سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة الطَّبَقَةُ الثَّامِنَةَ عَشَرَ
251 - الذَّهَبِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ حَسَنٍ *
الحَافِظُ، العَالِمُ، الجَوَّالُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ بنِ أَبِي حَمْزَةَ البَلْخِيُّ،
ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي حَفْصٍ الفَلاَّسِ، وَمُحَمَّدِ بنِ
بَشَّارٍ، وَحَجَّاجِ بنِ الشَّاعِرِ، وَسَلْمِ بنِ
جُنَادَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ،
وَأَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرٍ البُسْتِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَزَّازُ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ الغِطْرِيْفِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
المَخْلَدِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
لَكِنَّهُ مَطْعُوْنٌ فِيْهِ.
قَالَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ:كَانَ مُسْتَهْتَراً بِالشُّربِ
(1) .
وَقَالَ الحَاكِمُ:وَقَعَ إِلَيَّ مِنْ كُتُبِهِ وَفِيْهَا
عَجَائِبُ.
وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ سَيِّئَ الرَّأْيِ فِيْهِ.
__________
(*) تاريخ جرجان: 36، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 137 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 801 800، ميزان
الاعتدال: 1 / 134، لسان الميزان: 1 / 260، طبقات الحفاظ:
334.
(1) في اللسان: " فلان مستهتر بالشراب: أي مولع به، لا
يبالي ما قيل فيه ".
(14/461)
قَالَ الحَاكِمُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعَ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنِ المُؤَيَّدِ
بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
سَهْلٍ المَسَاجِدِيُّ(ح).
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ،
أَخْبَرَنَا وَجِيْهُ بنُ طَاهِرٍ، وَأَخْبَرَنَا عَنْ
زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ:
أَنَّ مُحَمَّد بنَ مَنْصُوْرٍ الحُرْضِيَّ أَخْبَرَهَا
وَوَجِيْهاً أَيْضاً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا يَعْقُوْبُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا
الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ المَخْلَدِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ البَلْخِيُّ،
حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ الحَكَمِ الشَّطَوِيُّ، حَدَّثَنَا
حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، عَنْ
عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا - قَالَتْ:
أَدْرَكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- فِي جَنَازَةِ صَبِيٍّ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَتْ
عَائِشَةُ:طُوبَى لَهُ، عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيْرِ
الجَنَّةِ.
قَالَ:(وَمَا يُدْرِيْكِ يَا عَائِشَةُ!إِنَّ اللهَ خَلَقَ
الجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلاً، وَهُم فِي أَصْلاَبِ
آبَائِهِم، وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلاً،
وَهُمْ فِي أَصْلاَبِ آبَائِهِم).
رَوَاهُ:جَمَاعَةٌ، عَنْ طَلْحَةَ، وَهُوَ مِمَّا يُنْكَرُ
مِنْ حَدِيْثِهِ، لَكِنْ أَخْرَجَهُ:مُسْلِمٌ، وَأَبُو
دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ (1) .
252 - ابْنُ سَابُوْرَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَابُوْرَ
البَغْدَادِيُّ، الدَّقَّاقُ.
سَمِعَ:أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ
عُبَيْدَ اللهِ بنَ هِشَامٍ الحَلَبِيَّ، وَنَصْرَ بنَ
عَلِيٍّ الجَهْضَمِيَّ، وَعِدَّةً.
__________
(1) أخرجه مسلم (2662) في القدر: باب معنى كل مولود يولد
على الفطرة، وأبو داود (4713) في السنة: باب في ذراري
المشركين، والنسائي: 4 / 57 في الجنائز: باب
الصلاة على الصبيان، وابن ماجه (82) في المقدمة.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 225، العبر: 2 / 155، شذرات الذهب: 2
/ 266.
(14/462)
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عُمَرَ بنُ
حَيُّوْيَه، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
نَقَلَ الخَطِيْبُ تَوثِيقَه، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي
سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:عَاشَ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
253 - العَسْكَرِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ سَعِيْدِ
بنِ عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ العَسْكَرِيُّ،
نَزِيْلُ الرَّيِّ.
حَدَّثَ عَنْ:عَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيِّ،
وَالزُّبَيْرِ بنِ بَكَّارٍ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو الشَّيْخِ، وَأَبُو بَكْرٍ القَبَّابُ،
وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ
مَطَرٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَمِنْ تَآلِيْفِهِ كِتَابُ(السَّرَائِرِ)، وَغَيْرُ
ذَلِكَ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ:تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، بِالرَّيِّ.
وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ وَفَاةً:مَأْمُوْنٌ
الرَّازِيُّ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه فِي(تَارِيْخِهِ):كَانَ
العَسْكَرِيُّ مِنَ الثِّقَاتِ، يَحْفَظُ وَيُصَنِّفُ.
__________
(*) الأنساب: 391 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 129 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 749، طبقات
الحفاظ: 315، شذرات الذهب: 2 / 246، الرسالة المستطرفة:
55.
(14/463)
وَقَالَ الشِّيْرَازِيُّ
فِي(الأَلْقَابِ):كَانَ العَسْكَرِيُّ يُقَالُ
لَهُ:شُقَيْرٌ الحَافِظُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ:كَانَ أَحَدَ
الجَوَّالِينَ، كَثِيْرَ التَّصنِيفِ، أَقَامَ
بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى تِجَارَةٍ لَهُ مُدَّةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ
طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيُّ،
حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ حَمَّادٍ،
حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي بَانَةُ بِنْتُ بَهْزِ بنِ
حَكِيْمٍ، عَنْ أَبِيْهَا، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(مَنْ سَبَّحَ عِنْدَ غُرُوْبِ الشَّمْسِ
سَبْعِيْنَ تَسْبِيْحَةً، غَفَرَ اللهُ لَهُ سَائِرَ
عَمَلِهِ).
حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
وَبَانَةُ:مَجْهُوْلَةٌ (1) .
254 - أَبُو لَبِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ
إِيَاسٍ السَّامِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، الصَّادِقُ، أَبُو
لَبِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ إِيَاسٍ
السَّامِيُّ، السَّرَخْسِيُّ.
سَمِعَ:سُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَأَبَا مُصْعَبٍ
الزُّهْرِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ،
وَهَنَّادَ بنَ السَّرِيِّ، وَمَحْمُوْدَ بنَ غَيْلاَنَ،
وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعُمِّرَ دَهْراً، وَرَحَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:إِمَامُ الأَئِمَّةِ؛ابْنُ خُزَيْمَةَ،
وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ الحَافِظُ،
__________
(1) في " الاستدراك " لابن نقطة: ان بانة هذه روت عن أخيها
عبد الملك بن بهز، وروى عنها الحسين بن الحسن بن حماد،
وهشام بن علي السيرافي، وأبوبهز الصقر بن عبد الرحمن بن
بنت مالك بن مغول، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير "
782(*) العبر: 2 / 157، الوافي بالوفيات: 2 / 181، النجوم
الزاهرة: 3 / 215.
(14/464)
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ
الوَرَّاقُ، وَزَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ،
وَأَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ الكَرَابِيْسِيُّ
البَصْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ
نَيِّفٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ - .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو
رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ
التَّمِيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو لَبِيْدٍ السَّامِيُّ،
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ
بنُ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ
النُّعْمَانِ بنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ أَوْسٍ
الثَّقَفِيِّ، قَالَ:
دَخَلتُ عَلَى عَنْبَسَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ فِي
المَوْتِ، فَحَدَّثَنِي، قَالَ:حَدَّثَتْنِي أُمُّ
حَبِيْبَةَ:
أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:(مَنْ صَلَّى مِنَ النَّهَار
ثِنْتَيْ عَشْرَة رَكْعَةً تَطَوُّعاً، بُنِيَ لَهُ
بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ).
قَالَتْ:فَوَاللهِ مَا تَرَكتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ
مِنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- .
وَقَالَ عَنْبَسَةُ:وَأَنَا - وَاللهِ - مَا
تَرَكْتُهُنَّ.
وَقَالَ عَمْرٌو مِثْلَ ذَلِكَ.
وَقَالَ النُّعْمَانُ مِثْلَ ذَلِكَ.
أَخْرَجَهُ:مُسْلِمٌ (1) ، عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ
أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ.
255 - الفَرَائِضيُّ أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بنُ القَاسِمِ
*
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، المُقْرِئُ، أَبُو
اللَّيْثِ نَصْرُ بنُ القَاسِمِ بنِ
__________
(1) برقم (728) في صلاة المسافرين: باب فضل السنن الراتبة
قبل الفرائض وبعدهن، وأبو داود (1250) في الصلاة: باب
تفريع أبواب التطوع، والترمذي (415) في الصلاة: باب ما جاء
فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنة، والنسائي:
3 / 261 في قيام الليل: باب ثواب من صلى في اليوم والليلة
ثنتي عشرة ركعة، وابن ماجه (1141)
في إقامة الصلاة: باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة.
(*) تاريخ بغداد: 13 / 295، الأنساب: 421 / ب، المنتظم: 6
/ 204، العبر: 2 / 160، البداية والنهاية: 11 / 154، طبقات
القراء للجزري: 2 / 338، النجوم الزاهرة: 3 / 216، شذرات
الذهب: 2 / 269.
(14/465)
نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ،
الفرَائِضِيُّ.
سَمِعَ:عَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ النَّرْسِيَّ،
وَسُرَيْجَ بنَ يُوْنُسَ، وَعُبَيْدَ اللهِ
القَوَارِيْرِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ،
وَعِدَّةً.
وَكَانَ بَصِيْراً بِحَرفِ أَبِي عَمْرٍو بنِ العَلاَءِ،
إِمَاماً فِي الفِقْهِ، كَبِيرَ الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الحُسَيْنِ بنُ البَوَّابِ، وَأَبُو
الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ
شَاهِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَقَدْ وُثِّقَ.
مَاتَ:سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخُوْهُ:المُحَدِّثُ الثِّقَةُ:
256 - أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ *
أَخُو أَبِي اللَّيْثِ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ لُوَيْناً، وَإِسْحَاقَ
بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَأَبَا هَمَّامٍ، وَالحَسَنَ
بنَ حَمَّادٍ سَجَّادَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو
حَفْصٍ الكَتَّانِيُّ.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ.
وَعَاشَ:ثَمَانِياً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ:سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي ذِي
الحِجَّةِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 352، العبر: 2 / 181، شذرات الذهب: 2
/ 285.
(14/466)
وَمَاتَ مَعَ أَبِي اللَّيْثِ:الحَسَنُ بنُ
دَكَّةَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو ذرٍّ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ البُخَارِيُّ،
وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الخَلِيْلِ الجَلاَّبُ،
وَمَحْمُوْدُ بنُ عَنْبَرٍ النَّسفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ الكُوْفِيُّ بِمِصْرَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ الأَنْدَلُسِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَلْخِيُّ الذَّهَبِيُّ.
257 - الجَرِيْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ *
شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الجُرَيْرِيُّ،
الزَّاهِدُ.
قِيْلَ:اسْمُهُ:أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنٍ.
وَقِيْلَ:عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى.
وَقِيْلَ:حَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ.
لَقِيَ السَّرِيَّ السَّقَطِيَّ وَالكِبَارَ، وَرَافَقَ
الجُنَيْدَ، وَكَانَ الجُنَيْدُ يَتَأَدَّبُ مَعَهُ،
وَإِذَا تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الحَقَائِقِ،
قَالَ:هَذَا مِنْ بَابَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَ الجُنَيْدُ، أَجلَسُوهُ مَكَانَهُ،
وَأَخَذُوا عَنْهُ آدَابَ القَوْمِ.
حَجَّ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ، فَقُتِلَ فِي رُجُوعِه
يَوْمَ وَقعَةِ الهبِيْرِ (1) ، وَطِئَتْهُ الجِمَالُ
النَّافِرَةُ، فَمَاتَ شَهِيْداً، وَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ
المُحَرَّمِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَهُوَ فِي
عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
__________
(*) طبقات الصوفية: 264 259، حلية الأولياء: 10 / 348 347،
تاريخ بغداد: 4 / 434 430، الرسالة القشيرية: 23، المنتظم:
6 / 176 174، صفة الصفوة: 2 / 448 447، الكامل في التاريخ:
8 / 145 الوافي بالوفيات: 7 / 378، البداية والنهاية: 11 /
148، طبقات الأولياء: 75 70.
(1) الهبير: قال ياقوت: رمل زرود في طريق مكة، كانت عنده
وقعة ابن أبي سعيد الجنابي الزنديق القرمطي بالحاج يوم
الأحد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة 312 ه، قتلهم،
وسباهم وأخذ أموالهم. وانظر التفصيل عن هذه الوقعة في "
الكامل " 8 / 147 لابن الأثير.
(14/467)
258 - البَهْرَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ
تَمَّامِ بنِ صَالِحٍ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، أَبُو بَكْرٍ البَهْرَانِيُّ،
الحِمْصِيُّ.
سَمِعَ مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ مُصَفَّى، وَالمُسَيَّبِ بنِ
وَاضِحٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَصِّيْصِيِّ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ خُبَيْقٍ الأَنْطَاكِيِّ،
وَطَبَقَتِهِم، وَمُحَمَّدِ بنِ آدَمَ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَالحَسَنُ بنُ
مُنَيْرٍ، وَالفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ الرَّبعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ:حَدَّثَ عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ آدَمَ المَصِّيْصِيِّ بِمَنَاكِيْرَ.
قُلْتُ:لاَ أَظُنُّ بِهِ بَأْساً.
مَاتَ:سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَيُكشَفُ هَلْ خَرَّجَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ
فِي(صَحِيْحِهِ)؟
259 - الشَّعْرَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ حَفْصِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ يَزِيْدَ **
الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ حَفْصِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
الشَّعْرَانِيُّ، الجُوَيْنِيُّ الأَصْلِ، أَحَدُ
الأَثبَاتِ.
سَمِعَ:إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَأَبَا كُرَيْبٍ،
وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ،
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 15 / 75 / أ، ميزان الاعتدال: 3 /
494، لسان الميزان: 5 / 97.
(* *) الأنساب: 14 / ب.
(14/468)
وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَأَمثَالَهُم.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ، وَزَاهِرٌ السَّرَخْسِيُّ،
وَعِدَّةٌ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:هُوَ شَيْخٌ، ثِقَةٌ،
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ فِي(الأَنْسَابِ):هُوَ مُحَمَّدُ بنُ
حَفْصٍ الآزَاذْوَارِيُّ.
وَآزَاذْوَارُ:قَريَةٌ مِنْ قُرَى جُوَيْنَ.
قُلْتُ:هُوَ مَشْهُوْرٌ بِالشَّعْرَانِيِّ.
260 - ابْنُ الجَصَّاصِ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ
البَغْدَادِيُّ *
الصَّدْرُ، الرَّئِيسُ، ذُو الأَمْوَالِ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجَصَّاصِ
البَغْدَادِيُّ، الجَوْهَرِيُّ، التَّاجِرُ، الصَّفَّارُ.
قَالَ ابْنُ طُوْلُوْنَ:لاَ يُبَاعُ لَنَا شَيْءٌ إِلاَّ
عَلَى يَدِ ابْنِ الجَصَّاصِ.
وَعَنْهُ، قَالَ:كُنْتُ يَوْماً فِي الدِّهْلِيزِ،
فَخَرَجَتْ قَهْرَمَانَةٌ مَعَهَا مائَةُ حَبَّةِ
جَوْهَرٍ، تُسَاوِي الحَبَّةُ أَلْفَ دِيْنَارٍ،
فَقَالَتْ:نُرِيدُ أَنْ تَخرُطَ هَذَا الحَبَّ حَتَّى
يَصْغُرَ، فَأَخَذْتُهُ مِنْهَا مُسْرِعاً، وَجَمَعتُ
سَائِرَ نَهَارِي مِنَ الحَبِّ بِمائَةِ أَلفِ دِرْهَمٍ،
الوَاحِدَةُ بِأَلفٍ، وَأَتَيتُ بِهِ القَهْرَمَانَةَ،
وَقُلْتُ:قَدْ خَرَطْنَا هَذَا.
__________
(*) نشوار المحاضرة: أخبار الجصاص مبثوثة في أماكن كثيرة
منه، انظر مثلا: 1 / 37 25، و2 / 36، 39 وغيرها، الأنساب:
130 / ب، المنتظم: 6 / 214 211، أخبار الحمقى والمغفلين:
58 50، الكامل في التاريخ: 8 / 16، 18، 86، وفيات الأعيان:
3 / 77 ضمن ترجمة عبد الله بن المعتز، العبر: 2 / 122 121،
فوات الوفيات: 1 / 376 372، الوافي بالوفيات: 12 / 391
386، البداية والنهاية: 11 / 157 156، النجوم الزاهرة: 3 /
185 و218، شذرات الذهب: 2 / 238.
(14/469)
يَعْنِي:فَربحَ فِيْهِ - فِي يَوْمٍ -
بَضْعَةً وَتِسْعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
وَلَمَّا تَزَوَّجَ المُعتَضِدُ بِاللهِ بِقَطْرِ النَّدَى
بِنْتِ خُمَارَوَيْه صَاحِبِ مِصْرَ، نَفَّذَهَا أَبُوْهَا
مَعَ ابْنِ الجَصَّاصِ فِي جِهَازٍ عَظِيْمٍ وَتُحَفٍ
وَجَوَاهرَ تَتجَاوزُ الوَصْفَ، فَنَصَحَهَا ابْنُ
الجَصَّاصِ، وَقَالَ:هَذَا شَيْءٌُ كَثِيْرٌ، وَالأَوقَاتُ
تَتَغيَّرُ، فَلَو أَودَعتِ مِنْ هَذَا؟
فَقَالَتْ:نَعَمْ يَا عمِّ.
وَأَودَعَتْهُ نفَائِسَ ثَمِينَةً، فَاتَّفَقَ أَنَّهَا
أُدخِلَتْ عَلَى المُعْتَضِد، وَكَرُمَتْ عَلَيْهِ،
وَحَمَلَتْ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فِي النِّفَاسِ بَغتَةً،
وَزَادَتْ أَمْوَالُ ابْنِ الجَصَّاصِ إِلَى الغَايَةِ،
وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ الأَعْيُنُ، فَلَمَّا كَانَ فِي
سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَبَضَ عَلَيْهِ
المُقْتَدِرُ، وَكُبِسَتْ دَارُهُ، وَأَخَذُوا لَهُ مِنَ
الذَّهَبِ وَالجَوهَرِ مَا قُوِّمَ بِأَرْبَعَةَ آلاَفِ
أَلفِ دِيْنَارٍ.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ فِي(المُنْتَظَمِ (1)):أَخَذُوا
مِنْهُ مَا مِقْدَارُهُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ
دِيْنَارٍ عَيناً، وَوَرِقاً، وَخَيْلاً، وَقُمَاشاً،
فَقِيْلَ:كَانَ جُلُّ مَالِهِ مِنْ بِنْتِ خُمَارَوَيْه.
وحكَى بَعْضُهُم، قَالَ:دَخَلتُ دَارَ ابْنِ الجَصَّاصِ
وَالقَبَّانِيُّ بَيْنَ يَدَيْهِ يُقَبِّنُ سَبَائِكَ
الذَّهَبِ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ (2) :حَدَّثَنِي أَبُو الحُسَيْنِ
بنُ عَيَّاشٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَمَاعَةً مِنْ ثِقَاتِ
الكُتَّابِ يَقُولُوْنَ:إِنَّهُم حَضَرُوا مُصَادَرَةَ
ابْنِ الجَصَّاصِ، فَكَانَتْ سِتَّةَ آلاَفِ أَلفِ
دِيْنَارٍ، هَذَا سِوَى مَا أُخِذَ مِنْ دَارِهِ وَبَعْدَ
مَا بَقِيَ لَهُ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ:لَمَّا صُودِرَ، كَانَ فِي دَارِهِ
سَبْعُ مائَةِ مُزَمَّلَةِ خَيْزُرَانَ.
وَيُحَكَى عَنْهُ بَلَهٌ وَتَغْفِيلٌ، مَرَّ بِهِ
صَدِيْقٌ، فَقَالَ لَهُ:كَيْفَ أَنْتَ؟
فَقَالَ
__________
(1) 6 / 214 211.
(2) في " نشوار المحاضرة " 1 / 25.
(14/470)
ابْنُ الجَصَّاصِ:الدُّنْيَا كُلُّهَا
مَحمُوْمَةٌ.
وَكَانَ قَدْ حُمَّ.
وَنَظَرَ مَرَّةً فِي المِرآةِ، فَقَالَ لِصَاحِبِهِ:تَرَى
لِحْيَتِي طَالَتْ؟
فَقَالَ:المِرْآةُ فِي يَدِكَ.
قَالَ:الشَّاهِدُ يَرَى مَا لاَ يَرَى الغَائِبُ.
وَدَخَلَ يَوْماً عَلَى الوَزِيْرِ ابْنِ الفُرَاتِ،
فَقَالَ:عِنْدَنَا كِلاَبٌ يَحرِمُوننَا نَنَامَ.
فَقَالَ الوَزِيْرُ:لَعَلَّهُم جِرَاءٌ؟
قَالَ:بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قَدِّي وَقَدِّكَ.
وَدَعَا، فَقَالَ:حَسْبِي اللهُ وَأَنبيَاؤُه
وَمَلاَئِكتُه، اللَّهُمَّ أَعِدْ مِنْ بَرَكَةِ
دُعَائِنَا عَلَى أَهْلِ القُصُورِ فِي قُصُورِهِم،
وَعَلَى أَهْلِ الكنَائِسِ فِي كنَائِسِهِم.
وَفَرَغَ مِنَ الأَكْلِ، فَقَالَ:الحَمْدُ للهِ الَّذِي
لاَ يُحلَفُ بِأَعظَمَ مِنْهُ.
وَكَانَ مَعَ الخَاقَانِيِّ فِي مَرْكِبٍ وَبِيَدِهِ
كُرَةُ كَافُوْرٍ، فَبَصَقَ فِي وَجْهِ الوَزِيْرِ،
وَأَلْقَى الكَافُوْرَةَ فِي دِجْلَةَ، ثُمَّ أَفَاقَ
وَاعْتَذَرَ، وَقَالَ:إِنَّمَا أَرَدتُ أَنْ أَبْصُقَ فِي
وَجْهِكَ وَأُلْقِيَهَا فِي المَاءِ، فَغَلِطْتُ.
فَقَالَ:كَانَ كَذَلِكَ يَا جَاهِلُ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ (1) :حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ
وَرْقَاءَ الأَمِيْرُ، قَالَ:
اجتَزتُ بِابْنِ الجَصَّاصِ وَكَانَ مُصَاهرِي،
فَرَأَيْتُهُ عَلَى حُوْشِ (2) دَارِهِ حَافِياً حَاسِراً،
يَعْدُو كَالمَجْنُوْنِ، فَلَمَّا رَآنِي، اسْتَحْيَى،
فَقُلْتُ:مَا لَكَ؟
قَالَ:يَحُقُّ لِي، أَخَذُوا مِنِّي أَمراً عَظِيْماً.
فَسَلَّمْتُهُ، وَقُلْتُ:مَا بَقِيَ يَكْفِي، وَإِنَّمَا
يَقْلَقُ هَذَا القَلَقَ مَنْ يَخَافُ الحَاجَةَ،
فَاصْبِرْ حَتَّى أُبيِّنَ لَكَ غِنَاكَ.
قَالَ:هَاتِ.
قُلْتُ:أَلَيْسَ دَارُكَ هَذِهِ بِآلَتِهَا وَفُرُشِهَا
لَكَ؟وَعَِقَارُكَ بِالكَرْخِ وَضِيَاعُكَ؟
قَالَ:بَلَى.
فَمَا زِلْتُ أُحَاسِبُه حَتَّى بَلَغَ قِيمَةَ سَبْعِ
مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، ثُمَّ قُلْتُ:وَاصْدُقْنِي
عَمَّا سَلِمَ لَكَ.
فَحَسبْنَاهُ، فَإِذَا هُوَ بِثَلاَثِ مائَةِ أَلْفِ
دِيْنَارٍ، قُلْتُ:فَمَنْ لَهُ أَلفُ
__________
(1) في " النشوار " 1 / 26، وما بين حاصرتين منه.
(2) كذا الأصل، وفي " النشوار ": روشن.
(14/471)
أَلفِ دِيْنَارٍ بِبَغْدَادَ؟!هَذَا
وَجَاهُكَ قَائِمٌ، فَلِمَ تَغْتَمُّ؟
فَسَجَدَ للهِ، وَحَمِدَهُ، وَبَكَى، وَقَالَ:أَنْقَذَنِي
اللهُ بِكَ، مَا عَزَّانِي أَحَدٌ بِأَنفَعَ مِنْ
تَعْزِيَتِكَ، مَا أَكَلتُ شَيْئاً مُنْذُ ثَلاَثٍ،
فَأَقِمْ عِنْدِي لِنَأْكُلَ وَنَتَحَدَّثَ.
فَأَقَمتُ عِنْدَهُ يَوْمِيْنِ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ (1) :اجتَمَعتُ بِأَبِي عَلِيٍّ -
وَلَدِ ابْنِ الجَصَّاصِ - فَسَأَلْتُهُ عَمَّا يُحْكَى
عَنْ أَبِيْهِ مِنْ أَنَّ الإِمَامَ قَرَأَ:{وَلاَ
الضَّالِّيْنَ}، فَقَالَ:إِيْ لَعَمْرِي، بَدَلاً مِنْ
آمِيْنَ.
وَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُقَبِّلَ رَأْسَ الوَزِيْرِ،
فَقَالَ:إِنَّ فِيْهِ دُهْناً.
فَقَالَ:أُقَبِّلْهُ وَلَوْ كَانَ فِيْهِ خَرَا.
وَأَنَّهُ وَصفَ مُصْحَفاً عَتِيْقاً،
فَقَالَ:كِسْرَوِيٌّ؟
فَقَالَ (2) :غَالِبُهُ كَذِبٌ، وَمَا كَانَتْ فِيْهِ
سَلاَمَةٌ (3) تُخْرِجُهُ إِلَى هَذَا، كَانَ مِنْ أَدهَى
النَّاسِ، وَلَكِنْ كَانَ يَفْعَلُ بِحَضْرَةِ الوَزِيْرِ،
وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَوِّرَ نَفْسَهُ بِبَلَهٍ
لِيَأْمَنَهُ الوُزَرَاءُ لِكَثْرَةِ خَلْوَتِهِ
بِالخُلَفَاءِ.
فَأَنَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيْثٍ:حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ
ابْنَ الفُرَاتِ لَمَّا وَزَرَ، قَصَدَنِي قَصْداً
قَبِيحاً كَانَ فِي نَفْسِهِ عَلَيَّ، وَبَالَغَ، وَكَانَ
عِنْدِي ذَلِكَ الوَقْتَ سَبْعَةُ آلاَفِ أَلفِ دِيْنَارٍ،
عَيْناً وَجَوْهَراً، فَفَكَّرتُ، فَوَقَعَ لِيَ الرَّأْيُ
فِي السَّحَرِ، فَمَضَيْتُ إِلَى دَارِهِ، فَدَقَقْتُ،
فَقَالَ البَوَّابُوْنَ:مَا ذَا وَقْتُ وُصُولٍ إِلَيْهِ؟
فَقُلْتُ:عَرِّفُوا الحُجَّابَ أَنِّي جِئْتُ لِمُهِمٍّ.
فَعَرَّفُوهُم، فَخَرَجَ إِلَيَّ حَاجِبٌ، فَقَالَ:إِلَى
سَاعَةٍ.
فَقُلْتُ:الأَمْرُ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ.
فَنَبَّهَ الوَزِيْرَ، وَدَخَلتُ وَحَولَ سَرِيْرِهِ
خَمْسُوْنَ نَفْساً حَفَظَةً وَهُوَ مُرتَاعٌ،
فَرَفَعَنِي،
__________
(1) في " النشوار " 1 / 35 29، وما بين حاصرتين منه.
(2) يعني ولد ابن الحصاص.
(3) أي: غفلة.
(14/472)
وَقَالَ:مَا الأَمْرُ؟
قُلْتُ:خَيْرٌ، هُوَ أَمرٌ يَخُصُّنِي.
فَسَكَنَ، وَصَرَفَ مَنْ حَوْلَهُ، فَقُلْتُ:إِنَّك
قَصَدتَنِي، وَشَرَعتَ يَا هَذَا تُؤْذِينِي،
وَتَتَفَرَّغُ لِي، وَتَعْمَلُ فِي هَلاَكِي، وَلَعَمرِي
لَقَدْ أَسَأْتُ فِي خِدْمَتِكَ، وَلَقَدْ جَهِدتُ فِي
اسْتِصْلاَحِكَ، فَلَمْ يُغْنِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَضعَفَ
مِنَ الهِرِّ، وَإِذَا عَاثَ فِي دُكَانَ الفَامِي،
فَظَفِرَ بِهِ، وَلَزَّهُ، وَثَبَ وَخَمَشَ، فَإِنْ
صَلُحتَ لِي وَإِلاَّ - وَاللهِ - لأَقصُدَنَّ
الخَلِيْفَةَ، وَأَحْمِلَ إِلَيْهِ أَلفَيْ أَلفِ
دِيْنَارٍ، وَأَقُولَ:سَلِّمِ ابْنَ الفُرَاتِ إِلَى
فُلاَنٍ وَأَعطِهِ الوِزَارَةَ، فَيَفْعَلَ،
وَيُعَذِّبَكَ، وَيَأْخُذَ مِنْكَ فِي قَدْرِهَا،
وَيُعظِمَ قَدرِي بِعَزْلِي وَزِيْراً وَإِقَامَتِي
وَزِيْراً.
فَقَالَ:يَا عَدُوَّ اللهِ!وَتَستَحِلُّ هَذَا؟
قُلْتُ:أَنْتَ أَحْوَجْتَنِي، وَإِلاَّ فَاحْلِفْ لِيَ
السَّاعَةَ عَلَى إِنصَافِي.
فَقَالَ:وَتَحلِفُ أَنْتَ كَذَلِكَ:وَعَلَيَّ حُسْنُ
الطَّاعَةِ وَالمُؤَازَرَةِ؟
قُلْتُ:نَعَمْ.
فَقَالَ:لَعَنَكَ اللهُ يَا إِبْلِيْسُ، لَقَدْ
سَحَرْتَنِي.
وَأَخَذَ دَوَاةً، وَعَمِلنَا نُسْخَةَ اليَمِيْنِ،
وَحَلَّفْتُه أَوَّلاً، ثُمَّ قَالَ:يَا أَبَا عَبْدِ
اللهِ!لَقَدْ عَظُمتَ فِي نَفْسِي، مَا كَانَ المُقْتَدِرُ
عِنْدَهُ فَرقٌ بَيْنَ كَفَاءتِي وَبَيْنَ أَصغَرِ
كُتَّابِي مَعَ الذَّهَبِ، فَاكتُمْ مَا جَرَى.
فَقُلْتُ:سُبْحَانَ اللهِ!
ثُمَّ قَالَ:تَعَالَ غَداً، فَسَتَرَى مَا أُعَامِلُكَ
بِهِ.
فَعُدْتُ إِلَى دَارِي، وَمَا طَلَعَ الفَجْرُ.
فَقَالَ ابْنُهُ:أَفَهَذَا فِعْلُ مَنْ يُحَكَى عَنْهُ
تِلْكَ الحِكَايَاتِ؟
قُلْتُ:لاَ.
قُلْتُ:لَعَلَّ بِهَذِهِ الحَرَكَةِ أَضْمَرَ لَهُ
الوَزِيْرُ الشَّرَّ - فَنَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ - .
تُوُفِّيَ ابْنُ الجَصَّاصِ:فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسَ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ أَسَنَّ.
(14/473)
261 - ابْنُ خَاقَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ الخَاقَانِيُّ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ
ابْنُ الوَزِيْرِ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدٍ ابْنِ
الوَزِيْرِ أَبِي الحَسَنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ
خَاقَانَ الخَاقَانِيُّ.
من بَيْتِ وِزَارَةٍ.
وَكَانَ ذَا لَسَنٍ، وَبَلاَغَةٍ، وَآدَابٍ، وَحُسنِ
كِتَابَةٍ، وَجُودٍ وَإِفضَالٍ، وَثَروَةٍ وَأَمْوَالٍ.
وَلِيَ الوِزَارَةَ لِلْمُقْتَدِرِ فِي رَبِيْعٍ
الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
بِإِشَارَةِ مُؤْنِسٍ الخَادِمِ، وَكَانَ سَائِساً
مُمَارِساً، خَبِيْراً بِالأُمُورِ، ثُمَّ قُبِضَ عَلَيْهِ
بَعْدَ ثَمَانيَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَرُسِمَ عَلَيْهِ،
ثُمَّ تَعَلَّلَ، وَمَاتَ فِي شَهْر رَجَبٍ، سَنَةَ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
262 - ابْنُ الفُرَاتِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى
العَاقُوْلِيُّ **
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي
جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى بنِ الحَسَنِ بنِ
الفُرَاتِ العَاقُوْلِيُّ، الكَاتِبُ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:ابتَاعَ جَدُّهُم ضِيَاعاً
بِالعَاقُوْلِ، وَانْتَقَلَ إِلَيْهَا، فَنُسِبُوا إِلَى
العَاقُوْلِ.
كَانَ ابْنُ الفُرَاتِ يَتَوَلَّى أَمرَ الدَّوَاوِيْنِ
زَمَنَ المُكْتَفِي، فَلَمَّا وَلِيَ المُقْتَدِرُ،
وَوَزَرَ لَهُ العَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ، بَقِيَ ابْنُ
الفُرَاتِ عَلَى وِلاَيَتِهِ، فَجَرَتْ
__________
(*) المنتظم: 6 / 195، الكامل في التاريخ: 8 / 155 150،
العبر: 2 / 151، شذرات الذهب: 2 / 264.
(* *) المنتظم: 6 / 192 190، الكامل في التاريخ: 8 / 9،
إعتاب الكتاب: 180، وفيات الأعيان: 3 / 429 421، العبر: 2
/ 153 152، البداية والنهاية: 11 / 152 151، النجوم
الزاهرة: 3 / 213.
(14/474)
فِتْنَةُ ابْنِ المُعْتَزِّ، وَقُتِلَ
العَبَّاسُ الوَزِيْرُ، فَوَزَرَ ابْنُ الفُرَاتِ سَنَةَ
سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، وَتَمَكَّنَ، فَأَحسَنَ وَعَدَلَ،
وَكَانَ سَمحاً مِفضَالاً مُحْتَشِماً، رَأْساً فِي
حِسَابِ الدِّيْوَانِ، لَهُ ثَلاَثَةُ
بَنِيْنَ؛المُحَسَّنُ وَالفَضْلُ وَالحُسَيْنُ، ثُمَّ
عُزِلَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ،
ثُمَّ وَزَرَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ إِثرَ
عَزلِ عَلِيِّ بنِ عِيْسَى، ثُمَّ عُزِلَ بَعْدَ سَبْعَةَ
عَشَرَ شَهْراً بِحَامِدِ بنِ العَبَّاسِ، ثُمَّ وَلِيَهَا
سَنَةَ(311)، وَوَلَّى وَلَدَهُ المُحَسّنَ
الدَّوَاوِيْنَ، فَعَسَفَ وَصَادَرَ وَعَذَّبَ، وَظَلَمَ
أَبُوْهُ أَيْضاً، وَاسْتَأْصَلَ جَمَاعَةً، فَعُزِلَ
بَعْدَ سَنَةٍ إِلاَّ أَيَّاماً.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ وَصَلَ المُحَدِّثِيْنَ بِعِشْرِيْنَ
أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ:أَنَّ صَاحِبَ خَبَرِ ابْنِ الفُرَاتِ
رُفِعَ إِلَيْهِ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَربَابِ الحَوَائِجِ
اشْتَرَى خُبزاً وَجُبْناً، فَأَكَلَهُ فِي الدِّهلِيزِ،
فَأَقْلَقَهُ هَذَا، وَأَمرَ بِنَصْبِ مَطْبَخٍ لِمَنْ
يَحضُرُ مِنْ أَربَابِ الحَوَائِجِ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ
طُوْلَ أَيَّامِه.
قَالَ ابْنُ فَارِسٍ اللُّغَوِيُّ:حَدَّثَنَا أَبُو
الحَسَنِ البَصْرِيُّ:قَالَ لِي رَجُلٌ:
كُنْتُ أَخدُمُ الوَزِيْرَ ابْنَ الفُرَاتِ، فَحُبِسَ
وَلَهُ عِنْدِي خَمْسُ مائَةِ دِيْنَارٍ، فَتَلَطَّفْتُ
بِالسَّجَّانِ حَتَّى أُدخِلْتُ، فَلَمَّا رَآنِي،
تَعَجَّبَ، وَقَالَ:أَلَكَ حَاجَةٌ؟
فَأَخْرَجتُ الذَّهَبَ، وَقُلْتُ:تَنْتَفِعُ بِهَذَا.
فَأَخَذَهُ مِنِّي، ثُمَّ رَدَّهُ، وَقَالَ:يَكُوْن
عِنْدَك وَدِيعَةً.
فَرَجَعتُ، ثُمَّ أُفْرِجَ عَنْهُ بَعْدَ مُدَّةٍ، وَعَادَ
إِلَى دَسْتِهِ، فَأَتَيْتُه، فَطَأَطَأَ رأْسَهُ، وَلَمْ
يَمْلأْ عَيْنَيْهِ مِنِّي، وَطَال إِعْرَاضُهُ، حَتَّى
أَنفَقتُ الذَّهَبَ، وَسَاءتْ حَالِي إِلَى يَوْمٍ،
فَقَالَ لِي:وَرَدَتْ سُفُنٌ مِنَ الهِنْدِ، ففسرهَا
وَاقْبِضْ حَقَّ بَيْتِ المَالِ، وَخُذْ رَسْمَنَا.
فَعُدتُ إِلَى بَيْتِي، فَأَعطَتْنِي المَرْأَةُ خِمَاراً
وَقُرْطَتَيْنِ، فَبِعتُ ذَلِكَ، وَتَجَهَّزتُ بِهِ،
وَانحَدَرْتُ، وَفَسَّرْتُ السُّفنَ، وَقَبَضْتُ الحَقَّ
وَرَسَمَ الوَزِيْرِ، وَأَتَيْتُ بَغْدَادَ، فَقَالَ
الوَزِيْرُ:سَلِّمْ حَقَّ بَيْتِ المَالِ، وَاقبِضِ
الرَّسْمَ إِلَى بَيْتِكَ.
قُلْتُ:هُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُوْنَ
(14/475)
أَلفَ دِيْنَارٍ.
قَالَ:فَحَفِظتُهَا، وَطَالَتِ المُدَّةُ، وَرَأَى فِي
وَجْهِي ضُرّاً، فَقَالَ:ادْنُ مِنِّي، مَا لِي أَرَاكَ
مُتَغيِّرَ اللَّوْنِ، سَيِّئَ الحَالِ.
فَحَدَّثْتُهُ بِقِصَّتِي، قَالَ:وَيْحَكَ!وَأَنْت مِمَّنْ
يُنفِقُ فِي مُدَّةٍ يَسِيْرَةٍ خَمْسَةً وَعِشْرِيْنَ
أَلْفاً؟!
قُلْتُ:وَمِنْ أَيْنَ لِي ذَلِكَ؟
قَالَ:يَا جَاهِلُ!مَا قُلْتُ لَكَ احْمِلْهَا إِلَى
مَنْزِلِكَ، أَتُرَانِي لَمْ أَجِدْ مَنْ أُوْدِعُهُ
غَيْرَكَ؟وَيْحَكَ!أَمَا رَأَيْتَ إِعرَاضِي
عَنْكَ؟إِنَّمَا كَانَ حَيَاءً مِنْكَ، وَتَذَكَّرتُ
جَمِيْلَ صُنْعِكَ وَأَنَا مَحْبُوْسٌ، فَصِرْ إِلَى
مَنْزِلِكَ، وَاتَّسِعْ فِي النَّفَقَةِ، وَأَنَا
أُفَكِّرُ لَكَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ.
ذَكَرَ ابْنُ مُقْلَةَ:أَنَّهُ حَضَرَ مَجْلِسَ ابْنِ
الفُرَاتِ فِي أَوَّلِ وَزَارَتِهِ، فَأُدخِلَ إِلَيْهِ
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ فِي
مِحَفَّةٍ، فَدَفَعَ الوَزِيْرُ إِلَيْهِ عَشْرَةَ آلاَفِ
دِرْهَمٍ سِرّاً، فَأَنْشَدَ:
أَيَادِيكَ عِنْدِي مُعَظَّمَاتٌ جَلاَئِلُ ... طَوَالَ
المدَى شُكْرِي لَهُنَّ قَصِيْرُ
فَإِنْ كُنْتَ عَنْ شُكْرِي غَنِيّاً فَإِنَّنِي ... إِلَى
شُكْرِ مَا أَوْلَيْتَنِي لَفَقِيْرُ
قِيْلَ:كَانَ ابْنُ الفُرَاتِ يَلتَذُّ بِقَضَاءِ
حَوَائِجِ الرَّعِيَّةِ، وَمَا رَدَّ أَحَداً قَطُّ عَنْ
حَاجَةٍ رَدَّ آيِسٍ، بَلْ يَقُوْلُ:تُعَاوِدُنِي أَوْ
يَقُوْلُ:أُعَوِّضُك مِنْ هَذَا.
سَمِعَ الصُّوْلِيُّ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ
طَاهِرٍ يَقُوْلُ:
حِيْنَ وَزَرَ ابْنُ الفُرَاتِ، مَا افْتَقَرَتِ
الوِزَارَةُ إِلَى أَحَدٍ قَطُّ افْتِقَارَهَا إِلَيْهِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:لَمَّا قُبِضَ عَلَى ابْنِ الفُرَاتِ،
نَظَرنَا، فَإِذَا هُوَ يُجرِي عَلَى خَمْسَةِ آلاَفِ
نَفْسٍ، أَقَلُّ جَارِي أَحَدِهِم فِي الشَّهْرِ خَمْسَةُ
دَرَاهِمَ وَنِصْفُ قفيز دَقِيْقٍِ، وَأَعلاَهُم مائَةُ
دِيْنَارٍ وَعَشْرَةُ أَقْفِزَةٍ.
الصُّوْلِيُّ:حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ العَبَّاسِ
النَّوْفَلِيُّ:
أَنَّهُم كَانُوا يُجَالسُوْنَ ابْنَ الفُرَاتِ قَبْلَ
الوِزَارَةِ، وَجَلَسَ مَعَهُم لَيْلَةً لَمَّا وَزَرَ،
فَلَمْ يَجِئِ الفَرَّاشُونَ
(14/476)
بِالتُّكَأِ، فَغَضِبَ عَلَيْهِم،
وَقَالَ:إِنَّمَا رَفَعَنِي اللهُ لأَضَعَ مِن
جُلَسَائِي؟!وَاللهِ!لاَ جَالَسُونِي إِلاَّ بِتُكَاءينِ.
فَكُنَّا كَذَلِكَ لَيَالِي حَتَّى اسْتَعفَينَا،
فَقَالَ:وَاللهِ مَا أُرِيدُ الدُّنْيَا إِلاَّ لِخَيْرٍ
أُقَدِّمُه، أَوْ صَدِيْقٍ أَنْفَعُه، وَلَوْلاَ أَنَّ
النُّزَولَ عَنِ الصَّدْرِ سُخْفٌ لاَ يَصْلُحُ لِمِثْلِ
حَالِي، لَسَاوَيْتُكُم فِي المَجْلِسِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:لَمْ أَسْمَعْهُ قَطُّ دَعَا أَحَداً
مِنْ كُتَّابِهِ بِغَيْرِ كُنْيَتِهِ، وَمَرِضَ مَرَّةً،
فَقَالَ:مَا غَمِّي بِعِلَّتِي بِأَشَدَّ مِنْ غَمِّي
بِتَأَخُّرِ حَوَائِجِ النَّاسِ وَفِيْهِمُ المُضْطَّرُ.
وَكَانَ يَمنَعُ النَّاسَ مِنَ المَشْيِ بَيْنَ يَدَيْهِ.
وَمِنْ شِعْرِهِ - وَيُقَالُ:مَا عَمِلَ غَيْرَهُمَا - :
مُعَذِّبَتِي هَلْ لِي إِلَى الوَصْلِ حِيلَةٌ ... وَهَل
إِلَى اسْتَعطَافِ قَلْبكِ مِنْ وَجْهِ
فَلاَ خَيْرَ فِي الدُّنْيَا وَأَنْتِ بَخِيْلَةٌ ...
وَلاَ خَيْرَ فِي وَصْلٍ يَجِيْءُ عَلَى كُرْهِ
وَبَلَغَنَا أَن ابْن الفُرَاتِ كَانَ يَسْتَغِلُّ مِنْ
أَملاَكه إِلَى أَنْ أُعيد إِلَى الوزرَاة سَبْعَة آلاَف
أَلف دِيْنَار، لأَنَّه - فِيْمَا قِيْلَ - :كَانَ
يُحَصِّلُ مِنْ ضيَاعه فِي العَام أَلفِي أَلف دِيْنَار.
وَقِيْلَ عَنْهُ:إِنَّهُ كَاتَبَ العَرَبَ أَنْ يَكْبِسُوا
بَغْدَادَ - فَاللهُ أَعْلَمُ - .
وَلَمَّا وَزَرَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، خُلِعَ عَلَيْهِ
سَبْعُ خِلَعٍ، وَسُقِيَ يَوْمَئِذٍ فِي دَارِهِ
أَرْبَعُوْنَ أَلْفَ رِطْلِ ثَلْجٍ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:مَدَحتُهُ، فَوَصَلَنِي بِسِتِّ مائَةِ
دِيْنَارٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ هِشَامٍ الكَاتِبُ:دَخَلتُ عَلَى ابْنِ
الفُرَاتِ فِي وِزَارَتِهِ الثَّالِثَةِ وَقَدْ غَلَبَ
ابْنُهُ المُحَسّنُ عَلَيْهِ فِي أَكْثَرِ أُمُوْرِه،
فَقِيْلَ لَهُ:هُوَ ذَا يُسرِفُ
(14/477)
أَبُو أَحْمَدَ المُحَسّنُ فِي مَكَارِهِ
النَّاسِ بِلاَ فَائِدَةٍ، وَيَضرِبُ مَنْ يُؤَدِّي
بِغَيْرِ ضَرْبٍ.
فَقَالَ:لَوْ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا بِأَعدَائِهِ وَمَنْ
أَسَاءَ إِلَيْهِ، لَمَا كَانَ مِنْ أَوْلاَدِ الأَحرَارِ،
وَلَكَانَ مَيِّتاً، وَقَدْ أَحسَنتُ إِلَى النَّاسِ
دفعَتَيْنِ، فَمَا شَكَرُونِي، وَاللهِ لأُسِيْئَنَّ.
فَمَا سمَضَتْ إِلاَّ أَيَّامٌ يَسِيْرَةٌ حَتَّى قُبِضَ
عَلَيْهِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:لَمَّا وَزَرَ ابْنُ الفُرَاتِ
ثَالِثاً، خَرَجَ مُتَغَيِّظاً عَلَى النَّاسِ لِمَا كَانَ
فَعَلَه حَامِدٌ الوَزِيْرُ بِابْنِهِ المُحَسَّنِ،
فَأَطلَقَ يَدَ ابْنِه عَلَى النَّاسِ، فَقَتَلَ حَامِداً
بِالعَذَابِ، وَأَبارَ العَالَمَ، وَكَانَ مَشْؤُوْماً
عَلَى أَهْلِهِ، مَاحِياً لِمَنَاقِبِهِم.
قَالَ المُعْتَضِدُ لِعَبْدِ اللهِ وَزِيْرِه:أُرِيْدُ
أَعْرِفَ ارْتِفَاعَ الدُّنْيَا.
فَطَلَبَ الوَزِيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَمَاعَةٍ،
فَاسْتَمْهَلُوهُ شَهْراً، وَكَانَ ابْنُ الفُرَاتِ
وَأَخُوْهُ أَبُو العَبَّاسِ مَحْبُوْسَيْنِ، فَأُعْلِما
بِذَلِكَ، فَعَمِلاَهُ فِي يَوْمَيْنِ، وَأَنفَذَاهُ،
فَأُخرِجَا، وَعُفِيَ عَنْهُمَا.
وَكَانَ أَخُوْهُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ (1) أَكتَبَ
أَهْلِ زَمَانِهِ، وَأَوفَرَهُم أَدَباً، امْتَدَحَهُ
البُحْتُرِيُّ (2) ، وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَأَخُوْهُمَا جَعْفَرٌ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الوِزَارَةُ،
فَأَبَاهَا (3) .
قَالَ الصُّوْلِيُّ:قَبَضَ المُقْتَدِرُ عَلَى ابْنِ
الفُرَاتِ، وَهَرَبَ ابْنُهُ، فَاشْتَدَّ السُّلْطَانُ
وَجَمِيْعُ الأَوْلِيَاءِ فِي طَلَبِهِ، إِلَى أَنْ
وُجِدَ، وَقَدْ حَلَقَ لِحْيَتَه، وَتَشَبَّهَ بِامْرَأَةٍ
فِي خُفٍّ وَإِزَارٍ، ثُمَّ طُولِبَ هُوَ وَأَبُوْهُ
بِالأَمْوَالِ، وَسُلِّمَا إِلَى الوَزِيْرِ عُبَيْدِ
__________
(1) هو أحمد بن محمد بن الفرات، ذكر له ابن خلكان في "
وفياته " 3 / 424 ترجمة عارضة ضمن ترجمة أخيه علي بن محمد.
(2) وله فيه القصيدة التي في " ديوانه " 1 / 240 ومطلعها.
بت أبدي وجدا وأتم وجدا * لخيال قد بات لي منك يهدى
(3) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 424.
(14/478)
اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ، فَعَلمَا أَنَّهُمَا
لاَ يفلتَانِ، فَمَا أَذعَنَا بِشَيْءٍ، ثُمَّ قَتَلَهُمَا
نَازُوْكُ، وَبَعَثَ بِرَأْسَيْهِمَا إِلَى المُقْتَدِرِ
فِي سَفَطٍ، وَغَرَّقَ جَسَدَيْهِمَا.
وَ قَالَ القَاضِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
البُهْلُوْلِ بَعْدَ أَنْ عُزِلَ ابْنُ الفُرَاتِ مِنْ
وِزَارَتِهِ الثَّالِثَةِ:
قُلْ لِهَذَا الوَزِيْرِ قَوْلَ مُحِقٍّ ... بَثَّهُ
النَّصْحُ أَيَّمَا إِبثَاثِ
قَدْ تَقَلَّدْتَهَا ثَلاَثاً ثَلاَثاً ... وَطَلاَقُ
البَتَاتِ عِنْدَ الثَّلاَثِ
ضُرِبَتْ عُنُقُ المُحَسَّنِ بَعْدَ أَنْوَاعِ العَذَابِ
فِي ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَأُلقِيَ رَأْسُهُ بَيْنَ
يَدَيْ أَبِيْهِ، فَارْتَاعَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُلقِيَ
الرَّأْسَانِ فِي الفُرَاتِ، وَكَانَ لِلْوَزِيْرِ إِحْدَى
وَسَبْعُوْنَ سَنَةً وَشُهُوْرٌ، وَلِلْمُحَسَّنِ ثَلاَثٌ
وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً.
ابْنُ أَخِيْهِ:الوَزِيْرُ الأَكْمَلُ:
263 - أَبُو الفَتْحِ الفَضْلُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ مُوْسَى بنِ الحَسَنِ بنِ الفُرَاتِ *
ويُعْرَفُ:بِابْنِ حِنْزَابَةَ؛وَهِيَ أُمُّهُ أُمُّ
وَلَدٍ، رُوْمِيَّةٌ.
كَانَ كَاتِباً بَارِعاً، دَيِّناً، خَيِّراً،
اسْتَوزَرَهُ المُقْتَدِرُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ
عِشْرِيْنَ، إِلَى أَنْ قُتِلَ المُقْتَدِرُ، وَاسْتُخلِفَ
القَاهرُ، فَوَلاَّهُ الدَّوَاوِيْنَ، فَلَمَّا وَلِيَ
الرَّاضِي، وَلاَّهُ الشَّامَ، ثُمَّ إِنَّ الرَّاضِي
قَلَّدَهُ الوِزَارَةَ سَنَةَ(325)، وَهُوَ مُقِيْمٌ
بِحَلَبَ، فَوَصَلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَوَزَرَ مُدَيدَةً،
ثُمَّ رَأَى اضْطِرَابَ الأُمُورِ، وَاسْتِيلاَء ابْنِ
رَائِقٍ، فَأَطمَعَ ابْنَ رَائِقٍ فِي أَنْ يَحْمِلَ
إِلَيْهِ الأَمْوَالَ مِنْ مِصْرَ وَالشَّامِ،
__________
(*) الكامل في التاريخ: 8 / 327 و354، وفيات الأعيان: 3 /
425 324 ضمن ترجمة عمه علي، العبر: 2 / 208، دول الإسلام:
1 / 201، شذرات الذهب: 2 / 309.
(14/479)
وَاسْتَخلَفَ بِالحَضْرَةِ أَبَا بَكْرٍ
النّفرِيَّ، وَسَارَ فَأَدرَكَهُ أَجَلُهُ بِالرَّمْلَةِ،
فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.
وَهُوَ وَالِدُ المُحَدِّثِ وَزِيْرِ مِصْرَ:أَبِي
الفَضْلِ جَعْفَرِ بنِ حِنْزَابَةَ.
264 - الصَّيْمَرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عُمَرَ *
شَيْخُ المُعْتَزِلَةِ، العَلاَّمَةُ، صَاحِبُ
المُصَنَّفَاتِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ
الصَّيْمَرِيُّ.
عِدَادُه فِي مُعْتَزِلَةِ البَصْرِيِّيْنَ.
أَخَذَ عَنْ:أَبِي عَلِيٍّ الجُبَّائِيِّ، وَانْتَهَتْ
إِلَيْهِ رِئَاسَةُ الكَلاَمِ بَعْدَ الجُبَّائِيِّ،
وَكَانَ شَيْخاً مُسِنّاً ذَكِيّاً.
لَهُ:كِتَابٌ كَبِيْرٌ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ
الرِّيْوَنْدِيِّ، وَكِتَابُ(المَسَائِلِ)، وَغَيْرُ
ذَلِكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْمُ:تُوُفِّيَ
سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
265 - الأَخْفَشُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ سُلَيْمَانَ
بنِ الفَضْلِ **
العَلاَّمَةُ، النَّحْوِيُّ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
سُلَيْمَانَ بنِ الفَضْلِ البَغْدَادِيُّ.
وَالأَخْفَشُ:هُوَ الضَّعِيْفُ البَصَرِ، مَعَ صِغَرِ
العَيْنِ.
__________
(*) فهرست ابن النديم: ضمن ترجمة الحسن بن عبد الله
السيرافي، طبقات المعتزلة لابن المرتضي: ص 96.
(* *) طبقات النحويين واللغويين: 116 115، فهرست ابن
النديم: 123، الأنساب: 21 / ب، تاريخ ابن عساكر: 12 / 54 /
ب، نزهة الانباء: 248، المنتظم: 6 / 215 214، معجم
الأدباء: 13 / 257 246، إنباه الرواة: 2 / 278 276، وفيات
الأعيان: 3 / 303 301، العبر: 2 / 162، مرآة الجنان: 2 /
168 267، البداية والنهاية: 11 / 157، البلغة في تاريخ
أئمة اللغة: 158، النجوم الزاهرة: 3 / 219، بغية الوعاة: 2
/ 168 167، شذرات الذهب: 2 / 270.
(14/480)
لاَزَمَ ثَعْلَباً وَالمُبَرِّدَ، وَبَرَعَ
فِي العَرَبِيَّةِ، وَمَا أَظُنُّهُ صَنَّفَ شَيْئاً (1) ،
وَهَذَا هُوَ الأَخْفَشُ الصَّغِيْرُ.
رَوَى عَنْهُ:المُعَافَى الجَرِيْرِيُّ،
وَالمَرْزُبَانِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
وَكَانَ مُوَثَّقاً.
وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الرُّوْمِيِّ وَحشَةٌ،
فَلاِبْنِ الرُّوْمِيِّ فِيْهِ هَجوٌ فِي مَوَاضِعَ مِنْ
دِيْوَانِهِ (2) ، وَكَانَ هُوَ يَعْبَثُ بِابْنِ
الرُّوْمِيِّ، وَيَمُرُّ بِبَابِهِ، فَيَقُوْلُ كَلاَماً
يَتَطَيَّرُ مِنْهُ ابْنُ الرُّوْمِيِّ، وَلاَ يَخْرُجُ
يَوْمَئِذٍ.
وَقَدْ سَارَ الأَخْفَشُ إِلَى مِصْرَ سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَأَقَامَ إِلَى سَنَةِ سِتٍّ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدِمَ إِلَى حَلَبَ، وَغَيْرُهُ
أَوسَعُ فِي الآدَابِ مِنْهُ.
قَالَ ثَابِتُ بنُ سِنَانٍ:كَانَ يُوَاصِلُ المَقَامَ
عِنْدَ ابْنِ مُقْلَةَ قَبْلَ الوِزَارَةِ، فَشَفَعَ لَهُ
عِنْدَ ابْنِ عِيْسَى الوَزِيْرِ فِي تَقْرِيْرِ رِزْقٍ،
فَانتَهَرَه الوَزِيْرُ انتِهَاراً شَدِيْداً، فَتَأَلَّمَ
ابْنُ مُقْلَةَ، ثُمَّ آلَ الحَالُ بِالأَخْفَشِ إِلَى
أَنْ أَكَلَ السَّلْجَمَ (3) نِيْئاً.
مَاتَ:فَجْأَةً، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ:سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ.
وَكَانَ بِدِمَشْقَ - قَبْلَ الثَّلاَثِ مائَةٍ -
الأَخْفَشُ، المُقْرِئُ (4) ؛صَاحِبُ ابْنِ ذَكْوَانَ.
__________
(1) كيف يكون هذا وقد قال ابن النديم في " الفهرست " ص
123: " وله من الكتب كتاب الانواء، وكتاب التثنية والجمع،
وكتاب الجراد ".
وانظر ايضا " هدية العارفين " 1 / 676.
(2) من ذلك قصيدته التي ذكرها ياقوت في " معجمه " والتي
مطلعها:
ألا قل لنحويك الاخفش * أنست فأقصر ولا توحش
وما كنت عن غيه مقصرا * وأشلاء أمك لم تنبش
(3) السلجم بالسين المهملة: نبات معروف، أو ضرب من البقول
يؤكل.
(4) هو أبو عبد الله، هارون بن موسى بن شريك التغلبي، شيخ
القراء بدمشق، يعرف =
(14/481)
وَكَانَ فِي أَيَّامِ المَأْمُوْنِ
الأَخْفَشُ الأَوْسَطُ؛شَيْخُ العَرَبِيَّةِ، وَهُوَ أَبُو
الحَسَنِ سَعِيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ (1) ؛صَاحِبِ
سِيْبَوَيْه.
وَكَانَ الأَخْفَشُ الكَبِيْرُ فِي دَوْلَةِ الرَّشِيْدِ،
أَخَذَ عَنْهُ:سِيْبَوَيْه، وَأَبُو عُبَيْدَةَ،
وَهُوَ:أَبُو الخَطَّابِ عَبْد الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ
المَجِيْدِ الهَجَرِيُّ اللُّغَوِيُّ (2) .
266 - ابْنُ وَقْدَانَ سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ بنِ
كَثِيْرٍ الطُّوْسِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ بنِ كَثِيْرِ بنِ وَقْدَانَ
الطُّوْسِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
رَوَى عَنْ:إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدِ بنِ أَبِي
كَرِيْمَةَ، وَالوَلِيْدِ بنِ شُجَاعٍ، وَلُوَيْنٍ،
وَسَوَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ:أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْن،
وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= بالاخفش الدمشقي، أو أخفش باب الجابية. ذكر المؤلف في "
طبقات القراء " وقال: كان ثقة معمرا. توفي سنة 292 ه.
انظر في ترجمته: " طبقات القراء ": 2 / 347، و" مرآة
الجنان ": 2 / 220.
(1) المجاشعي بالولاء، النحوي البلخي، عالم باللغة والأدب،
سكن البصرة، وأخذ العربية عن سيبويه، وصنف كتبا منها: "
تفسير معاني القرآن " و" الاشتقاق " وغيرها. توفي سنة 251
ه.
انظر " معجم الأدباء " 11 / 224، " إنباه الرواة " 2 / 36،
" وفيات الأعيان " 2 / 381 380.
(2) ترجمته في " إنباه الرواة " 2 / 157، و" بغية الوعاة "
2 / 74.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 63 62، المنتظم: 6 / 214.
(14/482)
267 - ابْنُ بُهْلُوْلٍ أَبُو سَعْدٍ
دَاوُدُ بنُ الهَيْثَمِ بنِ إِسْحَاقَ *
العَلاَّمَةُ، البَارِعُ، أَبُو سَعْدٍ دَاوُدُ بنُ
الهَيْثَمِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ بُهْلُوْلِ بنِ حَسَّانٍ
التَّنُوْخِيُّ، الأَنْبَارِيُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ:جَدِّه؛إِسْحَاقَ بنِ بُهْلُوْلٍ، وَعُمَرَ
بنِ شَبَّةَ، وَزِيَادِ بنِ يَحْيَى الحَسَّانِيِّ،
وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ:طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ
المُظَفَّرِ، وَأَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَزْرَقُ.
وَأَخَذَ الأَدَبَ:عَنْ ثَعْلَبٍ.
وَسَمِعَ المُتَوَكِّلُ بِقِرَاءتِه مِنْ جَدِّهِ
كِتَابَ(فَضَائِلِ العَبَّاسِ)، وَكَانَ نَحْوِيّاً،
لُغَوِيّاً، مُفَوَّهاً.
لَهُ تَصَانِيْفُ، وَبَلاَغَةٌ، وَبَصَرٌ بِاسْتِخرَاجِ
المُعَمَّى.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
268 - ابْنُ السَّرَّاجِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
السَّرِيِّ البَغْدَادِيُّ **
إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ السَّرِيِّ
البَغْدَادِيُّ، النَّحْوِيُّ، ابْنُ
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 379 - 380، المنتظم: 6 / 217 - 218،
معجم الأدباء: 11 / 99 98، الجواهر المضية: 1 / 240، تاج
التراجم: 21، النجوم الزاهرة: 3 / 221، بغية الوعاة: 1 /
563، روضات الجنات: 276.
(* *) طبقات النحويين واللغويين: 112 - 114، فهرست ابن
النديم: 93 92، تاريخ بغداد: 5 / 319 - 320، الأنساب: 295
/ أ، نزهة الالباء: 249 - 250، المنتظم: 6 / 220، معجم
الأدباء: 18 / 197 - 201، الكامل في التاريخ: 8 / 180، 199
315 - 316، إنباه الرواة: 3 / 149 145، وفيات الأعيان: 4 /
339 - 340، العبر 2 / 165، الوافي بالوفيات: 3 / 88 86،
مرآة الجنان: 2 / 271 270، البداية =
(14/483)
السَّرَّاجِ، صَاحِبُ المُبَرِّدِ،
انْتَهَى إِلَيْهِ عِلمُ اللِّسَانِ.
أَخَذَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ، وَأَبُو
سَعِيْدٍ السِّيْرَافِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عِيْسَى
الرُّمَّانِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ (1) .
وَلَهُ:كِتَابُ(أُصُوْلِ العَرَبِيَّةِ)وَمَا
أَحسَنَهُ!وَكِتَابُ(شَرْحِ سِيْبَوَيْه)،
وَكِتَابُ(احتِجَاجِ القُرَّاءِ)، وَكِتَابُ(الهَوَاءِ
وَالنَّارِ)، وَكِتَابُ(الجُمَلِ)، وَكِتَابُ(المُوْجَزِ)،
وَكِتَابُ(الاشتِقَاقِ)، وَكِتَابُ(الشِّعْرِ
وَالشُّعَرَاءِ).
وَكَانَ يَقُوْلُ الرَّاءَ غَيْناً.
وَكَانَ لَهُ شِعرٌ رَائِقٌ (2) ، وَكَانَ مُكِبّاً عَلَى
الغِنَاءِ وَاللَّذَّةِ، هَوِيَ ابْنَ يَأْنَسَ
المُطْرِبَ، وَلَهُ أَخْبَارٌ - سَامَحَهُ اللهُ - .
مَاتَ:فِي الكُهُوْلَةِ، فِي شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ
سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
269 - المَالِيْنِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
مُعَاذِ بنِ فَرَه *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
مُعَاذِ بنِ فَرَه - وَقِيْلَ:فَرَحٍ - الهَرَوِيُّ،
المَالِيْنِيُّ.
__________
= والنهاية: 11 / 157، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 223
222، النجوم الزاهرة: 3 / 222، بغية الوعاة: 1 / 110 109،
مفتاح السعادة: 1 / 136، شذرات الذهب: 2 / 274 273.
(1) في " تاريخه " 5 / 319.
(2) منه ما قاله في أم ولده وكان يحبها، وأنفق عليها ماله
وجفته:
قايست بين جمالها وفعالها * فإذا الملاحة بالخيانة لا تفي
حلفت لنا ألا تخون عهودنا * فكأنما حلفت لنا ألا تفي
والله لا كلمتها ولو انها * كالشمس أو كالبدر أو كالمكتفي
(*) الإكمال لابن ماكولا: 7 / 112، مشتبه النسبة: 2 / 527.
(14/484)
حدَّث عَنِ:الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ
المَرْوَزِيِّ، وَالفَقِيْهِ مُحَمَّدِ بنِ مُقَاتِلٍ،
وَأَحْمَدَ بنِ حَكِيْمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَفْصِ بنِ
مَيْسَرَةَ، وَأَبِي دَاوُدَ السِّنْجِيِّ.
وَعَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ بِشْرٍ المُزَنِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ يَحْيَى الطَّلْحِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ المُفِيْدُ،
وَزَاهِرٌ السَّرَخْسِيُّ، وَالخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ
القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ
التَّاجِرُ.
مَاتَ:فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
270 - حَرَمِيُّ بنُ أَبِي العَلاَءِ المَكِّيُّ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ *
هُوَ:المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي خَمِيْصَةَ، نَزِيْلُ
بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ:سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المَخْزُوْمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الجَوَّازِ،
وَيَحْيَى بنِ الرَّبِيْعِ، وَالزُّبَيْرِ بنِ بَكَّارٍ،
وَطَائِفَةٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُزَيْزٍ الأَيْلِيِّ.
وَحَدَّثَ بِكِتَابِ(النَّسَبِ)عَنِ الزُّبَيْرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عُمَرَ بنُ حَيَّويَه، وَأَبُو
حَفْصٍ بنُ شَاهِيْن، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ حَبَابَةَ،
وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ كَاتِبَ الحَكَمِ لِلْقَاضِي أَبِي عُمَرَ
مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ.
وَثَّقَهُ:أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَغَيْرُهُ (1) .
مَاتَ:فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 391 390، العبر: 2 / 169، شذرات
الذهب: 2 / 275.
(1) في " تاريخه " 4 / 391.
(14/485)
وَقَعَ لَنَا بِالإِجَازَةِ جُزءٌ لَهُ.
وَجَدُّه أَبُو خَمِيْصَةَ مِنَ الكُنَى المُفرَدَةِ -
يَتَصَحَّفُ بِحُمَيْضَةَ (1) - وَحَرَمِيٌّ:لَقَبٌ لَهُ.
271 - الدَّارَكِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ الحَسَنِ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الثِّقَةُ المُتْقِنُ، أَبُو
عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ زِيَادٍ
الأَصْبَهَانِيُّ، الدَّارَكِيُّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي
رِزْمَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ الرَّازِيَّ، وَأَبَا
عَمَّارٍ الحُسَيْنَ بنَ حُرَيْثٍ، وَصَالِحَ بنَ
مِسْمَارٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ،
وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
جِشْنِسَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَهُوَ جَدُّ الدَّاركِيِّ؛شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ.
لَعَلَّهُ عَاشَ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
272 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ خُزَيْمِ بنِ قُمَيْرِ بنِ
خَاقَانَ الشَّاشِيُّ **
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْق، أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاشِيُّ،
المَرْوَزِيُّ الأَصْلِ.
سَمِعَ مِنْ:عَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ(تَفْسِيْرَهُ)،
وَ(مُسْنَدَهُ)فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
__________
(1) انظر " مشتبه النسبة " للمؤلف: 1 / 252.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 268، الأنساب: 217 / ب، العبر:
2 / 170، شذرات الذهب: 2 / 528.
(* *) الإكمال 1 / 134، المشتبه 1 / 263، تبصير المنتبه 8
/ 529.
(14/486)
وَمائَتَيْنِ، وَحَدَّثَ بِهِمَا، وَطَالَ
عُمُرُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمُّوَيْه السَّرَخْسِيُّ،
وَغَيْرُهُمَا.
وَسَمَاعُ ابْنِ حَمُّوَيْه مِنْهُ بِالشَّاشِ (1) -
مَدِيْنَةٍ مِنْ مَدَائِنِ التُّرْكِ - وَكَانَ ذَلِكَ فِي
سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي
شَعْبَانَ، وَلَمْ تَبلُغْنَا وَفَاةُ ابْنِ خُزَيْمٍ،
وَلاَ شَيْءٌ مِنْ سِيرَتِهِ.
وَهُوَ فِي عِدَادِ الثِّقَاتِ، وَمِنْ أَبْنَاءِ
التِّسْعِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ - .
273 - عِيْسَى بنُ عُمَرَ بنِ العَبَّاسِ بنِ حَمْزَةَ بنِ
عَمْرِو بنِ أَعْيَنَ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو عِمْرَانَ
السَّمَرْقِنْديُّ، صَاحِبُ أَبِي مُحَمَّدٍ
الدَّارِمِيِّ، وَرَاوِي(مُسْنَدِهِ)عَنْهُ، شَيْخٌ
مَقْبُوْلٌ، لاَ نَعْلَمُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الكَاغَدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمُّوَيْه
السَّرَخْسِيُّ، وَلاَ أَعْلَمُ مَتَى تُوُفِّيَ، إِلاَّ
أَنَّهُ كَانَ حَيّاً فِي قُرْبِ سَنَةِ عِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِسَمَرْقَنْدَ، فَهُوَ وَالشَّاشِيُّ
إِنَّمَا عُرِفَا وَشُهِرَا بِالكِتَابَيْنِ اللَّذَيْنِ
سَمِعْنَاهُمَا، وَكَانَا مُتَعَاصِرَينِ بِمَا وَرَاءَ
النَّهرِ، فَهُما مِنْ طَبَقَةِ الفِرَبْرِيِّ (2) ،
وَوَفِيَّاتُهُم مُتَقَارِبَةٌ - وَاللهُ أَعْلَمُ - .
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 3 / 309 308.
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
(2) بكسر الفاء كما في الأصل، وكذا هي في " البلدان " أما
صاحب " اللباب " فضبطها بفتح الفاء.
وهذه النسبة إلى فربر: بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى.
والفربري هذا: هو محمد بن يوسف بن مطر بن صالح، راوية صحيح
البخاري عنه، وكان سماعه للصحيح مرتين: مرة بفربر سنة 248،
ومرة ببخارى سنة 252. =
(14/487)
274 - بُنَانُ الحَمَّالُ أَبُو الحَسَنِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ،
أَبُو الحَسَنِ بُنَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ بنِ
سَعِيْدٍ الوَاسِطِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ، وَمَنْ يُضْرَبُ
بِعِبَادَتِهِ المَثَلُ.
حَدَّثَ عَنْ:الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ،
وَالحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ، وَحُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ،
وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ يُوْنُسَ، وَالحَسَنُ بنُ رُشَيْقٍ،
وَالزُّبَيْرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الأَسْدَابَاذِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ المُقْرِئُ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ:أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ.
صَحِبَ:الجُنَيْدَ، وَغَيْرَهُ.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ هُوَ أُسْتَاذُ الحُسَيْنِ أَبِي
النُّوْرِيِّ، وَهُوَ رَفِيقُهُ، وَمِنْ أَقرَانِهِ.
وَكَانَ كَبِيْرَ القَدْرِ، لاَ يَقْبَلُ مِنَ الدَّوْلَةِ
شَيْئاً، وَلَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ عِنْدَ الخَاصِّ
وَالعَامِّ.
__________
= قال أبو الوليد الباجي في مقدمة كتابه " في أسماء رجال
البخاري ": أخبرني الحافظ أبو ذر عبد الرحيم بن أحمد
الهروي، قال: حدثنا الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد
المستملي قال: انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند
صاحبه محمد بن يوسف الفربري فرأيت فيه أشياء لم تتم،
وأشياء مبيضة، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئا، ومنها
أحاديث لم يترجم لها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض..". انظر "
مقدمة فتح الباري " ص 6.
(*) طبقات الصوفية: 294 291، حلية الأولياء: 10 / 325 324،
تاريخ بغداد 7 / 102 100، الرسالة القشيرية: 24، المنتظم:
6 / 217، صفة الصفوة 2 / 450 448، العبر: 2 / 164 163، دول
الإسلام: 1 / 191 190، الوافي بالوفيات 10 / 290 289، مرآة
الجنان: 2 / 269 268، البداية والنهاية: 11 / 159 158
طبقات الأولياء: 124 122، النجوم الزاهرة: 3 / 221 220،
حسن المحاضرة 1 / 513 512، شذرات الذهب: 2 / 273 271.
(14/488)
وَقَدِ امتُحِنَ فِي ذَاتِ اللهِ،
فَصَبَرَ، وَارْتَفَعَ شَأْنُه، فَنَقَلَ أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ فِي(مِحَنِ الصُّوْفِيَّةِ):
أَنَّ بُنَاناً الحَمَّالَ قَامَ إِلَى وَزِيْرِ
خُمَارَوَيْه - صَاحِبِ مِصْرَ - وَكَانَ نَصْرَانِيّاً،
فَأَنزَلَهُ عَنْ مَرْكُوْبِهِ، وَقَالَ:لاَ تَركَبِ
الخَيْلَ وَعيِّر، كَمَا هُوَ مَأْخُوْذٌ عَلَيْكُم فِي
الذِّمَّةِ.
فَأَمَرَ خُمَارَوَيْه بِأَنْ يُؤخَذَ، وَيُوضَعَ بَيْنَ
يَدَيْ سَبُعٍ، فَطُرِحَ، فَبَقِيَ لَيْلَةً، ثُمَّ
جَاؤُوا وَالسَّبُعُ يَلحَسُهُ، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ
القِبْلَةِ، فَأَطلَقَهُ خُمَارَوَيْه، وَاعْتَذَرَ
إِلَيْهِ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ:سَمِعْتُ أَبَا
عَلِيٍّ الرُّوْذَبَارِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ سَبَبُ دُخُوْلِي مِصْرَ حِكَايَةَ بُنَانَ
الحَمَّالَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَمَرَ ابْنَ طُوْلُوْنَ
بِالمَعْرُوْفِ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُلقَى بَيْنَ يَدَيْ
سَبُعٍ، فَجَعَلَ السَّبُعُ يَشُمُّهُ وَلاَ يَضُرُّه،
فَلَمَّا أُخرِجَ مِنْ بَيْنِ يَدَيِ السَّبُعِ، قِيْلَ
لَهُ:مَا الَّذِي كَانَ فِي قَلْبِكَ حَيْثُ شَمَّكَ؟
قَالَ:كُنْتُ أَتَفَكَّرُ فِي سُؤرِ السِّبَاعِ
وَلُعَابِهَا.
قَالَ:ثُمَّ ضُرِبَ سَبْعَ دِرَرٍ، فَقَالَ لَهُ -
يَعْنِي:لِلْمَلِكِ - :حَبَسَكَ اللهُ بِكُلِّ دِرَّةٍ
سَنَةً.
فَحُبِسَ ابْنُ طُوْلُوْنَ سَبْعَ سِنِيْنَ - كَذَا قَالَ
- .
وَمَا عَلِمتُ خُمَارَوَيْه وَلاَ أَبَاهُ حُبِسَا.
وَذَكَرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:أَنَّ
القَاضِي أَبَا عُبَيْدِ اللهِ احتَالَ عَلَى بُنَانَ
حَتَّى ضَرَبَه سَبْعَ دِرَرٍ، فَقَالَ:حَبَسَكَ اللهُ
بِكُلِّ دِرَّةٍ سَنَةً.
فَحَبَسَهُ ابْنُ طُوْلُوْنَ سَبْعَ سِنِيْنَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ:سَمِعْتُ بُنَاناً
يَقُوْلُ:الحُرُّ عَبْدٌ مَا طَمِعَ، وَالعَبْدُ حُرٌّ مَا
قَنِعَ.
وَمِنْ كَلاَمِ بُنَانَ:مَتَى يُفْلِحُ مَنْ يَسُرُّهُ مَا
يَضُرُّه؟!
وَقَالَ:رُؤْيَةُ الأَسبَابِ عَلَى الدَّوَامِ قَاطِعَةٌ
عَنْ مُشَاهَدَةِ المُسَبِّبِ، وَالإِعرَاضُ عَنِ
الأَسبَابِ جُمْلَةً يُؤَدِّي بِصَاحِبِهِ إِلَى رُكُوْبِ
البَاطِلِ.
يُرْوَى:أَنَّهُ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ مائَةُ
دِيْنَارٍ، فَطَلَبَ الرَّجُلُ الوَثِيقَةَ،
(14/489)
فَلَمْ يَجِدْهَا، فَجَاءَ إِلَى بُنَانَ
لِيَدعُو لَهُ، فَقَالَ:أَنَا رَجُلٌ قَدْ كَبِرْتُ،
وَأُحِبُّ الحَلْوَاءَ، اذْهَبِ اشْتَرِ لِي مِنْ عِنْدِ
دَارِ فَرَجٍ رِطْلَ حُلْوَاءَ حَتَّى أَدْعُوَ لَكَ.
فَفَعَل الرَّجُلُ، وَجَاءَ، فَقَالَ بُنَانُ:افتَحْ
وَرقَةَ الحُلوَاءِ.
فَفَتَحَ، فَإِذَا هِيَ الوَثِيقَةُ، فَقَالَ:هِيَ
وَثِيْقَتِي.
قَالَ:خُذهَا، وَأَطعِمِ الحُلوَاءَ صِبْيَانَك.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:تُوُفِّيَ بُنَانُ فِي رَمَضَانَ،
سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَخَرَجَ فِي
جِنَازَتِه أَكْثَرُ أَهْلِ مِصْرَ، وَكَانَ شَيْئاً
عَجَباً مِنِ ازدِحَامِ الخَلاَئِقِ.
275 - ابْنُ المُنْذِرِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ،
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ
النَّيْسَابُوْرِيُّ الفَقِيْهُ، نَزِيْلُ مَكَّةَ،
وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ كَـ(الإِشْرَافِ فِي اخْتِلاَفِ
العُلَمَاءِ)، وَكِتَابِ(الإِجْمَاعِ)،
وَكِتَابِ(المَبْسُوْطِ)، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وُلِدَ:فِي حُدُوْدِ مَوتِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
وَرَوَى عَنِ:الرَّبِيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَمُحَمَّدِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ،
وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ
مَذْكُوْرِينَ فِي كُتُبِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَمُحَمَّدُ
بنُ يَحْيَى بنِ عَمَّارٍ
__________
(*) طبقات العبادي: 67، طبقات الشيرازي: 108، تهذيب
الأسماء واللغات: 2 / 197 196، وفيات الأعيان: 4 / 207،
تذكرة الحافظ: 3 / 783 782، ميزان الاعتدال: 3 / 451 450،
الوافي بالوفيات: 1 / 336، مرآة الجنان: 2 / 262 261،
طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 108 102، العقد الثمين: 1 /
408 407، لسان الميزان: 5 / 28 27، طبقات المفسرين
للسيوطي: 28، طبقات الحفاظ: 328، طبقات المفسرين للداودي:
2 / 51 50، شذرات الذهب: 2 / 280، الرسالة المستطرفة: 77،
طبقات الاصوليين: 1 / 169 168.
(14/490)
الدِّمْيَاطِيُّ، وَالحُسَيْنُ
وَالحَسَنُ؛ابْنَا عَلِيِّ بنِ شَعْبَانَ.
وَلَمْ يَذْكُرْهُ الحَاكِمُ فِي(تَارِيْخِهِ)نَسِيَه،
وَلاَ هُوَ فِي(تَارِيْخِ بَغْدَادَ)، وَلاَ(تَارِيْخِ
دِمَشْقَ)، فَإِنَّهُ مَا دَخَلَهَا.
وعِدَادُهُ فِي الفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ.
قَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّيْنِ النَّوَاوِيُّ (1)
:لَهُ مِنَ التَّحْقِيْقِ فِي كُتُبِه مَا لاَ يُقَارِبُهُ
فِيْهِ أَحَدٌ، وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ التَّمكُّنِ
مِنْ مَعْرِفَة الحَدِيْثِ، وَلَهُ اخْتِيَارٌ فَلاَ
يَتَقيَّدُ فِي الاخْتِيَارِ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ، بَلْ
يَدُورُ مَعَ ظُهُوْر الدَّلِيْلِ.
قُلْتُ:مَا يَتَقَيَّدُ بِمَذْهَبٍ وَاحِدٍ إِلاَّ مَنْ
هُوَ قَاصِرٌ فِي التَّمَكُّنِ مِنَ العِلْمِ، كَأَكْثَرِ
عُلَمَاءِ زَمَانِنَا، أَوْ مَنْ هُوَ مُتَعَصِّبٌ،
وَهَذَا الإِمَامُ فَهُوَ مِنْ حَمَلَةِ الحُجَّةِ، جَارٍ
فِي مِضْمَارِ ابْنِ جَرِيْرٍ، وَابْنِ سُرَيْجٍ، وَتِلْكَ
الحَلَبَةِ - رَحِمَهُمُ اللهُ - .
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا
أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّ مائَةٍ
كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ
عَبْدِ السَّلاَمِ، حَدَّثَنَا الإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ
فِي كِتَابِ(الطَّبَقَاتِ (2))، قَالَ:
وَمِنْهُم أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
المُنْذِرِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، مَاتَ بِمَكَّةَ، سنَةَ
تِسْعٍ - أَوْ عَشْرٍ - وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَصَنَّفَ فِي
اخْتِلاَفِ العُلَمَاءِ كُتُباً لَمْ يُصَنِّفْ أَحَدٌ
مِثلَهَا، وَاحْتَاجَ إِلَى كُتُبِهِ المُوَافِقُ
وَالمُخَالِفُ، وَلاَ أَعْلَمُ عَمَّنْ أَخَذَ الفِقْهَ.
قُلْتُ:قَدْ أَخَذَ عَنْ أَصْحَابِ الإِمَامِ
الشَّافِعِيِّ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ
مِنْ وَفَاتِه، فَهُوَ عَلَى التَّوَهُّمِ، وَإِلاَّ
فَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ عَمَّارٍ فِي سَنَةِ
__________
(1) في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 197.
(2) ص 108.
(14/491)
سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَأَرَّخَ الإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ بنُ قَطَّانَ
الفَاسِيُّ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ إِذْناً، عَنْ عَائِشَةَ بِنْت
مَعْمَرٍ(ح).
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَّنِيُّ،
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا
يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا المُؤَيَّدُ بنُ
الأخوةِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ، أَخْبَرَنَا
أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ
الحُسَيْنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ -
فَقِيْهُ مَكَّةَ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى البُرُلُّسِيُّ، عَنْ
حَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صلَى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ:(مَنْ
جَرَّ لِنَفْسِهِ شَيْئاً لِيَقْتُلَهَا، فَإِنَّمَا
يَجْعَلُهَا فِي النَّارِ، وَمَنْ طَعَنَ نَفْسَهُ
بِشَيْءٍ، فَإِنَّمَا يَطْعَنُهَا فِي النَّارِ، وَمِنِ
اقْتَحَمَ، فَإِنَّمَا يَقْتَحِمُ فِي النَّارِ (1)).
غَرِيْبٌ.
وَلاِبْنِ المُنْذِرِ(تَفْسِيْرٌ)كَبِيْرٌ فِي بِضْعَةَ
عَشَرَ مُجَلَّداً، يَقضِي لَهُ بِالإِمَامَةِ فِي عِلْمِ
التَّأْوِيْلِ أَيْضاً.
276 - أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، العَدْلُ، الرَّئِيْسُ، أَبُو
عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) إسناده حسن، وقد رواه البخاري: 10 / 211 في الطب: باب
شرب السم والدواء به، ومسلم (109) في الايمان: باب غلظ
تحريم قتل الإنسان نفسه، وأبو داود (3872) والترمذي (2043)
والنسائي: 4 / 67 66 من طرق عن الأعمش سليمان بن مهران عن
أبي صالح ذكوان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من تردى من جبل، فقتل نفسه، فهو في نار جهنم
يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما، فقتل
نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها
أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ فيها في
بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ".
(*) تاريخ جرجان: 83، المنتظم: 6 / 225، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد =
(14/492)
أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ مُسْلِمِ بنِ
يَزِيْدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحِيْرِيُّ، سِبْطُ
الإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ عَمْرٍو الحَرَشِيِّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ
مَنْصُوْرٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ هَاشِمٍ، وَعِيْسَى بنَ
أَحْمَدَ العَسْقَلاَنِيَّ، وَبَحْرَ بنَ نَصْرٍ
الخَوْلاَنِيَّ - لَقِيَهُ بِمَكَّةَ - وَأَحْمَدَ بنَ
مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيَّ، وَأَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ،
وَابْنَ وَارَةَ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
سَمِعَ مِنْهُ:شَيْخُهُ؛أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ
المُسْتَمْلِي، وَدَعْلَجٌ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ،
وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَفَّافُ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدُوْسٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ صَدْراً مُعَظَّماً، وَعَالِماً مُحْتَشِماً.
تُوُفِّيَ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
فَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ
الحِيْرِيُّ - شَيْخُ البَيْهَقِيِّ - هُوَ حَفِيْدُهُ.
277 - الطُّوْسِيُّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ زُهَيْرٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، المُصَنِّفُ، أَبُو
الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرِ بنِ
طَهْمَانَ القَيْسِيُّ، الطُّوْسِيُّ.
سَمِعَ:عَبْدَ اللهِ بنَ هَاشِمٍ الطُّوْسِيَّ،
وَإِسْحَاقَ بنَ مَنْصُوْرٍ الكَوْسَجَ، وَعَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى
الذُّهْلِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
__________
= الهادي: الورقة 126 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 799 798،
العبر: 2 / 169، طبقات الحفاظ: 333، شذرات الذهب: 2 / 275.
(*) العبر: 2 / 171، الوافي بالوفيات: 2 / 36، شذرات
الذهب: 2 / 276.
(14/493)
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ
بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ
الحَافِظُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَزَاهِرُ بنُ
أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:بِنُوْقَانَ (1) ، فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ
طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ
البَحِيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ
بِطُوْسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ،
حَدَّثَنَا بَهْزُ بنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ...،
فَذَكَرَ حَدِيْثَ:أَرب مَا لَهُ؟
__________
(1) نوقان.
بالضم والقاف وآخره نون: إحدى قصبتي طوس.
لان " طوس " ولاية ولها مدينتان، إحداهما: طابران، والاخرى
نوقان.
انظر " معجم البلدان " 5 / 311.
(2) أخرجه البخاري: 10 / 347 في الأدب: باب فضل صلة الرحم،
ومسم (13) في الايمان: باب بيان الايمان الذي يدخل به
الجنة، كلاهما من طريق عبد الرحمن بن بشر، حدثنا بهز،
حدثنا شعبة، حدثنا محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب،
وأبوه عثمان بن عبد الله: أنهما سمعا موسى بن طلحة، عن أبي
أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله
أخبرني بعمل يدخلني الجنة ؟ فقال القوم: ماله ماله ؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرب ماله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعبد الله لا تشرك به
شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم.
ذرها قال: كأنه كان على راحلته.
وأخرجه البخاري: 3 / 209 208 في أول الزكاة، من طريق حفص
بن عمر، عن شعبة، وأخرجه مسلم (13) من طريق محمد بن عبد
الله بن نمير، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن موسى بن
طلحة، وعن أبي أيوب.
وأخرجه أيضا من طريق أبي الاحوص، عن أبي إسحاق، عن موسى بن
طلحة، عن أبي أيوب.
وأخرجه النسائي: 1 / 234 في ثواب من أقام الصلاة، من طريق
محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي، عن بهز، عن شعبة.
وقوله: " أرب " روي بكسر الراء وفتح الباء.
قال الحافظ في " الفتح " 3 / 209
وظاهره الدعاء، والمعنى التعجب من السائل.
وقال النضر بن شميل: يقال: أرب الرجل في الامر: إذا بلغ
فيه جهده.
وقال الاصمعي: أرب في الشئ: أي صار ماهرا فيه، فهو أريب،
وكأنه تعجب من حسن فطنته والتهدي إلى موضع حاجته.
ويؤيده قوله في رواية لمسلم: فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: " لقد وفق " أو: " لقد هدي ".
وقال في " مقدمة الفتح " 76 75: قوله: أرب =
(14/494)
278 - ابْنُ لُبَابَةَ مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى بنِ عُمَرَ القُرْطُبِيُّ *
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى بنِ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ القُرْطُبِيُّ، مَوْلَى
آلِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ.
رَوَى عَنْ:عَبْدِ الأَعْلَى بنِ وَهْبٍ، وَأَبَانِ بنِ
عِيْسَى، وَأَصْبَغَ بنِ خَلِيْلٍ، وَالعُتْبِيِّ، وَابْنِ
صَبَّاحٍ.
وَسَمِعَ(المُوَطَّأَ)مِنْ يَحْيَى بنِ مُزَيْنٍ - صَاحِبِ
مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ - .
انْتَهَتْ إِلَيْهِ الإِمَامَةُ فِي المَذْهَبِ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ:وَكَانَ حَافِظاً لأَخْبَارِ
الأَنْدَلُسِ، لَهُ حَظٌّ مِنَ النَّحْوِ وَالشِّعرِ،
وَلِيَ الصَّلاَةَ بِقُرْطُبَةَ.
وَرَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلمٌ
بِالحَدِيْثِ، بَلْ يَنْقُلُ بِالمَعْنَى.
مَاتَ:فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً.
رَوَى عَنْهُ:عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَاجِيُّ.
__________
= ماله: بفتح الالف والموحدة بينهما راء مكسورة، وبفتح
أوله وثانية وتنوين الموحدة، ولابي ذر: بفتح الجميع.
فمن جعله فعلا، فمعناه: احتاج أو تفطن.
يقال: أرب، إذا عقل، فهو أريب.
وقيل: معناه: تعجب من حرصه.
وقيل: دعاء عليه بسقوط آرابه وهي أعضاؤه وهو كقول عمر رضي
الله عنه: أربت عن بدنك، أي: تقطعت آرابك عن بدنك.
ومن جعله
اسما، فمعناه: حاجة جاءت به، وتكون " ما " فيه زائدة.
وأنكر عياض توجيه رواية أبي ذر، ووجهها ابن الأثير بأن
معناه: أنه ذو خبرة وعلم.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 35 34، جذوة المقتبس: 98،
بغية الملتمس: 144، العبر: 2 / 160 159، الديباج المذهب: 2
/ 191 189، نفح الطيب: 3 / 171، شذرات الذهب: 2 / 269.
(14/495)
279 - عَلاَّنُ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ
سُلَيْمَانَ المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، العَدْلُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ
الصَّيْقَلِ عَلاَّنُ المِصْرِيُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَتَبَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ، وَعَمْرِو بنِ
سَوَّادٍ، وَسَلَمَةَ بنِ شَبِيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
هِشَامِ بنِ أَبِي خِيْرَةَ، وَخَلْقٍ مِنْ أَقْرَانِهِم.
وَكَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
قَالَهُ:ابْنُ يُوْنُسَ.
قَالَ:وَكَانَ أَحَدَ كُبَرَاءِ العُدُولِ، وَفِي خُلُقِهِ
زَعَارَةٌ (1) .
مَاتَ:فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
قُلْتُ:حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ يُوْنُسَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
المُقْرِئِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
غَالِبٍ البَزَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
الإِخْمِيْمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
عَاشَ:تِسْعِيْنَ سَنَةً.
280 - وَصِيْفُ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوْمِيُّ الأَنْطَاكِيُّ **
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوْمِيُّ، الأَنطَاكِيُّ، الأُشْرُوْسَنِيُّ (2) ،
رَحَّالٌ، جَوَّالٌ.
__________
(1) في " اللسان ": في خلقه زعارة بتشديد الراء وزعارة
بالتخفيف: أي شراسة وسوء خلق.
(*) العبر: 2 / 171 170، حسن المحاضرة: 1 / 367، شذرات
الذهب: 2 / 276.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 17 / 388 / أ.
(2) نسبة إلى " أشر وسنة " بالشين المعجمة كما في "
البلدان ".
وضبطها السمعاني بالسين المهملة. وهي بلدة كبيرة فيما وراء
النهر، بين سيحون وسمرقند.
(14/496)
حَدَّثَ عَنْ:أَحْمَدَ بنِ حَرْبٍ
الطَّائِيِّ، وَحَاجِبِ بنِ سُلَيْمَانَ المَنْبِجِيِّ،
وَعَلِيِّ بنِ سِرَاجٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ سَيْفٍ
الحَرَّانِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو بَكْرٍ؛ابْنَا أَبِي
دُجَانَةَ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَحَمْزَةُ
الكِنَانِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ اليَقْطِيْنِيُّ.
حَدَّثَ:فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
281 - ابْنُ البُهْلُوْلِ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
إِسْحَاقَ التَّنُوْخِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُتَفَنِّنُ، القَاضِي
الكَبِيْرُ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
بُهْلُوْلِ بنِ حَسَّانٍ التَّنُوْخِيُّ، الأَنْبَارِيُّ،
الفَقِيْهُ، الحَنَفِيُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:أَبَا كُرَيْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ زُنْبُوْرٍ
المَكِّيَّ، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ
بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى،
وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَأَبَاهُ؛إِسْحَاقَ بنَ
بُهْلُوْلٍ الحَافِظَ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ،
وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْن، وَأَبُو الحَسَنِ
الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الكَمَالِ، إِمَاماً، ثِقَةً،
عَظِيْمَ الخَطَرِ، وَاسِعَ الأَدَبِ، تَامَّ المُرُوْءةِ،
بَارِعاً فِي العَرَبِيَّةِ.
وَلِيَ قَضَاءَ مَدِيْنَةِ المَنْصُوْرِ عِشْرِيْنَ
سَنَةً،
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 34 30، نزهة الالباء: 257 253،
المنتظم: 6 / 234 231، معجم الأدباء: 2 / 161 138، الكامل
في التاريخ: 8 / 223، العبر: 2 / 171، الوافي بالوفيات: 6
/ 237 235، البداية والنهاية: 11 / 165، الجوانر المضية: 1
/ 59 57، بغية الوعاة: 1 / 296 295، شذرات الذهب: 2 / 276.
(14/497)
وَعُزِلَ قَبْلَ مَوْتِه بِعَامٍ.
وَكَانَ لَهُ مُصَنَّفٌ فِي نَحْوِ الكُوْفِيِّينَ،
وَكَانَ أَدِيْباً، بَلِيْغاً، مُفَوَّهاً شَاعِراً.
قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ:مَا رَأَيْتُ صَاحِبَ
طَيْلسَانَ أَنْحَى مِنْهُ.
مَاتَ:فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَبُوْهُ (1) مِنْ كِبَارِ الحُفَّاظِ، لقيَ ابْنَ
عُيَيْنَةَ وَطَبَقَتَه، وَهُم مِنْ بَيْتِ العِلْمِ
وَالجَلاَلَةِ.
وَكَانَ أَخُوْهُ؛بُهْلُوْلُ بنُ إِسْحَاقَ (2) ثِقَةً،
مُسْنِداً، يَرْوِي عَنْ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ،
وَطَبَقَتِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (3) :كَانَ عِنْدَ أَبِي
جَعْفَرٍ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، وَكَانَ
ثِقَةً.
وَقَالَ طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدٍ:كَانَ عَظِيْم القَدْرِ،
وَاسِعَ الأَدَبِ، تَامَّ المُرُوْءةِ، حَسَنَ الفَصَاحَةِ
وَالمَعْرِفَةِ بِمَذْهَب أَهْلِ العِرَاقِ، وَلَكِنَّهُ
غَلَبَ عَلَيْهِ الأَدَبُ، وَكَانَ
لأَبِيْهِ(مُسْنَدٌ)كَبِيْرٌ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَكَانَ دَاوُدُ بنُ الهَيْثَمِ بنِ إِسْحَاقَ أَسَنَّ
مِنْ عَمِّهِ أَحْمَدَ، دَامَ أَحْمَدُ عَلَى قَضَاءِ
المَدِيْنَةِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، جَيِّدَ
الضَّبْطِ، مُتَفَنِّناً فِي عُلُوْمٍ شَتَّى، مِنْهَا
الفِقْهُ لأَبِي حَنِيْفَةَ، وَرُبَّمَا خَالَفَه، وَكَانَ
تَامَّ اللُّغَةِ، حَسَنَ القِيَامِ
__________
(1) هو الحافظ الناقد أبو يعقوب، إسحاق بن بهلول التنوخي
الأنباري، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 2 / 519 518، وفيها:
وفاته في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين ومئتين، وله ثمان
وثمانون سنة.
(2) قاضي الانبار، وخطيبها البليغ، ذكره المؤلف في " العبر
" 2 / 110 وقال: " كان ثقة، صاحب حديث " توفي سنة ثمان
وتسعين ومئتين.
(3) في " تاريخ بغداد " 4 / 30.
(14/498)
بِنَحْوِ الكُوْفِيِّينَ، صَنَّفَ فِيْهِ،
وَكَانَ وَاسِعَ الحِفْظِ لِلأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ
وَالتَّفْسِيْرِ وَالشِّعرِ، وَكَانَ خَطِيْباً
مُفَوَّهاً، شَاعِراً لَسِناً، ذَا حَظٍّ مِنَ التَّرسُّلِ
وَالبَلاَغَةِ، وَرِعاً، مُتَخَشِّناً فِي الحُكْمِ،
وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ هِيْتَ (1) وَالأَنْبَارِ فِي
سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، ثُمَّ قَضَاءَ بَعْضِ
الجَبَلِ.
قَالَ القَاضِي أَبُو نَصْرٍ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ:كُنْتُ
أَحضُرُ دَارَ المُقْتَدِرِ مَعَ أَبِي وَهُوَ يَنُوْبُ
عَنْ وَالِدِهِ أَبِي عُمَرَ القَاضِي، فَكُنْتُ أَرَى
أَبَا جَعْفَرٍ القَاضِي يَأْتِيْهِ أَبِي فَيَجلِسُ
عِنْدَهُ، فَيَتَذَاكَرَانِ حَتَّى يَجْتَمِعَ عَلَيْهِمَا
عَدَدٌ مِنَ الخَدَمِ، فَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ
يَقُوْلُ:
أَحْفَظُ لِنَفْسِي مِنْ شِعْرِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ
بَيْتٍ (2) ، وَأَحْفَظُ لِلنَّاسِ أَضعَافَ ذَلِكَ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ القَاضِي
أَبِي جَعْفَرٍ:كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي جَنَازَةٍ، وَإِلَى
جَانِبِه أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ، فَأَخَذَ أَبِي
يَعِظُ صَاحِبَ المُصِيْبَةِ وَيُسَلِّيهِ، فَدَاخَلَهُ
الطَّبَرِيُّ فِي ذَلِكَ، وَذنَّبَ (3) مَعَهُ، ثُمَّ
اتَّسَعَ الأَمْرُ بَينَهُمَا، وَخَرَجَا إِلَى فُنُوْنٍ
أَعجَبَتْ مَنْ حَضَرَ، وَتَعَالَى النَّهَارُ، فَلَمَّا
قُمْنَا، قَالَ لِي:يَا بُنَيَّ!مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟
قُلْتُ:هَذَا مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ.
فَقَالَ:إِنَّا للهِ!مَا أَحْسَنْتَ عِشْرَتِي، أَلاَ
قُلْتَ لِي.
فَكُنْتُ أُذَاكِرُه غَيْرَ تِلْكَ المُذَاكَرَةِ؟
__________
(1) قال ابن السكيت: سميت " هيت " لأنها في هوة من الأرض،
انقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، قال رؤبة: في ظلمات
تحتهن هيت أي هوة من الأرض.
وذكر أهل الاثر أنها سميت باسم بانيها وهو هيت بن
السبندى..وهي بلدة على الفرات من نواحي بغداد، فوق
الانبار، ذات نخل كثير، وخيرات واسعة، وبها قبر عبد الله
بن المبارك رحمه الله. انظر " معجم البلدان " 5 / 421 420.
(2) في الأصل: خمسة عشر ألف حديث، وما أثبتناه من " تاريخ
بغداد " 4 / 32، و" معجم الأدباء " 2 / 141.
(3) كذا الأصل، وفي " تاريخ بغداد ": دأب.
(14/499)
هَذَا رَجُلٌ مَشْهُوْرٌ بِالحِفْظِ
وَالاتِّسَاعِ.
فَمَضَتْ مُدَّةٌ ثُمَّ حَضَرنَا فِي حَقِّ رَجُلٍ آخَرَ،
وَجَلَسنَا، وَجَاءَ الطَّبَرِيُّ، فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ
أَبِي، وَتَجَارَيَا، فَكُلَّمَا جَاءَ إِلَى قَصِيْدَةٍ،
ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ بَعْضَهَا، وَيُنْشِدُهَا أَبِي،
وَكُلَّمَا ذَكَرَ شَيْئاً مِنَ السِّيَرِ، فَكَذَلِكَ،
فَرُبَّمَا تَلَعْثَمَ وَأَبِي يَمُرُّ فِي جَمِيْعِهِ،
فَمَا سَكَتَ إِلَى الظُّهْرِ.
أَرَّخ مَوْتَهُ:ابْنُ قَانِع، وَيُوْسُفُ القَوَّاسُ -
كَمَا مَرَّ - .
وَقِيْلَ:مَاتَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ - وَهُوَ وَهْمٌ -
.
282 - الطَّرْمِيْسِيُّ الحَسَنُ بنُ يُوْسُفَ بنِ
يَعْقُوْبَ *
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ
يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمُ،
الطِّرْمِيْسِيُّ، وَلاَؤُه لِلْحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ.
حَدَّثَ عَنْ:هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَغَيْرِهِ.
وَعَنْهُ:عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الغَفَّارِ بنِ ذَكْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ
السِّمطِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الكِلاَبِيُّ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ:مَاتَ فِي سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:لَهُ خَبَرٌ مُنكَرٌ، رَوَاهُ ابْنُ ذَكْوَانَ
المَذْكُوْرُ، عَنْهُ:حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا
بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا بَحِيْرٌ، عَنْ خَالِدِ بنِ
مَعْدَانَ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ مَعْدِي كَرِبٍ:
رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهُوَ يَقُوْلُ:(مَنْ بَاتَ كَالاًّ مِنْ عَمَلِهِ، بَاتَ
مَغْفُوْراً لَهُ) (1) .
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 4 / 324 / أ، معجم البلدان: 4 / 32،
تهذيب ابن عساكر: 4 / 281.
(1) أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " خ 4 / 324 / أ، وهو
ضعيف لضعف عبد الله بن محمد ابن عبد الغفار.
(14/500)
283 - ابْنُ صَاعِدٍ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ
بنِ صَاعِدِ بنِ كَاتِبٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، مُحَدِّثُ العِرَاقِ،
أَبُو مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، البَغْدَادِيُّ، مَوْلَى
الخَلِيْفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ، رَحَّالٌ،
جَوَّالٌ، عَالِمٌ بِالعِلَلِ وَالرِّجَالِ.
قَالَ:وُلِدْتُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَكَتَبتُ الحَدِيْثَ عَنِ ابْنِ
مَاسَرْجِسَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قُلْتُ:سَمِعَ:يَحْيَى بنَ سُلَيْمَانَ بنِ نَضْلَةَ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ عِمْرَانَ العَابِدِيَّ، وَمُحَمَّدَ
بنَ سُلَيْمَانَ لُوَيْناً، وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ،
وَسَوَّارَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَاضِي، وَالحَسَنَ بنَ
عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيَّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ
العَلاَءِ العَطَّارَ، وَعَمْرَو بنَ عَلِيٍّ
الصَّيْرَفِيَّ، وَجَمِيْلَ بنَ الحَسَنِ الجَهْضَمِيَّ،
وَالحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَمُؤَمَّلَ بنَ هِشَامٍ
اليَشْكُرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ حَفْصٍ
الأَنْصَارِيَّ، وَأَبَا هِشَامٍ الرِّفَاعِيَّ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيَّ، وَمُحَمَّدَ
بنَ هِشَامٍ المَرْوَزِيَّ، وَسُفْيَانَ بنَ وَكِيْعٍ،
وَالقَاسِمَ بنَ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيَّ، وَعُمَرَ بنَ
شَبَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى بنِ أَبِي حَزْمٍ
القُطَعِيَّ، وَأَزْهَرَ بنَ جَمِيْلٍ، وَأَبَا عُبَيْدِ
اللهِ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيَّ
المَكِّيَّ، وَعَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ الدِّرْهَمِيَّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ عَمْرِو بنِ سُلَيْمَانَ، وَأَبَا
هَمَّامٍ الوَلِيْدَ بنَ شُجَاعٍ، وَسَعِيْدَ بنَ يَحْيَى
الأُمَوِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ شَاهِيْن، وَعُبَيْدَ اللهِ
بنَ يُوْسُفَ الجُبَيْرِيَّ، وَالرَّبِيْعَ بنَ
سُلَيْمَانَ
__________
(*) فهرست ابن النديم: 325، تاريخ بغداد: 14 / 234 231،
تاريخ ابن عساكر: 18 / 89 / أ، المنتظم: 6 / 236 235،
مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 133 /
1، تذكرة الحفاظ: 2 / 778 776، العبر: 2 / 174 173، دول
الإسلام: 1 / 192، مرآة الجنان: 2 / 277، البداية
والنهاية: 11 / 166، النجوم الزاهرة: 3 / 288، طبقات
الحفاظ: 236 235، شذرات الذهب: 2 / 280.
(14/501)
المُرَادِيَّ، وَبَحْرَ بنَ نَصْرٍ
الجُوْلاَنِيَّ، وَبَكَّارَ بنَ قُتَيْبَةَ، وَأَبَا
مُسْلِمٍ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ أَبِي شُعَيْبٍ
الحَرَّانِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ شَبِيْبٍ الرَّبَعِيَّ،
وَيَحْيَى بنَ المُغِيْرَةِ المَخْزُوْمِيَّ، وَمُحَمَّدَ
بنَ أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ المُقْرِئَ، وَأَبَا سَعِيْدٍ
الأَشَجَّ، وَأَحْمَدَ بنَ المِقْدَامِ العِجْلِيَّ،
وَحُمَيْدَ بنَ الرَّبِيْعِ، وَزَيْدَ بنَ أَخْزَمَ،
وَعَبَّادَ بنَ الوَلِيْدِ الغُبَرِيَّ، وَعَبْدَ
الوَهَّابِ بنَ فُلَيْحٍ المُقْرِئَ، وَمُحَمَّدَ بنَ
مَيْمُوْنٍ الخَيَّاطَ المَكِّيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ
اللهِ المُخَرِّمِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَنْصُوْرٍ
الجَوَّازَ، وَالحُسَيْنَ بنَ الحَسَنِ المَرْوَزِيَّ،
وَالزُّبَيْرَ بنَ بَكَّارٍ، وَسَلَمَةَ بنَ شَبِيْبٍ،
وَمُحَمَّدَ بنَ زُنْبُوْرٍ المَكِّيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ هِشَامٍ بنِ
ملاَسٍ الدِّمَشْقِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ مُحَمَّدٍ
البَيْرُوْتِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً، وَجَمَعَ،
وَصَنَّفَ، وَأَملَى.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ - وَهُوَ
أَكْبَرُ مِنْهُ - وَالجِعَابِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ،
وَالإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ،
وَأَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه، وَأَبُو طَاهِرٍ
المُخَلِّصُ، وَعِيْسَى بنُ الوَزِيْرِ، وَأَبُو مُسْلِمٍ
الكَاتِبُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَبِي شُرَيْحٍ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ:كَانَ
يُقَالُ:أَئِمَّةٌ ثَلاَثَةٌ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ:ابْنُ
أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ أَبِي حَاتِمٍ.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ:وَرَابِعُهُم:أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
صَاعِدٍ، ثِقَةٌ، إِمَامٌ، يَفُوقُ فِي الحِفْظِ أَهْلَ
زَمَانِهِ، ارْتَحَلَ إِلَى مِصْرَ وَالشَّامِ وَالحِجَازِ
وَالعِرَاقِ، مِنْهُم مَنْ يُقَدِّمُه فِي الحِفْظِ عَلَى
أَقرَانِهِ، مِنْهُم:أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ،
مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ.
قُلْتُ:وَيَقَعُ لَنَا - بَلْ لأَوْلاَدِنَا وَلِمَنْ
سَمِعَ مِنَّا - جُمْلَةٌ مِنْ عَوَالِي حَدِيْثِه.
كَتَبَ إِلَيْنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، عَنِ
القَاسِمِ بنِ عَسَاكِرَ، أَخْبَرَنَا أَبِي،
(14/502)
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ
البقشَلاَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ
الأبنُوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ - ثِقَةٌ
مِنْ أَصْحَابِنَا - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُدْرِكٍ
الطَّحَّانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي
عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَوْدِيِّ،
عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى أُسَيْرٍ (1) - رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(لاَ يَأْتِيْكَ مِنَ الحَيَاءِ إِلاَّ خَيْرٌ (2)).
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:لاِبْنِ صَاعِدٍ
أَخَوَانِ:يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ يَرْوِي عَنْ خَلاَّدِ
بنِ يَحْيَى وَغَيْرِهِ، وَأَحْمَدُ الأَوْسَطُ حَدَّثَ
عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَلَهُم عَمٌّ
اسْمُهُ:عَبْدُ اللهِ بنُ صَاعِدٍ.
قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ:سَأَلتُ
الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ
صَاعِدٍ، فَقَالَ:
ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، حَافِظٌ، وَعَمُّهُم يُحَدِّثُ عَنْ
سُفْيَانَ بن عُيَيْنَةَ فِي التَّصَوُّفِ وَالزُّهْدِ.
وَقَالَ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ:سَأَلْتُ
أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ عَبْدَانَ، فَقُلْتُ:ابْنُ
صَاعِدٍ أَكْثَرُ حَدِيْثاً أَوِ البَاغَنْدِيُّ؟
فَقَالَ:ابْنُ صَاعِدٍ أَكْثَرُ
__________
(1) هو أسير بن عمرو الدرمكي، ويقال: يسير بالياء.
قال علي بن المديني: " أهل الكوفة يسمونه أسير بن عمرو،
وأهل البصرة يسمونه أسير بن جابر ".
ولد مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات سنة خمس
وثمانين، وهو معدود في كبار أصحاب ابن مسعود.
انظر " أسد الغابة " 1 / 116.
(2) رجاله ثقات، وهو في " تاريخ بغداد " 11 / 295.
وأخرجه ابن سعد في " طبقات الكبرى " 7 / 68 67 من طريق
يحيى بن حماد بهذا الإسناد.
وذكره الحافظ ابن حجر في " الإصابة " 1 / 50 في ترجمة أسير
وزاد نسبته للبخاري في " تاريخه " والبغوي، وابن السكن،
وابن شاهين، من طريق أبي عوانة. وهو في " أسد الغابة " 1 /
116.
وفي اللباب عن عمران بن حصين بلفظ: " الحياء لا يأتي إلا
بخير " أخرجه البخاري: 10 / 433 في الأدب: باب الحياء،
ومسلم (37) في الايمان: باب بيان عدد شعب الايمان.
(14/503)
حَدِيْثاً، وَلاَ يَتَقَدَّمُه أَحَدٌ فِي
الدِّرَايَةِ، وَالبَاغَنْدِيُّ أَعْلَى إِسْنَاداً
مِنْهُ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ
يَقُوْلُ:لَمْ يَكُنْ بِالعِرَاقِ فِي أَقرَانِ أَبِي
مُحَمَّدٍ بنِ صَاعِدٍ أَحَدٌ فِي فَهْمِهِ، وَالفَهْمُ
عِنْدَنَا أَجَلُّ مِنَ الحِفْظِ.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو عَرُوْبَةَ لَحِقَهُ وَصَدَّقَهُ، فَقَالَ
لِي:بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ صَاعِدٍ حَدَّثَ
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القُطَعِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بنِ
هِلاَلٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ نَافِعٍ:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوْعاً:(لاَ طَلاَقَ قَبْلَ
نِكَاحٍ).
فَقُلْتُ:حَدَّثَنَا بِهِ مِنْ أَصْلِهِ، فَقَالَ:هَذِهِ
مَسْأَلَةٌ مُختَلَفٌ فِيْهَا مِنْ لَدُنِ التَّابِعِيْنَ،
لَوْ كَانَ ثُمَّ أَيُّوْبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ، لَكَانَ عِلمُ النُّظَّارِ فِي الشُّهرَةِ، وَلَما
كَانُوا يَحْتَجُّوْنَ ضَرُوْرَةً لِحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ،
عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ
(1) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ الحَافِظُ:حَدَّثَنَا
ابْنُ صَاعِدٍ مِنْ أَصْلِهِ بِحَدِيْثِ مُحَمَّدِ بنِ
يَحْيَى القُطَعِيِّ فِي:(لاَ طَلاَقَ قَبْلَ نِكَاحٍ).
قَالَ:فَارْتَجَّتْ بَغْدَادُ، وَتَكَلَّمَ النَّاسُ بِمَا
تَكَلَّمُوا بِهِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ
عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الصَّفَّارِ نَكْتُبُ مِنْ
أُصُوْلِهِ، إِذْ وَقَعَ بِيَدي جُزْءٌ مِنْ حَدِيْثِ
مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القُطَعِيِّ، فَنَظَرتُ، فَوَجَدْتُ
الحَدِيْثَ فِي الجُزْءِ، فَلَمْ أُخبِرْ أَصحَابِي،
وَعَدَوتُ إِلَى بَابِ ابْنِ صَاعِدٍ، فَسَلَّمتُ
عَلَيْهِ، وَقُلْتُ:البِشَارَةُ.
فَأَخَذَ الجُزْءَ، وَرَمَى بِهِ، ثُمَّ أَسْمَعَنِي،
فَقَالَ:يَا فَاعِلُ!حَدِيْثٌ أُحَدِّثُ بِهِ أَنَا،
أَحْتَاجُ أَنْ يُتَابِعَنِي عَلَيْهِ عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ الصَّفَّارُ.
__________
(1) حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: " لا طلاق إلا فيما تملك.
" أخرجه أحمد في " المسند " 2 / 189 و190 و207، وأبو داود
(2190) في الطلاق: باب الطلاق قبل النكاح، وابن ماجه
(2047) والترمذي (1181) في الطلاق: باب ما جاء لا طلاق قبل
نكاح، وسنده حسن. وانظر " زاد المعاد " 5 / 215 وما بعدها.
(14/504)
قَالَ البَرْقَانِيُّ:قَالَ لِي الفَقِيْهُ
أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ:
كُنْتُ عِنْد ابْنِ صَاعِدٍ، فَجَاءتْهُ امْرَأَةٌ،
فَقَالَتْ لَهُ:أَيُّهَا الشَّيْخُ!مَا تَقُولُ فِي بِئْرٍ
سَقَطَتْ فِيْهِ دَجَاجَةٌ فَمَاتَتْ، هَذَا المَاءُ
طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ؟
فَقَالَ يَحْيَى:وَيْحَكِ!كَيْفَ سَقَطَتِ الدَّجَاجَةُ،
أَلاَ غَطَّيْتِيْهِ؟
قَالَ الأَبْهَرِيُّ:فَقُلْتُ لَهَا:إِنْ لَمْ يَكُنِ
المَاءُ تَغَيَّرَ، فَهُوَ طَاهِرٌ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ
يَحْيَى مِنَ الفِقْهِ مَا يُجِيْبُ المَرْأَةَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :قَدْ كَانَ ابْنُ صَاعِدٍ ذَا
مَحَلٍّ مِنَ العِلْمِ عَظِيْمٍ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي
السُّنَنِ وَتَرْتِيْبِهَا عَلَى الأَحْكَامِ، وَلَعَلَّهُ
لَمْ يُجِبِ المَرْأَةَ وَرِعاً، فَإِنَّ المَسْأَلَةَ
فِيْهَا خِلاَفٌ.
قَالَ ابْنُ شَاهِيْن، وَغَيْرُهُ:تُوُفِّيَ ابْنُ صَاعِدٍ
بِالكُوْفَةِ، فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانِ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً
وَأَشْهُرٍ.
وَقَدْ ذَكَرنَا مُخَاصَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ
أَبِي دَاوُدَ، وَحَطَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى
الآخَرِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ، وَنَحْنُ لاَ
نَقْبَلُ كَلاَمَ الأَقرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضِ،
وَهُمَا - بِحَمْدِ اللهِ - ثِقَتَانِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
العَلَوِيُّ بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بنُ شَاهِيْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ
خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صلَى الله عَلَيْهِ وَسلم -
قَالَ:(إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسَاءِ) (2) .
__________
(1) في " ترجمة " 14 / 233، وما بين حاصرتين منه.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري: 4 / 318 في البيوع: باب
بيع الدينار بالدينار نساء، من طريق ابن جريج، أخبرني عمرو
بن دينار، عن أبي صالح أنه سمع أبا سعيد =
(14/505)
وَبِهِ:عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
مَا احْتَذَى النِّعَالَ وَلاَ رَكِبَ المَطَايَا، وَلاَ
رَكِبَ الكُورَ رَجُلٌ أَفْضَلُ مِنْ جَعْفَرٍ (1) .
هَذَا ثَابِتٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ
يَزْعُمَ زَاعِمٌ أَنَّ مَذْهَبَهُ:أَنَّ جَعْفَراً
أَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
فَإِنَّ هَذَا الإِطلاَقَ لَيْسَ هُوَ عَلَى عُمُوْمِهِ،
بَلْ يَخْرُجُ مِنْهُ الأَنْبِيَاءُ وَالمُرْسَلُوْنَ،
فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَقْصدْ أَنْ
يُدخِلَ أَبَا بَكْرٍ وَلاَ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم
- .
وَمَاتَ مَعَ ابْنِ صَاعِدٍ:أَبُو عَرُوْبَةَ
الحَرَّانِيُّ الحَافِظُ، وَالقَاضِي أَبُو جَعْفَرٍ
أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ بُهْلُوْلٍ التَّنُوْخِيُّ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
المُغَلّسِ البَغْدَادِيُّ - صَاحِبُ لُوَيْنٍ -
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ دَاوُدَ بنِ وَرْدَانَ المِصْرِيُّ -
صَاحِبُ ابْنِ رُمْحٍ - وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
أَحْمَدَ بنِ بَشَّارٍ البَغْدَادِيُّ العَلاَّفُ
المُقْرِئُ، وَالمُسْنِدُ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو
__________
= الخدري يقول: " الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم "
فقلت له: إن ابن عباس لا يقوله، فقال أبو سعيد: سألته
فقلت: سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم أو وجدته في كتاب
الله تعالى ؟ فقال: كل ذلك، لا أقول وأنتم أعلم برسول الله
صلى الله عليه وسلم مني، ولكني أخبرني أسامة أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: " لاربا إلا في النسيئة ".
وأخرجه مسلم (1596) في المساقاة، والنسائي: 7 / 281،
وأحمد: 5 / 200 و209 من طرق عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن
دينار، عن أبي صالح به.
وأخرجه أحمد: 5 / 204، ومسلم (1596) (102) من طريق سفيان،
عن عبد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس، عن أسامة.
وأخرجه أحمد: 5 / 202 من طريق ابن إسحاق، حدثنى عبيد الله
بن علي بن أبي رافع، عن سعيد بن المسيب، عن أسامة.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه الترمذي (3768) في المناقب: باب
مناقب جعفر بن أبي طالب، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه
الحاكم: 3 / 209 ووافقه الذهبي.
والاحتذاء: لبس الحذاء.
والمطايا: جمع مطية، وهي ما يركب من الابل، أي: يركب مطاها
وهو ظهرها.
والكور بضم الكاف سرج البعير، واسمه الرحل.
(14/506)
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
نَيْرُوْزَ الأَنْمَاطِيُّ، وَشَيْخُ الفُقَهَاءِ أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ
بِمَكَّةَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ
حَمَّادٍ الأَسْتَرَابَاذِيُّ - رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ
بنِ أَبِي شَيْبَةَ الكُتُبَ - وَزَنْجُوَيْه بنُ
مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ اللَّبَّادُ، وَأَبُو
يَعْلَى مُحَمَّدُ بنُ زُهَيْرٍ الأُبُلِّيُّ.
284 - الرُّوْيَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
هَارُوْنَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ،
صَاحِبُ(المُسْنَدِ)المَشْهُوْرِ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الذَّهَبِيُّ،
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَاتٍ، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدُوَيْه، أَخْبَرَنَا أَبُو
الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
هَارُوْنَ الرُّويَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بنُ
حَسَنٍ البَصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ،
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ مِهْرَانَ، عَنْ سَعْدِ بنِ
أَوْسٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ كُسَيْبٍ العَدَوِيِّ، قَالَ:
خَرَجَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرٍ إِلَى الجُمُعَةِ
وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ رِقَاقٌ، وَأَبُو بِلاَلٍ تَحْتَ
المِنْبَرِ، فَقَالَ أَبُو بِلاَلٍ:انْظُرُوا إِلَى
أَمِيْرِكُم يَلْبَسُ لِبَاسَ الفُسَّاقِ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ وَهُوَ تَحْتَ المِنْبَرِ:سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَقُوْلُ:(مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللهِ فِي الأَرْضِ،
أَهَانَهُ اللهُ) (1) .
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة:
129 / 2، تذكرة الحافظ: 2 / 754 752، العبر: 2 / 135،
الوافي بالوفيات: 5 / 148، مرآة الجنان: 2 / 249، البداية
والنهاية: 11 / 131، طبقات الحفاظ: 317 316، شذرات الذهب:
2 / 251، الرسالة المستطرفة: 72.
(1) إسناده حسن، وهو في " مسند الطيالسي " 2 / 167، وأحمد:
5 / 42 و49، والترمذي (2224) في الفتن، وقال: هذا حديث حسن
غريب.
(14/507)
أَبُو بِلاَلٍ هَذَا هُوَ:مِرْدَاسُ بنُ
أُدَيَّةَ خَارِجِيٌّ، وَمِنْ جَهْلِهِ عَدَّ ثِيَابَ
الرِّجَالِ الرِّقَاقَ لِبَاسَ الفُسَّاقِ.
أَخْرَجَهُ:الرُّويَانِيُّ فِي(مُسْنَدِهِ).
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ:أَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ،
وَإِسْحَاقَ بنِ شَاهِيْن، وَأَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بنِ
العَلاَءِ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ الرَّازِيِّ،
وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ، وَيَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ
المُقَوِّمِ، وَأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ، وَابْنِ
وَارَةَ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَلَهُ الرِّحلَةُ الوَاسِعَةُ، وَالمَعْرِفَةُ
التَّامَةُ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ القِرْمِيْسِينِيُّ،
وَجَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ فَنَّاكِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ:أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ
لَهُ تَصَانِيْفَ فِي الفِقْهِ، وَأَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ
سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وحكَى الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ
الشِّيرَازيُّ:أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ
الصَّحَّافَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ البَكْرِيَّ يَقُوْلُ:جَمَعَتِ
الرِّحلَةُ بِمِصْرَ بَيْنَ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ،
وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدِ
بنِ هَارُوْنَ الرُّويَانِيِّ، فَأَرْمَلُوا، وَلَمْ
يَبْقَ عِنْدَهُم قُوْتٌ، وَجَاعُوا، فَاجْتَمَعُوا فِي
بَيْتٍ، وَاقْتَرَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ
القُرعَةُ يَسْأَلُ لَهُم، قَالَ:فَخَرَجَتْ عَلَى ابْنِ
خُزَيْمَةَ.
فَقَالَ:أَمْهِلُوْنِي حَتَّى أُصَلِّيَ.
وَقَامَ، فَإِذَا هُمْ بِشَمْعَةٍ وَخَصِيٍّ مِنْ قِبَلِ
أَمِيْرِ مِصْرَ، فَفَتَحُوا لَهُ، فَقَالَ:أَيُّكُم
مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ؟
فَقِيْلَ:هَذَا.
فَأَخْرَجَ صُرَّةً فِيْهَا خَمْسُوْنَ دِيْنَاراً،
فَدَفَعهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:أَيُّكُم مُحَمَّدُ بنُ
جَرِيْرٍ؟
قَالُوا:هَذَا.
فَأَعطَاهُ مِثلَهَا، ثُمَّ أَعطَى كَذَلِكَ لاِبْنِ
خُزَيْمَةَ وَالرُّويَانِيِّ، ثُمَّ حَدَّثهُم أَنَّ
الأَمِيْرَ كَانَ قَائِلاً بِالأَمسِ، فَرَأَى فِي نَومِهِ
أَنَّ المَحَامِدَ جِيَاعٌ قَدْ طَوَوْا، فَأَنفَذَ
إِلَيْكُم هَذِهِ الصُّرَرَ، وَأَقسَمَ عَلَيْكُم:إِذَا
(14/508)
نَفَدَتْ أَنْ تُعَرِّفُونِي (1) .
أَخْبَرَنَا قَاضِي القُضَاةِ تَقِيُّ الدِّيْنِ
سُلَيْمَانُ بنُ حَمْزَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا
أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
هَارُوْنَ الرُّويَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا
فُلَيْحٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ:
أَنَّ وَلِيدَةً فِي عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَتْ مِنَ الزِّنَى،
فَسُئِلَتْ:مَنْ أَحْبَلَكِ؟
قَالَتْ:أَحبَلَنِي المُقعدُ.
فَسُئِلَ، فَاعْتَرَفَ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(إِنَّهُ لَضَعِيفٌ عَنِ
الجَلدِ).
فَأَمَرَ بِمائَةِ عُثْكُوْلٍ، فَضُرِبَ بِهَا ضَربَةً
وَاحِدَةً.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، صَالِحُ الإِسْنَادِ (2) .
أَخْرَجَهُ:النَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي
__________
(1) سبق ذكر هذا الخبر في ترجمة محمد بن جرير الطبري. انظر
الحاشية (2) من الصفحة 271 من هذا الجزء.
(2) كيف وفيه فليح بن سليمان، وهو كثير الخطأ.
ونقل الحافظ في " التلخيص " 4 / 59 أن الدارقطني قال بعد
أن رواه من حديث فليح، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد:
" وهم فيه فليح، والصواب: عن أبي حازم، عن أبي أمامة بن
سهل ".
ورواه أبو داود (4472) من حديث الزهري، عن أبي أمامة، عن
رجل من الانصار، ورواه النسائي: من حديث أبي أمامة بن سهل
بن حنيف، عن أبيه، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة بن
سهل، عن أبي سعيد الخدري.
قال الحافظ: فإن كانت الطرق كلها محفوظة، فيكون أبو أمامة
قد حمله عن جماعة من الصحابة، وأرسله مرة.
وقال في " بلوغ المرام ": إسناد هذا الحديث حسن، ولكن
اختلف في وصله وإرساله.
وأخرجه أحمد: 5 / 222، وابن ماجه (2574) من طريق ابن
إسحاق، عن يعقوب بن عبد الله بن الاشج، عن أبي أمامة بن
سهل، عن سعيد بن سعد بن عبادة قال: كان بين أبياتنا رجل
مخدج ضعيف، فلم يرع إلا وهو على أمة من إماء الدار يخبث
بها، فرفع شأنه سعد بن عبادة إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
فقال: " اجلدوه ضرب مئة سوط " قالوا: يا نبي الله هو أضعف
من ذلك. لو ضربناه مئة سوط مات.
قال: " فخذوا له عثكالا فيه مئة شمراخ، فاضربوه ضربة واحدة
".
(14/509)
حَازِمٍ، وَيَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يُسَوِّغُ
الحِيَلَ (1) .
285 - أَبُو عَرُوْبَةَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مَوْدُوْدٍ السُّلَمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُعَمَّرُ، الصَّادِقُ، أَبُو
عَرُوْبَةَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ
مَوْدُوْد السُّلَمِيُّ، الجَزَرِيُّ، الحَرَّانِيُّ،
صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ:بَعْدَ العِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ:فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ:مَخْلَدَ بنَ مَالِكٍ السَّلَمسِينِيَّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ الحَارِثِ الرَّافقِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
وَهْبِ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى
الفَزَارِيَّ، وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ،
وَالمُسَيَّبَ بنَ وَاضِحٍ، وَأَحْمَدَ بنَ بَكَّارِ بنِ
أَبِي مَيْمُوْنَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ سَعِيْدِ بنِ
حَمَّادٍ الأَنْصَارِيَّ، وَأَبَا يُوْسُفَ مُحَمَّدَ بنَ
أَحْمَدَ الصَّيْدَلاَنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ زُنْبُوْرٍ
المَكِّيَّ، وَأَيُّوْبَ بنَ مُحَمَّدٍ الوَزَّانَ،
وَعَمْرَو بنَ عُثْمَانَ الحِمْصِيَّ، وَكَثِيْرَ بنَ
عُبَيْدٍ، وَأَبَا نُعَيْمٍ عُبَيْدَ بنَ هِشَامٍ
الحَلَبِيَّ، وَمُعَلّلَ بنَ نُفَيْلٍ النَّهْدِيَّ -
صَاحِبَ زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ - وَمُحَمَّدَ بنَ
بَشَّارٍ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ بنَ الضَّحَّاكِ،
وَمُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى الحِمْصِيَّ، وَخَلْقاً سِوَاهُم
__________
(1) جمهور العلماء من الأئمة يستدلون بهذا الحديث وبغيره
على إباحة الحيل التي تكون وسيلة إلى منفعة مشروعة، وأما
الحيل التي تتضمن إسقاط الواجبات، وتحليل المحرمات، وجعل
ما ليس بشرعي لابسا المظهر الشرعي، فلا يستريب أحد في أنها
من كبائر الاثم، وأقبح المحرمات، وهي من التلاعب بدين
الله، واتخاذ آياته هزوا، وهي حرام في نفسها لكونها كذبا
وزورا، وحرام من جهة المقصود بها وهو إبطال حق وإثبات
باطل.
وقد بسط القول في الحيل وأنواعها ما هو محرم منها وما هو
مباح بسطا وافيا الامام ابن القيم في كتابه " إعلام
الموقعين " 3 / 159 وما بعده فليراجع.
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131
/ 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 775 774، العبر: 2 / 173 172، دول
الإسلام: 1 / 192، مرآة الجنان: 2 / 277، طبقات الحفاظ:
325، شذرات الذهب: 2 / 279، الرسالة المستطرفة: 55.
(14/510)
بِالجَزِيْرَةِ، وَالشَّامِ، وَالحِجَازِ،
وَالعِرَاقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
المُظَفَّرِ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ،
وَعُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القَطَّانُ، وَأَبُو أَحْمَدَ
الحَاكِمُ، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الجَرَّاحِ المِصْرِيُّ - ابْنُ النَّحَّاسِ - وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
الحَسَنِ بنِ عَلاَّنَ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ
سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ السَّكَنِ، وَأَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السُّنِّيِّ، وَأَبُو
الشَّيْخِ بنُ حَيَّانَ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ الآبُرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ
البَغْدَادِيُّ - غُنْدَرٌ الوَرَّاقُ - وَأَبُو الفَتْحِ
مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُرِيْدَةَ الأَزْدِيُّ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَلَهُ:كِتَابُ(الطَّبَقَاتِ)، وَكِتَابُ(تَارِيْخُ
الجَزِيْرَةِ)سَمِعْنَاهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:كَانَ عَارِفاً بِالرِّجَالِ
وَبِالحَدِيْثِ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مُفْتِي أَهْلِ
حَرَّانَ، شَفَانِي حِيْنَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ مِنَ
المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ فِي(الكُنَى):أَبُو
عَرُوْبَةَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَوْدُوْدِ بنِ
حَمَّادٍ السُّلَمِيُّ، سَمِعَ:عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
عَمْرٍو البَجَلِيَّ، وَأَبَا وَهْبٍ بنَ مُسَرَّحٍ،
وَكَانَ مِنْ أَثْبَتِ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ، وَأَحْسَنِهِم
حِفْظاً، يَرْجِعُ إِلَى حُسْنِ المَعْرِفَةِ
بِالحَدِيْثِ، وَالفِقْهِ، وَالكَلاَمِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ فِي
تَرْجَمَةِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ:
كَانَ أَبُو عَرُوْبَةَ غَالِياً فِي التَّشَيُّعِ،
شَدِيْدَ المَيْلِ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
قُلْتُ:كُلُّ مَنْ أَحَبَّ الشَّيْخَيْنِ فَلَيْسَ
بِغَالٍ، بَلْ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ
تَنَقُّصٍ فَإِنَّهُ رَافِضِيٌّ غَالٍ، فَإِنْ سَبَّ،
فَهُوَ مِنْ شِرَارِ الرَّافِضَةِ، فَإِنْ كَفَّرَ فَقَدْ
بَاءَ بِالكُفْرِ، وَاسْتَحَقَّ الخِزْيَ، وَأَبُو
عَرُوْبَةَ فَمِنْ أَيْنَ يَجِيْئُهُ الغُلُوُّ وَهُوَ
صَاحِبُ حَدِيْثٍ وَحَرَّانِيٌّ؟بَلَى لَعَلَّهُ يَنَالُ
مِنَ المَرْوَانِيَّةِ، فَيُعذَرُ.
(14/511)
قَالَ القَرَّابُ:مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِيَ
عَشْرَة وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي
رَوْحٍ الهَرَوِيِّ:أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوْبَةَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ
بنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو المُهَاجِرِ، عَنْ
مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
وَعَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
تَوَضَّأَ ثَلاَثاً ثَلاَثاً (1) .
286 - ابْنُ طَلاَّبٍ أَبُو الجَهْمِ أَحْمَدُ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الخَطِيْبُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو
الجَهْمِ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
طَلاَّبٍ الدِّمَشْقِيُّ، ثُمَّ المشغرَانِيُّ، خَطِيْبُ
مشغرَا.
أَصْلُهُ مِنْ قَرْيَةِ بَيْتِ لِهْيَا (2) ، وَكَانَ
يُؤَدِّبُ بِهَا، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى مشغرَا.
وَكَانَ يَقْدُمُ دِمَشْقَ وَيُحَدِّثُ عَنْ:هِشَامِ بنِ
عَمَّارٍ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَهِشَامِ
بنِ خَالِدٍ الأَزْرَقِ، وَعَلِيِّ بنِ سَهْلٍ
الرَّمْلِيِّ، وَعِدَّةٍ.
__________
(1) إسناده حسن.
وفي الباب عن علي رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه
وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا " أخرجه الترمذي (44) وأبو داود
(116) وغيرهما، وإسناده صحيح.
وفي صحيح مسلم برقم (230) أن عثمان توضأ بالمقاعد اسم موضع
بالمدينة فقال: ألا أريكم وضوء رسول الله صلى الله عليه
وسلم ؟ ثم توضأ ثلاثا ثلاثا.
ورواه البخاري: 1 / 226 بأطول من هذا، وبوب له باب الوضوء
ثلاثا ثلاثا.
(*) الأنساب: 531 / ب، معجم البلدان: 5 / 134، العبر: 2 /
175، الوافي بالوفيات: 6 / 334، النجوم الزاهرة: 3 / 232،
شذرات الذهب: 2 / 281.
(2) قال ياقوت: بكسر اللام، وسكون الهاء، وياء وألف، كذا
يتلفظ بها، والصحيح: بيت الالاهة.
وهي قرية مشهورة بغوطة دمشق، وللشعراء فيها أشعار كثيرة،
منها قول الاطرابلسي: سقاها وروى من النيرين * إلى
الغيضتين وحمورية إلى بيت لهيا إلى برزة * دلاح مكفكفة
الاوعبة والنسبة إلى بيت لهيا: بتلهي.
انظر " معجم البلدان " 1 / 522.
(14/512)
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الحُسَيْنِ
الرَّازِيُّ - وَالِدُ تَمَّامٍ - وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
المُقْرِئِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو
سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ
الكِلاَبِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ:أَصْلُهُ مِنْ بَيْتِ
لِهْيَا، كَانَ يُعَلِّمُ بِهَا، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى
مَشْغَرَا (1) ؛قَريَةٍ عَلَى سَفحِ جَبَلِ لُبْنَانَ،
فَصَارَ خَطِيْبهَا، وَكَانَ كَثِيْراً مَا يَأْتِي إِلَى
دِمَشْقَ، فَمَاتَ بِهَا فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ زَبْرٍ أَنَّ ابْنَ طَلاَّبٍ سَقَطَ مِنْ
دَابَّتِهِ، فَمَاتَ لِوَقْتِهِ.
قُلْتُ:وَجَدُّهُم هُوَ طَلاَّبُ بنُ كَثِيْرٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:سُفْيَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
بنِ مَنْدَةَ، وَالفَضْلُ بنُ الخَصِيْبِ بنِ نَصْرٍ،
وَوَالِدُ أَبِي الشَّيْخِ، وَالمُؤَمَّلُ بنُ الحَسَنِ
المَاسَرْجِسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ
العَنْزِيُّ - صَاحِبُ عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ مَعْدَانَ الفَسَوِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو المُنْكَدِرِيُّ،
وَأَبُو عُبَيْدٍ بنُ حَربُوَيْه القَاضِي، وَأَسْلَمُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ الأَنْدَلُسِيُّ.
287 - سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ أَبُو
عُثْمَانَ الحَلَبِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو
عُثْمَانَ الحَلَبِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 5 / 134.
(*) تاريخ ابن عساكر: 7 / 148 / أ، العبر: 2 / 173، الوافي
بالوفيات: 15 / 239 238، النجوم الزاهرة: 3 / 227، شذرات
الذهب: 2 / 279، تهذيب ابن عساكر: 6 / 152، تاريخ حلب
الشهباء: 4 / 17.
(14/513)
سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ،
وَأَبَا نُعَيْمٍ عُبَيْدَ اللهِ بنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ عُبَيْدِ اللهِ الحَلَبِيَّ، وَالقَاسِمَ
بنَ عُثْمَانَ الجُوْعِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى،
وَالسَّرِيَّ السَّقَطِيَّ، وَبَرَكَةَ بنَ مُحَمَّدٍ
الحَلَبِيَّ، وَعِدَّةً.
وَصَحِبَ سَرِيّاً السَّقَطِيَّ، وَهُوَ مِنْ جِلَّةِ
مَشَايِخِ الشَّامِ وَعُلَمَائِهِم.
قَالَهُ:السُّلَمِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الرَّازِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الرَّبَعِيُّ، وَأَبُو
سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ الأَذنِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
سَعِيْدٍ الكِنْدِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ
الأَبْهَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيِّ، وَخَلْقٌ
خَاتِمَتُهُم عَبْدُ الوَهَّابِ الكِلاَبِيُّ - أَخُو
تَبُوْكٍ - .
قَالَ الحَاكِمُ فِي(الكُنَى):كَانَ مِنْ عِبَادِ اللهِ
الصَّالِحِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ (1) الحَافِظُ:تَخَرَّجَ بِهِ
جَمَاعَةٌ مِنَ الأَعْلاَمِ كإِبْرَاهِيْمَ بنِ
المُوَلَّدِ، وَكَانَ مُلاَزِماً لِلشَّرْعِ مُتَّبِعاً
لَهُ.
قُلْتُ:يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ سَلِيماً مِنْ تَخبِيطَاتِ
الصُّوْفِيَّةِ وَبِدَعِهِم.
قَالَ ابْنُ زَبْرٍ:مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ:مَاتَ سَنَةَ سَبْعَ
عَشْرَةَ.
قُلْتُ:عَاشَ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
288 - العَلاَّفُ أَبُو بَكْرٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، الأَدِيْبُ، أَبُو بَكْرٍ الحَسَنُ
بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ
__________
(1) في " الحلية " 10 / 366.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 380 379، الأنساب: 402 / ب، المنتظم:
6 / 238 237، =
(14/514)
بَشَّارٍ النَّهْرَوَانِيُّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ، الضَّرِيْرُ، نَدِيْمُ المُعْتَضِدِ.
تَلاَ عَلَى:أَبِي عُمَرَ الدُّوْرِيِّ.
وَأَقْرَأَ، فَتَلاَ عَلَيْهِ:أَبُو بَكْرٍ الشَّذَائِيُّ،
وَأَبُو الفَرَجِ الشَّنَبُوذِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنِ:الدُّوْرِيِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ،
وَحُمَيْدِ بنِ مَسْعَدَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
الحَسَّانِيِّ.
فَرَوَى عَنْهُ:ابْنُ حَيُّوْيَه، وَعُمَرُ بنُ شَاهِيْن،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ النَّخَّاسِ، وَأَبُو الحَسَنِ
الجَرَّاحِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَعُمِّرَ دَهْراً، وَأَضَرَّ.
وَكَانَ لَهُ قِطٌّ يُحِبُّهُ وَيَأْنَسُ بِهِ، فَدَخَلَ
بُرْجَ حَمَامٍ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَكَلَ الفِرَاخ،
فَاصْطَادُوهُ وَذَبَحُوهُ، فَرَثَاهُ بِقَصِيْدَةٍ
طَنَّانَةٍ.
وَيُقَالُ:بَلْ رَثَى بِهَا ابْنَ المُعْتَزِّ، وَوَرَّى
بِالهِرِّ، وَكَانَ وَدُوْداً لَهُ.
وَعَنِ ابْنِهِ؛أَبِي الحَسَنِ بنِ العَلاَّفِ،
قَالَ:إِنَّمَا كَنَى أَبِي بِالهِرِّ عَنِ ابْنِ
الفُرَاتِ المُحَسّنِ وَلَدِ الوَزِيْرِ.
وَعَنْ آخَرَ، قَالَ:هَوِيَتْ جَارِيَةٌ لِلْوَزِيْرِ
عَلِيِّ بنِ عِيْسَى غُلاَماً لاِبْنِ العَلاَّفِ
الضَّرِيْرِ، فَعَلِمَ بِهِمَا الوَزِيْرُ، فَقَتَلَهُمَا،
وَسَلَخَهُمَا وَحَشَاهُمَا تِبْناً، فَرَثَاهُ
أُسْتَاذُهُ ابْنُ العَلاَّفِ، وَكَنَى عَنْهُ بِالهِرِّ -
فَاللهُ أَعْلَمُ - فَقَالَ:
يَا هِرُّ فَارَقْتَنَا وَلَمْ تَعُدِ ... وَكُنْتَ
عِنْدِي بِمنْزِلِ (1) الوَلَدِ
__________
= وفيات الأعيان: 2 / 111 107، العبر: 2 / 172، طبقات
القراء للذهبي: 1 / 197، الوافي بالوفيات: 12 / 173 169،
نكت الهميان: 142 139، مرآة الجنان: 2 / 278 277، البداية
والنهاية: 11 / 166، طبقات القراء للجزري: 1 / 222، النجوم
الزاهرة: 3 / 231 230، شذرات الذهب: 2 / 279 277.
(1) في الأصل " بمنزلة " وهي خطأ، لا يستقيم بها الوزن.
وما أثبتناه من مصادر تخريج القصيدة.
(14/515)
وَكَيْفَ نَنْفَكُّ عَنْ هَوَاكَ وَقَدْ
... كُنْتَ لَنَا عُدَّةً مِنَ العُدَدِ
وَتُخْرِجُ الفَأْرَ مِنْ مَكَامِنِهَا ... مَا بَيْنَ
مَفْتُوْحِهَا إِلَى السُّدَدِ
يَلقَاكَ فِي البَيْتِ مِنْهُمُ مَدَدٌ ... وَأَنْتَ
تَلْقَاهُمُ بِلاَ مَدَدِ
حَتَّى اعتَقَدْتَ الأَذَى لِجِيْرَتِنَا ... وَلَمْ
تَكُنْ لِلأَذَى بِمُعْتَقِدِ (1)
وَحُمْتَ حَوْلَ الرَّدَى بِظُلْمِهِمُ ... وَمَنْ يَحُمْ
حَوْلَ حَوْضِهِ يَرِدِ
وَكَانَ قَلْبِي عَلَيْكَ مُرْتَعِداً ... وَأَنْتَ
تَنْسَابُ غَيْرَ مُرْتَعِدِ
تَدْخُلُ بُرْجَ الحَمَامِ مُتَّئِداً ... وَتَبْلَعُ
الفَرْخَ غَيْرَ مُتَّئِدِ
وَتَطْرَحُ الرِّيْشَ فِي الطَّرِيْقِ لَهُم ...
وَتَبْلَعُ اللَّحْمَ بَلْعَ (2) مُزْدَرِدِ
أَطْعَمَكَ الغِيُّ لَحْمَهَا فَرَأَى ... قَتْلَكَ
أَصحَابُهَا مِنَ الرَّشَدِ
كَادُوكَ دَهْراً فَمَا وَقَعْتَ وَكَمْ ... أُفْلِتَّ
مِنْ كَيْدِهِم وَلَمْ تَكِدِ
فَحِيْنَ أَخْفَرْتَ وَانْهَمَكْتَ وَكَا ... شَفْتَ
وَأَشْرَفْتَ غَيْرَ مُقْتَصِدِ
صَادُوْكَ غَيْظاً عَلَيْكَ وَانتَقَمُوا ... مِنْكَ
وَزَادُوا، وَمَنْ يَصِدْ يُصَدِ
ثُمَّ شَفَوا بِالحَدِيدِ أَنْفُسَهُم مِنْكَ ... وَلَمْ
يَرْعَوُوا عَلَى أَحَدِ
وَلَمْ تَزَلْ لِلْحَمَامِ مُرْتَصِداً ... حَتَّى
سُقِيْتَ الحِمَامَ بِالرَّصَدِ
لَمْ يَرْحَمُوا صَوْتَكَ الضَّعِيفَ كَمَا ... لَمْ
تَرْثِ يَوْماً لِصَوتِهَا الغَرِدِ (3)
أَذَاقَكَ المَوْتَ رَبُّهُنَّ كَمَا ... أَذَقْتَ
أَفرَاخَهُ يَداً بِيَدِ
كَأَنَّ حَبْلاً حَوَى بِجَوْدَتِهِ ... جِيْدَكَ
لِلْخَنْقِ كَانَ مِنْ مَسَدِ
كَأَنَّ عَيْنِيَ تَرَاكَ مُضْطَرِباً ... فِيْهِ وَفِي
فِيْكَ رَغْوَةُ الزَّبَدِ
__________
(1) ورد الشطر الأول في الأصل. حتى اعتقدت الأذى منها
لجيرتنا. وبهذا يخرج الشطر من المنسرح إلى البسيط.
(2) في " الوافي بالوفيات ": غير.
(3) في " الأصل " الرغد، وهو خطأ، وما أثبتناه من مصادر
تخريج القصيدة.
(14/516)
وَقَدْ طَلَبْتَ الخَلاَصَ مِنْهُ فَلَمْ
... تَقْدِرْ عَلَى حِيْلَةٍ وَلَمْ تَجِدِ
فَجُدْتَ بِالنَّفْسِ وَالبَخِيْلَ بِهَا ... كُنْتَ،
وَمَنْ لَمْ يَجُدْ بِهَا يَجِدِ
فَمَا سَمِعْنَا بِمِثْلِ مَوْتِكَ إِذْ ... مُتَّ وَلاَ
مِثْلِ حَالِكَ النَّكِدِ
عِشْتَ حَرِيْصاً يَقُودُهُ طَمَعٌ ... وَمُتَّ ذَا
قَاتِلٍ بِلاَ قَوَدِ
يَا مَنْ لَذِيْذُ الفِرَاخِ أَوْقَعَهُ ...
وَيْحَكَ!هَلاَّ قَنِعْتَ بِالغُدَدِ
أَلمْ تَخَفْ وَثْبَةَ الزَّمَانِ وَقَدْ ... وَثَبْتَ فِي
البُرْجِ وَثْبَةَ الأَسَدِ
عَاقِبَةُ البَغْيِ (1) لاَ تَنَامُ وَإِنْ ...
تَأَخَّرَتْ مُدَّةً مِنَ المُدَدِ
أَرَدْتَ أَنْ تَأَكُلَ الفِرَاخَ وَلاَ ... يَأْكُلُكَ
الدَّهْرُ أَكْلَ مُضْطَهِدِ (2)
هَذَا بَعِيدٌ مِنَ القِيَاسِ وَمَا ... أَعَزَّهُ فِي
الدُّنُوِّ وَالبُعُدِ
لاَ بَارَكَ اللهُ فِي الطَّعَامِ إِذَا ... كَانَ هَلاَكُ
النُّفُوْسِ فِي المِعَدِ
كَمْ دَخَلَتْ لُقْمَةٌ حَشَا شَرِهٍ ... فَأَخْرَجَتْ
رُوْحَهُ مِنَ الجَسَدِ
مَا كَانَ أَغْنَاكَ عَنْ تَسَلُّقِكَ الـ ... ـبُرْجَ
وَلَوْ كَانَ جَنَّةَ الخُلْدِ
قَدْ كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ وَفِي دَعَةٍ ... مِنَ
العَزِيْزِ المُهَيْمِنِ الصَّمَدِ
تَأْكُلُ مِنْ فَأْرِ دَارِنَا رَغَداً ... أَكْلَ جُزَافٍ
نَامٍ بِلاَ عَدَدِ (3)
وَكُنْتَ بَدَّدْتَ شَمْلَهُم زَمَناً ... فَاجْتَمَعُوا
بَعْدَ ذَلِكَ البَدَدِ
وَلَمْ يُبْقُوا لَنَا عَلَى سَبَدٍ ... فِي جَوْفِ
أَبْيَاتِنَا وَلاَ لَبِدِ
وَفَرَّغُوا قَعْرَهَا وَمَا تَرَكُوا ... مَا عَلَّقَتْهُ
يَدٌ عَلَى وَتِدِ
وَفَتَّتُوا الخُبْزَ فِي السِّلاَلِ فَكَمْ ... تَفَتَّتْ
لِلْعِيَالِ مِنْ كَبِدِ
وَمَزَّقُوا مِنْ ثِيَابِنَا جُدُداً ... فَكُلُّنَا فِي
مَصَائِبٍ جُدُدِ
__________
(1) في " الوافي بالوفيات ": الظلم.
(2) في " نكت الهميان ": مصطيد.
(3) ورد هذا البيت في " الوافي بالوفيات " كما يلي: تأكل
من فأر بيتنا رغدا * وأين بالشاكرين للرغد
(14/517)
وَهِيَ خَمْسَةٌ وَسِتُّوْنَ بَيْتاً (1) .
تُوُفِّيَ:سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَلَهُ مائَةُ عَامٍ.
وَالنَّهْرَوَانُ:بِالفَتْحِ، وَوَهِمَ السَّمْعَانِيُّ
فَضَمَّ رَاءهُ.
289 - البِتَّانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
جَابِرِ بنِ سِنَانٍ *
صَاحِبُ(الزِّيجِ)المَشْهُوْرِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ جَابِرِ بنِ سِنَانٍ الحَرَّانِيُّ،
البِتَّانِيُّ، الحَاسِبُ، المُنَجِّمُ، لَهُ أَعمَالٌ
وَأَرصَادٌ وَبَرَاعَةٌ فِي فَنِّهِ، وَكَانَ صَابِئاً،
ضَالاًّ، فَكَأَنَّهُ أَسلَمَ وَتَسَمَّى بِمُحَمَّدٍ،
وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي عِلْمِ الهَيْئَةِ.
وبَتَّانُ - بِمُثَنَّاةٍ مُثَقَّلَةٍ (2) - :قَريَةٌ مِنْ
نَوَاحِي حَرَّانَ، مَاتَ رَاجِعاً مِنْ بَغْدَادَ
بِقَصْرِ الحَضْرِ (3) ؛وَهِيَ بُلَيدَةٌ بِقُرْبِ
تَكْرِيْتَ، وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ:
وَأَخُو الحَضْرِ إِذْ بَنَاهُ وَإِذْ دِجْـ ... ـلَةُ
تُجْبَى إِلَيْهِ وَالخَابُوْرُ
وَهُوَ المَلِكُ ضَيْزَنُ، وَيُلَقَّبُ:بِالسَّاطرُوْنِ -
لَفْظَةٍ سِرْيَانِيَّةٍ - مَعْنَاهُ:المَلِكُ، وَكَانَ
هَذَا مِنْ مُلُوْكِ الطَّوَائِفِ، أَقَامَ أَزْدَشِيْرُ
يُحَاصِرُهُ أَرْبَعَ سِنِيْنَ وَلاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
وَكَانَ لِضَيْزَنَ بِنْتٌ فَائِقَةُ الجَمَالِ،
فَلَمَحَتْ مِنَ الحِصْنِ
__________
(1) وردت مقطعات من هذه القصيدة في " وفيات الأعيان " 2 /
111 109، و" نكت الهميان " 142 140، و" الوافي بالوفيات "
12 / 172 170، و" شذرات الذهب " 2 / 279 278.
(*) فهرست ابن النديم: 390 389، معجم البلدان: 1 / 334،
تاريخ الحكماء: 280، وفيات الأعيان: 5 / 167 164، الوافي
بالوفيات: 2 / 283، مرآة الجنان: 2 / 275 274، شذرات
الذهب: 2 / 276.
(2) انظر " معجم البلدان " 1 / 334.
(3) " معجم البلدان " 2 / 269 267.
(14/518)
أَزْدَشِيْرَ، فَأَعجَبَهَا وَهَوِيَتْهُ،
فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ يَتَزَوَّجهَا، وَتَفْتَح لَهُ
الحِصْنَ، فَقِيْلَ:كَانَ عَلَيْهِ طِلَّسْمٌ، فَلاَ
يُفتَحُ حَتَّى تُؤخَذَ حَمَامَةٌ، تُخْضَبُ رِجْلاَهَا
بِحَيضِ بِكْرٍ زَرْقَاءَ، ثُمَّ تُسَيَّبُ الحَمَامَةُ،
فَتَحُطُّ عَلَى السُّوْرِ، فَيَقَعُ الطَّلَّسْمُ.
فَفُعِلُ ذَلِكَ، وَأُخِذَ الحِصْنُ، ثُمَّ لَمَّا رَآهَا
أَزْدَشِيْرُ قَدْ أَسلَمَتْ أَبَاهَا مَعَ فَرْطِ
كَرَامَتِهَا عَلَيْهِ، قَالَ:أَنْتِ أَسْرَعُ إِلَيَّ
بِالغَدْرِ.
فَرَبَطَ ضَفَائِرَهَا بِذَنَبِ فَرَسٍ، وَرَكَضَهُ،
فَهَلَكَتْ (1) .
تُوُفِّيَ البِتَّانِيُّ:سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
290 - مُحَمَّدُ بنُ زَبَّانَ بنِ حَبِيْبٍ أَبُو بَكْرٍ
الحَضْرَمِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحُجَّةُ، أَبُو بَكْرٍ
الحَضْرَمِيُّ، مُحَدِّث مِصْرَ.
سَمِعَ:أَبَاهُ، وَمُحَمَّدَ بنَ رُمْحٍ، وَأَبَا
الطَّاهِرِ بنَ السَّرْحِ، وَزَكَرِيَّا بنَ يَحْيَى
كَاتِبَ العُمَرِيِّ، وَالحَارِثَ بنَ مِسْكِيْنٍ،
وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَطَاهِرُ
بنُ أَحْمَدَ الخَلاَّلُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ رَئِيْسُ المُؤَذِّنِيْنَ،
وَأَبُو عَدِيٍّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الإِمَامِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ الدِّمْيَاطِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ العَبَّاسِ الإِخْمِيْمِيُّ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:قَالَ لِي:وُلِدْتُ فِي سَنَةِ
خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) ذكر القصة ابن هشام في " السيرة " 1 / 73 72، وعنده "
سابور " بدل " أردشير " وانظر أيضا: " الروض الانف " 1 /
93 91، و" الاخبار الطوال " 49 48، و" معجم البلدان " 2 /
268.
(*) الإكمال لابن ماكولا: 4 / 115، العبر: 2 / 171،
المنتظم: 6 / 230، حسن المحاضرة: 1 / 368، شذرات الذهب: 2
/ 276
(14/519)
وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً، مُتَقَلِّلاً،
فَقِيْراً، لاَ يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً، وَكَانَ
ثِقَةً، ثَبْتاً.
تُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
291 - ابْنُ مَعْدَانَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ الفَارِسِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ
مَعْدَانَ الفَارِسِيُّ، الفَسَوِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَأَبِي عَمَّارٍ
الحُسَيْنِ بنِ حُرَيْثٍ.
وَعَنْهُ:شَيْخُ النَّحْوِ؛أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ
أَحْمَدَ الفَارِسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ السِّمْسَارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ
القَاسِمِ بنِ بِشْرٍ الفَارِسِيُّ - شَيْخٌ لاِبْنِ
بَاكُوَيْه - .
أَرَّخَ مَوْتَهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ فِي سَنَةِ
تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ
الأَوَّلِ.
مَا عَلِمتُ فِيْهِ ضَعْفاً بَعْدُ.
292 - ابْنُ المُغَلِّسِ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُغَلِّسِ البَغْدَادِيُّ،
البَزَّازُ، أَخُو جَعْفَرٍ.
سَمِعَ مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٍ،
وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَأَبِي
__________
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر التي في حوزتنا.
(* *) تاريخ بغداد: 5 / 105 104، العبر: 2 / 172، شذرات
الذهب: 2 / 277 276.
(14/520)
هَمَّامٍ الوَلِيْدِ بنِ شُجَاعٍ،
وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الفَتْحِ يُوْسُفُ القَوَّاسُ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ
شَاهِيْن، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنَ المُكْثِرِينَ عَنْ لُوَيْنٍ.
مَاتَ:فِي عَشْرِ المائَةِ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى،
سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخُوْهُ:
293 - جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُغَلِّسِ *
وَثَّقَهُ:الدَّارَقُطْنِيُّ.
سَمِعَ:حَوْثرَةَ بنَ مُحَمَّدٍ المِنْقَرِيَّ، وَأَبَا
سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَأَحْمَدَ بنَ سِنَانٍ القَطَّانَ.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ شَاهِيْن، وَأَبُو حَفْصٍ
الكِتَّانِيُّ.
مَاتَ:سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَكَانَ أَصغَرَ مِنْ
أَخِيْهِ.
وَابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ - فَقِيْهُ
الظَّاهِرِيَّةِ - سَيَأْتِي.
294 - ابْنُ وَرْدَانَ أَبُو العَبَّاسِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
دَاوُدَ المِصْرِيُّ **
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُسْنِدُ، أَبُو العَبَّاسِ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ دَاوُدَ بنِ وَرْدَانَ المِصْرِيُّ،
البَزَّازُ.
سَمِعَ:عِيْسَى بنَ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ رُمْحٍ،
وَزَكَرِيَّا كَاتِبَ العُمَرِيِّ، وَغَيْرَهَم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 211 - 212، المنتظم: 6 / 237.
(* *) العبر: 2 / 172، حسن المحاضرة: 1 / 368، شذرات
الذهب: 2 / 277.
(14/521)
أَحْمَدَ الإِخْمِيْمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
295 - زَنْجَوَيْه أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، الثِّقَةُ،
أَبُو مُحَمَّدٍ زَنْجَوَيْه بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، اللَّبَّادُ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ
الطُّوْسِيَّ، وَحُسَيْنَ بنَ عِيْسَى البِسْطَامِيَّ،
وَحُمَيْدَ بنَ الرَّبِيْعِ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْرٍ
الرَّمَادِيَّ، وَكَانَ صَاحِبَ رِحْلَةٍ وَمَعْرِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَأَبُو الفَضْلِ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ
المَخْلَدِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
296 - عَبْدُ الحَكَمِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
سَلاَّمٍ الصَّدَفِيُّ **
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو عُثْمَانَ الصَّدَفِيُّ
مَوْلاَهُمُ المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:عِيْسَى بنِ حَمَّادٍ زُغْبَةَ، وَأَبِي
الطَّاهِرِ بنِ السَّرْحِ، وَذِي النُّوْنِ المِصْرِيِّ،
وَطَائِفَةٍ.
__________
(*) الأنساب: 493 / ب.
(* *) لم نقف له على ترجمة فيما وقفنا عليه من المصادر.
(14/522)
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ يُوْنُسَ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:كَانَ صَدُوْقاً، إِلاَّ أَنَّهُ
انْقَطَعَ مِنْ أَوَائِلِ أُصُوْلِهِ شَيْءٌ، وَلَمْ
يَكُنْ مِمَّنْ يُمَيِّزُ، فَرَوَى مَا لَمْ يَسْمَعْ،
فَثَبَّتْنَاهُ، فَرَجَعَ.
وَكَانَ كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، قَالَ لِي:إِنَّهُ وُلِدَ
سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
297 - البَاشَانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عَلِيٍّ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ رَزِيْنٍ البَاشَانِيُّ،
الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ خَشْرَمٍ، وَسُفْيَانَ بنَ وَكِيْعٍ،
وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الفِرْيَانَانِيَّ،
وَغَيْرَهُم.
وَعَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي ذُهْلٍ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ القَرَّابُ، وَزَاهِرٌ
السَّرَخْسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ
المَالِيْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ وُثِّقَ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
298 - وَاعِظُ بَلْخَ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ
العَبَّاسِ البَلْخِيُّ **
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، الزَّاهِدُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ
الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
__________
(*) العبر: 2 / 186، الوافي بالوفيات: 8 / 63، شذرات
الذهب: 2 / 288.
(* *) طبقات الصوفية: 216 212، حلية الأولياء: 10 / 233
232، الرسالة القشيرية: 21، المنتظم: 6 / 240 239، صفة
الصفوة: 4 / 165، العبر: 2 / 176، الوافي بالوفيات: 4 /
322، مرآة الجنان: 2 / 278، البداية والنهاية: 11 / 167،
طبقات الأولياء: 301 300، النجوم الزاهرة: 3 / 231، شذرات
الذهب: 2 / 283 282، الرسالة المستطرفة: 21
(14/523)
مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ العَبَّاسِ
البَلْخِيُّ، الوَاعِظُ، نَزِيْلُ سَمَرْقَنْدَ وَتِلْكَ
الدِّيَارِ.
صَحِبَ:أَحْمَدَ بنَ خَضْرَوَيْه البَلْخِيَّ، وَكَانَ
آخِرَ مَنْ حَدَّثَ فِي الدُّنْيَا عَنْ قُتَيْبَةَ بنِ
سَعِيْدٍ.
قَالَ السُّلَمِيُّ (1) :حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ القَاسِمِ
الخَطَّابِيُّ الوَاعِظُ بِمَرْوَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ الفَضْلِ البَلْخِيُّ الصُّوْفِيُّ بِسَمَرْقَنْدَ،
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ.
فَذَكَرَ حَدِيْثاً (2) .
قَالَ السُّلَمِيُّ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ
الحِيْرِيَّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ الحِيْرِيَّ يَقُوْلُ:لَوْ
وَجَدْتُ مِنْ نَفْسِي قُوَّةً، لَرَحَلتُ إِلَى أَخِي
مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ، فَأَسْتَرْوِحَ بِرُؤْيَتِهِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْ هَذَا الشَّيْخِ البَلْخِيِّ:أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ
فِي(مُعْجَمِهِ)بِالإِجَازَةِ.
وَمِنْ مَشَايِخِهِ:أَبُو بِشْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَهْدِيٍّ
- صَاحِبُ ابْنِ السَّمَّاكِ الوَاعِظِ - .
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً:إِسْمَاعِيْلُ بنُ
نُجَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ
__________
(1) في " طبقات الصوفية " ص 213.
(2) وتمامه: حدثنا الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد
المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " ما من الأنبياء من نبي إلا وقد أعطي من
الآيات ما مثله آمن عليه البشر.
وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون
أكثرهم تابعا يوم القيامة ".
وإسناده صحيح، وأخرجه البخاري في صحيحه: 9 / 6 4 في أول
فضائل القرآن، من طريق عبد الله بن ويوسف، ومسلم (152) في
الايمان: باب وجوب الايمان برسالة نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم، من طريق قتيبة بن سغيد، كلاهما عن الليث به.
وأخرجه أحمد: 2 / 341 و451 من طريق يونس وحجاج عن الليث.
وقوله: " وإنما كان الذي أوتيته وحيا " أراد أن معجزتي
التي تحديث بها هي الوحي الذي
أنزل علي، وهو القرآن، وذلك لما اشتمل عليه من الاعجاز
الواضح.
وليس المراد حصر معجزاته فيه، ولا أنه لم يؤت من المعجزات
ما أوتي من تقدمه، بل المراد: أنه المعجزة العظمى المستمرة
الباقية التي اختص بها دون غيره.
(14/524)
بن عمروَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ مَكِّيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
الصَّيْدَلاَنِيُّ البَلْخِيُّ - شَيْخٌ لَقِيَهُ أَبُو
ذَرٍّ الهَرَوِيُّ - .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ (1) :سَمِعَ الكَثِيْرَ
مِنْ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيَّ
بِنَسَا أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُوْلُ:ذَهَابُ الإِسْلاَمِ
مِنْ أَرْبَعَةٍ لاَ يَعْملُوْنَ بِمَا يَعْلَمُوْنَ،
وَيَعْمَلُوْنَ بِمَا لاَ يَعْلَمُوْنَ، وَلاَ
يَتَعَلَّمُوْنَ مَا لاَ يَعلَمُوْنَ، وَيَمنَعُوْنَ
النَّاسَ مِنَ العِلْمِ.
قُلْتُ:هَذِهِ نُعُوتُ رُؤُوْسِ العَرَبِ وَالتُّركِ
وَخَلْقٍ مِنْ جَهَلَةِ العَامَّةِ، فَلَو عَمِلُوا
بِيَسِيْرِ مَا عَرَفُوا، لأَفلَحُوا، وَلَوْ وَقَفُوا
عَنِ العَمَلِ بِالبِدَعِ، لَوُفِّقُوا، وَلَوْ فَتَّشُوا
عَنْ دِيْنِهِم وَسَأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ - لاَ أَهْلَ
الحِيَلِ وَالمَكْرِ - لَسَعِدُوا، بَلْ يُعرِضُونَ عَنِ
التَّعَلُّمِ تِيْهاً وَكَسَلاً، فَوَاحِدَةٌ مِن هَذِهِ
الخِلاَلِ مُرْدِيَةٌ، فَكَيْفَ بِهَا إِذَا اجْتَمَعَتْ؟!
فَمَا ظَنُّكَ إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهَا كِبْرٌ،
وَفُجُورٌ، وَإِجرَامٌ، وَتَجَهْرُمٌ عَلَى
اللهِ؟!نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ فِي(مِحَنِ الصُّوْفِيَّةِ):لَمَّا
تَكَلَّمَ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بِبَلْخَ فِي فَهْمِ
القُرْآنِ وَأَحْوَالِ الأَئِمَّةِ، أَنكَرَ عَلَيْهِ
فُقَهَاءُ بَلْخَ، وَقَالُوا:مُبْتَدِعٌ.
وَإِنَّمَا ذَاكَ بِسَبِبِ اعْتِقَادِه مَذْهَبَ أَهْلِ
الحَدِيْثِ، فَقَالَ:لاَ أَخرُجُ حَتَّى تُخرِجُونِي،
وَتَطُوفُوا بِي فِي الأَسوَاقِ.
فَفَعلُوا بِهِ ذَلِكَ، فَقَالَ:نَزَعَ اللهُ مِنْ
قُلُوْبِكُم مَحَبَّتَهُ وَمَعْرِفَتَه.
فَقِيْلَ:لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا صُوْفِيٌّ مِنْ أَهْلِهَا.
فَأَتَى سَمَرْقَنْدَ، فَبَالَغُوا فِي إِكرَامِهِ،
وَقِيْلَ:إِنَّهُ وَعَظَ يَوْماً، فَمَاتَ فِي المَجْلِسِ
أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ.
مَاتَ:سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَرَّخَهُ:السُّلَمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
__________
(1) في " الحلية " 10 / 233 232.
(14/525)
مَنْدَةَ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ:سَنَةَ
تِسْعَ عَشْرَةَ.
299 - ابْنُ فِيْلٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ البَالِسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو
طَاهِرٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
فِيْلٍ البَالِسِيُّ، الإِمَامُ بِمَدِيْنَةِ
أَنْطَاكِيَّةَ.
ارْتَحَلَ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:أَبَا كُرَيْبٍ مُحَمَّدَ بنَ العَلاَءِ،
وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ لُوَيْناً، وَمَالِكَ بنَ
سُلَيْمَانَ الحِمْصِيَّ، وَسُفْيَانَ بنَ وَكِيْعٍ،
وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ المَكِّيَّ، وَعُقْبَةَ
بنَ مُكْرمٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى، وَكَثِيْرَ بنَ
عُبَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيَّ،
وَمُؤَمَّلَ بنَ إِهَابٍ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ
البَزِّيَّ، وَالحُسَيْنَ بنَ الحَسَنِ المَرْوَزِيَّ،
وَإِسْحَاقَ بنَ مُوْسَى الخَطْمِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
قُدَامَةَ المَصِّيْصِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ،
وَشَاكِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَصِّيْصِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَقَاضِي أَذَنَةَ؛عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ بُنْدَارٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَمَا عَلِمتُ فِيْهِ جَرْحاً، وَلَهُ جُزْءٌ مَشْهُوْرٌ،
فِيْهِ غَرَائِبُ.
مَاتَ:سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ
قَارَبَ التِّسْعِيْنَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ (1) صَاحِبَ حَدِيْثٍ أَيْضاً.
يَرْوِي عَنْ:أَبِي جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيِّ، وَأَحْمَدَ
بنِ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيِّ، وَأَبِي
__________
(*) الأنساب: 62 / ب، اللباب: 2 / 453، الرسالة المستطرفة:
89.
(1) هو أبو الحسن، أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي ثم
الانطاكي. ترجمته في " تهذيب الكمال " 1 / 15.
(14/526)
تَوْبَةَ الحَلَبِيِّ، وَالمُعَافَى بنِ
سُلَيْمَانَ الرَّسْعَنِيِّ، وَسُلَيْمَانَ ابْنَ بِنْتِ
شُرَحْبِيْلَ، وَخَلْقٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:النَّسَائِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ
الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ
الأَعْرَابِيِّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ،
وَعِدَّةٌ.
مَاتَ أَحْمَدُ:فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
ثمَّ وَجَدْتُ فِي فَوَائِدِ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ
العَتَكِيِّ الأَنطَاكِيِّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ بنُ فِيْلٍ فِي سَنَةِ
ثَلاَثِ مائَةٍ - وَكَانَ إِمَامَ جَامِعِنَا، وَتُوُفِّيَ
سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - ثُمَّ رَوَى
العَتَكِيُّ، فَقَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ فِيْلٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي، وَمُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ كَثِيْرٍ الصُّوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ بُرْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ هَاشِمٍ، وَإِسْحَاقُ
بنُ خَلْدُوْنَ بنِ مَرْثَدٍ البَالِسِيُّ.
وَقَدْ رَوَى العَتَكِيُّ أَيْضاً، عَنْ عَمِّ ابْنِ
فِيْلٍ، فَقَالَ:
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بِأَنْطَاكِيَةَ
سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ.
أَحْمَدُ ابنُ خَطِيْبِ دِمَشْقَ وَعَالِمِهَا
300 - أَبِي الوَلِيْدِ هِشَامِ بنِ عَمَّارِ بنِ نُصَيْرٍ
*
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
كَانَ آخِرَ مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى وَالِدِهِ
وَفَاةً، وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً.
رَوَى عَنْهُ:الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ عَبْدُ
الجَبَّارِ المُؤَدِّبُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَحُمَيْدُ بنُ الحَسَنِ الوَرَّاقُ، وَغَيْرُهُم.
تُوُفِّيَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ - مُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ
المُحَدِّثُ - فِي يَوْم وَاحِدٍ، يَوْمَ
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 135 / أ، تهذيب ابن عساكر: 2 /
106.
(14/527)
الخَمِيْسِ، مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ،
سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي
عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
وَمَا عَلِمتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَاكِمَ رَوَى عَنْهُ
شَيْئاً.
301 - ابْنُ ذَيَّالٍ الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مَنْصُوْرٍ الزُّبَيْدِيُّ *
هُوَ:المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، بَقِيَّةُ المَشَايِخِ،
أَبُو العَبَّاسِ الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرِ
بنِ ذيَّالٍ الزُّبَيْدِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ
حَمَّادٍ النَّرْسِيَّ، وَغَيْرَهُمَا.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو الفَتْحِ القَوَّاسُ، وَابْنُ
مَعْرُوْفٍِ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ
النَّجَّارُ، وَأَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ:هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
قُلْتُ:العَجَبُ أَنَّهُم مَا أَرَّخوا وَفَاتَه.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ القَوَّاسُ:حَدَّثَنَا الفَضْلُ
بنُ أَحْمَدَ إِمْلاَءً سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ بِحَدِيْث أَبِي
العشرَاءِ الدَّارِمِيِّ (1) ... فَذَكَرَهُ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 12 / 377، الأنساب: 241 / ب، اللباب: 1 /
537.
(1) حديث أبي العشراء الدارمي: أخرجه أبو داود (2825) في
الاضاحي: باب ما جاء في ذبيحة المتردية، والترمذي (1481)
في الاطعمة: باب ما جاء في الذكاة في الحلق واللبة، وابن
ماجه (3184) في الذبائح: باب ذكاة الناد من البهائم، من
طريق أبي العشراء، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله أما
تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة ؟ قال: " لو طعنت في
فخذها لاجزأك ".
وأبو العشراء: مجهول.
وفي " التهذيب " قال الميموني: سألت أحمد عن حديث أبي
العشراء في الذكاة، قال: ما أعرف أنه يروى عن أبي العشراء
حديث غير هذا. وقال البخاري: في حديثه، واسمه، وسماعه من
أبيه نظر.
(14/528)
302 - الخَثْعَمِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَفْصٍ *
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَفْصٍ الخَثْعَمِيُّ،
الكُوْفِيُّ، الأَشْنَانِيُّ.
قَدِمَ بَغْدَادَ.
وَحَدَّثَ عَنْ:أَبِي كُرَيْبٍ، وَعَبَّادِ بنِ يَعْقُوْبَ
الرَّوَاجنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ المُحَارِبِيِّ،
وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو
الحُسَيْنِ ابْنُ البَوَّابِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
المُظَفَّرِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَمُحَمَّدُ
بنُ جَعْفَرِ بنِ النَّجَّارِ الكُوْفِيُّ؛الَّذِي عَاشَ
إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:أَبُو جَعْفَرٍ:ثِقَةٌ،
مَأْمُوْنٌ.
قُلْتُ:وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ:الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عُفَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُسَيِّبِ
الأَرغيَانِيُّ.
303 - ابْنُ عُلَيْلٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى
الأَنْصَارِيُّ **
الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، إِمَامُ جَامِعِ دِمَشْقَ، أَبُو
هَاشِمٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى بنِ مُحَمَّدٍ
الأَنْصَارِيُّ مَوْلاَهُمُ، الدِّمَشْقِيُّ.
عُرِفَ:بِابْنِ عُلَيْلٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 235 234، الأنساب: 40 / أ، المنتظم:
6 / 215، العبر: 2 / 162، طبقات القراء للجزري: 2 / 130،
النجوم الزاهرة: 3 / 219، شذرات الذهب: 2 / 271.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 15 / 291 / ب، الوافي بالوفيات: 3
/ 208.
(14/529)
حَدَّثَ عَنْ:هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ،
وَقَاسِمِ بنِ عُثْمَانَ الجُوْعِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ:وَلَدُهُ؛إِبْرَاهِيْمُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
بنُ ذَكْوَانَ، وَأَبُو هَاشِمٍ عَبْدُ الجَبَّارِ
المُؤَدِّبُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيُّ،
وَعَبْدُ الوَهَّابِ الكِلاَبِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قِيْلَ:كَانَ يَخْضِبُ بِالحُمرَةِ.
وَقَعَ لَنَا مِنْ حَدِيْثِه.
تُوُفِّيَ:فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَاله:أَبُو سُلَيْمَانَ ابْنُ زَبْرٍ.
304 - بَدْرُ بنُ الهَيْثَمِ بنِ خَلَفٍ أَبُو القَاسِمِ
اللَّخْمِيُّ *
القَاضِي، الفَقِيْهُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو
القَاسِمِ اللَّخْمِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ:بِالكُوْفَةِ، سَنَةَ مائَتَيْنِ أَوْ بَعْدَهَا
بِعَامٍ، وَلَوْ سَمِعَ كَمَا يَنْبَغِي، لأَخَذَ عَنْ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي نُعَيْمٍ،
وَالكِبَارِ، وَلَكِنَّهُ سَمِعَ فِي الكُهُوْلَةِ
مِنْ:أَبِي كُرَيْبٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ،
وَهَارُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ، وَهِشَامِ بنِ يُوْنُسَ،
وَعَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ الأَوْدِيِّ، وَغَيْر وَاحِدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَمْرٍو بنُ حَيُّوْيَه، وَعُمَرُ
بنُ شَاهِيْن، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَعِيْسَى
بنُ الوَزِيْرِ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:بَلَغَ مائَةً وَسَبْعَ عَشْرَةَ
سَنَةً. قَالَ:وَكَانَ ثِقَةً، نَبِيْلاً،
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 108 107، المنتظم: 6 / 226، العبر: 2
/ 169، الوافي بالوفيات: 10 / 94، البداية والنهاية: 11 /
163.
(14/530)
أَدرَكَ أَبَا نُعَيْمٍ.
قَالَ:وَدَخَلَ عَلَى الوَزِيْرِ عَلِيِّ بنِ عِيْسَى،
فَقَالَ لَهُ:كَمْ سِنُّ القَاضِي؟
قَالَ:مَا أَدْرِي، لَكِنْ ظَهَرَ بِالكُوْفَةِ
أُعجُوْبَةٌ، فَرَكِبْتُ مَعَ أَبِي سَنَةَ خَمْسَ
عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
رَوَاهَا بَعْضُهُم، فَزَادَ:وَرَكِبْتُ مَعَ أَبِي إِلَى
عَامِلِ المَأْمُوْنِ، وَرَكِبْتُ الآنَ إِلَى حَضْرَةِ
الوَزِيْرِ، وَبَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ مائَةَ سَنَةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْن:بَلَغَ مائَةً وَسِتَّ
عَشْرَةَ سَنَةً.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ:أَخْبَرَنَا الفَتْحُ
بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي
شَرِيْكٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا
عِيْسَى بنُ الوَزِيْرِ، أَخْبَرَنَا بَدْرُ بنُ
الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ
الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا المُغِيْرَةُ بنُ جَمِيْلٍ
الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي؛ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(الوَلاَءُ لَيْسَ بِمُتَحَوِّلٍ وَلاَ بِمُنْتَقِلٍ
(1)).
قَالَ العُقَيْلِيُّ (2) :المُغِيْرَةُ:مُنْكَرُ
الحَدِيْثِ.
ثُمَّ سَاق لَهُ هَذَا عَنْ شَيْخٍ، عَنِ الأَشَجِّ.
305 - المِيْرَمَاهَانِيُّ أَبُو يَزِيْدَ مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى بنِ خَالِدٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ.
سَمِعَ مِنْ:إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه(تَفْسِيْرَهُ).
وَمِنْ:مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ ابْنِ أَبِي
رِزْمَةَ، وَعَلِيِّ بنِ حُجْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ
الرَّازِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) في " الضعفاء ": " ليس يتحول ولا ينتقل ".
(2) في " الضعفاء " ص 413 في ترجمة المغيرة بن جميل.
(*) الأنساب: 548 / أ، اللباب: 3 / 282.
(14/531)
رَافِعٍ، وَمَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَن،
وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ
الحَدَّادِيُّ، المَرْوَزِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَحَدَّثَ بِنَيْسَابُوْرَ وَبِمَرْوَ.
وَتُوُفِّيَ:فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَاسْمُهُ:أَبُو يَزِيْدَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ
خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مَتَّى الخَالديُّ،
المَرْوَزِيُّ، المِيْرمَاهَانِيُّ.
قِيْلَ:إِنَّهُ عَاشَ سِتّاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
يَقَعُ حَدِيْثُه فِي تَآلِيْفِ مُحْيِيِ السُّنَّةِ
البَغَوِيِّ.
سَمِيُّهُ:مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ خَالِدِ بنِ
مِهْرَانَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، هُوَ:ابْنُ أُخْتِ
سَلَمَةَ بنِ شَبِيْبٍ.
يَرْوِي عَنْ:إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ
رَافِعٍ أَيْضاً.
حَدَّثَ:فِي حُدُوْدِ سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
306 - المُنْكَدِرِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ البَارِعُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 115، الأنساب: 543 / ب، تاريخ
ابن عساكر: 2 / 102 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن
عبد الهادي: الورقة 135 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 794 793،
العبر: 2 / 159، ميزان الاعتدال: 1 / 147، لسان الميزان: 1
/ 288 287، النجوم الزاهرة: 3 / 216، طبقات الحفاظ: 332،
شذرات الذهب: 2 / 269 268، تهذيب ابن عساكر: 2 / 70.
(14/532)
الرَّحْمَنِ بنِ عُمَرَ ابْنِ الإِمَامِ
القُدْوَةِ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ القُرَشِيُّ،
التَّيْمِيُّ، المَدَنِيُّ، المُنْكَدِرِيُّ، نَزِيْلُ
خُرَاسَانَ.
سَمِعَ:عَبْدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ - وَهُوَ أَقدَمُ
شَيْخٍ عِنْدَهُ - وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَهَارُوْنَ بنَ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ
حَرْبٍ، وَأَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، وَخَلْقاً
كَثِيْراً مِنْ طَبَقَتِهِم مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَانَ بنِ
عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْعٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ المُطَّوِّعِيُّ البُخَارِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مَأْمُوْنٍ المَرْوَزِيُّ، الحَافِظُ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَابْنُهُ عَبْدُ الوَاحِدِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ شَاه.
وَلَهُ رِحْلَةٌ وَاسِعَةٌ وَجَوَلاَنُ فِي شَبَابِهِ
وَشَيْخُوخَتِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ:لَهُ أَفْرَادٌ وَعَجَائِبُ.
قُلْتُ:وَهُوَ فِي(تَارِيْخِ دِمَشْقَ)؛لأَنَّهُ سَمِعَ
فِي بَيْرُوْتَ مِنَ العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ، وَقَدْ
سَمِعَ فِي شِيْرَازَ مِنْ:إِسْحَاقَ بنِ شَاذَانَ.
وَسَكَنَ البَصْرَةَ مُدَّةً، ثُمَّ أَصْبَهَانَ، ثُمَّ
الرَّيَّ، ثُمَّ نَيْسَابُوْرَ.
وَمَاتَ:بِمَرْوَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
307 - الكَتَّانِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ جَعْفَرٍ *
القُدْوَةُ، العَارِفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ جَعْفَرٍ
البَغْدَادِيُّ، الكَتَّانِيُّ.
__________
(*) طبقات الصوفية: 377 373، حلية الأولياء: 10 / 358 357،
تاريخ بغداد: 3 / 76 74، الرسالة القشيرية: 27 26،
الأنساب: 475 / أ، صفة الصفوة: 2 / 257، =
(14/533)
حَكَى عَنْ:أَبِي سَعِيْدٍ الخَرَّازِ،
وَإِبْرَاهِيْمَ الخَوَّاصِ.
حَكَى عَنْهُ:جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ التَّكْرِيْتِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَصْرِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَمَاتَ مُجَاوِراً بِمَكَّةَ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ، قَالَ:مَنْ يَدْخُلْ فِي هَذِهِ
المفَازَةِ يَحْتَاجَ إِلَى أَرْبَعٍ:حَالٍ تَحْمِيْهِ،
وَعِلْمٍ يَسُوْسُهُ، وَوِرَعٍ يَحْجُزُهُ، وَذِكْرٍ
يُؤنِسُهُ.
وَقَالَ:التَّصَوُّفُ خُلقٌ، فَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي
الخُلقِ، زَادَ عَلَيْكَ فِي التَّصَوُّفِ.
وَعَنْهُ، قَالَ:مِنْ حُكمِ المُرِيدِ أَنْ يَكُوْنَ
نَومُهُ غَلَبَةً، وَأَكْلُهُ فَاقَةً، وَكَلاَمُهُ
ضَرُوْرَةً.
قُلْتُ:نَعَمْ لِلصَّادِقِ أَنْ يُقِلَّ مِنَ الكَلاَمِ
وَالأَكلِ وَالنَّومِ وَالمُخَالَطَةِ، وَأَنَّ يُكثِرَ
مِنَ الأَورَادِ وَالتَّوَاضُعِ، وَذِكْرَ المَوْتِ،
وَقَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ (1) .
__________
= العبر: 2 / 195 194، الوافي بالوفيات: 4 / 112 111،
طبقات الأولياء: 148 144، النجوم الزاهرة: 3 / 248، شذرات
الذهب: 2 / 296.
(1) أخرج البخاري: 11 / 159 في الدعوات: باب الدعاء إذا
علا عقبة، و11 / 180: باب قول لا حول ولا قوة إلا بالله،
و11 / 438 437 في القدر، من طريقين عن أبي عثمان النهدي،
عن أبي موسى الأشعري قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في غزاة، فجعلنا لا نصعد شرفا، ولا نعلو شرفا، ولا
نهبط في واد، إلا رفعنا أصواتنا في التكبير.
قال: فدنا منا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أيها
الناس ! اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا،
إنما تدعون سميعا بصيرا ".
ثم قال: " يا عبد الله بن قيس ! ألا أعلمك كلمة هي كنز من
كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله ". =
(14/534)
يُقَالُ:خَتَمَ الكَتَّانِيُّ فِي
الطَّوَافِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ خَتْمَةٍ، وَكَانَ مِنَ
الأَوْلِيَاءِ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
وَيُقَالُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
308 - أَبُو عَلِيٍّ الرُّوْذبَارِيُّ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ *
شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ.
قِيْلَ:اسْمُهُ:أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ
مَنْصُوْرٍ.
وَقِيْلَ:اسْمُهُ حَسَنُ بنُ هَارُوْنَ.
سَكَنَ مِصْرَ، صَحِبَ:الجُنَيْدَ، وَأَبَا الحُسَيْنِ
النُّوْرِيَّ، وَأَبَا حَمْزَةَ البَغْدَادِيَّ، وَابْنَ
الجَلاَّءِ.
وَحَدَّثَ عَنْ:مَسْعُوْدٍ الرَّمْلِيِّ، وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ:أُسْتَاذِي فِي الفِقْهِ:ابْنُ سُرَيْجٍ، وَفِي
الأَدَبِ:ثَعْلَبٌ، وَفِي الحَدِيْثِ:إِبْرَاهِيْمُ
الحَرْبِيُّ.
وَعَنِ الجِعَابِيِّ، قَالَ:رَحَلَتُ إِلَى عَبْدَانَ،
فَأَتَيتُ مَسْجِدَه، فَوَجَدْتُ شَيْخاً، فَكَلَّمتُهُ،
فَذَاكَرَنِي بِأَكْثَرَ مِنْ مائَتَي حَدِيْثٍ فِي
الأَبْوَابِ، وَكُنْتُ قَدْ
__________
= وأخرج الحاكم في (مستدركه " من حديث أبي هريرة بسند قوي:
" إذا قال العبد: لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله:
أسلم عبدي واستسلم ".
وفي رواية له: " قال لي: يا أبا هريرة ! ألا أدلك على كنز
من كنوز الجنة ؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال: " تقول: لا
حول ولا قوة إلا بالله. فيقول الله: أسلم عبدي واستسلم ".
(*) طبقات الصوفية: 360 354، حلية الأولياء: 10 / 357 356،
تاريخ بغداد: 1 / 333 329، الرسالة القشيرية: 26، الأنساب:
266 / ب، المنتظم: 6 / 272، صفة الصفوة: 2 / 455 454،
العبر: 2 / 195، دول الإسلام: 1 / 198، البداية والنهاية:
11 / 181 180، طبقات الأولياء: 53 50، النجوم الزاهرة: 3 /
248، حسن المحاضرة: 1 / 401 400، شذرات الذهب: 2 / 297
296.
(14/535)
سُلِبْتُ فِي الطَّرِيْقِ، فَأَعطَانِي مَا
عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَبْدَانُ المَسْجَدَ،
اعْتَنَقَهُ، وَبَشَّ بِهِ، فَقُلْتُ لَهُم:مَنْ هَذَا؟
قَالُوا:هَذَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوْذَبَارِيُّ.
قِيْلَ:سُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ عَمَّنْ يَسْمَعُ المَلاَهِي
وَيَقُوْلُ:هِيَ حَلاَلٌ لِي؛لأَنِّي قَدْ وَصَلتُ إِلَى
رُتْبَةٍ لاَ يُؤَثِّرُ فِيْهِ اخْتِلاَفُ الأَحْوَالِ؟
فَقَالَ:نَعَمْ، قَدْ وَصَلَ، وَلَكِنْ إِلَى سَقَرَ (1) .
وَقَالَ:أَنْفَعُ اليَقِيْنِ مَا عَظَّمَ الحَقَّ فِي
عَيْنِكَ، وَصَغَّرَ مَا دُوْنَهُ عِنْدَكَ، وَثَبَّتَ
الرَّجَاءَ وَالخَوْفَ فِي قَلْبِكَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الكَاتِبُ:مَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَجْمَعَ لِعِلْمِ الشَّرِيعَةِ وَالحَقِيْقَةِ مِنْ أَبِي
عَلِيٍّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَطَاءٍ الرُّوْذبَارِيُّ:كَانَ خَالِي
أَبُو عَلِيٍّ يُفْتِي بِالحَدِيْثِ.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخَذَ عَنْهُ:ابْنُ أُخْتِهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الوَجِيْهِيُّ،
وَمَعْرُوْفٌ الزَّنْجَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
309 - ابْنُ حَرْبُوَيْه عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ
حَرْبٍ البَغْدَادِيُّ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الثَّبْتُ، قَاضِي
القُضَاة، أَبُو عُبَيْدٍ
__________
(1) الخبر في " الحلية " 10 / 356.
(*) الولاة والقضاة: 523، تاريخ بغداد: 11 / 398 395،
طبقات الشيرازي: 110، الأنساب: 161 / ب، المنتظم: 6 / 239
238، تهذيب الأسماء واللغات: 2 / 259 258، العبر، 2 / 176،
دول الإسلام: 1 / 193، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 455
446، طبقات الاسنوي: 1 / 397، البداية والنهاية: 11 / 167،
تهذيب التهذيب: 7 / 304 303، رفع الإصر: 2 / 389، النجوم
الزاهرة: 3 / 231، حسن المحاضرة: 1 / 312، و2 / 145، طبقات
ابن هداية الله: 54 53، شذرات الذهب: 2 / 282 281.
(14/536)
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَرْبِ بنِ
عِيْسَى البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ المِقْدَامِ، وَالحَسَنَ بنَ
عَرَفَةَ، وَزَيْدَ بنَ أَخْزَمَ، وَيُوْسُفَ بنَ مُوْسَى
القَطَّانَ، وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيَّ،
وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو حَفْصٍ ابْن شَاهِيْن،
وَعِدَّةٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ:ذَكَرتُ ابْنَ
حَرْبُوَيْه لِلدَّارَقُطْنِيِّ، فَذَكَرَ مِنْ
جَلاَلَتِهِ وَفَضْلِهِ، وَقَالَ:حَدَّثَ عَنْهُ
النَّسَائِيُّ فِي(الصَّحِيْحِ)، ثُمَّ قَالَ:
لَمْ يَحْصَلْ لِي عَنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ مَاتَ
بَعْدَ أَنْ كَتَبتُ الحَدِيْثَ بِخَمْسِ سِنِيْنَ (1) .
قُلْتُ:وَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ، فَقَدِمَهَا سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ.
قَالَ ابْنُ زُوْلاَقَ:كَانَ عَالِماً بِالاخْتِلاَفِ،
وَالمَعَانِي، وَالقِيَاسِ، عَارِفاً بِعِلْمِ القُرْآنِ
وَالحَدِيْثِ، فَصِيْحاً، عَاقِلاً، عَفِيْفاً، قَوَّالاً
بِالْحَقِّ، سَمْحاً، مُتَعَصِّباً، كَانَ أَمِيْرُ مِصْرَ
تكِيْنُ (2) يَأْتِي مَجْلِسَه، وَلاَ يَدَعُهُ أَنْ
يَقُوْمَ لَهُ، فَإِذَا جَاءَ هُوَ إِلَى مَجْلِسِ
تِكِيْنُ، مَشَى لَهُ وَتَلَقَّاهُ.
وَلَمْ يَكُنْ فِي زِيِّهِ وَلاَ مَنْظَرِه بِذَاكَ،
وَكَانَ بِوَجْهِهِ جُدَرِيٌّ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنْ
فُحُوْلِ العُلَمَاءِ.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ بنُ الحَدَّادِ:سَمِعْتُ
أَبَا عُبَيْدٍ القَاضِي يَقُوْلُ:
مَا لِيَ وَلِلْقَضَاءِ!لَوِ اقتَصَرتُ عَلَى الوِرَاقَةِ،
مَا كَانَ خَطِّي بِالرَّدِيْءِ.
وَكَانَ رِزقُهُ فِي الشَّهْرِ مائَةًَ وَعِشْرِيْنَ
دِيْنَاراً.
قَالَ ابْنُ زُوْلاَقَ:قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاضِي:مَا
يُقَلِّدُ إِلاَّ عَصَبِيٌّ أَوْ
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 11 / 387، وما بين حاصرتين
منه.
(2) انظر ترجمته في الصفحة (223) من هذا الجزء.
(14/537)
غَبِيٌّ. قَالَ:فَجَمَعَ أَحْكَامَه
بِمِصْرَ بِمَا اختَارَه، وَكَانَ أَوَّلاً يَذْهَبُ إِلَى
قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ.
وَكَانَ يُوَرِّثُ ذَوِي الأَرْحَامِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ
وَاسِطَ أَوَّلاً. إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَبُو عُبَيْدٍ
آخِرُ قَاضٍ، رَكِبَ إِلَيْهِ الأُمَرَاءُ بِمِصْرَ،
وَقَدْ تَسَرَّى بِمِصْرَ بِجَارِيَةٍ، فَتَجَنَّتْ
عَلَيْهِ، وَطَلَبَتِ البَيْعَ، وَكَانَ بِهِ فَتْقٌ.
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ زُوْلاَقَ عِدَّةَ حِكَايَاتٍ تَدُلُّ
عَلَى وَقَارِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَرَزَانَتِهِ، وَوَرَعِهِ
التَّامِّ، وَسَعَةِ عِلْمِهِ.
قَالَ:وَحَدَّثَ عَنْهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثِ مائَةٍ
النَّسَائِيُّ.
قَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّيْنِ النَّوَاوِيُّ (1)
:كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الوُجُوْهِ، تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ
فِي(المُهَذَّبِ)، وَ(الرَّوْضَةِ).
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:هُوَ قَاضِي مِصْرَ،
أَقَامَ بِهَا طَوِيْلاً، كَانَ شَيْئاً عَجَباً، مَا
رَأَينَا مِثلَهُ، لاَ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ، وَكَانَ
يَتَفَقَّهُ لأَبِي ثَوْرٍ، وَعُزِلَ عَنِ القَضَاءِ
سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ؛لأَنَّه كَتَبَ يَسْتَعفِي مِنَ
القَضَاءِ، وَوَجَّهَ رَسُوْلاً إِلَى بَغْدَادَ يَسْأَلُ
فِي عَزْلِهِ، وَأَغْلَقَ بَابَهُ، وَامْتَنَعَ مِنَ
الحُكْمِ، فَأُعفِيَ، فَحَدَّثَ حِيْنَ جَاءَ عَزْلُه،
وَأَملَى مَجَالِسَ، وَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ.
وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً.
حَدَّثَ عَنْ:زَيْدِ بنِ أَخْزَمَ، وَأَحْمَدَ بنِ
المِقْدَامِ، وَطَبَقَتِهِمَا.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :تُوُفِّيَ ابْنُ حَرْبُوَيْه فِي
صَفَرٍ، سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو سَعِيْدٍ الإصْطَخْرِيُّ.
310 - الشَّهِيْدُ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، المُجَوِّدُ، أَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
__________
(1) في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 258.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 398.
(*) الأنساب: 119 / أ، تذكرة الحفاظ: 3 / 835 834، العبر:
2 / 169، الوافي بالوفيات: 2 / 37، طبقات الحفاظ: 347،
شذرات الذهب: 2 / 275.
(14/538)
الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَمَّارِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَازِمِ بنِ المُعَلَّى بنِ
الجَارُوْدِ الجَارُوْدِيُّ، الهَرَوِيُّ، الشَّهِيْدُ.
سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ نَجْدَةَ بنِ العُرْيَانِ،
وَالحُسَيْنَ بنَ إِدْرِيْسَ، وَمُعَاذَ بنَ المُثَنَّى،
وَأَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مِلْحَانَ، وَمُحَمَّدَ
بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيَّ،
وَأَقرَانَهُم بِخُرَاسَانَ وَبَالعِرَاقِ.
وَهُوَ مِنْ أَقرَانِ الطَّبَرَانِيِّ، وَابْنِ عَدِيٍّ،
وَإِنَّمَا كُتِبَ هُنَا لِقِدَمِ وَفَاتِهِ، فَافْهَمْ
ذَلِكَ، وَلَوْ أَنَّنِي أَخَّرْتُهُ إِلَى عَصْرِ
أَقرَانِهِ، لَسَاغَ أَيْضاً.
وَقَدْ سَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ مِنْ:أَبِي العَبَّاسِ
الثَّقَفِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَأَبُو
الحُسَيْنِ الحَجَّاجِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ -
حُفَّاظُ نَيْسَابُوْرَ - وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
حَمَّادٍ الكُوْفِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ
المُظَفَّرِ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ بُكَيْرَ بنَ أَحْمَدَ
الحَدَّادَ بِمَكَّةَ يَقُوْلُ:
كَأَنِّيْ أَنظُرُ إِلَى الحَافِظِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
الحُسَيْنِ وَقَدْ أَخَذَتْهُ السُّيُوفُ، وَهُوَ
مُتَعَلِّقٌ بِيَدَيْهِ جَمِيْعاً بِحَلْقَتِي البَابِ،
حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهُ عَلَى عَتَبَةِ الكَعْبَةِ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
هَكَذَا قَالَ، فَوَهِمَ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ سَنَةَ
سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي ذِي الحِجَّةِ،
عَامَ اقتُلِعَ الحَجَرُ الأَسْوَدُ، وَرُدِمَ بِئرُ
زَمْزَمَ بِالقَتْلَى عَلَى يَدِ القَرَامِطَةِ (1) .
وَقُتِلَ مَعَهُ:أَخُوْهُ؛المُحَدِّثُ أَبُو نَصْرٍ
أَحْمَدُ، وَقَدْ سَمِعا مِنْ جَدِّهِمَا لِلأُمِّ؛أَبِي
سَعْدٍ يَحْيَى بنِ مَنْصُوْرٍ الزَّاهِدِ الهَرَوِيِّ.
__________
(1) انظر تفصيل هذه الاحداث في " الكامل في التاريخ " 8 /
208 207، و" المنتظم " 6 / 224 222، و" العبر " 2 / 168
167، و" البداية والنهاية " 11 / 162 160.
(14/539)
وَقَدْ خَرَّجَ الحَافِظُ أَبُو
الفَضْلِ(صَحِيْحاً)عَلَى رَسْمِ(صَحِيْحِ مُسْلِمٍ)،
وَرَأَيْت لَهُ جُزءاً مُفِيْداً، فِيْهِ بِضْعَةٌ
وَثَلاَثُوْنَ حَدِيْثاً مِنَ الأَحَادِيْثِ الَّتِي
بَيَّنَ عِلَلَهَا فِي(صَحِيْحِ مُسْلِمٍ).
وَأَقدَمُ شَيْخٍ لَقِيَهُ:عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ
الدَّارِمِيُّ الحَافِظُ.
وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ
اللهُ - وَلِهَذَا لَمْ يَشْتَهِرْ حَدِيْثُه.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ
فِي(كِتَابِهِ)، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُصِيَّةَ،
وَزَكَرِيَّا العُلَبِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
صيلاَءَ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا
الحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُمَرَ بنِ حَفْصوَيْه، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ
الشَّهِيْدُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عُمَرَ الوَكِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ
اللاَّحِقِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَقُوْلُ:(ذَرُوْنِي مَا تَرَكْتُكُم) (1) .
__________
(1) أخرجه مسلم (1337) في الحج: باب فرض الحج مرة في
العمر، من حديث زهير بن حرب، عن يزيد بن هارون.
وأخرجه النسائي: 5 / 110 في أول الحج، من طريق
محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، عن أبي هشام المغيرة
بن سلمة، كلاهما عن الربيع ابن مسلم، حدثنا محمد بن زياد،
عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: " أيها الناس ! قد فرض الله عليكم الحج فحجوا " فقال
رجل: أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت، حتى قالها ثلاثا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو قلت نعم، لوجبت
ولما استطعتم ".
ثم قال: " ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة
سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا
منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ".
وأخرجه البخاري: 13 / 220 219 في الاعتصام، ومسلم (131) في
الفضائل باب توقيره صلى الله عليه وسلم من طريق أبي
الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " دعوني ما تركتكم، فإنما اهلك من كان قبلكم
سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء
فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ".
(14/540)
311 - الجَوْهَرِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَعْمَرِ بنِ حَبِيْبٍ
السَّامَرِّيُّ، الجَوْهَرِيُّ.
رَوَى عَنْ:عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَالرَّبِيْعِ بنِ
سُلَيْمَانَ.
وَثَّقَهُ:ابْنُ يُوْنُسَ.
رَوَى عَنْهُ:الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ المُقْرِئِ،
وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، مِنْ
أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ.
نَابَ فِي القَضَاءِ بِمِصْرَ، بَلِ اسْتَقَلَّ بِهِ،
وَكَانَ الَّذِي اسْتَنَابَهُ مُقِيماً بِبَغْدَادَ،
وَهُوَ هَارُوْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَمَّادٍ.
قَالَ ابْنُ زُولاَقَ:كَانَ فَقِيْهاً، حَاسِباً،
خَبِيْراً، عَاقِلاً، لَهُ حَلْقَةٌ، وَكَانَ يَتَأَدَّبُ
مَعَ الطَّحَاوِيُّ، وَيَقُوْلُ:هُوَ أَسَنُّ مِنِّي،
وَالقَضَاءُ أَقَلُّ مِنْ أَنْ أَفْخَرَ بِهِ.
ثُمَّ عُزِلَ بَعْدَ سَنَةٍ وَشَهْرَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ:عَلِيٍّ بِخَمْسِيْنَ جُزْءاً، وَعَنِ
الرَّبِيْعِ بِأَكْثَرِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ.
مَاتَ:فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ مِنَ العَامِ.
312 - أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ
مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الثِّقَةُ، أَبُو
نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) حسن المحاضرة: 2 / 145.
(* *) تاريخ جرجان: 236 235، طبقات العبادي: 55، تاريخ
بغداد: 10 / 429 428، طبقات الشيرازي: 105 104، الأنساب:
30 / أ، المنتظم: =
(14/541)
عَدِيٍّ الجُرْجَانِيُّ،
الأَسْتَرَابَاذِيُّ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ.
قَالَ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ:وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ:وَكَانَ مُقَدَّماً فِي الفِقْهِ وَالحَدِيْثِ،
وَكَانَتِ الرِّحلَةُ إِلَيْهِ.
قُلْتُ:سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ حَرْبٍ الطَّائِيَّ، وَالحَسَنَ
بنَ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيَّ، وَعُمَرَ بنَ شَبَّةَ
النُّمَيْرِيَّ، وَالرَّبِيْعَ المُرَادِيَّ، وَمُحَمَّدَ
بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَالعَبَّاسَ بنَ
الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ عُثْمَانَ
النُّفَيْلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى
الدَّامَغَانِيَّ، وَأَبَا عُتْبَةَ أَحْمَدَ بنَ الفَرَجِ
الحِجَازِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيَّ،
وَسُلَيْمَانَ بنَ سَيْفٍ، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ
الصَّمَدِ، وَيُوْسُفَ بنَ مُسْلِمٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ الطَّلَقِيَّ، وَعَمَّارَ بنَ رَجَاءَ،
وَخَلْقاً كَثِيْراً بِخُرَاسَانَ، وَالعِرَاقِ،
وَالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَالجَزِيْرَةِ.
وَلَقِيَ بِمَكَّةَ:أَبَا يَحْيَى بنَ أَبِي مَسَرَّةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِدٍ، وَالحَافِظُ
أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبُو
بَكْرٍ الجَوْزَقِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ المَخْلَدِيُّ،
وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مِهْرَانَ المُقْرِئُ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ:هُوَ الفَقِيْهُ الحَافِظُ
لِلْمَسَانِيْدِ وَالفِقْهِيَّاتِ عَنِ الصَّحَابَةِ
وَالتَّابِعِيْنَ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ
المُسْلِمِيْنَ، وَمِنِ الحُفَّاظِ لِشَرَائِعِ
__________
= 6 / 245، معجم البلدان: 1 / 175، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 140 / 1، تذكرة الحفاظ: 3
/ 818 816، العبر: 2 / 199 198، مرآة الجنان: 2 / 287،
طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 337 335، طبقات الاسنوي: 1 /
71 70، البداية والنهاية: 11 / 183، النجوم الزاهرة: 3 /
251، طبقات الحفاظ: 341 340، شذرات الذهب: 2 / 299،
الرسالة المستطرفة: 144.
(14/542)
الدِّيْنِ، مَعَ صِدقٍ وَتَوَرُّعٍ،
وَضَبْطٍ وَتَيَقُّظٍ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ أَبَا الوَلِيْدِ
يَقُوْلُ:
لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِنَا أَحَدٌ مِنَ الفُقَهَاءِ
أَحفَظَ لِلْفِقْهِيَّاتِ وَأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ
بِخُرَاسَانَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ الجُرْجَانِيِّ،
وَبَالعِرَاقِ مِنْ أَبِي زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ الجُرْجَانِيُّ أَحَدَ الأَئِمَّةِ،
مَا رَأَيْتُ بِخُرَاسَانَ بَعْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ
مِثْلَهُ - أَوَ قَالَ:أَفْضَلَ مِنْهُ - كَانَ يَحْفَظُ
المَوقُوَفَاتِ وَالمَرَاسِيلَ كَمَا نَحفَظُ نَحْنُ
المَسَانِيدَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الجُرْجَانِيُّ:قَدْ تَوَاتَرَتِ
الأَخْبَارُ فِي عَدَدِ التَّكبِيْرِ عَلَى الجَنَائِزِ
أَرْبَعاً، وَأَشهَرُهَا وَأَصحُّهَا:حَدِيْثُ
الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ (1) ، إِلاَّ أَنَّهُ فِي التَّكْبِيْرِ عَلَى
الغَائِبِ.
__________
(1) أخرجه البخاري: 3 / 163 في الجنائز: باب التكبير على
الجنازة أربعا، وباب الرجل ينعى إلى الميت نفسه، وباب
الصفوف على الجنازة، وباب الصلاة على الجنازة بالمصلى
والمسجد، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب
موت النجاشي، وأخرجه مسلم (921) في الجنائز: باب في
التكبير على الجنازة، ومالك: 1 / 226 في الجنائز: باب
التكبير على الجنائز، وأبو داود (3204) وابن ماجة (1534)
والطيالسي (2300) وأحمد: 2 / 241 و280، و289 و348 و439
و479 و529، والبيهقي: 4 / 49.
(2) لكن ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كبر أربعا على
الميت الحاضر في غير ما حديث، فقد رو مسلم (954) في
الجنائز، من حديث ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم صلى على قبر بعد ما دفن، فكبر عليه أربعا " وأخرج
النسائي: 4 / 84، وابن ماجه (1528) كلاهما في الجنائز: باب
ما جاء في الصلاة على القبر، عن يزيد بن ثابت وكان أكبر من
زيد قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ورد
البقيع، فإذا هو بقبر جديد، فسأل عنه، فقالوا: فلانة قال:
فعرفها: وقال: " ألا آذنتموني بها ؟ ! " قالوا: كنت قائلا
صائما، فكرهنا أن نؤذيك، قال: " فلا تفعلوا، لا أعرفن ما
مات منكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به، فإن
صلاتي عليه له رحمة " ثم أتى القبر، فصففنا خلفه، فكبر
عليها أربعا.
وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (759).
وأخرج البيهقي بسند صحيح: 4 / 48، والنسائي: 4 / 69 عن أبي
أمامة بن سهل بن =
(14/543)
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الطَّلَقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ
الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يُوْسُفَ القَاضِي، عَنْ
عَطَاءِ بنِ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي
سَعِيْدٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- كَبَّرَ عَلَى ابْنِهِ أَرْبَعاً (1) .
قَالَ:وَتَوَاتَرَتِ الأَخْبَارُ عَلَى شِدَّةِ حُزْنِهِ
عَلَيْهِ - يَعْنِي:ابْنَهُ - وَأَنَّهُ مَشَى خَلفَ
جَنَازَتِهِ حَافِياً، وَأَنَّهُ أَخَذَ عَنْ جِبْرِيْلَ،
عَنِ اللهِ - تَعَالَى - :(أَنَّ لَهُ فِي الجَنَّةِ
مُرْضِعاً تُتِمُّ رَضَاعَهُ) (2) .
__________
= حنيف، أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبره..وفيه: فانطلقوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى قاموا على قبرها، فصفوا وراء رسول الله صلى الله عليه
وسلم كما يصف للصلاة على الجنائز، فصلى عليها رسول الله
صلى الله عليه وسلم وكبر أربعا، كما يكبر على الجنائز.
وأخرج النسائي: 4 / 75 في الجنائز: باب الدعاء، من طريق
قتيبة، عن الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل
بن حنيف أنه قال: " السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ
في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة، ثم يكبر ثلاثا،
والتسلم عند الآخرة ".
وإسناده صحيح، وصححه النووي، والحافظ في " الفتح " 3 /
164.
وأخرج البيهقي: 4 / 35 بسند صحيح.
عن عبد الله بن أبي أوفى..وفيه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان يكبر أربعا.
(1) عطاء بن عجلان: هو الحنفي أبو محمد البصري العطار.
قال المؤلف في " ميزانه " 3 / 75: " قال ابن معين: ليس
بشيء، كذاب.
وقال مرة: كان يوضع له الحديث، فيحدث به.
وقال الفلاس: كذاب.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال أبو حاتم والنسائي: متروك.
وقال الدارقطني: ضعيف، لا يعتبر به، وقال مرة: متروك.
والحديث رواه البزار في " مسنده " (816) من طريق عبد
الرحمن بن مالك بن مغول، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي
سعيد.
وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 3 / 35، وقال: " رواه
البزار والطبراني في الأوسط، وفيه عبد الرحمن بن مالك بن
مغول، وهو متروك ".
وأخرج أبو داود (3187) في الجنائز: باب في الصلاة على
الطفل، وأحمد 6 / 267، من طريق ابن إسحاق، حدثني عبد الله
بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة قالت: " مات
إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر
شهرا، فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وسنده
حسن كما قال الحافظ في " الإصابة " 1 / 93.
وروى الامام أحمد: 3 / 281 بإسناد صحيح، عن أنس بن مالك،
أنه سئل: صلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم ؟ قال: لا
أدري.
(2) أخرج أحمد في " مسنده " 4 / 284 و288 و297 و300 و302
و304، =
(14/544)
وَحَدَّثَنَا أَبُو مَعِيْنٍ الحُسَيْنُ
بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
مَرْيَمَ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَذْكُرُوْنَ
أَحَادِيْثَ لاَ يَأْخُذُ بِهَا أَهْلُ المَدِيْنَةِ،
فَقَالَ مَالِكٌ:مَاذَا عِنْدَ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ
الأَحَادِيْثِ؟
ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ:وَدِدْتُ بِأَنِّي أُضربُ بِكُلِّ
حَدِيْثٍ حَدَّثتُ بِهِ - مِمَّا لاَ يُؤْخَذُ بِهِ -
سَوْطاً، وَأَنِّي لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:تُوُفِّيَ أَبُو نُعَيْمٍ
بِأَسْتَرَابَاذَ، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
شُعَيْبٍ الأَسْتَرَابَاذِيَّ يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ أَبُو نُعَيْمٍ بَعْدَ مُنصَرَفِهِ مِنْ
بُخَارَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَحْمَدَ
الجُرْجَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، سَمِعْتُ
عَمَّارَ بنَ رَجَاءَ، سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ
يَقُوْلُ - وَسُئِلَ عَنْ حَدِيْثٍ - فَقَالَ:إِنَّا
وَاسِطِيُّونَ.
يَعْنِي:تَغَافَلْ كَأَنَّكَ وَاسِطِيٌّ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ أَبِي
اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
السَّلاَمِ، حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ:
وَمِنْهُم:أَبُو نُعَيْمٍ الأَسْتَرَابَاذِيُّ صَاحِبُ
الرَّبِيْعِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ،
أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَدِيْبُ،
__________
= والبخاري: 3 / 194 في الجنائز: باب ما قيل في أولاد
المسلمين، و10 / 477 في الأدب: باب من سمي بأسماء
الأنبياء، من حديث البراء قال: لما توفي إبراهيم عليه
السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن له مرضعا
في الجنة ".
وفي لفظ لأحمد: " فإن له مرضعا تتم رضاعه في الجنة "
(14/545)
أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ بنُ
مِهْرَانَ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ
المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ سَعِيْدِ بنِ غَالِبٍ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو
قَطَنٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خلاَسِ
بنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(لَوْ يَعْلَمُوْنَ مَا فِي الصَّفِّ المُقَدَّمِ،
كَانَتْ قُرْعَةً).
غَرِيْبٌ، تَفَرَّد بِهِ:أَبُو قَطَنٍ عَمْرُو بنُ
الهَيْثَمِ.
أَخْرَجَهُ:مُسْلِمٌ (1) ، عَنِ ابْنِ حَرْبٍ
النَّشَائِيِّ، عَنْهُ.
وَاسْمُ أَبِي رَافِعٍ:نُفَيْعٌ الصَّائِغُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ
المُعَزِّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَوْفٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الحِمْصِيُّ،
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ القُرَشِيُّ، عَنْ
زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(لاَ يَقُوْلَنَّ أَحَدُكُم
لِلْمَسْجِدِ:مُسَيْجِدٌ، فَإِنَّهُ بَيْتُ اللهِ،
يُذْكَرُ اللهُ فِيْهِ، وَلاَ يَقُوْلَنَّ
أَحَدُكُم:مُصَيْحِفٌ، فَإِنَّ كِتَابَ اللهِ أَعْظَمُ
مِنْ أَنْ يُصَغَّرُ، وَلاَ يَقُوْلَنَّ أَحَدَكُم:عَبْدِي
وَأَمَتِي، كُلُّكُم عِبَادٌ وَإِمَاءٌ، وَلاَ يَقُوْلَنَّ
لِلرَّجُلِ:رُوَيْجِلٌ، وَلاَ لِلْمَرْأَةِ مُرَيَّةٌ).
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، شِبْهُ مَوْضُوْعٍ، لاَ
يَحْتَمِلُهُ زُهَيْرٌ التَّمِيْمِيُّ، وَإِنْ كَانَ
كَثِيْرَ المَنَاكِيْرِ، بَلْ آفَتُهُ عِيْسَى (2) ،
فَإِنَّهُ غَيْرُ ثِقَةٍ.
__________
(1) برقم (439) في الصلاة: باب تسوية الصفوف وإقامتها ...
(2) ترجمه المصنف في " الميزان " 3 / 309 308، ونقل عن
البخاري والنسائي أنه منكر الحديث، وعن يحى بن معين أنه
ليس بشيء، وعن أبي حاتم والنسائي أنه متروك.
وأورد له هذا الحديث في جملة منكراته.
(14/546)
وفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ مَاتَ:الحَافِظُ
المُتَّهَمُ (1) ؛أَبُو بِشْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَمْرٍو الكِنْدِيُّ، المُصْعَبِيُّ، المَرْوَزِيُّ،
وحَافِظُ بَغْدَادَ؛أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ نَصْرِ بنِ
طَالِبٍ، وَشَيْخُ النَّحْوِ؛إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عَرَفَةَ العَتَكِيُّ نِفْطَوَيْه، وَالمُحَدِّثُ
أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ العَبَّاسِ الوَرَّاقُ
بِبَغْدَادَ، وَالفَقِيْهُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الحِمْيَرِيُّ، الكُوْفِيُّ،
صَاحِبُ أَبِي كُرَيْبٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ عِمَارَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَالمُحَدِّثُ
أَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ العَبَّاسِ الجُوَيْنِيُّ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّكَّرِيُّ،
البَغْدَادِيُّ.
313 - الإِسْفَرَايِيْنِيُّ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، المُتْقِنُ الأَوْحَدُ،
أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، أَحَد الرَّحَّالِيْنَ.
وَيُقَالُ لَهُ:الجُوْرْبَذِيُّ (2) ؛مِنْ قَريَةِ
جُوْرْبَذَ.
__________
(1) ترجمه المؤلف في " العبر " 2 / 197 وقال: " هو أحد
الوضاعين الكذابين مع كونه كان محدثا، إماما في السنة
والرد على المبتدعة ". وانظر أيضا " ميزان الاعتدال "
للمولف: 1 / 149.
(*) معجم البلدان: 2 / 180، اللباب: 1 / 306، مختصر طبقات
علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 135 / 2، تذكرة
الحفاظ: 793 792، العبر: 2 / 173، النجوم الزاهرة: 3 /
228، طبقات الحفاظ: 331، شذرات الذهب: 2 / 279.
(2) كذا ضبطها ياقوت في " معجم البلدان " 2 / 180 بسكون
الواو والراء، وقال: =
(14/547)
سَمِعَ:يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيَّ، وَمُحَمَّدَ
بنَ يَحْيَى، وَأَبَا زُرْعَةَ، وَالعَبَّاسَ بنَ
الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ
الصَّغَانِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ،
وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
الحَاكِمُ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ
خُزَيْمَةَ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ مِهْرَانَ المُقْرِئُ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَقِيَ بِمَنْبِجَ حَاجِبَ بنَ سُلَيْمَانَ.
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ.
وُلِدَ:سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ:فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَرَّخَهُ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَقَالَ:هُوَ
خَتَنُ بُدَيْلٍ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ، مِنَ الأَثبَاتِ
المُجَوِّدِينَ فِي أَقطَارِ الأَرْضِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ،
أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
سَعْدٍ الأَدِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ
مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا
خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءَ عَبْدُ
اللهِ بن وَاقِدٍ الهَرَوِيُّ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(مَا مِنْ يَوْمٍ إِلاَّ وَللهِ فِيْهِ عُتَقَاءُ
يَعْتقُهُم مِنَ النَّارِ، إِلاَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ،
فَإِنَّهُ مَا فِيْهِ سَاعَةٌ إِلاَّ وَللهِ عُتَقَاءُ
يَعْتقُهُم مِنَ النَّارِ).
تَفَرَّد بِهِ:أَبُو رَجَاءَ، وَهُوَ لَيِّنُ الحَدِيْثِ
(1) .
__________
= " من قرى إسفرايين، من أعمال نيسابور ".
أما صاحب " اللباب " فقيدها بسكون الواو وفتح الراء.
(1) كذا قال المؤلف هنا، وقال في " الميزان " 2 / 520 بعد
أن نقل قول ابن عدي: مظلم الحديث: قلت: وثقة أحمد ويحيى،
وقال أبو زرعة: لم يكن به بأس. وقال في =
(14/548)
314 - أَسْلَمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ
هَاشِمِ بنِ خَالِدٍ الأُمَوِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، قَاضِي القُضَاة بِالأَنْدَلُسِ،
أَبُو الجَعْدِ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ، الأَنْدَلُسِيُّ،
القُرْطُبِيُّ، الفَقِيْهُ، المَالِكِيُّ، أَحَدُ
الأَعلاَمِ، مِنْ ذُرِّيَّةِ أَبَانٍ مَوْلَى عُثْمَانَ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - .
ارْتَحَلَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَخَذَ عَنْ:يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَأَبِي
إِبْرَاهِيْم المُزَنِيِّ، وَالرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ،
وَرَجَعَ بِإِسْنَادٍ عَالٍ، وَعِلْمٍ جَمٍّ، وَلاَزَمَ
بَقِيَّ بنَ مَخْلَدٍ مُدَّةً طَوِيْلَةً.
وَكَانَ إِمَاماً، فَقِيْهاً، مُحَدِّثاً، رَئِيْساً،
نَبِيْلاً، مُعَظَّماً، بَعِيدَ الصِّيتِ.
وَلِيَ قَضَاءَ الجَمَاعَةِ (1) لِلنَّاصِرِ لِدِيْنِ
اللهِ، وَكَانَ حَمِيْدَ السِّيرَةِ، شَدِيْداً عَلَى
الشُّهُودِ المُرِيبِيْنَ، وَهُوَ أَخُو هَاشِمِ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:جَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:مَاتَ فِي رَجَبٍ،
سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= " الكاشف ": وثقة أحمد.
وفي " التهذيب ": وقال أبو داود: ليس به بأس، وقال في موضع
آخر: ثقة.
وقال النسائي: لا بأس به.
وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال الحاكم: فقيه، عالم، صدوق، مقبول.
وقيل لاسحاق بن منصور: كان أبو رجاء ثقة ؟ فقال: فوق
الثقة.
وقول ابن عدي: مظلم الحديث، لم يتابع عليه.
وقد ذكر المؤلف الحديث في " ميزانه ".
(*) تاريخ علماء الأندلس: 89، جذوة المقتبس: 173 172،
المنتظم: 6 / 237، بغية الملتمس: 240 239، العبر: 2 / 175،
الاحاطة في أخبار غرناطة: 1 / 422 419، تاريخ قضاة
الأندلس: 1 / 63، الديباج المذهب: 1 / 309 308، شذرات
الذهب: 2 / 281، شجرة النور الزكية: 1 / 87 86.
(1) أي: رئاسة القضاء، أو منصب قاضي القضاة.
(14/549)
315 - ابْنُ عمْرُوْسٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عمْرُوْسَ بنِ مُحَمَّدٍ الفُسْطَاطِيُّ *
الإِمَامُ، مُحَدِّثُ هَمَذَانَ، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عمْرُوْسِ بنِ مُحَمَّدٍ
الفُسْطَاطِيُّ، الفَقِيْهُ.
رَوَى عَنْ:أَبِي عَمَّارٍ المَرْوَزِيِّ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ، وَالعَبَّاسِ بنِ يَزِيْدَ
البَحْرَانِيِّ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ عِصَامٍ،
وَأَحْمَدَ بنِ بُدَيْلٍ، وَحَمِيْدِ بنِ زَنْجُوْيَه،
وَالبُخَارِيِّ، وَخَلْقٍ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ:سَمِعْتُ
مِنْهُ مَعَ أَبِي، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ
فَوَائِدِهِ، وَهُوَ صَدُوْقٌ.
تُوُفِّيَ:فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
316 - المَرْوَزِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
إِسْحَاقَ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُسْنِدُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو
الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ المَرْوَزِيُّ، خَاتِمَةُ أَصْحَابِ عَلِيِّ
بنِ حُجْرٍ.
حَدَّثَ عَنْ:عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ، وَعَلِيِّ بنِ خَشْرَمٍ،
وَالحَسَنِ بنِ أَبِي الرَّبِيْعِ، وَسَلَمَةَ بنِ
شَبِيْبٍ - لَقِيَهُ بِمَكَّةَ - وَالرَّبِيْعِ بنِ
سُلَيْمَانَ المُرَادِيِّ، وَيُوْنُسَ بنِ عَبْدِ
الأَعْلَى، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ جَرِيْرِ بنِ جَبَلَةَ،
وَعَبَّاسٍ الدُّوْرِيِّ، وَطَائِفَةٍ فِي رِحْلَتِهِ.
__________
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة.
(* *) لم نقف له على ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر.
(14/550)
وَقَدِمَ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ نَيِّفٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَأَملَى بِهَا، وَلَمْ
أَرَ الحَاكِمَ ذَكَرَهُ فِي(تَارِيْخِهِ).
رَوَى عَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مَكِّيٍّ الجُرْجَانِيُّ، وَطَاهِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
سَهْلُوَيْه، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ
المَخْلَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ العَلَوِيُّ -
شَيْخُ البَيْهَقِيِّ - .
وَالعَلَوِيُّ خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ، فَحَدِيْثُهُ
أَعْلَى شَيْءٍ وَقَعَ لِلْحَافِظِ البَيْهَقِيِّ.
وَلَمْ أَظْفَرْ لَهُ بِوَفَاةٍ.
كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الكَرِيْمِ الخَطِيْبُ، وَجَمَاعَةٌ:
أَنْبَأَهُمُ القَاسِمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الشَّافِعِيُّ،
أَخْبَرَنَا وَجِيْهُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
حَامِدٍ الأَزْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ
المَخْلدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
إِسْحَاقَ المَرْوَزِيُّ إِمْلاَءً بِنَيْسَابُوْرَ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَمَّارٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى
التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ
شَيْئاً، مَا أَعْطَى كَافِراً مِنْهَا شَيْئاً) (1) .
317 - الفَضْلُ بنُ الخَصِيْبِ بنِ العَبَّاسِ بنِ نَصْرٍ
الأَصْبَهَانِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، الرَّحَّالُ، أَبُو العَبَّاسِ
الأَصْبَهَانِيُّ، الزَّعْفَرَانِيُّ.
__________
(1) صالح مولى التوأمة: صدوق، لكنه اختلط بأخرة، وباقي
رجاله ثقات.
وللحديث شواهد يتقوى بها، فقد أخرجه الترمذي (2320) في
الزهد: باب ما جاء في هوان الدنيا على الله عزوجل، وابن
ماجه (4110) من حديث سهل بن سعد الساعدي، وأخرجه الخطيب في
" تاريخه " 4 / 92 من حديث ابن عمر، وأخرجه أبو نعيم في "
الحلية " 3 / 304 من حديث ابن عباس، وأخرجه ابن المبارك في
" الزهد " برقم (509) عن رجال من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم. فالحديث قوي بهذه الشواهد.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 154، طبقات المحدثين بأصبهان
لوحة: 252.
(14/551)
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي يَحْيَى بنِ
المُقْرِئِ، وَأَحْمَدَ البَزِّيِّ، وَسَلَمَةَ بنِ
شَبِيْبٍ، وَحُمَيْدِ بنِ مَسْعَدَةَ، وَالحَسَنِ بنِ
مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ المُسْتَوْرِدِ، وَأَحْمَدَ بنِ الفُرَاتِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ وَزِيْرٍ الوَاسِطِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ
الخَلِيْلِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيِّ،
وَهَارُوْنَ بنِ مُوْسَى الفَرْوِيِّ، وَالنَّضْرِ بنِ
سَلَمَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ - وَالِدُ أَبِي
نُعَيْمٍ - وَالقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ،
وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ المُقْرِئِ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ
البَغْدَادِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ مِنْ مَشَاهِيْرِ الأَصْبَهَانِيِّيْنَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ،
سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ
القُرْطُبِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ
البَغْدَادِيِّ، أَخْبَرَنَا مَحْمُوْدُ بنُ جَعْفَرٍ
الكَوْسَجُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
البَغْدَادِيِّ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ الخَصِيْبِ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوَزِيْرِ الوَاسِطِيُّ،
حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَدِيِّ بنِ
عَدِيٍّ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ:لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ
أَنْظُرَ:فَمَنْ أَتَى لَهُ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً فَلَمْ
يَحُجَّ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ، إِلاَّ ضَرَبْتُ
عَلَيْهِ الجِزْيَةَ) (1) . غَرِيْبٌ.
__________
(1) ليث: هو ابن أبي سليم، سيء الحفظ. وعدي بن عدي: لم
يدرك عمر. فالخبر ضعيف ومنقطع.
(14/552)
318 - الأَعْمَشِيُّ أَبُو حَامِدٍ
أَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، المُصَنِّفُ، أَبُو
حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ حَمدُوْنَ بنِ أَحْمَدَ بنِ
عِمَارَةَ بنِ رُسْتُمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
الأَعْمَشِيُّ، لُقِّبَ بِبَغْدَادَ بِالأَعْمَشِيِّ
لِحِفْظِهِ حَدِيْثَ الأَعْمَشِ، وَاعْتِنَائِه بِهِ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ
مَنْصُوْرٍ، وَعَلِيَّ بن خَشْرَمٍ، وَالزَّعْفَرَانِيَّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ بنِ كَرَامَةَ، وَأَبَا
سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَيَحْيَى بنَ حَكِيْمٍ، وَزيَادَ بنَ
يَحْيَى الحَسَّانِيَّ، وَأَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ المُهَلَّبِ السَّرَخْسِيَّ،
وَطَبَقَتَهُم.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الحُفَّاظِ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو الوَلِيْدِ الفَقِيْهُ، وَأَبُو
عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو
إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ،
وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَيَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ
الحَرَّانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ
يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ - إِنْ حَلَّتِ
الرِّوَايَة عَنْهُ، قُلْتُ:وَكَانَ يُلَقَّبُ أَبَا
تُرَابٍ - قَالَ الحَاكِمُ:
فَقُلْتُ لأَبِي عَلِيٍّ:أَهَذَا الَّذِي تَذْكُرُهُ مِنْ
جِهَةِ المُجُوْنِ وَالسُّخْفِ الَّذِي كَانَ، أَوْ
لِشَيْءٍ أَنْكَرْتَه مِنْهُ فِي الحَدِيْثِ؟
قَالَ:بَلْ مِنْ جِهَةِ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ:فَمَا أَنكَرتَ عَلَيْهِ؟
قَالَ:حَدِيْثَ عُبَيْدَ الله بنَ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ الفَضْلِ.
قُلْتُ:قَدْ حَدَّثَ بِهِ غَيْرُهُ، فَأَخَذَ يَذكُرُ
أَحَادِيْثَ
__________
(*) الأنساب: 45 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 138 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 805 - 807،
العبر: 2 / 185، ميزان الاعتدال: 1 / 95 94، الوافي
بالوفيات: 6 / 361، لسان الميزان: 1 / 165 164، النجوم
الزاهرة: 3 / 241، طبقات الحفاظ: 336، شذرات الذهب: 2 /
288.
(14/553)
حَدَّثَ بِهَا غَيْرُهُ.
فَقُلْتُ:أَبُو تُرَابٍ مَظْلُوْمٌ فِي كُلِّ مَا
ذَكَرْتَهُ.
ثُمَّ حَدَّثْتُ أَبَا الحُسَيْنِ الحَجَّاجِيَّ بِهَذَا،
فَرَضِيَ كَلاَمِي فِيْهِ، وَقَالَ:القَوْلُ مَا قُلْتَهُ.
ثُمَّ تَأَمَّلتُ أَجزَاءَ كَثِيْرَةً بِخَطِّهِ، فَلَمْ
أَجِدْ فِيْهَا حَدِيْثاً يَكُوْنُ الحَمْلُ فِيْهِ
عَلَيْهِ، وَأَحَادِيْثُهُ كُلُّهَا مُسْتَقِيْمَةٌ.
وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَافِظَ يَقُوْلُ:حَضَرْتُ
ابْنَ خُزَيْمَةَ يَسْأَلُ أَبَا حَامِدٍ
الأَعْمَشِيَّ:كَمْ رَوَى الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ؟
فَأَخَذَ أَبُو حَامِدٍ يَسْرُدُ التَّرْجَمَةَ، حَتَّى
فَرَغَ مِنْهَا، وَأَبُو بَكْرٍ يَتَعَجَّبُ مِنْهُ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَامِدٍ البَزَّازَ
يَقُوْلُ:دَخَلْنَا عَلَى أَبِي حَامِدٍ الأَعْمَشِيِّ،
وَهُوَ عَلِيْلٌ، فَقُلْتُ:كَيْفَ تَجِدُكَ؟
قَالَ:أَنَا بِخَيْرٍ، لَوْلاَ هَذَا الجَارُ -
يَعْنِي:أَبَا حَامِدٍ الجُلُوْدِيَّ؛رَاوِيَةَ أَحْمَدَ
بنِ حَفْصٍ - ...، ثُمَّ قَالَ:
يَدَّعِي أَنَّهُ عَالِمٌ، وَلاَ يَحْفَظُ إِلاَّ
ثَلاَثَةَ كُتُبٍ:كِتَابَ(عَمَى القَلْبِ)،
وَكِتَابَ(النِّسْيَانِ)، وَكِتَابَ(الجَهْلِ).
دَخَلَ عَلَيَّ أَمسِ وَقَدِ اشْتَدَّتْ بِيَ العِلَّةُ،
فَقَالَ:يَا أَبَا حَامِدٍ!عَلِمتَ أَنَّ زَنْجُوْيَه
مَاتَ؟
فَقُلْتُ:رَحِمَهُ اللهُ.
فَقَالَ:دَخَلتُ اليَوْمَ عَلَى المُؤَمَّلِ بنِ الحَسَنِ
وَهُوَ فِي النَّزْعِ، ثُمَّ قَالَ:يَا أَبَا حَامِدٍ!كَمْ
لَكَ؟
قُلْتُ:أَنَا فِي السَّادِسِ وَالثَّمَانِيْنَ.
فَقَالَ:إِذاً أَنْتَ أَكْبَرُ مِنْ أَبِيْكَ يَوْمَ
مَاتَ.
فَقُلْتُ:أَنَا - بِحَمْدِ اللهِ - فِي عَافِيَةٍ،
جَامَعتُ البَارِحَةَ مَرَّتَيْنِ، وَاليَومَ فَعَلتُ
كَذَا.
فَخَجِلَ، وَقَامَ.
قُلْتُ:قِيْلَ:إِنَّ صَاحِبَ التَّرْجَمَةِ هُوَ وَلَدُ
الزَّاهِدِ حَمدُوْنَ القَصَّارِ؛أَحَدِ مَشَايِخِ
الطَّرِيْقِ.
مَاتَ أَبُو حَامِدٍ:فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ
إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارَبَ
التِّسْعِيْنَ.
(14/554)
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ حَازِمٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ، أَخْبَرَتْنَا
الكَاتِبَةُ شُهْدَةُ، أَخْبَرَنَا ظَرِيْفُ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ البَحِيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
مُحَمَّدٍ المَحْفُوْظِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
حَمْدُوْنَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى،
وَمُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَيَعْقُوْبُ
بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَالصَّغَانِيُّ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ
أَبَانِ بنِ تَغْلِبَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ
فَاعِلِهِ).
رَوَاهُ:مُسْلِمٌ (1) مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنِ الأَعْمَشِ.
319 - أَبُو عُمَرَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ
يَعْقُوْبَ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو عُمَرَ
مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
ابْنِ عَالِمِ البَصْرَةِ حَمَّادِ بنِ زَيْدِ بنِ
دِرْهَمٍ الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَصْرِيُّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ، المَالِكِيُّ.
سَمِعَ:أَبَاهُ؛الحَافِظَ يُوْسُفَ القَاضِي -
صَاحِبَ(السُّنَنِ) - وَمُحَمَّدَ بنَ الوَلِيْدِ
البُسْرِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ أَبِي الرَّبِيْعِ
الجُرْجَانِيَّ، وَزَيْدَ بنَ أَخْزَمَ، وَطَبَقَتَهُم.
__________
(1) برقم (1893) في الامارة: باب فضل إعانة الغازي. وهو في
سنن أبي داود برقم (5129) في الأدب: باب في الدال على
الخير، والترمذي (2675) في العلم: باب فيمن دعا إلى هدى
فاتبع أو إلى ضلالة.
(*) تاريخ بغداد: 2 / 405 401، المنتظم: 6 / 248 246،
الكامل في التاريخ: 8 / 213 و247، العبر: 2 / 184 183، دول
الإسلام: 1 / 194، الوافي بالوفيات: 5 / 246 245، البداية
والنهاية: 11 / 172 171، النجوم الزاهرة: 3 / 235، شذرات
الذهب: 2 / 287 286.
(14/555)
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيُّ،
وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ حَبَابَةَ،
وَعِيْسَى بنُ الوَزِيْرِ، وَعِدَّةٌ.
مَوْلِدُهُ:بِالبَصْرَةِ، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ مَدِيْنَةِ
المَنْصُوْرِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ، وَكَانَ
عَدِيْمَ النَّظِيْرِ عَقلاً وَحِلْماً وَذَكَاءً،
بِحَيْثُ إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا بَالَغَ فِي وَصْفِ
شَخصٍ، قَالَ:كَأَنَّهُ أَبُو عُمَرَ القَاضِي.
ثُمَّ قَلَّدَه المُقْتَدِرُ بِاللهِ قَضَاءَ الجَانِبِ
الشَّرْقِيِّ، وَعِدَّة نَوَاحٍ، ثُمَّ قَلَّدَه قَضَاءَ
القُضَاةِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَمَلَ النَّاسُ عَنْهُ عِلْماً وَاسِعاً مِنَ الحَدِيْثِ
وَالفِقْهِ، وَلَمْ يُرَ أَجَلُّ مِنْ مَجْلِسِه
لِلْحَدِيْثِ:البَغَوِيُّ عَنْ يَمِينِه، وَابْنُ صَاعِدٍ
عَنْ شِمَالِهِ، وَابْنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
وَغَيْرُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّ جَدَّهُ لَقَّنَه حَدِيْثاً،
فَحَفِظَه وَلَهُ أَرْبَعُ سِنِيْنَ، عَنْ وَهبِ بنِ
جَرِيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:لاَ بَأْسَ
بِالكُحْلِ لِلصَّائِمِ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ:هُوَ مِمَّنْ لاَ نَظِيْرَ لَهُ فِي
الأَحْكَامِ عَقْلاً، وَذَكَاءً، وَاسْتِيفَاءً
لِلْمَعَانِي الكَثِيْرَةِ بِالأَلْفَاظِ اليَسِيْرَةِ (2)
.
وَقِيْلَ:كَانَ الرَّجُلُ إِذَا امتَلأَ غَيظاً،
يَقُوْلُ:لَوْ أَنِّي أَبُو عُمَرَ القَاضِي مَا صَبَرتُ.
استُخْلِفَ وَلَدُهُ عَلَى قَضَاءِ الجَانِبِ
الشَّرْقِيِّ.
وَقَدْ كَتَبَ الفِقْهَ عَنْ:إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي،
سِوَى قِطعَةٍ مِنَ التَّفْسِيْرِ،
__________
(1) أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " (7516) وإسناده صحيح،
وعلقه البخاري في " صحيحه " 4 / 133.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 401 وفيه: " هو ممن لا نظير له في
الحكام.."
(14/556)
وَعَمِلَ(مُسْنَداً)كَبِيْراً، قَرَأَ
أَكثَرَهُ عَلَى النَّاسِ.
وَمَاتَ:سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ
اللهُ - .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ
بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ
الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
البَزَّازُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ الوَزِيْرِ:
قُرِئَ عَلَى القَاضِي أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ
يُوْسُفَ - وَأَنَا أَسْمَعُ - قِيْلَ لَهُ:
حَدَّثَكُمُ الحَسَنُ بنُ أَبِي الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي
هَارُوْنَ العَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ،
قَالَ:
فُرِضَتِ الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ خَمْسِيْنَ
صَلاَةً، ثُمَّ نُقِصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْساً، فَقَالَ
الله - عَزَّ وَجَلَّ - :(إِنَّ لَكَ بِالخَمْسِ
خَمْسِيْنَ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا).
أَصلُ الحَدِيْثِ فِي الصِّحَاحِ (1) لأَنَسِ بنِ مَالِك،
وَغَيْرِهِ، وَهَذَا إِسْنَادٌ لَيِّنٌ مِنْ جِهَةِ أَبِي
هَارُوْنَ (2) .
320 - الدَّغُوْلِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، شَيْخُ
خُرَاسَانَ، أَبُو العَبَّاسِ
__________
(1) حديث أنس أخرجه البخاري: 6 / 217، 220 في بدء الخلق:
باب ذكر الملائكة، وفي الأنبياء: باب قول الله تعالى: وهل
أتاك حديث موسى إذ رأى نارا، وباب قول الله تعالى: ذكر
رحمة ربك عبده زكريا، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم: باب المعراج، ومسلم (162) في الايمان: باب الاسراء
برسول الله صلى الله عليه وسلم: والترمذي (213) والنسائي:
1 / 217، 223 كلاهما في الصلاة: باب فرض الصلاة.
(2) واسمه: عمارة بن جوين. قال في " التقريب ": متروك،
ومنهم من كذبه.
(*) الأنساب: 227 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 140 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 824 823،
العبر: 2 / 205، الوافي بالوفيات: 3 / 226، طبقات الحفاظ:
343، شذرات الذهب: 2 / 307، الرسالة المستطرفة: 136.
(14/557)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّرَخْسِيُّ،
الدَّغُوْلِيُّ.
قَالَ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ(مُزَكِّي الأَخْبَارِ):كَانَ
أَبُو العَبَّاسِ أَحَدَ أَئِمَّةِ عَصْرِهِ بِخُرَاسَانَ
فِي اللُّغَةِ، وَالفِقْهِ، وَالرِّوَايَةِ، أَقَامَ
بِنَيْسَابُوْرَ مُسْتَفِيْداً عَلَى مُحَمَّدِ بنِ
يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ
وَأَقرَانِهِمَا سِنِيْنَ، وَكَتَبَ بِالعِرَاقِ
وَالحِجَازِ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
الأَحْمَسِيِّ، وَأَقرَانِهِ.
قُلْتُ:رَوَى عَنِ:الزَّعْفَرَانِيِّ، وَسَعْدَانَ بنِ
نَصْرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ المِقْدَامِ العِجْلِيِّ،
وَأَحْمَدَ بنِ سَيَّارٍ، وَأَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ،
وَمُسْلِمِ بنِ الحَجَّاجِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ قُهْزَاذَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُشْكَانَ، وَأَحْمَدَ بنِ
حَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الكَرِيْمِ العَبْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
الصَّائِغِ، وَمُحَمَّدِ بنِ الجَهْمِ، وَأَبِي قِلاَبَةَ،
وَالحَسَنِ بنِ أَبِي رَبِيْعٍ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ
بنِ أَبِي عِيْسَى، وَأَبِي يَحْيَى بن أَبِي مَسَرَّةَ،
وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي غَرَزَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ
المُهَلَّبِ السَّرَخْسِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ هَاشِمٍ
الطُّوْسِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ، وَأَحْمَدَ
بنِ يُوْسُفَ السُّلَمِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ الأَزْهَرِ،
وَطَبَقَتِهِم.
وَصَنَّفَ، وَجَمَعَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الفَقِيْهُ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكَرَابِيْسِيُّ، وَيَحْيَى بنُ
عَمْرٍو البُسْتِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي
ذُهْلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الجَوْزَقِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ:كِتَابُ(الآدَابِ)، وَكِتَابُ(فَضَائِلِ
الصَّحَابَةِ)، وَأَشيَاءٌ.
الحَاكِمُ:سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ أَبَا الوَلِيْدِ
يَقُوْلُ:قِيْلَ لأَبِي العَبَّاسِ
(14/558)
الدَّغُوْلِيِّ:لِمَ لاَ تَقْنُتُ فِي
صَلاَةِ الفَجْرِ؟
فَقَالَ:لِرَاحَةِ الجَسَدِ، وَسُنَّةِ أَهْلِ البَلَدِ،
وَمُدَارَاةِ الأَهْلِ وَالوَلَدِ.
الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ
الكَرَابِيْسِيَّ بِسَرْخَسَ يَقُوْلُ:
قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ
سَرْخَسَ مُتَوَجِّهاً إِلَى بُخَارَى، فَلَمَّا انصَرَفَ
إِلَيْنَا، قِيْلَ لَهُ:مَا رَأَينَا بِهَذِهِ الدِّيَارِ
مِثْلَ أَبِي العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيِّ، فَقَالَ:أَيشٍ
هَذَا؟مَا رَأَيْتُ أَنَا طُوْلَ رِحْلَتِي مِثْلَ أَبِي
العَبَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ
الحَافِظُ:خَرَجْنَا مَعَ الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ بنِ
خُزَيْمَةَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ لِتَهْنِئَةِ الأَمِيْرِ
الشَّهِيْدِ، وَالتَّعزِيَةِ عَنِ الأَمِيْرِ أَبِي
إِبْرَاهِيْم المَاضِي، فَلَمَّا انْصَرَفنَا، قُلْتُ
لاِبْنِ خُزَيْمَةَ:مَا رَأَينَا فِي سَفَرِنَا مِثْلَ
أَبِي العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيِّ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:مَا رَأَيْتُ أَنَا مِثْلَ أَبِي
العَبَّاسِ.
قُلْتُ:مَا أَطلَقَ ابْنُ خُزَيْمَةَ هَذَا القَوْلَ
إِلاَّ عَنْ أَمرٍ كَبِيْرٍ مِنْ سَعَةِ عِلْمِ أَبِي
العَبَّاسِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ عَمْرٍو البُسْتِيَّ
يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيَّ يَقُوْلُ لأَبِي
حُسَيْنٍ الحَجَّاجِيَّ:أَيْشٍ حَالُ أَبِي عَلِيٍّ
الحَافِظِ؟وَمَا الَّذِي يُصَنِّفُهُ الآنَ؟
قَالَ:هُوَ ذَا يَرُدُّ عَلَى مُسْلِمِ بنِ الحَجَّاجِ.
فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
يُقَضَّى لِلْحُطَيئَةِ أَلْفُ بَيْتٍ ... كَذَاكَ الحَيُّ
يَغلِبُ كُلَّ مَيتِ
كَذَلِكَ دِعْبِلٌ يَرْجُو سَفَاهاً ... وَحُمْقاً أَنْ
يَنَالَ مَدَى الكُمَيْتِ
إِذَا مَا الحِيُّ نَاقَضَ حَشْوَ قَبْرٍ ... فَذَلِكُمُ
ابْنُ زَانِيَةٍ بِزَيْتِ
(14/559)
قَالَ ابْنُ أَبِي ذُهْلٍ:سَمِعْتُ أَبَا
العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيَّ يَقُوْلُ:
أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ لاَ تُفَارِقُنِي فِي السَّفَرِ
وَالحَضَرِ، وَإِذَا خَرَجتُ مِنَ البَلَدِ:كِتَابُ
المُزَنِيِّ، وَكِتَابُ(العَيْنِ)، وَ(تَارِيْخُ
البُخَارِيِّ)، وَكِتَابُ(كَلِيْلَةَ وَدِمْنَةَ).
الحَاكِمُ:حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الحَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى
الوُحَاظِيُّ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ هَاشِمٍ مَوْلاَةُ
عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ، قَالَتْ:
بَيْنَمَا أَنَا أُوَضِّئُ عَبْدَ اللهِ بنَ بُسْرٍ
صَاحِبَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِذْ خَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ - تَعْنِي:مَاتَ فَجْأَةً
- .
قَالَ الحَاكِمُ:قَالَ الدَّغُوْلِيُّ:
فِي العُلَمَاءِ جَمَاعَةٌ فُقِدُوا فَجْأَةً، فَلَمْ
يُوْجَدُوا، مِنْهُم:عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي
لَيْلَى، فُقِدَ يَوْمَ الجَمَاجِمِ (1) ،
وَمِنْهُم:مَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ وَلَمْ تُعْرَفْ لَهُ
تُرْبَةٌ قَطُّ، وَبَدَلُ بنُ المُحَبِّرِ افْتُقِدَ وَلاَ
يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبَ.
ثُمَّ سَمَّى جَمَاعَةٌ مَاتُوا فَجْأَةً:كَالشَّعْبِيِّ،
وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَالأَوْزَاعِيِّ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ الدَّغُوْلِيِّ عَنْ وَفَاةِ جَدِّهِ،
فَقَالَ:فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى شَرَفِ الدِّيْنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي
الحُسَيْنِ الدِّمَشْقِيِّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ
الهَرَوِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ
__________
(1) قال المؤلف في " دول الإسلام " 1 / 58: " وفي سنة
اثنتين وثمانين كانت وقعة الجماجم بين ابن الاشعث والحجاج،
وكان جيش ابن الاشعث أزيد من ثلاثين ألف فارس، ونحو مئة
ألف وعشرين ألف راجل، وهزم ابن الاشعث الحجاج مرات عدة،
وأمداد عساكر الشام تأتيه من الخليفة ثم انكسر ابن الاشعث
وقتل ".
والتفصيل في تاريخ المؤلف 3 / 233 227.
ودير الجماجم: بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها، وإليها
نسبت هذه الوقعة.
(14/560)
الشّحَامِيُّ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى إِسْحَاقُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُوْنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ الجَوْزَقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ
الدَّغُوْلِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ،
وَمَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا
بَهْز، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ
عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ، وَأَبُوْهُ،
أَنَّهُمَا سَمِعا مُوْسَى بنَ طَلْحَةَ يُخْبِرُ عَنْ
أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - :
أَنَّ رَجُلاً قَالَ:يَا رَسُوْلَ اللهِ!أَخْبِرْنِي
بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ.
فَقَالَ القَوْمُ:مَا لَهُ، مَا لَهُ؟
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - :(أَرَبٌ مَالَهُ).
وَقَالَ:(تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً،
وَتُقِيْمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ
الرَّحِمَ، ذَرْهَا)كَأَنَّهُ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ.
لَفْظُ الشَّرْقِيِّ.
أَخْرَجَهُ:البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (1) جَمِيْعاً، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَوَقَعَ مُوَافَقَةً لَهُمَا
بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الفَضْلِ زَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ بنِ
كِنْدِيٍّ ببَعْلَبَكَّ، عَنْ أُمِّ المُؤَيَّدِ زَيْنَبَ
بِنْتِ أَبِي القَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو المُظَفَّرِ
عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الخَشَّابُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زَكَرِيَّا الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا
أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ، وَمَكِّيُّ بنُ
عَبْدَانَ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(إِنَّ اللهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - لَيَعْجَبُ مِنَ
الرَّجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ،
فَيَدْخُلاَنِ الجَنَّةَ).
زَادَ الدَّغُوْلِيُّ فِي حَدِيْثِهِ:(فَقَالَ
سُفْيَانُ:يَكُوْنُ هَذَا كَافِراً، وَهَذَا مُسْلِماً،
فَيَقْتُلُ الكَافِرُ المُسْلِمَ، ثُمَّ
__________
(1) أخرجه البخاري: 10 / 347 في الأدب: باب فضل صلة الرحم،
ومسلم (13) في الايمان: باب بيان الايمان الذي يدخل به
الجنة. وقد تقدم تخريج هذا الحديث في الصفحة (494) من هذا
الجزءت 2.
(14/561)
يَرْزُقُ اللهُ الكَافِرَ التَّوبَةَ
فَيُسْلِمُ، فَيُقْتَلُ، فَيَدْخُلُ الجَنَّةَ).
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) ، وَمَا اتَّصَلَ عُلُوُّهُ لِي
إِلاَّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ.
321 - ثَابِتُ بنُ حَزْمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مُطَرِّفٍ السَّرَقُسْطِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو القَاسِمِ
السَّرَقُسْطِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، اللُّغَوِيُّ، صَاحِب
كِتَابِ(الدَّلاَئِلِ).
أَخَذَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ وَضَّاحٍ، ومُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ السَّلاَمِ الخُشَنِيِّ، وَفِي الرِّحلَةِ عَنِ
النَّسَائِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ البَزَّارِ، وَمُحَمَّدِ
بنِ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيِّ الصَّائِغِ، وَعِدَّةٍ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ:كَانَ عَالِماً، مُفْتِياً،
بَصِيْراً بِالحَدِيْثِ، وَالنَّحْوِ، وَاللُّغَةِ،
وَالغَرِيْبِ، وَالشِّعرِ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ مُفِيْدَةٌ.
وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ سَرَقُسْطَةَ.
__________
(1) أخرجه البخاري: 6 / 30 29 في الجهاد: باب الكافر يقتل
المسلم ثم يسلم، ومسلم (1890) في الامارة: باب بيان
الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، ومالك: 2 / 460
في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله، والنسائي: 6 / 39
38، من حديث أبي هريرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " يضحك الله تعالى إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر،
كلاهما يدلخ الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله ثم يستشهد،
فيتوب الله على القائل فيسلم، فيقاتل في سبيل الله فيستشهد
".
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 100، جذوة المقتبس: 185،
المنتظم: 6 / 203، بغية الملتمس: 254، معجم البلدان: 3 /
213، تذكرة الحفاظ: 3 / 870 869، العبر: 2 / 156 155، مرآة
الجنان: 2 / 266، الديباج المذهب: 1 / 320 319، طبقات
الحفاظ: 356 355، بغية الوعاة: 1 / 480، نفح الطيب: 2 / 49
ضمن ترجمة ولده قاسم، شذرات الذهب: 2 / 266، الرسالة
المستطرفة: 155.
(2) وإليها نسبته. وسرقسطة: بلدة مشهورة بالاندلس، ذات
فواكه عديدة لها فضل على سائر فواكه الأندلس، مبنية على
نهر كبير، وتنسب إليها الثياب الرقيقة المعروفة
بالسرقسطية.
انظر " معجم البلدان " 3 / 214 212.
(14/562)
وَكَانَ وَلَدُه مِنَ الأَذْكِيَاءِ
المَعْدُوْدِيْنَ، مَاتَ بَعْدَ الثَّلاَثِ مائَةِ
شَابّاً، وَهُوَ:قَاسِمُ بنُ ثَابِتٍ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:مَاتَ ثَابِتٌ فِي
سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ بنُ سَالِمٍ:وَمِنْ تَآلِيْفِ
بِلاَدِنَا كِتَابُ(الدَّلاَئِلِ)فِي الغَرِيْبِ، مِمَّا
لَمْ يَذكُرْهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَلاَ ابْنُ قُتَيْبَةَ
لِقَاسِمِ بنِ ثَابِتٍ السَّرَقُسْطِيِّ، احْتَفَلَ فِي
تَأْلِيْفِه، وَمَاتَ قَبْلَ إِكمَالِه، فَأَكمَلَه
أَبُوْهُ.
وَكَانَ سَمَاعُهُمَا وَاحِداً، وَرِحْلَتُهُمَا
وَاحِدَةٌ، سَمِعْتُهُ مِنِ ابْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا بِهِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيٍّ،
حَدَّثَنَا ابْنُ سِرَاجٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ اللهِ
القَاضِي، عَنِ العَبَّاسِ بنِ عُمَرَ الصِّقِلِّيِّ، عَنْ
ثَابِتِ بنِ قَاسِمِ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ جَدِّهِ قِرَاءةً،
وَعَنِ ابْنِه إِجَازَةً، وَهَذَا عَكسُ المَعْهُوْدِ.
وَمَاتَ أَبُوْهُ نَحْوَ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ عُرِضَ قَضَاءُ بَلَدِهِ
عَلَيْهِ، فَأَبَاهُ، فَأَرَادَ أَبُوْهُ الحَمْلَ
عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَسَأَلَهُ إِنظَارَهُ ثَلاَثاً،
فَتُوُفِّيَ فِيْهَا، فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ دَعَا
عَلَى نَفْسِهِ بِالمَوْتِ، وَكَانَ مَعْرُوْفاً
بِإِجَابَةِ الدَّعوَةِ، وَكَتَبَ أَبُو عَلِيٍّ
القَالِيُّ هَذَا الكِتَابَ، وَكَانَ يَقُوْلُ:لَمْ
يُوضَعْ بِالأَنْدَلُسِ مِثْلُه.
322 - عَبْدُ اللهِ بنُ مُظَاهِرٍ أَبُو مُحَمَّدٍ
الأَصْبَهَانِيُّ *
الحَافِظُ، البَارِعُ، أَحَدُ الأَذْكِيَاءِ الأَفرَادِ،
أَبُو مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ.
بَلَغَنَا أَنَّهُ حَفِظَ(المُسْنَدَ)جَمِيْعَه، ثُمَّ
شَرَعَ فِي حِفظِ أَقوَالِ الصَّحَابَةِ.
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 73 72، تاريخ بغداد: 10 / 179،
تذكرة الحفاظ: 3 / 889، العبر: 2 / 128 127، طبقات الحفاظ:
363، شذرات الذهب: 2 / 243.
(14/563)
أَخَذَ عَنْ:يُوْسُفَ القَاضِي،
وَمُطَيَّنٍ، وَأَبِي خَلِيْفَةَ، وَأَقرَانِهِم، وَمَاتَ
شَابّاً.
حَدَّثَ عَنْهُ:رَفِيقُهُ؛أَبُو الشَّيْخِ وَهُوَ مِنْ
طَبَقَتِهِ، وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ مَوْتُهُ، فَإِنَّهُ
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
323 - القَاضِي الخَيَّاطُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
المَرْوَزِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، القَاضِي، الوَرِعُ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ،
أَحَدُ السَّادَاتِ وَالأَوْلِيَاءِ.
عُرِفَ بِالخَيَّاطِ؛لأَنَّه كَانَ يَخِيطُ عَلَى
الأَيْتَامِ وَالمَسَاكِيْنِ حُسبَةً.
وُلِدَ:سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:عَلِيَّ بنَ خَشْرَمٍ، وَمَحْمُوْدَ بنَ آدَمَ،
وَأَحْمَدَ بنَ سَيَّارٍ الحَافِظَ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
ثُمَّ سُئِلَ الرِّوَايَةَ، فَمَا كَانَ يُحَدِّثُ إِلاَّ
بِاليَسِيْرِ فِي المُذَاكَرَةِ.
وَلِيَ قَضَاءَ القُضَاةِ بِنَيْسَابُوْرَ، فِي سَنَةِ
ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، إِلَى أَنِ اسْتَعفَى سَنَةَ
إِحْدَى عَشْرَةَ، وَرَدَّ خريطَةَ الحُكْمِ إِلَى
الرَّئِيْسِ أَبِي الفَضْلِ البَلْعَمِيِّ، فَمَا شَرِبَ
لأَحَدٍ مَاءً، وَلاَ ظُفِرَ لَهُ بِزَلَّةٍ.
وَكَانَ لاَ يَدَعُ سَمَاعَ الحَدِيْثِ أَيَّامَ قَضَائِه،
وَيَحضُرُ مَجْلِسَ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ.
بَالَغَ الحَاكِمُ فِي تَعْظِيْمِه، وَقَالَ:سَمِعْتُ
أَبَا الوَلِيْدِ الفَقِيْهَ يَقُوْلُ:
مَرَرْتُ أَنَا وَأَبُو الحَسَنِ الصَّبَّاغُ عَلَى
مَسْجِدِ رَجَاءَ، وَالقَاضِي الخَيَّاطُ
__________
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
(14/564)
جَالِسٌ، وَكَاتِبُهُ بِحِذَائِه،
فَقُلْنَا:نَحتَسِبُ وَنَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ، وَيَدَّعِي
أَحَدُنَا عَلَى الآخَرِ.
فَادَّعَيتُ أَنِّي سَمِعْتُ فِي كِتَابِ هَذَا وَلَيْسَ
يُعِيْرُنِي سَمَاعِي، فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ
قَالَ:بِإِذنك سَمَّعَ فِي كِتَابِكَ؟
قَالَ:نَعَمْ.
قَالَ:فَأَعِرْهُ سَمَاعَه.
وَقَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:كَانَ القَاضِي
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ طُولَ أَيَّامِه
يَسْكُنُ دَارَ ابْنِ حَمْدُوْنَ بِحِذَاءِ دَارِنَا،
وَكُنْتُ أَعرِفُهُ يَخِيطُ بِاللَّيْلِ - وَإِذَا
تَفَرَّغَ بِالنَّهَارِ - لِلأَيتَامِ وَالضُّعَفَاءِ،
وَيَعُدُّهَا صَدَقَةً.
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدَانَ خَادِمَ الجَامِعِ
يَقُوْلُ:كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَاكِمُ يَجِيْءُ
فِي كُلِّ أُسْبُوْعٍ لَيْلَةً إِلَى الجَامِعِ،
فَيَتَعَبَّدُ إِلَى الصَّبَاحِ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْرِفُ
غَيْرِي، فَصَادَفتُهُ لَيْلَةً يَتلُو:(وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ، فَأُوْلَئِكَ هُمُ
الكَافرُوْنَ)[المَائِدَةُ:44] الآيَاتِ، وَكُلَّمَا تَلاَ
آيَةً مِنْهَا، ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِه ضَرْبَةً
أَسْمَعُ صَوْتَهَا مِنْ شِدَّتِهِ - رَحِمَهُ اللهُ
تَعَالَى - .
تُوُفِّيَ:بَعْدَ العِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ
بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
324 - ابْنُ قُتَيْبَةَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُسْلِمٍ البَغْدَادِيُّ *
قَاضِي القُضَاةِ بِمِصْرَ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمِ بنِ قُتَيْبَةَ البَغْدَادِيُّ،
الكَاتِبُ.
__________
(*) الولاة والقضاة: 485، 546، ذكر أخبار أصبهان: 1 / 133،
تاريخ بغداد: 4 / 229، معجم الأدباء: 3 / 104 103، إنباه
الرواة: 1 / 46 45، وفيات الأعيان: 3 / 43، العبر: 2 /
193، الوافي بالوفيات: 7 / 80، البداية والنهاية: 11 /
180، الديباج المذهب: 1 / 162 161، النجوم الزاهرة: 3 /
246، حسن المحاضرة: 1 / 368، 2 / 146، شذرات الذهب: 2 /
170.
(14/565)
حَدَّثَ عَنْ:أَبِيْهِ بِكُتُبِه كُلِّهَا
حِفْظاً.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ
الزَّجَّاجِيُّ، وَابْنُهُ؛عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ،
وَوَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ، فَمَاتَ بِهَا.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ خُرَّزَاذَ:إِنَّ أَبَا
جَعْفَرٍ حَدَّثَ بِكُتُبِ أَبِيْهِ كُلِّهَا بِمِصْرَ
مِنْ حِفْظِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ كِتَابٌ، وَمَاتَ فِي
شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَبَقِيَ فِي القَضَاءِ
شَهْرَيْنِ وَنِصْفَ شَهْرٍ، وَعُزِلَ، فَوَثَبَتْ بِهِ
الرَّعِيَّةُ، وَشَتَمُوهُ، وَولِيَ بَعْدَهُ أَحْمَدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَمَّادٍ.
قَالَ المُسَبِّحِيُّ:كَانَ يَحْفَظُ كُتُبَ أَبِيْهِ
كُلَّهَا بِالنَّقْطِ وَالشَّكلِ كَمَا يَحْفَظُ
القُرْآنَ، وَهِيَ أَحَدٌ وَعِشْرُوْنَ مُصَنَّفاً،
فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ الأَدَبِ وَالعِلْمِ،
جَاؤُوهُ، وَجَاءهُ أَوْلاَدُ المُلُوكِ، فَأَخَذُوا
عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ زُوْلاَقَ:كَانَ مَالِكِيّاً، شَيْخاً
حَادّاً، أَذكُرُ أَنَّ أَبَاهُ حَفَّظَه كُتُبَهُ فِي
اللَّوْحِ.
وَفِيْهَا مَاتَ:صَالِحُ بنُ الحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيُّ.
325 - ابْنُ أَبِي العَزَاقِرِ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ
بنُ عَلِيٍّ *
الزِّندِيقُ، المُعَثَّرُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ، الرَّافِضيُّ.
__________
(*) الفرق بين الفرق: 250 249، فهرست ابن النديم: 507،
معجم الأدباء: 1 / 236 235 ضمن ترجمة إبراهيم بن أبي عون،
معجم البلدان: 3 / 359، الكامل في =
(14/566)
قَالَ بِالتَّنَاسُخِ، وَبِحُلُولِ
الإِلَهِيَّةِ فِيْهِ، وَأَنَّ اللهَ يَحِلُّ فِي كُلِّ
شَيْءٍ بِقَدْرِ مَا يَحْتَمِلُه، وَأَنَّهُ خَلَقَ
الشَّيْءَ وَضِدَّهُ، فَحَلَّ فِي آدَمَ وَفِي
إِبْلِيْسِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ضِدٌّ لِلآخَرِ.
وَقَالَ:إِنَّ الضِّدَّ أَقرَبُ إِلَى الشَّيْءِ مِنْ
شِبْهِهِ، وَإِنَّ اللهَ يَحِلُّ فِي جَسَدِ مَنْ يَأْتِي
بِالكَرَامَاتِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ، وَإِنَّ
الإِلَهِيَّةَ اجْتَمَعتْ فِي نُوْحٍ وَإِبْلِيْسِهِ،
وَفِي صَالِحٍ وَعَاقِرِ النَّاقَةِ، وَفِي إِبْرَاهِيْمَ
وَنُمْرُوْذَ، وَعَلِيٍّ وَإِبْلِيْسِه.
وَقَالَ:مَنِ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَهُوَ إِلَهٌ.
وَسَمَّى مُوْسَى وَمُحَمَّداً الخَائِنَيْنِ؛لأَنَّ
هَارُوْنَ أَرْسَل مُوْسَى، وَعَلِيّاً أَرْسَل
مُحَمَّداً، فَخَانَاهُمَا.
وَإِنَّ عَلِيّاً أَمهَلَ مُحَمَّداً ثَلاَثَ مائَةِ
سَنَةٍ، ثُمَّ تَذْهَبُ شَرِيْعَتُه.
وَمِنْ رَأْيِه تَرْكُ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ،
وَإِبَاحَةُ كُلِّ فَرْجٍ، وَأَنَّهُ لاَ بُدَّ
لِلْفَاضِلِ أَنْ يَنِيْكَ المَفْضُوْلَ لِيُولِجَ فِيْهِ
النُّوْرَ، وَمَنِ امتَنَعَ، مُسِخَ فِي الدَّوْرِ
الثَّانِي.
فَرَبَطَ الجَهَلَةَ، وَتَخَرَّقَ، وَأَضَلَّ طَائِفَةً،
فَأَظهَرَ أَمرَهُ أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ رَوْحٍ
- رَأْسُ الشِّيْعَةِ، المُلَقَّبُ بِالبَابِ - إِلَى
صَاحِبِ الزَّمَانِ، فَطُلِبَ ابْنُ أَبِي العَزَاقِرِ،
فَاخْتَفَى، وَتَسَحَّبَ إِلَى المَوْصِلِ، فَأَقَامَ
هُنَاكَ سِنِيْنَ، وَرَجَعَ، فَظَهَرَ عَنْهُ ادِّعَاءُ
الرُّبُوبِيَّةِ، وَاتَّبَعَهُ الوَزِيْرُ حُسَيْنُ ابنُ
الوَزِيْرِ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ -
وَزِيْرِ المُقْتَدِرِ فِيْمَا قِيْلَ - وَابْنَا
بِسْطَامَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَوْنٍ، فَطُلِبُوا،
فَتَغَيَّبُوا.
فَلَمَّا كَانَ فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ
__________
= التاريخ: 8 / 294 290، اللباب: 2 / 27، وفيات الأعيان: 2
/ 157 155، العبر: 2 / 191 190، دول الإسلام: 1 / 197 196،
الوافي بالوفيات: 4 / 108 107، البداية والنهاية: 11 /
179، شذرات الذهب: 2 / 293.
(14/567)
اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ، ظَفِرَ
الوَزِيْرُ ابْنُ مُقلةَ بِهَذَا، فَسَجَنَهُ، وَكَبَسَ
دَارَهُ، فَوَجَدَ فِيْهَا رِقَاعاً وَكُتُباً مِمَّا
يُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِيْهَا خِطَابُهُ بِمَا لاَ
يُخَاطَبُ بِهِ بَشَرٌ، فَعُرِضَت عَلَيْهِ، فَأَقَرَّ
أَنَّهَا خُطُوطُهُم، وَتَنَصَّلَ مِمَّا يُقَالُ فِيْهَا،
وَتَبَرَّأَ مِنْهُم، فَمَدَّ ابْنُ عَبْدُوْسٍ يَدَهُ،
فَصَفَعَهُ.
وَأَمَّا ابْنُ أَبِي عَوْنٍ، فَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ،
فَارْتَعَدَتْ يَدُهُ، ثُمَّ قَبَّلَ لِحْيَتَهُ
وَرَأْسَهُ، وَقَالَ:إِلَهِي، وَرَازِقِي، وَسَيِّدِي!
فَقَالَ لَهُ الرَّاضِي بِاللهِ:قَدْ زَعَمتَ أَنَّكَ لاَ
تَدَّعِي الإِلَهِيَّةَ فَمَا هَذَا؟
قَالَ:وَمَا عَلَيَّ مِنْ قَوْلِ هَذَا؟وَاللهُ يَعْلَمُ
أَنَّنِي مَا قُلْتُ لَهُ:إِنَّنِي إِلَهٌ قَطُّ.
فَقَالَ ابْنُ عَبْدُوْسٍ:إِنَّهُ لَمْ يَدَّعِ
إِلَهِيَّةً، إِنَّمَا ادَّعَى أَنَّهُ البَابُ إِلَى
الإِمَامِ المُنْتَظَرِ.
ثُمَّ إِنَّهُم أُحضِرُوا مَرَّاتٍ بِمَحْضَرِ الفُقَهَاءِ
وَالقُضَاةِ، ثُمَّ فِي آخِرِ الأَمْرِ أَفْتَى
العُلَمَاءُ بِإِبَاحَةِ دَمِهِ، فَأُحرِقَ فِي ذِي
القَعْدَةِ مِنَ السَّنَةِ، وَضُرِبَ ابْنُ أَبِي عَوْنٍ
بِالسِّيَاطِ، ثُمَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَأُحْرِقَ.
وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ أَدَبِيَّةٌ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ
الكُتَّابِ.
وَذَكَرنَا فِي الحَوَادِثِ:أَنَّ فِي هَذَا العَامِ
ظَهَرَ الشَّلْمَغَانِيُّ.
وَشَلْمَغَانُ:قَريَةٌ مِنْ قُرَى وَاسِطَ.
فَشَاعَ عَنْهُ ادِّعَاءُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَأَنَّهُ
يُحْيِي المَوْتَى، فَأَحْضَرَهُ ابْنُ مُقْلَةَ عِنْدَ
الرَّاضِي، فَسَمِعَ كَلاَمَهُ، وَأَنْكَرَ مَا قِيْلَ
عَنْهُ.
وَقَالَ:لَتَنْزِلَنَّ العُقُوبَةُ عَلَى الَّذِي
بَاهَلَنِي بَعْدَ ثَلاَثٍ، وَأَكْثَرُه تِسْعَةُ
أَيَّامٍ، وَإِلاَّ فَدَمِي حَلاَلٌ.
فَضُرِبَ ثَمَانِيْنَ سَوْطاً، ثُمَّ قُتِلَ، وَصُلِبَ.
وَقُتِلَ بِسَبِبِهِ وَزِيْرُ المُقْتَدِرِ؛الحُسَيْنُ (1)
، اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ.
وَقُتِلَ أَبُو إِسْحَاقَ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ
بنِ هِلاَلِ بنِ أَبِي عَوْنٍ الأَنْبَارِيُّ الكَاتِبُ.
وَقَدْ كَانَ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ -
وَيُقَالُ:الجَمَّالُ - وَزَرَ لِلْمُقْتَدِرِ فِي سَنَةِ
__________
(1) انظر ترجمته وخبر قتله في " العبر " 2 / 191 - 192.
(14/568)
تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَلَقَّبُوهُ عَمِيْدَ الدَّوْلَةِ، وَعُزِلَ بَعْدَ
سَبْعَةِ أَشْهُرٍ، وَسُجِنَ، وَعُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ فِي
كَائِنَةِ الشَّلْمَغَانِيِّ، وَنُوْظِرَ، فَظَهَرَتْ
رِقَاعُهُ يُخَاطِبُ الشَّلْمَغَانِيُّ فِيْهَا
بِالإِلَهِيَّةِ، وَأَنَّهُ يُحْيِيْهِ وَيُمِيْتُهُ،
وَيَسْأَلُهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ذُنُوْبَهُ.
فَأُخْرِجَتْ تِلْكَ الرِّقَاعُ، وَشَهِدَ جَمَاعَةٌ
أَنَّهُ خَطُّهُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُه، وَطِيْفَ بِرَأْسِهِ
فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَعَاشَ:ثَمَانِياً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
326 - الإِلْبِيْرِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَمْرِو بنِ مَنْصُوْرٍ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، البَارِعُ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ
بنُ عَمْرِو بنِ مَنْصُوْرٍ الأَنْدَلُسِيُّ،
الإِلْبِيْرِيُّ.
ارْتَحَلَ، وَحَجَّ، وَسَمِعَ مِنْ:يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ
الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ المُؤَذِّنِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ سَنْجَرَ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ البَغَوِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهِ
بِالأَنْدَلُسِ.
وَيُعْرَفُ أَيْضاً بِابْنِ عَمْرِيْلَ، وَكَانَ إِمَاماً
فِي عِلَلِ الحَدِيْثِ.
ذَكَرَهُ أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِيِّ (1)
وَعَظَّمَهُ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَكَانَ خَطِيْباً بِمَدِيْنَةِ إِلْبِيْرَةَ.
مَاتَ:فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ.
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 28 27، جذوة المقتبس: 139،
بغية الملتمس: 197 - 198، مختصر طبقات علماء الحديث لابن
عبد الهادي: الورقة 139 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 813 - 814،
طبقات الحفاظ: 338، شذرات الذهب: 2 / 264.
(1) في " تاريخ علماء الأندلس " 1 / 28 27.
(14/569)
جَاءَ فِي آخِرِ الأَصْلِ مَا نَصُّهُ:
تَمَّ الجُزءُ التَّاسِعُ مِنْ كِتَابِ(سِيَرِ أَعلاَمِ
النُّبَلاَءِ)، لِلشَّيْخِ، الإِمَامِ العَالِمِ،
العَامِلِ، الحُجَّةِ، النَّاقِدِ، البَارِعِ، جَامِعِ
أَشتَاتِ الفُنُوْنِ، شَيْخِ الإِسْلاَمِ، شَمْسِ
الدِّيْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
عُثْمَانَ الذَّهَبِيِّ.
وَهُوَ أَوَّلُ نُسْخَةٍ نُسِخَتْ مِنْ خَطِّ المُصَنِّفِ،
وَقُوْبِلَتْ عَلَيْهِ حَسبَ الإِمْكَانِ، وَللهِ الحَمدُ
وَالمِنَّةُ، وَبِهِ التَّوفِيقُ وَالعِصْمَةُ.
وَيَتلُوهُ - إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى - فِي الجُزْءِ
الَّذِي يَلِيْهِ - وَهُوَ العَاشِرُ - حَمَّادُ بنُ
شَاكِرِ بنِ سَويَّةَ النَّسَفِيُّ.
وَكَانَ الفرَاغُ مِنْهُ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ
شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسَبْعِ
مائَةٍ -أَحسَنَ اللهُ خلفهَا-.
الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
(14/570)
الجُزْءُ الخَامِسَ عَشَرَ
1 - حَمَّادُ بنُ شَاكِرِ بنِ سَوِيَّةَ النَّسَفِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
النَّسَفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:عِيْسَى بنِ أَحْمَدَ العَسْقَلاَنِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، وَأَبِي
عِيْسَى التِّرْمِذِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَهُوَ أَحَدُ رُوَاةِ(صَحِيْحِ البُخَارِيِّ)عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ:غَيرُ وَاحِدٍ.
قَالَ الحَافِظُ جَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِيُّ (1):هُوَ
ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، رَحَلَ إِلَى الشَّامِ، حَدَّثَنِي
عَنْهُ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَامِعٍ(بِصَحِيْحِ
البُخَارِيِّ)، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَبُو أَحْمَدَ قَاضِي
بُخَارَى.
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ (2) :تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى
عَشَرَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) الإكمال: 4 / 394 - 395، المشتبه: 1 / 377، تبصير
المنتبه: 2 / 701
(1) الحافظ العلامة أبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز بن
محمد بن المستغفر النسفي، من كتبه " تاريخ نسف " توفي سنة
/ 432 / ه. انظر " تذكرة الحفاظ ": 3 / 1102
(2) " الإكمال ": 4 / 395
(15/5)
2 - الطُّوْسِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ
بنُ عَلِيِّ بنِ نَصْرٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، أَبو
عَلِيٍّ الحسنُ بنُ عَليِّ بنِ نَصْرٍ الطُّوْسِيُّ،
المُلَقَّبُ:بِكَرْدُوشٍ (1) .
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ،
وَإِسْحَاقَ الكَوْسَجَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ هَاشِمٍ،
وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ، وَبُندَاراً (2) ، وزَيْدَ بنَ
أَخْزَمَ (3) ، وَالزُّبَيْرَ بنَ بَكَّارٍ - سَمِعَ
مِنْهُ كِتَابَ(النَّسَبِ) - ، وَعَدَداً كَثِيْراً سِوَى
هَؤُلاءِ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْسٍ،
وَأَبُو سَهْلٍ الصُعْلُوْكِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ
البُسْتِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ:شَيْخُهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ
حِكَايَاتٍ، وَحَدَّثَ بِهَرَاةَ، وَبِقَزْوِيْنَ.
__________
(*) تاريخ جرجان: 143، أخبار أصبهان: 1 / 262 - 263،
الإكمال: 7 / 169، تذكرة الحفاظ: 3 / 787 - 788، ميزان
الاعتدال: 1 / 509، لسان الميزان: 2 / 232 - 233، شذرات
الذهب: 2 / 264، الرسالة المستطرفة: 30 - 31.
(1) كذا ضبطت في الأصل، ووضع فوقها علامة " صح "، وكذلك
قيده الذهبي في تذكرة الحفاظ: 3 / 787.
وأما ابن ماكولا في الإكمال: 7 / 169، فقيده دون واو،
فقال: كردش بالراء والدال بعدها والشين المعجمة، فهو الحسن
بن علي الطوسي.
(2) هو أبو بكر محمد بن بشار بن عثمان، العبدي البصري
الحافظ الثقة وبندار: لقبه، فارسي، ومعناه: الحافظ، وقد
لقب به لأنه جمع حديث مالك، وقد تقدمت ترجمته في الجزء
الثاني عشر رقم الترجمة (52)
(3) في الأصل: أحزم، وهو خطأ.
(15/6)
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ (1)
:سَمِعْتُ عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.
قَالَ:وَلَهُ تَصَانِيْفُ تَدُلُّ عَلَى عِلْمِهِ
وَمَعْرِفَتِهِ بِهَذَا الشَّأْنِ.
قُلْتُ:وَحَدَّثَ عَنْهُ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ،
وَقَالَ:تَكَلَّمُوا فِي رِوَايَتِهِ
لِكِتَابِ(النَّسَبِ)لِلزُّبَيْرِ (2) .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ:أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدُوْسٍ العَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ نَصْرٍ
الطُّوْسِيُّ - بِهَرَاةَ فِي مَجْلِسِ عُثْمَانَ بنِ
سَعِيْدٍ - حَدَّثَنَا حَيْدُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا صِلَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ
أَشْعَثَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، عَنِ الفَرَزْدَقِ
الشَّاعِرِ، قَالَ:
رَأَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَدَمَيَّ، فَقَالَ:يَا
فَرَزْدَقُ، إِنِّيْ أَرَى قَدَمَيْكَ صَغِيْرَتَيْنِ،
فَاطلُبْ لَهُمَا مَوْضِعاً فِي الجَنَّةِ.
قُلْتُ:إِنَّ لِي ذُنُوباً كَثِيْرَةً.
قَالَ:لاَ تَأْسَ (3) فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:(إِنَّ
بِالمَغْرِبِ بَاباً مَفْتُوْحاً لِلتَّوْبَةِ، لاَ
يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا) (4)
.
__________
(1) الحافظ الامام، أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد
القزويني، مصنف كتاب " الارشاد في علماء البلاد " ذكر فيه
المحدثين وغيرهم من العلماء على ترتيب البلاد إلى زمانه.
توفي (446) وسترد ترجمته والنص الذي نقله المؤلف عنه هو في
" الارشاد " الورقة 176، والزيادة منه.
(2) في " ميزان الاعتدال ": 1 / 509 تكلموا في روايته
لكتاب النسب عن الزبير بن بكار.
(3) لا تحزن.
(4) صلة بن سليمان ضعفه يحيى بن معين، وقال النسائي:
متروك، وقال الدارقطني: يترك حديثه عن ابن جريح وشعبة،
ويعتبر بحديثه عن أشعث بن عبد الملك، والفرزدق واسمه غالب
بن همام ضعفه ابن حيان، فقال: كان قذافا للمحصنات، فيجب
مجانبة روايته. قلت: والمرفوع من الخبر ثابت، فقد أخرج
مسلم (2703) في الذكر والدعاء: باب استحباب الاستغفار
والاكثار منه من حديث أبي هريرة مرفوعا " من تاب قبل أن
تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه ". =
(15/7)
وَلأَبِي عَلِيٍّ مُصَنَّفٌ فِي
الأَحْكَامِ.
قَالَ صَالِحٌ الهَمَذَانِيُّ (1) :سَمِعَ مِنْهُ عَامَّةُ
أَصْحَابنَا كِتَابَهُ الَّذِي فِي الأَحْكَامِ.
وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَبِي، وَسَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ
عَنْهُ، فَقَالَ:لَمْ يَكُنْ بِشَيْءٍ.
وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ خُزَيْمَةَ كَانَ يُجْمِلُ
القَوْلَ فِيْهِ.
3 - ابْنُ نَيْرُوْزٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْرُوز (2)
البَغْدَادِيُّ، الأَنمْاطِيُّ (3) .
__________
= وقول ابن كثير في التفسير 2 / 193 بعد أن أورده عن ابن
جرير: لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة وهم منه رحمه
الله.
وأخرج الامام أحمد 4 / 240، 241، والترمذي (3535) و(3536)
من طريق زرين حبيش قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي أسأله
عن المسح على الخفين...وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " إن من قبل المغرب بابا مسيرة عرضه سبعون أو أربعون
عاما فتحه الله عزوجل للتوبة يوم خلق السماوات والارض لا
يغلقه حتى تطلع الشمس منه، وذلك قول الله عزوجل: (يوم تأتي
بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها).
وسنده حسن، وصححه ابن حبان (186)، وقال الترمذي: حسن صحيح
وهو في سنن ابن ماجة (4070) وأخرج الامام أحمد (1671) بسند
حسن من حديث عبد الله بن السعدي أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل " فقال
معاوية وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو بن العاص،
إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الهجرة خصلتان، إحداهما:
أن تهجر السيئات، والاخرى أن تهاجر إلى الله ورسوله، ولا
تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة، ولا تزال التوبة مقبولة حتى
تطلع الشمس من المغرب فإذا طلعت، طبع على كل قلب بما فيه،
وكفي الناس العمل ".
(1) أبو الفضل، صالح بن أحمد بن محمد، الهمذاني، من حفاظ
الحديث المعمرين من كتبه " طبقات الهمذانيين " توفي سنة /
384 / ه " تذكرة الحفاظ " 3 / 985 - 986 * تاريخ بغداد: 1
/ 408، المنتظم: 6 / 239، العبر: 2 / 173، شذرات الذهب: 2
/ 280.
(2) في " العبر ": 2 / 173 " فيروز " وهو تصحيف.
(3) بفتح الالف، وسكون النون، وفتح الميم، وكسر الطاء
المهملة: هذه النسبة إلى بيع الانماط، وهي الفرش التي
تبسط.
" الأنساب: 1 / 376.
(15/8)
سَمِعَ:عَمْرو بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّس،
وَمُحَمَّد بنَ المُثَنَّى العَنَزِيَّ، وَخَلاَّد بن
أَسْلَم، وَمُحَمَّد بنَ عَوْفٍ الطَّائِيَّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ،
وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
العَاقُولِيُّ، وَيُوْسُف القَوَّاس، وَعِيْسَى بن
الجَرَّاحِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ القَوَّاس.
مَاتَ:فِي سَنَةِ ثَمَان عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ
بِضْع وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ
الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ الحَاسِب،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِيْسَى
بنُ عَلِيّ، قُرِئَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْرُوز - وَأَنَا أَسْمَعُ - قِيْلَ
لَهُ:حَدَّثكُم خَلاَّدُ بنُ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ
أَبِي رَوَّاد، عَنِ ابْنِ جُرَيْج، عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ:
أَن النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(أَحَبّ الطَّعَامِ إِلَى اللهِ مَا كَثُرَتْ
عَلَيْهِ الأَيْدِي) (1) .
4 - الدَّيْبُلِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ
الدَّيْبَلِيُّ، ثُمَّ المَكِّيُّ.
__________
(1) ابن أبي رواد - وهو عبد المجيد - قال الحافظ في "
التقريب ": صدوق يخطئ وابن جريح وأبو الزبير مدلسان، وقد
عنعنا، وأخرجه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " ورقة 115 / 1
وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " 2 / 96 من طريق ابن أبي
رواد بهذا الإسناد، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي
نعيم 2 / 81، وسنده لا بأس به في الشواهد، وآخر من حديث
وحشي عند أبي داود (3764)، وأحمد 3 / 501، وابن حبان
(1345) والحاكم 2 / 103، وابن ماجة (3286) ولفظه " اجتمعوا
على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه "، وثالث
عن عمر عند ابن ماجة (3287).
(*) الأنساب: 5 / 393، معجم البلدان: 2 / 495، العبر: 2 /
194، شذرات الذهب: 2 / 295
(15/9)
وَدَيْبُل:بَلْدَةٌ مِنْ إِقلِيم الهِنْدِ
(1) .
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ زُنْبُور، وَسَعِيْدَ بنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيَّ، وَالحُسَيْنَ بنَ الحَسَنِ
المَرْوَزِيَّ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو
أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عَمَّار
الدِّمْيَاطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فِرَاس
العَبْقَسِيُّ (2) ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُسْنِدَ الْحرم فِي وَقْتِهِ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَقَعَ لِي مِنْ طَريقهِ بِعُلُوٍّ نُسْخَةُ إِسْمَاعِيْل
بن جَعْفَر.
5 - الفَرَبْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
يُوْسُفَ بنِ مَطَرٍ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مَطَرِ بنِ صَالِحِ بنِ بِشْرٍ
الفِرَبْرِيُّ، رَاوِي(الجَامِعِ الصَّحِيْحِ)عَنْ أَبِي
عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ، سَمِعَهُ مِنْهُ بِفَرَبْرَ
مَرَّتينِ.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ عَلِيِّ بنِ خَشْرَمَ لَمَّا قَدِمَ
فِرَبر مُرَابطاً (3) . وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 2 / 495
(2) هذه النسبة إلى " عبد القيس " وقد ذكر أنه ينسب إليها
العبدي أيضا، والعبقسي أشهر. انظر " الأنساب ": 8 / 370
(*) الأنساب: 9 / 260 - 261، معجم البلدان: 4 / 246، وفيات
الأعيان: 4 / 290 العبر: 2 / 183، الوافي بالوفيات: 5 /
245، مرآة الجنان: 2 / 280، شذرات الذهب: 2 / 286، تاج
العروس: " فربر "
(3) الأنساب: 9 / 261
(15/10)
زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ قُتَيْبَةَ بنِ
سَعِيْدٍ، فَمَا رَآهُ.
وَقَدْ وُلِدَ (1) فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ
وَمائَتَيْنِ وَمَاتَ قُتَيْبَةُ فِي بلدٍ، آخرَ سنَة
أَرْبَعِيْنَ (2) .
أَرَّخَ مَوْلِدَهُ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ
فِي(أَمَاليه (3))، وَقَالَ:كَانَ ثِقَةً وَرِعاً.
قلتُ:قَالَ:سَمِعْتُ(الجَامِع)فِي سَنَةِ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَرَّةً أُخْرَى سنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ (4) .
حَدَّثَ عَنْهُ:الفَقِيْه أَبُو زَيْد المَرْوَزِيُّ،
وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكن، وَأَبُو
الهَيْثَمِ الكُشْمِيهَنِيُّ (5) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
حَمُّوَيْه السَّرَخْسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنُ
شَبُّوْيَه، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
النُّعَيمِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
أَحْمَدَ المُسْتَمْلِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ حَاجِب
الكُشَانِيُّ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ (6)
الجُرْجَانِيّ، وَآخَرُوْنَ، وَالكُشَانِيّ (7) آخِرُهُم
مَوْتاً.
__________
(1) أي: الفربري.
(2) انظر ترجمة قتيبة بن سعيد في " تاريخ بغداد ": 12 /
464 - 470، و" تهذيب التهذيب ": 8 / 358 - 361.
(3) هو الامام أبو بكر، محمد بن منصور بن محمد بن عبد
الجبار السمعاني، والد الامام أبي سعد صاحب " الأنساب "،
فقيه، محدث، أملى مئة وأربعين مجلسا في الحديث، قال عنها
ابنه: " من طالعها عرف أن أحدا لم يسبقه إلى مثلها ".
توفي - رحمه الله - سنة عشر وخمس مئة، وقد جاوز الأربعين
بقليل. " الأنساب ": 7 / 140 - 141.
(4) انظر " الأنساب ": 9 / 261.
(5) بضم الكاف وسكون الشين المعجمة وكسر الميم وسكون الياء
المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الهاء وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى قرية من قرى مرو. " الأنساب ": 10 / 436.
(6) في الأصل بياض، وما أثبتناه من " تاريخ جرجان " 384.
(7) أبو علي، إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب، الكشاني
الحاجبي.
توفي بالكشانية - وهي بلدة من بلاد السند، بنواحي سمرقند،
في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة - 391 ه. " الأنساب " 4 / 11
وأرخ الذهبي وفاته في " العبر ": 3 / 52 سنة اثنتين
وتسعين.
(15/11)
وَقَدْ عَلَّى فِي
أَوَائِل(الصَّحِيْح)حَدِيْثَ مُوْسَى وَالخَضِر (1) ،
فَقَالَ:حدثنَاهُ عَلِيُّ بنُ خَشْرَم، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَهَذَا ثَابِت فِي رِوَايَة
ابْن حَمُّوَيْه دُوْنَ غَيْرهِ.
وَكَانَ رِحلَة المُسْتَمْلِي إِلى الفِرَبرِي فِي سَنَةِ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَسَمَاع ابْن
حَمُّوَيْه مِنْهُ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ.
وَقَالَ أَبُو زَيْد المَرْوَزِيّ:رَحَلْتُ إِلَى
الفَرَبرِي سنَة ثَمَان عَشْرَةَ.
وَقَالَ الكُشْمِيهَنِيّ:سَمِعْتُ مِنْهُ
بفَرَبر(الصَّحِيْح)فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ
عِشْرِيْنَ.
وَيُرْوَى - وَلَمْ يَصِحَّ - أَنَّ الفَرَبْرِيَّ
قَالَ:سَمِعَ(الصَّحِيْحَ)مِنَ البُخَارِيّ تِسْعُوْنَ (2)
أَلفَ رَجُل، مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَرْوِيْهِ غَيْرِي.
قُلْتُ:قَدْ رَوَاهُ بَعْد الفَرَبْرِيّ أَبُو طَلْحَةَ
مَنْصُوْرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزْدَوِيُّ النَّسَفِيّ،
وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ (3) .
وَفَربر:بِكَسْر الفَاء وَبفتحهَا، وَهِيَ مِنْ قرَى
بُخَارَى حَكَى الوَجْهين القَاضِي عِيَاض (4) ، وَابْن
قُرْقُول (5) ، وَالحَازِمِيُّ.
وَقَالَ:الفَتْحُ أَشْهَر، وَأَمَّا
__________
(1) أنظر البخاري (4725) و(4726) و(4727) في تفسير سورة
الكهف: باب (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع
البحرين أو أمضي حقبا).
(2) في " معجم البلدان ": 4 / 246 " سبعون ".
(3) ستأتي ترجمته ص / 279 / من هذا الجزء.
(4) هو القاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي، من أهل سبتة،
يكنى: أبا الفضل، عالم المغرب، كان إمام وقته في الحديث
وعلومه والنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم وصنف
التصانيف المفيدة وسترد ترجمته في هذا الكتاب.
(5) إبراهيم بن يوسف بن أدهم الوهراني الحمزي - نسبه إلى
بليدة بإفريقية، ما بين بجاية وقعلة بني حماد - المعروف
بابن قرقول - بضم القافين وسكون الراء المهملة بينهما،
وبعد الواو لام - صاحب كتاب " مطالع الانوار " الذي وضعه
على مثال كتاب " مشارق الانوار " للقاضي عياض.
(15/12)
ابْنُ مَاكُوْلاَ، فَمَا ذَكَرَ غَيْرَ
الفَتْحِ (1) .
مَاتَ الفَرَبرِي: لعشرٍ بَقِيْنَ مِنْ شَوَّالٍ، سنَة
عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ أَشرفَ عَلَى
التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَمُحَمَّد بن قَايمَازَ، وَخَدِيْجَةُ بنْتُ مُحَمَّدٍ،
وَطَائِفَة، قَالَوا:
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، وَأَخْبَرَنَا
سُنقُر القضَائِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ رُوزْبَه،
قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ (2) ،
أَخْبَرَنَا الدَّاوُوْدِيّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ حَمُّويه،
أَخْبَرَنَا الفَرَبرِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم، عَنْ عُمَرَ بنِ
مُحَمَّد، عَنْ سَالِم، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(يَوْم عَاشُورَاءَ إِنْ شَاءَ صَامَ).
أَخْرَجَهُ مُسْلِم (3) ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ،
عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، فَوَقَعَ لَنَا بدلاً عَالِياً.
وَمَاتَ مَعَهُ:إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
بنِ مَنْدَة، وَعَمُّه عَبْد الرَّحْمَنِ بن يَحْيَى،
وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ ابنُ أَخِي أَبِي
زُرْعَةَ، وَأَبُو أَسِيد أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ
أَسِيدٍ المَدِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ بن
خَالِدٍ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا.
6 - الحِمْيَرِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ هَارُوْنَ *
الإِمَامُ، الفَقِيْه، العَلاَّمَة، قَاضِيَ الكُوْفَةِ،
أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ
الحِمْيَرِيُّ، الكُوْفِيُّ، الحَافِظُ.
__________
(1) " الإكمال ": 7 / 84 وقد ضبطت بالكسر.
(2) بكسر السين المهملة، وسكون الجيم، وفي آخرها الزاي.
هذه النسبة إلى سجستان على غير قياس. انظر " الإكمال ": 4
/ 549 - 550.
(3) رقم (1126) (121) في الصيام باب صوم يوم عاشوراء.
(*) تاريخ بغداد: 12 / 68 - 69، الأنساب 4 / 235، العبر: 2
/ 199 شذرات الذهب: 2 / 299.
(15/13)
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي كُرَيْبَ مُحَمَّد بنِ
العَلاَءِ، وَأَبِي سَعِيْدَ الأَشَجِّ، وَهَارُوْنَ بن
إِسْحَاقَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الوَرَّاق - وَأَثْنَى
عَلَيْهِ (1) - وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ
الحَافِظِ.
وَقَالَ:كَانَ يحْفَظُ عَامَّةَ حَدِيْثهِ (2) ، وَكَانَ
ثِقَةً، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:وُلِدْتُ سَنَةَ إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ:فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
قُلْتُ:هُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ:أَبِي كُرَيْبٍ (3) .
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً:مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الكِنْدِيُّ الطَّحَّانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الجُعْفِيُّ الهَرَوَانِيُّ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، وَقَعَ
لِي جُزءٌ مِنْ حَدِيْثهِ.
عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ عَاماً.
7 - التَّرْخُميُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ
بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ حِمْصَ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ التَّرْخُمِيُّ،
الحِمْصِيُّ.
وَقِيْلَ:بَلِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر بن سَعِيْدٍ،
فَنُسِبَ إِلَى جَدِّهِ.
وَتَرْخُم:بَطْنٌ مَنْ يَحْصُبَ (4) .
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 69.
(2) في " تاريخ بغداد ": 12 / 69 " ولي القضاء، وكان شيخا
نبيلا، وكان قد ذهب عامة كتبه، وكان يحفظ عامة حديثه ".
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 69
(*) الإكمال: 1 / 416 - 417، الأنساب: 3 / 40، تاريخ ابن
عساكر: 15 / 186 ب - 187 أ.
(4) الصاد مثلثة كما في " القاموس ". وانظر " جمهرة
الأنساب ": 436، و" نهاية الارب ": 2 / 293.
(15/14)
سَمِعَ:أَبَاهُ، وَالحَسَنَ بن عَلِيٍّ
المُعَانِيّ (1) ، وَأَبَا أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيَّ،
وَسَعِيْدَ بن عَمْرٍو السَّكُوْنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بن
عَوْفٍ، وَعِدَّةً.
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ المُظَفِّرُ، وَالحَافِظُ
أَبُو الخَيْرِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحِمْصِيّ،
وَالوَزِيْرُ جَعْفَرُ بنُ حِنْزَابَةَ، وَأَبُو
المُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانيُّ
وَآخَرُوْنَ.
8 - ابْنُ جَوْصَا أَحْمَدُ بنُ عُمَيْر بنِ يُوْسُفَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الأَوْحَدُ، مُحَدِّثُ الشَّامِ،
أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عُمَيْرِ بنِ يُوْسُفَ بنِ
مُوْسَى بنِ جَوْصَا، مَوْلَى بَنِيَّ هَاشِمٍ،
وَيُقَالُ:مَوْلَى مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الكِلاَبِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:عَمْروَ بنَ عُثْمَانَ الحِمْصِيَّ، وَمُحَمَّدَ
بنَ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ وَزِيْر،
وَكَثِيْرَ بنَ عُبَيْدٍ، وَأَبَا التَّقِيِّ هِشَامَ بنَ
عَبْدِ المَلِكِ اليَزَنِيّ (2) ، وَعِمْرَانَ بنَ
بَكَّارٍ، وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَمُحَمَّدَ
بنَ عَبْدِ اللهِ
__________
(1) نسبة إلى معان - بالفتح، والمحدثون يقولونه: بالضم -
وهي مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي
البلقاء.
" معجم البلدان ": 5 / 153.
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 26 ب - 28 ب، المنتظم: 6 / 242،
تذكرة الحفاظ: 3 / 795 - 798 العبر: 2 / 180 - 181، ميزان
الاعتدال: 1 / 125، الوافي بالوفيات: 7 / 271 البداية
والنهاية: 11 / 171، لسان الميزان: 1 / 239 - 240، النجم
الزاهرة: 3 / 234 شذرات الذهب: 2 / 285، تهذيب ابن عساكر:
1 / 420.
(2) بفتح الياء والزاي وبعدها نون. هذه النسبة إلى ذي يزن،
وهو بطن من حمير. " اللباب ": 3 / 308.
(15/15)
بنِ مَيْمُوْنٍ الإِسْكَنْدَرَانِيَّ،
وَمُعَاوِيَةَ بنَ عَمْرٍو الحِمْصِيَّ صَاحِبَ حَرِيزِ
بنِ عُثْمَانَ، وَمُوْسَى بن عَامِرٍ المُرِّيّ،
وَمُحَمَّد بن عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَخَلْقاً سِوَاهُم
بِمِصْرَ وَالشَّامَ وَلقي بِدِمَشْقَ شُوَيخاً حَدَّثَهُ،
عَنْ مَعْرُوْفِ الخَيَّاطِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:حَمْزَةُ الكِنَانِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيِّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ
عَدِيّ، وَالزُّبَيْرُ بن عَبْدِ الوَاحِدِ الأَسدَ
اباذيُّ (1) ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ، آخِرُهُم مَوْتاً عَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ:ابْن جَوْصَا ثِقَة.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ:سَمِعْتُ ابْنَ جَوْصَا -
وَكَانَ رُكناً مِنْ أَركَانَ الحَدِيْثِ -
يَقُوْلُ:إِسْنَادُ خَمْسِيْنَ سنَةً مِنْ مَوْتِ
الشَّيْخ، إِسْنَادُ علوّ (2) .
قَالَ أَبُو ذَرّ الهَرَوِيّ:سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُوْد
الدِّمَشْقِيّ يَقُوْلُ:جَاءَ رَجُلٌ بغدَادِيُّ يحفَظُ
إِلَى ابْنِ جَوْصَا، فَقَالَ لَهُ:ابْن جَوْصَا كلَمَّا
أَغربتَ عليَّ حَدِيْثاً مِنْ حَدِيْثِ
الشَّامِيّين؛أَعْطِيْتُكَ دِرْهَماً.
فَلَمْ يَزَلِ الرَّجُلُ يلقِي عَلَيْهِ مَا شَاءَ الله،
وَلاَ يُغرِب عَلَيْهِ، فَاغتمَّ.
فَقَالَ لِلرَّجُلِ:لاَ تَجزع، وَأَعطَاهُ لِكُلِّ
حَدِيْثٍ ذَاكره بِهِ دِرْهَماً، وَكَانَ ابْنُ جَوْصَا
ذَا مَالٍ كَثِيْر (3) .
قُلْتُ:كَانَ مِنْ أَكَابرِ الدِّمَشْقِيين.
قَالَ الحَافِظُ عَبْد الغنِي بنُ سَعِيْد:حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَرَجِي،
قَالَ:ابْنُ جَوْصَا بِالشَّامِ، كَابْن عُقْدَة فِي
الكُوْفَة (4) .
__________
(1) ستأتي ترجمته ص / 570 / من هذا الجرء.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 27 ب.
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
(4) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
وستأتي ترجمة ابن عقدة ص / 340 / من هذا الجزء.
(15/16)
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:أَجمع أَهْلُ
الكُوْفَة عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرَ مِنْ زَمَانِ ابْن
مَسْعُوْدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إِلَى أَنْ وَجد ابْنُ
عُقدَة أَحْفَظُ مِنِ ابْنِ عُقْدَة (1) .
قَالَ أَبُو عَمْرٍو النَّيْسَابُوْرِيّ
الصَّغِيْرُ:نَزَلْنَا خَاناً بِدِمَشْقَ العصرَ، وَنَحْنُ
عَلَى أَن نُبَكِّرَ إِلَى ابْنِ جَوْصَا، فَإِذَا
الخَانِيُّ يَصِيْح:أَيْنَ أَبُو عَلِيٍّ
الحَافِظ؟فَقُلْتُ:هَا هُنَا، قَالَ:قَدْ حَضَرهُ الشَّيْخ
زَائِراً.
فَإِذَا بِأَبِي الحَسَنِ بن جَوْصَا عَلَى بغلَةٍ،
فَنَزَلَ عَنْهَا، ثُمَّ صَعِدَ إِلى غُرفَتِنَا، وَسلَّم
عَلَى أَبِي عَلِيّ، وَرَحَّب بِهِ، وَأَخَذَ فِي
المذَاكرَة مَعَهُ إِلَى قُرب العَتَمَة (2) ، ثُمَّ
قَالَ:يَا أَبَا عَلِيٍّ، جمعتَ حَدِيْثَ عَبْد اللهِ بن
دِيْنَار؟
قَالَ:نَعَمْ.
قَالَ:أَخْرِجْهُ إِلَيَّ.
فَأَخْرجَه، فَأَخَذَهُ الشَّيْخُ فِي كُمِّه وَقَامَ.
فَلَمَّا أَصبحنَا جَاءَنَا رَسُوْلُه، وَحملَنَا إِلى
مَنْزِلِهِ، فَذَاكَرَه أَبُو عَلِيٍّ، وَانتَخَبَ
عَلَيْهِ إِلَى المسَّاء، ثُمَّ انصَرفْنَا إِلَى
رَحْلِنَا، وَجَمَاعَة مِنَ الرَّحَّالة يَنْتظِرُوْنَ
أَبَا عَلِيٍّ، فسلَّمُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ ذكرُوا شَأْنَ
ابْن جَوْصَا، وَمَا نَقَمُوا عَلَيْهِ مِنَ الأَحَادِيْث
الَّتِي أَنكروهَا، وَأَبُو عَلِيٍّ يُسَكِّتُهم،
وَيَقُوْلُ:
لاَ تفعلُوا، هَذَا إِمَام مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ،
وَقَدْ جَاز القَنْطَرَة (3) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ:سَأَلت
الدَّارَقُطْنِيّ عَنِ ابْنِ جَوْصَا، فَقَالَ:تَفَرَّد
بِأَحَادِيْث، وَلَمْ يَكُنْ بِالقَوِيّ (4) .
قُلْتُ:هُوَ مِنَ الشُّيُوْخ النَّوَازل عِنْد حَمْزَة بن
مُحَمَّدٍ الكِنَانِيّ، وَلِهَذَا يَقُوْلُ:عِنْدِي عَنِ
ابْنِ جَوْصَا مِئتَا جُزْء لَيْتَهَا كَانَتْ بيَاضاً.
وَترك حَمْزَةُ الرِّوَايَةَ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 16.
(2) وقت صلاة العشاء.
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 797.
(15/17)
عَنْهُ أَصلاً (1) .
وَابْنُ جَوْصَا إِمَام حَافِظ لَهُ غَلَط كَغَيْرِهِ فِي
الإِسْنَاد لاَ فِي الْمَتْن، وَمَا يُضعِّفه بِمثلِ
ذَلِكَ إِلاَّ متعَنِّت.
قَالَ جَمَاعَة:حَدَّثَنَا ابْنُ جَوْصَا، حَدَّثَنَا
أَبُو التَّقِيّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّة، حَدَّثَنَا
وَرْقَاء وَابْنُ ثَوْبَان، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ،
عَنْ عَطَاء:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ، قَالَ:(إِذَا أُقِيمَتِ
الصَّلاَةُ، فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ المَكْتُوبَةُ (2)).
أُنْكِرَ عَلَى ابْنِ جَوْصَا ذِكْرُ ابْن ثَوْبَان فِي
الإِسْنَاد، وَالخَطْبُ سَهْل، فَلَو كَانَ وَهْماً لَمَا
ضرَّ، فَلَعَلَّهُ حَفِظَه.
قَالَ الطَّبَرَانِيّ:تَفَرَّد بِهِ ابْن جَوْصَا، وَكَانَ
مِنْ ثِقَاتِ المُسْلِمِيْنَ وَأَجلِّهُم (3) .
قُلْتُ:وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
فَقَالَ:حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ التَّقِيّ بن أَبِي
التَّقِيّ اليَزَنِيّ، حَدَّثَنَا جَدِّي، فذكَرَهُ
مُتَابعاً لاِبْنِ جَوْصَا.
وَرَوَاهُ ثِقَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَنْبَسَة الحِمْصِيّ، عَنْ أَبِي التَّقِيّ كَذَلِكَ،
فتخلَّص الحَافِظ أَبُو الحَسَنِ مِنْهُ.
وَأَبُو التّقِيّ فثِقَةٌ حُجّة، ثُمَّ إِنَّ أَحْمَدَ بن
مُحَمَّدِ بنِ عَنْبَسَة.
قَالَ:كَانَ هَذَا الحَدِيْثُ عِنْد أَبِي التَّقِيّ فِي
مَكَانين، فَفِي مَوْضِع
__________
(1) المصدر السابق ويعلق الذهبي بقوله: " هذا تعنت من
حمزة، والظاهر أنه تبرم بالمئتي جزء لنزولها عند حمزة ولا
تنفق عنه، فإن ابن جوصا من صغار شيوخه ".
(2) أخرجه من طرق عن عمرو بن دينار بهذا الإسناد مسلم
(710) وأحمد 2 / 331 و455 و517 و531، وأبو داود (1266)
والترمذي (421)، والنسائي 2 / 116 وابن ماجة (1151)
و(1152) والدارمي 1 / 337، الطحاوي 1 / 218، وأخرجه أحمد 2
/ 352، والطحاوي 1 / 218 من طريقين عن عياش بن عباس
القتباني، عن أبي تميم الزهري، عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم " إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا
التي أقيمت ".
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 27 أ.
(15/18)
عَنْ وَرْقَاء، وَفِي مَوْضِعٍ عَنِ ابْنِ
ثَوْبَان، فَجَمَعهُمَا (1) .
قُلْتُ:رَوَاهُ قَبْل جَمْعِهمَا مَرَّاتٍ عَنْ وَرْقَاء
وَجدِّه.
قَالَ حَمْزَةُ الكِنَانِيّ:سَمِعْتُ ابْنَ جَوْصَا،
يَقُوْلُ:
كُنَّا بِبَغْدَادَ، فتذَاكَرُوا حَدِيْثَ أَيُّوْبَ
وَأَشْبَاهَه، فَقُلْتُ:أَيش أَسند جُنَادَة (2) عَنْ
عُبَادَة؟فسكَتُوا.
ثُمَّ قُلْتُ:مَا أَسند عَمْرو بن عَمْرٍو
الأُحموسِيّ؟فَلَمْ يُجِيْبُوا (3) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيّ:إِنَّمَا حدّثونَا عَنْ أَبِي
التَّقِيّ برِوَايَة ابْنِ ثَوْبَان، عَنْ عَطَاءِ بن
يَسَار، لَيْسَ فِيْهِ عَمْرو بن دِيْنَار (4) .
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ الزُّبَيْر الأَسَدَ اباذِي
يَقُوْلُ:حَكَمَ الله بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَبِي عَلِيٍّ
الحَافِظ، أَتينَاهُ بِدِمَشْقَ وَصوَّرنَا لَهُ حَال
ابْنِ جَوْصَا، وَأَقمْنَا فِيْهِ الحُجَجَ وَالبرَاهين
فَأَخَذَ عَطَاءهُ (5) .
قُلْتُ للزُّبَير:لَوْ كتبتَ إِلى أَبِي عَلِيٍّ بِهَذَا.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَعِي، فَقَالَ لِي أَبُو عَلِيّ:لاَ
تشتغلْ بذَا، فَإِنَّ الزُّبَيْرَ طبلِيُّ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ فِي(تَارِيْخ دِمَشْقَ):ابْنُ
جَوْصَا شَيْخ الشَّام فِي وَقْتِهِ، رَحَلَ وَصَنَّفَ،
وَذَاكَرَ، وَحَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ وَزِيْر،
وَمُوْسَى بن عَامِر، وَشُعَيْب بن شُعَيْبٍ بنِ
إِسْحَاقَ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ الوَاحِدِ، وَمَحْمُوْد بن
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 ب.
وزاد: " وهما صحيحان ".
(2) جنادة بن أبي أمية، الأزدي، مختلف في صحبته، يروي عن
عبادة بن الصامت، الصحابي البدري المشهور.
" الإصابة ": 1 / 256 - 257.
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
(4) المصدر السابق.
(5) الكلمة غير مقروءة في الأصل.
والمثبت من " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
وفيه يشير إلى هذا العطاء: " فبلغ أحمد بن عمير ما جرى بين
أبي علي وبينهم في تلك الليلة، وكان يهاب أبا علي ولا
يبالي بهم.
فلما كان بعد ثلاثة أيام بعث بوكيل له إلى أبي علي، ومعه
عشرون دينارا، فقال: يا أبا علي، ينبغي أن تفارق الناحية
فإن السلطان قد طلبك، فخرج أبو علي وخرجنا معه ". انظر "
تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
(15/19)
سُمَيْع، وَيَزِيْدَ بن عَبْدِ الصَّمَدِ،
وَعَمْرو بن عُثْمَانَ الحِمْصِيّ، وَأَخِيْهِ يَحْيَى،
وَابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَيُوْنُس، وَالرَّبِيْع بن
سُلَيْمَانَ، وَالزُّبَيْر بنِ بَكَّار، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ.
ثُمَّ سمَّى الرُّوَاةُ عَنْهُ (1) .
أَخْبَرَنَا المُسَلَّم بن عَلاَّنَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ
القَاسِمِ بنِ عَلِيّ بن الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبِي،
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الأَكفَانِي، حَدَّثَنَا
الكَتَّانِي، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ حَزْم، حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ بقَاء، حَدَّثَنَا عَبْدُ الغنِي بن سَعِيْد،
سَمِعْتُ أَبَا الفَضْل جَعْفَر بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ
أَبَا الحَسَنِ - يَعْنِي الدَّارَقُطْنِيّ - يَقُوْلُ:
أَجْمَعَ أَهْلُ الكُوْفَة عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرَ مِنْ
زَمَن ابْنِ مَسْعُوْد إِلَى زَمَان ابْنِ عُقْدَة أَحفَظُ
مِنِ ابْنِ عُقْدَة (2) .
قَالَ عَبْدُ الغنِي:وَسَمِعْتُ أَبَا هَمَّام مُحَمَّد
بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:ابْنُ جَوْصَا بِالشَّامِ
كَابنِ عُقْدَة بِالكُوْفَةِ (3) .
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الغنِي وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ
يُوْنُسَ:كهَؤُلاَءِ فِي مَوَاضِعهم.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بنَ عَبْدِ
الوَاحِدِ يَقُوْلُ:مَا رَأَيْتُ لأَبِي عَلِيٍّ الحَافِظ
زَلَّةً إِلاَّ رِوَايته عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ
الدِّيْنَوَرِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ جَوْصَا.
قلتُ:ابْنُ جَوْصَا خَيْرٌ مِنَ الدِّيْنَوَرِي (4)
بكَثِيْر.
تُوُفِّيَ:ابْنُ جَوْصَا فِي جُمَادَى الأُولَى، سنَةَ
عِشْرِيْنَ وَثَلاَث مائَة.
وَقَدْ أَخْبَرَنَا بحديِثه المَذْكُوْر فِي(إِذَا أُقيمت
الصَّلاَة)أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بن تَاجِ الأُمَنَاءِ
بِقِرَاءتِي عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 26 ب.
(2) انظر حاشيتنا رقم 1 / ص / 17 /.
(3) انظر حاشيتنا رقم / 4 / ص / 16 /.
(4) انظر " ميزان الاعتدال ": 2 / 494 - 495.
(15/20)
سَعِيْد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الأَدِيْب، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ
الحَافِظ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُمَيْر بنِ جَوْصَا،
حَدَّثَنَا اليَزَنِيّ فَذَكَره.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيّ
فِي(كَامِله):حَدَّثَنَا ابْنُ جَوْصَا، حَدَّثَنَا
مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّحبِيّ، سَمِعْتُ
حَرِيز بنَ عُثْمَانَ يَقُوْلُ:سأَلت عَبْد اللهِ بن بسر،
عَنِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ:كَانَ فِي عَنْفَقَتهِ (1) شَعْرَاتٌ بيضٌ (2) .
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيّ،
وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْد الرَّحْمَنِ بن
إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ، أَخْبَرَنَا
يَحْيَى بنُ مُنْدَة، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَوْصَا، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ
بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا حَرِيز بنُ عُثْمَانَ قَالَ:
قُلْتُ لعَبْدِ اللهِ بنِ بسر:هَلْ كَانَ فِي رَأْس
رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ
شَيْبٍ؟
قَالَ:كَانَ فِي رَأْسِ رَسُوْل اللهِ شَعْرَاتٌ بِيْضٌ
إِذَا دَهَنَ تغيَّر.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْب بِهَذَا اللَّفْظ.
وَمُعَاوِيَةُ شَيْخُ ابْنِ جَوْصَا لاَ يُعْرَف، وَلاَ
وَجَدْتُه فِي كُتُبِ الجَرْحِ.
9 - المُؤَمَّلُ بنُ الحَسَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسِرْجِسَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ *
المَوْلَى، الرَّئِيْس، الإِمَام، المُحَدِّث المُتْقِنُ،
__________
(1) بين الشفة السفلى والذقن.
(2) معاوية بن عبد الرحمن شيخ ابن جوصا لا يعرف كما سيذكر
المصنف، وأخرجه البخاري 6 / 414 في المناقب: باب صفة النبي
صلى الله عليه وسلم من طريق عصام بن خالد عن حريز بن عثمان
به.
وفي الباب عن أبي جحيفة السوائي عند البخاري (3545).
(*) الأنساب: 501 أ - 502 ب، العبر: 2 / 177، النجوم
الزاهرة: 3 / 231، شذرات الذهب: 2 / 283.
(15/21)
صَدْرُ خُرَاسَانَ، أَبُو الوَفَاءِ
المَاسَرْجِسِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
كَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي ثروتِه وَسَخَائِه
وَشجَاعَتِه، وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَحشَم النَّصَارَى،
فَأَسْلَمَ عَلَى يَد ابْنِ المُبَارَكِ، وَلَمْ يَلْحَقِ
المُؤَمَّلُ الأَخذَ عَنْ وَالِدِه.
فسَمِعَ مِنْ:إِسْحَاقَ الكَوْسَج، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى،
وَالحَسَنِ بن مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ
مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيِّ، وَخَلْقٍ مِنْ طبقتِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنَاهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّد، وَأَبُو
القَاسِمِ عَلِيّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ المَخْلَدِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّد بن
عَلِيِّ بنِ (1) سَهْل المَاسَرْجِسِيّ الفَقِيْه،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ:نظَرْتُ لِلْمُؤمَّل فِي
أَلف جُزْء مِنْ أُصُوله، وَخَرَّجتُ لَهُ أَجزَاءَ، فَمَا
رَأَيْتُ أَحسنَ أُصولاً مِنْهُ، فَبَعَثَ إِلَيَّ
بِأَثوَابٍ وَمائَة دِيْنَارٍ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُؤمَّل
يَقُوْلُ:حَجَّ جَدِّي، وَقَدْ شَاخَ فَدَعَا اللهَ أَنْ
يرزُقَه وَلداً، فَلَمَّا رَجَعَ رُزق أَبِي فَسَمَّاهُ
المُؤمَّل لتَحْقِيْق مَا أَمَّلَه، وَكَنَّاهُ أَبَا
الوَفَا لِيفيَ للهِ بِالنُّذُور، فوفَى بِهَا.
قِيْلَ:إِنَّ أَمِيْرَ خُرَاسَانَ ابْنَ طَاهِر (2) ،
اقترضَ مِنِ ابْنِ مَاسَرْجِس أَلفَ أَلفِ دِرْهَم.
مَاتَ المُؤمَّل - رَحِمَهُ اللهُ - فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ،
سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) ساقطة في الأصل.
(2) هو عبد الله بن طاهر بن الحسين، وقد مرت ترجمته في
الجزء العاشر الترجمة 252. انظر " وفيات الأعيان ": 3 / 83
- 89.
(15/22)
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ،
يقَعُ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ فِي مَجَالِس المَخْلَديّ (1)
.
10 - أَخُو زُبَيْرٍ الحَافِظ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّث، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ البَيِّع، يُعْرَفُ
بِأَخِي زبَير الحَافِظِ، شَيْخٌ صَدُوْقٌ.
يَرْوِي عَنْ:إِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَعَبْد
الرَّحْمَنِ بن يُوْنُسَ السَّرَّاج، وَعُقْبَة بنِ
مُكْرَم، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْن،
وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَيُوْسُف القَوَّاس، وَأَبُو
الفَضْلِ بنُ المَأْمُوْن، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي
شُرَيْح.
وَثَّقَهُ القَوَّاس.
تُوُفِّيَ بَعْدَ العِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، سَنَة
إِحْدَى.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّحْوِيّ،
وَطَائِفَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرْنَا ابْنُ اللَّتِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الوَقْتِ، أَخْبَرَتْنَا بيبى (2) ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
أَبِي شُرَيْح، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الأَدَمِيّ،
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيْم، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
أُمَيَّةَ، وَعُبَيْد اللهِ بن نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(التَّسبيحُ للرِّجَالِ وَرخَّصَ فِي التَّصْفِيقِ
لِلنِّسَاءِ) (3) .
__________
(1) أبو محمد، الحسن بن أحمد بن محمد بن مخلد بن شيبان
المخلدي، من أهل نيسابور قال عنه الحاكم: " وهو صحيح الكتب
والسماع، متقن في الرواية، صاحب الاملاء في دار السنة توفي
سنة / 339 / ه. انظر " الأنساب ": 514 ب.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 106، المنتظم: 6 / 252.
(2) على وزن ضيزى، كما في " تاج العروس " " بيب ".
(3) وأخرجه ابن ماجة (1036) في إقامة الصلاة من طريق سويد
بن سعيد، عن يحيى بن =
(15/23)
11 - العَسَّالُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الوَارِثِ بنِ جَرِيْرٍ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّث، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بنُ عَبْدِ الوَارِثِ بنِ جَرِيْرٍ (1) الأَسْوَانيُّ،
المِصْرِيُّ، العَسَّالُ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بن رُمْح، وَعِيْسَى بنَ حَمَّاد
زُغْبَة، وَجَمَاعَة، وَهُوَ خَاتمَة مَنْ رَوَى
عَنِ:ابْنِ رُمْح.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَأَبُو
القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَضْرَمِيُّ وَالدُ يَحْيَى
الطَّحَّان، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ أَبِي جدَار،
وَمَيْمُوْنُ بنُ حَمْزَةَ العَلَوِيُّ وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ مِنْ مَوَالِي عُثْمَان بنِ عَفَّان - رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ - .
وَثَّقَهُ ابْنُ يُوْنُسَ (2) ، وَقَالَ:جَاوز
التِّسْعِيْنَ.
تُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سنَةَ إِحْدَى
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= سليم بهذا الإسناد البوصيري في " الزوائد ورقة 66:
إسناده حسن، وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري 3 / 62 في
العمل في الصلاة: باب التصفيق للنساء، ومسلم (422) في
الصلاة باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة، والدارمي 1 / 317،
وأبي داود (939) والنسائي 3 / 11، والترمذي (369) وابن
ماجة (1034) وأحمد 2 / 261 و317 و376 و432 و440 و473 و479
و492 و507 و529.
وعن سهل بن سعد الساعدي عند ابن ماجة (1035) وأحمد 5 / 336
و338 والدارمي 1 / 317 ومالك 1 / 163، 164 والبخاري 2 /
139، 141 في الجماعة، ومسلم (421) وأبي داود (940) وعن
جابر بن عبد الله عند أحمد 3 / 348، 357.
(*) الإكمال: 7 / 47، الأنساب: 1 / 260، 8 / 446، العبر: 2
/ 185، حسن المحاضرة: 1 / 368، شذرات الذهب: 2 / 288.
(1) في الأنساب: 8 / 446 " ابن حرب " وهو خطأ، وانظر تعليق
المعلمي في الأنساب: 1 / 260.
(2) " العبر ": 2 / 185.
(15/24)
12 - أَبُو حَامِدٍ الحَضْرَمِيُّ
مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ عَبْدِ اللهِ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، الإِمَامُ، أَبُو
حَامِدٍ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
حُمَيْدٍ الحَضْرَمِيُّ، البَغْدَادِيُّ، مِنْ بَقَايَا
المُسْنِدينَ.
سَمِعَ:إِسْحَاقَ بن أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَأَبَا همّام
السَّكُوْنِيَّ، وَنَصْر بن عَلِيٍّ الجَهْضَمِيّ (1) ،
وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق،
وَالدَّارَقُطْنِيّ وَوَثَّقَهُ، وَيُوْسُف القَوَّاس،
وَعُمَر بنُ شَاهِيْن، وَعِيْسَى بنُ الوَزِيْرِ،
وَالمُخَلِّصُ (2) ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
مَاتَ:فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ نَيِّف وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ فِي جُزْءِ ابْن الطَّلاَيه.
13 - ابْنُ مُبَشِّرٍ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُبَشِّرٍ الوَاسِطِيُّ **
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ الوَاسِطِيُّ.
سَمِعَ:عَبْدَ الحَمِيْدِ بن بَيَان، وَأَحْمَدَ بنَ
سِنَان القَطَّان، وَمُحَمَّدَ بنَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 358 - 359، العبر: 2 / 188، الوافي
بالوفيات: 5 / 148، شذرات الذهب: 2 / 291.
(1) بفتح الجيم والضاد المنقوطة وسكون الهاء، هذه النسبة
إلى الجهاضمة، وهي محلة بالبصرة. " الأنساب ": 3 / 391.
(2) أبو طاهر، محمد بن عبد الرحمن بن العباس، البغدادي
الذهبي، وقد اشتهر بالمخلص، لأنه يخلص الذهب من الغش.
انظر " تاريخ بغداد ": 2 / 322 - 323.
(* *) العبر: 2 / 203، شذرات الذهب: 2 / 305.
(15/25)
الْمثنى العَنَزِيّ، وَعَمَّار بن خَالِدٍ
التَّمَّار، وَمُحَمَّد بن حَرْب النَّشَائِيّ (1) ،
وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو
أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَزَاهِر بن
أَحْمَدَ، وَآخَرُوْنَ كَثِيْرُوْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ،
أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
زَاهِر المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الْعدْل، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَيَان، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(إِذَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ، أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ
لَهُ حُصَاص (2)).
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (3) عَنْ عَبْدِ الحَمِيْد،
فَوَافَقْنَاهُ بِعُلّوّ.
مَاتَ ابْنُ مُبَشِّر:فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَث مائَة.
14 - الزُّبَيْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ أَبُو عَبْدِ
اللهِ البَغْدَادِيُّ *
الحَافِظُ، البَارِعُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ.
__________
(1) بفتح النون والشين المنقوطة وهمزة الالف. هذه النسبة
إلى عمل النشا. " الأنساب ": 560 أ.
(2) الحصاص: شدة العدو في سرعة.
وفي حديث أبي هريرة: إن الشيطان إذا سمع الاذان ولى وله
حصاص روى هذا الحديث حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النجود.
قال حماد: فقلت لعاصم: ما الحصاص ؟ قال: أما رأيت الحمار
إذا صر بأذنيه ومصع بذنبه وعدا ؟ فذلك الحصاص.
قال الازهري: هذا هو الصواب. انظر " لسان العرب ": " حصص
".
(3) رقم (389) (17) في الصلاة: باب فضل الاذان و" الموطأ "
1 / 69، 70 والبخاري 2 / 69، ومسلم (389).
(*) تاريخ بغداد: 8 / 472، المنتظم: 6 / 218.
(15/26)
سَمِعَ:عَبَّاساً الدُّوْرِيَّ، وَأَبَا
مَيْسَرَة النُّهَاوَنْدِيَّ (1) ، وَطبقَتَهُمَا.
وَعَنْهُ:عَبْد الصَّمَدِ الطَّسْتِيُّ (2) ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ شَاهِيْن، وَعَلِيُّ بنُ
الحَسَنِ الجَرَّاحِيّ (3) .
تُوُفِّيَ:سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي
الكُهُوْلَة. وَكَانَ ثِقَةً.
15 - الطَّحَاوِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ سَلاَمَةَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، مُحَدِّثُ
الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ وَفَقِيْهُهَا، أَبُو جَعْفَرٍ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمَةَ بنِ سَلَمَةَ بنِ
عَبْدِ المَلِكِ الأَزْدِيُّ، الحَجْرِيُّ (4) ،
المِصْرِيُّ، الطَّحَاوِيُّ، الحَنَفِيُّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ مِنْ أَهْلِ قريَة
__________
(1) مثلثة النون كما في " القاموس ".
(2) بفتح الطاء المهملة، وسكون السين المهملة أيضا، وفي
آخرها التاء المنقوطة من فوقها باثنتين.
هذه النسبة إلى " الطست " وعمله.
" الأنساب ": 8 / 241.
(3) انظر " العبر ": 3 / 2 فما بين حاصرتين منه.
(*) الفهرست: 292، طبقات الشيرازي: 142، الأنساب: 8 / 218،
تاريخ ابن عساكر: 2 / 89 أ - 90 أ، المنتظم: 6 / 250،
وفيات الأعيان: 1 / 71 - 72 تذكرة الحفاظ: 3 / 808 - 811،
العبر: 2 / 186، الوافي بالوفيات: 8 / 9 - 10 مرآة الجنان:
2 / 281، البداية والنهاية: 11 / 174، الجواهر المضية: 1 /
102 - 105 غاية النهاية: 1 / 116، لسان الميزان: 1 / 274 -
282، النجوم الزاهرة، 3 / 239، طبقات الحفاظ: 337، حسن
المحاضرة: 198 شذرات الذهب: 2 / 288.
(4) بفتح الحاء المهملة، وسكون الجيم، وفي آخرها الراء.
هذه النسبة إلى ثلاث قبائل اسم كل واحدة حجر: إحداها حجر
حمير، والاخرى حجر رعين، والثالثة حجر الازد.
هكذا أوردها صاحب " الأنساب ": 4 / 66 - 67 وقد خطأه ابن
الأثير في " اللباب ": 1 / 281، فقال: " حجر رعين هو حجر
حمير ". يعني أن هناك حجرين: حجر رعين وحجر الازد لا غير.
ومن حجر الازد الطحاوي.
(15/27)
طَحَا مِنْ أَعْمَال مِصْر.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ:عَبْدِ الغَنِيّ بن رِفَاعَةَ، وَهَارُوْن
بن سَعِيْدٍ الأَيْلِيِّ، وَيُوْنُس بنِ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَبَحْر بن نَصْرٍ الخَوْلاَنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَعِيْسَى بن مَثْرُود،
وَإِبْرَاهِيْم بن مُنْقِذ، وَالرَّبِيْع بن سُلَيْمَانَ
المُرَادِيِّ، وَخَالِه أَبِي إِبْرَاهِيْم المُزَنِيِّ
(1) ، وَبَكَّار بنِ قُتَيْبَةَ، وَمِقْدَامِ بنِ دَاوُدَ
الرُّعَيْنِيّ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ بنِ
البَرْقِيِّ، وَمُحَمَّد بن عَقِيْل الفِرْيَابِيِّ،
وَيَزِيْدَ بنِ سِنَان البَصْرِيّ، وَطَبَقَتهم.
وبرزَ فِي عِلْمِ الحَدِيْث وَفِي الفِقْه، وَتفقَّه
بِالقَاضِي أَحْمَدَ بنِ أَبِي عِمْرَانَ الحَنَفِيّ،
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ المَيَانَجيُّ،
وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
بَكْرِ بنِ مَطَروح، وَأَحْمَد بن القَاسِمِ الخَشَّاب (2)
، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ
الوَارِث الزَّجَّاج، وَعَبْد العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ
الجَوْهَرِيُّ قَاضِي الصَّعِيد، وَأَبُو الحَسَنِ
مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الإِخْمِيمِيُّ (3) ، وَمُحَمَّدُ
بنُ الحَسَنِ بنِ عُمَرَ التَّنُوْخِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
المُظَفَّرِ الحَافِظ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم مِنَ
الدَّمَاشِقَة وَالمِصْرِيّين وَالرَّحَّالين فِي
الحَدِيْثِ.
__________
(1) إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل، أبو إبراهيم المزني: صاحب
الامام الشافعي من أهل مصر، كان زاهدا، عالما، مجتهدا، قوي
الحجة. توفي سنة / 264 / ه. " طبقات الشافعية ": 2 / 93 -
95.
(2) في الأصل: " الحساب " - بمهملتين - وهو تصحيف. انظر "
تاريخ بغداد ": 4 / 353 - 354.
(3) بكسر الالف، وسكون الخاء المعجمة، والياء المنقوطة
باثنتين من تحتها بين الميمين المكسورتين.
هذه النسبة إلى إخميم، وهي بلدة من ديار مصر من الصعيد على
طريق الحاج. " الأنساب ": 1 / 155.
(15/28)
وَارْتَحَلَ إِلَى الشَّامِ فِي سَنَةِ
ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فلقِي القَاضِي أَبَا خَازم (1) ، وَتفقَّه أَيْضاً
عَلَيْهِ.
ذكره أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، فَقَالَ:عِدَادُه فِي
حَجْر الأَزْد (2) ، وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتاً فَقِيْهاً
عَاقِلاً، لَمْ يخلِّفْ مثلَه.
ثُمَّ ذَكَرَ مولدَه وَموتَه (3) .
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا
أَبُو اليُمَن الكِنْدِيّ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ
بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو
إِسْحَاقَ فِي(طبقَات الفُقَهَاء)قَالَ:
وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ انتهتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ
أَصْحَابِ أَبِي حَنِيْفَةَ بِمِصْرَ، أَخَذَ العِلْمَ
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بن أَبِي عِمْرَانَ، وَأَبِي خَازم
وَغيرِهِمَا، وَكَانَ شَافِعِيّاً يَقْرَأُ عَلَى أَبِي
إِبْرَاهِيْم المُزَنِيّ، فَقَالَ لَهُ يَوْماً:
وَاللهِ لاَ جَاءَ مِنْكَ شَيْء، فَغَضِبَ أَبُو جَعْفَرٍ
مِنْ ذَلِكَ، وَانْتَقَلَ إِلى ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ،
فَلَمَّا صَنّف مُخْتَصَره، قَالَ:رَحِمَ اللهُ أَبَا
إِبْرَاهِيْم لَوْ كَانَ حَيّاً لكفَّرَ عَنْ يمِينه.
صَنّف(اخْتِلاَف العُلَمَاء)، و(الشّروط)، و(أَحْكَام
القُرْآن)، و(مَعَانِي الآثَار).
ثُمَّ قَالَ:وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
قَال:وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَث مائَة
(4) .
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ بن زَبْرٍ (5) :قَالَ لِي
الطَّحَاوِيّ:
أَوَّل مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ الحَدِيْث:المُزَنِيّ،
وَأَخذتُ بِقَول الشَّافِعِيّ، فَلَمَّا كَانَ بَعْد
سِنِيْنَ، قَدِمَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ قَاضِياً
عَلَى مِصْرَ، فصحِبْتُه، وَأَخذتُ بِقَولِه.
__________
(1) عبد الحميد بن عبد العزيز، أبو خازم: قاض، فرضي، من
أهل البصرة، ولي لقضاء بالشام والكوفة وكرخ بغداد. توفي
سنة / 292 / ه. " تاريخ بغداد ": 11 / 62 - 67.
(2) انظر الصفحة / 27 / تعليق رقم / 4 /.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 809.
(4) " طبقات الشيرازي ": 142.
(5) هو محمد بن عبد الله بن أحمد، الدمشقي: حافظ ثقة، توفي
سنة / 379 / ه. " العبر ": 3 / 12.
(15/29)
قُلْتُ:مَنْ نَظر فِي توَالِيف هَذَا
الإِمَام عَلِمَ محلَّه مِنَ العِلْم، وَسعَة مَعَارِفه.
وَقَدْ كَانَ نَابَ فِي القَضَاءِ عَنْ أَبِي عُبَيْد
اللهِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدَةَ (1) ، قَاضِي مِصْر سنَةَ
بِضعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَترقَّى حَاله، فحَكَى أَنَّهُ حَضَرَ رَجُل مُعْتَبر
عِنْد القَاضِي ابْنِ عَبْدَةَ فَقَالَ:
أَيش رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مَسْعُوْدٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيْهِ؟
فَقُلْتُ أَنَا (2) :حَدَّثَنَا بَكَّار بنُ قُتَيْبَةَ،
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيّ، عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيْهِ، أَنَّ
رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَال:(إِنَّ اللهَ ليغَارُ لِلْمُؤْمِن فَلْيَغَرْ (3)).
وَحَدَّثَنَا بِهِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي دَاوُدَ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
سُفْيَانَ موقُوَفاً، فَقَالَ لِي الرَّجُل:تَدْرِي مَا
تَقُولُ وَمَا تتكلّمُ بِهِ؟
قُلْتُ:مَا الخَبَر؟
قَالَ:رأَيتك العَشِيَّةَ مَعَ الفقُهَاءِ فِي
مَيْدَانهِم، وَرأَيتُكَ الآنَ فِي مَيْدَان أَهْلِ
الحَدِيْث، وَقلَّ مَنْ يَجْمَعُ ذَلِكَ.
فَقُلْتُ:هَذَا مِنْ فضلِ الله وَإِنعَامِه.
__________
(1) قال شعيب: وهذه الشهادة من مؤرخ الإسلام الذهبي وغيره
من الأئمة في حق الامام الطحاوي تدل على أن ما جاء في
مقدمة معرفة السنن والآثار لأحمد صقر من نبز وطعن إنما كان
بدافع التعصب والحقد والجهل ولا يتسع المجال هنا لايراد
ماقاله في حق هذا الامام وكشف عواره، وبيان وهائه، ودحض
مفترياته.
وكان يجدر به وهو يحقق كتابا في السنة النبوية أن يأتسي
بأئمة الجرح والتعديل في توخيهم الدقة والتمحيص، والصدق
والعدل في ما يصدرون من آراء في حق أهل العلم.
(2) أي: الطحاوي.
(3) رجاله ثقات إلا أن أبا أحمد الزبيري - واسمه محمد بن
عبد الله بن الزبير - يخطئ في حديث الثوري.
وأخرج البخاري 9 / 280 في النكاح: باب الغيرة، ومسلم (276)
في التوبة: باب غيرة الله تعالى، والترمذي (3530) وأحمد 1
/ 381 و425 و436 من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة عن عبد
الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله وسلم " ما من
أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش " وفي الباب عن
أبي هريرة عند البخاري 9 / 281 ومسلم (2761) والترمذي
(1168) وعن أسماء عند البخاري 9 / 280، ومسلم (2762) وعن
المغيرة بن شعبة عند البخاري 12 / 154، ومسلم (1499).
(15/30)
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:تُوُفِّيَ فِي مُستهل
ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ (1) .
كَتَب إِلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ
الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ طَبَرزَد، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، حدثَنا أَبُو مُحَمَّدٍ
الجَوْهَرِيّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
المُظَفَّرِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِي،
حَدَّثَنَا المُزَنِيّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيّ،
حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- يَصُوْمُ حَتَّى نَقُوْلَ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ
حَتَّى نَقُوْلَ، لاَ يصومُ.
وَمَا رَأَيْتهُ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ
رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتهُ أَكْثَرَ صِيَاماً مِنْهُ فِي
شَعْبَانَ (2) .
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ
بنُ مُنِير، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيّ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُؤمل، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ سَلاَمَةَ القُضَاعِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بن عُمَرَ التَّنُوْخِيّ سنَة 398، سَمِعْتُ
أَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ
سِنَان، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ بيَان، عَنْ أَبِي
الرَّحَّال، عَنْ أَنَس قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(مَا أَكرم شَابّ شَيْخاً لسنه إِلاَّ قيض الله لَهُ
عِنْد سنّه مَنْ يُكرمهُ)إِسنَاده وَاهٍ (3) .
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 809 - 810.
(2) هو في " الموطأ " 1 / 309 في الصيام: باب جامع الصيام،
ومن طريقه البخاري
(1969) في الصوم: باب صوم شعبان، ومسلم (1156) (175) في
الصيام: باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان.
(3) لضعف يزيد بن بيان، قال الامام الذهبي في " الميزان ":
قال الدارقطني: ضعيف، وقال البخاري: فيه نظر، ثم أورد له
هذا الحديث، وقال: قال ابن عدي هذا منكر، وشيخه فيه أبو
الرحال، قال أبو حاتم: ليس بقوي، منكر الحديث، وقال
البخاري: عنده عجائب، وأخرجه الترمذي (2022) وأبو نعيم في
" تاريخ أصبهان " 2 / 185، والخطيب في " الفقيه والمتفقه "
كلهم من طريق يزيد بن بيان بهذا الإسناد، وقال الترمذي:
هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ يزيد بن
بيان.
(15/31)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّد،
وَأَحْمَد بنُ مُؤْمِن، قَالاَ:أَخْبَرَنَا أَبُو
المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ السَّيْد الأَنْصَارِيُّ،
أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ السُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا
سَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
القَاسِمِ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيسِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عُمَرَ النَّاقِدُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَد بن سُلَيْمَانَ
الحَرِيْرِي (1) قَالَ:
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ:حَدَّثَنَا أَبُو
أُمَيَّة، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْر، وَعُبَيْدُ
اللهِ بنُ مُوْسَى، قَالاَ:
حَدَّثَنَا مَهْدِيّ بنُ مَيْمُوْنَ، عَنْ وَاصل
الأَحْدَب، عَنِ المَعْرُور بن سُوَيْد، عَنْ أَبِي ذَرٍّ
قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي مسيرٍ لَهُ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ
اللَّيْل تنحَّى فَلَبِثَ طَوِيْلاً، ثُمَّ أَتَانَا،
فَقَالَ:
(أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَنْ
مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ دَخَلَ
الجَنَّةَ).
قَالَ:قُلْتُ:وَإِنْ زنَى وَإِنْ سرق؟
قَالَ:(وَإِن زنَى وَإِن سرق).
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ شُعبَة، عَنْ وَاصل (2)
.
مَاتَ سنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ الطَّحَاوِيّ،
وَمَكْحُوْل البَيْرُوْتِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ
الأَعْمَشِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُقْرِئ دِمَشْق ابْن
ذَكْوَان، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَارِث العَسَّال،
وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ رَزِيْن البَاشَانِي الهَرَوِيّ،
وَحَاتِم بنُ مَحْبُوْب الهَرَوِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ
الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ
الأَصْبَهَانِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ أَخُو زبِير
الحَافِظ، وَشَيْخ المُعْتَزِلَةِ أَبُو هَاشِمٍ
الجُبَّائِي (3) عَبْدُ السَلاَّم بنُ أَبِي
__________
(1) في " الأنساب ": 3 / 243 " الجريري، ويقال له: الحريري
- بالحاء - اجتمع فيه النسبتان فمن قال له الحريري فينسبه
إلى بيع الحرير، ومن قال الجريري - بالجيم - فلاجل تفقهه
على مذهب ابن جرير الطبري ".
(2) أخرجه البخاري (1237) في أول الجنائز، و(1408) و(2388)
و(3222) و(5827) و(6268) و(6443) و(6444) و(7487) ومسلم
(94) في الايمان: باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل
الجنة.
(3) بضم الجيم، وتشديد الباء المفتوحة المنقوطة بواحدة من
تحت. وهي قرية بالبصرة. " الأنساب ": 3 / 176، وراجع "
الإكمال " بتعليقة: 3 / 63 - 64.
(15/32)
عَلِيّ، وَإِمَامُ اللُّغَةِ أَبُو بَكْرٍ
بنُ دُرَيْد، وَمُحَمَّدُ بنُ نُوْح الجُنْدَ يْسَابورِي،
وَأَبُو حَامِدٍ الحَضْرَمِيُّ، وَيُوْسُف بنُ يَعْقُوْبَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ الوَاهِي.
رَوَى عَنْ:أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ.
16 - مَكْحُوْلُ بنُ الفَضْلِ أَبُو مُطِيعٍ النَّسفِيُّ *
الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، الفَقِيْه، أَبُو مُطِيع
النَّسَفَي، صَاحِب كِتَاب(اللُّؤلئيَاتِ)فِي الزُّهْد
وَالآدَابِ.
رَوَى عَنْ:دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ، وَأَبِي عِيْسَى
التِّرْمِذِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بن الضُّرَيْس، وَمُطَيَّن،
وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ، شَيْخٌ لجَعْفَر المُسْتَغْفِريِّ.
ذكَرَه المُسْتَغْفِريُّ فِي(تَارِيْخ نسف)، وَذَكَرَ
أَنَّ اسْمَه مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ، وَمَكْحُوْلٌ
لَقُبه، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَة ثَمَانٍ
وَثَلاَث مائَةٍ.
قُلْتُ:رَأَيْت لَهُ مُؤلَّفاً مخروماً عِنْد الشَّيْخ
عَبْد اللهِ الضَّرِيْر، وَلَهُ نَظْمٌ حَسَن.
17 - مَكْحُوْلٌ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
السَّلاَمِ البَيْرُوْتِيُّ **
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
السَّلاَّم بنِ أَبِي أَيُّوْبَ البَيْرُوْتِيُّ، وَلقبُه
مَكْحُوْل.
__________
(*) الجواهر المضية: 2 / 180.
(* *) الأنساب: 2 / 361 - 362، معجم البلدان: 1 / 525 -
526، تذكرة الحفاظ: 3 / 814 - 815، العبر: 2 / 187 - 188،
الوافي بالوفيات: 3 / 346، النجوم الزاهرة: =
سير 15 / 3
(15/33)
سَمِعَ:أَبَا عُمِير عِيْسَى بنَ مُحَمَّدٍ
النَّحَّاس، وَأَحْمَدَ بنَ سُلَيْمَانَ الرُّهَاوِيَّ،
وَأَحْمَدَ بن حَرْبٍ الطَّائِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
إِسْمَاعِيْلَ بن عُلَيَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَسُلِيمَان بنَ سَيْف
الحَرَّانِيَّ، وَمُحَمَّد بن هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيَّ،
وَحَاجِبَ بنَ سُلَيْمَانَ المَنْبِجِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ أَبِي المَضَاء، وَطَبَقَتهُم.
وَعَنْهُ:أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ
الرَّبَعِي، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ ذَكْوَان، وَعَبْد
الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ
الأَذَنِيُّ (1) ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو
أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ثِقَةً مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْث (2) .
مَاتَ فِي أَوَّل جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ إِحْدَى
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
18 - مُحَمَّدُ بنُ نُوْحٍ أَبُو الحَسَنِ
الجُنْدَيْسَابورِيُّ الفَارِسِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو الحَسَنِ
الجُنْدَيْسَابورِيُّ (3) الفَارِسِيُّ، نَزِيْلُ
بَغْدَادَ.
__________
= 3 / 242، طبقات الحفاظ: 339، شذرات الذهب: 2 / 291.
(1) بفتح الالف، والذال المعجمة، وفي آخرها النون، هذه
النسبة إلى أذنه، وهي من مشاهير البلدان بساحل الشام عند
طرسوس. " الأنساب ": 1 / 167.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 815.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 324، الأنساب: 3 / 318 - 319، تاريخ
ابن عساكر: 16 / 32 / أ - 33 / أ، تذكرة الحفاظ: 3 / 826 -
827، طبقات الحفاظ: 344.
(3) بضم الجيم وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وسكون
الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين، وفتح السين المهملة،
بعدها الالف والباء المنقوطة بنقطة، بعدها واو، وراء مهمة.
هذه النسبة إلى بلدة من بلاد كور الاهواز - وهي خوزستان -
يقال لها جنديسابور، هي مشهورة معروفة.
" الأنساب ": 3 / 318.
(15/34)
سَمِعَ:الحَسَن بن عَرَفَةَ، وَشُعَيْب بنَ
أَيُّوْبَ الصِّرِيْفينِيَّ (1) وَهَارُوْن بن إِسْحَاقَ
الهَمْدَانِيَّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
شَاذَانَ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَعِيْسَى بن (2)
الوَزِيْر، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:ثِقَةٌ حَافِظٌ (3) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ، مَا
رَأَيْتُ كُتُباً أَصحَّ مِنْ كُتُبِهِ، وَلاَ أَحسَن (4)
.
قُلْتُ:حَدَّث بِدِمَشْقَ، وَمِصْر، وَبَغْدَاد.
وَمَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَ لِي أَحَادِيْثُ مِنْ عَوَالِيْهِ.
19 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمَّادِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامِ، حَافِظِ وَقتِهِ حَمَّاد بن زَيْدٍ،
الأَزْدِيُّ
__________
(1) بفتح الصاد المهملة، وكسر الراء، وسكون الياء المنقوطة
من تحتها باثنتين، والفاء بين اليائين، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى صريفين قريتين: أحداهما من أعمال واسط،
والثانية من أعمال بغداد.
وإلى الأولى ينتسب شعيب بن أيوب.
وقد ورد في " تقريب التهذيب ": 1 / 351 " الصيرفي " وهو
تصحيف. انظر " الأنساب ": 8 / 58.
(2) ساقطة في الأصل.
وعيسى هذا هو ابن الوزير الصالح علي بن عيسى الذي سترد
ترجمته رقم / 140 / من هذا الجزء.
وانظر ترجمة عيسى بن علي في " تاريخ بغداد ": 11 / 179 -
180.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 826.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 827.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 61 - 62، المنتظم: 6 / 278، النجوم
الزاهرة: 3 / 249.
(15/35)
مَوْلاَهُمُ، البَصْرِيُّ، الإِمَامُ،
الثَّبْتُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو إِسْحَاقَ
العَابِدُ.
سَمِعَ:الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَعَلِيَّ بنَ مُسْلِمٍ
الطُّوْسِيّ، وَعَلِيّ بنَ حَرْبٍ، وَالزَّعْفَرَانِيَّ،
وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ،
وَأَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:ثِقَةٌ جَبَل (1) .
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ الجَرَّاحِيّ:مَا جِئْتُهُ إِلاَّ
وَجدتُهُ يَقْرَأ، أَوْ يُصَلِّي (2) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَاد النَّيْسَابُوْرِيُّ:مَا
رَأَيْتُ رَجُلاً أَعْبَدَ مِنْهُ (3) .
قُلْتُ:مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَقَدْ وَلِي وَلدهُ هَارُوْنُ قَضَاءَ الدِّيَارِ
المِصْرِيَّة فِي حَيَاةِ الوَالد بَعْد أَبِي عُبَيْد بن
حَرْبَوَيْه، وَاسْتنَابَ عَلَى إِقلِيم مِصْر أَخَاهُ
أَبَا عُثْمَانَ أَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، ثُمَّ عُزِل
هَارُوْنُ سنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ.
20 - الإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ
سَعْدٍ الهَمَذَانِيُّ *
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 61.
(2) المصدر السابق.
(3) المنتظم: 6 / 278.
(*) لم نهتد إلى مصادر ترجمته.
(15/36)
رَوَى عَنْ:هَارُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ،
وَمُحَمَّد بن وَزِيْر، وَرُسْتَة (1) ، وَمُحَمَّدِ بنِ
عُبَيْد الهَمَذَانِيّ، وَأَحْمَد بن بُدَيل، وَحَمِيْد بن
زَنْجُوْيَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ:الحَسَنُ بنُ يَزِيْدُ الدَّقَّاق.
وَسَمِعَ:مِنْهُ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ.
وَقَالَ:وَثَّقَهُ أَبِي.
وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً:أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ
ُروزْبَة، وَجِبْرِيْل العَدْل، وَآخَرُوْنَ.
21 - ابْنُ الشَّرْقِيِّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الثِّقَةُ، حَافِظ خُرَاسَان،
أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَن
النَّيْسَابُوْرِيُّ، ابْنُ الشَّرْقِيِّ (2) ،
صَاحِبُ(الصَّحِيْحِ)، وَتلمِيذُ مُسْلِمٍ.
ذكره أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم فَقَالَ:هُوَ وَاحِدُ
عصره حِفْظاً وَإِتقَاناً وَمَعْرِفَةٌ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ، وَعَبْد
الرَّحْمَنِ بنَ بِشْر بن الحَكَمِ، وَأَحْمَدَ بنَ
الأَزْهَر، وَأَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ السُّلَمِيّ،
وَأَحْمَدَ بنَ حَفْص بنِ عَبْدِ
__________
(1) هو عبد الرحمن بن عمر بن يزيد بن كثير، الزهري، أبو
الحسن الأصبهاني، لقبه: رسته. - بضم الراء، وسكون المهملة،
وفتح المثناة - توفي سنة / 246 / ه. " أخبار أصبهان ": 2 /
109 - 110.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 246 - 247، الأنساب: 7 / 319 - 320،
المنتظم: 6 / 289 تذكرة الحفاظ: 3 / 821 - 823، العبر: 2 /
204، ميزان الاعتدال: 1 / 156 الوافي بالوفيات: 7 / 379،
طبقات الشافعية: 3 / 41 - 42، البداية والنهاية: 11 / 188،
لسان الميزان: 1 / 306، النجوم الزاهرة: 3 / 261 طبقات
الحفاظ: 342، شذرات الذهب: 2 / 306.
(2) كان يسكن الجانب " الشرقي " بنيسابور فنسب إليه "
الأنساب ": 7 / 317.
(15/37)
الله، وَطَبَقَتهُم بِبَلَدِهِ -
قُلْتُ:ثُمَّ ارْتَحَلَ فَأَخَذَ بِالرَّيّ، عَنْ أَبِي
حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَطَائِفَةٍ - ، وَبِمَكَّةَ أَبَا
يَحْيَى بنَ أَبِي مَسَرَّة، وَبِبَغْدَادَ مُحَمَّدَ بنَ
إِسْحَاقَ الصَّغَانِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ
بنِ شَاكِر، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي خَيْثَمَةَ،
وَطَبَقَتهُم.
وَبَالكُوْفَةِ أَبَا حَازِم بن أَبِي غَرَزَة
الغِفَارِيَّ، وَعِدَّةً.
وَحَجّ غَيْرَ مَرَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ الحُفَّاظ:أَبُو العَبَّاسِ بن عُقْدَة،
وَالقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِي، وَزَاهِر بن أَحْمَدَ
السَّرْخَسِيّ، وَالحَسَن بنُ أَحْمَدَ المَخْلَدِي،
وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الجَوْزَقي،
وَالسَّيِّد أَبُو الحَسَنِ العَلَوِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ حمدُوْنَ الزَّاهِد، وَالرَّئيس أَبُو
عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي ذُهْل الهَرَوِيُّ، وَأَبُو
الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَدْل، وَأَبُو
أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو الوَفَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ البَزَّاز، وَأَبُو العَبَّاسِ (1) مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ السَّلِيطِي، وَعَدَد كَثِيْر.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ الحُسَيْن التَّمِيْمِيَّ،
سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَة يَقُوْلُ - وَنَظَرَ إِلَى أَبِي
حَامِد بنِ الشَّرْقِيّ - فَقَالَ:حَيَاةُ أَبِي حَامِد
تحجُزُ بَيْنَ النَّاس، وَبَيْنَ الكذبِ عَلَى رَسُوْلِ
اللهِ (2) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قُلْتُ:يَعْنِي:أَنَّهُ يَعْرِفُ الصَّحِيْحَ وَغَيْرَهُ
مِنَ المَوْضُوْع.
الحَاكِم:سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيَّ،
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيَّ
__________
(1) في الأصل: أبو عمرو، وهو وهم من الناسخ.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 427.
(15/38)
يَسْأَلُ أَبَا حَامِد بنَ الشَّرْقِيّ
عَنْ شىء مِنَ الحَدِيْثِ.
الحَاكِم:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَافِظ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ،
حَدَّثَنِي أَحْمَد بنِ مُحَمَّدِ بنِ الشَّرْقِيّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا الأَعْرَج الحَافِظ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُشْكَانَ السَّرْخَسِيّ
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ:سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي
مُسْلِم الفَارِسِيّ الحَافِظ، سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ
بنَ عَدِيّ يَقُوْلُ:
لَمْ أَرَ أَحْفَظَ وَلاَ أَحْسَنَ سَرْداً مِنْ أَبِي
حَامِد بن الشَّرْقِيّ، كتب جَمْعَه لِحَدِيْثِ أَيُّوْب
السِّخْتِيَانِيِّ، فَكُنْتُ أَقرأ عَلَيْهِ مِنَ
كِتَابِهِ، وَيقرأَ مَعِي حِفْظاً مِنْ أَوَّله إِلَى
آخِره (1) .
السُّلَمِيّ:سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي حَامِد
بنِ الشَّرْقِيّ فَقَالَ:ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ إِمَامٌ.
قُلْتُ:لَمْ تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ عُقْدَةَ؟
فَقَالَ:سُبْحَانَ اللهِ تَرَى يُؤَثِّر فِيْهِ مِثْلُ
كَلاَمه، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ ابْن عُقْدَةَ يَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ.
فَقُلْتُ:وَأَبُو عَلِيٍّ؟
قَالَ:وَمَنْ أَبُو عَلِيٍّ حَتَّى يُسْمَعَ كَلاَمُهُ
فِيْهِ (2) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ:أَبُو حَامِدٍ ثَبْتٌ حَافِظٌ مُتْقِنٌ
(3) .
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ:هُوَ إِمَامُ وَقته بِلاَ مُدَافعَة.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:سَأَلتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ
عبدَان، عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ إِذَا نَقَلَ شَيْئاً فِي
الجَرْح وَالتعديل:هَلْ يُقْبَل قَوْلهُ؟قَالَ:لاَ يُقْبَل
(4) .
قد كَانَ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَامِد أَخٌ أَسَنُّ مِنْهُ،
وَهُوَ:المُحَدِّثُ المُعَمَّرُ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 821 - 822.
(2) " ميزان الاعتدال ": 1 / 156.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 426 - 427.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 822.
(15/39)
22 - أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الشَّرْقِيِّ *
سَمِعَ:الذُّهْلِيَّ، وَعَبْد اللهِ بن هَاشِمٍ، وَعَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ بِشْر، وَأَحْمَدَ بنَ الأَزْهَر،
وَأَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْر زَاجَ المَرْوَزِيّ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ،
وَأَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَيَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ
الحَرْبِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ عَبْدوس،
وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ العَلَوِيّ، وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَ الحَاكِم أَنَّهُ رَآهُ وَهُوَ شَيْخ طُوَال أَسمر،
وَأَصْحَابُ المحَابر بَيْنَ يَدَيْهِ.
قَالَ:وَكَانَ أَوْحَد وَقته فِي عِلْم الطِّبّ (1) .
قَالَ:وَلَمْ يَدَعِ الشُّرْب (2) إِلَى أَنْ مَاتَ.
فَنقمُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ (3) وَكَانَ أَخُوْهُ لاَ يرَى
لَهُم السَّمَاعَ مِنْهُ لِذَلِكَ.
قَالَ:وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ أَبُو حَامِدٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَمَّهُم فِي الصَّلاَةِ عَلَيْهِ أَخُوْهُ المَذْكُوْر.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَام، مُسْنِد بَغْدَادَ الشَّرِيْف،
أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
__________
(*) الأنساب: 7 / 319، العبر: 2 / 212، ميزان الاعتدال: 2
/ 494 لسان الميزان: 3 / 341 - 342، شذرات الذهب: 2 / 313.
(1) كان يختلف في صباه إلى أيوب الرهاوي طبيب عبد الله بن
طاهر انظر " لسان الميزان ": 3 / 342.
(2) قال الذهبي في " ميزان الاعتدال " 2 / 494: " سماعاته
صحيحة من مثل الذهلي وطبقته، ولكن تكلموا فيه لادمانه شرب
المسكر ". قلت: ربما كان يشرب النبيذ الذي يرى إباحته
الكوفيون، لا الخمر المتفق على تحريمه.
(3) انظر " الأنساب ": 7 / 319.
(15/40)
عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ صَاحِبُ
أَبِي مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وَالثِّقَةُ مُحَدِّث
نَيْسَابُوْر مَكِّيّ بنُ عَبْدَان التَّمِيْمِيّ،
وَمُقْرِئُ بَغْدَاد أَبُو مزَاحم الخَاقَانِيُّ،
وَالمُعَمَّر أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
وَكيلُ أَبِي صخرَة، وَعِدَّة.
أَخْبَرَتْنَا زَيْنَبُ بنْت كندِي ببَعْلَبَكَّ، عَنْ
زَيْنَبَ بنْتِ عَبْد الرَّحْمَنِ الشّعرِي، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ المُنْعِم بنُ أَبِي القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
الخَشَّاب، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ زَكَرِيَّا الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الحَافِظ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ سُمَيّ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(الحَجُّ المبرورُ لَيْسَ لَهُ جزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّة
(1)).
أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طريقِ عُبَيْد اللهِ بن عُمَرَ.
23 - ابْنُ أَبِي الأَزْهَرِ مُحَمَّدُ بنُ مَزْيَدِ بنِ
مَحْمُوْدٍ الخُزَاعِيُّ *
المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَزْيَدِ بنِ
مَحْمُوْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الخُزَاعِيُّ، البَغْدَادِيُّ،
عُرف:بِابْنِ أَبِي الأَزْهَر، شَيْخٌ، معمَّرٌ تَالفٌ.
حَدَّثَ عَنْ:لُوَين (2) ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي
إِسْرَائِيْلَ، وَالحُسَيْن الاحْتِيَاطِي، وَأَبِي
كُرَيْبٍ.
__________
(1) رقم (1349) في الحج: باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة،
وأخرجه مالك 1 / 346، ومن طريقة البخاري 3 / 476، ومسلم
(1349) عن سمي بهذا الإسناد.
(*) أخبار الراضي والمتقي: 88، معجم الشعراء: 429، تاريخ
بغداد: 3 / 288 - 291، ميزان الاعتدال: 4 / 35، الوافي
بالوفيات: 5 / 18 - 19، لسان الميزان: 5 / 377 - 378، بغية
الوعاة: 104.
(2) هو محمد بن سليمان بن حبيب الأسدي، أبو جعفر، لقبه:
لوين.
(15/41)
وَعَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ شَاذَانَ، وَالمعَافى الجُرَيْرِيُّ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:ضَعِيْفٌ، كَتَبْنَا عَنْهُ
مَنَاكِيرَ (1) ، وَلَهُ شِعْر كَثِيْر.
وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ عُبَيْدُ اللهِ (2) بنُ أَحْمَدَ
النَّحْوِيّ:كذَّبوهُ فِي السَّمَاع مِنْ أَبِي كُرَيْبٍ،
وَغَيْره (3) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ:يَضَعُ الحَدِيْثَ عَلَى الثِّقَات (4)
.
قُلْتُ:وَضَعَ فِي حَدِيْث:(لاَ نَبِيّ بَعْدِي)وَلَوْ
كَانَ لُكَنْتَهُ (5) يَا عليّ (6) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَله جُزء، عَنِ الزُّبَيْر بن بَكَّار.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 288.
(2) في الأصل: عبد الله، وهو تصحيف.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 288.
(4) المصدر السابق.
(5) في الأصل: " لسكانه "
(6) حديث " لا نبي بعدي " أخرجه البخاري (4416) في
المغازي: باب عزوة تبوك، ومسلم (2404) من حديث سعد بن أبي
وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك،
واستخلف عليا، فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء ؟ قال: "
ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا
نبي بعدي " وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري 6 / 408
ومسلم (2286) ولفظه: " وأنا خاتم النبيين " وعن جبير بن
مطعم عند البخاري 8 / 492، ومسلم (2354) وأخرج البخاري
(6194) في الأدب من طريق ابن نمير عن محمد بن بشر، عن
إسماعيل بن خالد، قلت لابن أبي أوفى: رأيت إبراهيم بن
النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: مات صغيرا، ولو قضي أن
يكون بعد محمد نبي عاش ابنه، ولكن لا نبي بعده.
وأخرج أحمد 4 / 154، والترمذي (3686) من طريق أبي عبد
الرحمن المقرئ، عن حيوة عن بكر بن عمرو، عن مشرح ابن
هاعان، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " لو كان بعدي نبي لكان عمر " وهذا سند حسن، وصححه
الحاكم 3 / 85، ووافقه الذهبي، وله شاهدان من حديث أبي
سعيد الخدري، ومن حديث عصمة عند الطبراني، وفيهما ضعف،
انظر " مجمع الزوائد " 9 / 68.
(15/42)
24 - المُقْتَدِرُ بِاللهِ أَبُو الفَضْلِ
جَعْفَرُ ابنُ المُعْتَضِدِ بِاللهِ أَحْمَدَ *
الخَلِيْفَةُ المُقْتَدِر بِاللهِ، أَبُو الفَضْلِ
جَعْفَرُ ابنُ المعتضِد بِاللهِ أَحْمَدَ ابنِ أَبِي
أَحْمَدَ طَلْحَةَ ابنِ المُتَوَكِّل عَلَى اللهِ
الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
بُوْيِعَ بَعْد أَخِيْهِ المكْتَفِي فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
سَنَةً.
وَمَا وَلِيَ أَحَدٌ قبله أَصغر مِنْهُ (1) ، وَانخرم
نظَامُ الإِمَامَةِ فِي أَيَّامه، وَصَغُر منصِب
الخِلاَفَة، وَقَدْ خُلع فِي أَوَائِل دَوْلته، وَبَايعُوا
ابْنَ المُعْتَز، ثُمَّ لَمْ يتمَّ ذَلِكَ.
وَقُتِلَ ابْنُ المُعْتَزّ، وَجَمَاعَةٌ، ثُمَّ إِنَّهُ
خُلِع ثَانياً فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ.
وَبَذَلَ خَطَّه بعزلِ نَفْسه، وَبَايعُوا أَخَاهُ
القَاهرَ، ثُمَّ بَعْد ثَلاَثٍ، أُعيد المُقْتَدِرُ، ثُمَّ
فِي المَرَّة الثَّالِثَة قُتل.
وَكَانَ رَبْعَةً، مليحَ الوَجْه، أَبيضَ بحمرَة، نَزَلَ
الشَّيب بعَارضَيْه، وَعَاشَ ثَمَانِياً وَثَلاَثِيْنَ
سنَةً.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوخي:كَانَ جَيِّد الْعقل،
صَحِيْحَ الرَّأْي، وَلَكِنَّهُ كَانَ مُؤْثِراً
لِلشَّهَوَاتِ، لَقَدْ سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عِيْسَى
الوَزِيْر يَقُوْلُ:مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ يترُكَ هَذَا
الرَّجُل - يَعْنِي المُقْتَدِر - النَّبِيذَ خَمْسَةَ
أَيَّام، فَكَانَ رُبَّمَا يَكُوْنُ فِي أَصَالَةِ
الرَّأْي كَالمَأْمُوْنِ وَالمعتضِد (2) .
قُلْتُ:كَانَ منهوماً بِاللَّعِبِ، وَالجَوَارِي، لاَ
يلتفتُ إِلَى أَعباءِ الأُمُور،
__________
(*) مروج الذهب: 2 / 501، تاريخ بغداد: 7 / 213 - 219،
المنتظم: 6 / 243 - 244 الكامل: 8 / 8 وما بعدها، النبراس:
95 - 183، العبر: 2 / 181 - 182 البداية والنهاية: 11 /
169 - 170، النجوم الزاهرة: 3 / 233، 234 تاريخ الخلفاء:
278 - 386، شذرات الذهب: 2 / 284 - 285.
(1) " تاريخ بغداد ": 7 / 213.
(2) " تاريخ بغداد ": 7 / 218 - 219.
(15/43)
فَدَخَلَ عَلَيْهِ الدَّاخل، وَوَهَنَ
دَسْتُه، وَفَارقَه مُؤنِسٌ الخَادِم مُغَاضِباً إِلَى
المَوْصِل، وَتمَلَّكهَا، وَهَزَمَ عسكَرَهَا فِي صَفَرٍ
سَنَةَ عِشْرِيْنَ (1) .
وَوصَلَتِ القَرَامِطَةُ إِلَى الكُوْفَةِ، فَهَرَبَ
أَهلُهَا.
وَدخَلَت الدَّيْلَمُ، فَاسْتبَاحُوا الدِّينَوَر،
وَوَصَلَ أَهلُهَا (2) ، فَرَفَعُوا المَصَاحِفَ عَلَى
القَصَب، وَضَجّوا يَوْمَ الأَضحى مِنْ سنَة تِسْعَ
عَشْرَةَ (3) ، وَأَقبلَتْ جيوشُ الرُّوْم وَبدَّعُوا
وَأَسرُوا.
ثُمَّ تَجَهَّزَ نَسِيم الخَادِم فِي عَشْرَة آلاَف فَارس،
وَعشرَة آلاَف رَاجل، حَتَّى بلغُوا عَمُّوريَة، فَقتلُوا
وَسبوا، وَتَمَّ بِبَغْدَادَ الوبَاءُ الكَبِيْر، وَالقَحط
حَتَّى سَوَّدَ الشُّرفَاء وُجُوْههُم، وَصَاحُوا:الجوعَ
الجوعَ (4) .
وَقَطَعَ الجَلْبَ عَنْهُم مُؤنسٌ وَالقرَامطَة.
وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ، وَتَسَلَّل الجَيْشُ إِلَى مُؤنس،
فتَهَيَّأَ لقصد المقْتَدر، فَبرَزَ المُقْتَدِرُ،
وَتخَاذَلَ جُندُه.
فَرَكِبَ، وَبِيَدِهِ القَضِيْبُ، وَعَلَيْهِ البُردُ
النَّبوِي، وَالمَصَاحِف حَوْلَهُ، وَالقُرَّاء.
وَخلفَه الوَزِيْر الفَضْلُ بنُ الفُرَاتِ، فَالتحم
القِتَال.
وَصَارَ المُقْتَدِرُ فِي الوَسَط، فَانكشَفَ جمعُه،
فيرمِيه برْبرِيٌ بحربَةٍ مِنْ خلفِه.
فَسقَطَ وَحُزَّ رَأْسُه، وَرُفَع عَلَى قَنَاة، ثُمَّ
سُلِب ثُمَّ طُمِر فِي مَوْضِعه، وَعُفِي أَثره كَأَنْ
لَمْ يَكُنْ، لثَلاَث بَقِيْنَ مِنْ شَوَّال سنَةَ
عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (5) .
وَكَانَ سَمْحاً مِتلاَفاً لِلأَمْوَال، مَحَقَ مَا لاَ
يُعدُّ وَلاَ يُحصَى.
وَمَاتَ صَافِي (6) ، وَتَفَرَّدَ مُؤنس بِأَعباءِ
الأُمُورِ.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 239 - 240 وستأتي ترجمة مؤنس الخادم:
رقم / 25 / من هذا الجزء.
(2) يعني: إلى بغداد.
(3) " النجوم الزاهرة ": 3 / 228 - 229.
(4) " النجوم الزاهرة ": 3 / 232.
(5) راجع الخبر مفصلا في " الكامل ": 8 / 241 - 243.
(6) كان صاحب الدولة كلها، وإليه أمر دار الخليفة، وقد
توفي سنة / 298 / ه " المنتظم ": 6 / 108.
(15/44)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ
القَاضِي:لمَا تَمَّ أَمر المُقْتَدِر اسْتصباهُ الوَزِيْر
العَبَّاس، وَخَاض النَّاسُ فِي صِغَرِهِ، فَعَمِلَ
الوَزِيْرُ عَلَى خَلْعِه، وَإِقَامَة أَخِيْهِ مُحَمَّد
(1) .
ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً، وَصَاحِبَ الشُرْطَة، تنَازعَا
فِي مَجْلِسِ الوَزِيْر، فَاشتطَّ صَاحِب الشُّرْطَة
فَاغتَاظ مُحَمَّد كَثِيْراً، فَفُلِجَ لِوَقْتِهِ،
وَمَاتَ بَعْد أَيَّام.
ثُمَّ اتَّفَقَ جَمَاعَةٌ عَلَى تَوْليَةِ ابْن المُعْتز،
فَأَجَابهُم بِشَرْطِ أَنْ لاَ يسفَكَ دَمٌ.
وَكَانَ رَأْسهُم مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ الجَرَّاحِ،
وَأَبُو المُثَنَّى أَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ القَاضِي
وَالحُسَيْن بنُ حَمْدَانَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى الفَتْك
بِالمُقْتَدِر، وَوَزِيْرِه، وَفَاتك.
فَفِي العِشْرِيْنَ مِنْ ربيع الأَوَّل سنَةَ سِتّ (2) ،
رَكِبَ الملأُ، فَشَدَّ الحُسَيْنُ عَلَى الوَزِيْر
فَقَتَلَهُ.
فَأَنْكَرَ فَاتك، فَعَطَفَ عَلَيْهِ الحُسَيْنُ
فَقَتَلَهُ، وَسَاقَ إِلَى المُقْتَدِرِ، وَهُوَ يلعبُ
بِالصَّوَالِجَة (3) ، فسَمِعَ (4) الضَّجَّةَ فَدَخَلَ
الدَّارَ، فَرُدَّ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَى المُخَرَّم (5) ،
فَنَزَلَ بِدَارِ سُلَيْمَانَ بن وَهْبٍ، وَأَتَى ابْنُ
المُعْتَزّ، وَحضَرَ الأُمَرَاءُ وَالقُضَاةُ سِوَى
حَاشيَةِ المُقْتَدِر، وَابْنِ الفُرَاتِ، وَبَايعُوا
عَبْدَ اللهِ بنَ المُعْتَزّ، وَلقبوهُ الغَالِبَ بِاللهِ
(6) .
فوَزَرَ ابْنُ الجَرَّاح (7) ، وَنُفِّذت الكُتُب،
__________
(1) كذا في الأصل، وهو وهم، والصواب " ابن عمه محمد " وهو
محمد بن المعتمد..كما في " الكامل ": 8 / 11 أما أخوه محمد
- القاهر بالله - فقد ولي الخلافة بعده كما سيأتي في
ترجمته ص / 98 / من هذا الجزء.
(2) وتسعين ومئتين.
(3) الصوالجة: ج، مفردها: صولجان - فارسي معرب - وهو عصا
يعطف طرفها، يضرب بها الكرة على الدواب.
أما العصا التي اعوج طرفاها خلقة في شجرتها فهي المحجن. "
اللسان ": (صلج).
(4) أي المقتدر.
(5) محلة كانت ببغداد بين الرصافة ونهر المعلى.
(6) في " تاريخ الطبري ": 10 / 140، لقبوه: الراضي بالله.
(7) هو محمد بن داود بن الجراح، أبو عبد الله، أديب من
علماء الكتاب، وهو عم الوزير علي بن عيسى - الذي ستأتي
ترجمته ص / 298 / - وكان محمد صديقا لعبد الله بن المعتز.
" تاريخ بغداد ": 5 / 255.
(15/45)
وَبعثَوا إِلَى المُقْتَدِرِ، ليتحوَّل
مِنْ دَارِ الخِلاَفَة، فَأَجَابَ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ
سِوَى غَريبٍ خَالِه، وَمُؤنس الخَازن، وَبَاكِر بنِ
حَمْدَانَ، وَطَائِفَةٍ، وَأَحَاطُوا بِالدَّار ثُمَّ
اقْتَتَلُوا.
فَذَهَبَ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَى المَوْصِل، وَاسْتظهر
خوَاصُّ المُقْتَدِر، وَخَارتْ قوَى ابْن المعتَز،
وَأَصْحَابِهِ، وَانهزمُوا نَحْو سَامَرَّا.
ثُمَّ نَزَلَ ابْنُ المُعْتَز عَنْ فرسه، وَأَغمد سيفَه،
وَاخْتَفَى وَزِيْرُه، وَقَاضيه، وَنُهبتْ دورُهُمَا.
وَقَتَلَ المُقْتَدِر جَمَاعَةً مِنَ الأَعيَان، وَوزر
لَهُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الفُرَاتِ، وَأُخِذَ
ابْنُ المُعْتَزّ، فَقُتِلَ سرّاً، وَصُودِرَ ابْنُ
الجَصَّاص (1) .
فَقِيْلَ:أُخِذَ مِنْهُ أَزيدَ مِنْ سِتَّة آلاَف أَلف
دِيْنَار.
وَتَضَعْضَعَ حَاله (2) .
وَسَاسَ ابْنُ الفُرَاتِ الأُمُورَ.
وَتَمَكَّنَ، وَانصَلَحَ أَمرُ الرَّعيَة، وَالتَّقَى
الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ وَأَخُوْهُ أَبُو الهيجَاءَ
عَبْدُ اللهِ، فَانكسَرَ أَبُو الهيجَاءَ، وَقَدِمَ
أَخوهُمَا إِبْرَاهِيْمُ فَأَصلَحَ حَالَ الحُسَيْن،
وَكَتَبَ لَهُ المُقْتَدِر أَمَاناً.
وَقَدِمَ فَقُلِّدَ قُمَّ وَقَاشَان (3) .
وَقَدِمَ صَاحِبُ أَفْرِيْقيَّةَ (4) زِيَادَةُ الله
الأَغْلَبِيّ (5) ، وَأَخذَهَا مِنْهُ الشِّيْعِيُّ (6)
وَبُوْيِع المَهْدِيُّ بِالمَغْرِب، وَظَهَرَ أَمرُهُ
وَعَدَل، وَتَحَبَّبَ إِلَى الرَّعيَة أَوَّلاً، وَوَقَعَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَاعِييه الأَخوين (7) فَوَقَعَ
بينهُمَا القِتَال، وَعظُمَ الخَطْبُ، وَقُتِلَ
__________
(1) " الكامل " لابن الأثير: 8 / 18.
(2) انظر خبر خلع المقتدر وولاية ابن المعتز في " الكامل
": 8 / 14 - 19.
(3) " تاريخ الطبري ": 10 / 141.
(4) في " الأنساب " و" تقويم البلدان ": بفتح الالف. وفي "
معجم البلدان " بكسرها.
(5) انظر خبر خروجه في " الكامل ": 8 / 20 - 23.
(6) هو أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن محمد، المعروف
بالشيعي. قام بالدعوة لعبيد الله المهدي جد الفاطميين، مهد
ملكه في المغرب، قتل سنة / 298 / ه. وستأتي نتف من أخباره
في ترجمة المهدي ص / 141 / من هذا الجزء.
(7) هما: أبو عبد الله الحسين، وأبو العباس أحمد. راجع
ترجمة المهدي ص / 143 / من هذا الجزء.
(15/46)
خَلْقٌ، حَتَّى ظَفِرَ بِهِمَا وَقتلهُمَا
(1) .
وَتَمَكَّنَ، وَبنَى المَهْدِيَّة (2) .
وَقَدِمَ الحُسَيْن بنُ حَمْدَانَ مِنْ قُمّ فولِي دِيَارَ
بكْر.
وَفِي سَنَةِ 299، أَمْسكَ (3) الوَزِيْر بنَ الفُرَاتِ،
وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ كَاتَبَ الأَعرَابَ أَنْ
يكبِسُوا بَغْدَادَ.
وَوزر أَبُو عَلِيٍّ الخَاقَانِيُّ (4) وَوَرَدت هدَايَا
مِنْ مِصْرَ مِنْهَا:خَمْس مائَة أَلْف دِيْنَار، وضِلَع
آدمِي عرضُه شِبر، وَطولُه أَرْبَعَةَ عَشَرَ شِبْراً،
وَتَيْسٌ لَهُ بِز (5) يدُرُّ اللَّبن، وَقدِمَتْ هدَايَا
صَاحِبِ مَا وَرَاء النَّهر، وَهدَايَا ابْن أَبِي السَّاج
مِنْهَا:بِسَاط رُومِيّ، طُوله سَبْعُوْنَ ذِرَاعاً فِي
سِتِّيْنَ. نَسَجَه الصُّنَّاع فِي عَشْرِ سِنِيْنَ (6) .
وفِي سَنَةِ ثَلاَثِ مائَة عظُم الوبَاء بِالعِرَاقِ،
وَوَزَرَ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى بنِ الجَرَّاحِ (7) ،
وَوَلِيَ القَضَاءَ أَبُو عُمَرَ القَاضِي، وَفِيْهَا
ضُرِبَ الحَلاَّج، وَنُوديَ عَلَيْهِ:هَذَا أَحَدُ دُعَاة
القرَامطَة (8) ، ثُمَّ سجن مُدَّة، وَظَهَرَ عَنْهُ
أَنَّهُ حُلولِي.
وَقُلِّد جَمِيْعَ المَغْرِب وَلدُ المُقْتَدِر صَغِيْر
(9) ، لَهُ أَرْبَع سِنِيْنَ، فَاسْتنَاب مُؤنساً (10)
الخَادِم.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 50 - 53.
(2) انظر " معجم البلدان ": 5 / 230.
(3) يعني المقتدر.
(4) " المنتظم ": 6 / 109.
(5) البز: بالكسر، ثدي الإنسان. قال الزبيدي: " هكذا
يستعملونه ولا أدري كيف ذلك ". " تاريخ العروس " (بز).
(6) " المنتظم ": 6 / 109 - 110.
(7) ترجمته ص / 140 / من هذا الجزء.
(8) " المنتظم ": 6 / 115، 112.
(9) لقب - بعد - بالراضي بالله، وقد ولي الخلافة بعد
القاهر بالله. وستأتي ترجمته ص / 103 / من هذا الجزء.
(10) في الأصل: مؤنس - بالرفع - وهو خطأ.
(15/47)
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ
أَقبل ابْنُ المَهْدِيّ صَاحِبُ المَغْرِب فِي
أَرْبَعِيْنَ أَلفاً برّاً وَبَحْراً ليملِكَ مِصْر،
وَوَقَعَ القِتَال غَيْرَ مَرَّةٍ، وَاسْتَوْلَى
العُبَيْديُّ عَلَى الإِسْكَنْدَرِيَّة، ثُمَّ رَجَعَ
إِلَى بَرْقَة (1) .
وَمَاتَ الرَّاسِبِيُّ أَمِيْرُ فَارس (2) ، فَخلَّف أَلف
فَرَس، وَأَلفَ جمل، وَأَلفَ أَلفِ دِيْنَار.
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ أَقبل
العُبَيْديُّ، فَالتقَاهُ جَيْشُ الخَلِيْفَة فَانكسرَ (3)
العُبَيْديُّ وَقُتِلَ مُقَدَّم جَيْشه حَبَاسَة (4) ،
وَغرِمَ الخَلِيْفَةُ عَلَى خِتَان أَوْلاَدِه الخمسَة
سِتّ مائَة أَلْف دِيْنَار (5) .
وَقلَّد المُقْتَدِرُ الجَزِيْرَة أَبَا الهيجَاءَ بنَ
حَمْدَان، وَأَخذتْ طِّيئ رَكْبَ العِرَاق، وَهلكَ
الخَلْقُ جُوعاً وَعَطَشاً (6) .
وَفِي سَنَةِ 303 رَاسل الوَزِيْر ابْنُ الجَرَّاح
القَرَامطَة، وَأَطلقَ لَهُم، وَتَأَلَّفهُم (7) .
وَكَانَ الجَيْشُ مَشْغُولين مَعَ مُؤنس بِحَرب البْربر،
فنزَعَ الطَّاعَة الحُسَيْن بنُ حَمْدَانَ (8) ، فَسَارَ
لِحَرْبِهِ رَائِق، فَكَسرهُ ابْنُ حَمْدَانَ، ثُمَّ أَقبل
مُؤنس فَالتَقَى الحُسَيْنَ، فَأَسرَه، وَأُدخِلَ بَغْدَاد
عَلَى جمل (9) ، ثُمَّ غَزَا مُؤنسٌ بلاَد الرُّوْم،
وَافتَتَح حصوناً، وَعظُم شَأْنُه.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 84 - 85.
(2) " المنتظم ": 6 / 125 - 126.
(3) " الكامل ": 8 / 89.
(4) في " القاموس " خباسة - بالخاء - وفي " تاج العروس "
قال: " ضبطه الحافظ بفتح الحاء المهملة والشين المعجمة ".
وضم ابن الأثير الحاء. انظر " ولاة مصر: 287 ".
(5) " المنتظم ": 6 / 127.
(6) " الكامل ": 8 / 90 - 91.
(7) " المنتظم ": 6 / 131.
(8) في الأصل: فنزع الطاعة للحسين بن حمدان.
(9) " الكامل ": 8 / 92 - 93.
(15/48)
وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ عُزِلَ ابْن
الجَرَّاحِ (1) مِنَ الوَزَارَة، وَخَرَجَ
بِأَذْرَبِيْجَانَ يُوْسُفُ بنُ أَبِي السَّاج، فَأَسره
مُؤنس بَعْد حُرُوب (2) .
وَفِي سَنَةِ خَمْس، قدِمَت رُسلُ طَاغيَة الرُّوْم، يطلبُ
الُهدنَة، فَزُيِّنَتْ دُورُ الخِلاَفَة، وَعرَضَ
المُقْتَدِر جيوشَه مُلْبَسْين فَكَانُوا مائَةً
وَسِتِّيْنَ أَلْفاً، وَكَانَ الخدَّام سَبْعَة آلاَف،
وَالحُجَّاب سبعَ مائَة، وَالسُّتور ثَمَانيَةً
وَثَلاَثِيْنَ أَلف سِتْر، وَمائَة أَسد مُسلسلَة، وَفِي
الدِّهَاليز عَشْرَةُ آلاَف جَوْشَن (3) مُذْهَبَة (4) .
وَفِي سَنَةِ سِتّ فُتِحَ مَارَسْتَان (5) أُمِّ
المُقْتَدِر، أَنفقَ عَلَيْهِ سبعَ مائَة أَلْف دِيْنَار
(6) .
وَذُبحَ الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ فِي الحَبْسِ، وَأُطلق
أَخُوْهُ أَبُو الهيجَاءَ.
وَكَانَ قَدْ أُعيد إِلَى الوِزَارَة ابْنُ الفُرَاتِ،
فَقُبضَ عَلَيْهِ، وَوزَرَ حَامِدُ بنُ العَبَّاسِ، فقدِمَ
مِنْ وَاسِط وَخَلْفَهُ أَرْبَع مائَة مَمْلُوْك فِي
السِّلاَح (7) .
وَولِيَ نَظَر مِصْر وَالشَّام المَادَرَائِيُّ، وَقُرِّر
عَلَيْهِ خَرَاجهُمَا فِي السَّنَة سِوَى رِزق الجُنْد
ثَلاَثَة آلاَف أَلف دِيْنَار، وَاسْتقلَّ بِالأَمْرِ
وَالنَّهْي السَّيِّدَةُ أُمُّ المُقْتَدِر، وَأَمرتِ
القَهْرمَانَةُ ثملَ أَنْ تِجلِس بِدَارِ العَدْل، وَتنظر
فِي القِصَص، فَكَانَتْ تجلِس، وَيحضُر القُضَاةُ
وَالأَعيَان، وَتوقِّع ثَمِل عَلَى المرَاسم (8) .
وفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَلَّى المُقْتَدِر نَازُوك إِمرَة
دِمَشْق، وَدخَلَت القَرَامِطَة
__________
(1) انظر حاشيتنا رقم / 7 / ص / 47 / من هذا الجزء.
(2) " الكامل ": 8 / 98 - 102.
(3) الجوشن: الدرع.
(4) " المنتظم ": 6 / 143 - 144، وانظر " رسوم دار الخلافة
": 11 - 14.
(5) بفتح الراء: دار المرضى.
(6) " المنتظم ": 6 / 146.
(7) " الكامل ": 8 / 110 - 111.
(8) " المنتظم ": 6 / 148.
(15/49)
البَصْرَة. فَقتلُوا وَسبَوْا (1) ،
وَأَخَذَ القَائِمُ (2) العُبَيْديُّ الإِسْكَنْدَرِيَّة
ثَانياً. وَمَرِضَ وَوقَع الوبَاء فِي جُنْده (3) .
وَتجمَّع فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنَ الغوْغَاء ببغدَاد
عَشْرَةُ آلاَف، وَفتحُوا السُّجُون، وَقَاتَلُوا
الوَزِيْرَ وَولاَة الأُمُور، وَدَامَ القِتَال أَيَّاماً،
وَقُتِلَ عِدَّة، وَنُهبتْ أَمْوَال النَّاس، وَاختلَّتْ
أَحْوَالُ الخِلاَفَة جِدّاً، وَمُحِقَتْ بُيُوْتُ
الأَمْوَال (4) .
واشْتَدَّ البلاَء بِالبربر، وَكَادُوا أَنْ يملِكُوا
إِقلِيمَ مِصْر، وَضَجَّ الخَلْق بِالبكَاء، ثُمَّ هزَمهُم
المُسْلِمُوْنَ، وَسَارَ ثَمِل (5) الخَادِم مِنْ
طَرَسُوْس فِي البَحْر فَأَخَذَ الإِسْكَنْدَرِيَّة مِنَ
البَرْبر (6) .
وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ قتل الحَلاّج عَلَى الزَّندقَة (7) .
وَفِي سَنَةِ 311 عُزِل حَامِد وَأُهلِكَ، وَوزَرَ ابْنُ
الفُرَاتِ الوِزَارَة الثَّالِثَة (8) .
وَأَخذتْ فِي سَنَةِ 312 القرَامطَة رَكْبَ العِرَاق.
وَكَانَ فِيْمَنْ أَسرُوا أَبُو الهيجَاءَ (9) بنُ
حَمْدَانَ، وَعمُّ السَّيِّدَة وَالِدَة الخَلِيْفَة (10)
. ثُمَّ إِنَّ
__________
(1) " المنتظم ": 6 / 153.
(2) ستأتي ترجمته رقم / 66 / من هذا الجزء.
(3) " الكامل ": 8 / 113 - 114.
(4) " الكامل ": 8 / 116 - 117.
(5) هو طبعا غير " ثمل " القهرمانة التي تقدم خبرها قبل
أسطر.
(6) " الكامل ": 8 / 121.
(7) " الكامل ": 8 / 126 - 129.
(8) " الكامل ": 8 / 139.
(9) في الأصل: أبا الهيجاء، وهو خطأ.
(10) " الكامل ": 8 / 147.
(15/50)
المُقْتَدِر سلَّم ابْنَ الفُرَاتِ إِلَى
مُؤنس فصَادره، وَأَهلكَه، وَكَانَ جَبَّاراً ظَالماً (1)
، وَافتَتَحَ عَسْكَرُ خُرَاسَان فَرْغَانَة (2) .
وَفِي سَنَةِ 313 نهَبَ القِرْمِطِي الكُوْفَة، وَعُزل
الخَاقَانِيُّ مِنَ الوِزَارَة بِأَحْمَدَ بنِ الخَصِيب
(3) .
وَفِي سَنَةِ 314 اسْتبَاحَتِ الرُّوْم مَلْطيَة
بِالسَّيْف، وَقُبضَ عَلَى أَحْمَدَ بنِ الخَصيب، وَوَزَرَ
عَلِيُّ بنُ عِيْسَى (4) ، وَأَخذت الرُّوْم سُمَيْسَاط،
وَجرت وَقعَةٌ كَبِيْرَة بَيْنَ القَرَامطَة وَالعَسْكَر،
وَأَسرت القَرَامطَةُ قَائِد العَسْكَر يُوْسُفَ بن أَبِي
السَّاج.
ثُمَّ أَقبل أَبُو طَاهِرٍ القِرْمِطِي (5) فِي أَلف فَارس
وَسَبْع مائَة رَاجل، وَقَاربَ بَغْدَاد، وَكَادَ أَنْ
يملِك وَضَجَّ الخَلْق بِالدُّعَاء، وَقُطِعَتِ الْجسُور
مَعَ أَنَّ عَسْكَرَ بَغْدَاد كَانُوا أَرْبَعِيْنَ
أَلفاً، وَفيهم مُؤنسٌ، وَأَبُو الهيجَاءَ بنُ حَمْدَانَ،
وَإِخوتُه، وَقربَ القِرْمِطِي حَتَّى بَقِيَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ البَلَدِ فَرْسَخَان، ثُمَّ أَقبل (6) ، وَحَاذَى
العَسْكَر، وَنَزَلَ عَبْدٌ يُجسُّ المخَائِض، فَبقِي
كَالقُنْفُد مِنَ النُّشَّاب، وَأَقَامَت القَرَامطَة
يَوْمِيْنِ، وَترحَّلُوا نَحْو الأَنْبَار، فَمَا جسر
العَسْكَر أَنْ يَتْبَعُوهُم، فَانظْر إِلَى هَذَا
الخِذلاَن (7) .
قَالَ ثَابِتُ بنُ سِنَانٍ:انهزَم معظُم عَسْكَر
المُقْتَدِر إِلَى بَغْدَادَ قَبْل المُعَاينَة لشِدَّة
رُعبهم، وَنَازل القِرمطِي هِيت مُدَّة فَرُدَّ إِلَى
البريَّة.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 149 - 150 وأخبار ابن الفرات في "
تحفة الامراء ": 8 - 260.
(2) " تاريخ الخلفاء ": 382.
(3) " الكامل ": 8 / 158.
(4) " الكامل ": 8 / 167 / (5) ستأتي ترجمته رقم / 159 /
من هذا الجزء.
(6) أي: القرمطي.
(7) " الكامل ": 8 / 169 - 175.
(15/51)
وَفِي سَنَةِ 316 دَخَلَ أَبُو طَاهِرٍ
القِرْمِطِيُّ الرَّحبَة بِالسَّيْف، ثُمَّ قَصَدَ
الرَّقَّة، وَبدَّع، عمِلَ العَظَائِم، وَاسْتعفى عَليُّ
بنُ عِيْسَى (1) مِنَ الوِزَارَة، فوزَرَ أَبُو عَلِيٍّ
بنُ مُقْلَة (2) ، وَبنَى القِرمِطِيُّ دَاراً، سمَاهَا
دَار الهِجْرَة (3) ، وَكَثُرَ أَتْبَاعه، وَكَاتَبَه
المَهْدِيُّ مِنَ المَغْرِب، فَدَعَا إِلَيْهِ، وَتفَاقَم
البَلاَء (4) ، وَأَقبلَ الدُمستق فِي ثَلاَث مائَة أَلْف
مِنَ الرُّوْم، فَقصَدَ أَرْمِينَية (5) ، فَقَتَل
وَسَبَى، وَاسْتَوْلَى عَلَى خِلاَط (6) .
وفَى سنَة 317 جَرَتْ خَبْطَة بِبَغْدَادَ، وَاقتتل
الجَيْشُ، وَتَّم مَا لاَ يُوْصَف، وَهمُّوا بعَزْل
المُقْتَدِر، وَاتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ مُؤنسٌ، وَأَبُو
الهيجَاءَ، وَنَازُوك، وَأَتَوا دَارَ الخِلاَفَة،
فَهَرَبَ الحَاجِبُ، وَالوَزِيْر ابْنُ مُقلَة، فَأُخْرِجَ
المُقْتَدِرُ وَأُمّه وَخَالته وَحرَمُه إِلَى دَار مُؤنس،
فَأَحضرُوا مُحَمَّدَ بنَ المُعْتَضِد مِنَ الْحَرِيم،
وَكَانَ مَحْبُوْساً، وَبَايعُوهُ، وَلقَّبوهُ بِالقَاهر.
وَأَشهَدَ المُقْتَدِر عَلَى نَفْسه بِالخَلْع.
وَجَلَسَ القَاهر فِي دَسْت الخِلاَفَة.
وَكَتَبَ إِلَى الأَمصَار، ثُمَّ طَلَب الجَيْش رسمَ
البَيْعَة، وَرِزْقَ سنَة، وَارْتَفَعت الضَّجَّة،
وَهجمُوا فَقتلُوا نَازوك وَالخَادِم عَجِيْباً،
وَصَاحُوا:المُقْتَدِر يَا مَنْصُوْر (7) .
فَهَرَبَ الوَزِيْرُ وَالحُجَّابُ.
وَصَارَ الجُنْد إِلَى دَار مُؤنس، وَطَلَبُوا
المُقْتَدِرَ ليعيدُوهُ.وَأَرَادَ أَبُو
__________
(1) ستأتي ترجمته برقم / 140 / من هذا الجزء.
(2) ستأتي ترجمته رقم / 86 / من هذا الجزء.
وانظر " الكامل ": 8 / 181 - 183.
(3) في " الكامل ": 8 / 187، أن الذي بنى دار الهجرة هو
حريث بن مسعود القرمطي.
وقد خرج بسواد واسط.
(4) " المنتظم ": 6 / 216.
(5) في " معجم البلدان ": بكسر الهمزة.
(6) " الكامل ": 8 / 198.
(7) " الكامل ": 8 / 200 - 207.
(15/52)
الهيجَاءَ الخُرُوجَ فتعلَّقَ بِهِ
القَاهر، وَقَالَ:تسلمنِي؟
فَأَخَذتْهُ الحَمِيِّةُ، وَقَالَ:لاَ وَاللهِ،
وَدخلاَ الفِرْدَوْس، وَخرجَا إِلَى الرَّحبَة.
وَذَهَبَ أَبُو الهيجَاءَ عَلَى فَرَسه، فَوَجَد
نَازوك قَتِيلاً، وَسُدَّت المسَالكُ عَلَيْهِ وَعَلَى
القَاهر، وَأَقبلتْ خوَاصُّ المُقْتَدِر فِي
السِّلاَح، فَدَخَلَ أَبُو الهيجَاءَ كَالجَمَل، ثُمَّ
صَاح:يَال يخلت أَأُقتل بَيْنَ الحِيْطَان؟أَيْنَ
الكُمَيْت؟أَيْنَ الدَّهْمَاء؟فرمُوهُ بِسهم فِي
ثَدْيه، وَبآخر فِي تَرْقُوته.
فَنَزَع مِنْهُ الأَسْهُم، وقَتَلَ وَاحِداً مِنْهُم،
ثُمَّ قَتَلُوهُ.
وَجِيْء بِرَأْسِهِ إِلَى المُقْتَدِرِ، فتَأَسَّفَ
عَلَيْهِ، وَجِيْء إِلَيْهِ بِالقَاهر فَقبَّله
وَقَالَ:يَا أَخِي أَنْتَ وَاللهِ لاَ ذَنْب لَكَ،
وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُوْلُ:اللهَ فِي دمِي يَا
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَطيفَ برَأْس نَازُوك،
وَأَبِي الهيجَاءَ.
ثُمَّ أَتَى مُؤنسٌ وَالقُوَّاد وَالقُضَاة،
وَبَايعُوا المُقْتَدِرَ.
وَأَنفقَ فِي الجُنْد مَالاً عَظِيْماً (1) .
وَحَجَّ النَّاس فَأَقبل أَبُو طَاهِرٍ القِرمِطِي،
وَوَضَعَ السَّيْفَ بِالحرَم فِي الوفْد، وَاقتلعَ
الحجرَ الأَسود (2) .
وَكَانَ فِي سَبْع مائَة رَاكب فَقتلُوا فِي
المَسْجَدِ أَزيد مِنْ أَلف.
وَلَمْ يَقِفْ أَحَد بعرَفَة، وَصَاح قِرْمطِيُّ:يَا
حَمِير، أَنْتُم قُلتُم:(وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمناً
(3))فَأَيْنَ الأَمن (4) ؟
وَأَمَّا الرُّوْم فَعَاثُوا فِي الثُّغُوْر،
وَفَعَلُوا العَظَائِمَ، وَبَذَلَ لَهُم
المُسْلِمُوْنَ الإِتَاوَة.
وَوزر فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ لِلْمُقْتَدِر
سُلَيْمَانُ بنُ الحَسَن (5) ، ثُمَّ قُبض عَلَيْهِ
__________
(1) " الكامل ": 8 / 200، 207.
(2) " الكامل ": 8 / 207 - 208.
(3) آل عمران: 97.
(4) قال رجل: فاستسلمت وقلت: إن الله أراد: ومن دخله
فأمنوه، فلوى فرسه وما كلمني. انظر " المنتظم ": 6 /
223، وسيرد الخبر في ص / 322 / من هذا الجزء.
(5) " الكامل ": 8 / 218.
(15/53)
فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَاسْتَوْزَرَ
عُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ الكَلْوَذَانِي (1) .
وَظهر مَردَاوِيج (2) فِي الدَّيْلَم، وَملكُوا الجبلَ
بِأَسره إِلَى حُلْوَان، وَهَزمُوا العَسَاكر (3) .
ثُمَّ عُزِل الكَلْوذَانِي بِالحُسَيْن بنِ القَاسِمِ
بن عُبَيْدِ اللهِ (4) .
وَقَلَّت الأَمْوَال عَلَى المُقْتَدِر، وَفسَدَ مَا
بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُؤنس، فَذَهَبَ مغَاضباً إِلَى
المَوْصِل (5) .
وَقبض الوَزِيْرُ عَلَى أَمْوَاله، وَهَزَمَ مُؤنسٌ
بنِي حَمْدَان، وَتَمَلَّك المَوْصِل فِي سَنَةِ
عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (6) .
وَالتَقَى وَالِي طَرَسُوْس الرُّوْم، فَهَزَمهُم
أَوَّلاً، ثُمَّ هَزَمُوهُ.
وَفِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عُزِلَ
الوَزِيْر الحُسَيْنُ بِأَبِي الفَتْح بن الفُرَاتِ،
وَلاَطفَ المُقْتَدِر الدَّيْلَم، وَبَعَثَ بولاَيَة
أَذْرَبِيْجَان وَأَرْمِيْنِيَةَ وَالعجم إِلَى
مَردَاوِيج (7) .
وَتسحَّبَ أُمرَاءٌ إِلَى مُؤنسٍ، وَخَافَ
المُقْتَدِر، وَتَهَيَّأَ لِلْحَرْب، فَأَقبل مُؤنس
فِي جَمْعٍ كَبِيْر.
وَقِيْلَ لِلْمُقْتَدِر:إِن جُندكَ لاَ يقَاتِلُوْنَ
إِلاَّ بِالمَالِ، وَطُلِبَ مِنْهُ مئتَا أَلف
دِيْنَار، فتَهَيَّأَ لِلْمضيّ إِلَى وَاسِط، فَقِيْلَ
لَهُ:اتَّقِ الله، وَلاَ تسلِّمْ بَغْدَاد بِلاَ
حَرْبٍ، فَتَجلَّد وَرَكِبَ فِي الأُمَرَاء
وَالخَاصَّة وَالقُرَّاء، وَالمَصَاحِفُ منشورَةٌ.
فَشَقَّ بَغْدَاد، وَخَرَجَ إِلَى الشَّمَّاسيَّة،
وَالخَلْقُ يَدْعُونَ لَهُ.
وَأَقبلَ مُؤنسٌ، وَالْتَحَمَ الحَرْب، وَوقَفَ
المُقْتَدِر عَلَى تلٍّ، فَألحُّو عَلَيْهِ
بِالتقَدُّم لينصَحَ جَمْعَه فِي القِتَال
فَاسْتدرَجُوهُ حَتَّى توَسط،
__________
(1) " الكامل ": 8 / 225.
(2) ستأتي ترجمته رقم / 79 / من هذا الجزء.
(3) " الكامل ": 8 / 227.
(4) " الكامل ": 8 / 230.
(5) " الكامل ": 8 / 237.
(6) " الكامل ": 8 / 239.
(7) " المنتظم ": 6 / 241.
(15/54)
وَهُوَ فِي طَائِفَةٍ قَلِيْلَة، فَانكشفَ
جمعُه، فيرمِيه بربرِيٌ فَسقَطَ فذُبِحَ، وَرُفع
رأْسُه عَلَى رمح وَسلَبُوهُ، فَسُترت عورتُه
بِحَشِيشٍ، ثُمَّ طُمَّ وَعُفِي أَثره (1) .
وَنَقَل الصُّوْلِيُّ أَنَّ قَاتله غُلاَمٌ لبُلَيق
(2) ، كَانَ مِنَ الأَبطَال.
تعجَّبَ النَّاس مِنْهُ مِمَّا عَمِلَ يَوْمَئِذٍ مِنْ
فنُوْن الْفُرُوسِيَّة، ثُمَّ شَدَّ عَلَى المُقْتَدِر
بحربَته، أَنفذهَا فِيْهِ، فصَاح النَّاسُ عَلَيْهِ،
فسَاقَ نَحْو دَار الخِلاَفَة ليخرِجَ القَاهرَ
فصَادَفَه حِمْل شَوْك، فزحَمَتْه إِلَى قِنَّار (3)
لحَّام فعلَّقَه كُلاَّب، وَخَرَجَ مِنْ تَحْته
فَرَسُه فِي مِشوَاره، فحطَّه النَّاس وَأَحرقوهُ
بِحمْل الشَّوْك (4) .
وَقِيْلَ:كَانَ فِي دَارِ المُقْتَدِر أَحَدَ عشرَ
أَلف غُلاَم خِصيَان غَيْرُ الصَّقَالبَة وَالرُّوْم.
وَكَانَ مُبذِّراً لِلْخزَائِن حَتَّى احْتَاجَ،
وَأَعطَى ذَلِكَ لِحظَايَاهُ، وَأَعطَى وَاحِدَةً
الدُّرَّةَ اليَتيمَة الَّتِي كَانَ زِنَتُهَا
ثَلاَثَة مثَاقيل.
وَأَخَذَتْ قَهْرَمَانَة سُبْحَةَ جَوْهر مَا سُمِعَ
بِمثلهَا (5) .
وَفرَّق سِتِّيْنَ حُبّاً (6) مِنَ الصِّينِي مملوءةٌ
غَاليَة (7) .
قَالَ الصُّوْلِيُّ:كَانَ المُقْتَدِر يفرِّق يَوْمَ
عَرَفَة مِنَ الضَّحَايَا تِسْعِيْنَ أَلفَ رَأْس.
وَيُقَالُ:إِنَّهُ أَتلفَ مِنَ المَال ثَمَانِيْنَ
أَلف ألف دِيْنَار، عثَّر نَفْسَه بِيَدِهِ.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 241 - 243.
(2) في بعض كتب التاريخ " يلبق " وهو أحد القادة
العباسيين، وممن ساعد على قتل
المقتدر وقد قتله القاهر بالله سنة إحدى وعشرين وثلاث
مئة.
(3) القنار، والقنارة، بكسرهما: الخشبة يعلق عليها
القصاب اللحم، يقال: إنه ليس من كلام العرب.
" تاج العروس ": (القنور).
(4) ضعف ابن دحية في " النبراس ": 111 هذه الرواية،
وقال: " فالصحيح أن قتله كان بالسيف في الحرب بينه
وبين مؤنس الخادم الملقب بالمظفر ". وقد أورد السيوطي
هذا الخبر وكأنه جرى أثناء المعركة. " تاريخ الخلفاء
": 384.
(5) " المنتظم ": 6 / 70.
(6) الحب، بالضم: الجرة، صغيرة كانت أو كبيرة.
(7) الغالية: طيب معروف.
(15/55)
وَأَوْلاَده:مُحَمَّد الرَّاضِي،
وَإِبْرَاهِيْم المتَّقِي (1) ، وَإِسْحَاق، وَ (2)
المُطِيع فَضْل، وَإِسْمَاعِيْل، وَعِيْسَى،
وَعَبَّاس، وَطَلْحَة.
وَقَالَ ثَابِت بنُ سِنَان طبيبُه:أَتلفَ المُقْتَدِرُ
نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ أَلف أَلف دِيْنَار.
وَلَمَّا قُتِلَ قُدِّمَ رَأْسُه إِلَى مُؤنس فَنَدِمَ
وَبَكَى، وَقَالَ:وَاللهِ لنُقْتَلنَّ كلُّنَا، وَهمَّ
بِإِقَامَة وَلده، ثُمَّ اتفقُوا عَلَى أَخِيْهِ
القَاهر (3) .
25 - مُؤْنِسٌ الخَادِمُ الأَكْبَرُ المُلَقَّبُ
بِالمُظَفَّرِ المُعْتَضِديِّ *
أَحَد الخُدَّام الَّذِيْنَ بَلغُوا رُتْبَة المُلُوك،
وَكَانَ خَادِماً أَبيضَ فَارِساً شُجَاعاً سَائِساً
دَاهِيَةً.
نُدب لِحَرْب المَغَاربَة العُبَيْدِيَّة، وَولِي
دِمَشْقَ لِلْمُقْتَدِر، ثُمَّ جَرَتْ لَهُ أُمُورٌ
وَحَارَبَ المُقْتَدِرَ، فَقُتِل يَوْمَئِذٍ
المُقْتَدِرُ فَسُقِطَ فِي يَد مُؤْنِس،
وَقَالَ:كلُّنا نُقتل (4) .
وَكَانَ معظمَ جُند مُؤنس يَوْمَئِذٍ البربرُ، فَرَمَى
وَاحِدٌ مِنْهُم بِحَرْبَتِهِ الخَلِيْفَةَ، فَمَا
أَخطأَه (5) .
ثُمَّ نصَبَ مُؤنس فِي الخِلاَفَة القَاهر (6)
بِاللهِ. فَلَمَّا
__________
(1) في الأصل: المكتفي، وهو وهم.
فالمكتفي ابن المعتضد، وقد توفي سنة / 295 / ه.
(2) وترجمة المطيع ستأتي ص / 113 / من هذا الجزء.
(3) " الكامل ": 8 / 243.
(*) تاريخ ابن عساكر: 17 / 217 ب، العبر: 2 / 188،
مرآة الجنان: 2 / 284 النجوم الزاهرة: 3 / 239، شذرات
الذهب: 2 / 291، وكتب التاريخ العامة التي تؤرخ لخلافة
المقتدر.
(4) " الكامل ": 8 / 243.
(5) أنظر خبر مقتل المقتدر ص / 54 / من هذا الجزء.
(6) ساقطة في الأصل. ولم يكن من رأي مؤنس تنصيب القاهر
بالله، ولكنه أكره على ذلك. راجع " الكامل ": 8 / 244.
(15/56)
تَمَكَّنَ القَاهر، قَتَلَ مُؤنساً
وَغَيْرَهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ (1) .
وَبَقِيَ مُؤْنِسٌ سِتِّيْنَ سَنَةً أَمِيْراً،
وَعَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً، وَخلَّف أَمْوَالاً لاَ
تُحصَى.
26 - الزُّبَيْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَاصِم بنِ المُنْذِرِ *
ابْنِ حوَاريّ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزُّبَيْر بن العَوَّامِ،
العَلاَّمَة، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو عَبْدِ
اللهِ القُرَشِيّ الأَسَدِيّ الزُّبَيْرِيّ البَصْرِيّ
الشَّافِعِيّ، الضَّرِيْر.
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ سِنَان القَزَّاز، وَأَبِي
دَاوُدَ (2) ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ، وَعُمَر بنُ
بِشْرَان، وَعَلِيّ بن لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَابْنُ
بُخَيت (3) الدَّقَّاق.
وَكَانَ مِنَ الثِّقَات الأَعلاَم.
وَقَدْ تَلاَ عَلَى:رَوْحِ بنِ قُرَّة، وَرُوَيْس (4)
، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى القُطَعِيّ، وَلَمْ يخْتم
عَلَى القُطَعِيّ (5) .
قرأَ عَلَيْهِ:أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ، وَغَيْرهُ.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 252.
(*) الفهرست: 299، تاريخ بغداد: 8 / 471 - 472، طبقات
الشيرازي: 108 الأنساب: 6 / 251 - 252، وفيات الأعيان:
2 / 313، مرآة الجنان: 2 / 278 طبقات الشافعية: 3 /
295 - 297، غاية النهاية: 1 / 292 - 293.
(2) في " تاريخ بغداد ": داود بن سليمان المؤدب.
أنظر " تاريخ بغداد ": 8 / 369.
(3) في الأصل: نجيب، وهو تصحيف.
(4) هو محمد بن المتوكل، أبو عبد الله، اللؤلؤي البصري
المعروف: برويس، توفي بالبصرة سنة ثمان وثلاثين
ومئتين.
" غاية النهاية ": 2 / 234 - 235.
(5) " طبقات الشافعية ": 3 / 295 وفيه " القطيعي " وهو
تصحيف.
(15/57)
وَتفقَّه بِهِ طَائِفَةٌ، وَهُوَ صَاحِبُ
وَجهٍ فِي المَذْهب.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ:كَانَ أَعمَى، وَلَهُ
مُصَنَّفَات كَثِيْرَة مليحَة.
مِنْهَا:(الكَافي)، وكتَاب(النِّيَّة)، وكتَاب(ستر
العورَة)، وكتَاب(الهديَّة (1))، وكتَاب(الاسْتشَارَة
وَالاستخَارَة)، وكتَاب(ريَاضَة المتعلِّم)،
وكتَاب(الإِمَارَة (2)).
قُلْتُ:مَاتَ سَنَةَ سبع عشرَة وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَذكرتُه فِي مَوْضِعٍ آخر، أَنَّهُ مَاتَ
بِالبَصْرَةِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلدُه أَبُو عَاصِم.
27 - ابْنُ خَيْرَانَ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ
صَالِحٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو عَلِيٍّ
الحُسَيْنُ بنُ صَالِح بن خَيْرَان البَغْدَادِيُّ
الشَّافِعِيُّ.
قَالَ القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (3) :كَانَ أَبُو
عَلِيٍّ بنُ خَيْرَان، يُعَاتِب ابْن سُرَيْج عَلَى
القَضَاءِ وَيَقُوْلُ:هَذَا الأَمْرُ لَمْ يَكُنْ فِي
أَصحَابنَا، إِنَّمَا كَانَ فِي أَصْحَاب أَبِي
حَنِيْفَةَ (4) .
__________
(1) في " وفيات الأعيان ": 2 / 313 " الهداية ".
(2) " طبقات الشيرازي ": 108.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 53 - 54، طبقات الشيرازي: 110،
المنتظم: 6 / 244 - 245 وفيات الأعيان: 2 / 133 - 134،
العبر: 2 / 184، الوافي بالوفيات: 12 / 378 - 379 مرآة
الجنان: 2 / 280، طبقات الشافعية: 3 / 271 - 274،
البداية والنهاية: 11 / 171 النجوم الزاهرة: 3 / 235،
شذرات الذهب: 2 / 287.
(3) هو طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري، شيخ الامام
أبي إسحاق الشيرازي، توفي سنة / 450 / ه " طبقات
الشيرازي ": 127.
(4) " طبقات الشيرازي ": 110. وقد علق السبكي بقوله: "
يعني بالعراق، وإلا فلم يكن القضاء بمصر والشام في
أصحاب =
(15/58)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ:عُرض
عَلَى ابْنِ خَيْرَان القَضَاء، فَلَمْ يتقلَّدْه،
وَكَانَ بَعْضُ وَزرَاء المُقْتَدِر - وَأَظُنُّ
أَنَّهُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى (1) -
وُكِّلَ بِدَاره ليلِيَ القَضَاء، فَلَمْ يتقلَّد.
وَخُوطِبَ الوَزِيْر فِي ذَلِكَ فَقَالَ:إِنَّمَا
قَصَدْنَا التَّوَكِيْل بدَاره ليُقَال:كَانَ فِي
زَمَانِنَا مَنْ وُكِّلَ بدَاره ليتقلَّد القَضَاء
فَلَمْ يَفْعَلْ (2) .
وَقَالَ ابْنُ زُوْلاَق (3) :شَاهَد أَبُو بَكْرٍ بنُ
الحَدَّاد الشَّافِعِيّ بِبَغْدَادَ سَنَة عَشْرٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ بَاب أَبِي عَلِيّ بن خَيْرَان
مسموراً لامتنَاعه مِنَ القَضَاء، وَقَدِ استَتَر.
قَالَ:فَكَانَ النَّاسُ يَأْتُوْنَ بِأَولأَدِهِم
الصِّغَار، فَيَقُوْلُوْنَ لَهُم:انْظُرُوا حَتَّى
تُحدِّثُوا بِهَذَا (4) .
قُلْتُ:كَانَ ابْنُ الحَدَّاد (5) قَدْ سَارَ إِلَى
بَغْدَادَ يَسْعَى لأَبِي عُبَيْد بن حَرْبُويه فِي
أَنْ يُعفَى مِنْ قَضَاء مِصْر.
وَلَمْ يبلُغْنِي عَلَى مَن اشتَغَل، وَلاَ مَنْ رَوَى
عَنْهُ.
تُوُفِّيَ:لثَلاَثَ عَشْرَةَ بقِيَتْ مِنْ ذِي
الحِجَّةِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (6) .
__________
= أبي حنيفة قط إلا أيام بكار في مصر، وإنما كان في
مصر المالكية، وفي الشام الاوزاعية، إلى أن ظهر مذهب
الشافعي في الاقليمين، فصار فيه ".
" طبقات الشافعية ": 3 / 272.
(1) في " شذرات الذهب ": 2 / 287، الوزير ابن الفرات.
(2) ما بين حاصرتين من " طبقات الشيرازي ": 110.
(3) هو الحسن بن إبراهيم بن الحسين، أبو محمد، مؤرخ
مصري، كان يظهر التشيع، وقد ولي المظالم أيام
العبيديين بمصر.
من كتبه " أخبار قضاة مصر " جعله ذيلا لكتاب الكندي "
قضاة مصر " توفي ابن زولاق سنة / 387 / ه " وفيات
الأعيان " 2 / 91 - 92.
(4) " طبقات الشافعية " 3 / 273.
(5) ستأتي ترجمته رقم / 256 / من هذا الجزء.
(6) في " طبقات الشافعية ": 2 / 273 - 274 مناقشة حول
سنة وفاته. فانظرها.
(15/59)
وَقِيْلَ:خُتم بَابه بِضْعَةَ عَشَرَ
يَوْماً، ثُمَّ أُعْفِي - رَحِمَهُ اللهُ - .
28 - تَبُوْكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ تَبُوْكِ بنِ خَالِدٍ
السُّلَمِيُّ *
المُعَمَّر، أَبُو مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ:هِشَام بنَ عَمَّارٍ، وَوَالدَه.
وَعَنْهُ:أَبُو الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ، وَالحَسَنُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ دُرُسْتَوَيْه.
قَالَ الرَّازِيّ:مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
29 - مُحَمَّد بنُ حَمْدُوْنَ بنِ خَالِدٍ أَبُو
بَكْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الحَافِظُ، الثَّبْتُ، المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَعِيْسَى
بنَ أَحْمَدَ العَسْقَلاَنِيّ، وَالرَّبِيْع بنَ
سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّد بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ،
وَأَبَا حَاتِم، وَأَبَا زُرْعَةَ، وَسُلَيْمَان بن
سَيْف الحَرَّانِيّ، وَعبَّاساً الدُّوْرِيّ،
وَطَبَقَتهُم، فَأَكثَرَ وَأَتقنَ، وَجَمَعَ
فَأَوْعِي.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنِ صَالِح بن هَانِئ،
وَأَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
المَخْلَديُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مِهرَان المُقْرِئ،
وَمُحَمَّد بنُ الفَضْلِ بنِ خُزَيْمَة، وَعَدَدٌ
كَثِيْر.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 3 / 257 أ، العبر: 2 / 221،
شذرات الذهب: 2 / 326 تهذيب ابن عساكر: 3 / 338.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 15 / 135 ب - 136 أ، تذكرة
الحفاظ: 3 / 807 - 808 طبقات الحفاظ: 336، شذرات
الذهب: 2 / 286.
(15/60)
قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ مِنَ الثِّقَاتِ
الأَثبَاتِ الجَوَّالِينَ فِي الأقطَارِ.
عَاشَ سَبْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً (1) .
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ:حَافِظٌ كَبِيْرٌ،
سَمِعَ أَحْمَدَ بنَ حَفْص، وَقطن بن عَبْدِ اللهِ،
وَعِدَّةً (2) .
وَقَالَ الحَاكِمُ:تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ
سنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (3) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا
أَبُو رَوْحٍ البَزَّاز، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ
طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الطَّبِيْبُ،
أَخْبَرَنَا شَافع بنُ مُحَمَّدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حمدُوْنَ الحَافِظ،
حَدَّثَنَا أَبُو حُذَافَة المَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا
مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(العِلْمُ ثَلاَثَة (4) آيَةٌ مُحْكَمَةٌ،
وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ، وَلاَ أَدْرِي).
فهَذَا مِمَّا نُقِمَ عَلَى أَبِي حُذَافَة أَحْمَدَ
بنِ إِسْمَاعِيْلَ (5) وَصوَابُهُ موقُوفٌ مِنْ قَوْل
ابْنِ عُمَرَ.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 807.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 807.
(4) زيادة من " تذكرة الحفاظ ": 708.
(5) هو أحد رواة الموطأ عن مالك، وآخر أصحاب مالك
وفاة، قال الخطيب وغيره: لم يكن ممن يتعمد الكذب، وقال
الدارقطني: ضعيف أدخلت عليه أحاديث في غير الموطأ،
فرواها، وقال ابن عدي: حدث عن مالك وغيره بالبواطيل،
وامتنع ابن صاعد من التحديث عنه مدة.
قلت: وأخرج أبو داود (2885) وابن ماجة (54) من حديث
عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
العلم ثلاثة: آية محكمة، وسنة قائمة، وفريضة عادلة،
وما كان سوى ذلك فهو فضل " وفي سنده عبد الرحمن بن
زياد بن أنعم الافريقي وهو ضعيف، وكذا شيخه فيه، وهو
عبد الرحمن بن رافع.
(15/61)
30 - ابْنُ مَرْوَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الرَّحَالُ، أَبُو
إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
عَبْدِ المَلِكِ القُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ
الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ:مُوْسَى بنَ عَامِرٍ المُرِّيَّ (1) ،
وَشُعَيْبَ بنَ شُعَيْبِ بنِ إِسْحَاقَ، وَيُوْنُسَ
بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالعَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ
البَيْرُوْتِيَّ، وَالرَّبِيْعَ بنَ سُلَيْمَانَ
المُرَادِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَبْدِ الحَكَمِ، وَمُحَمَّدَ بنَ سَعِيْدٍ بنِ أَبِي
قَفِيز، وَأَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَلاَّس،
وَعِدَّة.
فَأَكثَرَ وَجَمَعَ وَأَلَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:وَلَدُهُ المُحَدِّث أَبُو عَبْدِ
اللهِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ وَالدُ تَمَّام، وَأَبُو
سُلَيْمَانَ بن زَبْرٍ، وَأَبُو هَاشِمٍ المُؤَدِّب،
وَحُمَيْدُ بنُ الحَسَنِ الوَرَّاق، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ المُقْرِئِ، وَعَبْدُ الوَهَّاب بنِ الحَسَنِ
الكِلاَبِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:فِي رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ وَقَدْ قَاربَ التِّسْعِيْنَ.
31 - مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو عَبْدِ اللهِ
القُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ **
ابْنه العَدل الرَّئِيْس الأَمِيْن، أَبُو عَبْدِ
اللهِ القُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الَّذِي انتقَى
عَلَيْهِ الحَافِظ ابْنُ مَنْدَة تِلْكَ الأَجزَاء.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 229 ب - 230 أ، تذكرة
الحفاظ: 3 / 805، العبر: 2 / 175 الوافي بالوفيات: 6 /
42، طبقات الحفاظ: 335 - 336، شذرات الذهب: 2 / 281
تهذيب ابن عساكر: 2 / 225.
(1) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 805 " المزني " وهو
تصحيف.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 14 / 383 أ - 383 ب، العبر: 2
/ 311 - 312، الوافي بالوفيات: 1 / 342، مرآة الجنان:
2 / 371، شذرات الذهب: 3 / 27.
(15/62)
سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
بنِ حَمْزَةَ، وَزَكَرِيَّا السِّجْزِيّ خَيَّاط
السُّنَّة، وَإِسْمَاعِيْل بنَ قيرَاط، وَأَبَا
عُلاَثَة المِصْرِيّ، وَأَنَس بن السَّلم، وَأَحْمَد
بن إِبْرَاهِيْمَ البُسْرِيَّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ مَنْدَة، وَتَمَّامٌ
الرَّازِيُّ، وَعَبْد الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ،
وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي نَصْرٍ، وَالخصيب بنُ
عَبْدِ اللهِ القَاضِي، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ
السِّمْسَار، وَآخَرُوْنَ.
وَأَملَى بِجَامِعِ دِمَشْق.
قَالَ الكَتَّانِيُّ (1) :كَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً
جَوَاداً (2) ، انتقَى عَلَيْهِ ابْن مَنْدَة
ثَلاَثِيْنَ جُزْءاً.
مَاتَ:فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ مِنَ المعمَّرين.
32 - أَبُو هَاشِمٍ الجبَائِيُّ عَبْدُ السَلاَمِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ *
عَبْدُ السَلاَّمِ ابنُ الأُسْتَاذ أَبِي عَلِيٍّ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ سَلاَمٍ (3)
الجبَائِي، المُعْتَزلِي، مِنْ كِبَارِ الأَذْكِيَاء.
أَخذ عَنْ وَالده.
__________
(1) عبد العزيز بن أحمد بن محمد، الكتاني، مؤرخ من أهل
دمشق، كان محدثها، له كتاب في " الوفيات " على السنين.
توفي سنة / 466 / ه " الإكمال ": 7 / 187، " الأنساب
": 10 / 353.
(2) " الوافي بالوفيات ": 1 / 342، وفيه " الكناني " -
بالنون - وهو تصحيف.
(*) الفهرست: 247، تاريخ بغداد: 11 / 55 - 56، الملل
والنحل: 1 / 78 - 84 الأنساب: 3 / 176 - 177، المنتظم:
6 / 261، وفيات الأعيان: 3 / 183 - 184، العبر: 2 /
187 مرآة الجنان: 2 / 281 - 282، البداية والنهاية: 11
/ 176، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 94 - 96، شذرات
الذهب: 2 / 289.
(3) في الأصل: بلام مشددة، وهو خطأ، وقد قيده المؤلف
في " المشتبه " 1 / 378 بالتخفيف.
(15/63)
وَلَهُ:كتَاب(الجَامِع الكَبِيْر)،
وكتَاب(الْعرض)، وكتَاب(المَسَائِل العسكريَة (1))،
وَأَشيَاء.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَلَهُ عِدَّةُ تلاَمِذَة.
33 - ابْنُ عَتَّابٍ أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ
الدِّمَشْقِيُّ *
المُحَدِّثُ، المُتْقِن، الثِّقَة، أَبُو العَبَّاسِ
عَبْدُ اللهِ بنُ عَتَّاب بن أَحْمَدَ بنِ كَثِيْرٍ
البَصْرِيُّ الأَصلِ، الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ
الزِّفْتِيِّ.
سَمِعَ:هِشَام بن عَمَّارٍ، وَعِيْسَى بنَ حَمَّاد
زُغْبَة، وَهَارُوْن بن سَعِيْدٍ الأَيْلِيَّ،
وَدُحيماً، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ،
وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَلِيُّ بنُ عَمْرٍو الحَرِيْرِيّ،
وَأَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، وَشَافع بن مُحَمَّدٍ
الإِسْفَرَايينِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ،
وَعَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيُّ، وَآخَرُوْنَ،
وَكَانَ أَسْندَ مَنْ بَقِيَ بِدِمَشْقَ.
وُلِدَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَافِظ:رأَينَاهُ ثَبْتاً (2)
.
قُلْتُ:لَهُ مزْرعَةٌ قِبْلِي المُصَلَّى (3) .
وَمَاتَ:فِي رَجَبٍ، سنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
__________
(1) الفهرست: 247.
(*) الأنساب: 6 / 290، تاريخ ابن عساكر: 9 / 259 أ،
العبر: 2 / 182، شذرات الذهب: 2 / 285 - 286.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 9 / 259 أ.
(3) المصلى: حي يقع جنوبي دمشق.
(15/64)
34 - ابْنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ
أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ
الإِسْلاَمِ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ زِيَاد بنِ وَاصلِ بن مَيْمُوْنٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، مَوْلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ
عُثْمَان بن عَفَّان، الأُمَوِيُّ (1) ، الحَافِظُ،
الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
تفقَّه:بِالمُزَنِيّ، وَالرَّبِيْع، وَابْنِ عَبْدِ
الحَكَمِ، وَسَمِعَ مِنْهُم، وَمِنْ:مُحَمَّد بن
يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَأَحْمَد بن يُوْسُفَ
السُّلَمِيّ، وَيُوْنُس بنِ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَأَحْمَد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، وَأَبِي
زُرْعَةَ الرَّازِيّ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْدِ
العُذْرِيّ، وَمُحَمَّد بن عُزَيز الأَيْلِيِّ، وَابْن
وَارَة، وَابْنِ حَاتِم، وَأَحْمَد بنِ مُحَمَّدِ بنِ
أَبِي الخنَاجر، وَبَكَّار بنِ قُتَيْبَةَ، وَأَبِي
بَكْرٍ الصَّاغَانِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْ
طَبَقَتِهِم.
وَبَرَعَ فِي الْعلمين:الحَدِيْث وَالفِقْه، وَفَاق
الأَقرَان.
أَخَذَ عَنْهُ:مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ الحَافِظ -
وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - ، بَلْ مِنْ شُيُوخِهِ،
وَرَوَى عَنْهُ:ابْنُ عُقْدَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بن
حَمْزَةَ، وَحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ،
وَابْنُ المظَفَّر، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ
شَاهِيْنٍ، وَأَبُو حَفْصٍ الكَتَّانِي، وَعُبَيْد
اللهِ بن أَحْمَدَ الصَّيْدَلاَنِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خُرَّشِيذ قَوْله، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:كَانَ إِمَام
الشَّافعيين فِي عصرِهِ بِالعِرَاقِ، وَمِن
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 120 - 122، طبقات الشيرازي:
113، المنتظم: 6 / 286 - 287 تذكرة الحفاظ: 3 / 819 -
821، العبر: 2 / 201 - 202، مرآة الجنان: 288 - 289،
طبقات الشافعية: 3 / 310، 314، البداية والنهاية: 11 /
186، النجوم الزاهرة: 3 / 259، طبقات الحفاظ: 341، 342
شذرات الذهب: 2 / 302.
(1) في أكثر المصادر: مولى أبان بن عثمان.
(15/65)
أَحفَظِ النَّاسِ لِلْفقهيَّات
وَاخْتِلاَفِ الصَّحَابَة (1) .
سَمِعَ بنَيْسَابُوْرَ، وَالعِرَاق، وَمِصْر،
وَالشَّام، وَالحِجَاز.
قَالَ البَرْقَانِيّ:سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيّ
يَقُوْلُ:مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ مِنْ أَبِي
بَكْرٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ (2) .
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ:سَأَلتُ
الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ
النَّيْسَابُوْرِيّ فَقَالَ:لَمْ نَرَ مثلَه فِي
مَشَايِخنَا، لَمْ نَرَ أَحفَظَ مِنْهُ لِلأَسَانيد
وَالمتُوْنَ، وَكَانَ أَفقه المَشَايِخ، وَجَالس
المُزَنِيَّ وَالرَّبِيْعَ، وَكَانَ يَعرِفُ زيَادَاتِ
الأَلْفَاظِ فِي المتُوْنِ.
وَلَمَّا قَعَدَ لِلتَّحديث، قَالُوا حدِّثْ،
قَالَ:بَلْ سَلُوا، فَسُئِلَ عَنْ أَحَادِيْثَ
فَأَجَابَ فِيْهَا، وَأَملاَهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ
ابتدأَ فَحَدَّثَ (3) .
قَالَ أَبُو الفَتْحِ يُوْسُف القَوَّاس:سَمِعْتُ
أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ يَقُوْلُ:تَعْرِف
مِنْ أَقَامَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ ينمِ
اللَّيْلَ، وَيتقَوَّتُ كُلّ يَوْم بِخَمْس حبَّات،
وَيُصَلِّي صَلاَة الغدَاة عَلَى طهَارَة عِشَاء
الآخِرَة؟
ثُمَّ قَالَ:أَنَا هُوَ، وَهَذَا كُلّه قَبْلَ أَنْ
أَعرفَ أُمَّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَيشٍ أَقُول لِمَنْ
زَوَّجنِي؟
ثُمَّ قَالَ:مَا أَرَادَ إِلاَّ الخَيْر (4) .
قُلْتُ:قَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الحُفَّاظِ
المجوِّدين.
مَاتَ:فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ بِضْع
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 819.
(2) " تاريخ بغداد ": 10 / 121.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 10 / 122.
(15/66)
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المعَالِي أَحْمَدَ
بنِ إِسْحَاقَ المُؤَيَّد بِمِصْرَ، أَخبركُم الفَتْح
بن عَبْدِ السَّلاَمِ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ الحُسَيْنِ الحَاسِب، وَأَجَاز لَنَا ابْن
أَبِي عُمَرَ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بنُ الصَّيْرَفِيّ،
قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفُتُوْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
التَّاجِر سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتّ مائَة، أَخْبَرَنَا
هِبَةُ اللهِ الحَاسِب، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا
عِيْسَى بنُ عَلِيّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّد بن
إِشْكَاب، قَالاَ:
حَدَّثَنَا وَهْبُ بنُ جَرِيْر، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،
عَنْ حَبِيْبِ بنِ الشَّهِيْد، عَنِ ابْنِ أَبِي
مُلَيْكَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:قَالَ
عُمَر:(عليّ أَقضَانَا، وَأُبَيٌّ (1) أَقرؤنَا (2)).
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ:وَلابنِ زِيَادٍ كتَاب(زيَادَات
كِتَاب المُزَنِيّ (3)).
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:كُنَّا نتذَاكرُ فَسَأَلَهُم
فَقِيْهٌ:مَنْ رَوَى:(وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا
طَهُوراً (4))، فَقَامَ الجَمَاعَةُ إِلَى أَبِي
بَكْرٍ بنِ زِيَاد فَسَأَلُوهُ، فَسَاقَ الحَدِيْثَ
__________
(1) هو أبي بن كعب بن قيس أبو المنذر الأنصاري المدني،
وقد تقدمت ترجمته 1 / 389.
(2) رجاله ثقات، وجاء في المرفوع " أرحم أمتي بأمتي
أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان،
وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام
معاذ ابن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو
عبيدة بن الجراح " أخرجه أحمد 3 / 184 و281، والترمذي
(3793) من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة عن أنس،
وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2268)
والحاكم، ووافقه الذهبي، وروي عن معمر عن قتادة مرسلا
وفيه: " وأقضاهم علي ".
(3) " طبقات الشيرازي ": 113.
(4) انظر " تاريخ بغداد ": 10 / 121، وقال الخطيب:
وهذا الحديث على هذا اللفظ يرويه أبو عوانة، عن أبي
مالك الاشجعي، عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان، عن
النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه مسلم بن الحجاج في "
صحيحه " (522) في أول المساجد من طريق أبي بكر بن أبي
شيبة، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبي مالك الاشجعي، عن
ربعي، عن
حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فضلنا
على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت
لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم
نجد الماء ".
(15/67)
فِي الحَال مِنْ حِفْظِهِ (1) .
35 - أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ نَصْرِ بنِ طَالبٍ
البَغْدَادِيُّ *
الحَافِظُ، المُتْقِن، الإِمَام، مُحَدِّث بَغْدَاد،
أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ نَصْر بنِ طَالب
البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ:عَبَّاس بن مُحَمَّدِ بنِ الدُّوْرِيّ،
وَإِسْحَاقَ الدَّبَرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن بَرَّة
الصَّنْعَانِيَّ، وَيَحْيَى بنَ عُثْمَانَ بنَ صَالِح،
وَأَحْمَد بن ملَاعِب وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عُمَرَ بنُ حَيَّوَيْه،
وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو الحَسَنِ
الدَّارَقُطْنِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ الدَّارَقُطْنِيّ يَقُوْلُ:أَبُو طَالِبٍ
الحَافِظُ أُسْتَاذِي (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ (3) .
مَاتَ:فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً (4) .
رَوَى عَنْهُ مِنَ الكِبَار:عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدَان
البَجَلِيّ. وَله تَارِيْخ مُفِيْدٌ.
__________
(1) عبارة البغدادي: " كنا ببغداد يوما جلوسا في مجلس
اجتمع فيه جماعة من الحفاظ يتذاكرون...فجاء رجل من
الفقهاء، فسأل الجماعة...". تاريخ بغداد ": 10 / 121.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 182 - 183، تاريخ ابن عساكر: 2 /
130 ب - 131 أ، تذكرة الحفاظ: 3 / 832 - 833، العبر: 2
/ 198، الوافي بالوفيات: 8 / 212، طبقات الحفاظ: 346،
شذرات الذهب: 2 / 298.
وتهذيب ابن عساكر: 2 / 103.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 183.
(3) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 833 " آخر من حدث عنه
أبو طاهر المخلص ".
(4) " تاريخ بغداد ": 5 / 183.
(15/68)
36 - عَلِيُّ بنُ الفَضْلِ البَلْخِيُّ *
أَحَد الحُفَّاظ الكِبَار الأَثبَات.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَأَحْمَد بن
سَيَّار، وَمُحَمَّد بن الفَضْلِ، وَأَبِي قِلاَبَةَ
الرَّقَاشِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ المُظَفَّر، وَالدَّارَقُطْنِيّ،
وَعُمَرُ بنُ شَاهِيْنٍ، وَغَيْرهُم.
تُوُفِّيَ:بِبَغْدَادَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثمائَة.
وَهُوَ:عَلِيُّ بنُ الفَضْلِ بنِ نَصْر، يُكْنَى أَبَا
الحَسَنِ (1) ، وَمِمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو
الفَتْحِ القَوَّاس، وَعَبْد اللهِ بن عُثْمَانَ
الصَّفَّار.
قَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً حَافِظاً جَوَّالاً فِي
طَلَبِ الحَدِيْث، صَاحِبَ غَرَائِب (2) .
قُلْتُ:حَدِيْثه فِي أَفْرَادِ الدَّارَقُطْنِيّ (3) .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:هُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ (4) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 12 / 47 - 48، المنتظم: 6 / 280،
تذكرة الحفاظ: 3 / 871، طبقات الحفاظ: 356 - 357.
(1) في " تاريخ بغداد ": 12 / 47 " علي بن الفضل بن
طاهر بن نصر بن محمد، أبو الحسن البلخي ".
(2) " تاريخ بغداد ": 12 / 47.
وما بين حاصرتين منه.
(3) كتاب " الافراد " للدارقطني، كتاب حافل في مئة جزء
حديثي. " الرسالة المستطرفة ": 114 وفيها تعريف
لاحاديث الافراد. فانظره
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 871.
(15/69)
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ
شَاذَانَ:تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ (1) .
37 - وَكِيْلُ أَبِي صَخرَةَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ البَغْدَادِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، النَّحَّاسُ، وَكيلُ
أَبِي صخرَة.
وُلِدَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:أَبَا حَفْص الفَلاَّس، وَزَيْدَ بنَ
أَخْزَم، وَأَحْمَد بن بُدَيل، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ،
وَعُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَتَّانِيّ،
وَآخَرُوْنَ.
وُثِّقَ، وَمَاتَ:فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
38
- مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَكْرِ
بنِ (2) مُسْلِمٍ التَّمِيْمِيُّ **
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُتْقِن، أَبُو حَاتِمٍ (3)
التَّمِيْمِيّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 48.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 229، 230، العبر: 2 / 204، شذرات
الذهب: 2 / 306.
(* *) تاريخ بغداد: 13 / 119 - 120، العبر: 2 / 205،
شذرات الذهب: 2 / 307.
(2) تحرف الاسم في العبر: 2 / 205 إلى " علي بن عبدان
".
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 119 وقد تحرف في العبر: 2 /
205، و" الشذرات ": 2 / 307 إلى (أبي حامد).
(15/70)
سَمِعَ:عَبْدَ اللهِ بن هَاشِمٍ،
وَمُحَمَّد بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ
حَفْص، وَأَحْمَد بن يُوْسُفَ السُّلَمِيّ، وَعَمَّار
بن رَجَاء، وَمُسْلِم صَاحِب(الصَّحِيْح)وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف،
وَعَلِيّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
الحَاكِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ الجَوْزَقِيّ، وَيَحْيَى
بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحَرْبِيُّ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ:ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ مقدَّم عَلَى
أَقرَانه مِنَ المَشَايِخ (1) .
قُلْتُ:وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ:أَبُو
العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة (2) .
مَاتَ:فِي جمُادَى الآخِرَة سَنَةَ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ
أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيّ (3) ، وَعَاشَ بِضْعاً
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -
39 - الهَاشِمِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ
بنِ مُوْسَى *
الأَمِيْرُ، المُسْنِدُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ مُوْسَى بنِ
مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ الهَاشِمِيُّ،
العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
كَانَ أَبُوْهُ أَمِيْرَ الحَاجِّ مُدَّة.
فَأُسمع هَذَا مِنْ:أَبِي مُصْعَب الزُّهْرِيِّ
كتَاب(المُوَطَّأ)، وَمِنْ:أَبِي سَعِيْدٍ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 13 / 120.
(2) ستأتي ترجمته رقم / 178 / من هذا الجزء.
(3) تقدمت ترجمته رقم / 21 / من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 137 - 138، المنتظم: 6 / 289،
العبر: 2 / 205، ميزان الاعتدال: 1 / 46، الوافي
بالوفيات: 6 / 48، لسان الميزان: 1 / 77 - 78، شذرات
الذهب: 2 / 306.
(15/71)
الأَشَجْ، وَعُبَيْد بنِ أَسْبَاط،
وَجَمَاعَةٍ بِالكُوْفَةِ، وَمِنْ:الحُسَيْن بن
الحَسَنِ المَرْوَزِيِّ، صَاحِب ابْنُ المُبَارَكِ،
وَمِنْ:مُحَمَّد بن الوَلِيْدِ البُسْرِيّ، وَمُحَمَّد
بن عَبْدِ اللهِ الأَزْرَقيِّ، وَخَلاَّد بنِ أَسْلَم،
وَسَعِيْد بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ
شَاهِيْنٍ، وَابْنُ المُقْرِئ، وَزَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ
الفَقِيْه، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْت
المجبِّر، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:سَمِعْتُ القَاضِي مُحَمَّدَ
بنَ أُمّ شَيْبَان يَقُوْلُ:رَأَيْتُ عَلَى
ظَهر(المُوَطَّأ)المَسْمُوْعِ مِنْ أَبِي مُصْعَب
سَمَاعاً قَدِيْماً صَحِيْحاً:سَمِعَ الأَمِيْر عَبْد
الصَّمَدِ بن مُوْسَى الهَاشِمِيّ، وَابْنه
إِبْرَاهِيْم (1) .
وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:سَمِعْتُ أَبَا
الحَسَنِ بن لُؤْلُؤ، يَقُوْلُ:رحَلْتُ إِلَى
سَامرَّاء إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ،
لأَسمع(المُوَطَّأ)، فَلَمْ أَرَ لَهُ أَصلاً
صَحِيْحاً، فتركتُ، وَلَمْ أَسْمَعْ (2) مِنْهُ.
تُوُفِّيَ:بِسَامَرَّاء فِي أَوِّلِ المُحَرَّمِ
سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ
بِضْع وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ أَملَى عِدَّةَ مَجَالِس فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ،
سَمِعَهَا ابْنُ الصَّلْت مِنْهُ.
وَمَاتَ مَعَهُ:أَبُو مزَاحم الخَاقَانِيُّ المُقْرِئ،
وَمَكِّي بن عَبْدَان، وَأَبُو بَكْرٍ وَكيل أَبِي
صَخرَة، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيّ، وَأَبُو
الغَمْر عُبَيْدُوْنَ (3) بنُ مُحَمَّدٍ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 138.
(2) فتركته " تاريخ بغداد ": 6 / 138.
(3) في الأصل: عبيد، وهو تصحيف. وفي " تبصير المنتبه
": 3 / 970 " عبدون ". وما أثبتناه من " جذوة المقتبس
": 277.
(15/72)
الجُهَنِيّ الأَنْدَلُسِيّ - يَرْوِي
عَنْ:يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى - ، وَأَبُو
العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيّ (1) ، وَعُمَر بن عَلَّك
المَرْوَزِيُّ.
40 - المُحَارِبِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
القَاسِمِ بنِ زَكَرِيَّا *
الشَّيْخُ، المُحَدِّث، المُعَمَّر، أَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِم بنِ زَكَرِيَّا
المُحَارِبِيُّ، الكُوْفِيُّ، السُّوْدَانِيُّ.
رَوَى عَنْ:أَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ -
وَهُوَ آخرُ أَصْحَابه - وَسُفْيَان بن وَكِيْع،
وَهِشَام بن يُوْنُسَ، وَحُسَيْنِ بنِ نَصْر بنُ
مُزَاحِم، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:الدَّارَقُطْنِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ الجُعْفِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ حَمَّاد الحَافِظ:تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ
سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَالَ:مَا
رُؤي لَهُ أَصلٌ قَطُّ، وَحضرتُ مَجْلِسه، وَكَانَ
ابْنُ سَعِيْد يَقْرَأُ عَلَيْهِ كتَاب(النَّهْي)،
عَنْ حُسَيْن بنِ نَصْر بن مُزَاحِم، قَالَ:وَكَانَ
يُؤمن بِالرَّجعَة (2) .
وَمَاتَ مَعَهُ:عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ حجَّاج الرِّشْدِينِيّ، وَأَبُو ذرٍّ
أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ
البَاغَنْدِيُّ.
__________
(1) بفتح الدال المهملة، وضم الغين المعجمة في اللباب:
بفتحها -، وفي آخرها اللام بعد الواو، هذه النسبة إلى
" دغول " وهو اسم رجل. ويقال للخبز الذي لا يكون رقيقا
بسرخس: دغول، ولعل بعض أجداده كان يخبز.
" الأنساب ": 5 / 321 - 322.
(*) العبر: 2 / 217، ميزان الاعتدال: 4 / 14، لسان
الميزان: 5 / 347. شذرات الذهب: 2 / 308.
(2) " ميزان الاعتدال ": 4 / 14.
(15/73)
41 - الوَرَّاقُ أَبُو عَلِيٍّ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ العَبَّاسِ بنِ عُمَرَ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَلِيٍّ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ العَبَّاسِ بنِ عُمَرَ بنِ مِهرَانَ
البَغْدَادِيُّ، الوَرَّاقُ.
سَمِعَ:الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَالزُّبَيْرَ بنَ
بَكَّارٍ، وَعَلِيَّ بنَ حَرْبٍ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:وَلَدُهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ،
وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَعِيْسَى ابْنُ الوَزِيْرِ،
وَأَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيّ (1) .
وَتُوُفِّيَ رَاجِعاً مِنَ الحَجّ فِي الطَّرِيْق:فِي
المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَقَدْ نيَّفَ عَلَى الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيّ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ،
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
النَّقُّوْر، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الوَرَّاق، حَدَّثَنَا
الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي المُحَارِبِيُّ،
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّيْنَ
إِلَى السَّبْعِيْنَ، وَأَقلُّهُم مَنْ يجوزُ ذَلِكَ
(2)).
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَرَفَة.
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 300، المنتظم: 6 / 278.
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 300.
(2) رقم (3550) في الدعوات: باب في دعاء النبي صلى
الله عليه وسلم وسنده حسن، وأخرجه ابن ماجة (4236)،
وصححه ابن حبان (2467) والحاكم 2 / 427، ووافقه
الذهبي، وله طريق أخرى عند أبي يعلى وسندها جيد.
(15/74)
42 - نِفْطَوَيْه أَبُو عَبْدِ اللهِ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرَفَةَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّحْوِيُّ، العَلاَّمَةُ،
الأَخْبَارِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَرَفَة بنِ سُلَيْمَانَ العَتَكِيُّ،
الأَزْدِيُّ، الوَاسِطِيُّ، المَشْهُورُ بنِفْطَوَيْه
(1) ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَكَنَ بَغْدَاد، وَحَدَّثَ عَنْ:إِسْحَاقَ بنِ وَهْبٍ
العلاَّفِ، وَشُعَيْب بن أَيُّوْبَ الصَّرِيفينِيِّ،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيِّ،
وَأَحْمَد بن عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيِّ،
وَدَاوُد بن عَلِيٍّ، وَعِدَّةٍ.
وَأَخَذَ العَرَبِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الجَهْم،
وَثَعْلَب وَالمُبَرِّد، وَتفقَّه عَلَى دَاوُد (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ:المُعَافَى بنُ زَكَرِيَّا، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ حَيَّوَيْه،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
وُلِدَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) طبقات النحويين واللغويين: 172، الفهرست: 121،
تاريخ بغداد: 6 / 159 - 162، نزهة الالباء، 178 - 180،
المنتظم: 6 / 277 - 278، معجم الأدباء: 1 / 254 - 272
انباه الرواة: 1 / 176 - 182، وفيات الأعيان: 1 / 47 -
49، العبر: 2 / 198، ميزان الاعتدال: 1 / 64، الوافي
بالوفيات: 6 / 130 - 133، مرآة الجنان: 2 / 287، لسان
الميزان: 1 / 190 - 110، البداية والنهاية: 11 / 183،
غاية النهاية: 1 / 25، النجوم الزاهرة: 3 / 249 - 250،
بغية الوعاة: 187 - 188، شذرات الذهب: 2 / 298 - 299.
(1) بكسر النون وفتحها، والكسر أفصح، والفاء ساكنة.
(2) هو داود بن علي بن خلف، الأصبهاني، أبو سليمان،
الملقب بالظاهري، أحد
الأئمة المجتهدين في الإسلام، واليه تنسب الطائفة
الظاهرية، وقد سميت بذلك لاخذها بظاهر الكتاب والسنة،
وإعراضها عن التأويل والرأي والقياس توفي داود سنة /
270 / ه. " وفيات الأعيان ": 2 / 255 - 257.
(15/75)
وَكَانَ متضلِّعاً مِنَ الْعُلُوم، يُنكر
الاشتقَاق وَيُحيله (1) .
وَمِنْ مَحْفُوْظه نقَائِض جَرِيْر وَالفَرَزْدَق،
وَشعر ذِي الرُّمَّة (2) .
خَلَطَ نَحْو الكُوْفِيّين بِنَحْوِ البَصْرِيّين،
وَصَارَ رَأْساً فِي رَأْي أَهْلِ الظَّاهِر.
وَكَانَ ذَا سُنَّةٍ وَدينٍ وَفُتُوَّةٍ وَمُرُوءةٍ،
وَحُسْنِ خُلُق، وَكَيْسٍ.
وَلَهُ نَظْمٌ وَنثر (3) .
صَنّف:(غَرِيْب القُرْآن)، وكتَاب(الْمقنع)فِي
النَّحْوِ (4) ، وكتَاب(البَارِع)، و(تَارِيْخ
الخُلَفَاء)فِي مُجَلَّدين وَأَشيَاء.
مَاتَ:فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ زَيْدٍ (5) الوَاسِطِيُّ
المُتَكَلِّم يُؤذيه، وَهجَاهُ، فَقَالَ:
مَنْ سَرَّهُ أَنْ لاَ يَرَى فَاسِقاً ...
فَلْيَجْتَنِبْ مِنْ أَنْ يَرَى نِفْطَوَيْه (6)
أَحْرقَهُ اللهُ بنِصْفِ اسْمِهِ ... وَصَيَّرَ
البَاقِي صُرَاخاً عَلَيْهِ (7)
وَقَالَ أَيْضاً:مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَنَاهَى فِي
الجَهْلِ، فليَعرفِ الكَلاَمَ عَلَى مَذْهَب النَّاشئ
(8) ، وَالفِقَة عَلَى مَذْهَب دَاوُد، وَالنَّحْوَ
عَلَى مَذْهَب
__________
(1) أي يرى فساده " إنباه الرواة ": 1 / 178.
(2) " طبقات النحويين واللغويين ": 172.
(3) أورد له ياقوت في " معجمه ": 1 / 260 - 266 بعض
شعره في ترجمته له.
(4) " الفهرست ": 121.
(5) في الأصل: يزيد، وهو تصحيف.
(6) في الأصل: " فليجتنب أن لا يرى نفطويه ". وهو على
خلاف المعنى المراد من الشطر الأول. وما أثبتناه من
ترجمة محمد بن زيد الواسطي في " الوافي بالوفيات ": 3
/ 82.
(7) ينسب هذا البيت أيضا إلى ابن دريد في قصة مشهورة.
انظر " نزهة الالباء ": 180.
(8) هو عبد الله بن محمد، أبو العباس، المعروف بابن
شرشير الناشئ. شاعر متكلم =
(15/76)
سيبَوَيْه (1) .
ثُمَّ يَقُوْلُ:وَقَدْ جَمَعَ هَذِهِ المذَاهب
نِفْطَوَيْه، فَإِليه المُنْتَهَى (2) .
43 - ابْنُ المُغَلِّسِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمدٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، فَقِيْه العِرَاقِ، أَبُو
الحَسَنِ عَبْدُ اللهِ ابنُ المُحَدِّثِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ المُغَلِّسِ البَغْدَادِيُّ،
الدَّاوُوْدِيُّ، الظَّاهِرِيُّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ:جَدِّهِ، وَجَعْفَر بنِ مُحَمَّدِ بنِ
شَاكِر، وَأَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيّ،
وَإِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَطَبَقَتهِم.
وَتفقَّه عَلَى:أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ،
وَبَرَعَ وَتَقَدَّم.
أَخَذَ عَنْهُ:أَبُو المُفَضَّل الشَّيْبَانِيُّ
وَنَحْوهُ.
وَعَنْهُ:انْتَشَر مَذْهَب الظَّاهِريَّة فِي البِلاَد
(3) ، وَكَانَ مِنْ بحور العِلْم، حَمَلَ عَنْهُ
تلمِيذُهُ حَيْدَرَة بنُ عُمَرَ، وَالقَاضِي عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أُخْت وَليد قَاضِي مِصْرَ،
وَالفَقِيْه عَلِيّ بنُ خَالِدٍ البَصْرِيُّ،
وَطَائِفَةٌ.
وَله مِنَ التَّصَانِيْف:كتَاب(أَحْكَام القُرْآن)،
وكتَاب(المُوَضّح)فِي الفِقْه، وكتَاب(الْمُبْهِج)،
وكتَاب(الدَّامغ)فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ خَالفه
وَغَيْرُ (4) ذَلِكَ.
__________
= يعد في طبقة ابن الرومي والبحتري، أصله من الانبار،
وأقام ببغداد مدة طويلة، وخرج إلى مصر فسكنها، وتوفي
بها سنة / 293 / ه ترجمته في " تاريخ بغداد ": 10 / 92
- 93، و" وفيات الأعيان ": 3 / 91 - 93 " طبقات
المعتزلة ": 92 - 93.
(1) في " الفهرست ": 245 نفطويه بدل سيبويه.
(2) " الفهرست ": 245.
(*) أخبار الراضي للصولي: 83، الفهرست: 306، تاريخ
بغداد: 9 / 385، طبقات الشيرازي: 177، المنتظم: 6 /
286، العبر: 2 / 201، البداية والنهاية: 11 / 186،
النجوم الزاهرة: 3 / 259، شذرات الذهب: 2 / 302.
(3) " طبقات الشيرازي ": 177.
(4) " الفهرست ": 306 وفيه " كتاب المنجح " بدلا من "
المبهج ".
(15/77)
مَاتَ:فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
44 - ابْنُ مِرْدَاسٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
الحُسَيْنِ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَسَنُ
بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مِرْدَاسٍ
التَّمِيْمِيُّ، الهَمَذَانِيُّ، ابْنُ أَبِي
الحِتِّي.
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد الهَمْدَانِيّ،
وَالمَرَّار بن حَمُّوَيْه، وَأَحْمَد بن بُدَيل،
وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ عِصَام، وَعِدَّةٍ.
قَالَ صَالِح (1) :سَمِعْتُ مِنْهُ مَعَ أَبِي، وَهُوَ
صَدُوْقٌ.
مَاتَ:فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ 322.
45 - القَمُّوْدِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ القَمُّوديُّ
السُّوْسِيُّ **
الإِمَامُ، زَاهِد المَغْرِب، أَبُو جَعْفَرٍ
القَمُّوديُّ (2) السُّوْسِيُّ.
كَانَ سَيِّداً عَابداً مُنْقَطِعَ القَرِين، عَبَدَ
رَبّهُ حَتَّى صَارَ كَالشَّن البَالِي (3) ، وَكَانَ
يُضْرَبُ بِهِ المَثَل، وَكَانَ مِنْ أَحْلَمِ
النَّاس، يدعُو لِمَنْ يُؤذيه.
سَكَنَ سُوْسَة وَعُمِّر، وَعَاشَ أَربعاً
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ، لاَ بَلْ
مَاتَا قبلَه.
مَاتَ:بسُوسَة، فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - .
وَله تَرْجَمَةٌ فِي وَرقَات فِي أَحْوَاله
وَمَنَاقِبه.
__________
(*) لم نقع له على ترجمة.
(1) انظر حاشيتنا رقم / 1 / ص 8.
(* *) لم نقع له على ترجمة.
(2) نسبة إلى " قمودة ". قال اليعقوبي: قرية
بالقيروان. انظر " تاج العروس " (قمد)
(3) الشن، وبهاء: القربة الخلق الصغيرة.
(15/78)
46 - ابْنُ فُطَيْسٍ مُحَمَّدُ بنُ
فُطَيْسِ بنِ وَاصِلٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَدِّثُ الأَنْدَلُسِ،
مُحَمَّدُ بنُ فُطَيْسِ بنِ وَاصِل بنِ عَبْدِ اللهِ
الغَافِقِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، الإِلْبِيْرِيُّ (1) .
مولدُهُ:سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:أَبَان بنَ عِيْسَى، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ
العُتْبِيَّ الفَقِيْه، وَابْنَ مُزَين مِنْ (2)
عُلَمَاء الأَنْدَلُس.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِي فِي(تَارِيْخِهِ):ارْتَحَلَ
سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فسَمِعَ مَنْ:يُوْنُس بنِ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ،
وَأَخَذَ بِإِفْرِيْقِيَّةَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ
اللهِ العِجْلِيِّ الحَافِظ، وَشجرَة بن عِيْسَى،
وَيَحْيَى بنِ عَوْنٍ، وَأَكْثَرَ عَنْ أَهْل الْحرم،
وَمِصْرَ، وَالقَيْرَوَان، وَتفقَّه بِالمُزَنِيّ،
وَأَدخل الأَنْدَلُس عِلْماً غزيراً.
وَكَانَ بَصِيْراً بِفقه مَالِك.
وَكَانَ يَقُوْلُ:لقيتُ فِي رِحْلَتِي مَائَتَي شَيْخ
مَا رَأَيْتُ فِيهِم مِثْل ابْن عَبْدِ الحَكَمِ (3) .
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيّ وَغَيْرهُ:صَارت إِلَيْهِ
الرِّحلَة مِنَ البِلاَد، وَعُمِّرَ دَهْراً.
وَصَنَّفَ:كتَاب(الرَّوع وَالأَهوَال)،
وكتَاب(الدُّعَاء).
وَكَانَ ضَابطاً نَبِيْلاً صَدُوْقاً (4) .
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 40، جذوة المقتبس: 78 -
79، بغية الملتمس: 121 - 122، تذكرة الحفاظ: 3 / 802 -
803، العبر: 2 / 177، الوافي بالوفيات: 4 / 337،
الديباج المذهب: 246 - 247، طبقات الحفاظ: 334 - 335،
شذرات الذهب: 2 / 283.
(1) نسبة إلى إلبيرة، هي كورة كبيرة في الأندلس. "
معجم البلدان ": 1 / 244.
(2) زيادة اقتضاها سياق النص.
(3) " تاريخ علماء الأندلس ": 2 / 41 وما بين حاصرتين
منه.
(4) المصدر السابق.
(15/79)
حَدَّثَنَا عَنْهُ غَيْرُ وَاحِد.
وَتُوُفِّيَ:فِي شَوَّالٍ، سنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:عُمِّر تِسْعِيْنَ عَاماً.
47 - مُحَمَّدُ بنُ حَمْدَوَيْه بنُ سَهْلٍ أَبُو
نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، أَبُو نَصْرٍ
المَرْوَزِيُّ الفَازِيُّ - بِالفَاء مِنْ أَهْلِ
قريَة فَاز - ، وَبَعْضُهُم يَقُوْلُ:الغَازِي.
يَرْوِي عَنْ:سُلَيْمَانَ بنِ معْبَد السِّنْجِيِّ،
وَمَحْمُوْد بن آدَمَ، وَسَعِيْد بن مَسْعُوْدٍ،
وَأَبِي الموجَّه مُحَمَّد بن عَمْرٍو، وَعَبْد اللهِ
بن عَبْدِ الوَهَّابِ، وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ بِمَرْو، وَبِبَغْدَادَ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَمْرٍو بنُ حَيّوَيْه،
وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَيُوْسُفُ القَوَّاس، وَأَبُو
إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ
السَّلِيْطِيُّ، وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ العَلَوِيّ،
وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ جَامِع الدَّهَّان، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ البَرْقَانِيّ:حَدَّثَنَا الدَّارَقُطْنِيّ،
قَالَ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه
المَرْوَزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الفَضْلِ بنِ
طَاهِر:ثِقَتَانِ نَبِيْلاَن حَافِظَان (1) .
قُلْتُ:يُقَال:مَاتَ أَبُو نَصْرٍ الفَازِي الغَازِي
المُطَّوِّعِيّ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ،
وَالأَصحُّ وَفَاته عَلَى مَا نَقله الحَافِظ
غُنْجَار، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بن
__________
(*) المنتظم: 6 / 325، تذكرة الحفاظ: 3 / 872، العبر:
2 / 218، طبقات الحفاظ، 357، شذرات الذهب: 2 / 323 -
324.
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 872.
(15/80)
مُحَمَّد بن حَمْدُوَيْه المَرْوَزِيَّ
يَقُوْلُ:تُوُفِّيَ أَبِي بِمَرْوَ سَنَة تِسْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ السَّمْعَانِيّ، أَخْبَرَنَا
عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّار، أَخْبَرَنَا مُوْسَى
بنُ عِمْرَان الصُّوْفِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ العَلَوِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ
مُحَمَّد بن حَمْدُوَيْه الغَازِي، حَدَّثَنَا
مَحْمُوْدُ بنُ آدَمَ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنْ جَامِع بن أَبِي رَاشِد، عَنْ أَبِي
وَائِل قَالَ:
قَالَ حُذَيْفَةُ لعَبْدِ اللهِ:عكوَفاً بَيْنَ دَارك،
وَدَار أَبِي مُوْسَى، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُوْلَ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(لاَ اعتكَاف إِلاَّ فِي المَسَاجِدِ
الثَّلاَثَة).
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ:لَعَلَّك نسيتَ وَحَفِظُوا،
وَأَخْطَأْت، وَأَصَابُوا (1) .
صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ عَالٍ.
48 - بِرْدَاعِسُ مُحَمَّدُ بنُ بَرَكَةَ بنِ الحَكَمِ
اليَحْصبِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ بَرَكَةَ بنِ الحَكَمِ بنِ
إِبْرَاهِيْمٌ اليَحْصبِيُّ، القِنَّسْرِينِيُّ،
الحَلَبِيُّ، وَلقبه بِرْدَاعِسُ (2) .
حَدَّثَ عَنْ:أَحْمَدَ بن شَيْبَان - صَاحِبِ ابْن
عُيَيْنَةَ - ، وَمُحَمَّد بن عَوْف
__________
(1) وأخرجه البيهقي في " سننه " 4 / 316، من طريق محمد
بن الحسين العلوي، بهذا الإسناد وقد نسبه المجد ابن
تيمية في " المنتقى " 4 / 360 إلى " سنن سعيد بن منصور
" وقد انفرد حذيفة بتخصيص الاعتكاف في المساجد
الثلاثة، والجمهور على جوازه في أي مسجد من المساجد.
انظر " الفتح " 4 / 272.
(*) تاريخ ابن عساكر: 15 / 68 أ - 69 أ، معجم البلدان:
4 / 404، تذكرة الحفاظ: 3 / 827 - 828، العبر: 2 / 208
- 209، ميزان الاعتدال: 3 / 489، المغني في الضعفاء: 2
/ 559، لسان الميزان: 5 / 91، طبقات الحفاظ، 344،
شذرات الذهب: 2 / 309.
(2) في " الإكمال " و" تذكرة الحفاظ " برداغس - بالغين
- وفي " ميزان الاعتدال ": ذاعر.
(15/81)
الحِمْصِيّ، وَيُوْسُف بن سَعِيْدِ بنِ
مُسَلَّمٍ، وَهلاَل بن العَلاَءِ، وَأَمثَالِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ:عُثْمَان بنُ خُرَّزَاذ - أَحَدُ
شُيُوْخِهِ - ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ،
وَأَبُو بَكْرٍ الرَّبَعِيّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ
عَدِيّ، والمَيَانَجِيّ، وَابْنُ المُقْرِئ، وَعَلِيُّ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَلَبِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ
أَبِي الْحَدِيد، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ:كَانَ حَافِظاً (1) .
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ:رَأَيْتهُ حَسَنَ
الحِفْظ (2) .
وَرَوَى حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، عَنِ الدَّارَقُطْنِيّ
قَالَ:هُوَ ضَعِيْفٌ (3) .
تُوُفِّيَ بِرْدَاعس:سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَن?ا جَمَاعَةٌ إِجَازَةً عَنِ المُؤَيَّد بن
الأُخوَة، أَخْبَرَنَا سَعْد بن أَبِي الرَّجَاءِ،
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الثَّقَفِيُّ، وَمَنْصُوْرُ
بنُ الحُسَيْنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ بَرَكَةَ أَبُو بَكْرٍ الحَافِظ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ هَاشِم الأَنْطَاكِيُّ،
حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - :(لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بَوَلِيٍّ) (4) .
__________
(1) " الإكمال ": 1 / 234.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 827.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 827.
(4) حديث صحيح بطرقه وشواهده، وأخرجه أحمد 4 / 394
و413 و418، والطيالسي (523) وابن الجارود في " المنتقى
" (702) و(703) وأبو داود (2085) والدارمي 2 / 137،
والترمذي (1101) و(1102) والطحاوي في شرح معاني الآثار
2 / 9، والدارقطني 3 / 219، وابن حبان (1243) و(1244)
والحاكم 2 / 170، والبيهقي =
(15/82)
وَفِيْهَا مَاتَ:أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ
بنُ القَاسِمِ الكَوْكَبِيُّ، وَالوَزِيْر أَبُو
الفَتْحِ الفَضْل بن جَعْفَرِ بنِ حِنزَابَة،
وَالحَافِظ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ
الخَرَائِطِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي حَاتِمٍ
الإِمَام، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه
المَرْوَزِيُّ الفَازِيُّ.
49 - أَحْمَدُ بنُ بَقِيِّ بن مَخْلَدٍ أَبُو عُمَرَ
القُرْطُبِيُّ * (1)
كَبِيْرُ عُلَمَاءِ الأَنْدَلُسِ، وَقَاضِي قُرطبَةَ.
قَالَ القَاضِي عِيَاض:سَمِعَ أَبَاهُ خَاصَّةً.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ:كَانَ وَقُوْراً حليماً
كَثِيْرَ التِّلاَوَة ليلاً وَنهَاراً، قويَّ
المَعْرِفَة بِاخْتِلاَف العُلَمَاء، وَلِي القَضَاء
عَشْرَة أَعْوَام مَا ضَرَبَ فِيْهَا - فِيْمَا قِيْلَ
- سِوَى وَاحِدٍ مجمعٍ عَلَى فِسْقِهِ، وَكَانَ
يتوقَّفُ وَيتثبَّتُ، وَيَقُوْلُ:التَّأَنِي
__________
= 7 / 107 من طرق عن أبي إسحاق بهذا الإسناد، وله شاهد
من حديث ابن عباس عند أحمد 1 / 250، وابن ماجة (1880)
والبيهقي 7 / 109، 110، وآخر من حديث عائشة عند أحمد 6
/ 47، و66، و165، والدارمي 2 / 137، وأبي داود (2083)
و(2084) والترمذي (1102) وابن ماجة (1879) و(1880)
وابن الجارود (700) وابن حبان (1248) والدارقطني 3 /
221، والحاكم 2 / 168، والبيهقي 7 / 105، والطيالسي
(1463) وثالث عن أبي هريرة عند ابن حبان (1246) ورابع
عن جابر عند الطبراني كما في " المجمع " 4 / 286،
وانظر " تلخيص الحبير " 3 / 156، 157.
(*) قضاة قرطبة: 163 - 171، تاريخ علماء الأندلس 1 /
33، جذوة المقتبس: 110، بغية الملتمس: 172، المنتظم 6
/ 283، العبر: 2 / 200 - 201، الوافي بالوفيات: 6 /
266، تاريخ قضاة الأندلس: 63 - 65، الديباج المذهب:
37، شذرات الذهب: 2 / 301.
(1) وسيكرر المؤلف ترجمته في الصفحة (241) من هذا
الجزء.
(15/83)
أَخلصُ، إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَشكلَ عَلَيْهِ أَمرُ
حَدِيْث حُويّصَة وَمُحَيِّصَة (1) ، وَدَى القَتِيلَ
مِنْ عِنْدِهِ.
وَكَانَ النَّاصرُ لِدِيْنِ اللهِ يحترمُه وَيبجِّلُه
(2) .
تُوُفِّيَ عَلَى القَضَاءِ:سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:وَفِي ذُرِّيَّته أَئِمَّةٌ وَفضلاَء، آخرهُم
أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ بَقِيِّ، بَقِيَ إِلَى
سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتّ مائَة.
50 - أَبُو صَالِحٍ مُفْلِحٌ *
هُوَ:الزَّاهِد، العَابِدُ، شَيْخُ الفُقَرَاء
بِدِمَشْقَ، أَبُو صَالِحٍ مُفْلحُ (3) ، صَاحِبُ
المَسْجَدِ الَّذِي بِظَاهِرِ بَابِ شَرْقِي، وَبِهِ
يُعرف، وَقَدْ صَارَ ديراً لِلْحَنَابِلَة.
__________
(1) أخرجه البخاري 3173 في الجهاد، و(6143) في الأدب،
و(6898) في
الديات: باب القسامة، و(7192) في الاحكام، ومسلم
(1669) من حديث سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج أنهما
قالا: خرج عبد الله بن سهل بن زيد، ومحيصه بن مسعود بن
زيد، حتى إذا كانا بخيبر تفرقا في بعض ما هنالك، ثم
إذا محيصة يجد عبد الله بن سهل قتيلا، فدفنه، ثم أقبل
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حويصة بن مسعود
وعبد الرحمن بن سهل، وكان أصغر القوم - فذهب عبد
الرحمن ليتكلم قبل صاحبيه، فقال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " كبر، الكبر في السن "، فصمت، فتكلم
صاحباه، وتكلم معي، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه
وسلم مقتل عبد الله بن سهل، فقال لهم: " أتحلفون خمسين
يمينا فتستحقون صاحبكم أو قاتلكم "، قالوا: فكيف نحلف
ولم نشهد، قال: " فتبرئكم يهود بخمسين يمينا "، قالوا:
وكيف نقبل أيمان قوم كفار، فلما رأى ذلك رسول الله صلى
الله عليه وسلم أعطى عقله.
(2) " تاريخ قضاة الأندلس ": 64 وستأتي ترجمة الناصر
لدين الله رقم / 336 / من هذا الجزء.
(*) تاريخ ابن عساكر 19 / 41 أ - 41 ب، العبر: 2 /
224، مرآة الجنان: 2 / 298، البداية والنهاية: 11 /
204 - 205، النجوم الزاهرة: 3 / 275، الدارس في تاريخ
المدارس: 2 / 102 - 103، القلائد الجوهرية: 1 / 167،
شذرات الذهب: 2 / 328.
(3) في " تاريخ ابن عساكر ": 19 / 41 أ: مفلح بن عبد
الله.
(15/84)
صحب أَبَا بَكْرٍ بنَ سَيِّد حَمْدُوَيْه.
حكَى عَنْه:موحّد بن إِسْحَاقَ، وَعَلِيّ بن القُجّة،
وَمُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الدُّقِيّ.
وَقَدْ سَاحَ بلُبْنَان فِي طَلَبِ العُبَّاد.
وَحَكَى:أَنَّهُ رَأَى فِي جبل اللُّكَّام فَقِيْراً
عَلَيْهِ مُرَقَّعَة، فَقَالَ:مَا تصنعُ
هُنَا؟قَالَ:أَنظر وَأَرعَى.
قُلْتُ:مَا أَرَى بَيْنَ يَديك شَيْئاً؟
قَالَ:فتغيَّر (1) ، وَقَالَ:أَنظرُ خواطرِي، وَأَرعَى
أَوَامر رَبِّي (2) .
مَاتَ:سنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَهُ ابْنُ زَبْرٍ فِي(الوفيَّات).
51 - الأَشْعَرِيُّ عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
إِسْحَاقَ *
العَلاَّمَةُ، إِمَامُ المُتَكَلِّمِين، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي بِشْرٍ
إِسْحَاقَ بنِ سَالِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ مُوْسَى ابنِ أَمِيْر البَصْرَةِ بِلاَلِ
بنِ أَبِي بُرْدَةَ ابنِ صَاحِب رَسُوْل اللهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبِي مُوْسَى
عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْس بن حَضَّارٍ الأَشْعَرِيُّ،
اليَمَانِيُّ، البَصْرِيُّ.
مَوْلِدُهُ:سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَقِيْلَ:بَلْ وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ.
__________
(1) أي: لونه.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 19 / 41.
(*) الفهرست: 257، تاريخ بغداد: 11 / 346 - 347، الملل
والنحل: 1 / 94 - 103، الأنساب: 1 / 273 - 274، وتبيين
كذب المفتري لابن عساكر في الدفاع عنه، المنتظم: 6 /
332 - 333، وفيات الأعيان: 3 / 284 - 286، العبر: 2 /
202 - 203 مرآة الجنان: 2 / 298 - 309، طبقات
الشافعية: 3 / 347 - 444، البداية والنهاية: 11 / 187،
الجواهر المضية: 2 / 247 - 248، الديباج المذهب: 193 -
196، النجوم الزاهرة: 3 / 259، شذرات الذهب: 2 / 303 -
305.
(15/85)
وَأَخَذَ عَنْ:أَبِي خَلِيْفَة
الجُمَحِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الجُبَّائِيّ،
وَزَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَسَهْلِ بن نُوْح،
وَطَبَقَتِهِم، يَرْوِي عَنْهُم بِالإِسْنَاد فِي
تَفْسِيْره كَثِيْراً.
وَكَانَ عجباً فِي الذَّكَاء، وَقوَة الفهمِ.
وَلَمَّا بَرَعَ فِي مَعْرِفَةِ الاعتزَال، كرِهه
وَتبرَّأَ مِنْهُ، وَصَعِدَ لِلنَّاسِ، فتَابَ إِلَى
اللهِ تَعَالَى مِنْهُ، ثُمَّ أَخذ يُردُّ عَلَى
المُعْتَزِلَة، وَيهتِك عِوَارَهُم.
قَالَ الفَقِيْه أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ:كَانَتِ
المُعْتَزِلَةُ قَدْ رفعُوا رُؤُوْسهُم، حَتَّى نشَأَ
الأَشْعَرِيُّ فحجرهُم فِي أَقمَاع السِّمْسِم (1) .
وَعَنِ ابْنِ البَاقلاَنِيِّ قَالَ:أَفْضَل أَحْوَالِي
أَنْ أَفهَمَ كَلاَمَ الأَشْعَرِيّ (2) .
قُلْتُ:رَأَيْتُ لأَبِي الحَسَن أَرْبَعَة توَالِيف
فِي الأُصُوْل يذكرُ فِيْهَا قوَاعدَ مَذْهَبِ
السَّلَف فِي الصِّفَات، وَقَالَ فِيْهَا:تُمَرُّ
كَمَا جَاءت.
ثُمَّ قَالَ:وَبِذَلِكَ أَقُول، وَبِهِ أَدين، وَلاَ
تُؤوَّل.
قُلْتُ:مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حطَّ (4) عَلَيْهِ
جَمَاعَةٌ مِنَ الحَنَابِلَة وَالعُلَمَاء.
وَكُلُّ أَحَد فيُؤخذ مِنْ قَوْله وَيترك، إِلاَّ مَنْ
عصم اللهُ تَعَالَى اللَّهُمَّ اهدنَا، وَارحمنَا (5)
.
__________
(1) انظر " الإصابة ": 1 / 363 - 364.
(2) " تاريخ بغداد ": 11 / 347.
(3) " طبقات الشافعية ": 3 / 351.
(4) يقال: حط في عرض فلان: إذا اندفع في شتمه.
(5) في تناول السبكي للذهبي في ترجمته لأبي الحسن
الأشعري شيء من الحدة في النقد، ولم أقع على ترجمة
الأشعري في ما طبع من " تاريخ الذهبي " الذي أشار إليه
السبكي، والحق، أن الذهبي كان في غاية الاعتدال حين
ترجم للاشعري في كتابنا هذا، ترى هل رجع عما كان
يعتقده في حقه، أم أن السبكي أفرط في تأويل كلام
الذهبي ؟.
انظر " طبقات الشافعية ": 3 / 352 - 353، ومقدمة سير
أعلام النبلاء: 1 / 128.
(15/86)
وَلأَبِي الحَسَنِ ذكَاءٌ مُفْرِط،
وَتبحُّر فِي العِلْمِ، وَلَهُ أَشيَاء حسنَة،
وَتصَانيف جَمَّة تقضِي لَهُ بسَعَةِ العِلْم.
أَخَذَ عَنْهُ:أَئِمَّةٌ مِنْهُم:أَبُو الحَسَنِ
البَاهِلِيُّ (1) ، وَأَبُو الحَسَنِ الكِرْمَانِيُّ،
وَأَبُو زَيْد المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
بنُ مُجَاهِد البَصْرِيّ، وَبُنْدَار بن الحُسَيْنِ
الشِّيرَازِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ العِرَاقِيُّ،
وَزَاهِر بن أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَأَبُو سَهْلٍ
الصُّعْلُوكِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الكَوَّاز (2)
الشِّيرَازِيُّ (3) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيّ فِي كتَاب(العُمَد
فِي الرُّؤْيَة)لَهُ:صَنَّفْتُ(الْفُصُول فِي الرَّدِّ
عَلَى الملحدينَ)وَهُوَ اثْنَا عَشرَ كِتَاباً،
وكتَاب(الْمُوجز)، وكتَاب(خَلْق الأَعمَال)،
وكتَاب(الصِّفَات)، وَهُوَ كَبِيْر، تكلَّمنَا فِيْهِ
عَلَى أَصنَافِ المُعْتَزِلَة وَالجَهْمِيَّة،
وكتَاب(الرُّؤْيَة بِالأَبصَار)، وكتَاب(الخَاص
وَالعَام)، وكتَاب(الرَّدّ عَلَى المجسِّمَة)،
وكتَاب(إِيضَاح البرهَان)، وكتَاب(اللُّمَع فِي
الرّدِّ عَلَى أَهْلِ البِدَع)، وكتَاب(الشَّرح
وَالتَّفصيل)، وكتَاب(النَّقض عَلَى الجُبَائِيّ (4))،
وكتَاب(النَّقْض عَلَى البَلْخِيّ (5))، وكتَاب(جمل
مقَالاَت الْمُلْحِدِينَ)، وَكتَاباً (6) فِي
الصِّفَات هُوَ أَكْبَر كتبنَا، نقضنَا فِيْهِ مَا
كُنَّا أَلَّفنَاهُ قَدِيْماً فِيْهَا عَلَى
تَصْحِيْحِ مَذْهَب المُعْتَزِلَة،
__________
(1) انظر ترجمته في " تبيين كذب المفتري ": 178.
(2) نسبة إلى عمل " الكيزان " من الخزف.
(3) في " تبيين كذب المفتري " فصل معقود لتراجم أصحاب
أبي الحسن الأشعري، لمن أخذ عنهم، فليراجعه من أراد
الاستقصاء. ص / 177 - 330.
(4) في " تبيين المفتري ": 130 " وقال: وألفنا كتابا
كبيرا، نقضنا فيه الكتاب المعروف بالاصول على محمد بن
عبد الوهاب الجبائي ".
(5) في " التبيين ": 130 " وقال: وألفنا كتابا كبيرا،
نقضنا فيه الكتاب المعروف بنقض تأويل الأدلة على
البلخي في أصول المعتزلة ".
(6) في الأصل: كتاب - بالرفع -
(15/87)
لَمْ يُؤلَّف لَهُم كِتَاب مثلُه، ثُمَّ
أَبَان الله لَنَا الحَقَّ فَرَجَعْنَا.
وكتَاباً فِي(الرّدّ عَلَى ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ)،
وكتَاب(القَامع فِي الردّ عَلَى الخَالديّ)،
وكتَاب(أَدب الجَدَل)، وكتَاب(جَوَاب
الخُرَاسَانيَّة)، وكتَاب(جَوَاب السِّيْرَافيين)،
و(جَوَاب الجُرْجَانيين)، وكتَاب(المَسَائِل
المنثَوْرَة البَغْدَادِيَّة)، وكتَاب(الفنُوْنَ فِي
الرّدِّ عَلَى المُلْحدين)، وكتَاب(النَّوَادر فِي
دقَائِق الكَلاَم)وكتَاب(تَفْسِيْر القُرْآن).
وَسَمَّى كتباً كَثِيْرَةً سِوَى ذَلِكَ.
ثُمَّ صَنَّفَ بَعْد(العُمَد)كتباً عِدَّةً سمَّاهَا
ابْنُ فُورَك هِيَ فِي(تَبْيِين كذب المفترِي (1)).
رَأَيْتُ لِلأَشعرِيّ كلمَة أَعجبتَنِي وَهِيَ
ثَابِتَة رَوَاهَا البَيْهَقِيّ، سَمِعْتُ أَبَا
حَازِم العَبْدَوِيَّ، سَمِعْتُ زَاهِر بن أَحْمَدَ
السَّرَخْسِيّ يَقُوْلُ:لَمَّا قَرُبَ حُضُوْرُ أَجل
أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ فِي دَارِي بِبَغْدَادَ،
دعَانِي فَأَتَيْتُه، فَقَالَ:اشهدْ عليَّ أَنِّي لاَ
أَكفِّر أَحَداً مِنْ أَهْلِ القِبْلَة، لأَنَّ الكلَّ
يُشيَرَوْنَ إِلَى معبودٍ وَاحِد، وَإِنَّمَا هَذَا
كُلُّه اخْتِلاَف العِبَارَات.
قُلْتُ:وَبنحو هَذَا أَدين، وَكَذَا كَانَ شَيْخُنَا
ابْنُ تيمِيَّة فِي أَوَاخِرِ أَيَّامه يَقُوْلُ:أَنَا
لاَ أَكفر أَحَداً (2) مِنَ الأُمَّة، وَيَقُوْلُ:
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(لاَ يُحَافِظُ عَلى الْوضُوء إِلاَّ مُؤْمِنٌ
(3))فَمَنْ لاَزَمَ الصَّلَوَاتِ بوضوءٍ فَهُوَ
مُسْلِم.
__________
(1) انظر " تبيين كذب الفتري ": 128 - 136.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) حديث صحيح أخرجه أحمد 5 / 276، و277 و282،
والدارمي 1 / 168، وابن ماجة (277) والحاكم 1 / 130 من
طريق سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن
خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن "
ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا بين سالم وثوبان، لكن
أخرجه أحمد 5 / 282، والدارمي 1 / 168، وابن حبان
(164) من طريق الوليد بن مسلم حدثنا ابن ثوبان، حدثني
حسان بن عطية أن أبا كبشة حدثه أنه سمع ثوبان مولى
رسول الله صلى الله عليه وسلم...وهذا سند حسن، وله
طريق ثالث عند أحمد 5 / 280، وسنده قوي، وله شاهد من =
(15/88)
وَقَدْ أَلَّف الأهْوَازِيّ (1) جُزْءاً
فِي مثَالب ابْنِ أَبِي بِشْر، فِيْهِ أَكَاذيب.
وَجَمَعَ أَبُو القَاسِمِ فِي مَنَاقِبه فَوَائِد
بَعْضهَا أَيْضاً غَيْرُ صَحِيْحٍ، وَلَهُ
المُنَاظَرَةُ المَشْهُوْرَةُ مَعَ الجُبَّائِي فِي
قَوْلِهِم:يَجِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يَفْعَل الأَصلحَ،
فَقَالَ الأَشْعَرِيُّ:بَلْ يَفْعَلُ مَا يشَاء (2) ،
فَمَا تَقُولُ فِي ثَلاَثَةٍ صِغَار:مَاتَ أَحَدهُم
وَكَبُرَ اثْنَانِ، فَآمن أَحَدُهُم، وَكَفَرَ الآخر،
فَمَا العِلَّةُ فِي اخترَام الطِّفْلِ؟
قَال:لأَنَّه تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ
لكَفَر، فَكَانَ اخترَامُه أَصلح لَهُ.
قَالَ الأَشْعَرِيُّ:فَقَدْ أَحيَا أَحَدهُمَا فكفَرَ.
قَالَ:إِنَّمَا أَحيَاهُ لِيَعْرِضَهُ أَعْلَى
المرَاتب.
قَالَ الأَشْعَرِيُّ:فَلِمَ لاَ أَحيَا الطِّفْل
لِيَعْرِضَهُ لأَعْلَى المرَاتب؟
قَالَ الجُبَّائِي:وَسوست.
قَالَ:لاَ وَاللهِ، وَلَكِنْ وَقَفَ حِمَار الشَّيْخ.
وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا الحَسَنِ تَابَ وَصَعِدَ
مِنْبَر البَصْرَة، وَقَالَ:إِنِّيْ كُنْتُ
أَقُول:بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَأَنَّ اللهَ لاَ يُرَى
بِالأَبصَار (3) ، وَأَنَّ الشَّرَّ فِعْلِي لَيْسَ
بقدرٍ، وَإِنِّيْ تَائِبٌ مُعتقدٌ الرّدَّ عَلَى
المُعْتَزِلَة (4) .
وَكَانَ فِيْهِ دُعَابَة وَمزح كَثِيْر.
قَالَهُ ابْنُ خِلِّكَانَ (5) .
وَأَلَّف كُتُباً كَثِيْرَةً، وَكَانَ يقنَع
بِاليَسِيْر، وَلَهُ بَعْضُ قريَةٍ مِنْ وَقَفِ
جَدِّهُم
__________
= حديث عبد الله بن عمرو، وآخر من حديث أبي أمامة عند
ابن ماجة (278) و(279) وفي سندهما ضعف، لكنهما صالحان
للاستشهاد.
(1) هو الحسن بن علي بن إبراهيم، أبو علي الاهوازي،
مقرئ الشام في عصره، أصله من الاهواز، واستوطن دمشق
وتوفي بها سنة / 446 / ه.
(2) اعتقاد أهل السنة، أنه لا يجب على الله شيء.
" لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ".
(3) زيادة تقتضيها صحة المعنى.
فالمعتزلة يقولون بعدم رؤية الله بالابصار.
انظر " الابانة ": 13 - 20.
(4) " الفهرست ": 257.
(5) " وفيات الأعيان ": 3 / 285.
(15/89)
الأَمِيْرِ بلاَلِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ (1)
.
وَيُقَالُ:بَقِيَ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
52 - البَرْبَهَارِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ
عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ *
شَيْخُ الحَنَابِلَة، القُدْوَة، الإِمَامُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ
البَرْبهَارِيُّ (2) ، الفَقِيْه.
كَانَ قوَّالاً بِالْحَقِّ، دَاعِيَةً إِلَى الأَثر،
لاَ يَخَافُ فِي الله لومَةَ لاَئِم.
صَحِبَ المَرُّوْذِيَّ (3) ، وَصَحِبَ سَهْل بن عَبْدِ
اللهِ التُّسْتَرِيَّ (4) .
فَقِيْلَ:إِنَّ الأَشْعَرِيَّ (5) لَمَّا قَدِمَ
بَغْدَادَ جَاءَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ
البَرْبَهَارِيِّ، فجَعَلَ يَقُوْلُ:رددتُ عَلَى
الجُبَّائِيّ، رددْتُ عَلَى المَجُوْس، وَعَلَى
النَّصَارَى.
فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:لاَ أَدْرِي مَا تَقُولُ،
وَلاَ نعرِفُ إِلاَّ مَا قَالَه الإِمَامُ أَحْمَد.
فَخَرَجَ (6) وَصَنَّفَ(الإِبَانَة (7))فَلَمْ
يُقْبَلْ مِنْهُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 347.
(*) طبقات الحنابلة: 2 / 18 - 45، المنتظم: 6 / 323،
العبر: 2 / 216 - 217، البداية والنهاية: 11 / 201،
الوافي بالوفيات: 12 / 146 - 147، شذرات الذهب: 2 /
319.
(2) بفتح الباء الموحدة، وسكون الراء المهملة، وفتح
الباء الثانية أيضا، والراء المهملة أيضا بعد الهاء
والالف.
هذه النسبة إلى " بربهار " وهي الادوية التي تجلب من
الهند. " الأنساب ": 2 / 125.
(3): ترجمته في " طبقات الحنابلة ": 1 / 56 - 63.
(4) ترجمته في " طبقات الصوفية ": 206 - 211.
(5) تقدمت ترجمته ص / 85 / من هذا الجزء.
(6) أي الأشعري.
(7) " الابانة عن أصول الديانة " مطبوع، يقال: إنه من
آخر تصانيفه.
(15/90)
وَمِنْ عبارَة الشَّيْخِ البَرْبَهَارِيِّ،
قَالَ:احذرْ صِغَار المُحدَثَاتِ مِنَ الأُمُور،
فَإِنَّ صِغَارَ البِدَع، تعُودُ كِباراً، فَالكَلاَمُ
فِي الرَّبِّ - عَزَّ وَجَلَّ - مُحدَثٌ وَبِدْعَة
وَضَلاَلَة، فَلاَ نتكلَّم فِيْهِ إِلاَّ بِمَا وَصفَ
بِهِ نَفْسَه، وَلاَ نَقُوْلُ فِي صِفَاته:لِمَ؟وَلاَ
كَيْفَ؟وَالقُرْآن كَلاَمُ اللهِ، وَتنَزِيْلُه
وَنورُه لَيْسَ مخلوقاً، وَالمِرَاءُ فِيْهِ كُفْر (1)
.
قَالَ ابْنُ بَطَّة (2) :سَمِعْتُ البَرْبَهَارِيَّ
يَقُوْلُ:المُجَالَسَةُ لِلْمنَاصحَةِ فَتْحُ بَابِ
الفَائِدَة، وَالمُجَالَسَةُ لِلْمُنَاظَرِة غَلْقُ
بَابِ الفَائِدَة (3) .
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لَمَّا أَخذ الحُجَّاجُ (4) :يَا
قَوْمُ إِنْ كَانَ يحتَاجُ إِلَى مَعُونَة مائَةِ
أَلْفِ دِيْنَار، وَمائَةِ أَلْف دِيْنَار، وَمائَةِ
أَلْف دِيْنَار - خَمْس مَرَّات - عَاونتُه.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ بَطَّة:لَوْ أَرَادَهَا لحصَّلَهَا
مِنَ النَّاس.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَرَّاءِ:كَانَ
لِلْبَرْبَهَارِيِّ مُجَاهِدَاتٌ وَمَقَامَات فِي
الدِّين، وَكَانَ المخَالفون يُغلِظُون (5) قلب
السُّلْطَان عَلَيْهِ.
فَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ
أَرَادُوا حَبْسَه، فَاخْتَفَى. وَأُخِذَ كِبَارُ
أَصْحَابِهِ،
__________
(1) هذه العبارات من كتاب للبربهاري بعنوان " شرح كتاب
السنة " نقل عنه ابن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة "
صفحات، لخص فيها أهم معتقدات أهل السنة. أنظر " طبقات
" الحنابلة ": 2 / 18 - 43.
(2) هو عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان، أبو عبد
الله العكبري، المعروف بابن بطة. توفي سنة / 387 / ه "
طبقات الحنابلة ": 2 / 124 - 153.
(3) " مختصر طبقات الحنابلة ": 307.
(4) في " طبقات الحنابلة ": 2 / 43.
" لما أخذ الحاج "، والخبر غامض، وأظن أنه قصد استيلاء
القرامطة على الحجاج سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة، وربما
المقصود بالمعونة الخليفة المقتدر بالله.
والخبر بالرغم من غموضه - يشير إلى منزلة البربهاري
الرفيعة في قلوب الناس، ويشير أيضا إلى تضعضع الخلافة،
وأن عجزها عن القضاء على القرامطة ليس ناشئا عن فقر في
المال ...
(5) في " طبقات الحنابلة ": 2 / 44 " يغيظون ".
(15/91)
وَحُمِلُوا إِلَى البَصْرَةِ.
فَعَاقب الله الوَزِيْر ابْنَ مُقْلَة (1) ، وَأَعَاد
الله البَرْبَهَارِيَّ إِلَى حشمته، وَزَادت، وَكَثُرَ
أَصْحَابُه.
فَبَلغنَا أَنَّهُ اجتَازَ بِالجَانب الغربِي، فعَطَس
فَشَمَّتَه (2) أَصْحَابُه، فَارْتَفَعَتْ ضجَّتُهم،
حَتَّى سَمِعَهَا الخَلِيْفَةُ، فَأُخبر بِالحَال،
فَاسْتهولهَا، ثُمَّ لَمْ تزلِ المُبتدعَةُ تُوحِش
قلبَ الرَّاضِي، حَتَّى نُوديَ فِي بَغْدَاد:لاَ
يَجْتَمِع اثْنَانِ مِنْ أَصْحَابِ البَرْبَهَارِيّ،
فَاخْتَفَى، وَتُوُفِّيَ مستتراً فِي رَجَبٍ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (3) ، فَدُفِنَ
بِدَار أُخْت توزون (4) فَقِيْلَ:
إِنَّهُ لمَّا كُفَّن، وَعِنْدَهُ، الخَادِم، صَلَّى
عَلَيْهِ وَحدَهُ، فَنَظَرتْ هِيَ مِنَ الرَّوْشَن (5)
، فرأَت البَيْت ملآنَ رجَالاً فِي ثِيَاب بيض،
يُصلُّوْنَ عَلَيْهِ، فَخَافتْ وَطلبت الخَادِم،
فحلَفَ أَنَّ البَابَ لَمْ يُفتحْ (6) .
وَقِيْلَ:إِنَّهُ ترَكَ مِيرَاثَ أَبِيْهِ توَرُّعاً،
وَكَانَ سَبْعِيْنَ أَلْفاً (7) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّار (8) :رَوَى عَنْهُ:أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ،
__________
(1) ستأتي ترجمته رقم / 86 / من هذا الجزء.
(2) شمت العاطس، وسمت عليه: دعا له أن لا يكون في حال
يشمت به فيها.
والسين لغة.
" لسان العرب " (شمت).
(3) في " طبقات الحنابلة ": 2 / 44 " سنة تسع وعشرين
".
(4) توزون، أحد القواد الاتراك، خلع عليه المتقي وجعله
أمير الامراء، ودامت إماراته حتى وفاته سنة / 334 / ه
وهو الذي سمل المتقي بالله وخلعه، وبايع المستكفي.
أخباره في " الكامل ": 8 / 339 وما بعدها..وسيأتي نتف
منها في ترجمة المتقي بالله ص / 104 / من هذا الجزء.
(5) الكوة.
(6) " طبقات الحنابلة ": 2 / 44 - 45.
(7) " طبقات الحنابلة ": 2 / 43.
(8) هو محمد بن محمود بن الحسن، أبو عبد الله، ابن
النجار، مؤرخ، حافظ للحديث من أهل بغداد، من كتبه "
ذيل تاريخ بغداد " توفي سنة / 643 / ه له ترجمة في "
طبقات الشافعية ": 5 / 41 (ط 1)
(15/92)
وَابْن بَطَّة، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ
سَمعُوْنَ فروِيَ عَنِ ابْنِ سمعُوْنَ، أَنَّهُ سَمِعَ
البَرْبَهَارِيَّ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ بِالشَّامِ رَاهباً فِي صومَعَة حَوْلَهُ
رهبَانٌ يتمسَّحُوْنَ بِالصَّوْمعَة، فَقُلْتُ لحدَثٍ
مِنْهُم:بِأَيِّ شَيْءٍ أُعْطِيَ هَذَا؟
قَالَ:سُبْحَانَ اللهِ مَتَى رَأَيْتَ اللهَ يُعطِي
شَيْئاً عَلَى شَيْءٍ؟
قُلْتُ:هَذَا يحتَاج إِلَى إِيضَاح، فَقَدْ يُعطِي
اللهُ عبدَه بِلاَ شَيْء، وَقَدْ يُعْطِيه عَلَى
شَيْءٍ، لَكِنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يُعْطِيه الله
عبدَه، ثُمَّ يثيبُه عَلَيْهِ هُوَ مِنْهُ أَيْضاً.
قَالَ - تَعَالَى - :{وَقَالُوا:الحَمْدُ للهِ الَّذِي
هدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لنهتدِي لَوْلاَ أَنَّ
هدَانَا الله} (1) .
وفِي(تَارِيْخ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيّ)أَنَّ فِي
سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ أوقع بِأَصْحَاب
البَرْبَهَارِي فَاسْتترَ، وَتُتُبِّع أَصْحَابُه
وَنُهبتْ منَازِلهُم، وَعَاشَ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ
سَنَةً (2) ، وَكَانَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ قَدْ
تَزَوَّجَ بِجَارِيَة.
53 - عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
الهَاشِمِيُّ، الجَعْفَرِيُّ مَوْلاَهُمُ،
الهَمَذَانِيُّ، أَحَدُ الأَعلاَم، إِمَامُ جَامِعِ
هَمَذَان.
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَان بنِ حَبِيْب،
وَإِبْرَاهِيْمَ بن دَيْزِيل، وَأَحْمَد بنِ عُبَيْدِ
اللهِ النَّرْسِيِّ، وَعُبَيْد بن شَرِيْك البَزَّار،
وَمُحَمَّد بن إِدْرِيْسَ بنِ الجُنَيْدِ الحَافِظ،
وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيِّ،
وَيَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ الكَرَابِيْسِيّ،
وَالحُسَيْن بن الحَكَمِ الكُوْفِيِّ، وَطَبَقَتِهم.
__________
(1) الأعراف: 43.
(2) في " المنتظم ": 6 / 623 " ستا وتسعين سنة ".
(*) لم نقف له على مصادر للترجمة.
(15/93)
رَوَى عَنْهُ:القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ،
وَأَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ سَعِيْدٍ،
وَالقُدَمَاء.
ذكره صَالِح بنُ أَحْمَدَ (1) فَقَالَ:رَوَى عَنْهُ
الكِبَار، وَحضَرْتُ مَجْلِسَه، وَلَمْ أَعتدَّ
بِذَلِكَ، وَكَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً حَافِظاً فَاضِلاً
وَرِعاً، يُحسِن هَذَا الشَّأْن.
سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ أَبِي صَالِحٍ
يَقُوْلُ:سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ نَشِيط يَقُوْلُ:مَا
أُشْبِّه حفظَ هَذَا الصَّبيّ إِلاَّ بِحِفْظ
المَشَايِخ القُدَمَاء.
وَقَالَ أَبُو قطن:كَانَ عَبْدُ اللهِ الذَّهب
المصفَّى، لَمْ يَكُنْ ببلدنَا فِي أَيَّامِه أَحفَظ
مِنْهُ.
قَالَ صَالِح:مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.وَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ قَبْل أَوَان الرِّوَايَة، فَلَمْ
يُنشرْ لَهُ كَبِيْرُ شَيْء - رَحِمَهُ اللهُ - .
54 - الخَاقَانِيُّ أَبُو مُزَاحمٍ مُوْسَى بنُ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُزَاحمٍ
مُوْسَى بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ خَاقَانَ
الخَاقَانِيُّ، الحَافِظُ، البَغْدَادِيُّ، وَلدُ
الوَزِيْر (2) ، وَأَخُو الوَزِيْر (3) .
__________
(1) انظر حاشيتنا رقم / 1 / ص / 8 / من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 13 / 59، الأنساب: 5 / 22 - 23،
المنتظم: 6 / 292، العبر: 2 / 205 معرفة القراء 1 /
219 - 220، غاية النهاية: 2 / 320 - 321، النجوم
الزاهرة: 3 / 261، شذرات الذهب: 2 / 307.
(2) أي عبيد الله بن يحيى بن خاقان، أبو الحسن،
استوزره المتوكل والمعتمد، وكان عاقلا حازما، استمر في
الوزارة حتى وفاته سنة / 263 / ه.
(3) أي محمد بن عبيد الله بن يحيى، أبو علي، ولي
الوزارة بعد سقوط ابن الفرات سنة / =
(15/94)
سَمِعَ:عَبَّاساً الدُّوْرِيّ، وَأَبَا
قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ
المَرُّوْذِيّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَكَانَ حَاذِقاً بحرْف الكِسَائِيّ، تَلاَ بِهِ عَلَى
الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ تِلْمِيْذ
الدُّوْرِيّ.
تَلاَ عَلَيْهِ:أَحْمَد بن نَصْرٍ الشَّذَائِيّ،
وَأَبُو الفَرَجِ الشَّنَبُوذِيُّ، وَغيرُهُمَا.
وَرَوَى عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، وَابْنُ
أَبِي هَاشِم، وَأَبُو عُمَرَ بنُ حَيَّوَيْه، وَابْنُ
شَاهِيْنٍ، وَالمُعَافَى الجَرِيْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَجَمعَ فِي التَّجويد وَغَيْر
ذَلِكَ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ ثِقَةً مِنْ أَهْلِ السُّنَّة.
مَاتَ:فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي(طَبَقَات القُرَّاءِ) (3) .
55 - تِكِيْنُ أَبُو مَنْصُوْرٍ التُّرْكِيُّ
الخَزَرِيُّ *
الملكُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ تِكينُ الخَاصَّةِ
التُّرْكِيُّ، الخَزَرِيُّ، المُعتضِديُّ.
__________
= 299 / ه. ولم يكن أهلا للقيام بأعباء هذا المنصب. "
تحفة الامراء ": 261 - 280.
(1) قال ابن الجزري في " غاية النهاية " 2 / 321: " هو
أول من صنف في التجويد فيما أعلم ".
(2) " تاريخ بغداد ": 13 / 59.
(3) " معرفة القراء ": 1 / 219 - 220.
(*) ولاة مصر: 286، 293 - 296، 298 - 299، تاريخ ابن
عساكر: 3 / 260 أ - 260 ب، العبر: 2 / 186، الوافي
بالوفيات: 10 / 386، خطط المقريزي: 1 / 327 =
(15/95)
وَلِي مِصْر سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، فَأَقَامَ بِهَا خَمْسَ سِنِيْنَ فِي
رفعَة وَارتقَاء.
ثُمَّ وَلِي دِمَشْقَ خَمْس سِنِيْنَ أَيْضاً.
ثُمَّ أُعيد إِلَى وَلاَيَة دِيَار مِصْر، ثُمَّ
عُزِلَ، ثُمَّ أُعيد فولِيهَا لِلْقَاهر بِاللهِ (1)
إِلَى أَنْ مَاتَ بِمِصْرَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ
سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ ذَا هيبَةٍ وَشجَاعَة.
رَوَى عَنْ:يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ القَاضِي.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المَادَرَائِيُّ
الوَزِيْر، وَنُقِلَ فَدُفِنَ ببيتِ المَقْدِس (2) .
56 - ابْنُ دُرَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
دُرَيْدِ بن عَتَاهِيَةَ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الأَدب، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ الحَسَنِ بنِ دُرَيْد بنِ عَتَاهِيَة الأَزْدِيُّ،
البَصْرِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، تَنَقَّلَ فِي
فَارس وَجزَائِرِ البَحْر يطلبُ الآدَابَ وَلسَانَ
العَرَبِ، فَفَاقَ أَهْل زَمَانِهِ، ثُمَّ سَكَنَ
بَغْدَاد.
وَكَانَ أَبُوْهُ رَئِيْساً متموِّلاً.
وَلأَبِي بَكْرٍ شعرٌ جَيِّد.
__________
= النجوم الزاهرة: 3 / 171، 174، حسن المحاضرة: 2 /
13، شذرات الذهب: 2 / 289، تهذيب ابن عساكر: 3 / 340.
(1) ولايته الثالثة كانت أيضا من قبل المقتدر.
إذ أنه قدم مصر أميرا سنة إحدى عشرة وثلاث مئه.
وقد أقره عليه القاهر بالله بعد مقتل المقتدر سنة
عشرين وثلاث مئة.
(2) " ولاة مصر ": 299.
(*) مروج الذهب: 2 / 518، طبقات الزبيدي: 201، معجم
الشعراء: 425، الفهرست: 91 - 92، تاريخ بغداد: 2 / 195
- 197، الأنساب: 5 / 305 - 306، نزهة الالباء: 175 -
178. معجم الأدباء: 18 / 127 - 143، إنباه الرواة: 3 /
92 - 100، المنتظم: 6 / 261 - 262. وفيات الأعيان: 4 /
323 - 329، العبر: 2 / 187، ميزان الاعتدال: 3 / 520،
الوافي بالوفيات: 2 / 339 - 343، مرآة الجنان: 2 / 282
- 284، طبقات الشافعية: 3 / 138 - 142، البداية
والنهاية: 11 / 176 - 177، غاية النهاية: 2 / 116،
لسان الميزان: 5 / 132 - 134، النجوم الزاهرة: 3 / 240
- 241، بغية الوعاة: 30 - 33، شذرات الذهب: 2 / 289 -
291.
(15/96)
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي حَاتِمٍ
السِّجِسْتَانِيِّ، وَأَبِي الفَضْل الرِّيَاشِيِّ،
وَابْن أَخِي الأَصْمَعِيِّ، وَتَصَدَّرَ لِلإِفَادَة
زمَاناً.
أَخَذَ عَنْهُ:أَبُو سَعِيْدٍ السِّيْرَافيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ شَاذَان، وَأَبُو الفَرَجِ
الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو عُبَيْد اللهِ
المَرْزُبَانِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن مِيكَال (1) ،
وَعِيْسَى بنُ الوَزِيْرِ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَق:مَا رَأَيْتُ
أَحفَظَ مِنِ ابْنِ دُرَيْد، وَلاَ رَأَيْتُهُ قُرِئَ
عَلَيْهِ دِيْوَانٌ قَطُّ إِلاَّ وَهُوَ يسَابق إِلَى
رِوَايته، يَحْفَظ ذَلِكَ (2) .
قُلْتُ:كَانَ آيَةً مِنَ الآيَات فِي قوَة الحِفْظ.
قَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ:كُنَّا ندخلُ عَلَيْهِ
فَنَسْتَحْيِي مِمَّا نَرَى مِنَ العِيدَانِ
وَالشَّرَاب، وَقَدْ شَاخَ (3) .
وَقَالَ أَبُو مَنْصُوْرٍ الأَزْهَرِيُّ:دَخَلتُ
فرَأَيْتُهُ سكرَانَ فَلَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ (4) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:تكلّمُوا فِيْهِ (5)
:وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَسَدِيُّ:كَانَ
يُقَالُ:ابْنُ دُرَيْد أَعْلَمُ الشُّعرَاء، وَأَشعرُ
العُلَمَاء (6) .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَان
وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، عفَا الله عَنْهُ.
__________
(1) هو إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال، أبو
العباس، شيخ خراسان ووجيهها في عصره، وفيه، وفي أبيه
نظم أبو بكر مقصورته المشهورة.
توفي سنة / 362 / ه له ترجمة في " معجم الأدباء ": 7 /
5 - 12.
(2) " تاريخ بغداد ": 2 / 196 وفيه: " ولحفظه له ".
(3) " نزهة الالباء ": 176.
(4) " مقدمة التهذيب ": 1 / 31.
(5) " تاريخ بغداد ": 2 / 196.
(6) " تاريخ بغداد ": 2 / 196.
(15/97)
ورثَاهُ جَحْظَة (1) فَقَالَ:
فَقَدْتُ بِابْنِ دُرَيْدٍ كُلَّ فَائِدَةٍ(2) ...
لَمَّا غَدَا ثَالثَ الأَحجَارِ وَالتُّرَب
وَكُنْتُ أَبكِي لفَقْدِ الجُودِ مُنْفَرِداً(3) ...
فَصِرْتُ أَبكِي لِفَقْدِ الجُودِ (4) وَالأَدَبِ (5)
57 - القَاهِرُ بِاللهِ مُحَمَّدُ ابنُ المُعْتَضِد
بِاللهِ أَحْمَدَ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ ابنُ
المُعْتَضدِ بِاللهِ أَحْمَدَ ابنِ المُوَفَّقِ
طَلْحَةَ (6) بنِ المُتَوَكِّلِ.
استُخْلِفَ سنَة عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَقت
مَصْرع أَخِيْهِ المُقْتَدِر.
وَكَانَ أَسمَرَ مربوعاً أَصْهبَ (7) الشَّعر،
طَوِيْلَ الأَنْفِ، فِيْهِ شرٌ وَجبروت وَطَيْشٌ.
وَقَدْ كَانَ المُقْتَدِرُ خُلِعَ فِي سَنَةِ سَبْعَ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَبايعُوا القَاهرَ هَذَا،
__________
(1) ستأتي ترجمته رقم / 84 / من هذا الجزء.
(2) " في نزهة الالباء ": منفعة.
(3) في " ذيل أمالي القالي ": مجتهدا، وفي " نزهة
الالباء ": آونة.
(4) في " إنباه الرواة ": الفضل.
(5) البيتان في " ذيل أمالي القالي ": 49، " طبقات
الزبيدي ": 201، " تاريخ بغداد ": 2 / 197، " نزهة
الالباء ": 178، " إنباه الرواة ": 3 / 95.
" مرآة الجنان: " 2 / 284، " بغية الوعاة ": 32.
(*) مروج الذهب: 2 / 513، تاريخ بغداد: 1 / 339 - 340،
المنتظم: 6 / 241، 368، الكامل: 8 / 244 وما بعدها،
النبراس: 113، العبر: 2 / 250 - 251، الوافي بالوفيات:
2 / 34 - 35، نكت الهميان: 236 - 237، البداية
والنهاية: 11 / 170 - 171، 178، 223، النجوم الزاهرة:
3 / 303 - 304، تاريخ الخلفاء: 386 - 390،
شذرات الذهب: 2 / 349 - 350.
(6) في " تاريخ بغداد ": 1 / 339. اسمه: محمد، وقيل:
طلحة.
(7) الصهبة: هي حمرة في سواد.
(15/98)
وَحَكَمَ ثُمَّ تعصَّبَ أَصْحَابُ
المُقْتَدِر لَهُ، وَأُعيد بَعْد قتل جَمَاعَة،
مِنْهُم:أَبُو الهيجَاءَ بنُ حَمْدَانَ، وَعفَا
المُقْتَدِرُ عَنْ أَخِيْهِ، وَحَضَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ
بَاكياً.
فَقَالَ:يَا أَخِي، أَنْتَ لاَ ذنبَ لَكَ، ثُمَّ
بايعُوهُ بَعْدَ المُقْتَدِر، فصَادَرَ حَاشيَةَ
أَخِيْهِ وَعذَّبهُم، وَضَرَبَ أُمَّ المُقْتَدِرِ
بِيَدِهِ، وَهِيَ عَلِيْلَة.
ثُمَّ مَاتَتْ مُعلَّقَةً بحبلٍ، وَعذَّب أُمّ مُوْسَى
القَهْرَمَانَة، وَبَالَغَ فِي الإِسَاءة، فنَفَرَتْ
مِنْهُ القُلُوْبُ، وَطَلَبَ ابْنَ مقلَة مِنَ
الأَهْوَاز وَاسْتوزَرَه، وَكَانَ قَدْ نُفِي.
وَلَمْ يَكُنِ القَاهر متمكِّناً مِنَ الأُمُور،
وَحكَمَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بنُ بُليق (1) الرَّافضِيّ
الَّذِي عزَمَ عَلَى سبِّ مُعَاوِيَة - رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ - عَلَى المنَابِرِ.
فَارتجَّتِ العِرَاق، وَقُبِضَ عَلَى شَيْخ
الحنَابِلَة البَرْبَهَارِي، ثُمَّ قَويَ القَاهر
وَنَهَبَ دُورَ مخَالفيه، وَطَيَّن عَلَى وَلد
أَخِيْهِ المكْتَفِي بَيْنَ حَيْطَين، وَضَرَبَ ابْنَ
بُلَيق وَسَجَنَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بذبْحِهِ، وَبذَبح
أَبِيْهِ، وَذَبَحَ بعدَهُمَا مُؤنِساً الكَبِيْرَ
وَيُمناً وَابْنَ زيرك.
وَبَذَلَ لِلْجُنْدِ العَطَاء، وَعَظُمَ شَأْنُه،
وَنَادَى بتحريمِ الغِنَاء وَالخَمْر، وَكَسْر
المَلاَهِي (2) ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَشربُ المطبوخَ
وَالسُّلاَفَ، وَيسكَر وَيسمعُ القينَات.
وَاسْتَوْزَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ.
وَقَتَلَ أَبَا السَّرَايَا بنَ حَمْدَان، وَإِسْحَاقَ
النُّوْبَخْتِي أَلقَاهُمَا فِي بِئْرٍ، وَطُمَّتْ
لكونِهِمَا زَايدَاهُ فِي جَارِيَةٍ قَبْل الخِلاَفَة
(3) .
وَبَقِيَ ابْنُ مُقْلَةَ فِي اختفَائِهِ يُرَاسل
الجُنْدَ وَيَشْغَبُهُم عَلَى القَاهر، وَيَخْرُجُ
مُتَنَكِّراً فِي زيِّ عجمِيٍّ (4) ، وَفِي زيٍّ
شحَّاذ، وَأَعْطَى مُنَجِّماً ذَهباً ليَقُوْل
لِلْقُوَّاد:عَلَيْكُم قطع مِنَ القَاهر، وَيُعْطِي
دَنَانِيْرَ لمعبِّرِي الأَحلاَم، فَإِذَا قَصَّ
__________
(1) انظر الصفحة / 55 / تعليق رقم / 2 / من هذا الجزء.
(2) " المنتظم ": 6 / 249 - 250.
(3) " الكامل ": 8 / 295 - 296.
(4) في " الكامل ": 8 / 279 " أعمى " وترجمة " ابن
مقلة " ستأتي رقم / 86 / من هذا الجزء.
(15/99)
سيمَا منَاماً (1) خَوَّفُوهُ مِنَ القَاهر
جِدّاً.
وَكَانَ (2) رَأْسَ السَّاجيَّة فَأَضمر الشَّرّ،
فَانتدَبَ طَائِفَةً لاغتيَاله وَبكَّرُوا، وَكَانَ
نَائِماً بِهِ سُكْرٌ، وَهَرَبَ وَزِيْرُهُ
وَحَاجِبُهُ، فَهجمُوا عَلَيْهِ بِالسُّيوفِ، فَهَرَبَ
إِلَى سَطْحٍ، فَاسْتَتَرَ، ثُمَّ ظَفِرُوا بِهِ
وَبِيَدِهِ سَيْفٌ مَسْلُول، فَقَالُوا:انزلْ،
فَامْتَنَعَ فَقَالُوا:نَحْنُ عبيدُك، ثُمَّ فَوَّقَ
(3) وَاحِدٌ إِلَيْهِ سَهْماً وَقَالَ:انزلْ وَإِلاَّ
قَتَلْتُكَ، فَنَزَلَ، فَأَمسكُوهُ (4) فِي سَادِسِ
جُمَادَى الآخِرَةِ.
وَبَايعُوا الرَّاضِي بِاللهِ مُحَمَّدَ بنَ
المُقْتَدِر (5) ، ثُمَّ خُلِعَ وَأَكحل بِمِسْمَار
لسُوء سيرَته وَسَفكِهِ الدِّمَاء.
وَكَانَتْ خِلاَفَتُه سنَةً وَنِصْفاً وَأُسبوعاً.
قَالَ الصُّوْلِيُّ (6) :كَانَ أَهوجَ، سفَّاكاً
لِلدِّمَاء، كَثِيْرَ التَّلُوُّنَ، قَبِيح السِّيرَة،
مدمِنَ الخَمْر، وَلَوْلاَ جَودَة حَاجِبه سلاَمَة
لأَهلَكَ الحَرْثَ وَالنَّسل.
وَكَانَ قَدْ صَنَعَ حَرْبَةً يحمِلهَا فَلاَ يطرحُهَا
حَتَّى يقتُلَ (7) إِنْسَاناً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ:أَحضَرَنِي القَاهرُ
يَوْماً وَبِيَدِهِ حَرْبَة، فَقُلْتُ:الأَمَانَ،
قَالَ:عَلَى الصِّدْقِ، قُلْتُ:نَعَمْ.
قَالَ:أَسأَلك عَنْ خلفَاء بَنِي
العَبَّاسِ؟فَذَكَرْتُ لَهُ مِنْ أَحْوَالِهم، وَهُوَ
يَسْأَل عَنْهُم وَاحِداً وَاحِداً فَقَالَ:قَدْ
سَمِعْتُ قَوْلَكَ، وَكَأَنِّيْ مشَاهدٌ القَوْمَ،
وَقَامَ وَبِيَدِهِ الحَرْبَةُ، فَاسْتسلمتُ
لِلْقَتْلِ، فَعَطَفَ إِلَى دُور الحُرَم (8) .
قَالَ المَسْعُوْدِيُّ:أَخذَ مِنْ مُؤْنِسٍ
وَأَصْحَابِهِ أَمْوَالاً كَثِيْرَةً. فَلَمَّا خُلِعَ
__________
(1) في الأصل: حرفوه، وهو تصحيف.
(2) أي: سيما.
(3) أي جعل الوتر في فوقه عند الرمي.
(4) " الكامل ": 8 / 280 - 281.
(5) ستأتي ترجمته رقم / 58 / من هذا الجزء.
(6) ستأتي ترجمته رقم / 142 / من هذا الجزء.
(7) " تاريخ الخلفاء ": 388.
(8) " مروج الذهب ": 2 / 514 - 518.
(15/100)
طُولِبَ بِهَا، فَأَنكَرَ، فَعُذِّبَ
بِأَنْوَاع العَذَابِ، فَمَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ،
فَأَخَذَهُ الرَّاضِي بِاللهِ، فَقرَّبه وَأَدْنَاهُ،
وَقَالَ:تَرَى مطَالبَةَ الجُنْدِ لَنَا، وَالَّذِي
عِنْدَك لَيْسَ بنَافِعك، فَاعْتَرِفْ بِهِ،
قَالَ:أَمَا إِذْ فعلت هَذَا (1) ، فَالمَالُ دفنتُهُ
فِي البُسْتَانِ.
وَكَانَ قَدْ أَنشَأ بُستَاناً فِيْهِ أَصنَافُ
الثَّمَرِ، وَالقصر الَّذِي زخرفَه.
فَقَالَ:وَفِي أَي مَكَان هُوَ؟
قَالَ:أَنَا مكفوفٌ وَلاَ أَهتدِي إِلَى البُقْعَةِ،
فَاحفرِ البُسْتَان تجدْه فَحَفَرُوا البُسْتَانَ
وَأَسَاس القصرِ، وَقلَعُوا الشَّجر فَلَمْ يُوجد
شَيْء.
فَقَالَ:وَأَيْنَ المَال؟
قَالَ:وَهَل عِنْدِي مَال؟!!إِنَّمَا كَانَ حسرتِي فِي
جُلوسكَ فِي البُسْتَانِ وَتنعُّمك فَفَجعْتُكَ بِهِ
(2) .
فَأَبعَدَه وَحَبَسَهُ، فَأَقَامَ إِلَى سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، ثُمَّ أُخرج إِلَى دَار ابْن
طَاهِر، فَكَانَ تَارَةً يحبس، وَتَارَةً يُهْمَلُ.
فوقَفَ يَوْماً بِالجَامِعِ بَيْنَ الصُّفوف،
وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ بيضَاء وَقَالَ:تصدَّقُوا عليَّ،
فَأَنَا مَنْ قَدْ عرفتُمْ.
وَأَرَادَ أَنْ يشنِّع عَلَى الخَلِيْفَة
المُسْتَكْفِي، فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ أَبِي مُوْسَى
الهَاشِمِيُّ، فَأَعطَاهُ أَلف دِرْهَم، فمنعُوهُ مِنَ
الخُرُوج (3) .
ثمَّ مَاتَ:فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَخَمْسُوْنَ سنَةً، وَلَهُ
مِنَ الأَوْلاَد:عَبْدُ الصَّمَدِ، وَأَبُو القَاسِمِ،
وَأَبُو الفَضْلِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ (4) .
وَوَزَرَ لَهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ مقلَةَ، ثُمَّ
مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ، ثُمَّ الخَصيبِيّ.
ونَفَّذَ عَلَى إِمْرَة مِصْرَ أَحْمَد بنُ كَيَغْلَغ،
إِذْ تُوُفِّيَ أَمِيْرُهَا تِكِين الخَاصَّة (5) .
__________
(1) أي: من إكرامه له.
(2) " مروج الذهب ": 2 / 528.
(3) " المنتظم ": 6 / 265.
(4) " تاريخ الخلفاء ": 390.
(5) تقدمت ترجمته رقم / 55 / من هذا الجزء.
(15/101)
وَمَاتَتْ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ شغَب
أَمُّ المُقْتَدِر.
وَقُتِلَ الخَادِم (1) مُؤنِس المُلَقَّب (2)
بِالمُظَفَّر، وَكَانَ شَهْماً مَهِيْباً شُجَاعاً
دَاهِيَةً، عُمِّرَ تِسْعِيْنَ سنَةً، وَقَادَ
الجُيُوش سِتِّيْنَ سَنَةً.
وَفِي سَنَةِ 322 دَخَلَتِ الدَّيْلَمُ أَصْبَهَانَ،
وَكَانَ مِنْ قُوَّادِهِم عَلِيُّ بنُ بُوَيه (3) ،
فَانفرَدَ عَنْ مَردَاوِيج (4) ، ثُمَّ حَارب
مُحَمَّدَ بنَ يَاقوت، فَهَزَمَ مُحَمَّداً،
وَاسْتَوْلَى عَلَى فَارسَ، وَكَانَ أَبُوْهُ
فَقِيْراً صَيَّاداً.
قَالَ مَحْمُوْد الأَصْبَهَانِيُّ:كَانَ سبَبَ
خَلْعِهِم لِلْقَاهر سُوء سيرتِهِ، وَسَفكُهُ
الدِّمَاء، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِم مِنَ الخَلْع،
فَسَملُوهُ حَتَّى سَالتْ عينَاهُ (5) .
وفِي أَيَّامه ظَهَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي
العَزَاقر الشَّلْمَغَانِيُّ، وَادَّعَى الإِلهيَّة
بِبَغْدَادَ، وَأَنَّهُ يُحْيي المَوْتَى، وَتعصَّبَ
لَهُ ابْن مُقلَة، وَأَنكر مَا قِيْلَ عَنْهُ، ثُمَّ
قُتِلَ، وَقُتِلَ بِسَبَبِهِ الحُسَيْنُ بنُ
القَاسِمِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي
عَوْن الأَنْبَارِيُّ، مُصَنِّفُ(الأَجوبَة المسْكِتَة
(6))، كَانَا يَعْتَقِدَانِ فِي الشَّلْمَغَانِيِّ (7)
.
وَللقَاهر مِنَ الأَوْلاَد:أَبُو القَاسِمِ، وَعَبْد
الصَّمَدِ (8) ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدٌ،
وَفَاطِمَةُ، وَعَاتِكَة، وَأُمَامَة.
__________
(1) تقدمت ترجمته رقم / 25 / من هذا الجزء.
(2) في الأصل: الملقب.
(3) ستأتي ترجمته رقم / 223 / من هذا الجزء.
(4) ستأتي ترجمته رقم / 79 / من هذا الجزء.
(5) " تاريخ الخلفاء ": 388.
(6) وله أيضا كتاب " التشبيهات " وهو مشهور.
انظر ترجمته مفصلة في " معجم الأدباء ": 1 / 234 -
253.
(7) حكاية مذهبه وخبر مقتله في " الكامل ": 8 / 290 -
294.
(8) في الأصل: أبو القاسم عبد الصمد، وهو خطأ انظر
الصفحة 101.
(15/102)
فَصْلٌ:وَلنَذْكُرْ هُنَا جَمَاعَةً مِنْ
خُلَفَاءِ الإِسْلاَمِ عَلَى التَّوَالِي - إِنْ شَاءَ
اللهُ - لِيتَأَمَّلَ تَرَاجِمَهُمُ الفَاضِلُ
مُتَّصِلَةً مَجْمُوْعَةً
58 - الرَّاضِي بِاللهِ مُحَمَّدُ ابنُ المُقْتَدِر
بِاللهِ جَعْفَرٍ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ (1) مُحَمَّد -
وَقِيْلَ:أَحْمَدُ - ابنُ المُقْتِدرِ بِاللهِ
جَعْفَرِ ابنِ المُعْتَضِد بِاللهِ أَحْمَدَ بنِ
الموفقِ بنِ المُتَوَكِّلِ الهَاشِمِيُّ،
العَبَّاسِيُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأُمُّه رومِيَّة.
كَانَ أَسمَرَ قصيراً نَحِيْفاً فِي وَجْهِهِ طُولٌ
اسْتُخْلِفَ بَعْد عَمِّه القَّاهر عِنْدَمَا سَمَلوا
القَاهر سنَة اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:لَهُ فَضَائِل
مِنْهَا:أَنَّهُ آخر خَلِيْفَةٍ خطَبَ يَوْمَ
الجُمُعَة، وَآخر خَلِيْفَةٍ جَالسَ النُّدمَاء، وَآخر
خَلِيْفَةٍ لَهُ شِعْر مدُوَّنَ، وَآخر خَلِيْفَة
انفَرَدَ بتَدْبِيْر الجُيُوش.
وَكَانَتْ جَوَائِزُهُ وَأَمُورُه عَلَى تَرْتِيْب
المُتَقَدِّمِيْنَ مِنْهُم (2) ، وَكَانَ سَمْحاً
جَوَاداً أَدِيْباً فَصِيْحاً مُحِبّاً للعُلَمَاء (3)
.
سَمِعَ:مِنَ البَغَوِيِّ.
__________
(*) أخبار الراضي والمتقي للصولي 1 / 185، مروج الذهب:
2 / 519 وما بعدها، معجم الشعراء: 430، تاريخ بغداد: 2
/ 142 - 145، المنتظم: 6 / 265 - 271، 324 - 325،
الكامل: 8 / 282 وما بعدها، النبراس: 114 - 119،
العبر: 2 / 218 - 219، الوافي بالوفيات: 2 / 297 - 300
فوات الوفيات: 2 / 375 - 377، مرآة الجنان: 2 / 296،
البداية والنهاية: 11 / 178 - 179، النجوم الزاهرة: 3
/ 271 تاريخ الخلفاء: 390 - 393، شذرات الذهب: 2 /
324.
(1) في أغلب المصادر: " أبو العباس " وهو الصحيح.
(2) أي من الخفاء. " تاريخ بغداد ": 2 / 143.
(3) " الوافي بالوفيات ": 2 / 297.
(15/103)
قَالَ الصُّوْلِيُّ:سُئِلَ الرَّاضِي أَنْ
يخطُبَ يَوْم جُمُعَةٍ، فَارتقَى مِنْبَر سَامَرَّاء،
وَحَضَرْتُه، فشنَّف الأَسْمَاعَ وَأَبلغَ، ثُمَّ
صَلَّى (1) بنَا.
قِيْلَ:إِنَّ الرَّاضِي سُقِي بطنُهُ، وَأَصَابَه
ذَرَبٌ (2) ، وَأَتلَفَه كَثْرَةُ الجِمَاع (3) .
فَتُوُفِّي فِي نِصْفِ ربيعٍ الآخر سَنَةَ تِسْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ اثنتَانِ
وَثَلاَثُوْنَ سنَةً، سِوَى أَشْهُرٍ.
وَله مِنَ الأَوْلاَد:عَبْدُ اللهِ، رُشِّحَ لولاَيَة
العَهد، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ، وَبنتٌ، وَهُم
أَوْلاَدُ إِمَاء.
وبُوْيِع المتَّقِي للهِ إِبْرَاهِيْمُ أَخُوْهُ.
وَكَانَتِ الفِتَنُ وَالحُرُوبُ مُتَوَاتِرَةٌ
بالعِرَاق فِي هَذِه السنين، وضعُفَ شَأْن الْخلَافَة،
فَللَّه الأمرُ.
وَجَرت فتنَةُ ابْنِ رَائق، وفتنَةُ ابْن البَرِيدِيّ،
ومَرِجَ (4) أَمر النَّاسِ، وعمَّ الْبلَاء، ومَات
أَمِير الأمرَاء محمدُ بنُ يَاقُوت مسجوناً.
وفِي أَيَّام الرَّاضِي عظُمَ محمدُ بنُ رَائق، وَلم
يبقَ للرَّاضِي مَعَه حلٌّ وَلَا رَبْطٌ، وَله مِنَ
الْوَلَد أَبُو الفَضْل عَبْدُ الله، وأَحْمَد،
والسّتّ هَجْعَة.
59 - المُتَّقِي للهِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُقْتَدِر
بنِ المُعْتَضِدِ العَبَّاسِيُّ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
المُقْتَدِر بنِ المُعْتَضِد العَبَّاسِيُّ.
__________
(1) " أخبار الراضي ".
(2) بالتحريك: الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم
الطعام، ويفسد فيها، ولا تمسكه.
" اللسان " (ذرب).
(3) " الوافي بالوفيات ": 2 / 299.
(4) اختلط: ومنه الهرج والمرج.
(*) أخبار الراضي والمتقي للصولي: 186 - 285، مروج
الذهب: 2 / 530، تاريخ =
(15/104)
قَالَ الصُّوْلِيُّ:مَاتَ الرَّاضِي،
فَبَعَثَ بُجْكم (1) مِنْ وَاسِط إِلَى كَاتِبه
أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الكُوْفِيِّ أَنْ يَجْمَعَ
القُضَاةَ وَالأَعيَانَ، وَوَزِيْرَ الرَّاضِي
سُلَيْمَانَ بنَ الحَسَنِ، وَيشْتَورُوا فِي إِمَامٍ،
فَبَعَثَ حُسَيْنُ بنُ الفَضْلِ بنِ المَأْمُوْن إِلَى
الكُوْفِيِّ بِعَشْرَةِ آلاَف دِيْنَار ليشتَرِيه،
وَنفَّذ إِلَيْهِ أَيْضاً بِأَرْبَعِيْنَ أَلف
دِيْنَار لِيفرّقَهَا فِي الأُمَرَاءِ فَلَمْ يَنفع
ذَلِكَ، وبَايَعُوا إِبْرَاهِيْمَ، وَسنُّه أَرْبَعٌ
وَثَلاَثُوْنَ سنَةً، وَأُمُّه اسْمُهَا خَلُوب.
وَكَانَ حَسَنَ الوَجْه، مُعْتَدِل الخَلْقِ بحمرَةٍ،
أَشهلَ، كَثَّ اللِّحْيَة، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ،
وَصَعِدَ عَلَى السَّرِيْر، وَلَمْ يغيّرْ شَيْئاً،
وَلاَ تسرَّى عَلَى جَاريته.
وَكَانَ ذَا صومٍ وَتعبُّدٍ، وَلَمْ يشربْ نبيذاً،
وَيَقُوْلُ:لاَ أُرِيْد نَدِيماً غَيْرَ المُصْحَفِ
(2) .
وَأَقَرَّ فِي الوِزَارَة سُلَيْمَانَ بنَ الحَسَنِ
فَكَانَ مقهوراً مَعَ كَاتِب بجْكم، ثُمَّ بَعْدَ
أَيَّامٍ سَقَطَتِ القُبَّة الخَضْرَاء، وَكَانَتْ
تَاجَ بَغْدَادَ وَمأْثرَة بَنِي العَبَّاسِ، بنَاهَا
المَنْصُوْرُ علوّ ثَمَانِيْنَ ذرَاعاً، تَحْتهَا
إِيوَان طولُه عِشْرُوْنَ ذِرَاعاً فِي عَرْضِهَا.
فَسقَطَ رَأْسُهَا مِنْ مَطَرٍ ورَعْدٍ شَدِيد (3) ،
وَكَانَ القَحْطُ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ عَزَل المُتَّقِي
وَزِيْره بِأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ.
وَأَقبلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البَريديُّ مِنَ
البَصْرَة، يطلُبُ الوِزَارَة فَولِيَها وَمَشَى
إِلَيْهِ ابْنُ مَيْمُوْنٍ.
فكَانَتْ وِزَارَةُ ابْن مَيْمُوْنٍ شَهْراً، لَكِنْ
هَرَبَ البريدِي بَعْد أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِيْنَ
يَوْماً لَمَّا شغَبَ الجُنْد بطلَب أَرزَاقِهِم.
فَوِزْرُ القَرَاريطِيّ (4) ، ثُمَّ عُزِلَ بَعْد
شَهْرٍ
__________
= بغداد: 6 / 51 - 52، المنتظم: 6 / 316 - 319، 7 /
43، الكامل: 8 / 368 وما بعدها، النبراس: 119 - 120،
العبر: 2 / 307 - 308، الوافي بالوفيات: 5 / 341، 342،
نكت الهميان: 87، تاريخ الخلفاء: 394 - 397، شذرات
الذهب: 3 / 22 - 23.
(1) أخبار بجكم في " المنتظم ": 6 / 320 - 322.
(2) " أخبار الراضي والمتقي ": 193.
(3) " المنتظم ": 6 / 318.
(4) هو محمد بن أحمد بن عبد المؤمن، الاسكافي
القراريطي، أبو إسحاق، وزير من الكتاب توفي سنة / 357
/ ه أخباره في " الكامل ": 8 / حوادث سنة 329 وما
بعدها.
(15/105)
وَأَيَّام، فولِيَهَا الكَرْخِيّ، وَعُزِلَ
بَعْد أَيَّام، وَولَّى المُتَّقِي إِمرَةَ الأُمَرَاء
كورتكين الدَّيْلَمِيّ.
وَقُتِلَ بجكم، وَكَانَ قَدِ اسْتَوْطنَ وَاسِطاً،
وَالتزم بِأَنَّ يحُمِلَ إِلَى الرَّاضِي فِي السَّنَة
ثَمَان مائَة أَلْف دِيْنَار.
وَعَدَل وَكَانَ إِلَى كَثْرَة أَمْوَاله المُنْتَهَى
فَكَانَ يُخْرِجُهَا فِي الصَّنَادِيقِ، وَيُخرِجُ
رِجَالاً فِي صنَادِيقِ عَلَى جِمَالٍ إِلَى البَرّ
ثُمَّ يَفتحُ عَلَيْهِم فيحفِرُوْنَ، وَيدفن المَالَ،
وَيردُّهُم إِلَى الصَّنَادِيقِ فَلاَ يعرِفُون
الكَنْزَ، وَيَقُوْلُ:إِنَّمَا أَفعلُ هَذَا خَوَفاً
أَنْ يحَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ دَارِي، فَذَهَبَ ذَلِكَ
بِموتِهِ (1) ، ثُمَّ حَاربَه أَبُو عَبْدِ اللهِ
البَرِيديُّ، وَانتصرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (2) ،
وَخَرَجَ بُجكم يَتَصَّيد، وَهنَاك أَكرَادٌ، فطَعَنه
أَسودٌ برُمْح فَقَتَلَهُ فِي رَجَبٍ سنَةَ 329 (3) .
وَذهبَ أَصْحَابُه:كورتكينُ وَتوزونُ وَغيرُهُمَا
إِلَى الشَّامِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ رَائِق.
وطَلَبَه المتقِي (4) فَسَارَ مِنْ دِمَشْقَ،
وَاسْتنَابَ عَلَى الشَّامِ.
وَكَانَ قَدْ تغلَّب عَلَيْهَا، فَاسْتنَابَ أَحْمَدَ
بنَ مقَاتل.وَجَاءَ فَقَدَّمه المتقِي وَطوَّقَه
وَسوَّره.
وَخضعَ لَهُ مُحَمَّد بنُ حَمْدَان (5) ، وَنفَّذ
إِلَيْهِ بِمائَة أَلف دِيْنَار، وَخطَبَ لَهُ
بِوَاسِط وَبِالبَصْرَةَ البَريديُّ، وَكتب اسْمَه
عَلَى أَعلاَمِهِ، ثُمَّ اخْتلف ابْنُ رَائِقٍ
وَكورتكينُ وَتحَارَبا أَيَّاماً، وَقَهَرَه ابْنُ
رَائِق، ثُمَّ ضعُف وَاخْتَفَى، وَتَمَكَّنَ ابْنُ
رَائِق وَأَبَاد جَمَاعَةً، وَأَسر كورتكين فِي سَنَةِ
ثَلاَثِيْنَ (6) ، وَأبيع (7) كُرُّ القَمحِ
__________
(1) " المنتظم ": 6 / 320 - 321.
(2) انتصر أبو عبد الله البريدي في الجولة الأولى، ثم
هزمه توزون.
(3) انظر خبر مقتله في " الكامل ": 8 / 371 - 372.
(4) أي طلب المتقي محمد بن رائق.
(5) في الأصل: " وخضع لمحمد بن حمدان " وهي تقلب
المعنى.
إذ أن ابن حمدان خضع لابن رائق، وحمل له المال.
انظر " الكامل ": 8 / 375.
(6) " الكامل ": 8 / 376 - 377.
(7) بمعنى عرض للبيع.
(15/106)
بِأَزيدَ مِنْ مَائَتَي دِيْنَار،
وَأَكلُوا الجيَفَ، وَخَرَجتِ الرُّوْمُ، فَعَاثُوا
بِأَعمَال حلَبَ (1) .
وَفِيْهَا:اسْتوزر المتقِّي أَبَا عَبْدِ اللهِ
البَريديَّ برَأْي ابْنِ رَائِق، ثُمَّ عُزِلَ
بِالقرَاريطِيّ، فَذَهَبَ مُغَاضِباً، وَجَمَع
العَسَاكر (2) .
وَفِي جُمَادَى الأُولَى ركِب المُتَّقِّي للهِ
وَوَلَدُه أَبُو مَنْصُوْرٍ، وَابْنُ رُائِق،
وَالوَزِيْر القَرَاريطِيُّ، وَبَيْنَ أَيديهُم
القُرَّاء وَالمَصَاحِف لِحَرْب البَرِيْديِّ، ثُمَّ
انْحَدَر مِنَ الشَّمَّاسِيَّة فِي دِجْلَةَ، وَثقُل
كُرْسِيُّ الجِسْر، فَانْخَسف بخلْقٍ (3) .
وَأَمر ابْنُ رَائِق بلَعْنَة البَريدِيّ عَلَى
المنَابرِ، ثُمَّ أَقبل أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدٍ البَريديُّ أَخُو أَبِي عَبْدِ اللهِ،
فَهَزَمَ المُتَّقِّي، وَابْن رَائِق، وَكَانَ مَعَهُ
خلقٌ مِنَ الدَّيْلَم وَالتُّرْك، وَالقَرَامطَة.
وَوقَعَ النَّهبُ بِبَغْدَادَ، وَزَحَفَ ابْنُ
البَرِيديّ عَلَى الدَّار، وَعظُم الخَطْبُ.
وَقُتِلَ جَمَاعَة بِدَارِ الخِلاَفَة، وَهَرَبَ
المُتَّقِّي وَابْنُه، وَابْن رَائِق إِلَى المَوْصِل،
وَاخْتَفَى القَرَاريطِيّ الوَزِيْرُ.
وَبَعَثَ ابْنُ البَريديّ بكورتكين مقيَّداً إِلَى
أَخِيْهِ فَأَتْلَفَه، وَحكَم أَبُو الحُسَيْنِ
بِبَغْدَادَ، وَتعثَّرتِ الرَّعيَّة، وَهجُّوا،
وَبلَغَ الكُرُّ أَزيد مِنْ ثَلاَث مائَة دِيْنَارٍ،
وَغَرِقَتْ (4) بَغْدَادُ.
ثُمَّ فَارَقَه توزون وَرَاحَ إِلَى المَوْصِل، فَقويَ
قلبُ نَاصر الدَّوْلَة ابْنِ حَمْدَان، وَعَزَمَ أَنْ
ينحدِرَ إِلَى بَغْدَادَ بِالمُتَّقِّي.
فتَهَّيأَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ البَرِيديّ،
وَتردَّدَت الرُّسل بَيْنَ ابْنِ رَائِق وَبَيْنَ ابْن
حَمْدَانَ، فتحَالفَا، فَجَاءَ ابْن حَمْدَانَ
وَاجْتَمَعَ بِهِ، وَحضر ابْن المتقِّي فَلَمَّا ركب
ابْن المتقِّي، قُدِّمَ فَرَس ابْن رَائِق ليركَبَ،
فتعلَّق بِهِ ابْنُ حَمْدَان.
وَقَالَ:تقيمُ عِنْدنَا اليَوْمَ نتحدّث.
فَقَالَ:كَيْفَ أَتخلَّف عَنْ وَلَدِ أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ؟
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ حَتَّى ارْتَابَ وَجَذَبَ كُمَّه
مِنْ
__________
(1) " الكامل ": 8 / 391 - 392.
(2) " الكامل ": 8 / 379.
(3) أخبار الراضي والمتقي: 223.
(4) " الكامل ": 8 / 380 - 381.
(15/107)
يَده فَتخرَّق، هَذَا وَرِجْلُه فِي
الرِّكَاب، فشبَّ بِهِ الفرسُ فَوَقَعَ.
فصَاح ابْنُ حَمْدَانَ بغِلْمَان:اقتلُوهُ،
فَاعْتَورَتْه السُّيوفُ فَاضطرب أَصْحَابُه خَارجَ
المخيَّم.
وَدُفِنَ وَعُفِي أَثرُه، وَنُهبَتْ أَمْوَالُه (1) .
فَذكر رَجُلٌ أَنَّهُ وَجَد كِيساً فِيْهِ أَلف
دِيْنَارٍ، وَخَافَ مِنَ الجُنْدِ.
قَالَ:فرمَيْتُه فِي قِدْرِ سِكْبَاج (2) ،
وَحمَلْتُهَا عَلَى رَأْسِي فسَلِمْتُ، وَجَاءَ ابْنُ
حمَدَان إِلَى المُتَّقِّي وَقَالَ:
إِنَّ ابْنَ رَائِق هَمَّ بِقَتْلِي، فَقلَّدَه
مَكَانَ ابْنِ رَائِق، وَلقَّبه يَوْمَئِذٍ نَاصر
الدَّوْلَة وَلقَّب أَخَاهُ سَيْف الدَّوْلَة وَعَادَ
بِهِمْ.
فَهَرَبَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ البَريديّ مِنْ
بَغْدَادَ (3) ، وَسَارَ بَدْر الخَرْشَنِيٌّ فَولِيَ
دِمَشْق.
ثُمَّ بَعْد شَهْر أُرجفَ بِمجِيْء ابْن البَرْيديّ،
فَانْجَفَلَ النَّاسُ، وَخَرَجَ المُتَّقِّي ليَكُوْنَ
مَعَ نَاصرِ الدَّوْلَةِ، وَتوجَّه سَيْفُ الدَّوْلَة
لمحَاربَةِ ابْنِ البَريديّ، فَكَانَتْ بينهُمَا
مَلْحَمَةٌ بقُرْبِ المَدَائِن.
فَاقْتَتَلُوا يَوْمَيْنِ، فَانكسرَ سَيْفُ الدَّوْلَة
أَوَّلاً، فردَّ نَاصرُ الدَّوْلَة الفلَّ، ثُمَّ
كَانَتِ الهَزِيْمَةُ عَلَى ابْنِ البَريدِيّ وَرُدَّ
فِي وَيْل إِلَى وَاسِطٍ.
وَتَبِعَهُ سَيْفُ الدَّوْلَة فَانهزمَ إِلَى
البَصْرَةِ (4) ، وَمِنْ ثُمَّ تَزَوَّجَ أَبُو
مَنْصُوْرٍ إِسْحَاقُ بنُ المُتَّقِّي ببنتِ نَاصرِ
الدَّوْلَة عَلَى مَائَتَي أَلف دِيْنَار، وَتَمَكَّنَ
نَاصر الدَّوْلَة، وَأَخَذَ ضِيَاعَ المُتَّقِّي،
وَصَادَرَ الدَّوَاوِيْن، وَظَلَمَ.
ثُمَّ بلَغَه هُرُوب أَخِيْهِ سَيْفِ الدَّوْلَة مِنْ
وَاسِطٍ، فَخَافَ نَاصرُ الدَّوْلَة، وَرُدَّ إِلَى
المَوْصِل وَنُهِبَتْ دَارُه (5) ، وَاستَوْزَرَ
عَلِيَّ بنَ أَبِي عَلِيّ بنِ مُقلَة، وَأَقبلَ
تَوزُون مِنْ وَاسِطٍ فَخَلَعَ عَلَيْهِ المُتَّقِّي،
وَلقَّبَه أَمِيْرَ الأُمَرَاءِ، وَلَكِنْ مَا تَمَّ
__________
(1) " الكامل ": 8 / 382.
(2) السكباج: بالكسر، معرب عن سركه باجه، وهو: لحم
يطبخ بخل.
" تاج العروس ": 2 / 59.
(3) " الكامل ": 8 / 383 - 384.
(4) " الكامل ": 8 / 384 - 385.
(5) " الكامل ": 8 / 396 - 397.
(15/108)
الوُدّ (1) .
فَعَاد تَوزون إِلَى وَاسِطٍ وَصَادَرَ المُتَّقِّي
وَزِيْرَهُ، وَبَعَثَ بخِلَعٍ إِلَى أَحْمَدَ بنِ
بُوَيه، وَاسْتَوْزَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ،
وَيَعْزِلُهُمْ.
وَصَغُرَ أَمرُ الوِزَارَة، وَوَهَنَتِ الخِلاَفَةُ
العَبَّاسِيَّةُ.
وَبَلَغَ ذَلِكَ النَّاصر لِدِيْنِ اللهِ
المَرْوَانِيَّ، صَاحِبَ الأَنْدَلُس (2)
فَقَالَ:أَنَا أَوْلَى بِإِمرَةِ الْمُؤمنِينَ،
فتلقَّبَ بِذَلِكَ.
وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، يُقَال لَهُ:الأَمِيْر،
كآبَائِهِ.
وَسَارَ المُتَّقِّي للهِ إِلَى تِكْرِيت، وَتَفَلَّل
أَصْحَابُه وَقَدِمَ تَوزُون فَاسْتوْلَى عَلَى
بَغْدَادَ، فَأَقبل نَاصرُ الدَّوْلَة فِي جَمْع
كَبِيْر مِنَ الأَعرَابِ وَالأَكْرَاد، فَالتَقَى
توزون بعُكْبَرَا وَاقْتَتَلُوا أَيَّاماً، ثُمَّ
انهزمَ بَنو حَمْدَان، وَالمتقِّي إِلَى المَوْصِل،
ثُمَّ التَقَوا ثَانياً عَلَى حَربه (3) فَانهزم سَيْف
الدولَة وَالخَلِيْفَة إِلَى نَصِيبين وَتبعهُم تَوزون
(4) .
وَأَمَّا أَحْمَد بن بُوَيه (5) ، فَإِنَّهُ أَقبل
وَنَزَلَ بِوَاسِط يُرِيْد بَغْدَاد (6) .
وَرَغِبَ تَوزون فِي الصُّلح.
وَفِي سَنَةِ 332 قَتَل أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
البَريدِيّ أَخَاهُ أَبَا يُوْسُفَ.
وَمَاتَ بَعْدَهُ بِيَسِيْرٍ (7) .
وَكَتَبَ المُتَّقِّي إِلَى صَاحِبِ مِصْر الإِخْشِيد
ليحضُرَ إِلَيْهِ، فَأَقبل
__________
(1) " أخبار الراضي والمتقي ": 242، و" الكامل ": 8 /
399.
(2) " جذوة المقتبس ": 13.
وستأتي ترجمته ص / 336 / من هذا الجزء.
(3) " أخبار الراضي والمتقي ": 256 - 257 وفي " الكامل
": 8 / 407 " فالتقى هو وتوزون بحربى في شعبان، فانهزم
سيف الدولة مرة ثانية، وتبعه توزون ". وحربي: مقصورة:
بليدة في أقصى دجيل بين بغداد وتكريت. " معجم البلدان
": 2 / 237.
(4) " الكامل ": 8 / 406 - 407.
(5) الملقب بمعز الدولة، من ملوك بني بويه في العراق.
امتلك بغداد سنة / 334 / ه في خلافة المستكفي، ودام
ملكه في العراق / 22 / سنة إلا شهرا، توفي سنة / 356 /
ه. له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 1 / 174 - 177.
(6) " الكامل ": 8 / 408.
(7) " الكامل ": 8 / 409.
(15/109)
إِلَيْهِ فَوَجَدَه بِالرَّقَّةِ.
وَبَانَ لِلْمُتَّقِّي مِنْ بَنِي حَمْدَان الضَّجر،
فرَاسل تَوْزون، وَاسْتوثَقَ مِنْهُ (1) ، فَعَلِمَ
بِذَلِكَ الإِخْشِيد، فَقَالَ لِلْمُتَّقِّي:
أَنَا عبدُك، وَقَدْ عرفتَ غدْر الأَترَاكِ، فَاللهَ
اللهَ فِي نَفْسِك، سِرْ مَعِي إِلَى الشَّامِ
وَمِصْرَ، لتَأَمنَ.
فَلَمْ يُطْعه، فرُدَّ إِلَى بلاَده (2) .
وَقُتِلَ بِبَغْدَادَ حَمْدِي اللِّصُّ الَّذِي ضَمِنَ
(3) اللُّصُوصِيَّة فِي الشَهْر بخَمْسَةٍ
وَعِشْرِيْنَ أَلْف دِيْنَارٍ.
فَكَانَ ينزِل عَلَى الدُّور وَالأَسوَاق بِالشَّمْعِ
وَالمَشْعَل جِهَاراً.
ظَفِرَ بِهِ شِحْنَةُ بَغْدَاد فوسَّطه (4) .
وَكَانَ توزون بِبَغْدَادَ وَإِليه الأُمُور
فَاعْتَرَاهُ صَرْع (5) .
وَهلك أَبُو عَبْدِ اللهِ البَريديُّ، وَخَلَّفَ أَلفَ
أَلفِ دِيْنَارٍ، وَبِضْعَةَ عشر أَلف أَلفِ دِرْهَم،
وَمِنَ الآلاَت وَالقُمَاشِ مَا قيمتُهُ أَلفُ أَلفِ
دِيْنَارٍ (6) .
وَتوجَّه المُتَّقِّي مِنَ الرَّقَّة إِلَى بَغْدَادَ،
فَأَقَامَ بِهِيْتَ، وَحَلَفَ لَهُ تَوْزون، فَلَمَّا
الْتَقَاهُ، ترجَّل لَهُ وَقَبَّلَ الأَرْضَ، وَمَشَى
بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى مخيَّمٍ ضَرَبَه لِلْمُتَّقِّي،
فَلَمَّا نَزَلَ قَبَضَ توزون عَلَيْهِ وَسَمَله،
وَأُدْخِلَ بَغْدَادَ أَعْمَى (7) ، فَللَّه الأَمْرُ،
وَأَخَذَ مِنْهُ البُردَ وَالقَضِيْبَ وَالخَاتَمَ.
وَأَحْضَرَ عَبْدَ اللهِ المستكفِي بِاللهِ بن
المُكْتَفِي فَبايَعَهُ بِالخِلاَفَة.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 411.
(2) " الكامل ": 8 / 418، و" تاريخ الخلفاء ": 396.
وستأتي ترجمة الاخشيذ ص 365 من هذا الجزء.
(3) علق ابن الأثير بقوله: " وهذا ما لم يسمع بمثله ".
(4) أي قطعه نصفين.
" الكامل ": 8 / 416.
(5) " الكامل ": 8 / 417.
(6) " الكامل ": 8 / 410 - 411.
(7) " الكامل ": 8 / 418 - 419.
(15/110)
خُلِعَ المُتَّقِّي فِي العِشْرِيْنَ مِنَ
الُحَرَّم سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقِيْلَ:فِي صَفَرٍ وَلَمْ يُمْهل توزون وَلاَ حَال
عَلَيْهِ الحَوْلُ.
تُوُفِّيَ المُتَّقِي فِي السِّجن بَعْد كَحْلِهِ
بِدَهْرٍ وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ
وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ مِنَ الأَوْلاَد:أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّد
فَقط.
60 - المُسْتَكْفِي بِاللهِ عَبْدُ اللهِ بنُ
المُكْتَفِي بنِ المُعْتضدِ *
الخَلِيْفَةُ، المُسْتكفِي بِاللهِ، أَبُو القَاسِمِ
عَبْدُ اللهِ ابنُ المُكْتَفِي عَلِيِّ بنِ المُعْتضد
العَبَّاسِيُّ.
كَانَ ربْعَ القَامَة مَلِيحاً، معتدلَ البَدَن،
أَبيضَ بحمرَة، خَفِيْفَ العَارضين.
وَأُمُّه أُمّ وَلد.
بُوْيِع وَقت خَلْع المُتَّقِّي للهِ، وَلَهُ
يَوْمَئِذٍ إِحْدَى وَأَرْبَعُوْنَ سنَةً.
قَامَ ببيعتِهِ توزونُ، فَأَقبلَ أَحْمَدُ بنُ بُويه،
وَاسْتَوْلَى عَلَى الأَهْوَاز وَالبَصْرَة وَوَاسط،
فَبَرَزَ لمحَاربته جَيْشُ بَغْدَاد مَعَ توزون،
فَدَام الحَرْب بينهُمَا أَشهُراً، وَينهزمُ فِيْهَا
توزون وَلاَزَمه الصَّرْع، وَضَاق بِأَحْمَدَ الحَالُ
وَالقَحطُ، فردَّ إِلَى الأَهْوَاز، وَقَطَعَ توزونُ
الجِسْر وَرَاءهُ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ مشغولاً
بنَفْسِهِ (1) .
وَوَزَرَ أَبُو الفَرَجِ السَّامَرِّيُّ، ثُمَّ
عَزَلَهُ توزون بَعْد أَرْبَعِيْنَ يَوْماً،
وَأَغرمَهُ ثَلاَث مائَة أَلْفِ
__________
(*) مروج الذهب: 2 / 540، تاريخ بغداد: 10 / 10 - 11،
المنتظم: 6 / 339، 364، الكامل: 8 / 420 وما بعدها،
النبراس: 120 - 121، العبر: 2 / 245، نكت الهميان: 182
- 183، البداية والنهاية: 11 / 210 - 211، النجوم
الزاهرة: 3 / 299، تاريخ الخلفاء: 397 - 398، شذرات
الذهب: 2 / 345.
(1) " الكامل ": 8 / 408 - 409.
(15/111)
دِيْنَار (1) .
وَرَدَّ إِلَى الوِزَارَة أَبَا جَعْفَرٍ بنَ شيرزَاد
(2) ، وَاشْتَدَّ بِالعِرَاقِ القَحط، وَمَاتَ النَّاس
جُوعاً، وَهَلَكَ ملك الأُمَرَاءِ توزون فِي أَوَّلِ
سَنَةِ أَرْبَعٍ، فَطَمِعَ فِي مَنْصِبِهِ ابْنُ
شيرزَاد، وَحلَّفَ العَسَاكِر، وَنَزَلَ بِظَاهِر
بَغْدَاد، وَبَعَثَ المستكفِي إِلَيْهِ بِالخِلعَ
وَالإِقَامَات، فصَادر التُّجَّارَ وَالكُتَّاب،
وَسلَّط جندَه عَلَى العوَامّ.
فَهَرَبَ النَّاس، وَانْقَطَع الجَلبُ، وَوَهَن أَمن
بَغْدَاد (3) .
وَأَمَّا أَحْمَدُ بنُ بُوَيه فَقَصَد بَغْدَاد،
وَنَزَلَ بَاجِسْرَاي (4) ، وَهَرَبَ الأَترَاكُ إِلَى
المَوْصِلِ، وَاسْتتر المُسْتَكْفِي، وَابْنُ شيرزَاد،
فَنَزَلَ مُعزُّ الدَّوْلَة أَحْمَد بن بُوَيْه
بِالشَّمَّاسيَّةِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ الخَلِيْفَة
التُّحَفَ وَالخِلَعَ، ثُمَّ حَضَرَ وَبَايَعَ،
فلقَّبه الخَلِيْفَة بِمعزّ الدَّوْلَة، وَلقَّب
أَخَاهُ عَلِيّاً عمَادَ الدَّوْلَة، وَأَخَاهُ الآخِر
الحَسَنَ رُكْنَ الدَّوْلَة.
وضُرِبَت أَسمَاؤُهُم عَلَى السِّكَّةِ، ثُمَّ ظَهَرَ
ابْنُ شيرزَاد، وَقَرَّر مَعَ معزِّ الدَّوْلَة
أُمُوراً، مِنْهَا:
فِي الشَّهْرِ لِلْخَلِيْفَة مائَةٌ وَخَمْسُوْنَ
أَلفَ دِرْهَم لَيْسَ إِلاَّ (5) ، وَكَانَتْ عَلمَ
القَهْرمَانَة معظَّمَة عِنْد المُسْتكفِي تَأمر
وَتنَهَى فعَمِلَتْ دَعْوَةً لِلأُمرَاء فَاتَّهَمهَا
معزُّ الدَّوْلَة (6) وَكَانَ أَصفَبذ (7) قَدْ شَفَعَ
إِلَى الخَلِيْفَة فِي شيعِيّ مَغْبِن فَرَدَّهُ
فَحَقَدَ.
وَقَالَ لمعزِّ الدَّوْلَة:الخَلِيْفَة يُرَاسلنِي
فيكَ، فتَخَيَّل
__________
(1) " الكامل ": 8 / 447 وفيه: " وصودر على ثلاث مئة
ألف درهم ".
(2) محمد بن يحيى بن شيرزاد.
كان وزيرا لبجكم، وقد أطنب الصولي في كتابه " أخبار
الراضي والمتقي " في مدحه.
انظر على سبيل المثال: 263 - 266. وأخباره " في الكامل
": 8 / 354، وما بعدها.
(3) " الكامل ": 8 / 448 - 449.
(4) هكذا في الأصل، وفي " معجم البلدان ": 1 / 313:
باجسرى، بكسر الجيم، وسكون السين، وراء، والقصر، بليدة
في شرقي بغداد.
(5) " الكامل ": 8 / 449 - 450.
(6) في " الكامل ": 8 / 450 " فاتهمها معز الدولة أنها
فعلت ذلك - أي الدعوة - لتأخذ عليهم البيعة للمستكفي
ويزيلوا معز الدولة، فساء ظنه لذلك لما رأى من إقدام
علم ".
(7) هكذا في الأصل، وفي " الكامل ": 8 / 480 أصفهدوست.
وهو خال معز الدولة.
(15/112)
مِنْهُ (1) ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى
الخَلِيْفَة اثْنَانِ مِنَ الدَّيْلَمِ، فَطَلبَا
مِنْهُ الرِّزْقَ، فمدَّ يدَهُ لِلتَّقْبِيل، فجبذَاهُ
(2) مِنْ سريرِ الخِلاَفَة، وَجَرَّاهُ بعِمَامَته،
وَنُهِبتْ دَارهُ، وَأَمسكُوا القَهْرَمَانَة
وَجَمَاعَةً، وسَاقُوا المُسْتَكْفِي مَاشياً إِلَى
منزِلِ مُعزِّ الدَّوْلَة، فَخَلَعَ المستكفِي
وَسَمَلَه.
فَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ ستّةَ عشرَ شَهْراً، وَبَايعُوا
فِي الحَال الفَضْلَ بنَ المُقْتَدر، وَلقَّبُوهُ
المُطِيع للهِ.
وَبَقِيَ المستكفِي مسجوناً إِلَى أَنْ مَاتَ:فِي
سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثلاث مائَة، وَلَهُ
سِتٌّ وَأَرْبَعُوْنَ سنَةً، وَاسْتقلَّ بِملك
العِرَاق معزُّ الدَّوْلَة.
وضعُفَ دَسْت الخِلاَفَة جِدّاً، وَظَهَرَ الرَّفض
وَالاعتزَالُ ببنِي بُويه، نَسْأَل اللهَ العفوَ.
وَكَانَ إِكحَالُ المُسْتَكْفِي بَعْدَ أَنْ خَلَعَ
نَفْسه ذليلاً مقهوراً فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَعَاشَ بَعْد العَزْل
وَالكَحْل أَرْبَعَة أَعْوَامٍ (3) .
61 - المُطِيعُ للهِ الفَضْلُ ابنُ المُقْتَدِرِ
جَعْفَرِ بنِ المُعْتَضِدِ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو القَاسِمِ الفَضْلُ ابنُ
المُقْتَدِرِ جَعْفَرِ ابنِ المُعْتضدِ أَحْمَدَ بنِ
المُوَفَّقِ العَبَّاسِيُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وبُوْيِعَ بحكمِ خَلْعِ المستكفِي نَفْسه سنَةَ 334،
وَأُمُّه اسْمُهَا:مشغلَة (4) أُمُّ وَلدٍ.
__________
(1) أي اتهمه.
وفي " تاريخ الخلفاء ": 397 فتحيل - بالحاء - وهو
تصحيف.
(2) جبذ الشئ مثل جذبه، وليس مقلوبة كما زعم الجوهري.
(3) " الكامل ": 8 / 450 - 451.
(*) مروج الذهب: 2 / 552، تاريخ بغداد: 12 / 379 -
380، المنتظم: 6 / 343 - 345، 7 / 79، العبر: 2 / 334،
البداية والنهاية: 11 / 212، تاريخ الخلفاء: 398 -
405، شذرات الذهب: 3 / 48 - 49.
(4) هكذا ضبطت في الأصل، وفي " التنبيه والاشراف ":
345 مشعلة، بالعين المهملة.
(15/113)
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو الفَضْلِ التَّمِيْمِيَّ (1) .
وَكَانَ كَالمقهورِ مَعَ نَائِب (2) العِرَاقِ ابْن
بُوَيْه، قرَّرَ لَهُ فِي اليَوْمِ مائَةَ دِيْنَارٍ
فَقط (3) .
وَاشْتَدَّ الغلاَءُ المُفْرِط بِبَغْدَادَ، فَذَكَرَ
ابْنُ الجَوْزِيّ أَنَّهُ اشتُرِيَ لمعزِّ الدَّوْلَة
كُرُّ دَقِيق بِعِشْرِيْنَ أَلْف دِرْهَم (4) .
قُلْتُ:ذَلِكَ سَبْعَةَ عَشَرَ قِنطَاراً
بِالدِّمَشْقِيّ، لأَنَّ الكُرَّ أَرْبَعَة
وَثَلاَثُوْنَ كَارَة (5) ، وَالكَارَة خَمْسُوْنَ
رِطلاً.
وَاقتتل صَاحِبُ المَوْصِل نَاصرُ الدَّوْلَة،
وَمعِزُّ الدَّوْلَة، فَالتَقَوا بعُكْبَرَا، فَانتصرَ
نَاصرُ الدَّوْلَة، وَنَزَلَ بِالجَانبِ الشَّرْقِيّ،
ثُمَّ تلاشَى أَمرُهُ، وَفَرَّ، فَوَضَعتِ الدَّيْلَم
السَّيْفَ وَالنهبَ فِي البَلدِ، وَسُبيتِ النِّسَاء.
ثُمَّ تَمَكَّنَ المُطِيعُ قَلِيْلاً ثُمَّ اصطلحَ
ابْنُ بُويه، وَصَاحِبُ المَوْصِل، فعزَّ ذَلِكَ عَلَى
الأَترَاكِ الَّذِيْنَ قويَ بِهِم صَاحِبُ المَوْصِل،
وَهمُّوا بِقَتْلِهِ، فَحَاربَهُم فمزَّقهُم (6) ،
وَهَرَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ شيرزَاد، فسمله
وَسَجَنَهُ (7) .
وَفِيْهَا - ، أَعنِي:سنَةَ 336 - خَرَجَ معزُّ
الدَّوْلَةِ، وَالمُطِيعُ إِلَى البَصْرَةِ
__________
(1) هو عبد الواحد بن عبد العزيز، أبو الفضل التميمي،
فقيه حنبلي، توفي سنة / 410 / ه له ترجمة في " تاريخ
بغداد ": 11 / 14 - 15 و" طبقات الحنابلة ": 2 / 179.
(2) كان عماد الدولة أمير الامراء، وحين توفي سنة /
338 / صار أخوه ركن الدولة أمير الامراء، وكان معز
الدولة كالنائب عنهما في بغداد.
(3) " تاريخ الخلفاء ": 398.
(4) " المنتظم ": 6 / 345.
(5) زيادة من " النجوم الزاهرة ": 3 / 286.
(6) " الكامل ": 8 / 453 - 455.
(7) انظر الصفحة / 112 / تعليق رقم / 2 /. و" الكامل
": 8 / 466.
(15/114)
لِحَرْب أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي عَبْدِ اللهِ البَريديّ، فَاسْتَأمَنَ إِلَيْهِم
عَسْكَرُ أَبِي القَاسِمِ، وَهَرَبَ هُوَ إِلَى
القَرَامِطَة (1) ، وَعظُمَ معزُّ الدَّوْلَة، ثُمَّ
جَاءَ أَبُو القَاسِمِ مستَأمناً إِلَى بَغْدَادَ،
فَأُقطع قرَىً (2) ، ثُمَّ اخْتَلَفَ صَاحِبُ
المَوْصِل، وَمعزُّ الدَّوْلَة، وَفَرَّ عَنِ
المَوْصِل صَاحِبُهَا، ثُمَّ صَالح عَلَى أَنْ
يَحْمِلَ فِي السَّنَة ثَمَانيَةَ آلاَف أَلفِ دِرْهَم
(3) .
وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، مَرِضَ معزُّ الدَّوْلَة بعِلَّة الإِنعَاظ
(4) ، وَأُرْجِفَ بِموته، فَعَقَدَ إِمرَةَ الأُمَرَاء
لابْنِهِ بختيَار، وَاسْتَوْزَرَ (5) أَبَا مُحَمَّدٍ
المُهَلَّبِيَّ، وَعظُمَ قَدْرُه (6) .
وفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، اسْتولَى معزُّ
الدَّوْلَة عَلَى المَوْصِل، وَسَاقَ وَرَاءَ نَاصرِ
الدَّوْلَة إِلَى نَصِيبين فَهَرَبَ إِلَى حَلَبَ
فَبالَغَ أَخُوْهُ فِي خِدْمَتِهِ، وَترَاسلاَ فِي
أَنْ يَكُوْنَ المَوْصِلُ بِيَدِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ
لأَنْ نَاصرَ الدَّوْلَة غَدَرَ وَنَكَثَ غَيْرَ
مَرَّةٍ بِابْنِ بُوَيه، وَمَنَعَ الحِمْلَ، ثُمَّ
رُدَّ معزُّ الدَّوْلَة إِلَى بَغْدَادَ.
(7) وَفِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ ضمَّن (8) معزُّ
الدَّوْلَة الشُّرْطَة وَالحِسْبَة بِبَغْدَادَ،
__________
(1) " الكامل ": 8 / 469.
(2) " الكامل ": 8 / 480.
(3) " الكامل ": 8 / 477.
(4) الانعاظ: هو انتشار الذكر، وقد وصف ابن الأثير في
" كامله ": 8 / 510 هذه العلة: " دوام الانعاظ مع وجع
شديد في ذكره مع توتر أعصابه ".
(5) سنة / 339 / ه كما في " الكامل ": 8 / 485.
(6) " الكامل ": 8 / 510.
(7) " الكامل ": 8 / 522 - 524.
(8) كان الضمان مقصورا على الخراج، ثم تعدى إلى القضاء
وكان أبو العباس عبد الله ابن الحسن بن أبي الشوارب
أول من ضمنه، فمنعه الخليفة المطيع عن الدخول إليه، ثم
استشرى الضمان إلى الشرطة والحسبة.
وقد أدى هذا النظام إلى فساد في الأرض كبير.
(15/115)
وَظَلَمَ، وَأَنشَأَ دَاراً لَمْ يُسْمَعْ
بِمثلِهَا، خَرَّبَ لأَجلهَا دُورَ النَّاسِ، وَغَرِمَ
عَلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ سِتّ مائَة أَلْف دِيْنَار
(1) .
وَاسْتضرتِ الرُّوْمُ عَلَى بلاَد الشَّامِ،
وَأَخَذُوا حَلَبَ بِالسَّيْفِ وَغيرَهَا مِنَ
المَدَائِن كَسَرُوْج وَالرُّهَا، وَأَوَّل تمكُّنِهُم
أَنَّهُم هَزَمُوا سَيْفَ الدَّوْلَة فِي سَنَةِ
تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
فَنَجَا بِالجَهْد فِي نَفَر يَسِيْر، وَبَلَغَهُم
وَهْنُ الخِلاَفَة، وَعَجْزُ سَيْفِ الدَّوْلَة
عَنْهُم بَعْدَ أَنْ هَزَمَهُم غَيْرَ (2) مَرَّةٍ.
وَفِي سَنَةِ 353 قَصَدَ معزُّ الدَّوْلَة المَوْصِل
فَفَرّ عَنْهَا نَاصرُ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ التَقَوا
فَانتصرَ نَاصر الدَّوْلَة، وَأَسَرَ التُّرك،
وَاسْتَأمَنَ إِلَيْهِ الدَّيْلَم، وَأَخَذَ ثَقَلَ
معزِّ الدَّوْلَة وَخزَائِنَه، ثُمَّ صَالحَه (3) ،
وَكَانَ يُقَام مأْتم عَاشُورَاء بِبَغْدَادَ، وَيقَع
فِتن كِبَارٌ لِذَلِكَ.
ثُمَّ مَاتَ الوَزِيْرُ المُهَلَّبِيُّ سنَةَ 351 (4)
، وَمَاتَ معزُّ الدَّوْلَة، فَقَامَ ابْنُهُ عزُّ
الدَّوْلَة بَخْتِيَار سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ (5)
، فَجَرَتْ فِتْنَةُ مُحَمَّد بنِ الخَلِيْفَةِ
المُسْتَكفِي فَإِنَّهُ لَمَّا كُحِلَ أَبُوْهُ فرَّ
هُوَ إِلَى مِصْرَ، وَأَقَامَ عِنْد كَافُور، ثُمَّ
قَويَتْ نَفْسُه، وَقَدِمَ بَغْدَادَ سِرّاً، فَعَرَفَ
عزُّ الدَّوْلَة، وَبَايَعَهُ فِي البَاطن كُبَرَاء،
فَظَفِرَ بِهِ عزُّ الدَّوْلَة فَقَطَعَ أَنفَه
وَأُذُنَيْه، وَسَجَنَهُ ثُمَّ هَرَبَ هُوَ وَأَخُوْهُ
عليّ مِنَ الدَّارِ يَوْمَ عيد، وَصَارَ إِلَى مَا
وَرَاء النَّهْر، وَخَمَلَ أَمرُه (6) .
وَفِي سَنَةِ سِتِّيْنَ فُلِجَ المُطِيعُ، وَبطَلَ
نِصْفُه، وَتَمَلَّكَ بَنو عُبَيْد مِصْرَ
__________
(1) " الكامل ": 8 / 534.
(2) " الكامل ": 8 / 540 - 542.
(3) " الكامل ": 8 / 553 - 554.
(4) الحسن بن محمد بن عبد الله بن هارون، من ولد
المهلب بن أبي صفرة، الأزدي، أبو محمد، من كبار
الوزراء، لقب بذي الوزارتين: وزارة الخليفة المطيع
ووزارة السلطان معز الدولة، توفي في طريق واسط سنة /
352 / له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 2 / 124 - 127.
وفي " الفوات ": 1 / 256 - 260.
(5) " الكامل ": 8 / 575.
(6) " الكامل ": 8 / 584 - 585.
(15/116)
وَالشَّامَ، وَأَذَّنُوا بِدِمَشْقَ بحِي
عَلَى خَيْر الْعَمَل (1) ، وَغَلَتِ البِلاَدُ
بِالرَّفْضِ شَرْقاً وَغَرْباً (2) ، وَخَفِيَتِ
السُّنَّة قَلِيْلاً، وَاسْتبَاحتِ الرُّوْم نَصِيبين
وَغيرَهُا، فَلاَ قوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ (3) ،
وَقُتِلَ بِبَغْدَادَ رَاجلٌ مِنْ أَعوَان الشِّحْنَة،
فَبَعَثَ رَئِيْسُ بَغْدَادَ مَن طَرَح َالنَّار فِي
أَسوَاقٍ فَاحْتَرَقَتْ بَغْدَادُ حَرِيْقاً مهوّلاً.
وَاحترق النِّسَاء وَالأَوْلاَد، فَعِدَّة مَا
احْتَرَقَ ثَلاَث مائَة وَعِشْرُوْنَ دَاراً،
وَثَلاَثِ مائَةٍ وَسبعَة عشر دُكَّاناً، وَثَلاَثَةٌ
وَثَلاَثُوْنَ مَسْجِداً.
وَكُثر الدُّعَاء عَلَى الرّئيس، وَهُوَ أَبُو
الفَضْلِ الشِّيْرَازيُّ (4) ، ثُمَّ سُقي، وَهَلَكَ
(5) ، وَأُنْشِئَتْ مَدِيْنَةُ القَاهرَة لِلْمعزِّ
العُبَيدِيّ.
وَوَزَرَ بِبَغْدَادَ أَبُو طَاهِرٍ بنُ بَقِيَّة،
فَكَانَ رَاتِبُهُ مِنَ الثَّلج فِي اليَوْمِ أَلف
رِطل، وَمِنَ الشَّمع فِي الشَّهْرِ أَلف مَنٍّ،
فَوِزْرُ لعزّ الدَّوْلَة أَرْبَع سِنِيْنَ، ثُمَّ
صلبَه عضدُ الدَّوْلَة (6) .
وَلَمَّا تحكَّم الفَالِج فِي المُطِيع دَعَاهُ
سُبُكْتِكِين الحَاجِبُ إِلَى عَزْل نَفْسِهِ،
وَتَسْلِيمِ الخِلاَفَة إِلَى ابْنِهِ الطَّايعِ
فَفَعَلَ ذَلِكَ فِي ثَالث عشر ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ (7) .
وَأَثبتُوا خَلْعَه عَلَى أَبِي الحَسَنِ
__________
(1) " تاريخ الخلفاء ": 402.
(2) إشارة إلى بني بويه والعبيديين الذين يسمون
بالفاطميين.
(3) " الكامل ": 8 / 618.
(4) العباس بن الحسن، أبو الفضل الشيرازي، ناب في
الوزارة عن المهلبي، واستوزره عز الدولة ثم اعتقل، ثم
أعيد إلى الوزارة سنة / 360 / ه، وعزل بعد سنتين ونكب،
حمل إلى الكوفة محبوسا، فمات فيها بعد مدة قصيرة، قيل:
مسموما، وكان ظلوما غشوما. " تجارب الأمم ": 6 / 269 -
313.
(5) " المنتظم ": 7 / 60.
(6) وقد رثاه أبو الحسن محمد بن عمر بن يعقوب الأنباري
بقصيدته المشهورة:
علو في الحياة وفي الممات * لحق أنت إحدى المعجزات
كأن الناس حولك حين قاموا * وفود نداك أيام الصلات
(7) في الأصل: ثلاث وثلاثين، وهو وهم.
(15/117)
ابْنِ أُمِّ شَيْبَان القَاضِي.
ثُمَّ كَانَ بَعْدُ يُدعَى الشَّيْخَ الفَاضِلَ (1) .
وَفِيْهَا:أُقيمت الدَّعوَة العُبَيْدِيَّة
بِالحَرَمَيْنِ لِلْمعزِّ (2) .
وَاسْتَفْحَلَ البلاَءُ بِاللُّصوص بِبَغْدَادَ،
وَركِبُوا الخيلَ، وَأَخَذُوا الخَفَارَةَ،
وَتلقَّبُوا بِالقُوَّاد (3) .
ثُمَّ إِنَّ المُطِيعَ خَرَجَ وَوَلَده الخَلِيْفَة
الطَّايع للهِ إِلَى وَاسِطَ فَمَاتَ هُنَاكَ فِي
المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ بَعْد ثَلاَثَةِ أَشهرٍ مِنْ عَزْلِهِ (4) .
وَعمرُهُ ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ
- .
فَكَانَتْ خِلاَفتُهُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً سِوَى
أَشهرٍ.
وَفِي أَيَّامه تلقَّب صَاحِبُ الأَنْدَلُس النَّاصر
المَرْوَنُّي بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ (5) .
وَقَالَ:أَنَا أَحقُّ بِهَذَا اللَّقَب مِنْ
خَلِيْفَةٍ مِنْ تَحْتِ يدِ بنِي بُوَيه.
وَصَدَقَ النَّاصر، فَإِنَّهُ كَانَ بَطَلاً شُجَاعاً
سَائِساً مَهِيْباً، لَهُ غَزَوَاتٌ مشهودَةٌ، وَكَانَ
خليقاً لِلْخِلاَفَةِ، وَلَكِنْ كَانَ أَعظَمَ مِنْهُ
بكَثِيْر المعزُّ العُبَيْدِيُّ (6)
الإِسْمَاعِيْلِيُّ النِّحلَة، وَأَوسعَ ممَالِك،
حَكَمَ عَلَى الحَرَمَيْنِ وَمِصْرَ وَالشَّام
وَالمَغْرِبِ.
62 - الطَّائِعُ للهِ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ المُطِيعِ
للهِ بنِ المُقْتَدِرِ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الكَرِيْمِ ابنُ
المُطِيعِ للهِ الفَضْلِ ابنِ المُقْتَدِرِ جَعْفَرِ
بنِ المُعْتَضِدِ العَبَّاسِيُّ.
وَأُمُّه أُمُ وَلَدٍ.
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 66.
(2) " المنتظم ": 7 / 75.
(3) المصدر السابق.
(4) " الكامل ": 8 / 645.
(5) ستأتي ترجمته رقم / 336 / من هذا الجزء.
(6) ستأتي ترجمته رقم / 68 / من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 11 / 79، المنتظم: 7 / 66 - 68، 224،
الكامل: 8 / 637 وما بعدها، النبراس: 124 - 127،
العبر: 3 / 55 - 56، نكت الهميان: 196 - 197، تاريخ
الخلفاء: 405 - 411، شذرات الذهب: 3 / 143.
(15/118)
نَزَلَ لَهُ أَبُوْهُ لَمَّا فُلِجَ عَنِ
الخِلاَفَة فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَسِتِّيْنَ.
وَكَانَ الحَلُّ وَالعَقْدُ لِلْملكِ عزّ الدَّوْلَةِ،
وَابْنِ عَمِّهِ عضُد الدَّوْلَة.
وَكَانَ أَشقَرَ مَرْبوعاً كَبِيْرَ الأَنفِ (1) .
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ:لَمَّا اسْتُخْلِفَ رَكِبَ
وَعَلَيْهِ البُرْدَةُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ سُبُكْتِكِين
الحَاجِبُ وَخَلَعَ مِنَ الغَدِ عَلَى سُبُكْتِكِيْنَ
خِلَعَ السَّلْطَنَةِ، وَعَقَدَ لَهُ اللِّوَاءَ،
وَلَقَّبَه نصرَ الدَّوْلَةِ.
وَلَمَّا كَانَ عيدُ الأَضْحَى رَكِبَ الطَّائِعُ
إِلَى المُصَلَّى، وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ وَعِمَامَةٌ،
فَخَطَبَ خُطْبَةً خَفِيْفَةً بَعْدَ أَنْ صَلَّى
بِالنَّاسِ فَتَعَرَّضَ عِزُّ الدَّوْلَةِ لإِقطَاع
سُبُكْتِكِين، فَجَمَعَ سُبُكْتِكِينُ الأَترَاك
فَالتَقَوا، فَانْتَصَرَ سُبُكْتِكِين، وَقَامَتْ
مَعَهُ العَامَّة.
وَكَتَبَ عِزُّ الدَّوْلَةِ يَسْتَنجِد بَعْضُدِ
الدَّوْلَةِ، فَتَوَانَى، وَصَارَ النَّاسُ حِزْبين،
فَكَانَتِ السُّنَّةُ وَالدَّيْلَمُ يُنَادُوْنَ
بشعَار سُبُكْتِكِيْن، وَالشِّيْعَةُ يُنَادُوْنَ
بشعَارِ عزِّ الدَّوْلَة، وَوَقَعَ القِتَالُ،
وَسُفِكَتِ الدِّمَاءُ، وَأُحْرِقَ الكَرْخ (2) .
وَكَانَ الطَّائِع قويّاً فِي بدنِهِ، زَعِرَ
الأَخلاَق، وَقَدْ قُطعت خُطْبَتُهُ فِي العَامِ
الَّذِي تولّى خَمْسِيْنَ يَوْماً مِنْ بَغْدَادَ.
فَكَانَتِ الخُطَبَاء لاَ يَدعُونَ لإِمَامٍ حَتَّى
أُعيْدَتْ فِي رَجَبٍ (3) ، وَقَدِمَ عضُدُ الدَّوْلَة
فَأَعجبَه مُلكُ العِرَاقِ، وَاسْتمَالَ الجُنْدَ،
فَشَغَّبُوا عَلَى ابْنِ عَمِّهِ عزِّ الدَّوْلَةِ
فَأَغْلَقَ عِزُّ الدَّوْلَةِ بَابَه، وَكَتَبَ عَضُدُ
الدَّوْلَةِ عَنِ الطَّائِعِ إِلَى الآفَاقِ
بتوليتِهِ، ثُمَّ اضْطَرَب أَمرُهُ، وَلَمْ يَبْقَ
بِيَدِهِ غَيْر بَغْدَادَ فَنَفَّذَ إِلَى أَبِيْهِ
ركنِ الدَّوْلَةِ (4) ، يُعْلِمُهُ أَنَّهُ قَدْ
خَاطَرَ بنَفْسِهِ وَجُنْدِهِ. وَقَدْ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 79.
(2) " المنتظم ": 7 / 67 - 68.
(3) " المنتظم ": 7 / 75.
(4) الحسن بن بويه فناخسرو الديلمي، من كبار الملوك في
الدولة البويهية، كان =
(15/119)
هَذَّب مملكَةَ العِرَاقِ، وَرَدَّ
الطَّائِعَ إِلَى دَارِهِ، وَأَنَّ عزَّ الدَّوْلَةِ
عَاصٍ، فَغَضِبَ أَبُوْهُ، وَقَالَ لرَسُوْلِه:
قُلْ لَهُ:خَرَجْتَ فِي نُصْرَةِ ابْنِ أَخِي، أَوْ
فِي أَخْذِ مُلْكِهِ؟، فَأَفْرَجَ حِيْنَئِذٍ عَنْ
عزِّ الدَّوْلَةِ، وَذهَبَ إِلَى فَارسَ (1)
وَتَزَوَّجَ الطَّائِعُ ببنتِ عِزِّ الدَّوْلَة
الَسْتّ شهْنَاز عَلَى مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ (2) ،
وَعَظُمَ القَحْطُ، حَتَّى أبيع (3) الكُرُّ بِمائَةٍ
وَسَبْعِيْنَ دِيْنَاراً (4) .
وَفِي هَذَا الوَقْت كَانَتِ الحَرْبُ متصلَةً بَيْنَ
جَوْهَر المُعِزِّي (5) ، وَبَيْنَ هفتكين (6)
بِالشَّامِ، حَتَّى جَرَتْ بينهُمَا اثْنَتَا عَشْرَةَ
وَقعَة، وَجَرَتْ وَقعَةٌ بَيْنَ عزِّ الدَّوْلَة،
وَعَضُدِ الدَّوْلَةِ، أُسِرَ فِيْهَا مَمْلُوْكٌ
أَمْردُ لعزِّ الدَّوْلَة فَجُنَّ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ
فِي البُكَاءِ، وَتركَ الأَكْلَ، وَتذلَّلَ فِي
طَلَبِهِ، فَصَارَ ضُحْكَةً وَبَذَلَ جَاريتين
عَوَّادتين فِي فِدَائِهِ (7) .
وفِي سَنَة خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ حَجَّتْ جَميلَة بنْتُ
صَاحِبِ المَوْصِل، فَكَانَ مَعَهَا أَرْبَع مائَة
جَمَل، وَعِدَّةُ محَامِلَ لاَ يُدْرَى فِي أَيِّهَا
هِيَ، وَأعتقَتْ خَمْس مائَة
__________
= صاحب أصبهان والري وهمدان، استمر في الملك / 44 /
سنة توفي / سنة 366 / ه له ترجمة في " وفيات الأعيان
": 2 / 118 - 119.
(1) " المنتظم ": 7 / 75 - 76.
(2) " المنتظم ": 7 / 76، وقد ورد اسمها فيه " شاه
زنان ".
(3) بمعنى عرض للبيع.
(4) " المنتظم ": 7 / 76.
(5) هو جوهر بن عبد الله الرومي، أبو الحسن، باني
مدينة القاهرة والجامع الأزهر، كان من موالي المعز
لدين الله العبيدي، توفي سنة / 381 / ه. له ترجمة في "
وفيات الأعيان ": 1 / 375 - 380 وأخباره في " النجوم
الزاهرة ": 4 / 28 وما بعدها.
(6) هكذا في الأصل: وفي " الكامل ": 8 / 656: "
الفتكين "، وفي " وفيات الأعيان ": 4 / 54: " أفتكين
".
وهو أبو منصور الشرابي التركي. من أكابر القواد
الاتراك..ومن موالي معز الدولة ملكه الدمشقيون بلدهم،
ليزيل عنهم حكم المصريين.
أخباره في " الكامل ": 8 / 656 - 661.
و" ذيل تاريخ دمشق " للقلانسي: 11 - 21.
(7) " المنتظم ": 7 / 83 - 84 وما بين حاصرتين منه.
(15/120)
نَفْس، وَخَلَعَتْ خَمْسِيْنَ أَلفَ
ثَوْبٍ.
وَقِيْلَ:كَانَ مَعَهَا أَرْبَعُ مائَة مَحْمِلٍ (1) .
ثُمَّ فِي الآخر، اسْتولَى عَضُدُ الدَّوْلَة عَلَى
أَمْوَالهَا وَقِلاعهَا، وَافْتَقَرَتْ لِكَوْنِهِ
خَطَبَهَا فَأَبتْ وَآل بِهَا الحَالُ إِلَى أَنْ
هَتَكَهَا وَأَلزمهَا أَنْ تَخْتَلِفَ مَعَ الخواطئ
لِتُحصِّل مَا تُؤدِّيه، فَرَمَتْ بنفسهَا فِي
دِجْلَةَ (2) .
وفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ أَقْبَلَ عَضُدُ
الدَّوْلَةِ فِي جيوشِهِ، وَأَخَذَ بَغْدَادَ،
وَتلقَّاهُ الطَّائِعُ، وَعُمِلَتْ قِبَابُ الزِّينَة.
ثُمَّ خَرَجَ فَعَمل المَصَافَّ مَعَ عزِّ الدَّوْلَة
فَأَسرَ عزَّ الدَّوْلَة، ثُمَّ قَتَلَه، وَنَفَّذَ
إِلَى الطَّائِعِ أَلفَ أَلفِ دِرْهَم، وَخَمْسِيْنَ
أَلف دِيْنَار، وَخَيْلاً وَبِغَالاً، وَمِسْكاً
وَعَنْبراً (3) .
وَكَانَ الغَرَقُ العَظيمُ بِبَغْدَادَ وَبَلَغَ
المَاءُ أَحَداً وَعِشْرِيْنَ ذِرَاعاً، وَغَرِقَ
خَلْق (4) .
وَتمكَّن عضدُ الدَّوْلَة، وَلقِّب أَيْضاً تَاج
المِلَّة (5) ، وَضُرِبَتْ لَهُ النَّوْبَةُ فِي
ثَلاَثَةِ أَوقَاتٍ (6) ، وَعلاَ سُلطَانُه علُوّاً
لاَ مزيدَ عَلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ الارْتِقَاء
فَكَانَ يخضَعُ لِلطَّائِعِ.
وَجَاءهُ رَسُوْلُ العَزِيْز صَاحِبِ مِصْر، فرَاسلَه
بتودُّدٍ (7) ، وَطلبَ مِنَ الطَّائِع أَنْ يَزِيْدَ
فِي أَلقَابِهِ، فَجَلَسَ لَهُ الطَّائِع وَحَوْلَهُ
مائَةٌ بِالسُّيوفِ
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 84.
(2) " مهذب الروضة الفيحاء " للعمري: 230 وفيه: أن عضد
الدولة هو الذي ألقاها في دجلة. سنة / 371 / 5 ولم
يذكر هتكه لها.
(3) " المنتظم ": 7 / 86 - 87.
(4) " المنتظم ": 7 / 87.
(5) المصدر السابق.
(6) كان من العادة أن تضرب الدبادب في أوقات الصلاة
على باب الخليفة.
وقد أحب معز الدولة أن تضرب له الدبادب أيضا على بابه.
وسأل المطيع ذلك، فلم يأذن له. انظر " رسوم دار
الخلافة ": 136 - 137 و" المنتظم ": 7 / 92.
(7) " المنتظم ": 7 / 98.
(15/121)
وَالزِّينَة وَبَيْنَ يَدَيْهِ المُصْحَفُ
العُثْمَانِيُّ، وَعَلَى كَتِفِهِ البُرْدَة
وَبِيَدِهِ القَضِيْبُ، وَهُوَ متقلِّد السَّيْفَ (1)
، وَأُسْبِلَتِ السِّتَارَة، وَدَخَلَ التُّرْكُ
وَالدَّيْلَمُ بِلاَ سلاَحٍ.
ثُمَّ أَذِنَ لِعَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَرُفِعَتْ لَهُ
السِّتَارَة، فَقبَّل الأَرْضَ.
قَالَ:فَارْتَاعَ زِيَادٌ (2) القَائِدُ، وَقَالَ
بِالفَارسيَّة:أَهَذَا هُوَ الله.
فَقِيْلَ لَهُ:بَلْ خَلِيْفَةُ الله فِي أَرْضِهِ.
وَمَشَى عضُدُ الدَّوْلَةِ، وَقبَّل الأَرْض مَرَّاتٍ
سَبْعاً.
فَقَالَ الطَّائِع لخَادِمِه:اسْتَدْنِه.
فَصَعَدَ، وَقبَّل الأَرْض مرَّتين، فَقَالَ:
ادْنُ إِلَيَّ، فَدَنَا حَتَّى قَبَّل رِجْلَه، فثنَى
الطَّائِعُ يدَهُ عَلَيْهِ، وَأَمره، فَجَلَسَ عَلَى
كُرْسِيٍّ بَعْد الامْتِنَاعِ، حَتَّى قَالَ:أَقسمتُ
لَتَجْلِسَنَّ، ثُمَّ قَالَ:
مَا كَانَ أَشوقَنَا إِلَيْك، وَأَتوقنَا إِلَى
مُفَاوضَتِكَ فَقَالَ:عُذرِي معلومٌ.
قَالَ:نِيَّتُك موثوقٌ بِهَا، فَأَومأَ بِرَأْسِهِ
فَقَالَ:
قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَفوّض إِلَيْك مَا وَكَلَهُ الله
إِلَيَّ مِنْ أُمُورِ الرَّعيَّة فِي شرْق الأَرْض
وَغَرْبهَا سِوَى خَاصَّتِي وَأَسبَابِي، فتولَّى
ذَلِكَ مستجيراً بِاللهِ.
قَالَ:يُعيننِي اللهُ عَلَى طَاعَة مولاَنَا أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ وَخِدْمَتِهِ، وَأُرِيْدُ كِبار
القُوَّادِ أَنْ يَسمعُوا لَفْظك.
قَالَ الطَّائِع:هَاتُوا الحُسَيْن بن مُوْسَى، وَابْن
مَعْرُوْف، وَابْن أُمّ شَيْبَان، فَقُدِّمُوا،
فَأَعَاد الطَّائِع قَوْلَه بِالتَّفويض، ثُمَّ
أُلْبسَ الخِلَعَ وَالتَّاجَ، فَأَومأَ ليقبِّل
الأَرْضَ فَلَمْ يُطقْ.
فَقَالَ الطَّائِع:حَسْبُك.
وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءَين بِيَدِهِ.
ثُمَّ قَالَ:يُقرأَ كِتَابهُ فَقُرِئ.
فَقَالَ الطَّائِع:خَار اللهُ لَنَا وَلك
وَلِلْمُسْلِمِينَ، آمركَ بِمَا أَمَرَكَ اللهُ بِهِ،
وَأَنْهَاكَ عَمَّا نهَاكَ اللهُ عَنْهُ، وَأَبرأُ
إِلَى اللهِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، انهضْ عَلَى اسْمِ
اللهِ.
ثُمَّ أَعطَاهُ بِيَدِهِ سَيْفاً ثَانياً غَيْرَ سَيْف
الخِلْعَةِ، وَخَرَجَ مِنْ بَابِ الخَاصَّةِ، وَشقّ
البلدَ.
وعَمِلَ أَبُو إِسْحَاقَ الصَّابِئ (3) قصيدتَه
فَمِنْهَا:
__________
(1) أي سيف النبي صلى الله عليه وسلم.
(2) أحد قواد عضد الدولة.
(3) هو إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون، الحراني،
أبو إسحاق الصابئ: نابغة =
(15/122)
يَا عَضدَ الدَّوْلَة الَّذِي عَلِقَتْ ...
يدَاهُ مِنْ فَخْرِهِ بأَعْرُقِهِ
يفْتَخر النَّعْلُ تَحْتَ أَخْمَصِهِ ... فَكَيْفَ
بِالتَّاج فَوْقَ مَفْرِقِهِ (1) ؟!
وَتَزَوَّجَ الطَّائِع ببنتِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ (2) ،
وَرُدَّ العضُدُ مِنْ هَمَذَانَ إِلَى بَغْدَادَ،
فتلقَّاهُ الخَلِيْفَةُ، وَلَمْ تجرِ بِذَلِكَ
عَادَةٌ، وَلَكِنْ بَعَثَ يطلُبُ ذَلِكَ.
فَمَا وَسِع الطَّائِع التَّأَخّرُ، كَانَ مُفْرِطَ
السَّطْوَة (3) .
وَبَعَثَ إِلَيْهِ العَزِيْز كِتَاباً أَوَّلُهُ:مِنْ
عَبْدِ اللهِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى عَضُدِ
الدَّوْلَة أَبِي شجَاع مَوْلَى أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ.
سلاَمٌ عَلَيْك، مضمُوْنُ الرِّسَالَة الاسْتِمَالَة
مَعَ مَا يُشَافِهُهُ بِهِ الرَّسُول، فَبَعَثَ
إِلَيْهِ رَسُوْلاً وَكِتَاباً فِيْهِ مودَّةٌ
وَاعتِذَارٌ مُجْمَلٌ.
وَأُديرَ المَارَسْتَانُ العضُدِيُّ فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ
مَاتَ هُوَ فِي شوَّالِهَا (4) .
وَقَامَ وَلده صَمْصَام الدَّوْلَة، وَكُتم مَوْتُهُ
أَرْبَعَةَ أَشهرٍ، وَجَاءَ الخَلِيْفَةُ فَعزّى
وَلَدَهُ، وَلُطِم عَلَيْهِ فِي الأَسوَاقِ أَيَّاماً
(5) .
وَفِي سَنَةِ 376 اخْتَلَفَ عَسْكُر العِرَاقِ،
وَمَالُوا إِلَى شرفِ الدَّوْلَةِ شِيْرَوَيْه (6)
أَخِي صَمْصَامِ الدَّوْلَة، فَذلَّ الصَّمْصَام
وَبَادَرَ إِلَى خِدْمَةِ أَخِيْهِ، فَاعتَقَلَهُ
ثُمَّ أَمَرَ بكحلِهِ فَمَاتَ شرف الدَّوْلَة
وَالمَكْحُوْلُ فِي شَهْر مِنْ سنَة 379،
__________
= كتاب جيله، تقلد دواوين الرسائل والمظالم أيام
المطيع لله العباسي، ثم قلده معز الدولة ديوان رسائله.
له كتاب " التاجي " في أخبار بني بويه، توفي سنة / 384
/ ه له ترجمة في " يتيمة الدهر ": 2 / 218 - 286.
(1) " رسوم دار الخلافة ": 94 - 98، و" المنتظم ": 7 /
98 - 100.
(2) تقدم في الصفحة 120 أنه تزوج بنت عز الدولة أيضا.
" المنتظم ": 7 / 101.
(3) " المنتظم ": 7 / 104.
(4) " المنتظم ": 7 / 112 - 113. وترجمته في الكتاب
نفسه: 113 - 118.
(5) " المنتظم ": 7 / 120.
(6) في " الكامل ": 9 / 61 " شير زيل " (7) " الكامل
": 9 / 61.
(15/123)
وَكَانَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ فِيْهِ عَدْلٌ،
وَوَزَرَ فِي أَيَّامه أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ، وَمِمَّا قَدِمَ مَعَهُ عِشْرُوْنَ أَلف
أَلف دِرْهَم، وَكَانَ ذَا رِفْق وَدِينٍ (1) .
وَمِنْ عَدْلِ شرفِ الدَّوْلَة رَدَّهُ عَلَى السَّيد
أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ أَملاكَه.
وَكَانَ مَغلُّهَا فِي السَّنَة أَزيدَ مِنْ أَلفِ
أَلفِ دِيْنَار (2) .
وعظُم الغَلاَءُ بِبَغْدَادَ، حَتَّى بِيْعَتْ كَارَة
(3) الدَّقِيق الخُشكَار (4) بِمئتينِ وَأَرْبَعِيْنَ
دِرْهَماً (5) .
وفِي هَذَا الحُدُوْدِ جَاءَ بِالبَصْرَةِ سَمُوم
حَارَّةٌ (6) ، فَمَاتَ جَمَاعَة فِي الطُّرُق (7) .
وَجَاءَ بفَم الصِّلْحِ رِيْح خَرَقَتْ (8) دِجْلَةَ،
حَتَّى بَانتْ أَرضُهَا - فِيْمَا قِيْلَ - ، وَهدَّتْ
فِي جَامِعِهَا، وَاحتملَتْ زَوْرَقاً فِيْهِ
موَاشِيَ، فَطَرَحَتْهُ بِأَرْضِ جوخى (9) فرأَوهُ
بَعْد أَيَّام، نَسْأَل اللهَ العَافيَة (10) .
وَلَمَّا مَاتَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ، جَاءَ الطَّائِع
يُعزِي أَخَاهُ (11) بهَاءَ الدَّوْلَةِ أَبَا نَصْرٍ.
فَقبَّل أَبُو نَصْرٍ الأَرْض مَرَّات، وَسَلْطَنَه
الطّ?ائِع بِالطَّوْق وَالسِّوَارين وَالخِلَع
السَّبْع، فَأَقَرَّ فِي وَزَارَتِهِ أَبَا مَنْصُوْر
المَذْكُوْر، وَيُعْرَفُ بِابْنِ
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 135.
(2) " المنتظم ": 7 / 136.
وكان عضد الدولة قد صادره.
(3) الكارة: خمسون رطلا.
(4) الخبز الأسمر غير النقي (فارسي).
(5) " المنتظم ": 7 / 136.
(6) في الأصل: حادة.
(7) " المنتظم ": 7 / 142.
(8) ربما يكون الوجه: " جرفت ".
(9) قال ياقوت: بالضم والقصر، وقد يفتح، وضبطها صاحب
القاموس بالفتح، وهي بلدة من أعمال واسط.
(10) " المنتظم " 7 / 141.
(11) في الأصل: ابنه، وهو وهم.
(15/124)
صَالحَان (1) .
وَكَانَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ ذَا هَيْبَةٍ وَوَقَار
وَحَزْم، وَحَارَبَه ابْنُ صَمْصَام الدَّوْلَةِ
الَّذِي كُحِلَ.
وَخُرِّبَت البَصْرَةُ وَالأَهْوَازُ، وَعَظُمَت
الفِتَنُ، وَتوَاتَر أَخذُ العَمَلاَت بِبَغْدَادَ (2)
، وَتحَارَبَتِ الشِّيْعَةُ وَالسُّنَّة مُدَّةً،
ثُمَّ وَثبُوا عَلَى الطَّائِع للهِ فِي دَارِه فِي
تَاسِعَ عَشَرَ شَعْبَان (3) سنَة 381، وَسَبَبُه أَن
شَيْخَ الشِّيْعَة ابْنَ المُعَلِّم (4) كَانَ مِنْ
خوَاصّ بهَاءِ الدَّوْلَة فَحُبِسَ، فَجَاءَ بهَاءُ
الدَّوْلَةِ، وَقَدْ جَلَس الطَّائِع فِي الرِّوَاق
متقلِّدَ السَّيْف، فَقبَّل الأَرْضَ، وَجَلَسَ عَلَى
كُرْسِيٍّ، فَتَقَدَّم جَمَاعَةٌ مِنْ أَعوَانه،
فجذَبُوا الطَّائِعَ بحمَائِل سيْفِهِ، وَلفُّوهُ فِي
كِسَاءٍ، وَأُصْعِدَ فِي سَفِينَته إِلَى دَار
المملكَةِ، وَمَاجَ النَّاسُ وَظنَّ الجُنْدُ أَنَّ
القَبْضَ عَلَى بهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَوَقَعَ
النَّهْبُ، وَقُبض عَلَى الرَّئيس عَلِيِّ بنِ حَاجِب
النُّعْمِيّ (5) وَجَمَاعَةٍ، وصُودرُوا وَاحتيط عَلَى
الخَزَائِنِ وَالخَدَمِ أَيْضاً (6) .
فَكَانَ الطَّائِع هَمَّ بِالقَبْضِ عَلَى ابْنِ
عَمِّه القَادِرِ بِاللهِ وَهُوَ أَمِيْرٌ، فَهَرَبَ
إِلَى البطَائِح (7) ، وَانضمَّ إِلَى مهذِّبِ
الدَّوْلَةِ (8) ، وَبَقِيَ مَعَهُ عَامِين، فَأَظهر
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 148 - 149.
(2) " المنتظم ": 7 / 153 والعملات: السرقات.
(3) في " المنتظم ": 7 / 156 " رمضان ".
(4) هو علي بن محمد، الكوكبي، قال عنه ابن الأثير في "
كامله ": 9 / 77: " كان المدبر لدولة بهاء الدولة،
وإليه الحكم ".
(5) هو علي بن عبد العزيز بن إبراهيم، أبو الحسن،
المعروف بابن حاجب النعمان، شاعر من بلغاء الكتاب، كتب
للطائع ثم للقادر، وخوطب برئيس الرؤساء، توفي سنة /
423 / ه له ترجمة في " معجم الأدباء ": 14 / 35 - 39.
(6) " المنتظم ": 7 / 156 - 157.
وفي " الكامل ": 9 / 79 سبب آخر للخلغ غير حبس ابن
المعلم، وهو قلة المال بين يدي بهاء الدولة، وطمعه في
ثروة الخليفة، ويرجع هذا الخبر قبض بهاء الدولة على
ابن المعلم وقتله في سنة / 382 / ه.
(7) مفردها: البطيحة: وهي أرض واسعة بين واسط والبصرة،
وسميت بطائح لان المياه تبطحت فيها، أي سالت واتسعت في
الأرض. " معجم البلدان ": 1 / 450.
(8) هو علي بن نصر، أبو الحسن، أمير البطيحة، وليها
بعد وفاة خاله المظفر / 376 / =
(15/125)
بهَاءُ الدَّوْلَةِ أَمْرَ القَادِرِ
وَأَنَّهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ.
وَنُوديَ بِذَلِكَ، وَأُشهد عَلَى الطَّائِعِ بِخَلْعِ
نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ سَلَّمَ الخِلاَفَة إِلَى
القَادِرِ بِاللهِ، وَشَهِدَ الكُبَرَاءُ بِذَلِكَ،
ثُمَّ طُلبَ القَادِرُ، وَاسْتحثُّوهُ عَلَى القدومِ،
وَاسْتبُيحتْ دَارُ الخِلاَفَة حَتَّى نُقِضَ خشبُهَا
(1) .
وَكَتَبَ القَادِرُ:مِنْ عَبْدِ اللهِ أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ القَادِرِ بِاللهِ إِلَى بَهَاءِ
الدَّوْلَةِ، وضيَاءِ المِلَّةِ أَبِي نَصْر بنِ عضُدِ
الدَّوْلَةِ.
سلاَمٌ عَلَيْك.
أَمَّا بَعْدُ:أَطَالَ اللهُ بقَاءَك وَأَدَام عِزَّك،
وَرَد كِتَابُك بِخَلْعِ العَاصي المتلقِّب
بِالطَّائِع لبوَائِقهِ وَسُوءِ نيَّتِهِ.
فَقَدْ أَصبحت سَيْفَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ
المُبِير (2) .
ثُمَّ فِي السَّنَة الآتيَةِ سُلِّمَ الطَّائِعُ
المخلوعُ إِلَى القَادِرِ فَأَنزله فِي حُجْرَةٍ
موكّلاً بِهِ، وَأَحسنَ صيَانَتَه، وَكَانَ المخلوعُ
يُطلب مِنْهُ أُمُوراً ضخمَةً، وَقدِّمت بَيْنَ
يَدَيْهِ شَمْعَة قَدِ اسْتُعملتْ فَأَنكرَ ذَلِكَ،
فَأَتْوهُ بجَدِيْدَةٍ (3) ، وَبَقِيَ مُكَّرماً إِلَى
أَنْ تُوُفِّيَ (4) .
وَمَا اتَّفَقَ هَذَا الإِكرَامُ لخَلِيْفَةٍ مخلوعٍ
مثلِهِ.
وكَانَتْ دولتُهُ ثَمَانِي عَشْرَة سَنَةً (5) .
وَبَقِيَ بَعْد عَزْله أَعْوَاماً إِلَى أَنْ مَاتَ
لَيْلَةَ عيدِ الفِطْرِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ القَادِر
وَكَبَّرَ خمساً،
__________
= ه بعهد منه.
وقد عظم شأنه، حتى إن القادر بالله لجأ إليه لما خاف
من الطائع سنة / 408 / ه
أخباره في " الكامل ": 9 / 50 وما بعدها و302 - 303.
(1) " المنتظم ": 7 / 157.
(2) انظر الكتاب بأكمله في " المنتظم ": 7 / 159 -
160.
(3) " تاريخ الخلفاء ": 411.
(4) " الكامل ": 9 / 93.
(5) في الأصل: كانت دولته ثمانيا وعشرين سنة، وهو وهم
وما أثبتناه على وجه التقريب.
إذ أنه ولي الخلافة سنة / 363 / ه وخلع سنة / 381 / ه
وفي " تاريخ بغداد ": 11 / 79 " كانت مدة خلافته سبع
عشرة سنة وتسعة أشهر وخمسة أيام ".
(15/126)
وَرثَاهُ الشَّرِيْفُ الرَّضِيّ
بقَصِيْدَةٍ (1) . |