سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة الطَّبَقَةُ السَّادِسَةَ عَشَرَةَ
209 - الكَجِّيّ أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيْم بن عَبْد
الله *
الشَّيْخ، الإِمَام، الحَافِظ، المُعَمَّر، شَيْخ
الْعَصْر، أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ اللهِ
بنِ مُسْلِم بنِ مَاعز (1) بن مُهَاجر البَصْرِيّ،
الكَجِّيّ، صَاحِب (السُّنَن).
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ وَمئَة.
وَسَمِعَ فِي الحدَاثَة مِنْ: أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْل،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيّ، وَمُعَاذ بن
عوذ الله، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن حَمَّادٍ الشُّعَيْثِي،
وَعَبْد المَلِك بن قَرِيْب الأَصْمَعِيّ، وَسَعِيْد بن
سَلاَّمٍ العَطَّار، وَأَبِي زَيْدٍ سَعِيْد بن أَوس
الأَنْصَارِيّ، وَبدل بن المُحَبَّر، وَمُسْلِم بن
إِبْرَاهِيْم وَعَبْد اللهِ بن رَجَاءَ، وَحَجَّاج بن
نُصَيْر، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَحَجَّاج بن منهَال،
وَأَبِي عُمَر
__________
(*) الفهرست: المقالة السادسة: الفن السادس، تاريخ بغداد:
6 / 120 - 124، المنتظم: 6 / 50 - 52، اللباب: 3 / 85،
تذكرة الحفاظ: 2 / 620 - 261، عبر
المؤلف: 2 / 92 - 93، الوافي بالوفيات: 6 / 29 - 30،
البداية والنهاية: 11 / 99، طبقات الحفاظ، 273، طبقات
المفسرين: 2 / 11، شذرات الذهب: 2 / 210، طبقات الحفاظ:
273، طبقات المفسرين: 2 / 11، شذرات الذهب: 2 / 210،
الأنساب 10 / 359.
والكجي، بفتح الكاف، وتشديد الجيم: نسبة إلى الكج: وهو
الحص.
(1) في " اللباب ": " باعز " وهو تحريف.
(13/423)
الضَّرير، وَسُلَيْمَان بن دَاوُد
الهَاشِمِيّ، وَعُثْمَان بن الهَيْثَم المُؤَذِّن،
وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعِنْدَهُ عِدَّة أَحَادِيْث ثلاَثيَّة السَّند.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ، وَفَاروق الخطَّابِي، وَحَبيب القَزَّاز،
وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ القَطِيْعِيّ، وَالحَسَن بن سَعْد
القُرْطُبِيّ، وَالقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال،
وَأَحْمَد بن طَاهِرٍ المِيَانجِي، وَأَبُو بَكْرٍ
الآجُرِّيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَاسِي، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرهُ.
وَكَانَ سَرِيّاً نبيلاً متمولاً، عَالِماً بِالحَدِيْثِ
وَطُرقه، عَالِي الإِسْنَاد، قَدِمَ بَغْدَاد
وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ
الخُتُّلِي:
لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيّ، أَملَى
عَلَيْنَا فِي رَحْبَة غَسَّان، وَكَانَ فِي مَجْلِسه
سَبْعَةُ مُسْتَمْلِين، يُبَلِّغ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُم
صَاحِبَه الَّذِي يَلِيهِ، وَكَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ
قيَاماً، ثُمَّ مُسِحَتِ الرَّحْبَة، وَحُسِبَ مَن حَضَرَه
بِمِحْبَرَة، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ
أَلف مِحبرَة، سِوَى النَّظَّارَة.
إِسنَادهَا صَحِيْح، سَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1)
مِنْ بُشرَى الفَاتِنِي (2) ،
قَالَ: سَمِعْتُ الخُتُّلِيّ يَقُوْلُ ذَلِكَ.
وَقَالَ غُنْجَارُ فِي (تَارِيْخ بُخَارَى): أَخْبَرَنَا
أَبُو نَصْرٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ:
__________
(1) تاريخ بغداد: 6 / 121 - 122.
(2) الفاتني: نسبة إلى: فاتن مولى المطيع لله.
قال ابن الأثير في " اللباب ": 1 / 401: " والمشهور بها
بشرى الرومي أبو الحسن الفاتني، مولى فاتن، وكان أسر من
بلاد الروم، فأهداه بعض أمراء بني حمدان إلى فاتن، فاشتغل
بالعلم وسماع الحديث...وتوفي يوم عيد الفطر، سنة إحدى
وثلاثين وأربعمئة ".
(13/424)
سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّدٍ الطبسِي (1)
يَقُوْلُ:
كُنَّا بِبَغْدَادَ، وَمَعَنَا عَبْد اللهِ مستملِي صَالِح
جَزَرَة، فَقِيْلَ لأَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيّ: هَذَا
مستملِي صَالِح.
قَالَ: وَمن صَالِح؟
فَقِيْلَ: صَالِح الجَزَرِيّ.
قَالَ: وَيْحَكم، مَا أَهونَه عندكُم! أَلاَ تَقُوْلُ:
سَيِّد المُسْلِمِيْنَ، وَكُنَّا فِي أُخريَات النَّاس
فَقَدمنَا.
فَقَالَ: كَيْفَ أَخِي وَكبيرِي؟ مَا تريدُوْنَ؟
فَقُلْنَا: أَحَادِيْث مُحَمَّد بن عَرْعَرَةَ، وَحكَايَات
الأَصْمَعِيّ:
فَأَملَى عَلَيْنَا عَنْ ظهر قلب، وَكَانَ ضَرِيْراً
مَخْضُوب اللِّحْيَة.
عَنْ فَاروق الخطَابِي، قَالَ: لَمَّا فرغنَا مِن السُّنَن
عَلَى الكَجِّيّ، عَمل لَنَا مأَدُبَة، أَنفق عَلَيْهَا
أَلف دِيْنَار، وَقَدْ مدح الكَجِّيّ أَبُو عبَادَة
البحترِي (2) ، فَأَجَازَهُ بِمَالٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا حَدَّثَ، تصدَّق بِعَشْرَةِ
آلاَف دِرْهَم شكراً للهِ.
مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي سَابع المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَنُقِل إِلَى البَصْرَة،
وَدُفِنَ بِهَا، وَقَدْ قَارب المئَة -رَحِمَهُ اللهُ-.
210 - بَكْرُ بنُ سَهْل الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُم *
ابْن إِسْمَاعِيْل بن نَافِعٍ الإِمَام، المُحَدِّث، أَبُو
مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيّ مَوْلاَهُمُ، الدِّمْيَاطي،
المفسِّر، المُقْرِئ.
__________
(1) الطبسي، بفتح الطاء والباء: نسبة إلى طبس: مدينة بين
نيسابور وأصبهان وكرمان (اللباب). وانظر: " المشتبه ":
420، و" التبصير ": 875.
(2) للبحتري غير قصيدة يمدح بها الكجي. انظر ديوانه (ط.
دار المعارف بمصر): 1 / 457 - 459، 514 - 515، 561 - 562،
و: 3 / 1539 - 1540.
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 3 / 309 ب - 310 أ، ميزان
الاعتدال: 1 / 345 - 346، عبر المؤلف: 832، طبقات القراء
لابن الجزري: 1 / 178، لسان الميزان: 2 / 51 - 52، طبقات
المفسرين: 1 / 117 - 118، شذرات الذهب 2 / 201، تهذيب
بدران: 3 / 288 - 289.
(13/425)
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمئَة.
وَسَمِعَ: نُعَيْم بن حَمَّادٍ، وَعَبْد اللهِ بن يُوْسُفَ
التِّنِّيْسِيّ، وَعَبْد اللهِ بن صَالِحٍ، كَاتب
اللَّيْث، وَسُلَيْمَان بن أَبِي كَرِيْمَة، وَشُعَيْب بن
يَحْيَى، وَمُحَمَّد بن مَخْلَدٍ الرُّعَيْنِيّ،
وَصَفْوَان بن صَالِحٍ، وَطَائِفَةً.
وَتلاَ عَلَى تَلاَمِذَة وَرْش.
قرأَ عَلَيْهِ: أَبُو الحَسَن بن شَنَبُوْذَ، وَزَكَرِيَّا
بن يَحْيَى الأَنْدَلُسِيّ.
وَحَمَلَ عَنْهُ أَحْمَد بن يَعْقُوْبَ التَّائِب
الحُرُوْف، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْد الرَّزَّاقِ فِي
كِتَابِهِ إِليهُمَا.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ، وَأَبُو
العَبَّاسِ الأَصَمّ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ،
وَأَحْمَد بن عُتْبَةَ الرَّازِيّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
العسَّال، وَأَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ أَسمر، رَبْعَة (1) ، كَبِيْر الأُذُنَيْن.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: كَانُوا قَدْ جمعُوا لَهُ
بِالرَّملَة خَمْس مئَة دِيْنَار، ليقرأَ لَهُم
التَّفْسِيْر، فَامْتَنَعَ، وَقَدِمَ بَيْت المَقْدِس،
فجمعَ لَهُ مِنْهَا وَمن الرملَة أَلف دِيْنَار، فَقَرَأَ
عَلَيْهِم الكِتَاب، وَمَاتَ فِي هَذِهِ السّنَة، أَي
سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيْف.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بن يُوْنُسَ: مَاتَ بدمِيَاط فِي
رَبِيْع الأَوَّلِ، سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: هَذَا أَصحّ.
__________
(1) رجل ربعة: مربوع الخلق لا طويل ولا قصير.
(13/426)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ القَبَّاب: سَمِعْتُ
أَبَا الحَسَنِ بن شَنَبُوذَ، سَمِعْتُ بَكْر بن سَهْل
الدِّمْيَاطي يَقُوْلُ:
هَجَّرْت - أَي بَكرت - يَوْم الجُمُعَة، فَقَرَأْتُ إِلَى
العَصْر ثَمَان ختمَات (1) .
حَكَاهُ يَحْيَى بن مَنْدَةَ فِي (تَارِيْخِهِ).
211 - الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ أَبُو عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ
*
هُوَ: الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، النَسَّابَةُ،
الأَخْبَارِي، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ
عبد الرَّحْمَن بن فَهْم بن مُحْرِزٍ البَغْدَادِيّ.
رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ سَلاَّم الجُمَحِيّ، وَخَلف
هِشَام، وَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّد بن سَعْدٍ
الكَاتِب - وَلَزِمه وَأَكْثَر عَنْهُ - وَمُحْرز بن
عَوْنٍ، وَمُصْعَب بن عَبْدِ اللهِ، وَزُهَيْر بن حَرْب،
وَطَبَقَتهم.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مَعْرُوف الخَشَّاب،
وَأَحْمَد بن كَامِلٍ، وَإِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَأَبُو
عَلِيٍّ الطُّومَارِي، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ لَهُ جلسَاء مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يذَاكرُهُم،
لكنَّه عَسِرٌ فِي الرِّوَايَة.
وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ الخُطَبِيّ: مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ إِحْدَى
عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) هذا غير معقول، ولا هو داخل في نطاق الجائز، فإن
الحافظ مهما كان قوي الحفظ لا يتيسر له أن يختم القرآن مرة
واحدة بأقل من عشر ساعات، كما هو معلوم أو مشاهد، فكيف
يقرأ في هذه الفترة ثمان ختمات ؟ ! ! * تاريخ بغداد: 8 /
92 - 93، المنتظم: 6 / 36، تذكرة الحفاظ، 2 / 680، عبر
المؤلف: 2 / 83، البداية والنهاية: 11 / 95 - 96، طبقات
الحفاظ: 295 - 296، شذرات الذهب: 2 / 201.
(13/427)
وَقَالَ ابْنُ كَامِلٍ القَاضِي: كَانَ
حَسَنَ المَجْلِس، مُفَنَّناً فِي العُلوم، كَثِيْر
الحِفْظِ لِلْحَدِيْثِ؛ مُسْنَدِه وَمقطوعِه، وَلأَصنَافِ
الأَخْبَار وَالنَّسَب وَالشِّعر وَالمعْرِفَة
بِالرِّجَال، فَصِيْحاً، متوسطاً فِي الفِقْهِ، يمِيل
إِلَى مَذْهَب العِرَاقِيِّين، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: صحبتُ
يَحْيَى بن مَعِيْنٍ، فَأَخَذْتُ عَنْهُ مَعْرِفَة
الرِّجَال، وَصحبتُ مُصْعَباً، فَأَخذت عَنِه النَّسَب،
وَصحبتُ أَبَا خَيْثَمَةَ، فَأَخَذْتُ عَنْهُ (المُسْنَد)،
وَصحبت سَجَّادَةَ (1) ، فَأَخذت عَنْهُ الفِقْهَ (2) .
212 - الصَّائِغ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
المَكِّيّ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ،
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ المَكِّيُّ الصَّائِغُ.
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَخَالِد بن يَزِيْدَ العُمَرِيّ،
وَحَفْص بن عُمَرَ الحَوْضي، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ،
وَمُحَمَّد بن مُعَاوِيَةَ، وَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ،
وَمُحَمَّد بن بِشْرٍ التِّنِّيْسِيّ، وَأَحْمَد بن
شَبِيْبٍ، وَحَفْص بن عُمَرَ الجُدِّي (3) ،
وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن
كَاسِب، وَعِدَّة، مَعَ الصِّدْق وَالفَهْم وَسَعَة
الرِّوَايَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: دَعْلَج بن أَحْمَدَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
الفَاكهِي، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ مِنَ الرَّحَّالين.
__________
(1) هو: الحسن بن حماد، أبو علي الحضرمي البغدادي المتوفى
سنة (240 ه).
انظر: عبر المؤلف: 1 / 435 - 436.
(2) تاريخ بغداد: 8 / 93.
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 659، في نهاية ترجمة البوشنجي، عبر
المؤلف: 2 / 90، شذرات الذهب: 2 / 209.
(3) بضم الجيم، كما في " التبصير ": 309
(13/428)
أَرَّخ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ
وَفَاته: سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَالصَّوَاب: وَفَاته بِمَكَّةَ فِي ذِي القَعْدَةِ،
سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
213 - مَاغَمَّه أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيّ
البَغْدَادِيّ عَلاَّن، وَيُلَقَّبُ أَيْضاً: مَاغَمَّه،
وَمَاغَمَّهَا.
سَمِعَ: مَسْرُوْق بن المَرْزُبَان، وَعُبَيْد اللهِ
القَوَارِيْرِيّ، وَأَبَا مَعْمَرٍ الهُذَلِيّ،
وَالجَرَّاح بن مَخْلَدٍ، وَطَبَقَتهُم.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ، وَعَبْد البَاقِي بن
قَانع، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَه أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) .
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
214 - ابْنُ بَشَّار أَبُو القَاسِمِ عُثْمَان بن سَعِيْدٍ
البَغْدَادِيّ **
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو
القَاسِمِ، عُثْمَان بن سَعِيْدِ بنِ بَشَّار
البَغْدَادِيّ، الفَقِيْه، الأَنمَاطي، الأَحْوَل.
ارْتَحَلَ، وَتَفَقَّهَ عَلَى المُزَنِيّ، وَالرَّبِيْع
المُرَادِيّ، وَرَوَى عَنْهُمَا.
__________
(*) تاريخ بغداد: 12: 28، طبقات الحنابلة: 1 / 228 - 229،
اللباب: 2 / 367، عبر المؤلف: 2 / 83، شذرات الذهب: 2 /
201.
(1) تاريخ بغداد: 12 / 28.
(* *) تارخ بغداد: 11 / 292 - 293، وفيات الأعيان: 3 /
241، عبر المؤلف: 2 / 81، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 301
- 302، البداية والنهاية: 11 / 85، شذرات الذهب: 2 / 198.
(13/429)
وَيَعِزُّ وَقوعُ شَيْء مِنْ حَدِيْثِهِ،
لأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَوَان الرِّوَايَة.
وَعَلِيهِ تَفَقَّهَ أَبُو العَبَّاسِ بن سُرَيْج،
وَغَيْرهُ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: هُوَ كَانَ السَّبَب فِي
نَشَاط النَّاس بِبَغْدَادَ لكتب فَقه الشَّافِعِيّ
وَتحفُّظِه.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ.
215 - ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ أَحْمَد بن عَمْرِو أَبُو
بَكْرٍ الشَّيْبَانِيّ *
حَافظٌ كَبِيْرٌ، إِمَامٌ، بارعٌ، مُتَّبعٌ للآثَار،
كَثِيْرُ التَّصَانِيْف.
قَدِمَ أَصْبَهَان عَلَى قَضَائِهَا، وَنَشَرَ بِهَا
عِلمه.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: كَانَ مِنَ الصِّيَانَة وَالعِفَّة
بِمَحَلٍّ عَجِيْب.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه: حَافظٌ، كَثِيْرُ
الحَدِيْثِ، صَنَّفَ (المُسْنَد) وَالكُتُب.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ النَّسَوِي: أَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي عَاصِمٍ، وَهُوَ: أَحْمَد بن عَمْرِو بنِ
الضَّحَّاكِ بن مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيّ، مِنْ أَهْلِ
البَصْرَةِ، مِنْ صُوفيَة المَسْجَد، مِنْ أَهْلِ
السُّنَّة وَالحَدِيْث وَالنُّسك وَالأَمْر بِالمَعْرُوف
وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر، صَحِبَ النُّسَّاك، مِنْهُم:
أَبُو تُرَاب، وَسَافَرَ مَعَهُ، وَكَانَ مَذْهَبَه
القَوْلُ بِالظَّاهِر، وَكَانَ ثِقَةً نبيلاً مُعَمَّراً.
__________
(*) الجرح والتعديل: 2 / 67، ذكر أخبار أصبهان: 1 / 100 -
101، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 أ - 26 أ، تذكرة الحفاظ:
2 / 640 - 641، عبر المؤلف: 2 / 79، الوافي بالوفيات: 7 /
269 - 270، لسان الميزان: 6 / 349 - 350، شذرات الذهب: 2 /
195 - 196، تهذيب بدران: 1 / 418، طبقات المحدثين بأصبهان
ورقة 108.
(13/430)
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ
فَقِيْهاً، ظَاهِرِي المذْهب (1) .
وفِي هَذَا نَظَرَ، فَإِنَّهُ صَنَّفَ كِتَاباً عَلَى
دَاوُدَ الظَّاهِرِي أَرْبَعِيْنَ خبراً ثَابِتَة، مِمَّا
نفَى دَاوُد صحَّتهَا.
قَالَتْ بنته عَاتِكَة: وُلد أَبِي فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ
سِتٍّ وَمائَتَيْنِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا كَتَبْتُ
الحَدِيْثَ حَتَّى صَارَ لَى سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً،
وَذَلِكَ أَنِّي تعبَّدْتُ وَأَنَا صَبِيّ، فسأَلنِي
إِنسَان عَنْ حَدِيْثٍ، فَلَمْ أَحفظه، فَقَالَ لِي: ابْن
أَبِي عَاصِمٍ لاَ تحفظ حَدِيْثاً؟! فَاسْتَأَذنتُ أَبِي،
فَأَذِن لِي، فَارتحلتُ.
قُلْتُ: كَانَ يُمكنُه أَنْ يحفَظَ أَحَادِيْث يَسيرةً
مِنْ جدِّه أَبِي عَاصِمٍ.
وَأُمُّهُ هِيَ: أَسْمَاء بِنْتُ الحَافِظ مُوْسَى بن
إِسْمَاعِيْلَ التَّبُوْذَكِيّ، فسَمِعَ مِنْ جدِّه
التَّبُوْذَكِيّ، ومِن والِدِه، وَمَاتَ وَالده بحِمْص
عَلَى قضَائِهَا: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
وَكَانَ وَأَخُوْهُ عُثْمَان بن عَمْرِو بنِ أَبِي عَاصِمٍ
مِنْ كِبَارِ العُلَمَاء.
قَالَ ابْنُ عَبْدَكَويه: سَمِعْتُ عَاتِكَة بِنْتَ
أَحْمَد تَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
جَاءَ أَخِي عُثْمَان عهدُه بِالقَضَاء عَلَى سَامَرَّاء،
فَقَالَ: أَقْعُدُ بَيْنَ يَدَي الله تَعَالَى قَاضِياً؟!
فَانْشَقَّت مرَارَتُه، فَمَاتَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدَكَويه: أَخْبَرَتْنَا عَاتِكَة:
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
خَرَجتُ إِلَى مَكَّةَ مِنَ الكُوْفَةِ، فَأَكَلتُ
أَكْلَةً بِالكُوْفَةِ، وَالثَّانِيَة بِمَكَّةَ.
قُلْتُ: إِسنَادُهَا صَحِيْح.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: سَمِعْتُ ابْني عَبْد الرَّزَّاقِ
يحكِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ
__________
(1) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 100.
(13/431)
الكِسَائِيّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَهُ -يَعْنِي: ابْن أَبِي عَاصِمٍ- فَقَالَ
وَاحِدٌ: أَيُّهَا القَاضِي! بَلَغنَا أَن ثَلاَثَةَ نَفَر
كَانُوا بِالبَادِيَة، وَهُم يقلبوْنَ الرَّمل، فَقَالَ
وَاحِدٌ مِنْهُم: اللَّهُمَّ إِنَّك قَادِرٌ عَلَى أَنْ
تطمعنَا خبيصاً (1) عَلَى لُوْنَ هَذَا الرَّمل.
فَإِذَا هُم بِأَعْرَابِيّ بِيَدِهِ طَبَقٌ، فَوَضَعَه
بينهُم، خبيصٌ حَارٌّ.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: قَدْ كَانَ ذَاكَ.
قَالَ أَبُو (2) عَبْدِ اللهِ: كَانَ الثَّلاَثَة:
عُثْمَان بن صَخْر الزَّاهِد، وَأَبُو تُرَاب، وَابْن
أَبِي عَاصِمٍ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي دَعَا (3) .
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي
عَاصِمٍ قَالَ:
صحبتُ أَبَا تُرَاب، فَقَطَعُوا البَادِيَة، فَلَمْ يَكُنْ
زَادٌ إِلاَّ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ:
رُوَيْدَكَ جَانِبْ رُكُوْبَ الهَوَى ... فَبِئْسَ
المَطِيَّة للرَّاكِبِ
وَحَسْبُكَ بِاللهِ مِنْ مُؤْنِسٍ ... وَحَسْبُكَ بِاللهِ
مِنْ صَاحِبِ
وَكَانَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مُجَوِّداً للقرَاءة، وَكَانَ
يَقُوْلُ:
أَنَا أُقَدِّمُ نَافعاً فِي القِرَاءةِ، وَكَانَ
يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ قرأَ عَلَى رَوْحِ بنِ عَبْدِ
المُؤْمِنِ غَيْرِي -يَعْنِي: صَاحِب يَعْقُوْب-.
ابْن مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّد بن
عِيْسَى، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ
المَدِيْنِيّ البَزَّاز يَقُوْلُ:
قَدمْتُ البَصْرَة وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ حَيّ، فَسَأَلْتُ
عَنْ أَفقهِهِم، فَقَالُوا: لَيْسَ بِالبَصْرَةِ أَفقهُ
مِنْ أَحْمَد بن عَمْرِو بنِ أَبِي عَاصِمٍ.
__________
(1) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن.
(2) في الأصل: " ابني ".
(3) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 ب.
(13/432)
أَبُو الشَّيْخِ: سَمِعْتُ ابْني عَبْد
الرَّزَّاقِ يحكِي عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَاصِمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
وَصَلَ إِلَيَّ مُنْذُ دَخَلْتُ إِلَى أَصْبَهَانَ مِنْ
دَرَاهم القَضَاء زِيَادَة عَلَى أَرْبَع مائَة أَلْف
دِرْهَم، لاَ يُحَاسبنِي الله يَوْمَ القِيَامَةِ أَنِّي
شَرِبتُ مِنْهَا شربَة مَاء، أَوْ أَكَلتُ مِنْهَا، أَوْ
لَبست.
وَأَورد هَذِهِ الحِكَايَة ابْن مَرْدَوَيْه، فَقَالَ:
أُرَى أَنِّي سَمِعتُهَا مِنْ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ
عَاصِمٍ.
أَبُو الشَّيْخِ: وَسَمِعْتُ ابْني يحكِي عَنْ أَبِي
عَبْدِ اللهِ الكِسَائِيّ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ
يَقُوْلُ:
لَمَّا كَانَ مِنْ أَمر العَلَوِيّ بِالبَصْرَةِ مَا
كَانَ، ذَهَبَتْ كُتُبِي، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ،
فَأَعدتُ عَنْ ظهر قلبِي خَمْسِيْنَ أَلف حَدِيْث، كُنْت
أَمُرُّ إِلَى دُكَّانَ البَقَّال، فكُنْتُ أَكتبُ بضوءِ
سِرَاجِه، ثُمَّ تَفَكَّرْت أَنِّي لَمْ أَستَأَذن صَاحِب
السِّرَاج، فَذَهَبتُ إِلَى البَحْر فَغَسَلْتُه، ثُمَّ
أَعدتُه ثَانياً (1) .
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: فولِي القَضَاء بِأَصْبَهَانَ
مُدَّة لإِبْرَاهِيْم بن أَحْمَدَ الخَطَّابِي، ثُمَّ
وَلِي القَضَاء بَعْد مَوْتِ صَالِح بن أَحْمَدَ إِلَى
سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، ثُمَّ
بَقِيَ يُحَدِّث وَيُسْمَع مِنْهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
وَكَانَ قَاضِياً ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكثرتِ
الشُّهُود فِي أَيَّامِهِ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: عُزل سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ خَفِيف: قَالَ ابْنُ أَبِي
عَاصِمٍ:
صحبتُ أَبَا تُرَاب، فَكَانَ يَقُوْلُ: كم تَشْقَى! لاَ
يَجِيْءُ مِنْكَ إِلاَّ قَاضِي.
وَكَانَ بَعْدمَا دَخَلَ فِي القَضَاءِ إِذَا سُئِلَ عَنْ
مَسْأَلَةِ الصُّوْفِيَّة، يَقُوْلُ: القَضَاء وَالدَّنيَة
وَالكَلاَم فِي عِلْم الصُّوْفِيَّة مُحَال (2).
__________
(1) انظر: شذرات الذهب: 2 / 195.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 ب.
(13/433)
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: كثرت الشُّهُود فِي
أَيَّامِهِ، وَاسْتقَامَ أَمرُه، إِلَى أَنْ وَقَعَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيّ بن مَتَّويه، وَكَانَ صديقه طول
أَيَّامه، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ صَارَ إِلَى ابْنِ مَتَّويه
قَوْمٌ مِنَ المرَابطين، فَشَكَوا إِلَيْهِ خَرَاب
الرِّباطَات، وَتَأَخر الإِجرَاء عَنْهُم، فَاحتدَّ
عَلِيُّ بنُ مَتَّويه، فَذَكَرَ ابْن أَبِي عَاصِمٍ حَتَّى
قَالَ: إِنَّهُ لاَ يحسن يُقَوِّم سُوْرَة {الحَمْد}.
فَبلغ الخَبَر ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ، فَتَغَافَل عَنْهُ
إِلَى أَنْ حَضَر الشُّهُود عِنْدَهُ، فَاسْتدرَجَهم،
وَقرأَ عَلَيْهِم سُوْرَة {الْحَمد }، فَقَوَّمهَا، ثُمَّ
ذكر مَا فِيْهَا مِنَ التَّفْسِيْر وَالمعَانِي، ثُمَّ
أَقبل عَلَيْهِم، فَقَالَ: هَلْ ارتضيْتُم؟
قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: فَمَنْ زَعَمَ أَنِّي لاَ أَحسن تَقْوِيم سُوْرَة*
{الْحَمد } كَيْفَ هُوَ عندكُم؟
قَالُوا: كَذَّاب.
وَلَمْ يَعْرِفُوا قَصْدَهُ، فَحَجَر ابْن أَبِي عَاصِمٍ
عَلَى عَلِيّ بن مَتَّويه لِهَذَا السَّبَب.
فَمَاجَ النَّاسُ، وَاجتَمَعُوا عَلَى بَاب أَبِي لَيْلَى
-يَعْنِي: الحَارِث بن عَبْد العَزِيْز- وَكَانَ خَلِيْفَة
أَخِيْهِ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز عَلَى الْبَلَد،
وَذَلِكَ فِي سَنَةِ (281) فَأَكرهَه أَبُو لَيْلَى عَلَى
فَسْخِهِ، فَفَسَخَهُ ثُمَّ ضَعُفَ بَصَرُه، فَوَرَدَ
صرفُه.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ: سَمِعْتُ بَعْضَ
مَشَايِخنَا يحكُون أَنَّهُ حكم بِحَجْرِهِ وَوَضَعَه فِي
جُوْنَتِه (1) ، فَأَنفذَ إِلَيْهِ السُّلْطَان، يُكْرهونه
عَلَى فَسخه، فَامْتَنَعَ حَتَّى مُنع مِنَ الخُرُوج إِلَى
المَسْجَد أَيَّاماً، فَصَبَرَ، وَكَانَتِ الرُّسُل
تختَلِفُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَيَقُوْلُ: قَدْ حكمتُ
بحكمٍ وَهُوَ فِي جُوْنتِي مَخْتوم، فَمَنْ أَحَبَّ
إِخرَاجَ ذَلِكَ مِنْهَا فَلْيَفْعَل مِنْ دُوْنَ أَمرِي.
فَلَمْ يَقْدرُوا إِلَى أَنْ طُيِّب قلبُه، فَأَخرَجَه
وَفسخه.
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ: وَجَدْتُ بِخَط بَعْضِ
قُدمَاءِ عُلَمَاء أَصْبَهَان، فِيمَا جَمع مِنْ
قُضَاتهَا، قَالَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ
الخَطَّابِي.
وَافَى أَصْبَهَان مِنْ
__________
(1) الجونة: سليلة مستديرة مغشاة أدما.
(13/434)
قِبَل المُعْتَزّ، وَكَانَ مِنْ أَهْل
الأَدب وَالنَّظَر، فَلَمَّا قَدِمَهَا صَادَفَ بِهَا ابْن
أَبِي عَاصِمٍ، فَجَعَلَه كَاتِبَه، وَعَلَيْهِ كَانَ
يُعَوِّل، ثُمَّ وَافَى صَالِح بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ
مِنْ قَبْل المُعْتَمِد، وَانقَطَعَ القُضَاة عَنْ
أَصْبَهَان مُدَّة، إِلَى أَنْ وَرَدَ كِتَاب المُعْتَمِد
عَلَى ابْن أَبِي عَاصِمٍ بِتَوليتِه القَضَاء، وَكَانَ
فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَبقي
عَلَيْهَا ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَاسْتقَام أَمره إِلَى
أَنْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيّ بن مَتَّويه زَاهِد
البَلد.
قَالَ: وَولِي بَعْدَهُ القَضَاء الوَلِيْد بن أَبِي
دُاود.
أَبُو العَبَّاسِ النَّسَوِي: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ
مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِم، سَمِعْتُ مُحَمَّد بن خَفيف
يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الحَكيمِي يَقُوْلُ:
ذَكرُوا عِنْد لَيْلَى (1) الدَّيْلَمِي أَنَّ أَبَا
بَكْرٍ بنَ أَبِي عَاصِمٍ نَاصِبِي (2) ، فَبَعَثَ
غُلاَماً لَهُ وَمخلاَةً وَسَيفاً (3) ، وَأَمره أَنْ
يَأْتيه بِرَأْسِهِ، فَجَاءَ الغُلاَم، وَأَبُو بَكْرٍ
يقرأُ الحَدِيْث، وَالكِتَابُ فِي يَده، فَقَالَ: أَمرنِي
أَنْ أَحمل إِلَيْهِ رَأْسك.
فنَام عَلَى قَفَاهُ، وَوَضَعَ الكِتَاب الَّذِي كَانَ فِي
يَده عَلَى وَجهِه، وَقَالَ: افْعَل مَا شِئْتَ.
فَلحقه إِنسَانٌ، وَقَالَ: لاَ تَفْعل، فَإِنَّ الأَمِيْرَ
قَدْ نهَاكَ.
فقَام أَبُو بَكْرٍ وَأَخَذَ الجُزْءَ، وَرَجَعَ إِلَى
الحَدِيْث الَّذِي قَطَعَه، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ (4) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ أَحْمَدَ
بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
مَاتَ أَحْمَدُ بنُ عَمْرو سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ،
لَيْلَة الثُّلاَثَاء، لخمسٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيْعٍ
الآخِرِ.
وَذكر عَنْ أَبِي الشَّيْخ، قَالَ: حَضَرْتُ جِنَازَة
أَبِي بَكْرٍ، وَشهدهَا مئتَا
__________
(1) في تاريخ ابن عساكر: خ: " ليل ".
(2) ناصبي: أي مبغض لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(3) في تاريخ ابن عساكر: خ: " معه سيف ومخلاة ".
(4) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 ب.
(13/435)
أَلفٍ مِنْ بَيْنِ رَاكبٍ وَرَاجلٍ، مَا
عدَا رَجُلاً كَانَ يتولَّى القَضَاء، فَحُرِمَ شُهُوْد
جِنَازَته، وَكَانَ يرَى رَأْي جَهْم (1) .
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: سَمِعْتُ ابْني عَبْد الرَّزَّاقِ
يحكِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الكِسَائِيّ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْن عَاصِم فِيمَا يرَى النَّائِم، كَأَنَّهُ
كَانَ جَالِساً فِي مَسْجِد الجَامع، وَهُوَ يُصَلِّي مِنْ
قُعُود، فَسَلَّمتُ عَلَيْهِ، فردَّ عَلِيَّ، وَقُلْتُ
لَهُ: أَنْتَ أَحْمَد بن أَبِي عَاصِمٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: يُؤنسنِي رَبِّي.
قُلْتُ: يُؤنسك رَبُّكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فشَهقْتُ شَهْقَةً وَانتبهتُ (2) .
ذِكْرُ تَصَانِيْفه: جُمع جزءٌ فِيْهَا زِيَادَة عَلَى
ثَلاَث مائَة مُصَنَّف، رَوَاهَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ
القَبَّاب، مِنْ ذَلِكَ: (المُسْنَد الكَبِيْر) نَحْو
خَمْسِيْنَ أَلف حَدِيْث، وَ(الآحَاد وَالمثَانِي) نَحْو
عِشْرِيْنَ أَلْف حَدِيْث فِي الأَصنَاف، (الْمُخْتَصر
مِنَ المُسْنَد) نَيِّف وَعِشْرُوْنَ أَلْفاً، فَذَكَرَ
نَحْواً مِنْ هَذَا إِلَى أَنْ عد مائَة وَأَرْبَعِيْنَ
أَلفاً وَنيفاً.
شُيوخُه: أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ، وَعَمْرو بن
مَرْزُوْقٍ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضِي، وَمُحَمَّد بن
كَثِيْر، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ،
وَشَيْبَان بن فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيْم
بن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن
كَاسِبٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاجِ السَّامِي،
وَالحَوْطِي عَبْد الوهَّاب بن نَجْدَة، وَدُحَيْم،
وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ،
وَعَبْد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَكَامِل بن طَلْحَةَ
الجحْدَرِي، وَأَبُو كَامِلٍ
__________
(1) تقدم الحديث عن " الجهمية " في الصفحة: (100)، ت: 5.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 26 آ.
(13/436)
الجَحْدَرِي، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ
بنِ أَسْمَاءَ، وَطَبَقَتهُم، وَيَنْزِلُ إِلَى طبقَة
أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَالبُخَارِيّ، وَيكثر عَنِ
ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنِ كَاسِبٍ، وَهِشَام.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنتُه أُمّ الضَّحَّاك عَاتِكَة،
وَأَحْمَد بن جَعْفَرِ بنِ معبد، وَالقَاضِي أَبُو
أَحْمَدَ العَسَّال، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاقَ بنِ
أَيُّوْبَ، وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدِ بنِ سِيَاهُ،
وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ، وَأَحْمَد بن
بُنْدَار الشَّعَّار، وَمُحَمَّد بن مَعْمَر بن نَاصِح،
وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَبُو بَكْرٍ القَبَّاب - وَهُوَ آخر
أَصْحَابه وَفَاةً - وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ الكِسَائِيّ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ فِي كِتَاب
(طَبَقَات النُّسَّاكِ) لَهُ:
فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ ابْن أَبِي عَاصِمٍ، فَسَمِعْتُ
مَنْ يذكر أَنَّهُ كَانَ يحفظ لِشقيقٍ البَلْخِيّ أَلْفَ
مَسْأَلَةٍ، وَكَانَ مِنْ حُفَّاظ الحَدِيْث وَالفِقْه،
وَكَانَ مذْهبه القَوْلُ بِالظَّاهِر وَنفِي القِيَاس.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّشتِي (1) :
أَخبركُم يُوْسُف الحَافِظ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ
أَبِي مَنْصُوْرٍ الجَمَّال، (ح).
وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ (2) ، عَنِ
الجَمَّال، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ الحَافِظُ، قَالَ:
أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ الضَّحَّاكِ بن مَخْلَدٍ بن
مُسْلِمِ بنِ رَافِع بن رَفِيْع بن ذهل بن شَيْبَان أَبُو
بَكْرٍ، كَانَ فَقِيْهاً ظَاهِرِيَّ المذْهب، وَلِي
القَضَاء بِأَصْبَهَانَ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، بَعْد
صَالِح بن أَحْمَدَ، تُوُفِّيَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ
الحَكَم ... سَمِعَ مِنْ جدّه لأُمِّهِ مُوْسَى بن
إِسْمَاعِيْلَ كتب حَمَّاد بن سَلَمَةَ، وَمن أَبِي
الوَلِيْدِ، وَعَمْرو بن مَرْزُوْقٍ، وَالحَوْضِي (3) .
__________
(1) ترجمه الذهبي في: " مشيخته ": خ: ق: 20.
(2) ترجمه الذهبي في: " مشيخته ": خ: ق: 6.
(3) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 26 ا.
(13/437)
وَبِهِ، إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا
القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرو
بن أَبِي عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا الأَزْرَق بن عَلِيّ أَبُو
الجَهْمِ، حَدَّثَنَا حَسَّان بن إِبْرَاهِيْمَ
الكَرْمَانِيّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ سَعِيْدٍ
المَدَنِيّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْل، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ سَنَاماً، وَسَنَامُ
القُرْآنِ البَقَرَةُ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ
لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَ
لَيَالٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ نَهَاراً لَمْ
يَدْخُلِ الشَّيْطَان بَيْتَهُ ثَلاَثَة أَيَّامٍ (1)).
وَبِهِ، إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عبد الرَّحْمَن
بن مُحَمَّدِ بنِ سِيَاهُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
عَمْرٍو، حَدَّثَنَا هُدْبَة، حَدَّثَنَا أَبَان، عَنْ
يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْر، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ القُرْآن يُرْفَع يَوْم القِيَامَةِ،
غَيْر سُوْرَة يُوْسُف، وَسورَة مَرْيَم، يَتَكَلَّم بِهَا
أَهْل الجَنَّة (2) .
أَخْبَرَنَا بلاَل الحَبَشِيّ (3) ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
رَوَاج، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ
وَأَحْمَد؛ ابْنا أَبِي القَاسِمِ السُّوْذَرْجَانِي،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَيلَة الفَرَضي إِمْلاَءً،
حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ
عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ،
حَدَّثَنَا المُقَدَّمِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبّهُ
الحَنَفِيّ، حَدَّثَنَا سِمَاك الحَنَفِيّ، سَمِعْتُ ابْنَ
عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشَةُ! مَنْ كَانَ لَهُ فَرَطَان
مِنْ أُمَّتِي دَخَلَ الجَنَّةَ).
قَالَتْ: يَا نَبِيّ الله! فَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَط؟
وقَالَ:
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف خالد بن سعيد المدني، وهو في أخبار
أصبهان: 1 / 101، وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1727) من
طريق أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا الازرق ابن علي بهذا
الإسناد، وأورده السيوطي في الجامع الصغير، وزاد نسبته
لأبي يعلى والطبراني والبيهقي، وأورده الهيثمي في " المجمع
" 6 / 312 وقال: رواه الطبراني، وفيه سعيد بن خالد الخزاعي
المدني وهو ضعيف.
كذا قال، وصوابه خالد بن سعيد كما تقدم، ونقله عنه المناوي
في " فيض القدير " 2 / 512 ولم ينبه عليه.
(2) أخبار أصبهان 1 / 101.
(3) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (31): 4، عن " مشيخة "
المؤلف.
(13/438)
(وَمَنْ كَانَ لَهُ فَرْط يَا
مُوَفَّقَةُ).
قَالَتْ: يَا نَبِيّ الله! فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَط
مِنْ أُمَّتِك؟
قَالَ: (أَنَا فَرَط أُمَّتِي، لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِي).
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ (1) مُحَسِّناً مُغرِباً لَهُ، عَنْ
نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ، وَزِيَاد بن يَحْيَى، وَعَنْ أَحْمَدَ
بنِ سَعِيْدٍ المُرَابطي، عَنْ حَبَّان، جَمعياً عَنْ
عبْدِ رَبِّهُ، عَنْ سِمَاك بن الوَلِيْدِ أَبِي زُمَيْل
الحَنَفِيّ.
وَعبد رَبِّهُ هَذَا: ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَقَالَ
أَحْمَدُ: مَا بِهِ بَأْس.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِق (2) ، أَخْبَرَنَا
يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا نَاصر بن مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا
أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الكَاتِب، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو الشَّيْخِ بقرَاءة
أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ،
حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، عَنْ عِمْرَانَ
القَطَّان، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَة، عَنْ سَعْدِ
بنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
ذُكر عِنْد رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- رَجُلٌ يُقَال لَهُ شِهَاب، فَقَالَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنْتَ هِشَامٌ
(3)).
إِسنَادُه جَيِّد.
216 - الحَكيمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
التِّرْمِذِيّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَارِفُ، الزَّاهِدُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ
__________
(1) رقم (1062) في الجنائز: باب ما جاء في ثواب من قدم
ولدا، وأخرجه أحمد 1 / 334 من طريق عبد الصمد، عن عبد ربه
بهذا الإسناد.
(2) هو: إسحاق بن أبي بكر بن طارق تقدمت الإشارة إليه في
الصفحة: (11)، ت: 3، عن " مشيخة " المؤلف.
(3) وأخرجه أحمد 6 / 75. من طريق سليمان بن داود عن عمران
بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 4 / 276، 277 وأقره الذهبي
وذكره في " المجمع " 8 / 51، وزاد نسبته للطبراني، وأعله
بعمران القطان، وليس بشيء، فإن حديثه من قبيل الحسن.
(*) طبقات الصوفية: 217 - 220، حلية الأولياء: 10 / 233 -
235، تذكرة الحفاظ: =
(13/439)
بنِ الحَسَنِ بنِ بِشْر الحَكِيْم
التِّرْمِذِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ،
وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَصَالِح بن عَبْدِ اللهِ
التِّرْمِذِيّ، وَعُتْبَة بن عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيّ،
وَيَحْيَى خَتَّ، وَسُفْيَان بن وَكِيْع، وَعَبَّاد بن
يَعْقُوْبَ الرَّوَاجنِي (1) ، وَطَبَقَتِهم.
وَكَانَ ذَا رحلَةٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ
وَفضَائِل.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ القَاضِي،
وَالحَسَن بن عَلِيٍّ، وَغيرهُمَا مِنْ مَشَايِخ
نَيْسَابُوْر، فَإِنَّهُ قَدِمهَا وَحَدَّثَ بِهَا فِي
سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ لَقي أَبَا تُرَاب النَّخْشَبِيّ، وَصَحِبَ أَحْمَد
بن خَضْرَوَيْه (2) ، وَيَحْيَى بن الجَلاَّء (3) .
وَلَهُ حَكَم وَمَوَاعِظ وَجَلاَلَة، لَوْلاَ هَفْوَةً
بَدَت مِنْهُ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا حِمْلٌ أَثْقَلُ
مِنَ البِرّ، فَمَنْ بَرَّك، فَقَدْ أَوْثَقَكَ، وَمن
جَفَاك فَقَدْ أَطلقك (4) .
وَقَالَ: كفَى بِالمَرْء عَيْباً أَنْ يَسُرَّه مَا يَضُره
(5) .
وَقَالَ: مَن جَهِل أَوْصَاف العُبُوديَّة، فَهُوَ بِنُعوت
أَوْصَاف الرَّبَّانِيَّة أَجْهَل (6) .
__________
= 2 / 645، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 245 - 246، طبقات
الأولياء: 362، لسان الميزان: 5 / 308 - 310، طبقات
الحفاظ: 282.
(1) جاء في " الأنساب ": " أصل هذه النسبة: الدواجن،
بالدال المهملة، وهي جمع داجن، وهي الشاة التي تسجن في
البيوت، فجعلها الناس: الرواجن، بالراء ".
(2) انظر ترجمته في: طبقات الصوفية: 103 - 106.
(3) الجلاء، بفتح الجيم واللام المشددة: اسم لمن يجلو
الاشياء، كالمرآة والسيف ونحوهما. (اللباب).
(4) حلية الأولياء: 10 / 235.
(5) المصدر السابق.
(6) المصدر السابق، وفيه: " فهو بنعوت الربوبية أجهل ".
(13/440)
وَقَالَ صلاَحُ خَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ:
صلاَحُ الصَّبيّ فِي المَكْتب، وَصلاَحُ الفَتَى فِي
العِلْمِ، وَصلاَحُ الكَهْلِ فِي المَسْجَدِ، وَصلاَحُ
المرأَة فِي البَيْتِ، وَصلاَحُ المُؤْذِي فِي السِّجْن
(1) .
وَسُئِلَ عَنِ الخَلق: فَقَالَ: ضَعْفٌ ظَاهِر، وَدعوَى
عرِيضَة.
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ: أَخرَجُوا
الحَكِيْم مِنْ تِرْمِذ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالكُفْر،
وَذَلِكَ بِسبب تَصنيفه كِتَاب (ختم الولاَيَة (2))،
وَكِتَاب (علل الشَّرِيْعَة)، وَقَالُوا: إِنَّهُ
يَقُوْلُ: إِنَّ للأَوْلِيَاء خَاتماً كَالأَنْبِيَاء
لَهُم خَاتم.
وَإِنَّهُ يُفَضِّل الوِلاَيَة عَلَى النُّبُوَّة، وَاحتج
بِحَدِيْث: (يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ
(3)).
فَقَدِمَ بَلْخ، فَقَبِلُوهُ لموَافقته لَهُم فِي
المَذْهَب (4) .
وَذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّار، فَوَهِمَ فِي قَوْله: رَوَى
عَنْهُ عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ ينَال العُكْبَرِيّ.
فَإِنَّ ابْن ينَال إِنَّمَا سَمِعَ مِنْ مُحَمَّد
التِّرْمِذِيّ، شَيْخٍ حدَّثهُم فِي سَنَةِ ثَمَانِ
عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ بُنْدَار
الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عِيْسَى
الجوْزَجَانِيّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ
التِّرْمِذِيّ يَقُوْلُ:
مَا صَنَّفْتُ شَيْئاً عَنْ
__________
(1) انظر: طبقات الصوفية: 219.
(2) زاد السبكي في " طبقاته ": وقال: لو لم يكونوا أفضل
منهم لم يغبطوهم ".
لم يصل إلينا مستقلا إلا أن ابن عربي الحاتمي حفظ لنا صورة
عنه في كتاب الفتوحات المكية في مجموعة المئة والخمس ؟
بخمسين سؤالا.
(3) حديث صحيح أخرجه الترمذي رقم " 2390 " في الزهد باب ما
جاء في الحب في الله من حديث معاذ بن جبل قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عزوجل: المتحابون
في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء "
وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو في المسند 5 / 229 و239 و238 مطولا.
(4) الخبر في: طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 245.
(13/441)
تَدْبِير، وَلاَ لأَنْ يُنسب إِليَّ شَيْء
مِنْهُ، وَلَكِنْ كَانَ إِذَا اشتدَّ عَلِيّ، وَقتِي
كُنْتُ أَتَسَلَى بِمُصَنَّفَاتِي.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: هُجِر لتَصنيفه كِتَاب: (ختم
الولاَيَة)، وَ(علل الشَّرِيْعَة)، وَلَيْسَ فِيْهِ مَا
يوجِبُ ذَلِكَ، وَلَكِن لبعد فَهْمهُم عَنْهُ.
قُلْتُ: كَذَا تُكُلِّمَ فِي السُّلَمِيّ مِنْ أَجل
تَأَلِيفه كِتَاب (حَقَائِق التَّفْسِيْر)، فَيَاليتَه
لَمْ يُؤلفه، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الإِشَارَات
الحَلاَّجيَّة، وَالشَّطَحَات البِسْطَامِيَّة، وَتَصَوُّف
الاَتحَادِيَّة، فَواحُزْنَاهُ عَلَى غُرْبَة الإِسْلاَم
وَالسُّنَّة، قَالَ اللهُ تَعَالَى : {وَأَنَّ هَذَا
صِرَاطِي مُسْتَقِيْماً فَاتَّبعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيْلِهِ}
[الأَنعَام: 135].
217 - الصُّوْرِيّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ جَرِيْرٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَلِيٍّ، الحَسَنُ بنُ
جَرِيْرٍ الصُّوْرِيّ الزَّنْبَقي، البَزَّاز.
حَدَّثَ عَنْ: سَلاَّم المَدَائِنِيّ، وَقَالُوْنَ،
وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي
أُوَيْسٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: خَيْثَمَةُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ،
وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَالطَّبَرَانِيّ،
وَآخَرُوْنَ.
بَقِي إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 211 ب - 212 أ، تهذيب بدران:
4 / 159.
(13/442)
218 - الأَبَّار أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ
بنُ عَلِيٍّ *
الحَافِظُ، المُتْقِنُ، الإِمَامُ، الرَّبَّانِيّ، أَبُو
العَبَّاسِ، أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ مُسْلِمٍ الأَبَّار،
مِنْ عُلَمَاءِ الأَثر بِبَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: مُسَدَّد بن مُسَرْهَد، وَمُحَمَّد بن
المِنْهَالِ، وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَأُمَيَّة بن
بِسْطَام، وَهُدْبَة، وَإِبْرَاهِيْم بن هِشَامٍ
الغَسَّانِيّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَعَلِيّ بن
عُثْمَانَ اللاَّحِقي، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخٍ،
وَدُحَيْم، وَهِشَام ابْن عَمَّار، وَطَبَقَتهِم
بِالشَّامِ وَالعِرَاق وَخُرَاسَان.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ وَأَرَّخ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بن صَاعِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ
النَّجَّادُ، وَدَعْلَج السِّجْزِيّ، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ
زِيَادٍ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَجَعْفَر
الخُلْدِيّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً حَافِظاً مُتْقِناً، حَسَن
المَذْهَب (1) .
وَقَالَ جَعْفَرٌ الخُلْدِيّ: كَانَ الأَبَّار مِنْ أَزهد
النَّاس، اسْتَأَذَنَ أُمَّه فِي الرِّحْلَةِ إِلَى
قُتَيْبَة، فَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ، ثُمَّ مَاتَتْ، فَخَرَجَ
إِلَى خُرَاسَانَ، ثُمَّ وَصَلَ إِلَى بَلْخ وَقَدْ مَاتَ
قُتَيْبَة، فَكَانُوا يُعَزُّونَه عَلَى هَذَا، فَقَالَ:
هَذَا ثمرَةُ العِلْم، إِنِّيْ اخترتُ رِضَى الوَالِدَة
(2).
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 306 - 307، طبقات الحنابلة: 1 / 52،
تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 18 أ - ب، اللباب: 1 / 23، تذكرة
الحفاظ: 2 / 639 - 640، عبر المؤلف: 2 / 85 - 86، طبقات
الحفاظ: 280.
والابار، بفتح الالف وتشديد الباء: نسبة إلى عمل الابر،
وهي جمع الابرة التي يخاط بها الثوب.
(1) تاريخ بغداد: 4 / 306.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 639.
(13/443)
وَقَالَ أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ:
سَمِعْتُ أَحْمَدَ الأَبَّار يَقُوْلُ:
بايعتُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
النَّوْمِ عَلَى إِقَام الصَّلاَة، وَإِيتَاء الزَّكَاة،
وَالأَمْر بِالمَعْرُوف، وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر (1) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْم: سَمِعْتُ
الأَبَّار يَقُوْلُ:
كُنْتُ بِالأَهواز، فرَأَيْتُ رَجُلاً قَدْ حَفَّ شَارِبه
- وَأَظُنُّهُ قَالَ: قَدِ اشترَى كُتُباً وَتعيَّن
للفُتْيَا - فَذُكر لَهُ أَصْحَاب الحَدِيْث، فَقَالَ:
ليسُوا بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ يَسْوون شَيْئاً.
فَقُلْتُ: أَنْتَ لاَ تُحْسِن تُصَلِّي.
قَالَ: أَنَا؟
قُلْتُ: نعم، أَيش تحفظُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا افتتحتَ وَرفعتَ
يَديكَ؟
فَسَكَتَ (2) .
قُلْتُ: فَمَا تحفظُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سَجَدْتَ؟
فَسَكَتَ.
فَقُلْتُ (3) : أَلم أَقُلْ: إِنَّك لاَ تُحسن تُصَلِّي
(4) ؟ فَلاَ تذكر أَصْحَابَ الحَدِيْث (5) .
قَالَ الخَطِيْبُ: تُوُفِّيَ الأَبَّار يَوْم النِصْف مِنْ
شَعْبَانَ سَنَة تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (6) .
قُلْتُ: عَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَلَهُ (تَارِيْخٌ) مُفيد رَأَيْتُهُ.
وَقَدْ وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَجَمَعَ حَدِيْث
الزُّهْرِيّ.
__________
(1) تاريخ بغداد: 4 / 306.
(2) زاد ابن عساكر هنا: " فقلت له: فأيش تحفظ عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا وضعت يديك على ركبتيك ؟ فسكت ".
(3) وزاد هنا ابن عساكر: " مالك لا تتكلم ؟ ".
(4) وزاد هنا ابن عساكر أيضا: " انت إنما قيل: تصلي الغداة
ركعتين، والظهر أربعا، فالزم ذا خير لك من أن تذكر أصحاب
الحديث، فلست بشيء، ولا تحسن شيئا ".
(5) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 18 ت
(6) تاريخ بغداد: 4 / 307.
(13/444)
219 - ابْن وَضَّاحٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاح المَرْوَانِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ الأَنْدَلُس مَعَ
بَقِيٍّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاح بن
بَزِيع (1) المَرْوَانِي، مَوْلَى صَاحِب الأَنْدَلُس عبد
الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَةَ الدَّاخل.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمئَة.
وَسَمِعَ: يَحْيَى بن مَعِيْن، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي
أُوَيْسٍ، وَأَصْبَغ بن الفَرَج، وَزُهَيْر بن عَبَّادٍ،
وَحَرْمَلَة، وَيَعْقُوْب بن كَاسِبٍ، وَإِسْحَاق بن أَبِي
إِسْرَائِيْلَ، وَمُحَمَّد بن رمح، وَطَبَقَتهُم.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ ارْتَحَلَ قَبْل ذَلِك فِي حَيَاة آدم
بن أَبِي إِيَاسٍ فَلَمْ يَسْمَعْ شَيْئاً، وَقَد
ارْتَحَلَ إِلَى العِرَاق وَالشَّام وَمِصْر، وَجمع
فَأَوعَى.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الجبَّاب، وَقَاسم بن
أَصْبَغ، وَمُحَمَّد بن أَيْمَن، وَأَحْمَد بن عُبَادَة،
وَمُحَمَّد بن المِسْوَر، وَخَلْق.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ يُوَاصِل أَرْبَعَة أَيَّام.
وَقَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ عَالِماً بِالحَدِيْثِ،
بَصِيْراً بِطرقِهِ وَعلله، كَثِيْر الحِكَايَة عَن
العبَّاد، وَرِعاً، زَاهِداً، صَبُوْراً عَلَى نشر
العِلْم، متعفِّفاً، نفع
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 15 - 17، جذوة المقتبس: 93 -
94، تاريخ ابن عساكر: خ: 16 / 42 أ - 43 أ، بغية الملتمس:
133 - 134، تذكرة الحفاظ: 2 / 646 - 648، ميزان الاعتدال:
4 / 59، الوافي بالوفيات: 5 / 174، طبقات القراء لابن
الجزري: 2 / 275، لسان الميزان: 5 / 416 - 417، النجوم
الزاهرة: 3 / 121، طبقات الحفاظ: 283، شذرات الذهب: 2 /
194.
(1) في: " تاريخ علماء الأندلس ": 2 / 15: " بزيغ ". وهو
تصحيف.
(13/445)
الله أَهْل الأَنْدَلُس بِهِ، وَكَانَ
ابْنُ الجَبَّاب يُعظمه، وَيصف عقله وَفضله، وَلاَ يُقدِّم
عَلَيْهِ أَحَداً، غَيْر أَنَّهُ يُنكر رَدَّه لكَثِير
مِنَ الحَدِيْث (1) .
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ كَثِيْراً مَا يَقُوْلُ:
لَيْسَ هَذَا مِنْ كَلاَم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَيْء، وَيَكُون ثَابِتاً مِنْ
كَلاَمه (2) .
قَالَ: وَلَهُ خطأ كَثِيْر محفوظٌ عَنْهُ، وَيغلط
وَيصحِّف، وَلاَ عِلم لَهُ بِالعَرَبِيَّة، وَلاَ
بِالفِقْهِ.
تُوُفِّيَ ابْنُ وَضَّاح فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .
أَنْبَأَنَا ابْن هَارُوْنَ، عَنْ أَبِي القَاسِمِ بن
بَقِي، عَنْ شُريح بن مُحَمَّدٍ: أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ بن
حَزْم أَجَاز لَهُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الْجسُور،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي دُلِيم،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاح، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ ابْن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْد،
أَخْبَرَنَا حُمَيْد، عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَن
ابْن عُمَر قَالَ:
إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِالحَجّ، وَأَهللنَا مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ،
قَالَ: (مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فلْيُحِل) (4) .
220 - خُمَارَوَيْه بنُ أَحْمَد بن طولُوْن التُّرْكِيُّ *
صَاحِب مِصْر وَالشَّام.
__________
(1) انظر الخبر في " تاريخ علماء الأندلس ": 2 / 16 - 17.
(2) انظر المصدر السابق: 2 / 17.
(3) وفي " جذوة المقتبس "، و" بغية الملتمس "، و" شذرات
الذهب "، وفاته سنة (286)، أما الذهبي في " ميزانه "، فذكر
وفاته في حدود (280).
(4) إسناده صحيح، ويزيد هو ابن هارون، وحميد هو ابن أبي
حميد الطويل.
(*) تاريخ الطبري: 10 / 8، 18، 30، 42، تاريخ ابن عساكر:
خ: 5 / 342 أ - 343 ب، المنتظم: 5 / 155، الكامل لابن
الأثير: 7 / 409، 429 - 430، 477 - 478، وفيات الأعيان 2 /
249 - 251، عبر المؤلف: 2 / 47، 55، 66، 68، البداية
والنهاية: =
(13/446)
وَلِي بَعْد أَبِيْهِ وَلَهُ عِشْرُوْنَ
سَنَةً، فَكَانَتْ دَوْلَته ثِنْتَيْ عَشْرَة سَنَةً.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً جَوَاداً مُبذِّراً مُسْرِفاً
عَلَى نَفْسه.
رَوَى عَلِيّ بنُ مُحَمَّدٍ المَاذرَائِي، عَنْ عمّ
أَبِيْهِ (1) قَالَ:
تنَزَّه خُمَارَويه بعذرَاء (2) ، فغنَّاهُ المغنِي (3) ،
فَطَربَ، فَأَمَرَ لَهُ بِمئَة أَلف دِيْنَار، فَكلَّمه
خَازنه فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: كَيْفَ أَرجع عَمَّا قُلْتُ؟
لَكِن عجِّل لَهُ مئَة أَلْف دِرْهَم، وَفرِّق مَا تبقى،
وَابسطه لَهُ (4) .
وَرَوَى المَاذرَائِي، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ أَبِي الجَيْش خُمَارَوَيه عَلَى نهر ثَوْرَا،
فَأَتَاهُ أَعْرَابِيّ (5) ، فَأَخَذَ بلجَامه، وَقَالَ:
اسْمع لِي.
قَالَ: قل.
قَالَ:
إِنَّ السِّنَان وَحدَّ السَّيْف لَوْ نَطقَا ... لحدَّثَا
عَنْكَ بَيْنَ النَّاس بِالعَجَبِ
أَتْلَفْت مَالَكَ تُعْطِيهِ وَتنْهِبُهُ ... يَا آفَةَ
الفضَّة البَيْضَاءِ وَالذَّهَبِ (6)
__________
= 11 / 72 - 73، النجوم الزاهرة: 3 / 49، وأحداث ولايته
حتى صفحة (87). شذرات الذهب: 2 / 178 - 179، تهذيب بدران:
5 / 179 - 181.
(1) في " تاريخ ابن عساكر ": " عن عم أبي المعروف بأبي
زنبور ".
(2) في " تاريخ ابن عساكر ": " في مرج عذراء بدمشق، قال
أبو محمد: وكان أبو زنبور عامل أبي الجيش، قال..."
(3) ذكر ابن عساكر الصوت الذي غناه، وهو:
" قد قلت لما هاج قلبي الذكرى * وأعرضت وسط السماء الشعرى
كأنها ياقوتة في مزرى * ما أطيب الليل بسر من راى " وقال:
إنه أبدل مرج عذرا، بسر من رأى.
(4) الخبر في " تاريخ ابن عساكر ": خ: 5 / 342 ب، وفيه
زيادات.
وقوله: " وابسطه له " أي: ابسط له باقي المئة ألف دينار
على سنين، حتى يحصل عليها كلها، ويبر بوعده وأمره.
(5) زاد ابن عساكر هنا: " عليه كساء، فجاء حتى أخذ بشكيمة
لجامه وهو منفرد على يده بازي، فنفر البازي، فصاح عليه
الغلمان، فقال لهم: دعوه. فقال له: أيها الملك: قف،
واستمع، فقال له: قل. فقال:...".
(6) الخبر في " تاريخ ابن عساكر ": خ: 5 / 342 ب، وفيه: "
أفنيت " بدلا من
(13/447)
فَأَعطَاهُ خَمْس مائَة دِيْنَارٍ.
فَقَالَ: أَيُّهَا الْملك! زدنِي.
فَقَالَ للغلمَان: اطرحُوا لَهُ سُيُوفكُمْ وَمنَاطقكُم.
وَقَدْ ملك مِنَ النُّوبَة إِلَى الفُرَات.
وَلَمَّا اسْتخلف المُعْتَضد، سَارع خُمَارويه بِالتُّحف
إِلَيْهِ، فتزوَّج المُعْتَضد بَابْنته.
قِيْلَ: أَرَادَ أَنْ يُفْقِره بِجِهَازهَا.
يُقَال: قَتله ممَاليكه (1) للفَاحشة فِي ذِي الحِجَّةِ،
سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ بدير
مُرَّان، ثُمَّ ضُرِبت رقَابهُم.
221 - السَّرْخَسِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن الطّيب
*
الفليسوف، البَارع، ذُو التَّصَانِيْف، أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَد بن الطَّيِّب،
__________
= " أتلفت ".
وتتمة الخبر فيه: " قال: فالتفت أبو الجيش إلى الخادم الذي
معه الخريطة، فقال: فرغها، قال: وكان رسم الخريطة (500)
دينار، ففرغها في كسائه، فقال له: أيها الملك: زدني،
فالتفت إلى الغلمان، فقال لهم: اطرحوا سيوفكم ومناطقكم
عليه، قال: فطرحوا، قال: فقال له: أيها الملك اثقلتني،
فقال: اعطوه بغلا يحمله عليه، قال: فلما انصرف أمرني أن
أعطي كل من طرح سيفه ومنطقته عليه سيفا ومنطقة ذهب، قال:
فصنعناها لهم، ودفعناها إليهم ".
وانظر: تهذيب بدران: 5 / 180.
(1) في " الكامل " لابن الأثير: مقتله سنة: (283).
ودير مران: جاء ذكره في " القلائد الجوهرية في تاريخ
الصالحية ": 1 / 44 - 48، (ط. مجمع اللغة العربية بدمشق:
1980)، قال: " ومحلها اليوم في السفح الواقع أسفل قبة
سيار، وأعلى بستان الدواسة، يطل منها الإنسان على الربوة
وحدائقها ذات البهجة...وعرفت تلك الجهة بهذا الاسم لوجود
دير يدعى بدير مران، ذكره أبو الفرج الأصبهاني في "
الاغاني " وقال: إنه دير على تلعة مشرفة عالية تحتها مروج
ومياه حسنة...".
قال: وقد تغنى الشعراء قديما بدير مران، وجمال منظره، وطيب
هوائه، نكتفي منها بقول الببغاء الشاعر:
يا صباحا بدير مران راقا * هجت منا القلوب والاحداقا
ومشت نسمة تؤمك حتى * رفعت بالعبير فيك رواقا
(*) الفهرست: المقالة السابعة: الفن الأول، معجم الأدباء:
3 / 98 - 102، الوافي بالوفيات: 7 / 5 - 8، لسان الميزان:
1 / 189 - 192.
(13/448)
وَقِيْلَ: أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ
السَّرْخسِيّ، مِنْ بحور العِلْم الَّذِي لاَ ينفع.
وَكَانَ مُؤَدِّب المُعْتَضد، ثُمَّ صَارَ نَدِيمُهُ،
وَصَاحب سره وَمشورته، وَلَهُ رِئاسَةٌ وَجَلاَلَةٌ
كَبِيْرَةٌ.
وَهُوَ تِلْمِيْذ يَعْقُوْب بن إِسْحَاقَ الكِنْدِيّ
الفليسوف.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ المُلحمِي،
وَمُحَمَّد بن أَبِي الأَزْهَر، وَعم صَاحِب (الأَغَانِي)،
وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الكَاتِب.
ثمَّ إِنَّ الْمُعْتَضد انتخى للهِ، وَقُتِلَ السَّرْخسِيّ
لفلسفته وَخبث مُعتقدِه.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ تنصَّل إِلَيْهِ.
وَقَالَ: قَدْ بِعْت كتب الفلسفَة وَالنُّجُوْم
وَالكَلاَم، وَمَا عِنْدِي سِوَى كتب الفِقْه وَالحَدِيْث.
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ الْمُعْتَضد: وَاللهِ إِنِّيْ
لأَعِلْم أَنَّهُ زِنْدِيْق، فعل مَا زَعَمَ ريَاءً.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: لَكَ سَالف خِدَم،
فَكَيْفَ تختَار أَن نَقْتُلك.
فَاختَار أَنْ يطعم كبَاب اللَّحْم، وَأَنَّ يُسقَى خمراً
كَثِيْراً حَتَّى يسكر، وَيُفْصَد فِي يَدَيْهِ، فَفَعَل
بِهِ ذَلِكَ، فصفِي مِنَ الدَّم، وَبقيت فِيْهِ حَيَاة،
وَغلبت عَلَيْهِ الصَّفرَاء، وَجُنَّ، وَصَاح، وَبَقِيَ
يَنْطَح الحَائِط لِفَرطِ الآلاَم، وَيعدو كَثِيْراً
حَتَّى مَاتَ، وَذَلِكَ فِي أَوّل سَنَة سِتّ ثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
222 - ابْن الضُّرَيْس أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
أَيُّوْبَ الرَّازِيّ *
الحَافِظُ، المُحَدِّث، الثِّقَة، المُعَمَّر، المصَنِّف،
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْب بن يَحْيَى بنِ
ضُرِيْس، البَجَلِيّ، الرَّازِيّ، صَاحِب كِتَاب (فضَائِل
القُرْآن).
__________
(*) الجرح والتعديل: 7 / 198، تذكرة الحفاظ: 2 / 643 -
644، عبر المؤلف: 2 / 98، الوافي بالوفيات: 2 / 234، طبقات
الحفاظ: 283، شذرات الذهب: 2 / 216.
(13/449)
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ عَام مائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيْم، وَالقَعْنَبِيّ،
وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ، وَمُحَمَّد بن كَثِيْر
العَبْدِيّ، وَعَلِيّ بن عُثْمَانَ اللاَحقي، وَمُسَدَّد
بن مُسَرْهَد، وَأَبَا سَلَمَة التَّبُوْذَكِيّ، وَأَحْمَد
بن يُوْنُسَ، وَمُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقي، وَعُبَيْد
الله بن مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَإِسْحَاق بن مُحَمَّدٍ
الفَرْوِيّ، وَيَحْيَى بن هَاشِمٍ السِّمْسَار، وَحَفْص بن
عُمَر الحَوْضِيّ، وَعَبْد اللهِ بن الجَرَّاح، وَعَبْد
الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ
الزَّهْرَانِيّ، وَسَهْل بن بَكَّارٍ، وَمُحَمَّد بن أَبِي
بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ،
وَطَبَقَتهُم.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلو الإِسْنَاد بِالعَجَم مَعَ
الصِّدْق وَالمعرفَة.
رَوَى عَنْهُ: عبد الرَّحْمَن بن أَبِي حَاتِمٍ - وَقَالَ:
هُوَ ثِقَةٌ - وَعَلِيّ بن شَهْريَار، وَأَحْمَد بن
إِسْحَاق الطِّيبِي (1) ، وَأَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيْل بن
نُجَيْد، وَأَحْمَد بن عُبَيْدٍ الهَمَذَانِيّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ آخِرُهُم مَوْتاً: أَبُو سَعِيْدٍ عَبْد اللهِ بن
مُحَمَّدِ بنِ عَبْد الوَهَّابِ الرَّازِيّ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: ابْن الضُّرَيْس
ثِقَة، وَهُوَ مُحَدِّث ابْن مُحَدِّث، وَجدُّه يَحْيَى بن
الضُّرَيْس مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَان الثَّوْرِيّ.
وَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي بِموت ابْن
الضُّرَيْس - وَكَانَ يَود أَنْ يرحل إِلَيْهِ - صَاح،
وَلطم، وَقَالَ لأَهله: منعتمونِي مِنَ الرحلَة إِلَيْهِ.
قَالَ: فَرَقُّوا وَسفَّرُونِي مَعَ خَالِي إِلَى الحَسَنِ
بن سُفْيَان.
مَاتَ ابْن الضُّرَيْس يَوْم عَاشُورَاء سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالرَّيِّ.
__________
(1) الطيبي، بكسر الطاء وسكون الياء: نسبة إلى الطيب: وهو
بلدة من واسط وكور الاهواز. (اللباب).
(13/450)
وَأَمَّا ابْن عُقدَة، فَأَورد وَفَاته فِي
سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ - وَالأَوّل أَصحّ -.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَد بن هِبَةِ اللهِ (1) ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عصرُوْن، وَزَيْنَب بِنْت
عُمَر (2) ، عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْل الفرَاوِي (3) (ح).
وَأَخبرونَا عَنْ أَبِي رَوْح الهَرَوِيّ، أَخْبَرَنَا
تَمِيْم بن أَبِي سَعِيْدٍ (ح).
وَأَخبرونَا عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّة، أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَر بن أَحْمَد بنِ مَسْرُور، أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْل بن نُجيد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوْب
بن ضُرَيْس، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقي،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْم بن طَهْمَان عَنْ بديل، عَنْ
عَبْد اللهِ بن شَقِيق، عَنْ مَيْسَرَة الفَجْر قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَتَى كُتِبَتَ نَبِيّاً؟
قَالَ: (كُتِبْتُ نَبِيّاً وآدَم بَيْنَ الرُّوح وَالجسد)
(4) .
وَبِهِ، إِلَى مُحَمَّد بن الضُّرَيْس: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْر، حَدَّثَنَا
__________
(1) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (46)، ت: 1، وهو في "
المشيخة ": خ: 21.
(2) هي: " زينب بنت عمر بن كندي بن سعد بن علي، أم محمد
الدمشقية الكندية، نزيلة بعلبك، شيخة صالحة جليلة، كثيرة
المعروف، حجت وبنت رباطا ووقفت على البر...توفيت في أواخر
شهر جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وست مئة ".
" مشيخة " الذهبي: خ: ق 50 - 51.
(3) قال الحافظ ابن حجر في " التبصير ": 1100: " اختلف في
ضم الفاء وفتحتها، قال ابن نقطة: الفتح أكثر وأشهر.
والفراوي: نسبة إلى فراوة: بليدة متطرفة جهة خوارزم بناها
ابن طاهر، رابط بها جماعة ".
(4) إسناده صحيح، وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " 7 / 60 من
طريق معاذ بن هانئ البهراني، حدثنا إبراهيم بن طهمان بهذا
الإسناد، وأخرجه أحمد 5 / 59 من طريق عبد الرحمن ابن مهدي،
عن منصور بن سعد، عن بديل بن ميسرة به، وهذا سند صحيح. وفي
الباب عن أبي هريرة عند الترمذي برقم (3613)، وعن رجل من
الصحابة عند أحمد 4 / 66 و5 / 37، وعن العرباض بن سارية
عند أحمد 4 / 127، وابن حبان (2093)، والحاكم 2 / 600، وعن
عبد الله بن أبي الجدعاء عند ابن سعد 7 / 59.
(13/451)
سُفْيَان، عَنْ مُحَمَّدِ بن عُقْبَة، عَنْ
كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رفعت امْرَأَة
إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
صَبِيّاً لَهَا فِي مِحَفَّة، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ! أَلهَذَا حَجَّ؟
قَالَ: (نَعَمْ، وَلك أَجْرٌ (1)).
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرٌ
بن الدَّمَّاغ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيّ، أَخْبَرَنَا
ابْنُ مَرْدَوَيْه، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَان
الْوَكِيل، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن الْفَصْل بن شَهْريَار،
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوْب، حَدَّثَنَا مُسَدَّد،
حَدَّثَنَا يَزِيْد بن زُرَيْع، حَدَّثَنَا خَالِد، عَنْ
أَبِي قِلاَبَة، عَنْ مَالِكٍ بن الحُوَيْرِث:
قَالَ لِي رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (إِذَا حضَرت الصَّلاَة فَأَذِّنَا، ثُمَّ
أُقِيمَا، ثُمَّ ليُؤمَّكمَا أَكبَرُكُمَا (2)).
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مَعَهُ: جبرُوْنُ بنُ عِيْسَى
البَلَوِيّ (3) ، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه
(4) ، وَعُبَيْد بن مُحَمَّدٍ العِجْل (5) ، وَالحَسَن بن
مُثَنَّى العَنْبَرِيّ (6) ، وَمَحْمُوْد بن أَحْمَد بن
الفَرَج (7) بِأَصْبَهَان، وَعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1336) (410)، والنسائي 5 /
120، وأبو داود (1736) من طرق عن سفيان بن عيينة بهذا
الإسناد، وأخرجه أحمد 1 / 219، ومسلم (1336)، والنسائي 5 /
120، من طريق سفيان، عن إبراهيم بن عقبة عن كريب، عن ابن
عباس، واخرجه مالك 1 / 368 بشرح السيوطي من طريق إبراهيم
بن عقبة، عن كريب به، وانظر " المسند " 1 / 244 و288 و343
و344.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 2 / 92، 93 و118، ومسلم
(674) (293)، وأبو داود (589)، والترمذي (205)، والنسائي 2
/ 17 من طرق عن خالد - وهو الحذاء - بهذا الإسناد. وأخرجه
البخاري 2 / 93، ومسلم (674) من طريقين عن أيوب، عن أبي
قلابة، عن مالك بن الحويرث.
(3) المشتبه: 1 / 277.
(4) ستأتي ترجمته في الصفحة: (544)، برقم: (275).
(5) عبر المؤلف: 2 / 98، شذرات الذهب: 2 / 216.
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (526)، برقم: (258)
(7) ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 2 / 315 - 316.
(13/452)
بن عبد السَّلاَم الخفَّاف بِمِصْرَ،
وَأَحْمَد بن يَحْيَى بنِ خَالِدٍ الرَّقِّيّ، وَمُحَمَّد
بن نَصْر المَرْوَزِيّ (1) الفَقِيْه، وَمُوْسَى بن
هَارُوْنَ الحَافِظ (2) .
223 - العَلاَّف أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بن أَيُّوَب
المِصْرِيّ * (س (3))
الإِمَامُ؛ المُحَدِّثُ، الحُجَّة، الفَقِيْه، أَبُو
زَكَرِيَّا يَحْيَى بن أَيُّوْب بن بَادِي، المِصْرِيّ
العلاَّف.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْد
الغَفَارِ بن دُوَاد الحَرَّانِيّ، وَيُوْسُف بن عَدِيّ،
وَيَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَأَحْمَد بن يَزِيْدَ المَكِّيّ،
وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ
الحَضْرَمِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ،
وَأَحْمَد بن خَالِد بن الجبَّاب، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ
الوَاعِظ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ شَيْخاً آدم - شَدِيد الأُدمَة - أَعور، ثِقَة،
بَصِيْراً بِالفِقْهِ.
قَالَ أَحْمَد بن خَالِد الحَافِظ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى
بنُ أَيُّوْبَ العلاَّف، فَقِيْه أَهْل مِصْر.
قُلْتُ: مَاتَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مُسِنّاً مِنْ
أبْناءِ التِّسْعِيْنَ.
__________
(1) ترجمته في: طبقات الفقهاء: 106 - 107، تذكرة الحفاظ: 2
/ 650 - 653، عبر المؤلف: 2 / 99، طبقات السبكي: 2 / 246 -
255، شذرات الذهب: 2 / 216 - 217.
(2) ترجمته في: تذكرة الحفاظ: 2 / 669 - 670، عبر المؤلف:
2 / 99 - 100، شذرات الذهب: 2 / 217 - 218
(*) تهذيب الكمال: خ: 1488، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 149،
عبر المؤلف: 2 / 83، تهذيب التهذيب: 11 / 185، خلاصة تذهيب
الكمال: 421، شذرات الذهب: 2 / 202.
(3) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(13/453)
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو عَبْد الْملك
أَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم البُسْرِيّ (1) ، وَالمعتضد
بِاللهِ (2) ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ
حَمْزَةَ البَتَلهِي (3) ، وَأَمِيْرُ القَيْرَوَان
إِبْرَاهِيْم بن الأَغْلَب (4) ، وَأَنَس بن السّلم
الدِّمَشْقِيّ (5) ، وَالحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ
القبَّانِي (6) .
224 - الحكَّانِيُّ أَبُو الحَسَن عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ
عِيْسَى الخُزَاعِيّ *
الشَّيْخ، المُحَدِّث، الثِّقَة، مُسْنِد هَرَاة، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى، الخُزَاعِيّ
الهَرَوِيّ الحكَّانِي، وَحكَّانَ: محلَّة عَلَى بَاب
مَدِيْنَة هَرَاة.
رَحل، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي اليَمَانِ، وآدَم بن أَبِي
إِيَاسٍ، وَمُحَمَّد بن وَهْبِ بنِ عطيَّة، وَيَحْيَى بن
صَالِحٍ الوُحَاظِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي السَّرِيّ.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ حَامِد الرَّفَّاء، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ المُغَفَّلِي،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ خَمِيْرَوَيْه، وَأَحْمَد
بن إِسْحَاقَ، الهرويُّون.
وَوَثَّقَهُ بَعْض الحُفَّاظ.
مَاتَ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فِي
عشر الْمِئَة.
__________
(1) المشتبه: 1 / 74.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (463)، برقم: (230).
(3) البتلهي، بفتح الباء والتاء، وسكون اللام: نسبة إلى
بيت لهيا من أعمال دمشق بالغوطة.
وانظر ترجمته في تهذيب بدران: 2 / 83 - 84.
(4) ستأتي ترجمته في الصفحة: (487)، برقم: (234).
(5) ترجمته في: تهذيب بدران: 3 / 138.
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (499)، برقم: (247) تاريخ ابن
عساكر: خ: 12 / 265 ب - 266 ب،
(13/454)
225 - القَرَاطِيْسِيُّ أَبُو يَزِيْدَ
يُوْسُف بن يَزِيْدَ المِصْرِيّ * (س (1))
الإِمَامُ، الثِّقَة، المُسْنِد، أَبُو يَزِيْدَ، يُوْسُف
بن يَزِيْد بن كَامِلٍ بن حَكِيْم، الأُمَوِيّ المِصْرِيّ
القَرَاطِيْسِيّ، مَوْلَى أَمِيْر مِصْرَ عَبْد العَزِيْز
بن مَرْوَانَ.
سَمِعَ: أَسَد بن مُوْسَى السُّنَّة، وَسَعِيْد بن أَبِي
مَرْيَمَ، وَعَبْد اللهِ بن صَالِحٍ الكَاتِب، وَحَجَّاج
بن إِبْرَاهِيْمَ الأَزْرَق، وَعِدَّة.
وَكَانَ عَالِماً مُكْثِراً مجوِّداً.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْد اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ الوَرْد،
وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَد
الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ النَّسَائِيّ رَوَى عَنْهُ.
وَثَّقَه ابْن يُوْنُس.
وَكَانَ مُعَمِّراً، رَأَى الشَّافِعِيّ.
قَالَ الحَافِظُ أَحْمَد بن خَالِد الجبَّاب: أَبُو
يَزِيْد مِنْ أَوْثَق النَّاس، لَمْ أَرَ مثله، وَلاَ
لقِيت أَحَداً إِلاَّ وَقَدْ مُسَّ، أَوْ تُكُلِّمَ فِيْهِ
إِلاَّ هُوَ، وَيَحْيَى بن أَيُّوْبَ العلاَّف.
وَرفع أَحْمَد الجبَّاب مِنْ شَأْن القَرَاطِيْسِيّ.
مَاتَ - فِيمَا أَرَّخَهُ ابْن يُوْنُس - فِي رَبِيْعٍ
الأَوَّلِ، سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ
__________
(*) المنتظم: 6 / 27، تهذيب الكمال: خ: 1563، تذهيب
التهذيب: خ: 4 / 192، تذكرة الحفاظ: 2 / 680، في نهاية
ترجمة الحسين بن فهم، وفيه وفاته سنة (289 ه). عبر المؤلف:
2 / 84، أخبار سنة (289)، تهذيب التهذيب: 11 / 429، خلاصة
تذهيب الكمال: 440، شذرات الذهب: 2 / 202.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(13/455)
وَمائَتَيْنِ، عَنْ مائَة سَنَةٍ -رَحِمَهُ
اللهُ-.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَد بن إِسْحَاق بن نُبَيْط (1) ،
وَأَبُو بَكْرٍ بن أَبِي عَاصِمٍ (2) ، وَمُحَمَّد بن
وَضَّاح (3) مُحَدِّث الأَنْدَلُس، وَأَبُو السَّرِيّ
مُوْسَى بن الحَسَن الجلاجلِي (4) .
226 - إِسْحَاق بن أَبِي عِمْرَانَ أَبُو يَعْقُوْب
الإِسْفَرَايِيْنِيّ*
الإِمَامُ، الفَقِيْه، الحَافِظ، شَيْخ خُرَاسَان، أَبُو
يَعْقُوْب الإِسْفَرَايِيْنِيّ.
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّد (5) كِتَابَةً،
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو مَنْصُوْر الشَّيْبَانِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَد،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ نُعَيْم الضَّبِّيّ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الإِسْفَرَايِيْنِيّ
الفَقِيْه، حدَّثنا محمَّد بن عَبَدك الإِسْفَرَايِيْنِيّ،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ، وَرَّاق مَحْمُوْد بن
غَيْلاَن، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى، حَدَّثَنَا
عَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَة، حَدَّثَنَا اللَّيْث،
عَنْ يَزِيْد بن أَبِي حَبِيْب، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ،
عَنْ مُعَاذ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
خَرَجَ فِي غَزْوَة تَبُوْك، فَكَانَ يُؤخّر الظّهر حَتَّى
يدْخل وَقت الْعَصْر، فَيجمع بينهُمَا (6) .
__________
(1) ترجمته في: المنتظم: 6 / 25، وفي الميزان: 1 / 82: حدث
عن أبيه، عن جده بنسخة فيها بلايا...لا يحل الاحتجاج به
فإنه كذاب ".
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (430)، برقم: (215).
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (445)، برقم: (219)
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (378)، برقم: (179) الوافي
بالوفيات: 8 / 419، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 258 - 259.
(5) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 171.
(6) وأخرجه أحمد 5 / 241، وأبو داود (1220)، والترمذي
(553)، والبيهقي 3 / 163، والدارقطني 1 / 392 كلهم من طريق
قتيبة بهذا الإسناد، وهو إسناد صحيح.
(13/456)
رَوَاهُ البَيْهَقِيّ بِلَفْظِهِ عَنِ
الحَاكِم مُحَمَّد بن نعيم الضَّبِّيّ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ إِسْحَاق بن مُوْسَى بن عِمْرَانَ،
أَحَد أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة، وَالرَّحَّالَة فِي طَلَبِ
الحَدِيْث، مِنْ رُسْتَاق إِسفرَايين، تَفَقَّهَ عِنْد
أَبِي إِبْرَاهِيْم المُزَنِيّ، وَسَمِعَ (الْمَبْسُوط)
مِن الرَّبِيْع، وَكتب الحَدِيْث بِخُرَاسَانَ
وَالعِرَاقين وَالحِجَاز وَمِصْر وَالشَّام.
قَالَ: وَلَهُ مصنفَات كَثِيْرَة.
سَمِعَ بِخُرَاسَانَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ،
وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُفَ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه،
وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَأَقرَانهُم.
وَبَالجِبَال: مُحَمَّد بن مقَاتل، وَابْن أَحْمَدَ،
وَطَائِفَة.
وبِبَغْدَاد: مَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَمُحَمَّد بن
بَكَّارٍ، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَأَحْمَد بن
عِمْرَانَ الأَخنسِي، وَأَبَا مُسْلِم الوَاقِدِيّ.
وَبِالبَصْرَةِ: عبد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ النَّرْسِيّ،
وَعَبْد اللهِ بن مُعَاوِيَةَ، وَبندَاراً، وَأَبَا
مُوْسَى.
وبَالكُوْفَة: عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَخَاهُ
القَاسِم وَجُبارَة بن المُغَلِّس، وَأَبَا كُرَيْب،
وَعَبْد اللهِ بن عُمَر بن أَبَانٍ.
وَبَالحِجَاز: إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ،
وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ، وَأَبَا مُصْعَبٍ،
وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد، وَعِدَّة.
وبَالشَّام: هِشَام بن عَمَّارٍ، وَدُحيماً، وَأَحْمَد بن
أَبِي الحَوَارِيِّ، وَطَبَقَتهُم.
وَبِمِصْرِ: مُحَمَّد بن رُمح، وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ،
وَحَرْمَلَة، وَأَبَا الطَّاهِر بن السَّرْحِ،
وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ، وَأَبُو
عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَمُؤَمَّل بن الحَسَنِ،
وَمُحَمَّد بن عَبدك وَغَيْرهُم، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْب الشَّيْبَانِيّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدك الإِسْفَرَايِيْنِيّ: تُوُفِّيَ
أَبُو يَعْقُوْب الإِسْفَرَايِيْنِيّ بِهَا، فِي شَهْرِ
رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْب الحَافِظ، حَدَّثَنَا
(13/457)
إِسْحَاقُ بن مُوْسَى الإِسْفَرَايِيْنِيّ،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيْر، عَنْ
مُغِيْرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
أَوَّل مَنْ خطبَ جَالِساً مُعَاوِيَة وَذَلِكَ حِيْنَ
عَظُمَ بَطْنه، وَكَثُرَ شَحْمه.
قُلْتُ: عَاشَ ابْن أَبِي عِمْرَانَ هَذَا نَحْواً مِنْ
سَبْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ مِنَ الأَئِمَّة الأَثبَات،
وَتخيَّل إِلَى أَنَّهُ وَالد أَبِي عَوَانَةَ، لَكِن
وَالد أَبِي عَوَانَةَ اسْمه: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْم بن
يَزِيْد الإِسْفَرَايِيْنِيّ.
يَرْوِي عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَابْن حجر،
وَأَبِي مَرْوَان العُثْمَانِيّ.
أَكْثَر عَنْهُ: وَلده أَبُو عَوَانَةَ فِي (صَحِيْحِهِ)،
ثُمَّ إِنِّيْ لَمْ أَظفر لأَبِي عَوَانَةَ برِوَايَة عَنْ
إِسْحَاقَ بنِ أَبِي عِمْرَانَ، وَلاَ ذكَر الحَاكِم
لوَالد أَبِي عَوَانَةَ تَرْجَمَة فِي (تَارِيْخِهِ)،
فلهَذَا جوَّزت فِي البَدِيْهَة أَنَّهُمَا وَاحِد،
وَكِلاَهُمَا طبقَة وَاحِدَة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَة الله (1) ، عَنِ القَاسِمِ
بنِ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسعد
القُشَيْرِيّ، أَخْبَرَنَا عبد الحمِيد البَحِيْرِيّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْملك بن الحَسَنِ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي:
حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَان مُحَمَّد بن عُثْمَان:
حَدَّثَنَا عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ
الهَاد، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيّ،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (قَالَتِ النَّارُ: يَا رَبِّ!
أَكَلَ بَعْضِي بَعْضاً. فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْن...)
(2)، الحَدِيْث.
__________
(1) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (46) ت: 1. عن " مشيخة
" المؤلف.
(2) وأخرجه مسلم (617) (187) من طريق حرملة بن يحيى، عن
عبد الله بن وهب، عن حيوة، عن ابن الهاد - وهو يزيد بن عبد
الله بن أسامة بن الهاد - بهذا الإسناد، وتمامه: " نفس في
الشتاء، ونفس في الصيف، فما وجدتم من برد أو زمهرير، فمن
نفس جهنم، وما وجدتم من حر أو حرور، فمن نفس جهنم ". وهو
في " المسند " 2 / 503.
وأخرجه البخاري 6 / 238، والدارمي 2 / 340 من طريق شعيب عن
الزهري، عن أبي =
(13/458)
227 - الخُشَنِيّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّد
بن عَبْدِ السَّلاَمِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُتْقِنُ، اللُّغَوِيّ،
العَلاَّمَةُ، أَبُو الحَسَنِ، مُحَمَّد بن عَبْدِ
السَلاَّم بن ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيّ الأَنْدَلُسِيّ
القُرْطُبِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بن يَحْيَى اللَّيْثِيّ، وَغَيْرِه.
وَحَجَّ، وَلقي الكِبَار، وَحَمَلَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
يَحْيَى بنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ، وَمُحَمَّد بن
بَشَّارٍ، وَسَلَمَة بن شَبِيْب، وَطَبَقَتهم، فَأَكْثَر
وَجَوَّد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَسْلَم بن عَبْد العَزِيْز، وَمُحَمَّد
بن قَاسم بن مُحَمَّدٍ، وَابْنُهُ مُحَمَّد الخُشَنِيّ،
وَقَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ، وَآخَرُوْنَ.
وأُريد عَلَى قَضَاء الجَمَاعَة، فَامْتَنَعَ، وَتَصَدَّر
لِنَشْرِ الحَدِيْث، وَكَانَ أَحَد الثِّقَاتِ الأَعْلاَم.
أَنْبَأَنَا ابْن هَارُوْنَ الطَّائِيّ، عَنِ ابْنِ
بَقِيٍّ، عَنْ شُريح بن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ
بن حَزْم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ عَوْن الله، حَدَّثَنَا قَاسم بن أَصْبَغ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد السَّلاَم، حَدَّثَنَا
بُنْدَار، حَدَّثَنَا غُنْدَر، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ
أَبِي قَزَعَة، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كُنْتُ رَدِيف أَبِي
__________
= سلمة، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري 2 / 15، وأحمد 2 /
238 من طريق سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي
هريرة. وأخرجه أحمد 2 / 276 و277 من طريق عبد الرزاق، عن
معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وأخرجه
الترمذي (2592)، وابن ماجه (4319) من طريقين عن الأعمش، عن
أبي صالح، عن أبي هريرة.
(*) طبقات النحويين واللغويين: 268، تاريخ علماء الأندلس:
2 / 14 - 15، جذوة المقتبس: 68 - 70، بغية الملتمس: 103 -
105، اللباب: 1 / 446 - 447، تذكرة الحفاظ: 2 / 649،
البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 226، وفيه وفاته سنة (209)
وهو وهم بين. طبقات الحفاظ: 284، بغية الوغاة: 1 / 160.
والخشني، بضم الخاء، وفتح الشين: نسبة إلى خشين بن النمر
بن وبرة، من قضاعة.
(13/459)
طَلْحَة، وَكَانَتْ ركبَة أَبِي طَلْحَة
تَكَاد تَمَسُّ ركبَة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَكَانَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيْعاً (1) .
تُوُفِّيَ الخُشَنِيّ: سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ
-رَحِمَهُ اللهُ-.
وجدُّه ثَعْلَبَة هُوَ: ابْن زَيْد بن حَسَن بن كَلْب ابْن
صَاحِب النَّبِيّ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيّ قَالَهُ
ابْن الفَرضي (2) ، وَوَلَدُهُ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ
بَقِيَ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
سَمِيُّه: الإِمَامُ المُحَدِّث :
228 - أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلامِ
بنِ بَشَّارٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الوَرَّاقُ، الزَّاهِدُ.
سَمِعَ الكُتُب مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ
النَّيْسَابُوْرِيّ، وَالتَّفْسِيْر مِنْ: إِسْحَاق،
وَكَانَ ينسخُ التَّفْسِيْر وَيَتَقَوَّتُ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَسَن بن عِيْسَى، وَعَمْرو بن زُرَارَة،
وَمُحَمَّد بن رَافِع.
وَعَنْهُ: مُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ
الشَّرْقِيِّ.
قَالَ وَلَدُهُ عَبْدَان: كَانَ يَقُوْلُ أَبِي: نَحْنُ
فِي مَرْحَلَة.
وَكَانَ يَصُوْم النَّهَار، وَيقومُ اللَّيْل، وَيَقُوْلُ:
هَذَا مَا أَوْصَانَا بِهِ يَحْيَى بن يَحْيَى.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا
العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْنُس،
__________
(1) إسناده صحيح.
(2) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 14.
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 649، في نهاية ترجمة الخشني.
(13/460)
سَمِعْتُ الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ
القَبَّانِي يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار، حَدَّثَنَا يَحْيَى...
فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: أَتدرُوْنَ عَمَّنْ حَدَّثْتُكُم؟
قَالُوا: حَدَّثْتَنَا عَنْ بُنْدَار، عَنْ يَحْيَى
القَطَّانِ.
قَالَ: لاَ وَاللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد
السَّلام بن بَشَّار، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
تُوُفِّيَ مُحَمَّد بن عَبْدِ السَّلاَمِ: فِي رَمَضَانَ
سَنَةَ سِتّ أَيْضاً وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فتوَافق
هُوَ وَالَّذِي قَبْله فِي الِاسْم وَالأَب وَالحِفْظ
وَعَامِ الوَفَاةِ، وَفِي اسْم شَيْخيهُمَا اللَّيْثِيّ،
وَالتَّمِيْمِيّ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ
النَّيْسَابُوْرِيّ (1) ، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الخَزَّاز
(2) ، وَشيخ الصُّوْفِيَّة أَبُو سَعِيْدٍ الخَزَّاز (3) ،
وَأَحْمَد بن المُعَلَّى الدِّمَشْقِيّ (4) ،
وَإِبْرَاهِيْم بن سُوَيْد الشَّامِيّ، وَرفيقُه
إِبْرَاهِيْم بن بَرَّة الصَّنْعَانِيّ (5) ، وَرفيقُهُمَا
الحَسَن بن عبد الأَعْلَى البَوْسِي (6) ، أَصْحَاب عَبْد
الرَّزَّاقِ، وَعَبْد الرَّحِيْمِ بن البَرْقِيّ (7) ،
رَاوِي (السِّيرَة)، وَعَلِيّ بن عَبْدِ العَزِيْزِ
البَغَوِيّ (8) بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّد بن وَضَّاح
القُرْطُبِيّ (9) ، وَمُحَمَّد بن يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ
(10) ، وَالزَّاهِد مُحَمَّد بن يُوْسُفَ البَنَّاء،
وَأَبُو عُبَادَة
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (373)، برقم: (174).
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (418)، برقم: (205)
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة (419)، برقم: (207)
(4) ترجمته في: تهذيب بدران: 2 / 97.
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة: (351)، برقم: (168)
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (351)، برقم: 167)
(7) تقدمت ترجمته في الصفحة: (48)، برقم: (34)
(8) تقدمت ترجمته في الصفحة: (348)، برقم: (164)
(9) تقدمت ترجمته في الصفحة: (445)، برقم: (219)
(10) تقدمت ترجمته في الصفحة: (302)، برقم: (139)
(13/461)
البُحْتُرِي (1) الشَّاعِر، وَمُحَمَّد بن
مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ (2) .
229 - يَحْيَى بن عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ أَبُو زَكَرِيَّا
الأَنْدَلُسِيّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو زَكَرِيَّا
الكِنَانِيّ الأَنْدَلُسِيّ الفَقِيْه.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ
بِإِفْرِيْقِيَةَ مِنْ: سَحْنُوْن، وَأَبِي زَكَرِيَّا
الحُفْرِيّ، وَعَوْن بن يُوْسُفَ صَاحِب الدَّرَاوَرْدِيّ.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ: يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ،
وَحَرْمَلَة، وَابْن رُمْح.
وَبَالمَدِيْنَة مِنْ: أَبِي مُصْعب، وَطَائِفَةٍ.
وَسَكَنَ القَيْرَوَان، وَكَانَ حَافِظاً للفُروع، ثِقَةً،
ضَابطاً لِكُتُبِهِ (3) .
أَخَذَ عَنْهُ: أَحْمَد بن خَالِدٍ الحَافِظ، وَجَمَاعَةٌ،
وَأَهْل القَيْرَوَان.
وَكَانَتِ الرِّحلَة إِلَيْهِ فِي وَقته.
سَكَنَ سُوْسَة فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَبِهَا مَاتَ.
قَالَ الحُمَيْدِيّ: هُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ
(4) .
رَوَى عَنْهُ: سَعِيْد بن عُثْمَانَ الأَعْنَاقِيّ (5) ،
وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْرٍ، وَمُحَمَّد
__________
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة: (486)، برقم: (233). وذكر
وفاته هناك سنة (283) أو (284)، خلافا لما هنا.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (492)، برقم: (240).
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 184، رياض النفوس: 1 / 396 -
406، طبقات الفقهاء: 163، جذوة المقتبس: 377 - 378، بغية
الملتمس: 505 - 506، لسان الميزان: 6 / 270 - 272.
(3) انظر نص ابن الفرضي في " تاريخه ": 2 / 184.
(4) جذوة المقتبس: 377.
(5) في " الجذوة "، و" البغية ": " العناقي ".
وقال المقري في ترجمته في " نفح الطيب ": 2 / 633: "
والاعناقي: نسبة إلى موضع يقال له: أعناق وعناق ".
(13/462)
بن مَسْرور، وَقَمُّود بن مُسْلِمٍ
القَابِسِي، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ القِرْبَاط.
وَتُوُفِّيَ: سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ
سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ اللَّبَّاد: كَانَ أَهْل
الصِّيَام وَالقِيَام، مجَابَ الدُّعَاء، كَانَتْ لَهُ
بَرَاهين.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ الأَبْيَانِي: مَا رَأَيْتُ
مِثْل يَحْيَى بن عُمَرَ فِي عِلْمه وَزُهْده، وَدُعَائِه
وَبُكَائِه، فَالوَصْفُ -وَاللهِ- يَقصُر عَنْ ذِكر
فَضْله.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حَارب: كَانَ مُتَقَدِّماً فِي
الحِفْظِ، لَقِي يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَكَانَ يَقُوْلُ:
سأَلتُ سَحْنُوْن، فرَأَيْت بَحْراً لاَ تُكَدِّرُه
الدِّلاَء، وَاللهِ مَا رَأَيْتُ مثلَه قَطُّ، كَأَنَّ
العِلْمَ جُمِعَ بَيْنَ عَيْنَيه وَفِي صَدْره.
قَالَ يَحْيَى الكَانشِي: أَنفق يَحْيَى بن عُمَر فِي
طَلَبِ العِلْمِ سِتَّة آلاَف دِيْنَار.
قُلْتُ: لَهُ شُهْرَة كَبِيْرَة بِإِفْرِيْقِيَةَ، وَحمل
عَنْهُ عَدَدٌ كَثِيْرٌ -رَحِمَهُ اللهُ-.
230 - المُعْتَضِدُ بِاللهِ أَحْمَد بن المُوَفَّق بِاللهِ
الخَلِيْفَةُ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو العَبَّاسِ، أَحْمَد بن الموَفق
بِاللهِ، وَلِي العَهد، أَبِي أَحْمَدَ
__________
(1) انظر: تاريخ علماء الأندلس: 2 / 184.
(*) تاريخ الخلفاء لابن ماجه: 49 - 50، تاريخ الطبري: 10 /
20 - 22، 28، 30 - 87، مروج الذهب: 2 / 462 - 490،
الاغاني: 10 / 41 - 42 (ط. مصورة عن دار الكتب)، تاريخ
بغداد: 4 / 403 - 407، المنتظم: 5 / 123 - 138، و6 / 34،
الكامل لابن الأثير: 7 / 444، 452 - 453، 456، 513 - 515،
عبر المؤلف: 2 / 82، فوات الوفيات: 1 / 72 - 73، الوافي
بالوفيات: 6 / 428 - 430، البداية والنهاية: 11 / 66، 86 -
94، النجوم الزاهرة: 3 / 126، تاريخ الخلفاء: 588 - 599،
شذرات الذهب: 2 / 199 - 201.
(13/463)
طَلْحَة بن المُتَوَكِّل جَعْفَر بن
المُعْتَصِم مُحَمَّد بن الرَّشِيْد الهَاشِمِيّ
العَبَّاسِيّ.
وُلِدَ فِي أَيَّام جَدِّهِ: سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَدَخَلَ دِمَشْق سنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ لِحَرْب
ابْنِ طُولُوْنَ، وَاسْتُخْلِفَ بَعْدَ عَمِّه المُعْتَمِد
فِي رَجَبٍ سنَةَ تسعٍ.
وَكَانَ مَلِكاً مَهِيْباً، شُجَاعاً، جَبَّاراً، شَدِيْدَ
الوَطْأَة، مِنْ رِجَال العَالَم، يُقْدِم عَلَى الأَسَد
وَحدَه.
وَكَانَ أَسمَرَ، نَحِيْفاً، معتدلَ الْخلق، كَامِلَ
العَقْل.
قَالَ المَسْعُوْدِيُّ: كَانَ قَلِيْل الرَّحْمَة (1) ،
إِذَا غَضِبَ عَلَى أَمِيْرٍ حَفَرَ لَهُ حَفيِرَةً،
وَأَلقَاهُ حَيّاً، وَطَمَّ عَلَيْهِ (2) .
وَكَانَ ذَا سيَاسَةٍ عَظِيْمَةٍ، قِيْلَ: إِنَّهُ تصيَّد،
فَنَزَلَ إِلَى جَانب مقثأَة، فصَاحَ النَّاطُور،
فَطَلَبَهُ، فَقَالَ: إِنَّ ثَلاَثَة غِلمَان دَخَلُوا
المقثأَة، وَأَخَذُوا (3) ، فَجِيْءَ بِهِم، فَاعتقلُوا،
وَمن الغَد ضُربت أَعنَاقهُم، فَقَالَ لابْن حَمدُوْنَ:
اصدقنِي عَنِّي، فذكرتُ الثَّلاَثَة، فَقَالَ: وَاللهِ مَا
سفكتُ دماً حرَاماً مُنْذُ وَليت الخِلاَفَة، وَإِنَّمَا
قتلت حَرَامِيَّة قَدْ قَتَلُوا، أَوهمتُ أَنَّهُم
الثَّلاَثَة.
قُلْتُ: فَأَحْمَد بن الطَّيِّب (4) ؟ قَالَ: دعَانِي
إِلَى الإِلْحَاد (5) .
__________
(1) جاء عند المسعودي هنا: " كثير الاقدام، سفاكا للدماء،
شديد الرغبة في أن يمثل بمن يقتله، وكان إذا غضب...".
(2) انظر النص في: مروج الذهب: 2 / 462.
(3) في: تاريخ الخلفاء للسيوطي:: 588: " فأخربوها " وفيه
أيضا: " اصدقني فيم ينكر علي الناس ".
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (448)، برقم: (221). وكان
المعتضد قد قتله لفلسفته وخبث معتقده سنة (286 ه) كما قال
المؤلف هناك.
(5) انظر الخبر مفصلا في " المنتظم ": 5 / 123 - 124، و"
البداية والنهاية ": 11 / 86 - 87.
(13/464)
رَوَى أَبُو العَبَّاسِ بن سُرَيْج، عَنْ
إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى المُعْتَضِد، وَعَلَى رأْسِه أَحْدَاثٌ
رُوْمٌ مِلاَحٌ، فنظرتُ إِلَيْهِم، فرآنِي المُعْتَضِد
أَتَأَمَّلُهُم، فَلَمَّا أَردتُ الاَنصرَافَ، أَشَارَ
إِليَّ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا القَاضِي! وَاللهِ مَا
حَلَلْتُ سَرَاويلِي عَلَى حَرَامٍ قَطُّ (1) .
وَدَخَلْتُ مرَّةً، فَدَفَعَ إِليَّ كِتَاباً، فنظرتُ
فِيْهِ، فَإِذَا قَدْ جَمَعَ لَهُ فِيْهِ الرُّخَص مِنْ
زلل العُلَمَاء، فَقُلْتُ: مُصَنِّفُ هَذَا زِنْدِيْقٌ.
فَقَالَ: أَلم تَصِحَّ هَذِهِ الأَحَادِيْث؟
قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنْ مَنْ أَبَاحَ المُسْكر لَمْ يُبح
المُتْعَة، وَمَنْ أَبَاحَ المُتْعَة لَمْ يُبِحِ
الغِنَاء، وَمَا مِنْ عَالِمٍ إِلاَّ وَلَهُ زَلَّة، وَمن
أَخَذَ بِكُلِّ زَلَل العُلَمَاء ذهبَ دِينُه.
فَأَمَرَ بِالكِتَابِ فَأُحْرِق (2) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ المُحسن التَّنُّوخِي: بَلَغَنِي عَنِ
المُعْتَضِد أَنَّهُ كَانَ جَالِساً فِي بَيْتٍ يُبنَى
لَهُ، فَرَأَى فِيهِم أَسْوَدَ مُنْكَر الخِلْقَة يَصعَد
السَّلاَلِم دَرَجَتَيْن دَرَجَتَيْن، وَيحمِلُ ضِعْفَ مَا
يحملُه غَيْرُه، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَطَلَبَه، وَسَأَلَهُ
عَنْ سَبب ذَلِكَ، فَتَلَجْلَجَ، فَكلَّمه ابْن حَمْدُوْنَ
فِيْهِ، وَقَالَ: منْ هَذَا حَتَّى صرفْتَ فِكْرَك
إِلَيْهِ؟
قَالَ: قَدْ وَقَعَ فِي خَلَدِي أَمرٌ مَا أَحْسِبُه
باطلاً، ثُمَّ أَمرَ بِهِ، فَضُرِبَ مائَة، وَتهدَّدَه
بِالقتل، وَدَعَا بِالنَطْع (3) وَالسَّيْف، فَقَالَ:
الأَمَانَ، أَنَا أَعمل فِي أَتُوْنَ الآجُرِّ، فَدَخَلَ
مِنْ شُهور رَجُل فِي وَسَطه هِمْيَان (4) ، فَأَخْرَجَ
دَنَانِيْر، فَوثبْتُ عَلَيْهِ، وَسدَدْتُ فَاهُ،
وَكتَّفْتُه، وَأَلقيتُه فِي الأَتُوْنَ، وَالذَّهَب مَعِي
يقوَى بِهِ قلبِي، فَاسْتحضرهَا، فَإِذَا عَلَى الهِمِيَان
اسْم صَاحبه، فَنُوْدِيَ فِي
__________
(1) البداية والنهاية: 11 / 87.
(2) انظر المصدر السابق. وتاريخ الخلفاء: 589.
(3) النطع، بفتح النون وكسرها، وفتح الطاء وكسرها وسكونها:
بساط من الجلد، كثيرا ما كان يقتل فوقه المحكوم عليه
بالقتل.
(4) الهميان: كيس للنفقة يشد في الوسط.
(13/465)
البَلد، فجَاءت امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: هُوَ
زَوْجِي وَلِي مِنْهُ طِفْل، فَسَلَّمَ الذَّهَب
إِلَيْهَا، وَقَتَلَه.
قَالَ التَّنُّوخِي: وَبَلغنِي أَنَّهُ قَامَ لَيْلَةً،
فَرَأَى المَمَالِيْك المُرْد، وَاحِدٌ منهُم فَوْقَ آخر،
ثُمَّ دبَّ عَلَى ثَلاَثَةٍ، وَاندَسَّ بَيْنَ الغِلْمَان،
فَجَاءَ، فَوَضَع يَده عَلَى صَدْره، فَإِذَا بفؤَاده
يخفِق، فَرَفَسَه برِجْله، فَجَلَسَ، فَذَبَحَه.
وَأَنَّ خَادِماً أَتَاهُ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ صَيَّاداً
أَخرج شبكتَه، فَثَقُلَت، فَجَذَبَهَا، فَإِذَا فِيْهَا
جِرَاب، فَظَنَّه مَالاً، فَإِذَا فِيْهِ آجُرٌّ بَيْنَهُ
كَفٌّ مَخْضُوبَة، فَهَالَ ذَاكَ المُعْتَضِدَ، وَأَمرَ
الصَّيَّاد، فَعَاود طَرْح الشَّبَكَة، فَخَرَجَ جِرَاب
آخَرْ فِيْهِ رِجْل، فَقَالَ: مَعِي فِي بَلَدي مَنْ
يَفْعَلُ هَذَا؟ مَا هَذَا بِمُلْك!
فلَمْ يفطرْ يَوْمَه، ثُمَّ أَحْضَرَ ثِقَةً لَهُ،
وَأَعطَاهُ الجِرَاب، وَقَالَ: طُفْ بِهِ عَلَى مَنْ يعْمل
الجُرُب: لِمَنْ بَاعَه؟
فَغَابَ الرَّجُل، وَجَاءَ وَقَدْ عَرَف بَائِعَه،
وَأَنَّهُ اشترَى مِنْهُ عَطَّارٌ جِرَاباً، فَذَهَبَ
إِلَيْهِ، فَقَالَ: نَعَمْ، اشترَى مِنِّي فُلاَنٌ
الهَاشِمِيّ عَشْرَة جُرُبٍ، وَهُوَ ظَالم...، إِلَى أَنْ
قَالَ:
يكفيكَ أَنَّهُ كَانَ يَعْشَقُ مُغَنِّيَةً، فَاكترَاهَا
مِنْ مَوْلاَهَا، وَادَّعَى أَنَّهَا هَرَبت! فَلَمَّا
سَمِعَ المُعْتَضِد ذَلِكَ سَجَدَ، وَأَحْضَرَ
الهَاشِمِيَّ، فَأَخْرَجَ لَهُ اليَد وَالرَّجْلَ،
فَاصْفَرَّ وَاعْتَرفَ، فَدَفَعَ إِلَى صَاحِبِ الجَارِيَة
ثمنَهَا، وَسَجَنَ الهَاشِمِيّ، فيُقَالُ: قَتَلَه.
وَرَوَى التَّنُّوخِي، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رَأَيْتُ المُعْتَضِد - وَكَانَ صَبِيّاً - عَلَيْهِ قُباء
أَصْفَرُ، وَقَدْ خَرَجَ إِلَى قِتَالِ وَصِيْف
بِطَرَسُوْس.
وَعَنْ خَفِيف السَّمَرْقَنْدي، قَالَ: خَرَجتُ مَعَ
المُعْتَضِد للصَّيْد، وَانْقَطَعَ عَنْهُ العَسْكَر
فَخَرَجَ عَلَيْنَا الأَسَد، فَقَالَ: يَا خَفِيْف!
أَمسِكْ فرسِي.
وَنَزَلَ، فَتَحَزَّمَ، وَسَلَّ سَيْفَه، وَقَصَدَ
الأَسَدَ، فَقَصَدَهُ الأَسَدُ، فَتَلَقَّاهُ
المُعْتَضِدُ، فَقَطَعَ يَدَه، فتشَاغَل بِهَا الأَسَد،
فضَرَبَهُ فَلَقَ هَامَتَه، وَمسح سَيْفه فِي
(13/466)
صُوْفه، وَرَكِبَ، وَصحبْتُه إِلَى أَنْ
مَاتَ، فَمَا سَمِعتُه يَذكُرُ الأَسد، لِقلَّة احتفَاله
بِهِ (1) .
قُلْتُ: وَكَانَ فِي المُعْتَضِدْ حِرْصٌ، وَجَمْعٌ
للمَال.
حَارَبَ الزِّنْج، وَلَهُ موَاقف مشهودَة، وَفِي دَوْلَته
سَكَتَتِ الفِتَن، وَكَانَ فَتَاهُ بدر عَلَى شَرِطته،
وَعُبَيْد اللهِ بن سُلَيْمَانَ عَلَى وَزَارَتِه،
وَمُحَمَّد بن شَاه عَلَى حَرَسه، وَأَسقط المَكْسَ (2) ،
وَنَشَرَ العَدْلَ، وَقَلَّلَ مِنَ الظُّلم، وَكَانَ
يُسَمَّى السَّفَّاح الثَّانِي، أَحْيَا رَمِيْمَ
الخِلاَفَة الَّتِي ضَعُفَت مِن مَقْتَلِ المُتَوَكِّل،
وَأَنْشَأَ قَصْراً غَرِمَ عَلَيْهِ أَرْبَع مائَة أَلْف
دِيْنَار، وَكَانَ مِزَاجه قَدْ تَغَيَّر مِنْ فَرْط
الجِمَاع وَعَدَمِ الحمِيَة، حَتَّى إِنَّهُ أَكَلَ فِي
مَرَضِهِ زَيْتُوناً وَسَمَكاً.
وَنقَلَ المَسْعُوْدِيّ (3) : أَنَّهُم شَكُّوَا فِي
مَوْته، فَتَقَدَّم الطَّبِيْب، فَجَسَّ نَبْضَه، فَفَتَح
عَيْنَيْهِ، فَرَفَسَ الطَّبِيْب دَحْرَجَهُ أَذرعاً،
فَمَاتَ الطَّبِيْب، ثُمَّ مَاتَ المُعْتَضِد مِنْ سَاعتِه
- كَذَا قَالَ -.
وَقَالَ الخُطَبِيّ فِي (تَارِيْخِهِ): حَبَس المُوَفَّق
ابْنه أَبَا العَبَّاسِ، فَلَمَّا اشتَدَّت عِلَّةُ
المُوَفَّق عَمَدَ غِلْمَان أَبِي العَبَّاسِ،
فَأَخرجُوهُ، وَأَدخلُوهُ إِلَى أَبِيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ،
أَيقن بِالموت، فَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: لِهَذَا اليَوْم
خَبَّأْتُكَ.
ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ، وَضمَّ الجَيْشَ إِلَيْهِ،
وَخَلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَث.
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ العَبَّاسِ شَهْماً، جلداً، رَجُلاً
بازلاً، مَوْصُوَفاً بِالرُّجْلَة وَالجَزَالَة، قَدْ لَقي
الحُرُوب، وَعُرِفَ فَضْله، فَقَامَ بِالأَمْرِ أَحسنَ
قِيَامٍ، وَهَابَه
__________
(1) انظر: المنتظم: 5 / 129.
(2) المكس: الجباية.
(3) 2 / 490.
(13/467)
النَّاس وَرهبُوهُ، ثُمَّ عَقَدَ لَهُ
المُعْتَمِد مَكَان المُوَفَّق، وَجَعَلَ أَولاَدَهُ
تَحْتَ يَدِه، ثُمَّ إِنَّ المعْتَمِد جلَس مَجْلِساً
عَامّاً، أَشهدَ فِيْهِ عَلَى نَفْسه بِخَلْعِ وَلده
المفوَّض إِلَى اللهِ جَعْفَر مِنْ وَلاَيَة عَهْدِهِ،
وَإِفرَاد أَبِي العَبَّاسِ بِالعَهْدِ فِي المُحَرَّمِ،
وَتُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ -يَعْنِي: المُعْتَمِد- فَقِيْلَ:
إِنَّهُ غُمَّ فِي بِسَاط.
وَكَانَ المُعْتَضِد أَسمرَ نَحِيْفاً، مُعْتَدِلَ
الخَلْق، أَقنَى الأَنْفِ (1) ، فِي مقدم لِحْيتهِ طولٌ،
وَفِي مقدم رأْسِه شَامَةٌ بَيْضَاء، تعلُوهُ هَيْبَةٌ
شَدِيْدَةٌ، رَأَيْتُهُ فِي خلاَفته.
قُلْتُ: لمَا بُوْيِع، قَدِمَتْ هدَايَا خُمَارَويه، وَخضع
وَذَلِكَ عِشْرُوْنَ بَغْلاً تَحْمِلُ الذَّهَبْ، سِوَى
الخَيْل وَالجَوَاهِر وَالنَّفَائِس، وَزُرَافَة،
وَقَدِمَتْ هَدِيَّةُ الصَّفَّار، فولاَّهُ خُرَاسَان،
وَتَزَوَّجَ المُعْتَضِد بِبِنْت خُمَارويه، فَقَدِمَتْ
فِي تَجَمُّل لاَ يُعَبَّر عَنْهُ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ
يَوْم النَّحْر، فَكَبَّرَ فِي الأُوْلَى سِتّاً وَفِي
الثَّانِيَة نَسِي تكبيرهَا، وَلَمْ يكد يُسْمع صَوته (2)
.
وفِي سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ: كَانَ أَوَّل شَأْن
القرَامِطَة.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ أَوَّلَ وَهْنٍ عَلَى الأُمَّة قَتْلُ
خلِيفتِهَا عُثْمَان صَبْراً، فَهَاجت الفِتْنَة، وَجَرَت
وَقعَة الجَمل بِسببهَا، ثُمَّ وَقعَة صِفِّين، وَجَرَت
سُيُول الدِّمَاء فِي ذَلِكَ.
ثمَّ خَرَجَتِ الخَوَارِج، وَكَفَّرَتْ عُثْمَان
وَعَلِيّاً، وَحَارَبُوا، وَدَامتْ
__________
(1) القنا: احديداب في الانف.
(2) وجاء في " مروج الذهب ": 2 / 463، أنه صعد المنبر
بعدها، فحصر ولم تسمع له خطبة، وفي ذلك يقول بعض الشعراء:
حصر الامام ولم يبين خطبة * للناس في حل ولا إحرام
ما ذاك إلا من حياء لم يكن * ما كان من عي ولا إفحام
(13/468)
حُرُوبُ الخَوَارِج سِنِيْنَ عِدَّة.
ثمَّ هَاجتِ المُسَوِّدَة بِخُرَاسَانَ، وَمَا زَالُوا
حَتَّى قَلعُوا دَوْلَةَ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَامَتِ
الدَّوْلَة الهَاشِمِيَّة بَعْد قَتْل أَممٍ لاَ يُحصيهم
إِلاَّ الله.
ثمَّ اقْتتلَ المَنْصُوْرُ وَعَمِّه عَبْد اللهِ.
ثُمَّ خُذل عَبْد اللهِ، وَقُتِلَ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِب
الدَّعْوَة.
ثمَّ خَرَجَ ابْنا حَسَن (1) ، وَكَادَا أَنْ
يَتَمَلَّكَا، فَقُتِلاَ.
ثمَّ كَانَ حربٌ كَبِيْرٌ بَيْنَ الأَمِيْن وَالمَأْمُوْن
(2) ، إِلَى أَنْ قُتِلَ الأَمِيْن.
وفِي أَثْنَاء ذَلِكَ قَامَ غَيْرُ وَاحِدٍ يطْلُب
الإِمَامَةَ:
فَظَهَرَ بَعْد المائَتَيْنِ بَابَك الخُرَّمِيّ زِنْدِيْق
بِأَذْرَبِيْجَان، وَكَانَ يُضْرَبُ بِفَرْطِ شَجَاعَته
الأَمثَال، فَأَخَذَ عِدَّة مدَائِن، وَهَزَم الجُيُوشَ
إِلَى أَنْ أُسِرَ بحيلَةٍ، وَقُتِلَ (3) .
__________
(1) هما: محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي
طالب، وأخوه إبراهيم، وكان خروجهما على المنصور، ذلك أنهما
تخلفا عن الحضور عنده عندما حج في ذلك العام، فطلبهما،
وبالغ في ذلك، وقبض على أبيهما مع عدد من أهل البيت،
وسجنهم، وماتوا في سجنه. فثار محمد في المدينة، وسجن
متوليها، وصار له شأن وعمال على المدن، إلى أن أرسل إليه
المنصور جيشا بقيادة ابن عمه عيسى بن موسى قضى عليه سنة
(145 ه).
انظر: تاريخ الطبري: 7 / 17، وما بعدها، أخبار سنة (144)،
والكامل لابن الأثير: 5 / 513 - 527، والوافي بالوفيات: 3
/ 297 - 300، شذرات الذهب: 1 / 313، أخبار سنة (144).
(2) كان ذلك سنة (195 ه) عند ما أعلن الامين خلع أخيه
المأمون عن خراسان، فنادى المأمون بخلع الامين أيضا ونشأت
الحرب بينهما.
(3) انظر تفصيل خبر مقتله في ترجمة المأمون في الجزء
العاشر من هذا الكتاب 293.
(13/469)
وَلَمَّا قُتل المُتَوَكِّل غِيلَة (1) ،
ثُمَّ قُتل المُعْتَزّ (2) ، ثُمَّ الْمُسْتَعِين (3)
وَالمهتدي (4) ، وَضَعُف شَأْن الخِلاَفَة تَوَثَّب ابْنا
الصَّفَّار إِلَى أَنْ أَخذَا خُرَاسَان، بَعْدَ أَنْ
كَانَا يَعملاَن فِي النُّحَاس، وَأَقبلاَ لأَخذِ العِرَاق
وَقَلْعِ المعْتَمِد.
وَتوثّب طُرُقي دَاهِيَةٌ بِالزَّنج عَلَى البَصْرَةِ (5)
، وَأَبَادَ العبَاد وَمَزَّق الجُيُوشَ، وَحَاربوهُ
بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى أَنْ قُتل.
وَكَانَ مَارقاً، بلغَ جُنْدُه مائَة أَلْف.
فَبقي يتشَبَّه بِهَؤُلاَءِ كُلُّ مَنْ فِي رأْسِه
رِئاسَةٌ، وَيَتَحَيَّلُ عَلَى الأُمَّة ليرديهُم فِي
دينهُم وَدُنيَاهُم، فَتحرَّك بِقُوَى الكُوْفَة رَجُل
أَظهر التَّعَبُّدَ وَالتَّزَهُّدَ، وَكَانَ يسف الْخوص
وَيُؤثِر، وَيدْعُو إِلَى إِمَام أَهْلِ البَيْت، فتلفَّق
لَهُ خَلق وَتَأَلهوه إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ،
فَظَهَرَ بِالبَحْرَيْن أَبُو سَعِيْدٍ الجنَابِي، وَكَانَ
قَمَّاحاً، فَصَارَ مَعَهُ عَسْكَرٌ كَبِيْرٌ، وَنَهَبُوا،
وَفَعَلُوا القبَائِح، وَتَزَنْدَقُوا، وَذَهَبَ الأَخوَان
يدعُوَان إِلَى المَهْدِيّ بِالمَغْرِب، فثَار مَعَهُمَا
البَرْبَر، إِلَى أَنْ مَلَكَ عَبْدُ اللهِ المُلَقَّب
بِالمَهْدِيّ غَالِب المَغْرِب، وَأَظهرَ الرَّفْض،
وَأَبطَنَ الزَّنْدَقَة، وَقَامَ
__________
(1) كان ذلك سنة (247 ه) قال الذهبي في " العبر " 1 / 449،
فتكوا به في مجلس لهو بأمر ابنه المنتصر.
(2) كان ذلك سنة (244 ه).
قال الذهبي في " العبر ": 2 / 9: " خلعوه، فأشهد على نفسه
مكرها، ثم أدخلوه بعد خمسة أيام إلى الحمام فعطش، حتى عاين
الموت وهو يطلب الماء، فيمنع، ثم أعطوه ماء بثلج فشربه
وسقط ميتا ".
(3) كان ذلك سنة (252 ه). ولعل الذهبي أراد من (ثم) هنا
الجمع المطلق لا الترتيب، لما تراه من تقدم قتل المستعين
على المعتز.
(4) وذلك سنة (256 ه).
(5) وللشاعر ابن الرومي قصيدة رائعة في رثاء البصرة بعد
تخريبها من قبل الزنج فلتنظر في ديوانه.
(13/470)
بَعْدَهُ ابْنه، ثُمَّ ابْن ابْنه، ثُمَّ
تملَّكَ المُعِزُّ وَأَوْلاَدُهُ مِصْر وَالمَغْرِبَ
وَاليَمَنَ وَالشَّام دَهْراً طَوِيْلاً - فَلاَ حَوْل
وَلاَ قُوَّة إِلاَّ بِاللهِ -.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ: أَخَذَ المُعْتَضِد مُحَمَّد بن
سَهْل مِنْ قوَّاد الزَّنْج فَبَلَغَهُ أَنَّهُ يدعُو
إِلَى هَاشِمِيّ، فَقرَّره، فَقَالَ: لَوْ كَانَ تَحْتَ
قَدَمِي مَا رفعتُهَا عَنْهُ.
فَقَتَلَهُ (1) .
وعَاثَت بَنُو شَيْبَان، فَسَارَ المُعْتَضِد، فلحقهُم
بِالسِّنّ، فَقَتَلَ وَغَرَّقَ، وَمَزَّقَهُم، وَغَنِمَ
العَسْكَرُ مِن موَاشيهُم مَا لاَ يُوْصَف، حَتَّى أُبيع
الجملُ بخمسَةِ دَرَاهُم، وَصَان نسَاءهُم وَذَرَاريهُم،
وَدَخَلَ المَوْصِل، فجَاءته بَنو شَيْبَان، وَذلُّوا،
فَأَخَذَ مِنْهُم رَهَائِن، وَأَعطَاهُم نسَاءهُم، وَمَاتَ
فِي السجْن المفَوِّض إِلَى اللهِ، وَقِيْلَ: كَانَ
الْمُعْتَضد يُنَادمه فِي السِّر.
قِيْلَ: كَانَ لتَاجرٍ عَلَى أَمِيْرٍ مَالٌ، فَمَطَلَه،
ثُمَّ جَحَدَه، فَقَالَ لَهُ صَاحبٌ لَهُ: قُمْ مَعِي،
فَأَتَى بِي خَيَّاطاً فِي مَسْجِد.
فَقَامَ مَعَنَا إِلَى الأَمِيْر، فَلَمَّا رَآهُ، هَابَه،
وَوَفَّانِي المَالَ.
فَقُلْتُ للخَيَّاط: خُذْ مِنِّي مَا تُرِيْد، فَغَضِبَ.
فَقُلْتُ لَهُ: فَحَدِّثْنِي عَنْ سَبب خَوفه مِنْكَ.
قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً، فَإِذَا بِتُرْكِي قَدْ صَادَ
امْرَأَةً مليحَةً، وَهِيَ تَتَمَنَّعُ مِنْهُ
وَتَسْتَغِيْث، فَأَنكرتُ عَلَيْهِ، فَضَرَبنِي، فَلَمَّا
صَلَّيْت العشَاء جَمعتُ أَصْحَابِي، وَجِئْتُ بَابَه،
فَخَرَجَ فِي غِلمَانه، وَعَرَفَنِي، فَضَرَبَنِي
وَشَجَّنِي، وَحملتُ إِلَى بَيْتِي، فَلَمَّا تَنَصَّف
اللَّيْلُ، قُمْتُ فَأَذَّنْتُ فِي المنَارَة، لكِي
يُظَنَّ أَنَّ الفَجْر طَلع، فَيُخْلِي المرأَةَ،
لأَنَّهَا قَالَتْ: زوجِي حَالفٌ عليّ بِالطَّلاَق
أَنَّنِي لاَ أَبيتُ عَنْ بَيْتِي، فَمَا نزلتُ حَتَّى
أَحَاطَ بِي بَدْرٌ وَأَعوَانُه، فَأُدْخِلْتُ عَلَى
المُعْتَضِد، فَقَالَ: مَا هَذَا الأَذَان؟ فَحَدَّثْتُه
__________
(1) البداية والنهاية: 11 / 67 - 68.
(13/471)
بِالقِصَّة، فَطَلبَ التُّركِيّ، وَجَهَّزَ
المرأَة إِلَى بيتهَا، وَضرب التُّركِي فِي جَوَالق حَتَّى
مَاتَ.
ثُمَّ قَالَ لِي: أَنْكِرِ المُنْكَر، وَمَا جرَى عَلَيْك
فَأَذِّن كَمَا أَذَّنْتَ، فدعوتُ لَهُ، وَشَاعَ الخَبَر،
فَمَا خَاطبتُ أَحَداً فِي خَصْمه إِلاَّ أَطَاعنِي
وَخَافَ (1) .
وَفِيْهَا وُلِدَ بِسَلمْيَة القَائِم مُحَمَّد بن
المَهْدِيّ العُبيدي، الَّذِي تملَّك هُوَ وَأَبُوْهُ
المَغْرِب.
وَفِيْهَا غَزَا صَاحِب مَا وَرَاء النَّهْر إِسْمَاعِيْل
بن أَحْمَدَ بنِ أَسَد بلاَدَ التُّرْك، وَأَسرَ مَلِكَهُم
فِي نَحْو مِنْ عَشْرَة آلاَف نَفْسٍ، وَقُتِلَ مثلَهُم،
وَزُلزلت دَيْبُل (2) ، فَسقطَ أَكْثَرُ الْبَلَد، وَهَلك
نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، ثُمَّ زُلزلت مَرَّات،
وَمَاتَ أَزيدُ مِنْ مائَة أَلْف.
وَغزَا المُسْلِمُوْنَ أَرْض الرُّوْم، فَافتتحُوا
مَلُوريَة (3) .
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ: غَارت
مِيَاهُ طَبَرِسْتَان، حَتَّى لأَبيع المَاء ثَلاَثَة
أَرطَال بِدِرْهَم، وَجَاعُوا، وَأَكلُوا المَيْتَةَ.
وَفِيْهَا سَارَ المُعْتَضِد إِلَى الدِّيْنَوَر وَرَجَعَ.
ثُمَّ قَصَدَ المَوْصِل لِحَرْب حَمْدَان بن حَمدُوْنَ،
جَدِّ بنِي حَمدَان، وَكَانَتِ الأَعرَابُ وَالأَكرَادُ
قَدْ تحَالفُوا، وَخرجُوا، فَالتقَاهُم المُعْتَضِد،
فَهَزَمَهُم، فَكَانَ مِنْ غَرِق أَكْثَر. ثُمَّ
__________
(1) انظر: البداية والنهاية: 11 / 89 - 90.
(2) كذا الأصل، وفي تاريخ الطبري: 10 / 34، والمنتظم: 5 /
143، والكامل لابن الأثير: 7 / 465: " دبيل ".
وفي البداية والنهاية: 11 / 68: " أردبيل ".
(3) غزو الروم وفتح ملورية من أحداث سنة (281 ه) كما جاء
في " تاريخ الطبري "، و" المنتظم "، و" الكامل " لابن
الأثير، و" تاريخ الخلفاء " للسيوطي، وفيه " مكورية " بدلا
من: " ملورية ".
(13/472)
قَصَد مَاردين، فَهَرَبَ مِنْهُ حَمدَان،
فَحَاصَر مَارْدين، وَتَسَلَّمَهَا، ثُمَّ ظَفِر
بحَمْدَان، فَسَجَنَهُ، ثُمَّ حَاصر قلعَةً للأَكرَاد
وَأَمِيْرهُم شَدَّاد، فَظَفِرَ بِهِ، وَهَدَمَهَا.
وَهَدَمَ دَارَ النَّدْوَة بِمَكَّةَ، وَصَيَّرهَا
مَسْجِداً.
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ: أَبطل
الْمُعْتَضد، وَقِيد النِّيرَان، وَشعَار النَّيْروز.
وقَدِمَتْ قَطْرُ النَّدَى (1) بِنْتُ صَاحِب مِصْر مَعَ
عَمِّهَا - وَقِيْلَ: مَعَ عَمَّتِهَا العَبَّاسَة -
فَدَخَلَ بِهَا الْمُعْتَضد، فَكَانَ جِهَازُهَا بِأَزيد
مِنْ أَلف (2) أَلف دِيْنَار، وَكَانَ صَدَاقُهَا
خَمْسِيْنَ أَلف دِيْنَار، وَقِيْلَ: كَانَ فِي جِهَازهَا
أَرْبَعَةُ آلاَف تِكَّة مُجَوْهَرَة، وَكَانَتْ بديعَةَ
الحُسْن، جَيِّدَة العَقْل.
قِيْلَ: خَلاَ بِهَا المُعْتَضِدُ يَوْماً، فَنَام عَلَى
فَخِذِهَا، قَالَ: فَوَضَعَتْ رأْسَهُ عَلَى مِخَدَّةٍ،
وَخَرَجتْ، فَاسْتيقَظَ، فَنَادَاهَا وَغَضِبَ، وَقَالَ:
أَلَمْ أُحِلَّكِ إِكرَاماً لَكِ، فَتَفْعَلِينَ هَذَا؟
قَالَتْ: مَا جهلتُ إِكرَامكَ لِي، وَلَكِن فِيمَا
أَدَّبنِي أَبِي أَنْ قَالَ: لاَ تنَامِي بَيْنَ جُلوس،
وَلاَ تجلسِي مَعَ النَّائِم.
وَيُقَالُ: كَانَ لَهَا أَلفُ هَاوُن ذَهب.
وَفِيْهَا: قَتَل خُمَارَويه صَاحِبَ مِصْر وَالشَّام
غِلمَانُه، لأَنَّهُ رَاوَدَهُم، ثُمَّ أُخِذُوا،
وَصُلبُوا، وَتملَّك ابْنُهُ جَيْش، فَقتلُوهُ بَعْد
يَسير، وَمَلَّكُوا أَخَاهُ هَارُوْنَ، وَقَرَّر عَلَى
نَفْسه أَنْ يَحْمِلَ إِلَى المُعْتَضِد فِي العَام أَلْفَ
أَلفِ دِيْنَار، وَخَمْسَ مائَة أَلْف دِيْنَار.
__________
(1) هي أسماء بنت خمارويه بن أحمد بن طولون، من شهيرات
النساء عقلا وجمالا وأدبا. تزوجها المعتضد، وجهزها بجهاز
لم يعمل مثله. توفيت ببغداد، ودفنت في قصر الرصافة سنة
(287 ه).
(2) كتب بهامش الأصل كلمة: " ألفي ".
(13/473)
وَفِيْهَا: قَتل المعتضدُ عَمَّه
مُحَمَّداً، لأَنَّهُ بَلَغَه أَنَّهُ يكَاتب خُمَارَويه.
وفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ: سَارَ
الْمُعْتَضد إِلَى المَوْصِل، لأَجل هَارُوْنَ الشَّارِي
(1) ، وَكَانَ قَدْ عَاثَ وَأَفْسَدَ، وَامتَدَّت
أَيَّامُه، فَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ للمُعْتَضِد:
إِنْ جِئْتُكَ بِهِ فلِي ثَلاَثُ حوائِج.
قَالَ: سَمِّهَا.
قَالَ: تُطْلِقْ أَبِي، وَالحَاجتَان: أَذكرهُمَا إِذَا
أَتيتُ بِهِ.
قَالَ: لَكَ ذَلِكَ.
قَالَ: وَأُريدُ أَنْ أَنتقي ثَلاَثَ مائَة بَطل.
قَالَ: نَعَمْ.
ثُمَّ خَرَجَ الحُسَيْن فِي طَلَبِ هَارُوْنَ، فضَايقه فِي
مخَاضَة، وَالتَقَوا، فَانهزم أَصْحَابُ هَارُوْنَ،
وَاخْتَفَى هُوَ، ثُمَّ دَلَّ عَلَيْهِ أَعرَابٌ،
فَأَسَرَهُ الحُسَيْن وَقَدِمَ بِهِ، وَخَلَعَ المُعْتَضِد
عَلَى الحُسَيْنِ وَطَوَّقَه وَسَوَّره، وَعُمِلَتِ
الزِّينَة، وَأُرْكِبَ هَارُوْنَ فيلاً، وَازدَحَمَ
الخَلْقُ، حَتَّى سَقَطَ كُرْسِيّ جِسر بَغْدَاد، وَغَرِق
خلق وَوصلت تقَادم الصَّفَّار مِنْهَا مئتَا حمل مَال،
وَكُتبت الْكتب إِلَى الأَمصَار بِتَوْرِيثِ ذوِي
الأَرْحَام.
وَفِيْهَا: غَلب رَافِع بن هَرْثمَة (2) عَلَى
نَيْسَابُوْر، وَخَطَب بِهَا لِمُحَمَّدِ بنِ زَيْد
العَلَوِيّ، فَأَقبل الصَّفَّار، وَحَاصره، ثُمَّ
التَقَوا، فَهَزمه الصَّفَّار، وَسَاقَ خَلْفه إِلَى
خُوَارِزم، فَأَسَرَ رَافعاً، وَقتلَه، وَبَعَثَ
بِرَأْسِهِ إِلَى المعتَضد، وَلَيْسَ هُوَ بولدٍ
لِهَرْثَمَة بن أَعْيَن، بَلِ ابْن زَوجته.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: وَفِي سَنَةِ (284) عَزَم المعتَضِد
عَلَى لَعْنَة مُعَاوِيَة عَلَى المَنَابر، فَخوَّفه
الوَزِيْرُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ، وَحَسم مَادَة اجتمَاع
الشِّيْعَة وَأَهْل البَيْت، وَمَنَع القُصَّاص مِنَ
الكَلاَم جُمْلَةً، وَتجمع الْخلق يَوْم الجُمُعَة لقرَاءة
مَا كتب فِي ذَلِكَ، وَكَانَ مِنْ إِنشَاء الوَزِيْر،
فَقَالَ يُوْسُفُ القَاضِي: رَاجع أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ! تَخَافُ الفِتْنَة؟
فَقَالَ: إِنْ تَحَرَّكَتِ
__________
(1) انظر: تاريخ الطبري: 10 / 43، 44، و: البداية
والنهاية: 11 / 73.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (402):، برقم: (196)
(13/474)
العَامَّة وَضَعْتُ السَّيْفَ فِيهِم.
قَالَ: فَمَا تصنع بِالعَلَوِيَّة الَّذِيْنَ هُم فِي
كُلِّ قُطْر قَدْ خرجُوا عَلَيْك؟ فَإِذَا سَمِعَ النَّاس
هَذَا مِنْ منَاقِبهم كَانُوا إِلَيْهِم أَمِيلَ وَأَبسطَ
أَلسنَةً.
فَأَعْرَضَ الْمُعْتَضد عَنْ ذَلِكَ.
وَعَقَد المُعْتَضِد لابْنهِ عليّ المكتفِي، فَصَلَّى
بِالنَّاسِ يَوْم النَّحْر (1) .
وَفِي سَنَةِ سِتّ: سَارَ المُعْتَضِد بِجُيُوشِهِ،
فَنَازَل آمِد (2) ، وَقَدْ عصَى بِهَا ابْن الشَّيْخ،
فَطَلبَ الأَمَانَ، فآمَنَه، وَفِي وَسط العَام جَاءَ
الْحمل مِنَ الصَّفَّار، فَمَنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلاَف
أَلف دِرْهَم.
وَفِيْهَا تحَارب الصَّفَّار وَابْن أَسَد صَاحِب
سَمَرْقَنْد، وَجَرَتْ أُمُورٌ ثُمَّ ظَفِر ابْنُ أَسَد
بِالصَّفَّار أَسِيْراً، فَرَفَقَ بِهِ، وَاحتَرَمَه،
وَجَاءت رُسُل الْمُعْتَضد تحثُّ فِي إِنفَاذه، فَنفذ،
وَأُدخل بَغْدَاد أَسِيْراً عَلَى جمل، وَسُجن بَعْد
مَمْلكَة الْعَجم عِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَمبدؤُه: كَانَ هُوَ وَأَخُوْهُ يَعْقُوْب صَانِعَيْن فِي
ضرب النُّحَاس، وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ عَمْرو يكرِي
الحَمِير، فَلَمْ يَزَلْ مُكَارياً حَتَّى عَظُم شَأْنُ
أَخِيْهِ يَعْقُوْب، فتركَ الحَمِير، وَلحق بِهِ، وَكَانَ
الصَّفَّار يَقُوْلُ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعمل عَلَى نَهْر
جَيْحُون جِسْراً مِنْ ذَهب لفَعَلْت، وَكَانَ مطبخِي
يُحمل عَلَى سِتِّ مائَة جمل، وَأَركب فِي مائَةِ أَلْفٍ،
ثُمَّ صَيَّرنِي الدَّهْر إِلَى القَيْدِ وَالذُّل.
فَيُقَالُ: إِنَّهُ خُنق عِنْد وَفَاة المعتَضِد.
وَبَنَى المعتضدُ عَلَى البَصْرَةِ سُوراً وَحصَّنهَا.
وَظهر بِالبحرين رَأْسُ القرَامطَة أَبُو سَعِيْدٍ
الجنَابِي، وَكثرت جموعُه،
__________
(1) تاريخ الطبري: 10 / 54. وانظر الخبر مفصلا عن الطبري
في: تاريخ الخلفاء، للسيوطي: 591 - 592.
(2) آمد، بكسر الميم: أعظم مدن ديار بكر، وأجملها قدرا،
وأشهرها ذكرا. (انظر: معجم ياقوت).
(13/475)
وَانضَاف إِلَيْهِ بقَايَا الزَّنج،
وَكَانَ كيَّالاً بِالبَصْرَةِ، فَقِيْراً يَرفو
الأَعدَال، وَهُم يَسْتَخِفُّون بِهِ، وَيسخرُوْنَ مِنْهُ،
فَآل أَمرُه إِلَى مَا آل، وَهَزَم عَسَاكِر المُعْتَضِد
مَرَّاتٍ، وَفعل العَظَائِم، ثُمَّ ذُبِحَ فِي حَمَّام
قصره.
فَخَلَفَه ابْنُهُ سُلَيْمَان (1) الَّذِي أَخذ الحَجَر
الأَسْوَد، وَقَتَلَ الحجِيج حَوْل الكَعْبَة، وَهُوَ
جَدُّ أَبِي عَلِيٍّ الَّذِي غَلب علَى الشَّامِ، وَهَلك
بالرَّملَة فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
وَفِي سَنَةِ سبعٍ: اسْتفحلَ شَأْنُ القرَامطَة،
وَأَسرفُوا فِي القَتْل وَالسَّبِي، وَالتَقَى الجنَّابِي
وَعَبَّاس الأَمِيْر، فَأَسَرَه الجَنَّابِي، وَأَسَرَ
عَامَّة عسكرِه، ثُمَّ قَتَل الجَمِيْع سِوَى عَبَّاس،
فَجَاءَ إِلَى المعتَضد وَحدَه فِي أَسوأ حَالٍ.
وَوَقع الفَنَاء بِأَذْرَبِيْجَان، حَتَّى عُدِمت
الأَكفَان جُمْلَةً، فكفنُوا فِي اللُّبُود.
وَاعْتل المعتَضد فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، ثُمَّ تمَاثَل،
وَانتَكَس، فَمَاتَ فِي الشَّهر (2) ، وَقَامَ المكتفِي
لثمَانٍ بَقِيْنَ مِنِ الشَّهر، وَكَانَ غَائِباً
بِالرَّقَّةِ، فَنَهَضَ بِالبَيْعَة لَهُ الوَزِيْرُ
القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ.
وَعَنْ وَصيف الخَادِم، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُعْتَضد
يَقُوْلُ عِنْد مَوْته:
__________
(1) سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي الهجري، أبو طاهر.
وكانت إغارته على مكة وأخذ الحجر الأسود يوم التروية سنة
(317 ه) والناس محرمون. توفي سنة (332 ه) بعد ان أصابه
الجدري. انظر: الكامل لابن الأثير: 7 / 415، فوات الوفيات:
2 / 59 - 62. وسيترجمه المؤلف في الجزء الرابع عشر.
(2) ربما يوهم من كلام الذهبي هنا أن وفاة المعتضد كانت
سنة سبع وثمانين ومئتين، وهذا يخالف ما أجمعت عليه مصادر
ترجمته من أنها كانت سنة (289 ه) كما أن الذهبي نفسه قد
أشار إلى أن تولي المكتفي الخلافة بعد أبيه المعتضد كان
سنة (289 ه)، وذلك في ترجمة المكتفي اللاحقة هنا.
(13/476)
تَمَتَّعْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ لاَ
تَبْقَى ... وَخُذْ صَفْوَهَا مَا إِنْ صَفَتْ وَدَعِ
الرَّنْقَا (1)
وَلاَ تَأْمَنَنَّ الدَّهْرَ إِنِّيْ أَمِنْتُهُ ...
فَلَمْ يُبْقِ لِي حَالاً وَلَمْ يَرْعَ لِي حَقَّا (2)
قَتَلْتُ صَنَادِيْدَ الرِّجَالِ فَلَمْ أَدَعْ ...
عَدُوّاً، وَلَمْ أُمْهِلْ عَلَى ظِنَّةٍ خَلْقَا (3)
وَأَخْلَيْتُ دُوْرَ المُلْكِ مِنْ كُلِّ بَازِلٍ ...
وَشَتَّتُّهُم غَرْباً وَمَزَّقْتُهُم شَرْقَا (4)
فَلَمَّا بَلَغْتُ النَّجْمَ عِزّاً وَرِفْعَةً ...
وَدَانَتْ رِقَابُ الخَلْقِ أَجْمَع لِي رِقَّا (5)
رَمَانِي الرَّدَى سَهْماً فَأَخْمَدَ جَمْرَتِي ... فَهَا
أَنَا ذَا فِي حُفْرَتِي عَاجِلاً مُلْقَى (6)
فَأَفْسَدْتُ دُنْيَايَ وَدِيْنِي سَفَاهَةً ... فَمَنْ
ذَا الَّذِي مِنِّي بِمَصْرَعِهِ أَشْقَى (7)
فَيَالَيْتَ شِعْرِي بَعْدَ مَوْتِي مَا أَرَى ... إِلَى
رَحْمَةٍ للهِ أَمْ نَارَهُ أَلقَى (8)
وَقَالَ الصُّوْلِيُّ: قَالَ المُعْتَضِد:
يَا لاَ حِظِي بِالفُتُوْرِ وَالدَّعَجِ ... وَقَاتِلِي
بِالدَّلاَلِ وَالغَنَجِ (9)
__________
(1) الرنق، بسكون النون: الكدر. ماء رنق، أي: كدر.
(2) في " الكامل " لابن الأثير: " ولا تأمن الدهر إنني قد
أمنته "، وفي " البداية ": " إني ائتمنته ".
(3) في " الكامل ": " على طغيه "، وفي " البداية ": " على
خلق ".
(4) في " الكامل " و" البداية ": " وأخليت دار...نازع ".
وفي " الكامل " أيضا " فشردتهم ".
(5) في " الكامل " و" البداية ": " وصارت رقاب ".
(6) في المصدرين السابقين: " ألقى ".
(7) في " البداية ": " فمن ذا الذي مثلي ".
ولم يرد هذا البيت في " الكامل "، إنما أورد بدلا عنه: ولم
يغن عني ما جمعت ولم أجد * لذي الملك والاحياء في حسنها
رفقا (8) في " الكامل ": " إلى نعم الرحمن أم.."، وفي "
تاريخ الخلفاء ": " إلى نعمة لله "، وفي " البداية ": "
بعد موتي هل أصر...". والابيات في الكامل: 7 / 514 - 515،
والبداية والنهاية: 11 / 94، وتاريخ الخلفاء: 595 - 596.
(9) الدعج:: السواد، وقيل: شدة السواد، وقيل، شدة سواد
سواد العين وشدة بياض بياضها، وقيل: شدة سوادها مع سعتها.
(13/477)
أَشْكُو إِلَيْكَ الَّذِي لَقِيْتُ مِنَ
الـ ... ـوَجْدِ فَهَلْ لِي إِلَيْكَ مِنْ فَرَجِ؟
حَلَلْتَ بِالظَّرْفِ وَالجَمَالِ مِنَ النَّا ... سِ
مَحَلَّ العُيُونِ وَالمُهَجِ (1)
وَكَانَتْ خِلاَفَةُ المعتَضد تسعَ سِنِيْنَ، وَتسعَةَ
أَشْهُرٍ وَأَيَّاماً، وَدُفِنَ فِي دَارِ الرخَام.
وَلعَبْدِ اللهِ بنِ المُعْتَزِّ يَرثيه:
يَا سَاكِنَ القَبْرِ فِي غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ ...
بِالظَّاهِرِيَّةِ مُقْصَى الدَّارِ مُنْفَرِدَا (2)
أَيْنَ الجُيُوشَ الَّتِي قَدْ كُنْتَ تَسْحَبُهَا ؟ ...
أَيْنَ الكُنُوزُ الَّتِي أَحْصَيْتَهَا عَدَداً (3) ؟
أَيْنَ السَّرِيْرُ الَّذِي قَدْ كُنْتَ تَمْلَؤُهُ ...
مَهَابَةً مَنْ رَأَتْهُ عَيْنُهُ ارْتَعَدَا؟
أَيْنَ الأَعَادِي الأُوْلَى ذَلَّلْتَ مَصْعَبَهُمْ ؟ ...
أَيْنَ اللُّيُوْثُ الَّتِي صَيَّرْتَهَا بُعَدَا (4) ؟
أَيْنَ الجِيَادُ الَّتِي حَجَّلْتَهَا بِدَمٍ ؟ ...
وَكُنَّ يَحْمِلْنَ مِنْكَ الضَّيْغَمَ الأَسَدَا
أَيْنَ الرِّمَاحُ الَّتِي غَذَّيْتَهَا مُهَجَا ؟ ...
مُذْ مِتَّ مَا وَرَدَتْ قَلْباً وَلاَ كَبِدَا
أَيْنَ الجِنَان الَّتِي تَجْرِي جَدَاوِلُهَا ...
وَتَسْتَجِيْبُ إِلَيْهَا الطَّائِرَ الغَرِدَا؟
أَيْنَ الوصَائِفُ كَالغِزْلاَنِ رَائِحَةً ؟ ...
يَسْحَبْنَ مِنْ حُلَلٍ مَوْشِيَةٍ جُددَا (5)
أَيْنَ الملاَهِي؟ وَأَيْنَ الرَّاحُ تَحْسَبُهَا ...
يَاقُوْتَهً كُسِيَتْ مِنْ فِضَّةٍ زَرَدَا؟
أَيْنَ الوُثُوْبُ إِلَى الأَعْدَاءِ مُبْتَغِياً ...
صَلاَحَ مُلْكِ بَنِي العَبَّاسِ إِذْ فَسَدَا؟
مَازِلْتَ تَقْسِرُ مِنْهُم كُلَّ قَسْوَرَةٍ ...
وَتَخْبِطُ العَالِي الجَبَّارَ مُعْتَمِدَا (6)
__________
(1) تاريخ الخلفاء، 596.
(2) الظاهرية: قرية ببغداد. (انظر: معجم ياقوت).
(3) في " البداية والنهاية ": " تشحنها ".
(4) في " البداية ": " صعبهم " و" صيرتها نقدا ". وفي "
تاريخ الخلفاء ": " صيرتها بردا ".
(5) في " تاريخ الخلفاء ": " راتعة ".
(6) في " البداية ": " وتحطم العاتي ". وفي " تاريخ
الخلفاء " أيضا: " تحطم ".
(13/478)
ثُمَّ انْقَضَيْتَ فَلاَ عَيْنٌ وَلاَ
أَثَرٌ ... حَتَّى كَأَنَّكَ يَوْماً لَمْ تَكُنْ أَحَدا
(1)
وَقَدْ وَلِيَ الخِلاَفَةَ مِنْ بَنيه: المكتفِي عَلِيّ،
وَالمُقْتَدِر جَعْفَر، وَالقَاهِر مُحَمَّد، وَلَهُ
عِدَّةُ بنَاتٍ، وَهَارُوْن.
231 - المُكْتَفِي بِاللهِ الخَلِيْفَةُ عَلِيُّ ابنُ
المُعْتَضِد بِاللهِ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيٌّ ابنُ المُعْتَضِد
بِاللهِ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ ابنِ المُوَفَّقِ
طَلْحَةَ ابنِ المُتَوَكِّلِ العَبَّاسِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ يُضْرَبُ بحسْنه المَثَلُ فِي زَمَانِهِ.
كَانَ مُعتدلَ القَامَة، دُرِّيَّ اللَّوْنَ، أَسْوَدَ
الشَّعر، حَسَنَ اللِّحْيَة.
بُوْيِع بِالخِلاَفَة عِنْد موت وَالده بِعَهْدٍ مِنْهُ،
فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ،
فَاسْتَخلف سِتَّةَ أَعْوَامٍ وَنِصْفاً.
وَتُوُفِّيَ أَبُوْهُ وَهَذَا غَائِبٌ، فَقَامَ لَهُ
بِالبَيْعَة الوَزِيْر أَبُو الحُسَيْنِ القَاسِم بن
عُبَيْدٍ الله، وَضَبَطَ لَهُ مَا خَلَّف أَبُوْهُ فِي
بُيوت المَال، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَب
المِصْرِيّ عَشْرَة آلاَف أَلف دِيْنَار، وَمن الجَوَاهِر
مَا قيمتُه مِثْلُ ذَلِكَ، وَمن الدَّرَاهِم وَالخيل
وَالثِّيَاب نسبَةُ ذَلِكَ، وَقَسَّم القَاسِم فِي الجُنْد
العَطَاء،
__________
(1) لم نجد الابيات في " ديوان " ابن المعتز، طبعة الشركة
اللبنانية للكتاب في بيروت (1969 م). وهي ضمن أبيات في:
البداية والنهاية: 11 / 92 - 93، و: تاريخ الخلفاء: 597 -
598.
(*) تاريخ الخلفاء لابن ماجه: 50، تاريخ بغداد: 11 / 316 -
318، المنتظم: 6 / 31 - 33، 79 - 80، الكامل لابن الأثير:
7 / 516، و8 / 8، عبر المؤلف: 2 / 102، فوات الوفيات: 3 /
5 - 6، البداية والنهاية: 11 / 94 - 95، 104 - 105، النجوم
الزاهرة: 3 / 183، تاريخ الخلفاء: 600 - 603، شذرات الذهب:
2 / 219 - 220.
(13/479)
فَسَكَنُوا، وَقَدِمَ المكتفِي بَغْدَادَ
مُنْحدراً فِي سُمَيْرِيَّة (1) ، وَكَانَ يَوْماً
مشهوداً، سَقَط طَائِفَةٌ مِنَ الجِسْر فِي دِجْلَة،
مِنْهُم: أَبُو عُمَرَ القَاضِي، فَأُخْرِجَ سَالماً،
وَنَزَلَ المُكْتَفِي بِقَصْر الخِلاَفَة، وَتَكَلَّمْتِ
الشُّعَرَاء، فَخَلَع عَلَى القَاسِم سبعَ خِلع، وَقَلَّده
سيفاً، وَهَدَمَ المَطَامِير الَّتِي عَمِلهَا أَبُوْهُ،
وَصَيَّرهَا مَسَاجِد، وَرَدَّ أَملاَك النَّاس إِلَيْهِم،
وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ أَخذهَا لعمل قَصْر، وَأَحُسْن
السِّيْرَةِ، فَأَحَبَّه النَّاس (2) .
وَفِيْهَا: عَسْكَرَ مُحَمَّد بن هَارُوْنَ وَبيض،
وَالتُّقَى مُتَوَلِّي الرَّيّ، فَهَزم جَيْشه وَقَتَله،
وَقَتَلَ وَلَدَيْهِ وَقُوَّاده، وَتملك (3) .
وَدَامت الزَّلزلَة بِبَغْدَادَ أَيَّاماً.
وهَبَّت بِالبَصْرَةِ رِيْحٌ قَلَعت أَكْثَر نخلهَا.
وَظهر زَكْرَوَيْه القِرْمطي، وَاسْتَغْوَى عَرب
السَّوَاد، وَأَخَاف السُّبُل، وَقَطَع الطُّرُق.
وَأَمَّا ابْن هَارُونَ: فَاشتَدَّ بِأَسُه، وَبلغ عسكرُه
مائَةَ أَلْف، فَسَارَ لِحَرْبِهِ عَسْكَرُ خُرَاسَان،
فَهَزمُوهُ إِلَى الدَّيْلَم، وَتفلَّلَّ ذَلِكَ الْجمع،
فَالتَجَأَ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلفٍ إِلَى الدَّيْلَم (4) .
وَقَوي أَمر أَبِي عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ، دَاعِي
العُبَيْدِيَّة بِالمَغْرِب.
وَصَلَّى المكتفِي بِالنَّاسِ يَوْم الأَضحَى بِالمصَلَّى.
__________
(1) السميرية: ضرب من السفن
(2) انظر: تاريخ الخلفاء: 600 - 601.
(3) انظر: الكامل لابن الأثير: 7 / 517.
(4) انظر: الكامل لابن الأثير: 7 / 522، أخبار سنة (289)،
و: 7 / 527 - 528، أخبار سنة (290).
(13/480)
وَقُتِلَ الأَمِيْر بدر (1) ، وَكَانَ
المعتضدُ يُحِبُّه، وَكَانَ شُجَاعاً جَوَاداً، وَقَدْ
كَانَ القَاسِمُ الوَزِيْر هَمَّ عِنْد موت الْمُعْتَضد
بنقلِ الخِلاَفَة إِلَى غَيْر ابْنه، وَنَاظَرَ بَدْراً
فِي ذَلِكَ، فَأَبَى عَلَيْهِ، ثُمَّ خَافَ مِنْهُ،
وَمَاتَ الْمُعْتَضد، وَاتَّفَقَ غَيْبَة بَدْر بفَارِس،
وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المكتفِي شَيْء، فَأَشَار
القَاسِم عَلَى المكْتَفِي أَنْ يَأْمر بِإِقَامَة بَدْرٍ
هُنَاكَ، وَخَوَّف المكتفِي مِنْهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ
مَعَ يَانس الموفقي، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِخِلَعٍ
وَعَشْرَةِ آلاَف أَلف دِرْهَم، فَقَالَ: لاَ بُدَّ مِنَ
القُدُوم لأُشَاهد مَوْلاَيَ.
فَقَالَ الوَزِيْر للمكتفِي: قَدْ جَاهَرَك، وَلاَ
نَأْمَنه.
وَكَاتَبَ الوَزِيْر الأُمَرَاء الَّذِيْنَ مَعَ بَدْر
بِالمجِيْء، فَأَرُوا بدراً الكُتُبَ، وَقَالُوا: قُمْ
مَعَنَا حَتَّى نَجْمَعَ بَيْنَكُمَا، ثُمَّ فَارقوهُ
وَقدمُوا، ثُمَّ جَاءَ بدرٌ، فَنَزَلَ وَاسطاً، فَبَعَثَ
إِلَيْهِ أَبُو خَازم القَاضِي، وَقَالَ: اذهبْ إِلَى بدرٍ
بِالأَمَان وَالعُهُود.
فَامْتَنَعَ أَبُو خَازم، وَقَالَ: لاَ أُؤَدِّي عَنِ
الخَلِيْفَة إِلاَّ مَا أَسمَعُه مِنْهُ.
فَنَدَب الوَزِيْر أَبَا عُمر القَاضِي، فسَارعَ
وَاجتَمَعَ بِبَدْرٍ، وَأَعطَاهُ الأَمَان عَنِ
المُكْتَفِي، فَنَزَلَ فِي طيَار ليَأْتِي، فَتَلَقَّاهُ
لُؤْلُؤ غُلاَمُ الوَزِيْر فِي جَمَاعَةٍ، فَأَصعدُوهُ
إِلَى جَزِيْرَة، فَلَمَّا عَايَنَ المَوْتَ، قَالَ:
دعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَوصي، فَذَبحوهُ وَهُوَ
فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، السَّابع
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَذَمَّ النَّاسُ أَبَا
عُمَر.
وَفِيْهَا (2) : دَخَلَ عُبَيْد اللهِ المَهْدِيّ إِلَى
المَغْرِب مُتَنَكِّراً، فَقَبَض عَلَيْهِ مُتَوَلِّي
سِجِلْمَاسَة.
وَسَارَ يَحْيَى بن زَكْرَويه القِرْمِطي، وَحَاصَرَ
دِمَشْق، وَبِهَا طُغج،
__________
(1) انظره في: المنتظم: 6 / 34 - 36، و: الكامل: 7 / 517،
519، و: البداية والنهاية: 11 / 95.
(2) تداخلت أحداث سنة (289) مع سنة (290)، فالخبر الذي
يذكره الذهبي هنا هو من حوادث سنة (290) وقد ذكره الذهبي
في " عبره ": 2 / 95، في أخبارها.
(13/481)
فَضعف عَنِ القرَامطَة، فَقُتل يَحْيَى فِي
الحِصَار، وَقَامَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ الحُسَيْن، وَسَارَ
المكتفِي بِجُيُوشِهِ إِلَى المَوْصِل، وَتقدَّمه إِلَى
حلب أَبُو الأَغَر، فَبيَّتهُم القِرْمطي، فَقتل مِنَ
المُسْلِمِيْنَ تسعَة آلاَف، وَوصل المكتفِي إِلَى
الرَّقَّةِ، وَعظُم البلاَءُ بِالقَرَامطَة، ثُمَّ أَوقع
بِهِم العَسْكَر، وَهَرَبُوا إِلَى البَادِيَة يَعيثُونَ
وَيَنهبُون، وَتَبعهُم الحُسَيْن بن حَمدَان، وَعِدَّة
أُمرَاء يطردونَهُم، وَكَانَ يَحْيَى المَقْتُول يَدَّعِي
أَنَّهُ حُسَينِي.
رمَاهُ بَرْبَرِيٌ بِحَرْبَةٍ، ثُمَّ قتل أَخُوْهُ
الحُسَيْن صَاحِب الشَّامَة (1) .
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ: زوَّج
المكتفِي وَلدَه ببنتِ الوَزِيْر عَلَى مائَة أَلْف
دِيْنَار، وَخَلَعَ الوَزِيْر يَوْمَئِذٍ عَلَى الأَعيَان
أَرْبَعَ مائَة خِلْعَة.
وَفِيْهَا: أَقبلت جُموع التُّرْكِ، فَبيتهُم وَالِي
خُرَاسَان إِسْمَاعِيْل، وَقتلُوا مِنْهُم مَقْتَلَةً
عَظِيْمَةً، وَأَقبلتِ الرُّوْم فِي مائَةِ أَلْفٍ،
وَأَتُوا إِلَى الحَدَث (2)
__________
(1) انظر: الكامل لابن الأثير: 7 / 523 - 526، 530 - 532،
أخبار سنتي (290 - 291)، والبداية والنهاية: 11 / 96، وعبر
المؤلف: 2 / 84، وشذرات الذهب: 2 / 202.
(2) الحدث: قلعة حصينة من الثغور الشامية، ويقال لها:
الحمراء، لان تربتها جميعا حمراء، وقلعتها على جبل يقال
له: الاحيدب.
وقد جرت فيها عدة معارك بين العرب المسلمين والروم، ومنها
تلك التي كان على رأس جيشها العربي المسلم سيف الدولة
الحمداني سنة (343 ه)، والتي خلدها المتنبي بقصيدة طويلة
له، يقول في مطلعها:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم * وتأتي على قدر الكرام
المكارم
ومنها قوله:
هل الحدث الحمراء تعرف لونها * وتعلم أي الساقيين الغمائم
سقتها الغمام الغر قبل نزوله * فلما دنا منها سقتها
الجماجم
ويمدح شجاعة سيف الدولة فيها قائلا:
وقفت وما في الموت شك لواقف * كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الابطال كلمى هزيمة * ووجهك وضاح وثغرك باسم
انظر: ديوان المتنبي، بشح البرقوقي: 4 / 94 - 108.
(13/482)
فَأَحرقوهُ، وَقَتلُوا وَسَبوا.
وَفِيْهَا: سَارَ عَسْكَرُ طَرَسُوْس، فَافتتحُوا
أَنطَاكيَة، وَحَصَّل سَهْم الفَارِس أَلْفَ دِيْنَار،
وَأُسِرَ صَاحِب الشَّامَة وَقرَابتُه الْمُدثر، وَعِدَّة،
فَقُتلُوا وَأُحْرِقُوا (1) .
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ: سَارَ مُحَمَّد بن
سُلَيْمَانَ بجيوش المُكْتَفِي إِلَى مِصْرَ، فَالتَقَوا
غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ اخْتلف جَيْشُ مِصْر، فَخَرَجَ
مَلِكهُم هَارُوْنَ بن خُمَارويه ليسكِّنهُم، فرمَاهُ
مغربِي بِسَهْم قَتَلَه، وَاسْتَوْلَى مُحَمَّد بن
سُلَيْمَانَ عَلَى مِصْرَ، وَأَسَرَ بَضْعَةَ عشرَ
قَائِداً، وَدَانت البِلاَد للمكتفِي، وَزَادتْ دجلَة
حَتَّى بلغتْ أَحَداً وَعِشْرِيْنَ ذرَاعاً، وَأَخرجت مَا
لاَ يُعَبَّر عَنْهُ.
وفِي آخرهَا: خَرَجَ بِمِصْرَ الخَلَنْجِي (2) ،
وَتَمَكَّنَ، فتَجَهَّز فَاتك لِحَرْبِهِ.
وفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ: التقَى الخَلَنْجِي وَجيش المكتفِي
بِالعَرِيْش، فَهَزمَهُم أَقبحَ هَزيمَة، وَنَازَل
دِمَشْقَ أَخُو القِرْمطي، وَاسْتبَاح طَبَرَيَّة،
وَسَارُوا عَلَى السَّمَاوَة (3) ، فنهبُوا هِيْتَ (4) ،
وَوثَبتِ القَرَامِطَة يَوْمَ النَّحْر عَلَى الكُوْفَةِ،
فَحَارَبهُم أَهلُهَا، ثُمَّ حَاربُوا عَسْكَر المكْتَفِي
أَيْضاً وَهَزَمُوهُ.
__________
(1) انظر: عبر الذهبي: 2 / 87 - 88.
(2) هو: محمد بن علي، أبو عبد الله، كانت له أحداث ووقائع
مع الخلافة العباسية، ثم سجن وقتل سنة (293 ه). انظر:
البداية والنهاية: 11 / 100، والنجوم الزاهرة: 3 / 153.
(3) السماوة: ماءة بالبادية، وبادية السماوة: بين الكوفة
والشام. (انظر: معجم ياقوت).
(4) هيت، بكسر الهاء: بلدة على الفرات من نواحي بغداد، فوق
الانبار، ذات نخل كثير وخيرات واسعة، وهي مجاورة للبرية
(معجم ياقوت).
(13/483)
وَالتَقَى فَاتك المُعْتَضِدي
وَالخَلَنْجِي، فَانهزم عَسْكَرُ الخَلَنْجِي، وَاخْتَفَى
هُوَ، ثُمَّ أُسِرَ هُوَ وَعِدَّة.
وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ: أَخذ
زكْرَوَيْه القِرْمِطي رَكْبَ العِرَاق، وَكُنَّ نسَاء
العَرب يُجْهِزْنَ عَلَى الجرحَى، فيُقَال: قَتلُوا
عِشْرِيْنَ أَلْفاً، وَأَخَذُوا مَا قيمتُه أَلْفَا أَلفِ
دِيْنَار، وَوقع النَّوح فِي الْمدن، وَجَهَّزَ المكتفِي
جيشاً لِحَرْبِهِ، فَلاَ تسأَل مَا فَعَلَ هَذَا الكَلْبُ
بِالوَفْد! ثُمَّ التَقَوا فَقُتل عَامَّةُ أَصْحَاب
زَكْرَوَيْه، وَأُسِرَ هُوَ وَعِدَّة، ثُمَّ مَاتَ مِنْ
جِرَاحه، وَأُحْرِقَ هُوَ وَجَمَاعَة.
وفِي سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ: كَانَ الفِدَاء بَيْنَ
المُسْلِمِيْنَ وَالرُّوْم، فَافْتُكَّ نَحْو ثَلاَثَة
آلاَف نَفَر.
وَمَاتَ المكتفِي شَابّاً: فِي سَابع ذِي القَعْدَةِ مِنَ
السَّنَة.
ذَكَرَ أَبُو مَنْصُوْرَ الثعَالبِي، قَالَ: حَكَى
إِبْرَاهِيْم بن نُوْح:
أَنَّ المكتفِي خَلَّف مِنَ الذَّهب مائَة أَلْف أَلف
دِيْنَار، - هَكَذَا قَالَ وَهُوَ بعيد جِدّاً -.
قَالَ: وَخَلَّفَ ثَلاَثَة وَسِتِّيْنَ أَلْفَ ثَوْب،
وَبُوْيِع بَعْدَهُ أَخُوْهُ الْمُقْتَدر.
وَاسم أُمّ المكتفِي: جنجق (1) التُّرْكية.
مَاتَ: فِي ثَالث عشر ذِي القَعْدَةِ، وَعَاشَ إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ سنَةً وَأَشهراً.
وَخلَّف مِنَ الأَولاَد: مُحَمَّداً، وَجَعْفَراً،
وَالفَضْل، وَعَبْد اللهِ، وَعَبْد المَلِكِ، وَعبدَ
الصَّمَدِ، وَمُوْسَى، وَعِيْسَى.
وَمَاتَ وَزيره القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ
سُلَيْمَانَ بنِ وَهْب: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَوَزَرَ لَهُ العَبَّاس بن
الحَسَنِ.
__________
(1) في: تاريخ بغداد: 11 / 218، والمنتظم: 6 / 31، " خنجو
".
(13/484)
وَكَانَ عَلَى شُرْطَته مُؤْنس وَالوَاثقي
ثُمَّ سُوسن مَوْلاَهُ وَحَاجِبه، وَعَلَى قَضَاء بَغْدَاد
يُوْسُف بن يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَابْنُهُ مُحَمَّد،
وَأَبُو خَازم عبد الحمِيد، وَعَبْد اللهِ بن عَلِيِّ بنِ
أَبِي الشَّوَارِبِ بَعْد أَبِي خَازم.
232 - ثَابِتُ بنُ قُرَّةَ الصَّابِىء *
الشَّقي، الحَرَّانِيّ، فيلسوفُ عصره.
كَانَ صَيْرَفِياً، فصحِبَ ابْنَ شَاكِر، وَكَانَ
يَتَوَقَّدُ ذكَاءً، فَبَرَعَ فِي عِلم الأَوَائِل،
وَصَارَ مُنَجِّمَ المُعْتَضِد، فَكَانَ يَجلسُ مَعَ
الخَلِيْفَةِ، وَوَزِيْرُه وَاقفٌ، وَنَال مِنَ الرِّئاسَة
وَالأَمْوَال فُنوناً.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَة: لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ
مَنْ يمَاثلُه فِي الطِّبّ وَجَمِيْعِ الفلسفَة (1) .
وَتَصَانِيْفُه فَائِقَةٌ، أَقطَعَه المعتضدُ ضِيَاعاً
جَليلَة.
وَمن تَلاَمِذته: عِيْسَى بن أَسِيد، النَّصْرَانِيّ
المَشْهُوْر.
قُلْتُ: كَانَ عجباً فِي الرِّيَاضي، إِلَيْهِ المُنْتَهَى
فِي ذَلِكَ، وَكَانَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيْم رَأْسَ
الأَطباء، وَكَذَلِكَ حفيدُه ثَابِت بن سِنَانٍ
الطَّبِيْب، صَاحِب (التَّارِيْخ) المَشْهُوْر.
مَاتُوا عَلَى ضَلاَلهُم، وَلهُم عَقِب صَائِبَة، فَابْن
قُرَّة هُوَ أَصل رِئاسَة الصَّابِئَة المتجددَة
بِالعِرَاقِ فَتَنَبَّهِ الأَمْر.
__________
(*) الفهرست: المقالة السابعة: الفن الثاني، المنتظم: 6 /
29، عيون الانباء في طبقات الاطباء: 295 - 300، (ط.
بيروت، 1965، تحقيق د. نزار رضا)، وفيات الأعيان: 1 / 313
- 315، البداية والنهاية: 11 / 85، شذرات الذهب: 2 / 196 -
198.
(1) نص ابن أبي أصيبعة: "...من يماثله في صناعة الطب ولا
في غيره من جميع أجزاء الفلسفة "، ص: 295.
(13/485)
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
233 - البُحْتُرِيُّ أَبُو عُبَادَةَ الوَلِيْدُ بنُ
عُبَيْدٍ *
شَاعرُ الوَقْت، وَصَاحب (الدِّيْوَان) المَشْهُوْر، أَبُو
عُبَادَة الوَلِيْد بن عُبَيْدٍ بن يَحْيَى بنِ عُبَيْد
الطَّائِيّ البُحْتُرِي المَنْبِجِي.
مَدَحَ الخُلَفَاءَ وَالوزرَاءَ وَصَاحِبَ مِصْر
خُمَارويه.
حَكَى عَنْهُ: القَاضِي المَحَامِلِيّ، وَالصُّوْلِيّ،
وَأَبُو المَيْمُوْنِ رَاشِد، وَعَبْد اللهِ بن جَعْفَرِ
بنِ دُرُسْتُوَيْه النَّحْوِيّ.
وَعَاشَ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَنَظْمُه فِي أَعْلَى الذُّرْوَة.
وَقَدِ اجتَمَع بِأَبِي تَمَّام الطَّائِيّ، وَأَرَاهُ
شِعْره، فَأُعْجِبَ بِهِ، وَقَالَ: أَنْتَ أَمِيْرُ الشّعر
بَعْدِي.
قَالَ: فَسُرِرتُ بِقَوله.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: أَنشدنَا شَاعر دَهْره، وَنسيجُ
وَحدِه، أَبُو عُبَادَة البُحترِي.
وَقِيْلَ: كَانَ فِي صِباهُ يَمدح أَصْحَابَ البَصَل
وَالبَقْل (1) .
وَقِيْلَ: أَنشد أَبَا تَمَّام قَصِيْدَةً لَهُ، فَقَالَ:
نَعيتَ إِليَّ نَفْسِي (2) .
__________
(*) الاغاني: 21 / 39 - 57، (ط. دار الثقافة)، الفهرست:
المقالة الرابعة: الفن الثاني، تاريخ بغداد: 13 / 476 -
481، تاريخ ابن عساكر:: خ: 17 / 426 ب - 431 أ، المنتظم: 6
/ 11 - 14، معجم الأدباء: 9 / 248 - 258، ومعجم البلدان: "
منبج "، وفيات الأعيان: 6 / 21 - 30، عبر المؤلف: 2 / 73،
البداية والنهاية: 11 / 76، النجوم الزاهرة:
3 / 99، شذرات الذهب: 2 / 186 - 190. وطبع المجمع العلمي
العربي بدمشق سنة 1378 ه - 1958 م، كتاب: " أخبار البحتري
" للصولي، بتحقيق الدكتور صالح الاشتر.
(1) انظر: تاريخ بغداد: 13 / 476.
(2) المصدر السابق: 13 / 477.
(13/486)
وَقِيْلَ: سُئِلَ أَبُو العَلاَء
المَعَرِّي: مَن أَشعر الثَّلاَثَة: أَبُو تَمَّام،
وَالبُحْتُرِي، وَالمُتَنَبِّي؟
فَقَالَ: حَكِيْمَان، وَالشَّاعِر: البُحْترِي.
وَللبُحترِي (حمَاسَة) كـ (حمَاسَة) أَبِي تَمَّام،
وَكِتَاب (معَانِي الشِّعر).
مَاتَ بِمَنْبِج (1) ، وَقِيْلَ: بِحَلَب، سَنَةَ ثَلاَثٍ،
أَوْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
وَلَهُ أَملاَك بِمنبج وَحَفيدَان، هُمَا: أَبُو عُبَادَة،
وَعُبَيْد الله ابْنا يَحْيَى بن البُحترِي اللذَان
مَدَحهُمَا المتنبِي، وَكَانَا رَئِيْسَيْن فِي
زمَانِهِمَا.
مَاتَ مَعَهُ: شَاعرُ زمَانه أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
أَبُو العَبَّاسِ بن الرُّوْمِيّ (3) ، صَاحِب
التَّشْبيهَاتِ البَدِيعَة.
234 - ابْنُ الأَغْلَبِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ *
صَاحِبُ المَغْرِب، أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْم بن
أَحْمَدَ بنِ الأَغلب بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَغلب بن
تَمِيْم التَّمِيْمِيّ الأَغْلَبِيّ القَيْرَوَانِي، ابْن
أُمَرَاء القَيْرَوَان.
وَلِي سَنَة إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ مَلكَا حَازماً صَارماً مَهِيْباً، كَانَتِ
التُّجَّار تسير فِي الأَمن مِنْ مِصْرَ
__________
(1) منبج، بفتح الميم، وسكون النون، وكسر الباء: مدينة
شمال حلب، بينها وبين
الفرات ثلاثة فراسخ، وبينها وبين حلب عشرة فراسخ.
(انظر: معجم ياقوت).
(2) ذكر الذهبي وفاته في نهاية ترجمة محمد بن عبد السلام
بن بشار السابقة، في الصفحة: (458)، برقم: (228)، أنها سنة
(286).
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (495)، برقم: (244).
(*) الكامل: 7 / 283 - 287، البيان المغرب: 1 / 116 - 124.
(13/487)
إِلَى سَبْتَة (1) ، لاَ تُعَارَض، وَلاَ
تُرَوَّع.
ابتنَى الحُصُون وَالمحَارس، بحيثُ كَانَتْ توَقَدِ
النَّار، فَتَتَّصل فِي لَيْلَةٍ إِذَا حَدَث أَمر مِن
سَبْتَة إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّة، بحيثُ إِنَّهُ يُقَال:
قَدْ أُنشئ فِي البِلاَد مِنْ بنَائِه وَبنَاء آبَائِهِ
ثَلاَثُوْنَ أَلْف مَعْقِل، وَهُوَ الَّذِي مَصَّر
مَدِيْنَة سُوسَة.
وَقَدْ دونت أَيَّامه وَعدله جوده، وَكَانَ سَدِيْدَ
السِّيرَة، شَهْماً، ظفِر بِامْرَأَةٍ مُتَعَبِّدَةٍ قَادت
قودَة، فَدَفَنَهَا حَيَّةً، وَشَنَقَ سَبْعَة أَجنَاد
أَخذُوا لتَاجر ثَلاَثَة آلاَف دِيْنَار، بَعْدَ أَنْ
قَرَّرهُم، وَأَخَذَ الذّهب لَمْ ينقُصْ سِوَى سَبْعَةِ
دَنَانِيْر، فَوَزَنَهَا مِنْ عِنْدِهِ.
وَقِيْلَ: جَاءهُ رَجُل، فَقَالَ: قَدْ عَشِقْتُ
جَارِيَةً، وثمنُهَا خمسُوْنَ دِيْنَاراً، وَمَا مَعِي
إِلاَّ ثَلاَثُوْنَ.
فَوَهَبَه مائَة دِيْنَارٍ، فسَمِعَ بِهِ آخر، فَجَاءَ،
وَقَالَ: إِنِّيْ عَاشق.
قَالَ: فَمَا تَجِد؟
قَالَ: لَهيباً.
قَالَ: اغمِسُوهُ فِي المَاءِ، فغمسوهُ مَرَّاتٍ، وَهُوَ
يَصيح: ذَهَبَ العِشْق.
فَضَحِكَ، وَأَمَرَ لَهُ بِثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً.
ثمَّ إِنَّهُ تَسَوْدن، وَقَتَلَ إِخوته، ثُمَّ عُوفِي،
وَتَابَ، وَتَصَدَّق.
ثمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الشِّيْعِيّ (2) ، دَاعِي عُبَيْد
اللهِ المَهْدِيّ، وَحَارَبَه، وَجَرَتْ أُمُورٌ
طَوِيْلَةٌ، بَعْضُهَا فِي (تَارِيْخ الإِسْلاَم).
تُوُفِّيَ غَازياً بِصِقِلِّيَّة: فِي ذِي القَعْدَةِ،
سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) سبتة: بلدة مشهورة من قواعد بلاد المغرب، ومرساها أجود
مرسى على البحر، وهي تقابل جزيرة الأندلس. (انظر: ياقوت)
(2) هو الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريا، أبو عبد الله،
كان مقتله سنة (298 ه).
انظر: وفيات الأعيان: 2 / 192 - 194.
(13/488)
وَتملك ابْنُهُ عَبْد اللهِ (1) ، فَكَانَ
دَيِّناً، عَالِماً، بَطَلاً، شُجَاعاً، شَاعِراً،
فَقَتَلَهُ غِلمَانه غِيْلَة بَعْدَ عَام، وَتملَّك
بَعْدَهُ ابْنُهُ زِيَادَة الله.
235 - أَحْمَدُ بنُ خُلَيْدٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الكِنْدِيُّ الحَلَبِيُّ
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَيَحْيَى
الوُحَاظِيّ، وَالحُمَيْدِيّ، وَمُحَمَّد بن عِيْسَى بنِ
الطَّبَّاع، وَزُهَيْر بن عَبَّادٍ، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ صَاحِبَ رِحلَة وَمَعْرِفَة.
وَطَالَ عُمُرُهُ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بن أَحْمَدَ المِصِّيْصِيّ،
وَأَحْمَد بن مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيّ، وَأَبُو
القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
مَا علمت بِهِ بَأْساً.
236 - أَخُو السَّرَّاجِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الثَّقَفِيُّ *
السَّرَّاجُ، شَيْخٌ، إِمَامٌ، ثِقَةٌ، نيسَابورِي، سَكَنَ
بَغْدَادَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَيَزِيْد بن
صَالِحٍ الفَرَّاء، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى
الحِمَّانِيّ.
وَعَنْهُ: أَخُوْهُ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاج،
وَأَحْمَد بن المُنَادِي، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ،
وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
__________
(1) انظره في: " الكامل ": 7 / 520 - 521، والبيان المغرب:
1 / 134 - 173.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 26 - 27، طبقات الحنابلة: 1 / 86،
المنتظم: 5 / 162 - 163.
(13/489)
وَكَانَ الإِمَام أَحْمَد يَأْنَس بِهِ،
وَينبسط فِي منزلَة، وَهُوَ مِنْ تَلاَمِذَة أَحْمَد.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخُوْهُ: الإِمَامُ
237 - أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ
الثَّقَفِيُّ السَّرَّاجُ *
سَكَنَ هُوَ وَأَخُوْهُ بَغْدَاد.
فَحَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَحْمَد بن
حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاق، وَعِدَّة، وَلاَزم الإِمَام
أَحْمَد.
حَدَّثَ عَنْهُ: دَعْلَج، وَابْنُ قَانع، وَأَبُو بَكْرٍ
الصِّبْغِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَالأَوّل أَصحّ.
238 - المغَازلِيُّ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُنْذِرِ
البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، الوَلِيّ، أَبُو بَكْرٍ بنُ المُنْذِر
المغَازلِيُّ، البَغْدَادِيّ، العَابِد، صَاحِبُ الإِمَام
أَحْمَد.
اسْمه: بدر، وَقِيْلَ: أَحْمَدُ.
حَدَّثَ عَنْ: مُعَاوِيَةَ بنِ عَمْرٍو الأَزْدِيّ،
وَغَيْره.
__________
(*) طبقات الحنابلة: 1 / 103، المنتظم: 6 / 19.
(* *) حلية الأولياء: 10 / 305 - 306، طبقات الحنابلة: 1 /
77 - 78، وفيه: أحمد بن أبي بدر المنذر بن بدر بن النضر
أبو بكر المغازلي، المنتظم: 5 / 153 - 154.
(13/490)
وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وَأَحْمَد بن
يُوْسُفَ العَطَّار، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ.
وَكَانَ ثِقَةً، رَبَّانِيّاً، قَانعاً بِكِسْرَةٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: أَطبقتِ الأَلسنَةُ مِنَ
الحنَابِلَةِ وَالمُحَدِّثِيْنَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ
البُدَلاَء، لَهُ أَحْوَال عَجِيْبَة (1) .
وَكَانَ الخَلاَّل يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ
يُقَدم بَدْراً وَيُكْرِمه، وَكُنْتَ إِذَا رَأَيْتهُ
وَرَأَيْت منزلَه شَهدت لَهُ بِالصَّبْر وَالصَّلاَح.
وَقِيْلَ: كَانَ أَحْمَدُ يتعجَّب مِنْهُ، وَيَقُوْلُ:
مَنْ مِثْلُه؟!، قَدْ مَلَك لسَانه.
وَيُقَالُ: بَاعت زَوْجَة بَدْرٍ بيتَهَا بِثَلاَثِيْنَ
دِيْنَاراً، فَأَشَار عَلَيْهَا، فتَصَدَّقت بِهَا،
وَصَبَراً عَلَى قوتِ يَوْمٍ بِيَوْمٍ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
كَانَ يَتَقَوَّت مِنْ كَسْبِه.
239 - أَبُو قَبِيْصَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الكُوْفِيُّ *
الإِمَامُ، الخَيِّرُ، الصَّادِقُ، أَبُو قَبِيْصَة
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عُمَارَة بن القَعْقَاع، الضَّبِّيّ الكُوْفِيّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيّ، المُقْرِئ.
سَمِعَ مِنْ: سَعدويه الوَاسِطِيّ، وَعَاصِم بن عَلِيٍّ،
وَسَعِيْد بن مُحَمَّدٍ الجَرْمِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ السَّمَّاكِ، وَأَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ، وَالخُطَبِي، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) حلية الأولياء: 10 / 305، وفيه: " عرف له أحوال عجيبة:
".
(*) تاريخ بغداد: 2 / 314 - 315، المنتظم: 5 / 156، الوافي
بالوفيات: 3 / 225.
(13/491)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَرَوَى الخَطِيْبُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي طَالِبٍ،
عَنْ يُوْسُف الْقَوَّاس: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ
الخُطَبِيّ:
سَأَلْتُ أَبَا قَبِيْصَة الضَّبِّيّ - وَكَانَ مِنْ
أَدْرَس مَن رَأَينَاهُ للقُرآن - عَنْ أَكْثَر مَا قرأَ
فِي يَوْمِ - وَكَانَ يوصَف بِسُرعَة القِرَاءة -
فَامْتَنَعَ أَنْ يُخبرنِي، فَلَمْ أَزَل بِهِ حَتَّى
قَالَ:
قَرَأْتُ فِي يَوْمٍ مِن أَيَّامِ الصَّيْف أَرْبَعَ ختم،
وَبلغتُ فِي الخَامِسَة إِلَى* {برَاءة }، وَأَذنت العَصْر
(1) .
قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَهْل الصِّدْق (2) .
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
240 - مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءَ بنِ
السِّنْدِيِّ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو بَكْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ،
مُصَنِّفُ (الصَّحِيْحِ) المخرَّج عَلَى كِتَاب مُسْلِمٍ.
سَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه،
وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي
شَيْبَةَ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ،
وَأَقرَانهُم.
وَأَكْثَر التَّرْحَال، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْن.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ الحَافِظُ، وَابْنُ
الشَّرْقِيّ، وَابْن الأَخْرَم، وَأَبُو النَّضْرِ
مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ
بن هَانِئ، وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِم، فَقَالَ: كَانَ دَيِّناً، ثَبْتاً،
مقدَّماً فِي عصره، سَمِعَ مِنْ
__________
(1) في تاريخ بغداد: " وأذن مؤذن العصر ".
(2) تاريخ بغداد: 2 / 315.
وهذا لا يدخل في نطاق المعقول. والحفظة للقرآن في
عصرنا هذا قالوا: إنه لا يمكن أن يقرأ في الساعة الواحدة
أكثر من أربعة أجزاء.
(*) الجرح والتعديل: 8 / 87، تاريخ ابن عساكر، خ: 15 / 451
ب - 452 أ، تذكرة الحفاظ: 2 / 686، طبقات الحفاظ: 298،
شذرات الذهب: 2 / 193 - 194.
(13/492)
جَدِّهِ رَجَاء بن السِّنْدِيّ...، ثُمَّ
سَمَّى طَائِفَةً.
قَالَ بِشْر بن أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيّ: مَاتَ أَبُو
بَكْرٍ: فِي سَنَةِ سِتّ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
241 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَعْقِلِ بنِ الحَجَّاجِ
النَّسفِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، القَاضِي، أَبُو
إِسْحَاقَ النَّسفِي، قَاضِي مَدِيْنَة نَسَف الَّتِي
يُقَال لَهَا أَيْضاً: نَخْشَب.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَجُبارَة بن المُغَلِّس،
وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَأَبَا كُرَيْب، وَأَحْمَد بن
مَنِيْعٍ، وَطَبَقَتهُم.
وَلَهُ رِحلَةٌ وَاسِعَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ الطَّغَامِي (1)
، وَخَلَف بن مُحَمَّدٍ الخَيَّام، وَعَبْد المُؤْمِنِ بن
خَلَفٍ، وَمُحَمَّد بن زَكَرِيَّا، وَوَلَده سَعِيْد بن
إِبْرَاهِيْمَ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ حَافظ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: لَهُ (المُسْنَد الكَبِيْر)، وَ(التَّفْسِيْر)،
وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَحَدَّثَ (بصَحِيْح البُخَارِيّ) عَنْهُ، وَكَانَ
فَقِيْهاً مُجْتَهِداً.
242 - الغَسِيْلِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ
الأَنْصَارِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المصَنِّفُ، أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 275 ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 686
- 687، عبر المؤلف: 2 / 100 - 101، الوافي بالوفيات: 6 /
149، النجوم الزاهرة: 3 / 164، طبقات الحفاظ: 298، طبقات
المفسرين: 1 / 22، شذرات الذهب: 2 / 218، تهذيب بدران: 2 /
300.
(1) الطغامي، بفتح الطاء: نسبة إلى طغامى من سواد بخارى.
(اللباب).
(* *) كتاب المجروحين والضعفاء: 1 / 119 - 120، اللباب: 2
/ 382 - 383، ميزان الاعتدال: 1 / 18 - 19، لسان الميزان:
1 / 30 - 31، طبقات الحفاظ: 301.
(13/493)
عِيْسَى بن سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ حَنْظَلَة بن الغَسيل الأَنْصَارِيّ البَغْدَادِيّ،
الغَسِيْلِيّ.
سَمِعَ: أَبَا إِبْرَاهِيْم التَرْجُمَانِي، وَمُحَمَّد بن
سُلَيْمَانَ لُوَيْناً، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَمُجَاهد
بن مُوْسَى، وَطَبَقَتهُم.
وَخَرَّجَ وَجَمَع.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَحسَّان بن مُحَمَّدٍ
الفَقِيْه، وَآخَرُوْنَ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى
البُوْشَنْجِيّ.
وَحَدَّثَ بهَرَاة، وَنيسَابور بتَصَانِيْفه.
وَحَضَرَ أَجَلُه بِبُوْشَنْج (1) فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
243 - ابْنُ مَسْرُوْقٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّد
البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الزَّاهِدُ، الجَلِيْلُ، الإِمَامُ، أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُوْق (2)
البَغْدَادِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ.
يَرْوِي عَنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْد، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ،
وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَمن
بَعْدهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَجَعْفَر
الخُلْدِيّ، وَحَبِيْب القَزَّاز، وَمَخْلَد
__________
(1) بو شنج، بضم الباء، وسكون الواو، وفتح الشين، وسكون
النون: بلدة على سبعة فراسخ من هراة. (انظر: اللباب، ومعجم
ياقوت).
(*) طبقات الصوفية: 237 - 241، حلية الأولياء: 10 / 213 -
216، تاريخ بغداد: 5 / 100 - 103، المنتظم: 6 / 98 - 99،
ميزان الاعتدال: 1 / 150، عبر المؤلف: 2 / 110، طبقات
الأولياء: 89 - 90، لسان الميزان: 1 / 292 - 293، النجوم
الزاهرة 3 / 177، شذرات الذهب: 2 / 227.
(2) في " شذرات الذهب ": أحمد بن مسروق.
(13/494)
البَاقَرْحِي (1) ، وَابْن عُبَيْد
العَسْكرِي، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي، وَآخَرُوْنَ.
سمِعنَا (القنَاعَة) مِنْ تَأْلِيفه.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: صحب الحَارِث المُحَاسبِي،
وَمُحَمَّد بن مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيّ، وَالسَّرِيّ
السَّقَطِيّ (2) .
وَهُوَ القَائِلُ: التَّصوُّف: خُلُو الأَسرَار مِمَّا
مِنْهُ بدٌّ، وَتعلُّقُهَا بِمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ.
وَقَدْ كَانَ الجُنَيْد يحترِمُ ابْن مَسْرُوْق، وَيعتقِد
فِيْهِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لِضَيْف: الضِّيَافَة ثَلاَث،
فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَة عليّ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ (3) .
وَعَاشَ أَربعَا وَثَمَانِيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ-.
244 - ابْنُ الرُّوْمِيِّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
العَبَّاسِ *
شَاعر زمَانه مَعَ البُحْتُرِيِّ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ العَبَّاسِ بنِ جُرَيْج، مَوْلَى آلِ المَنْصُوْر.
__________
(1) الباقرحي، بفتح القاف، وسكون الراء: نسبة إلى باقرح:
قرية من نواحي بغداد. (اللباب).
(2) ترجمته في: حلية الأولياء: 10 / 213.
(3) في: " ميزان الاعتدال "، و" لسان الميزان ": وفاته سنة
(299).
(*) الفهرست: المقالة الرابعة: الفن الثاني، تاريخ بغداد:
12 / 23 - 26، رسالة الغفران: 476 - 483، (ط.
الخامسة) دار المعارف، المنتظم: 5 / 165 - 168، وفيات
الأعيان: 3 / 358 - 362، البداية والنهاية: 11 / 74 - 75،
معاهد التنصيص: 1 / 108 - 118، شذرات الذهب: 2 / 188 -
190.
وانظر ما كتب عنه حديثا من مثل كتاب " ابن الرومي حياته من
شعره " لعباس محمود العقاد.
(13/495)
لَهُ النَّظم العَجيب، وَالتَّوليد
الغَريب.
رتَّب شِعْرَه الصُّوْلِيّ.
وَكَانَ رَأْساً فِي الهِجَاء، وَفِي الْمَدِيح، وَهُوَ
القَائِلُ:
آرَاؤُكُم، وَوُجُوْهُكُم، وَسُيُوُفُكُم ... فِي
الحَادِثَاتِ إِذَا دَجَوْنَ نُجُوْمُ
مِنْهَا مَعَالِمُ لِلْهُدَى وَمَصَابحٌ ... تَجْلُو
الدُّجَى وَالأُخْرَيَاتُ رُجُومُ (1)
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ: لِليْلَتَيْنِ بقيتَا مِنْ جُمَادَى الأُوْلَى،
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ.
قِيْلَ: إِنَّ القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ الوَزِيْر كَانَ
يخَافُ مِنْ هَجْو ابْن الرُّوْمِيّ، فَدَسَّ عَلَيْهِمِنْ
أَطعمه خُشْكُنَاكَةً (2) مَسْمُومَةً، فَأَحَسَّ
بِالسُّمِّ، فَوَثَبَ، فَقَالَ الوَزِيْرُ: إِلَى أَيْنَ؟
قَالَ: إِلَى مَوْضِع بعثْتَنِي إِلَيْهِ.
قَالَ: سَلِّم عَلَى أَبِي.
قَالَ: مَا طَرِيْقي عَلَى النَّار.
فَبقي أَيَّاماً، وَمَاتَ (3) .
245 - تَمِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طُمْغَاجَ الطُّوْسِيُّ
*
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الجَوَّالُ، الثِّقَةُ، أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّوْسِيّ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ)
الكَبِيْر عَلَى الرِّجَال.
طَوَّف، وَسَمِعَ مِنْ: شَيْبَان بن فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَة
بن خَالِدٍ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاق بن
رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن
الحَجَّاجِ
__________
(1) في الأصل: " ومصالح ". والتصويب من " الوفيات ": 2 /
359.
(2) في " الوفيات ": " حشكنانجة ".
والخشكنان: خبزة تصنع من خالص دقيق الحنطة، وتملا بالكسر
واللوز، أو الفستق، وتغلى. (فارسي).
(3) انظر: وفيات الأعيان: 3 / 361.
(*) طبقات الحنابلة: 1 / 122، تاريخ ابن عساكر: خ: 3 / 275
أ - ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 675 - 676، تهذيب بدران: 3 /
361.
(13/496)
السَّامِي، وَمُحَمَّد بن رُمْح،
وَحَرْمَلَة، وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ، وَأَبِي الرَّبِيْع
الرَّشْدِينِي، وَالحَارِث بن مِسْكِيْن، وَسُلَيْمَان بن
سَلَمَةَ الخبَائِرِي، وَطَبَقَتهم بِخُرَاسَانَ
وَالحِجَاز وَمِصْر وَالشَّام وَالعِرَاق.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَن بن سُفْيَان رفيقُه، وَعَلِيّ بن
حُمْشَاذ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ - نعم
سَهَوت - وَإِنَّمَا حَدَّثَ الحَسَن بن سُفْيَان عَنْ
وَلده أَبِي بَكْرٍ بنِ الحَسَنِ، عَنْ تَمِيْم.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم: هُوَ
مُحَدِّثٌ، ثِقَةٌ، مُصَنِّفٌ، جَمَعَ (المُسْنَد)
الكَبِيْر.
وَلَمْ يذكر لَهُ وَفَاةً.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو النَّضر الفَقِيْه.
وَلَعَلَّهُ تُوُفِّيَ: فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ أَوِ
التِّسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَطُمْغَاج: بِضَم أَوَّله.
246 - عُبَيْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ وَهْبٍ أَبُو
القَاسِمِ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو القَاسِمِ، وَزِيْرُ
المُعْتَضِد.
كَانَ شَهْماً، مَهِيْباً، شَدِيْدَ الوطأَة، قويّ
السَّطْوَة، نَاهِضاً بِأَعْباء الأُمُور، مُتَمكناً مِنَ
المعتضِد.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ
وَمائِتين.
وَهُوَ وَلد الوَزِيْر الكَبِيْر الَّذِي مَاتَ أَيَّام
المُعْتَمِد، وَوَالدُ الوَزِيْر الكَبِيْر القَاسِم بن
عُبَيْدِ اللهِ.
__________
(*) تاريخ الطبري: 9 / 532، و10 / 22، 30، 47، 73، الكامل
لابن الأثير: 7 / 510، وفيات الأعيان: 3 / 122، ضمن ترجمة
عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، فوات الوفيات: 2 / 434 -
436.
(13/497)
وَقَدْ عَمِل الوِزَارَة لأَبِي العَبَّاسِ
قَبْلَ أَنْ يُسْتَخلف، فَوجَدَه فَوْقَ مَا فِي النَّفْس،
فَرَدَّ أَعباءَ الأُمُور إِلَيْهِ، وَبلغ مِنَ الرُّتْبَة
مَا لَمْ يَبْلُغْهُ وَزِيْرٌ، وَكَانَ عَديم النَّظير فِي
السِّيَاسَة وَالتَّدْبِيْر وَالإِعتنَاء بِالصَّديق.
اخْتَفَى مَرَّة عِنْد تَاجر، فَلَمَّا وَزَرَ، وَصَلَه
فِي يَوْمٍ بِمائَة أَلف دِيْنَار مِن غَلَّةٍ عَظِيْمَةٍ
بَاعَه إِيَّاهَا بِرُخْص، فَربح فِيْهَا مائَة أَلْف
دِيْنَار (1) .
وَقَدْ علَّم لإِسْمَاعِيْل القَاضِي فِي سَاعَةٍ عَلَى
سِتِّيْنَ قِصَّةً.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ: سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَعِنْد دَفْنه، قَالَ ابْنُ المُعْتَزّ:
هَذَا أَبُو القَاسِمِ فِي لَحْدِهِ ... قِفُوا انْظُرُوا
كَيْفَ تَزُوْلُ الجِبَال (2)
وَقَالَ أَيْضاً فِيْهِ:
وَمَا كَانَ رِيْحُ المِسْكِ رِيْح حَنُوطه ...
وَلَكِنَّهُ هَذَا الثَّنَاءُ المُخَلَّفُ
وَلَيْسَ صَرِيْرَ النَّعْشِ مَا تَسْمَعُوْنَهُ ...
وَلَكِنَّهُ أَصْلاَبُ قَوْمٍ تَقَصَّفُ (3)
__________
(1) انظر تفصيل الخبر في " فوات الوفيات ": 2 / 435.
(2) ديوان ابن المعتز: 344، (ط.
الشركة اللبنانية للكتاب - بيروت - 1969)، ورواية البيت
فيه: هذا أبو القاسم في نعشه * قوموا انظروا كيف تسير
الجبال وهو ضمن مقطوعة من ثلاثة أبيات.
(3) وكذلك نسبهما لابن المعتز الكتبي في فوات الوفيات: 2 /
434، ولم نجدهما في المطبوع من ديوان ابن المعتز السابق
الذكر.
وهما منسوبان للعطوي في أمالي الزجاجي: 85 - 86، والمنصف
في شعر المتنبي لابن وكيع (طبع دار قتيبة)، وهما في مجموع
شعره (قسم الشعر المنسوب): 91. وهما كذلك في أمالي القالي:
1 / 112، لمجهول، قال: " مات رجل كان يقود اثني عشر ألف
إنسان، فلما حمل على النعش صر على أعناق الرجال فقال رجل
في الجنازة...".
والعطوي هو: أبو عبد الرحمن محمد بن عطية، ولد ونشأ
بالبصرة، ثم انتقل إلى =
(13/498)
247 - القَبَّانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ
الحُسَيْن بن مُحَمَّدِ * (خَ (1))
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، شَيْخ المُحَدِّثِيْنَ
بِخُرَاسَانَ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ
زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيّ.
أَخْبَرَنَا العِزّ بن الفَرَّاء، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ
مُوَفَّق الدِّيْنِ بن قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
البَطِّيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بن خَيْرُوْن،
وَقَرَأْتُ عَلَى التَّاج عَبْد الخَالِق:
أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْد الرَّحْمَنِ، وَأَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْل بن عمِيرَة، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
خَلَفٍ بن رَاجح، قَالاَ:
أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَة، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْد السَّلاَم، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، قَرَأْت عَلَى
أَبِي العَبَّاسِ بن حَمْدَانَ، حدَّثكُم الحُسَيْن بن
مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن
مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ شُمَيْل، حَدَّثَنَا
شُعْبَة، عَنِ الحكم:
سَمِعْتُ ذرّاً، عَنِ ابْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبْزَى
قَالَ الحكم، وَقَدْ سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ عَبْد الرَّحْمَن
بْن أَبْزَى، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَجُلاً أَتَى عُمَر، فَقَالَ: إِنِّيْ أَجْنَبْت،
فَلَمْ أَجِدِ المَاء.
قَالَ: لاَ تصلِّ حَتَّى تَغْتَسِل.
فَقَالَ عَمَّار: أَمَا تذْكر يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ
إِذْ أَنَا وَأَنْت فِي سريَةٍ فَأَجنبنَا، فَلَمْ نجد
مَاءً، فَأَما أَنْت، فَلَمْ تصلِّ، وَأَمَّا أَنَا،
__________
= بغداد وأقام بسر من رأى، واختص بأحمد بن أبي دواد، وتوفي
قريبا من سنة (250 ه). انظر ترجمته في: طبقات ابن المعتز:
395، الاغاني: 22 / 572، معجم الشعراء: 377، تاريخ بغداد:
3 / 137. وقد جمع شعره ونشر في مجلة المورد (ج 1، ع 1 - 2
/ 74).
(*) اللباب: 3 / 12، تهذيب الكمال: خ: 298 - 299، تذهيب
التهذيب: خ: 1 / 159، تذكرة الحفاظ: 2 / 680 - 682، ميزان
الاعتدال: 1 / 545 - 546، عبر المؤلف: 2 / 83، تهذيب
التهذيب: 2 / 368 - 369، طبقات الحفاظ: 296، خلاصة تذهيب
الكمال: 84، شذرات الذهب: 2 / 201.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ". وقد خالف الذهبي، - رحمه
الله - طريقته المألوفة في سرد الترجمة هذه، فقد بدأ بذكر
بعض أخباره، ثم ذكر بعد ذلك مشايخه وتلامذته، وختم ببقية
تلك الاخبار.
(13/499)
فتمعَّكت فِي التُّرَاب، فصَلَّيْت،
فَلَمَّا أَتينَا النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- ذكرت ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (إِنَّمَا كَانَ
يَكْفِيك)، وَضرب بيدَيْهِ إِلَى الأَرْض، ثُمَّ نفخ
فِيْهِمَا، وَمسح بِهِمَا وَجهه وَكفَّيه.
فَقَالَ عُمَر: اتَّقِ الله يَا عَمَّار.
فَقَالَ: يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ! إِنْ شِئْت - لمَا
جعل الله عليّ مِنْ حقّك - لاَ أُحَدِّث فِيْه أَحَداً.
رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1) مِنْ حَدِيْثِ شُعبَة، ثُمَّ
قَالَ: وَقَالَ النَّضْر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحكم ...
وَذَكَرَهُ.
فَقَدْ وَصله الحُسَيْن أَحَد الأَثبَات.
ذَكَرَهُ الحَاكِم، فَقَالَ: أَحَد أَركَانَ الحَدِيْث
وَحفَّاظ الدُّنْيَا، رَحل، وَأَكْثَر السَّمَاع،
وَصَنَّفَ (المُسْنَد)، وَ(الأَبْوَاب)، وَ(التَّارِيْخ)،
وَ(الكنَى)، وَدُوِّنت فِي الدُّنْيَا.
قُلْتُ: وُلِدَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَسَهْل بن عُثْمَان،
وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَعَمْرو بن زُرَارَة،
وَالحُسَيْن بن الضَّحَّاك، وَسُرَيْج بن يُوْنُس، وَأَبَا
مُصْعَبٍ، وَأَبَا مَعْمر الهُذَلِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بن
أَبِي شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِر الحِزَامِيّ،
وَمُحَمَّد بن عَبَّاد المَكِّيّ، وَعُبَيْد الله بن عُمَر
القَوَارِيْرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ
الشَّافِعِيّ، وَطَبَقَتهُم بِخُرَاسَان وَالحَرَمَيْن
وَالعِرَاق، وَتقدَّم فِي هَذَا الشَّأْن.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيّ
شَيْخه، وَزَكَرِيَّا بن مُحَمَّدِ بنِ بَكَّار، وَأَحْمَد
مُحَمَّد بن عَبِيْدَة، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ،
وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم الهَاشِمِيّ،
وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، وَمُحَمَّد بن
يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) 1 / 376، 377 في التيمم: باب التيمم للوجه والكفين.
(13/500)
قَالَ البُخَارِيُّ فِي الطِّبّ مِنْ
(صَحِيْحه (1)): حَدَّثَنَا حُسَيْن، حَدَّثَنَا أَحْمَد
بن منيع ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً، فَقَالَ أَبُو نَصْرٍ
الكلاَباذِي وَالحَاكِم: هُوَ القبَّانِي (2) .
وَقَالَ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَبِيْدَة: سَمِعْتُ
الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
كَانَ لزِيَاد جَدِّي قبَّان، وَلَمْ يَكُنْ وَزَّاناً،
وَلَمْ يَكُنْ بِنَيْسَابُوْر إِذَا ذَاكَ كَبِيْر قبَّان،
وَكَانَ النَّاس إِذَا أَرَادُوا أَنْ يزِنُوا شَيْئاً،
اسْتَعَاروا قبَّان جَدِّي، فشُهِر بِالقبَّانِي، وَكَانَ
حمل القبَّان مَعَهُ مِنْ بِلاَد فَارِس إِلَى
نَيْسَابُوْر (3) .
قُلْتُ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ القبَّانِي قَدْ سَمِعَ
(مُسْنَد أَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ) مِنْهُ، وَكَانَ
مُلاَزماً لِلْبُخَارِيِّ فِي إِقَامته بنَيْسَابُور،
فَهَذَا يرجِّح أَنَّهُ هُوَ، وَقِيْلَ: بَلْ هُوَ
الحُسَيْن بن يَحْيَى بنِ جَعْفَرٍ البِيْكَنْدِيّ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: دَعْلَج السِّجْزِيّ.
__________
(1) 10 / 115: باب الشفاء في ثلاث، ونصه: حدثني الحسين،
حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا مروان بن شجاع، حدثنا سالم
الافطس عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما "
الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى
أمتي عن الكي " رفع الحديث.
(2) قال الحافظ: كذا لهم غير منسوب، وجزم جماعة بأنه
القباني، قال الكلاباذي: كان يلازم البخاري لما كان
بنيسابور، وكان عنده مسند أحمد بن منيع سمعه منه بغير شيخه
في هذا الحديث، وقد ذكر الحاكم في " تاريخه " من طريق
الحسين المذكور أنه روى حديثا، فقال: كتب عني محمد بن
إسماعيل هذا الحديث، ورأيت في كتاب بعض الطلبة قد سمعه منه
عني.
قال الحافظ: وقد عاش الحسين القباني بعد البخاري ثلاثا
وثلاثين سنة، وكان من أقران مسلم، فرواية البخاري عنه من
رواية الأكابر عن الاصاغر.
وقد جزم الحاكم فيما نقله عنه الحافظ في " الفتح " بأن
الحسين المذكور هو ابن يحيى بن جعفر البيكندي، وقد أكثر
البخاري الرواية عن أبيه يحيى بن جعفر، وهو من صغار شيوخه،
والحسين أصغر من البخاري بكثير قال الحافظ: وليس في
البخاري عن الحسين سواء كان القباني أو البيكندي سوى هذا
الحديث.
(3) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 681.
(13/501)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم:
كَانَ أَبُو عَلِيٍّ مَجْمَع أَهْل الحَدِيْث عِنْدَهُ
بَعْد مُسْلِم بن الحَجَّاج.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ بن هَانِئ: سَمِعْتُ
الحُسَيْن القبَّانِي يَقُوْلُ:
حدثت البُخَارِيّ بِحَدِيْثٍ عَنْ سُرَيْج بن يُوْنُس،
فرَأَيْت فِي كِتَاب بَعْض الطلبَة: قَدْ سَمِعَهُ مِنَ
البُخَارِيّ، عَنِّي (1) .
قَالَ ابْنُ الأَخْرَم: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ القبَّانِي
- وَسُئِلَ عَنْ مُحَمَّدِ بن قَيْس شَيْخ أَبِي مَعْشَرٍ
- فَقَالَ: هُوَ وَالِدُ أَبِي زُكَيْر.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن يَعْقُوْبَ، سَمِعْتُ
القبَّانِي يَقُوْلُ:
أَبُو الزَّعرَاء الكَبِيْر: عَبْد اللهِ بن عَبْد
الوَهَّابِ، وَأَبُو الزَّعرَاء الجُمَشِي: عَمْرو بن
عَمْرو - وَقِيْلَ: عَمْرو بن عَامِر، عَنْ عَمِّه أَبِي
الأَحْوَص - وَأَبُو الزَّعرَاء يَحْيَى بن الوَلِيْدِ
الطَّائِيّ: كُوْفِيّ، يَرْوِي عَنْهُ ابْن مَهْدِيّ.
قُلْتُ: وَرَابعهُم: أَبوَ الزَّعرَاء عبد الرَّحْمَن بن
عَبْدُوْس المُقْرِئ تِلْمِيْذ الدُّوْرِيّ، وَخَامِسهُم:
مُحَمَّد بن عَبْدُوْس بن كَامِلٍ السَّرَّاج صَاحِب
عَلِيّ بن الجَعْد.
الحَاكِم: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيّ الحَضْرَمِيّ،
يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ جَدِّي الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ سَنَة
تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: صَلَّى عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ
البُوْشَنْجِيّ.
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 681
(13/502)
248 - عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ
الخُوَارِزْمِيُّ * (خَ (1))
قَاضِي خُوَارِزم، وَمُحَدِّثُهَا، رحَّال، حافِظ.
سَمِعَ: أَحْمَد بن يُوْنُس اليَرْبُوْعِيّ، وَسَعِيْد بن
مَنْصُوْرٍ، وَسُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، وَإِسحَاق بن
رَاهْوَيْه، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ
السَّانِي الحَسَّانِيّ الخُوَارِزْمِي، وَأَبُو
العَبَّاسِ بن حَمْدَانَ الحِيْرِيّ، وَهُمَا مِنْ مشيخَة
البَرْقَانِيِّ.
وَقَدْ رَوَى البُخَارِيّ عَنِ ابْنِ أَبِي فِي كِتَاب
(الضُّعَفَاء) أَحَادِيْث رِوَايَةً وَتعليقاً، فَإِنَّهُ
مرّ بخُوَارِزْم، فَنَزَلَ عَلَى هَذَا الرَّجُل، فَقول
البُخَارِيّ فِي (الصَّحِيْحِ): حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ،
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عبد الرَّحْمَن... فَذَكَرَ
حَدِيْثاً (2) ، فَهُوَ عَبْد اللهِ بن أُبَي (3) .
__________
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
(*) تهذيب الكمال: خ: 663، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 129،
تذكرة الحفاظ: 2 / 656 - 657، تهذيب التهذيب: 5 / 139،
طبقات الحفاظ: 286، خلاصة تذهيب الكمال: 190.
(2) وتمامه: وموسى بن هارون، قالا: حدثنا الوليد بن مسلم،
حدثنا عبد الله بن العلاء ابن زبر، قال: حدثني بسر بن عبيد
الله، قال: حدثني أبو إدريس الخولاني، قال: سمعت أبا
الدرداء يقول: كان بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر
عمر، فانصرف عنه عمر مغضبا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن
يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو الدرداء: ونحن
عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما صاحبكم
هذا، فقد غامر " قال: وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى
سلم وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقص على رسول الله
صلى الله عليه وسلم الخبر، قال أبو الدرداء: وغضب رسول
الله صلى الله عليه وسلم وجعل أبو بكر يقول: والله يا رسول
الله لانا كنت أظلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
هل أنتم تاركو لي صاحبي، هل أنتم تاركو لي صاحبي، إني قلت:
يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا، فقلتم: كذبت،
وقال أبو بكر: صدقت.
أخرجه البخاري 8 / 228 في تفسير سورة الاعراف: باب (واتقوه
لعلكم تهتدون). قلت: أذكر أني قرأت شرحا لهذا الحديث قديما
بمجلة الأزهر للشيخ طه الساكت، وقد جعل عنوانه: خصومة
الأكابر. وقد وفق لهذا العنوان أيما توفيق.
(3) خالفة الحافظ في " الفتح " 8 / 228، والمقدمة 227
فقال: كذا وقع غير منسوب =
(13/503)
وكَذَلِكَ قَوْله: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بن مَعِيْن، حَدَّثَنَا أَسْمَاعِيل بن
مُجَالد، عَنْ بيَان، عَنْ وَبْرَة، عَنْ همَّام، قَالَ:
قَالَ عَمَّار: رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَة
أَعْبُدٍ، وَامرأَتَان، وَأَبُو بَكْرٍ (1) .
وَقِيْلَ: بَلْ عَبْد اللهِ هَذَا هُوَ: ابْن حَمَّاد
الآمُلِي، وَالأَرجح عِنْدِي: أَنَّهُ ابْن أُبَي.
وَأَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيّ، أَخْبَرَنَا الفَتْح،
وَأَحْمَد بن صرمَا، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا الأُرْمَوِيّ (2) ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
النَّقُّوْر، أَخْبَرَنَا الحَرْبِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد
الصُّوْفِيّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى... فذَكَرَهُ.
عَاشَ ابْن أُبَي نَحْواً مِنْ تِسْعِيْنَ سنَةً، وَبَقِيَ
إِلَى حُدُوْد التِّسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَإِلَى
بَعْدهَا - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
__________
= عند الأكثر، ووقع عند ابن السكن، عن الفربري، عن
البخاري: حدثني عبد الله بن حماد، وبذلك جزم الكلاباذي
وطائفة.
وعبد الله بن حماد هذا: هو الآملي بالمد وضم الخفيفة، يكنى
أبا عبد الرحمن، قال الاصيلي: هو من تلامذة البخاري، وكان
يورق بين يديه.
(1) أخرجه البخاري 7 / 129 في المناقب: باب إسلام أبي بكر.
قال الحافظ: وعبد الله شيخه قال ابن السكن في روايته:
حدثني عبد الله بن محمد.
فتوهم أبو علي الجياني أنه أراد " المسندي " فقال: فلم
يصنع شيئا.
قلت (القائل ابن حجر): وفي كلامه نظر فقد وقع في تفسير
التوبة: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا يحيى بن معين، لكن
عمدة الجباني هنا أن أبا نصر الكلاباذي جزم بأن عبد الله
هنا: هو ابن حماد الآملي، وكذا وقع في رواية أبي ذر الهروي
منسوبا، وهو عبد الله بن حماد، وهو من أقران البخاري، بل
هو أصغر منه، فلقد لقي البخاري يحيى بن معين، وهو أقدم من
ابن معين.
(2) الارموي، بضم الالف، وسكون الراء، وفتح الميم: نسبة
إلى أرمية: من بلاد أذربيجان. (اللباب).
(13/504)
249 - ابْنُ الرَّوَّاسِ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ الهَاشِمِيُّ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الثِّقَة، أَبُو بَكْرٍ عَبْد
الرَّحْمَن بن القَاسِم بن الفَرَج بن عَبْد الوَاحِد
الهَاشِمِيّ الدِّمَشْقِيّ، مُسْنِد وَقته بِدِمَشْق.
سَمِعَ: أَبَا مُسْهِرٍ الغَسَّانِيَّ، وَيَحْيَى بن
صَالِحٍ الوُحَاظِيّ، وَزُهَيْر بن عَبَّادٍ،
وَإِبْرَاهِيْم بن هِشَامٍ بن يَحْيَى الغَسَّانِيّ،
وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَعَبْد اللهِ بن ذَكْوَان،
وَخَالَه؛ إِبْرَاهِيْم بن أَيُّوْب الحورَانِي،
وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ مَرْوَان، وَأَبُو
بَكْرٍ بن أَبِي دُجَانَة، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فضَالَة،
وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ،
وَجُمَح بن القَاسِمِ، وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ النَّاصح، وَالفَضْل بن جَعْفَرٍ المُؤَذِّن،
وَخَلْق.
قَالَ جمح: سَمِعْتُ ابْنَ الرَّوَّاس يَقُوْلُ: سَمِعْتُ
مِنْ أَبِي مُسْهِر وَأَنَا ابْن إِحْدَى عَشْرَة سَنَةً
(1) .
قُلْتُ: لَمْ أَظفر لابْن الرَّوَّاس بوَفَاة، لَكِن رحلَة
ابْن عَدِيٍّ كَانَتْ إِلَى الشَّامِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ فَأَدركه (2) ، وَهُوَ رَاوِي
نسخَة أَبِي مُسْهِر.
250 - الخُزَاعِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ **
الشَّيْخ، الصَّدُوْق، المُحَدِّث، أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ بن أَسِيد
الخُزَاعِيّ، الأَصْبَهَانِيّ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 75 ب - 76 أ.
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 76 أ.
(2) جاء في المصدر السابق ما نصه: " ذكر أبو الفضل محمد بن
طاهر المقدسي أنه توفي بعد سنة ثمانين ومئتين ".
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 106 - 107، طبقات المحدثين
بأصبهان ورقة 112.
(13/505)
حَدَّثَ عَنِ: القَعْنَبِيّ، وَمُسْلِم بن
إِبْرَاهِيْم، وَقُرَّة بن حَبِيْبٍ، وَأَبِي الوَلِيْدِ
الطَّيَالِسِيِّ، وَأَبِي عُمَر الحَوْضي، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي، وَأَحْمَد العسَّال، وَعبد
الرَّحْمَن بن سِيَاه، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ،
وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّان، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: هُوَ ثِقَةٌ مأَمُوْنَ، تُوُفِّيَ
فِي صَفَرٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْن وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو العَبَّاسِ ثَعْلب (1) ،
وَعُثْمَان بن عُمَرَ الضَّبِّيّ، وَأَحْمَد بن سَهْل
الأَهْوَازِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ الصَّائِغ (2) ،
وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم بن كَيْسَان الثَّقَفِيّ،
وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم البُوْشَنْجِيّ (3) ، وَعَلِيّ
بن الحُسَيْن بن الجُنَيْد (4) ، وَعَلِيّ بن جَبَلة
رُسْتَه، وَالقَاضِي مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الجُذوعِي (5)
، وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدِ بنِ سَلْم الرَّازِيّ (6)
.
251 - القَطِرَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو
بنِ حَفْصٍ
الشَّيْخ، المُحَدِّث، المُعَمَّر، الثِّقَة، أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ عَمْرو بن حَفْص بن عُمَر بن النُّعْمَانِ،
القُرَيعِي البَصْرِيّ القِطرَانِي.
__________
(1) هو: أحمد بن يحيى الشيباني. وسترد ترجمته في الجزء
الرابع عشر من هذا الكتاب ص 5 رقم الترجمة (1).
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (428)، برقم: (221).
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (581)، برقم: (303).
(4) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 671 - 672، عبر الذهبي: 2 /
89، شذرات الذهب: 2 / 208.
(5) انظر: الأنساب: 3 / 212. والجذوعي، بضم الجيم والذال:
نسبة إلى الجذوع: وهي جمع جذع.
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (530)، برقم: (262)
(13/506)
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَعَمْرو بن
مَرْزُوْق، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ،
وَسُلَيْمَان بن حَرْب، وَهُدْبَة بن خَالِد،
وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَقَاضِي
مِصْر أَبُو الطَّاهِر الذُّهْلِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي دِيْوَان (الثِّقَات).
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْس وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
252 - خَيَّاطُ السُّنَّةِ زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى
السِّجْزِيُّ * (س (1))
الإِمَامُ الحَافِظُ، المُجَوِّدُ الرَّحَّال، أَبُو عَبْد
الرَّحْمَن زَكَرِيَّا بن يَحْيَى بن إِيَاس بن سَلَمَة
السِّجْزِيّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ، وَيُعْرَفُ: بخَيَّاط
السُّنَّةِ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْس وَتِسْعِيْنَ وَمئَة.
وَسَمِعَ: بِشْر بن الوَلِيْد، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخ،
وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَصَفْوَان بن صَالِحٍ،
وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَحَكِيْم بن سَيْف الرَّقِّيّ،
وَأَبَا مُصعب، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُف البَلْخِيّ،
وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَخلقاً
كَثِيْراً.
وَكَانَ وَاسِع الرِّحلَة، متبحراً فِي الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: النَّسَائِيّ فَأَكْثَر، وَإِسْحَاق
المَنْجَنِيْقي، وَابْن صَاعِدٍ، وَابْن
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 6 / 219 ب - 220 ب، تهذيب الكمال:
خ: 434 - 435، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 238، تذكرة الحفاظ: 2
/ 650، عبر المؤلف: 2 / 79، تهذيب التهذيب: 3 / 334، طبقات
الحفاظ: 284، خلاصة تذهيب الكمال: 122، شذرات الذهب: 2 /
196، أخبار سنة (287) تهذيب بدران: 5 / 385 - 386.
وإنما لقب بخياط السنة، لأنه كان يخيط أكفان أهل السنة.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
(13/507)
جَوْصَا، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْن،
وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم بن
زُوْرَان، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ.
وثَّقَه النَّسَائِيّ، وَغَيْرهُ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغنِي بن سَعِيْدٍ: كَانَ
ثِقَةً حَافِظاً، حَدَّثَنَا عَنْهُ أَحْمَد وَإِسْحَاق
ابْنا إِبْرَاهِيْم بن الحَدَّاد.
مَاتَ خَيَّاط السُّنَة سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، أَرَّخَهُ ابْن زَبْر، وَعَاشَ أَربعاً
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمن غرَائِبه: قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيْد بن كَثِيْر،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن إِبْرَاهِيْمَ مَوْلَى مُزَيْنَة،
عَنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيْم، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
ذِئْب، حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بن السَّائِب، عَنْ أَبِيه،
عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (لاَ يَأْخُذ أَحَدُكُم مَتَاع أَخِيْهِ لاعِباً
وَلاَ جَادّاً) (1) .
253 - ابْنُ خِرَاشٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يُوْسُفَ
المَرْوَزِيُّ *
الحَافِظُ، النَّاقِد، البَارع، أَبُو مُحَمَّدٍ عبد
الرَّحْمَن بن يُوْسُف بن سَعِيْدِ بن خِرَاش
المَرْوَزِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
__________
(1) الحديث في: تاريخ ابن عساكر: خ: 6 / 220 أ وفيه تتمة.
وأخرجه أحمد 4 / 221، وأبو داود (5003) في الأدب: باب من
يأخذ الشئ على المزاح، والترمذي (2160) في الفتن: باب ما
جاء لا يحل لمسلم أن يروع مسلما من طرق عن ابن أبي ذئب
بهذا الإسناد، وهو إسناد صحيح.
(*) الكامل ابن عدي: (خ - ظاهرية): 2 / 236، تاريخ بغداد:
10 / 280 - 281، تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 136 ب - 138 أ،
المنتظم: 5 / 164، تذكرة الحفاظ: 2 / 684 - 286، مزان
الاعتدال: 2 / 600 - 601، عبر المؤلف: 2 / 70 - 71، لسان
الميزان: 3 / 444 - 445، طبقات الحفاظ: 297 - 298، شذرات
الذهب: 2 / 184.
(13/508)
رَوَى عَنْ: خَالِدِ بنِ يُوْسُفَ
السَّمتِي (1) ، وَعَبْد الجَبَّار بن العَلاَء، وَأَبِي
عُمَيْر بن النَّحَّاس الرَّمْلِيّ، وَأَبِي حَفْص
الفَلاَّس، وَنَصْر بن عَلِيّ، وَأَبِي التَّقي (2) هِشَام
بن عَبْد المَلِك اليَزَنِيّ (3) ، وَعَلِيّ بن خَشْرَم،
وَيَعْقُوْب الدّروقي، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: ابْنُ عُقدَة، وَبَكْر بن مُحَمَّدٍ
الصَّيْرَفِيّ، وَأَبُو سَهْل بن زِيَادٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ بَكْر بن مُحَمَّدٍ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: شَرِبت
بولِي فِي هَذَا الشَّأْن -يَعْنِي الحَدِيْث- خَمْس
مَرَّات.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَحْفَظ مِن ابْن خِرَاش.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: قَدْ ذُكر بِشَيْءٍ مِن
التَّشَيُّع، وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ يتعمَّد الْكَذِب.
سَمِعْتُ ابْنَ عُقدَة يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ خِرَاش
عِنْدنَا إِذَا كتب شَيْئاً فِي التَّشَيُّع يَقُوْلُ:
هَذَا لاَ ينْفق إِلاَّ عِنْدِي وَعِنْدَك.
وَسَمِعْتُ عبدَان يَقُوْلُ: حمل ابْن خِرَاش إِلَى
بُنْدَار عِنْدنَا جُزْءين صنَّفهماً فِي مثَالب
الشَّيخين، فَأَجَازَهُ بِأَلفِي دِرْهَم، بَنَى لَهُ
بِهَا حُجْرَة بِبَغْدَادَ ليُحَدِّث فِيْهَا، فَمَاتَ
حِيْنَ فرغ مِنْهَا (4) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّد بن يُوْسُفَ الحَافِظ:
خَرَّجَ ابْن خِرَاش مثَالب الشَّيخين، وَكَانَ
رَافِضِيّاً.
__________
(1) السمتي، بفتح السين، وسكون الميم: نسبة إلى السمت
والهيئة. (اللباب).
(2) في " توضيح المنتبه ": خ: 97 ب، قال ابن ناصر الدين: "
المعروف تنكير كنيته، وكذلك ذكره عبد الغني بن سعيد،
والامير، وعبد الغني المقدسي، والجمهور، والذهبي المؤلف في
" الكاشف " وكناه معرفا: أبا التقي، الحافظ أبو القاسم بن
عساكر في " معجم النبل " ص: 312.
(3) اليزني: نسبة إلى ذي يزن: وهو بطن من حمير. (انظر:
اللباب).
(4) الكامل لابن عدي: خ - ظاهرية: 2 / 236.
(13/509)
وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: سَمِعْتُ عبدَان
يَقُوْلُ: قُلْتُ لابْن خِرَاش حَدِيْث: (مَا تركنَا صدقَة
(1))، فَقَالَ: بَاطِل، أَتَّهُم مَالِك بن أَوس (2) .
قَالَ عَبْدَان: وَقَدْ حَدَّثَ بِمرَاسيل وَصلهَا،
وَموَاقيف رفعهَا (3) .
قُلْتُ: هَذَا مُعَثَّر مَخْذُول، كَانَ علمه وَبَالاً،
وَسعيه ضلاَلاً نَعُوذ بِاللهِ مِنَ الشَّقَاء.
قَالَ ابْنُ المُنَادِي: مَاتَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
254 - المَعْمَرِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ
بنِ شَبِيْبٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، البَارع، مُحَدِّث
العِرَاق، أَبُو عَلِيٍّ،
__________
(1) أخرجه البخاري 6 / 141 في فرض الخمس، و7 / 257 في
المغازي: باب حديث بني النضير، و12 / 504 في الفرائض: باب
قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركنا صدقة "،
ومسلم " 1757) في الجهاد: باب حكم الفئ، وأبو داود (2963)
و(2964)، والنسائي 7 / 136، 137، والترمذي (1610)، وأبو
بكر المروزي في " مسند أبي بكر " (1) و(2) و (3)، وعبد
الرزاق في " المصنف " (9772)، والبيهقي 6 / 298.
(2) انظر: الكامل لابن عدي: خ - ظاهرية: 2 / 236، ومالك بن
أوس ثقة عند الجميع، وقد رواه عن عمر، وعثمان، وسعد،
وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف.
وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أبو هريرة عند
مالك 2 / 993، والبخاري 12 / 5، ومسلم (1760) وعائشة عند
البخاري 7 / 63، ومسلم (1758)، ومالك 2 / 993، وأبو الطفيل
عند أبي داود (2973).
(3) المصدر السابق.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 369 - 372، تاريخ ابن عساكر: خ: 4 /
242 ب - 244 ب، المنتظم: 6 / 78 - 79، اللباب: 3 / 236 -
237، تذكرة الحفاظ: 2 / 667 - 668، ميزان الاعتدال: 1 /
504، عبر المؤلف: 2 / 101، البداية والنهاية: 11 / 106،
لسان الميزان: 2 / 221 - 225، طبقات الحفاظ: 290 - 291،
شذرات الذهب: 2 / 218، تهذيب بدران: 4 / 201 - 202.
والمعمري، بفتح الميم، وسكون العين، وفتح الميم الثانية:
نسبة إلى معمر بن راشد، ونسب إليه لأنه عني بجمع حديثه،
وقيل: لأنه ابن بنت سفيان بن أبي سفيان المعمري.
(13/510)
الحَسَن بن عَلِيّ بن شبيب البَغْدَادِيّ،
المَعْمَرِيّ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَة عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: شَيْبَان بن فرُّوخ، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ،
وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيّ، وَخَلَف بن هِشَامٍ، وَهُدْبَة
بن خَالِد، وَسَعِيْد بن عَبْد الجَبَّار، وَسُوَيْد بن
سَعِيْدٍ، وَجُبارَة بن المُغَلِّس، وَعِيْسَى بن زُغْبَة،
وَدُحَيماً، وَطَبَقَتَهُم بِالشَّامِ وَمِصْر وَالعِرَاق،
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ وَتقدَّم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو سَهْل
بن زِيَادٍ، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ القَاضِي، وَابْن قَانع،
وَأَحْمَد بن عِيْسَى التَّمَّار، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد
المُفِيد، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَخَلْق.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) : كَانَ مِنْ أَوْعِيَة العِلْم،
يُذكر بِالفهم، وَيُوصف بِالحِفْظ، وَفِي حَدِيْثِه
غَرَائِب وَأَشيَاء ينْفَرد بِهَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَدُوْقٌ حَافظ، جرَّحه مُوْسَى
بن هَارُوْنَ، وَكَانَتِ العدَاوَة بينهُمَا، وَكَانَ
أَنكر عَلَيْهِ أَحَادِيْث أَخرج أَصوله بِهَا، ثُمَّ
إِنَّهُ ترك روَايتهَا (2) .
وَقَالَ عبدَان الأَهْوَازِيّ: مَا رَأَيْتُ صَاحِب
حَدِيْثٍ فِي الدُّنْيَا مِثْل المَعْمَرِيّ (3) .
وَقَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: اسْتخرت الله سنتَيْن
حَتَّى تكلَّمتُ فِي المَعْمَرِيّ، وَذَلِكَ أَنِّي كتبت
مَعَهُ فِي الشُّيُوْخ، وَمَا افترقنَا، فَلَمَّا رَأَيْت
تِلْكَ
__________
(1) تاريخ بغداد: 7 / 370
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق: 7 / 371.
(13/511)
الأَحَادِيْث قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَتَى
بِهَا (1) .
رَوَاهَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، عَنْ أَبِي طَاهِر
الجُنَابذِيّ (2) عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ الجُنَابذِيّ: كَانَ المَعْمَرِيّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَتولَّى لَهُم الاَنتخَاب، فَإِذَا مرّ حَدِيْث
غَرِيْب، قصدت الشَّيْخ وَحدي، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ (3) .
قُلْتُ: فعوقِب بِنَقِيض قَصده، وَلَمْ يَنْتفع بِتِلْكَ
الغَرَائِب، بَلْ جرَّت إِلَيْهِ شَرّاً، فَقبَّح الله
الشَّرَه.
قَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: سَأَلت عَبْد اللهِ بن أَحْمَد، عَن
المَعْمَرِيّ، فَقَالَ: لاَ يتعمَّد الْكَذِب، وَلَكِنْ
أَحسب أَنَّهُ صحب قَوْماً يُوَصِّلُوْنَ -يَعْنِي
المرَاسيل (4) -.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ بن
أَبِي دَارم يَقُوْلُ: كُنْتُ بِبَغْدَادَ لَمَّا أَنكر
مُوْسَى بن هَارُوْن عَلَى المَعْمَرِيّ تِلْكَ
الأَحَادِيْث، وَأَنَهَى (5) أَمرهُم إِلَى يُوْسُف
القَاضِي، بَعْدَ أَنْ كَانَ إِسْمَاعِيْل (6) القَاضِي
توسَّط بينهُمَا، فَقَالَ مُوْسَى بن هَارُوْن: هَذِهِ
أَحَادِيْث شَاذَّة عَنْ شُيُوْخ ثِقَات، لاَ بُدَّ مِنْ
إِخرَاج الأُصُوْل بِهَا.
فَقَالَ المَعْمَرِيّ: قَدْ عُرف مِنْ عَادتِي أَنِّي
كُنْت إِذَا رَأَيْت حَدِيْثاً غَرِيْباً عِنْد شَيْخٍ
ثِقَةٍ لاَ أُعَلِّم عَلَيْهِ، إِنَّمَا كُنْت أَقرأُ مِنْ
كِتَاب الشَّيْخ وَأَحفظه، فَلاَ سَبِيْل إِلَى إِخرَاج
الأُصُوْل بِهَا (7) .
__________
(1) المصدر السابق.
(2) الجنابذي، بضم الجيم، وبكسر الباء: نسبة إلى: كونابذ،
ويقال لها بالعربية: جونابذ: قرية بنواحي نيسابور.
(اللباب).
(3) تاريخ بغداد: 7 / 371
(4) المصدر السابق.
(5) في: تاريخ ابن عساكر: " وانتهى ".
(6) زاد ابن عساكر هنا: " ابن إسحاق ".
(7) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 243 ب
(13/512)
قَالَ عَلِيّ بن حُمْشَاذ: كُنْت
بِبَغْدَاد حنيئذٍ فَأَخْرَج نَيِّفاً (1) وَسَبْعِيْنَ
حَدِيْثاً، ذكر أَنَّهُ لَمْ يشركهُ فِيْهَا أَحَدٌ، وَرفض
المَعْمَرِيّ مَجْلِسه، فَصَارَ النَّاس (2) حِزْبَيْنِ:
حزبٌ للمعمَرِيّ، وَحزبٌ لمُوْسَى، فَكَانَ مِنْ حجّة
المَعْمَرِيّ: أَن هَذِهِ أَحَادِيْث حفظتُهَا عَنِ
الشُّيُوْخ (3) ، لَمْ أَنسخهَا.
ثُمَّ اتفقُوا بِأَجمعهِم عَلَى عدَالَة المَعْمَرِيّ،
وَتقدُّمه (4) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: كَانَ المَعْمَرِيّ
كَثِيْر الحَدِيْثِ، صَاحِب حَدِيْثٍ بِحقِّهِ، كَمَا
قَالَ عبدَان: إِنَّهُ لَمْ يَر مثله، وَمَا ذُكِرَ عَنْهُ
أَنَّهُ رفع أَحَادِيْث وَزَاد فِي متُوْنَ، قَالَ: هَذَا
(5) شَيْء مَوْجُود فِي البَغْدَادِيِّيْنَ خَاصَّة، وَفِي
حَدِيْثِ ثِقَاتِهم، وَأنَّهم يرفعُوْنَ الموقُوف،
وَيصِلُوْنَ المرْسَل، وَيزيدُوْنَ فِي الإِسْنَاد (6) .
قُلْتُ: بِئست الخِصَال هَذِهِ، وَبمثلهَا ينحطُّ الثِّقَة
عَنْ رُتْبَة الاحتجَاج بِهِ، فَلَو وَقَفَ المُحَدِّثُ
المرفوعَ، أَوْ أَرسلَ المتَّصلَ، لَسَاغ لَهُ، كَمَا
قِيْلَ: أَنقِصْ مِنَ الحَدِيْثِ وَلاَ تَزدْ فِيْهِ.
قَالَ أَحْمَد بن كَامِلٍ القَاضِي: مَاتَ أَبُو عَلِيٍّ
المَعْمَرِيّ (7) لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَة بقيت مِن
المُحَرَّم سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (8) .
__________
(1) في: تاريخ دمشق: " كنت ببغداد لما وقع بين الحسن بن
علي بن شبيب المعمري، وموسى بن هارون ما وقع فأخرج عليه
أبوعمران نيفا...".
(2) زاد ابن عساكر هنا: "...الغرباء وأهل بغداد...".
(3) وزاد هنا أيضا: "...وقت السماع، و...".
(4) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 244 ب، وتتمة الخبر فيه:
"...وعلى زيادة معرفته أبي عمران، وأنه لما رأى أحاديث
شاذة لم يتبعها إلا أن يتثبتها ويبحث عنها ".
(5) في " تاريخ بغداد ": 7 / 371: " وزاد في المتون، فإن
هذا...".
(6) تاريخ بغداد: 7 / 371 - 372.
(7) "...في ليلة الجمعة..." زيادة من " تاريخ ابن عساكر ".
(8) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 244 ب
(13/513)
قَالَ: وَكَانَ فِي الحَدِيْث وَجمعه
وَتصنيفه إِمَاماً رَبَّانِيّاً، وَقَدْ شدَّ أَسنَانه
بِالذَّهَبِ، وَلَمْ يُغَيِّرْ شَيْبَه.
وَقِيْلَ: عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ كَانَ نَاب فِي القَضَاءِ، عَنِ البِرْتِيّ بِالقصر
وَأَعمَالِهَا (1) ، وَشُهِر بِالمَعْمَرِيّ لأَنَّهُ ابْن
أُمّ الحَسَن بِنْت سُفْيَان بن الشَّيْخ أَبِي سُفْيَانَ
مُحَمَّد بن حُمَيْد المَعْمَرِيّ، وَكَانَ أَبُو
سُفْيَانَ ارْتَحَلَ إِلَى اليَمَن إِلَى مَعْمَر، فلذَا
قِيْلَ لَهُ: المَعْمَرِيّ، وَاللهُ أَعْلَمُ (2) .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الثَّغرِيّ (3) بِحَلَب،
أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّطِيْف بن يُوْسُف، أَخْبَرَنَا
عَبْد الحَقّ بن يُوْسُف، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَن الحمَامِيّ،
أَخْبَرَنَا ابْنُ قَانِع، حَدَّثَنَا الحَسَن بن عَلِيّ
المَعْمَرِيّ، حَدَّثَنَا هِشَام بن عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا
عَمْرُو بن وَاقِد، عَنْ مُوْسَى بنِ يَسَار، عَنْ
مَكْحُوْل، عَنْ جُنَادَة بن أَبِي أُمَيَّة، عَنْ حَبِيب
بن مَسْلَمَة:
(أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
جعل السَّلَب للقَاتل) (4) .
__________
(1) كذا الأصل، ومثله في " البداية والنهاية ": 11 / 106،
وفي المنتظم: 6 / 79، وتهذيب بدران: 4 / 202: " على البصرة
وأعمالها ".
(2) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 244 ب.
(3) ترجمته في " مشيخة " الذهبي: خ: ق: 55.
(4) إسناده على انقطاعه ضعيف جدا، فإن عمرو بن واقد متروك،
وأخرجه الطبراني في " الكبير " من ثلاثة طرق عن هشام بن
عمار بهذا الإسناد، وأورده الهيثمي في " المجمع " 5 / 331،
ونسبه للطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وأعله بعمرو بن
واقد، وقد ثبت متن الحديث من حديث أبي قتادة بن ربعي أخرجه
مالك في " الموطأ " 2 / 454، 455، وعنه البخاري 8 / 29 في
المغازي، ومسلم (1751)، وأبو داود (2717)، والترمذي (1562)
بلفظ: " من قتل قتيلا له عليه بينة، فله سلبه ".
(13/514)
255 - ابْنُ سَهْلٍ أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَام، المُتْقِن، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد
بن سَهْل بن بَحْر النَّيْسَابُوْرِيّ.
سَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَإِسحَاق بن رَاهْوَيْه،
وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُعَاوِيَة
الجُمَحِيّ، وَالقَوَارِيْرِيّ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ،
وَحَرْمَلَة، وَطَبَقَتهُم.
وَلَهُ رحلَة وَاسِعَة، وَمَعْرِفَةٌ جيدَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَأَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ.
قَالَ الحَاكِمُ: لَيْسَ فِي مَشَايِخ بلدنَا مِنْ
أَقْرَانِه أَكْثَر سَمَاعاً بِالشَّامِ مِنْهُ، وَهُوَ
مجوِّد فِي الشَّامِيّين.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الحَافِظ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَحْمَد بن سَهْل يَقُوْلُ: دَخَلت عَلَى أَحْمَد
بن حَنْبَلٍ فِي المِحْنَة، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ
وَكِيْعٌ إِمَام المُسْلِمِيْنَ فِي وَقته، وَكَانَ ابْنُ
يَعْقُوْب يعْتَمد أَحْمَد بن سَهْل أَيَّ اعتمَاد.
قُلْتُ: يَقَعُ حَدِيْثُهُ فِي تَصَانِيْف البَيْهَقِيّ.
وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَمن الرُّوَاة عَنِ ابْنِ سهل: عَلِيّ بن حُمِشَاذ،
وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ.
وَلَهُ تَرْجَمَة فِي (تَارِيْخ دِمَشْقَ) (1) .
__________
(*) طبقات الحفاظ: 296.
(1) لم نجدها في النسخة الموجودة بدار الكتب الظاهرية في
دمشق، وكذلك ليست موجودة في " تهذيب بدران "، ولعلها في
القسم المفقود منه
(13/515)
256 - ابْنُ سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الكَبِيْر، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْل الأَنْصَارِيّ، البَغْدَادِيّ،
ثُمَّ المَرْوَزِيّ.
وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَمْرِو بنِ مَرْزُوْق، وَأَبِي عُمَر
الحَوْضِيّ، وَيَحْيَى بن يَحْيَى، وَعَلِيّ بن الحَسَنِ
بنِ شَقِيق، وَمُسَدَّد، وَعَلِيّ بن الجَعْد،
وَقُتَيْبَة.
وَعَنْهُ: أَحْمَد بن سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُف
البخَاريَّان، وَابْن عَدِيٍّ، وَالإِسْمَاعِيلِيّ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي التَّفْسِيْر.
ليَّنه ابْن عَدِيٍّ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ
بَأْسَ بِهِ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
257 - عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
حَنْبَلِ بنِ هِلاَلٍ الشَّيْبَانِيُّ ** (س) (1)
الإِمَام، الحَافِظ، النَّاقِد، مُحَدِّث بَغْدَاد، أَبُو
عبد الرَّحْمَن ابْن شَيْخ الْعَصْر أَبِي عَبْدِ اللهِ
الذُّهْلِيّ الشَّيْبَانِيّ، المَرْوَزِيّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيّ.
__________
(*) ميزان الاعتدال: 3 / 652، لسان الميزان: 5 / 295.
(* *) الجرح والتعديل: 5 / 7، تاريخ بغداد: 9 / 375 - 376،
طبقات الفقهاء: 169 - 170، طبقات الحنابلة: 1 / 180 - 188،
المنتظم: 6 / 39 - 40، معجم البلدان: " باب التبن "، تهذيب
الكمال: خ: 664، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 129 - 130، تذكرة
الحافظ: 2 / 665 - 666، عبر المؤلف: 2 / 86، البداية
والنهاية: 11 / 96 - 97، طبقات القراء لابن الجزري: 1 /
408، تهذيب التهذيب: 5 / 141 - 143، خلاصة تذهيب الكمال:
190، شذرات الذهب: 2 / 203 - 204.
(1) زيادة من: تهذيب التهذيب:
(13/516)
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
وَمائَتَيْنِ، فَكَانَ أَصغر مِنْ أَخِيْهِ صَالِح بن
أَحْمَد قَاضِي الأَصْبَهَانيّين.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ شَيْئاً كَثِيْراً، مِنْ جملَته
(المُسْنَد) كُلّه، وَ(الزُّهْد)، وَعَنْ يَحْيَى بنِ
عَبْدوَيْهِ صَاحِب شُعبَة، وَامْتَنَعَ مِنَ الأَخَذَ
عَنْ عَلِيٍّ بن الجَعْد لِوَقْفِهِ (1) فِي مَسْأَلَة
القُرْآن، وَعَنْ: شَيْبَان بن فرُّوخ، وَحَوْثَرَة بن
أَشْرَس، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بن مَعِيْن،
وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيّ، وَالهَيْثَم بن
خَارِجَة، وَعبد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَأَبِي
الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، وَأَبِي بَكْر بن أَبِي
شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاج السَّامِي،
وَعُبَيد الله القَوَارِيْرِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْر
المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيّ،
وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْب، وَأَحْمَد بن
إِبْرَاهِيْم المَوْصِلِيّ، وَإِسْحَاق بن مُوْسَى
الخَطْمِيّ، وَأَبِي مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْل بن
إِبْرَاهِيْم الهُذَلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن
أَبِي كَرِيْمَةَ، وَالحَكَم بن مُوْسَى القَنْطَرِيّ،
وَخَلَف بن هِشَامٍ البَزَّار، وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ،
وَدَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ، وَرَوْح بن عَبْد
المُؤْمِن، وَأَبِي خَيْثَمَة، وَسُرَيْج بن يُوْنُس،
وَعَبَّاد بن يَعْقُوْبَ، وَعَبْد اللهِ بن عَوْنٍ
الخرَّاز، وَعُبيد الله بن مُعَاذٍ، وَكَامِل بن طَلْحَة،
وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ
البَلْخِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبَّاد المَكِّيّ، وَمُحَمَّد
بن عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّار، وَمُحَمَّد بن عَبْد المَلِك
بن أَبِي الشَّوَارِبِ، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم،
وَوَهْب بن بَقِيَّة، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ حَدِيْثَيْنِ فِي (سُننه)،
وَالبَغَوِيّ، وَابْن صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ
الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَالخَضِر بن المُثَنَّى
الكِنْدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بن زِيَادٍ،
__________
(1) وهذا من تشدداته التي ورثها عن أبيه.
(13/517)
وَمُحَمَّد بن مَخْلَدٍ، وَالمَحَامِلِيّ،
وَدَعْلَج، وَإِسْحَاق بن أَحْمَدَ الكَاذِي (1) ، وَأَبُو
بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو
عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَأَبُو أَحْمَدَ العسَّال،
وَقَاسم بن أَصْبَغ، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ بَشِيْر: سَمِعْتُ
عبَّاساً الدُّوْرِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ يَوْماً عِنْد
أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، فَدَخَلَ ابْن عَبْد اللهِ فَقَالَ
لِي أَحْمَدُ: يَا عَبَّاس! إِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن
قَدْ وَعَى عِلْماً كَثِيْراً (2) .
وَمن شُيُوْخه: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيّ، وَأَحْمَد بن
أَيُّوْب بن رَاشِدٍ، وَأَحْمَد بن بُدَيْل، وَأَحْمَد بن
جَنَاب، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ جُنَيدب، وَأَحْمَد بن
الحَسَنِ بنِ خِرَاشٍ، وَأَحْمَد بن خَالِد الخَلاَّل،
وَأَحْمَد بن سَعِيْدٍ الدَّارِمِيّ، وَأَحْمَد بن
حُمَيْد، وَأَحْمَد بن حَاتِمٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدَة
البَصْرِيّ، وَأَحْمَد بن عُمَر الوَكِيْعِيّ، وَابْن
عِيْسَى التُّسْتَرِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ
المُغِيْرَة الحِمْصِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ
يَحْيَى القَطَّان، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَسَن
البَاهِلِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن زِيَادٍ سَبَلان،
وَإِبْرَاهِيْم بن سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم
بن عَبْدِ اللهِ بنِ بَشَّار وَاسِطِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن
نَصْر - وَهُوَ ابْن أَبِي اللَّيْث - وَإِسْحَاق بن
إِسْمَاعِيْل الطَّالقَانِي، وَإِسْحَاق الكَوْسَج،
وَإِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْم التَّرْجُمَانِيّ، وَأَبُو
معمر الهُذَلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن أَبِي
كَرِيْمَةَ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ المُعقِّب،
وَإِسْمَاعِيْل بن مَهْدِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُوْسَى.
وَحُمِيد، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْل، وَجَعْفَر
بن مِهْرَان بن السَّبَّاك، وَجَعْفَر بن أَبِي هُرَيْرَة،
وَحَجَّاج بن الشَّاعِرِ، وَالحَسَن بن قَزَعَة، وَالحَسَن
بن أَبِي الرَّبِيْع، وَحَوْثَرَة بن أَشْرَس. وَأَبُو
مُسْلِمٍ الخَلِيْل بن سَلْم - لَقِي عبد
__________
(1) الكاذي: نسبة إلى كاذة، من قرى بغداد. (اللباب)
(2) تاريخ بغداد: 9 / 376.
(13/518)
الوَارِث - وَخَلاَّد بن أَسْلَم.
وَرَوْح بن عبد المُؤْمِن، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى
زَحْمَوَيْه، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى الرَّقَاشِيّ،
وَزِيَاد بن أَيُّوْب.
وَسَعِيْد بن أَبِي الرَّبِيْع السَّمَّان، وَسَعِيْد بن
مُحَمَّدٍ الجَرْمِيّ، وَسَعِيْد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ،
وَسُفْيَان بن وَكِيْع، وَسُلَيْمَان بن أَيُّوْبَ صَاحِب
البَصْرِيّ، وَأَبُو الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ،
وَسُلَيْمَان بن مُحَمَّدٍ المُبَارَك، وَشُجَاع بن
مَخْلَدٍ.
وَصَالِح بن عَبْدِ اللهِ التِّرْمِذِيّ، وَالصَّلْت بن
مَسْعُوْدٍ.
وَعَاصِم بن عُمَر المُقَدَّمِيّ، وَعَبَّاس العَنْبَرِيّ،
وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْد
النَّرْسِيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي زِيَاد، وَعَبْد
اللهِ بن سَالِم المفْلُوج، وَعَبْد اللهِ بن سَعْد
الزُّهْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن صَنْدل عَنِ الفُضَيْل بن
عِيَاض، وَعَبْد اللهِ بن عَامِرِ بنِ زُرَارَةَ، وَعَبْد
اللهِ مُشْكُدَانَة، وَعَبْد اللهِ بن عِمْرَانَ
الرَّازِيّ، وَعَبْد الوَاحِد بن غِيَاث،
وَالقَوَارِيْرِيّ، وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ،
وَعُقْبَة بن مُكْرَمٍ العَمِّيّ، وَعَلِيّ بن إِشكَاب،
وَأَبُو الشَّعْثَاء عليّ بن الحَسَنِ، وَعَلِيّ بن
حَكِيْم، وَعَلِيّ بن مُسْلِم، وَعِمْرَان بن بَكَّارٍ
الحِمْصِيّ، وَعَمْرو الفَلاَّس، وَعَمْرو النَّاقِد،
وَعِيْسَى بن سَالِم.
وَأَبُو كَامِل الفُضَيْل الجَحْدَرِيّ، وَفِطْر بن
حَمَّادٍ، وَقَاسم بن دِيْنَارٍ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ
كِتَابَةً، وَقَطَن بن نُسير.
وَكَثِيْر بن يَحْيَى الحَنَفِيّ، وَلَيْث بن خَالِد
البَلْخِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيّ.
وَمُحَمَّد بن إِسْحَاق المُسَيَّبِي، وَبُنْدَار،
وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن
بَكَّارٍ مَوْلَى بن هَاشِمٍ، وَمُحَمَّد بن تَمِيْم
النَّهْشَلِيّ، وَمُحَمَّد بن ثَعْلَبَة بن سوَاء،
وَمُحَمَّد بن حَسَّان السَّمتِي، وَمُحَمَّد بن إِشكَاب،
وَمُحَمَّد لُوَيْن، وَمُحَمَّد بن صُدرَان، وَمُحَمَّد بن
عَبْدِ اللهِ - جَار لَهُم يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ -
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيّ، وَمُحَمَّد بن
عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ
الرُّزِّي (1) ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحِيْمِ
صَاعِقَة،
__________
(1) الرزي، بضم الراء، وتشديد الزاي: نسبة إلى الرز، ويقال
له: الارزي، أيضا. (اللباب).
(13/519)
وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ بن حَسَّان،
وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ المُحَارِبِيّ، وَمُحَمَّد بن
عُثْمَانَ العُثْمَانِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ
الحَسَنِ بنِ شَقِيق، وَمُحَمَّد بن عَمْرٍو البَاهِلِيّ،
وَأَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّد بن العَلاَءِ، وَمُحَمَّد بن
أَبِي غَالِب، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى، وَمُحَمَّد بن
المِنْهَالِ أَخُو حجَّاج، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ القَطَّان، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ أَبِي
سَمِينَة، وَمُحَمَّد بن يَزِيْدَ العِجْلِيّ، وَمُحَمَّد
بن يَعْقُوْبَ أَبُو الهَيْثَمِ - سَمِعَ: مُعْتمراً -.
وَمُحْرِز بن عَوْنٍ، وَمَخْلَد بن الحَسَنِ، وَمُصْعَب
الزُّبَيْرِيّ، وَمُعَاوِيَة بن عَبْدِ اللهِ بنِ
مُعَاوِيَةَ الزُّبَيْرِيّ، عَنْ سَلاَّم أَبِي المُنْذِر.
وَنَصْر بن عَلِيٍّ، وَنُوْح بن حَبِيْب.
وَهَارُوْن بن مَعْرُوف، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَهَدِيَّة
بن عَبْد الوَهَّابِ، وَهُرَيم (1) بن عَبْدِ الأَعْلَى،
وَهَنَّاد.
وَيَحْيَى بن أَيُّوْبَ البَلْخِيّ، وَيَحْيَى بن
عُثْمَانَ الحَرْبِيّ، وَيَعْقُوْب بن إِسْمَاعِيْلَ بنِ
حَمَّاد بن زَيْدٍ، وَيُوْسُف بن يَعْقُوْبَ الصَّفَّار،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البَصْرِيّ العَنْبَرِيّ، كَأَنَّهُ
مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ
الفُضَيْل، وَأَبُو مُوْسَى الهَرَوِيّ إِسْحَاق بن
إِبْرَاهِيْمَ.
وَسَائِر هَؤُلاَءِ حَدَّثَ عَنْهُم فِي (مُسْنَد)
أَبِيْهِ، سِوَى بَعْض الأَحمدين.
قَالَ أَبُو يَعْلَى بن الفَرَّاء: وَجدْتُ عَلَى ظهر
كِتَابٍ رَوَاهُ أَبُو الحُسَيْنِ السُّوْسَنْجِرْديّ،
عَنْ إِسْمَاعِيْلَ الخُطَبِيّ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ
أَبِي زُرْعَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ: ابْني عَبْد اللهِ محظوظٌ مِنْ عِلْم الحَدِيْث،
الخُطَبِيّ يشُكّ، لاَ يكَادُ يُذَاكرنِي إِلاَّ بِمَا لاَ
أَحْفَظ (2) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف: قَالَ عَبْدُ اللهِ
بنُ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ: كُلّ شَيْءٍ أَقُول: قَالَ
أَبِي، فَقَدْ سَمِعتُه مَرَّتين وثَلاَثَة، وَأَقلُّه
مرَّة.
__________
(1) في الأصل: " هريمة "، والتصحيح من " التهذيب " وفروعه.
(2) تاريخ بغداد: 9 / 376 (3) المصدر السابق.
(13/520)
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ إِلَيَّ
عَبْدُ اللهِ بِمَسَائِل أَبِيْهِ، وَبعلل الحَدِيْث (1) .
وَقَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ
المُنَادِي: لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ أَرْوَى
عَنْ أَبِيْهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، لأَنَّهُ
سَمِعَ مِنْهُ (المُسْنَد) وَهُوَ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً،
وَ(التَّفْسِيْر) وَهُوَ مائَة أَلْف وَعِشْرُوْنَ
أَلْفاً، سَمِعَ مِنْهُ ثَمَانِيْنَ أَلْفاً، وَالبَاقِي
وِجَادَةً (2) ، وَسَمِعَ (النَّاسخ وَالمنسوخ)،
وَ(التَّارِيْخ)، وَ(حَدِيْث شُعبَة)، وَ(المقدَّم
وَالمُؤخَّر فِي كِتَاب الله)، وَ(جَوَابَات القُرْآن)،
وَ(المنَاسك الكَبِيْر)، وَ(الصَّغِيْر)، وَغَيْر ذَلِكَ
مِنَ التَّصَانِيْف، وَحَدِيْث الشُّيُوْخ.
قَالَ: وَمَازِلنَا نرَى أَكَابر شُيوخنَا يَشْهدُوْنَ
لَهُ بِمَعْرِفَة الرِّجَال وَعِلَل الحَدِيْث،
وَالأَسْمَاء وَالكُنَى، وَالموَاظَبَة عَلَى طَلَب
الحَدِيْث فِي العِرَاق وَغيرهَا، وَيذكرُوْنَ عَنْ
أَسلاَفِهم الإِقْرَار لَهُ بِذَلِكَ، حَتَّى إِنَّ
بَعْضَهُم أَسرَف فِي تَقْرِيْظِه إِيَّاهُ بِالمعرفَة،
وَزِيَادَة السَّمَاع لِلْحَدِيْثِ عَلَى أَبِيْهِ (3) .
__________
(1) الجرح والتعديل: 5 / 7.
(2) الوجادة: أن يجد طالب العلم أحاديث بخط راويها، سواء
لقيه أو سمع منه، أو لم يلقه ولم يسمع منه، أو أن يجد
أحاديث في كتب لمؤلفين معروفين، ولا يجوز له أن يرويها عن
أصحابها، بل يقول: وجدت بخط فلان، إذا عرف الخط ووثق منه،
أو يقول: قال فلان، أو نحو ذلك.
وفي " مسند " أحمد شيء كثير من ذلك، نقلها عنه ابنه عبد
الله، يقول فيها: وجدت بخط أبي في كتابه.
وجزم غير واحد من المحققين بوجوب العمل بالوجادة عند حصول
الثقة بما يجده، أي: يثق بأن هذا الخبر أو الحديث بخط
الشيخ الذي يعرفه، أو يثق بأن الكتاب الذي ينقل منه ثابت
النسبة إلى مؤلفه، ولا بد بعد ذلك من اشتراط أن يكون
المؤلف ثقة مأمونا، وأن يكون إسناد الخبر صحيحا حتى يجب
العمل به.
والوجادة الجيدة، المستوفية للشروط السابقة، لا تقل في
الثقة عن الاجازة بأنواعها، والكتب الأصول الامات في السنة
وغيرها، تواترت روايتها إلى مؤلفيها بالوجادة ومختلف
الأصول الخطية العتيقة الموثوق بها.
(3) انظر تهذيب التهذيب: 5 / 142 - 143.
(13/521)
قُلْتُ: مَازِلنَا نَسْمَعُ بِهَذَا
(التَّفْسِيْر) الكَبِيْر لأَحْمَدَ عَلَى أَلْسِنَة
الطَّلَبَة وَعُمْدَتَهُم حِكَايَةُ ابْنِ المُنَادِي
هَذِهِ، وَهُوَ كَبِيْرٌ قَدْ سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ
وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمن عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ،
لَكِنْ مَا رأَينَا أَحَداً أَخْبَرَنَا عَنْ وَجودِ هَذَا
(التَّفْسِيْر)، وَلاَ بَعْضه وَلاَ كُرَّاسَة مِنْهُ،
وَلَوْ كَانَ لَهُ وَجود، أَوْ لِشَيْءٍ مِنْهُ
لَنَسَخُوهُ، وَلاعتَنَى بِذَلِكَ طلبَةُ العِلْم،
وَلَحَصَّلُّوا ذَلِكَ، وَلنُقِل إِلَيْنَا، وَلاشْتُهِرَ،
وَلَتَنَافَسَ أَعيَانُ البَغْدَادِيِّيْنَ فِي تَحصِيله،
وَلَنَقَل مِنْهُ ابْنُ جَرِيْر فَمَنْ بَعْدَهُ فِي
تفَاسيرِهِم، وَلاَ -وَاللهِ- يَقْتَضِي أَنْ يَكُوْنَ
عِنْد الإِمَام أَحْمَد فِي التَّفْسِيْر مائَة أَلْف
وَعِشْرُوْنَ أَلف حَدِيْث، فَإِنَّ هَذَا يَكُون فِي قدر
(مُسْنَده)، بَلْ أَكْثَر بِالضَّعْف، ثُمَّ الإِمَام
أَحْمَد لَوْ جَمَعَ شَيْئاً فِي ذَلِكَ، لكَانَ يَكُوْنُ
مُنَقَّحاً مهذَّباً عَنِ المشَاهير، فَيَصْغُر لِذَلِكَ
حَجْمه، وَلكَانَ يَكُوْنُ نَحْواً مِنْ عَشْرَة آلاَف
حَدِيْث بِالجَهْد، بَلِ أَقلّ.
ثُمَّ الإِمَام أَحْمَد كَانَ لاَ يرَى التَّصْنِيْف،
وَهَذَا كِتَاب (المُسْنَد) لَهُ لَمْ يصنِّفه هُوَ، وَلاَ
رتَّبه، وَلاَ اعتنَى بتَهْذِيْبه، بَلْ كَانَ يَرْوِيْهِ
لوَلَده نُسَخاً وَأَجزَاءاً، وَيَأْمره: أَن ضَعْ هَذَا
فِي مُسْنَدِ فُلاَن، وَهَذَا فِي مُسْنَد فُلاَن، وَهَذَا
(التَّفْسِيْر) لاَ وُجود لَهُ، وَأَنَا أَعْتَقِدُ
أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، فَبغدَاد لَمْ تَزَل دَارَ
الخُلَفَاء، وَقُبَّةَ الإِسْلاَم، وَدَارَ الحَدِيْث،
وَمحلَّةَ السُّنَن، وَلَمْ يَزَلْ أَحْمَد فِيْهَا
مُعَظَّماً فِي سَائِرِ الأَعصَار، وَلَهُ تَلاَمِذَةٌ
كِبَار، وَأَصْحَابُ أَصْحَابٍ، وَهَلُمَّ جَرَّا إِلَى
بِالأَمس، حِيْنَ اسْتبَاحَهَا جَيْشُ المَغُول (1) ،
وَجَرَت بِهَا مِنَ الدِّمَاء سُيول، وَقَدِ اشْتُهِرَ
بِبَغْدَادَ (تَفْسِيْر) ابْن جَرِيْرٍ، وَتَزَاحَمَ عَلَى
تَحْصِيله العُلَمَاء، وَسَارَتْ بِهِ الرُّكْبَان، وَلَمْ
نعرِف مثلَه فِي مَعْنَاهُ، وَلاَ أُلِّف قبلَه أَكبَرُ
مِنْهُ، وَهُوَ فِي عِشْرِيْنَ مُجَلَّدَةً، وَمَا يحْتَمل
أَنْ يَكُوْنَ عِشْرِيْنَ أَلْف حَدِيْث، بَلْ لَعَلَّهُ
خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف إِسْنَادٍ، فَخُذْهُ، فَعُدَّهُ إِنْ
شِئْتَ.
__________
(1) كان سقوط بغداد أمام المغول بقيادة هولاكو، سنة (656
ه). وكان آخر الخلفاء العباسيين فيها: المستعصم بالله، عبد
الله بن المستنصر منصور بن محمد.
(13/522)
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: نَبُل
عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بِأَبِيهِ، وَلَهُ فِي نَفْسِهِ
مَحلٌّ فِي العِلْمِ، أَحيَا عِلْمَ أَبِيْهِ مِنْ
(مُسنده) الَّذِي قرأَ عَلَيْهِ أَبُوْهُ خُصُوصاً قَبْلَ
أَنْ يقرأَه عَلَى غَيْره، وَمِمَّا سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ
روَاة الحَدِيْث، فَأَخْبَرَهُ بِهِ مَا لَمْ يسأَلْه
غَيْرُه، وَلَمْ يكتُب عَنْ أَحَدٍ، إِلاَّ مَنْ أَمَرَهُ
أَبُوْهُ أَنْ يكْتب عَنْهُ.
قَالَ بَدْر بن أَبِي بدر البَغْدَادِيّ: عَبْد اللهِ بن
أَحْمَدَ جِهْبِذ ابْن جِهْبِذ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ (1) : كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً فَهماً.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف: وُلِدَ: سَنَةَ
ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَمَاتَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ (2) .
قُلْتُ: عَاشَ فِي عُمُر أَبِيْهِ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ
سَنَةً.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيّ: مَاتَ يَوْم الأَحَد،
وَدُفِنَ: فِي آخِر النَّهَار لتسعِ لَيَالٍ بَقِيْنَ مِنْ
جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة تِسْعِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ
ابْنُ أَخِيْهِ زُهَيْر بن صَالِحٍ، وَدُفِنَ فِي مقَابر
بَاب التِّبْن (3) ، وَكَانَ الجَمْعُ كَثِيْراً فَوْقَ
المِقدَار.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَمرَهُم أَنْ يَدْفِنوهُ
هُنَاكَ، وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ هُنَاكَ قَبْر نَبِيٍّ،
وَلأَنْ أَكُون فِي جِوَار نَبِيّ أَحَبُّ إِليَّ أَنْ
أَكُون فِي جِوَار أَبِي (4) .
وَلعَبْد اللهِ كِتَاب: (الرَّد عَلَى الجَهْمِيَّة)، فِي
مُجَلَّد، وَلَهُ كِتَاب: (الْجمل).
__________
(1) تاريخ بغداد: 9 / 375.
(2) المصدر السابق: 9 / 376.
(3) باب التبن: محلة كبيرة كانت ببغداد على الخندق بإزاء
قطيعة أم جعفر. قال ياقوت: " وبها قبر عبد الله بن أحمد بن
حنبل، رضي الله عنه، دفن هناك بوصية منه.."
(4) انظر: معجم البلدان: " باب التبن ".
(13/523)
وَكَانَ صَيِّناً دَيِّناً صَادِقاً،
صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَاتِّبَاع وَبصرٍ بِالرِّجَال، لَمْ
يدخلْ فِي غَيْر الحَدِيْث، وَلَهُ زِيَادَاتٌ كَثِيْرَةٌ
فِي (مُسند) وَالده وَاضحَةٌ عَنْ عَوَالِي شُيوخه، وَلَمْ
يُحَرِّر تَرْتِيْبَ (المُسْنَد) وَلاَ سَهَّله، فَهُوَ
مُحتَاج إِلَى عَمَلٍ وَتَرْتِيْب، رَوَاهُ عَنْهُ
جَمَاعَةٌ، وَسَمِعَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ كَثِيْراً
مِنْهُ مِنْ أَبِي عَلِيّ بن الصَّوَّاف، وَعَامَّته مِنْ
أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَحَدَّثَ القَطِيْعِيّ
مَرَّات، وَقرأَه عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم،
وَغَيْرهُ، وَلَمْ يَكُنِ القَطِيْعِيّ مِنْ فُرْسَان
الحَدِيْث، وَلاَ مجوِّداً، بَلْ أدَّى مَا تَحَمَّله، إِن
سَلِم مِنْ أَوهَام فِي بَعْضِ الأَسَانيد وَالمتُوْنَ.
وَآخر مِنْ رَوَى (المُسْنَد) كَامِلاً عَنْهُ - سِوَى
نَزْرٍ يَسِيْر مِنْهُ، أُسقط مِنَ النُّسخ - الشَّيْخ
الوَاعِظ أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِب، وَلَمْ يَكُنْ
صَاحِب حَدِيْثٍ، بَلِ احتيجَ إِلَيْهِ فِي سَمَاع هَذَا
الكِتَاب، فَرَوَاهُ فِي الجُمْلَةِ، وَعَاشَ بَعْدَهُ
عَشْرَة أَعْوَام الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ،
فَكَانَ خَاتمَةَ أَصْحَاب القَطِيْعِيّ، وَتَفَرَّد
عَنْهُ بِعِدَّةِ أَجزَاءٍ عَالِيَةٍ، وَبسَمَاع مُسْند
العشرَة مِنَ (المُسْنَد).
ثمَّ حَدَّث بِالكِتَابِ كُلِّه آخِرُ أَصْحَاب ابْن
المُذْهِب وَفَاةً: الشَّيْخ الرَّئيس الكَاتِب أَبُو
القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيّ بن
الحُصَيْن، شَيْخٌ جليلٌ مُسْنِدٌ، انْتَهَى إِلَيْهِ
عُلُوُّ الإِسْنَاد، بِمِثْل قُبَّة الإِسْلاَم بَغْدَاد،
وَكَانَ عَرِيّاً مِنْ مَعْرِفَة هَذَا الشَّأْن أَيْضاً،
رَوَى الكِتَاب عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْ جملتِهِم:
أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّاب إِمَام العَرَبِيَّة،
وَالحَافِظ أَبُو الفَضْلِ بنُ نَاصر، وَالإِمَام ذُو
الفنُوْنَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ، وَالحَافِظ
الكَبِيْر أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ، وَالحَافِظ
العَلاَّمَة شَيْخُ هَمَذَان أَبُو العَلاَء العَطَّار،
وَالحَافِظ الكَبِيْر أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِر،
وَالقَاضِي أَبُو الفَتْحِ بنُ المَنْدَائِيّ الوَاسِطِيّ،
وَالشَّيْخ عَبْد اللهِ بن أَبِي المَجد الحَرْبِيّ،
وَالمُبَارَك بن المَعْطُوش، وَالشَّيْخ المُبَارَك
حَنْبَل بن عَبْدِ اللهِ
(13/524)
الرَّصَافِيّ فِي آخَرين.
فَأَمَّا الحَافِظ أَبُو مُوْسَى: فَرَوَى مِنْهُ الْكثير
فِي تآلِيفه، وَلَمْ يُقْدِم عَلَى تَرتيبه وَلاَ تَحريره.
وَأَمَّا ابْنُ عَسَاكِر: فَأَلَّف كِتَاباً فِي أَسْمَاء
الصَّحَابَة الَّذِيْنَ فِيْهِ عَلَى المُعْجَم، وَنَبَّه
عَلَى تَرْتِيْب الكِتَاب.
وَأَمّا ابْن الجَوْزِيِّ: فطَالَعَ الكِتَاب مَرَّات
عِدَّة، وَملأَ تآلِيفه مِنْهُ، ثُمَّ صَنّف (جَامع
المسَانيد)، وَأَودعَ فِيْهِ أَكْثَرَ مُتُوْنِ
(المُسْنَد)، وَرتَّب وَهَذَّب، وَلَكِن مَا اسْتوعبَ.
فلَعَلَّ الله يُقَيِّضُ لِهَذَا الدِّيْوَان العَظِيْم
مَنْ يُرَتّبهُ وَيهذِّبه، وَيَحْذِفُ مَا كُرِّرَ فِيْهِ،
وَيُصْلِح مَا تَصَحَّفَ، وَيُوضِحُ حَال كَثِيْر مِنْ
رِجَاله، وَينبِّه عَلَى مُرْسله، وَيُوْهِنُ مَا
يَنْبَغِي مِنْ مَنَاكِيْره، وَيُرَتِّبُ الصَّحَابَة
عَلَى المُعْجَم، وَكَذَلِكَ أَصْحَابَهُم عَلَى
المُعْجَم، وَيَرْمِزُ عَلَى رُؤُوْس الحَدِيْث بِأَسْمَاء
الكُتُب السِّتَّة، وَإِن رتَّبه عَلَى الأَبْوَاب
فَحَسَنٌ جَمِيلٌ، وَلَوْلاَ أَنِّي قَدْ عَجِزت عَنْ
ذَلِكَ لِضَعْف الْبَصَر، وَعدم النيَّة، وَقُربِ
الرَّحيل، لعملتُ فِي ذَلِكَ (1) .
أَخْبَرَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه،
وَالمُسَلَّم بن مُحَمَّدٍ الكَاتِب كِتَابَةً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا حَنْبَل بن عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ
المُذْهِب، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ
القَطِيْعِيّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ،
حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنْ سُمَيّ
__________
(1) وقد تولى تحقيق " المسند " في هذا العصر العلامة الشيخ
أحمد شاكر - رحمه الله - فأخرج منه قدر الثلث، واخترمته
المنية دون أن يكمله.
يسر الله لهذا " المسند " من يتمه على النحو الذي صنعه
الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -.
متجنبا التساهل الذي وقع له في توثيق بعض الضعفاء
والمجهولين.
(13/525)
النُّعْمَان بن أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي
سَعِيْدٍ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لاَ يَصُوْمُ عَبْدٌ يَوْماً فِي سَبِيْلِ
الله، إِلاَّ بَاعَدَ الله بِذَلِكَ اليَوْمِ النَّارَ
عَنْ وَجْهِهِ سَبْعِيْنَ خَرِيْفاً) (1) .
وَبِهِ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ طَارِق بن مُرَقّع، عَنْ صَفْوَانَ بن أُمَيَّةَ:
أَنَّ رَجُلاً سَرَقَ بُرْدَةً، فَرَفَعَهُ إِلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ
بِقَطْعِهِ.
فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْهُ.
قَالَ: (فَلَوْلاَ كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي
بِهِ يَا أَبَا وَهَبْ).
فَقَطَعَهُ رَسُوْل اللهِ (2) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-.
أَخرجهُمَا النَّسَائِيّ فِي (سُنَنَه (3))، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَحْمَدَ، فوقعَا عَاليَينِ.
258 - الحَسَنُ بنُ المُثَنَّى بنِ مُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ
العَنْبَرِيُّ *
أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخو مُعَاذ: مِنْ نُبَلاَء الثِّقَاتِ.
سَمِعَ: عَفَّانَ، وَأَبَا حُذَيْفَة النَّهْدِيّ،
وَعِدَّةً.
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في المسند 3 / 26، وأخرجه من حديث
أبي سعيد، البخاري 6 / 35 في الجهاد: باب الصوم في سبيل
الله، ومسلم (1153) في الصوم: باب فضل الصيام في سبل الله
لمن يطيقه، والترمذي (1623) وفي الباب عن أبي هريرة عند
أحمد 2 / 357 و526، والترمذي (1622) والنسائي 4 / 172، 173
(2) هو في " المسند " 3 / 401 وله طرق عن صفوان بن أمية
انظر " المسند " 6 / 465 و466، وأبا داود (4394) وابن
الجارود (828) والدارمي 2 / 172، والنسائي 8 / 68، والحاكم
4 / 380، والبيهقي 8 / 265، والدارمي 2 / 172، والدارقطني
3 / 204، 205. وهو حديث صحيح صححه غير واحد من الحفاظ منهم
الحاكم والذهبي وابن عبد الهادي.
(3) الأول في 4 / 174 والثاني في 8 / 68 في السرقة: باب
الرجل يتجاوز للسارق عن سرقته بعد أن يأتي به الامام، وذكر
الاختلاف على عطاء في حديث صفوان بن أمية فيه.
(*) الجرح والتعديل: 3 / 39.
(13/526)
وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ، يُوْسُف
البَخْتَرِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ وَرِعاً عَابِداً، يَمْتَنِع مِنَ الرِّوَايَة،
ثُمَّ أُمر فِي النَّوْمِ بِالرِّوَايَة.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَولد: سَنَة مائَتَيْنِ.
أَخُوْهُ:
259 - مُعَاذ بن المُثَنَّى أَبُو المُثَنَّى *
ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ.
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَمُحَمَّد بن كَثِيْر، وَمُسْلِم
بن إِبْرَاهِيْمَ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَجَعْفَر
المُؤَدِّب، وَالطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
260 - المَرْوَزِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ سَعِيْد ** (س (1))
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القَاضِي، أَبُو بَكْرٍ، أَحْمَد بن
عَلِيِّ بنِ سَعِيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأُمَوِيّ
المَرْوَزِيّ، قَاضِي حِمْص.
وُلِدَ: بَعْدَ المائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 13 / 136 - 137، طبقات الحنابلة: 1 /
339.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 304 - 305، طبقات الحنابلة: 1 /
52، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 14 أ - ب، تهذيب الكمال: خ:
32 - 33، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 19 - 20، تذكرة الحفاظ: 2
/ 663 - 664، عبر المؤلف: 2 / 91 - 92، تهذيب التهذيب: 1 /
62، طبقات الحفاظ: 289، خلاصة تذهيب الكمال: 10.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
(13/527)
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْد،
وَأَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاجِ
السَّامِي، وَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ، وَكَامِل بن طَلْحَةَ،
وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم،
وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ، وَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ،
وَأَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ جَوْصَا، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ
مَعْرُوف، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو
أَحْمَدَ بنُ النَّاصح، وَأَحْمَد بن عُبَيْدٍ الحِمْصِيّ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَرْوَانَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ مَعْرُوف: حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَكَانَ قَاضِياً
عَلَى دِمَشْق وَحِمْص، وَهُوَ مِنْ بَنِي أُمَيَّة بن
عَبْدِ شَمْسِ.
قُلْتُ: نَاب بِدِمَشْقَ عَنْ قَاضيهَا أَبِي زُرْعَةَ
مُحَمَّد بن عُثْمَانَ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ بغدَادِيّ، وَأَصله
مِنْ مَرْو (1) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ أَيْضاً: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصح: تُوُفِّيَ فِي
نِصْفِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: بلغَ التِّسْعِيْنَ، أَوْ دونهَا بِيَسِيْرٍ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ مِنْهَا: كتاب: (العِلْم)، وَ(مُسْنَد
عَائِشَة)، وَغَيْر ذَلِكَ (2) .
وَكَانَ إِمَاماً، أَكْثَر عَنْهُ النَّسَائِيّ.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 4 / 304.
(2) ومنها: " مسند أبي بكر الصديق " رضي الله عنه، وقد طبع
بتحقيقنا.
(13/528)
261 - البَلْخِيُّ أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، حَافظُ بَلْخ، أَبُو عَلِيٍّ، عَبْد
اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَلْخِيّ.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن
يُوْسُفَ الفَقِيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَهديَّة بن
عَبْدِ الوَهَّابِ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَهْل نَيْسَابُوْر،
وَابْن قَانع، وَالجِعَابِيّ (1) ، وَأَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ، وَالبَغَادِدَة.
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، كِتَاب (الْعِلَل)، وَكِتَاب
(التَّارِيْخ).
عَظَّمه الحَاكِم وَفَخَّمه.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَحَدَ أَئِمَّة (2) الحَدِيْث
حِفْظاً وَإِتقَاناً (3) وثِقَةً وَإِكثَاراً، وَلَهُ
تَصَانِيْفُ (4) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ الْخضر الشَّافِعِيّ: لَمَّا قَدِمَ
عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ البَلْخِيّ نَيْسَابُوْر،
عَجَزُوا عَنْ مُذَاكرَاته، فذاكرَهُ جَعْفَر بن أَحْمَدَ
بنِ نَصْر بِأَحَادِيْث الحَجّ، فَكَانَ عَبْد اللهِ
يَسْرُدهَا، فَقَالَ لَهُ جَعْفَر: تحفظ للتَّيْمِيّ، عَنْ
أَنَس: (أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ لَبَّى بِحَجَّةٍ وَعُمْرَة
(5)). فَبُهِتَ. فَقَالَ جَعْفَرُ: حَدَّثنَاهُ يَحْيَى
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 93 - 94، المنتظم: 6 / 79، تذكرة
الحفاظ: 2 / 690، عبر المؤلف: 2 / 102، شذرات الذهب: 2 /
219.
(1) هو: محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي. انظر:
اللباب: 1 / 282.
(2) زاد الخطيب هنا: " أهل ".
(3) في " تاريخ بغداد ": " وإثباتا ".
(4) انظر: تاريخ بغداد: 10 / 94.
(5) أورده ابن القيم في " زاد المعاد " من حديث سليمان
التيمي عن أنس، ونسبه للبزار، =
(13/529)
ابْن حَبِيْب، حَدَّثَنَا مُعْتَمر، عَنْ
أَبِيْهِ.
اسْتُشْهِدَ أَبُو عَلِيٍّ -رَحِمَهُ اللهُ- عَلَى يَد
القَرَامطَة، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَأَمَّا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، فَقَالَ: تُوُفِّيَ
فِي سَلْخ سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ.
262 - ابْنُ سَلْمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ
الرَّازِيُّ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، المُفَسِّر، أَبُو
يَحْيَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْم
الرَّازِيّ، ثُمَّ الأَصْبَهَانِيُّ، إِمَام جَامع
أَصْبَهَان.
حَدَّثَ عَنْ: سَهْل بن عُثْمَانَ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن
يَحْيَى، وَالحُسَيْن بن عِيْسَى الزُّهْرِيّ، وَعِدَّةٍ.
وَيَنْزِلُ إِلى الرِّواية عَنْ أَصْحَاب يَزِيْد بن
هَارُوْنَ، وَأَبِي دَاوُد.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال،
وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ
حَيَّانَ (1) ، وَعبد الرَّحْمَن بن سِيَاهُ، وَآخَرُوْنَ.
__________
= وأخرجه مسلم في " صحيحه " (1251) في الحج: باب إهلال
النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، والنسائي 3 / 150 من طريق
هشيم، عن يحيى بن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن صهيب، وحميد
أنهم سمعوا أنسا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أهل بهما جميعا: " لبيك عمرة وحجا، لبيك عمرة وحجا "
وأخرجه أحمد 3 / 207 من طريقين عن سعيد عن قتادة، عن أنس،
وأخرجه البخاري 3 / 327 في الحج: باب التحميد والتسبيح
والتكبير قبل الاهلال عند الركوب على الدابة و442 باب نحر
البدن قائمة من طريق وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 112 - 113، تذكرة الحفاظ: 2 / 690
- 691، النجوم الزاهرة: 3 / 133، وفيه: " ابن مسلم "،
طبقات الحفاظ: 300، طبقات المفسرين: 1 / 282، طبقات
المحدثين بأصبهان ورقة: 124.
(1) هو حافظ أصبهان، مسند زمانه، أبو محمد، عبد الله بن
محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني، المعروف بأبي الشيخ،
المتوفى سنة (369 ه)، صاحب كتاب: " أخلاق النبي " صلى الله
عليه وسلم وغيره من التواليف.
(13/530)
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
صَنَّفَ (المُسْنَد) وَ(التَّفْسِيْر)، وَغَيْر ذَلِكَ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
263 - ابْنُ عَبْدُوْسٍ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدُوْسٍ السُّلَمِيُّ *
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، الحَافِظُ، أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّد
بن عَبْدُوْس بن كَامِلٍ السَّرَّاج، السُّلَمِيّ
البَغْدَادِيّ، صَدِيْقُ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ.
وَقِيْلَ: اسْمُ أَبِيْهِ: عَبْد الجَبَّارِ، وَلقبه:
عَبْدُوْس.
سَمِعَ: عَلِيّ بن الجَعْد، وَأَحْمَد بن جَنَاب، وَدَاوُد
بن عَمْرٍو الضَّبِّيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي
شَيْبَةَ، وَخلقاً كَثِيْراً.
رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر الخُلْدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ
النَّجَّادُ، وَدَعْلَج، وَالطَّبَرَانِيّ، وَابْن مَاسِي،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: كَانَ مِنَ
المَعْدُودين فِي الحِفْظِ، وَحُسن المعرفَة بِالحَدِيْثِ،
أَكْثَرَ النَّاسُ عَنْهُ لِثِقَتِهِ وَضَبْطه.
قَالَ: وَكَانَ كَالأَخ لعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ.
مَاتَ: فِي آخر رَجَب، أَوْ أَوّل شَعْبَان، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
264 - عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى بنِ
كَثِيْرِ بنِ وَسلاسَ اللَّيْثِيُّ **
الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، أَبُو مَرْوَان
اللَّيْثِيّ،
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 380 - 381، طبقات الحنابلة: 1 / 314،
تذكرة الحفاظ: 2 / 683 - 684، عبر المؤلف: 2 / 96، طبقات
الحفاظ: 297، شذرات الذهب: 2 / 215.
(* *) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 250 - 251، جذوة المقتبس،
268 - 269، بغية الملتمس: 355، عبر المؤلف: 2 / 111 - 112،
شذرات الذهب: 2 / 231.
(13/531)
مَوْلاَهُمُ الأَنْدَلُسِيّ، القُرْطُبِيّ،
مُسْنِدُ قُرْطُبَة.
رَوَى عَنْ: وَالده الإِمَام يَحْيَى (المُوَطَّأ (1))،
وَتفقَّه بِهِ، وَارْتَحَلَ للحجِّ وَالتِّجَارَة، فسَمِعَ
مِنْ: أَبِي هِشَام الرِّفَاعِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ
اللهِ بنِ البَرْقِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتنَافسُوا فِي الأَخَذَ عَنْهُ،
وَكَانَ كَبِيْر الْقدر، وَافرَ الجَلاَلَة.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ (2) : رَوَى عَنْ أَبِيْهِ
عِلْمَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ بِبَلَدِهِ مِنْ غَيْر
أَبِيْهِ، وَكَانَ كَرِيْماً عَاقِلاً، عَظِيْمَ الجَاه
وَالمَال، مقدَّماً فِي الشُّوْرَى، مُنفرداً برِئاسَة
الْبَلَد، غَيْر مُدَافَع.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّد بن
أَيْمَن (3) ، وَأَحْمَد بن مُطَرِّف، وَأَحْمَد بن
سَعِيْدِ بنِ حَزْم الصَّدَفِيّ، وَابْن أَخِيْهِ يَحْيَى
بن عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى اللَّيْثِيّ.... إِلَى أَنْ
قَالَ: وَكَانَ آخِر مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُنَا أَبُو
عِيْسَى يَحْيَى -يَعْنِي: ابْن أَخِيْهِ-.
تُوُفِّيَ: فِي عَاشر رَمَضَان، سَنَة ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلدُه يَحْيَى، وَكَانَتْ جِنَازَته
مشهودَةً.
وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَال فِي بَعْض كتبه: كَانَ
مُتَمَوِّلاً، سمحاً، جَوَاداً، كَثِيْرَ الصَّدَقَات
وَالإِحسَان، كَامِل المُروءة، رَأَى مرَّةً شَيْخاً
حَطَّاباً ضَعِيْفاً، فَوَهَبَه مائَة دِيْنَارٍ.
وَلَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهُ شُوهد يَوْم مَوْته البواكِي
عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ ضَرْب حَتَّى
__________
(1) وهي الرواية المطبوعة المتداولة اليوم.
(2) انظر نص ابن الفرضي في " تاريخ علماء الأندلس ": 1 /
250 - 251، فبين النصين فروق.
(3) من قوله: " وأحمد...إلى ان قال..." ليس في المطبوع من
" تاريخ " ابن
الفرضي، وعبارته فيه: " وابن أيمن وغيرهما من الشيوخ
وكان..."
(13/532)
اليَهُوْد وَالنَّصَارِى، وَمَا شُوهِدَ
قَطُّ مِثْل جِنَازَته، وَلاَ سُمِعَ بِالأَنْدَلُسِ
بِمِثْلهَا -رَحِمَهُ اللهُ-.
قُلْتُ: مَاتَ فِي عشر التِّسْعِيْنَ.
265 - زُغْبَةُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ حَمَّادٍ
التُّجِيْبِيُّ * (س (1))
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو جَعْفَرٍ،
أَحْمَدُ بنُ حَمَّاد بن مُسْلِمٍ التُّجِيْبِيّ
البَصْرِيّ، أَخُو عِيْسَى بن حَمَّادٍ زُغْبَة، وَهَذَا
لَقَبٌ لأَبِيهِمَا وَلَهُمَا.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبِي
صَالِحٍ، وَيَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَسَعِيْد بن أَبِي
عُفير، وَأَخِيْهِ عِيْسَى، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ، وَعَبْد المُؤْمِنِ بن
خَلَفٍ النَّسَفِيّ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ،
وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَدَ
الطَّبَرَانِيّ، وَالحَسَن بن رَشِيق، وَخَلْقٌ.
وَعَاشَ: أَربعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ بِمِصْرَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَرَّخَهُ ابْن يُوْنُسَ، وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً،
مَأْمُوْناً.
266 - ابْنُ مِلحَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ البَلْخِيُّ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُتْقِنُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ،
أَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ
__________
(*) تهذيب الكمال: خ: 20، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 10، عبر
المؤلف: 2 / 105 - 106، تهذيب التهذيب: 1 / 25 - 26، خلاصة
تذهيب الكمال: 5، شذرات الذهب: 2 / 224.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 11.
(13/533)
ملحَان البَلْخِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
صَاحب يَحْيَى بن بُكَيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَابْنُ
قَانع، وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْن خَلاَّد
النَّصِيْبِيّ، وَجَمَاعَة.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ
(1) ، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الأَبَّار (2) ، وَالحَسَن بن
سَهْل المُجَوِّز (3) ، وَالحُسَيْن بن إِسْحَاقَ
التُّسْتَرِيّ، وَمُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الغَلاَبِيّ (4)
، وَمُحَمَّد بن العَبَّاسِ المُؤَدِّب (5) ، وَمُحَمَّد
بن يَحْيَى بنِ المُنْذِرِ (6) .
267 - ابْنُ أَسَدٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
أَسَدٍ المَدِيْنِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ
بنُ أَسَد بن يَزِيْدَ، المَدِيْنِيّ الأَصْبَهَانِيّ
الزَّاهِد، آخرُ مِنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي دُوَاد
الطَّيَالِسِيّ، عِنْدَهُ عَنْهُ مَجْلِسٌ مَعْرُوفٌ
سَمِعنَاهُ.
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (516)، برقم: (257).
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (443)، برقم: (218).
(3) اللباب: 3 / 169، تذكرة الحفاظ: 2 / 639 في نهاية
ترجمة الابار.
(4) تذكرة الحفاظ: 2 / 639، في نهاية ترجمة الابار، عبر
المؤلف: 2 / 86، شذرات الذهب: 2 / 206
(5) تذكرة الحفاظ: 2 / 639، في نهاية ترجمة الابار.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (418)، برقم: (204)
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 232 - 233، تذكرة الحفاظ: 2 /
643، في نهاية ترجمة صالح جزرة، ميزان الاعتدال: 3 / 480،
عبر المؤلف: 2 / 96، الوافي بالوفيات: 2 / 201، لسان
الميزان: 5 / 73، شذرات الذهب: 2 / 215، طبقات المحدثين
بأصبهان الورقة 119 و120.
(13/534)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال،
وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَحْمَد بن بُنْدَار، وَأَبُو
الشَّيْخِ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: سنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، عَنْ
أَزيدَ مِنْ مائَة عَام.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: حَدَّثَ عَنْ
أَبِي دَاوُدَ بمَنَاكِير.
قُلْتُ: كَانَ مُتَعَبِّداً، مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
268 - بُهْلُوْلُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ بُهْلُوْلِ بنِ
حَسَّانٍ التَّنُوخِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
ابْنُ الحَافِظِ الكَبِيْرِ أَبِي يَعْقُوْبَ
التَّنُوخِيُّ، خَطيبُ الأَنبارِ وَقَاضيهَا وَرَئِيْسُهَا
وَعَالِمُهَا، وَمَنْ يُضْرَب المَثَلُ بِبَلَاغَتِهِ فِي
خَطَابتِه.
ارْتَحَلَ فِي حدَاثته بَاعْتِنَاء وَالده، وَسَمِعَ مِنْ:
سَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ،
وَإِبْرَاهِيْم بن حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيّ، وَأَحْمَد بن
حَاتِمٍ الطَّوِيْل، وَمُحَمَّد بن مُعَاوِيَةَ
النَّيْسَابُوْرِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
إِسْحَاقَ، وَابْن أَخِيْهِ يُوْسُف بن يَعْقُوْبَ
الأَزْرَق، وَإِسْمَاعِيْل أَخُو الأَزْرَق، وَأَبُو
بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَابْن عَدِيٍّ،
وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيّ، وَخَلْقٌ مِنَ
الرَّحَّالين.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 109 - 110، المنتظم: 6 / 110 - 111،
عبر المؤلف: 2 / 110، البداية والنهاية: 11 / 117، أخبار
سنة (299 ه)، شذرات الذهب: 2 / 228 - 230.
(13/535)
وَمَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوْخ الإِسْمَاعِيلِيّ.
269 - دُرَّانُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذِ بنِ
سُفْيَانَ البَصْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذ بن سُفْيَان بن المُسْتَهِل،
العَنْزِيّ البَصْرِيّ، ثُمَّ الحَلَبِيّ، دُرَّان.
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْمَ،
وَعَمْرو بن مَرْزُوْقٍ، وَعَبْد اللهِ ابْن رَجَاء،
وَمُحَمَّد بن كَثِيْر العَبْدِيّ، وَأَبَا سَلمَة
المِنْقَرِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الرَّافقيّ،
وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ المِصِّيْصِيّ، وَسُلَيْمَان
الطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ السَّقَّاء،
وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَهُوَ فِي عشر المائَة.
270 - أَبُو شُعَيْب الحَرَّانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ
الحَسَنِ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، المُؤَدِّبُ، عَبْد
اللهِ بن الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي شُعَيْبٍ.
نَزَلَ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَجَدِّهِ،
وَأَحْمَد بن عَبْدِ المَلِكِ بنِ وَاقِد، وَعَفَّان بن
مُسْلِمٍ، وَيَحْيَى البَابْلُتِّيّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَطَالَ عُمُرُهُ وَتَفَرَّد.
__________
(*) عبر المؤلف: 2 / 98، الوافي بالوفيات: 5 / 39، شذرات
الذهب: 2 / 216.
(* *) تاريخ بغداد: 9 / 435 - 437، المنتظم: 6 / 79، ميزان
الاعتدال: 2 / 406، عبر المؤلف: 2 / 101، البداية
والنهاية: 11 / 107، لسان الميزان: 3 / 271، شذرات الذهب:
2 / 218 - 219.
(13/536)
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ،
وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَأَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَالحَسَن بن جَعْفَرٍ الحُرْفِيّ (1)
، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ يَحْيَى البَابْلُتِّيّ زَوْجَ أُمِّه، وَكَانَ
الأَوْزَاعِيُّ زوجَ أُمّ البَابْلُتِّيّ، وَاسمُ
جَدِّهُم: عَبْد اللهِ بن مُسْلِمٍ، وَمُسْلِمٌ مِنْ سَبِي
سَمَرْقَنْد، وَقَعَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ،
فَأَعْتَقَه، فوُلِد لَهُ وَلد، فَجَاءَ بِهِ عُمَر،
فَسَمَّاهُ عَبْد اللهِ، وَفَرَضَ لَهُ فِي الذُّرِّيَّة،
فَعَاشَ عَبْد اللهِ مائَة وَعِشْرِيْنَ سَنَةً (2) .
وَلد أَبُو شُعَيْب: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ الصَّوَّاف: سَمَاعُه مِنَ البَابْلُتِّيّ فِي
سَنَةِ ثمَانِي وَعَشْرَة.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ زوجَ أُمّه، فسَمِعَ مِنْهُ وَهُوَ
حدَث.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: كَانَ يَأْخُذُ عَلَى
الحَدِيْثِ، أَخْبَرَنِي نصر الصَّائِغ، قَالَ: سَأَلْتُ
أَبَا شُعَيْب أَنْ يحَدِّثَنِي بِحَدِيْثٍ عَنْ عَفَّان،
فَقَالَ: أَعطِ السَّقَّاء ثمن الرَّاوِيَة، فَأَعطيتُه
دَانِقاً، وَحَدَّثَنِي بِالحَدِيْثِ (3) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ،
سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ -يَعْنِي
بِبَغْدَادَ- وَكَانَ أَسْنَدَ مَنْ بَقِيَ بِهَا (4) .
__________
(1) الحرفي، بضم الحاء، وسكون الراء: بياع البزور. "
المشتبه ".
(2) انظر: تاريخ بغداد: 9 / 435 - 436.
(3) المصدر السابق: 9 / 436. وميزان الاعتدال: 2 / 406.
(4) في: تاريخ بغداد: 9 / 436: " وكان مسندا غير متهم في
روايتة ".وانظر: ميزان الاعتدال: 2 / 406.
(13/537)
271 - نَصْرَكَ أَبُو مُحَمَّدٍ نَصْرُ بنُ
أَحْمَدَ الكِنْدِيُّ *
هُوَ الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، المَاهرُ، الرَّحَّال، أَبُو
مُحَمَّدٍ، نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْر، الكِنْدِيّ،
البَغْدَادِيّ، نَصْرَك، نَزِيْلُ بُخَارَى.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بن الرَّيَّانِ، وَعبد
الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَعُبَيْد اللهِ بن عُمَرَ
القَوَارِيْرِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عُقْدَة الحَافِظ، وَخَلَف بن
مُحَمَّدٍ الخيَّام، وَآخَرُوْنَ.
جَمَعَ وَخَرَّجَ، وَصَنَّفَ المُسْنَد، وَبَرَعَ فِي
هَذَا الشَّأْن.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ السُّليمَانِيّ: يُقَال: إِنَّهُ
كَانَ أَحفظَ مِنْ صَالِح بن مُحَمَّدٍ جَزَرَة، إِلاَّ
أَنَّهُ كَانَ يُتَّهَم بِشُرْب المُسْكِر (1) .
قُلْتُ: قَلَّمَا يُوجد مِنْ عِلم هَذَا الرَّجُل.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ (2) ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
عَلِيٍّ البَرْدَانِيّ، أَخْبَرَنَا هَنَّاد النَّسَفِيّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا
خَلَف بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا نَصْر بن أَحْمَدَ
الكِنْدِيّ، وَسَهْل بن شَاذَوَيْه، قَالاَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ سَهْل بنِ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي،
حَدَّثَنَا عِيْسَى غُنْجَار، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ
الأَعْمَشِ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ: عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 13 / 293 - 294، المنتظم: 6 / 59، تذكرة
الحفاظ: 2 / 676 - 677، طبقات الحفاظ: 295.
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 676.
(2) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (85)، ت: 2، عن " مشيخة
" المؤلف.
(13/538)
مَرْفُوْعاً: (لاَ تُسَمُّوا العِنَبَ
الكَرْمَ، فَإِنَّ الكَرْمَ الرَّجُلُ المُسْلِم). غَرِيْب
(1) .
272 - القَاضِي أَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ السَّكُوْنِيُّ *
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، قَاضِي القُضَاة، أَبُو خَازم،
عَبْدُ الحَمِيْدِ بن عَبْدِ العَزِيْزِ السَّكُوْنِيّ
البَصْرِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ الحَنَفِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ بَشَّار، وَمُحَمَّد بن
المُثَنَّى، وَشُعَيْب بن أَيُّوْبَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مُكْرم بن أَحْمَدَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
زَبْرٍ.
وَكَانَ ثِقَةً، ديناً، وَرِعاً، عَالِماً، أَحذقَ النَّاس
بِعَمَل المحَاضِر وَالسِّجِلاَّت، بَصِيْراً بِالجبر
وَالمُقَابلَة، فَارِضاً، ذَكِيّاً، كَامِلَ العَقْل.
أَخَذَ عَنْ: هِلاَل الرَّأْي، وَبكرٍ العَمِّيّ، وَمحمود
الأَنْصَارِيّ، الفُقَهَاء، أَصْحَاب مُحَمَّد بن شُجَاع
وَغَيْره.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب (2) حَتَّى فُضِّلَ عَلَى
مَشَايِخه، وَبِهِ يُضرب المَثَل فِي الْعقل.
__________
(1) أي: بهذا السند، ولكنه صحيح من غيره، فقد أخرجه
البخاري 10 / 465 في الأدب: باب لا تسبوا الدهر، ومسلم
(2247) في الأدب: باب كراهة تسمية العنب كرما، وأبو داود
(4974).
(*) طبقات الفقهاء: 141، تاريخ ابن عساكر: خ: 9 / 400 أ -
402 ب، المنتظم: 6 / 52 - 56، تذكرة الحفاظ: 2 / 654، في
نهاية ترجمة أحمد بن عمرو البزاز، شذرات الذهب: 2 / 210.
(2) أي المذهب الحنفي.
(13/539)
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيّ فِي
(طبقَات الفُقَهَاء (1)): وَمِنْهُم: أَبُو حَازم....
أَخَذَ عَنْ شُيُوْخ البَصْرَة، وَوَلِيَ القَضَاءَ
بِالشَّامِ وَبَالكُوْفَةِ وَكرخ بَغْدَاد.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوخِيّ: حَدَّثَنَا القَاضِي
أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنِي مكرم بن بَكْر،
قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِس أَبِي خَازم القَاضِي،
فَتَقَدَّم شَيْخٌ مَعَهُ غُلاَمٌ، فَادَّعَى عَلَيْهِ
بِأَلف دِيْنَار، فَأَقرَّ الحَدَث.
فَقَالَ القَاضِي للشَّيخ: مَا تشَاءُ؟
قَالَ: حَبْسُه.
فَقَالَ للحَدَث: قَدْ سَمِعْتَ فَهَلْ توفِّيه البَعْضَ؟
قَالَ: لاَ.
فَفَكَّر سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: تلاَزمَا حَتَّى أَنظر.
فَقُلْتُ: لِمَ أَخَّرَ القَاضِي الحَبْسَ؟
قَالَ: وَيْحَك! إِنِّيْ أَعرف فِي أَكْثَر الأَحْوَال
وَجه المُحِقِّ مِنَ المُبْطِل، وَقَدْ وَقَعَ لِي أَن
سمَاحَتَه بِالإِقْرَار شَيْءٌ بعيدٌ مِنَ الحَقِّ، أَمَا
رَأَيْت قِلَّة تغَاضُبِهِمَا فِي المحَاورَة مَعَ عِظَم
المَال؟ فَبينَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذ اسْتبَان الأَمْر،
فَاسْتَأَذن تَاجرٌ موسرٌ، فَأَذِن لَهُ القَاضِي،
فَدَخَلَ، وَقَالَ: قَدْ بُليت بِابْنٍ لِي حَدَثٍ، يُتلف
مَالِي عِنْد فُلاَن المُقَبِّن، فَإِذَا منعتُهُ مَالِي
احتَالَ بحيلٍ يُلجئنِي إِلَى التزَام غرم، وَأَقْرَبَهُ
أَنَّهُ نَصَبَ المُقَبِّنْ اليَوْم لمطَالبته بِأَلف
دِيْنَار، وَأَقَعُ مَعَ أُمِّهِ - إِنْ حُبِسَ - فِي
نكدٍ.
فتبسَّم القَاضِي، وَطَلَب الغُلاَم وَالشَّيْخ،
فَأُدخلاَ، فَوعظ الغُلاَم، فَأَقرَّ الشَّيْخ، وَأَخَذَ
التَّاجِر بِيَدِ ابْنه، وَانْصَرَفَ (2) .
قَالَ أَبُو بَرْزَة الحَاسِب: لاَ أَعرف فِي الدُّنْيَا
أَحسب مِنْ أَبِي خَازِم القَاضِي.
قَالَ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيّ: بَلَغَنِي
أَنَّ أَبَا خَازم القَاضِي جَلَسَ
__________
(1) في الأصل: " طبقات الحنفية ": وهو سبق قلم من الناسخ،
وانظر النص مفصلا في: " طبقات الفقهاء ": 141.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 9 / 402 آ.
(13/540)
فِي الشَّرْقِيَّة، فَأَدَّب خَصْماً
لأَمرٍ، فَمَاتَ، فَكَتَبَ رُقْعَةً إِلَى الْمُعْتَضد
يَقُوْلُ: إِنَّ دِيَة هَذَا فِي بَيْتِ المَالِ، فَإِنْ
رَأَى أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَنْ يَحمِلَهَا إِلَى
وَرَثَتِه فَعَلَ.
فَحمل إِلَيْهِ عَشْرَة آلاَف، فدفعهَا إِلَى وَرَثَتِهِ
(1) .
قُلْتُ: قَدْ كَانَ الْمُعْتَضد يحترِم أَبَا خَازم
وَيُجِلُّهُ، قِيْلَ: إِنَّ أَبَا خَازم لمَا احْتُضِرَ
بَكَى، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: يَا رَبِّ! مِنَ القَضَاء إِلَى
القَبْرِ.
وَلَهُ شعر رقيقٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الْفَيْض: وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْق
أَبُو خَازم، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ،
إِلَى أَنْ قَدِمَ الْمُعْتَضد قَبْل الخِلاَفَة دِمَشْق
لِحَرْب ابْن طولُوْنَ، فَسَارَ مَعَهُ أَبُو خَازم إِلَى
العِرَاقِ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: مَاتَ بِبَغْدَادَ: فِي جُمَادَى
الأُوْلَى، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَلنَا: أَبُو حَازِمٍ، بحَاء مُهْمَلَةٍ: أَحْمَد بن
مُحَمَّدِ بنِ نصر (2) .
مَاتَ: سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
273 - الجَارُوْدِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
النَّضْرِ *
الإِمَامُ الأَوْحَدُ، الحَافِظُ، المُتْقِنُ، الأَمجدُ،
صدرُ خُرَاسَان، أَبُو
__________
(1) المصدر السابق، والمنتظم: 6 / 54 - 55.
(2) ترجمته في: تاريخ بغداد: 5 / 108.
(*) الجرح والتعديل: 8 / 111، اللباب: 1 / 249 - 250،
تهذيب الكمال: خ: 1279، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 5، تذكرة
الحفاظ: 2 / 673 - 674، تهذيب التهذيب: 9 / 490 - 491،
طبقات الحفاظ: 293، خلاصة تذهيب الكمال: 361 - 362، شذرات
الذهب: 2 / 208.
والجارودي: نسبة إلى الجارود: وهو: اسم لبعض أجداد المنتسب
إليه.
(13/541)
بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ النَّضْر بن
سَلَمَةَ بنِ الجَارُوْدِ بن يَزِيْدَ الجَارُوْدِيّ
النَّيْسَابُوْرِيّ.
ذَكَرَهُ الحَاكِم، فَقَالَ: شَيْخُ وَقتِه، وَعينُ
عُلَمَاء عصرِه حِفْظاً وَكمَالاً، وَقُدوَة وَرِئاسَةً،
وثروَة.
سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَمْرو بن زُرَارَة،
وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُوْسَى
السُّدِّيّ، وَابْن أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعَمْرو بن
عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَأَبَا كُرَيْب، وَحُمَيْد بن
مَسْعَدَةَ، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيّ،
وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ (1) ، وَخلقاً
كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
خُزَيْمَةَ، وَالمُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ
بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَيَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ القَاضِي،
وَآخَرُوْنَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ
مِنْهُ بِالرَّيِّ، وَهُوَ صَدُوْقٌ مِنَ الحُفَّاظِ (2) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: أَهْلُ بَيته حَنَفِيُّون.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى الذُّهْلِيّ يَسْتَعين بِعَرَبِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ
الجَارُوديّ وَيُبَيِّتُهُ عِنْدَهُ (3) .
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ رِحْلَته
مَعَ مُسْلِم، يَتَبَجَّحُ بِذَلِكَ، وَيَعتمدُه فِي
جَمِيْع أَسبَابه، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ مُسْلِم.
__________
(1) الجرجرائي، بفتح الجيمين، وسكون الراء الأولى، وفتح
الثانية: نسبة إلى جرجرايا: بلدة قريبة من دجلة بين بغداد
وواسط.
(اللباب).
(2) الجرح والتعديل: 8 / 111.
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 673.
(13/542)
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ:
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَأَملَى
حَدِيْثاً، فردَّ عَلَيْهِ الجَارُوْدِيّ، فَزَبَرَه (1)
مُحَمَّد بن يَحْيَى، فَلَمَّا كَانَ المَجْلِس الثَّانِي،
قَالَ الذُّهْلِيّ: هَا هُنَا أَبُو بَكْرٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: الصَّوَاب مَا قُلْتَ، فَإِنِّي رَجَعْتُ إِلَى
كتَابِي، فَوَجَدتُه عَلَى مَا قُلْت (2) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ: تُوُفِّيَ
مُحَمَّد بن النَّضْرِ الجَارُوْدِيّ، فَدُفِنَ عَشِيَّة
الخَمِيْس، السَّابع عشر مِنْ شَهْر رَبِيْع الأَوّل،
سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى
عَلَيْهِ رَئِيْسُنَا أَبُو عُمَرَ الخفَّاف، وَخَرَجَ
أَحْمَد بن أَسَدٍ الأَمِيْر، فَصَلَّى عَلَيْهِ،
وَانْصَرَفَ رَاجلاً.
وَمُحَمَّد بن النَّضْرِ بن عَبْدِ الوَهَّابِ: مَرَّ
آنفاً.
وَمن حَدِيْث الجَارُوْدِيّ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ
عَلِيِّ بنِ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ
عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سِلَفَة،
أَخْبَرَنَا ابْنُ مَاك (3) ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى
الخَلِيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَنْصُوْر، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ النَّضْر الجَارُوْدِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
عبد الرَّحْمَن السَّمَرْقَنْدِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ بَكْر، عَنْ صدقَة بن أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ إِيَاد بن
لَقِيط، عَنِ البَرَاء، قَالَ:
مَرَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِفَلاَةٍ بِمِيتَةٍ، فَقَالَ: (الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى
اللهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا).
مُحَمَّد بن بَكْر: لَيْسَ هُوَ البُرْسَانِيّ (4) ، بَلْ
يُقَال لَهُ: الحصنِيّ.
__________
(1) زبره يزبره (بالضم) زبرا: نهاه وانتهره.
(2) انظر: تهذيب التهذيب: 9 / 491.
(3) في الأصل: " ماكي ". وهو: أبو الفتح اسماعيل بن عبد
الجبار بن محمد بن ماك القزويني.
(4) البرساني، بضم الباء، وسكون الراء: نسبة إلى برسان:
قبيلة من الازد. (انظر: اللباب).
(13/543)
وَالحَدِيْث غَرِيْبٌ جِدّاً، وَإِنَّمَا
المَعْرُوف مِنْ حَدِيْثِ المسْتَوْرِد الفِهْرِيّ (1) .
الجَارُوْدِيّ آخر، هُوَ الحَافِظ، الإِمَام، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ، أَبُو جَعْفَرٍ، أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدٍ الجَاورد الأَصْبَهَانِيّ: سَيَأْتِي.
274 - القَاسِمُ بنُ خَالِدِ بنِ قُطْنٍ أَبُو سَهْلٍ
المَرْوَزِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، أَبُو سَهْلٍ
المَرْوَزِيّ، أَحَدُ المشَاهير وَالأَعيَان.
سَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ،
وَيَحْيَى بن مَعْرُوف، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَأَبَا بَكْرٍ
بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن نجدَة، وَأَبَا
مُصْعبٍ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا كَامِلٍ الجَحْدَرِيّ،
وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَحِبَّان بن مُوْسَى، وَطَبَقَتهُم.
وَأَكْثَر التَّرْحَالَ وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّغُوْلِيّ، وَعُمَر بن عَلَّك،
وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الرَّازِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
بنُ الأَخْرَمِ، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ،
وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
275 - مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه أَبُو
الحَسَنِ الحَنْظَلِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الفَقِيْهُ، الحَافِظُ، قَاضِي
__________
(1) أخرجه من حديثه أحمد 4 / 229 و230، والترمذي (2322)،
وابن ماجة (4111) وفي سنده مجالد بن سعيد الهمداني ليس
بالقوي، لكن له شاهد يتقوى به من حديث جابر بن عبد الله
عند أحمد 3 / 365، ومسلم (2957) وآخر عن ابن عباس عند أحمد
1 / 329 وسنده ضعيف، وثالث عن أبي هريرة عند أحمد أيضا 2 /
338 وسنده ضعيف. ورابع عن عبد الله بن ربيعة السلمي عند
أحمد 4 / 336، وعن أبي الدرداء عند البزار، وعن أبي موسى
وابن عمر عند الطبراني في " الكبير " كما في المجمع 10 /
287.
(*) الجرح والتعديل: 7 / 196، طبقات الحنابلة: 1 / 269،
المنتظم: 6 / 63، =
(13/544)
نَيْسَابُوْر، أَبُو الحَسَنِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ الإِمَامَ أَبَا يَعْقُوْب، وَأَحْمَد بن
حَنْبَلٍ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَأَبَا مُصْعَبٍ،
وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَابْن قَانع،
وَأَحْمَد بن خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَد بن سَلْم الخُتَّلِيّ،
وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَلِي قضَا مَرْو، ثُمَّ قَضَاء نَيْسَابُوْر.
وَتُوُفِّيَ وَالدُه وَهَذَا فِي الرِّحْلَةِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ:
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَد بن حَنْبَلٍ،
فَقَالَ لِي: أَنْتَ ابْن أَبِي يَعْقُوْبَ؟
قُلْتُ: نَعم.
قَالَ: أَمَا إِنَّك لَوْ لَزِمْتَه كَانَ أَكْثَر
لفَائِدتك، فَإِنَّك لَنْ تَرَى مثلَه (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ بِمَرْوَ.
هَذَا وَهم، فَإِنَّ ابْن قَانع وَابْنَ المُنَادِي،
قَالاَ: قَتَلَتْهُ القَرَامِطَة بطَرِيْق مَكَّة، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: قَارب الثَّمَانِيْنَ.
276 - أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ *
هُوَ: الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة
بِالعِرَاقِ فِي وَقته، أَبُو جَعْفَرٍ
__________
= ميزان الاعتدال: 3 / 475، عبر المؤلف: 2 / 98، الوافي
بالوفيات: 2 / 196، لسان الميزان: 5 / 65 - 66، شذرات
الذهب: 2 / 216.
(1) طبقات الحنابلة: 1 / 269، وفيه: " فإنك لم تر مثله ".
(*) تاريخ بغداد: 1 / 365 - 366، طبقات الفقهاء: 105،
المنتظم: 6 / 80، وفيات الأعيان: 4 / 195 - 196، عبر
المؤلف: 2 / 103، الوافي بالوفيات: 2 / 70، طبقات السبكي:
2 / 187 - 188، لسان الميزان: 5 / 46، شذرات الذهب: 2 /
220 - 221.
(13/545)
مُحَمَّد بن أَحْمَدَ نَصْر التِّرْمِذِيّ،
الشَّافِعِيّ، الزَّاهِد.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ، وَسَمِعَ: يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَيُوْسُف بن
عَدِيّ، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ الصِّيْنِيّ،
وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَعُبَيْد
اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَتفقَّه بِأَصْحَابِ
الشَّافِعِيّ، وَلَهُ وَجهٌ فِي المَذْهَب.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ، وَابْن قَانع،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّد، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ نَاسكٌ.
وَذكر إِبْرَاهِيْم بن السَّرِيّ الزَّجَّاج: أَنَّهُ
كَانَ يُجرَى عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فِي الشَّهر أَرْبَعَةُ
درَاهُم، يتقوَّتُ بِهَا.
قَالَ: وَكَانَ لاَ يَسأَلُ أَحَداً شَيْئاً (1) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البربرِيّ: أَخْبَرَنِي
أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ تقوَّت بَضْعَةَ عشر يَوْماً
بِخمْس حبَّاتٍ، قَالَ: وَلَمْ أَكنْ أَملك غَيْرَهَا،
أَخَذْتُ بِهَا لِفْتاً (2) .
وَنَقَلَ الشَّيْخ محيَي الدِّين النَّوَوِيّ: أَنَّ أَبَا
جَعْفَرٍ جَزَمَ بِطهَارَة شَعْرِ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَدْ خَالفَ فِي هَذِهِ المَسْأَلَة جُمهورَ الأَصْحَاب.
قُلْتُ: يتعيَّن عَلَى كُلّ مُسْلِم الْقطع بِطَهَارَة
ذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لَمَّا حَلَقَ رأْسَهُ، فَرَّقَ شَعْرَه
المُطَهَّر عَلَى أَصْحَابِهِ، إِكرَاماً لَهُم بِذَلِكَ
(3) .
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 1 / 366.
(2) انظر: المصدر السابق.
(3) أخرج مسلم (1305) في الحج من حديث أنس بن مالك أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم
أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: " خذ " وأشار إلى
جانبه الايمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس، وفي رواية:
ناول الحلاق شقه الأعلى، ثم دعا أبا طلحة =
(13/546)
فوَالهفِي عَلَى تَقْبيل شعرَة مِنْهَا.
قَالَ وَالد أَبِي حَفْصٍ بن شَاهِيْن: حَضَرْتُ أَبَا
جَعْفَرٍ، فسُئِلَ عَنْ حَدِيْث النُّزُول (1) ، فَقَالَ:
النُّزُول مَعْقول، وَالكَيْفُ مَجْهُول، وَالإِيْمَان
بِهِ وَاجب، وَالسُّؤَال عَنْهُ بِدْعَة.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: لَمْ يَكُنْ
للشَّافعيَة بِالعِرَاقِ أَرَأْسُ، وَلاَ أَوْرَعُ، وَلاَ
أَنْقَلُ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيّ (2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ اخْتُلِطَ بِأَخَرَة.
277 - إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ أَبُو إِسْحَاقَ
النَّيْسَابُوْرِيّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ
نَيْسَابُوْر، وَإِمَام المُحَدِّثِيْنَ فِي زَمَانِهِ،
أَبُو إِسْحَاقَ بنُ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّد بن نُوْح بن
عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ المُزَكِّي.
__________
= الأنصاري، فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر، فقال: "
احلق " فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال:
" اقسمه بين الناس " ولمسلم (2325) عن أنس قال: رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلق، وأطاف به أصحابه
فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل.
(1) ولفظه بتمامه: " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا
حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له ؟
من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ " أخرجه مالك 1
/ 214، ومن طريقه البخاري 3 / 25، 26 في التهجد: باب إذا
نام ولم يصل..، ومسلم (758) في المسافرين: باب الترغيب في
الدعاء والذكر في آخر الليل والاجابة فيه، وأبو داود
(1315) والترمذي (3498) عن ابن شهاب، عن أبي عبد الله
الاغر، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 1 / 366.
(*) المنتظم: 6 / 76 - 77، تذكرة الحفاظ: 2 / 638 - 639،
عبر المؤلف: 2 / 100، الوافي بالوفيات: 6 / 128، طبقات
الحفاظ: 279 - 280، شذرات الذهب: 2 / 218.
(13/547)
ذَكَرَهُ الحَاكِم، فَقَالَ: إِمَامُ
عَصْره بِنَيْسَابُوْرَ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْث
وَالرِّجَال، جَمَعَ الشُّيُوْخ وَالعِلل (1) .
قَالَ: سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَأَبَا قُدَامَة
السَّرَخْسِيّ، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَالحُسَيْن بن
الضَّحَّاك، وَعَبْد اللهِ بن الجَرَّاحِ، وَعَبْد اللهِ
بن عُمَرَ بنِ الرَّمَّاح، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ
البَلْخِيّ، وَأَقرَانَهُم بِنَيْسَابُوْرَ، وَمُحَمَّد بن
مِهْرَانَ الجَمَّال، وَمُحَمَّد بن حُمَيْدٍ، وَمُحَمَّد
بن عَمْرٍو، وَزُنَيْج بِالرَّيِّ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ
- سُؤَالاَت - وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ، وَأَحْمَد بن
مَنِيْعٍ، وَطَبَقَتهُم بِبَغْدَادَ.
وَإِسْحَاق بن شَاهِيْن، وَبِشْر بن آدَمَ بِوَاسِطَ.
وَعَمْرو بن عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَبُنْدَاراً، وَنَصْر بن
عَلِيّ بِالبَصْرَةِ.
وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبَا كُرَيْب، وَعَبْد
اللهِ بن عُمَرَ بنِ أَبَانٍ بالكُوْفَة.
وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَانَ بنِ نَضْلَة،
وَهَارُوْن بن مُوْسَى الفَرْوِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن
أَبِي خُبْزَة، وَمُحَمَّد بن عَبَّادٍ، وَعَبْد اللهِ بن
عِمْرَانَ، وَابْن أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ بِمَكَّةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو يَحْيَى الخفَّاف، وَإِمَام
الأَئِمَّة ابْن خُزَيْمَةَ، وَأَكْثَر مَشَايِخنَا.
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَعْد يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ
مِثْل إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ، وَلاَ رَأَى مِثْلَ
نَفْسه، اختلفتُ إِلَيْهِ سِتَّ سِنِيْنَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ
الحَافِظ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: إِنَّمَا أَخرجَتْ
مدينتُنَا هَذِهِ مِنْ رِجَال الحَدِيْث ثَلاَثَة:
مُحَمَّد بن يَحْيَى، وَمُسْلِم بن الحَجَّاج،
وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ (2) .
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 638، وزاد فيه: "...ودخل على أحمد
بن حنبل، وذاكره، وعلق عنه ".
(2) انظر: تذكرة الحفاظ 2 / 638.
(13/548)
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّبْغِيّ
يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي المُحَدِّثِيْنَ أَهيبَ مِنْ
إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ، كُنَّا نَجلِس بَين
يَدَيْهِ وَكَأَنَّ عَلَى رُؤُوْسنَا الطَّير.
بَينَا نَحْنُ فِي مسجدِه، إِذْ عَطَسَ أَبُو زَكَرِيَّا
العَنْبَرِيّ، فَأَخفَى عُطَاسه، فَقُلْتُ لَهُ: قَلِيْلاً
قَلِيْلاً، لاَ تَخَفْ فلَسْت بَيْنَ يَدَيِ اللهِ -عَزَّ
وَجَلَّ (1) -.
وَسَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ،
سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: قَالَ لِي
مُحَمَّد بن يَحْيَى: مَنْ أَحْفَظ مَنْ رَأَيْتَ
بِالعِرَاق؟
قُلْتُ: لَمْ أَرَ بَعْد أَحْمَد بن حَنْبَلٍ مِثْل أَبِي
كُرَيْبٍ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو الفَضْلِ كَانَ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي
طَالِبٍ يُهَاب بِمَرَّة، وَكَانَ لاَ يَحْضُر مَجْلِسَ
القُضَاة إِلاَّ لِشَهَادَةٍ تلْزمهُ.
وحَدَّثَنَا حَسَّان بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، سَمِعْتُ
إِبْرَاهِيْمَ بن أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى
أَحْمَد بَعْد المِحْنَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَذَاكَرْتُه
رَجَاءَ أَنْ آخذ عَنْهُ حَدِيْثاً، حَتَّى قُلْتُ لَهُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! حَدِيْث أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (امْرُؤُ القَيْسِ قَائِدُ
لِوَاءِ الشُّعَرَاءِ إِلَى النَّارِ (2)).
فَقَالَ: قِيْلَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْهُ.
قُلْتُ: مَنْ عَنِ الزُّهْرِيِّ؟
قَالَ: أَبُو الجَهْمِ.
قُلْتُ: مِنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الجَهْم؟
فَسَكَتَ، فَعَاوَدْتُه، فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّم،
فَسَكَتُّ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ
يَقُوْلُ: كُنْتُ أَختلِفُ إِلَى الوَلِيّ
__________
(1) المصدر السابق.
(2) أخرجه أحمد في " المسند " 2 / 228 من طريق هشيم، حدثنا
أبو الجهم الواسطي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن ابي هريرة.
وأبو الجهم قال فيه أبو زرعة: واه، وقال ابن عدي: شيخ
مجهول لا يعرف له اسم، وخبره منكر، ولا أعرف له غيره، وقال
ابن حبان في " المجروحين " 3 / 150: أبو الجهم شيخ من أهل
واسط يروي عن الزهري ما ليس من حديثه روى عنه هشيم بن
بشير، لا يجوز الاحتجاج بروايته إذا انفرد، وقال ابن عبد
البر: لا يصح حديثه.
وانظر " مجمع الزوائد " 8 / 119، و" البداية والنهاية " 2
/ 118، وله في " تاريخ بغداد " 9 / 370 طريق آخر لا يصح.
(13/549)
بِبَابِ مَعْمَر، فَقَالَ لِي بَعْض
مَشَايِخنَا: أَلاَ تحضُرُ مَجْلِس إِبْرَاهِيْم بن أَبِي
طَالِبٍ، فترَى شمَائِلَه وَمَحَاسِنَه! فَأَحضرنِي،
فرَأَيْتُ شَيْخاً لَمْ تَرَ عينَاي مثله.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: إِنَّمَا أَخرجتْ
خُرَاسَانُ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْث خَمْسَة:
الذُّهْلِيّ، وَالدَّارِمِيّ، وَالبُخَارِيّ، وَمُسْلِم،
وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ
يعيشُ مِنْ كرَاء حَانوتٍ لَهُ، فِي الشَّهر بِسبعَةَ عشرَ
دِرْهَماً يتبلَّغ بِهَا، وَقَدْ أَملَى كِتَاب
(الْعِلَل)؛ وَغير شَيْء (2) .
وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّب مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ
حَمْدُوْنَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بن أَبِي طَالِبٍ،
سَمِعْتُ مَنْ يسأَل أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، فَقَالَ: إِن
أَصْحَاب الحَدِيْث يكتُبُوْنَ كُتُبَ الشَّافِعِيّ؟
فَقَالَ: لاَ أَرَى لَهُم ذَلِكَ -يَعْنِي: أَنَّهُم
يشتغلُوْنَ بِذَلِكَ عَنِ الحَدِيْث- (3) .
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ
المُزَكِّي، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ، سَمِعْتُ ابْنَ
حَنْبَل يَقُوْلُ: كَانَ وَكِيْع لاَ يُقَدِّم عَلَى
زَائِدَة فِي الحِفْظِ أَحَداً.
وَسَمِعْتُ العَنْبَرِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ
يَقُوْلُ: سأَلتُ أَحْمَد، عَنِ
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 638.
(2) المصدر السابق: 2 / 638 - 639.
(3) وجاء في طبقات أبي يعلى 1 / 57 في ترجمة تلميذ أحمد
أبي بكر المروذي: قلت لأبي عبد الله: أترى يكتب الرجل كتب
الشافعي ؟ قال: لا، قلت: أترى أن يكتب الرسالة ؟ قال: لا
تسألني عن شيء محدث، قلت: كتبتها، قال: معاذ الله، وقال
أحمد: لا تكتب كلام مالك، ولا سفيان ولا الشافعي، ولا
إسحاق بن راهويه، ولا أبي عبيد.
(13/550)
القِرَاءة فِيمَا يَجْهر فِيْهِ الإِمَام،
فَقَالَ: يقرأُ بفَاتحَة الكِتَاب (1) .
وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَعْد يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ
إِبْرَاهِيْم: فِي ثَانِي رَجَب، سَنَةَ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْن أَخِيْهِ وَوَارِثه، وَدُفِنَ فِي
مَقْبَرَة الحُسَيْن بن مُعَاذٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَابْن عَسَاكِر،
وَبنت كِندي سَمَاعاً، عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ،
وَأَبِي رَوْح، وَزَيْنَب الشَّعْرِيَّة: قَالَ
المُؤَيَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ، وَقَالَ
أَبُو رَوْح: أَخْبَرَنَا تَمِيْم المُؤَدِّب، وَقَالَتِ
الشَّعْرِيَّة: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ القَارِئ،
قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مَسْرور، أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْلُ ابْن نُجَيد، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا
أَبُو خَالِد، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرّ،
عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (يَا عَلِيُّ! سَلِ الله الهُدَى
وَالسَّدَادَ، وَاذْكُرْ بِالهُدَى هِدَايَتَكَ
الطَّرِيْق، وَبَالسَّدَادِ تَسْدِيْدَكَ السَّهْم).
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَلَمْ يُخْرِّجه أَربَاب الكُتُب
السِّتَّة (2) .
وَفِيْهَا مَاتَ مَعَهُ: الحَسَن بن عَلِيٍّ المَعْمَرِيّ
(3) ، وَأَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيّ
__________
(1) ربما قال هذا أحمد فيمن لا يسمع قراءة الامام، أما إذا
كان الامام يجهر والمأموم يسمع قراءته، فلا تجب عيه
القراءة ولا تستحب عند الامام أحمد فيما قاله ابن قدامة
المقدسي في " المغني " 1 / 563. وانظر التفصيل فيه.
(2) مراد الامام الذهبي - والله أعلم - أنهم لم يخرجوه
بهذا السند، وإلا فقد أخرجه مسلم في " صحيحه " (2725) في
الذكر والدعاء: باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل
من طريقين عن عاصم بن كليب عن أبي بردة، عن علي قال: قال
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قل: " اللهم اهدني
وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، والسداد سداد السهم "
وهو في " المسند " 1 / 88 و134 و138، والنسائي 8 / 177 من
طريق عاصم بن كليب، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير "
969، ونسبه لأحمد والنسائي فقصر.
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (510)، برقم (254).
(13/551)
الفَقِيْه (1) ، وَأَبُو شُعَيْب
الحَرَّانِيّ (2) ، وَالمتكفِي بِاللهِ (3) ، وَالحَكَم بن
مَعْبَد الخُزَاعِيّ (4) ، وَالزَّاهِد أَبُو الحُسَيْنِ
النُّورِيّ (5) ، وَقَاضِي نَسَفَ: إِبْرَاهِيْم بن مَعقِل
النَّسَفِي (6) .
278 - ابْنُ مُسَاوِرٍ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
القَاسِمِ الجَوْهَرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ،
أَحْمَدُ بنُ القَاسِم بن مُسَاوِر البَغْدَادِيّ
الجَوْهَرِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَفَّان بن مُسْلِمٍ، وَخَالِد بن خِدَاشٍ،
وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَطَبَقَتِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانع، وَأَحْمَد بن
كَامِلٍ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ بن حُبَيْش، وَسُلَيْمَان
الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ المُنَادِي: قَالَ لِي: إِنَّهُ كتب
عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعد خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف حَدِيْث (7)
.
قَالَ: وَمَاتَ: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) تقدم في الترجمة السابقة.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة (536)، برقم (270).
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (479)، برقم (231).
(4) انظر: عبر المؤلف: 2 / 101، شذرات الذهب: 2 / 218.
(5) هو: أحمد بن محمد، أبو الحسين النوري، ويعرف بابن
البغوي. انظر: المنتظم: 6 / 77.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (493)، برقم (241).
(*) تاريخ بغداد: 4 / 349 - 350، طبقات القراء لابن
الجزري: 1 / 97.
(7) تاريخ بغداد: 4 / 350.
(13/552)
279 - بَحْشَلٌ أَسلَمُ بنُ سَهْلِ بنِ
سَلْمٍ الوَاسِطِيُّ *
الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، المُحَدِّثُ، مُؤرِّخ مَدِيْنَة
وَاسِط (1) ، أَبُو الحَسَنِ أَسْلَمُ بنُ سَهْلِ بنِ
سَلْم بن زِيَادِ بنِ حَبِيْب الوَاسِطِيّ، الرَّزَّاز،
وَيُعْرَفُ ببَحْشَل، وَهُوَ أَيْضاً لقبٌ لأَحْمَدَ بنِ
أَخِي ابْن وَهْبٍ.
سَمِعَ مِنْ: جدّه لأُمِّهِ وَهْب بن بَقِيَّة، وَمن عَمِّ
أَبِيْهِ سَعِيْد بن زِيَادٍ، وَمُحَمَّد بن أَبِي
نُعَيْمٍ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن خَالِدٍ الطَّحَّان،
وَسُلَيْمَان بن أَحْمَدَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ سَمْعَان،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ، وَإِبْرَاهِيْم
بن يَعْقُوْبَ، وَعَلِيّ بن حُمَيْد البَزَّاز، وَمُحَمَّد
بن جَعْفَرِ بنِ اللَّيْثِ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيّ.
قَالَ خمِيس الحوزيّ (2) : هُوَ مَنسوبٌ إِلَى مَحَلَّةِ
الرَّزَّازِين، وَمسجدُه هُنَاكَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ،
إِمَامٌ، يصلح للصَّحِيْح (3) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) معجم الأدباء: 6 / 127 - 128، تذكرة الحفاظ: 2 / 664،
ميزان الاعتدال: 1 / 211، عبر المؤلف: 2 / 93، لسان
الميزان: 1 / 388، طبقات الحفاظ: 289، شذرات الذهب: 2 /
210.
(1) كتابه " تاريخ واسط " طبع في مطبعة المعارف ببغداد سنة
(1967 م)، بتحقيق كوركيس عواد، ويقع في مجلد واحد.
(2) هو: الحافظ، الامام، محدث واسط، أبو الكرم، خميس بن
علي بن أحمد الواسطي، توفي سنة (510 ه)، وقد التقى به
الحافظ السلفي بواسط سنة 500 ه، فسأله عن جماعة من أهل
واسط ومن الغرباء القادمين إليها، فأجابه عنهم، فدون
إجاباته في جزء، وقد صدر سنة 1976 بتحقيق مطاع طرابيشي،
وهو من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق.
(3) سؤالات الحافظ السلفي ص 90.
(13/553)
280 - أَبُو عُلاَثَةَ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عِيَاضِ بنِ أَبِي طَيْبَةَ *
الأَخْبَارِيّ، الأَدِيْب، مِنْ مشيخَة المِصْرِيّين.
كَانَ ذَا عَارِضَةٍ وَلسَانٍ، وَكَانَ مَمْقُوتاً عِنْد
كَثِيْرٍ مِنَ النَّاس، فَشَهِد عَلَيْهِ أَقوام
بِأُمُورٍ، قَبِل مِنْهُم السُّلْطَان، فَضُرِبَ مِرَاراً،
فَمَاتَ، ثُمَّ تبيَّن أَنَّهُ ظُلم، وَكَانَ ثَار
عَلَيْهِ أَهْل المَسْجَد العَوَامّ.
فَتُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ، وَالواعظ عَلِيّ بن
مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الصَّفَّار، وَحُمَيْد
بن يُوْنُسَ، وَعِدَّةٌ.
وَمن شُيُوْخه: مُحَمَّد بن رُمْح، وَمكِّيّ بن عَبْد
اللهِ الرُّعَيْنِيّ، وَحَرْمَلَة.
تُوُفِّيَ مِنَ الضَّرب -رَحِمَهُ اللهُ-.
281 - البَزَّارُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو
البَصْرِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَد بن عَمْرِو بنِ عَبْدِ الخَالِقِ البَصْرِيُّ،
البَزَّارُ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ) الكَبِيْرِ، الَّذِي
تَكَلَّمَ عَلَى أَسَانيدِه (1) .
__________
(*) ميزان الاعتدال: 3 / 465، لسان الميزان: 5 / 57 - 58.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 334 - 335، المنتظم: 6 / 50، تذكرة
الحفاظ: 2 / 653 - 654، عبر المؤلف: 2 / 92، الوافي
بالوفيات: 7 / 268، لسان الميزان: 1 / 237 - 239، النجوم
الزاهرة: 3 / 157 - 158، طبقات الحفاظ: 285، شذرات الذهب:
2 / 209.
(1) وقد جرد زوائده الحافظ الهيثمي، وسماه: " كشف الاستار
عن زوائد البزار " وقد نشرت مؤسسة الرسالة الأول والثاني
منه، بتحقيق العلامة حبيب الرحمن الاعظمي.
(13/554)
وُلِدَ: سَنَةَ نَيف عَشْرَة وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: هُدْبَة بن خَالِدٍ، وَعَبْد الأَعْلَى بن
حَمَّادٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيّ،
وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ فَيَّاض الزِّمَّانِيّ،
وَمُحَمَّد بن مَعْمَر القَيْسِيّ، وَبِشْر بن مُعَاذٍ
العَقَدِيّ، وَعِيْسَى بن هَارُوْنَ القُرَشِيّ، وَسَعِيْد
بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَعَبْد اللهِ بن جَعْفَرٍ
البَرْمَكِيّ، وَعَمْرو بن عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَزِيَاد بن
أَيُّوْبَ، وَأَحْمَد بن المِقْدَامِ العِجْلِيّ،
وَإِبْرَاهِيْم بن سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَبُندَاراً،
وَابْن مُثَنَّى، وَعَبْد اللهِ بن الصَّبَّاحِ، وَعَبْد
اللهِ بن شَبِيْبٍ، وَمُحَمَّد بن مِرْدَاس الأَنْصَارِيّ،
وَمُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الفَضْلِ الحَرَّانِيّ،
وَخلقاً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ قَانع، وَابْنُ نَجِيع، وَأَبُو
بَكْرٍ الخُتُّلِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ،
وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ أَيُّوْب
التَّمِيْمِيّ، وَعَبْد اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ
بنِ فَارِسٍ، وَأَحْمَد بن جَعْفَرِ بنِ سَلْم
الفُرْسَانِيّ، وَعَبْد اللهِ بن خَالِد بن رُسْتُم
الرَّارَانِيّ (1) ، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ
يُوْسُفَ الضَّرِير، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ
الثَّقَفِيّ، وَأَحْمَد بن جَعْفَرِ بنِ مَعْبَد
السِّمْسَار، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ
جَعْفَرٍ الكِسَائِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
الفَضْلِ بنِ الخَصِيب، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْد
الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ سيَاه، وَأَبُو بَكْرٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن عَطَاء
القَبَّاب، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ ممشَاذ القَارِئ،
وَمُحَمَّد بن عَبْد اللهِ بن حَيُّوْيَه
النَّيْسَابُوْرِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَدْ أَملَى أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاش مَجْلِساً عَنْ
نَحْوٍ مِنْ عِشْرِيْنَ شَيْخاً، حدَّثوه
(13/555)
عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَزَّار.
وَقَدِ ارْتَحَلَ فِي الشَّيْخُوخَة نَاشِراً لحَدِيثِهِ،
فَحَدَّثَ بِأَصْبَهَانَ عَنِ الكِبَار، وَبِبَغْدَادَ،
وَمِصْر، وَمَكَّة، وَالرَّملَة.
وَأَدْرَكَهُ بِالرَّمْلَة أَجلُه، فَمَاتَ: فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ،
فَقَالَ: ثِقَةٌ، يُخْطِئ وَيَتَّكلُ عَلَى حِفْظِهِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: يُخْطِئ فِي الإِسْنَاد
وَالمتن.
وَقَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: سَأَلْتُ
الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَزَّار، فَقَالَ:
يُخْطِئ فِي الإِسْنَاد وَالمتن، حَدَّثَ بِالمُسْنَد
بِمِصْرَ حِفْظاً، يَنْظُر فِي كُتب النَّاس، وَيُحَدِّث
مِنْ حِفْظِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ كُتُب، فَأَخْطَأَ
فِي أَحَادِيْث كَثِيْرَة (1) .
جرحه النَّسَائِيّ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: حَافظ لِلْحَدِيْثِ.
تُوُفِّيَ بِالرَّمْلَة.
ثُمَّ أَرَّخ كَمَا مَرَّ (2) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بقَاء، وَعَبْد الدَّائِم بن
أَحْمَدَ الوَزَّان (3) ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
مَحْمُوْدٍ، سَنَة سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتّ مائَة،
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المِصْرِيّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظ إِمْلاَءً، سَنَة عَشْرٍ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو الحَسَنِ
أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
__________
(1) تاريخ بغداد: 4 / 335، وزاد: "..يتكلمون فيه ".
(2) أي سنة (292 ه).
(3) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 71 - 72.
(13/556)
أَيُّوْب التَّمِيْمِيّ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّار، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عبد الرَّحْمَن بن الفَضْلِ الحَرَّانِيّ، حَدَّثَنَا
الوَلِيْدُ بنُ المُهَلَّب الحَرَّانِيّ، حَدَّثَنَا
النَّضْرُ بنُ مُحْرِز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
المُنْكَدِر، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ:
خَطَبَنَا رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَلَى نَاقَتِهِ العَضْبَاء، وَلَيْسَتْ
بِالجَدْعَاء، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ! كَأَنَّ
المَوْتَ فِيْهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكَأَنَّ
الحَقَّ فِيْهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ، وَكَأَنَّ مَنْ
نُشَيِّعُ مِنَ المَوْتَى سَفْرٌ عَمَّا قَلِيْلٍ
إِلَيْنَا رَاجِعُوْن، نُبَوِّئُهُم أَجْدَاثَهُم،
وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُم، كَأَنَّا مُخَلَّدُوْنَ بَعْدَهُم،
قَدْ نَسِيْتُم كُلَّ وَاعِظَةٍ، وَأَمِنْتُم كُلَّ
جَائِحَةٍ، طُوْبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عَيْبِ
أَخِيْهِ، وَتَوَاضَعَ للهِ فِي غَيْرِ مَنْقَصَةٍ،
وَأَنْفَقَ مِنْ مَالٍ جَمَعَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ،
وَخَالَطَ أَهْلَ الفِقْهِ وَالحِكْمَةِ، وَجَانَبَ أَهْلَ
الشَّكِّ وَالبِدْعَةِ، وَحَسُنَتْ سَرِيْرَتُهُ،
وَصَلُحَتْ عَلاَنِيَّتُهُ، وَأَمِنَ النَّاسُ شَرَّهُ
(1)).
هَذَا حَدِيْثٌ وَاهِي الإِسْنَاد، فَالنَّضْر: قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُول.
وَالوَلِيْد: لاَ يُعرف، وَلاَ يصِحُّ لِهَذَا الْمَتْن
إِسْنَادٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ (2) ، إِجَازَةً، عَنْ
مَسْعُوْد الجَمَّال، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
المُقْرِئ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّار، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ الصَّيْرَفِيّ الكُوْفِيّ،
حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيّ، حَدَّثَنَا سَيْف
بن وَهْب، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَبُو
القَاسِمِ، وَالمَاحِي، وَالحَاشِرُ).
__________
(1) وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 373، ونسبه
للحكيم الترمذي، وهو من المصادر التي قال عن أحاديثها في
مقدمته: إنها ضعيفة، فيستغنى بالعزو إليها عن بيان ضعفها.
(2) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ": خ: ق: 6.
(3) إسناده تالف، إبراهيم بن يوسف صدوق فيه لين، وشيخه
أبويحيى التيمي. واسمه =
(13/557)
282 - عُبَيْدُ بنُ غَنَّامِ ابْنِ
القَاضِي حَفْصِ بنِ غِيَاث الكُوْفِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
النَّخَعِيُّ، الكُوْفِيُّ.
قِيْلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَجُبَارَة بن
المُغَلِّس، وَعَلِيّ بن حَكِيْم الأَوْدِيّ، وَأَبِي
كُرَيْبٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ بن عُقْدَة، وَيَزِيْد
بن مُحَمَّدِ بنِ إِيَاس المَوْصِلِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ عُبَيْد اللهِ بن يَحْيَى
الطَّلْحِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُكْثِراً عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ (1) .
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ،
قَالَهُ ابْن عقدَة.
وَمَاتَ: فِي نِصْفِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة سَبْعٍ
وَتسعين وَمائَتَيْنِ.
وَتآلِيف أَبِي نُعَيْمٍ مَشْحُونَةٌ بِحَدِيْث ابْن
غَنَّام، وَهُوَ ثِقَةٌ.
__________
= إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله - اتهمه غير واحد من
الحفاظ بالكذب، وسيف بن وهب ضعيف الحديث، وقد أورد الحديث
ابن عدي في ترجمته في " كامله " لوحة 374.
ويغني عنه حديث جبير بن مطعم عند مالك 2 / 1004، والبخاري
6 / 404، ومسلم (2354) والترمذي (2840) أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: لي خمسة اسماء أنا محمد وأنا أحمد، وأنا
الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر
الناس على قدمي، وأنا العاقب ". وفي الباب عن أبي موسى
الأشعري عند مسلم (2355) وعن حذيفة عند أحمد 5 / 405، وعن
جابر بن عبد الله عند الطبراني في " الكبير " (1750) و"
الأوسط " وعن ابن عباس عند الطبراني في " الصغير " و"
الأوسط " كما في " المجمع " 8 / 284.
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 660، في نهاية ترجمة يوسف القاضي،
عبر المؤلف: 2 / 107، شذرات الذهب: 2 / 225.
(1) قال المؤلف في " العبر ": 2 / 107: " رواية الكتب عن
أبي بكر بن أبي شيبة، وكان محدثا صدوقا ".
(13/558)
283 - ابْنُ عَلُّويَه أَبُو مُحَمَّدٍ
الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَن
بن عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَان بن علُّويَه،
البَغْدَادِيّ القَطَّان.
سَمِعَ: عَاصِم بن عَلِيٍّ، وَبَشَّار بن مُوْسَى،
وَعُبَيْد اللهِ بن عَائِشَة، وَبِشْر بن الوَلِيْدِ،
وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ،
وَإِسْمَاعِيْل بن عِيْسَى العَطَّار، رَاوِي (المبتدأَ)،
وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد بن سنديّ
الحَدَّاد، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَالآجُرِّيّ،
وَمَخْلَد البَاقرحِيّ، وَعَبْد اللهِ بن إِبْرَاهِيْم
الزَّبيبِيّ (1) .
وثَّقه الدَّارَقُطْنِيّ وَالخَطِيْب (2) .
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتسعين وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو (3) العَبَّاسِ بن مَسْرُوْق،
وَبُهلول بن إِسْحَاق (4) ، وَالجُنَيْد بن مُحَمَّدٍ
شَيْخ الصُّوْفِيَّة (5) ، وَأَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيّ
الزَّاهِد (6) ،
__________
(*) تاريخ بغداد 7 / 375، المنتظم: 6 / 106
(1) في المطبوع من " العبر " 2 / 359 - 360: إلى " الزيدي
".
(2) انظر: تاريخ بغداد: 7 / 375.
(3) سقط من الأصل كلمة أبو وهو مترجم في الصفحة (494)
برقم: (243).
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (535)، برقم (268).
(5) انظر: طبقات الصوفية: 155 - 163، ومصادره فيه، و: حلية
الأولياء: 10 / 255 - 287، تاريخ بغداد: 7 / 241 - 249،
المنتظم: 6 / 105 - 106، وفيات الأعيان: 1 / 373 - 375،
عبر المؤلف: 2 / 110 - 111، شذرات الذهب: 2 / 228 - 230.
(6) هو: سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور الحيري، انظر
طبقات الصوفية: 170 - 175، ومصادره فيه.
(13/559)
وَسمنُوْن المُحِبّ (1) ، وَمُحَمَّد بن
عَلِيّ طَرْخَان البَلْخِيّ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ
سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيّ (2) ، وَيُوْسُف بن عَاصِم
الرَّازِيّ، وَالأَمِيْر مُحَمَّد بن طَاهِرٍ بن عَبْدِ
اللهِ بنِ طَاهِر (3) .
284 - أَبُو عَمْرٍو الخَفَّافُ أَحْمَدُ بنُ نَصْرِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الكَبِيْرُ، القُدْوَة، شَيْخُ
الإِسْلاَمِ، أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْر بن
إِبْرَاهِيْم النَّيْسَابُوْرِيّ، المَعْرُوف بِالخفَّاف.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم: كَانَ نَسِيج وَحده
جلاَلَةً، وَرِئاسَةً، وَزهداً، وَعُبَادَةً وَسخَاء
نَفْس.
سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَمْرو بن زُرَارَة،
وَأَبَا عَمَّار الحُسَيْن بن حُرَيْثٍ، وَمُحَمَّد بن
عَبْد العَزِيْز بن أَبِي رِزمَة، وَالحُسَيْن بن
الضَّحَّاك، وَمُحَمَّد بن رَافِع، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ
بن شَقِيق، وَأَقرَانهُم بِنَيْسَابُوْر.
وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَأَبَا همَّام السَّكُوْنِيّ،
وَالطَّبَقَة بِبَغْدَادَ.
وَأَبَا كُرَيْب، وَعَبَّاد بن يَعْقُوْبَ، وَهَنَّاد بن
السَّرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُف الصَّيْرَفِيّ،
وَطَبَقَتهُم بِالكُوْفَةِ.
وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِب، وَأَبَا مُصعب
الزُّهْرِيّ، وَعَبْد اللهِ
__________
(1) هو: " سمنون حمزة "، ويقال: سمنون بن عبد الله أبو
الحسن الخواص، ويقال: كنيته أبو القاسم، سمى نفسه سمنون
الكذاب لكتمه عسر البول بلا تضرر ".
انظر: طبقات الصوفية: 165 - 199، ومصادره فيه، و: " حلية
الأولياء ": 10 / 309 - 312، تاريخ بغداد 9 / 234 - 237،
المنتظم: 6 / 108.
(2) انظر: عبر المؤلف: 2 / 112، شذرات الذهب: 2 / 231.
(3) انظر: شذرات الذهب: 2 / 231.
(*) الجرح والتعديل: 2 / 79، طبقات الفقهاء: 114، المنتظم:
6 / 110، تذكرة الحفاظ: 2 / 654 - 656، عبر المؤلف: 2 /
112 - 113، البداية والنهاية: 11 / 117، طبقات الحفاظ: 285
- 286، شذرات الذهب: 2 / 231 - 232
(13/560)
بن عِمْرَانَ العَابِديّ، وَعِدَّةً
بِالمَدِيْنَةِ.
وَمُحَمَّد بن يَحْيَى العَدَنِيّ، وَغَيْرهُ بِمَكَّةَ.
وَجَمَع وَصَنَّف وَبَرَع فِي هَذَا الشَّأْن.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ،
وَمُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ بن فَارِس، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّبغِيّ،
وَمُحَمَّد بن أَحْمَد بن حَمْدُوْن الذُّهْلِيّ، وَأَبُو
سَعِيْدٍ أَحْمَد بن أَبِي بَكْر الحِيْرِيّ، وَخَلْقٌ
مِنْ مشيخَة الحَاكِم.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاق المُزَكِّي،
سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاج يَقُوْلُ: مَا
رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي عَمْرٍو الخفَّاف، كَانَ
يسْرد الحَدِيْث سرداً حَتَّى المُنْقَطِع وَالمُرْسَل (1)
.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ الصِّبْغِيَّ يَقُوْلُ: صَام
أَبُو عَمْرٍو الخفَّاف الدَّهْر نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ
سَنَةً (2) .
قُلْتُ: ليته أَفطر وَصَام، فَمَا خفِي -وَاللهِ- عَلَيْه
النَّهْي عَنْ صيَام الدَّهْر، وَلَكِن لَهُ سلف، وَلَوْ
صَامُوا أَفْضَل الصَّوْم، للزمُوا صَوْم دَاوُد -عَلَيْهِ
السَّلاَمُ (3) -.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الصِّبغِيَّ غَيْرَ مَرَّة يَقُوْلُ:
كُنَّا نَقُوْل: إِنَّ أَبَا عِمْرَان يَفِي بِمذكرَاة
مئَة أَلْف حَدِيْث.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ
يَقُوْلُ: كَانَ ابْتِدَاء حَال أَبِي عَمْرٍو،
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 655 - 656.
(2) المصدر السابق: 2 / 655.
(3) وهو صوم يوم، وإفطار يوم، فقد قال صلى الله عليه وسلم
لعبد الله بن عمر بعد أن نهاه عن صوم الدهر: " صم صوم داود
عليه السلام، صم يوما وأفطر يوما " انظر البخاري 4 / 191
في الصوم: باب صوم الدهر: وباب صوم يوم وإفطار يوم، ومسلم
(1159).
(13/561)
وَأَحْمَد بن نَصْر الرَّئيس الزُّهْد
وَالوَرَع، وَصحبَة الأَبْدَال، إِلَى أَنْ بلغَ مِن
العِلْم وَالرِّئاسَة وَالجَلاَلَة مَا بلغَ، وَلَمْ
يَكُنْ يُعْقِب.
قَالَ: فَلَمَّا أَيس مِنَ الوَلَد، تصدَّق بِأَمْوَالٍ،
كَانَ يُقَالُ: إِنَّ قيمتهَا خَمْسَة آلاَف ألف دِرْهَم،
عَلَى الأَشرَاف وَالفُقَرَاء وَالموَالِي (1) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّب الكَرَابِيْسِيّ:
سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَة يَقُوْلُ عَلَى رُؤُوْس الملأِ
يَوْم مَاتَ أَبُو عَمْرٍو الخفَّاف: لَمْ يَكُنْ
بِخُرَاسَان أَحْفَظ مِنْهُ لِلْحَدِيْث (2) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُؤَمَّل بن الحَسَنِ
المَاسَرْجسِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الخفَّاف
يَقُوْلُ: كَانَ عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار -يَعْنِي
السُّلْطَان- يَقُوْلُ لِي: يَا عمّ! مَتَى مَا عَلِمتَ
شَيْئاً لاَ يُوَافقك فَاضرب رقبتِي، إِلَى أَنْ أَرجع
إِلَى هَوَاك (3) .
قُلْتُ: كَذَا فَلْيَكُن السُّلْطَان مَعَ الشَّيْخ،
وَقَدْ كَانَ عَمْرو بن اللَّيْث صَانعاً فِي الصُّفر،
فَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ إِلَى أَنْ تملَّك
خُرَاسَان، وَتملَّك بَعْدَهُ أَخُوْهُ يَعْقُوْب،
فَانْظُرْ فِي (تَارِيْخ الإِسْلام) تسمع الْعجب مِنْ
سِيرَتِهِمَا.
وَكَانَ الرَّئيس أَبُو عَمْرٍو عَظِيْم الْقدر، سَيِّداً
مطَاعاً بِبَلَدِهِ، نَال رِئاسَة الدّين وَالدُّنْيَا،
وَكَانُوا يُلقِّبونه بِزينِ الأَشرَاف.
وَكَانَتْ وَفَاته فِي شَهْرِ شَعْبَانَ، سَنَة تِسْعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ مِنْ أبْناءِ الثَّمَانِيْنَ.
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 655.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 655
(3) المصدر السابق: 2 / 656.
(13/562)
وَقَعَ لِي حَدِيْثه عَالِياً.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَد بن هِبَة الله بن تَاج
الأُمَنَاء (1) ، أَنْبَأَنَا عَبْد المُعِزّ بن
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْر الخفَّاف،
حَدَّثَنَا نَصْر بن عَلِيّ، حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بن
دَاوُد، عَنْ ثَوْر، عَنْ خَالِد بن مَعْدَان، عَنْ
رَبِيْعَة الجُرَشِيّ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا -:
(أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- كَانَ يتحرَّى صَوْم الاثْنَيْن وَالخَمِيْس،
وَيَصُوْم شَعْبَان وَرَمَضَان (2)).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَرَبِيْعَة قِيْلَ: لَهُ
صُحْبَة.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَحْمَد بن أَنَس بن مَالِك
الدِّمَشْقِيّ (3) ، وَالحُسَيْن بن عَبْدِ اللهِ
الفَقِيْه وَالد الخِرَقيّ (4) ، وَعَلِيّ بن سَعِيْدِ بن
بَشِيْرٍ الرَّازِيّ (5) ، وَمُحَمَّد بن يَزِيْد بن عَبْد
الصَّمَدِ (6) ، وَالعَارف مُمْشَاذ الدِّيْنَوَرِيّ (7) ،
وَحُسَيْن بن حُمَيْد العَكِّيّ المِصْرِيّ، وَعبد
الرَّحْمَن بن عبد الوَارِث بن مُسْلِم التُّجِيْبِيّ،
وَمُحَمَّد
__________
(1) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (46)، ت: 1. عن " مشيخة
" المؤلف.
(2) وأخرجه النسائي 4 / 153 من طريق عمرو بن علي، حدثنا
عبد الله بن داود بهذا الإسناد، وأخرجه دون قوله: " ويصوم
شعبان ورمضان " الترمذي (745) والنسائي 4 / 202، 203
كلاهما من طريق عمرو بن علي عن عبد الله بن داود به وأخرجه
كذلك أحمد 6 / 80 و89 و106، وابن ماجه (1739) والنسائي 4 /
202 عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن عائشة.
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 656، آخر ترجمة الخفاف.
(4) المنتظم: 6 / 111.
(5) تذكرة الحفاظ: 2 / 750، وفيه وفاته (297 ه)
(6) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (152) في الأصل، وت: 1.
(7) طبقات الصوفية: 316 - 318، وانظر مصادره فيه، و: حلية
الأولياء: 10 / 353 - 354.
(13/563)
بن اللَّيْث الجَوْهَرِيّ (1) ، وَأَبُو
جَعْفَرٍ أَحْمَد بن الحُسَيْن الحَذَّاء (2) ، وَأَحْمَد
بن عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ الجَارُوْد الأَصْبَهَانِيّ
(3) ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدِ بنِ البخترِيّ الحنّائِيّ
(4) ، وَالحَسَن بن أَحْمَد الصَّيْقَل المِصْرِيّ.
285 - أَحْمَدُ بنُ النَّضْرِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
النَّيْسَابُوْرِيُّ * (خ) (5)
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو الفَضْلِ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ
وَالمُصَنِّفِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ:
إِذَا وَرد نَيْسَابُوْر، نَزَلَ عِنْد الأَخوين أَحْمَد
وَمُحَمَّد ابْني النَّضْر.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُمَا فِي (صَحِيْحِهِ)، وَإِسنَادهُمَا
وَسَمَاعهُمَا مَعاً، وَهُمَا سيَّان.
سَمِعَ: هُدْبَة بن خَالِد، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخٍ،
وَسَهْل بن عُثْمَان العسكرِيّ، وَأَبَا مُصْعَبٍ
الزُّهْرِيَّ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعُبَيْد الله
بن مُعَاذٍ، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَخلقاً كَثِيْراً
ذكرهُم الحَاكِم، ثُمَّ قَالَ: وَأَحْمَد مجوِّد فِي
البَصْرِيّين.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيّ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ
الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم،
وَأَحْمَد بن إِسْحَاق الصَّيْدَلاَنِيّ، وَمُحَمَّد بن
صَالِحِ بن هَانِئ، وَأَبُو
__________
(1) ترجمته في: تاريخ بغداد: 3 / 196.
(2) ترجمته في: تاريخ بغداد: 4 / 97 - 98.
(3) ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 1 / 110 - 118
(4) ترجمته في: تارخ بغداد: 14 / 229.
(*) تهذيب الكمال: خ: 46، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 29 - 30،
تذكرة الحفاظ: 2 / 645 - 646، تهذيب التهذيب: 1 / 87 - 88،
طبقات الحفاظ: 282، خلاصة تذهيب الكمال: 13، شذرات الذهب:
2 / 205، أخبار سنة (290)
(5) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
(13/564)
الفَضْلِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ،
وَآخَرُوْنَ.
وَلَمَّا رَوَى البُخَارِيّ حَدِيْث الإِفك عَنْ أَبِي
الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، قَالَ: وثبتَنِي أَحْمَد فِي
بَعْضه (1) .
فَأَحْمَد هُنَا: ابْن النَّضْر (2) ، وَمَا هُوَ بِابْن
حَنْبَل (3) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد (4) ،
حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بن مُعَاذٍ... فَذَكَرَ
حَدِيْثاً، فَهَذَا مُحَمَّد بن النَّضْرِ، فَأَمَّا
هَذَا، فَقَدِيْم الوَفَاة، وَأَمَّا أَحْمَد فَطَالَ
عُمُرُه، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ بِضْع وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) الذي في صحيح البخاري 5 / 199 في الشهادات: باب تعديل
النساء بعضهن بعضا: " وأفهمني بعضه أحمد "
(2) وكذلك جزم المؤلف في " طبقات القراء " أنه أحمد بن
النضر.
قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 219: لم يبين أبو علي
الجياني من هو أحمد هذا، ووقع في كتاب خلف الواسطي في "
الاطراف ": وأفهمني بعضه أحمد بن يونس، وبهذا جزم
الدمياطي، وقال ابن عساكر والمزي: إنه وهم.
قلت (القائل ابن حجر): ورأيته في نسخة الحافظ أبي الحسين
اليونيني، وقد أهمله في جميع الروايات التي وقعت له إلا
رواية واحدة، فإنه كتب عليها علامة (ق) ونسبه، فقال: أحمد
بن يونس.
(3) الذي جوز أن يكون أحمد بن حنبل: هو أبو عبد الله بن
خلفون، ولم يتابع.
(4) كذا قال المؤلف: حدثنا محمد، وهو خطأ والصواب: أحمد،
فقد ذكر البخاري في " صحيحه " 8 / 231 و232 في تفسير سورة
الانفال، الحديث من طريق أحمد، ومن طريق محمد كلاهما عن
عبيد الله بن معاذ، فلم ينسب الأول، ونسب الثاني.
قال الحافظ تعليقا على قول البخاري: " حدثنا أحمد ": كذا
في جميع الروايات غير منسوب، وجزم الحاكمان أبو أحمد وأبو
عبد الله انه ابن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري، وقد روى
البخاري الحديث المذكور بعينه عقب هذا عن محمد بن النضر ؟
خي أحمد هذا.
قال الحاكم: بلغني أن البخاري كان ينزل عليهما، ويكثر
الكمون عندهما إذا قدم نيسابور، قال الحافظ: وهما من طبقة
مسلم وغيره من تلامذة البخاري، وإن شاركوه في بعض شيوخه،
وقد أخرج مسلم هذا الحديث بعينه عن شيخهما عبيد الله بن
معاذ نفسه.
ونص الحديث مع سنده: حدثني أحمد، حدثنا عبيد الله بن معاذ،
حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عبد الحميد صاحب الزيادي سمع
أنس بن مالك رضي الله عنه قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا
هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا
بغذاب أليم، فنزلت: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم. وما
كان الله معذبهم وهم يستغفرون، وما لهم أن لا يعذبهم الله
وهم يصدون عن المسجد الحرام...) الآية.
(13/565)
286 - الأَخْفَشُ هَارُوْنُ بنُ مُوْسَى
بنِ شَرِيْكٍ التَّغْلِبِيُّ *
مُقْرِئ دِمَشْق، الإِمَام الكَبِيْر، أَبُو عَبْدِ اللهِ
هَارُوْن بن مُوْسَى بن شَرِيْك التَّغْلِبِيّ
الدِّمَشْقِيّ.
قرأَ عَلَى: ابْن ذَكْوَان، وَهِشَام.
وَحَدَّثَ عَنْ: سلاَّم المَدَائِنِيّ، وَأَبِي مُسْهِر
الغَسَّانِيّ.
تَلاَ عَلَيْهِ: ابْن شَنَبُوذ، وَأَبُو عَلِيٍّ
الحصَائِرِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ مُرّ الأَخْرَم،
وَجَعْفَر أَبِي دَاوُدَ، وَعِدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصح،
وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ بن ذَكْوَان،
وَآخَرُوْنَ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
وَمَاتَ: فِي صَفَر سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ إِمَاماً صَاحِب فنُوْنَ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي
القرَاءات وَالعَرَبِيَّة، ارْتَحَلَ إِلَيْهِ المقرئونَ:
كهِبَة اللهِ بن جَعْفَرٍ، وَأَبِي بَكْر النَّقَّاش،
وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّد بن
أَحْمَدَ الدَّاجونِيّ (1) ، وَغَيْرِهِم.
287 - مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَعْيَنَ أَبُو بَكْرٍ
البَغْدَادِيُّ **
المُحَدِّثُ، الصَّادِق، أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيّ.
__________
(*) معجم الأدباء: 19 / 263، إنباه الرواة: 3 / 361 - 362،
البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 277، طبقات القراء لابن
الجزري: 2 / 347 - 348، النجوم الزاهرة: 3 / 133،
طبقات المفسرين: 2 / 347، شذرات الذهب: 2 / 209، أخبار سنة
(291).
(1) الداجوني، بفتح الجيم: نسبة إلى داجون: قرية من قرى
الرملة. (انظر: الأنساب).
(* *) تاريخ بغداد: 2 / 128 - 129، المنتظم: 6 / 59.
(13/566)
حَدَّثَ بِمِصْرَ عَنْ: عَفَّان بن
مُسْلِم، وَعَاصِم بن عَلِيّ، وَأَبِي بَكْر بن أَبِي
شَيْبَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ
اللهِ بنِ حَيُّويَه، وَجَمَاعَة.
وَثَّقَه الخَطِيْب (1) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
288 - القَتَّاتُ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ
الكُوْفِيُّ *
المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرٍ الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَأَحْمَد بن يُوْنُسَ،
وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّد بن
عُمَرَ الجِعَابِيّ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ،
وَالحَسَن بن جَعْفَرٍ الحُرفِيّ، وَهُوَ أَخُو الحُسَيْن
بن جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْب الكُوْفِيّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ضَعِيْفاً...
تكلّمُوا فِي سَمَاعه مِنْ أَبِي نُعَيْم (2) .
تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ
ثَلاَثٍ مئَة.
وَفِي الشَّهْرِ تُوُفِّيَ مَعَهُ: المُعَمَّر.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 2 / 129.
(*) تاريخ بغداد: 2 / 129 - 130، المنتظم: 6 / 120، ميزان
الاعتدال: 3 / 501، عبر المؤلف: 2 / 115، لسان الميزان: 5
/ 106، شذرات الذهب: 2 / 236.
(2) تاريخ بغداد: 2 / 129، 130.
(13/567)
289 - أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ سَمَاعَةَ الحَضْرَمِيُّ *
الرَّاوِي أَيْضاً عَنْ أَبِي نُعَيْم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجِعَابِيّ، وَالإِسْمَاعِيلِيّ،
وَالحَسَن بن جَعْفَرٍ الحُرْفِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَهُوَ أَصلح حَالاً مِنَ القتَّات.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
290 - ابْنُ الإِمَامِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ
مُحَمَّدٍ الرَّبَعِيُّ ** (س (1))
الشَّيْخ، المُحَدِّث، الثِّقَة، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّد
بن جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّبَعِيّ، الحَنَفِيّ،
البَغْدَادِيّ، ابْن الإِمَام، نَزِيْل دِمْيَاط.
سَمِعَ: أَحْمَد بن يُوْنُس اليرْبُوعِيّ، وَإِسْمَاعِيْل
بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيّ،
وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ فِي (سنَنه)، وَقَالَ: هُوَ
ثِقَةٌ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْن، وَابْن عَدِيٍّ،
وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاش،
وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ يَوْم عيد النَّحْر، سَنَةَ ثَلاَثٍ مئَة.
__________
(*) الفهرست: المقالة السادسة: الفن الثاني، تاريخ بغداد:
2 / 188 - 189، وفيه أنه يكنى: أبا الحسن أو أبا الحسين،
المنتظم: 6 / 120، عبر المؤلف: 2 / 115، الوافي بالوفيات:
2 / 337، شذرات الذهب: 2 / 236.
(* *) تاريخ بغداد: 2 / 130 - 131، المنتظم: 6 / 120،
تهذيب الكمال: خ: 1182، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 194، عبر
المؤلف: 2 / 115، تهذيب التهذيب: 9 / 95، خلاصة تذهيب
الكمال: 330، شذرات الذهب: 2 / 236.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب "
(13/568)
291 - الوَادِعِيُّ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ حَبِيْبٍ الكُوْفِيُّ *
المُحَدِّثُ، الحَافِظ، الإِمَام، القَاضِي، أَبُو حَصِيْن
مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن حَبِيْب الوَادِعِيّ،
الكُوْفِيّ، صَاحِب (المُسْنَدِ).
سَمِعَ: أَحْمَد بن يُوْنُس، وَجندل بن وَالق، وَيَحْيَى
بن عبد الحمِيد، وَعَوْن بن سَلاَّمٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ، وَأَبُو
بَكْرٍ بن النَّجَّاد، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ عَمْرو،
وَأَبُو بَكْرٍ عَبْد اللهِ بن يَحْيَى الطَّلْحِيّ،
وَالطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وثَّقَه الدَّارَقُطْنِيّ.
تُوُفِّيَ بِالكُوْفَةِ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
292 - المَازِنِيُّ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ
حَيَّانَ
الشَّيْخ، الصَّدُوْق، المُحَدِّث، أَبُو العَبَّاسِ
مُحَمَّد بن حَيَّانَ المَازِنِيّ البَصْرِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَمْرِو بنِ مَرْزُوْق، وَأَبِي الوَلِيْدِ
الطَّيَالِسِيِّ، وَمُسَدَّد بن مُسَرْهَد، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: دَعْلَج السِّجْزِيّ، وَابْن قَانع،
وَالطَّبَرَانِيّ، وَفَاروق الخطَّابِيّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 229، المنتظم: 6 / 88، اللباب: 3 /
344 - 345، عبر المؤلف: 2 / 106، الوافي بالوفيات: 2 /
372، البداية والنهاية: 11 / 110، شذرات الذهب: 2 / 225.
والوادعي: نسبة إلى وادعة بن عمرو بن عامر بن ناشج...بطن
من همدان.
(13/569)
بَقِيَ إِلَى بَعْد التِّسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
293 - يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرِ بنِ حَسَنٍ السُّلَمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الزَّاهِد، القُدْوَة،
مُحَدِّثُ هَرَاةَ، أَبُو سَعْدٍ (1) الهَرَوِيّ.
سَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيّ، وَأَحْمَد بن
حَنْبَلٍ، وَأَبِي مُصعب، وَابْن رَاهْوَيْه، وَابْن
نُمَيْر، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَيَعْقُوْب بن كَاسِب،
وَحِبَّان بن مُوْسَى، وَعدد كَثِيْر مِنْ طَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عبد الصَّمَدِ الطَّسْتِيّ، وَأَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ خَلَف، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن
هَانِئ، وَعَلِيّ بن حُمْشَاذ، وَأَحْمَد بن عِيْسَى
الغيزَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
وَإِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَاد.
ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ وَقَالَ: تُوُفِّيَ
بهَرَاة فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2)
.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، زَاهِداً.
قُلْتُ: بَل الصَّحِيْح وَفَاته فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ عجباً فِي التَّأَلُّه وَالعِبَادَة، حَتَّى
قِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يرَ مِثْل نَفْسه، رَحْمَةُ اللهِ
عَلَيْهِ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْس عشر وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 14 / 225 - 226، طبقات الحنابلة: 1 /
410، المنتظم: 6 / 26، تذكرة الحفاظ: 2 / 691 - 692، عبر
المؤلف: 2 / 94، طبقات الحفاظ: 300، النجوم الزاهرة: 3 /
123، شذرات الذهب: 2 / 213.
(1) في طبقات الحنابلة: أبو سعيد.
(2) تاريخ بغداد: 14 / 225 - 226.
(13/570)
وَلَهُ كِتَاب: (أَحكَام القُرْآن)- قَالَ
الرّهَاوِيّ: لَمْ يسْبق إِلَى مثلهَا - وَكِتَاب: (شرف
النُّبُوَّة) وَكِتَاب: (الإِيْمَان).
وَلَهُ أَحفَاد وَأَسباط عُلَمَاء أَكَابر.
294 - أَحْمَدُ بنُ نَجْدَةَ بنِ العَرْيَانِ أَبُو
الفَضْلِ الهَرَوِيُّ *
المُحَدِّثُ، القُدْوَة، أَبُو الفَضْلِ الهَرَوِيّ.
رَحل، وَجَاور، وَسَمِعَ مِنْ: سَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ،
وَسَعِيْد بن سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ البَزَّار، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ المُغَفَّليّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ فِي الثِّقَات.
تُوُفِّيَ بهَرَاة، سَنَة سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، عَنْ سنٍّ عَالِيَةٍ.
وَهُوَ أَخُو مُعَاذ بن نَجدَة، الرَّاوِي عَنْ قَبِيْصَة
وَطبقتِه، وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
295 - الطَّهْمَانِيُّ أَبُو العَبَّاسِ عِيْسَى بنُ
مُحَمَّدٍ **
العَلاَّمَةُ، إِمَام اللُّغَة، أَبُو العَبَّاسِ عِيْسَى
بن مُحَمَّدٍ الطَّهمَانِيُّ، المَرْوَزِيُّ، الكَاتِب.
سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ،
وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: أَحْمَد بن الخَضِر، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ
العَنْبَرِيّ، وَعُمَر بن علَّك.
__________
(*) شذرات الذهب: 2 / 224.
(* *) تاريخ بغداد: 11 / 170 - 171، اللباب: 2 / 291 -
292، عبر المؤلف: 2 / 96، شذرات الذهب: 2 / 210 - 211.
والطهماني، بفتح الطاء، وسكون الهاء: نسبة إلى إبراهيم بن
طهمان.
(13/571)
وَكَانَ مِنْ رُؤسَاء المرَاوزَة.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعَ الطَّهمَانِيّ
يَقُوْلُ: رَأَيْتُ بخُوَارِزْم امْرَأَة لَا تَأَكل وَلا
تشرب، وَلا تَرُوث.
وَقَالَ وَلَدُهُ أَبُوْه صَالِح مُحَمَّد بن عِيْسَى:
مَاتَ أَبِي فِي صَفَر، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ يَحْيَى العَنْبَرِيّ: سَمِعْتُ الطَّهمَانِيّ
يحكِي شَأْن الَّتِي لاَ تَأَكل وَلاَ تشرب، وَأَنَّهَا
عَاشت كَذَلِكَ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَأنّه
عَاين ذَلِكَ.
قُلْتُ: سِقْت قصَّتهَا فِي (تَارِيْخ الإِسْلاَم) وَهِيَ:
رَحْمَة بِنْت إِبْرَاهِيْم، قُتل زوجهَا، وَترك وَلدين،
وَكَانَتْ مِسْكِيْنَة، فَنَامت فرأَت زوجهَا مَعَ
الشُّهَدَاء، يَأْكُل عَلَى موَائِد، وَكَانَتْ صَائِمَة،
قَالَتْ: فَاسْتَأْذَنَهُم، وَنَاولنِي كسرَةً، أَكلتهَا،
فَوَجَدتهَا أَطيب مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَاسْتيقظت
شبعَانَةً، وَاسْتمرت.
وهَذِهِ حِكَايَة صَحِيْحَة، فسبحَان القَادِر عَلَى كُلّ
شَيْء.
وَحَكَى الشَّيْخ عزّ الدّين الفَاروثِيّ: أَنَّ رَجُلاً
بَعْد الَسِّتّ مئَة كَانَ بِالعِرَاقِ، دَام سِنِيْنَ لاَ
يَأْكُل.
وَحَكَى لِي ثِقَات ممَّن لحق عَائِشَة الصَّائِمَة
بِالأَنْدَلُس، وَكَانَتْ حَيَّة سَنَة سبعٍ مئَة، دَامت
أَعْوَاماً لاَ تَأَكل.
(13/572)
296 - عِيْسَى بنُ مِسْكِيْنٍ أَبُو
مُحَمَّدٍ الإِفْرِيْقِيُّ *
شَيْخ المَالِكِيَّة بِالمَغْرِب، أَبُو مُحَمَّدٍ
الإِفْرِيْقِيّ، صَاحِب سَحْنُوْن.
أَخَذَ عَنْهُ: تَمِيْم بن مُحَمَّدٍ، وَحَمْدُوْن بن
مُجَاهِد الكَلْبِيّ، وَلُقْمَان الفَقِيْه، وَعَبْد اللهِ
بن مَسْرُور بن الحجَّام.
وَكَانَ ثِقَةً، وَرِعاً، عَابِداً، مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
وَلِي القَضَاء مكرهاً، فَكَانَ يَسْتَقي بِالجرَّة،
وَيترك التَّكلُّف.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ -رَحِمَهُ
اللهُ-.
297 - القَاضِي أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ
التَّمِيْمِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفيدُ، القَاضِي، أَبُو نُعَيْمٍ
الفَضْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَخْلَدٍ التَّمِيْمِيّ
الجُرْجَانِيّ.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ وَطبقتَه بِخُرَاسَانَ،
وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ، وَأَبَا الطَّاهِر بن السَّرْحِ
بِمِصْرَ، وَمُحَمَّد بن مُصَفَّى، وَهِشَام بن خَالِد
بِالشَّامِ.
وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَالزُّبَيْر بن
عَبْدِ الوَاحِدِ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الإِسْمَاعِيلِيّ: صَدُوْقٌ جَلِيل.
__________
(*) عبر المؤلف: 2 / 102 - 103، الديباج المذهب: 2 / 66 -
70، شذرات الذهب: 2 / 220.
(* *) تاريخ جرجان: 288 - 289.
(13/573)
وَقَالَ حَمْزَةُ (1) فِي (تَارِيْخِهِ):
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
298- جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ أَبُو مُحَمَّدٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
النَّيْسَابُوْرِيّ.
ذَكَرَهُ الحَاكِم، فَقَالَ: مِنْ أَكَابر الشُّيُوْخ،
وَأَكْثَرهم حَدِيْثاً وَإِتقَاناً.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه،
وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُفَ، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَأَبَا
مُصْعبٍ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا مَرْوَان مُحَمَّد بن
عُثْمَانَ بنِ خَالِد، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِبٍ،
وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ،
وَأَبَا كُرَيْب، وَخلقاً سِوَاهُم.
وَدَخَلَ الشَّام بِأَخَرَة، فَكَتَبَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ
عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَيُوْسُف بن سَعِيْدِ بنِ مُسَلَّم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
خُزَيْمَةَ، وَالمُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ
بنُ الشَّرْقِيِّ، وَالشُّيُوْخُ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ أَيْضاً: مُحَمَّد بن صَالِحِ بن
هَانِئ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ؛
وَيَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ بن حَمْدَانَ
- نَزِيْل خُوَارِزْم - وَأَبُو عَمْرٍو وَإِسْمَاعِيْل بن
نُجَيْد، وَمُحَمَّد بن العَبَّاسِ بنِ نَجِيح
البَغْدَادِيّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) هو: حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي، الحافظ، الامام،
الثبت، أبو القاسم، المتوفى سنة (427).
وهو صاحب كتاب " تاريخ جرجان " أو: " معرفة علماء أهل
جرجان ". انظر: تذكرة الحفاظ: 3 / 1089 - 1091.
(2) تاريخ جرجان: 288 - 289.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 191، المنتظم: 6 / 29.
(13/574)
حَدَّث بِنَيْسَابُوْرَ وَبغدَاد.
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ هَذَا الشَّأْن.
يَقَع لَنَا حَدِيْثُهُ عَالِياً فِي جُزء ابْن نُجيد.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ بن
إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ جَعْفَر بن مُحَمَّدِ
بنِ سَوَّارٍ: يَوْم الثلاَثَاء، لإِحْدَى عَشْرَةَ
لَيْلَة مَضَت مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة ثَمَانٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْن
خُزَيْمَةَ.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ وَزيَادَة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
التَّمِيْمِيّ (1) ، وَأَحْمَد بن هِبَةِ اللهِ بن
أَحْمَدَ (2) ، وَزَيْنَب بِنْت كِندي (3) سَمَاعاً، عَنِ
المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ الفُضَيْل الفَقِيْه (ح).
وَأَخْبَرَنَا الثَّلاَثَة، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ
مُحَمَّدٍ البَزَّاز، أَخْبَرَنَا تَمِيْم بن أَبِي
سَعِيْدٍ (ح).
وَأَخبرونَا عَنْ زَيْنَبَ بِنْت أَبِي القَاسِمِ،
قَالَتْ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ،
قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسْرور، أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجيد بن أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ
السُّلَّمِيّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا
المُغِيْرَة بن عبد الرَّحْمَن، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ،
عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ
تَعْلَمُوْنَ مَا أَعْلَمْ لَبَكَيْتُمْ كَثِيْراً،
وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيْلاً) (4) .
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 139.
(2) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ": خ: ق 21.
(3) تقدمت الإشارة إليها في الصفحة: (451)، ت: 2، عن "
مشيخة " المؤلف.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 257 و418 من طريقين عن
أبي الزناد بهذا الإسناد، وأخرجه البخاري 11 / 459 في
الايمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه
وسلم من طريق إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن
معمر، عن همام، عن أبي هريرة، وهو في " المسند " 2 / 312
من طريق عبد الرزاق عن معمر به، وأخرجه أحمد 2 / 453
والبخاري =
(13/575)
وَبإِسنَاده: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (قَالَ اللهُ عَزَّ
وَجَلَّ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) (1) .
299 - المُبَرِّدُ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ
يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الأَكْبَرِ *
إِمَامُ النَّحْو، أَبُو العَبَّاسِ، مُحَمَّد بن يَزِيْدَ
بنِ عَبْدِ الأَكْبَر الأَزْدِيّ، البَصري، النَّحْوِيّ،
الأَخْبَارِيّ، صَاحِب (الكَامِل).
أَخَذَ عَنْ: أَبِي عُثْمَانَ المَازِنِيِّ، وَأَبِي
حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَرَائِطِيّ، وَنِفْطَوَيْه،
وَأَبُو سَهْلٍ القَطَّانُ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار،
وَالصُّوْلِيّ، وَأَحْمَد بن مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيّ،
وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ إِمَاماً، علاَمَةً، جَمِيْلاً، وَسِيماً،
فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، مُوَثِّقاً
__________
= 11 / 273 في الرقاق من طريق الليث، عن عقيل، عن ابن
شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة وأخرجه الترمذي
(2313) من طريق عمرو بن علي الفلاس، عن عبد الوهاب الثقفي،
عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وهو في "
المسند " 2 / 502 من طريق يزيد، عن محمد بن عمرو به، وهو
فيه أيضا 2 / 432 من طريق ابن عجلان عن أبيه.
وفي الباب عن أنس عند البخاري 8 / 211، ومسلم (2359) وأحمد
3 / 102 و126 و154، و180 و192، وعن أبي هريرة عند أحمد 2 /
21 و240 و245 و251 و268 و290 وعن عائشة عند البخاري 11 /
458، ومسلم (901) وأحمد 6 / 164.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 8 / 265 في التفسير، و13
/ 390 في التوحيد من طريق أبي اليمان، عن شعيب، عن أبي
الزناد بهذا الإسناد، وأخرجه مسلم (993) في الزكاة من
طريقيين، عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد.
(*) طبقات النحويين واللغويين: 101 - 110، الفهرست:
المقالة الثانية: الفن الأول، تاريخ بغداد: 3 / 380 - 387،
المنتظم: 6 / 9 - 11، ضمن وفيات سنة (285)، معجم الأدباء:
19 / 111 - 122، إنباه الرواة: 3 / 241 - 253، وفيات
الأعيان: 4 / 313 - 322، عبر المؤلف: 2 / 74 - 75، الوافي
بالوفيات: 5 / 216 - 218 - البداية والنهاية: 11 / 79 -
80، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 250 - 251، طبقات القراء
لابن الجزري: 2 / 280، لسان الميزان: 5 / 430 - 432،
النجوم الزاهرة: 3 / 117، بغية الوعاة: 1 / 269 - 271،
طبقات المفسرين: 2 / 267 - 271، شذرات الذهب: 2 / 190 -
191.
(13/576)
صَاحِب نَوَادِر وَطُرَفٍ.
قَالَ ابْنُ حَمَّاد النَّحْوِيّ: كَانَ ثَعْلَب أَعلمَ
بِاللُّغَة، وَبنفس النَّحْو مِنَ المُبَرِّد، وَكَانَ
المُبَرِّدُ أَكْثَر تَفَنُّناً فِي جَمِيْع الْعُلُوم
مِنْ ثَعْلَب.
قُلْتُ: لَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَة، يُقَال: إِنَّ
المَازِنِيّ أَعجبه جَوَابُه، فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَأَنْت
المُبَرِّد، أَي: المُثْبِت للحقّ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ:
بِفَتْح الرَّاء (1) .
وَكَانَ آيَة فِي النَّحْوِ، كَانَ إِسْمَاعِيْل القَاضِي
يَقُوْلُ: مَا رَأَى المُبَرَّد مِثْلَ نَفْسه.
مَاتَ المُبَرَّد: فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
300 - العُكْبَرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ خَلَفُ بنُ عَمْرٍو *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الجَلِيْلُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ، خَلَف بن عَمْرٍو العُكْبَرِيّ.
حَجَّ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ الحُمَيْدِيِّ،
وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَحسن بن الرَّبِيْعِ، ومُحمَّد
بنِ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيّ.
__________
(1) ونقل ابن خلكان في " الوفيات ": 4 / 231، عن ابن
الجوزي في " الألقاب " أنه
قال: " سئل المبرد: لم لقبت بهذا اللقب ؟ فقال: كان سبب
ذلك أن صاحب الشرطة طلبني للمنادمة والمذاكرة، فكرهت
الذهاب إليه، فدخلت إلى أبي حاتم السجستاني، فجاء رسول
الوالي يطلبني، فقال لي أبو حاتم: ادخل في هذا - يعني:
غلاف مزملة فارغا - فدخلت فيه، وغطى رأسه.
ثم خرج إلى الرسول وقال: ليس هو عندي، فقال: أخبرت أنه دخل
إليك فقال: ادخل الدار وفتشها، فدخل، فطاف كل موضع في
الدار، ولم يفطن لغلاف المزملة، ثم خرج، فجعل أبو حاتم
يصفق وينادي على المزملة: المبرد، المبرد، وتسامع الناس
بذلك، فلهجوا به ".
والمزملة: بضم الميم، وفتح الزاي، والميم المشددة: جرة
خضراء يبرد فيها الماء.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 331 - 332، المنتظم: 6 / 84، عبر
المؤلف: 2 / 106، البداية والنهاية: 11 / 108، شذرات
الذهب: 2 / 225.
(13/577)
وَعَنْهُ: جَعْفَر الخُلْدِيّ، وَعَبْد
الصَّمَدِ الطَّستِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَأَبُو
القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَحَبِيْب القَزَّاز،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ بُخَيْت، وَآخَرُوْنَ.
وثِقَة الدَّارَقُطْنِيّ.
وَنَقَلَ الخَطِيْب: أَنَّ العُكْبَرِيّ هَذَا كَانَ لَهُ
ثَلاَثُوْنَ خَاتماً، وثَلاَثُوْنَ عُكَّازاً، يَلْبَسُ
كُلَّ يَوْمٍ خَاتماً، وَيَأْخُذُ عُكَّازاً، كَانَ مِنْ
ظُرفَاء بَغْدَاد وَمُحْتَشِمِيهِم (1) .
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ نجدَة العُرْيَان
الهَرَوِيّ (2) ، وَأَحْمَد بن حَمَّادٍ زُغبَة
التُّجِيبِيّ (3) ، وَأَحْمَد بن يَحْيَى الحُلْوَانِيّ
أَبُو جَعْفَرٍ، وَعَبْد اللهِ بن المُعْتزّ (4) ، وَأَبُو
حُصَيْن الوَادِعِيّ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ (5) ، وَأَبُو
شِهَاب مُعَمَّر بن مُحَمَّدٍ البَلْخِيّ، وَيُوْسُف بن
مُوْسَى القَطَّان الصَّغِيْر (6) ، وَأَحْمَد بن عَمْرٍو
القَطِرَانِيّ (7) ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ نَافِع
الطَّحَّان بِمِصْرَ.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 8 / 332.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (571)، برقم: (294)
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (533)، برقم: (265)
(4) انظر: المنتظم 6 / 84 - 88، وفيات الأعيان: 3 / 76 -
80، ومصادره فيه، و: شذرات الذهب: 2 / 221 - 224.
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة: (569)، برقم: (291)
(6) انظر: المنتظم: 6 / 89.
(7) تقدمت ترجمته في الصفحة: (506)، برقم: (251). وفيها
ذكر الذهبي وفاته سنة (295)
(13/578)
301 - البَيْهَقِيُّ أَبُو سُلَيْمَانَ
دَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَقِيْلٍ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، مُسنِد نَيْسَابُوْر،
أَبُو سُلَيْمَانَ، دَاوُد بن الحُسَيْنِ بنِ عَقِيْلٍ بن
سَعِيْدٍ الخُسْرَوْجِرْدِي البَيْهَقِيّ.
قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَسَعْد بن يَزِيْدَ
الفَرَّاء، وَقُتَيْبَة، وَإِسْحَاق، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ،
وَأَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَيَعْقُوْب بن كَاسِبٍ،
وَمُحَمَّد بن رُمْح، وَأَبَا التَّقيّ اليَزَنِيّ.
وَرَحَلَ، وَكَتَبَ الْكثير، وَجَوَّد.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ
مُسْلِمٍ، وَبِشْر بن أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيّ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
خرَّج البَيْهَقِيّ لَهُ كَثِيْراً فِي كُتُبِهِ.
مَاتَ بخُسْرَوْجِرْد، وَهِيَ: قَرْيَة كَبِيْرَة، فِي
سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
302 - مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ مُوْسَى **
ابْنِ الصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ
الأَنْصَارِيُّ الخَطْمِيُّ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ،
القُدْوَةُ، المُقْرِئُ، القَاضِي، أَبُو
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 6 / 2 أ - ب، تهذيب بدران: 5 /
199.
(* *) الجرح والتعديل: 8 / 135، تاريخ بغداد: 13 / 52 -
54، تاريخ ابن عساكر: خ: 17 / 129 ب - 130 ب، المنتظم: 6 /
96، تذكرة الحفاظ: 2 / 668 - 669، عبر المؤلف: 2 / 109،
طبقات السبكي: 2 / 345، البداية والنهاية: 11 / 111 - 112،
طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 317، طبقات الحفاظ: 291 -
292، شذرات الذهب: 2 / 226 - 227.
(13/579)
بكر ابْن القَاضِي الإِمَام أَبِي مُوْسَى،
الفَقِيْه الشَّافِعِيّ، قَاضِي نَيْسَابُوْر، وَقَاضِي
الأَهواز.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَمائَتَيْنِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: قَالُوْنَ عِيْسَى بن مِينَا - فَهُوَ
خَاتمَة أَصْحَابِه - وَعَنْ: أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ
اليَرْبُوْعِيّ، وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَعَلِيّ بن
المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى بن بِشْرٍ الحَريرِيّ، وَأَبِي
نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَأَبِيهِ إِسْحَاق الخَطْمِيّ،
وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانع، وَحَبِيْب
القَزَّاز، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَاسِي، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَهُوَ
ثِقَةٌ صَدُوْقٌ (1) .
وَقَالَ وَلَدُهُ أَحْمَد: قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ مِنْ
أَبِي كُرَيْبٍ ثَلاَثَ مائَة أَلْف حَدِيْث.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: كَانَ فَصِيْحاً، كَثِيْرَ
السَّمَاع، محموداً، يَنْتحل مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ (2) .
وَقَالَ ابْنُ المُنَادِي: بَلَغَنِي أَنَّهُ أَقرأَ
النَّاسَ القرآنَ، وَلَهُ ثَمَان عَشْرَةَ سَنَةً (3) .
وَرُوِيَ أَنَّ المُعْتَضِد وَصَّى وَزيرَه بِإِسْمَاعِيْل
القَاضِي، وَبمُوْسَى بن إِسْحَاقَ، وَقَالَ: بِهِمَا
يُدفع عَنْ أَهْل الأَرْض (4) .
__________
(1) الجرح والتعديل: 8 / 135.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 669.
(3) المصدر السابق، والزيادة منه.
(4) المصدر السابق.
(13/580)
قُلْتُ: يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً فِي
(القطيعيَّات).
وَجَاءَ عَنْ مُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ كَانَ لاَ
يُرَى مُتَبَسِّماً، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ: لاَ يحلُّ
لَكَ أَنْ تقضِيَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ يَقْضِي القَاضِي بَيْنَ
اثْنَيْن وَهُوَ غَضْبَان (1)).
فتبسَّم.
وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَل فِي وَرَعه.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ
بِالأَهواز.
303 - البُوْشَنْجِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
سَعِيْدٍ(2) * (خَ (3))
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفنُوْنَ،
شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مُوْسَى العَبْدِيّ، الفَقِيْه، المَالِكِيّ،
البُوْشَنْجِيّ، شَيْخ أَهْل الحَدِيْث فِي عصره
بِنَيْسَابُوْرَ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ شَرقاً وَغرباً، وَلقي الكِبَارَ، وَجَمَعَ،
وَصَنَّفَ، وَسَارَ ذكرُه، وَبَعُدَ صِيتُه.
__________
(1) أخرجه من حديث أبي بكرة البخاري 13 / 120، 121 في
الاحكام: باب هل يقضي الحاكم أو يفتي وهو غضبان، ومسلم
(1717) في الاقضية: باب كراهية قضاء القاضي وهو غضبان،
وأبو داود (3589) والترمذي (1334) والنسائي 8 / 237.
(2) في الأصل: بالسين والشين، وكتب فوقها: " معا ".
(*) الجرح والتعديل: 7 / 187، طبقات الحنابلة: 1 / 264 -
265، المنتظم: 6 / 48، تهذيب الكمال: خ: 1156، تذهيب
التهذيب:: خ: 3 / 178، تذكرة الحفاظ: 2 / 657 - 659، عبر
المؤلف: 2 / 90، الوافي بالوفيات: 1 / 342، طبقات السبكي:
2 / 189 - 207، تهذيب التهذيب: 9 / 8 - 10، طبقات الحفاظ:
286 - 287، خلاصة تذهيب الكمال: 324، شذرات الذهب: 2 /
205.
(3) زيادة من: " تهذيب التهذيب "
(13/581)
سَمِعَ: يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَروح بن
صلاَح، وَيُوْسُف بن عَدِيّ، وَمُحَمَّد بن سِنَانٍ
العَوَقيّ، وَمُسَدَّداً، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي
أُوَيْسٍ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ
اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ الضَّرير،
وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ
أَسْمَاء، وَأُمَيَّة بن بِسْطَام، وَأَبَا نَصْرٍ
التَّمَّارَ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعُبَيْد اللهِ بن
مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن حَمْزَةَ
الزُّبَيْرِيّ، وَسُلَيْمَان بن بِنْت شُرَحْبِيْل،
وَمحبوب بن مُوْسَى الأَنْطَاكِيّ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن
عِمْرَانَ بنِ مِقْلاص، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ
الحِزَامِيّ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيّ،
وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيّ،
وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيّ - وَهُمَا
أَكْبَر مِنْهُ - وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ،
وَابْن خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ
العَنْبَرِيّ، وَدَعْلَج السِّجْزِيّ، وَعَلِيّ بن
حَمْشَاذ، وَإِسْمَاعِيْل بن نُجَيد، وَخَلْقٌ
خَاتِمَتُهُم: أَبُو الفوَارِس أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ
جُمعَة، المتوفَّى بَعْد ابْن نُجَيد بعَام.
قَالَ دَعْلَج: حَدَّثَنِي فَقِيْهٌ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُد
بن عَلِيّ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ دَخَلَ عَلَيْهِم
يَوْماً، وَجَلَسَ فِي أُخريَات النَّاس، ثُمَّ إِنَّهُ
تَكَلَّمَ مَعَ دَاوُد، فَأُعْجِب بِهِ، وَقَالَ: لَعَلَّك
أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَقَامَ إِلَيْهِ، وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ، وَقَالَ:
قَدْ حضَركُم مَنْ يُفيد وَلاَ يَسْتَفيد (1) .
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: شَهدْتُ جَنَازَة
الحُسَيْن القَبَّانِيّ، فَصَلَّى بِنَا عَلَيْهِ أَبُو
عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فَلَمَّا أَرَادُوا
الاَنصرَاف، قُدِّمَتْ دَابَّةُ أَبِي عبد
__________
(1) انظر: تهذيب التهذيب: 9 / 8 - 9
(13/582)
الله، وَأَخَذَ أَبُو عَمْرٍو الخَفَّاف
بِلِجَامِه، وَأَخذ إمَام الأَئِمَّة بِرِكَابه، وَأَبُو
بَكْرٍ الجَارُوديُّ، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ
يُسَوِّيَان عَلَيْهِ ثيَابَه، فَلَمْ يمْنَع وَاحِداً
مِنْهُم، وَمَضَى (1) .
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: قَالَ لِي
البُوْشَنْجِيّ مرَّةً: أَحسنت.
ثُمَّ التفتَ إِلَى أَبِي، وَقَالَ: قُلْتُ لابْنك:
أَحسنت، وَلَوْ قُلْتُ: هَذَا لأَبِي عُبَيْدٍ لفَرح بِهِ
(2) .
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ نُجيد: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ
سَعِيْد بن إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: تقدَّمْتُ لأُصَافح
أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ تَبَرُّكاً بِهِ،
فَقَبَض عَنِّي يدَه، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ!
لَسْتُ هُنَاكَ (3) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المُزَكِّي:
أَخْبَرَنَا البُوْشَنْجِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ،
عَنِ ابْنِ مَهْدِيّ، عَنْ زُهَيْر بنِ مُحَمَّد، عَنْ
صَالِح بن كَيْسَان، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
أُمَامَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (البَذَاذَة مِنَ الإِيْمَان (4)).
فَقَالَ البُوْشَنْجِيّ: البذَاء خِلاَفُ البَذَاذَة،
إِنَّمَا البذَاء: طول
__________
(1) انظر الخبر في: تذكرة الحفاظ: 2 / 658، و: تهذيب
التهذيب: 9 / 9
(2) تهذيب التهذيب: 9 / 9
(3) طبقات السبكي: 2 / 191.
(4) رجاله ثقات، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 1 / 9 من
طريق أحمد بهذا الإسناد إلا أنه قال: عن صالح بن أبي صالح
بدل " صالح بن كيسان " وهو خطأ منه أو من بعض الرواة، ولم
ينبه عليه الامام الذهبي في " مختصره ".
وأخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " لوحة 307 من طريق زهير
بن محمد عن صالح بن كيسان.
وأخرجه ابن ماجه (4118) من طريق أسامة بن زيد، والطبراني
في " الكبير " 1 / 40 / 1 من طريق شبيب بن سلمة كلاهما عن
عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه.
وأخرجه أبو داود (4161) من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن
أبي أمامة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة
وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 478، و4 / 151 من
طريق عبد الحميد بن جعفر، عن =
(13/583)
اللِّسَان برمِي الفَواحش وَالبُهْتَان،
وَالبَذَاذَة: رثَاثَة الثِّيَاب فِي الْملبس وَالمَفْرَش،
تواضعاً عَنْ رَفيع الثِّيَاب وثَمِين الملاَبس
وَالمُفْتَرَش، وَهِيَ ملاَبس أَهْل الزُّهْد، يُقَال:
فُلاَن بذُّ الهيئَة: رثّ الملبَس (1) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر: سَمِعْتُ
البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ للمُسْتملِي: الزَم لَفظِي،
وَخَلاَك ذمّ (2) .
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى،
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ فِي
معنَى قَوْل النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (لَوْ كَانَ القُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا
مَسَّتْهُ النَّارُ (3)).
قَالَ: مَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ حَمَلَ القُرْآن وَقرأَه،
لَمْ تَمَسَّهُ النَّار.
الحَاكِم: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن
يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ
غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، وَذِكْرُه يَمْلأ الْفَم.
وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ،
سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: عَبْد
العَزِيْزِ بن مُحَمَّدٍ الأَندرَاوَرْديّ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ،
حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ،
حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَزْدِيّ
قَاضِي الرَّيّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
__________
= عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك،
عن أبي أمامة. وعبد الله وعبد الرحمن كلاهما ثقة.
(1) قال الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 478: فكان معنى
قوله صلى الله عليه وآله وسلم " البذاذة من الايمان " أي:
أنها من سيماء أهل الايمان، إذ معهم الزهد والتواضع وترك
التكبر كما كان الأنبياء صلوات الله عليهم في مثل ذلك.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 658
(3) أخرجه أحمد 4 / 155 من طريق حجاج، وحميد بن زنجويه من
طريق إسحاق بن عيسى، والدارمي 2 / 430 من طريق عبد الله بن
يزيد، ثلاثتهم عن عبد الله بن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن
عقبة بن عامر وسند الدارمي قوي، لان عبد الله بن يزيد أحد
العباد له الذين سمعوا من ابن لهيعة قبل احتراق كثبه،
فحديثهم عنه صحيح.
(13/584)
عُمِير، عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِن عَائِشَةَ وَلاَ أَعْرَبَ،
لَقَدْ رأَيْتُهَا يَوْمَ الجَمَل، وَثَارَ إِلَيْهَا
النَّاس، فَقَالُوا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ!
حَدِّثِينَا عَنْ عُثْمَانَ وَقَتْلِه، فَاسْتجلَسَتِ
النَّاس، ثُمَّ حَمِدت الله، وَأَثنتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ
قَالَتْ:
أَمَّا بَعْد... فَإِنَّكُم نَقَمْتم عَلَى عُثْمَانَ
خِصَالاً ثَلاَثاً: إِمرَة الفَتَى، وَضَرْبَة السَّوط،
وَمَوْقع الغمَامَة المُحْمَاة، فَلَمَّا أَعْتَبَنَا
مِنْهُنَّ، مُصَتُّمُوهُ مَوْصَ الثَّوب بِالصَّابُوْنَ،
عَدَوتم بِهِ الفُقَر الثَّلاَث: حُرْمَة الشَّهْرِ
الحَرَام، وَحُرْمَةَ البَلَدِ الحَرَام، وَحُرِمَة
الخِلاَفَة، وَاللهِ لَعُثْمَان كَانَ أَتْقَاكُم
للرَّبِّ، وَأَوْصَلَكُم للرَّحِمِ، وَأَحْصَنَكُم
فَرْجاً.
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلكُم
(1) .
قَالَ البُوْشَنْجِيّ: إِمرَة الفَتَى: عَزْلُه سَعْداً،
وَتوليتُه مَكَانه الوَلِيْد بن عُقْبَةَ، لِقَرَابَتِهِ
مِنْهُ.
وضَربَةُ السُّوْط: فَإِنَّهُ تنَاول عَمَّاراً، وَأَبَا
ذَرٍّ ببَعْض التَّقْويم.
وَموقع الغَمَامَة: فَإِنَّهُ حمَى أَحمَاء فِي بِلاَد
العَرَب لإِبل الصَّدَقَة، وَقَدْ فَعَلَه عُمَر، فَمَا
أَنْكَرَه النَّاس، وَالموْص: الغَسْل، وَالفُقْر: الفُرَص
(2) .
الحَاكِم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى
الأَدِيْب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ
الدِّمَشْقِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن يَزِيْدَ
بنِ جَابِر، قَالَ: رَأَيْتُ فِي المقسلاَط صَنَماً مِنْ
نُحَاس، إِذَا عَطِش، نَزَل، فَشَرِبَ.
ثُمَّ قَالَ البُوْشَنْجِيّ: رُبَّمَا تكلَّمَتِ
العُلَمَاءُ عَلَى سَبِيْل تفَقُّدِهِم مقدَار أَفهَام
حَاضِريهم، تَأْديباً لَهُم، وَتَنبيهاً عَلَى العِلْم،
وَامتحَاناً لأَوهَامهِم، فَهَذَا ابْن جَابِر، وَهُوَ
أَحَد عُلَمَاء الشَّام، وَلَهُ كتب فِي العِلْمِ،
__________
(1) طبقات السبكي: 2 / 199
(2) انظر: المصدر السابق: 2 / 199 - 200 وفي " النهاية "
قال الازهري: الفقر: جمع فقرة: وهي الامر العظيم الشنيع.
(13/585)
يَقُوْلُ هَذَا، وَالمقسلاَط: مَوْضِعٌ
بِدِمَشْقَ بسُوق الدَّقيق، يُرِيْد أَنَّ الصَّنم لاَ
يَعْطش، وَلَوْ عَطِش نَزَل فَشرب، فينفِي عَنْهُ
النُّزُول وَالعَطَش (1) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ،
سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ قُتَيْبَة بن سَعِيْد،
سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ سُلَيْمٍ يَقُوْلُ: الأَرُزُّ مِنْ
طَعَام الكِرَام.
قَالَ قُتَيْبَةُ: فَلَمَّا حَجَجْتُ صَيَّروهُ حَدِيْثاً،
فَكَانُوا يَجِيْئون بِبَغْدَادَ، فَيَقُوْلُوْنَ: حَدِيْث
الأَرز، حَدِيْث الأَرز.
سَمِعْتُ العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ
أَبَا صَالِحٍ الفَرَّاء، سَمِعْتُ يُوْسُف بن أَسْبَاط
يَقُوْلُ: قَالَ لِي سُفْيَان: إِذَا رَأَيْت القَارِئ
يَلُوذ بِالسُّلْطَان، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لِصُّ، وَإِذَا
رَأَيْتهُ يلوذُ بِالأَغنيَاء فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُرَاءٍ،
وَإِيَّاك أَنْ تُخْدَع، وَيُقَالُ لَكَ: تردُّ مظلمَةً،
وَتدفعُ عَنْ مَظْلُوم، فَإِنَّ هَذِهِ خِدعَةُ إِبليس،
اتَّخَذَهَا القُرَّاءُ سُلَّماً.
وَسَمِعْتُ العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ
يَقُوْلُ: ابْن إِسْحَاقَ عِنْدنَا ثِقَةٌ ثِقَةٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بن حَمْدَانَ، سَمِعْتُ
أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ
يَكُنْ فِي أَبِي عَبْدِ اللهِ مِنَ البُخْل بِالعِلْمِ
مَا كَانَ، مَا خَرَجتُ إِلَى مِصْرَ (2) .
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ
البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ العِلْم وَالفِقْه
بِغَيْر أَدبٍ، فَقَدْ اقتحمَ أَن يكذب عَلَى اللهِ
وَرَسُوْله.
ذكر السُّلَيمَانِيُ الحَافِظ أَبَا عَبْدِ اللهِ
البُوْشَنْجِيّ، فَقَالَ: أَحَد أَئِمَّة أَصْحَاب مَالِك.
__________
(1) انظر: طبقات السبكي: 2 / 194.
(2) المصدر السابق: 2 / 190
(13/586)
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ: كَانَ
مقَام أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ بِنَيْسَابُوْرَ
عَلَى اللَّيْثِيَّةِ، فَلَمَّا انْقَضتْ أَيَّامُهُم،
خَرَجَ إِلَى بُخَارَى، إِلَى حضَرَة الأَمِيْر
إِسْمَاعِيْل، فَالتَمَس مِنْهُ - بَعْد أَن أَقَامَ
عِنْدَهُ برهَة - أَن يكْتب أَرزَاقه بِنَيْسَابُوْرَ.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن الحَسَنِ الطُّوْسِيّ،
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ:
وَصَلنِي مِنَ اللَّيْثِيَّة سبعُ مائَة أَلْف دِرْهَم (1)
.
وَقَالَ دَعْلَج: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: -
وَأَشَار إِلَى ابْنِ خُزَيْمَة -: كيِّسٌ، وَأَنَا لاَ
أَقُول ذَا لأَبِي ثَوْرٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: رَوَى
البُخَارِيّ حَدِيْثاً فِي (الصَّحِيْحِ)، عَنْ أَبِي
عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ.
قَالَ ابْنُ الذّهبِيّ (2) فِي (الصَّحِيْحِ (3)):
حَدَّثَنَا مُحَمَّد، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
النُّفَيْلِيُّ... فَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي تَفْسِيْر
سُوْرَة* البَقَرَة* ، فَإِن لَمْ يَكُنِ البُوْشَنْجِيّ،
فَهُوَ مُحَمَّد بن يَحْيَى، وَالأَغلب أَنَّهُ
البُوْشَنْجِيّ، لأَنَّ الحَدِيْث بِعَيْنِهِ قَدْ رَوَاهُ
الحَاكِم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي نَصْرٍ،
حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ،
حَدَّثَنَا مِسْكِيْن بن بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،
عَنْ خَالِد الحَذَّاء، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَر، عَنْ
رَجُلٍ، وَهُوَ ابْن عُمَرَ: أَنَّهَا نُسخت : {إِنْ
تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُم} الآيَة [الْبَقَرَة: 284].
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 658
(2) هو المؤلف نسبة إلى صنعة أبيه، وقد قيد اسمه في كثير
من مؤلفاته " بابن الذهبي " وكثير ممن عاصر المؤلف يلقبه
بالذهبي، فلعله كان يمارس صنعة أبيه.
(3) 8 / 153، 154 في تفسير سورة البقرة: باب (وإن تبدوا ما
في أنفسكم أو تخفوه...) قال الحافظ: اختلف في محمد هذا،
فقال الكلاباذي: هو ابن يحيى الذهلي فيما
أراه، قال: وقال لي الحاكم: هو محمد بن إبراهيم البوشنجي،
قال: وهذا الحديث مما أملاه البوشنجي بنيسابور...وكلام أبي
نعيم يقتضي أنه محمد بن إدريس أبو حاتم الرازي، فإنه أخرجه
من طريقه، ثم قال: أخرجه البخاري عن محمد، عن النفيلي.
(13/587)
الحَاكِم: حَدَّثَنَا الأَصَمُّ،
حَدَّثَنَا الصَّغَانِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ... فَذَكَرَ
حَدِيْثاً، ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثنَاهُ مُحَمَّد
بن جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ.... فذَكَرَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
السَّلاَم التَّميم مُدَرِّس الشَّامِيّة (1) ، وَأَبُو
الفَضْلِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ (2) ، وَزَيْنَب بِنْتِ
كِنديّ (3) قِرَاءةً عَلَيْهِم، عَنِ المُؤَيَّد بن
مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، وَعَبْد المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ
الهَرَوِيّ، وَزَيْنَب بِنْت أَبِي القَاسِمِ الشَّعرِيّ.
قَالَ المُؤَيَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ
الصَّاعديّ.
وَقَالَ عَبْدُ المُعزِّ: أَخْبَرَنَا تَمِيْم بن أَبِي
سَعِيْدٍ المُعَلِّم.
وَقَالَتْ زَيْنَبُ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي
القَاسِمِ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسرورٍ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عَمْرٍو بنُ نُجيدٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ صلاَحٍ
المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عَلِيٍّ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (الحَسَدُ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ
القُرْآنَ، فَقَامَ بِهِ، وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمَ
حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَوَصَلَ مِنْهُ
أَقْرِبَاءهُ وَرَحِمَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللهِ،
تَمَنَّى أَنْ يَكُوْنَ مِثْلَهُ، وَمَنْ تَكُنْ فِيْهِ
أَرْبَعٌ، لَمْ يَضُرَّه مَا زُوِيَ عَنْهُ مِنَ
الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيْقَةٍ، وَعَفَافٌ، وَصِدْقُ
حَدِيْثٍ، وَحِفْظُ أَمَانَةٍ) (4) .
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 139
(2) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (46)، ت: 1، عن " مشيخة
" المؤلف.
(3) تقدمت الإشارة إليها في الصفحة: (451)، ت: 2، عن "
مشيخة " المؤلف.
(4) وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " ونسبه لابن عساكر
في تاريخه، وذكره المصنف في " الميزان " 2 / 58 في ترجمة
روح بن صلاح، ورواه السبكي في " طبقاته " 2 / 192 من طريق
المؤلف بهذا الإسناد.
وللبخاري في " صحيحه " 9 / 65، ومسلم " 815) من حديث ابن
عمر مرفوعا: =
(13/588)
حديثٌ غَرِيْبٌ، عَالٍ جِدّاً.
وَرَوْحٌ: ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ
حِبَّانَ فِي (الثِّقَاتِ)، وَبَالَغَ الحَاكِمُ، فَقَالَ:
ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَقَدْ طوَّلَ الحَاكِمُ تَرْجَمَةَ البُوْشَنْجِيِّ
بِفنُوْنٍ مِنَ الفَوَائِدِ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي غُرَّةِ المُحرَّمِ، سَنَةَ
إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَلخِ ذِي الحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ
تِسْعِيْنَ، فدُفنَ مِنَ الغَدِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ
خُزَيْمَةَ.
وَبُوْشَنْجُ - بِشِينٍ مُعجمَةٍ -: قيَّده أَبُو سَعْدٍ
السَّمْعَانِيُّ (1) وَقَالَ: بَلدَةٌ عَلَى سَبْعَةِ
فرَاسخَ مِنْ هَرَاةَ.
قُلْتُ: وَبَعْضُهُم يَقُوْلُهَا بِسِيْنٍ مُهْمَلَةٍ.
__________
= " لا حسد إلا على اثنتين رجل آتا الله القرآن، فقام به
آناء الليل وآناء النهار، ورجل أعطاه الله مالا، فهو ينفقه
آناء الليل وآناء النهار " والحسد: أن يرى الرجل لأخيه
نعمة، فيتمنى أن تزول عنه، وتكون له دونه، وهذا مذموم
ومنهي عنه، والمراد من الحسد في هذا الحديث: هو أن يتمنى
الرجل أن يكون له مثل النعمة التي يراها في غيره، ولا
يتمنى زوالها عن.
(1) الأنساب: 2 / 332.
(13/589)
بِعَونِهِ تَعَالَى وَتَوفِيقِهِ تَمَّ
الجُزءُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ (سِيَرِ أَعلاَمِ
النُّبَلاَءِ)، وَيَلِيهِ الجُزءُ الرَّابِعَ عَشَرَ،
وَأوَّلُه تَرجَمَةُ: ثَعْلَبٍِ، أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى.
(13/590)
الجُزْءُ الرَّابِعَ عَشَرَ
1 - ثَعْلَبٌ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ
يَزِيْدَ الشَّيْبَانِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بنِ يَزِيْدَ
الشَّيْبَانِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَغْدَادِيُّ،
صَاحِبَ(الفَصِيْحِ وَالتَّصَانِيْفِ).
وُلِدَ:سَنَةَ مائَتَيْنِ، وَكَانَ يَقُوْلُ:ابتَدَأْتُ
بِالنَّظَر وَأَنَا ابْنُ ثمَانِي عَشْرَة سَنَةً (1) ،
وَلَمَّا بَلَغْتُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا
بَقِيَ عليَّ مَسْأَلَةٌ للفَرَّاءِ، وَسَمِعْتُ مِنَ
القَوَارِيْرِيِّ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ:وَسَمِعَ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ الجُمَحِيّ،
__________
(*) مروج الذهب: 2 / 497 496، طبقات النحويين واللغويين:
150 141، فهرست ابن النديم: 111 110، تاريخ بغداد: 5 / 212
204، الأنساب: 555 / ب، نزهة الالباء: 232 228، المنتظم: 6
/ 45 44، معجم الأدباء: 5 / 146 102، إنباه الرواة: 1 /
151 138، تهذيب الأسماء واللغات: 2 / 275، وفيات الأعيان:
1 / 104 102، تذكرة الحفاظ: 2 / 667 666، العبر: 2 / 88،
دول الإسلام: 1 / 176، الوافي بالوفيات: 8 / 245 243، مرآة
الجنان: 2 / 220 218، البداية والنهاية: 11 / 98، البلغة
في تاريخ أئمة اللغة: 35 34، طبقات القراء للجزري: 1 / 149
148، النجوم الزاهرة: 3 / 133، طبقات الحفاظ: 290، بغية
الوعاة: 1 / 398 396، مفتاح السعادة: 1 / 146 145، شذرات
الذهب: 2 / 208 207.
(1) في " معجم الأدباء " 5 / 108: " ابتدأت النظر في
العربية والشعر واللغة في سنة ست عشرة، ومولدي سنة مئتين "
و" انظر إنباه الرواة " 10 / 139.
(14/5)
وَابنِ الأَعْرَابِيّ، وَعَلِيِّ بنِ
المُغِيْرَةِ، وَسَلَمَة بنِ عَاصِمٍ، وَالزُّبَيْر بنِ
بَكَّار.
وَعَنْهُ:نِفْطَوَيْهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ
اليَزِيْدِيّ، وَالأَخْفَشُ الصَّغِيْرُ، وَابْنُ
الأَنْبَارِيِّ، وَأَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ، وَأَحْمَدُ
بنُ كَامِلٍ، وَابْنُ مِقْسَمٍ الَّذِي رَوَى
عَنْهُ(أَمَالِيْهِ).
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :ثِقَةٌ حُجَّة، دَيِّنٌ صَالِحٌ،
مَشْهُوْرٌ بِالحِفْظِ.
وَقِيْلَ:كَانَ لاَ يَتَفَاصَحُ فِي خِطَابِهِ.
قَالَ المُبَرِّدُ:أَعْلَمُ الكُوْفِيّين ثَعْلَبٌ.
فَذُكِرَ لَهُ الفَرَّاءُ، فَقَالَ:لاَ يَعْشُرُهُ (2) .
وَكَانَ يُزرِي عَلَى نَفْسِهِ، وَلاَ يعدُّ نَفْسَهُ.
قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ:فرَأَيْتُ النَّبِيّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ فَقَالَ
لِي:أَقرِئ أَبَا العَبَّاسِ السَّلاَمَ، وَقُلْ
لَهُ:إِنَّكَ صَاحِبُ العِلْمِ المُسْتَطِيلِ (3) .
قَالَ القِفْطِيُّ (4) :كَانَ يكرِّرُ عَليَّ كُتُبَ
الكِسَائِيّ، وَالفَرَّاء، وَلاَ يَدْرِي مَذْهَبَ
البَصْرِيّين، وَلاَ كَانَ مُسْتَخْرِطاً (5) لِلْقِيَاس.
وَقَالَ الدِّيْنَوَرِيُّ:كَانَ المُبَرِّدُ أَعْلَمَ
بكتَابِ سِيْبَويْهْ مِنْ ثَعْلب.
__________
(1) في " تاريخه " 5 / 205.
(2) أي: لا يبلغ عشر علمه، والخبر في " إنباه الرواة " 1 /
142.
(3) أورد الخبر مطولا القفطي في " إنباه الرواة " 1 / 143،
144، وابن خلكان في " الوفيات " 1 / 102، 103، وابن مجاهد:
هو أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس من شيوخ القراء توفي
سنة 324 ه.
وسترد ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(4) في الانباه 1 / 144.
(5) في الأصل: مستخرط، وهو خطأ، وفي " الانباه " و" معجم
الأدباء ": ولا كان مستخرجا للقياس ولا طالبا له.
(14/6)
وَقِيْلَ:كَانَ ثَعْلَبٌ يُبَخَّل (1) ،
وَخَلَّفَ سِتَّةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
وَكَانَ صَحِبَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرِ،
وَعَلَّمَ وَلدَهُ طَاهِراً فَرَتَّبَ لَهُ أَلْفاً فِي
الشَّهْرِ.
وَلَهُ:كِتَابُ(اخْتِلاَفِ النَّحْوِييِّن)،
وَكِتَابُ(القِرَاءاتِ)، وَكِتَابُ(مَعَانِي القُرْآنِ)،
وَأَشْيَاءٌ (2) .
وعُمِّرَ، وَأَصَمَّ، صَدَمَتْهُ دَابَّةٌ، فَوَقَعَ فِي
حُفرَةٍ، وَمَاتَ مِنْهَا فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ
إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
2 - أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ الجُمَحِيُّ
*
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الأَدِيْبُ،
الأَخْبَارِيُّ، شَيْخُ الوَقْتِ، أَبُو خَلِيْفَةَ
الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ.
وَاسمُ الحُبَابِ:عَمْرُو بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبٍ
الجُمَحِيُّ، البَصْرِيُّ، الأَعْمَى.
وُلِدَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمائَتَيْنِ، وَعُنِيَ بِهَذَا
الشَّأْنِ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، فسَمِعَ فِي سَنَةِ
عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَلقِيَ الأَعْلاَمَ، وَكَتَبَ
عِلْماً جمّاً.
__________
(1) قال القفطي: " وأما إقتاره على نفسه، فكان غاية فيه.."
ثم ساق خبرا في ذلك انظر " الانباه " 1 / 148.
(2) أنظرها في " فهرست " ابن النديم ص 111.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 151، فهرست ابن النديم: 165،
طبقات الحنابلة: 1 / 251 249 مختصر طبقات علماء الحديث
لابن عبد الهادي: الورقة 116 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 671
670، العبر: 2 / 130، ميزان الاعتدال: 3 / 350، دول
الإسلام: 1 / 185، نكت الهميان: 227 226، مرآة الجنان: 2 /
246، البداية والنهاية: 11 / 128، طبقات القراء للجزري: 2
/ 9 8، لسان الميزان: 4 / 440 438، طبقات الحفاظ: 292،
بغية الوعاة: 2 / 245، النجوم الزاهرة: 3 / 193، شذرات
الذهب: 2 / 246
(14/7)
سَمِعَ:القَعْنَبِيَّ، وَمُسْلِمَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ
كَثِيْرٍ، وَعَمْرَو بنَ مَرْزُوْقٍ، وَأَبَا الوَلِيْدِ
الطَّيَالِسِيَّ، وَشَاذ بنَ فَيَّاضٍ، وَالوَلِيْدَ بنَ
هِشَامٍ القَحْذَمِيَّ، وَحَفْصَ بنَ عُمَرَ الحَوْضِيَّ،
وَمُسَدَّدَ بنَ مُسَرْهَدٍ، وَعُثْمَانَ بنَ الهَيْثَمِ
المُؤَذِّن، وَأَبَا مَعْمَرٍ المُقْعَد، وَعَلِيَّ بنَ
المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ
الحَجَبِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سَلاَّمٍ الجُمَحِيَّ،
وَأَخَاهُ؛عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ سَلاَّمٍ، وَعبدَ
الرَّحْمَنِ بنَ المُبَارَكِ العَيْشِيَّ، وَخَلقاً
كَثِيْراً.
وَتَفَرَّد بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَكْثَرِ هَؤُلاَءِ.
وَلَقَدْ كَتَبَ حَتَّى رَوَى عَنْ أَبِي القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيّ تِلْمِيذِهِ.
وَكَانَ ثِقَةً، صَادِقاً، مَأْمُوْناً، أَدِيْباً،
فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، رُحِلَ إِلَيْهِ مِنَ الآفَاقِ،
وَعَاشَ مائَةِ عَامٍ سِوَى أَشْهُرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَوَانَةَ فِي(صَحِيْحِهِ)، وَأَبُو
بَكْرٍ الصُّوْلِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ،
وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الجعَابِيّ،
وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو
الشَّيْخِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ مُظَاهِر، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ خَلاَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ (1) ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ الأَصْبَهَانِيّ، وَعُمَرُ
بنُ جَعْفَرٍ البَصْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ السُّنِّيِّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ
المِيْمَذِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
دَهْثَمٍ الطَّرَسُوْسِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ
الإصْطَخْرِيّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ
الأَبِيوَردِيّ - نَزِيْلُ مَكَّةَ، شَيْخٌ لَحِقَهُ أَبُو
عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيّ (2) - وَسَهْلُ بنُ أَحْمَدَ
الدِّيبَاجِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ
__________
(1) نسبة إلى مدينة " رامهرمز " إحدى كور الاهواز من بلاد
خوزستان، وهو أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد
الرامهرمزي الامام الحافظ المحدث الثبت صاحب التصانيف
المتوفى سنة 360 ه وسترد ترجمته في الجزء السادس عشر من
هذا الكتاب، وانظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 905، 907، و"
العبر " 2 / 321، 322.
(2) بفتحات وسكون النون كما في " الشذرات " نسبة إلى
طلمنكة: مدينة بالاندلس =
(14/8)
مُحَمَّدَ بنِ العَبَّاسِ البَصْرِيّ،
وَغَيْرهُم.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المَحَامِلِيّ:أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَلِيْفَة:سَمِعْتُ أَبِي
يَقُوْلُ:
حَضَرْنَا يَوْماً عِنْد خَلِيْلٍ أَمِيْرِ البَصْرَةِ،
فجرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي خَلِيْفَةَ كَلاَمٌ.
فَقَالَ لَهُ:مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا المُتَكَلِّمُ؟
فَقَالَ:أَيُّهَا الأَمِيْرُ!مَا مِثْلكَ مَنْ جَهِلَ
مِثْلِي!أَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ،
أَفَهَلْ يَخْفَى القَمَرُ؟!
فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، وَقضَى حَاجَتَهُ، وَلَمَّا خَرَجَ،
سأَلُوهُ، فَقَالَ:مَا كَانَ إِلاَّ خَيراً، أَحْضَرَنِي
مَأْدُبَتَهُ، فَأَبطَّ، وَأَدَجَّ، وَأَفْرَخَ،
وَفَوْلَجَ لَوْذَج، ثُمَّ أَتَانِي بِالشَّرَاب،
فَقُلْتُ:مَعَاذَ اللهِ، فَعَاهَدَنِي أَنْ آتيَ
مَأْدُبَتَهُ كُلَّ يَوْمٍ.
فَكَانَ إِنسَانٌ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، فَيَحْمِلُهُ
إِلَى الأَمِيْرِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:كُنْتُ أَقرأُ عَلَى أَبِي خَلِيْفَةَ
كِتَابَ(طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ)وَغَيْر ذَلِكَ، قَالَ:
فواعَدَنَا يَوْماً، وَقَالَ:لاَ تَخْلِفُوْنِي فَإِنِّي
أتَّخِذُ لَكُمْ خَبِيْصَةً، فتَأَخَّرْتُ لِشُغْلٍ عَرَضَ
لِي، ثُمَّ جِئْتُ وَالهَاشِمِيُّونَ عِنْدَهُ، فَلَمْ
يَعْرِفْنِي الغُلاَمُ، وَحَجَبَنِي فكَتَبْتُ إِلَيْهِ:
أَبَا خَلِيْفَةَ تَجْفُو مَنْ لَهُ أَدَبٌ ... وَتُؤْثِرُ
الغُرَّ مِنْ أَوْلاَدِ عَبَّاسِ
وَأَنْتَ رَأْسُ الوَرَى فِي كُلِّ مَكْرُمَةٍ ... وَفِي
العُلومِ وَمَا الأَذنَابُ كَالرَّاسِ
مَا كَانَ قَدْرُ خَبِيْصٍ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا ... فِيْهِ
فَيَخْتَلِطُ الأَشرَافُ بِالنَّاسِ
فَلَمَّا قرأَهَا صَاحَ عَلَى الغُلاَمِ، ثُمَّ دَخَلْتُ،
فَقَالَ:أَسأْتَ إِلَيْنَا بِتَغَيُّبِكَ، فَظَلَمْتَنَا
فِي تَعَتُّبِكَ، وَإِنَّمَا عُقِدَ المَجْلِسُ بِكَ،
وَنَحْنُ فِيمَا فَاتَنَا بتَأَخُّرِكَ كَمَا أَنْشَدَنِي
التَّوزِيّ لِمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ نَدِم،
فَتَزَوَّجَتْ رَجُلاً،
__________
= وهو الامام المقرئ المحقق المحدث الحافظ الاثري أبو عمر
أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى المعافري الأندلسي
المتوفى سنة 429 ه، وسترد ترجمته في الجزء السابع عشر من
هذا الكتاب، وانظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1098، وغاية
النهاية 1 / 120.
(14/9)
فَمَاتَ حِيْنَ دَخَلَ بِهَا،
فتَزَوَّجَهَا الأَوَّلُ، فَقَالَ:
فَعَادَتْ لَنَا كَالشَّمْسِ بَعْدَ ظَلاَمِهَا ... عَلَى
خَيْرِ أَحْوَالٍ كَأَنْ لَمْ تُطَلَّقِ
ثُمَّ صَاحَ:يَا غُلاَم!أَعِدَّ لَنَا مِثْل طَعَامِنَا.
فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ يَوْمنَا (1) .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ
الإِسْفَرَايِيْنِيّ - ابْنُ أُخْتِ أَبِي
عَوَانَةَ:سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لأَبِي عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيِّ الحَافِظِ:دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو
عَوَانَةَ البَصْرَة، فَقِيْلَ:إِنَّ أَبَا خَلِيْفَة قَدْ
هُجِرَ، وَيُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ:القُرْآنُ
مَخْلُوْقٌ.
فَقَالَ لِي أَبُو عَوَانَةَ:يَا بُنَيَّ!لاَ بُدَّ أَنْ
نَدْخُلَ عَلَيْهِ.
قَالَ:فَقَالَ لَهُ أَبُو عَوَانَةَ:مَا تَقُوْلُ فِي
القُرْآنِ؟
فَاحْمَرَّ وَجهُهُ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ:القُرْآنُ
كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ
قَالَ:مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَأَنَا تَائِبٌ إِلَى
اللهِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ إِلاَّ الكَذِبَ فَإِنِّي لَمْ
أَكْذِبْ قَطُّ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ.
قَالَ:فَقَامَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى أَبِي فَقَبَّلَ
رَأْسَهُ.
ثُمَّ قَالَ أَبِي:قَامَ أَبُو عَوَانَةَ إِلَى أَبِي
خَلِيْفَة، فَقَبَّلَ كَتِفَهُ.
تُوُفِّيَ أَبُو خَلِيْفَة:فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ،
أَوْ فِي الذِي يَلِيْهِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
بِالبَصْرَةِ.
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ شَمْسُ الدِّيْنِ بنُ قُدَامَةَ،
وَغَيْرهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الموَاهِبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُلُوْك، وَأَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ الغِطْرِيْفِ سنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ،
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ هَمَّامٍ
وَشُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
المُسَيَّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(العَائِدُ
فِي هِبَتِهِ كَالعَائِدِ فِي قَيْئِهِ) (2) .
__________
(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 3 / 429، وما بين
حاصرتين منه.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 5 / 173 من طريق مسلم بن
إبراهيم، وأخرجه =
(14/10)
وَبِهِ:حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَة،
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ،
عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(لَوْ كَانَ العِلْمُ مُعَلَّقاً بِالثُّرَيَّا،
لَتَنَاوَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ).
3 - عَبْدُوسٌ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ *
هُوَ الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، نَزِيْلُ
سَمَرْقَنْدَ، لاَ أَكَادُ أَعْرِفُهُ، لَكِنْ ذَكَرَهُ
أَبُو عَبْدِ اللهِ غُنْجَارٌ فِي(تَارِيْخِهِ)، وَأَنَّهُ
سَمِعَ مِنْ:يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَقُتَيْبَة بنِ
سَعِيْدٍ، وَإِسْحَاق بنِ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعَمْرِو بنِ
زُرَارَةَ، وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّس، وَطَبَقَتهِم.
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ
المَرْوَزِيّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ،
وَسَهْلُ بنُ شَاذَوَيْه، وَغَيْرهُمْ.
__________
= مسلم (1622) (7) في الهبات: باب تحريم الرجوع في الصدقة
والهبة بعد القبض من طريقين، عن محمد بن جعفر، عن شعبة به.
وانظر البخاري 5 / 160 في الهبة: باب هبة الرجل لامرأته،
والمرأة لزوجها، و12 / 304 في الحيل: باب في الهبة
والشفعة.
(1) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وهو في " المسند " 2 /
297، و420، و422، وأخرجه البخاري 8 / 492 و493 في تفسير
سورة الجمعة، ومسلم (2546) (231) في فضائل الصحابة: باب
فضل فارس من طريق عبد العزير بن محمد، عن ثور بن يزيد
المدني، عن أبي الغيث سالم، عن أبي هريرة قال: كنا جلوسا
عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه سورة الجمعة،
فلما قرأ (وآخرين لما يلحقوا بهم) قال رجل: من هؤلاء يا
رسول الله، فلم يراجععه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله
مرة أو مرتين أو ثلاثا، قال: وفينا سلمان الفارسي، قال:
فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: "
لو كان الايمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء " وأخرجه
مسلم " 2546 " من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن جعفر
الجزري، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم " لو كان الدين عند الثريا لذهب
به رجل من فارس أو قال من أبناء فارس حتى يتناوله ".
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 675، طبقات الحفاظ: 294، شذرات
الذهب: 2 / 185.
(14/11)
قَالَ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ بنِ جَبَلَةَ السَّمَرْقَنْدِيّ:مَاتَ عَبْدُوسٌ
الحَافِظُ بِسَمَرْقَنْدَ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ:مَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
وَفِيْهَا - وَقِيْلَ:فِي الَّتِي تَلِيْهَا -
مَاتَ:شَاعِرُ عَصْرِهِ أَبُو عُبَادَةَ الوَلِيْدُ بنُ
عُبَيْدٍ بنُ يَحْيَى الطَّائِيُّ البُحْتُرِيُّ (1)
المَنْبِجِيُّ، صَاحِبُ(الدِّيْوَانِ)المَشْهُورِ.
4 - صَبَاحُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الفَضْلِ
المُرْسِيُّ *
الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ زَمَانِهِ
بِالأَنْدَلُسِ، أَبُو الغُصْنِ العُتَقيُّ،
الأَنْدَلُسِيُّ، المُرْسِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَيَحْيَى بنِ
بُكَيْرٍ، وَأَصْبَغَ بنِ الفَرَجِ، وَأَبِي مُصْعَبٍ
الزُّهْرِيِّ، وَسَحْنُوْنَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً.
رَوَى عَنْهُ:حَفْصُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَفْصٍ، وَغَيْرهُ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيّ (2) :لَقِيَ بِمِصْرَ أَصْبَغَ بنَ
الفَرَجِ، فَسَمِعَ مِنْهُ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ زمَاناً،
ثُمَّ انْصَرَفَ، وَكَانَ يُرحَلُ إِلَيْهِ للسَّمَاع
وَالتَّفَقُّهِ.
قَالَ:وَبَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ ابْنَ مائَةٍ
وثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَاماً، وَمَاتَ فِي عَاشِرِ
المحرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) ترجمته في " الاعاني " 21 / 29، " معجم الأدباء " 19 /
248، 258، " وفيات الأعيان " 6 / 21، 31، " العبر " 2 /
73.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 203 202، جذوة المقتبس: 245،
بغية الملتمس: 324، العبر: 2 / 98 97، دول الإسلام: 1 /
178، شذرات الذهب: 2 / 216.
(2) في " تاريخ علماء الأندلس " 1 / 202، 203.
(14/12)
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ حَارِثٍ:عَاشَ مائَةً وَخَمْسَ سِنِيْنَ.
5 - عَبْدَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى أَبُو مُحَمَّدٍ
المَرْوَزِيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، فَقِيْهُ مَرْوَ، أَبُو مُحَمَّدٍ
المَرْوَزِيّ، الزَّاهِدُ.
سَمِعَ:قُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ، وَعَلِيَّ بنَ حُجْرٍ،
وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُنِيْر،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيّ، وَعبدَ
الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ،
وَطَبَقَتَهُم، وَتَفَقَّهَ بِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ،
الرَّبِيْعِ وَغَيْرِهِ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ،
وَبَعُدَ صِيْتُهُ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيّ،
وَالدَّغُوْلِيّ، وَعَلِيُّ بنُ حَمْشَاذ، وَيَحْيَى بنُ
مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ،
وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَصَنَّفَ كِتَابَ(المُوَطَّأ)وَغَيْرَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الغِفَارِيّ:سَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ:وُلِدْتُ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
لَيْلَةَ عَرَفَة.
قُلْتُ:لَقِيَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الحَجِّ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فِي(الأَنسَابِ
(1)):عَبْدَانُ الفَقِيْهُ
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 136 135، الأنساب: 138 / أ،
المنتظم: 6 / 58، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 119 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 688 687،
العبر: 2 / 95، مرآة الجنان: 2 / 221، طبقات الشافعية
للسبكي: 2 / 298 297، طبقات الحفاظ: 299 298، حسن
المحاضرة: 1 / 349، شذرات الذهب: 2 / 215، الرسالة
المستطرفة: 126.
(1) 3 / 324.
(14/13)
الجُنُوجِرْدِيّ، وَجُنُوجِرْد (1) :مِنْ
قُرَى مَرْوَ.
اسْمُهُ:عَبْدُ اللهِ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ أَظْهَرَ
مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ بِخُرَاسَانَ، وَكَانَ المَرْجُوْعَ
إِلَيْهِ فِي الفتَاوَى وَالمُعْضِلاَتِ بَعْدَ الإِمَامِ
أَحْمَدَ بنِ سَيَّارٍ.
وَكَانَ أَحْمَدُ قَدْ حَمَلَ كُتُبَ الشَّافِعِيّ إِلَى
مَرْو، وَأُعْجِبَ بِهَا النَّاسُ، فَأَرَادَ عَبْدَان
أَنْ يَنْسخَهَا، فَلَمْ يُعِرْهُ أَحْمَدُ، فَبَاعَ
ضيعَةً لَهُ بِجُنُوْجِرْدَ، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ،
وَحصَّلَ الكُتُبَ عَلَى الوَجْهِ وَأَكْثَرَ، فَدَخَلَ
أَحْمَدُ بنُ سَيَّار عَلَيْهِ مُسَلِّماً وَمُهَنِّئاً
وَاعْتَذَرَ، فَقَالَ:لاَ تَعْتَذِرْ، فَإِنَّ لَكَ عليَّ
مِنَّةً فِي ذَلِكَ، فَلَو دَفَعْتَ إِليَّ الكُتُبَ لَمَا
رَحَلْتُ إِلَى مِصْرَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ
الغِفَارِيّ:تُوُفِّيَ عَبْدَان لَيْلَةَ عَرَفَةَ أَيْضاً
- يَعْنِي:كَمَا وُلِدَ فِيْهَا - سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ ثِقَةً،
حَافِظاً، صَالِحاً، زَاهِداً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَدَّادُ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي العَيْشِ، أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَلِيْلٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَتْنَا
فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ الجُوزْجَانِيَّةُ
مرَّتَيْنِ، وَأَبُو عَدْنَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
حُضُوْراً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا
أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ
بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ بِمَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ،
أَخْبَرَنَا سَحْبَلُ (3) بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَحْيَى
الأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي حَدْرَدٍ
الأَسْلَمِيُّ، قَالَ:
كَانَ لِيَهُوْدِيٍّ عَلَيَّ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ،
فَلَزِمَنِي وَرَسُوْلُ
__________
(1) بضم الجيم والنون وكسر الجيم الأخرى كما في " الأنساب
" و" اللباب " و" لب اللباب ". وقد انفرد ياقوت، فضبطها في
" معجمه " 2 / 172 بالفتح ثم الضم.
(2) في " تاريخه " 11 / 135.
(3) بفتح السين وسكون الحاء المهملة بعدها باء ثم لام: لقب
لعبد الله بن محمد بن أبي يحيى الاسلمي، وقد تصحف في "
معجم الطبراني الصغير " إلى سخيل.
(14/14)
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- يُرِيْدُ الخُرُوجَ إِلَى خَيْبَر فَاسْتَنْظَرْتُهُ
إِلَى أَنْ أَقْدمَ، فَقُلْنَا:لَعَلَّنَا أَنْ نَغْنَمَ
شَيْئاً، فَجَاءَ بِي إِلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:(أَعْطِهِ
حَقَّهُ)مَرَّتَيْنِ.
وَكَانَ إِذَا قَالَ الشَّيْءَ ثَلاَثَ مِرَارٍ لَمْ
يُرَاجَعْ.
وَعلِيَّ إِزَارٌ، وَعَلَى رَأْسِي عِصَابَةٌ، فَلَمَّا
خَرَجْتُ قُلْتُ:اشْتَرِ مِنِّي هَذَا الإِزَارَ،
فَاشْتَرَاهُ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي لَهُ عَليَّ (1) .
الحَدِيْثُ تَفَرَّدَ بِهِ قُتَيْبَةُ.
6 - جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الشَّامَاتِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، المُصَنِّفُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ.
تَفَقَّهَ بِأَبِي إِبْرَاهِيْمَ المُزَنِيّ،
وَسَمِعَ:إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ
مُوْسَى الفَزَارِيّ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ
رَافِعٍ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدَةَ الضَّبِّيّ، وَمُحَمَّدَ
بنَ بَشَّارٍ، وَأَبَا مُوْسَى الزَّمَنَ، وَعَبْدَ اللهِ
بنَ عُمَرَ العَابِدِيَّ، وَإِسْحَاقَ الكَوْسَجَ،
وَيُوْنُسَ بنَ عبدِ الأَعْلَى، وَطَبَقَتَهُمْ
بِالحِجَازِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ
الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ
جَمْعَانُ بن مُحَمَّدٍ، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:حَدَّثَنِي أَبُو
بَكْرٍ بنُ جَعْفَرٍ، قَالَ:حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ
أَحْمَدَ الشَّامَاتِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ،
قَالَ:سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:سَعَى رَجُلٌ بِرَجُلٍ
إِلَى الحَجَّاجِ وَقَالَ:أَعزَّ اللهُ الأَمِيْرَ، هَذَا
رَجُلٌ خَارِجِيٌّ يَشْتُمُ عَلِيَّ بنَ أَبِي سُفْيَانَ،
وَيقعُ فِي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي طَالِبٍ.
__________
(1) أخرجه الطبراني في " معجمه الصغير " 1 / 234 برقم
(645).
(*) الأنساب: 327 / أ.
(14/15)
فَقَالَ الحجَّاج:لاَ أَدْرِي بِأَيِّهِمَا
أَنْتَ أَعْلَمُ، بِالأَنسَابِ أَوْ بِالأَديَانِ؟!
قَالَ:وَحَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي عَبْدِ
اللهِ، عَنْ أَبِيْهِ:أَنَّ الشَّامَاتِيّ مَاتَ فِي ذِي
القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ:مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
شَبِيْبٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجكَانِيّ بهَرَاةَ،
وَأَبُو سَعْدٍ يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ بِهَرَاةَ، وَأَبُو
مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَأَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الحَمِيدِ
القَاضِي، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَذَنِيّ،
وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّارُ،
وَإِدْرِيْسُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَدَّادُ، وَطَاهِرُ
بنُ عِيْسَى بنِ قَيرسِ، وَأَبُو الآذَانِ عُمَرُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ المِصْرِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ بنِ رِشْدِيْنَ.
7 - عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ أَبُو الحَسَنِ
النَّخَعِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ
النَّخَعِيُّ، الرَّازِيُّ، المَعْرُوْفُ فِي
بَلَدِهِ:بِالمَالِكِيِّ؛لِكَوْنِهِ جَمَعَ حَدِيْثَ
مَالِكٍ الإِمَامِ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا
الشَّأْنِ.
سَمِعَ:أَبَا جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيَّ، وَالمُعَافَى بنَ
سُلَيْمَانَ، وَصَفْوَانَ بنَ صَالِحٍ، وَهِشَامَ بنَ
عَمَّارٍ، وَأَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ
عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَالقَاسِمَ بنَ عُثْمَانَ
الجوعِيّ، وَالوَلِيْدَ بنَ عُتْبَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ
صَالِحٍ المِصْرِيّ، وَخَلاَئِقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ
الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبغِيّ،
وَأَحْمَدُ بن الحَسَنِ بنِ مَاجَهْ، وَدَعْلَجُ
السِّجْزِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو
جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ،
وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) الجرح والتعديل: 6 / 179، مختصر طبقات علماء لحديث
لابن عبد الهادي: الورقة 116 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 672
671، العبر: 2 / 89، دول الإسلام: 1 / 176، طبقات الحفاظ:
293 292، شذرات الذهب: 2 / 208.
(14/16)
وَثَّقَهُ:ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (1) ،
وَسمَّاهُ حَافِظَ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ:تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالرَّيِّ.
وَأَمَّا الخَلِيْلِيّ، فَأَرَّخَ مَوْتَهُ فِي سَنَةِ
ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَالَ:هُوَ حَافِظُ
عِلْمِ مَالِكٍ، صَاحِبُ دِيَانَةٍ.
قُلْتُ:الأَصحُّ وَفَاتُهُ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ عِدَّةٌ مِنَ العُلَمَاءِ،
مِنْهُم:مُقْرِئُ مَكَّةَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جُرجَةَ قُنْبُلٌ المَكِّيُّ، فِي
عُشْرِ المائَةِ، وَمُقْرِئُ دِمَشْقَ هَارُوْنُ بنُ
مُوْسَى بنِ شَرِيْكٍ الدِّمَشْقِيُّ الأَخْفَشُ،
تِلْمِيْذُ ابْنِ ذَكْوَانَ.
8 - هَارُوْنُ بنُ خُمَارُوَيْه بنِ أَحْمَدَ بنِ
طُوْلُوْنَ التُّركِيُّ *
المَلِكُ، صَاحِبُ مِصْرَ، أَبُو مُوْسَى.
تَمَلَّكَ إِذْ خُلِعَ أَخُوْهُ جَيْش (2) ، فَحَشَدَ
عَمُّهُ رَبِيعَةُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَقبلَ مِنَ
الإسْكَنْدَرِيَّةِ، فَالتَقَوْا، فَقُتِلَ جَمَاعَةٌ،
وَجُرِحَ فَرَسُ رَبِيْعَةَ، فَسَقَطَ، فَأَسَرُوْهُ،
__________
(1) في " الجرح والتعديل " 6 / 179.
(*) تاريخ الطبري: 10 / 119 118، صلة تاريخ الطبري: 16،
ولاة مصر للكندي: 266 - 269، العبر: 2 / 91، دول الإسلام:
1 / 176 - 177، مرآة الجنان: 2 / 220، البداية والنهاية:
11 / 99، النجوم الزاهرة: 3 / 93 حسن المحاضرة: 1 / 596،
تاريخ مصر لابن إياس: 1 / 42، شذرات الذهب: 2 / 209.
(2) يوم الأحد لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين
ومئيتن. وجيش هذا: هو أبو العساكر، جيش بن خمارويه، ولي
مصر بعد وفاة والده خمارويه بن أحمد، ودامت ولايته ستة
أشهر واثني عشر يوما.
انظر أخباره في: " ولاة مصر " ص 265 - 266، و" النجوم
الزاهرة " 3 / 88، و" حسن المحاضرة " 1 / 596.
(14/17)
فَسُجِنَ، ثُمَّ ضُرِبَ وَمَاتَ سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
ونَابَ لِهَارُونَ عَلَى الشَّامِ بَدْر الَحَمَامِيّ،
ثُمَّ إِنَّ المُكْتَفِي الخَلِيْفَةَ بَعَثَ مُحَمَّدَ
بنَ سُلَيْمَانَ الكَاتِبِ، فَانْضَمَّ إِلَيْهِ بَدْرٌ
وَغَيْرهُ، فتَهَيَّأَ هَارُوْنَ لِلْحَرْبِ، وَخَرَجَ
عَنِ الطَّاعَةِ، وَالتَقَوْا، فَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ
الفَرِيْقَيْنِ، وَدَامتِ الفِتْنَةُ، وَضَعُفَ أَمرُ
هَارُوْنَ فَقَتَلَهُ عَمَّاهُ:شَيْبَانُ وَعَدِيٌّ
بِأَخِيهِمَا، فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وكَانَتْ دَوْلَتُهُ ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ وَأَشْهُراً،
وَقُتِلَ شَابّاً.
وَتملَّكَ عَمُّهُ شَيْبَانُ أَبُو المقَانِبِ (1) ، ثُمَّ
تَلاشَى أَمرُهُ بَعْد أَيَّامٍ، وَزَالتْ دَوْلَةُ آلِ
طُولُوْنَ، وَطُرِدَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُم بِمِصْرَ، نَحْوٌ
مِنْ عِشْرِيْنَ نَفَراً.
9 - القَاسِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ
الحَارِثِيُّ *
ابْنِ وَهْبِ بنِ سَعِيْدٍ الحَارِثِيُّ، الوَزِيْرُ.
وَلِيَ الوِزَارَةَ للمُعْتَضِدِ بَعْدَ مَوتِ وَالدِهِ
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ عُبَيْدُ اللهِ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ
وَثَمَانِيْنَ، وَظَهَرَتْ شَهَامَتُهُ، وَزَادَ
تَمَكُّنُهُ، فَلَمَّا مَاتَ المُعْتَضِدُ فِي سَنَةِ
تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، قَامَ القَاسِم
بِأَعباءِ الخِلاَفَةِ، وَعَقَدَ البَيْعَةَ للمُكْتَفِي،
وَكَانَ ظَلُوماً عَاتياً، يَدْخُلُهُ مِن أَملاَكِهِ فِي
العَامِ سَبْعِ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَإِنَّمَا
تَقَدّمَ بِخِدْمَتِهِ للمُكْتَفِي، وَكَانَ سَفَّاكاً
للدِّمَاءِ، أَبَادَ جَمَاعَةً، وَلَمَّا مَاتَ شَمِتَ
النَّاسُ بِموتِهِ.
__________
(1) انظر في ذلك: " ولاة مصر " ص 270 - 271، و" النجوم
الزاهرة " 3 / 134، و" حسن المحاضرة " 1 / 596 وهو فيه "
أبو المغانم ".
(*) تاريخ الطبري: 10 / 107 - 108، صلة تاريخ الطبري: 11 /
12، مروج الذهب: 2 / 494 - 496، المنتظم: 6 / 47 46،
الكامل في التاريخ: 7 / 533، إعتاب الكتاب: 185 182، وفيات
الأعيان: 3 / 361 - 362، العبر: 2 / 89، دول الإسلام: 1 /
176، البداية والنهاية: 11 / 98، النجوم الزاهرة: 3 / 133.
(14/18)
وَقَالَ النَّوْفَلِيُّ:كُنْتُ أَبْغُضُهُ
لكُفْرِهِ، وَلِمَكْرُوهٍ نَالَنِي مِنْهُ (1) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ:أَخَذَ البَيْعَةَ للمُكْتَفِي،
وَكَانَ غَائِباً بِالرَّقَّةِ، وَضَبَطَ لَهُ الخزَائِنَ،
فَلَقَّبَهُ وَلِيَّ الدَّوْلَةِ، وَزَوَّجَ وَلَدَهُ
بَابْنَةِ القَاسِمِ عَلَى مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ:كَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً،
إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ زِنْدِيقاً، وَكَانَ مُؤَدِّبهُ
أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجِ، فَنَالَ فِي دَولَتِهِ
مَالاً جَزِيْلاً مِنَ الرّشْوَةِ، فَحَصَّلَ أَرْبَعِيْنَ
أَلفِ دِيْنَارٍ.
هَلَكَ القَاسِمُ عَنْ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةٍ، -
لاَ رَحِمَهُ اللهُ - .
قَالَ الصُّوْلِيُّ:حَدَّثَنَا شَادِي المُغَنِّيّ،
قَالَ:كُنْتُ عِنْدَ القَاسِمِ وَهُوَ يَشْرَبُ، فَقَرَأَ
عَلَيْهِ ابْن فِرَاس مِنْ عَهْدِ أَرْدَشِيرٍ (2) ،
فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ فِرَاسٍ:هَذَا وَاللهِ -
وَأَومأَ إِليَّ - أَحْسَنُ مِنْ بَقَرَةِ هَؤُلاَءِ وَآل
عِمْرَانهِمِ.
وَجعلاَ يَتَضَاحَكَانِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:وَأَخْبَرَنَا ابْنُ
عبدُوْنَ:حَدَّثَنِي الوَزِيْرُ عَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ،
قَالَ:كُنْتُ عِنْدَ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ،
فَقَرَأَ قَارِئ:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ} [آل
عِمْرَان:110] فَقَالَ ابْنُ فرَاسٍ:بِنُقْصَانِ يَاءْ،
فَوَثَبْتُ فَزِعاً، فَرَدَّنِي القَاسِمُ وَغَمَزَهُ،
فَسَكَتَ.
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 362.
(2) كذا ضبطه الحافظ الدارقطني فيما نقله عنه ابن خلكان في
" الوفيات " 4 / 360، وهو أردشير بن بابك بن ساسان: جد
ملوك الفرس الذين آخرهم يزدجرد.
انظر ترجمته في " الاخبار الطوال " ص 45 42، و" تاريخ
الطبري " 2 / 43 37، و" مروج الذهب " 1 / 245 وما بعدها.
و" عهد أردشير " طبع بتحقيق الدكتور إحسان عباس، وقد قام
بنشره دار صادر وهو مجموعة وصايا خلفها أردشير لمن يليه في
حكم فارس من الملوك، لتكون لهم عونا في إدارة شؤون
ممالكهم، جمع فيها تجاربه في الحكم والادارة، وقد أصبح هذا
العهد دستورا لمن جاء بعده من الملوك.
(14/19)
الصُّوْلِيُّ:أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
العَبَّاسِ النُّوبَخْتِيّ، قَالَ:انْصَرَفَ ابْنُ
الرُّوْمِيّ الشَّاعِرُ مِنْ عِنْدِ القَاسِمِ بنِ عُبيدِ
اللهِ، فَقَالَ لِي:مَا رَأَيْتُ مِثْلَ حُجَّةٍ
أَوْرَدَهَا اليَوْمَ الوَزِيْرُ فِي قِدَمِ العَالِمِ،
وَذَكَرَ أَبيَاتاً.
قُلْتُ:هَذِهِ أُمُورٌ مُؤْذِنَةٌ بِشقَاوَةِ هَذَا
المُعَثَّرِ، نَسْأَلُ اللهَ خَاتمَةَ خَيْرٍ.
مَاتَ هَذَا فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَوَزَرَ بَعْدَهُ العَبَّاسُ
بنُ الحَسَنِ، الَّذِي قُتِلَ مَعَ ابْنِ المُعْتَزِّ.
وَقَالَ شَاعِرٌ:
شَرِبْنَا عَشِيَّةَ مَاتَ الوَزِيْرُ ... سُرُوْراً
وَنَشْرَبُ فِي ثَالثِهِ
فَلاَ رَحِمَ اللهُ تِلْكَ العِظَامَ ... وَلاَ بَارَكَ
اللهُ فِي وَارِثِهِ (1)
10 - قَاتِلُ قُتَيْبَةَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الصَّمَدِ
بنُ هَارُوْنَ القَيْسِيُّ *
الإِمَامُ، الرَّحَّالُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الصَّمَدِ
بنِ هَارُوْنَ القَيْسِيّ، النَّيْسَابُوْرِيّ،
المَشْهُورُ:بِقَاتِلِ قُتَيْبَةَ.
سَمِعَ:قُتَيْبَةَ، وَأَبَا مُصْعبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ
حَنْبَلٍ، وَابنَ رَاهْوَيْه، وَهِشَامَ بنِ عَمَّارٍ،
وَالعَدَنِيَّ.
وَعَنْهُ:أَبُو حَامِدٍ بْن الشَّرْقِيّ، وَمُؤَمَّلُ بنُ
الحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ بنِ هَانِئٍ،
وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّيْدَلاَنِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ:مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) البيتان لعبد الله بن الحسن بن سعد، وقد ذكرهما ابن
خلكان في " وفيات الأعيان " 3 / 362.
(*) الأنساب: 468 / ب، تاريخ ابن عساكر: 10 / 173 / ب.
(14/20)
11 - مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي
شَيْبَةَ أَبُو جَعْفَرٍ العَبْسِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُسْنِدُ، أَبُو جَعْفَرٍ
العَبْسِيُّ، الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ:أَبَاهُ، وَعَمَّيْه:أَبَا بَكْرٍ، وَالقَاسِم،
وَأَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيّ، وَعَلِيَّ بنَ
المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَسَعِيْدَ بنَ
عَمْرٍو الأَشْعَثيّ، وَمِنْجَابَ بنَ الحَارِثِ،
وَالعَلاَءَ بنَ عَمْرٍو الحَنَفِيّ، وَأَبَا كُرَيْبٍ،
وَهنَّاداً، وَخلقاً سِوَاهُمُ.
وَعَنْهُ:ابْنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ السَّمَّاكِ،
وَالنَّجَّادُ، وَجَعْفَرٌ الخُلْدِيّ، وَابْنُ أَبِي
دَارِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ، وَسَعْدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ،
وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ عُبَيْدٍ الدَّقَّاق،
وَالإِسْمَاعِيلِيُّ، وَخَلْقٍ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَلَهُ(تَارِيْخٌ)كَبِيْرٌ، وَلَمْ
يُرزَقْ حَظّاً، بَلْ نَالُوا مِنْهُ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ:ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ (1) :لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيْثاً
مُنْكَراً فَأَذْكُرَهُ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ،
فَقَالَ:كَذَّابٌ.
__________
(*) الكامل لابن عدي: 4 / 82، فهرست ابن النديم: 320،
تاريخ بغداد: 3 / 47 42، الأنساب: 382، المنتظم: 6 / 96
95، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 114
/ 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 662 661، العبر: 2 / 108، ميزان
الاعتدال: 3 / 643 642، دول الإسلام: 1 / 181، الوافي
بالوفيات: 4 / 82، مرآة الجنان: 2 / 230، البداية
والنهاية: 11 / 111، لسان الميزان: 5 / 281 280، النجوم
الزاهرة: 3 / 171، طبقات الحفاظ: 288 287، طبقات المفسرين
للداودي: 2 / 193 192، شذرات الذهب: 2 / 226.
(1) في " الكامل " 4 / 317.
(14/21)
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
خِرَاشٍ:كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ:هُوَ عَصَا مُوْسَى، يَتَلَقَّفُ مَا
يَأْفِكُون.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ:إِنَّهُ أَخَذَ
كِتَابَ غَيْرِ مُحَدِّثٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ:لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ
الشُّيُوْخَ يَذْكرُوْنَ أَنَّهُ مَقْدُوحٌ فِيْهِ.
وَعَنْ عَبْدَانَ، قَالَ:لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي:كُنَّا نَسْمَعُ
الشُّيُوْخَ يَقُوْلُوْنَ:مَاتَ حَدِيْثُ الكُوْفَةِ
لِمَوْتِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُطَيَّن،
وَمُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ، وَعُبَيْدِ بنِ غَنَّامٍ.
قُلْتُ:اتَّفَقَ مَوْتُ الأَرْبَعَةِ فِي عَامٍ.
مَاتَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى،
سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ قَارَبَ
التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ
بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُودٌ الجمَّال، وَأَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَنَبَّأَنِي عَنْهُمَا ابْنُ
سَلاَمَةَ، أَنَّ أَبَا عليٍّ الحَدَّادُ أَخبرهُم،
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سَعْدُ
بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ،
حَدَّثَنَا الحَكَمُ بنُ ظُهَيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ
عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -
قَالَ:
لَمَّا قُبِضَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أَقْسَمْتُ أَنْ لاَ أَضَعَ رِدَائِي عَنْ
ظَهْرِي، حَتَّى أَجْمَعَ مَا بَيْنَ اللَّوحَيْنِ، فَمَا
وَضَعْتُهُ عَنْ ظَهرِي حَتَّى جَمَعْتُ القُرْآنَ (1) .
__________
(1) الحكم بن ظهير: متروك كما في " التقريب ". وأخرجه ابن
أبي داود في " المصاحف " ص: 1 من طريق ابن فضيل، عن أشعث،
عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسم
أقسم علي أن لا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في
مصحف، =
(14/22)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مُحَمَّدٍالفَقِيْهُ المَقْدِسِيُّ فِي
كِتَابِهِ:أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْد البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو
مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ الدَّقَّاق، حَدَّثَنَا أَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، سَنَةَ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنَ
مَالِكٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي سُفْيَانُ بنُ حَمْزَةَ، عَنْ
كَثِيْر بنِ زَيْدٍ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ رَبَاحٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(النَّاسُ دِثَارٌ وَالأَنْصَارُ شِعَارٌ،
وَلَوْلاَ الهِجْرَةُ لكُنْتُ امْرَءاً مِنَ
الأَنْصَارِ...)، الحَدِيْثَ (1) .
وَمَاتَ مَعَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ:مُطَيَّن، وَعُبَيْدُ
بنُ غَنَّامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ
الرَّوَّاس بِدِمَشْقَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ هَاشِمٍ
البَغَوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ قِيرَاطٍ
الدِّمَشْقِيُّ، وَالفَقِيْهُ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ
الظَّاهِرِيّ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبُ القَاضِي،
وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ
أَبِي عَوْفٍ البُزُورِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ عُثْمَانَ
الصَّدَفيّ.
12 - صَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَبِيْبٍ
الأَسَدِيُّ جَزَرَةُ *
ابْنِ حَسَّانِ بنِ المُنْذِرِ بنِ أَبِي الأَشْرَسِ،
وَاسْمُ أَبِي
__________
= ففعل، فأرسل إليه أبو بكر بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا
الحسن ؟ قال: لا والله، إلا اني أقسمت أن لا أرتدي برداء
إلا لجمعة.
فبايعه ثم رجع.
وأشعث: هو ابن سوار: ضعيف.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد في " مسنده " 2 / 419 من
طريق قتيبة بن سعيد، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل بن
أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، وفيه، " الانصار شعاري،
والناس دثاري ".
وأخرجه مطولا البخاري: 8 / 38، ومسلم: (1061) من طريق عباد
بن تميم، عن عبد الله بن زيد: أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم لما فتح حنينا قسم الغنائم.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 328 322، تاريخ ابن عساكر: 8 / 111 /
أ، المنتظم: 6 / 62، تذكرة الحفاظ: 2 / 642 641، العبر: 2
/ 97، دول الإسلام: 1 / 198، البداية والنهاية: 11 / 102،
النجوم الزاهرة: 3 / 161، طبقات الحفاظ: 282 281، شذرات
الذهب: 2 / 216، تهذيب ابن عساكر: 6 / 381، 382.
(14/23)
الأَشْرَسِ:عَمَّارٌ، مَوْلَىً لبنِي
أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ.
الإِمَامُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ الحُجَّةُ، مُحَدِّثُ
المَشْرِقِ، أَبُو عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ البَغْدَادِيُّ،
المُلَقَّبُ جَزَرَة - بِجِيْمٍ وَزَايٍ - نَزِيْلَ
بُخَارَى.
مَوْلِدُهُ:سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ.
وَسَمِعَ:سَعِيْدَ بنَ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْه، وَخَالِدَ
بنَ خِدَاش، وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ
مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
أَسْمَاءَ، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَيَحْيَى بنَ
عَبدِ الحَمِيدِ الحِمَّانِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ،
وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَهُدْبَةَ بنَ خَالِدٍ،
وَمِنْجَابَ بنَ الحَارِثِ، وَأَبَا خَيْثَمَةَ،
وَالأَزْرَقَ بنَ عَلِيٍّ، وَخَلَفَ بنَ هِشَامٍ
البَزَّارِ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَطَبَقَتهُم
بِالحَرَمَيْنِ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَمِصْرَ،
وَبِخُرَاسَانَ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ
خَارجَ(الصَّحِيْحِ)وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ بِقَلِيْلٍ،
وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ الأَصْبَهَانِيُّ،
وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ،
وَخَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ، وَأَبُو أَحْمَدَ
عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَبِيْبِيُّ، وَبكرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ الصَّيْرَفِيّ، وَالهَيْثَمُ بنُ
كُلَيْبٍ الشَّاشِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ، وَمُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابرٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
واسْتَوْطَنَ بُخَارَى مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَمَلَّكَهُ أَمِيْرُ بُخَارَى بِالإِحسَانِ
وَالاحْتِرَامِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:هُوَ مِنْ وَلَدِ حَبِيْبِ بنِ
أَبِي الأَشْرَسِ، أَقَامَ بِبُخَارَى، وَحَدِيْثُهُ
عِنْدَهُم.
قَالَ:وَكَانَ ثِقَةً حَافِظاً غَازياً.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ:صَالِحُ
بنُ مُحَمَّدٍ، مَا أَعْلمُ فِي عَصْرِهِ بِالعِرَاقِ
وَخُرَاسَان فِي الحِفْظِ مِثْلَهُ، دَخَلَ مَا وَرَاء
النَّهْرِ، فَحَدَّثَ مُدَّةً
(14/24)
مِنْ حِفْظِهِ، وَمَا أَعْلَمُ أُخِذَ
عَلَيْهِ مِمَّا حَدَّثَ خَطأ، وَرَأَيْتُ أَبَا أَحْمَدَ
بنَ عَدِيٍّ يُفَخِّمُ أَمْرَهُ وَيُعَظِّمُه.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الكتَانِيُّ:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:أَنَا صَالِحُ بنُ
مُحَمَّدٍ: فَسَاقَ نَسَبَهُ كَمَا قَدَّمْنَا.
وَكَذَلِكَ سَاقَهُ الخَطِيْبُ (1) ، وَقَالَ:حَدَّثَ مِنْ
حِفْظِهِ دَهْراً طَوِيْلاً، وَلَمْ يَكُن اسْتَصْحَبَ
مَعَهُ كِتَاباً، وَكَانَ صَدُوْقاً ثَبْتاً، ذَا مُزَاحٍ
وَدُعَابَةٍ، مَشْهُوراً بِذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ:كَانَ صَالِحُ بنُ
مُحَمَّدٍ يَقْرَأُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى (2)
فِي(الزُّهْرِيَّات)فَلَمَّا بَلَغَ حَدِيْثَ عَائِشَةَ
أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَرْقِي مِنَ الخَرَزَةِ.
فَقَالَ:مِنَ الجَزَرَةِ، فلُقِّبَ بِهِ.
رَوَاهَا الحَاكِمُ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ،
عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:هَذَا
غَلَطٌ، لأَنَّهُ لُقِّبَ بِجَزَرَةَ فِي حَدَاثَتِهِ
يَعْنِي:قَبْلَ ارْتِحَالِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
بِزَمَانٍ.
قَالَ:فَأَخْبَرَنَا المَالِيْنِيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ
عَدِيٍّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ سَعْدَانَ،
سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
قَدِمَ عَلَيْنَا بَعْضُ الشُّيُوْخِ مِنَ الشَّامِ،
وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ حَرِيزِ بنِ عُثْمَانَ، فَقَرَأْت
عَلَيْهِ:حَدَّثَكُم حَرِيزُ (3) بنُ عُثْمَانَ
قَالَ:كَانَ لأَبِي أُمَامَةَ خَرَزَةٌ يَرْقِي بِهَا
المَرِيْض. فَقُلْتُ:جَزَرَةُ، فَلُقِّبْتُ جَزَرَةَ (4) .
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 9 / 322.
(2) هو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن
فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري، أحد الحفاظ الأعيان.
له " الزهريات ": في مجلدين، جمع فيها حديث ابن شهاب
الزهري وجوده، وكان قد اعتنى به، وتعب عليه.
انظر " الرسالة المستطرفة " ص 111 110.
(3) قال الحافظ في " التقريب ": حريز: بفتح أوله وكسر
الراء، وآخره زاي، ابن عثمان الرحبي الحمصي، ثقة ثبت، ورمي
بالنصب، مات سنة 163 ه وله ثمانون سنة. وقد تحرف في "
تاريخ بغداد " إلى جرير.
(4) تاريخ بغداد 9 / 323.
(14/25)
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ البُخَارِيُّ
الفَقِيْهُ:سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ وَسُئِلَ:لِمَ
لُقِّبْتَ جَزَرَةَ؟
فَقَالَ:قَدِمَ عُمَرُ بنُ زُرَارَةَ الحَدَثِيُّ
بَغْدَادَ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ خَلْق، فَلَمَّا كَانَ
عِنْدَ فَرَاغِ المَجْلِسِ سُئِلتُ:مِنْ أَيْنَ سَمِعْتَ؟
فَقُلْتُ:مِنْ حَدِيْثِ الجَزَرَةِ، فَبَقِيَتْ عَلَيَّ.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ:حَدَّثَنَا
سَهْلُ بنُ شَاذَوَيْه:أَنَّهُ سَمِعَ الأَمِيْر خَالِدَ
بنَ أَحْمَدَ يَسْأَلُ أَبَا عَلِيٍّ:لِمَ لُقِّبْتَ
جَزَرَة؟
قَالَ:قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بنُ زُرَارَةَ فَحَدَّثَهُم
بِحَدِيْثٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسرٍ:أَنَّهُ كَانَ
لَهُ خَرَزَةٌ للمَرِيْض، فَجِئْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا
الحَدِيْث، فرَأَيْتُ فِي كِتَابِ بَعْضِهِم وَصِحْتُ
بِالشَّيْخِ:يَا أَبَا حَفْصٍ!يَا أَبَا حَفْصٍ!كَيْفَ
حَدِيْثُ عَبْد اللهِ بن بُسْرٍ:أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ
جَزَرَةٌ يُدَاوِي بِهَا المَرْضَى، فَصَاحَ
المُحَدِّثُونَ المُجَّان، فَبقيَ عليَّ حَتَّى السَّاعَة.
قُلْتُ:قَدْ كَانَ صَالِحٌ صَاحِبَ دُعَابَةٍ، وَلاَ
يَغْضَبُ إِذَا وَاجَهَهُ أَحَدٌ بِهَذَا اللَّقَبِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ:أَخْبَرَنَا أَبُو
حَاتِمٍ بنُ أَبِي الفَضْلِ الهَرَوِيّ، قَالَ:
كَانَ صَالِحٌ رُبَّمَا يَطْنِزُ (1) ، كَانَ بِبُخَارَى
رَجُلٌ حَافِظٌ يُلَقَّبُ بِجَمَلٍ، فَكَانَ يَمْشِي مَعَ
صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، فَاسْتَقْبَلَهُمَا بَعِيرٌ
عَلَيْهِ جَزَرٌ، فَقَالَ:مَا هَذَا يَا أَبَا عَلِيٍّ؟
قَالَ:أَنَا عَلَيْكَ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطعَةٌ.
وَرَوَى الحَاكِم:أَخْبَرَنَا بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ
الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
كُنْتُ أُسَايرُ الجَمَلَ الشَّاعِرَ بِمِصْرَ،
فَاسْتقبلَنَا جَملٌ عَلَيْهِ جَزَر،
__________
(1) طنز يطنز بكسر النون كما في " اللسان ": سخر واستهزأ.
وقد ضبطت في الأصل بضم النون، ولم نر من نص على ذلك.
(14/26)
فَقَالَ:مَا هَذَا يَا أَبَا عَلِيّ؟
قُلْتُ:أَنَا عَلَيْكَ.
قَالَ خَلَفٌ الخَيَّامُ:سَمِعْتُ صَالِحاً يَقُوْلُ:
اخْتَلَفْتُ إِلَى عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ أَرْبَعَ سِنِيْنَ
وَكَانَ لاَ يَقْرَأُ إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ كُلَّ
يَوْمٍ، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَفِي رِوَايَةٍ:كَانَ يُحَدِّثُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ
بثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ، عَنْ شُعْبَةَ.
وَعَنْ جَعْفَرٍ الطِّستِيِّ:أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا
مُسْلِمٍ الكَجِّيّ يَقُوْلُ - وَذُكِرَ عِنْدَهُ صَالِحٌ
جَزَرَةُ - فَقَالَ:مَا أَهْوَنَهُ عَلَيْكُم، أَلاَ
تَقُولُوْنَ:سَيِّدُ المُسْلِمِينَ!
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ
لأَبِي زُرْعَةَ:حَفِظَ اللهُ أَخَانَا صَالِحَ بنَ
مُحَمَّدٍ، لاَ يَزَالُ يُضْحِكُنَا شَاهداً وَغَائِباً،
كَتَبَ إِلَيَّ يذْكُرُ أَنَّهُ مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَجَلَسَ للتَّحديثِ شَيْخٌ يُعرف
بِمُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ مَحْمشٍ، فَحَدَّثَ:أَنَّ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ البَعِيْرُ (1)).
وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(لاَ تَصْحَبُ المَلاَئِكَةُ رِفْقَةً فِيْهَا
خُرْسٌ (2))فَأَحْسَنَ اللهُ عَزَاءَكُمْ فِي المَاضِي،
وَأَعْظَمَ أَجْرَكُمْ فِي البَاقِي.
__________
(1) هذا اللفظ محرف عن " النغير " وهو تصغير " النغر ".
قال ابن الأثير في " النهاية ": " هو طائر يشبه العصفور،
أحمر المنقار، يجمع لفظه على " نغران ".
وقد أخرج الحديث البخاري: 10 / 436 في الأدب: باب الانبساط
إلى الناس، و481: باب الكنية للصبي، ومسلم (2150) في
الآداب، والترمذي (333) و(1989)،
وابن ماجه (3720) كلهم من طريق أبي التياح، عن أنس بن مالك
رضي الله عنه ...
(2) هذه اللفظة محرفة عن " جرس " وهو ما يعلق في رقبة
الدواب.
وقد أخرج حديث الجرس أبو داود (2554) في الجهاد: باب في
تعليق الجرس، وأحمد: 6 / 327 عن أم حبيبة رضي الله عنها،
وفي سنده أبو الجراح مولى أم حبيبة لم يوثقه غير ابن حبان،
وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه مسلم (2113) وأحمد: 2 / 311 و327، والدارمي: 2 /
288 من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة
بلفظ: " لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس ".
(14/27)
وَرَوَى البَرْقَانِيُّ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ
بنِ أَبِي الفَضْلِ الهَرَوِيِّ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ صَالِحاً سَمِعَ بَعْضَ الشُّيُوْخِ
يَقُوْلُ:إِنَّ السِّينَ وَالصَّادَ يَتَعَاقَبَان،
فسَأَلَ بَعْضَ تَلاَمِذَتِهِ عَنْ كُنْيَتِهِ فَقَالَ
لَهُ:أَبُو صَالِحٍ.
قَالَ:فَقُلْتُ لِلشَّيْخِ:يَا أَبَا سَالِح، أَسْلَحَكَ
اللهُ، هَلْ يَجُوْزُ أَنْ تَقْرَأَ:(نَحْنُ نَقُسُّ
عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَسَس)؟
فَقَالَ لِي بَعْضُ تلاَمِذَتِه:تُواجِهُ الشَّيْخ
بِهَذَا؟
فَقُلْتُ:فَلاَ يَكْذِب، إِنَّمَا تَتَعَاقَبُ السِّيْن
وَالصَّاد فِي مَوَاضِعَ.
وَرُوِيَ عَنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ:الأَحْوَلُ
فِي البَيْتِ مُبَارَكٌ، يَرَى الشَّيْءَ شَيْئَيْنِ.
قَالَ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ:سَمِعْتُ
صَالِحاً يَقُوْلُ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ يَمْتَحِنُ
أَصْحَابَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ غَالياً فِي التَّشَيُّعِ،
فَقَالَ لِي:مَنْ حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمٍ؟
قُلْتُ:مُعَاوِيَةَ.
قَالَ:فَمَنْ نَقَلَ تُرَابَهَا؟
قُلْتُ:عَمْرُو بن العَاصِ.
فصَاحَ فِيَّ وَقَامَ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ:كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ
صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ عَلِيْلٌ، فَبَدَتْ
عَورَتُهُ، فَأَشَار إِلَيْهِ بَعْضُنَا بِأَنَّ
يَتَغَطَّى، فَقَالَ:رَأَيْتَهُ؟لاَ تَرْمَدُ أَبَداً.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ:سَمِعْتُ
صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
كَانَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ يَأْخُذُ عَلَى الحَدِيْثِ،
وَلاَ يُحَدِّثُ مَا لَمْ يَأْخُذْ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ
يَوْماً، فَقَالَ:يَا أَبَا عَلِيّ!حَدِّثْنِي.
فَقُلْتُ:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، حَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ، عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ،
عَنْ أَبِي العَالِيَةَ، قَالَ:عَلِّمْ مَجَّاناً كَمَا
عُلِّمْتَ مَجَّاناً.
فَقَالَ:تُعَرِّضُ بِي؟
فَقُلْتُ:لاَ، بَلْ قَصَدْتُكَ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ (1) الطُّوْسِيّ
يَقُوْلُ: مَرِضَ صَالِحٌ
__________
(1) بالضاد المعجمة كما في الأصل. و" الأنساب " وتصحف في
اللباب إلى " النصر " بالصاد المهملة.
(14/28)
جَزَرَة، فَكَانَ الأَطِبَّاءُ يَخْتلفون
إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ الأَمْرُ، أَخذَ العَسَلَ
وَالشُّونِيْز (1) ، فَزَادَتْ حُمَّاهُ، فَدَخَلُوا
عَلَيْهِ وَهُوَ يَرْتَعِدُ وَيَقُوْلُ:بأَبِي أَنْتَ يَا
رَسُوْلَ اللهِ، مَا كَانَ أَقلَّ بَصَرَكَ بِالطِّبِّ!
قُلْتُ:هَذَا مُزَاحٌ لاَ يَجُوْزُ مَعَ سَيِّدِ الخَلْقِ،
بَلْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أَعْلَمَ النَّاسِ بِالطِّبِّ النَّبوِيّ،
الَّذِي ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي
قَصَدَهُ، فَإِنَّهُ قَاله بِوَحْيٍ:(فَإِنَّ اللهَ لَمْ
يُنَزِّلْ دَاءً، إِلاَّ وَأَنْزَلَ لَهُ دوَاءً (2))،
فَعَلَّمَ رَسُولَهُ مَا أَخْبَرَ الأُمَّة بِهِ،
وَلَعَلَّ صَالِحاً قَالَ هَذِهِ الكَلِمَةُ مِنَ الهُجْرِ
(3) فِي حَالِ غَلَبَة الرِّعْدَةِ، فَمَا وَعَى مَا
يَقُوْلُ، أَوْ لَعَلَّهُ تَاب مِنْهَا، وَاللهُ يَعْفُو
عَنْهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ:حَدَّثَنَا
صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ:سَمِعْتُ عبَّادَ بنَ يَعْقُوْبَ
يَقُوْلُ:اللهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُدْخِل طَلْحَة
وَالزُّبَيْر الجَنَّةَ.
قُلْتُ:وَيْلَكَ!وَلِمَ؟
قَالَ:لأَنَّهُمَا قَاتَلاَ عَلِيّاً بَعْدَ أَنْ
بَايعَاهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ (4) :بَلَغَنِي أَنَّ صَالِحَ بنَ
مُحَمَّدٍ وَقَفَ خَلْفَ الشَّيْخِ أَبِي الحُسَيْنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِيّ، وَهُوَ
يُحَدِّث عَنْ بَرَكَةَ الحَلَبِيِّ بِتِلْكَ
الأَحَادِيْثِ، فَقَالَ:يَا أَبَا الحُسَيْنِ!لَيْسَ ذَا
بَرَكَةٌ، ذَا نِقْمَةٌ.
__________
(1) الشونيز: هو الحبة السوداء في لغة الفرس، وانظر ما
كتبه ابن القيم عن الشونيز في " زاد المعاد " 4 / 300 297.
(2) أخرجه البخاري: 10 / 114 113 في أول كتاب الطب عن أبي
هريرة مرفوعا، وأخرجه ابن ماجه (3438) في الطب عن عبد الله
بن مسعود رضي الله عنه.
وأخرجه أبو داود في الطب (3855) عن أسامة بن شريك قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه كأنما على رؤوسهم
الطير، فسلمت ثم قعدت، فجاء الاعراب من ها هنا وهاهنا،
فقالوا: يا رسول الله انتداوى ؟ فقال: " تداووا، فإن الله
عزوجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم ".
وأخرجه أحمد: 4 / 278، وابن ماجه (3436)، والترمذي (2038)
وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال: وصححه ابن حبان
(1395) و(1924).
(3) أي: من الهذيان. انظر " اللسان " مادة " هجر ".
(4) في " الكامل " 1 / 39 / أ، في ترجمته لبركة الحلبي.
(14/29)
قُلْتُ:كَانَ بركَةُ يُتَّهَمُ بِالكَذِبِ
(1) .
قَالَ الحَاكِمُ:أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ
الفَقِيْهُ:سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ:
كَانَ بِالبَصْرَةِ أَبُو مُوْسَى الزَّمِنُ، فِي عَقْلِهِ
شَيْءٌ، فَكَانَ يَقُوْلُ:حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ -
أَعنِي:ابْنَ عَبدِ الحمِيدِ - حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ -
يَعْنِي:السِّخْتِيَانِيَّ - .
فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ، فَسَأَلَهُ عَنْ
حَدِيْثٍ، فَقَالَ:حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ.
فَقُلْتُ:يَعْنِي ابْنَ مِنهَالٍ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ:أَيُّ شَيْءٍ تُعَذِّبُ
المِسْكِيْنَ؟
وَقَالَ:كُنَّا فِي مَجْلِس أَبِي عليٍّ، فَلَمَّا قَامَ
قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ المَجْلِسِ:يَا شَيْخُ!مَا
اسْمُكَ؟
قَالَ:وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ.
فَكَتَبَ الرَّجُل:حَدَّثَنَا وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ إِسْحَاقَ:كُنْتُ عِنْد صَالِحِ
بنِ مُحَمَّدٍ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الرُّستَاقِ
(2) ، فَأَخَذَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَحْوَالِ الشُّيُوْخِ،
وَيَكْتُبُ جَوَابَهُ، فَقَالَ:مَا تَقُوْلُ فِي سُفْيَانَ
الثَّوْرِيّ؟
فَقَالَ:لَيْسَ بِثِقَةٍ.
فَكَتَبَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، فَلُمْتُهُ.
فَقَالَ لِي:مَا أَعْجَبَكَ!مَنْ يَسْأَلُ عَنْ مِثْلِ
سُفْيَانَ لاَ تُبَالِ حَكَى عَنْكَ أَوْ لَمْ يَحْكِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ:كُنْتُ مَعَ صَالِحِ بن
مُحَمَّدٍ جَالِساً عَلَى بَاب دَارِهِ إِذْ أَقبلَ
ابْنُهُ، عَنْ يمِينه رَجُلٌ أَقْصَرُ مِنْهُ، وَعَنْ
يَسَارِهِ صَبِيٌّ، فَقَالَ لِي صَالِح:يَا أَبَا
نَصْرٍ!تبّت (3) ؟
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " للمؤلف: 1 / 304 303.
(2) فارسي معرب: يجمع على الرساتيق وهي السواد القرى.
قال ابن ميادة: تقول خود ذات طرف براق هلا اشتريت حنطة
بالرستاق سمراء من ما درس ابن مخراق انظر " اللسان " "
رستق "، و" المعرب " للجو اليقي: 158.
(3) الخبر في " تاريخ بغداد " 9 / 328 327 وما بين حاصرتين
منه.
(14/30)
وَيُقَالُ:كَانَ وَلدُ صَالِحٍ مُغَفَّلاً،
فَقَالَ صَالِحٌ:سَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً
فَرَزَقَنِي جَمَلاً.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ
فِي(تَارِيْخِهِ):صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو عَلِيٍّ،
أَحَدُ أَركَانِ الحِفْظِ، سَمِعَ سَعِيْدَ بنَ
سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيّ.
قُلْتُ:هَذَا سَعْدَويْه، وَهُوَ أَقْدَمُ شَيْخٍ لَهُ،
ثُمَّ سَمَّى لَهُ الحَاكِمُ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ
وَجَمَاعَةً، وَقَالَ:فَهَؤُلاَءِ مِنْ أَتْبَاعِ
التَّابِعِيْنَ، وَرِحْلَتُهُ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا،
كَتَبَ مِنْ مِصْرَ إِلَى سَمَرْقَنْد.
وَرَدَ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، فَاسْتَوطَنَهَا مُدَّةً، فَلَمَّا
تُوُفِّيَ الذُّهْلِيُّ كَانَ فِي نَفْسِهِ مِنْ
أَحَادِيْثَ يَسْمَعُهَا مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ قُهْزَاذَ، فَرَحَلَ إِلَيْهِ، فَذَكِرَ لَهُ بِمَرْوَ
أَحَادِيْثَ عَنْ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ البُخَارِيّ
أَفرَاد، فَخَرَجَ إِلَيْهِ.
قَالَ:فَثَبَّطَهُ الأَمِيْرُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ
بِبُخَارَى، وَأَقبلَ عَلَيْهِ، فتَأَهَّلَ وَوُلِدَ لَهُ.
وَمَاتَ:بِهَا فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ العَبَّاسِ الضَّبِّيّ، سَمِعْتُ
بَكْرَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عليٍّ
صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ مِصْرَ فَإِذَا حَلقَةٌ ضَخْمَةٌ، فَقُلْتُ:مَنْ
هَذَا؟
قَالُوا:صَاحِبُ نَحْوٍ.
فَقَرُبْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:مَا كَانَ
بصَادٍ، جَاز بِالسِّينِ.
فَدَخَلْتُ بَيْنَ النَّاسِ وَقُلْتُ:صَلاَمٌ عَلِيْكُمْ
يَا أَبَا سَالِح، سَلَّيْتُم بَعْد؟
فَقَالَ لِي:يَا رَقِيْع!أَيُّ كَلاَمٍ هَذَا؟
قُلْتُ:هَذَا مِنْ قَوْلِكَ الآنَ.
قَالَ:أَظُنُّكَ مِنْ عَيَّارِي بَغْدَادَ.
قُلْتُ:هُوَ مَا تَرَى.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:سَمِعْتُ عِصْمَةَ بنَ بجمَاك،
سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَقَالَ:حَرَجٌ
عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعٍ وَمَاجِنٍ أَنْ يَحْضُرَ
مَجْلِسِي.
فَقُلْتُ:أَمَّا المَاجنُ فَأَنَا هُوَ - وَكَانَ يُقَالُ
لَهُ:صَالِحٌ المَاجنُ - قَدْ حضَرَ مَجْلِسَكَ.
(14/31)
ثمَّ إِنَّ الحَاكِمَ مدَّ النَّفَسَ فِي
تَرْجَمَةِ صَالِح بِالغَرَائِبِ وَالسُّؤَالاَتِ،
وَحَدَّثَ عَنْ جَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ سَمِعُوا مِنْ
صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، آخِرُهُم وَفَاةً أَبُو عَمْرٍو
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابرٍ، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ
نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبُخَارَى،
وَكَانَتْ وَفَاةُ صَالِحٍ فِي ذِي الحِجَّةِ، لِثمَانٍ
بَقِيْنَ مِنْه، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ:عُمَرُ بنُ حَفْصِ السَّدُوْسِيِّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسِ بنِ كَامِلٍ، وعَبْدَان بنُ
مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ بِمَرْوَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ جَعْفَرِ بنِ أَعْيَنَ بِمِصْرَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ
المُعَافَى بنِ سُلَيْمَانَ، تُوُفِّيَ بِالثَّغْرِ،
وَدَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي القَاسِمِ عَبدِ الرَّحْمَنِ بنِ
عَبْدِ الحَلِيمِ بنِ عِمْرَانَ الفَقِيْهِ سَحْنُوْن
بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ
المَجِيدِ الصَّفرَاوِيّ، سنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ
وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ السِّلَفِيّ، أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو
المَحَاسِنِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
الرُّويَانِيّ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْس مائَةٍ،
أَخْبَرَنَا عبدُ الصَّمَدِ بنُ أَبِي نَصْرٍ العَاصِمِيّ
بِبُخَارَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ صَالِحُ
بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيّ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بنُ
يُوْنُسَ أَبُو الحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بنُ
قُتَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُثَنَّى،
عَنْ عَمِّهِ ثُمَامَة بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بنِ
مَالِكٍ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِذَا تَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ أَعَادَهَا ثَلاَثَ
مَرَّاتٍ، لِتُفْهَمَ عَنْهُ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ (1)
.
__________
(1) 1 / 169 في العلم: باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم
عنه، و11 / 22 في الاستئذان: باب التسليم والاستئذان
ثلاثا.
وأخرجه الترمذي (2723)، والحاكم: 4 / 273 =
(14/32)
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ،
أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ الطُّيورِيّ، سَمِعْتُ
الصُّوْرِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ نُوْحٍ، سَمِعْتُ
أَبَا أَحْمَدَ العَسَّالَ، سَمِعْتُ صَالِحاً جَزَرَةَ
يَقُوْلُ:
يحتَاجُ المُحَدِّث أَنْ يَكْتُبَ مائَة أَلْفٍ وَمائَة
أَلْف - فَلَمْ يَزَلْ يَقُوْلُ:وَمائَةَ أَلْفٍ وَيرْفَعُ
رَأَسَهُ إِلَى فَوْقَ، حَتَّى كَادَتْ قَلَنْسَوَتُهُ
أَنْ تَسْقُطَ - حَدِيْثٍ بِعُلُوّ، وَمائَةَ أَلْفٍ
وَمائَةَ أَلْف - وَجَعَلَ يخفِضُ رَأْسَهُ حَتَّى عَادَتِ
القَلَنْسُوَة - حَدِيْثٍ بِنُزوْلٍ، حَتَّى
يُقَالَ:إِنَّهُ صَاحِبُ حَدِيْثٍ.
13 - مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ بنِ الحَجَّاجِ المَرْوَزِيُّ
أَبُو عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الحَافِظُ.
مَوْلِدُهُ:بِبَغْدَادَ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَمائَتَيْنِ، وَمَنْشَؤُهُ بِنَيْسَابُوْرَ، وَمَسْكَنُهُ
سَمَرْقَنْدُ.
كَانَ أَبُوْهُ مَرْوَزِيّاً، وَلَمْ يُرْفَعْ لَنَا فِي
نَسَبِهِ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ، فَقَالَ:إِمَامُ عَصْرِهِ بِلاَ
مُدَافعَةٍ فِي الحَدِيْثِ.
سَمِعَ بِخُرَاسَانَ مِنْ:يَحْيَى بنِ يَحْيَى
التَّمِيْمِيِّ، وَأَبِي خَالِدِ يَزِيْدَ بنِ صَالِحٍ،
وَعُمَرَ بنِ زُرَارَةَ، وَصَدَقَةَ بنِ الفَضْلِ
المَرْوَزِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بنِ
حُجْرٍ.
وَبَالرَّيِّ:مُحَمَّدَ بنَ مِهْرَانَ الحَمَّالِ،
وَمُحَمَّدَ بنَ مُقَاتِل
__________
= وفيه: " لتعقل عنه " بدل " لتفهم عنه " ووهم الحاكم في
استدراكه هذا الحديث، ودعواه ان البخاري لم يخرجه.
(*) طبقات العبادي: 49، تاريخ بغداد: 3 / 315 - 318، طبقات
الشيرازي: 106 - 107، المنتظم: 6 / 66 63، تهذيب الأسماء
واللغات: 1 / 94 92، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 112 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 650 - 653،
العبر: 2 / 99، دول الإسلام: 1 / 178، الوافي بالوفيات: 5
/ 111، مرآة الجنان: 2 / 223، طبقات الشافعية للسبكي: 2 /
246 - 255، البداية والنهاية: 11 / 103 102، تهذيب
التهذيب: 9 / 489 - 490، النجوم الزاهرة: 3 / 161، طبقات
الحفاظ: 284 285، حسن المحاضرة: 1 / 310 - 312، مفتاح
السعادة: 2 / 71، شذرات الذهب: 2 / 216 - 217، الرسالة
المستطرفة: 46.
(14/33)
وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَبِبَغْدَادَ:مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بنِ الرَّيَّانِ،
وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ القَوَارِيْرِيّ،
وَالطَّبَقَة.
وَبِالبَصْرَة:شَيْبَانَ بنَ فَرُّوخٍ، وَهُدْبَةَ بنَ
خَالِدٍ، وَعبدَ الواحدِ بنَ غِيَاثٍ، وَعِدَّةً.
وَبَالكُوْفَةِ:مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ،
وَهَنَّاد، وَابنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَطَائِفَةً.
وَبَالمَدِيْنَةِ:أَبَا مُصْعَبٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ
المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَطَائِفَةً.
وَبَالشَّامِ:هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَدُحَيْماً.
قُلْتُ:وَبِمِصْرَ مِنْ:يُوْنُسَ الصَّدَفيِّ،
وَالرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ، وَأَبِي إِسْمَاعِيْلَ
المُزَنِيّ، وَأَخَذَ عَنْهُ كُتُبَ الشَّافِعِيّ ضَبْطاً
وَتفَقُّهاً.
وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَبَرَعَ فِي عُلُومِ الإِسْلاَمِ،
وَكَانَ إِمَاماً مُجْتَهِداً عَلاَّمَةً، مِنْ أَعْلَمِ
أَهْلِ زَمَانِهِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ
وَالتَّابِعِيْنَ، قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونَ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) :حَدَّثَ
عَنْ:عَبْدَانَ بنِ عُثْمَانَ.
ثُمَّ سمَّى جَمَاعَةً، وَقَالَ:كَانَ مِنْ أَعْلَمِ
النَّاسِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُم فِي
الأَحْكَامِ.
قُلْتُ:يُقَالُ:إِنَّهُ كَانَ أَعْلَم الأَئِمَّةِ
بِاخْتِلاَفِ العُلَمَاءِ عَلَى الإِطلاَقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَمُحَمَّدُ
بنُ المُنْذِرِ شَكَّر، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ
الأَخْرَمِ، وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الفَقِيْه، وَوَلَدُهُ إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدِ بنِ
نصرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيّ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ مِنَ
الشَّافِعِيَّة:لَوْ لَمْ يُصَنِّفِ ابْنُ نَصْرٍ إِلاَّ
كِتَابَ:(القسَامَةِ)لكَانَ مِنْ أَفْقَهِ النَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَقِيْلَ
لَهُ:أَلاَ تَنْظُرْ إِلَى تَمَكُّنِ أَبِي
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 315، وما بن حاصرتين منه.
(14/34)
عليٍّ الثَّقَفِيِّ فِي عَقْلِهِ؟
فَقَالَ:ذَاكَ عَقْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ مِنْ
أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
قِيْلَ:وَكَيْفَ ذَاكَ؟
قَالَ:إِنَّ مَالِكاً كَانَ مِنْ أَعْقَلِ أَهْلِ
زَمَانِهِ، وَكَانَ يُقَالُ:صَارَ إِلَيْهِ عَقْلُ
الَّذِيْنَ جَالسَهُم مِنَ التَّابِعِيْنَ، فجَالَسَهُ
يَحْيَى بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيّ، فَأَخَذَ مِنْ
عَقْلِهِ وَسَمْتِهِ، ثُمَّ جَالسَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى
مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ سِنِيْنَ، حَتَّى أَخذَ مِنْ
سَمْتِهِ وَعَقْله، فَلَمْ يُرَ بَعْدَ يَحْيَى مِنْ
فُقَهَاءِ خُرَاسَانَ أَعْقَلُ مِنِ ابْنِ نَصْرٍ، ثُمَّ
إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيّ جَالسَهُ أَرْبَعَ
سِنِيْنَ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ أَعْقَلُ مِنْ أَبِي
عليٍّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
الإِسْفَرَايِيْنِيّ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَبْدِ الحَكَمِ يَقُوْلُ:كَانَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ
بِمِصْرَ إِمَاماً، فَكَيْفَ بِخُرَاسَانَ؟
وَقَالَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ:كَانَ الصَّدْرُ
الأَوَّلُ مَنْ مَشَايِخنَا يَقُوْلُوْنَ:رِجَالُ
خُرَاسَانَ أَرْبَعَةٌ:ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ
رَاهْوَيْه، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بنُ
نَصْرٍ.
وَمن كَلاَمِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ، قَالَ:لَمَّا كَانَتِ
المَعَاصِي بَعْضُهَا كُفْراً وَبِعْضُهَا لَيْسَ
بِكُفْرٍ، فَرَّقَ تَعَالَى بَيْنَهَا، فَجَعَلَهَا
ثَلاَثَةَ أَنْوَاعٍ:فَنَوْعٌ مِنْهَا كُفْرٌ، وَنوْعٌ
مِنْهَا فُسُوقٌ، وَنوعٌ مِنْهَا عِصْيَانٌ، لَيْسَ
بِكُفْرٍ وَلاَ فُسُوقٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ كرَّهَهَا
كُلّهَا إِلَى المُؤْمِنِيْنَ.
وَلَمَّا كَانَتِ الطَّاعَاتُ كُلّهَا دَاخلَةٌ فِي
الإِيْمَانِ، وَلَيْسَ فِيْهَا شَيْءٌ خَارجٌ عَنْهُ، لَمْ
يُفَرِّق بَيْنَهَا، فَمَا، قَالَ:حَبَّبَ إِلَيْكُم
الإِيْمَانَ وَالفَرَائِضَ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ، بَلْ
أَجْمَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ:{حَبَّبَ إِلَيْكُم الإِيْمَانَ}
[الحجرَات:7] فَدَخَلَ فِيْهِ جَمِيْعُ الطَّاعَاتِ،
لأَنَّهُ قَدْ حَبَّبَ إِلَيْهِم الصَّلاَةَ وَالزَّكَاةَ،
وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ حُبَّ تَدَيُّنٍ، وَيكْرَهُونَ
المَعَاصِي كرَاهيَةَ تَدَيُّنٍ، وَمِنْهُ قَولُهُ
عَلَيْهِ السَّلاَمُ:(مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ
وَسَاءتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ) (1) .
__________
(1) قطعة من حديث أخرجه الامام أحمد في " مسنده ": 1 / 18،
26، والترمذي (2165) في الفتن: باب ما جاء في لزوم الجماعة
من طريق محمد بن سوقة، عن عبد الله =
(14/35)
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
الأَخْرَمِ:انْصَرَفَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ مِنَ
الرِّحلَةِ الثَّانِيَةِ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ،
فَاسْتَوْطَنَ نَيْسَابُوْرَ، فَلَمْ تَزَلْ تِجَارَتُهُ
بِنَيْسَابُوْرَ، أَقَامَ مَعَ شَرِيْكٍ لَهُ مُضَارِبٍ،
وَهُوَ يَشْتَغِلُ بِالعِلْمِ وَالعِبَادَةِ، ثُمَّ خَرَجَ
سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَأَقَامَ
بِهَا وَشريكُهُ بِنَيْسَابُوْرَ، وَكَانَ وَقتَ مُقَامِهِ
بِنَيْسَابُوْرَ هُوَ المُقَدّم وَالمُفْتِي بَعْدَ
وَفَاةِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، فَإِنَّ حَيْكَانَ (1) -
يَعْنِي:يَحْيَى وَلدُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى - وَمَنْ
بَعْدَهُ أَقَرُّوا لَهُ بِالفَضْلِ، وَالتَّقَدُّمِ.
قَالَ ابْنُ الأَخْرَمِ الحَافِظُ:أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ قُتَيْبَةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
يَحْيَى غَيْرَ مَرَّةٍ، إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ
يَقُوْلُ:سَلُوا أَبَا عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيّ:أَدْرَكْتُ إِمَامَيْن
لَمْ أُرْزَق السَّمَاعَ مِنْهُمَا:أَبُو حَاتِمٍ
الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ،
فَأَمَّا ابْنُ نَصْرٍ، فَمَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ صَلاَةً
مِنْهُ، لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ زُنْبُوراً قَعَدَ عَلَى
جَبْهَتِهِ، فسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجهِهِ وَلَمْ
يَتَحَرَّكْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ:مَا
رَأَيْتُ أَحْسَنَ صَلاَةً مِنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ،
كَانَ الذُّبَابُ يقعُ عَلَى أُذُنِهِ، فَيَسِيْلُ
الدَّمُ، وَلاَ يَذُبُّهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَقَدْ كُنَّا
نَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِ صَلاَتِهِ وَخُشُوعِهِ
وَهَيئَتِهِ للصَّلاَةِ، كَانَ يَضَعُ ذَقْنَهُ
__________
= ابن دينار، عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: يا
أيها الناس إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه
وسلم فينا فقال: " أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم
الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى يحلف الرجل ولا يستحلف،
ويشهد الشاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بأمرأة إلا كان
ثالثهما الشيطان. عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن
الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة
الجنة، فليلزم الجماعة، من سرته حسنته، وساءته سيئته فذلك
المؤمن ".
وسنده صحيح، وصححه الحاكم: 1 / 114، ووافقه الذهبي، وقال
الترمذي: حسن صحيح.
(1) هو الحافظ يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي،
شيخ نيسابور، المتوفى 267 ه، ويلقب: حيكان وقد تقامت
ترجمته.
(14/36)
عَلَى صَدْرِهِ، فَيَنْتَصِبُ كَأَنَّهُ
خشبَةٌ مَنْصوبَةٌ.
قَالَ:وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خَلقاً، كَأَنّمَا
فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَانِ وَعَلَى خَدَّيْهِ
كَالوَرْدِ، وَلحيتُهُ بَيْضَاءَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ:سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ
يَقُوْلُ:كَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ:وَالِي
خُرَاسَانَ - يَصِلُ مُحَمَّدَ بنَ نَصْرٍ فِي العَامِ
بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَيصِلُهُ أَخُوْهُ
إِسْحَاقُ بِمِثْلِهَا، وَيصِلُهُ أَهْلُ سَمَرْقَنْدَ
بِمِثْلِهَا، فَكَانَ يُنْفِقُهاً مِنَ السّنَةِ إِلَى
السّنَةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ عِيَالٌ،
فَقِيْلَ لَهُ:لَوِ ادَّخَرْتَ لنَائِبَةٍ؟
فَقَالَ:سُبْحَانَ اللهِ!أَنَا بَقِيْتُ بِمِصْرَ كَذَا
وَكَذَا سَنَةً، قُوتِي وثيَابِي وَكَاغَدِي (1) وَحِبرِي
وَجَمِيْعُ مَا أُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِي فِي السّنَةِ
عِشْرُوْنَ (2) دِرْهَماً، فَتَرَى إِنْ ذَهَبَ ذَا لاَ
يَبْقَى ذَاكَ!
قَالَ الحَافِظُ السُّلَيْمَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ
إِمَامُ الأَئِمَّةِ الموفَّقُ مِنَ السَّمَاءِ، سَكَنَ
سَمَرْقَنْدَ، سَمِعَ يَحْيَى بنَ يَحْيَى، وَعَبْدَان،
وَعَبْد اللهِ المُسْنَدِيّ، وَإِسْحَاقَ، وَلَهُ
كِتَابُ:(تعَظِيْم قدر الصَّلاَة)وَكِتَابُ:(رَفْع
اليَدِين)وَغيرهُمَا مِنَ الكُتُبِ المُعْجِزَةِ.
كَذَا قَالَ السُّلَيمَانِي، وَلاَ مُعْجِزَ إِلاَّ
القُرْآنَ.
ثُمَّ قَالَ:مَاتَ هُوَ وَصَالِح جَزَرَة فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
أَنْبَأَنِي أَبُو الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ وَجَمَاعَةٌ
سَمِعُوا أَبَا اليُمْنِ الكِنْدِيّ:أَخْبَرَنَا أَبُو
مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
حَيَّوَيه، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ جَعْفَرٍ
اللَّبَّانُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ،
قَالَ:خَرَجْتُ مِنْ مِصْرَ وَمعِي جَارِيَةٌ فَرَكبتُ
البَحْرَ أُريدُ مَكَّةَ، فَغَرقْتُ، فَذَهَبَ مِنِّي
أَلْفَا
__________
(1) بفتح الغين المعجمة: هو القرطاس. فارسي معرب.
(2) في الأصل " عشرين " وهو خطأ.
(14/37)
جُزْءٍ وَصِرْتُ إِلَى جَزِيْرَةٍ أَنَا
وَجَارِيَتِي، فَمَا رَأَينَا فِيْهَا أَحَداً،
وَأَخَذَنِي العَطَشُ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى المَاءِ،
فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى فَخِذِ جَارِيتِي مُسْتَسْلِماً
لِلمَوْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ جَاءنِي وَمَعَهُ كُوزٌ،
فَقَالَ لِي:هَاهُ.
فَشَرِبْتُ وَسقَيْتُهَا، ثُمَّ مَضَى، فَمَا أَدْرِي مِنْ
أَيْنَ جَاءَ؟وَلاَ مِنْ أَيْنَ رَاحَ؟
وفِي(الطَّبَقَاتِ)لأَبِي إِسْحَاقَ:وُلِدَ مُحَمَّدُ بنُ
نَصْرٍ بِبَغْدَادَ، وَنَشَأَ بِنَيْسَابُوْرَ،
وَاسْتوطَنَ سَمَرْقَنْدَ.
رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ، قَالَ:لَمْ يَكُنْ لِي حُسْنُ
رَأْيٍ فِي الشَّافِعِيِّ، فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ فِي
مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- أَغْفَيْتُ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ:يَا
رَسُوْلَ اللهِ!أَكْتُبُ رَأْيَ الشَّافِعِيِّ؟
فَطَأَطَأَ رَأَسَهُ شِبْهَ الغَضْبَانِ وَقَالَ:(تَقُوْلُ
رَأْي؟لَيْسَ هُوَ بِالرَّأْي، هُوَ ردٌّ عَلَى مَنْ
خَالَفَ سُنَّتِي).
فَخَرَجْتُ فِي أَثَرِ هَذِهِ الرُّؤيَا إِلَى مِصْرَ،
فَكَتَبْتُ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ (1) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ:وَصَنَّفَ ابْنُ نَصْرٍ كُتُباً،
ضَمَّنَهَا الآثَارَ وَالفِقْهَ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ
النَّاسِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي
الأَحْكَامِ، وَصَنَّفَ كِتَاباً فِيمَا خَالَفَ أَبُو
حَنِيْفَةَ عَلِيّاً وَابنَ مَسْعُوْدٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيّ:لَوْ لَمْ يُصَنِّف
إِلاَّ كِتَاب:(القسَامَة)لكَانَ مِنْ أَفْقَهِ النَّاسِ،
كَيْفَ وَقَدْ صَنَّفَ سِوَاهُ؟!
قَالَ الوَزِيْرُ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ
اللهِ البَلْعَمِيّ (2) :سَمِعْتُ الأَمِيْرَ
إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ:كُنْتُ
بِسَمَرْقَنْدَ، فجلَسْتُ يَوْماً للمظَالِمِ، وَجَلَسَ
__________
(1) الخبر مطولا في " طبقات الشيرازي " ص 107 106 وما بين
حاصرتين منه. وانظر أيضا " طبقات السبكي " 2 / 249.
(2) بفتح الباء الموحدة " وسكون اللام، وفتح العين المهملة
وفي آخرها الميم: نسبة إلى " بلعم " بلدة من بلاد الروم.
وفي سبب نسبة جد الوزير أبي الفضل اختلاف انظره في "
اللباب " 1 / 174.
(14/38)
أَخِي إِسْحَاقُ إِلَى جَنْبِي، إِذْ
دَخَلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ، فَقُمْتُ
لَهُ إِجلاَلاً لِلْعِلمِ، فَلَمَّا خَرَجَ عَاتَبَنِي
أَخِي وَقَالَ:أَنْتَ وَالِي خُرَاسَانَ تَقُوْمُ لِرَجُلٍ
مِنَ الرَّعيَّةِ؟هَذَا ذهَابُ السِّيَاسَةِ.
قَالَ:فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَنَا مُتَقَسِّمُ
القَلْبِ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ كَأَنِّيْ وَاقِفٌ مَعَ أَخِي
إِسْحَاقَ إِذْ أَقْبَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ بِعَضُدِي، فَقَالَ
لِي:ثَبُتَ مِلْكُكَ وَملْكُ بَنِيْكَ بِإِجلاَلِكَ
مُحَمَّدَ بنَ نَصْرٍ.
ثُمَّ التَفَتَ إِلَى إِسْحَاقَ، فَقَالَ:ذَهَبَ مُلْكُ
إِسْحَاقَ، وَمُلْكُ بَنِيْهِ بِاسْتِخْفَافِهِ
بِمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ.
قُلْتُ:كَانَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ زَوْجَ أُخْتِ يَحْيَى
بنِ أَكْثَمَ القَاضِي، وَاسمُهَا خَنَّةُ بِمُعْجَمَةٍ
ثُمَّ نُوْنٌ (1) ، مَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ قلاَئِلَ مِنْ
مَوْتِ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَزَرَةَ، وَذَلِكَ فِي
المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ فِي
مَسْأَلَةِ الإِيْمَان:صَرَّحَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ فِي
كِتَاب(الإِيْمَان)بِأَنَّ الإِيْمَانَ مَخْلُوْقٌ،
وَأَنَّ الإِقْرَارَ، وَالشَّهَادَةَ، وَقرَاءةَ القُرْآنِ
بِلَفْظِهِ مَخْلُوْقٌ.
ثُمَّ قَالَ:وَهَجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاءُ وَقتِهِ،
وَخَالفَهُ أَئِمَّةُ خُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ.
قُلْتُ:الخَوْضُ فِي ذَلِكَ لاَ يَجُوْزُ، وَكَذَلِكَ لاَ
يَجُوْزُ أَنْ يُقَالُ:الإِيْمَانُ، وَالإِقْرَارُ،
وَالقِرَاءةُ، وَالتَّلَفُّظُ بِالقُرْآنِ غَيْرَ
مَخْلُوْقٍ، فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ العبَادَ
وَأَعمَالَهُمُ، وَالإِيْمَانُ:فَقَوْلٌ وَعمَلٌ،
وَالقِرَاءةُ وَالتَّلَفُّظُ:مِنْ كَسْبِ القَارِئِ،
وَالمَقْرُوءُ المَلْفُوظُ:هُوَ كَلاَمُ اللهِ وَوَحْيُهُ
وَتَنْزِيلُهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَكَذَلِكَ
كَلِمَةُ الإِيْمَانِ، وَهِيَ قَوْلُ(لاَ إِلَهَ إِلاَّ
الله، مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ)دَاخلَةٌ فِي القُرْآنِ،
وَمَا كَانَ مِنَ القُرْآنِ فلَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ،
وَالتَّكَلُّمُ بِهَا
__________
(1) انظر " مشتبه النسبة " للمؤلف: 1 / 213.
(14/39)
مِنْ فِعْلنَا، وَأَفعَالُنَا
مَخْلُوْقَةٌ، وَلَوْ أَنَّا كلَّمَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي
اجْتِهَادِهِ فِي آحَادِ المَسَائِلِ خَطَأً مَغْفُوراً
لَهُ، قُمْنَا عَلَيْهِ، وَبدَّعْنَاهُ، وَهَجَرْنَاهُ،
لَمَا سَلِمَ مَعَنَا لاَ ابْنَ نَصْرٍ، وَلاَ ابْنَ
مَنْدَةَ، وَلاَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمَا، وَاللهُ
هُوَ هَادِي الخَلْقِ إِلَى الحَقِّ، وَهُوَ أَرحمُ
الرَّاحمِينَ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى
وَالفظَاظَةِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ فِي بَعْضِ
توَالِيفِهِ:أَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَجْمَعهُم
للسُّنَنِ، وَأَضْبَطهُم لَهَا، وَأَذْكَرهُمُ
لِمَعَانِيهَا، وَأَدرَاهُمُ بِصِحَّتِهَا، وَبِمَا
أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ مِمَّا اخْتَلفُوا فِيْهِ.
قَالَ:وَمَا نَعْلَمُ هَذِهِ الصِّفَةَ - بَعْد
الصَّحَابَةِ - أَتمَّ مِنْهَا فِي مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ
المَرْوَزِيّ، فَلَو قَالَ قَائِل:لَيْسَ لِرَسُوْلِ اللهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيْثٌ وَلاَ
لأَصْحَابِهِ إِلاَّ وَهُوَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ
لَمَا أَبْعَدَ عَنِ الصِّدْقِ.
قُلْتُ:هَذِهِ السَّعَةُ وَالإِحَاطَةُ مَا ادَّعَاهَا
ابْنُ حَزْمٍ لابْنِ نَصْرٍ إِلاَّ بَعْدَ إِمعَانِ
النَّظَرِ فِي جَمَاعَةِ تَصَانِيْفَ لابْنِ نَصْرٍ،
وَيمْكِن ادِّعَاءُ ذَلِكَ لِمِثْلِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ
وَنُظَرَائِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
14 - النَّاشِي الكَبِيْرُ عَبْدُ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
الأَنْبَارِيُّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ شِرْشِيْر الأَنْبَارِيُّ،
المُلَقَّب:بِالنَّاشِي (1) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 93 92، الأنساب: 551 / ب، المنتظم:
6 / 58 57، إنباه الرواة: 2 / 129 128، وفيات الأعيان: 3 /
93 91، العبر: 2 / 95، البداية والنهاية: 11 / 101، طبقات
المعتزلة لابن المرتضى: 93 82، النجوم الزاهرة: 3 / 159
158، حسن المحاضرة: 1 / 559، شذرات الذهب: 2 / 215 214.
(1) بفتح النون، وبعد الالف شين معجمة وياء: لقب غلب عليه.
وشرشير بكسر الشين الأولى والثانية المعجمتين، وبينهما راء
ساكنة. وشرشير: اسم طائر يصل إلى الديار =
(14/40)
مِنْ كِبَارِ المتكلِّمِيْنَ، وَأَعيَانِ
الشُّعَرَاءِ، وَرُؤُوْسِ المَنْطِقِ.
لَهُ التَّصَانِيْفُ.
وَكَانَ قَوِيَّ العَرَبِيَّةِ وَالعَرُوْضِ، أَدْخَلَ
عَلَى قَوَاعدِ الخَلِيْلِ شُبَهاً، وَمَثَّلَهَا بِغَيرِ
أَمْثِلَةِ الخَلِيْلِ، وَصَنَّفَ فِي المَنْطِقِ، وَلَهُ
قَصِيْدَةٌ فِي عِدَّةِ فنُوْنٍ، نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ
بَيْتٍ.
وَكَانَ مِنْ أَذكيَاءِ العَالَمِ.
سَكَنَ مِصْرَ، وَبِهَا مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
15 - مُطَيَّنٌ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الحَضْرَمِيُّ *
الشَّيْخُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ،
أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
سُلَيْمَانَ الحَضْرَمِيُّ، المُلَقَّبُ:بِمُطَيَّنٍ.
رَأَى أَبَا نُعَيْمٍ المُلاَئِيّ.
وَسَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ، وَيَحْيَى بنَ بِشْرٍ
الحريرِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو الأَشْعَثِيّ،
وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَبنِي أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيَّ
بنَ حَكِيْمٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَابْنُ
عُقْدَةَ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيلِيّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
البَكَّائِيّ، وَعَلِيُّ بنُ حَسَّان الجَدِيلِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَارِمٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَارِمٍ:كَتَبْتُ بِأُصْبُعِي عَنْ
مُطَيَّنٍ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
__________
= المصرية في البحر زمن الشتاء، وهو أكبر من الحمام بقليل،
كثير الوجود بساحل دمياط، وباسمه سمي الشاعر.
انظر " وفيات الأعيان " 3 / 92.
(*) فهرست ابن النديم: 324 323، طبقات الحنابلة: 1 / 301
300، الأنساب: 534 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 114 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 663 662،
العبر: 2 / 108، دول الإسلام: 1 / 181، ميزان الاعتدال: 3
/ 607، الوافي بالوفيات: 3 / 345، لسان الميزان: 5 / 234
233، النجوم الزاهرة: 3 / 171، طبقات الحفاظ: 288، شذرات
الذهب: 2 / 226، الرسالة المستطرفة: 63.
(14/41)
وَسُئِلَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
فَقَالَ:ثِقَةٌ جَبَلٌ.
قُلْتُ:صَنّفَ(المُسْنَد)وَ(التَّارِيْخ)وَكَانَ
مُتْقِناً.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ
أَبِي شَيْبَةَ، وَتكلَّمَ هُوَ فِي ابْنِ عُثْمَانَ،
فَلاَ يُعْتَدُّ غَالباً بكَلاَمِ الأَقرَانِ، لاَ سيَّمَا
إِذَا كَانَ بينهُمَا منَافسَةٌ، فَقَدْ عَدَّدَ ابْنُ
عُثْمَانَ لمُطَيَّن نَحْواً مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْهَامٍ،
فَكَانَ مَاذَا؟وَمُطَيَّن أَوْثَقُ الرَّجُلَينِ،
وَيَكْفِيهِ تَزْكِيَةُ مِثْلِ الدَّارَقُطْنِيِّ لَهُ.
عَاشَ خَمْساً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ:ثِقَةٌ حَافِظٌ.
سَمِعْتُ جَمَاعَةً سَمِعُوا جَعْفَراً الخُلْدِيّ:قُلْتُ
لمُطَيَّن:لِمَ لُقِّبْتَ بِهَذَا؟
قَالَ:كُنْتُ صَبِيّاً أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ،
وَكُنْتُ أَطوَلَهُم، فَنَسْبَحُ وَنَخُوضُ،
فَيُطَيِّنُوْنَ ظَهْرِي، فَبَصُرَ بِي يَوْماً أَبُو
نُعَيْمٍ فَقَالَ لِي:يَا مُطَيَّنُ!لَمْ لاَ تَحْضُر
مَجْلِسَ العِلْمِ؟فَلَمَّا طَلَبْتُ الحَدِيْثَ مَاتَ
أَبُو نُعَيْمٍ، وَكَتَبْتُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ
مائَةِ شَيْخٍ.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
16 - عَبْدُ اللهِ ابْنُ المُعْتَزِّ بِاللهِ مُحَمَّدٍ
الهَاشِمِيُّ *
ابْنِ المُتَوَكِّلِ جَعْفَرِ ابنِ المُعْتَصِمِ مُحَمَّدِ
ابنِ الرَّشِيْدِ
__________
(*) تاريخ الطبري: 10 / 140 - 141، أشعار أولاد الخلفاء:
107 - 296، مروج الذهب: 2 / 501 - 503، الاغاني: 10 / 286
- 296، فهرست ابن النديم: 168 - 169، تاريخ بغداد: 10 / 95
- 101، نزهة الالباء: 233 - 234، المنتظم: 6 / 84 - 88،
الكامل في التاريخ: 8 / 16 14، وفيات الأعيان: 3 / 80 76،
العبر: 2 / 104 - 105، دوالاسلام: 1 / 179 - 180، فوات
الوفيات: 2 / 239 - 246، مرآة الجنان: 2 / 225 - 227،
البداية والنهاية: 11 / 110 108، النجوم الزاهرة: 3 / 165
- 167، معاهد التنصيص: 2 / 38، مفتاح السعادة: 1 / 199 -
200، شذرات الذهب: 2 / 221 - 224.
(14/42)
هارُوْنَ ابنِ المَهْدِيِّ، الأَمِيْرُ
أَبُو العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ،
البَغْدَادِيُّ، الأَدِيْبُ، صَاحِبُ النَّظْمِ
الرَّائِقِ.
تَأَدَّبَ بِالمُبَرِّدِ وَثَعْلَبَ، وَرَوَى عَنْ
مُؤَدِّبِهِ، أَحْمَدَ بن سَعِيْدٍ الدِّمَشْقِيِّ.
رَوَى عَنْهُ:مُؤَدِّبُهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
الصُّوْلِيُّ وَغيرهُمَا.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَفِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، أَنِفَتِ الكِبَارُ مِنْ
خِلاَفَةِ المُقْتَدِرِ، وَهُوَ حَدَثٌ، فَهَاجُوا
وَتوَثَّبُوا عَلَى المُقْتَدِرِ، وَقَتَلُوا وَزِيْرَهُ،
وَنَصَّبُوا ابْنَ المعتزِّ فِي الخِلاَفَةِ،
فَقَالَ:عَلَى شَرْطِ أَنْ لاَ يُقْتَلَ بِسَبَبِي رَجُلٌ
مُسْلِمٌ.
وَكَانَ حَوْلَ المُقْتَدِرِ خَوَاصُّهُ، فَلَبِسُوا
السِّلاَحَ، وَحملُوا عَلَى أُولئِكَ، فَتَفَرَّقَ عَنِ
ابْنِ المُعْتَزِّ جَمْعُهُ، وَخَافَ، فَاخْتَفَى، ثُمَّ
قُبِضَ عَلَيْهِ، وَقُتِلَ سِرّاً فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ
سَنَةِ سِتٍّ، سَلَّمُوهُ إِلَى مُؤنِسٍ الخَادِمِ،
فَخَنَقَهُ، وَلفَّهُ فِي بِسَاطٍ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى
أَهْلِهِ.
وَكَانَ شَدِيْدَ السُّمرَةِ، مَسنُوْنَ الوَجْهِ،
يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
ورثَاهُ عَلِيُّ بنُ بسَّامٍ:
للهِ دَرُّكَ مِنْ مَلْكٍ بِمَضْيَعَةِ ... نَاهِيْكَ فِي
العَقْلِ وَالآدَابِ وَالحَسَبِ
مَا فِيْهِ لَوْلاَ وَلاَ لَيْتٌ فَتُنْقِصُهُ ...
وَإِنَّمَا أَدْرَكَتْهُ حِرْفَةُ الأَدَبِ (1)
وَلهُ نَثْرٌ بَدِيْعٌ (2) مِنْهُ:
مَنْ تَجَاوَزَ الكَفَافَ لَمْ يُغْنِهِ الإِكثَارُ.
كُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ المُنَافَسِ، عَظُمَت الفَجِيْعَةُ
بِهِ.
__________
(1) البيتان في " تاريخ بغداد " 10 / 101، و" وفيات
الأعيان " 3 / 77، و" فوات الوفيات " 2 / 240.
(2) انظر نماذج منه في " أشعار أولاد الخلفاء " ص 287.
(14/43)
رُبَّمَا أَوْرَدَ الطَّمَعُ وَلَمْ
يُصْدِرْ.
مَنِ ارْتَحَلَهُ الحِرْصُ، أَنضَاهُ الطَّلَبُ.
الحَظُّ يَأْتِي مَنْ لاَ يَأْتِيْهِ.
أَشْقَى النَّاسِ أَقْرَبَهُم مِنَ السُّلْطَانِ، كَمَا
أَنَّ أَقْرَبَ الأَشيَاءِ مِنَ النَّارِ أَسْرَعُهَا
احْتِرَاقاً.
مَنْ شَارَكَ السُّلْطَانَ فِي عزِّ الدُّنْيَا، شَارَكَهُ
فِي ذُلِّ الآخِرَةِ.
17 - إِدْرِيْسُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَدَّادُ أَبُو
الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ *
مُقْرِئ العِرَاقِ، أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيّ.
قرأَ عَلَى خَلَفٍ البَزَّارِ وَغَيْرِهِ.
وَحَدَّثَ عَنْ:عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَمُصْعبَ
الزُّبَيْرِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَتَصَدَّرَ للإِقرَاءِ، وَرُحِلَ إِلَيْهِ.
تَلاَ عَلَيْهِ:أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ بُويَانِ
(1) ، وَأَحْمَدُ بنُ حَمْدَانِ، وَالحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ
المُطَّوِّعِيّ، وَغَيْرهُمُ.
وَرَوَى عَنْهُ:النَّجَّادُ، وَأَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مُجَاهِدٍ، وَأَبُو
بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 15 14، طبقات الحنابلة: 1 / 117 116،
الأنساب: 158 / أ، العبر: 2 / 93، طبقات القراء للذهبي: 1
/ 205 204، الوافي بالوفيات: 8 / 318 317، طبقات القراء
للجزري: 1 / 154، النشر في القراءات العشر: 1 / 166، شذرات
الذهب: 2 / 210.
(1) بموحدة مضمومة ثم واو، ثم ياء آخر الحروف: وهو أحمد بن
عثمان بن محمد بن جعفر بن بويان الخراساني البغدادي الحربي
القطان. ثقة مشهور ضابط وقد تقدمت ترجمته.
(14/44)
سُئِلَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ،
فَقَالَ:ثِقَةٌ وَفوق الثِّقَةِ بِدَرَجَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ المُنَادِي:كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ
لِثِقَتِهِ وَصلاَحِهِ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ عِيْدِ الأَضْحَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ
سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ
فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ،
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيّ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِدْرِيْسُ
بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ المُقْرِئ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ
عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنْ عَاصِمِ
بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:(إِنَّ اللهَ اصْطَفَى
إِبْرَاهِيْمَ بِالخُلَّةِ، وَاصْطَفَى مُوْسَى
بِالكَلاَمِ، وَاصْطَفَى مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَعَلَيْهِمَا بِالرُّؤْيَةِ) (1) .
18 - يَحْيَى بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ يَحْيَى أَبُو
القَاسِمِ الأَذنِيُّ *
المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، أَبُو القَاسِمِ الأَذنِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِيْهِ، وَلُويْنٍ، وَالمُسَيَّبِ بنِ
وَاضِحٍ، وَمُؤَمَّلِ بنِ إِهَابٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
وَزِيْرٍ، وَأَبِي عُمَيْرِ بنِ النَّحَّاسِ،
وَطَبَقَتِهِم.
__________
(1) أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " ص 199 من طريق عبد
الوهاب بن الحكم الوراق، حدثنا هاشم بن القاسم، عن قيس بن
الربيع، عن عاصم الاحول، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إن
الله..وأخرجه أيضا ص 197 من طريق محمد بن بشار، ومحمد ابن
المثنى قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن
عكرمة، عن ابن عباس قال: أتعجبون أن تكون الخلة لابراهيم،
والكلام لموسى، والرؤيا لمحمد صلى الله عليه وآله وهذا رأي
لا دليل عليه، وهو مخالف للادلة الكثيرة الوفيرة في أنه
صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في تلك الليلة.
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على ذلك.
انظر التفصيل في " زاد المعاد " 3 / 37 36.
(*) تاريخ بغداد: 14 / 228 227، تاريخ ابن عساكر: 18 / 76
/ أ، معجم البلدان: 1 / 133.
(14/45)
وَعَنْهُ:ابْنُ أَخِيْهِ عَدِيُّ بنُ
أَحْمَدَ، وَابْنُ صَاعِدِ، وَابنُ المُنَادِي، وَابنُ
قَانِعٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ
جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
وَابنُ السَّمَّاكِ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ (1) .
وَقَالَ ابْنُ المُنَادِي:جَاءَ نَبَأُ وَفَاتِهِ مِنْ
أَذَنَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ فَأَكْثَرُوا، لِثِقَتِهِ
وَضَبْطِهِ.
19 - النُّوشَرِيُّ أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ *
نَائِبُ المُكْتَفِي عَلَى مِصْرَ، الأَمِيْرُ، أَبُو
مُوْسَى عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ.
وَلِيهَا خَمْسَ سِنِيْنَ، وَحَارَبَ مُحَمَّدَ بنَ
الخَلِيْجِ، وَتَمَكَّنَ، وَضَبَطَ الإِقلِيمَ إِلَى أَنْ
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ خَمْس سِنِيْنَ.
20 - جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عُبَيْدِ
اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
ابْنِ مُحَمَّدِ بنِ طُغَانَ، الإِمَامُ، الثَّبْتُ،
المُجَوِّدُ، أَبُو الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
المَشْهُورُ:بِالتّركِ.
__________
(1) في " تاريخه " 14 / 227.
(*) تاريخ الطبري: 10 / 47، 119 وغيرها، ولاة مصر للكندي:
286 278، الكامل في التاريخ: 8 / 23 22 و38 37، حسن
المحاضرة: 1 / 596، النجوم الزاهرة: 3 / 145، 153، تاريخ
مصر لابن إياس: 1 / 42، تاريخ حلب الشهباء: 1 / 232 - 233
.
(* *) الإكمال لابن ماكولا: 1 / 250 249.
(14/46)
قَالَ الحَاكِمُ:شَيْخُ عَشِيرَتِهِ فِي
عَصْرِهِ، مِنَ الثِّقَاتِ الأَثبَاتِ، وَمِنْ كِبَارِ
أَصْحَابِ:يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَإِسْحَاقَ بنِ
رَاهْوَيْه، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ
رَافِعٍ، وَأَبِي عَمَّارٍ المَرْوَزِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
أَبَانٍ المُسْتَمْلِي، وَأَقرَانِهِم.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، وَالمُؤَمَّلُ
بنُ الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو
الفَضْلِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ،
وَأَبُو الوَلِيْدِ الفَقِيْهُ.
وسَمِعَهُ أَبُو الوَلِيْدِ يَقُوْلُ:كَانَ إِسْحَاقُ
الحَنْظَلِيُّ يَرفَعُنِي عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ
الشُّيُوْخِ فِي مَجْلِسِهِ، وَيَقُوْلُ:جَدُّهُم أَوَّلُ
مَنْ أَظْهَرَ السُّنَةَ بِخُرَاسَانَ.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ
بنَ يَعْقُوْبَ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ:
إِذَا وَجَدْتُ الحَدِيْثَ عِنْدِي عَنْ جَعْفَرِ بنِ
مُحَمَّدٍ لِيَحْيَى بنِ يَحْيَى، لَمْ أُبَالِ أَنْ لاَ
أُخَرِّجَهُ عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ يَحْيَى بنَ يَحْيَى
كَانَ يَزُوْرُ كُلَّ جُمُعَةٍ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ
الصَّلاَةِ بَيْتَ الحُسَيْنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ،
فَيُقَدِّمُوْنَ إِلَيْهِ أَوْلادَهُم، فَيَدْعُو لَهُم.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ مُحَمَّدَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ جَعْفَرٌ التُّرْكُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَدُفِنَ
يَوْمَ الأَحَدِ، ثَامِنَ عَشَرَ شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الزُّبَيْرِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
يَحْيَى:
قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ - وَهُوَ
الفَرَقُ - مِنَ الجَنَابَةِ.
(14/47)
أَخْرَجَهُ:مُسْلِمٌ (1) ، عَنْ يَحْيَى
بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيِّ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَغَيْرُهُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ صَبَّاحٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
غَدِيْرٍ الفَرَضِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ
الخِلْعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ التُّرْكُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى:
قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ
الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ -
قَالَ:(إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ
الحَدِيْثِ (2))، الحَدِيْثَ.
21 - المَرْوَزِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
بنِ سُلَيْمَانَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيُّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ:عَاصِمَ بنَ عَلِيٍّ، وَأَبَا عُبَيْدٍ القَاسِمَ
بنَ سَلاَّمٍ، وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَخَلَفَ بنَ
هِشَامٍ، وَبِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ - وَهُوَ مُكْثِرٌ عَنْ
عَاصِمٍ - .
حَدَّثَ عَنْهُ:النَّجَّادُ، وَأَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ، وَمَخْلَدٌ البَاقَرْحِيُّ،
وَالطَّبَرَانِيُّ،
__________
(1) برقم (319) في الحيض: باب القدر المستحب من الماء في
غسل الجنابة.
وأخرجه البخاري: 1 / 213، وأبو داود (238)، وأحمد: 6 / 37
و199، والنسائي: 1 / 128، والدارمي: 1 / 192 من طرق عن ابن
شهاب، عن عروة، عن عائشة بلفظ: " كنت أغتسل أنا ورسول الله
صلى الله عليه وآله من إناء واحد، وهو الفرق ".
والفرق بالتحريك: مكيال معروف بالمدينة، وهو ستة عشر رطلا.
انظر " النهاية " لابن الأثير.
(2) قطعة من حديث صحيح وتمامه: ولا تجسسوا، ولا تحسسوا،
ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا،
وكونوا عباد الله إخوانا ". وهو في " الموطأ " 3 / 100 في
المهاجرة. وأخرجه البخاري: 10 / 404، ومسلم (2563)
و(2564)، وأبو داود (4917)، والترمذي (1988).
(*) تاريخ بغداد: 3 / 423 422، العبر: 2 / 112، طبقات
القراء للجزري: 2 / 277 276، شذرات الذهب: 2 / 231.
(14/48)
وَابْنُ عُبَيْدٍ العَسْكَرِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:صَدُوْقٌ.
قُلْتُ:مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
22 - ابْنُ أَبِي سُوَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ
البَصْرِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عُثْمَانَ
مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُويْدٍ البَصْرِيُّ،
الذَّرَّاعُ.
حَدَّثَ عَنْ:عُثْمَانَ بنِ الهَيْثَمِ، وَالقَعْنَبِيِّ،
وَسَعِيْدِ بنِ سَلاَمٍ العَطَّارِ، وَمُسْلِمِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ، وَبَكَّارٍ السِّيْرِيْنِيِّ،
وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ:الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ،
وَالقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
ضَعَّفَهُ:ابْنُ عَدِيٍّ (1) ، وَقَالَ:أُصِيْبَ
بِكُتُبِهِ، فَكَانَ يُشَبَّهُ عَلَيْهِ، وَأَرْجُو
أَنَّهُ لاَ يَتَعَمَّدُ الكَذِبَ.
وَكَانَ لاَ يُنْكَرُ لَهُ لُقِيُّ هَؤُلاَءِ الشُّيُوْخِ،
إِلاَّ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنِ الثِّقَاتِ بِمَا لاَ
يُتَابَعُ عَلَيْهِ.
وَكَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ نُسْخَةٍ لَهُ مَا لَيْسَ
مِنْ حَدِيْثِهِ عَنْ قَوْمٍ رَآهُم وَلَمْ يَرَهُم،
وَتُقْلَبُ الأَسَانِيْدُ عَلَيْهِ، فَيُقِرُّ بِهِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:سَمِعْتُ أَبَا خَلِيْفَةَ
يُثنِي عَلَيْهِ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ سَمِعَ مَعَهُ
(2) .
وَسَأَلَ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيَّ،
فَقَالَ:ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ قَبْلَ ثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ بِضْعٍ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
__________
(*) الكامل لابن عدي: 4 / 318 / أ، ميزان الاعتدال: 3 /
642 641، لسان الميزان: 5 / 279.
(1) في " كامله " 4 / 318.
(2) في الأصل " معهم " وما أثبتناه من " الكامل ".
(14/49)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي
التَّائِبِ، وَبِنْتُ عَبْدِ السَّلاَمِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا
يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ
الجُوْزْدَانِيَّةُ مَرَّتَيْنِ، وَأَبُو عَدْنَانَ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا
سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُوَيْدٍ البَصْرِيُّ،
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ
عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُوْدٍ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَنَّهُ عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ:(التَّحِيَّاتُ للهِ،
وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ
أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهِ،
السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ
الصَّالِحِيْنَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ (1)).
لَمْ يَرْفَعْهُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ إِلاَّ عُثْمَانُ.
23 - حَامِدُ بنُ سَهْلٍ أَبُو مُحَمَّدٍ البُخَارِيُّ *
المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البُخَارِيُّ.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ:هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعِيْسَى بنَ
حَمَّادٍ، وَحَرْمَلَةَ، وَقُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ،
وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ،
وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ:سَهْلُ بنُ السَّرِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ أَبِي حَامِدٍ، وَخَلَفُ بنُ
__________
(1) أخرجه الطبراني (9921) من طريق محمد بن عثمان بن أبي
سويد الذارع بهذا الإسناد، وأخرجه أيضا النسائي: 2 / 240
239، والطبراني (9920) من طريق حماد بن أبي سليمان، عن
إبراهيم، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله بن مسعود. وأخرجه
من طرق مختلفة عن ابن مسعود كل من البخاري: 2 / 258، 266
و3 / 62 و11 / 12، و48، و112 و13 / 310، ومسلم (420) (58)
في الصلاة، والترمذي (289)، وأبو داود (968)، والنسائي: 2
/ 240، وابن ماجه (899)، وأحمد: 1 / 376، 382، 408،
والدارمي: 1 / 309 308.
(*) تاريخ ابن عساكر: 4 / 75 / ب، تهذيب تاريخ ابن عساكر:
4 / 17 16.
(14/50)
مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ البُخَارِيُّونَ.
أَرَّخَ الخيَّامُ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
24 - يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى المَرْوَالرُّوْذِيُّ *
حَدَّثَ عَنْ:إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَلِيِّ بنِ
حُجْرٍ، وَيَحْيَى بنِ دُرُسْتَ، وَأَبِي مُصْعَبٍ،
وَطَبَقَتِهِم.
وَجَمَعَ، فَأَوعَى.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ أَبِي العَقِبِ، وَابْنُ
البَخْتَرِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو
عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
خَلاَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ:الخَطِيْبُ (1) .
وَقَالَ الحَاكِمُ:مَاتَ بِمَرْوَ الرُّوذِ، بَعْدَ
مُنْصَرَفِهِ مِنَ الحَجِّ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
25 - العَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ أَبُو
أَحْمَدَ الجَرْجرَائِيُّ **
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو أَحْمَدَ العَبَّاسُ بنُ
الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ سُلَيْمَانَ الجَرْجرَائِيُّ -
وَقِيْلَ:المَادَرَائِيُّ - .
اخْتَصَّ بِالوَزِيْرِ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ،
وَغَلَبَ عَلَيْهِ بِحُسْنِ حَرَكَاتِهِ وَآدَابِهِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 14 / 309 308، الأنساب: 523 / أ،
المنتظم: 6 / 89.
(1) في " تاريخه " 14 / 309.
(* *) تاريخ الطبري: 10 / 141 140، الكامل في التاريخ: 8 /
8، 14، إعتاب الكتاب: 186.
(14/51)
وَبَلاَغَتِهِ وَخَطِّهِ.
فَلَمَّا احْتُضِرَ، أَوْصَى بِهِ المُكْتَفِي،
فَاسْتَكْتَبَهُ، وَقَرَّبَهُ، وَأَقْطَعَهُ مَغَلَّ
خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ فِي
كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:مَوْلِدُهُ لَيْلَةَ قَتْلِ
المُتَوَكِّلِ، فَعَمِلَ لَهُ أَبُو مَعْشَرٍ مَوْلِداً،
وَقَالَ:مَا أَعْجَبَ هَذَا الوَلَدِ!لَوْ كَانَ
هَاشِمِيّاً، لَحَكَمْتُ لَهُ بِالخِلاَفَةِ، لَكِنْ
أَحْكُمُ لَهُ بِالوَزَارَةِ.
قَالَ:وَلَمْ يَزَلْ فِي ارْتِقَاءٍ.
وَمَرِضَ المُكْتَفِي، فَأَوْصَى إِلَيْهِ فِي وَلَدِهِ
وَأَهْلِهِ.
وَكَانَ ذَا كَرَمٍ وَتَحَرٍّ لِلْحَقِّ، كَانَ يَصِلُ
إِلَيْهِ رِقَاعُ أَصْحَابِ الأَخْبَارِ فِي أَصْحَابِهِ،
فَيَرْمِيهَا إِلَى أُوْلَئِكَ، وَيَضْحَكُ.
وَعَنِ القَاسِمِ الوَزِيْرِ:أَنَّهُ كَانَ يُعْجَبُ مِنْ
سُرْعَةِ قَلَمِ العَبَّاسِ، وَيَقُوْلُ:تَسْبِقُ يَدُهُ
لَفْظِي.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:وَأَنَا مَا رَأَيْتُ أَسْرَعَ مِنْ
يَدِهِ!
وَقِيْلَ:أَسَرَّ سِرّاً إِلَى حَمَّادِ بنِ إِسْحَاقَ،
فَلَمَّا وَلِيَ، قَالَ:أَوْكِ وِعَاءَكَ، وَعَمِّ
طَرِيْقَكَ.
فَقَالَ:نَسِيْتُ سِقَائِي فَكَيْفَ أُوْكِيْهِ؟وَضَلَلْتُ
طَرِيقَهُ فَكَيْفَ أُعَمِّيْهِ؟
وَمِنْ شِعْرِهِ:
يَا قَاتِلِي بِالصُّدُودِ مِنْهُ، وَلَوْ ... يَشَاءُ
بِالوَصْلِ كَانَ يُحْيِيْنِي
وَمَنْ يَرَى مُهْجَتِي تَسِيلُ عَلَى ... تَقْبِيلِ
فِيْهِ وَلاَ يُوَاتِيْنِي
وَاحَرَبَى لِلْخِلاَفِ مِنْهُ، وَمِن ... خَلاَئِقَ فِيكَ
ذَاتِ تَلْوِينِ
طَيْفُكَ فِي هَجْعَتِي يُصَافِيْنِي ... وَأَنْتَ
مُسْتَيْقِظاً تُعَادِينِي
قَالَ الصُّوْلِيُّ:اشتَدَّ كِبْرُ العَبَّاسِ
وَجَبَرِيَّتُهُ، ثُمَّ مَاتَ المُكْتَفِي، فَأَمَرَّ
(14/52)
العَبَّاسُ أَمرَ بَيْعَةِ المُقْتَدِرِ،
وَمَلَكَ الأُمُورَ، وَعَلَّمَ النَّاسَ أَنَّهُ يَفْعَلُ
مَا يُرِيْدُ، فَتَفَرَّغُوا لَهُ، وَأَلحَقُوا بِهِ
اللَّوْمَ، وَقَدْ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يَخْتَارَ
لِلْخِلاَفَةِ رَجُلاً مَهِيْباً، وَإِنْ أَقَمْتَ مَن
لَمْ يَخَفْهُ، لَمْ يَخَفْكَ، وَيَطْلُبُ كُلُّ إِنْسَانٍ
مِنْكَ زِيَادَةَ رِزْقٍ، فَإِنْ مَنَعْتَهُ عَادَاكَ.
فَكَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ، وَفَسَدَ النَّاسُ، وَهُوَ
مَعَ هَذَا ثَقِيْلٌ عَلَى قَلْبِ المُقْتَدِرِ وَأُمِّهِ
وَحَاشِيَتِهَا؛لِمَنْعِهِ لَهُمْ مِنْ أَشْيَاءَ.
وَكَانَ الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ الأَمِيْرُ يَزْعُمُ
أَنَّ العَبَّاسَ دَسَّ مَنْ يُفْسِدُ جَارِيَتَهُ
المُغَنِّيَةَ وَيُمَنِّيهَا، وَكَانَ ابْنُ حَمْدَانَ
شَغِفاً بِهَا، وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ
الجَرَّاحِ مُتَوَلِّي دِيْوَانَ الجَيْشِ، وَكَانَ
الأُمَرَاءُ يُطِيعُونَهُ، فَشَغَبَهُم عَلَى العَبَّاسِ،
وَوَاطَأَ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ
يُبَايِعَ ابْنَ المُعْتَزِّ، وَأَنَّ اِلمُقْتَدِرَ
صَبِيٌّ.
وَكَانَ لأَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ مَمْلُوْكٌ قَدْ
عَتِبَ عَلَيْهِ، فَقَدَّمَ كِتَاباً إِلَى العَبَّاسِ،
يُعْلِمُهُ أَنَّهُ رَاغِبٌ فِي الطَّاعَةِ، فَبَعَثَ
يَعِدُهُ بِإِمرَةِ الأُمَرَاءِ - أَعنِي:المَمْلُوْكَ -
فَسَارَ يُرِيْدُ الحَضْرَةَ فِي أَلْفَي فَارِسٍ،
وَعَلِمَ العَبَّاسُ بِاضْطِرَابِ الأَمْرِ، فَقَالَ لَهُ
المَرْزُبَانِيُّ عَلَى رُؤُوْسِ المَلأِ:أَعَزَّ اللهُ
الوَزِيْرَ، اسْتَفْسَدْتَ مِثْلَ أَحْمَدَ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ لأَجْلِ مَمْلُوكِهِ بَارِس، وَلأَحْمَدَ
أَلفُ غُلاَمٍ مِثْلُ بَارِس؟!
قَالَ:أَصْطَنِعُهُ، وَأُؤَمِّرُهُ، فَيَعْظُمَ؛أَمَا
كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَجِيراً لِخَدِيْجَةَ، ثُمَّ كَانَ مِنْهُ مَا رَأَيْتَ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ:لَوْلاَ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ طُوْمَارٍ
سَمِعَ هَذَا مِنْهُ، مَا صَدَّقْتُ.
فَخَرَجَ الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ يَقُوْلُ:أَوَجَدْتَنِي
حُجَّةً؟وَاللهِ لأَقْتُلَنَّكَ.
فَلَمَّا قَرُبَ بَارِس، خَافَ أَعدَاءُ العَبَّاسِ،
فَعَزَمُوا عَلَى قَتْلِهِ فِي المَاءِ، فَرَكِبَ مَعَهُ
أَمِيْرٌ فِي طَيَّارٍ (1) ، وَرَكِبَ عِدَّةٌ فِي
طَيَّارَاتٍ
__________
(1) الطيار: نوع من الزوارق، يدل اسمه على أنه سريع
الجريان. قال جحظة البرمكي يعاتب وزيرا:
قل للوزير أدام الله دولته * اذكر منادمتي والخبز خشكار
إذ ليس بالباب برذون لدولتكم * ولا غلام ولا في الشط طيار
انظر " تجارب الأمم " 1 / 268، وما كتبه أحمد تيمور في
مجلة المجمع العلمي العربي م 2 / ج 11.
(14/53)
لِيَقُومُوا لَهُ، فَيَفْتِكُونَ بِهِ،
فَبَدَرَ طَيَّارُهُ، فَسَبَقَ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ
عَزْمُهُم.
وَكَانَ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الوَزِيْرُ يُخَوِّفُهُ
القَتْلَ، وَخَاطَبَهُ ابْنُ الفُرَاتِ الوَزِيْرُ
بِبَعْضِ ذَلِكَ، فَكَانَ يَسْتَهِينُ قَوْلَهُم، وَلاَ
يَقْبَلُ نُصْحاً، وَيُدِلُّ بِهَيْبَتِهِ.
وَحَذَّرُوهُ مِنِ ابْنِ حَمْدَانَ، فَقَالَ:مَا أُؤَمِّلُ
دَفْعَ مَا أَخَافُ إِلاَّ بِهِ بَعْدَ اللهِ.
وَحَدَثَ فِيْهِ كِبْرٌ لَمْ يَكُنْ، كَانَ يَرْكَبُ إِلَى
بَابِ عَمَّارٍ، وَالقُوَّادُ وَالوُجُوهُ مُشَاةٌ، فَلاَ
يَأْمُرُهُم بِرُكُوبٍ!وَذَلِكَ مَسَافَةٌ بَعِيْدَةٌ.
وَحَصَّنَ دَارَهُ، وَزَخْرَفَهَا، وَسَمَّاهَا:دَارَ
السُّرُورِ، فَلَمَّا كَانَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ
سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، رَكِبَ المُقْتِدِرُ،
وَرَجَعَ الوَزِيْرُ إِلَى دَارِهِ، فَسَارَ بَعْضُ
العَازِمِينَ عَلَى الفَتْكِ بِهِ قُدَّامَهُ وَخَلْفَهُ،
فَجَذَبَ ابْنُ حَمْدَانَ سَيْفَهُ، وَضَرَبَ الوَزِيْرَ،
فَصَاحَ فَاتِكٌ المُعْتَضِدِيُّ:مَا هَذَا يَا كِلاَبُ؟!
فَضَرَبَهُ وَصِيْفُ بْنُ صُوَارتِكِيْنَ قَتَلَهُ،
وَضَرَبَ ابْنُ كَيَغْلَغَ ابْنَهُ أَحْمَدَ فِي وَجْهِهِ،
فَبَادَرَ الوَزِيْرُ، فَرَمَى نَفْسَهُ فِي بُسْتَانٍ،
وَثَنَّى عَلَيْهِ عَبْدُ الغَفَّارِ، فَتَلِفَ، فَبَادَرَ
حَاجِبُهُ مَنْصُوْرٌ سَوْقاً، فَلَحِقَ المُقْتَدِرَ،
فَأَخْبَرَهُ، فَأَجَازَهُ صَافِي إِلَى دَاخِلِ
الحَلَبَةِ، وَسَارَ الجَيْشُ حَوْلَ سُورِهَا، وَاجتَمَعَ
الَّذِيْنَ وَثَبُوا بِالعَبَّاسِ، فَدَخَلُوا بَغْدَادَ،
وَصَارُوا كُلُّهُم إِلَى دَارِ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ بنِ
الجَرَّاحِ، فَرَكِبَ مَعَهُم، فَأَجْلَسُوهُ فِي دِسْتِ
الوَزَارَةِ، وَجَاءَ ابْنُ المُعْتَزِّ، فَتَلَقَّاهُ
الكُلُّ، وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ، وَمَضَوْا
بِهِ إِلَى دَارِ سُلَيْمَانَ بنِ وَهَبٍ عِنْدَ
المَغْرِبِ، وَنَهَبَتِ الجُنْدُ دَارَ العَبَّاسِ،
وَأَحْرَقُوْهَا، وَأَخَذَ ابْنُ الجَرَّاحِ البَيْعَةَ،
وَأُنْشِئَتِ الكُتُبُ إِلَى النُّوَابِ طُوْلَ اللَّيْلِ،
فَصَلَّى بِهِمُ ابْنُ المُعْتَزِّ الصُّبْحَ، وَأَتَاهُ
القُضَاةُ وَالكِبَارُ، وَنَفَّذُوا إِلَى
المُقْتَدِرِ:أَنَّ المُرْتَضِي بِاللهِ - أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ - قَدْ أَمَّنَكَ، وَأَمَرَكَ بِلُزُوْمِ
دَارِ ابْنِ طَاهِرٍ مَعَ أُمِّكَ وَجَوَارِيْكَ.
فَأَقبلَ رَسُوْلٌ خَادِمٌ مِنَ المُقْتَدِرِ،
فَقَالَ:سَلاَمٌ عَلَيْكُم.
فَصَاحَ بِهِ ابْنُ الجَرَّاحِ وَالقُوَّادُ:سَلِّمْ عَلَى
أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ:أَنَا رَسُوْلٌ، فَإِنْ سَمِعْتُمْ، وَإِلاَّ
(14/54)
انْصَرَفْتُ!
قَالَ ابْنُ المُعْتَزِّ:هَاتِ.
قَالَ:إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ المُقْتَدِرَ
يَقُوْلُ:ارْجِعْ إِلَى مَنْزِلِكَ، وَأَبْقِ عَلَى
نَفْسِكَ وَدَمِكَ، فَإِنِّي أُؤَمِّنُكَ، وَأُسَسِّي
إِقْطَاعَكَ، فَلاَ تُلْهِبْ نَارَ الفِتْنَةِ.
فَقَالَ لِلْخَادِمِ:قُلْ لِمَولاَكَ يَا بُنَيَّ:هَذَا
كِتَابِي إِلَيْكَ، فَاقْرَأْهُ، وَامْتَثِلْ مَا
أَمَرْتُكَ فِيْهِ.
فَانْصَرَفَ الخَادِمُ بِالكِتَابِ، وَأَمَرَ ابْنُ
المُعْتَزِّ ابْنَ حَمْدَانَ وَابْنَ عَمْرُوَيْه أَنْ
يَصِيرَا إِلَى دَارِ المُقْتَدِرِ، فَبَرَزَ
المَمَالِيْكُ المُقْتَدِرِيَّةُ، عَلَيْهِم مُؤْنِسٌ
الخَادِمُ، وَغَرِيْبٌ الخَالُ، وَمُؤْنِسٌ الخَازِنُ،
وَبَذَلُوا الأَمْوَالَ، فَالتَقَوْا هُمْ وَحِزْبُ ابْنِ
المُعْتَزِّ، وَأَقْبَلَ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَى بَابِ
الحَلَبَةِ، فَرَمَتْهُ الأَترَاكُ، فَتَحَرَّجَ،
وَانْهَزَمَ، وَرَمَتِ العَامَّةُ أَصْحَابَ ابْنِ
المُعْتَزِّ مِنَ الأَسْطِحَةِ، فَضَجَّ أَصْحَابُ
المُقْتَدِرِ، وَارْتَفَعَ التَّكْبِيرُ، وَقَصَدُوا ابْنَ
المُعْتَزِّ، فَهَرَبَ مِنْ دَارِ ابْنِ وَهْبٍ، وَمَعَهُ
جَمَاعَةٌ يُرِيدُوْنَ سَامَرَّاءَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي طَاهِرٍ:ضَرَبَ ابْنُ
حَمْدَانَ العَبَّاسَ، فَطَيَّرَ قَحْفَ رَأْسِهِ، ثُمَّ
ثَنَّاهُ، فَسَقَطَ، ثُمَّ قَطَّعُوهُ.
وَقِيْلَ:شَدَّ مَمْلُوكُهُ عَلَى ابْنِ حَمْدَانَ،
فَأَشَارَ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَى خَاتَمٍ فِي يَدِهِ،
وَقَالَ:هَذَا خَاتَمُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، أَمَرَنِي
بِقَتْلِ العَبَّاسِ.
فَكَفَّ المَمْلُوْكُ عَنْهُ.
وكَانَتْ وِزَارَةُ العَبَّاسِ أَرْبَعِ سِنِيْنَ
وَنِصْفاً، وَعَاشَ نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ:ثُمَّ اسْتَقَامَ أَمَرُ المُقْتَدِرِ، وَأَمْسَكَ
جَمَاعَةً، وَأُهلِكُوا، وَعَفَا عَنِ الحُسَيْنِ بنِ
حَمْدَانَ، وَاسْتَوْزَرَ ابْنَ الفُرَاتِ، وَقُتِلَ ابْنُ
المُعْتَزِّ.
26 - الغَزِّيُّ الحَسَنُ بنُ الفَرَجِ *
الغَزِّيُّ، المُحَدِّثُ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 4 / 290 / أ، تهذيب ابن عساكر: 4 /
238.
(14/55)
سَمِعَ:عَمْرَو بنَ خَالِدٍ الحَرَّانِيَّ،
وَيَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ - كَتَبَ عَنْهُ(المُوَطَّأَ) -
وَيُوْسُفَ بنَ عَدِيٍّ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ الوَصِيْفِ،
وَالحَسَنُ بنُ مَرْوَانَ القَيْسَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاشُ الحَافِظُ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ
فَضَالَةَ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ،
وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ:سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ عَنِ
الحَسَنِ بنِ الفَرَجِ، فَقَالَ:
مَا رَأَيْنَا إِلاَّ الخَيْرَ، قَرَأْنَا
عَلَيْهِ(المُوَطَّأَ)مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ.
قُلْتُ:ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرٍ، وَلَمْ يُطَوِّلْ.
27 - مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ *
الإِمَامُ، أَبُو الحَسَنِ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمُ،
الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ:أَبَاهُ، وَسُلَيْمَانَ ابْنَ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ،
وَصَفْوَانَ بنَ صَالِحٍ، وَمُوْسَى بنَ أَيُّوْبَ
النَّصِيْبِيَّ، وَأَبَا نُعَيْمٍ الحَلَبِيَّ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ:سِبْطُهُ؛عَدِيُّ بنُ يَعْقُوْبَ، وَجَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ العَدَبَّسِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ،
وَمُظَفَّرُ بنُ حَاجِبٍ الفَرْغَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
بنُ النَّاصِحِ، وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَعِنْدِي جُزْءٌ لَطِيفٌ لَهُ.
مَاتَ:سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 16 / 63 / أ، العبر: 2 / 113، الوافي
بالوفيات: 5 / 220، النجوم الزاهرة: 3 / 179 و204، شذرات
الذهب: 2 / 232.
(14/56)
28 - الحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ الدَّقِيْقُ *
سَمِعَ:هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَسَعِيْدَ بنَ مَنْصُوْرٍ،
وَيَحْيَى الحِمَّانِيَّ، وَشَيْبَانَ بنَ فَرُّوْخٍ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ ذَكْوَانَ، وَدُحَيْماً، وَعَلِيَّ بنَ
بَحْرٍ القَطَّانَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُهُ؛عَلِيٌّ، وَسَهْلُ بنُ عَبْدِ
اللهِ التُّسْتَرِيُّ الصَّغِيْرُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ
العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ،
وَسُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنَ الحُفَّاظِ الرَّحَّالَةِ.
أَرَّخَ أَبُو الشَّيْخِ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
أَكْثَرَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ.
29 - عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ بنِ كُرَبِ بنِ غُصَصٍ
المَكِّيُّ **
الإِمَامُ، الرَّبَّانِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ المَكِّيُّ، الزَّاهِدُ.
لَقِيَ النِّبَاجِيَّ - فِيْمَا قِيْلَ - وَصَحِبَ أَبَا
سَعِيْدٍ الخَرَّازَ (1) ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي
__________
(*) طبقات الحنابلة: 1 / 142، تاريخ ابن عساكر: 4 / 331 /
أ، تهذيب ابن عساكر: 4 / 288.
(* *) طبقات الصوفية: 200 - 205، حلية الأولياء: 10 / 291
- 296، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 33، تاريخ بغداد: 12 / 223 -
225، الرسالة القشيرية: 21، المنتظم: 6 / 93، صفة الصفوة:
2 / 440 - 442، العبر: 2 / 107 - 108، دول الإسلام: 1 /
181، مرآة الجنان: 2 / 227 - 228، العقد الثمين: 6 / 410 -
411، طبقات الأولياء: 343 - 344، النجوم الزاهرة: 3 / 170،
184، شذرات الذهب: 2 / 225 - 226.
(1) في الأصل " الخزار " وهو تصحيف. وأبو سعيد الخراز: هو
أحمد بن عيسى، =
(14/57)
الطَّرِيْقِ.
وَسَمِعَ مِنْ:يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَالرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ سَيْفٍ
الحَرَّانِيِّ.
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ،
وَأَبُو الشَّيْخِ، وَجَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:تُوُفِّيَ بَعْدَ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ:العِلْمُ قَائِدٌ، وَالخَوفُ سَائِقٌ،
وَالنَّفْسُ بَيْنَهُمَا حَرُوْنٌ خَدَّاعَةٌ.
وَقِيْلَ:كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الفِقْهِ، وَلَمَّا وَلِيَ
قَضَاءَ جَدَّةَ، هَجَرَهُ الجُنَيْدُ.
وَكَانَ يُنْكِرُ عَلَى الحَلاَّجِ (1) ، وَيَذُمُّهُ.
30 - الشِّيْعِيُّ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
الصَّنْعَانِيُّ *
الدَّاعِي الخَبِيْثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الصَّنْعَانِيُّ،
مِنْ دُهَاةِ الرِّجَالِ الخَبِيرِينَ بِالجَدَلِ،
وَالحِيَلِ، وَإِغوَاءِ بَنِي آدَمَ.
قَامَ بِالدَّعْوَةِ العُبَيْدِيَّةِ (2) ، وَحَجَّ،
وَصَحِبَ قَوْماً مِنْ كُتَامَةَ (3) ، وَرَبَطَهُم
__________
= وهو من أهل بغداد، مات سنة سبع وسبعين ومئتين. انظر: "
تاريخ بغداد " 4 / 278 276، و" طبقات الصوفية " للسلمي:
228، و" المنتظم " 5 / 105.
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة (313) من هذا الجزء وسترد
ترجمته في الجزء الخامس عشر وانظر " العبر " 2 / 193.
(*) الكامل في التاريخ: 8 / 22 21 و37 31، وغيرها، وفيات
الأعيان: 2 / 193 192، البيان المغرب: 1 / 162 160، العبر:
2 / 110، الوافي بالوفيات: 12 / 329 328، البداية
والنهاية: 11 / 116 و180، ابن خلدون: 3 / 362 و4 / 31،
شذرات الذهب: 2 / 227.
(2) نسبة إلى المهدي عبيد الله، المتوفى سنة 322.
(3) قبيلة من البربر ببلاة المغرب.
(14/58)
وَتَأَلَّهَ، وَتَزَهَّدَ، وَشَوَّقَ إِلَى
إِمَامِ الوَقْتِ، فَاسْتجَابَ لَهُ خَلقٌ مِنَ
البَرْبَرِ، وَعَسْكَرَ، وَحَارَبَ أَمِيْرَ المَغْرِبِ
ابْنَ الأَغْلَبِ، وَهَزَمَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَإِلَى
أَنْ جَاءَ عُبَيْدُ اللهِ المَهْدِيُّ، فَتَسَلَّمَ
المُلْكَ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِهَذَا الدَّاعِي وَلاَ
لأَخِيهِ أَبِي العَبَّاسِ كَبِيْرَ وِلاَيَةٍ، فَغَضِبَا،
وَأَفسَدَا عَلَيْهِ القُلُوبَ، وَحَارَبَاهُ، وَجَرَتْ
أُمُورٌ، إِلَى أَنْ ظَفَرَ بِهِمَا المَهْدَيُّ،
فَقَتَلَهُمَا فِي سَاعَةٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
31 - الرِّيْوَنْديُّ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى
بنِ إِسْحَاقَ *
المُلْحِدُ، عَدُوُّ الدِّينِ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ
بنُ يَحْيَى بنِ إِسْحَاقَ الرِّيْوَنْدِيُّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ فِي الحَطِّ عَلَى المِلَّةِ، وَكَانَ
يُلاَزِمُ الرَّافِضَةَ وَالمَلاَحِدَةَ، فَإِذَا عُوتِبَ،
قَالَ:إِنَّمَا أُرِيْدُ أَنْ أَعْرِفَ أَقوَالَهُم.
ثُمَّ إِنَّهُ كَاشَفَ، وَنَاظَرَ، وَأَبْرَزَ الشُّبَهَ
وَالشُّكُوكَ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (1) :كُنْتُ أَسْمَعُ عَنْهُ
بِالعَظَائِمِ، حَتَّى رَأَيْتُ لَهُ مَا لَمْ يَخْطُرْ
عَلَى قَلْبٍ، وَرَأَيْتُ لَهُ كِتَابَ(نَعْتِ
الحِكْمَةِ)، وَكِتَابَ(قَضِيْبِ الذَّهَبِ)،
وَكِتَابَ(الزُّمُرُّدَةِ (2))،
وَكِتَابَ(الدَّامِغِ)؛الَّذِي نَقَضَهُ عَلَيْهِ
الجُبَائِيُّ.
وَنقَضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّاطُ
عَلَيْهِ كِتَابَهُ(الزُّمُرُّدَةَ).
__________
(*) مقالات الإسلاميين: 2 / 240، تكملة الفهرست: ص 5 4،
المنتظم: 6 / 99 - 105، وفيات الأعيان: 1 / 95 94، العبر:
2 / 116، دول الإسلام: 1 / 182، الوافي بالوفيات: 8 / 232
- 238، مرآة الجنان: 2 / 144 - 145 و237 - 238، البداية
والنهاية: 11 / 112 - 113، طبقات المعتزلة لابن المرتضى:
92، لسان الميزان: 1 / 323 - 324، النجوم الزاهرة: 3 / 175
- 177، شذرات الذهب: 2 / 235 - 236.
(1) في " المنتظم " 6 / 100 99.
(2) كذا الأصل وقد ورد أكثر من مرة أما في " المنتظم " و"
هدية العارفين " فاسمه " الزمرد "
(14/59)
قَالَ ابْنُ عَقِيْلٍ:عَجَبِي كَيْفَ لَمْ
يُقْتَلْ!وَقَدْ صَنَّفَ(الدَّامِغَ)يَدْمَغُ بِهِ
القُرْآنَ، وَ(الزُّمُرُّدَةَ)يُزرِي فِيْهِ عَلَى
النُّبُوَّاتِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ:فِيْهِ هَذَيَانٌ بَارِدٌ (1) لاَ
يَتَعَلَّقُ بِشُبْهَةٍ!يَقُوْلُ فِيْهِ:إِنَّ كَلاَمَ
أَكْثَمَ بنِ صَيْفيٍّ (2) فِيْهِ مَا هُوَ أَحْسَنُ مَنْ
سُوْرَةِ الكَوْثَرِ!وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ وَقَعُوا
بِطَلاَسِمَ.
وَأَلَّفَ لِليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى يَحْتَجُّ لَهُم فِي
إِبْطَالِ نُبُوَّةِ سَيِّدِ البَشَرِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الجُبَّائِيُّ:طَلَبَ السُّلْطَانُ
أَبَا عِيْسَى الوَرَّاقَ وَابْنَ الرِّيْوَنْدِيِّ،
فَأَمَّا الوَرَّاقُ فَسُجِنَ حَتَّى مَاتَ، وَاسْمُهُ
مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ، مِنْ رُؤُوْسِ
المُتَكَلِّمِيْنَ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الرَّدِّ عَلَى
النَّصَارَى وَغَيْرِهِم.
وَاخْتَفَى ابْنُ الرِّيوَنْدِيِّ عِنْدَ ابْنِ لاَوِي
اليَهُودِيِّ، فَوَضَعَ لَهُ كِتَابَ(الدَّامِغِ)، ثُمَّ
لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَرِضَ، وَمَاتَ إِلَى اللَّعْنَةِ،
وَعَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ سَرَدَ ابْنُ الجَوْزِيِّ مِنْ بَلاَيَاهُ نَحْواً
مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْرَاقٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ:أَبُو الحُسَيْنِ ابْنُ
الرَّاوَنْدِيِّ المُتَكَلِّمُ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ
الرُّوْذِ، سَكَنَ بَغْدَادَ، وَكَانَ مُعْتَزِلِيّاً،
ثُمَّ تَزَنْدَقَ.
وَقِيْلَ:كَانَ أَبُوْهُ يَهُوْدِيّاً،
__________
(1) الضمير في " فيه " عائد إلى كتاب " الزمردة ". وعبارة
ابن الجوزي في " المنتظم ": " وقد نظرت في كتاب " الزمرد "
فرأيت فيه الهذيان البارد ".
(2) هو أكثم بن صيفي بن رياح بن الحارث..التميمي: حكيم
العرب في الجاهلية، وأحد المعمرين أدرك الإسلام، فقصد
المدينة في مئة من قومه يريدون الإسلام، فمات في الطريق،
ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقال: نزلت فيه هذه الآية: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى
الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أحره على الله) [
النساء: الآية 100 ] ويقال: عاش مئة وتسعين سنة، وأشد له
المرزباني: وإن امرءا قد عاش تسعين حجة * إلى مئة لم يسأم
العيش جاهل أتت مئتان غير عشر وفائها * وذلك من مر الليالي
قلائل ولاكثم أخبار كثيرة انظرها في: " المعمرون والوصايا
" ص 25 14، و" الإصابة " 1 / 115 113.
ولعبد العزيز بن يحيى الجلودي شيخ الامامية في البصرة في
عصره، وفاته
سنة 332 ه كتاب: " أخبار أكثم ".
(14/60)
فَأَسْلَمَ هُوَ، فَكَانَ بَعْضُ
اليَهُوْدِ يَقُوْلُ لِلْمُسْلِمِينَ:لاَ يُفْسِدُ هَذَا
عَلِيْكُم كِتَابَكُم كَمَا أَفْسَدَ أَبُوْهُ عَلَيْنَا
التَّوْرَاةَ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ القَاصِّ الفَقِيْهُ:كَانَ
ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ لاَ يَسْتَقِرُّ عَلَى مَذْهَبٍ
وَلاَ نِحْلَةٍ، حَتَّى صَنَّفَ لِلْيَهُوْدِ
كِتَابَ(النُّصْرَةِ عَلَى المُسْلِمِينَ)لِدَرَاهِمَ
أُعْطِيَهَا مَنْ يَهُوْدٍ.
فَلَمَّا أَخَذَ المَالَ، رَامَ نَقْضَهَا، فَأَعْطَوهُ
مائَتَيْ دِرْهَمٍ حَتَّى سَكَتَ.
قَالَ البَلْخِيُّ:لَمْ يَكُنْ فِي نُظَرَاءِ ابْنِ
الرَّاوَنْدِيِّ مِثْلُهُ فِي المَعْقُولِ، وَكَانَ
أَوَّلَ أَمْرِهِ حَسَنَ السِّيْرَةِ، كَثِيْرَ الحَيَاءِ،
ثُمَّ انْسَلَخَ مِنْ ذَلِكَ لأَسبَابٍ، وَكَانَ عِلْمُهُ
فَوْقَ عَقْلِهِ.
قَالَ:وَقَدْ حُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ تَابَ عِنْدَ
مَوْتِهِ.
قَالَ فِي بَعْضِ المُعْجِزَاتِ:يَقُوْلُ المُنَجِّمُ
كَهَذَا.
وَقَالَ:فِي القُرْآنِ لَحْنٌ.
وَأَلَّفَ فِي قِدَمِ العَالِمِ، وَنَفَى الصَّانِعَ.
وَقَالَ:يَقُوْلُوْنَ:لاَ يَأْتِي أَحَدٌ بِمثلِ
القُرْآنِ، فَهَذَا إِقْلِيْدِسُ (1) لاَ يَأْتِي أَحَدٌ
بِمِثْلِهِ، وَكَذَلِكَ بَطْلِيْمُوْسُ (2) .
وَقِيْلَ:إِنَّهُ اخْتَلَفَ إِلَى المُبَرِّدِ، فَبَعْدَ
أَيَّامٍ قَالَ المُبَرِّدُ:لَوِ اخْتَلَفَ إِلَيَّ
سَنَةً، لاَحْتَجْتُ أَنْ أَقُومَ وَأُجْلِسَهُ مَكَانِي.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ:مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) ابن نوقطرس بن بزنيقس: مظهر الهندسة والمبرز فيها، وهو
من الفلاسفة الرياضيين.
انظر " فهرست ابن النديم " 372 371، و" الملل والنحل "
للشهرستاني: 2 / 115 114.
(2) فلكي، رياضي شهير، وهو الذي أخرج علم الهندسة من القوة
إلى الفعل. انظر " فهرست ابن النديم " 375 374، و" الملل
النحل " للشهرستاني: 2 / 116.
(14/61)
وَقِيْلَ:مَا طَالَ عُمُرُهُ، بَلْ عَاشَ
سِتّاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
لَعَنَ اللهُ الذَّكَاءَ بِلاَ إِيْمَانٍ، وَرَضِيَ اللهُ
عَنِ البَلاَدَةِ مَعَ التَّقْوَى.
32 - ابْنُ طَاهِرٍ أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ
عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ *
الأَمِيْرُ، أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ طَاهِرِ بنِ الحُسَيْنِ الخُزَاعِيُّ، مِنْ
بَيْتِ إِمَارَةٍ وَتَقَدُّمٍ.
وَلِيَ شُرْطَةَ بَغْدَادَ نِيَابَةً عَنْ أَخِيْهِ
الأَمِيْرِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، ثُمَّ اسْتَقَلَّ
بِهَا بَعْدَ مَوتِ أَخِيْهِ.
وَكَانَ رَئِيْساً جَلِيْلاً، وَشَاعِراً مُحْسِناً،
وَمُتَرَسِّلاً بَلِيْغاً.
وَلهُ تَصَانِيْفُ، مِنْهَا:كِتَابُ(الإِشَارَةِ)فِي
أَخْبَارِ الشُّعَرَاءِ، وَ(رِئَاسَةُ السِّيَاسَةِ)،
وَكِتَابِ(البَرَاعَةِ فِي الفَصَاحَةِ (1))، وَغَيْرُ
ذَلِكَ.
مَاتَ:فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ
وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
33 - أَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيُّ سَعِيْدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَعِيْدٍ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الوَاعِظُ،
القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، الأُسْتَاذُ، أَبُو
__________
(*) الاغاني: 9 / 47 39، فهرست ابن النديم: 170، تاريخ
بغداد: 10 / 344 340، المنتظم: 6 / 119 117، الكامل في
التاريخ: 7 / 181 و8 / 75، وفيات الأعيان: 3 / 123 120،
البداية والنهاية: 11 / 119، النجوم الزاهرة: 3 / 181 180.
(1) كذا ورد اسمه في الأصل، أما في " الفهرست " و" الوفيات
" فاسمه: " البراعة والفصاحة ".
(* *) طبقات الصوفية: 175 170، حلية الأولياء: 10 / 246
244، تاريخ بغداد: 9 / 102 99، الرسالة القشيرية: 20 19،
الأنساب: 182 / ب، المنتظم: 6 / 108 106، صفة الصفوة: 4 /
107 103، وفيات الأعيان: 2 / 370 369، العبر: 2 / 111، دول
اسلام: 1 / 181، الوافي بالوفيات: 15 / 200، مرآة الجنان:
2 / 236، =
(14/62)
عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
الحِيْرِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
مَوْلِدُهُ:سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، بِالرَّيِّ.
فَسَمِعَ بِهَا مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ مُقَاتِلٍ الرَّازِيِّ،
وَمُوْسَى بنِ نَصْرٍ.
وَبَالعِرَاقِ مِنْ:حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُحَمَّدِ
بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَحْمَسِيِّ، وَعِدَّةٍ، وَلَمْ
يَزَلْ يَطْلُبُ الحَدِيْثَ وَيَكْتبُهُ إِلَى آخِرِ
شَيْءٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:الرَّئِيْسُ أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ
نَصْرٍ، وَابْنَاهُ؛أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الحَسَنِ،
وَأَبُو عَمْرٍو بنُ مَطَرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
نُجَيْدٍ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ:قَدِمَ نَيْسَابُوْرَ لِصُحْبَةِ
الأُسْتَاذِ أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَلَمْ
يَخْتَلِفْ مَشَايِخُنَا أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ كَانَ
مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ مَجْمَعَ العُبَّادِ
وَالزُّهَّادِ.
وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ وَيُجِلُّ العُلَمَاءَ
وَيُعَظِّمُهُم.
سَمِعَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ بنِ
حَمْدَانِ(صَحِيْحَهِ)المُخَرَّجَ عَلَى مُسْلِمٍ
بِلَفْظِهِ، وَكَانَ إِذَا بَلَغَ سُنَّةً لَمْ
يَسْتَعْمِلْهَا، وَقَفَ عِنْدَهَا حَتَّى
يَسْتَعْمِلَهَا.
قُلْتُ:هُوَ لِلْخُرَاسَانِيِّيْنَ نَظِيْرُ الجُنَيْدِ
لِلْعِرَاقِيِّينَ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ:سُرُورُكَ بِالدُّنْيَا أَذْهَبَ
سُرُورَكَ بِاللهِ عَنْ قَلْبِكَ (1) .
قَالَ ابْنُ نُجَيدٍ:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:لاَ تَثِقَنَّ
بِمَوَدَةِ مَنْ لاَ يُحِبَّكَ إِلاَّ مَعْصُوْماً.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
مَنْ أَمَّرَ السُّنَّةَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلاً
__________
= البداية والنهاية: 11 / 115، طبقات الأولياء: 241 239،
النجوم الزاهرة: 3 / 177، شذرات الذهب: 2 / 230.
(1) " الحلية " 10 / 245 وما بين حاصرتين منه.
(14/63)
وَفِعْلاً، نَطَقَ بِالحِكْمَةِ، وَمَنْ
أَمَّرَ الهَوَى عَلَى نَفْسِهِ، نَطَقَ بِالبِدْعَةِ،
قَالَ تَعَالَى:{وَإِنْ تُطِيْعُوْهُ تَهْتَدُوا}
[النُّوْرُ:54].
قُلْتُ:وَقَالَ تَعَالَى:{وَلاَ تَتَّبِعِ الهَوَى
فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيْلِ اللهِ} [ص:26].
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ الحِيْرِيِّ، قَالَ:لاَ يَكْمُلُ
الرَّجُلُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَلْبُهُ فِي المَنْعِ
وَالعَطَاءِ، وَفِي العِزِّ وَالذُّلِّ.
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لأَبِي جَعْفَرٍ بنِ
حَمْدَانَ:أَلَسْتُمْ تَرْوُونَ أَنَّ عِنْدَ ذِكْرِ
الصَّالِحِيْنَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ؟
قَالَ:بَلَى.
قَالَ:فَرَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - سَيِّدُ الصَّالِحِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ:أَخْبَرَنِي سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ
السَّمَرْقَنْدِيُّ العَابِدُ، سَمِعَ أَبَا عُثْمَانَ
يَقُوْلُ - يَعْنِي:عَنِ اللهِ - :
مَنْ طَلَبَ جِوَارِي وَلَمْ يُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى
ثَلاَثٍ، أَوَّلُهَا:إِلقَاءُ العِزِّ وَحَمْلُ الذُّلِّ،
الثَّانِي:سُكُوْنُ قَلْبِهُ عَلَى جُوْعٍ ثَلاَثَةَ
أَيَّامٍ، الثَّالِثُ:لاَ يَغْتَمُّ وَلاَ يَهْتَمُّ
إِلاَّ لِدِينِهِ أَوْ طَلَبِ إِصْلاَحِ دِيْنِهِ (1) .
الحَاكِمُ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ
يَقُوْلُ:
لَمَّا قُتِلَ يَحْيَى بنُ الذُّهْلِيِّ، مُنِعَ النَّاسُ
مِنْ حُضُوْرِ مَجَالِسِ الحَدِيْثِ مِنْ جِهَةِ أَحْمَدَ
الخُجُسْتَانِيِّ (2) ، فَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ يَحْمِلُ
مِحْبَرَةٍ، إِلَى أَنْ وَردَ السَّرِيُّ بنُ
__________
(1) لم يرد جواب الشري في هذا الخبر وربما يكون في الكلام
نقص، ولم نوفق في العثور على هذا النص في المصادر التي
ترجمت للحيري لنستكمله.
(2) بضم الخاء والجيم: نسبة إلى خجستان من جبال هراة.
وأحمد بن عبد الله الخجستاني ترجمه المؤلف في " العبر " 2
/ 38 فقال: " كان من أمراء يعقوب الصفار، جبارا عنيدا، خرج
على يعقوب، وأخذ نيسابور، وله حروب ومواقف مشهودة، ذبحه
غلمانه وقد سكر. وذلك في شوال سنة ثمان وستين ومئتين ".
وانظر أيضا " اللباب " لابن الأثير: 1 / 424، و" وفيات
الأعيان " 6 / 424 423.
(14/64)
خُزَيْمَةَ، فَقَامَ الزَّاهِدُ أَبُو
عُثْمَانَ الحِيْرِيُّ، وَجَمَعَ المُحَدِّثِيْنَ فِي
مَسْجِدِهِ، وَعَلَّقَ بِيَدِهِ مِحْبَرَةً،
وَتَقَدَّمَهُم، إِلَى أَنْ جَاءَ إِلَى خَانِ مَحْمَشٍ،
فَأَخْرَجَ السَّرِيَّ، وَأَجْلَسَ المُسْتَمْلِي،
فَحَزَرْنَا مَجْلِسَهُ زِيَادَةً عَلَى أَلفِ مِحْبَرَةٍ،
فَلَمَّا فَرَغَ، قَامُوا، وَقَبَّلُوا رَأْسَ أَبِي
عُثْمَانَ، وَنَثَرَ النَّاسُ عَلَيْهِمُ الدَّرَاهِمَ
وَالسُّكَّرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ:ذَكَرَ الحَاكِمُ أَخْبَارَ أَبِي عُثْمَانَ فِي
خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَرَقَةً، وَفِي غُضُوْنِ ذَلِكَ مِنْ
كَلاَمِهِ فِي التَّوَكُّلِ وَاليَقِيْنِ وَالرِّضَى،
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
لَمَّا قَتَلَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُجُسْتَانِيُّ
- الَّذِي اسْتَولَى عَلَى البِلاَدِ - الإِمَامَ
حَيْكَانَ (1) بنَ الذُّهْلِيِّ، أَخَذَ فِي الظُّلْمِ
وَالعَسَفِ، وَأَمَرَ بِحَرْبَةٍ رُكِزَتْ عَلَى رَأْسِ
المُرَبَّعَةِ (2) ، وَجَمَعَ الأَعيَانَ، وَحَلَفَ:إِنْ
لَمْ يَصُبُّوا الدَّرَاهِمَ حَتَّى يَغِيْبَ رَأْسُ
الحَرْبَةِ، فَقَدْ أَحَلُّوا دِمَاءهُم.
فَكَانُوا يَقْتَسِمُوْنَ الغَرَامَةِ بَيْنَهُم، فَخُصَّ
تَاجِرٌ بِثَلاَثِيْنَ أَلفَ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَكُنْ
يَقْدِرُ إِلاَّ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ،
فَحَمَلَهَا إِلَى أَبِي عُثْمَانَ، وَقَالَ:أَيُّهَا
الشَّيْخُ!قَدْ حَلَفَ هَذَا كَمَا بَلَغَكَ، وَوَاللهِ
لاَ أَهْتَدِي إِلاَّ إِلَى هَذِهِ.
قَالَ:تَأَذَنُ لِي أَنْ أَفْعَلَ فِيْهَا مَا يَنْفَعُكَ؟
قَالَ:نَعَمْ.
فَفَرَّقهَا أَبُو عُثْمَانَ، وَقَالَ لِلتَّاجِرِ:امْكُثْ
عِنْدِي.
وَمَا زَالَ أَبُو عُثْمَانَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ
السِّكَّةِ وَالمَسْجَدِ لَيْلَتَهُ حَتَّى أَصْبَحَ،
وَأَذَّنَ المُؤَذِّنُ، ثُمَّ قَالَ لِخَادِمِهِ:اذْهَبْ
إِلَى السُّوقِ، وَانْظُرْ مَاذَا تَسْمَعُ.
فَذَهَبَ، وَرَجَعَ، فَقَالَ:لَمْ أَرَ شَيْئاً.
قَالَ:اذْهَبْ مَرَّةً أُخْرَى، وَهُوَ فِي مُنَاجَاتِهِ
يَقُوْلُ:وَحَقِّكَ لاَ أَقَمْتُ مَا لَمْ تُفَرِّجْ عَنِ
المَكرُوْبِيْنَ.
قَالَ:فَأَتَى خَادِمُهُ الفَرْغَانِيُّ يَقُوْلُ:وَكَفَى
اللهُ
__________
(1) انظر التعليق رقم (1) من الصفحة 36.
(2) في " اللسان ": " والمربعة: خشيبة قصيرة يرفع بها
العدل..وقال الازهري: هي عصا تحمل بها الاثقال حتى توضع
على ظهر الدواب ".
(14/65)
المُؤْمِنِيْنَ القِتَالَ، شُقَّ بَطْنُ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ.
فَأَخَذَ أَبُو عُثْمَانَ فِي الإِقَامَةِ.
قُلْتُ:بِمِثْلِ هَذَا يَعْظُمُ مَشَايِخُ الوَقْتِ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي
عُثْمَانَ:تُوُفِّيَ أَبِي لِعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْ
رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الأَمِيْرُ أَبُو
صَالِحٍ.
وَفِيْهَا فِي شَوَّالِهَا:مَاتَ الأُسْتَاذُ العَارِفُ :
34 - أَبُو القَاسِمِ الجُنَيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الجُنَيْدِ النَّهَاوَنْدِيُّ * (1)
ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، القَوَارِيْرِيُّ، وَالِدُه
الخَزَّازُ.
هُوَ شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ.
وُلِدَ:سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي ثَوْرٍ.
وَسَمِعَ مِنَ:السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ (2) ، وَصَحِبَهُ،
وَمِنَ الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ.
وَصَحِبَ أَيْضاً:الحَارِثَ المُحَاسِبِيَّ (3) ، وَأَبَا
حَمْزَةَ البَغْدَادِيَّ.
وَأَتْقَنَ العِلْمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى شَأْنِهِ،
وَتَأَلَّهَ، وَتَعَبَّدَ، وَنَطَقَ بِالحِكْمَةِ، وَقَلَّ
مَا رَوَى.
__________
(*) طبقات الصوفية: 163 155، حلية الاولياة: 10 / 287 255،
تاريخ بغداد: 7 / 249 241، الرسالة القشيرية: 19 18، طبقات
الحنابلة: 1 / 129 127، الأنساب: 463 / ب، المنتظم: 6 /
106 105، صفة الصفوة: 2 / 424 416، وفيات الأعيان: 1 / 375
373، العبر: 2 / 111 110، دول الإسلام: 1 / 181، مرآة
الجنان: 2 / 236 231، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 275 260،
البداية والنهاية: 11 / 115 113، طبقات الأولياء: 136 126،
النجوم الزاهرة: 3 / 170 168، شذرات الذهب: 2 / 230 228،
روضات الجنات: 165 164.
(1) نسبة إلى " نهاوند ": مثلثة النون الأولى: مع فتح
الهاء والواو بينهما ألف، وإسكان النون الثانية. قال ياقوت
في " معجمه " 5 / 313: " مدينة عظيمة في قبلة همذان،
بينهما ثلاثة أيام.
(2) هو أبو الحسن، سري بن المغلس السقطي إمام البغداديين
وشيخهم في وقته، المتوفى سنة 251 ه وقد تقدمت ترجمته.
(3) هو أبو عبد الله، الحارث بن أسد المحاسبي، البصري
الأصل، الزاهد المشهور صاحب التصانيف المتوفى سنة 243 ه
وقد تقدمت ترجمته في الجزء 12 برقم (35).
(14/66)
حَدَّثَ عَنْهُ:جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَرِيْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
الشِّبْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُبَيْشٍ،
وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عِلْوَانَ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ المُنَادِي:سَمِعَ الكَثِيْرَ، وَشَاهَدَ
الصَّالِحِيْنَ وَأَهْلَ المَعْرِفَةِ، وَرُزِقَ
الذَّكَاءَ وَصَوَابَ الجَوَابِ.
لَمْ يُرَ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ فِي عِفَّةٍ وَعُزُوفٍ
عَنِ الدُّنْيَا.
قِيلَ لِي:إِنَّهُ قَالَ مَرَّةً:كُنْتُ أُفْتِي فِي
حَلْقَةِ أَبِي ثَوْرٍ الكَلْبِيِّ وَلِي عِشْرُوْنَ
سَنَةً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَطَاءٍ:كَانَ الجُنَيْدُ يُفْتِي
فِي حَلْقَةِ أَبِي ثَوْرٍ.
عَنِ الجُنَيْدِ، قَالَ:مَا أَخْرَجَ اللهُ إِلَى الأَرْضِ
عِلْماً وَجَعَلَ لِلْخَلْقِ إِلَيْهِ سَبِيْلاً، إِلاَّ
وَقَدْ جَعَلَ لِي فِيْهِ حَظّاً.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ كَانَ فِي سُوقِهِ وَوِرْدِهِ كُلَّ
يَوْمٍ ثَلاَثُ مائَةِ رَكْعَةٍ، وَكَذَا كَذَا أَلفَ
تَسْبِيحَةٍ.
أَبُو نُعَيْمٍ:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ هَارُوْنَ،
وَآخَرُ، قَالاَ:
سَمِعْنَا الجُنَيْدَ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ:عِلْمُنَا
مَضْبُوطٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مَنْ لَمْ يَحْفَظِ
الكِتَابَ وَيَكْتُبِ الحَدِيْثَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ، لاَ
يُقْتَدَى بِهِ.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عُلْوَانِ:سَمِعْتُ الجُنَيْدَ
يَقُوْلُ: عِلْمُنَا - يَعْنِي:التَّصَوُّفَ - مُشَبَّكٌ
بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ.
وَعَنْ أَبِي العَبَّاسِ بنِ سُرَيْجٍ:أَنَّهُ تَكَلَّمَ
يَوْماً، فَعَجِبُوا!فَقَالَ:بِبَرَكَةِ مُجَالَسَتِي
لأَبِي القَاسِمِ الجُنَيْدِ.
وَعَنْ أَبِي القَاسِمِ الكَعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ
مرَّةً:رَأَيْتُ لَكُمْ شَيْخاً بِبَغْدَادَ، يُقَالُ
لَهُ:الجُنَيْدُ، مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ!كَانَ
الكَتَبَةُ - يَعْنِي:البُلَغَاءَ - يَحْضُرُونَهُ
(14/67)
لأَلفَاظِهِ، وَالفَلاسِفَةُ يَحْضُرُونَهُ
لِدِقَّةِ مَعَانِيْهِ، وَالمُتَكَلِّمُوْنَ يَحْضُرُونَهُ
لِزِمَامِ عِلْمِهِ، وَكَلاَمُهُ بَائِنٌ عَنْ فَهْمِهِم
وَعِلْمِهِم.
قَالَ الخُلْدِيُّ:لَمْ نَرَ فِي شُيُوخِنَا مَنِ
اجْتَمَعَ لَهُ عِلْمٌ وَحَالٌ غَيْرَ الجُنَيْدِ.
كَانَتْ لَهُ حَالٌ خَطِيرَةٌ، وَعِلْمٌ غَزِيْرٌ، إِذَا
رَأَيْتَ حَالَهُ، رَجَّحْتَهُ عَلَى عِلْمِهِ، وَإِذَا
تَكَلَّمَ، رَجَّحْتَ عِلْمَهِ عَلَى حَالِهِ.
أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ:سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ
المُرْتَعِشَ يَقُوْلُ:
قَالَ الجُنَيْدُ:كُنْتُ بَيْنَ يَدَيِ السِّرِيِّ
أَلْعَبُ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِيْنَ، فَتَكَلَّمُوا
فِي الشُّكْرِ؟
فَقَالَ:يَا غُلاَمُ!مَا الشُّكْرُ؟
قُلْتُ:أَنْ لاَ يُعْصَى اللهُ بِنِعَمِهِ.
فَقَالَ:أَخْشَى أَنْ يَكُوْنَ حَظَّكَ مِنَ اللهِ
لِسَانُكَ.
قَالَ الجُنَيْدُ:فَلاَ أَزَالُ أَبْكِي عَلَى قَوْلِهِ.
السُّلَمِيُّ:حَدَّثَنَا جَدِّي؛ابْنُ نُجَيْدٍ (1) ،
قَالَ:
كَانَ الجُنَيْدُ يَفْتَحُ حَانُوتَهُ وَيَدْخُلُ،
فَيُسْبِلُ السِّتْرَ، وَيُصَلِّي أَرْبَعَ مائَةِ
رَكْعَةٍ.
وَعَنْهُ، قَالَ:أَعْلَى الكِبْرِ أَنْ تَرَى نَفْسَكَ،
وَأَدنَاهُ أَنْ تَخْطُرَ بِبَالِكَ - يَعْنِي:نَفْسَكَ -
.
أَبُو جَعْفَرٍ الفَرْغَانِيُّ:سَمِعْتُ الجُنَيْدَ
يَقُوْلُ:
أَقَلُّ مَا فِي الكَلاَمِ سُقُوْطُ هَيْبَةِ الرَّبِّ -
جَلَّ جَلاَلُهُ - مِنَ القَلْبِ، وَالقَلْبُ إِذَا عَرِيَ
مِنَ الهَيْبَةِ، عَرِيَ مِنَ الإِيْمَانِ.
قِيْلَ:كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ الجُنَيْدِ:إِنْ كُنْتَ
تَأْمَلُهُ، فَلاَ تَأْمَنْهُ.
وَعَنْهُ:مَنْ خَالَفَتْ إِشَارتُهُ مُعَامَلَتَهُ، فَهُوَ
مُدَّعٍ كَذَّابٌ.
__________
(1) هو أبو عمرو، إسماعيل بن نجيد السلمي، جد أبي عبد
الرحمن صاحب " الطبقات " وهو مترجم فيها ص 457 454.
وانظر أيضا " عبر المؤلف " 2 / 336.
(14/68)
وَعَنْهُ:سَأَلْتُ اللهَ أَنْ لاَ
يُعَذِّبَنِي بِكَلاَمِي؟وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي
نَفْسِي:أَنَّ زَعِيْمَ القَوْمِ أَرْذَلُهُم.
وَعَنْهُ:أُعْطِيَ أَهْلُ بَغْدَادَ الشَّطْحَ
وَالعِبَارَةَ، وَأَهْلُ خُرَاسَانَ القَلْبَ
وَالسَّخَاءَ، وَأَهْلُ البَصْرَةِ الزُّهْدَ
وَالقَنَاعَةَ، وَأَهْلُ الشَّامِ الحِلْمَ
وَالسَّلاَمَةَ، وَأَهْلُ الحِجَازِ الصَّبْرَ
وَالإِنَابَةَ.
وَقِيْلَ لِبَعْضِ المُتَكَلِّمِينَ - وَيُقَالُ:هُوَ
ابْنُ كُلاَّبٍ (1) ، وَلَمْ يَصِحَّ - :قَدْ ذَكَرْتَ
الطَّوَائِفَ، وَعَارَضْتَهُم، وَلَمْ تَذْكُرِ
الصُّوْفِيَّةَ.
فَقَالَ:لَمْ أَعْرِفْ لَهُم عِلْماً وَلاَ قَوْلاً، وَلاَ
مَا رَامُوهُ.
قِيْلَ:بَلْ هُمُ السَّادَةُ.
وَذَكَرُوا لَهُ الجُنَيْدَ، ثُمَّ أَتَوُا الجُنَيْدَ،
فَسَأَلُوهُ عَنِ التَّصَوُّفِ، فَقَالَ:هُوَ إِفرَادُ
القَدِيْمِ عَنِ الحَدَثِ، وَالخُرُوجُ عَنِ الوَطَنِ،
وَقَطْعُ المَحَابِّ، وَتَرْكُ مَا عَلِمَ أَوْ جَهِلَ،
وَأَنْ يَكُوْنَ المَرْءُ زَاهِداً فِيْمَا عِنْدَ اللهِ،
رَاغِباً فِيْمَا للهِ عِنْدَهُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ،
حَظَاهُ إِلَى كَشْفِ العُلُوْمِ، وَالعِبَارَةِ عَنِ
الوُجُوهِ، وَعَلِمِ السَّرَائِرِ، وَفِقْهِ الأَرْوَاحِ.
فَقَالَ المُتَكَلِّمُ:هَذَا - وَاللهِ - عِلْمٌ حَسَنٌ،
فَلَو أَعَدْتَهُ حَتَّى نَكْتُبَهُ.
قَالَ:كَلاَّ، مُرَّ إِلَى المَكَانِ الَّذِي مِنْهُ
بَدَأَ النِّسْيَانُ، وَذَكَرَ فَصْلاً طَوِيْلاً.
فَقَالَ المُتَكَلِّمُ:إِنْ كَانَ رَجُلٌ يَهْدِمُ مَا
يَثْبُتُ بِالعَقْلِ بِكَلِمَةٍ مِنْ كَلاَمِهِ، فَهَذَا،
فَإِنَّ كَلاَمَهُ لاَ يَحْتَمِلُ المُعَارَضَةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَرِيْرِيُّ:سَمِعْتُ الجُنَيْدَ
يَقُوْلُ:
مَا أَخَذْنَا التَّصَوُّفَ عَنِ القَالِ وَالقِيْلِ، بَلْ
عَنِ الجُوْعِ، وَتَركِ الدُّنْيَا، وَقَطْعِ
المَأْلُوفَاتِ.
قُلْتُ:هَذَا حَسَنٌ، وَمُرَادُهُ:قَطْعُ أَكْثَرِ
المَأْلُوْفَاتِ، وَتَرْكُ فُضُوْلِ الدُّنْيَا، وَجُوْعٌ
بِلاَ إِفرَاطٍ.
أَمَّا مَنْ بَالَغَ فِي الجُوعِ - كَمَا يَفْعَلُهُ
الرُّهبَانُ - وَرَفَضَ
__________
(1) انظر الحاشية (1) من الصفحة (378) من هذا الجزء.
(14/69)
سَائِرَ الدُّنْيَا وَمَأْلُوْفَاتِ
النَّفْسِ مِنَ الغِذَاءِ وَالنَّومِ وَالأَهْلِ، فَقَدْ
عَرَّضَ نَفْسَهُ لِبَلاَءٍ عَرِيْضٍ، وَرُبَّمَا خُولِطَ
فِي عَقْلِهِ، وَفَاتَهُ بِذَلِكَ كَثِيْرٌ مِنَ
الحَنِيْفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ
شَيْءٍ قَدْراً.
وَالسَّعَادَةُ فِي مُتَابَعَةِ السُّنَنِ، فَزِنِ
الأُمُورَ بِالعَدْلِ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ،
وألزم الوَرَعَ فِي القُوْتِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ
لَكَ، وَاصْمُتْ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ، فَرَحْمَةُ اللهِ
عَلَى الجُنَيْدِ، وَأَيْنَ مِثْلُ الجُنَيْدِ فِي
عِلْمِهِ وَحَالِهِ؟
قَالَ ابْنُ نُجَيْدٍ:ثَلاَثَةٌ لاَ رَابِعَ
لَهُمْ:الجُنَيْدُ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عُثْمَانَ
بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الجَلاَّءِ
بِالشَّامِ (1) .
وَقَدْ كَانَ الجُنَيْدُ يَأْنَسُ
بِصَدِيْقِهِ:الأُسْتَاذِ
35 - أَبِي الحُسَيْنِ النُّوْرِيِّ الخُرَاسَانِيِّ *
وَهُوَ:أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُرَاسَانِيُّ،
البَغَوِيُّ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ الطَّائِفَةِ
بِالعِرَاقِ، وَأَحْذَقُهُم بِلَطَائِفِ الحَقَائِقِ،
وَلَهُ عِبَارَاتٌ دَقِيْقَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَنِ
انْحَرَفَ مِنَ الصُّوْفِيَّةِ - نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ
- .
صَحِبَ السَّرِيَّ السَّقَطِيَّ، وَغَيْرَهُ، وَكَانَ
الجُنَيْدُ يُعَظِّمُهُ، لَكِنَّهُ فِي الآخِرِ رَقَّ لَهُ
وَعذَرَهُ، لَمَّا فَسَدَ دِمَاغُهُ.
__________
(1) " طبقات الصوفية " ص 176.
(*) طبقات الصوفية: 169 164، حلية الأولياء: 10 / 255 249،
تاريخ بغداد: 5 / 136 130، الرسالة القشيرية: 20 الأنساب:
570 / ب، صفة الصفوة: 2 / 440 439، المنتظم: 6 / 77،
البداية والنهاية: 11 / 106، طبقات الأولياء: 70 62،
النجوم الزاهرة: 3 / 163.
(14/70)
وَقَدْ سَاحَ النُّوْرِيُّ إِلَى الشَّامِ،
وَأَخَذَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَقَدْ
جَرَتْ لَهُ مِحْنَةٌ، وَفَرَّ عَنْ بَغْدَادَ فِي قِيَامِ
غُلاَمِ خَلِيْلٍ عَلَى الصُّوْفِيَّةِ، فَأَقَامَ
بِالرَّقَّةِ مُدَّةً مُتَخَلِّياً مُنْعَزِلاً.
حَكَى ذَلِكَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ،
قَالَ:ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ وَقَدْ فَقَدَ
جُلاَّسَهُ وَأُنَاسَهُ وَأَشْكَالَهُ، فَانْقَبَضَ
لِضَعْفِ قُوَّتِهِ، وَضَعْفِ بَصَرِهِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:سَمِعْتُ عُمَرَ البَنَّاءَ
البَغْدَادِيَّ بِمَكَّةَ يَحكِي مِحْنَةَ غُلاَمِ
خَلِيْلٍ، قَالَ:
نَسَبُوا الصُّوْفِيَّةَ إِلَى الزَّنْدَقَةِ، فَأَمَرَ
الخَلِيْفَةُ المُعْتَمِدُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالقَبْضِ عَلَيْهِم، فَأَخَذَ
فِي جُمْلَتِهِم النُّوْرِيَّ، فَأُدْخِلُوا عَلَى
الخَلِيْفَةِ، فَأَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِم، فَبَادَرَ
النُّوْرِيُّ إِلَى السَّيَّافِ، فَقِيْلَ لَهُ فِي
ذَلِكَ، فَقَالَ:آثَرْتُ حَيَاتَهُم عَلَى نَفْسِي
سَاعَةً.
فَتَوَقَّفَ السَّيَّافُ عَنْ قَتْلِهِ، وَرَفَعَ أَمْرَهُ
إِلَى الخَلِيْفَةِ، فَرَدَّ الخَلِيْفَةُ أَمْرَهُم إِلَى
قَاضِي القُضَاةِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ، فَسَأَلَ
أَبَا الحُسَيْنِ النُّوْرِيَّ عَنْ مَسَائِلَ فِي
العِبَادَاتِ، فَأَجَابَ، ثُمَّ قَالَ:وَبَعْدَ هَذَا،
فَلِلَّهِ عِبَادٌ يَنْطِقُوْنَ بِاللهِ، وَيَأْكلُوْنَ
بِاللهِ، وَيَسْمَعُوْنَ بِاللهِ.
فَبَكَى إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَقَالَ:إِنْ كَانَ
هَؤُلاَءِ القَوْمُ زَنَادِقَةٌ، فَلَيْسَ فِي الأَرْضِ
مُوَحِّدٌ.
فَأَطْلَقُوْهُمُ (1) .
أَبُو نُعَيْمٍ (2) :سَمِعْتُ أَبَا الفَرَجِ
الوَرْثَانِيَّ:سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ
يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ عَلَى النُّوْرِيِّ، فَرَأَيْتُ رِجْلَيهِ
مُنْتَفِخَتَينِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَمرِهِ،
فَقَالَ:طَالَبَتْنِي نَفْسِي بِأَكْلِ تَمْرٍ،
فَدَافَعْتُهَا، فَأَبَتْ عَلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُهُ،
فَلَمَّا أَكَلْتُ، قُلْتُ:قُومِي فَصَلِّي.
فَأَبَتْ، فَقُلْتُ:للهِ عَلَيَّ إِنْ قَعَدتِ عَلَى
الأَرْضِ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، فَمَا قَعَدْتُ -
يَعْنِي:إِلاَّ فِي صَلاَةٍ - .
__________
(1) الخبر مطولا في " حلية الأولياء " 10 / 251 250، و"
تاريخ بغداد " 5 / 134 وما بين حاصرتين منهما.
(2) في " الحلية " 10 / 251.
(14/71)
وَعَنِ النُّوْرِيِّ، قَالَ:مَنْ
رَأَيْتَهُ يَدَّعِي مَعَ اللهِ حَالَةً تُخْرِجُ عَنِ
الشَّرْعِ، فَلاَ تَقْرَبَنْ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عَطَاءٍ:سَمِعْتُ أَبَا
الحُسَيْنِ النُّوْرِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ فِي نَفْسِي مِنْ هَذِهِ الكَرَامَاتِ، فَأَخَذْتُ
مِنَ الصِّبْيَانِ قَصَبَةً، ثُمَّ قُمْتُ بَيْنَ
زَوْرَقَينِ، وَقُلْتُ:وَعِزَّتِكَ، لَئِنْ لَمْ تُخْرِجْ
لِي سَمَكَةً فِيْهَا ثَلاَثَةُ أَرْطَالٍ، لأُغرِقَنَّ
نَفْسِي.
قَالَ:فَخَرَجَتْ لِي سَمَكَةٌ ثَلاَثَةُ أَرْطَالٍ.
قَالَ:فَبَلَغَ ذَلِكَ الجُنَيْدَ، فَقَالَ:كَانَ حُكْمُهُ
أَنْ تَخْرُجَ لَهُ أَفْعَى فَتَلْدَغُهُ.
وَعَنِ النُّوْرِيِّ، قَالَ:سَبِيْلُ الفَانِينَ الفَنَاءُ
فِي مَحْبُوْبِهِم، وَسَبِيْلُ البَاقِيْنَ البَقَاءُ
بِبَقَائِهِ، وَمَنِ ارْتَفَعَ عَنِ الفَنَاءِ
وَالبَقَاءِ، فَحِيْنَئِذٍ لاَ فَنَاءَ وَلاَ بَقَاءَ.
عَنِ القَنَّادِ، قَالَ:كَتَبْتُ إِلَى النُّوْرِيِّ
وَأَنَا حَدَثٌ:
إِذَا كَانَ كُلُّ المَرْءِ فِي الكُلِّ فَانِياً ...
أَبِنْ لِيَ عَنْ أَيِّ الوُجُودَيْنِ يُخْبِرُ؟
فَأَجَابَ لِوَقْتِهِ:
إِذَا كُنْتَ فِيْمَا لَيْسَ بِالوَصْفِ فَانِياً ...
فَوَقْتُكَ فِي الأَوْصَافِ عِنْدِي تَحَيُّرُ (1)
قُلْتُ:هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ طَوِيْلٍ،
وَتَحُرُّزٍ عَنِ الفَنَاءِ الكُلِّيِّ، وَمُرَادُهُم
بِالفَنَاءِ، فَنَاءُ الأَوْصَافِ النَّفْسَانِيَّةِ
وَنَحْوِهَا، وَنِسْيَانُهَا بِالاشْتِغَالِ بِاللهِ -
تَعَالَى - وَبِعِبَادَتِهِ، فَإِنَّ ذَاتَ العَارِفِ
وَجَسَدَهُ لاَ يَنْعَدِمُ مَا عَاشَ، وَالكَونُ وَمَا
حَوَى فَمَخْلُوْقٌ، وَاللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
وَمُبْدِعُهُ - أَعَاذَنَا اللهُ وَإِيَّاكُم مِنْ قَوْلِ
__________
(1) الخبر والبيتان في " حلية الأولياء " 10 / 254 253،
ولفظ البيت الأول في " الحلية ": إذا كان كل الكل في النور
فانيا * أبن لي عن أي الوجودين أخبر
(14/72)
الاتِّحَادِ (1) فَإِنَّهُ زَنْدَقَةٌ - .
قَالَ فَارِسٌ الحَمَّالُ:رَأَيْتُ النُّوْرِيَّ خَرَجَ
مِنَ البَادِيَةِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلاَّ خَاطِرُهُ،
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ:هَلْ يَلْحَقُ الأَسْرَارَ مَا
يَلْحَقُ الصِّفَاتِ؟ - يُرِيْدُ الضَّنَا الَّذِي رَأَى
بِهِ - فَقَالَ:إِنَّ اللهَ (2) أَقْبَلَ عَلَى
الأَسْرَارِ فَحَمَلَهَا، وَأَعْرَضَ عَنِ الصِّفَاتِ
فَمَحَقَهَا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
أَهَكَذَا صَيَّرَنِي ... أَزْعَجَنِي عَنْ وَطَنِي
حَتَّى إِذَا غِبْتُ بِهِ ... وَإِذْ بَدَا غَيَّبَنِي (3)
وَاصَلَنِي..حَتَّى إِذَا ... وَاصَلْتُهُ قَاطَعَنِي
يَقُوْلُ:لاَ تَشْهَدُ مَا ... تَشْهَدُ أَوْ تَشْهَدُنِي
(4)
قَالَ:وَلَمَّا مَاتَ النُّوْرِيُّ، قَالَ
الجُنَيْدُ:ذَهَبَ نِصْفُ العِلْمِ بِمَوتِهِ.
وَقِيْلَ:قَالَ النُّوْرِيُّ لِلْجُنَيْدِ:غَشَشْتَهُمْ
فَصَدَّرُوكَ، وَنَصَحْتُ لَهُمْ فَرَمَونِي
بِالحِجَارَةِ.
قِيْلَ:كَانَ النُّوْرِيُّ يَلْهَجُ بِفَنَاءِ صِفَاتِ
العَارِفِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَبُو جَادَ فَنَاءِ ذَاتِ
العَارِفِ كَمَا زَعَمَتِ الاتِّحَادِيَّةُ، فَقَالُوا
بِتَعْمِيمِ فَنَاءِ السِّوَى، وَقَالُوا:مَا فِي الكَوْنِ
سِوَى اللهِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ تَعَالَى اتَّحَدَ
لِخَلْقِهِ، وَأَنْتَ أَنَا، وَأَنَا أَنْتَ،
وَأَنْشَدُوا:
__________
(1) انظر في تعريف " الاتحاد " ما كتبه محمد فريد وجدي في
" دائرة معارف القرن العشرين " 10 / 684 678.
(2) لفظ " الحلية ": إن الحق.
(3) رواية البيت في الحلية كما يلي: حتى إذا غبت بدا * وإن
بدا غيبني
(4) الخبر والابيات في " حلية الأولياء " 10 / 250.
(14/73)
وَأَلْتَذُّ إِنْ مَرَّتْ عَلَى جَسَدِي
يَدِي ... لأَنِّي فِي التَّحْقِيْقِ لَسْتُ سِواكُم
فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الضَّلاَلِ.
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ:مَضَيْتُ يَوْماً أَنَا
وَرُوَيْمٌ وَأَبُو بَكْرٍ العَطَّارُ نَمْشِي عَلَى
شَاطِئِ نَهْرٍ، فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ فِي مَسْجِدٍ
بِلاَ سَقْفٍ.
فَقَالَ رُوَيْمٌ:مَا أَشْبَهَ هَذَا بِأَبِي الحُسَيْنِ
النُّوْرِيِّ!
فَمِلْنَا إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ هُوَ، فَسَلَّمْنَا
وَعَرَفَنَا، وَذَكَرَ أَنَّهُ ضَجِرَ مِنَ الرَّقَّةِ
فَانْحَدَرَ، وَأَنَّهُ الآنَ قَدِمَ وَلاَ يَدْرِي أَيْنَ
يَتَوَجَّهُ، وَكَانَ قَدْ غَابَ عَنْ بَغْدَادَ أَرْبَعَ
عَشْرَةَ سَنَةً، فَعَرَضْنَا عَلَيْهِ مَسْجِدَنَا،
فَقَالَ:لاَ أُرِيدُ مَوْضِعاً فِيْهِ الصُّوْفِيَّةُ،
قَدْ ضَجِرْتُ مِنْهُم.
فَلَمْ نَزَلْ نَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى طَابَتْ نَفْسُهُ.
وَكَانَتِ السَّوْدَاءُ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ،
وَحَدِيْثُ النَّفْسِ، ثُمَّ ضَعُفَ بَصَرُهُ، وَانْكَسَرَ
قَلْبُهُ، وَفَقَدَ إِخْوَانَهُ، فَاسْتَوْحَشَ مِنْ كُلِّ
أَحَدٍ.
ثمَّ إِنَّهُ تَأَنَّسَ وَسَأَلَنَا عَنْ نَصْرِ بنِ
رَجَاءَ وَعُثْمَانَ - وَكَانَا صَدِيْقَيْنِ لَهُ، إِلاَّ
أَنَّ نَصْراً تَنَكَّرَ لَهُ - فَقَالَ:مَا أَخَافُ
بَغْدَادَ إِلاَّ مِنْ نَصْرٍ.
فَعَرَّفنَاهُ أَنَّهُ بِخِلاَفِ مَا فَارَقَهُ، فَجَاءَ
مَعَنَا إِلَى نَصْرٍ، فَلَمَّا دَخَلَ مَسْجِدَهُ، قَامَ
نَصْرٌ، وَمَا أَبْقَى فِي إِكرَامِهِ غَايَةً، وَبِتْنَا
عِنْدَهُ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، رَكِبْنَا
مَعَ نَصْرٍ زَوْرَقاً مِن زَوَارِقِهِ إِلَى مَكَانٍ،
وَصَعَدْنَا إِلَى الجُنَيْدِ، فَقَامَ القَوْمُ
وَفَرِحُوا، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الجُنَيْدُ، يُذَاكِرُهُ
وَيُمَازِحُهُ، فَسَأَلَهُ ابْنُ مَسْرُوْقٍ مَسْأَلَةً،
فَقَالَ:عَلَيْكُمْ بِأَبِي القَاسِمِ.
فَقَالَ الجُنَيْدُ:أَجِبْ يَا أَبَا الحُسَيْنِ، فَإِنَّ
القَوْمَ أَحَبُّوا أَنْ يَسْمَعُوا جَوَابَكَ.
قَالَ:أَنَا قَادِمٌ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ.
فَتَكَلَّمَ الجُنَيْدُ وَالجَمَاعَةُ، وَالنُّوْرِيُّ
سَاكِتٌ، فَعَرَّضُوا لَهُ لِيَتَكَلَّمَ، فَقَالَ:قَدْ
لُقِّبْتُم أَلْقَاباً لاَ أَعْرِفُهَا، وَكَلاَماً غَيْرَ
مَا كُنْتُ أَعْهَدُ، فَدَعُونِي حَتَّى أَسْمَعَ،
وَأَقِفَ عَلَى مَقْصُودِكُمْ.
فَسَأَلُوهُ عَنِ الفَرْقِ الَّذِي بَعْدَ الجَمْعِ:مَا
عَلاَمَتُهُ؟وَمَا الفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الفَرْقِ
الأَوَّلِ؟ - لاَ أَدْرِي سَأَلُوهُ بِهَذَا اللَّفْظِ
أَوْ بِمَعْنَاهُ - .
(14/74)
وكُنْتُ قَدْ لَقِيْتُهُ بِالرَّقَّةِ
سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَسَأَلَنِي عَنِ
الجُنَيْدِ، فَقُلْتُ:إِنَّهُمْ يُشِيْرُونَ إِلَى شَيْءٍ
يُسَمُّونَهُ الفَرْقَ الثَّانِي وَالصَّحْوَ.
فَقَالَ:اذْكُر لِي شَيْئاً مِنْهُ.
فَذَكَرْتُهَ، فَضَحِكَ، وَقَالَ:مَا يَقُوْلُ ابْنُ
الخَلْنَجِيِّ؟
قُلْتُ:مَا يُجَالِسُهُم.
قَالَ:فَأَبُو أَحْمَدَ القَلاَنِسِيُّ؟
قُلْتُ:مَرَّةً يُخَالِفُهُم، وَمَرَّةً يُوَافِقُهُم.
قَالَ:فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟
قُلْتُ:مَا عَسَى أَنْ أَقُوْلَ أَنَا؟
ثُمَّ قُلْتُ:أَحْسِبُ أَنَّ هَذَا الَّذِي يُسَمُّونَهُ
فَرْقاً ثَانِياً هُوَ عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ الجَمْعِ،
يَتَوَهَّمُوْنَ بِهِ أَنَّهُم قَدْ خَرَجُوا عَنِ
الجَمْعِ.
فَقَالَ:هُوَ كَذَاكَ، أَنْتَ إِنَّمَا سَمِعْتَ هَذَا
مِنَ القَلاَنِسِيِّ.
فَقُلْتُ:لاَ.
فَلَمَّا قَدِمْتُ بَغْدَادَ، حَدَّثْتُ أَبَا أَحْمَدَ
القَلاَنِسِيَّ بِذَلِكَ، فَأَعْجَبَهُ قَولُ
النُّوْرِيِّ.
وَأَمَّا أَبُو أَحْمَدَ فَكَانَ رُبَّمَا يَقُوْلُ:هُوَ
صَحْوٌ وَخُرُوْجٌ عَنِ الجَمْعِ، وَرُبَّمَا قَالَ:بَلْ
هُوَ شَيْءٌ مِنَ الجَمْعِ.
ثُمَّ إِنَّ النُّوْرِيَّ شَاهَدَهُم، فَقَالَ:لَيْسَ هُوَ
عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ الجَمْعِ، وَلاَ هُوَ صَحْوٌ مِنَ
الجَمْعِ، وَلَكِنَّهُم رَجَعُوا إِلَى مَا يَعْرِفُونَ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكَرَ رُوَيْمٌ وَابْنُ
عَطَاءٍ:أَنَّ النُّوْرِيَّ يَقُوْلُ الشَّيْءَ وَضِدَّهُ،
وَلاَ نَعْرِفُ هَذَا إِلاَّ قَوْلَ سُوْفَسْطَا وَمَنْ
قَالَ بِقَوْلِهِ (1).
وَكَانَ بَيْنَهُم وَحْشَةٌ، وَكَانَ يُكْثِرُ مِنْهُمُ
التَّعَجُّبَ، وَقَالُوا لِلْجُنَيْدِ، فَأَنْكَرَ
عَلَيْهِم، وَقَالَ:لاَ تَقُولُوا مِثْلَ هَذَا لأَبِي
الحُسَيْنِ، وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ لَعَلَّهُ قَدْ تَغَيَّرَ
دِمَاغُهُ.
ثمَّ إِنَّ أَبَا الحُسَيْنِ انْقَبَضَ عَنْ جَمِيْعِهِم،
وَجَفَاهُم، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ العِلَّةُ، وَعَمِيَ،
وَلَزِمَ الصَّحَارَى وَالمَقَابِرَ، وَكَانَتْ لَهُ فِي
ذَلِكَ أَحْوَالٌ يَطُوْلُ شَرْحُهَا.
وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً يَقُوْلُوْنَ:مَنْ رَأَى
النُّوْرِيَّ بَعْدَ قُدُومِهِ مِنَ الرَّقَّةِ وَلَمْ
يَكُنْ رَآهُ قَبْلَهَا، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ
لِتَغَيُّرِهِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
__________
(1) وهم السوفسطائيون: فرقة من الفلاسفة، ينكرون المحسوسات
والبدهيات، ويعدون الوجود خيالا في خيال. انظر ما كتبه
محمد فريد وجدي عن السوفسطائية في " دائرة معارف القرن
العشرين " 5 / 173 171.
وقد عرف شيخ الإسلام السفسطة، فقال: هي نفي الحقيقة، أو
التردد فيها، أو جعلها تابعة لظنون الغير.
(14/75)
قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ:حَدَّثَنِي أَبُو
بَكْرٍ الجَلاَّءُ، قَالَ:
كَانَ النُّوْرِيُّ إِذَا رَأَى مُنْكراً، غَيَّرَه،
وَلَوْ كَانَ فِيْهِ تَلَفُهُ، نَزَلَ يَوْماً، فَرَأَى
زَوْرَقاً فِيْهِ ثَلاَثُوْنَ دَنّاً، فَقَالَ
لِلْمَلاَّحِ:مَا هَذَا؟
قَالَ:مَا يَلْزَمُكَ؟
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ:أَنْتَ - وَاللهِ - صُوْفِيٌّ
كَثِيْرُ الفُضُولِ، هَذَا خَمْرٌ لِلْمُعْتَضِدِ.
قَالَ:أَعْطِنِي ذَلِكَ المِدْرَى، فَاغْتَاظَ، وَقَالَ
لأَجِيْرِهِ:نَاوِلْهُ حَتَّى أُبْصِرَ مَا يَصْنَعُ.
فَأَخَذَهُ، وَنَزَلَ، فَكَسَّرَهَا كُلَّهَا غَيْرَ
دَنٍّ، فَأُخِذَ، وَأُدْخِلَ إِلَى المُعْتَضِدِ،
فَقَالَ:مَنْ أَنْتَ وَيْلَكَ؟!
قَالَ:مُحْتَسِبٌ.
قَالَ:وَمَنْ وَلاَّكَ الحِسْبَةَ؟
قَالَ:الَّذِي وَلاَّكَ الإِمَامَةَ يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ!
فَأَطْرَقَ، وَقَالَ:مَا حَمَلَكَ عَلَى فِعْلِكَ؟
قَالَ:شَفَقَةً مِنِّي عَلَيْكَ!
قَالَ:كَيْفَ سَلِمَ هَذَا الدَّنُّ؟
فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْسِرُ الدِّنَانَ وَنَفْسُهُ
مُخْلِصَةٌ خَاشِعَةٌ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى هَذَا
الدَّنِّ، أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ، فَارْتَابَ فِيْهَا،
فَتَرَكَهُ.
عَنْ أَبِي أَحْمَدَ المَغَازِلِيِّ، قَالَ:مَا رَأَيْتُ
أَحَداً قَطُّ أَعْبَدَ مِنَ النُّوْرِيِّ!
قِيْلَ:وَلاَ الجُنَيْدُ؟
قَالَ:وَلاَ الجُنَيْدُ.
وَقِيْلَ:إِنَّ الجُنَيْدَ مَرِضَ مَرَّةً، فَعَادَهُ
النُّوْرِيُّ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَعُوفِيَ
لِوَقْتِهِ.
تُوُفِّيَ النُّوْرِيُّ:قَبْلَ الجُنَيْدِ، وَذَلِكَ فِي
سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ شَاخَ -
رَحِمَهُ اللهُ - .
وَقَدْ مَرَّ مَوتُ الجُنَيْدِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ (1) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ العَطَوِيُّ:كُنْتُ عِنْدَ الجُنَيْدِ
لَمَّا احْتُضِرَ، فَخَتَمَ القُرْآنَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ
سُوْرَةَ البَقَرَةِ، فَتَلاَ سَبْعِيْنَ آيَةً وَمَاتَ.
قَالَ الخُلْدِيُّ:رَأَيْتهُ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ:مَا
فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
فَقَالَ:طَاحَتْ
__________
(1) انظر الصفحة (66) من هذا الجزء، وما يجئ من الكلام بعد
هذا فهو من تمام ترجمة الجنيد.
(14/76)
تِلْكَ الإِشَارَاتُ، وَغَابَتْ تِلْكَ
العِبَارَاتُ، وَفَنِيَتْ تِلْكَ العُلُوْمُ، وَنَفِدَتْ
تِلْكَ الرُّسُوْمُ، وَمَا نَفَعَنَا إِلاَّ رَكَعَاتٌ
كُنَّا نَرْكَعُهَا فِي الأَسْحَارِ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي:ذُكِرَ لِي
أَنَّهُم حَزَرُوا الجَمْعَ يَوْمَ جَنَازَةِ الجُنَيْدِ
الَّذِيْنَ صَلَّوْا عَلَيْهِ نَحْوَ سِتِّيْنَ أَلْفاً،
وَمَا زَالُوا يَنْتَابُوْنَ قَبْرَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ
نَحْوَ الشَّهْرِ، وَدُفِنَ عِنْدَ السَّرِيِّ
السَّقَطِيِّ.
قُلْتُ:غَلِطَ مَنْ وَرَّخَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَتِسْعِيْنَ - وَاللهُ أَعْلَمُ - .
36 - البَرْذَعِيُّ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرِو
بنِ عَمَّارٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ
عَمْرِو بنِ عَمَّارٍ الأَزْدِيُّ، البَرْذَعِيُّ.
رَحَّالٌ، جَوَّالٌ، مُصَنِّفٌ.
سَمِعَ:أَبَا كُرَيْبٍ، وَعَبْدَةَ الصَّفَّارَ، وَعَمْرَو
بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّسَ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى،
وَبُنْدَاراً، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَمُحَمَّدَ
بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، وَأَبَا إِسْحَاقَ
الجَوْزَجَانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ الفُرَاتِ، وَأَبَا
زُرْعَةَ - وَلاَزَمَهُ وَفَقُهَ بِهِ وَبِمُسْلِمِ بنِ
الحَجَّاجِ - وَابْنَ وَارَةَ (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ:حَفْصُ بنُ عُمَرَ الأَرْدُبِيْلِيُّ (2) ،
وَأَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ المَيَانَجِيُّ،
__________
(*) معجم البلدان: 1 / 381 380، مختصر طبقات علماء الحديث
لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 744
743، الوافي بالوفيات: 13 / 147، طبقات الحفاظ: 313، تهذيب
ابن عساكر: 6 / 166.
(1) هو الحافظ المجود أبو عبد الله محمد بن مسلم بن عثمان
بن وارة المتوفى سنة 270، قال الطحاوي: ثلاثة لم يكن في
الأرض مثلهم في وقتهم: أبو حاتم، وأبو زرعة، وابن وارة.
وقد تقدمت ترجمته.
(2) نسبة إلى أردبيل من أشهر مدن أذربيجان.
(14/77)
وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المِيْمَذِيُّ (1) ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عُقْدَةَ:تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ
بنُ مُنِيْرٍ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
طَاهِرٍ الحَافِظَ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو
الحَافِظَ يَقُوْلُ:
لَمَّا رَجَعْتُ مِنْ مِصْرَ، أَقَمْتُ ثَانِياً عِنْدَ
أَبِي زُرْعَةَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ كِتَابَ المُزَنِيِّ،
فَكُلَّمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ مِمَّا يُخَالِفُ
الشَّافِعِيَّ، بَقِيَ يَتَبَسَّمُ، وَيَقُوْلُ:لَمْ
يَعْمَلْ صَاحِبُكَ شَيْئاً فِي اخْتِيَارِهِ، لاَ
يُمْكِنُهُ الانْفِصَالُ فِيْمَا ادَّعَى.
قُلْتُ:هَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ شَيْئاً؟
قَالَ:لاَ، وَمَا جَالَسْتُهُ إِلاَّ يَوْمِيْنِ.
37 - الوَلِيْدُ بنُ حَمَّادِ بنِ جَابِرٍ الرَّمْلِيُّ *
الحَافِظُ، أَبُو العَبَّاسِ الرَّمْلِيُّ، مُؤَلِّفُ
كِتَابِ(فَضَائِلِ بَيْتِ المَقْدِسِ).
حَدَّثَ عَنْ:سُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ،
وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَيَزِيْدَ بنِ مَوْهِبٍ
الرَّمْلِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَلَبِيِّ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيِّ، وَيَحْيَى
بنِ يَعْقُوْبَ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، وَالفَضْلُ
بنُ مُهَاجِرٍ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ،
وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ وَكِيْعٍ قَاضِي طَبَرَيَّةَ،
__________
(1) نسبة إلى ميمذ مدينة بأذربيجان ذكرها السمعاني في "
الأنساب " دونما ضبط، وضبطها ابن الأثير، في " اللباب "
والسيوطي في " لب اللباب " بفتح الميمين، أما ياقوت، فقد
ضبطها في " معجمه " 5 / 244 بكسر الميم الأولى، وفتح
الثانية.
(*) تاريخ ابن عساكر: 17 / 408 / ب.
(14/78)
وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ رَبَّانِيّاً.
ذَكَرَهُ:ابْنُ عَسَاكِرَ مُخْتَصَراً، وَلاَ أَعْلَمُ
فِيْهِ مَغْمَزاً، وَلَهُ أُسْوَةُ غَيْرِهِ فِي رِوَايَةِ
الوَاهِيَاتِ.
بَقِيَ إِلَى قَرِيْبِ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
38 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ حَمْزَةَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ *
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ بِنَيْسَابُوْرَ، أَبُو إِسْحَاقَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، تِلْمِيْذُ ابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ.
حَدَّثَ عَنْ:يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى،
وَالرَّبِيْعِ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ العَلاَءِ،
وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ،
وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ أَخِيْهِ؛مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَأَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
حَمْدُوْنَ، وَحَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّقَّاشُ (1) .
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ مَحْمُوْدَ بنَ مُحَمَّدٍ،
سَمِعْتُ عَمِّي؛إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
الحَكَمِ:مَا قَدِمَ عَلَيْنَا خُرَاسَانِيٌّ أَعْرَفُ
بِطَرِيْقَةِ مَالِكٍ مِنْكَ، فَإِذَا رَجَعْتَ إِلَى
خُرَاسَانَ، فَادْعُ النَّاسَ إِلَى رَأْي مَالِكٍ.
قَالَ:وَكَانَ عَمِّي يَصُوْمُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ
اللَّيْلَ، وَلاَ يَدَعُ الجِهَادَ فِي كُلِّ ثَلاَثِ
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 274 / أ، تهذيب ابن عساكر: 2 /
296 295.
(1) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي، ثم
البغدادي النقاش، شيخ المقرئين في عصره على ضعيف شديد فيه،
فقد نقل المؤلف في " ميزانه " عن طلحة بن محمد الشاهد: كان
النقاش يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص، وقال المؤلف
في " العبر " 2 / 293: ومع جلالته في العلم ونبله، فهو
ضعيف متروك الحديث. توفي سنة 351 ه وسترد ترجمته في هذا
الجزء.
(14/79)
سِنِيْنَ. ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ:كَانَ
يُعْرَفُ بِالقَطَّانِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ
بِنَيْسَابُوْرَ لِلْمَالِكيَّةِ مُدَرِّسٌ.
وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ الكَرَابِيْسِيَّ
يَقُوْلُ:تُوُفِّيَ الفَقِيْهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
مَحْمُوْدٍ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
39 - الأَصْبَهَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
إِمَامُ القُرَّاءِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَبِيْبٍ
الأَصْبَهَانِيُّ.
اعْتَنَى بِقِرَاءةِ وَرْشْ (1) ، وَحَذَقَ فِيْهَا،
فَتَلاَ عَلَى:عَامِرٍ الحَرَسِيِّ (2) ، وَسُلَيْمَانَ
الرِّشْدِيْنِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ دَاوُدَ بنِ
أَبِي طَيْبَةَ.
وَسَمِعَ الحُرُوْفَ مِنْ:يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى.
وَرَوَى الحَدِيْثَ عَنْ:دَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ عُمَرَ مُشْكُدَانَةَ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي
شَيْبَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
قَرَأَ عَلَيْهِ:هِبَةُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ المُطَرِّزُ، وَمُحَمَّدُ بُنُ
يُوْنُسَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ جَعْفَرٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ مُجَاهِدٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ
العَسَّالُ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 226، تاريخ بغداد: 2 / 364،
طبقات القراء للذهبي: 1 / 190 189، طبقات القراء للجزري: 2
/ 170 169، طبقات المحدثين بأصبهان لوحة 233.
(1) لقبة شيخه نافع المدني بورش لشدة بياضه، والورش لبن
يصنع، وقيل: لقبه بطائر اسمه " ورشان " ثم خفف، فقيل: ورش،
وهو عثمان بن سعيد القرشي مولاهم القبطي المصري المتوفي
سنة 197 ه وقد تقدمت ترجمته في الجزء التاسع رقم الترجمة
(82).
(2) بالسين المهملة نسبة إلى " حرس " محلة شرقي مصر، وقد
تصحفت في " طبقات القراء " إلى " الجرشي " انظر " المشتبه
" 1 / 148.
(14/80)
وَكَانَ يَقُوْلُ:ارْتَحَلْتُ إِلَى مِصْرَ
وَمَعِي ثَمَانُوْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَنْفَقْتُهَا
عَلَى ثَمَانِيْنَ خَتْمَةً.
وَلَقَدْ بَالَغَ فِي تَعْظِيْمِهِ أَبُو عَمْرٍو
الدَّانِيُّ، وَقَالَ:هُوَ إِمَامُ عَصْرِهِ فِي قِرَاءةِ
وَرْشْ.
قُلْتُ:مَاتَ بِبَغْدَادَ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
40 - المُرِّيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الوَلِيْدِ *
الإِمَامُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الوَلِيْدِ بنِ سَعْدٍ المُرِّيُّ، الدِّمَشْقِيُّ،
المُقْرِئُ.
رَوَى عَنْ:أَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ، وَأَبِي
اليَمَانِ، وَآدَمَ بنِ أَبِي إِيَاسٍ، وَهِشَامِ بنِ
عَمَّارٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ آدَمَ، وَابْنُ أَبِي
العَقِبِ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ،
وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَرَّخَهُ:ابْنُ زَبْرٍ.
41 - أَبُو الآذَانِ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
البَغْدَادِيُّ **
الحَافِظُ، العَالِمُ المُتْقِنُ، القُدْوَةُ، أَبُو
الآذَانِ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ.
__________
(*) الأنساب: 525 / أ، تاريخ ابن عساكر: 2 / 111 / ب،
تهذيب ابن عساكر: 2 / 79 78.
(* *) تاريخ بغداد: 11 / 215 - 216، مختصر طبقات علماء
الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 1، تذكرة الحفاظ: 2
/ 744 - 745، طبقات الحفاظ: 313 - 314، شذرات الذهب: 2 /
205.
(14/81)
حَدَّثَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى
العَنْزِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
المِسْوَرِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْعُوْدٍ
الجَحْدَرِيِّ، وَيَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ المُقَوِّمِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ العَطَّارِ،
وَطَبَقَتِهِم مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
وَوَكِيْعٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:النَّسَائِيُّ فِي(سُنَنِهِ) - وَهُوَ
أَكْبَرُ سِنّاً مِنْهُ - وَابْنُ قَانِعٍ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَمُظَفَّرُ بنُ يَحْيَى، وَطَائِفَةٌ.
أَثْنَى عَلَيْهِ:أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ.
قَالَ البَرْقَانِيُّ:حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، قَالَ:
حُكِيَ أَنَّ أَبَا الآذَانِ طَالَتْ خُصُومَةٌ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ يَهُودِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، فَقَالَ لَهُ:أَدْخِلْ
يَدَكَ وَيَدِي فِي النَّارِ، فَمَنْ كَانَ مُحِقّاً لَمْ
تَحْتَرِقْ يَدُهُ.
فَذُكِرَ أَنَّ يَدَهُ لَمْ تَحْتَرِقْ، وَأَنَّ يَدَ
اليَهُودِيِّ احْتَرَقَتْ.
تُوُفِّيَ أَبُو الآذَانِ:فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
42 - قِرْطِمَةُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
البَغْدَادِيُّ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ، قِرْطِمَةُ.
سَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ، وَأَبَا سَعِيْدٍ
الأَشَجَّ، وَالزَّعْفَرَانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى.
وَلَهُ رِحْلَةٌ وَاسِعَةٌ، وَحِفْظٌ بَاهِرٌ، وَقَلَّ مَا
رَوَى.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ ابْنَ عُقْدَةَ
يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابْنَ يَمَانٍ
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 66 65، مختصر طبقات علماء الحديث
لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 745،
الوافي بالوفيات: 4 / 107، طبقات الحفاظ: 314، شذرات
الذهب: 2 / 205.
(14/82)
يَقُوْلُ:النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ:أَبُو
زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ فِي الحِفْظِ!وَاللهِ مَا
رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ قِرْطِمَةَ!
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
43 - ابْنُ صَدَقَةَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، الفَقِيْهُ، أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
صَدَقَةَ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ بِمَسَائِلَ.
وَعَنْ:إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ مِسْكِيْنٍ اليَمَامِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
حَرْبٍ النَّشَاسْتَجِيِّ، وَصَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
يَحْيَى القَطَّانِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، وَأَبُو
بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ،
وَالفَقِيْهُ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
مُجَاهِدٍ.
وَكَانَ نَقَّالاً لِكُتُبٍ مِنَ القِرَاءاتِ
وَمَسَائِلِهِ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مُدَوَّنَةً،
وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالإِتْقَانِ وَالتَّثَبُّتِ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرْنَا
ابْنُ عَلاَّنٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ،
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَدَقَةَ
الحَافِظُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى،
حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُثْمَانَ بنِ
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 66.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 41 40، طبقات الحنابلة: 1 / 65 64،
تاريخ ابن عساكر: 2 / 92 / ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 746 745،
طبقات القراء للجزري: 1 / 119، طبقات الحفاظ: 314، شذرات
الذهب: 2 / 215، تهذيب ابن عساكر: 2 / 58.
(14/83)
مُرَّةَ، عَنِ القَاسِمِ:
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ:(إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ
يُعَذَّبُوْنَ عَذَاباً لاَ يُعَذَّبُهُ أَحَدٌ مِنَ
العَالَمِيْنَ، يُقَالُ لَهُمْ:أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ
(1)).
قَالَ ابْنُ المُنَادِي:كَانَ ابْنُ صَدَقَةَ مِنَ
الضَّبْطِ وَالحِذْقِ عَلَى نِهَايَةٍ.
44 - قُنْبُلٌ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيُّ *
إِمَامٌ فِي القُرَّاءِ، مَشْهُورٌ.
وَهُوَ:أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المَخْزُوْمِيُّ مَوْلاَهُمُ، المَكِّيُّ.
عَاشَ:سِتّاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تَلاَ عَلَى:أَبِي الحَسَنِ القَوَّاسِ، وَغَيْرِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ:ابْنُ شَنَبُوْذٍ، وَابْنُ مُجَاهِدٍ،
وَابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ شَوْذَبٍ
الوَاسِطِيُّ.
يُقَالُ:هَرِمَ وَتَغَيَّرَ.
وَقَدْ طَوَّلْتُهُ فِي(طَبَقَاتِ القُرَّاءِ (2)).
مَاتَ:سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) أخرجه من طرق عن نافع، عن القاسم، عن عائشة رضي الله
عنها كل من البخاري 9 / 216، و10 / 327، 330، و13 / 446،
ومسلم (2106) (96)، وابن ماجه (2151)، والنسائي 8 / 215،
وأحمد: 6 / 70، 80، 223.
ولفظ مسلم: " إن أصحاب هذه الصور يعذبون ويقال لهم: أحيوا
ما خلقتم " ثم قال: " إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله
الملائكة ".
(*) معجم الأدباء: 17 / 18 17، وفيات الأعيان: 3 / 42،
العبر: 2 / 89، طبقات القراء للذهبي: 1 / 187 186، دول
الإسلام: 1 / 176، الوافي بالوفيات: 3 / 227 226، البداية
والنهاية: 11 / 99، القد الثمين: 2 / 110 109، طبقات
القراء للجزري: 2 / 166 165، النشر في القراءات العشر: 1 /
121 120، شذرات الذهب: 2 / 208.
وإنما لقب قنبلا لأنه كان يكثر من استعمال دواء يعرف
بالقنبيل.
(2) 1 / 187 186.
(14/84)
45 - يُوْسُفُ القَاضِي بنُ يَعْقُوْبَ
الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُمْ *
صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ فِي السُّنَنِ، الإِمَامُ،
الحَافِظُ، الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ، الثِّقَةُ، القَاضِي،
أَبُو مُحَمَّدٍ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَمَّادِ بنِ زَيْدِ بنِ دِرْهَمٍ
الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَصْرِيُّ الأَصْلِ،
البَغْدَادِيُّ.
حَرَصَ عَلَيْهِ أَهْلُهُ، فَإِنَّهُم بَيْتُ عِلْمٍ.
وَسَمِعَ وَهُوَ حَدَثٌ مِنْ:مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ،
وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ العَبْدِيِّ، وَمُسَدَّدِ بنِ
مُسَرْهَدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ،
وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ،
وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ، وَأَبُو
سَهْلٍ القَطَّانُ، وَعَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ،
وَدَعْلَجُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
وَأَبُو القَاسِمِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ
بنُ عَدِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ أَسْنَدَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِبَغْدَادَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً، صَالِحاً، عَفِيْفاً،
مَهِيْباً، سَدِيْدَ الأَحْكَامِ، وَلِيَ القَضَاءَ
بِالبَصْرَةِ وَوَاسِطَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَضُمَّ إِلَيْهِ قَضَاءُ الجَانِبِ
الشَّرْقِيِّ مِنْ بَغْدَادَ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 14 / 312 310، المنتظم: 6 / 97 96، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 113 / 2،
تذكرة الحفاظ: 2 / 660، العبر: 2 / 109، دول الإسلام: 1 /
181، البداية والنهاية: 11 / 112، النجوم الزاهرة: 3 /
171، طبقات الحفاظ: 287، شذرات الذهب: 2 / 227، الرسالة
المستطرفة: 37.
(1) في " تاريخه " 14 / 310.
(14/85)
وفِي(تَارِيْخِ الخَطِيْبِ (1)):أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا (2) دَخَلَ عَلَى
يُوْسُفَ القَاضِي، فَسَأَلَهُ عَنْ قُوَّتِهِ، فَقَالَ
القَاضِي:أَجِدُنِي كَمَا قَالَ سِيْبَوَيْه:
لاَ يَنْفَعُ الهِلْيَوْنُ وَالأَطْرِيْفُلُ ...
انْخَرَقَ الأَعْلَى وَخَارَ الأَسْفَلُ ...
وَنَحْنُ فِي جِدٍّ وَأَنْتَ تَهْزِلُ ...
فَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا:
أُرَانِيَ فِي انْتِقَاصٍ كُلَّ يَوْمٍ ... وَلاَ يَبْقَى
مَعَ النُّقْصَانِ شَيُّ
طَوَى العَصْرَانِ مَا نَشَرَاهُ مِنِّي ... فَأَخْلَقَ
جِدَّتِي نَشْرٌ وَطَيُّ
مَاتَ يُوْسُفُ القَاضِي - رَحِمَهُ اللهُ - :فِي
رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمِنْ تَآلِيْفِهِ:كِتَابُ(العِلْمِ)سَمِعنَاهُ،
وَ(الزَّكَاةِ)، وَ(الصِّيَامِ).
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ،
وَغَيْرهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ القَاضِي، حَدَّثَنَا
مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا
حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو خِدَاشٍ، عَنْ
رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(المُسْلِمُوْنَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثَةٍ:فِي
النَّارِ، وَالكَلأِ، وَالمَاءِ).
__________
(1) 14 / 311.
(2) هو عبيد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا القرشي
مولاهم البغدادي.
صاحب التصانيف، كان صدوقا أديبا، أخباريا، كثير العلم.
توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين ومئتين. انظر " عبر
الذهبي " 2 / 65، و" تهذيب التهذيب " 6 / 13 12.
(14/86)
أَخْرَجَهُ:أَبُو دَاوُدَ (1) ، عَنْ
مُسَدَّدٍ.
وَأَبُو خِدَاشٍ هَذَا:هُوَ حِبَّانُ بنُ زَيْدٍ
الشَّرْعَبِيُّ الحِمْصِيُّ، مَا عَلِمْتُ رَوَى عَنْهُ
سِوَى حَرِيْزٍ، وَشُيُوْخُهِ قَدْ وُثِّقُوا مُطْلَقاً.
وَكَانَ وَالِدُهُ يَعْقُوْبُ (2) قَاضِي المَدِيْنَةِ،
سَمِعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ، وَجَمَاعَةً، حَدَّثَ
عَنْهُ:ابْنُ نَاجِيَةَ، وَقَاسِمٌ المُطَرِّزُ،
وَطَائِفَةٌ.
وَلَقَّنَ لِحَفِيْدِهِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ
يُوْسُفَ القَاضِي حَدِيْثاً حَفِظَهُ عَنْهُ.
وَمَاتَ:بِفَارِسِ، عَلَى قَضَائِهَا، سَنَةَ سِتٍّ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَهُوَ ثِقَةٌ.
46 - عَلِيُّ بنُ أَبِي طَاهِرٍ أَبُو الحَسَنِ
القَزْوِيْنِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الأَوْحَدُ، الثِّقَةُ، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَاهِرٍ أَحْمَدَ بنِ
الصَّبَّاحِ القَزْوِيْنِيُّ.
سَمِعَ:إِسْمَاعِيْلَ بنَ تَوْبَةَ، وَهِشَامَ بنَ
عَمَّارٍ، وَدُحَيْماً، وَبُنْدَاراً، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الحَسَنِ القَطَّانُ، وَمُحَمَّدُ
بنُ الحَسَنِ القَاضِي،
__________
(1) برقم (3477) في البيوع والاجارات: باب في منع الكلا،
ورجاله ثقات.
وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " ثلاث لا يمنعن:
الماء: والكلا: والنار " أخرجه ابن ماجه (2473) وسنده صحيح
كما قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 173.
وللطبراني بسند حسن فيما قاله الحافظ في " التلخيص " 3 /
65 من حديث ابن عمر " المسلمون شركاء في ثلاث: الماء،
والكلا، والنار ".
(2) هو يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم. أبو
يوسف. ترجمته في " تاريخ بغداد " 14 / 276 275.
(*) تاريخ ابن عساكر: 11 / 422 / ل.
(14/87)
وَغَيْرُهُمَا.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ:عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَبِي حَاتِمٍ.
وَكَانَ أَحَدَ الأَثبَاتِ.
وَثَّقَهُ الخَلِيْلِيُّ، وَقَالَ:سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ
أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ يَحْكِي عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ
يَزِيْدَ:
أَنَّ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَاهِرٍ لَمَّا رَحَلَ إِلَى
الشَّامِ، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ جَعَلَ كُتُبَهُ فِي
صُنْدُوْقٍ، وَقَيَّرَهُ، وَرَكِبَ البَحْرَ،
فَاضْطَرَبَتِ السَّفِيْنَةُ وَمَاجَتْ، فَأَلقَى
الصُّنْدُوقَ فِي البَحْرِ، ثُمَّ سَكَنَتِ السَّفِيْنَةُ،
فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا، أَقَامَ عَلَى السَّاحِلِ
ثَلاَثاً يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ سَجَدَ فِي اللَّيْلَةِ
الثَّالِثَةِ، وَقَالَ:إِنْ كَانَ طَلَبِي ذَلِكَ
لِوَجْهِكَ وَحُبِّ رَسُوْلِكَ، فَأَغِثْنِي بِرَدِّ
ذَلِكَ.
فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا بِالصُّنْدُوْقِ مُلْقَىً
عِنْدَهُ، فَقَدِمَ، وَأَقَامَ بُرْهَةً، ثُمَّ قَصَدُوهُ
لِسَمَاعِ الحَدِيْثِ، فَامْتَنَعَ مِنْهُ.
قَالَ:فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي مَنَامِي، وَمَعَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :يَا عليُّ، مَنْ عَامَلَ اللهُ
بِمَا عَامَلَكَ بِهِ عَلَى شَطِّ البَحْرِ؟!لاَ
تَمْتَنِعْ مِنْ رِوَايَةِ أَحَادِيْثِي.
قَالَ:فَقُلْتُ:قَدْ تُبْتُ إِلَى اللهِ.
فَدَعَا لِي، وَحَثَّنِي عَلَى الرِّوَايَةِ.
ذَكَرَهُ الخَلِيْلِيُّ فِي مَشَايخِ القَطَّانِ،
وَقَالَ:مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ -
رَحِمَهُ اللهُ - .
47 - الخَفَّافُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ
السَّلاَمِ *
الحَافِظُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ
النَّيْسَابُوْرِيّ، الخَفَّافُ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْ:أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الرِّبَاطِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) لم نقف له على ترجمة عند غير المؤلف في المصادر التي
وقفنا عليها.
(14/88)
إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ،
وَطَبَقَتِهِم.
وَلاَزَمَ البُخَارِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ -
وَهُوَ أَسْنَدُ مِنْهُ - وَمُحَمَّدُ بنُ أَبْيَضَ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو العُقَيْلِيُّ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الوَرْدِ،
وَآخَرُوْنَ.
وَرِوَايَة النَّسَائِيِّ عَنْهُ فِي كِتَابِ(الكُنَى).
وَهُوَ مِمَّنْ فَاتَ الحَاكِمَ ذِكْرُهُ فِي(تَارِيْخِ
نَيْسَابُوْرَ).
تُوُفِّيَ:بِمِصْرَ، فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ مِنَ البُصَرَاءِ بِهَذَا الشَّأْنِ.
48 - ابْنُ الصَّفَّارِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
غَالِبٍ القُرْطُبِيُّ *
مُفْتِي الأَنْدَلُسِ مَعَ:ابْنِ لُبَابَةَ، وَعُبَيْدِ
اللهِ بنِ يَحْيَى.
ارْتَحَلَ، وَأَخَذَ عَنْ:أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ
المِصْرِيِّ، وَيُوْنُسَ، وَابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ،
وَالعُتْبِيِّ، وَابْنِ وَضَّاحٍ.
مَاتَ:سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَهُوَ:أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ
القُرْطُبِيُّ، ابْنُ الصَّفَّارِ.
وَمَاتَ ابْنُهُ؛العَلاَّمَةُ المُفْتِي أَبُو الوَلِيْدِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ:سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ،
كَهْلاً.
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 21 20، جذوة المقتبس: 81،
بغية الملتمس: 119، الديباج المذهب: 2 / 227.
(1) انظر " تاريخ علماء الأندلس " 1 / 26.
(14/89)
49 - عُبَيْدٌ العِجْلُ أَبُو عَلِيٍّ
الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَلِيٍّ
الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَاتِمٍ
البَغْدَادِيُّ؛تِلْمِيْذُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
حَدَّثَ عَنْ:دَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَيَعْقُوْبَ بنِ
حُمَيْدِ بنِ كَاسِبٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، وَأَبِي
هُمَامٍ الوَلِيْدِ بنِ شُجَاعٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ
عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ الصَّمَدِ الطَّسْتِيُّ،
وَعُثْمَانُ بنُ سَنَقَةَ (1) ، وَأَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ ثِقَةً، مُتْقِناً، حَافِظاً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ المُنَادِي:كَانَ مِنَ
المُتَقَدِّمِيْنَ فِي حِفْظِ(المُسْنَدِ)خَاصَّةً.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ:حَدَّثَنَا ابْنُ
عُقْدَةَ، قَالَ:
كُنَّا نَحْضُرُ مَعَ عُبَيْدٍ، فَيَنْتَخِبُ لَنَا،
فَإِذَا أَخَذَ الكِتَابَ بِيَدِهِ، طَارَ مَا فِي
رَأْسِهِ، فَنُكَلِّمُهُ، فَلاَ يَرُدُّ، فَإِذَا فَرَغَ،
قُلْنَا:كَلَّمْنَاكَ فَلَمْ تُجِبْنَا؟!
قَالَ:إِذَا أَخَذْتُ الكِتَابَ بِيَدِي، يَطِيْرُ عَنِّي
مَا فِي رَأْسِي، يَمُرُّ بِي حَدِيْثُ الصَّحَابِيِّ،
وَأَنَا أَحْتَاجُ أَنْ أُفَكِّرَ فِي مُسْنَدِ ذَلِكَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 94 93، المنتظم: 6 / 62 61، مختصر
طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: 116 / 2، تذكرة
الحفاظ: 2 / 673 672، العبر: 2 / 98، البداية والنهاية: 11
/ 102، النجوم الزاهرة: 3 / 161، طبقات الحفاظ: 293، شذرات
الذهب: 2 / 216.
(1) هو أبو عمرو، عثمان بن محمد بن بشر السقطي المعروف
بابن سنقة المتوفى 356 ه ذكره الزبيدي في " تاج العروس "
وضبطه بالتحريك. وسترد ترجمته عند المؤلف وانظر العبر: 2 /
305، و" تاريخ بغداد " 11 / 305.
(2) في " تاريخه " 8 / 94.
(14/90)
الصَّحَابِيِّ، مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى
آخِرِهِ، هَلِ الحَدِيْثُ فِيْهِ أَمْ لاَ؟أَخَافُ أَنْ
أَزِلَّ فِي الانْتِخَابِ، وَأَنْتُمْ شَيَاطِيْنُ قَدْ
قَعَدْتُمْ حَوْلِي.
قِيْلَ:إِنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ هُوَ الَّذِي لَقَّبَهُ
عُبَيْداً العِجْلَ.
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ:مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ:كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
50 - البَرْبَرِيُّ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى
بنِ حَمَّادٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَاهِرُ، الأَخْبارِيُّ، أَبُو
أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ حَمَّادٍ
البَرْبَرِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ:عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ
القَوَارِيْرِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ صَالِحٍ،
وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي،
وَإِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ، وَابْنُ قَانِعٍ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ:كَانَ أَخْبَارِيّاً، فَهْماً، ذَا
مَعْرِفَةٍ بِأَيَّامِ النَّاسِ، وَكَانَ يَخْضِبُ
بِالحُمْرَةِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قُلْتُ:غَيْرُهُ أَتْقَنُ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ مِنْ
أَوْعِيَةِ العِلْمِ، يُذْكَرُ مَعَ المَعْمَرِيِّ
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 243، ميزان الاعتدال: 4 / 51، الوافي
بالوفيات: 5 / 92، لسان الميزان: 5 / 400، طبقات الحفاظ:
292.
(14/91)
وَالحُفَّاظِ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ
الطَّبَرَانِيُّ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
51 - البَرَاثِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، المُجَوِّدُ، أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ
البَغْدَادِيُّ، البَرَاثِيُّ.
تَلاَ عَلَى:خَلَفِ بنِ هِشَامٍ، فَكَانَ خَاتِمَةَ
أَصْحَابِهِ.
وَسَمِعَ مِنْ:عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَكَامِلِ بنِ
طَلْحَةَ، وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ، وَطَبَقَتِهِم.
أَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْفَ:عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي
هَاشِمٍ، فَهُوَ أَعْلَى مَنْ لَقِيَ.
وَرَوَى عَنْهُ:مَخْلَدٌ البَاقَرْحِيُّ، وَالجِعَابِيُّ،
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيُّ
(2) ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ:أَحْوَصُ بنُ المُفَضَّلِ الغَلاَبِيُّ،
وَعَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ سَمَاعَةَ، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرٍ القَتَّاتُ، وَالحُسَيْنُ بنُ أَبِي الأَحْوَصِ
الثَّقَفِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
عِقَالٍ الحَرَّانِيُّ.
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 243.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 4 3، طبقات الحنابلة: 1 / 64،
الأنساب: 70 / أ، طبقات القراء للجزري: 1 / 113، النجوم
الزاهرة: 3 / 181.
(2) كذا ضبطه ابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 44 فقال:
بالمعجمة وتشديد التاء المثناة من فوق وضمهما.
وانظر " أنساب " السمعاني: ص 189 188.
(14/92)
52 - مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ بنِ
الأَزْهَرِ أَبُو بَكْرٍ البَصْرِيُّ *
المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ
العَبْدِيُّ، البَصْرِيُّ، القَطَّانُ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَعَمْرِو بنِ
مَرْزُوْقٍ، وَغَيْرِهِمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو
بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ
الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ،
وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَبَنْكَ، وَجَمَاعَةٌ سِوَى
هَؤُلاَءِ مِمَّنْ أَخَذُوا عَنْهُ بِبَغْدَادَ.
ضَعَّفَهُ:مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ الحَافِظُ،
وَكَانَ قَدْ نَزَلَ بَغْدَادَ.
قَالَ ابْنُ سَبَنْكَ:أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ سَنَةَ ثَلاَثِ
مائَةٍ عَنِ ابْنِ حُبَّانٍ، وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ:جَاوَزَ مائَةَ عَامٍ فِيْمَا أَرَى.
وَ
53 - مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانِ بنِ بَكْرِ بنِ عَمْرٍو
البَاهِلِيُّ البَصْرِيُّ **
نَزِيْلُ المُخَرِّمِ؛مِنْ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ:أُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ، وَكَثِيْرِ بنِ
يَحْيَى، وَكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ
المِنْهَالِ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو
القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 232 231، الأنساب: 64 / ب، المنتظم:
6 / 127 126، العبر: 2 / 120 119، ميزان الاعتدال: 3 /
508، لسان الميزان: 5 / 115، شذرات الذهب: 2 / 237.
(* *) الإكمال لابن ماكولا: 2 / 308 307.
(14/93)
كَأَنَّهُ الأَوَّلُ - إِنْ شَاءَ اللهُ -
بِنَاءً عَلَى أَنَّ الأَزْهَرَ لَقَبٌ لِبَكْرِ بنِ
عَمْرٍو، أَوْ هُوَ جَدٌّ أَعْلَىً لَهُ، أَوْ وَقَعَ
وَهْمٌ فِي نَسَبِهِ.
وَقَدْ وَهِمَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ،
فَقَالَ:مُحَمَّدُ بنُ حَبَّانَ - بِالفَتْحِ - حَدَّثَنَا
عَنْهُ أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ.
قَالَ:وَبِضَمِّ الحَاءِ:مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ، حَدَّثَ
عَنْهُ أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بنُ الفَضْلِ.
قَالَ الصُّوْرِيُّ:هُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ بِالضَّمِّ.
قُلْتُ:لَيْسَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عَنْهُ سِوَى
حَدِيْثٍ وَاحِدٍ عَنْ كَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، أَوْرَدَهُ
لَهُ فِي(مُعْجَمِهِ الأَوْسَطِ)، وَ(مُعْجَمِهِ
الأَصْغَرِ (1)).
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ:لَيْسَ بِذَاكَ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلاَ (2) :مُحَمَّدُ بنُ
حَبَّانَ بنِ الأَزْهَرِ البَاهِلِيُّ - بِالفَتْحِ -
رَوَى عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَعَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ
اللهِ النَّهْرَدَيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَبَّانَ أَبُو
بَكْرٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ.
ذَكَرَهُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَهُوَ مُتْقِنٌ لاَ يَخْفَى
عَلَيْهِ أَمْرُ شَيْخِ شَيْخِهِ، وَكَانَ القَاضِي
الذُّهْلِيُّ مِنَ المُتَثَبِّتِيْنَ، لاَ يَخْفَى
عَلَيْهِ أَمْرُ شُيُوخِهِ.
وَقَالَ الصُّوْرِيُّ:إِنَّمَا هُمَا وَاحِدٌ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ:لاَ، بَلْ هُمَا اثْنَانِ،
وَالنِّسْبَةُ تُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ الجَدُّ،
فَإِنْ كَانَ شَيْخُنَا الصُّوْرِيُّ قَدْ أَتْقَنَهُ
بِالضَّمِّ، فَقَدْ غَلِطَ فِي تَصَوُّرِهِ:أَنَّهُمَا
هُمَا وَاحِدٌ، وَهُمَا اثْنَانِ، كُلٌّ مِنْهُمَا
مُحَمَّدُ بنُ حبَّانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَتْقَنَهُ
__________
(1) 2 / 18 برقم (796) من طريقه ومن طريق معاذ بن المثنى
قالا: حدثنا كامل بن طلحة الجحدري، حدثنا محمد بن عمر
الأنصاري، عن محمد بن سيرين قال: قال رجل لأبي هريرة: قد
أفتيتنا في كل شيء، يوشك أن تفتينا في الخرء، فقال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من سل سخيمة على
طريق من طرق المسلمين، فعليه لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين ". لم يروه عن محمد بن سيرين إلا محمد بن عمر.
(2) في " الإكمال " 2 / 306.
(14/94)
فَالأَوَّلُ بِالفَتْحِ، وَهَذَا
بِالضَّمِّ.
قُلْتُ:مَا قَالَ الصُّوْرِيُّ:هُمَا اثْنَانِ، إِلاَّ
بِاعْتِبَارِ المُسَمَّيْنِ المَذْكُوْرَيْنِ، أَمَّا
بِاعْتِبَارِ الرَّجُلِ الآخَرِ الَّذِي ذَكَرَهُ
الدَّارَقُطْنِيُّ، فَيَصِيْرُوْنَ ثَلاَثَةً.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ بنِ
بَكْرِ بنِ عَمْرٍو البَصْرِيُّ، نَزَلَ بَغْدَادَ فِي
المُخَرِّمِ، وَحَدَّثَ عَنْ:أُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ،
وَمُحَمَّدِ بنِ مِنْهَالٍ، وَغَيرِهِمَا.
قُلْتُ:الظَّاهِرُ - كَمَا قُلْنَا - إِنَّهُمَا وَاحِدٌ،
وَالَّذِي لاَ أَرْتَابُ فِيْهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ
حُبَّانٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، رَجُلٌ وَاحِدٌ مُعَمَّرٌ،
وَهُوَ بِالضَّمِّ، وَقَدْ يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ
أَبُوْهُ حبَّانُ بِالضَّمِّ وَبَالفَتْحِ - فَالله
أَعْلَمُ - .
(14/95)
|