سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة الطَّبَقَةُ السَّابِعَةَ عَشَرَ
54 - الفِرْيَابِيُّ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ
بنِ المُسْتَفَاضِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الوَقْتِ، أَبُو
بَكْرٍ الفِرْيَابِيُّ (1) ، القَاضِي.
وُلِدَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ:أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَرَّخَ مَوْلِدَهُ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ
الذُّهْلِيُّ.
قُلْتُ:ارْتَحَلَ مِنْ فِيْرِيَابَ (2) - وَهِيَ
مَدِيْنَةٌ مِنْ بِلاَدِ التُّرْكِ - إِلَى بِلاَدِ مَا
__________
(*) فهرست ابن النديم: 324، تاريخ بغداد: 7 / 202 199،
ترتيب المدارك: 3 / 188 187، الأنساب: 426 / ب، المنتظم: 6
/ 125 124، معجم البلدان: 4 / 284، الكامل في التاريخ: 8 /
85، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 120
/ 1، تذكر الحفاظ: 2 / 694 692: العبر: 2 / 119، دول
الإسلام: 1 / 181، مرآة الجنان: 2 / 238، البداية
والنهاية: 11 / 122 121، الديباج المذهب: 1 / 322 321،
طبقات الحفاظ: 302 301، شذرات الذهب: 2 / 235، الرسالة
المستطرفة: 48 47، شجرة النور الزكية: 1 / 77.
(1) بكسر الفاء، وسكون الراء، وفتح الياء، وبعد الالف باء
موحدة: نسبة إلى " فارياب " بليدة بنواحي بلخ، ينسب إليها:
الفريابي، والفاريابي، والفيريابي. انظر " اللباب " 2 /
427.
(2) انظر " معجم البلدان " لياقوت: 4 / 284.
(14/96)
وَرَاءِ النَّهْرِ، وَخُرَاسَانَ،
وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ،
وَالجَزِيْرَةِ، وَلَقِيَ الأَعْلاَمَ، وَتَمَيَّزَ فِي
العِلْمِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ الدِّيْنَوَرِ.
حَدَّثَ عَنْ:شَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ،
وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَأَبِي مُصْعَبٍ
الزُّهْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَأَبِي
جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ
شُرَحْبِيْلَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَائِذٍ، وَهِشَامِ بنِ
عَمَّارٍ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
أَبِي شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ
السَّامِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدِ
الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ،
وَأَبِي قُدَامَةَ السَّرَخْسِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ
مَوْهِبٍ الرَّمْلِيِّ، وَهَدِيَّةَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
المَرْوَزِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى الخَطْمِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خَالِدٍ العُثْمَانِيِّ،
وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
جَعْفَرٍ البَرْمَكِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ أَيُّوْبَ
الطَّالْقَانِيِّ، وَأَبِي كَامِلٍ الجَحْدَرِيِّ،
وَأَحْمَدَ بنِ عِيْسَى التُّسْتَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ،
وَأَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ، وَتَمِيْمِ بنِ
المُنْتَصِرِ، وَأَبِي الأَصْبَغِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ
يَحْيَى، وَمِنْجَابِ بنِ الحَارِثِ، وَمُحَمَّدِ بنِ
مُصَفَّى، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ النَّافِعَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو
القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ
الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ عدَيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ
بنُ أَبِي العَقِبِ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْنَ،
وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو بَكْرٍ
الآجُرِّيُّ، وَعَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، وَأَبُو
الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ - وَالِدُ تَمَّامٍ
الرَّازِيِّ - وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عُبَيْدِ اللهِ بنُ
عَبْدِ
(14/97)
الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ
خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، وَقَعَ لَنَا مِنْ
طَرِيْقِهِ(صِفَةُ المُنَافِقِ (1))عَالِياً.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ قَاضِي
الدِّيْنَوَرِ كَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، مِنْ أَوْعِيَةِ
العِلْمِ، وَمِنْ أَهْلِ المَعْرِفَةِ وَالفَهْمِ، طَوَّفَ
شَرْقاً وَغَرْباً، وَلَقِيَ الأَعْلاَمَ.
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الزَّيَّاتِ، قَالَ:لَمَّا وَرَدَ
الفِرْيَابِيُّ إِلَى بَغْدَادَ، اسْتُقْبِلَ
بِالطَّيَّارَاتِ (3) ، وَالزَّبَازِبِ، وَوُعِدَ لَهُ
النَّاسُ إِلَى شَارِعِ المَنَارِ لِيَسْمَعُوا مِنْهُ.
قَالَ:فَحَضَرَ مَنْ حُزِرُوا، فَقِيْلَ:كَانُوا نَحْوَ
ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَكَانَ المُسْتَمْلُوْنَ ثَلاَثَ
مائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ نَفْساً.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَافِ:سَمِعْتُ
الفِرْيَابِيَّ يَقُوْلُ:
كُلُّ مَنْ لَقِيْتُهُ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إِلاَّ مِنْ
لَفْظِهِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ شَيْخَيْنِ:أَبِي
مُصْعَبٍ فَإِنَّهُ ثَقُلَ لِسَانُهُ، وَالمُعَلَّى بنِ
مَهْدِيٍّ بِالمَوْصِلِ، وَكَتَبْتُ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ:لَمَّا سَمِعْتُ مِنَ
الفِرْيَابِيِّ، كَانَ فِي مَجْلِسِهِ مِنْ أَصْحَابِ
المَحَابِرِ مَنْ يَكْتُبَ حُدُوْدَ عَشْرَةِ آلاَفِ
إِنْسَانٍ، مَا بَقِيَ مِنْهُم غَيْرِي، هَذَا سِوَى مَنْ
لاَ يَكْتُبُ.
ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي.
قُلْتُ:سَمَاعُهُ مِنْهُ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ:كُنَّا نَشْهَدُ
مَجْلِسَ جَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَفِيْهِ عَشْرَةُ
آلاَفٍ، أَوْ أَكْثَرُ.
__________
(1) اسم الكتاب " صفة النفاق وذم المنافقين " وهو مطبوع.
(2) في " تاريخه " 7 / 200 199.
(3) كذا الأصل، وهي كذلك في " تاريخ بغداد " 7 / 201، أما
في " تذكرة الحفاظ " فلفظه: " بالطبارات ".
والطيارات والزباب: ضرب من السفن. انظر الحاشية رقم (1) من
الصفحة (53) من هذا الجزء.
(14/98)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1)
:الفِرْيَابِيُّ قَاضِي الدِّيْنَوَرِ مِنْ أَوْعِيَةِ
العِلْمِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:قَطَعَ الفِرْيَابِيُّ
الحَدِيْثَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ:دَخَلْتُ بَغْدَادَ وَالفِرْيَابِيُّ
حَيٌّ، وَقَدْ أَمْسَكَ عَنِ التَّحْدِيْثِ، وَدَخَلْنَا
عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَنَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ،
كُنَّا نَرَاهُ حَسْرَةً.
قُلْتُ:نِعْمَ مَا صَنَعَ، فَإِنَّهُ أَنِسَ مِنْ نَفْسِهِ
تَغَيُّراً، فَتَوَرَّعَ، وَتَرَكَ الرِّوَايَةِ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ:مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى الأَزْدِيُّ البَصْرِيُّ.
فَأَنْبَأَنَا المُسْلِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَطَائِفَةٌ،
عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ:
أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ
قُبَيْسٍ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ خَيْرُوْنَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ
بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ
بنُ إِسْحَاقَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ
الخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ،
حَدَّثَنَا أَبُو جُنَادَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِنَاسٍ مِنَ النَّاسِ
إِلَى الجَنَّةِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْهَا،
وَاسْتَنْشَقُوا رِيْحَهَا ... )، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (2)
.
__________
(1) في " تاريخه " 7 / 199.
(2) وتمامه، "..ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الله لهم
فيها، نودوا: أن اصرفوهم عنها، لا نصيب لهم فيها.
قال: فيرجعون بحسرة ما رجع الاولون بمثلها، فيقولون: يا
ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثوابك
وما أعددت لهم فيها ؟ قال الله: ذلك أردت بكم، كنتم إذا
خلوتم بي بارزتموني بالمعاصي العظائم، وإذا لقيتم الناس
لقيتموهم مخبتين، تراؤون الناس خلاف ما في قلوبكم، هبتم
الناس ولم تهابوني، أجللتم الناس ولم تجلوني، ركنتم للناس
ولم تركنوا لي، فاليوم أذيقكم أليم العذاب مع ما حرمتم من
الثواب ".
وهو حديث موضوع، فيه أبو جنادة واسمه: حصين بن مخارق متهم
بالكذب كما قال المؤلف في " ميزانه " =
(14/99)
ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ (1)
:حَدَّثَنَاهُ جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا
عَمْرٌو مِثْلَهُ.
قَالَ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ السَّدُوْسِيُّ:سَمِعْتُ
الفِرْيَابِيَّ يَقُوْلُ:
كُلُّ مِنْ لَقِيْتُهُ بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ
وَالأَمْصَارِ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إِلاَّ مِنْ لَفْظِهِ،
إِلاَّ أَبَا مُصْعَبٍ - وَسَمَّى آخَرَ، يَعْنِي:مُعَلَّى
بنَ مَهْدِيٍّ - فَإِنَّهُمَا كَانَا قَدْ كَبِرَا
وَضَعُفَا.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ:رَأَيْتُ
مَجْلِسَ الفِرْيَابِيِّ يُحْزَرُ فِيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ
أَلْفَ مِحْبَرَةٍ، وَكَانَ الوَاحِدُ (2) يَحْتَاجُ أَنْ
يَبِيْتَ فِي المَجْلِسِ، لِيَجِدَ مَعَ الغَدِ مَوْضِعاً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ:كَانَ الفِرْيَابِيُّ
مَأْمُوْناً، مَوْثُوقاً بِهِ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ:جَعْفَرٌ
الفِرْيَابِيُّ ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:مَاتَ الفِرْيَابِيُّ فِي
المُحَرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ:تُوُفِّيَ لَيْلَةَ
الأَرْبعَاءِ، فِي مُحَرَّمٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ:وَكَانَ قَدْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْراً فِي
مَقَابِرِ أَبِي أَيُّوْبَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِخَمْسِ
سِنِيْنَ، وَلَمْ يُقْضَ أَنْ يُدْفَنَ فِيْهِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ:مَاتَ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ
مِنَ المُحَرَّمِ.
وَأَمَّا عِيْسَى الرُّخَّجِيُّ، فَقَالَ:مَاتَ لأَرْبَعٍ
بَقِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:قَوْلُ عِيْسَى هُوَ
الصَّحِيْحُ.
كَذَلِكَ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ.
__________
= 4 / 511، وقال الدارقطني: " يضع الحديث ". وذكره ابن
حبان في " المجروحين " 3 / 155 فقال: " لا تجوز الرواية
عنه، ولا الاحتجاج به إلا على سبيل الاعتبار "، ثم أورد له
هذا الحديث.
(1) هو محمد بن عبد الله المذكور في سند الحديث.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(14/100)
وَفِيْهَا مَاتَ:أَحْمَدُ بنُ الجَعْدِ
الوَشَّاءُ البَغْدَادِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، وَالحَافِظُ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ الهِسِنْجَانِيُّ، وَالحَافِظُ
بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُقْبِلٍ البَصْرِيُّ، وَمُقْرِئُ
بَغْدَادَ الحَسَنُ بنُ الحُبَابِ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو
مَعْشَرٍ الحَسَنُ بنُ سُلَيْمَانَ الدَّارِمِيُّ،
وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ
الهَرَوِيُّ، وَالحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
نَاجِيَةَ البَرْبَرِيُّ بِبَغْدَادَ، وَشَيْخ الحَرَمِ
عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ المَكِّيُّ الزَّاهِدُ، وزَاهِدُ
دِمَشْقَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَيِّدِ
حَمْدُوَيْه، وَمُسْنِدُ العِرَاقِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ حُبَّانَ - بِضَمِّ الحَاءِ - البَاهِلِيُّ.
مَشْيَخَةٌ عَلَى(المُعْجَمِ)لِلْفِرْيَابِيِّ،
التَقَطَهُم شَيْخُنَا المِزِّيُّ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ
بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الهَرَوِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ
المَرْوَزِيُّ الخَلاَّلُ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ أَبِي شَيْبَةَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ
بنِ دَنُوْقَا، إِبْرَاهِيْمُ بنُ العَلاَءِ
الزُّبَيْدِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ
الفِرْيَابِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ
الحِزَامِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِشَامِ بنِ يَحْيَى
الغَسَّانِيُّ.
أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، أَحْمَدُ بنُ
أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي
الحَوَارِيِّ الزَّاهِدُ، أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الخَلاَّلُ
- بَغْدَادِيٌّ - أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ،
أَحْمَدُ بنُ أَبِي العَتَكِيِّ
(14/101)
السَّمَرْقِنْدِيُّ، أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى
المِصْرِيُّ، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ
المُقَدَّمِيُّ، أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ الرَّازِيُّ،
أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، أَحْمَدُ بنُ
مَنِيْعٍ البَغَوِيُّ، أَحْمَدُ بنُ الهَيْثَمِ.
إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَبِيْبٍ، إِسْحَاقُ بنُ
بُهْلُوْلٍ الأَنْبَارِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه
الحَافِظُ، إِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، إِسْحَاقُ
بنُ سَيَّارٍ النَّصِيْبِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ
الكَوْسَجُ، إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَيْفٍ الرِّيَاحِيُّ، إِسْمَاعِيْلُ
بنُ عُبَيْدٍ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ، أُمَيَّةُ بنُ
بِسْطَامَ العَيْشِيُّ.
بِشْرُ بنُ هِلاَلٍ، بَكْرُ بنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ.
تَمِيْمُ بنُ المُنْتَصِرِ.
حِبَّانُ بنُ مُوْسَى المَرْوَزِيُّ، حَجَّاجُ بنُ
الشَّاعِرِ، الحَسَنُ بنُ سَهْلٍ الخَيَّاطُ، الحَسَنُ بنُ
الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ
الحُلْوَانِيُّ، الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو
عَلِيٍّ، الحُسَيْنُ بنُ عِيْسَى القُوْمِسِيُّ، الحَكَمُ
بنُ مُوْسَى البَغْدَادِيُّ، حَكِيْمُ بنُ سَيْفٍ،
حُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَنْبَلُ بنُ
إِسْحَاقَ.
خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ.
دَاوُدُ بنُ مِخْرَاقٍ الفِرْيَابِيُّ.
رَجَاءُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيُّ، رَوْحُ بنُ الفَرَجِ
أَبُو الزِّنْبَاعِ، رِيَاحُ بنُ الفَرَجِ الدِّمَشْقِيُّ.
زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ، زَيْدُ بنُ أَخْزَمَ،
أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ، زِيَادُ بنُ
يَحْيَى الحَسَّانِيُّ.
سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ العَابِدُ، سَعِيْدُ بنُ يَعْقُوْبَ
الطَّالْقَانِيُّ، سَلاَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ،
سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ أَبُو أَيُّوْبَ، سُوَيْدُ بنُ
(14/102)
سَعِيْدِ الحَدَثَانِيُّ، سُلَيْمَانُ بنُ
معَبْدٍ السِّنْجِيُّ.
شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ الأُبُلِّيُّ.
صَفْوَانُ بنُ صَالِحٍ المُؤَذِّنُ.
طَاهِرُ بنُ خَالِدِ بنِ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ.
عَاصِمُ بنُ النَّضْرِ الأَحْوَلُ، العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ
العَظِيْمِ العَنْبَرِيُّ، العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ
الدُّوْرِيُّ، العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ،
العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ النَّرْسِيُّ.
عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ البَرْمَكِيُّ، عَبْدُ اللهِ
بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ
عَبْدِ الجَبَّارِ الحِمْصِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ
أَبَانٍ الجُعْفِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ أَبِي
سَعِيْدٍ الوَرَّاقُ، عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ
أَبُو بَكْرٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ،
أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلاَّدٍ،
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ.
عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، عَبْدُ
الحَمِيْدِ بنُ بَيَانٍ، عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ حَبِيْبٍ
الفِرْيَابِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
دُحَيْمٌ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ،
عَبْدُ السَلاَّمِ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بِحَرَّانَ،
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي يَحْيَى الحَرَّانِيُّ،
عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ المَصِّيْصِيُّ، عَبْدُ
الوَاحِدِ بنُ غِيَاثٍ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ، عُبَيْدُ
اللهِ بنُ عُمَرَ القَوَارِيْرِيُّ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ
مُعَاذٍ، عُبَيْدُ بنُ هِشَامٍ أَبُو نُعَيْمٍ، عُثْمَانُ
بنُ أَبِي شَيْبَةَ، عِصَامُ بنُ الحُسَيْنِ
الجُوْزَجَانِيُّ، عُقْبَةُ بنُ مُكْرِمٍ العَمِّيُّ،
عُقْبَةُ بنُ مُكْرِمٍ الضَّبِّيُّ.
عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ الأَوْدِيُّ، عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ
السَّمَرْقِنْدِيُّ، عَلِيُّ بنُ سَهْلِ بنِ المُغِيْرَةِ،
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المَدِيْنِيِّ، عَلِيُّ بنُ
مَيْمُوْنٍ الرَّقِّيُّ، عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ
الجَهْضَمِيُّ.
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ، عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، عَمْرُو بنُ عَبْدُوْسٍ
الإسْكَنْدَرَانِيُّ، عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ،
عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ، عَمْرُو بنُ مُحَمَّدٍ
النَّاقِدُ، عَمْرُو بنُ
(14/103)
هِشَامٍ الحَرَّانِيُّ، عَنْبَسَةُ بنُ
سَعِيْدٍ الشَّاشِيُّ أَبُو المُنْذِرِ، عِيْسَى بنُ
مُحَمَّدٍ أَبُو عُمَيْرٍ الرَّمْلِيُّ.
الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ، الفَضْلُ بنُ مُقَاتِلٍ البَلْخِيُّ،
فُضَيْلٌ أَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِيُّ.
القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، قُتَيْبَةُ
بنُ سَعِيْدٍ.
مُحَمَّدُ بنُ آدَمَ المَصِّيْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ الجُنَيْدِ، مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ أَبُو
حَاتِمٍ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ أَبُو بَكْرٍ
الصَّغَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الرَّافِعِيُّ،
مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ.
مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ
العَيْشِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ،
مُحَمَّدُ بنُ حَاتَمٍ بِطَرَسُوْسَ، مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ
النَّشَائِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَلْخِيُّ،
مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ
خَلاَّدٍ البَاهِلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ
العَسْقَلاَنِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ،
مُحَمَّدُ بنُ سمَاعَةَ الرَّمْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ
صَالِحٍ كَعْبٌ الذَّارِعُ، مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ
الجَرْجَرَائِيُّ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادٍ المَكِّيُّ، مُحَمَّدُ بنُ
عُبَادَةَ الوَاسِطِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
بَكَّارٍ البُسْرِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ
الدِّمَشْقِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى
الصَّنْعَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
زَنْجَوَيْه، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي
الشَّوَارِبِ.
مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابِ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
عَتَّابٍ الأَعْيَنُ، مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ
العُثْمَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَزِيْزٍ الأَيْلِيُّ،
مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بنُ
عَوْفٍ الطَّائِيُّ.
مُحَمَّدُ بنُ فَرْقَدٍ الجَزَرِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ
مَاهَانَ المَصِّيْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى
الزَّمِنُ، مُحَمَّدُ بنُ مُجَاهِدٍ، مُحَمَّدُ بنُ
مُصَفَّى الحِمْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ مَهْدِيٍّ
الأَيْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ وَزِيْرٍ الوَاسِطِيُّ،
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَدَنِيُّ.
مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، مُزَاحِمُ بنُ سَعِيْدٍ
المَرْوَزِيُّ، المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ، مُطَّلِبُ
(14/104)
بنُ شُعْبَةَ المِصْرِيُّ، مُعَلَّى بنُ
مَهْدِيٍّ المَوْصِلِيُّ، المُغِيْرَةُ بنُ مَعْمَرٍ،
مِنْجَابُ بنُ الحَارِثِ التَّمِيْمِيُّ، مُوْسَى بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَلاَّءُ، مُوْسَى بنُ السِّنْدِيِّ،
مُوْسَى بنُ حَيَّانَ، مَيْمُوْنُ بنُ أَصْبَغَ.
نَافِعُ بنُ خَالِدٍ الطَّاحِيُّ، نَصْرُ بنُ عَاصِمٍ،
نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ.
هَارُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ، هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الحَمَّالُ، هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ القَيْسِيُّ، هَدِيَّةُ
بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، هُرَيْمُ بنُ مِسْعَرٍ
التِّرْمِذِيُّ، هِشَامُ بنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ، هِشَامُ
بنُ عَبْدِ المَلِكِ أَبُو تَقِيٍّ، هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ،
هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، الهَيْثَمُ بنُ أَيُّوْبَ
الطَّالْقَانِيُّ.
الوَلِيْدُ بنُ شُجَاعٍ أَبُو هَمَّامٍ، الوَلِيْدُ بنُ
عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
بنِ مُسَرَّحٍ، وَهْبُ بنُ بَقِيَّةَ.
أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بنُ خَلَفٍ، يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ
المَقَابِرِيُّ، يَحْيَى بنُ عَمَّارٍ المَصِّيْصِيُّ،
يَزِيْدُ بنُ خَالِدِ بنِ مَوْهَبٍ، يَعْقُوْبُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، يَعْقُوْبُ بنُ حُمَيْدِ
بنِ كَاسِبٍ، يُوْسُفُ بنُ الفَرَحِ الكِشِّيُّ، يُوْنُسُ
بنُ حَبِيْبٍ الأَصْبَهَانِيُّ، أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
النَّضْرِ الفِرْيَابِيُّ:هُوَ عَبْدُ اللهِ (1) بنُ
مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ
الهَمَذَانِيِّ، أَخْبَرَكُمُ الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا
القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، وَأَبُو
غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
الطَّرَائِفِيُّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
المُسْلِمَةِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ
__________
(1) في الأصل " عبيد الله " والتصويب من " مشتبه " الذهبي،
و" توضيح " ابن ناصر، و" تبصير " ابن حجر.
(14/105)
سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ سَنَة ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ
خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ
أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(مَثُلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ
كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ (1)).
أَخْرَجَهُ:البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، عَنْ هُدْبَةَ
بِتَمَامِهِ.
فصل:
وَفِي العُلَمَاءِ جَمَاعَةٌ، اسْمُهُم:جَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ، وَقَدْ مَرَّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ،
وَأَجَلُّهُم:
جَعْفَرٌ الصَّادِقُ:كَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ
الثَّعْلَبِيُّ:كُوْفِيٌّ، صَدُوْقٌ، خَرَّجَ لَهُ
التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَبَقَةِ أَبِي كُرَيْبٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلٍ
الرَّسْعَنِيُّ:شَيْخٌ، ثِقَةٌ، مِنْ مَشْيَخَةِ
التِّرْمِذِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الهُذَيْلِ الكُوْفِيُّ
القَنَّادِ:مِنْ شُيُوْخِ النَّسَائِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ:نَزِيْلُ حَرَّانَ،
يَرْوِي عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَطَبَقَتِهِ.
__________
(1) قطعة من حديث أخرجه البخاري: 9 / 59 58 في فضائل
القران: باب فضل القرآن على سائر الكلام، و86: باب إثم من
راءى بقراءة القرآن، و481 في الاطعمة: باب ذكر الطعام، و13
/ 447 في التوحيد: باب قراءة الفاجر والمنافق، وأخرجه مسلم
(797) في صلاة المسافرين: باب فضيلة حافظ القرآن، ولفظ
الحديث بتمامه: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل
الاترجة: طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ
القرآن كمثل التمرة: طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر
الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر،
ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: طعمها مر
ولا ريح لها ". وأخرجه أيضا أبو داود (4829) والترمذي
(2865) والنسائي: 8 / 125 124، والفريابي في " ذم النفاق
".
ص 54.
(14/106)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ
الوَرَّاقُ:يَرْوِي عَنْ يَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، وَعِدَّةٍ،
ثِقَةٌ، مُجَوِّدٌ، أَخَذَ عَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ
الصَّفَّارُ، وَالمَحَامِلِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَبَالٍ:يَرْوِي عَنْ
سَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيِّ، ثِقَةٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ القُوْمِسِيُّ:يَرْوِي عَنْ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَعِدَّةٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ:يَرْوِي عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، ثِقَةٌ كَبِيْرٌ،
نَزَلَ مُرَابِطاً بِأَذَنَةَ، حَدَّثَ
عَنْهُ:البَرْدِيْجِيُّ، وَالأَصَمُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّامَرِّيُّ
البَزَّازُ:حَدَّثَ عَنْ:أَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ،
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ
الصَّفَّارُ، صَدُوْقٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُرْوَةَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ:سَمِعَ:حَفْصَ بنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَالجَارُوْدَ بنَ يَزِيْدِ، قَدِيْمُ
المَوْتِ، مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَعْقَاعِ:بِبَغْدَادَ،
عَنْ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ وَطَبَقَتِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
المُنَادِي:عَنْ عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ وَأَقرَانِهِ، رَوَى
عَنْهُ:وَلَدُهُ؛أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ
بنِ المُنَادِي، وَغَيْرُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ البَغْدَادِيُّ
الصَّائِغُ:العَبْدُ الصَّالِحُ، سَمِعَ:أَبَا نُعَيْمٍ،
وَعَفَّانَ، ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ، شَهِيْرٌ، عَوَالِيهِ
فِي(الغَيْلاَنِيَّاتِ) (1) .
__________
(1) والغيلانيات: أحد عشر جزءا، تخريج الدارقطني، من حديث
أبي بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشافعي
البزار، الامام الحجة، المفيد، والمتوفى سنة أربع وخمسين
وثلاث مئة.
وهو القدر المسموع لأبي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن
غيلان البزار المتوفى سنة أربعين وأربع مئة من أبي بكر
المذكور.
وهي من أعلى الحديث وأحسنه. انظر: " عبر الذهبي " 2 / 301،
و" الرسالة المستطرفة " ص 93 92.
(14/107)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ،
أَبُو يَحْيَى الزَّعْفَرَانِيُّ الرَّازِيُّ:حَدَّثَ
عَنْ:إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الفَرَّاءِ، وَطَبَقَتِهِ،
ثِقَةٌ، مُفَسِّرٌ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ الرَّقِّيُّ
القَطَّانُ:عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وُثِّقَ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّادٍ، أَبُو الفَضْلِ
الرَّمْلِيُّ القَلاَنِسِيُّ:عَنْ عَفَّانَ وَآدَمَ،
لَقِيَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَخَيْثَمَةُ، صَدُوْقٌ،
عَابِدٌ، كَبِيْرُ القَدْرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ
الطَّيَالِسِيُّ البَغْدَادِيُّ:حَافِظٌ، نَبِيْلٌ،
يُكْنَى:أَبَا الفَضْلِ، عَنْ:عَفَّانَ، وَعَارِمٍ،
وَطَبَقَتِهِمَا، رَوَى عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَنْدَقِيُّ
الخَبَّازُ:يَرْوِي عَنْ:خَالِدِ بنِ خِدَاشٍ،
وَطَبَقَتِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ
العَبَّادَانِيُّ:عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ،
وَطَبَقَتِهِ، حَدَّثَ عَنْهُ:جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ،
وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كُزَالٍ
السِّمْسَارُ:عَنْ:عَفَّانَ، وَسَعْدَوَيْه، رَوَى
عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالطَّسْتِيُّ،
لَيْسَ بِمُتْقِنٍ، يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ
البَالِسِيُّ:سَمِعَ:النُّفَيْلِيَّ، وَالحَكَمَ بنَ
مُوْسَى.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ المُؤَدِّبُ:عَنْ
عَفَّانَ، لَحِقَهُ الطَّسْتِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَلْخِيُّ المُؤَدِّبُ
الوَرَّاقُ:عَنْ:سَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَابْنِ حُمَيْدٍ.
(14/108)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ
ابْنُ الحَمَّارِ:يَرْوِي عَنْ:يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ،
وَغَيْرِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرَفَةَ
المُعَدَّلُ:بَغْدَادِيٌّ، مِنْ مَشْيَخَةِ عَبْدِ
الصَّمَدِ الطَّسْتِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَرِيْكٍ:أَصْبَهَانِيٌّ،
عَنْ لُوَيْنٍ، وَعَنْهُ:أَبُو الشَّيْخِ، وَالعَسَّالُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ بنِ بُرَيْقٍ
المُخَرِّمِيُّ:عَنْ خَلَفٍ البَزَّارِ،
وَعَنْهُ:الطَّبَرَانِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَمَانٍ المُؤَدِّبُ:عَنْ
أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَعَنْهُ:الشَّافِعِيُّ
(1) .
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّاطُ صَاحِبُ أَبِي
ثَوْرٍ:رَوَى عَنْهُ:عُثْمَانُ بنُ السَّمَّاكِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَاجِدٍ:بَغْدَادِيٌّ، مِنْ
شُيُوْخِ الطَّبَرَانِيِّ، لاَ أَعْرِفُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفُرَاتِ الكَاتِبُ:أَخُو
الوَزِيْرِ الشَّهِيْرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ:بَغْدَادِيٌّ،
عَنْ وَهْبِ بنِ بَقِيَّةَ، وَعَنْهُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزْدِيْنَ، أَبُو الفَضْلِ
السُّوْسِيُّ:عَنْ:عَلِيِّ بنِ بَحْرٍ القَطَّانِ،
وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَعَنْهُ:الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ،
وَالمِصْرِيُّونَ، صَدُوْقٌ.
__________
(1) يعني أبا بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي
الشافعي البزار.
(14/109)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ اللَّيْثِ
الزِّيَادِيُّ:بَصْرِيٌّ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ، وَطَبَقَتِهِ، تَأَخَّرَ حَتَّى لَقِيَهُ
ابْنُ عَدِيٍّ وَأَقْرَانُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى
القُبُوْرِيُّ:بَغْدَادِيٌّ، ثِقَةٌ، سَمِعَ سُوَيْدَ بنَ
سَعِيْدٍ، وَعَنْهُ:الشَّافِعِيُّ (1) ، وَأَبُو عَلِيٍّ
بنُ الصَّوَّافِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، أَبُو الفَضْلِ
الحِمْيَرِيُّ الزَّاهِدُ:قَاضِي نَسَفَ، رَوَى
عَنْ:إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَطَائِفَةٍ، لَيْسَ
بِمَشْهُوْرٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُتَيْبٍ، أَبُو القَاسِمِ
البَغْدَادِيُّ السُّكَّرِيُّ:حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ
مَعْمَرٍ القَيْسِيِّ، وَطَبَقَتِهِ، رَوَى عَنْهُ:ابْنُ
المُظَفَّرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الأَصْبَهَانِيُّ
التَّاجِرُ الأَعْوَرُ:عَنِ:ابْنِ عَرَفَةَ،
وَالزَّعْفَرَانِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ
البَغْدَادِيُّ:سَمِعَ مَحْمُوْدَ بنَ خِدَاشٍ، صَدُوْقٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ
الكَرْخِيُّ:عَنْ:جُبَارَةَ بنِ المُغَلِّسِ، وَطَائِفَةٍ،
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ عَدِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ
الحَرْبِيُّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ:مِصْرِيٌّ،
سَمِعَ:حَرْمَلَةَ، وَغَيْرَهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارِ بنِ أَبِي
العَجُوْزِ:عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ خِدَاشٍ، حَدَّثَ
عَنْهُ:أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الصَّنْدَلِيُّ
الزَّاهِدُ:عَنِ:الزَّعْفَرَانِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ.
__________
(1) هو الشافعي البزار. انظر التعليق السابق.
(14/110)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُغَلِّسِ
البَغْدَادِيُّ:عَنْ حَوْثَرَةَ المِنْقَرِيِّ.
وَخَلْقٌ سِوَى هَؤُلاَءِ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ بِهَذَا
الاسْمِ.
وَلَكِنَّ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ ?لخُرَاسَانِيَّ -
الَّذِي هُوَ الفِرْيَابِيُّ - يَشْتَبِهُ بِهَؤُلاَءِ
الثَّلاَثَةِ:
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنِ بنِ طُغَانَ، أَبُو
الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ المَعْرُوْفُ بِالتُّرْكِ
(1) :ثِقَةٌ، حَافِظٌ، ثَبْتٌ، سَمِعَ مِنْ:يَحْيَى بنِ
يَحْيَى، وَابْنِ رَاهْوَيْه، وَالنَّاسِ، وَعَنْهُ:ابْنُ
الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحَافِظُ (2) :رَحَلَ، وَكَتَبَ
عَنْ:قُتَيْبَةَ، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ،
وَأَقْرَانِهِمَا، كَبِيْرُ القَدْرِ.
فَيَجُوْزُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ
الرَّجُلَيْنِ يَكُوْنُ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ المَذْكُوْرُ،
فَإِنَّهُمَا وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ
طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَلَنَا:جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الحَافِظُ،
أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَجُ (3) ،
وَيُقَالُ لَهُ:جَعْفَرَكُ المُفِيْدُ، هُوَ أَصْغَرُ مِنَ
الثَّلاَثَةِ، يَرْوِي عَنِ:الحَسَنِ بنِ عَرَفَةِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، مَاتَ بِحَلَبَ،
رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ.
55 - ابْنُ سَيِّدِ حَمْدُوَيْه مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُم *
الإِمَامُ، العَارِفُ، شَيْخُ العُبَّادِ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَيِّدِ حَمْدُوَيْه
__________
(1) سبقت ترجمته في الصفحة (46) من هذا الجزء.
(2) وثقه الخطيب البغدادي في " تاريخه " 7 / 191 وقال:
توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين ومئتين.
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة (265) من هذا الجزء.
(*) تاريخ ابن عساكر: 14 / 345 / ب.
(14/111)
الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمْ -
وَقِيْلَ:مَوْلَى بَنِي تَمِيْمَ الصُّوْفِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ، صَاحِبُ الأَحْوَالِ وَالكَشْفِ.
صَحِبَ قَاسِماً الجُوْعِيَّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ، وَعَنْ
شُعَيْبِ بنِ عَمْرٍو، وَمُؤَمَّلِ بنِ يِهَابٍ.
وَعَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دُجَانَةِ، وَأَبُو
زُرْعَةَ أَخُوْهُ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ،
وَأَبُو هَاشِمٍ المُؤَدِّبُ، وَآخَرُوْنَ.
وَالزَّاهِدُ أَبُو صَالِحٍ البَابْشرْقِيُّ، وَكَانَ
يُلَقَّبُ بِالمُعَلِّمِ.
قَالَ ابْنُ النَّاصِحِ:أَقَامَ خَمْسِيْنَ سَنَةً مَا
استَنَدَ، وَلاَ مَدَّ رِجْلَهُ هَيْبَةً للهِ تَعَالَى.
وَيُقَالُ:إِنَّهُ بَسَطَ رِدَاءهُ عَلَى المَاءِ عِنْد
الْحَد عشريَّة (1) وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَمْ يَبْتَلَّ
الرِّدَاءُ، رَوَاهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي
نَصْرٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ البُرِّيِّ، فَالله أَعْلَمُ.
وَقِيْلَ:كَانَتْ تُطْوَى لَهُ الأَرْضُ.
استَوْفَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَخْبَارَهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحْمَةُ
اللهِ عَلَيْهِ - وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
56 - ابْنُ بَسَّامٍ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ
البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الأَدِيْبُ، البَلِيْغُ، الأَخْبَارِيُّ،
صَاحِبُ الكُتُبِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
__________
(1) والمقصود بالماء هنا نهر بردى فإنه يمر بهذا المكان
الذي هو بداية غوطة دمشق الشرقية.
(*) مروج الذهب: 2 / 509 504، معجم الشعراء: 154، فهرست
ابن النديم: 214، تاريخ بغداد: 12 / 63، الأنساب: 80 / أ،
معجم الأدباء: 14 / 152 139، وفيات الأعيان: 3 / 363، فوات
الوفيات: 3 / 92، مرآة الجنان: 2 / 239 238، البداية
والنهاية: 11 / 126 125، النجوم الزاهرة: 3 / 190 189،
مفتاح السعادة 1 / 191.
(14/112)
بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرِ بنِ مَنْصُوْرِ
بنِ بِسَامٍ البَغْدَادِيُّ الشَّاعِرُ.
يَرْوِي فِي تَصَانِيْفِهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بنِ بَكَّارِ،
وَعُمَرَ بنِ شَبَّةَ وَطَبَقَتِهِمَا.
وَعَنْهُ:الصُّوْلِيُّ، وَأَبُو سَهْلٍ القَطَّانُ،
وَزِنْجِيُّ الكَاتِبُ.
وَلهُ هِجَاءٌ خَبِيْثٌ فِي أَبِيْهِ، وَفِي الخُلَفَاءِ
وَالوُزَرَاءِ.
وَهُوَ القَائِلُ فِي المُعْتَضِدِ:
تَرَكَ النَّاسَ بِحَيْرَه ... وَتَخَلَّى فِي البُحَيْرَه
قَاعِداً يَضْرِبُ بِالطَّبْـ ... ـلِ عَلَى حِرِّ
دُرَيْره (1)
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
57 - الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ مُبَارَكِ بنِ
الهَيْثَمِ الأَنْصَارِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، أَبُو
عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ الهَرَوِيُّ، كَانَ صَاحِبَ
حَدِيْثٍ وَفهْمٍ.
حَدَّثَ عَنْ:سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَخَالِدِ بنِ
هيَّاجٍ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ،
وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَمَّارٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ،
وَطَبَقَتِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ:بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيُّ،
وَمَنْصُوْرُ بنُ العَبَّاسِ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ
__________
(1) البيتان مع خبر طريف في " معجم الأدباء " 14 / 144
143.
(*) الجرح والتعديل: 3 / 47، الأنساب: 589 / ب، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 120 / 2،
تذكرة الحفاظ: 2 / 696 695، العبر: 2 / 119، ميزان
الاعتدال: 1 / 531 530، الوافي بالوفيات: 12 / 340، لسان
الميزان: 2 / 273 272، النجوم الزاهرة: 3 / 184، طبقات
الحفاظ: 302، شذرات الذهب: 2 / 235، تهذيب ابن عساكر: 4 /
288.
(14/113)
حِبَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ
المُفَسِّرُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خميرويه،
وَالهَرَوِيُّوْنَ.
وَلهُ تَارِيْخٌ كَبِيْرٌ وَتَصَانِيْفُ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ:لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ (1) :يُعْرَفُ
بِابْنِ خُرَّمٍ، كَتَبَ إِلَيَّ بِجُزْءٍ مِنْ
حَدِيْثِهِ، عَنْ خَالِدِ بنِ هَيَّاجِ بنِ بِسْطَامٍ،
فِيْهِ بَوَاطِيْلُ، فَلاَ أَدْرِي:البَلاَءُ مِنْهُ، أَوْ
مِنْ خَالِدٍ؟
قُلْتُ:بَلْ مِنْ خَالِدٍ، فَإِنَّهُ ذُو مَنَاكِيرَ، عَنْ
أَبِيْهِ، وَأَمَّا الحُسَيْنُ فَثِقَةٌ حَافِظٌ.
أَرَّخَ مَوْتَهُ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيُّ، فِي سَنَةِ
إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَعَلَّهُ جَاوَزَ
التِّسْعِيْنَ.
58 - السَّامِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الهَرَوِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الحَافِظُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيَّ
وَطَبَقَتَهُ بِالكُوْفَةِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي
أُوَيْسٍ وَغَيْرَهُ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَحْمَدَ بنَ
حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتَهُ بِبَغْدَادَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ
مُحَمَّدٍ
__________
(1) في " الجرح والتعديل " 3 / 47.
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121
/ 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 698 697، العبر: 2 / 120، الوافي
بالوفيات: 3 / 226، طبقات الحفاظ: 304، شذرات الذهب: 2 /
235.
(14/114)
الشَّافِعِيَّ بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ
مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
مُقَاتِلِ المَرْوَزِيَّ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ
فِي(صَحِيْحِهِ)وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ النَّضْرَوِيُّ،
وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيُّ، وَسَائِرُ عُلَمَاءِ
هَرَاةَ.
مَاتَ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ
مائَةٍ عَلَى الأَصحِّ.
وَقِيْلَ:تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِ مائَةٍ وَقَدْ قَارَبَ المائَةَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَرِيْكٍ
الأَسَدِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مِتَّوَيْهُ، وَأَبُو قُصَيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
العُذْرِيُّ، وحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى
الكَاتِبُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الصَّقْرِ السُّكَّرِيُّ.
59 - الهِسِنْجَانِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ بنِ
خَالِدِ بنِ سُوَيْدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو إِسْحَاقَ
الرَّازِيُّ، الهِسِنْجَانِيُّ.
__________
(*) الأنساب: 590 / ب، تاريخ ابن عساكر: 2 / 286 / ب،
مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 120 /
1، تذكرة الحفاظ: 2 / 692، العبر: 2 / 118، الوافي
بالوفيات: 6 / 172، طبقات الحفاظ: 301 300، شذرات الذهب: 2
/ 235، الرسالة المستطرفة: 70، تهذيب ابن عساكر: 2 / 311.
(1) بكسر الهاء والسين المهملة، وسكون النون، وفتح الجيم،
وبعد الالف نون ثانية هذه النسبة إلى قرية من قرى الري
يقال لها: هسنكان، فعربت فقيل: هسنجان. انظر " اللباب " 3
/ 388.
(14/115)
سَمِعَ:طَالُوْتَ بنَ عَبَّادٍ، وَعَبْدَ
الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ النَّرْسِيَّ، وَهِشَامَ بنَ
عَمَّارٍ، وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ غِيَاثٍ، وَمُحَمَّدَ
بنَ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي
الحَوَارِيِّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو
العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ مَطَرٍ، وَأَبُو
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ وَالِدُ تَمَّامِ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ
عَلِيٍّ، الحُفَّاظُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
الدَّيْلَمِيُّ، وَالعَبَّاسُ بنُ الحُسَيْنِ الصَّفَّارُ
خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ:حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ
بنُ يُوْسُفَ الثِّقَةُ المَأْمُوْنُ.
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ
فِي(إِرْشَادِهِ):لِلهِسِنْجَانِيِّ(مُسْنَدٌ)يَزِيْدُ
عَلَى مائَةِ جُزْءٍ، رَوَاهُ عَنْهُ مَيْسَرَةُ بنُ
عَلِيٍّ القَزْوِيْنِيُّ.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ:مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى عِيْسَى بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ
المُؤَدِّبِ:أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا
يَحْيَى بنُ ثَابِتِ بنِ بُنْدَارٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الإِمَامُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، وَأَبُو يَعْلَى،
قَالُوا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).
رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ،
فَوَافَقْنَاهُ.
__________
(1) برقم (3). وهو حديث متواتر، رواه عن النبي صلى الله
عليه وسلم أكثر من سبعين صحابيا.
انظر " الجامع الصغير " و" الأسرار المرفوعة في الاخبار
الموضوعة " لعلي القاري: ص 34 4.
(14/116)
وَقَدْ رَوَى الهِسِنْجَانِيُّ عَنْ
أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ كِتَابَ(الزُّهْدِ)،
وَرَوَى عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
شَيْبَةَ، وَجَمَعَ فَأَوعَى.
60 - الإِسْمَاعِيْلِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ مِهْرَانَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الرَّحَّالُ، الثِّقَةُ، أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مِهْرَانَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، المَعْرُوْفُ بِالإِسْمَاعِيْلِيُّ.
وَهَذَا أَقْدَمُ مِنْ شَيْخِ الشَّافِعِيَّة بجُرْجَانَ
أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيِّ (1) .
سَمِعَ هَذَا الكَبِيْرُ (2) مِنْ:إِسْحَاقَ بنِ
رَاهْوَيْه، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَحَرْمَلَةَ ابْنِ
يَحْيَى، وَعِيْسَى بنِ زُغْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ
بَكَّارٍ، وَأَبِي حُمَةَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ
الزُّبَيْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ
الحَلَبِيِّ، وَدُحَيْمٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ،
وَطَبَقَتِهِم، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:رَفِيْقُهَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي
طَالِبٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَابْنُ
الشَّرْقِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ الأَخْرَمِ، وَدَعْلَجُ السِّجْزِيُّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ، وَعَلِيُّ بنُ حَمْشَاذ،
وَوَلَدُهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ.
قَالَ الحَاكِمُ:هُوَ أَحَدُ أَركَانِ الحَدِيْثِ
بِنَيْسَابُوْرَ:كَثْرَةً، وَرِحْلَةً،
__________
(*) الأنساب: 36 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 118 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 683 682،
العبر: 2 / 103، ميزان الاعتدال: 3 / 485، مرآة الجنان: 2
/ 225، لسان الميزان: 5 / 82 81، طبقات الحفاظ: 297 296،
شذرات الذهب: 2 / 221.
(1) هو الحافظ أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، أبو بكر
الاسماعيلي، الفقيه الشافعي الجرجاني المتوفى سنة 376.
قال الحاكم: " كان الاسماعيلي واحد عصره، وشيخ المحدثين
والفقهاء، وأجلهم في الرياسة والمروءة والسخاء ". وسترد
ترجمته. وهو مترجم في " تذكرة الحفاظ " 3 / 951 947، "
تاريخ جرجان " للسهمي ص 77 69.
(2) يعني صاحب الترجمة، لأنه أقدم من الحافظ أبي بكر
المتوفى سنة 371.
(14/117)
وَاشتِهَاراً.
وَهُوَ مُجَوِّدٌ عَنِ المِصْرِيِّينَ (1) ،
وَالشَّامِيِّيْنَ، ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ:لَمْ يُجَوِّدْ
لَنَا حَدِيْثُ مَالِكٍ كَالإِسْمَاعِيْلِيِّ.
وَقَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ ابْنَهُ أَبَا الحَسَنِ
أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:مَرِضَ أَبِي فِي صَفَرٍ،
سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَبَقِيَ فِي
مَرَضِهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ
خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ:كَانَ بِهِ اللَّقْوَةُ (2) ، بَقِيَ فِيْهَا
حَتَّى مَاتَ - رَحِمَهُ اللهُ - .
قُلْتُ:مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ:أَبُو العَبَّاسِ بنُ
حَمْدَانَ، نَزِيْلُ خُوَارِزْمَ.
وَقَدْ جَمَعَ حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ، وَجَوَّدَهُ،
وَحَدِيْثَ مَالِكٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَقَدْ سُقْتُ فِي(التَّذْكِرَةِ (3))عَنْهُ حَدِيْثاً
عَالِياً مِنْ جُزْءِ ابْنِ نُجَيْدٍ.
61 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَسْبَاطَ بنِ السَّكَنِ
الكُوْفِيُّ البَزَّازُ *
شَيْخٌ مُعَمَّرٌ، مَحَلُّهُ السَّتْرُ.
سَمِعَ مِنْ:عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَبِشْرِ بنِ
الوَلِيْدِ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ قَانِعٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الجعَابِيُّ،
وَأَبُو حَفْصٍ الزَّيَّاتُ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ:تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى.
__________
(1) كذا الأصل، وفي " تذكرة الحفاظ ": البصريين.
(2) في " اللسان ": " اللقوة: داء يكون في الوجه، يعوج منه
الشدق ".
(3) 2 / 683.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 45 44.
(14/118)
62 - حَمَّادُ بنُ مُدْرِكٍ أَبُو الفَضْلِ
الفَارِسِيُّ الفِسِنْجَانِيُّ *
المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ الفَارِسِيُّ
الفِسِنْجَانِيُّ، عُمِّرَ دَهْراً، وَحَدَّثَ بِشِيْرَاز
عَنْ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَأَبِي عُمَرَ الحوضيِّ،
وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ بَدْرٍ الأَمِيْرُ،
وَالزَّاهِدُ مُحَمَّدُ بنُ خَفِيْفِ (1) .
تُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
63 - مُسَدَّدُ بنُ قَطَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو
الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المَأْمُوْنُ، القُدْوَةُ،
العَابِدُ، أَبُو الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
المُزَكِّي.
سَمِعَ مِنْ:يَحْيَى بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيِّ،
وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ سَمِعَ وَهُوَ حدَثٌ،
فَتَوَرَّعَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَسَمِعَ
مِنْ:جَدِّهِ لأُمِّهِ بِشْرِ بنِ الحَكَمِ، وَإِسْحَاقَ
ابْنِ رَاهْوَيْه، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدِ، وَالصَّلْتِ
بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَأَبِي مُصْعَبٍ
الزُّهْرِيِّ، وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
سَعْدٍ، وَدَعْلَجُ السِّجْزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عِيْسَى،
وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ،
وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ أَبُو العَبَّاسِ
السَّرَّاجُ.
قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ مُزَكِّي عَصْرِهِ المُقَدَّمَ فِي
الزُّهْدِ وَالوَرَعِ، وَالتَّمَكُّنِ
__________
(*) الأنساب: 428 / أ، معجم البلدان: 4 / 266، اللباب: 2 /
432.
(1) هو أبو عبد الله، محمد بن خفيف بن إسفكشاد الشيرازي.
ترجمه السلمي في " طبقاته " ص 462 وقال فيه: كان أوحد
المشايخ في وقته: حالا، وعلما، وخلقا، مات سنة إحدى وسبعين
وثلاث مئة ". وانظر ترجمته في: " حلية الأولياء " 10 / 389
385.
(* *)النجوم الزاهرة: 3 / 181، شذرات الذهب: 2 / 237 236.
(14/119)
فِي العَقْلِ، تَوَرَّعَ مِنَ الرِّوَايَةِ
عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى لِصِغَرِ سِنِّهِ، تُوُفِّيَ
سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
64 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَرِيْكِ بنِ الفَضْلِ أَبُو
إِسْحَاقَ الأَسَدِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو إِسْحَاقَ الأَسَدِيُّ،
الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ:أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيِّ،
وَمُنْجَابَ بنِ الحَارِثِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
شَيْبَةَ، وَعُقْبَةَ بنِ مُكْرَمٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي
شَيْبَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِيُّ،
وَأَبُو هَاشِمٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَدَّادُ،
وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ
لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ الزَّيَّاتِ:سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ بن
عُقْدَةَ يَقُوْلُ:مَا دَخَلَ عَلَيْكُم أَحَدٌ أَوْثَقُ
مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَرِيْكٍ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:ثِقَةٌ.
قُلْتُ:مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ
مائَةِ، وَحُمِلَ إِلَى الكُوْفَةِ.
وَقِيْلَ:مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَكَانَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 103 102، الكامل في التاريخ: 8 / 91،
العبر: 2 / 122، شذرات الذهب: 2 / 238.
(14/120)
65 - النَّخَعِيُّ أَبُو عَلِيٍّ
الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ
عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُصْعَبٍ النَّخَعِيُّ،
البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ:سُلَيْمَانَ بنَ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَدَاوُدَ
بنَ رُشَيْدٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ خُبَيْقِ، وَسُوَيْدَ
بنَ سَعِيْدٍ، وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ:الطَّسْتِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدِ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَقَالَ:كَانَ شَيْخاً كَبِيْراً،
قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ البَلْغَمُ.
ثُمَّ رَوَى عَنْهُ حَدِيْثاً، تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَبُو
الجَهْمِ المَشْغَرَائِيُّ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ
الوَلِيْدِ الخَلاَّلِ:حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ، عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعاً:(فُضِّلْتُ عَلَى
النَّاسِ، بِأَرْبَعٍ:بِالسَّخَاءِ، وَالشَّجَاعَةِ،
وَكَثْرَة الجِمَاعِ، وَشِدَّةِ البَطْشِ) (1) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 70 69، ميزان الاعتدال: 1 / 543،
لسان الميزان: 2 / 303.
(1) هذا خبر منكر، آفته سعيد بن بشير، فقد ضعفه غير واحد
كما في " الميزان " 2 / 130 128.
وأورده المؤلف في ترجمة مروان بن محمد في " الميزان " 4 /
93 من طريق الطبراني في " معجمه الأوسط " عن محمد بن هارون
بن محمد بن بكار، عن العباس بن الوليد، عن مروان بن
محمد..وقال: هذا خبر منكر.
وقال ابن الجوزي فيما نقله عنه المناوي في " فيض القدير ":
حديث لا يصح.
(14/121)
66 - البَرْدِيْجِيُّ أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ رَوْحٍ * (1)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بنُ هَارُوْنَ بنِ رَوْحٍ البَرْدِيْجِيُّ، البَرْذَعِيُّ،
نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ:بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ أَوْ
قَبْلَهَا.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي سَعِيْدِ الأَشَجِّ، وَنَصْرِ بنِ
عَلِيٍّ الجَهْضَمِيِّ، وَالفَضْلِ الرُّخَامِيِّ،
وَعَلِيِّ بنِ إِشْكَاب، وَهَارُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ،
وَبَحْرِ بنِ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيِّ، وَالرَّبِيْعِ بنِ
سُلَيْمَانَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ سَيْفٍ الحَرَّانِيِّ،
وَالعَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيِّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
عَوْفٍ الطَّائِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ،
وَطَبَقَتهِم بِالشَّامِ، وَالحَرَمَيْنِ، وَالعَجَمِ،
وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي عِلْمِ الأَثَرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو
بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ،
وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ،
وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ فِي(تَارِيْخِهِ)فَقَالَ:قَدِمَ عَلَى
مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، فَاسْتفَادَ
وَأَفَادَ، وَكَتَبَ عَنْهُ مَشَايخُنَا فِي ذَلِكَ
الوَقْتِ، وَقَدْ قَرَأْت بِخَطّ أَبِي عَمْرٍو
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 113، تاريخ بغداد: 5 / 195 194،
الأنساب: 72 / ب، تاريخ ابن عساكر: 2 / 133 / ب، معجم
البلدان: 1 / 378، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 128 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 747 746،
العبر: 2 / 118، الوافي بالوفيات: 8 / 223، النجوم
الزاهرة: 3 / 184، شذرات الذهب: 2 / 234، تهذيب ابن عساكر:
2 / 107.
(1) ضبطت في الأصل بكسر الباء الموحدة، وضبطها السمعاني
بفتحها.
أما ياقوت فلم يشر إلى ضبط الباء، وانتقل مباشرة إلى الحرف
التالي فقال: بسكون الراء وكسر الدال: مدينة بأقصى
أذربيجان، بينها وبين برذعة أربعة عشر فرسخا.
(14/122)
المُسْتَمْلِي سَمَاعَهُ مِنْ أَحْمَدَ بنِ
هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيِّ فِي مَسْجِدِ الذُّهْلِيِّ،
سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ سَمِعَ
مِنْهُ شَيْخُنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ بِمَكَّةَ،
وَأَظُنُّهُ جَاوَرَ بِهَا حَتَّى مَاتَ...إِلَى أَنْ
قَالَ:لاَ أَعْرِفُ إِمَاماً مِنْ أَئِمَّةِ عَصْرِهِ فِي
الآفَاقِ إِلاَّ وَلَهُ عَلَيْهِ انتِخَابٌ يُسْتَفَادُ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ
عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَرْدِيْجِيِّ، فَقَالَ:ثِقَةٌ،
مَأْمُوْنٌ، جَبَلٌ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً فَاضِلاً فَهْماً،
حَافِظاً.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ الأَصْبَهَانِيُّ:مَاتَ سَنَةَ
إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ:مَاتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ،
سَنَةَ إِحْدَى.
كَتَبَ إِلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ
الفَقِيْهُ، وَمُسْلِمُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ،
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ
جَهْوَر، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَل، حَدَّثَنَا
الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بنُ خَالِد، عَنْ
هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
:(قَضَى أَنَّ الخَرَاجَ بِالضَّمَانِ (2)).
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
__________
(1) في " تاريخه " 5 / 195 وما بين حاصرتين منه.
(2) إسناده حسن في الشواهد، ومسلم بن خالد: سيء الحفظ لكنه
متابع.
وهو في " مسند الشافعي " وسنن أبي داود (3510) وصححه ابن
حبان (1126) والحاكم: 2 / 15 14 ووافقه الذهبي.
وأخرجه أبو داود أيضا (3508) و(3509) والترمذي (1285)
والنسائي: 7 / 255 254 من طرق عن ابن أبي ذئب، عن مخلد بن
خفاف، عن عروة، عن عائشة ... ، وهذا إسناد صحيح، وصححه
الترمذي وابن حبان (1125) والحاكم: 2 / 15، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي (1286) من طريق عمر بن علي المقدمي، عن
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث هشام بن عروة. =
(14/123)
قَرَأْتُ عَلَى الحَسَنِ بنِ
عَلِيّ:أَخْبَرَكُم جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا
السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ عُمَرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَلَّكَوَيْه، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِمْلاَءً،
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ
الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ شَيْبَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو قَتَادَةَ
البَدْرِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيّ، عَنْ
عَمِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ صُعَيْرِ،
عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ:أَنَّ رَجُلاً أَتَى
النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ:مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ؟
قَالَ:(أَنْفَعُ النَّاسِ لِلنَّاسِ).
__________
= وتفسير الخراج بالضمان: قال الخطابي: " معنى الخراج "
الدخل والمنفعة، ومعنى قوله: الخراج بالضمان: المبيع إذا
كان مما له دخل وغلة، فإن مالك الرقبة الذي هو ضامن الأصل
يملك الخراج بضمان الأصل.
فإذا ابتاع الرجل أرضا فأشغلها، أو ماشية فنتجها، أو دابة
فركبها، أو عبدا فاستخدمه، ثم وجد به عيبا، فله أن يرد
الرقبة ولا شيء عليه فيما انتفع به، لأنها لو تلفت ما بين
مدة العقد والفسخ لكانت من ضمان المشتري، فوجب أن يكون
الخراج من حقه.
وانظر الحاشية رقم (2) من سنن أبي داود: 3 / 777 لمعرفة
أقوال العلماء في هذه المسألة.
(1) أبو قتادة البدري لم نظفر له بترجمة، وابن أخي الزهري
واسمه محمد بن عبد الله ابن مسلم صدوق له أوهام، وباقي
رجاله ثقات.
وله شاهد يتقوى به من حديث ابن عمر أخرجه ابن أبي الدنيا
في " قضاء الحوائج " ص 80، وأبو إسحاق المزكي في " الفوائد
المنتخبة " 1 / 147 / 2، وابن عساكر 11 / 144 / 1 من طرق
عن بكر بن خنيس، عن عبد الله ابن دينار، عن بعض أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم عند ابن أبي الدنيا، وقال
الآخران: عن عبد الله بن عمر قال: قيل: يا رسول الله من
أحب الناس إلى الله ؟ قال: أحب الناس إلى الله تعالى
أنفعهم للناس، وأحب الاعمال إلى الله عزوجل سرور تدخله على
مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه
جوعا، ولان امشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا
المسجد يعني مسجد المدينة شهرا، ومن كف غضبه ستر الله
عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يميضه أمضاه ملا الله قلبه
رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له
أثبت الله قدمه يوم تزول الاقدام، وإن سوء الخلق يفسد
العمل كما يفسد الخل العسل ".
وهذا سند حسن. وانظر " المقاصد الحسنة " ص 201 200.
(14/124)
67 - النَّسَائِيُّ أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ،
نَاقِدُ الحَدِيْثِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ
بنُ شُعَيْبِ بنِ عَلِيِّ بنِ سِنَانَ بنِ بَحْرِ
الخُرَاسَانِيُّ، النَّسَائِيُّ، صَاحِبُ(السُّنَنِ).
وُلِدَ بِنَسَا فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ،
وَطَلَبَ العِلْمَ فِي صِغَرِهِ، فَارْتَحَلَ إِلَى
قُتَيْبَةَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
فَأَقَامَ عِنْدَهُ بِبَغْلاَنَ (1) سَنَةً، فَأَكْثَرَ
عَنْهُ.
وَسَمِعَ مِنْ:إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَهِشَامِ بنِ
عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ النَّضْرِ بنِ مُسَاوِرٍ،
وَسُوَيْدِ بنِ نَصْرٍ، وَعِيْسَى بنِ حَمَّادٍ زُغْبَةَ،
وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدَةَ الضَّبِّيِّ، وَأَبِي الطَّاهِرِ
بنِ السَّرْحِ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ
شَاهِيْنَ، وَبِشْرِ بنِ مُعَاذٍ العَقَدِيِّ، وَبِشْرِ
بنِ هِلاَلٍ الصَّوَّافِ، وَتَمِيْمِ بنِ المُنْتَصِرِ.
وَالحَارِثِ بنِ
__________
(*) طبقات العبادي: 51، الأنساب: 559 / أ، المنتظم: 6 /
132 131، الكامل في التاريخ: 8 / 96، وفيات الأعيان: 1 /
78 77، تهذيب الكمال: 1 / 25 23، مختصر طبقات علماء الحديث
لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 1، تذهيب التهذيب: 1 / 12 /
1، تذكرة الحفاظ: 2 / 701 698، العبر: 2 / 124 123، دول
الإسلام: 1 / 184، الوافي بالوفيات: 6 / 417 416، مرآة
الجنان: 2 / 241 240، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 16 14،
طبقات الاسنوي: 2 / 481 480، البداية والنهاية: 11 / 124
123، العقد الثمين: 3 / 46 45، طبقات القراء للجزري: 1 /
61، تهذيب التهذيب: 1 / 37 36، النجوم الزاهرة: 3 / 188،
طبقات الحفاظ: 303، حسن المحاضرة: 1 / 350 349، خلاصة
تذهيب التهذيب: ص 7، مفتاح السعادة: 2 / 12 11، شذرات
الذهب: 2 / 241 239، الرسالة المستطرفة: 12 11.
(1) بفتح الباء المنقوطة بواحدة، وسكون الغين المعجمة، وفي
آخرها نون. قال السمعاني في " الأنساب ": " بلدة بنواحي
بلخ، وظني أنها من طخارستان، وهي العليا والسفلى، وهما من
أنزه بلاد الله على ما قيل.
ينسب إليها قتيبة بن سعيد بن جميل. البغلاني، المحدث
المشهور في الشرق والغرب ". وانظر أيضا " معجم البلدان " 1
/ 468.
(14/125)
مِسْكِيْنٍ، وَالحَسَنِ بنِ الصَّبَّاحِ،
البَزَّارِ، وَحُمَيْدِ بنِ مَسْعَدَةَ، وَزِيَادِ بنِ
أَيُّوْبَ، وَزِيَادِ بنِ يَحْيَى الحَسَّانِيّ،
وَسَوَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيِّ، وَالعَبَّاسِ
بنِ عَبْدِ العَظِيْمِ العَنْبَرِيِّ، وَأَبِي حُصَيْن
عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ اليَرْبُوْعِيِّ، وَعَبْدِ
الأَعْلَى بنِ وَاصِلٍ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ العَلاَءِ
العَطَّارِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ
الحَلَبِيِّ، ابْنِ أَخِي الإِمَامِ، وَعَبْدِ المَلِكِ
بنِ شُعَيْبٍ بنِ اللَّيْثِ، وَعَبْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ
الصَّفَّارِ، وَأَبِي قُدَامَةَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
سَعِيْدٍ، وَعتبَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيِّ،
وَعَلِيِّ بنِ حُجْرِ، وَعَلِيِّ بنِ سَعِيْدِ بنِ
مَسْرُوْقٍ الكِنْدِيِّ، وَعَمَّارِ بنِ خَالِدٍ
الوَاسِطِيِّ، وَعِمْرَانَ بنِ مُوْسَى القَزَّازِ،
وَعَمْرو بنِ زُرَارَةَ الكِلاَبِيِّ، وَعَمْرو بنِ
عُثْمَانَ الحِمْصِيِّ، وَعَمْرو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ،
وَعِيْسَى بنِ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيِّ، وَعِيْسَى بنِ
يُوْنُسَ الرَّمْلِيِّ، وَكَثِيْرِ بنِ عُبَيْدٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ البَلْخِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
آدَمَ المَصِّيْصِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
عُلَيَّةَ قَاضِي دِمَشْقَ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ زُنْبُوْرٍ المَكِّيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
سُلَيْمَانَ لُوَيْن، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رِزْمَةَ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ المُحَارِبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
العَلاَءِ الهَمْدَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ
المَصِّيْصِيِّ الجَوْهَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُثَنَّى،
وَمُحَمَّدِ بنِ مُصَفَّى، وَمُحَمَّدِ بنِ مَعْمِرِ
القَيْسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الحَرَشِيّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيِّ، وَأَبِي
المُعَافَى مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ، وَمجَاهِدِ بنِ مُوْسَى،
وَمَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ، وَمَخْلَدِ بنِ حَسَنِ
الحَرَّانِيِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيِّ،
وَهَارُوْنَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَمَّالِ، وَهَنَّادِ بنِ
السَّرِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ أَيُّوْبَ الطَّالْقَانِيّ،
وَوَاصِلِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَوَهْبِ بنِ بيَان،
وَيَحْيَى بنِ دُرُسْت البَصْرِيِّ، وَيَحْيَى بنِ مُوْسَى
خَتِّ، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيِّ، وَيَعْقُوْبَ بنِ
مَاهَانِ البَنَّاءِ، وَيُوْسُفَ بنِ حَمَّادِ
المَعْنِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ عِيْسَى
(14/126)
الزُّهْرِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ وَاضِحٍ
المُؤَدِّبِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَإِلَى أَنْ يَرْوِي
عَنْ رُفَقَائِهِ.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، مَعَ الفَهْمِ،
وَالإِتْقَانِ، وَالبَصَرِ، وَنَقْدِ الرِّجَالِ، وَحُسْنِ
التَّأْلِيْفِ.
جَالَ فِي طَلَبِ العِلْمِ فِي خُرَاسَانَ، وَالحِجَازِ،
وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَالشَّامِ،
وَالثُّغُوْرِ، ثُمَّ اسْتَوْطَنَ مِصْرَ، وَرَحَلَ
الحُفَّاظُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ نَظِيْرٌ فِي
هَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، وَأَبُو
جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ
الكِنَانِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ إِسْمَاعِيْلَ النَّحَّاس النَّحْوِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَدَّادِ
الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنِ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الخَضِرِ
الأُسْيُوْطِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ السِّنِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ
أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُعَاوِيَةَ
بنِ الأَحْمَرِ الأَنْدَلُسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَيُّوْيَه
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى
المَأْمُوْنِيُّ، وَأَبْيَضُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبْيَضَ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ شَيْخاً مَهِيْباً مَلِيْحَ الوَجْهِ ظَاهِرَ
الدَّمِ حَسَنَ الشَّيْبَةِ.
قَالَ قَاضِي مِصْرَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَبِي العَوَّامِ السَّعْدِيُّ:حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ، أَخْبَرْنَا
إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَعْيَنَ قَالَ:قُلْتُ لاِبْنِ المُبَارَكِ:إِنَّ فلاَنَا
يَقُوْلُ:مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:{إِنَّنِي
أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي}
[طه:14] مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَافِرٌ.
فَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ:صَدَقَ، قَالَ
النَّسَائِيُّ:بِهَذَا أَقُوْلُ.
(14/127)
وَعَنِ النَّسَائِيِّ، قَالَ:أَقَمْتُ
عِنْدَ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ سَنَةً وَشَهْرَيْنِ.
وَكَانَ النَّسَائِيُّ يَسْكُنُ بِزُقَاقِ القَنَادِيْلِ
(1) بِمِصْرَ.
وَكَانَ نَضِرَ الوَجْهِ مَعَ كِبَرِ السِّنِّ، يُؤْثِرُ
لِبَاسَ البُرُوْدِ النَّوْبِيَّةِ وَالخُضْرِ، وَيُكْثِرُ
الاسْتِمَتَاعَ، لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ، فَكَانَ
يَقْسِمُ لَهُنَّ، وَلاَ يَخْلُو مَعَ ذَلِكَ مِنْ
سُرِّيَّةٍ، وَكَانَ يُكْثِرُ أَكْلَ الدُّيُوْكِ تُشْترَى
لَهُ وَتُسَمَّن وَتُخْصَى.
قَالَ مَرَّةً بَعْضُ الطَّلَبَةِ:مَا أَظُنُّ أَبَا
عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلاَّ أَنَّهُ يَشْرَبُ النَّبِيْذَ
لِلنُّضْرَةِ الَّتِي فِي وَجْهِهِ.
وَقَالَ آخَرُ:لَيْتَ شِعْرِي مَا يَرَى فِي إِتيَانِ
النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ؟
قَالَ:فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:النَّبِيْذُ حَرَامٌ،
وَلاَ يَصِحُّ فِي الدُبُرِ شَيْءٌ.
لَكِنْ حَدَّثَ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:(اسقِ حَرْثَكَ حَيْثُ شِئْتَ (2)).
فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَاوَزَ قَوْلُهُ.
قُلْتُ:قَدْ تَيَقَنَّا بِطُرُقٍ لاَ مَحِيْدَ عَنْهَا
نهِيَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَنْ أَدْبَارِ النِّسَاءِ (3) ، وَجَزَمْنَا
بِتَحْرِيْمِهِ، وَلِيَ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفٌ كَبِيْرٌ.
__________
(1) محلة بمصر مشهورة، فيها سوق الكتب والدفاتر والظرائف
كالزجاج وغيرها مما يستظرف.
قال الكندي: " سمي بذلك لأنه كان منازل الاشراف، وكانت على
أبوابهم القناديل ".
أنظر " معجم البلدان " 3 / 145.
(2) أخرجه البيهقي: 7 / 196 من طريق سعيد بن منصور، عن عبد
العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد،
عن محمد بن كعب، عن ابن عباس رضي الله عنه بلفظ " اسق حرثك
من حيث نباته ".
(3) قال الامام البغوي في " شرح السنة " 9 / 106 بتحقيقنا:
اتفق أهل العلم على أنه يجوز للرجل إتيان زوجته في قبلها
من جانب دبرها، وعلى أي صفة شاء، وفيه نزلت الآية.
قال ابن عباس: (فأتوا حرثكم أنى شئتم) قال: ائتها من بين
يديها ومن خلفها بعد أن يكون في المأتى.
وقال عكرمة: (فأتوا حرثكم أنى شئتم) إنما هو الفرج، ومثله
عن الحسن.
وعن سعيد بن المسيب (فأتوا حرثكم أنى شئتم) قال: إن شئت
فاعزل.
وإن شئت فلا تعزل. وقيل في قوله عز =
(14/128)
وَقَالَ الوَزِيْرُ ابْنُ حِنْزَابَةُ (1)
:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى المأَمونِيَّ - صَاحِبُ
النَّسَائِيّ قَالَ:سَمِعْتُ قَوْماً يُنْكِرُوْنَ عَلَى
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ
كِتَاب(الخَصَائِص)لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -
وَتَرْكَهُ تَصْنِيْفَ فَضَائِلَ الشَّيْخَيْنِ،
فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:دَخَلتُ دِمَشْقَ
وَالمُنْحَرِفُ بِهَا عَنْ عَلِيٍّ كَثِيْر، فَصَنَّفْتُ
كِتَابَ(الخَصَائِصِ)رَجَوْتُ أَنْ يَهْدِيَهُمُ الله
تَعَالَى.
ثُمَّ إِنَّهُ صَنَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضَائِلَ
الصَّحَابَةِ، فَقِيْلَ لَهُ:وَأَنَا أَسْمَعُ أَلاَ
تُخْرِجُ فَضَائِلَ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ؟
فَقَالَ:أَيُّ شَيْءٍ أُخْرِجُ؟حَدِيْثَ:(اللَّهُمَّ لاَ
تُشْبِعْ بَطْنَهُ (2))فَسَكَتَ السَّائِلُ.
__________
= وجل (نساؤكم حرث لكم) أي: هن لكم بمنزلة الأرض تزرع،
ومحل الحرث هو القبل.
أما الاتيان في الدبر فحرام، فمن فعله جاهلا بتحريمه نهي
عنه، فإن عاد عزر، فروى الشافعي 2 / 360، وأحمد: 2 / 213،
والطحاوي: 2 / 25 من حديث خزيمة بن ثابت: أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: " إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا
النساء في أدبارهن ". وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (1299)
وابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " ووصفه الحافظ في "
الفتح " 8 / 143 بأنه من الأحاديث الصالحة الإسناد.
وأخرج أحمد: 2 / 244 و479، وأبو داود (2162) في النكاح:
باب جامع في النكاح، وابن ماجه (1923) في النكاح: باب
النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، من حديث أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ملعون من أتى امرأة في
دبرها ".
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 125: إسناده صحيح.
وله شاهد عند ابن عدي: 3 / 421، والطبراني في " الأوسط "
كما في " المجمع " 4 / 299 من حديث عقبة بن عامر.
وسنده حسن، فيتقوى به.
وانظر الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم في
النهي عن إتيان الرجل زوجته في الدبر في " زاد المعاد " 4
/ 257 وما بعدها و" سير أعلام النبلاء " 7 / 131.
(1) بكسر الحاء المهملة، وسكون النون وبعدها زاي، وبعد
الالف باء موحدة مفتوحة.
والحنزابة في اللغة: المرأة القصيرة الغليظة، وهي هنا أم
الفضل بن جعفر بن الفرات. انظر " وفيات الأعيان " 1 / 349
346.
(2) هو في " مسند الطيالسي " برقم (2688) من طريق أبي
عوانة، عن أبي حمزة القصاب، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم بعث إلى معاوية ليكتب له، فقال: إنه يأكل،
ثم بعث إليه صلى الله عليه وسلم، فقال: إنه يأكل، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا =
(14/129)
قُلْتُ:لَعَلَّ أَنْ يُقَالْ هَذِهِ
مَنْقَبَةٌ لِمُعَاوِيَةَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(اللَّهُمَّ مَنْ لَعَنْتُهُ أَوْ
سَبَبْتُهُ فَاجعَلْ ذَلِكَ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً (1)).
قَالَ مَأْمُوْن المِصْرِيُّ، المُحَدِّثُ:خَرَجْنَا إِلَى
طَرَسُوْسَ مَعَ النَّسَائِيّ سَنَةَ الفِدَاءِ،
فَاجتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ:عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
مُرَبَّعٌ، وَأَبُو الآذَانِ، وَكِيْلَجَةُ (2) ،
فَتَشَاوَرُوا:مَنْ يَنْتَقِي لَهُمْ عَلَى
الشُّيُوْخِ؟فَأَجْمَعُوا عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
النَّسَائِيِّ، وَكَتَبُوا كُلُّهُم بَانتِخَابِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ:كَلاَمُ النَّسَائِيِّ عَلَى فَقْهِ
الحَدِيْثِ كَثِيْرٌ، وَمَنْ نَظَرَ
فِي(سُنَنِهِ)تَحَيَّرَ فِي حُسْنِ كَلاَمِهِ.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ فِي أَوَّلِ(جَامِعِ الأُصُوْلِ
(3)):كَانَ شَافِعِيّاً لَهُ مَنَاسِكٌ عَلَى مَذْهَبِ
الشَّافِعِيِّ وَكَانَ وَرِعاً مُتَحَرّياً.
قِيْلَ:إِنَّهُ أَتَى الحَارِثَ بنَ مِسْكِيْنٍ فِي زِيٍّ
أَنْكَرَهُ، عَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ وَقَبَاءٌ، وَكَانَ
الحَارِثُ خَائِفاً مِنْ (4) أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ
بِالسُّلْطَانِ، فَخَافَ أَنْ يَكُوْنَ عَيناً عَلَيْهِ،
فَمَنَعَهُ، فَكَانَ يَجِيْءُ فَيَقْعُدُ خَلْفَ البَابِ
وَيَسْمَعُ، وَلذَلِكَ مَا قَالَ:حَدَّثَنَا الحَارِثُ
وَإِنَّمَا يَقُوْلُ:قَالَ الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ
قِرَاءةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ.
__________
= أشبع الله بطنه ".
وأخرجه مسلم (2604) في البر والصلة بلفظ آخر عن شعبة، عن
أبي حمزة القصاب، عن ابن عباس. وانظر " أنساب الاشراف " 4
/ 126 125.
(1) أخرجه مسلم برقم (2600) من حديث عائشة، و(2601) من
حديث أبي هريرة، و(2602) من حديث جابر بن عبد الله رضي
الله عنهم، ولفظ حديث أبي هريرة: " اللهم إنما أنا بشر،
فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته، فاجعلها
له زكاة ورحمة ".
(2) بكسر الكاف وفتح اللام كما في " المغني ": هو محمد بن
صالح بن عبد الرحمن البغدادي، أبو بكر الأنماطي، الملقب
كيلجة.
قال الحافظ في " التقريب " 2 / 170: ثقة حافظ..توفي سنة
271 ه.
(3) 1 / 197 196.
(4) في " جامع الأصول ": خائضا في.
(14/130)
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ:وَسَأَل أَمِيْرٌ
أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ(سُنُنِهِ):أَصَحِيْحٌ
كُلَّهُ؟
قَالَ:لاَ.
قَالَ:فَاكتُبْ لَنَا مِنْهُ الصَّحِيْحَ.
فَجَرَّدَ المُجْتَنَى (1) .
قُلْتُ:هَذَا لَمْ يَصِحَّ، بَلِ المُجْتَنَى اخْتِيَارُ
ابْنُ السُّنِّيّ (2) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ:أَخْبَرَنَا الإِمَامُ فِي الحَدِيْثِ
بِلاَ مُدَافَعَةٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
النَّسَائِيُّ.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الحَافِظُ:مَنْ
يَصْبُرُ عَلَى مَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ
النَّسَائِيّ؟!عِنْدَهُ حَدِيْثُ ابْنِ لُهِيْعَةَ
تَرْجَمَةً - يَعْنِي:عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ
لُهِيْعَةَ - قَالَ:فَمَا حَدَّثَ بِهَا.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ:أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يُذْكَرُ بِهَذَا
العِلْمِ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ طَاهِرٍ:سَأَلْتُ سَعْدَ بنَ
عَلِيٍّ الزِّنْجَانِيَّ عَنْ رَجُلٍ، فَوَثَّقَهُ.
فَقُلْتُ:قَدْ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ.
فَقَالَ:يَا بُنَيَّ!إِنَّ لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
شَرْطاً فِي الرِّجَالِ أَشَدَّ مِنْ شَرْطِ البُخَارِيِّ
وَمُسْلِمٍ.
قُلْتُ:صَدَقَ فَإِنَّهُ لَيَّنَ جَمَاعَةً مِنْ رِجَالِ
صَحِيْحَي البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ الحَافِظُ:سَمِعْتُ
مَشَايخَنَا بِمِصْرَ يَصِفُونَ اجتِهَادَ النَّسَائِيّ
فِي العِبَادَةِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَّهُ
خَرَجَ إِلَى الفِدَاءِ مَعَ أَمِيْرِ مِصْرِ فَوُصِفَ
__________
(1) كذا الأصل " المجتنى " بالنون، وهو في " جامع الأصول "
المجتبى بالباء، وكلاهما صحيح. انظر في ذلك مقدمه " السنن
" ص (د).
(2) وهو المطبوع المتداول بين أيدي الناس في هذا الزمان.
وأما كتاب " السنن " الذي ألفه النسائي، فلم يطبع بتمامه،
وإنما طبع جزء منه في الهند فيما نعلم.
وابن السني: هو الحافظ الامام الثقة، أبو بكر، أحمد بن
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الدينوري.
مترجم في " تذكرة الحفاظ " 3 / 939 - 950
(14/131)
مِنْ شَهَامَتِهِ وَإِقَامَتِهِ السُّنَنِ
المَأْثُورَةِ فِي فَدَاءِ المُسْلِمِينَ، وَاحْتِرَازِهِ
عَنْ مَجَالِسِ السُّلْطَانِ الَّذِي خَرَجَ مَعَهُ،
وَالاَنبسَاطِ فِي المَأْكَلِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ
ذَلِكَ دَأْبهُ إِلَى أَنِ اسْتُشْهِدَ بِدِمَشْقَ مِنْ
جِهَةِ الخَوَارِجِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ
الحَدَّادِ الشَّافِعِيُّ كَثِيْرَ الحَدِيْثِ وَلَمْ
يُحَدِّثْ عَنْ غَيْرِ النَّسَائِيِّ، وَقَالَ:رَضِيْتُ
بِهِ حُجَّةً بَيْنِي وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي(مُعْجَمِهِ (1)):حَدَّثَنَا
أَبُو عَبِدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ القَاضِي
بِمِصْرَ.
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ فِي(صَحِيْحِهِ):حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَاضِي
حِمْصَ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ قُدَامَةَ.
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
رَوَى أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، عَنْ حَمْزَةَ
العَقْبِيِّ المِصْرِيِّ وَغَيْرِهِ، أَنَّ النَّسَائِيَّ
خَرَجَ مِنْ مِصْرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ إِلَى دِمَشْقَ
فَسُئِلَ بِهَا عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَمَا جَاءَ فِي
فَضَائِلِهِ.
فَقَالَ:لاَ (2) يَرْضَى رَأْساً برَأْسٍ حَتَّى
يُفَضَّلَ؟
قَالَ:فَمَا زَالُوا يَدْفَعُوْنَ فِي حِضْنَيْهِ (3)
حَتَّى أُخْرِجَ مِنَ المَسْجَدِ، ثُمَّ حُمِلَ إِلَى
مَكَّةَ فَتُوُفِّيَ بِهَا.
كَذَا قَالَ، وَصَوَابهُ:إِلَى الرَّمْلَةِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:خَرَجَ حَاجّاً فَامتُحِنَ
بِدِمَشْقَ، وَأَدْرَكَ الشَّهَادَةَ فَقَالَ:
__________
(1) 1 / 23 برقم (43): حدثنا أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن
النسائي القاضي بمصر، حدثنا أبو المعافى محمد بن وهب بن
أبي كريمة الحراني، حدثنا محمد بن سلمة الحراني، عن أبي
عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن
محمد بن جحادة، عن أبي صالح، عن عبيد بن عمير، عن علي كرم
الله وجهه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
المعصفر، والقسي، وخاتم الذهب، وعن المكفف بالدياج.
ثم قال: واعلم أني لك من الناصحين " قال الطبراني: لم يروه
عن ابن جحادة إلا زيد، تفرد به خالد بن أبي يزيد، ولا يروى
عن علي إلا بهذا الإسناد.
(2) كذا الأصل، وفي " تذكرة الحفاظ ": ألا.
(3) وهما جنباه، وفي " شذرات الذهب ": خصيتيه.
(14/132)
احمِلُونِي إِلَى مَكَّةَ.
فَحُمِلَ وَتُوُفِّيَ بِهَا، وَهُوَ مَدْفُونٌ بَيْنَ
الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَعْبَانَ
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ:وَكَانَ أَفْقَهَ مَشَايِخِ مِصْرَ فِي عَصْرِهِ،
وَأَعْلَمَهُم بِالحَدِيْثِ وَالرِّجَالِ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ فِي(تَارِيْخِهِ):كَانَ
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ إِمَاماً حَافِظاً
ثَبْتاً، خَرَجَ مِنْ مِصْرَ فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ
مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ
بفِلَسْطِيْنَ فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ لِثَلاَثِ عَشْرَةَ
خَلَتْ مِنْ صَفَرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ.
قُلْتُ:هَذَا أَصحُّ، فَإِنَّ ابْنَ يُوْنُسَ حَافِظٌ
يَقِظٌ وَقَدْ أَخَذَ عَنِ النَّسَائِيِّ، وَهُوَ بِهِ
عَارِفٌ.
وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي رَأْسِ الثَّلاَثِ مائَةٍ
أَحْفَظ مِنَ النَّسَائِيِّ، هُوَ أَحْذَقُ بِالحَدِيْثِ
وَعِلَلِهِ وَرِجَالِهِ مِنْ مُسْلِمٍ، وَمِنْ أَبِي
دَاوُدَ، وَمِنْ أَبِي عِيْسَى، وَهُوَ جَارٍ فِي
مِضْمَارِ البُخَارِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ إِلاَّ أَنَّ
فِيْهِ قَلِيْلَ تَشَيُّعٍ وَانحِرَافٍ عَنْ خُصُومِ
الإِمَامِ عَلِيٍّ، كمُعَاوِيَةَ وَعَمْرو، وَاللهِ
يُسَامِحُهُ.
وَقَدْ صَنَّفَ(مُسْنَدَ عَلِيٍّ)وَكِتَاباً حَافِلاً فِي
الكُنَى، وَأَمَّا كِتَاب:(خَصَائِص عَلِيٍّ)فَهُوَ
دَاخِلٌ فِي(سُنَنِهِ الكَبِيْرِ)وَكَذَلِكَ كِتَاب(عَمَل
يَوْمٍ وَليْلَةٍ)وَهُوَ مُجَلَّدٌ، هُوَ مِن
جُمْلَةِ(السُّنَنِ الكَبِيْرِ)فِي بَعْضِ النُّسَخِ،
وَلَهُ كِتَابِ(التَّفْسِيْرِ)فِي مُجَلَّدٍ،
وَكِتَابِ(الضُّعَفَاءِ)وَأَشيَاء، وَالَّذِي وَقَعَ لَنَا
مِنْ(سُنَنِهِ)هُوَ الكِتَابُ(المُجْتَنَى)مِنْهُ،
انتِخَابِ أَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّيّ، سَمِعْتُهُ
مَلَفَّقاً مِنْ جَمَاعَةٍ سَمِعُوهُ مِنِ ابْنِ بَاقَا
بِرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ،
سَمَاعاً لِمُعْظَمِهِ، وَإِجَازَةً لِفَوْتِ لَهُ
مُحَدَّدٍ فِي الأَصْلِ.
قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
حَمَدٍ الدُّونِيُّ، قَالَ:أَخْبَرَنَا القَاضِي أَحْمَدُ
بنُ الحُسَيْنِ الكَسَّارِ، حَدَّثَنَا ابْنُ السُّنِّيّ
عَنْهُ.
وَمِمَّا يُرْوَى اليَوْمَ فِي عَامِ أَرْبَعَةٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسَبْعِ مائَةٍ مِنَ السُّنَنِ عَالِياً
جُزْآنِ
(14/133)
الثَّانِي مِنَ الطَّهَارَةِ وَالجُمُعَةِ،
تَفَرَّدَ البُوصِيرِيُّ بِعُلُوِّهِمَا فِي وَقْتِهِ،
وَقَدْ أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ بِهِمَا،
عَنِ البُوصِيْرِيِّ فَبَيْنِي وَبَيْنَ النَّسَائِيِّ
فِيْهِمَا خَمْسَة رِجَالٍ.
وعِنْدِي جُزْءٌ مِنْ حَدِيْثِ الطَّبَرَانِيِّ، عَنِ
النَّسَائِيِّ، وَقَعَ لَنَا بِعُلُوٍّ أَيْضاً.
وَوَقَعَ لَنَا جُزْءٌ كَبِيْرٌ انتَخَبَهُ السِّلَفِيُّ
مِنَ(السُّنَنِ)، سَمِعْنَاهُ مِنَ الشَّيْخِ أَبِي
المَعَالِي بنِ المُنَجَّا التَّنُوْخِيّ:أَخْبَرَنَا
جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا الدُّوْنِيُّ، وَبَدْرُ بنُ
دُلَفٍ الفَركِيُّ بِسَمَاعِهِمَا مِنَ الكَسَّارِ،
قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيّ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا
قُتَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(أَنَّهُ نَهَى عَنِ البَوْلِ فِي المَاءِ الرَّاكِدِ
(1)).
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبِيْدَة بن
حُمَيْد، عَنْ يُوْسُفَ بنِ صُهَيْبٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ
يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَمِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(مَنْ لَمْ يَأْخُذْ شَارِبَهُ فلَيْسَ مِنَّا (2)).
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ سَأَلْتُ النَّسَائِيَّ مَا
تَقُولُ فِي بَقِيَّةَ؟
فَقَالَ:إِنْ قَالَ:حَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا، فَهُوَ
ثِقَةٌ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المرَاغِيُّ:سَمِعْتُ
النَّسَائِيَّ يَقُوْلُ:مُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " سنن النسائي " 1 / 34 في
الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، وأخرجه مسلم
(281) من طريق يحيى بن يحيى، ومحمد بن رمح، وقتيبة،
ثلاثتهم عن الليث به، وأخرجه ابن ماجه (343) من طريق محمد
بن رمح عن الليث.
(2) إسناده صحيح، وهو في " سنن النسائي " 1 / 15، و8 / 130
129، وأخرجه أحمد: 4 / 366 و368، والترمذي (2762) وقال
الترمذي: حسن صحيح. وفي الباب عن رجل من بني غفار عند
أحمد: 5 / 410 وسنده حسن في الشواهد.
(14/134)
حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ كَذَّابٌ.
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ، وَشُهْدَةَ
العَامِرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا
السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ
بِهَمَذَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ إِسْحَاقَ قَالَ:قَالَ لِي أَبُو عَبْد اللهِ بنُ
مَنْدَةَ:الَّذِيْنَ أَخْرَجُوا الصَّحِيْحَ وَمِيَّزُوا
الثَّابِتَ مِنَ المَعْلُوْلِ، وَالخَطَأَ مِنَ الصَّوَابِ
أَرْبَعَةٌ:البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ.
وَمِمَّنْ مَاتَ مَعَهُ:المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ
أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْحَاقَ الصُّوْفِيُّ
الصَّغِيْرُ بِبَغْدَادَ، وَالمُفَسِّرُ أَبُو جَعْفَرٍ
أَحْمَدُ بنُ فَرَحٍ البَغْدَادِيُّ الضَّرِيْرُ،
المُقْرِئُ، وَالمُفَسِّرُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَنْمَاطِيُّ،
الحَافِظُ، وَالمُسْنِدُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ مُوْسَى الجَوْزِيُّ، وَالمُحَدِّثُ إِسْحَاقُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ
البُشْتِيُّ، وَالحَافِظُ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
نَصْرٍ الحَصِيْرِيّ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ الحَافِظُ،
وَالمُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ السِّمْنَانِيّ، وَالمُحَدِّثُ
عُمَرُ بنُ أَيُّوْبَ السَّقَطِيُّ بِبَغْدَادَ، ورَأْسُ
المُعْتَزِلَةِ أَبُو عَلِيٍّ الجُبَائِيُّ، وَالحَافِظُ
مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ الهَرَوِيُّ شَكَّرُ.
(14/135)
68 - ابْنُ مُجَاشِعٍ عِمْرَانُ بنُ
مُوْسَى الجُرْجَانِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّةُ، الحَافِظُ، أَبُو
إِسْحَاقَ عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى بنِ مُجَاشِعٍ
الجُرْجَانِيُّ، السَّخْتِيَانِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ:هُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَشَيْبَانَ بنِ
فَرُّوْخٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيِّ،
وَابْنَي أَبِي شَيْبَةَ، وَسُوَيْدَ بنِ سَعِيْدٍ،
وَأَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ، وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:رَفِيْقُهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ
الهِسِنْجَانِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ،
وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو
عَمْرٍو بنُ نُجَيْدٍ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ،
وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ
الغِطْرِيْفِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَحَدَّثَ بِنَيْسَابُوْرَ قَدِيْماً، فَأَخَذَ عَنْهُ
أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَالكِبَارُ.
قَالَ الحَاكِمُ:هُوَ مُحَدِّثٌ ثَبْتٌ مَقْبُوْلٌ،
كَثِيْرُ التَّصْنِيْفِ وَالرِّحْلَةِ، رَوَى
عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الدَّامغَانِيّ،
وَالهِسِنْجَانِيّ، وَهُمَا مِنْ أَقْرَانِهِ.
سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيَّ
يَقُوْلُ:سَمِعْتُ عِمْرَان بنَ مُوْسَى الجُرْجَانِيَّ
يَقُوْلُ:سَمِعْتُ سُوَيْد بن سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ
مَالِكاً، وَشَرِيْكاً، وَحَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، وَابْنَ
عُيَيْنَةَ، وَالفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، وَمُسْلِمَ بنَ
خَالِدٍ، وَابْنَ إِدْرِيْسَ، وَجَمِيْعَ مَنْ حَمَلْتُ
عَنْهُ العِلْمَ يَقُوْلُوْنَ:
الإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ.
__________
(*) تاريخ جرجان: 323 322، الأنساب: 293 / أ، مختصر طبقات
علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة
الحفاظ: 2 / 763 762، العبر: 2 / 130 129، البداية
والنهاية: 11 / 128، طبقات الحفاظ: 321 320.
(14/136)
وَالقُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ مِنْ صِفَةِ
ذَاتِهِ، غَيْرَ مَخْلُوْقٍ، مَنْ قَالَ:إِنَّهُ
مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ.
قَالَ عِمْرَانُ:بِهَذَا أَدِيْنُ وَمَا رَأَيْتُ
مُحَدِّثاً إِلاَّ وَهُوَ يَقُوْلُهُ.
قُلْتُ:مَاتَ بجُرْجَانَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ عَسَاكِر، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ،
أَخْبَرْنَا ابْنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، حَدَّثَنِي
عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
المُنْذِرِ، أَخْبَرَنَا مَعْن، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فلَيْسَ مِنَّا
(1)).
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ (2) :كَانَ قَدْ صَنَّفَ
المُسْنَدَ، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَحَدَّثَنِي
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، قَالَ:أَبُو إِسْحَاقَ عِمْرَانُ بنُ
مُوْسَى جُرْجَانِيٌّ صَدُوْقٌ، مُحَدِّثُ البَلَدِ فِي
زَمَانِهِ.
69 - مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَخْلَدِ بنِ فَرْقَدٍ
الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو جَعْفَرٍ
الأَصْبَهَانِيُّ،
__________
(1) أخرجه البخاري: 13 / 20 في الفتن، ومسلم (98) في
الايمان: باب قوله صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا
السلاح فليس منا، كلاهما من طريق مالك، عن نافع، عن ابن
عمر رضي الله عنهما.
وأخرجه الطيالسي: 1 / 290 289 من طريق عبيد الله المعمري،
عن نافع، عن ابن عمر.
(2) في " تاريخه " 322.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 242 241، الأنساب: 218 / أ،
العبر: 2 / 135، شذرات الذهب: 2 / 251.
(14/137)
الدَّارَكِيُّ (1) .
خَاتِمَةُ أَصْحَابِ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عَمْرٍو
البَجَلِيَّ، وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ:سُلَيْمَانَ
الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْساً.
حَدَّثَ عَنْهُ:الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ
حَيَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ:فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ قَبْلَهُ بعَامَيْنِ:
70 - مُحَمَّدُ بنُ نُصَيْرِ بنِ أَبَانٍ أَبُو عَبْدِ
اللهِ المَدِيْنِيُّ *
يَرْوِي أَيْضاً عَنْ:إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرٍو،
وَالشَّاذَكُوْنِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الشَّيْخِ، وَالطَّبَرَانِيُّ،
وَابْنُ المُقْرِئِ أَيْضاً.
وَثَّقَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
71 - الوَكِيْعِيُّ أَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ **
الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، الثِّقَةُ، أَبُو العَلاَءِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي جَمِيْلَةَ
الذُّهْلِيُّ، الوَكِيْعِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ
مِصْرَ.
__________
(1) بفتح الدال، وبعد الالف راء مفتوحة بعدها كاف، نسبة
إلى " دارك " من قرى أصبهان.
انظر " أنساب السمعاني " 217 / ب.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 241، العبر: 2 / 130، شذارت
الذهب: 2 / 246.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 14 / 338 / ب، تهذيب الكمال: 1159،
تذهيب التهذيب: 3 / 179 / 2، تهذيب التهذيب: 9 / 21، خلاصة
تذهيب الكمال: 325، حسن المحاضرة: 1 / 294، النجوم
الزاهرة: 3 / 181.
(14/138)
وُلِدَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ،
وَسَمِعَ:عَاصِمَ بنَ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ،
وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَعَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ،
وَأَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، وَعِدَّةً.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ عَدِيٍّ، وَحَمْزَةُ الكِنَانِيُّ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالحَسَنُ الأُسْيُوْطِيُّ، وَابْنُ
حَيُّوْيَه النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَابْنُ يُوْنُسَ،
وَالحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ شَعْبَانَ
المَالِكِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً.
تُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
72 - البَسَّامِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
بنِ مَنْصُوْرٍ *
ابْنِ نَصْرِ بنِ بِسَّامٍ الشَّاعِرُ.
مِنْ كِبَارِ الشُّعرَاءِ، بَارِعٌ فِي الثَّنَاءِ
وَالهِجَاءِ، عَاشَ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ
فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلهُ تَصَانِيْفُ أَدَبِيَّةٌ، أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ
خَلِّكَانَ مُقَطَّعَاتٍ.
73 - البُشْتِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الرَّحَّالُ، أَبُو
يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ
البُشْتِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، مِنْ رُسْتَاقِ بُشْتَ
(1) .
__________
(*) سبق للمؤلف أن ترجمه في الصفحة (112) من هذا الجزء
(الترجمة 56) لكن باسم: علي بن محمد بن نصر بن منصور بن
بسام. فانظر مصادر ترجمته هناك.
(* *) الإكمال لابن ماكولا: 1 / 433، الأنساب: 83، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 2، تذكر
الحفاظ: 2 / 702 701، العبر: 2 / 125،
طبقات الحفاظ: 304، شذرات الذهب: 2 / 242 241، الرسالة
المستطرفة: 71.
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 425.
(14/139)
سَمِعَ مِنْ:إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه،
وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ،
وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عِمْرَانَ
العَابِدِيّ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
مُصَفَّى، وَحُمَيْدِ بنِ مَسْعَدَةَ، وَابْنِ أَبِي
عُمَرَ العَدَنِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَصَنَّفَ المُسْنَدَ وَغَيْرَ ذَلِكَ.
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ، وَأَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الهَاشِمِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ. لَمْ
أَقَعْ بِوَفَاتِهِ.
سَمِيُّهُ المُحَدِّثُ:
74 - إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْتِيُّ *
بِمُهْمَلَةٍ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ الصَّبَّاحِ البَزَّارَ
وَطَبَقَتَهُ، وَهُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى مَدِيْنَةِ بُسْتَ
(1) مِنْ إِقلِيِمِ سِجِسْتَان وَرَاءَ نَاحِيَةِ هَرَاةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ البُسْتِيُّ
وَغَيْرُهُ.
عَاشَ إِلَى نَحْوِ الثَّلاَثِ مائَةٍ
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 514 415.
(*) الإكمال لابن ماكولا: 1 / 431، تاريخ ابن عساكر: 2 /
354 / ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 702 ضمن ترجمة البشتي، شذرات
الذهب: 2 / 242، تهذيب ابن عساكر: 2 / 409.
(14/140)
75 - المِنْجَنِيْقِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ
إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْنُسَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو
يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْنُسَ
البَغْدَادِيُّ، الوَرَّاقُ، نَزِيْلُ مِصْرَ، وَعُرِفَ
بِالمِنْجَنِيْقيِّ لِكَوْنِهِ كَانَ يَجْلِسُ بقُرْبِ
مِنْجَنِيْقٍ كَانَ بِجَامِعِ مِصْرَ.
مَوْلِدُهُ بَعْدَ سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ،
وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادِ النَّرْسِيِّ، وَدَاوُدَ
بنِ رُشَيْد، وَأَبِي إِبْرَاهِيْمَ التَّرْجَمَانِيّ،
وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ
بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَكَثِيْرِ بنِ عُبَيْدٍ،
وَعَمْرِو بنِ عُثْمَانَ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُطِيْعِ، وَابْنِ أَبِي عُمَرَ
العَدَنِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:النَّسَائِيُّ، وَجَعْفَرُ الخُلْدِيّ،
وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
التِّنِّيْسِيُّ النَّقَّاشُ، وَابْنُ عَدِيٍّ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، وَالحَسَنُ
بنُ خضْرٍ السُّيوطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الخيَاشُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:أَخْبَرَنِي بَعْضُ
أَصْحَابِنَا:أَنَّ النَّسَائِيَّ انتَقَى عَلَى أَبِي
يَعْقُوْبَ المِنْجَنِيْقيّ مُسْنَدَهُ، فَكَانَ يَمْنَعُ
النَّسَائِيَّ أَنْ يَجِيْءَ إِلَيْهِ، وَكَانَ يَذْهَبُ
إِلَى مَنْزِلِ النَّسَائِيِّ حَتَّى سَمِعَ مِنْهُ
النَّسَائِيُّ مَا انتَقَاهُ حُسْبَةً فِي ذَلِكَ.
وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً، قَالَ لَهُ النَّسَائِيُّ
يَوْماً:يَا أَبَا يَعْقُوْبَ!لاَ تُحَدِّثْ عَنْ
سُفْيَانَ بنِ وَكِيْعٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 386 385، تاريخ ابن عساكر: 2 / 371 /
أ، المنتظم: 6 / 140، تهذيب الكمال: 1 / 83 82، تذهيب
التذهيب: 1 / 53 / أ، العبر: 2 / 127، تهذيب التهذيب: 1 /
221 220، خلاصة تذهيب التهذيب: 27، شذرات الذهب: 2 / 243،
الرسالة المستطرفة: 163، تهذيب ابن عساكر: 2 / 429.
(14/141)
فَقَالَ:اختَرْ لِنَفْسِكَ يَا أَبَا
عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا شِئْتَ، وَأَنَا فُكُلُّ مَنْ
كَتَبْتُ عَنْهُ فَإِنِّي أُحَدِّثُ عَنْهُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ:هُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:ثِقَةٌ، كَانَ فِي جَامِعِ مِصْرَ
مِنْجَنِيْقٌ يوَقِدُ فِيْهِ القُوَّامُ ثُرَيَّا، وَكَانَ
هَذَا يَجْلِسُ قَرِيْباً مِنْهُ فَنُسِبَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:صَدُوْقٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي جُمَادَى
الآخِرَةِ.
76 - ابْنُ مَتُّوَيْه أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ *
الإِمَامُ، المَأْمُوْنُ، القُدْوَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ مَتُّوَيْه
الأَصْبَهَانِيُّ، إِمَامُ جَامِعِ أَصْبَهَان، كَانَ مِنَ
العُبَّادِ وَالسَّادَةِ، يَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَكَانَ
حَافِظاً، حُجَّةً، مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ، وَيُعْرَفُ
أَيْضاً بِأَبَّهْ (1) ، وَبِابنِ فِيُرَّةَ الطَّيَّانِ.
سَمِعَ بِالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَالحَرَمِ،
وَمِصْرَ:سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي
الشَّوَارِبِ، وَبِشْرَ بنَ مُعَاذٍ، وَأَحْمَدَ بن
مَنِيْعٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيَّ،
وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ العَطَّارِ، وَهِشَامَ
بنَ خَالِدٍ الأَزْرَقَ
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 190 189، الإكمال لابن ماكولا:
1 / 11، تاريخ ابن عساكر: 2 / 253 / أ، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 127 / 2، تذكرة الحفاظ: 2
/ 740، العبر: 2 / 122، الوافي بالوفيات: 6 / 126 125،
شذرات الذهب: 2 / 239 238، تهذيب ابن عساكر: 2 / 256،
طبقات المحدثين بأصبهان: لوحة 229.
(1) بفتح الهمزة، وتشديد الموحدة مفتوحة، وآخرها هاء كما
في " مشتبه النسبة " للمؤلف 1 / 9.
(14/142)
وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ
عُلَيَّةَ، وَهَنَّادَ بنَ السَّرِيِّ، وَأَبَا هَمَّامٍ
الوَلِيْدَ بنَ شُجَاعٍ، وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَالرَّبِيْعَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَطَبَقَتهُم، فَأَكْثَرَ
وَجَوَّدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّانَ، وَأَبُو
القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ
هَارُوْنَ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَأَحْمَدُ بنُ
بُنْدَارٍ الشَّعَّارُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ
وَقَالَ:هُوَ أَوَّلُ شَيْخٍ كَتَبْتُ عَنْهُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ كَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:كَانَ مِنَ العُبَّادِ
الفُضَلاَءِ، مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ - .
77 - ابْنُ زَنْجَوَيْه مُحَمَّدُ بنُ زَنْجَوَيْه بنِ
الهَيْثَمِ القُشَيْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
زَنْجَوَيْه بنِ الهَيْثَمِ القُشَيْرِيُّ،
النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ:أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ
بنَ يَحْيَى، وَابْنَ رَاهْوَيْه، وَعَمْرَو بنَ
زُرَارَةَ، وَأَبَا مَرْوَانَ العُثْمَانِيَّ، وَأَبَا
كُرَيْبٍ، وَيَحْيَى بنَ أَكْثَم، وَطَبَقَتهُم.
رَوَى عَنْهُ:عَلِيُّ بنُ حَمْشَاذٍ، وَأَبُو الفَضْلِ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ،
وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانِ، وَالشُّيُوْخَ.
وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْساً.
قَالَ الحَاكِمُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
__________
(*) طبقات الحنابلة: 1 / 306، العبر: 2 / 123، شذرات
الذهب: 2 / 239.
(14/143)
78 - الرَّسْعَنِيُّ أَبُو صَالِحٍ
القَاسِمُ بنُ اللَّيْثِ بنِ مَسْرُوْرٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّةُ، المُجَوِّدُ،
الرَّحَّالُ، أَبُو صَالِحٍ القَاسِمُ بنُ اللَّيْثِ بنِ
مَسْرُوْرٍ العتَّابِيُّ، الرَّسْعَنِيُّ (1) ، نَزِيْلُ
مَدِيْنَةِ تِنِّيْسٍ (2) .
سَمِعَ:المُعَافَى بنَ سُلَيْمَانَ، وَهِشَامَ بنَ
عَمَّارٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيَّ،
وَابْنَ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعَمْرَو بنَ عَلِيٍّ
الصَّيْرَفِيَّ، وَبِشْرَ بنَ هِلاَلٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ(الكُنَى)،
وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شُعَيْبٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ
المِصْرِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ المَوْصِلِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاشُ الحَافِظُ، وَابْنُ
عَدِيٍّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ
بنِ أَبْيَضَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَيَّويَه
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ
عَنْهُ، فَقَالَ:ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:تُوُفِّيَ بِتَنِّيْسٍ، فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثِقَةٌ.
79 - ابْنُ الأَخْرَمِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ
أَيُّوْبَ الأَصْبَهَانِيُّ **
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، الحَافِظُ، الأَثَرِيُّ، أَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ أَيُّوْبَ
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 14 / 278 / ب، العبر: 2 / 128، شذرات
الذهب: 2 / 243.
(1) هذه النسبة إلى " رأس عين " ويقال فيها: رأس العين،
وهي مدينة كبيرة مشهورة من مدن الجزيرة، بين حران ونصيبين
ودنيسر، فيها عيون كثيرة عجيبة صافية، تجتمع كلها في موضع
فتصير نهر الخابور. انظر " معجم البلدان " 3 / 14 13، و"
اللباب " 2 / 26 25.
(2) بكسرتين وتشديد النون، وياء الساكنة، والسين مهملة:
جزيرة في بحر مصر قريبة من البر، ما بين الفرما ودمياط.
انظر " معجم البلدان " 2 / 51.
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 225 224، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد =
(14/144)
بنِ الأَخْرَمِ الأَصْبَهَانِيُّ،
الفَقِيْهُ.
ارْتَحَلَ، وَأَخَذَ عَنْ:أَبِي كُرَيْبٍ، وَالمُفَضَّلِ
بنِ غَسَّانَ الغَلاَبِيِّ، وَزِيَادِ بنِ يَحْيَى
الحَسَّانِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، وَعَمَّارِ بنِ
خَالِدٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَأَبُو الشَّيْخِ،
وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَفْرِجَة، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ، وَآخَرُوْنَ.
وَله وَصِيَّةٌ أَكْثَرُهَا عَلَى قَوَاعِدِ السَّلَفِ،
يَقُوْلُ فِيْهَا:مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَفْظَهُ بِالقُرْآنِ
مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَافِرٌ.
فَكَأَنَّهُ عَنَى بِاللَّفْظِ:المَلْفُوْظَ لاَ
التَّلَفُّظَ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
80 - عَلِيُّ بنُ سَعِيْدِ بنِ بَشِيْرِ بنِ مِهْرَانَ
الرَّازِيُّ *
الحَافِظُ البَارِعُ، أَبُو الحَسَنِ الرَّازِيُّ،
عَلِيَّك (1) ، نَزِيْلِ مِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْ:عَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ النَّرْسِيِّ،
وَجُبَارَةَ بنِ المُغَلِّسِ، وَبشْرِ بنِ مُعَاذٍ
العَقَدِيِّ، وَنُوْحِ بنِ عَمْرٍو السَّكْسَكِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ البَعْلِيِّ،
__________
= الهادي: الورقة 128 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 747 - 748،
العبر: 2 / 120، الوافي بالوفيات: 3 / 190 - 191، طبقات
الحفاظ: 315، النجوم الزاهرة: 3 / 184، شذرات الذهب: 2 /
234 - 235.
طبقات المحدثين بأصبهان: لوحة 228.
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129
/ 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 750، ميزان الاعتدال: 3 / 131،
لسان الميزان: 4 / 231 - 232، طبقات الحفاظ: 315 - 316،
حسن المحاضرة 1 / 350، النجوم الزاهرة: 3 / 203، شذرات
الذهب: 2 / 232.
(1) كذا ضبطه المؤلف في " المشتبه " وقال: " والكاف في لغة
العجم هي حرف التصغير، وبعض الحفاظ قيده باختلاس كسرة
اللام، وفتح الياء وخفف. قال ابن نقطة: وهذا عندي أصح،
وليس في كتاب الأمير ابن ماكولا تشديد الياء، بل أهمل ذلك،
وقد ضبطه المؤتمن الساجي بسكون اللام وفتح الياء ".
(14/145)
وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَالِدِ بنِ
نَجِيْحِ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيِّ،
وَالهَيْثَمِ بنِ مَرْوَانَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عُتْبَةَ
الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ الوَرْدِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَرُوْفٍ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ رَشِيْقِ، وَأَبُو
مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَبِيْوَرْدِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ
عَنْهُ، فَقَالَ:لَمْ يَكُنْ بذَاكَ فِي حَدِيْثِهِ،
سَمِعْتُ بِمِصْرَ أَنَّهُ كَانَ وَالِيَ قَرْيَةٍ،
وَكَانَ يُطَالِبُهُمْ بِالخَرَاجِ، فَمَا كَانُوا
يُعْطُوْنَهُ.
قَالَ:فَجَمَعَ الخَنَازِيْرَ فِي المَسْجَدِ.
قُلْتُ:فَكَيْفَ هُوَ فِي الحَدِيْثِ؟
قَالَ:حَدَّثَ بِأَحَادِيْثَ لَمْ يُتَابَعُ عَلَيْهَا،
وَتَكَلَّمَ فِيْهِ أَصْحَابُنَا بِمِصْرَ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:كَانَ يَفْهَمُ وَيَحْفَظُ، مَاتَ
بِمِصْرَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ:الكَافُ فِي عَلِيَّكَ هِيَ علاَمَةُ التَّصْغِيْرِ
فِي عَلِيٍّ بِالفَارِسِيَّةِ.
أَمَا عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيُّ - مُؤلِّفُ
كِتَابِ(السَّرَائِر)فآخَرٌ، مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
81 - الفَرْهَيَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ
__________
(1) سيورد المؤلف له ترجمة مستقلة في الصفحة 463 من هذا
الجزء، وقد ذكرنا مصادره هناك فارجع إليها.
(*) معجم البلدان: 4 / 259 258، اللباب: 2 / 427، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 124 / 1،
تذكرة الحفاظ: 2 / 717 716، طبقات الحفاظ: 308، شذرات
الذهب: 2 / 235.
(14/146)
الفَرْهَاذَانِيّ، وَيُقَالُ:فِيْهِ
الفَرْهَيَانِيّ.
سَمِعَ:هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَقُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ،
وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَدُحَيْماً، وَمُحَمَّدَ بنَ وَزِيْرٍ،
وَحَرْمَلَةَ بنَ يَحْيَى، وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ
شُعَيْبٍ، وَطَبَقَتهُم.وَكَانَ ذَا رِحْلَةٍ وَاسِعَةٍ،
وَعُلُوْمٍ نَافِعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
النَّقَّاشُ المُفَسِّرُ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ،
وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَبِشْرُ بنُ أَحْمَدَ
الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ،
وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:كَانَ رَفِيْقَ النَّسَائِيِّ،
وَكَانَ ذَا بَصَرٍ بِالرِّجَالِ، وَكَانَ مِنَ
الأَثْبَاتِ؛ سَأَلْتُهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيَّ عَنْ
حَرْمَلَةَ، فَقَالَ:يَا بُنَيَّ!وَمَا تَصْنَعُ
بِحَرْمَلَةَ؟ إِنَّهُ ضَعِيْفٌ.
ثُمَّ أَمْلَى عَلَيَّ عَنْهُ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ لَمْ
يَزِدْنِي.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، وَزَيْنَبَ
بِنْتِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ
حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
سَيَّارٍ الفَرْهَاذَانِيّ، أَخْبَرَنَا هَارُوْنُ بنُ
زَيْدِ بنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بنِ عَطَاءٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(رِضَى اللهِ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ
فِي سَخَطِ الوَالِدِ (1)).
لَمْ أَظْفَرْ لِهَذَا الحَافِظِ بِوَفَاةٍ، تُوُفِّيَ
سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) أخرجه الترمذي (1899) في البر والصلة: باب ما جاء من
الفضل في رضى الوالدين من حديث خالد بن الحارث، عن شعبة،
عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله ابن عمرو، عن النبي
صلى الله عليه وسلم. وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2026)
والحاكم 4 / 151، 152 من حديث عبد الرحمن بن مهدي، عن
شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا،
ووافقه الذهبي.
(14/147)
82 - الوَشَّاءُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الجَعْدِ
الوَشَّاءُ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ مِنْ:سُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ(مُوَطَّأَ مَالِكٍ)،
وَمِنْ:مُحَمَّدِ بنِ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَعَبْدِ
الأَعْلَى بنِ حَمَّادِ، وَأَبِي مَعْمَرٍ الهُذَلِيِّ،
وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو
عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
غَرِيْبٍ البَزَّازُ، وَآخَرُوْنَ.
سَمِعْنَا(المُوَطَّأُ)مِنْ طَرِيْقِهِ.
وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
83 - أَبُو مَعْشَرٍ الدَّارِمِيُّ الحَسَنُ بنُ
سُلَيْمَانَ بنِ نَافِعٍ **
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو مَعْشَرٍ الحَسَنُ بنُ
سُلَيْمَانَ بنِ نَافِعٍ الدَّارِمِيُّ، شَيْخٌ بَصْرِيُّ
مُعَمَّرٌ.
سَكَنَ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ عَنْ:أَبِي الرَّبِيْعِ
الزَّهْرَانِيِّ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ،
وَطَبَقَتِهِمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ قَانِعٍ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ
الطَّسْتِيُّ، وَمَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِيُّ،
وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 56، العبر: 2 / 118، الوافي
بالوفيات: 8 / 55، النجوم الزاهرة: 3 / 184، شذارت الذهب:
2 / 237.
(* *) تاريخ بغداد: 7 / 327، المنتظم: 6 / 125.
(14/148)
تُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
84 - المُطَرّزُ أَبُو بَكْرٍ القَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا
بنِ يَحْيَى *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ،
الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ القَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا بنِ
يَحْيَى البَغْدَادِيُّ، المَعْرُوْفُ:بِالمُطَرِّزِ.
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَالمائَتَيْنِ،
أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ.
تَلاَ عَلَى:أَبِي حَمْدُوْنَ الطَّيِّبِ، وَعَلَى:أَبِي
عُمَرَ الدُّوْرِيِّ.
وَحَدَّثَ عَنْ:سُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى
الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي هَمَّامِ الوَلِيْدِ بنِ شُجَاعٍ،
وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَعَبَّادِ بنِ يَعْقُوْبَ
الرَّوَاجِنِي، وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيّ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ الخَرْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
المُظَفَّرِ، وَأَبُو حَفْصٍ الزَّيَّاتِ، وَعَدَدٌ
كَثِيْرٌ.
وَصَنَّفَ المُسْنَدَ وَالأَبْوَابَ، وَتَصَدَّرَ
لِلإِقْرَاءِ.
وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً، أَثْنَى عَلَيْهِ
الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرهُ، وَذَكَرَ عَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ الغَضَائِرِيُّ - شَيْخٌ لأَبِي عَلِيٍّ
الأَهْوَازِيُّ - أَنَّهُ تَلاَ عَلَيْهِ:خَتْمَةً
بِالإِدغَامِ الكَبِيْرِ (1)
__________
(*) تاريخ بغداد: 12 / 441، المنتظم: 6 / 146، تهذيب
الكمال: الورقة 1109 - 1110 مختصر طبقات علماء الحديث لابن
عبد الهادي: الورقة 124 / 2، تذهيب التهذيب: 3 / 145 / 2،
تذكرة الحفاظ: 2 / 717، العبر: 2 / 130، طبقات القراء
للذهبي: 1 / 195، البداية والنهاية: 11 / 128، طبقات
القراء للجزري: 2 / 17، تهذيب التهذيب: 8 / 314 - 315،
طبقات الحفاظ: 308، خلاصة تذهيب التهذيب: 312، شذرات
الذهب: 2 / 246.
(1) الادغام: هو النطق بحرفين حرفا واحدا كالثاني،
والادغام الكبير وهو لأبي عمرو ابن العلاء البصري رواية
السوسي هو ما كان الأول من الحرفين فيه متحركا، سواء أكان
الحرفان مثلين، أم جنسين، أم متقاربين، مثال الأول قوله
تعالى (والشمس والقمر =
(14/149)
وَالإِبدَالِ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةِ، فَافتُضِحَ فِي دَعْوَاهُ لأَنَّ
المُطَرِّز - رَحِمَهُ اللهُ - تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ
سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عِشْرِ
التِّسْعِيْنَ.
85 - طَرِيْفُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المَوْصِلِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو الوَلِيْدِ طَرِيْفُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ
المَوْصِلِيُّ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ.
رَحَلَ وَرَوَى عَنْ:عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَيَحْيَى بنِ
بِشْرٍ الحَرِيْرِيِّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيِّ.
وَعَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ
بُرَيْدَةَ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ،
وَآخَرُوْنَ.
ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
86 - حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى أَبُو عَلِيٍّ
الجُرْجَانِيُّ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَلِيٍّ الجُرْجَانِيُّ،
ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الكَاتِبُ، لَمْ يَكُنْ مُحَدِّثاً،
وَإِنَّمَا حُبِسَ فِي شَأْنِ التَصَرُّفِ فَصَادَفَ فِي
__________
= رأيتهم لي ساجدين) ومثال الثاني قوله تعالى (حيث شئتم
رغدا) ومثال الثالث قوله تعالى (تريد زينة الحياة الدنيا)
والابدال وهو لأبي عمرو رواية السوسي أيضا إبدال الهمز
الساكن مدا مثل (يؤمنون) تقرأ (يومنون) بترك الهمز، وأبو
عمرو يبدل الهمزة الساكنة بحرف مد في جميع القرآن إلا أن
يكون سكون الهمزة للجزم أو للامر، وعدل عن الابدال أيضا في
(تؤوي) لان
الابدال فيها أثقل من الهمز، وفي (رئيا) لان الابدال يوقع
الالتباس بما لا يهمز، وفي (مؤصدة) لان الابدال يخرجها من
لغة إلى لغة أخرى.
انظر " تحبير التيسير " ص 43 و58، وشرح الطيبة: 58 و101
لابن الجزري، وشرح الشاطبية: 33 و75 لابن القاصح.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 365 364، ميزان الاعتدال: 2 / 336،
لسان الميزان: 3 / 209 208.
(* *) تاريخ بغداد: 8 / 180، العبر: 2 / 122، شذرات الذهب:
2 / 238.
(14/150)
الحَبْسِ الحَافِظَ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ
(1) ، فَأَملَى عَلَيْهِ جُزْءاً وَاحِداً وَهُوَ جُزْءٌ
عَالٍ طَبْرَزَدِيُّ، يُعْرَفُ بِنُسْخَةِ نُعَيْمِ بنِ
حَمَّادٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الجعَابِيُّ، وَأَبُو
حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ لُؤْلُؤٍ،
وَغَيْرهُم.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ (2) .
تُوُفِّيَ:فِي شَهْرِ رَجَبٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ.
87 - عَبَّادُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَرْزُوْقٍ أَبُو يَحْيَى
السِّيْرِيْنِيُّ *
المُعَمَّرُ الكَبِيْرُ، أَبُو يَحْيَى السِّيْرِيْنِيُّ
مَوْلاَهُمُ، البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
فِيْهِ ضَعْفٌ.
وُلِدَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ، وَحَدَّثَ
عَنْ:بَكَّارِ بنِ مُحَمَّدٍ السِّيْرِيْنِيّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ جَعْفَرٍ المَدَائِنِيِّ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو جَعْفَرٍ بنُ البَخْتَرِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ،
وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ
الأَزْدِيُّ، وَضَعَّفَهُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ مائَةٌ
وَخَمْسُ سِنِيْنَ، وَلَوْلاَ تَأَخُّرِ وَفَاتِهِ
لَذُكِرَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ
وَنُظَرَائِهِ.
__________
(1) الخزاعي المروزي، وهو على شهرته كثير الخطأ لا يحتج
بما تفرد به، قال المؤلف في " ميزانه ": أحد الأئمة
الاعلام على لين في حديثه، وقال الحافظ في " التقريب ":
صدوق يخطئ كثيرا، وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه، وقال:
باقي حديثه مستقيم.
(2) في " تاريخه " 8 / 180.
(*) تاريخ بغداد: 11 / 110 109، الأنساب: 322 / ب، ميزان
الاعتدال: 2 / 370، لسان الميزان: 3 / 234 233.
(14/151)
88 - الصُّوْفِيُّ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ
بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ رَاشِدٍ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ
بنِ رَاشِدٍ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ الكَبِيْرُ،
احتِرَازاً مِنْ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ الصُّوْفِيِّ
الصَّغِيْرِ (1) .
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ
مِنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ،
وَالهَيْثَمِ بنِ خَارِجَةَ، وَأَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ،
وَأَحْمَدِ بنِ جَنَابٍ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ،
وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّانَ، وَأَبُو
حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ،
وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ
الزَّيَّاتِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَعَلِيُّ بنُ
عُمَرَ الحَرْبِيُّ السُّكَّرِيُّ.
مَاتَ:فِي عشْرِ المائَةِ، فِي شَهْرِ رَجَبَ، سَنَةَ
سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (2) وَغَيْرُهُ،
وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَإِتْقَانٍ.
رَوَى عَنْ:يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ نُسْخَةً وَقَعَتْ لَنَا
بِعُلُوٍّ بَاهِرٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ
القَرَافِيِّ:أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ،
وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بِبَغْدَادَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ
بنُ عُمَرَ الحربِيُّ سَنَةَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 86 82، طبقات الحنابلة: 1 / 37 36،
المنتظم: 6 / 149، العبر: 2 / 131، ميزان الاعتدال: 1 /
91، الوافي بالوفيات:: 6 / 305، لسان الميزان: 1 / 153
151، شذرات الذهب: 2 / 247.
(1) انظر الترجمة التالية.
(2) في " تاريخه " 4 / 82.
(14/152)
خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي
ذِي القَعْدَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ
بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، قَالَ:حَدَّثَنِي
أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فِي شَعْبَانَ
سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُثَنَّى
بنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ:
عَنْ أَنَسِ:(أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ
رَدَّدَهَا ثَلاَثاً، وَإِذَا أَتَى قَوْماً فَسَلَّمَ
عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِم ثَلاَثاً)
هَذَا مِنْ غَرَائِبِ(صَحِيْحِ البُخَارِيِّ (1))رَوَاهُ
عَنْ ثِقَةٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَبْدِ الوَارِثِ.
89 - الصُّوْفِيُّ الصَّغِيْرُ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ
بنِ إِسْحَاقَ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ
أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْحَاقَ البَغْدَادِيُّ،
الصُّوْفِيُّ الصَّغِيْرُ.
سَمِعَ:بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَالرَّبِيْعَ بنَ ثَعْلَبِ
العَابِدِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنَ
أَبِي الشَّوَارِبِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى
الفَزَارِيَّ، وَأَبَا إِبْرَاهِيْمَ التَرْجمَانِيَّ،
وَسُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ،
وَأَبَا كُرَيْبٍ وَمُوْسَى بنَ إِسْحَاقَ الخَطْمِيَّ،
وَدَاوُدَ بنَ رُشَيْدٍ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ،
وَعِدَّةً.
وَلَهُ رِحْلَةٌ وَمَعْرِفَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو
حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمُ.
__________
(1) أخرجه في العلم 1 / 169: باب من أعاد الحديث ثلاثا
ليفهم عنه، و11 / 22 في الاستئذان: باب التسليم والاستئذان
ثلاثا. وقد تقدم تخريجه في الصفحة (32) من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 99 98، العبر: 2 / 125، ميزان
الاعتدال: 1 / 93 92، لسان الميزان: 1 / 156 155، شذرات
الذهب: 2 / 241.
(14/153)
وَثَّقَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ
وَغَيْرُهُ، وَبَعْضُهُمْ لَيَّنَهُ.
تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
رَوَى ابْنُ بَوْشٍ (1) جُزْءاً مِنْ حَدِيْثِهِ.
وَقِيْلَ:تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ.
90 - صَاحِبُ خُرَاسَانَ الأَمِيْرُ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ
إِسْمَاعِيْلُ ابنُ المَلِكِ أَحْمَدَ *
ابْنِ أَسَدِ بنِ سَامَانَ بنِ نُوْحٍ.
كَانَ مَلِكاً فَاضِلاً، عَالِماً، فَارِساً، شُجَاعاً،
مَيْمُوْنَ النَّقِيْبَةِ، مُعَظِّماً لِلْعُلَمَاءِ،
يُلَقَّبُ بِالأَمِيْر المَاضِي.
سَمِعَ مِنْ:أَبِيْهِ، وَمِنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ
المَرْوَزِيِّ عَامَّةَ تَصَانِيْفِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ:ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ:سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ مُحَمَّدٍ
الطَّهْمَانِيّ:سَمِعْتُ الأَمِيْرَ إِسْمَاعِيْلَ
يَقُوْلُ:جَاءَنَا أَبُوْنَا بِمُؤَدِّبٍ، فَعَلَّمَنَا
الرَّفْضَ، فَنِمْتُ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ
وَعُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - .
فَقَالَ لِي:لِمَ تَسُبُّ صَاحِبَيَّ؟
فَوَقَفْتُ، فَقَالَ لِي بِيَدِهِ، فَنَفَضَهَا فِي
وَجْهِي، فَانتَبَهْتُ فَزِعاً
__________
(1) ترجمه المؤلف في " العبر " 4 / 283 فقال: " هو يحيى بن
أسعد بن بوش، أبو القاسم الازجي الحنبلي الخباز. سمع
الكثير من أبي طالب اليوسفي، وأبي سعد بن الطيوري، وأبي
علي الباقرحي، وطائفة، وكان عاميا، مات شهيدا: غص بلقمة
فمات، وذلك في ذي القعدة سنة 593 للهجرة عن بضع وثمانين
سنة، وله إجازة من ابن بيان ".
*(*) الأنساب: 286، المنتظم: 6 / 78 77، الكامل في
التاريخ: 7 / 504 500 و8 / 8 5، وفيات الأعيان: 5 / 161،
العبر: 2 / 102، دول الإسلام: 1 / 178، البداية والنهاية:
11 / 106، ابن خلدون: / 334، النجوم الزاهرة: 3 / 163،
شذرات الذهب: 2 / 219.
(14/154)
أَرْتَعِدُ مِنَ الحُمَّى، فَكُنْتُ عَلَى
الفِرَاشِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، وَسَقَطَ شَعْرِي، فَدَخَلَ
أَخِي، فَقَالَ:أَيْش قِصَّتُكَ؟
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:اعتَذِرْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
فَاعْتَذَرْتُ وَتُبْتُ، فَمَا مَرَّ لِي إِلاَّ جُمُعَةً
حَتَّى نَبَتَ شَعْرِي.
قُلْتُ:كَانَ هُوَ وَآبَاؤُهُ مُلُوْكَ بُخَارَى
وَسَمَرْقَنْدَ، وَلَهُ غَزَوَاتٌ فِي التُّرْكِ، وَهُوَ
الَّذِي ظَفَرَ بِعَمْرِو بنِ اللَّيْثِ وَأَسَرَهُ،
فَجَاءهُ مِنَ المُعْتَضِدِ التَّقْلِيْدُ بِوِلاَيَةِ
خُرَاسَانَ وَمَا يَلِيْهَا، وَكَانَتْ سَلْطَنَتُهُ
مُدَّةَ سَبْعِ سِنِيْنَ.
تُوُفِّيَ:بِبُخَارَى فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) ، فَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ
ابْنُهُ أَحْمَدُ.
وَمَاتَ ابْنُهُ السُّلْطَانُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ فِي
جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ،
قَتَلَهُ مَمَالِيْكُهُ (2) ، ثُمَّ مَلَّكُوا وَلَدَهُ
نَصْراً (3) ، فَدَامَ ثَلاَثِيْنَ عَاماً، فَأَحْسَنَ
السِّيْرَةَ، وَعَظُمَتْ هَيْبَتُهُ.
91 - صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
وَابْنُ مُلُوْكِهَا، الأَمِيْرُ أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ
بنِ هِشَامِ بنِ الدَّاخِلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مُعَاوِيَةَ بنِ الخَلِيْفَةِ هِشَامِ بنِ
__________
(1) انظر " عبر الذهبي " 2 / 102.
(2) ولقب بعد موته بالشهيد. انظر " الكامل " لابن الأثير:
8 / 87 77، و" العبر " 2 / 118.
(3) الملقب بالسعيد. ترجمه المؤلف في " العبر " 2 / 227،
وانظر " الكامل " لابن الأثير: 8 / 80 78.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 6، جذوة المقتبس: 12، الكامل
في التاريخ: 8 / 73، الحلة السيراء: 1 / 124 120، البيان
المغرب: 2 / 120 وما بعدها، العبر: 2 / 114، دول الإسلام:
1 / 182، مرآة الجنان: 2 / 236، ابن خلدون: 4 / 132، تاريخ
الخلفاء: 831، النجوم الزاهرة: 3 / 181، نفخ الطيب: 1 /
353 352، شذرات الذهب: 2 / 233.
(14/155)
عَبْدِ المَلِكِ المَرْوَانِيُّ
الأَنْدَلُسِيُّ.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَخِيْهِ المُنْذِرِ سَنَةَ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ، وَامتَدَّتْ دَوْلَتُهُ، وَكَانَ مِنْ
أُمَرَاءِ العَدْلِ، مُثَابِراً عَلَى الجِهَادِ،
مُلاَزِماً لِلصَّلَوَاتِ فِي الجَامِعِ، لَهُ مَوَاقِفُ
مَشْهُوْدَةٌ، مِنْهَا:مَلْحَمَةُ بلِي (1) :كَانَ ابْنُ
حَفْصُوْنَ قَدْ حَاصَرَ حِصْنَ بلِي وَمَعَهُ ثَلاَثُوْنَ
أَلْفاً، فَسَارَ عَبْدُ اللهِ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ
أَلْفاً، فَالتَقَوا، فَانهَزَمَ ابْنُ حَفْصُوْنَ،
وَاسْتَحَرَّ بِجَمْعِهِ القَتْلُ، فَقَلَّ مَنْ نَجَا،
وَكَانُوا عَلَى رَأْيِ الخَوَارِجِ.
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ ذَا فِقْهٍ وَأَدَبٍ.
وَنَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ الأَمِيْرَ عَبْدَ اللهِ
اسْتفتَى بَقِيَّ بنَ مَخْلَدِ فِي الزِّنْدِيْقِ،
فَأَفتَى أَنَّهُ لاَ يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابُ،
وَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي ذَلِكَ.
مَاتَ:فِي أَوَّلِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثِ
مائَةٍ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ ابْنُ ابْنِهِ النَّاصِرُ
لِدِيْنِ اللهِ، فَدَامَ خَمْسِيْنَ سَنَةً، وَتَلَقَّبَ
بِإِمرَةِ المُؤْمِنِيْنَ، وَهَذَا وَآبَاؤُهُ
ذَكَرْتُهُمْ مُجْتَمِعِيْن فِي المائَةِ الثَّانِيَةِ فِي
عَصْرِ هُشَيْمٍ (2) .
__________
(1) كذا الأصل، وهي كذلك في " العبر " 2 / 114. وانظر "
البيان المغرب " لابن عذاري: 2 / 123، وابن خلدون: 4 /
135.
(2) انظر الجزء الثامن 217، 241، وكان الناصر لدين الله
واسمه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد أول من تلقب
بالخلافة من رجال الدولة الاموية في الأندلس.
وكانت ولايته مما يستغرب، لأنه كان شابا، وأعمامه وأعمام
أبيه حاضرون، فتصدى لها، واحتازها دونهم، ووجد الأندلس
مضطربة بالمخالفين، مضطرمة بنيران المتغلبين، فأطفأ تلك
النيران، واستنزل أهل العصيان، واستقامت له الأندلس في
سائر جهاتها بعد نيف وعشرين سنة من أيامه.
(14/156)
92 - الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ بنِ عَامِرِ
بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الشَّيْبَانِيُّ *
ابْنِ النُّعْمَانِ بنِ عَطَاءٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ،
الثَّبْتُ، أَبُو العَبَّاسِ الشَّيْبَانِيُّ،
الخُرَاسَانِيُّ، النَّسَوِيُّ، صَاحِبُ(المُسْنَدِ).
وُلِدَ:سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ
أَسَنُّ مِنْ بَلَدِيِّهِ الإِمَامُ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَمَاتَا مَعاً فِي عَامٍ.
ارْتَحَلَ إِلَى الآفَاقِ وَرَوَى عَنْ:أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ البَلْخِيِّ،
وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ،
وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَعَبْدِ
الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ
المُقَدَّمِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَلاَّمٍ
الجُمَحِيِّ، وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَإِسْحَاقَ بنِ
رَاهْوَيْه، وَسَعْدِ بنِ يَزِيْدَ الفَرَّاءِ، وَحِبَّانَ
بنِ مُوْسَى، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَصَفْوَان بنِ
صَالِحٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ هِشَامِ بنِ يَحْيَى
الغَسَّانِيِّ، وَعِيْسَى بنِ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
رُمْحٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ السَّامِي،
وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ غِيَاثٍ، وَأَبِي كَامِلٍ
الجَحْدَرِيِّ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ
بنِ مُعَاذٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ،
وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَهُوَ مِنْ أَقرَانِ أَبِي يَعْلَى، وَلَكِنْ أَبُو
يَعْلَى أَعْلَى إِسْنَاداً مِنْهُ وَأَقْدَمُ
__________
(*) الجرح والتعديل: 3 / 16، الأنساب: 63 / أ، تاريخ ابن
عساكر: 4 / 227 / ب، المنتظم: 6 / 136 132، مختصر طبقات
علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122 / 1، تذكرة
الحفاظ: 2 / 705 703، العبر: 2 / 125 124، دول الإسلام: 1
/ 184، ميزان الاعتدال: 1 / 493 492، الوافي بالوفيات: 12
/ 33 32، مرآة الجنان: 2 / 341، طبقات الشافعية للسبكي: 3
/ 265 263، البداية والنهاية: 11 / 125 124، لسان الميزان:
2 / 211، النجوم الزاهرة: 3 / 189، طبقات الحفاظ: 305،
شذرات الذهب: 2 / 241، الرسالة المستطرفة: 7، 17، وغيرها،
تهذيب ابن عساكر: 4 / 182 178.
(14/157)
لِقَاءً، فَإِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَلِيِّ
بنِ الجَعْدِ.
وَقَدْ سَمِعَ الحَسَنُ تَصَانِيْفَ الإِمَامِ أَبِي
بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْهُ،
وَسَمِعَ:(السُّنَنَ)مِنْ أَبِي ثَوْرٍ الفَقِيْهِ،
وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَلاَزَمَهُ، وَبَرَعَ، وَكَانَ يُفْتِي
بِمَذْهَبِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ،
وَيَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ
يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ،
وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ النَّقَاشُ المُقْرِئُ، وَأَبُو
عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ ابْنُ حِبَّانَ،
وَحَفِيْدُهُ إِسْحَاقُ بنُ سَعْدٍ النَّسَوِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمُ،
رَحَلُوا إِلَيْهِ وَتَكَاثرُوا عَلَيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ البُسْتِيُّ:سَمِعْتُ
الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:لَوْلاَ اشتِغَالِي
بِحِبَّانَ بنِ مُوْسَى لَجِئْتُكُم بِأَبِي الوَلِيْدِ
الطَّيَالِسِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ.
يَعْنِي:أَنَّهُ تَعَوَّقَ بِإِكْبَابِهِ عَلَى
تَصَانِيْفِ ابْنِ المُبَارَكِ عِنْدَ حِبَّانَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ:سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ
سُفْيَان يَقُوْلُ:إِنَّمَا فَاتَنِي يَحْيَى بنُ يَحْيَى
بِالوَالدَةِ:لَمْ تَدَعْنِي أَخْرُجُ إِلَيْهِ.
قَالَ:فَعَوَّضَنِي اللهُ بِأَبِي خَالِدٍ الفَرَّاءِ،
وَكَانَ أَسْنَدَ مِنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى.
قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ - مُحَدِّثُ
خُرَاسَانَ فِي عَصْرِهِ - مُقَدَّماً فِي الثَّبْتِ،
وَالكَثْرَةِ، وَالفَهْمِ، وَالفِقْهِ، وَالأَدَبِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ:كَانَ الحَسَنُ
مِمَّنْ رَحَلَ، وَصَنَّفَ، وَحَدَّثَ، عَلَى تَيَقُّظٍ
مَعَ صِحَّةِ الدِّيَانَةِ، وَالصَّلاَبَةِ فِي
السُّنَّةِ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
الرَّازِيُّ:لَيْسَ لِلْحَسَنِ فِي الدُّنْيَا نَظِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ بنِ
سُلَيْمَانَ يَقُوْلُ:كُنَّا عِنْدَ
(14/158)
الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، فَدَخَلَ ابْنُ
خُزَيْمَةَ، وَأَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، وَهُمْ مُتَوَجِّهُوْنَ إِلَى
فُرَاوَةَ (1) .
فَقَالَ الرَّازِيُّ:كَتَبْتُ هَذَا الطَّبَقَ مِنْ
حَدِيْثِكَ.
قَالَ:هَاتِ.
فَقَرَأَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ إِسْنَاداً فِي
إِسْنَادٍ، فَرَدَّهُ الحَسَنُ، ثُمَّ بَعْدَ قَلِيْلٍ
فَعَلَ ذَلِكَ، فَرَدَّهُ الحَسَنُ، فَلَمَّا كَانَ فِي
الثَّالِثَةِ قَالَ لَهُ الحَسَنُ:مَا هَذَا؟!قَدِ
احتَمَلْتُكَ مَرَّتَيْنِ وَأَنَا ابْنُ تِسْعِيْنَ
سَنَةً، فَاتَّقِ اللهَ فِي المشَايِخِ، فَرُبَّمَا
اسْتُجِيْبَتْ فِيْكَ دَعْوَةٌ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ:مَهْ!لاَ تُؤْذِ الشَّيْخَ.
قَالَ:إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ أَبَا
العَبَّاسِ يَعْرِفُ حَدِيْثَهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ (2) :الحَسَنُ
بنُ سُفْيَانَ سَمِعَ حِبَّانَ بنَ مُوْسَى، وَقُتَيْبَةَ،
وَابْنَ أَبِي شَيْبَةَ، كَتَبَ إِلَيَّ وَهُوَ صَدُوْقٌ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ (3) حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ:كَانَ
الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ أَدِيْباً فَقِيْهاً، أَخَذَ
الأَدَبَ عَنْ أَصْحَابِ النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ،
وَالفِقْهَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، وَكَانَ يُفْتِي
بِمَذْهَبِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ:سَمِعَ الحَسَنُ مِنِ ابْنِ رَاهْوَيْه
أَكْثَرَ(مُسْنَدِهِ)وَسَمِعَ مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ(تَفْسِيْرَهُ).
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ:حَضَرْتُ دَفْنَهُ فِي شَهْرِ
رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
__________
(1) كذا ضبطها السمعاني في " الأنساب " بضم الفاء، وتبعه
على ذلك صاحب " اللباب ". أما ياقوت فقيدها في " معجمه " 4
/ 245 بالفتح، وقال: هي بليدة من أعمال نسا، بينها وبين
دهستان وخوارزم، خرج منها جماعة من أهل العلم، ويقال لها:
رباط فراوة.
(2) في " الجرح والتعديل " 3 / 16.
(3) في الأصل " أبوالبد " وهو خطأ، وأبو الوليد هذا مترجم
في " تذكرة الحفاظ " 3 / 895.
(14/159)
مَاتَ بِقَرْيَتِهِ بَالُوْزَ، وَهِيَ
عَلَى ثَلاَثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَدِيْنَةِ نَسَا -
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى (1) - .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ
تَاجِ الأُمَنَاءِ بِأَرْبَعِيْنَ الحَسَنِ سَمَاعاً، عَنِ
المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ
بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَنِ الشَّعْرِيّ،
قَالَ:أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الخَيْرِ فَاطِمَةُ بِنْتُ
عَلِيِّ بنِ زَعْبَل سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ
الغَافِرِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ فِي صَفَرٍ
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ
الحَافِظُ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ،
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمْهُ
وَلاَ يُسْلِمْهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيْهِ كَانَ
اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ
كُرْبَةً فَرَّجَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ
القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ
يَوْمَ القِيَامَةِ (2)).
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ،
وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ فَوَافَقْنَاهُمْ
بِعُلُوٍّ.
وَبِهِ:إِلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الحَمِيْدِ بنُ بيَان السُّكَّرِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ،
عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيْدِ
بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 330 329.
(2) أخرجه مسلم (2580) في البر والصلة: باب تحريم الظلم،
وأبو داود (4893) في الأدب: باب المؤاخاة، والترمذي (1426)
في الحدود: باب ما جاء في الستر على المسلم. وأخرجه
البخاري: 5 / 71 70 في المظالم: باب لا يظلم المسلم المسلم
ولا يسلمه، من طريق يحيى بن بكير، عن الليث به.
وليس هو في " سنن النسائي " المطبوع باختصار ابن السني،
ويغلب على الظن أنه في الكبرى، فإن المنذري نسبة أيضا في
مختصر أبي داود إليه.
(14/160)
عَبَّاسٍ: عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:(مَنْ سَمِعَ
النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ، فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إِلاَّ مِنْ
عُذْرٍ (1)).
أَخْرَجَهُ:ابْنُ مَاجَه، عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ،
فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
رَوَى بِشْروَيْه بنُ مُحَمَّدٍ المُغْفِلِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَنِ الصَّفَّارُ الفَقِيْهُ،
قَالَ:كُنَّا عِنْد الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، وَقَدِ
اجتَمَعَ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ،
ارتَحَلُوا إِلَيْهِ، فَخَرَجَ يَوْماً،
فَقَالَ:اسْمَعُوْا مَا أَقُولُ لَكُمْ قَبْلَ
الإِملاَءِ:قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكُم مِنْ أَبْنَاءِ
النِّعَمِ، هَجَرْتُمُ الوَطَنَ، فَلاَ يَخْطُرَنَّ
بِبَالِكُمْ أَنَّكُمْ رَضِيْتُم بِهَذَا التَّجَشُّمِ
لِلْعِلْمِ حَقاً، فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ بِبَعْضِ مَا
تَحَمَّلْتُهُ فِي طَلَبِ العِلْمِ:
ارتَحَلْتُ مِنَ وَطَنِي، فَاتَّفَقَ حُصُوْلِي بِمِصْرَ
فِي تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِي طَلَبَةِ العِلْمِ، وَكُنَّا
نَخْتَلِفُ إِلَى شَيْخٍ أَرْفَعِ أَهْلِ عَصْرِهِ فِي
العِلْمِ مَنْزِلَةً، فَكَانَ يُمْلِي عَلَيْنَا كُلَّ
يَوْمٍ قَلِيْلاً، حَتَّى خَفَّتِ النَّفَقَةُ، وَبِعْنَا
أَثَاثنَا، فَطَوَيْنَا ثَلاَثاً، وَأَصْبَحْنَا لاَ
حِرَاكَ بِنَا، فَأَحْوَجَتِ الضَّرُوْرَةُ إِلَى كَشْفِ
قِنَاعِ الحِشْمَةِ وَبَذَلِ الوَجْهِ، فَلَمْ تَسْمَحْ
أَنْفُسُنَا فَوَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَى قُرْعَةٍ،
فَوَقَعَتْ عَلَيَّ، فَتَحَيَّرْتُ وَعَدَلْتُ،
فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَدَعَوْتُ، فَلَمْ أَفْرغْ
حَتَّى دَخَلَ المَسْجَدَ شَابٌّ مَعَهُ خَادِمٌ،
فَقَالَ:مَنْ مِنْكُمُ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ؟
قُلْتُ:أَنَا.
قَالَ:إِنَّ الأَمِيْرَ طُولُوْنَ يَقْرِئُكُمُ السَّلاَمَ
وَيَعْتَذِرُ مِنَ الغَفْلَةِ عَنْ تَفَقُّدِ
أَحْوَالِكُمُ، وَقَدْ بَعَثَ بِهَذَا وَهُوَ زَائِركُمْ
غَداً.
وَوَضَعَ بَيْنَ يَدَي كُلِّ وَاحِدٍ مائَةِ دِيْنَارٍ،
فَتَعَجَّبْنَا وَقُلْنَا:مَا القِصَّةُ؟
قَالَ:دَخَلْتُ عَلَيْهِ بُكْرَةً، فَقَالَ:أُحِبُّ أَنْ
أَخْلُوَ اليَوْمَ.
فَانصَرَفْنَا، فَبَعْدَ سَاعَةٍ طَلَبَنِي، فَأَتَيْتُهُ،
فَإِذَا بِهِ يَدُهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ لِوَجَعٍ مُمِضٍّ
__________
(1) إسناده صحيح، وقد صرح هشيم بالتحديث عند الحاكم،
وتابعه عبد الرحمن بن غزوان عنده أيضا.
وأخرجه ابن ماجه (293) في المساجد: باب التغليظ في التخلف
عن الجماعة، والدارقطني: 161، وصححه ابن حبان (426)
والحاكم: 1 / 245، ووافقه الذهبي.
(14/161)
اعتَرَاهُ، فَقَالَ لِي:تَعْرِفُ الحَسَنَ
بنَ سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ؟
قُلْتُ:لاَ.
قَالَ:اقصُدِ المَسْجَدَ الفلاَنِيَّ، وَاحمِلْ هَذِهِ
الصُّرَرَ إِلَيْهِم، فَإِنَّهُم مُنْذُ ثَلاَثَةَ
أَيَّامٍ جِيَاعٌ، وَمَهِّدْ عُذْرِي لَدَيْهِم.
فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ:انفَرَدْتُ فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ
فَارِساً فِي الهَوَاءِ، فِي يَدِهِ رُمْحٌ فَنَزَلَ إِلَى
بَابِ هَذَا البَيْتِ، وَوَضَعَ سَافِلَةَ رُمْحِهِ عَلَى
خَاصِرتِي وَقَالَ:قُمْ فَأَدْرِكِ الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ
وَأَصْحَابَهُ، قُمْ فَأَدْرِكْهُمُ، فَإِنَّهُمْ مُنْذُ
ثَلاَثٍ جِيَاعٌ فِي المَسْجَدِ الفُلاَنِيّ.
فَقُلْتُ لَهُ:مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ:أَنَا رُضْوَانُ صَاحِبُ الجَنَّة.
فَمُنْذُ أَصَابَ رُمْحَهُ خَاصِرَتِي أَصَابنِي وَجَعٌ
شَدِيدٌ فَعَجِّلْ إِيْصَالَ هَذَا المَالِ إِلَيْهِم
لِيَزُوْلَ هَذَا الوَجَعُ عَنِّي.
قَالَ الحَسَنُ:فَعَجِبْنَا وَشَكَرْنَا اللهَ،
وَخَرَجْنَا تِلْكَ اللَّيْلَة مِنْ مِصْرَ لِئَلاَّ
نَشْتَهِرَ، وَأَصْبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا وَاحِدَ
عَصْرِهِ، وَقَرِيْعَ دَهْرِهِ فِي العِلْمِ وَالفَضْلِ.
قَالَ:فَلَمَّا أَصْبَحَ الأَمِيْرُ طولُوْنَ فَأَحَسَّ
بِخُرُوْجِنَا، أَمَرَ بَابْتِيَاعِ تِلْكَ المَحَلَّةِ،
وَوَقَفَهَا عَلَى المَسْجَدِ وَعَلَى مَنْ يَنْزِلُ بِهِ
مِنَ الغُرَبَاءِ وَأَهْلِ الفَضْلِ، نَفَقَةً لَهُم،
لِئَلاَّ تَخْتَلَّ أُمُوْرُهُمْ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ
قُوَّةِ الدِّيْنِ وَصَفَاءِ العَقِيْدَةِ.
رَوَاهَا الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ فِي الرَّابِعِ مِنَ
الحِكَايَاتِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ إِذْناً، عَنِ الحَسَنِ
بنِ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيِّ، عَنْ بِشْرُوَيْه،
فَاللهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا.
وَلَمْ يَلِ طُولُوْنَ مِصْرَ، وَأَمَّا ابْنُهُ أَحْمَدُ
بنُ طُوْلُوْنَ فَيَصْغُرُ عَنِ الحِكَايَةِ، وَلاَ
أَعْرِفُ نَاقِلَهَا، وَذَلِكَ مُمْكِنٌ.
(14/162)
93 - ابْنُ رُسْتَه أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الضَّبِّيُّ *
الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رُسْتَه بنِ الحَسَنِ بنِ
عُمَرَ بنِ زَيْدٍ الضَّبِّيُّ، المَدِيْنِيُّ، مِنْ
كُبَرَاءِ أَصْبَهَانَ.
حَدَّثَ عَنْ:شَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَةَ بنِ
خَالِدٍ القَيْسِيِّ، وَأَبِي مَعْمَرٍ الهُذَلِيِّ،
وَسُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيِّ - وَفِي دَارِهِم نَزَلَ
الشَّاذَكُوْنِيُّ لَمَّا قَدِمَ - وَمُحَمَّدِ بنِ
حُمَيْدٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ:أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ المَرْزُبَانِ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَرَّخَهُ
أَبُو القَاسِمِ ابْنُ مَنْدَةَ.
94 - ابْنُ فَرَحٍ أَحْمَدُ بنُ فَرَحِ بنِ جِبْرِيْلَ
العَسْكَرِيُّ **
العَلاَّمَةُ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُفَسِّرُ، أَبُو
جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ فَرَحِ بنِ جِبْرِيْلَ
العَسْكَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الضَّرِيْرُ.
تَلاَ عَلَى:البَزِّي، وَالدُّوْرِيِّ.
وَحَدَّثَ عَنْ:عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ
بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ:ابْنُ سَمْعَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ
الخُتُّلِيُّ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ خَلْقٌ، مِنْهُمُ:زَيْدُ بنُ أَبِي
بِلاَلٍ، وَعُمَرُ بنُ بَيَانٍ، وَأَبُو بَكْرٍ
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 226 225، طبقات المحدثين
بأصبهان: لوحة 231.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 346 345، العبر: 2 / 125، طبقات
القراء للذهبي: 1 / 194، طبقات القراء للجزري: 1 / 96 95،
النشر في القراءات العشر: 1 / 134، شذرات الذهب: 2 / 241.
(14/163)
النَّقَاشُ، وَابْنُ أَبِي هَاشِمٍ.
وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، ذَا فنُوْنٍ.
مَاتَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
95 - ابْنُ نَاجِيَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ البَرْبَرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاجِيَةَ بنِ نَجَبَةَ
البَرْبَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ:سُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَأَبَا مَعْمَرٍ
الهُذَلِيَّ، وَعَبْدَ الوَاحِدَ بنَ غِيَاثٍ، وَعَبْدَ
الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ النَّرْسِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ
أَبِي شَيْبَةَ، وَبَنْدَاراً، وَطَبَقَتهُم.
وَصَنَّفَ وَجَمَعَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو
القَاسِمِ ابْنُ النَّخَّاسِ المُقْرِئُ، وَإِسْحَاقُ
النِّعَالِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ الحَافِظُ،
وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ إِمَاماً، حُجَّةً، بَصِيْراً بِهَذَا الشَّأْنِ،
لَهُ(مُسْنَدٌ)كَبِيْرٌ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ
البَرِّ:نَاوَلَنِي خَلَفُ بنُ القَاسِمِ(مُسْنَدَ ابْنِ
نَاجِيَّةِ)، وَهُوَ فِي مائَةِ جُزْءٍ وَاثنَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ جُزْءاً، بِرِوَايَتِهِ عَنْ سَلمِ بنِ
الفَضْلِ عَنْهُ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 105 104، المنتظم: 6 / 125، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 1،
تذكرة الحفاظ: 2 / 697 696، العبر: 2 / 119، طبقات الحفاظ:
302، شذرات الذهب: 2 / 235، الرسالة المستطرفة: 71.
(14/164)
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً،
ثَبْتاً.
تُوُفِّيَ:فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ،
أَخْبَرَنَا زينُ الأُمَنَاءِ حَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الحَسَنِ بنُ العَلاَّفِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ
بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاجِيَةَ،
حَدَّثَنَا وَهْبُ بنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ
الوَاسِطِيُّ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ طَرِيْفٍ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ - :
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
نَهَى أَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ
قَبْلَ العِشَاءِ وَبَعْدَهَا، يُغَلِّطُ أَصْحَابَهُ فِي
الصَّلاَةِ، وَالقَوْمُ يُصَلُّوْنَ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ (2) ، فِيْهِ
النَّهْيُ عَنْ قِرَاءةِ الأَسْبَاعِ التِي فِي
المَسَاجِدِ وَقْتَ صَلوَاتِ النَّاسِ فِيْهَا، فَفِي
ذَلِكَ تَشْوِيْشٌ بَيِّنٌ عَلَى المُصَلِّيْنَ، هَذَا
إِذَا قَرَؤُوا قِرَاءةً جَائِزَةً مُرَتَّلَةً، فَإِنْ
كَانَتْ قِرَاءتُهُم دَمْجاً وَهَذْرَمَةً (3) وَبَلْعاً
__________
(1) في " تاريخ " 10 / 104.
(2) كيف يكون صالح الإسناد وفيه الحارث بن عبد الله
الهمداني الاعور، وقد ضعفه غير واحد من العلماء، منهم
المصنف في " الميزان " 1 / 435، لكن معنى الحديث قد ثبت من
وجه آخر، فقد أخرج أبو داود في سننه (1332) في الصلاة: باب
في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، من طريق عبد الرزاق،
عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد
قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد،
فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: " ألا إن كلكم
مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض
في القراءة " أو قال: " في الصلاة ". وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 101 في العمل في القراءة،
من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي، عن أبي حازم التمار، عن البياضي أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم خرج على الناس، وهم يصلون، وقد علت أصواتهم
بالقراءة، فقال: " إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه
به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن ". وإسناده صحيح أيضا.
(3) في " اللسان ": " الهذرمة: السرعة في القراءة، قال ابن
عباس: لان أقرأ القرآن في ثلاث أحب إلي من أن أقرأه في
ليلة هذرمة ".
(14/165)
لِلْكَلِمَاتِ، فَهَذَا حَرَامٌ مُكَرَّرٌ،
فَقَدْ - وَاللهِ - عَمَّ الفَسَادُ، وَظَهَرَتِ البِدَعُ،
وَخَفِيَتِ السُّنَنُ، وَقَلَّ القَوَّالُ بِالْحَقِّ،
بَلْ لَوْ نَطَقَ العَالِمُ بَصِدْقٍ وَإِخْلاصٍ
لَعَارَضَهُ عِدَّةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الوَقْتِ،
وَلَمَقَتُوهُ وَجَهَلُوْهُ - فَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ
إِلاَّ بِاللهِ - .
96 - ابْنُ شِيْرَوَيْه عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
القُرَشِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
شِيْرَوَيْه بنِ أَسَدٍ القُرَشِيُّ، المَطْلَبِيُّ،
النَّيْسَابُوْرِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ:سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَعَمْرَو بنَ
زُرَارَة، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيَّ،
وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَهَنَّادَ
بنَ السَّرِيِّ، وَابْنَ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيَّ،
وَخَالِدَ بنَ يُوْسُفَ السَّمْتِيَّ، وَأَبَا سَعِيْدٍ
الأَشَجَّ، وَطَبَقَتهُم.
وَسَمِعَ(المُسْنَدَ)كُلَّهُ مِنْ إِسْحَاقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَأَبُو عَلِيٍّ
الحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو
عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ:ابْنُ شِيْرَوَيْه الفَقِيْهُ أَحَدُ
كُبَرَاءِ نَيْسَابُوْرَ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ
تَدُلُّ عَلَى عَدَالَتِهِ وَاسْتِقَامَتِهِ، رَوَى عَنْهُ
حُفَّاظُ بَلَدِنَا...، ثُمَّ سَمَّى جَمَاعَةً،
وَقَالَ:وَاحتَجُّوا بِهِ.
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَامِدٍ:سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ
اللهِ العَبْدَوِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ
شِيْرَوَيْه يَقُوْلُ:
قَالَ لِي بُنْدَارُ:يَا ابْنَ شِيْرَوَيْه، اعرِضْ
عَلَيَّ مَا كَتَبْتَهُ عَنِّي، فَقَدْ أَكْثَرْتَ عَنِّي.
قَالَ:فَجَمَعْتُ مَا كَتَبْتُهُ عَنْهُ فِي
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122
/ 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 706 705، العبر: 2 / 129، طبقات
الحفاظ: 305، شذرات الذهب: 2 / 246.
(14/166)
أَسْفَاطٍ، وَحَمَلْتُهَا إِلَيْهِ عَلَى
ظَهْرِ حَمَّالٍ، فَنَظَرَ فِيْهَا، وَقَالَ:أَفْلَسْتَنِي
وَأَفْلَسَكَ الوَرَّاقُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ الخَضِرِ الشَّافِعِيُّ:سَمِعْتُ ابْنَ
خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَرَى عَبْدَ اللهِ بنَ شِيْرَوَيْه يُنَاظِرُ
وَأَنَا صَبِيُّ، فَكُنْتُ أَقُولُ:تُرَى!أَتَعَلَّمُ
مِثْلَ مَا تَعَلَّمَ ابْنُ شِيْرَوَيْه قَطُّ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعَ ابْنُ شِيْرَوَيْه بِالحِجَازِ
كِتَابَ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ مِنَ العَدَنِيِّ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ:كَانَ إِسْحَاقُ
لاَيُعِيْدُ لأَحَدٍ، وَأَنَا أَتَعَجَّبُ كَيْفَ لَمْ
يَفُتْهُ - يَعْنِي:ابْنَ شِيْرَوَيْه - شَيْءٌ (1)
مِنَ(المُسْنَدِ)؟!
ثُمَّ قَالَ:لَقَدْ رَأَيْتُ لَهُ مَنْزِلَةً عِنْدَ
إِسْحَاقَ لِمَكَانِ أَبِيْهِ.
قُلْتُ:جَدُّهُمْ شِيْرَوَيْه هُوَ:ابْنُ أَسَدِ بنِ
أَعْيَنَ بنِ يَزِيْدَ بنِ رُكَانَةَ بن عَبْدِ يَزِيْدَ
بنِ هَاشِمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ
قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ المُطَّلِبِيُّ.
وَرُكَانَةُ (2) :صَحَابِيٌ مَشْهُوْرٌ، مُفْرِطُ القِوَى،
صَارَعَهُ فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ
المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ:أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ
بنُ شِيْرَوَيْه، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا
ابنُ إِدْرِيْسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ
__________
(1) في الأصل " شيئا " وهو خطأ.
(2) أخرج أبو داود (4078) في اللباس: باب في العمائم،
والترمذي (1784) في اللباس: باب العمائم على القلانس،
كلاهما من طريق قتيبة بن سعيد، عن محمد بن ربعة، عن أبي
الحسن العسقلاني، عن أبي جعفر محمد بن ركانة، عن أبيه أن
ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله
عليه وسلم، قال ركانة: وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول: " فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس "
قال الترمذي: هذا حديث غريب، وإسناده ليس بالقائم، ولا
نعرف أبا الحسن العسقلاني، ولا ابن ركانة، وانظر " الإصابة
" 1 / 520، 521.
(14/167)
وَمَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
الفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا،
وَالبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا
صُمَاتُهَا (1)).
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ:أَخْبَرْنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو المكَارِمِ التَّيْمِيُّ،
أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ شِيْرَوَيْه،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
سَلَمَةَ، وَالمُحَارِبِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بنِ صَالِحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
عَرَضْتُ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلاَثَ
عَرْضَاتٍ، أَقِفُهُ عَلَى كُلِّ آيَةٍ أَسْأَلُهُ:فِيْمَ
نَزَلَتْ، وَكَيْفَ كَانَتْ (2) ؟
مَاتَ ابْنُ شِيْرَوَيْه:سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
97 - عَبْدَانُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ
زِيَادٍ الأَهْوَازِيُّ *
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو
__________
(1) أخرجه الامام مالك في " الموطأ " 2 / 62 في النكاح:
باب استئذان البكر والايم في أنفسهما، ومسلم (1421) في
النكاح: باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر
بالسكوت، والترمذي (1108) في النكاح: باب ما جاء في
استئمار البكر والثيب، وأبو داود (2098) في النكاح: باب في
الثيب، والنسائي: 6 / 84 في النكاح: باب استئذان البكر في
نفسها.
(2) رجاله ثقات، وأخرجه الطبري في تفسيره: 1 / 40 من طريق
أبي كريب، حدثنا المحاربي ويونس بن بكير، كلاهما عن ابن
إسحاق بهذا الإسناد. وروى الطبري: 1 / 40 من طريق أبي
كريب، عن طلق بين غنام، عن عثمان بن الأسود بن موسى المكي،
عن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير
القرآن، ومعه الواحد، فيقول له ابن عباس: اكتب.
قال حتى سأله عن التفسير كله. وهذا سند صحيح.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 379 378، الأنساب: 139 / أ، تاريخ
ابن عساكر: 8 / 512 / ب، المنتظم: 6 / 151 150، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 119 / 2،
تذكرة الحفاظ: 2 / 689 688، العبر: 2 / 133، مرآة الجنان:
=
(14/168)
مُحَمَّدٍ الأَهْوَازِيُّ،
الجَوَالِيقِيُّ، عَبْدَانُ صَاحِبُ المُصَنَّفَاتِ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ،
وَشَيْبَانَ بنَ فَرُّوْخٍ، وَطَالُوْتَ بنَ عَبْدَانَ،
وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ السُّلَمِيَّ، وَسَهْلَ بنَ
عُثْمَانَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبَا
كَامِلٍ الجَحْدَرِيَّ، وَخَلِيْفَةَ بنَ خَيَّاطٍ،
وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَزَيْدَ بنَ الحَرِيْشِ،
وَمَسْرُوْقَ بنَ المَرْزُبَانِ، وَيَعْقُوْبَ
الدَّوْرَقِيَّ، وَعُبَيْدَ بنَ يَعِيْشَ، وَأَحْمَدَ بنَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَحْشَلَ، وَحُمَيْدَ بنَ مَسْعَدَةَ،
وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَأَبَا الطَّاهِرِ
بنَ السَّرْحِ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى، وَابْنَ أَبِي
عُمَرَ العَدَنِيَّ، وَعِيْسَى بنَ زُغْبَةَ، وَأَبَا
كُرَيْبٍ، وَوَهْبَ بنَ بيَانٍ، وَبَنْدَاراً، وَخَلْقاً
سِوَاهُم بِالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ،
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ قَانِعٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ،
وَحَمْزَةُ الكِنَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مِيكَالَ، وَآخَرُوْنَ.
وَارْتَحَلَ إِلَيْهِ الحُفَّاظُ إِلَى عَسْكَرِ مُكْرَمِ،
وَهِيَ قَرِيْبَةٌ مِنَ البَصْرَةِ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ
يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ
أَرْبَعَةً:إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ -
يَعْنِي:رَفِيْقَ مُسْلِمٍ - وَابْنَ خُزَيْمَةَ
بِنَيْسَابُوْرَ، وَالنَّسَائِيَّ بِمِصْرَ، وَعَبْدَانَ
بِالأَهْوَازِ.
قَالَ:فَأَمَّا عَبْدَان فَكَانَ يَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ
حَدِيْثٍ، مَا رَأَيْتُ فِي المَشَايِخِ أَحْفَظَ مِنْهُ!
وَقَالَ حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ:سَمِعْتُ
عَبْدَان يَقُوْلُ:
دَخَلتُ البَصْرَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ مَرَّةً مِنْ أَجْلِ
حَدِيْثِ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَجَمَعْتُ مَا
يَجْمَعُهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ - يَعْنِي:مِنْ حَدِيْثِ
الكِبَارِ - قَالَ:إِلاَّ حَدِيْثَ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ
لَمْ
__________
= 2 / 249، النجوم الزاهرة: 3 / 195، طبقات الحفاظ: 299،
شذرات الذهب: 2 / 249، الرسالة المستطرفة: 96، تهذيب ابن
عساكر: 7 / 287 - 288.
(14/169)
يَكُنْ عِنْدِي(المُوَطَّأُ)بِعُلُوٍّ
وَإِلاَّ حَدِيْثَ أَبِي حُصَيْنٍ.
قَالَ حَمْزَةُ:وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:جَمَعْتُ لِبِشْرِ
بنِ المُفَضَّلِ سِتَّ مائَةِ حَدِيْثٍ، مَنْ شَاءَ
يَزِيْدُ عَلَيَّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:كَانَ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيِّ لاَ يُسَامِحُ فِي المُذَاكَرَةِ بَلْ
يُوَاجِهُ بِالرَّدِّ فِي المَلأِ فَوَقَعَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ عَبْدَانَ لِذَلِكَ، فَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ
يَقُوْلُ:أَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَبْدَان، فَقُلْتُ
لَهُ:اللهَ اللهَ!تَحْتَالُ لِي فِي حَدِيْثِ سَهْلِ بنِ
عُثْمَانَ العَسْكَرِيِّ، عَنْ جُنَادَةَ، عَنْ عُبَيْدِ
اللهِ بنِ عُمَرَ.
فَقَالَ:قَدْ حَلَفَ الشَّيْخُ أَنْ لاَ يُحَدِّثَ بِهَذَا
الحَدِيْث وَأَنْتَ بِالأَهْوَازِ.
قَالَ:فَأَصْلَحْتُ شأنِي لِلسَّفَرِ، وَوَدَّعْتُ
الشَّيْخَ، وَشَيَّعَنِي أَصْحَابُنَا، ثُمَّ اختَفَيْتُ
إِلَى يَوْمِ المَجْلِسِ، ثُمَّ حَضَرْتُ مُتَنَكِّراً لاَ
يَعْرِفُنِي أَحَدٌ، فَأَملَى عَبْدَان الحَدِيْثَ،
وَأَمْلَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ قَدِ امتَنَعَ
عَلَيَّ مِنْهَا.
ثُمَّ بَلَغَهُ بَعْدُ أَنِّي كُنْتُ فِي المَجْلِسِ
فَتَعَجَّبَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ:أَخْبَرَنَا عَبْدَان
بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ، وَكَانَ عَسِراً نَكِداً.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ:كُنَّا
عِنْدَ عَبْدَان، فَقَالَ:مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يَجِبْ
فَقَدْ عَصَى اللهَ - بِفَتْحِ اليَاءِ - .
فَقَالَ لَهُ ابْنُ سُرَيْج:إِنْ رَأَيْتَ أَنْ
تَقُولُ:يُجِبْ.
فَأَبَى، وَعَجِبَ مِنْ صَوَابِ ابْنِ سُرَيْجٍ (1) ،
كَمَا عَجِبَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ خَطَئِهِ (2) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ:عَبْدَان كَبِيْرُ
الاسْمِ، قَالَ لِي:جَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
غَالِبٍ، فَذَهَبَ إِلَى شَاذَانَ الفَارِسِيِّ فَلَمْ
يَلْحَقْهُ، فَعَطَفَ إِلَى ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ
بِأَصْبَهَانَ، ثُمَّ جَاءَنِي فَقَالَ:فَاتَنِي شَاذَانُ،
وَذَهَبْتُ إِلَى ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ فَلَمْ أَرَهُ
مَلِيْئاً بِحَدِيْثِ البَصْرَةِ، وَجِئْتُكُ لأَكْتُبَ
حَدِيْثهُم عَنْكَ لأَنَّكَ مَلِيءٌ
__________
(1) في الأصل " جريج " وهو خطأ.
(2) الخبر في " المحدث الفاصل " ص 527، و" الكفاية " ص
188.
(14/170)
بِهِم. فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ حَدِيْثهُمْ،
وَقَاطَعْتُهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مائَةِ حَدِيْثٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ:حَدَّثَنَا عَبْدَان، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَمْرِو بنِ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ،
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
كَذَا قَالَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرو بن سَوَّادٍ (1) ،
كَانَ عَبْدَان يُخطِئُ فِيْهِ فَيَقُوْلُ مَرَّة كَمَا
ذكرنَا، وَمرَّة يَقُوْلُ:مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو.
وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرو بن سَوَّادٍ، وَكَانَتْ هيبَةُ
عَبْدَان تَمْنَعُنَا أَن نَقُوْل لَهُ.
وَحَدَّثَنَا بِحَدِيْثٍ فِيْهِ أَشْرَسُ، فَقَالَ:رشرس.
فتوقفتُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ:
ورد العَسْكَرَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ سُرَيْج وَأَنَا
بِهَا، فَقصدتُهُ، فَقَالَ لِي:سَلْ إِذَا حضَرتَ
عَبْدَان.
قَالَ:فَدَخَلَ فَسَأَلتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَنْ حَدِيْث،
فَقَالَ:حَدَّثَنَا بِهِ القُطَعِيُّ:أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ البُرْسَانِي، حَدَّثَنَا ابْنُ
عَوْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِم، عَنْ
أَبِيْهِ:فِي رَفعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ إِذَا
رَكَعَ وَرَفَعَ (2) .
قَالَ الحَاكِمُ:فَقُلْتُ لأَبِي عَلِيٍّ:مَا عِلَّة
هَذَا؟
قَالَ:لاَ أَدْرِي.
قُلْتُ:لَعَلَّهُ ابْنُ جُرَيْج بَدلَ ابْن عَوْنٍ.
قَالَ:لَيْسَ ذَا عِنْد البُرْسَانِي، عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ.
ثُمَّ قَالَ:وَعَبْدَانُ ثَبْتٌ، وَحَدَّثَنَا بِهِ مِنْ
أَصل كِتَابهِ.
قِيْلَ:وَسَرَقَهُ
__________
(1) بتشديد الواو كما في " التقريب ". هو عمرو بن سواد بن
الأسود بن عمرو بن محمد ابن عبد الله بن سعد بن أبي سرح
العامري السرحي. كان ثقة، توفي سنة خمس وأربعين ومئتين.
انظر " تهذيب التهذيب " 8 / 46 45.
(2) حديث رفع اليدين رواه البخاري: 2 / 183 181 في صفة
الصلاة: باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح
سواء، وباب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع، وباب
إلى أين يرفع يديه، وباب رفع اليدين إذا قام من الركعتين.
وأخرجه مسلم (390) في الصلاة: باب استحباب رفع اليدين حذو
المنكبين..، ومالك في " الموطأ " 1 / 97: باب ما جاء في
افتتاح الصلاة، كلهم عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع
يديه حتى يحاذي منكبيه، وقيل أن يركع، وإذا رفع من الركوع،
ولا يرفعهما بين السجدتين.
(14/171)
الحَسَنُ بنُ عُثْمَانَ التُّسْتَرِيّ،
فَرَوَاهُ عَنِ القُطَعِيّ.
قُلْتُ:عَبْدَانُ حَافِظٌ صَدُوْقٌ، وَمَنِ الَّذِي
يَسْلَمُ مِنَ الوَهمِ؟!عَاشَ تِسْعِيْنَ عَاماً
وَأَشهراً، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقع إِلَيَّ ثَلاَثَةُ أَجزَاءٍ مِنْ حَدِيْثِهِ
بِعُلُوّ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَام:فَقِيْهُ العَصْر أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ سُرَيْج بِبَغْدَادَ،
وَمسندُ العِرَاقِ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيّ، وَالمُسْنِدُ
عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ زَاطِيَا، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ
بنُ خَلَفٍ وَكِيْعٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ
الأَسَدِيُّ - مُحَدِّثُ قَزْوينَ، وَشَيْخُ الطَّرِيْقِ
أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الجلاَّء.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَسَاكِرَ
بِقِرَاءتِي، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى، حَدَّثَنَا طَالُوْتُ - هُوَ ابْنُ
عَبَّاد - حَدَّثَنَا حَرْبُ بنُ سُرَيْج، حَدَّثَنَا
أَبُو المهزِّم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
أَوْصَانِي خَلِيلِي أَبُو القَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلاَث:الغُسْلِ فِي كُلِّ يَوْمِ
جُمُعَة، وَالوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصَوْمِ ثَلاَثَةِ
أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ.
متنُهُ مَحْفُوْظ (1) ، وَأَبُو المهزِّمِ يَزِيْدُ بنُ
سُفْيَانَ، مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ (2) ،
__________
(1) فقد أخرجه البخاري: 3 / 47 في التطوع: باب صلاة الضحى
في الحضر، وفي الصوم: باب صيام أيام البيض، ومسلم (721) في
صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، وأبو داود (1432) في الصلاة:
باب في الوتر قبل النوم، والترمذي (760) في الصوم: باب ما
جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر، والنسائي: 3 / 229 في
قيام الليل: باب الحث على الوتر قبل النوم، كلهم من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أوصاني خليلي صلى الله عليه
وسلم بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى،
وأن أوتر قبل أو أرقد ".
وأما الغسل في كل يوم جمعه، فقد أخرجه البخاري: 2 / 318،
ومسلم (849) من حدث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: " حق لله
على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام، يغسل رأسه وجسده ".
(2) انظر " ميزان الاعتدال ": 4 / 426.
(14/172)
وَالعجبُ أَنَّ شُعبَةَ يَرْوِي عَنْهُ،
مَا أَظُنُّه تبيَّنَ لَهُ حَالُه - وَاللهُ أَعْلَمُ - .
98 - ابْنُ الصَّقْرِ أَحْمَدُ بنُ الصَّقْرِ بنِ
ثَوْبَانَ الطَّرَسُوْسِيُّ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو سَعِيْدٍ
أَحْمَدُ بنُ الصَّقْرِ بنِ ثَوْبَانَ الطَّرَسُوْسِيّ،
ثُمَّ البَصْرِيُّ، المُسْتَمْلِي.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي كَامِل الجَحْدَرِي، وَمُحَمَّدِ بنِ
مُوْسَى الحَرَشِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ، وَكَانَ
مُسْتَملِي ابْنِ بَشَّار (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو
الفَتْحِ الأَزْدِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، وَغَيْرهُم.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
99 - ابْنُ الصَّقْرِ عَبْدُ اللهِ بنُ الصَّقْرِ بنِ
نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ **
هُوَ:الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ
بنُ الصَّقْرِ بنِ نَصْرٍ البَغْدَادِيّ، السُّكَّرِيُّ.
سَمِعَ:إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيَّ،
وَعَبْدَ الأَعْلَى النَّرْسِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ
المُنْذِرِ.
وَعَنْهُ:الخُلْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ،
وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَجَمَاعَةٌ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 206، طبقات القراء للجزري: 1 / 63.
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 206: وكان مستملي بندار.
(* *) تاريخ بغداد: 9 / 483 482، المنتظم: 6 / 129، طبقات
القراء للجزري: 1 / 423.
(14/173)
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ (1) ،
وَقَالَ:تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى، سنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
100 - أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى
التَّمِيْمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو يَعْلَى
أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى بنِ يَحْيَى بنِ
عِيْسَى بنِ هِلاَلٍ التَّمِيْمِيُّ، المَوْصِلِيُّ،
مُحَدِّثُ المَوْصِلِ،
وَصَاحِبُ(المُسْنَدِ)وَ(المُعْجَم).
وُلِدَ:فِي ثَالثِ شَوَّالٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ،
فَهُوَ أَكْبَرُ مِنَ النَّسَائِيِّ بِخَمْسِ سِنِيْنَ،
وَأَعْلَى إِسْنَاداً مِنْهُ.
لقِي الكِبَارَ، وَارْتَحَلَ فِي حَدَاثَتِهِ إِلَى
الأَمصَارِ بِاعتنَاء أَبِيْهِ وَخَالِهِ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ أَبِي المُثَنَّى، ثُمَّ بِهِمَّتِهِ
العَالِيَةِ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَحْمَدَ بنِ حَاتِم الطَّوِيْلِ،
وَأَحْمَدَ بنِ جَمِيلٍ، وَأَحْمَدَ بنِ عِيْسَى
التُّسْتَرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
المَوْصِلِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَأَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ
السَّامِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ النِّيلِيِّ
صَاحِبِ سَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيعٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ
اللهِ الهَرَوِيِّ، وإِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ سَبَلاَنَ،
وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَإِسْحَاقَ بنِ
مُوْسَى الخَطْمِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
الطَّالْقَانِيِّ، وَأَبِي مَعْمرٍ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الهُذَلِيِّ، وَأَبِي
__________
(1) في " تاريخه " 9 / 483.
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122
/ 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 708 707، العبر: 2 / 134، دول
الإسلام: 1 / 186، الوافي بالوفيات: 7 / 241، مرآة الجنان:
2 / 249، البداية والنهاية: 11 / 130، النجوم الزاهرة: 3 /
197، طبقات الحفاظ: 306، مفتاح السعادة: 2 / 16، الرسالة
المستطرفة: 71.
(14/174)
إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلَ
التَّرْجُمَانِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
خَالِدٍ القُرَشِيِّ، وأَيُّوْبَ بنِ يُوْنُسَ
البَصْرِيِّ:عَنْ وُهَيْبٍ، وَالأَزْرَقِ بنِ عَلِيٍّ
أَبِي الجَهْمِ، وَأُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ.
وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ، وَبِشْرِ بنِ
هِلاَلٍ، وَبَسَّامِ بنِ يَزِيْدَ النقَّالِ.
وَجَعْفَرِ بنِ مِهْرَانَ السَّبَّاكِ، وَجُبارَةَ بنِ
المُغَلِّسِ، وَجَعْفَرِ بنِ حُمَيْدٍ الكُوْفِيِّ.
وحَوْثَرَةَ بنِ أَشْرَسَ العَدَوِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ
عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَالحَكَمِ بنِ مُوْسَى،
وَالحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَالحَارِثِ بنِ سُرَيْجٍ،
وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ الحُلْوَانِيِّ، وَحَجَّاجِ بنِ
الشَّاعِرِ.
وخَلَفِ بنِ هِشَامٍ البَزَّارِ، وَخَالِدِ بنِ مِرْدَاسٍ،
وَخَلِيْفَةَ بنِ خَيَّاطٍ.
وَدَاوُدَ بنِ عَمْرٍو الضَّبِّيِّ، وَدَاوُدَ بنِ
رُشَيْدٍ.
وَرَوحِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ المُقْرِئِ، وَالرَّبِيْعِ
بنِ ثَعْلَبٍ.
وَأَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ
يَحْيَى زَحْمُوْيَه، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى
الرَّقَاشِيِّ، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى الكِسَائِيِّ
الكُوْفِيِّ، وَأَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ.
وَأَبِي الرَّبِيْعِ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ
الخُتُّلِيِّ، وَأَبِي أَيُّوْبَ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ
الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ
المُبَاركِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ،
وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي الرَّبِيْعِ السَّمَّانِ، وَسَعِيْدِ
بنِ مُطَرّفٍ البَاهِلِيِّ، وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ،
وَسَهلِ بنِ زَنْجَلَةَ الرَّازِيِّ.
وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوخٍ.
وَالصَّلْتِ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَصَالِحِ بنِ
مَالِكٍ الخُوَارِزْمِيِّ،
(14/175)
وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
أَسْمَاءَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيِّ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلَمَةَ البَصْرِيِّ، عَنْ أَشعَثَ
بنِ بَرَازٍ الهُجَيْمِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ
الخَرَّازِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ بَكَّارٍ البَصْرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
عُمَرَ مُشْكُدَانَةَ (1) ، وَعُبيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ
القَوَارِيْرِيِّ، وَعُبَيدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ سَلاَّمٍ الجُمَحِيِّ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ صَالِحٍ الأَزْدِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ
عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمَّارِ،
وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ غِيَاثٍ، وَعَبْدِ الغَفَّارِ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ
حَمَّادٍ النَّرْسِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَعَلِيِّ
بنِ حَمْزَةَ المِعْوَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ،
وَعَمْرٍو النَّاقِدِ، وَعَمْرِو بنِ الحُصَيْنِ،
وَعَمْرِو بنِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَعِيْسَى بنِ
سَالِمٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَسَّانَ بنِ
الرَّبِيْعِ، وَالفَضْلِ بنِ الصَّبَّاحِ، وقَطَنِ بنِ
نُسَيْرٍ، وكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ.
وَمُصعبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمَنْصُوْرِ بنِ أَبِي
مُزَاحِمٍ، وَمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ، وَمَسْرُوْقِ بنِ
المَرْزُبَانِ، وَالمُنتجعِ بنِ مُصْعَبٍ - بَصرِيٍّ -
وَمُوْسَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ
مِنْهَالٍ الضَّرِيْرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِنْهَالٍ
الأَنْمَاطِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ
المُقَدَّمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ
القَطَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَامِعٍ
__________
(1) كذا ضبطه الحافظ في " التقريب " بضم الميم والكاف
بينهما معجمة ساكنة وبعد الالف نون، وجاء في " خلاصة
التذهيب " (مسكدانه) بالسين المهملة. وانظر ترجمته في "
العبر " 1 / 430.
(14/176)
العَطَّارِ - وَضَعَّفَهُ - وَمُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ
مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ
البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ المَكِّيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ المُسَيِّبِيِّ، وَأَبِي
كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدِ بنِ
خَالِدٍ الطَّحَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمَّارٍ المَوْصِلِيِّ.
وَنُعَيْمِ بنِ الهَيْصَمِ.
وهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَهَارُوْنَ بنِ مَعْرُوْفٍ،
وَهَاشِمِ بنِ الحَارِثِ، وَالهُذَيْلِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
الجُمَّانِيِّ.
ووَهْبِ بنِ بَقِيَّةَ.
وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ
المَقَابرِيِّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيِّ، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ سِوَاهُم، مَذْكُوْرينَ فِي(مُعْجَمِهِ).
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ:أَخْبَرَنَا هِبَةُ
اللهِ الأَبَرْقُوْهِيُّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ:
أَنَّ وَالدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ رَحَلَ
إِلَى أَبِي يَعْلَى، وَقَالَ لَهُ:إِنَّمَا رَحَلتُ
إِلَيْكَ لإجمَاعِ أَهْلِ العَصْرِ عَلَى ثِقَتِكَ
وَإِتْقَانِكَ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ:سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ
أَبِي يَعْلَى، فَقَالَ:ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ:الحَافِظُ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ
النَّسَائِيُّ فِي(الكُنَى)، فَقَالَ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بنُ المُثَنَّى، نِسبَة إِلَى جَدِّه، وَالحَافِظُ أَبُو
زَكَرِيَّا يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو
حَاتِمٍ حِبَّانُ، وَأَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو
عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
وَحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ السُّنِّيِّ، وَأَبُو
عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ، وَأَبُوْهُ، وَأَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ،
وَالقَاضِي يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ المَيَانَجِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ النَّخَّاسُ -
(14/177)
بِمُعْجَمةٍ - وَنَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
الخَلِيْلِ المَرْجِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ فِي(تَارِيْخ
المَوْصِلِ):وَمِنْهُم أَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ.
فَذَكَرَ نَسَبَهُ وَكِبارَ شُيوخِهِ، وَقَالَ:كَانَ مِنْ
أَهْلِ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، وَالدِّينِ وَالحِلمِ،
رَوَى عَنْ:غَسَّان بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُعَلَّى بنِ
مَهْدِيٍّ، وَغَيرِهِمَا مِنَ المَوَاصِلَةِ، إِلَى أَنْ
قَالَ:
وَهُوَ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، صَنّفَ (المُسْنَدَ)
وَكُتُباً فِي الزُّهْدِ وَالرقَائِقِ، وَخَرَّجَ
الفَوَائِدَ، وَكَانَ عَاقِلاً، حَلِيماً صَبُوْراً، حَسنَ
الأَدبِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ ابْنَ
قُدَامَةَ:سَمِعْتُ سُفْيَان يَقُوْلُ:
مَا تمتَّعَ مُتمتِّعٌ بِمثلِ ذِكْرِ اللهِ، قَالَ دَاوُدُ
- عَلَيْهِ السَّلاَمُ - :مَا أَحْلَى ذكرَ اللهِ فِي
أَفْوَاهُ المتعبِّدينَ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى:حَدَّثَنَا ابْنُ
زَنْجُوَيْه:سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ
يَقُوْلُ:الرَّافِضيُّ عِنْدِي كَافِر.
وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي عَمْرٍو بنِ
حَمْدَانَ:أَنَّهُ كَانَ يُفضِّلُ أَبَا يَعْلَى
المَوْصِلِيَّ عَلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، فَقِيْلَ
لَهُ:كَيْفَ تُفَضِّلُهُ وَ(مُسنَدُ الحَسَنِ)أَكْبَرُ،
وَشُيُوخُهُ أَعْلَى؟
قَالَ:لأَنَّ أَبَا يَعْلَى كَانَ يُحَدِّث احتسَاباً،
وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ كَانَ يُحَدِّثُ اكتسَاباً.
وَقَدْ وَثَّقَ أَبَا يَعْلَى:أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ،
وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ:هُوَ مِنَ المُتْقِنِيْنَ
المُوَاظِبينَ عَلَى رِعَايَةِ الدِّينِ وَأَسبَابِ
الطَّاعَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:مَا سَمِعْتُ مُسنَداً عَلَى
الوَجْهِ إِلاَّ(مُسنَدَ أَبِي يَعْلَى)؛لأَنَّه كَانَ
يُحَدِّثُ للهِ - عَزَّ وَجَلَّ - .
قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ:سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ بنَ
حَمْزَةَ يُثْنِي عَلَى(مُسنَدِ أَبِي يَعْلَى)،
وَيَقُوْلُ:مَنْ كَتَبَهُ قَلَّ مَا يَفوتُهُ مِنَ
الحَدِيْثِ.
(14/178)
قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ:سَمِعْتُ أَبَا
يَعْلَى يَقُوْلُ:عَامَّةُ سَمَاعِي بِالبَصْرَةِ مَعَ
أَبِي زُرْعَةَ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ:أَبُو
يَعْلَى أَحَدُ الثِّقَاتِ الأَثبَاتِ، كَانَ عَلَى رَأْي
أَبِي حَنِيْفَةَ.
قُلْتُ:نَعَم، لأَنَّه أَخَذَ الفِقْهَ عَنْ أَصْحَابِ
أَبِي يُوْسُفَ.
قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ:أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى
بنِ عِيْسَى بنِ هِلاَلِ بنِ دِيْنَارٍ التَّمِيْمِيُّ
أَبُو يَعْلَى أَحَدُ الثِّقَات، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي (كَامِلِهِ (1))
فِي ذِكرِ مُحَمَّدٍ الطُّفَاوِيِّ:سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى
يَقُوْلُ:عِنْدِي عَنْ أَبِي
خَيْثَمَةَ(المُسْنَدُ)وَ(التَّفْسِيْرُ)،
وَالمَوْقُوَفَاتُ، حَدِيْثُهُ كُلُّه.
وَقَدْ وَصف أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ أَبَا يَعْلَى
بِالإِتْقَانِ وَالدِّينِ، ثُمَّ قَالَ:وَبَيْنَهُ
وَبَيْنَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - ثَلاَثَةُ أَنفُس.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:كُنْت أَرَى أَبَا
عَلِيٍّ الحَافِظَ مُعْجَباً بِأَبِي يَعْلَى
المَوْصِلِيّ، وَحفظِهِ وَإِتقَانِهِ، وَحفظِهِ لحديثِهِ،
حَتَّى كَانَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ إِلاَّ
اليَسِيْر.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ:هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ:لَوْ لَمْ يَشتغلْ أَبُو
يَعْلَى بكُتُبِ أَبِي يُوْسُفَ عَلَى بِشْر بن الوَلِيْدِ
الكِنْدِيِّ لأَدركَ بِالبَصْرَةِ سُلَيْمَانَ بن حَرْبٍ،
وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ.
قُلْتُ:قَنِعَ برفيقهِمَا الحَافِظِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ.
__________
(1) 4 / 300 / أ، وفيه " الموقوف " بدل " الموقوفات ".
(14/179)
قَالَ أَبُو سَعْدٍ
السَّمْعَانِيُّ:سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
الفَضْل التَّيْمِيِّ الحَافِظ يَقُوْلُ:
قَرَأْتُ المسَانيدَ كـ(مسنَدِ العَدَنِيّ)، وَ(مسندِ
أَحْمَدَ بنِ مَنِيْع)، وَهِيَ كَالأَنهَار، وَ(مسنَد
أَبِي يَعْلَى)كَالبَحْر يَكُوْنُ مجتَمع الأَنهَار.
قُلْتُ:صَدَقَ، وَلاَ سِيَّمَا(مُسنده)الَّذِي عِنْد
أَهْلِ أَصْبَهَان مِنْ طريقِ ابْنِ المُقْرِئِ عَنْهُ،
فَإِنَّهُ كَبِيْرٌ جِدّاً، بِخلاَفِ(المُسْنَدِ)الَّذِي
روينَاهُ مِنْ طريقِ أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمدَانَ عَنْهُ،
فَإِنَّهُ مُخْتَصَرٌ.
وَيَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً بِالاتِّصَال لِلشَّيْخِ
فَخرِ الدِّيْنِ بنِ البُخَارِيّ فِي(أَمَالِي
الجَوْهَرِيِّ)، وَيَقَعُ حَدِيْثُهُ بِالإِجَازَةِ
العَالِيَةِ لأَوْلاَدِنَا فِي أَثْنَاء(جُزء مَأْمُوْنٍ)،
وَقَدْ قَرَأْتُ سَمَاعه فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ
وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَاتِم
الطَّوِيْلِ - صَاحِب مَالِكٍ - وَأَبُو الوَلِيْدِ
الطَّيَالِسِيُّ حَيٌّ بِالبَصْرَةِ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ، وَعَاشَ أَبُو يَعْلَى إِلَى أَثْنَاءِ
سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَقيَّده أَبُو
الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي فِي رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى
الأُولَى.
قُلْتُ:وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلوُّ الإِسْنَاد، وَازدحَمَ
عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْث، وَعَاشَ سَبْعاً وَتسعين
سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ سبعٍ:عِدَّةٌ مِنَ الكِبَارِ،
كَالحَافِظ زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَأَبِي عِمْرَانَ
مُوْسَى بنِ سَهْل الجَوْنِيِّ، شَيْخَي الحَدِيْث
بِالبَصْرَةِ، وَالحَافِظُ مُحَمَّد بن هَارُوْنَ
الرُّويَانِيُّ، وَشَيْخا بَلَدِ وَاسِطَ:جَعْفَرُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ، وَمَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَمُحَدِّثُ دِمَشْقَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عَاصِمٍ،
وَمسنِدُ بَغْدَادَ الحَسَنُ بنُ الطيِّب الشّجَاعِيُّ
البَلْخِيُّ، وَمُسنِدُ أَصْبَهَان المُعَمَّرُ أَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَخْلدِ بنِ فَرْقَدٍ
الأَصْبَهَانِيُّ، وَشَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الأُشْنَانِي، وَالحَافِظُ أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ
النَّيْسَابُوْرِيّ بِمَكَّةَ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو
زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا النَّيْسَابُوْرِيُّ -
صَاحِب
(14/180)
قُتَيْبَة بِمِصْرَ - وَالحَافِظُ جَعْفَرُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَج
بِحَلَبَ، وَيُقَالُ لَهُ:جَعْفَرَكَ، وَمُقْرِئ مِصْر
أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكِ بنِ سَيْفٍ التُّجِيْبِيّ،
وَشَيْخُ بَغْدَاد أَبُو مُحَمَّدٍ الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ
الدُّوْرِيّ.
ورفيقُهُ مُحَمَّدُ بنُ صَالِح بن ذَرِيْح العُكْبَرِيُّ -
رَحِمَهُمُ الله تَعَالَى - .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ
أَحْمَدَ قِرَاءةً عَلَيْهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ
مُحَمَّدٍ البَزَّازِ:أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ
تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الجُرْجَانِيُّ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذيُّ سَنَةَ
تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَربعِ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو
عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ بِهَا سَنَة
سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنِ
الهِرْمَاسِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَوْمَ العِيْدِ الأَضحَى يَخْطُبُ عَلَى
بَعِيْر.
هَذَا حَدِيْثٌ حسنٌ، عَالٍ جِدّاً، تُسَاعِيٌّ لَنَا (1)
.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
التَّمِيْمِيّ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ
بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي
سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَروذِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا
شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْن:سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ سَمُرَةَ
قَالَ:
قَالَ عُمَر لسَعد:قَدْ شَكوكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى
فِي الصَّلاَةِ.
قَالَ:أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَمدُّ فِي الأُولَيَيْن،
وَأَحذِفُ فِي الأُخْرَيَيْن، وَمَا آلُوا مَا اقتدَيْتُ
بِهِ مِنْ صَلاَة رَسُوْل اللهِ.
قَالَ:
__________
(1) وأورده ابن الأثير في " أسد الغابة " 5 / 393 من طريق
أبي يعلى، وأخرجه أبو داود (1954) في المناسك: باب من قال:
خطب يوم النحر من طريق هارون بن عبد الله، عن هشام بن عبد
الملك، عن عكرمة، عن الهرماس بن زياد الباهلي، قال: رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته العضباء يوم
الاضحى بمنى.
وهذا سند قوي.
(14/181)
ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ، أَوْ كذَاكَ ظَنِّي
بِك (1) .
قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ:أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى
المَوْصِلِيّ:أَنْشَدَنَا عُمَر بن شَبَّةَ، عَنْ أَبِي
غزيَة:
لاَ يُزْهِدَنَّكَ فِي أَخٍ ... لَكَ أَنْ تَرَاهُ زَل
زلَّه
وَالمَرْءُ يَطْرَحُهُ الَّذ ... ينَ يَلونَهُ فِي شَرِّ
إِلَّه
وَيَخُونُهُ مَنْ كَانَ مِنْ ... أَهْلِ البِطَانَةِ
وَالدَّخِلَّه
وَالموتُ أَعْظَمُ حَادِثٍ ... مِمَّا يَمُرُّ عَلَى
الجِبِلَّه
101 - أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ
النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدْرُ الأَنبَل، أَبُو
مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، أَحَدُ الكُبَرَاءِ
وَالزُّعَمَاءِ ببلَده.
سَمِعَ مِنْ:جدِّه لأُمِّهِ؛القَاضِي نَصْرِ بنِ زِيَادٍ،
وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه - وَقرأَ عَلَيْهِ(مُسنَدَهُ)
- وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُقَاتل،
وَمَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيِّ المَكِّيّ،
وَسَلَمَةَ بنِ شَبِيْب، وَطَائِفَة.
وَعَنْهُ:مُؤَمَّلُ بنُ الحَسَنِ، وَالحَافِظُ أَبُو
عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الحِيْرِيّ،
وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ،
وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 2 / 208 في صفة الصلاة:
باب يطول في الاوليين، ويحذف في الاخريين، ومسلم (453) في
الصلاة: باب القراءة في الظهر والعصر، وأبو داود (803) في
الصلاة: باب تخفيف الاخريين، والنسائي 2 / 174 في
الافتتاح: باب الركود في الركعتين الاوليين، والطيالسي
(415) كلهم من طريق شعبة، عن أبي عون، عن جابر بن سمرة.
(*) لم نظفر له بترجمة عند غير المؤلف في المصادر المتيسرة
لنا.
(14/182)
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ
عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:تُوُفِّيَ جَدِّي
لأُمِّي أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ سَنَةَ خَمْسٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ مِن وُجُوهِ نَيْسَابُوْر
وَزُعَمَائِهَا، وَمِنَ المقبُولينَ فِي الحَدِيْثِ
وَالرِّوَايَةِ.
102 - الجُبَّائِيُّ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الوَهَّابِ البَصْرِيُّ *
شَيْخُ المُعْتَزِلَةِ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو
عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ البَصْرِيُّ.
مَاتَ:بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخَذَ عَنْ:أَبِي يَعْقُوْبَ الشَّحَّامِ.
وَعَاشَ:ثَمَانِياً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ، فَخلَفَهُ ابْنُه؛ العَلاَّمَةُ أَبُو هَاشِمٍ
(1) الجُبَائِيُّ.
وَأَخَذَ عَنْهُ فَنَّ الكَلاَمِ أَيْضاً:أَبُو الحَسَنِ
الأَشْعَرِيُّ، ثُمَّ خَالفَهُ، وَنَابَذَهُ، وَتَسَنَّنَ.
وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ - عَلَى بِدعتِه - مُتوسِّعاً فِي
العِلْمِ، سَيَّالَّ الذِّهنِ، وَهُوَ الَّذِي ذَلَّلَ
الكَلاَمَ، وَسهَّلَه، وَيسَّرَ مَا صَعُبَ مِنْهُ.
وَكَانَ يَقِفُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ:أَيُّهُمَا
أَفْضَلُ؟
__________
(*) مقالات الإسلاميين: 1 / 236، الفرق بين الفرق: 169
167، فهرست ابن النديم: ص 6 من التكملة، الملل والنحل: 1 /
85 78، الأنساب: 121 / أ، المنتظم: 6 / 137، وفيات
الأعيان: 4 / 269 267، العبر: 2 / 125، دول الإسلام: 1 /
184، الوافي بالوفيات: 4 / 75 74، البداية والنهاية: 11 /
125، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 85 80، لسان الميزان: 5
/ 271، النجوم الزاهرة: 3 / 189، طبقات المفسرين للسيوطي:
33، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 190 189، شذرات الذهب: 2
/ 241.
(1) هو عبد السلام بن أبي علي محمد بن عبد الوهاب البصري
المتكلم المشهور، قال المؤلف في " العبر " 2 / 187: هو شيخ
المعتزلة وابن شيخهم، توفي ببغداد في شعبان سنة إحدى
وعشرين وثلاث مئة.
وانظر " طبقات المعتزلة ": 94، و" والفرق بين الفرق ":
169، و" الملل والنحل " 1 / 78.
(14/183)
وَلهُ:كِتَابُ(الأُصُوْلِ)،
وَكِتَابُ(النَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ)،
وَكِتَابُ(التَّعديلِ وَالتَّجويزِ)،
وَكِتَابُ(الاجْتِهَادِ)، وَكِتَابُ(الأَسْمَاءِ
وَالصِّفَاتِ)، وَكِتَابُ(التَّفْسِيْرِ الكَبِيْرِ)،
وَكِتَابُ(النَّقضُ عَلَى ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ)،
كِتَابُ(الرَّدِّ عَلَى ابْنِ كُلاَّبٍ)، كِتَابُ(الرَّدِ
عَلَى المنَجِّمِينَ)، وَكِتَابُ(مَنْ يَكفرُ وَمَنْ لاَ
يكفرُ)، وَكِتَابُ(شَرحُ الحَدِيْثِ)، وَأَشيَاءٌ
كَثِيْرَةٌ.
قِيْلَ:سَأَلَ الأَشْعَرِيُّ أَبَا عَلِيٍّ:ثَلاَثَةُ
إِخوَةٍ:أَحَدُهُم تَقِيٌّ، وَالثَّانِي كَافِرٌ،
وَالثَّالِثُ مَاتَ صَبِيّاً؟
فَقَالَ:أَمَّا الأَوَّلُ فَفِي الجَنَّةِ، وَالثَّانِي
فَفِي النَّارِ، وَالصَّبِيُّ فَمِنْ أَهْلِ السَّلاَمَةِ.
قَالَ:فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصعدَ إِلَى أَخِيْهِ؟
قَالَ:لاَ؛لأَنَّه يُقَالُ لَهُ:إِنَّ أَخَاكَ إِنَّمَا
وَصلَ إِلَى هُنَاكَ بِعملِه.
قَالَ:فَإِنْ قَالَ الصَّغِيْرُ:مَا التَّقْصِيرُ مِنِّي،
فَإِنَّكَ مَا أَبْقَيْتَنِي، وَلاَ أَقْدَرْتَنِي عَلَى
الطَّاعَةِ.
قَالَ:يَقُوْلُ اللهُ لَهُ:كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ لَوْ
بَقِيْتَ لَعَصَيْتَ، وَلاستحقَّيْتَ العَذَابَ،
فَرَاعَيْتُ مَصْلَحَتَكَ.
قَالَ:فَلَو قَالَ الأَخُ الأَكْبَرُ:يَا ربِّ كَمَا علمتَ
حَالَه، فَقَدْ عَلمتَ حَالِي، فَلِمَ رَاعِيتَ مَصلحتَهُ
دُونِي؟
فَانقطَعَ الجُبَّائِيُّ (1) .
__________
(1) أورد هذه المناظرة السبكي في " طبقاته " 3 / 356،
وقال: هذه مناظرة شهيرة، وقد حكاها شيخنا الذهبي، وهي
دامغة لاصل من يقلده، لان الذي يقلده يقول: إن الله لا
يفعل شيئا إلا بحكمة باعثة له على فعله، ومصلحة واقعة، وهو
من المعتزلة في هذه المسألة، فلو يدري شيخنا هذا، لاضرب عن
ذكر هذه المناظرة صفحا.
قلت: في كلام السبكي هذا مؤاخذات، فقوله " وهي دامغة لاصل
من يقلده " يعني به شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا محض
اقتراء على الذهبي، " فإنه وإن كان شديد الإعجاب به، كثير
التنويه بعلمه وفضله، قوي الاعتداد بمنهجه القائم على
الاخذ بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله الثابتة، والاعتصام
بهما، وفهمهما على النحو الذي فهمه السلف لم يكن معه على
وفاق تام، فأحيانا يأخذ برأيه ويوافقه، وتارة يخطئة ويرد
عليه ويقسو في الرد شأن العالم المتبصر المستقل الذي يرى
أن كل أحد من أهل العلم يؤخذ من قوله ويترك، فكان ماذا ؟ !
=
(14/184)
103 - أَبُو قُصَيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العُذْرِيُّ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، أَبُو قُصَيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بن إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْرُوْقٍ
العُذْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِيْهِ، وَعَمِّه؛عَبْدِ اللهِ.
وَعَنْ:سُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَزُهَيْرِ
بنِ عَبَّادٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ،
وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
__________
= وقوله: " وهو من المعتزلة في هذه المسألة " فرية بلا
مرية، فإنه رحمه الله متابع في هذه المسألة جمهور أهل
السنة، والنصوص الكثيرة الوفيرة تشهد لما انتهى إليه.
فهل يكون مجانبا للصواب، ومعدودا من المعتزلة في هذه
المسألة من يقول: إن لله تعالى حكمة تتعلق به يحبها
ويرضاها، ويفعل لأجلها، فهو سبحانه يفعل ما يفعل لحكمة
يعلمها، وهو يلعم العباد أو بعض العباد من حكمته ما يطلعهم
عليه، وقد لا يعلمون ذلك، والامور العامة التي يفعلها تكون
لحكمة عامة، ورحمة عامة كإرساله محمدا صلى الله عليه وسلم،
فإنه كما قال تعالى (وما أرسناك إلا رحمة للعالمين) وما
يشاهد في الوجود من الضرر، فلا بد فيه من حكمة كما قال
تعالى (صنع الله الذي أتقن كل شيء) وكما قال (الذي أحسن كل
شيء خلقه) والضرر الذي تحصل به حكمة مطلوبة لا يكون شرا
مطلقا وإن كان شرا بالنسبة إلى من تضرر به، وكلما ازداد
العبد علما وإيمانا، ظهر له من حكمة الله ورحمته ما يبهر
عقله، وتبين له تصديق ما أخبر الله به في كتابه حيث قال:
(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه
الحق) راجع " مجموعة الرسائل والمسائل " 5 / 122 وما
بعدها..وقوله: " فلو يدري شيخنا هذا لا ضرب عن ذكر هذه
المناظرة صفحا " اتهام للذهبي شيخه بسوء الفهم، وله من ذلك
غير ما عبارة، والشيخ الذهبي ليس بحاجة إلى التدليل على
جودة ذكائه، ووفور حفظه وفهمه للنصوص على الوجه الصحيح،
وقدرته الفائقة على صوغها بأسلوبه الواضح العري عن الغموض
والالتواء، فإن في كتابه هذا وغيره من مؤلفاته الكثير من
ذلك، ولكن السبكي وهو لا يرى الحق إلا في ما انتهى إليه
الأشاعرة يتجاهل كل ما ذكرت، وينعت شيخه بسوء الفهم، وأنه
يدون ما لا يدري، وأنه لا خبرة له بمدلولات الألفاظ بدافع
الحقد والتعصب، وبالرجوع إلى ما كتب في مقدمة هذا الكتاب،
وإلى ما كتبه السخاوي في الإعلان بالتوبيخ ص 76، 77 يتبين
للقارئ الكريم أن ما يقوله السبكي في حق شيخه الذهبي مرفوض
لأنه صادر عن هوى وتعصب.
(*) تبصير المنتبه: 3 / 1000، والعذري: نسبة إلى عذرة بن
سعد بن هذيم.
(14/185)
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ عَدِيُّ،
وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ، وَآخَرُوْنَ.
قِيْلَ:كَانَ أَصَمَّ.
مَاتَ:سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِدِمَشْقَ.
104 - ابْنُ قِيْرَاطٍ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مُحَمَّدٍ العُذْرِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَلِيٍّ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
قِيْرَاطٍ العُذْرِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:سُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ،
وَحَرْمَلَةَ بنِ يَحْيَى، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ،
وَطَبَقَتِهِم.
وَكَانَ صَاحِبَ رِحلَةٍ وَمَعْرِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ جَوْصَاءَ، وَأَبُو عَوَانَةَ،
وَخَيْثَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي
العَقِبِ، وَابْنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ
فَضَالَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَخَاتِمَتُهُم:أَبُو
أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ.
مَاتَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
105 - ابْنُ أَبِي غَيْلاَنَ عُمَرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
الثَّقَفِيُّ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ الثَّقَفِيُّ،
البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَدَاوُدَ بنَ عَمْرٍو
الضَّبِّيَّ، وَأَبَا إِبْرَاهِيْمَ التَّرْجُمَانِيَّ،
وَطَائِفَةً.
__________
(*) تبصير المنتبه: 3 / 1000.
(* *) تاريخ بغداد: 11 / 224، العبر: 2 / 144.
(14/186)
حَدَّثَ عَنْهُ:إِسْحَاقُ النِّعَالِيُّ،
وَابْنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
الوَرَّاقُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ (1) ، وَقَالَ:تُوُفِّيَ سَنَةَ
تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:مَاتَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً لَنَا بِإِجَازَةٍ،
وَلِشَيخِنَا أَبِي الحَجَّاجِ اللُّغَوِيِّ بِالسَّمَاعِ
المتَّصلِ.
106 - الصَّفَّارُ أَبُو مُحَمَّدٍ خَالِدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ خَالِدٍ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، العَالِمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
خَالِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ كُوْلَخْشَ
الخُتُّلِيُّ، الصَّفَّارُ.
سَمِعَ:بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ،
وَأَبَا إِبْرَاهِيْم التَّرْجُمَانِي، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُفِيْد،
وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ
الحَرْبِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:صَالِحٌ.
وَقَدْ ذكر المُفِيْدُ - وَهُوَ تَالف (2) - أَنَّهُ
سَمِعَ مِنْ هَذَا الشَّيْخ تَفْسِيْرَ حَدِيْثٍ
__________
(1) في " تاريخه " 11 / 224.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 318 317.
(2) قال المؤلف في " العبر " 3 / 8: " أبو بكر المفيد،
محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب، كان يفهم ويحفظ ويذاكر،
وهو بين الضعف ". وانظر أيضا " ميزان الاعتدال " 3 / 461
460.
(14/187)
سَمِعَهُ مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ القَاسِمِ
بنِ سَلاَّمٍ.
مَاتَ:سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَاشَ بِضْعاً
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
107 - ابْنُ مَنْدَةَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى العَبْدِيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ، وَاسم
مَنْدَةَ:إِبْرَاهِيْمُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ سندَة بنِ
بُطَّة بن أَستُنْدَار (1) بنِ جَهَارْ بُخت العَبْدِيُّ
مَوْلاَهُمُ الأَصْبَهَانِيّ، جدُّ صَاحِبِ التَّصَانِيْفِ
الحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بن
مُحَمَّد.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ فِي حَيَاة
جَدِّهم مَنْدَة.
سَمِعَ:إِسْمَاعِيْل بنَ مُوْسَى السُّدِّيّ، وَعَبْدَ
اللهِ بنَ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
سُلَيْمَانَ لُوَيْن، وَأَبَا كُرَيْبٍ مُحَمَّدَ بنَ
العَلاَءِ، وَهَنَّادَ بن السَّرِيِّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
بَشَّارٍ، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجّ، وَأَحْمَدَ بنَ
الفُرَاتِ، وَطَبَقَتهُم بِالكُوْفَةِ وَالبَصْرَة
وَأَصْبَهَان، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال،
وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَوَلَدُهُ إِسْحَاقُ بنُ
مُحَمَّدٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم مِنْ شُيُوْخِ أَبِي
نُعَيْمٍ الحَافِظ، الَّذِيْنَ لقيَهُم بِأَصْبَهَانَ.
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 224 222، الإكمال لابن ماكولا:
1 / 331، طبقات الحنابلة: 1 / 328، وفيات الأعيان: 4 /
289، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة
127 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 742 741، العبر: 2 / 120،
الوافي
بالوفيات: 5 / 189، مرآة الجنان: 2 / 238، النجوم الزاهرة:
3 / 184، طبقات الحفاظ: 313، شذرات الذهب: 2 / 234.
(1) كذا الأصل، وهو كذلك في " ذكر أخبار أصبهان "، وقد ورد
في " التذكرة ": اسبندار.
(14/188)
وَكَانَ يُنَازعُ الحَافِظَ أَحْمَدَ بنَ
الفُرَاتِ، وَيذَاكِرُه، وَيُرَادِدُهُ وَهُوَ شَابّ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخ فِي(تَارِيْخِهِ):هُوَ أُسْتَاذُ
شُيُوْخِنَا وَإِمَامُهُم، أَدرَك سَهْلَ بنَ عُثْمَانَ.
قُلْتُ:سهلٌ مِنْ شُيُوْخِ مُسْلِم، مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
قَالَ أَبُو الشَّيْخ:وَمَاتَ ابْنُ مَنْدَة فِي رَجَبٍ
سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ المُقْرِئ:أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ ظَافر، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بن
عَبْدِ الوَهَّابِ ابْنِ الحَافِظِ مُحَمَّد بنِ إِسْحَاقَ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَة، أَخْبَرَنَا أَبِي
وَعَمَّاي قَالُوا:أَخْبَرَنَا أَبونَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا
سَعِيْدُ بنُ عَنْبَسَة، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ
بَحِيْر، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَان، عَنْ أَبِي زِيَادٍ
قَالَ:سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ أَكل البَصَل،
فَقَالَتْ:آخِرُ طَعَامٍ أَكَلَهُ النَّبِيّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيْهِ بَصَل.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، صَالِح الإِسْنَاد، ، رَوَاهُ
الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي(مُسْنَدِهِ (2))عَنْ
حَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ بَقِيَّة.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ:أَخْبَرْنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو المكَارِم التَّيْمِيّ،
أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَة، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو
النَّضْر، حَدَّثَنَا أَبُو عقيل الثَّقَفِيّ، حَدَّثَنَا
مُجَالد، حَدَّثَنَا عَوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ
__________
(1) ذكره المؤلف في " العبر " 1 / 414 في وفيات سنة 233،
وهو مترجم في " التذكرة " 2 / 453 452.
(2) 6 / 89، وأبو داود (3829) في الاطعمة: باب في أكل
الثوم، وقد صرح بقية بالتحديث عند أحمد.
وأبو زياد - وهو خيار بن سلمة - لم يوثقه غير ابن حيان.
(14/189)
ابْن عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَا مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- حَتَّى قرأَ وَكَتَبَ (1) .
قُلْتُ:لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - كَتَبَ شَيْئاً، إِلاَّ مَا فِي(صَحِيْح
البُخَارِيِّ)مِنْ أَنَّهُ يَوْمَ صُلْحِ الحُدَيْبِيَة
كَتَبَ اسْمَهُ(مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ (2)).
وَاحتجَّ بِذَلِكَ القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِي (3)
، وَقَامَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ فُقَهَاء الأَنْدَلُس
بِالإِنْكَار، وَبدَّعُوهُ حَتَّى كَفَّرَهُ بَعْضهُم.
وَالخَطْبُ يَسِيْر، فَمَا خَرَجَ عَنْ كَونه أُمِّياً
بِكِتَابَةِ اسْمه الكَرِيْم، فجَمَاعَةٌ مِنَ المُلُوك
مَا عَلِمُوا مِنَ الكِتَابَة سِوَى مُجَرَّد العلاَمَة،
وَمَا عدَّهُمُ النَّاسُ بِذَلِكَ كَاتِبِين، بَلْ هُم
أُمِّيُّون، فَلاَ عِبْرَةَ بِالنَادرِ، وَإِنَّمَا الحكمُ
للغَالِب، وَاللهُ تَعَالَى فَمَنْ حِكْمَتِهِ لَمْ
يُلْهِم نَبِيَّه تَعَلُّمَ الكِتَابَة، وَلاَ قِرَاءة
الكُتُبِ حَسْماً لمَادَةِ المُبْطِلِيْن، كَمَا قَالَ
تَعَالَى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ
كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِيْنِكَ إِذاً لارتَابَ
المُبْطِلُوْنَ} [الْعَنْكَبُوت:48] وَمَعَ هَذَا فَقَدِ
افتَرَوْا وَقَالُوا:{أَسَاطِيْرُ الأَوَّلِيْنَ
اكتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ} [الفرقَان:5]
فَانْظُرْ إِلَى قِحَةِ المعَانِدِ، فَمَنِ الَّذِي كَانَ
بِمَكَّةَ وَقتَ المَبْعثَ يَدْرِي أَخْبَارَ الرُّسْلِ
وَالأُمم الخَاليَة؟مَا كَانَ بِمَكَّةَ أَحَدٌ بِهَذِهِ
الصِّفَةِ أَصلاً.
ثُمَّ مَا المَانعُ مِنْ تعلُّم النَّبِيّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابَةَ اسْمِهِ وَاسمِ
أَبِيْهِ مَعَ فرط ذكَائِه، وَقوَةِ فَهمِه، وَدوَام
مُجَالسته لِمَنْ يَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ الوَحْيَ
وَالكُتُبَ إِلَى مُلُوْك الطوَائِف، ثُمَّ هَذَا خَاتمُهُ
فِي يَده،
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف مجالد وهو ابن سعيد الهمداني الكوفي،
وأورده الحافظ في " الفتح " 7 / 378 386 وقد تحرف فيه
مجالد إلى مجاهد، ونسبه لابن أبي شيبة، وضعفه.
(2) انظر البخاري: 5 / 223 في الصلح: باب كيف يكتب هذا ما
صالح فلان بن فلان فلان بن فلان، و7 / 386 في المغازي: باب
عمرة القضاء.
(3) هو الحافظ العلامة، سليمان بن خلف بن سعد التجيبي
المالكي الأندلسي الباجي، كان من كبار علماء الأندلس
وحفاظها، رحل إلى المشرق سنة ست وعشرين وأربع مئة، ثم عاد
إلى وطنه بعد ثلاث عشرة سنة بعلم جم، وولي قضاء أماكن،
وصنف التصانيف الكثيرة. ترجمه المؤلف في " التذكرة " 3 /
1178، وانظر في ترجمته أيضا " معجم الأدباء " 11 / 251
246، و" وفيات الأعيان " 2 / 409 408.
(14/190)
وَنَقْشُهُ:مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ (1) ،
فَلاَ يَظنُّ عَاقلٌ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - مَا
تعقَّلَ ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّه يَقْتَضِي أَنَّهُ عرف
كِتَابَة اسْمِه وَاسمِ أَبِيْهِ، وَقَدْ أَخبر اللهُ
بِأَنَّهُ - صلوَات الله عَلَيْهِ - مَا كَانَ يَدْرِي مَا
الكِتَاب؟ثُمَّ عَلَّمَهُ الله تَعَالَى مَا لَمْ يَكُنْ
يَعْلَم.
ثُمَّ الكِتَابَةُ صِفَةُ مَدْحٍ، قَالَ تَعَالَى:{الَّذِي
عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم}
[الْعلق:4 5] فَلَمَّا بلَّغَ الرِّسَالَة، وَدَخَلَ
النَّاسُ فِي دين الله أَفواجاً، شَاءَ اللهُ لنبيِّه أَنْ
يَتَعَلَّم الكِتَابَة النَّادرَة الَّتِي لاَ يَخْرُج
بِمثلِهَا عَنْ أَنْ يَكُوْنَ أُمِياً، ثُمَّ هُوَ
القَائِلُ:(إِنَّا أُمَّةٌ أُمَيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ
نَحْسُبُ (2)).
فصدقَ إِخبارُهُ بِذَلِكَ، إِذِ الحُكم للغَالِب، فنفَى
عَنْهُ وَعَنْ أُمته الكِتَابَة وَالحِسَاب لِندُور ذَلِكَ
فِيهِم وَقِلَّته، وَإِلاَّ فَقَدْ كَانَ فِيهِم كُتَّابُ
الوَحِي وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكَانَ فِيهِم مَنْ يَحسُب،
وَقَالَ تَعَالَى:{وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِيْنَ
وَالحِسَابَ} [الإِسرَاء:12].
وَمِنْ عِلمهُم الفَرَائِضُ، وَهِيَ تَحتَاجُ إِلَى حِسَاب
وَعَوْل، وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فنفَى عَنِ
الأُمَّةِ الحِسَاب، فعَلمنَا أَنَّ المنفيَّ كمَالُ علم
ذَلِكَ وَدقَائِقه الَّتِي يَقُوْم بِهَا القِبْطُ
وَالأَوَائِل، فَإِنَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ
دين الإِسْلاَم وَلله الْحَمد، فَإِنَّ القِبْطَ عَمَّقُوا
فِي الحسَاب وَالجَبْر، وَأَشيَاء تُضيِّعُ الزَّمَان.
وَأَربَابُ
__________
(1) أخرجه البخاري: 10 / 273 في اللباس: باب اتخاذ الخاتم
ليختم به الشئ أو ليكتب به إلى أهل الكتاب وغيرهم، ومسلم
(2092) (56) في اللباس والزينة: باب اتخاذ النبي صلى الله
عليه وسلم خاتما لما أن يكتب إلى العجم، كلاهما من طريق
شعبة عن قتادة، عن أنس قال: لما أراد النبي صلى الله عليه
وسلم أن يكتب إلى الروم، فقيل له: إنهم لن يقرؤوا كتابك
إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتما من فضة، ونقشه: محمد رسول
الله. فكأنما إنظر إلى بياضه في يده.
(2) أخرجه البخاري: 4 / 108 في الصوم: باب قول النبي صلى
الله عليه وسلم: لا نكتب ولا نحسب، ومسلم (1080) (15) في
الصيام: باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، من طريق شعبة،
عن الأسود بن قيس، عن سعيد بن عمرو بن سعيد، عن ابن عمر
رضي الله عنهما..وتمامة: الشهر هكذا وهكذا يعني: مرة تسعا
وعشرين، ومرة ثلاثين ".
(14/191)
الهَيْئَة تكلَّمُوا فِي سَير النُّجُوْم
وَالشَّمْس وَالقَمَر، وَالكسوف وَالقِرَان (1) بِأُمُور
طَوِيْلَة لَمْ يَأْتِ الشَّرْعُ بِهَا، فَلَمَّا ذكر
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّهُور
وَمعرفَتَهَا، بَيَّنَ أَنَّ معرفَتَهَا لَيْسَتْ
بِالطُّرق الَّتِي يَفْعَلهَا المنَجِّم وَأَصْحَابُ
التَّقْوِيم، وَأَنَّ ذَلِكَ لاَ نعبأُ بِهِ فِي ديننَا،
وَلاَ نحسُبُ الشهرَ بِذَلِكَ أَبَداً.
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الشهرَ بِالرُّؤْيَة فَقط، فَيَكُوْن
تِسْعاً وَعِشْرِيْنَ، أَوْ بتكملَة ثَلاَثِيْنَ (2) ،
فَلاَ نَحتَاجُ مَعَ الثَّلاَثِيْنَ إِلَى تكلُّف رُؤْيَة.
وَأَمَّا الشِّعْرُ فنزَّهَهُ الله تَعَالَى عَنِ
الشِّعرِ، قَالَ تَعَالَى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ
وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس:69] فَمَا قَالَ الشِّعر مَعَ
كَثْرَتِهِ وَجُوْدَتِهِ فِي قُرَيْش، وَجَرَيَان
قرَائِحِهِم بِهِ، وَقَدْ يقعُ شَيْءٌ نَادرٌ فِي كَلاَمهِ
- عَلَيْهِ السَّلاَمُ - مَوزُوناً، فَمَا صَارَ بِذَلِكَ
شَاعِراً قَطُّ، كَقَوْلِه:
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ
المُطَّلِبْ (3)
وَقَوْله:
هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيْتِ ... وَفِي سَبِيْلِ
اللهِ مَا لَقِيْتِ (4)
__________
(1) يعني قران الكواكب.
انظر " اللسان " مادة " قرن ".
(2) انظر تخريج الحديث السابق.
(3) قطعة من خبر مطول أخرجه البخاري: 8 / 24 في المغازي:
باب قول الله تعالى: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم) ومسلم
(1776) في الجهاد والسير: باب في غزوة حنين.
وانظر " سيرة ابن هشام " 2 / 444 و445.
(4) أخرجه البخاري: 6 / 14 في الجهاد: باب من ينكب أو يطعن
في سبيل الله، ومسلم (1796) في الجهاد والسير: باب ما لقي
النبي صلى الله عليه وسلم من أذي المشركين والمنافقين، من
طريق أبي عوانة عن الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان: أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض المشاهد، وقد
دميت أصبعه فقال:
هل أنت إلا إصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت
(14/192)
وَمِثلُ هَذَا قَدْ يقعُ فِي كتب الفِقْه
وَالطِّبِّ وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَقَع اتِّفَاقاً، وَلاَ
يقصِدُهُ المُؤلِّف وَلاَ يشعرُ بِهِ، أَفَيَقُوْلُ
مُسْلِمٌ قَطُّ:إِنَّ قَوْلَه تَعَالَى:{وَجِفَانٍ
كَالجَوَابِي (1) ، وَقُدُوْرٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ:13] هُوَ
بَيْت؟! مَعَاذَ اللهِ! وَإِنَّمَا صَادَفَ وَزناً فِي
الجُمْلَةِ - وَاللهُ أَعْلَمُ - .
108 - الأَنْمَاطِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
يُوْسُفَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المحقِّقُ، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يُوْسُفَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، الأَنمَاطِيُّ،
صَاحِبُ(التَّفْسِيْر)الكَبِيْر.
سَمِعَ:إِسْحَاق بنَ رَاهْوَيْه، وَعَبْدَ اللهِ بنَ
عُمَرَ بنِ الرَّمَّاح، وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِع، وَعِدَّةً
بِبَلَدِهِ، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ، وَطَائِفَةً
بِالرَّيِّ، وَعَمْرو بنَ عَلِيٍّ، وَحميد بن مَسْعَدَةَ،
وَجَمَاعَةً بِالبَصْرَةِ، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي
شَيْبَةَ، وَأَبَا كُرَيْبٍ بِالكُوْفَةِ، وَمُحَمَّدَ بنَ
يَحْيَى العَدَنِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عِمْرَان
العَابديَّ بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ
لُوَيْناً، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيَّ
بِبَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَم، وَيَحْيَى بنُ
مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَعَاشَ:نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ:فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ
عُلَمَاء الأَثَر - رَحِمَهُ اللهُ - .
__________
(1) قراها ابن كثير ساء في الوصل والوقف، وقرأ أبو عمرو،
وورش بياء في الوصل خاصة، وحذفها الباقون في الوصل والوقف.
انظر " الكشف عن وجوه القراءات السبع " 2 / 209.
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121
/ 2، تذكرة الحفاظ 2 / 701، العبر: 2 / 126 125، طبقات
الحفاظ: 304، طبقات المفسرين للداودي: 1 / 6 5، شذرات
الذهب: 2 / 242.
(14/193)
مَا عرفتُ أَنَّهُ وَقَعَ لِي حَدِيْثُهُ
عَالِياً بَعْد.
109 - المُهَلَّبِيُّ أَبُو عِمْرَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
هَانِىء بنِ خَالِدٍ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّة بجُرْجَان، العَلاَّمَةُ،
الفَقِيْهُ، القُدْوَةُ، أَبُو عِمْرَانَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ هَانِئ بن خَالِدٍ المُهَلَّبِيُّ، الجُرْجَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ:أَبِي مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ
مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَطَائِفَة.
وَعَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى
السَّهْمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَتَفَقَّهَ بِهِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ وَأَهْلُ البَلَد.
مَاتَ:سنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
110 - السِّمْنَانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الصَّادِقُ، أَبُو
الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ يُوْنُسَ السِّمْنَانِيُّ.
سَمِعَ:إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ،
وَعِيْسَى بنُ زُغْبَة، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد
الرَّازِيّ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَبركَة الحَلَبِيّ،
وَعَمْرو بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَمُحَمَّدَ بنَ هَاشِمٍ
البَعْلَبَكِّيّ، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ وَاسِع الرِّحلَة، غزيرَ الفضيلَة، حسنَ
التَّصْنِيف.
رَوَى عَنْهُ:عَلِيُّ بنُ حمشَاذ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ
مَطَر، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ،
__________
(*) تاريخ جرجان: 92 91، الأنساب: 546 / ب، اللباب: 3 /
276.
(* *) مختصر طبقات علماء الا حديث لابن عبد الهادي: الورقة
124 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 718، العبر: 2 / 126، طبقات
الحفاظ: 309، شذرات الذهب: 2 / 242
(14/194)
وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِح بن هَانِئ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ
حَمْدَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ (1) :بَلَغَنِي عَنْ صَالِحِ بنِ
مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ:أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى حَلقَة أَبِي
الحُسَيْنِ السِّمْنَانِي وَهُوَ يَرْوِي عَنْ بَرَكَة بنِ
مُحَمَّدٍ الحَلَبِيّ - يَعْنِي:مَنَاكِير - فَقَالَ
صَالِحٌ:يَا أَبَا الحُسَيْنِ!لَيْسَ ذَا بَرَكَة، ذَا
نِقْمَة.
قَالَ أَبُو النَّضْر مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ:أَنشدنَا
أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
السِّمْنَانِي لِنَفْسِهِ:
تَرَى المَرْءَ يَهْوَى أَنْ تَطُوْلَ حَيَاتُهُ ...
وَطُولُ البَقَا مَا لَيْسَ يَشْفِي لَهُ صَدْرَا
وَلَوْ كَانَ فِي طُول البَقَاءِ صَلاَحُنَا ... إِذاً
لَمْ يَكُنْ إِبْلِيسُ أَطْوَلَنَا عُمْرَا
مَاتَ أَبُو الحُسَيْنِ الحَنْظَلِيُّ السِّمْنَانِيُّ:فِي
سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
التَّمِيْمِيّ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ
مُحَمَّدٍ:أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِي،
حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ،
حَدَّثَنِي يُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ سَالِم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَن النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاَةِ الجُمُعَةِ أَوْ
غَيْرِهَا - يَعْنِي:رَكْعَةً - فَقَدْ أَدْرَكَ
الصَّلاَةَ).
صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ (2) .
__________
(1) في " كامله " ؟ / 39 / أ، وقد تقدم الخبر في ترجمة
صالح بن محمد جزرة ص 23 من هذا الجزء.
(2) وأخرجه ابن ماجه (1123) في إقامة الصلاة باب ما جاء
فيمن أدرك من الجمعة ركعة، ؟ ؟ طريق عمرو بن عثمان، عن
بقية به.
(14/195)
111 - ابْنُ الجَرْجَرَائِيِّ جَعْفَرُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
المُحَدِّثُ، الحجَّةُ، أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ.
حدَّث بِبَغْدَادَ عَنْ:جَدِّهِ مُحَمَّدِ بنِ
الصَّبَّاحِ، وَعَنْ:بِشْرِ بنِ مُعَاذٍ العَقَدِيِّ،
وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو حَفْصٍ
بنُ الزَّيَّات، وَمُحَمَّدُ بنُ الشِّخِّير، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارَب
التِّسْعِيْنَ.
112 - المُخَرِّمِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ **
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ
ابْنُ المُحَدِّثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
أَيُّوْب المُخَرِّمِيُّ (1) ، البَغْدَادِيّ.
حَدَّثَ عَنْ:عُبيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ القَوَارِيْرِيّ،
وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَطبقَتِهِمَا.
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 206 205، الأنساب: 126 / ب، المنتظم:
؟ / 160.
(* *) تاريخ بغداد: 6 / 125 124، الأنساب: 513 / ب،
المنتظم: 6 / 140 139، العبر: 2 / 127، ميزان الاعتدال: 1
/ 42 41، لسان الميزان: 1 / 73 72، شذرات الذهب: 2 / 243.
(1) بضم الميم، وفتخ الخاء المعجمة، وتشديد الراء
المكسورة: نسبة إلى المخرم، محلة ببغداد مشهورة انظر "
أنساب السمعاني " 513 / ب، و" معجم البلدان " 5 / 72 71.
(14/196)
رَوَى عَنْهُ:الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَأَبُو
حَفْصٍ الزَّيَّات، وَعبيدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ:صَدُوْقٌ.
وَأَمَّا الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ:لَيْسَ بِثِقَةٍ،
حَدَّثَ عَنْ ثِقَات بِأَحَادِيْثَ باطلَة.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي
شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْهَا.
وَفِيْهَا مَاتَ:إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
المَنْجَنِيْقِي، وصَاحِبُ المَغْرِبِ زِيَادَةُ الله بنُ
الأَغلبِ بِالرَّملَة فَاراً مِنَ المَهْدِيِّ، وطريفُ بنُ
عبيدِ اللهِ المَوْصِلِيّ، وَالقَاسِمُ بنُ اللَّيْثِ
الرَّسْعَنِي، ويموتُ بنُ المُزَرِّعِ الأَخْبَارِي،
وَيُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ الزَّاهِدُ.
113 - السَّاجِيُّ زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ *
الإِمَامُ، الثَّبْتُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ البَصْرَةِ
وَشَيْخُهَا وَمُفْتيهَا، أَبُو يَحْيَى
__________
(*) الجرح والتعديل: 3 / 601، فهرست ابن النديم: 300،
طبقات العبادي: 61، طبقات الشيرازي: 104، مختصر طبقات
علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 123 / 1، تذكرة
الحفاظ: 2 / 710 709، العبر: 2 / 134، دول الإسلام: 1 /
186، ميزان الاعتدال: 2 / 79، طبقات الشافعية للسبكي: 3 /
301 299، طبقات الاسنوي: 2 / 22، البداية والنهاية: 11 /
131، تهذيب التهذيب: 3 / 334، لسان الميزان: 2 / 489 488،
طبقات الحفاظ: 307 306، خلاصة تذهيب التهذيب: 122، طبقات
ابن هداية الله: 44، شذرات الذهب: 2 / 251 250، الرسالة
المستطرفة: 148، طبقات الاصوليين: 1 / 167.
(14/197)
زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ بَحْر بنِ عَدِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ أَبيضَ بنِ الدَّيْلَم بن باسِل بن ضَبَّةَ
الضَّبِّيُّ، البَصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
سَمِعَ:طَالُوْتَ بنَ عَبَّاد، وَأَبَا الرَّبِيْع
الزَّهْرَانِيّ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُعَاذٍ
العَنْبَرِيّ، وَعَبْدَ الوَاحِد بنَ غِيَاث، وَعَبْدَ
الأَعْلَى بن حَمَّادٍ النَّرْسِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي
الشَّوَارِبِ، وَأَبَا كَامِلٍ الجَحْدَرِي، وَمُوْسَى بن
عُمَرَ الجَارِي، وَسُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ المَهْرِي،
وَهُدْبَةَ بنَ خَالِدٍ القَيْسِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
مُوْسَى الحَرَشِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَوَالدَهُ
يَحْيَى السَّاجِيّ، وَخَلْقاً بِالبَصْرَةِ.
وَلَمْ يَرْحَلْ فِيْمَا أَحسِب.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ السَّقَّاء الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ المُتَكَلِّم، وَيُوْسُفُ بنُ
يَعْقُوْبَ البَخْتَرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ،
وَالقَاضِي يُوْسُف المَيَانَجِي وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ
الوَرَّاق، وَأَبُو الشَّيْخ بن حَيَّانَ، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
أَخَذَ عَنْهُ:أَبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيّ مَقَالَة
السَّلَف فِي الصِّفَات، وَاعتمد عَلَيْهَا أَبُو الحَسَنِ
فِي عِدَّة تآلِيف.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي(طبقَات
الشَّافِعِيَّة (1)):وَمِنْهُم زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى
السَّاجِيّ، أَخَذَ عَنِ الرَّبِيْعِ وَالمُزَنِيِّ،
وَلَهُ كِتَاب(اخْتِلاَف العُلَمَاء) (2) ،
__________
(1) ص 104.
(2) في " الطبقات ": اختلاف الفقهاء.
(14/198)
وَكِتَاب(علل الحَدِيْث).
قُلْتُ:وَلِلسَّاجِي مصَنَّفٌ جليلٌ فِي علل الحَدِيْث
يدلُّ عَلَى تبحُّره وَحِفْظِهِ، وَلَمْ تبلُغْنَا
أَخْبَارُهُ كَمَا فِي النّفس، وَقَدْ هَمَّ بِمَنْ أَدخلَ
عَلَيْهِ، فَقَالَ الخَلِيْلِيّ:سَمِعْتُ عبدَ الرَّحْمَنِ
بنَ أَحْمَدَ الشيرَازيَّ الحَافِظ يَقُوْلُ:سَأَلْتُ
ابْنَ عَدِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بن مُحَمَّدِ بنِ
يَحْيَى بنِ مَنْدَة، فَقَالَ:كُنَّا بِالبَصْرَةِ عِنْد
زَكَرِيَّا السَّاجِيّ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيْمُ
حَدِيْثَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن
وَهْبٍ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ مَالِكٍ، فَقُلْتُ:هُمَا عَنْ
يُوْنُس، فَأَخَذَ السَّاجِيُّ كِتَابَهُ، فتَأَمَّل
وَقَالَ لِي:هُوَ كَمَا قُلْتَ.
وَقَالَ لإِبْرَاهِيْم:مِمَّنْ أَخذتَ هَذَا؟
فَأَحَال عَلَى بَعْضِ أَهْلِ البَصْرَةِ.
قَالَ:عَلَيَّ بصَاحِب الشُّرْطَة حَتَّى أُسَوِّدَ وَجه
هَذَا.
فَكلَّمُوهُ حَتَّى عفَا عَنْهُ، وَمزَّقَ الكِتَاب.
مَاتَ:بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ - .
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ بنِ عَسَاكِرَ، عَنْ عَبْدِ
المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ الصُّوْفِيّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ
بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَروذِيّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ أَبِي جَعْفَرٍ،
قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى
السَّاجِيّ - وَمَا كَتَبْتُ عَنْهُ إِلاَّ هَذَا
الحَدِيْث الوَاحِد - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنِ
مُعَاذ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بنُ
حَيَّان، عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلاَ يَدَعَنَّ
أَحَداً يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ أَبَى
فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنَّ مَعَهُ شَيْطَاناً).
صَحِيْح غَرِيْب، تَفَرَّد بِهِ حُمَيْد بن هِلاَلٍ.
أَخرجَهُ الشَّيْخَانِ (1) مِنْ طريقِ
__________
(1) البخاري: 1 / 481 480 في سترة المصلي: باب يرد المصلي
من مر بين يديه، =
(14/199)
يُوْنُس بن عُبَيْدٍ، وَسُلَيْمَان بن
المُغِيْرَةِ، عَنْ حُمَيْدٍ بِهِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ:أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ، وَأَخْبَرَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ السُّلَمِيّ، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْح بن شَاتيل، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ
بنُ أَحْمَدَ الرَّزَّاز، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ يَعْقُوْبَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّقَّاء، حَدَّثَنَا
زَكَرِيَّا السَّاجِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى
الحَرَشِيّ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بنُ يسَافَ اليَمَامِيّ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْر، عَنِ الحَسَنِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأَمرٍ هُوَ
حقٌ، مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ بَعْدَ المَوْتِ فَقَدْ
نَجَا؟)فَذَكَرَ حَدِيْثاً مُنْكراً (1) ، وَعَامِرٌ
ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ.
__________
= ومسلم (505) في الصلاة: باب منع المار بين يدي المصلي،
وأخرجه أيضا أبو داود (700) بلفظ: " إذا صلى أحدكم إلى شيء
يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في
نحره، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان ".
وقد رقع في رواية للاسماعيلي فيما
قاله الحافظ " فإن معه الشيطان " ونحوه لمسلم برقم (506)
من حديث ابن عمر بلفظ: " فإن معه القرين ".
(1) الخبر في " كامل ابن عدي " الورقة 266 / ب من طريق أبي
نصر التمار، عن عامر به.
ونصه بتمامه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أبا
هريرة ألا أحدثك بأمر هو حق من تكلم [ به ] في أول مضجعه
من مرضه نجاه الله من النار ؟ " قال: قلت: بلى بأبي وأمي
أنت يا رسول الله.
قال: " فاعلم أنك إذا أصبحت لم تمس، وإذا أمسيت لم تصبح،
وأنك إذا فعلت ذلك في أول مرضك من مضجعك نجاك الله من
النار، أن تقول: لا إله إلا الله، يحيى ويميت، وهو حي لا
يموت، سبحان الله رب العباد، والحمد لله حمدا كثيرا طيبا
مباركا فيه على كل حال، الله أكبر كبيرا، كبرياء ربنا
وجلالته وقدرته بكل مكان، اللهم إن أنت أمرضتني لتقبض روحي
في أول مرضي هذا فاجعل روحي في أرواح من سبقت لهم منك
الحسنى، وباعدني من النار كما باعدت أولياءك الذين سبقت
لهم منك الحسنى. فإن مت في مرضك ذلك فلك رضوان الله عزوجل
الجنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن اقترفت ذنوبا
تاب الله عليك ".
(14/200)
114 - ابْنُ سُرَيْجٍ أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، فَقِيْهُ العِرَاقَين (1)
، أَبُو العَبَّاسِ، أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بن سُرَيْج
البَغْدَادِيّ، القَاضِي الشَّافِعِيّ، صَاحِبُ
المُصَنَّفَات.
وُلِدَ:سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَسَمِعَ فِي الحدَاثَةِ، وَلَحِقَ أَصْحَابَ سُفْيَان بن
عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْع.
فسَمِعَ مِنَ:الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ -
تِلْمِيْذِ الشَّافِعِيّ - وَمِنْ:عَلِيِّ بن إِشكَاب،
وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَعَبَّاسِ بنِ
مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي يَحْيَى مُحَمَّدِ بنِ
سَعِيْدِ بنِ غَالِب العَطَّار، وَعَبَّاسِ بنِ عَبْدِ
اللهِ التُّرْقُفِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيّ،
وَالحَسَنِ بنِ مُكرم، وَحَمْدَان بنِ عَلِيٍّ الوَرَّاق،
وَمُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ الصَّائِغ، وَأَبِي عَوْفٍ
البُزُورِيّ، وَعُبَيْدِ بنِ شَرِيْك البَزَّار،
وَطَبَقَتِهِم.
وَتفقَّه بِأَبِي القَاسِمِ عُثْمَانَ بنِ بَشَّار
الأَنْمَاطِيّ الشَّافِعِيّ، صَاحِب المُزَنِيّ، وَبِهِ
انْتَشَر مَذْهَب الشَّافِعِيِّ، بِبَغْدَادَ، وَتخرَّج
بِهِ الأَصْحَاب.
وَحَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ،
وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ،
وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ الغِطْرِيْف الجُرْجَانِيّ،
وَغَيْرهُم.
__________
(*) فهرست ابن النديم: 300 299، طبقات العبادي: 62، تاريخ
بغداد: 4 / 290 287، طبقات الشيرازي: 109 108، المنتظم: 6
/ 150 149، تهذيب الأسماء واللغات: 2 / 252 251، وفيات
الأعيان: 1 / 67 66، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 139 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 813 811،
العبر: 2 / 132، دول الإسلام: 1 / 187 185، الوافي
بالوفيات: 7 / 261 260، مرآة الجنان: 2 / 248 246، طبقات
الشافعية للسبكي: 3 / 39 21، طبقات الاسنوي: 2 / 21 20،
البداية والنهاية: 11 / 129، النجوم الزاهرة: 3 / 194،
طبقات الحفاظ: 338، مفتاح السعادة: 2 / 174، شذرات الذهب:
2 / 248 247، طبقات الاصوليين: 1 / 166 165.
(1) يعني: البصرة والكوفة.
(14/201)
يَقَع لِي مِنْ عَالِي رِوَايَتِه فِي
جُزْء الغِطْرِيْفِيّ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِم:أَنْبَأَنَا
أَبُو اليُمْن الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
السَّلاَم، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ
فِي(طبقَات الفُقَهَاء (1))قَالَ:كَانَ يُقَالُ لاِبْنِ
سُرَيْج:البَاز الأَشهب.
وَلِيَ القَضَاءَ بشِيرَاز، وَكَانَ يُفضَّل عَلَى جَمِيْع
أَصْحَاب الشَّافِعِيّ، حَتَّى عَلَى المُزَنِيّ.
وَإِنَّ فِهْرستَ كُتُبه كَانَ يشْتَمل عَلَى أَرْبَع
مائَة مصَنَّف، وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيّ يَقُوْلُ:نَحْنُ نجرِي مَعَ أَبِي
العَبَّاسِ فِي ظوَاهر الفِقْه دُوْنَ دقَائِقه.
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ الأَنْمَاطِيّ، وَأَخَذَ
عَنْهُ خَلق، وَمِنْهُ انْتَشَرَ المَذْهَب.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ خَيْرَان:سَمِعْتُ أَبَا
العَبَّاسِ بن سُرَيْج يَقُوْلُ:رَأَيْتُ كَأَنَّمَا
مُطِرْنَا كِبْريتاً أَحمر، فملأَتُ أَكمَامِي وَحِجْرِي،
فَعُبِّرَ لِي:أَنْ أُرزقَ عِلْماً عَزِيْزاً كَعِزَّة
الكِبْريت الأَحْمَر.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ الفَقِيْه:سَمِعْتُ ابْنَ
سُرَيْج يَقُوْلُ:قَلَّ مَا رَأَيْتُ مِنَ المتفقِّهَة
مَنِ اشْتَغَلَ بِالكَلاَم فَأَفلح، يفوتُهُ الفِقْهُ
وَلاَ يصل إِلَى مَعْرِفَة الكَلاَم.
وَقَالَ الحَاكِمُ (2) :سَمِعْتُ حَسَّانَ بنَ مُحَمَّد
يَقُوْلُ:كُنَّا فِي مَجْلِس ابْن سُرَيْج سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ
العِلْمِ فَقَالَ:أَبْشِرْ أَيُّهَا القَاضِي، فَإِنَّ
اللهَ يبعثُ عَلَى رَأْسِ كُلّ مائَة سَنَةٍ مَنْ يجدِّد -
يَعْنِي:لِلأُمَّة - أَمر دِينهَا (3) ، وَإِنَّ اللهَ
تَعَالَى بعثَ عَلَى رَأْس المائَة عُمَرَ بنَ عَبْدِ
العَزِيْزِ، وَبَعَثَ
__________
(1) ص 109.
(2) في " مستدركه " 4 / 523 522، وما بين حاصرتين منه.
والخبر مع أبياته أيضا في " تاريخ بغداد " 4 / 289، و"
تذكرة الحفاظ " 3 / 813 812.
(3) أخرجه أبو داود (4291) في أول كتاب الملاحم: باب ما
يذكر في قرن المئة، والحاكم: 4 / 522، والخطيب في " تاريخه
" 2 / 61 من طرق عن ابن وهب، عن سعيد بن =
(14/202)
عَلَى رَأْس المائَتَيْنِ مُحَمَّد بن
إِدْرِيْسَ الشَّافِعِيّ، وَبعثَكَ عَلَى رَأْس الثَّلاَث
مائَة، ثُمَّ أَنشَأَ يَقُوْلُ:
اثْنَانِ قَدْ ذَهَبَا فَبُورِكَ فِيْهِمَا ... عُمَرُ
الخَلِيْفَةُ ثُمَّ حلفُ السُّؤْدُدِ
الشَّافِعِيّ الأَلْمَعِيُّ (1) مُحَمَّدٌ ... إِرْثُ
النُّبُوَّةِ وَابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ
أَبْشِرْ أَبَا العَبَّاسِ إِنَّكَ ثَالثٌ ... مِنْ
بَعْدِهِمْ سُقْياً لتُرْبَةِ أَحْمَدِ
قَالَ:فصَاح أَبُو العَبَّاسِ، وَبَكَى، وَقَالَ:لَقَدْ
نعَى إِلَيَّ نَفْسِي.
قَالَ حَسَّانُ الفَقِيْه:فَمَاتَ القَاضِي أَبُو
العَبَّاسِ تِلْكَ السّنَة.
قُلْتُ:وَقَدْ كَانَ عَلَى رَأْس الأَربع مائَة الشَّيْخُ
أَبُو حَامِدٍ الإسْفَرَايينِيّ، وَعَلَى رَأْسِ الْخمس
مائَة أَبُو حَامِدٍ الغزَالِيّ، وَعَلَى رَأْس الَسْتِّ
مائَة الحَافِظُ عَبْدُ الغنِيّ، وَعَلَى رَأْس السَّبعِ
مائَة شَيْخنَا أَبُو الفَتْحِ ابْنُ دَقيق العِيْد.
وَإِن جعلتَ(مَنْ يُجَدِّد)لفظاً يَصْدُقُ عَلَى جَمَاعَة
- وَهُوَ أَقوَى - فَيَكُوْنُ عَلَى رَأْس المائَة:عُمَرُ
بنُ عَبْدِ العَزِيْز خَلِيْفَةُ الوَقْت، وَالقَاسِمُ بنُ
مُحَمَّدٍ، وَالحَسَنُ البَصْرِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
سِيْرِينُ، وَأَبُو قِلاَبَةَ، وطائفةٌ.
وَعَلَى رَأْس المائَتَيْنِ مَعَ الشَّافِعِيِّ:يَزِيْدُ
بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَشهبُ
الفَقِيْه، وَعِدَّةٌ.
وَعَلَى رَأْس الثَّلاَث مائَة مَعَ ابْنِ سُرَيْج:أَبُو
عَبْد الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ، وَالحَسَنُ بنُ
سُفْيَانَ، وَطَائِفَةٌ.
وَمِمَّنْ مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ:مُسْنِدُ بَغْدَادَ
أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ
الجَبَّارِ الصُّوْفِيّ، وَشَيْخُ الصُّوْفِيَّة أَبُو
عَبْدِ اللهِ بنُ الجلاَّء أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى
__________
= أبي أيوب، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة، عن
أبي هريرة. وإسناده صحيح.
(1) رواية " المستدرك ": الابطحي.
(14/203)
بِالشَّامِ، وَالمُحَدِّثُ حَاجِبُ بنُ
أَركين الفَرْغَانِيّ، وَالحَافِظُ عَبْدَان بنُ أَحْمَدَ
بنِ مُوْسَى الأَهْوَازِيّ، وَالمُحَدِّث عَلِيُّ بنُ
إِسْحَاقَ بنِ زَاطِيَا المُخَرِّمِيّ، وَالقَاضِي
مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ وَكِيْع الأَخْبَارِيّ، وَمُحَدِّثُ
قَزْوين أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ بن
الحَارِثِ الأَسَدِيّ، وَمُفْتِي الشَّافِعِيَّة بِمِصْرَ
أَبُو الحَسَنِ مَنْصُوْرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الضَّرِيْر.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي عُمَرَ
إِذْناً:أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي
قَالاَ:
أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو
العَبَّاسِ بنُ سُرَيْج، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِشكَاب،
حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ ذرّ،
حَدَّثَنَا أَبُو الرُّصَافَة البَاهِلِيُّ مِنْ أَهْلِ
الشَّام:
أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ حَدَّثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ،
قَالَ:(مَا مِنِ امرِئٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ
فَيَتَوَضَّأُ عِنْدَهَا، فَيُحْسِنُ الوُضُوءَ، ثُمَّ
يُصَلِّي فَيُحْسِنُ الصَّلاَةَ إِلاَّ غَفَرَ اللهُ لَهُ
بِهَا مَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلاَةِ الَّتِي
كَانَتْ قَبْلَهَا مِنْ ذُنُوبِه (1)).
وَبِهِ:حَدَّثَنَا ابْنُ سُرَيْج:حَدَّثَنَا
الزَّعْفَرَانِيّ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا
الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَبِيْعَةَ الرَّأْي، عَنْ يَزِيْدَ
مَوْلَى المُنْبَعث، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ،
قَالَ:سُئِلَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عَنِ اللُّقَطَةِ؟
فَقَالَ:(عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا
وَإِلاَّ فَاسْتَنْفِقْهَا) (2) .
__________
(1) أبو الرصافة الباهلي مجهول، وباقي رجاله ثقات. وأبو
بدر: هو شجاع بن الوليد ابن قيس السكوني.
وأخرجه أحمد في " مسنده " 5 / 260 من طريق روح بهذا
الإسناد.
وللحديث شاهد من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه عند
البخاري: 1 / 228 في الوضوء: باب الوضوء ثلاثا ثلاثا،
ومسلم (227) في الطهارة: باب فضل الوضوء والصلاة عقبه،
ولفظه: " لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلي صلاة، إلا
غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها ".
(2) إسناده صحيح. وأخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 226 في
القضاء في اللقطة، والبخاري: 5 / 61 في اللقطة: باب إذا لم
يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها، =
(14/204)
115 - ابْنُ مُقْبِلٍ أَبُو مُحَمَّدٍ
بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ بَكْرُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُقبل الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمُ البَصْرِيّ.
يَرْوِي عَنْ:عَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيِّ،
وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّس، وَبُنْدَار، وَعَبْد المَلِكِ
بن هَوْذَةَ بنِ خَلِيْفَةَ، وَطَبَقَتهِم.
وَعَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رَمَضَانَ.
116 - ابْنُ الحَدَّادِ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
صَبِيْحٍ المَغْرِبِيُّ **
الإِمَامُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو عُثْمَانَ،
سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَبِيْح بن الحَدَّاد
المَغْرِبِيّ، صَاحِب سَحْنُوْن (1) ، وَهُوَ أَحَد
الْمُجْتَهدين، وَكَانَ بَحْراً فِي الفُرُوْع، وَرَأْساً
فِي لِسَان العَرَب، بَصِيْراً بِالسُّنَنِ.
__________
= وباب إذا صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه، وباب من عرف
اللقطة ولم يدفعها إلى السلطان، وفي العلم: باب الغضب في
الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره، وفي الطلاق: باب حكم
المفقود في أهله وماله، وفي الأدب: باب ما يجوز من الغضب
والشدة لأمر الله.
وأخرجه مسلم (1722) في أول كتاب اللقطة، كلهم من طريق
ربيعة الرأي، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني
قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن
اللقطة ؟ فقال: " اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن
جاء صاحبها وإلا فشأنك بها " قال: فضالة الغنم ؟ قال " هي
لك أو لاخيك أو للذئب " قال: فضالة الابل ؟ قال: " مالك
ولها ؟ ! معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر، حتى
يلقاها ربها ".
(*) العبر: 2 / 119 118، شذرات الذهب: 2 / 234.
(* *) طبقات النحويين واللغويين: 241 239، إنباه الرواة: 2
/ 54 53، معالم الايمان: 2 / 315 295، العبر: 2 / 122،
الوافي بالوفيات: 15 / 180 179 و256، مرآة الجنان: 2 /
240، شذرات الذهب: 2 / 238.
(1) بفتح السين المهملة وضمها، هو أبو سعيد عبد السلام بن
سعيد بن حبيب ... =
(14/205)
وَكَانَ يذُمُّ التَّقليد وَيَقُوْلُ:هُوَ
مِنْ نقص العُقول، أَوْ دنَاءة الهِمَم.
ويَقُوْلُ:مَا لِلْعَالِم وَملاَءَمَة المَضَاجع.
وَكَانَ يَقُوْلُ:دليلُ الضَّبْطِ الإِقلاَل، وَدليلُ
التَّقْصِير الإِكثَار.
وَكَانَ مِنْ رُؤُوْس السُّنَّة.
قَالَ ابْنُ حَارِث:لَهُ مَقَامَاتٌ كَرِيْمَة، وَموَاقفُ
مَحْمُودَة فِي الدَّفع عَنِ الإِسْلاَم، وَالذَّبِّ عَنِ
السُّنَّة، نَاظرَ فِيْهَا أَبَا العَبَّاسِ المعجوقِيّ
أَخَا أَبِي عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيِّ الدَّاعِي إِلَى
دَوْلَة عُبَيْد اللهِ، فَتَكَلَّم ابْنُ الحَدَّاد وَلَمْ
يَخَفْ سَطْوَة سُلطَانهم، حَتَّى قَالَ لَهُ:وَلدُه أَبُو
مُحَمَّدٍ:يَا أَبَة!اتَّقِ الله فِي نَفْسِك وَلاَ
تبَالغ.
قَالَ:حَسْبِي مَنْ لَهُ غَضِبتُ، وَعَنْ دِينه ذَبَبْت.
وَله مَعَ شَيْخ المُعْتَزِلَة الفَرَّاء مُنَاظَرَاتٌ
بِالقَيْرَوَان، رَجَعَ بِهَا عددٌ مِنَ المُبتدِعَة.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ صَنَّف فِي الرَّدِّ عَلَى(المدَوَّنَة
(1))وَأَلَّف أَشيَاء.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ اللَّبَّاد:بَيْنَا سَعِيْدُ بنُ
الحَدَّاد جَالسٌ أَتَاهُ رَسُوْلُ عُبَيْد اللهِ -
يَعْنِي:المَهْدِيّ - قَالَ:فَأَتَيْتُهُ وَأَبُو جَعْفَرٍ
البَغْدَادِيُّ وَاقف، فَتَكَلَّمتُ بِمَا حَضَرنِي،
فَقَالَ:اجْلِسْ.
فجلَسْت، فَإِذَا بِكِتَابٍ لطيف، فَقَالَ لأَبِي
__________
= التنوخي، من كبار فقهاء المالكية انتهت إليه الرئاسة في
العلم بالمغرب في زمانه، وحصل له من الأصحاب والتلامذة ما
لم يحصل لأحد من أصحاب مالك مثله، وعنه انتشر علم مالك في
المغرب.
توفي سنة أربعين ومئتين.
وسحنون: اسم طائر حديد بالمغرب، لقب به سحنون لحدته وقد
تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر رقم الترجمة (15).
(1) قال المؤلف في " العبر " 2 / 122 في معرض ترجمته لابن
الحداد: " وأخذ يسمي " المدونة ": " المدودة ".
وانظر حول تصنيف " المدونة " ما كتبه ابن خلكان في "
الوفيات " 3 / 182 181.
(14/206)
جَعْفَر:اعرضِ الكِتَابَ عَلَى الشَّيْخ.
فَإِذَا حَدِيْثُ غَدِير خُمّ (1) .
قُلْتُ:وَهُوَ صَحِيْح، وَقَدْ رَوَيْنَاهُ.
فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ:فَمَا لِلنَّاسِ لاَ يكُونُوْنَ
عَبِيْدنَا؟
قُلْتُ:أَعزَّ اللهُ السَّيِّد، لَمْ يُرِدْ وَلاَيَةَ
الرِّق، بَلْ وَلاَيَة الدِّين.
قَالَ:هَلْ مِنْ شَاهد؟
قُلْتُ:قَالَ الله تَعَالَى:{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ
يُؤْتِيَهُ اللهُ الكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ
ثُمَّ يَقُوْلَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ
دُوْنِ اللهِ} [آل عِمْرَانَ:79]، فَمَا لَمْ يَكُنْ
لِنبِيّ الله لَمْ يَكُنْ لِغَيْره.
قَالَ:انْصَرَفْ لاَ ينَالُكَ الحرّ.
فَتَبِعَنِي البَغْدَادِيُّ، فَقَالَ:اكتُمْ هَذَا
المَجْلِس.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَطَّان:لَوْ
سَمِعْتُم سَعِيْدَ بنَ الحَدَّاد فِي تِلْكَ المحَافل -
يَعْنِي:مُنَاظرته لِلشِّيعِيِّ - وَقَدِ اجْتَمَعَ لَهُ
جَهَارَةُ الصَّوت، وَفخَامَةُ المَنْطِقِ، وَفَصَاحَةُ
اللِّسَان، وَصوَابُ المَعَانِي، لتَمَنَّيْتُم أَنْ لاَ
يَسْكُت.
وَقِيْلَ:إِنَّ ابْنَ الحَدَّاد تَحوَّل شَافِعِيّاً مِنْ
غَيْر تَقْلِيد، وَلاَ يَعْتَقِدُ مَسْأَلَةً إِلاَّ
بِحجَّة.
وَكَانَ حَسَنَ البِزَّة، لكنَّه كَانَ يتقوَّتُ
بِاليَسِيْر، وَلَمْ يَحُجّ، وَكَانَ كَثِيْر الردِّ عَلَى
الكُوْفِيِّين.
__________
(1) أخرج الامام أحمد في " مسنده " 2 / 372 عن سفيان، ثنا
أبو عوانة، عن المغيرة، عن أبي عبيد، عن ميمون قال: قال
زيد بن أرقم وأنا أسمع: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم بواد يقال له: وادي خم، فأمر بالصلاة، فصلاها بهجير،
قال: فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب على
شجرة سمرة من الشمس، فقال: ألستم تعلمون، أو لستم تشهدون
أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت
مولاه فإن عليا مولاه. اللهم عاد من عاداه، ووال من والاه
".
وإسناده صحيح، وهو في " المسند " أيضا: 4 / 364 و370.
وفي الباب عن علي عند أحمد: 1 / 119 118، وعن البراء عند
أحمد: 4 / 281، وابن ماجه (116).
وانظر حول غدير خم " معجم البلدان " 2 / 390 389.
(14/207)
وَقِيْلَ:إِنَّهُ سَارَ لتلقِّي أَبِي
عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ، فَقَالَ لَهُ:يَا شَيْخ!بِمَ
كُنْت تقضِي؟
فَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْنُسَ:بِالكِتَابِ
وَالسُّنَّةِ.
قَالَ:فَمَا السُّنَّة؟
قَالَ:السُّنَّة السُّنَّة.
قَالَ ابْنُ الحَدَّاد:فَقُلْتُ لِلشِّيعِي:المَجْلِسُ
مشتَرَك أُمْ خَاصّ؟
قَالَ:مشترَك.
فَقُلْتُ:أَصلُ السُّنَّة فِي كَلاَم العَرَب المثَال،
قَالَ الشَّاعِر:
تُرِيْكَ سَنَّةَ وَجْهٍ غَيْرَ مُقْرِفَةٍ ... مَلْسَاءَ
لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلاَ نَدَبُ (1)
أَي صُورَة وَجه وَمثَاله.
وَالسُّنَّة محصورَةٌ فِي ثَلاَث:الاَئِتمَار بِمَا أَمرَ
بِهِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَالاَنتهَاء عَمَّا نَهَى عَنْهُ، وَالاَئِتسَاء بِمَا
فعل.
فَقَالَ الشِّيْعِيّ:فَإِنِ اختلفَ عَلَيْكَ النّقل،
وَجَاءتِ السُّنَّةُ مِنْ طُرق؟
قُلْتُ:أَنظرُ إِلَى أَصحِّ الخَبَرَيْن، كشُهُوْدٍ عدولٍ
اختلفُوا فِي شهَادَة.
قَالَ:فَلَو اسْتَوَوْا فِي الثَّبَات؟
قُلْتُ:يَكُوْنُ أَحَدهُمَا نَاسخاً لِلآخر.
قَالَ:فمِنْ أَيْنَ قلتُم بِالقِيَاس؟
قُلْتُ:مِنْ كِتَاب الله:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ
مِنْكُم} [المَائِدَة:95] فَالصَّيْدُ معلومَةٌ عينُه،
فَالجزَاءُ أُمرنَا أَنْ نمثِّلَهُ بِشَيْءٍ مِنَ
النَّعَم، وَمثلُه فِي تَثْبِيت القِيَاس:{لَعَلِمَهُ
الَّذِيْنَ يَسْتَنبِطُوْنَهُ} [النِّسَاء:83] وَالاستنباط
غَيْر مَنْصُوص.
ثُمَّ عَطَفَ عَلَى مُوْسَى القَطَّان فَقَالَ:أَيْنَ
وَجدتُمْ حدَّ الخَمْر فِي كِتَاب الله،
تَقُولُ:اضرِبُوْهُ بِالأَرديَة وَبَالأَيْدِي ثُمَّ
بِالجَرِيد (2) ؟
فَقُلْتُ أَنَا:إِنَّمَا حُدَّ قِيَاساً عَلَى حدِّ
القَاذف، لأَنَّه إِذَا شرِبَ سَكِر، وَإِذَا سَكِرَ
هَذَى، وَإِذَا هَذَى افترَى (3) ،
__________
(1) البيت لذي الرمة، وهو في ديوانه ص 8 من قصيدته التي
مطلعها: ما بال عينك منها الماء ينسكب * كأنه من كلى مفرية
سرب وقوله: سنة وجه: أي صورة وجه.
والندب: الاثر من الجراح.
(2) ثبت ذلك من حديث أنس عند البخاري: 12 / 54 في الحدود:
باب ما جاء في ضرب شارب الخمر، ومسلم (1706) في الحدود:
باب حد الخمر، من طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس " أن النبي
صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد
أبو بكر أربعين ".
(3) أخرجه مالك: 2 / 55 في الاشربة: باب الحد في الخمر،
وعنه الشافعي: =
(14/208)
فَأَوجبَ عَلَيْهِ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ
أَمرُه.
قَالَ:أَوَلَمْ يقلْ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(وَأَقْضَاكُمْ عَليّ..)فَسَاقَ
لَهُ مُوْسَى تمَامَه وَهُوَ:(وَأَعْلَمُكُمْ بِالحَلاَلِ
وَالحَرَام مُعَاذ، وَأَرْأَفُكُمْ أَبُو بَكْرٍ،
وَأَشَدُّكُمْ فِي دِيْنِ اللهِ عُمَر (1)).
قَالَ:كَيْفَ يَكُوْنُ أَشدَّهُم وَقَدْ هَرَبَ
بِالرَّايَة يَوْم خَيْبَر (2) ؟
قَالَ مُوْسَى:مَا سَمِعْنَا بِهَذَا.
فَقُلْتُ:إِنَّمَا تحيَّز إِلَى فئَةٍ فلَيْسَ بفَارّ.
__________
= 2 / 304 من طريق ثور بن زيد الديلي " أن عمر بن الخطاب
استشار في الخمر يشربها الرجل، فقال له علي: نرى أن نجلده
ثمانين، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هدى افترى
أو كما قال فجلد عمر في الخمر ثمانين ".
قال الحافظ في " تلخيص الحبير " 4 / 75: وهو منقطع، لان
ثورا لم يلحق عمر بلا خلاف، لكن وصله النسائي في " الكبرى
"، والحاكم: 4 / 375 من وجه آخر عن ثور، عن عكرمة، عن ابن
عباس.
ورواه عبد الرزاق (13542) عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة ولم
يذكر ابن عباس.
وفي صحته نظر لما ثبت في " الصحيحين " عن أنس أن النبي صلى
الله لعيه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو
بكر أربعين، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن:
أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر.
ولا يقال: يحتمل أن يكون عبد الرحمن وعلي أشارا بذلك
جميعا، لما ثبت في صحيح مسلم (1707) (38) من طريق حضين بن
المنذر أبي ساسان قال: شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد
صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم ؟ فشهد عليه رجلان أحدهما
حمران: أنه شرب الخمر، وشهد آخر: أنه رآه
يتقيأ.
فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها.
فقال: يا علي قم فاجلده.
فقال علي: قم يا حسن فاجلده.
فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها كأنه وجد عليه فقال:
يا عبد الله ابن جعفر قم فاجلده، فجلده وعلي يعد حتى بلغ
أربعين.
فقال: أمسك.
ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو
بكر أربعين، وعمر ثمانين. وكل سنة، وهذا أحب إلي ".
(1) قطعة من حديث أخرجه الترمذي (3791) وابن ماجه (154) من
طريق عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن
أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم
حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب،
وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن
جبل، ألا وإن لكل أمة أمينا، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة
بن الجراح ".
وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2218) والحاكم: 3
/ 422 ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا.
(2) كذا الأصل، وفي " معالم الايمان " حنين.
(14/209)
وَقَالَ فِي:{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ
مَعَنَا} [التَّوبَة:40] إِنَّمَا نَهَاهُ النَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ حُزْنِه لأَنَّه
كَانَ مسخوطاً.
قُلْتُ:لَمْ يَكُنْ قَوْلُه إِلاَّ تَبْشِيْراً بِأَنَّهُ
آمنٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ وَعَلَى نَفْسه، فَقَالَ:أَيْنَ
نَظِيْرُ مَا قُلْتَ؟
قُلْتُ:قَوْلُهُ لِمُوْسَى وَهَارُوْن:{لاَ تخَافَا
إِنَّنِي مَعْكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46] فَلَمْ
يَكُنْ خَوْفُهُمَا مِنْ فِرْعَوْن خَوْفاً بِسخط الله.
ثُمَّ قَالَ:يَا أَهْل البلدَة:إِنَّكُم تبغضُون عَلِيّاً؟
قُلْتُ:عَلَى مُبْغِضِهِ لعنَةُ الله.
فَقَالَ:صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ:نَعَمْ، وَرفعتُ صَوْتِي:صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، لأَنَّ الصَّلاَةَ فِي خطَاب العَرَب
الرَّحْمَةُ وَالدُّعَاء، قَالَ:أَلَمْ يقلْ رَسُوْل اللهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(أَنْتَ مِنِّي
بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى)؟
قُلْتُ:نَعَمْ، إِلاَّ أَنَّهُ، قَالَ:(إِلاَّ أَنَّهُ لاَ
نَبِيَّ بَعْدِي (1)).
وَهَارُوْن كَانَ حجَّة فِي حَيَاة مُوْسَى، وَعلِيٌّ لَمْ
يَكُنْ حجَّةً فِي حَيَاةِ النَّبِيّ، وَهَارُوْنُ فَكَانَ
شَرِيْكاً، أَفَكَانَ عليٌّ شريكاً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النُّبُوَّة؟!وَإِنَّمَا
أَرَادَ التَّقْرِيْب وَالوِزَارَة وَالوِلاَيَة.
قَالَ:أَولَيْسَ هُوَ أَفضل؟
قُلْتُ:أَلَيْسَ الحَقُّ مُتَّفِقاً عَلَيْهِ؟
قَالَ:نَعَمْ.
قُلْتُ:قَدْ ملكتَ مدَائِن قَبْلَ مدينتنَا، وَهِيَ
أَعْظَمُ مَدِيْنَة، وَاسْتفَاضَ عَنْكَ أَنَّك لَمْ
تُكْرِهْ أَحَداً عَلَى مذهَبِكَ، فَاسلُكْ بِنَا مسلَكَ
غيرِنَا وَنَهَضْنَا.
قَالَ ابْنُ الحَدَّاد:وَدخلتُ يَوْماً عَلَى أَبِي
العَبَّاسِ، فَأَجلسَنِي مَعَهُ فِي مَكَانِهِ وَهُوَ
يَقُوْلُ لِرَجُلٍ:أَلَيْسَ المتعلِّم مُحتَاجاً إِلَى
المُعَلِّم أَبَداً؟فَعَرفتُ أَنَّهُ
__________
(1) أخرجه البخاري: 8 / 86 في المغازي: باب غزوة تبوك، وفي
فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب مناقب علي بن
أبي طالب، ومسلم (2404) في فضائل الصحابة: باب من فضائل
علي بن أبي طالب رضي الله عنه من طريق شعبة، عن الحكم، عن
مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله
صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك.
فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان ؟ فقال: "
أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ ! غير أنه لا
نبي بعدي ".
(14/210)
يُرِيْدُ الطَّعن عَلَى الصِّدِّيق فِي
سُؤَاله عَنْ فرض الجَدَّة (1) ، فَبدرتُ
وَقُلْتُ:المتعلِّم قَدْ يَكُوْنُ أَعْلَمَ مِنَ
المُعَلِّم وَأَفقَهَ وَأَفْضَلَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ
السَّلاَمُ:(رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ
أَفْقَهُ مِنْهُ (2) ...).
ثُمَّ مُعَلِّمُ الصِّغَار القُرْآن يَكبرُ أَحَدُهُم
ثُمَّ يَصير أَعْلَمَ مِنَ المُعَلِّم.
قَالَ:فَاذكر مِنْ عَامِّ القُرْآنِ وَخَاصِّه شَيْئاً؟
قُلْتُ:قَالَ تَعَالَى:{وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ}
[البَقَرَة:221] فَاحتمل المرَادُ بِهَا العَامّ، فَقَالَ
تَعَالَى:{وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِيْنَ أُوْتُوا
الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم} [المَائِدَة:5] فعَلمنَا أَنَّ
مُرَاده بِالآيَة الأُولَى خَاصٌّ، أَرَادَ:وَلاَ
__________
(1) إشارة إلى الحديث الذي رواه مالك في " الموطأ " 2 / 54
في الفرائض: باب ميراث الجدة، وأبو داود (2894) في
الفرائض: باب في الجدة، والترمذي (2102) فيه أيضا: باب
ميراث الجدة وابن ماجه (2724) في الفرائض: باب ميراث
الجدة، من حديث قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي
بكر تسأله ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله من شيء، وما
علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فارجعي
حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت
رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال: هل معك
غيرك ؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال
المغيرة، فأنفذ لها أبو بكر السدس.
ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها،
فقال: مالك في كتاب الله من شيء، وما كان القضاء الذي قضي
به إلا لغيرك، وما أنا بزائد في الفرائض شيئا، ولكن هو ذلك
السدس، فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما، وأيتكما خلت به فهو
لها ".
قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم: 4 / 338، وابن حبان
(1224) وقال الحافظ في " التلخيص " 3 / 82: وإسناده صحيح
لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع
من الصديق، ولا يمكن شهوده للقصة.
(2) قطعة من حديث صحيح، أخرجه الشافعي: 1 / 14، والترمذي
(2658) في العلم: باب في الحث على تبليغ السماع، من حديث
ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نضر
الله عبدا سمع مقالتي، فحفظها ووعاها وأداها، فرب حامل فقه
غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ". قال
الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح. وفي الباب عن زيد بن ثابت
عند أحمد: 5 / 183، وأبي داود (3660) والترمذي (2656) وابن
ماجه (230) والدارمي: 1 / 75، وقد صححه الحافظ ابن حجر
وغيره. وعن جبير بن مطعم عند أحمد: 4 / 80، وابن ماجه
(231) والدارمي: 1 / 74 و75. وعن أبي الدرداء عند الدارمي:
1 / 76 75، وعن أنس عند أحمد: 3 / 225.
(14/211)
تَنْكِحُوا المُشْركَاتِ غَيْرَ
الكتَابيَّات مِنْ قَبْلِكُم حَتَّى يُؤمِنّ.
قَالَ:وَمَنْ هنَّ المحصَنَات؟
قُلْتُ:العفَائِف.
قَالَ:بَلِ المتزوِّجَات.
قُلْتُ:الإِحصَانُ فِي اللُّغَة:الإِحرَاز، فَمَنْ أَحرزَ
شَيْئاً فَقَدْ أَحصَنَهُ، وَالعِتْقُ يُحَصِّنُ
المَمْلُوْكَ لأَنَّه يحرزُهُ عَنْ أَنْ يجرِيَ عَلَيْهِ
مَا عَلَى المَمَالِيْك، وَالتّزويجُ يحصِنُ الفرجَ
لأَنَّهُ أَحرزَهُ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ مبَاحاً، وَالعفَافُ
إِحْصَانٌ لِلْفَرْج.
قَالَ:مَا عِنْدِي الإِحصَان إِلاَّ التَّزْوِيج.
قُلْتُ لَهُ:مُنْزِلُ القُرْآنِ يَأْبَى ذَلِكَ،
قَالَ:{وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ
فَرْجَهَا} [التّحريم:12] أَي أَعَفَّتْه،
وَقَالَ:{مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النِّسَاء:25]
عفَائِف.
قَالَ:فَقَدْ قَالَ فِي الإِمَاء:{فَإِذَا أُحْصِنَّ}
[النِّسَاء:25] وَهنَّ عِنْدَكَ قَدْ يكنَّ عفَائِف.
قُلْتُ:سَمَّاهُنَّ بِمتقدِّم إِحصَانِهِنَّ قَبْل
زِنَاهُنَّ، قَالَ تَعَالَى:{وَلكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ
أَزْوَاجُكُم} [النِّسَاء:12].
وَقَدِ انْقَطَعتِ العِصْمَةُ بِالمَوْت، يُرِيْدُ
اللاَتِي كُنَّ أَزواجَكُم.
قَالَ:يَا شَيْخ!أَنْتَ تَلُوذ.
قُلْتُ:لَسْتُ أَلوذ، أَنَا المُجِيْب لَكَ، وَأَنْت
الَّذِي تلوذُ بِمسأَلَة أُخْرَى، وَصِحْتُ أَلاَ أَحَدٌ
يَكْتُبُ مَا أَقُولُ وَتَقُولُ.
قَالَ:فوقَى الله شرَّه.
وَقَالَ:كَأَنَّك تَقُولُ:أَنَا أَعْلَمُ النَّاس.
قُلْتُ:أَمَّا بِدينِي فَنَعم.
قَالَ:فَمَا تحتَاجُ إِلَى زِيَادَةٍ فِيْهِ؟
قُلْتُ:لاَ.
قَالَ:فَأَنْتَ إِذاً أَعْلَمُ مِنْ مُوْسَى إِذْ
يَقُوْلُ:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي}
[الْكَهْف:66] قَالَ:هَذَا طعنٌ عَلَى نُبُوَّة مُوْسَى،
مُوْسَى مَا كَانَ محتَاجاً إِلَيْهِ فِي دِيْنِهِ، كلاَّ،
إِنَّمَا كَانَ العِلْم الَّذِي عِنْد الخَضِرِ
دُنْيَاويّاً:سَفِيْنَةً خَرَقَهَا، وَغُلاَماً قَتَلَهُ،
وَجِدَاراً أَقَامَهُ، وَذَلِكَ كُلُّه لاَ يَزِيْدُ فِي
دِين مُوْسَى.
قَالَ:فَأَنَا أَسأَلُكَ.
قُلْتُ:أَوْرِدْ وَعلِيَّ الإِصدَارُ بِالْحَقِّ بِلاَ
مَثْنَوِيَّة (1) .
قَالَ:مَا تَفْسِيْرُ الله؟
قُلْتُ:ذُو الإِلهيَّة.
قَالَ:وَمَا هِيَ؟
قُلْتُ:الرُّبوبيَّة.
قَالَ:وَمَا الرُّبوبيَّة؟
قُلْتُ:المَالِكُ الأَشيَاء كُلّهَا.
__________
(1) أي: بلا استثناء.
(14/212)
قَالَ:فَقُرَيْشٌ فِي جَاهِليَّتهَا
كَانَتْ تَعْرِفُ الله؟
قُلْتُ:لاَ.
قَالَ:فَقَدْ أَخبر الله تَعَالَى عَنْهُم أَنَّهُم
قَالُوا:{مَا نَعْبُدُهُم إِلاَّ لِيُقَرِّبُوْنَا إِلَى
اللهِ} [الزمر:3].
قُلْتُ:لَمَّا أَشركُوا مَعَهُ غَيْرَه قَالُوا:وَإِنَّمَا
يَعْرِفُ اللهَ مَنْ قَالَ:إِنَّهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ.
وَقَالَ تَعَالَى:{قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافرُوْنَ ، لاَ
أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُوْنَ}[الكَافرُوْنَ:1 - 2] فَلَو
كَانُوا يعبدُوْنَهُ مَا قَالَ:{لاَ أَعْبُدُ مَا
تَعْبُدُوْنَ}.
إِلَى أَنْ قَالَ:فَقُلْتُ:المشركُونَ عَبَدَة الأَصْنَامِ
الَّذِيْنَ بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم - إِلَيْهِم عَلِيّاً ليقرأَ عَلَيْهِم سُوْرَة
برَاءة (1) .
قَالَ:وَمَا الأَصْنَام؟
قُلْتُ:الحجَارَة.
قَالَ:وَالحجَارَةُ أَتُعْبَد؟
قُلْتُ:نَعَمْ، وَالعُزَّى كَانَتْ تُعْبَد وَهِيَ
شَجَرَة، وَالشِّعرَى كَانَتْ تُعبد وَهِيَ نجم.
قَالَ:فَالله يَقُوْلُ:{أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي (2) إِلاَّ
أَنْ يُهْدَى} [يُوْنُس:35] فَكَيْفَ تَقُولُ:إِنَّهَا
الحجَارَة؟وَالحجَارَةُ لاَ تهتدِي إِذَا هُديت، لأَنَّهَا
لَيْسَتْ مِنْ ذوَاتِ العُقُوْل.
قُلْتُ:أَخْبَرَنَا اللهُ أَنَّ الجُلُودَ تَنْطِقُ
وَلَيْسَتْ بذوَاتِ عُقُوْل، قَالَ:نسبَ إِلَيْهَا
النُّطْقَ مَجَازاً.
قُلْتُ:مُنْزِلُ القُرْآنِ يَأْبَى ذَلِكَ،
فَقَالَ:{اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ
وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيْهِمْ} [يس:65] إِلَى أَنْ
قَالَ:{قَالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ
شَيْءٍ} [فصلت:21] وَمَا الفرقُ
__________
(1) أخرج البخاري: 8 / 240 238 في أول سورة براءة، من حديث
حميد بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: بعثني
أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون
بمنى: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.
قال حميد: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي بن
أبي طالب، وأمره أن يؤذن ببراءة.
قال أبو هريرة: فأذن معنا علي يوم النحر في هل منى ببراءة،
وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ".
وانظر " المسند " 2 / 299، والنسائي: 5 / 234، والطبري
(16370) و(16371) و(16373) و(16375) و" المستدرك " 2 /
331، وابن كثير في " تفسيره " 2 / 332 331، والبداية: 5 /
39 36.
(2) بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال المكسورة، وفي
آخرها ياء، وهي قراءة حفص.
ولها أيضا قراءات متعددة انظرها في " النشر " 2 / 283.
(14/213)
بَيْنَ جِسمِنَا وَالحجَارَة؟وَلَوْ لَمْ
يُعقِّلْنَا لَمْ نَعْقِل، وَكَذَا الحجَارَةُ إِذَا شَاءَ
أَنْ تَعقلَ عَقَلت.
وَقِيْلَ:لَمْ يُرَ أَغزر دَمْعَةً مِن سَعِيْدِ بن
الحَدَّاد، وَكَانَ قَدْ صَحِبَ النُّسَّاك، وَكَانَ
مُقِلاً حَتَّى مَاتَ أَخٌ لَهُ بِصِقِلِّيَّة، فورِثَ
مِنْهُ أَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ، فَبنَى مِنْهَا دَارَهُ
بِمَائتَيْ دِيْنَار، وَاكتسَى بخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً.
وَكَانَ كَرِيْماً حليماً.
رَوَى عَنْهُ:وَلَدُهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ
شَيْخُ ابْن أَبِي زَيْدٍ.
وَكَانَ يَقُوْلُ:القُرْبُ مِنَ السُّلْطَان فِي غَيْرِ
هَذَا الوَقْت حتفٌ مِنَ الحُتوف، فَكَيْفَ اليَوْم؟
وَقَالَ:مَنْ طَالَتْ صُحْبتُهُ لِلدُّنْيَا وَلِلنَّاسِ
فَقَدْ ثَقُل ظهرُه.
خَاب السَّالُوْنَ عَنِ اللهِ، المتنعِّمُوْنَ
بِالدُّنْيَا.
من تَحَبَّبَ إِلَى العِبَاد بِالمَعَاصِي بَغَّضَهُ اللهُ
إِلَيْهِم.
وَقَالَ:لاَ تعدِلَنَّ بِالوَحدَةِ شَيْئاً، فَقَدْ صَارَ
النَّاسُ ذئاباً.
وَقَالَ:مَا صَدَّ عَنِ اللهِ مِثْلُ طلب المَحَامِد،
وَطلب الرِّفعَة.
وَله:
بَعْدَ سَبْعِيْنَ حِجَّة وَثَمَانِ ... قَدْ
تَوَفَّيْتُهَا مِنَ الأَزْمَانِ
يَا خَلِيْلِيَّ قَدْ دَنَا المَوْتُ مِنِّي ...
فَابْكِيَانِي - هُدِيْتُمَا - وَانْعِيَانِي
قَالَ القَاضِي عِيَاض:مَاتَ أَبُو عُثْمَانَ سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ - .
(14/214)
117 - حِمَاسٌ الهَمْدَانِيُّ أَبُو
القَاسِمِ بنُ مَرْوَانَ بنِ سِمَاكٍ *
العَلاَّمَةُ المُفْتِي القَاضِي، أَبُو القَاسِمِ،
حِمَاسُ بنُ مَرْوَانَ بنِ سِمَاك الهَمْدَانِيّ
المَغْرِبِيّ.
اختلفَ فِي صِغره إِلَى سَحْنُوْن، وَكَانَ عَادلاً فِي
حُكمه، بَصِيْراً بِالفِقْه، عَلاَّمَة، وَكَانَ الإِمَامُ
يَحْيَى بنُ عُمَرَ يُثْنِي عَلَى حِمَاس وَيُطْرِيه.
وَقَالَ ابْنُ حَارِث:كَانَ مَعْدُوْداً فِي العبَّاد،
صَاحِبَ تهجُّد وَصِيَام، وَلبس صوف، مَعَ الفِقْه
البَارِع.
وَقَالَ أَبُو العَرَبِ:سَمِعَ مِنْ سَحْنُوْن، وَابْن
عَبْدوس وَغَيْرِهِمَا.
قِيْلَ:إِنَّهُ قَامَ مِنَ اللَّيْل، فَوَجَد وَلَدَيْهِ
وَالعَجُوزَ وَالخَادِمَ يتهجَّدُوْنَ، فَسُرَّ بِذَلِكَ.
ويُؤثر عَنْهُ حكَايَاتٌ فِي زُهْده وَقنوعه.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ أَيْضاً،
بِإِفْرِيْقِيَةَ.
118 - ابْنُ البَرْدُوْنِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ
الضَّبِّيُّ **
الإِمَامُ، الشَّهِيْدُ، المُفْتِي، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ البَرْدُوْنِ الضَّبِّيّ
مَوْلاَهُمُ، الإِفْرِيْقِيّ، المَالِكِيّ، تِلْمِيْذُ
أَبِي عُثْمَانَ بن الحَدَّاد.
قَالَ القَاضِي عِيَاض:كَانَ يَقُوْلُ:إِنِّيْ أَتكلَّم
فِي تِسْعَة أَعشَار قيَاس العِلْم (1) .
__________
(*) معالم الايمان: 2 / 330 320، الديباج المذهب: 1 / 344
342.
(* *) معالم الايمان: 2 / 265 261، الديباج المذهب: 1 /
267 266.
(1) في " معالم الايمان " و" الديباج المذهب ": إني أتكلم
في تسعة عشر فنا من العلم.
(14/215)
وَكَانَ منَاقضاً لِلْعرَاقيِّيْن، فَدَارت
عَلَيْهِ دوَائِر فِي أَيَّامِ عُبَيْد اللهِ، وضُرِبَ
بِالسِّيَاط، ثُمَّ سَعَوا بِهِ عِنْد دُخُوْل
الشِّيْعِيِّ إِلَى القَيْرَوَان، وَكَانَتِ الشِّيْعَةُ
تمِيلُ إِلَى العِرَاقيِّين لموَافقتِهِم لَهُم فِي
مَسْأَلَةِ التفْضِيْل وَرخصَة مَذْهَبهم، فرفَعُوا إِلَى
أَبِي عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ:أَنَّ ابْنَ البَرْدُوْنَ
وَأَبَا بَكْرٍ بنَ هُذَيل يطعنَان فِي دولتِهِم، وَلاَ
يفضِّلاَن عَلِيّاً.
فَحَبَسَهُمَا، ثُمَّ أَمرَ مُتَوَلِّي القَيْرَوَان أَنْ
يضربَ ابْنَ هُذيل خَمْسَ مائَةِ سَوْط، وَيضربَ عُنُق
ابْنِ البردُوْنَ، فَغَلِطَ المُتولِّي فَقتلَ ابْنَ
هُذيل، وضربَ ابْنَ البردُوْنَ، ثُمَّ قتلَه مِنَ الغَدِ.
وَقِيْلَ لاِبْنِ البردُوْنَ لَمَّا جرِّد لِلْقتل:أَترجعُ
عَنْ مَذْهَبِك؟
قَالَ:أَعنِ الإِسْلاَم أَرجِع؟ثُمَّ صُلِبا فِي سَنَةِ
تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَمر الشِّيْعِيُّ الخَبِيْثُ أَنْ لاَ يفتَى بِمَذْهَبِ
مَالِكٍ، وَلاَ يُفتَى إِلاَّ بِمَذْهَب أَهْل البَيْت،
وَيَرَوْنَ إِسقَاط طلاَق البتَّة، فَبَقِيَ مَنْ يتفقَّه
لِمَالِكٍ إِنَّمَا يتفقَّهُ خِفيَة.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ سَعِيْدٍ الخرَّاط:كَانَ ابْنُ
البَرْدُوْنَ بَارِعاً فِي العِلْمِ، يَذْهَبُ مَذْهَبَ
النَّظَر، لَمْ يَكُنْ فِي شَبَاب عصره أَقوَى عَلَى
الجَدَل وَإِقَامَة الحجَّة مِنْهُ.
سَمِعَ مِنْ عِيْسَى بنِ مِسْكِيْن، وَيَحْيَى بن عُمَرَ،
وَجَمَاعَة.
وَلَمَّا أُتِيَ بِهِ إِلَى ابْنِ أَبِي خِنْزِير، وَقَفَ،
فَقَالَ لَهُ:يَا خِنْزِير.
فَقَالَ ابْنُ البَرْدُوْنَ:الخنَازيرُ مَعْرُوْفَةٌ
بِأَنيَابهَا.
فَغَضِبَ وَضَرَبَ عُنُقَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ خُرَاسَان:لَمَّا وَصلَ عبيدُ اللهِ
إِلَى رَقَّادَة (1) ، طلبَ مِنَ القَيْرَوَان ابْنَ
البَردُوْنَ، وَابْنَ هُذَيْل، فَأَتيَاهُ وَهُوَ عَلَى
السَّرِيْر، وَعَنْ يمِينِهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الشِّيْعِيّ، وَأَخُوْهُ أَبُو العَبَّاسِ عَنْ يسَاره،
فَقَالَ:أَتشهدَانِ أَنَّ هَذَا
__________
(1) كذا ضبطها ياقوت في " معجمه " 3 / 55، وقال: " بلدة
كانت بإفريقية، بينها وبين القيروان أربعة أيام، وأكثرها
بساتين، ولم يكن بإفريقية أطيب هواء، ولا أعدل نسيما، وأرق
تربة منها ".
(14/216)
رَسُوْلُ اللهِ؟
فَقَالاَ بلفظٍ وَاحِد:وَاللهِ لَوْ جَاءَنَا هَذَا
وَالشَّمْسُ عَنْ يمِينِهِ وَالقَمَرُ عَنْ يسَاره
يَقُوْلاَنِ:إِنَّهُ رَسُوْلُ اللهِ، مَا قُلْنَا ذَلِكَ.
فَأَمَرَ بِذَبْحِهِمَا.
119 - ابْنُ خَيْرُوْنَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
خَيْرُوْنَ المَعَافِرِيُّ *
الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ بنُ خَيْرُوْنَ
المَعَافِرِيُّ مَوْلاَهُمُ القُرْطُبِيّ.
قَالَ بَعْضُهُمْ:كُنْتُ جَالِساً عِنْد ابْن أَبِي
خِنْزِير فَدَخَلَ شَيْخٌ ذُو هَيْئَة وَخشوع، فَبَكَى
ابْن أَبِي خِنْزِير وَقَالَ:السُّلْطَان -
يَعْنِي:عُبَيْد اللهِ - وَجَّه إِلَيَّ يَأْمرنِي بِدَوْس
هَذَا حَتَّى يَمُوت.
ثُمَّ بَطَحَهُ، وَقَفَزَ عَلَيْهِ السُّودَانُ حَتَّى
مَاتَ، لِجِهَادِهِ وَبُغْضِهِ لِعُبَيْدِ اللهِ
وَجُنْدِهِ.
وَكَانَ سَعَى بِهِ المَرُّوْذِيّ اللَّعين، وَلَمَّا
رَأَى ابْنُ أَبِي خِنْزِير كَثْرَةَ أَذَاهُ
لِلْعُلَمَاء، تحيَّل وَسعَى بِهِ، حَتَّى قَتَلَهُ
عُبَيْدُ الله سَنَةَ ثَلاَثِ مائَة، أَوْ بَعْدهَا، فَيَا
مَا لَقِيَ الإِسْلاَم وَأَهلُهُ مِنْ عبيدِ اللهِ
المَهْدِيِّ (1) الزِّنْدِيق!
120 - الحَصِيْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ **
الحَافِظُ الحجَّةُ، القُدْوَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ،
جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْر النَّيْسَابُوْرِيُّ
المَعْرُوْف بِالحَصيرِيّ، أَحَدُ الأَعلاَم.
سَمِعَ مِنْ:إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَأَبِي مُصْعَب
الزُّهْرِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُوْسَى السُّدِّيِّ،
وَأَبِي مَرْوَان العُثْمَانِيِّ، وَأَبِي كُرَيْبٍ،
وَابْنِ أَبِي عُمَرَ
__________
(*) جذوة المقتبس: 54، بغية الملتمس: 94 93.
(1) سبق التعريف به في الحاشية (2) من الصفحة (58).
(* *) الأنساب: 169 / ب، وهو فيه (الحصري)، مختصر طبقات
علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122 / 1، تذكرة
الحفاظ: 2 / 703 702، العبر: 2 / 126، النجوم الزاهرة: 3 /
188، طبقات الحفاظ: 305 304، شذرات الذهب: 2 / 242.
(14/217)
العَدَنِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ،
وَالذُّهْلِيّ، وَخَلاَئِق.
رَوَى عَنْهُ الحُفَّاظ:أَبُو عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو حَامِدٍ
بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ الْخضر، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ نُجَيْد، وَآخَرُوْنَ خَاتِمَتُهُم أَبُو عَمْرٍو بنُ
حَمْدَانَ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ
التَّمِيْمِيّ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بن
مُحَمَّدٍ:أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ المُسْتَمْلِي،
وَتَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَدِيْب،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ،
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَة، حَدَّثَنِي
وَرْقَاء، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(لاَ تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ
دَجَّالُوْنَ كَذَّابُوْنَ، قَرِيْبٌ مِنْ ثَلاَثِيْنَ،
كُلُّهُم يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُوْل اللهِ) (1) .
قَالَ الحَاكِمُ فِي(تَارِيْخِهِ):الحَصِيْرِيُّ ركنٌ مِنْ
أَركَانَ الحَدِيْث فِي الحِفْظِ، وَالإِتْقَانِ،
وَالوَرَع، سَمِعَ مِنْهُ أَخِي مُحَمَّدٌ الكَثِيْرَ،
وَهُوَ جَدُّه.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الْخضر الشَّافِعِيَّ
يَقُوْلُ:لَمَّا وَرَدَ أَبُو عَلِيٍّ عَبْد اللهِ بن
__________
(1) أخرجه البخاري: 13 / 78 72 في الفتن، من طريق أبي
اليمان، عن شعيب: عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة،
وأخرجه مسلم: 4 / 2239 2240 رقم الحديث الخاص (84) من
طريقين عن عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن
الاعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري: 6 / 454 في علامات النبوة في الإسلام،
والترمذي (2218) من طريق عبد الرزاق، عن معمر عن همام ابن
منبه، عن أبي هريرة.
وأخرجه أبو داود (4333) من طريق عبد العزيز بن محمد، عن
العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا
(4334) من طريق عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن محمد بن
عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(14/218)
مُحَمَّد البَلْخِيّ، عجزَ النَّاسُ عَنْ
مُذَاكَرَتِهِ لحِفْظِهِ، فَذَاكَرَ جَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ
بِأَحَادِيْثِ التَّمتُّع وَالحَجِّ، وَالإِفرَاد،
وَالقِرَان، فَكَانَ يسرُد، فَقَالَ لَهُ جَعْفَر:تَحْفَظُ
عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ:أَنَّ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّى
بِحجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعاً (1) ؟
قَالَ:فَبقِي وَاقفاً وَجَعَلَ يَقُوْلُ:التَّيْمِيُّ عَنْ
أَنَسٍ...فَقَالَ جَعْفَرُ:حدَّثْنَاهُ يَحْيَى بنُ
حَبِيْبٍ بنِ عربِيّ:حَدَّثَنَا مُعْتمر، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ الحَاكِمُ:قَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
السُّكَّرِيُّ - سِبْطُ جَعْفَر - :كَانَ جَدِّي قَدْ
جزَّأَ اللَّيْل ثَلاَثَة أَجزَاء:ثُلُثاً يُصَلِّي،
وَثُلُثاً يصَنّف وَثُلُثاً ينَام، وَكَانَ مرضُهُ
ثَلاَثَة أَيَّام، لاَ يفتُرُ عَنْ قِرَاءة القُرْآن.
وَسَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ الشَّافِعِيِّ يَقُوْلُ:كَانَ
أَبُو عَمْرٍو الخَفَّاف حِفظُهُ أَكْثَرُ مِنْ فَهْمِهِ،
وَكَانَ لاَ يَقْبَلُ مِمَّنْ يرُدُّ عَلَيْهِ غَيْر
جَعْفَر الحَافِظ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْجِعُ إِلَى قَوْله.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الْخضر:سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ
أَحْمَدَ يَقُوْلُ:كُنَّا فِي مَجْلِس مُحَمَّدِ بنِ
رَافِعٍ تَحْتَ شَجَرَة يَقْرَأُ عَلَيْنَا، وَكَانَ إِذَا
رفع أَحَدٌ صَوْته، أَوْ تَبَسَّمَ قَامَ وَلاَ يُرَاجَعُ،
فَوَقَعَ ذرقُ طَير عَلَى يدِي وَكتَابِي، فَضَحِكَ خَادمٌ
لأَوْلاَد طَاهِر بنِ عَبْدِ اللهِ الأَمِيْر، فَنَظَرَ
إِلَيْهِ ابْنُ رَافِع، فَوَضَع الكِتَاب، فَانْتَهَى
الخَبَرُ إِلَى السُّلْطَانِ، فجَاءنِي الخَادِمُ وَمَعَهُ
حَمَّالٌ عَلَى ظَهره نبت سَامَان، فَقَالَ:وَاللهِ مَا
أَملكُ إِلاَّ هَذَا، وَهُوَ هديَّةٌ لَكَ، فَإِن سُئِلت
عَنِّي فَقُلْ:لاَ أَدْرِي مَنْ تبسَّم.
فَقُلْتُ:أَفعل.
فَلَمَّا كَانَ الْغَد حُمِلتُ إِلَى بَابِ السُّلْطَان،
فَبرَّأْتُ الخَادِم، ثُمَّ بِعْتُ السَّامَان
بِثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً، وَاسْتعنتُ بِذَلِكَ عَلَى
__________
(1) ذكره ابن القيم في " زاد المعاد " 2 / 116، ونسبه
للبزار، وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي من طرق أخرى عن
أنس.
انظر " زاد المعاد " 2 / 117 وما بعدها.
(14/219)
الخُرُوج إِلَى العِرَاقِ، فَلُقِّبْتُ
بِالحُصرِيّ، وَمَا بِعْتُ حُصْراً وَلاَ آبَائِي (1) .
قَالَ الحَاكِمُ:تُوُفِّيَ الحَصِيرِيّ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
121 - الخَيَّاطُ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عُثْمَانَ *
شَيْخُ المُعْتَزِلَةِ البَغْدَادِيِّيْنَ، لَهُ الذّكَاء
المُفرط، وَالتَّصَانِيْفُ المهذَّبَة، وَكَانَ قَدْ طلب
الحَدِيْث، وَكَتَبَ عَنْ يُوْسُفَ بنِ مُوْسَى القَطَّان
وَطَبَقَته.
وَهُوَ أَبُو الحُسَيْنِ، عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ.
وَكَانَ مِنْ بحورِ العِلْم، لَهُ جلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ
عِنْد المُعْتَزِلَة، وَهُوَ مِنْ نُظَرَاء الجُبَّائِي
(2) .
صَنّفَ كِتَاب(الاسْتدلاَل)وَنقض كِتَاب ابْن الرَّاوندِي
فِي فضَائِح المُعْتَزِلَة، وَكِتَاب(نقض نعت
الحِكْمَة)وَكِتَاب(الرَّد عَلَى مَنْ قَالَ
بِالأَسبَاب)وَغَيْر ذَلِكَ.
لاَ أَعرف وَفَاتَه.
122 - مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ بنِ
الوَلِيْدِ الشَّيْبَانِيُّ **
الإِمَامُ الأَوْحَد، أَبُو جَعْفَرٍ الشَّيْبَانِيُّ
الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ:أَبَا كُرَيْبٍ، وَالحَسَن بن عَلِيٍّ
الحُلْوَانِيّ، وَطَبَقَتْهُمَا.
__________
(1) الخبر بطوله في " أنساب السمعاني " ص 69.
(*) الفرق بين الفرق: 165 163، تاريخ بغداد: 11 / 87،
الملل والنحل: 1 / 76، الأنساب: 214 / ب، طبقات المعتزلة
لابن المرتضى: 88 85، لسان الميزان: 4 / 9 8.
(2) سبقت ترجمته في الصفحة 183 من هذا الجزء.
(* *) الوافي بالوفيات: 1 / 99.
(14/220)
وَعَنْهُ:الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو
بنُ حَمْدَانَ، وَابْنُ، المُقْرِئُ، وَالمَيَانَجِي،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ، ثِقَة، نَافذَ الكَلِمَة،
كَثِيْرَ النَّفع، انتَاب النَّاسُ قَبْرهُ نَحْو
السَّنَّة، وَعَاشَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
123 - شَكَّرٌ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ بنِ سَعِيْدٍ
السُّلَمِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِم، الحَافِظُ المُتْقِنُ، أَبُو عَبْد
الرَّحْمَنُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ
بنِ سَعِيْدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ رَجَاءٍ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ الصَّحَابِيِّ العَبَّاس بن مِرْدَاس السُّلَمِيُّ
الهَرَوِيُّ، شَكَّر الحَافِظ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ رَافِع القُشَيْرِيّ، وَعَلِيَّ بنَ
خَشْرَم، وَعُمَرَ بنَ شَبَّةَ، وَعَلِيَّ بنَ حَرْبٍ،
وَأَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ
عِيْسَى المِصْرِيّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَكَانَ وَاسِعَ الرِّوَايَة، جَيِّد التَّصْنيف.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرِ بنِ مَطَر، وَيَحْيَى بنُ مَنْصُوْر،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ:حدَّثَ شَكَّر بِمَرْو، وَطُوس، وَسَرخس،
وَمرو الرُّوذ،
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129
/ 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 749 748، العبر: 2 / 126، الوافي
بالوفيات: 5 / 67، طبقات الحفاظ: 315، شذرات الذهب: 2 /
242.
(14/221)
وَبُخَارَى وَنَيْسَابُوْر حدَّث بِهَا فِي
سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ شكَّر فِي أَحَد الرَّبيعَين سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقِيْلَ:بَلْ مَاتَ:فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَظُنُّهُ يُسَافرُ فِي التِّجَارَة أَيْضاً.
124 - السَّرَّاجُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبَانٍ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبَانِ بنِ مَيْمُوْنٍ
البَغْدَادِيُّ السَّرَّاج.
سَمِعَ:يَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَالحَكَم بنَ مُوْسَى،
وَعُبَيْدَ اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ:عَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، وَأَبُو حَفْصٍ الزَّيَّات،
وَمُحَمَّدُ بنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ:سَنَةَ خَمْسٍ.
125 - المُهَلَّبِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ
المُؤْمِنِ بنِ خَالِدٍ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُفِيْدُ الثَّبْت، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ
خَالِدٍ المُهَلَّبِيّ الأَزْدِيّ الجُرْجَانِيّ، عَالِم
جُرْجَان.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ زُنْبور المَكِّيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
حُمَيْد الرَّازِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 1 / 401، المنتظم: 6 / 146، العبر: 2 /
130، شذرات الذهب: 2 / 246.
(* *) تاريخ جرجان: 214 213، الأنساب: 546 / ب، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 130 / 2،
تذكرة الحفاظ: 2 / 757، طبقات الحفاظ:
318، شذرات الذهب: 2 / 258.
(14/222)
مُوْسَى الوَزْدُوْلِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ
بنَ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْزِي، وَخَلْقاً كَثِيْراً فِي
الرِّحلَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ أَبِي عِمْرَانُ، وَأَبُو
الحَسَنِ القَصْرِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو
أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَالجُرْجَانيُّون.
وَكَانَ خَالِدٌ - جدُّه - مِنْ كِبَارِ الأُمَرَاء
وَالأَعيَان، وَهُوَ خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ المُهَلَّبِ بنِ عُيَيْنَةَ بنِ الأَمِيْر
المُهَلَّب بنِ أَبِي صُفْرَةَ (1) .
أَثْنَى عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ أَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِي وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مُقَدَّماً فِي
العِلْمِ وَالعمل.
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ:كَانَ ثِقَةً، يَعْرِفُ
الحَدِيْث.
ثُمَّ قَالَ:تُوُفِّيَ فِي سَلَخ المُحَرَّم سَنَة تِسْعٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:لَعَلَّهُ تُوُفِّيَ فِي عشرِ التِّسْعِيْنَ.
126 - تِكِيْنُ الأَمِيْرُ أَبُو مَنْصُوْرٍ التُّرْكِيُّ
الخَزَرِيُّ *
بِخَاءٍ، ثُمَّ زَايٍ مُعْجَمَتَيْنِ.
وَلِيَ إِمرَة دِيَار مِصْر لِلْمُقْتَدِر بَعْد عِيْسَى
النُّوشَرِي (2) ، وَكَانَ ملكاً سَائِساً مَهِيْباً،
كَبِيرَ الشَّأْنِ، قَدِمَ عَلَى مِصْرَ فِي شَوَّالٍ
سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَتَهَيَّأَ
__________
(1) وهو مذكور في " تاريخ طبري " 6 / 540، 543، 585، و"
الكامل لابن الأثير " 5 / 30، 34، 73.
(*) ولاة مصر للكندي: 299 286، الكامل في التاريخ: 8 / 273
وفيات الأعيان: 5 / 62، العبر: 2 / 186، دول الإسلام: 1 /
195، الوافي بالوفيات: 10 / 286، حسن المحاضرة: 1 / 596،
تاريخ مصر لابن إياس: 1 / 42، النجوم الزاهرة: 3 / 186
171، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 3 / 340.
(2) سبقت ترجمته في الصفحة (46) من هذا الجزء.
(14/223)
لأَمر المَغْرِب وَظُهُوْر دُعَاة
الشِّيْعَة هُنَاكَ، وَاهتمَّ لِذَلِكَ، وَعقد لأَبِي
النَّمِر (1) عَلَى بَرْقَة فِي جَيْش كَثِيف، ثُمَّ
عَزَلَهُ بِالأَمِيْر خَيْر، فَالتَقَوا، فَانهزم
المِصْرِيُّون، ثُمَّ كتب تِكين إِلَى عَامل
إِفْرِيْقِيَةَ يدعُوهُ إِلَى الطَّاعَة سَنَةَ ثَلاَثِ
مائَة.
ثمَّ أَقبل حَبَاسَة (2) فِي مائَةِ أَلْفٍ، فَأَخَذَ
الإِسْكَنْدَرِيَّة سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَأَقبلَ مِنَ العِرَاقِ القَاسِمُ بنُ سِيْمَاء مَدَداً
لتِكين، وَقَدِمَ أَحْمَدُ بنُ كَيَغْلَغ وَأُمَرَاء،
ثُمَّ التُّقَى الجمعَان، وَاسْتَحَرَّ الْقَتْل (3)
بِالمغَاربَة، وَانهزم حَبَاسَة، وَكَانَ المَصَافُّ
بِالجِيزَة، ثُمَّ خَرَجَ كمِين لحبَاسَة، وَمَالُوا عَلَى
المِصْرِيّين، فَقتل نَحْو عَشْرَة آلاَف، ثُمَّ أَصبحُوا
عَلَى المَصَافِّ وَالسَّيْفُ يعْمل، وَقَاتلتِ العَوَام
قتَالَ الْحَرِيم وَكَانَتْ وَقعَة مشهودَة.
ثمَّ أَقبل مُؤنس الخَادِم (4) فِي جيوشِه مِنْ بَغْدَادَ
إِلَى مِصْرَ، فعُزل تِكِين فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
ثمَّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَلِيَ إِمرَة مِصْر ذِه
(5) الرُّوْمِيُّ الأَعور، وَرجعتِ المغَاربَةُ إِلَى
إِفْرِيْقِيَة.
ثمَّ عَادَ تِكين إِلَى وَلاَيَة مِصْر سنَة سبعٍ، ثُمَّ
عُزل سَنَة تِسع ثُمَّ أَعيد
__________
(1) أبوالنمر: هو أحمد بن صالح.
انظر " ولاة مصر " للكندي: 287 286.
(2) كذا الأصل، وهو كذلك في " مشتبه النسبة " و" تاريخ
الإسلام " للمؤلف، وقد اختلفت المراجع في ضبط اسم هذا
القائد: فقد ضم ابن الأثير حاءه، وجعله ياقوت بالشين وضم
الحاء، أما صاحب " القاموس " فقال: هو بالخاء والسين.
وهو حباسة بن يوسف. انظر " عبر الذهبي " 2 / 121، و" ولاة
مصر " ص 287.
(3) أي: اشتد القتل وكثر.
(4) الملقب بالمظفر، قال المؤلف في " العبر " 2 / 188: "
وكان أميرا معظما، شجاعا منصورا، لم يبغ أحد من الخدام
منزلته إلا كافور صاحب مصر. توفي سنة إحدى وعشرين وثلاث
مئة ".
(5) كذا الأصل، وفي " ولاة مصر " 291، و" النجوم الزاهرة "
3 / 186: وحسن المحاضرة 1 / 596 " ذكاء ".
(14/224)
مَرَّات، وَقلَّ أَن سُمِعَ بِمثل هَذَا.
ثمَّ بَقِيَ تكين عَلَى إِمرَة مِصْر أَعْوَاماً إِلَى
أَنْ مَاتَ فِي رَبِيْعِ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى
وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
127 - القَزْوِيْنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ
الحَارِثِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ المُتْقِن، عَالِم قَزْوين، أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْد بن الحَارِثِ
الأَسَدِيُّ القَزْوِيْنِيّ.
سَمِعَ:عَمْرو بن رَافِعٍ، وَيُوْسُفَ بنَ حَمْدَان،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ تَوْبَة، وَسهلَ بنَ زَنْجَلَةَ،
وَابْنَ حُمَيْدٍ، وَالحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيّ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ عِمْرَان العَابدِي، وَهَارُوْنَ بنَ
هزَارِي، وَعَبْدَ السَلامِ بنَ عَاصِم، وَعِدَّة.
وَله رِحلَةٌ وَمَعْرِفَة، لقيَ بِالكُوْفَةِ
إِسْمَاعِيْلَ سِبْطَ السُّدِّيّ، وَبِالمَدِيْنَة أَبَا
مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وَجمعَ فَأَوعَى.
كتب عَنْهُ عَلِيُّ بنُ مِهْرَوَيْهِ، وَابْنُ سَلَمَةَ
القَطَّان، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الصَّيْدَنَانِي،
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بن مَاك، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ
صَالِحٍ.
وَكَانَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ عَنْهُ
سِتَّةُ أَحَادِيْث.
وَثَّقَهُ الخَلِيْلِيّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ
قَالَ:تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:لَعلَّهُ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
__________
(*) لم نقف على ترجمة له في المصادر التي بين أيدينا.
(14/225)
128 - ابْنُ حَبِيْبٍ مُوْسَى بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الإِفْرِيْقِيُّ *
شَيْخُ المَالِكِيَّة بِإِفْرِيْقِيَّةَ، العَلاَّمَةُ
قَاضِي أُطرَابُلس الْغرب، أَبُو الأَسْوَد، مُوْسَى بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَبِيْب الإِفْرِيْقِيُّ
القَطَّانُ المَالِكِيّ.
أَخَذَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَحْنُوْن، وَشجرَة بن عِيْسَى،
وَغَيْرهُمَا.
رَوَى عَنْهُ:تَمِيْمُ بنُ أَبِي العَرَب، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ بنُ مَسْرُور، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ
مائَةٍ وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ وَالفِقْه.
129 - الأُشْنَانِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
سَهْلِ بنِ الفَيْزُرَانِ *
الإِمَامُ، شَيْخُ القُرَّاءِ بِبَغْدَادَ، أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ سَهْلِ بنِ الفَيْرُزان
الأُشْنَانِيّ، صَاحِب عُبَيْد بن الصَّبَّاحِ.
تَلاَ عَلَى عبيد، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ
مِنْ تَلاَمِذَةِ عَمْرو بن الصَّبَّاحِ، وَبَرَعَ فِي
عِلْمِ الأَدَاء، وَعُمِّرَ دَهْراً.
وَحَدَّثَ عَنْ:بِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيّ،
وَعَبْدِ الأَعْلَى بن حَمَّادٍ النَّرْسِيّ، وَطَائِفَة.
تَلاَ عَلَيْهِ خلقٌ، مِنْهُم:أَبُو بَكْرٍ بنُ مِقْسَم،
وَعَبْدُ الوَاحِد بنُ أَبِي هَاشِم، وَعَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الهَاشِمِيّ، وَابْنُ زِيَادٍ
النَّقَّاش، وَالحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ المُطَّوِّعِيّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الخِرَقِي.
وَمِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ تَلاَ عَلَى الأُشْنَانِيّ:أَبُو
أَحْمَدَ السَّامرِّيّ، وَعَلِيُّ بنُ
__________
(*) البيان المغرب: 1 / 181، معالم الايمان: 2 / 339 335،
الديباج المذهب: 2 / 336 335، طبقات المفسرين للداودي: 2 /
343 341، شجرة النور الزكية: 81.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 185، العبر: 2 / 134 133، طبقات
القراء للذهبي: 1 / 201 200، الوافي بالوفيات: 6 / 407،
طبقات القراء للجزري: 1 / 60 59، شذرات الذهب: 2 / 250.
(14/226)
الحُسَيْن الغَضَائِرِيّ، وَعَبْدُ
القُدُّوسِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
سُوَيْدٍ المُعَلِّم، وَثَلاَثَتُهُمُ انْفَرد بِذِكْرِهِم
أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ (1) - فَاللهُ أَعْلَم - .
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ العَزِيْزِ الخِرَقِي،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سُوَيْدٍ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي هَاشِم:قَرَأْتُ القُرْآن كُلَّهُ عَلَى
الأُشنَانِي، وَكَانَ خَيِّراً، فَاضِلاً، ضَابطاً،
وَقَالَ لِي:قَرَأْتُ عَلَى عُبَيْد بن الصَّبَّاحِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِي:قطع الأُشْنَانِيُّ
الإِقْرَاءَ قَبْل مَوْتِهِ بعَشْرِ سِنِيْنَ.
هَكَذَا قَالَ الأَهْوَازِيّ:فَإِن صَحَّ ذَلِكَ فَأَيْنَ
قَوْلُ أَبِي أَحْمَدَ وَالغَضَائِرِيّ:إِنَّهُم قرأَوا
عَلَيْهِ؟!فَقبح اللهُ الكذبَ وَذَوِيْه.
مَاتَ الأُشْنَانِيُّ:فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
130 - ابْنُ أَبِي الدُّمَيْكِ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ
البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّادِقُ، أَبُو العَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرِ بنِ خَالِدِ بنِ أَبِي الدُّمَيْكِ
البَغْدَادِيّ.
سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَعُبَيْدَ اللهِ
العَيْشِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ زِيَاد سَبَلاَن.
حَدَّثَ عَنْهُ:جَعْفَرٌ الخُلْدِيّ، وَمخلدُ بنُ جَعْفَرٍ
البَاقَرْحِي، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ.
__________
(1) هو الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد، المقرئ المحدث،
صاحب التصانيف، المتوفي 446 ه كذبه الخطيب البغدادي وغيره.
انظر " الميزان " 1 / 512، 513.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 377، الأنساب: 229 / ب، اللباب: 1 /
509.
(14/227)
وَثَّقَهُ الخَطِيْب وَقَالَ:مَاتَ فِي
جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فِيْهَا مَاتَ:
أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ
اللهِ النَّيْسَابُوْرِيّ، سِبْطُ القَاضِي نَصْر بن
زِيَادٍ، قرأَ(المُسْنَد)عَلَى ابْنِ رَاهْوَيْه.
وَشَيْخُ النَّحْو أَبُو مُوْسَى سُلَيْمَان بنُ مُحَمَّدٍ
الحَامض.
وَالمُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ البُخَارِيُّ
البَغْدَادِيّ.
وَالحَافِظُ عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ العَسْكرِي.
وَمُقْرِئ بَغْدَاد عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْر
الكَاغَدِي.
وَمُحَدِّثُ جُرْجَان أَبُو إِسْحَاقَ عِمْرَانُ بنُ
مُوْسَى بنِ مُجَاشع السِّخْتِيَانِيّ.
وَمسندُ الْعَصْر أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ
الجُمَحِيّ.
وَالمُقْرِئُ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ القَاسِمُ بنُ
زَكَرِيَّا المَطَرِّز.
وَالعَلاَّمَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ بَشَّار وَالدُ أَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنْبَارِيِّ.
وَالمُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبَانٍ البَغْدَادِيُّ بنُ السَّرَّاج.
وَالمُحَدِّثُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَبِيْب
الأَصْبَهَانِيّ.
وَمسندُ أَصْبَهَان مُحَمَّدُ بنُ نُصَيْر بنِ أَبَانٍ
المَدِيْنِيّ.
وعَالِمُ الحَنَفِيَّة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُوْسَى
القُمِّيّ، لحقَ مُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ.
(14/228)
131 - العُمَرِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
المُحَدِّثُ الحجَّة، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العُمَرِيّ المَوْصِلِيّ.
سَمِعَ:مُعَلَّى بن مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَمَّارٍ، وَهَذِهِ الطَّبَقَة.
وَأَكْثَر عَنْ أَصْحَابِ ابْن عُيَيْنَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو طَاهِرٍ بنُ أَبِي هَاشِم
المُقْرِئُ، وَأَبُو بَكْرِ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَأَبُو
بَكْرٍ النَّجَادِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالخَطِيْب.
قدمَ بَغْدَاد، وَحَدَّثَ بِهَا.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
132 - الفَزَارِيُّ أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ
مُحَمَّدٍ **
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، النَّاقِدُ، أَبُو الفَضْلِ
العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَزَارِيّ مَوْلاَهُمُ
المِصْرِيّ.
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ رُمْح، وَزَكَرِيَّا كَاتِب
العُمَرِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، وَطَبَقَتهم.
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 133 132، المنتظم: 6 / 150، طبقات
القراء للجزري: 1 / 20.
(* *) لم نقف على ترجمة له في المصادر التي بين أيدينا.
(14/229)
رَوَى عَنْهُ:أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ
الطَّبَرَانِيّ، وَلَحِقَهُ، الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيّ، وَابْنُ عَدِيٍّ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ (1) :أَكْثَرتُ عَنْهُ، وَكَانَ
يُعْرَفُ بِالبَصْرِيّ، مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ أَثبت
مِنْهُ.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
133 - ابْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ
اللهِ القُرَشِيُّ *
القَاضِي، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الصَّمَدِ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ
القُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ أَخِي المُحَدِّث
يَزِيْد بنِ مُحَمَّدٍ.
سَمِعَ:هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ مُوْسَى
الخَطْمِيّ، وَنُوْح بنَ حَبِيْب، وَعَبْدَ الرَّحْمَن
دُحَيْماً، وَطَبَقَتهُم.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَة،
وَجُمَح بنُ القَاسِمِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ
الرَّبعِي، وَالفَضْلُ بنُ جَعْفَر.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
134 - ابْنُ فَيَّاضٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ
العُثْمَانِيُّ **
المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، العَابِد، أَبُو سَعِيْدٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ بنِ فَيَّاض
العُثْمَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ.
__________
(1) هو الحافظ البارع، أبو سعيد، عبد الرحمن بن أحمد بن
يونس بن عبد الأعلى الصدفي، مؤرخ محدث، له تاريخان: أحدهما
كبير في " أخبار مصر ورجالها " والثاني صغير في " ذكر
الغرباء الواردين على مصر ".
توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مئة، وسترد ترجمته في الجزء
الخامس عشر.
(*) طبقات القراء للجزري: 1 / 390، النجوم الزاهرة: 3 /
193.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 14 / 351 / أ.
(14/230)
عَنْ صَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَعِيْسَى بنِ
حَمَّادٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَخَلْق.
وَعَنْهُ:ابْنُ عَدِيٍّ، وَابْن السُّنِّي، وَحَمْزَةُ
الكِنَانِيّ، وَابْنُ المُقْرِئُ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ:مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ عَشْرٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
135 - أَبُو زُرْعَةَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ
الثَّقَفِيُّ *
الإِمَامُ، الكَبِيْرُ، القَاضِي، أَبُو زُرْعَةَ
مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زُرْعَة
الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُمُ الدِّمَشْقِيُّ، وَكَانَتْ
دَارُه بِنَاحيَة بَاب البَرِيْد (1) ، وَكَانَ جَدُّهُ
يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ.
قلَّ مَا رَوَى، أَخَذَ عَنْهُ أَبُو عَلِيٍّ
الحَصَائِرِيُّ وَغَيْرهُ.
ذكرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ (2) .
وَكَانَ حَسَنَ المَذْهَب، عَفِيْفاً، مُتثبتاً.
وَلِي قَضَاء الدِّيَار المِصْرِيَّة سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ شَافِعِيّاً،
وَوَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْق.
وَقَدْ كَانَ قَامَ مَعَ الملكِ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ،
وَخلعَ مِنَ الْعَهْد أَبَا أَحْمَدَ المُوَفَّق
لِكَوْنِهِ نَافسَ المعتمدَ أَخَاهُ، فَقَامَ أَبُو
زُرْعَةَ عِنْد المِنْبَر بِدِمَشْقَ قَبْل الجُمعَة،
وَقَالَ:أَيُّهَا النَّاس!أُشْهِدكُم أَنِّي قَدْ خلعتُ
أَبَا أَحمق
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 15 / 329 / أ، العبر: 2 / 123،
الوافي بالوفيات: 4 / 83 82، طبقات الشافعية للسبكي: 3 /
198 196، البداية والنهاية: 11 / 123 122، النجوم الزاهرة:
3 / 184 183، حسن المحاضرة: 1 / 399 و2 / 145، قضاة دمشق
لابن طولون: 23 22، شذرات الذهب: 2 / 239.
(1) باب البريد: اسم لأحد أبواب جامع دمشق. انظر " معجم
البلدان " 1 / 306.
(2) في " تاريخه " 15 / 330 329.
(14/231)
كَمَا يُخلعُ الخَاتمُ مِنَ الأُصبع،
فَالْعَنُوهُ.
ثمَّ تمَّت ملحمَةٌ بِالرَّملَة بَيْنَ الْملك
خُمَارَوَيْه بنِ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ، وَبَيْنَ ابْن
المُوَفَّق، فَانتصرَ فِيْهَا أَحْمَدُ بنُ المُوَفَّق
الَّذِي وَلِيَ الخِلاَفَة، وَلقِّبَ بِالمُعتضِد،
فَلَمَّا انتصرَ دَخَلَ دِمَشْق، وَأَخَذَ هَذَا،
وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبَا زُرْعَةَ
النَّصرِيَّ الحَافِظ فِي الْقُيُود، ثُمَّ اسْتحضَرَهُم
فِي الطَّرِيْق وَقَالَ:أَيُّكُم القَائِل:قَدْ نزعتُ
أَبَا أَحمق؟
قَالَ:فَرَبَتْ أَلسِنَتُنَا، وَأَيِسْنَا مِنَ الحَيَاة.
قَالَ الحَافِظُ:فَأُبْلِسْت (1) ، وَأَمَّا يَزِيْدُ
فَخرِسَ وَكَانَ تَمْتَاماً.
وَكَانَ ابْنُ عُثْمَانَ أَصْغَرنَا، فَقَالَ:أَصْلَحَ
اللهُ الأَمِيْر.
فَقَالَ كَاتِبهُ:قِفْ حَتَّى يَتَكَلَّم أَكْبَرُ مِنْكَ.
فَقُلْتُ:أَصلحكَ الله وَهُوَ يَتَكَلَّم عَنَّا.
قَالَ:قل.
فَقَالَ:وَاللهِ مَا فِيْنَا هَاشِمِيٌّ صَرِيح، وَلاَ
قُرَشِيٌّ صَحِيْح، وَلاَ عربِيٌّ فَصيح، وَلكنَّا قَوْمٌ
مُلِكنَا - أَي قُهِرْنَا - .
وَرَوَى أَحَادِيْث فِي السَّمْع وَالطَّاعَة،
وَأَحَادِيْثَ فِي العَفْو وَالإِحسَان.
وَهُوَ كَانَ المُتَكَلِّمَ بِتِيْكَ اللَّفْظَة.
وَقَالَ:وَإِنِّيْ أُشهدُ الأَمِيْرَ أَنَّ نِسَائِي
طوَالق، وَعَبِيْدِي أَحرَار، وَمَالِي حرَامٌ إِنْ كَانَ
فِي هَؤُلاَءِ القَوْم أَحَدٌ قَالَ هَذِهِ الكَلِمَة،
فورَاءَنَا حُرَمٌ وَعِيَال، وَقَدْ تسَامعَ الخَلقُ
بهلاَكنَا، وَقَدْ قدرتَ، وَإِنَّمَا العفوُ بَعْد
المقدرَة.
فَقَالَ لكَاتِبه:أَطْلِقْهُم، لاَ كثَّر اللهُ مِنْهُم.
قَالَ:فَاشْتَغَلتُ أَنَا وَيَزِيْدُ فِي نُزَهِ
أَنطَاكيَة عِنْد عُثْمَان بنِ خُرَّزَاذ، وَسبقَ هُوَ
إِلَى حِمْصَ.
قَالَ ابْنُ زُوْلاَق فِي(تَارِيْخ قضَاة مِصْر):وَلِيَ
أَبُو زُرْعَةَ، وَكَانَ يُوَالِي عَلَى مَذْهَب
الشَّافِعِيِّ وَيصَانعُ عَلَيْهِ، وَكَانَ عَفِيْفاً،
شَدِيد التَّوقُّف فِي إِنفَاذ الأَحْكَام، وَلَهُ مَالٌ
كَثِيْر، وضيَاعٌ كِبَارٌ بِالشَّامِ، وَاختلف فِي أَمره،
فَقِيْلَ:إِنَّهُ كَانَ فِي عهد الْملك هَارُوْنَ بن
خُمَارَوَيْه - مُتَوَلِّي مِصْر - :إِنَّ القَضَاءَ إِلَى
أَبِي
__________
(1) أي: سكت.
(14/232)
زُرْعَة، فولاَهُ القَضَاء.
وَقِيْلَ:إِنَّ المُعْتَضِدَ نفذ لَهُ عهداً.
قَالَ:وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ يَرقِي مِنْ وَجع الضِّرس،
وَيُعْطِي الموجوعَ حَشِيْشَةً توضَع عَلَيْهِ فَيَسْكُن.
وَكَانَ يُوفِي عَنِ الغُرَمَاء الضَّعفَى.
وَسَمِعْتُ الفَقِيْهَ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ
الحَدَّاد يَقُوْلُ:سَمِعْتُ مَنْصُوْراً الفَقِيْه
يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ القَاضِي أَبِي زُرْعَةَ، فَذَكَرَ
الخُلَفَاء، فَقُلْتُ:أَيجوزُ أَنْ يَكُوْنَ السَّفيهُ
وَكيلاً؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:فولِيّاً لاَمرأَة؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:فَخَلِيْفَة؟
قَالَ:يَا أَبَا الحَسَنِ!هَذِهِ مِنْ مَسَائِل
الخَوَارِج.
وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ شرَطَ لِمَنْ حفظ(مُخْتَصَر
المُزَنِيّ)مائَة دِيْنَارٍ.
وَهُوَ الَّذِي أَدخل مَذْهَب الشَّافِعِيِّ دِمَشْق،
وَكَانَ الغَالِبَ عَلَيْهِ قَوْلُ الأَوْزَاعِيّ.
وَكَانَ مِنَ الأُكَلَة، يَأْكُل سَلَّ مِشْمِشٍ وَسلَّ
تِيْنٍ.
بقِي عَلَى قَضَاء مِصْر ثَمَانَ سِنِيْنَ.
فَصُرِفَ، وَرُدَّ إِلَى القَضَاء مُحَمَّد بن عَبْدَةَ
(1) .
قُلْتُ:مَاتَ بِدِمَشْقَ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
136 - أَبُو الخِيَارِ هَارُوْنُ بنُ نَصْرٍ
الأَنْدَلُسِيُّ *
وَمَاتَ بِالأَنْدَلُسِ العَلاَّمَةُ أَبُو الخيَار
هَارُوْنُ بنُ نَصْرٍ الأَنْدَلُسِيُّ الفَقِيْهُ
الشَّافِعِيّ، تِلْمِيْذُ الإِمَامُ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ
(2) ، صَحِبَهُ زمَاناً، وَأَكْثَر عَنْهُ، ثُمَّ مَال
__________
(1) هو محمد بن عبدة بن حرب، والخبر في " ولاة مصر " ص
271. وانظر " حسن المحاضرة " 2 / 145.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 169، جذوة المقتبس: 364،
بغية الملتمس: 484.
(2) هو الامام الحافظ، أبو عبد الرحمن الأندلسي، أحد
الأئمة الاعلام، صنف =
(14/233)
إِلَى تَصَانِيْف الشَّافِعِيِّ
فَحَفِظَهَا، وَكَانَ إِمَاماً مُنَاظراً.
تُوُفِّيَ أَبُو الخيَار الشَّافِعِيُّ فِي عَام
اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - .
137 - الجَوْزِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
مُوْسَى التَّوَّزِيُّ *
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى التَّوَّزيُّ الجَوْزِيّ،
نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ:بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ
حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ،
وَعَبْدَ الرَّحِيْم الدَّيْبُلِيَّ وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَأَبُو
حَفْصٍ بنُ الزَّيَّات، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ الوَرَّاق،
وَآخَرُوْنَ.
وَانتخب عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ البَاغَنْدِي.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَهُوَ مِنَ الثِّقَات.
138 - رُوَيْمٌ أَبُو الحَسَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَزِيْدَ
البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ،
أَبُو الحَسَنِ رُوَيْم بنُ
__________
= التفسير الكبير والمسند الكبير.
قال المؤلف في " العبر " 2 / 56: " قال ابن حزم: أقطع أنه
لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره.
وكان بقي علامة، فقيها، مجتهدا، صواما، قواما، متبتلا،
عديم المثيل ".
(*) تاريخ بغداد: 6 / 188 187، الأنساب: 112 / أ، المنتظم:
6 / 140، اللباب: 1 / 309.
(* *) طبقات الصوفية: 184 180، حلية الأولياء: 10 / 302
296، تاريخ بغداد: 8 / 432 430، الرسالة القشيرية: 20 /
21، المنتظم: 6 / 137 136، صفة الصفوة: 2 / 443 442،
البداية والنهاية: 11 / 125، طبقات الأولياء: 231 228،
النجوم الزاهرة: 3 / 189.
(14/234)
أَحْمَدَ، وَقِيْلَ:رُوَيْم بنُ مُحَمَّدِ
بنِ يَزِيْدَ بنِ رُوَيْم بن يَزِيْدَ البَغْدَادِيّ،
شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، وَمِنَ الفُقَهَاء الظَّاهِريَّة،
تَفَقَّهَ بدَاوُد.
وَهُوَ رُوَيْم الصَّغِيْر، وَجدُّه هُوَ رُوَيْم
الكَبِيْر، كَانَ فِي أَيَّامِ المَأْمُوْن.
وَقَدِ امتُحِنَ صَاحِب التَّرْجَمَة فِي نَوْبَة غُلاَم
خَلِيل (1) ، وَقَالَ عَنْهُ:أَنَا سَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ:لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ الله حِجَاب.
فَفَرَّ إِلَى الشَّامِ وَاخْتَفَى زمَاناً.
وَأَمَّا الحجَابُ:فَقولٌ يسوغُ بَاعتبَار أَنَّ اللهَ لاَ
يحجُبُهُ شَيْءٌ قَطُّ عَنْ رُؤْيَة خَلْقه، وَأَمَّا
نَحْنُ فمحجوبُوْنَ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَأَمَّا
الكفَّار فمحجوبُوْنَ عَنْهُ فِي الدَّارَيْن.
أَمَا إِطلاَق الحجبِ، فَقَدْ صَحَّ:(أَنَّ حجَابَهُ
النُّوْر (2))فنؤمنُ بِذَلِكَ، وَلاَ نجَادلُ، بَلْ نَقف.
وَمِنْ جَيِّد قَوْله:السُّكُونُ إِلَى الأَحْوَال
اغترَار.
وَقَالَ:الصَّبْرُ تركُ الشَّكوَى، وَالرِّضَى اسْتِلذَاذُ
البَلْوَى.
مَاتَ رُوَيْم بِبَغْدَادَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ خَفِيْف:مَا رَأَيْتُ فِي المَعَارِف
كَرُوَيْم.
__________
(1) انظر حول محنة غلام خليل الصفحة (71) من هذا الجزء.
(2) أخرج مسلم في صحيحة (179) في الايمان: باب قوله عليه
السلام: إن الله لا ينام وحجابه النور، وابن ماجه (195)
و(196) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وأحمد: 4 /
401 و405، كلهم من طرق عن أبي عبيدة، عن أبي موسى قال: قام
فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: " إن
الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه،
ويرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل
الليل، حجابه النور، ولو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى
إليه بصره من خلقه ".
(14/235)
139 - القُمِّيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ مُوْسَى بنِ يَزِيْدَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّة
بِخُرَاسَانَ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُوْسَى بنِ
يَزِيْدَ القُمِّيّ النَّيْسَابُوْرِيّ، كَانَ عَالِمَ
أَهْل الرَّأْيِ فِي عصره بِلاَ مدَافعَة، وَصَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ، مِنْهَا:كِتَاب(أَحْكَام القُرْآن)كِتَاب
نَفِيس.
تصدَّر بِنَيْسَابُوْرَ لِلإِفَادَة، وَتخرَّج بِهِ
الكِبَار، وَبعُدَ صِيْتُه، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَأَملَى
الحَدِيْث، وَكَانَ صَاحِبَ رِحلَةٍ وَمَعْرِفَة.
سَمِعَ مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ الرَّازِيّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ مُعَاوِيَةَ بن مَالج، وَتفقَّه
بِمُحَمَّدِ بنِ شُجَاع الثَّلْجِي.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ بنِ نصر،
وَأَحْمَدُ بنُ أَحْيَد الكَاغَديُّ، وَآخَرُوْنَ.
ذكره الحَاكِمُ، فعظَّمَهُ وَفخَّمَهُ، وَقَالَ:تُوُفِّيَ
سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فهَذَا، وَأَبُو سَعِيْدٍ المَذْكُوْر كَانَا عَالِمَي
خُرَاسَان فِي مَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ، تخرَّج بِهِمَا
جَمَاعَةٌ مِنَ الكِبَارِ، وَكَانَ مَعَهُمَا فِي البَلَد
مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَر مِثْلُ ابْن خُزَيْمَةَ، وَأَبِي
العَبَّاسِ السَّرَّاج، وَعِدَّة، فَكَانَ المُحَدِّثُونَ
إِذْ ذَاكَ أَئِمَّةً عَالِمِيْنَ بِالفِقْه أَيْضاً،
وَكَانَ أَهْلُ الرَّأْي بُصَرَاء بِالحَدِيْثِ، قَدْ
رَحَلُوا فِي طَلَبِهِ، وَتَقَدَّمُوا فِي مَعْرفَته.
وَأَمَّا اليَوْم، فَالمُحَدِّثُ قَدْ قَنِعَ بِالسِّكَّة
وَالخُطْبَة، فَلاَ يَفْقَهُ وَلاَ يحفَظ، كَمَا أَنَّ
الفَقِيْهَ قَدْ تَشَبَّثَ بِفِقْه لاَ يُجِيْد مَعْرفَته،
وَلاَ يَدْرِي مَا هُوَ الحَدِيْثُ، بَلِ المَوْضُوْعُ
وَالثَّابتُ عِنْدَهُ سوَاء، بَلْ قَدْ يعَارضُ مَا فِي
__________
(*) فهرست ابن النديم: 292، الأنساب: 461 / ب، اللباب: 3 /
56، الجواهر المضية: 1 / 380، تاج التراجم: 31، طبقات
المفسرين للسيوطي: 26، طبقات المفسرين للداودي: 1 / 436.
(14/236)
الصَّحِيْح بِأَحَادِيْث سَاقِطَة،
وَيُكَابرُ بِأَنَّهَا أَصحُّ وَأَقوَى - نَسْأَلُ اللهَ
العَافيَة - .
140 - وَكِيْعٌ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ
حَيَّانَ الضَّبِّيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الأَخْبَارِيُّ، القَاضِي، أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ بنِ حَيَّانَ بنِ صَدَقَةَ
الضَّبِّيُّ البَغْدَادِيّ، المُلَقَّب بِوَكِيْع، صَاحِبُ
التآلِيف المُفيدَة.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي حُذَافَة السَّهْمِيّ، وَالزُّبَيْر بن
بَكَّار، وَالحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ، وَطَبَقَتهم،
فَأَكْثَر.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَمُحَمَّدُ
بنُ عُمَرَ الجِعَابِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ،
وَأَبُو الفَرَجِ صَاحِبُ(الأَغَانِي)، وَأَبُو جَعْفَرٍ
بنُ المتيَّم، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي:أَقَلُّوا عَنْهُ
لِلينٍ شُهِرَ بِهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ:كَانَ نَبِيْلاً، فَصِيْحاً،
فَاضِلاً، مِنْ أَهْلِ القُرْآن وَالفِقْه وَالنَّحْو،
لَهُ تَصَانِيْف كَثِيْرَة.
قُلْتُ:وَلِي قَضَاءَ كورِ الأَهْوَاز كُلِّهَا،
وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) فهرست ابن النديم: 166، تاريخ بغداد: 5 / 237 236،
المنتظم: 6 / 152، الكامل في التاريخ: 8 / 115، العبر: 2 /
133، ميزان الاعتدال: 5 / 538، الوافي بالوفيات: 3 / 44
43، البداية والنهاية: 11 / 130، طبقات القراء للجزري: 2 /
137، لسان الميزان: 5 / 157 156، النجوم الزاهرة: 3 / 195،
شذرات الذهب: 2 / 249.
(14/237)
141 - مَنْصُوْرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَبُو
الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ الشَّافِعِيُّ *
العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ مِصْر، أَبُو الحَسَنِ
التَّمِيْمِيُّ الشَّافِعِيُّ الضَّرِيْرُ الشَّاعِر.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) :لَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي
المَذْهَب، وَشعرٌ سَائِر، وَهَذَا لَهُ:
لِي حِيْلَةٌ فِيْمَنْ يَنُمُّ ... وَلَيْسَ فِي
الكَذَّابِ حِيْلَة
مَنْ كَانَ يَخْلُقُ مَا يَقُو ... لُ فَحِيْلَتِي فِيْهِ
طَوِيْلَة
قَالَ القُضَاعِي:أَصلُه مِنْ رَأْس عَيْن، وَكَانَ
متصرِّفاً فِي كُلِّ عِلم، شَاعِراً مُجَوِّداً، لَمْ
يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مثلُه، تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:كَانَ فَهِماً، حَاذِقاً، صَنَّفَ
مُخْتَصَرَاتٍ فِي الفِقْه، وَكَانَ شَاعِراً خَبِيْثَ
الهَجْو، يتشيَّع، وَكَانَ جُنْدِيّاً، ثُمَّ عَمِي.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ (2) :لَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي
المَذْهَب، أَخَذَ عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيّ،
وَأَصْحَابِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ:مَاتَ قَبْلَ
العِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:بَلْ سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ كَمَا
قَدَّمنَا.
__________
(*) معجم الشعراء: 280، طبقات العبادي: 64، طبقات
الشيرازي: 108 107، المنتظم: 6 / 152، معجم الأدباء: 19 /
190 185، وفيات الأعيان: 5 / 292 289، مرآة الجنان: 2 /
249 248، نكت الهميان: 298 297، طبقات الشافعية للسبكي: 3
/ 483 478، طبقات الاسنوي: 1 / 301 299، البداية والنهاية:
11 / 130، شذرات الذهب: 2 / 250 249، حسن المحاضرة: 1 /
400، طبقات ابن هداية الله: 43 42.
(1) في " وفيات الأعيان " 5 / 290 289، والبيتان في " معجم
الأدباء " 19 / 186، و" نكت الهميان " ص 298.
(2) الشيرازي في " طبقاته " ص 107.
(14/238)
142 - الجَارُوْدِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ
أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الحَافِظُ المُتْقِنُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو
جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
الجَارُوْدِ الأَصْبَهَانِيّ.
لَهُ رحلَةٌ وَهمَّة، وَمَعْرِفَةٌ تَامَّة.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَعُمَر بن
شَبَّةَ، وَهَارُوْن بن إِسْحَاقَ، وَأَحْمَد بن
الفُرَاتِ، وَطَبَقَتهم.
وَعَنْهُ:أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَة، وَالطَّبَرَانِيُّ،
وَأَبُو الشَّيْخ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
سِيَاهُ، وَأَهْلُ أَصْبَهَان.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ:قبلَهَا بعَام.
143 - ابْنُ الجَارُوْدِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
عَلِيٍّ **
صَاحِبُ كِتَاب (المُنْتَقَى فِي السُّنَن) مُجَلَّد
وَاحِد فِي الأَحْكَام، لاَ ينزلُ فِيْهِ عَنْ رُتْبَة
الحَسَن أَبَداً، إِلاَّ فِي النَّادر فِي أَحَادِيْث
يَخْتلفُ فِيْهَا اجْتِهَادُ النُّقَّاد (1) .
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَاسمُه:الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 118 117، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 2، تذكرة الحفاظ: 2
/ 752 751، الوافي بالوفيات: 7 / 215.
(* *) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: 129 / 2،
تذكرة الحفاظ: 3 / 795 794، إيضاح المكنون: 2 / 570، هدية
العارفين: 1 / 444، الرسالة المستطرفة: 25.
(1) كلام الامام الذهبي وهو العارف الخبير بهذه الصنعة يدل
على أن التصحيح والتضعيف في غير ما حديث أمر اجتهادي،
تختلف فيه الانظار، ولا يمكن البت فيه.
(14/239)
الحَافِظُ المُجَاوِرُ بِمَكَّةَ.
كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَر.
سَمِعَ مِنْ:أَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَالحَسَنِ بنِ
مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ، وَعَلِيِّ بنِ خَشْرَمَ،
وَمَحْمُوْدِ بنِ آدَمَ، وَإِسْحَاقَ الكَوْسَج، وَزِيَادِ
بنِ أَيُّوْبَ، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيّ، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ هَاشِمٍ الطُّوْسِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ الأَزْهر،
وَأَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَبْد
الرَّحْمَنِ المُقْرِئ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
الذُّهْلِيّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ بن
الحَكَمِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
الحَكَم، وَبحرِ بنِ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ عُثْمَانَ بنِ كرَامَة، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، إِلَى أَنْ
ينزلَ إِلَى إِمَام الأَئِمَّة ابْنِ خُزَيْمَةَ.
فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِم
فِيْهِ:سَمِعَ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَلِيِّ
بنِ حُجْر، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْع:فَلَمْ أَجِدْ لَهُ
شَيْئاً عَنْهُم، وَلاَ أَرَاهُ لحِقَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَامِدٍ بن الشَّرْقِيّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ نَافِعٍ الخُزَاعِيُّ، المَكِّيُّ، وَدَعْلَجُ بنُ
أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جِبْرِيْل العجيفيُّ،
وَآخَرُوْنَ، وَيَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ القَاضِي.
أَثْنَى عَلَيْهِ الحَاكِمُ وَالنَّاس.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَ لِي مِنْ حَدِيْثه:أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الدَّائِم، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
هِبَةِ اللهِ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ
الكَاتِبَةُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ
الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ،
أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ، حَدَّثَنَا
الرَّبِيْع، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا
مَالِكٌ، عَنْ
(14/240)
نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(لاَ يَبِيْعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ (1))مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِياً.
أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَحْمَدُ
بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
الصَّيْدَلاَنِيّ:
أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ الجُوزْدَانِيَّة، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ
الجَارودِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَفْص، حَدَّثَنِي
أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَان، عَنْ
سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْن عَمِيرَة، عَنِ
الأَحْنَفِ بنِ قَيْس، عَنِ العَبَّاس قَالَ:
مرَّتْ سَحَابَةٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:(هَلْ تَدْرُوْنَ مَا
هَذَا؟).
قُلْنَا:السّحَاب.
قَالَ:(وَالمُزْنُ).
قَالُوا:وَالمُزْنُ.
قَالَ:(أَوِ العنَان).
قُلْنَا:أَوِ العنَان.
فَقَالَ:(هَلْ تَدرُوْنَ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ
وَالأَرْضِ؟)
قُلْنَا:لاَ.
قَالَ:(إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ، أَوْ ثِنْتَيْن، أَوْ ثَلاَث
وَسَبْعِيْنَ سَنَةً...) الحَدِيْث (2) .
__________
(1) هو في مسند الشافعي: 2 / 154، وأخرجه البخاري: 4 / 312
من طريق عبد الله بن الصباح، عن أبي علي الحنفي، عن عبد
الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد.
ولم يخرجه مسلم من حديث ابن عمر، وإنما هو عنده (1520) في
البيوع: باب تحريم بيع الحاضر للبادي، وفي النكاح: باب
تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك، من حديث أبي
هريرة، و(1521) من حديث ابن عباس، و(1522) من حديث جابر،
و(1523) من حدث أنس رضي الله عنهم.
(2) وتمامه: " ثم السماء فوقها كذلك " حتى عد سبع سماوات.
" ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين
سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أو عال، بين أظلافهن
وركبهن كما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهن العرش، بين
أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم الله تبارك وتعالى
فوق ذلك ".
وإسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن عميرة، وقد أخرجه أبو
داود (4723) في كتاب السنة: باب في الجهمية، والترمذي
(3320) في التفسير: باب ومن سورة الحاقة، وابن ماجه (193)
في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وأحمد في " مسنده " 1
/ 206 كلهم من طريق سماك، عن عبد الله بن عميرة به.
(14/241)
144 - مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مَنُّوْيَه أَبُو عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيُّ *
الحَافِظُ المُفِيْدُ، العَالِمُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الوَاسِطِيّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ أَبَان الوَاسِطِيّ، وَوَهْبَ بنَ
بَقِيَّة، وَالعَبَّاسَ بنَ عَبْدِ العَظِيْمِ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:الطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
زَنْجَوَيْه القَزْوِيْنِيّ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو
الشَّيْخ وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ أُسْكتَ قَبْلَ مَوْته بعَامَيْن.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ الجِعَابِيّ.وَحَدَّثَ
بِبَغْدَادَ.
وَقَدِ انْقَلَب اسْمُه عَلَى عَبْد الغَنِيِّ بن سَعِيْدٍ
الحَافِظ، فَقَالَ:مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ مَنُّويه،
نَسَبُه لَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيّ.
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ (1) :هُوَ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مَنُّويه أَبُو عَبْدِ اللهِ، يَرْوِي
عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن
الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ.
وَقَدْ نَبَّهَ ابْنُ نُقْطَة عَلَى وَهْمِهِمَا فِي
اسْمِهِ، لَكِنِ اعْتذر عَنْ عَبْدِ الغَنِيِّ
وَقَالَ:كَانَ لمَحْمُوْدٍ ابْنَان:أَحْمَدُ وَمُحَمَّدُ،
كِلاَهُمَا قَدْ حدَّث.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:كتبت عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ
مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْد الوَاسِطِيّ.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ الحَافِظُ مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي
شَهْرِ رَمَضَانَ، سنَة سبعٍ
__________
(*) تاريخ بغداد: 13 / 95 94، الإكمال لابن ماكولا: 7 /
207.
(1) في " إكماله " 7 / 207.
(14/242)
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ بَقَايَا
الحُفَّاظِ بِبَلَده، مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ، بَلْ
أَزْيَد.
وَمَنُّويه:بِنُوْنٍ.
145 - عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِح بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
الضَّحَّاكِ البُخَارِيُّ *
الإِمَامُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيّ،
وَيُلَقَّبُ بِالبُخَارِيّ.
سَمِعَ:لُوَيْناً، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ،
وَإِسْحَاقَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ:عَبْدُ اللهِ الزَّبِيْبِي، وَمُحَمَّدُ بنُ
المُظَفَّرِ، وَابْنُ الزَّيَّات، وَأَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَقَالَ:هُوَ ثِقَةٌ.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
146 - الأَعْرَجُ يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى
النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو
زَكَرِيَّا النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَج.
سَمِعَ:قُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ
رَاهْوَيْه، وَعَلِيَّ بنَ حُجْر،
__________
(*) تاريخ بغداد: 9 / 482 481.
(* *) المنتظم: 6 / 156، تهذيب الكمال: الورقة 1496، تذهيب
التهذيب: 4 / 153 / 2، تذكر الحفاظ: 2 / 744، العبر: 2 /
135، تهذيب التهذيب، حسن المحاضرة: 1 / 350، خلاصة تذهيب
التهذيب: 433، شذرات الذهب: 2 / 252 251.
(14/243)
وَأَقرَانَهُم.
وَسَمِعَ مِنْ:يَحْيَى بنِ مُوْسَى خَتّ (1) ، وَارْتَحَلَ
فِي الشَّيْخُوخَة نَاشراً لِعِلْمه.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ أَخِيْهِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زَكَرِيَّا بنِ حيُّويه
النَّيْسَابُوْرِيّ نَزِيْل مِصْر، وَمكِيُّ بنُ
عَبْدَانُ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة، وَأَبُو
حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ يطلبُ الحَدِيْثَ بِمِصْرَ عَلَى كِبَر السِّنّ.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَيُشْبِهُهُ مِنْ
وَجه نَزِيْلُ حَلَب جعفَرَك النَّيْسَابُوْرِيّ
الأَعْرَج، الَّذِي عَاشَ إِلَى بَعْد سَنَة عَشْرٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَسوف يَأْتِي (2) .
147 - أَبُو شَيْبَةَ البَغْدَادِيُّ دَاوُدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ دَاوُدَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو
شَيْبَة دَاوُدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ دَاوُدَ بنِ
يَزِيْدَ بنِ رُوزبَةَ البَغْدَادِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بنِ الرَّيَّانِ، وَعَبْدَ
الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ، وَعُثْمَان بنَ أَبِي شَيْبَةَ،
وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
المُقْرِئِ، وَجَعْفَرُ بنُ الفَضْلِ المُؤَذِّن،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُهَنْدِس، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) هو يحيى بن موسى البلخي، لقبه خت.
قال الحافظ في " التقريب ": بفتح المعجمة وتشديد المثناة،
أصله من الكوفة، ثقة.
(2) في الصفحة 265 من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 379 378، العبر: 2 / 145، النجوم
الزاهرة: 3 / 206، حسن المحاضرة: 1 / 367، شذرات الذهب: 2
/ 259.
(14/244)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ:صَالِحٌ.
قُلْتُ:مَاتَ بِمِصْرَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
يَقَعُ حَدِيْثُهُ مَعَ نُسْخَة أَبِي مُسْهِرٍ، وَغَيْر
ذَلِكَ.
148 - السَّقَطِيُّ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ المُتْقِنُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَيُّوْبَ
بنِ إِسْمَاعِيْلَ البَغْدَادِيّ السَّقَطِيّ، الرَّجُلُ
الصَّالِحُ.
سَمِعَ:بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بن
الرَّيَّانِ، وَسُرَيْجَ بنَ يُوْنُسَ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ الخِرَقِي، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ،
وَمُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ جيَّان - بِجِيم (1) -
وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
مَاتَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
149
- ابْنُ الدِّرَفْسِ (2) مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ
الغَسَّانِيُّ **
الإِمَامُ الصَّالِحُ، الصَّادِقُ، أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 129، العبر: 2 / 126، شذرات الذهب:
2 / 242.
(1) هو أبو بكر، محمد بن خلف بن محمد بن جيان بن الطيب بن
زرعة الفقيه المقرئ الخلال، وثقه الخطيب البغدادي في "
تاريخه " 5 / 239 وقال: توفي في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين
وثلاث مئة. وانظر " مشتبه النسبة " للمؤلف: 1 / 131.
(2) كذا ضبطت في الأصل بكسر الدال، أما صاحب " الأنساب "
فقد قيدها بالضم، وتبعه على ذلك ابن الأثير.
(* *) الأنساب: 225 / ب، تاريخ ابن عساكر: 15 / 250 / أ،
العبر: 2 / 126، شذرات الذهب: 2 / 242.
(14/245)
الوَلِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ
الدِّرَفْسِ الغَسَّانِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَدُحَيْم، وَهِشَامِ
بنِ خَالِدٍ الأَزْرَق، وَيُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَخَلْق.
وَعَنْهُ:أَبُو زُرْعَةَ بنُ أَبِي دُجَانَة، وَأَخُوْهُ
أَبُو بَكْرٍ، وَجُمَحُ بنُ القَاسِمِ، وَالفَضْلُ بنُ
جَعْفَرٍ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَة، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَالدَّرَفْس - بِمُهْمَلَةٍ - مِنْ أَسْمَاءِ الأَسَدِ.
150 - ابْنُ زَنْجَوَيْه أَحْمَدُ بنُ زَنْجَوَيْه بنِ
مُوْسَى المُخَرِّمِيُّ *
المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
زَنْجَوَيْه بنِ مُوْسَى، وَقِيْلَ:أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ
بنِ زَنْجَوَيْه بن مُوْسَى المُخَرِّمِيّ القَطَّان.
وَفرَّقَ الخَطِيْب بينَهُمَا (1) ، وَهُمَا وَاحِد.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار، وَبِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ،
وَلُوَيْناً، وَدَاوُدَ بن رُشَيْدٍ، وَهِشَامَ بنَ
عَمَّارٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ المُنْذِرِ الحِزَامِيّ،
وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ:عَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، وَابْنُ المُظَفَّر،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِي،
وَالطَّبَرَانِيّ، وَالآجُرِّيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ
عَدِيٍّ، وَعِدَّة.
وَكَانَ موثَّقاً مَعْرُوْفاً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 165 164.
(1) فأفرد للثاني ترجمة منفصلة. انظر " تاريخ بغداد " 4 /
287.
(14/246)
151 - العَامِرِيُّ أَبُو الحَسَنِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ *
المُحَدِّثُ الرَّحَّالُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ السَّكنِ القُرَشِيّ
العَامِرِيّ، أَحَدُ الحُفَّاظ عَلَى لِيْنٍ فِيْهِ.
يَرْوِي عَنْ:إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيّ،
وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى الخَطْمِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَهْم، وَطَبَقَتهم.
وَعَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دُجَانَة، وَعَلِيُّ بنُ
أَبِي العَقب، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو
الشَّيْخ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدَان الشِّيْرَازِي،
وَقَالَ:قَدِمَ عَلَيْنَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَلاَ أُحَدِّث عَنْهُ، كَانَ لَيِّناً.
152
- يَمُوْتُ بنُ المُزَرَّعِ(1) بنِ يَمُوْتَ بنِ عِيْسَى
العَبْدِيُّ **
العَلاَّمَةُ، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو بَكْرٍ العَبْدِيُّ
البَصْرِيُّ، الأَدِيْبُ، وَاسمُه مُحَمَّد.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 425، تاريخ ابن عساكر: 2 / 57 / أ،
ميزان الاعتدال: 1 / 138، لسان الميزان: 1 / 267 266،
تهذيب ابن عساكر: 1 / 456 455.
(1) قال ابن خلكان في " وفياته " 7 / 59: " المزرع بضم
الميم وفتح الزاي وبعدها راء مشددة مفتوحة ثم عين مهملة.
هكذا قاله لي الشيخ الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم
بن عبد القوي بن عبد الله المنذري، رحمه الله تعالى ".
وقال السيوطي في " البغية ": بفتح الراء، والمحدثون
يكسرونها.
(* *) طبقات النحويين واللغويين: 216 215، معجم الشعراء:
506 505، جمهرة أنساب العرب: 2 / 298، تاريخ بغداد: 14 /
360 358، نزهة الالباء: 238، المنتظم: 6 / 143، معجم
الأدباء: 20 / 58 57، الكامل في التاريخ: 8 / 96 و106،
إنباه الرواة: 4 / 74، وفيات الأعيان: 7 / 59 53، العبر: 2
/ 128، مرآة الجنان: 2 / 244 241، البداية والنهاية: 11 /
127، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 289، طبقات القراء
للجزري: 2 / 392، النجوم الزاهرة: 2 / 191، بغية الوعاة: 2
/ 353، شذرات الذهب: 2 / 244 243.
(14/247)
سَكَنَ طَبَريَّة مُدَّة.
وَحَدَّثَ عَنْ:خَاله الجَاحظ، وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّس،
وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ اليَشْكُرِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ
السِّجِسْتَانِيّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيّ،
وَالعَبَّاس الرِّيَاشِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الخَرَائِطِيّ، وَسَهْلُ بنُ
أَحْمَدَ الدِّيْبَاجِي، وَالحَسَنُ بنُ رَشِيق، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ مُجَاهِد، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ يَرْوِي القِرَاءة عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ
القصبِي - صَاحِب عَبْد الوَارِث - وَعَنِ
السِّجِسْتَانِيّ.
وَكَانَ لاَ يعُود مَرِيْضاً كَيْلاَ يَقَعَ فِي
التَّطَيُّر باسْمِهِ.
وَله تآلِيف.
وَمَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْساً.
مَاتَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
153 - يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ أَبُو
يَعْقُوْبَ *
الإِمَامُ، العَارفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أَبُو
يَعْقُوْبَ.
أَكْثَر التَّرحَال، وَأَخَذَ عَنْ ذِي النُّوْن
المِصْرِيّ، وَقَاسِم الجوعِي، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ،
وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَدُحَيْم، وَأَبِي
تُرَابٍ عَسْكَر النَّخْشَبِيّ.
__________
(*) طبقات الصوفية: 191 185، حلية الأولياء: 10 / 243 238،
تاريخ بغداد: 14 / 319 314، الرسالة القشيرية: 22، طبقات
الحنابلة: 1 / 420 418، صفة الصفوة: 4 / 103 102، المنتظم:
6 / 143 141، الكامل في التاريخ: 8 / 106، العبر: 2 / 128،
دول الإسلام: 1 / 185، البداية والنهاية: 11 / 127 126،
طبقات الأولياء: 384 379، النجوم الزاهرة: 3 / 191 و265،
شذرات الذهب: 2 / 245.
(14/248)
وَعَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال،
وَأَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ:كَانَ إِمَامَ وَقته، لَمْ يَكُنْ فِي
المَشَايِخ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَته فِي تَذْلِيل النَّفْس
وَإِسقَاط الجَاهُ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ:كَانَ نسيجَ وَحْدِهِ
فِي إِسْقَاط التَّصَنُّع.
يُقَال:كَتَبَ إِلَى الجُنَيْد:لاَ أَذَاقَكَ اللهُ طعم
نَفْسك، فَإِنْ ذُقْتَهَا لاَ تُفْلِح (1) .
وَقَالَ:إِذَا رَأَيْتَ المُرِيدَ يشتغلُ بِالرُّخَص
فَاعلمْ أَنَّهُ لاَ يَجِيْء مِنْهُ شَيْء.
وَقِيْلَ:كَانَ يَسْمَعُ الأَبيَاتَ وَيَبْكِي.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ سَمِعَ قَوَّالاً يُنشد (2) :
رَأَيْتُكَ تَبْنِي دَائِماً فِي قَطِيْعَتِي ... وَلَوْ
كُنْتَ ذَا حَزْمٍ لَهَدَّمْتَ مَا تَبْنِي (3)
كَأَنِّيْ بِكُمْ وَاللَّيْتُ أَفْضَلُ قَوْلِكُم ...
أَلاَ لَيْتَنَا كُنَّا إِذَا اللَّيْتُ لاَ تُغْنِي (4)
فَبَكَى كَثِيْراً وَقَالَ لِلْمنشد:يَا أَخِي!لاَ تَلُم
أَهْلَ الرَّيّ أَنْ يُسَمُّونِي زِنْدِيْقاً، أَنَا مِنْ
بكرَةٍ أَقرأُ فِي المُصْحَفِ مَا خَرَجَتْ مِنْ عَيْنِي
دَمْعَة، وَوقَعَ مِنِّي إِذْ غَنَّيْتَ مَا رَأَيْتَ.
__________
(1) انظر " الرسالة القشيرية " ص 22، وفيها: " فإنك إن
ذقتها لم تذق بعدها خيرا أبدا ".
(2) في معرفة اسم هذا المنشد اختلاف، فهو في " حلية
الأولياء " 10 / 240: يتيمك الرازي، وفي " تاريخ بغداد "
14 / 317 و" طبقات الأولياء " ص 380: أبو الحسين الدراج.
انظر في ذلك الحاشية (9) من الصفحة 380 من " طبقات
الأولياء ".
(3) كذا الأصل: وفي المصادر التي أشرنا إليها في التعليق
السابق: " دائبا ".
(4) كذا الأصل: وهي كذلك في " طبقات ابن الملقن "، أما
الحلية ففيها: " اللبث " بدل " الليت ".
(14/249)
قَالَ السُّلَمِيُّ:كَانَ - مَعَ عِلْمه
وَتمَامِ حَاله - هَجَرَهُ أَهْلُ الرَّيّ، وَتكلَّمُوا
فِيْهِ بِالقبَائِح، خُصُوْصاً الزُّهَّاد، وَأَفْشَوْا
أُمُوراً، حَتَّى بَلَغَنِي أَنَّ شَيْخاً رَأَى فِي
النَّوْمِ كَأَنَّ برَاءةً نزلتْ مِنَ السَّمَاء، فِيْهَا
مَكْتُوْب:هَذِهِ برَاءةٌ ليُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ مِمَّا
قِيْلَ فِيْهِ.
فَسَكَتُوا.
قَالَ الخَطِيْبُ:سَمِعَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ.
قُلْتُ:هُوَ صَاحِبُ حِكَايَة الفَأْرَة مَعَ ذِي
النُّوْنِ لَمَّا سأَله الاسْم الأَعْظَم (1) .
وَقَدْ عُمِّرَ دَهْراً.
وَعَنْهُ، قَالَ:بِالأَدب تَتَفَهَّم العِلْم،
وَبَالعِلْمِ يصحُّ لَكَ العَمَل، وَبَالعَمَلِ تنَالُ
الحِكْمَة، وَبَالحِكْمَة تفهَمُ الزُّهْد، وَبَالزُّهْدِ
تتركُ الدُّنْيَا، وَترغبُ فِي الآخِرَةِ، وَبِذَلِكَ
تنَالُ رِضَى الله تَعَالَى.
قَالَ السُّلَمِيُّ:مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ
مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - .
طَوَّل ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَته.
قَالَ الخُلْدِيّ:كتبَ الجُنَيْد إِلَى يُوْسُفَ بن
الحُسَيْنِ:أُوْصِيْكَ بِتَرْكِ الاَلتفَاتِ إِلَى كُلِّ
حَالٍ مَضَتْ، فَإِنَّ الاَلتفَاتَ إِلَى مَا مَضَى شغلٌ
عَنِ الأولَى، وَأُوصِيْكَ بِتَرْكِ ملاَحظَةِ الحَالِ
الكَائِنَة، اعملْ عَلَى تخليصِ هَمِّكَ مِنْ هَمِّكَ
لِهَمِّكَ، وَاعملْ عَلَى محقِ شَاهِدِكَ مِنْ شَاهدك
حَتَّى يَكُوْنَ الشَّاهدُ عَلَيْكَ شَاهداً لَكَ وَبِكَ
وَمنكَ ... فِي كَلاَم طَوِيْل.
وَليُوْسُف رسَالَة إِلَى الجُنَيْد مِنْهَا:
__________
(1) أنظر حكاية الفأرة في " تاريخ بغداد " 14 / 317 316.
(14/250)
كَيْفَ السَّبِيْلُ إِلَى مَرْضَاةِ مَنْ
غَضِبَا ... مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ وَلَمْ أَعْرِفْ لَهُ
سَبَبَا
قَالَ وَالد تمَام:سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ الحُسَيْنِ
يَقُوْلُ:قيلَ لِي:ذُو النُّوْنِ يَعْرِفُ الاسْمَ
الأَعْظَم.
فَسِرْتُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِي وَأَنَا طَوِيْلُ
اللِّحْيَة، وَمعِي ركوَة طَوِيْلَة، فَاسْتَشْنَعَ
مَنْظرِي.
قَالَ وَالد تمَام:يُقَال:كَانَ يُوْسُفُ أَعْلَمَ أَهْلِ
زَمَانِهِ بِالكَلاَم وَبعلم الصُّوْفِيَّة.
قَالَ:فَجَاءَ مَتَكَلِّمٌ، فَنَاظَر ذَا النُّوْنِ،
فَلَمْ يَقم لَهُ بِحجَّة.
قَالَ:فَاجْتَذَبْتُهُ إِلَيَّ، وَنَاظرْتُه،
فَقَطَعْتُهُ، فَعَرَف ذُو النُّوْنِ مَكَانِي،
وَعَانَقَنِي، وَجَلَسَ بَيْنَ يَديَّ، وَقَالَ:اعذُرْنِي.
قَالَ:فَخَدَمْتُهُ سنَة.
154 - ابْنُ الجَلاَّءِ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ
يَحْيَى *
القُدْوَةُ، العَارفُ، شَيْخُ الشَّام، أَبُو عَبْدِ اللهِ
ابْنُ الجلاَّء، أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى، وَقِيْلَ:مُحَمَّد
بن يَحْيَى.
يُقَالُ:أَصلُه بَغْدَادِيّ، صحبَ وَالدَه، وَأَبَا
تُرَابٍ النَّخْشَبِيّ، وَذَا النُّوْنِ المِصْرِيَّ
وَحَكَى عَنْهُ.
أَخَذَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الدُّقِّي، وَمُحَمَّدُ بنُ
سُلَيْمَانَ اللَّبَّاد، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
اليَقْطينِي.
__________
(*) طبقات الصوفية: 176 - 179، حلية الأولياء: 10 / 314 -
315، تاريخ بغداد: 5 / 213 - 215، الرسالة القشيرية: 20،
الأنساب: 146 / أ، تاريخ ابن عساكر: 2 / 137 / أ، المنتظم:
6 / 148 - 149، صفة الصفوة: 2 / 443 - 444، العبر: 2 /
132، دول الإسلام: 1 / 186، الوافي بالوفيات: 8 / 239،
مرآة الجنان: 2 / 249، البداية والنهاية: 11 / 129، طبقات
الأولياء: 81 - 83، النجوم الزاهرة: 3 / 170 و 194، شذرات
الذهب: 2 / 248 - 249، تهذيب ابن عساكر: 2 / 111 - 115
(14/251)
أَقَامَ بِالرَّملَة وَبِدِمَشْقَ.
وَكَانَ يُقَالُ:الجُنَيْدُ بِبَغْدَادَ، وَابْنُ الجلاَّء
بِالشَّامِ، وَأَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيُّ
بِنَيْسَابُوْرَ - يَعْنِي:لاَ نَظِيْرَ لَهُم - .
قَالَ الدُّقِّي:مَا رَأَيْتُ شَيْخاً أَهيَبَ مِنِ ابْنِ
الجلاَّء مَعَ أَنِّي لقيتُ ثَلاَثَ مائَةِ شَيْخ،
فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:مَا جلاَ أَبِي شَيْئاً قَطُّ،
وَلَكِنَّهُ كَانَ يَعِظُ، فيقعُ كَلاَمُه فِي القُلُوْبِ،
فسُمِّيَ جَلاَّءَ القُلُوْب.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الجُلندى:سُئِلَ ابْنُ
الجلاَّء عَنِ المحبَّة، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:مَا لِي
وَلِلْمحبَّة؟أَنَا أُرِيْدُ أَنْ أَتعلَّم التَّوبَة.
قَالَ أَبُو عُمَرَ الدِّمَشْقِيّ:سَمِعْتُ ابْنَ الجلاَّء
يَقُوْلُ:قُلْتُ لأَبوِيَّ:أُحِبُّ أَنْ تَهَبَانِي للهِ.
قَالاَ:قَدْ فَعَلْنَا.
فَغِبْتُ عَنْهُم مُدَّة، ثُمَّ جِئْتُ فدققتُ البَاب،
فَقَالَ أَبِي:مِنْ ذَا؟
قُلْتُ:وَلدُك.
قَالَ:قَدْ كَانَ لِي وَلدٌ وَهبنَاهُ للهِ.
وَمَا فتحَ لِي.
وَعَنِ ابْنِ الجلاَّء، قَالَ:آلَةُ الْفَقِير صِيَانَةُ
فَقْره، وَحِفْظُ سِرِّه، وَأَدَاءُ فَرْضِه.
تُوُفِّيَ:فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
155 - ابْنُ مَطَرٍ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ*
الإِمَامُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
مَطَرٍ البَغْدَادِيُّ السُّكَّرِيُّ.
سَمِعَ:دَاوُدَ بنَ رُشَيْد، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُعَاوِيَةَ، وَطَبَقَتهُم.
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 137.
(14/252)
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ اللهِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِي، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
جَعْفَرٍ الخِرَقِي، وَيُوْسُف المَيَانَجِي، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
156 - ابْنُ زَاطِيَا عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ عِيْسَى
المُخَرِّمِيُّ *
المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
عِيْسَى بنَ زَاطِيَا المُخَرِّمِيُّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بن الرَّيَّانِ، وَدَاوُدَ
بنَ رُشَيْد، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ
الزَّيَّات، وَابْنُ بُخَيْت الدَّقَّاق، وَعَلِيُّ بنُ
عُمَرَ الحَرْبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّي
وَقَالَ:لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ:كُفَّ بَصَرُهُ بِأَخَرَةٍ.
تُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
157 - ابْن حَمْدُوَيْه مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه بنِ
مُوْسَى السِّنْجِيُّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو رَجَاءَ مُحَمَّدُ بنُ
حَمْدُوَيْه بنِ مُوْسَى بنِ طَرِيْفٍ السِّنْجِيّ
المَرْوَزِيُّ الهُوْرْقَانِي.
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 349، ميزان الاعتدال: 3 / 114 -
115، لسان الميزان: 4 / 205.
(* *) الأنساب: 593 / أ، اللباب: 3 / 395، وانظر: الاكما
لابن ماكولا: 2 / 557.
(14/253)
سَمِعَ:سُوَيْدَ بنَ نَصْرٍ، وَعتبَةَ بنَ
عَبْدِ اللهِ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْز بن أَبِي
رِزْمَةَ، وَعَلِيَّ بنَ حُجْر، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد.
رَوَى عَنْهُ:عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الصِّدِّيق،
وَأَبُو عِصْمَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبَّادٍ،
وَأَهْلُ مَرْو.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
ذكره ابْنُ مَاكُوْلاَ.
158 - أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ الحَسَنِ بنِ نَصْرٍ
الحَلَبِيُّ *
القَاضِي المُحَدِّثُ، أَبُو حَفْصٍ، عُمَرُ بنُ الحَسَنِ
بنِ نَصْر بنِ طَرْخَان الحَلَبِيّ، قَاضِي دِمَشْق.
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَمِيْنَة، وَزُهَيْرِ
بن حَرْبٍ، وَلُوَيْن، وَعُقْبَة بن مُكْرَمٍ، وَمُحَمَّد
بن قُدَامَةَ المَصِّيْصِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو عَلِيٍّ
بنُ آدم، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَرْوَانَ، وَأَبُو
بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ،
وَالإِسْمَاعِيْلِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
الوَرَّاق، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّات، وَعَلِيُّ بنُ
عُمَرَ الحَرْبِيُّ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ:ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
قُلْتُ:سَمَاعُ الوَرَّاق مِنْهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ.
159
- الدَّوِيْرِيُّ (1) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
يُوْسُفَ **
المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ يُوْسُفَ بنِ خُرشيد
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 222 221 وهو فيه: أبوحفيص، تاريخ
ابن عساكر: 12 / 351 / ب، تاريخ حلب الشهباء: 4 / 15.
(* *) الأنساب: 234 / أ، معجم البلدان: 2 / 491 490.
(1) كذا ضبط في الأصل و" اللباب " و" المشتبه " بفتح
الدال، أما صاحب " البلدان " فقيده بضمها، ولم يتابع عليه.
(14/254)
النَّيْسَابُوْرِيُّ الدَّوِيْرِيُّ،
وَدوير:عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ نَيْسَابُوْر.
سَمِعَ:قُتَيْبَة، وَإِسْحَاقَ، وَيَحْيَى خَتّ.
وَعَنْهُ:ابنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ
بنُ مُحَمَّدٍ، وَيَحْيَى بن زَكَرِيَّا الدَّوِيرِي،
وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
160 - ابْنُ عَطَاءٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلٍ
الأَدَمِيُّ *
الزَّاهِدُ، العَابِدُ، المتَأَلِّه، أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلٍ بن عَطَاءٍ الأَدَمِيُّ
البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:يُوْسُفَ بنِ مُوْسَى القَطَّان.
وَعَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُبيش، وَقَالَ:كَانَ
لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَتمَة، وَفِي رَمَضَانَ تِسْعُوْنَ
(1) خَتمَة، وَبَقِيَ فِي خَتمَة مُفردَةٍ بِضْعَ عَشْرَةَ
سَنَةً يتفهَّمُ وَيتدبَّر.
وَقَالَ حُسَيْنُ بنُ خَاقَان:كَانَ ينَامُ فِي اليَوْمِ
وَاللَّيْلَة سَاعَتَيْن، مَاتَ فِي سَنَةِ:تِسْعٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي ذِي القَعْدَةِ.
قُلْتُ:لكنَّه رَاجَ عَلَيْهِ حَالُ الحَلاَّج، وَصحَّحَه،
فَقَالَ السُّلَمِيُّ:
__________
(*) طبقات الصوفية: 272 265، حلية الأولياء: 10 / 305 302،
تاريخ بغداد: 5 / 30 26، الرسالة القشيرية: 24 23، صفة
الصفوة: 2 / 446 444، المنتظم: 6 / 160، العبر: 2 / 144،
دول الإسلام: 1 / 187، الوافي بالوفيات: 8 / 25 24، مرآة
الجنان: 2 / 261، البداية والنهاية: 11 / 144، طبقات
الأولياء: 61 59، شذرات الذهب: 2 / 258 257.
(1) في الأصل: " تسعين ".
(14/255)
امتُحِنَ بِسَبِب الحَلاَّج، وَطَلَبه
حَامِدُ الوَزِيْر وَقَالَ:مَا الَّذِي تَقُولُ فِي
الحَلاَّج؟
فَقَالَ:مَالَك وَلذَاكَ؟عَلَيْكَ بِمَا نُدِبْتَ لَهُ
مِنْ أَخذ الأَمْوَال، وَسفكِ الدِّمَاء.
فَأَمَرَ بِهِ فَفُكَّتْ أَسنَانُه، فصَاح:قطعَ اللهُ
يَديكَ وَرِجْلَيْك.
وَمَاتَ بَعْدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْماً، وَلَكِنْ
أُجيبَ دُعَاؤُه، فَقُطِعَتْ أَرْبَعَةُ حَامِد.
قَالَ السُّلَمِيُّ:سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ حَمْدَان
يذكر هَذَا.
قَالَ:وَكَانَ ابْنُ عَطَاء يَنْتمِي إِلَى
المَارِسْتَانِيّ إِبْرَاهِيْم.
وَقِيْلَ:إِنَّ ابْنَ عَطَاء فَقَدَ عقلَهُ ثَمَانيَةَ
عَشَرَ عَاماً، ثُمَّ ثَاب إِلَيْهِ عقلُهُ.
ثَبَّتَ اللهُ عَلَيْنَا عُقُوْلَنَا وَإِيْمَانَنَا،
فَمَنْ تسبَّبَ فِي زوَالِ عَقْلِهِ بِجُوع، وَرِيَاضَةٍ
صَعْبَة، وَخَلْوَة، فَقَدْ عَصَى وَأَثِمَ، وَضَاهَى مِنْ
أَزَال عقلِهِ بَعْضَ يَوْمٍ بسُكر.
فَمَا أَحسنَ التَّقيُّد بِمتَابعَةِ السُّنَنِ وَالعِلْم.
161 - الوَشَّاءُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عَنْبَرٍ *
الشَّيْخُ الرَّاوِي، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَنْبر بن شَاكِر البَغْدَادِيُّ الوَشَّاء.
سَمِعَ:عَلِيَّ بن الجَعْد، وَمَنْصُوْرَ بنَ أَبِي
مُزَاحِمٍ، وَعَلِيَّ بن المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدَ اللهِ
بنَ عَوْن الخَرَّاز، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ بنُ النَّخَّاسِ، وَابْنُ
الشِّخِّير، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
ضَعَّفَهُ عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِع.
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 414، الأنساب: 584 / أ، المنتظم: 6 /
157، ميزان الاعتدال: 1 / 520، لسان الميزان: 2 / 251 250.
(14/256)
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:تَكَلَّمُوا
فِيْهِ مِنْ جهَةِ سَمَاعِهِ.
وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ البُرْقَانِيّ فَوَثَّقَهُ.
مَاتَ:فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:أَبُو خُبَيْبٍ بنُ البِرْتِي،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُفْيَانَ الفَقِيْه،
وَالمُفَضَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَنَدِي، وَشُعَيْبُ بنُ
مُحَمَّدٍ الذَّارع، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
بِدينَا، وَعَبْدُ الكَرِيْم بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
حِبَّان المِصْرِيّ.
162 - ابْنُ البِرْتِيِّ أَبُو خُبَيْبٍ العَبَّاسُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو خُبَيْبٍ العَبَّاسُ ابنُ
القَاضِي العَلاَّمَةِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى
البِرتِيُّ.
سَمِعَ:عَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ النَّرْسِيّ،
وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَوَّار بنَ عَبْدِ
اللهِ العَنْبَرِيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ أَبِي صَابر، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ
شَاهِيْنٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ.
أَثْنَى عَلَيْهِ بَعْضُ الحُفَّاظ.
وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
عَنْ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً أَوْ أَكْثَر.
163 - الجَنَدِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ المُفَضَّلُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ **
المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو سَعِيْدٍ
المُفَضَّلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 12 / 153 152، الأنساب: 71 / أ، المنتظم:
6 / 159 158، طبقات القراء للجزري: 1 / 352.
(* *) الأنساب: 137 / ب، معجم البلدان: 2 / 170، العبر: 2
/ 137، مرآة =
(14/257)
بنِ مفضَّلِ بنِ سَعِيْدِ ابْنِ الإِمَامِ
عَامِر بن شرَاحيل الشَّعْبِيُّ الكُوْفِيُّ، ثُمَّ
الجَنَدِي.
حَدَّثَ عَنِ:الصَّامِتِ بنِ مُعَاذٍ الجندِي، وَمُحَمَّدِ
بنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ
مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حُمَة مُحَمَّدِ بنِ
يُوْسُفَ، وَسَلَمَةَ بنِ شَبِيْبٍ.
وَقَدْ رَوَى القرَاءاتِ عَنْ طَائِفَةٍ كَالبَزِّي
وَغَيْرِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ مُجَاهد، وَعَبْدُ
الوَاحِد بنُ أَبِي هَاشِم، وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً
أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ
البُسْتِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو
جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ العُقَيْلِيُّ:قَدَمتُ مَكَّةَ وَلأَبِي سَعِيْدٍ
الجَنَدِي حَلْقَةٌ بِالمَسْجَد الحَرَام.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ:هُوَ
ثِقَةٌ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة:تُوُفِّيَ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
164 - الفَرْغَانِيُّ أَبُو العَبَّاسِ حَاجِبُ بنُ
مَالِكِ بنِ أَرْكِيْنَ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو العَبَّاسِ، حَاجِبُ بنُ
مَالِكِ بنِ أَرْكين الضَّرِيْر الفَرْغَانِيُّ
التُّركِيّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
__________
= الجنان: 2 / 250، البداية والنهاية: 11 / 131، طبقات
القراء للجزري: 2 / 307، لسان الميزان: 6 / 82 81، شذرات
الذهب: 2 / 253، الرسالة المستطرفة: 60.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 302، تاريخ بغداد: 8 / 272 271،
الأنساب: 424، تاريخ ابن عساكر: 4 / 39 / أ، المنتظم: 6 /
150، العبر: 2 / 132، شذرات الذهب: 2 / 249، تهذيب ابن
عساكر: 3 / 430 429.
(14/258)
حَدَّثَ عَنْ:الفَلاَّس، وَمُحَمَّدِ بنِ
المُثَنَّى، وَأَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَأَبِي عُمَرَ
الدُّوْرِيّ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، وَابْنِ عَبْد الحَكَم
وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ
فضَالَة، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّبعِي،
وَالمَيَانَجِي، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخ،
وَخَلْقٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ:لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
165 - ابْنُ ذَرِيْحٍ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
صَالِحٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ المُتْقِنُ، الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ ذَرِيْح البَغْدَادِيُّ
العُكْبَرِيُّ.
سَمِعَ:جُبارَة بنَ المغلِّس، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي
شَيْبَةَ، وَأَبَا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وَأَبَا ثَوْرٍ
الكَلْبِيّ، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَرحلَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:إِسْحَاقُ النِّعَالِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو
حَفْصٍ بنُ الزَّيَّات، وَابْنُ بُخَيْت الدَّقَّاق،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) في " تاريخه " 8 / 271.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 361، الأنساب: 396 / أ، المنتظم: 6 /
152، العبر: 2 / 134، طبقات القراء للجزري: 2 / 155، شذرات
الذهب: 2 / 251.
(14/259)
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ:تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ.
وَقِيْلَ:سَنَةَ سِتٍّ.
فَالله أَعْلَم.
وثَّقوهُ وَاحتَجُّوا بِهِ.
166 - الحَسَنُ بنُ الطَّيِّبِ بنِ حَمْزَةَ أَبُو عَلِيٍّ
الشُّجَاعِيُّ *
المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو عَلِيٍّ الشُّجَاعِيُّ،
البَلْخِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ، ابْن أَخِي الحَافِظ
الحَسَن بنِ شُجَاع.
حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ قُتَيْبَة بنِ سَعِيْدٍ،
وَهُدْبَة بنِ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
نُمَيْرٍ، وَأَبِي كَامِل الجَحْدرِي، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
القَطِيْعِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَمُحَمَّدُ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:لاَ يُسَاوِي شَيْئاً، لأَنَّه
حدَّثَ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ.
وَكَذَا تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْن عُقْدَةَ.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ:ذَاهبُ الحَدِيْث.
وَأَمَّا الإِسْمَاعِيْلِيُّ فَكَانَ حَسَنَ الرَّأْي
فِيْهِ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ:كَذَّاب.
مَاتَ:فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
__________
(*) الكامل لابن عدي: 1 / 93 / ب، تاريخ بغداد: 7 / 336
333، المنتظم: 6 / 154، ميزان الاعتدال: 1 / 501، المغني
في الضعفاء: 1 / 161، لسان الميزان: 2 / 216 215
(14/260)
167 - الجَوْنِيُّ مُوْسَى بنُ سَهْلِ بنِ
عَبْدِ الحَمِيْدِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّال، أَبُو
عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ سَهْلِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ
الجَوْنِيُّ، البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ:طَالُوْتَ بنَ عَبَّاد، وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ
غِيَاث، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعِيْسَى بنَ حَمَّادٍ
زُغْبَة، وَمُحَمَّدَ بنَ رُمْح، وَأَبَا همَّام
السَّكُوْنِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى، وَطَبَقَتهُم
بِالشَّامِ، وَمِصْر، وَالعِرَاق.
وَعُمِّرَ دَهْراً، وَكَانَ مِنَ الحُفَّاظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:دَعْلَج السِّجْزِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِي، وَمُحَمَّدُ بنُ المظَفَّر،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ
السُّكَّرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
مَاتَ:فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَبَقِيَ إِلَى هَذَا العَام بِمِصْرَ مَنْ يَرْوِي عَنْ
يَحْيَى بنِ بُكير وَهُوَ الحُسَيْن بن سَعِيْدِ بنِ
كَامِلٍ، كتب عَنْهُ ابْن يُوْنُسَ.
168 - الهَيْثَمُ بنُ خَلَفِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الدُّوْرِيُّ **
ابْنِ مُجَاهِدٍِ المُتْقِنُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
__________
(*) تاريخ بغداد: 13 / 57 56، الأنساب: 143 / ب، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2،
تذكرة الحفاظ: 2 / 764 763، العبر: 2 / 135، طبقات الحفاظ:
321، شذرات الذهب: 2 / 251.
(* *) تاريخ بغداد: 14 / 63، المنتظم: 6 / 156، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2،
تذكرة الحفاظ: 2 / 766 765، العبر: 2 / 135، البداية
والنهاية: 11 / 131، طبقات الحفاظ: 322 321، شذرات الذهب:
2 / 251.
(14/261)
الدُّوْرِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ:عبدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ النَّرْسِيّ،
وَعُبَيْدَ اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي
شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقَ بنَ مُوْسَى الخَطْمِيّ،
وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ الخِرَقِي، وَأَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَابْن لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَمِنْ أَهْلِ
التَّحَرِّي وَالضَّبْط.
مَاتَ فِي أَوَائِل سَنَة سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وَمَحْمُوْدُ
بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيّ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
سِنَان، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِح بنِ ذَرِيْح، وَأَبُو
عِمْرَانَ الجَوْنِيّ، وَالحَسَنُ بنُ الطَّيِّب
الشُّجَاعِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الفَرْقَدِي،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ، وَأُسَامَةُ
بنُ أَحْمَدَ التُّجِيْبِيّ.
169 - الشَّطَوِيُّ أَبُو أَحْمَدَ هَارُوْنُ بنُ يُوْسُفَ
*
الإِمَامُ، الفَاضِلُ، أَبُو أَحْمَدَ هَارُوْنُ بنُ
يُوْسُفَ الشَّطَوِيّ، وَيُعرف قَدِيْماً:بِابْنِ مِقرَاض.
سَمِعَ:ابْن أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ، وَأَبَا مَرْوَان
مُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ العُثْمَانِيّ، وَالحَسَنَ بنَ
عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الجِعَابِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
بنُ العَسْكرِي، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، وَعُمَرُ بنُ
الزَّيَّات، وَالإِسْمَاعِيْلِيّ، وَوَثَّقَهُ.
تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 14 / 29.
(14/262)
170 - مُحَمَّدُ بنُ شَادَلَ بنِ عَلِيٍّ
أَبُو العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ * (1)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُقْرِئُ، المُعَمَّرُ، أَبُو
العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُم النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ:أَبَا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وَإِسْحَاقَ بنَ
رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ لُوَيْناً،
وَعَمْرَو بنَ زُرَارَة، وَهَنَّادَ بنَ السَّرِيّ،
وَالحُسَيْنَ بنَ الضَّحَّاك، وَأَحْمَدَ بنَ حَرْبٍ،
وَأَبَا مَرْوَان العُثْمَانِيّ، وَحَرْمَلَةَ بنَ يَحْيَى
- لَعَلَّهُ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْحَلْ
إِلَى مِصْرَ - .
قَالَ الحَاكِمُ:أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
زِيَاد:سأَلْنَا ابْنَ شَادَل عَنْ نَسَبه،
فَقَالَ:مُحَمَّدُ بنُ شَادَل بنِ عَلِيِّ بنِ برد بنِ
سَوَّارِ بنِ جَعْفَرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ
الهَاشِمِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَلِيُّ بنُ عِيْسَى، وَأَحْمَدُ بنُ
الخَضِر الشَّافِعِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ
الحَافِظ، وَأَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الأَنْصَارِيّ،
وَالقَاضِي يُوْسُفُ المَيَانَجِي، وَأَبُو أَحْمَدَ
الحَاكِمُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ طَاهِرَ بنَ أَحْمَدَ الوَرَّاق
يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ شَادَل، وَكَانَ يختمُ
القُرْآنَ كُلَّ يَوْم، وَذهبَ بصرُه قَبْل مَوْته
بعِشْرِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ فِي يَوْم الأَحَد الثَّانِي عشر مِنْ رَبِيْعٍ
الأَوَّلِ سنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدِ المُؤَذِّن
يَقُوْلُ:تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْع.
__________
(*) العبر: 2 / 150، شذرات الذهب: 2 / 263، تاج العروس:
مادة (شدل).
(1) ضبطت في الأصل بفتح الدال، ووضع فوقها كلمة " صح ".
وضبط في " المشتبه " 385، والتوضيح الورقة 91، والتبصير
764: بكسر الدال، وقال الزبيدي في " تاج العروس ": " شادل
كصاحب: أهمله الجوهري، وصاحب اللسان، وقال الصاغاني: علم،
ومحمد بن شادل ابن علي النيسابوري: صاحب إسحاق بن راهوية،
كذا في " التبصير ".
(14/263)
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ:كَانَ
صَحِيْح الأُصُوْل، سَمِعَ ابْنَ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدَ
بنَ عُثْمَانَ العُثْمَانِيّ.
سأَلنَا أَبَا العَبَّاسِ المَاسَرْجِسِيَّ عَنْهُ، فثَّبت
سُمَاعَهُ مِنْ إِسْحَاق.
171 - ابْنُ المَرْزُبَانِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
خَلَفٍ المُحَوَّلِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الأَخْبَارِي، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ المَرْزُبَانِ بنِ بَسَّامٍ
المُحَوَّلِيُّ البَغْدَادِيُّ الآجُرِّيّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ:الزُّبَيْرِ بنِ بكَّار، وَأَحْمَدَ بنِ
مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي السَّرِيّ
الأَزْدِيّ لاَ العَسْقلاَنِي، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
الدُّنْيَا، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ الأَنْبَارِيُّ، وَأَبُو
الفَضْلِ بنُ المُتَوَكِّل، وَأَبُو عُمَرَ ابْن
حَيُّويَه، وَآخَرُوْنَ.
وَقَعَ لِي قطعَةٌ مِنْ تآلِيفه، وَلَهُ كِتَاب:(الحَاوِي
فِي عُلُوْم القُرْآن)وَكِتَاب
فِي(الحمَاسَة)وَكِتَاب(المتيَّمِين)وَكِتَاب(أَخْبَار
الشُّعَرَاء)وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَكَانَ صَدُوْقاً.
مَاتَ:فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي عَشْرِ
الثَّمَانِيْنَ، أَوْ جَاوزهَا.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْب،
وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُكرم، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ مُوْسَى الحَاسِب، وَالحَلاَّجُ - قتل - وَعُمَرُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ أَبِي غَيْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ رَاشِدِ بنِ مَعْدَانَ، وَأَبُو العَبَّاسِ
بنُ عَطَاءٍ
__________
(*) فهرست ابن النديم: 214 213، تاريخ بغداد: 5 / 239 237،
الأنساب: 513، المنتظم: 6 / 165، العبر: 2 / 144، ميزان
الاعتدال: 3 / 538، الوافي بالوفيات: 3 / 45 44، لسان
الميزان: 5 / 157، النجوم الزاهرة: 3 / 203، شذرات الذهب:
2 / 258.
(14/264)
الصُّوْفِيّ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِي، وَعَبَّادُ بنُ
عَلِيٍّ ثقَّاب اللُؤْلُؤ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
عَبْدِ المُؤْمِن المُهَلَّبِيّ - مُحَدِّثُ جُرْجَان -
وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ أَبُو جَعْفَرٍ
الشِّبْلِي.
172 - جَعْفَرَكْ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ مُوْسَى *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى النَّيْسَابُوْرِيُّ
الأَعْرَجُ، نَزِيْلُ حَلَب.
وَيُقَالُ لَهُ:جَعْفَرَكْ.
حَدَّثَ عَنْ:الحَسَنِ بنِ عَرفَة، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
هَاشِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَعَلِيِّ
بنِ حَرْبٍ الطَّائِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللهِ
الخُشْك، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ:أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَافِظَانِ، وَأَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ غَيْر وَاحِدٍ، وَنَعَتوهُ بِالحِفْظ
وَالمَعرفَة، وَلَقِيَهُ ابْن المُقْرِئ بِالمَوْصِل.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ نيِّف عَشْرَة وَثَلاَثِ مائَةٍ.
173 - ابْنُ جَمِيْلٍ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ **
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو يَعْقُوْبَ
إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 204 203، المنتظم: 6 / 154، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 1،
تذكرة الحفاظ: 2 / 751 750، طبقات الحفاظ: 317.
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 218، العبر: 2 / 145، شذرات
الذهب: 2 / 259.
(14/265)
جَمِيْل الأَصْبَهَانِيّ.
رَوَى عَنْ:أَحْمَدَ بنِ مَنِيع(مسنَدَه).
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَحَفِيْدُه عبيدُ اللهِ بنِ
يَعْقُوْبَ بنِ إِسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه:سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ
يَقُوْلُ:عَاشَ جَدِّي مائَةً وَسَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً،
وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:إِن صَحَّ هَذَا فِي مَوْلِده، فَمَا سَمِعَ
الحَدِيْث إِلاَّ فِي الكُهُوْلَة.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ (1) :مَاتَ سَنَةَ
عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
174 - العُثْمَانِيُّ أَبُو عُمَرَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ
عُثْمَانَ الأُمَوِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عُمَرَ
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ الأُمَوِيُّ العُثْمَانِيُّ
البَغْدَادِيُّ.
مَنْعُوْتٌ بِالصِّدْق.
سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ
حَمَّادٍ.
وَعَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ
حَيُّويَه، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ مِنْ بَقَايَا الْمُسْندين بِبَغْدَادَ.
بَقِيَ إِلَى سَنَة عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلاَ أَعْلَم فِيْهِ جَرْحاً.
وَفِيْهَا مَاتَ:مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ، وَأَبُو شَيْبَة
دَاوُدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو بِشْرٍ
__________
(1) في " ذكر أخبار أصبهان " 1 / 218.
(*) تاريخ بغداد: 10 / 348 347، المنتظم: 6 / 197.
(14/266)
الدُّوْلاَبِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى
بنِ زُهَيْر التُّسْتَرِيّ، وَالوَلِيْدُ بنُ أَبَان،
وَعَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ المقَانِعِي، وَفَقِيْهُ
بَغْدَاد أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ جَابِرٍ،
وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَمِيْل، وَخَالِدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ كُولَخْش الصَّفَّار، وَمُحَمَّدُ بنُ
خَلَفٍ بنِ المَرْزُبَانِ، وَالحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ
الصَّوَّاف، وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الرَّازِيّ.
175 - مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ كَثِيْرٍ
الطَّبَرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلَمُ، المجتهدُ، عَالِمُ العَصر، أَبُو
جَعْفَرٍ الطَّبَرِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ
البَدِيْعَة، مِنْ أَهْلِ آمُل (1) طَبَرِسْتَان.
مَوْلِدُه:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَطَلَبَ العِلْمَ بَعْد الأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ
وَأَكْثَرَ التَّرحَال، وَلقِي نُبَلاَء الرِّجَال،
وَكَانَ مِنْ أَفرَاد الدَّهْر عِلْماً، وَذكَاءً،
وَكَثْرَةَ تَصَانِيْف.
قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونُ مثلَه.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَوْح
الهَرَوِيّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ
__________
(*) فهرست ابن النديم: 326، تاريخ بغداد: 2 / 169 162،
طبقات الشيرازي: 93، الأنساب: 367 / أ، المنتظم: 6 / 172
170، معجم الأدباء 18 / 94 40، إنباه الرواة: 3 / 90 89
تهذيب الأسماء واللغات: 1 / 79 78، وفيات الأعيان 4 / 192
191، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة
123 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 716 710، العبر: 2 / 146،
ميزان الاعتدال: 3 / 499 498، طبقات القراء للذهبي: 1 /
213 212، دول الإسلام: 1 / 187، الوافي بالوفيات: 2 / 284
287، مرآة الجنان: 2 / 260، طبقات الشافعية للسبكي: 3 /
128 120، البداية والنهاية: 11 / 145، 147، طبقات القراء
للجزري: 2 / 108 106، لسان الميزان: 5 / 103 100، النجوم
الزاهرة: 3 / 205، طبقات المفسرين للسيوطي: 30، طبقات
الحفاظ: 308 307، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 114 106،
شذرات الذهب: 2 / 260، الرسالة المستطرفة: 43.
(1) اسم أكبر مدينة بطبرستان، في السهل، لان طبرسنان سهل
وجبل، خرج منها كثير من العلماء، يقال في نسبتهم: الطبري.
أنظر " معجم البلدان " 1 / 57.
(14/267)
المُسْتَمْلِي، أَخبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ
حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الفَقِيْه،
وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنِيْع، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ
بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ سِمَاكٍ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم - قَالَ
لِضُبَاعَة:(حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ
حَبَسْتَنِي (1))، حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ مِنْ أَعْلَى
مَا عِنْدِي عَنِ ابْنِ جَرِيْرٍ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي
الشَّوَارِبِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى السُّدِّيّ،
وَإِسْحَاقَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَمُحَمَّدَ بنَ
أَبِي مَعْشَر - حَدَّثَهُ بِالمَغَازِي عَنْ أَبِيْهِ -
وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ
مَنِيْع، وَأَبَا كُرَيْبٍ مُحَمَّدَ بنَ العَلاَءِ،
وَهَنَّاد بنَ السَّرِيّ، وَأَبَا هَمَّام السَّكُوْنِيّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ،
وَبُنْدَاراً، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى، وَسُفْيَانَ
بنَ وَكِيْع، وَالفَضْلَ بنَ الصَّبَّاحِ، وَعَبْدَةَ بنَ
عَبْدِ اللهِ الصَّفَّار، وَسَلْمَ بنَ جُنَادَةَ،
وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَيَعْقُوْبَ
الدَّوْرَقِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ المِقْدَامِ العِجْلِيّ،
وَبِشْرَ بنَ مُعَاذٍ العَقَدِيّ، وَسَوَّار بنَ عَبْدِ
اللهِ العَنْبَرِيّ، وَعَمْرو بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّس،
وَمُجَاهِدَ بنَ مُوْسَى، وَتَمِيْمَ بنَ المُنْتَصِر،
وَالحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَمهنَّا بنَ يَحْيَى، وَعَلِيَّ
بنَ سَهْل الرَّمْلِيّ، وَهَارُوْنَ بنَ إِسْحَاقَ
الهَمْدَانِيّ، وَالعَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ العُذْرِيّ،
وَسَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو السَّكُوْنِيّ، وَأَحْمَدَ ابْنَ
أَخِي ابْنِ وَهْبٍ،
__________
(1) أخرجه أبو داود (1776) والدارمى: 2 / 35 34، والترمذي
(941)، والنسائي: 5 / 168 167، كلهم من طريق هلال بن خباب،
عن عكرمة، عن ابن عباس. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد: 1 / 337، ومسلم (1208) من طرق عن ابن جريج:
أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاووسا وعكرمة مولى ابن عباس،
عن ابن عباس..، وفي الباب عن عائشة عند البخاري: 9 / 114،
ومسلم (1209) وأحمد: 6 / 164 و194، والنسائي: 5 / 168.
(14/268)
وَمُحَمَّدَ بنَ مَعْمَر القَيْسِيّ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَنَصْرَ بنَ
عَلِيٍّ الجَهْضَمِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ
بَزِيع، وَصَالِحَ بنَ مِسْمَار المَرْوَزِيّ، وَسَعِيْدَ
بنَ يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَنَصْرَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الأَوْدِيّ، وَعَبْدَ الحمِيدِ بنَ بيَان السُّكَّرِيّ،
وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي سُرَيْج الرَّازِيّ، وَالحَسَنَ بنَ
الصَّبَّاحِ البَزَّار، وَأَبَا عَمَّارٍ الحُسَيْنَ بنَ
حُرَيْث، وَأُمَماً سِوَاهُم.
وَاستقرَّ فِي أَوَاخِرِ أَمره بِبَغْدَادَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الاجْتِهَاد.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو شُعَيْب عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ
الحَرَّانِيّ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَأَبُو
القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ
القَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
بنُ عَدِيٍّ، وَمخلدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِي،
وَالقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ
القَاسِمِ الخَشَّاب، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَلِيٍّ الكَاتِب، وَعَبْدُ الغَفَّار بنُ عَبيدِ اللهِ
الحُضَيْنِي، وَأَبُو المُفَضَّل مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الشَّيْبَانِيّ، وَالمُعَلَّى بنُ سَعِيْدٍ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ
مِنْ أَهْلِ آمُل، كتبَ بِمِصْرَ، وَرَجَعَ إِلَى
بَغْدَادَ، وَصَنَّفَ تَصَانِيْف حسنَةً تَدُلُّ عَلَى
سَعَة عِلْمِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ (1) :مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ بنِ
يَزِيْدَ بنِ كَثِيْرِ بنِ غَالِب:كَانَ أَحَدُ أَئِمَّةِ
العُلَمَاء، يُحكم بِقَوله، وَيُرجع إِلَى رأَيهِ
لِمَعْرِفَتِهِ وَفَضْله، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ مِنَ
الْعُلُوم مَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيْهِ أَحَد مِنْ أَهْلِ
عَصْره، فَكَانَ حَافِظاً لكتَاب الله، عَارِفاً
بِالقِرَاءات، بَصِيْراً بِالمَعَانِي، فَقِيْهاً فِي
أَحْكَام القُرْآن، عَالِماً بِالسُّنَنِ وَطُرُقِهَا،
صَحيحِهَا وَسَقيمِهَا، وَنَاسِخِهَا وَمَنْسوخِهَا،
عَارِفاً بِأَقوَال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِيْنَ،
عَارِفاً بِأَيَّام النَّاس وَأَخْبَارهم، وَلَهُ
الكِتَابُ المَشْهُوْرُ فِي(
__________
(1) في " تاريخه " 2 / 163.
(14/269)
أَخْبَار الأُمَم وَتَارِيْخهِم)وَلَهُ
كِتَاب(التَّفْسِيْر)لَمْ يصَنّف مثلُه، وَكِتَاب
سَمَّاهُ(تَهْذِيْب الآثَار)لَمْ أَرَ سِوَاهُ فِي
مَعْنَاهُ، لَكِن لَمْ يُتِمَّه، وَلَهُ فِي أُصُوْل
الفِقْه وَفُرُوْعه كتبٌ كَثِيْرَةٌ مِنْ أَقَاويل
الفُقَهَاء، وَتَفَرَّدَ بِمَسَائِلَ حُفِظَت عَنْهُ.
قُلْتُ:كَانَ ثِقَةً، صَادِقاً، حَافِظاً، رَأْساً فِي
التَّفْسِيْر، إِمَاماً فِي الفِقْه، وَالإِجْمَاع
وَالاخْتِلاَف، عَلاَّمَةٌ فِي التَّارِيْخ وَأَيَّام
النَّاس، عَارِفاً بِالقِرَاءات وَبَاللُّغَة، وَغَيْر
ذَلِكَ.
قَرَأَ القُرْآنَ بِبَيْرُوْت عَلَى العَبَّاسِ بنِ
الوَلِيْدِ.
ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
جَعْفَرٍ الفرغَانِيّ:أَنَّ مَوْلِدُهُ بآمُل.
وَقِيْلَ:إِنَّ المُكْتَفِي أَرَادَ أَنْ يحبِّسَ وَقفاً
تجتمعُ عَلَيْهِ أَقَاويلُ العُلَمَاء، فَأَحضر لَهُ ابْن
جَرِيْرٍ، فَأَملَى عَلَيْهِم كِتَاباً لِذَلِكَ،
فَأُخْرَجت لَهُ جَائِزَة، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولهَا،
فَقِيْلَ لَهُ:لاَ بُدَّ مِنْ قَضَاء حَاجَة.
قَالَ:أسأَلُ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ أَنْ يمْنَع السُّؤال
يَوْم الجُمُعَة، فَفَعَل ذَلِكَ.
وَكَذَا التمسَ مِنْهُ الوَزِيْرُ أَنْ يعملَ لَهُ
كِتَاباً فِي الفِقْه، فَأَلَّف لَهُ
كِتَاب(الخَفِيْف)فَوجَّه إِلَيْهِ بِأَلفِ دِيْنَار،
فَرَدَّهَا.
الخَطِيْب:حَدَّثَنِي أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عبيدِ
اللهِ الشِّيرَازيُّ الخَرْجُوشِيّ:سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
مَنْصُوْر الشِّيرَازِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ
الصحَّاف السِّجِسْتَانِيّ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ
البَكْرِيَّ يَقُوْلُ:
جَمعتِ الرِّحلَةُ بَيْنَ ابْنِ جَرِيْرٍ، وَابْن
خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرُّويَانِي بِمِصْرَ،
فَأَرملُوا وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُم مَا يقُوتُهُم،
وَأَضَرَّ بِهِم الْجُوع، فَاجْتَمَعُوا لَيْلَةً فِي
مَنْزِلٍ كَانُوا يَأْوونَ إِلَيْهِ، فَاتَّفَقَ رأَيُهُم
عَلَى أَنْ يَسْتَهمُوا
(14/270)
وَيضربُوا القُرْعَة، فَمَنْ خَرجتْ
عَلَيْهِ القُرعَةُ سَأَلَ لأَصْحَابِهِ الطَّعَام،
فَخَرَجت القرعَة عَلَى ابْنِ خُزَيْمَة، فَقَالَ
لأَصْحَابِهِ:أَمْهِلونِي حَتَّى أُصَلِّي صَلاَة
الخِيرَة.
قَالَ:فَاندفعَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِذَا هُم بِالشُّموع
وَخَصِيٍّ مِنْ قَبْل وَالِي مِصْر يَدَقُّ البَاب،
فَفَتَحُوا، فَقَالَ:أَيُّكُم مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ؟
فَقِيْلَ:هُوَ ذَا.
فَأَخْرَجَ صرَّةً فِيْهَا خَمْسُوْنَ دِيْنَاراً،
فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:وَأَيُّكُم مُحَمَّدُ
بنُ جَرِيْرٍ؟
فَأَعطَاهُ خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، وَكَذَلِكَ
للرُّويَانِي، وَابْن خُزَيْمَةَ، ثُمَّ قَالَ:إِنَّ
الأَمِيْرَ كَانَ قَائِلاً (1) بِالأَمس، فَرَأَى فِي
المَنَامِ أَنَّ المَحَامِدَ جِيَاعٌ قَدْ طَوَوْا
كَشْحَهُم، فَأَنفذَ إِلَيْكُم هَذِهِ الصُّرَر، وَأَقسمَ
عَلَيْكُم:إِذَا نفدَتْ، فَابْعَثُوا إِلَيَّ أَحَدَكُم
(2) .
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفرغَانِيُّ (3) فِي(ذيل
تَارِيْخه)عَلَى(تَارِيْخ الطَّبَرِي)، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ، أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ لَمَّا دَخَلَ بَغْدَاد،
وَكَانَتْ مَعَهُ بِضَاعَةٌ يتقوَّتُ مِنْهَا، فَسرقت
فَأَفضَى بِهِ الحَالُ إِلَى بيعِ ثِيَابِهِ وَكُمَّي
قَمِيصِهِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصدقَائِه:تنشَطُ
لتَأَدِيْب بَعْضِ وَلد الوَزِيْر أَبِي الحَسَنِ عبيد
اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ خَاقَان؟
قَالَ:نَعَمْ.
فَمَضَى الرَّجُل، فَأَحكَمَ لَهُ أَمره، وَعَاد
فَأَوصَلَه إِلَى الوَزِيْرِ بَعْدَ أَنْ أَعَاره مَا
يلبَسُهُ، فَقرَّبه الوَزِيْر وَرفعَ مَجْلِسه، وَأَجرَى
عَلَيْهِ عَشْرَة دَنَانِيْر فِي الشَّهْرِ، فَاشترطَ
عَلَيْهِ أَوقَاتَ طلبه لِلْعِلم وَالصَّلوَات
وَالرَّاحَة، وَسأَل إِسلافَهُ رِزْقَ شَهْر، فَفَعَل،
وَأدخل فِي
__________
(1) أي: نائما في القائلة: وهي نصف النهار. وفعله: قال
يقيل.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 2 / 165 164، و" معجم
الأدباء " 18 / 47 46 وما بين حاصرتين منهما، وسيكرر
المؤلف هذه القصة في ترجمة محمد بن هارون الروياني ص 508
من هذا الجزء.
(3) هو عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني، حدث بدمشق عن
ابن جرير وغيره، وتوفي في جمادى الأولى سنة 362 ه وسترد
ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب.
(14/271)
حُجْرَة التَّأَدِيْب، وَخَرَجَ إِلَيْهِ
الصَّبيّ - وَهُوَ أَبُو يَحْيَى - فَلَمَّا كتَّبه أَخَذَ
الخَادِمُ اللَّوْحَ، وَدخلُوا مُسْتَبْشِرين، فَلَمْ تبقَ
جَارِيَةٌ إِلاَّ أَهدتْ إِلَيْهِ صينيةٌ فِيْهَا درَاهُمُ
وَدنَانير، فردَّ الجَمِيْع وَقَالَ:قَدْ شُورطتُ عَلَى
شَيْءٍ، فَلاَ آخُذُ سِوَاهُ.
فَدَرَى الوَزِيْر ذَلِكَ، فَأدخلته إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ،
فَقَالَ:هَؤُلاَءِ عبيدٌ وَهُم لاَ يملكُون فعظُم ذَلِكَ
فِي نَفْسِهِ.
وَكَانَ رُبَّمَا أَهدَى إِلَيْهِ بَعْضُ أَصدقَائِه
الشَّيْءَ فيَقْبله، وَيكَافِئُهُ أَضعَافاً لِعِظَمِ
مُروءته.
قَالَ الفَرغَانِي:وَكَتَبَ إِلَيَّ المرَاغِي يَذْكُرُ
أَنَّ المُكْتَفِي قَالَ لِلْوَزِيْرِ:أُرِيْدُ أَنْ أَقفَ
وَقفاً.
فَذَكَرَ القِصَّةَ وَزَاد:فردَّ الأَلفَ عَلَى الوَزِيْرِ
وَلَمْ يَقْبَلْهَا، فَقِيْلَ لَهُ:تصدَّق بِهَا.
فَلَمْ يَفْعَلْ، وَقَالَ:أَنْتُم أَوْلَى بِأَمْوَالكُم
وَأَعرَفُ بِمَنْ تصدَّقُوْنَ عَلَيْهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ:سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عبيدِ اللهِ
اللُّغَوِيَّ يَحْكِي:
أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ جَرِيْر مكثَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً
يَكْتُبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا أَرْبَعِيْنَ وَرقَة.
قَالَ الخَطِيْبُ:وَبلغَنِي عَنْ أَبِي حَامِد أَحْمَدَ
بنِ أَبِي طَاهِرٍ الإِسْفَرَايينِيُّ الفَقِيْه أَنَّهُ،
قَالَ:لَوْ سَافرَ رَجُلٌ إِلَى الصِّينِ حَتَّى يحصِّلَ
تَفْسِيْرَ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ لَمْ يَكُنْ كَثِيْراً.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ حُسَيْنَك بنَ عَلِيٍّ
يَقُوْلُ:أَوَّل مَا سَأَلَنِي ابْنُ خُزَيْمَةَ فَقَالَ
لِي:كتبتَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبرِيّ؟
قُلْتُ:لاَ.
قَالَ:وَلِمَ؟
قُلْتُ:لأَنَّه كَانَ لاَ يَظهر، وَكَانَتِ الحَنَابِلَةُ
تمنعُ مِنَ الدُّخول عَلَيْهِ، قَالَ:بِئس مَا فَعَلْتَ،
ليتَكَ لمْ تَكْتُبْ عَنْ كُلِّ مَنْ كتبتَ عَنْهُم،
وَسَمِعْتَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ بَالُويه
يَقُوْلُ:قَالَ لِي:أَبُو بَكْرٍ بنُ
(14/272)
خُزَيْمَة:بَلَغَنِي أَنَّك كتبتَ
التَّفْسِيْرَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ؟
قُلْتُ:بَلَى، كتبتُه عَنْهُ إِمْلاَءً.
قَالَ:كُلّه؟
قُلْتُ:نَعَمْ.
قَالَ:فِي أَي سَنَة؟
قُلْتُ:مِنْ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ إِلَى سَنَةِ
تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ:فَاسْتعَارَهُ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ رَدَّهُ
بَعْد سِنِيْنَ، ثُمَّ قَالَ:لَقَدْ نظرتُ فِيْهِ مِنْ
أَوَّلِهِ إِلَى آخِره، وَمَا أَعْلَمُ عَلَى أَديمِ
الأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، وَلَقَدْ
ظَلَمَتْهُ الحَنَابِلَة.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفَرْغَانِي:تَمَّ مِنْ كُتُبِ
مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ كِتَاب(التَّفْسِيْر)الَّذِي لَوِ
ادَّعَى عَالِمٌ أَنْ يصَنِّف مِنْهُ عَشْرَة كُتُبْ،
كُلُّ كِتَابٍ مِنْهَا يَحْتوِي عَلَى عِلْمٍ مفرَد
مستقصَىً لفعل.
وَتَمَّ مِنْ كُتُبِهِ كِتَاب(التَّارِيْخ)إِلَى عصره،
وَتمَّ أَيْضاً كِتَاب(تَارِيْخ الرِّجَال)مِنَ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، وَإِلَى شُيُوْخه
الَّذِيْنَ لَقِيَهُم، وَتمَّ لَهُ كِتَاب(لطيف القَوْل
فِي أَحْكَام شرَائِع الإِسْلاَم)وَهُوَ مَذْهَبُهُ
الَّذِي اختَاره، وَجَوَّدَهُ، وَاحتجَّ لَهُ، وَهُوَ
ثَلاَثَةٌ وَثَمَانُوْنَ كِتَاباً، وَتمَّ لَهُ
كِتَاب(القرَاءات وَالتنَزِيْل وَالعدد)، وَتمَّ لَهُ
كِتَاب(اخْتِلاَف عُلَمَاء الأَمصَار)، وَتم لَهُ
كِتَاب(الخَفِيْف فِي أَحْكَام شرَائِع الإِسْلاَم)وَهُوَ
مُخْتَصَر لطيف، وَتمَّ لَهُ كِتَاب(التبصير)وَهُوَ
رسَالَةٌ إِلَى أَهْل طَبَرِسْتَان، يشرحُ فِيْهَا مَا
تقلَّده مِنْ أُصُوْل الدِّيْنِ، وَابتدأَ بِتَصْنِيف
كِتَاب(تَهْذِيْب الآثَار)وَهُوَ مِنْ عجَائِب كتبه،
ابْتِدَاء بِمَا أَسنده الصِّدِّيقُ مِمَّا صَحَّ عِنْدَهُ
سَنَدُهُ، وَتكلَّم عَلَى كُلِّ حَدِيْثٍ مِنْهُ
بِعِلَلِهِ وَطُرُقه، ثُمَّ فِقْهه، وَاخْتِلاَف
العُلَمَاء وَحججهُم، وَمَا فِيْهِ مِنَ المَعَانِي
وَالغَريب، وَالرَّدّ عَلَى المُلْحِدين، فَتَمَّ مِنْهُ
مسندُ العشرَةِ وَأَهْل البَيْت وَالموَالِي،
وَبَعْض(مُسْند ابْن عَبَّاسٍ)، فَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِه.
قُلْتُ:هَذَا لَوْ تمَّ لكَانَ يَجِيْءُ فِي مائَة
مُجَلَّد.
قَالَ:وَابتدأَ بِكِتَابه(البَسيط)فَخَرَجَ مِنْهُ
كِتَاب(الطهَارَة)فَجَاءَ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلفٍ وَخَمْسِ
مائَة وَرقَة، لأَنَّه ذكرَ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهُ
اخْتِلاَفَ الصَّحَابَة
(14/273)
وَالتَّابِعِيْنَ، وَحجَّة كُلِّ قَوْل،
وَخَرَجَ مِنْهُ أَيْضاً أَكْثَر كِتَاب الصَّلاَة،
وَخَرَجَ مِنْهُ آدَاب الْحُكَّام.
وَكِتَاب(المحَاضِر وَالسجلاَت)، وَكِتَاب(تَرْتِيْب
العُلَمَاء)وَهُوَ مِنْ كتبه النفيسَة، ابتدأَه بآدَاب
النُّفُوْسِ وَأَقوَال الصُّوْفِيَّة، وَلَمْ يُتِمَّه،
وَكِتَاب(المنَاسك)، وَكِتَاب(شَرْح السُّنَّة)وَهُوَ
لطيف، بَيَّنَ فِيْهِ مذهَبَه وَاعْتِقَادَه،
وَكِتَابه(المُسْنَد)المخرَّج، يَأْتِي فِيْهِ عَلَى
جَمِيْعِ مَا رَوَاهُ الصَّحَابِيُّ مِنْ صَحِيْحٍ
وَسقيمٍ، وَلَمْ يُتِمَّه، وَلَمَّا بلغه أَنَّ أَبَا
بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ تَكَلَّمَ فِي حَدِيْث غَدِيْر
خُمّ (1) ، عَمل كِتَاب(الفَضَائِل)فَبدأَ بِفضل أَبِي
بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَر، وَتكلَّم عَلَى تَصْحِيْحِ حَدِيْث
غَدِير خُمّ، وَاحتجَّ لِتَصْحِيْحِهِ، وَلَمْ يتمَّ
الكِتَاب.
وَكَانَ مِمَّنْ لاَ تَأْخُذُه فِي اللهِ لومَةُ لاَئِم
مَعَ عَظِيْم مَا يلحَقُه مِنَ الأَذَى وَالشَّنَاعَات،
مِنْ جَاهِل، وَحَاسد، وَمُلحد، فَأَمَّا أَهْلُ الدِّين
وَالعِلْم، فغيرُ منكرينَ علمَه، وَزهدَه فِي الدُّنْيَا،
وَرفضَهُ لَهَا، وَقنَاعته - رَحِمَهُ اللهُ - بِمَا كَانَ
يردُ عَلَيْهِ مِنْ حصَّةٍ مِنْ ضَيعَةٍ خلَّفهَا لَهُ
أَبُوْهُ بطَبَرِسْتَان يَسِيْرَة.
وَحَدَّثَنِي هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ،
قَالَ:قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ:اسْتخرتُ اللهَ وَسأَلتهُ
العُوْنَ عَلَى مَا نويتُهُ مِنْ تصنيفِ التَّفْسِيْر
قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَهُ ثَلاَث سِنِيْنَ، فَأَعَاننِي.
القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِي:حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ بن الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبُو
عُمَرَ عبيدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ السِّمْسَار، وَأَبُو
القَاسِمِ بنُ عَقِيْلٍ الوَرَّاق:
أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّبرِيَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ:هَلْ
تَنْشَطُوْنَ لتَارِيْخِ العَالَمْ مِنْ آدم إِلَى
وَقْتِنَا؟
قَالُوا:كم قدرُه؟
فَذكر نَحْو ثَلاَثِيْنَ أَلفِ وَرقَة، فَقَالُوا:هَذَا
مِمَّا تَفْنَى
__________
(1) تقدم تخريج حديث غدير خم في الصفحة (203) من هذا
الجزء.
(14/274)
الأَعْمَارُ قَبْل تمَامِه!
فَقَالَ:إِنَّا للهِ!مَاتَتِ الهِمَم.
فَاختصرَ ذَلِكَ فِي نَحْوِ ثَلاَثَةِ آلاَفِ وَرقَة،
وَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يُمْلِي التَّفْسِيْرَ قَالَ
لَهُم نَحْواً مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَملاَهُ عَلَى نَحْوٍ
مِنْ قدر(التَّارِيْخ).
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي:أَرْبَعَةٌ كُنْتُ
أُحِبُّ بَقَاءهُم:أَبُو جَعْفَرٍ بنُ جَرِيْرٍ،
وَالبَرْبَرِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي
خَيْثَمَةَ، وَالمَعْمَرِيّ، فَمَا رَأَيْتُ أَفهَمَ
مِنْهُم وَلاَ أَحْفَظ.
قَالَ الفَرغَانِي:وَحَدَّثَنِي هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْز:قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيّ:أَظهرتُ
مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ، وَاقتديتُ بِهِ بِبَغْدَادَ عشرَ
سِنِيْنَ، وَتلقَّاهُ مِنِّي ابْنُ بَشَّار الأَحْوَل
أُسْتَاذ ابْنِ سُرَيْج.
قَالَ هَارُوْنُ:فَلَمَّا اتَّسَعَ علمُه أَدَّاهُ
اجْتِهَادُه وَبحثُه إِلَى مَا اختَارَهُ فِي كُتُبِهِ.
قَالَ الفرغَانِي:وَكَتَبَ إِلَيَّ المرَاغِي،
قَالَ:لَمَّا تقلَّد الخَاقَانِيُّ الوِزَارَةَ وَجَّهَ
إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِي بِمَالٍ كَثِيْرٍ،
فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُوله، فَعَرض عَلَيْهِ القَضَاء
فَامْتَنَعَ، فَعَرض عَلَيْهِ المَظَالِم فَأَبَى،
فَعَاتبه أَصْحَابه وَقَالُوا:لَكَ فِي هَذَا ثَوَاب،
وَتُحْيِي سُنَّةً قَدْ دَرَسَتْ.
وَطمعُوا فِي قَبُوله المَظَالِم، فَبَاكروهُ لِيَرْكَبَ
مَعَهُم لقبُول ذَلِكَ، فَانتَهَرَهُم وَقَالَ:قَدْ كُنْتُ
أَظُنُّ أَنِّي لَوْ رغبتُ فِي ذَلِكَ لَنَهَيْتُمُونِي
عَنْهُ.
قَالَ:فَانْصَرَفْنَا خَجِلين.
أَبُو الفَتْح بنُ أَبِي الفَوَارِس:أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلِ ابْنِ الإِمَامِ - صَاحِبِ
مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ - :
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ جَرِيْر وَهُوَ يُكَلِّم ابْنَ
صَالِحٍ الأَعْلَم، وَجرَى ذكر عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ - ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ:مَنْ
قَالَ:إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعمر ليسَا بِإِمَامِي هدَىً،
أَيش هُوَ؟
قَالَ:مبتَدع.
فَقَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ إِنكَاراً عَلَيْهِ:مُبْتَدِعٌ
مُبْتَدِعٌ!هَذَا يُقْتَل.
وَقَالَ مخلدُ البَاقَرحِي:أَنشدنَا مُحَمَّدُ بنُ
جَرِيْرٍ لِنَفْسِهِ:
(14/275)
إِذَا أَعْسَرْتُ لَمْ يَعْلَمْ رَفِيْقِي
... وَأَسْتَغْنِي فَيَسْتَغْنِي صَدِيْقِي
حَيَائِي حَافِظٌ لِي مَاءَ وَجْهِي ... وَرِفْقِي فِي
مُطَالَبَتِي رَفِيْقِي
وَلَوْ أَنِّي سَمَحْتُ بِمَاءِ وَجْهِي ... لكُنْتُ إِلَى
العُلَى سَهْلَ الطَّرِيْقِ (1)
وَله:
خُلْقَانِ لاَ أَرْضَى فَعَالَهُمَا ... بَطَرُ الغِنَى
وَمَذَلَّةُ الفَقْرِ
فَإِذَا غَنِيْتَ فَلاَ تَكُنْ بَطِراً ... وَإِذَا
افْتَقَرْتَ فَتِهْ عَلَى الدَّهْرِ (2)
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفَرْغَانِي:حَدَّثَنِي أَبُو
بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيّ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ وَقتُ صَلاَة الظُّهر مَنْ يَوْم الاثْنَيْنِ
الَّذِي تُوُفِّيَ فِيْهِ - فِي آخِره - ابْنُ جَرِيْرٍ
طلبَ مَاءً لِيُجَدِّدَ وُضوءهُ، فَقِيْلَ لَهُ:تُؤخِّر
الظُّهر تجمع بينهَا وَبَيْنَ العَصْر.
فَأَبَى وَصَلَّى الظُّهر مفردَة، وَالعصرَ فِي وَقتهَا
أَتمَّ صَلاَة وَأَحسَنَهَا.
وحضرَ وَقتَ مَوْتِه جَمَاعَةٌ مِنْهُم:أَبُو بَكْرٍ بنُ
كَامِلٍ فَقِيْلَ لَهُ قَبْلَ خُرُوْج روحه:يَا أَبَا
جَعْفَرٍ!أَنْتَ الحجَّة فِيْمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الله
فِيْمَا نَدِينُ بِهِ، فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ توصينَا بِهِ
مِنْ أَمر دِيْنِنَا، وَبيِّنَةٍ لَنَا نَرْجُو بِهَا
السَّلاَمَة فِي مَعَادِنَا؟
فَقَالَ:الَّذِي أَدينُ اللهَ بِهِ وَأَوصِيْكُم هُوَ مَا
ثَبَّتُّ فِي كُتُبِي، فَاعمَلُوا بِهِ وَعَلَيْهِ.
وَكَلاَماً هَذَا مَعْنَاهُ، وَأَكْثَرَ مِنَ التشهّد
وَذَكَرَ الله - عَزَّ وَجَلَّ - وَمسحَ يَدَهُ عَلَى
وَجْهِهِ، وَغَمَّضَ بصَرَهُ بِيَدِهِ، وَبَسَطَهَا وَقَدْ
فَارقَتْ روحُهُ الدُّنْيَا.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَرَحَلَ مِنْ آمُل لمَّا تَرَعْرَعَ
وَحفِظَ القُرْآن، وَسمحَ لَهُ أَبُوْهُ فِي أَسفَاره،
وَكَانَ طول حيَاتِهِ يمدُّه بِالشَّيْءِ بَعْد
__________
(1) الأبيات في " تاريخ بغداد " 2 / 165 و" المنتظم " لابن
الجوزي: 6 / 171، و" معجم الأدباء " 18 / 43، و" وفيات
الأعيان " 4 / 192.
(2) البيتان في " تاريخ بغداد " 2 / 165، و" المنتظم " 6 /
171، و" معجم الأدباء " 18 / 43.
(14/276)
الشَّيْءِ إِلَى البلدَان، فيقتَات بِهِ،
وَيَقُوْلُ فِيْمَا سَمِعْتُه:أَبطأَتْ عَنِّي نفقَةُ
وَالدِي، وَاضطُرِرْتُ إِلَى أَنْ فتقتُ كُمَّيْ قَمِيصي
فَبِعْتُهُمَا.
قُلْتُ:جمع طرق حَدِيْث:غَدِيْر خُمّ، فِي أَرْبَعَةِ
أَجزَاء، رَأَيْتُ شَطْرَهُ، فَبهَرَنِي سَعَةُ
رِوَايَاته، وَجزمتُ بِوُقُوع ذَلِكَ.
قيل لاِبْنِ جَرِيْرٍ:إِنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي
دَاوُدَ يُمْلِي فِي مَنَاقِب عليّ.
فَقَالَ:تكبيرَة مِنْ حَارس.
وَقَدْ وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ جَرِيْرٍ وَبَيْنَ ابْن أَبِي
دَاوُدَ، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لاَ يُنْصِفُ الآخر،
وَكَانَتِ الحَنَابِلَةُ حزبَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
دَاوُدَ، فكَثُرُوا وَشَغَّبُوا عَلَى ابْنِ جَرِيْرٍ،
وَنَاله أَذَىً، وَلَزِمَ بيتَه، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ
الهوَى.
وَكَانَ ابْنُ جَرِيْرٍ مِنْ رِجَال الكَمَال، وَشُنِّعَ
عَلَيْهِ بِيَسِيْر تشيُّع، وَمَا رأَينَا إِلاَّ الخَيْر،
وَبَعْضُهُم ينْقل عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُجِيز مسحَ
الرِّجْلَيْن فِي الْوضُوء، وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ فِي
كُتُبِه.
وَلأَبِي جَعْفَرٍ فِي تآلِيفه عبارَةٌ وَبلاغَة، فَمِمَّا
قَاله فِي كِتَاب(الآدَاب النفيسَة وَالأَخلاَق
الحمِيدَة):القَوْلُ فِي البيَان عَنِ الحَال الَّذِي
يَجِبُ عَلَى العَبْد مرَاعَاةُ حَاله فِيْمَا يَصْدُرُ
مِنْ عَمَله للهِ عَنْ نَفْسِه، قَالَ:إِنَّهُ لاَ حَالَةَ
مِنْ أَحْوَال المُؤْمِن يَغْفُلُ عدُوُّهُ المُوكلُ بِهِ
عَنْ دُعَائِه إِلَى سَبِيلهُ، وَالقُعُود لَهُ رَصَداً
بِطرق رَبِّهِ المُسْتقيمَة، صَادّاً لَهُ عَنْهَا، كَمَا
قَالَ لربِّه - عزَّ ذِكْرُهُ - إِذْ جَعَلَهُ مِنَ
المُنْظَرين:{لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ
المُسْتَقِيْمْ* ، ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ
أَيْدِيْهِمْ وَمِنْ خَلْفِهم} [الأَعرَاف:16، 17] طَمَعاً
مِنْهُ فِي تَصْدِيْقِ ظَنَّهِ عَلَيْهِ إِذْ قَالَ
لربِّه:{لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ
لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَتَهُ إِلاَّ قَلِيْلاً}
[الإِسرَاء:62] فَحَقٌ عَلَى كُلِّ ذِي حِجَىً أَنْ
يُجْهِدَ نَفْسَهُ فِي تَكْذِيب ظَنَّهِ، وَتَخْييْبِهِ
مِنْهُ أَمَلَهُ وَسَعْيِهِ فِيْمَا أَرْغَمَهُ، وَلاَ
شَيْءَ مِنْ فِعل العَبْد أَبلغُ فِي مكروهِهِ مِنْ طَاعته
رَبّهُ، وَعِصْيَانِهِ أَمرَه، وَلاَ شَيْءَ أَسَرُّ
إِلَيْهِ مِنْ عِصْيَانِهِ رَبّهُ، وَاتِّبَاعِه أَمرَه.
(14/277)
فَكلامُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ هَذَا
النَّمط، وَهُوَ كَثِيْرٌ مُفِيْد.
وَقَدْ حَكَى أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيّ
فِي(النشوَار)لَهُ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ
السُّلَمِيّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي ابْنُ منجو القَائِد قَالَ:حَدَّثَنِي غُلاَمٌ
لاِبْنِ المزوّق، قَالَ:
اشْتَرَى مَوْلاَيَ جَارِيَة، فَزَوَّجَنِيْهَا،
فَأَحْبَبْتُهَا وَأَبْغَضَتْنِي حَتَّى ضَجِرْتُ،
فَقُلْتُ لَهَا:أَنْتِ طَالِقُ ثَلاَثاً، لاَ
تُخَاطِبِيْنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ قُلْتُ لَكِ مثلَه، فَكَم
أَحتملُكِ؟
فَقَالَتْ فِي الحَال:أَنْتَ طَالِقٌ ثَلاَثاً
فَأُبْلِسْتُ، فَدُلِلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ،
فَقَالَ لِي:أَقِمْ مَعَهَا بَعْدَ أَنْ تَقُولُ
لَهَا:أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً إِنْ طَلَّقْتُكِ.
فَاسْتَحْسَنَ هَذَا الجَوَاب.
وَذكرَهُ شَيْخُ الحَنَابِلَة ابْنُ عَقِيْلٍ،
وَقَالَ:وَلَهُ جَوَابٌ آخر:أَنْ يَقُوْلَ كَقَوْلِها
سوَاء:أَنْتَ طَالِقٌ ثَلاَثاً - بِفَتْح التَّاء - فَلاَ
يَحْنَث.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ:وَمَا كَانَ
يلزمُهُ أَنْ يَقُوْلَ لَهَا ذَاكَ عَلَى الْفَوْر، فَلَهُ
التَّمَادِي إِلَى قَبْلِ المَوْت.
قُلْتُ:وَلَوْ قَالَ:أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً، وَقَصَدَ
الاسْتفهَام أَوْ عَنَى أَنَّهَا طَالِقٌ مِنْ وَثَاق،
أَوْ عَنَى الطَّلْقَ لَمْ يَقَعْ طلاَقٌ فِي بَاطِن
الأَمْر.
وَله جَوَابٌ آخر عَلَى قَاعدَة مُرَاعَاة سَبَب اليَمِين
وَنيَّة الحَالف، فَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُوْلَ
لَهَا مَا قَالَتْهُ، إِذْ مِنَ المَعْلُوْم بِقَرِيْنَةِ
الحَال اسْتثنَاءُ ذَلِكَ قطعاً، لأَنَّه مَا قَصَدَ
إِلاَّ أَنَّهَا إِذَا قَالَتْ لَهُ مَا يُؤذيه أَنْ
يُؤذيهَا بِمِثْلِهِ، وَلَوْ جَاوبهَا بِالطَّلاَقِ
لَسُرَّتْ هِيَ، وَلتَأَذَّى هُوَ، كَمَا اسْتُثْنِي مِنْ
عُموم قَوْله تَعَالَى:{وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}
[النَّمْل:23] بقرينَة الحَال أَنَّهَا لَمْ تُؤْتَ
لِحْيَةً لاَ إِحليلاً.
وَمِنَ المَعْلُوْم اسْتثنَاؤُهُ بِالضَّرورَة الَّتِي
لَمْ يَقْصِدْهَا الحَالفُ قَطُّ لَوْ حلف:لاَ تقولِي لِي
شَيْئاً إِلاَّ قُلْتُ لَكِ مثلَه، أَنَّهَا لَوْ كَفَرَتْ
وَسَبَّتِ الأَنْبِيَاءَ فَلَمْ يُجَاوِبْهَا بِمثلِ
ذَلِكَ لأَحسنَ.
ثمَّ يَقُوْلُ طَائِفَةٌ مِنَ الفُقَهَاء:إِنَّهُ لَمْ
يَحْنَثْ إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ - وَالعيَاذُ بِاللهِ -
(14/278)
قَصَدَ دُخُوْلَ ذَلِكَ فِي يمِينِهِ.
وَأَمَّا عَلَى مَذْهَب دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ
حَزْمٍ، وَالشِّيْعَة، وَغَيْرهم، فَلاَ شَيْء عَلَيْهِ،
وَرأَوا الحلفَ وَالأَيْمَان بِالطَّلاَق مِنْ أَيْمَان
اللَّغْوِ، وَأَنَّ اليَمِين لاَ تنعقدُ إِلاَّ بِاللهِ.
وذهبَ إِمَامٌ (1) فِي زَمَانِنَا إِلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ
عَلَى حضٍّ أَوْ مَنْعٍ بِالطَّلاَق، أَوِ العِتَاق، أَوِ
الحَجِّ وَنحو ذَلِكَ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يمِين،
وَلاَ طلاَقَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ فِي كِتَاب(التبصير فِي معَالِم
الدِّيْنِ):القَوْل فِيْمَا أُدْرِكَ علمُهُ مِنَ
الصِّفَات خَبراً، وَذَلِكَ نَحْو إِخبارِهِ تَعَالَى
أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيْرٌ، وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ
بِقَوله:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} [المَائِدَة:64]
وَأَنَّ لَهُ وَجْهاً بِقَوله:{وَيَبْقَى وَجْهَ رَبِّكَ}
[الرَّحْمَن:27] وَأَنَّهُ يَضْحَكُ بِقَوله فِي
الحَدِيْثِ:(لَقِيَ اللهَ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِ (2))،
وَ(أَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى سمَاء الدُّنْيَا)لخبرِ
رَسُوْلِهِ بِذَلِكَ (3) ، وَقَالَ
__________
(1) هو شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد جاء في هامش الأصل ما
نصه: " أخطأ هذا الامام فيما ذهب إليه، وبدع بذلك، وحجر
عليه، واعتقل غير مرة إلى أن مات.
وقد نقل الاجماع في المسألة على خلاف قوله جماعة من
الأئمة، ورد عليه غير واحد من المحققين، وبالله المستعان
".
(2) الحديث في " الصحيحين " وسيذكر المؤلف نصه في الصفحة
(562) من هذا الجزء.
(3) أخرج مالك في " الموطأ " 1 / 214 في القرآن: باب ما
جاء في الدعاء، والبخاري: 3 / 26 25 في التهجد: باب الدعاء
والصلاة من آخر الليل، و11 / 110 في الدعوات: باب الدعاء
نصف الليل، و13 / 389 في التوحيد: باب قول الله تعالى:
(يريدون أن يبدلوا كلام الله)، ومسلم (758) في صلاة
المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل،
والترمذي (3498) وأبو داود (1315) كلهم من طريق ابن شهاب،
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعن أبي عبد الله الاغر، عن
أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل
ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث
الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني
فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له ؟ ".
وقد شرح هذا الحديث شيخ الإسلام شرحا مفصلا في كتابه "
حديث النزول " وهو مطبوع.
(14/279)
عَلَيْهِ السَّلاَمُ:(مَا مِنْ قَلْبٍ
إِلاَّ وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ
الرَّحْمَن (1)).
إِلَى أَنْ قَالَ:فَإِنَّ هَذِهِ المَعَانِي الَّتِي وُصفت
وَنظَائِرهَا مِمَّا وَصَفَ اللهُ نَفْسهُ وَرَسُوْلُه مَا
لاَ يَثْبُتُ حَقِيْقَةُ عِلْمِهِ بِالفِكر وَالرَّويَّة،
لاَ نُكَفِّرُ بِالجَهْل بِهَا أَحَداً إِلاَّ بَعْد
انتهَائِهَا إِلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ:أَخْبَرَنَا زَيْنُ
الأُمنَاء الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
القَاسِمِ الأَسَدِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ
أَبِي العَلاَءِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ
الدِّيْنَوَرِيُّ مُسْتَمْلِي ابْنِ جَرِيْرٍ، أَخْبَرَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ
بِعَقِيدَتِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ:وَحَسْبُ امرِئٍ أَنْ
يَعْلَمَ أَنَّ رَبّهُ هُوَ الَّذِي عَلَى الْعَرْش
اسْتوَى، فَمَنْ تجَاوَزَ ذَلِكَ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ.
وَهَذَا(تَفْسِيْر)هَذَا الإِمَام مشحونٌ فِي آيَات
الصِّفَاتِ بِأَقوَالِ السَّلَفِ عَلَى الإِثْبَات لَهَا،
لاَ عَلَى النَّفِي وَالتَّأْوِيْل، وَأَنَّهَا لاَ
تُشْبِهُ صِفَاتِ المَخْلُوْقينَ أَبَداً.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ،
أَخْبَرَنَا المُسْلِمُ بنُ أَحْمَدَ المَازِنِيّ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ بِبَعْلَبَكَّ
سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَة، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُسَيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ الحَافِظ، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ هِبَةِ اللهِ بنِ الحَسَنِ
الأَدِيْب لاِبْنِ دُرَيْد.
قُلْتُ:يَرْثِي ابْنَ جَرِيْر:
لَنْ تَسْتَطِيْعَ لأَمْرِ اللهِ تَعْقِيْبَا ...
فَاسْتَنْجِدِ الصَّبْرَ أَوْ فَاسْتَشْعِرِ الحُوْبَا
وَافْزَعْ إِلَى كَنَفِ التَّسْلِيم وَارْضَ بِمَا ...
قَضَى المُهَيْمِنُ مَكْرُوْهَا وَمَحْبُوبَا
إِنَّ الرَّزِيَّة لاَوَفْرٌ تُزَعْزِعُهُ ... أَيْدِي
الحَوَادِثِ تَشْتِيْتاً وَتَشْذِيْبَا
__________
(1) أخرج الامام أحمد في " مسنده " 2 / 168، ومسلم في "
صحيحه " (2654) من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص، قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن قلوب بني
آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء
" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم مصرف
القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك ". =
(14/280)
وَلاَ تفرُّق أُلاَّفٍ يَفُوْتُ بِهِم ...
بَيْنٌ يُغَادِرُ حَبْلَ الوَصْلِ مَقْضُوبَا
لَكِنَّ فِقْدَانَ مَنْ أَضحَى بِمَصْرَعِهِ ... نُوْرُ
الهُدَى وَبهَاءُ العِلْمِ مَسْلُوْبَا
إِنَّ المنيَّةَ لَمْ تُتْلِفْ بِهِ رَجُلاً ... بَلْ
أَتْلَفَتْ عَلَماً لِلدِّيْنِ مَنْصُوبَا
أَهْدَى الرَّدَى للثَّرَى إِذْ نَالَ مُهْجَتَهُ ...
نَجْماً عَلَى مَنْ يُعَادِي الحَقَّ مَصْبُوبَا
كَانَ الزَّمَانُ بِهِ تَصْفُو مَشَارِبُهُ ... فَالآنَ
أَصْبَحَ بِالتَّكْدِيْرِ مَقْطُوبَا
كَلاَّ وَأَيَّامُهُ الغُرُّ الَّتِي جَعَلَتْ ...
لِلْعِلْمِ نُوْراً وَلِلتَّقْوَى مَحَارِيْبَا
لاَ يَنْسَرِي الدَّهْرُ عَنْ شِبْهٍ لَهُ أَبَداً ... مَا
اسْتَوْقَفَ الحَجُّ بِالأَنصَابِ أُرْكُوبَا
إِذَا انتَضَى الرَّأْي فِي إِيضَاحِ مُشْكِلَةٍ ...
أَعَادَ مَنْهَجَهَا المَطْمُوْسَ مَلْحُوبَا
لاَ يُوْلِجُ اللَّغْو وَالعَوْرَاء مَسْمَعَهُ ... وَلاَ
يُقَارِفُ مَا يُغْشِيْهِ تَأْنِيْبَا
تَجْلُو مَوَاعِظُهُ رَيْنَ القُلُوبِ كَمَا ... يَجْلُو
ضِيَاءَ سَنَا الصُّبْحِ الغَيَاهِيْبَا
لاَ يَأْمَنُ العَجْزَ وَالتَّقْصِيْرَ مَادِحُهُ ...
وَلاَ يَخَافُ عَلَى الإِطنَابِ تَكْذِيْبَا
وَدَّتْ بِقَاعُ بِلاَدِ اللهِ لَوْ جُعِلَتْ ... قَبْراً
لَهُ لَحَبَاهَا جِسْمُهُ طِيْبَا
كَانَتْ حَيَاتُكَ لِلدُّنْيَا وَسَاكِنِهَا ... نُوْراً
فَأَصْبَحَ عَنْهَا النُّوْرُ مَحْجُوْبَا
لَوْ تَعْلَمُ الأَرْضُ مَنْ وَارَتْ لَقَدْ خَشَعَتْ ...
أَقْطَارُهَا لَكَ إِجلاَلاً وَتَرْحِيْبَا
إِنْ يَنْدِبُوْكَ فَقَدْ ثُلَّتْ عُرُوْشُهُمُ ...
وَأَصْبَحَ العِلْمُ مَرْثِياً وَمَنْدُوبَا
وَمِنْ أَعَاجِيْبِ مَا جَاءَ الزَّمَانُ بِهِ ... وَقَدْ
يُبِيْنُ لَنَا الدَّهْرُ الأَعَاجِيْبَا
__________
= وأخرج الترمذي (2141) من حديث أنس قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: " يا مقلب القلوب ثبت
قلبي على دينك " فقلت: يا رسول الله قد آمنا بك وبما جئت
به، فهل تخاف علينا ؟ قال: " نعم، إن القلوب بين أصبعين من
أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرج أحمد 4 / 182 بإسناد صحيح عن النواس بن سمعان: سمعت
رسول الله صلى إليه عليه وسلم يقول: " ما من قلب إلا وهو
بين أصبعين من أصابع رب العالمين، إن شاء أن يقيمه أقامه،
وإن شاء أن يزيغه أزاغه " وكان يقول: " يا مقلب القلوب ثبت
قلوبنا على دينك.
والميزان بيد الرحمن عزوجل يحفضه ويرفعه ".
(14/281)
أَنْ قَدْ طَوَتْكَ غُمُوْضُ الأَرْضِ فِي
لِحفٍ ... وَكُنْتَ تَمْلأُ مِنْهَا السَّهْلَ وَاللُّوبَا
(1)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ:تُوُفِّيَ ابْنُ جَرِيْرٍ
عَشِيَّة الأَحَدِ لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ شَوَّال
سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ فِي دَارهِ
بِرَحْبَةِ يَعْقُوْب - يَعْنِي:بِبَغْدَادَ - .
قَالَ:وَلَمْ يُغَيِّر شَيْبَه، وَكَانَ السَّوَادُ فِيْهِ
كَثِيْراً، وَكَانَ أَسمر إِلَى الأُدْمَةِ، أَعْيَنَ،
نَحِيْفَ الجِسْمِ، طَوِيْلاً، فَصِيْحاً، وَشَيَّعَهُ
مَنْ لاَ يُحْصِيْهُم إِلاَّ اللهُ تَعَالَى، وَصُلِّيَ
عَلَى قَبْره عِدَّة شهورٍ ليلاً وَنهَاراً إِلَى أَنْ
قَالَ:وَرثَاهُ خلقٌ مِنَ الأَدباء وَأَهْل الدِّين،
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل أَبِي سَعِيْدٍ بن الأَعْرَابِيّ:
حَدَثٌ مُفْظِعٌ وَخَطْبٌ جَلِيْلٌ ... دَقَّ عَنْ
مِثْلِهِ اصْطِبَارُ الصَّبُورِ
قَامَ نَاعِي العُلُومِ أَجْمَعِ لمَّا ... قَامَ نَاعِي
مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ (2)
176 - مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرِ بنِ رُسْتُمَ أَبُو جَعْفَرٍ
الطَّبَرِيُّ *
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَّانِيّ:هُوَ مِنَ
الرَّوَافض، صَنّف كتباً كَثِيْرَة فِي ضلاَلتهِم، لَهُ
كِتَاب:(الرُّوَاة عَنْ أَهْلِ البَيْت)،
وَكِتَاب:(الْمُسْتَرْشِد فِي الإِمَامَة). نقلته مِنْ خطّ
الصَّائِن.
__________
(1) الابيات في " ديوان ابن دريد " ص 69 67. وانظر أيضا: "
تاريخ بغداد " 2 / 167 - 169.
(2) أورد البيتين ابن عبد الهادي في " مختصر طبقات علماء
الحديث " في ترجمته.
(*) ميزان الاعتدال: 3 / 499، لسان الميزان: 5 / 103،
طبقات أعلام الشيعة: 250 - 253.
(14/282)
177 - عَلِيُّ بنُ سِرَاجٍ أَبُو الحَسَنِ
بنُ أَبِي الأَزْهَرِ الحَرَشِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ البَارِعُ، أَبُو الحَسَنِ بنُ أَبِي
الأَزْهَر الحَرَشِيّ مَوْلاَهُمُ المِصْرِيّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ، جَال وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازل (1) .
وَأَخَذَ عَنْ:أَبِي عُمَيْر عِيْسَى بن النَّحَّاسِ،
وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي زيدُوْنَ القَيْسَرَانِيّ، وَيُوْسُف
بن بَحْر، وَسَعِيْد بن عَمْرٍو السَّكُوْنِيّ، وَمُحَمَّد
بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الأَشْعَث، وَفهد بن
سُلَيْمَانَ، وَأَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ.
وَنَزَلَ بَغْدَادَ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّال،
وَأَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ
حَمْدَانَ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ:كَانَ يَحْفَظ الحَدِيْث.
وَقَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ عَارِفاً بِأَيَّام النَّاس
وَأَحْوَالِهم، حَافِظاً.
وَقِيْلَ:مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي
رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 433 431، تاريخ ابن عساكر: 12 / 51
/ ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة
130 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 757 756، ميزان الاعتدال: 3 /
131، لسان الميزان: 4 / 231 230، طبقات الحفاظ: 318، شذرات
الذهب: 2 / 252.
(1) كان الأئمة المتقدمون يطلبون علو الإسناد، ويرغبون
فيه، ويرحلون من أجله، لأنه أبعد عن الخطأ والعلة من
الإسناد النازل.
وأجل أنواع العلو ما قرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم
بإسناد صحيح نظيف خال من الضعف، بخلاف ما إذا كان مع ضعف،
فعندها لا يلتفت إليه، لا سيما إن كان فيه بعض الكذابين
المتأخرين ممن ادعى سماعا من الصحابة.
وانظر حول العالي والنازل " شرح الالفية للسخاوي " 3 / 26
3.
(14/283)
إِلاَ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ:كَانَ
يشربُ وَيَسكر (1) .
كتب إِلَيْنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ:أَخْبَرَنَا أَبُو
حَفْصٍ المُعَلِّم، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ القَاضِي،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العَبَّاسِيّ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
سِرَاج الحَافِظ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْر الرَّمْلِيّ،
حَدَّثَنَا روَّاد بن الجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ
بَشِيْر، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ:قَالَ رَجُلٌ:يَا رَسُوْلَ اللهِ!رَآنِي رَجُلٌ
وَأَنَا أُصَلِّي فِي السِّرِّ، فسرَّنِي ذَلِكَ.
قَالَ:(لَكَ أَجرَان:أَجْرُ السِّرِّ، وَأَجْرُ
العلاَنيَة) (2) .
178 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ خَالِدٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ *
القَاضِي، العَلاَّمَة، شَيْخُ أَهْلِ الرَّأْي
بِخُرَاسَانَ، أَبُو سَعِيْدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ،
الحَنَفِيُّ.
سَمِعَ:الحَسَنَ بنَ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَمُحَمَّدَ
بنَ رَافِعٍ، وَعَلِيَّ بنَ
__________
(1) ربما كان يشرب الطلاء المختلف فيه، أما أن يشرب ما هو
متفق على تحريمه، فيستعبد صدوره من مثله.
(2) سعيد بن بشير ضعيف لكنه متابع، فقد رواه الترمذي
(2385) في الزهد: باب عمل السر، وابن ماجه (4226) في
الزهد: باب الثناء الحسن، من طريقين عن أبي داود، عن سعيد
بن سنان الشيباني، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي صالح، عن
أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
قال الترمذي: " وقد فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال:
إذا اطلع عليه فأعجبه، فإنما معناه أن يعجبه ثناء الناس
عليه بالخير لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أنتم شهداء
الله في الأرض " فيعجبه ثناء الناس عليه لهذا لما يرجو
بثناء الناس عليه.
فأما إذا أعجبه ليعلم الناس منه الخير ليكرم على ذلك،
ويعظم عليه فهذا رياء.
وقال بعض أهل العلم: إذا اطلع عليه فأعجبه رجاء أن يعمل
بعمله فيكون له مثل أجورهم، فهذا له مذهب أيضا ".
(*) لم نجد ترجمة له في المصادر التي بين أيدينا.
(14/284)
سلمَة اللَّبَقِيّ، وَسَعْدَانَ بن نَصْرٍ،
وَأَقرَانَه بِبَغْدَادَ، وَأَبَا زُرْعَةَ، وَأَبَا
حَاتِم بِالرَّيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُهُ القَاضِي عَبْدُ الحَمِيْدِ،
وَأَحْمَد بن هَارُوْنَ الفَقِيْه، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:كَانَ إِمَام أَهْل
الرَّأْي فِي عصرِهِ بِلاَ مدَافعَة.
قُلْتُ:مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ
بِنَيْسَابُوْرَ عَنْ نَيِّف وَثَمَانِيْنَ سَنَةً،
وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْن خُزَيْمَةَ وَاقع،
بِحَيْثُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صنعَ تِلْكَ المأْدُبَة -
الَّتِي مَا سُمِعَ لشيْخ بِمثلهَا، وَشهدهَا أَلوف مِنَ
التُّجَّار وَالفُقَهَاء - إِثر وَفَاة هَذَا القَاضِي.
رَحِمَ اللهُ الجَمِيْع.
179 - ابْنُ جَابِرٍ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
جَابِرٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ المجتهدُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو
إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ جَابِرٍ البَغْدَادِيُّ
الفَقِيْهُ، الثَّبْتُ.
يروِي فِي(الخلاَفيَّات (1))عَنِ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي
الرَّبِيْع، وَالرَّمَادِيّ.
وَعَنْهُ:الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيّ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ عشر وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) فهرست ابن النديم: 306 305، طبقات العبادي: 73: 73،
تاريخ بغداد: 6 / 54 53، طبقات الاسنوي: 1 / 345 344.
(1) كتاب الخلافيات: لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن
عبد الله بن موسى البيهقي الشافعي، المتوفى سنة ثمان
وخمسين وأربع مئة. قال التاج السبكي: " لم يسبق إلى نوعه،
ولم يصنف مثله ".
انظر " الرسالة المستطرفة " ص 34 33.
(14/285)
180 - ابْنُ مُكْرمٍ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، الحجَّةُ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنُِ مُكرم البَغْدَادِيّ،
نَزِيْلُ البَصْرَةِ.
سَمِعَ:بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ الكِنْدِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
بَكَّارٍ بنِ الرَّيَّانِ، وَعُبَيْدَ اللهِ
القَوَارِيْرِيّ، وَمَنْصُوْرَ بنَ أَبِي مزَاحِم،
وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَد العَطَّار، وَابْنُ
عَدِيٍّ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ
القَطَّان، وَأَهْلُ البَصْرَة.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ:ثِقَة.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ فَهْد:مَا قَدِمَ عَلَيْنَا
مِنْ بَغْدَادَ أَحَدٌ أَعْلَم بِالحَدِيْثِ مِنِ ابْنِ
مُكرم.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ
بِضْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
أَكْثَر عَنْهُ الطَّبَرَانِيّ.
181 - القَطَّانُ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ يَزِيْدَ **
الحَافِظُ، المُسْنِدُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَلِيٍّ،
الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ الأَزْرَق
الرَّقِّيّ المَالِكِيُّ القَطَّان الجَصَّاص، رحَّال
مُصَنِّف.
سَمِعَ:هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ هِشَام
الغَسَّانِيّ، وَالوَلِيْدَ بنَ عُتْبَةَ،
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 233، المنتظم: 6 / 165، مختصر طبقات
علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 126 / 2، تذكرة
الحفاظ: 2 / 736 735، العبر: 2 / 844، شذرات الذهب: 2 /
258.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 5 / 1، تهذيب ابن عساكر: 4 / 305.
(14/286)
وَإِسْحَاقَ بنَ مُوْسَى الخَطْمِيّ،
وَمخلدَ بنَ مَالِك، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:جَعْفَر الخُلْدِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو
عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
السُّنِّيّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ عدَيّ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ
وَخَلْق.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ:فِي حُدُوْدِ سَنَةِ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
182 - الطُّوْسِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ
بنِ نَصْرٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَلِيٍّ،
الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ نَصْر بن مَنْصُوْرٍ
الطُّوْسِيّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بن حَفْص بن
عَبْدِ اللهِ، وَأَحْمَدَ بن الأَزْهَرِ، وَالفَضْل بن
عَبْدِ اللهِ بنِ خرَّم الهَرَوِيّ، وَبُندَاراً، وَابْنَ
مُثَنَّى، وَإِسْحَاقَ بنَ شَاهِيْن، وَابْنَ عَرَفَةَ،
وَالزَّعْفَرَانِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَمْرِو بنِ أَبِي
مَذْعُوْر، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجّ، وَابْنَ المُقْرِئ،
وَطَبَقَتهُم.
وَحَدَّثَ بِقَزْوِين كرَّتين.
رَوَى عَنْهُ:إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَيْسَانِيّ،
وَابْنُ سَلَمَةَ القَطَّان، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ
بنِ يَزِيْدَ الفَامِيّ، وَعِدَّة.
وَكَتَبَ عَنْهُ شَيْخه أَبُو حَاتِمٍ.
__________
(*) تاريخ جرجان: 144 143، ذكر أخبار أصبهان: 1 / 263 262،
مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134 /
2، تذكرة الحفاظ: 3 / 788 787، ميزان الاعتدال: 1 / 509،
لسان الميزان: 2 / 233 232، طبقات الحفاظ: 330، شذرات
الذهب: 2 / 264.
(14/287)
قَالَ الخَلِيْلِيّ:ثِقَة، عَالِم بِهَذَا
الشَّأْن.
سُئِلَ عَنْهُ ابْن أَبِي حَاتِمٍ، فَقَالَ:ثِقَةٌ معتمدٌ
عَلَيْهِ.
قَالَ الخَلِيْلِيّ:أَدْرَكْت مِنْ أَصْحَابه نَحْو
عَشْرَة.
وَلَهُ تَصَانِيْف حِسَان.
وَقَالَ الحَاكِمُ:يُعْرَفُ بِكردَوْش.
وَقَالَ أَبُو النَّضْر الفَامِيّ:يُعرفُ بِمُكردش.
قُلْتُ:رَوَى عَنْهُ:أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيّ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْس.
تُوُفِّيَ عَلَى مَا قَاله الحَاكِم:بِطُوْسَ، سنَةَ
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ:مَاتَ فِي طَرِيْق الغَزْو سَنَةَ
ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
183 - الوَلِيْدُ بنُ أَبَانِ بنِ بُوْنَةَ أَبُو
العَبَّاسِ الأَصْبَهَانِيُّ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو العَبَّاسِ
الأَصْبَهَانِيّ، صَاحِبُ(المُسْنَدِ
الكَبِيْر)وَ(التَّفْسِيْر).
حَدَّثَ عَنْ:أَحْمَدَ بن عَبْدِ الجَبَّارِ
العُطَارِدِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ الفُرَاتِ، وَعَبَّاس
الدُّوْرِيّ، وَأُسِيْد بن عَاصِمٍ، وَيَحْيَى بنِ عَبْدك
القَزْوِيْنِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الشَّيْخ، وَالطَّبَرَانِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن مَخْلَدٍ،
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 335 334، الإكمال لابن ماكولا:
1 / 371، الأنساب: 95 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن
عبد الهادي: الورقة 134 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 784،
العبر: 2 / 147، مرآة الجنان: 2 / 250، النجوم الزاهرة: 3
/ 206، طبقات الحفاظ: 329، طبقات المفسرين للداودي: 2 /
360، شذرات الذهب: 2 / 261، الرسالة المستطرفة: 72.
(14/288)
وَأَحْمَد بن عُبَيْد اللهِ بن مَحْمُوْدٍ،
وَالأَصْبَهَانيُّون.
مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ بِضْع
وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو الشَّيْخ كَثِيْراً فِي
تآلِيفه، وَكَانَ بَصِيْراً بِهَذَا الشَّأْن، لاَ يقعُ
لَنَا حَدِيْثه إِلاَّ بِنُزول.
184 - الخُزَاعِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْحَاقُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ،
إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بن نَافِعٍ
الخُزَاعِيُّ المَكِّيُّ، شَيْخ الحَرَمِ، جوَّد القُرْآن
عَلَى البَزِّي، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بن فُلَيْحٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ:ابْنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ
بِـ(مسنَده)، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ زُنْبور، وَأَبِي
الوَلِيْدِ الأَزرقِيّ.
وَكَانَ مُتْقِناً، ثِقَةً، ذكر أَنَّهُ تَلاَ عَلَى ابْنِ
فُلَيْحٍ مائَةً وَعِشْرِيْنَ خَتمَة.
وَلَهُ مصنَّفَات فِي القرَاءات.
قرأَ عَلَيْهِ:ابْن شَنَبُوذ، وَالمُطَّوِّعِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الزَّيْنَبِيّ، وَعِدَّة.
وَحَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ المُقْرِئُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ الأَنطَاكِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:بِمَكَّةَ فِي ثَامن رَمَضَان، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) طبقات القراء للذهبي: 1 / 185 184، العبر: 2 / 137
136، الوافي بالوفيات: 8 / 403، البداية والنهاية: 11 /
131، العقد الثمين: 3 / 290، طبقات القراء للجزري: 1 /
156، شذرات الذهب: 2 / 252.
(14/289)
185 - المَنْبَجِيُّ أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ
بنُ سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو
بَكْرٍ، عُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَعْدِ بنِ
سِنَان الطَّائِيّ المَنْبِجِيّ.
سَمِعَ:أَبَا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وَهِشَامَ بنَ
عَمَّارٍ، وَدُحَيْماً، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي شُعَيْب
الحَرَّانِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ قُدَامَةَ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ
حِبَّانَ، وَعَبْدَان بنُ حُمَيْدٍ المَنْبِجِيُّ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ عَدِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
المَنْبِجِيّ، وَأَبُو الأَسد مُحَمَّد بن إِليَاس
البَالِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ:كَانَ قَدْ صَام النَّهَار وَقَامَ
اللَّيْل ثَمَانِيْنَ سَنَةً، غَازياً مرَابطاً - رَحْمَةُ
اللهِ عَلَيْهِ - .
لم أَظفر لَهُ بوَفَاة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّالِحيّ،
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بن
الحَسَنِ الأَسَدِيّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بنُ أَبِي العَلاَءِ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا
عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الوَلِيْدِ بِمَنْبِج، حَدَّثَنَا
أَبُو الأَسد مُحَمَّدُ بنُ إِليَاس، حَدَّثَنَا عُمَرُ
بنُ سَعِيْدٍ المَنْبِجِيّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
دُحَيْم، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ
المُنْذِر، سَمِعَ القَاسِمَ بن مُحَمَّد يُحَدِّثُ عَنْ
مُعَاوِيَةَ:أَنَّهُ أَرَاهُم وضوءَ رَسُوْل اللهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا بَلَغَ
مَسْحَ الرَّأْسِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّم
رَأْسِه، ثُمَّ مرَّ بِهِمَا حَتَّى بَلَغَ القَفَا، ثُمَّ
رَدَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ المَكَان الَّذِي مِنْهُ بدأَ.
غَرِيْب (1) ، وَالقَاسِم هَذَا:ثَقَفِيٌّ مِنْ أَهْلِ
دِمَشْق.
__________
(*) الأنساب: 542 / ب، تاريخ ابن عساكر: 13 / 114 / أ،
معجم البلدان: 5 / 207، اللباب: 3 / 259.
(1) وأخرجه الامام أحمد: 4 / 94، وأبو داود (124) في
الطهارة: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين
عن الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء، حدثنا أبو
الأزهر =
(14/290)
رَوَى عَنْهُ أَيْضاً:قَيْسُ بنُ
الأَحْنَف.
186 - البَلْخِيُّ أَبُو العَبَّاسِ حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ شُعَيْبٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثَّبْتُ، أَبُو العَبَّاسِ،
حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبِ بنِ زُهَيْرٍ
البَلْخِيّ ثُمَّ البَغْدَادِيّ، المُؤَدِّب.
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ بَكَّار بن الرَّيَّانِ،
وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَسُرَيْج بن يُوْنُسَ،
وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ
الجِعَابِيّ، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ الوَرَّاق،
وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق، وَعَلِيُّ بنُ
عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرهُ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ،
وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ بَقَايَا المُسْنِدين.
__________
= المغيرة بن فروة وزاد أبو داود: ويزيد بن أبي مالك أن
معاوية توضأ للناس كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتوضأ، فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء، فتلقاها بشماله حتى
وضعها على مقدم رأسه، حتى قطر الماء أو كاد يقطر، ثم مسح
من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه ".
وسنده صحيح، فقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث.
(1) قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 7 / 118:
القاسم بن محمد الثقفي: روى عن معاوية وأسماء ابنة أبي
بكر، روى عنه قيس بن الاحنف وعثمان بن المنذر. سمعت أبي
يقول ذلك.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 170 169، المنتظم: 6 / 164، العبر: 2
/ 144، شذرات الذهب: 2 / 258.
(14/291)
187
- ابْنُ مُيَسَّرٍ (1) أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ *
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، أَبُو بَكْرٍ، أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ مُيَسَّر، الفَقِيْهُ
الإِسْكَنْدَرَانِيّ، صَاحِبُ ابْن الموَّاز، وَرَاوِي
كِتَابه.
صَنّف التَّصَانِيْف، وَانتهتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ
المَذْهَب بِمِصْرَ.
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ حَدَّثَ عَنْ يَزِيْدَ بنِ سَعِيْدٍ
الإِسْكَنْدَرَانِيّ.
188 - الحَاسِبُ أَبُو أَحْمَدَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُوْسَى
البَغْدَادِيُّ **
الثِّقَةُ المُتْقِنُ، أَبُو أَحْمَدَ، إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مُوْسَى البَغْدَادِيُّ الحَاسِب.
سَمِعَ:بِشْر بن الوَلِيْدِ، وَجُبارَة بن المغَلِّس،
وَالقَوَارِيْرِيّ.
وَعَنْهُ:ابْنُ المُظَفَّر، وَأَبُو بَكْرٍ الوَرَّاق.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
189 - ابْنُ قُتَيْبَةَ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ اللَّخْمِيُّ ***
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، أَبُو
العَبَّاسِ، مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَة بن
زِيَادَة اللَّخْمِيُّ العَسْقَلاَنِيّ.
__________
(1) في الأصل " مبشر " بالشين المعجمة، وهو تصحيف،
والتصويب من " مشتبه " المؤلف، و" تبصير " ابن حجر، وجميع
المصادر التي ترجمت له.
(*) الديباج المذهب: 1 / 169، حسن المحاضرة: 1 / 449، شجرة
النور الزكية: 1 / 80.
(* *) تاريخ بغداد: 6 / 297 296، المنتظم: 6 / 160.
(* * *) تاريخ ابن عساكر: 15 / 120 / ب، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة الحفاظ: 2
/ 765 764، العبر: 2 / 147، طبقات الحفاظ: 321، شذرات
الذهب: 2 / 261 260.
(14/292)
سَمِعَ:صَفْوَانَ بنَ صَالِحٍ، وَهِشَامَ
بنَ عَمَّارٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ هِشَام الغَسَّانِيّ،
وَيَزِيْد بن عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهب الرَّمْلِيّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ رُمْح، وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ،
وَحَرْمَلَة بن يَحْيَى، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى
الزِّمَّانِيّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو
عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ المُؤَدِّب،
وَالقَاضِي يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ المَيَانَجِيّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
أَكْثَر عَنْهُ ابْنُ المُقْرِئُ، وَكَانَ مسنِدَ أَهْل
فِلَسْطِيْن، ذَا مَعْرِفَة وَصِدق.
فَارقه ابْنُ المُقْرِئُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، فَلَعَلَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ عشر، أَوْ نحوهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ، وَسُلَيْمَانُ
بنُ أَبِي عُمَرَ، وَغيرُهُمَا قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ كِتَابَةً،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّحْوِيّ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
بنُ المُقْرِئِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ قُتَيْبَة، وَأَبُو عَرُوْبَةَ،
وَابْن جَوْصَاء قَالُوا:
حَدَّثَنَا كَثِيْر بن عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ،
عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:دَخَلَ عليَّ رَسُوْلُ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا
أَلعبُ بِالبَنَاتِ (1) .
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:سَأَلت الدَّارَقُطْنِيّ عَنِ
ابْنِ قُتَيْبَة اللَّخْمِيّ فَقَالَ:ثِقَةٌ.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري: 10 / 437 في الأدب: باب
الانبساط إلى الناس، ومسلم (2440) في فضائل الصحابة، من
طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها
قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان
لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا دخل ينقمعن يتغيين منه، فيسر بهن يرسلهن إلي، فيلعبن
معي ".
(14/293)
190 - عَبْدُ اللهِ بنُ عُرْوَةَ أَبُو
مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ البَارِعُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
الهَرَوِيّ، مُصَنِّف كِتَاب:(الأَقضيَة)
سَمِعَ:أَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَالزَّعْفَرَانِيّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ الوَلِيْدِ البُسْرِيّ، وَالحَسَنَ بنَ
عَرَفَةَ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَزْهَرِيّ
اللُّغَوِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السَّيَّارِيّ،
وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَزَّار،
وَأَهْل هَرَاة.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الخَلاَّل،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الوَقْتِ السِّجْزِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ بنِ خُميرَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ الأَزْهَر إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بن عُرْوَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ،
عَنْ غُنْدَر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَم، عَنْ عَلِيِّ
بنِ الحُسَيْنِ، عَنْ مَرْوَانَ بن الحَكَمِ، قَالَ:شهدتُ
عُثْمَانَ وَعَلِيّاً بِمَكَّةَ وَالمَدِيْنَةَ،
وَعُثْمَانُ ينَهَى عَنِ المُتْعَةِ وَأَن يَجْمَعَ
بينهُمَا، فَلَمَّا رَأَى عليّ ذَلِكَ أَهْلَّ بِهِمَا
فَقَالَ:لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَة.
فَقَالَ عُثْمَانُ:ترَانِي أَنَهَى النَّاس وَأَنْت
تَفْعَلُهُ!
قَالَ:لَمْ أَكُنْ لأَدَعَ سُنَّةَ رَسُوْلِ اللهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَولِ أَحَدٍ مِنَ
النَّاس.
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134
/ 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 787 786، العبر: 2 / 148، طبقات
الحفاظ: 330، شذرات الذهب: 2 / 262.
(1) أخرجه البخاري: 3 / 337 336 في الحج: باب التمتع
والقران، من طريق محمد بن بشار، حدثنا غندر وهو محمد بن
جعفر حدثنا شعبة، عن الحكم هو ابن عتبة عن علي بن الحسين،
عن مروان.
وأخرجه الدارمي: 2 / 70 69 في الحج: باب القران، من =
(14/294)
191 - ابْنُ النَّفَّاحِ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَاهِلِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثَّبْتُ، المُجَوِّدُ،
الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ النَّفَّاحِ بنِ بَدْرٍ
البَاهِلِيُّ البَغْدَادِيُّ، نَزِيْلُ مِصْر
وَمُحَدِّثُهَا.
سَمِعَ:إِسْحَاقَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَأَحْمَدَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيّ، وَحَفْصَ بنَ عُمَرَ
الدُّوْرِيّ المُقْرِئ، وَأَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْف،
وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَعُبَيْدُ
الله بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ البَزَّاز، وَأَبُو
الطَّيِّبِ العَبَّاسُ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ المُهَنْدِس، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ
سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ:وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، صَاحِب حَدِيْثٍ،
متقلِّلاً مِنَ الدُّنْيَا.
وَقَالَ الحَافِظُ حَمْزَةُ الكِنَانِيّ:سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيّ يَقُوْلُ:بضَاعَتِي
قَلِيْلَة، وَاللهُ يجعلُ فِيْهَا البَرَكَة.
قُلْتُ:وَقَدْ سَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ مَحْمُوْد بنِ
خَالِدٍ، وَجوَّد القُرْآن عَلَى أَبِي عُمَرَ
الدُّوْرِيّ، وَعَاشَ بِضْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
= طريق سهل بن حماد، عن شعبة به.
وأخرجه النسائي: 5 / 148 في الحج: باب القران، من طريق
إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا أبو عامر، عن شعبة.
وأخرجه أيضا من طريق عمران بن يزيد، عن عيسى بن يونس، عن
الاشعث، عن مسلم البطين، عن علي بن الحسين، عن مروان بن
الحكم.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 214، الأنساب: 565 / ب، المنتظم: 6 /
204، العبر: 2 / 159، طبقات القراء للذهبي: 1 / 198،
الوافي بالوفيات: 1 / 99، البداية والنهاية: 11 / 154،
طبقات القراء للجزري: 2 / 242، النشر في القراءات العشر: 1
/ 180، النجوم الزاهرة: 3 / 216، حسن المحاضرة: 1 / 350،
شذرات الذهب: 2 / 269.
(14/295)
192 - السِّجْزِيُّ أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو العَبَّاسِ، أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَر بن حُرَيْثٍ السِّجْزِيّ.
عَنْ:سَعِيْدِ بنِ يَعْقُوْبَ الطَّالْقَانِيّ، وَعَلِيِّ
بنِ حُجْر، وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّس، وَمُحَمَّدِ بنِ
رَافِعٍ، وَالكَوْسَجِ.
وَعَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَطَائِفَة.
لكنَّه وَاهٍ، ذكرتُهُ فِي(المِيزَان (1)).
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ حِبَّانَ، وَتعجَّب مِنْ حِفْظِهِ
وَمذَاكرته، وَاتَّهَمَهُ.
فَأَمَّا الثِّقَة أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ الفَضْل السِّجِسْتَانِيّ (2) نَزِيْلُ دِمَشْقَ،
فَيَرْوِي عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ المُقْرِئ، وَعَلِيِّ بنِ
خَشْرَمَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الدَّرِامِيّ، وَطَبَقَتهِم.
وَعَنْهُ:جُمَحُ، وَالرَّبَعِيّ، وَابْنُ حِبَّان، وَأَبُو
أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَالقَاضِي الأَبْهَرِيّ.
مَاتَ:سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 138، الأنساب: 291 / أ، ميزان
الاعتدال: 1 / 132 130، لسان الميزان: 1 / 254 253
(1) 1 / 131 130.
(2) أفرد له المؤلف ترجمة خاصة في الصفحة 426 من هذا
الجزء.
(14/296)
193 - الخَلاَّلُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الفَقِيْهُ، شَيْخُ
الحَنَابِلَةِ وَعَالِمُهُم، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ بن يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ
الخَلاَّل.
وُلِدَ:فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
أَوْ فِي الَّتِي تلِيهَا، فيجوزُ أَنْ يَكُوْنَ رَأَى
الإِمَام أَحْمَد، وَلَكِنَّهُ أَخذ الفِقْه عَنْ خلقٍ
كَثِيْرٍ مِنْ أَصْحَابه، وَتلمذ لأَبِي بَكْرٍ
المَرُّوْذِيّ.
وَسَمِعَ مِنَ:الحَسَن بن عَرَفَةَ، وَسَعْدَان بن نَصْرٍ،
وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَحَرْبِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
الكَرْمَانِيّ، وَيَعْقُوْبَ بنَ سُفْيَان الفَسَوِيّ -
لقِيه بفَارس - وَأَحْمَدَ بنِ مُلاعِب، وَالعَبَّاسِ بنِ
مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ
السِّجِسْتَانِيّ، وَعَلِيِّ بنِ سَهْلِ بنِ المُغِيْرَةِ
البَزَّاز، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيِّ،
وَأَبِي يَحْيَى زَكَرِيَّا بن يَحْيَى النَّاقِد، وَأَبِي
جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد اللهِ ابْن المُنَادِي،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَالحَسَنِ بنِ
ثوَاب المُخَرِّمِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ المَيْمُوْنِيّ،
وَإِبْرَاهِيْم بن إِسْحَاقَ الحَرْبِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ سَيَّارٍ
النَّصِيْبِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الصَّاغَانِيّ، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ.
وَرَحَلَ إِلَى فَارس، وَإِلَى الشَّامِ، وَالجَزِيْرَة
يتطلَّب فِقْهَ الإِمَام أَحْمَد وَفتَاويَه وَأَجوبته،
وَكَتَبَ عَنِ الكِبَار وَالصِّغَار، حَتَّى كتب عَنْ
تَلاَمِذَتِهِ، وَجمع فَأَوعَى، ثُمَّ إِنَّهُ صَنَّف
كِتَاب(الجَامِع فِي الفِقْه)مِنْ كَلاَم الإِمَام،
بِأَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا، يَكُوْن عِشْرِيْنَ
مُجَلَّداً، وَصَنَّفَ كِتَاب(الْعِلَل)عَنْ أَحْمَدَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 113 112، طبقات الشيرازي: 171، طبقات
الحنابلة: 2 / 15 12، المنتظم: 6 / 174، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134 / 1، تذكرة الحفاظ: 3
/ 786 785، العبر: 2 / 148، دول الإسلام: 1 / 188، الوافي
بالوفيات: 8 / 99، البداية والنهاية: 11 / 148، النجوم
الزاهرة: 3 / 209، طبقات الحفاظ: 330 329، شذرات الذهب: 2
/ 261، الرسالة المستطرفة: 38 37.
(14/297)
فِي ثَلاَث مُجَلَّدَات، وَأَلف
كِتَاب(السُّنَّة، وَأَلْفَاظ أَحْمَد، وَالدليل عَلَى
ذَلِكَ مِنَ الأَحَادِيْث)فِي ثَلاَث مُجَلَّدَات، تَدُلُّ
عَلَى إِمَامته وَسَعَة عِلْمِهِ، وَلَمْ يَكُنْ قبلَه
لِلإِمَام مَذْهَبٌ مستقلٌ، حَتَّى تتبَّع هُوَ نُصُوص
أَحْمَد، وَدوَّنهَا، وَبَرْهَنَهَا بَعْد الثَّلاَث
مائَة، فَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ شَهْرَيَار:كُلُّنَا تبعٌ لأَبِي
بَكْرٍ الخَلاَّل، لَمْ يسبِقْهُ إِلَى جمع علم الإِمَام
أَحْمَد أَحَد.
قُلْتُ:الرِّوَايَةُ عَزيزَةٌ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ:الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ
بنُ جَعْفَر - غُلاَم الخَلاَّل - وَأَبُو الحُسَيْنِ
مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَطَائِفَة.
قَالَ الخَطِيْبُ فِي(تَارِيْخِهِ (1)):جَمَعَ الخَلاَّل
عُلُوْمَ أَحْمَدَ وَتَطَلَّبَهَا، وَسَافَرَ لأَجلهَا،
وَكَتَبَهَا، وَصَنَّفَهَا كتباً، لَمْ يَكُنْ - فِيْمَنْ
يَنْتحل مَذْهَب أَحْمَد - أَحَد أَجمعَ لِذَلِكَ مِنْهُ.
قَالَ لِي أَبُو يَعْلَى بنُ الفَرَّاء:دُفن أَبُو بَكْرٍ
الخَلاَّل إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ المَرُّوْذِيّ.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ
إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سبعٌ
وَسَبْعُوْنَ سَنَةً، وَيُقَالُ:بَلْ نَيَّفَ عَلَى
الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ يُوْنُسَ، وَعِيْسَى بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ
عَبْدِ الجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ،
حَدَّثَنَا المَرُّوْذِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ:سَمِعْتُ سُفْيَان بنَ عُيَيْنَةَ
يَقُوْلُ:فِكْرُكَ فِي رِزْقِ غَدٍ يَكْتُبُ عَلَيْكَ
خَطِيْئَة.
__________
(1) 5 / 113 112.
(14/298)
194 - أَبُو جَعْفَرٍ بنُ حَمْدَانَ
أَحْمَدُ بنُ حَمْدَانَ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، المجَابُ
الدَّعوَة، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ
بنُ حَمْدَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ سِنَان الحِيْرِيُّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالدُ الشَّيْخَيْن:أَبِي
العَبَّاسِ مُحَمَّد، وَأَبِي عَمْرٍو مُحَمَّد.
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
أَوْ قَبْل ذَلِكَ.
وَسَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ الأَزْهَر، وَعَبْدَ اللهِ بنَ
هَاشِمٍ الطُّوْسِيّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بِشْر،
وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيّ، فَمَنْ بَعْدهُم
بِبَلَدِهِ، وَارْتَحَلَ وَحَجّ.
وَأَخَذَ عَنْ:أَبِي يَحْيَى بن أَبِي مَيْسَرَة، وَأَبِي
عَمْرٍو بنِ أَبِي غرَزَة الغِفَارِيّ، وَإِسْمَاعِيْل
القَاضِي، وَعُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيّ،
وَالحَسَن بنِ عَلِيِّ بنِ زِيَادٍ، وَمُعَاذ بن نجدَة،
وَأَمثَالِهِم.
وَارْتَحَلَ بِوَلَدِهِ أَبِي العَبَّاسِ إِلَى مُحَمَّدِ
بنِ أَيُّوْبَ البَجَلِيِّ وَغَيْرهُ، ثُمَّ ارْتَحَلَ
بِابْنه أَبِي عَمْرٍو إِلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَان
وَأَقرَانِه، وَصَنَّفَ(الصَّحِيْحَ)المستخرجَ
عَلَى(صَحِيْح مُسْلِم)وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ الحِيْرِيُّ الزَّاهِدُ، وَأَبُو عَلِيٍّ
الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
سَعْدٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ، وَابْنَاهُ،
وَطَائِفَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ حَمْدَان
يَقُوْلُ:
لَمَّا بلغَ أَبِي مِنْ
__________
(*) طبقات الصوفية: 334 332، تاريخ بغداد: 4 / 116 115،
المنتظم: 6 / 176، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 131 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 762 761،
العبر: 2 / 148 147، الوافي بالوفيات: 6 / 360، مرآة
الجنان: 2 / 264، طبقات الأولياء: 49 48، طبقات الحفاظ:
320، شذرات الذهب: 2 / 261، الرسالة المستطرفة: 27.
(14/299)
كتَاب مُسْلِم إِلَى حَدِيْث مُحَمَّد بن
عَبَّاد، عَنْ سُفْيَانَ:(يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا
(1))لَمْ يجدْه عِنْد أَحَد عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ، فَقِيْلَ
لَهُ:هُوَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيّ، عَنِ ابْنِ
عَبَّادٍ:فَرَحَلَ إِلَيْهِ قَاصداً مِنْ نَيْسَابُوْر
لسَمَاع هَذَا الحَدِيْث.
قُلْتُ:وَرَحَلَ لأَجل وَلَدَيْهِ، قَالَ:وَخَرَجَ أَبِي -
عَلَى كِبَرِ السِّنّ - إِلَى جُرْجَان ليسمعَ مِنْ
عِمْرَان بن مُوْسَى بن مجَاشِع حَدِيْثَ سُوَيْد بن
سَعِيْد، عَنْ حَفْص بن مَيْسَرَةَ، عَنْ مُوْسَى بنِ
عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
قَالَ:(بَيْنَمَا النَّاسُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ إِذْ
أَتَاهُم آتٍ)وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (2) ، وَسَمِعْتُهُ مِنْ
أَبِي.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو، سَمِعْتُ أَبِي
يَقُوْلُ:كُلّ مَا قَالَ البُخَارِيُّ:قَالَ لِي فُلاَن،
فَهُوَ مُنَاولَةٌ وَعَرْض (3) .
وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَقُوْلُ:كَانَ أَبِي يُحْيي
اللَّيْل.
__________
(1) أخرجه مسلم (1733) في الجهاد: باب في الامر بالتيسير
وترك التنفير، من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله
عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن، فقال: " يسرا ولا تعسرا،
وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا ".
(2) أخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 195 في القبلة: باب ما
جاء في القبلة، والبخاري: 1 / 424 في الصلاة: باب ما جاء
في القبلة، و8 / 131 في التفسير: با (وما جعلنا القبلة..)
وباب (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب..) وباب (الذين
آتيناهم الكتاب يعرفونه..) وباب (ومن حيث خرجت فول وجهك
شطر المسجد الحرام) وفي خبر
الواحد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، ومسلم
(526) في المساجد: باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة،
وأحمد: 2 / 16 و26، والترمذي (341) والنسائي: 2 / 61 كلهم
من طريق عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر قال: بينما
الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى
الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن
يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام،
فاستداروا إلى الكعبة.
(3) القراءة على الشيخ تسمى عندهم عرضا. والمناولة: أن
يعطي الشيخ للطالب أصل سماعه، أو فرعا مقابلا به ويقول له:
هذا سماعي عن فلان فاروه عني، أو أجزت لك روايته عني.
ثم يبقيه معه ملكا له، أو يعيره إياه لينسخه، ويقابل به ثم
يعيده إلى الشيخ. أو =
(14/300)
الحَاكِم:سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ (1)
الشُّعَيْبِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بن حَمْدَان
يَقُوْلُ:عرضتُ هَذَا الحَدِيْث - يَعْنِي:الحَدِيْث
الَّذِي أَسنده بَعْد - عَلَى ابْنِ عُقْدَة،
فَقَالَ:حَدَّثْنَاهُ شَيْخٌ طُوَالٌ يُقَال لَهُ:ابْن
سِنَانٍ.
فَقُلْتُ:ذَاكَ أَبِي.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ فِي
سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ
مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ:أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ فِي
سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا
أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
الحِيْرِيّ، حَدَّثَنِي أَبِي أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ الأَزْهَر بن مَنِيْعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
النَّضْر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ دِيْنَار، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
قَالَ:طَلَّقْتُ امرأَتِي وَهِيَ حَائِض، فسَأَلَ عَنْ
ذَلِكَ عُمَر رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فَقَالَ:(مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى
تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيْضَ حَيْضَةً أُخْرَى ثُمَّ
تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا إِنْ
شَاءَ أَوْ يُمْسِكهَا، فَإِنَّ تِلْكَ العِدَّة الَّتِي
أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاء (2)).
رَوَاهُ الحَاكِم، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الحِيْرِيّ،
فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوّ.
__________
= يعطي الطالب للشيخ الكتاب، فينظره الشيخ ويتأمله وهو
عارف متيقظ، ويوقن أنه أصل صحيح
وأنه من روايته، ثم يعيده الشيخ للطالب ويخبره بأنه من
روايته، ويأذن له بأن يرويه عنه.
فهذه الصور كلها مناولة مقرونة بالاجازة، وهي أعلى أنواع
الاجازة.
قال النووي: وهذه المناولة كالسماع في القوة عند الزهري،
وبيعة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومجاهد، والشعبي، وعلقمة،
وإبراهيم، وأبي العالية، وأبي الزبير، وأبي المتوكل،
ومالك، وابن وهب، وابن القاسم، وجماعات آخرين.
وقال الحافظ في " الفتح " 1 / 143: وقد ادعى ابن مندة أن
كل ما يقول البخاري فيه: قال لي، فهو إجازة، وهي دعوى
مردودة بدليل أني استقرأت كثيرا من المواضع التي يقول فيها
في الجامع: قال لي، فوجدته في غير الجامع يقول فيها:
حدثنا.
والبخاري لا يستجيز في الاجازة إطلاق التحديث، فدل على
أنها عنده من المسموع، لكن سبب استعماله لهذه الصيغة ليفرق
بين ما يبلغ شرطه وما لا يبلغ.
واله أعلم.
(1) في الأصل " سعد " وما أثبتناه من " الأنساب " و" تبصير
المنتبه " و" اللباب ".
(2) سنده حسن وأورده المؤلف أيضا في " تذكرة الحفاظ " 2 /
762 بهذا الإسناد وقال: هذا غريب من هذا الوجه، قد رواه
الحافظ ابن عقدة، عن أبي جعفر الحيري هذا =
(14/301)
وَبِهِ:قَالَ:أَخْبَرَنِي أَبِي أَبُو
جَعْفَرٍ:حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ.
وَبِهِ:قَالَ:وأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ،
حَدَّثَنَا عَبَّاسُ النَّرْسِيّ، حَدَّثَنَا القَطَّانُ،
عَنْ عُبَيْد اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ، وَقَالَ:(أَنْتِ
جَمِيْلَة).
وَبِهِ:قَالَ:أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ
الأَنْمَاطِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى القَطَّان بِهَذَا.
خَرَّجَهُ مُسْلِم (1) عَنْ أَبِي قُدَامَةَ
السَّرَخْسِيّ.
قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ:صحبَ الشَّيْخُ
أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا حَفْص النَّيْسَابُوْرِيّ،
وَالشَّاهَ بنَ شُجَاع (2) .
وَكَانَ الجُنَيْد يُكَاتِبهُ، وَكَانَ أَبُو عُثْمَانَ
الحِيْرِيّ يَقُوْلُ:مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى
سُبل الخَائِفين فليَنْظُرْ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ أَبِي فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ
__________
= وقد صح هذا الحديث من غير وجه عن ابن عمر رضي الله
عنهما.
انظر " صحيح البخاري " 9 / 306 301 في أول الطلاق، ومسلم
(1471) في أول الطلاق أيضا، و" الموطأ " 2 / 576 في
الطلاق: باب ما جاء في الاقراء، وأبو داود (2179) (2180)
(2182) (2183) (2184) (2185) والترمذي (1175) والنسائي: 6
/ 141 137، و" المسند " 2 / 26 و43 و51 و54 و58 و63 و74
و68 و78 و79 و80 و81 و128 و130 و145.
(1) برقم (2139) في الآداب: باب استحباب تغيير الاسم
القبيح إلى حسن.
واسم أبي قدامة السرخسي: عبيد الله بن سعيد بن يحيى
اليشكري.
وأخرجه أحمد في " مسنده " 2 / 18، وأبو داود (4952)
والترمذي (2838) من طريق يحيى، عن عبيد الله، عن ابن عمر.
وأخرجه ابن ماجه (3733) من طريق حماد بن سلمة، عن عبيد
الله، عن نافع، عن ابن عمر.
(2) هو أبو الفوارس شاه بن شجاع الكرماني.
ذكره السلمي في " طبقاته " ص 194 192 وقال: " كان من أولاد
الملوك، وكان من أجلة الفتيان، وله رسالات مشهورة،
والمثلثة التي سماها " مرآة الحكماء " مات قبل الثلاث مئة.
وانظر في ترجمته أيضا: " حلية الأولياء " 10 / 238 237.
(14/302)
وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَبْل ابْن خُزَيْمَةَ
بِأَيَّام، وَكَانَ أَبِي يَخْتلف مَعَ أَبِي عُثْمَانَ
إِلَى أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيّ مُدَّة.
قُلْتُ:مَاتَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي ثَانِي ذِي القَعْدَةِ
مِنْ سَنَة إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ
كَانَ الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ ذِكرُهُ يَملأُ الْفَم.
خلَّفَ وَلدين مَشْهُورَيْن:أَبَا العَبَّاسِ بنَ حَمْدَان
- شَيْخَ خُوَارزم - وَمسنِدَ نَيْسَابُوْر أَبَا (1)
عَمْرٍو بن حَمْدَانَ.
195 - ابْنُ الأَشْقَرِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ الصَّدُوْقُ، أَبُو القَاسِمِ،
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
الخَلِيْل ابْن الأَشْقَر، رَاوِي(التَّارِيْخ
الصَّغِيْر)لِلْبُخَارِيِّ عَنْ مُؤلِّفه، كَانَ
مُحَدِّثاً، معمَّراً، إِمَاماً، مُفْتِياً.
سَمِعَ مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ لُوَيْن،
وَالحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ، وَيُوْسُفَ بن مُوْسَى
القَطَّان، وَالحُسَيْن بن مَهْدِيٍّ، وَرَجَاء بن
مُرَجَّى، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَجِبْرِيْلُ
بنُ مُحَمَّدٍ الهَمَذَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ
حَيُّويَه، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرِ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
زَنْبيل، وَجَمَاعَة.
وَوَلِيَ قَضَاءَ كَرْخَ بَغْدَاد.
وَقَدْ حدَّث بهمذَان وَبِأَصْبَهَانَ، وَرِوَايَاتُهُ فِي
أَهْل تِلْكَ النَّوَاحِي.
تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) في الأصل (أبو).
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 72، تاريخ بغداد: 10 / 118 117،
الأنساب: 39 / ب.
(14/303)
196 - أَبُو قُرَيْشٍ مُحَمَّدُ بنُ
جُمُعَةَ بنِ خَلَفٍ القُهُسْتَانِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو
قُرَيْش، مُحَمَّدُ بنُ جُمعَة بن خَلَفٍ القُهُسْتَانِيُّ
الأَصَمُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ:أَبَا مُسْلِمٍ القُهُستَانِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
حُمَيْد الرَّازِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْع، وَأَبَا
كُرَيْبٍ مُحَمَّد بن العَلاَءِ، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَانَ
بن نَضْلَة، وَمُحَمَّدَ بن زُنْبور، وَعَبْد الجَبَّارِ
بن العَلاَءِ العَطَّار، وَسَعِيْد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المَخْزُوْمِيّ، وَيَحْيَى بن حَكِيْمٍ، وَأَحْمَد بن
المِقْدَامِ العِجْلِيّ، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى،
وَسَلْم بن جُنَادَةَ، وَمُحَمَّد بن سَهْلِ بنِ عَسْكَرٍ،
وَسَلَمَة بن شَبِيْبٍ، وَطَبَقَتهُم بِالرَّيِّ،
وَالكُوْفَة، وَالبَصْرَة، وَالحِجَاز.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَامِدٍ بن الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ الأَخْرَم، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ
يَعْقُوْبَ الحَجَّاجِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
وَأَبُو سَهْلٍ الصُّعْلوكِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
بالُويه، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ أَبُو قُرَيْش مِنَ الحُفَّاظِ
المُتْقِنِيْنَ، كَثِيْرَ السَّمَاع وَالرِّحلَة، جمع
المسنَدَين عَلَى الرِّجَال وَعَلَى الأَبْوَاب، وَصَنَّفَ
حَدِيْث الشُّيُوْخ الأَئِمَّة:مَالِك، وَالثَّوْرِيّ،
وَشُعْبَة، وَيَحْيَى بن سَعِيْد، وَغَيْرهِم،
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 170 169، الأنساب: 466 / أ، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 132 / أ،
تذكرة الحفاظ: 2 / 767 766، العبر: 2 / 158، الوافي
بالوفيات: 2 / 310 309، النجوم الزاهرة: 3 / 215، طبقات
الحفاظ: 322، شذرات الذهب: 2 / 268.
(14/304)
وَكَانَ يُذَاكر بحديثهِم، وَيغلبُ
كَثِيْراً مِنَ الحُفَّاظِ.
إِلَى أَنْ قَالَ:وَسَمِعَ بِوَاسِط مُحَمَّدَ بنَ
حَسَّانٍ الأَزْرَق، وَإِسْحَاقَ بن حَاتِمٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ضَابطاً،
حَافِظاً، مُتْقِناً، كَثِيْرَ السَّمَاعِ وَالرِّحلَة،
يُذَاكر الحُفَّاظ فيغلبهُم.
وَقَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظ
يَقُوْلُ:حَدَّثَنَا أَبُو قُرَيْش الحَافِظُ، الثِّقَةُ
الأَمِيْنُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ:تُوُفِّيَ أَبُو قُرَيْش بقُهُسْتَان
سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:فِيْهَا مَاتَ:أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاج -
صَاحِب المُسْنَدِ - وَمُحَدِّثُ الكُوْفَة عَبْدُ اللهِ
بنُ زَيْدَان البَجَلِيّ، وَمُحَدِّثُ سَرَخْس أَبُو لبيد
مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ السَّامِي، وَمُحَدِّثُ حَلَب
أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ
الغَضَائِرِيّ، وَمُحَدِّثُ نَسَا أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي عَوْن النَّسَوِيّ،
وَمُحَدِّثُ دِمَشْق جُمَاهَر بن مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ
الزَّمْلَكَانِيّ، وَالمُسْنِدُ مُحَدِّث نَيْسَابُوْر
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ
المَاسَرْجِسِيّ، وَالمُسْنِدُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَابُوْرَ الدَّقَّاق.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ،
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَالوييّ، حَدَّثَنَا أَبُو
قُرَيْش مُحَمَّد بن جمعَة، حَدَّثَنَا عبدَةُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الصَّفَّار، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حُمرَان،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا بيَان بن بِشْرٍ:
__________
(1) في " تاريخه " 2 / 169، وما بين حاصرتين منه.
(14/305)
سَمِعْتُ حُمرَان يُحَدِّث عَنْ عُثْمَانَ
قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(مَنْ عَلِمَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ
الجَنَّة (1)).
غَرِيْبٌ تَفَرَّد بِهِ ابْن حُمرَان.
وَلاَ يَعْلَم العَبْدُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله
حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دينٍ غَيْر الإِسْلاَم،
وَحَتَّى يَتَلَفَّظَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله موقناً
بِهَا، فَلَو عَلِمَ وَأَبَى أَنْ يَتَلَفَّظَ مَعَ
القُدْرَة يُعَدُّ كَافِراً.
197 - المَقْدِسِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ العَابِدُ، الثِّقَةُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْم بن
حَبِيْب الفِرْيَابِيُّ الأَصل المَقْدِسِيّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ رمح، وَحَرْمَلَة بن يَحْيَى،
وَجَمَاعَة بِمِصْرَ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَعَبْد
الرَّحْمَنِ بن إِبْرَاهِيْمَ دُحَيْماً، وَعَبْدَ اللهِ
بنَ ذَكْوَانَ بِدِمَشْقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ وَوَثَّقَهُ،
وَالحَسَنُ بنُ رَشيق، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
وصفَهُ ابْن المُقْرِئ بِالصَّلاَحِ وَالدِّين.
مَاتَ:سَنَةَ نيِّف عَشْرَة وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) إسناده حسن ومتنه صحيح، فقد أخرجه أحمد في " مسنده " 1
/ 65 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن
أبي بشر العنبري، عن حمران بن أبان، عن عثمان.
وأخرجه أيضا 1 / 69، ومسلم (26) في الايمان: باب الدليل
على ان من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، من طريق ابن
علية، عن خالد الحذاء عن الوليد بن مسلم بن شهاب العنبري،
عن حمران، عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ".
(*) الأنساب: 426 / ب، اللباب: 3 / 246.
(14/306)
198 - ابْنُ أَخِي الإِمَامِ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الهَاشِمِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بن
الفَضْلِ الهَاشِمِيُّ الحَلَبِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ
أَخِي الإِمَام.
سَمِعَ مِنْ:عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عبيدِ اللهِ
الأَسَدِيِّ الحَلَبِيِّ ابْن أَخِي الإِمَام - وَهُوَ
سمِيُّه - وَمُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَصِّيْصِيّ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَبركَةَ بنِ
مُحَمَّدٍ الحَلَبِيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
المُقْرِئِ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
إِسْحَاقَ الحَلَبِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقِيْلَ:يُكْنَى أَبَا القَاسِم أَيْضاً.
مَاتَ:سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فَأَمَّا سمِيُّه المُحَدِّث:
199 - أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ
اللهِ بنِ أَحْمَدَ الأَسَدِيُّ **
الحَلَبِيّ المُعَدِّل.
حَدَّثَ عَنْ:إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ،
وَمُحَمَّد بن قُدَامَةَ المَصِّيْصِيّ، وَأَحْمَد بن
حَرْب الطَّائِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَمُحَمَّد بن
المُظَفَّر، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو
أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّد بن
سُلَيْمَانَ بن أَحْمَدَ بنِ ذَكْوَان، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 10 / 20 / ب، تاريخ حلب الشهباء: 4 /
19.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 10 / 20 / ب، تاريخ حلب الشهباء: 4
/ 18.
(14/307)
وَيعرف هَذَا أَيْضاً - فِيْمَا قِيْلَ -
بِابْنِ أَخِي الإِمَام، فصَارُوا ثَلاَثَة، فَهَذَانِ
المُتَعَاصِرَانِ يشتبهَان، بِخلاَف الكَبِيْر الَّذِي
هُوَ شَيْخ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ.
200 - جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سِنَانِ بنِ أَسَدٍ
الوَاسِطِيُّ القَطَّانُ *
الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
سَمِعَ:أَبَاهُ، الحَافِظَ أَبَا جَعْفَرٍ القَطَّانَ،
وَتَمِيْمَ بنَ المُنْتَصِر، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَهَنَّاد
بن السَّرِيِّ، وَسُلَيْمَان بنَ عُبَيْد اللهِ،
وَمُحَمَّدَ بن بَشَّار بُنْدَاراً، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ عَدِيّ، وَالقَاضِي يُوْسُف
المَيَانَجِيّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، عَنْ
عَبْدِ المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ؛أَخْبَرَنَا أَبُو
القَاسِمِ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الطّيّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحِيْرِيّ،
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ بِوَاسِط،
أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ المُنْتَصِر، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ، عَنْ سُفْيَانَ، وَشَريك، عَنْ هِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرو
قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انتِزَاعاً
يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبض
العُلَمَاء...)الحَدِيْث (1) .
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129
/ 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 752، طبقات الحفاظ: 316.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري: 1 / 175 174 في العلم:
باب كيف يقبض العلم، وفي الاعتصام: باب ما يذكر من ذم
الرأي..، ومسلم (2673) في العلم: باب رفع العلم وقبضه،
والترمذي (2654) في العلم: باب ما جاء في ذهاب العلم، من
طرق =
(14/308)
201
- الدُّوْلاَبِيُّ (1) أَبُو بِشْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ البَارِعُ، أَبُو بِشْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادِ بنِ سَعِيْدِ بن مُسْلِمٍ
الأَنْصَارِيُّ، الدُّوْلاَبِيُّ، الرَّازِيُّ،
الوَرَّاقُ.
سَمِعَهُ الحَسَنُ بنُ رَشِيق يَقُوْلُ:وُلِدْتُ فِي
سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى،
وَأَحْمَد بن أَبِي سُرَيْج الرَّازِيّ، وَزِيَاد بن
أَيُّوْبَ، وَمُحَمَّد بن مَنْصُوْرٍ الجَوَّاز،
وَهَارُوْن بنَ سَعِيْدٍ الأَيْلِيّ، وَمُوْسَى بن عَامِرٍ
المُرِّيّ، وَأَبَا غَسَّانَ زُنَيْج، وَمُحَمَّدَ بنَ
إِسْمَاعِيْلَ ابْن عُلَيَّةَ، وَأَبَا إِسْحَاقَ
الجُوْزَجَانِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بن عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الجُعْفِيّ، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ،
وَمُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ الحِمْصِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ،
وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ حَيُّويَه، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ المُهَنْدِس، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ،
وَهِشَام بن مُحَمَّدِ بنِ قرَّة
__________
= عن هشام بن عروة، عن أبيه: سمعت عبد الله بن عمرو بن
العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن
الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض
العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا
جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا ".
(1) ضبطت الدال في الأصل بالضم والفتح، وكتب فوق الحركتين
" معا " إشارة إلى جواز الوجهين. ولكن المؤلف نقل عن
السمعاني في نهاية الترجمة روايته بالفتح، وتصحيح لذلك.
(*) الأنساب: 233 / ب، المنتظم: 6 / 169، وفيات الأعيان: 4
/ 353 352، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي:
الورقة 131 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 760 759، العبر: 2 /
146 145، دول الإسلام: 1 / 187، ميزان الاعتدال: 3 / 459،
الوافي بالوفيات: 2 / 36، البداية والنهاية: 11 / 145،
لسان الميزان: 5 / 42 41، النجوم الزاهرة: 3 / 206، طبقات
الحفاظ: 319، شذرات الذهب: 2 / 260، الرسالة المستطرفة:
120.
(14/309)
الرُّعَيْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ:يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ، وَمَا
يُتَبَيَّنُ مِنْ أَمره إِلاَّ خَيْر.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:هُوَ مُتَّهَم فِيْمَا يَقُوْله فِي
نُعَيْم بن حَمَّادٍ لصلاَبتِهِ فِي أَهْل الرَّأْي.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ:كَانَ أَبُو بِشْرٍ مِنْ أَهْلِ
الصَّنْعَة، وَكَانَ يُضعَّف.
قَالَ:وَمَاتَ بِالعرج - بَيْنَ مَكَّة وَالمَدِيْنَة -
فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
عميرَة قَالاَ:
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ صبَّاح، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ
القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ بُهزَاد الفَارِسِيّ، حَدَّثَنَا
أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
خَلَفٍ، حَدَّثَنَا قَبِيْصَة، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَابِر
قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
:(أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ:{إِنَّ الصَّفَا
وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِر الله (1) }.
أَخْبَرْنَا ابْنُ طَارِق، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ،
أَخْبَرَنَا المُؤَيَّدُ بنُ الْأُخوة، أَخْبَرَنَا
سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
مَحْمُوْدٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ،
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ
حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو أَبُو
غَسَّان، حَدَّثَنَا حَكَّامُ بنُ سَلْم، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بنُ زَائِدَة، عَنِ الزُّبَيْر بن عَدِيٍّ، عَنْ
أَنَسٍ قَالَ قُبِضَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 372 في
الحج: باب البدء بالصفا في السعي، ومسلم (1218) في الحج:
باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو داود (1905)
وأحمد: 3 / 321 320، والطيالسي (1688) وابن ماجه (3074)
والدارمي: 2 / 44، 49، والبيهقي: 5 / 9 7 كلهم من طريق
جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر.
(14/310)
وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، وَأَبُو
بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، وَعمرُ وَهُوَ
ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِم (1) ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ:فتحُ دَال الدَّوْلاَبِيّ أَصحَّ،
وَدولاَب:مِنْ قرَى الرَّيّ.
202 - المَرْوَزِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَرْوَزِيُّ.
رَحَلَ وَحَمَلَ عَنْ بُنْدَار، وَعَلِيّ بن خَشْرَمٍ،
وَخَلْق.
وَعَنْهُ:ابْنُ عقدَة، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ أَبِي دَارم، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
203 - ابْنُ سُفْيَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ
النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ،
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُفْيَان النَّيْسَابُوْرِيُّ، مِنْ
تَلاَمِذَة أَيُّوْب بنِ الحَسَنِ الزَّاهِد الحَنَفِيّ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
سَمِعَ:(الصَّحِيْح)مِنْ مُسْلِم بِفَوْت، رَوَاهُ
وِجَادَة (2) وَهُوَ فِي الحَجّ، وَفِي
__________
(1) برقم (2348) في الفضائل: باب كم سن النبي صلى الله
عليه وسلم يوم قبض.
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
(* *) الكامل في التاريخ: 8 / 123، العبر: 2 / 136، دول
الإسلام: 1 / 186، الوافي بالوفيات: 6 / 129 128، البداية
والنهاية: 11 / 131، شذرات الذهب: 2 / 252.
(2) الوجادة: هي أن يأخذ الحديث من صحيفة من غير سماع، ولا
إجازة، ولا مناولة. وقوله: " بفوت " أي: فاته السماع في
بعضه.
(14/311)
الوصَايَا، وَفِي الإِمَارَة، وَذَلِكَ
محرَّر مقيَّد فِي النّسخ، يَكُوْن مَجْمُوْعه سَبْعاً
وَثَلاَثينَ قَائِمَة.
وَسَمِعَ مِنْ:سُفْيَان بنِ وَكِيْع، وَعَمْرو بن عَبْدِ
اللهِ الأَوْدِيّ، وَعِدَّة بِالعِرَاقِ، وَمِنْ مُحَمَّد
بن مُقَاتل الرَّازِيّ، وَمُوْسَى بن نَصْرٍ بِالرَّيِّ،
وَمِنْ مُحَمَّد بن أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ المُقْرِئ،
وَأَقرَانه بِمَكَّةَ، وَمِنْ مُحَمَّد بن رَافِعٍ،
وَمُحَمَّد بن أَسْلَم الطُّوْسِيّ بِبَلَدِهِ، وَلاَزم
مسلماً مُدَّة، وَبَرَعَ فِي عِلْمِ الأَثر.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ الفَقِيْه،
وَالقَاضِي عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شُعَيْب، وَأَبُو الفَضْلِ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُحَمَّد بن عِيْسَى بنِ
عمروَيه الجُلُوديُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ شُعَيْب:مَا كَانَ فِي مَشَايِخنَا أَزهدُ
وَلاَ أَعْبَدُ مِنِ ابْنِ سُفْيَان.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الْعدْل:كَانَ ابْنُ
سُفْيَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ:كَانَ مِنَ العُبَّاد الْمُجْتَهدين
الملاَزمِين لمُسْلِم.
قَالَ:وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ شُعَيْب
يَقُوْلُ:تُوُفِّيَ ابْنُ سُفْيَانَ عَشِيَّة الاثْنَيْن،
وَدُفِنَ يَوْمَئِذٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ
مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِر، أَنْبَأَنَا
أَبُو رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِر، أَخْبَرَنَا أَبُو
سَعْدٍ الأَدِيْب، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ سُفْيَان، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ
الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ المَلِكِ بن
أَبِي غَنيَّة، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ
زِرّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً (1)).
غَرِيْبٌ فردٌ دَار عَلَى الأَشَجّ، وَقَدْ حدَّث
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه الترمذي (2844) في الأدب: باب ما
جاء ان من الشعر حكمة، من طريق أبي سعيد الاشج واسمه عبد
الله بن سعيد عن يحيى بن عبد الملك به.
وفي الباب عن أبي بن كعب عند البخاري: 10 / 446 445 في
الأدب، وأبي داود (5010) وعن عبد الله بن عباس عند الترمذي
(2848) وأبي داود (5011) بلفظ: " إن من الشعر حكما " قال
ابن الأثير: " الحكم: الحكمة.
والمعنى: إن من الشعر كلاما يمنع عن الجهل والسفه، وينهى
عنهما ".
(14/312)
بِهِ عَنْهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيّ.
204 - الكَعْبِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْدٍ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المُعْتَزِلَة، أَبُو القَاسِمِ
عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْد البَلْخِيُّ،
المَعْرُوْف:بِالكَعْبِيِّ، مِنْ نُظَرَاء أَبِي عَلِيٍّ
الجُبَائِيّ، وَكَانَ يَكْتُبُ الإِنشَاء لبَعْض
الأُمَرَاء وَهُوَ أَحْمَد بن سَهْل مُتَوَلِّي
نَيْسَابُوْر، فثَار أَحْمَد، وَرَام الْملك، فَلَمْ يتمَّ
لَهُ، وَأُخذَ الكَعْبِيّ، وَسُجن مُدَّة، ثُمَّ خَلَّصَه
وَزِيْرُ بَغْدَاد عليُّ بنُ عِيْسَى، فَقَدم بَغْدَاد،
وَنَاظر بِهَا.
وَله مِنَ التَّصَانِيْف كِتَاب(المقَالاَت)،
وَكِتَاب(الغُرَر)، وَكِتَاب(الاسْتدلاَل بِالشَّاهد عَلَى
الغَائِب)، وَكِتَاب(الجَدَل)، وَكِتَاب(السُّنَّة
وَالجَمَاعَة)، وَكِتَاب(التَّفْسِيْر الكَبِيْر)،
وَكِتَاب فِي الرَّد عَلَى متنبِئٍ بِخُرَاسَانَ، وَكِتَاب
فِي النَّقض عَلَى الرَّازِيّ فِي الفَلْسَفَة الإِلهيَّة،
وَأَشيَاء سِوَى ذَلِكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْم:تُوُفِّيَ فِي
أَوَّلِ شَعْبَان سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
كَذَا قَالَ:وَصوَابُه:سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ،
وَسيعَاد.
205 - الحَلاَّجُ الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ مَحْمِيٍّ
**
هُوَ:الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرِ بن مَحْمِيٍّ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ - وَيُقَالُ:أَبُو مُغِيْثٍ -
__________
(*) الفرق بين الفرق: 167 165، الفصل في الملل والنحل: 4 /
203، تاريخ بغداد: 9 / 384، الملل والنحل: 1 / 78 76،
الأنساب: 485 / أ، المنتظم: 6 / 238، الكامل في التاريخ: 8
/ 236، وفيات الأعيان: 3 / 45 العبر: 2 / 176، مرآة
الجنان: 2 / 278، البداية والنهاية: 11 / 174، طبقات
المعتزلة لابن المرتضي: 89 88، لسان الميزان: 3 / 256 255،
شذرات الذهب: 2 / 281، طبقات الاصوليين: 1 / 171 170
(* *) صلة تاريخ الطبري: 94 79، طبقات الصوفية: 311 307،
تجارب الأمم 1 / 76 حوادث سنة 309، فهرست ابن النديم: 272
269، تاريخ بغداد: =
(14/313)
الفَارِسِيُّ، البيضَاوِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وَالبَيْضَاء:مَدِيْنَة ببلاَد فَارس (1) .
وَكَانَ جَدُّهُ مَحْمِيٌّ مَجُوْسِيّاً.
نشَأَ الحُسَيْن بِتُسْتَر، فَصَحِب سَهْلَ بنَ عَبْدِ
اللهِ التُّسْتَرِيّ، وَصَحِبَ بِبَغْدَادَ الجُنَيْد،
وَأَبَا الحُسَيْنِ النُّوْرِيّ، وَصَحِبَ عَمْرو بنَ
عُثْمَانَ المَكِّيّ.
وَأَكْثَر التَّرحَال وَالأَسفَار وَالمُجَاهَدَة.
وَكَانَ يصحِّح حَالَه أَبُو العَبَّاسِ بنُ عَطَاءٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ خَفِيْف، وَإِبْرَاهِيْمُ أَبُو القَاسِمِ
النَّصْر آباذِيّ.
وَتبرَّأَ مِنْهُ سَائِرُ الصُّوْفِيَّة وَالمَشَايِخ
وَالعُلَمَاء لِمَا سترَى مِنْ سوء سِيرتِهِ وَمُروقه،
وَمِنْهُم مِنْ نَسَبَهُ إِلَى الحُلول، وَمِنْهُم مَنْ
نَسَبَهُ إِلَى الزَّنْدَقَةِ، وَإِلَى الشَّعْبَذَةِ
وَالزَّوكرَة، وَقَدْ تَسْتَّر بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ ذوِي
الضَّلال وَالانحلاَل، وَانتحلُوهُ وَروَّجُوا بِهِ عَلَى
الجُهَّال.
نَسْأَلُ اللهَ العِصْمَة فِي الدِّين.
أَنْبَأَنِي ابْنُ عَلاَّنَ وَغَيْرهُ:أَنَّ أَبَا اليُمْن
الكِنْدِيّ أَخْبَرَهُم قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو
مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي مَسْعُوْدُ بنُ نَاصر
__________
= 8 / 112 - 141، الأنساب: 181، المنتظم: 6 / 164 160،
الكامل في التاريخ: 8 / 126 - 129، وفيات الأعيان: 2 / 140
- 146، العبر: 2 / 138 - 144، ميزان الاعتدال: 1 / 548،
دول الإسلام: 1 / 187، مرآة الجنان: 2 / 253 - 261،
البداية والنهاية: 11 / 132 - 144، المختصر في أخبار
البشر: 2 / 71 70، طبقا ت الأولياء: 187 - 188، لسان
الميزان: 2 / 314 - 315، النجوم الزاهرة: 3 / 182 و202 -
203، شذرات الذهب: 2 / 253 - 257، روضات الجنات: 226 -
237.
وانظر " أخبار الحلاج من جمع ماسبنيون (باريس 1957) و"
ديوان الحلاج " جمع ما سينيون أيضا، نشر في المجلة
الاسيوبة (باريس 1931) كما نشر ماسينيون " الأصول الأربعة
" وهي تتعلق بسيرة الحلاج.
(1) قال ياقوت في " البلدان " 1 / 529: " وقال الاصطخري:
البيضاء: أكبر مدينة في كورة اصطخر، وإنما سميت البيضاء،
لان لها قلعة تبين من بعد ويرى بياضها، وكانت =
(14/314)
السِّجْزِيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ بَاكُويه،
أَخْبَرَنِي حمدُ بنُ الحَلاَّج قَالَ:مَوْلِدُ أَبِي
بِطُور البَيْضَاء، وَمنشؤُهُ تُسْتَر، وَتلمذ لسَهل
سَنَتَين، ثُمَّ صعد إِلَى بَغْدَادَ.
كَانَ يَلْبس المُسوح، وَوقتاً يَلْبس الدُّرَّاعَة
وَالعِمَامَة وَالقَبَاء، وَوقتاً يَمْشِي بِخِرْقَتين،
فَأَوَّل مَا سَافر مِنْ تُسْتَر إِلَى البَصْرَةِ كَانَ
لَهُ ثَمَان عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى عَمْرو
المَكِّيّ، فَأَقَامَ مَعَهُ ثَمَانيَةَ عشرَ شَهْراً،
ثُمَّ إِلَى الجُنَيْد، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الجُنَيْد لأَجل مَسْأَلَة، وَنسبه الجُنَيْد إِلَى
أَنَّهُ مُدَّعٍ، فَاسْتوحَشَ وَأَخَذَ وَالدتِي، وَرَجَعَ
إِلَى تُسْتَر، فَأَقَامَ سنَة، وَوَقَعَ لَهُ القَبول
التَّامّ، وَلَمْ يَزَلْ عَمْرُو بن عُثْمَانَ يَكْتُبُ
الكُتُب فِيْهِ بِالعظَائِم حَتَّى حرِد أَبِي وَرَمَى
بثِيَاب الصُّوْفِيَّة، وَلبس قَباءٌ، وَأَخَذَ فِي
صُحْبَة أَبْنَاء الدُّنْيَا.
ثمَّ إِنَّهُ خَرَجَ وَغَاب عَنَّا خَمْسَ سِنِيْنَ، بلغَ
إِلَى مَا وَرَاء النَّهر، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فَارس،
وَأَخَذَ يَتَكَلَّم عَلَى النَّاسِ، وَيعملُ المَجْلِس
وَيدعُو إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَصَنَّفَ لَهُم
تَصَانِيْف، وَكَانَ يَتَكَلَّم عَلَى مَا فِي قُلُوْب
النَّاس، فسُمِّيَ بِذَلِكَ حلاَّج الأَسرَار، وَلُقب
بِهِ.
ثمَّ قَدِمَ الأَهْوَاز وَطلبنِي، فحُملت إِلَيْهِ، ثُمَّ
خَرَجَ إِلَى البَصْرَةِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ
وَلبس المرقَّعَة، وَخَرَجَ مَعَهُ خلق، وَحسَدَهُ أَبُو
يَعْقُوْبَ النَّهْرَجُورِيّ، وَتكلّم فِيْهِ، ثُمَّ جَاءَ
إِلَى الأَهْوَاز، وَحمل أُمِّي وَجَمَاعَة مِنْ كِبَار
أَهْل الأَهْوَاز إِلَى بَغْدَادَ، فَأَقَامَ بِهَا سنَة.
ثُمَّ قصد إِلَى الهِنْد وَمَا وَرَاء النَّهر ثَانياً،
وَدَعَا إِلَى اللهِ، وَأَلَّف لَهُم كتباً، ثُمَّ رَجَعَ،
فَكَانُوا يكَاتِبونه مِنَ الهِنْد بِالمُغِيْث، وَمِنْ
بلاَد مَاصين وَتُرْكستَان بِالمُقيت، وَمِنْ خُرَاسَان
بِأَبِي عَبْدِ اللهِ الزَّاهِد، وَمِنْ خوزستَان
بِالشَّيْخ حلاَّج الأَسرَار.
__________
= معسكرا للمسلمين يقصدونها في فتح إصطخر..وهي تامة
العمارة، خصبة جدا، بينها وبين شيراز ثمانية فراسخ ".
(14/315)
وَكَانَ بِبَغْدَادَ قَوْم يُسَمُّونه
المُصْطَلم، وَبِالبَصْرَة المُحيّر، ثُمَّ كثرتِ
الأَقَاويلُ عَلَيْهِ بَعْد رُجُوعه مِنْ هَذِهِ
السَّفرَة، فَقَامَ وَحَجّ ثَالِثاً، وَجَاور سَنَتَيْنِ،
ثُمَّ رَجَعَ وَتَغَيَّر عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي
الأَوَّل، وَاقتنَى العَقَار بِبَغْدَادَ، وَبنَى دَاراً،
وَدَعَا النَّاس إِلَى مَعْنَى لَمْ أَقف عَلَيْهِ، إِلاَّ
عَلَى شطر مِنْهُ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الشِّبلِيِّ وَغَيْره مِنْ مَشَايِخ الصُّوْفِيَّة،
فَقِيْلَ:هُوَ سَاحر.
وَقِيْلَ:هُوَ مَجْنُوْنَ.
وَقِيْلَ:هُوَ ذُو كَرَامَات، حَتَّى أَخذه السُّلْطَان.
انْتَهَى كَلاَم وَلده.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ:إِنَّمَا قِيْلَ لَهُ:الحَلاَّج
لأَنَّه دَخَلَ وَاسطاً إِلَى حلاَّج، وَبعثَه فِي شُغل،
فَقَالَ:أَنَا مَشْغُوْل بِصَنْعَتِي.
فَقَالَ:اذهبْ أَنْتَ حَتَّى أُعينك، فَلَمَّا رَجَعَ وَجد
كُلَّ قُطْنٍ عِنْدَهُ محلوجاً.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ بنِ حَنْظَلَة
الوَاسِطِيُّ السَّمَّاك، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
دَخَلَ الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرٍ وَاسطاً، فَاسْتقبله
قَطَّان، فَكلَّفه الحُسَيْنُ إِصْلاَح شغله وَالرَّجُلُ
يتثَاقل فِيْهِ، فَقَالَ:اذهبْ فَإِنِّي أُعينك.
فَذَهَبَ، فَلَمَّا رَجَعَ، رَأَى كُلَّ قُطْن عِنْدَهُ
محلوجاً مندوَفاً، وَكَانَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ
رَطْل.
وَقِيْلَ:بَلْ لتكلُّمه عَلَى الأَسرَار.
وَقِيْلَ:كَانَ أَبُوْهُ حلاَّجاً.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ السَّرَّاج:صَحِبَ الحَلاَّجُ عَمْرو
بنَ عُثْمَانَ، وَسرقَ مِنْهُ كتباً فِيْهَا شَيْءٌ مِنْ
علم التصوُّف، فَدَعَا عَلَيْهِ عَمْرو:اللَّهُمَّ اقطَعْ
يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الوَلِيْدِ:كَانَ المَشَايِخُ يَسْتَثقلُوْنَ
كلامَه، وَينَالُوْنَ مِنْهُ لأَنَّه كَانَ يَأْخذ نَفْسَه
بِأَشيَاء تُخَالف الشَّريعَة، وَطَرِيْقَة الزُّهَّاد،
وَكَانَ يدَّعِي المحبَّة للهِ، وَيظهر مِنْهُ مَا يخَالف
دعوَاهُ.
قُلْتُ:وَلاَ ريبَ أنَّ اتِّبَاع الرَّسُول - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمٌ لمحبَّة الله
لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُلْ إِنْ كُنْتُم تُحِبُّونَ اللهَ
فَاتَّبِعُوْنِي يُحْبِبْكُم اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُم
ذُنُوبكُم} [آل عِمْرَان:31].
(14/316)
أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ
السُّلَمِيّ:أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَضْرَمِيّ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:كُنْتُ جَالِساً عِنْد الجُنَيْد، إِذْ
وَرد شَابٌّ عَلَيْهِ خِرْقَتَانِ، فَسَلَّمَ وَجَلَسَ
سَاعَة، فَأَقبل عَلَيْهِ الجُنَيْد، فَقَالَ لَهُ:سَلْ
مَا تُرِيْد أَنْ تسأَل.
فَقَالَ لَهُ:مَا الَّذِي بَايَنَ الخَلِيْفَة عَنْ رُسُوم
الطَّبْع؟
فَقَالَ الجُنَيْد لَهُ:أَرَى فِي كَلاَمك فُضُولاً، لِمَ
لاَ تسأَل عَنْ مَا فِي ضمِيرك مِنَ الخُرُوج
وَالتَّقَدُّم عَلَى أَبْنَاء جِنْسِكَ؟
فَأَقبلَ الجُنَيْد يَتَكَلَّم، وَأَخَذَ هُوَ يُعَارِضُهُ
إِلَى أَنْ قَالَ لَهُ الجُنَيْد:أَيّ خَشَبَةٍ
تُفْسِدُهَا؟يُرِيْد أَنَّهُ يُصْلب.
قَالَ السُّلَمِيُّ:وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ
الهَمَذَانِيَّ يَقُوْلُ:سأَلت إِبْرَاهِيْمَ بنَ شَيْبَان
عَنِ الحَلاَّج، فَقَالَ:مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُر إِلَى
ثمرَات الدَّعَاوِي الفَاسِدَة فليَنْظُرْ إِلَى الحَلاَّج
وَمَا صَارَ إِلَيْهِ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَاكويه:حَدَّثَنَا أَبُو
الفَوَارِسِ الجَوْزَقَانِيّ:حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
شَيْبَان قَالَ:سلَّم أُسْتَاذِي أَبُو عَبْدِ اللهِ
المَغْرِبِيُّ عَلَى عَمْرو بنِ عُثْمَانَ، فجَارَاهُ فِي
مَسْأَلَة، فجرَى فِي عُرض الكَلاَم أَنْ قَالَ:هَا هُنَا
شَابٌّ عَلَى جَبَل أَبِي قُبَيْس.
فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْد عَمْرو صعِدنَا إِلَيْهِ،
وَكَانَ وَقت الهَاجرَة، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا
هُوَ جَالسٌ فِي صحْن الدَّار عَلَى صخرَةٍ فِي الشَّمْس،
وَالعَرَقُ يسيلُ مِنْهُ عَلَى الصَّخْرَة، فَلَمَّا نظر
إِلَيْهِ المَغْرِبِيُّ رَجَعَ وَأَشَار بِيَدِهِ:ارْجِع.
فنزلنَا المَسْجَد، فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ:إِن
عشتَ ترَ مَا يَلقَى هَذَا، قَدْ قَعَدَ بِحمقِهِ يتصبَّر
مَعَ الله.
فَسَأَلنَا عَنْهُ فَإِذَا هُوَ الحَلاَّج.
قَالَ السُّلَمِيُّ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ شَاذَانَ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الكتَّانِيَّ
يَقُوْلُ:دَخَلَ الحَلاَّج مَكَّة، فجهِدْنَا حَتَّى
أَخَذْنَا مرقَّعته، فَأَخَذْنَا مِنْهَا قَمْلَة،
فوزنَّاهَا فَإِذَا فِيْهَا نِصْفُ دَانقٍ (1) مِنْ شِدَّة
مُجَاهَدته.
__________
(1) الدانق والدانق: من الاوزان. قال صاحب " اللسان ": هو
سدس الدرهم، وأنشد ابن بري: =
(14/317)
قُلْتُ:ابْن شَاذَانَ مُتَّهَم، وَقَدْ
سَمِعْنَا بِكَثْرَة الْقمل، أَمَا كبرُ الْقمل، فَمَا
وَقَعَ، وَلَوْ كَانَ يَقَع، لتدَاوله النَّاس.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المُحَسِّنِ التَّنُوْخِيّ (1)
:أَخْبَرَنَا أَبِي:حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ
القَاضِي، قَالَ:حَمَلنِي خَالِي مَعَهُ إِلَى الحَلاَّج،
فَقَالَ لِخَالِي:قَدْ عَملتُ عَلَى الخُرُوج مِنَ
البَصْرَةِ.
قَالَ:وَلِمَ؟
قَالَ:قَدْ صيَّرَنِي أَهلُهَا حَدِيْثاً، حَتَّى إِنَّ
رَجُلاً حمل إِلَيَّ درَاهم وَقَالَ:اصرِفْهَا إِلَى
الفُقَرَاء، فَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرتِي أَحَد، فجعلتُهَا
تَحْتَ بارِيَّة (2) ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ غدٍ احتفَّ بِي
قَوْم مِنَ الفُقَرَاء، فَشُلْتُ البَارِيَّةَ
وَأَعطَيْتُهُم تِلْكَ الدَّرَاهِم، فشَنَّعُوا
وَقَالُوا:إِنِّيْ أَضرب بيدِي إِلَى التُّرَاب فَيصير
درَاهم.
وَأَخَذَ يعدِّدُ مِثْل هَذَا، فَقَامَ خَالِي
وَقَالَ:هَذَا مُتنمّس (3) .
قَالَ ابْنُ النَّدِيْم:قَرَأْتُ بخَطِّ عُبَيْدِ اللهِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي طَاهِرٍ:كَانَ الحَلاَّج مشعبذاً
محتَالاً، يتعَاطَى التصرُّف، وَيدَّعِي كُلَّ علم،
وَكَانَ صِفْراً مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ يَعْرِف فِي
الكيمِيَاء، وَكَانَ مِقْدَاماً جسوراً عَلَى السَّلاَطين،
مرتكباً لِلْعظَائِم، يروم إِقلاَب الدُّول، وَيدَّعِي
عِنْد أَصْحَابه الإِلهيَّة، وَيَقُوْلُ بالحُلول، وَيُظهر
التَّشَيُّع لِلْمُلُوْك، وَمَذَاهِبَ الصُّوْفِيَّة
لِلْعَامَّة، وَفِي تضَاعِيف ذَلِكَ يَدَّعِي أَنَّ
الإِلهيَّة حلَّت فِيْهِ، تَعَالَى الله وَتَقَدَّسَ
عَمَّا يَقُوْلُ.
وَقَالَ ابْنُ بَاكويه:سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ بنَ أَبِي
توبَة يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ
__________
= يا قوم من يعذر من عجرد * القاتل المرء على الدانق
(1) هو القاضي أبو القاسم، علي بن المحسن التنوخي.
من علماء المعتزلة، تقلد القضاء في عدة نواح، منها:
المدائن وأذربيجان، وكان ظريفا نبيلا جيد النادرة.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
وسترد ترجمته في الجزء الثامن عشر.
وأبوه هو القاضي أبو علي المحسن بن أبي القاسم التنوخي
الأديب الشاعر الاخباري صاحب " نشوار المحاضرة "، " والفرج
بعد الشدة " المتوفي سنة 384 ه.
(2) هي الحصير المنسوج. انظر " تاج العروس " مادة: بور،
والمعرب ص 46 للجواليقي.
(3) أي: محتال.
(14/318)
أَحْمَد الحَاسِبَ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ
وَالدِي يَقُوْلُ:وَجَّهنِي المُعْتَضِدُ إِلَى الهِنْد
لأُمُورٍ أَتعرَّفُهَا لَهُ، فَكَانَ مَعِي فِي
السَّفِيْنَة رَجُلٌ يُعْرَفُ بِالحُسَيْن بنِ مَنْصُوْرٍ،
وَكَانَ حَسَنَ العِشْرَة، فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ
الْمركب قُلْتُ:لِمَ جِئْت؟
قَالَ لأَتَعَلَّمَ السِّحرَ وَأَدْعُو الْخلق إِلَى
اللهِ.
وَكَانَ عَلَى سطح كوخ فِيْهِ شَيْخ.
فَقَالَ لَهُ:هَلْ عِنْدَكُم مَنْ يَعْرِف شَيْئاً مِنَ
السّحر؟
قَالَ:فَأَخْرَجَ الشَّيْخ كُبَّةً مِنْ غزل، وَنَاول
طرَفهَا الحُسَيْن، ثُمَّ رمَى الكُبَّةَ فِي الهوَاء،
فصَارت طَاقَة وَاحِدَة، ثُمَّ صعد عَلَيْهَا وَنَزَلَ،
وَقَالَ لِلْحُسَيْنِ:مِثْل هَذَا تُرِيْد؟.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ (1) :سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ الأَزْرَق:حَدَّثَنِي غَيْر وَاحِدٍ
مِنَ الثِّقَات:أَنَّ الحَلاَّج كَانَ قَدْ أَنْفَذَ
أَحَدَ أَصْحَابِهِ إِلَى بلاَد الْجَبَل، وَوَافقه عَلَى
حِيْلَةٍ يعملهَا، فسَافر، وَأَقَامَ عِنْدَهُم سِنِيْنَ
يظْهر النُّسُكَ وَالعِبَادَة، وَإِقرَاء القُرْآن
وَالصَّوْم، حَتَّى إِذَا علم أَنَّهُ قَدْ تَمَكَّنَ
أَظهر أَنَّهُ قَدْ عَمِيَ، فَكَانَ يُقَاد إِلَى مَسْجِد،
وَيتعَامَى شهوراً، ثُمَّ أَظهر أَنَّهُ قَدْ زَمِنَ،
فَكَانَ يُحْمَلَ إِلَى المَسْجَد، حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ
عَلَى ذَلِكَ، وَتقرَّر فِي النُّفُوْس زَمَانَتُهُ
وَعَمَاهُ، فَقَالَ لَهُم بَعْدَ ذَلِكَ:رَأَيْتُ فِي
النَّوْمِ كَأنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ لِي:إِنَّهُ يَطْرُقُ هَذَا البلدَ
عَبْدٌ مُجَابُ الدَّعْوَةِ، تُعَافَى عَلَى يَده،
فَاطلبُوا لِي كُلَّ مَنْ يجتَاز مِنَ الفُقَرَاء،
فلَعَلَّ الله أَنْ أُعَافَى.
فَتَعَلَّقَتِ النُّفُوْس بِذَلِكَ العَبْد، وَمَضَى
الأَجلُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الحَلاَّج، فَقَدِمَ
البلدَ، وَلبس الصُّوف، وَعكَفَ فِي الجَامِع، فتنبَّهُوا
لَهُ، وَأَخبَرُوا الأَعمَى، فَقَالَ:احمِلونِي إِلَيْهِ،
فَلَمَّا حصل عِنْدَهُ وَعلم أَنَّهُ الحَلاَّج قَالَ:يَا
عَبْدَ اللهِ:إِنِّيْ رَأَيْت منَاماً.
وَقصَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:مَنْ أَنَا وَمَا
مَحَلِّي؟ثُمَّ أَخذ يَدْعُو لَهُ، وَمسح يَده عَلَيْهِ،
فَقَامَ
__________
(1) الخبر في " نشوار المحاضرة " 6 / 78 76، و" تاريخ
بغداد " 8 / 123 122 وما بين حاصرتين منهما.
(14/319)
المتزَامن صَحِيْحاً بَصِيْراً، فَانقلَبَ
البَلَد، وَازْدَحَمُوا عَلَى الحَلاَّج، فتركهُم
وَسَافَرَ، وَأَقَامَ المُعَافَى شهوراً، ثُمَّ قَالَ
لَهُم:إِنَّ مِنْ حقِّ الله عِنْدِي، وَردِّهِ جَوَارحِي
عليّ أَنْ أَنفردَ بِالعِبَادَة، وَأَنَّ أُقيمَ فِي
الثَّغْرِ، وَأَنَا أَستودِعُكُم الله.
فَأَعطَاهُ هَذَا أَلفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ:اغزُ بِهَا
عَنِّي، وَأَعطَاهُ هَذَا مائَة دِيْنَارٍ وَقَالَ:اخرجْ
بِهَا فِي غَزْوَة، وَأَعطَاهُ هَذَا مَالاً، وَهَذَا
مَالاً، حَتَّى اجْتَمَعَ لَهُ أَلوف دَنَانِيْر وَدرَاهم،
فَلحق بِالحَلاَّج، وَقَاسَمَهُ عَلَيْهَا.
قَالَ التَّنُوْخِيّ:أَخْبَرَنَا أَبِي، قَالَ:مِنْ
مخَاريق الحَلاَّج أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً
وَمَعَهُ مَنْ يَتَنَمَّس عَلَيْهِ وَيَهُوسُهُ، قَدِمَ
قَبْل ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابه الَّذِيْنَ يَكْشِفُ لَهُم
الأَمْر، ثُمَّ يمضِي إِلَى الصَّحرَاء، فَيُدْفَن فِيْهَا
كَعْكاً، وَسُكَّراً، وَسَوِيقاً، وَفَاكهَةً يَابسَة،
وَيعلِّم عَلَى مَوَاضِعهَا بِحجر، فَإِذَا خَرَجَ القَوْم
وَتَعِبُوا قَالَ أَصْحَابُهُ:نريدُ السَّاعَة كَذَا
وَكَذَا.
فينفردُ وَيُرِي أَنَّهُ يدعُو، ثُمَّ يَجِيْءُ إِلَى
المَوْضِعِ فَيُخْرِجُ الدَّفين الْمَطْلُوب مِنْهُ.
أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ الجَمُّ الغَفير، وَأَخبرُونِي
قَالُوا:رُبَّمَا خَرَجَ إِلَى بِسَاتينِ البَلَد، فيقدِّم
مَنْ يَدْفِنُ الفَالوذَجَ الحَارَّ فِي الرُّقَاق،
وَالسَّمك السُّخن فِي الرُّقَاق، فَإِذَا خَرَجَ طلبَ
مِنْهُ الرَّجُل - فِي الحَال - الَّذِي دَفنه، فيُخْرِجه
هُوَ.
ابْنُ بَاكويه:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ خَفِيْف:سَمِعْتُ
أَبَا يَعْقُوْب النَّهرجورِيَّ يَقُوْلُ:دَخَلَ الحَلاَّج
مَكَّة وَمَعَهُ أَرْبَعُ مائَة رَجُل، فَأَخَذَ كُلُّ
شَيْخ مِنْ شُيُوْخ الصُّوْفِيَّةِ جَمَاعَة، فَلَمَّا
كَانَ وَقت المَغْرِب جِئْت إِلَيْهِ، قُلْتُ:قُمْ
نُفْطِرْ.
فَقَالَ:نَأْكل عَلَى رَأْس أَبِي قُبَيْس.
فصعدنَا فَلَمَّا أَكَلْنَا قَالَ الحُسَيْنُ:لَمْ نَأْكل
شَيْئاً حُلُواً!
قُلْتُ:أَلَيْسَ قَدْ أَكلنَا التَّمْر؟
فَقَالَ (1) :أُرِيْد شَيْئاً مَسَّته النَّار، فَهَام
وَأَخَذَ
__________
(1) في الأصل: قلت، وهو تصحيف.
(14/320)
ركوَة، وَغَاب سَاعَة، ثُمَّ رَجَعَ
وَمَعَهُ جَامُ حلوَاء، فَوَضَعه بَيْنَ أَيدينَا
وَقَالَ:بِسْمِ اللهِ.
فَأَخَذَ القَوْم يَأْكلُوْنَ وَأَنَا أَقُول:قَدْ أَخذ
فِي الصَّنعَة الَّتِي نسبهَا إِلَيْهِ عَمْرو بن
عُثْمَانَ، فَأَخذتُ قطعَة، وَنزلتُ الوَادِي، وَدُرْتُ
عَلَى الحلاَوييِّن أُريهُم تِلْكَ الحلوَاء، وَأَسأَلهُم،
حَتَّى قَالَتْ لِي طبَّاخَة:لاَ يعْمل هَذَا إِلاَّ
بِزَبيْد، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُمكن حملُه، فَلاَ أَدْرِي
كَيْفَ حُمل؟فَرَجَعَ رَجُلٌ مِنْ زَبيْد إِلَى زَبِيْد،
فتعرَّف الْخبز بزَبيْد:هَلْ ضَاع لأَحَدٍ مِنَ
الحلاَوييِّن جَامٌ علاَمتُهُ كَذَا وَكَذَا، وَإِذَا بِهِ
قَدْ حُمل مِنْ دكَانَ إِنْسَانٍ حلاَوِيّ، فصحَّ عِنْدِي
أَنَّ الرَّجُل مَخْدُومِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاءِ - فِيْمَا رَوَاهُ
عَنْهُ ابْن نَاصر بِالإِجَازَةِ - :حرَّك الحَلاَّج يَده
يَوْماً، فَنثرَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ درَاهِم.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ:هَذِهِ درَاهم مَعْرُوْفَة، وَلَكِنْ
أُؤمِنُ بِكَ إِذَا أَعطيتَنِي دِرْهَماً عَلَيْهِ اسْمُك
وَاسمُ أَبيك.
فَقَالَ:وَكَيْفَ وَهَذَا لَمْ يُصنع؟
قَالَ:مَنْ أَحضرَ مَنْ لَيْسَ بحَاضِرٍ صَنَعَ مَا لَمْ
يُصنع.
فَهَذِهِ حِكَايَة منقطعَة.
وَقَالَ التَّنُوْخِيّ:أَخْبَرَنَا أَبِي:أَخْبَرَنَا
أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زنجِيّ
الكَاتِب، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:حضَرتُ مَجْلِسَ حَامِد
الوَزِيْر وَقَدْ أَحضر السِّمَّرِيّ - صَاحِب الحَلاَّج -
وَسَأَلَهُ عَنْ أَشيَاء مِنْ أَمر الحَلاَّج، وَقَالَ
لَهُ:حَدِّثْنِي بِمَا شَاهدت مِنْهُ.
فَقَالَ:إِنْ رَأَى الوَزِيْر أَنْ يُعْفِيَنِي، فَعَلَ.
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ:أَعْلَم أَنِّي إِن
حَدَّثْتُكُ كَذَّبْتَنِي، وَلَمْ آمن عقوبَة،
فَأَمَّنَهُ، فَقَالَ:كُنْتُ مَعَهُ بفَارس فَخَرَجْنَا
إِلَى إِصْطَخر (1) فِي الشِّتَاء، فَاشْتَهَيْتُ عَلَيْهِ
__________
(1) قال ياقوت: " إصطخر بالكسر وسكون الخاء المعجمة: بلدة
من أعيان حصون فارس ومدنها وكورها، قيل: كان أول من أنشأها
إصطخر بن طهمورث ملك الفرس. قال الاصطخري: بها كان مسكن
ملك فارس حتى تحول أردشير إلى جور ".
انظر " معجم البلدان " 1 / 211.
(14/321)
خِيَاراً، فَقَالَ لِي:فِي مِثْلِ هَذَا
المَكَان وَالزَّمَان؟
قُلْتُ:هُوَ شَيْءٌ عَرَضَ لِي، فَلَمَّا كَانَ بَعْد
سَاعَة قَالَ:أَنْتَ عَلَى شَهْوَتك؟
قُلْتُ:نَعَم، فسرنَا إِلَى جبل ثَلج، فَأَدخل يَده
فِيْهِ، وَأَخرج إِلَيَّ خيَارَةً خَضْرَاء، فَأَكَلتُهَا.
فَقَالَ حَامِد:كذبتَ يَا ابْنَ مائَة أَلْف زَانيَة،
أَوجِعُوا فَكَّهُ.
فَأَسرع إِلَيْهِ الغلمَانُ، وَهُوَ يَصِيْح:أَلَيْسَ مِنْ
هَذَا خِفْنَا؟وَأُخرج، فَأَقبل حَامِد الوَزِيْر يتحدَّثُ
عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النِّيرنجَات (1) أَنَّهُم
كَانُوا يغدُوْنَ بِإِخرَاج التِّين وَمَا يجرِي مجرَاهُ
مِنَ الْفَوَاكِه، فَإِذَا حصل فِي يَد الإِنْسَان
وَأَرَادَ أَنْ يَأْكله صَارَ بَعْراً (2) .
قُلْتُ:صدق حَامِد، هَذَا هُوَ شغل أَربَاب السِّحْرِ
وَالسيمِيَاء، وَلَكِن قَدْ يقوَى فعلُهُم بِحَيْثُ
يَأْكُلُ الرَّجُل البعرَ وَلاَ يشعُرُ بِطعْمِهِ.
قَالَ ابْنُ بَاكويه:حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
مُفْلِح، حَدَّثَنَا طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
التُّسْتَرِيُّ، قَالَ:تعجَّبت مِنْ أَمر الحَلاَّج،
فَلَمْ أَزل أَتتبَّعُ وَأَطلبُ الحِيَلَ، وَأَتعلم
النَّارنجيات لأَقف عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَدَخَلتُ
عَلَيْهِ يَوْماً مِنَ الأَيَّام، وَسلَّمتُ وَجلَسْتُ
سَاعَة، فَقَالَ لِي:يَا طَاهِر!لاَ تتعنَّ، فَإِنَّ
الَّذِي ترَاهُ وَتسمعه مِنْ فعل الأَشخَاص لاَ مِنْ
فِعلِي، لاَ تَظُنَّ أَنَّهُ كرَامَةٌ أَوْ شَعْوَذَة.
فعل الأَشخَاص:يَعْنِي بِهِ الجِنّ.
وَقَالَ التَّنُوْخِيّ:أَخْبَرَنَا أَبِي، سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ الأَزْرَق:أَنَّ الحَلاَّج لَمَّا
قَدِمَ بَغْدَادَ اسْتغوَى خلقاً مِنَ النَّاس
وَالرُّؤسَاء، وَكَانَ طمعُهُ فِي الرَّافِضَة أَقوَى
لدُخُوْله فِي طَرِيقهمْ، فرَاسَلَ أَبَا سَهْل بن
نُوْبَخْت
__________
(1) النيرنجات، بكسر النون: ضرب من الشعوذة والاحتيال
والخداع فارسي معرب عن نيرنك، وفي الأصل: عن قوم
كفاريجيات، وما أثبتناه من نشوار المحاضرة، وتاريخ بغداد.
(2) الخبر في " نشوار المحاضرة " 6 / 84 83، و" تاريخ
بغداد " 8 / 136.
(14/322)
يَسْتَغويه، وَكَانَ أَبُو سَهْلٍ فَطِناً،
فَقَالَ لرَسُوْله:هَذِهِ المعجزَاتُ الَّتِي يُظهرهَا
يُمكن فِيْهَا الحِيل، وَلَكِنِّي رَجُلٌ غزِل، وَلاَ
لذَّةَ لِي أَكْبَر مِنَ النِّسَاء، وَأَنَا مبتلَى
بِالصَّلَع، فَإِن جَعَلَ لِي شَعراً وَردَّ لحيتِي
سَوْدَاء، آمنتُ بِمَا يَدْعُونِي إِلَيْهِ
وَقُلْتُ:إِنَّهُ بَابُ الإِمَامُ، وَإِن شَاءَ
قُلْتُ:إِنَّهُ الإِمَامُ، وَإِن شَاءَ قُلْتُ:إِنَّهُ
النَّبِيّ، وَإِن شَاءَ قُلْتُ:إِنَّهُ الله.
فَأَيِسَ الحَلاَّج مِنْهُ وَكفَّ.
قَالَ الأَزْرَق:وَكَانَ يدعُو كُلَّ قَوْمٍ إِلَى شَيْءٍ
مِنْ هَذِهِ الأَشيَاء حسب مَا يَسْتَبله طَائِفَة
طَائِفَة.
أَخْبَرَنِي جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابه:أَنَّهُ لَمَّا
افتُتِنَ بِهِ النَّاس بِالأَهْوَاز وَكُورِهَا بِمَا
يُخْرِجُ لَهُم مِنَ الأَطعمَة وَالأَشربَة فِي غَيْر
حينهَا، وَالدَّرَاهم الَّتِي سمَّاهَا درَاهم القُدرَة،
فَحَدَّث أَبُو عَلِيٍّ الجبَائِيّ بِذَلِكَ،
فَقَالَ:هَذِهِ الأَشيَاء يُمكن الحِيَل فِيْهَا فِي
منَازل، لَكِن أَدخلُوهُ بيتاً مِنْ بُيُوْتكُم
وَكلِّفُوهُ أَنْ يُخرج مِنْهُ جرزتين شوكاً.
فَبلغَ الحَلاَّج قَوْلُه، وَأَنَّ قَوْماً عَملُوا عَلَى
ذَلِكَ، فسَافر.
وفِي(النشوَار)لِلتَّنُوخِيّ (1) :أَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَهْوَازِيّ،
قَالَ:حَدَّثَنِي مُنَجِّمٌ مَاهرٌ قَالَ:بَلَغَنِي خبر
الحَلاَّج، فجئتُهُ كَالمسترشد، فَخَاطَبَنِي وَخَاطبته
ثُمَّ قَالَ:تَشَهَّ السَّاعَة مَا شِئْت حَتَّى أَجيئَكَ
بِهِ.
وَكُنَّا فِي بَعْضِ بلدَان الْجَبَل الَّتِي لاَ يَكُوْن
فِيْهَا الأَنهَار، فَقُلْتُ:أُرِيْدُ سَمَكاً طَرِيّاً
حَيّاً، فَقَامَ، فَدَخَلَ البَيْت، وَأَغلق بَابَه،
وَأَبطأَ سَاعَة، ثُمَّ جَاءنِي وَقَدْ خَاض وَحلاً إِلَى
ركبته، وَمَعَهُ سمَكَةٌ تَضْطَرِب، وَقَالَ:دعوتُ الله،
فَأَمرنِي أَنْ أَقصِدَ البطَائِح، فَجئْت بِهَذِهِ.
قَالَ:فعلمتُ أَنَّ هَذَا حِيْلَة، فَقُلْتُ لَهُ:فَدَعنِي
أَدخل البَيْت، فَإِنْ لَمْ تَنْكَشِف لِي حِيْلَةٌ آمنتُ
بِكَ؟.
قَالَ:شأَنك.
فَدَخَلت البَيْت وَغَلَّقْتُ عَلَى نَفْسِي، فَلَمْ
أَجِدْ طريقاً وَلاَ حِيلَة،
__________
(1) 1 / 165 - 168 وما بين حاصرتين منه.
(14/323)
ثُمَّ قلعت مِنَ التَّأزير، وَدخلتُ إِلَى
دَارٍ كَبِيْرَة فِيْهَا بستَانٌ عَظِيْم، فِيْهِ صُنُوف
الأَشجَار، وَالثِّمَار، وَالرَّيْحَان، الَّتِي هُوَ
وَقتهَا، وَمَا لَيْسَ وَقتهَا مِمَّا قَدْ غُطِّيَ
وَعُتِّقَ وَاحتيل فِي بقَائِه، وَإِذَا الخزَائِن
مُفَتَّحَةٌ، فِيْهَا أَنْوَاع الأَطعمَة وَغَيْر ذَلِكَ،
وَإِذَا بِرْكَةٌ كَبِيْرَة، فَخضتُهَا، فَإِذَا رجلِي
قَدْ صَارت بِالوحلِ كَرِجْلَيه، فَقُلْتُ:الآنَ إِن
خَرَجتُ وَمعِي سمَكةً قتلنِي، فَصِدْتُ سمَكَة، فَلَمَّا
صِرْتُ إِلَى بَابِ البَيْت أَقبلتُ أَقُولُ:آمنتُ
وَصَدَّقْتُ، مَا ثَمَّ حِيْلَة، وَلَيْسَ إِلاَّ
التَّصْدِيق بِك.
قَالَ:فَخَرَجَ.
وَخَرَجتُ وَعدوتُ، فَرَأَى السّمَكَة مَعِي، فَعدَا
خَلْفِي، فلحقنِي، فضربتُ بِالسَّمَكَةِ فِي وَجْهِهِ
وَقُلْتُ لَهُ:أَتعبْتَنِي حَتَّى مَضَيْت إِلَى البَحْر
فَاسْتَخرجت هَذِهِ، فَاشْتَغَل بِمَا لَحِقَهُ مِنَ
السَّمَكَة، فَلَمَّا صرت فِي الطَّرِيْق رميت بنفسِي
لِمَا لحقنِي مِنَ الْجزع وَالفزع، فَجَاءَ إِلَيَّ،
وَضَاحكنِي وَقَالَ:ادْخل.
فَقُلْتُ:هَيْهَاتَ.
فَقَالَ:اسْمع، وَاللهِ لَئِنْ شِئْتُ قتلتُك عَلَى
فِرَاشك، وَلَكِن إِن سَمِعْتُ بِهَذِهِ الحِكَايَة
لأَقتلنَّك، فَمَا حكيتهَا حَتَّى قتل.
قُلْتُ:هَذَا المنجِّم مَجْهُوْل، أَنَا أَستَبْعِدُ
صِدْقَهُ.
ابْنُ بَاكويه:سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ
الفَارِسِيَّ بِالمَوْصِل، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ
سعدَان يَقُوْلُ:قَالَ لِي الحَلاَّج:تُؤمن بِي حَتَّى
أَبعثَ إِلَيْك بعُصفورٍ أَطرحُ مِنْ ذَرْقهَا وَزن
حَبَّةٍ عَلَى كَذَا مَنّاً (1) نُحَاساً فَيَصِيْرُ
ذَهباً؟
فَقُلْتُ لَهُ:بَلْ أَنْتَ تُؤمن بِي حَتَّى أَبعثَ
إِلَيْكَ بفيلٍ يَسْتَلقِي فتصيرُ قَوَائِمُهُ فِي
السَّمَاء، فَإِذَا أَردتَ أَنْ تُخفيهُ أَخفيتَه فِي
إِحْدَى عَيْنَيْك.
قَالَ:فَبُهِتَ وَسَكَتَ.
وَيُرْوَى أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلْحلاَّج:أُرِيْد
تُفَّاحَة، وَلَمْ يَكُنْ وَقته، فَأَومأَ بِيَدِهِ
__________
(1) في " اللسان ": المن: لغة في المنا الذي يوزن به. ونقل
عن الجوهري قوله: المن: المنا، وهو رطلان، والجمع أمنان،
وجمع المنا: أمناء.
(14/324)
إِلَى الهوَاء، فَأَعطَاهُم تُفَّاحَةً
وَقَالَ:هَذِهِ مِنَ الجَنَّة.
فَقِيْلَ لَهُ:فَاكهَة الجَنَّة غَيْرُ متغيِّرَة،
وَهَذِهِ فِيْهَا دودَة.
فَقَالَ:لأَنَّهَا خَرَجت مِنْ دَار البَقَاء إِلَى دَار
الفنَاء، فحلَّ بِهَا جُزْءٌ مِنَ البلاَءِ.
فَانظر إِلَى ترَامِي هَذَا المِسْكِيْنِ عَلَى
الكَرَامَاتِ وَالخوَارق، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ
الخِذلاَن، فَعَنْ عُمَر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ
كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خُشُوْعِ النِّفَاق.
قَالَ ابْنُ بَاكويه:حَدَّثَنَا حمدُ بنُ الحَلاَّج
قَالَ:ثُمَّ قَدِمَ أَبِي بَغْدَاد، وَبنَى دَاراً،
وَدَعَا النَّاس إِلَى مَعْنَىً لَمْ أَقف إِلاَّ عَلَى
شطرٍ مِنْهُ، حَتَّى خَرَجَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ
دَاوُدَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ، وَقبَّحُوا
صورَتَه، وَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشِّبْلِيّ.
قَالَ ابْنُ بَاكويه:سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ بَزُولٌ
القَزْوِيْنِيّ يَقُوْلُ:إِنَّهُ سَأَلَ ابْنَ خَفِيْف
عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الأَبيَات
سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ نَاسُوْتُهُ ... سِرَّ سَنَا
لاَهُوتِه الثَّاقِبِ
ثُمَّ بدَا فِي خَلْقِهِ ظَاهِراً ... فِي صُوْرَةِ
الآكِلِ وَالشَّارِبِ
حَتَّى لَقَدْ عَايَنَهُ خَلْقُهُ ... كَلَحْظَةِ
الحَاجِبِ بِالحَاجِبِ
فَقَالَ ابْنُ خَفِيْف:عَلَى قَائِل ذَا لعنَةُ الله.
قَالَ:هَذَا شِعر الحُسَيْن الحَلاَّج.
قَالَ:إِنْ كَانَ هَذَا اعْتِقَادَهُ فَهُوَ كَافِر
فَرُبَّمَا يَكُوْن مَقُولاً عَلَيْهِ (1) .
السُّلَمِيّ (2) :أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِد بنُ بَكْرٍ،
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ فَارس، سَمِعْتُ الحَلاَّج
يَقُوْلُ:حجبَهُم الاسْم فَعَاشوا، وَلَوْ أَبَرَز لَهُم
عُلُوْم القدرَة لطَاشوا.
__________
(1) الابيات في " ديوان الحلاج " ص 41، والخبر بطوله في "
تاريخ بغداد " 8 / 129. وانظر أيضا " المنتظم " لابن
الجوزي: 6 / 162، و" البداية والنهاية " لابن كثير: 11 /
134.
(2) في " طبقات الصوفية " ص 308.
(14/325)
وَقَالَ:أَسْمَاءُ اللهِ مِنْ حَيْثُ
الإِدرَاكُ رسم (1) ، وَمِنْ حَيْثُ الحَقُّ حَقِيْقَة.
وَقَالَ:إِذَا تخلَّص العَبْدُ إِلَى مقَام المَعْرِفَة،
أُوحيَ إِلَيْهِ بخَاطرَة.
وَقَالَ:مَنَ التمسَ الحَقَّ بِنُورِ الإِيْمَان، كَانَ
كَمَنْ طَلَبَ الشَّمْس بِنُوْرِ الْكَوَاكِب.
وَقَالَ:مَا انفصَلَتِ البشريَّةُ عَنْهُ، وَلاَ اتَّصلت
بِهِ.
وَمِمَّا رُوِيَ لِلْحلاج:
أَنْتَ بَيْنَ الشَّغَافِ وَالقَلْبِ تَجْرِي ... مِثْلَ
جَرْيِ الدُّمُوعِ مِنْ أَجْفَانِي
وَتَحِلُّ الضَّمِيْرَ جَوْفَ فُؤَادِي ... كَحُلُوْلِ
الأَروَاحِ فِي الأَبْدَانِ
يَا هِلاَلاً بَدَا لأَرْبَع عَشْرٍ ... لِثَمَانٍ
وَأَرْبَعٍ وَاثْنَتَان (2)
وَله:
مُزِجَتْ رُوْحِي فِي رِوحِكْ كَمَا ... تُمْزَجُ
الخَمْرَةُ بِالمَاءِ الزُّلاَلِ
فَإِذَا مَسَّكَ شَيْءٌ مَسَّنِي ... فَإِذَا أَنْتَ أَنَا
فِي كُلِّ حَال (3)
وَعَنِ القَناد قَالَ:لقيتُ يَوْماً الحَلاَّج فِي حَالَةٍ
رَثَّةٍ، فَقُلْتُ لَهُ:كَيْفَ حَالك؟ فَأَنشَأَ يَقُوْلُ:
__________
(1) في " طبقات السلمي ": اسم.
(2) الابيات في " ديوان الحلاج " ص 97 96، و" طبقات
الصوفية " ص 309 و" أخبار الحلاج " ص 114 113.
(3) البيتان في " ديوان الحلاج " ص 82، و" تاريخ بغداد " 8
/ 115 ورواية البيت الأول فيهما:
مزجت روحك في روحي كما * تمزج الخمرة بالماء الزلال
(14/326)
لَئِنْ أَمْسَيْتُ فِي ثَوْبَي عَدِيْمٍ
... لَقَدْ بَليَا عَلَى حُرٍّ كَرِيْمِ
فَلاَ يَحْزُنْكَ أَنْ أَبْصَرْتَ حَالاً ... مُغَيَّرَةً
عَنِ الحَالِ القَدِيْم
فَلِي نَفْسٌ سَتَذْهَبُ أَوْ سَتَرْقَى ... لَعَمْرُكَ
بِي إِلَى أَمْرٍ جَسِيْم (1)
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ أُدخل الحَلاَّج
بَغْدَاد مَشْهُوْراً عَلَى جَمل، قبض عَلَيْهِ بِالسُّوس،
وَحُمِلَ إِلَى الرَّائِشِيّ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى
بَغْدَادَ، فَصُلِبَ حَيّاً، وَنُودِي عَلَيْهِ:هَذَا
أَحَدُ دُعَاة القرَامِطَة فَاعْرِفُوهُ.
وَقَالَ الفَقِيْه أَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاءِ:كَانَ
الحَلاَّجُ قَدِ ادَّعَى أَنَّهُ إِله، وَأَنَّهُ يَقُوْلُ
بِحُلُول اللاَّهُوتِ فِي النَّاسُوت، فَأَحْضَرَهُ
الوَزِيْرُ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى فَلَمْ يجده - إِذْ سأَله
- يُحْسِنُ القُرْآن وَالفِقْه وَلاَ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ:تعلُّمُكَ الفرضَ وَالطَّهور أَجدَى عَلَيْكَ مِنْ
رسَائِل لاَ تَدْرِي مَا تَقُولُ فِيْهَا.
كَمْ تَكْتُبُ - وَيْلَك - إِلَى النَّاس:تبَاركَ ذُو
النُّوْرِ الشَّعْشَعَانِيّ؟!مَا أَحْوَجَكَ إِلَى
أَدب!وَأَمَرَ بِهِ فصُلب فِي الجَانب الشَّرْقِيّ، ثُمَّ
فِي الغربِيّ.
وَوُجد فِي كُتُبِه:إِنِّيْ مُغْرِقُ قَوْم نوح، وَمُهْلِك
عَادَ وَثمود.
وَكَانَ يَقُوْلُ لِلْوَاحِد مِنْ أَصْحَابه:أَنْتَ نُوح.
وَلآخر:أَنْتَ مُوْسَى.
وَلآخر:أَنْتَ مُحَمَّد.
وَقَالَ:مَنْ رَسَتْ قَدَمُهُ فِي مَكَان المنَاجَاة،
وَكُوْشِفَ بِالمُبَاشرَة، وَلُوْطِفَ بِالمُجَاوَرَة،
وَتلذَّذ بِالقُرْبِ، وَتزيَّن بِالأُنْس، وَترَشَّحَ
بِمرَأَى الْمَلَكُوت، وَتوشَّح بِمَحَاسِن الجَبَروت،
وَترقَّى بَعْدَ أَنْ توقَّى، وَتَحَقَّقَ بَعْدَ أَنْ
تمَزَّق، وَتَمَزَّقَ بَعْدَ أَنْ تزندَق، وَتصرَّف بَعْدَ
أَنْ تعرَّف، وَخَاطبَ وَمَا رَاقبَ، وَتدلَّلَ بَعْدَ
أَنْ تَذَلَّل، وَدَخَلَ وَمَا اسْتَأَذنَ، وَقُرِّبَ
لَمَّا خُرِّب، وَكُلِّمَ لَمَّا كُرِّم، مَا قتلُوهُ
وَمَا صَلَبوهُ.
__________
(1) " ديوان الحلاج 2 ص 118 117. وانظر أيضا " تاريخ بغداد
" 8 / 117، و" البداية والنهاية " 11 / 134.
(14/327)
ابْنُ بَاكويه:سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ
مُحَمَّدٍ المذَارِيّ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوْب
النَّهْرَجُورِيّ يَقُوْلُ:دَخَلَ الحُسَيْنُ بنُ
مَنْصُوْر مَكَّة، فَجَلَسَ فِي صحْن المَسْجَد لاَ
يَبْرَحُ مِنْ مَوْضِعه إِلاَّ لِلطَّهَارَة أَوِ
الطَّوَاف، لاَ يُبَالِي بِالشَّمْس وَلاَ بِالمَطَر،
فَكَانَ يُحمل إِلَيْهِ كُلَّ عَشِيَّةٍ كُوْزٌ وَقُرص،
فيعَضُّ مِنْ جَوَانبه أَرْبَعَ عَضَّاتٍ وَيَشْرَبُ.
أَخْبَرَنَا المسلمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيّ كِتَابة،
أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ زُرَيْق،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الحَسَنِ السَّاحلِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
الحُسَيْنِ الحَافِظ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ
مُحَمَّدٍ الوَاعِظ يَقُوْل:قَالَ أَبُو القَاسِمِ
الرَّازِيّ:قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مُمْشَاذ:حضَر عِنْدنَا
بِالدِّيْنَور رَجُلٌ مَعَهُ مِخلاَة، فَفَتَّشوهَا،
فَوَجَدُوا فِيْهَا كِتَاباً لِلْحلاَّج عنوَانُهُ:مِنَ
الرَّحْمَن الرَّحِيْم إِلَى فُلاَن بن فُلاَن.
فَوجه إِلَى بَغْدَادَ فَأُحضرَ وَعُرض عَلَيْهِ،
فَقَالَ:هَذَا خَطِّي وَأَنَا كَتَبْتُهُ.
فَقَالُوا:كُنْتَ تَدَّعِي النُّبُوَّة، صِرْتَ تَدَّعِي
الرُّبوبيَّة؟!
قَالَ:لاَ، وَلَكِن هَذَا عينُ الجَمْعِ عِنْدنَا، هَلِ
الكَاتِب إِلاَّ الله وَأَنَا؟فَاليد فِيْهِ آلَة.
فَقِيْلَ:هَلْ مَعَكَ أَحَد؟
قَالَ:نَعَمْ، ابْنُ عَطَاء، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
الجَرِيْرِيّ، وَالشِّبلِيّ.
فَأُحضر الجَرِيْرِيّ، وَسُئِلَ، فَقَالَ:هَذَا كَافِر،
يُقْتَل مَنْ يَقُوْلُ هَذَا.
وَسُئِلَ الشِّبلِيّ فَقَالَ:مَنْ يَقُوْلُ هَذَا يُمنع.
وَسُئِلَ ابْنُ عَطَاء، فَوَافق الحَلاَّج، فَكَانَ سَبَب
قَتله.
قُلْتُ:أَمَّا أَبُو العَبَّاسِ بنُ عَطَاءٍ فَلَمْ يُقتل،
وَكلَّم الوَزِيْر بكَلاَم غليظٍ لَمَّا سأَله،
وَقَالَ:مَا أَنْتَ وَهَذَا، اشْتَغَلت بظُلْم النَّاس.
فعزَّره.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ شَاذَانَ قَالَ:كَانَ الوَزِيْرَ حِيْنَ أُحضر
الحَلاَّجُ لِلْقتل حَامِدُ بنُ العَبَّاسِ، فَأَمره أَنْ
يَكْتُبَ اعْتِقَاده، فَكَتَبَ اعْتِقَاده، فَعَرضه
الوَزِيْر عَلَى الفُقَهَاء بِبَغْدَادَ، فَأَنكروهُ،
فَقِيْلَ لحَامِد:إِنَّ ابْنَ عَطَاء يُصَوِّب قَوْله،
فَأَمر
(14/328)
بِهِ، فَعُرض عَلَى ابْنِ عَطَاءٍ،
فَقَالَ:هَذَا اعْتِقَادٌ صَحِيْح، وَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ
هَذَا فَهُوَ بِلاَ اعْتِقَاد.
فَأُحضر إِلَى الوَزِيْرِ، فَجَاءَ، وَتصدَّر فِي
المَجْلِسِ، فغَاظ الوَزِيْر ذَلِكَ، ثُمَّ أُخرج ذَلِكَ
الخطّ فَقَالَ:أَتصوِّبُ هَذَا؟
قَالَ:نَعَمْ، مَا لَك وَلِهَذَا؟عَلَيْك بِمَا نُصِبْتَ
لَهُ مِنَ المُصَادرَة وَالظُّلم، مَا لَك وَلِلْكَلاَمِ
فِي هَؤُلاَءِ السَّادَة؟
فَقَالَ الوَزِيْر:فَكَّيْهِ.
فَضُرِبَ فَكَّاهُ، فَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ:اللَّهُمَّ
إِنَّكَ سَلَّطْتَ هَذَا عليَّ عُقوبَةً لدُخُوْلِي
عَلَيْهِ.
فَقَالَ الوَزِيْر:خُفَّه يَا غُلاَم.
فَنزع خُفَّه.
فَقَالَ:دمَاغَه.
فَمَا زَالَ يضْرب دمَاغه حَتَّى سَالَ الدَّم مِنْ
مَنْخِرَيه.
ثُمَّ قَالَ:الحَبْس.
فَقِيْلَ:أَيُّهَا الوَزِيْر؟يتشوَّش العَامَّة.
فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ.
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيّ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:حضَرتُ بَيْنَ يدِي أَبِي الحَسَنِ
بنِ بَشَّارٍ، وَعِنْدَهُ أَبُو العَبَّاسِ
الأَصْبَهَانِيّ، فَذَاكره بقصَّة الحَلاَّج، وَأَنَّهُ
لَمَّا قُتل كتب ابْنُ عَطَاء إِلَى ابْنِ الحَلاَّج
كِتَاباً يعزِّيه عَنْ أَبِيْهِ، وَقَالَ:رَحِمَ اللهُ
أَبَاك، وَنسخَ رُوحه فِي أَطيبِ الأَجسَاد.
فدلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يَقُوْلُ بالتَّنَاسخ، فَوَقَعَ
الكِتَابُ فِي يَد حَامِد، فَأَحضر أَبَا العَبَّاسِ بنَ
عَطَاء وَقَالَ:هَذَا خَطَّكَ؟
قَالَ:نَعَمْ.
قَالَ:فَإِقرَارُك أَعْظَم.
قَالَ:فَشَيْخٌ يكذب؟!
فَأَمر بِهِ، فَصُفِعَ.
فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ بَشَّار:إِنِّيْ لأَرْجُو أَنْ
يُدْخِلَ اللهُ حَامِد بن العَبَّاسِ الجَنَّة بِذَلِكَ
الصَّفْع.
قَالَ السُّلَمِيُّ (1) :أَكْثَر المَشَايِخ ردُّوا
الحَلاَّج وَنَفَوهُ، وَأَبَوْا أَنْ يَكُوْنَ لَهُ قَدَمٌ
فِي التَّصَوُّف، وَقبله ابْنُ عَطَاء، وَابْنُ خَفِيْف،
وَالنَّصْر آباذِيّ.
قُلْتُ:قَدْ مرَّ أَنَّ ابْنَ خَفِيْف عُرِض عَلَيْهِ
شَيْء مِنْ كَلاَم الحَلاَّج، فَتبرَّأَ مِنْهُ.
__________
(1) في " الطبقات " 308 307.
(14/329)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
الرَّازِيّ:سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ عُثْمَانَ يلعنُ
الحَلاَّج وَيَقُوْلُ:لَوْ قدرت عَلَيْهِ لقتلتُهُ بيدِي.
فَقُلْتُ:أَيش وَجد الشَّيْخ عَلَيْهِ؟
قَالَ:قَرَأْتُ آيَةً مِنْ كِتَاب اللهِ
فَقَالَ:يُمْكنُنِي أَنْ أُؤلِّف مثلَه.
وَقَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ الأَقطع:زوَّجتُ ابْنتِي مِنَ
الحُسَيْنِ بنِ مَنْصُوْر لِمَا رَأَيْت مِنْ حُسنِ
طَرِيقَته وَاجْتِهَاده، فَبَانَ لِي بَعْد مُدَّة
يَسِيْرَة أَنَّهُ سَاحرٌ، محتَالٌ كَافِرٌ.
وَقَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ النُّعْمَانِيّ:سَمِعْتُ أَبَا
بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ الفَقِيْه يَقُوْلُ:إِنْ
كَانَ مَا أَنزل اللهُ عَلَى نَبِيّه حقاً، فَمَا يَقُوْلُ
الحَلاَّج بَاطِل.
وَكَانَ شَدِيْداً عَلَيْهِ.
السُّلَمِيّ:سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ سَعِيْدٍ الوَاسِطِيَّ
بِالكُوْفَةِ يَقُوْلُ:مَا تجرَّد أَحَدٌ عَلَى الحَلاَّج
وَحَمَلَ السُّلْطَانَ عَلَى قَتله كَمَا تجرَّد لَهُ ابْن
دَاوُدَ.
وَبلغَنِي أَنَّهُ لَمَّا أُخرج إِلَى الْقَتْل تغيَّر
وَجهُ حَامِدِ بنِ العَبَّاسِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ
الفُقَهَاء:لاَ تَشُكَّنَّ أَيُّهَا الوَزِيْر، إِنْ كَانَ
مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ حقّاً، فَمَا يَقُوْلُ هَذَا
بَاطِل.
السُّلَمِيّ:سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ يَحْيَى، سَمِعْتُ
جَعْفَراً الخُلْدِيّ وَسُئِلَ عَنِ الحَلاَّج
فَقَالَ:أَعرفُه وَهُوَ حَدَث، كَانَ هُوَ وَالفُوَطِيّ
يصحَبَان عَمْراً المَكِّيَّ، وَهُوَ يِحلِج.
السُّلَمِيّ:سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ
يَقُوْلُ:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي سعدَان
يَقُوْلُ:الحَلاَّجُ مُمَوِّهٌ مُمَخْرِق.
قَالَ السُّلَمِيُّ:وَبلغنِي أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى
الجُنَيْد، فَقَالَ:أَنَا الحَقّ.
قَالَ:بَلْ أَنْتَ بِالْحَقِّ، أَيَّ خشبَةٍ تُفسد.
السُّلَمِيّ:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ غَالِب يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ بَعْضَ أَصحَابنَا
(14/330)
يَقُوْلُ:لَمَّا أَرَادُوا قتلَ الحَلاَّج،
أُحضر لِذَلِكَ الفُقَهَاء، فَسَأَلُوهُ:مَا البُرهَان؟
قَالَ:شوَاهد يُلْبِسُهَا الحَقُّ لأَهْل الإِخْلاَص،
يجذبُ فِي النُّفُوْس إِلَيْهَا جَاذب الْقبُول.
فَقَالُوا بِأَجمعهم:هَذَا كَلاَم أَهْل الزَّنْدَقَة.
فنَقُوْل:بَلْ مَنْ وَزَنَ نَفْسَه وَزمَّهَا (1)
بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَهُوَ صَاحِبُ برهَان وَحجَّة،
فَمَا أَخيَبَ سَهْمَ مَنْ فَاته ذَلِكَ!
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِيْمَا أَنبأُونِي عَنْهُ:إِنَّ
شَيْخَه أَبَا بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ أَنبأَه قَالَ:شهدتُ
أَنَا، وَجَمَاعَة عَلَى أَبِي الوَفَاء بن عَقِيْل
قَالَ:كُنْتُ قَدِ اعتقدتُ فِي الحَلاَّج وَنصرته فِي
جُزْء، وَأَنَا تَائِبٌ إِلَى اللهِ مِنْهُ، وَقَدْ قُتل
بِإِجمَاع فُقَهَاء عصره، فَأَصَابُوا وَأَخْطَأَ هُوَ
وَحده.
السُّلَمِيّ:سَمِعْتُ مَنْصُوْر بنَ عَبْدِ اللهِ:سَمِعْتُ
الشِّبلِيَّ يَقُوْلُ:كُنْتُ أَنَا وَالحَلاَّج شَيْئاً
وَاحِداً، إِلاَّ أَنَّهُ أَظهرَ وَكتمتُ.
وَسَمِعْتُ مَنْصُوْراً يَقُوْلُ:وَقَفَ الشِّبلِيُّ
عَلَيْهِ وَهُوَ مَصْلُوب، فَنَظَر إِلَيْهِ وَقَالَ:أَلم
ننهَكَ عَنِ العَالمِين؟!
أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ:أَخْبَرَنَا
أَبِي:حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بنُ عَبَّاسٍ عَمَّنْ حضَر
مَجْلِس حَامِد وَجَاؤُوهُ بدَفَاتِر الحَلاَّج،
فِيْهَا:إِنَّ الإِنْسَانَ إِذَا أَرَادَ الحَجَّ
فَإِنَّهُ يَسْتَغنِي عَنْهُ بِأَنَّ يعمدَ إِلَى بَيْتٍ
فِي دَاره، فَيعْمل فِيْهَا مِحرَاباً، وَيغتسل وَيُحرم،
وَيَقُوْلُ:كَذَا وَكَذَا، وَيُصَلِّي كَذَا وَكَذَا،
وَيطوفُ بِذَلِكَ البَيْت، فَإِذَا فرَغ فَقَدْ سَقَط
عَنْهُ الحَجّ إِلَى الكَعْبَة.
فَأَقرَّ بِهِ الحَلاَّج وَقَالَ:هَذَا شَيْءٌ رويتُهُ
كَمَا سمِعتهُ.
فتعلّق بِذَلِكَ عَلَيْهِ الوَزِيْر، وَاسْتفتَى
القَاضِيَيْن:أَبَا جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنَ البُهْلُول،
وَأَبَا عُمَرَ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ، فَقَالَ أَبُو
عُمَرَ:هَذِهِ زَنْدَقَةٌ يَجِبُ بِهَا الْقَتْل.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ:لاَ يَجِبُ بِهَذَا قتلٌ إِلاَّ
أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ يَعْتَقِدُه، لأَنَّ النَّاس قَدْ
__________
(1) أي قيدها وجعل لها زماما.
(14/331)
يرْوونَ الكُفْرَ وَلاَ يَعْتَقِدُوْنَهُ،
وَإِنْ أَخبر أَنَّهُ يَعْتَقِده اسْتُتِيبَ مِنْهُ،
فَإِنْ تَاب فَلاَ شَيْء عَلَيْهِ، وَإِلاَّ قُتِلَ.
فعمِلَ الوَزِيْرُ عَلَى فتوَى أَبِي عُمَرَ عَلَى مَا
شَاع وَذَاع مِنْ أَمره، وَظهرَ مِنْ إِلحَاده وَكُفره،
فَاسْتُؤذِنَ المُقْتَدِرُ فِي قَتْلِهِ، وَكَانَ قَدِ
اسْتغوَى نصراً القُشُورِيَّ مِنْ طَرِيْقِ الصَّلاَح
وَالدِّين، لاَ بِمَا كَانَ يدعُو إِلَيْهِ، فَخوَّفَ نصرٌ
السَّيِّدَة أُمَّ المُقْتَدِر مِنْ قَتله، وَقَالَ:لاَ
آمَنُ أَنْ يلْحق ابْنَكِ عقوبَةُ هَذَا الصَّالِح.
فمَنَعَتِ المُقْتَدِرَ مِنْ قَتْلِهِ، فَلَمْ يَقْبَلْ،
وَأَمر حَامِداً بِقَتْلِهِ، فَحُمَّ المُقْتَدِرُ يَوْمهُ
ذَلِكَ، فَازدَادَ نصرٌ وَأَمُّ المُقْتَدِر افتتَاناً،
وَتشكَّكَ المُقْتَدِر، فَأَنفذ إِلَى حَامِد يمنعهُ مِنْ
قَتْلِهِ، فَأَخَّر ذَلِكَ أَيَّاماً إِلَى أَنْ عُوفِي
المُقْتَدِر.
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ حَامِد وَقَالَ:يَا أَمِيْر
المُؤْمِنِيْنَ!هَذَا إِن بَقِيَ قلبَ الشَّريعَة،
وَارتدَّ خلقٌ عَلَى يَدَهِ، وَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى زوَال
سلطَانك، فدعنِي أَقتلْه، وَإِنْ أَصَابَك شَيْءٌ
فَاقتُلنِي، فَأَذن لَهُ فِي قَتْلِهِ، فَقَتَلَهُ مِنْ
يَوْمه، فَلَمَّا قُتل قَالَ أَصْحَابُه:مَا قُتل
وَإِنَّمَا قتل بِرْذَوْنٌ كَانَ لفُلاَن الكَاتِب، نَفَقَ
(1) يَوْمَئِذٍ وَهُوَ يعُود إِلَيْنَا بَعْد مُدَّة،
فصَارت هَذِهِ الجَهَالَةُ مَقَالَة طَائِفَة.
قَالَ:وَكَانَ أَكْثَر مخَاريق الحَلاَّج أَنَّهُ يظهرهَا
كَالمعجزَات، يَسْتَغوِي بِهَا ضَعَفَة النَّاس.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيّ:أَخْبَرَنِي أَبُو
الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ التَّنُوْخِيّ،
قَالَ:أَخْبَرَنِي جَمَاعَة أَنَّ أَهْل مَقَالَة
الحَلاَّج يَعْتَقِدُوْنَ أَنَّ اللاَّهوتَ الَّذِي كَانَ
فِيْهِ حَالٌّ فِي ابْنٍ لَهُ بتُسْتَر، وَأَنَّ رَجُلاً
فِيْهَا هَاشِم يُقَال لَهُ:أَبُو عُمَارَة مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ قَدْ حلَّت فِيْهِ روح مُحَمَّد - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُخَاطب فِيهِم
بسيِّدنَا.
قَالَ التَّنوخِيُّ الأَزْرَق:فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنِ
اسْتدَعَاهُ مِنَ الحَلاَّجيَّة إِلَى أَبِي عمَارَة هَذَا
إِلَى مَجْلِس، فَتَكَلَّم فِيْهِ عَلَى مَذْهَب الحَلاَّج
وَيدعُو إِلَيْهِ.
قَالَ:فَدَخَلتُ وَظنُّوا أَنِّي مُسترشِد، فَتَكَلَّم
بِحَضْرتِي وَالرَّجُلُ أَحْوَل، فَكَانَ
__________
(1) أي: مات. قال في اللسان: نفق الفرس والدابة وسائر
البهائم ينفق نفوقا: مات.
(14/332)
يقلب عَيْنَيْهِ إِلَيَّ فيجيشُ خَاطرُهُ
بِالهَوَس، فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ لِي الرَّجُلُ:آمنتَ؟
فَقُلْتُ:أَشدّ مَا كُنْتُ تكذيباً لِقَولكُم الآنَ، هَذَا
عندكُم بِمَنْزِلَة النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - !؟لِمَ لاَ يَجْعَل نَفْسه غَيْر أَحْوَل؟
فَقَالَ:يَا أَبْلَه!وَكَأَنَّهُ أَحْوَل، إِنَّمَا يقلِّب
عَيْنَيْهِ فِي الْمَلَكُوت.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيّ:أَخْبَرَنِي أَبُو
العَبَّاسِ المتطبِّبُ أَحَدُ مسلمِي الطِّبّ الَّذِيْنَ
شَاهدتُهُم:إِنَّ حَيَّ نور بن الحَلاَّج بتُسْتَر،
وَإِنَّهُ يَلْتَقِط درَاهم مِنَ الهوَاء وَيَجْمَعُهَا
وَيسمِّيهَا درَاهم القُدرَة، فَأَحضرُوا مِنْهَا إِلَى
مجمع كَانَ لَهُم، فَوَضَعُوهَا وَاتخذُوا أَولئك
يَشْهَدُوْنَ لَهُ أَنَّهُ الْتَقَطهَا مِنَ الجَوّ،
يُغرُوْنَ بِهَا قَوْماً غُرَبَاء، يَسْتَدعونهُم
بِذَلِكَ، وَيَرَوْنَ أَنَّ قدرَ حَيّ نور أَجلُّ مِنْ
أَنْ يُمتحن كُلَّ وَقت، فَلَمَّا وضعت الدَّرَاهِم فِي
منْدِيل قلَّبتهَا فَإِذَا فِيْهَا دِرْهَمٌ زَائِف،
فَقُلْتُ:أَهذه درَاهُم القُدرَة كُلّهَا؟
قَالُوا:نَعَمْ.
فَأَريتُهُم الدِّرْهَم الزَّيْف، فتفرقتِ الجَمَاعَةُ
وَقُمنَا، وَكَانَ حَيّ نور قَدِ اسْتغوَى قَائِداً
دَيْلَمِيّاً عَلَى تُسْتَر، ثُمَّ زَادَ عَلَيْهِ فِي
المخرقَة البَاردَة، فَانهتك لَهُ، فَقَتَلَهُ.
فَمِنْ بَارِد مخَاريقه:أَنَّهُ أَحضر جِرَاباً وَقَالَ
لَهُ:إِذَا حَزَبكَ أَمرٌ أَخرجتُ لَكَ مِنْ هَذَا الجرَاب
أَلف تُركِيٍّ بسلاَحهِم وَنَفَقَتِهِم.
فَسقط مِنْ عينه وَاطَّرَحَهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ بَعْد
مُدَّة وَقَالَ:أَنَا أَرُدُّ يَد الْملك أَحْمَد بن بُويه
المقطوعَةَ صَحِيْحَة، فَأَدخِلْنِي إِلَيْهِ.
فصَاح عَلَيْهِ وَقَالَ:أُرِيْد أَنْ أَقْطَعَ يدك؛فَإِن
رددتهَا حملتُك إِلَيْهِ، فَاضطَرَبَ مِنْ ذَلِكَ، فرمَاهُ
بِشَيْءٍ كَانَتْ فِيْهِ منيَّتُه، فَبعثَه سِرّاً
فغرَّقه.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ الزَّوْزنِيّ:سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ ثوَابَة يَقُوْلُ:حَكَى لِي
زيد القَصْرِيُّ، قَالَ:كُنْتُ بِالقُدْس، إِذْ دَخَلَ
الحَلاَّج، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ يُشْعَلُ فِيْهِ قنديلُ
قُمَامَةٍ بدُهن البَلَسَان (1) ، فَقَامَ الفُقَرَاء
إِلَيْهِ يطلُبُونَ مِنْهُ
__________
(1) البلسان: شجر كثير الأوراق، ينبت بمصر، وله دهن معروف.
(14/333)
شَيْئاً، فَدَخَلَ بِهِم إِلَى القُمَامَة،
فَجَلَسَ بَيْنَ الشَّمَامِسَة (1) ، وَكَانَ عَلَيْهِ
السَّوَاد، فَظنُّوهُ مِنْهُم، فَقَالَ لَهُم:مَتَى يُشعل
الْقنْدِيل؟
قَالُوا:إِلَى أَرْبَع سَاعَات.
فَقَالَ:كَثِيْر.
فَأَومأَ بِأُصبعه، فَقَالَ:الله.
فَخَرَجت نَارٌ مَنْ يَده، فَأَشعلتِ الْقنْدِيل، وَاشتعلت
أَلفُ قِنديل حوَاليه، ثُمَّ رُدَّت النَّارُ إِلَى
أُصْبُعه، فَقَالُوا:مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ:أَنَا حنيفيّ، أَقلُّ الحنيفيين، تُحِبُّون أَنْ
أُقيم أَوْ أَخرج؟فَقَالُوا:مَا شِئْت.
فَقَالَ:أَعطُوا هَؤُلاَءِ شَيْئاً.
فَأَخرجُوا بَدْرَةً (2) فِيْهَا عَشْرَة آلاَف دِرْهَم
لِلْفُقَرَاء.
فَهَذِهِ الحِكَايَةُ وَأَمثَالهُا مَا صَحَّ مِنْهَا
فحكمُهُ أَنَّهُ مخدومٌ مِنَ الجِنّ.
قَالَ التَّنُوْخِيّ (3) :وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ
يُوْسُفَ الأَزْرَق قَالَ:بَلَغَنِي أَنَّ الحَلاَّج كَانَ
لاَ يَأْكُل شَيْئاً شَهْراً، فَهَالنِي هَذَا، وَكَانَ
بَيْنَ أَبِي الفَرَجِ وَبَيْنَ روحَان الصُّوْفِيَّ
مودَّة (4) ، وَكَانَ مُحَدِّثاً صَالِحاً وَكَانَ
القَصْرِيُّ - غُلاَم الحَلاَّج - زوج أُخْته، فَسَأَلته
عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:أَمَّا مَا كَانَ الحَلاَّج
يَفْعَلُه فَلاَ أَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ يتمُّ لَهُ،
وَلَكِنَّ صِهرِيَ القَصْرِيَّ قَدْ أَخذ نَفْسَه،
وَدرَّجهَا، حَتَّى صَارَ يصبِر عَنِ الأَكل خَمْسَةَ
عَشَرَ يَوْماً، أَقلّ أَوْ أَكْثَر.
وَكَانَ يَتمُّ لَهُ ذَلِكَ بِحِيْلَةٍ تَخفَى عَلَيَّ،
فَلَمَّا حُبِسَ فِي جُمْلَةِ الحَلاَّجِيَّةِ، كَشَفَهَا
لِي، وَقَالَ لِي:إِنَّ الرَّصدَ إِذَا وَقَعَ
بِالإِنْسَانِ، وَطَالَ فَلَمْ تَنكَشِفْ مَعَهُ حِيْلَةٌ،
ضَعُفَ عَنْهُ الرَّصدُ، ثُمَّ لاَ يَزَالُ يَضعُفُ
كُلَّمَا لَمْ تَنكَشِفْ حِيلَتُه، حَتَّى يَبطُلَ أَصلاً،
__________
(1) الشمامسة: جمع شماس، رؤوس النصارى. قال صاحب اللسان:
هو الذي يحلق وسط رأسه ويلزم البيعة.
(2) في اللسان: البدرة: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف، سميت
ببدرة السخلة، أي: جلد السخلة.
(3) في " نشوار المحاضرة " 1 / 160 159.
(4) عبارة " النشوار ": وكان بيني وبين أبي الرج بن روحان
الصوفي مودة.
(14/334)
فَيَتَمَكَّنُ حِيْنَئِذٍ مِنْ فِعلِ مَا
يُرِيْدُ، وَقَدْ رَصَدَنِي هَؤُلاَءِ مُنْذُ خَمْسَةَ
عَشَرَ يَوْماً، فَمَا رَأَوْنِي آكُلُ شَيْئاً بَتَّةَ،
وَهَذَا نِهَايَة صَبْرِي، فَخُذْ رطْلاً مِنَ الزَّبِيبِ
وَرِطْلاً مِنَ اللَّوزِ، فَدُقَّهُمَا، وَاجعَلْهُمَا
مِثْلَ الكُسبِ (1) ، وَابسُطْهُ كَالوَرَقَةِ،
وَاجعَلْهَا بَيْنَ وَرَقَتَينِ كَدَفْتَرٍ، وَخُذِ
الدَّفتَرَ فِي يَدِكَ مَكشُوَفاً مَطوِيّاً لِيَخفَى،
وَأَحضِرْهُ لِي خُفْيَةً لآكُلَ مِنْهُ وَأَشرَبَ المَاءَ
فِي المَضمَضَةِ، فَيَكفِينِي ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ
يَوْماً أُخْرَى.
فكُنْت أَعمَلُ ذَلِكَ لَهُ طُولَ حَبْسِهِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ
فِي(تَارِيْخِهِ):وَظَهَرَ رَجُلٌ يُعرَفُ بِالحَلاَّجِ،
وَكَانَ فِي حَبسِ السُّلْطَانِ بِسعَايَةٍ وَقَعَتْ بِهِ
فِي وِزَارَةِ عَلِيِّ بنِ عِيْسَى، وَذُكِرَ عَنْهُ
ضُرُوبٌ مِنَ الزَّنْدَقَةِ، وَوَضَعَ الحِيَلَ عَلَى
تَضلِيلِ النَّاسِ مِنْ جِهَاتٍ تُشبِهُ الشَّعوَذَةَ
وَالسِّحرَ وَادِّعَاءَ النُّبُوَّةِ، فَكَشَفَهُ
الوَزِيْرُ، وَأَنَهَى خَبَرَهُ إِلَى المُقْتَدِرِ،
فَلَمْ يُقِرَّ بِمَا رُمِيَ بِهِ، وَعَاقَبَه، وَصَلَبَهُ
حَيّاً أَيَّاماً، وَنُودِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ حُبِسَ
سِنِيْنَ، يُنقَلُ مِنْ حَبسٍ إِلَى حَبسٍ، حَتَّى حُبِسَ
بِأَخَرَةٍ فِي دَارِ السُّلْطَانِ، فَاسْتَغوَى جَمَاعَةً
مِنَ الغِلمَانِ، وَمَوَّهُ عَلَيْهِم، وَاسْتَمَالَهُم
بِحِيْلَةٍ، حَتَّى صَارُوا يَحْمُونَه، وَيَدفَعُوْنَ
عَنْهُ، ثُمَّ رَاسَلَ جَمَاعَةً مِنَ الكِبَارِ،
فَاسْتَجَابُوا لَهُ، وَتَرَامَى بِهِ الأَمْرُ حَتَّى
ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، فَسُعِيَ
بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِه فَقُبِضَ عَلَيْهِم، وَوُجِدَ
عِنْدَ بَعْضِهِم كُتُبٌ لَهُ تَدُلُّ عَلَى مَا قِيْلَ
عَنْهُ، وَانتَشَرَ خَبَرُه، وَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي
قَتْلِهِ، فَسَلَّمَه الخَلِيْفَةُ إِلَى الوَزِيْرِ
حَامِدٍ، وَأَمَرَ أَنْ يَكشِفَهُ بِحَضْرَةِ القُضَاةِ،
وَيَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَجَرَتْ فِي
ذَلِكَ خُطُوبٌ، ثُمَّ تَيَقَّنَ السُّلْطَانُ أَمرَه،
فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ وَإِحرَاقِهِ لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنْ
ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَضُرِبَ
بِالسِّيَاطِ نَحْواً مِنْ أَلفٍ، وَقُطِعَتْ يَدَاهُ
وَرِجْلاَهُ، وَضُرِبَتْ
__________
(1) الكسب: عصارة الدهن، فارسي معرب. أنظر " المعرب "
للجواليقي: ص 285.
(14/335)
عُنُقُه، وَأُحرِقَ بَدَنُه، وَنُصِبَ
رَأْسُه لِلنَّاسِ، وَعُلِّقَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاَهُ إِلَى
جَانِبِ رَأْسِهِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيُّ (1) :أَخْبَرَنِي
أَبُو الحُسَيْنِ بنُ عَيَّاشٍ القَاضِي، عَمَّنْ
أَخْبَرَهُ:
أَنَّهُ كَانَ بِحَضْرَةِ حَامِدِ بنِ العَبَّاسِ لَمَّا
قُبِضَ عَلَى الحَلاَّجِ، وَقَدْ جِيْءَ بِكُتُبٍ وُجِدَتْ
فِي دَارِهِ مِنْ دُعَاتِهِ فِي الأَطرَافِ يَقُوْلُوْنَ
فِيْهَا:وَقَدْ بَذَرْنَا لَكَ فِي كُلِّ أَرْضٍ مَا
يَزكُو فِيْهَا، وَأَجَابَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّكَ البَابُ -
يَعْنِي:الإِمَامَ - وَآخَرُوْنَ يَعنُوْنَ أَنَّكَ
صَاحِبُ الزَّمَانِ - يَعنُوْنَ:الإِمَامَ الَّذِي
تَنْتَظِرُهُ الإِمَامِيَّةُ - وَقَوْمٌ إِلَى أَنَّكَ
صَاحِبُ النَّامُوسِ الأَكْبَرِ - يَعنُوْنَ:النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْمٌ يَعنُوْنَ
أَنَّكَ هُوَ هُوَ - يَعْنِي:اللهَ عَزَّ وَجَلَّ - .
قَالَ:فَسُئِلَ الحَلاَّجُ عَنْ تَفْسِيْرِ هَذِهِ
الكُتُبِ، فَأَخَذَ يَدفَعُهُ وَيَقُوْلُ:هَذِهِ الكُتُبُ
لاَ أَعرِفُهَا، هَذِهِ مَدسُوسَةٌ عَلَيَّ، وَلاَ أَعلَمُ
مَا فِيْهَا، وَلاَ مَعنَى هَذَا الكَلاَمِ.
وَجَاؤُوا بِدَفَاتِرَ لِلْحَلاَّجِ فِيْهَا:أَنَّ
الإِنْسَانَ إِذَا أَرَادَ الحَجَّ، فَإِنَّهُ يَكفِيهِ
أَنْ يَعمَدَ إِلَى بَيْتٍ...، وَذَكَرَ القِصَّةَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاءِ الحَنْبَلِيُّ:كَانَ
عِنْدَنَا بِسُوقِ السِّلاَحِ رَجُلٌ يَقُوْلُ:القُرْآنُ
حِجَابٌ، وَالرَّسُولُ حِجَابٌ، وَلَيْسَ إِلاَّ عَبْدٌ
وَرَبٌّ، فَافْتُتِنَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَتَرَكُوا
العِبَادَاتِ، ثُمَّ اخْتَفَى مَخَافَةَ القَتْلِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ فِي(تَارِيْخِهِ (2)):ثُمَّ انْتَهَى
إِلَى حَامِدٍ أَنَّ الحَلاَّجَ قَدْ مَوَّهَ عَلَى
الحَشَمِ وَالحُجَّابِ بِالدَّارِ بِأَنَّهُ يُحْيِي
المَوْتَى، وَأَنَّ الجِنَّ يَخدِمُونَهُ، وَأَظهَرَ
أَنَّهُ قَدْ أَحيَى عِدَّةً مِنَ الطَّيرِ.
وَقِيْلَ:إِنَّ القُنَّائِيَّ الكَاتِبَ يَعْبُدُ
الحَلاَّجَ وَيَدعُو إِلَيْهِ، فَكُبِسَ بَيتُه،
وَأَحضَرُوا مِنْ دَارِهِ دَفَاتِرَ وَرِقَاعاً بِخَطِّ
الحَلاَّجِ، فَنَهَضَ حَامِدٌ، فَدَفَعَه المُقْتَدِرُ
إِلَى حَامِدٍ، فَاحْتَفَظَ بِهِ، وَكَانَ يُخْرِجُهُ
كُلَّ يَوْمٍ
__________
(1) في " نشوار المحاضرة " 1 / 162، وما بين حاصرتين منه.
(2) 8 / 132.
(14/336)
إِلَى مَجْلِسِه لِيَظفَرَ لَهُ بِسَقْطِه،
فَكَانَ لاَ يَزِيْدُ عَلَى إِظهَارِ الشَّهَادَتَينِ
وَالتَّوحِيدِ وَالشَّرَائِعِ، وَقَبَضَ حَامِدٌ عَلَى
جَمَاعَةٍ يَعْتَقِدُوْنَ إِلَهِيَّةَ الحَلاَّجِ،
فَاعْتَرَفُوا أَنَّهُم دُعَاةُ الحَلاَّجِ، وَذَكَرُوا
لِحَامِدٍ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عِنْدَهُم أَنَّهُ إِلَهٌ،
وَأَنَّهُ يُحيِي المَوْتَى، وَكَاشَفُوا بِذَلِكَ
الحَلاَّجَ، فَجَحَدَ، وَكَذَّبَهُم، وَقَالَ:أَعُوذُ
بِاللهِ أَنْ أَدَّعِيَ النُّبُوَّةَ وَالرُّبُوبِيَّةَ،
إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ أَعْبُدُ اللهَ، وَأُكْثِرُ
الصَّلاَةَ وَالصَّوْمَ وَفِعلَ الخَيْرِ، وَلاَ أَعرِفُ
غَيْرَ ذَلِكَ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
زَنْجِيٍّ:أَخْبَرَنَا أَبِي، قَالَ:
كَانَ أَوَّلَ مَا انْكَشَفَ مِنْ أَمرِ الحَلاَّجِ
لِحَامِدٍ أَنَّ شَيْخاً يُعْرَفُ بِالدَّبَّاسِ كَانَ
مِمَّنِ اسْتَجَابَ لَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ مَخْرَقَتَه،
فَفَارَقَهُ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُ عَلَى هَذِهِ الحَالِ
أَبُو عَلِيٍّ الأوَارجِيُّ الكَاتِبُ، وَكَانَ قَدْ
عَمِلَ كِتَاباً ذَكَرَ فِيْهِ مَخَارِيقَ الحَلاَّجِ
وَالحِيَلَ فِيْهَا، وَالحَلاَّجُ حِيْنَئِذٍ مُقِيْمٌ
عِنْدَ نَصْرٍ القُشُوْرِيِّ فِي بَعْضِ حُجَرِهِ، مُوسعٌ
عَلَيْهِ، مَأْذُوْنٌ لِمَنْ يَدْخُلُ إِلَيْهِ، وَكَانَ
قَدِ اسْتَغوَى القُشُوْرِيَّ، فَكَانَ يُعَظِّمُه،
وَيُحَدِّثُ أَنَّ عِلَّةً عَرَضَتْ لِلْمُقْتَدِرِ فِي
جَوفِه، فَأُدخِلَ إِلَيْهِ الحَلاَّجُ، فَوَضَعَ يَدَهُ
عَلَيْهَا، فَعُوْفِيَ، فَقَامَ بِذَلِكَ لِلْحَلاَّجِ
سُوقٌ فِي الدَّارِ وَعِنْدَ أُمِّ المُقْتَدِرِ، وَلَمَّا
انْتَشَرَ كَلاَمُ الدَّبَّاسِ وَالأَوَارجِيِّ فِي
الحَلاَّجِ، أُحضِرَ إِلَى الوَزِيْرِ ابْنِ عِيْسَى،
فَأَغلَظَ لَهُ، فَحُكِيَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ أَنَّهُ
تَقَدَّمَ إِلَى الوَزِيْرِ، وَقَالَ لَهُ سِرّاً:قِفْ
حَيْثُ انْتَهَيْتَ وَلاَ تَزِدْ، وَإِلاَّ قَلَبتُ
الأَرْضَ عَلَيْكَ.
فَتَهَيَّبَهُ الوَزِيْرُ، فَنُقِلَ حِيْنَئِذٍ إِلَى
حَامِدِ بنِ العَبَّاسِ.
وكَانَتْ بِنْتُ السِّمَّرِيِّ - صَاحِبِ الحَلاَّجِ -
قَدْ أُدخِلَتْ إِلَيْهِ، وَأَقَامَتْ عِنْدَهُ فِي دَارِ
الخِلاَفَةِ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى حَامِدٍ لِيَسأَلَهَا
عَن مَا رَأَتْ.
فَدَخَلَتْ إِلَى حَامِدٍ، وَكَانَتْ عَذْبَةَ
العِبَارَةِ، فَسَأَلَهَا، فَحَكَتْ أَنَّهَا حَمَلَهَا
أَبُوْهَا إِلَى الحَلاَّجِ، وَأَنَّهَا لَمَّا دَخَلَتْ
عَلَيْهِ، وَهَبَ لَهَا أَشيَاءً مُثمنَةً، مِنْهَا
رَيْطَةٌ خَضْرَاءُ،
(14/337)
وَقَالَ لَهَا:
زَوَّجتُكِ ابْنِي سُلَيْمَانَ، وَهُوَ أَعَزُّ وَلَدِي
عَلَيَّ، وَهُوَ مُقِيْمٌ بِنَيْسَابُوْرَ، لَيْسَ يَخْلُو
أَنْ يَقَعَ بَيْنَ المَرْأَةِ وَزَوجِهَا خِلاَفٌ، أَوْ
تُنْكِرَ مِنْهُ حَالاً، وَقَدْ أَوصَيتُه بِكِ، فَمَتَى
جَرَى عَلَيْكِ شَيْءٌ، فَصُومِي يَوْمَكِ، وَاصعَدِي
إِلَى السَّطحِ، وَقُومِي عَلَى الرَّمَادِ، وَاجعَلِي
فِطْرَكِ عَلَيْهِ مَعَ مِلْحٍ، وَاسْتَقبِلِي نَاحِيَتِي،
وَاذْكُرِي مَا أَنكَرتِيْهِ، فَإِنِّي أَسْمَعُ وَأَرَى.
قَالَتْ:وَكُنْتُ لَيْلَةً نَائِمَةً، فَمَا أَحسَستُ بِهِ
إِلاَّ وَقَدْ غَشِيَنِي، فَانتَبَهتُ مَذْعُوْرَةً
مُنكِرَةً لِذَلِكَ، فَقَالَ:إِنَّمَا جِئْتُ لأُوقِظَكِ
لِلصَّلاَةِ.
وَلَمَّا أَصبَحنَا وَمَعِي بِنْتُه، نَزَلَ، فَقَالَتْ
بِنْتُهُ:اسجُدِي لَهُ.
فَقُلْتُ:أَوَ يُسْجَدُ لِغَيْرِ اللهِ؟!
فَسَمِعَ كَلاَمِي، فَقَالَ:نَعَمْ، إِلَهٌ فِي
السَّمَاءِ، وَإِلَهٌ فِي الأَرْضِ.
قَالَتْ:وَدَعَانِي إِلَيْهِ، وَأَدخَلَ يَدَه فِي
كُمِّهِ، وَأَخرَجَهَا مَمْلُوْءةً مِسْكاً، فَدَفَعَه
إِلَيَّ، وَقَالَ:هَذَا تُرَابٌ، اجعَلِيهِ فِي طِيْبِكِ.
وَقَالَ مَرَّةً:ارفَعِي الحَصِيرَ، وَخُذِي مَا
تُرِيدِيْنِ.
فَرَفَعتُهَا، فَوَجَدْتُ الدَّنَانِيْرَ تَحْتهَا
مَفْرُوْشَةً مِلْءَ البَيْتِ، فَبَهَرنِي مَا رَأَيْتُ
(1) .
وَلَمَّا حَصَلَ الحَلاَّجُ فِي يَدِ حَامِدٍ، جَدَّ فِي
تَتَبُّعِ أَصْحَابِهِ، فَأَخَذَ مِنْهُم:حَيْدَرَةَ،
وَالسِّمَّرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ القُنَّائِيَّ،
وَأَبَا المُغِيْثِ الهَاشِمِيَّ، وَابْنَ حَمَّادٍ،
وَكَبَسَ بَيتَهُ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ دَفَاتِرُ
كَثِيْرَةٌ، وَبَعْضُهَا مَكْتُوْبٌ بِالذَّهَبِ،
مُبَطَّنَةٌ بِالحَرِيْرِ.
فَقَالَ لَهُ حَامِدٌ:أَمَا قَبَضتُ عَلَيْكَ بِوَاسِطَ،
فَذَكَرْتَ لِي دفعَةً أَنَّكَ المَهْدِيُّ، وَذَكَرتَ
مَرَّةً أَنَّكَ تَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللهِ، فَكَيْفَ
ادَّعَيتَ بَعْدِي الإِلَهِيَّةَ؟
وَكَانَ فِي الكُتُبِ عَجَائِبُ مِنْ مُكَاتَبَاتِهِ إِلَى
أَصْحَابِهِ النَّافِذِيْنَ إِلَى
__________
(1) انظر أقوال بنت السمري في: " نشوار المحاضرة " 6 / 82
81، و" تاريخ بغداد " 8 / 135 134.
(14/338)
النَّوَاحِي، يُوصِيْهِم بِمَا يَدْعُوْنَ
النَّاسَ إِلَيْهِ، وَمَا يَأْمُرُهُم بِهِ مِنْ نَقلِهِم
مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَرُتبَةٍ إِلَى رُتْبَةٍ، وَأَنْ
يُخَاطِبُوا كُلَّ قَوْمٍ عَلَى حَسبِ عُقُوْلِهِم،
وَقَدْرِ اسْتِجَابَتِهِم وَانْقِيَادِهِم، وَأَجَابَ
بِأَلْفَاظٍ مَرمُوزَةٍ، لاَ يَعْرِفُهَا غَيْرُ مَنْ
كَتَبَهَا وَكُتِبَتْ إِلَيْهِ، وَفِي بَعْضِهَا صُوْرَةٌ
فِيْهَا اسْمُ اللهِ عَلَى تَعوِيجٍ، وَفِي دَاخِلِ ذَلِكَ
التَّعوِيجِ مَكْتُوْبٌ:عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (1)
...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَحَضَرتُ مَجْلِسَ حَامِدٍ وَقَدْ أُحْضِرَ سَفَطٌ مِنْ
دَارِ القُنَّائِيِّ، فَإِذَا فِيْهِ قِدْرٌ جَافَّةٌ،
وَقَوَارِيرُ فِيْهَا شَيْءٌ كَالزِّئبَقِ، وَكِسَرٌ
جَافَّةٌ، فَعَجِبَ الوَزِيْرُ مِنْ تِلْكَ القِدَرِ،
وَجَعَلهَا فِي سَفَطٍ مَخْتُوْمٍ، فَسُئِلَ
السِّمَّرِيُّ، فَدَافَعَ، فَأَلَحُّوا عَلَيْهِ، فَذَكَرَ
أَنَّهَا رَجِيعُ الحَلاَّجِ، وَأَنَّهُ يَشْفِي، وَأَنَّ
الَّذِي فِي القَوَارِيرِ بَوْلُهُ.
فَقَالَ السِّمَّرِيُّ لِي:فُكُلْ مِنْ هَذِهِ الكِسَرِ،
ثُمَّ انظُرْ كَيْفَ يَكُوْنُ قَلْبُكَ لِلْحَلاَّجِ.
ثُمَّ أَحضَرَ حَامِدٌ الحَلاَّجَ، وَقَالَ:أَيْشٍ فِي
هَذَا السَّفطِ؟
قَالَ:مَا أَدْرِي (2) .
وَجَاءَ غُلاَمُ حَامِدٍ الَّذِي كَانَ يَخدُمُ
الحَلاَّجَ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ دَخَلَ بِطَبَقٍ.
قَالَ:فَوَجَدَه مِلءَ البَيْتِ مِنْ سَقْفِهِ إِلَى
أَرضِهِ، فَهَالَهُ مَا رَأَى، وَرَمَى بِالطَّبَقِ مِنْ
يَدِهِ وَحُمَّ.
قَالَ ابْنُ زَنْجِيٍّ:وَحُمِلَتْ دَفَاتِرُ مِنْ دُورِ
أَصْحَابِ الحَلاَّجِ، فَأَمَرَنِي حَامِدٌ أَنْ
أَقرَأَهَا وَالقَاضِي أَبُو عُمَرَ حَاضِرٌ، وَالقَاضِي
أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الأَشْنَانِيِّ، فَمِنْ ذَلِكَ:أَنَّ
الإِنْسَانَ إِذَا أَرَادَ الحَجَّ، أَفرَدَ فِي دَارِه
بَيتاً، وَطَافَ بِهِ أَيَّامَ المَوْسِمِ، ثُمَّ جَمَعَ
ثَلاَثِيْنَ يَتِيماً، وَكَسَاهُم قَمِيصاً قَمِيصاً،
وَعَمِلَ لَهُم طَعَاماً طَيِّباً، فَأَطعَمَهُم،
وَخَدَمَهُم، وَكَسَاهُم، وَأَعطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ
سَبْعَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ ثَلاَثَةً، فَإِذَا فَعَلَ
ذَلِكَ، قَامَ لَهُ ذَلِكَ مَقَامَ الحَجِّ.
فَلَمَّا قَرَأَ ذَلِكَ الفَصلَ، الْتَفَتَ القَاضِي أَبُو
عُمَرَ إِلَى الحَلاَّجِ، وَقَالَ لَهُ:مِنْ أَيْنَ لَكَ
هَذَا؟ قَالَ:مِنْ
__________
(1) " نشوار المحاضرة " 6 / 83 82، و" تاريخ بغداد " 8 /
136 135.
(2) " نشوار المحاضرة " 6 / 85 84، و" تاريخ بغداد " 8 /
137 136.
(14/339)
كِتَابِ(الإِخْلاَصِ)لِلْحَسَنِ
البَصْرِيِّ.
قَالَ:كَذَبتَ يَا حَلاَلَ الدَّمِ!قَدْ سَمِعْنَا
كِتَابَ(الإِخْلاَصِ)، وَمَا فِيْهِ هَذَا.
فَلَمَّا قَالَ أَبُو عُمَرَ:كَذَبتَ يَا حَلاَلَ الدَّمِ،
قَالَ لَهُ حَامِدٌ:اكْتُبْ بِهَذَا.
فَتَشَاغَلَ أَبُو عُمَرَ بِخِطَابِ الحَلاَّجِ، فَأَلَحَّ
عَلَيْهِ حَامِدٌ، وَقَدَّمَ لَهُ الدَّوَاةَ، فَكَتَبَ
بِإِحلاَلِ دَمِهِ، وَكَتَبَ بَعْدَهُ مَنْ حَضَرَ
المَجْلِسَ.
فَقَالَ الحَلاَّجُ:ظَهرِي حِمَىً، وَدَمِي حَرَامٌ، وَمَا
يَحِلُّ لَكُم أَنْ تَتَأَوَّلُوا عَلَيَّ، وَاعْتِقَادِي
الإِسْلاَمُ، وَمَذْهَبِي السُّنَّةُ، فَاللهَ اللهَ فِي
دَمِي.
وَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُ هَذَا القَوْلَ وَهُم
يَكْتُبُوْنَ خُطُوطَهُم، ثُمَّ نَهَضُوا، وَرُدَّ
الحَلاَّجُ إِلَى الحَبْسِ، وَكُتِبَ إِلَى المُقْتَدِرِ
بِخَبَرِ المَجْلِسِ، فَأَبطَأَ الجَوَابَ يَوْمَيْنِ،
فَغلظَ ذَلِكَ عَلَى حَامِدٍ، وَنَدِمَ، وَتَخَوَّفَ،
فَكَتَبَ رُقعَةً إِلَى المُقْتَدِرِ فِي ذَلِكَ،
وَيَقُوْلُ:إِنَّ مَا جَرَى فِي المَجْلِسِ قَدْ شَاعَ،
وَمَتَى لَمْ تُتبِعْهُ قَتْلَ هَذَا، افْتُتِنَ بِهِ
النَّاسُ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ اثْنَانِ.
فَعَادَ الجَوَابُ مِنَ الغَدِ مِنْ جِهَةِ مُفْلِحٍ:إِذَا
كَانَ القُضَاةُ قَدْ أَبَاحُوا دَمَهُ، فَلْيَحْضُرْ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ صَاحِبُ الشُّرطَةِ،
وَيَتَقَدَّمْ بِتَسلِيمِهِ وَضَربِهِ أَلفَ سَوْطٍ،
فَإِنْ هَلَكَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُه.
فَسُرَّ حَامِدٌ، وَأَحضَرَ صَاحِبَ الشُّرطَةِ،
وَأَقرَأَه ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ بِتَسْلِيمِ
الحَلاَّجِ، فَامْتَنَعَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَتَخَوَّفُ
أَنْ يُنْتَزَعَ مِنْهُ.
فَبَعَثَ مَعَهُ غِلمَانَهُ حَتَّى يُصَيِّرُوهُ إِلَى
مَجْلِسِه، وَوَقَعَ الاتِّفَاقُ عَلَى أَنْ يُحْضَرَ
بَعْدَ عِشَاءِ الآخِرَةِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ
أَصْحَابِه، وَقَوْمٌ عَلَى بِغَالٍ مُوكفَةٍ مَعَ
سُيَّاسٍ، فَيُحمَلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا، وَيُدخَلَ فِي
غِمَارِ القَوْمِ.
وَقَالَ حَامِدٌ لَهُ:إِنْ قَالَ لَكَ:أُجرِي لَكَ
الفُرَاتَ ذَهَباً، فَلاَ تَرفَعْ عَنْهُ الضَّربَ.
فلَمَّا كَانَ بَعْدَ العِشَاءِ، أَتَى مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الصَّمَدِ إِلَى حَامِدٍ، وَمَعَهُ الرِّجَالُ
وَالبِغَالُ، فَتَقَدَّمَ إِلَى غِلمَانِهِ بِالرُّكوبِ
مَعَهُ إِلَى دَارِه، وَأَخرجَ لَهُ الحَلاَّجَ، فَحكَى
الغُلاَمُ:أَنَّهُ لَمَّا فَتَحَ البَابَ عَنْهُ وَأَمرَه
بِالخُرُوجِ، قَالَ:مَنْ عِنْدَ
(14/340)
الوَزِيْرِ؟
قَالَ:مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ.
قَالَ:ذَهبنَا وَاللهِ.
وَأُخرجَ، فَأُركبَ بَغلاً، وَاختلطَ بِجُمْلَةِ
السَّاسَةِ، وَركبَ غِلمَانُ حَامِدٍ حَوْلَهُ حَتَّى
أَوْصَلُوهُ، فَبَاتَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ،
وَرِجَالُه حولَ المَجْلِسِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ، أُخرجَ الحَلاَّجُ إِلَى رَحْبَةِ
المَجْلِسِ، وَأَمرَ الجلاَّدَ بِضَرْبِه، وَاجْتَمَعَ
خَلاَئِقُ، فَضُرِبَ تَمَامَ أَلفِ سوطٍ، وَمَا تَأَوَّهَ،
بَلَى لَمَّا بَلغَ سِتَّ مائَةِ سَوْطٍ، قَالَ لاِبْنِ
عَبْدِ الصَّمَدِ:ادْعُ بِي إِلَيْكَ، فَإِنَّ عِنْدِي
نَصيحَةً تَعدِلُ فتحَ قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ.
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ:قَدْ قِيْلَ لَي:إِنَّك سَتَقُولُ
مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ هَذَا، وَلَيْسَ إِلَى رَفعِ
الضَّربِ سَبِيْلٌ.
ثمَّ قُطِعَتْ يَدُه، ثُمَّ رِجلُه، ثُمَّ حُزَّ رَأْسُه،
وَأُحرِقَتْ جُثَّتُه.
وَحَضَرتُ فِي هَذَا الوَقْتِ رَاكِباً وَالجُثَّةُ
تُقلَّبُ عَلَى الجمرِ، وَنُصبَ الرَّأْسُ يَوْمِيْنِ
بِبَغْدَادَ، ثُمَّ حُمِلَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَطيفَ بِهِ.
وَأَقبلَ أَصْحَابُه يَعِدُوْنَ أَنفسَهُم برُجُوعِه
بَعْدَ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً.
وَاتَّفَقَ زِيَادَةُ دِجْلَةَ تِلْكَ السَّنَّةَ
زِيَادَةً فِيْهَا فضلٌ، فَادَّعَى أَصْحَابُه أَنَّ
ذَلِكَ بِسَبِبِهِ، لأَنَّ رَمَادَهُ خَالطَ المَاءَ.
وَزعمَ بَعْضُهُم:أَنَّ المَقْتُولَ عدوٌّ لِلْحلاَّجِ
أُلقيَ عَلَيْهِ شبهُه.
وَادَّعَى بَعْضُهُم أَنَّهُ - فِي ذَلِكَ اليَوْمِ بَعْدَ
قَتلِهِ - رَآهُ رَاكباً حِمَاراً فِي طَرِيْقِ
النَّهْرَوَانِ، وَقَالَ:لَعلَّكُم مِثْلَ هَؤُلاَءِ
البقرِ الَّذِيْنَ ظنُّوا أَنِّي أَنَا المضروبُ
المَقْتُولُ.
وَزعمَ بَعْضُهُم أَنَّ دَابَّةً حُوِّلَتْ فِي صُورتِه.
وَأُحضرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الورَّاقينَ، فَأُحلِفُوا أَنْ
لاَ يَبيعُوا مِنْ كُتبِ الحَلاَّجِ شَيْئاً وَلاَ
يَشتروهَا (1) .
__________
(1) انظر خبر استدعاء الحلاج وقتله في " نشوار المحاضرة "
6 / 92 87، و" تاريخ بغداد " 8 / 141 138.
(14/341)
عَنْ فَارِسٍ البَغْدَادِيِّ، قَالَ:قُطعتْ
أَعضَاءُ الحَلاَّجِ وَمَا تَغيَّرَ لَونُه.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ العَطُوفِيِّ، قَالَ:قُطعتْ يَدَا
الحَلاَّجِ وَرِجْلاَهُ، وَمَا نَطَقَ.
السُّلَمِيُّ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ
شَاذَانَ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الكَتَّانِيَّ
يَقُوْلُ:
سُئِلَ الحَلاَّجُ عَنِ الصَّبرِ، فَقَالَ:أَنْ تُقطعَ
يَدَا الرَّجُلِ وَرجلاَهُ، وَيُسمَّرَ وَيُصلَبَ عَلَى
هَذَا الجِسْرِ.
قَالَ:فَفُعِلَ بِهِ كُلُّ ذَلِكَ.
وَعَنْ أَبِي العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ - رَجُلٍ
مَجْهُوْلٍ - قَالَ:
كُنْتُ أَقربَ النَّاسِ مِنَ الحَلاَّجِ حِيْنَ ضُربَ،
فَكَانَ يَقُوْلُ مَعَ كُلِّ سَوطٍ:أَحَدٌ أَحَدٌ.
السُّلَمِيُّ:سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيٍّ:سَمِعْتُ
عِيْسَى القَصَّارَ يَقُوْلُ:
آخرُ كلمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرٍ
عِنْد قَتلِه:حَسبُ الوَاحِدِ إِفرَادُ الوَاحِدِ لَهُ.
فَمَا سَمِعَ بِهَذِهِ الكَلِمَةِ فَقِيْرٌ إِلاَّ رَقَّ
لَهُ، وَاسْتَحْسَنَهَا مِنْهُ.
قَالَ السُّلَمِيُّ:وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رُؤيَ وَاقفاً
فِي الموقفِ، وَالنَّاسُ فِي الدُّعَاءِ، وَهُوَ
يَقُوْلُ:أُنزِّهك عَمَّا قَرَفَكَ بِهِ عبَادُك، وَأَبرأُ
إِلَيْكَ مِمَّا وَحَّدكَ بِهِ الموحِّدُوْنَ.
قُلْتُ:هَذَا عينُ الزَّنْدَقَةِ، فَإِنَّهُ تَبَرَّأَ
مِمَّا وَحَّدَ اللهَ بِهِ الموحِّدُوْنَ الَّذِيْنَ هُمُ
الصَّحَابَةُ وَالتَّابعُوْنَ وَسَائِرُ الأُمَّةِ، فَهَلْ
وَحَّدُوهُ تَعَالَى إِلاَّ بِكلمَةِ الإِخْلاَصِ التِي
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(مَنْ قَالَهَا مِنْ قَلْبِهِ، فَقَدْ حَرُمَ مَالُهُ
وَدَمُهُ) (1) .
__________
(1) حديث متواتر، روي عن عبد الله بن عمر، وأبي هريرة،
وجابر، وأنس، والنعمان ابن بشير، وأوس بن حذيفة، وطارق بن
أشيم الاشجعي.
فأما حديث ابن عمر، فأخرجه البخاري: 1 / 71 70، ومسلم (22)
كلاهما في الايمان وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البخاري: 3
/ 211 في أول الزكاة، ومسلم (21) في الايمان، وأبو داود
(2640) والنسائي: 5 / 14، وأما حديث جابر، فأخرجه مسلم
(21) (35) والترمذي (3338). وأما حديث أنس، فأخرجه
البخاري: 1 / 417 في الصلاة: باب فضل استقبال =
(14/342)
وَهِيَ:شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ.
فَإِذَا برِئَ الصُّوْفِيُّ مِنْهَا، فَهُوَ ملعُوْنٌ
زِنْدِيْقٌ، وَهُوَ صُوفِيُّ الزَّيِّ وَالظَّاهِرِ،
مُتستِّرٌ بِالنَّسَبِ إِلَى العَارفينَ، وَفِي البَاطنِ
فَهُوَ مِنْ صُوفيَّةِ الفَلاَسِفَةِ أَعدَاءِ الرُّسُلِ،
كَمَا كَانَ جَمَاعَةٌ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منتسبُوْنَ إِلَى صُحْبَتِهِ
وَإِلَى ملَّتِهِ، وَهُم فِي البَاطنِ مِنْ مَرَدَةِ
المُنَافقينَ، قَدْ لاَ يَعْرِفُهُم نَبِيُّ اللهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلاَ يَعْلَمُ
بِهِم.
قَالَ الله - تَعَالَى - :{وَمِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ
مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ، لاَ تَعْلَمُهُمْ، نَحْنُ
نَعْلَمُهُمْ، سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ}
[التَّوبَةُ:101]، فَإِذَا جَازَ عَلَى سَيِّدِ البشرِ
أَنْ لاَ يَعْلَمَ ببَعْضِ المُنَافِقينَ وَهُم مَعَهُ فِي
المَدِيْنَةِ سنوَاتٍ، فَبِالأَوْلَى أَنْ يَخفَى حَالُ
جَمَاعَةٍ مِنَ المُنَافِقينَ الفَارغينَ عَنْ دينِ
الإِسْلاَمِ بَعْدَهُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - عَلَى
العُلَمَاءِ مِنْ أُمَّتِه، فَمَا يَنْبَغِي لَكَ يَا
فَقِيْهُ أَنْ تُبَادرَ إِلَى تكفيرِ المُسْلِمِ إِلاَّ
ببُرْهَانٍ قَطعِيٍّ، كَمَا لاَ يسوَغُ لَكَ أَنْ تعتقدَ
العِرفَانَ وَالوِلاَيَةَ فِيْمَنْ قَدْ تَبرهنَ زَغَلُهُ،
وَانْهَتَكَ بَاطنُهُ وَزَنْدَقَتُه، فَلاَ هَذَا وَلاَ
هَذَا، بَلِ العَدلُ أَنَّ مَنْ رَآهُ المُسْلِمُوْنَ
صَالِحاً مُحسِناً، فَهُوَ كَذَلِكَ، لأَنَّهُم شهدَاءُ
اللهِ فِي أَرضِهِ (1) ، إِذِ الأُمَّةُ لاَ تَجتمعُ عَلَى
__________
= القبلة، وأبو داود (2641) والنسائي: 8 / 109، والترمذي
(2609). وأما حديث النعمان بن بشير فأخرجه النسائي: 7 / 80
79. وأما حديث أوس بن حذيفة، فأخرجه النسائي: 7 / 80 81،
وأما حديث طارق بن أشيم الاشجعي، فأخرجه أحمد: 3 / 472،
ومسلم (23) ولفظه بتمامه: " من قال: لا إليه إلا الله،
وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على
الله ".
(1) أخرج البخاري: 3 / 181 في الجنائز: باب ثناء الناس على
الميت، ومسلم (949) في الجنائز: باب فيمن يثنى عليه خير أو
شر من الموتى، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر
بجنازة، فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
" وجبت " ثم مروا بأخرى، فأثنوا عليها شرا، فقال: " وجبت "
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت ؟ قال: " هذا
أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا
فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض ".
وأخرجه البخاري أيضا: 5 / 185 في الشهادات: باب تعديل كم
يجوز، بلفظ: " المؤمنون شهداء الله في الأرض " وانظر "
المسند " 3 / 179 و186 و197 و211 و245 و281، والترمذي
(1058) والنسائي: 4 / 50 49، و" المستدرك " 1 / 377، ومسند
الطيالسي =
(14/343)
ضَلاَلَةٍ (2) ، وَأَنَّ مَنْ رَآهُ
المُسْلِمُوْنَ فَاجراً أَوْ مُنَافقاً أَوْ مُبْطِلاً،
فَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَنَّ مَنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ
الأُمَّةِ تُضَلِّلُه، وَطَائِفَةٌ مِنَ الأُمَّةِ تُثْنِي
عَلَيْهِ وَتبجِّلُهُ، وَطَائِفَةٌ ثَالثَةٌ تقِفُ فِيْهِ
وَتتورَّعُ مِنَ الحطِّ عَلَيْهِ، فَهُوَ مِمَّنْ
يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَضَ عَنْهُ، وَأَنْ يفوَّضَ أَمرُه
إِلَى اللهِ، وَأَنَّ يُسْتَغْفَرَ لَهُ فِي
الجُمْلَةِ؛لأَنَّ إِسْلاَمَهُ أَصْليٌّ بيقينٍ، وضلالُه
مشكوكٌ فِيْهِ، فَبِهَذَا تَسْتريحُ، وَيصفُو قَلْبُكَ
مِنَ الغِلِّ لِلْمُؤْمِنينَ.
ثمَّ اعْلمْ أَنَّ أَهْلَ القِبْلَةِ كلَّهُم، مُؤْمِنَهُم
وَفَاسقَهُم، وَسُنِّيَهُم وَمُبْتَدِعَهُم - سِوَى
الصَّحَابَةِ - لَمْ يُجمعُوا عَلَى مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ
سَعِيْدٌ نَاجٍ، وَلَمْ يُجمعُوا عَلَى مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ
شقيٌّ هَالكٌ، فَهَذَا الصِّدِّيقُ فردُ الأُمَّةِ، قَدْ
علمتَ تَفَرُّقَهُم فِيْهِ، وَكَذَلِكَ عُمَرُ، وَكَذَلِكَ
عُثْمَانُ، وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ، وَكَذَلِكَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ، وَكَذَلِكَ الحجَّاجُ، وَكَذَلِكَ
المَأْمُوْنُ، وَكَذَلِكَ بشرٌ المَرِيسِيُّ، وَكَذَلِكَ
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالبُخَارِيُّ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَهَلُمَّ جَرّاً مِنَ الأَعيَانِ فِي
الخَيْرِ وَالشَّرِّ إِلَى يَوْمكَ هَذَا، فَمَا مِنْ
إِمَامٍ كَامِلٍ فِي الخَيْرِ، إِلاَّ وَثَمَّ أُنَاسٌ
مِنْ جهلَةِ المُسْلِمِيْنَ وَمُبْتَدِعِيهِم يذمُّونَه،
وَيحطُّونَ عَلَيْهِ، وَمَا مِنْ رَأْسٍ فِي
__________
= (2062) وابن ماجه (1491).
وأخرج البخاري: 3 / 182 و5 / 185، والترمذي (1059)
والنسائي: 4 / 51 من طريق أبي الأسود الديلي قال: أتيت
المدينة وقد وقع بها مرض، وهم يموتون موتا ذريعا، فجلست
إلى عمر رضي الله عنه، فمرت جنازة، فأثني على صاحبها خيرا،
فقال رضي الله عنه: وجبت.
ثم مر بأخرى، فأثني على صاحبها خيرا، فقال عمر رضي الله
عنه: وجبت، ثم مر بالثالثة، فأثني على صاحبها شرا، فقال:
وجبت.
فقال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين ؟ قال:
قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " أيما مسلم شهد له
أربعة بخير أدخله الله الجنة "، فقلنا: وثلاثة ؟ قال: "
وثلاثة ". فقلنا: واثنان ؟ قال: " واثنان ". ثم لم نسأله
عن الواحد.
(2) حديث " لا تجتمع أمتي على ضلالة " رواه الترمذي (2167)
والحاكم: 1 / 115 من حديث ابن عمر، ورواه أبو داود (4253)
وأحمد في " مسنده " 6 / 397 من حديث أبي بصرة الغفاري،
ورواه ابن ماجه (3950) والحاكم: 1 / 117 116 من حديث أنس،
ورواه أحمد: 5 / 145 من حديث أبي ذر، ورواه الحاكم: 1 /
116 من حديث ابن عباس، وفي كلها مقال، لكن يحدث منها قوة
للحديث. انظر " المقاصد الحسنة " ص 460.
(14/344)
البدعَةِ وَالتَّجَهُّمِ وَالرَّفضِ إِلاَّ
وَلَهُ أُنَاسٌ يَنْتصرُوْنَ لَهُ، وَيَذُبُّونَ عَنْهُ،
وَيدينُوْنَ بِقَولِه بِهوَىً وَجهلٍ، وَإِنَّمَا
العِبْرَةُ بِقَولِ جُمْهُوْرِ الأُمَّةِ الخَالينَ (1)
مِنَ الهوَى وَالجَهْلِ، المتَّصِفِينَ (2) بِالوَرَعِ
وَالعِلْمِ، فَتَدبّرْ - يَا عَبْدَ اللهِ - نحْلَةَ
الحَلاَّجِ الَّذِي هُوَ مِنْ رُؤُوْسِ القرَامِطَةِ،
وَدعَاةِ الزَّنْدَقَةِ، وَأَنِصْفْ، وَتَوَرَّعْ،
وَاتَّقِ ذَلِكَ، وَحَاسِبْ نَفْسكَ، فَإِنْ تبرهَنَ لَكَ
أَنَّ شَمَائِلَ هَذَا المَرْءِ شَمَائِلُ عدوٍّ
لِلإِسْلاَمِ، مُحبٍّ للرِّئاسَةِ، حريصٍ عَلَى الظُهُوْرِ
بباطلٍ وَبحقٍّ، فَتبرَّأْ مِنْ نِحْلتِه، وَإِنْ تبرهنَ
لَكَ - وَالعيَاذُ بِاللهِ - أَنَّهُ كَانَ - وَالحَالَةِ
هَذِهِ - مُحقّاً هَادِياً مهدِيّاً (3) ، فَجِدِّدْ
إِسْلاَمَكَ، وَاسْتغثْ بربِّكَ أَنْ يُوَفِّقَكَ
لِلْحقِّ، وَأَنْ يُثَبِّتَ قَلْبَكَ عَلَى دِيْنِهِ،
فَإِنَّمَا الهُدَى نُورٌ يقذِفُهُ اللهُ فِي قلبِ عبدِه
المُسْلِمِ، وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، وَإِن شككتَ
وَلَمْ تَعْرِفْ حَقِيقَتَهُ، وَتبرَّأَتَ مِمَّا رُمِي
بِهِ، أَرحتَ نَفْسكَ، وَلَمْ يَسْأَلْكَ اللهُ عَنْهُ
أَصلاً.
السُّلَمِيُّ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ
الحَسَنِ الوَرَّاقَ:سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ
اللهِ القلاَنسِيَّ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ:
لَمَّا صُلبَ الحَلاَّجُ - يَعْنِي:فِي النَّوبَةِ
الأُوْلَى - وَقفتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:إِلَهِي!أَصبحتُ فِي
دَارِ الرَّغَائِبِ أَنظرُ إِلَى العَجَائِبِ،
إِلَهِي!إِنَّك تَتَوَدَّدُ إِلَى مَنْ يُؤذيكَ، فَكَيْفَ
لاَ تَتَوَدَّدُ إِلَى مَنْ يُؤذَى فِيكَ.
السُّلَمِيُّ:سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الرَّازِيَّ
يَقُوْلُ:كَانَ أَخِي خَادِماً لِلْحلاَّجِ، فَلَمَّا
كَانَتِ اللَّيْلَةُ التِي يُقتلُ فِيْهَا مِنَ الغَدِ،
قُلْتُ:أَوصِنِي يَا سَيِّدِي.
فَقَالَ:عَلَيْكَ نَفْسَكَ، إِنْ لَمْ تَشغلْهَا
شَغَلَتْكَ.
فَلَمَّا أُخرجَ، كَانَ يَتبخترُ فِي قَيْدِه، وَيَقُوْلُ:
__________
(1) في الأصل: " الخالون ".
(2) في الأصل: " المتصفون ".
(3) في الأصل: " محق هاد مهدي ".
(14/345)
نَدِيْمِي غَيْرُ مَنْسُوبٍ ... إِلَى
شَيْءٍ مِنَ الحَيْفِ
سَقَانِي مِثْلَ مَا يَشْرَ ... بُ فِعْلَ الضَّيْفِ
بِالضَّيْفِ
فَلَمَّا دَارَتِ الكَأْسُ ... دَعَا بِالنِّطْعِ
وَالسَّيْفِ
كَذَا مَنْ يَشْرَبُ الكَأْسَ ... مَعَ التِّنِّينِ فِي
الصَّيْفِ (1)
ثُمَّ قَالَ:{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِيْنَ لاَ
يُؤمنُوْنَ بِهَا، وَالَّذِيْنَ آمنُوا مُشْفِقُوْنَ
مِنْهَا، وَيَعْلَمُوْنَ أَنَّهَا الحَقُّ}
[الشُّوْرَى:18]، ثُمَّ مَا نطقَ بَعْدُ.
وَلهُ أَيْضاً (2) :
يَا نَسِيمَ الرِّيْحِ قُوْلِي (3) للرَّشَا : ... لَمْ
يَزِدْنِي الوَرْدُ إِلاَّ عَطَشَا
رُوحُهُ رُوحِي وَرُوحِي فَلَهُ ... إِنْ يَشَا شِئْتُ،
وَإِنْ شِئْتُ يَشَا
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه:لَمَّا أُخرجَ
الحَلاَّج لِيُقتلَ، مَضَيتُ وَزَاحمتُ حَتَّى رَأَيْتهُ،
فَقَالَ لأَصْحَابِهِ:لاَ يُهْولنَّكُم، فَإِنِّي عَائِدٌ
إِلَيْكُم بَعْدَ ثَلاَثِيْنَ يَوْماً.
فَهَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيْحَةٌ تُوضِّحُ لَكَ أَنَّ
الحَلاَّجَ مُمَخْرِقٌ كَذَّابٌ، حَتَّى عِنْدَ قتلِه.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ لَمَّا أُخرجَ لِلْقتلِ، أَنْشَدَ:
طَلَبْتُ المُسْتَقَرَّ بِكُلِّ أَرْضِ ... فَلَمْ أَرَ
لِي بِأَرْضٍ مُسْتَقَرَّا
أَطَعْتُ مَطَامِعِي فَاسْتَعْبَدَتَنِي ... وَلَوْ أَنِّي
قَنَعْتُ لَكُنْتُ حُرّاً (4)
قَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ:جَمعتُ كِتَاباً
سَمَّيْتُه:(القَاطِعُ بِمحَال
__________
(1) الابيات في " ديوان الحلاج " ص 73، وانظر الخبر أيضا
في " تاريخ بغداد " 8 / 131 132، و" المنتظم " 6 / 164
163، و" أخبار الحلاج " ص 35 34.
(2) والبيتان في " ديوانه " ص 69 68.
(3) في الأصل " قولا " وما أثبتناه من الديوان.
(4) الخبر والبيتان في " تاريخ بغداد " 8 / 130، و"
المنتظم " 6 / 164، و" وفيات الأعيان " 2 / 144.
(14/346)
المُحَاج بِحَالِ الحَلاَّجِ).
وَبلغَ مِنْ أَمرِه أَنَّهُم قَالُوا:إِنَّهُ إِلهٌ،
وَإِنَّهُ يُحْيَي المَوْتَى.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:أَوَّلُ مَنْ أَوقعَ بِالحَلاَّجِ
الأَمِيْرُ أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
الرَّاسِبِيُّ، وَأَدخلَه بَغْدَادَ وَغُلاَماً لَهُ عَلَى
جَمَلَينِ قَدْ شَهَرَهُمَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَكَتَبَ مَعَهُمَا كِتَاباً:إِنَّ البيِّنَةَ
قَامتْ عِنْدِي أَنَّ الحَلاَّجَ يَدَّعِي الرُّبوبيَّةَ
وَيَقُوْلُ بالحلولِ، فَحُبسَ مُدَّةً.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:قِيْلَ:إِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ
أَمرِهِ يدعُو إِلَى الرِّضَى مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ
يُرِي الجَاهِلَ أَشيَاءً مِنْ شَعْبَذَتِهِ، فَإِذَا
وَثقَ مِنْهُ، دَعَاهُ إِلَى أَنَّهُ إِلهٌ.
وَقِيْلَ:إِنَّ الوَزِيْرَ حَامِداً وَجدَ فِي
كُتُبِه:إِذَا صَامَ الإِنْسَانُ وَوَاصلَ ثَلاَثَةَ
أَيَّامٍ وَأَفطرَ فِي رَابعِ يَوْمٍ عَلَى وَرقَاتِ
هِنْدَبا، أَغنَاهُ عَنْ صومِ رَمَضَانَ، وَإِذَا صَلَّى
فِي لَيْلَةٍ رَكْعَتَيْنِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى
الغدَاةِ، أَغنتْه عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِذَا
تَصدَّقَ بكذَا وَكَذَا، أَغنَاهُ عَنِ الزَّكَاةِ.
ذَكرَ ابْنُ حَوقلٍ، قَالَ:ظَهرَ مِنْ فَارس الحَلاَّج
يَنْتحلُ النُّسكَ وَالتَّصَوُّفَ، فَمَا زَالَ يترقَّى
طَبقاً عَنْ طَبَقٍ حَتَّى آلَ بِهِ الحَالُ إِلَى أَنْ
زَعَمَ:أَنَّهُ مَنْ هَذَّبَ فِي الطَّاعَةِ جِسمَه،
وَشغلَ بِالأَعمَالِ قلبَه، وَصبرَ عَنِ اللَّذَّاتِ،
وَامْتَنَعَ مِنَ الشَّهَوَاتِ، يَتَرَقَّ فِي درجِ
المصَافَاةِ، حَتَّى يصفُوَ عَنِ البشريَةِ طَبعُه،
فَإِذَا صَفَا، حَلَّ فِيْهِ روحُ اللهِ الَّذِي كَانَ
مِنْهُ إِلَى عِيْسَى، فَيَصِيْرُ مُطَاعاً، يَقُوْلُ
لِلشَّيءِ:كُنْ، فَيَكُوْنُ.
فَكَانَ الحَلاَّجُ يتعَاطَى ذَلِكَ، وَيدعُو إِلَى
نَفْسِهِ، حَتَّى اسْتمَال جَمَاعَةً مِنَ الأُمَرَاءِ
وَالوُزَرَاءِ وَمُلُوْكِ الجَزِيْرَة وَالجِبَالِ
وَالعَامَّةِ، وَيُقَالُ:إِنَّ يَدهُ لَمَّا قُطعتْ، كَتبَ
الدَّمُ عَلَى الأَرْضِ:الله الله.
قُلْتُ:مَا صَحَّ هَذَا، وَيُمكنُ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا
مِنْ فِعلِه بِحركَةِ زَنْدِه.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ،
الحَافِظُ:سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
(14/347)
جَعْفَرٍ البَزَّازَ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ
أَبَا مُحَمَّدٍ اليَاقوتِيَّ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ الحَلاَّجَ عِنْد الجِسْرِ عَلَى بقرَةٍ،
وَوجهُهُ إِلَى ذَنَبِهَا، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:مَا
أَنَا الحَلاَّجُ، أَلقَى الحَلاَّجُ شَبَهَهُ عَلَيَّ
وَغَابَ.
فَلَمَّا أُدنِيَ مِنَ الخشبَةِ التِي يُصلَبُ عَلَيْهَا،
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
يَا مُعِيْنَ الضَّنَّا عَلَيَّ أَعنِي عَلَى الضَّنَّا
...
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ سَالِمٍ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
سَهْلِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَبِيَدِهِ محبرَةٌ وَكِتَابٌ،
فَقَالَ لسهلٍ:أَحْبَبْتُ أَنْ أَكتبَ شَيْئاً ينفعُنِي
اللهُ بِهِ.
فَقَالَ:اكتبْ:إِنِ اسْتطعتَ أَنْ تلقَى اللهَ وَبيدكَ
المحبرَةُ، فَافعلْ.
فَقَالَ:يَا أَبَا مُحَمَّدٍ!فَائِدَةٌ.
فَقَالَ:الدُّنْيَا كُلُّهَا جهلٌ، إِلاَّ مَا كَانَ
عِلْماً، وَالعِلْمُ كُلُّه حُجَّةٌ، إِلاَّ مَا كَانَ
عَمَلاً، وَالعَملُ مَوْقُوْفٌ، إِلاَّ مَا كَانَ عَلَى
السُّنَّةِ، وَتقومُ السُّنَّةُ علَى التَّقْوَى.
وَعَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ المُرْتَعِشِ، قَالَ:مَنْ
رَأَيْتهُ يَدَّعِي حَالاً مَعَ اللهِ باطنَةً، لاَ
يَدُلُّ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْهَدُ لَهَا حِفظٌ ظَاهِرٌ،
فَاتَّهِمْهُ عَلَى دِيْنِهِ.
قِيْلَ:إِنَّ الحَلاَّجَ كَتَبَ مَرَّةً إِلَى أَبِي
العَبَّاسِ بنِ عَطَاءٍ:
كَتَبْتُ وَلَمْ أَكْتُبْ إِلَيْكَ وَإِنَّمَا ...
كَتَبْتُ إِلَى رُوْحِي بِغَيْرِ كِتَابِ
وَذَاكَ لأَنَّ الرُّوحَ لاَ فَرْقَ بَيْنَهَا ...
وَبَيْنَ مُحبِّيهَا بِفصلِ خِطَابِ
فُكُلُّ كِتَابٍ صَادرٍ مِنْكَ وَاردٍ ... إِلَيْكَ بِلاَ
رَدِّ الجَوَابِ جَوَابِي (1)
وَقَدْ ذَكَرَ الحَلاَّجَ أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ
فِي(طَبَقَاتِ الصُّوْفِيَّةِ)لَهُ، فَقَالَ:مِنْهُم مَنْ
نَسَبَه إِلَى الزَّنْدَقَةِ، وَمِنْهُم مِنْ نَسَبهُ
إِلَى السِّحرِ وَالشَّعْوذَةِ.
__________
(1) " ديوان الحلاج " ص 42، و" تاريخ بغداد " 8 / 115، و"
أخبار الحلاج " ص 119 - 120.
(14/348)
وَقفتُ عَلَى تَأْلِيْفِ أَبِي عَبْدِ
اللهِ بنِ بَاكويه الشيرَازيِّ فِي حَالِ الحَلاَّجِ،
فَقَالَ:حَدَّثَنِي حَمدُ بنُ الحَلاَّجِ:
أَنَّ نَصراً القُشُورِيَّ لَمَّا اعتُقِلَ أَبِي،
اسْتَأَذنَ المُقْتَدِر أَنْ يَبنِيَ لَهُ بَيْتاً فِي
الحَبْسِ، فَبنَى لَهُ دَاراً صَغِيْرَةً بجنبِ الحَبْسِ،
وَسدُّوا بَابَ الدَّارِ، وَعملُوا حوَالِيه سُوراً،
وَفَتحُوا بَابَه إِلَى الحَبْسِ، وَكَانَ النَّاسُ
يَدْخُلُوْنَ عَلَيْهِ سنَةً، ثُمَّ مُنعُوا، فَبقيَ
خَمْسَةَ أَشْهُرٍ لاَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلاَّ
مرَّةً رَأَيْتُ أَبَا العَبَّاسِ بنَ عَطَاءٍ دَخَلَ
عَلَيْهِ بِالحِيْلَةِ، وَرَأَيْتُ مرَّةً أَبَا عَبْدِ
اللهِ بنَ خَفيفٍ وَأَنَا بَرّاً عِنْد وَالدِي، ثُمَّ
حَبَسُونِي مَعَهُ شَهْرَيْنِ، وَلِي يَوْمَئِذٍ
ثَمَانيَةَ عَشَرَ عَاماً، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ
التِي أُخرجَ مِنْ صَبِيْحَتهَا، قَامَ، فَصَلَّى ركعَاتٍ،
ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَقُوْلُ:مَكْرٌ مَكْرٌ، إِلَى أَنْ
مَضَى أَكْثَرُ اللَّيْلِ.
ثُمَّ سَكتَ طَوِيْلاً، ثُمَّ قَالَ:حَقٌّ حَقٌّ، ثُمَّ
قَامَ قَائِماً وَتَغَطَّى بِإِزَارٍ، وَاتَّزرَ بِمئزرٍ،
وَمدَّ يَدَيْهِ نَحْوَ القِبْلَةِ، وَأَخَذَ فِي
المنَاجَاةِ يَقُوْلُ:نَحْنُ شوَاهدُك نَلُوذُ بِسَنَا
عِزَّتك، لِتبديَ مَا شِئْت مِنْ مَشِيئتِكَ، أَنْتَ
الَّذِي فِي السَّمَاء إِلهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلهٌ، يَا
مُدهِّرَ الدُّهورِ، وَمُصوِّرَ الصُّوَرِ، يَا مَنْ
ذَلَّت لَهُ الجَوَاهِرُ، وَسَجَدتْ لَهُ الأَعْرَاضُ،
وَانعقدَتْ بِأَمرِه الأَجسَامُ، وَتَصَوَّرتْ عِنْدَهُ
الأَحْكَامُ، يَا مَنْ تَجَلَّى لِمَا شَاءَ، كَمَا شَاءَ،
كَيْفَ شَاءَ، مِثْلَ التَجَلِّي فِي المَشِيْئَةِ لأَحسن
الصُّورَةِ.
وَفِي نُسْخَةٍ:مِثْلُ تَجَلِّيكَ فِي مَشيئتكَ كَأَحسنِ
الصُّورَةِ.
وَالصُّورَةُ هِيَ الرُّوحُ النَّاطقَةُ الَّتِي أَفردتْهُ
بِالعِلْمِ وَالبيَانِ وَالقُدرَةِ.
ثُمَّ أَوعزتَ إِلَيَّ شَاهدَكَ لأَنِي فِي ذَاتِكَ
الهُوِيِّ لَمَّا أَردتَ بدَايتِي، وَأَبديتَ حَقَائِقَ
عُلُوْمِي وَمُعجزَاتِي، صَاعِداً فِي مَعَارجِي إِلَى
عروشِ أَوليَائِي عِنْد القَوْلِ مِنْ بريَاتِي.
إِنِّيْ أَحتضِرُ وَأُقتَلُ وَأُصلَبُ وَأُحرقُ، وَأُحملُ
عَلَى السَّافيَاتِ الذَّاريَاتِ، وَإِنَّ الذَّرَةَ مَنْ
يَنْجُوْجَ مظَانَّ هَيكلِ مُتَجَلِّيَاتِي لأَعْظَم مِنَ
الرَّاسيَاتِ.
ثُمَّ أَنشَأَ يَقُوْلُ:
أَنعَى إِلَيْكَ نُفُوساً طَاحَ شَاهِدُهَا ... فِيْمَا
وَرَا الغَيْبِ أَوْ فِي شَاهِدِ القِدَمِ
(14/349)
أَنعَى إِلَيْكَ عُلُوماً طَالَمَا
هَطَلَتْ ... سَحَائِبُ الوَحْيِ فِيْهَا أَبْحُرَ
الحِكَمِ
أَنْعَى إِلَيْكَ لِسَانَ الحَقِّ مُذْ زَمَنٍ ... أَودَى
وَتَذْكَارُهُ كَالوَهمِ فِي العَدَمِ
أَنعَى إِلَيْكَ بَيَاناً تَسْتَسِرُّ لَهُ ... أَقوَالُ
كُلِّ فَصِيْحٍ مِقْوَلٍ فَهِمِ
أَنعَى إِلَيْكَ إِشَارَاتِ العُقُوْلِ مَعاً ... لَمْ
يَبْقَ مِنْهُنَّ إِلاَّ دَارِسُ العَلَمِ
أَنعَى - وَحَقِّكَ - أَحْلاماً لِطَائِفَةٍ ... كَانَتْ
مَطَايَاهُمُ مِنْ مَكْمَدِ الكِظَمِ
مَضَى الجَمِيْعُ فَلاَ عَيْنٌ وَلاَ أَثَرُ ... مُضِيَّ
عَادٍ وَفِقْدَانَ الأُولَى إِرَمِ
وَخَلَّفُوا مَعْشَراً يَجْدُوْنَ لِبسَتَهُم ... أَعمَى
مِنَ البَهمِ بَلْ أَعمَى مِنَ النَّعَمِ (1)
ثُمَّ سَكتَ، فَقَالَ لَهُ خَادمُه أَحْمَدُ بنُ
فَاتِكٍ:أَوصِنِي.
قَالَ:هِيَ نَفْسُكَ إِنْ لَمْ تَشغَلْهَا، شَغَلَتْكَ.
ثُمَّ أُخرجَ، وَقُطعتْ يَدَاهُ وَرِجلاَهُ بَعْدَ أَنْ
ضُربَ خَمْسَ مائَةِ سَوطٍ، ثُمَّ صُلبَ، فسَمِعْتُهُ
وَهُوَ عَلَى الجذعِ يُنَاجِي، وَيَقُوْلُ:أَصبحتُ فِي
دَارِ الرَّغَائِبِ أَنظرُ إِلَى العَجَائِبِ.
فَهَكَذَا هَذَا السِّيَاقُ أَنَّهُ صُلبَ قَبْلَ قَطعِ
رَأْسِه.
فَلَعَلَّ ذَلِكَ فُعلَ بَعْضَ نَهَارٍ.
قَالَ:ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّبلِيَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْتَ
الجِذعِ، صَاحَ بِأَعْلَى صَوتِه يَقُوْلُ:أَوْ لَمْ
نَنْهَكَ عَنِ العَالَمِينَ.
ثُمَّ قَالَ لَهُ:مَا التَّصَوُّفُ؟
قَالَ:أَهوَنُ مِرقَاةٍ فِيْهِ مَا تَرَى.
قَالَ:فَمَا أَعلاَهُ؟
قَالَ:لَيْسَ لَكَ إِلَيْهِ سَبِيْلٌ، وَلَكِنْ سَترَى
غَداً مَا يَجرِي، فَإِنَّ فِي الغيبِ مَا شَهِدتَه
وَغَابَ عَنْكَ.
فَلَمَّا كَانَ العَشِيُّ جَاءَ الإِذنُ مِنَ الخَلِيْفَةِ
أَنْ تُضربَ رَقبَتُه، فَقَالُوا:قَدْ أَمسَيْنَا
وَيُؤخَّرُ إِلَى الغدَاةِ.
فَلَمَّا أَصبَحنَا أُنزِلَ، وَقُدِّمَ لِتُضرَبَ عُنُقُه،
فَسمِعتُه يَصيحُ بِأَعْلَى صَوتِه:حَسْبُ الوَاحِدِ
إِفرَادُ الوَاحِدِ لَهُ.
ثُمَّ تَلاَ:{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِيْنَ لاَ
يُؤْمنُوْنَ بِهَا، وَالَّذِيْنَ آمَنُوا مُشْفِقُوْنَ
مِنْهَا} [
__________
(1) الأبيات في " ديوانه " ص 25 24، وانظر أيضا " تاريخ
بغداد " 8 / 130، و" أخبار الحلاج " ص 12، و" البداية
والنهاية " 11 / 142، وقد وردت في الديوان كلمة " الرمم "
بدل " العلم " في البيت الخامس.
(14/350)
الشُّوْرَى:18]، فَهَذَا آخِرُ كَلاَمِهِ.
ثُمَّ ضُرِبَتْ رَقبتُه، وَلُفَّ فِي بارِيَّةٍ، وَصُبَّ
عَلَيْهِ النَّفْطُ، وَأُحرقَ، وَحُمِلَ رَمَادُه إِلَى
رَأْسِ المنَارَةِ لِتَسفِيْهِ الرِّيَاحُ.
فَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ فَاتكٍ - تِلْمِيْذِ وَالدِي -
يَقُوْلُ بَعْدَ ثَلاَثٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ كَأَنِّيْ وَاقفٌ بَيْنَ يَدِيْ رَبِّ العزَّةِ،
فَقُلْتُ:يَا رَبِّ مَا فعلَ الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرٍ؟
فَقَالَ:كَاشَفْتُهُ بِمَعْنَىً، فَدَعَا الخَلْقَ إِلَى
نَفْسِهِ، فَأَنْزَلْتُ بِهِ مَا رَأَيْتَ.
قَالَ ابْنُ بَاكوَيْه:سَمِعْتُ ابْنَ خَفِيْفٍ
يَسْأَلُ:مَا تَعْتَقِدُ فِي الحَلاَّجِ؟
قَالَ:أَعْتَقِدُ أَنَّهُ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ
فَقَطْ.
فَقِيْلَ لَهُ:قَدْ كَفَّرهُ المَشَايِخُ وَأَكْثَرُ
المُسْلِمِيْنَ.
فَقَالَ:إِنْ كَانَ الَّذِي رَأَيْتُهُ مِنْهُ فِي
الحَبْسِ لَمْ يَكُنْ تَوْحِيداً، فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا
تَوحِيدٌ.
قُلْتُ:هَذَا غَلَطٌ مِنِ ابْنِ خَفِيْفٍ، فَإِنَّ
الحَلاَّجَ عِنْدَ قَتلِه مَا زَالَ يُوَحِّدُ الله
وَيَصِيْحُ:اللهَ اللهَ فِي دَمِي، فَأَنَا عَلَى
الإِسْلاَمِ.
وَتَبَرَّأَ مِمَّا سِوَى الإِسْلاَمِ، وَالزِّنْدِيقُ
فَيُوَحِّدُ اللهَ عَلاَنيَةً، وَلَكِنَّ الزَّندقَةَ فِي
سِرِّهِ.
وَالمُنَافِقُوْنَ فَقَدْ كَانُوا يُوَحِّدُوْنَ،
وَيصومُوْنَ، وَيُصلُّوْنَ علاَنيَةً، وَالنِّفَاقُ فِي
قُلُوْبِهُم، وَالحَلاَّجُ فَمَا كَانَ حِمَاراً حَتَّى
يُظهرَ الزَّندقَةَ بِإِزَاءِ ابْنِ خَفِيْفٍ وَأَمثَالِه،
بَلْ كَانَ يَبوحُ بِذَلِكَ لِمَنِ اسْتوثقَ مِنْ رِبَاطه،
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ تزَنْدَقَ فِي وَقتٍ، وَمَرَقَ،
وَادَّعَى الإِلهيَّةَ، وَعملَ السِّحرَ وَالمخَاريقَ
البَاطلَةَ مُدَّةً، ثُمَّ لَمَّا نَزَلَ بِهِ البلاَءُ
وَرَأَى المَوْتَ الأَحْمَرَ، أَسلمَ، وَرَجَعَ إِلَى
الحَقِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِسِرِّهِ، وَلَكِنَّ
مَقَالَتَهُ نَبْرَأُ إِلَى اللهِ مِنْهَا، فَإِنَّهَا
مَحْضُ الكُفرِ - نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ وَالعَافيَةَ -
فَإِنَّهُ يَعْتَقِدُ حُلُولَ البَارِئِ - عَزَّ وَجَلَّ -
فِي بَعْضِ الأَشرَافِ، تَعَالَى الله عَنْ ذَلِكَ.
كَانَ مَقْتَلُ الحَلاَّجِ:فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، لِسِتٍّ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ العَلاَّمَةِ تَاجِ الدِّيْنِ
الفَزَارِيِّ، قَالَ:
رَأَيْتُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ
كِتَاباً فِيْهِ قِصَّةُ الحَلاَّجِ، مِنْهُ عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ الحُلْوَانِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ
(14/351)
عَلَى الحُسَيْنِ بنِ مَنْصُوْرٍ بَيْنَ
المَغْرِبِ وَالعَتَمَةِ، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي،
فَجَلَسْتُ كَأَنَّهُ لَمْ يَحِسَّ بِي، فَسَمِعْتُهُ
يَقْرَأُ سُوْرَةَ البَقَرَةِ، فَلَمَّا خَتَمَهَا،
رَكَعَ، وَقَامَ فِي الرُّكُوْعِ طَوِيْلاً، ثُمَّ قَامَ
إِلَى الثَّانِيَةِ، قَرَأَ الفَاتِحَةَ وَآلَ عِمْرَانَ،
فَلَمَّا سَلَّمَ، تَكَلَّمَ بِأَشْيَاءَ لَمْ
أَسْمَعْهَا، ثُمَّ أَخَذَ فِي الدُّعَاءِ، وَرَفَعَ
صَوْتَهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوْذٌ مِنْ نَفْسِهِ، وَقَالَ:يَا
إِلَهَ الآلِهَةِ!وَرَبَّ الأَرْبَابِ!وَيَا مَنْ لاَ
تَأْخُذُهُ سِنَةٌ!رُدَّ إِلَيَّ نَفْسِي، لِئَلاَّ
يُفْتَتَنَ بِي عِبَادُكَ، يَا مَنْ هُوَ أَنَا وَأَنَا
هُوَ!وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ إِنِّيَّتِي وَهُوِّيَتِكَ
إِلاَّ الحَدَثَ وَالقِدَمَ.
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وَنَظَرَ إِلَيَّ، وَضَحِكَ فِي
وَجْهِي ضَحِكَاتٍ، ثُمَّ قَالَ لِي:يَا أَبَا
إِسْحَاقَ!أَمَا تَرَى إِلَى رَبِّي ضَرَبَ قِدَمَهُ فِي
حَدَثِي حَتَّى اسْتَهْلَكَ حَدَثِي فِي قِدَمِهِ، فَلَمْ
تَبْقَ لِي صِفَةٌ إِلاَّ صِفَةُ القِدَمِ، وَنُطْقِي مِنْ
تِلْكَ الصِّفَةِ، فَالخَلْقُ كُلُّهُم أَحْدَاثٌ،
يَنْطِقُوْنَ عَنْ حَدَثٍ، ثُمَّ إِذَا نَطَقْتُ عَنِ
القِدَمِ، يُنْكِرُوْنَ عَلَيَّ، وَيَشْهَدُوْنَ
بِكُفْرِي، وَسَيَسْعَوْنَ إِلَى قَتْلِي، وَهُمْ فِي
ذَلِكَ مَعْذُوْرُوْنَ، وَبِكُلِّ مَا يَفْعَلُوْنَ
مَأْجُوْرُوْنَ.
وَعَنْ عُثْمَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ - قَيِّمِ جَامِعِ
الدِّيْنَوَرِ - قَالَ:
بَاتَ الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرٍ فِي هَذَا الجَامِعِ
وَمَعهُ جَمَاعَةٌ، فَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُم،
فَقَالَ:يَا شَيْخُ!مَا تَقُوْلُ فِيْمَا قَالَ
فِرْعَوْنُ؟
قَالَ:كَلِمَةَ حَقٍّ.
قَالَ:فَمَا تَقُوْلُ فِيْمَا قَالَ مُوْسَى - عَلَيْهِ
السَّلاَمُ - ؟
قَالَ:كَلِمَةُ حَقٍّ؛لأَنَّهُمَا كَلِمَتَانِ جَرَتَا فِي
الأَبَدِ كَمَا أُجْرِيَتَا فِي الأَزَلِ.
وَعَنِ الحُسَيْنِ، قَالَ:الكُفْرُ وَالإِيْمَانُ
يَفْتَرِقَانِ مِنْ حَيْثُ الاسْمُ، فَأَمَّا مِنْ حَيْثُ
الحَقِيْقَةُ، فَلاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
عَنْ جُنْدُبِ بنِ زَاذَانَ - تِلْمِيْذِ الحُسَيْنِ -
قَالَ:
كَتَبَ الحُسَيْنُ إِلَيَّ:بِسْمِ اللهِ المتجلِّي عَنْ
كُلِّ شَيْءٍ لِمَنْ يشَاءُ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا
وَلدِي، سَتَرَ اللهُ عَنْكَ ظَاهِرَ الشَّرِيعَةِ،
وَكَشَفَ لَكَ حَقِيْقَةَ الكُفْرِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ
الشَّريعَةِ كُفْرٌ، وَحَقِيْقَةَ
(14/352)
الكُفْرِ مَعْرِفَةٌ جَلِيَّةٌ، وَإِنِّيْ
أُوصِيكَ أَنْ لاَ تَغتَرَّ بِاللهِ، وَلاَ تَأْيَسْ
مِنْهُ، وَلاَ تَرْغَبْ فِي مَحَبَّتِه، وَلاَ تَرضَى أَنْ
تَكُونَ غَيْرَ مُحِبٍّ، وَلاَ تَقُلْ بِإِثبَاتِه، وَلاَ
تَمِلْ إِلَى نَفيِهِ، وَإِيَّاكَ وَالتَّوحِيدَ،
وَالسَّلاَمَ.
وَعَنْهُ، قَالَ:مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الإِيْمَانِ
وَالكُفْرِ، فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ لَمْ يُفرِّقْ بَيْنَ
المُؤْمِنِ وَالكَافِرِ، فَقَدْ كَفَرَ.
وَعَنْهُ قَالَ:مَا وَحَّدَ اللهَ غَيْرُ اللهِ.
آخِرُ مَا نَقَلتُه مِنْ خطِّ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّيْنِ.
ذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيمُ (1) الحُسَيْنَ
الحَلاَّجَ، وَحَطَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَرَدَ أَسْمَاءَ
كُتُبِه:كِتَابُ(طَاسِين الأَوَّلُ)، كِتَابُ(الأَحرفِ
المُحْدَثَةِ وَالأَزليَّةِ)، كِتَابُ(ظلٌّ مَمْدُوْدٌ)،
كِتَابُ(حَملُ النُّوْرِ وَالحَيَاةِ وَالأَروَاحِ)،
كِتَابُ(الصُّهورِ)، كِتَابُ(تَفْسِيْرُ قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ)، كِتَابُ(الأَبدُ وَالمأْبودُ)، كِتَابُ(خَلقُ
الإِنْسَانِ وَالبيَانِ)، كِتَابُ(كَيدُ الشَّيْطَانِ)،
كِتَابُ(سِرُّ العَالِمِ وَالمَبْعُوثِ)، كِتَابُ(العَدلُ
وَالتَّوحيدُ)، كِتَابُ(السِّيَاسَةُ)، كِتَابُ(عِلمُ
الفَنَاءِ وَالبَقَاءِ)، كِتَابُ(شَخص الظُّلمَاتِ)،
كِتَابُ(نُور النُّوْرِ)، كِتَابُ(الهَيَاكل وَالعَالَم)،
كِتَابُ(المَثَل الأَعْلَى)، كِتَابُ(النُّقطَة وَبَدوّ
الخَلقِ)، كِتَابُ(القِيَامَات)، كِتَابُ(الكِبر
وَالعَظمَة)، كِتَابُ(خَزَائِن الخيرَاتِ)،
كِتَابُ(مَوَائِد العَارفينَ)، كِتَابُ(خَلق خَلاَئِقِ
القُرْآنِ)، كِتَابُ(الصِّدْق وَالإِخْلاَص)،
كِتَابُ(التَّوحيد)، كِتَابُ(النَّجم إِذَا هَوَى)،
كِتَابُ:(الذَّاريَات ذَرُواً)، كِتَابُ(هُوَ هُوَ)،
كِتَابُ(كَيْفَ كَانَ وَكَيْفَ يَكُوْنُ)،
كِتَابُ:(الوُجُود الأَوَّلِ)، كِتَابُ(لاَ كَيْفَ)،
كِتَابُ(الكِبريت الأَحْمَرِ)، كِتَابُ(
__________
(1) في الفهرست ص 272 269.
(14/353)
الوُجُود الثَّانِي)، كِتَابُ(الكَيفيَّةُ
وَالحَقِيْقَةُ)، وَأَشيَاء غَيْرُ ذَلِكَ.
206 - مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا الرَّازِيُّ الطَّبِيْبُ *
الأُسْتَاذُ، الفَيْلَسُوْفُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
زَكَرِيَّا الرَّازِيُّ الطَّبِيْبُ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ، مِنْ أَذْكِيَاءِ أَهْلِ زَمَانِهِ،
وَكَانَ كَثِيْرَ الأَسفَارِ، وَافِرَ الحُرمَةِ، صَاحِبَ
مُرُوْءةٍ وَإِيثَارٍ وَرَأْفَةٍ بِالمَرْضَى، وَكَانَ
وَاسِعَ المَعْرِفَةِ، مُكبّاً عَلَى الاشْتِغَالِ، مَليحَ
التَّأْلِيْفِ، وَكَانَ فِي بَصرِه رُطُوْبَةٌ؛لِكَثْرَةِ
أَكلِه البَاقِلَّى، ثُمَّ عَمِيَ.
أَخَذَ عَنِ:البَلْخِيِّ الفَيْلَسُوْفِ، وَكَانَ إِلَيْهِ
تَدْبِيْرٌ بِيْمَارِسْتَانِ الرَّيِّ، ثُمَّ كَانَ عَلَى
بِيْمَارِسْتَانِ بَغْدَادَ فِي دَوْلَةِ المُكْتَفِي،
بَلَغَ الغَايَةَ فِي عُلُوْمِ الأَوَائِلِ - نَسْأَلُ
اللهَ العَافيَةَ - .
وَلَهُ:كِتَابُ(الحَاوِي)ثَلاَثُوْنَ مُجَلَّداً فِي
الطِّبِّ، وَكِتَابُ(الجَامِعِ)، وَكِتَابُ(الأَعْصَابِ)،
وَكِتَابُ(المَنْصُوْرِيِّ)صَنَّفَهُ لِلْمَلكِ مَنْصُوْرِ
بنِ نُوْحٍ السَّامَانِيِّ (1) .
وَقِيْلَ:إِنَّ أَوَّلَ اشْتِغَالِه كَانَ بَعْدَ مُضيِّ
أَرْبَعِيْنَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ، ثُمَّ اشْتَغَلَ عَلَى
الطَّبِيْبِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ ربَّن
الطَّبَرِيِّ (2) الَّذِي كَانَ مَسِيْحِياً، فَأَسْلَمَ،
وَصَنَّفَ.
__________
(*) فهرست ابن النديم: 504، تاريخ الحكماء: 271 - 277،
عيون الانباء: 414 - 427، وفيات الأعيان: 5 / 157 - 161،
العبر: 2 / 150، دول الإسلام: 1 / 188، الوافي بالوفيات: 3
/ 75 - 77، نكت الهميان 249 - 250، مرآة الجنان: 2 / 263 -
264، البداية والنهاية: 11 / 149، النجوم الزاهرة: 3 /
209، مفتاح السعادة: 1 / 268 - 269، شذرات الذهب: 2 / 263،
روضات الجنات: 165 - 166.
(1) أخبار الملك منصور مبثوثة في الجزء الثامن من " الكامل
في التاريخ ".
انظر: ص 577، 626، 673..(2) انظر ترجمته في " عيون الانباء
" ص 414. والربن: المتقدم في شريعة اليهود.
(14/354)
وَكَانَ لاِبْنِ زَكَرِيَّا عِدَّةُ
تَلاَمِذَة، وَمِنْ تَآلِيفِه:
كِتَابُ(الطِّبِّ الرُّوحَانِيِّ)، وَكِتَابُ(إِنَّ
لِلْعبدِ خَالِقاً)، وَكِتَابُ(الْمدْخل إِلَى المنطقِ)،
وَكِتَابُ(هَيْئَةِ العَالِمِ)، وَمَقَالَةٌ فِي
اللَّذَةِ، وَكِتَابُ(طَبقَاتِ الأَبصَارِ)،
وَكِتَابُ(الكيمِيَاءِ وَأَنَّهَا إِلَى الصِّحَّةِ
أَقربُ)، وَأَشيَاءُ كَثِيْرَةٌ.
وَقَدْ كَانَ فِي صِباهُ مُغنِّياً، يُجِيْدُ ضَربَ
العُودِ.
تُوُفِّيَ:بِبَغْدَادَ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
207 - ابْنُ المَغْلُوْبِ أَبُو عُمَرَ مَيْمُوْنُ بنُ
عُمَرَ المَغْرِبِيُّ *
القَاضِي، المُعَمَّرُ، أَبُو عُمَرَ مَيْمُوْنُ بنُ
عُمَرَ بنِ المَغْلُوْبِ المَغْرِبِيُّ، الإِفْرِيْقِيُّ،
خَاتِمَةُ تَلاَمِذَةِ سَحْنُوْنَ، وَقَدْ حَجَّ،
وَسَمِعَ(المُوَطَّأَ)مِنْ أَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ.
ذَكرَه القَاضِي عِيَاضٌ فِي المَالِكِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ حَارِثٍ:أَدرَكتُهُ شَيْخاً كَبِيْراً
مُقْعَداً، وَلِيَ قَضَاءَ القَيْرَوَانِ، وَقضَاءَ
صِقِلِّيَّة.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المَالِكِيُّ
فِي(تَارِيْخِهِ):كَانَ صَالِحاً، دَيِّناً، فَاضِلاً،
مَعْدُوْداً فِي أَصْحَابِ سَحْنُوْنَ.
وَلِيَ مَظَالِمَ القَيْرَوَانِ، ثُمَّ قَضَاءَ
صِقِلِّيَّةَ، فَأَتَاهَا بِفَرْوَةٍ وَجُبَّةٍ وَخُرْجٍ
فِيْهِ كُتُبُه، وَسَودَاءَ تَخدمُهُ، فَكَانَتْ تَغزلُ
وَتُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ
صقِلِّيَّةَ كَمَا دَخَلَ إِلَيْهَا.
__________
(*) معالم الايمان: 2 / 357 356، العبر: 2 / 184، الديباج
المذهب: 2 / 328، شذرات الذهب: 2 / 287.
(14/355)
تُوُفِّيَ:سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَكَانَ أَسنَدَ شَيْخٍ بِالمَغْرِبِ.
208 - حَامِدُ بنُ العَبَّاسِ أَبُو الفَضْلِ
الخُرَاسَانِيُّ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ الخُرَاسَانِيُّ،
ثُمَّ العِرَاقِيُّ، كَانَ مِنْ رِجَالِ العَالَمِ، ذَا
شَجَاعَةٍ وَإِقدَامٍ، وَنَقضٍ وَإِبرَامٍ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:تَقلَّدَ أَعمَالاً جَلِيلَةً مِنْ
طَسَاسِيجِ (1) السَّوَادِ، ثُمَّ ضَمنِ خَرَاجَ
البَصْرَةِ وَكُورَ دِجْلَةَ، مَعَ إِشرَافِ كَسْكَرَ (2)
مُدَّةً فِي دَوْلَةِ ابْنِ الفُرَاتِ، فَكَانَ يَعمرُ
وَيُحْسِنُ إِلَى الأَكَّارينَ، وَيَرفعُ المُؤنَ حَتَّى
صَارَ لَهُم كَالأَبِ، وَكَثرتْ صَدقَاتُه، ثُمَّ وَزَرَ
وَقَدْ شَاخَ.
قُلْتُ:وَكَانَ قَبْلُ عَلَى نَظَرِ فَارِسٍ، وَكَانَ
كَثِيْرَ الأَمْوَالِ وَالحَشَمِ، بِحيثُ صَارَ لَهُ
أَرْبَعُ مائَةِ مَمْلُوْكٍ فِي السِّلاَحِ، تَأَمَّرَ
مِنْهُم جَمَاعَةٌ، فَعزلَ المُقْتَدِرُ ابْنَ الفُرَاتِ
بِحَامِدٍ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَقَدِمَ
فِي أُبَّهَةٍ عَظِيْمَةٍ، وَدَبَّرَ الأُمُورَ، فَظَهَرَ
مِنْهُ نَقصٌ فِي قَوَانِيْنِ الوِزَارَةِ وَحِدَّةٌ،
فَضَمُّوا إِلَيْهِ عَلِيَّ بنَ عِيْسَى الوَزِيْرَ،
فَمَشَى الحَالُ.
وَلِحَامِدٍ أَثرٌ صَالِحٌ فِي إِهلاَكِ حُسَيْنٍ
الحَلاَّجِ يَدلُّ عَلَى إِسْلاَمٍ وَخَيْرٍ.
يُقَالُ:مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ،
وَسَمِعَ مِنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمَا
حَدَّثَ.
__________
(*) ذيول تاريخ الطبري: 215 213، نشوار المحاضرة: 1 / 24
22 وغيرها، المنتظم: 6 / 184 180، الكامل في التاريخ: 8 /
12 10 و141 139، العبر: 2 / 152 151، البداية والنهاية: 11
/ 149، النجوم الزاهرة: 3 / 209 208، شذرات الذهب: 2 /
263.
(1) الطساسيج: جمع طسوج، وهو الناحية. واللفظ معرب، انظر "
تاج العروس " مادة: طسج.
(2) انظر " معجم البلدان " 4 / 461.
(14/356)
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ ضَمِنَ حَامِدٌ
سَائِرَ السَّوَادِ، وَعَسَفَ، وَغَلَتِ الأَسعَارُ،
فَثَارتِ الغَوْغَاءُ، وَهَمُّوا بِهِ، فَشَدَّ عَلَيْهِم
مَمَالِيْكُهُ، فَثَبَتُوا لَهُم، وَعَظُمَ الخَطْبُ،
وَقُتِلَ جَمَاعَةٌ، فَاسْتَضَرَّتِ الغَوْغَاءُ،
وَأَحرقُوا الجِسْرَ، وَرَجَمُوا حَامِداً فِي الطيَّارِ
(1) .
وَكَانَ مَعَ جَبَروتِه جَوَاداً مِعطَاءاً.
قَالَ هَاشِمِيٌّ (2) :كَانَ مِنْ أَوسعِ مَنْ رَأَينَاهُ
نَفْساً، وَأَحسَنِهِم مُرُوْءةً، وَأَكْثَرِهِم نِعمَةً،
يَنْصِبُ فِي دَارِه عِدَّةَ مَوَائِدَ، وَيُطعمُ حَتَّى
العَامَّةَ وَالخَدَمَ، يَكُوْنُ نَحْو أَرْبَعِيْنَ
مَائِدَةً.
رَأَى فِي دِهْلِيْزه قِشرَ بَاقِلَّى، فَقَالَ
لِوَكِيْلِه:مَا هَذَا؟
قَالَ:فِعلُ البوَّابينَ.
فَسُئِلُوا، فَقَالُوا:لَنَا جِرَايَةٌ وَلَحْمٌ
نُؤَدِّيهِ إِلَى بُيُوْتِنَا؟
فَرَتَّبَ لَهُم، ثُمَّ رَأَى بَعْدُ قُشُوراً، فَشَاطَ،
وَكَانَ يَسفُه، ثُمَّ رَتَّبَ لَهُم مَائِدَةً،
وَقَالَ:لَئِنْ رَأَيْتُ بَعْدَهَا قِشراً، لأَضربنَّكَ
بِالمقَارعِ.
وَقِيْلَ:وُجدَ فِي مِرحَاضٍ لَهُ أَكيَاسٌ فِيْهَا
أَرْبَعُ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
كَانَ يَدْخُلُ لِلْحَاجَةِ فِي كُمِّهِ كِيْسٌ
فَيُلْقِيْهِ، فَأُخِذُوا فِي نَكْبَتِهِ (3) .
وَلَمَّا عُزلَ حَامِدٌ وَابْنُ عِيْسَى وَأُعيدَ ابْنُ
الفُرَاتِ، عَذَّبَ حَامِداً.
قَالَ المَسْعُوْدِيُّ:كَانَ فِي حَامِدٍ طَيشٌ، كَلَّمهُ
إِنْسَانٌ، فَقلبَ حَامِدٌ ثِيَابَه عَلَى كَتِفِهِ،
وَصَاحَ:وَيْلَكُم!عَلَيَّ بِهِ.
قَالَ:وَدَخلتْ عَلَيْهِ أُمُّ مُوْسَى القَهْرمَانَةُ،
وَكَانَتْ عَظِيْمَةَ المحلِّ، فَخَاطَبتْه فِي طَلبِ
المَالِ، فَقَالَ:اضرِطِي وَالتَقِطِي، وَاحسُبِي لاَ
تَغْلَطِي.
__________
(1) الخبر في " النجوم الزاهرة " 3 / 198، والطيار: زورق
فخم لركوب العظماء، يدل اسمه على أنه سريع الجريان.
(2) هو القاضي أبو الحسن، محمد بن عبد الواحد الهاشمي،
والخبر في " نشوار المحاضرة " 1 / 23 22.
(3) " نشوار المحاضرة " 1 / 24.
(14/357)
فَخَجَّلهَا، وَسَمِعَ المُقْتَدِرُ،
فَضَحِكَ، وَأَمرَ قِيَانَه، فَغَنَّيْنَ بِذَلِكَ.
وَلَقَدْ تَجلَّدَ حَامِدٌ عَلَى العَذَابِ، ثُمَّ نفّذَ
إِلَى وَاسِطَ، فَسُمَّ فِي بَيضٍ، فَتلِفَ بِالإِسهَالِ.
وَقِيْلَ:تَكَلَّمَ الملأُ بِمَا فِيْهِ مِنَ الحدةِ
وَقِلَّةِ الخبرَةِ، فَعَاتبَ المُقْتَدِرُ أَبَا
القَاسِمِ الحُوَّاريَّ، وَكَانَ أَشَارَ بِهِ.
وَقِيْلَ:أَقبلَ حَامِدٌ عَلَى مُصَادرَةِ ابْنِ
الفُرَاتِ، وَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِه ابْنِ
عِيْسَى مُشَاجَرَاتٌ فِي الأَمْوَالِ حَتَّى قِيْلَ:
أَعْجَبَ مِنْ مَا ترَاهُ ... أَنَّ وَزِيْرَيْنِ فِي
بِلاَدِ
هَذَا سَوَادٌ بِلاَ وَزِيْرٍ ... وَذَا وَزِيْرٌ بِلاَ
سِوَادِ!
ثمَّ عذَّبَ حَامِدٌ المحسِّنَ - وَلَدَ ابْنِ الفُرَاتِ -
وَأَخَذَ مِنْهُ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ، ثُمَّ صَارَ
أَعباءُ الوِزَارَةِ إِلَى ابْنِ عِيْسَى، وَبَقِيَ
حَامِدٌ كَالبطَّالِ إِلاَّ مِنَ الاسمِ وَرُكُوْبِ
المَوْكِبِ، وَبَانَ لِلْمُقْتَدِر ذَلِكَ، فَأَفردَ ابْنَ
عِيْسَى بِالأَمْرِ، وَاسْتَأذنَ حَامِدٌ فِي ضَمَانِ
أَصبهَانَ وَغيرِهَا، فَأَذنَ لَهُ، وَقِيْلَ:
صَارَ الوَزِيْرُ عَامِلاً لِكَاتِبِه ...
يَأْمُلُ أَنْ يَرْفُقَ فِي مَطَالِبِه ...
لِيَسْتَدِرَّ النَّفْعَ مِنْ مَكَاسِبِه ...
قَالَ التَّنُوْخِيُّ:حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ
الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ التَّاجِرُ،
قَالَ:
رَكِبَ حَامِدٌ بِوَاسِطَ إِلَى بُستَانِهِ، فَرَأَى
شَيْخاً يُوَلْوِلُ وَحَوْلَهُ عَائِلَةٌ، قَدِ احْتَرَقَ
بَيْتُه، فَرَقَّ لَهُ، وَقَالَ لِوَكِيْلِهِ:أُرِيدُ
مِنْكَ أَنْ لاَ أَرجِعَ العَشِيَّةَ إِلاَّ وَدَارُهُ
جَدِيْدَةٌ بِآلاَتِهَا، وَقمَاشِهَا، فَبَادَرَ، وَطَلَبَ
الصنَاعَ، وَصبَّ الدَّرَاهِمَ، فَفَرغتِ العصرَ، فردَّ
(14/358)
العَتَمَةَ، فَوَجَدهَا مفروَغَةً،
وَضجُّوا لَهُ بِالدُّعَاءِ، وَزَادَ رَأْسَ مَالِ
صَاحِبهَا خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
وَقِيْلَ:إِنَّ تَاجِراً أَخذَ خُبزاً بِدِرْهَمٍ
لِيتصَدَّقَ بِهِ بِوَاسِطَ، فَمَا رَأَى فَقِيْراً
يُعْطِيهِ، فَقَالَ لَهُ الخَبَّازُ:لاَ تَجِدُ
أَحَداً؛لأَنَّ جَمِيْعَ الضُّعَفَاءِ فِي جِرَايَةِ
حَامِدٍ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:وَكَانَ كَثِيْرَ المُزَاحِ، سَخِيّاً،
وَكَانَ لاَ يرغبُ فِي اسْتمَاعِ الشِّعرِ، وَكَانَ إِذَا
خُولِفَ فِي أَمرٍ، يَصيحُ، وَيَحْرَدُ، فَمَنْ دَارَاهُ،
انْتَفَعَ بِهِ.
قَالَ نِفْطَوَيْه:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:قِيْلَ لِبَعْضِ
المَجَانِيْنِ:فِي كَمْ يَتَجَنَّنُ الرَّجُلُ؟
فَقَالَ:ذَاكَ إِلَى صِبيَانِ المحلَّةِ.
وَكَانَ ثَالثَ يَوْمٍ مِنْ وِزَارَتِهِ قَدْ نَاظَرَ
ابْنَ الفُرَاتِ، وَجَبَهَهُ، وَأَفحشَ لَهُ، وَجَذَبَ
بِلِحيَتِه، وَعَذَّبَ أَصْحَابَه، فَلَمَّا انعكَسَ
الدَّسْتُ، وَعُزِلَ بِابْنِ الفُرَاتِ، تَنمَّرَ لَهُ
ابْن الفُرَاتِ، وَوبَّخَه عَلَى فِعَالِه، فَقَالَ:
إِنْ كَانَ مَا اسْتَعمَلتُهُ فِيْكُم أَثْمَرَ لِي
خَيراً، فَزِيدُوا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحاً
وَصَيَّرنِي إِلَى التَّحكُّمِ فِيَّ، فَالسَّعِيْدُ مَن
وُعِظَ بِغَيْرِهِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:فَسُلِّمَ حَامِدٌ إِلَى المحسّنِ،
فَعذَّبَه بِأَلوَانِ العَذَابِ، وَكَانَ إِذَا شَرِبَ،
أَخرجَهُ، وَأَلبَسَهُ جِلدَ قِردٍ، وَيُرَقَّصُ،
فَيُصفَعُ، وَفُعِلَ بِهِ مَا يُسْتَحْيَى مِنْ ذِكرِه،
ثُمَّ أُحدِرَ إِلَى وَاسِطَ، فَسُقيَ، وَصَلَّى النَّاسُ
عَلَى قَبْرِهِ أَيَّاماً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ:تُوُفِّيَ بِوَاسِطَ، ثُمَّ
بَعْدَ أَيَّامِ ابْنِ الفُرَاتِ نُقلَ، فَدُفِنَ
بِبَغْدَادَ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:وُلِدتُ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ، وَأَبِي مِنَ الشهَاردَةِ.
قُلْتُ:مَوْتُهُ كَانَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
(14/359)
209 - الزَّجَّاجُ أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّرِيِّ *
الإِمَامُ، نَحْوِيُّ زَمَانِه، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ،
البَغْدَادِيُّ، مُصَنِّفُ كِتَابِ(مَعَانِي القُرْآنِ)،
وَلَهُ تآلِيفُ جَمَّةٌ.
لزمَ المُبَرِّدَ، فَكَانَ يُعْطِيه مِنْ عَملِ الزُّجَاجِ
كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَماً، فَنَصَحَه وَعلَّمَه، ثُمَّ
أَدَّبَ القَاسِمَ بنَ عُبَيْد اللهِ الوَزِيْرَ، فَكَانَ
سَبَبَ غِنَاهُ، ثُمَّ كَانَ مِنْ نُدَمَاءِ المُعْتَضِدِ.
مَاتَ:سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ:مَاتَ فِي تَاسِعَ عَشَرَ جُمَادَى الآخِرَةِ،
سَنَةَ عَشْرَة.
وَلهُ:كِتَابُ(الإِنْسَانِ وَأَعضَائِه)،
وَكِتَابُ(الفرسِ)، وَكِتَابُ(العَرُوضِ)،
وَكِتَابُ(الاشتِقَاقِ)، وَكِتَابُ(النَّوَادِرِ)،
وَكِتَابُ(فَعلت وَأَفعلت).
وَكَانَ عَزِيْزاً عَلَى المُعْتَضِدِ، لَهُ رِزْقٌ فِي
الفُقَهَاءِ، وَرِزقٌ فِي العُلَمَاءِ، وَرِزقٌ فِي
النُّدمَاءِ، نَحْو ثَلاَثِ مائَةِ دِيْنَارٍ.
وَيُقَالُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ.
أَخَذَ عَنْهُ العَرَبِيَّةَ:أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ.
__________
(*) طبقات النحويين واللغويين: 112 111، فهرست ابن النديم:
91 90، تاريخ بغداد: 6 / 93 80، الأنساب: 272 / أ، نزهة
الالباء: 246 244، المنتظم: 6 / 180 176، معجم الأدباء: 1
/ 151 130، الكامل في التاريخ: 8 / 145، إنباه الرواة: 1 /
166 159، تهذيب الأسماء واللغات: 2 / 171 170، وفيات
الأعيان: 1 / 50 49، العبر: 2 / 148، دول الإسلام: 1 /
188، الوافي بالوفيات: 5 / 350 345، مرآة الجنان: 2 / 262،
البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 6 5، النجوم الزاهرة: 3 /
208، بغية الوعاة: 1 / 413 411، مفتاح السعادة: 1 / 135
134، شذرات الذهب: 2 / 260 259.
(14/360)
210 - ابْنُ اليَزيْدِيِّ مُحَمَّدُ بنُ
العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخ العَرَبِيَّة، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
مُحَمَّدٍ يَحْيَى (1) بنِ المُبَارَكِ اليَزيديُّ
البَغْدَادِيُّ.
كَانَ رَأْساً فِي نَقلِ النَّوَادرِ وَكَلاَمِ العَرَبِ،
إِمَاماً فِي النَّحْوِ.
لَهُ:كِتَابُ(الخَيلِ)، وَكِتَابُ(مَنَاقِبِ بَنِي
العَبَّاسِ)، وَكِتَابُ(أَخْبَارِ اليَزِيْدِيِّيْنَ)،
وَمُصَنَّفٌ فِي النَّحْوِ.
أَدَّبَ أَوْلاَدِ المُقْتَدِرِ.
تُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ عَشْرٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً
وَثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ.
211 - الضَّبِّيُّ أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ
المُفَضَّلِ بنِ سَلَمَةَ **
العَلاَّمَةُ، أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ المُفَضَّلِ
بنِ سَلَمَةَ بنِ عَاصِمٍ الضَّبِّيُّ، البَغْدَادِيُّ،
الشَّافِعِيُّ، أَكْبَرُ تَلاَمِذَةِ ابْنِ سُرَيْجٍ، لَهُ
ذِهْنٌ وَقَّادٌ، وَمَاتَ شَابّاً.
صَنّفَ الكُتُبَ، وَلَهُ وُجُوهٌ فِي المَذْهَبِ،
مِنْهَا:أَنَّهُ كَفَّرَ تَارِكَ الصَّلاَةِ،
وَمِنْهَا:أَنَّ الوَلِيَّ إِذَا أَذِنَ لِلسَّفِيْهِ فِي
أَنْ يَتَزَوَّجَ، لَمْ يَجُزْ كَالصَّبِيِّ.
__________
(*) طبقات النحويين واللغويين: 65، فهرست ابن النديم: 51،
تاريخ بغداد: 3 / 113، الأنساب: 600 / أ، نزهة الالباء:
243، الكامل في التاريخ: 8 / 138، إنباه الرواة: 3 / 199
198، وفيات الأعيان: 4 / 339 337، الوافي بالوفيات: 3 /
199، مرآة الجنان: 2 / 262، طبقات القراء للجزري: 2 / 158،
بغية الوعاة: 1 / 124.
(1) في الأصل: محمد بن العباس بن محمد بن محمد بن يحيى..
والصواب ما أثبتناه.
(* *) طبقات العبادي: 72، تاريخ بغداد: 3 / 308، طبقات
الشيرازي: 109، وفيات الأعيان: 4 / 205، العبر: 2 / 137،
الوافي بالوفيات: 5 / 51 50، مرآة الجنان: 2 / 250، شذرات
الذهب: 2 / 253.
(14/361)
وَكَانَ ابْنُ سُرَيْجٍ يَعتَنِي
بِإِقرَائِه.
تُوُفِّيَ:فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
وَكَانَ أَبُوْهُ:
212 - أَبُو طَالِبٍ المُفَضَّلُ بنُ سَلَمَةَ *
لُغَوِيّاً، أَدِيْباً، عَلاَّمَةً، لَهُ تَصَانِيْفُ فِي
مَعَانِي القُرْآنِ وَالآدَابِ.
أَخَذَ عَنِ:ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنْ
مَشَاهِيْرِ العُلَمَاءِ.
أَخَذَ عَنْهُ:الصُّوْلِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَمَاتَ:بَعْدَ التِّسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَبُوْهُ - سَلَمَةُ بنُ عَاصِمٍ (1) النَّحْوِيُّ -
هُوَ رَاويَةُ الفَرَّاءِ.
وَفِي القُدَمَاءِ:المُفَضَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ،
المُقْرِئُ (2) - صَاحِبُ عَاصِمٍ - .
213 - التُّسْتَرِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى
بنِ زُهَيْرٍ **
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، المُحَدِّثُ، البَارِعُ، عَلَمُ
الحُفَّاظِ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ
بنُ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ التُّسْتَرِيُّ، الزَّاهِدُ.
__________
(*) معجم الشعراء: 298 297، فهرست ابن النديم: 110 109،
تاريخ بغداد: 13 / 125 124، نزهة الالباء: 202، معجم
الأدباء: 19 / 163، إنباه الرواة: 3 / 311 305، وفيات
الأعيان: 4 / 206 205، بغية الوعاة: 2 / 297 296، طبقات
المفسرين للداودي: 2 / 329 328.
(1) مترجم في " معجم الأدباء " 11 / 243 242، و" إنباه
الرواة " 2 / 56، و" غاية النهاية " 1 / 311.
(2) ترجمته في " غاية النهاية " 1 / 307.
(* *) الأنساب: 106 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن
عبد الهادي الورقة 130 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 759 757،
العبر: 2 / 145، دول الإسلام: 1 / 187، النجوم الزاهرة: 3
/ 205، طبقات الحفاظ: 319 318، شذرات الذهب: 2 / 258.
(14/362)
سَمِعَ:أَبَا كُرَيْبٍ مُحَمَّدَ بنَ
العَلاَءِ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَرْبٍ النَّشَائِيَّ،
وَالحُسَيْنَ بنَ أَبِي زَيْدٍ الدَّبَّاغَ، وَمُحَمَّدَ
بنَ عَمَّارٍ الرَّازِيَّ، وَعَمْرَو بنَ عِيْسَى
الضُّبَعِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ
عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عَقِيْلٍ، وَخَلْقاً
كَثِيْراً مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ،
وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ.
وَكَانَتْ رِحْلَتُهُ قَبْلَ الخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
جَمعَ، وَصَنَّفَ، وَعلَّلَ، وَصَارَ يُضْرَبُ بِهِ
المَثَلُ فِي الحِفْظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو
إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ
الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ
أَحْمَدَ المَرَاغِيَّ يَقُوْلُ:
أَنكرَ عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ حَدِيْثاً مِمَّا عُرضَ
عَلَيْهِ لأَبِي جَعْفَرٍ بنِ زُهَيْرٍ، فَدَخَلَ
عَلَيْهِ، وَقَالَ:هَذَا أَصْلِي، وَلَكِن مِنْ أَيْنَ
لَكَ أَنْتَ:ابْن عَوْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
سَالِمٍ؟...فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
فَمَا زَالَ عَبْدَانُ يَعْتَذِرُ إِلَيْهِ،
وَيَقُوْلُ:يَا أَبَا جَعْفَرٍ، إِنَّمَا اسْتَغرَبْتُ
الحَدِيْثَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ:مَا
رَأَيْتُ فِي الدُّنْيَا أَحْفَظَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ
بنِ حَمْزَةَ!، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:مَا رَأَيْتُ فِي
الدُّنْيَا أَحْفَظَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ بنِ زُهَيْرٍ
التُّسْتَرِيِّ!.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ:مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي
زُرْعَةَ الرَّازِيِّ!
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ:حَدَّثَنَا تَاجُ
المُحَدِّثِيْنَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ...،
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
تُوُفِّيَ أَبُو جَعْفَرٍ:فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ
التَّمِيْمِيِّ:عَنْ عَبْدِ المُعَزِّ بنِ مُحَمَّدٍ
البَزَّازِ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ،
وَرَجُلٌ آخَرُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحِيْرِيُّ، أَخْبَرَنِي
(14/363)
أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ
التُّسْتَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ عُبَيْدِ بنَ عَقِيْلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ نُعَيْمِ بنِ أَبِي هِنْدٍ،
عَنْ أَبِي المُسْهِرِ، عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ - قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(مَنْ صَامَ يَوْماً قَبْلَ مَوْتِهِ يُرِيْدُ وَجْهَ
اللهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ).
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، وَلاَ أَعرِفُ هَذَا
التَّابِعِيَّ، وَلاَ ذَكَرَهُ أَبُو أَحْمَدَ (1)
فِي(الكُنَى).
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ:
مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ.
وَمُقْرِئُ بَغْدَادَ؛أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ
الحُسَيْنِ الصَّوَّافُ - صَاحِبُ أَبِي حَمْدُوْنَ - .
وَأَبُو مُحَمَّدٍ خَالِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ
الصَّفَّارُ - صَاحِبُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ - .
وَمُسْنِدُ مِصْرَ؛أَبُو شَيْبَةَ دَاوُدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ.
وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ بنِ شَاذَانَ - مُقْرِئُ
الرَّيِّ - .
وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ بِسْطَامَ الزَّعْفَرَانِيُّ.
وَعَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ البَجَلِيُّ المَقَانِعِيُّ.
وَالحَافِظُ أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ.
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ بنِ فَيَّاضٍ
الدِّمَشْقِيُّ.
وَالمُحَدِّثُ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
بنِ قُتَيْبَةَ العَسْقَلاَنِيُّ.
__________
(1) وهو الحاكم الكبير، شيخ صاحب " المستدرك "، وقد اختصر
المؤلف كتابه " الكنى " بكتاب سماه: " المنتقى من الكنى "
ومنه نسخة في المكتبة الأحمدية بحلب، وعندنا مصورة عنها.
والحديث أخرجه أحمد: 5 / 391 بإسقاط أبي مسهر هذا من طريق
حسن وعفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن عثمان البتي، عن نعيم
بن أبي هند، عن حذيفة.
(14/364)
وَمُقْرِئُ الرَّقَّةِ؛أَبُو مرَانَ
مُوْسَى بنُ جَرِيْرٍ النَّحْوِيُّ.
وَالحَافِظُ أَبُو العَبَّاسِ الوَلِيْدُ بنُ أَبَانٍ
الأَصْبَهَانِيُّ.
214 - ابْنُ خُزَيْمَةَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
خُزَيْمَةَ بنِ صَالِحِ بنِ بَكْرٍ السُّلَمِيُّ *
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، الفَقِيْهُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ،
إِمَامُ الأَئِمَّةِ، أَبُو بَكْرٍ السُّلَمِيُّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَعُنِيَ فِي حَدَاثتِه بِالحَدِيْثِ وَالفِقْهِ، حَتَّى
صَارَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي سَعَةِ العِلْمِ
وَالإِتْقَانِ.
سَمِعَ مِنْ:إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ
حُمَيْدٍ، وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُمَا؛لِكَوْنِهِ كَتبَ
عَنْهُمَا فِي صِغَرِه وَقَبلَ فَهمِهِ وَتَبَصُّرِه.
وَسَمِعَ مِنْ:مَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ، وَعُتْبَةَ بنِ
عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حُجْرٍ،
وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَبِشْرِ بنِ مُعَاذٍ، وَأَبِي
كُرَيْبٍ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ العَلاَءِ، وَأَحْمَدَ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيِّ، وَأَخِيْهِ؛يَعْقُوْبَ،
وَإِسْحَاقَ بنِ شَاهِيْنٍ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ،
وَزِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ
الجَمَّالِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَيُوْسُفَ بنِ
وَاضِحٍ الهَاشِمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ مُثَنَّى، وَالحُسَيْنِ بنِ حُرَيْثٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدَةَ
الضَّبِّيِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ،
__________
(*) الجرح والتعديل: 7 / 196، تاريخ جرجان: 413، طبقات
الشيرازي: 105 - 106، المنتظم: 6 / 184 - 186، تهذيب
الأسماء واللغات: 1 / 78، مختصر طبقات علماء الحديث لابن
عبد الهادي الورقة 125 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 720 - 731،
العبر: 2 / 149 - 150، دول الإسلام: 1 / 188، الوافي
بالوفيات: 2 / 196، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 109 - 110،
البداية والنهاية: 11 / 149، طبقا ت القراء للجزري: 2 / 97
- 98، النجوم الزاهرة: 3 / 209، طبقات الحفاظ: 310 - 311،
شذرات الذهب: 2 / 262 - 263، الرسالة المستطرفة: 20.
(14/365)
وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيِّ، وَيُوْنُسَ بنِ عَبْدِ
الأَعْلَى، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الوَهْبِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ مُوْسَى، وَمُحَمَّدِ بنِ
رَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القُطَعِيِّ، وَسَلْمِ
بنِ جُنَادَةَ، وَيَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ
بنِ بِشْرِ بنِ مَنْصُوْرٍ السَّلَيْمِيِّ (1) ،
وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَهَارُوْنَ
بنِ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيِّ، وَأُمَمٍ سِوَاهُم.
وَمِنْهُم:إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ أَبَانٍ البَلْخِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي
غَيْرِ(الصَّحِيْحَيْنِ)، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَبْدِ الحَكَمِ - أَحَدُ شُيُوْخِهِ - وَأَحْمَدُ بنُ
المُبَارَكِ المُسْتَمْلِي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي
طَالِبٍ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو
العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ
بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ
البُسْتِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو
عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَإِسْحَاقُ بنُ سَعْدٍ
النَّسَوِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
بَالُوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مِهْرَانَ
المُقْرِئُ، وَحَفِيْدُهُ؛مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عَلِيِّ بنِ نُصَيْرٍ المُعَدَّلُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ، وَأَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ،
وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ حُسَيْنَكَ،
وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بن يَاسِيْنَ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ
الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَالخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ
السِّجْزِيُّ القَاضِي، وَأَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ
بِشْرٍ الكَرَابِيْسِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الكَرَابِيْسِيُّ الحَاكِمُ، وَأَبُو نَصْرٍ
أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ المَرْوَانِيُّ، وَأَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصُّنْدُوْقِيُّ،
وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الآبُرِيُّ،
وَأَبُو الوَفَاءِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّد
__________
(1) كذا ضبطت في الأصل بفتح السين.
وضبطها السمعاني بضمها، ولم يتابعه على ذلك صاحب " اللباب
" بل تعقبه بقوله: " وأما قوله عن أبي محمد بشر ابن منصور:
إنه سليمي بالضم فليس كذلك، وإنما هو سليمي بالفتح من
سليمة بن مالك..".
وانظر " تبصير المنتبه " 2 / 746.
(14/366)
ابْنِ حَمُّوَيْه المُزَكِّي، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ -
فِيْمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ - عَنْ عَبْدِ المُعَزِّ بنِ مُحَمَّدٍ
الهَرَوِيِّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ
القَصَّارُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ،
أَنَّ حَبِيْباً أَخْبَرَهُ، عَنْ زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ:
أَنَّهُ أَتَى صَفْوَانَ بنَ عَسَّالٍ - وَكَانَ مِنَ
الصَّحَابَةِ - فَقَالَ لَهُ:مَا جَاءَ بِكُم؟
قَالُوا:خَرَجْنَا مِنْ بُيُوْتِنَا لابتِغَاءِ العِلْمِ.
قَالَ:إِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لابتِغَاءِ
العِلْمِ، فَإِنَّ المَلاَئِكَةَ تَضَعُ أَجنِحَتَهَا
لِمُبتَغِي العِلْمِ.
فَسَأَلَهُ عَنِ المَسحِ عَلَى الخُفَّيْنِ، قَالَ:سُئِلَ
رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَجَعَلَ لِلْمُسَافِرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ
وَلَيَالِيْهِنَّ، وَلِلْمُقِيْمِ يَوْماً وَلَيلَةً، لاَ
أَقُولُ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ، أَوْ
بَوْلٍ، أَوْ نَوْمٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ:غَرِيْبٌ مِنْ
حَدِيْثِ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، لاَ أَعْلَمُ
حَدَّثَ بِهِ غَيْرُ أَبِي أُمَيَّةَ عَبْدِ الكَرِيْمِ
بنِ أَبِي المُخَارِقِ (1) ، وَاسْمُ أَبِيْهِ:قَيْسٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، عَنْ
عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ
طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ،
حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِمُ، أَخْبَرْنَا
ابْنُ خُزَيْمَةَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ
المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
البَصْرِيُّ مَحْبُوْبٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ،
عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ سَلِمَةَ، قَالَ:
كَانَتِ الرُّكبَانُ تَأْتِينَا مِنْ عِنْدِ رَسُوْلِ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَلَقَّى
مِنْهُمُ الآيَةَ وَالآيَتَيْنِ، فَكَانُوا يُخْبِرُونَا:
أَنَّ
__________
(1) وهو ضعيف كما في " التقريب ".
وأخرج الحديث مطولا أحمد: 4 / 240، والترمذي (3529) في
الدعوات: باب في فضل التوبة والاستغفار، من طريق سفيان بن
عيينة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، قال: أتيت صفوان بن
عسال المرادي..وهذا سند
حسن، وصححه ابن حبان (186) وابن خزيمة (196).
(14/367)
رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قَالَ:(لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً)،
وَكُنْتُ أَؤُمُّ قَومِي وَأَنَا صَغِيْرُ السِّنِّ (1) .
وَبِهِ:إِلَى ابْنِ خُزَيْمَةَ:حَدَّثَنَا أَبُو حَصِيْنٍ
بنُ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بنُ
القَاسِمِ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ صَيْفيٍّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- يَوْمَ عَاشُورَاءَ:(أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَكَلَ
اليَوْمَ؟).
قَالُوا:مِنَّا مَنْ صَامَ، وَمِنَّا مِنْ لَمْ يَصُمْ.
قَالَ:(فَأَتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُم، وَابْعَثُوا
إِلَى أَهْلِ العَرُوْضِ، فَلْيُتِمُّوا بَقِيَّةَ
يَوْمِهِم).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، غَرِيْبٌ.
أَخْرَجَهُ:النَّسَائِيُّ (2) ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ،
فَوَافَقْنَاهُ.
قَالَ الحَاكِمُ فِي(تَارِيْخِهِ):أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ وَاصِلٍ الجُعْفِيُّ بِبِيْكَنْدَ (3) ،
حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنِي مَهْدِيٌّ - وَالِدُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ - قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَكُوْنُ عِنْدَ سُفْيَانَ
عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ، لاَ يَجِيْءُ إِلَى
البَيْتِ، فَإِذَا جَاءنَا سَاعَةً، جَاءَ رَسُوْلُ
سُفْيَانَ، فَيَذْهَبُ وَيَتْرُكُنَا.
وَقَالَ الحَاكِمُ:مُحَمَّدٌ:هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ بنِ
خُزَيْمَةَ بِلاَ شَكٍّ، فَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو
__________
(1) صحيح، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1512) وأحمد في "
مسنده " 5 / 30، وأبو داود (585) من طريق أيوب، عن عمرو بن
سلمة.
وأخرجه البخاري: 8 / 18 في المغازي: باب مقام النبي صلى
الله عليه وسلم يوم الفتح، والنسائي: 2 / 10 9 من طريق
أيوب: عن أبي قلابة، عن عمرو بن سلمة قال: قال لي أبو
قلابة: ألا تلقاه فتسأله ؟ قال: فلقيته، فسألته، فقال: لما
كان عام الفتح..الحديث.
(2) 4 / 193 في الصيام: باب إذا طهرت الحائض أو قدم
المسافر في رمضان هل يصوم بقية يومه ؟ وهو في صحيح ابن
خزيمة (2091).
وأهل العروض: قال ابن الأثير: " أراد من بأكناف مكة
والمدينة، يقال لمكة والمدينة واليمن: العروض ".
(3) كذا ضبطها ياقوت وقال: " بلدة بين بخارى وجيحون، على
مرحلة من بخارى، لها ذكر في الفتوح.
وكانت بلدة كبيرة حسنة، كثيرة العلماء، خربت منذ زمان ".
انظر " معجم البلدان " 1 / 533.
(14/368)
أَحْمَدَ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ
خُزَيْمَةَ بِالحِكَايَةِ.
قَالَ الحَاكِمُ:قَرَأْتُ بِخَطِّ مُسْلِمٍ:حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ - صَاحِبُنَا - حَدَّثَنَا
زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
رَبِيْعَةَ (1) بِحَدِيْثٍ فِي الاسْتِسقَاءِ.
قَالَ الحَاكِمُ:كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ مِنْ مِصْرَ، أَنَّ مُحَمَّدَ
بنَ الرَّبِيْعِ الجِيْزِيَّ حَدَّثَهُم، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ،
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ،
حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ خَاقَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
الأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
مُسْلِمٍ البَطِيْنِ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ:
لَمَّا أَخرَجُوا نَبِيَّهُم، قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ - :عَلِمتُ أَنَّهُ سَيَكُوْنُ قِتَالٌ.
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
الحِيْرِيُّ:حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ:
كُنْتُ إِذَا أَرَدتُ أَنْ أُصَنِّفَ الشَّيْءَ، أَدخُلُ
فِي الصَّلاَةِ مُسْتَخِيراً حَتَّى يُفْتحَ لِي، ثُمَّ
أَبتَدِئُ التَّصنِيفَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو عُثْمَانَ:إِنَّ اللهَ لَيَدفَعُ
البَلاَءَ عَنْ أَهْلِ هَذِهِ المَدِيْنَةِ لِمَكَانِ
أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
__________
(1) وتمامه عند ابن خزيمة (1419): عن عامر بن لؤي المديني
أنه سمع جده هشام ابن إسحاق يحدث عن أبيه إسحاق بن عبد
الله: أن الوليد بن عتبة أمير المدينة أرسله إلى ابن عباس،
فقال: با ابن أخي سله كيف صنع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في الاستسقاء يوم استسقى بالناس ؟ قال إسحاق: فدخلت
على ابن عباس، فقلت: با أبا العباس كيف صنع رسول الله صلى
الله عليه وسلم في الاستسقاء يوم استسقى ؟ قال: خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم متخشعا متبذلا، فصنع فيه كما صنع
في الفطر والاضحى ".
وأخرجه أبو داود (1165) والترمذي (558) والنسائي: 3 / 157
156، وابن ماجه (1266) والطحاوي: 192 191، والحاكم: 1 /
327 326، كلهم من طريق هشام بن إسحاق، عن أبيه، عن ابن
عباس وإسناده حسن، وصححه ابن حبان (603) وابن خزيمة
(1405).
(14/369)
الحَاكِمُ:أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ
وَسُئِلَ:مِنْ أَيْنَ أُوتِيتَ العِلْمَ؟فَقَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ (1))، وَإِنِّيْ
لَمَّا شَرِبتُ، سَأَلْتُ اللهَ عِلْماً نَافِعاً.
الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ بِالُوَيْه، سَمِعْتُ
أَبَا بَكْرٍ بنَ إِسْحَاقَ وَقِيْلَ لَهُ:لَوْ حَلَقتَ
شَعْركَ فِي الحَمَّامِ؟فَقَالَ:
لَمْ يَثبُتْ عِنْدِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صلَىالله
عَلَيْهِ وَسلم - دَخَلَ حَمَّاماً قَطُّ، وَلاَ حَلَقَ
شَعرَه، إِنَّمَا تَأْخُذُ شَعرِي جَارِيَةٌ لِي
بِالمِقْرَاضِ.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَأَلتُ مُحَمَّدَ بنَ الفَضْلِ بنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ جَدِّهِ؟
فَذَكَر أَنَّهُ لاَ يَدَّخِرُ شَيْئاً جُهدَه، بَلْ
يُنفِقُهُ عَلَى أَهْلِ العِلْمِ، وَكَانَ لاَ يَعْرِفُ
سَنْجَةَ (2) الوَزْنِ، وَلاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ العَشرَةِ
وَالعِشْرِيْنَ، رُبَّمَا أَخَذْنَا مِنْهُ العَشرَةَ،
فَيَتَوَهَّمُ أَنَّهَا خَمْسَةٌ.
الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ القَفَّالَ يَقُوْلُ:
كَتَبَ ابْنُ صَاعِدٍ إِلَى ابْنِ خُزَيْمَةَ
__________
(1) هو في " تاريخ بغداد " 10 / 166، وأخرجه ابن ماجه
(3062) وأحمد: 3 / 357، والبيهقي: 5 / 148 من طريق عبد
الله بن المؤمل، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ماء زمزم لما شرب له ".
وعبد الله ضعيف، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه عبد الرحمن بن
أبي الموالي، وإبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير عن جابر
عند البيهقي: 5 / 202 بسند جيد، فالحديث صحيح.
وقد صححه الحاكم، والمنذري، والدمياطي، وحسنه الحافظ ابن
حجر.
وفي صحيح مسلم (4473) من حديث أبي ذر: " إنها طعام طعم ".
ورواه الطيالسي: 2 / 158، والبيهقي: 5 / 148 وزاد فيه: "
وشفاء سقم " وإسناده صحيح.
وقد أخرج الترمذي (963) والحاكم: 1 / 485، والبيهقي: 5 /
202 عن عائشة رضي الله عنها " أنها كانت تحمل من ماء زمزم
وتخبر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحمله ".
وحسنة الترمذي، وهو كما قال.
وأخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " 3 / 189 بلفظ: "
إنها حملت ماء زمزم في القوارير، وقالت: حمله رسول الله
صلى الله عليه وسلم في الاداوى والقرب، فكان يصب على
المرضى ويسقيهم.
(2) في " القاموس " و" اللسان ": " سنجة الميزان: لغة في
صنجته، والسين أفصح "، وهذا خلاف لما نقله الجوهري عن ابن
السكيت على أنها بالصاد حيث قال: " ولا تقل سنجة يعني
بالسين ". وهذه اللفظة فارسية معربة. انظر " المعرب "
للجواليقي: ص 215.
(14/370)
يَسْتَجِيْزُهُ كِتَابَ الجِهَادِ،
فَأَجَازَهُ لَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَهْلٍ الطُّوْسِيُّ:سَمِعْتُ
الرَّبِيْعَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَقَالَ لَنَا:هَلْ
تَعْرِفُونَ ابْنَ خُزَيْمَةَ؟
قُلْنَا:نَعَمْ.
قَالَ:اسْتَفَدنَا مِنْهُ أَكْثَرَ مَا اسْتَفَادَ مِنَّا.
مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ السُّكَّرِيُّ:سَمِعْتُ ابْنَ
خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:حَضَرتُ مَجْلِسَ المُزَنِيِّ،
فَسُئِلَ عَنْ شِبه العَمْدِ، فَقَالَ لَهُ السَّائِل:
إِنَّ اللهَ وَصفَ فِي كِتَابِهِ القَتلَ صِنْفَينِ:عَمداً
وَخَطَأً، فَلِمَ قُلتُم:إِنَّهُ عَلَى ثَلاَثَةِ
أَقسَامٍ، وَتَحتَجَّ بِعَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ
(1) ؟
فَسَكَتَ المُزَنِيُّ، فَقُلْتُ لِمُنَاظِرِه:قَدْ رَوَى
الحَدِيْثَ أَيْضاً أَيُّوْبُ وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ.
فَقَالَ لِي:فَمَنْ عُقْبَةُ بنُ أَوْسٍ؟
قُلْتُ:شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، قَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ
سِيْرِيْنَ مَعَ جَلاَلَتِه.
فَقَالَ لِلْمُزَنِيِّ:أَنْتَ تُنَاظِرُ أَوْ هَذَا؟
قَالَ:إِذَا جَاءَ الحَدِيْثُ، فَهُوَ يُنَاظِرُ؛لأَنَّهُ
أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، ثُمَّ أَتَكَلَّمُ أَنَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدٍ:سَمِعْتُ
جَدِّي يَقُوْلُ:
استَأْذَنْتُ أَبِي فِي الخُرُوْجِ إِلَى قُتَيْبَةَ،
فَقَالَ:اقْرَأِ القُرْآنَ أَوَّلاً حَتَّى آذَنَ لَكَ.
فَاسْتَظْهَرْتُ القُرْآنَ، فَقَالَ لِي:امكُثْ حَتَّى
تُصَلِّيَ بِالخَتمَةِ، فَفَعلتُ، فَلَمَّا عَيَّدنَا،
أَذنَ لِي،
__________
(1) أخرجه من طريقه الشافعي: 2 / 263، وأبو داود (4549)
والنسائي: 8 / 42، وأحمد: (4583) و(4926)، وابن ماجه
(2628) والدارقطني: 333 من حديث عبد الله بن عمر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " ألا إن في قتيل العمد
الخطأ بالسوط أو العصا مئة من الابل مغلظة، منها أربعون
خلفة في بطونها أولادها ".
وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.
لكن الحديث صحيح من وجه آخر بنحوه من حديث عبد الله بن
عمرو بن العاص.
أخرجه أحمد: (6533)، (6552)، وأبو داود (4547) والنسائي: 8
/ 41 من طريق خالد الحذاء، عن القاسم بن ربيعة، عن عقبة بن
أوس، عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط أو العصا
مئة من الابل منها أربعون في بطونها أولادها ".
وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (1526) وابن القطان، وأخرجه
ابن ماجه (2627) من طريق محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن
مهدي ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا شعبة، عن أيوب: سمعت
القاسم بن ربيعة، عن عبد الله بن عمرو.
وهذا سند صحيح أيضا.
(14/371)
فَخَرَجتُ إِلَى مَرْوَ، وَسَمِعْتُ
بِمَرْو الرُّوْذ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ هِشَامٍ - صَاحِبِ
هُشَيْمٍ - فَنُعِيَ إِلَيْنَا قُتَيْبَةُ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ:لَمْ
أَرَ أَحَداً مِثْلَ ابْنِ خُزَيْمَةَ.
قُلْتُ:يَقُوْلُ مِثْلَ هَذَا وَقَدْ رَأَى النَّسَائِيَّ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ حُسَيْنَك:سَمِعْتُ إِمَامَ
الأَئِمَّةِ أَبَا بَكْرٍ يَحْكِي عَنْ عَلِيِّ بنِ
خَشْرَمٍ، عَنِ ابْنِ رَاهْوَيْه، أَنَّهُ قَالَ:أَحْفَظُ
سَبْعِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.
فَقُلْتُ لاِبْنِ خُزَيْمَةَ:كَمْ يَحْفَظُ الشَّيْخُ؟
فَضَرَبَنِي عَلَى رَأْسِي، وَقَالَ:مَا أَكْثَرَ
فُضُولَكَ!
ثُمَّ قَالَ:يَا بُنِيَّ!مَا كَتبتُ سَوْدَاءَ فِي بَيَاضٍ
إِلاَّ وَأَنَا أَعرِفُه.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ:كَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ
يَحْفَظُ الفِقْهِيَّاتِ مِنْ حَدِيْثِه كَمَا يَحْفَظُ
القَارِئُ السُّورَةَ.
أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو
إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ (1) ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ،
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ
التَّمِيْمِيُّ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ عَلَى وَجهِ الأَرْضِ مَنْ يَحْفَظُ
صِنَاعَةَ السُّنَنِ، وَيَحْفَظُ أَلفَاظَهَا الصِّحَاحَ
وَزِيَادَاتِهَا حَتَّى كَأنَّ السُّنَنَ كُلّهَا بَيْنَ
عَيْنَيْهِ، إِلاَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ بنِ
خُزَيْمَةَ فَقَط.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ:كَانَ ابْنُ
خُزَيْمَةَ إِمَاماً، ثَبْتاً، مَعْدُوْمَ النَّظِيرِ.
حَكَى أَبُو بِشْرٍ القَطَّانُ، قَالَ:رَأَى جَارٌ لاِبْنِ
خُزَيْمَةَ - مِنْ أَهْلِ العِلْمِ - كَأَنَّ لَوْحاً
__________
(1) هو عبد الله بن محمد بن علي الهروي الحنبلي الصوفي،
المتوفي سنة 481 هجرية، صاحب كتاب " منازل السائرين " الذي
شرحه العلامة ابن القيم في كتابه " مدارج السالكين " الذي
يعد من خير ما كتب في تهذيب النفوس.
ولم يخل كتاب " منازل السائرين " من هفوات وأخطأ نبه عليها
ابن القيم وتعقبه فيها.
(14/372)
عَلَيْهِ صُوْرَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنُ خُزَيْمَةَ
يَصقُلُه.
فَقَالَ المُعَبِّرُ:هَذَا رَجُلٌ يُحْيي سُنَّةَ رَسُوْلِ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
قَالَ الإِمَامُ أَبُو العَبَّاسِ بنُ سُرَيْجٍ - وَذُكِرَ
لَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ - فَقَالَ:
يَسْتَخرِجُ النُّكتَ مِنْ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ
بِالمِنقَاشِ.
وَقَدْ كَانَ هَذَا الإِمَامُ جِهْبِذاً، بَصِيْراً
بِالرِّجَالِ، فَقَالَ - فِيْمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ - شَيْخُ الحَاكِمِ:
لَسْتُ أَحتَجُّ بِشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، وَلاَ بِحَرِيْزِ
بنِ عُثْمَانَ لِمَذْهَبِهِ (1) ، وَلاَ بِعَبْدِ اللهِ
بنِ عُمَرَ، وَلاَ بِبَقِيَّةَ، وَلاَ بِمُقَاتِلِ بنِ
حَيَّانَ، وَلاَ بِأَشْعَثَ بنِ سَوَّارٍ، وَلاَ بِعَلِيِّ
بنِ جُدْعَانَ لِسُوْءِ حِفظِه، وَلاَ بِعَاصِمِ بنِ
عُبَيْد اللهِ، وَلاَ بِابْنِ عَقِيْلٍ، وَلاَ بِيَزِيْدَ
بنِ أَبِي زِيَادٍ، وَلاَ بِمُجَالِدٍ، وَلاَ بِحَجَّاجِ
بنِ أَرْطَاةَ إِذَا قَالَ:عَنْ، وَلاَ بِأَبِي حُذَيْفَةَ
النَّهْدِيِّ، وَلاَ بِجَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ، وَلاَ
بِأَبِي مَعْشَرٍ نَجِيْحٍ، وَلاَ بِعُمَرَ بنِ أَبِي
سَلَمَةَ، وَلاَ بِقَابُوْسِ بنِ أَبِي ظِبْيَانَ...
ثُمَّ سَمَّى خَلقاً دُوْنَ هَؤُلاَءِ فِي العَدَالَةِ،
فَإِنَّ المَذْكُوْرِينَ احتَجَّ بِهِم غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ
العَنْبَرِيُّ:سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
لَيْسَ لأَحِدٍ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلٌ إِذَا صَحَّ الخَبَرُ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ
هَانِئٍ، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ اللهَ عَلَى عَرشِه قَدِ
اسْتوَى فَوْقَ سَبعِ سَمَاوَاتِه، فَهُوَ كَافِرٌ حَلاَلُ
الدَّمِ، وَكَانَ مَالُهُ فَيْئاً.
قُلْتُ:مَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ تَصْدِيْقاً لِكِتَابِ
اللهِ، وَلأَحَادِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآمَنَ بِهِ مُفَوِّضاً مَعْنَاهُ
إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ، وَلَمْ يَخُضْ فِي
التَّأْوِيْلِ وَلاَ عَمَّقَ، فَهُوَ المُسْلِمُ
المُتَّبِعُ، وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَدْرِ
بِثُبُوْتِ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَهُوَ
__________
(1) أي: لما اتهم به من النصب.
(14/373)
مُقَصِّرٌ وَاللهِ يَعْفُو عَنْهُ، إِذْ
لَمْ يُوجِبِ اللهُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حِفظَ مَا وَرَدَ
فِي ذَلِكَ، وَمَنْ أَنكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ العِلْمِ،
وَقَفَا غَيْرَ سَبِيْلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ،
وَتَمَعقَلَ عَلَى النَّصِّ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ،
نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الضَّلاَلِ وَالهَوَى.
وَكَلاَمُ ابْنِ خُزَيْمَةَ هَذَا - وَإِنْ كَانَ حَقّاً -
فَهُوَ فَجٌّ، لاَ تَحْتَمِلُهُ نُفُوْسُ كَثِيْرٍ مِنْ
مُتَأَخِّرِي العُلَمَاءِ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ
الفَقِيْهُ:سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ - تَعَالَى - وَمَنْ
قَالَ:إِنَّهُ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، يُسْتَتَابُ،
فَإِنْ تَابَ وَإِلاَّ قُتِلَ، وَلاَ يُدفَنُ فِي
مَقَابِرِ المُسْلِمِيْنَ.
وَلابْنِ خُزَيْمَةَ عَظَمَةٌ فِي النُّفُوْسِ،
وَجَلاَلَةٌ فِي القُلُوْبِ؛لِعِلمِهِ وَدِينِهِ
وَاتِّبَاعِهِ السُّنَّةَ.
وَكِتَابُه فِي(التَّوحيدِ)مُجَلَّدٌ كَبِيْرٌ، وَقَدْ
تَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ حَدِيْثَ الصُّورَةِ (1) .
__________
(1) حديث الصورة، أخرجه البخاري في " صحيحه " 11 / 2 في
أول الاستئذان، ومسلم (2841) في الجنة: باب يدخل الجنة
أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير، وأحمد: 2 / 315، وابن
خزيمة في " التوحيد " 40 39 من طريق معمر، عن همام بن
منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، فلما خلقه، قال:
اذهب، فسلم على أولئك نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما
يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم:
فقالوا: السلام عليك ورحمة الله.
فزادة: " ورحمة الله " فكل من يدخل الجنة على صورة آدم،
فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن ".
وأخرجه مسلم (2612) (115) وأحمد: 2 / 463 و519، وابن خزيمة
ص 37 من طريق قتادة، عن أبي أيوب المراغي، عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على
صورته ".
وأخرجه أحمد: 2 / 244، والآجري في " الشريعة " 143،
والبيهقي في " الأسماء والصفات " 290 من طريق سفيان، عن
أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة..وأخرجه أحمد: 2 /
323 من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن
موسى =
(14/374)
....................................................
__________
= ابن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة..وأخرجه أحمد: 2 /
251، 434، وابن خزيمة 36 من طريق يحيى، عن ابن عجلان، عن
سعيد، عن أبي هريرة.
وأخرج البخاري في " الأدب المفرد " رقم (173) وابن خزيمة ص
36 من حديث ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه،
ولا يقل: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق
آدم على صورته ".
قال ابن خزيمة بعد أن أورد هذه الأحاديث: " توهم بعض من لم
يتحر العلم أن قوله: " على صورته " يريد صورة الرحمن، عز
ربنا وجل عن أن يكون هذا معنى الخبر، بل معنى قوله: خلق
آدم على صورته: الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب
والمشتوم.
أراد صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة هذا
المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب، والذي قبح
وجهه، فزجر صلى الله عليه وسلم أن يقول: ووجه من أشبه
وجهك، لان وجه آدم شبيه وجه بنيه.
فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم: قبح الله وجهك ووجه من أشبه
وجهك، كان مقبحا وجه آدم صلوات الله وسلامه عليه.
ثم أورد حديث ابن عمر، من طريق الأعمش، عن حبيب بن أبي
ثابت، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر مرفوعا بلفظ: " لا
تقبحوا الوجه، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن ".
ورواه أيضا من طريق سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن
عطاء مرسلا، وقال: في هذا الخبر علل ثلاث، أولاهن: أن
الثوري قد خالف الأعمش في إسناده فأرسل الثوري ولم يقل: عن
ابن عمر.
والثانية: أن الأعمش مدلس، لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن
أبي ثابت، والثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس، لم
يعلم أنه سمعه من عطاء " وانظر تمام كلامه فيه.
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " 11 / 3 2 في أول
الاستئذان: " واختلف إلى ماذا يعود الضمير ؟ فقيل: إلى
آدم، أي: خلقه على صورته التي استمر عليها إلى أن أهبط،
وإلى أن مات، دفعا لتوهم من يظن أنه لما كان في الجنة كان
على صفة أخرى، أو ابتدأ خلقه كما
وجد، لم ينتقل في النشأة كما ينتقل ولده من حالة إلى حالة.
وقيل: للرد على الدهرية أنه لم يكن إنسان إلا من نطفة، ولا
تكون نطفة إنسان إلا من إنسان، ولا أول لذلك، فبين أنه خلق
من أول الامر على هذه الصورة.
وقيل: للرد على الطبائعيين الزاعمين أن الإنسان قد يكون من
فعل الطبع وتأثيره.
وقيل: الضمير لله، وتمسك قائل ذلك بما ورد في بعض طرقه "
على صورة الرحمن " والمراد بالصورة: الصفة، والمعنى: أن
الله خلقه على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير
ذلك، وإن كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء.
وراجع ما كتبه الحافظ ابن حجر أيضا عن عود الضمير في "
صورته " في " الفتح " 5 / 133، و6 / 260.
(14/375)
فَلْيَعْذُر مَنْ تَأَوَّلَ بَعْضَ
الصِّفَاتِ، وَأَمَّا السَّلَفُ، فَمَا خَاضُوا فِي
التَّأْوِيْلِ، بَلْ آمَنُوا وَكَفُّوا، وَفَوَّضُوا عِلمَ
ذَلِكَ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِه، وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ
أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ - مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ،
وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ - أَهْدَرْنَاهُ،
وَبَدَّعنَاهُ، لَقَلَّ مَنْ يَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ
مَعَنَا، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ:فَضَائِلُ إِمَامِ الأَئِمَّةِ ابْنِ
خُزَيْمَةَ عِنْدِي مَجْمُوْعَةٌ فِي أَورَاقٍ كَثِيْرَةٍ،
وَمُصَنَّفَاتُه تَزيدُ عَلَى مائَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ
كِتَاباً سِوَى المَسَائِلِ، وَالمَسَائِلُ المصنَّفَةُ
أَكْثَرُ مِنْ مائَةِ جُزْءٍ.
قَالَ:وَلَهُ فِقْهُ حَدِيْثِ بَرِيْرَةَ (1) فِي
ثَلاَثَةِ أَجزَاءٍ.
قَالَ حَمْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعَدَّلُ:سَمِعْتُ
عَبْدَ اللهِ بنَ خَالِدٍ الأَصْبَهَانِيَّ يَقُوْلُ:
سُئِلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي
بَكْرٍ بنِ خُزَيْمَةَ، فقَالَ:وَيْحَكُم!هُوَ
__________
(1) ونصه: عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت بريرة تستعين
بها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، فقالت لها
عائشة: ارجعي إلى أهلك، فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك
ويكون ولاؤك لي، فعلت.
فذكرت ذلك بريرة لاهلها، فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب
عليك، فلتفعل، ويكون لنا ولاؤك.
فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ابتاعي وأعتقي، فإنما
الولاء لمن أعتق " ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: " ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ؟ من
اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له، وإن اشترط مئة مرة.
شرط الله أحق وأوثق ".
أخرجه البخاري: 1 / 458 في المساجد: باب ذكر البيع والشراء
على المنبر في المسجد، وفي البيوع: باب البيع والشراء مع
النساء، وفي العتق: باب بيع الولاء وهبته، وباب ما يجوز من
شروط المكاتب، وباب استعانة المكاتب وسؤال الناس، وباب بيع
المكاتب إذا رضي، وفي الشروط: باب ما يجوز من شروط المكاتب
إذا رضي بالبيع على أن يعتق، وفي الطلاق: باب شفاعة النبي
صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة، وفي الفرائض: باب الولاء
لمن أعتق، وباب ما يرث النساء من الولاء.
وأخرجه مسلم (1504) في العتق: باب الولاء لمن أعتق، و"
مالك " 2 / 780 في العتق والولاء: باب مصير الولاء لمن
أعتق، وأبو داود (3929) و(3930) في العتق: باب بيع المكاتب
إذا فسخت الكتابة، والنسائي: 7 / 300 في البيوع: باب البيع
يكون فيه الشرط الفاسد فيصح البيع ويبطل الشرط، والترمذي
(1256) في البيوع: باب ما جاء في اشتراط الولاء والزجر عن
ذلك، وابن ماجه (2521) في العتق: باب المكاتب.
(14/376)
يُسْأَلُ عَنَّا، وَلاَ نُسأَلُ
عَنْهُ!هُوَ إِمَامٌ يُقتَدَى بِهِ.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
الشَّاشِيُّ:حَضَرتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو
بَكْرٍ النَّقَّاشُ، المُقْرِئُ:بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا
وَقَعَ بَيْنَ المُزَنِيِّ وَابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ،
قِيْلَ لِلْمُزَنِيِّ:إِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى
الشَّافِعِيِّ.
فَقَالَ المُزَنِيُّ:لاَ يُمكِنُه إِلاَّ بِمُحَمَّدِ بنِ
إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:كَذَا كَانَ.
وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
المضَاربِ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ فِي النَّوْمِ،
فَقُلْتُ:جَزَاكَ اللهُ عَنِ الإِسْلاَمِ خَيْراً.
فَقَالَ:كَذَا قَالَ لِي جِبْرِيْلُ فِي السَّمَاءِ.
قَالَ الحَاكِمُ:حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
حَمْدُوْنَ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - إِلاَّ أَنَّ
ابْنَ حَمْدُوْنَ كَانَ مِنْ أَعْرَفِهِم بِهَذِهِ
الوَاقِعَةِ - قَالَ:
لَمَّا بَلغَ أَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ مِنَ السِّنِّ
وَالرِّئاسَةِ وَالتَفَرُّدِ بِهِمَا مَا بَلغَ، كَانَ
لَهُ أَصْحَابٌ صَارُوا فِي حَيَاتِه أَنْجُمَ الدُّنْيَا،
مِثْلُ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
الثَّقَفِيِّ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ حَمَلَ عُلُوْمَ
الشَّافِعِيِّ، وَدَقَائِقَ ابْنِ سُرَيْجٍ إِلَى
خُرَاسَانَ، وَمِثْلُ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ
- يَعْنِي:الصِّبَغِيَّ - خَلِيْفَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ فِي
الفَتوَى، وَأَحسنِ الجَمَاعَةِ تَصْنِيْفاً، وَأَحسَنِهِم
سِيَاسَةٌ فِي مَجَالِسِ السَّلاَطينِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
أَبِي عُثْمَانَ، وَهُوَ آدَبُهُم، وَأَكْثَرُهُم جَمعاً
لِلْعلومِ، وَأَكْثَرُهُم رِحلَةً، وَشَيخِ المطَّوِّعَةِ
وَالمُجَاهِدِيْنَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ يَحْيَى بنِ
مَنْصُوْرٍ، وَكَانَ مِنْ أَكَابرِ البُيُوْتَاتِ،
وَأَعرَفِهِم بِمَذْهَبِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَأَصلَحِهِم
لِلْقضَاءِ.
قَالَ:فَلَمَّا وَردَ مَنْصُوْرُ بنُ يَحْيَى الطُّوْسِيُّ
نَيْسَابُوْرَ، وَكَانَ يُكْثِرُ الاخْتِلاَفَ إِلَى ابْنِ
خُزَيْمَةَ لِلسَّمَاعِ مِنْهُ - وَهُوَ مُعْتَزِلِيٌّ -
وَعَاينَ مَا عَاينَ مِنَ الأَرْبَعَةِ الَّذِيْنَ
سَمَّينَاهُم، حَسَدَهُم، وَاجْتَمَعَ مَعَ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الوَاعِظِ القَدَرِيِّ بِبَابِ مُعَمَّرٍ فِي
أُمُورِهِم غَيْرَ مَرَّةٍ، فَقَالاَ:هَذَا إِمَامٌ لاَ
يُسْرِعُ فِي الكَلاَمِ، وَيَنْهَى أَصْحَابَه عَنِ
التَّنَازعِ فِي الكَلاَمِ وَتَعليمِه، وَقَدْ نَبغَ لَهُ
أَصْحَابٌ يُخَالفُونَه وَهُوَ لاَ يَدْرِي، فَإِنَّهُم
(14/377)
عَلَى مَذْهَبِ الكُلاَّبيَّةِ (1) ،
فَاسْتَحكَمَ طَمعُهُمَا فِي إِيقَاعِ الوَحشَةِ بَيْنَ
هَؤُلاَءِ الأَئِمَّةِ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ
بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
كَانَ مِنْ قَضَاءِ الله - تَعَالَى - أَنَّ الحَاكِمَ
أَبَا سَعِيْدٍ لَمَّا تُوُفِّيَ، أَظهَرَ ابْنُ
خُزَيْمَةَ الشَّمَاتَةَ بِوَفَاتِه، هُوَ وَجَمَاعَةٌ
مِنْ أَصْحَابِه - جَهلاً مِنْهُم - فَسأَلُوهُ أَنْ
يتَّخذَ ضِيَافَةً، وَكَانَ لاِبْنِ خُزَيْمَة بِسَاتينُ
نَزِهَةٌ.
قَالَ:فَأُكرهتُ أَنَا مِنْ بَيْنِ الجَمَاعَةِ عَلَى
الخُرُوجِ فِي الجُمْلَةِ إِلَيْهَا.
وَحَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ
التَّمِيْمِيُّ:أَنَّ الضِّيَافَةَ كَانَتْ فِي جُمَادَى
الأُوْلَى، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَتْ
لَمْ يُعهدْ مِثلُهَا، عَمِلهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ،
فَأَحضرَ جُمْلَةً مِنَ الأَغنَامِ وَالحِملاَنِ،
وَأَعدَالِ السَّكرِ، وَالفرشِ، وَالآلاَتِ،
وَالطبَّاخينَ، ثُمَّ إِنَّهُ تَقدَّمَ إِلَى جَمَاعَةِ
المُحَدِّثِيْنَ مِنَ الشُّيُوْخِ وَالشَّبَابِ،
فَاجْتَمَعُوا بَجَنْزَرُوْذَ (2) ، وَرَكِبُوا مِنْهَا،
وَتَقَدَّمهُم أَبُو بَكْرٍ يَخْتَرِقُ الأَسوَاقَ سُوقاً
سُوقاً، يَسْأَلهُمُ أَنْ يُجِيبوهُ، وَيَقُوْلُ
لَهُم:سَأَلتُ مَنْ يَرجعُ إِلَى الفُتوَّةِ وَالمَحَبَّةِ
لِي أَنْ يَلزمَ جَمَاعَتنَا اليَوْمَ.
فَكَانُوا يَجِيْئونَ فَوجاً فَوجاً حَتَّى لَمْ يَبْقَ
كَبِيْرُ أَحَدٍ فِي البَلَدِ - يَعْنِي:نَيْسَابُوْرَ -
وَالطَّبَّاخُونَ يَطْبُخُونَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ
الخبَّازِينَ يَخبِزُونَ، حَتَّى حُملَ أَيْضاً جَمِيْعُ
مَا وَجَدُوا فِي البَلَدِ مِنَ الخُبزِ وَالشِّوَاءِ
عَلَى الجِمَال وَالبِغَالِ وَالحمِيرِ، وَالإِمَامُ -
رَحِمَهُ اللهُ - قَائِمٌ يُجرِي أُمُورَ الضِّيَافَةِ
عَلَى أَحسنِ مَا يَكُوْنُ، حَتَّى شَهِدَ مَنْ حَضَرَ
أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ مِثلهَا.
فَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى
المُتَكَلِّمُ، قَالَ:لَمَّا انصَرفْنَا مِنَ
__________
(1) نسبة إلى أبي محمد، عبد الله بن سعيد بن كلاب، المتوفى
بعد عام 240 هجرية. كان إمام أهل السنة في عصره، وإليه
مرجعهم، ناقش المعتزلة في مجلس المأمون على طريقة كلامية
عقلية، فدحرهم. مترجم في " طبقات الشافعية " للسبكي: 2 /
299 - 300، وانظر آراءه في الأسماء والصفات في " مقالات
الإسلاميين " 1 / 249 وما بعدها.
(2) قرية من قرى نيسابور. انظر " معجم البلدان " 2 / 171.
(14/378)
الضِّيَافَةِ، اجتَمَعنَا عِنْدَ بَعْضِ
أَهْلِ العِلْمِ، وَجَرَى ذِكرُ كَلاَمِ اللهِ:أَقَدِيْمٌ
هُوَ لَمْ يَزَلْ، أَوْ نَثْبُتُ عِنْد إِخبَارِه تَعَالَى
أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِهِ؟
فَوَقَعَ بَيْنَنَا فِي ذَلِكَ خَوضٌ، قَالَ جَمَاعَةٌ
مِنَّا:كَلاَمُ البَارِئِ قَدِيْمٌ لَمْ يَزَلْ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ:كَلاَمُهُ قَدِيْمٌ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ
يثبتُ إِلاَّ بِإِخبارِه وَبِكَلاَمِه.
فَبَكَرتُ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ الثَّقَفِيِّ،
وَأَخْبَرتُهُ بِمَا جَرَى، فَقَالَ:مَنْ أَنكرَ أَنَّهُ
لَمْ يَزَلْ، فَقَدِ اعتقَدَ أَنَّهُ مُحدَثٌ.
وَانْتَشَرتْ هَذِهِ المَسْأَلَةُ فِي البَلَدِ، وَذَهَبَ
مَنْصُوْرٌ الطُّوْسِيُّ فِي جَمَاعَةٍ إِلَى ابْنِ
خُزَيْمَةَ، وَأَخبَرُوهُ بِذَلِكَ، حَتَّى قَالَ
مَنْصُوْرٌ:أَلَمْ أَقُلْ لِلشَّيْخِ:إِنَّ هَؤُلاَءِ
يَعْتَقِدُوْنَ مَذْهَبَ الكلاَّبيَّةِ؟وَهَذَا
مَذْهَبُهُم.
قَالَ:فَجَمَعَ ابْنُ خُزَيْمَةَ أَصْحَابَه،
وَقَالَ:أَلَمْ أَنْهَكُم غَيْرَ مَرَّةٍ عَنِ الخوضِ فِي
الكَلاَمِ؟وَلَمْ يَزِدْهُم عَلَى هَذَا ذَلِكَ اليَوْمُ.
قَالَ الحَاكِمُ:وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ
الأَنْمَاطِيُّ المُتَكَلِّمُ، قَالَ:
لَمْ يَزَلِ الطُّوْسِيُّ بِأَبِي بَكْرٍ بنِ خُزَيْمَةَ
حَتَّى جرَّأَهُ عَلَى أَصْحَابِه، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ
بنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عُثْمَانَ
يرُدَّانِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مَا يُملِيه، وَيَحضُرَانِ
مَجْلِسَ أَبِي عَلِيٍّ الثَّقَفِيِّ، فَيَقْرَؤُونَ
ذَلِكَ عَلَى الملأِ، حَتَّى اسْتَحكَمَتِ الوَحشَةُ.
سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ
المُقْرِئَ، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
القُرْآن كَلاَمُ اللهِ، وَوحيُهُ، وَتنَزِيْلُه، غَيْرُ
مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ قَالَ:شَيْءٌ مِنْهُ مَخْلُوْقٌ، أَوْ
يَقُوْلُ:إِنَّ القُرْآنَ مُحدَثٌ، فَهُوَ جَهْمِيٌّ،
وَمَنْ نَظَرَ فِي كُتُبِي، بَانَ لَهُ أَنَّ
الكلاَّبيَّةَ - لَعَنَهُمُ اللهُ - كَذَبَةٌ فِيْمَا
يَحكُونَ عَنِّي بِمَا هُوَ خِلاَفُ أَصْلِي وَدِيَانَتِي،
قَدْ عَرَفَ أَهْلُ الشَّرقِ وَالغربِ أَنَّهُ لَمْ
يُصَنِّفْ أَحَدٌ فِي التَّوحيدِ وَالقَدَرِ وَأُصُوْلِ
العِلْمِ مِثْلَ تَصنِيفِي، وَقَدْ صَحَّ عِنْدِي أَنَّ
هَؤُلاَءِ - الثَّقَفِيَّ، وَالصِّبَغِيَّ، وَيَحْيَى بنَ
مَنْصُوْرٍ - كَذَبَةٌ، قَدْ كَذبُوا عَلَيَّ فِي
حَيَاتِي، فَمُحَرَّمٌ عَلَى كُلِّ مُقتَبِسِ عِلمٍ أَنْ
يَقبلَ مِنْهُم شَيْئاً يَحكُونَه عَنِّي، وَابْنُ أَبِي
عُثْمَانَ أَكْذَبُهُم عِنْدِي، وَأَقْوَلهُم عَلَيَّ مَا
لَمْ أَقُلْه.
(14/379)
قُلْتُ:مَا هَؤُلاَءِ بِكَذَبَةٍ، بَلْ
أَئِمَّةٌ أَثبَاتٌ، وَإِنَّمَا الشَّيْخُ تَكَلَّمَ عَلَى
حَسبِ مَا نُقِلْ لَهُ عَنْهُم.
فَقبَّحَ اللهُ مَنْ يَنقُلُ البُهتَانَ، وَمَنْ يَمْشِي
بِالنَّمِيمَةِ.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ
بَالُوْيَه، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
مِنْ زَعْمِ بَعْضِ هَؤُلاَءِ الجَهَلَةِ:أَنَّ اللهَ لاَ
يُكرِّرُ الكَلاَمَ، فَلاَ هُم يَفهَمُوْنَ كِتَابَ اللهِ،
إِنَّ اللهَ قَدْ أَخبرَ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهُ خَلَقَ
آدمَ، وَكرَّرَ ذِكرَ مُوْسَى، وَحَمَدَ نَفْسَهُ فِي
مَوَاضِعَ، وَكرَّرَ:{فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا
تُكَذِّبَانِ} [سُوْرَةُ الرَّحْمَنِ]، وَلَمْ أَتَوَهَّم
أَنَّ مُسْلِماً يَتَوَهَّمُ أَنَّ اللهَ لاَ يَتَكَلَّمُ
بِشَيْءٍ مرَّتينِ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ
كَلاَمَ اللهِ مَخْلُوْقٌ، وَيَتَوَهَّمُ أَنَّهُ لاَ
يَجُوْزُ أَنْ يَقُوْلُ:خَلَقَ اللهُ شَيْئاً وَاحِداً
مَرَّتينِ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ
إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
لَمَّا وَقَعَ مِنْ أَمرِنَا مَا وَقَعَ، وَجَدَ أَبُو
عَبْد الرَّحْمَنِ وَمَنْصُوْرٌ الطُّوْسِيُّ الفُرصَةَ
فِي تَقْرِيْرِ مَذْهَبِهِم، وَاغتَنَمَ أَبُو القَاسِمِ
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ وَالبَرْدَعِيُّ السَّعِيَ فِي
فَسَادِ الحَالِ، انتصَبَ أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ
لِلتَّوسُّطِ فِيْمَا بَيْنَ الجَمَاعَةِ، وَقرَّرَ لأَبِي
بَكْرٍ بنِ خُزَيْمَةَ اعترَافَنَا لَهُ بِالتقدُّمِ،
وَبَيَّنَ لَهُ غرضَ المُخَالفينَ فِي فَسَادِ الحَالِ،
إِلَى أَنْ وَافقَه عَلَى أَن نَجتَمِعَ عِنْدَهُ،
فَدَخَلتُ أَنَا، وَأَبُو عَلِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَلِيٍّ
الثَّقَفِيُّ:مَا الَّذِي أَنكرتَ أَيُّهَا الأُسْتَاذُ
مِنْ مَذَاهِبِنَا حَتَّى نَرجِعَ عَنْهُ؟
قَالَ:مَيلُكُم إِلَى مَذْهَبِ الكلاَّبيَّةِ، فَقَدْ
كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى
عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدِ بنِ كلاَّبٍ (1) ، وَعَلَى
أَصْحَابِهِ مِثْلِ الحَارِثِ وَغَيْرِهِ، حَتَّى طَالُ
الخَطابُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي عَلِيٍّ فِي هَذَا
البَابِ.
فَقُلْتُ:قَدْ جَمَعتُ أَنَا أُصُوْلَ مَذَاهِبِنَا فِي
طَبَقٍ، فَأَخْرَجتُ إِلَيْهِ الطَّبَقَ، فَأَخَذَهُ،
وَمَا زَالَ يتَأَمَّلُه وَينظُرُ فِيْهِ، ثُمَّ
قَالَ:لَسْتُ أَرَى هَا هُنَا شَيْئاً لاَ
__________
(1) سبق التعريف به في الحاشية (1) من الصفحة (378).
(14/380)
أَقُولُ بِهِ.
فَسَأَلتُهُ أَنْ يَكتُبَ عَلَيْهِ خَطَّهُ أَنَّ ذَلِكَ
مَذْهَبَه، فَكَتَبَ آخِرَ تِلْكَ الأَحرفِ.
فَقُلْتُ لأَبِي عَمْرٍو الحِيْرِيِّ:احْتَفِظْ أَنْتَ
بِهَذَا الخَطِّ حَتَّى يَنْقَطِعَ الكَلاَمُ، وَلاَ
يُتَّهَمَ وَاحِدٌ مِنَّا بِالزِّيَادَةِ فِيْهِ.
ثُمَّ تَفَرَّقنَا، فَمَا كَانَ بِأَسرعَ مِنْ أَنْ
قَصَدهُ أَبُو فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، وَقَالاَ:
إِنَّ الأُسْتَاذَ لَمْ يَتَأَمَّلْ مَا كَتَبَ فِي ذَلِكَ
الخَطِّ، وَقَدْ غَدَرُوا بِكَ، وَغَيَّرُوا صُوْرَةَ
الحَالِ.
فَقبِلَ مِنْهُم، فَبَعَثَ إِلَى أَبِي عَمْرٍو
الحِيْرِيِّ لاِستِرجَاعِ خَطِّهِ مِنْهُ، فَامْتَنَعَ
عَلَيْهِ أَبُو عَمْرٍو، وَلَمْ يَردَّه حَتَّى مَاتَ
ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَقَدْ أَوصَيْتُ أَنْ يُدفَنَ مَعِي،
فَأُحَاجَّه بَيْنَ يَدِيِ اللهِ - تَعَالَى - فِيْهِ،
وَهُوَ القُرْآنُ؛كَلاَمُ اللهِ - تَعَالَى - وَصِفَةٌ
مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِهِ
مَخْلُوْقٌ، وَلاَ مَفْعُوْلٌ، وَلاَ مُحْدَثٌ، فَمَنْ
زَعَمَ أَنَّ شَيْئاً مِنْهُ مَخْلُوْقٌ أَوْ مُحْدَثٌ،
أَوْ زَعَمَ أَنَّ الكَلاَمَ مِنْ صِفَةِ الفِعْلِ، فَهُوَ
جَهْمِيٌّ ضَالٌّ مُبتَدِعٌ، وَأَقُولُ:لَمْ يَزَلِ اللهُ
مُتَكَلِّماً، وَالكَلاَمُ لَهُ صِفَةُ ذَاتٍ، وَمَنْ
زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ إِلاَّ مرَّةً،
وَلَمْ يَتَكَلَّمْ إِلاَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ، ثُمَّ
انقَضَى كَلاَمُه، كَفَرَ بِاللهِ، وَأَنَّهُ يَنْزِلُ
تَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُوْلُ:(هَلْ مِنْ
دَاعٍ فَأُجِيْبَهُ) (1) .
فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلمَه تَنَزُّلُ أَوَامِرِه، ضَلَّ،
وَيُكَلِّمُ عِبَادَهُ بِلاَ كَيْفٍ(الرَّحْمَنُ عَلَى
العَرْشِ اسْتَوَى)[طه:5]، لاَ كَمَا قَالَتِ
الجَهْمِيَّةُ (2) :إِنَّهُ عَلَى المُلْكِ احتَوَى، وَلاَ
اسْتَوْلَى.
وَإِنَّ اللهَ يُخَاطبُ عبَادَه عَوْداً وَبَدْءاً،
وَيُعيدُ عَلَيْهِم قَصَصَه وَأَمرَه وَنَهْيَه، وَمَنْ
زَعَمَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَهُوَ ضَالٌّ مُبْتَدِعٌ.
وَسَاقَ سَائِرَ الاعْتِقَادِ.
قُلْتُ:كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ هَذَا عَالِمَ
وَقتِهِ، وَكَبِيْرَ الشَّافِعِيَّةِ
__________
(1) تقدم تخريج هذا الحديث في الصفحة 279، الحاشية رقم
(3).
(2) هم أصحاب جهم بن صفوان، تلميذ الجعد بن درهم الذي قتله
خالد بن عبد الله القسري سنة 124 ه.
انظر عن هذه الفرقة ما كتبه الشهرستاني في " الملل والنحل
" 1 / 88 86.
(14/381)
بِنَيْسَابُوْرَ، حَمَلَ عَنْهُ الحَاكِمُ
عِلْماً كَثِيْراً.
وَلابنِ خُزَيْمَةَ تَرْجَمَةٌ طَوِيْلَةٌ فِي(تَارِيْخِ
نَيْسَابُوْرَ)، تَكُونُ بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ وَرقَةً،
مِنْ ذَلِكَ وَصيَّتُهُ، وَقَصِيدَتَانِ رُثِيَ بِهِمَا.
وَضَبَطُ وَفَاته:فِي ثَانِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ
إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَاشَ تِسْعاً
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ سَمِعْنَا(مُخْتَصَرَ المُخْتَصَرِ)، لَهُ عَالِياً
بِفَوْتٍ لِي.
وَفِيْهَا مَاتَ:أَبُو جَعْفَرٍ بنُ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ
- صَاحِبُ(الصَّحِيْحِ) - وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَمْرٍو الإِلْبِيْرِيُّ - حَافِظُ أَهْلِ الأَنْدَلُسِ -
وَشَيْخُ الحَنَابِلَةِ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ، وَشَيْخُ
الصُّوْفِيَّةِ بِالعِرَاقِ أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الجَرَيْرِيُّ - وَقِيْلَ:اسْمُه حَسَنٌ -
وَشَيْخُ العَرَبِيَّةِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ البَغْدَادِيُّ، وَصَدرُ
الوُزَرَاءِ حَامِدُ بنُ العَبَّاسِ، وَحَمَّادُ بنُ
شَاكِرٍ النَّسَفِيُّ - صَاحِبُ البُخَارِيِّ - وَمُسْنِدُ
بَغْدَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ
المَدَائِنِيُّ الأَنْمَاطِيُّ، وَحَافِظُ هَرَاةَ أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُرْوَةَ، وَحَافِظُ مَرْوَ
عَبْدُ اللهِ بنُ مَحْمُوْدٍ، وَمُحَدِّثُ أَنْطَاكِيَةَ
أَبُو طَاهِرٍ بنُ فِيْلٍ الهَمْدَانِيُّ، وَشَيْخُ
الطِّبِّ مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا الرَّازِيُّ
الفَيْلَسُوْفُ، وَمُسْنِدُ نَيْسَابُوْرَ أَبُو
العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ شَادَلَ بنِ عَلِيٍّ - مَوْلَى
بَنِي هَاشِمٍ - .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ
المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ
المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خُزَيْمَةَ، أَخْبَرَنَا
جَدِّي، حَدَّثَنَا أَبُو مُوْسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(مَنْ نَسِيَ صَلاَةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا،
فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا) (1) .
__________
(1) هو في صحيح ابن خزيمة برقم (992)، وأخرجه مسلم (684)
في المساجد: =
(14/382)
215 - البَاغَنْدِيُّ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ الحَارِثِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، مُحَدِّثُ العِرَاقِ
أَبُو بَكْرٍ ابْنُ المُحَدِّثِ أَبِي بَكْرٍ الأَزْدِيُّ،
الوَاسِطِيُّ، البَاغَنْدِيُّ، أَحَد أَئِمَّةِ هَذَا
الشَّأْنِ بِبَغْدَادَ.
وُلِدَ:سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَة وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ
أَوَّلَ سَمَاعِهِ بِوَاسِطَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَشَيْبَانَ بنَ
فَرُّوْخٍ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَهِشَامَ
بنَ عَمَّارٍ، وَسُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ
الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيَّ، وَالصَّلْتَ بنَ مَسْعُوْدٍ
الجَحْدرِيَّ، وَأَبَا نُعَيْمٍ عُبَيْدَ بنَ هِشَامٍ
الحَلَبِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُبَيْدِ اللهِ
الحَلَبِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ لُوَيْنَ،
وَدُحَيْماً، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ،
وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدَ الملكِ بنَ
شُعَيْبٍ بنِ اللَّيْثِ، وَالحَارِثَ بنَ مِسْكِيْنٍ،
وَمُحَمَّدَ بنَ زُنْبوْرٍ المَكِّيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمَحْمُوْدَ بنَ خَالِدٍ
الدِّمَشْقِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَعُمِّرَ، وَتَفَرَّدَ.
__________
= باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، من طريق
عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله
عنه.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 213 209، الأنساب: 61 / أ، المنتظم:
6 / 194 193، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي:
الورقة 126 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 737 736، العبر: 2 /
154 153، دول الإسلام: 1 / 189، ميزان الاعتدال: 4 / 27
26، الوافي بالوفيات: 1 / 99، البداية والنهاية: 11 / 152،
طبقات القراء للجزري: 2 / 240، لسان الميزان: 5 / 362 360،
النجوم الزاهرة: 3 / 213 212، طبقات الحفاظ: 311، شذرات
الذهب: 2 / 265.
(14/383)
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ عُقْدَةَ، وَالقَاضِي
المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَدَعْلَج
السِّجْزِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ،
وَأَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ
شَاهِيْنٍ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بنُ عَبْدَانُ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ،
وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) :رَحَلَ فِي الحَدِيْثِ
إِلَى الأَمصَارِ البعيدَةِ، وَعُنِيَ بِهِ العنَايَةَ
العَظِيْمَةَ، وَأَخَذَ عَنِ الحُفَّاظِ وَالأَئِمَّةِ،
وَكَانَ حَافِظاً فَهِماً عَارِفاً، فَسَمِعْتُ أَحْمَدَ
بنَ عَلِيٍّ البَادَا (2) مُذَاكَرَةً يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الأَبْهَرِيَّ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ
أَبَا بَكْرٍ البَاغَنْدِيَّ يَقُوْلُ:
أَنَا أُجيبُ فِي ثَلاَثِ مائَةٍ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ مِنْ
حَدِيْثِ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - .
فَأَخْبَرتُ ابْنَ المُظَفَّرِ بِقَولِ الأَبْهَرِيِّ،
فَقَالَ:صَدَقَ، سَمِعْتُه مِنْهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ:وَسَمِعْتُ هِبَةَ اللهِ
اللاَّلَكَائِيَّ يَقُوْلُ:
إِنَّ البَاغَنْدِيَّ كَانَ يَسْرُدُ الحَدِيْثَ مِنْ
حِفْظِهِ، وَيَهُذُّهُ مِثْلَ تِلاَوَةِ القُرْآنِ
السَّرِيعِ القِرَاءةِ، وَكَانَ يَقُوْلُ:حَدَّثَنَا
فُلاَنٌ، قَالَ:حَدَّثَنَا فُلاَنٌ، وَحَدَّثَنَا فُلاَنٌ.
وَهُوَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ حَتَّى تَسقُطَ عِمَامَتُهُ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي حُضُوْراً،
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرْنَا
ابْنُ طَلاَّبٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 210 209.
(2) هو أبو الحسن، أحمد بن علي بن الحسن بن الهيثم
البغدادي، المعروف بابن البادا.
ترجمه الخطيب في " تاريخه " 4 / 322 وقال: كتبنا عنه، وكان
ثقة فاضلا، من أهل القرآن والأدب، مات في ذي الحجة سنة
عشرين. وأربع مئة ". وانظر أيضا " عبر الذهبي " 3 / 136.
(14/384)
جُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ شُجَاعٍ بِالأَهْوَازِ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الجَوْزِيِّ
بِبَغْدَادَ، وَكَانَ عِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ
البَاغَنْدِيُّ يَنْتقِي عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ
إِبْرَاهِيْمُ:هُوذَا تَضَجَّرَنِي (1) ، أَنْتَ أَكْثَرُ
حَدِيْثاً مِنِّي، وَأَحفَظُ، وَأَعرَفُ.
فَقَالَ لَهُ:لَقَدْ حُبِّبَ إِلَيَّ هَذَا الحَدِيْثُ،
حَسبُكَ أَنِّي رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ، فَلَمْ أَقُلْ
لَهُ:ادْعُ لِي، وَقُلْتُ:يَا رَسُوْلَ اللهِ!أَيُّمَا
أَثبتُ فِي الحَدِيْثِ:مَنْصُوْرٌ أَوِ الأَعْمَشُ؟
فَقَالَ:مَنْصُوْرٌ، مَنْصُوْرٌ.
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ (2) :سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ شَاهِيْنٍ
يَقُوْلُ:
قَامَ أَبُو بَكْرٍ البَاغَنْدِيُّ لِيُصَلِّيَ،
فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ:أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ (3) ، فَسَبَّحْنَا بِهِ،
فَقَالَ:بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، الحَمْدُ
للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:سَأَلْنَا الوَزِيْرَ
جَعْفَرَ بنَ الفَضْلِ بِمِصْرَ عَنِ البَاغَنْدِيِّ،
فَقَالَ:لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَلَحِقْتُه، وَكَانَ
لِلْوَزِيْرِ المَاضِي حُجْرتَانِ، إِحدَاهُمَا
لِلْبَاغَنْدِيِّ، يَجِيْئُهُ، وَيَقرَأُ لَهُ،
وَالأُخْرَى لِلْيَزِيْدِيِّ، ثُمَّ قَالَ
جَعْفَرٌ:فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
كُنْتُ يَوْماً مَعَ البَاغَنْدِيِّ فِي الحُجْرَةِ
يَقرَأُ لِي كُتُبَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ،
فَقَامَ إِلَى الطَّهَارَةِ، فَأَخَذَ جُزْءاً مِنْ
حَدِيْثِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، فَإِذَا عَلَى
ظَهرِهِ مَكْتُوْبٌ:مُرَبَّعٌ، وَالبَاقِي مَحْكُوْكٌ،
فَرَجَعَ، فَرَأَى فِي يَدِي الجُزْءَ، فَتَغَيَّرَ
وَجْهُهُ، فَقُلْتُ:أَيْشٍ هَذَا مُرَبَّعٌ؟
فَغَيَّرَ ذَلِكَ، وَلَمْ أَفطنْ لَهُ؛لأَنِّي أَوَّلُ مَا
كُنْتُ دَخَلْتُ فِي كُتُبِ الحَدِيْثِ، ثُمَّ سَأَلتُ
عَنْهُ،
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": هو ذا تسخر بي.
(2) في الأصل " العقيقي " بالقاف، وهو تصحيف، وما أثبتناه
من " تاريخ بغداد " 3 / 211.
والعتيقي: هو أبو الحسن، أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي،
ترجمه الخطيب في " تاريخه " 4 / 379 وقال: " قلت له:
فالعتيقي نسبة إلى أيش ؟ قال: بعض أجدادي كان يسمى عتيقا
فنسبنا إليه ".
(3) في الأصل " لون " وهو تحريف.
(14/385)
فَإِذَا الكِتَابُ لِمُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ مُرَبَّعٌ (1) ، فَحَكَّهُ، وَتَرَكَ
مُرَبَّع، فَبَردَ عِنْدِي، وَلَمْ أُخَرِّجْ عَنْهُ
شَيْئاً (2) .
قَالَ عُمَرُ بنُ حَسَنٍ الأُشْنَانِيُّ:سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَيْثَمَةَ - وَذُكِرَ
عِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ البَاغَنْدِيُّ - فَقَالَ:
ثِقَةٌ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، لَوْ كَانَ بِالمَوْصِلِ،
لَخَرَجتُم إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يَتَطَرَّحُ عَلَيْكُم،
وَلاَ تُرِيْدُوْنَهُ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي
كِتَابِ(المُصَحِّفِيْنَ):حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّهُ
سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ البَاغَنْدِيَّ أَملَى عَلَيْهِم فِي
الجَامِعِ فِي حَدِيْثٍ ذَكَرَهَ:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ
الَّذِيْنَ يَمْشُوْنَ عَلَى الأَرْضِ} (هُوِيّاً (3))
بِاليَاءِ وَضَمِّ الهَاءِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ
فِي(الضُّعَفَاءِ):البَاغَنْدِيُّ مُدَلِّسٌ مُخَلِّطٌ،
يَسْمَعُ مِنْ بَعْضِ رِفَاقِهِ، ثُمَّ يُسْقِطُ مَنْ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَيْخِهِ، وَرُبَّمَا كَانُوا اثْنَيْنِ
وَثَلاَثَةً، وَهُوَ كَثِيْرُ الخَطَأِ.
قَالَ البُرْقَانِيُّ:سَأَلتُ أَبَا بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيَّ عَنِ ابْنِ البَاغَنْدِيِّ، فَقَالَ:
لاَ أَتَّهِمُهُ فِي قَصدِ الكَذِبِ، وَلَكِنَّهُ خَبِيْثُ
التَّدلِيسِ، وَمُصَحِّفٌ أَيْضاً، كَأَنَّهُ تَعَلَّمَ
مِنْ سُويدِ (4) التَّدْلِيْسِ.
وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ
عَبْدَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ
البَاغَنْدِيِّ:هَلْ يَدْخُلُ فِي الصَّحِيْحِ؟
فَقَالَ:لَوْ خَرَّجتُ(الصَّحِيْحَ)، لَمْ
__________
(1) بالتثقيل، بوزن محمد كما في " مشتبه النسبة " للمؤلف.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 3 / 212 211، والزيادات منه.
(3) [ الفرقان: 63 ] والتلاوة الصحيحة: " هونا ".
(4) هو سويد بن سعيد بن سهل الهروي، ثم الحدثاني، وهو صدوق
في نفسه، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وقد
أفحش فيه ابن معين القول.
وهو صاحب الحديث الموضوع " من عشق، فعف، فكتم، فمات، فهو
شهيد ".
انظر حول هذا الحديث ما كتبه ابن القيم في " زاد المعاد "
4 / 275 وما بعدها، وتخريجه هناك.
(14/386)
أُدخِلْهُ فِيْهِ، كَانَ يُخَلِّطُ
وَيُدَلِّسُ، وَلَيْسَ مِمَّن كَتَبْتُ عَنْهُ آثرُ
عِنْدِي وَلاَ أَكْثَرُ حَدِيْثاً مِنْهُ، إِلاَّ أَنَّهُ
شَرِهٌ، وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
دَاوُدَ.
وَسَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ،
فَقَالَ:كَثِيْرُ التَّدْلِيْسِ، يُحَدِّثُ بِمَا لَمْ
يَسْمَعْ، وَرُبَّمَا سَرَقَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :لَمْ يَثْبُتْ مِنْ أَمْرِ
البَاغَنْدِيِّ مَا يُعَابُ بِهِ سِوَى التَّدْلِيْسِ،
وَرَأَيْتُ كَافَّة شُيُوْخِنَا يَحْتَجُّوْنَ بِهِ،
وَيُخَرِّجُونَهُ فِي الصَّحِيْحِ.
قُلْتُ:يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً لِلْفَخْرِ بنِ
البُخَارِيِّ، وَطَبَقَتِهِ.
قَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ:مَاتَ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ، فِي
عِشْرِيْنَ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، سنَةَ اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ
ابنِ عَسَاكِرَ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ الهَرَوِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا
أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الحُسَيْنِ البَحِيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ،
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، وَسُلَيْمَانُ
التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(أَتَيْتُ - لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي - عَلَى
مُوْسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - عِنْدَ الكَثِيْبِ
الأَحْمَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ).
أَخْرَجَهُ:مُسْلِمٌ (2) ، عَنْ شَيْبَانَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ،
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ البَاغَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا
شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ، حَدَّثَنَا
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 213.
(2) برقم (2375) في الفضائل: باب فضائل موسى عليه السلام.
(14/387)
البَرَاءُ بنُ عَبْدِ اللهِ الغَنَوِيُّ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِ هَذِهِ الأُمَّةِ؟هُمُ
الثَّرْثَارُوْنَ المُتَفَيْهِقُوْنَ، أَلاَ أُنْبِئُكُمْ
بِخِيَارِكُمْ؟أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً).
تَفَرَّدَ بِهِ:البَرَاءُ.
أَخْرَجَهُ:البُخَارِيُّ، فِي كِتَابِ(الأَدَبِ (1)) لَهُ.
وَفِيْهَا مَاتَ:الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو
الإِلْبِيْرِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
نَصْرٍ الطُّوْسِيُّ، وَالوَزِيْرُ أَبُو الحَسَنِ ابْنُ
الفُرَاتِ، وَعَبْدُوْسُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبَّادٍ
الهَمَذَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ قُدَيْدٍ
بِمِصْرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ فَارِسٍ
الدَّلاَّلُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ
ابْنُ الُمَجَدَّرِ، وَشَيْخُ الطَّرِيْقِ أَبُو مُحَمَّدٍ
الجُرَيْرِيُّ.
216 - السَّرَّاجُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ مِهْرَانَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ،
مُحَدِّثُ خُرَاسَانَ، أَبُو العَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ
مَوْلاَهُمُ، الخُرَاسَانِيُّ،
__________
(1) رقم (1308) وهو في " المسند " 2 / 369، والبراء بن عبد
الله الغنوي ضعيف، وباقي رجاله ثقات.
وفي الباب ما يشهد له، عن جابر عند الترمذي (2018) في البر
والصلة، وحسنه.
وفي " المسند " 4 / 194 193 من حديث أبي ثعلبة الخشني،
فالحديث بهذين الشاهدين صحيح.
والثرثار: الكثير الكلام، والمتشدق الذي يتطاول على الناس
في الكلام ويبذو عليهم. والمتفيهق: المتكبر.
(*) الجرح والتعديل: 7 / 196، فهرست ابن النديم: 220،
تاريخ بغداد: 1 / 252 248، الأنساب: 115 / ب و295 / ب،
المنتظم: 6 / 200 199، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 126 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 735 731،
العبر: 2 / 158 157، دول الإسلام: 1 / 189، الوافي
بالوفيات: 2 / 188 187، مرآة الجنان: 2 / 267 266، طبقات
الشافعية للسبكي: 3 / 109 108، البداية والنهاية: 11 /
153، طبقات القراء للجزري: 2 / 97، النجوم الزاهرة: 3 /
214، طبقات الحفاظ: 311، شذرات الذهب: 2 / 268، الرسالة
المستطرفة: 75.
(14/388)
النَّيْسَابُوْرِيُّ، صَاحِب(المُسْنَدِ
الكَبِيْر)عَلَى الأَبْوَابِ وَالتَّارِيْخِ وَغَيْرِ
ذَلِكَ، وَأَخُو إِبْرَاهِيْمَ المُحَدِّثِ
وَإِسْمَاعِيْلَ.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
رَأَى يَحْيَى بنَ يَحْيَى التَّمِيْمِيّ، وَلَمْ
يَسْمَعْهُ.
وَسَمِعَ مِنْ:إِسْحَاقَ، وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَبِشْرِ بنِ
الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ، وَأَبِي مُعَمَّرٍ القَطِيْعِيِّ،
وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ
الرَّازِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ
الجَرْجرَائِيِّ، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَأَبِي
هَمَّامٍ السَّكُوْنِيِّ، وَهَنَّادِ بنِ السَّرِيِّ،
وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ البَلْخِيِّ،
وَالحَسَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَمُحَمَّدِ بنِ
عَمْرٍو زُنَيْجٍ، وَأَحْمَدَ بنِ المِقْدَامِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَمُجَاهِدِ بنِ مُوْسَى،
وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَزِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ،
وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيِّ، وَسَوَّارِ بنِ عَبْدِ
اللهِ، وَهَارُوْنَ الحَمَّالِ، وَعُقْبَةَ بنِ مُكْرَمٍ
العَمِّيِّ، وَابْنِ كَرَامَةَ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ
العَلاَءِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ،
وَأَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
الجَرَّاحِ، وَأَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيِّ،
وَعَبَّادِ بنِ الوَلِيْدِ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَيَنْزِلُ إِلَى:أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البِرتِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيِّ، وَالحَسَنِ
بنِ سَلاَمٍ.
وسَكَنَ بَغْدَادَ مُدَّةً طَوِيْلَةً، وَحَدَّثَ بِهَا،
ثُمَّ رُدَّ إِلَى وَطَنِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ بِشَيْءٍ
يَسِيْرٍ خَارِجَ(الصَّحِيْحَيْنِ)وَأَبُو حَاتِمٍ
الرَّازِيُّ - أَحَدُ شُيُوْخِهِ - وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي الدُّنْيَا، وَعُثْمَانُ بنُ السَّمَّاكِ،
وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو
حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَامِيُّ، وَحُسَيْنَك
بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ
بنُ أَحْمَدَ المَخْلَدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ هَانِئٍ
(14/389)
البَزَّازُ، وَالخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ
السِّجْزِيُّ القَاضِي، وَالقَاضِي يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ
المَيَانَجِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
الصَّيْرَفِيُّ، وَسَهْلُ بنُ شَاذَوَيْه البُخَارِيُّ -
وَمَاتَ قَبْلَهُ - وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ،
وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عُثْمَانَ،
وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ مِهْرَانَ المُقْرِئُ، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ بَالُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَحْفُوْظٍ العَابِدُ،
وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ
البَاهِلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ -
وَالِدُ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الحِيْرِيِّ -
وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ
المَاسَرْجِسِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
جَعْفَرٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ
الحِيْرِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدِ
بنِ يَعْقُوْبَ الحَجَّاجِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ سَمْعَانَ الوَاعِظُ، وَيَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ
المُزَكِّي - عُرِفَ بِالحَرْبِيِّ - وَخَلْقٌ، آخِرُهُم
مَوْتاً:الشَّيْخُ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الخَفَّافُ القَنْطَرِيُّ - رَاوِي بَعْضِ
مُسْنَدِهِ عَنْهُ - .
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ مِنَ الثِّقَاتِ الأَثبَاتِ،
عُنِيَ بِالحَدِيْثِ، وَصَنَّفَ كُتُباً كَثِيْرَةً،
وَهِيَ مَعْرُوْفَةٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ
أَحْمَدَ ابنِ عَسَاكِرَ قِرَاءةً عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا
المُفْتِي أَبُو بَكْرٍ القَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُمَرَ النَّيْسَابُوْرِيُّ ابْنُ الصَّفَّارِ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ وَجِيْهُ بنُ طَاهِرٍ
الشَّحَّامِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الكَرِيْمِ
بنُ هَوَازِنَ القُشَيْرِيُّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ أَحْمَدَ
الصَّيْرَفِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الخَفَّافُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ
الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا
__________
(1) في " تاريخه " 1 / 248.
(14/390)
إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا
دَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ:هَلْ كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ
مَسْعُوْدٍ شَهِدَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الجِنِّ؟
فَقَالَ:لاَ، وَكُنَّا مَعَهُ لَيْلَةً، فَفَقَدنَاهُ،
فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، إِذَا
هُوَ جَاءٍ مِنْ حِرَاءَ، فَقَالَ:(إِنَّهُ أَتَانِي
دَاعِيُ الجِنِّ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَقَرَأْتُ
عَلَيْهِمُ القُرْآنَ).
فَانْطَلَقَ بِنَا حَتَّى أَرَانَا آثَارَهُم
وَنِيْرَانَهُم، فَسَأَلُوْهُ عَنِ الزَّادِ،
فَقَالَ:(لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ
عَلَيْهِ، يَقَعُ فِي يَدِ أَحَدِكُمْ أَوْفَرُ مَا
يَكُوْنُ لَحْماً، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ
لِدَوَابِّكُمْ).
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - :(لاَ تَسْتَنْجُوا بِهِمَا، فَإِنَّهُمَا
طَعَامُ إِخْوَانِكُم مِنَ الجِنِّ).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، عَالٍ (1) .
أَخْرَجَهُ:مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عِيْسَى،
وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ
إِدْرِيْسَ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَجَمَاعَةٌ سَمِعُوهُ
مِنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ.
وَفِي رِوَايَتِنَا اخْتِصَارٌ، وَصَوَابُهُ:فَقَالَ ابْنُ
مَسْعُوْدٍ:كُنَّا مَعَهُ.
وَيَقَعُ حَدِيْثُ السَّرَّاجِ عَالِياً بِالاتِّصَالِ
لاِبْنِ البُخَارِيِّ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَالمُؤَمَّلُ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا
الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا
أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
أَبِي عِمْرَانَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ
خَالِدٍ المَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا أَخِي إِبْرَاهِيْمُ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا جَرِيْرُ
بنُ حَازِمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(مَنْ أَتَى الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ) (2) .
__________
(1) أخرجه مطولا مسلم (450) في الصلاة: باب الجهر في
القراءة في الصبح والقراءة على الجن، والترمذي (3258) في
التفسير: باب ومن سورة الاحقاف، وأخرج طرفا منه أبو داود
(85) في الطهارة: باب الوضوء بالنبيذ.
(2) هو في " تاريخ بغداد " 1 / 249، وأخرجه مالك: 1 / 102
في الجمعة: باب =
(14/391)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ جَعْفَرٍ
المُزَكِّي:سَمِعْتُ السَّرَّاجَ يَقُوْلُ:
نَظَرَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ
فِي(التَّارِيْخِ)لِي، وَكَتَبَ مِنْهُ بِخَطِّه
أَطبَاقاً، وَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ:أَنَّهُ
أَشَارَ إِلَى كُتُبٍ لَهُ، فَقَالَ:
هَذِهِ سَبْعُوْنَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ لِمَالِكٍ، مَا
نَفَضتُ عَنْهَا الغُبَارَ مُذْ كَتَبْتُهَا.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ:دَخَلَ
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ عَلَى أَبِي عَمْرٍو
الخَفَّافِ، فَقَالَ لَهُ:يَا أَبَا العَبَّاسِ!مِنْ
أَيْنَ جَمَعتَ هَذَا المَالَ؟
قَالَ:بِغَيبَةٍ دَهرٍ أَنَا وَأَخَوَايَ إِبْرَاهِيْمُ
وَإِسْمَاعِيْلُ، غَابَ أَخِي إِبْرَاهِيْمُ أَرْبَعِيْنَ
سَنَةً، وَغَابَ أَخِي إِسْمَاعِيْلُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً،
وَغِبتُ أَنَا مُقِيماً بِبَغْدَادَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً،
أَكَلْنَا الجَشِبَ (1) ، وَلَبِسْنَا الخَشِنَ،
فَاجْتَمَعَ هَذَا المَالُ، لَكِنْ أَنْتَ يَا أَبَا
عَمْرٍو!مِنْ أَيْنَ جَمَعتَ هَذَا المَالَ؟
- وَكَانَ لأَبِي عَمْرٍو مَالٌ عَظِيْمٌ - ثُمَّ قَالَ
مُتَمَثِّلاً:
أَتَذْكُرُ إِذْ لِحَافُكَ جِلْدُ شَاةٍ ... وَإِذْ
نَعْلاَكَ مِنْ جِلْدِ البَعِيْرِ
فَسُبْحَانَ الَّذِي أَعْطَاكَ مُلْكاً ... وَعَلَّمَكَ
الجُلُوسَ عَلَى السَّرِيْرِ (2)
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ حَمْدَانَ شَيْخُ
خُوَارِزْمَ:سَمِعْتُ السَّرَّاجَ يَقُوْلُ:
__________
= العمل في غسل يوم الجمعة، ومن طريقه البخاري: 2 / 295 في
الجمعة: باب فضل الغسل يوم الجمعة، والنسائي: 3 / 93 عن
نافع، عن عبد الله بن عمر.
وأخرجه مسلم (844) من طرق عن الليث، عن نافع، عن عبد الله
بن عمر.
وأخرجه أيضا من طريق ابن شهاب، عن سالم وعبد الله ابني عبد
الله بن عمر، عن عمر.
وأخرجه الترمذي (492) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري،
عن سالم، عن عبد الله بن عمر.
(1) طعام جشب ومجشوب، أي: غليظ خشن، وقيل: هو الذي لا أدم
له.
(2) البيتان مع سبعة أبيات أخر في " زهر الآداب " 3 / 263،
في قصة جرت لمعن بن زائدة مع أعرابي فانظرها فيه.
(14/392)
رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنِّيْ أَرقَى
فِي سُلَّمٍ طَوِيْلٍ، فَصَعِدْتُ تِسْعاً وَتِسْعِيْنَ
دَرَجَةً، فُكُلُّ مَنْ أَقُصُّهَا عَلَيْهِ
يَقُوْلُ:تَعِيشُ تِسْعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ:فَكَانَ كَذَلِكَ.
قُلْتُ:بَلْ بَلَغَ سَبْعاً، أَوْ خَمْساً وَتِسْعِيْنَ
سَنَةً، فَقَدْ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي
عَنْهُ:وُلِدْتُ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ،
وَخَتَمتُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - اثْنَيْ عَشَرَ أَلفَ خَتْمَةٍ، وَضَحَّيْتُ
عَنْهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ أُضْحِيَةٍ.
قُلْتُ:دَلِيلُه حَدِيْثُ شَرِيْكٍ، عَنْ أَبِي
الحَسْنَاءِ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ حَنَشٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَلِيّاً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يُضَحِّي
بِكَبْشَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ:مَا هَذَا؟
قَالَ:أَوْصَانِي رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ (1) .
زَادَ التِّرْمِذِيُّ:وَاحِدٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَاحِدٌ عَنْ نَفْسِهِ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَالمُؤَمَّلُ بنُ
مُحَمَّدٍ كِتَابَةً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا القَزَّازُ،
أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا رِضْوَانُ بنُ
مُحَمَّدٍ بِالدِّيْنَوَرِ، أَخْبَرَنَا حَمْدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ
أَحْمَدَ الأَرْدَسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ
الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ
الثَّقَفِيُّ:سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَعِيْدٍ
الدَّرِامِيَّ يَقُوْلُ:
عَادَنِي مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ الصَّنْعَانِيُّ،
فَقَالَ:أَقَالَكَ اللهُ عَثْرتَكَ، وَرَفَعَ جنَّتكَ،
وَفَرَّغَكَ لِعِبَادَة رَبِّكَ.
بَلَغَنَا أَنَّهُ قِيْلَ لأَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ،
وَهُوَ يَكْتُبُ فِي كُهُوْلَتِهِ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي
طَالِبٍ:إِلَى كَمْ هَذَا؟
فَقَالَ:أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ صَاحِبَ الحَدِيْثِ لاَ
يَصْبِرُ؟!
__________
(1) أخرجه أبو داود (2790) والترمذي (1495) كلاهما في
الاضاحي: باب الاضحية عن الميت، وأحمد: 1 / 107 و149 و150.
وشريك هو ابن عبد الله النخعي سيء الحفظ. وأبو الحسناء:
مجهول. وحنش هو ابن المعتمر مختلف فيه.
(14/393)
قَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي
حَاتِمٍ:أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ:صَدُوْقٌ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي:كَانَ السَّرَّاجُ
مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ:رَأَيْتُ
السَّرَّاجَ يُضَحِّي كُلَّ أُسْبُوْعٍ أَوْ
أُسْبُوْعَيْنِ أُضْحِيَةً عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَصِيْحُ بِأَصْحَابِ
الحَدِيْث، فَيَأْكُلُوْنَ.
وَكَانَ أَبُو سَهْلٍ الصُعْلُوْكِيُّ يَقُوْلُ:حَدَّثَنَا
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ الأَوْحَدُ فِي فَنِّهِ،
الأَكْمَلُ فِي وَزنِهِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الأَخْرَمِ
الشَّيْبَانِيُّ:اسْتَعَانَ بِيَ السَّرَّاجُ فِي
التَّخْرِيْجِ عَلَى(صَحِيْحِ مُسْلِمٍ)، فَكُنْتُ
أَتَحَيَّرُ مِنْ كَثْرَةِ الحَدِيْثِ الَّذِي عِنْدَهُ،
وَحُسْنَ أُصُوْلِهِ، وَكَانَ إِذَا وَجَدَ حَدِيْثاً
عَالِياً، يَقُوْلُ:لاَ بُدَّ أَنْ تَكْتُبَه.
فَأَقُولُ:لَيْسَ مِنْ شَرطِ صَاحِبِنَا.
فَيَقُوْلُ:فَشَفِّعْنِي فِي هَذَا الحَدِيْثِ الوَاحِدِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ:رَأَيْتُ أَبَا
العَبَّاسِ السَّرَّاجَ يَرْكَبُ حِمَارَه، وَعَبَّاسٌ
المُسْتَمْلِي بَيْنَ يَدَيْهِ، يَأْمُرُ بِالمَعْرُوْفِ
وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، يَقُوْلُ:يَا عَبَّاسُ!غَيِّرْ
كَذَا، اكْسِرْ كَذَا.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبِي
يَقُوْلُ:
لَمَّا وَرَدَ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَأَظْهَرَ خَلْقَ
القُرْآنِ، سَمِعْتُ السَّرَّاجَ يَقُوْلُ:الْعَنُوا
الزَّعْفَرَانِيَّ.
فَيِضَجُّ النَّاسُ بِلَعْنَتِهِ، فَنَزَحَ إِلَى
بُخَارَى.
قَالَ الصُّعْلُوْكِيُّ:كُنَّا نَقُوْلُ:السَّرَّاجُ
كَالسِّرَاجِ.
قَالَ الحَاكِمُ:أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بنُ أَبِي
الحَسَنِ:أَرْسَلَنِي ابْنُ خُزَيْمَةَ إِلَى السَّرَّاجِ،
فَقَالَ:قُلْ لَهُ:أَمسِكْ عَنْ ذِكْرِ أَبِي خَلِيْفَةَ
وَأَصْحَابِهِ، فَإِنَّ
(14/394)
أَهْلَ البَلَدِ قَدْ شَوَّشُوا.
فَأَدَّيْتُ الرِّسَالَةَ، فَزَبَرَنِي (1) .
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ بنَ أَبِي
بَكْرٍ يَقُوْلُ:
لَمَّا وَقَعَ مِنْ أَمرِ الكُلاَّبِيَّةِ مَا وَقَعَ
بِنَيْسَابُوْرَ، كَانَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ
يَمْتَحِنُ أَوْلاَدَ النَّاسِ، فَلاَ يُحَدِّثُ أَوْلاَدَ
الكُلاَّبِيَّةِ، فَأَقَامَنِي فِي المَجْلِسِ مَرَّةً،
فَقَالَ:قُلْ:أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللهِ - تَعَالَى -
مِنَ الكُلاَّبِيَّةِ.
فَقُلْتُ:إِنْ قُلْتُ هَذَا، لاَ يُطْعِمُنِي أَبِي
الخُبْزَ.
فَضَحِكَ، وَقَالَ:دَعُوا هَذَا.
أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيُّ:سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو
الخَفَّافَ يَقُوْلُ لأَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ:لَوْ
دَخَلتَ عَلَى الأَمِيْرِ، وَنَصَحْتَهُ.
قَالَ:فَجَاءَ وَعِنْدَهُ أَبُو عَمْرٍو، فَقَالَ أَبُو
عَمْرٍو:هَذَا شَيْخُنَا وَأَكبَرُنَا، وَقَدْ حَضَرَ
يَنْتَفِعُ الأَمِيْرُ بِكَلاَمِهِ.
فَقَالَ السَّرَّاجُ:أَيُّهَا الأَمِيْرُ!إِنَّ
الإِقَامَةَ كَانَتْ فُرَادَى، وَهِيَ كَذَلِكَ
بِالحَرَمَيْنِ، وَهِيَ فِي جَامِعِنَا مَثْنَى مَثْنَى
(2) ، وَإِنَّ الدِّيْنِ خَرَجَ مِنَ الحَرَمَيْنِ.
قَالَ:فَخَجِلَ الأَمِيْرُ وَأَبُو عَمْرٍو وَالجَمَاعَةُ،
إِذْ كَانُوا قُصِدُوا فِي أَمرِ البَلَدِ، فَلَمَّا
خَرَجَ، عَاتَبُوهُ، فَقَالَ:اسْتَحْيَيْتُ مِنَ اللهِ
أَنْ أَسأَلَ أَمرَ الدُّنْيَا وَأَدعَ أَمرَ الدِّينِ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ:سَمِعْتُ
أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ يَقُوْلُ:وَاأَسَفِي عَلَى
بَغْدَادَ!
فَقِيْلَ لَهُ:مَا حَمَلَكَ عَلَى فِرَاقِهَا؟
قَالَ:أَقَامَ بِهَا أَخِي إِسْمَاعِيْلُ خَمْسِيْنَ
سَنَةً، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَرُفِعَتْ جِنَازَتُهُ،
سَمِعْتُ رَجُلاً عَلَى بَابِ
__________
(1) أي: انتهرني.
(2) إفراد الاقامة ثابت في حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه
البخاري: 2 / 62، 68، ومسلم (378).
وتثنيتها ثابتة أيضا في حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه
الأنصاري، رواه ابن أبي شيبة في " مسنده " (136) والطحاوي:
80 79، والبيهقي: 1 / 240، وإسناده صحيح. فهو من الاختلاف
المباح كما هو مذهب أحمد، وإسحاق، وداود، وابن جرير.
(14/395)
الدَّربِ يَقُوْلُ لآخَرَ:مَنْ هَذَا
المَيتُ؟
قَالَ:غَرِيْبٌ كَانَ هَا هُنَا.
فَقُلْتُ:إِنَّا للهِ، بَعْدَ طُولِ مُقَامِ أَخِي بِهَا،
وَاشتِهَارِه بِالعِلْمِ وَالتِّجَارَةِ، يُقَالُ
لَهُ:غَرِيْبٌ كَانَ هُنَا.
فَحَمَلَتْنِي هَذِهِ الكَلِمَةُ عَلَى الانْصِرَافِ إِلَى
الوَطَنِ (1) .
قُلْتُ:كَانَ أَخُوْهُ إِسْمَاعِيْلُ السَّرَّاجُ (2)
ثِقَةً، عَالِماً، مُخْتَصّاً بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ،
يَرْوِي عَنْ:يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ، وَابْنُ قَانِعٍ،
وَطَائِفَةٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي
كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ تَمِيْمٍ
اللَّبْلِيُّ ببَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا أَبُو رَوْحٍ
بِهَرَاةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ المَلِيْحِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَفَّافُ،
حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ إِمْلاَءً،
قَالَ:
مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ اللهَ - تَعَالَى - يَعْجَبُ،
وَيَضْحَكُ (3) ، وَيَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى
السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُوْلُ:(مَنْ يَسْأَلُنِي،
فَأُعْطِيَهُ (4))، فَهُوَ زِنْدِيْقٌ كَافِرٌ
يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقه،
وَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلاَ يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ
المُسْلِمِيْنَ.
قُلْتُ:لاَ يُكفَّرُ إِلَّا إِنْ عَلِمَ أَنَّ الرَّسُولَ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ، فَإِنْ
جَحَدَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَذَا مُعَانِدٌ - نَسْأَلُ اللهَ
الهُدَى - وَإِنِ اعْتَرَفَ إِنَّ هَذَا حَقٌّ، وَلَكِنْ
لاَ أَخُوضُ فِي مَعَانِيهِ، فَقَدْ أَحسَنَ، وَإِنْ
آمَنَ، وَأَوَّلَ ذَلِكَ كُلَّه، أَوْ تَأَوَّلَ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 293.
(2) ترجمه الخطيب في " تاريخه " 6 / 292 - 293.
(3) في البخاري: 6 / 101 في الجهاد: باب الاسارى في
السلاسل، من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل ".
وفيه أيضا: 8 / 484 - 482 من حديث أبي هريرة قال " لقد عجب
الله عزوجل أو ضحك من فلان وفلانة ".
وانظر الأحاديث في هذا الباب في كتاب " التوحيد " لابن
خزيمة ص 230 - 238.
(4) تقدم تخريجه في الحاشية (3) من الصفحة (279).
(14/396)
بَعْضَهُ، فَهُوَ طَرِيْقَةٌ مَعْرُوْفَةٌ.
وَقَدْ كَانَ السَّرَّاجُ ذَا ثَروَةٍ وَتِجَارَةٍ،
وَبِرٍّ وَمَعْرُوْفٍ، وَلَهُ تَعَبُّدٌ وَتَهَجُّدٌ،
إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مُنَافِراً لِلْفُقَهَاءِ أَصْحَابِ
الرَّأْيِ - وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ - .
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ المُقْرِئَ،
سَمِعْتُ السَّرَّاجَ يَقُوْلُ عِنْدَ حَرَكَاتِه إِذَا
قَامَ أَوْ قَعَدَ:يَا بَغْدَادُ!وَاأَسَفَى عَلَيْكِ،
مَتَى يُقضَى لِيَ الرُّجُوعُ إِلَيْكِ.
نَقَلَ الحَاكِمُ، وَغَيْرُهُ:أَنَّ أَبَا العَبَّاسِ
السَّرَّاجَ مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ
ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِنَيْسَابُوْرَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
التَّمِيْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ
الأُمَنَاءِ قِرَاءةً، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ
مُحَمَّدٍ البَزَّازِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ الفُضَيْلِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ
أَبِي سَعِيْدٍ العَيَّارُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ
السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ،
أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ
المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ:
قَضَى رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- فِي جَنِيْنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ
مَيْتاً بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إِنَّ
المَرْأَةَ التِي قَضَى عَلَيْهَا بِالغُرَّةِ
تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ مِيْرَاثَهَا لِبَنِيْهَا
وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ العَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا (1) .
أَخْرَجَهُ:البُخَارِيُّ،
__________
(1) أخرجه البخاري: 12 / 20 في الفرائض: باب ميراث المرأة
والزوج مع الولد وغيره، ومسلم (1681) (35) في القسامة: باب
دية الجنين، وأبو داود (4277) في الديات: باب دية الجنين،
والنسائي: 8 / 47 في القسامة: باب دية جنين المرأة. وأخرجه
مالك في " الموطأ " 2 / 855 في العقول: باب عقل الجنين،
ومن طريقه البخاري: 12 / 218 في الديات، ومسلم (1681)
والنسائي: 8 / 49 48 عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم (1861) (36) والنسائي:
8 / 48، وأبو داود (4576) من طريق ابن وهب، عن يونس، عن
ابن شهاب، عن سعيد بن =
(14/397)
وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ.
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ
فِي(إِرْشَادِهِ):مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ مِهْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
العَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ:ثِقَةٌ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ
شَرطِ(الصَّحِيْحِ)، سَمِعَ حَتَّى كَتَبَ عَنِ الأَقرَانِ
وَمَنْ هُوَ أَصغَرُ مِنْهُ سِنّاً، لِعِلمِهِ
وَتَبَحُّرِهِ، سَمِعْتُ أَنَّهُ كَتَبَ عَنْ أَلفٍ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَزِيَادَةٍ.
سَمِعَ مِنْهُ:البُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالحَسَنُ
بنُ سُفْيَانَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ.
وَمَاتَ مَعَ السَّرَّاجِ:الثِّقَةُ أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَابُوْرَ الدَّقَّاقُ،
وَمُسْنِدُ نَيْسَابُوْرَ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ المَاسَرْجِسِيُّ،
وَالعَلاَّمَةُ أَبُو القَاسِمِ ثَابِتُ بنُ حَزْمِ بنِ
مُطَرِّفٍ السَّرَقُسْطِيُّ اللُّغَوِيُّ، وَمُحَدِّثُ
الكُوْفَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدَانَ
بنِ بُرَيْدٍ البَجَلِيُّ العَابِدُ، وَأَبُو عُمَرَ
عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ - صَاحِبُ
ابْنِ المَدِيْنِيِّ - وَالفَقِيْهُ أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ البَغْدَادِيُّ
الزَّاهِدُ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ أَبِي عَوْنٍ النَّسَوِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ
الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو لَبِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِدْرِيْسَ بنِ إِيَاسٍ السَّامِيُّ السَّرَخْسِيُّ،
وَالحَافِظُ أَبُو قُرَيْشٍ مُحَمَّدُ بنُ جُمُعَةَ
القُهُسْتَانِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو عُبَيْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدَةَ بنِ حَرْبٍ - وَلَيْسَ بِثِقَةٍ -
وَإِمَامُ جَامِعِ وَاسِطَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ
الوَاسِطِيُّ.
__________
= المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري: 12 / 223 من طريق الليث، عن ابن شهاب، عن
سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وأخرجه الترمذي (1410) في
الديات: باب ما جاء في دية الجنين، من طريق ابن أبي زائدة،
عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
(14/398)
217 - السَّعْدِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ
مَحْمُوْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ مَرْوَ، أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيُّ، المَرْوَزِيُّ.
سَمِعَ:حِبَّانَ بنَ مُوْسَى، وَعَلِيَّ بنَ حُجْرٍ،
وَعُتْبَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ، وَمَحْمُوْدَ بنَ غَيْلاَنَ،
وَعُمَرَ بنَ شَبَّةَ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو مَنْصُوْرٍ الأَزْهَرِيُّ،
وَالفَقِيْهُ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ المعدَانِيُّ، وَأَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحَدَّادِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ إِمَامُ الأَئِمَّةِ؛ابْنُ
خُزَيْمَةَ، وَمَاتَا فِي عَامٍ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ:حَافِظٌ، عَالِمٌ بِهَذَا
الشَّأْنِ، كَانَ أَبُوْهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ
عُيَيْنَةَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ ابنِ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي
رَوْحٍ الهَرَوِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ الحُسَيْنِ، وَأَبُو النَّضْر الفَامِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُتبِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ الخَلاَّلُ
المَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ الحدَّادِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مَحْمُوْدٍ، حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ،
حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُوْسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(نِعْمَتَانِ مَغْبُوْنٌ فِيْهِمَا كَثِيْرٌ مِنَ
النَّاسِ:الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ) (1) .
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 124
/ 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 718 - 719، العبر: 2 / 148، طبقات
الحفاظ: 309، شذرات الذهب: 2 / 262.
(1) أخرجه البخاري: 11 / 196 في أول الرقاق، وأحمد: 1 /
258، والدارمي: 2 / 297..أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي
هند، عن أبيه، عن ابن عباس. وأخرجه =
(14/399)
وَقَعَ هَذَا لَنَا فِي الصَّحِيْحِ
عَالِياً، مِنْ رِوَايَةِ مَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ.
218 - ابْنُ وَهْبٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ
الدِّيْنَوَرِيُّ *
العَالِمُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، الرَّحَّالُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ
الدِّيْنَوَرِيُّ.
سَمِعَ:أَبَا عُمَيْرٍ بنَ النَّحَّاسِ الرَّمْلِيَّ،
وَيَعْقُوْبَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيَّ، وَأَبَا
سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الوَلِيْدِ
البُسْرِيَّ، وَأَحْمَدَ ابْنَ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ،
وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَطَبَقَتَهُم بِمِصْرَ،
وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ.
وَصَنَّفَ، وَخَرَّجَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ - وَهُوَ أَكْبَرُ
مِنْهُ - وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
وَالقَاضِي يُوْسُفُ المَيَانَجِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو
بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ سَهْلٍ
الدِّيْنَوَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ
البُرُوْجِرْدِيُّ - وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ - .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ:بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا
زُرْعَةَ الرَّازِيَّ كَانَ يَعجِزُ عَنْ مُذَاكَرَةِ
ابْنِ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيِّ.
__________
= الترمذي (2304) في أول الزهد من طريق صالح بن عبد الله
وسويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن
سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عباس. وأخرجه أحمد أيضا:
1 / 344 من طريق وكيع، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند به.
وأخرجه ابن ماجه (4170) من طريق العباس بن عبد العظيم
العنبري، حدثنا صفوان بن عيسى، عن عبد الله بن سعيد.
(*) الكامل لابن عدي: 3 / 288 / ب، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 130 / 1، تذكرة الحفاظ: 2
/ 756 754، العبر: 2 / 137، ميزان الاعتدال: 2 / 495 494،
المغني في الضعفاء: 1 / 355، البداية والنهاية: 11 / 131،
لسان الميزان: 3 / 345 344، طبقات الحفاظ، شذرات الذهب: 2
/ 253 252.
(14/400)
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ (1)
:كَانَ ابْنُ وَهْبٍ يَحْفَظُ، وَسَمِعْتُ عُمَرَ بنَ
سَهْلٍ يَرمِيهِ بِالكَذِبِ، وَسَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ
بنَ عُقْدَةَ يَقُوْلُ:
كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيُّ جُزأَينِ
مِنْ غَرَائِبِه عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَلَمْ
أَعرِفْ مِنْهُمَا إِلاَّ حَدِيْثَيْنِ، وَكُنْتُ
أَتَّهِمُهُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:مَتْرُوكُ الحَدِيْثِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ:سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ
الدِّيْنَوَرِيَّ يَقُوْلُ:
حَضَرتُ أَبَا زُرْعَةَ وَخُرَاسَانِيٌّ يُلقِي عَلَيْهِ
المَوْضُوْعَاتِ، وَهُوَ يَقُوْلُ:بَاطِلٌ، وَالرَّجُلُ
يَضحَكُ، وَيَقُوْلُ:كُلُّ مَا لاَ تَحْفَظُهُ
تَقُولُ:بَاطِلٌ.
فَقُلْتُ:يَا هَذَا!مَا مَذْهَبُكَ؟
قَالَ:حَنَفِيٌّ.
قُلْتُ:مَا أَسنَدَ أَبُو حَنِيْفَةَ عَنْ حَمَّادٍ؟
فَوَقَفَ، فَقُلْتُ:يَا أَبَا زُرْعَةَ!مَا تَحْفَظُ
لأَبِي حَنِيْفَةَ عَنْ حَمَّادٍ؟
فَسَرَدَ لَهُ أَحَادِيْثَ، فَقُلْتُ لِلْعِلْجِ:أَلاَ
تَسْتَحِي، تَقْصِدُ إِمَامَ المُسْلِمِيْنَ
بِالمَوْضُوْعَاتِ، وَأَنْتَ لاَ تَحْفَظُ حَدِيْثاً
لإِمَامِكَ؟!
قَالَ:فَأَعجَبَ ذَلِكَ أَبَا زُرْعَةَ، وَقَبَّلَنِي.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ:وَقَدْ قَبِلَ قَوْمٌ ابْنَ
وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيَّ، وَصَدَّقُوهُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ:سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ عَنِ
ابْنِ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، فَقَالَ:كَانَ حَافِظاً.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ:سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ،
فَقَالَ:كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَالبُرْقَانِيُّ، عَنِ
الدَّارَقُطْنِيِّ:مَتْرُوْكٌ.
قُلْتُ:هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ حَمْدَانَ بنِ وَهْبٍ، وَمَا
عَرَفتُ لَهُ مَتْناً يُتَّهَمُ بِهِ، فَأَذْكُرَهُ،
أَمَّا فِي تَرْكِيْبِ الإِسْنَادِ، فَلَعَلَّهُ مَاتَ
سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) في " كامله " 3 / 288 / ب.
(14/401)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ،
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ كَرْمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ
أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ
السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
يَزِيْدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
حَمْدَانَ بنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ
بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ
سَعْدٍ:أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُرْوَةَ،
عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِيْمَا بَيْنَ صَلاَةِ
العِشَاءِ الآخِرَةِ إِلَى طُلُوْعِ الفَجْرِ إِحْدَى
عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ،
وَيُوْتِرُ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ. غَرِيْبٌ (1) .
219 - ابْنُ بُجَيْرٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ
الهَمْدَانِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، الجَوَّالُ،
مُصَنِّفُ(المُسْنَدِ)، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ بُجَيْرٍ الهَمْدَانِيُّ، السَّمَرْقَنْدِيُّ،
مُحَدِّثُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ،
وَمُصَنِّفُ(التَّفْسِيْرِ)أَيْضاً، وَ(الصَّحِيْحِ)،
وَغَيْرِ ذَلِكَ.
كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
وُلِدَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ
أَبُوْهُ
__________
(1) لكن رواه مسلم في صحيحه (736) (122) في صلاة
المسافرين: باب صلاة الليل، من طريق حرملة بن يحيى، حدثنا
ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن عروة بن
الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ
من صلاة العشاء وهي التي يدعو الناس العتمة إلى الفجر إحدى
عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة..".
(*) الأنساب: 66 / ب، تاريخ ابن عساكر: 13 / 175 / ب،
مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 125 /
1، تذكرة الحفاظ: 2 / 720 719، العبر: 2 / 149، دول
الإسلام: 1 / 188، البداية والنهاية: 11 / 149، النجوم
الزاهرة: 3 / 209، طبقات الحفاظ: 310 309، طبقات المفسرين
للداودي: 2 / 8 7، شذرات الذهب: 2 / 262.
(14/402)
صَاحِبَ حَدِيْثٍ، وَمِنْ أَصْحَابِ
عَارِمٍ وَطَبَقَتِهِ، فَرَحَلَ بِابْنِهِ عُمَرَ إِلَى
الأَقَالِيْمِ.
حَدَّثَ عَنْ:عِيْسَى بنِ حَمَّادٍ زُغْبَةَ، وَبِشْرِ بنِ
مُعَاذٍ العَقَدِيِّ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ مُعَاوِيَةَ؛خَالِ الدَّارِمِيِّ،
وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدَةَ الضَّبِّيِّ، وَأَبِي الأَشْعَثِ
أَحْمَدَ بنِ المِقْدَامِ، وَبُنْدَارَ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابِرٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ الدَّهْقَانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عِمْرَانَ الشَّاشِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ المُؤَدِّبُ، وَمُعَمَّرُ بنُ جِبْرِيْلَ
الكَرْمِيْنِيُّ، وَأَعْيَنُ بنُ جَعْفَرٍ
السَّمَرْقِنْدِيُّ، وَعِيْسَى بنُ مُوْسَى الكِسَائِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَلَمَّا أَنْ وَصَلَ إِلَى مِصْرَ، صَادَفَتْه جَنَازَةُ
الحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَشَيَّعَهَا،
وَتَأَلَّمَ لِفَوَاتِهِ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ:كَانَ فَاضِلاً،
خَيِّراً، ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ، لَهُ الغَايَةُ فِي
طَلَبِ الآثَارِ وَالرِّحلَةِ.
قُلْتُ:لَمْ يَقَعْ لِي حَدِيْثُهُ عَالِياً، وَهُوَ
تَفَرَّدَ - مَعَ صِدقِهِ - بِحَدِيْثٍ غَرِيْبٍ صَالِحِ
الإِسْنَادِ، فَقَالَ:
أَخْبَرَنَا العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ الخَلاَّلُ،
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا
مُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي
كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ:
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ مَرْفُوْعاً، قَالَ:(إِنَّ اللهَ
زَادَكُمْ صَلاَةً إِلَى صَلاَتِكُمْ هِيَ خَيْرٌ مِنْ
حُمُرِ النَّعَمِ، أَلاَ وَهِيَ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ
صَلاَةِ الفَجْرِ) (1) .
__________
(1) هو في " سنن البيهقي " 2 / 469 في الصلاة: باب تأكيد
صلاة الوتر.
وقال في نهايته: قال العباس بن الوليد: قال لي يحيى بن
معين: هذا حديث غريب من حديث معاوية ابن سلام، ومعاوية بن
سلام محدث أهل الشام، وهو صدوق الحديث، ومن لم يكتب حديثه
مسنده ومنقطعه فليس بصاحب حديث.
وبلغني عن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنه قال: لو أمكنني أن
أرحل إلى ابن بجير لرحلت إليه في هذا الحديث.
(14/403)
تُوُفِّيَ ابْنُ بُجَيْرٍ:فِي سَنَةِ
إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ
عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خِذَامٍ
الوَاعِظُ، حَدَّثَنَا جَدِّي؛القَاضِي أَبُو عَلِيٍّ
النَّسَفِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، أَخْبَرَنَا جَدِّي؛أَبُو حَفْصٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ (1) ، عَنْ
هِلاَلِ بن عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(كُلُّ أُمَّتِي تَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ
أَبَى).
قَالُوا:وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ:(مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي
فَقَدْ أَبَى).
220 - ابْنُ مَعْدَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَاشِدٍ
الثَّقَفِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُصَنِّفُ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَاشِدِ بنِ مَعْدَانَ
الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُمُ، الأَصْبَهَانِيُّ.
__________
(1) هو فليج بن سليمان الخزاعي أو الاسلمي، أبويحيى
المدني، يعد من طبقة مالك، احتج به البخاري وأصحاب السنن،
وروى له مسلم حديثا واحدا وهو حديث الافك، وضعفه ابن معين
والنسائي وأبو داود، وقال الساجي: هو من أهل الصدق وكان
يهم.
وقال الدارقطني: مختلف فيه ولا بأس به.
وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة مستقيمة وغرائب، وهو عندي
لا بأس به.
قال الحافظ في مقدمة " فتح الباري " ص 435: لم يعتمد عليه
البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما، وإنما
أخرج له أحاديث أكثرها في المناقب وبعضها في الرقاق.
وحديثه هذا أخرجه البخاري في صحيحه: 13 / 214 في الاعتصام:
باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق
محمد بن سنان، عن فليح، حدثنا هلال بن علي، عن عطاء بن
يسار، عن أبي هريرة.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 244 243، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 130 / 2، تذكرة الحفاظ: 3
/ 814، الوافي بالوفيات: 3 / 68، النجوم الزاهرة: 3 / 203،
طبقات الحفاظ: 339، شذرات الذهب: 2 / 258.
(14/404)
سَمِعَ:سَلْمَ بنَ جُنَادَةَ، وَمُوْسَى
بنَ عَامِرٍ الدِّمَشْقِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ
الجَوْهَرِيَّ، وَالرَّبِيْعَ المُرَادِيَّ، وَأَحْمَدَ
بنَ الفُرَاتِ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ:أَبُو الشَّيْخِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَهْلُ بَلَدِهِ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ:هُوَ مُحَدِّثٌ ابْنُ مُحَدِّثٍ،
كَثِيْرُ التَّصَانِيْفِ، تُوُفِّيَ بِكَرْمَانَ، سَنَةَ
تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
221 - المَاسَرْجِسِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الحُسَيْنِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ
عِيْسَى المَاسَرْجِسِيُّ، سِبْطُ الحَسَنِ بنِ عِيْسَى
بنِ مَاسَرْجِسَ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
سَمِعَ:جَدَّه، وَإِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَشَيْبَانَ
بنَ فَرُّوْخٍ، وَالرَّبِيْعَ بنَ ثَعْلَبٍ، وَوَهْبَ بنَ
بَقِيَّةَ، وَعَمْرَو بنَ زُرَارَةَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي،
وَأَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
الحَاكِمُ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ، وَكَانَ مِنْ وُجُوهِ
أَهْل بَلَدِهِ وَعُلَمَائِهِم - رَحِمَهُ اللهُ - .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ
تَاجِ الأُمَنَاءِ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا
تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذيُّ سَنَةَ تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
__________
(*) العبر: 2 / 155، النجوم الزاهرة: 3 / 215، شذرات
الذهب: 2 / 266، وانظر " الأنساب " 502 501.
(14/405)
بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ المَاسَرْجِسِيُّ،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ، فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ
(1)).
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الحَافِظُ:لاَ أَعْلَمُ حَدَّثَ بِهِ غَيْرُ إِسْحَاقَ،
عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ.
222 - جُمَاهَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمْزَةَ
الغَسَّانِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الأَزْهَرِ
الغَسَّانِيُّ، الزَّمْلَكَانِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي
الحَوَارِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
دُحَيْمٍ، وَمَحْمُوْدِ بنِ خَالِدٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو بَكْرٍ؛ابْنَا
أَبِي دُجَانَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيِّ،
وَحَمْزَةُ الكِنَانِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ،
وَجُمَحُ بنُ القَاسِمِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ:حَمْزَةُ الكِنَانِيُّ.
مَاتَ:فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
__________
(1) رجاله ثقات، وانظر " سنن البيهقي " 8 / 216 215، وقد
رجح الدارقطني وقفه على ابن عمر.
(*) الأنساب: 277 / ب، تاريخ ابن عساكر: 4 / 3 / أ، معجم
البلدان: 3 / 150، العبر: 2 / 155، شذرات الذهب: 2 / 266،
تهذيب ابن عساكر: 3 / 393.
(14/406)
223 - الغَازِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شُعَيْبٍ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الحَافِظُ، أَبُو الحُسَيْنِ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شُعَيْبٍ الجُرْجَانِيُّ،
الغَازِيُّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي
الشَّوَارِبِ، وَعَمْرَو بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّسَ،
وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ الرَّازِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
عَبْدِ المَلِكِ بنِ زَنْجَوَيْه، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى
الذُّهْلِيَّ، وَالبُخَارِيَّ، وَأَبَا زُرْعَةَ
الرَّازِيَّ.
وَعَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ،
وَجَمَاعَةٌ.
لَمْ أَقَعْ بِتَارِيْخِ وَفَاتِهِ، وَهِيَ سَنَةُ نَيِّفَ
عَشْرَةَ.
قَرَأْنَا عَلَى ابْنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ، عَنْ عَبْدِ
المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ
المُؤَدِّبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الغَازِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ حُمَيْدٍ - حَدَّثَنَا
الحَكَمُ بنُ بَشِيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ قَيْسٍ
المُلاَئِيِّ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(إِذَا كَانَ رَمَضَانُ، تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ
جَمِيْعاً، وَتُغْلَقُ أَبْوَابُ النَّارِ كُلُّهَا،
وَتُغَلُّ مَرَدَةُ الشَّيَاطِيْنِ) (1) .
__________
(*) الأنساب: 405 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 131 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 761 760، طبقات
الحفاظ: 320، شذرات الذهب: 2 / 262.
(1) إسناده ضعيف لضعف محمد بن حميد، وهو الرازي.
وأخرجه من حديث أبي هريرة البخاري: 4 / 97 في الصوم: باب
هل يقال رمضان أو شهر رمضان، ومسلم (1097) في الصوم: باب
فضل شهر رمضان، ومالك: 1 / 310 في الصوم: باب جامع الصيام،
والنسائي: 4 / 128 126 في الصوم: باب فضل شهر رمضان، بلفظ:
" إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء، وأغلقت أبواب جهنم،
وسلسلت الشياطين " وفي رواية: " إذا جاء رمضان فتحت أبواب
الجنة " وفي أخرى: " فتحت أبواب الرحمة ".
(14/407)
224 - ابْنُ عَبْدَةَ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدَةَ بنِ حَرْبٍ العَبَّادَانِيُّ *
قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو عُبَيْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدَةَ بنِ حَرْبٍ العَبَّادَانِيُّ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَهُدْبَةَ بنِ
خَالِدٍ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَكَامِلِ بنِ
طَلْحَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ
الخِرَقِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ، وَأَبُو
حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ
الحَرْبِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ وَاهٍ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ زُوْلاَقَ:أَقَامَتْ مِصْرُ بَعْدَ
بَكَّارِ بنِ قُتَيْبَةَ بِغَيْرِ قَاضٍ ثَلاَثَةَ
أَعْوَامٍ، ثُمَّ وَلَّى خُمَارَوَيْه - يَعْنِي:صَاحِبَ
مِصْرَ - أَبَا عُبَيْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدَةَ
المَظَالِمَ بِمِصْرَ، فَنَظَرَ بَيْنَ النَّاسِ إِلَى
آخِرِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، ثُمَّ
وَلاَّهُ القَضَاءَ، فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الرَّبِيْعِ، قَالَ:
ثُمَّ وَلِيَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدَةَ، فَأَظهَرَ كِتَابهُ
مِنْ قِبَلِ المُعْتَمِدِ، وَكَانَ جَبَّاراً
مُتَمَلِّكاً، جَوَاداً، مُفْضِلاً.
وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مائَةُ مَمْلُوْكٍ مَا بَيْنَ
خَصَيٍّ وَفَحْلٍ، وَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ أَبِي
حَنِيْفَةَ، وَكَانَ عَارِفاً بِالحَدِيْثِ، اسْتَكْتَبَ
أَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ وَاسْتَخْلَفَهُ،
وَأَغنَاهُ، وَكَانَ الشُّهُودُ يَرْهَبُونَ أَبَا
عُبَيْدِ اللهِ وَيَخَافُونَه، وَأَنْشَأَ دَاراً،
قِيْلَ:أَنفَقَ عَلَيْهَا مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ، سِوَى
ثَمَنِ مَكَانِهَا، وَكَانَ يَقُوْلُ:السَّعِيْدُ مَنْ
قَضَى لِي حَاجَةً.
وَكَانَ خُمَارَوَيْه يُعَظِّمُهُ وَيُجِلُّه، وَيُجرِي
عَلَيْهِ فِي الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
__________
(*) الولاة والقضاة: 480 479، الكامل لابن عدي: 4 / 317 /
ب، تاريخ بغداد: 2 / 380 379، ميزان الاعتدال: 3 / 343،
المغني في الضعفاء: 2 / 610، الوافي بالوفيات: 3 / 203،
لسان الميزان: 5 / 273 272، حسن المحاضرة: 2 / 145.
(14/408)
وَكَانَ يَنْظُرُ فِي القَضَاءِ،
وَالمَظَالِمِ، وَالمَوَارِيْثِ، وَالحِسْبَةِ،
وَالأَوقَافِ.
وَكَانَ لَهُ مَجْلِسٌ فِي الفِقْهِ، وَمَجْلِسٌ
لِلْحَدِيْثِ.
وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ
المُعَدَّلُ:أَنَّ أَبَا عُبَيْدِ اللهِ وَهَبَ رَجُلاً
اخْتَلَّتْ حَالُهُ - لاَ يَعْرِفُهُ - فِي سَاعَةٍ
وَاحِدَةٍ مَا مَبْلَغُهُ أَلفُ دِيْنَارٍ.
وَكَانَ يُطعِمُ النَّاسَ فِي دَارِهِ فِي العِيْدِ،
فَقَلَّ مَنْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ مِنَ الكِبَارِ.
وَتَأَخَّرَ شَاهِدٌ عَنْ مَجْلِسِهِ، فَأَمَرَ
بِحَبْسِهِ.
وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ يَكْتُبُ لَهُ،
وَيَقُوْلُ بِحَضْرَتِه لِلْخُصُوْمِ:
مِنْ مَذْهَبِ القَاضِي - أَيَّدَهُ الله - كَذَا وَكَذَا،
وَمِنْ مَذْهَبِهِ كَذَا وَكَذَا، حَامِلاً عَنْهُ
المُؤْنَةَ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَأَحَسَّ أَبُو عُبَيْدِ اللهِ تِيهاً مِنَ
الطَّحَاوِيِّ، فَقَالَ:مَا هَذَا الَّذِي أَنْتَ فِيْهِ؟!
وَقَدْ حَدَّثَ بِمِصْرَ وَبِبَغْدَادَ، وَكَانَتْ لَهُ
بِبَغْدَادَ لَوثَةٌ مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
وَكَانَ قَوِيَّ القَلْبِ وَاللِّسَانِ، رَأَى مِنْ
خُمَارَوَيْه انكِسَاراً، فَقَالَ:مَا الخَبَرُ؟
قَالَ:ضِيْقُ مَالٍ، وَاسْتِئثَارُ القُوَّادِ
بِالضِّيَاعِ.
فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ القَاضِي، وَكَلَّمَهُم فِي مَكَانٍ
مِنَ الدَّارِ - لِبَدْرٍ وَفَائِقٍ وَصَافِي وَجَمَاعَةٍ
- وَقَالَ:مَا هَذَا الَّذِي يَلقَاهُ الأَمِيْرُ!؟وَاللهِ
أَشُدُّ السَّيْفَ وَالمِنْطقَةَ، وَأَحْمِلُ عَنْهُ.
ثُمَّ وَافَقَهُم عَلَى أُمُورٍ رَضِيَهَا خُمَارَوَيْه،
وَشَكَرَهُ عَلَيْهَا.
وَلَمْ يَزَلْ أَمرُ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ يَقوَى إِلَى
أَنْ زَالَتْ أَيَّامُه، وَانْحَرَفَ أَهْلُ البَلَدِ عَنْ
أَصْحَابِه، وَشَنَؤُوهُم بِالطَّهْمَانِيِّ.
وَلَمْ يَزَلْ عَلَى حَالِهِ حَتَّى قُتِلَ خُمَارَوَيْه
بِدِمَشْقَ، وَوَصَلَ تَابُوتُه، فَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو
عُبَيْدِ اللهِ.
ثُمَّ جَرَت
(14/409)
أُمُورٌ، وَاخْتَفَى القَاضِي فِي دَارِه
مُدَّةَ سَنَتَيْنِ، فَكَانَتْ مُدَّةُ وِلاَيَتِه سَبْعَ
سِنِيْنَ سِوَى أَشْهُرٍ.
ثُمَّ ظَهَرَ، وَتَغَيَّرَتِ الدَّوْلَةُ، وَوَلِيَ
قَضَاءَ مِصْرَ ثَانِياً فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ، فَحَكَمَ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى
بَغْدَادَ.
قُلْتُ:رَمَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ بِالكَذِبِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البُرْقَانِيُّ:هُوَ مِنَ
المَتْرُوكِيْنَ.
وَحَدَّثَ أَيْضاً بِالمَوْصِلِ، وَعُمِّرَ، وَبَقِيَ
إِلَى سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَعَاشَ:نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَبَقِيَ بَطَّالاً
عِشْرِيْنَ سَنَةً.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُعَدَّلِ:قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ
لِلطَّحَاوِيِّ:مَا هَذَا؟وَاللهِ لَئِنْ أَرْسَلتُ
بِقَصَبَةٍ، فَنُصِبَتْ فِي حَارَتِكَ، لَتَرَيَنَّ
النَّاسَ يَقُوْلُوْنَ:قَصَبَةُ القَاضِي -
يَعْنِي:يُعَظِّمُونَهَا - .
قُلْتُ:إِلَى صَرَامَتِه المُنْتَهَى، وَهُوَ فِي بَابِ
الرِّوَايَة تَالِفٌ، مُتَّهَمٌ.
225 - ابْنُ عُبَيْدَةَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عُبَيْدَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، الثِّقَةُ، أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدَةَ بنِ زِيَادٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ الشَّعْرَانِيُّ، المُسْتَمْلِي.
سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ خَشْرَمٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ،
وَعُمَرَ بنَ شَبَّةَ، وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَطَبَقَتَهُم.
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ الأَخْرَمِ، وَيَحْيَى
العَنْبَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ، وَالجعَابِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِيُّ،
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 56 55، تاريخ ابن عساكر: 2 / 97 / ب،
تهذيب ابن عساكر: 2 / 64.
(14/410)
وَعِدَّةٌ مِنَ البَغْدَادِيِّيْنَ
وَالنَّيْسَابُوْريِّيْنَ.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ، وَمَا ذَكَرَ لَهُ وَفَاةً.
226 - ابْنُ سَلْمٍ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ سَلْمٍ
الأَصْبَهَانِيُّ *
الحَافِظُ، العَالِمُ، الثَّبْتُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ الحَسَنِ بنِ سَلْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ، وَأَحْمَدَ
بنَ الأَزْهَرِ، وَمُحَمَّدَ بنَ الوَلِيْدِ البُسْرِيَّ،
وَيَحْيَى بنَ حَكِيْمٍ المُقَوِّمَ، وَأَحْمَدَ بنَ
الفُرَاتِ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَاصِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ
يَزِيْدَ بنِ القَطَّانِ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ،
وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ:تُوُفِّيَ بِالرَّيِّ، سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا
المُسَلَّمُ بنُ أَحْمَدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ
الحَافِظُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ النَّسِيْبُ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيْمِيُّ،
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
الحَسَنِ بنِ سَلْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ بِالرَّيِّ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ أَبِي كُرَيْبٍ (1) ، عَنْ جَابِرٍ:
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 9، مختصر طبقات علماء الحديث
لابن عبد الهادي: الورقة 136 / 2، تذكرة الحافظ: 3 / 800
799، طبقات الحفاظ: 334 333.
(1) في الأصل " كرب " وما أثبتناه من " التهذيب " وفروعه.
(14/411)
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:(وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيْبِ
مِنَ النَّارِ (1)).
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ:خَرَجتُ إِلَى الرَّيِّ، وَبِهَا
عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ سَلْمٍ، وَكَانَ مِنْ أَحْفَظِ
مَشَايِخِنَا، فَأَفَادَنِي عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
يُوْسُفَ الهِسِنْجَانِيِّ، وَغَيْرِهِ.
227 - ابْنُ حَيُّوْنَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
حَيُّوْنَ الأَنْدَلُسِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ المُتْقِنُ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَيُّوْنَ
الأَنْدَلُسِيُّ، الحِجَارِيُّ - بِالرَّاءِ - نِسبَةً
إِلَى مَدِيْنَةِ وَادِي الحِجَارَةِ (2) - .
كَانَ مِنَ الحُفَّاظِ النُّقَّادِ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ وَضَّاحٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ
السَّلاَمِ الخُشَنِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ
الدَّبَرِيَّ اليَمَنِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ
العَزِيْزِ البَغَوِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتَهُم،
__________
(1) رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد: 3 / 369 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن
أبي إسحاق، و393 من طريق حسين، عن يزيد بن عطاء، عن أبي
إسحاق.
وابن ماجه (454) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن الاحوص،
عن أبي إسحاق، بلفظ: " ويل للعراقيب من النار ".
وأخرجه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص البخاري: 1 /
132، ومسلم (241) وأبو داود (97) والنسائي: 1 / 78.
وأخرجه من حديث أبي هريرة البخاري: 1 / 233، ومسلم (242)
والترمذي (41) والنسائي: 1 / 77.
وأخرجه مسلم (240) من حديث عائشة، بلفظ: " ويل للاعقاب من
النار " وفي رواية لمسلم: " ويل للعراقيب ".
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 27 26، جذوة المقتبس: 41،
الأنساب: 156 / أ، بغية الملتمس: 55، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 133 / 2، تذكرة الحفاظ: 3
/ 782 781، طبقات الحفاظ: 328، نفخ الطيب: 2 / 52، شذرات
الذهب: 2 / 246.
(2) وهي بلدة بالاندلس. انظر " معجم البلدان " 5 / 343.
(14/412)
فَأَكْثَرَ وَجَوَّدَ.
وَفِيْهِ تَشَيُّعٌ بِلاَ غُلُوٍّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ، وَوَهْبُ بنُ
مَسَرَّةَ، وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ
حَزْمٍ الصَّدَفِيُّ، وَخَالِدُ بنُ سَعْدٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ خَالِدُ بنُ سَعْدٍ:لَوْ كَانَ الصِّدْقُ
إِنْسَاناً، لَكَانَ ابْنَ حَيُّوْنَ.
وَقَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ فِي(تَارِيْخِهِ (1)):لَمْ
يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ قَبلَه أَبصَرُ بِالحَدِيْثِ
مِنْهُ.
قُلْتُ:قَدْ كَانَ قَبْلَه مِثْلُ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ،
وَابْنِ وَضَّاحٍ، وَمَا قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ هَذَا
القَوْلَ، إِلاَّ وَابْنُ حَيُّوْنَ رَأْسٌ فِي الحِفْظِ.
مَاتَ:فِي آخِرِ الكُهُوْلَةِ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَهُوَ مِنْ أَقرَانِ الطَّبَرَانِيِّ، وَإِنَّمَا
قَدَّمَهُ إِلَى هُنَا كَوْنُه مَاتَ قَبْلَ أَوَانِ
الرِّوَايَةِ، وَلَقَدْ كَانَ مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ -
رَحِمَهُ اللهُ - .
وَأَمَّا الطَّبَرَانِيُّ (2) ، فَقَدْ عَاشَ إِلَى سَنَةِ
سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَصَارَ شَيْخَ الإِسْلاَمِ.
228 - السِّنْجِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مُصْعَبٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَلِيٍّ
الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُصْعَبِ بنِ
__________
(1) 2 / 26.
(2) هو الامام العلامة الحجة الحافظ أبو القاسم سليمان بن
أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني صاحب التصانيف
الجيدة المتوفى سنة 360 ه وسترد ترجمته في الجزء السادس
عشر.
(*) الإكمال لابن ماكولا: 4 / 53، الأنساب: 313 / ب، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 136 / 1،
تذكرة الحفاظ: 3 / 802 801، طبقات الحفاظ: 334.
(14/413)
رُزَيْقٍ المَرْوَزِيُّ، السِّنْجِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:عَلِيِّ بنِ خَشْرَمٍ، وَيَحْيَى بنِ
حَكِيْمٍ المُقَوِّمِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ الوَلِيْدِ البُسْرِيِّ، وَيُوْنُسَ بنِ
عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ قُهْزَاذَ، وَطَبَقَتِهِم، فَأَكْثَرَ حَتَّى
قِيْلَ:مَا كَانَ بِخُرَاسَانَ أَحَدٌ أَكْثَرُ حَدِيْثاً
مِنْهُ.
قَالَهُ:ابْنُ مَاكُوْلاَ.
وَكُفَّ بَصَرُهُ بِأَخَرَةٍ.
وَكَانَ لاَ يَكَادُ يُحَدِّثُ أَهْلَ الرَّأْيِ؛لأَنَّهُم
يَسْمَعُوْنَ الحَدِيْثَ وَيَعْدِلُوْنَ عَنْهُ إِلَى
القِيَاسِ (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ فِي كُتُبِهِ،
وَزَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النُّعَيْمِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
مَاتَ:سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ المُعَزِّ بنُ مُحَمَّدٍ(ح).
وَأَخْبَرْنَا ابْنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
المُعَزِّ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ
طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ
البَحِيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ
الفَقِيْهُ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مُصْعَبٍ بِسِنْجَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنْ
شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بنِ أَوفَى،
عَنْ سَعْدِ بنِ هِشَامٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- إِذَا عَمِلَ عَمَلاً، أَثْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا نَام
مِنَ اللَّيْل
__________
(1) الذي عليه أهل الرأي من الفقهاء كأبي حنيفة ومالك
وربيعة وغيرهم أنهم لا يعدلون عن النص إلى القياس إذا كان
الحديث صحيحا وسالما من المعارض، كما هو مبسوط في مكانه من
كتب الأصول، وما أكثر ما نال منهم خصومهم، ونعتوهم بما هم
برآء منه إما لجهل بمقالاتهم، أو بدافع من التعصب والهوى.
(14/414)
أَوْ مَرِضَ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ
ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَمَا رَأَيْتُ رَسُوْلَ
اللهِ قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلاَ صَامَ
شَهْراً مُتَتَابِعاً إِلاَّ رَمَضَانَ.
مُسْلِمٌ (1) ، عَنْ عَلِيِّ بنِ خَشْرَمٍ.
وَقِيْلَ:مَاتَ ابْنُ مُصْعَبٍ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتَّ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
229 - مُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلِ بنِ الأَزْهَرِ بنِ عَقِيْلٍ
البَلْخِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الأَوحَدُ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ البَلْخِيُّ، مُحَدِّثُ بَلْخَ،
وَصَاحِبُ(المُسْنَدِ الكَبِيْرِ)، وَ(التَّارِيْخ)،
وَ(الأَبْوَابِ).
سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ خَشْرَمٍ، وَحَمَّ بنَ نُوْحٍ،
وَعَبَّادَ بنَ الوَلِيْدِ الغُبَرِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ
إِشْكَابٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ الفَضْلِ، وَطَبَقَتَهُم
بِخُرَاسَانَ، وَالعِرَاقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الهِنْدُوَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي
شُرَيْحٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدِّيَارِ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الحَدِيْثِ.
لَمْ تَتَّصِلْ بِنَا أَخْبَارُهُ كَمَا يَنْبَغِي.
__________
(1) رقم (746) (141) في صلاة المسافرين: باب جامع صلاة
الليل، ومن نام عنه أو مرض، وأخرجه أبو داود (342) في
الصلاة: باب في الصلاة الليل، والنسائي: 3 / 201 199 في
قيام الليل.
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 135
/ 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 791، العبر: 2 / 165، الوافي
بالوفيات: 4 / 98 97، البداية والنهاية: 11 / 159، النجوم
الزاهرة: 3 / 222، طبقات الحفاظ: 331، شذرات الذهب: 2 /
274، الرسالة المستطرفة: 72.
(14/415)
تُوُفِّيَ:فِي شَوَّالٍ، سنَةَ سِتَّ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ
- رَحِمَهُ اللهُ - .
وَمِنْ حَدِيْثِه:أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ
بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ النَّحْوِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَأَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بنُ
عَلِيٍّ العُلَبِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَتْنَا
بِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَقِيْلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِشْكَابٍ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدٍ،
عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ،
قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(قِتَالُ المُسْلِمِ كُفْرٌ، وَسِبَابُهُ فُسُوْقٌ) (1)
.
230 - ابْنُ أَسِيْدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ،
صَاحِبُ(المُسْنَدِ الكَبِيْرِ)، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَسِيْدٍ الأَصْبَهَانِيُّ.
سَمِعَ:نَصْرَ بنَ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيَّ، وَسَلْمَ بنَ
جُنَادَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُمَرَ رُسْتَه،
وَابْنَ الفُرَاتِ.
__________
(1) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري: 1 / 103 في الايمان: باب خوف المؤمن أن
يحبط عمله وهو لا يشعر، و10 / 387 في الأدب: باب ما ينهى
من السباب واللعن، و13 / 21 20 في الفتن: باب قول النبي
صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب
بعض، وأخرجه مسلم (64)، والترمذي (2636) كلاهما في
الايمان، والنسائي: 7 / 122 في تحريم الدم: باب قتال
المسلم، من حديث عبد الله بن مسعود، بلفظ: " سباب المسلم
فسوق، وقتاله كفر ".
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 66 65، تاريخ بغداد: 9 / 380.
(14/416)
وَعَنْهُ:الطَّسْتِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ
السَّمَّاكِ، وَأَحْمَدُ بنُ بُنْدَارٍ، وَأَبُو
الشَّيْخِ، وَأَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
231 - أَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الجَوَّالُ، أَبُو
عَوَانَةَ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
يَزِيْدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَصْلِ،
الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، صَاحِبُ(المُسْنَدِ الصَّحِيْحِ
(1))؛الَّذِي خَرَّجَهُ عَلَى(صَحِيْحِ مُسْلِمٍ)، وَزَادَ
أَحَادِيْثَ قَلِيْلَةً فِي أَوَاخِرِ الأَبْوَابِ.
مَوْلِدُهُ:بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ:بِالحَرَمَيْنِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ،
وَاليَمَنِ، وَالثُّغُوْرِ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ،
وَخُرَاسَانَ، وَفَارِسٍ، وَأَصْبَهَانَ.
وَأَكْثَرَ التَّرحَالَ، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ،
وَبَذَّ الأَقرَانَ.
__________
(*) تاريخ جرجان: 448، الأنساب: 33 / ب، وفيات الأعيان: 6
/ 394 393، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي:
الورقة 133 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 780 779، العبر: 2 /
165، دول الإسلام: 1 / 190، مرآة الجنان: 2 / 270 269،
طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 488 487، البداية والنهاية: 11
/ 159، المختصر في أخبار البشر: 2 / 73، النجوم الزاهرة: 3
/ 222، طبقات الحفاظ: 327، شذرات الذهب: 2 / 274، الرسالة
المستطرفة: 27.
(1) طبع منه الجزء الأول، والثاني، والرابع، والخامس
بدائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن في الهند.
والتخريج كما قال الحافظ العراقي: أن يأتي المصنف إلى
الكتاب، فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب
الكتاب، فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه.
قال الحافظ ابن حجر: " وشرطه ألا يصل إلى شيخ أبعد حتى
يفقد سندا يوصله إلى الاقرب ".
وربما عز على المصنف وجود بعض الأحاديث، فيتركه أصلا، أو
يذكره من طريق مصنف الأصل.
قال الحافظ ابن كثير: " وقد خرجت كتب كثيرة على الصحيحين،
يؤخذ منها زيادات مفيدة وأسانيد جيدة، كصحيح أبي عوانة،
وأبي بكر الاسماعيلي، والبرقاني، وأبي نعيم الأصبهاني
وغيرهم ".
(14/417)
سَمِعَ:يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَعَلِيَّ بنَ حَرْبٍ الطَّائِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
يَحْيَى الذُّهْلِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ وَهْبٍ، وَشُعَيْبَ بنَ حَرْبٍ الضُّبَعِيَّ،
وَزَكَرِيَّا بنَ يَحْيَى بنِ أَسَدٍ المَرْوَزِيَّ،
وَسَعْدَ بنَ مَسْعُوْدٍ المَرْوَزِيَّ، وَسَعْدَانَ بنَ
نَصْرٍ، وَعُمَرَ بنَ شَبَّةَ، وَعِيْسَى بنَ أَحْمَدَ
البَلْخِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ إِشْكَابٍ، وَعَبْدَ
السَّلاَمِ بنَ أَبِي فَرْوَةَ النَّصِيْبِيَّ - صَاحِباً
لاِبْنِ عُيَيْنَةَ - وَعَطِيَّةَ بنَ بَقِيَّةَ بنِ
الوَلِيْدِ، وَأَبَا ثَوْرٍ عَمْرَو بنَ سَعْدِ بنِ
عَمْرٍو الشَّعْبَانِيَّ - صَاحِباً لاِبْنِ وَهْبٍ -
وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ مَطَرٍ، وَأَبَا
زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ بنَ المُنَادِي،
وَمُحَمَّدَ بنَ عَقِيْلٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الأَحْمَسِيَّ، وَمُحَمَّدَ
بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ مَيْمُوْنٍ الإِسْكَنْدَرَانِيَّ،
وَمُوْسَى بنَ نَصْرٍ الرَّازِيَّ، وَأَبَا سَلَمَةَ
المُسَلَّمَ بنَ (1) مُحَمَّدِ بنِ المُسَلَّمِ بنِ
عَفَّانَ الصَّنْعَانِيَّ الفَقِيْهَ، حَدَّثَهُ عَنْ
عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِيِّ،
وَمَوْهَبِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيِّ:
حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَبِي رَجَاءَ المَصِّيْصِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ
السُّلَمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ شَيْبَانَ الرَّمْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ الثَّقَفِيُّ، عَنِ الوَلِيْدِ
بنِ مُسْلِمٍ.
وَأَخْطَلَ بنَ الحَكَمِ:عَنْ بَقِيَّةَ، وَإِسْمَاعِيْلَ
بنِ عَبَّادٍ الأَرْسُوْفِيِّ، عَنْ ضَمْرَةَ، وَأَحْمَدَ
بنَ مُلاَعِبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ الجَبَّارِ العُطَارِدِيَّ،
وَأَحْمَدَ بنَ حَسَنِ بنِ عَبْدِ القَاسِمِ رَسُوْلَ
نَفْسِهِ - مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَبَحْرَ
بنَ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيَّ، وَالرَّبِيْعَ المُرَادِيَّ،
وَبِشْرَ بنَ مَطَرٍ، وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِيَ عَنْ:عَبْدِ اللهِ بنِ
أَحْمَدَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خِرَاشٍ، وَعَبْدَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ
الحَافِظُ، وَأَبُو عَلِيٍّ
__________
(1) هذه الزيادة من " مشتبه النسبة " للمؤلف: 2 / 588.
(14/418)
النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَافِظُ، وَيَحْيَى
بنُ مَنْصُوْرٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ
الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَحُسَيْنَكَ بنُ عَلِيٍّ
التَّمِيْمِيُّ، وَوَلَدُهُ؛أَبُو مُصْعَبٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي عَوَانَةَ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
الغِطْرِيْفِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، خَاتِمَتُهُم:ابْنُ ابْنِ
أُخْتِهِ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ.
وَقَدْ دَخَلَ دِمَشْقَ مَرَّاتٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:أَبُو عَوَانَةَ مِنْ
عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ وَأَثْبَاتِهِم، سَمِعْتُ ابْنَهُ
مُحَمَّداً يَقُوْلُ:إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتَّ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ أُخْتِ أَبِي عَوَانَةَ؛المُحَدِّثُ
الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ:تُوُفِّيَ
أَبُو عَوَانَةَ فِي سَلْخِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتَّ
عَشْرَةَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ:بُنِي عَلَى قَبْرِ أَبِي عَوَانَةَ
مَشْهَدٌ (1) بِإِسْفَرَايِيْنَ يُزَارُ، وَهُوَ
__________
(1) هو من صنيع العامة الذين لا علم عندهم، فإن ذلك من
البدع المنهي عنها.
فقد أخرج مسلم في " صحيحه " (969) في الجنائز: باب الامر
بتسوية القبور، وأبو داود (3218) والنسائي: 4 / 89 88،
والترمذي (1049) والحاكم: 1 / 369، والبيهقي: 4 / 3، وأحمد
(741) (1061) من طريق أبي وائل، عن أبي الهياج الأسدي قال:
قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه " ألا أبعثك على ما
بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع تمثالا
إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته ".
قال الشوكاني في " نيل الاوطار " 4 / 95 في شرح هذا
الحديث: في هذا الحديث أن السنة أن القبر لا يرفع رفعا
كبيرا، من غير فرق بين من كان فاضلا ومن كان غير فاضل،
والظاهر أنه رفع القبور على القدر المأذون فيه محرم، وقد
صرح بذلك أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي ومالك.
وقال الامام محمد بن الحسن الشيباني في كتابه " الآثار " ص
45: أخبرنا أبو حنيفة، عن حماد عن إبراهيم قال: كان يقال:
ارفعوا القبر حتى يعرف أنه قبر فلا يوطأ.
وقال محمد: وبه نأخذ، ولا نرى أن يزاد على ما خرج منه،
ونكره ابن يجصص أو يجعل عنده مسجد أو علم، وهو قول أبي
حنيفة.
ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولا أوليا القبب
والمشاهد المعمورة على القبور، وهو من اتخاذ القبور مساجد،
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعن فاعله كما
في الصحيح وكم كان لهذه المشاهد من مفاسد يبكي لها =
(14/419)
فِي دَاخلِ المَدِيْنَةِ، وَكَانَ -
رَحِمَهُ اللهُ - أَوَّلَ مَنْ أَدخَلَ إِسْفَرَايِيْنَ
مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَكُتُبَه، حَمَلَهَا عَلَى
الرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ، وَالمُزَنِيِّ.
وَمِنْ عِبَارَةِ الحَاكِمِ فِي(تَارِيْخِهِ):أَبُو
عَوَانَةَ سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى، وَمُسْلِمَ بنَ
الحَجَّاجِ، وَأَحْمَدَ بنَ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيَّ،
وَأَبَا زُرْعَةَ، وَأَبَا حَاتِمٍ، وَابْنَ وَارَةَ،
وَيَعْقُوْبَ بنَ سُفْيَانَ، وَسَعْدَانَ، وَابْنَ عَبْدِ
الحَكَمِ، وَالمُزَنِيَّ، وَصَالِحَ بنَ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، وَعَمْرَو بنَ عَبْدِ اللهِ الأَوْدِيَّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ المُقْرِئ، وَأَحْمَدَ بنَ سِنَانٍ،
وَأَسِيْدَ بنَ عَاصِمٍ، وَهَارُوْنَ بنَ سُلَيْمَانَ...،
وَسَمَّى جَمَاعَةً، ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ
أَحْمَدَ قِرَاءةً عَلَيْهِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي
سَعْدٍ الصَّفَّارِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ بنُ
عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ البحيْرِيُّ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ،
عَنْ أَبِي المُظَفَّرِ بنِ السَّمْعَانِيِّ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّاعِدِيُّ، أَخْبَرَنَا
عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ المَحْمِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عَوَانَةَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مَطَرٍ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ عُمَرَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَقَدْ كَانَ مَلَكَ مائَةَ سَهْمٍ مِنْ
خَيْبَرَ اشْتَرَاهَا حَتَّى اسْتَجْمَعَهَا، فَقَالَ
لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :قَدْ
أَصَبْتُ مَالاً لَمْ أُصِبْ مِثلَهُ قَطُّ، وَقَدْ
أَرَدْتُ أَنْ أَتَقَرَّبَ إِلَى اللهِ؟
قَالَ:(فَاحْبِسِ الأَصْلَ، وَسَبِّلِ الثَّمَرَ) (1) .
__________
= الإسلام، فإن كثيرا من الجهلة قد افتتنوا بها، وظنوا
أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضر، فجعلوها مقصدا لطلب
قضاء الحوائج، وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله
العباد من ربهم، وشدوا إليها الرحال، وتمسحوا بها
واستغاثوا..والله المستعان.
(1) إسناده صحيح.
وبشر بن مطر هو الواسطي نزيل سامرا: قال ابن أبي حاتم في "
الجرح والتعديل " 2 / 368: روى عن سفيان بن عيينة، وإسحاق
الازرق، ويزيد بن =
(14/420)
وَبِهِ:أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ جُرَيْجٍ،
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَسُهَيْلٌ، سَمِعَا
النُّعْمَانَ بنَ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ
الخُدْرِيِّ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيْلِ اللهِ،
بَاعَدَهُ اللهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِيْنَ خَرِيْفاً).
أَخْرَجَهُ:مُسْلِمٌ (1) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَبِهِ:أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، أَخْبَرَنَا
الزَّعْفَرَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ،
حَدَّثَنِي مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ
عَلْقَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- كَانَ يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ.وَأَظُنُّهُ
قَالَ:وَكَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ
أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ.
أَخْرَجَهُ:النَّسَائِيُّ (2) ، عَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ.
__________
= هارون وكان صدوقا، سئل أبي عنه، فقال: صدوق.
وأخرج الحديث البخاري: 5 / 263 في الشروط: باب الشروط في
الوقف، و299: باب الوقف كيف يكتب، وباب الوقف للغني
والفقير، ومسلم (1632) في الوصية: باب الوقف، والترمذي
(1375) وأبو داود (2878) والنسائي: 6 / 231 230 كلهم من
طريق ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر أصاب أرضا
بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال:
يا رسول الله إني أصبت أرضا بخيبر، لم أصب مالا قط أنفس
عندي منه، فما تأمرني به ؟ قال: " إن شئت حبست أصلها
وتصدقت بها " قال: فتصدق بها عمر: أنه لا يباع أصلها، ولا
يبتاع، ولا يورث، ولا يوهب.
قال: فتصدق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي
سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن
يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقا، غير متمول فيه ".
(1) برقم (1153) في الصيام: باب فضل الصيام في سبيل الله
لمن يطيقه بلا ضرر ولا تفويت حق.
وهو في صحيح البخاري: 6 / 35 في الجهاد: باب فضل الصوم في
سبيل الله، وأخرجه الترمذي (1622) والنسائي: 4 / 173.
(2) في الكبرى، لا في المطبوع الذي اختصره تلميذه ابن
السني. وإسناده صحيح.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 274 273 في الصيام: باب ما
جاء في الرخصة في القبلة للصائم، والبخاري: 4 / 131 في
الصوم: باب القبلة للصائم، ومسلم (1106) في الصيام: باب
بيان أن القبة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته،
وأبو داود (2382) في الصوم: باب القبلة للصائم، والترمذي
(727) و(729) كلهم من حديث =
(14/421)
وَمَاتَ مَعَهُ:
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، وَقَدْ
مَرَّ مَعَ وَالِدِهِ.
وزَاهدُ مِصْرَ؛أَبُو الحَسَنِ بُنَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
حَمْدَانَ الحَمَّالُ.
وَصَالِحُ بنُ أَبِي مُقَاتِلٍ أَحْمَدَ القِيْرَاطِيُّ
بِبَغْدَادَ.
وَمُحَدِّثُ دِمَشْقَ؛أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمِ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ العُقَيْلِيُّ.
وَشَيْخُ العَرَبِيَّةِ؛أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
السَّرِيِّ البَغْدَادِيُّ السَّرَّاجُ.
وحَافِظُ بَلْخَ؛أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَقِيْلِ بنِ الأَزْهَرِ البَلْخِيُّ.
وَمُسْنِدُ هَرَاةَ؛أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذٍ
المَالِيْنَيُّ.
232 - الأَرْغِيَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ بنِ
إِسْحَاقَ *
ابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِدْرِيْسَ،
الحَافِظُ، الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، ثُمَّ الأَرْغِيَانِيُّ،
الإِسْفَنْجِيُّ، العَابِدُ.
قَالَ وَلَدُهُ المُسَيَّبُ:سَمِعْتُ أَبِي
يَقُوْلُ:وُلِدْتُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
__________
= عائشة.
وقوله: لاربه، يروى على وجهين: أربه مفتوحة الالف والراء.
وإربه مكسورة الالف ساكنة الراء، ومعناهما واحد، وهو حاجة
النفس ووطرها.
يقال: لفلان عند فلان أرب وإرب وإربة ومأربة: أي حاجة،
والارب أيضا: العضو.
(*) الأنساب: 26 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 135 / 1، تذكرة الحافظ: 3 / 791 789،
العبر: 2 / 163 162، دول الإسلام: 1 / 190، الوافي
بالوفيات: 5 / 30، نكت الهميان: 274، البداية والنهاية: 11
/ 157، النجوم الزاهرة: 3 / 219، طبقات الحفاظ: 331، شذرات
الذهب: 2 / 271.
(14/422)
سَمِعَ:إِسْحَاقَ بنَ شَاهِيْنٍ، وَعَبْدَ
الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدَ بنَ هَاشِمٍ
البَعْلَبَكِّيَّ، وَالهَيْثَمَ بنَ مَرْوَانَ
العَنْسِيَّ، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ
بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ،
وَزَيْدَ بنَ أَخْزَمَ، وَسَهْلَ بنَ صَالِحٍ
الأَنْطَاكِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى الزَّمِنَ،
وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَإِسْحَاقَ الكَوْسَجَ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيَّ، وَيُوْنُسَ
بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الوَهْبِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ رَحْمَةَ المَصِّيْصِيَّ،
وَالحُسَيْنَ بنَ سَيَّارٍ الحَرَّانِيَّ - صَاحِبَ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ - وَأُمَماً سِوَاهُم
بِخُرَاسَانَ، وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ، وَالشَّامِ،
وَمِصْرَ، وَالجَزِيْرَةِ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ الكِبَارَ، وَكَانَ مِمَّن
بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:إِمَامُ الأَئِمَّةِ؛أَبُو بَكْرٍ بنُ
خُزَيْمَةَ - مَعَ سِنِّهِ وَفَضْلِهِ - وَأَبُو حَامِدٍ
بنُ الشَّرْقِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ
الأَخْرَمِ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي،
وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ
حَمْدَانَ، وَحُسَيْنَكَ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ،
وَزَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَأَبُو
الحُسَيْنِ الحَجَّاجِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
البَالُوْيِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:كَانَ مِنَ
الجَوَّالِينَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ عَلَى الصِّدْقِ
وَالوَرَعِ، وَكَانَ مِنَ العُبَّادِ المُجْتَهِدِيْنَ.
سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ بنَ يَعْقُوْبَ الحَافِظَ
يَقُوْلُ:كَانَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ يَقْرَأُ
عَلَيْنَا، فَإِذَا قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى حَتَّى نَرْحَمَهُ.
قَالَ:وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الكِلاَبِيَّ
يَقُوْلُ:بَكَى مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ
الأَرْغِيَانِيُّ حَتَّى عَمِيَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّي، سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ
عَرَفَةَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ بِوَاسِطَ، وَهُوَ مِنْ
أَحسَنِ النَّاسِ عَيْنَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بِعَيْنٍ
وَاحِدَةٍ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ وَقَدْ عَمِيَ، فَقُلْتُ
لَهُ:يَا أَبَا خَالِدٍ!مَا فَعَلَتِ العَيْنَانِ
(14/423)
الجَمِيْلتَانِ؟
قَالَ:ذَهَبَ بِهِمَا بُكَاءُ الأَسحَارُ.
سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ
الضَّرِيْرَ يَقُوْلُ:
قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ
مِنَ الحَدِيْثِ لِلْفَتْوَى؟مائَةُ أَلْفٍ؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:مائَتَا أَلفٍ؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:ثَلاَثُ مائَةِ أَلْفٍ؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:أَرْبَعُ مائَةِ أَلْفٍِ؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:خَمْسُ مائَةِ أَلْفٍ؟
قَالَ:أَرْجُو (1) .
وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَافِظَ بِطُوْسَ،
وَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ عَلِيُّ بنُ حَمْشَاد فِي سَنَةِ
سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ حَدَّثَنِي
أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بنُ الجَرَّاحِ الأَذنِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ
بنُ زِيَادٍ، قَالَ:
أَخَذَ الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ بِيَدِي، فَقَالَ:يَا
حَسَنُ، يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا،
فَيَقُوْلُ:كَذَبَ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّتِي، فَإِذَا
جَنَّهُ اللَّيْلُ، نَامَ عَنِّي.
سَمِعْتُ المُزَكِّي:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ،
سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ:
كتب الخَلِيْفَةُ إِلَى ابْنِ وَهْبٍ فِي قَضَاءِ مِصْرَ
يَلِيْهِ، فَجَنَّنَ نَفْسَهُ، وَلَزِمَ البَيْتَ،
فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ رِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ مِنَ
السَّطْحِ، فَقَالَ:يَا أَبَا مُحَمَّدٍ!أَلاَ تَخْرُجُ
إِلَى النَّاسِ فَتَحْكُمَ بَيْنَهُم كَمَا أَمَرَ اللهُ
وَرَسُوْلُه؟قَدْ جنَّنْتَ نَفْسَكَ وَلَزِمتَ البَيْتَ!
قَالَ:إِلَى هَا هُنَا انْتَهَى عَقْلُكَ؟أَلَمْ تَعَلَمْ
أَنَّ القُضَاةَ يُحشَرُوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَعَ
السَّلاَطِيْنِ، وَيُحشَرُ العُلَمَاءُ مَعَ
الأَنْبِيَاءِ؟!
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ
مَشَايِخِنَا يَذكُرُوْنَ عَنِ الأَرْغِيَانِيِّ
__________
(1) هذا محمول على الحديث المرفوع، والحديث الموقوف،
وفتاوى الصحابة والتابعين، والطرق المتعددة.
فقد قالوا: يكفي المجتهد أن يلم بأحاديث الاحكام التي لا
تزيد على ثلاثة آلاف حديث، وهذا في المجتهد فكيف بالمفتي ؟
!.
(14/424)
أَنَّهُ قَالَ:
مَا أَعْلَم مِنْبَراً مِنْ مَنَابِرِ الإِسْلاَمِ بَقِيَ
عَلَيَّ لَمْ أَدخُلْهُ لِسَمَاعِ الحَدِيْثِ.
أَقُولُ:هَذَا يَقُوْلُهُ الرَّجُلُ عَلَى وَجْهِ
المُبَالَغَةِ، وَإِلاَّ فَهُوَ لَمْ يَدْخُلِ
الأَنْدَلُسَ وَلاَ المَغْرِبَ، وَلاَ أَظُنُّ أَنَّهُ
عَنَى إِلاَّ المَنَابِرَ الَّتِي بِحَضْرتِهَا رِوَايَةُ
الحَدِيْثِ.
قَالَ:وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّي، سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَمْشِي بِمِصْرَ، وَفِي كُمِّي مائَةُ جُزْءٍ، فِي
كُلِّ جُزْءٍ أَلفُ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ:هَذَا يَدُلُّ عَلَى دِقَّةِ خَطِّه، وَإِلاَّ
فَأَلفُ حَدِيْثٍ بِخَطٍّ مُفَسَّرٍ تَكُونُ فِي
مُجَلَّدٍ، وَالكُمُّ إِذَا حُمِلَ فِيْهِ أَرْبَعُ
مُجَلَّدَاتٍ فَبِالجَهْدِ.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ
يَقُوْلُ:
كَانَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ يَمْشِي بِمِصْرَ وَفِي
كُمِّهِ مائَةُ أَلْفِ حَدِيْثٍ، كَانَتْ أَجزَاؤُهُ
صِغَاراً بِخَطٍّ دَقِيقٍ، فِي الجُزْءِ أَلفُ حَدِيْثٍ
مَعْدُوْدَةٌ، وَصَارَ هَذَا كَالمَشْهُوْرِ مِنْ
شَأْنِهِ.
وَسَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ المُسَيَّبَ بنَ مُحَمَّدٍ
يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ أَبِي يَوْم السَّبتِ، النِّصْفَ مِنْ جُمَادَى
الأُولَى، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ:مَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ:مُحَدِّثُ دِمَشْقَ؛أَبُو
الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ الغَسَّانِيُّ عَنْ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمُحَدِّثُ الكُوْفَةِ؛أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ الخَثْعَمِيُّ الأُشْنَانِيُّ.
وَالأَخْفَشُ الصَّغِيْرُ؛عَلِيُّ بنُ سُلَيْمَانَ
النَّحْوِيُّ البَغْدَادِيُّ.
وَالمُحَدِّثُ القَاضِي أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِيْنِيُّ.
(14/425)
وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ، ثُمَّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ،
أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
أَبُو القَاسِمِ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ البَالوييُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
المُسَيَّبِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ
الجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا
بُرَيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ،
عَنْ أَبِي مُوْسَى:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(إِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ
عِبَادِهِ، قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ لَهَا
فَرْطاً وَسَلَفاً بَيْنَ يَدَيْهَا، وَإِذَا أَرَادَ
هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ،
فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِيْنَ كَذَّبُوهُ
وَعَصَوْا أَمْرَهُ (1)).
وبَالإِسْنَادِ، قَالَ ابْنُ المُسَيَّب:كَتَبَ عَنِّي
هَذَا الحَدِيْثَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَيُقَالُ:إِنَّ
إِبْرَاهِيْمَ الجَوْهَرِيَّ تَفَرَّدَ بِهِ.
233 - السِّجِسْتَانِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الفَضْلِ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ السِّجِسْتَانِيُّ، نَزِيْلُ
دِمَشْقَ.
حَدَّثَ عَنْ:نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
المُثَنَّى، وَمُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) إسناده صحيح، وعلقه مسلم في " صحيحه " (2288) في
الفضائل: باب إذا أراد الله تعالى رحمة أمة قبض نبيها
قبلها، فقال: وحدثت عن أبي أسامة، وممن روى ذلك عنه
إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا أبو أسامة، حدثني بريد بن
عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى.
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 107 / ب، ميزان الاعتدال: 1 /
149، لسان الميزان: 1 / 289، تهذيب ابن عساكر: 2 / 74.
(14/426)
المُقْرِئِ، وَعَبْدِ اللهِ الدَّارِمِيِّ،
وَالبُخَارِيِّ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ:جُمَحُ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ
الرَّبَعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَابْنُ
حِبَّانُ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ أَرْبَعَ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
234 - مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
الفَيَّاضِ الغَسَّانِيُّ *
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحَسَنِ
الغَسَّانِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَحَدَّثَ عَنْ:صَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ المُؤَذِّنِ،
وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ هِشَامِ بنِ
يَحْيَى بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيِّ، وَدُحَيْمٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَالوَلِيْدِ بنِ
عُتْبَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ،
وَجَدِّهِ؛مُحَمَّدِ بنِ فَيَّاضٍ، وَأَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ
الأَنْطَاكِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُوْسَى بنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ - مَعَ
تَقَدُّمِهِ - وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ، وَجُمَحُ بنُ
القَاسِمِ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، وَمُحَمَّدُ
بنُ سُلَيْمَانَ الرَّبعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
المُقْرِئِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ صَدُوْقٌ - إِنْ شَاءَ اللهُ - مَا عَلِمتُ فِيْهِ
جَرْحاً.
مَاتَ:فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَجَدُّه لَيْسَ
بِمَشْهُوْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ فَقَطْ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 15 / 433 / ب، العبر: 2 / 162،
النجوم الزاهرة: 3 / 219، شذرات الذهب: 2 / 271.
(14/427)
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ
هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِمُ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ الغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ
- يَعْنِي:ابْنَ خَالِدٍ - حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ
مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ:
أَنَّ هِشَامَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ قَضَى عَنِ
الزُّهْرِيِّ سَبْعَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ:لاَ
تَعُدْ لِمِثْلِهَا تَدَّانُ.
قَالَ:يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ!حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ
المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(لاَ يُلْسَعُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ
(1)).
غَرِيْبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ:الوَلِيْدُ.
235 - مُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ دِمَشْقَ،
أَبُو بَكْرٍ العُقَيْلِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ
دُحَيْمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ يَحْيَى الزِّمَّانِيِّ، وَهِشَامِ بنِ خَالِدٍ
الأَزْرَقِ، وَمَحْمُوْدِ بنِ خَالِدٍ، وَمُؤَمَّلِ بنِ
يِهَابٍ، وَعِدَّةٍ.
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " من طريق
سعيد بن عبد العزيز فيما ذكره الحافظ في " الفتح " 10 /
439.
وأخرجه البخاري: 10 / 439 في الأدب: باب لا يلدغ المؤمن من
جحر مرتين، ومسلم (2998) في الزهد والرقائق، وأبو داود
(4862) في الأدب: باب في الحذر من الناس، وابن ماجه (3982)
كلهم من حديث الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا
يلدع المؤمن من جحر مرتين ".
قال الخطابي: هذا خبر، ومعناه أمر، أي: ليكن المؤمن حازما
حذرا، لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى، وقد
يكون ذلك في أمر الدين كما يكون في أمر الدنيا، وهو
أولاهما بالحذر.
(*) تاريخ ابن عساكر: 15 / 144 / ب، العبر: 2 / 165،
النجوم الزاهرة: 3 / 222، شذرات الذهب: 2 / 273.
(14/428)
حَدَّثَ عَنْهُ:حُمَيْدُ بنُ الحَسَنِ
الوَرَّاقُ، وَأَحْمَدُ بنُ عُتْبَةَ، وَأَبُو أَحْمَدَ
بنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بنُ
زَبْرٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ مُوْسَى السِّمْسَارُ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ الأَبْهَرِيُّ، وَالفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ
المُؤَذِّنُ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الأَنْطَاكِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو أَحْمَدَ
الحَاكِمُ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الكِلاَبِيُّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
وَقَدْ كَانَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ يَغْلَطُ فِي
نَسَبِهِ، وَيَنْسِبُه إِلَى جَدِّ جَدِّهِ.
مَاتَ:لِسِتٍّ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ
التِّسْعِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ،
عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ:أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ
بنُ أَبِي سَعِيْدٍ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
مَرْوَانَ البَزَّازُ بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ
عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي
هِشَامُ بنُ حَسَّان، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
خَدَمْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عَشْرَ سِنِيْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لِشَيْءٍ
فَعَلْتُهُ:مَا لَكَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ
لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ:لِمَ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا
وَكَذَا).
غَرِيْبٌ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ هِشَامٍ غَيْرُ أَبِي
نَوْفَلٍ عَلِيِّ بنِ سُلَيْمَانَ الكَيْسَانِيِّ (1) .
__________
(1) قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 6 / 189 188:
روى عن أبي إسحاق الهمداني، والاعمش.
روى عنه الوليد بن مسلم، وهشام بن عمار.
سألت أبي عنه، فقال: يقال له: أبو نوفل الكيساني، أصله
كوفي، سكن دمشق.
قلت ما حاله ؟ قال: ما أرى بحديثه بأسا، صالح الحديث، ليس
المشهور.
وحديث أنس هذا صحيح، روي من طرق عنه.
انظر البخاري: 10 / 383 في الأدب: باب حسن الخلق، ومسلما
(2309) في الفضائل، وأبا داود (4774) والترمذي في سننه
(2015) وفي الشمائل المحمدية (338) وأخلاق النبي لأبي
الشيخ ص 37 36.
(14/429)
236 - المَقَانِعِيُّ أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ البَجَلِيُّ،
المَقَانِعِيُّ، الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ:إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى السُّدِّيَّ، وَعَبَّادَ
بنَ يَعْقُوْبَ الرَّوَاجِنِيَّ، وَيَحْيَى بنَ حَسَّانِ
بنِ سُهَيْلٍ - مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَأَبَا
كُرَيْبٍ، وَهِشَامَ بنَ يُوْنُسَ، وَعَمْرَو بنَ عَلِيٍّ
الفَلاَّسَ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَأَبَا سَعِيْدٍ
الأَشَجَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَعْمَرٍ القَيْسِيَّ، وَأَبَا
مُوْسَى الزَّمِنَ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ المُفَسِّرُ،
وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ
مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ التَّيْمُلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُقْرِئِ، وَمُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ الحَافِظُ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ البَرْبَرِيُّ،
وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الخِلاَطِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الإِرْبِلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيُّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العَلَوِيُّ، وَمُحَمَّدٌ
وَمُحَمَّدٌ؛ابْنَا مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الحَذَّاءِ،
قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ التَّيْمُلِيُّ، حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ البَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ حَسَّان، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ
عُيَيْنَةَ، عَنْ قَعْنَبٍ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ:
بَارَزَ الزُّبَيْرُ رَجُلاً وَهُمَا عَلَى جَبَلٍ،
فَاعتَنَقَا، فَتَدَهْدَهَا، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(أَيُّهُمَا يَعْلُو
صَاحِبَهُ، فَهُوَ الَّذِي).
فَعَلاَ الزُّبَيْرُ، فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
__________
(*) الأنساب: 539 / أ، العبر: 2 / 145، طبقات القراء
للجزري: 1 / 548 547، النجوم الزاهرة: 3 / 206، شذرات
الذهب: 2 / 259.
(14/430)
(فِدَاكَ عَمِّي وَخَالِي). غَرِيْبٌ (1) .
237 - ابْنُ صَاحِبٍ الحَسَنُ بنُ صَاحِبِ بنِ حُمَيْدٍِ
الشَّاشِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الجَوَّالُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ
بنُ صَاحِبِ بنِ حُمَيْدٍ الشَّاشِيُّ.
سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ خَشْرَمٍ، وَأَبَا زُرْعَةَ
الرَّازِيَّ، وَابْنَ وَارَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ
الطَّائِيَّ، وَإِسْحَاقَ الدَّبَرِيَّ، وَيُوْنُسَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ العَدَنِيَّ، وَطَبَقَتَهُم بِخُرَاسَانَ،
وَالعِرَاقِ، وَالشَّامِ، وَالحَرَمَيْنِ، وَاليَمَنِ،
وَمِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ القَفَّالُ الشَّاشِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُظَفَّرِ،
وَآخَرُوْنَ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ (2) ، وَقَالَ:تُوُفِّيَ سَنَةَ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ
الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ
الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ القَفَّالُ،
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صَاحِبٍ الشَّاشِيُّ، أَخْبَرَنَا
يُوْنُسُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
__________
(1) أي ضعيف، لانقطاعه وجهالة شيخ قعنب.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 333، الأنساب: 325 / أ، المنتظم: 6 /
203، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة
133 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 781 780، طبقات الحفاظ: 328
327.
(2) في " تاريخه " 7 / 333.
(14/431)
بِعَدَنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ
بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ
الحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ البَيْلَمَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(تَعَلَّمُوا الشِّعْرَ، فَإِنَّ فِيْهِ حِكَماً
وَأَمْثَالاً).
هَذَا حَدِيْثٌ وَاهِي الإِسْنَادِ (1) .
238 - الغَضَائِرِيُّ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، العَابِدُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ
الغَضَائِرِيُّ، مُحَدِّثُ حَلَبَ، وَمُسْنِدُ الشَّامِ.
حَدَّثَ عَنْ:عَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ النَّرْسِيِّ،
وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ
الجُمَحِيِّ، وَأَبِي إِبْرَاهِيْمَ التَّرْجُمَانِيِّ،
وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ القَوَارِيْرِيِّ،
وَبُنْدَارٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ المُقْرِئِ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
إِسْحَاقَ الحَلَبِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ.
__________
(1) بل موضوع، صالح بن عبد الجبار يروي عن محمد بن عبد
الرحمن البيلماني مناكير، ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني:
قال البخاري وأبو حاتم والنسائي: منكر الحديث، وقال
الدارقطني وغيره: ضعيف، وقال ابن حبان في " المجروحين
والضعفاء " 2 / 264: " حدث عن أبيه بنسخة شبيها بمئتي حديث
كلها موضوعة.
لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره في الكتب إلا على جهة التعجب
".
وقال ابن عدي: " كل ما يرويه ابن البيلماني فإن البلاء فيه
منه ".
وأبوه عبد الرحمن البيلماني ضعيف أيضا.
(*) تاريخ بغداد: 12 / 30 29، الأنساب: 409 / ب، المنتظم:
6 / 198، العبر: 2 / 156، البداية والنهاية: 11 / 153،
النجوم الزاهرة: 3 / 214 213، شذرات الذهب: 2 / 266، تاريخ
حلب الشهباء: 4 / 16 15.
(14/432)
وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ
قَالَ:حَجَجتُ عَلَى رِجلِي ذَاهِباً مِنْ حَلَبَ
وَرَاجِعاً أَرْبَعِيْنَ حَجَّةً.
تُوُفِّيَ:فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
239 - الأَسْتَرَابَاذِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
يُوْسُفَ بنِ حَمَّادٍ *
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
يُوْسُفَ بنِ حَمَّادٍ الأَسْتَرَابَاذِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:عَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَأَبِي
بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ،
وَطَبَقَتِهِم.
وَعُنِيَ بِالحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ حَمُّوَيْه، وَغَيْرُهُمَا.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:مَاتَ بِجُرْجَانَ، فِي
رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ:وَكَانَ عِنْدَهُ كُتُبُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
شَيْبَةَ عَنْهُ.
قُلْتُ:وَفِيْهَا أَرَّخَهُ أَيْضاً أَبُو القَاسِمِ بنُ
مَنْدَةَ، وَأَظُنُّهُ بَلَغَ المائَةَ، أَوْ جَاوَزَهَا.
240 - الرَّيَّانِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ أَبِي عَوْنٍ **
الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي عَوْنٍ
_____________
(*) تاريخ جرجان: 366 351، الوافي بالوفيات: 5 / 244.
(* *) تاريخ جرجان: 372، تاريخ بغداد: 1 / 311، الأنساب:
264 / ب، العبر: 2 / 157.
(14/433)
النَّسَوِيُّ، الرَّيَانِيُّ -
بِالتَّخَفِيْفِ - وَقَيَّدَهُ الأَمِيْرُ أَبُو نَصْرٍ
بِالتَّثقِيلِ (1) .
وَقِيْلَ:الرَّذَانِيُّ - وَهُوَ أَصَحُّ - .
وَرَذَانُ - بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ - :قَريَةٌ مِنْ أَعمَالِ
نَسَا.
سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ حُجْرٍ، وَأَحْمَدَ بن إِبْرَاهِيْمَ
الدَّوْرَقِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ
الجَوْهَرِيَّ، وَحَمِيْدَ بنَ زَنْجُوْيَةَ،
وَطَبَقَتَهُم.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي مُصْعَبٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ زَنْجُوْيَه بِكِتَابِ(التَّرْغِيْبِ
وَالتَّرْهِيْبِ).
حَدَّثَ عَنْهُ:يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَعَبْدُ
البَاقِي بنُ قَانِعٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَسُلَيْمَانُ
الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
الغِطْرِيْفُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَمْعَانَ،
وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ:سَأَلْتُ ابْنَ ابْنِهِ - وَنَحْنُ
بِالرَّذَانِ - عَنْ وَفَاةِ جَدِّهِ، فَقَالَ:فِي سَنَةِ
ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَوْلُنَا:إِنَّ الطَّبَرَانِيَّ رَوَى عَنْهُ، ذَكَرَهُ
الخَطِيْبُ (2) ، وَأَنَا فَلَمْ أَجِدْهُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ:حَدَّثَ غَيْرَ مَرَّةٍ بِنَيْسَابُوْرَ
بِكِتَابِ(التَّرْغِيْبِ).
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا
المُسَلَّمُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
الحَسَنِ الحَافِظُ فِي سَنَةِ(551)بِبَعْلَبَكَّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ الهَرَوِيُّ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي
__________
(1) وكذلك السمعاني في " الأنساب " وتابعه في ذلك صاحب "
اللباب ".
(2) في " تاريخه " 1 / 311.
(14/434)
شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا
حُمَيْدُ بنُ زَنْجُوْيَه، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ
صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي
قَبِيْلٍ (1) :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ:(الصِّيَامُ
وَالقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِصَاحِبِهِمَا يَوْمَ
القِيَامَةِ (2))، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
قِيْلَ:إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ هَذَا، هُوَ صَاحِبُ
التَّرْجَمَةِ، وَإِنَّ جَدَّهُ هُوَ أَبُو عَوْنٍ عَبْدُ
الجَبَّارِ. وَقِيْلَ:بَلْ هُوَ آخَرُ.
فَإِنْ صَحَّ مَوتُ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ - كَمَا
ذَكَرْنَا - فَمَا أَظُنُّهُ إِلاَّ آخَرَ؛لأَنَّ
سَمَاعَاتِ ابْنِ أَبِي شُرَيْحٍ بَعْدَ ذَلِكَ -وَاللهُ
أَعْلَمُ- .
241 - ابْنُ قُدَيْدٍ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ
الحَسَنِ بنِ خَلَفٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو
القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ خَلَفِ بنِ قُدَيْدٍ
المِصْرِيُّ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ رُمْحٍ، وَحَرْمَلَةَ بنَ يَحْيَى،
وَطَبَقَتَهُمَا.
__________
(1) بفتح القاف وكسر الباء بعدها ياء ساكنة، هو حيي بن
هانئ بن ناضر المعافري المصري، من رجال " التهذيب ".
قال الحافظ في " التقريب ": صدوق يهم.
(2) وأخرجه أحمد: 2 / 174 من طريق موسى بن داود، حدثنا ابن
لهيعة، عن حيي بن عبد الله المعافرى، عن أبي عبد الرحمن
الحبلي، عن عبد الله بن عمرو..أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " الصيام والقرآ يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول
الصيام: أي رب: منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه،
ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال:
فيشفعان ".
وأورده الهيثمي في " المجمع " 3 / 181، وقال: رواه أحمد
والطبراني في الكبير، ورجال الطبراني رجال الصحيح، وأخرجه
الحاكم: 1 / 554 من طريق عبد الله بن وهب وهو ممن سمع من
ابن لهيعة قبل احتراق كتبه عن ابن لهيعة، عن حيي بن عبد
الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن
العاص يرفعه..وهذا سند قوي.
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي ورواه أبو نعيم في " الحلية "
8 / 161 من طريق رشدين بن سعد، عن حيي بن عبد اله به.
(*) العبر: 2 / 153، حسن المحاضرة: 1 / 367، شذرات الذهب:
2 / 265.
(14/435)
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو سَعِيْدٍ بنُ
يُوْنُسَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَابْنُ
عَدِيٍّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
مَاتَ:فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
242 - ابْنُ المُجَدَّرِ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ
حُمَيْدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
هَارُوْنَ بنِ حُمَيْدٍ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ
المُجَدَّرِ.
سَمِعَ:بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ
حَمَّادٍ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيَّ، وَدَاوُدَ
بنَ رُشَيْدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيَّ،
وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو عُمَرَ
بنُ حَيُّوْيَه، وَأَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ
الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ،
وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ (1) .
وَقِيْلَ:كَانَ فِيْهِ انْحِرَافٌ بَيِّنٌ عَنِ الإِمَامِ
عَلِيٍّ، يَنْقِمُ أُمُوراً.
مَاتَ:فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
243 - عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدَانَ بنِ بُرَيْدِ بنِ
رَزِيْنِ بنِ رَبِيْعِ بنِ قطنٍ البَجَلِيُّ **
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 357، الأنساب: 508 / ب، العبر: 2 /
154، ميزان الاعتدال: 4 / 57، المغني في الضعفاء: 2 / 640،
لسان الميزان: 5 / 411 410، النجوم الزاهرة: 3 / 213،
شذرات الذهب: 2 / 265.
(1) في " تاريخه " 3 / 357.
(* *) العبر: 2 / 156، مرآة الجنان: 2 / 266، طبقات القراء
للجزري: 1 / 419، النجوم الزاهرة: 3 / 215، شذرات الذهب: 2
/ 266.
(14/436)
مُحَمَّدٍ البَجَلِيُّ، الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ:أَبَا كُرَيْبٍ، وَهَنَّادَ بنَ السَّرِيِّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ طَرِيْفٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدٍ
المُحَارِبِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ يُوْسُفَ
الصَّيْرَفِيَّ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ،
وَيُوْسُفُ المَيَانَجِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
المُقْرِئِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
قَالَ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
حَمَّادٍ:تُوُفِّيَ ابْنُ زَيْدَانَ فِي يَوْمِ
الجُمُعَةِ، وَقْتَ الزَّوَالِ، لِثَلاَثَ عَشْرَةَ خَلَتْ
مِنْ شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى وَتِسْعُوْنَ سَنَةً،
حَضَرتُهُ وَحَضَرَه مِنَ النَّاسِ أَمرٌ عَظِيْمٌ،
وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، كَثِيْرَ الصَّمتِ، وَكَانَ
أَكْثَرَ كَلاَمِهِ مُنْذُ يَقْعُدُ إِلَى أَنْ
يَقُوْمَ:يَا مُقَلِّبُ القُلُوْبِ!ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى
طَاعَتِكَ.
لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُ.
وَوُلِدَ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ:وَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ مَكَثَ سِتِّيْنَ سَنَةً -
أَوْ نَحْوَهَا - لَمْ يَضَعْ جَنْبَهَ عَلَى مُضَرَّبَةٍ
(1) ، صَاحِبَ صَلاَةٍ بِاللَّيْلِ، وَكَانَ حَسَنَ
المَذْهَبِ، صَاحِبَ جَمَاعَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - .
244 - المَدَائِنِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
المَدَائِنِيُّ، الأَنْمَاطِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ،
وَالصَّلْتَ بنَ مَسْعُوْدٍ، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي
شَيْبَةَ، وَأَبَا كَامِلٍ الجَحْدرِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
__________
(1) المضرب: هو البساط إذا كان مخيطا. انظر " اللسان "
مادة: ضرب.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 414 413، المنتظم: 6 / 184، العبر: 2
/ 148، النجوم الزاهرة: 3 / 209، شذرات الذهب: 2 / 262.
(14/437)
وَثَّقَهُ:الدَّارَقُطْنِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ المُظَفَّرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَأَبُو
عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
الوَرَّاقُ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
245 - عَبْدُوْسُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبَّادٍ أَبُو
مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الأَوْحَدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
الثَّقَفِيُّ، الهَمَذَانِيُّ.
وَاسْمُهُ:عَبْدُ الرَّحْمَنِ، مُحَدِّثُ هَمَذَانَ.
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ الأَسَدِيِّ،
وَيَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيِّ، وَأَبِي
سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَزِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ، وَحُمَيْدِ
بنِ الرَّبِيْعِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُمَرَ
رُسْتَه، وَمَحْمُوْدِ بنِ خِدَاشٍ، وَالعَبَّاسِ بنِ
يَزِيْدَ البَحرَانِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ الأَسَدِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
حَيُّوْيَه الكَرجِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ حَسَنٍ
الفَلَكِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ الرَّبِيْعِ،
وَجِبْرِيْلُ العَدْلُ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ
الغِطْرِيْفِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيُّ فِي(تَارِيْخِهِ):رَوَى
عَنْهُ عَامَّةُ أَهْلِ الحَدِيْثِ بِبَلَدِنَا، وَكَانَ
ثِقَةً، مُتْقِناً، يُحسِنُ هَذَا الشَّأْنَ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ:سَمِعْتُ أَبِي
يَقُوْلُ: كَانَ عَبْدُوْسٌ مِيزَانَ
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 774 773، طبقات الحفاظ: 324، شذرات
الذهب: 2 / 265.
(14/438)
بَلَدِنَا فِي الحَدِيْثِ، ثِقَةً، يُحسِنُ
هَذَا الشَّأْنَ.
مَاتَ عَبْدُوْسٌ:فِي صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدَارُهُ فِي مَدِيْنَةِ:السَّاجِيِّ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو
رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
حَدَّثَنَا عَبْدُوْسُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ الهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا
الرَّبِيْعُ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ،
عَنْ عَلْقَمَةَ ابنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا
لاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى
اللهِ وَرَسُوْلِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ
وَرَسُوْلِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا
يُصِيْبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ
إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
الحَدِيْث، حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ جِدّاً.
تَفَرَّدَ بِهِ:مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، وَهُوَ صَدُوْقٌ
(1) .
__________
(1) والربيع بن زياد شيخه قال المؤلف في " الميزان " 2 /
40: ما رأيت لأحد فيه تضعيفا وهو جائز الحديث ونقل عن ابن
عدي كن له عن يحيى بن سعيد المدنيين أحاديث ولا يتابع
عليها.
وقد أخرجه من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن
إبراهيم التيمي بهذا الإسناد البخاري 1 / 7، 15 في بدء
الوحي: باب كيف كان بدء الوحي، وفي الايمان: باب ما جاء أن
الاعمال بالنية، وفي العتق: باب الخطأ والنسيان في العتاق
والطلاق ونحوه، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة،
وفي النكاح: باب من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة، فله ما
نوى، وفي الايمان والنذور: باب النية في الايمان، وفي
الحيل: باب ترك الحيل، وأخرجه مسلم (1907) في الامارة: باب
قوله صلى الله عليه وسلم " إنما الاعمال بالنية "، وأبو
داود (2201) والترمذي (1647) وابن ماجة (4427) والنسائي 1
/ 58، 60، ومالك في " الموطأ " ص 401 برواية محمد بن
الحسن.
وقد قال الحافظ ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " ص 5:
هذا الحديث تفرد بروايته يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد
بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن أبي وقاص الليثي،
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وليس له طريق يصح غير هذا
الطريق.
وقد رواه عن يحيى بن سعيد الجم الغفير، فهو غريب في أوله،
مشهور في آخره.
(14/439)
246 - ابْنُ سَيْفٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
مَالِكِ بنِ عَبْدِ اللهِ التُّجِيْبِيُّ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ الكَبِيْرُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ مَالِكِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَيْفٍ
التُّجِيْبِيُّ، صَاحِبُ أَبِي يَعْقُوْبَ الأَزْرَقِ،
وَكَانَ خَاتِمَةَ مَنْ تَلاَ عَلَيْهِ.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ، وَغَيْرِهِ.
قَرَأَ عَلَيْهِ:إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مَرْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الظَّهْرَاوِيُّ، وَأَبُو عَدِيٍّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
عَلِيِّ بنِ الإِمَامِ، وَشَيْخٌ لِلأَهْوَازِيِّ
اسْمُهُ:مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ
الخِرقِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَسَمَّاهُ طَاهِرُ بنُ غَلْبُوْنَ:مُحَمَّداً (1) .
تُوُفِّيَ:بِمِصْرَ، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَتْ لَنَا رِوَايتُهُ بِحَرفِ وَرْشٍ، بِإِسْنَادٍ
عَالٍ.
247 - البَغَوِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ *
ابْنِ المَرْزُبَانِ بنِ سَابُوْرَ بنِ
__________
(*) العبر: 2 / 134، طبقات القراء للذهبي: 1 / 188، طبقات
القراء للجزري: 1 / 445، النشر في القراءات العشر: 1 /
114، شذرات الذهب: 2 / 251.
(1) قال ابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 445، " وقد
غلط فيه أبو الطيب بن غلبون فسماه محمدا، وتبعه على ذلك
ابنه أبو الحسن ومن تبعهما ".
(* *) الكامل لابن عدي: 3 / 228 / ب، فهرست ابن النديم:
325، تاريخ بغداد: 10 / 117 111، طبقات الحنابلة: 1 / 192
190، الأنساب: 86 / ب، المنتظم: 6 / 230 227، الكامل في
التاريخ: 8 / 161، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 127 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 740 737،
العبر: 2 / 170، دول الإسلام: 1 / 192، ميزان الاعتدال: 2
/ 493 492، البداية والنهاية: 11 / 164 163، طبقات القراء
للجزري: 1 / 450، لسان الميزان: 3 / 341 338، النجوم
الزاهرة: 3 / 226، طبقات الحفاظ: 313 312، شذرات الذهب: 2
/ 276 275، الرسالة المستطرفة: 78.
(14/440)
شَاهِنْشَاه، الحَافِظُ، الإِمَامُ،
الحُجَّةُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ العَصْرِ، أَبُو
القَاسِمِ البَغَوِيُّ الأَصلِ، البَغْدَادِيُّ الدَّارِ
وَالمَولِدِ.
مَنسُوبٌ إِلَى مَدِيْنَةَ بَغْشُوْرَ مِنْ مَدَائِنِ
إِقلِيمِ خُرَاسَانَ، وَهِيَ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ
هَرَاةَ.
كَانَ أَبُوْهُ وَعَمُّه الحَافِظُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
العَزِيْز البَغَوِيُّ مِنْهَا.
وَهُوَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنِيْعٍ نِسبَةً إِلَى جَدِّه
لأُمِّهِ الحَافِظِ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ
البَغَوِيِّ الأَصَمِّ، صَاحِب(المُسْنَدِ)، وَنَزِيْل
بَغْدَادَ، وَمَنْ حَدَّثَ عَنْهُ:مُسْلِمٌ، وَأَبُو
دَاوُدَ، وَغَيْرُهُمَا.
وُلِدَ أَبُو القَاسِمِ:يَوْمَ الاثْنَيْنِ، أَوَّلَ
يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ
وَمائَتَيْنِ.
هَكَذَا أَملاَهُ أَبُو القَاسِمِ عَلَى عُبَيْدِ اللهِ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ حبَابَةَ البَزَّازِ، وَأَخْبَرَهُ
أَنَّهُ رَآهُ بِخَطِّ جَدِّهِ - يَعْنِي:أَحْمَدَ بنَ
مَنِيْعٍ - .
حَرصَ عَلَيْهِ جَدُّه، وَأَسْمَعَه فِي الصِّغَرِ،
بِحَيثُ إِنَّهُ كَتَبَ بِخَطِّه إِمْلاَءً، فِي رَبِيْعٍ
الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
فَكَانَ سِنُّهُ يَوْمَئِذٍ عَشْرَ سِنِيْنَ وَنِصْفاً،
وَلاَ نَعْلَمُ أَحَداً فِي ذَلِكَ العَصْرِ طَلَبَ
الحَدِيْثَ وَكَتَبَهُ أَصغَرَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ،
فَأَدرَكَ الأَسَانِيدَ العَالِيَةَ، وَحَدَّثهُ جَمَاعَةٌ
عَنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
سَمِعَ مِنْ:أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَعَلِيِّ بنِ
المَدِيْنِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَأَبِي نَصْرٍ
التَّمَّارِ، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ البَزَّارِ، وَهُدْبَةَ
بنِ خَالِدٍ، وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الوَاهِبِ الحَارِثِيِّ، وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ
الحَمِيْدِ الحِمَّانِيِّ، وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ
الكِنْدِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ العَيْشِيِّ،
وَحَاجِبِ بنِ الوَلِيْدِ، وَأَبِي الأَحْوَصِ مُحَمَّدِ
بنِ حَيَّانَ البَغَوِيِّ، وَمُحْرِزِ بنِ عَوْنٍ،
وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَدَاوُدَ بنِ عَمْرٍو
الضَّبِّيِّ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَسَّانٍ السَّمْتِيِّ، وَأَبِي
الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ
(14/441)
القَوَارِيْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيِّ، وَهَارُوْنَ بنِ مَعْرُوْفٍ،
وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ، وَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَعَبْدِ
الجَبَّارِ بنِ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي
سَمِيْنَةَ، وَجَدِّهِ؛أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَمُصْعَبِ
بنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ
السَّامِيِّ، وَعَمْرِو بنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ،
وَالعَلاَءِ بنِ مُوْسَى البَاهِلِيِّ، وَطَالُوْتَ بنِ
عَبَّادٍ الصَّيْرَفِيِّ، وَنُعَيْمِ بنِ الهَيْصَمِ،
وَقَطَنِ بنِ نُسَيْرٍ الغُبَرِيِّ، وَكَامِلِ بنِ
طَلْحَةَ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَعُبَيْدِ
اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ
المَرْوَزِيِّ، وَعَمَّارِ بنِ نَصْرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَتَّى إِنَّهُ كَتَبَ عَنْ أَقرَانِهِ.
وَصَنَّفَ كِتَابَ(مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ)وَجَوَّدَه،
وَكِتَابَ(الجَعْديَّاتِ (1))وَأَتْقَنَهُ.
وَكَانَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ أَكْبَرَ شَيْخٍ لَهُ،
وَهُوَ ثَبْتٌ فِيْهِ، مُكْثِرٌ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ:يَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ قَانِعٍ،
وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ
حِبَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
وَدعْلَجٌ السِّجْزِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكَنِ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيِّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
حُسَيْنَكُ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
الحَاكِمُ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو حَفْصٍ
بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه، وَأَبُو
الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ،
وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ
حبَابَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُهَنْدِسِ المِصْرِيُّ -
لَقِيَهُ بِمَكَّةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ -
وَأَبُو الفَتْحِ القَوَّاسُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
بَطَّةَ، وَزَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطِّرَازِيُّ، وَأَبُو
__________
(1) الجعديات: هي اثنا عشر جزءا من جمع أبي القاسم عبد
الله بن محمد البغوي لحديث شيخ بغداد أبي الحسن علي بن
الجعد بن عبيد الهاشمي مولاهم الجوهري، المتوفى سنة ثلاثين
ومئتين، عن شيوخه مع تراجمهم وتراجم شيوخهم.
انظر " الرسالة المستطرفة " ص 91.
(14/442)
القَاسِمِ عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ
الهَرَوِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الكَتَّانِيُّ، وَأَبُو
طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ
الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ ابْنُ
زَبْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ
الشِّيرَازِيُّ - مُحَدِّثُ الأَهْوَازِ - وَالمُعَافَى
بنُ زَكَرِيَّا الجَرِيْرِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ بِمِصْرَ - خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ
- وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ إِلَى الغَايَةِ.
وَبَقِيَ حَدِيْثُهُ عَالِياً بِالاتِّصَالِ إِلَى سَنَةِ
خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ عِنْد أَبِي
المُنَجَّا بنِ اللَّتِّيِّ، وَبَعْدَ ذَلِكَ
بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ عِنْدَ أَبِي الحَسَنِ بنِ
المُقَيَّرِ، ثُمَّ كَانَ فِي الدَّورِ الآخرِ المُعَمَّرُ
شِهَابُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي طَالِبٍ الحَجَّارُ،
فَكَانَ خَاتِمَةَ مَنْ رَوَى حَدِيْثَه عَالِياً
بِالسَّمَاعِ، بَلْ وَبِالإِجَازَةِ، كَانَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهُ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ، نَعَمْ وَبَعْدَهُ
يُمْكِنُ اليَوْمَ أَنْ يُسمَعَ حَدِيْثُه بِعُلُوٍّ
بِثَلاَثِ إِجَازَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، لاَ بَلْ
بِإِجَازَتَيْنِ، فَإِنَّ عَجِيْبَةَ البَاقدَارِيَّةَ (1)
لَهَا إِجَازَةُ هِبَةِ اللهِ بنِ الشِّبْلِيِّ - وَاللهُ
أَعْلَمُ - .
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ
بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي شَرِيْكٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
النَّقُّوْرِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ إِمْلاَءً،
حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ - هُوَ ابْنُ
مُعَاوِيَةَ - عَنْ سِمَاكٍ، وَزِيَادِ (2) بنِ عِلاَقَةَ،
وَحُصَيْنٍ، كُلِّهِم عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ
اللهُ عَنْهُمَا - :
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(يَكُوْنُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيْراً).
__________
(1) قال المؤلف في " العبر " 5 / 194: هي عجيبة بنت الحافظ
محمد بن أبي غالب الباقداري البغدادية، سمعت من عبد الحق
وعبد الله ابني منصور الموصلي، وهي آخر من روى بالاجازة عن
مسعود الرستمي وجماعة.
توفيت في صفر سنة سبع وأربعين وست مئة عن ثلاث وتسعين سنة.
ولها مشيخة في عشرة أجزاء.
(2) في الأصل " يزيد " وهو خطأ.
(14/443)
ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفهَمْهُ،
فَسَأَلْتُ أَبِي - وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي
حَدِيْثِهِ:فَسَأَلْتُ القَوْمَ،
فَقَالُوا:قَالَ:(كُلُّهُم مِنْ قُرَيْشٍ).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ (1) ، مِنَ العَوَالِي لَنَا
وَلِصَاحِبِ التَّرْجَمَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَافِظ بنُ
بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ بِقِرَاءتِي، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا
سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ
بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا
أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ القَوَارِيْرِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فَقَالَ:يَا نَبِيَّ اللهِ!إِنِّيْ شَيْخٌ
كَبِيْرٌ، شَقَّ عَلَيَّ القِيَامُ، فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ،
لَعَلَّ اللهَ يُوَفِّقنِي فِيْهَا لِلَيْلَةِ القَدْرِ.
فَقَالَ:(عَلَيْكَ بِالسَّابِعَةِ (2)).
قَالَ البَغَوِيُّ:لَفظُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَلاَ
أَعْلَمُه رَوَى هَذَا الحَدِيْثَ بِهَذَا الإِسْنَادِ
غَيْرُ مُعَاذٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عَبْدِ المُحْسِنِ العَلَوِيُّ بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ
المُؤَرِّخُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ(ح).
وَأَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي
مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا شَيْخُنَا أَبُو حَفْصٍ
عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ السُّهْرَوَرْدِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو المُظَفَّرِ هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ القَصَّارُ،
قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ.
وَقَالَ
__________
(1) أخرجه البخاري: 13 / 181، ومسلم (1821) والترمذي
(2224) وأحمد في " مسنده " 5 / 87، و90، و92، و95، و97،
و99، و101، و107، و108.
(2) إسناده صحيح، وهو في " المسند " 1 / 240.
(14/444)
الشَّيْخُ رَشِيْدُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ
مَسْلَمَةَ:أَنْبَأَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيِّ،
عَنْ أَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ، أَخْبَرَنَا
الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ
شُعْبَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَمْرَةَ:
سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ
القَيْسِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُم بِالإِيْمَانِ بِاللهِ،
قَالَ:(تَدْرُوْنَ مَا الإِيْمَانُ بِاللهِ؟).
قَالُوا:اللهُ وَرَسُوْلُه أَعْلَمُ.
قَالَ:(شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ
مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ،
وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ
تُعْطُوا الخُمْسَ مِنَ المَغْنَمِ).
مُتَّفَقٌ عَلَى ثُبُوْتِهِ (1) .
أَخْرَجَهُ:أَبُو دَاوُدَ، عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ
اليُوْنِيْنِيُّ (2) ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ
__________
(1) هو في " المسند " 1 / 228، وأخرجه البخاري: 1 / 120،
125 في الايمان:
باب أداء الخمس من الايمان، وفي العلم: باب تحريض النبي
صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس على أن يحفظوا الايمان
والعلم ويخبروا من وراءهم، وفي مواقيت الصلاة: باب قول
الله تعالى (منيبين إليه واتقوه) وفي الزكاة: باب وجوب
الزكاة، وفي الجهاد: باب أداء الخمس من الدين، وفي
الأنبياء: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل، وفي الأدب: باب قول
الرجل مرحبا، وفي خبر الواحد: باب وصاة النبي صلى الله
عليه وسلم وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم، وفي التوحيد:
باب قول الله تعالى (والله خلقكم وما تعملون). ومسلم (17)
في الايمان: باب الامر بالايمان بالله تعالى، وفي الاشربة:
باب النهي عن الانتباذ في المزفت، وأبو داود (3692) في
الاشربة: باب في الاوعية، و(4677) في السنة: باب في رد
الارجاء، والنسائي: 8 / 323 في الاشربة: باب الاخبار التي
اعتل بها من أباح شراب المسكر، وباب خليط البلح والزهو،
وباب خليط البسر والتمر، وباب ذكر الدلالة على النهي
للموصوف من الاوعية، والترمذي (2611) في الايمان: باب ما
جاء في إضافة الفرائض إلى الايمان.
(2) هو علي بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن عيسى
بن أحمد بن محمد ابن محمد بن محمد الامام المحدث، الفقيه
الأوحد، بقية السلف، شرف الدين أبو الحسين بن الامام
الرباني الفقيه أبي عبد الله اليونيني الحنبلي.
قال الذهبي: شيخنا ومفيدنا، ولد في رجب سنة إحدى وعشرين
وستمئة، وسمع من البهاء عبد الرحمن حضورا، ومن ابن الصباح،
وابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، وعبد الواحد بن أبي
المضاء، وابن رواج وخلق سواهم بمصر والشام، واستنسخ صحيح
البخاري، وحرره، حدثني أنه قابله في سنة واحدة، وأسمعه
إحدى عشرة مرة، وروى الكثير.
وكان شيخا مهيبا منورا، حلو المجالسة، =
(14/445)
بنُ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّحْوِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ
قُدَامَةَ الحَاكِمُ، وَأَخُوْهُ؛دَاوُدُ، وَعَبْدُ
المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ عُمَرَ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ
الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ صَدَقَةَ،
وَعِيْسَى بنُ حَمدٍ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ(ح).
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ،
أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بنُ حَسَّانٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَتْنَا
أُمُّ الفَضْلِ بِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ
اللهِ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ (1)).
أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الحُسَيْنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
__________
= كثير الافادة، قوي المشاركة في العلوم، حسن البشر، مليح
التواضع، أكثرت عنه ببعلبك، وبدمشق توفي سنة 107 ه.
معجم الشيوخ الورقة 99 / 2.
ونسخة اليونيني من صحيح البخاري هي أعظم أصل يوثق به،
ويطمأن إليه، فإنه رحمه الله قد عقد مجالس في دمشق لاسماع
صحيح البخاري بحضرة النحوي الكبير ابن مالك الطائي، ويحضره
جماعة من الفضلاء، وجمع منه أصولا معتمدة، وكان اليونيني
في هذه المجالس شيخا قارئا مسمعا، وكان ابن مالك وهو أكبر
منه بأكثر من عشرين سنة تلميذا، سامعا، راويا.
هذا من جهة الرواية والسماع على عادة العلماء السابقين
الصالحين في التلقي عن الشيوخ الثقات الاثبات، وإن كان
السامع أكبر من الشيخ.
وكان اليونيني في هذه المجالس نفسها تلميذا مستفيدا من ابن
مالك فيما يتعلق بضبط ألفاظ الكتاب من جهة العربية
والتوجيه والتصحيح.
والاصول المعتمدة التي قابل عليها الحافظ اليونيني ومن معه
قد بينها هو في ثبت السماع الذي نقله القسطلاني في شرحه،
ونقله عنه مصححو الطبعة السلطانية التي طبعت بمصر في سنتي
1313 1311 ه.
(1) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 2 / 586 في الطلاق:
باب ما جاء في الخيار، والبخاري: 5 / 138 في العتق: باب ما
يجوز من شروط المكاتب، ومسلم (1504) في العتق: باب إنما
الولاء لمن أعتق.
(14/446)
مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو المُنْجَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ
الحَرِيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى،
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مُحَمَّدٍ البُوْشَنْجِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ،
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
مُسْهِرٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَا وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ مِنْ أَبَانِ بنِ
أَبِي عَيَّاشٍ خَمْسَ مائَةِ حَدِيْثٍ - أَوْ ذَكَرَ
أَكْثَرَ (1) - فَأَخْبَرَنِي حَمْزَةُ، قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- فِي المَنَامِ، فَعَرَضتُهَا عَلَيْهِ، فَمَا عَرَفَ
مِنْهَا إِلاَّ اليَسِيْرَ، خَمْسَةً أَوْ سِتَّةَ
أَحَادِيْثَ، فَتَرَكتُ الحَدِيْثَ عَنْهُ.
أَخْرَجَهَا:مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ(صَحِيْحِهِ (2))،
عَنْ سُوَيْدٍ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ بَقَاءٍ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ عُمَرَ، وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ،
وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، وَأَخْبَرَنَا
عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ
عَبْدِ القَادِرِ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ بَيَانٍ
الدَّيْرَمقرِّيُّ، وَخَلْقٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَأَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ
بنُ عَسْكَرَ، وَنَفِيْسُ بنُ كَرمٍ، وَحَسَنُ بنُ أَبِي
بَكْرٍ اليَمَنِيُّ، قَالُوا جَمِيْعاً:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مَسْعُوْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ مُوْسَى
البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(الخَيْلُ مَعْقُوْدٌ فِي نَوَاصِيْهَا الخَيْرُ
إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ).
__________
(1) رواية مسلم: " نحوا من ألف حديث ".
(2) 1 / 25: باب بيان أن الإسناد من الدين، وأن الرواية لا
تكون إلا عن الثقات..
(14/447)
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ (1) ، وَإِسنَادُهُ كَالشَّمْسِ وُضُوْحاً.
قَالَ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الشِّيْرَازِيُّ:سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يَعْقُوْبَ
الأُمَوِيَّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَنِيْعٍ يَقُوْلُ:رَأَيْتُ أَبَا عُبَيْدٍ
القَاسِمَ بنَ سَلاَّمٍ، إِلاَّ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْ
مِنْهُ شَيْئاً، وَشَهِدتُ جِنَازَتَهُ فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ:الأُمَوِيُّ كَذَّبَهُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ:سَمِعْتُ البَغَوِيَّ
يَقُوْلُ:وُلِدْتُ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الخَطِيْبُ:وَقَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ:سَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ:وُلدتُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ.
قَالَ الخَطِيْبُ:وَابْنُ شَاهِيْنٍ أَتقَنُ.
قَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ:وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:أَوَّلُ مَا
كَتَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ، عَنْ
إِسْحَاقَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّالْقَانِيِّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ:لاَ يُعرَفُ
فِي الإِسْلاَمِ مُحَدِّثٌ وَازَى البَغَوِيَّ فِي قِدَمِ
السَّمَاعِ.
قُلْتُ:أَمَّا إِلَى وَقتِهِ فَنَعَم، وَأَمَّا بَعْدَهُ،
فَاتَّفَقَ ذَلِكَ لِطَائِفَةٍ مِنْهُم:
عَبْدُ الوَاحِد الزُّبَيْرِيُّ - مُسِْنُدُ مَا وَرَاءَ
النَّهْرِ - وَلأَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ، وَبَالأَمسِ
لأَبِي العَبَّاسِ بنِ الشُّحْنَةِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ:قَالَ لِي البَغَوِيُّ:مَا
خَبَرُ شَيْخِكُم ذَاكَ؟
قُلْتُ:عَنْ أَيِّ الشَّيْخَيْنِ تَسْأَلُ؟
قَالَ:الَّذِي يُحَدِّثُ عَنْ قُتَيْبَةَ - يَعْنِي:أَبَا
العَبَّاسِ السَّرَّاجَ - .
قُلْتُ:خَلَّفتُه حَيّاً.
قَالَ:كَمْ عِنْدَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ؟
قُلْتُ:
__________
(1) هو في " الموطأ " 2 / 467 في الجهاد: باب ما جاء في
الخيل والمسابقة بينها، والبخاري: 6 / 40 في الجهاد: باب
الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، ومسلم
(1873) في الامارة: باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم
القيامة، والنسائي: 6 / 222 221 في الخيل: باب فتل ناصية
الفرس.
(14/448)
جُمْلَةٌ.
قَالَ:كَمْ عِنْدَهُ عَنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه؟
قُلْتُ:كَثِيْرٌ.
قَالَ:عَمَّنْ كَتَبَ مِنْ مَشَايِخِنَا؟
فَفَكَّرتُ، قُلْتُ:إِنْ ذَكَرتُ لَهُ شَيْخاً، كَتَبَ
عَنْهُ يُزْرِي بِهِ.
قُلْتُ:كَتَبَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ
المُسَيَّبِيِّ، وَمَحْفُوْظِ بنِ أَبِي تَوْبَةَ،
وَعِيْسَى بنِ مُسَاوِرٍ الجَوْهَرِيِّ.
قَالَ:أَيَّ سَنَةٍ دَخَلَ بَغْدَادَ؟
قُلْتُ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ -
أَظُنُّ - .
فَاهْتَزَّ لِذَاكَ، وَقَالَ:أَمَرْتُ أَنْ يُثْبِتَ لِي
أَسْمَاء مَشَايِخِي الَّذِيْنَ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُم
غَيْرِي اليَوْمَ، فَبَلَغُوا سَبْعَةً وَثَمَانِيْنَ
شَيْخاً.
قَالَ الحَاكِمُ:وَكَانَ إِذْ ذَاكَ بِبَغْدَادَ
البَاغَنْدِيُّ، وَأَبُو اللَّيْثِ الفَرَائِضِيُّ،
وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ
المُبَارَكِ المَسْرُوْرِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قُلْتُ:عَاشَ البَغَوِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ سِتَّةَ
أَعْوَامٍ، وَتَفَرَّدَ عَنْ خَلْقٍ سِوَى مَنْ ذكرَ.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ
غَيْرَ قَوْلِهِ:لَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ يَحْيَى بنِ
عَبْدِ الحَمِيْدِ، فَقُلْنَا:مَا تَقُوْلُ فِي الرَّجُلِ؟
فَقَالَ:الثِّقَةُ وَابْنُ الثِّقَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ الحَافِظُ:سَمِعْتُ أَبَا
القَاسِمِ البَغَوِيَّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ يَوْماً ضَيِّقَ الصَّدْرِ، فَخَرَجتُ إِلَى
الشَّطِّ، وَقَعَدتُ وَفِي يَدِي جُزْءٌ عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ أَنْظُرُ فِيْهِ، فَإِذَا بِمُوْسَى بنِ
هَارُوْنَ، فَقَالَ لِي:أَيْشٍ مَعَكَ؟
قُلْتُ:جُزْءٌ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ.
فَأَخَذَهُ مِنْ يَدِي، فَرَمَاهُ فِي دِجْلَةَ،
وَقَالَ:تُرِيْدُ أَنْ تَجمَعَ بَيْنَ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَعَلِيِّ بنِ
المَدِيْنِيِّ!
قُلْتُ:بِئْسَ مَا صَنَعَ مُوْسَى!عَفَا اللهُ عَنْهُ.
وَرَوَيْنَا عَنِ البَغَوِيِّ، قَالَ:حَضَرتُ مَعَ عَمِّي
مَجْلِسَ عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ، وَمُؤَمَّلُ
بنُ مُحَمَّدٍ، وَيُوْسُفُ الشَّيْبَانِيُّ إِجَازَةً،
قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا
(14/449)
أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي عَلِيٍّ المُعَدَّلُ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ جَعْفَرٍ البَزَّازُ،
حَدَّثَنِي البَغَوِيُّ، قَالَ:
كُنْتُ أُوَرِّقُ، فَسَأَلتُ جَدِّي أَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ
أَنْ يَمْضِيَ مَعِي إِلَى سَعِيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ الأُمَوِيِّ، يَسْأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي
الجُزْءَ الأَوَّلَ مِنَ المَغَازِي، عَنْ أَبِيْهِ،
حَتَّى أُوَرِّقَهُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ مَعِي، وَسَأَلَهُ،
فَأَعطَانِي، فَأَخَذتُهُ، وَطُفْتُ بِهِ، فَأَوَّلُ مَا
بَدَأْتُ بِأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَلِّسٍ، أَرَيتُه
الكِتَابَ، وَأَعْلَمتُهُ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقرَأَ
المَغَازِي عَلَى الأُمَوِيِّ، فَدَفَعَ إِلَيَّ
عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَقَالَ:اكتُبْ لِي مِنْهُ
نُسْخَةً.
ثُمَّ طُفتُ بَعْدَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِي، فَلَمْ أَزَلْ
آخُذُ مِنْ عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً وَإِلَى عَشْرَةِ
دَنَانِيْرَ وَأَكْثَرَ وَأَقلَّ، إِلَى أَنْ حَصَلَ مَعِي
فِي ذَلِكَ اليَوْمِ مائَتَا دِيْنَارٍ، فَكَتَبتُ نُسَخاً
لأَصحَابِهَا بِشَيْءٍ يَسِيْرٍ، وَقَرَأْتُهَا لَهُم،
وَاسْتَفْضَلْتُ البَاقِي.
وَبِهِ:إِلَى الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ:حَدَّثَنِي أَبُو
الوَلِيْدِ الدَّرَبندِيُّ:سَمِعْتُ عَبْدَانَ بنَ
أَحْمَدَ الخَطِيْبَ - سِبْطَ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَانَ
الشِّيْرَازِيِّ - سَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ:
اجتَازَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ بِنَهْرِ طَابَقٍ (1)
عَلَى بَابِ مَسْجِدٍ، فَسَمِعَ صَوْتَ مُسْتَمْلٍ،
فَقَالَ:مَنْ هَذَا؟
فَقَالُوا:ابْنُ صَاعِدٍ.
قَالَ:ذَاكَ الصَّبِيُّ؟
قَالُوا:نَعَمْ.
قَالَ:وَاللهِ لاَ أَبرَحُ حَتَّى أُملِيَ هَا هُنَا.
فَصَعَدَ دَكَّةً، وَجَلَسَ، وَرَآهُ أَصْحَابُ
الحَدِيْثِ، فَقَامُوا، وَتَرَكُوا ابْنَ صَاعِدٍ.
ثُمَّ قَالَ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ قَبْلَ أَنْ
يُولَدَ المُحَدِّثُونَ، وَحَدَّثَنَا طَالُوْتُ قَبْلَ
أَنْ يُولَدَ المُحَدِّثُونَ، وَحَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ
التَّمَّارُ.
فَأَملَى سِتَّةَ عَشَرَ حَدِيْثاً عَنْ سِتَّةَ عَشَرَ
شَيْخاً، مَا بَقِيَ مَنْ يَرْوِي عَنْهُم سِوَاهُ (2) .
__________
(1) محلة كانت في الجانب الغربي من بغداد، قرب نهر
القلائين، أحرقت سنة 488 ه وصارت تلولا. انظر " معجم
البلدان " 5 / 321.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 114.
(14/450)
وَبِهِ:أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ مُحَمَّدٍ القَصْرِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ
الحُسَيْنَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ عَامِرٍ الكُوْفِيَّ
يَقُوْلُ:
قَدِمَ البَغَوِيُّ إِلَى الكُوْفَةِ، فَاجتَمَعنَا مَعَ
ابْنِ عُقْدَةَ إِلَيْهِ لِنَسْمَعَ مِنْهُ، فَسَأَلنَا
عَنْهُ، فَقَالَتِ الجَارِيَةُ:قَدْ أَكَلَ سَمَكاً،
وَشَرِبَ فُقَّاعاً (1) ، وَنَامَ، فَعَجِبَ ابْنُ
عُقْدَةَ مِنْ ذَلِكَ لِكِبَرِ سِنِّهِ، ثُمَّ أَذِنَ
لَنَا، فَدَخَلْنَا.
فَقَالَ:يَا أَبَا العَبَّاسِ!حَدَّثَتْنِي أُخْتِي
أَنَّهَا كَانَتْ نَازِلَةً فِي بَنِي حِمَّانَ، وَكَانَ
فِي المَوْضِعِ طَحَّانٌ، فَكَانَ يَقُوْلُ
لِغُلاَمِه:اصمِدْ أَبَا بَكْرٍ.
فَيَصمِدُ البَغلُ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ بَعْضُ اللَّيْلِ،
ثُمَّ يَقُوْلُ:اصْمِدْ عُمَرُ.
فَيَصْمِدُ الآخَرُ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُقْدَةَ:يَا أَبَا القَاسِمِ، لاَ
تَحْمِلكَ عَصَبِيَّتُك لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَنْ
تَقُولَ فِي أَهْلِ الكُوْفَةِ مَا لَيْسَ فِيْهِم، مَا
رَوَى:(خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا:أَبُو
بَكْرٍ وَعُمَرُ (2))عَنْ عَلِيٍّ إِلاَّ أَهْلُ
الكُوْفَةِ، وَلَكِنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ رَوَوُا:أَنَّ
عَلِيّاً لَمْ يُبَايِعْ أَبَا بَكْرٍ إِلاَّ بَعْدَ
سِتَّةِ أَشْهُرٍ (3) .
فَقَالَ لَهُ أَبُو القَاسِمِ:يَا أَبَا العَبَّاسِ!لاَ
تَحْمِلكَ عَصَبِيَّتُك لأَهْلِ الكُوْفَةِ عَلَى أَنْ
تَتَقَوَّلُ عَلَى أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَخرَجَ الكُتُبَ، وَانبَسَطَ،
وَحَدَّثَنَا (4) .
__________
(1) الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، سمي به لما يعلوه من
الزبد.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 10 / 26، وأخرج البخاري: 7 /
26 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب قول
النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا، وأبو داود
(4629) في السنة: باب في
التفضيل، من طريق محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثنا جامع
بن راشد، حدثنا أبو يعلى، عن محمد بن الحنفية قال: قلت
لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قال: أبو بكر، قلت: ثم من ؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول
عثمان، قلت: ثم أنت ؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
وأخرجه ابن ماجه (106) في المقدمة، من طريق علي بن محمد:
حدثنا وكيع، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن
سلمة، قال: " سمعت عليا يقول: خير الناس بعد رسول الله صلى
الله عليه وسلم أبو بكر، وخير الناس بعد أبي بكر عمر ".
(3) الخبر في تاريخ بغداد 10 / 114، وانظر صحيح مسلم
(1759) في الجهاد: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا
نورث ما تركنا صدقة.
(4) " تاريخ بغداد " 10 / 115 114.
(14/451)
وَبِهِ:حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدٍ:سَمِعْتُ حَمْزَةَ بنَ يُوْسُفَ، سَمِعْتُ أَبَا
الحُسَيْنِ يَعْقُوْبَ الأَرْدَبِيْلِيَّ يَقُوْلُ:
سَأَلتُ أَحْمَدَ بنَ طَاهِرٍ، قُلْتُ:أَيشٍ كَانَ مُوْسَى
بنُ هَارُوْنَ يَقُوْلُ فِي ابْنِ بِنْتِ مَنِيْعٍ؟
فَقَالَ:أَيشٍ كَانَ يَقُوْلُ ابْنُ بِنْتِ مَنِيْعٍ فِي
مُوْسَى بنِ هَارُوْنَ؟
قُلْتُ:كَيْفَ هَذَا؟
قَالَ:لأَنَّه كَانَ يَرْضَى مِنْهُ رَأْساً بِرَأْسٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :المَحْفُوْظُ عَنْ مُوْسَى تَوثِيقُ
البَغَوِيّ، وَثَنَاؤُه عَلَيْهِ، وَمَدحُهُ لَهُ.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَسَنِ الأُشْنَانِيُّ:سَأَلتُ مُوْسَى
بنَ هَارُوْنَ عَنِ البَغَوِيِّ، فَقَالَ:ثِقَةٌ،
صَدُوْقٌ، لَوْ جَازَ لإِنْسَانٍ أَنْ يُقَالَ لَهُ:فَوْقَ
الثِّقَةِ، لَقِيلَ لَهُ.
قُلْتُ:يَا أَبَا عِمْرَانَ!إِنَّ هَؤُلاَءِ
يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ؟
فَقَالَ:يَحسُدُوْنَهُ، سَمِعَ مِنِ ابْنِ عَائِشَةَ
وَلَمْ نَسْمَعْ، ابْنُ مَنِيْعٍ لاَ يَقُوْلُ إِلاَّ
الحَقَّ.
وَبِهِ:إِلَى أَبِي بَكْرٍ:حَدَّثَنِي العَلاَءُ بنُ أَبِي
المُغِيْرَةِ الأَنْدَلُسِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
بَقَاءٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ،
قَالَ:
سَأَلتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ
النَّقَّاشَ:تَحْفَظُ شَيْئاً مِمَّا أُخِذَ عَلَى ابْنِ
بِنْتِ مَنِيْعٍ؟
فَقَالَ:غَلِطَ فِي حَدِيْثٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الوَاهِبِ، عَنْ أَبِي (2) شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
حَدَّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الوَاهِب، وَإِنَّمَا
سَمِعَهُ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَانِئ، عَنْهُ،
فَأَخَذَهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ الوَرَّاقُ بِلِسَانِهِ،
وَدَارَ عَلَى أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ
أَبَا القَاسِمِ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا يَوْماً،
فَعَرَّفَنَا أَنَّهُ غَلِطَ فِيْهِ، وَأَنَّهُ أَرَادَ
أَنْ يَكْتُبُ:حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئٍ،
فَمَرَّتْ يَدُهُ.
__________
(1) في " تاريخه " 10 / 115.
(2) في " تاريخ بغداد " 10 / 115 ابن شهاب، وهو خطأ، واسم
أبي شهاب عبد ربه بن نافع.
(14/452)
قُلْتُ:هَذِهِ الحِكَايَةُ تَدُلُّ عَلَى
تَثَبُّتِ أَبِي القَاسِمِ وَوَرَعِهِ، وَإِلاَّ فَلَوْ
كَاشَرَ - وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاهِبِ
- شَيْخه عَلَى سَبِيْلِ التَّدْلِيْسِ مَنْ كَانَ
يَمنَعُهُ؟!
ثُمَّ قَالَ النَّقَّاشُ:وَرَأَيْتُ فِيْهِ الانْكِسَارَ
وَالغَمَّ، وَكَانَ ثِقَةً.
قُلْتُ:مَتْنُ الحَدِيْثِ:نَهَى رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَنَاجَى اثْنَانِ
دُوْنَ الثَّالِثِ إِذَا كَانُوا جَمِيْعاً (1) .
وَرَوَاهُ:أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئٍ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ الأَرْدَبِيْلِيُّ:سُئِلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ
عَنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ:أَيَدخُلُ فِي
الصَّحِيْحِ؟
قَالَ:نَعَمْ.
وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ:سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ
عَبْدَانَ عَنِ البَغَوِيِّ، فَقَالَ:لاَ شَكَّ أَنَّهُ
يَدْخُلُ فِي الصَّحِيْحِ.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ:حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ
مُحَمَّدٍ الدَّقَّاقُ:سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ
يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنِيْعٍ قَلَّ مَا يَتَكَلَّمُ
عَلَى الحَدِيْثِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ، كَانَ كَلاَمُهُ
كَالمِسمَارِ فِي السَّاجِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ:سَأَلتُ
الدَّارَقُطْنِيَّ عَنِ البَغَوِيِّ، فَقَالَ:ثِقَةٌ،
جَبَلٌ، إِمَامٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، ثَبْتٌ، أَقَلُّ
المَشَايِخِ خَطَأً، وَكَلاَمُهُ فِي
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 116، والحديث أخرجه من طريق
نافع، عن ابن عمر: مالك في " الموطأ " 3 / 152 151،
والبخاري: 11 / 68 في الاستئذان: باب لا يتناجى اثنان دون
الثالث، ومسلم (2183) في السلام: باب تحريم مناجاة الاثنين
دون الثالث، وأحمد: 2 / 32، و121، و123، و126، و141.
وأخرجه مالك: 3 / 151، وأحمد: 2 / 9، و73، و79، وابن ماجه
(3776) من طريقين عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر.
وأخرجه أحمد: 2 / 141، وأبو داود (4852) من طريق الأعمش،
عن أبي صالح، عن ابن عمر.
(14/453)
الحَدِيْثِ أَحسَنُ مِنْ كَلاَمِ ابْنِ
صَاعِدٍ.
ابْنُ الطُّيُوْرِيِّ:سَمِعْتُ ابْنَ المُذْهِبِ، سَمِعْتُ
ابْنَ شَاهِيْنٍ، سَمِعْتُ البَغَوِيَّ، وَقَالَ لَهُ
مُسْتَمْلِيْهِ:أَرْجُو أَنْ أَسْتَمْلِيَ عَلَيْكَ سَنَةَ
عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ:قَدْ ضَيَّقتَ عَلَيَّ عُمُرِي، أَنَا رَأَيْتُ
رَجُلاً فِي الحَرَمِ لَهُ مائَةٌ وَسِتٌّ وَثَلاَثُوْنَ
سَنَةً يَقُوْلُ:رَأَيْتُ الحَسَنَ وَابْنَ سِيْرِيْنَ -
أَوْ كَمَا قَالَ - .
قُلْتُ:كَانَ يَسُرُّ البَغَوِيَّ أَنْ لَوْ قَالَ لَهُ
مُسْتَمْلِيْهِ:أَرْجُو أَنْ أَسْتَمْلِيَ عَلَيْكَ سَنَةَ
خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي(الكَامِلِ
(1))لَهُ:كَانَ أَبُو القَاسِمِ صَاحِبَ حَدِيْثٍ، وَكَانَ
وَرَّاقاً مِنِ ابْتِدَاءِ أَمرِهِ، يُوَرِّقُ عَلَى
جَدِّهِ وَعَمِّهِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ يَبِيعَ أَصلَ
نَفْسِه كُلَّ وَقتٍ.
وَوَافَيتُ العِرَاقَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَأَهْلُ العِلْمِ وَالمَشَايِخُ مِنْهُم
مُجْتَمِعُوْنَ عَلَى ضَعفِهِ، وَكَانُوا زَاهِدِينَ فِي
حُضُوْرِ مَجْلِسِهِ، وَمَا رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِهِ قَطُّ
- فِي ذَلِكَ الوَقْتِ - إِلاَّ دُوْنَ العَشرَةِ
غُرَباءَ، بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَ بَنُوهُ الغُرَباءَ
مَرَّةً بَعْدَ مرَّةٍ حُضُوْرَ مَجْلِسِ أَبِيْهِم،
فَيَقرَأُ عَلَيْهِم لَفظاً.
قَالَ:وَكَانَ مُجَّانُهُم يَقُوْلُوْنَ:فِي دَارِ ابْنِ
مَنِيْعٍ سَحَرَةٌ تَحمِلُ دَاوُدَ بنَ عُمَرَ الضَّبِّيَّ
مِنْ كَثْرَةِ مَا يَرْوِي عَنْهُ، وَمَا عَلِمتُ أَحَداً
حَدَّثَ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ أَكْثَرَ مِمَّا
حَدَّثَ هُوَ.
قَالَ:وَسَمِعَهُ قَاسِمٌ المَطَرِّزُ يَقُوْلُ:حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللهِ العَيْشِيُّ، فَقَالَ:فِي حِرِ أُمِّ مَنْ
يَكذِبُ.
وَتَكَلَّمَ فِيْهِ قَوْمٌ، وَنَسَبُوهُ إِلَى الكَذِبِ
عِنْدَ عَبْدِ الحَمِيْدِ الوَرَّاقِ، فَقَالَ:هُوَ
أَنعَشُ مِنْ أَنْ يَكذِبَ - يَعْنِي:مَا يُحْسِنُ - .
قَالَ:وَكَانَ بَذِيْءَ اللِّسَانِ، يَتَكَلَّمُ فِي
الثِّقَاتِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ يَوْمَ مَاتَ مُحَمَّدُ
بنُ يَحْيَى المَرْوَزِيُّ:أَنَا قَدْ ذَهَبَ بِي
__________
(1) 3 / 228 / ب.
(14/454)
عَمِّي إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ، وَعَاصِمِ
بنِ عَلِيٍّ، وَسَمِعْتُ مِنْهُمَا.
قَالَ:وَلَمَّا مَاتَ أَصْحَابُهُ، احْتَمَلَهُ النَّاسُ،
وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَنَفَقَ عِنْدَهُم، وَمَعَ
نِفَاقه وَإِسنَادِه كَانَ مَجْلِسُ ابْنِ صَاعِدٍ
أَضعَافَ مَجْلِسِهِ.
قُلْتُ:قَدْ أَسرَفَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَبَالَغَ، وَلَمْ
يَقْدِرْ أَنْ يُخَرِّجَ حَدِيْثاً غَلِطَ فِيْهِ، سِوَى
حَدِيْثَيْنِ، وَهَذَا مِمَّا يَقضِي لَهُ بِالحِفْظِ
وَالإِتْقَانِ؛لأَنَّه رَوَى أَزيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ
حَدِيْثٍ لَمْ يَهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، ثُمَّ عَطَفَ
وَأَنْصَفَ، وَقَالَ:
وَأَبُو القَاسِمِ كَانَ مَعَهُ طَرَفٌ مِنْ مَعْرِفَةِ
الحَدِيْثِ، وَمِنْ مَعْرِفَةِ التَّصَانِيْفِ، وَطَالَ
عُمُرُهُ، وَاحتَاجُوا إِلَيْهِ، وَقَبِلَهُ النَّاسُ،
وَلَوْلاَ أَنِّي شَرَطتُ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ
فِيْهِ مُتَكَلِّمٌ ذَكَرْتُهُ - يَعْنِي:فِي(الكَامِلِ) -
وَإِلاَّ كُنْتُ لاَ أَذكُرُهُ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ:أَبُو القَاسِمِ
البَغَوِيُّ مِنَ العُلَمَاءِ المُعَمَّرِيْنَ، سَمِعَ
دَاوُدَ بنَ رُشَيْدٍ، وَالحَكَمَ بنَ مُوْسَى،
وَطَالُوْتَ بنَ عَبَّادٍ، وَابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ...،
إِلَى أَنْ قَالَ:
وَعِنْدَهُ مائَةُ شَيْخٍ لَمْ يُشَارِكْهُ أَحَدٌ فِيهِم،
فِي آخِرِ عُمُرِهِ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى الشُّيُوْخِ.
قَالَ:وَهُوَ حَافِظٌ، عَارِفٌ، صَنَّفَ مُسْنَدَ
عَمِّهِ؛عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَقَدْ حَسَدُوهُ
فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَتَكَلَّمُوا فِيْهِ بِشَيْءٍ لاَ
يَقْدَحُ فِيْهِ، وَقَدْ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَاكِمَ، سَمِعْتُ البَغَوِيُّ
يَقُوْلُ:وَرَّقتُ لأَلْفِ شَيْخٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَيْمَانِيُّ،
الحَافِظُ:البَغَوِيُّ يُتَّهَمُ بِسَرِقَةِ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ:هَذَا القَوْلُ مَرْدُوْدٌ، وَمَا يَتَّهِمُ أَبُو
القَاسِمِ أَحَدٌ يَدْرِي مَا يَقُوْلُ، بَلْ هُوَ ثِقَةٌ
مُطلَقاً.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ الخُطَبِيُّ:مَاتَ أَبُو
القَاسِمِ البَغَوِيُّ الوَرَّاقُ لَيْلَةَ الفِطْرِ، مِنْ
سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ يَوْم
الفِطْرِ، وَقَدِ اسْتَكمَلَ مائَةَ
(14/455)
سَنَةٍ وَثَلاَثَ سِنِيْنَ وَشَهْراً
وَاحِداً.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ بَابِ
التِّبْنِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
قُلْتُ:قَدْ سَمِعُوا عَلَيْهِ يَوْم وَفَاتِهِ، فَذَكَرَ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ - فِي غَالِبِ ظَنِّي -
قَالَ:
كُنَّا نَسْمَعُ عَلَى البَغَوِيِّ، وَرَأْسُهُ بَيْنَ
رُكْبَتَيْهِ، فَرَفَعَ رَأْسه، وَقَالَ:كَأَنِّيْ بِهِم
يَقُوْلُوْنَ:مَاتَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَلاَ
يَقُوْلُوْنَ:مَاتَ مُسْنِدُ الدُّنْيَا.
ثُمَّ مَاتَ عَقِيبَ ذَلِكَ، أَوْ يَوْمَئِذٍ - رَحِمَهُ
اللهُ - .
قُلْتُ:وَهُوَ مِنَ الَّذِيْنَ جَاوَزُوا المائَةَ -
بِيَقِينٍ - كَالطَّبَرَانِيِّ، وَالسِّلَفِيِّ، وَقَدْ
أَفرَدْتُهُم فِي جُزْءٍ (2) خَتَمْتُهُ بِالشَّيْخِ
شِهَابِ الدِّيْنِ الحَجَّارِ.
وَمَاتَ مَعَ البَغَوِيِّ فِي سَنَةِ سَبْعَ
عَشْرَةَ:أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ
الأَشْعَرِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَشَيْخُ
الحَنَفِيَّةِ؛أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ
البَرْذَعِيُّ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ الحِيْرِيُّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَحَرمِيُّ بنُ أَبِي العَلاَءِ
المَكِّيُّ بِبَغْدَادَ، وَالقَاضِي أَبُو القَاسِمِ
بَدْرُ الدِّيْنِ بنُ الهَيْثَمِ بنِ خَلَفٍ الكُوْفِيُّ،
وَمُسْنِدُ أَصْبَهَانَ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ دَكَّةَ الفَرَضِيُّ، وَشَيْخُ
الشَّافِعِيَّةِ؛الزُّبَيْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ
البَصْرِيُّ الزُّبَيْرِيُّ، وَمُحَدِّثُ مِصْرَ؛أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ
الصَّيْقَلِ عَلاَّنُ، وَالثِّقَةُ أَبُو العَبَّاسِ
الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الزُّبَيْدِيُّ -
صَاحِبُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ - وَالحَافِظُ أَبُو
الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ
الطُّوْسِيُّ، وَالحَافِظُ الشَّهِيْدُ أَبُو الفَضْلِ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عَمَّارٍ الهَرَوِيُّ بِمَكَّةَ، وَمُسْنِدُ
مِصْرَ؛أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) في " تاريخه " 10 / 117.
(2) واسمه: " أهل المئة فصاعدا " وقد حققه الدكتور " بشار
عواد " ونشره سنة 1973 في مجلة " المورد " البغدادية،
المجلد الثاني، العدد الرابع، من ص 107 إلى ص 143.
(14/456)
زَبَّانَ بنِ حَبِيْبٍ الحَضْرَمِيُّ،
وَالزَّاهِدُ الوَاعِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
الفَضْلِ البَلْخِيُّ - خَاتِمَةُ أَصْحَابِ قُتَيْبَةَ
بنِ سَعِيْدٍ - .
248 - أَبُو صَخْرَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ
السَّامِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو صَخْرَةَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
هِلاَلٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ السَّامِيُّ، القُرَشِيُّ.
وَلَقَبُهُ:أَبُو صَخْرَةَ الكَاتِبُ، مِنَ المُعَمَّرِينَ
بِبَغْدَادَ.
سَمِعَ مِنْ:عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ
بنِ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
سُلَيْمَانَ لُوَيْنٍ، وَيَحْيَى بنِ أَكْثَمَ.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو بَكْرٍ
الوَرَّاقُ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ.
وَقَدْ كَتَبَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ:يَحْيَى بنُ
صَاعِدٍ.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ.
تُوُفِّيَ:فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
249 - عِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ
القُرَشِيُّ **
المُحَدِّثُ عِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ
القُرَشِيُّ، وَرَّاقُ دَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ.
يروِي عَنْهُ، وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
المَوْصِلِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ.
وَعَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ بنُ النَّخَّاسِ، وَمُحَمَّدُ
بنُ المُظَفَّرِ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 286 285، المنتظم: 6 / 169.
(* *) تاريخ بغداد: 11 / 175 174، المنتظم: 6 / 169.
(14/457)
الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
الشِّخِّيْرِ.
وَكَانَ ثِقَةً.
مَاتَ:فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
250 - الطَّيَالِسِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ *
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ الرَّازِيُّ،
الطَّيَالِسِيُّ، نَزِيْلُ قرمِيسِيْنَ (1) .
حَدَّثَ عَنْ:يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ
مُوْسَى الفَرَّاءِ، وَأَبِي مُصْعَبٍ،
وَالقَوَارِيْرِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حَكِيْمٍ الأَوْدِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ،
وَهَارُوْنَ الحَمَّالِ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الهَمَذَانِيُّ المُقْرِئُ، وَجَعْفَرٌ
الخُلْدِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الحَلَبِيُّ -
وَالِدُ عَلِيٍّ - وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ،
وَقَالَ:هُوَ ضَعِيْفٌ لَوِ اقتَصَرَ عَلَى سَمَاعِه.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:مَتْرُوكُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ:سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
عُبَيْدٍ يَقُوْلُ:تَكَلَّمُوا فِيْهِ، وَكَانَ فَهِماً
مُسِنّاً.
قُلْتُ:عَاشَ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 1 / 407 404، الأنساب: 375 / أ، المنتظم:
6 / 204 203، العبر: 2 / 157، ميزان الاعتدال: 3 / 448،
المغني في الضعفاء: 2 / 546، لسان الميزان: 5 / 23 22،
شذرات الذهب: 2 / 268.
(1) قال ياقوت في " معجم البلدان " 4 / 330: " قرميسين:
تعريب كرمان شاهان، بلد معروف، بينه وبين همذان ثلاثون
فرسخا قرب الدينور، وهي بين همذان وحلوان على جادة الحاج
".
(14/458)
أَنْبَأَنَا ابْنُ
البُخَارِيِّ:أَخْبَرْنَا ابْنُ الحَرَسْتَانِيِّ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنَا
الكَتَّانِيُّ، حَدَّثَنَا تَمَّامٌ، حَدَّثَنَا أَبُو
جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ بِحَلَبَ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ (1) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ غَزْوَانَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ،
حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ،
عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَجُلاً قَالَ:يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّ لِي
مَمْلُوكَيْنَ يَخُوْنُونِي وَيَضْرِبُونَنِي
وَيُكَذِّبُونَنِي، فَأَسُبُّهُمْ وَأَضْرِبُهُم، فَأَيْنَ
أَنَا مِنْهُم؟
قَالَ:(يُنْظَرُ فِي عِقَابِكَ وَذُنُوْبِهِم، فَإِنْ
كَانَ عِقَابُكَ دُوْنَ ذُنُوْبِهِم، كَانَ لَكَ الفَضْلُ
عَلَيْهِم، وَإِلاَّ اقْتُصَّ مِنْكَ).
فَبَكَى، فَقَالَ:(أَمَا تَقْرَأُ:{وَنَضَعُ المَوَازِيْنَ
القِسْطَ} [الأَنْبِيَاءُ:47].
هَذَا مُنْكَرٌ جِدّاً (2) .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
السَّلاَمِ:أَنْبَأَتْنَا زَيْنَبُ الشَّعْرِيَّةُ،
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا
الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ
__________
(1) هو في " المسند " 6 / 281 280 بهذ السند، وأخرجه
الترمذي (3165) في تفسير سورة الأنبياء، من طريق مجاهد بن
موسى، والفضل بن سهل الاعرج، وغير واحد، قالوا: حدثنا عبد
الرحمن بن غزوان قراد وقال الترمذي: " هذا حديث غريب لا
نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن غزوان ".
وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 320 319 وزاد نسبته
إلى ابن جرير في " تهذيبه " وابن المنذر، وابن أبي حاتم،
وابن مردويه، والبيهقي في " شعب الايمان ".
(2) في " ميزان الاعتدال " للمؤلف: 2 / 581 في ترجمة عبد
الرحمن بن غزوان قراد: سئل أحمد بن صالح عن حديثه هذا
فقال: هذا حديث موضوع.
وقال أبو أحمد الحاكم: روى عن الليث حديثا منكرا.
وقال ابن حيان: كان يخطئ، يتخالج في القلب منه لروايته عن
الليث، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قصة
المماليك.
وقال الحافظ ابن حجر في " مقدمة فتح الباري ": أخطأ في
سنده، وإنما رواه عن الليث، عن زياد بن عجلان، عن زياد
مولى ابن عباس مرسلا، بينه الدارقطني في غرائب =
(14/459)
اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- أَتَى وَهُوَ بِالعَقِيْقِ، فَقِيْلَ:(إِنَّك بِوَادٍ
مُبَارَكٍ).
__________
= مالك، والحاكم أبو أحمد في " الكنى " وغير واحد. وقال
الخليلي: قراد قديم، ينفرد عن الليث بحديث لا يتابع عليه
يعني هذا الحديث.
(1) إسناده ضعيف لضعف المترجم، وأخرجه البخاري: 3 / 310 في
الحج: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العيق واد مبارك،
وأبو داود (1800) وأحمد: 1 / 24 من طرق عن الاوزاعي، حدثني
يحيى بن أبي كثير، حدثني عكرمة: أنه سمع ابن عباس يقول:
سمع عمر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم بوادي العقيق يقول: " أتاني الليلة آت من ربي فقال:
صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة ".
(14/460)
|