سير أعلام النبلاء، ط الرسالة

الطَّبَقَةُ التَّاسِعَةَ عَشرَةَ
140 - الوَزِيْرُ العَادلُ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى بنِ دَاوُدَ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، الوَزِيْرُ، العَادِلُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى بنِ دَاوُدَ بنِ الجَرَّاحِ البَغْدَادِيُّ الكَاتِبُ.
وزر غَيْرَ مَرَّةٍ لِلْمُقْتَدِر (1) ، وَلِلْقَاهِرِ (2) ، وَكَانَ عَدِيْمَ النَّظير فِي فَنِّهِ.
وُلِدَ:سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمَائِتين.
سَمِعَ:حُمَيْد بنَ الرَّبِيْعِ، وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ بُديل القَاضِي، وَعُمَر بن شَبَّةَ النُّمَيْرِيَّ، وَطَائِفَةً.
__________
(*) إعتاب الكتاب: 186 - 189، الفهرست: 186، تحفة الامراء: 281 - 364، تاريخ بغداد: 12 / 14 - 16، تاريخ ابن عساكر: 12 / 244 آ - 246 آ، المنتظم: 6 / 351 - 355، معجم الأدباء: 14 / 68 - 73، الكامل: 8 / 174 و183 و185 و405 و465.
ما بعدها الفخري: 236، العبر: 2 / 238، مرآة الجنان: 2 / 316 - 317، البداية والنهاية: 11 / 217 - 218، النجوم الزاهرة: 3 / 288 - 289، شذرات الذهب: 2 / 336.
(1) في الأصل: للقادر، وهو وهم.
إذ بويع القادر سنة / 381 / ه، ومات الوزير علي بن عيسى سنة / 334 ه انظر كامل ابن الأثير 8 / 9 و17 و68 و164، ومعجم الأدباء: 14 / 68.
(2) " تاريخ بغداد ": 12 / 14، و" المنتظم ": 6 / 351، وقد أراده الراضي بالله بن المقتدر على الوزارة، فامتنع لكبره وعجزه وضعفه " الكامل " 8 / 282.
وانظر وزراء القاهر في الفخري: 244، و" الكامل ": 8 / 244 وما بعدها.

(15/298)


حَدَّثَ عَنْهُ:وَلَدُهُ عِيْسَى، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، وَغَيْرُهُم.
كَانَ عَلَى الحَقِيْقَةِ غنيّاً شَاكِراً، ينطوِي عَلَى دينٍ مَتِين وَعِلْم وَفَضْل.
وَكَانَ صَبُوْراً عَلَى المِحَنِ.
وَلله بِهِ عنَايَة، وَهُوَ القَائِلُ يُعزِّي وَلَدَي القَاضِي عُمَر بنِ أَبِي عُمَرَ القَاضِي فِي أَبِيْهِمَا:مُصيبَةٌ قَدْ وَجَبَ أَجْرُهَا خَيْرٌ مِنْ نِعْمَةٍ لاَ يُؤدَّى شُكْرُهَا (1) .
وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - كَثِيْر الصَّدَقَاتِ وَالصَّلَوَاتِ، مَجْلِسهُ موفورٌ بِالعُلَمَاءِ.
صَنّفَ كِتَاباً فِي الدُّعَاءِ وَكِتَابَ(مَعَانِي القُرْآنِ)أَعَانَه عَلَيْهِ ابْنُ مُجَاهِد المُقْرِئ، وَآخر.
وَلَهُ دِيْوَانُ رسَائِلِه (2) ، وَكَانَ مِنْ بُلَغَاءِ زَمَانِهِ، وَزَرَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ أَرْبَعَة أَعْوَام، وَعُزل ثُمَّ وَزر سنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ (3) .
قَالَ الصُّوْلِيُّ:لاَ أَعْلَمُ أَنَّهُ وَزَرَ لِبَنِي العَبَّاسِ مثلُه فِي عِفَّتِهِ وَزُهْدِه وَحِفْظِه لِلْقرآنِ، وَعِلْمِهِ بِمعَانيه، وَكَانَ يَصُوْمُ نهَارَه، وَيَقُوْمُ ليلَه، وَمَا رَأَيْتُ أَعرَفَ بِالشِّعْرِ مِنْهُ، وَكَانَ يجلِسُ لِلْمظَالِم، وَيُنصِفُ النَّاس، وَلَمْ يَرَوا أَعفَّ بطناً وَلِسَاناً وَفَرْجاً مِنْهُ، وَلَمَّا عُزِلَ ثَانياً، لَمْ يَقنع ابْنُ الفُرَاتِ حَتَّى أَخرَجَه عَنْ بَغْدَادَ، فجَاوَرَ بِمَكَّةَ (4) .
وَله فِي نَكْبَتِهِ:
__________
(1) " معجم الأدباء ": 14 / 73.
(2) انظر " الفهرست ": 186، و" معجم الأدباء ": 14 / 68.
(3) انظر " الكامل ": 8 / 68، و163.
(4) " معجم الأدباء ": 14 / 69.

(15/299)


وَمَنْ يَكُ عَنِّي سَائِلاً لِشَمَاتَةٍ ... لِمَا نَابَنِي أَوْ شَامِتاً غَيْرَ سَائِلِ
فَقَدْ أَبْرَزَتْ مِنِّي الخُطُوبُ ابْنَ حُرَّةٍ ... صَبُوْراً عَلَى أَحْوَال (1) تِلْكَ الزَّلازِلِ
إِذَا سُرَّ لَمْ يَبْطَرْ وَلَيْسَ لِنَكْبَةٍ ... إِذَا نَزَلَتْ بِالخَاشِعِ المُتَضَائِلِ (2)
وَقَدْ أَشَارَ عَلَى المقتدِر، فَأَفلَحَ، فَوَقَفَ مَا مغَلُّه فِي العَام تِسْعُوْنَ أَلف دِيْنَار عَلَى الحَرَمَيْنِ وَالثُّغُوْرِ، وَأَفْرَدَ لهَذِهِ الوُقُوْفِ دِيْوَاناً سَمَّاهُ دِيْوَانَ البِرِّ (3) .
قَالَ المُحَدِّثُ أَبُو سَهْلٍ القَطَّان (4) :كُنْتُ مَعَهُ لَمَّا نُفِيَ بِمَكَّةَ فَدَخَلْنَا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَقَدْ كِدْنَا نتلف، فطَافَ يَوْماً، وَجَاءَ فرمَى بنَفْسِهِ، وَقَالَ:أَشتهِي عَلَى اللهِ شربَةَ مَاءٍ مثلوجٍ.
قَالَ:فَنَشَأَتْ بَعْد سَاعَةٍ سحَابَةٌ وَرَعَدَتْ، وَجَاءَ بَرَد كَثِيْرٌ جمع مِنْهُ الغِلْمَانُ جِرَاراً.
وَكَانَ الوَزِيْرُ صَائِماً، فَلَمَّا كَانَ الإِفْطَارُ جِئْتُه بِأَقدَاحٍ مِنْ أَصنَافِ الأَسْوقَة فَأَقبل يسقَي المجَاورينَ، ثُمَّ شَرِبَ وَحَمِدَ اللهَ وَقَالَ:ليتَنِي تمنَّيْتُ المَغْفِرَة (5) .
وَكَانَ الوَزِيْر متوَاضعاً، قَالَ:مَا لَبِسْتُ ثوباً بِأَزيد مِنْ سَبْعَة ِدَنَانِيْر (6) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي:سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عِيْسَى الوَزِيْر، يَقُوْلُ:
كَسَبْتُ سَبْع مائَة أَلْف دِيْنَار، أَخرجت مِنْهَا فِي وُجُوه البِرِّ سِتّ مائَة أَلْف وَثَمَانِيْنَ أَلْفاً (7) .
قُلْتُ:وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ فِي أَمَالِي وَلدِهِ.
__________
(1) في " معجم الأدباء ": أهوال.
(2) انظر " معجم الأدباء ": 14 / 70.
(3) المصدر السابق.
(4) ستأتي ترجمته رقم / 299 / من هذا الجزء.
(5) " تاريخ بغداد ": 12 / 14 - 15، وما بين حاصرتين منه.
(6) " تاريخ بغداد ": 12 / 16.
(7) " تاريخ بغداد ": 12 / 16.

(15/300)


تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً.

141 - المَطِيْرِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ يَزِيْدَ المَطِيرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الصَّيْرَفِيُّ، مِنْ أَهْلِ مَطِيرَةِ سَامَرَّاءَ.
نَزَلَ بَغْدَاد، وَحَدَّثَ عَنِ:الحَسَنِ بنِ عَرَفَة، وَعَلِيِّ بنِ حَرْب الطَّائِيّ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَابْنِ عَفَّان العَامِرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ شَاهِيْن، وَابْن جُمَيْع، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الصَّلْت، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:هُوَ ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ (1) .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ لاَطخ التِّسْعِيْنَ.

142 - الصُّوْلِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ اللهِ **
العَلاَّمَةُ، الأَدِيْبُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ صُولٍ الصُّوْلِيُّ، البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 145 - 146، الأنساب: 534 ب، المنتظم: 6 / 355، العبر: 2 / 241، شذرات الذهب: 2 / 339.
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 145.
(* *) معجم الشعراء: 431، الفهرست: 215 - 216، تاريخ بغداد: 3 / 427 - 432، الأنساب: 8 / 110 - 111، نزهة الالباء: 188 - 190، المنتظم: 6 / 359 - 361، معجم الأدباء: 19 / 109 - 111، إنباه الرواة: 3 / 233 - 236، وفيات الأعيان: 4 / 356 - 361، العبر: 2 / 241 - 242، الوافي بالوفيات: 5 / 190 - 192، مرآة الجنان: 2 / 319 - 325، البداية والنهاية: 11 / 219 - 220، لسان الميزان: 5 / 427 - 428، النجوم الزاهرة: 3 / 296، شذرات الذهب: 2 / 339 - 342.

(15/301)


حَدَّثَ عَنْ:أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيِّ، وَثَعْلَبٍ، وَالمُبَرِّدِ، وَأَبِي العَيْنَاء، وَخَلْقٍ.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ حَيُّوْيَه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الجُنْدِيّ، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ، وَابْنُ جُمَيْع، وَأَبُو أَحْمَدَ الفَرَضِيّ، وَالحُسَيْنُ الغَضَائِرِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَلَهُ النَّظْمُ وَالنَّثْرُ وَكَثْرَةُ الاطِّلاَعِ.
نَادَمَ جَمَاعَةً مِنَ الخُلَفَاءِ، وَكَانَ حُلوَ الإِيرَاد، مَقْبُوْلَ القَوْلِ، حسَنَ الْمُعْتَقد، خَرَجَ عَنْ بَغْدَاد لإِضَاقَة لحِقَتْهُ بِأَخَرَة، وَلَهُ جُزء سمِعنَاهُ، وَكَانَ جدُّهُم صُول مَلِكَ جُرْجَان (1) .
تُوُفِّيَ الصُّوْلِيُّ:سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْم أَنَّ الصُّوْلِيّ نَادَمَ الرَّاضِي، وَكَانَ أَوَّلاً يُعَلِّمه، وَكَانَ أَلعَبَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالشَّطْرَنجِ، وَيُضْرَبُ بِهِ المَثَل (2) .
تُوُفِّيَ بِالبَصْرَةِ مستتراً، لأَنَّه رَوَى خَبَراً فِي حقِّ عليٍّ عَلَيْهِ السَّلاَم، فَطَلَبَتْهُ العَامَّة لِتَقْتُلَه (3) .
وَالصُّوْلِيُّ الكَبِيْرُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ العَبَّاسِ الأَدِيْبُ (4) هُوَ أَخُو عَبْدِ اللهِ جَدِّ أَبِي بَكْرٍ هَذَا.
وَفِيْهَا:تُوُفِّيَ العَبَّاس بنُ القَاصّ شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر
__________
(1) أسلم والتحق بيزيد بن المهلب بن أبي صفرة، وقد قتله مسلمة بن عبد الملك يوم العقر مع يزيد، وذلك سنة / 102 / ه انظر " تاريخ جرجان ": 194، و" الكامل ": 5 / 79 - 89.
(2) " الفهرست ": 215.
(3) " وفيات الأعيان ": 4 / 360، وما بين حاصرتين منه.
(4) له ترجمة في " الاغاني ": 10 / 43 - 68.

(15/302)


المَطِيرِي، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَمْزَةُ بنُ القَاسِمِ الهَاشِمِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ مَهْرويه القَزْوِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْص السِّمْسَار الزَّاهِد.

143 - الأَثْرَمُ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ، الأَثْرَمُ (1) ، هَكَذَا نَسَبَه جَمَاعَةٌ.
سَمِعَ:الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَحُمَيْدَ بنَ الرَّبِيْعِ، وَبِشْر بنَ مَطَر، وَعَلِيّ بنَ حَرْبٍ، وَالعَبَّاس بنَ عَبْدِ اللهِ التَّرْقُفِيَّ وَطَائِفَة.
وَانتخب عَلَيْهِ عُمَر البَصْرِيُّ الحَافِظ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ المُظَفَّر، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الكَتَّانِيُّ، وَابْن جُمَيْع، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ النَّجَّاد، وَأَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيّ، وَطَائِفَةٌ.
سكن البَصْرَةَ، وَحملُوا عَنْهُ.
مَوْلِدُهُ بِسَامَرَّاء سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَاتَ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَ لِي حَدِيْثُه فِي(مُعْجم)الصَّيْدَاوِيّ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّم بنُ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ إِذْناً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْن
__________
(*) تاريخ بغداد: 1 / 263 - 265، الأنساب: 1 / 134 - 135، المنتظم: 6 / 359، العبر: 2 / 243، الوافي بالوفيات: 2 / 40، مرآة الجنان: 2 / 325، شذرات الذهب: 2 / 343.
(1) بفتح الالف، وسكون الثاء المثلثة، وفتح الراء، وفي آخرها الميم، هذه النسبة لمن كانت سنه مفتتة. " الأنساب ": 1 / 134.

(15/303)


الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَثْرَم سنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى السُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِم، عَنْ خَالِدٍ وَهَاشِم، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(لاَ تلقُوا الجلَب، مَنْ تَلقَّى جلباً، فصَاحِبُه بِالخيَار إِذَا دَخَلَ السُّوق (1)).
فِيْهَا (2) مَاتَ:المُعَمَّر أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَعْقِل المَيْدَانِيّ النَّيْسَابُوْرِيُّ رَاوِي جُزْء الذُّهْلِيّ عَنْهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الحَكِيمِيُّ الكَاتِب - لقِي زَكَرِيَّا المَرْوَزِيَّ - ، وَأَبُو عَمْرٍو زَيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَف المِصْرِيُّ صَاحِبُ يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَحَاجِبُ بنُ أَحْمَدَ الطُّوْسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ أَبُو طَاهِرٍ المُحَمَّد اباذِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي.

144 - المُحَمَّدَ ابَاذِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المفسِّرُ، مُسنِد خُرَاسَانَ، أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُحَمَّد اباذِيُّ (3) ، الأَدِيْبُ.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1519) (17) والنسائي 7 / 257، وابن ماجة (2178) من طرق، عن ابن جريج حدثني هشام بن حسان القردوسي عن ابن سيرين بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد 2 / 403، والترمذي (1221) من طريقين عن عبيد الله بن عمرو، عن أيوب، عن ابن سيرين به، وأخرجه أحمد 2 / 284 من طريق معمر عن أيوب به.
(2) أي سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
(*) الأنساب: 512 آ، العبر: 2 / 243 - 244، الوافي بالوفيات: 2 / 373، مرآة الجنان: 2 / 325، شذرات الذهب: 2 / 343.
(3) بضم الميم الأولى، وفتح الثانية، بينهما الحاء المهملة، وبعدها الدال المهملة، ثم الباء المنقوطة بواحدة بين الالفين، وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى محمد اباذ، وهي محلة خارج نيسابور. " الأنساب ": 512 آ.
وستأتي ترجمته مكررة برقم / 165 / من هذا الجزء.

(15/304)


سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ السُّلَمِيّ، وَعَلِيَّ بنَ الحَسَنِ الهلاَلِيَّ، وَحَامِدَ بن مَحْمُوْد، وَطَائِفَة.
وَفِي رِحْلَتِهِ مِنْ:يَحْيَى بنِ جَعْفَرٍ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمُحَمَّد بنِ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيِّ، وَكَانَ وَاسِعَ الرِّوَايَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَابْنُ مَنْدَة، وَابْن مَحْمِش، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:اختلَفْتُ إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ سنَةٍ، وَلَمْ أَصلْ إِلَى حرف مِنْ سَمَاعَاتِي مِنْهُ.
وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ الكَثِيْر (1) .
وَسَمِعْتُ أَبَا النَّضْر الفَقِيْه، يَقُوْلُ:كَانَ الإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَةَ إِذَا شَكَّ فِي اللُّغَةِ لاَ يرجِعُ فِيْهَا إِلاَّ إِلَى أَبِي طَاهِرٍ المُحَمَّد اباذِيِّ (2).
قُلْتُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ نيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَعيَان الثِّقَات العَالِمِينَ بِمَعَانِي التنَزِيْل، وَبَالأَدب.
يَقَعُ حَدِيْثُهُ فِي(الثَّقَفِيَّات) (3) ، وَغيرِهَا.

145 - الفَرَّاءُ أَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ سَعِيْدِ بنِ مُوْسَى *
الإِمَامُ، مُفِيْدُ هَمَذَان، أَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ سَعِيْدِ بن مُوْسَى الهَمَذَانِيُّ.
__________
(1) " الأنساب ": 512 آ.
(2) المصدر السابق.
(3) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 13 / 59.

(15/305)


رَوَى عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغ، وَبَشِيْر بنِ مُوْسَى، وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ اللهِ الكَرَابيسِيّ، وَابْن الضُّرَيْس، وَعَبْد اللهِ بنِ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الأَشَجِّ وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ:صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زُرْعَةَ القَزْوِيْنِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ صَالِح:ثِقَةٌ صَدُوْقٌ مُتْقِنٌ، يحسِن هَذَا الشَّأْن.
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ:ثِقَةٌ عَالِمٌ.
وَمَا وَرَّخَا مَوْتَه.

146 - ابْنُ مَمَّكَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَدِيْنِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَكِيْمٍ المَدِيْنِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، وَيُعْرَفُ:بِابْنِ مَمَّكَ، مُحَدِّثٌ، رحَّالٌ، صَدُوْقٌ.
سَمِعَ بِالرَّيّ مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ:يَحْيَى بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَبِطَرَابُلُس مِنْ:أَحْمَدَ بنِ أَبِي الخنَاجر.
وَبحَلَب مِنْ:أَبِي أُسَامَةَ عَبْد اللهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الشَّيْخ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَعَلِيُّ بنُ مِيلَة الفَرَضِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جُولَة، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى بنِ مَرْدَوَيْه، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ عَالِماً أَدِيْباً فَاضِلاً، حَسَنَ المَعْرِفَة بِالحَدِيْثِ (1) .
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 122، تاريخ ابن عساكر: 2 / 51 ب، العبر: 2 / 229 - 230، 233 - 234.
(1) " ذكر أخبار أصبهان ": 1 / 122.

(15/306)


تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِأَصْبَهَانَ.
وَقَلَّ مَا رُوِيَ عَنْ أَهْل بَلَدِه.

147 - اللُؤْلُؤِيُّ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَمْرٍو *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَمْرٍو البَصْرِيُّ، اللُّؤْلُؤيُّ.
سَمِعَ مِنْ:أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، وَيُوْسُفَ بن يَعْقُوْبَ القلوسِيِّ، وَالحَسَن بن عَلِيِّ بنِ بَحْر، وَالقَاسِمِ بنِ نَصْرٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ القَزْوِيْنِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجَبَلِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو عُمَرَ القَاسِمُ بنُ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ الفَسَوِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جُمَيْع، وَجَمَاعَة.
قَالَ أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيّ:كَانَ أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤيُّ، قَدْ قرأَ كِتَابَ(السُّنَن)عَلَى أَبِي دَاوُدَ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ يُدعَى وَرَّاق أَبِي دَاوُدَ.
وَالوَرَّاق فِي لُغَةِ أَهْل البَصْرَة:القَارِئ لِلنَّاسِ.
قَالَ:وَالزِّيَادَات الَّتِي فِي رِوَايَة ابْن دَاسَة (1) حَذَفَهَا أَبُو دَاوُدَ آخراً لأَمرٍ رَابَه فِي الإِسْنَاد.
وبإِسنَادِي المَذْكُوْر إِلَى ابْنِ جُمَيْع، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الهَيْثَمِ بِشْر بن فَافَا، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ
__________
(*) الأنساب: 496 / ب، العبر: 2 / 234، الوافي بالوفيات: 2 / 39، مرآة الجنان: 2 / 312، شذرات الذهب: 2 / 334.
(1) ستأتي ترجمة ابن داسة رقم / 317 / من هذا الجزء.

(15/307)


مَرْوَان الأَصْغَر.
قُلْتُ لأَنَس:أَقَنَتَ عُمر؟
قَالَ:خَيْرٌ مِنْ عُمَر (1) .
تُوُفِّيَ اللُّؤْلُؤيُّ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:الشَّيْخُ الثِّقَةُ أَبُو عِيْسَى يَعْقُوْب بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الدُّوْرِيُّ، يَرْوِي عَنِ ابْنِ عَرَفَة، وَالخَلِيْفَة المتَّقِي للهِ، وَأَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَكِيْم بِأَصْبَهَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْد بنِ عَمْرٍو الزَّنْبَرِيُّ بِمِصْرَ، وَأَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عبَادل الدِّمَشْقِيّ.

148 - التِّنِّيْسِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ *
الإِمَامُ، الثِّقَة، المُعَمَّر، أَبُو مُحَمَّدٍ بَكْر بنُ أَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ التِّنِّيْسِيُّ، الشَّعْرَانِيُّ.
__________
(1) وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمقصود من القنوت هنا قوت النوازل، ففي البخاري 11 / 163، ومسلم (677) من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية يقال لهم: القراء، فأصيبوا، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وجد على شيء ما وجد عليهم، فقنت شهرا في صلاة الفجر، ويقول: " إن عصية عصوا الله ورسوله " وفي البخاري 2 / 409، 410، ومسلم (675) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم أشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله " وقال الحافظ ابن حجر في " الدراية " ص 117: فيؤخذ من الاخبار أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا في النوازل، وقد جاء ذلك صريحا، فعند ابن حبان عن أبي هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعو لقوم أو على قوم، وعند ابن خزيمة عن أنس مثله، وإسناد كل منهما صحيح، وحديث أبي هريرة في " الصحيحين " بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدعو على أحد، أو لأحد قنت بعد الركوع حتى أنزل الله (ليس لك من الأمر شيء) وأخرج ابن أبي شيبة حديث علي: أنه لما قنت في الصبح، أنكر الناس عليه ذلك، فقال: إنما استنصرنا على عدونا.
(*) تاريخ ابن عساكر: 3 / 209 آ - 209 ب، العبر: 2 / 225، شذرات الذهب: 2 / 329، تهذيب ابن عساكر: 3 / 285.

(15/308)


سَمِعَ:يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَعِمْرَان بنَ بَكَّار، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الحِمْصِيّ المُؤَرِّخ، وَجَمَاعَةً.
وَلَهُ رِحْلَةٌ وَمَعْرِفَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ - وَقَالَ:كَانَ ثِقَةً، حَسَنَ الحَدِيْثِ - وَالمَيْمُوْنُ بنُ حَمْزَةَ الحُسَيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى السِّمْسَار، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكَن، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُمَيْد، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنُ رُزَيْق البَغْدَادِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ يقْدَمُ مِنْ تِنِّيس إِلَى مِصْرَ فِي الأَحَايين.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ يَقَعُ حَدِيْثُهُ فِي الأَجزَاء.

149 - حَفيدُ دُحَيْمٍ الحَسَنُ بنُ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
القَاضِي، أَبُو عَلِيٍّ، بنُ القَاسِمِ ابْن الحَافِظِ دُحَيْمٍ (1) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيِّ، وَالعَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيّ، وَأَبِي زُرْعَةَ النَّصْرِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر 4 / 290 آ - 291 آ، الوافي بالوفيات: 12 / 203، البداية والنهاية: 11 / 190، تهذيب ابن عساكر: 4 / 239.
(1) انظر ترجمة الحافظ دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم في " تاريخ بغداد ": 10 / 265 - 267، و" تذكرة الحفاظ ": 2 / 480.

(15/309)


وَعَنْهُ:أَبُو المَيْمُوْن بنُ رَاشِد، وَابْنُ المُقْرِئ، وَابْن المُظَفَّر، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى السِّمْسَار، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَخْبَارِيّاً، وَافر العِلْم.
مَاتَ:فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي عَشْر التِّسْعِيْنَ، وَرَّخه ابْنُ يُوْنُسَ.

150 - ابْنُ هِلاَلٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نَصْرٍ السُّلَمِيُّ *
الشَّيْخُ، الجَلِيْلُ، مُسْنِد دِمَشْقَ، أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نَصْرِ بنِ هِلاَلٍ السُّلَمِيُّ، الدِّمَشْقِيّ.
سَمِعَ:أَبَاهُ، وَمُوْسَى بنَ عَامِرٍ المُرِّيّ، وَمُؤَمَّل بنَ إِهَابٍ (1) ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُلَيَّةَ، وَالحَافِظ أَبَا إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيّ، وَوُريزَة (1) بن مُحَمَّدٍ الحِمْصِيّ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الحُسَيْنِ الرَّازِيّ وَالد تَمَّام، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الإِسْفَرَايينِيّ الحَافِظ، وَعِمْرَان بنُ الحَسَنِ، وَعَبْد الوَهَّابِ الكِلابِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الْحَدِيد، وَآخَرُوْنَ.
أَرَّخَ الرَّازِيُّ وَفَاتَه فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَاشَ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
كتبَ إِلَيَّ أَبُو الغَنَائِم القَيْسِيّ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ
__________
(*) العبر: 2 / 237، شذرات الذهب: 2 / 335.
(1) في الأصل: " زيره " وهو تصحيف وانظر الخلاف في ضبطه في " المشتبه " و" التبصير " و" التوضيح " 3 / الورقة 88.

(15/310)


أَحْمَدَ بنَ مُقَاتِل، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِمْرَان بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ السُّلَمِيّ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّاد، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عَلِيّ، عَنْ أَبِيْهِ:أَنْ أَعمَى كَانَ لَهُ قَائِدٌ بَصيرٌ، فَغَفَلَ البصيرُ، فَوَقَعَا فِي بِئرٍ، فَمَاتَ البصيرُ، وَسَلِمَ الأَعمَى.
فَجَعَلَ عُمَر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - دِيَتَه عَلَى عَاقِلَة (1) الأَعمَى، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي الحَجِّ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ!لَقِيتُ مُنْكَراً ... هَلْ يَعْقِلُ (2) الأَعمَى الصَّحِيْحَ المبصرَا
خرَّا مَعاً كِلاَهُمَا تَكَسَّرَا ... (3)
151 - اللُّنْبَانِيُّ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ*
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ (4) أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ العَبْدِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، اللُّنْبَانِيُّ (5) .
ارْتَحَلَ، فَسَمِعَ كَثِيْراً مِنِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَسَمِعَ(المُسْنَد)كُلَّه مِنِ ابْنِ الإِمَام أَحْمَد.
__________
(1) عاقلة الرجل: عصبته، وهم القرابة من قبل الاب، الذين يعطون دية من قتل خطأ.
(2) عقل القتيل: أعطى ديته.
(3) إسناده على انقطاعه ضعيف، عبد الله بن صالح هو المصري كاتب الليث سيء الحفظ.
(*) الأنساب: 495 ب، طبقات المحدثين بأصبهان الورقة 178. ذكر أخبار أصبهان: 1 / 137.
(4) في " الأنساب ": أبو بكر، وهو خطأ.
(5) بضم اللام، وسكون النون، وفتح الباء المنقوطة بواحدة، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان " الأنساب ": 495 ب.

(15/311)


رَوَى عَنْهُ:الحَسَن بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَرْيَوه، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو عُمَرَ، وَعَبْد الوَهَّابِ السُّلَمِيّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي:رَبِيْعٍ الآخِرِ، سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

152 - ابْنُ شَيْبَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ السَّدُوْسِيُّ *
المُعَمَّر، الصَّدُوْقُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ شَيْبَةَ السَّدُوْسِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ كَثِيْراً مِنْ:جَدِّه يَعْقُوْب الحَافِظ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدِ بن شُجَاعِ بنِ الثَّلْجِيِّ (1) ، وَعُبَيْد اللهِ بن جَرِيْر بنِ جَبَلَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيِّ.
وَعَنْهُ:عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي هَاشِم المُقْرِئ، وَطَلْحَةُ الشَّاهد، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ الخَلاَّل، وَأَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (2) .
وَقَالَ (3) :أَخْبَرَنَا البَرْقَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، قَالَ:سَمِعْتُ(المُسْنَد (4))مِنْ جَدِّي فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسنَة إِحْدَى وَسِتِّيْنَ بِسَامَرَّاء.
وَتُوُفِّيَ فِي:رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَسِتِّيْنَ فسَمِعَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 1 / 373 - 375، الأنساب: 7 / 59 - 60، المنتظم: 6 / 333 - 334، العبر: 2 / 225 - 226، الوافي بالوفيات: 2 / 39، البداية والنهاية: 11 / 206 - 207، شذرات الذهب: 2 / 329.
(1) انظر ترجمته في " تاريخ بغداد ": 10 / 325 - 326.
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 373.
(3) أي الخطيب.
(4) مسند يعقوب بن شيبة، قال عنه الذهبي في " تذكرة الحفاظ ": 2 / 577 " ما صنف مسند أحسن منه، ولكنه لم يتمه ".

(15/312)


أَبُو مُسْلِم الكَجِّيّ مِنْ جَدِّي، وَفَاتَه شَيْءٌ، فَسَمِعَ ذَلِكَ أَبُو مُسْلِم مِنِّي، وَمَاتَ جَدِّي وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيّ (1) .
فَالَّذِي سَمِعْتُ مِنْهُ مُسْند العشرَة (2) ، وَمُسْنَدَ العَبَّاسِ (3) وَبَعْض الموَالِي وَلِي دُوْنَ الْعشْر سِنِيْنَ.
وُلِدْتُ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ (4) .
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فِي(الأَنسَاب):
قَالَ أَبُو بَكْرٍ السَّدُوْسِيّ:وَلَمَّا وُلِدْتُ، دَخَلَ أَبِي عَلَى أُمِّي، فَقَالَ:
إِنَّ المُنَجِّمِينَ قَدْ أَخذُوا مَوْلِدَ هَذَا الصَّبيّ، وَحسبوهُ فَإِذَا هُوَ يعيشُ كَذَا وَكَذَا.
وَقَدْ حَسَبتهَا أَيَّاماً، وَقَدْ عَزَمتُ أَنْ أَعدَّ لِكُلِّ يَوْم دِيْنَاراً.
فَأَعدَّ لِي حُبّاً (5) وَمَلأَه، ثُمَّ قَالَ:أَعدِّي لِي حُبّاً آخر، فَمَلأه، اسْتِظْهَاراً، ثُمَّ ملأَ ثَالِثاً وَدَفَنَهُمْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ:وَمَا نَفَعَنِي ذَلِكَ مَعَ حَوَادث الزَّمَان وَقَدِ احتجتُ إِلَى مَا تَرَوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ السَّقَطِيّ:رأَينَاهُ فَقِيْراً يَجِيْئُنَا بِلاَ إِزَار، وَنَسْمَع عَلَيْهِ، وَيُبَرُّ بِالشَّيْء بَعْد الشَّيْء (6) .
قُلْتُ:عِنْدِي مِنْ رِوَايته الأَوَّل مَنْ مسنَدِ عَمَّار - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - .
تُوُفِّيَ فِي:رَبِيْعٍ الآخِرِ سنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَان وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
__________
(1) ترجمة يعقوب بن شيبة في " تاريخ بغداد ": 14 / 281 - 283، و" تذكرة الحفاظ ": 2 / 577 - 578.
(2) يعني: العشرة المبشرين بالجنة.
(3) في الأصل: ابن عباس. وما اثبتناه من " تاريخ بغداد ": 14 / 281، 1 / 374.
(4) " تاريخ بغداد ": 1 / 374، وما بين حاصرتين منه.
(5) في " الأنساب ". جبا، وهو تصحيف. والحب: بالضم، الجرة، أو الضخمة منها.
(6) انظر " الأنساب ": 7 / 60، وما بين حاصرتين منه.

(15/313)


153 - العَكَرِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ بطرِيقٍ *
المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ بطريقٍ الزُّبَيْرِيُّ، العَكَرِيُّ، المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:بَحْرِ بنِ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيِّ، وَالرَّبِيْع المُرَادِيِّ، وَابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَبَكَّار بنِ قُتَيْبَةَ، وَأَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن مَرْزُوق، وَخَلْقٍ.
وَأَملَى بِجَامِع الفُسْطَاط.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ المُقْرِئِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الْحَدِيد، وَالعَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَآخَرُوْنَ.
وَمَوْلِدُهُ بِسَامَرَّاء فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَكَنَ مِصْرَ مِنْ صباهُ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:هُوَ مولَى عَتيق بن مَسْلَمَةَ بن عَتِيق بن عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بن العَوَّامِ.
مَاتَ فِي:شَوَّالٍ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ ضَبَطَه ابْنُ نُقْطَة الزَّنْبَرِيُّ بنُوْنَ سَاكنَة فَوَهِمَ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:قَالَ لِي مَنْ يَعْرِف بطريقَ:طبيبٌ رومِيّ أَسْلَمَ عَلَى يَد عَتيق بن مَسْلَمَةَ.
قُلْتُ:قيّده بنُوْن جَمَاعَةٌ، فَلَعَلَّهُ زَنْبرِي بِالحِلْف أَوْ نزل فِيهِم (1) .
وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ أَحَادِيْث فِي خَامِس عشر(الخِلَعيَّات) (2) .
__________
(*) تبصير المنتبه: 2 / 656، لسان الميزان: 5 / 93 - 94، حسن المحاضرة: 1 / 226.
(1) انظر " تبصير المنتبه ": 2 / 656 وقال: الزنبري في قضاعة وفي طي.
(2) الاجزاء الخلعيات: وهي عشرون جزءا للقاضي أبي الحسن بن الحسن بن الحسين =

(15/314)


154 - ابْنُ زَبْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَبِيْعَةَ الرَّبَعِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، الفَقِيْهُ، قَاضِي دِمَشْق، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَبِيْعَةَ بن سُلَيْمَانَ بن زَبْرٍ الرَّبَعِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ الكَثِيْر مِنْ:عَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الصَّاغَانِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ السِّجْزِيِّ، وَحَنْبَل بنِ إِسْحَاقَ، وَيُوْسُف بنِ مُسْلَّمٍ، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ شَاكِر، وَطَبَقَتِهِم، فَأَكْثَر، وَلَكِنْ مِنْ أَتْقَنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ وَلده، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ القَاضِي المَيَانَجِيُّ، وَعُمَرُ بنُ شَاهِيْن، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي الْحَدِيد، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ:وَكَانَ غَيْر ثِقَةٍ (1) .
قَالَ عَبْدُ الغنِيّ:سَمِعَتُ الدَّارَقُطْنِيّ، يَقُوْلُ:
دَخَلتُ علَى أَبِي مُحَمَّدِ بنِ زَبْرٍ وَأَنَا حَدَثٌ، فَإِذَا هُوَ يُمْلِي الحَدِيْثَ مِنْ جُزْء، وَالمَتْن مِنْ جُزء آخر، فَظَنَّ أَنِّي لاَ أَنْتَبه عَلَى هَذَا (2) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُسَبِّحِيّ:تَقَلَّدَ ابْنُ زَبْرٍ - وَكَانَ مِنْ سُكَّانَ
__________
= المعروف بالخلعي - كان يبيع الخلع لاولاد الملوك بمصر - توفي سنة / 492 / وقد جمعها له أبو نصر أحمد بن الحسين الشيرازي، وخرجها عنه، وسماها: الخلعيات. " الرسالة المستطرفة ": 91 - 92.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 386 - 387، تاريخ ابن عساكر: 8 / 506 آ - 508 آ، العبر: 2 / 217، ميزان الاعتدال: 2 / 391، لسان الميزان: 3 / 253 - 254، شذرات الذهب: 2 / 323، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 7 / 281 - 283.
(1) " تاريخ بغداد ": 9 / 387.
(2) " تاريخ بغداد ": 9 / 387.

(15/315)


دِمَشْق - القَضَاء عَلَى مِصْرَ، وَكَانَ شَيْخاً ضَابطاً مِنَ الدُّهَاة، مُمَشِّياً لأُمُوْره، وَكَانَ عَارِفاً بِالأَخْبَار وَالكُتُب وَالسِّير.
صَنّف فِي الحَدِيْثِ كُتُباً، وَعَمِلَ كتَابَ(تَشْرِيف الفَقْر عَلَى الغِنَى).
وَوَرَدَ أَنَّ يَحْيَى بنَ مَكِّي المُعَدَّل، قَالَ:لَوْ كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ عَادلاً مَا عَدَلْتُ بِهِ قَاضِياً (1) .
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الكِنْدِيُّ:أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيّ، أَنَّهُ رَأَى ابْنَ زَبْرٍ مرَّ بِدِمَشْقَ عَلَى الأَسَاكِفَة، فَشَغَبُوا، وَدَقُّوا عَلَى تخوتِهم قَائِلين كَلاَماً قبيحاً، وَهُوَ يُسَلِّم عَلَيْهِم، وَيتطَارَشُ وَيُظهِر أَنَّهُم يَدْعُون لَهُ (2) .
قُلْتُ:وَلِي قَضَاءَ مِصْرَ سنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَعُزِلَ بَعْدَ سَنَةِ، ثُمَّ وَلِيهَا سنَةَ عِشْرِيْنَ، ثُمَّ عُزِلَ، وَولِيهَا سَنَة تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ، فَمَاتَ بَعْد شَهْر.
مَاتَ فِيْهَا فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.

155 - حَبْشُونُ بنُ مُوْسَى بنِ أَيُّوْبَ أَبُو نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ * (3)
الشَّيْخُ، أَبُو نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ، الخَلاَّلُ (4) .
سَمِعَ مِنَ:الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ، وَعَلِيّ بنِ إِشْكَاب، وَعَلِيّ بنِ سَعِيْد
__________
(1) " لسان الميزان ": 3 / 253.
(2) القضاة للكندي.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 289 - 291، المنتظم: 6 / 331 - 332، العبر: 2 / 225، شذرات الذهب: 2 / 329.
(3) في الأصل بضم الحاء، وما أثبتناه هو المعتمد كما في " الإكمال " و" المشتبه " و" التبصير ".
(4) بفتح الخاء المعجمة، وتشديد اللام ألف. هذه النسبة إلى عمل الخل أو بيعه. " الأنساب ": 5 / 217.

(15/316)


الرَّمْلِيِّ، وَحَنْبَل بنِ إِسْحَاقَ وَغَيْرهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ، وَعُمَر بنُ شَاهِيْن، وَأَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفَرَجِ بنِ الحَجَّاجِ، وَابْنُ جُمَيْع الصَّيْدَاوِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَحَدَ الثِّقَاتِ (1) .
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سبعٌ وَتِسْعُوْنَ (2) سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحَرَسْتَانِيّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا حَبْشُون بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَة، عَنِ العَلاَءِ بنِ هَارُوْنَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ حَفْصَةَ بنْتِ سِيرين، عَنْ أُمِّ الرَّبَاب، عَنْ سَلْمَان بن عَامِر:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:(صَدَقَتُك عَلَى المِسْكِيْن صَدَقَةٌ، وَصَدَقَتُك عَلَى ذِي الرَّحِم صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ) (3) .

156 - حُسَيْنُ بنُ صَالِحِ بنِ حَمَّوَيْه الهَمَذَانِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الهَمَذَانِيُّ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 290.
(2) في الأصل: تسعين.
(3) وأخرجه أحمد 4 / 17 و18 و214، وأبو عبيد (915) و(916) والدارمي 1 / 397، والبيهقي 7 / 27، والنسائي 5 / 92 من طرق، عن ابن عون بهذا الإسناد، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (833) والحاكم 1 / 407، ووافقه الذهبي مع أن الرباب لم يوثقها غير ابن حبان، ولم يرو عنها غير حفصة بنت سيرين، وللحديث شاهد من حديث زينب عند البخاري (1466) ومسلم (1000) يتقوى به.
(*) لم أقف على مصادر ترجمته.

(15/317)


حَدَّثَ عَنْ:عَمِّهِ المَرَّار (1) ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُقْرِئ، وَأَحْمَدَ بن بُدَيل، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَخَلْقٍ، وَتلمذ لاِبْنِ دَيْزِيل الحَافِظ، وَقَالَ:عِنْدِي عَنْهُ مائَةُ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ:كَتَبَ عَنْهُ أَبي الكَثِيْرٍ، وَلحقتُه.
وَرَوَى عَنْهُ:الكِبَارُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا، وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلاً وَرِعاً.
قَالَ أَبِي:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:مَا صَبَرْتُ عَلَى شَيْءٍ كصبرِي عَلَى الحَدِيْثِ.
قُلْتُ:هُوَ قَدِيْمُ الوَفَاةِ.
تُوُفِّيَ قَبْلَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (2) .

157 - القَطَّانُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّالِحُ، مُسْنِدُ خُرَاسَانَ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بنِ الخَلِيْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، القَطَّانُ.
سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ الأَزْهَر، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ، وَأَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْر زَاج، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنَ بِشْر بنِ الحَكَمِ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَأَبُو
__________
(1) هو المرار بن حمويه، الثقفي، أبو أحمد الهمذاني، حافظ ثقة، فقيه، مات سنة / 254 / ه انظر " تهذيب التهذيب ": 10 / 80.
(2) توفي الحافظ الكبير ابن أبي حاتم سنة / 237 / ه.انظر ترجمته في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 829 - 832.
(*) الأنساب: 10 / 185 - 186، العبر: 2 / 231، الوافي بالوفيات: 2 / 372، شذرات الذهب: 2 / 332.

(15/318)


عَبْد اللهِ بن مَنْدَةَ، وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ العَلَوِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ بن مَحْمِش، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:أَحضَرُونِي مَجْلِسَه غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَمْ يَصِحَّ لِي عَنْهُ شَيْء (1) .
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:أَحسبه جَاور، وَسَمَاعه صَحِيْح، كَثِيْر فِي(الثَّقَفِيَّات) (2) .

158 - القَطَّانُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى بنِ عَيَّاشٍ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّث، الثِّقَةُ، مُسْندِ بَغْدَادَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى بنِ عَيَّاش بنِ عِيْسَى المَتُّوثيُّ (3) ، البَغْدَادِيُّ، القَطَّان، الأَعْورُ.
وُلِدَ:سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ:أَحْمَدَ بن المِقْدَامِ العِجْلِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بنَ مُجَشِّر، وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَطَّان، وَيَحْيَى بنَ السَّرِيّ، وَحَفْص بن عَمْرٍو الرَّبَالِيّ، وَعَلِيّ بنَ مُسْلمٍ الطُّوْسِيَّ وَالرَّمَادِيَّ وَالتَّرْقُفِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَيُّوْبَ المُخَرِّمِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي الحَارِثَ، وَزُهَيْرَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَالحَسَنَ بنَ أَبِي الرَّبِيْع، وَعَلِيَّ بنَ إِشْكَاب، وَعِدَّة.
__________
(1) " الأنساب ": 10 / 186.
(2) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 148، العبر: 2 / 237، شذرات الذهب: 2 / 335.
(3) بفتح الميم، وضم التاء المشددة، وفي آخرها الثاء المثلثة، هذه النسبة إلى متوث وهي بليدة بين قرقوب - من أعمال كسكر - وكور الاهواز. " الأنساب ": 506 ب - 507 آ.

(15/319)


حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيُّ، وَيُوْسُفُ القَوَّاس، وَابْنُ جُمَيْع، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَخْلَد، وَهلاَل الحَفَّار، وَأَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ القَوَّاس (1) .
وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وجَمِيْعُ جُزء الحَفَّار عَنْهُ.

159 - القِرْمِطِيُّ أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بنُ حَسَنٍ *
عَدُوُّ اللهِ، مَلكُ البَحْرين، أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بنُ حَسَنٍ القِرْمِطِيُّ (2) ، الجَنَّابِيُّ (3) ، الأَعْرَابِيُّ، الزِّنديقُ، الَّذِي سَارَ إِلَى مَكَّةَ فِي سَبْع مائَة فَارس، فَاسْتَبَاح الْحَجِيج كلَّهُم فِي الحَرَمِ، وَاقْتَلَعَ الحجَرَ الأَسود، وَرَدَمَ زَمْزَمَ بِالقَتْلَى، وَصَعِد عَلَى عتبَةِ الكَعْبَة، يَصيح:
أَنَا بِاللهِ وَبَالله أَنَا ... يخلق الْخلق وَأُفْنيهم أَنَا
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 148.
(*) تاريخ أخبار القرامطة: 36، وما بعدها، المنتظم: 6 / 336، الكامل: 8 / 143، وما بعدها، وفيات الأعيان: 2 / 148 - 150، العبر: 2 / 167 - 168، الوافي بالوفيات: 15 / 363 - 366، مرآة الجنان: 2 / 271 - 273، البداية والنهاية: 11 / 208 - 209، تاريخ ابن خلدون: 3 / 377 - 379، النجوم الزاهرة: 3 / 224، 281، شذرات الذهب: 2 / 331 - 332.
(2) نسبة إلى حمدان قرمط، وهو أول من نشر مذهب القرامطة. انظر " الأنساب ": 10 / 108.
(3) هذه النسبة إلى جناية، وهي بلدة من أعمال فارس متصلة بالبحرين عند سيراف، والقرامطة منها، فنسبوا إليها.
انظر " وفيات الأعيان ": 2 / 150.

(15/320)


فَقتل فِي سِكَكِ مَكَّةَ وَمَا حولهَا زُهَاءَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وَأَقَامَ بِالحرم سِتَّة أَيَّام، بذَلَ السَّيْف فِي سَابِع ذِي الحِجَّةِ، وَلَمْ يعرِّفْ (1) أَحَدٌ تِلْكَ السَّنَة (2) ، فَللَّه الأَمْر.
وَقَتَلَ أَمِيْرَ مَكَّة ابْنَ مُحَارِب، وَعَرَّى البَيْتَ، وَأَخَذَ بَابه، وَرَجَعَ إِلَى بلاَد هَجَر (3) .
وَقِيْلَ:دَخَلَ قِرْمِطِيُّ سكرَان عَلَى فَرَسٍ، فصَفَّر لَهُ، فَبَالَ عِنْد البَيْتِ، وَضَرَبَ الْحجر بدُبوس هشَّمه ثُمَّ اقتلَعَه، وَأَقَامُوا بِمَكَّةَ أَحَدَ عشرَ يَوْماً.
وَبَقِيَ الْحجر الأَسودُ عِنْدَهُم نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً (4) .
وَيُقَالُ:هلك تَحْته إِلَى هجر أَربعُوْنَ جَمَلاً، فَلَمَّا أُعيد كَانَ عَلَى قَعُودٍ (5) ضَعِيْف، فسَمِنَ.
وَكَانَ بُجْكُم التُّرْكِيُّ (6) دَفَعَ لَهُم فِيْهِ خَمْسِيْنَ أَلف دِيْنَارٍ، فَأَبَوا، وَقَالُوا:أَخذنَاهُ بِأَمْرٍ، وَمَا نردُّه إِلاَّ بِأَمْرٍ (7) .
وَقِيْلَ:إِنَّ الَّذِي اقْتَلَعَه صَاحَ:يَا حمِير، أَنْتُم قَلْتُم وَمَنْ دَخَله كَانَ
__________
(1) لم يقف أحد على جبل عرفة.
(2) سنة / 317 / ه.
(3) إحدى بلاد الاحساء انظر " وفيات الأعيان ": 2 / 150 وانظر " المنتظم ": 6 / 323.
(4) " المنتظم ": 6 / 323.
(5) البعير من الابل، وهو البكر الفتي.
(6) أمير الامراء في بغداد زمن الراضي بالله والمتقي. كان داهية، شجاعا، قتله الاكراد سنة / 329 / ه.
انظر ما كتبه عنه الصولي في " أخبار الراضي والمتقي ": 193 - 197 وانظر " المنتظم ": 6 / 320 - 322.
(7) " المنتظم ": 6 / 367.

(15/321)


آمِناً (1) فَأَيْنَ الأَمَنُ؟
قَالَ رَجُلٌ:فَاسْتَسْلَمت، وَقُلْتُ:إِنَّ اللهَ أَرَادَ:وَمَنْ دَخَلَه فَأَمِّنوهُ، فلَوَى فَرَسَه وَمَا كلَّمنِي (2) .
وَقَدْ وَهِمَ السِّمْنَانِيُّ (3) ، فَقَالَ فِي(تَارِيْخِهِ):
إِنَّ الَّذِي نَزَعَ الْحجر أَبُو سَعِيْدٍ الجَنَّانِيُّ القِرْمِطِيُّ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنه أَبُو طَاهِرٍ.
وَاتَّفَقَ أَنَّ ابْن أَبِي السَّاج الأَمِيْر نَزَلَ بِأَبِي سَعِيْدٍ الجَنَّابِيِّ (4) فَأَكْرَمَه، فَلَمَّا سَارَ لِحَرْبِهِ، بَعَثَ يَقُوْلُ:
لَكَ عليَّ حَقٌ، وَأَنْتَ فِي خَمْس مائَة وَأَنَا فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
فَانْصَرَفَ، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ:كَمْ مَعَ صَاحِبك؟
قَالَ:ثَلاَثُوْنَ أَلفَ رَاكبٍ.
قَالَ:وَلاَ ثَلاَثَة، ثُمَّ دَعَا بعبدٍ أَسود، فَقَالَ لَهُ:خَرِّقْ بَطْنَك بِهَذِهِ السِّكين، فَبدَّد مصَارينَه.
وَقَالَ لآخر:اغرقْ فِي النَّهر، فَفَعَل.
وَقَالَ لآخر:اصعَدْ عَلَى هَذَا الحَائِطِ، وَانزل عَلَى مُخّكَ، فَهَلَكَ.
فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ:إِنْ كَانَ مَعَهُ مِثْلُ هَؤُلاَءِ، وَإِلاَّ فَمَا مَعَهُ أَحَد.
وَنقل القيْلوِيُّ فِي الْحجر الأَسود لَمَّا قِيْلَ:مَنْ يَعْرِفه؟
فَقَالَ ابْنُ عُليم المُحَدِّث:إِنَّهُ يَشُوف (5) عَلَى المَاء، وَإِنَّ النَّار لاَ تُسخِّنه، فَفُعِل بِهِ ذَلِكَ، فَقبَّله ابْنُ عُليم.
وَتعجَّب الجَنَّابِيُّ، وَلَمْ يَصِحَّ هَذَا.
وَقِيْلَ:صَعِدَ قِرْمِطِيٌّ لِقَلْع المِيزَاب، فَسَقط، فَمَاتَ (6) .
وَكَانَ ذَلِكَ
__________
(1) آل عمران: 97.
(2) " المنتظم ": 6 / 223.
(3) هو علي بن محمد بن أحمد، أبو القاسم، كان من فقهاء الحنفية له تصانيف في الفقه والتاريخ. توفي سنة / 499 / ه.
(4) هكذا في الأصل، وهو والد أبي طاهر، وقد قتل سنة / 301 / ه، ولعل ورود اسمه هنا سبق قلم، فابن أبي الساج - واسمه يوسف - سار لحرب أبي طاهر / 315 / ه. انظر " الكامل ": 8 / 170 - 175.
(5) هكذا الأصل: يريد أنه يستقر على سطح الماء، ولا يغرق، وفي " آثار البلاد وأخبار العباد ": يطفو وهو الوجه.
(6) " المنتظم ": 6 / 223.

(15/322)


سنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ (1) ، وَكَانَ أَمِيْر العِرَاقين مَنْصُوْر الدَّيْلَمِيّ، وَجَافَتْ (2) مَكَّة بِالقَتْلَى.
قَالَ المرَاغِيُّ:حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ محْرم، وَكَانَ رَسُوْلَ المُقْتَدِر إِلَى القِرْمِطيِّ.
قَالَ:سأَلْتُهُ بَعْد مُنَاظَرَاتٍ، عَنِ اسْتحلاَله بِمَا فَعَل بِمَكَّةَ، فَأَحْضَرَ الْحجر فِي الدِّيباج، فَلَمَّا أُبرز كبَّرْتُ، وَأَرَيْتُهم مِنْ تعَظِيْمه وَالتَّبرّك بِهِ عَلَى حَالَةٍ كَبِيْرَةٍ، وَافتُتِنَتِ القَرَامِطَةُ بِأَبِي طَاهِرٍ، وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ أَطْلَعَه وَحْدَه عَلَى كُنُوزٍ دَفَنَهَا.
فَلَمَّا تَمَلَّك، كَانَ يَقُوْلُ:هُنَا كَنْزٌ فيحفِرُوْنَ، فَإِذَا هُمْ بِالمَالِ.
فَيَفْتَتِنُوْنَ بِهِ وَقَالَ مَرَّةً:أُرِيْدُ أَنْ أَحفر هُنَا عَيْناً.
قَالُوا:لاَ تَنْبَعُ، فَخَالفهُم، فَنَبَعَ المَاءُ، فَازْدَادَ ضَلاَلُهُم بِهِ، وَقَالُوا:هُوَ إِله.
وَقَالَ قَوْم:هُوَ المَسِيْحُ.
وَقِيْلَ:نَبِيّ.
وَقَدْ هَزَمَ جُيُوش بَغْدَاد غَيْرَ مَرَّةٍ وَعتَا وَتمرَّد.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ رزَام الكُوْفِيّ:حَكَى لِي ابْنُ حَمْدَانَ الطَّبِيْبُ، قَالَ:
أَقَمْتُ بِالقَطِيف أُعَالجُ مَرِيْضاً، فَقَالَ لِي رَجُل:
إِنَّ اللهَ ظَهَرَ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا النَّاس يُهرَعُوْنَ إِلَى دَارِ أَبِي طَاهِرٍ، فَإِذَا هُوَ ابْنُ عشْرِيْنَ سَنَةً، شَابٌّ مليحٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، وَثوبٌ أَصفرُ عَلَى فَرَسٍ أَشْهَبَ، وَإِخوتُه حَوْلَهُ، فَصَاح:
مَنْ عَرَفنِي عَرَفَنِي، وَمِنْ لَمْ يَعْرفْنِي، فَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي سَعِيْد الحَسَنُ، الجَنَّابِيُّ.
اعلمُوا أَنَّا كُنَّا وَإِيَّاكُم حَمِيراً، وَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا بِهَذَا وَأَشَار إِلَى غُلاَمٍ أَمْرَدَ، فَقَالَ:هَذَا ربُّنَا وَإِلهُنَا، وَكُلُّنَا عِبَادُه.
فَأَخَذَ النَّاسُ التُّرَابَ، فَوَضَعُوهُ عَلَى رُؤُوْسهُم.
ثُمَّ قَالَ أَبُو طَاهِرٍ:إِنَّ الدِّين قَدْ ظَهَر وَهُوَ دين أَبينَا آدم، وَجَمِيْع مَا أَوصَلتْ إِلَيْكُم الدُّعَاةُ بَاطِلٌ منِ ذِكْرِ مُوْسَى وَعِيْسَى وَمُحَمَّد، هَؤُلاَءِ دَجَّالُوْنَ.
وَهَذَا الغُلاَمُ هُوَ أَبُو الفَضْلِ المَجُوْسِيّ،
__________
(1) انظر " المنتظم ": 6 / 222 - 223، و" الكامل ": 8 / 207 - 208.
(2) أنتنت.

(15/323)


شَرَعَ لَهُم اللّواطَ، وَوطء الأُخت، وَأَمَرَ بِقَتْلِ مَنِ امْتَنَعَ.
فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عِدَّةُ رُؤُوْس، فسجدتُ لَهُ، وَأَبُو طَاهِرٍ وَالكُبَرَاءُ حَوْلَهُ قيَام.
فَقَالَ لأَبِي طَاهِرٍ:المُلُوكُ لَمْ تزل تُعِدُّ الرُّؤُوس فِي خزَائِنهَا.
فسلُوهُ كَيْفَ بقَاؤهَا؟
فَسُئِلْتُ، فَقُلْتُ:إِلهُنَا أَعْلَم، وَلَكِنِّي أَقُول:فجُمْلَة الإِنْسَانِ إِذَا مَاتَ يحتَاج كَذَا وَكَذَا صبِراً وَكَافُوْراً، وَالرَّأْس جُزْءٌ فيُعطَى بحسَابه.
فَقَالَ:مَا أَحسنَ مَا قَالَ.
ثُمَّ قَالَ الطَّبِيْبُ:مَا زِلْتُ أَسمَعُهُم تِلْكَ الأَيَّامَ يَلْعنُوْنَ إِبْرَاهِيْمَ وَمُوْسَى وَمُحَمَّداً وَعَلِيّاً.
وَرَأَيْت مصحفاً مُسِحَ بغَائِط.
وَقَالَ أَبُو الفَضْلِ يَوْماً لكَاتِبه:اكْتُبْ إِلَى الخَلِيْفَة، فصلِّ لَهُم عَلَى مُحَمَّد، وَكِلْ مِنْ جِرَاب النُّوْرَة (1) .
قَالَ:وَاللهِ مَا تَنْبَسِطُ يدِي لِذَلِكَ، فَافتضَّ أَبُو الفَضْلُ أُختاً لأَبِي طَاهِرٍ الجَنَّابِي، وَذَبَحَ وَلدَهَا فِي حجرهَا، ثُمَّ قَتَل زوجَهَا، وَهَمَّ بِقَتْلِ أَبِي طَاهِرٍ، فَاتَّفَقَ أَبُو طَاهِرٍ مَعَ كَاتِبه ابْن سَنْبَر، وَآخر عَلَيْهِ فَقَالاَ:
يَا إِلهنَا، إِن وَالِدَةَ أَبِي طَاهِرٍ قَدْ مَاتَتْ فَاحضر لتحشوَ جَوْفهَا نَاراً.
قَالَ:وَكَانَ سَنَّه لَهُ، فَأَتَى، فَقَالَ:أَلاَ تجيبهَا؟
قَالَ:لاَ، فَإِنَّهَا مَاتَتْ كَافرَةً، فَعَاوده، فَارتَاب، وَقَالَ:لاَ تعجلاَ عليَّ، دعَانِي أَخْدِمُ دوَابَّكمَا إِلَى أَنْ يَأْتيَ أَبِي.
قَالَ ابْنُ سَنْبَر:وَيْلَك هتَكْتَنَا، وَنَحْنُ نرتِّب هَذِهِ الدّعوَة مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً، فَلَو رَآك أَبُوك لقتَلك اقْتُلْهُ يَا أَبَا طَاهِر.
قَالَ:أَخَافُ أَنْ يمسخَنِي، فَضَرَبَ أَخُو أَبِي طَاهِرٍ عُنُقَه، ثُمَّ جمع ابْنُ سَنْبَر النَّاس، وَقَالَ:
إِنَّ هَذَا الغُلاَمَ وَرَدَ بكذبٍ سَرَقه مِنْ معْدن حقّ، وَإِنَّا وَجَدنَا فَوْقه مَنْ يَنْكِحُه، وَقَدْ كُنَّا نَسْمَع أَنَّهُ لاَ بُدَّ لِلْمُؤْمِنين مِنْ فِتْنَة يظهرُ بَعْدَهَا حقٌّ، فَأَطفئوا بُيُوْتَ النِّيرَان، وَارجعُوا عَنْ نِكَاح الأُم، وَدعُوا اللِّواط، وَعظِّمُوا الأَنْبِيَاءَ.
فضجُّوا وَقَالُوا:كُلُّ وَقت تقولُوْنَ لَنَا قَوْلاً.
فَأَنْفَقَ أَبُو طَاهِرٍ الذَّهبَ حَتَّى سكنُوا.
__________
(1) أي أعمل معهم بالتقية انظر ص / 239 / من هذا الجزء.

(15/324)


قَالَ الطَّبِيْب:فَأَخْرَجَ إِلَيَّ أَبُو طَاهِرٍ الحجَر، وَقَالَ:
هَذَا كَانَ يُعبَد.
قُلْتُ:كلاّ.
قَالَ:بَلَى.
قُلْتُ:أَنْتَ أَعْلَم، وَأَخْرَجَهُ فِي ثَوْبٍ دَبيقِي (1) ممسَّك.
ثمَّ جَرَتْ لأَبِي طَاهِرٍ مَعَ المُسْلِمِيْنَ حُرُوبٌ أَوهنته.
وَقُتِلَ جُنْدُه، وَطلَبَ الأَمَان عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْحجر، وَأَنْ يَأْخذ عَنْ كُلّ حَاجّ دِيْنَاراً وَيخفِرَهُم.
قُلْتُ:ثُمَّ هَلَكَ بِالجُدَرِيّ - لاَ رَحِمَهُ اللهُ - فِي رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ بهجَر كَهْلاً.
وَقَامَ بَعْدَهُ أَبُو القَاسِمِ سَعِيْد.

160 - مُحَمَّدُ بنُ رَائِقٍ أَبُو بَكْرٍ *
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو بَكْرٍ.
كَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَجلِّ مَمَالِيْك المُعْتَضِد وَأَدينهم.
وَلِي أَبُو بَكْرٍ لِلْمُقْتَدر شُرْطَةَ بَغْدَاد فَطَلَعَ شَهْماً عَالِي الهِمَّة مِقْدَاماً، فولِي وَاسِطَ وَالبَصْرَةَ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ بُجْكُم الأَمِيْرُ فَاسْتَخْدَمَه، وَتَرَقَّتْ حَالُهُ، فولاَهُ الرَّاضِي بِاللهِ إِمْرَةَ الأُمَرَاءِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) ، وَتَقَدَّم وَرُدَّت أُمُورُ المملكَةِ إِلَيْهِ، وَانحدر مَعَ الخَلِيْفَة إِلَى وَاسِط (3) ، وَجَهَّزَ بُجْكُم
__________
(1) نسبة إلى " دبيق " وهي بليدة كانت بين الفرما وتنيس، من أعمال مصر، " معجم البلدان ": 2 / 438.
(*) أخبار الراضي والمتقي: 230، تاريخ ابن عساكر: 15 / 163 ب، 164 آ، الكامل: 8 / 322 وما بعدها، الوافي بالوفيات: 3 / 69، النجوم الزاهرة: 3 / 275 - 276.
(2) " الكامل ": 8 / 322 - 323.
(3) " الكامل ": 8 / 329.

(15/325)


لمحَاربَة البَريديِّ الوَزِيْر (1) ، ثُمَّ عَصَى عَلَيْهِ بُجْكُم (2) .
فتوجَّه مُحَمَّدٌ إِلَى الشَّامِ، فَدَخَلَ دِمَشْق، وَادَّعَى أَنَّ المتقِي للهِ وَلاَّهُ عَلَيْهَا، وَطرَدَ عَنْهَا بدراً الإِخْشِيدِيَّ، ثُمَّ سَاقَ ليَأْخذ مِصْرَ، فَالتَقَى هُوَ وَصَاحِبُهَا مُحَمَّدُ بنُ طُغج الإِخْشِيذ، فَهَزمه الإِخْشِيذ.
وَكَانَتْ مَلْحمَة كَبِيْرَة بِالعريش، فَرُدَّ إِلَى دِمَشْق، وَأَقَامَ بِهَا أَزيدَ مِنْ سنَةٍ (3) ، ثُمَّ بلغه مَصرع بُجْكم، فَسَارَ إِلَى بَغْدَادَ، فَخلع عَلَيْهِ المُتَّقِي خِلْعَةَ المُلك بَعْد أُمُورٍ يطول شَرْحهَا (4) ، ثُمَّ سَارَ بِالمُتَّقِي إِلَى المَوْصِل (5) ، فمدَّ لَهُ نَاصرُ الدَّوْلَة أَمِيْرُهَا سِمَاطاً فَقَتَلَهُ بَعْد السِّمَاط وَكَانَ متَأَدِّباً شَاعِراً بَطَلاً شُجَاعاً، شَدِيدَ الوَطْأَة.
وَكَانَ مَصْرَعُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رجبهَا (6) .

161 - النُّوْبَخْتِيُّ عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ *
شَاعر مُحسِن، أَخْبَارِيّ مَشْهُوْرٌ، رَئِيْس، وَلِيَ وَكَالَةَ المقتدِرِ، وَعَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ ابْنُه صَدْراً كَاتِباً كَانَ مدبِّرَ أُمُورِ مَلك الأُمَرَاءِ مُحَمَّدِ بنِ رَائِقٍ (7) .
__________
(1) " الكامل ": 8 / 334 - 335.
(2) " الكامل ": 8 / 343 - 344.
(3) " الكامل ": 8 / 363 - 364.
(4) انظر تفصيلها في " الكامل ": 8 / 375 - 377.
(5) " الكامل ": 8 / 380.
(6) " الكامل ": 8 / 382 - 383.
(*) أخبار الراضي والمتقي: 76، معجم الشعراء: 155، معجم الأدباء: 13 / 267 - 268.
(7) أخبار الراضي والمتقي: 76.

(15/326)


162 - النُّوْبَخْتِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُوْسَى *
العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُوْسَى النُّوْبَخْتِيُّ، الشِّيْعِيّ، المُتَفَلْسِفُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْف.
ذكره مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْم، وَابْنُ النَّجَّار بِلاَ وَفَاة.
وَله كتَابُ(الآرَاء)، و(الديَانَات)، وكتَاب(الرَّدِّ عَلَى التَّنَاسخيَّة)، وكتَابُ(التَّوحيد وَحَدَث العَالَم)، وكتَابُ(الإِمَامَة)وَأَشيَاء (1) .

163 - ابْنُ مَخْلَدٍ سُلَيْمَانُ بنُ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ **
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ الحَسَنِ بنِ مَخْلَدِ بنِ الجَرَّاحِ البَغْدَادِيُّ.
وَزَرَ لِلْمُقْتَدِر مشَاركاً لعَلِيِّ بنِ عِيْسَى (2) ، ثُمَّ عزل (3) ، ثُمَّ وَزر للرَّاضِي بِاللهِ سنَة 24 (4) وَكَثُرَتِ المُطَالبَات عَلَيْهِ، فَبَذَل ابْنُ رَائِق القِيَامَ بواجبَات الجَيْش، وَولِي إِمرَةَ الأُمَرَاء.
وَسَقَط حُكم دَسْت الوِزَارَة، فَاسْتعفَى سُلَيْمَانُ مِنَ الوِزَارَة بَعْدَ سنَة، ثُمَّ اسْتوزره الرَّاضِي بِاللهِ سنَة ثَمَانٍ
__________
(*) الفهرست: 251 - 252، الوافي بالوفيات: 12 / 280، طبقات المعتزلة: 104.
(1) " الفهرست ": 251.
(* *) المنتظم: 6 / 338، الكامل: 8 / 218 وما بعدها، الفخري: 231، 248 الوافي بالوفيات: 15 / 362 - 363.
(2) " الكامل ": 8 / 218، وقد تقدمت ترجمة علي بن عيسى رقم (140) من هذا الجزء.
(3) " الكامل ": 8 / 225.
(4) " الكامل ": 8 / 322.

(15/327)


وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة?.
وَوزر بَعْدَهُ لِلْمتَّقِي للهِ (1) .
وَمَضَتْ سيرَتُه عَلَى سَدَاد، وَكَانَ بَصِيْراً بكِتَابَة الدِّيْوَان، خَبِيْراً بِالتصرُّف وَالسِّيَاسَة.
وَقِيْلَ:حُفِظَتْ عَلَيْهِ سَقَطَات مِنْهَا:أَنَّهُ قَالَ لعَلِيّ بنِ عِيْسَى:يَا سيدِي لِمَ سُمِيت الدَّيَكْبَرَاك آله؟
قَالَ:لأَنَّهَا تَدَكْبَرك فِي الْخلق!
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رَجَبٍ، وَخلَّف عِدَّة بَنِينَ وَبنَات.
وَعَاشَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ سَنَةً.

164 - النُّوْبَخْتِيُّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ نُوْبَخْتَ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو سَهْلٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ نُوْبَخْت، بَغْدَادِيٌّ، مِنْ غلاَةِ الشِّيْعَة، وَكبارِ مصنِّيفهم، وَكَانَ يَقُوْلُ فِي المُنتَظَر:مَاتَ فِي الغَيْبَة وَقَامَ بِالأَمْرِ فِي الغَيبَة ابْنُه ثُمَّ مَاتَ ابْنُه، وَقَامَ ابْنُ الابْن وَهَذِهِ دَعوَى مُجَرَّدَة (2) .
وَكَانَ الشَّلْمَغَانِيّ (3) الزِّنديق قَدْ دَعَا النُّوبَخْتِيَّ إِلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ:فِي مقدَّم رَأْسِي صَلَع، فَإِنْ هُوَ أَنبتَ فِي رَأْسِي الشَّعْر، آمنتُ بِهِ، فَأَعرَضَ عَنْهُ (4) .
وَلأَبِي سهلٍ كتَابُ(الإِمَامَة)، وكتَابُ(الرَّدِّ عَلَى الغُلاَة)، وكتَاب(نَقْض رِسَالَةِ الشَّافِعِيّ)، وكتَاب(الرَّدّ عَلَى أَصْحَاب الصِّفَات)، وكتَابُ(إِبطَال القِيَاس)، وكتَاب(الحِكَايَة وَالمحكِي)، وَعِدَّة توَالِيف.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 369.
(*) الفهرست: 251، لسان الميزان: 1 / 424.
(2) الفهرست: 241.
(3) انظر ص / 223 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(4) الفهرست: 251.

(15/328)


وَهُوَ خَالُ الحَسَنِ بنِ مُوْسَى النُّوْبَخْتِيُّ، وَلَهُ كتَابُ(الرَّدِّ عَلَى اليَهُوْد)، وكتَاب فِي(الرَّدِّ عَلَى أَبِي العَتَاهيَة)، وكتَاب(الخُصُوْص وَالعُمُوْم)، وكتَاب(اسْتحَالَةِ الرُّؤْيَة).

165 - المُحَمَّداباذِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، النَّحْوِيُّ، الحَافِظُ، أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُحَمَّداباذِيُّ.
وَمُحَمَّداباذ:مَحَلَّة (1) .
سَمِعَ مِنْ:أَحْمَد بن يُوْسُفَ السُّلَمِيّ، وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ الهِلاَلِيَّ، وَحَامِدِ بنِ مَحْمُوْد فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، وَارْتَحَلَ فسَمِعَ مِنْ:عَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَأَبِي قِلاَبَةَ، وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَالكِبَار، وَابْن مَحْمِش.
وَقَالَ الحَاكِمُ:اخْتلفت إِلَيْهِ لِلسَّمَاع أَكْثَر مِنْ سنَة، وَلَمْ أَصل إِلَى حَرْفٍ مِنْ سَمَاعِي مِنْهُ (2) .
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ يَرْجِع إِلَى قَوْله فِي اللُّغَة، وَسَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَر، يَقُوْلُ:
أَتيتُ أَنَا وَأَبُو بِشّر المُتَكَلِّم، وَأَبُو سَعْدٍ الفَأَفَاء إِلَى مُحَمَّداباذ، وَقَدْ فَرَغَ أَبُو طَاهِرٍ مِنَ المَجْلِس، وَكَانَ مَهِيْباً فَقُلْنَا:يَتَفَضَّل الشَّيْخ بِشَيْءٍ نكتُبُه؟
فَإِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ نقرأَه، فَأَخْرَجَ لَنَا ثَلاثَةَ أَجزَاء:
__________
(*) تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 144 / من هذا الجزء.
(1) خارج نيسابور. انظر " الأنساب ": 512 آ.
(2) " الأنساب ": 512 آ.

(15/329)


عَنِ الدُّوْرِيّ جُزْء، وَعَنِ الكُدَيْمِيّ جُزْء، وَعَنْ أَبِي قِلاَبَةَ جُزْء، فكتبنَا جُزْءَ الكُدَيْمِيّ، وَمِنْ جُزْء أَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيّ.
فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ:هَاتُوا.
فَقُلْنَا:لَمْ نَكْتُبْ مِنْ جُزْء عَبَّاس شَيْئاً.
فَقَالَ:إِنَّمَا أَيست مِنْ حمَارِي حِيْنَ سيّبتُه فِي القَتِّ (1) ، اشْتَغَل بِالكُرُنْبِ (2) .
فَقَرأنَا عَلَيْهِ إِلَى أَنْ مرَّ حَدِيْثٌ لعُرْوَة عَنْ عَائِشَةَ.
فَقَالَ أَبُو بِشْرٍ لِلشَّيْخِ:عُرْوَةُ هَذَا مُكْثِر عَنْ عَائِشَةَ، أَفَكَانَ زوجَهَا؟
فَقَامَ أَبُو طَاهِرٍ مُغْضَباً، ثُمَّ حَكَى ذَلِكَ لأَصْحَابِهِ.
ثمَّ سَاق لَهُ الحَاكِم أَحَادِيْثَ فِي التَّرْجَمَة، وَقَدْ أَكْثَر عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة وَغَيْرهُ.
يَقَع لَنَا حَدِيْثُه عَالِياً.

166 - أَيُّوْبُ بنُ صَالِح بنِ سُلَيْمَانَ بنِ هَاشِمِ بنِ غَرِيْبٍ *
العَلاَّمَةُ، مُفْتِي الأَنْدَلُس، أَبُو صَالِحٍ المَعَافِرِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ (3) .
رَوَى عَن:الفَقِيْه العُتْبِيّ، وَأَبِي زَيْدٍ، وَابْن مزين، وَعَبْد اللهِ بن خَالِد.
ذكره أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِي، فَقَالَ:كَانَ إِمَاماً فِي المَذْهب.
دَارت عَلَيْهِ الفَتْوَى فِي وَقْته، وَعَلَى ابْنِ لُبَابَة.
__________
(1) الفصفصة، وخص بعضهم به اليابسة فيها.
(2) السلق.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 86، جذوة المقتبس: 161، بغية الملتمس: 237، الوافي بالوفيات: 10 / 52، الديباج المذهب: 98.
(3) في " تاريخ علماء الأندلس ": 1 / 86. أيوب بن سليمان بن هاشم بن صالح بن هاشم بن عريب بن عبد الجبار بن محمد بن أيوب بن سليمان بن صالح بن السمح المعافري.

(15/330)


قَالَ:وَكَانَ متصرِّفاً فِي عِلْمِ النَّحْو وَالبلاغَة وَالشِّعْر.
وَكَانَ مجَانباً لِلدَّوْلَة، لَكِنَّه وَلِي الحِسْبَة فَأَحَسْنَ السِّيْرَةَ (1) .
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .

167 - ابْنُ قُوهِيَارَ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
المُسْنِدُ، الجَلِيْلُ، أَبُو الفَضْلِ العَبَّاس بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذٍ، وَيُعرف مُعَاذٌ:بِقُوهِيَارَ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
سَمِعَ:إِسْحَاقَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْن، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، وَعَلِيَّ بنَ الحَسَنِ الهِلاَلِي، وَانتخب عَلَيْهِ حَافِظُ نَيْسَابُوْر أَبُو عَلِيٍّ.
رَوَى عَنْهُ:الحَافِظ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو الحَسَنِ العَلَوِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ بن مَحْمِش، وَخَلْقٌ.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ وَلْدَه يذكرُوْنَ أَنَّهُ دَخَلَ الحَمَّام، فحلَق رَأْسه قيِّمٌ سكرَان، فَأَرْسَل المُوْسَى فِي دِمَاغه فشقَّه، فَأَخرجُوهُ، وَمَاتَ - رَحِمَهُ اللهُ - .

168 - ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّد الفَزَارِيُّ **
المُحَدِّثُ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حُذَيْفَةَ الفَزَارِيُّ،
__________
(1) المصدر السابق.
(2) وفاته في مصادر ترجمته تتراوح بين إحدى وثلاث مئة أو اثنتين وثلاث مئة. ولم يوافق الذهبي إلا الصفدي في " الوافي بالوفيات ": 10 / 52.
(*) تاريخ بغداد: 12 / 157.
(* *) العبر: 2 / 231، شذرات الذهب: 2 / 332.

(15/331)


الدِّمَشْقِيُّ، وَاسم جدِّه قَاسِم بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ هِشَام بنِ مَلاَّس، وَبَكَّار بن قُتَيْبَةَ، وَأَبَا أُمَيَّة الطَّرَسُوْسِيّ، وَالوَلِيْد بن مَرْوَانَ، وَرَبِيْعَة بن حَارِثِ الحِمْصِيّ، وَغَيْرَهُم.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو الحُسَيْنِ بنُ سمِعُوْنَ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ، وَعَبْدُ الوَهَّاب الكِلاَبِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الْحَدِيد، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

169 - ابْنُ عَبَادل أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ *
المُحَدِّثُ أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الشَّيْبَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ عَبَادل.
سَمِعَ:بَحر بنَ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُنْقِذ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْدِ العُذْرِيَّ، وَأَبَا أُمَيَّة الطَّرَسُوْسِيّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَعَنْهُ:الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو هَاشِمٍ المُؤَدِّب، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الْحَدِيد، وَعَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - وَهُوَ فِي عَشْر التِّسْعِيْنَ - .

170 - ابْنُ حَكِيْمٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَدِيْنِيُّ **
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، المُفِيْد، أَبُو عَمْرٍو أَحْمَد بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَكِيْم المَدِيْنِيُّ، وَيُعْرَفُ:بِابْنِ مَمَّكَ، صَاحِبُ رِحْلَة وَنَباهَة.
__________
(*) الوافي بالوفيات: 6 / 212.
(* *) تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 146 / من هذا الجزء.

(15/332)


سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبَا حَاتِم الرَّازِيَّ، وَأَحْمَد بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الخنَاجر الطَّرَابُلُسِي، وَأَبَا أُمَيَّة الحَلَبِيّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ:أَبُو الشَّيْخ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدُوَيْه، وَعَلِيّ بن مَيْله الفَرضِي، وَعَبْد اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جُولَة، وَآخَرُوْنَ.
بلغنَا أَنَّهُ كَانَ أَدِيْباً فَاضِلاً حسنَ المَعْرِفَة بِالحَدِيْثِ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
عِنْدِي مِنْ عَوَالِيْهِ.

171 - الزَّنْبَرِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَمْرٍو *
المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَمْرِو بنِ إِدْرِيْسَ الزَّنْبَرِيُّ، المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:بَحْر بن نَصْرَ الخَوْلاَنِيّ، وَالرَّبِيْع بنَ عَبْدِ الحَكَمِ، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ:ابْنُ المُقْرِئ، وَابْنُ يُوْنُسَ، وَعُمَرُ بنُ شَاهِيْنٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَمَا ذكر ابْنُ مَاكُوْلاَ فِي الزَّنبرِي بنُوْنَ سِوَاهُ (1) ، لَهُ رِحْلَة وَفَهُم.
مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
__________
(*) الإكمال: 4 / 242.
(1) " الإكمال ": 4 / 242.
(2) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.

(15/333)


وَلنَا سَعِيْد بنُ دَاوُدَ بنِ أَبِي زَنْبَر الزَّنْبَرِيّ، صَاحِبُ مَالِك (1) .

172 - ابْنُ زُوْزَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْطَاكِيُّ *
الحَافِظُ، العَالِمُ، الرَّحَّالُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ زُوزَانَ الأَنْطَاكِيُّ، قيد جدَّه ابْنُ مَاكُوْلاَ بِمعجمتين.
ثُمَّ قَالَ:رَوَى عَنْ:أَبِي الوَلِيْد بن بُرْد، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ كَثِيْر الصُّوْرِيّ، وَأَبِي يَزِيْد القَرَاطِيْسِيِّ، وَأَبِي عُلاَثَة مُحَمَّد بن عَمْرٍو، وَبِشْر بن مُوْسَى، وَأَحْمَد بن يَحْيَى الرَّقِّيّ.
قُلْتُ:وَزَكَرِيَّا خَيَّاط السُّنَّة وَطَبَقَتهُم.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّد بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّهَّان، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ ذَكْوَان، وَفرج بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّصِيْبِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَعِدَّة.
قَالَ الأَمِيْر:لَهُ رِحْلَةٌ فِي الحَدِيْثِ إِلَى الشَّامِ وَالعِرَاق وَمِصْرَ (2) .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

173 - المَادَرَائِيُّ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ البَخْتَرِيِّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ البَخْتَرِيِّ، البَصْرِيُّ، المَادَرَائِيُّ.
رَوَى عَنْ:عَلِيِّ بنِ حَرب، وَأَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيِّ، وَيُوْسُف بنِ صَاعِد وَخَلْقٍ.
__________
(1) انظر " تهذيب التهذيب ": 4 / 24.
(*) الإكمال: 4 / 192 - 193، تاريخ ابن عساكر: 14 / 381 ب - 382 آ.
(2) " الإكمال ": 4 / 193.
(* *) الأنساب: 499 ب، العبر: 2 / 238.

(15/334)


وَعَنْهُ:ابْنُ جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وَأَبُو عُمَرَ القَاسِمُ بنُ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَيمَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدِ ارْتَحَلَ إِلَيْهِ ابْنُ مَنْدَه، فَبلَغَه فِي الطَّرِيْق مَوْتُه، فَتَأَلَّمَ وَردَّ، وَلَمْ يَدْخُلِ البَصْرَة.
تُوُفِّيَ سَنَةَ 334.

174 - أَبُو عَلِيٍّ القُشَيْرِيُّ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفِيْدُ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عِيْسَى بنِ مَرْزُوقٍ القُشَيْرِيُّ، الحَرَّانِيُّ، مُحَدِّث الرَّقَّةِ وَمُؤرِّخُهَا.
سَمِعَ:سُلَيْمَانَ بنَ سَيْف الحَرَّانِيّ، وَمُحَمَّد بنَ عَلِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ العَطَّار، وَالفَقِيْه أَبَا الحَسَنِ عَبْدَ المَلِكِ بن عَبْدِ الحَمِيْدِ المَيْمُوْنِيّ، وَهلاَلَ بنَ العَلاَءِ، وَعَبْدَ الحَمِيْدِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ المُسْتَام، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَامِع الدَّهَّان، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر غُنْدَر البَغْدَادِيُّ، وَأَبُو مُسْلم مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الكَاتِب، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَطَائِفَةٌ.
لاَ أَعلَمُ وَفَاتَه إِلاَّ أَنَّهُ حَدَّث فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ جَاوز الثَّمَانِيْنَ.
وَفِيْهَا (1) مَاتَ:مُسنِدُ دِمَشْقَ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نَصْر بنِ هِلاَل السُّلَمِيّ فِي عَشْر المائَة، وَشَاعر الوَقْت أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) الأنساب: 6 / 153، تذكرة الحفاظ: 3 / 846 - 847، العبر: 2 / 239، الوافي بالوفيات: 3 / 95 - 96، طبقات الحفاظ: 350، شذرات الذهب: 2 / 337.
(1) أي سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.

(15/335)


الحَسَن الصَّنَوْبَرِيُّ الحَلَبِيُّ، وَمُؤرخ هَرَاة المُحَدِّثُ أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسين الحَدَّاد، وَمُسنِدُ بَغْدَاد الثِّقَة أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى بنِ عَيَّاش القَطَّان عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَالمُحَدِّث أَبُو الحُسَيْنِ عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ علاَّن الذَّهَبِيُّ البَغْدَادِيُّ، وَمسنِد البَصْرَة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ المَادَرَائِيُّ، وَالوَزِيْر العَادل أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى بنِ دَاوُدَ بن الجَرَّاحِ البَغْدَادِيُّ عَنْ تِسْعِيْنَ عَاماً.
وَشَيْخُ الحَنَابِلَة أَبُو القَاسِمِ عُمَر بنُ الحُسَيْنِ الخِرَقيُّ البَغْدَادِيُّ بِدِمَشْقَ، وَصَاحِب مِصْر أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ طُغْج بنُ جُفّ التُركِي الإِخْشيد، وَصَاحِبُ المَغْرِب القَائِم بِأَمر الله أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ بنُ المَهْدِيّ عُبَيْد اللهِ البَاطنِيُّ، وَشَيْخُ بَغْدَاد أَبُو بَكْرٍ الشِّبْلِي الزَّاهِد.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طلاَّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْد بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مَالِك، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ الحَجَّ (1) .
عَبْد اللهِ هَذَا بَغْدَادِيٌّ لاَ أَعرفه.

175 - حَاجِبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَرْحُمَ بنِ سُفْيَانَ الطُّوْسِيُّ *
مُسْنِد نَيْسَابُوْر، أَبُو مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ.
__________
(1) تقدم في تخريجه في الصفحة 249 ت 1.
(*) الأنساب: 8 / 265 - 266، العبر: 2 / 243، ميزان الاعتدال: 1 / 429، لسان الميزان: 2 / 146.

(15/336)


رَوَى عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ رَافِع وَالذُّهْلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَمَّاد الأَبيوَرْدِي، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مُنيب المَرْوَزِيِّ، وَعَبْد اللهِ بنِ هَاشِمٍ الطُّوْسِيّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ مائَةٍ وَثَمَانِي سِنِيْنَ (1) .
وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ البَلاَذُرِيُّ يَشْهَدُ لَهُ بِلُقِيِّ هَؤُلاَءِ (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ:مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَالِدِي، وَابْنُ مَنْدَة، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الْبَصِير، وَعَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّيُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ مَحْمِش، وَسَمِعَ:مِنْهُ الحَاكِمُ ثَلاَثَةَ أَجزَاء، فَعُدِمَت.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَنْدَة، وَاتَّهَمه الحَاكِمُ، وَقَالَ:لَمْ يَسْمَعْ شَيْئاً، وَهَذِهِ كُتُبُ عَمِّه (3) .
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

176 - عُمَرُ بنُ سَهْلِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الدِّيْنَوَرِيُّ *
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو حَفْصٍ وَأَبُو بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيُّ، القِرْمِيسِينِيُّ (4) ، أَحَدُ أَئِمَّة الحَدِيْث.
__________
(1) " الأنساب ": 8 / 266.
(2) المصدر السابق.
(3) " ميزان الاعتدال ": 1 / 429.
(*) الأنساب: 10 / 110 - 111، تذكرة الحفاظ: 3 / 879 - 880، طبقات الحفاظ: 359.
(4) بكسر القاف، وسكون الراء، وكسر الميم، والسين المهملة المكسورة بين اليائين الساكنتين. آخر الحروف، والنون في آخرها. هذه النسبة إلى " قرميسين " وهي بلدة بجبال العراق " الأنساب ": 10 / 110.

(15/337)


يَرْوِي عَنْ:إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي العَنْبَس الكُوْفِيّ، وَالحَسَنِ بنِ سَلاَّم السوَّاق، وَعُبَيْد بن عَبْدِ الوَاحِدِ البَزَّار، وَأَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيّ، وَأَمثَالِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ:الحَافِظ أَبُو القَاسِمِ بنُ ثَابِت، وَصَالِح بن أَحْمَدَ الهَمَذَانِيّ، وَأَحْمَد بنُ تُرْكَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ بُخَيْت، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ، وَالهَمَذَانيون.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ فِي(إِرْشَاده):هُوَ ثِقَةٌ إِمَامٌ عَالِم مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
سَمِعَ:شُيُوْخَ بَغْدَاد وَالكُوْفَة وَالجَبَل وَالبَصْرَة، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ، وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّة وَعِبَادَة، سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ أَحْمَدَ الدِّيْنَوَرِيَّ، يَقُوْلُ:
خَرَجَ عُمَرُ بنُ سَهْل الحَافِظ، وَبِيَدِهِ قصَّة فَقَالَ لِي:
أُرِيْد أَنْ أَصْعَدَ إِلَى تَلِّ التَّوبَة، وَأَرفعهَا إِلَى اللهِ مِنْ جهَة جُهَّال الدِّيْنَوَر، فَفَعَل ذَلِكَ، وَانْتَقَل إِلَى قِرْمِيسينَ (1) .
قَالَ الخَلِيْلِيّ:وَسَمِعْتُ أَبَا القَاسِم بنَ ثَابِت، يَقُوْلُ:
لَمْ أَرَ مِثْل عُمَر بن سَهْل الحَافِظ فِي الدّيَانَة (2) .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
وَمَا هُوَ بِالمَشْهُوْر لأَنَّه كَانَ بزَاويَةٍ مِنَ البِلاَد - رَحِمَهُ اللهُ - .
أَنْبَأَنَا ابْنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ طَارِق، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ الطُّيُوْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ بُخَيْت، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ سَهْل بنِ مُجَاهِد إِسْمَاعِيْل الدِّيْنَوَرِيُّ الحَافِظ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الرَّمَاح إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقمْنَا مَعَ رَسُوْل
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 879 - 880.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 880.

(15/338)


الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سفر تِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَة نَقْصُرُ الصَّلاَة (1) .

177 - ابْنُ يَاسِيْنَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ الهَرَوِيُّ *
الشَّيْخُ، الحَافِظُ، المُحَدِّث، المُؤَرِّخ، أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسين الهَرَوِيُّ، الحَدَّادُ، صَاحِبُ(تَارِيْخِ هَرَاةَ).
سَمِعَ:عُثْمَان بن سَعِيْدٍ الدَّارِمِيَّ، وَمُوْسَى بن أَحْمَدَ الفِرْيَابِيَّ، وَعُبَيْد بن مُحَمَّدٍ الوَرَّاق الحَافِظ، وَمُعَاذ بن المُثَنَّى، وَالفَضْلَ بنَ عَبْدِ اللهِ اليَشْكُرِيّ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي ذُهْل، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَالِدِي، وَالخَلِيْل بنُ أَحْمَدَ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَاشَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَلَيْسَ بعُمدَة.
قَالَ الخَلِيْلِيّ:لَيْسَ بِالقَوِيِّ، يَرْوِي نُسخاً لاَ يتَابعُ عَلَيْهَا (2) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:مَتْرُوْك (3) .
وَرَوَى السُّلَمِيُّ عَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ:
هُوَ شَرٌّ مِنْ أَبِي بِشْر المَرْوَزِيِّ، وَكذَّبَهُمَا (4) .
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 1 / 223، والبخاري (1081) في أول تقصير الصلاة و(4298) و(4299) في المغازي، والترمذي (549) والطحاوي 1 / 242، والبيهقي 3 / 150، وابن ماجة (1075) من طرق، عن عاصم الاحول بهذا الإسناد.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 877 - 878، ميزان الاعتدال: 1 / 149 - 150، لسان الميزان: 1 / 291، طبقات الحفاظ: 358.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 877.
(3) المصدر السابق.
(4) " ميزان الاعتدال ": 1 / 150.

(15/339)


قُلْتُ:تُوُفِّيَ ابْنُ يَاسين الحَدَّاد فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ المَالِيْنِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُودِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَاشَانِي، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ يَاسين إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صبَّاح، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْن، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْس، حَدَّثَنَا قَيْس بن مُسْلمٍ، عَنْ طَارِق بنِ شِهَاب، عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ اليَهُوْد قَالَ لَهُ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ آيَة فِي كِتَابكُم تَقْرَؤُونهَا، لَوْ عَلَيْنَا - مَعْشَرَ يَهُوْد - نَزَلَتْ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْم عيداً، قَالَ:
أَيّ آيَة؟
قَالَ:{اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُم دينَكُمْ} الآيَة (1) .
قَالَ عُمر:قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيْهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَائِمٌ بعَرَفَة، يَوْمَ جُمُعَةٍ.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ (2) عَنِ الحَسَنِ بنِ صَبَّاح البَزَّار.

178 - ابْنُ عُقْدَةَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ *
ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَاد بن عَبْدِ اللهِ بنِ عَجْلاَنَ، مَوْلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن سَعِيْدِ بنِ قَيْس الهَمْدَانِيّ، وَحَفِيْد
__________
(1) (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا).[ المائدة: 3 ].
(2) رقم (45) في الايمان: باب زيادة الايمان ونقصانه، وهو عنده أيضا برقم (4407) و(4606) و(7268) وأخرجه مسلم (3017) في التفسير.
(*) الفهرست للطوسي: 28 - 29، تاريخ بغداد: 5 / 14 - 22، المنتظم ": 6 / 336 - 337، تذكرة الحفاظ: 3 / 839 - 842، العبر: 2 / 230، ميزان الاعتدال: 1 / 136 - 138، الوافي بالوفيات: 7 / 395 - 396، مرآة الجنان: 2 / 311، البداية والنهاية: 11 / =

(15/340)


عجلاَن، هُوَ عَتيق عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) بن الأَمِيْر عِيْسَى بنِ مُوْسَى الهَاشِمِيّ، أَبُو العَبَّاسِ الكُوْفِيّ الحَافِظ العَلاَّمَة، أَحَد أَعلاَم الحَدِيْث، وَنَادرَةُ الزَّمَان، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ عَلَى ضعْفٍ فِيْهِ، وَهُوَ المَعْرُوْف بِالحَافِظ بنِ عُقْدَةَ.
وعُقْدَةُ لقب لأَبِيْهِ النَّحْوِيِّ البَارِعِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، ولقِّب بِذَلِكَ لتعقيده فِي التَّصْريف، وَهُوَ مِنَ العُلَمَاءِ العَاملين.
كَانَ قَبْل الثَّلاَث مائَة.
وَوُلِد أَبُو العَبَّاسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالكُوْفَةِ.
وَطلب الحَدِيْثَ سنَة بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَتَبَ مِنْهُ مَا لاَ يُحدُّ وَلاَ يوصَفُ عَنْ خَلْق كَثِيْر بِالكُوْفَةِ وَبَغْدَاد، وَمَكَّة.
فسَمِعَ مِنْ:أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحَارِثِيّ، وَالحَسَن بن عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ، وَالحَسَن بن مُكْرَم، وَعَلِيّ بن دَاوُدَ القَنْطَرِيِّ، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي يَحْيَى بن أَبِي مسرَّة المَكِّيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بن أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْد اللهِ بن أُسَامَةَ الكَلْبِيّ، وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ، وَأَحْمَد بن أَبِي خَيْثَمَةَ، وَعَبْد اللهِ بن رَوْح المَدَائِنِيّ، وَإِسْحَاقَ بن إِبْرَاهِيْمَ العُقَيْلِيّ، وَأَحْمَد بن يَحْيَى الصُّوْفِيّ، وَيَعْقُوْب بن يُوْسُفَ بنِ زِيَاد، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ الرَّاشِدِي، وَعَبْد المَلِكِ بن مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَأَبِي مُسْلِم الكَجِّيّ، وَأَبِي الأَحْوَصِ العُكْبَرِيِّ، وَمُحَمَّد بن سَعِيْدٍ العَوْفِيّ، وَمَحْمُوْد بن أَبِي المضَاء الحَلَبِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ القَطَوَانِيُّ، وَالحَسَن بن عُتْبَةَ الكِنْدِيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ المُسْتَوْرِد، وَالحَسَن بن
__________
= 209 لسان الميزان: 1 / 263 - 266، النجوم الزاهرة: 3 / 281، طبقات الحفاظ: 348 - 349، شذرات الذهب: 2 / 332.
(1) في " تاريخ بغداد ": 5 / 14 " عبد الواحد بن عيسى".

(15/341)


جَعْفَر بن مِدْرَار، وَعَبْد العَزِيْزِ بن مُحَمَّدِ بنِ زَبَالَة المَدِيْنِيّ، وَأُمَمٍ سِوَاهِم.
وجَمَعَ التَّرَاجم وَالأَبْوَابَ وَالمَشْيَخَة، وَانْتَشَر حَدِيْثُه، وَبعُدَ صِيْتُهُ، وَكَتَبَ عَمَّنْ دبَّ وَدَرَجَ مِنَ الكِبَار وَالصِّغَار وَالمَجَاهِيْل، وَجمع الغثَّ إِلَى السَّمِين، وَالخَرَزَ إِلَى الدُّرِّ الثَّمِين.
رَوَى عَنْهُ:الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ عَدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ الجِعَابِيُّ، وَابْنُ المُظَفَّر، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَابْنُ المُقْرِئ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ، وَعُمَر بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَتَّانِي، وَأَبُو عُبَيْدٍ اللهِ المَرْزُبَانِيُّ، وَابْن جُمَيْع الغَسَّانِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ خُرَّشيذ قُوله، وَأَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ المتيَّم، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ الأَهْوَازِيّ، وَخَلاَئِق.
ووَقَعَ لِي حَدِيْثُهُ بِعُلُوّ.
فقَرَأْتُ عَلَى أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بن عَبْدِ المُنْعِمِ الدِّمَشْقِيِّ، أَخبركم عَبْدُ الصَّمَد بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَضْل الأَنْصَارِيُّ القَاضِي سَنَة تِسْعٍ وَسِت مائَة وَأَنْت فِي الرَّابِعَةِ، قَالَ:أَخْبَرَنَا جمَال الإِسْلاَم أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المُسَلَّم السُّلَمِيّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْس مائَة، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طَلاَّب الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الحَافِظ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ شَيْبَان، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَيْف بن عَمِيرَة، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي العَبَّاس بنُ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثَعْلَبَةَ أَبِي بَحر، عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ:
اسْتَضْحَكَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقَالَ:
(عَجِبْتُ لأَمرِ المُؤْمِن، إِنَّ اللهَ لاَ يقضِي لَهُ قَضَاءً إِلاَّ كَانَ خَيراً لَهُ) (1) .
__________
(1) حديث صحيح، وأخرجه أحمد 5 / 24 من طريق نوح بن حبيب، حدثنا حفص بن =

(15/342)


أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِم المُسَلَّم بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ، وَالمُؤَمَّل بن مُحَمَّدٍ البَالِسِيّ - كِتَابَةً - قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمَن الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ هَارُوْنَ بنِ الصَّلْت الأَهْوَازِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الطَّلْحِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ أَبِي الوَلِيْد، عَنِ الشَّعْبِيّ، عَنْ عَلِيّ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا عِنْدَهُ، وَأَقبلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - :
(يَا عليُّ هَذَانِ سيِّدَا كُهول أَهْلِ الجَنَّةِ مِنَ الأَوُّلين وَالآخِرين، إِلاَّ النَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِين (1)).
وَبِهِ:إِلَى الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ:أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْن أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمَّاد الوَاعِظ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة إِمْلاَءً فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بنِ الأَشْقَر قَالَ:
سَمِعْتُ عَثَّام بنَ عَلِيٍّ العَامِرِيَّ، قَالَ:سَمِعْتُ سُفْيَان، وَهُوَ يَقُوْلُ:
لاَ يَجْتَمِعُ حبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ إِلاَّ فِي قُلُوْبِ نُبَلاَءِ الرِّجَال (2) .
قُلْتُ:قَدْ رُمِي ابْنُ عُقْدَةَ بِالتَّشَيُّع، وَلَكِنْ رِوَايتُهُ لِهَذَا وَنَحْوِهِ، يَدُلُّ
__________
= غياث بن طلق بن معاوية، عن عاصم الاحول، عن ثعلبة بن عاصم، عن أنس بن مالك مرفوعا: " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له شيئا إلا كان خيرا له " وله شاهد من حديث صهيب عند أحمد 4 / 332، و6 / 15 و16، والدارمي 2 / 318، ومسلم (2999).
(1) حديث صحيح، وأخرجه من حديث علي الترمذي (3666) وابن ماجة (95)، والخطيب في تاريخه 10 / 192، وفي سنده الحارث الاعور وهو ضعيف، وأخرجه الدولابي في " الكنى " 2 / 99، وسنده حسن، وأخرجه عبد الله في زوائد مسند أبيه 1 / 80 بسند قابل للتحسين، وأخرجه من حديث أنس الترمذي (3664) ورجاله ثقات غير محمد بن كثير الصنعاني المصيصي، فإنه كثير الغلط، وأخرجه من حديث أبي جحيفة ابن ماجة (95) وابن حبان (2192) وسنده قوي في الشواهد، وأخرجه من حديث جابر الطبراني في الأوسط، وأخرجه من حديث أبي سعيد الخدري البزاز والطبراني في الأوسط وفى كليهما ضعف انظر " المجمع " 9 / 53.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 15.

(15/343)


عَلَى عَدَم غلِّوهُ فِي تشيُّعه، وَمِنْ بَلَغَ فِي الحِفْظِ وَالآثَار مَبْلَغَ ابْنِ عُقْدَةَ، ثُمَّ يَكُوْنُ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ لِلسَّابقين الأَولين، فَهُوَ مُعَانِد أَوْ زِنْدِيْق وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَبِهِ:إِلَى الحَافِظ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ:وَإِنَّمَا لُقِّبَ وَالدُ أَبِي العَبَّاسِ بعُقْدَةَ لِعِلْمِهِ بِالتَّصريف وَالنَّحْو.
وَكَانَ يورِّق بِالكُوْفَةِ، وَيعلِّم القُرْآنَ وَالأَدبَ (1) ، فَأَخْبَرَنِي القَاضِي أَبُو العَلاَء، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ النَّجَّار، قَالَ:
حَكَى لَنَا أَبُو عَلِيٍّ النَّقَّار، قَالَ:سَقَطَت مِنْ عُقْدَةَ دَنَانِيْرَ، فَجَاءَ بنخَّالٍ ليطلُبَهَا.
قَالَ عُقْدَةُ:فَوَجَدتُهَا ثُمَّ فَكَّرتُ فَقُلْتُ:لَيْسَ فِي الدُّنْيَا غَيْر دنَانيرك؟
فَقُلْتُ لِلنَّخَّال:هِيَ فِي ذِمَّتِكَ، وَذَهَبْتُ وَتَرَكْتُه (2) .
قَالَ:وَكَانَ يُؤدِّب ابْن هِشَامٍ الخَزَّاز، فَلَمَّا حَذَقَ الصَّبيُّ وَتعَلَّمَ، وَجَّه إِلَيْهِ أَبُوْهُ بدنَانير صَالِحَة، فَرَدَّهَا فَظَنَّ ابْنُ هِشَام أَنَّهَا اسْتُقِلَّت، فَأَضْعَفَهَا لَهُ، فَقَالَ:
مَا رَدَدْتُهَا اسْتِقْلاَلاً، وَلَكِنْ سَأَلَنِي الصَّبيُّ أَنْ أُعَلِّمَهُ القُرْآن، فَاخْتَلَطَ تعلِيمُ النَّحْوِ بتعلِيمِ القُرْآن، وَلاَ أَستَحِلّ أَنْ آخذ مِنْهُ شَيْئاً، وَلَوْ دَفَعَ إِلَيَّ الدُّنْيَا (3) .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّار:وَكَانَ عُقْدَةُ زيديّاً، وَكَانَ وَرِعاً نَاسِكاً، سُمِّيَ عُقْدَةَ لأَجلِ تَعْقِيدِهِ فِي التَّصْرِيفِ، وَكَانَ وَرَّاقاً جَيِّدَ الخَطِّ، وَكَانَ ابْنُهُ أَحفظَ مَنْ كَانَ فِي عَصْرنَا لِلْحَدِيْثِ (4) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ:قَالَ لِي ابْنُ عُقْدَةَ:
دَخَلَ البَرْديجِي (5) الكُوْفَة،
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 15.
(4) المصدر السابق.
(5) هو أبو بكر، أحمد بن هارون. كان ثقة حافظا توفي سنة / 301 / ه.ونسبته إلى " برديج " وهي بليدة بأقصى أذربيجان.
أنظر " الأنساب ": 2 / 139 - 140.

(15/344)


فَزَعَمَ أَنَّهُ أَحفَظُ مِنِّي.
فَقُلْتُ:لاَ تطول نَتَقَدَّمُ إِلَى دُكَّانَ وَرَّاق، وَنَضَعُ القَبَّان، وَنَزِنُ مِنَ الكُتُب مَا شِئْتَ، ثُمَّ يُلقَى عَلَيْنَا، فَنذكرُهُ قَالَ:فَبقِي (1) .
الحَاكِم:سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظ، يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ لِحَدِيْثِ الكُوْفِيّين مِنْ أَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَة (2) .
وَبِهِ إِلَى الخَطِيْب أَبِي بَكْرٍ:حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الغنِي بنَ سَعِيْد، سَمِعْتُ أَبَا الفَضْل الوَزِيْر، يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عُمَرَ - وَهُوَ الدَّارَقُطْنِيّ - يَقُوْلُ:
أَجْمَعَ أَهْلُ الكُوْفَة أَنَّهُ لَمْ يُرَ مِنْ زَمَنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْد إِلَى زَمَنِ أَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ أَحفظُ مِنْهُ (3) .
وَأَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّن، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بن الأَكفَانِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ حَزْم، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ بقَاء، حَدَّثَنَا عَبْدُ الغنِي فَذَكَرَهَا، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الغنِي:وَسَمِعْتُ أَبَا همام مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، يَقُوْلُ:
ابْنُ جَوْصَا بِالشَّامِ كَابنِ عُقْدَةَ بِالكُوْفَةِ (4) .
قُلْتُ:يُمكن أَنْ يُقَال:لَمْ يُوجدْ أَحفظُ مِنْهُ وَإِلَى يَوْمنَا وَإِلَى قيَامِ السَّاعَة بِالكُوْفَةِ، فَأَمَّا أَنْ يَكُوْنَ أَحَدٌ نَظِيْراً لَهُ فِي الحِفْظِ، فَنَعَم، فَقَدْ كَانَ بِهَا بَعْدَ ابْن مَسْعُوْدٍ وَعلِي، عَلْقَمَة، وَمَسْرُوْق، وَعَبيدَة، ثُمَّ أَئِمَّة حُفَّاظ كإِبْرَاهِيْم النَّخَعِيِّ، وَمَنْصُوْر، وَالأَعْمَش، وَمِسْعَر، وَالثَّوْرِيّ، وَشريك، وَوَكِيْع، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْر،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 16. أي: بقي مندهشا أو مبهوتا.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 16.
(3) المصدر السابق.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 796 وقد تقدمت ترجمة ابن جوصا رقم / 8 / من هذا الجزء.

(15/345)


وَأَبِي كُرَيْبٍ، ثُمَّ هَؤُلاَءِ يمتَازونَ عَلَيْهِ بِالإِتْقَان وَالعَدَالَة التَّامَّة، وَلَكِنَّهُ أَوسعُ دَائِرَةً فِي الحَدِيْثِ مِنْهُم.
قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ هَرْثَمَة:كُنَّا بِحَضْرَة أَبِي العَبَّاسِ بن عُقْدَةَ نكتُبُ عَنْهُ وَفِي المَجْلِسِ رَجُلٌ هَاشِمِيّ إِلَى جَانِبِه، فجرَى حَدِيْثُ حُفَّاظ الحَدِيْث، فَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ:
أَنَا أُجيب فِي ثَلاَث مائَة أَلْفِ حَدِيْث مِنْ حَدِيْثِ أَهْلِ بَيْت هَذَا سِوَى غَيْرِهِم، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الهَاشِمِيّ (1) .
وَبِهِ إِلَى الخَطِيْب:حَدَّثَنَا الصُّوْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الغنِي، سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ - يَعْنِي:الدَّارَقُطْنِيّ - سَمِعْتُ ابْنَ عُقْدَةَ يَقُوْلُ:
أَنَا أُجيب فِي ثَلاَث مائَة أَلْفِ حَدِيْث مِنْ حَدِيْثِ أَهْل البَيْت خَاصَّة (2) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ:وَكَانَ أَبُوْهُ عُقْدَة أَنحَى النَّاس (3) .
وَبِهِ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ النَّيْسَابُوْرِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَارِم الحَافِظ، يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْد، يَقُوْلُ:
أَحفظُ لأَهْل البَيْت ثَلاَث مائَة أَلْف حَدِيْث (4) .
وَبِهِ:حَدَّثَنَا أَبُو العَلاَء مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَعْقُوْبَ - غَيْرَ مَرَّةٍ - سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ بن يَحْيَى العَلَوِيَّ، يَقُوْلُ:
حَضَرَ ابْن عُقْدَة عِنْد أَبِي، فَقَالَ لَهُ:
يَا أَبَا العَبَّاسِ قَدْ أَكثَرَ النَّاس فِي حِفْظِك لِلْحَدِيْثِ، فَأحبُّ أَنْ تخبَرنِي بِقدر مَا تَحْفَظ.
فَامْتَنَعَ، وَأَظْهَرَ كرَاهيَةٌ لِذَلِكَ، فَأَعَاد أَبِي المَسْأَلَة
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 16.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 5 / 16 - 17.

(15/346)


وَقَالَ:عَزَمْتُ عَلَيْك إِلاَّ أَخبرتَنِي.
فَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ:أَحفظُ مائَة أَلْفِ حَدِيْث بِالإِسْنَاد وَالمَتْن، وَأُذَاكر بِثَلاَث مائَة أَلْف حَدِيْث (1) .
قَالَ أَبُو العَلاَء:وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً يذكرُوْنَ، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ مِثْل ذَلِكَ (2) .
وَبِهِ:حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ - مِنْ حِفْظِهِ - سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ العَلَوِيّ، يَقُوْلُ:
كَانَتِ الرِّيَاسَةُ بِالكُوْفَةِ فِي بنِي الغدَان قبلَنَا، ثُمَّ فَشَتْ رِئَاسَةُ بنِي عُبَيْد اللهِ، فَعَزَمَ أَبِي عَلَى قِتَالِهِم، وَجمع الجموعَ، فَدَخَلَ إِلَيْهِ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة، وَقَدْ جمع جُزْءاً فِيْهِ سِتٌ وَثَلاَثُوْنَ وَرقَةً، وَفِيْهَا حَدِيْثٌ كَثِيْر فِي صِلَةِ الرَّحِم، فَاسْتَعْظَمَ أَبِي ذَلِكَ، وَاسْتكثَرَه، فَقَالَ لَهُ:
يَا أَبَا العَبَّاسِ، بَلَغَنِي مِنْ حِفْظِكَ لِلْحَدِيْثِ مَا اسْتكْثَرْتُه، فَكَم تَحْفَظ؟
قَالَ:أَحفظُ بِالأَسَانيد وَالمتُوْنَ خَمْسِيْنَ وَمَائتَيْ أَلف حَدِيْث، وَأُذَاكر بِالأَسَانيد وَبَعْضِ المتُوْنَ وَالمرَاسيل وَالمقَاطِيع بِسِت مائَة أَلْفِ حَدِيْث (3) .
وَبِهِ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَخْلَد الوَرَّاق - بِحَضْرَة البَرْقَانِيّ - سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ الفَارِسِيّ - وَعرفه البَرْقَانِيّ - يَقُوْلُ:
أَقمْت مَعَ إِخوتِي بِالكُوْفَةِ عِدَّة سِنِيْنَ نكتُبُ عَنِ ابْنِ عُقْدَة، فَلَمَّا أَرَدْنَا الانْصِرَافَ، وَدَّعنَاهُ، فَقَالَ:
قَدِ اكتفيتُم بِمَا سَمِعْتُمْ مِنِّي!!أَقَلُّ شَيْخٍ سَمِعْتُ مِنْهُ، عِنْدِي عَنْهُ مائَة أَلْفِ حَدِيْث.
فَقُلْتُ:أَيُّهَا الشَّيْخ نَحْنُ أَرْبَعَةُ إِخْوَة، قَدْ كَتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ منَا عَنْكَ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْث (4) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 17.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه، وفيه " في بني الفدان " بالفاء.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 17 - 18.

(15/347)


وَبِهِ:أَخْبَرَنَا الصُّوْرِيُّ، قَالَ لِي عَبْدُ الغنِي:سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيّ يَقُوْلُ:
ابْنُ عُقْدَة، يعلَمُ مَا عِنْد النَّاس، وَلاَ يَعْلَمُ النَّاس مَا عِنْدَهُ (1) .
قَالَ الصُّوْرِيّ:وَقَالَ لِي أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ:
أَرَادَ ابْنُ عُقْدَة أَنْ يَنْتقلَ، فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْمِلُ كُتُبَه، وَشَارط الَحمَّالين أَنْ يَدْفَعَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ دَانِقاً (2) .
قَالَ:فَوَزَن لَهُم أَجورَهُم مائَةَ دِرْهَم.
وَكَانَتْ كتبه سِتّ مائَة حمْلَة (3) .
وَبِهِ:أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الزَّعْفَرَانِيُّ يَقُوْلُ:
رَوَى ابْنُ صَاعِدٍ بِبَغْدَادَ حَدِيْثاً أَخْطَأَ فِي إِسنَاده، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عُقْدَة فَخَرَجَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ ابْن صَاعِدٍ، وَارْتَفَعُوا إِلَى الوَزِيْرِ عَلِيّ بن عِيْسَى وَحبسَ ابْن عقدَة.
فَقَالَ الوَزِيْر:مَنْ نسأَل وَنرجع إِلَيْهِ؟
فَقَالُوا:ابْن أَبِي حَاتِمٍ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الوَزِيْر يَسْأَله، فَنَظَرَ وَتَأَمَّل، فَإِذَا الحَدِيْث عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عُقْدَة، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَأَطلقَ ابْنَ عُقْدَة، وَارْتَفَع شَأْنُه (4) .
وَبِهِ:حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّقَّاق، سَمِعْتُ جَمَاعَةً يذكرُوْنَ أَنَّ ابْنَ صَاعِد كَانَ يُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ، فَأَملَى يَوْماً عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ حَفْص بن غِيَاث، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، فَعَرض عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بن عقدَة، فَقَالَ:لَيْسَ هَذَا عِنْد أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، فَاتَّصل هَذَا القَوْل بِابْنِ صَاعِدٍ، فَنَظَرَ فِي أَصلِهِ، فَوجَدَهُ كَمَا قَالَ.
فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاس قَالَ:كُنَّا حدثنَاكُم، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ بِحَدِيْث كَذَا، وَوَهِمنَا
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 18.
(2) سدس درهم.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 18.
(4) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.

(15/348)


فِيْهِ. إِنَّمَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو سَعِيْدٍ وَقَدْ رَجعْنَا عَنِ الرِّوَايَة الأَوَّلَة (1) .
قُلْتُ لحَمْزَة:ابْن عقدَة هُوَ الَّذِي نبَّه يَحْيَى؟
فَتوقف، ثُمَّ قَالَ:ابْنُ عُقْدَة أَوْ غَيْرُه (2) .
وَبِهِ:حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الطَّبَرِيُّ، سَمِعْتُ ابْنَ الِجعَابِيَّ يَقُوْلُ:
دَخَلَ ابْنُ عُقْدَة بَغْدَاد ثَلاَث دفعَات، سَمِعَ فِي الأَولى مِنْ إِسْمَاعِيْل القَاضِي وَنَحْوِه، وَدَخَلَ الثَّانِيَة فِي حَيَاة ابْنِ مَنِيْع، فَطَلَبَ مِنِّي شَيْئاً مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ صَاعِدٍ لينظُرَ فِيْهِ، فجِئْتُ إِلَى ابْنِ صَاعِدٍ، فَسَأَلتُهُ، فَدَفَعَ إِلَيَّ مُسند عليّ، فتعجَّبْتُ مِنْ ذَلِكَ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي:
كَيْفَ دَفَعَ إِلَيَّ هَذَا وَابْنُ عُقْدَة أَعرفُ النَّاسِ بِهِ!مَعَ اتِّسَاعه فِي حَدِيْث الكُوْفِيّين، وَحملتُهُ إِلَى ابْنِ عُقْدَة، فنَظَرَ فِيْهِ، ثُمَّ رَدَّهُ عليّ، فَقُلْتُ:أَيُّهَا الشَّيْخ، هَلْ فِيْهِ شَيْءٌ يُسْتَغرب؟
فَقَالَ:نَعَمْ؛فِيْهِ حَدِيْث خطأ.
فَقُلْتُ:أَخْبَرَنِي بِهِ.
فَقَالَ:لاَ وَاللهِ لاَ عَرَّفتك ذَلِكَ حَتَّى أَجَاوِز قنطرَة اليَاسريَّة، وَكَانَ يخَافُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ صَاعِدٍ، فطَالت عليّ الأَيَّام انتظَاراً لِوَعْدِه، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الكُوْفَةِ، سِرْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا أَردتُ مفَارَقَتَه، قُلْتُ:وَعدك؟
قَالَ:نَعَمُ، الحَدِيْثُ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا بن أَبِي زَائِدَةَ، وَمتَى سَمِعَ مِنْهُ؟وَإِنَّمَا وَلِدَ أَبُو سَعِيْدٍ فِي اللَّيْلَة الَّتِي مَاتَ فِيْهَا يَحْيَى بن زَكَرِيَّا.
فودَّعْتُه، وَجِئْتُ إِلَى ابْنِ صَاعِدٍ، فَأَعْلَمتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ:
لأَجعَلَنَّ عَلَى كُلِّ شَجَرَة مِنْ لَحْمه قِطْعَة - يَعْنِي:ابْن عُقْدَة - ثُمَّ رَجَعَ يَحْيَى إِلَى الأُصُوْل، فَوجَدَ عِنْدَهُ الحَدِيْثَ عَنْ شَيْخٍ غَيْر الأَشَجِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، فَجَعَلَه عَلَى الصَّوَاب (3) .
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 18 - 19.

(15/349)


قُلْتُ:كَذَا أَورد الخَطِيْبُ هَذِهِ الِحِكَايَة، وَخلاَّهَا، وَذَهَبَ غَيْر متعرِّض لنكَارتهَا.
فَأَمَّا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا أَحَدُ حُفَّاظ الكُوْفَة، فَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ:ابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَهَنَّاد، وَعَلِي بنُ مُسْلِمٍ الطُّوْسِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْ آخرهُم يَعْقُوْب الدَّوْرَقِيِّ.
وَيُقَالُ:مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
وَكَانَ إِذْ ذَاكَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ شَابّاً مدركاً بَلْ ملتحياً.
وَقَدِ ارْتَحَلَ وَسَمِعَ مِنْ هُشَيْمٍ.
وَموته بَعْدَ يَحْيَى بِأَشهرٍ، فَمَا يبعد سَمَاعُهُ مِنْ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا.
قَالَ الحَاكِمُ:قُلْتُ لأَبِي عَلِيٍّ الحَافِظ:إِن بَعْضَ النَّاس يَقُوْلُ فِي أَبِي العَبَّاسِ، قَالَ:فِي مَاذَا؟
قُلْتُ:فِي تَفَرُّدِهِ بِهَذِهِ المقحمَات عَنْ هَؤُلاَءِ المَجْهُوْلين.
فَقالَ:لاَ تشتغلْ بِمثلِ هَذَا، أَبُو العَبَّاسِ إِمَامٌ حَافِظٌ محلُّه محلُّ مَنْ يَسْأَل عَنِ التَّابِعِيْنَ وَأَتْبَاعِهِم (1) .
وَبِهِ قَالَ الخَطِيْبُ:حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ نعيم البَصْرِيُّ - لفظاً - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَدِيِّ بنِ زحر، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الفَتْح القَلاَنِسِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَل، يَقُوْلُ:
مُنْذُ نشَأَ هَذَا الغُلاَم أَفْسَدَ حَدِيْثَ الكُوْفَة - يَعْنِي:ابْنَ عُقْدَة - (2) .
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيٍّ الوَاسِطِيّ المُقْرِئ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَدِيٍّ، سَمِعْتُ عبدَان الأَهْوَازِيَّ يَقُوْلُ:
ابْنُ عُقْدَة قَدْ خَرَجَ عَنْ مَعَانِي أَصْحَاب الحَدِيْث، وَلا يُذكر حَدِيْثُه مَعَهُم - يَعْنِي:لِمَا كَانَ يُظْهِر مِنَ الكَثْرَة وَالنُّسَخ - .
وَتكلَّم فِيْهِ مُطَيَّن بِأَخَرَةٍ لَمَّا حَبَس كُتُبَه عَنْهُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 18 - 19.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 19 - 20.

(15/350)


وَبِهِ:حَدَّثَنِي الصُّوْرِيُّ، قَالَ لِي زَيْد بنُ جَعْفَرٍ العَلَوِيّ، قَالَ لَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّار، قَالَ لَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة:
كَانَ قُدَّامِي كِتَابٌ فِيْهِ نَحْو خَمْس مائَة حَدِيْثٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ الأَسَدِيّ لاَ أَعرفُ لَهُ طريقاً.
قَالَ التَّمَّار:فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ مِنَ الأَيَّام، قَالَ لبَعْض وَرَّاقيه:قُمْ بنَا إِلَى بَجِيلَة مَوْضِعِ المغنِّيات.
فَقَالَ:أَيش نعْمل؟
قَالَ:بَلَى، تعَال فَإِنَّهَا فَائِدَةٌ لَكَ، فَامتَنَعْتُ فَغَلَبنِي عَلَى المجِيْء، فجئنَا جَمِيْعاً إِلَى المَوْضِعِ.
فَقَالَ لِي:سلْ عَنْ قُصيعَة المخنَّث.
فَقُلْتُ:اللهَ اللهَ يَا سيدِي، ذَا فضيحَة.
قَالَ:فَحْمَلَنِي الغيظُ، فَدَخَلْتُ، فَسَأَلت عَنْ قُصيعَة، فَخَرَجَ إِلَيَّ رَجُلٌ فِي عُنُقِهِ طَبْلٌ مخضَّب بِالحِنَّاء، فَجئْت بِهِ إِلَيْهِ، فَقَالَ:يَا هَذَا امضِ، فَاطْرح مَا عَلَيْك، وَالْبس قمِيصَك، وَعَاود فَمَضَى، وَلَبِسَ قمِيصَه، وَعَاد، فَقَالَ:مَا اسْمُكَ؟
قَالَ:قصيعَة.
فَقَالَ:مَا اسْمُكَ عَلَى الحَقِيْقَة؟
قَالَ:مُحَمَّدُ بنُ عَلِيّ.
قَالَ:صَدَقْتَ، ابْنُ مَنْ؟
قَالَ:ابْنُ حَمْزَةَ، قَالَ:ابْنُ مَنْ؟
قَالَ:لاَ أَدْرِي وَاللهِ يَا أُسْتَاذِي.
قَالَ:ابْنُ حَمْزَةَ بنِ فُلاَن بنِ فُلاَن بنِ حَبِيْب بن أَبِي ثَابِتٍ الأَسَدِيّ، فَأَخْرَجَ مِنْ كُمّه الجُزْء، فَدَفَعه إِلَيْهِ، فَقَالَ:أَمسكْ هَذَا، فَأَخَذَهُ، فَقَالَ:ادْفَعْه إِلَيَّ.
ثُمَّ قَالَ لَهُ:قُمْ فَانْصَرِفْ.
ثُمَّ جعل أَبُو العَبَّاسِ يَقُوْلُ:
دَفَعَ إِلَيَّ فُلاَن بنُ فُلاَن كِتَاب جَدِّه، فَكَانَ فِيْهِ كَذَا وَكَذَا (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ:سَمِعْتُ مَنْ يذكر أَنَّ الحُفَّاظ كَانُوا إِذَا أَخذُوا فِي المذَاكرَة، شَرَطُوا أَنْ يعدِلُوا، عَنْ حَدِيْث ابْنِ عُقْدَةَ لاتِّسَاعِهِ، وَكونِهِ مِمَّا لاَ يَنْضَبِط (2).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 20 - 21.
(2) المصدر السابق.

(15/351)


وَبِهِ حَدَّثَنِي الصُّوْرِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الغنِي يَقُوْلُ:
لَمَّا قَدِمَ الدَّارَقُطْنِيّ مِصْر أَدْرَكَ حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الكِنَانِيّ (1) الحَافِظ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَاجتمَعَ مَعَهُ، وَأَخذَا يتذَاكرَانِ، فَلَمْ يزَالاَ كَذَلِكَ حَتَّى ذكر حَمْزَةُ عَنِ ابْنِ عُقْدَة حَدِيْثاً.
فَقَالَ لَهُ أَبُو الحَسَنِ:أَنْتَ هَا هُنَا؟ثُمَّ فَتح دِيْوَانَ أَبِي العَبَّاسِ، وَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ مِنْ حَدِيْثه مَا أَبهَرَ حَمْزَةَ، أَوْ كَمَا قَالَ (2) .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوْسِيُّ فِي(تَارِيْخه):كَانَ ابْنُ عُقْدَة زيديّاً (3) جَاروديّاً (4) ، عَلَى ذَلِكَ مَاتَ، وَإِنَّمَا ذكرتُهُ فِي جُمْلَة أَصحَابنَا (5) لكَثْرَةِ رِوَايَاته عَنْهُم.
وَلَهُ تَارِيْخٌ كَبِيْر فِي ذِكْرِ مَنْ رَوَى الحَدِيْثَ مِنَ النَّاسِ كلّهم وَأَخْبَارِهِم، وَلَمْ يكمل، وكتَابُ(السُّنَن)وَهُوَ عَظِيْم، قِيْلَ:إِنَّهُ حِمْل بهيمَة، وَلَهُ كتَاب(مَنْ رَوَى عَنْ عَلِيّ)، وكتَاب(الجَهْر بِالبَسْمَلَة)، وكتَاب(أَخْبَار أَبِي حَنِيْفَةَ)، وكتَاب(الشُّوْرَى)، وَذَكَرَ أَشيَاء كَثِيْرَة (6) .
ابْنُ عَدِيٍّ:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي غَالِب يَقُوْلُ:
ابْن عُقْدَة لاَ يتديَّن بِالحَدِيْثِ، لأَنَّه كَانَ يَحْمِلُ شُيُوْخاً بِالكُوْفَةِ عَلَى الْكَذِب، يُسوّي لَهُم نُسخاً، وَيَأْمرُهُم أَنْ يَرْووهَا (7) .
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:سَمِعْتُ البَاغَنْدِيَّ يَحْكِي فِيْهِ نَحْو ذَلِكَ، وَقَالَ:كتب
__________
(1) صحف في " تاريخ بغداد ": 5 / 21 إلى: الكتاني.
(2) المصدر السابق.
(3) أي من أتباع زيد بن علي بن الحسين.
الذي ثار على بني أمية زمن الوليد بن يزيد انظر خلاصة مذهبهم في " الملل والنحل ": 1 / 154 - 157.
(4) إحدى فرق الزيدية، وهم أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد انظر " الملل والنحل ": 1 / 157 - 159.
(5) يقصد: الامامية. فأبو جعفر الطوسي كان إماميا.
(6) انظر " الفهرست " للطوسي: 28 - 29، وما بين حاصرتين منه.
(7) " تاريخ بغداد ": 5 / 21.

(15/352)


إِلَيْنَا (1) أَنَّهُ خَرَجَ بِالكُوْفَةِ شَيْخٌ عِنْدَهُ نُسَخ، فَقَدِمْنَا عَلَيْهِ، وَقَصَدْنَا الشَّيْخَ، فطَالَبْنَاهُ بِأُصولِ مَا يَرْوِيْهِ، فَقَالَ:لَيْسَ عِنْدِي أَصلٌ، وَإِنَّمَا جَاءنِي ابْنُ عُقْدَة بِهَذِهِ النُّسخَ.
فَقَالَ:اروهُ يكنْ لَكَ فِيْهِ ذِكْرٌ، وَيرحل إِلَيْك أَهْلُ بَغْدَادَ (2) .
حَمْزَة السَّهْمِيُّ:سَأَلتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ سُفْيَان الحَافِظ بِالكُوْفَةِ عَنِ ابْنِ عُقْدَة، فَقَالَ:
دَخَلتُ إِلَى دِهْلِيْزه، وَفِيْهِ رَجُلٌ يُقَال لَهُ:أَبُو بَكْرٍ البُسْتِيُّ، وَهُوَ يَكْتُبُ مِنْ أَصلٍ عَتيق، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ السّودَانِي، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، فَقُلْتُ لَهُ:أَرنِي.
فَقَالَ:أَخَذَ عليَّ ابْنُ سَعِيْدٍ أَنْ لاَ يَرَاهُ مَعِي أَحَدٌ، فَرفقتُ بِهِ حَتَّى أَخذتُه، فَإِذَا أَصل كِتَاب الأُشْنَانِي الأَوَّل مَنْ مُسنَد جَابِر وَفِيْهِ سَمَاعِي.
وَخَرَجَ ابْنُ سَعِيْدٍ وَهُوَ فِي يدِي، فَحرِدَ عَلَى البُسْتِيّ، وَخَاصَمَه، ثُمَّ التفتَ إِلِيَّ، فَقَالَ:هَذَا عَارضنَا بِهِ الأَصْل، فَأَمسكتُ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ سُفْيَانَ:وَهُوَ ذَا الكِتَابُ عِنْدِي.
قَالَ حَمْزَةُ:وَسَمِعْتُ ابْنَ سُفْيَان، يَقُوْلُ:كَانَ أَمره أَبينَ مِنْ هَذَا (3) .
وَبِهِ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ القَصْرِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَد بن سُفْيَانَ الحَافِظ، يَقُوْلُ:
وُجِّه إِلَى ابْنِ عُقْدَة بِمَالٍ مِنْ خُرَاسَان، وَأُمر أَنْ يُعْطِيه بَعْضَ الضُّعَفَاء، وَكَانَ عَلَى بَابه صخرَةٌ عَظِيْمَة، فَقَالَ لابْنِهِ:ارفَعْهَا، فَلَمْ يَسْتَطعْ، فَقَالَ:أَرَاكَ ضَعِيْفاً، فَخذْ هَذَا المَال، وَدفعه إِلَيْهِ (4) .
وَبِهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِر، قَالَ:سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ - وَأَنَا
__________
(1) أي ابن عقدة.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 21 - 22.
(4) المصدر السابق.

(15/353)


أَسْمَعُ - عَنِ ابْنِ عُقْدَة، فَقَالَ:
كَانَ رَجُل سوء (1) .
وَبِهِ أَخْبَرَنَا البَرْقَانِيّ، سَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ عَنِ ابْنِ عُقْدَة:مَا أَكْثَرَ مَا فِي نَفْسِك عَلَيْهِ؟
قَالَ:الإِكْثَار بِالمَنَاكِير (2) .
وَبِهِ:حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْر، سَمِعْتُ حَمْزَة بنَ يُوْسُفَ، سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ بن حَيُّوَيَه يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ عُقْدَة فِي جَامِع برَاثَا يُمْلِي مثَالبَ الصَّحَابَة، أَوْ قَالَ الشَّيْخَيْن، فَلاَ أُحَدِّث عَنْهُ بِشَيْءٍ (3) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيّ:هُوَ صَاحِبُ مَعْرِفَةٍ وَحِفْظ وَتقدُّم فِي الصَّنْعَة، رَأَيْت مَشَايِخ بَغْدَاد يُسِيئُونَ الثَّنَاء عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ عَدِيّ قوَّى أَمرَه، وَمشَّاهُ، وَقَالَ:لَوْلاَ أَنِّي شَرطْتُ أَنْ أَذكُر كُلَّ مَنْ تُكَلِّمَ فِيْهِ - يَعْنِي:وَلاَ أُحَابِي - لَمْ أَذكره، لمَا فِيْهِ مِنَ الفَضْل وَالمَعْرِفَة (4) .
ثمَّ إِنَّ ابْنَ عَدِيّ وَالخَطِيْبَ لَمْ يسوقَا لَهُ شَيْئاً مُنْكراً.
وَذَكَرَ ابْنُ عَدِيّ فِي تَرْجَمَة أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيِّ، أَنَّ ابْنَ عُقْدَة سَمِعَ، مِنْهُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ لضَعْفه (5) عِنْدَهُ.
وَقِيْلَ:إِنَّ الدَّارَقُطْنِيّ كذَّب مَنْ يَتَّهِمهُ بِالوَضْع، وَإِنَّمَا بلاؤُه مِنْ رِوَايته بِالوجَادَات (6) ، وَمِن التَّشَيُّع.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 22، وفيه " أيش أكبر ما في نفسك عليه ؟ ".
(3) المصدر السابق.
(4) " ميزان الاعتدال ": 1 / 136، وما بين حاصرتين منه.
(5) " ميزان الاعتدال ": 1 / 137.
(6) " ميزان الاعتدال ": 1 / 138.

(15/354)


قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:رَأَيْتُ فِيْهِ مِنَ المجَازفَات، حَتَّى إِنَّهُ يَقُوْلُ:حدَّثتَنِي فُلاَنَة، قَالَتْ:هَذَا كِتَاب فُلاَن، قَرَأْت فِيْهِ، قَالَ:حَدَّثَنَا فُلاَن (1) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُفْيَان الحَافِظ:مَاتَ ابْنُ عُقْدَة لسبعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ قَالَ لِي قَدِيْماً، وَكَتَبَ لِي إِجَازَةً، كتب فِيْهَا يَقُوْلُ:أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الهَمْدَانِيّ مَوْلَى سَعِيْدِ بنِ قَيْس، ثُمَّ ترك ذَلِكَ آخر أَيَّامه.
وَكَتَبَ مَوْلَى عَبْد الوَهَّابِ بن مُوْسَى الهَاشِمِيّ، ثُمَّ تَرَك ذَلِكَ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:وُلِدْتُ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فَيُقَالُ:وُلِدَ فِي نِصْفِ مُحَرَّمهَا (2) .
مَاتَ مَعَ ابْنِ عُقْدَة فِي العَام المَذْكُوْر:صَاحِب ابْن أَبِي الدُّنْيَا أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ اللُنْبَانِي الأَصْبَهَانِيّ، وَشَيْخُ العَرَبِيَّة أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَلاَّد التَّمِيْمِيّ المِصْرِيّ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّة بقُرْطُبَة أَيُّوْبُ بنُ صَالِح بنِ سُلَيْمَانَ المَعَافِرِيّ، وَالعَبَّاس بنُ مُحَمَّدِ بنِ قُوهِيَار النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بن إِسْحَاقَ المِصْرِيّ الجَوْهَرِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ بِشْر بن بطرِيق الزُّبَيْرِيّ العَسكَرِي المِصْرِيّ، وَمُسنِدُ نَيْسَابُوْر أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ القَطَّان، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّد بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حُذَيْفَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَأَبُو رَوْق الهِزَّانِي، وَأَبُو الفَضْلِ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الفَقِيْه، وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَد بن عُبَادَةَ الرُّعَيْنِيُّ بِالأَنْدَلُسِ.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 22 - 23.

(15/355)


179 - ابْنُ عُبَيْدٍ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حِسَابٍ البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ.
رَوَى عَنْ:عَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيِّ، وَأَبِي حَازِمٍ بن أَبِي غَرَزَةَ، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَطَبَقَتِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ جُمَيْع الصَّيدَاوِي، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُتَيَّم، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً حَافِظاً عَارِفاً (1) ، عَاشَ ثَمَانِياً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ، وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قرأَنَا عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيُّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِت مائَة، وَأَنَا حَاضِرٌ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطِيْب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَزْهَر السَّمَّان، عَنِ ابْنِ عَوْن، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَيْله وَسلم، قَالَ:
(اللَّهُمَّ باركْ لَنَا فِي شَامِنَا، اللَّهُمَّ بَارك لَنَا فِي يَمَنِنَا).
وَقَالُوا:وَفِي نَجْدِنَا؟
قَالَ:(هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالفِتَن وَبِهَا - أَوْ قَالَ - مِنْهَا يَطْلُع قَرْنُ الشَّيْطَان (2)).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ غَرِيْبٌ.
__________
(*) تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 129 / من هذا الجزء.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 74.
(2) تقدم تخريجه في الصفحة 287.

(15/356)


180 - ابْنُ أَبِي مَطَرٍ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ المَعَافِرِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْه، المُعَمَّر، قَاضِي الإِسْكَنْدَرِيَّة وَمُسندُهَا، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَطَرٍ المَعَافِرِيُّ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ.
تَفَرَّد بِالرِّوَايَة:عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَيْمُوْنٍ صَاحِبِ الوَلِيْدِ بن مُسْلِمٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُويه صَاحِبِ سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ.
وَتفقَّه بِابْنِ المَوَّاز، وَرَحَلَ الطَّلبَةُ إِلَيْهِ.
سَمِعَ مِنْهُ:القَاضِي أَبُو الحَسَنِ البِليَانِي، وَدَارِسُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَمُنير بنُ أَحْمَدَ الخَشَّاب، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ.
لَمْ يقعْ مِنْ حَدِيْثه شَيْءٌ فِي(الخِلَعيَّات (1)).
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَعَاشَ مائَة عَام - رَحِمَهُ اللهُ - .

181 - نَافِلَةُ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عُمَرَ الطَّائِيُّ ** (2)
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّر، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عُمَرَ ابنِ المُحَدِّث عَلِيِّ بن حَرْبٍ الطَّائِيُّ المَوْصِلِيُّ.
__________
(*) العبر: 2 / 250، ميزان الاعتدال: 3 / 142، لسان الميزان: 4 / 237، حسن المحاضرة: 1 / 256.
(1) انظر ص / 314 / تعليق 2 / من هذا الجزء.
(* *) تاريخ بغداد: 3 / 432 - 433، العبر: 2 / 255، لسان الميزان: 5 / 428 - 429، شذرات الذهب: 2 / 357 - 358.
(2) النافلة في اللغة: ولد الولد.
قال تعالى في سورة الأنبياء: 72 (ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين).
كأنه قال: وهبنا لابراهيم - عليه السلام - إسحاق فكان كالفرض له ثم قال: ويعقوب نافلة، فالنافلة ليعقوب خاصة، لأنه ولد الولد.

(15/357)


قَدِمَ بَغْدَادَ، فَرَوَى بِهَا عَنْ جد أَبِيْهِ، وَعَنْ جَدِّهِ عُمَر، وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الخَشَّاب.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ مَنْدَة، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَعُمَرُ بنُ أَحْمَدَ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ القَطَّان، وَجَمَاعَةٌ.
وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيقه جُزْءان مَا أَعلاَهُمَا لِسْبط السِّلَفِيّ.
حسَّن البَرْقَانِيُّ أَمره (1) .
وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ:لاَ أَعْلَمه إِلاَّ ثِقَة (2) .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

182 - ابْنُ أَيُّوْبَ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ الطُّوْسِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّحْوِيُّ، الثَّبْتُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْب الطُّوْسِيُّ، الأَدِيْبُ، مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ وَلاَزمه مُدَّة.
وَسَمِعَ:بِمَكَّةَ كَثِيْراً مِنْ أَبِي يَحْيَى بنِ أَبِي مَسَرَّة الحَافِظ، وَكَتَبَ عَنْهُ(مُسنَدَه)، وَأَخَذَ كُتُبَ أَبِي عُبَيْد، عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّيُّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَأَبُو عَلِيٍّ الرُّوْذْبَارِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 433.
(2) المصدر السابق.
(*) العبر: 2 / 243، طبقات الشافعية: 3 / 271، شذرات الذهب: 2 / 356.

(15/358)


قَالَ ابْنُ أَيُّوْبَ الطُّوْسِيُّ:سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مَسَرَّة، يَقُوْلُ:أَنَا أَفتِي بِمَكَّةَ مُنْذُ سبعينَ سَنَة.
قُلْتُ:وَمِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ:ابْنُ مَنْدَة الحَافِظ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارب التِّسْعِيْنَ.

183 - الشَّاشِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ الهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبِ بنِ سُرَيْجٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، أَبُو سَعِيْدٍ الهَيْثَمُ بنُ كُلَيْب بنِ سُرَيْج (1) بنِ مَعْقِل الشَّاشِيُّ (2) التُّركِيُّ صَاحِبُ(المُسْنَد الكَبِيْر (3)).
سَمِعَ:عِيْسَى بنَ أَحْمَدَ العَسْقَلانِي، وَأَبَا عِيْسَى مُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى التِّرْمِذِيَّ، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى المَرْوَزِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِيَّ، وَحَمدَان بنَ عَلِيٍّ الوَرَّاق، وَأَحْمَدَ بنَ مُلاعب، وَمُحَمَّد بنَ عِيْسَى المَدَائِنِيّ، وَأَبَا البَخْتَرِيِّ بنَ شَاكِر، وَعَلِيّ بنَ سَهْلٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَعَبَّاس بن مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيّ، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِي، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الخُزَاعِيّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ نَصْرٍ الكَاغَدِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) الأنساب: 7 / 246، تذكرة الحفاظ: 3 / 848 - 849، العبر: 2 / 242، طبقات الحفاظ: 351، شذرات الذهب: 2 / 342، الرسالة المستطرفة: 73.
(1) في أغلب المصادر " شريح " وهو تصحيف. انظر " تبصير المنتبه ": 2 / 780.
(2) بالالف الساكنة بين الشينين المعجمتين. هذه النسبة إلى مدينة وراء نهر سيحون " الأنساب ": 7 / 244.
(3) ثمة نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق تضم الجزء الخامس والسابع إلى الخامس عشر.

(15/359)


وَأَصله مِنْ مَرْو.
تُوُفِّيَ بِسَمَرْقَنْدَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:شَيْخ الشَّافِعِيَّة ابْنُ القَاصّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ صَاحِب ابْن سُرَيْج، وَالإِمَامُ أَبُو عُمَرَ حَمْزَة بن القَاسِمِ الهَاشِمِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَهْرويه القَزْوِيْنِيُّ، وَالمُعَمَّر أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الصَّيْرَفِيّ المَطِيرِيُّ بِبَغْدَادَ، وَالعَلاَّمَة أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الصُّوْلِيّ البَغْدَادِيُّ.

184 - ابْنُ اللَّبَّادِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاحٍ اللَّخْمِيُّ *
العَلاَّمَةُ، مُفْتِي المَغْرِب، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاح اللَّخْمِيُّ مَوْلاَهُم، الأَفْرِيقيُّ عُرِفَ بِابْنِ اللَّبَّاد.
تلمِيذ يَحْيَى بن عُمَرَ (1) ، وَعَلَيْهِ عَوَّل، وَكَانَ مِنْ بحور العِلْم.
صَنَّف(عِصْمَة الأَنْبِيَاء)، وكتَاب(الطَّهَارَة)، و(مَنَاقِبَ مَالِك)وَتخرَّج بِهِ أَئِمَّة.
وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، عَظِيْمَ الخَطَر.
وَعَلِيهِ تَفَقَّهَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي زَيْدٍ.
مَنعه بَنو عُبَيْد مِنَ الإِقْرَاء وَالفُتْيَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) طبقات الشيرازي: 160، الوافي بالوفيات: 1 / 130، الديباج المذهب: 249 - 250، معالم الايمان: 3 / 23 - 31.
(1) انظر ترجمته في " علماء أفريقية ": 184 - 186، و" الديباج المذهب ": 351 - 353، (2) في " الديباج المذهب ": 250 " إثبات الحجة في بيان العصمة ".

(15/360)


185 - ابْنُ المُنَادِي الحُسَيْنُ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ المُقْرِئ الحَافِظُ أَبُو الحُسَيْنِ، أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنُ المُحَدِّث أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي دَاوُدَ بنِ المُنَادِي (1) ، البَغْدَادِيُّ، صَاحِب التَّوَالِيف.
سَمِعَ مِنْ:جَدِّه، وَمِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِي، وَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ اليَزيْديِّ، وَعِدَّة.
وَأَكْبَر شَيْخٍ لَهُ زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى المَرْوَزِيّ صَاحِبُ سُفْيَان بنِ عُيَيْنَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوَيه، وَأَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الشَّذَائِيُّ المُقْرِئ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخٌ لعَبْدِ البَاقِي بن السَّقَّاء، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي هَاشِم، وَمُحَمَّدُ بنُ فَارس الغُورِيُّ، وَجَمَاعَة.
قَالَ الدَّانِيُّ:أَخَذَ القِرَاءةَ عَرْضاً، وَرَوَى الحُرُوْفَ سَمَاعاً عَنِ الحَسَنِ بنِ العَبَّاسِ، وَأَبِي أَيُّوْبَ الضَّبِّيّ، وَإِدْرِيْس بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَالفَضْلِ بن مَخْلَد الدَّقَّاق، وَسَمَّى جَمَاعَةً سِوَاهُم.
ثُمَّ قَالَ:مُقْرِئ جليلٌ غَايَةٌ فِي الإِتْقَانِ، فَصيح اللِّسَان، عَالِمٌ بِالآثَار، نهَايَة فِي عِلْم العَرَبِيَّة، صَاحِب سنَّة، ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
__________
(*) الفهرست: 58، تاريخ بغداد: 4 / 69 - 70، طبقات الشيرازي: 173، طبقات الحنابلة 2 / 3 - 6، المنتظم: 6 / 357 - 358، تذكرة الحفاظ: 3 / 849 - 850، العبر: 2 / 242، الوافي بالوفيات: 6 / 290، مرآة الجنان: 2 / 325، البداية والنهاية: 11 / 219، غاية النهاية: 1 / 44، النجوم الزاهرة: 3 / 295، بغية الوعاة: 130، طبقات الحفاظ: 351 - 352، شذرات الذهب: 2 / 343.
(1) بضم الميم، وفتح النون، وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى من ينادي على الاشياء التي تباع والمفقودة. " الأنساب ": 542 ب.

(15/361)


قرأَ عَلَيْهِ الشَّذَائِيُّ، وَابْنُ أَبِي هَاشِم، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:كَانَ صُلْبَ الدِّين، شرسَ الأَخْلاَق، فلذَلِكَ لَمْ تَنْتَشرْ عَنْهُ الرِّوَايَة (1) .
وَقَدْ صَنَّفَ أَشيَاء، وَجَمَعَ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ تَقْرِيْباً.
وَتُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَمَرْقَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المنيَابِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُجَبِّر، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ المُنَادِي، حَدَّثَنَا الصَّاغَانِي، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنِي عُبَيْد اللهِ بن زَحْر، عَنْ لَيْث، عَنْ شَهْر بنِ حَوْشَب، قَالَ:
كُنَّا نَأْتِي أَبَا سَعِيْدٍ، فنسأَله، وَكَانَ يَقُوْلُ لَنَا:
مَرْحَباً بوصيَةِ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:
(سيَأْتيكُم أُنَاسٌ يتفقَّهون فَفَقِّهُوهُمْ، وَأَحْسِنُوا تَعْلِيْمَهُمْ (2)).
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي عُمَرَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَر السَّرَّاج، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الْمُحسن، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَر بن المُنَادِي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَخِي أَبُو جَعْفَرٍ، وَعمِي إِبْرَاهِيْم، قَالاَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ المُبَارَكِ العَدَوِيّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْج، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة، عَنْ أُمِّ سَلَمَة قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، يَقْرَأ {ملك يَوْم الدِّيْنِ} [الْفَاتِحَة:3] بِغَيْر أَلف.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 69.
(2) إسناده ضعيف عبيد الله بن زحر مختلف فيه، وليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف، وكذا شيخه فيه شهر بن حوشب.

(15/362)


غَرِيْب منكرٌ، وَإِسنَاده نَظِيف.

186 - الخِرَقيُّ أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ شَيْخُ الحَنَابِلَة، أَبُو القَاسِمِ عُمَر بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ الخِرَقيُّ (1) الحَنْبَلِيُّ، صَاحِبُ(المُخْتَصَر)المَشْهُوْر (2) فِي مَذْهَب الإِمَام أَحْمَد.
كَانَ منِ كِبَارِ العُلَمَاء تَفَقَّهَ بِوَالِدِهِ الحُسَيْن (3) صَاحِب المَرُّوْذِيّ وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ.
قَالَ القَاضِي أَبُو يَعْلَى:كَانَتْ لأَبِي القَاسِمِ مُصَنَّفَات كَثِيْرَةٌ لَمْ تظهرْ، لأَنَّه خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ لَمَّا ظَهَرَ بِهَا سبُّ الصَّحَابَة، فَأَودع كُتُبه فِي دَارٍ فَاحترقَتِ الدَّار (4) .
قُلْتُ:وَقَدِمَ دِمَشْق، وَبِهَا تُوُفِّيَ، وَقبرُهُ ظَاهِر يزَارُ بِمَقْبَرَة بَابِ الصَّغِيْر.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:زُرت قبَره (5) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 234 - 235، طبقات الشيرازي: 172، طبقات الحنابلة: 2 / 75 - 118، الأنساب: 5 / 92، تاريخ ابن عساكر: 12 / 352 آ، والمنتظم: 6 / 346، وفيات الأعيان: 3 / 441، العبر: 2 / 238 - 239، البداية والنهاية: 11 / 214، شذرات الذهب: 2 / 336 - 337.
(1) بكسر الخاء المعجمة، وفتح الراء، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى بيع الثياب. والخرق. " الأنساب ": 5 / 91.
(2) شرحه الامام ابن قدامة المقدسي المتوفى سنة / 620 / ه شرحا قيما سماه: " المغني " وهو مطبوع.
(3) له ترجمة في " طبقات الحنابلة ": 2 / 45 - 47.
(4) " طبقات الحنابلة ": 2 / 75.
(5) " تاريخ بغداد ": 11 / 235.

(15/363)


وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:لَمْ يَقَعْ لَنَا حَدِيْثٌ مِنْ طَرِيقه.
وَقَدْ حَكَى عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ الصَّفَّار.
وَظهر فِي هَذَا الوَقْت الرّفضُ وَالاعتزَال بِالعِرَاقِ ببنِي بُوَيه.

187 - الكِرْمَانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْحَاقَ *
الكِرْمَانِيُّ.
رَوَى عَنْ:يَحْيَى بنِ بَحر الكِرْمَانِيّ، صَاحِبِ حَمَّاد بنِ زَيْدٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ الكِرْمَانِيّ وَلَمْ يُدْرِكْهُ.
وَعَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَابْن مَحْمِش.
قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ فِي أَيَّامِي، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ.
قيل:وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

188 - البَصْرِيُّ أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ دِرْهَمٍ **
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الزَّاهِد الصَّالِح، أَبُو عُثْمَانَ عَمْرو بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ دِرْهَم النَّيْسَابُوْرِيّ المُطَّوِّعِيّ الغَازِي، المَعْرُوْف بِالبَصْرِيّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، وَأَحْمَدَ بنَ مُعَاذ، وَغيَرهُمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ:الحَافِظ أَبُو عَلِيٍّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
__________
(*) ميزان الاعتدال: 2 / 527، لسان الميزان: 3 / 279.
(* *) لم نقف له على مصادر ترجمة، وتاريخ نيسابور الذي نقل عنه المؤلف لم يعثر عليه حتى الآن.

(15/364)


مَنْدَة، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُؤمَّل، وَأَبُو طَاهِرٍ بن مَحْمِش، وَالعَلَوِيّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ نيَّف عَلَى ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قَالَ الحَاكِمُ:لَمْ أُرزقِ السَّمَاع مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يحضُر منزلنَا، وَأَنبسطُ إِلَيْهِ.
قَالَ لِي أَبِي:صحبته إِلَى رِبَاط فرَاوَة (1) .
وَمَا رَأَيْتُ مِثْل اجْتهَادِه حَضَراً وَسَفَراً.

189 - الإِخْشِيذُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ طُغْجَ بنِ جُفَّ *
صَاحِبُ مِصْرَ الْملك، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ طُغْج بنُ جُفّ بن خَاقَان، الفَرْغَانِيُّ التُّرْكِيُّ.
رَوَى عَنْ:عَمِّهِ بدر.
وولِي مِصْر سنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ (2) ، ثُمَّ دِمَشْق مُضَافاً إِلَى مِصْرَ مِن قَبْل الرَّاضِي.
__________
(1) بالفتح، وبعد الالف واو مفتوحة، بليدة من أعمال نسا " معجم البلدان ": 4 / 245.
(*) ولاة مصر: 299، تاريخ ابن عساكر: 15 / 243 ب - 244 آ، المنتظم: 6 / 347، وفيات الأعيان: 5 / 56 - 63، العبر: 2 / 239 - 240، الوافي بالوفيات: 3 / 171 - 172، مرآة الجنان: 2 / 314 - 316، البداية والنهاية: 11 / 215، النجوم الزاهرة: 3 / 235 - 237 شذرات الذهب: 2 / 337.
(2) هذه ولايته الأولى، ودامت اثنين وثلاثين يوما. ولم يدخل مصر فيها، أما ولايته الثانية والتي دامت إلى أن مات.
فكانت سنة / 232 / ه.

(15/365)


وَالإِخْشِيذُ بِالتُركِي ملك المُلُوك.
وَتُوُفِّيَ جدُّه سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
ثمَّ صَارَ طُغْج مِنْ كِبَار قوَّاد خُمَارَوَيْه، ثُمَّ سَارَ إِلَى بَغْدَادَ فعظَّمُوهُ، فَبدَا مِنْهُ كِبْر وَتيه فِي حَقِّ الوَزِيْر، فسُجنَ هُوَ وَابْنه هَذَا، فَمَاتَ فِي السِّجن، ثُمَّ أَطْلِق مُحَمَّدٌ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُورٌ طَوِيْلَة إِلَى أَنْ تملَّك.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً حَازِمَا يَقِظاً مَهِيْباً سعيداً فِي حُرُوبه مكرِّماً لأَجنَاده شَدِيد الأَيْد (1) لاَ يَكَاد أَنْ يجُرَّ أَحَدٌ قَوْسه (2) .
بلغ عِدَّةُ مَمَالِيْكه ثَمَانيَة آلاَف.
وَقِيْلَ:بلغَ عَدَدُ جَيْشه أَرْبَع مائَة أَلْف رَاكب (3) .
وَهَذَا بعيد، وَلَهُ جَمَاعَة أَوْلاَد تملَّكُوا بَعْدَهُ (4) .
تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ فِي ذِيِ الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
ثُمَّ نُقِلَ، فَدُفِنَ بِبَيْت المَقْدِس - غفر الله لَهُ - .
وَقَدْ حَاربه ابْنُ رَائِق فَهَزَمه الإِخْشِيذُ، ثُمَّ سَارَ أَخُو الإِخشِيذ، فَالتَقَى ابْنَ رَائِقٍ فَقُتِلَ.
فَنَدِمَ ابْنُ رَائِق، وَبَعَثَ ابْنَه مزَاحماً إِلَى الإِخْشِيذ ليقتُلَه بِأَخِيْهِ، فعَفَا، وَخلعَ عَلَى مزَاحم، وَردَّه إِلَى أَبِيْهِ (5) .
__________
(1) القوة.
(2) " وفيات الأعيان ": 5 / 58 - 59.
(3) " وفيات الأعيان ": 5 / 59.
(4) انظر " ولاة مصر ": 311 - 315.
(5) " الكامل ": 8 / 363 - 364.

(15/366)


190 - الشِّبْلِيُّ أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ *
شَيْخُ الطَّائِفَةِ، أَبُو بَكْرٍ الشِّبلِيُّ (1) ، البَغْدَادِيُّ.
قِيْلَ:اسْمه دُلَف بنُ جَحْدَر.
وَقِيْلَ:جَعْفَر بن يُوْنُسَ.
وَقِيْلَ:جَعْفَر بن دُلَف (2) ، أَصلُه مِنَ الشِّبْليَّة - قريَة - .
وَمَوْلِدُهُ بِسَامَرَّاء.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ كِبار حُجَّاب الخِلاَفَة.
وَولِي هُوَ حجَابَة أَبِي أَحْمَدَ الْمُوفق (3) ، ثُمَّ لَمَّا عُزلَ أَبُو أَحْمَدَ مِنْ وَلاَيَة، حضَرَ الشِّبْلِي مَجْلِسَ بَعْض الصَّالِحِيْنَ.
فتَاب ثُمَّ صَحِبَ الجُنَيْدَ وَغَيْرَهُ، وَصَارَ مِنْ شَأْنه مَا صَارَ.
وَكَانَ فَقِيْهاً عَارِفاً بِمَذْهَب مَالِك، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ عَنْ طَائِفَةٍ.
وَقَالَ الشِّعْرَ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ وَحِكَم وَحَال وَتَمَكُّن، لكنَّه كَانَ يحصُل لَهُ جفَافُ دِمَاغ وَسُكْرٍ.
فَيَقُوْلُ:أَشيَاء يُعتَذرُ عَنْهُ، فِيْهَا بِأْوٌ (4) لاَ تكُون قدوَة.
__________
(*) طبقات الصوفية: 337 - 348، حلية الأولياء: 10 / 366 - 375، تاريخ بغداد: 14 / 389 - 397، الرسالة القشيرية: 25 - 26، الأنساب: 7 / 282 - 284، المنتظم: 6 / 347 - 349، وفيات الأعيان: 2 / 273 - 276، العبر: 2 / 240 - 241، مرآة الجنان: 2 / 317 - 319، البداية والنهاية: 11 / 215 - 216، الديباج المذهب: 116 - 117، طبقات الأولياء: 204 - 213، النجوم الزاهرة: 3 / 289 - 290، شذرات الذهب: 2 / 338.
(1) بكسر الشين المعجمة، وسكون الباء المنقوطة بواحدة، هذه النسبة إلى قرية من قرى أشر وسنة - بلدة عظيمة وراء سمرقند - يقال لها: الشبلية.
وقد أورد السمعاني خبرا عنه في نسبته قال: " نوديت في سري يوما: شب لي، أي أحترق في، فسميت نفسي بذلك ".
أنظر " الأنساب ": 7 / 281، 282، 283.
(2) انظر " طبقات الصوفية ": 337.
(3) ابن الخليفة المتوكل، وأخو الخليفة المعتمد.
(4) البأو: الكبر، والفخر.

(15/367)


حَكَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيّ الخَالدِي، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَابْن جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قِيْلَ إِنَّهُ مَرَّة قَالَ:آهِ.
فَقِيْلَ لَهُ:مِنْ أَيِّ شَيْء؟
قَالَ:مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
وَقِيْلَ:إِنَّ ابْنَ مُجَاهد قَالَ لَهُ:أَيْنَ فِي العِلْمِ إِفسَاد مَا ينفع؟
قَالَ:قَوْله:{فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعنَاق (1) }.
وَلَكِن يَا مُقْرِئ أَيْنَ مَعَكَ أَنَّ المحبَّ لاَ يُعَذّب حَبيبه؟
فَسَكَتَ ابْنُ مُجَاهِد.
قَالَ:قَوْله:{نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُه قل فَلِمَ يُعَذِّبكُم} [الْمَائِدَة:18] (2)
وَعَنْهُ:قَالَ:مَا قُلْتُ:الله إِلاَّ وَاسْتغفرتُ اللهَ مِنْ قَوْلِي:الله (3) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَطَاء الرُّوذَبارِيُّ:سَمِعْتُ الشِّبْلِي يَقُوْلُ:
كتبتُ الحَدِيْث عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَجَالَسْتُ الفُقَهَاءَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ لَهُ يَوْم الجُمُعَةِ صيحَةٌ، فصَاح يَوْماً، فَتشوَّش الخَلْقُ، فَحرِدَ أَبُو عِمْرَانَ الأَشيب وَالفُقَهَاء فَجَاءَ إِلَيْهِم الشِّبْلِي، فَقَالُوا (4) :
يَا أَبَا بَكْرٍ إِذَا اشْتَبَه عَلَيْهَا دَمُ الْحيض بِالاسْتحَاضَة مَا تصنع؟
فَأَجَابَ بثَمَانيَةَ عشرَ جَوَاباً.
فَقَامَ أَبُو عِمْرَانَ، فَقبَّل رَأْسَه (5) .
__________
(1) ذلك لأنه كان من شأن الشبلي إذا لبس شيئا خرق فيه موضعا، وفي الاستشهاد بالآية نظر، فإن ابن عباس فسرها بقوله: جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها: حبا لها، وهو الذي اختاره ابن جرير، قال: لأنه لم يكن ليعذب حيوانا بالعرقبة ويهلك مالا من ماله بلا سبب، سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها ولا ذنب لها.
(2) (قالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه، قل فلم يعذبكم بذنوبكم، بل أنتم بشر ممن خلق)، المائدة: 18 وانظر " تاريخ بغداد ": 14 / 392، وما بين حاصرتين منه.
(3) " تاريخ بغداد ": 14 / 390.
(4) يريدون أن يظهروا جهله بالفقه.
(5) " تاريخ بغداد ": 14 / 393، وما بين حاصرتين منه.

(15/368)


وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - لَهجاً بِالشِّعر الغَزِل وَالمحبَّة.
وَلَهُ ذَوْقٌ فِي ذَلِكَ، وَلَهُ مُجَاهَدَاتٌ عَجِيْبَةٌ انْحَرَفَ مِنْهَا مِزَاجه.
قَالَ السُّلَمِيُّ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ، سَمِعْتُ الشبلِي يَقُوْلُ:
أَعرفُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الشَّأْن حَتَّى أَنفقَ جَمِيْعَ ملكه، وَغرَّق سَبْعِيْنَ قِمطراً (1) بِخَطِّه فِي دجلَة الَّتِي تَرَوْنَ وَحَفِظَ(المُوَطَّأ)، وَتلاَ بكذَا وَكَذَا قِرَاءة - يَعْنِي:نَفْسه (2) - .
وَسُئِلَ:مَا علاَمَة العَارف؟
قَالَ:صَدْرُه مشروحٌ، وَقَلْبه مَجْرُوح، وَجسمه مَطْروح.
تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
عَنْ نَيِّف وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.

191 - الزَّيْديُّ أَبُو أَحْمَدَ حَامِدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِد، المُجَوِّدُ، أَبُو أَحْمَدَ حَامِدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ، المَشْهُورُ بِالزَّيْديِّ؛لِكَوْنِهِ اعتنَى بِجمع أَحَادِيْث زَيْد بنِ أَبِي أُنَيْسَة.
سكن طَرَسُوْس مُرَابطاً.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْر بن شَيْبَةَ، وَأَبِي رَجَاء مُحَمَّدِ بن حَمْدُوَيه، وَأَحْمَدَ بنِ سُوْرَة المرَاوزَة، وَعَلِيِّ بن الحَسَنِ بنِ سَلْم الأَصْبَهَانِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ الدِّمَشْقِيّ.
__________
(1) ما تصان فيه الكتب.
(2) " تاريخ بغداد ": 14 / 393، وما بين حاصرتين منه.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 171 - 172، تاريخ ابن عساكر: 4 / 75 آ - 76 ب، تذكرة الحفاظ: 3 / 918 - 919، طبقات الحفاظ: 373 - 374.

(15/369)


حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق، وَأَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ الثَّلاَّج، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَآخَرُوْنَ.
وَله انتخَاب عَلَى خَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسِي.
مَاتَ فِي الكُهُوْلَة.
قَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً، مَوْصُوَفاً بِالحِفْظِ، مَذْكُوْرَا بِالفَهُم (1) .
قَالَ طَلْحَة الشَّاهد:مَاتَ الحَافِظ أَبُو أَحْمَدَ الزَّيْدِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَذَا وَرَّخه مُحَمَّدُ بنُ الفَيَّاض وَزَادَ:فِي رَمَضَانَ (2) .
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:كَانَ يحفَظُ وَيفهَمُ، تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ بِبَغْدَادَ (3) .
قَالَ الخَطِيْبُ:الأَوَّل أَصحُّ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (4) .
قُلْتُ:لَوْلاَ قَدِمُ وَفَاته لذكرتُهُ مَعَ ابْنِ عَدِيٍّ وَالإِسْمَاعِيْلِيّ.
وبإِسنَادِي إِلى ابْنِ جُمَيْع، حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ أَبُو أَحْمَدَ الحَافِظ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى القَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ عَقَّار، عَنْ عَزْرَة بنِ ثَابِتٍ، عَنْ مَطَر الوَرَّاق، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
أَوْصَانِي خليلِي رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلاَث:الوِتْر قَبْل النَّوْم، وَصيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّام مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَالغُسْل يَوْمَ الجُمُعَة (5) . هَذَا حَدِيْثٌ غَريبٌ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 171.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 8 / 171 - 172.
(4) " تاريخ بغداد ": 8 / 172.
(5) وأخرجه أحمد 2 / 299 و233 و260 من طرق عن يونس، عن الحسن، عن أبي =

(15/370)


192 - ابْنُ القَاصِّ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْه، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الشَّافِعِيُّ ابْنُ القَاصّ تِلْمِيْذُ أَبِي العَبَّاسِ بن سُرَيْج.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي خَلِيْفَة الجُمَحِيّ، وَغَيْره.
رَأَيْتُ لَهُ شَرحَ حَدِيْث أَبِي عُمَيْرِ (1) .
__________
= هريرة و2 / 254 من طريق أسود بن عامر، عن جرير بن حازم، عن الحسن عن أبي هريرة، و2 / 329 من طريق أبي النضر، عن المبارك، عن الحسن، عن أبي هريرة، و2 / 174 من طريق يحيى، عن عمران أبي بكر، حدثنا الحسن، عن أبي هريرة وأخرجه النسائي 4 / 218 من طريق محمد بن رافع، حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن الأسود بن هلال، عن أبي هريرة، وأخرجه أحمد 2 / 484 من طريق يونس، حدثنا الخزرج، عن أبي أيوب، عن أبي هريرة، وأخرجه أحمد 2 / 271 و489 من طريقين، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: أوصاني صلى الله عليه وسلم بثلاث لست بتاركهن في حضر ولا سفر: نوم على وتر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، قال: ثم أوهم الحسن فجعل مكان الضحى غسل يوم الجمعة.
وأخرجه بهذا اللفظ من غير طريق الحسن عن أبي هريرة البخاري (1178) و(1981) ومسلم (721) والدارمي 1 / 339 و2 / 18، وأبو داود (1432) وأحمد 2 / 258 و277 و402 و459 و505.
(*) طبقات الشيرازي: 11، الأنساب: 10 / 24 - 25، وفيات الأعيان: 1 / 68 - 69، العبر: 2 / 241، الوافي بالوفيات: 6 / 227، طبقات الشافعية: 3 / 59 - 63، النجوم الزاهرة: 3 / 294، طبقات ابن هداية الله: 65 - 66، شذرات الذهب: 2 / 339.
(1) حديث أبي عمير أخرجه البخاري (1629) و(6203) ومسلم (2150) وأبو داود (4969) والترمذي (333) من حديث أنس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ - يقال له أبو عمير - قال: أحسبه فطيما، وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ما فعل النغير: نغر كان يلعب به، فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته، فيكنس وينضح، ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا " والنغير: طائر صغير كالعصفور.
وشرح ابن القاص لهذا الحديث هو في جزء ذكر في أوله أن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها، ومثل ذلك بحديث أبي عمير، قال: وما درى أن في هذا الحديث من وجوه الفقه، وفنون الأدب، والفائدة ستين وجها، ثم ساقها مبسوطة، ولخصها الحافظ ابن حجر في =

(15/371)


وَتفقَّه بِهِ أَهْلُ طَبَرِسْتَان.
صَنَّف فِي المَذْهَب كتَاب(المُفتَاح)، وكتَاب(أَدب القَاضِي)، وكتَاب(الموَاقيت)، وَلَهُ كتَاب(التَّلْخِيص)الَّذِي شَرَحَه أَبُو عَبْدِ اللهِ الخَتَنُ خَتَنُ الإِسْمَاعِيْلِيّ (1) .
وَتُوُفِّيَ مُرَابطاً بِطَرَسُوْس.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ:كَانَ ابْنُ القَاصِّ مِنْ أَئِمَّة أَصحَابنَا، صَنَّفَ المُصَنَّفَات.
مَاتَ بَطَرَسُوْس سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .

193 - المَمْسِيُّ أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ عِيْسَى *
الإِمَامُ، المُفْتِي، أَبُو الفَضْلِ العَبَّاس بنُ عِيْسَى الممسِيّ (3) ، المَالِكِيّ، العَابِد.
أَخَذَ عَنْ:مُوْسَى القَطَّان القَيْرَوَانِي وَغَيْرِه.
__________
= " فتح الباري " 10 / 584، 587. وجزء ابن القاص موجود في معهد المخطوطات، وقد صورت منه نسخة.
(1) الختن: الصهر، أو كل من كان من قبل المرأة كالاب والاخ. وأبو عبد الله المذكور هو محمد بن الحسن بن إبراهيم، أحد أئمة الشافعية في عصره توفي سنة / 386 / ه. وكان ختن الامام أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي المتوفى سنة / 371 / ه.
(2) " طبقات الشيرازي ": 111.
(*) ترتيب المدارك: 3 / 313 - 323. الديباج المذهب: 217، معالم الايمان: 3 / 31 - 35، شجرة النور 1 / 83.
(3) في الأصل: التنيسي وفي " ترتيب المدارك " و" الديباج " و" معالم الايمان ": الممسي، وممس: قرية بالمغرب.

(15/372)


وَكَانَ مُنَاظراً صَاحِبَ حُجَّة.
حجَّ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَردَّ عَلَى الطَّحَاوِيّ فِي مَسْأَلَة النَّبِيذ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الغَرْبِ، وَأَقبَلَ عَلَى شَأْنه، ذكرهُ عيَاض القَاضِي.
فَلَمَّا قَامَ أَبُو يَزِيْدَ مَخْلَد بنَ كِنْدَاد الأَعْرَج رَأْسُ الخَوَارِج عَلَى بنِي عُبَيْد.
خَرَجَ هَذَا الممسِي مَعَهُ فِي عددٍ مِنْ عُلَمَاء القَيْرَوَان لفرْط مَا عَمَّهُم مِنَ البلاَء، فَإِنَّ العُبَيْدِي كَشَفَ أَمرَه، وَأَظْهَرَ مَا يُبْطنُهُ، حَتَّى نصبُوا حَسَنَ الضَّرِيْر السَبَّاب فِي الطُرُق بِأَسجَاع لقَّنوهُ، يَقُوْلُ:
العنُوا الغَار وَمَا حوَى، وَالكِسَاء وَمَا وَعَىَ، وَغَيْر ذَلِكَ، فَمَنْ أَنكر ضُربت عُنُقُه.
وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ دَوْلَةِ الثَّالِث إِسْمَاعِيْل (1) ، فَخَرَجَ مَخْلَد الزَّنَاتِي المَذْكُوْر صَاحِبُ الِحمَارَة، وَكَانَ زَاهِداً، فتحرَّك لقيَامِهِ كُلُّ أَحَد فَفَتَحَ البِلادَ، وَأَخَذَ مَدِيْنَة القَيْرَوَان لَكِنْ عَمِلَت الخَوَارِجُ كُلّ قبيحٍ، حَتَّى أَتَى العُلَمَاء أَبَا يَزِيْدَ يَعيبُوْنَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ:نهبُكُم حلاَلٌ لَنَا، فلاَطفُوهُ حَتَّى أَمرَهُم بِالكَفّ، وَتَحَصَّنَ العُبَيْديُّ بِالمهديَّةِ.
وَقِيْلَ:إِنَّ أَبَا يَزِيْدَ لَمَّا أَيقن بِالظُّهور، غَلَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسه الخَارجيَّة،
وَقَالَ لأَمرَائِه:إِذَا لقِيتُم العُبَيْدِيَّة، فَانهزمُوا عَنِ القَيْرَوَانيين، حَتَّى ينَالَ مِنْهُم عدوُّهُم، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَاسْتُشْهِدَ خَلْق، وَذَلِكَ سنَة نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
فَالخَوَارِجُ أَعدَاءُ المُسْلِمِيْنَ، وَأَمَّا العُبَيْدِيَّة البَاطنيَة، فَأَعدَاءُ الله وَرَسُوِله.
__________
(1) انظر ترجمته رقم / 67 / من هذا الجزء.
(2) انظر ص / 153 / من هذا الجزء، وما بين حاصرتين منه.

(15/373)


194 - الحُبُلِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحُبُلِيِّ *
الإِمَامُ، الشَّهِيْد، قَاضِي مَدِيْنَةَ بَرْقَةَ، مُحَمَّدُ بنُ الحُبُلِيِّ.
أَتَاهُ أَمِيْرُ بَرْقَة، فَقَالَ:غداً العِيْد.
قَالَ:حَتَّى نرَى الهِلاَل، وَلاَ أُفَطِّر النَّاس، وَأَتقلَّد إِثمَهُم، فَقَالَ:
بِهَذَا جَاءَ كِتَاب المَنْصُوْر - وَكَانَ هَذَا مِنْ رَأْي العُبَيْدِيَّة يفِّطرُوْنَ بِالِحسَاب، وَلاَ يعتبرُوْنَ رُؤْيَة - فَلَمْ يُرَ هِلاَل، فَأَصبح الأَمِيْرُ بِالطُّبولِ وَالبُنُودِ وَأُهبَةِ العِيْد.
فَقَالَ القَاضِي:لاَ أَخرج وَلاَ أُصَلِّي، فَأَمر الأَمِيْرُ رَجُلاً خَطَبَ.
وَكَتَبَ بِمَا جرَى إِلَى المَنْصُوْر، فَطَلَبَ القَاضِي إِلَيْهِ، فَأُحضِر.
فَقَالَ لَهُ:تَنَصَّلْ، وَأَعفو عَنْكَ، فَامْتَنَعَ، فَأَمر، فَعُلِّق فِي الشَّمْس إِلَى أَنْ مَاتَ، وَكَانَ يَسْتَغيث العطشَ، فَلَمْ يُسقَ.
ثُمَّ صَلَبُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ.
فلعنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالمِين.

195 - حَمْزَةُ بنُ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الهَاشِمِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، إِمَامُ جَامِع المَنْصُوْر، أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيُّ البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ مِنْ:سَعْدَان بنِ نَصْرٍ، وَعِيْسَى بنِ أَبِي حَرْب، وَعَبَّاس التَّرْقُفِيّ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ.
__________
(*) لم أقف على مصادر ترجمته.
(* *) تاريخ بغداد: 8 / 181 - 183، المنتظم: 6 / 350 - 351.

(15/374)


رَوَى عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُتَيَّم، وَإِبْرَاهِيْم بنُ مَخْلَد البَاقَرحِي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً مَشْهُوْراً بِالصَّلاَحِ، اسْتَسْقَى لِلنَّاسِ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِن عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ اسْتَسْقَى بشيبَةِ العَبَّاسِ فَسُقِيَ وَهْوَ أَبِي، وَأَنَا أَستَسْقِي بِهِ.
قَالَ:فَأَخَذَ يحول رِدَاءهُ فَجَاءَ المَطَرُ وَهُوَ عَلَى المِنْبَر (1) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

121 - الجُورْجِيرِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ *
المُحَدِّثُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْص الأَصْبَهَانِيُّ الجُوْرِجيرِيُّ.
سَمِعَ:إِسْحَاق بنَ الفَيْض، وَإِسْحَاق شَاذَان، وَمُحَمَّدَ بنَ عَاصِمٍ الثَّقَفِيَّ، وَمَسْعُوْدَ بنَ يَزِيْدَ القَطَّان، وَحَجَّاج بنَ يُوْسُفَ بنِ قُتَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ الجُمَحِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ الحَافِظ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَعُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ البُرْجِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
يَقَعُ مِنْ عَوَالِيْهِ فِي(الثَّقَفِيَّات (2)).
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 182، والزيادة منه.
وخبر استسقاء عمر بالعباس فخرج في البخاري 2 / 413 في الاستسقاء: باب سؤال الناس الامام الاستسقاء إذا قحطوا، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر العباس بن عبد المطلب.
(*) تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 120 / من هذا الجزء.
(2) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.

(15/375)


196 - السِّمْسَارُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ *
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ المُعَمَّر أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْص النَّيْسَابُوْرِيُّ السِّمْسَار العَابِد.
سَمِعَ:إِسْحَاقَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْن، وَسَهْل بنَ عَمَّارٍ، وَغيَرهُمَا.
وَعَنْهُ:أَبوَالحُسَيْن الحَجَّاجِي، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بن مَنْدَةَ، وَأَبُو طَاهِرٍ بن مَحْمِش.
كَانَ فِي مَكْسَب عَظِيْمٍ فَتَرَكَه (1) ، وَاشتَغَلَ بِالصَّلاَة، وَالتِّلاوَة، وَحضُور الجَنَائِز.
أَثْنَى عَلَيْهِ الحَاكِم، وَقَالَ:تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ اثْنَتَانِ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قَالَ:وَشيَّعه خلْقٌ مِثْل جَمْع يَوْمِ العِيْد.

197 - المَدَائِنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ **
المُحَدِّثُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المَدَائِنِيّ.
حَدَّثَ عَنْ:يَزِيْدَ بنِ سِنَان القَزَّاز، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى بنِ خَلاَّد السَّاجِيّ صَاحِب الأَصْمَعِيّ، وَنَصْر بن مَرْزُوق، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو زُرْعَةَ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ.
ذكره ابْنُ النَّجَّار.
__________
(*) لم نقف على مصادر ترجمته.
(1) لو أنه جمع بين الاكتساب والعبادة، ووزع أوقاته عليهما، لكان خيرا له وأقرب إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(* *) لم نقف على مصادر ترجمته.

(15/376)


198 - أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ *
هُوَ:الإِمَامُ، المُحَدِّث، أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَج بن مَتُّويَة القَزْوِيْنِيّ.
ذكره الخَلِيْلِيّ، فَقَالَ:ثِقَةٌ عَارف بِهَذَا الشَّأْن.
سَمِعَ بقَزْوينَ:مُحَمَّدَ بنَ مَسْعُوْد الأَسَدِيّ، وَيُوْسُفَ بنَ حَمْدَان، وَبَالعِرَاق أَبَا خَلِيْفَة، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيّ.
ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى الشَّامِ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ، وَكَتَبَ الكَثِيْر، فَمَاتَ عِنْد رُجُوعه بقُرْبِ قِرمِيسين سنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ كَهْل.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ لاَل الهَمَذَانِيّ، وَغَيْرهُ.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ ابْنه عَبْد اللهِ بِحَدِيثَيْن.
وَأَبُوْهُ:

199 - الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَتُّويه **
سَمِعَ: يَحْيَى بنَ عَبْدَك، وَكَثِيْرَ بنَ شِهَاب، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغ، وَعِدَّة مِنَ القَزْوينيين وَالعِرَاقيين، وَالحِجَازيين، قَدِيْمُ المَوْتِ.
سَمِعُوا مِنْهُ بِالعِرَاقِ لِحِفْظه.
__________
(*) الارشاد للخليلي الورقة 135.
(* *) الارشاد الورقة 135.

(15/377)


وَرَوَى عَنْهُ:أَبُو الحَسَنِ القَطَّان، وَأَبُو دَاوُدَ الفَامِي.
ثُمَّ قَالَ الخَلِيْلِيّ:وَلَمْ نُدْرِك مِمَّن رَوَى عَنْهُ إِلاَّ عَلِيّ بنَ أَحْمَدَ بنِ صَالِح.

200 - ابْنُ زَبَّانٍ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الكِنْدِيُّ *
المُقْرِئ العَابِد المُعَمَّر، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّان الكِنْدِيّ، الدِّمَشْقِيّ الضَّرِيْر، ويُعرف أَيْضاً بِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
ادَّعَى أَنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى أَحْمَدَ بنِ يَزِيْدَ الحُلْوَانِيّ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَإِبْرَاهِيْم بن أَيُّوْبَ الحَوْرَانِيّ.
تَلاَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنُ زُرَيق، وَحَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ شمعُوْنَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ:أَوَّلاً تَمَّام، وَالعَفِيْفُ بنُ أَبِي نَصْرٍ، ثُمَّ تركَا الرِّوَايَة عَنْهُ لضَعْفه.
وَكَانَ يَقُوْلُ:وُلِدْت سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ عَبْدُ الغنِي (1) الأَزْدِيّ:كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ (2) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) الإكمال: 4 / 120، العبر: 2 / 246، ميزان الاعتدال: 1 / 102، الوافي بالوفيات: 6 / 403، نكت الهميان: 99، لسان الميزان: 1 / 181 - 182، شذرات الذهب: 2 / 345 - 346.
(1) في الأصل: عبد العزيز، وهو خطأ.
(2) " العبر ": 2 / 246.

(15/378)


201 - ابْنُ حيّكُويه مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا الرَّازِيُّ *
القَاضِي، الإِمَام، المُحَدِّث، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا الرَّازِيّ الشَّافِعِيّ.
ذَكَرَه الخَلِيْلِيّ، فَقَالَ:عَالِمٌ كَبِيْرٌ، سَمِعْتُ ابْنَ ثَابِت - يَعْنِي:عَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ - ، يَقُوْلُ:مَا رَأَيْتُ بقَزْوِين مَنْ يَعرف هَذَا الشَّأْن غَيْرَه.
سَمِعَ:سَهْل بنَ سَعْدٍ، وَعَلِيَّ بنَ أَبِي طَاهِرٍ، وَارْتَحَلَ فسَمِعَ أَبَا شُعَيْب الحَرَّانِيّ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى المَرْوَزِيَّ، وَمطيَّناً، وَأَبَا خَلِيْفَةَ، وَأَبَا يَعْلَى، وَهُوَ مِنَ المُكْثِرينَ فِي الحَدِيْثِ، وَفِي الفِقْه.
لاَزم ابْنَ سُرَيْج إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَله تَصَانِيْف فِي الأُصُوْل وَالفِقْه.
وَلِي القَضَاء بقَزْوين أَرْبَعَ سِنِيْنَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَبنَى المقصورَة، وَأَمر بَاتخَاذ المِنْبَر، وَاسْتُقْضِي أَيْضاً بهَمَذَان.
وَكَانَ متعصِّبا لِلسُّنَّة، نَاصِراً لأَهلِهَا.
وَأَبُوْهُ (1) هُوَ حيّكُويه المُعَدَّل، ثِقَةٌ مُعْتَمد.
سَمِعَ:يَحْيَى بنَ عَبْدك، وَكَثِيْرَ بنَ شِهَاب، أَدْرَكْتُ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابه، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَاستُشْهِدَ القَاضِي أَبُو الحَسَنِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) الارشاد للخليلي الورقة 136.
(1) ترجمه أيضا في الارشاد الورقة 135.

(15/379)


202 - أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو جَعْفَرٍ الأَسَدِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّة، النَّاقِدُ، أَبُو جَعْفَرٍ الأَسَدِيُّ (1) ، الهَمَذَانِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:إِبْرَاهِيْمَ بنَ دَيْزيل، وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الأَشَجِّ، وَإِبْرَاهِيْم الحَرْبِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ السُّرِّيّ، وَيُوْسُف بن عَبْدِ اللهِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَمُحَمَّد بن الضُّرَيْس، وَعِدَّة.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ:كَتَبْنَا عَنْهُ:وَهُوَ صَدُوْقٌ، بصيرٌ بِالأَنسَاب وَالرِّجَال.
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ:كَانَ ثِقَةً.
هُوَ آخرُ مَنْ رَوَى عَنِ:ابْنِ دَيْزيل، وَادَّعَى ابْنُ عَمِّهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَسَنِ الرِّوَايَةَ عَنِ ابْنِ دَيْزيل فَأُنكر عَلَيْهِ.
فَلَمَّا مَاتَ أَحْمَدُ رَوَى كتب ابْن دِيزِيلَ فضعَّفُوهُ (2) .
تُوُفِّيَ أَحْمَد (3) .

203 - مُحَمَّدُ بنُ حَاتِمِ بنِ خُزَيْمَةَ الكَشِّيُّ **
قَدِمَ نَيْسَابُوْر.
__________
(*) الارشاد للخليلي الورقة 115، العبر: 2 / 259، شذرات الذهب: 2 / 361 - 362.
(1) في " شذرات الذهب ": 2 / 163 " الاسد اباذي.
(2) الارشاد الورقة 115 والزيارة منه.
(3) في الأصل بياض قدر سطر واحد، وفي " العبر ": 2 / 259 أورد الذهبي وفاته في حوادث سنة / 342 / ه.
(* *) الضعفاء للذهبي: 2 / 563، ميزان الاعتدال: 3 / 503، الوافي بالوفيات: 2 / 315، لسان الميزان: 5 / 110.

(15/380)


وَحَدَّثَ عَنْ:عَبْد بن حُمَيْدٍ، وَعَنِ الفَتْح بن عَمْرٍو الكَشّي صَاحِبُ ابْن أَبِي فُدَيْك وَاتُّهم فِي ذَلِكَ.
رَوَى عَنْهُ:الحَاكِمُ وَكذَّبه (1) .
وَقَالَ:حَدَّثَنَا إِمْلاَءً مِنْ كِتَابِهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ ابْنُ مائَةٍ وَثَمَانِ سِنِيْنَ كتب عَنْهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

204 - المِصْرِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ، الوَاعِظُ، المَشْهُورُ بِالمِصْرِيِّ لإِقَامته مُدَّة بِمِصْرَ.
سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ عُبَيْد أَبَا عَصِيدَة، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيَّ، وَابْن أَبِي العَوَّامِ الرِّيَاحِي وَطَبَقَتَهم.
وَبِمِصْر مِنْ:رَوْح بن الفَرَجِ القَطَّان، وَأَبِي يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيِّ، عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَطَبَقَتهم، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ (2).
رَوَى عَنْهُ:أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُظَفَّرِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ فَارس الغُورِي، وَهلاَل الحَفَّار، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً، عَارِفاً، جَمَعَ حَدِيْث اللَّيْث، وَحَدِيْثَ ابْنِ لَهِيْعَةَ.
وَصَنَّفَ فِي الزُّهْد كُتُباً كَثِيْرَة.
وَكَانَ لَهُ مَجْلِسُ وَعظٍ (3) .
__________
(1) " ميزان الاعتدال ": 3 / 503.
(*) الفهرست: 263، تاريخ بغداد: 12 / 75 - 76، البداية والنهاية: 11 / 222.
(2) انظر " الفهرست ": 263.
(3) " تاريخ بغداد ": 12 / 76.

(15/381)


حَدَّثَنِي الأَزْهرِيُّ أَنَّهُ يحضُرُ مَجْلِسَه رِجَالٌ وَنسَاءٌ، فَكَانَ يجعَلُ عَلَى وَجهِهِ بُرْقُعاً خوَفاً أَنْ يَفتَتِن بِهِ النَّاس مِنْ حُسن وَجْهه.
ثُمَّ قَالَ الأَزْهَرِيُّ:فَحُدّثت أَنَّ أَبَا بَكْرٍ النَّقَّاش المُقْرِئ، حَضَرَ مَجْلِسَه مختفياً (1) ، فَلَمَّا سَمِعَ كَلاَمَه، قَامَ قَائِماً، وَشهر نَفْسه، وَقَالَ:أَيُّهَا الشَّيْخ، القَصَصُ بعدَك حرَام.
قُلْتُ:عِنْد السِّبْطِ (2) جزءٌ عَالٍ مِنْ حَدِيْثه سَمِعْنَاهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ:تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ وَلَهُ نَيِّف وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

205 - ابْنُ دِيْنَارٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْه، المَأْمُوْنُ، الزَّاهِدُ العَابِد، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَار النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَنَفِيُّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ أَشْرَس، وَالسَّرِيَّ بنَ خُزَيْمَةَ، وَالحُسَيْن بنَ الفَضْلِ المفسِّر، وَأَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ:عُمَرُ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَغيرُ وَاحِد.
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": 12 / 76: متخفيا.
(2) هو سبط السلفي، واسمه عبد الرحمن بن مكي مات سنة 651 ه.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 451 - 452، المنتظم: 6 / 365 - 366، العبر: 2 / 248، مرآة الجنان: 2 / 327، الجواهر المضية: 2 / 66، النجوم الزاهرة: 3 / 300، شذرات الذهب: 2 / 348.

(15/382)


عظَّمه الحَاكِمُ وَبَجَّله، وَقَالَ:كَانَ يَصُوْمُ النَّهَار، وَيَقُوْمُ اللَّيْل، وَيصبِرُ عَلَى الفَقْرِ.
مَا رَأَيْتُ فِي مَشَايِخِ أَصْحَابِ الرَّأْي أَعبدَ مِنْهُ.
وَكَانَ - يَحُجُّ وَيغزو، وَكَانَ عَارِفاً بِالمَذْهَب، سَارَ ليَحُجَّ فَتُوُفِّيَ غَرِيْباً بِبَغْدَادَ - رَحِمَهُ اللهُ، ورَضِيَ اللهُ عَنْهُ - .
وَقَالَ الخَطِيْبُ:ثِقَةٌ، تُوُفِّيَ فِي غُرَّةِ صَفَر سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
وَكَانَ قَدْ رَغِبَ عَنِ الفَتْوَى لاشْتِغَالِهِ بِالعِبَادَة مَعَ صَبْرٍ عَلَى الفَقْرِ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمل يدِهِ، وَيتصدَّق، وَيُؤثِر وَيَحُجُّ فِي كُلِّ عشر سِنِيْنَ، وَيغزو كُلّ ثَلاَث سِنِيْنَ (2) ، وَكَانَ كَثِيْر الرِّوَايَة.
قَالَ مرَّة:ابْنِي يحبُّ الدُّنْيَا، وَاللهِ يبغضُهَا، وَلاَ أُحَبّ مَنْ يحبُّ مَا يبغضُه الله.

206 - الَحصَائِرِيُّ الحَسَنُ بنُ حَبِيْبِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ *
الإِمَامُ مُفْتِي دِمَشْق وَمقرِئهَا وَمُسنِدُهَا، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ حَبِيْب بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدِّمَشْقِيُّ الحَصَائِرِي (3) الشَّافِعِيّ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 452.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 451، وما بين الحاصرتين منه.
(*) تاريخ ابن عساكر: 4 / 213 ب - 214 آ، العبر: 2 / 247، طبقات الشافعية: 3 / 255 - 256، غاية النهاية: 1 / 209 - 210، النجوم الزاهرة: 3 / 300، شذرات الذهب: 2 / 346.
(3) في " العبر ": الحضائري، و" الشذرات ": الخضائري، وكلاهما تصحيف انظر " المشتبه ": 1 / 238، " توضيح المشتبه " 1 / الورقة 206، و" تبصير المنتبه " 2 / 506.

(15/383)


مَوْلِدُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ إِلَى مِصْرَ، فَأَخَذَ عَنِ الرَّبِيْع المُرَادِيّ كتَاب(الأُم)، وَعَنْ بَكَّار بنِ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَالعَبَّاس بنِ الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيّ، وَصَالِح بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغ، وَعِدَّة.
وَتَلاَ عَلَى هَارُوْنَ الأَخْفَش.
حَدَّثَ عَنْهُ:عُمَرُ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَعَبْد المُنْعِمِ بن غَلْبُوْنَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَتَمَّام الرَّازِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الْحَدِيد، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بن نَصْرٍ، وَخَلْقٌ خَاتِمَتُهُم عَبْد الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيُّ:هُوَ ثِقَةٌ نَبِيْلٌ حَافِظٌ لمَذْهَب الشَّافِعِيّ (1) .
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِر:كَانَ إِمَامَ مَسْجِدِ بَاب الجَابِيَة، وَحَدَّثَ
بكتَاب(الأَمّ (2)).
قَالَ الكَتَّانِي:مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

207 - الأَنْطَاكِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ حَسَنٍ *
الإِمَامُ، مُقْرِئ الشَّام، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ حسن الأَنْطَاكِيُّ.
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 256، وفيه: الكناني، وهو تصحيف.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 4 / 213 ب.
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 233 آ - 233 ب، العبر: 2 / 246 معرفة القراء: 1 / 230 - 231، غاية النهاية: 1 / 16 - 17، شذرات الذهب: 2 / 346.

(15/384)


رَوَى عَنْ:أَبِي أَمِيَّة الطَّرَسُوْسِيّ، وَيَزِيْدَ بن عَبْدِ الصَّمَدِ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.وَتَلاَ عَلَى:هَارُوْنَ الأَخْفش، وَقُنْبُلٍ، وَعُثْمَانَ بنِ خُرَّزَاذ، وَإِسْحَاق الخُزَاعِيّ، وَعِدَّة.
وَتلاَ شَيْخُه عُثْمَان عَلَى قَالُوْنَ (1) .
وَله مصَنَّف فِي القرَاءات الثَّمَان (2) .
تَلاَ عَلَيْهِ:مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، وَعَلِيُّ بنُ بِشْرٍ الأَنْطَاكيَّان، وَعَبْدُ المُنْعِم بنُ غَلْبُوْنَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ حَبَش، وَعِدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ الدَّهَّان، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ:هُوَ مُقْرِئٌ ضَابِط، ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ بِشْرٍ:مَاتَ شَيْخُنَا فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

208 - ابْنُ البَخْتَرِيِّ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو البَغْدَادِيُّ *
مسندُ العِرَاق، الثِّقَة، المُحَدِّث، الإِمَامُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ البَخْتَرِيِّ بنِ مُدْرِك البَغْدَادِيُّ الرَّزَّاز (3) .
__________
(1) هو لقب عيسى بن مينا بن وردان، قارئ المدينة وأحد القراء السبعة، توفي سنة 220 ه.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء العاشر برقم (79).
(2) " معرفة القراء ": 1 / 231.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 132، الأنساب: 6 / 107 - 108، العبر: 2 / 251، الوافي بالوفيات: 4 / 291، شذرات الذهب: 2 / 350.
(3) اسم لمن يبيع الرز.

(15/385)


وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:سَعْدَان بنَ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِيَّ، وَعباساً الدُّوْرِيّ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيّ، وَطَبَقَتَهم.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ مَنْدَة، وَابْنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ حَسنُوْنَ النَّرْسِيّ، وَهِلاَل الحَفَّار، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً.
وَقَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً (1) .
قُلْتُ:وَقَعَ لَنَا جُمْلَةٌ صَالِحَةٌ مِنْ حَدِيْثه.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ الفَرَّاءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ الدَّقَّاق، أَخْبَرْنَا ابْنُ زكرِي، أَخْبَرْنَا ابْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَخْتَرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِر، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مِسْعَر، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَيْسرَة، عَنِ النَّزَّال بن سَبْرَة، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ:
أُخْبِرْتُ أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ أَثْرَمَ (2) .

209 - الأَزْدِيُّ أَبُو زَكَرِيَّا يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِيَاس *
الحَافِظُ، الإِمَامُ الفَقِيْه القَاضِي، أَبُو زَكَرِيَّا يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِيَاس
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 132.
(2) الثرم، محركة: انكسار السن من أصلها، أو سن من الثنايا والرباعيات، أو خاص بالثنية.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 894 - 895، طبقات الحفاظ: 366.

(15/386)


الأَزْدِيُّ المَوْصِلِيُّ، مُؤلف(تَارِيْخ المَوْصِل (1))وَقَاضيهَا.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ أَبِي المُثَنَّى، وَعُبَيْد بن غَنَّام، وَإِسْحَاق بنَ الحَسَنِ الحَرْبِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ مُطَّيناً، وَطَبَقَتَهم.
ويُعْرَفُ بِابْنِ زكرَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُظَفَّر بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَنَصْر بنُ أَبِي نَصْرٍ العَطَّار، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ قَرِيْباً مِنْ سنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَ لِي مِنْ حَدِيْثه فِي(مُعْجم ابْنِ جُمَيْع).

210 - الشَّعْرَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذِ بنِ فَهْدٍ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ الجَوَّال، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذ بن فَهد النُّهَاوَنْدِيُّ، ثُمَّ الهَمَذَانِيُّ الشَّعْرَانِيُّ، مُؤلف طُرُق(من كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّداً).
يَرْوِي عَنِ:الكُدَيْمِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بنِ دَيْزيل، وَتَمْتَام، وَأَحْمَدَ الحَمَّار، وَالكَجِّي، وَحَمْدَان بن المُغِيْرَةِ الهَمَذَانِيّ، وَمُطَيَّن، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، وَالفِرْيَابِيّ، وَخَلْق.
وَعَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ لاَل، وَمَنْصُوْرُ بنُ جَعْفَرٍ النُّهَاونْدِي، وَغيُرهُمَا.
وَهُوَ وَاهٍ، وَلَهُ أَوهَام.
__________
(1) طبعت لجنة إحياء التراث الإسلامي الجزء الثاني منه في القاهرة عام / 1967 / م، وهو الجزء الموجود، أما الأول والثالث فمفقودان.
(*) ميزان الاعتدال: 4 / 44، لسان الميزان: 5 / 384 - 285.

(15/387)


حدَّث فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقيل:تُوُفِّيَ فِيْهَا.

211 - ابْنُ أَوْسٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَوْسٍ الهَمَذَانِيُّ *
الإِمَامُ المُقْرِئ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَوْس الهَمَذَانِيّ.
رَوَى عَنْ:أَحْمَدَ بنِ بُدَيْل، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ عِصَام، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التُّبَّعِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ يعِيش، وَأَحْمَد بنِ مَنْصُوْر زَاج، وَعِدَّة.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ:كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ رَأْسُ مَاله فِي القُرْآن.
فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ القُرْآن بوُجُوه، وَكَانَ لَهُ محلٌّ جليلٌ فِي القِرَاءة، وَهُوَ صَدُوْقٌ فِي الرِّوَايَة.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:قَدْ نيَّف عَلَى التِّسْعِيْنَ.

212 - ابْنُ أَبِي صَالِحٍ القَاسِمُ بنُ بُنْدَارَ بنِ إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ مُحَدِّث هَمَذَان، أَبُو أَحْمَدَ القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ بُنْدَار بن إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيّ الرَّوَّاد.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ النُّهَاوَنْدِي، وَإِبْرَاهِيْم بنِ دَيْزِيل، وَالحَسَنِ بن عَلِيِّ بنِ زِيَاد السُّرِّيّ، وَيُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَعِدَّة.
__________
(*) غاية النهاية: 1 / 107.
(* *) لسان الميزان: 4 / 460.

(15/388)


وَعَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاق، وَإِبْرَاهِيْمُ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ مَمّوس - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ - وَطَائِفَةٌ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ:سَمِعْتُ مِنْهُ قَدِيْماً، وَكَانَ صَدُوْقاً مُتْقِناً.
سَمِعنَا عَامَّةَ مَا كَانَ عِنْدَهُ، وَكَانَ يُتقِنُ حَدِيْثَه، وَكُتُبه صِحَاح بِخَطِّه.
وَذهبَ عَامَّتُهَا فِي الفِتْنَة، ثُمَّ كُفَّ بَصَرهُ (1) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

213 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الهَمَذَانِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الجَوَّال أَبُو إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيّ التُرَابِي مَمّوس أَحَدُ الأَعلاَم.
رَوَى عَنْ:يَحْيَى بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي قِلاَبَةَ، وَيَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ الكَرَابيسِي، وَابْن دَيْزيل وَمُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ الأَزْرَق، وَابْن أَبِي الدُّنْيَا، وَهِلاَل بنِ العَلاَءِ، وَعُثْمَانَ بن خُرَّزَاذ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الصُّوْرِيّ، وَأَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَأَبِي الزنبَاع، وَأَبِي يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ، وَإِسْحَاق الدَّبَرِي، وَالحَسَنِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى البَوسِي، وَخَلاَئِق.
ذكره صَالِح الحَافِظ وَقَالَ:رَوَى عَنْهُ:الحَسَنُ بنُ يَزِيْدَ الدَّقَّاق، وَأَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَالفَضْل بنُ الفَضْلِ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الكُرجِي ابْن القَصَّاب، وَالكِبَارُ وَالحُفَّاظ.
وَسَمِعْتُ مِنْهُ مَعَ أَبِي، وَكَانَ ثِقَةً مُفِيْداً.
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:سَمِعْتُ أَبَا حَاتِم البُسْتِيّ
__________
(1) " لسان الميزان ": 4 / 460.
(*) الارشاد الورقة 113 مختصر طبقات علماء الحديث الورقة 145، تذكرة الحفاظ 3 / 831.

(15/389)


يَقُوْلُ:
عِنْد أَبِي إِسْحَاقَ مائتَا حَدِيْث مِمَّا لَيْسَ مخرجُه إِلاَّ مِنْ عِنْدِهِ.
وَسَمِعْتُ علاَّن الكرجِي يَحْكِي عَنْ أَبِي حَاتِمٍ فَقَالَ:خَمْس مائَة حَدِيْث.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ القَصَّاب:مَا رَأَيْتُ مِثْل ابْنِ يَعْقُوْبَ، رَأَيْت عِنْدَهُ مَا لَمْ أَر عِنْد أَحَدٍ لاَ بِبَغْدَادَ وَلاَ بِأَصْبَهَانَ.
وطوَّل صَالِحٌ تَرْجَمَتَه، وَأَنَّهُ امْتنع مِنَ الرِّوَايَة عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْر لكُون بَعْض النَّاس قَال فِيْهِ شَيْئاً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ:حَدَّثَنَا عَنْهُ جَدِّي، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الكَيْسَانِي، عدَّلُوهُ.
قُلْتُ:وَرَوَى عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ فرَاس العَبْقَسِي، وَصَالِحُ بنُ أَحْمَدَ، وَكَانَ ثِقَةً.

214 - المَيْدَانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخ الصَّدُوْق، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَعْقل النَّيْسَابُوْرِيُّ المَيْدَانِيُّ مِنْ أَهْلِ محلَّة تُعْرَفُ بِمَيْدَان ابْنِ زِيَاد.
سَمِعَ مِنْ:مُحَمَّدِ بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ جُزْءاً وَاحِداً.
وَهُوَ الَّذِي عِنْد سِبْط السِّلَفِيّ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو سَعِيْدٍ بنُ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو طَاهِرٍ بن مَحْمِش، وَأَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ وَغَيْرُهُم.
__________
(*) العبر: 2 / 243، شذرات الذهب: 2 / 343.

(15/390)


مَاتَ فجأَة فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ سنٍ عَالِيَة.
وَقَدْ رَوَى الحَاكِمُ فِي(تَارِيْخه)حَدِيْثَيْنِ عَنِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ، عَنِ المَيدَانِي.

215 - الصُّعْلُوْكِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الفَقِيْه اللُّغَوِيّ، أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَان الحَنَفِيُّ (1) الصُّعْلُوكِيُّ.
سَمِعَ:أَبَا الطَّيِّب يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيّ، وَعَلِيَّ بنَ الحَسَنِ الدَّارَابْجِرْدِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء.
وَفِي الرِّحلَة مِنْ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بِالرَّيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَطبقتِهِ بِبَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلوكِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الأَخْرَم.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيْثاً وَاحِداً فِي المذَاكرَة، وَكَانَ إِمَاماً مقدّماً فِي الفِقْه وَاللُّغَة وَصَنَّفَ (2) فِي الحَدِيْثِ، وَأَمسكَ عَنِ الرِّوَايَة بَعْد أَنْ عُمِّر، أَوْ قَالَ:عَمِي (3) وَكُنَّا نرَاهُ حَسْرَة - رَحِمَهُ اللهُ (4) - .
تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) الأنساب: 8 / 65 - 66، إنباه الرواة: 1 / 105، الوافي بالوفيات: 7 / 396، طبقات الشافعية: 3 / 43 - 44.
(1) النسبة هنا إلى بني حنيفة، وهم قوم نزلوا اليمامة. فالصعلوكي شافعي المذهب.
(2) في الأصل: " وضعيف " وهو خطأ، والتصويب من الأنساب والطبقات.
(3) في " طبقات الشافعية ": 3 / 44: " وأراه تصحيفا ".
(4) " الأنساب ": 8 / 66.

(15/391)


216 - القِرْمْيسِينِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَيْبَانَ *
شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَيْبَان القِرْمِيْسِينِيُّ (1) زَاهدُ الجَبَل.
صَحِبَ إِبْرَاهِيْم الخَوَّاص، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ المَغْرِبِيّ.
وَحَدَّثَ عَنْ:عَلِيِّ بنِ الحَسَن بنِ أَبِي العَنْبَر.
رَوَى عَنْهُ:الفَقِيْه أَبُو زَيْد المَرْوَزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ ثَوَابَة، وَغَيْرهُم، وَسَاح بِالشَّامِ، وَغَيْرهَا.
سُئِلَ عَبْدُ اللهِ بنُ منَازل (2) الزَّاهِد عَنْهُ، فَقَالَ:هُوَ حُجَّةٌ الله عَلَى الفُقَرَاء وَأَهْلِ المعَاملاَت وَالآدَاب (3) .
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:مَنْ أَرَادَ أَنْ يتعطَّل وَيتبطَّل، فليلزمِ الرُّخَص (4) .
__________
(*) طبقات الصوفية: 402 - 405، حلية الأولياء: 10 / 361، الرسالة القشيرية: 27، الأنساب: 10 / 110، تاريخ ابن عساكر: 2 / 225 آ - 225 ب، المنتظم: 6 / 390 - 391، العبر: 2 / 244 - 245، الوافي بالوفيات: 6 / 20، مرآة الجنان: 2 / 325، البداية والنهاية: 11 / 234، طبقات الأولياء: 21 - 23، شذرات الذهب: 2 / 334.
(1) بكسر القاف، وسكون الراء، وكسر الميم، والسين المهملة المكسورة بين اليائين الساكنتين آخر الحروف، والنون في آخرها. هذه النسبة إلى " قرميسين " وهي بلدة بجبال العراق، على ثلاثين فرسخا من همذان عند
دينور، على طريق الحاج.
" الأنساب ": 10 / 110.
(2) ضبطت في الأصل بضم الميم، والصواب بالفتح كما في " مشتبه " المؤلف 2 / 567 وتوضيح أن ناصر الدين، وتبصير ابن حجر.
(3) " طبقات الصوفية ": 402.
(4) " طبقات الصوفية ": 403.

(15/392)


وَقَالَ:عِلْمُ الفَنَاء وَالبَقَاء يَدُور عَلَى إِخْلاَص الوَحْدَانيَّة، وَصحَّةِ العبوديَّة، وَمَا كَانَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ مِنَ المُغَالطَة وَالزَّنْدقَة (1) .
قُلْتُ:صَدَقتَ وَاللهِ، فَإِنَّ الفَنَاء وَالبَقَاء مِنْ تُرَّهَات الصُّوْفِيَّة، أَطْلَقَهُ بَعْضهُم، فَدَخَلَ مِنْ بَابه كُلُّ زِنْدِيْق، وَقَالُوا:
مَا سِوَى الله بَاطِلٌ فَانٍ، وَاللهِ تَعَالَى هُوَ البَاقِي، وَهُوَ هَذِهِ الكَائِنَات، وَمَا ثَمَّ شَيْء غَيْره.
ويَقُوْلُ شَاعرهُم:
وَمَا أَنْتَ غَيْرَ الكُون ... بَلْ أَنْتَ عَيْنُه
ويَقُوْلُ الآخر:
وَمَا ثَمَّ إِلاَّ اللهُ لَيْسَ سِوَاهُ
فَانظر إِلَى هَذَا الْمُرُوق وَالضَّلاَل، بَلْ كُلُّ مَا سِوَى الله محدَثٌ مَوْجُود، قَالَ الله - تَعَالَى - {خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بينهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام} (2) .
وَإِنَّمَا أَرَادَ قُدَمَاء الصُّوْفِيَّةِ بِالفَنَاء نسيَانَ المخلوقَات وَتركَهَا، وَفنَاء النَّفس عَنِ التَّشَاغُل بِمَا سِوَى الله، وَلاَ يُسَلَّمُ إِلَيْهِم هَذَا أَيْضاً، بَلْ أَمرنَا اللهُ وَرَسُوْلُه بِالتَّشَاغل بِالمخلوقَات وَرؤيتهَا وَالإِقبال عَلَيْهَا، وَتعَظِيْمِ خَالِقهَا، وَقَالَ - تَعَالَى - :{أَولَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلكُوت السَّمَاوَات وَالأَرْض وَمَا خَلَق الله مِنْ شَيْء} (3).
وَقَالَ:{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَات وَالأَرْض} (4) .
__________
(1) " طبقات الصوفية ": 404.
(2) السجدة: 4.
(3) الاعراف: 185.
(4) يونس: 101.

(15/393)


وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة والسَّلاَم:(حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاء وَالطِّيب (1)).
وَقَالَ:(كَأَنَّك علمتَ حُبَّنَا لِلْحم).
وَكَانَ يحِبُّ عَائِشَة، وَيحبُّ أَباهَا، وَيحبُّ أُسَامَة، وَيحبُّ سِبْطَيْه، وَيحبّ الحَلْوَاء وَالعَسَل، وَيحبّ جَبَل أُحُد، وَيحبُّ وَطَنه، وَيحبُّ الأَنْصَار، إِلَى أَشيَاء لاَ تحصَى مِمَّا لاَ يغنِي المُؤْمِن عَنْهَا قَطُّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

217 - أَبُو العَرَبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ تَمِيْمٍ المَغْرِبِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو العَرَبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ تَمِيْمٍ بن تَمَّام المَغْرِبِيُّ، الإِفْرِيْقِيُّ.
كَانَ جدُّه (2) مِنْ أُمَرَاءِ أَفْريقيَة.
سَمِعَ:أَبُو العَرَبِ مِنْ خَلْقٍ كَثِيْرٍ أَصْحَاب سَحْنُوْن وَغَيْرِهِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْف.
وَرَوَى عَنْ:عِيْسَى بنِ مِسْكِيْن، وَأَبِي عُثْمَانَ بن الحَدَّاد.
__________
(1) أخرجه النسائي 7 / 61 في أول عشرة النساء، وأحمد 3 / 128 و199 و285 من طرق عن سلام أبي المنذر، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة " وهذا سند قوي، وصححه الحاكم.
تنبيه: يزيد بعضهم بعد قوله " حبب إلي من الدنيا " لفظا ثلاثا وهي زيادة شاذة لم تقع في شيء من كتب الحديث، وهي زيادة مفسدة للمعنى، لان الصلاة ليست من أمور الدنيا.
(*) علماء أفريقية 226، ترتيب المدارك: 3 / 334 - 336 تذكرة الحفاظ: 3 / 889 - 890، الوافي بالوفيات: 2 / 39، الديباج المذهب: 250 - 251، معالم الايمان: 3 / 42 - 47، طبقات الحفاظ: 363.
(2) في الأصل: جدهم.

(15/394)


وَكَانَ فِيْمَا قَالَ القَاضِي عِيَاض:حَافِظاً لِلْمَذْهَب، مُفْتِياً، غَلَبَ عَلَيْهِ عِلْمُ الحَدِيْث وَالرِّجَال، وَصَنَّفَ(طبقَات أَهْل إِفْرِيْقِيَة)، وكتَاب(المِحَنَ)، وكتَاب(فَضَائِل مَالِك)، وكتَاب(مَنَاقِب سَحْنُوْن)، وكتَاب(التَّارِيْخ)فِي أَحَدَ عشرَ جزءاً (1) .
وَقِيْلَ:إِنَّهُ كتَبَ بِيَدِهِ ثَلاَثَةَ آلاَف كِتَاب (2) .
وَأَوَّل طلبه للعِلْم كَانَ بزِيّ أَوْلاَد العَرَب (3) .
وَكَانَ أَحَدَ مَنْ عقد الخُرُوجَ عَلَى بنِي عبيد فِي ثَوْرَة أَبِي يَزِيْدَ عَلَيْهِم.
وَلَمَّا حَاصرَوا المهديَّة، سَمِعَ النَّاس عَلَى أَبِي العَرَب هُنَاكَ كتَابِي(الإِمَامَة)لِمُحَمَّدِ بنِ سَحْنُوْن.
فَقَالَ أَبُو العَرَبِ:كتبتُ بيدِي ثَلاَثَة آلاَف وَخَمْس مائَة كِتَاب، فَوَاللهِ لقرَاءةُ هذَيْن الكتَابَيْن هُنَا أَفضلُ عِنْدِي مِنْ جَمِيْع مَا كتَبْتُ (4) .
مَاتَ لثَمَانٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُه.

218 - أَبُو مَيْسَرَةَ أَحْمَدُ بنُ نِزَارٍ القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ *
فَقِيْه المَغْرِب، أَبُو مَيْسرَة أَحْمَدُ بنُ نزَار القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ، مِنَ العُلَمَاءِ العَاملين.
أَخَذَ عَنْهُ:أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي زَيْد.
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك ": 3 / 335.
(2) " الديباج المذهب ": 250.
(3) يعني أولاد السلاطين. انظر " معالم الايمان ": 3 / 45 - 46.
(4) " معالم الايمان ": 3 / 45.
(*) ترتيب المدارك: 3 / 358 - 362 معالم الايمان: 3 / 50 - 54.

(15/395)


أَرَادَ المَنْصُوْرُ إِسْمَاعِيْل (1) أَنْ يولِّيَه قَضَاءَ القَيْرَوَان، فَأَبَى.
وَكَانَ يختِمُ كُلَّ لَيْلَة فِي مَسْجِده، فَرَأَى لَيْلَة نوراً قَدْ خَرَجَ مِنَ الحَائِط، وَقَالَ:تمَلاَّ مِنْ وَجْهِي، فَأَنَا رَبُّك، فَبَصَقَ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ:اذهبْ يَا ملعُوْنَ، فطُفئ النُّوْر (2) .
وَقع فِي ذِهن المَنْصُوْر أَنَّ أَبَا مَيْسَرَة لاَ يرَى الخُرُوجَ عَلَيْهِ، فَأَرَادَه لِيُوَلِّيَهُ القَضَاء، فَقَالَ:كَيْفَ يلِي القَضَاءَ رَجُلٌ أَعمَى، يَبُولُ تَحْته.
فَمَا عَلِم أَحَدٌ بِضَرَرِهِ إِلاَّ يُؤمئذٍ، فَقَالَ:اللَّهُمَّ إِنَّك تعلَم أَنِّي انقطَعْتُ إِلَيْك وَأَنَا شَابٌّ، فَلاَ تمكِّنهُم مِنِّي، فَمَا جَاءت العَصْر إِلاَّ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الآخِرَة (3) .
فَوجَّه إِلَيْهِ المَنْصُوْرُ بكَفَن وَطِيب.
وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ - رَحِمَهُ اللهُ (4) - .
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الرَّجُلُ:يَا أَخِي فَائِدَة الاجتمَاع الدُّعَاء، فَادْعُ لِي إِذَا ذكرتَنِي، وَأَدْعُو لَكَ إِذَا ذكرتُك، فنكُون كَأَنَّا التقينَا، وَإِنْ لَمْ نَلْتَقِ (5) .

219 - ابْنُ مِهْرَوَيه عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرويه القَزْوِيْنِيُّ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الرَّحَّالُ الصَّدُوْق، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرويه القَزْوِيْنِيُّ، المُعَمَّر، ذَكَرَهُ الخَلِيْلِيّ فِي(إِرْشَاده).
__________
(1) انظر ترجمته رقم / 67 / من هذا الجزء.
(2) " معالم الايمان ": 3 / 50.
(3) " معالم الايمان ": 3 / 53.
(4) " معالم الايمان ": 3 / 51.
(5) " معالم الايمان ": 3 / 52، وما بين حاصرتين منه.
(*) تاريخ جرجان: 261، تاريخ بغداد: 12 / 69 - 70، الأنساب: 10 / 138 - 139، لسان الميزان: 4 / 257 - 258.

(15/396)


سَمِعَ:يَحْيَى بنَ عَبْدك، وَمُحَمَّدَ بنَ سَهْلِ بنِ زَنْجَلَةَ، وَهَارُوْن بن أَبِي هَزَارِي، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَعَمْرو بنَ سَلَمَةَ، فَمَنْ بعدَهُم.
وَسَمِعَ:بِبَغْدَادَ عَبَّاسَا الدُّوْرِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ الصَّغَانِيّ، وَأَحْمَد بن أَبِي خَيْثَمَةَ، وَبَالكُوْفَةِ الحَسَن بن عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ، وَأَخَاهُ مُحَمَّداً، وَابْنَ أَبِي العَنْبَس، وَبِمَكَّةَ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ وَأَقرَانه، وَبصَنْعَاء إِبْرَاهِيْم بن بَرَّة، وَالدَّبَرِي، وَالحَسَن بن عَبْدِ الأَعْلَى.
وَله إِلَى العِرَاقِ رِحْلتَان، وَكَتَبَ مَا لاَ يُعدُّ عَالِياً وَنَازلاً.
انْتخب عَلَيْهِ ابْنُ عُقْدَة ثَلاَثَةَ أَجزَاء، وَلَمْ يرْزق ذكراً، وَكَانَتْ لَهُ بَنَات.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
قُلْتُ:حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ جدُّ الخَلِيْلِيّ، وَالزُّبَيْر بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ، وَالحَافِظ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زُرْعَةَ مُحَمَّد بنِ أَحْمَدَ بن مَتُّويه، وَإِسْمَاعِيْل بن أَحْمَدَ بنِ مَاك النَّسَّاج، وَأَبُو طَاهِرٍ عُبَيْدُ اللهِ بن خُسرمَاهُ الحَنَفِيّ، وَأَهْل قَزْوين، وَالرَّيّ.
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ:سَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِد بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَاك، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَهْرويه، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي خَيْثَمَةَ يَقُوْلُ:
سأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ مَكِّيّ بن إِبْرَاهِيْمَ، فَقَالَ:صَالِحٌ ثِقَةٌ.
قُلْتُ:سمِعنَا مِنْ طَرِيقه(فَضَائِلَ القُرْآن)لأَبِي عُبَيْد عَالِياً.

220 - الجَوْزِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر بن حَمَّوَيْه الجَوْزِيّ البَغْدَادِيّ.
__________
(1) الارشاد الورقة 139.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 407 - 408، الأنساب: 3 / 367.

(15/397)


حَدَّثَ عَنْ:أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيِّ، وَمُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَأَبِي بَكْرٍ ابْن أَبِي الدُّنْيَا.
وَعَنْهُ:أَبُو إِسْحَاقَ الطَّبَرِي، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) .
وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

221 - عَلِيُّ بنُ حَمْشَاذَ بنِ سَختويه بنِ نَصْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ * (2)
العَدْل، الثِّقَة الحَافِظُ، الإِمَامُ شَيْخ نَيْسَابُوْر، أَبُو الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
ذكره الحَاكِمُ فَقَالَ:وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ:الحُسَيْن بنُ الفَضْلِ المُفَسِّر، وَالفَضْل بن مُحَمَّدٍ الشَّعرَانِي.
وَحَجّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ فسَمِعَ بِالرَّيّ مِنْ مُحَمَّد بن مَنْدَةَ، وَبهمذَان إِبْرَاهِيْم بن دَيْزِيل، وَبِبَغْدَادَ الحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَطبقَته، وَبِمَكَّةَ يَحْيَى بن أَيُّوْبَ العَلاَّف، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَكْثَر عَنْهُ، وَعَنْ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، وَسَمِعَ بطُوس(المُسْنَد)مِنْ
تَمِيْم بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظ، وَأَقرَان هَؤُلاَءِ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 407.
(*) المنتظم: 6 / 364 - 365، تذكرة الحفاظ: 3 / 855 - 856، العبر: 2 / 248، مرآة الجنان: 2 / 237، طبقات الحفاظ: 358، شذرات الذهب: 2 / 348.
(2) كما في " الأنساب " 4 / 221 هو / بفتح الحاء المهملة، والميم الساكنة، والشين المعجمة المفتوحة بعدها الالف، وفي آخرها الذال المعجمة، وأغرب اليافعي في " مرآة الجنان " 2 / 237، فضبطه بحاء مهملة مكسورة، وميم مكسورة مشددة.

(15/398)


إِلَى أَنْ قَالَ الحَاكِمُ:وَجَمَعَ(المُسْنَد)فِي أَرْبَع مائَة جُزْء، وَكَتَبَه بِخَطِّه وَعَمِلَ الأَبْوَاب مائَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ جُزْءاً، و(تفسيرَ القُرْآن)فِي مائَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ جُزْءاً (1) .
قرأَ عَلَيْنَا بُكرَة الجُمعَة نِصْفَ جُزء، ثُمَّ قُمْنَا نتَأَهَبُ لِلصِّلاَة، فَلَمَّا صلَّيْنَا، قَعَدت سَاعَةً، فَسَمِعْتُ المُنَادِي يَصِيْح بجِنَازَته، فصحْتُ، وَقُلْتُ:هَذَا كَذِبٌ، وَإِذَا هُوَ قَدْ دَخَلَ الحَمَّام فَمَاتَ فِيْهِ.
فَلَمَّا صلَّينَا عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمّ:كُنْت أَقُول:إِذَا مُتُّ إِنَّمَا يَكُوْنُ الشَّرَف فِي التَّحديث لعَلِيّ بن حَمْشَاذ، وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:صحبْتُ عَلِيَّ بن حَمْشَاذ فِي الحَضَر وَالسَّفَر، فَمَا أَعْلَم أَنَّ المَلاَئِكَة كتبتْ عَلَيْهِ خطيئَة (2) .
قَالَ:وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَافِظ يَقُوْلُ:مَا رَأَيْتُ فِي مَشَايِخنَا أَثبتَ فِي الرِّوَايَة وَالتَّصْنيفِ مِنْ عَلِيِّ بنِ حَمْشَاذ (3) .
قَالَ:وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ وَلَدَه يَقُوْلُ:مَا أَعلَم أَنَّ أَبِي تَرَكَ قيَامَ اللَّيْل (4) .
ثمَّ رَوَى الحَاكِم فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ(تَارِيْخ نَيْسَابُوْر)عِشْرِيْنَ حَدِيْثاً.
وَحَدَّثَ عَنْهُ:هُوَ (5) ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة،
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 855.
(2) " المنتظم: " 6 / 364 - 365.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 855 - 856.
(4) المصدر السابق.
(5) أي صاحب " تاريخ نيسابور " محمد بن عبد الله، المعروف بابن البيع.

(15/399)


وَأَبُو الحَسَنِ العَلَوِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمِش، وَآخَرُوْنَ.
وَمَاتَ مَعَهُ:المُعَمَّر أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ زبَّان الدِّمَشْقِيّ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ هِشَام بن عَمَّارٍ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْف أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بن النَّحَّاسِ المِصْرِيّ النَّحْوِيّ، وَمُقْرِئُ الشَّام أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الأَنْطَاكِيّ، وَمسندُ دِمَشْق أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ السَّامَرِّي، وَمُفْتِي دِمَشْق وَمُحَدِّثُهَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ حَبِيْب الحَصَائِرِي الشَّافِعِيّ فِي عَشْر المائَة، وَالمُحَدِّث الوَاعِظ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المِصْرِيّ بِبَغْدَادَ، وَالفَقِيْه الزَّاهِد أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَار النَّيْسَابُوْرِيّ العَدْل.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ بِمنزله، عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّة، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ جَامِع الكَاتِب، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّشتِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الزِّيَادِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ حَمْشَاذ الْعدْل، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَن عَبْد المَلِكِ بنَ صَالِح حَدَّثهُم، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُوْسَى الرِّضَا، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّد، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَلِيّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(الإِيْمَان مَعْرِفَةٌ بِالقَلْب، وَإِقرَارٌ بِاللِّسَان، وَعَمَلٌ بِالأَركَانَ (1)).
كذَا فِي الإِسْنَاد عَبْد المَلِكِ بن صَالِحٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ السَّلاَمِ (2) ، وَاهٍ.
وَهُوَ مِمَّا عِيْبَ عَلَى ابْنِ مَاجه إِخرَاج حَدِيْثه هَذَا، فَرَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
__________
(1) هو في سنن ابن ماجة رقم (65) في المقدمة: باب في الايمان، قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 6: أبو الصلت هذا متفق على ضعفه، واتهمه بعضهم.
(2) وكذلك جاء على الصواب في سنن ابن ماجة المطبوع.

(15/400)


222 - ابْنُ النَّحَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
العَلاَّمَةُ، إِمَامُ العَرَبِيَّة، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المِصْرِيُّ النَّحْوِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْف.
ارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَأَخَذَ عَنِ الزَّجَّاج، وَكَانَ يُنظَّر فِي زَمَانِهِ بِابْنِ الأَنْبَارِيِّ، وَبنِفْطَوَيْه لِلْمِصْريين.
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر بن أَعْيَن، وَبَكْر بن سَهْل الدِّمْيَاطِي، وَالحَسَنِ بن غُلَيْب، وَالحَافِظ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَجَعْفَر الفِرْيَابِيّ، وَمُحَمَّد بن الحَسَنِ بنِ سَمَاعَة، وَعُمَرَ بن أَبِي غَيْلاَن، وَطَبَقَتهم.
وَوَهِمَ ابْنُ النَّجَّار فِي قَوْله:إِنَّهُ سَمِعَ مِنَ المُبَرِّد، فَمَا أَدركَه.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأُدْفُوِي توَالِيفَه، وَوصفَهُ أَبُو سَعِيْدٍ بن يُوْنُسَ بِمَعْرِفَة النَّحْو.
وَمِنْ كتبه(إِعرَابُ القُرْآن)، (اشتِقَاق الأَسْمَاء الحُسْنَى)، (تفسيرُ أَبيَات سِيْبَوَيْه)، كتَابُ(المَعَانِي)، (الكَافي)فِي النَّحْوِ، (النَّاسخ وَالمَنْسوخ).
وَرَوَى كَثِيْراً عَنْ عَلِيِّ بنِ سُلَيْمَان الصَّغِيْر.
وَكَانَ مِنْ أَذْكِيَاء العَالِم.
__________
(*) طبقات النحويين واللغويين، 239، نزهة الالباء: 201 - 202، المنتظم: 6 / 364، معجم الأدباء: 4 / 224 - 230، إنباه الرواة: 1 / 101 - 104، وفيات الأعيان: 1 / 99 - 100، العبر: 2 / 246، الوافي بالوفيات: 7 / 362 - 364، مرآة الجنان: 2 / 327، البداية والنهاية: 11 / 222، النجوم الزاهرة: 3 / 330 بغية الوعاة: 157، شذرات الذهب: 2 / 346.

(15/401)


وَقِيْلَ:كَانَ مقتِّراً عَلَى نَفْسه يهبُونه العِمَامَة، فيقطَعهَا ثَلاَث عَمَائِم (1) .
وَيُقَالُ:إِنَّهُ جَلَس عَلَى درج المِقْيَاس (2) ، يقطِّع عرُوض شِعْر، فسَمِعَهُ جَاهِلٌ، فَقَالَ:هَذَا يسحَرُ النِّيل حَتَّى ينقُصَ، فرَفَسه أَلقَاهُ فِي النِّيل، فَغِرقَ (3) فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

223 - عِمَادُ الدَّوْلَةِ عَلِيُّ بنُ بُوَيه بن فَنَّاخُسرُو الدَّيْلَمِيُّ *
السُّلْطَان الكَبِيْرُ، عمَادُ الدَّوْلَة، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ بُوَيْه بن فَنَّاخَسْرُو الدَّيْلَمِي.
صَاحِبُ ممَالِكِ فَارس، وَأَخُو الْملكَيْنِ؛معزّ الدَّوْلَة أَحْمَدَ (4) ، وَركن الدَّوْلَة الحَسَن (5) ، فَكَانَ عمَادُ الدَّوْلَة أَوَّلَ مَنْ تملَّك البِلاَد بَعْدَ أَنْ كَانَ قَائِداً كَبِيْراً مِنْ قوَّاد الدَّيْلَم.
وَكَانَ أَبوهُم بُوَيه يصطَاد السَّمَك (6) ، ثُمَّ آل بِأَوْلاَده الأَمْر إِلَى مُلْك البِلاَد، ثُمَّ تملَّك مِنْ بَعْد العمَاد وَلَدُ أَخِيْهِ عضُدُ الدَّوْلَة بن ركن الدَّوْلَة (7) .
__________
(1) " طبقات النحويين واللغويين ": 240.
(2) قال ياقوت في " معجم البلدان ": 5 / 178 " المقياس: هو عمود من رخام قائم في وسط بركة على شاطئ النيل بمصر، وله طريق إلى النيل، يدخل الماء إذا زاد عليه، وفي ذلك العمود خطوط معروفة عندهم، يعرفون بوصول الماء إليها مقدار زيادته ".
(3) " إنباه الرواة ": 1 / 102.
(*) المنتظم: 3 / 365، الكامل: 8 / 264 وما بعدها، وفيات الأعيان: 3 / 399 - 400، العبر: 2 / 247، مرآة الجنان: 2 / 326 - 327، البداية والنهاية: 11 / 221 - 222، النجوم الزاهرة: 3 / 299 - 300، شذرات الذهب: 2 / 346 - 347.
(4) له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 1 / 174 - 177.
(5) له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 2 / 118 - 119.
(6) " وفيات الأعيان ": 3 / 339.
(7) ترجمته في " وفيات الأعيان ": 4 / 50 - 55.

(15/402)


وكَانَتْ دَوْلَةُ العمَاد سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَاشَ بِضْعاً وَخَمْسِيْنَ سنَةً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى.
وَقِيْلَ:سَنَةَ تِسْعٍ.
وَلَمَّا تملَّك شيرَاز، طَالبه قُوَّاده بِالأَمْوَال، وَثَارُوا عَلَيْهِ، فَاغتَمَّ لِذَلِكَ، وَاسْتَلَقى، فَرَأَى حَيَّة فِي السَّقْف، فَفَزِعَ وَدَعَا الفَرَّاشين فنصبُوا سُلَّماً، فَوَجَدُوا غُرْفَةً يُدخل إِلَيْهَا، فَأَمرهُم بفتحهَا فَفُتِحت، فَوَجَدُوا فِيْهَا صنَادِيقَ فِيْهَا قدر خَمْس مائَة أَلْف دِيْنَار، فَأُنْزلت، فَفَرِح، وَأَنفق فِي الجَيْش (1) .
ثمَّ إِنَّهُ طلب خَيَّاطاً لِيفصِّل لَهُ، وَكَانَ أُطْروشاً، فَفَزِعَ وَجَاوَبَه عَمَّا لَمْ يُسأَلْ عَنْهُ، وَحَلَف أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ سِوَى اثْنَيْ عَشَرَ صُنْدُوقاً وَديعَةً، فتعجَّب عمَادُ الدَّوْلَة، وَأُحضرت إِلَيْهِ، فَإِذَا فِيْهَا أَمْوَال وَثِيَاب دِيْبَاج، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سعَادته المقبلَة، وَلاَ عَقِبَ لَهُ (2) .

224 - الكَرَّانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم الأَصْبَهَانِيّ الكَرَّانِي.
وَكَرَّان محلَّة (3) .
سَمِعَ:عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ، وَعِمْرَان بنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي عَاصِمٍ، وَطَبَقَتهُم.
وَعَنْهُ:أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَابْنُ المُقْرِئ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدُوَيْه، وَعَلِيُّ بنُ مَيلَة، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) " وفيات الأعيان ": 3 / 400.
(2) المصدر السابق.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 103 - 104، الأنساب: 10 / 378.
(3) كبيرة بأصبهان.

(15/403)


وَكَانَ يفهَمُ وَيذَاكر وَيُؤلِّف.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه:ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ مُكْثِر.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

225 - السُّوسِيُّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَةَ *
المُحَدِّثُ الحُجَّة، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَة بن غَيْلاَنَ، الهَمْدَانِيُّ الحِمْصِيُّ الصَّفَّار المَشْهُورُ بِالسُّوسِي.
سَمِعَ:أَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيَّ، وَالرَّبِيْع بنَ سُلَيْمَانَ المُرَادِيَّ، وَبَكَّار بنَ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَبَحْر بن نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ، وَطَبَقَتَهُم، بِمِصْرَ وَالشَّام.
حَدَّثَ عَنْهُ:شُجَاع بنُ مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الْحَدِيد، وَتَمَّام الرَّازِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:كَانَ ثِقَةً.
وَكَانَتْ كتُبُه جِيَاداً، قَدِمَ مِصْر.
وَتُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

226 - الرَّيَّاشُ أَبُو الطَّيِّبِ الحَسَنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَرْمَكِيُّ **
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو الطَّيِّبِ الحَسَنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَرْمَكِيُّ، المِصْرِيُّ، الرَّيَّاشُ.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ المَلِكِ بنِ شُعَيْب بنِ اللِّيْثِ، وَهُوَ خَاتمَة أَصْحَابه.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 107 ب، تهذيب ابن عساكر: 2 / 74.
(* *) لم نقف على مصادر ترجمته.

(15/404)


وَعَنْ:يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَبَحْر بن نَصْرٍ، وَالرَّبِيْع، وَابْن عَبْدِ الحَكَمِ، وَأَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيّ.
سَمِعَ:مِنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال:لَمْ يَكُنْ عِنْد ابْن النَّحَّاسِ مِنْ حَدِيْثِ عَبْد المَلِكِ بن شُعَيْبٍ بِعُلُوٍّ، سِوَى حَدِيْث وَاحِدٍ، هُوَ موَافقَةٌ عَالِيَةٌ لِمُسْلِم.
قُلْتُ:سَمِعَهُ ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ مِنَ الحَبَّال عَنْهُ.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القُرَشِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمَاد، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ البَزَّاز إِمْلاَءً مِنْ لفظهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَرْمَكِيّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَة، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ أَبِي ذرَّة، عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(مَا مِنْ مُعَمَّر يعمَّر فِي الإِسْلاَمِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ صرَفَ اللهُ عَنْهُ ثَلاَثَةَ أَنْوَاعِ مِنَ البلاَء:الجنُوْنَ وَالجُذَام وَالبَرَص، فَإِذَا بَلَغَ الخَمْسِيْنَ ليَّن اللهُ عَلَيْهِ الحِسَاب (1)).
وسَاق الحَدِيْثَ، وَهُوَ خَبَرٌ مُنْكَرٌ، وَيُوْسُف هَذَا ضَعِيْفٌ

227 - الفَامِيُّ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ القَزْوِيْنِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ القَزْوِيْنِيّ الفَامِي (2) ، رفيقُ أَبِي الحَسَنِ القَطَّان فِي الرِّحْلَة.
__________
(1) وأخرجه أحمد 3 / 217، 218 من طريق أنس به عياض أبو ضمرة بهذا الإسناد، وإسناده ضعيف لضعف يوسف بن أبي ذرة، فقد قال ابن معين فيه: لا شيء، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال.
(*) لم أقف له على مصادر ترجمته.
(2) هذه النسبة إلى الحرفة، وهي لمن يبيع الاشياء من الفواكه اليابسة، ويقال له: =

(15/405)


سَمِعَ:أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ، وَالمُنْسَجر بنَ الصَّلْت، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ مَاجَة، وَإِسْحَاق بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي وَطَبَقَتَهُم.
رَوَى عَنْهُ:سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ النَّسَّاج، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارس اللُّغَوِيّ، وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَشَيْخٌ لِلْخليلِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ طَلْحَةَ الزُّبَيْرِيّ القَزْوِيْنِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ بِهَذَا الشَّأْن.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

228 - الأُشْنَانِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ عُمَرُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ *
القَاضِي، أَبُو الحُسَيْنِ عُمَرُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَالِكٍ الشَّيْبَانِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الأُشْنَانِيُّ (1) .
لَهُ مَجْلِس سمِعنَاهُ.
رَوَى عَنْ:أَبِيْهِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى المَدَائِنِيّ، وَمُوْسَى بن سَهْل الوَشَّاء، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَمُحَمَّد بن شَدَّاد المِسْمَعِي، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ:ابْنُ عُقْدَة - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - ، وَابْن المُظَفَّر، وَالمُعَافَى النَّهْرُوَانِي، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ مَخْلَد.
__________
= البقال. " الأنساب ": 9 / 234.
(*) الفهرست: 166، تاريخ بغداد: 11 / 236 - 239، الأنساب: 1 / 218، العبر: 2 / 250، ميزان الاعتدال: 3 / 185، غاية النهاية: 1 / 590، لسان الميزان: 4 / 290 - 292، شذرات الذهب: 2 / 349.
(1) بضم الالف، وسكون الشين المنقوطة، وفتح النون الأولى، وكسر الثانية. هذه النسبة إلى بيع الاشنان وشرائه. " الأنساب ": 1 / 280.

(15/406)


وَرَوَى حَرْفَ عَاصِم، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الجَهْم السِّمَّرِيّ، أَخَذَه عَنْهُ:ابْنُ أَبِي هَاشِم، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّذَائِي.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:كَذَّاب (1) ، ثُمَّ حَكَى حِكَايَةً تَدُلُّ عَلَى وَهْنه (2) .
وَقَالَ السُّلَمِيُّ عَنِ الدَّارَقُطْنِيّ:ضَعِيْف (3) .
وَقَدْ وَلِي القَضَاءَ بِأَمَاكن بِالشَّامِ.
وَوَلِيَ القَضَاءَ ثَلاَثَة أَيَّامٍ بِبَغْدَادَ، وَعُزِلَ (4) .
وَقَدْ حدَّث وَهُوَ شَابٌّ فِي أَيَّام الحَرْبِيّ (5) ، وَعَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - سَامَحَه الله - .

229 - ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادِ بنِ بِشْرٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ القُدْوَة الصَّدُوْق الحَافِظ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ البَصْرِيّ الصُّوْفِيّ، نَزِيْلُ مَكَّةَ، وَشَيْخ الحرَم.
__________
(1) في " ميزان الاعتدال ": 3 / 185 " ولم يصح هذا، ولكن الاشناني صاحب بلايا ".
(2) انظر الحكاية في " تاريخ بغداد ": 11 / 238.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 11 / 236.
(5) أبو إسحاق، إبراهيم بن إسحاق الحربي، من كبار المحدثين، توفي سنة / 285 / ه انظر " تاريخ بغداد ": 6 / 27 - 40، 11 / 237.
(*) طبقات الصوفية: 427 - 430، حلية الأولياء: 10 / 375 - 376، الرسالة القشيرية: 28، تاريخ ابن عساكر: 2 / 86 آ - 86 ب، المنتظم: 6 / 371، تذكرة الحفاظ: 3 / 852 - 853، العبر: 2 / 252، البداية والنهاية: 11 / 226، طبقات الأولياء: 77 - 78، لسان الميزان: 1 / 308 - 309، النجوم الزاهرة: 3 / 306 - 307، شذرات الذهب: 2 / 354 - 355.

(15/407)


وَمَا هُوَ بِابْنِ مُحَمَّد بن زِيَادٍ الأَعْرَابِيّ اللُّغَوِيّ؛ذَاكَ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يولَد هَذَا بِأَعْوَامٍ عِدَّة (1) .
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:الحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بن أَيُّوْبَ المُخَرِّمِيّ، وَسَعْدَان بنَ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ المُنَادِي، وَعباساً التَّرْقُفِيّ، وَعَبَّاس بن مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ اللهِ العَبْسِي، وَأَمماً سِوَاهُم.
خرَّج عَنْهُم(معجماً)كَبِيْراً (2) ، وَرَحَلَ إِلَى الأَقَالِيْم، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، صَحِبَ المَشَايِخ، وَتعبَّد وَتَأَلَّه وَأَلَّف(مَنَاقِب الصُّوْفِيَّة)، وَحمل(السُّنَن)عَنْ أَبِي دَاوُدَ، وَلَهُ فِي غُضُون الكِتَاب زيَادَاتٌ فِي المَتْن وَالسَّنَد.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ خَفِيْف، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مفرج، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ الأَصْبَهَانِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جُمَيْع الصَّيْدَاوِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيّ القَطَّان، وَصَدَقَة بنُ الدّلم، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن مُنِيْر المِصْرِيّان، وَمُحَمَّد بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ ضَيْفُون شَيْخُ أَبِي عُمَر بن عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الطَّرَسُوْسِيّ وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ مِنَ الحُجَّاج وَالمجَاورين.
وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ، بعيد الصِّيت، عَالِي الإِسْنَاد.
__________
(1) فمحمد بن زياد الاعرابي توفي سنة / 231 / ه. انظر ترجمته في " طبقات النحويين واللغويين "، 213 - 215.
(2) في دار الكتب الظاهرية بدمشق نسخة جيدة منه تحت رقم / 280 خ /.

(15/408)


قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ الخشَّاب، سَمِعْتُ ابْنَ الأَعْرَابِيّ يَقُوْلُ:
المَعْرِفَةُ كُلُّهَا الاعترَافُ بِالجَهْل، وَالتَّصوفُ كُلُّه تَرْك الفُضُول، وَالزُّهْد كُلُّه أَخْذُ مَا لاَ بُدَّ مِنْهُ، وَالمعَاملَةُ كُلُّهَا اسْتَعمَالُ الأَوْلَى فَالأَوْلَى، وَالرِّضَى كُلُّه تَرْك الاعترَاض، وَالعَافيَة كُلُّهَا سقوطُ التَّكلُّف بِلاَ تكَلُّف (1) .
وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - قَدْ صَحِبَ الجُنَيْد، وَأَبَا أَحْمَدَ القَلاَنِسِيَّ.
وعَمِلَ(تَارِيْخاً)لِلْبَصْرَة لَمْ أَره.
أَمَا كِتَابهُ فِي(طَبَقَات النُّسَّاك)فَنقَلْتُ مِنْهُ.
وَمِنْ كَلاَمه فِي تَرْجَمَة أَبِي الحُسَيْنِ النُّوْرِي، قَالَ:مَاتَ وَهُم يَتَكَلَّمُوْنَ عِنْدَهُ فِي شَيْءٍ، سكوتهُم عَنْهُ أَوْلَى لأَنَّه شَيْءٌ يتكهنُوْنَ فِيْهِ، وَيتعسَّفون بظُنونهم، فَإِذَا كَانَ أَولئك كَذَلِكَ، فَكَيْفَ بِمَنْ حدَّث بعدَهُم؟
قَالَ أَيْضاً:إِنَّمَا كَانُوا يَقُوْلُوْنَ:جمع، وَصورَةُ الْجمع عِنْد كُلِّ أَحَدٍ بِخِلاَفهَا عِنْد الآخر، وَكَذَلِكَ صُوْرَةُ الفَنَاء، وَكَانُوا يتَّفِقُوْنَ فِي الأَسْمَاء، وَيَخْتلِفُونَ فِي معنَاهَا، لأَن مَا تَحْتَ الاسْم غَيْر مَحْصُور، لأَنَّهَا مِنَ المَعَارف.
قَالَ:وَكَذَلِكَ عِلْمُ المعْرفَة غَيْرُ محصورٍ لاَ نهَايَة لَهُ وَلاَ لوُجُوده، وَلاَ لِذَوْقِهِ...، إِلَى أَنْ قَالَ - وَلَقَدْ أَحسن فِي المَقَال - :فَإِذَا سَمِعْتُ الرَّجُل يَسْأَل عَنِ الجَمْع أَوِ الفَنَاء، أَوْ يُجِيْب فِيْهِمَا، فَاعلمْ أَنَّهُ فَارغٌ، لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ إِذْ أَهلُهمَا لاَ يَسْأَلُوْنَ عَنْهُ لِعْلمهم أَنَّهُ لاَ يدْرك بِالوَصْف.
قُلْتُ:إِي وَاللهِ، دقَّقُوا وَعمَّقُوا، وَخَاضُوا فِي أَسرَارٍ عَظِيْمَة، مَا
__________
(1) " طبقات الصوفية ": 428، وعبارة " بلا تكلف " غير موجودة في الطبقات.

(15/409)


مَعَهُم عَلَى دَعْوَاهُم فِيْهَا سِوَى ظنٍّ وَخيَالٍ، وَلاَ وَجودَ لتِلْك الأَحْوَال مِنَ الفَنَاء وَالمحو وَالصَّحو وَالسُّكر إِلاَّ مُجَرَّد خَطَرَات وَوسَاوس، مَا تفُوَّه بعبارَاتهم صِدِّيْق، وَلاَ صَاحِبٌ، وَلاَ إِمَامٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ.
فَان طَالبتَهم بدعَاويهم مقَتُوك، وَقَالُوا:مَحْجُوب، وَإِن سَلَّمت لَهُم قِيَادك تخبَّط مَا مَعَكَ مِنَ الإِيْمَان، وَهبَطَ بِك الحَال عَلَى الحَيْرَة وَالمُحَال، وَرَمَقْت العُبَّاد بِعَين المَقْت، وَأَهْل القُرْآن وَالحَدِيْثِ بِعَين البُعْد، وَقُلْتَ:مسَاكين محجوبُوْنَ.
فلاَ حَوْلَ وَلاَ قوَّة إِلاَّ بِاللهِ.
فَإِنَّمَا التَّصَوُّف وَالتَأَلُّه وَالسُّلوك وَالسَّيْر وَالمَحَبَّة مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الرِّضَا عَنِ اللهِ، وَلزوم تَقْوَى الله، وَالجِهَادِ فِي سَبِيْل الله، وَالتَأَدُّب بآدَاب الشَّريعَة مِنَ التِّلاَوَة بترتيلٍ وَتدبُّرٍ، وَالقِيَامِ بخَشْيَةٍ وَخشوعٍ، وَصَوْمِ وَقتٍ، وَإِفطَار وَقت، وَبَذْلَ المَعْرُوْف، وَكَثْرَة الإِيثَار، وَتَعْلِيم العَوَام، وَالتَّوَاضع لِلْمُؤْمِنين، وَالتعزُّز عَلَى الكَافرين، وَمَعَ هَذَا فَالله يَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ.
وَالعَالِمُ إِذَا عَرِيَ مِنَ التَّصوف وَالتَألُّه، فَهُوَ فَارغ، كَمَا أَنَّ الصُّوْفِيّ إِذَا عَرِيَ مِنْ عِلْمِ السُّنَّة، زَلَّ عَنْ سوَاءِ السَّبيل.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ مِنْ عُلَمَاء الصُّوْفِيَّة، فترَاهُ لاَ يَقْبَلُ شَيْئاً مِنِ اصطلاَحَات القَوْم إِلاَّ بحُجَّةٍ.
تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ أَربعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةَ وَأَشهر.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمَاد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ

(15/410)


القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد، أَخْبَرَنَا سَعْدَان بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرو بنِ يَحْيَى بنِ عمَارَة عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(لَيْس فِيْمَا دُوْنَ خَمْسَة أَوَاقٍ صَدقَة، وَلَيْسَ فِيْمَا دُوْنَ خَمْس (1) ذَوْدٍ صَدَقَة) (2) .
وَبِهِ:أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرو عَنْ سَالِم بنِ أَبِي الجَعْد عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرو، قَالَ:
كَانَ عَلَى ثَقَل النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ، يُقَال لَهُ:كركرَة، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(هُوَ فِي النَّار).
فَذَهَبُوا ينْظُرُوْنَ إِلَيْهِ، فَوجَدُوا عَلَيْهِ عَبَاءةً قَدْ غَلَّهَا (3) .
قُلْتُ:الجَمَّال حَتَّى فِي الصَّحَابَة لَيْسَ بِشَيْءٍ كمَا تَرَى.
وَفِيْهَا مَاتَ:الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ الطُّوْسِيّ، وَالحَسَنُ بنُ يُوْسُفَ بنِ فُلَيْح الطَّرَائِفِيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَرْب، وَقَاسِم بن أَصْبَغ مُحَدِّث الأَنْدَلُس، وَالحُسَيْنُ بنُ صَفْوَانَ البَرْذَعِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الأُسْتَاذ بِبُخَارَى، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ الزَّجَّاجِيّ صَاحِب(الجُمَل)، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَالُوْيَه
__________
(1) الذود من الابل ما بين الثلاث إلى العشر، ولا يكون إلا من الاناث.
(2) وأخرجه مسلم (979) في أول الزكاة من طريق عمرو الناقد، عن سفيان بهذا الإسناد، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 244 في الزكاة: باب ما تجب فيه الزكاة، ومن طريقه البخاري 3 / 255 في الزكاة: باب ليس فيما دون خمسة ذود صدقة عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3074) في الجهاد: باب القليل من الغلول، وأحمد 2 / 160، وابن ماجة (2849) من طريق سفيان بهذا الإسناد.
وغل من الغلول: وهو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة، يقال. غل في المغنم يغل غلولا فهو غال، وكل من خان في شيء خفية فقد غل.

(15/411)


بنَيْسَابُوْرَ، وَشَيْخُ الحَنَفِيَّة أَبُو الحَسَنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ الكَرْخِيّ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ.

230 - خَيْثَمَةُ أَبُو الحَسَنِ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ حَيدرَةَ القُرَشِيُّ *
الإِمَامُ الثِّقَة المُعَمَّر، مُحَدِّث الشَّام، أَبُو الحَسَنِ خَيْثَمَة بنُ سُلَيْمَانَ بنِ حَيْدَرَة بنِ سُلَيْمَانَ القُرَشِيّ الشَّامِيّ الأَطْرَابُلُسِي، مُصَنِّف(فَضَائِل الصَّحَابَة).
كَانَ رَحَّالاً جَوَّالاً صَاحِب حَدِيْثٍ.
ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي كَامِل الأَطْرَابُلُسِي، أَنَّ خَيْثَمَةَ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ:سَمِعَ أَبَا عُتبَة أَحْمَدَ بنَ الفَرَجِ الحِجَازِيّ صَاحِب بَقِيَّة، وَمُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى بنِ حَيَّان المَدَائِنِيّ صَاحِب ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَالحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَر السِّنْدِيّ صَاحِبَيْ وَكِيْع، وَالحَافِظَ مُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيّ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي غَرزَة الكُوْفِيّ، وَأَحْمَد بن مُلاعب، وَأَبَا عُبَيْدَة السَّرِيَّ بن يَحْيَى، وَهِلاَل بنَ العَلاَءِ البَاهِلِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ سَيَّار النَّصِيْبِيَّ، وَأَبَا يَحْيَى بن أَبِي مَسرَّة المَكِّيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سَعْدٍ العَوْفِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ، وَإِسْحَاق بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِيَّ، وَعُبَيْد بن مُحَمَّدٍ الكِشْوَرِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الوَاسِطِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَالحُسَيْن بن الحَكَمِ
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 5 / 347 ب، 349 آ، تذكرة الحفاظ، 3 / 858 - 860، العبر: 2 / 262، لسان الميزان: 2 / 411 - 412، النجوم الزاهرة: 3 / 312، طبقات الحفاظ: 353 - 354، شذرات الذهب: 2 / 365.

(15/412)


الحِبَرِي، وَعَبْدَ المَلِكِ بن مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيّ، وَأَبَا إِسْمَاعِيْل التِّرْمِذِيّ، وَأَبَا العَبَّاسِ الكُدَيْمِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ أَبِي العَوَّامِ، وَصَالِحَ بنَ عَلِيٍّ النَّوْفَلِيّ، وَالحَسَن بن مُكْرَم، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن الهَيْثَمِ الدَّيْرْعَاقُولِي، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الخَنَاجر، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مَرْزُوق البُزُورِيَّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الحَكَمِ الرَّمْلِيَّ، وَخَلْقاً سِوَاهُم بِالشَّامِ وَالحَرَمَيْنِ وَالعِرَاق وَالجَزِيْرَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ مَعْرُوْف، وَعَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي عُثْمَانَ بن أَبِي الْحَدِيد، وَابْنُ جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وَتَمَّام الرَّازِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي كَامِل، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ هَارُونَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مفرّج القُرْطُبِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الرَّقِّيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَعُمِّرَ وَرُحِلَ إِلَيْهِ مِنَ الآفَاق، وَقَدِمَ إِلَى دِمَشْق فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَحَدَّثَ بِهَا، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ آخرَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ وَفَاةً، وَآخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا بِالإِجَازَة أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
وَقَالَ عُبَيْدُ بنُ أَحْمَدَ بن فُطَيْس:سَأَلت خَيْثَمَة عَنْ مَوْلده، فَقَالَ:
فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ كَذَا هَذِهِ الرِّوَايَة، وَالأَصَحُّ مَا تقدَّم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:خَيْثَمَةُ ثِقَة ثِقَة، قَدْ جَمَعَ(فَضَائِل الصَّحَابَة).
قَالَ ابْنُ أَبِي كَامِل:سَمِعْتُ خَيْثَمَة بنَ سُلَيْمَانَ يَقُوْلُ:
رَكِبْتُ البَحْرَ، وَقَصَدْتُ جَبَلَة لأَسمع مَنْ يُوْسُف بنِ بَحْر، ثُمَّ خَرَجت إِلَى أَنْطَاكيَة، فَلقِينَا مَرْكبٌ - يَعْنِي:لِلْعَدو - .
قَالَ:فَقَاتلنَاهُم، ثُمَّ سَلَّم (1) مَرْكَبَنَا قَوْمٌ مِنْ مقدَّمه.
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ " تسلم.

(15/413)


قَالَ:فَأَخذونِي، ثُمَّ ضربونِي، وَكَتَبُوا أَسمَاءنَا، فَقَالُوا:مَا اسْمُكَ؟
قُلْتُ:خَيْثَمَة.
فَقَالُوا:اكتبْ حمَار بن حمَار.
وَلَمَّا ضُربت سَكِرْتُ وَنِمْتُ، فرَأَيْتُ كَأَنِّيْ أَنظرُ إِلَى الجَنَّة، وَعَلَى بَابهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الحُور الْعين.
فَقَالَتْ إِحدَاهنَّ:يَا شقِي، أَيشٍ فَاتَك؟
فَقَالَتْ أُخْرَى:أَيشٍ فَاته؟
قَالَتْ:لَوْ قُتِلَ لكَانَ فِي الجَنَّةِ مَعَ الْحور.
قَالَتْ لَهَا:لأنْ يَرزُقه اللهُ الشَّهَادَة فِي عزٍّ مِنَ الإِسْلاَمِ وَذلٍّ مِنَ الشِّرْكِ خَيْرٌ لَهُ.
ثُمَّ انتبهتُ قَالَ:وَرَأَيْتُ كَأنَّ مَنْ يَقُوْلُ لِي:اقرأْ برَاءة فَقَرَأْت إِلَى {فسيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التَّوبَة:2].
قَالَ:فَعَددت مِنْ لَيْلَة الرُّؤيَا أَرْبَعَة أَشهر فَفَكَّ اللهُ أَسرِي (1) .
قَالَ ابْنُ أَبِي كَامِل:وَسَمِعْتُ خَيْثَمَة يَقُوْلُ:رَوَيْتُ بِدِمَشْقَ حَدِيْثَ الثَّوْرِيّ، عَنْ طَلْحَة بنِ عَمْرو، عَنْ عَطَاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَن النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:(اطْلبُوا الخَيْرَ عِنْد حِسَان الوُجُوه (2)).
فَأَنْكَرَ القَاضِي زَكَرِيَّا البَلْخِيّ هَذَا، وَبَعَثَ فيجاً إِلَى الكُوْفَةِ يَسْأَلُ ابْنُ عُقْدَة عَنْهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:قَدْ كَانَ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى حَدَّثَ بِهِ فِي تَارِيْخ كَذَا.
قَالَ:فَطَلبَ البَلْخِيُّ مِنِّي الأَصْل، فَوَجَد تَارِيْخَه موَافقاً.
قَالَ:فَاسْتحلَّنِي البَلْخِيّ فَلَمْ أُحلّه (3) .
قُلْتُ:رَوَاهُ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَبِيْصَة، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يْحَالل البَلْخِيّ، فَإِنَّهُ تثبّتَ فِي الحَدِيْثِ بِطرِيقِهِ، فَلَمَّا تَبيَّن عدَالَةَ خَيْثَمَة تحلَّل مِنْهُ.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 858 - 859.
(2) طلحة بن عمرو ضعفه ابن معين وغيره، وقال أحمد والنسائي: متروك الحديث، وقال البخاري، وابن المديني: ليس بشيء، فالخبر لا يصح، وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " ونسبه للطبراني.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 859.

(15/414)


قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة:كتبتُ عَنْ خَيْثَمَة بِأَطْرَابُلُس أَلفَ جُزْء (1) .
وَقِيْلَ:كَانَ خَيْثَمَةُ كَبِيْرَ الأُذنُيْن، كَبِيْرَ الأَنف - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - .
قَالَ عُبَيْدُ بنُ فُطَيْس:تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو البَرَكَات الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ سنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِت مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو العشَائِر مُحَمَّدُ بنُ خَلِيْل حُضُوْراً فِي الخَامِسَة، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ المِصِّيْصِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا خَيْثَمَة بنُ سُلَيْمَان، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُلاعب، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ النُّعْمَان، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ أَبِي المُسَاوِر، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّد بن حَاطِب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَيْريز، عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَم، قَالَ:
بعثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:(اذهبْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّك تجدُه فِي دَاره محتبياً، فَقُلْ لَهُ:إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ:أَبشرْ بِالجَنَّةِ، ثُمَّ انْطَلِقْ إِلَى عُمَرَ، فَإِنَّكَ تجدُه بِالبنيّة عَلَى حمَاره، تبرُقُ صَلْعتهُ، فَقُلْ لَهُ:إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ:أَبشرْ بِالجَنَّة، ثُمَّ انْطَلِقْ إِلَى عُثْمَانَ، فَإِنك تَجدهُ فِي السُّوق يبيعُ وَيَبْتَاع، فَقُلْ لَهُ:إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ:أَبشرْ بِالجَنَّة بَعْد بلاَءٍ شَدِيد).
قَالَ:فَانْطَلَقتُ فَأَبلغتهُم وَوجدتهُم كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقَالَ عُثْمَانُ:أَيْنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟
قُلْتُ:فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا، فَأَخَذَ بيدِي حَتَّى أَتينَاهُ، فَقَالَ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ إِن زَيْداً جَاءنِي، فَقَالَ:كَذَا وَكَذَا، فَأَيُّ بلاَءٍ يُصيبنِي؟فوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا تَمَنَّيْت وَلاَ تعنيِّت.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 859.

(15/415)


هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، تَفَرَّد بِهِ عَبْدُ الأَعْلَى (1) وَهُوَ وَاهٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِن، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ فَضْل، وَأَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ السَّيِّد الصَّفَّار بِالمِزَّة، أَخْبَرَنَا الفَقِيْه أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المِصِّيْصِيُّ، وَهِبَة اللهِ بن طَاوس، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا خَيْثَمَة، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البِرْتِي، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ قَالَ:
كَانُوا يَسْتَحيون أَنْ لاَ يذكُروا الله تَعَالَى إِلاَّ عَلَى طَهَارَة.
وَمَاتَ مَعَهُ:عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيّ، وَعَلِيُّ بنُ الفَضْلِ السُّتُورِي بِسَامَرَّاء، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عتَّاب، وَصَاحِبُ خُرَاسَان نُوْح بنُ نَصْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ مكرم بن أَحْمَدَ البَزَّاز، وَأَحْمَدُ بنُ زَكَرِيَّا بنِ الشَّامَة الأَنْدَلُسِيُّ.

231 - الفَارَابِيُّ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَرْخَانَ *
شَيْخُ الفَلْسَفَةِ، الحَكِيْمُ، أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَرْخَان بن أَوْزَلَغ التُّركِي الفَارَابِي المنطِقيُّ، أَحَدُ الأَذْكِيَاء.
__________
(1) قال المؤلف في " الميزان " 2 / 531: قال يحيى وأبو داود: ليس بشيء، وقال ابن نمير والنسائي: متروك، وقال الدارقطني: ضعيف.
(*) الفهرست: 368، طبقات الأمم: 53 - 54، تاريخ الحكماء: 277 - 280، طبقات الاطباء: 603 - 609، وفيات الأعيان: 5 / 153 - 157، العبر: 2 / 251، الوافي بالوفيات: 1 / 106 - 113، مرآة الجنان: 2 / 328 - 331، البداية والنهاية: 11 / 224، شذرات الذهب: 2 / 350 - 354.

(15/416)


لَهُ تَصَانِيْفُ مَشْهُوْرَةٌ، مِنِ ابْتَغَى الهُدَى مِنْهَا، ضلَّ وَحَارَ مِنْهَا تَخرَّج ابْنُ سينَا، نَسْأَل اللهَ التَّوفيق.
وَقَدْ أَحكَم أَبُو نَصْرٍ العَرَبيةَ بِالعِرَاقِ، وَلقِي مَتّى بنَ يُوْنُسَ (1) صَاحِبَ الْمنطق، فَأَخَذَ عَنْهُ، وَسَارَ إِلَى حرَّان، فَلِزمَ بِهَا يوحنَّا بن جيْلاَن النَّصْرَانِيّ.
وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، وَسَكَنَ دِمَشْق.
فَقِيْلَ:إِنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْملك سَيْفِ الدَّوْلَة بنِ حَمْدَان وَهْوَ بزِيِّ التُّرك.
وَكَانَ فِيْمَا يُقَال:يَعرفُ سَبْعِيْنَ لِسَاناً، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أُمَرَاءِ الأَتْرَاك، فَجَلَسَ فِي صَدْر المَجْلِس، وَأَخَذَ يُنَاظر العُلَمَاءَ فِي فنُوْنٍ.
فعلا كَلاَمُه، وَبَان فَضْلُه، وَأَنصتُوا لَهُ.
ثُمَّ إِذَا هُوَ أَبرعُ مَنْ يضرِبُ بِالعُود، فَأَخْرَجَ عُوداً مِنْ خَريطَة (2) ، وَشدَّه، وَلَعِبَ بِهِ، فَفَرِحَ كُلُّ أَهْلِ المَجْلِس، وضحكُوا مِنَ الطَّرب.
ثُمَّ غَيَّر الضَّرْب، فَنَامَ كُلُّ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى البَّوَاب فِيْمَا قِيْلَ.
فَقَامَ وَذَهَبَ (3) .
وَيُقَالُ:إِنَّهُ هُوَ أَوَّلُ مَنِ اخْتَرَعَ القَانُوْنَ (4) .
وَكَانَ يحبّ الوَحدَةَ، وَيصَنِّف (5) فِي المَوَاضِع النَّزِهَة، وَقلّ مَا يبيِّض مِنْهَا (6) .
__________
(1) إليه انتهت رياسة المنطقيين في عصره، وكان نصرانيا، توفي ببغداد سنة / 328 / ه. انظر " طبقات الاطباء ": 317، واسمه فيه " متى بن يونان ".
(2) مثل الكيس، مشرج،، من أدم أو خرق.
(3) " وفيات الأعيان ": 5 / 155 - 156.
(4) المصدر السابق.
(5) في الأصل: يصيف، وهو تصحيف.
(6) " وفيات الأعيان ": 5 / 156.

(15/417)


وَكَانَ يتزهَّد زُهْد الفَلاسفَة، وَلاَ يحتفِل بَملْبَس وَلاَ منزل.
أَجرَى عَلَيْهِ ابْنُ حَمْدَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَرْبَعَة درَاهُم (1) .
وَيُقَالُ:إِنَّهُم سأَلُوهُ:أَأَنت أَعْلَم أَوْ أَرسطو؟
فَقَالَ:لَوْ أَدركْتُه لكُنْتُ أَكْبَرَ تلاَمِذته (2) .
وَلأَبِي نَصْرٍ نَظْمٌ جَيِّد، وَأَدعيَةٌ مليحَةٌ عَلَى اصطلاَح الحكمَاء (3) .
ذكره أَبُو العَبَّاسِ بنُ أَبِي أُصَيْبِعَة، وَسرَدَ أَسَامِي مصنَّفَاته وَهِيَ كَثِيْرَةٌ.
منهَا مَقَالَة فِي إِثْبَاتِ الكيمِيَاء.
وَسَائِرُ تَوَالِيفه فِي الرِّيَاضِي وَالإِلهِي (4) .
وبِدِمَشْقَ كَانَ مَوْتُه فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ نَحْوٍ مِنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَصَلَّى عَلَيْهِ الملكُ سَيْفُ الدُّوْلَة بنُ حَمْدَان.
وَقَبْره بِبَابِ الصَّغِيْر.

232 - ابْنُ مُلَيْحٍ الحَسَنُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُلَيْحٍ الطَّرَائِفِيُّ *
السيِّد المُسْنِد، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُلَيْح الطَّرَائِفِيّ (5) المِصْرِيّ.
سمِعَ:بَحر بنَ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ، وَيَزِيْدَ بنَ سِنَان البَصْرِيّ، وَجَمَاعَة.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " وفيات الأعيان ": 5 / 154.
(3) انظر " عيون الانباء ": 606 - 607.
(4) المصدر السابق.
(*) الأنساب: 8 / 226، لسان الميزان: 2 / 260.
(5) نسبة إلى بيع (الطرائف) وشرائها وهي الاشياء المليحة المتخذة من الخشب. انظر " الأنساب ": 8 / 225.

(15/418)


وَعَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ فِي(الخِلَعِيَّات) (1) .

233 - ابْنُ بَالُوْيَه أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَلاَّبُ *
الإِمَامُ المُفِيْد، الرَّئِيْسُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَالُوْيَه الجَلاَّب النَّيْسَابُوْرِيّ مِنْ كُبَرَاء بَلَده.
ارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، فَسَمِعَ مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ غَالِب تَمْتَام، وَمُحَمَّدِ بن رِبْح البَزَّاز، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَبِشْر بنِ مُوْسَى، وَمُوْسَى بنِ الحَسَنِ الجُلاجِلِيِّ.
وَعَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَابْنُ مَنْدَة، وَالحَاكِمُ، وَعِدَّة.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:قَالَ لِي ابْنُ خُزَيْمَةَ:بَلَغَنِي أَنَّك كتبتَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْر الطَّبَرِيِّ(تَفْسِيْره)؟
قُلْتُ:نَعَم، كتبتُه كُلَّه إِمْلاَءً، فَاسْتعَاره مِنِّي.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:كتبت عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَل ثَلاَث مائَة جُزْء.
قَالَ الحَاكِمُ:تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) انظر ص / 314 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(*) الوافي بالوفيات: 2 / 40.

(15/419)


234 - ابْنُ حَيْكَانَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَدْلُ الثِّقَة، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدِ بنِ حَيْكَانَ النَّيْسَابُوْرِيّ.
رَوَى عَنْهُ:أَحْمَد بنِ الأَزْهر، وَزوَّجه مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيّ بِبِنْت ابْنه.
مَاتَ:سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
من أَكْبَر شَيْخٍ لِلْحَاكِم.

235 - ابْنُ دَاوُدَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ الرَّبَّانِيُّ، العَابِدُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُوْرِيّ الزَّاهِد.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ عَمْرو قَشْمَرْد، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، وَعِدَّة بِبَلَدِهِ، وَأَبَا خَلِيْفَة الجُمَحِيّ بِالبَصْرَةِ، وَجَعْفَراً الفِرْيَابِيّ بِبَغْدَادَ، وَمُحَمَّد بن أَيُّوْبَ البَجَلِيّ بِالرَّيّ، وَالحُسَيْن بنَ إِدْرِيْسَ بهَرَاة، وَابْن مجَاشع بجُرْجَان، وَعَبْدَان بِالأَهْوَاز، وَالحَسَن بنَ سُفْيَان بنَسَا، وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ القَتَّات بِالكُوْفَةِ، وَأَبَا يَعْلَى بِالمَوْصِل، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ بِمِصْرَ، وَالفَضْل الأَنْطَاكِي بِالشَّامِ، وَالمُفَضَّل الجَنَدِي بِمَكَّةَ.
__________
(*) لم نظفر له بترجمة في المصادر التي في حوزتنا.
(* *) تاريخ بغداد: 5 / 265 - 266، تاريخ ابن عساكر: 15 / 154 ب - 155 ب، المنتظم: 6 / 375، تذكرة الحفاظ: 3 / 901 - 902، العبر: 2 / 261، الوافي بالوفيات: 3 / 63، طبقات الحفاظ: 368، شذرات الذهب: 2 / 365.

(15/420)


وَجمع فَأَوعَى، وَصَنَّفَ الأَبْوَاب وَالشُّيُوْخ، وَعَقَدَ مَجْلِسَ الإِملاَء، وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ صَاعِدٍ - وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ - وَابْنُ عُقْدَة، وَالحَاكمَان، وَابْن مَنْدَة، وَابْن جُمَيْع، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكّي وَغَيْرُهُم.
وَكَانَ صَدُوْقاً حسَنَ المَعْرِفَة، مِنْ أَوْعِيَة العِلْم، وَكَانَ فِي التَّأَلُّهِ صِنْفاً آخر.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ القَوَّاس:سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ يُقَالُ:إِنَّهُ مِنَ الأَوْلِيَاء (1) .
وَسُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْهُ، فَقَالَ:فَاضِلٌ ثِقَةٌ (2) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ المُزَكّي:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ دَاوُدَ الزَّاهِد يَقُوْلُ:
كُنْتُ بِالبَصْرَةِ أَيَّامَ القَحْط، فَلم آكلْ فِي أَرْبَعِيْنَ يَوْماً إِلاَّ رغيفاً وَاحِداً، كُنْت إِذَا جُعتُ، قَرَأْت(يس)عَلَى نِيَّة الشِّبَع (3) ، فكفَانِي اللهُ الْجُوع.
تُوُفِّيَ ابْنُ دَاوُدَ:فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ يَوْم الجُمُعَة لعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْه.
أَرَّخَهُ الحَاكِم، وَقَالَ:هُوَ شَيْخُ عَصْره فِي التَّصَوُّف، خَرَجَ عَنْ نَيْسَابُوْر سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَأَتَاهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنَ المَقْبُولين، وَجَمَعَ(أَخْبَار الصُّوْفِيَّة).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 226.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 902.

(15/421)


وَقَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً فَهماً (1) .
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ:مَعْرُوْف بِالحِفْظ، بَيَّنَ حِفْظَه وَعِلْمَه فِي فَوَائِد أَملاَهَا (2) .
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ طَلاَّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ النَّضْرِ، وَمُوْسَى بن مُحَمَّدٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبَّاد بن كَثِيْر عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُوْرٍ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(إِنَّ طَلَبَ كَسْبِ الحلاَلِ فَرِيْضَةٌ بَعْد الفَرِيْضَةِ).
تَفَرَّد بِهِ عَبَّاد (3)، وَهُوَ ضَعِيْفٌ.

236 - السَمَرْقَنْدِيُّ عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ المُحَدِّث، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ بن وَرْدَان السَّمَرْقَنْدِي ثُمَّ المِصْرِيّ الحَذَّاء.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 265.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 902.
(3) هو عباد بن كثير بن قيس الرملي الفلسطيني، قال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ضعيف، وقال الحاكم: روى عن سفيان الثوري أحاديث موضوعة، وأخرجه الطبراني في " الكبير " 10 / 90 من طريق أحمد بن يزيد السجستاني، عن يحيى بن يحيى بهذا الإسناد، وأورده السخاوي في " المقاصد الحسنة " ص 316، وزاد نسبته للبيهقي، وفي " الشعب " والقضاعي، ونقل عن البيهقي قوله: تفرد به عباد وهو ضعيف.
(*) العبر: 2 / 267، حسن المحاضرة: 1 / 209، شذرات الذهب: 2 / 370.

(15/422)


سَمِعَ:أَحْمَدَ بن شَيْبَان الرَّمْلِيّ، وَأَبَا أُمَيَّة الطَّرَسُوْسِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَمَّاد الطِّهْرَانِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الحَكَمِ القِطْرِي، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَابْن جُمَيْع، وَالحَافِظ عَبْد الغنِي الأَزْدِيُّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بن النَّحَّاسِ، وَالخصيب بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّد، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاج الإِشْبيلِي، وَسِبْطُهُ مُحَمَّدُ بنُ ذَكْوَان التِّنِّيْسِيّ - شَيْخٌ لِلْحَبَّال - ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:ثِقَةٌ، لَهُ سَمَاعَاتٌ صِحَاح فِي كُتُب أَبِيْهِ.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
انْتَهَى إِلَيْهِ علُّو الإِسْنَاد بِمِصْرَ وَهُوَ أَعْلَى شَيْخٍ لعَبْد الغنِي.
وَقَدْ رَوَى بِالإِجَازَة أَيْضاً عَنْ أَحْمَدَ بنِ شَيْبَان.
وَبَعْض النَّاس يَقُوْلُ:حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ ينْسبهُ إِلَى جَدِّه.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ القَاضِي حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طلاَّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ شَيْبَان، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً قبلَ نَجْدٍ، فَبلغت سُهْمَانهُم اثْنَيْ عَشَرَ بعيراً، فَنَفَلَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعِيراً بَعِيراً (1) .
__________
(1) وأخرجه أبودواد (2741) من طرق عن شعيب بن أبي حمزة، عن نافع، عن ابن عمر، وهذا إسناد صحيح، وأخرجه أيضا أبو داود (2743) من طريق محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، وأخرجه مالك 2 / 450 في الجهاد: باب جامع النفل في الغزو، ومن طريقه البخاري 6 / 168، 169، ومسلم (1749) عن نافع، عن ابن عمر، وفيه: فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا، أو أحد عشر بعيرا.

(15/423)


237 - الأُسْتَاذُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الحَارِثِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْه، العَلاَّمَة، المُحَدِّث، عَالِمُ مَا وَرَاء النَّهْر، أَبُو مُحَمَّدٍ الأُسْتَاذ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ الحَارِثِ بنِ خَلِيْلٍ الحَارِثِيُّ، البُخَارِيُّ، الكَلاَبَاذِيُّ، الحَنَفِيُّ، المَشْهُورُ:بِعَبْدِ اللهِ الأُسْتَاذِ.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ:عُبَيْدِ اللهِ بنِ وَاصل، وَعَبْد الصَّمَدِ بنِ الفَضْلِ، وَحمْدَانَ بنِ ذِي النُّوْنَ، وَأَبِي مَعْشَر حَمْدُوَيْه بنِ خَطَّاب، وَمُحَمَّدِ بنِ اللَّيْثِ السَّرَخْسِيّ، وَعِمْرَان بن فرينَام، وَأَبِي الموجَّه مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو المَرْوَزِيِّ، وَالفَضْل بن مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الصَّائِغ، وَأَبِي همَّام مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ النَّسَفِيِّ، وَمُوْسَى بنِ هَارُوْنَ الحَمَّال، وَأَحْمَدَ بنِ الضَّوْء، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ:أَبوَالطِّيب عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْر النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الفَارِسِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ المَشَايِخ:أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة، وَكَانَ ابْنُ مَنْدَة يحسن القَوْلَ فِيْهِ.
وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:سَأَلتُ عَنْهُ أَبَا زُرْعَةَ أَحْمَدَ بنَ الحُسَيْنِ، فَقَالَ:ضَعِيْف (1) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 126 - 127، الأنساب: 1 / 212، العبر: 2 / 253، ميزان الاعتدال: 2 / 496 - 497، لسان الميزان: 3 / 348 - 349، شذرات الذهب: 2 / 357.
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 127.

(15/424)


وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:هُوَ صَاحِبُ عجَائِب عَنِ الثِّقَاتِ (1) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ:لاَ يُحْتَجُّ بِهِ (2) .
قُلْتُ:قَدْ أَلَّف(مُسْنَداً)لأَبِي حَنِيْفَةَ الإِمَام (3) ، وَتَعِبَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ فِيْهِ أَوَابدُ مَا تفوَّه بِهَا الإِمَام، رَاجَتْ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ.
وَله كتَاب(وَهُم الطَّبَقَة الظَّلَمَة أَبَا حَنِيْفَةَ)، مَا رَأَيْتهُ.
وَكَانَ شَيْخ المَذْهَب بِمَا وَرَاءِ النَّهْرِ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُوَ الفَضْلِ بن قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا مَحْمُوْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الخَيْر البَاغْبَان (4) ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ مَنْدَة، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حَمَّاد، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنِي بَكْر بن مُضَر، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ جُبَيْر، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بن سَهْل، عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَّقَ حَفْصَة بنْتَ عُمر تَطْلِيْقَةً، ثُمَّ ارْتَجَعَهَا (5) .
__________
(1) " ميزان الاعتدال ": 2 / 496.
(2) " تاريخ بغداد ": 10 / 127.
(3) " الرسالة المستطرفة ": 16.
(4) نسبة إلى حفظ الباغ، أي البستان، وهو فارسي عربه المولدون. أنظر " الأنساب ": 2 / 44.
(5) رجاله ثقات، إلا أنه مرسل وهو حديث صحيح، أخرجه من حديث عمر أبو داود (2283) وابن ماجة (2016) وأخرجه من حديث ابن عمر النسائي 6 / 213، وأخرجه من حديث أنس الحاكم 3 / 15، وانظر الجزء الثاني ص 228، 229 من هذا الكتاب.

(15/425)


238 - الكَرْخِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ دَلاَّلٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، مُفْتِي العِرَاق، شَيْخُ الخنفيَّة، أَبُو الحَسَنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ دَلاَّلٍ البَغْدَادِيُّ، الكَرْخِيُّ، الفَقِيْهُ.
سَمِعَ:إِسْمَاعِيْلَ بنَ إِسْحَاقَ القَاضِي، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيَّ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَالقَاضِي عَبْدُ اللهِ بنُ الأَكْفَانِي، وَالعَلاَّمَة أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيّ الحَنَفِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ التَّنُوْخِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ المَذْهَب، وَانْتَشَرت تلاَمِذَتُهُ فِي البِلاَد، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَبَعُدَ صيتُهُ، وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العُبَّاد ذَا تهجُّد وَأَورَاد وَتَأَلُّه، وَصَبْرٍ عَلَى الفَقْرِ وَالحَاجَة، وَزُهدٍ تَامٍّ، وَوقْعٍ فِي النُّفُوْس، وَمِنْ كِبَار تَلاَمِذته أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ المَذْكُوْر.
وَعَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
كَتَبَ إِلَيَّ المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، قَالَ:
حَدَّثَنِي الصَّيْمَرِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو القَاسِمِ بنُ عَلاَّنَ الوَاسِطِيُّ قَالَ:
لَمَّا أَصَابَ أَبَا الحَسَنِ الكَرْخِيّ الفَالِج فِي آخِرِ عُمُرِهِ، حَضَرْتُهُ، وَحَضَرَ أَصْحَابُه:أَبُو بَكْرٍ الدَّامَغَانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الشَّاشِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البَصْرِيّ، فَقَالُوا:هَذَا مَرَضٌ يحتَاجُ إِلَى نَفَقَة
__________
(*) الفهرست: 293، تاريخ بغداد: 10 / 353 - 355، طبقات الشيرازي: 142، الأنساب: 5 / 386 - 387، المنتظم: 6 / 369 - 370، العبر: 2 / 255، البداية والنهاية: 11 / 224 - 225، الجواهر المضية: 1 / 337.
طبقات المعتزلة: 130، لسان الميزان: 4 / 98 - 99، النجوم الزاهرة: 3 / 306، شذرات الذهب: 2 / 358.

(15/426)


وَعِلاج، وَالشَّيْخ مُقِلٌّ وَلاَ يَنْبَغِي أَن نَبذُلَه لِلنَّاسِ.
فَكَتَبُوا إِلَى سَيْفِ الدَّوْلَة بنِ حَمْدَان، فَأَحسّ الشَّيْخُ بِمَا هُم فِيْهِ، فَبَكَى وَقَالَ:اللَّهُمَّ لاَ تجعلْ رِزْقِي إِلاَّ مِنْ حَيْثُ عَوَّدتَنِي.
فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُحْمَل إِلَيْهِ شَيْءٌ.
ثُمَّ جَاءَ مِنْ سَيْف الدَّوْلَة عَشْرَة آلاَف دِرْهَم، فتُصدِّق بِهَا عَنْهُ (1) .
تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ رَأْساً فِي الاعتزَال - الله يُسَامحه - (2) .

239 - الدِّيْنَوَرِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ *
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيُّ، المَالِكِيُّ، مُصَنِّفُ كِتَابِ(المُجَالَسَةِ)الَّذِي يَرْوِيْهِ البُوصِيرِيُّ، وَغَيْرُهُ.
سَمِعَ:أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبَا قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ قُتَيْبَةَ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَالعَبَّاس بنَ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ دَيْزيل، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مَرْزُوق البُزُورِي، وَالبَصْرِيَّ عَبْد اللهِ الحُلْوَانِيّ، وَالمُحَدِّثَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَعَدَداً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ:القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ التَّمَّار المِصْرِيّ، وَالحَسَن بن إِسْمَاعِيْلَ الضَّرَّاب، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ بَصِيْراً بِمَذْهَب مَالِك، أَلَّف كِتَاباً فِي الردّ عَلَى الشَّافِعِيّ، وَكِتَاباً فِي مَنَاقِب مَالِك.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 355.
(2) انظر ترجمته في " طبقات المعتزلة ": 130.
(*) الديباج المذهب: 32 - 33، حسن المحاضرة: 1 / 208 - 209.

(15/427)


ضعَّفه أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ (1) .
قَالَ ابْنُ زُوْلاَق:قَدِمَ مِصْر، وَحَدَّثَ بكُتُب ابْنِ قُتَيْبَةَ وَغيرِهَا، ثُمَّ سَافر إِلَى أُسْوَان عَلَى قَضَائِهَا، فَأَقَامَ بِهَا سِنِيْنَ كَثِيْرَة.
قَالَ:فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ، قَالَ:وَلِيَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ بن قُتَيْبَةَ قَضَاءَ مِصْر، فجَاءنِي كِتَابُ أَبِي الذّكر مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَالِكِيّ، يَقُوْلُ فِيْهِ:
خَاطبتُ القَاضِي فِي أَمرك، فَوَعَدَنِي بِإِنفَاذِ العَهْد إِلَيْك، فَلَمَّا ذكرتُ لَهُ أَنَّك تروِي كتبَ أَبِيْهِ، وَقَفَ وَبَدَا لَهُ، وَقَالَ:
أَنَا أَعرِفُ كُلَّ مِنْ سَمِعَ مِنْ أَبِي، وَمَا أَعرفُ هَذَا الرَّجُل، فَإِنْ كَانَ عِنْدَك علاَمَة، فَاكْتبْ إِلَيَّ بِهَا.
قَالَ:فكتبتُ إِلَيْهِ بعلاَمَات يَعْرِفُهَا، فَكَتَبَ إِلَيَّ يعْتَذِر، وَبَعَثَ بِعَهْدِي.
قُلْتُ:لَمْ أَظْفَر بوَفَاة الدِّيْنَوَرِيّ، وَأَرَاهَا بَعْد الثَّلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَات، أَخْبَرَنَا الصَّائِن هِبَة اللهِ، وَعلِيُّ الحَافِظ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا النَّسيب، أَخْبَرَنَا رَشَأ بنُ نَظِيف، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا الدِّيْنَوَرِيّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ هُشَيْم، عَنْ مُجَالد، عَنِ الشَّعْبِيّ قَالَ:
كَانَ فِدَاءُ أَسَارَى بَدْرٍ أَرْبَعَة آلاَفٍ وَدُوْنهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ أُمِرَ أَنْ يعلِّم صبيَان الأَنْصَار الكِتَابَة (3) .
__________
(1) " الديباج المذهب ": 32.
(2) في " الديباج المذهب ": 32 - 33 " توفي في صفر سنة ثمان وتسعين ومئتين، وسنه أربع وثمانون سنة ".
(3) مجالد ضعيف، والخبر مرسل.

(15/428)


240 - أَبُو إِسْحَاقَ المَرْوَزِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ الكَبِيْر، شَيْخ الشَّافِعِيَّة، وَفَقِيْه بَغْدَادَ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ، صَاحِبُ أَبِي العَبَّاسِ بنِ سُرَيْجٍ، وَأَكْبَرُ تَلاَمِذتِهِ.
اشْتَغَل بِبَغْدَادَ دَهْراً، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَتخرَّج بِهِ أَئِمَّةٌ كَأَبِي زَيْدٍ المَرْوَزِيّ، وَالقَاضِي أَبِي حَامِد أَحْمَدَ بنِ بِشْرٍ المَرْوَرُّوْذِيّ (1) مُفْتِي البَصْرَة، وَعِدَّة.
شَرَحَ المَذْهَب وَلخَّصه، وَانتهتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ المَذْهَبِ.
ثُمَّ إِنَّهُ فِي أَوَاخِرِ عُمُره تحوَّل إِلَى مِصْرَ، فَتُوُفِّيَ بِهَا فِي رَجَبٍ فِي تَاسعه.
وَقِيْلَ:فِي حَادِي عَشره سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ عِنْد ضَرِيح الإِمَامِ الشَّافِعِيّ (2) ، وَلَعَلَّهُ قَاربَ سبعينَ سَنَةً.
وَإِليه يُنسب بِبَغْدَادَ درب المَرْوَزِيّ الَّذِي فِي قطيعَةَِ الرَّبِيْع (3) .
وَذَكَرَ ابْن خلِّكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - :أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ الحَدَّاد صَاحِب(الْفُرُوع)مِنْ تَلاَمِذَة أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ (4) ، فَلَعَلَّهُ جَالَسَه وَنَاظَرَه، وَإِلاَّ فَابْنُ الحَدَّادِ أَسنُّ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ عَاشَ بَعْد المَرْوَزِيّ قَلِيْلاً (5) .
صَنَّفَ المَرْوَزِيّ كِتَاباً فِي السُّنَّة، وَقرأَه بِجَامِعِ مِصْر، وَحَضَرَه آلاَف
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 11، وفيات الأعيان: 1 / 26 - 27، العبر: 2 / 252، شذرات الذهب: 2 / 355 - 356.
(1) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان ": 1 / 69.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 6 / 11.
(3) المصدر السابق.
(4) انظر " وفيات الأعيان ": 4 / 197.
(5) توفي ابن الحداد سنة / 344 / أو / 345 / على خلاف عند المحققين.
وستأتي ترجمته رقم / 256 / من هذا الجزء.

(15/429)


فَجَرَت فِتْنَة، فَطَلَبَهُ (1) كَافُوْرٌ فَاخْتَفَى، ثُمَّ أُدخل إِلَى كَافُوْر، فَقَالَ:أَمَا أَرْسَلتُ إِلَيْكَ أَنْ لاَ تُشْهِر هَذَا الكِتَاب فَلاَ تظهِرهُ؟
وَكَانَ فِيْهِ ذكر الاسْتِوَاءِ، فَأَنكرته المُعْتَزِلَة.

241 - ابْن أَبِي هُرَيْرَةَ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ البَغْدَادِيُّ، القَاضِي، مِنْ أَصْحَابِ الوُجُوهِ.
انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ المَذْهب.
تفقَّه بِابْنِ سُرَيْج ثُمَّ بِأَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، وَصَنَّفَ شَرْحاً لـ(مُخْتَصَر المُزَنِيّ).
أَخَذَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِي، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرهُمَا، وَاشْتُهِرَ فِي الآفَاق.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

242 - الخَامِيُّ أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّث، الصَّدُوْق، المُعَمَّر، أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
__________
(1) كافور بن عبد الله الاخشيدي، أبو المسك، تولى مملكة مصر والشام نيابة عن ابني الاخشيد أبي القاسم وأبي الحسين، ثم تولاهما مستقلا سنتين وأربعة أشهر إلى أن توفي سنة / 357 / ه. وأخباره مع المتنبي مشهورة.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 298 - 299، طبقات الشيرازي: 112 - 113، وفيات الأعيان: 2 / 75، العبر: 2 / 267، مرآة الجنان: 2 / 337، طبقات الشافعية: 3 / 256 - 263، البداية والنهاية: 11 / 304، طبقات ابن هداية الله: 72، شذرات الذهب: 2 / 370.
(* *) العبر: 2 / 256، المشتبه: 1 / 126، شذرات الذهب: 2 / 358.

(15/430)


بنِ عَمْرٍو المَدِيْنِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، الخَامِيُّ (1) .
سَمِعَ:يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَبَحْرَ بنَ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيَّ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ، وَمنير بنُ أَحْمَدَ الخَشَّاب وَآخَرُوْنَ.
وَحَدِيْثُه مِنْ عَوَالِي الخِلَعيَّات (2) .
وَكَانَ قَدْ عدَّلَه القَاضِي عَبْدُ اللهِ بنُ وَليد الظَاهِرِي.
فَلَمَّا عُزل ابْنُ وَليد، أَسقَطَه القَاضِي الجَدِيْدُ فِي جَمَاعَةٍ، فَتَجَمَّعُوا، وَدَخَلُوا عَلَى كَافُوْر نَائِبِ مِصْر وَفيهم أَبُو الطَّاهِرِ، فَقَالَ:
أَيُّهَا الأُسْتَاذ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَقَاطَعُوا وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخوَاناً، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِم أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَث (3))، وهَؤُلاَءِ القَوْم قَاطَعُوناً وَهَاجَرُونَا، وَصَارُوا بِمخَالفَةِ الحَدِيْثِ عُصَاة غَيْرَ مَقْبُوْلين، فُلاَنَ لَهُم كَافُوْرُ، وَوَعَدَ بِخَيْر.
تُوُفِّيَ أَبُو الطَّاهِرِ المَدِيْنِيّ فِي ذِي الحِجَّةِ سنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَعَاشَ ثَلاَثاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
__________
(1) في " العبر " و" الشذرات ": الحامي، بالحاء المهملة، وهو تصحيف.
(2) انظر ص / 314 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه مالك 2 / 906، 907 في حسن الخلق، ومن طريقه البخاري 10 / 413 في الأدب، ومسلم (2559) في البر والصلة، عن الزهري، عن أنس. وقوله: " ولا تدابروا " معناه: التهاجر والتصارم مأخوذ من تولية الرجل دبره إذا رأى أخاه وإعراضه عنه.

(15/431)


أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ يَحْيَى، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ المَدِيْنِيّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِي أَفلح بنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْم، عَنْ سُلَيْمَان الأَغر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(صلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا كَأَلْفِ صَلاَةٍ فِيْمَا سِوَاهُ إِلاَّ المَسْجد الحَرَام، وَصَلاَةُ الجَمَاعَةِ خَمْس وَعِشْرُوْنَ دَرَجَةً عَلَى صَلاَةِ الفَذِّ) (1) .

243 - الحَوْرَانِيُّ أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ الكِلاَبِيُّ، الحَوْرَانِيُّ، ثُمَّ السَّامَرِّيُّ المولدِ، شَيْخٌ معمَّر مَشْهُوْر.
حَدَّثَ عَنْ:عَبَّاد بن الوَلِيْدِ الغُبَرِيِّ، وَعَبَّاس التُّرْقُفِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَإِسْحَاق بن سَيَّار، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ:تَمَّام الرَّازِيّ، وَيُوْسُف المَيَانَجِي، وَعَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بن زَبْرٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَله(جُزءٌ)يَرْوِيْهِ ابْنُ عَبْدِ الدَّائِم.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 485 من طريق عبد الملك، حدثنا أفلح بن حميد، بهذا الإسناد، وأخرج القسم الأخير منه مسلم (649) (247) في المساجد، من طريق عبد الله بن مسلمة بن قعنب عن أفلح بهذا الإسناد، وأخرجه إلى قوله: " إلا المسجد الحرام " مالك 1 / 196 في الحج، ومن طريقه البخاري 3 / 54 في التطوع، من طريق زيد بن رياح، وعبيد الله بن أبي عبيد الله، عن أبي عبد الله الاغر سلمان، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم (1394) من طرق أخرى عن أبي هريرة.
(*) الأنساب: 4 / 268، تاريخ ابن عساكر: 15 / 137 ب - 138 آ، العبر: 2 / 257، شذرات الذهب: 2 / 361.

(15/432)


تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ - فِيْمَا أَحسب - فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.

244 - البُخَارِيُّ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، النَّبِيْلُ، أَبُو الفَضْلِ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ البُخَارِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، وَأَبَا حَاتِم الرَّازِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَأَبَا يَحْيَى بن أَبِي مسرَّة، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المزكِّي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَابْن مَنْدَة، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ:هُوَ أَبُو الفَضْلِ العَدْل، كَانَ هُوَ وَأَبُوْهُ مِنْ ذوِي اليَسَار وَالثروَة.
لَهُ خطَّة (1) وَمَسْجِدٌ وَبسَاتين، فَأَنفق هَذِهِ الأَمْوَال عَلَى العُلَمَاء وَالصُّلَحَاء، وَبَقِيَ يَأْوِي إِلَى مَسْجِد.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - .

245 - الأَرْدُبِيْلِيُّ أَبُو القَاسِمِ حَفْصُ بنُ عُمَرَ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُفِيْدُ، أَبُو القَاسِمِ حَفْصُ بنُ عُمَرَ الأَرْدُبِيْلِيُّ.
__________
(*) العبر: 2 / 259، شذرات الذهب: 2 / 362.
(1) الخطة، بالكسر: الأرض التي يختطها الرجل لنفسه، ليعلم أنه قد احتازها ليبنيها دارا.
(* *) تذكرة الحفاظ: 3 / 850 - 851، العبر: 2 / 249، طبقات الحفاظ: 352، شذرات الذهب: 2 / 349.
(2) بفتح الالف، وسكون الراء، وضم الدال المهملة، وكسر الياء المنقوطة باثنتين من =

(15/433)


سَمِعَ:أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ وَطبقَته بِالرَّيّ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبَا قِلاَبَةَ عَبْد المَلِكِ بنَ مُحَمَّدٍ، وَأَقْرَانهَمَا بِبَغْدَادَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ دَيْزِيل بهَمذَان.
وَكَانَ ثِقَةً مجوِّداً عَارِفاً فَهماً مُصَنِّفاً مَشْهُوْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ لاَل، وَأَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ بنِ النَّجم المَيَانَجِي، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ نيَّف عَلَى الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيْع سُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ الحَاكِم، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَافِظِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الزَّنْجَانَي الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا القَاضِي عَبْد اللهِ بن عَلِيٍّ السُّفنِي بِأَرْدُبيل، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ الجَعدَوي، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ عُمَرَ الحَافِظ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا ثَابِت بن مُحَمَّدٍ الزَّاهِد، حَدَّثَنَا الحَارِث بن النُّعْمَانِ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكيناً، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكين).
فَقَالَتْ عَائِشَةُ:لِمَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ:(لأَنَّهُم يدخُلُوْنَ الجَنَّةَ قَبْل الأَغْنيَاء بِأَرْبَعِيْنَ خَريفاً) ، وَذكرَ الحَدِيْثَ.
تَفَرَّد بِهِ ثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِد شَيْخُ البُخَارِيِّ.
وَالحَارِثُ بنُ النُّعْمَانِ هَذَا، قَالَ البُخَارِيُّ:مُنْكَرُ الحَدِيْثِ (1) .
قُلْتُ:رَوَى ابْنُ مَاجه وَالتِّرْمِذِيّ فِي كتَابيهمَا لَهُ.
__________
= تحتها، وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى بلدة يقال لها: أردبيل مما يلي أذربيجان. " الأنساب ": 1 / 177.
(1) وقال أبو حاتم: ليس بالقوي في الحديث، وأخرجه الترمذي (2351)، والبيهقي =

(15/434)


246 - الحَسَنُ بنُ سَعْدِ بنِ إِدْرِيْسَ الكُتَامِيُّ القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عَلِيٍّ الكُتَامِي (1) ، القُرْطُبِيُّ، عَالِمُ قُرْطُبَة.
سَمِعَ:مِنْ بَقِي بنِ مَخْلَدٍ فَأَكْثَر، وَبِمَكَّةَ مِنْ عَلِيّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبَاليَمَن مِنْ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي، وَعُبَيْد الكِشْوَرِي، وَبِمِصْرَ مَنْ يُوْسُف بن يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ وَبَابته، وَبِالبَصْرَة مِنْ أَبِي مُسْلِم الكَجِّيّ، وَجَال شَرْقاً وَغَرْباً.
وَكَانَ يجْتَهد وَلاَ يقلِّد، وَيمِيل إِلَى مَذْهب الشَّافِعِيّ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ بنِ الفَرَضِي:كَانَ أَبُو عَلِيٍّ يَحْضُر الشُّوْرَى، فَلَمَّا رَأَى الفتوَى دَائِرَةً عَلَى المَالِكِيَّة، تَرَك شُهُوْدَ الشُّوْرَى (2) ، سَمِعَ مِنْهُ النَّاسُ شَيْئاً كَثِيْراً، وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً.
وَلَمْ يَكُنْ بِالضَّابطِ (3) جِدّاً.
مَوْلِدُهُ بقُرْطُبَة فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَة يَوْم عَرَفَة سنَةَ إِحْدَى
__________
= 7 / 12 من طريق ثابت بن محمد بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث غريب، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، عند ابن ماجة (4126) من طريق يزيد بن سنان، وهو ضعيف، عن أبي المبارك - وهو مجهول - عن عطاء، عن أبي سعيد، وأخرجه الحاكم 4 / 322، والبيهقي 7 / 13 من طريق خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي، عن أبيه، عن عطاء عن أبي سعيد.
ويزيد والد خالد ضعيف، وفي الباب عن عبادة بن الصامت عند تمام في " فوائده "، والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ورقة 65، وفي سنده مجهول، فالحديث حسن.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 110، الأنساب: 10 / 351، تذكرة الحفاظ: 3 / 870، العبر: 2 / 225، الوافي بالوفيات: 12 / 27، طبقات الحفاظ: 356، شذرات الذهب: 2 / 329.
(1) في الأصل: الكتاني، وهو تصحيف، والكتامي: بضم الكاف، وفتح التاء المثناة، وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى " كتامة "، وهي قبيلة من البربر، نزلت ناحية بلاد المغرب. " الأنساب ": 10 / 351.
(2) " تاريخ علماء الأندلس ": 1 / 110.
(3) المصدر السابق.

(15/435)


وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) بقُرْطُبَة، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً وَأَشهر - رَحِمَهُ اللهُ - .

247 - الخُتُّلِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ البَارِعُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ الخُتُّلِي (2) .
سَمِعَ:أَبَاهُ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبَا إِسْمَاعِيْل التِّرْمِذِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ إِسْحَاقَ القَاضِي، وَهَذِهِ الطَّبَقَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ بنُ الثَّلاَّج، وَأَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالقَاضِي أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:كَانَ يُذَاكر وَيصَنِّف، وَيتعَاطَى الحِفْظ (3) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ يحفَظُ خَمْسِيْنَ أَلفَ حَدِيْث، وَيُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ وَكَانَ فَهماً عَارِفاً ثِقَةً حَافِظاً، سَكَنَ البَصْرَة (4) .
قَالَ أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ:حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
دَخَلَ إِلَيْنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الخُتُّلِي إِلَى البَصْرَةِ، وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيْث جَلْدٍ مَشْهُوْرٍ بِالحِفْظ، فَجَاءَ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ كُتُبه، فَحَدَّث شُهوراً إِلَى أَنْ لحِقَتْه كتُبُه، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
__________
(1) في " تاريخ علماء الأندلس " و" الأنساب ": " توفي سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة ".
(*) تاريخ بغداد: 10 / 290 - 291، الإكمال: 3 / 220، الأنساب: 5 / 45، المنتظم: 6 / 351، تذكرة الحفاظ: 3 / 870 - 871، طبقات الحفاظ: 356.
(2) نسبة إلى " الختل " قرية على طريق خراسان إذا خرجت من بغداد.
وانظر " الأنساب ": 5 / 44.
(3) " تاريخ بغداد ": 10 / 290.
(4) المصدر السابق.

(15/436)


حدَّثتُ بخَمْسِيْنَ أَلفَ حَدِيْث مِنْ حِفْظِي إِلَى أَنْ لحقَتْنِي كُتُبِي (1) .
قُلْتُ:لَمْ أَرَ أَحَداً أَرَّخ وَفَاتَه، وَكَأَنَّهَا فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) ، وَعَاشَ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.

248 - الصَّفَّارُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّث، القُدْوَة، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ، الصَّفَّار، الزَّاهِد.
سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ عِصَام، وَأَسِيْدَ (3) بنَ عَاصِم، وَأَحْمَدَ بنَ مَهْدِيٍّ، وَعُبَيْداً الغَزَّال، وَعِدَّة بِأَصْبَهَانَ بَعْد السِّتيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ بفَارس مِنْ:أَحْمَدَ بنِ مِهْرَانَ بنِ خَالِدٍ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ الأَزْرَق، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيّ، وَابْنِ أَبِي أُسَامَةَ.
وَسَمِعَ التَّصَانِيْف مِنْ:أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ:عَلِيّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَجمع وَصَنَّفَ فِي الزُّهْرِيَّات، وَقَدِمَ نَيْسَابُوْر بَعْد الثَّلاَث مائَة (4) ، فسكنهَا، وَسَمِعَ(المُسْنَد الكَبِيْر)مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ، وَكَتَبَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي تَصَانِيْفَه، وَصَحِبَ الأَوْليَاء وَالعُبَّاد، وَارْتَحَلَ إِلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَان، فحَمَل(المُسْنَد)، وَكُتُبَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 290 - 291.
(2) ارخ ابن الجوزي وفاته سنة / 335 / ه انظر " المنتظم " 6 / 351.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 271، الأنساب: 8 / 74 - 75، المنتظم: 6 / 368، العبر: 2 / 250، الوافي بالوفيات: 3 / 316، طبقات الشافعية: 3 / 178 - 179، البداية والنهاية: 11 / 224، النجوم الزاهرة: 3 / 304، شذرات الذهب: 2 / 349.
(3) ضبط في " العبر " و" طبقات الشافعية ": بضم الهمزة وفتح السين، وهو خطأ. انظر " الإكمال ": 1 / 56.
(4) في " الأنساب " 8 / 75 " ورد نيسابور سنة سبع وتسعين ".

(15/437)


حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِي، وَابْنُ مَنْدَة، وَأَبُو سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ:هُوَ مُحَدِّثُ عَصْره، كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، لَمْ يرفَعْ رأْسَه (1) إِلَى السَّمَاء - كَمَا بلغَنَا - نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً (2).
وَكَانَ وَرَّاقه أَبُو العَبَّاسِ المِصْرِيّ خَانَه، وَاختزلَ عُيون كُتُبه وَأَكْثَر مِنْ خَمْس مائَة جُزْء مِنْ أُصُوْله، فَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يُجَامله جَاهِداً فِي اسْترجَاعهَا، فَلَمْ ينجَع فِيْهِ، فَذَهَبَ علمُه بدُعَاءِ الشَّيْخِ عَلَيْهِ (3) .
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ:فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَان وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ:مُسْنِد بَغْدَادَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ البَخْتَرِيِّ، وَمسنِدُ الثَّغْر عَلِيُّ بنُ أَبِي مَطَر الإِسْكَنْدَرَانِيُّ عَنْ مائَة عَام، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم الكَرَّانِي، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَة الحِمْصِيّ بِمِصْرَ، وَالقَاهِرُ بِاللهِ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَرْخَان الفَارَابِي المُتَفَلْسِفُ، وَالقَاضِي عُمَرُ بنُ الحَسَنِ الأُشْنَانِي.

249 - الصَّفَّارُ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو الحَسَنِ، أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
__________
(1) في " الأنساب ": بصره.
(2) " الأنساب ": 8 / 74 - 75.
(3) " طبقات الشافعية ": 3 / 179.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 261، تذكرة الحفاظ: 3 / 876 - 877، طبقات الحفاظ: 358.

(15/438)


البَصْرِيُّ، الصَّفَّار، ابْن زَوْجَةَ الكُدَيْمِيُّ، ومُؤلِّف كتَاب(السُّنُنِ (1))عَلَى المُسْنَد الَّذِي يُكثر أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ مِنْ تَخْرِيْجه فِي توَالِيفه.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الفَرَجِ الأَزْرَق، وَالحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ غَالِب تَمْتَام، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيّ، وَأَبَا مُسْلِم الكَجِّيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَعَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ بَيَان، وَابْنَ أَبِي قمَاش، وَالعَبَّاسَ بنَ الفَضْلِ الأَسْفَاطِي، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِي، وَخلْقاً مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَة، فَأَعْلَى مَا عِنْدَهُ أَصْحَاب يَزِيْد بن هَارُوْنَ، وَنَحْوه.
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَالقَاضِي أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيّ، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ النَّجَّاد، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَان، وَطَائِفَة.
قَالَ:كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً، صَنَّف(المُسْنَد)وَجوَّده.
قُلْتُ:سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ عَبْدَان فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَهَا بِقَلِيْلٍ.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بن عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخبركُم عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي سَنَةَ تِسْعٍ وَسِت مائَة حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طلاَّب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّار بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِب، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يُوْنُس، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي السَّفَر، عَنْ أَبِي بن كَعْب، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
(1) " الرسالة المستطرفة ": 36.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 261.

(15/439)


قَالَ: (إِنَّ اللهَ جَعَلَ مَطْعَمَ ابْنِ آدَمَ مَثلاً لِلدُّنْيَا) (1) .

250 - الصَّفَّارُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ، النَّحْوِيُّ، الأَدِيْبُ، مُسنِدُ العِرَاقِ، أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بن صَالِحٍ البَغْدَادِيُّ، الصَّفَّارُ، المُلَحِيُّ؛نسْبَةً إِلَى المُلَحِ وَالنَّوَادرِ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنَ:الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ أَرْبَعَة وَتِسْعِيْنَ حَدِيْثاً، وَمِنْ زَكَرِيَّا بن يَحْيَى بنِ أَسَد، وَسَعْدَان بنِ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ كُرْ بُزَان، وَعِدَّة.
وَصَحِبَ أَبَا العَبَّاسِ المُبَرِّد، وَأَكثَرَ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْن المُظَفَّر، وَابْن مَنْدَة، وَأَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، وَعُبَيْد اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَمُحَمَّدُ بنِ الحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ القَطَّان، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ مَخْلَد، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
__________
(1) وأخرجه الطبراني في " الكبير " (531) وعبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " 5 / 136، والبيهقي في الزهد الكبير من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود، حدثنا سفيان، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عتي، عن أبي بن كعب، وقال الهيثمي في " المجمع " 10 / 288: ورجالها رجال الصحيح غير عتي وهو ثقة وصححه ابن حبان (2489) وقد توبع موسى ابن مسعود عليه عند ابن أبي الدنيا في الجوع 8 / 2 / 9، وله شاهد من حديث الضحاك بن سفيان الكلابي عند أحمد 3 / 452، والطبراني (8138) وفي سنده علي بن زيد بن جرعان وهو ضعيف وباقي رجاله ثقات، وآخر من حديث سلمان عند الطبراني (6119) ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي. فالحديث صحيح.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 302 - 304، نزهة الالباء: 195 - 196، المنتظم: 6 / 371 - 372، معجم الأدباء: 7 / 33 - 36، إنباه الرواة: 1 / 211 - 213، العبر: 256، البداية والنهاية: 11 / 226، لسان الميزان: 1 / 432، بغية الوعاة: 188، شذرات الذهب: 2 / 358.

(15/440)


قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:كَانَ ثِقَةً مُتعصباً لِلسُّنَّة (1) .
قُلْتُ:انْتَهَى إِلَيْهِ علوُّ الإِسْنَاد.
وَقَدْ رَوَى الحَاكِمُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَلَهُ شِعْرٌ وَفَضَائِل.
وَكَانَ مُقَدَّماً فِي العَرَبِيَّة.
تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي رَابِعَ عَشَرَ المُحَرَّم، سنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ أَجَازَ لَهُم ابْنُ كُلَيْب، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بيَان، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّاز، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ(بِجُزْء ابْنِ عَرَفَةَ).
وَفِيْهَا مَاتَ:أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو المَدِيْنِيّ الخَامِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بن الصَّمُوت الرَّقِّيُّ، وَالمَنْصُوْرُ العُبَيْدِي، وَأَبُو الطيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْد الحَوْرَانِي الكِلاَبِيُّ، وَأَبُو حَاتِم مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الوسفندِي، وَإِسْحَاق بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَة، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بن شَوْذَب بِوَاسِط، وَأَبُو الحَسَنِ شُعبَةُ بنُ الفَضْلِ البَغْدَادِيُّ.
أَمَّا:

251 - أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ *
المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ الحِمْصِيُّ، الرُعَيْنِيُّ، فَيَرْوِي عَنْ:أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ المَرْوَزَيِّ، وَمُحَمَّدِ بن عُبَيْد الكَلاَعِيِّ، وَطبقتِهمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ مَنْدَة، وَأبُو العَبَّاسِ بنُ الحَاج، وَعَبْد الغنِي بنُ سَعيْدٍ الأزْدِيّ، وَآخَرُونَ.
مَاتَ:فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
ذَكَرْتُهُ لِلتَّمْيِيْزِ، وَاسم جَدّه أَحْمَد.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 303.
(*) ستأتي ترجمته في الجزء السادس عشر رقم الترجمة (255).

(15/441)


252 - ابْنُ صَفْوَانَ البَرْذَعِيُّ الحُسَيْن بنُ صَفْوَانَ بنِ إِسْحَاقَ *
الشَّيْخ، المُحَدِّث، الثِّقَة، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ صَفْوَانَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَرْذَعِيُّ (1) .
صَاحبُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا وَرَاوِي كُتُبه.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ شَدَّاد المِسْمَعِي صَاحبِ يَحْيَى القَطَّان، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَج الأَزْرَق، وَالقَاضِي أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البِرْتِي، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَالدِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَخِي مِيْمِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ دُوسْت، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ صَدُوْقاً (2) .
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَالبَرْذَعِيّ نسبَة إِلَى عَمَلِ البَرْذَعَة (3) .
أَمَا النِّسبَة إِلَى بلد برذعَة، فَقَدْ قِيْلَ:بدَالِ مُهْمَلَةٍ.

253 - السُّتُورِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الفَضْلِ بنِ إِدْرِيْسَ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الفَضْلِ بنِ إِدْرِيْس السَّامَرِّيُّ، السُّتُورِيُّ (4) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 54، العبر: 2 / 253، شذرات الذهب: 2 / 356 - 357.
(1) في " شذرات الذهب ": 2 / 356 " البردعي ": بالدال المهملة.
وهو تصحيف.
انظر " المشتبه ": 1 / 65.
(2) " تاريخ بغداد ": 8 / 54.
(3) البرذعة: ما يوضع على الحمار أو البغل ليركب عليه، كالسرج للفرس.
(* *) تاريخ بغداد: 12 / 48، الأنساب: 7 / 41، العبر: 2 / 262، شذرات الذهب: 2 / 365.
(4) بضم السين المهملة، والتاء المنقوطة باثنتين من فوقها، وفي آخرها الراء. هذه النسبة =

(15/442)


لَهُ نُسْخَة عَنِ الحَسَنِ بنِ عَرَفَة عَالِيَة، تَفَرَّد فِي زَمَانِهِ بِهَا، مَا عَلِمْتُه رَوَى سِوَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ:يُوْسُف القَوَّاس، وَابْن حَسنُوْنَ النَّرْسِيّ، وَالحُسَيْنُ بنُ بَرْهَان، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الروزبهَان، وَالحَاكِم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:سَمِعْتُ العَتِيْقِيّ يوَثَّقَهُ.
وَقَالَ:مَا سَمِعْتُ شُيُوْخنَا يذكرُونَهُ إِلاَّ بجَمِيْل (1) .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَعَلَّهُ قَارب المائَة.
رَوَى جُزءهُ النَّفِيس ابْنُ البُنّ عَنْ جَدِّه، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي العَلاَءِ، عَنِ ابْنِ الروزبهَان عَنْهُ.

254 - ابْنُ عُقْبَةَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ بنِ هَمَّامٍ الشَّيْبَانِيُّ، الكُوْفِيُّ.
قَدمَ بَغْدَاد، فَرَوَى عَنْ:إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي العَنْبَس، وَالخَضِر بنِ أَبَانٍ، وَسُلَيْمَان بن الرَّبِيْعِ النَّهْدِيّ، وَمُطَيَّن.
وَعَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَجَمَاعَةٌ.
__________
= إلى الستر، وجمعه الستور، وهذه النسبة إما إلى حفظ الستور والبوابية على ما جرت به عادة الملوك، أو حمل أستار الكعبة وأنظر " الأنساب ": 7 / 40.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 48.
(*) تاريخ بغداد: 12 / 79 - 81، المنتظم: 6 / 376، العبر: 2 / 262، مرآة الجنان: 2 / 335، البداية والنهاية: 11 / 228، شذرات الذهب: 2 / 365 - 336.

(15/443)


قَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً أَمِيناً (1) .
كَانَ يَقُوْلُ:شهدتُ عِنْد القَاضِي إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي العَنْبَس فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
وَقَالَ ابْنُ حَمَّاد الحَافِظ:كَانَ شَيْخَ الكُوْفَة، وَمختَار السُّلْطَان وَالقُضَاة، صَاحب جَمَاعَة وَفقهٍ وَتِلاوَةٍ (3) .
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ ابْنُ عُقْدَة (4) يحضُرُ عِنْدَهُ كَثِيْراً.

255 - ابْنُ السَّمَّاكِ عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُكثِرُ، الصَّادِق، مُسنِدُ العِرَاقِ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ، الدَّقَّاقُ، ابْنُ السَّمَّاكِ.
سَمِعَ بَاعتنَاء وَالده مِنْ:أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّد بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَأَحْمَد بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيِّ، وَحَنْبَل بنِ إِسْحَاقَ، وَالحُسَيْن بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَر، وَمُحَمَّد بنِ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْر الحَارِثِيّ كُرْبَزَان، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَالحَسَن بن مُكْرم، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 80.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) تقدمت ترجمته رقم / 178 / من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 11 / 302 - 303، الأنساب: 7 / 127، المنتظم: 6 / 378، العبر: 2 / 264، ميزان الاعتدال: 3 / 31، البداية والنهاية: 11 / 922، غاية النهاية: 1 / 501، لسان الميزان: 4 / 131 - 132، شذرات الذهب: 2 / 366 - 367.

(15/444)


وجَمَعَ فَأَوْعَى، وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازل وَالسمِين وَالهزيل.
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ شَاهِيْن، وَابْنُ مَنْدَة، وَالحَاكِم، وَأَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، وَابْن رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَضْلِ، وَأَبُو عَلِيٍّ شَاذَان، وَعِدَّة.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:شَيْخُنَا أَبُو عَمْرٍو كَتَبَ عَنِ العُطَارِدِيّ وَمَنْ بَعْدَهُ، وَكَتَبَ المصَنَّفَات الطِّوَال بخطِّه، وَكَانَ مِنَ الثِّقَات (1) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ابْنُ السَّمَّاك ثِقَةً ثَبْتاً (2) ، سَمِعْتُ ابْنَ رَزْقُوَيْه، يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا البَاز الأَبيض أَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ السُّلَمِيّ، أَخْبَرَنَا الدَّارَقُطْنِيّ، سَمِعْتُ ابْنَ السَّمَّاك، يَقُوْلُ:وجَّه إِليَّ الحُسَيْنُ النُّوبَخّتِي، وَقَدْ كُنْتُ قضيتُ لَهُ حَاجَة:
ابعثَ إِلَى القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبِي عُمَرَ ليقبل شَهَادَتك؟
فَقُلْتُ:لاَ أَنشَطُ لِذَلِكَ، أَنَا أَشهد عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدِي فتقْبلُ شهَادتِي، لاَ أُحِبُّ أَنْ أَشهدَ عَلَى العَامَّة وَمعِي آخر.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَشَيَّعَه نَحْو خَمْسِيْنَ أَلْفاً، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ مُحَمَّد، وَقَدْ عُمِّر مُحَمَّدٌ هَذَا.
وَحَدَّثَ عَنِ البَغَوِيّ وَغَيْرِه.

256 - ابْنُ الحَدَّادِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الإِسْلاَم، عَالِمُ العَصْر، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 303.
(2) " تاريخ بغداد ": 11 / 302.
(*) طبقات الشيرازي: 114، الأنساب: 4 / 71 - 72، المنتظم: 6 / 379، وفيات =

(15/445)


بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الكِنَانِيُّ، المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، ابْنُ الحَدَّادِ.
صَاحبُ كتَابِ(الْفُرُوع)فِي المَذْهب.
وُلِدَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:أَبَا الزنبَاع رَوْح بنَ الفَرَجِ، وَأَبَا يَزِيْدَ يُوْسُف بن يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ، وَمُحَمَّد بن عَقِيْل الفِرْيَابِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ الإِمَام، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ، وَأَبَا يَعْقُوْب المَنْجَنِيْقيَّ، وَخلقاً سِوَاهُم.
وَلاَزمَ النَّسَائِيّ كَثِيْراً، وَتخرَّج بِهِ، وَعوَّل عَلَيْهِ، وَاكتفَى بِهِ، وَقَالَ:جعلتُه حُجَّة فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ الله - تَعَالَى - ، وَكَانَ فَى العِلْم بَحْراً لاَ تكدِّره الدِّلاَء، وَلَهُ لَسَنٌ وَبلاغَة وَبَصَرٌ بِالحَدِيْثِ وَرِجَاله، وَعربيَّة مُتقَنَةٌ، وَبَاعٌ مَدِيد فِي الفِقْه لاَ يُجَارَى فِيْهِ مَعَ التَأَلُّه وَالعِبَادَة وَالنَّوَافل، وَبُعد الصِّيت، وَالعَظَمَة فِي النُّفُوْس.
ذكره ابْن زُوْلاَق - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابه - فَقَالَ:كَانَ تَقِيّاً متعبِّداً، يحسن عُلوماً كَثِيْرَة:عِلْم القُرْآن وَعِلْم الحَدِيْث، وَالرِّجَال، وَالكُنَى، وَاختلاَفِ العُلَمَاء وَالنَّحْو وَاللُّغَة وَالشِّعْر، وَأَيَّام النَّاس، وَيختِمُ القُرْآن فِي كُلِّ يَوْم، وَيَصُوْم يَوْماً وَيُفْطِر يَوْماً، كَانَ مِنْ مَحَاسِنِ مِصْر، إِلَى أَنْ قَالَ:وَكَانَ طَوِيْل اللِّسَان، حسن الثِّيَاب وَالمركوب، غَيْرَ مَطْعُوْنَ عَلَيْهِ فِي لَفْظٍ وَلاَ فِعْل، وَكَانَ
__________
= الأعيان: 4 / 197 - 198، تذكرة الحفاظ: 3 / 899 - 900، العبر: 2 / 264، الوافي بالوفيات: 2 / 69، مرآة الجنان: 2 / 336، طبقات الشافعية: 3 / 79 - 98، البداية والنهاية: 11 / 229 - 230، النجوم الزاهرة: 3 / 313، طبقات الحفاظ: 367، طبقات ابن هداية الله: 70 - 72، شذرات الذهب: 2 / 367 - 368.

(15/446)


حَاذِقاً بِالقَضَاء.
صَنَّف كتَاب(أَدب القَاضِي (1))فِي أَرْبَعِيْنَ جُزْءاً، وكتَاب(الفَرَائِض)فِي نَحْو مِنْ مائَة جُزْء (2) .
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الأَمِيْن، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّسَّابَة، أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي بنُ صِابر، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ الموَازينِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سعْدَان، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَدَّاد، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ، سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ فَضَالَة، سَمِعْتُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، يَقُوْلُ:الشَّافِعِيّ إِمَامٌ (3) .
نقُلْتُ فِي(تَاريخ الإِسْلاَم):أَنَّ مولد ابْن الحَدَّاد يَوْم مَوْت المُزَنِيّ (4) ، وَأَنَّهُ جَالَس أَبَا إِسْحَاقَ المَرْوَزِيَّ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِم، وَنَاظرَه.
وكتَابُه فِي(الفُروع)مختصرٌ دقَّق مَسَائِلَه، شَرحه القَفَّال، وَالقَاضِي أَبُو الطيِّبِ، وَأَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيّ، وَهُوَ صَاحِبُ وَجْه فِي المَذْهب.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ:سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيّ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْم بنَ مُحَمَّدٍ النَّسْوِي المُعَدَّل بِمِصْرَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ الحَدَّاد، يَقُوْلُ:أَخَذْتُ (5) نَفْسِي بِمَا رَوَاهُ الرَّبِيْع عَنِ الشَّافِعِيّ، أَنَّهُ كَانَ يختِم فِي رَمَضَانَ سِتِّيْنَ خَتْمَة، سِوَى مَا يقرأُ فِي الصَّلاَةِ، فَأَكْثَرُ مَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ تسعاً وَخَمْسِيْنَ خَتْمَة، وَأَتَيْت فِي غَيْر رَمَضَان بِثَلاَثِيْنَ خَتْمَة.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:كَانَ ابْنُ الحَدَّاد كَثِيْر الحَدِيْثِ، لَمْ يحدِّثْ عَنْ غَيْر
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ ": أدب القضاء.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 900. وما بين حاصرتين منه.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 900.
(4) انظر الحاشية رقم / 1 / ص 28 / من هذا الجزء.
(5) في " طبقات الشافعية ": 3 / 81 " أحدث " وهو تصحيف.

(15/447)


النَّسَائِيّ. وَقَالَ:رضيتُ بِهِ حُجَّة بَيْنِي وَبَيْنَ الله (1) .
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:كَانَ ابْنُ الحَدَّاد يُحسن النَّحْو وَالفَرَائِض، وَيدخُل عَلَى السَّلاَطين، وَكَانَ حَافِظاً للفِقّه عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَكَانَ كَثِيْر الصَّلاَة متعبِّداً، وَلِي القَضَاء بِمِصْرَ نِيَابَةً لابْنِ هروَان الرَّمْلِيّ (2) .
وَقَالَ المُسَبِّحِيّ:كَانَ فَقِيْهاً عَالِماً كَثِيْر الصَّلاَة وَالصِّيَام، يَصُوْم يَوْماً، وَيُفْطِر يَوْماً، وَيختِم القُرْآن فِي كُلِّ يَوْمٍ وَليلَةٍ قَائِماً مُصَلِّياً.
قَالَ:وَمَاتَ، وَصُلِّي عَلَيْهِ يَوْم الأَرْبعَاء، وَدُفِنَ بِسَفْحِ المُقَطَّم عِنْد قَبْر وَالدَتِه، وَحضر جِنَازَتَه الملكُ أَبُو القَاسِمِ بن الإِخْشِيذ، وَأَبُو المِسْك كَافور، وَالأَعيَانُ (3) ، وَكَانَ نسيجَ وَحدِه فِي حِفْظ القُرْآن وَاللُّغَة، وَالتَّوسُّع فِي عِلْم الفِقْه.
وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ مِنْ سِنِيْنَ كَثِيْرَة يغَشْاهَا المُسْلِمُوْنَ.
وَكَانَ جِداً كُلّه - رَحِمَهُ اللهُ - ، فَمَا خلّف بِمِصْرَ بَعْدَهُ مثله.
قَالَ:وَكَانَ عَالِماً أَيْضاً بِالحَدِيْثِ وَالأَسْمَاء وَالرِّجَال وَالتَّارِيْخ.
وَقَالَ ابْنُ زُوْلاَق فِي(قُضَاة مِصْر)فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ سلَّم الإِخْشِيذ قَضَاءَ مِصْر إِلَى ابْنِ الحَدَّاد، وَكَانَ أَيْضاً ينظُر فِي المَظَالم، وَيوقِّع فِيْهَا، فنَظَر فِي الحكم خِلاَفَةً عَنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَكَانَ يجلِسُ فِي الجَامع، وَفِي دَاره، وَكَانَ فَقِيْهاً متعبِّداً، يُحسن علوماً كَثِيْرَةً:مِنْهَا عِلْم القُرْآن، وَقولُ الشَّافِعِيّ، وَعِلْم الحَدِيْث، وَالأَسْمَاء وَالكُنَى وَالنَّحْو وَاللُّغه، وَاختلاَف العُلَمَاء، وَأَيَّامُ النَّاس، وَسِير الجَاهِليَة، وَالنَّسب وَالشِّعْر، وَيحفَظُ شِعراً كَثِيْراً، وَيجيد الشِّعْر، وَيختِم فِي كُلِّ يَوْمٍ
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 80.
(2) المصدر السابق.
(3) " وفيات الأعيان ": 4 / 198.

(15/448)


وَليلَةٍ (1) ، وَيَصُوْم يَوْماً وَيُفْطِر يَوْماً، وَيختم يَوْم الجُمُعَة خَتْمَة أُخْرَى فِي رَكْعَتَيْنِ فِي الجَامع قَبْلَ صَلاَة الجُمُعَة سِوَى الَّتِي يختمهَا كُلّ يَوْم.
حسنَ الثِّيَاب رفيعهَا، حسنَ الْمَرْكُوب، فَصِيْحاً غَيْر مَطْعُوْنَ عَلَيْهِ فِي لفظٍ وَلاَ فَضْل ثِقَةً فِي اليَد وَالفَرْج وَاللِّسَان، مجموعاً عَلَى صِيَانته وَطَهَارته حَاذِقاً بعِلْم القَضَاء، أَخذَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ القَاضِي (2) .
وَأَخَذَ عِلْم الحَدِيْث عَنِ النَّسَائِيّ، وَالفِقْه عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْل الفِرْيَابِيّ، وَعَنْ بِشْر بن نَصْرٍ، وَعَنْ مَنْصُوْر بن إِسْمَاعِيْلَ، وَابْن بَحْر، وَأَخَذَ العَرَبِيَّة، عَنِ ابْنِ وَلاَّد، وَكَانَ لِحُبِّهِ الحَدِيْث لاَ يدعُ المذَاكرَة، وَكَانَ يلزَمَهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ البَاوردِي الحَافِظُ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ مِنْ مصنَّفَاته، فذَاكره يَوْماً بِأَحَادِيْثَ، فَاسْتحسنهَا ابْنُ الحَدَّاد، وَقَالَ:اكتُبْهَا لِي، فكتَبَهَا لَهُ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسَمِعَهَا مِنْهُ وَقَالَ:هَكَذَا يُؤخذ العِلْم، فَاسْتحسن النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَكَانَ تُتبع أَلفَاظه، وَتُجْمَع أَحْكَامه.
وَلَهُ كتَابُ(البَاهر)، فِي الفِقْه نَحْو مائَة جُزْء، وكتَاب(الجَامع).
وفِي ابْن الحَدَّاد، يَقُوْلُ:أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الكَحَّال:
الشَّافِعِيّ تفقهاً وَالأَصْمَعِيّ ... تفنُناً (3) وَالتَّابِعِيْنَ (4) تزهدَا
قَالَ ابْنُ زولاَق:حَدَّثَنَا ابْنُ الحَدَّاد بكتَاب(خصَائِص عليّ) - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ، عَنِ النَّسَائِيّ، فَبَلَغَه عَنْ بَعْضهم شَيْءٌ فِي عَلِيّ، فَقَالَ:لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَملِي الكِتَابَ فِي الجَامع.
__________
(1) في " طبقات الشافعية ": وليله في صلاة.
(2) " طبقات الشافعية ": 3 / 81، وما بين حاصرتين منه.
(3) في " طبقات الشافعية ": تيقنا.
(4) في طبقات الشافعية: والتابعون.

(15/449)


قَالَ ابْنُ زولاَق:وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ حسن، قَالَ:سَمِعْتُ ابْنَ الحَدَّاد، يَقُوْلُ:
كُنْتُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ الإِخْشِيذ - يَعْنِي:مَلِكَ مِصْر - فَلَمَّا قُمْنَا أَمسكنِي وَحْدِي.
فَقَالَ:أَيُّمَا أَفْضَل أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، أَوْ عليّ؟
فَقُلْتُ:اثْنَيْنِ حِذَاء وَاحد.
قَالَ:فَأَيُّمَا أَفْضَل أَبُو بَكْرٍ، أَوْ عليّ؟
قُلْتُ:إِنْ كَانَ عِنْدَك فعلِيّ، وَإِنْ كَانَ برّاً (1) فَأَبُو بَكْرٍ، فَضَحِكَ.
قَالَ:وَهَذَا يُشبه مَا بَلَغَنِي، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، أَنَّهُ سأَله رَجُلٌ:أَيُّمَا أَفْضَل أَبُو بَكْرٍ، أَوْ عليّ؟
فَقَالَ:عُدْ إِليَّ بَعْد ثَلاَث، فَجَاءهُ.
فَقَالَ:تقدَّمْنِي إِلَى مُؤخَّر الجَامع، فتقدَّمه، فَنَهَضَ إِلَيْهِ، وَاسْتعفَاهُ، فَأَبَى.
فَقَالَ:عَلِيٌّ، وَتَالله لَئِنْ أَخَبْرتَ بِهَذَا أَحداً عَنِّي لأَقولنَّ للأَمِيْرِ أَحْمَدَ بن طُولُوْنَ، فيضربك بِالسِّيَاط.
وَقَدْ وَلِيَ القَضَاءَ مِنْ قَبْل ابْن الإِخْشِيذ ثُمَّ بَعْد سِتَّة أَشهر، وَرد العَهدُ بِالقَضَاء مِنْ قَاضِي العِرَاق ابْن أَبِي الشَّوَارِبِ لابْنِ أَبِي زُرْعَةَ، فَرَكِبَ بِالسَّوَاد.
وَلَمْ يَزَلِ ابْنُ الحَدَّاد يَخلفه إِلَى آخر أَيَّامه.
وَكَانَ ابْنُ أَبِي زُرْعَةَ يَتَأَدَّب مَعَهُ، وَيُعظِّمُه، وَلاَ يخَالفُه فِي شَيْءٍ، ثُمَّ عُزِل عَنْ بَغْدَاد ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ بِأَبِي نَصْرٍ يُوْسُف بنِ عُمَرَ، فَبَعَثَ بِالعهد إِلَى ابْنِ أَبِي زُرْعَةَ.
قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ:صَنَّفَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الحَدَّاد كتَابَ(الفُروع)فِي المَذْهَب، وَهُوَ صَغِيْرُ الْحَجْم، دقَّقَ مَسَائِلَه، وَشرَحه جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّة، منهُم:القَفَّال المَرْوَزِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَأَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ إِلَى أَنْ
__________
(1) برا: كلمة مولدة بمعنى علانية، ومنه: " من أصلح جوانيه، أصلح الله برانيه " أي: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته.

(15/450)


قَالَ أَخَذَ عَنْ:أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ (1) .
وَمولده يَوْمَ مَاتَ المُزَنِيّ (2) .
وَكَانَ غَوَّاصاً عَلَى المعَانِي محقِّقاً (3) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقِيْلَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ (4) .
قُلْتُ:حَجَّ، وَمَرِضَ فِي رُجُوعه، فَأَدْركه الأَجل عِنْد البِئر وَالجُمَّيْزَة يَوْم الثّلاَثَاء لأَربعٍ بَقِيْنَ مِنَ المُحرَّم سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَهُوَ يَوْم دُخُول الرَّكْب إِلَى مِصْرَ، وَعَاشَ تسعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً وَأَشهراً، وَدُفِن يَوْم الأَرْبعَاء عِنْد قَبْر أُمّه.
أَرَّخَهُ المُسَبِّحِيّ.

257 - المَادرَائِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ *
الوَزِيْرُ المُعظَّمُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ رُسْتُمَ البَغْدَادِيُّ، المَادَرَائِيُّ (5) .
وزَرَ لصَاحب مِصْر خُمَارَوَيْه (6) ، وَكَانَ أَبُوْهُ نَاظر خَرَاج مِصْر.
__________
(1) " وفيات الأعيان ": 4 / 197.
(2) توفي المزني سنة / 264 / ه.
(3) " وفيات الأعيان ": 4 / 197.
(4) في " شذرات الذهب ": 2 / 368 " هذا هو الصحيح ".
(*) تاريخ بغداد: 2 / 79 - 81، الانسباب: 499، تاريخ ابن عساكر: 15 / 341 ب - 342 ب، المنتظم: 6 / 383، العبر: 2 / 268 - 269، الوافي بالوفيات: 4 / 115، البداية والنهاية: 11 / 231، خطط المقريزي: 2 / 155 - 157، شذرات الذهب: 2 / 371.
(5) نسبة إلى " مادرايا ". قال السمعاني: وظني أنها من أعمال البصرة، انظر " الأنساب ": 499 آ - 499 ب.
(6) ابن أحمد بن طولون صاحب مصر، توفي سنة 282، انظر: " ولاة مصر " للكندي: 258 - 264.

(15/451)


وَلد أَبُو بَكْرٍ سَنَة سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
واحترقتْ كتُبُه، فَسَلِمَ مِنْهَا جُزْءان سمِعهُمَا مِنَ العُطَارِدِيّ (1) .
رَوَى عَنْهُ:أَبُو مُسْلِم الكَاتِب وَغَيْرهُ.
وَكَانَ رَئِيْساً نبيلاً كَثِيْرَ الأَمْوَال جِدّاً، لاَ يلْحق فِي برِّه.
وَكَانَ القُضَاةُ وَالكُبَرَاء يتردَّدُوْنَ إِلَى بَابه، حَجَّ عِشْرِيْنَ حجَّةً، وَكَانَ كَثِيْر الصِّيَام، ملاَزِماً للجَمَاعَة، وَقَدْ نُكب مرَّةً عَلَى يَد الوَزِيْر ابْن حِنْزَابَة (2) ، فوزَنَ أَلف أَلف دِيْنَار، وَحُبِس مُدَّة بِالرَّمْلَة، ثُمَّ أَطْلَقَهُ الإِخشيذ (3) ، وَبَالَغَ فِي إِكرَامه (4) .
قَالَ المُسَبِّحِيّ:يُقَال إِن ديوَانَه اشتملَ عَلَى سِتِّيْنَ أَلْفاً مِمَّنْ يمُونهُم، وَكَانَ يتصدَّق فِي الشَّهْرِ بِمائَة أَلف رَطْل دَقِيق.
وَقِيْلَ:أَعتقَ فِي عُمره مائَةَ أَلْف نَسمَة.
وَكَانَ ذكياً جَيِّد البَدِيْهَة، وَكَانَ لَهُ خَتْمَة فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.
وَبَلَغَ ارتفَاعُ أَملاَكه فِي العَامِ أَرْبَع مائَة أَلْف دِيْنَار، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ أَنفقَ فِي بَعْض حجَّاتِه مائةَ أَلْف دِيْنَار، نَقله المُسَبِّحِيّ (5) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - .

258 - الأَصَمُّ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بن يُوْسُفَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 80.
(2) هو الفضل بن جعفر، أبو الفتح، وقد تقدمت ترجمته.
(3) تقدمت ترجمته رقم / 189 / من هذا الجزء.
(4) انظر " خطط المقريزي ": 2 / 156.
(5) " خطط المقريزي ": 2 / 155.
(*) الأنساب: 1 / 294 - 297، تاريخ ابن عساكر: 16 / 67 آ - 69 ب -، المنتظم: =

(15/452)


العَصْرِ، رِحلَة الوَقْتِ، أَبُو العَبَّاسِ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ، السِّنَانِيُّ، المَعْقِلِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الأَصَمُّ، وَلَدُ المُحَدِّث الحَافِظِ أَبِي الفَضْل الوَرَّاق.
كَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَصْحَاب إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَعَلِيِّ بن حُجْر، وَكَانَ كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:من أَحسن النَّاس خَطّاً.
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَد الدُّوْرِيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ العَتَكِيُّ، وَابنُه أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ.
وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدِ ارْتَحَلَ بَابنِه أَبِي العَبَّاس إِلَى الآفَاق، وَسَمَّعَهُ الكُتُبَ الكِبَارَ.
فسَمِعَ (2) مِنْ:أَحْمَد بن يُوْسُفَ السُّلَمِيّ، وَأَحْمَدَ بن الأَزهَر، وَكَانَ خَاتمَةَ أَصحَابهمَا بِهَا (3) لَكِنَّه عُدِمَ (4) سَمَاعه مِنْهُمَا، وَسَمِعَ:بِأَصْبَهَانَ مِنْ هَارُوْنَ بن سُلَيْمَانَ، وَأَسِيْد بن عَاصِم، وَبِبَغْدَادَ مِنْ زَكَرِيَّا بن يَحْيَى أَسد المَرْوَزِيّ، صَاحب سُفْيَان بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الصَّغَانِيِّ، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَعِدَّة.
وَبِمصر:مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَالرَّبِيْع بنِ سُلَيْمَانَ المُرَادِيّ، وَبَحْرِ بنِ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ وَأَقرَانِهم.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ هِشَام بن ملاَّس النُّمَيْرِي، وَيَزِيْدَ بن عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبِي زُرْعَةَ النَّصْرِي.
وَببَيْرُوْت مِنْ:
__________
= 6 / 386 - 387، تذكرة الحفاظ: 3 / 860 - 864، العبر: 2 / 273 - 274، الوافي بالوفيات: 5 / 223، نكت الهميان: 279، البداية والنهاية: 11 / 232، غاية النهاية: 2 / 283، النجوم الزاهرة: 3 / 317، طبقات الحفاظ: 354، شذرات الذهب: 2 / 373 - 374.
(1) له ترجمة في " تاريخ بغداد ": 14 / 286.
(2) أي: أبو العباس الأصم.
(3) أي بنيسابور.
(4) أي: فقد.

(15/453)


العَبَّاس بن الوَلِيْدِ العُذْرِيّ.
وَبَالكُوْفَةِ مِنْ:أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحَارِثِيّ، وَالحَسَن بن عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ العَامِرِيِّ.
وَحَدَّثَ بكتَاب(الأُم)للشَافعِي عَنِ الرَّبِيْع.
وَطَالَ عُمُرُهُ وَبَعُد صيتُه، وَتزَاحَمَ عَلَيْهِ الطَّلبَة.
وَجمِيع مَا حَدَّثَ بِهِ إِنَّمَا رَوَاهُ مِنْ لَفْظه، فَإِنَّ الصَّمم لحِقَه وَهُوَ شَابٌّ لَهُ بِضْع وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، بَعْد رُجُوعه مِنَ الرِّحْلَة، ثُمَّ تَزَايد بِهِ، وَاسْتحكَم بِحَيْثُ إِنَّهُ لَا يسمع نهيقَ الحِمَار.
وَقَدْ حدَّث فِي الإِسْلاَمِ ستّاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ:الحُسَيْن بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد القَبَّانِيُّ، وَأَبُو حَامِد الأَعْمَشِيُّ (2) - وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ - وَحَسَّان بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَأَبُو أَحْمَد بن عَدِيّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَان، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو طَاهِر بن مَحْمِش، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ السَّرَّاج، وَأَبُو صَادِق مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفوَارس العَطَّار، وَالفَقِيْه أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءٍ الأَدِيْبُ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّاذْيَاخِي، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ شَبِيْب الفَامِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْم بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ بن مُعَاوِيَةَ العَطَّار، وَإِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ السُّوسِيُّ، وَالحَسَن بن مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْب المُفَسِّر، وَسَعِيْد بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن عَبْدَان.
وَأَبُو الطَّيِّبِ سَهْل بنُ
__________
(1) " الأنساب ": 1 / 294.
(2) نسبة إلى الأعمش سليمان بن مهران، قيل له ذلك لأنه كان يحفظ حديثه.

(15/454)


مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ الصُّعْلُوكيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَن المِهْرَجَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَامِد أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بَالُوْيَه المُزَكِّي، وَعُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن مَهْدِيّ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ الإِسْفَرَايينِي المُقْرِئ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السُّبعِي، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الطَّهْمَانِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ مَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ المُقْرِئُ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الحَرَشِيّ الحِيْرِيُّ، وَأَبُو (1) بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَيْدٍ، وَأَبُو سَعِيْد مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الصَّيْرَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ البَغْدَادِيّ الطِّرَازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ الجُرْجَانِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم، وَآخَرُوْنَ.
رَوَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا بِالإِجَازَة أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ يكرَه أَنْ يُقَالَ لَهُ:الأَصَمُّ، فَكَانَ أَمَامُنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِي (2) ، يَقُوْلُ:المعقلِي قَالَ:
وَإِنَّمَا حَدَثَ (3) بِهِ الصَّممُ بَعْد انصرَافِه مِنَ الرِّحْلَة، وَكَانَ محدِّث عَصْره، وَلَمْ يَخْتلفْ أَحدٌ فِي صِدْقه وَصحَّة سَماعَاته، وضبْط أَبِيهِ يَعْقُوْب الوَرَّاق لَهَا، وَكَانَ يَرْجِع إِلَى حُسْن مَذْهب وَتديُّن.
وَبَلَغَنِي أَنَّهُ أَذَّن سبعينَ سَنَةً فِي مسجِدِه.
قَالَ:وَكَانَ حَسَنَ الخُلُق، سخيَّ النَّفْس، وَرُبَّمَا كَانَ يحتَاجُ إِلَى الشَّيْء لِمَعَاشه، فيُورق، وَيَأْكُل مِنْ كسب يَده، وَهَذَا الَّذِي يُعَاب بِهِ، مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَأْخذُ عَلَى
__________
(1) في الأصل: بكر بن محمد، وهو خطأ. انظر " الإكمال ": 2 / 160 - 161.
(2) ستأتي ترجمته برقم / 274 / من هذا الجزء.
(3) في " الأنساب ": ظهر.

(15/455)


الحَدِيْث (1) ، إِنَّمَا كَانَ يَعِيْبُه بِهِ مَنْ لاَ يَعْرِفُهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يكره ذَلِكَ أَشدَّ الكرَاهَة وَلاَ ينَاقش أَحداً فِيْهِ، إِنَّمَا كَانَ وَرَّاقُه وَابنُه يطلُبَان (2) النَّاس بِذَلِكَ، فَيكْرَه هُوَ ذَلِكَ، وَلاَ يقدِرُ عَلَى مخَالِفتهمَا (3) .
سَمِعَ مِنْهُ:الآباءُ وَالأَبنَاءُ وَالأَحْفَاد، وَكفَاهُ شَرَفاً أَنْ يُحَدِّث طول تِلْكَ السِّنين، وَلاَ يجدُ أَحدُ فِيْهِ مَغْمزاً بحُجَّةٍ، وَمَا رأَينَا الرِّحْلَة فِي بلاَدٍ مِنْ بلاَد الإِسْلاَم أَكْثَرَ مِنْهَا إِلَيْهِ، فَقَدْ رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الأَنْدَلُس، وَجَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ طرَاز (4) ، وَإِسْبيجَاب (5) عَلَى بَابه، وَكَذَا جَمَاعَة مِنْ أَهْلِ فَارس، وَجَمَاعَة مِنْ أَهْلِ الشَّرْق (6) .
سمِعته غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ:وُلِدْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (7) .
وَرَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ عَلَى طَرِيْق أَصْبَهَان فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، فسَمِعَ بِهَا وَلَمْ يَسْمَعْ بِالأَهْواز وَلاَ البَصْرَة حَرْفاً، ثُمَّ حَجَّ، وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ أَحْمَدَ بن شَيْبَان الرَّمْلِيِّ، صَاحبِ ابْنِ عُيَيْنَه، سَمِعَ بِهَا مِنْهُ فَقَطْ.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ وَعَسْقلاَن وَبَيْرُوْتَ وَدِمْيَاط وَطَرَسُوْس، سَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيِّ.
وَسَمِعَ بحِمْص:مِنْ مُحَمَّد بن عَوْف، وَأَبِي عُتْبَة أَحْمَد بنِ الفَرَجِ.
وَبَالجَزِيْرَة مِنْ:مُحَمَّد بنِ عَلِيِّ بنِ مَيْمُوْن الرَّقِّيِّ. وَسَمِعَ المَغَازِي مِنْ لَفْظ العُطَارِدِيّ.
__________
(1) في " الأنساب ": التحديث.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 861: يطالبان.
(3) " الأنساب ": 1 / 295، وما بين حاصرتين منه.
(4) بلد قريب من إسبيجاب، من ثغور الترك.
في أقصى بلاد الشاش مما يلي تركستان.
انظر " آثار البلاد وأخبار العباد ": 544.
(5) في " الأنساب ": إسفيجاب.
(6) " الأنساب ": 1 / 295.
(7) المصدر السابق.

(15/456)


وَسَمِعَ مصنَّفَات عَبْد الوَهَّابِ بنِ عَطَاء مِنْ يَحْيَى بنِ أَبِي طَالِبٍ.
وَسَمِعَ مُصنَّفَات زَائِدَة وَ(السُّنَن)لأَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّاغَانِي.
وَسَمِعَ(العِللَ)لعَلِيِّ بن المَدِيْنِيِّ مِنْ حَنْبَل (1) .
وَسَمِعَ(معَانِي القُرْآن)مِنْ مُحَمَّد بن الجَهْمِ السِّمَّرِيّ.
وَسَمِعَ(التَّارِيْخ)مِنْ عَبَّاس الدُّوْرِيّ، ثُمَّ انْصَرف إِلَى خُرَاسَانَ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً (2) .
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:حدَّثت بكتَاب(معَانِي القُرْآن)فِي سَنَةِ نَيِّف وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو حَامِد الأَعْمَشِيُّ:كتَبْنَا عَنْ أَبِي العَبَّاس بنِ يَعْقُوْبَ الوَرَّاق فِي مَجْلِسِ مُحَمَّد بن عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (4) .
الحَاكِم:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بن خُزَيْمَةَ، سَمِعْتُ جَدِّي، وَسُئِلَ عَنْ سَمَاع كتَاب(المَبْسوط)مِنْ أَبِي العَبَّاس الأَصَمِّ، فَقَالَ:اسمعُوا مِنْهُ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ، قَدْ رَأَيْتُهُ يسمعُ مَعَ أَبِيهِ بِمِصْرَ، وَأَبُوْهُ يضبِطُ سَمَاعَه (5) .
الحَاكِم:سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَنْصُوْر القَاضِي، سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْم بنَ عَدِيّ، وَاجتَمَعَ جَمَاعَةٌ يسأَلونه المُقَام بِنَيْسَابُوْرَ لقرَاءةِ(المَبْسوط).
فَقَالَ:يَا سُبْحَانَ اللهِ!عندكُم رَاوِي هَذَا الكِتَاب الثِّقَة المَأْمُوْنُ أَبُو العَبَّاسِ
__________
(1) حنبل بن إسحاق، ابن عم الامام أحمد بن حنبل، وتلميذه.
(2) " الأنساب ": 1 / 295 - 296.
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 آ.
(4) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب.
(5) المصدر السابق.

(15/457)


الأَصَمِّ، وَأَنْتُم تريدُوْنَ أَنْ تسمعُوهُ مِنْ غَيْره (1) .
أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِم:سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ يَقُوْلُ:مَا بَقِيَ لكتَاب(المَبْسوط)رَاوٍ غَيْرَ أَبِي العَبَّاس الوَرَّاق، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ (2) .
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم:حَضَرْتُ أَبَا العَبَّاسِ يَوْماً فِي مَسْجده، فَخَرَجَ ليُؤذِّن لصَلاَة العَصْر، فوقَفَ مَوْضِع المئْذَنِة، ثُمَّ قَالَ بصوتٍ عَالٍ:
أَخْبَرَنَا الرَّبِيْع بنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيّ، ثُمَّ ضَحِكَ، وَضَحِكَ النَّاسُ، ثُمَّ أَذَّن (3) .
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ الأَصَمّ، وَقَدْ خَرَجَ وَنَحْنُ فِي مسجدِه، وَقَدِ امتلأَتِ السِّكَّةُ مِنَ النَّاسِ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ يُمْلِي عَشِيَّة كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ مِنْ أُصُولِهِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى كَثْرَة النَّاس وَالغُرباءِ وَقَدْ قَامُوا يُطرقُوْنَ (4) لَهُ، وَيحملونه عَلَى عواتِقِهِم مِنْ بَاب دَاره إِلَى مَسْجده، فَجَلَسَ عَلَى جِدَار المَسْجَد، وَبَكَى طَوِيْلاً، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى المُسْتَمْلِي، فَقَالَ:أُكْتبْ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيّ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ الأَشَجَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْس يَقُوْلُ:
أَتيتُ يَوْماً بَاب الأَعْمَش بَعْد مَوْتِهِ فَدَقَقْت البَاب، فَأَجَابتَنِي جَارِيَةٌ عرفتَنِي:هَاي هَاي تَبْكِي (5) :يَا عَبْدَ اللهِ، مَا فعلَ جمَاهيرُ العَرَب الَّتِي كَانَتْ تَأَتِي هَذَا البَابَ؟
ثُمَّ بَكَى الْكثير، ثُمَّ قَالَ:كَأَنِّيْ بِهَذِهِ السِّكَّة لاَ يدخلهَا (6) أَحدٌ
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب، وما بين حاصرتين منه.
(2) المصدر السابق.
(3) " الأنساب ": 1 / 297.
(4) أي: يوسعون له الطريق.
(5) زيادة من " تذكرة الحفاظ ": 3 / 863.
(6) في الأصل: فلا يدخلها، وما أثبتناه من " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 69 ب.

(15/458)


مِنْكُم، فَإِنِّي لاَ أَسمعُ وَقَدْ ضَعُفَ البَصَر، وَحَان الرَّحيل، وَانقضَى الأَجَلُ، فَمَا كَانَ إِلاَّ بَعْد شَهْرٍ أَوْ أَقلّ مِنْهُ حَتَّى كُفَّ بَصَره، وَانقطعت الرِّحلَة، وَانْصَرَفَ الغُرباء، فَرَجَعَ أَمره إِلَى أَنَّهُ كَانَ ينَاول قَلماً، فَيَعْلَمُ أَنَّهُم يطلُبُونَ الرِّوَايَة، فَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا الرَّبِيْع، وَكَانَ يحفَظُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، وَسَبْع حكَايَاتٍ، فيرويهَا، وَصَارَ بِأَسوَأَ حَالٍ حَتَّى تُوُفِّيَ (1) .
وقَرَأْت بخطِّ أَبِي عَلِيٍّ الحَافِظ يحثُّ أَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ عَلَى الرُّجُوع عَنْ أَحَادِيْثَ أَدخلوهَا عَلَيْهِ، حَدِيْثِ الصَّغَانِيّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حَكِيْم، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، حَدِيْث(قَبْض العِلْم (2))، وَحَدِيْث أَحْمَدَ بنِ شَيْبَان، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:
بَعَثَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً (3) ...
__________
(1) الخبر بطوله في " الأنساب ": 1 / 296 - 297، وما بين حاصرتين منه.
(2) حديث قبض العلم أخرجه البخاري (100) في العلم: باب كيف يقبض العلم، ومسلم (2673) في العلم: باب رفع العلم وقبضه من طرق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله لا يقبض العالم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا " قال الحافظ في " الفتح ": وقد اشتهر هذا الحديث من رواية هشام بن عروة، فوقع لنا من رواية أكثر من سبعين نفسا عنه من أهل الحرمين والعراقين والشام وخراسان ومصر وغيرها، ووافقه على روايته عن أبيه عروة أبو الأسود المدني، وحديثه في البخاري (7317) ومسلم (2673) (14) والزهري وحديثه في النسائي، ويحيى بن أبي كثير، وحديثه في صحيح أبي عوانة، ووافق أباه على روايته عن عبد الله بن عمرو عمر بن الحكم بن ثوبان وحديثه في مسلم (2673).
(3) حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 450 في الجهاد: باب جامع النفل في الغزو، ومن طريقه أحمد 2 / 62، والبخاري (3134) ومسلم (1749) عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد، فغنموا إبلا كثيرة، فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا، ونفلوا بعيرا بعيرا.
وأخرجه البخاري (4338) من طريق أبي النعمان، عن حماد، عن أيوب، عن نافع، وأخرجه مسلم من طريقه عن الليث بن سعد، عن نافع، وأخرجه أيضا من طرق عن عبيد =

(15/459)


قَالَ:فَوَقَّعَ أَبُو العَبَّاسِ:كُلُّ مَنْ رَوَى عَنِّي هَذَا، فَهُوَ كَذَّاب، وَلَيْسَ هَذَا فِي كتَابِي (1) .
تُوُفِّيَ أَبُو العَبَّاسِ فِي الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ربيعٍ الآخر سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ أَبُوْهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِنَيْسَابُوْرَ فِي أَوَّلهَا عَنْ نَحْو سِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَانَ ذَا مَعْرِفَة وَفَهْم.
حَدَّثَ عَنْ:إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَمُحَمَّد بن حُمَيْدٍ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ:ابْنُهُ، وَابْن أَبِي حَاتِمٍ، وَمُحَمَّد بن مَخْلَد، وَكَانَ بَدِيْعَ الخَطِّ.

259 - ابْنُ أَبِي ثَابِتٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ السَّامَرِّيُّ *
القَاضِي، الإِمَامُ، المصدَّقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ العَبْسِيُّ، العِرَاقِيُّ، السَّامَرِّيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ، وَنَائِبُ الحكم بِهَا، وَصَاحبُ ذَاكَ الْجُزْء العَالِي عِنْد كَرِيْمَة.
سَمِعَ:الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَسَعْدَان بنَ نَصْرٍ، وَزَكَرِيَّا المَرْوَزِيّ،
__________
= الله بن عمر، عن نافع، وله طرق أخرى عنده عن نافع وأخرجه أحمد 2 / 10 من طريق سفيان عن أيوب عن نافع و2 / 55 من طريق يحيى عن عبيد الله عن نافع، وأخرجه أبو داود (2745) من طريق مسدد عن يحيى، عن عبيد الله، عن نافع وأخرجه أيضا (2741) من طرق عن شعيب بن أبي حمزة، عن نافع، عن ابن عمر.
(1) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 165، تاريخ ابن عساكر: 2 / 245 ب - 246 ب، المنتظم: 6 / 364، العبر: 2 / 247، الوافي بالوفيات: 6 / 116، شذرات الذهب: 2 / 346، تهذيب ابن عساكر: 2 / 245 - 246.

(15/460)


وَالرَّبِيْع بنَ سُلَيْمَانَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بن مَرْزُوْقٍ، وَمُحَمَّد بنَ عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ القَاضِي، وَعَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَابْن جُمَيْع، وَأَبُو مُسْلِم الكَاتِب، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) .
وَكَانَ تَاجراً نبيلاً، كَثِيْرَ الفَضَائِل، عَالِي الرِّوَايَة.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ عَاماً.

260 - الطَّحَّانُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ جَابِرٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ جَابِرٍ الطَّحَّانُ، مُحدِّثُ الرَّمْلَةِ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:مُحَمَّد بنَ عَوْفٍ الطَّائِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَسُلَيْمَان بن سَيْف الحَرَّانِيّ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْدِ بنِ مَزْيد البَيْرُوْتِيّ، وَبكَّار بنَ قُتَيْبَةَ، وَالحَارِثَ بن أَبِي أُسَامَةَ، وَأَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَطَبَقَتَهُم.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 165.
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 24 ب، 25 آ، تذكرة الحفاظ: 3 / 845 - 846، العبر: 2 / 299، 233، الوافي بالوفيات: 7 / 270، طبقات الحفاظ: 350، شذرات الذهب: 2 / 334، تهذيب ابن عساكر: 1 / 418.

(15/461)


حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّر، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَعُمَر بنُ عَلِيٍّ الأَنْطَاكِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي الْحَدِيد، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيّ، وَآخَرُوْنَ كَثِيْرُوْنَ.
مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:مُحَدِّثُ دِمَشْق أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبَّاد الشَّيْبَانِيّ، وَمحدِّث أَصْبَهَان أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حكم المَدِيْنِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْد الزَّنْبَرِي المِصْرِيّ، وَالمُحَدِّث عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَمُؤرِّخ المَغْرِب المُفْتِي أَبُو العَرَبِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ تَمِيْمٍ الإِفْرِيْقِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَمْرٍو اللُؤْلُؤيُّ، صَاحبُ أَبِي دَاوُدَ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ القَوَّاس، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحَرَسْتَانِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ طلاَّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جُمَيْع، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو الحَافِظ إِمْلاَءً مِنْ حِفْظِهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَمَّاد الطِّهْرَانِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، زَارَ البَيْت يَوْمَ النَّحْر، وَصَلَّى الظَّهرَ بِمِنَىً (1) .
وَمِمَّا رَوَاهُ، قَالَ:حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ:كَانَ لسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ جليسٌ، هُوَ هِشَامُ بنُ يَحْيَى الغَسَّانِيّ فَقَالَ:كَانَ عِنْدنَا عَبْدَةُ بنُ رِيَاح صَاحبُ الشُّرْطَة، فَأَتَتْه امْرَأَةٌ فَقَالَتْ:ابْنِي يَعُقُّنِي.
فَبَعَثَ مَعَهَا أَعوَاناً، فَقَالُوا:إِنْ أَخَذَ ابْنَك قتَلَه. قَالَتْ:كَذَا؟
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1308) من طريق محمد بن رافع، عن عبد الرزاق بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد 2 / 34، ومن طريقه أبو داود (1998) عن عبد الرزاق به.

(15/462)


قَالُوا:نَعَمْ.
فمرَّتْ فرأَتْ شَمَّاساً (1) ، فَقَالَتْ:هَذَا ابْنِي، فَأَتوهُ بِهِ.
فَقَالَ:تَعُقُّ أُمَّك؟
قَالَ:مَا هِيَ أُمِّي.
قَالَ:وَتجحدُهَا؟اضربوهُ، ثُمَّ أَركبَهَا عَلَى عُنُقه، وَنُوديَ عَلَيْهِ:هَذَا جَزَاءُ مَنْ يَعُقُّ أُمّه، فَرَآهُ صَاحبٌ لَهُ.
فَقَالَ:مَا هَذَا؟
قَالَ:مِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُمٌّ فليَذْهَبْ إِلَى عَبْدَة يجعلْ لَهُ أَمّاً.

261 - القَطَّانُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ بنِ بَحْرٍ القَزْوِيْنِيُّ، القَطَّانُ، عَالِمُ قَزْوينَ.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ مِنْ:أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَاجَه(سُنَنَه)، وَمن مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ الأَزْرَق، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بن دَيْزِيل، وَالحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ، وَالقَاسِم بن مُحَمَّدٍ الدَّلاَّل، وَيَحْيَى بن عَبْدك القَزْوِيْنِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي، وَالحَسَنَ بن عَبْدِ الأَعْلَى البَوْسِي - لَقِيَهُمَا بِاليَمَنِ - وَهَذِهِ الطَّبَقَة.
وَجمع وَصَنَّفَ، وَتَفنَّن فِي العُلُومِ، وثَابر عَلَى الْقرب.
حَدَّثَ عَنْهُ:الزُّبَيْر بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظ، وَأَبُو الحَسَنِ النَّحْوِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارس اللُّغَوِيُّ، وَأَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ لاَل، وَأَبُو سَعِيْد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي المُنْذِر الخَطِيْب، وَأَحْمَدُ
__________
(1) هو خادم الكنيسة، ومرتبته دون القسيس.
(*) معجم الأدباء: 12 / 218 - 221، تذكرة الحفاظ: 3 / 856 - 857، العبر: 2 / 267 - 268، غاية النهاية: 1 / 516، النجوم الزاهرة: 3 / 315، طبقات الحفاظ: 353، شذرات الذهب: 2 / 370.

(15/463)


بنُ نَصْرٍ الشَّذَائِيُّ المُقْرِئ، تَلاَ عَلَيْهِ عَنْ تلاَوتِهِ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الأَزْرَقِ بحَرْف الكِسَائِيِّ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ:أَبُو الحَسَنِ القَطَّان، شَيْخٌ عَالِم بجمِيعِ الْعُلُوم وَالتَّفْسِيْر وَالفِقْهِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَة (1) ، كَانَ لَهُ بنُوْنَ:مُحَمَّدٌ وَحسنٌ وَحُسَيْنٌ، مَاتُوا شَبَاباً (2) .
سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ شُيُوْخ قَزْوين، يَقُوْلُوْنَ:لَمْ يرَ أَبُو الحَسَنِ - رَحِمَهُ اللهُ - مِثْلَ نَفْسه فِي الفَضْلِ (3) وَالزُّهْد أَدَامَ الصِّيَام ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ يُفْطِر عَلَى الخُبزِ وَالمِلْح، وَفَضَائِلُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُعَدَّ (4) .
وَقَالَ ابْنُ فَارس فِي بَعْضِ(أَمَاليه):سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ القَطَّان بَعْدمَا عَلَتْ سِنُّه، يَقُوْلُ:كُنْتُ حِيْنَ رَحَلْتُ أَحفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَأَنَا اليَوْمَ لاَ أَقومُ عَلَى حِفْظ مائَة حَدِيْث (5) .
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:أُصِبْتُ ببصرِي، وَأَظُنُّ أَنِّي عُوِقْبتُ بكَثْرَةِ كَلاَمِي أَيَّامَ الرِّحْلَة (6) .
قُلْتُ:صَدَقَ وَاللهِ، فَقَدْ كَانُوا مَعَ حُسْن القَصْدِ، وَصحَّةِ النِّيَّة غَالباً، يخَافونَ مِنَ الكَلاَمِ، وَإِظهَار المَعْرِفَة وَالفَضيلَة، وَاليوم يكثرُوْنَ الكَلاَم مَعَ
__________
(1) " الارشاد " الورقة: 138. " معجم الأدباء ": 12 / 219.
(2) المصدران السابقان.
(3) في " معجم الأدباء " القضاء، وهو تصحيف.
(4) الارشاد الورقة 138، " معجم الأدباء ": 12 / 220.
(5) المصدر السابق.
(6) في " معجم الأدباء ": 12 / 220 - 221، و" تذكرة الحفاظ ": 3 / 857 " أصبت ببصري، وأظن أني عوقبت بكثرة بكاء أمي أيام فراقي لها في طلب الحديث والعلم ".

(15/464)


نَقْصِ العِلْمِ، وَسوء القَصْد.
ثُمَّ إِنَّ اللهَ يفضَحهُم، وَيلوح جهلُهُم وَهوَاهُم وَاضطرَابُهُم فِيمَا عَلِمُوهُ، فنسأَلُ اللهَ التَّوفيقَ وَالإِخلاص.
تُوُفِّيَ هَذَا الإِمَامُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:مسنِدُ وَقتِهِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَيُّوْبَ العَبَّادَانِيُّ، وَالمُحَدِّث أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ بن الجِرَاب البَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ عَنْ بِضْع وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَمحدِّث مَرْو أَبُو أَحْمَدَ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَان الصَّيْرَفِيُّ الدُّخَمْسِيْنِيُّ، وَشيخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ البَغْدَادِيُّ، وَمسنِد مِصْر أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِد غُلاَمُ ثَعْلَب، وَالمُحَدِّث أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ نَجِيْح، وَالوَزِيْرُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ رُسْتُم المَادَرَائِيُّ بِمِصْرَ عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَالمُحَدِّث مُكْرم بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُكْرم القَاضِي بِبَغْدَادَ، وَصَاحبُ(مُروج الذّهب)أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ المَسْعُوْدِيُّ.
أَخْبَرَنَا القَاضِي تَاجُ الدِّين عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ ببَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ عَبْد اللهِ بنُ أَحْمَدَ(ح).
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ اللُّغَوِيّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْر مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ أَبِي المُنْذِر، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَاجَه، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنيع، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ شُجَاع، حَدَّثَنَا سَالِم الأَفْطَس، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَه قَالَ:
(الشِّفَاءُ فِي ثَلاَث:شُرْبَة عَسَل، وَشَرْطَة مِحْجَم، وَكَيَّةُ نَار، وَأَنَهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ).

(15/465)


هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ.
أَخرجه البُخَارِيّ (1) نَازلاً عَنِ الحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ منيع، فَوَقَعَ لَنَا بدلاً عَالِياً.
وَالحُسَيْنُ:هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ القَبَّانِي تِلْمِيْذُ البُخَارِيّ.
وَرَاويَة(مُسْنَد أَحْمَدَ)بنِ مَنِيْع عَنْهُ.

262 - ابْنُ شَوْذَبٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ *
المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ شَوْذَبٍ الوَاسِطِيُّ.
سَمِعَ:شُعَيْب بنَ أَيُّوْبَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيَّ، وَصَالِحَ بنَ الهَيْثَمِ، وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيَّيْن.
وَعَنْهُ:مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ لاَل، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَابْنُ جُمَيْع الصَّيْدَاوِي، وَأَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، وَعِدَّة.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بنِ بيرِي:مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقرأَ لكتَابِ الله مِنْهُ.
وَقَالَ:تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ.

263 - ابْنُ الأَخْرَمِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبِ بنِ يُوْسُفَ الشَّيْبَانِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، ابنُ الأَخْرَمِ، وَيُعرفُ قَدِيْماً:بِابنِ الكِرْمَانِيِّ.
__________
(1) برقم (5680) في الطب: باب الشفاء في ثلاث.
(*) العبر: 2 / 259، غاية النهاية: 1 / 437، شذرات الذهب: 2 / 362.
(* *) تذكرة الحفاظ: 3 / 864 - 866، العبر: 2 / 265، مرآة الجنان: 2 / 336 - 337، النجوم الزاهرة: 3 / 313، طبقات الحفاظ: 354، شذرات الذهب: 2 / 368.

(15/466)


وُلِدَ:سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
شهد جَنَازَة الإِمَام مُحَمَّد بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَصَلَّى عَلَيْهِ.
وَسَمِعَ مِنْ:وَلده يَحْيَى بنِ مُحَمَّد حَيْكَانَ، وَعَلِيّ بنِ الحَسَنِ الهِلاَلِي الدَّرَابَجِرْدِي - وَدَرَابِجِرْد:محلَّةٌ مِنْ حَوَاضِرِ نَيْسَابُوْر المتطرِّقَة عَلَى الصَّحرَاء - وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، وَخُشنَام بن الصِّدِّيق، وَإِسْحَاقَ بنِ عِمْرَان الإِسْفَرَايينِي الفَقِيْه، وَالحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ البَجَلِيّ المفسِّر، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ الإِمَام، وَجَعْفَر بنِ مُحَمَّدٍ التُّرك، وَالحُسَيْن بنِ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد القَبَّانِي، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وجَمع فَأَوعَى، وَمَعَ حفظه وَسَعَةِ عِلْمِهِ لَمْ يَرْحَلْ فِي الحَدِيْثِ، بَلْ قنع بِحَدِيْث بَلَده (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِي، وَحَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَالمزكِّي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ صدرَ أَهْلِ الحَدِيْث ببلدنَا بَعْد ابْنِ الشَّرْقِيّ، يحفظُ وَيَفْهَم، وَصَنَّفَ كتابَ(الْمُسْتَخْرج عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ)وَصَنَّفَ(المُسْنَد الكَبِيْر)، وَسَأَلَهُ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاج أَنْ يخرِّج لَهُ كِتَاباً عَلَى(صَحِيْح مُسْلِم)فَفَعَل (2) .
وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ يَعْقُوْبَ غَيْرَ مَرَّةٍ، يَقُوْلُ:ذهب عُمُرِي فِي
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 864.
(2) المصدر السابق.

(15/467)


جَمْع هَذَا الكِتَاب، يَعْنِي(الْمُسْتَخْرج عَلَى كِتَابِ مُسْلِم (1))، وَسمِعته تندَّم عَلَى تَصْنِيفه(الْمُخْتَصر الصَّحِيْح المُتَّفَق عَلَيْهِ)، وَيَقُوْلُ: من حقِّنَا أَنْ نَجْهَدَ فِي زيَادِة الصَّحِيْح - إِلَى أَنْ قَالَ الحَاكِمُ - :
وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مِنْ أَنحَى النَّاس، مَا أُخذ عَلَيْهِ لَحْن قَطُّ، وَلَهُ كَلاَم حَسَن فِي العِلَل وَالرِّجَال (2) .
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِح بن هَانِئ، يَقُوْلُ:كَانَ ابْنُ خُزَيْمَة يقدِّم أَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ يَعْقُوْبَ عَلَى كَافَّة أَقْرَانه، وَيعتمد قَوْلَه فِيمَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، وَإِذَا شكَّ فِي شَيْءٍ عَرَضَه عَلَيْهِ (3) .
قَالَ الحَاكِمُ:حَضَرْنَا مَجْلِس الصِّبْغِي، وَحضَرَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَابْنُ الأَخْرَم، فَأَملَى الصِّبْغِي عَنْ إِبْرَاهِيْمَ الهِسِنْجَانِي، عَنْ أَبِي الطَّاهِر، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُوْنُس، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً(منَ أَدركَ مِنَ الصَّلاَة رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا (4)).
فَقَالَ ابْنُ الأَخْرَم:يَا أَبَا عليّ، مَنْ قَالَ فِيْهِ:(فقد أَدركهَا كُلَّهَا)؟
قَالَ:هَذَا لاَ نَحْفَظُه إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عُبَيْد اللهِ بن عُمَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ:بَلَى فِي حَدِيْث حَرْمَلَة، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ، يُوْنُس، (فقد أَدركهَا كُلَّهَا) (5) .
فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ:حدَّثنَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ حَرْمَلَة، وَلَمْ يقل:كُلّهَا.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 865.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) وأخرجه مالك 1 / 10 في وقوت الصلاة، ومن طريقه البخاري 2 / 46 في المواقيت: باب من أدرك من الصلاة ركعة، ومسلم (607) في المساجد: باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة عن ابن شهاب الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
(5) لفظ حرملة عند مسلم (607) (162) " من أدرك ركعة من الصلاة مع الامام، فقد =

(15/468)


قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ:حَدَّثَ بِهِ مُسْلِم عَنْ حَرْمَلَة، وَجرَى بينهُمَا كَلاَم كَثِيْر.
وفِي المَجْلِس الثَّانِي، أَحضَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ كِتَاب مُسْلِم بِخَط مُسْلِم عَنْ حَرْمَلَة، وَفِيْهِ(كُلَّهَا).
فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ:مَنْ لاَ يحفظُ الشَّيْء يُعذر.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ:مَنْ يُنكر هَذَا تُعركُ أُذُنُه، وَتُفَكُّ أَسنَانُه.
فَامتلأَ أَبُو عَلِيٍّ غَيْظاً، وَهمَّ أَبُو عَبْدِ اللهِ بِالقِيَام، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَلِيٍّ:
اقعدْ فَإِنَّ هُنَا حِسَاباً (1) آخر.
قَالَ:وَمَا هُوَ؟
قَالَ:حدَّثتَ عَنْ كشمرد، عَنْ حَفْص، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَان بِحَدِيثَيْن قَدْ تَفَرَّد بِهِمَا عَنْ حَفْص ابْنه، وَأَحْمَد.
قَالَ:لَمْ أُحَدِّثْ.
قَالَ:بَلَى، ثِقَتَانِ سَمِعَاهُ مِنْكَ.
قَالَ:إِنْ كُنْتُ حَدَّثْتُ بِهِ فَقَدْ رجعتُ عَنْهُ.
قَالَ:وَفِي تخريجك القَدِيْم عَلَى كتَاب(مُسْلِم)، عَنْ أَحْمَدَ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّد جَهْضَم حَدِيْث(وَالآنَ)قَدْ رويته، عَنْ عَلِيٍّ عَنِ (2) ابْن جَهْضَم، قَالَ:
كِلاَهُمَا عِنْدِي، وَقَدْ حَدَّثْتُ بِهِمَا.
قَالَ:فَأَخْرجَ إِلَيْنَا حديثَكَ عَنْ عَلِيِّ بنِ الحَسَن.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ الأَخْرَم، يَقُوْلُ:
هَذَا جَزَاءُ مَنْ لَمْ يمُتْ مَعَ أَقْرَانه، وَكُنْتُ أَرَى أَبَا عليّ بَعْدُ نَادماً عَلَى مَا قَالَ ذَلِكَ اليَوْم.
قَالَ الحَاكِمُ:مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:فِيْهَا مَاتَ مقرىء بَغْدَاد أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنُ بُويَان (3) صَاحب حَرْفِ نَافِع، وَمُحَدِّثُ دِمَشْق أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَاشِم
__________
= أدرك الصلاة " وأخرجه مسلم من طرق عن عبيد الله بلفظ " فقد أدرك الصلاة كلها ".
(1) في الأصل: حساب، بالرفع.
(2) بياض في الأصل.
(3) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 865 " ثوبان " وهو تصحيف.

(15/469)


الأَذْرَعِيُّ، وَمُسْنِد بَغْدَاد أَبُو عَمْرٍو عُثْمَان بنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ بنُ السِّمَّاكِ، وَشيخُ الشَّافِعِيَّة العَلاَّمَة أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَدَّاد الكِنَانِيّ بِمِصْرَ، وَمُسْنِد حَلَبَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى التَّمِيْمِيّ البَغْدَادِيّ العَلاَّف، وَالإِمَامُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ النَّيْسَابُوْرِيُّ المفسِّر.
وَالِدُهُ:

264 - الأَخْرَمُ، أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ *
وَكَانَ وَالدُ ابْنِ الأَخْرَمِ الإِمَامُ الفَقِيْهُ أَبُو يُوْسُفَ الشَّافِعِيُّ المُلَقَّب بِالأخْرَم (1) ذَا حِشْمَةٍ وَمَالٍ.
تفقَّه بِمِصْرَ وَسَمِعَ فِي رِحْلاَتِهِ مِنْ قُتَيْبَة، وَهِشَام بنِ عَمَّارٍ، وَسُوَيْد بنِ سَعِيْدٍ، وَكَتَبَ عَنْهُ مُسْلِم.
وَحَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُهُ، وَابْنُ الشَّرْقِيّ، وَيَحْيَى العَنْبَرِيّ، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الرَّجُل الصَّالِح، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الصَّيْرَفِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْن، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
طَيَّبْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لإِحْرَامه حِيْنَ أَحْرَمَ، وَطَيَّبْتُهُ بِمِنَىً قَبْلَ أَنْ يزورَ البَيْت.
__________
(*) لم نهتد إلى مصادر ترجمته.
(1) وأخرجه البخاري (1539) و(1754) ومسلم (1191)، والسنائي 5 / 137 من طرق عن عبد الرحمن بن القاسم، بهذا الإسناد، وأخرجه النسائي / 5 / 137 من طريق سعيد ابن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: طيبت =

(15/470)


265 - البَحْرِيُّ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، مُحدِّثُ جُرْجَان فِي وَقْتِه، أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيُّ، البَحْرِيُّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ بِسَّام، وَأَبَا يَحْيَى بن أَبِي مَسَرَّة المَكِّيَّ، وَأَبَا قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيّ، وَهِلاَل بن العَلاَءِ الرَّقِّيَّ، وَالحَارِثَ بن أَبِي أُسَامَةَ، وَإِسْحَاقَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي، وَبِشْر بنَ مُوْسَى، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ عَدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي، وَالنُّعْمَان بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ، وَحُسَيْن بنُ جَعْفَر، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَلِيْلِيّ:هُوَ حَافِظٌ ثِقَةٌ، مَذْكُوْرٌ حَدَّثَنِي عَنْهُ أَرْبَعَة نفر مِنْ أَهْلِ جُرْجَان (1) .
وَقَالَ الحَاكِمُ ابْنُ البَيِّع:كَتَبَ إِلَيَّ إِجَازَةً مِنْ جُرْجَان هِيَ عِنْدِي.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ أَبُو يَعْقُوْبَ البَحْرِيُّ الحَافِظُ سَنَة سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله بعدما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت، وأخرجه 6 / 244 من طريق ابن جريج، أخبرني عمر بن عبد الله بن عروة، أنه سمع عروة والقاسم يخبران عن عائشة قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة لحجة الوداع للحل والاحرام حين أحرم، وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت، وهذا سند صحيح.
قلت: وبالحل بعد رمي جمرة العقبة، وقبل الحلق والطواف قال عطاء ومالك، وأبو ثور، وأبو يوسف، وهو رواية عن الامام أحمد صححها ابن قدامة في " المغني " 3 / 439.
(* *) تاريخ جرجان: 122، الأنساب 2 / 96 - 97، تذكرة الحفاظ 3 / 878 - 879، طبقات الحفاظ: 358، شذرات الذهب: 2 / 345.
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 878.

(15/471)


أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّل، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مَاك، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ المُغِيْرَةِ، وَالحُسَيْن بنُ جَعْفَرٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظ، حَدَّثَنَا هِلاَل بنُ العَلاَءِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا المُغِيْرَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ هِشَام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَتْ قُرَيْش وَمَنْ يُقَابِلُهُم، يَقُوْلُوْنَ:نخن قُطَّان البَيْت لاَ نفِيض إِلاَّ مِنْ مِنىً، فَأَنزل الله - تَعَالَى - {ثُمَّ أَفيِضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ (1) } غَرِيْب (2) .

266 - قَاسمُ بنُ أَصْبَغَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ نَاصِحٍ *
وَقِيْلَ:وَاضِحٌ بَدَلَ نَاصِحٍ، فُيُحرَّرُ
__________
(1) البقرة: 199.
(2) لكن أخرجه البخاري برقم (1665) في الحج، و(4520) في التفسير، ومسلم (1219)، والترمذي (884) وابن ماجه (318) والطبري (3831) وأبو داود (1910) والنسائي 5 / 255 والبيهقي 5 / 113 من طرق عن هشام بن عروة بهذا الإسناد، بلفظ: كانت قريش ومن كان على دينها، وهم الحمس، يقفون بالمزدلفة، يقولون: نحن قطين الله، وكان من سواهم يقفون بعرفة، فأنزل الله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس)، لفظ الترمذي، وأورده السيوطي في الدر المنثور 1 / 226، وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الدلائل، وقال الترمذي: ومعنى هذا الحديث: أن أهل مكة كانوا لا يخرجون من الحرم، وعرفة خارج من الحرم، وأهل مكة كانوا يقفون بالمزدلفة، ويقولون: نحن قطين الله، يعني: سكان الله، ومن سوى أهل مكة كانوا يقفون بعرفات، فأنزل الله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) والحمس: هم أهل الحرم.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 364 - 367، جذوة المقتبس: 311 - 312، بغية الملتمس: 447 - 448، معجم الأدباء: 16 / 236 - 237، تذكرة الحفاظ: 3 / 853 - 855، العبر: 2 / 254 - 255، مرآة الجنان: 2 / 333، الديباج المذهب: 222، لسان الميزان: 4 / 458، طبقات الحفاظ: 352، بغية الوعاة: 375، شذرات الذهب: 2 / 357.

(15/472)


هَذَا (1) ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، مُحدَّثُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيُّ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
سَمِعَ:بَقِيَّ بن مَخْلَد، وَمُحَمَّدَ بنَ وَضَّاح، وَأَصْبَغ بنَ خَلِيْلِ، وَمُحَمَّدَ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الخُشَنِيّ، وَطَائِفَةً بِالأَنْدَلُسِ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغ، وَطبقَته بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ الجَهْمِ السِّمَّرِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ قُتَيْبَةَ، وَجَعْفَر بنَ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِر، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَالحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ القَاضِي - وَأَكْثَرَ عَنْهُ جِدّاً - وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي خَيْثَمَةَ - وَحمل عَنْهُ تَاريخَه - وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار صَاحبَ وَكِيْع بِالكُوْفَةِ وَخلْقاً سِوَاهُم.
وَفَاتَه السَّمَاع مِنْ أَبِي دَاوُدَ، فصَنّف(سُنَناً)عَلَى وَضْعِ(سُننه)، وَ(صَحِيْحُ مُسْلِم)فَاتَه أَيْضاً فَخَرَّجَ صَحِيْحاً عَلَى هَيْئَتِهِ، وَأَلّف كِتَاب(برِّ الوَالدّينِ)، وكتَابُ(مُسنَدِ مَالِكِ)، وكتَابَ(المُنْتَقَى فِي الآثَارِ)، وكتَابُ(الأَنسَابِ)بَدِيْع الحُسَن، وَغَيْر ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:حفيدُه قَاسم بنُ مُحَمَّدِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَاجِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَصْرٍ، وَعَبْدُ الوَارِثِ بنُ سُفْيَان، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنُ مُفرج، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ نَصْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ التَّاهَرْتِي وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَسلُوْنَ، وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ الجَسور، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَاد بِالأَنْدَلُسِ مَعَ الحِفْظ وَالإِتْقَان، وَبرَاعَةِ العَرَبِيَّة، وَالتقدُّم فِي الفتوَى وَالحُرْمَة التَّامَّة وَالجَلاَلَةِ.
أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحد، وَتوَالِيفُ ابْنِ حَزْم، وَابنِ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبِي الوَلِيْدِ البَاجِي طَافحَةٌ برِوَايَاتِ قَاسمِ بنِ أَصْبَغ.
__________
(1) أجمعت مصادر ترجمته ما عدا " تذكرة الحفاظ " على " ناصح ".

(15/473)


مَاتَ بقُرْطُبَةَ فِي جُمَادَى الأُولَى سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.

267 - البَغْدَادِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ:عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَيُوْسُفَ بنِ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ خَالِد، وَأَبِي حَارِثَة أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الغَسَّانِيّ، وَمِقدَام بن دَاوُدَ الرُّعَيْنِيّ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ:القَاضِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَلَبيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَمنيرُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الدِّمْيَاطي، وَأَبُوْهُ، وَآخَرُوْنَ.
أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمَاد، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا الخِلَعِي، أَخْبَرَنَا منيرُ بنُ أَحْمَدَ الشَّاهد سنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ سَنَة تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مِقْدَام بنُ دَاوُدَ بنِ عِيْسَى بنِ تَلِيْد سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَة، سَمِعْتُ زَهْدَم بنُ مُضَرِّب (1) ، سَمِعْتُ عِمْرَان بنَ حُصَيْن، يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(خَيْرُكُم قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِيْنَ
__________
(*) لم تقع لنا ترجمته في المصادر التي بين أيدينا.
(1) في " تقريب التهذيب ": 1 / 263 " مضرس " وهو تصحيف.

(15/474)


يلونهُم، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلونَهُم، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلونَهُمْ).
فَقَالَ عِمْرَانُ:لاَ أَدْرِي، أَذكر بَعْدَ قرنه قَرْنَين أَوْ ثَلاَثَة؟
ثُمَّ قَالَ:(إِن بَعْدَكُم قَوْماً (1) يخَونُوْنَ وَلاَ يُؤتمنُوْنَ، وَلاَ يَشهدُوْنَ وَلاَ يُسْتَشهدُوْنَ، وَينذُرُوْنَ وَلاَ يَفُون، وَيظهَرُ فِيهِم السِّمَن (2))، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
حدَّث البَغْدَادِيُّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمِصْرَ.

268 - الزَّجَّاجِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ *
شَيْخُ العَرَبِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ البَغْدَادِيُّ، النَّحْوِيُّ.
صَاحِب(الجُمَلِ (3))، وَالتَّصَانِيْف وَتِلمِيذ العَلاَّمَةِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ السَّرِيّ الزَّجَّاج (4) ، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَيْهِ.
لَهُ(أَمَالِي (5))أَدبيَة.
__________
(1) في الأصل: قوم، بالرفع.
(2) أخرجه البخاري برقم (2651) في الشهادات: باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد و(3650) في فضائل أصحاب النبي، و(6824)، في الرقاق، و(6695)، في الايمان والنذور، ومسلم (2535)، في فضائل الصحابة، ومن طرق عن شعبة بهذا الإسناد، وفي الباب عن عبد الله عند البخاري (2652) و(3651) و(6429) و(6658)، ومسلم (2533).
(*) طبقات النحويين واللغويين: 129، نزهة الالباء: 211، الأنساب: 6 / 256، تاريخ ابن عساكر: 9 / 432 آ - 432 ب، إنباه الرواة: 2 / 160 - 161، وفيات الأعيان: 3 / 136، العبر: 2 / 254، مرآة الجنان: 2 / 332 - 333، النجوم الزاهرة: 3 / 302 - 303، بغية الوعاة: 297، شذرات الذهب: 2 / 357.
(3) هو كتاب في النحو مشهور متداول، وتتولى مؤسسة نشره نشرة محققة، وسيصدر قريبا بعون الله.
(4) ترجمته في الفهرست: 90 - 91، وطبقات النحويين واللغويين: 121 - 122، الأنساب: 6 / 257 - 258، إنباه الرواة: 1 / 159 - 166، وفيات الأعيان: 1 / 49 - 50.
(5) طبع في القاهرة بتحقيق عبد السلام هارون سنة / 1382 / ه.

(15/475)


وقرأَ أَيْضاً عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ بنِ رُسْتُم الطَّبَرِي غُلاَمِ المَازِنِيّ.
وَرَوَى عَنِ:ابْنِ دُرَيْد، وَنِفْطَوَيْه، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ السَّرِيّ السَّرَّاج، وَأَبِي الحَسَنِ الأَخْفش، وَعِدَّة، وَتصدَّر بِدِمَشْقَ.
رَوَى عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحبَّال، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ، وَالعَفِيْفُ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَرَّام (1) النَّحْوِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ السِّقِلِّيُّ.
وَيُقَالُ:أُخرج مِنْ دِمَشْقَ لتَشَيُّعه، وَكَانَ حَسَنَ السَّمْت، مليح الشَّارَة، وَكَانَ فِي الدَّمَاشِقَة بقَايَا نَصْب (2) .
وَلَهُ كتَاب(الإِيضَاح (3))، و(شرح خطبَة أَدبِ الكَاتِب)، وكتَاب(اللاَّمَات (4))كَبِيْر، و(الْمُخْتَرع فِي القوَافي)وَأَشيَاء.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ مَا بَيَّض مَسْأَلَةً فِي(الجُمَل)إِلاَّ وَهُوَ عَلَى وضوء، فلذَلِكَ بُورك فِيْهِ.
قَالَ الكَتَّانِي:مَاتَ الزَّجَّاجِيّ بَطَبريَّة فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (5) .
__________
(1) في " إنباه الرواة ": 1 / 104 ابن سرام، بالسين المهملة، وهو تصحيف.
(2) النواصب والناصبية، وأهل النصب: هم المتدينون ببغض علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لانهم نصبوا له، أي عادوه.
ومما يحز في القلب أنه ما زالت بعض العبارات العامية في اللهجة الدمشقية تحمل هذه البقايا. دون إدراك لمعناها.
(3) طبع بالقاهرة بتحقيق د مازن المبارك سنة / 1959 / م.
(4) طبع في مجمع اللغة العربية بدمشق بتحقيق د مازن المبارك سنة / 1969 / م.
(5) في " طبقات الزبيدي ": 129 وفاته سنة / 337 / ه، وقال عنه ابن خلكان 3 / 136: وهو الصحيح.

(15/476)


269 - الجَلاَّبُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ بنِ المَرْزُبَانِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ بنِ المَرْزُبَانِ الهَمَذَانِيُّ، الجَلاَّبُ (1) ، الجزَّارُ، أَحدُ أَركَانِ السُّنَّةِ بِهَمَذَانَ.
سَمِعَ:أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بنَ دَيْزِيل، وَهِلاَل بنَ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدَ بنَ غَالِب التَّمْتَام، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْرٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ:صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ الأَنْمَاطي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَالقَاضِي عَبْد الجَبَّارِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَهْضَم، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ فَارس، وَآخَرُوْنَ.
فَال شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِي:كَانَ صَدُوْقاً قُدْوَة، لَهُ أَتْبَاع.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ:سَمَاع القُدَمَاء مِنْهُ أَصحُّ.
ذهب عَامَّة كتُبه فِي المِحْنَة، وَكُفَّ بَصَره.

270 - الأَسوَارِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
__________
(*) الارشاد للخليلي الورقة 114، 115، العبر: 2 / 260، شذرات الذهب: 2 / 357.
(1) هذا الاسم لمن يجلب الرقيق والدواب من موضع إلى موضع. " الأنساب ": 3 / 399.
(* *) طبقات المحدثين بأصبهان الورقة 150، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 279 - 280، الأنساب: 1 / 257، العبر: 2 / 261، الوافي بالوفيات: 2 / 40، شذرات الذهب: 2 / 365.

(15/477)


مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سَابُورَ الأَسْوَارِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، مِنْ أَهْلِ قريَة سوَارَى (1) ؛مِنْ أَعمَال أَصْبَهَانَ.
ثِقَة رَحَّال.
سَمِعَ:إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَأَبَا يَحْيَى بن أَبِي مَسَرَّة، وَأَبَا حَاتِم الرَّازِيّ، وَالفَضْلَ بنَ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِي، وَأَبَا إِسْمَاعِيْل التِّرْمِذِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ غَالِب التَّمْتَام، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الشَّيْخ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدُوَيْه، وَابْنُ المُقْرِئ، وَعَلِيُّ بنُ مَيْلَة، وَعِدَّة.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حديثهُ عَالٍ فِي(الثَّقَفِيَّات) (2) .

271 - الأَذْرَعِيُّ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَاشِمٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّبَّانِيّ، القُدْوَةُ، أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَاشِمٍ النَّهْدِيُّ، الأَذْرَعِيُّ (3) ، شَيْخُ دِمَشْقَ.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ:يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ، وَمِقْدَام بنِ دَاوُدَ، وَأَبِي يَزِيْد القَرَاطِيْسِيّ، وَالنَّسَائِيّ.
وَسَمِعَ بحِمْص مِنْ:مُوْسَى بنِ عِيْسَى بنِ المُنْذِرِ.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ:أَبِي زُرْعَةَ النَّصْرِي.
__________
(1) في " الأنساب ": أسواري.
(2) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 369 آ - 370 آ، العبر: 2 / 263، الوافي بالوفيات: 8 / 398، البداية والنهاية: 11 / 230، شذرات الذهب: 2 / 366.
(3) نسبة إلى أذرعات الشام. " الإكمال ": 1 / 137. وفي العبر: 2 / 263: الاوزاعي، وهو تحريف.

(15/478)


حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ جُمَيْع، وَابْنُ مَنْدَة، وَتَمَّام الرَّازِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي كَامِل، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ:كَانَ مِنْ جِلَّة أَهْلِ دِمَشْق، وَعُبَّادِهَا وَعلمَائِهَا.
وَقَالَ عَبْدُ القَاهر بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الصَّائِغ:سَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوْب الأَذْرَعِيَّ، يَقُوْلُ:سأَلت اللهَ أَنْ يَقْبِضَ بَصرِي، فعَمِيْتُ (1) ، فتضرَّرْت فِي الطَّهَارَة، فسأَلت اللهَ إعَادَة بَصَرِي، فَأَعَاده تفضُّلاً مِنْهُ.
تُوُفِّيَ أَبُو يَعْقُوْبَ يَوْمَ النَّحْر سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ القَوَّاس، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي حُضُوراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طلاَّب، حَدَّثَنَا ابْنُ جُمَيْع، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَذْرَعِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، حَدَّثَنَا زُهَيْر بن عَبَّاد، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ عَمَّار، قَالَ:
قَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلاَم:إِنَّ الغَالِبَ لهوَاهُ أَشدُّ مِنَ الَّذِي يَفْتَح المَدِيْنَةَ وَحدَه.

272 - العَبَّادَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَيُّوْبَ *
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدَةَ العَبَّادَانِيُّ (2) .
__________
(1) في هذا مخالفة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم الذي كان يسأل الله العفو والعافية.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 178 - 179، الأنساب: 8 / 335، العبر: 2 / 266، ميزان الاعتدال: 1 / 101 - 102، لسان الميزان: 1 / 182، شذرات الذهب: 2 / 369.
(2) نسبة إلى " عبادان " وهي بليدة بنواحي البصرة. " الأنساب ": 8 / 335.

(15/479)


حدَّث بِبَغْدَادَ عَنِ:الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيِّ، وَعَبَّاس التُّرْقُفِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَالحُسَيْنُ بنُ عُمَرَ بنِ برهَان، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ:رَأَيْتُ أَصحَابَنَا يَغْمِزونه بِلاَ حُجَّة، فَإِنَّ أَحَادِيْثَه كُلَّهَا مستقيمَةٌ، خَلاَ حَدِيْثٍ خلَّط فِي إِسنَاده وَسَمَاعه مِنْ عَلِيّ بن حَرْب بِسَامرَّاء (1) .
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ:حملونِي إِلَى الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ فَقَالَ:حَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ، وَنسيتُ البَاقِي (2) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ القَطَّان:هُوَ صَدُوْقٌ، غَيْر أَنَّهُ سَمِعَ وَهُوَ صَغِيْر (3) .
قُلْتُ:بَقِيَ إِلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

273 - عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفِ بنِ طُفَيْلِ بنِ زَيْدٍ التَّمِيْمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، أَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ، النَّسَفِيُّ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 178.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 179.
(3) المصدر السابق.
(*) تاريخ ابن عساكر: 10 / 272 ب، تذكرة الحفاظ: 3 / 866 - 868، العبر: 2 / 272، مرآة الجنان: 2 / 340، طبقات الحفاظ: 354 - 355، شذرات الذهب: 2 / 373.

(15/480)


وُلِدَ:سَنَةَ تِسْعٍ (1) وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ:جَدِّه الطُّفَيْل بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَأَبِي يَحْيَى بن أَبِي مَسَرَّة المَكِّيّ، وَإِسْحَاقَ بن إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي، وَأَبِي الزِّنْبَاع رَوْح بنِ الفَرَجِ، وَيُوْسُفَ بنِ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَكَانَ مِنَ الفُقَهَاء القَائِلين بِالظَّاهِر بِفقه مُحَمَّد بنِ دَاوُدَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ مُنَافِراً لأَهْلِ القِيَاس، ثَرِيّاً مُتَّبِعاً نَاسِكاً، كَثِيْر العِلْم (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ المَيْدَانِيُّ، وَأَحْمَد بنُ عَمَّار بنِ عصمَة، وَيَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وَأَهْلُ نَسَف، وَأَبُو عَلِيٍّ مَنْصُوْر بن عَبْدِ اللهِ الذُّهْلِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَلاَبَاذِيُّ، وَعِدَّة.
وَبَلَغَنَا أَنَّ شَيْخَ المُعْتَزِلَة أَبَا القَاسِم الكَعْبِي (3) ، شَيْخَ أَهْلِ الكَلاَم، لَمَّا قَدِمَ نَسَف، أَكرمُوهُ، وَلَمْ يَأْتِ إِلَيْهِ أَبُو يَعْلَى، فَقَالَ الكَعْبِي:
نَحْنُ نَأْتِي الشَّيْخَ.
فَلَمَّا دَخَلَ لَمْ يَقُمْ لَهُ، وَلاَ التَفَتَ مِنْ مِحْرَابه، فكسَّر الكَعْبِيُّ خَجَلَه وَقَالَ:بِاللهِ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّيْخ لاَ تَقُمْ.
وَدَعَا لَهُ وَأَثْنَى قَائِماً، وَانْصَرَفَ (4) .
قَالَ جَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِيُّ:أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّد بنُ عَلِيٍّ النَّسَفِي قَالَ:شهدتُ جَنَازَة الشَّيْخ (5) أَبِي يَعْلَى بِالمُصَلَّى، فَغشِيتنَا أَصوات طُبُول
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 866 سبع، وهو تصحيف.
(2) المصدر السابق.
(3) تقدمت ترجمته رقم / 108 / من هذا الجزء.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 867، وما بين حاصرتين منه.
(5) في الأصل: أبا، بالنصب.

(15/481)


مِثْل مَا يَكُون مِنَ العَسَاكر، حَتَّى ظَنَّ جمعُنَا أَنَّ جَيْشاً قَدْ قَدِمَ، فكُنَّا، نَقُوْل:ليتنَا صلَّينَا عَلَى الشَّيخ قَبْلَ أَنْ يَغْشَانَا هَذَا.
فَلَمَّا اجتمعَ النَّاسُ وَقَامُوا للصَّلاَة وَأَنصتُوا، هدأَ الصَّوت كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، ثُمَّ إِنِّيْ رَأَيْت فِي النَّوْمِ كَأَنَّ إِنسَاناً وَاقفاً عَلَى رَأْس درب أَبِي يَعْلَى، وَهُوَ يَقُوْلُ:
أَيُّهَا النَّاس مَنْ أَرَادَ مِنْكُم الطَّرِيْق المُسْتَقِيْم، فَعَلَيهِ بِأَبِي يَعْلَى - أَوْ نَحْو هَذَا (1) - .
تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بنَسَف، وَهِيَ الَّتِي يُقَال لَهَا:أَيْضاً نَخْشَب.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ التَّمِيْمِيّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ عَلِيٍّ البِيْكَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ النَّسَفَي، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْتَغْفِرِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِن بنُ خَلَف، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ المُغِيْرَة أَبُو عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الفَزَارِيّ، أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ السِّمْط، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُبَيْد الأَيْلِيّ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(مَنْ قَرأَ فِي لَيْلَةٍ تنَزِيْل - السَّجْدَة - وَاقْتَرَبَتْ، وَتبَارك كُنَّ لَهُ نُوْراً أَوْ حِرْزاً (2) مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُفع فِي الدَّرَجَاتِ).
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْب (3) .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الآنمِي، وَإِسْحَاق الأَسَدِيّ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 867، وما بين حاصرتين منه.
(2) أي: حصنا.
(3) بل هو باطل لا يصح، الحكم بن عبد الله بن سعد، قال أحمد: أحاديثه كلها موضوعة، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال السعدي وأبو حاتم، كذاب، وقال النسائي والدارقطني وجماعة: متروك الحديث.

(15/482)


رَوَاحَة، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ بِمَكَّةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِم بطُوْس، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَخْرس، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِم غَالِبُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ النَّسَفِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِن بنُ خَلَف، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ المستفَاد، أَخْبَرَنَا وَهْب بنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا جُنَادَة بن مَرْوَانَ الحِمْصِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَارِثُ بنُ النُّعْمَانِ، سَمِعْتُ أَنَس بنَ مَالِك، يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(إِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَوْ سَأَلَنِي الجَنَّة بحذَافيرهَا لأَعْطيتُهُ، وَلَوْ سَأَلَنِي عِلاَقَةَ سَوْط (1) لَمْ أُعْطِه، أُريد أَنْ أَدَّخِرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ (2)).
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْب مُنكر، وَفِي إِسنَاده مَنْ لاَ يُعْرف.

274 - الصِّبْغِيُّ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، المُحَدِّث، شَيْخُ الإِسْلاَم، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ يَزِيْدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المَعْرُوفُ:بِالصِّبْغِيِّ (3) .
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) علاقة السوط: ما في مقبضه من السير.
(2) جنادة بن مروان اتهمه أبو حاتم، وشيخه فيه، قال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال البخاري: منكر الحديث.
(*) الأنساب: 8 / 33 - 34، العبر: 2 / 258 - 259، الوافي بالوفيات: 6 / 239 مرآة الجنان: 2 / 334، طبقات الشافعية: 3 / 9 - 12، النجوم الزاهرة: 3 / 310، شذرات الذهب: 2 / 361.
(3) بكسر الصاد المهملة، وسكون الياء، وفي آخرها الغين المعجمة نسبة إلى الصبغ كما في " الأنساب " وقد تصحف في " العبر " إلى الضبعي، وأغرب ابن العماد في " الشذرات " فضبطه بالعبارة الضبعي بالضم والفتح ومهملة وقال: نسبة ضبيعة بن قيس، ونسب ذلك إلى السيوطي خطأ.

(15/483)


رَأَى يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيّ، وَأَبَا حَاتِم الرَّازِيّ.
وَسَمِعَ:الفَضْل بنَ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِي، وَإِسْمَاعِيْل بنَ قُتَيْبَةَ، وَيُوْسُفَ بنَ يَعْقُوْبَ القَزْوِيْنِيّ، وَالحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَهِشَام بنَ عَلِيٍّ السِّيْرَافِي، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، وَمُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ البَجَلِيّ وَطَبَقَتهُم بِنَيْسَابُوْرَ وَالحِجَاز وَالبَصْرَة وَبغدَاد وَالرَّيّ.
وَجمع وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي الفِقْه، وَتمِيَّز فِي عِلْم الحَدِيْث.
حَجَّ فِي سَنَةِ 283، فَقَرَأَ لَهُ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ عَلَى عَمّه(منتقَى المُسْنَد).
حَدَّثَ عَنْهُ:حَمْزَة بن مُحَمَّدٍ الزَّيْدِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِم، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:لمَّا تَرَعْرَعْتُ اشتغَلْتُ بتعلُّم الفُروسيَّة، وَلَمْ أَسْمَعْ حَرْفاً، وَحُملت إِلَى الرَّيّ، وَأَبُو حَاتِمٍ حَيّ، وَسأَلتُه عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي مِيرَاث أَبِي، ثُمَّ رجَعْنَا إِلَى نَيْسَابُوْرَ فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ فَبَيْنَا أَنَا عَلَى بَاب دَارِنَا، وَأَبُو حَامِد بنُ الشَّرْقِيّ، وَأَبُو حَامِد بن حَسْنُويه جَالسَيْن، فَقَالاَ لِي:اشتغلْ بسَمَاع الحَدِيْث.
قُلْتُ:مِمَّن؟
قَالاَ:مِنْ إِسْمَاعِيْل بنِ قُتَيْبَةَ.
فَذَهَبتُ إِلَيْهِ، وَسَمِعْتُ، فرغِبْتُ فِي الحَدِيْثِ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى العِرَاقِ بَعْدُ بِسَنَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ:بَقِيَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ يُفْتِي بِنَيْسَابُوْرَ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً وَلَمْ يُؤْخذ عَلَيْهِ فِي فَتَاويه مَسْأَلَة وَهِم فِيْهَا (1) .
وَلَهُ الكُتُب المبسوطَة مِثْل(الطَّهَارَة)،
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 10.

(15/484)


و(الصَّلاَة)، و(الزَّكَاة)، ثُمَّ إِلَى آخر كتَاب(الْمَبْسُوط).
سَمِعْتُ أَبَا الفَضْل بنَ إِبْرَاهِيْمَ، يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ يخلُفُ إِمَامَ الأَئِمَة ابْنَ خُزَيْمَةَ فِي الفَتْوَى بِضْع عَشْرَة سَنَةً فِي الجَامع وَغَيْرِه.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا بَكْرٍ، يَقُوْلُ:رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنِّيْ فِي دَارٍ فِيْهَا عُمَر، وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يسأَلونه المَسَائِل، فَأَشَار إِليَّ:أَنْ أُجِيبَهُم، فَمَا زِلْت أُسأَل وَأُجيب وَهُوَ يَقُوْلُ لِي:
أَصَبْتَ، إِمضِ، أَصبتَ إِمضِ.
فَقُلْتُ:يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، مَا النَّجَاةَ مِنَ الدُّنْيَا أَوِ الْمخْرج مِنْهَا؟
فَقَالَ لِي بِإِصْبَعه:الدُّعَاء، فَأَعدت عَلَيْهِ السُّؤَال فجمَعَ نَفْسَه كَأَنَّهُ سَاجِدٌ لخضوعه، ثُمَّ قَالَ:الدُّعَاء.
قَالَ الحَاكِمُ:وَمن تَصَانِيْفه كتَابُ(الأَسْمَاءِ وَالصِّفَات)، وكتَابُ(الإِيْمَان)، وكتَاب(القَدر)، وكتَاب(الخُلَفَاء الأَرْبَعَة)، وكتَاب(الرُّؤْيَة)، وكتَاب(الأَحْكَام) - وَحُمِلَ إِلَى بَغْدَادَ، فكَثُرَ الثَّنَاء عَلَيْهِ - يَعْنِي:هَذَا التَأْلِيْف - ، وكتَاب(الإِمَامَة).
وَقَدْ سمِعْتُه يخَاطب كَهْلاً مِنْ أَهْلِ (1) ، فَقَالَ:حدّثونَا عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْب، فَقَالَ لَهُ:دَعْنَا مِنْ حَدَّثَنَا، إِلَى مَتَى حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا؟
فَقَالَ:يَا هَذَا، لَسْت أَشمُّ مِنْ كَلاَمك رَائِحَةَ الإِيْمَان، وَلاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَدْخُل هَذِهِ الدَّار، ثُمَّ هَجَره حَتَّى مَاتَ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَمْدُوْنَ، يَقُوْلُ:صَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ إِسْحَاقَ سِنِيْنَ، فَمَا رَأَيْتهُ قَطُّ تَرَكَ قيَام اللَّيْل لاَ فِي سَفَر وَلاَ حَضَر (2) .
__________
(1) ثمة سقط في الأصل. وفي " طبقات الشافعية ": 3 / 10 " يخاطب فقيها ".
(2) " طبقات الشافعية ": 3 / 10.

(15/485)


رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ غَيْرَ مَرَّةٍ عقِيب الأَذَان يدعُو وَيَبْكِي، وَرُبَّمَا كَانَ يَضْرب بِرَأْسِهِ الحَائِط، حَتَّى خَشِيْتُ يَوْماً أَنْ يَدْمَى رَأْسه، وَمَا رَأَيْتُ فِي جَمَاعَةِ مَشَايِخنَا أَحسن صَلاَةً مِنْهُ، وَكَانَ لاَ يَدَع أَحداً يغتَاب فِي مَجْلِسه (1) .
وسمِعته غَيْرَ مَرَّةٍ إِذَا أَنشد بيتاً، يُفْسِده وَيغيِّره حَتَّى يُذْهِبَ الوَزْن، وَكَانَ يُضْرَب المَثَل بعَقْله (2) وَرأَيه.
وَسُئِلَ عَمَّنْ يُدرك الرُّكُوْع وَلَمْ يقرأَ الفَاتحَة، فَقَالَ:يعيدُ الرَّكْعَة (3) .
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ:حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ القَزْوِيْنِيّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ يَحْيَى الأَصْبَهَانِيّ، حَدَّثَنَا سُعَيْر بنُ الخِمْس، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَنْ أَحَبّ أَنْ يلقَى الله غَداً مُسْلِماً، فليحَافِظ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوات الخَمْس حَيْثُ يُنَادَى بِهن.
قَالَ الحَاكِمُ:كتب عَنِّي الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا، وَقَالَ:مَا كتبتُه عَنْ أَحدٍ قَطُّ.
وَرَوَاهُ الخَلِيْلِيّ عَنِ الحَاكِم وَقَالَ الخَلِيْلِيّ:وَرَوَاهُ ابْنُ مَنْدَة عَنِ الصِّبْغِي.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَة:كتبه عَنِّي أَبُو الشَّيْخ الحَافِظ.
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الهَجَرِيِّ.
وَمَا جَاءَ عَنْ سُعَير إِلاَّ مِنْ هَذَا الوَجْه، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَهُوَ إِبْرَاهِيْم الهَجَرِيُّ (4) لاَ السَّبِيْعِيّ، ثُمَّ بِالغ الخَلِيْلِيّ فِي تعَظِيْمه.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) انظر " طبقات الشافعية ": 3 / 11.
(4) وهو لين الحديث، كما قال الحافظ في " التقريب "، وقال ابن عدي: أنكروا عليه كثرة روايته عن أبي الاحوص، عن عبد الله وعامتها مستقيمة، وقال البزار: رفع أحاديث وقفها غيره. وهو في سنن ابن ماجة (777) من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي إسحاق إبراهيم الهجري بهذا الإسناد، قلت: ولم ينفرد به إبراهيم الهجري عن =

(15/486)


قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
خَرَجْنَا مِنْ مَجْلِسِ إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ، وَمَعَنَا رَجُل كَثِيْرُ المجُوْنَ، فَرَأَى أَمردَ، فَتَقَدَّم، فَقَالَ:
السَّلاَمُ عَلَيْكَ، وَصَافحهُ، وَقبَّل عَيْنَيْهِ وَخَدَّه، ثُمَّ قَالَ:حَدَّثَنَا الدَّبَرِي بصَنْعَاء بِإِسنَاده، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(إِذَا أَحَبّ أَحدُكُم أَخَاهُ فليُعْلِمه (1)).
فَقُلْتُ لَهُ:أَلاَ تَسْتحِي تلُوْطُ وَتكذِب فِي الحَدِيْثِ؟
يَعْنِي:أَنَّهُ رَكَّب إِسْنَاداً للمَتْن.
تُوُفِّيَ الصِّبْغِي فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ:مُسنِد هَمَذَان أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ الأَسَدِيّ، وَشيخ الصُّوْفِيَّة إِبْرَاهِيْمُ بنُ الْمولد، وَالمُسْنِدُ أَبُو الفَضْلِ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ البُخَارِيّ، وَالمُسْنِدُ عَبْد الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَان الجَلاَّب بهمذَان، وَالقَاضِي العَلاَّمَة أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَهْمِ التُّنُوخِي، وَشيخُ مَرْو الإِمَامُ أَبُو العَبَّاسِ القَاسِمُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَهْدِيّ السَّيَّارِي سِبْط أَحْمَدَ بنِ سَيَّار
__________
= الاحوص، فقد تابعه علي بن الاقمر عند مسلم (654) (257)، والنسائي 2 / 108، 109، فالاثر صحيح ونصه بتمامه عند مسلم: " فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين، حتى يقام في الصف ".
(1) قلت لكن متن الحديث صحيح، فقد أخرجه من حديث المقدام بن معدي كرب أحمد 4 / 130، والبخاري في الأدب المفرد " (542) وأبو داود (5124)، والترمذي (2393)، والحاكم 4 / 171، بلفظ: " إذا أحب الرجل أخاه فلخبره أنه يحبه، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2514)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وله شاهد بسند صحيح من حديث أبي ذر عند أحمد 5 / 145 و147، وابن المبارك في " الزهد " (712)، وابن وهب في " الجامع " ص 36.

(15/487)


الحَافِظ، وَالمُسْنِد أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ الأَسْوَارِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَشيخُ المُحَدِّثِيْنَ وَالزُّهَّاد بِنَيْسَابُوْرَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُوْرِيّ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المعَالِي أَحْمَد بنِ المُؤَيَّد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ المأْمونِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ اليَزْدِيُّ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ الصِّبْغِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِب بن حَرْب، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الجَعْفَرِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْفَع يَدَيْهِ إِذَا كبَّر، وَإِذَا رَفَعَ (1) .
وَبِهِ:أَخْبَرَنَا الصِّبْغِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بن أَبِي مُسَاوِر، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمر إِسْمَاعِيْل بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ:
أَملَى عليّ بنُ وَهْب مِنْ حِفْظِهِ، عَنْ يُوْنُس، عَنِ الزُّهْرِيِّ:
عَنْ أَنَس أَن النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:(لَيْسَ عَلَى مُنتَهِب وَلاَ مُختلس وَلاَ خَائِن قَطْعٌ) (2) .
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 1 / 77، ومن طريق مالك أخرجه أبو داود (742)، وأخرجه من طريق ابن شهاب عن سالم، عن عبد الله بن عمر، مالك 1 / 75، والبخاري 2 / 181، في صفة الصلاة، ومسلم (390).
(2) وأخرجه أحمد 3 / 380، والدارمي 2 / 175، وأبو داود (4393)، والنسائي 8 / 89، والترمذي (1448)، وابن ماجة (2591)، والطحاوي 2 / 98، والدارقطني 3 / 187، والبيهقي 8 / 279 كلهم من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله...وإسناده صحيح، وقد صرح ابن جريح بسماعه من أبي الزبير في رواية الدارمي وغيره، وتابعه عليه سفيان الثوري، والمغيرة بن مسلم، ولم ينفرد أبو الزبير بروايته، فقد تابعه عليه عمرو بن دينار عند ابن حبان، على أنه صرح بسماعه من جابر عند عبد الرزاق فانتفت شبهة تدليسه، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (1502) و(1503) وقال الزيلعي في " نصب الراية " 3 / 364: وسكت عنه عبد الحق في أحكامه، وابن القطان بعد، فهو صحيح عندهما، وانظر " شرح السنة " 10 / 321، 322.

(15/488)


غَرِيْبٌ جِدّاً.
مَعَ عدَالَة رُوَاته، فَلاَ تَنْبَغِي الرِّوَايَة إِلاَّ مِنْ كِتَاب، فَإِنِّي أَرَى ابْنَ وَهْبٍ مَعَ حِفْظه وَهِم فِيْهِ، وَللمَتْن إِسْنَادٌ غَيْرُ هَذَا.
أَخُوْهُ:

275 - المُعَمَّرُ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ *
سَمِعَ:يَحْيَى بنَ الذُّهْلِيِّ، وَسَهْلَ بنَ عَمَّارٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيّ.
قَالَ (1) :لَزِمَ الفُتوَّة إِلَى آخر عُمرُه، وَكَانَ أَخُوْهُ ينَهَاهُ، عَنِ السَّمَاع لَمَّا كَانَ يتعَاطَاهُ (2) .
عَاشَ مائَة سَنَةٍ وَأَربع سِنِيْنَ، وَأَملَى مَجَالِس.
مَاتَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) الأنساب: 8 / 34.
(1) أي الحاكم.
(2) النص بتمامه في " الأنساب ": " وكان الشيخ ينهانا عن القراءة عليه لما كان يتعاطاه ظاهرا، لا لحرج في سماعة...".
أي أن سماعه صحيح.
وتعاطيه أمور الفتوة هو سبب النهي، وقد جانب الصواب محقق الجزء الثامن من " الأنساب " حين حذف لفظة " لا لحرج " ووضع مكانها كلمة من عنده قلبت المعنى المراد " لا يتحرج في سماعه " فجعل عدم تحرجه في السماع هو سبب النهي، لا تعاطيه الفتوة..فتأمل !..

(15/489)