عَنْهُ!؟
فَقَالَ أَحْمَدُ: أَمسِكْ أَبَا عَبْدِ اللهِ.
فَذَكَرَهُ رَجُلٌ بِشَرٍّ، فَقَالَ أَحْمَدُ: وَيَقَعُ فِي أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ؟
فَقَالَ زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، فَسَأَلُوْهُ عَنِ القُرْآنِ، فَقَالَ:
القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَمَنْ قَالَ: مَخْلُوْقٌ، لَمْ أُعَنِّفْه.
فَقَالَ أَحْمَدُ: بَلَغَنِي عَنْهُ أَشَدُّ مِنْ هَذَا (4) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَلاَ سَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَرَأَيْتُهُ فِي كِتَابِهِ مَضْرُوْباً عَلَيْهِمَا (5) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 364، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 364، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.
(3) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 295.
(4) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 295، و" تاريخ بغداد " 11 / 364، و" تهذيب الكمال " لوحة 960، وفيها: فقال أحمد: ما بلغني..بزيادة " ما ".
(5) " تاريخ بغداد " 11 / 365، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.

(10/465)


وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حَمَّادٍ المُقْرِئُ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، فَقَالَ: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ، ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: فَهَذَا الَّذِي كَانَ مِنْهُ؟
فَقَالَ: أَيْشٍ كَانَ مِنْهُ؟ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ (1) .
وَقَالَ فِيْهِ مُسْلِمٌ: هُوَ ثِقَةٌ، لَكِنَّه جَهْمِيٌّ.
وَقُلْتُ: وَلِهَذَا مَنَعَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَلَدَيْهِ مِنَ السَّمَاعِ مِنْهُ.
وَقَدْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ يَتَنَطَّعُوْنَ فِي مَنْ لَهُ هَفْوَةٌ صَغِيْرَةٌ تُخَالِفُ السُّنَّةَ، وَإِلاَّ فَعَلِيٌّ إِمَامٌ كَبِيْرٌ، حُجَّةٌ، يُقَالُ: مَكَثَ سِتِّيْنَ سَنَةً يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً (2) .
وَبِحَسْبِكَ أَنَّ ابْنَ عَدِيٍّ يَقُوْلُ فِي (كَامِلِهِ): لَمْ أَرَ فِي رِوَايَاتِه حَدِيْثاً مُنْكَراً إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ.
وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ أَبِي النَّضْرِ (3) .
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ: قَالَ: سَمِعْتُ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا كَانَ أَحْفَظَ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ لِحَدِيْثِه! وَهُوَ صَدُوْقٌ (4) .
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
أَحضَرَ المَأْمُوْنُ أَصْحَابَ الجَوْهَرِ، فَنَاظَرَهُم عَلَى مَتَاعٍ كَانَ مَعَهُم، ثُمَّ نَهَضَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَامَ لَهُ كُلُّ مَنْ فِي المَجْلِسِ إِلاَّ عَلِيَّ بنَ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 365، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 366، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 365، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.
(4) " الجرح والتعديل " 6 / 178 بأطول مما هنا.

(10/466)


الجَعْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ كَالمُغْضَبِ، ثُمَّ اسْتَخْلاَهُ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُوْمَ؟
قَالَ: أَجلَلْتُ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ لِلْحَدِيْثِ الَّذِي نَأْثُرُهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: سَمِعْتُ مُبَارَكَ بنَ فَضَالَةَ، سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَاماً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ (1)).
فَأَطرَقَ المَأْمُوْنُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: لاَ يُشتَرَى إِلاَّ مِنْ هَذَا.
فَاشْتَرَوْا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ بِثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
قَالَ البَغَوِيُّ: تُوُفِّيَ لِسِتٍّ بَقِيْنَ مِنْ رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدِ اسْتَكمَلَ سِتّاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً (2) .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ خَطِيْبِ بَيْتِ الآبَارِ (3) ، وَعِدَّةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرْنَا ابْنُ اللَّتِّيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا البَغَوِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ،
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 11 / 361، و" تهذيب الكمال " لوحة 960، والحديث مرسل، لكنه ثبت من وجه آخر، فقد أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (977)، وأحمد 4 / 93 و100، وأبو داود (5229)، والترمذي (2753)، والطحاوي في " مشكل الآثار " 2 / 40، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان "، والبغوي في حديث علي بن الجعد 7 / 69 / 2، من طرق، عن حبيب ابن الشهيد، عن أبي مجلز لاحق بن حميد، عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار " وإسناده صحيح كما قال الحافظ المنذري.
قال المناوي في تفسيره: أن يلزمهم بالقيام صفوفا على طريق الكبر والتجوه، أو بأن يقام على رأسه وهو جالس.
وقال ابن الأثير في " جامع الأصول " 6 / 537: مثل الناس للامير قياما: إذا قاموا بين يديه وعن جانبيه وهو جالس، نهي عنه، لان الباعث عليه الكبر وإذلال الناس.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 366، و" تهذيب الكمال " لوحة 960.
(3) بيت الآبار - جمع بئر -: قرية يضاف إليها كورة من غوطة دمشق فيها عدة قرى.
وأبو بكر هذا هو أبو بكر بن عبد الله بن عمر بن يوسف بن يحيى الشيخ محيي الدين ابن الخطيب نجيب الدين المقدسي ثم الآباري المؤذن، ولد سنة أربع وعشرين وست مئة، وسمع أباه وعمه، وحدث عن زينب بنت عبد الرزاق، وابن اللتي، والاربلي، مات في شعبان سنة تسع وتسعين وست مئة.
" مشخية المؤلف " الورقة 185 / 2.

(10/467)


سَمِعْتُ جَابراً يَقُوْلُ:
اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (مَنْ هَذَا؟)
فَقُلْتُ: أَنَا.
فَقَالَ: (أَنَا أَنَا)، كَأَنَّهُ كَرِهَهُ.
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ (1) ، عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ، عَنْ شُعْبَةَ.
__________
(1) 11 / 30 في الاستئذان: باب إذا قال: من ذا ؟ فقال: أنا. وأخرجه مسلم (2155)، وأبو داود (5187)، والترمذي (2711)، وابن ماجة (3709)، من طرق عن شعبة بهذا الإسناد.
قال الخطابي: قوله: " أنا " لا يتضمن الجواب، ولا يفيد العلم بما استعلمه، وكان حق الجواب أن يقول: أنا جابر، ليقع تعريف الاسم الذي وقعت المسألة عنه.

(10/468)