سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة الطَّبَقَةُ الخَامِسَةُ وَالعِشْرُوْنَ
229 - النُّوْقَانِيُّ أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
زَاهِرِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الصَّالِحُ،
المُسْنِدُ، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ زَاهِرِ
بنِ مُحَمَّدٍ النُّوْقَانِيُّ ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ:أَبَا الحَسَنِ العَلَوِيّ، وَأَبَا الطَّيِّب
الصُّعْلوكِي، وَعَبْدَ اللهِ بن يُوْسُفَ ابْن بامُويه،
وَأَبَا طَاهِرٍ بنَ مَحْمِش، وَعِدَّة بِنَيْسَابُوْرَ،
وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ بِشْرَان، وَطَبَقَته بِبَغْدَادَ،
وَجَنَاح بنَ نذِير المُحَارِبِيّ بِالكُوْفَةِ، وَأَبَا
عَبْدِ اللهِ بنَ نَظيف بِمَكَّةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، وَأَبُو نَصْرٍ
أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ الغَازِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ القَاريّ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ
الدَّامغَانِي، وَسَعِيْدُ بنُ عَلِيٍّ الشُّجَاعِي،
وَعَائِشَةُ بِنْتُ أَحْمَد الصَّفَّار، وَأَبُو الفُتوح
عَبْدُ اللهِ الخَرْكُوشِي، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ
عَلِيٍّ العَلَوِيّ، وَعَبْدُ الْملك بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَامِع خَيَّاط الصُّوف.
__________
(*) الأنساب: 571 ب، المنتظم 9 / 31، المنتخب: الورقة: 40
أ، المشتبه 1 / 66، العبر 3 / 294، طبقات السبكي 4 / 270 -
271، شذرات الذهب 3 / 363، وقد تقدم التعريف بهذه النسبة
في الترجمة رقم (2).
(18/446)
وَمِنْ سَمَاعَاته كِتَابُ(تَارِيخ
يَعْقُوْب الفَسَوِيّ)، مِنِ ابْنِ الفَضْل القَطَّان،
عَنِ ابْنِ دُرُسْتَوَيْه، عَنْهُ.
قَالَ عبدُ الغَافِرِ الفَارِسِيّ أَوْ غَيْره:تَفَقَّهَ
عَلَى أَبِي بَكْرٍ الطُّوْسِيّ، وَعَقَدَ مَجْلِس
الإِملاَء، وَأَفَاد الكَثِيْر، مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ
سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَمَاتَ فِي سَنَةِ
تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَقَدِيْمُ سَمَاعه
بِالحُضُوْر.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:شَيْخ الشُّيُوْخ أَبُو سَعْدٍ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دُوست (1) بِبَغْدَادَ،
وَجَعْبَرُ بنُ سَابِق الأَمِيْر (2) ، وَطَاهِرُ بنُ
مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِيّ (3) ، وَسُلَيْمَانُ بنُ
قُتُلْمِش صَاحِب قُونيَة (4) ، وَأَبُو عَلِيٍّ
التُّسْتَرِيّ (5) ، وَعَلِيُّ بنُ فَضَّال المُجَاشِعِيّ
(6) شَيْخ النَّحْو، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْد اللهِ
الصَّرَّام (7) ، وَمُسْنِدُ وَقته أَبُو نَصْرٍ
الزَّيْنَبِيُّ (8) .
230 - ابْنُ اللاَّلْكَائِيُّ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ
بنِ الحَسَنِ *
الفَقِيْهُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ الحَافِظِ
هِبَةِ اللهِ (9) بنِ الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْرٍ
__________
(1) سترد ترجمته برقم (254).
(2) سترد ترجمته برقم (282).
(3) سترد ترجمته برقم (231).
(4) سترد ترجمته برقم (232).
(5) سترد ترجمته برقم (245).
(6) سترد ترجمته برقم (268).
(7) سترد ترجمته برقم (247).
(8) تقدمت ترجمته، قبل هذه الترجمة.
(*) الأنساب " اللالكائي "، المنتظم 8 / 324 - 325، الكامل
في التاريخ 10 / 117، اللباب 3 / 401، طبقات ابن الصلاح:
36 ب، الوافي بالوفيات 5 / 151، طبقات السبكي 4 / 207 -
208، طبقات الاسنوي 2 / 366 - 367، قال في " اللباب ":
اللالكائي: بعد اللام ألف لام وكاف مفتوحة وألف ساكنة وياء
مثناة من تحتها هذه النسبة إلى بيع اللوالك التي تلبس في
الارجل (واللوالك: نوع من الجلود يتخذ منها نعال).
(9) مرت ترجمة هبة الله والد صاحب الترجمة في الجزء السابع
عشر برقم (274).
(18/447)
الطَّبَرِيُّ، اللاَّلْكَائِيُّ. مِنْ
فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة بِبَغْدَادَ.
رَوَى عَنِ:الحَفَّار، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَان،
وَابْنِ الفَضْلِ القَطَّان.
وَعَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَسِبْطُ
الخَيَّاط (1) ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ.
مَاتَ:فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ (2) وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
231 - الشَّحَّامِيُّ طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الفَقِيْهُ، الصَّالِحُ، أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُسْتَمْلِي، المُعَدَّلُ، أَحَدُ
مَنْ عُني بِهَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنِ:القَاضِي أَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ، وَأَبِي
سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَفضلِ الله المِيهنِي،
وَالأُسْتَاذ أَبِي إِسْحَاقَ الإِسفرَايينِيّ، وَصَاعِد
بن مُحَمَّدٍ القَاضِي، وَوَالِده الصَّالِحِ مُحَمَّد بن
مُحَمَّدٍ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنَاهُ زَاهِرٌ وَوجيهٌ (3) ،
وَحَفِيْدَاهُ عبدُ الخَالِق بنُ زَاهِر، وَفَاطِمَةُ
بِنْتُ خَلَفٍ، وَعبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ،
وَآخَرُوْنَ.
صَنّف كِتَاباً بِالفَارِسيَّة فِي الشرَائِع، وَاسْتملَى
عَلَى نِظَامِ المُلك الوَزِيْر، وَطَائِفَة.
__________
(1) هو أبو محمد عبد الله بن علي البغدادي المقرئ النحوي
المتوفى سنة 541 ه، وسترد ترجمته في ترجمة أخيه في الجزء
العشرين برقم (79).
(2) في " طبقات الاسنوي ": تسعين بدل سبعين نقلا عن ابن
الصلاح.
(*) العبر 3 / 294 - 295، شذرات الذهب 3 / 363. والشحامي:
نسبة ألى بيع الشحم " لب اللباب ": 151.
(3) سترد ترجمتهما في الجزء العشرين برقم (5)، (67).
(18/448)
وَكَانَ فَقِيْهاً أَديباً بارعاً،
شَاعِراً، بَصِيْراً بِالوثَائِق، صَالِحاً، عَابِداً،
أَسْمَع أَلاَدَه وَأَحفَاده، وَحَصَّل لَهم الأَسَانِيْدَ
العَالِيَة.
مَاتَ:فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ
اللهُ - .
232 - صَاحِبُ الرُّوْمِ سُلَيْمَانُ بنُ قُتُلْمِشَ بنِ
إِسْرَائِيْلَ السَّلْجُوقِيُّ *
السُّلْطَانُ سُلَيْمَانُ بنُ قُتُلْمِش (1) بنِ
إِسْرَائِيْلَ بنِ سَلجوق السَّلْجُوقِيُّ جَدُّ مُلُوْك
الرُّوْم.
حَاصرَ حلب، فَكَاتِب أَهْلُهَا صَاحِبَ دِمَشْق تُتش بنَ
أَلب آرسلاَن، فَسَارَع، فَالتَقَى الجمعَان بِظَاهِرِ
حلب، فَانْهَزَم الرُّوْمِيُّوْنَ، وَثبتَ سُلَيْمَانُ
إِلَى أَنْ قُتل.
وَقِيْلَ:بَلْ قَتَل نَفْسَه بِسكِّيْنٍ عِنْدَ الغَلَبَة
(2) .
وَكَانَ صَاحِبَ مدينَة قُونيَة (3) ، فَتملَّك بَعْدَهُ
ابْنُه قلج آرْسَلاَن، فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
233 - الكَوْسَجُ مَحْمُوْدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ
التَّمِيْمِيُّ **
الشَّيْخُ، أَبُو المُظَفَّرِ مَحْمُوْدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ
مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ.
رَوَى عَنْ:عَمِّ أَبِيْهِ حُسَيْنِ بن أَحْمَدَ،
وَالحُسَيْنِ بن عَلِيِّ بنِ البَغْدَادِيّ.
وَعَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ، وَ
......... (4) عدلٌ مرضِي.
__________
(*) الكامل في التاريخ 10 / 138 - 139 و147، المختصر 2 /
195، 197، دول الإسلام 2 / 7 و9، العبر 3 / 295 - 286
و293، تتمة المختصر 1 / 574، و577، الوافي بالوفيات 15 /
420، البداية والنهاية 12 / 126، و130، النجوم الزاهرة 5 /
124.
(1) في " المختصر ": قطلومش، وفي " تتمته ": قطلمش.
(2) انظر " الكامل " 10 / 147، و" المختصر " 2 / 197.
(3) هي مدينة في وسط تركيا الآسيوية، عاصمة سلطنة الروم
السلجوقية.
(* *) لم نعثر له على ترجمة في ما بين أيدينا من مصادر.
(4) في الأصل: فراغ مقدار نصف سطر تقريبا.
(18/449)
تُوُفِّيَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
206 - حَيْدَرَةُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ أَبُو
المُنَجَّا القَحْطَانِيُّ * (تَقَدَّمَ)
العَلاَّمَةُ، أَبُو المُنَجَّا القَحْطَانِيُّ،
الأَنْطَاكِيُّ، المُعَبِّرُ.
رَوَى عَنْ:عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ،
وَالحَسَنِ بن عَلِيٍّ الكَفَرْطَابِي، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ:هِبَةُ اللهِ بنُ الأَكْفَانِي، وَجمَالُ
الإِسْلاَم، وَالقَاضِي يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيّ.
قَالَ ابْنُ مَاكُوْلا (1) :كَتَبْتُ عَنْهُ بِدِمَشْقَ.
وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّين، وَكَانَ يذكر أَنَّهُ يَحفظ
فِي علم التعبِير عَشْرَةَ آلاَف وَرقَةٍ وَثَلاَثَ مائَةٍ
وَنَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَرقَةً (2) .
قُلْتُ:يَكُوْنُ هَذَا الْقدر نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ
مُجَلَّداً، فَاللهُ أَعْلَمُ بصحَة ذَلِكَ.
234 - الجُهَنِيُّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
بنِ مُحَمَّدٍ **
الشَّيْخُ، الرَّئِيْسُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ المنثُوْرِ
الجُهَنِيُّ، الكُوْفِيُّ، الشِّيْعِيُّ، آخِرُ مَنْ
حَدَّثَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الجُعْفِيُّ.
__________
(*) تقدمت ترجمته برقم (206).
(1) " الإكمال " 7 / 268.
(2) انظر " تهذيب ابن عساكر " 5 / 25.
(* *) لم نعثر على مصادر: جمة.
(18/450)
رَوَى عَنْهُ:عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الزَّيدي، وَمُحَمَّدُ بنُ طَرْخَان، وَأَبُو القَاسِمِ
ابْن السَّمَرْقَنْدِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ:فِي شَعْبَانَ سَنَة سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
كَانَ رَدِيء العقيدَة - الله يَسَامحه - .
235 - ابْنُ عَلاَّنَ أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ الكَرَجِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الثِّقَةُ، أَبُو الفَرَجِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عِلاَّن الكَرَجِي ثُمَّ
الكُوْفِيُّ.
رَوَى عَنْ:أَبِي الحَسَنِ بن النَّجَّار، وَمُحَمَّدِ بن
عَبْدِ اللهِ الجُعْفِيّ الهَرَوَانِيّ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ، وَطَائِفَةٌ
آخِرُهم مَوْتاً أَبُو الحَسَنِ بنُ غَبَرَة.
قَالَ النَّرْسِيّ:هُوَ ثِقَةٌ مِنْ عُدول الحَاكِم،
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَة سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ:فَهُوَ وَابْنُ المَنْثُوْر الجُهَنِيّ (1)
انْتَهَى إِلَيهُمَا عُلوُّ الإِسْنَاد بِالكُوْفَةِ،
وَقَدْ مَاتَا فِي شَهْر.
وَمَاتَ فِيْهَا:التَّاجِرُ الكَبِيْر أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَرْدَة العُكْبَرِيّ،
__________
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة، والكرجي: بفتح الكاف
والراء وفي آخرها جيم، هذه النسبة إلى الكرج وهي بلدة من
بلاد الجبل بين أصبهان وهمذان بنيت في زمن المهدي أبي عبد
الله محمد بن أبي جعفر المنصور.
(1) وهو الذي تقدمت ترجمته قبل هذا.
(18/451)
وَاقِفُ المَسْجَد المَعْرُوف، وَنعمتُه
نَحْوُ ثَلاَثِ مائَةِ أَلْف دِيْنَار.
وَمُقْرِئُ إِشبيلية أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
شُرَيْح الرُّعَيْنِيّ (1) ، وَالمُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ
بنُ عَطَاءٍ الإِبْرَاهِيْمِيُّ الهَرَوِيّ،
وَالعَلاَّمَةُ العَابِدُ أَبُو الوَفَاء طَاهِرُ بنُ
الحُسَيْنِ الحَنْبَلِيّ القَوَّاس (2) ، وَمُؤَلّف
الفَرَائِض أَبُو حَكِيْمٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الخَبْرِي (3) .
236 - القَوَّاسُ أَبُو الوَفَاءِ طَاهِرُ بنُ الحُسَيْنِ
بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الكَبِيْرُ، أَبُو الوَفَاء
طَاهِرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ،
الحَنْبَلِيُّ، القَوَّاسُ، البَابَصْرِيُّ (4) .
سَمِعَ مِنَ:الحَفَّار، وَمَحْمُوْدٍ العُكْبَرِيّ،
وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَان.
وَعَنْهُ:ابْنَا السَّمَرْقَنْدِيّ، وَعَلِيُّ بنُ طِرَاد،
وَالأَنْمَاطِيّ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلين، صَادِقاً، مُخلصاً،
قَانِعاً بِاليَسير.
تُوُفِّيَ:فِي شَعْبَانَ سَنَة سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
237 - أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَلِيِّ بنِ يُوْسُفَ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، المُجْتَهِدُ، شَيْخُ
الإِسْلاَمِ، أَبُو إِسْحَاقَ
__________
(1) سترد ترجمته برقم (284).
(2) وهو صاحب الترجمة التالية.
(3) سترد ترجمته برقم (287).
(*) طبقات الحنابلة 2 / 244، المنتظم 9 / 8 - 9، العبر 3 /
284، البداية والنهاية 12 / 125، شذرات الذهب 3 / 351 -
352.
(4) نسبة إلى باب البصرة، كلما ورد في " طبقات الحنابلة "
و" المنتظم ": أنه كان يدرس في مسجده بباب البصرة.
(* *) الأنساب 9 / 361 - 362، تبيين كذب المفتري: 276 -
278، " المنتظم " 9 / 7 - 8، صفة الصفوة 4 / 66 - 67، معجم
البلدان 3 / 381، الكامل لابن الأثير 10 / 132 - 133،
اللباب 2 / 451، طبقات ابن الصلاح: الورقة 29 - 30، تهذيب
الأسماء واللغات 2 / 172 - =
(18/452)
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ يُوْسُفَ
الفَيْروزآبَادِيُّ، الشيرَازِيُّ، الشَّافِعِيُّ،
نَزِيْلُ بَغْدَادَ، قِيْلَ:لَقَبُه جَمَالُ الدِّيْنِ.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَة.
تَفقه عَلَى:أَبِي عَبْدِ اللهِ البَيْضَاوِيّ، وَعَبْدِ
الوَهَّابِ بن رَامِين بَشِيْرَاز، وَأَخَذَ بِالبَصْرَةِ
عَنِ الخَرَزِي (1) .
وَقَدِمَ بَغْدَاد سَنَة خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ
مائَة، فَلزمَ أَبَا الطَّيب (2) ، وَبَرَعَ، وَصَارَ
مُعيدَه، وَكَانَ يُضرب المَثَل بفصَاحته وَقوَّةِ
مُنَاظرته.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي عَلِيّ بن شَاذَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ
البَرْقَانِي، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد اللهِ
الخَرْجُوشِي.
حَدَّثَ عَنْهُ:الخَطِيْبُ، وَأَبُو الوَلِيْدِ البَاجِي،
وَالحُمَيْدِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ
__________
= 174، المجموع للنووي 1 / 25 - 28، طبقات النووي: الورقة
/ 46 - 48، وفيات الأعيان 1 / 29 - 31، المختصر في أخبار
البشر 2 / 194 - 195، دول الإسلام 2 / 7، العبر 3 / 283 -
284، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 42 - 46، تتمة المختصر
1 / 573 - 574، الوافي 6 / 62 - 66، مرآة الجنان 3 / 110 -
119، طبقات السبكي 4 / 215 - 256، طبقات الاسنوي 2 / 83 -
85، البداية والنهاية 12 / 124 - 125، وفيات ابن قنفذ:
256، النجوم الزاهرة 5 / 117 - 118، مفتاح السعادة 2 / 318
- 321، تاريخ الخميس 2 / 359 - 360، طبقات ابن هداية الله:
170 - 171، كشف الظنون 1 / 339، 391، 489 و2 / 1562، 1743،
1818، 1912، شذرات الذهب 3 / 349 - 351، هدية العارفين 1 /
8، ذيل بروكلمان 1 / 669، الفتح المبين في طبقات الاصوليين
1 / 255 - 257، وانظر " الامام الشيرازي حياته وآراؤه
الاصولية " للدكتور محمد حسن هيتو، ومقدمة كتابه " طبقات
الفقهاء " (بيروت - 1970) لاحسان عباس.
(1) بالخاء المعجمة والراء المهملة والزاي: نسبة إلى الخرز
وبيعها، وقد تحرف في " الأنساب " و" اللباب " إلى الخوزي،
وفي " وفيات الأعيان " إلى: الحوزي، وفي " تهذيب الأسماء
واللغات " إلى: الجوزي، وتصحف في " المنتظم " و" الوافي "
و" الفتح المبين " و" طبقات " ابن هداية إلى: الجزري.
(2) يعني أبا الطيب الطبري.
(18/453)
ابْن السَّمَرْقَنْدِيّ، وَأَبُو البَدر
الكَرْخِيّ، وَالزَّاهِدُ يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ، وَأَبُو
نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، وَأَبُو
الحَسَنِ بنُ عَبْدِ السَّلاَم، وَأَحْمَدُ بنُ نَصْرِ بن
حِمَّان الهَمَذَانِيّ خَاتِمَةُ مِنْ رَوَى عَنْهُ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:هُوَ إِمَامُ الشَّافِعِيَّة،
وَمُدَرِّس النِّظَامِيَّة، وَشيخ العَصْر.
رَحل النَّاسُ إِلَيْهِ مِنَ البِلاَد، وَقَصدُوْهُ،
وَتَفَرَّد بِالعِلْمِ الوَافر مَعَ السيرَةِ الجمِيْلَة،
وَالطّرِيقَةِ المَرْضِيَّة.
جَاءته الدُّنْيَا صَاغرَةً، فَأَبَاهَا، وَاقتصر عَلَى
خُشونَة الْعَيْش أَيَّامَ حيَاتِه.
صَنَّف فِي الأُصُوْل وَالفروعِ وَالخلاَفِ وَالمَذْهَب،
وَكَانَ زَاهِداً، وَرِعاً، مُتوَاضعاً، ظرِيفاً،
كَرِيْماً، جَوَاداً، طَلْقَ الوَجْه، دَائِمَ البِشْر،
مليحَ المُحاورَة (1) .
حَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ كَثِيْرَة.
حُكِي عَنْهُ قَالَ:كُنْتُ نَائِماً بِبَغْدَادَ،
فَرَأَيْت النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَقُلْتُ:يَا رَسُوْلَ
اللهِ!بَلَغَنِي عَنْكَ أَحَادِيْثُ كَثِيْرَةٌ عَنْ
نَاقلِي الأَخْبَار، فَأُرِيْد أَنْ أَسْمَع مِنْكَ
حَدِيْثاً أَتشرَّف بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَأَجعله ذُخراً
لِلآخِرَة، فَقَالَ لِي:يَا شَيْخ! - وَسمَّانِي شَيْخاً،
وَخَاطبنِي بِهِ.وَكَانَ يَفرح بِهَذَا - قل عَنِّي:مَنْ
أَرَادَ السَّلاَمَةَ، فَلْيَطْلُبهَا فِي سلاَمَةِ غَيْره
(2) .
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ هَذَا بِمَرْوَ مِنْ أَبِي
القَاسِمِ حَيْدَر بن مَحْمُوْد الشيرَازِي، أَنَّهُ
سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:أَنَّ رَجُلاً أَخسَأَ كلباً،
فَقَالَ:مَهْ!الطَّرِيْقُ بَيْنك وَبَيْنَهُ (3) .
__________
(1) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و" المجموع "
1 / 26.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 8، و" صفة الصفوة " 4 / 66، و"
تهذيب الأسماء واللغات "
2 / 173، و" الوافي بالوفيات " 6 / 63، و" طبقات " السبكي
4 / 225 - 226.
(3) الخبر في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و"
الوافي " 6 / 65 - 66، و" طبقات " السبكي 4 / 226، و"
المستفاد ": 45 - 46.
(18/454)
وَعَنْهُ:أَنَّهُ اشْتَهَى ثرِيْداً بِمَاء
باقلاَّء، قَالَ:فَمَا صَحَّ لِي أَكلُه لاشتغَالِي
بِالدَّرس وَأَخَذِي النّوبَة (1) .
قَالَ السَّمْعَانِيّ:قَالَ أَصْحَابنَا بِبَغْدَادَ:كَانَ
الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاقَ إِذَا بَقِيَ مُدَّةً لاَ
يَأْكُل شَيْئاً، صَعد إِلَى النَّصرِيَّة وَلَهُ بِهَا
صَدِيْق، فَكَانَ يَثْرِدُ لَهُ رَغِيْفاً، وَيَشرَبُه
بِمَاء البَاقلاَّء، فَرُبَّمَا صعد إِلَيْهِ وَقَدْ فَرغ،
فَيَقُوْلُ أَبُو إِسْحَاقَ :{تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ
خَاسِرَةٌ}(2) [النَّازعَات:12]
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيّ:أَبُو إِسْحَاقَ حُجَّةُ
اللهِ عَلَى أَئِمَّة العَصْر (3) .
وَقَالَ المُوفَّق الحَنَفِيّ:أَبُو إِسْحَاقَ أَمِيْر
المُؤْمِنِيْنَ فِي الفُقَهَاء (4) .
قَالَ القَاضِي ابْن هَانِئ (5) :إِمَامَانِ مَا اتَّفَقَ
لَهُمَا الحَجّ، أَبُو إِسْحَاقَ، وَقَاضِي القُضَاة أَبُو
عَبْدِ اللهِ الدَّامغَانِيّ، أَمَا أَبُو إِسْحَاقَ
فَكَانَ فَقيراً، وَلَوْ أَرَادَه لحملُوْهُ عَلَى
الأَعْنَاق، وَالآخر لَوْ أَرَادَهُ لأَمكنه عَلَى
السُّندس وَالاسْتَبْرق (6) .
السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ
القَاسِمِ الشَّهْرُزُورِيّ بِالمَوْصِلِ يَقُوْلُ:كَانَ
شَيْخُنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ بَيْنَ
يَدَيْهِ قَالَ:أَيُّ سكتَةٍ فَاتَتْكَ (7) ؟!
قَالَ:وَكَانَ يَتَوَسْوَسُ - يَعْنِي:فِي المَاء - .
وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوَهَّابِ
__________
(1) الخبر في " المنتظم " 9 / 7، و" صفة الصفوة " 4 / 67،
و" المجموع " 1 / 25، و" طبقات " السبكي 4 / 218.
(2) الخبر في " المستفاد ": 45، و" طبقات " السبكي 4 /
219.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 227.
(4) " طبقات " السبكي 4 / 227.
(5) كذا الأصل، وفي " تهذيب الأسماء واللغات " و" طبقات "
السبكي: القاضي محمد بن محمد الماهاني.
(6) انظر " المنتظم " 9 / 8، و" تهذيب الأسماء واللغات " 2
/ 174، و" طبقات " السبكي 4 / 227.
(7) انظر " الوافي بالوفيات " 6 / 64.
(18/455)
الأَنْمَاطِيّ يَقُوْلُ:كَانَ أَبُو
إِسْحَاقَ يَتوضَّأُ فِي الشطّ، وَيَشُكُّ فِي غَسْلِ
وَجهه، حَتَّى يُغَسِّله مَرَّات، فَقَالَ لَهُ رَجُل:يَا
شَيْخ!مَا هَذَا؟
قَالَ:لَوْ صَحَّتْ لِيَ الثَّلاَثُ مَا زِدْت عَلَيْهَا
(1) .
قَالَ السَّمْعَانِيّ:دَخَلَ أَبُو إِسْحَاقَ يَوْماً
مَسْجِداً ليتغدَّى، فَنَسِيَ دِيْنَاراً، ثُمَّ ذَكَرَ،
فَرَجَعَ، فَوَجَده، فَفَكَّر، وَقَالَ:لَعَلَّهُ وَقَعَ
مِنْ غَيْرِي، فَتركه (2) .
قِيْلَ:إِنَّ ظَاهِراً النَّيْسَابُوْرِيّ خَرَّجَ لأَبِي
إِسْحَاقَ جُزْءاً، فَقَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ
شَاذَانَ.
وَمرَّة:أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ البَزَّاز.
وَمرَّة:أَخْبَرَنَا الحَسَنُ ابْن أَبِي بَكْرٍ
الفَارِسِيّ، فَقَالَ:مَنْ ذَا؟
قَالَ:هُوَ ابْنُ شَاذَانَ.
فَقَالَ:مَا أُرِيْدُ هَذَا الْجُزْء، التَّدْليسُ أَخُو
الْكَذِب.
قَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ:أَتيت أَبَا
إِسْحَاقَ بفُتْيَا فِي الطَّرِيْق، فَأَخَذَ قلم
خَبَّازٍ، وَكَتَبَ، ثُمَّ مسحَ الْقَلَم فِي ثَوْبه (3) .
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ جَمَاعَة
يَقُوْلُوْنَ:لَمَّا قَدِمَ أَبُو إِسْحَاقَ نَيْسَابُوْر
رَسُوْلاً تَلَقَّوْهُ، وَحَمَلَ إِمَام الحَرَمَيْنِ
غَاشِيَتَه، وَمَشَى بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ:أَفتخِرُ
بِهَذَا (4) .
وَكَانَ عَامَّة المدرّسين بِالعِرَاقِ وَالجِبَال
تَلاَمِذته وَأَتْبَاعه - وَكفَاهم بِذَلِكَ
__________
(1) انظر الخبر مطولا في " طبقات " السبكي 4 / 228، والشيخ
رحمه الله على صلاحه وتقواه وعلمه أوقعته الوسوسة التي
استحكمت فيه في المخالفة الشرعية، وحاول أن يتفصى عنها
بعذر لا مسوغ له، فإن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ
ثلاثا، ثم قال: " هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا، فقد أساء
وظلم " وهو حديث حسن أخرجه أبو داود (135) والنسائي 1 /
88، وابن ماجة (422) وصححه ابن خزيمة (174) ولابن قدامة
رسالة في ذم الوسوسة والموسوسين، فلتراجع فإنها نفيسة.
(2) الخبر في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و"
المجموع " 1 / 25 - 26، و" طبقات " السبكي 4 / 217، و"
الوافي " 6 / 65.
(3) الخبر في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و"
المجموع " 1 / 26، و" طبقات " السبكي 4 / 219.
(4) انظر " المنتظم " 9 / 8، و" طبقات " السبكي 4 / 222.
(18/456)
فَخراً - وَكَانَ يُنْشِدُ الأَشعَارَ
المَلِيْحَة، وَيُوردُهَا، وَيَحفَظُ مِنْهَا الكَثِيْر
(1) .
وَعَنْهُ قَالَ:العِلْمُ الَّذِي لاَ يَنْتَفِعُ بِهِ
صَاحِبُه أَنْ يَكُوْنَ الرَّجُل عَالِماً وَلاَ يَكُوْن
عَامِلاً (2) .
وَقَالَ:الجَاهِلُ بِالعالِمِ يَقتدي، فَإِذَا كَانَ
العَالِم لاَ يَعملُ، فَالجَاهِلُ مَا يَرْجُو مِنْ
نَفْسِهِ؟فَاللَّهَ اللَّهَ يَا أَوْلاَدِي!نَعُوْذُ
بِاللهِ مِنْ عِلْمٍ يَصِيْر حَجَّةً عَلَيْنَا (3) .
قِيْلَ:إِنَّ عَبْدَ الرَّحِيْم بنَ القُشَيْرِيّ جلس
بِجَنْبِ الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاقَ، فَأَحسَّ بثِقلٍ فِي
كُمِّهِ، فَقَالَ:مَا هَذَا يَا سيدنَا؟
قَالَ:قرصِي الملاَح، وَكَانَ يَحملهُمَا فِي كُمِّهِ
لِلتَّكَلُّفِ (4) .
قَالَ السَّمْعَانِيّ:رَأَيْت بخطِّ أَبِي إِسْحَاقَ
رُقعَةً فِيْهَا نُسخَةُ مَا رَآهُ أَبُو مُحَمَّدٍ
المزِيديّ (5) :رَأَيْتُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ
لَيْلَة جُمُعَةٍ أَبَا إِسْحَاقَ الفِيروزآبَادِيّ فِي
مَنَامِي يَطيرُ مَعَ أَصْحَابه فِي السَّمَاءِ
الثَّالِثَة أَوِ الرَّابِعَة، فَتحيَّرتُ، وَقُلْتُ فِي
نَفْسِي:هَذَا هُوَ الشَّيْخُ الإِمَام مَعَ أَصْحَابه
يَطيرُ وَأَنَا مَعَهُم، فَكُنْتُ فِي هَذِهِ الفكرَة إِذْ
تلقَّى الشَّيْخَ مَلَكٌ، وَسلَّم عَلَيْهِ عَنِ الرَّبِّ
تَعَالَى، وَقَالَ:إِنَّ اللهَ يَقرَأُ عَلَيْك السَّلاَمَ
وَيَقُوْلُ:مَا تُدَرِّسُ لأَصْحَابك؟
قَالَ:أُدَرِّس مَا نُقِلَ عَنْ صَاحِب الشَّرع.
قَالَ لَهُ الملكُ:فَاقرَأْ عليَّ شَيْئاً أَسْمَعه.
فَقَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ مَسْأَلَةً لاَ أَذْكُرُهَا،
ثُمَّ رَجَعَ المَلَكُ بَعْد سَاعَةٍ إِلَى الشَّيْخ،
وَقَالَ:إِنَّ اللهَ يَقُوْلُ:
__________
(1) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و" المجموع "
1 / 26.
(2) " طبقات " السبكي " 4 / 226.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 226.
(4) الخبر بنحوه في " المنتظم " 9 / 7.
(5) كذا الأصل، وفي " طبقات " السبكي 4 / 226: أبو محمد
عبد الله بن محمد بن نصر بن كاكا المؤيدي.
(18/457)
الحَقُّ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ وَأَصْحَابُك،
فَادخُلِ الجَنَّةَ مَعَهُم (1) .
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ:كُنْتُ أُعيدُ كُلَّ
قِيَاسٍ أَلفَ مرَّة، فَإِذَا فَرغتُ أَخذتُ قيَاساً آخر
عَلَى هَذَا، وَكُنْتُ أُعيْدُ كُلّ دَرْسٍ أَلفَ مرَّة،
فَإِذَا كَانَ فِي المَسْأَلَة بَيْتٌ يُسْتَشهدُ بِهِ
حَفِظتُ القصيدَة الَّتِي فِيْهَا البَيْت (2) .
كَانَ الوَزِيْرُ ابْنُ جَهِير كَثِيْراً مَا
يَقُوْلُ:الإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ وَحيدُ عصره،
وَفرِيْدُ دَهْرِهِ، وَمُسْتجَابُ الدَّعوَة (3) .
قَالَ السَّمْعَانِيّ:لمَا خَرَجَ أَبُو إِسْحَاقَ إِلَى
نَيْسَابُوْرَ، خَرَجَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ تَلاَمِذته
كَأَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ
الطَّبرِيّ، وَأَبِي مُعَاذ الأَنْدَلُسِيّ، وَالقَاضِي
عليّ المَيَانَجِيّ، وَقَاضِي البَصْرَةِ ابْنِ فِتيَان،
وَأَبِي الحَسَنِ الآمِدِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ
الزَّنْجَانِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الفَارِقِيّ، وَأَبِي
العَبَّاسِ بن الرُّطبِيّ (4) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:وَلدَ أَبُو إِسْحَاقَ
بِفيْرُوزآبَاد - بُليدَة بفَارِس - وَنَشَأَ بِهَا،
وَقرَأَ الفِقْهَ بَشِيْرَاز عَلَى أَبِي القَاسِمِ
الدَّارَكِيّ، وَعَلَى أَبِي الطَّيِّب الطَّبَرِيّ صَاحِب
المَاسَرْجِسِيّ، وَعَلَى الزَّجَّاجِيّ صَاحِبِ ابْن
القَاصّ، وَقرَأَ الكَلاَمَ عَلَى أَبِي حَاتِمٍ
القَزْوِيْنِيّ صَاحِبِ ابْن البَاقِلاَّنِيّ، وَخَطُّه
فِي غَايَة الرَّدَاءة.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الجُرْجَانِيّ القَاضِي:كَانَ
أَبُو إِسْحَاقَ لاَ يَملك شَيْئاً، بلغَ بِهِ الفَقْر،
حَتَّى كَانَ لاَ يَجدُ قُوتاً وَلاَ مَلْبَساً، كُنَّا
نَأْتيه وَهُوَ سَاكنٌ فِي القَطيعَة،
__________
(1) الخبر بنحوه في " طبقات " السبكي 4 / 226 - 227،
ومعرفة الحق لا تكون بالمنامات، وإنما بالدراسة والبحث
والموازنة.
(2) الخبر بنحوه في " صفة الصفوة " 4 / 66، و" تهذيب
الأسماء واللغات " 2 / 173، و" المجموع " 1 / 25، و" طبقات
" السبكي 3 / 218.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 227.
(4) انظر " طبقات " السبكي 4 / 220.
(18/458)
فِيقوم لَنَا نِصْف قَوْمَةٍ، كِي لاَ
يظْهر مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ العُرِي (1) ، وَكُنْتُ أَمْشِي
مَعَهُ، فَتعلَّقَ بِهِ باقلاَّنِيّ، وَقَالَ:يَا
شَيْخُ!كَسَرْتَنِي وَأَفقرتَنِي!فَقُلْنَا:وَكم لَكَ
عِنْدَهُ؟
قَالَ:حَبَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ حبتَان وَنِصْف.
وَقَالَ ابْنُ الخَاضبَة:كَانَ ابْنُ أَبِي عقيل يَبعث
مِنْ صُوْر إِلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاقَ البَدْلَة
وَالعِمَامَة المُثَمَّنَة، فَكَانَ لاَ يَلْبَس
العِمَامَة حَتَّى يَغسلهَا فِي دِجْلَة، وَيَقْصِد
طهَارتهَا.
وَقِيْلَ:إِنَّ أَبَا إِسْحَاقَ نَزع عِمَامَته -
وَكَانَتْ بِعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً - وَتوضَأَ فِي
دِجْلَة، فَجَاءَ لِصٌّ، فَأَخَذَهَا، وَتركَ عِمَامَةً
رديئَةً بَدَلهَا، فَطَلَعَ الشَّيْخ، فَلبِسهَا، وَمَا
شعر حَتَّى سَأَلُوْهُ وَهُوَ يدرّس، فَقَالَ:لَعَلَّ
الَّذِي أَخَذَهَا مُحْتَاج.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الخَاضبَة:سَمِعْتُ بَعْض أَصْحَاب
أَبِي إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:رَأَيْتُ الشَّيْخ كَانَ
يُصَلِّي عِنْد فَرَاغ كُلّ فَصلٍ مِنَ(المُهَذَّب (2)).
قَالَ نِظَامُ المُلك - وَأَثْنَى عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ
وَقَالَ - :كَيْفَ حَالِي مَعَ رَجُل لاَ يُفَرِّقُ
بَيْنِي وَبَيْنَ نَهْروز الفَرَّاش فِي المُخَاطبَة؟
قَالَ لِي:بَارَكَ اللهُ فِيك، وَقَالَ لَهُ لَمَّا صبَّ
عَلَيْهِ كَذَلِكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ:حَكَى
أَبِي قَالَ:حضَرتُ مَعَ قَاضِي القُضَاة أَبِي الحَسَنِ
المَاورديّ عزَاءً، فَتكلّم الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ
وَاجلاً، فَلَمَّا خَرَجْنَا، قَالَ المَاورديّ:مَا
رَأَيْتُ كَأَبِي إِسْحَاقَ!لَوْ رَآهُ الشَّافِعِيُّ
لَتَجَمَّل بِهِ (3) .
__________
(1) الخبر في " طبقات " السبكي 4 / 219.
(2) " طبقات " السبكي 4 / 217.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 227.
(18/459)
أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ،
أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا
السِّلَفِيُّ:سَأَلت شُجَاعاً الذُّهْلِيّ عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ فَقَالَ:
إِمَامُ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ وَالمُقَدَّمُ عَلَيْهِم
فِي وَقته بِبَغْدَادَ.
كَانَ ثِقَةً، وَرِعاً، صَالِحاً، عَالِماً بِالخلاَف
عِلْماً لاَ يُشَاركه فِيْهِ أَحَد (1) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ:نَدَبَ
المُقتدي بِاللهِ أَبَا إِسْحَاقَ لِلرسليَة إِلَى
المعَسْكَر، فَتوجَّه فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ، فَكَانَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ أَهْلُ البَلَد
بِنسَائِهِم وَأَولأَدْهم يَمْسَحُوْنَ أَرْدَانه (2) ،
وَيَأْخذُوْنَ تُرَابَ نَعليه يَسْتَشفُوْنَ بِهِ،
وَخَرَجَ الخَبَّازون، وَنثرُوا الْخبز، وَهُوَ يَنهَاهُم،
وَلاَ يَنْتهون، وَخَرَجَ أَصْحَاب الفَاكِهَة وَالحلوَاء،
وَنثرُوا عَلَى الأَسَاكفَة، وَعملُوا مدَاسَاتٍ صغَاراً،
وَنَثَرُوهَا، وَهِيَ تَقَعُ عَلَى رُؤُوْس النَّاسِ،
وَالشَّيْخُ يَعْجَبُ، وَقَالَ لَنَا:رَأَيتُم النِّثَار،
وَمَا وَصلَ إِلَيْكُم مِنْهُ؟فَقَالُوا:يَا سيّدي!وَأَنْت
أَيَّ شَيْءٍ كَانَ حظُّكَ مِنْهُ؟
قَالَ:أَنَا غَطَّيْتُ نَفْسِي بِالمِحَفَّة (3) .
قَالَ شِيْرَوَيْه الدَّيلمِيّ فِي(تَارِيخ
هَمَذَان):أَبُو إِسْحَاقَ إِمَامُ عصره قَدِمَ عَلَيْنَا
رَسُوْلاً إِلَى السُّلْطَانِ مَلِكْشَاه، سَمِعْتُ
مِنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً فَقِيْهاً زَاهِداً فِي الدُّنْيَا
عَلَى التّحقيق، أَوحدَ زَمَانه.
قَالَ خَطيبُ المَوْصِل أَبُو الفَضْلِ:حَدَّثَنِي أَبِي
قَالَ:تَوجهتُ مِنَ المَوْصِل سَنَة(459)إِلَى أَبِي
إِسْحَاقَ، فَلَمَّا حضَرتُ عِنْدَهُ رحَّب بِي،
وَقَالَ:مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
فَقُلْتُ:مِنَ المَوْصِل (4) .
قَالَ:مَرْحَباً أَنْتَ بَلديِّي. قُلْتُ:يَا سيّدنَا!
__________
(1) الخبر في " المستفاد ": 46.
(2) الاردان: جمع ردن، وهو أصل الكم، وفي " طبقات "
السبكي: أركانه.
(3) الخبر في " طبقات " السبكي 4 / 220.
(4) ما بين معقوفتين من " طبقات " السبكي 4 / 224.
(18/460)
أَنْتَ مِنْ فِيروزآبَاد. قَالَ:أَمَا
جَمَعتنَا سَفِيْنَةُ نُوْح (1) ؟ فَشَاهَدتُ مِنْ حُسن
أَخلاَقه وَلطَافته وَزُهْده مَا حبَّبَ إِلَيَّ لُزومَه،
فَصَحِبته إِلَى أَنْ مَاتَ.
تُوُفِّيَ:لَيْلَة الحَادِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى
الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة
بِبَغْدَادَ، وَأُحضر إِلَى دَار أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ
المُقتدي بِاللهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَدُفِنَ
بِمَقْبَرَة بَاب أَبرز، وَعُمِلَ العزَاء
بِالنّظَامِيَّة، وَصَلَّى عَلَيْهِ صَاحِبُه أَبُو عَبْدِ
اللهِ الطَّبرِيّ، ثُمَّ رتَّب المُؤَيَّدُ بنُ نِظَام
الْملك بَعْدَهُ فِي تَدْرِيس النّظَامِيَّة أَبَا سَعْد
المُتولِّي (2) ، فَلَمَّا بلغَ ذَلِكَ النّظَامَ، كتبَ
بِإِنْكَار ذَلِكَ، وَقَالَ:كَانَ مِنَ الوَاجِب أَنْ
تُغلق المدرسَةُ سَنَةً مِنْ أَجْل الشَّيْخ.
وَعَاب عَلَى مَنْ تَولَّى، وَأَمر أَنْ يُدَرِّس
الإِمَامُ، أَبُو نَصْرٍ عبدُ السَّيِّد بنُ الصّبَّاغ
بِهَا (3) .
قُلْتُ:درَّس بِهَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ بَعْدَ
تَمَنُّع، وَلَمْ يَتَنَاوَل جَامَكِيَّةً (4) أَصلاً،
وَكَانَ يَقتصِرُ عَلَى عِمَامَةٍ صغِيرَة وَثَوْبٍ
قُطنِي، وَيَقْنَعُ بِالقُوْت، وَكَانَ الفَقِيْهُ رَافِعٌ
الحَمَّال رفِيقَه فِي الاشتغَال، فِيحمل شطرَ نَهَاره
بِالأُجرَة، وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَبِي
إِسْحَاقَ، ثُمَّ إِنَّ رَافِعاً حَجَّ وَجَاور، وَصَارَ
فَقِيْهَ الْحرم فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَة.
وَمَاتَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَلَمْ يُخَلِّف دِرْهَماً،
وَلاَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. وَكَذَا فَلْيَكُنِ
__________
(1) الخبر في " طبقات " السبكي 4 / 224.
(2) هو أبو سعد عبد الرحمن بن مأمون الشافعي المتولي
المتوفي سنة (478) وسترد ترجمته برقم (306).
(3) انظر " المنتظم " 9 / 8، و" الكامل " 10 / 132 - 133،
و" وفيات الأعيان " 1 / 31، و" طبقات " الاسنوي 2 / 131،
و" البداية " 12 / 125.
وسترد ترجمة الامام أبي نصر عقب هذه الترجمة مباشرة.
(4) الجامكية: رواتب خدام الدولة، تعريف جامكي، وهو مركب
من " جامه " أي قيمة، ومن " كي " وهي أداة النسبة، " معجم
الألفاظ الفارسية المعربة " لآدي شير.
(18/461)
الزُّهْدُ، وَمَا تَزَوَّجَ فِيمَا
أَعْلَم، وَبِحُسْن نِيتهِ فِي العِلْمِ اشتهرتْ
تَصَانِيْفُه فِي الدُّنْيَا، (كَالمهذَّب (1))،
وَ(التَّنْبِيه (2))، وَ(اللُّمَع فِي أُصُوْل الفِقْه)
(3)، وَ(شَرْح اللمع)، (وَالمعونَة فِي الجَدَل)،
وَ(الْمُلَخَّص فِي أُصُوْل الفِقْه)، وَغَيْر ذَلِكَ.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
أُحِبُّ الكَأْسَ مِنْ غَيْرِ المُدَامِ ... وَأَلهُوَ
بِالحسَابِ بِلاَ حَرَامِ
وَمَا حُبِّي لِفَاحِشَةٍ وَلَكِنْ ... رَأَيْتُ الحُبَّ
أَخلاَقَ الكِرَامِ
وَقَالَ:
سَأَلْتُ النَّاسَ عَنْ خِلٍّ وَفِيٍّ ... فَقَالُوا:مَا
إِلَى هَذَا سَبِيْلُ
تَمَسَّكْ إِنْ ظَفِرْتَ بِوُدِّ (4) حُرٍّ ... فَإِنَّ
الحُرَّ فِي الدُّنْيَا قَلِيْلُ (5)
وَلعَاصِم بنِ الحَسَنِ فِيْهِ:
__________
(1) وقد طبع في مصر عام 1323 ه، وله شروح كثيرة من أجلها
شرح الامام النووي " المجموع ".
(2) وقد طبع في المطبعة الميمنية في مصر عام 1329 ه.
(3) طبع في مطبعة السعادة بالقاهرة عام 1326 ه.
كما طبع من مؤلفاته أيضا " رسالة " الشيرازي في علم
الاخلاق، و" الطب الروحاني " في المواعظ، كما ذكر سركيس في
" معجم المطبوعات ": 1171 - 1172، ولم يرد ذكر هذين
الكتابين في مصادر ترجمته ولا في " كشف الظنون ".
ومن كتبه المطبوعة أيضا كتاب " طبقات الفقهاء " بتحقيق
الدكتور إحسان عباس، بيروت 1970، وكتاب " التبصرة في أصول
الفقه " بتحقيق الدكتور محمد حسن هيتو، دمشق دار الفكر
1980.
(4) في " وفيات الأعيان " و" البداية ": بذيل.
(5) البيتان في " تبيين كذب المفتري ": 278، و" المنتظم "
9 / 8، و" وفيات الأعيان " 1 / 29، و" المختصر " 2 / 194،
و" البداية " 12 / 125، و" الوافي " 6 / 66، و" طبقات "
السبكي 4 / 224، و" طبقات " الاسنوي 2 / 83، و" النجوم
الزاهرة " 5 / 118، و" الفتح المبين " 1 / 256.
(18/462)
تَرَاهُ مِنَ الذَّكَاءِ نَحِيْفَ جِسْمٍ
... عَلَيْهِ مِنْ تَوَقُّدِهِ دَلِيْلُ
إِذَا كَانَ الفَتَى ضَخْمَ المَعَانِي ... فَلَيْسَ
يَضِيْرُهُ الجِسْمُ النَّحِيْلُ (1)
وَلأَبِي القَاسِمِ بن نَاقيَاء (2) يَرثيه (3) :
أَجْرَى المَدَامِعَ (4) بِالدَّمِ المُهْرَاقِ ... خَطْبٌ
أَقَامَ قِيَامَةَ الآمَاقِ
خَطْبٌ شَجَا مِنَّا القُلُوبَ بِلَوْعَةٍ ... بَيْنَ
التَّرَاقِي مَا لَهَا مِنْ رَاقِ
مَا لِلَّيَالِي لاَ تُؤَلِّفُ شَمْلَهَا ... بَعْد ابْن
بَجْدَتِهَا (5) أَبِي إِسْحَاقِ
إِن قِيْلَ مَاتَ فَلَمْ يَمُتْ مَنْ ذِكْرُهُ ... حَيٌّ
عَلَى مَرِّ اللَّيَالِي بَاقِ (6)
وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ:خَرَجْتُ إِلَى خُرَاسَانَ،
فَمَا دَخَلتُ بلدَة إِلاَّ كَانَ قَاضِيهَا أَوْ خطيبُهَا
أَوْ مُفتيهَا مِنْ أَصْحَابِي (7) .
قَالَ أَنْوشتِكين الرّضوَانِيّ:أَنشدنِي أَبُو إِسْحَاقَ
الشيرَازِيّ لِنَفْسِهِ:
__________
(1) البيتان في " وفيات الأعيان " 1 / 30، و" الوافي " 6 /
64، وفيهما: " يضره " بدل " يضيره ".
(2) هو أبو القاسم عبد الله وقيل عبدا لباقي بن محمد بن
الحسين بن داود بن ناقيا الأديب الشاعر، المتوفى سنة 485
ه.
(3) الابيات ما عدا الثاني منها في " وفيات الأعيان " 1 /
30، والاول والثالث منها في " الوافي " 6 / 64.
(4) في الأصل: الدامع.
(5) البجدة: دخلة الامر وباطنه، قال للعالم بالشيء: هو ابن
؟ ؟ ؟ ؟ ؟ تها.
(6) ومن شعره أيضا كما في " المستفاد ": 44.
لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا * وقمت أشكو إلى مولاي ما
أجد
وقلت يا عدتي في كل نائبة * ومن عليه لكشف الضر أعتمد
أشكو إليك أمورا أنت تعلمها * ما لي على حملها صبر ولا جلد
وقد مددت يدي بالضر مبتهلا * إليك يا خير من مدت إليه يد
فلا تردنها يا رب خائبة * فبحر جودك يروي كل من يرد
(7) انظر " طبقات " السبكي 4 / 216، و" المختصر " 2 / 195.
(18/463)
وَلَوْ أَنِّي جُعِلْتُ أَمِيْرَ جَيْشٍ
... لَما قَاتَلْتُ إِلاَّ بِالسُّؤَال
لأَنَّ النَّاسَ يَنهزمُوْنَ مِنْهُ ... وَقَدْ ثَبَتُوا
لأَطرَافِ العَوَالِي
238 - ابْنُ الصَّبَّاغِ عَبْدُ السَّيِّدِ بنُ مُحَمَّدٍ
البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو
نَصْرٍ عَبْدُ السَّيِّدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ (1) بنِ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ،
الفَقِيْهُ المَعْرُوف بِابْنِ الصَّبَّاغ، مُصَنِّفُ
كِتَاب(الشَّامل)، وَكِتَاب(الكَامِل)، وَكِتَاب(تذكرَة
العَالِم وَالطَّرِيْق السَّالم).
مَوْلِده:سَنَةَ أَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ:مُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ
القَطَّان، وَأَبَا عَلِيٍّ بن شَاذَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:وَلَدُهُ؛المُسْنِد أَبُو القَاسِمِ
عَلِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ الغَازِي، وَإِسْمَاعِيْل بن
مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
السَّمَرْقَنْدِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:كَانَ أَبُو نَصْرٍ
يُضَاهِي أَبَا إِسْحَاقَ الشيرَازِيّ، وَكَانُوا
يَقُوْلُوْنَ:هُوَ أَعْرفُ بِالمَذْهَب مِنْ أَبِي
إِسْحَاقَ.
وَكَانَتِ الرِّحلَةُ إِلَيهُمَا.
وَكَانَ أَبُو نَصْرٍ ثَبْتاً، حُجَّةً، ديِّناً،
خَيِّراً، دَرَّس بِالنِّظَامِيَّة بَعْد أَبِي إِسْحَاقَ،
وَكُفَّ بَصَرُه فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَحَدَّثَ(بِجُزْء
ابْن عَرَفَةَ)، عَنِ ابْنِ الفَضْل (2) .
__________
(*) المنتظم 9 / 12 - 13، الكامل 10 / 141، تهذيب الأسماء
واللغات 2 / 299، وفيات الأعيان 3 / 217 - 218، المختصر 2
/ 196، دول الإسلام 2 / 8، العبر 3 / 287 - 288، المستفاد
من ذيل تاريخ بغداد: 162 - 163، تتمة المختصر 1 / 575، نكت
الهميان: 193، مرآة الجنان 3 / 122، طبقات السبكي 5 / 122
- 134، طبقات الاسنوي 2 / 130 - 131، البداية 12 / 126 -
127، النجوم الزاهرة 5 / 199، طبقات ابن هداية الله: 173،
كشف الظنون: 104، 389، 1025، 1129، 1381، 1501، شذرات
الذهب 3 / 355، هدية العارفين 1 / 573.
(1) في " تهذيب الأسماء واللغات ": عبد الواحد بن محمد بن
أحمد.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 123.
(18/464)
وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) :كَانَ
تَقيّاً، صَالِحاً، وَ(شَامِلُه)مِنْ أَصحِّ كُتُبِ
أَصْحَابِنَا، وَأَثبَتِهَا أَدلَةً، درَّس
بِالنّظَامِيَّةِ أَوّل مَا فُتِحَتْ، ثُمَّ عُزِلَ بَعْد
عِشْرِيْنَ يَوْماً بِأَبِي إِسْحَاقَ، سَنَة تِسْعٍ
وَخَمْسِيْنَ، وَكَانَ الوَاقف قرَّر أَبَا إِسْحَاقَ،
فَاجتمع النَّاسُ، وَتغِيَّب أَبُو إِسْحَاقَ، فَأَحضرُوا
أَبَا نَصْر، وَرُتِّب فِيْهَا، فَتَأَلَّمَ أَصْحَابُ
أَبِي إِسْحَاقَ، وَفَتَرُوا عَنْ مَجْلِسِهِ،
وَرَاسلُوْهُ بِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يُدَرِّس
بِالنّظَامِيَّةِ لاَزمُوا ابْن الصَّبَّاغ، وَتركُوهُ
فَأَجَابَهُم، وَصُرِفَ ابْنُ الصَّبَّاغ.
قَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيّ:تُوُفِّيَ الشَّيْخ أَبُو
نَصْرٍ:فِي يَوْم الثُّلاَثَاء، ثَالِثَ عشرَ جُمَادَى
الأُوْلَى، سَنَة سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة،
وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ بدَاره بِدَرْب السَّلُوْلِيّ (2) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:ثُمَّ نُقِلَ إِلَى
مَقْبَرَةِ بَاب حَرْب.
أَبُوْهُ:
15 - ابْنُ الصَّبَّاغِ أَبُو طَاهِرٍ الشَّافِعِيُّ
البَيِّعُ * (تَقَدَّمَ )
الإِمَامُ، المُفْتِي، البَارِعُ، العَلاَّمَةُ أَبُو
طَاهِرٍ بنُ الصَّبّاغ الشَّافِعِيُّ، البَيِّعُ.
سَمِعَ:أَبَا حَفْصٍ بنَ شَاهِيْن، وَعَلِيَّ بن مَرْدك
(3) ، وَالمُعَافَى الجَرَيْرِيّ، وَأَبَا القَاسِمِ بن
حَبَابَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو
الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ، وَغَيْرهُمَا.
__________
(1) في " وفيات الأعيان " 3 / 217 - 218.
(2) انظر " البداية " 12 / 126، و" المستفاد ": 163، و"
المنتظم " 9 / 13، و" طبقات " السبكي 5 / 124.
(*) تقدمت ترجمته برقم (15).
(3) في " تاريخ بغداد ": مدرك.
(18/465)
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كتبنَا عَنْهُ،
وَكَانَ ثِقَةً.
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي حَامِدٍ الإِسفرَايينِيّ، وَكَانَتْ
لَهُ حَلْقَةٌ لِلفَتْوَى.
تُوُفِّيَ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَقَدْ قَاربَ
الثَّمَانِيْنَ.
وَلَدُهُ:
239 - ابْنُ الصَّبَّاغِ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ السَّيِّدِ بنِ أَبِي طَاهِرٍ *
العَالِمُ، المُسْنِدُ، العَدْلُ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ
بنُ عَبْدِ السَّيِّدِ ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي طَاهِرٍ بنِ
الصَّبَّاغِ الشَّاهِدُ.
سَمِعَ:كِتَاب(السَّبْعَة)لابْنِ مُجَاهِد مِنْ أَبِي
مُحَمَّدٍ بن هَزَارْمَرْدَ الصَّرِيفِيْنِيّ، وَغَيْر
ذَلِكَ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِيْهِ، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ عَسَاكِر، وَالسَّمْعَانِيّ،
وَالمُؤَيَّدُ بنُ الإِخوَة، وَعُمَرُ بنُ طَبَرزَدْ.
وَأَجَاز لأَبِي القَاسِمِ بن صَصْرَى.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:شَيْخٌ ثِقَةٌ، صَالِح، حَسَنُ
السِّيْرَةِ، مَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَلَهُ
إِحْدَى وَثَمَانُوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ - .
فَأَبُو نَصْرٍ بنُ الصّبَّاغ أَوَّلُ مَنْ دَرَّسَ
بِالنّظَامِيَّةِ، عِنْدَمَا أُديرت سَنَة تِسْعٍ
وَخَمْسِيْنَ، ثُمَّ درَّس الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ،
وَعُزِلَ أَبُو نَصْرٍ بَعْد عِشْرِيْنَ يَوْماً، ثُمَّ
درَّس بَعْد أَبِي إِسْحَاقَ أَبُو سَعْدٍ المُتولِّي
مُدَّة يَسِيْرَة، وَوَلِيَ ابْن الصَّبَّاغِ، ثُمَّ
عُزِلَ
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 2 / 362.
(*) العبر 4 / 115، غاية النهاية 1 / 549، شذرات الذهب 4 /
131.
(18/466)
بَعْد أَشهر بِالمُتولِّي، ثُمَّ بَعْد
مَوْته درَّس بِهَا الشَّرِيْف أَبُو القَاسِمِ
الدَّبُوسِي إِلَى أَنْ مَاتَ، فَدرَّس الحُسَيْن بنُ
مُحَمَّدٍ الطَّبرِيّ، ثُمَّ قَدِمَ الشَّيْخ عَبْدُ
الوَهَّابِ بن مُحَمَّدٍ الفَامِيّ، فَدرَّسَا مَعاً
مُنَاوبَةً، إِلَى أَنْ عُزِلا سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ بِالغَزَّالِي، فَدرَّس أَرْبَعَ سِنِيْنَ،
وَحَجَّ، وَنَزَلَ الشَّام، وَنَاب أَخُوْهُ أَحْمَدُ،
ثُمَّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ أُعيد إِلَيْهَا
الطَّبرِيّ، فَدرَّس ثَلاَثَةَ أَعْوَام، ثُمَّ درَّس
إِلْكِيَا أَبُو الحَسَنِ الهَرَّاسِيّ، إِلَى أَنْ مَاتَ
سَنَةَ(504)، فَدرَّس أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيّ حَتَّى
مَاتَ، فَدَرَّس بَعْدَهُ أَسْعَدُ المِيْهَنِيّ، وَعُزِلَ
فِي شَوَّال سَنَة(513)، وَدَرَّسَ الأَغرُّ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ الطَّبَرِيّ، وَعُزِلَ سَنَة(17)بِأَبِي
الفَتْح بن بَرْهَان، وَعُزِلَ بَعْد أَرْبَعَة أَشهر
بِأَبِي الفَتْحِ عبدِ الوَاحِد بنِ حَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ
البَاقَرْحِيّ، ثُمَّ بَعْدَ شَهْرَيْنِ أُعِيْدَ
المِيْهنِيّ، ثُمَّ بَعْد شَهْرَيْنِ أُعيد ابْنُ
بَرْهَان، فَدرَّس درساً، وَعُزل بِأَبِي مَنْصُوْرٍ ابْن
الرَّزَّاز، وَعُزِلَ بَعْد أَشهر بِأَبِي سَعِيْدٍ
يَحْيَى بن عَلِيٍّ الحُلْوَانِيّ، ثُمَّ درَّس بَعْدَهُ
أَبُو عَلِيٍّ الحَسَن بنُ الفَتَى، سَنَة إِحْدَى
وَعِشْرِيْنَ وَمَاتَ، فَأُعيد ابْنُ الرَّزَّاز إِلَى
أَنْ عزل بَعْد عشر سِنِيْنَ بِأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ اللَّطِيْف الخُجَنْديّ، فَدرَّسَ أَشْهُراً،
وَخَرَجَ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَأُعِيد ابْنُ الرَّزَّاز،
ثُمَّ عُزل سَنَة سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَوُلِيَ حَفِيْدُ
الوَاقف أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ
بنِ نظَام الْملك، ثُمَّ عُزِلَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ، وَدَرَّسَ يُوْسُفُ الدِّمَشْقِيّ، ثُمَّ
أُلْزِمَ بَيْتَه بَعْد أُسْبُوْعين، وَدرَّس أَبُو
النَّجِيْب السُّهْرَوَرْدِيّ، ثُمَّ عُزِلَ سَنَة سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ، وَأُعيد حَفِيْد الوَاقف، ثُمَّ عُزِلَ
بَعْد عشر سِنِيْنَ، وَأُعيد يُوْسُف الدِّمَشْقِيّ،
وَدرَّس بَعْدَهُ سَنَة(63)أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الصّبَّاغ
نِيَابَةً، وَصُرِفَ بَعْدَ ثَلاَث سِنِيْنَ، وَوَلِيَ
أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن الشَّاشِيّ،
وَعُزِلَ سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ، فَولِيهَا أَبُو
الخَيْرِ الطَّالْقَانِيّ، فَدرَّس بِهَا إِحْدَى عَشْرَةَ
سَنَةً، وَرجع إِلَى بلاَده، فَدرَّس بِهَا أَبُو طَالِبٍ
بنُ الخلِّ، ثُمَّ نَاب فِي التَّدرِيس عَلِيُّ بنُ
عَلِيٍّ الفَارقِيُّ، ثُمَّ وَلِيهَا سَنَة(593)الْمُجِير
مَحْمُوْدُ بنُ المُبَارَكِ البَغْدَادِيّ، إِلَى أَنْ
(18/467)
مَاتَ، وَوَلِيهَا يَحْيَى بنُ
الرَّبِيْعِ، ثُمَّ بَعْدَهُ يَحْيَى بنُ القَاسِمِ
التَّكرِيتِي سَبْع سِنِيْنَ، وَعُزِلَ
سَنَة(614)بِمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ فَضلاَن، ثُمَّ
عُزِلَ بَعْد عَامين بِمَحْمُوْدِ بنِ أَحْمَدَ
الزَّنْجَانِيّ، فَدرَّس مُدَّة، وَبعده فِي رَجَب
سَنَة(636)وَلِيهَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ الحُبَيْر.
240 - إِمَامُ الحَرَمَيْنِ أَبُو المَعَالِي عَبْدُ
المَلِكِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ الجُوَيْنِيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، إِمَامُ
الحَرَمَيْنِ، أَبُو المَعَالِي عَبْدُ المَلِكِ ابْنُ
الإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ بنِ يُوْسُفَ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَيُّوَيْه
الجُوَيْنِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، ضِيَاءُ
الدِّيْنِ (1) ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ:فِي أَوّل سَنَة تِسْعَ (2) عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ
مائَة.
__________
(*) طبقات العبادي: 112، دمية القصر 2 / 1000 - 1002،
السياق: الورقة / 49 أ - 51 أ، الأنساب 3 / 386 - 387،
تبيين كذب المفتري: 278 - 285، المنتظم 9 / 18 - 20، معجم
البلدان 2 / 193، الكامل 10 / 145، اللباب 1 / 315، ذيل
تاريخ بغداد لابن النجار: 85 - 95، وفيات الأعيان 3 / 167
- 170، المختصر في أخبار البشر 2 / 196 - 197، دول الإسلام
2 / 8، العبر 3 / 291، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 174 -
175، تتمة المختصر 1 / 576، مرآة الجنان 3 / 123 - 131،
طبقات السبكي 5 / 165 - 222، طبقات الاسنوي 1 / 409 - 412،
البداية والنهاية 12 / 128 - 129، وفيات ابن قنفذ: 257 -
258، العقد الثمين 5 / 507 - 508، النجوم الزاهرة 5 / 121،
مفتاح السعادة 2 / 110 - 111، تاريخ الخميس 2 / 360، طبقات
ابن هداية الله: 174 - 176، كشف الظنون: 68، 70، 75، 242،
896 و2 / 1213، 1024، 1212، 1641، 1754، 1990، 1561، شذرات
الذهب 3 / 358 - 362، الفوائد البهية: 246، روضات الجنات:
463 - 464، إيضاح المكنون 1 / 288، هدية العارفين 1 / 626
وانظر " الجويني إمام الحرمين " للدكتورة فوقية حسين محمود
من سلسلة أعلام العرب (رقم 40) 1965.
والجويني: بضم الجيم وفتح الواو وسكون الياء وفي آخرها
النون هذه النسبة إلى جوين، وهي ناحية كبيرة من نواحي
نيسابور تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة يقال لها كويان، فعربت
فقيل جوين، وقد سمي بإمام الحرمين لاقامته بمكة أربع سنين
يدرس ويفتي كما قال اليافعي.
(1) جاء لقبه في " دمية القصر " 2 / 1000: ركن الدين وهو
خطأ، فذاك لقب والده.
(2) في " المنتظم " و" الكامل " و" تاريخ الخميس ": سنة
سبع عشرة.
(18/468)
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِيْهِ، وَأَبِي سَعْدٍ
النّصرويِيّ، وَأَبِي حَسَّانٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
المُزَكِّي، وَمَنْصُوْر بنِ رَامش، وَعِدَّة.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ سَمِعَ حُضُوْراً مِنْ صَاحِب الأَصَمّ
عَلِيِّ بن مُحَمَّدٍ الطِّرَازِيّ.
وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً سمِعنَاهَا.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ الفُرَاوِيّ، وَزَاهِرٌ
الشَّحَّامِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ المَسْجِدِيّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَفِي(فُنُوْن)ابْنِ عَقِيْلَ:قَالَ عَمِيْدُ
المُلْك:قَدِمَ أَبُو المَعَالِي، فَكلَّم أَبَا القَاسِمِ
بن بَرْهَان فِي العبَاد، هَلْ لَهم أَفعَال؟
فَقَالَ أَبُو المَعَالِي:إِن وَجَدْتَ آيَةً تَقتضِي ذَا
فَالحجّةُ لَكَ، فَتلاَ {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُوْنِ
ذَلِكَ هم لَهَا عَامِلُوْنَ }[المُؤْمِنُوْنَ:63]وَمَدَّ
بِهَا صَوْتَه، وَكَرَّرَ {هم لَهَا عَامِلُوْنَ }، وَقوله
:{لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُوْنَ
أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُوْنَ
}[التَّوبَة:42]أَي كَانُوا مُسْتطيعين.
فَأَخَذَ أَبُو المَعَالِي يَسْتَروحُ إِلَى التَّأْوِيْل،
فَقَالَ:وَاللهِ إِنَّكَ بَارِد (1) ؛تَتَأَوّلُ صَرِيحَ
كَلاَمِ الله لِتُصَحِّحَ بتَأْويلِكَ كَلاَم
الأَشْعَرِيّ، وَأَكَلَّهُ ابْنُ بَرْهَان بِالحُجَّة،
فَبُهِتَ (2) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:كَانَ أَبُو
المَعَالِي، إِمَامَ الأَئِمَّة عَلَى الإِطلاَق، مُجمَعاً
عَلَى إِمَامتِهِ شرقاً وَغرباً، لَمْ تَرَ العُيُونُ
مِثْلَهُ.
تَفَقَّهَ عَلَى وَالِده، وَتُوُفِّيَ أَبُوْهُ وَلأَبِي
المَعَالِي عِشْرُوْنَ سَنَةً، فَدرَّس مَكَانه، وَكَانَ
يَتردَّدُ إِلَى مدرسَة البَيْهَقِيّ، وَأَحْكَمَ
الأُصُوْلَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ الإِسفرَايينِيّ
الإِسكَاف.
وَكَانَ يُنْفِقُ مِنْ مِيْرَاثه وَمِنْ مَعلُوْمٍ لَهُ،
إِلَى أَنْ ظهر التَّعصُّب بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ،
وَاضْطَرَبتِ
__________
(1) في " ذيل تاريخ بغداد ": إنك بار وتتأول...
(2) الخبر بنحوه في " ذيل تاريخ بغداد " لابن النجار: 89 -
91، وأكله: أعياه.
(18/469)
الأَحْوَالُ، فَاضطر إِلَى السَّفَر عَنْ
نَيْسَابُوْر، فَذَهَبَ إِلَى المعَسْكَر، ثُمَّ إِلَى
بَغْدَادَ، وَصَحِبَ الوَزِيْرَ أَبَا نَصْر الكُنْدُرِيّ
مُدَّة يَطُوْفُ مَعَهُ، وَيلتقِي فِي حضَرتِهِ بكِبَارِ
العُلَمَاءِ، وَيُنَاظرهُم، فَتَحَنَّك بِهِم، وَتهذَّب،
وَشَاعَ ذِكْرهُ، ثُمَّ حَجَّ، وَجَاوَرَ أَرْبَعَ
سِنِيْنَ يَدرِّس، وَيُفْتِي، وَيَجمَعُ طُرُقَ المَذْهَب،
إِلَى أَنْ رَجَعَ إِلَى بَلَده بَعْد مُضِيِّ نَوْبَة
التَّعَصُّب (1) ، فَدرَّس بنظَامِيَّة نَيْسَابُوْر،
وَاسْتقَام الأَمْر، وَبَقِيَ عَلَى ذَلِكَ ثَلاَثِيْنَ
سَنَةً غَيْر مُزَاحَم وَلاَ مُدَافَع، مُسَلَّماً لَهُ
المِحْرَابُ وَالمِنْبَر وَالخُطبَة وَالتدرِيس،
وَمَجْلِسُ الْوَعْظ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَظهرت
تَصَانِيْفُهُ، وَحضر دَرسه الأَكَابِرُ وَالجمعُ
العَظِيْم مِنَ الطَّلَبَة، كَانَ يَقعدُ بَيْنَ يَدَيْهِ
نَحْوٌ مِنْ ثَلاَث مائَة، وَتَفَقَّهَ بِهِ أَئِمَّة (2)
.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ المُنذرِيّ قَالَ:
تُوُفِّيَ وَالِد أَبِي المَعَالِي، فَأُقعِد مَكَانه
وَلَمْ يُكْمِل عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَكَانَ يَدرِّس،
وَأَحكم الأُصُوْل عَلَى أَبِي القَاسِمِ الإِسكَاف (3) ،
وَجَاورَ ثُمَّ رَجَعَ...إِلَى أَنْ قَالَ:
وَسَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي،
وَأَبِي سَعْدٍ بن عَليَّك، وَفضلِ الله بن أَبِي الخَيْرِ
المِيْهَنِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ
البَغْدَادِيّ، وَأَجَاز لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ،
وَسَمِعَ مِنَ الطّرَازِيّ، كَذَا قَالَ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:قَرَأْتُ بِخَط أَبِي جَعْفَرٍ
مُحَمَّدٍ بن أَبِي عَلِيٍّ:سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ
الفِيروزآبَادِي يَقُوْلُ:تَمَتَّعُوا مِنْ هَذَا
الإِمَام، فَإِنَّهُ نُزْهَةُ هَذَا الزَّمَان -
يَعْنِي:أَبَا المعَالِي الجُوَيْنِيّ - (4) .
__________
(1) انظر عن هذه الفتنة " طبقات " السبكي 3 / 389 وما
بعدها، و4 / 209.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " ص: 280 - 281، و" المنتظم
" 9 / 18 - 19، و" ذيل تاريخ بغداد "، لابن النجار: 86، و"
وفيات الأعيان " 3 / 168، و" طبقات " السبكي 5 / 175 -
176.
(3) انظر " تبيين كذب المفتري " 279.
(4) الخبر في " ذيل تاريخ بغداد " لابن النجار: 92.
(18/470)
وَقَرَأْتُ بخطِّ أَبِي جَعْفَرٍ
أَيْضاً:سَمِعْتُ أَبَا المعَالِي يَقُوْلُ:قَرَأْتُ
خَمْسِيْنَ أَلْفاً فِي خَمْسِيْنَ أَلْفاً، ثُمَّ
خَلَّيْتُ أَهْلَ الإِسْلاَم بِإِسلاَمهم فِيْهَا
وَعلُوْمهم الظَّاهِرَة (1) ، وَركبتُ البَحْرَ الخِضَمَّ،
وَغُصتُ فِي الَّذِي نَهَى أَهْلُ الإِسْلاَم، كُلّ ذَلِكَ
فِي طَلَبِ الحَقّ، وَكُنْتُ أَهرُبُ فِي سَالفِ الدَّهْر
مِنَ التَّقْلِيد، وَالآنَ فَقَدْ رَجَعت إِلَى كلمَة
الحَقّ، عَلَيْكُم بدين العجَائِز، فَإِنْ لَمْ يَدركنِي
الحَقّ بِلَطِيفِ برّه، فَأَمُوْت عَلَى دين العجَائِز،
وَيُخْتم عَاقبَة أَمرِي عِنْد الرّحيل عَلَى كلمَة
الإِخلاَص:لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، فَالويلُ لابْنِ
الجُوَيْنِيّ (2) .
قُلْتُ:كَانَ هَذَا الإِمَام مَعَ فَرْط ذكَائِهِ
وَإِمَامته فِي الْفُرُوع وَأُصُوْلِ المَذْهَب وَقُوَّةِ
مُنَاظرته لاَ يَدْرِي الحَدِيْثَ كَمَا يَليق بِهِ لاَ
مَتْناً وَلاَ إِسْنَاداً (3) .
ذكر فِي كِتَابِ(البُرْهَان)حَدِيْث مُعَاذٍ فِي القيَاسِ
فَقَالَ:هُوَ مُدَوَّنٌ فِي الصِّحَاح، مُتَّفق عَلَى
صحَّته.
__________
(1) في الأصل: الظاهر.
(2) الخبر في " المنتظم ": 9 / 19، " طبقات الشافعية "
للسبكي: 5 / 585، وهذا القول من إمام الحرمين شاهد صدق على
فساد استخدام منطق اليونان في المطالب اليقينية واتخاذه
أصلا في الحجة والبرهان، وأن المنهج الحق هو ما كان عليه
الصحابة التابعون له بإحسان ومن سلك سبيلهم من أهل العلم
والعرفان.
(3) وفي " الأنساب ": 3 / 386 وكان قليل الرواية للحديث
معرضا عنه، وفي " معجم البلدان ": 2 / 193 وكان قليل
الرواية معرضا عن الحديث، ولا ضير على الامام الذهبي رحمه
الله أن يبين ضعف إمام الحرمين في علم الحديث وقلة إلمامه
به وأن يتقبل أهل العلم صنيعه وينتفعوا به ويعتدوه نصيحة
نافعة تستوجب الثناء والدعاء فقد اطلع الامام البيهقي على
أجزاء مما أملاه أستاذه والد إمام الحرمين أبو محمد
الجويني من كتاب المحيط، فرأى فيها أوهاما حديثية فكتب في
نقدها رسالة مطولة رصينة تنبئ عن براعة نقده ونفاذ بصيرته
في علم الحديث، ولما انتهت الرسالة لأبي محمد طابت بها
نفسه وشكر له صنيعه وأكثر من الدعاء له وانقطع عن تأليف
الكتاب.
وللسبكي في ترجمة أبي المعالي من طبقاته: 5 / 187 مؤاخذات
على كلام الامام الذهبي في إمام الحرمين: صاغه بأسلوب مقيت
ينبئ عن تحامل وحقد وبعد عن الإنصاف وجهل أو تجاهل بمعرفة
القول الفصل في مواطن الخلاف.
(18/471)
قُلْتُ:بَلْ مَدَارُه عَلَى الحَارِثِ بنِ
عَمْرٍو، وَفِيْهِ جهَالَة، عَنْ رِجَال مِنْ أَهْلِ
حِمْص، عَنْ مُعَاذ.
فَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ (1) .
قَالَ المَازرِيّ فِي شرح(البُرْهَان)فِي قَوْله:إِنَّ
اللهَ يَعلَمُ الكُلِّيَّاتِ لاَ الجُزْئِيَّات:وَدِدْتُ
لَوْ مَحَوْتُهَا بِدَمِي.
وَقِيْلَ:لَمْ يَقُلْ بِهَذِهِ المَسْأَلَة تَصرِيحاً،
بَلْ أُلزم بِهَا لأَنَّه
قَالَ بِمسَأَلَة الاسْترسَال فِيمَا لَيْسَ بِمُتَنَاهٍ
مِنْ نَعيمِ أَهْل الجَنَّة، فَاللهُ أَعْلَم (2) .
قُلْتُ:هَذِهِ هَفْوَة اعتزَال، هُجِرَ أَبُو المَعَالِي
عَلَيْهَا، وَحَلَفَ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ لاَ
يُكَلِّمهُ، وَنُفِيَ بِسَبَبهَا، فَجَاور وَتعبَّد،
وَتَاب - وَللهِ الحَمْدُ - مِنْهَا، كَمَا أَنَّهُ فِي
الآخَرِ رجَّحَ مَذْهَب السَّلَف فِي الصِّفَات وَأَقَرَّه
(3) .
__________
(1) وممن مال إلى القول بصحته أبو بكر الرازي الجصاص، وأبو
بكر بن العربي، والخطيب البغدادي، وابن قيم الجوزية،
قالوا: إن الحارث بن عمرو ليس بمجهول العين، لان شعبة بن
الحجاج يقول عنه: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة، ولا بمجهول
الوصف، لأنه من كبار التعابعين في طبقة شيوخ أبي عون
الثقفي المتوفى سنة 116 ه.
ولم ينقل أهل الشأن جرحا مفسرا في حكمه، ولا حاجة في الحكم
بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته،
بل يكفي في عدالته وقبول روايته أن لا يثبت فيه جرح مفسر
عن أهل الشأن لما ثبت من بالغ الفحص على المجروحين من رجال
تلك الطبقة، فمن لم يثبت فيه جرح مؤثر منهم، فهو مقبول
الرواية، والشيوخ الذين روى عنهم هم من أصحاب معاذ، ولا
أحد من أصحاب معاذ مجهولا، ويجوز أن يكون في الخبر إسقاط
الأسماء عن جماعة، ولا يدخله ذلك في حيز الجهالة، وإنما
يدخل في المجهولات إذا كان واحدا، فيقال: حدثني رجل أو
إنسان، وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق
بالمحل الذي لا يخفى، وقد خرج الامام البخاري الذي شرط
الصحة حديث عروة البارقي: سمعت الحي يتحدثون عن عروة، ولم
يكن ذلك الحديث في جملة المجهولات.
وقال مالك في القسامة: أخبرني رجل من كبراء قومه، وفي
الصحيح عن الزهري حدثني رجال عن أبي هريرة: " من صلى على
جنازة فله قيراط ".
وانظر " الفقيه والمتفقه ": 1 / 188، 190، واعلام الموقعين
1 / 202.
(2) انظر المنتظم: 9 / 19، 20، وطبقات السبكي: 5 / 588،
وقد عقد هذا الأخير فصلا خاصا لمسألة الاسترسال بعنوان شرح
حال مسألة الاسترسال التي وقعت في كتاب البرهان: ص 192،
207.
(3) سيذكر المصنف قريبا عن النظامية النص الذي صرح فيه
برجوعه إلى مذهب السلف في الصفات.
(18/472)
قَالَ الفَقِيْه غَانِم المُوْشِيلِي (1)
:سَمِعْتُ الإِمَام أَبَا المعَالِي يَقُوْلُ:لَوِ
اسْتَقبلتُ مِنْ أَمرِي مَا اسْتدبرتُ مَا اشْتَغَلتُ
بِالكَلاَم.
قَالَ أَبُو المَعَالِي فِي كِتَابِ(الرِّسَالَة
النّظَامِيَّة (2)):اخْتلفت مسَالكُ العُلَمَاء فِي
الظَّوَاهر الَّتِي وَردت فِي الكِتَاب وَالسّنَّة،
وَامْتَنَعَ عَلَى أَهْلِ الحَقِّ فَحوَاهَا (3) ، فَرَأَى
بَعْضُهم تَأْويلَهَا، وَالتَزَم ذَلِكَ فِي القُرْآن،
وَمَا يَصح مِنَ السُّنَن وَذَهَبَ أَئِمَّة السَّلَف
إِلَى الاَنكِفَاف، عَنِ التَّأْوِيْل وَإِجرَاءِ
الظَّوَاهر عَلَى مَوَاردهَا، وَتَفويضِ معَانِيْهَا إِلَى
الرَّب تَعَالَى، وَالَّذِي نَرْتَضِيْه رَأْياً، وَنَدينُ
الله بِهِ عَقداً اتِّبَاعُ سلفِ الأُمَّة، فَالأُوْلَى
الاَتِّبَاعُ (4) ، وَالِدَّليلُ السَّمَعِيُّ القَاطعُ
فِي ذَلِكَ أَنَّ إِجمَاع الأُمَّة حُجَّةٌ مُتَّبَعَة،
وَهُوَ مُسْتَنَدُ مُعْظَم الشَّرِيعَة، وَقَدْ درج صَحْبُ
الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى
ترك التَّعرض لِمَعَانِيْهَا وَدَرْكِ مَا فِيْهَا وَهم
صِفْوَة الإِسْلاَم المُسْتقلُّوْنَ بِأَعبَاءِ
الشَّرِيعَة، وَكَانُوا لاَ يَأْلُوْنَ جهداً فِي ضبط
قوَاعدِ الملَّة وَالتَّوَاصِي بحِفْظِهَا، وَتعَلِيْمِ
النَّاس مَا يَحتَاجُوْنَ إِلَيْهِ مِنْهَا، فَلَو كَانَ
تَأْويلُ هَذِهِ الظوَاهر مسوَغاً أَومحتُوْماً؛لأَوشك
أَنْ يَكُوْنَ اهتمَامُهم بِهَا فَوْقَ اهتمَامِهم بفُروع
الشّرِيعَة، فَإِذَا تَصرَّم عصرُهم وَعصرُ التَّابِعِيْنَ
عَلَى الإِضرَاب عَنِ التَّأْوِيْل؛كَانَ ذَلِكَ قَاطعاً
بِأَنَّهُ الوَجْهُ المُتَّبع، فَحقَّ عَلَى ذِي الدِّيْن
أَنْ يَعتقد تَنَزُّه البَارِي عَنْ صِفَات
المُحْدَثِيْنَ، وَلاَ يَخوضَ فِي تَأْويل المشكلاَت،
وَيَكِلَ معنَاهَا إِلَى
__________
(1) " الموشيلي " وهو كتاب النصارى، وقال ابن الأثير، إن
موشيلي هو من أسماء رجال النصارى ومعناه بالعربية موسى،
ولعل بعض أجداده كان اسمه كذلك فنسب إليه. انظر اللباب 3 /
269.
(2) وتسمى " العقيدة النظامية " أيضا، وقد طبعت بتصحيح
الشيخ المحدث محمد زاهد الكوثري عام 1367 ه 1948 م.
انظر ص 23 وما بعدها.
(3) في النظامية المطبوعة بتحقيق العلامة الكوثري ص، 23،
بعد هذه العبارة ما نصه: وإجراؤها على موجب ما تبرزه أفهام
أرباب اللسان منها.
(4) في المطبوعة 23، فالاولى الاتباع وترك الابتداع.
(18/473)
الرَّب (1) ، فَلْيُجْرِ آيَة الاسْتِوَاءِ
وَالمجِيْء (2) وَقوله :{لِمَا خَلَقْتُ بَيَدَيّ }[ص
:75]، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ }[الرَّحْمَن:27]، وَ
{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا }[القَمَر:14].
وَمَا صَحَّ مِنْ أَخْبَارِ الرَّسُول كَخَبَر النُّزَولِ
وَغَيْرِهِ عَلَى مَا ذكرنَاهُ (3) .
قَالَ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ:سَمِعْتُ أَبَا
الحَسَنِ القَيْرَوَانِيّ الأَدِيْبَ - وَكَانَ يَخْتلِف
إِلَى درس الأُسْتَاذ أَبِي المَعَالِي فِي الكَلاَم -
فَقَالَ:سَمِعْتُ أَبَا المعَالِي اليَوْم يَقُوْلُ:
يَا أَصْحَابنَا لاَ تَشتغلُوا بِالكَلاَم، فَلَو عَرَفْتُ
أَنَّ الكَلاَم يَبلغُ بِي (4) مَا بلغَ مَا اشْتَغَلتُ
بِهِ (5) .
وَحَكَى الفَقِيْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَسَنُ بنُ
العَبَّاسِ الرُّسْتمِيّ قَالَ:حَكَى لَنَا أَبُو الفَتْحِ
الطّبرِيُّ الفَقِيْه قَالَ:دَخَلْتُ عَلَى أَبِي
المَعَالِي فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ:اشَهِدُوا عَليَّ أَنِّي
قَدْ رَجَعْتُ عَنْ كُلِّ مَقَالَةٍ تُخَالف السُّنَّة،
وَأَنِّي أَمُوْتُ عَلَى مَا يَموتُ عَلَيْهِ عجَائِز
نَيْسَابُوْر (6) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ:حضَر المُحَدِّثُ أَبُو
جَعْفَرٍ الهَمَذَانِيّ فِي مَجْلِسَ وَعظِ أَبِي
المَعَالِي، فَقَالَ:كَانَ اللهُ وَلاَ عرش، وَهُوَ الآنَ
عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. فَقَالَ أَبُو
__________
(1) في المطبوعة ص 24: بعد هذه العبارة، زيادة، وعند إمام
القراء وسيدهم الوقف على قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا
الله) : من العزائم، ثم الابتداء بقوله: (والراسخون في
العلم) ،
ومما استحسن من إمام دار الهجرة مالك بن أنس أنه سئل عن
قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) فقال: الاستواء
معلوم، والكيفية مجهولة، والسؤال عنه بدعة.
(2) آية المجئ قوله تعالى، (وجاء ربك والملك صفا صفا) [
الفجر، 22 ].
(3) زاد في المطبوعة: فهذا بيان ما يجب لله.
(4) في " المنتظم " 9 / 19: " إلي " بدل " لي " وهو خطأ.
(5) " المنتظم " 9 / 19، و" طبقات " السبكي 5 / 186، وعلق
عليه بقوله: يشبه أن تكون هذه الحكاية مكذوبة، وابن طاهر
عنده تحامل على إمام الحرمين، والقيروني المشار إليه رجل
مجهول.
(6) " طبقات " السبكي 5 / 191.
(18/474)
جَعْفَر:أَخْبِرْنَا يَا أَسْتَاذ عَنْ
هَذِهِ الضَّرُوْرَة الَّتِي نَجدُهَا، مَا قَالَ عَارِفٌ
قَطُّ:يَا الله!إِلاَّ وَجَد مِنْ قَلْبِهِ ضَرُوْرَة
تَطلب العلوَّ وَلاَ يَلتَفِتُ يَمنَةً وَلاَ يَسرَةً،
فَكَيْفَ نَدفَعُ هَذِهِ الضَّرُوْرَة عَنْ أَنْفُسنَا؟،
أَوْ قَالَ:فَهَلْ عِنْدَك دوَاءٌ لدفعِ هَذِهِ
الضَّرُوْرَة الَّتِي نَجدُهَا؟
فَقَالَ:يَا حَبِيْبِي!مَا ثمَّ إِلاَّ الحَيْرَة.
وَلطم عَلَى رَأْسه، وَنَزَلَ، وَبَقِيَ وَقت عَجِيْب،
وَقَالَ فِيمَا بَعْد:حيَّرنِي الهَمَذَانِيّ (1) .
لأَبِي المَعَالِي كِتَاب(نِهَايَة المَطلِب فِي المَذْهَب
(2))؛ثَمَانِيَة أَسفَار، وَكِتَاب(الإِرشَاد فِي أُصُوْل
الدِّيْنِ (3))، كِتَاب(الرِّسَالَة النّظَامِيَّة فِي
الأَحكَام الإِسلاَمِيَّة (4))، كِتَاب(الشَّامل فِي
أُصُوْل الدِّيْنِ (5))، كِتَاب(البُرْهَان فِي أُصُوْل
الفِقْه)، كِتَاب(مدَارك العُقُوْل)لَمْ يُتِمَّه،
كِتَاب(غِيَاث الأُمَم فِي الإِمَامَة (6))،
كِتَاب(مُغِيْث الْخلق فِي اخْتيَار الأَحقّ (7))،
كِتَاب(غُنيَة المُسْترشدين)فِي الخلاَف (8) .
__________
(1) الخبر في " العلو " (ص - 276، 277 مختصره) وطبقات
السبكي 5 / 190.
وسيعيده
المؤلف في ص: 445.
(2) في " تبيين كذب المفتري " و" وفيات الأعيان " و"
المختصر ": نهاية المطلب في دراية المذهب ".
وفي " النجوم الزاهرة ": في رواية المذهب.
(3) وقد طبع في باريس والقاهرة وبرلين.
(4) طبعت في القاهرة باسم " العقيدة النظامية " 1948 كما
تقدم، وقد ترجمت إلى الالمانية عام 1958.
(5) وقد طبع الكتاب الأول من الجزء الأول منه في القاهرة
1961 م.
(6) ويعد هذا الكتاب العظيم مثلا لاصالة الفقه السياسي
الإسلامي وبعده عن التأثر بالفلسفات الأخرى، ويعده
الباحثون أحسن منهجا من كتاب الماوردي " الاحكام السلطانية
" ويسمى أيضا بالغياثي، وغياث الأمم في التياث الظلم، وقد
نشرته دار الدعوة بالإسكندرية بهذا الاسم الأخير بتحقيق
ودراسة الدكتور فؤاد عبد المنعم والدكتور مصطفى حلمي،
وانظر مقدمته فإنها مفيدة.
(7) للشيخ العلامة محمد زاهد الكوثري رسالة اسمها " إحقاق
الحق بإبطال الباطل في مغيث الخلق " نشرت في القاهرة 1941
م.
(8) ومن مؤلفات المترجم المطبوعة: " الورقات " في أصول
الفقه والأدلة، تحقيق الدكتورة =
(18/475)
وَكَانَ إِذَا أَخَذَ فِي عِلم
الصُّوْفِيَّة وَشَرْحِ الأَحْوَال أَبَكَى الحَاضِرِيْنَ
(1) ، وَكَانَ يذكر فِي اليَوْمِ دروساً؛الدَّرسُ فِي
عِدَّة أَورَاق، لاَ يَتَلَعْثَمُ فِي كلمَةٍ مِنْهَا.
وَصفه بِهَذَا وَأَضعَافِه عبدُ الغَافِرِ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ (2) .
تُوُفِّيَ:فِي الخَامِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ربيع الآخر
سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَدُفِنَ فِي دَارِهِ، ثُمَّ نُقِلَ بَعْد سِنِيْنَ إِلَى
مَقْبَرَة الحُسَيْن، فَدُفِنَ بِجنب وَالِده، وَكسرُوا
مِنْبَره، وَغُلِّقَتِ الأَسواق، وَرُثِي بقصَائِد،
وَكَانَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِ مائَة تِلْمِيْذ،
كَسرُوا محَابِرَهم وَأَقلاَمهُم، وَأَقَامُوا حَوْلاً،
وَوُضعتِ المنَادِيل عَنِ (3) الرُّؤُوس عَاماً، بِحَيْثُ
مَا اجْترَأَ أَحَدٌ عَلَى سَتْرِ رَأْسِه، وَكَانَتِ
الطَّلَبَةُ يَطوفُوْنَ فِي البلدِ نَائِحين عَلَيْهِ،
مُبَالغِيْن فِي الصِّيَاح وَالجَزَعِ (4).
قُلْتُ:هَذَا كَانَ مِنْ زِيّ الأَعَاجم لاَ مِنْ فِعل
العُلَمَاء المتّبعين (5) .
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ البَاخَرْزِي فِي(الدمِيَة (6))فِي
حقّه:الفِقْهُ فَقه الشَّافِعِيّ وَالأَدبُ أَدبُ
الأَصْمَعِيّ، وَفِي الْوَعْظ الحَسَنِ الحَسَنُ
البَصْرِيّ (7) ،
__________
= فوقية حسن محمود، وانظر بقية مؤلفاته في مقدمة " غياث
الأمم في التياث الظلم " بتحقيق الدكتورين فؤاد عبد المنعم
ومصطفى حلمي، دار الدعوة بالإسكندرية.
(1) " تبيين كذب المفتري " ص 284، و" وفيات الأعيان " 3 /
169.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 174 - 175.
(3) في الأصل " على " وهو خطأ، والتصويب من " تبيين كذب
المفتري " ص: 284.
(4) انظر " تبيين كذب المفتري ": 284 - 285، و" المنتظم "
9 / 20، و" ذيل تاريخ بغداد " لابن النجار: 93 - 94، و"
وفيات الأعيان " 3 / 169 - 170، و" طبقات " الاسنوي 1 /
411.
(5) وقد تكلف السبكي في الرد على إمامنا الذهبي لانكاره
الصياح والنياح وكسر المحابر والاقلام في " طبقاته " 5 /
184.
(6) " دمية القصر " 2 / 1000 - 1001.
(7) في " الدمية ": وحسن بصره بالوعظ كالحسن البصري.
(18/476)
وَكَيْفَ مَا هُوَ فَهُوَ إِمَام كُلِّ
إِمَام، وَالمُسْتَعلِي بهِمَّتِهِ عَلَى كُلِّ هَام (1) ،
وَالفَائِز بِالظَّفَر عَلَى إِرغَام كُلّ ضِرْغَام، إِنْ
تَصدَّر لِلفقه، فَالمُزَنِيّ مِنْ مُزْنَتِهِ، وَإِذَا
تَكَلَّمَ فَالأَشْعَرِيّ شَعْرَةٌ مِنْ وَفْرَتِهِ (2) .
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْه فِي
كِتَابِهِ، عَنْ عبدِ القَادِر الحَافِظ، أَخْبَرَنَا
أَبُو العَلاَءِ الهَمَذَانِيّ، أَخْبَرَنِي أَبُو
جَعْفَرٍ الحَافِظ، سَمِعْتُ أَبَا المعَالِي وَسُئِلَ
عَنْ قَوْلِهِ :{الرَّحْمَن عَلَى الْعَرْش
}[طه:5]فَقَالَ:كَانَ اللهُ وَلاَ عرش.
وَجَعَلَ يَتخبَّطُ، فَقُلْتُ:هَلْ عِنْدَك لِلضرُوْرَاتِ
مِنْ حِيْلَةٍ؟
فَقَالَ:مَا مَعْنَى هَذِهِ الإِشَارَة؟
قُلْتُ:مَا قَالَ عَارِف قَطُّ:يَا رباه!إِلاَّ قَبْلَ
أَنْ يَتحرك لِسَانه، قَامَ مِنْ بَاطِنه قصدٌ لاَ يَلتفت
يَمنَةً وَلاَ يَسرَةً - يَقصِد الفَوْقَ - فَهَلْ لِهَذَا
القصدِ الضّرُوْرِيِّ عِنْدَك مِنْ حِيْلَة؛فَتُنْبِئَنَا
نَتخلَّص مِنَ الْفوق وَالتّحت؟وَبكَيْتُ وَبَكَى
الخَلْقُ، فَضَرَبَ بكُمِّه عَلَى السَّرِيْر، وَصَاح
بِالحَيْرَة، وَمَزَّق مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَصَارَت
قِيَامَةٌ فِي المَسْجَدِ، وَنَزَلَ يَقُوْلُ:يَا
حَبِيْبِي!الحيرَة الحيرَة، وَالدّهشَة الدّهشَة (3) .
241 - النَّسَوِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
أَحْمَدَ *
العَلاَّمَةُ، أَقضَى القُضَاةِ، أَبُو عَمْرٍو (4)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ
الشَّافِعِيُّ، المُفَسِّرُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ
وَالفُنُوْنِ.
__________
(1) في " الدمية ": على كل همام.
(2) نص " الدمية ": إذا تفقه فالمزني من مزنته قطره، وإذا
تلكم فالاشعري من وفرته شعره.
(3) وقد تقدم نحو هذا الخبر وتخريجه في الصفحة 476 ت (1).
(*) طبقات السبكي 4 / 175 - 177، طبقات المفسرين للسيوطي:
36، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 178 - 181.
والنسوي بفتح النون والسين وفي آخرها واو هذه النسبة إلى
نسا مدينة بخراسان والنسبة إليها نسائي ونسوي.
(4) في " طبقات " السبكي والداوودي: أبو عمر.
(18/477)
سَمِعَ:أَبَا بَكْرٍ الحِيْرِيَّ، وَأَبَا
إِسْحَاقَ الإِسفرَايينِيّ، وَأَبَا ذَرٍّ الهَرَوِيّ
بِمَكَّةَ، وَابْنَ نَظيف بِمِصْرَ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ
السِّمْسَار بِدِمَشْقَ.
وَأَملَى مُدَّة مَعَ الدِّيْنِ وَالتَّقْوَى.
وَلِيَ قَضَاءَ خُوَارَزْم، وَكَانَ لاَ يَأْخذُهُ فِي
الله لُوْمَةُ لاَئِم.
وَلَهُ كُتب فِي الفِقْه (1) .
نفَّذه مَلِكْشَاه رَسُوْلاً ليَخْطُبَ بِنْتَ
الخَلِيْفَة، فَأَدَّى الرِّسَالَة، وَبَذَلَ النّصيحَة،
فَقَالَ:لاَ تَخْلِطْ بَيْتَك الطَّاهِر بِالتُّرُكْمَان
(2) .
رَوَى عَنْهُ:أَهْلُ خُوَارَزْم.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
242 - ابْنُ خَلَفٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ
الشِّيْرَازِيُّ *
الشَّيْخُ، العَلاَّمَة، النَّحْوِيُّ، أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ
خَلَفٍ الشِّيْرَازِيُّ ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
الأَدِيْبُ مُسْنِدُ وَقْتِهِ.
وُلِدَ:فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ:فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِ مائَة، ثُمَّ
بَعْدهَا مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَحَمْزَة
المُهَلَّبِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن يُوْسُفَ
الأَصْبَهَانِيّ، وَأَبِي طَاهِر بن مَحْمِش، وَأَبِي
بَكْرٍ بنِ فُورَك، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
السُّلَمِيِّ، وَطَبَقَتهم فَأَكْثَر.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ،
__________
(1) الخبر بنحوه في " طبقات " السبكي 4 / 175.
(2) انظر الخبر بأطول مما هنا في " طبقات " السبكي 4 / 176
- 177.
(*) العبر 3 / 315، دول الإسلام 2 / 16، شذرات الذهب 3 /
379 - 380.
(18/478)
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
التَّيْمِيّ، وَعبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَوجيهٌ
الشَّحَّامِيّ، وَالفَقِيْه عُمَر بنُ الصَّفَّار،
وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ المِيْهنِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ
عَبْدُ الوَهَّابِ الكِرْمَانِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَعَاشَ الكِرْمَانِيّ إِلَى سَنَة تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَخَمْسِ مائَة.
قَالَ عبدُ الغَافِر:أَمَا شَيْخُنَا ابْنُ خَلَفٍ فَهُوَ
الأَدِيْب، المُحَدِّث، المُتْقِن، الصَّحِيْحُ السَّمَاعِ
أَبُو بَكْرٍ، مَا رَأَينَا شَيْخاً أَورعَ مِنْهُ، وَلاَ
أَشدَّ إِتقَاناً، حصلَ عَلَى حظٍّ وَافر مِنَ
العَرَبِيَّة، وَكَانَ لاَ يُسَامح فِي فَوَات لفظَةٍ
مِمَّا يُقرَأَ عَلَيْهِ، وَيُرَاجع فِي المشكلاَتِ،
وَيُبَالغ.
رَحل إِلَيْهِ العُلَمَاءُ.
سَمَّعَهُ أَبُوْهُ الكَثِيْر، وَأَملَى عَلَى الصَّحَّة،
وَسَمِعنَا مِنْهُ الكَثِيْر.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ:كَانَ حَسَنَ
السِّيرَة، مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ وَالعِلْمِ مُحتَاطاً فِي
الأَخْذِ، ثِقَةً.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ فَاضِلاً، عَارِفاً
بِاللُّغَةِ وَالأَدبِ وَمعَانِي الحَدِيْث، فِي كَمَال
العِفَّةِ وَالوَرَع.
مَاتَ:فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
243 - فَاطِمَةُ بِنْتُ الحَسَنِ بن عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ
أُمُّ البَنِيْنَ *
بِنْتُ الأُسْتَاذِ الزَّاهِدِ أَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بنِ
عَلِيٍّ الدَّقَّاقِ، الشَّيْخَةُ، العَابِدَةُ،
العَالِمَةُ، أُمُّ البنِيْنَ النَّيْسَابُوْرِيَّةُ،
أَهْلُ الأُسْتَاذِ أَبِي القَاسِمِ القُشَيْرِيِّ،
وَأُمُّ أَوْلاَدِهِ.
سَمِعَتْ مِنْ:أَبِي نُعَيْمٍ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ،
وَأَبِي الحَسَنِ العَلَوِيُّ، وَعَبْدِ اللهِ
__________
(*) العبر 3 / 296، شذرات الذهب 3 / 365.
(18/479)
بن يُوْسُفَ، وَأَبِي عَلِيٍّ
الرُّوْذْبارِيّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِم،
وَالسُّلَمِيّ، وَطَائِفَة.
وَكَانَتْ عَابِدَةً، قَانِتَة، مُتهجِّدَةً، كَبِيْرَةَ
الْقدر.
حَدَّثَ عَنْهَا:عَبْدُ اللهِ بنُ الفُرَاوِيّ، وَزَاهِرٌ
الشَّحَّامِيّ، وَأَبُو الأَسْعَدِ هبَةُ الرَّحْمَن بنُ
عَبْدِ الوَاحِدِ حَفِيْدُهَا، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَتْ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَة، وَلَهَا تِسْعُوْنَ سَنَةً - رحمهَا الله - .
244 - فَاطِمَةُ بِنْتُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ
البَغْدَادِيِّ العَطَّارِ * (1)
أُمُّ الفَضْلِ الكَاتِبَةُ، المَعْرُوْفَة:بِبِنتِ
الأَقْرَعِ.
جَوَّد النَّاسُ عَلَى خَطِّهَا لبرَاعَةِ حُسْنِهِ (2) .
وَهِيَ الَّتِي نُدِبَتْ لَكِتَابَة كِتَاب الهُدنَة إِلَى
طَاغِيَة الرُّوْم مِنْ جِهَةِ الخِلاَفَة، وَبكِتَابهَا
يُضْرَب المَثَلُ (3) .
وَقَدْ رَوَتْ عَنْ:أَبِي عُمَرَ بنِ مَهْدِيٍّ وَغَيْره.
رَوَى عَنْهَا:أَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ،
وَقَاضِي المَارستَان، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ،
وَأَبُو سَعْدٍ بنُ البَغْدَادِيّ.
__________
(*) المنتظم 9 / 40، الكامل 10 / 163، العبر 3 / 296،
البداية والنهاية 12 / 134، شذرات الذهب 3 / 365.
(1) في " المنتظم " و" الكامل " و" البداية ": فاطمة بنت
علي المؤدب.
(2) زاد في " المنتظم " و" البداية ": وكانت تكتب على
طريقة ابن البواب، وابن البواب مرت ترجمته في الجزء السابع
عشر برقم (192).
(3) انظر " المنتظم " 9 / 40، و" البداية " 12 / 134.
(18/480)
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ
بنَ عبد البَاقِي الأَنْصَارِيّ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ
فَاطِمَةَ بِنْتَ الأَقرع تَقُوْلُ:
كَتَبتُ وَرقَةً لعَمِيْد المُلك، فَأَعْطَانِي أَلف
دِيْنَار (1) .
مَاتَتْ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَة.
وَفِيْهَا مَاتَتْ:بِنْتُ الدَّقَّاق (2) ، وَالحَسَنُ بنُ
العَلاَءِ البُشْتِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَهْل مُقْرِئُ
الأَنْدَلُس، وَوَاعِظُ الوَقْت أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ
اللهِ بنُ الحُسَيْنِ المِصْرِيُّ الجَوْهَرِيّ (3) ،
وَالحَافظ الشَّهِيْدُ أَبُو المَعَالِي الحُسَيْنِيّ (4)
، وَغَرْسُ النِّعمَة أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ
هِلاَلٍ بن الصَّابِئ.
245 - التُّسْتَرِيُّ أَبُو عَلِيٍّ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، أَبُو عَلِيٍّ عَلِيُّ (5) بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ بَحْرٍ
التُّسْتَريُّ (6) ثُمَّ البَصْرِيُّ السَّقَطِيُّ،
رَاوِي(سُنَن أَبِي دَاوُدَ) عَنِ القَاضِي أَبِي عُمَرَ
الهَاشِمِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:المُؤتَمَنُ السَّاجِيّ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ أَحْمَدَ بنِ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ
مَرْزُوْقٍ الزَّعْفَرَانِيّ، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ
بنُ الحَسَنِ المَاوَرْديّ، وَعَبْدُ الْملك بنُ عَبْدِ
اللهِ.
__________
(1) انظر " المنتظم " 9 / 40، و" البداية " 12 / 134.
(2) هي فاطمة بنت الحسن التي تقدمت ترجمتها قبل هذه
مباشرة.
(3) سترد ترجمته برقم (258).
(4) سترد ترجمته برقم (264).
(*) المنتظم 9 / 33، الكامل 10 / 159، العبر 3 / 295،
البداية والنهاية 12 / 132، شذرات الذهب 3 / 363.
والتستري: بضم التاء وسكون السين وفتح التاء وكسر الراء،
هذه النسبة إلى تستر: بلدة من كور الاهواز من بلاد خوزستان
يقول لها الناس شوشتر.
(5) في " المنتظم " و" الكامل ": محمد.
(6) في " الكامل ": الشيري.
(18/481)
وَكَانَ صَحِيْحَ السَّمَاع.
آخرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ:النّقيبُ أَبُو طَالِبٍ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ العَلَوِيّ،
يَرْوِي عَنْهُ:(السُّنَن)سَمَاعاً لِلجزء الأَوّل،
وَإِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعاً لسَائِرِ الكِتَاب.
مَاتَ:سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة
بِالبَصْرَةِ، وَمَاتَ صَاحِبُهُ العَلَوِيُّ سَنَةَ
سِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
246 - صَاحِبُ المَوْصِلِ مُسْلِمُ بنُ قُرَيْشِ بنِ
بَدْرَانَ العُقَيْلِيُّ *
السُّلْطَانُ، شَرَفُ الدَّوْلَةِ، أَبُو المَكَارِمِ
مُسْلِمُ ابنُ مَلِكِ العَرَبِ قُرَيْشِ بنِ بَدْرَان
ابْنِ المَلِكِ حُسَامِ الدَّوْلَةِ مُقَلَّدِ بنِ
المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ العُقَيْلِيُّ.
كَانَ يَترفَّضُ كَأَبِيْهِ، وَنهب أَبُوْهُ دُورَ
الخِلاَفَة فِي فِتْنَة البَسَاسيرِيّ، وَأَجَار القَائِم
بِأَمْرِ اللهِ (1) .
وَمَاتَ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ كَهْلاً (2) ،
فَولِيَ ابْنُه ديَار رَبِيْعَة وَمُضَر، وَتَملَّك حلب
(3) ، وَأَخَذَ الأَتَاوَةَ مِنْ بلاَد الرُّوْمِ،
وَحَاصَرَ دِمَشْقَ، وَكَادَ أَنْ يَأْخُذهَا، فَنَزَع
أَهْلُ حَرَّان طَاعتَه، فَبَادرَ إِلَيْهَا، فَحَاربوهُ،
فَافْتَتَحَهَا (4) ، وَبَذَلَ السَّيْف فِي السُّنَّةِ
بِهَا، وَأَظهر سبَّ الصَّحَابَة، وَدَانت لَهُ العَرَبُ،
وَرَام الاسْتيلاَءَ عَلَى بَغْدَاد بَعْد طُغْرُلْبَك،
وَكَانَ يُجِيْد النَّظْمَ، وَلَهُ سطوَةٌ وَسيَاسَة
وَعدلٌ بِعُنف، وَكَانَ يُعطِي جزِيَةَ بلاَده لِلعلويَّة.
عَمَّرَ سُورَ المَوْصِل وَشَيَّدَهَا.
__________
(*) الكامل 10 / 17 و114، و126 - 127 و134 - 135 و136 و139
- 141، وفيات الأعيان 5 / 267 - 268، المختصر 2 / 194، 195
- 196، العبر 3 / 292، دول الإسلام 2 / 5 و6 و7، تتمة
المختصر 1 / 573 - 575، تاريخ ابن خلدون 4 / 267 - 269،
تاريخ الموصل 1 / 150، النجوم الزاهرة 5 / 115 و119، شذرات
الذهب 3 / 362: معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 205.
(1) انظر " الكامل " 9 / 640 وما بعدها.
(2) انظر " الكامل " 10 / 17.
(3) " الكامل " 10 / 114، و" المختصر " 2 / 194.
(4) " الكامل " 10 / 126 - 127، و" وفيات الأعيان " 5 /
267 - 268.
(18/482)
ثُمَّ إِنَّهُ عَمل المَصَافَّ مَعَ
سُلْطَان الرُّوْم سُلَيْمَان بن قُتُلْمِش فِي
سَنَةِ(478)بِظَاهِر أَنطَاكيَة، فَقُتل مُسْلِمٌ وَلَهُ
بِضْعٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً (1) .
وَقِيْلَ:بَلْ خنقهُ خَادمٌ فِي الحَمَّام.
وَملَّكُوا أَخَاهُ إِبْرَاهِيْم (2) ، وَلَهُ سيرَةٌ
طَوِيْلَةٌ وَحُرُوْبٌ وَعَجَائِب.
247 - الصَّرَّامُ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ
اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، المُسْنِدُ، أَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، الصَّرَّامُ.
سَمِعَ:(مُسْنَد (3) أَبِي عَوَانَة)مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ
عَبْدِ الْملك بن الحَسَنِ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الحَسَنِ
العَلَوِيّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:وَجيهٌ الشَّحَّامِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ أَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّن، وَمُحَمَّدُ بنُ جَامِعٍ
الصَّوَّاف، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفُرَاوِيّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ كُبَرَاء البَلَد.
مَاتَ:فِي شَعْبَانَ، سَنَة تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة، فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ، وَكَانَ
يَقْرَأُ القُرْآنَ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَيُديم التَّعبُّد
وَالتِلاَوَة - رَحِمَهُ اللهُ - .
وَفِيْهَا مَاتَ:شَيْخُ الشُّيُوْخ أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ دُوْست
__________
(1) وفي " النجوم الزاهرة " أنه توفي سنة (477).
(2) انظر " الكامل " 10 / 139 - 141، و" وفيات الأعيان " 5
/ 268، و" المختصر " 2 / 195 - 196.
(*) العبر 3 / 295، شذرات الذهب 3 / 363.
والصرام: بفتح الصاد المهملة وتشديد الراء، هذه النسبة إلى
بيع الصرم، وهو الجلد الذي ينعل به الخفاف " الأنساب " 8 /
54.
(3) في الأصل: " من " بدل " مسند " وهو خطأ، لان الصرام
صاحب الترجمة لم يلحق أبا عوانة المتوفى سنة 316 ه، وإنما
سمع " مسنده " من أبي نعيم الاسفراييني كما ذكر المؤلف في
ترجمة أبي نعيم في الجزء السابع عشر برقم (38).
(18/483)
العَابِدُ الصُّوْفِيّ (1) ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زَاهِرٍ النّوقَانِيّ (2) ، وَطَاهِرُ
بنُ مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِيّ (3) ، وَأَبُو عَلِيٍّ
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ التُّسْتَرِيّ (4) ، وَأَبُو نَصْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيّ (5) .
248 - السِّمْسَارُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ (6) الأَصْبَهَانِيُّ
السِّمْسَارُ، صَاحِبُ إِبْرَاهِيْمَ (7) بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ خُرَّشيذ قُوْلَه.
سَمِعَ مِنْهُ، وَمِنْ جَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ،
وَأَبِي الفَضْلِ عبد الوَاحِد التَّمِيْمِيّ، وَغَيْرهم.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو سَعْدٍ بنُ البَغْدَادِيّ،
وَمَسْعُوْدٌ الثَّقَفِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
الرُّسْتُمِيّ الفَقِيْهُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَأَلتُ أَبَا سَعْدٍ البَغْدَادِيّ
عَنْهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ:كَانَ مِنَ
المعمَّرِيْنَ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:وُلِدْت سَنَةَ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة وَعَاشَ مائَةَ سَنَةٍ.
تُوُفِّيَ السِّمْسَار:فِي مُنْتَصف شَوَّال سَنَةَ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَكَانَ يُمكِنُه السَّمَاع مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ
المُقْرِئ، فَمَا اتَّفَقَ لَهُ.
__________
(1) سترد ترجمته بقم (254).
(2) تقدمت ترجمته برقم (229).
(3) تقدمت ترجمته برقم (231).
(4) تقدمت ترجمت برقم (245).
(5) تقدمت ترجمته برقم (228).
(*) العبر: 3 / 282، النجوم الزاهرة 5 / 116، شذرات الذهب
3 / 348.
(6) في " النجوم الزاهرة " 5 / 116: " عيسى " بدل " علي ".
(7) الذي مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (37).
(18/484)
249 - الدَّامَغَانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، البَارِعُ، مُفْتِي العِرَاقِ، قَاضِي
القُضَاة، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ (1) بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ (2) بنِ
حَسّويه (3) الدَّامغَانِيُّ الحَنَفِيُّ.
تَفقَّه بِخُرَاسَانَ، وَقَدِمَ بَغْدَاد شَابّاً،
فَأَخَذَ عَنِ القُدورِي (4) .
وَسَمِعَ:مِنَ القَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْن بن
عَلِيٍّ الصَّيْمَرِيّ (5) ، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ
الصُّوْرِيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبْدُ الوَهَّاب الأَنْمَاطِيّ، وَعَلِيُّ
بنُ طِرَاد الزَّيْنَبِيّ، وَالحُسَيْن المَقْدِسِيّ،
وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) تاريخ بغداد 3 / 109، الأنساب 5 / 259، المنتظم 9 / 22
- 24، معجم البلدان 2 / 433، الكامل 10 / 146، اللباب 1 /
486، دول الإسلام 2 / 8، العبر 3 / 292، الوافي 4 / 139،
البداية 12 / 129، الجواهر المضية 2 / 96 - 97 الطبعة
الهندية، النجوم الزاهرة 5 / 121 - 122، تاريخ الخميس 2 /
360، شذرات الذهب 3 / 362، الفوائد البهية 182 - 183.
والدامغاني: بفتح الدال وسكون الالف وفتح الميم والغين
المعجمة وسكون الالف وبعدها نون، هذه النسبة إلى دامغان
وهي بلدة كبيرة بين الري ونيسابور، وهي قصبة قومس.
(1) في " المنتظم " و" البداية " و" الجواهر المضية " و"
الفوائد البهية ": ابن الحسين.
(2) في " المنتظم " و" البداية " و" الجواهر المضية " و"
النجوم الزاهرة " و" الفوائد البهية ": ابن عبد الملك بن
عبد الوهاب.
(3) في " المنتظم " و" البداية " والنجوم الزاهرة ": بن
حمويه، وفي " الوافي بالوفيات ": بن حسنويه.
(4) هو أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي القدوري
الحنفي، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (380).
(5) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (412)، وقد تحرفت
الصيمري في " معجم البلدان " إلى " الضميري ".
(18/485)
مَوْلِدُهُ:بدَامَغَان، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة (1) ، وَحصَّل المَذْهَب
عَلَى فَقرٍ شَدِيد.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:قَالَ
وَالِدي:سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ البَصْرِيّ
الخَبَّازَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الدَّامغَانِيّ كَانَ يَحرسُ
فِي درب الرِّيَاح، وَكَانَ يَقوم بعيشَتِه إِنْسَانٌ
اسْمه أَبُو العشَائِر الشَّيْرَجِي (2) .
وَعَنْهُ:قَالَ:تَفقَّهتُ بدَامَغَان عَلَى أَبِي صَالِحٍ
الفَقِيْه، ثُمَّ قصدتُ نَيْسَابُوْر، فَأَقَمْتُ
أَرْبَعَة أَشهرٍ بِهَا، وَصَحِبتُ أَبَا العَلاَء صَاعِدَ
بن مُحَمَّدٍ قَاضِيهَا، ثُمَّ وَرَدْتُ بَغْدَاد.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
الهَمَذَانِيّ:فَقَرَأَ عَلَى القُدورِي، وَلاَزَمَ
الصَّيْمَرِيَّ، ثُمَّ صَارَ مِنَ الشُّهُود، ثُمَّ وَلِيَ
القَضَاءَ لِلقَائِم، فَدَام فِي القَضَاءِ ثَلاَثِيْنَ
سَنَةً وَأَشْهُراً (3) .
وَكَانَ القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ
يَقُوْلُ:الدَّامَغَانِيّ أَعْرفُ بِمَذْهَب الشَّافِعِيّ
مِنْ كَثِيْرٍ مِنْ أَصْحَابنَا (4) .
قَالَ مُحَمَّدُ:وَكَانَ بَهِيَّ الصُوْرَة، حسنَ
المَعَانِي فِي الدِّيْنِ وَالعِلْم وَالعقل وَالحلمِ
وَكرم العَشْرَة وَالمُروءة، لَهُ صَدَقَاتٌ فِي السِّر،
وَكَانَ مُنْصِفاً (5) فِي العِلْمِ، وَكَانَ يُورِدُ فِي
درسِهِ مِنَ المُدَاعبَات (6) وَالنوَادر نَظيرَ مَا
يُورِدُ الشَّيْخ
__________
(1) كما ذكر الخطيب في " تاريخ بغداد " 3 / 109، وذكر
السمعاني وياقوت وابن الأثير أنه ولد سنة أربع مئة، وذكر
ابن كثير أنه ولد سنة ثمان عشرة وأربع مئة.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 22 - 23، و" الوافي " 4 / 139.
(3) انظر " المنتظم " 9 / 23 - 24.
(4) " الجواهر المضية " 2 / 97.
(5) تحرفت في " الفوائد البهية " إلى: مصنفا.
(6) تحرفت في " الفوائد البهية " إلى: الملاعبات.
(18/486)
أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيّ، فَإِذَا
اجْتَمَعَا، صَارَ اجْتمَاعُهُمَا نُزْهَةً.
قُلْتُ:كَانَ ذَا جَلاَلَةٍ وَحِشْمَةٍ وَافرَة إِلَى
الغَايَة، يُنَظَّرُ بِالقَاضِي أَبِي يُوْسُفَ فِي
زَمَانِهِ.
وَفِي أَوْلاَده أَئِمَّةٌ وَقضَاة.
وَلِيَ قَضَاءَ القُضَاة بَعْد أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
مَاكُوْلاَ، سَنَة سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَلَهُ
خَمْسُوْنَ سَنَةً (1) .
وَمَاتَ:فِي رَجَب، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة، وَدُفِنَ بدَاره، ثُمَّ نُقِلَ وَدُفِنَ
بقُبَّةِ الإِمَام أَبِي حَنِيْفَةَ إِلَى جَانبه (2) .
عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً وَثَلاَثَة أَشْهُرٍ وَخَمْسَة
أَيَّام، وَغَسَّله أَبُو الوَفَاء بنُ عَقِيْل وَأَبُو
ثَابِتٍ الرَّازِيُّ تِلْمِيْذُه.
وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلدُهُ قَاضِي القُضَاة أَبُو
الحَسَنِ.
وَلَهُ أَصْحَابٌ كَثِيْرُوْنَ عُلَمَاءُ، انتشرُوا فِي
البِلاَد، مِنْهُم:أَبُو سَعْدٍ الحَسَنُ بنُ دَاوُدَ بن
بَابشَاذ المِصْرِيّ، وَنورُ الهدَى الحُسَيْنُ بنُ
مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ إِلَيَاسُ بنُ
نَاصِر الدَّيْلمِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدٍ الرَّحَبِيّ ابْن السِّمنَانِيّ.
وَفِيْهَا مَاتَ:إِمَامُ الحَرَمَيْنِ أَبُو المَعَالِي
الجُوَيْنِيّ (3) ، وَمُحَدِّثُ الأَنْدَلُس أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَنَسِ بنِ دِلْهَاث
العُذْرِيّ (4) ، وَأَحْمَدُ بنُ عِيْسَى بنِ عَبَّاد
الدِّيْنَوَرِيّ (5) ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بن مَأْمُوْن المُتولِّي النَّيْسَابُوْرِيّ
(6) بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عِيْسَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد، وَمُقْرِئ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 109.
(2) الخبر بنحوه في " المنتظم " 9 / 24.
(3) تقدمت ترجمته برقم (240).
(4) سترد ترجمته برقم (296).
(5) سترد ترجمته برقم (305).
(6) سترد ترجمته برقم (306).
(18/487)
مَكَّة أَبُو مَعْشَرٍ عَبْدُ الكَرِيْمِ
بنُ عبدِ الصَّمد الطَّبَرِي، وَرَأْسُ المُعْتَزِلَة
أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الوَلِيْدِ
الكَرْخِيّ (1) ، وَالسُّلْطَان مُسْلِمُ بنُ قُرَيْش
العُقَيْلِيّ الرَّافضِيّ (2) .
250 - الأَنْدَقِيُّ أَبُو المُظَفَّرِ عَبْدُ الكَرِيْمِ
بنُ أَبِي حَنِيْفَةَ *
شَيْخُ الحَنَفِيَّة، مُفْتِي مَا وَرَاء النَّهْرِ، أَبُو
المُظَفَّرِ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ أَبِي حَنِيْفَةَ.
تَفقَّه عَلَى عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلْوَانِيّ.
وَحَدَّثَ عَنْ جَمَاعَة.
سَمِعَ مِنْهُ:عُثْمَان بن عَلِيٍّ البَيْكَنْدِيّ.
وَأَنْدَقَى (3) :مِنْ قرَى بُخَارَى.
مَاتَ:فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
251 - ابْنُ خَزْرَجٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
مُحَمَّدٍ اللَّخْمِيُّ **
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، المُؤَرِّخُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَزْرَج
اللَّخْمِيُّ الإِشْبِيْلِيُّ، صَاحِبُ(التَّارِيْخ).
وُلِدَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (252).
(2) تقدمت ترجمته برقم (246).
(*) الأنساب 1 / 363، معجم البلدان 1 / 261، اللباب 1 / 88
- 89، الجواهر المضية 2 / 460 - 461، كتائب أعلام الاخيار
رقم 270، الطبقات السنية رقم 1300، الفوائد البهية: 100.
(3) أوردها ياقوت في " معجمه " باسم: أندق.
(* *) الصلة 1 / 284 - 285، هدية العارفين 1 / 453.
(18/488)
وَرَوَى عَنْ:أَبِي عَمْرٍو (1)
المرشَانِي، وَأَبِي الْفتُوح الجُرْجَانِيّ، وَأَبِي
عَبْدِ اللهِ الخَوْلاَنِيّ.
وَعدد شُيُوْخه مائَتَانِ وَسِتُّوْنَ شَيْخاً (2) .
وَكَانَ مَعَ بَرَاعته فِي الحَدِيْثِ فَقِيْهاً
مُشَاوَراً مَالِكيّاً، أَكْثَر النَّاسُ عَنْهُ (3) .
وَحَدَّثَ عَنْهُ:شُرَيْح بن مُحَمَّدٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
بنُ يَرْبُوْع.
تُوُفِّيَ:بِإِشبيليَة فِي شَوَّال، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسَبْعِيْنَ (4) وَأَرْبَعِ مائَة.
252 - ابْنُ الوَلِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ
اللهِ الكَرْخِيُّ *
رَأْسُ المُعْتَزِلَةِ وَبَارِعهم، أَبُو عَلِيٍّ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
الوَلِيْدِ الكَرْخِيُّ المُتَكَلِّم.
وُلِدَ:سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَأَتقن علمَ الاعتزَال عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ البَصْرِيّ
(5) ، وَحَفِظَ عَنْهُ حَدِيْثاً وَاهناً مِنْ جِهَةِ
هِلاَل الرَّأْي (6) .
__________
(1) في " الصلة ": أبو عمر، وأشار في الهامش إلى أنه في
نسخة أخرى: أبو عمرو.
(2) في " الصلة ": مئتان وخمسة وستون رجلا وامرأتان
بالاندلس.
(3) " الصلة " 1 / 284.
(4) وفي " هدية العارفين " 1 / 453 أنه توفي سنة (497) وهو
خطأ.
(*) المنتظم 9 / 20 - 22، الكامل 10 / 145 - 146، العبر 3
/ 291 - 292، المغني في الضعفاء 2 / 548، ميزان الاعتدال 3
/ 464، الوافي 2 / 84 - 86، البداية والنهاية 12 / 129،
لسان الميزان 5 / 56 - 57، النجوم الزاهرة 5 / 121، شذرات
الذهب 3 / 362.
(5) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (393).
(6) هو في تاريخ الخطيب 3 / 100 من حديث أبي مسعود البدري
مرفوعا " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح
فاصنع ما شئت " وفي سنده ثلاثة ضعفاء المترجم وشيخه فيه
أبو الحسين وشيخ شيخه هلال الرأي، ولكن متن الحديث صحيح من
طريق آخر عند البخاري (6120) وأبي داود (4797) وابن ماجه
(183) وانظر " المنتظم " 9 / 20 - 21، و" البداية " 12 /
129، و" الوافي بالوفيات " 2 / 48.
(18/489)
حَدَّثَ عَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ بنُ
السَّمَرْقَنْدِيّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ،
وَأَخَذَ عَنْهُ الكَلاَم عَلِيُّ بنُ عَقِيْل عَالِمُ
الحنَابِلَة.
مَاتَ:فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
وَكَانَ ذَا زُهْد وَورعٍ وَقنَاعَة.
شَاخَ فَكَانَ يَنْقُضُ مِنْ خشب بَيْته مَا يَمُونُه،
وَكَانَ يَلْبَسُ القُطنِيَّ الخَام (1) ، وَكَانَ
دَاعِيَة إِلَى الاعتزَال، وَبِهِ انْحَرَفَ ابْنُ
عَقِيْل.
مَاتَ:فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة (2) ، وَكَانَ يَدْرِي المنطقَ جَيِّداً.
وَمَا تَنْفَعُ الآدَابُ وَالبَحْثُ وَالذَّكَاءُ،
وَصَاحِبُهَا هَاوٍ بِهَا فِي جَهَنَّم.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ:كَانَ
أَبُو عَلِيٍّ زَاهِدَ المُعْتَزِلَة، لَمْ نَعْرِف فِي
زَمَانِنَا مِثْل تَورُّعِه وَقنَاعته، تَورع عَنْ
مِيْرَاثه مِنْ أَبِيْهِ (3) ، وَكَانَ يَقُوْلُ:قَرَأْتُ
عَلَى أَسْتَاذِنَا أَبِي الحُسَيْنِ فِي سَنَةِ خَمْسَ
عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
253 - ابْنُ المُطَّلِبِ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الأَدِيْبُ الأَوْحَدُ، أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُطَّلِبِ الكِرْمَانِيُّ،
ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الشَّاعِرُ، وَالِدُ الوَزِيْرِ
الصَّاحبِ أَبِي المَعَالِي هِبَة اللهِ ابْن المُطَّلِبِ.
مَهَرَ فِي الأَدب وَالأَخْبَار.
__________
(1) الخبر في " الوافي بالوفيات " 2 / 85 - 86.
(2) هذا تكرار، فقد ذكر المؤلف وفاته.
(3) الخبر في " الوافي بالوفيات " 2 / 85.
(*) المنتظم 9 / 24، البداية والنهاية 12 / 139.
(18/490)
وَرَوَى عَنْ:أَبِي الحُسَيْنِ بنِ
بِشْرَان، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ:شُجَاعٌ الذُّهْلِيّ، وَيَحْيَى بن
البَنَّاءِ.
وَلَهُ هجُوٌ بَلِيْغ، عُزِلَ مِنْ كِتَابَةٍ، فَقَالَ:
عُزِلْتُ وَمَا خُنْتُ فِيمَا وَلِيْتُ ... وَغَيْرِي
يَخُونُ وَلاَ يُعْزَلُ
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ ... يُوَلِّي وَيَعْزِلُ
لاَ يَعْقِلُ
وَهُوَ القَائِلُ:
يَا حَسْرَتَا مَاتَ حَظِّي مِنْ قُلُوبِكُمُ ...
وَللْحُظُوظِ كَمَا لِلنَّاسِ آجَالُ
تَصَرَّمَ العُمْرُ لَمْ أَحْظَى بِقُرْبِكُمُ ... كَمْ
تَحْتَ هذِي القُبُوْرِ الخُرْسِ آمَالُ
قَالَ هِبَةُ اللهِ السَّقَطِيّ:أَخذتُ عَنْهُ، ثُمَّ
تَابَ، وَأُلْهِمَ الصَّلاَة وَالصَّوْمَ وَالصَّدَقَة،
وَغسل مُسوَّدَات شِعره - رَحِمَهُ اللهُ - وَعَاشَ
أَرْبَعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً (1) .
مَاتَ:فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
254 - شَيْخُ الشُّيُوْخِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
النَّيْسَابُوْرِيُّ *
القُدْوَةُ، الكَبِيْرُ، العَارِفُ، أَبُو سَعْدٍ (2)
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَوَّسَتْ دَادَا
النَّيْسَابُوْرِيُّ.
نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
صحب أَبَا سَعِيْدٍ فَضلَ الله المِيهنِيّ، وَحَجَّ
مَرَّات عَلَى التجرِيْد فِي أَصْحَابٍ لَهُ فُقَرَاء،
فَكَانَ يَدور بِهِم فِي قبَائِلِ العَرَب، وَيَتوصَّلُ
إِلَى مَكَّةَ،
__________
(1) انظر " المنتظم " 9 / 24.
(*) المنتظم 9 / 11، الكامل 10 / 159، العبر 3 / 294،
البداية والنهاية 12 / 126، النجوم الزاهرة 5 / 124، شذرات
الذهب 3 / 363.
(2) تحرف في " النجوم الزاهرة " إلى " سعيد ".
(18/491)
وَكَانَ الوَزِيْرُ النّظَامُ يَحترمه،
وَيُحِبُّه، ثُمَّ إِنَّهُ بَاعَ أَملاَكه
بِنَيْسَابُوْرَ، وَبَنَى بِبَغْدَادَ رباطاً كَبِيْراً،
وَلَهُ وَجَاهَة عَظِيْمَة وَتَجمُّلٌ زَائِد (1) .
مَاتَ:سَنَةَ تِسْعٍ (2) وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَخلفه وَلدُهُ أَبُو البَرَكَات إِسْمَاعِيْلُ فِي
المَشْيَخَة.
255 - البَاهِرُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ
الخُزَاعِيُّ *
الخَطِيْبُ، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ (3)
بنِ عُثْمَانَ بنِ أَحْمَدَ الخُزَاعِيُّ، المَطِيرِيّ (4)
.
عُرِفَ بِالبَاهر.
كَانَ خطيب قصر عُرْوَة (5) .
وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّد.
سَمِعَ بِسَامَرَّاء:مِنْ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ
يُوْسُفَ البَزَّاز، وَالحَسَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
الفَحَّام، وَبِبَغْدَادَ عَبْد الْملك بن بِشْرَان،
وَبَالكُوْفَةِ مِنْ (6) أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّد بنِ
جَعْفَرٍ النَّحْوِيّ التَّمِيْمِيّ.
وَعَنْهُ:أَبُو العِزِّ بن كَادش، وَغَيْرهُ.
وَفِي رِوَايَته عَنْ عَلِيٍّ الرّفَاء مَقَال.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة،
وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً (7) .
__________
(1) انظر " المنتظم " 9 / 11.
(2) أورد وفاته في " المنتظم " و" البداية ": سنة 77.
(*) المنتظم 9 / 33.
(3) في " المنتظم ": محمد بن أحمد بن القزاز المطيري.
(4) قال ابن الأثير: بفتح الميم وكسر الطاء المهملة وسكون
الياء وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى المطيرة، وهي قرية
من نواحي سر من رأى.
(5) هو قرية من نواحي بغداد من ناحية بين النهرين، وقصر
عروة أيضا بالعقيق منسوب إلى عروة بن الزبير رضي الله عنه،
انظر " معجم البلدان " 3 / 360.
(6) زيادة يقتضيها السياق.
(7) في " المنتظم ": توفي المطيري عن مئة وثلاث عشرة سنة.
(18/492)
256 - ابْنُ شَكْرُوَيْه مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، القَاضِي، المُعَمَّرُ، أَبُو
مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ
شَكْرُويه (1) الأَصْبَهَانِيُّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة:هُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ
أَبِي عَلِيّ بن البَغْدَادِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن
خُرَّشيذ قُوْله، وَسَافَرَ إِلَى البَصْرَةِ.
وَسَمِعَ مِنَ:القَاضِي أَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيّ (2) ،
وَعَلِيِّ بن القَاسِمِ النّجَاد، وَجَمَاعَة، إِلاَّ
أَنَّهُ خلط فِي كِتَابِ(سُنَن أَبِي دَاوُدَ)مَا سَمِعَهُ
مِنْهُ بِمَا لَمْ يَسْمَعهُ، وَحَكَّ بَعْضَ السَّمَاع -
كَذَلِكَ أَرَانِي المُؤْتَمَنُ السَّاجِيّ - ثُمَّ ترك
القِرَاءة عَلَيْهِ، وَسَارَ إِلَى البَصْرَةِ، فَسَمِعَ
الكِتَاب مِنْ أَبِي عَلِيٍّ التُّسْتَرِيّ (3) .
وَقَالَ المُؤتمن:مَا كَانَ عِنْدَ ابْنِ شَكْرُويه عَنِ
ابْنِ خُرَّشيذ قُوْله وَالجُرْجَانِيّ وَهَذِهِ
الطَّبَقَة فَصَحِيْحٌ، وَقَدْ أَطلعنِي عَلَى نسخته
بـ(سُنَن أَبِي دَاوُدَ)فَرَأَيْتُ تخليطاً مَا اسْتحللتُ
مَعَهُ سَمَاعَه (4) .
وَقَالَ ابْنُ طَاهِر:لمَا كُنَّا بِأَصْبَهَانَ كَانَ
يُذكر أَنَّ السُّنَنَ عِنْد ابْن شَكْرُويه، فَنظرتُ
فَإِذَا هُوَ مُضْطَرب، فَسَأَلتُ عَنْ ذَلِكَ،
فَقِيْلَ:إِنَّهُ كَانَ لَهُ ابْنُ عَمِّ، وَكَانَا
جَمِيْعاً بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ القَاضِي مُشتغلاً
بِالفِقْه، وَإِنَّمَا سَمِعَ اليَسِيْرَ مِن
__________
(*) معجم البلدان 3 / 301، الاستدراك 1 ورقة 252 ب،
المشتبه 1 / 348، العبر 3 / 300، المغني في الضعفاء 2 /
552، ميزان الاعتدال 3 / 467، الوافي 2 / 88، تبصير
المنتبه 2 / 717، لسان الميزان 5 / 62، 63، شذرات الذهب 3
/ 367.
(1) تحرفت في " الشذرات " إلى: سمكويه.
(2) تحرفت في " العبر " إلى: القاسمي، وهو أبو عمر القاسم
بن جعفر بن عبد الواحد العباسي المصري المتوفى سنة 414 ه،
وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (134).
(3) انظر " لسان الميزان " 5 / 62 - 63.
(4) انظر " لسان الميزان " 5 / 63.
(18/493)
الهَاشِمِيّ، وَكَانَ ابْنُ عَمّه قَدْ
سَمِعَ الكِتَاب كُلَّه، وَتُوُفِّيَ قَدِيْماً، فَكَشَطَ
القَاضِي اسْم ابْنِ عَمِّهِ، وَأَثْبَت اسْمَهُ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:سَأَلتُ أَبَا سَعِيْدٍ
البَغْدَادِيّ عَنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ بن شَكْرُويه،
فَقَالَ:كَانَ أَشعرِيّاً، لاَ يُسلِّمُ عَلَيْنَا، وَلاَ
نُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ صَحِيْحَ
السَّمَاع.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة:كَانَ عَلَى قَضَاء قَرْيَة
سِين (1) .
سَافَرَ إِلَى البَصْرَةِ، فَسَمِعَ مِنَ الهَاشِمِيّ،
وَجَمَاعَة.
وَلد:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَمَاتَ:فِي العِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ طَاهِر، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَنَصْرُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ
المِصِّيْصِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ طَاوُوْس، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ الحَسَنُ بنُ العَبَّاسِ الرُّستمِي، وَأَبُو
سَعْدٍ بنُ البَغْدَادِيّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
مُحَمَّدٍ الأَدَمِيّ، وَالجُنَيْدُ ابْن مُحَمَّدٍ
القَاينِي، وَآخَرُوْنَ.
257 - الجَوْهَرِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الأَمِيْنُ، أَبُو عَطَاءٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
أَبِي عَاصِمٍ الهَرَوِيُّ الجَوْهَرِيُّ.
رَوَى عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ
المَالِيْنِيّ، وَأَبِي مُعَاذ الشَّاه، وَأَبِي
مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ، وَحَاتِم
بن أَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بن يَعْقُوْبَ، وَجَمَاعَة.
__________
(1) قال ياقوت: السين قرية بينها وبين أصبهان أربعة فراسخ.
(2) في " معجم البلدان " 3 / 301 أنه توفي في شعبان سنة
432.
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(18/494)
حَدَّثَ عَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ أَبِي سَهْلٍ
الصُّوْفِيّ، وَعبدُ الوَاسِع بنُ أَمِيْرك، وَوجيهٌ
الشَّحَّامِيّ، وَأَبُو الوَقْتِ عبدُ الأَوّل، وَعبدُ
الجَلِيْل بنُ أَبِي سَعْدٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:حَدَّثونَا عَنْهُ، وَكَانَ شَيْخاً
ثِقَة، صَدُوْقاً.
تَفَرَّد عَنْ أَبِي مُعَاذ وَالمَالِيْنِيّ.
مَوْلِدُهُ:سَنَةَ سبعٍ أَوْ ثَمَان وَثَمَانِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَة.
تُوُفِّيَ:فِي شَعْبَانَ سَنَة سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
258 - الجَوْهَرِيُّ أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ
الحُسَيْنِ *
وَاعِظُ العَصْرِ، العَلاَّمَةُ، أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ
اللهِ بنُ الحُسَيْنِ المِصْرِيُّ، ابْن الجَوْهَرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي سَعْدٍ المَالِيْنِيّ.
رَوَى عَنْهُ:الحُمَيْدِيّ، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلين.
مَاتَ:فِي شَوَّال سَنَة ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ:عَلِيُّ بنُ مُشرفٍ الأَنْمَاطِيّ.
259 - الحَبَّالُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، العَالِمُ، أَبُو
إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدِ
__________
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(* *) الإكمال 2 / 379، دول الإسلام 2 / 11، العبر 3 /
299، 300، تذكرة الحفاظ 3 / 1191 - 1196، الوافي بالوفيات
5 / 355، النجوم الزاهرة 5 / 129، طبقات الحفاظ: 442، حسن
المحاضرة 1 / 353، 354، شذرات الذهب 3 / 366.
(18/495)
بنِ عَبْدِ اللهِ النُّعْمَانِيُّ
مَوْلاَهُم، المِصْرِيُّ، الكُتُبِيُّ، الوَرَّاقُ،
الحَبَّالُ، الفَرَّاءُ.
مِنْ أَوْلاَد عَبِيْد القَاضِي بنِ النُّعْمَانِ
المَغْرِبِيّ، العُبيدي، الرَّافضِيّ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ:وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَسَمِعَ مِنَ الحَافِظ
عَبْد الغَنِيِّ بنِ سَعِيْدٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَع
مائَة، فَكَانَ آخِرَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ.
قُلْتُ:وَسَمِعَ مِنْ:أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ
ثَرْثَال (1) صَاحِبِ المَحَامِلِيّ، وَهُوَ أَكْبَرُ
شَيْخٍ لَهُ، وَمِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بن عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ، وَمُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ
شَاكِر القَطَّان، وَمُحَمَّدِ بن ذَكْوَان
التِّنِّيْسِيّ، سِبْطِ عُثْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ
السَّمَرْقَنْدِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ
جَعْفَرٍ العَطَّار، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الحَاجّ الإِشْبِيْلِيّ، وَمُحَمَّدِ بن
مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، صَاحِب الأَصَمِّ،
وَمُحَمَّدِ بن الفَضْلِ بنِ نَظيف، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَلَمْ يَرْحَلْ.
وَقَدْ خَرَّجَ لِنَفْسِهِ عَوَالِي سُفْيَانَ بنِ
عُيَيْنَةَ، وَكَانَ يَتَّجِرُ فِي الكُتُبِ وَيَخْبُرهَا.
وَمِنْ شُيُوْخه:مُنِيْرُ بنُ أَحْمَدَ الخشَّاب،
وَالخصِيْبُ (2) بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو سَعْدٍ
المَالِيْنِيُّ.
وَحَصَّل مِنَ الأُصُوْلِ وَالأَجزَاء مَالاَ يُوصَفُ
كَثْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ النّقيب،
وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بن سَوَّار التَّككِيّ، وَعَطَاء بنُ
هِبَةِ اللهِ الإِخمِيمِيُّ، وَوَفَاءُ بنُ ذُبيَان
النَّابُلُسِيّ، وَيُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ
الأَرْدُبِيلِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
__________
(1) تحرفت في " تذكرة الحفاظ " إلى: شرثال، وفي " شذرات
الذهب " إلى، بريال.
(2) تحرف في " التذكرة " إلى: الخطيب.
(18/496)
بن جُمَاهرٍ الطُّلَيْطُلِيّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَكْرِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ سُلْطَانُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ
مُحَمَّدُ بنُ بُنَانٍ (1) الأَنْبَارِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي قَاضِي المَارستَان،
وَعِدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَة:أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة
الصَّدَفِيّ، وَالحَافِظ مُحَمَّدُ بنُ نَاصِر.
وَكَانَتِ الدَّوْلَة البَاطِنِيَّةُ قَدْ منعُوْهُ مِنَ
التّحَدِيْث، وَأَخَافُوهُ، وَهدَّدُوْهُ، فَامْتَنَعَ
مِنَ الرِّوَايَة، وَلَمْ ينْتشر لَهُ كَبِيْر شَيْء.
قَالَ القَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الصَّدفِيّ:مُنِعْتُ مِنَ
الدُّخولِ إِلَيْهِ إِلاَّ بِشَرْط أَنْ لاَ يُسْمِعَنِي،
وَلاَ يَكتبَ إِجَازَةً، فَأَوَّلُ مَا فَاتَحْتُهُ
الكَلاَم خَلَّط فِي كَلاَمه، وَأَجَابْنِي عَلَى غَيْرِ
سُؤَالِي حَذَراً مِنْ أَنْ أَكُوْن مَدْسُوساً عَلَيْهِ،
حَتَّى بَسَطْتُه، وَأَعْلَمْتُهُ أَنِّي أَنْدَلُسِيّ
أُرِيْدُ الحَجّ، فَأَجَاز لِي لفظاً، وَامْتَنَعَ مِنْ
غَيْرِ ذَلِكَ (2) .
قُلْتُ:قبَّح الله دُوْلَةً أَمَاتَتِ السُّنَّةَ
وَرِوَايَةَ الأَثَارَةِ النّبويَّة، وَأَحيتِ الرّفض
وَالضَّلاَل، وَبَثَّتْ دُعَاتهَا فِي النَّوَاحِي تُغوِي
النَّاسَ، وَيدعُوْنهم إِلَى نِحلَة الإِسْمَاعِيليَّة،
فَبِهم ضَلَّت جَبَلِيَّةُ الشَّام، وَتعثَّرُوا، فَنحمدُ
الله عَلَى السَّلاَمَة فِي الدِّيْنِ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلا (3) :كَانَ الحَبَّال
ثِقَةً ثَبْتاً، وَرِعاً، خَيّراً، وَذَكَرَ أَنَّهُ
مَوْلَى لابْنِ النُّعْمَانِ قَاضِي القُضَاة...، ثُمَّ
سَاق عَنْهُ أَبُو نَصْرٍ حَدِيْثاً، وَذَكَرَ عَنْهُ
أَنَّهُ
__________
(1) بضم الباء الموحدة ونونين كما في " تبصير المنتبه " 1
/ 105، وقد تصحف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1192: إلى " بيان
" بالياء المثناة بعد الموحدة.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1192 - 1193.
(3) " الإكمال " 2 / 379.
(18/497)
ثَبَّته فِي غَيْر شَيْء.
وَرَوَى عَنْهُ:الخَطِيْبُ أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ
بِالإِجَازَة، ثُمَّ قَالَ:وَحَدَّثَنَا عَنْهُ:أَبُو
عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ (1) .
وَقَالَ السِّلَفِيّ فِي(مشيخَة الرَّازِيّ):كَانَ
الحَبَّالُ مِنْ أَهْلِ المَعْرِفَة بِالحَدِيْثِ، وَمَنْ
خُتِمَ بِهِ هَذَا الشَّأْنُ بِمِصْرَ، لقِي بِمَكَّةَ
جَمَاعَةً، وَلَمْ يُحَصِّل أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ مِنَ
الحَدِيْثِ مَا حَصَّلهُ هُوَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ خَلَف المِسْكِيّ:هُوَ مِنَ
الحُفَّاظِ المُبَرِّزِين الأَثْبَاتِ، جمعَ حَدِيْث أَبِي
مُوْسَى الزَّمِنِ، وَانتقَى عَلَيْهِ أَبُو نَصْرٍ
السِّجْزِيّ مائَةَ جُزْء.
قُلْتُ:لاَ بَلْ عِشْرِيْنَ جُزْءاً، وَشُيُوْخُه
يَزِيدُوْنَ عَلَى ثَلاَثِ مائَة.
وَقَالَ ابْنُ المُفَضَّلِ:انْتَهَت إِلَيْهِ رِئَاسَةُ
الرّحلَة، وَبِهِ اخْتتم هَذَا الشَّأْنُ فِي قُطرِه،
وَآخرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ - فِيمَا علمتُ - أَبُو
القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْر
الحَضْرَمِيّ بِالإِجَازَة، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَة.
وَقِيْلَ:إِنَّ مُحَدِّثاً قرَأَ عَلَيْهِ، فَقَالَ
لَهُ:وَرضِيَ اللهُ عَنِ الشَّيْخ الحَافِظ.
فَقَالَ:قل:رَضِيَ اللهُ عَنْكَ، إِنَّمَا الحَافِظ
الدَّارَقُطْنِيّ وَعَبْد الغَنِيِّ.
قَالَ ابْنُ طَاهِر:رَأَيْتُ الحَبَّال وَمَا رَأَيْتُ
أَتقن مِنْهُ!كَانَ ثَبْتاً، ثِقَةً، حَافِظاً.
وَقَالَ الأَعَزُّ بنُ عَلِيٍّ الظَّهيرِيّ:حَدَّثَنَا
أَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ قَالَ:كَتَبَ
إِلَيْنَا أَبُو إِسْحَاقَ الحبَالُ مِنْ مِصْرَ
فَكَتَبَ:أَجزتُ لَهم أَنْ يَقولُوا:أَجَاز لَنَا فُلاَنٌ،
وَلاَ يَقولُوا:حَدَّثَنَا وَلاَ أَخْبَرَنَا (2) .
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ حَمُّود الزَّاهِد فِيمَا علَّقه
عَنْهُ السِّلَفِيّ:إِنَّهُ حضَر مَجْلِس
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193.
(18/498)
الحبَّالِ وَالحَدِيْثُ يُقرَأُ عَلَيْهِ،
فَلَمْ تَزل دموعُه تجرِي حَتَّى فَرغ القَارِئ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ:سَمِعْتُ ابْنَ طَاهِر
يَقُوْلُ:وَقَعَ المَطَرُ يَوْماً، فَجَاءَ الحبَّالُ
فَقَالَ:قَدْ تَلِفَ بِالمَطَر مِنْ كُتُبِي بِأَكْثَر
مِنْ خَمْسِ مائَة دِيْنَارٍ.
فَقُلْتُ لَهُ:قِيْلَ:إِنَّ ابْنَ مَنْدَة عَمل خزَانَةً
لِكُتُبِهِ، فَقَالَ:لَوْ عَملتُ خزَانَةً لاَحتجتُ إِلَى
جَامِع عَمْرِو بن العَاصِ.
قَالَ السِّلَفِيّ:سَمِعْتُ مُرشد بن يَحْيَى المَدِيْنِيّ
يَقُوْلُ:اشتريتُ مِنْ كُتُبِ الحبَّال عِشْرِيْنَ
قِنطَاراً بِمائَةِ دِيْنَارٍ، فَكَانَ عِنْدَهُ أَكْثَر
مِنْ خَمْسِ مائَة قنطَار كُتُب.
قِيْلَ:إِنَّ بَعْضَ طلبَة الحَدِيْث قصد أَبَا إِسْحَاقَ
الحبَّال ليسمَع مِنْهُ جُزْءاً - وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ
يُمنع - فَأَخْرَجَ بِهِ عِشْرِيْنَ نُسخَةً، وَنَاول كُلّ
وَاحِد نُسخَة يَقَابلُ بِهَا (1) .
قَالَ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ:سَمِعْتُ أَبَا
إِسْحَاقَ الحبَال يَقُوْلُ:كَانَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ
رَجُلٌ يَسْمَع مَعَنَا الحَدِيْث، وَكَانَ مُتشدِّداً،
وَكَانَ يَكتب السَّمَاع عَلَى الأُصُوْل، فَلاَ يَكتبُ
اسْمَ أَحَد حَتَّى يَسْتَحلِفَهُ أَنَّهُ سَمِعَ
الْجُزْء، وَلَمْ يَذْهَبْ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:كُنَّا يَوْماً نَقرَأُ عَلَى
شَيْخ، فَقرَأْنَا قَوْله - عَلَيْهِ الصَّلَاة
والسَّلاَمُ - :(لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّات).
(2) وَكَانَ فِي الجَمَاعَة رَجُلٌ يَبيع القَتَّ - وَهُوَ
علف الدَّوَابِّ - فَقَامَ وَبَكَى، وَقَالَ:أَتُوب إِلَى
اللهِ.
فَقِيْلَ لَهُ:لَيْسَ هُوَ ذَاكَ، لَكنه النَّمَّام
الَّذِي يَنقُل الحَدِيْث مِنْ قَوْم إِلَى قَوْم
يُؤذِيْهم.
قَالَ:فَسَكَنَ وَطَابت نَفْسُه (3) .
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193.
(2) أخرجه من حديث حذيفة بن اليمان أحمد 5 / 382 و389 و392
و397 و402 و404، والبخاري 10 / 394 في الأدب: باب ما يكره
من النميمة، ومسلم (105) في الايمان: باب بيان غلظ تحريم
النميمة، وأبو داود (4871) والترمذي (2026).
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193.
(18/499)
قَالَ ابْنُ طَاهِر:كَانَ شَيْخُنَا
الحبَّالُ لاَ يُخْرج أَصلَه مَنْ يَده إِلاَّ بِحُضُوْره،
يَدفعُ الْجُزْء إِلَى الطَّالب، فِيكتُب مِنْهُ قَدْرَ
جُلُوْسه، وَكَانَ لَهُ بِأَكْثَرِ كتب نسخٌ عِدَّة،
وَلَمْ أَرَ أَحَداً أَشدَّ أَخذاً مِنْهُ، وَلاَ أَكْثَر
كتباً، وَكَانَ مَذْهَبُه فِي الإِجَازَة أَنْ يُقَدِّمهَا
عَلَى الإِخبَار يَقُوْلُ:أَجَاز لَنَا فُلاَن، وَلاَ
يَقُوْلُ:أَخْبَرَنَا فُلاَنٌ إِجَازَة.
يَقُوْلُ:رُبَّمَا تسقطُ لفظَة إِجَازَة، فَتبقَى
إِخبَاراً، فَإِذَا بُدئَ بِهَا، لَمْ يَقع شكّ (1) .
قُلْتُ:لاَ حَرَجَ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتحسَانٌ.
قَالَ:وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:خَرَّجَ الحَافِظُ أَبُو
نَصْرٍ السِّجْزِيّ عَلَى أَكْثَر مِنْ مائَة، لَمْ يَبْقَ
مِنْهم غَيْرِي (2) .
قَالَ ابْنُ طَاهِر:خَرَّج لَهُ أَبُو نَصْرٍ عِشْرِيْنَ
جُزْءاً فِي وَقت الطَّلَب، وَكتبهَا فِي كَاغَد عَتِيْق،
فَسَأَلنَا الحبَّالَ، فَقَالَ:هَذَا مِنَ الكَاغَد
الَّذِي كَانَ يُحمَل إِلَى الوَزِيْر - يَعْنِي:ابْن
حِنْزَابَة - مِنْ سَمَرْقَنْد، وَقَعَ إِلَيَّ مِنْ كتبه
قطعَة، فَكُنْتُ إِذَا رَأَيْت وَرقَةً بيضَاء قطعتُهَا،
إِلَى أَنِ اجْتَمَع لِي هَذَا الْقدر (3) .
قَالَ ابْنُ طَاهِر:لَمَّا قصدتُ أَبَا إِسْحَاقَ الحبَّال
- وَكَانُوا وَصفُوهُ لِي بِحليتهِ وَسيرته، وَأَنَّهُ
يَخْدُمُ نَفْسَه - فَكُنْتُ فِي بَعْضِ الأَسواق وَلاَ
أَهتدي إِلَى أَيْنَ أَذهب، فَرَأَيْتُ شَيْخاً عَلَى
الصِّفَةِ وَاقفاً عَلَى دُكَّانَ عطَّار، وَكُمُّهُ ملأَى
مِنَ الحوَائِج، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ هُوَ،
فَلَمَّا ذهب، سَأَلتُ العَطَّارَ:مَنْ هَذَا؟
قَالَ:وَمَا تَعرفُه؟!
هَذَا أَبُو إِسْحَاقَ الحبَّال.
فَتبعتُه، وَبلَّغْتُه رِسَالَةَ سَعْدِ بن عَلِيٍّ
الزَّنْجَانِيّ، فَسَأَلنِي عَنْهُ، وَأَخْرَجَ مِنْ جيبِه
جُزْءاً صغِيراً فِيْهِ الحَدِيْثَان
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193 - 1194.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1194.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1194.
(18/500)
المُسلسلاَن، أَحَدهُمَا مُسَلْسَلٌ
بِالأَوليَّة، فَقرَأَهُمَا عَلِيَّ، وَأَخَذتُ عَلَيْهِ
الْموعد كُلّ يَوْم فِي جَامِع عَمْرِو بن العَاصِ، حَتَّى
خَرَجت (1) .
قُلْتُ:كَانَ هَذَا فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَة، وَسَمَاع قَاضِي المَارستَان مِنْهُ فِي سَنَةِ
سِتٍّ (2) وَسَبْعِيْنَ، وَبعد ذَلِكَ مُنع مِنَ
التّحَدِيْث، وَكَانَ مَوْتُه سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَلَهُ إِحْدَى
وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، فَقِيْلَ:مَاتَ فِي شَوَّال.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُسَلَّم
الأَنْصَارِيّ:مَاتَ عَشِيَّة الأَرْبعَاء لَسْتٍّ
خَلَوْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -
.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي السَّنَةِ:مُسْنِدُ أَصْبَهَان
القَاضِي أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عَلِيِّ بنِ شكرويه (3) ، وَمُسْنِدُ دِمَشْق أَبُو عَبْدِ
اللهِ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْد،
وَقَاضِي نَيْسَابُوْر وَرَئِيْسهَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ الصَّاعديّ، وَمُفْتِي سَرْخَس
أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الشُّجَاعِيّ،
وَخطيبُ أَصْبَهَان أَبُو الخَيْرِ (4) مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَسِيّ، مُؤَلّف
كِتَاب(بستَان العَارِفِيْن)، وَأَبُو السنَابِل هِبَةُ
اللهِ بنُ أَبِي الصَّهْبَاء (5) ، وَقَاضِي البَصْرَةِ
أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ
الشَّافِعِيّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَحْمَدَ
الثَّقَفِيّ، وَالمُحَدِّث عَلِيُّ بنُ أَبِي نَصْرٍ
المَنَادِيلِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ سمكويه
بِأَصْبَهَانَ، وَمُسْنِد جُرْجَان إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عُثْمَانَ الخَلاَّلِيّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَهم تَمَّامُ بنُ أَحْمَدَ
السُّلَمِيّ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1194.
(2) ما بين معقوفتين زيادة من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1194.
(3) تقدمت ترجمته برقم (256).
(4) سترد ترجته برقم (309) وفيها أن كنيته أبو الفضل، لا
أبو الخير.
(5) سترد ترجمته برقم (310).
(18/501)
بن أَحْمَدَ الحَنْبَلِيّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي نَصْرٍ الحَافِظ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ
سَعِيْدٍ النُّعْمَانِيّ وَيدُه عَلَى كتفِي، أَخْبَرَنَا
أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ وَيدُه
عَلَى كتفِي فَذَكَرَ حَدِيْثاً لاَ أُرِيْد أَنْ أَرويه
لبطلاَن مَتنه:
حَدَّثَنِي جِبْرِيْل وَيده عَلَى كتفِي...وَذَكَرَ
الحَدِيْثَ، وَهُوَ فِي(تذكرَة)الحُمَيْدِيّ (1) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ فِي
كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي سَنَة(532)قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ بن سَعِيْدٍ بِمِصْرَ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَحْمَدَ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا
العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ البحرَانِيّ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(أَتَدْرُوْنَ مَا الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ)؟
فَأَردتُ أَنْ أَقُوْلَ:هِيَ النَّخلَة، فَنظرتُ، فَإِذَا
أَنَا أَصْغَرُ القَوْم، فَسَكَتُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(هِيَ النَّخْلَةُ
(2)).
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ طيّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حَاتِمٍ بِبَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا
سُلَيْمَان بنُ رَحْمَة الخَطِيْب، أَخْبَرَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُرْشِدُ بنُ يَحْيَى
المَدِيْنِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الحبَّالُ
لفظاً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الجِرَاب،
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، حَدَّثَنَا
__________
(1) الحميدي هذا هو أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن
عبد الله الأزدي المتوفى سنة 488 ه صاحب " جذوة المقتبس ".
(2) وأخرجه البخاري (72) ومسلم (2811) (64) من طريق سفيان
بن عيينة بهذا الإسناد، وأخرجه من طرق عن مجاهد، عن ابن
عمر البخاري (2209) و(5444) و(5448) ومسلم (2811) (64)
وأخرجه من طرق عن عبد الله بن دينار البخاري (61) و(62)
و(131) ومسلم (2811) وأخرجه من حديث نافع عن ابن عمر
البخاري (6144) ومسلم، وأخرجه البخاري (6142) من طريق
شعبة، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر.
(18/502)
مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا
مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ:
أَنَّ أَبَا حَليمَة مُعَاذاً كَانَ يُصَلِّي عَلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي
القُنُوت (1) .
260 - شَيْخُ الإِسْلاَمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيٍّ الهَرَوِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو
إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ جَعْفَرِ بنِ
مَنْصُوْرِ بنِ متّ الأَنْصَارِيُّ الهَرَوِيُّ، مصَنِّفُ
كِتَاب(ذَمِّ الكَلاَمِ)، وَشيخُ خُرَاسَان مِنْ ذُرِّيَّة
صَاحِب النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَبِي أَيُّوْبُ الأَنْصَارِيِّ.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ سِتٍّ (2) وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ:عبدِ الجَبَّار بنِ مُحَمَّدٍ
الجَرَّاحِيّ(جَامِع أَبِي عِيْسَى)كُلَّه أَوْ
__________
(1) إسناده صحيح، عبد الله بن الحارث: هو الأنصاري البصري
أبو الوليد نسيب ابن سيرين روى حديثه الستة، وأبو حليمة:
هو معاذ بن الحارث الأنصاري المزني المعروف بالقارئ له
صحبة شهد غزوة الخندق، وقيل: إنه لم يدرك من حياة رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلا ست سنين وهو الذي أقامه عمر
بن الخطاب فيمن أقام في شهر رمضان ليصلي بالناس التراويح،
وكان ممن شهد الجسر مع أبي عبيد الثقفي، ففر حين فروا،
فقال عمر: أنا لهم فئة، والخبر في فضل الصلاة على النبي
رقم (107) لاسماعيل القاضي، وهو في " قيام الليل " ص 36
لابن نصر.
وقوله: " في القوت " أي: في قنوت الوتر.
(*) دمية القصر 2 / 888، طبقات الحنابلة 2 / 247 - 248،
المنتظم 9 / 44 - 45، الكامل 10 / 168 - 169، دول الإسلام
2 / 10، العبر 3 / 297 - 298، تذكرة الحفاظ 3 / 1183 -
1191، البداية والنهاية 12 / 135، النجوم الزاهرة 5 / 127،
طبقات الحفاظ: 441 - 442، طبقات المفسرين للسيوطي: 25،
طبقات المفسرين للداوودي 1 / 249 - 250، طبقات المفسرين
للادنه وي 35 / ب، تاريخ الخميس 2 / 360، كشف الظنون 1 /
56، 420، 828، و2 / 1828، 1836، شذرات الذهب 3 / 365 -
366، إيضاح المكنون 1 / 310 و2 / 118، هدية العارفين 1 /
452 - 453، الرسالة المستطرفة: 45، وانظر طبقات السبكي 4 /
272 - 273 حيث ذكره في ترجمة أبي عثمان الصابوني.
(2) في " المنتظم ": سنة خمس وتسعين.
(18/503)
أَكْثَره، وَالقَاضِي أَبِي مَنْصُوْرٍ
مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ، وَأَبِي الفَضْلِ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الجَارُوْديّ الحَافِظ، وَأَبِي
سَعِيْدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
السَّرْخَسِيّ، خَاتمَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ
القُرَشِيّ، وَأَبِي الفوَارس أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ الحُويِّص البُوْشَنْجِيّ الوَاعِظ، وَأَبِي
الطَّاهِر أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ الضَّبِّيّ،
وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ البَزَّاز - لقِي
أَبَا بَحْرٍ البَرْبَهَارِيّ - وَأَبِي عَاصِمٍ مُحَمَّدِ
بن مُحَمَّدٍ المَزِيْدِيّ (1) ، وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ
بنِ مَنْجُوَيْه الأَصْبَهَانِيّ الحَافِظ، وَأَبِي
سَعِيْدٍ مُحَمَّدِ بن مُوْسَى الصَّيْرَفِيّ، وَعَلِيِّ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطِّرَازِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ
مَنْصُوْرِ بن الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المفسّر،
وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ السَّلِيْطِي
وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بن الحَسَنِ الحِيْرِيّ لَكنه
لَمْ يَرْوِ عَنْهُ، وَمُحَمَّدِ بنِ جبرَائِيْلَ بن
مَاحِي، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ
العَالِي، وَعُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الهَرَوِيّ،
وَعَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ
يُوْسُفَ، وَالحُسَيْنِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ،
وَيَحْيَى بن عَمَّارٍ بن يَحْيَى الوَاعِظ، وَمُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
الشيرَازِيّ لَقِيَهُ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ
القَرَّابِ الحَافِظ إِسْحَاقَ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ
مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاق، وَسَعِيْدِ بن العَبَّاسِ
القُرَشِيّ، وَغَالِبِ بنِ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بن المُنْتَصِر البَاهِلِيّ
المُعَدَّل، وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيّ
الصَّغِيْر، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ
البَاشَانِيّ، صَاحِبِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَاسين،
وَمَنْصُوْرِ بنِ رَامشٍ - قَدِمَ عَلَيْنَا فِي سَنَةِ
سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة - وَأَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ
حَمْدِين، وَالحُسَيْنِ بن إِسْحَاقَ الصَّائِغ،
وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
المُزَكِّي، وَعَلِيِّ بن بُشرَى اللَّيْثِيّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بن يَزِيْدَ، وَأَبِي صَادِقٍ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ
بنِ
__________
(1) بفتح الميم وكسر الزاي نسبة إلى مزيد جده. انظر "
تبصير المنتبه " 4 / 1355.
(18/504)
مَحْمُوْدٍ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ خَمِيَرْوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُجَاشِع، وَمُحَمَّدِ بن الفَضْلِ
الطَّاقِي الزَّاهِد، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ، وَمِنْ أَقدَمِ
شَيْخٍ لَهُ الجَرَّاحِيّ، سَمِعَ مِنْهُ فِي حُدُوْدِ
سَنَة عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ
البَيْهَقِيّ بِالإِجَازَة.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ أَكْثَر مِنْ
أَصْحَابِ أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:المُؤْتَمَنُ السَّاجِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
طَاهِرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
السَّمَرْقَنْدِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَطَاءٍ
الإِبْرَاهِيْمِيُّ، وَعبدُ الصّبور بنُ عَبْدِ السَّلاَم
الهَرَوِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ عَبْدُ الْملك الكَرُوخِيّ،
وَحَنْبَلُ بنُ عَلِيٍّ البُخَارِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ
مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الفَامِيّ، وَعبدُ الجَلِيْل
بنُ أَبِي سَعْدٍ المُعَدَّل، وَأَبُو الوَقْتِ عبدُ
الأَوّل السِّجْزِيّ خَادِمُه، وَآخَرُوْنَ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَة أَبُو الفَتْحِ
نَصْرُ بنُ سَيَّار، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَة.
قَالَ السِّلَفِيّ:سَأَلتُ المُؤتَمَنَ السَّاجِيَّ عَنْ
أَبِي إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيّ، فَقَالَ:
كَانَ آيَةً فِي لِسَانِ التذكيرِ وَالتَّصُوْف، مِنْ
سلاَطين العُلَمَاء، سَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي
مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بن مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، وَغَيْرهُ.
يَرْوِي فِي مَجَالِس وَعظِهِ الأَحَادِيْثَ
بِالإِسْنَادِ، وَيَنَهَى عَنْ تَعليقهَا عَنْهُ.
قَالَ:وَكَانَ بارعاً فِي اللُّغَة، حَافِظاً
لِلْحَدِيْثِ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ كِتَاب(ذَمِّ الكَلاَمِ)،
رَوَى فِيْهِ حَدِيْثاً، عَنْ عَلِيّ بن بُشرَى، عَنِ
ابْنِ مَنْدَة، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَرْزُوْق.
فَقُلْتُ لَهُ:هَذَا هَكَذَا؟
قَالَ:نَعَمْ، وَابْن مَرْزُوْق هُوَ شَيْخُ الأَصَمِّ
وَطَبَقَتِهِ، وَهُوَ إِلَى الآنَ فِي كِتَابِهِ عَلَى
الخطَأَ.
قُلْتُ:نَعم:وَكَذَا أَسقط رَجُلَيْنِ مِنْ حَدِيْثَيْنِ
خَرَّجهُمَا مِنْ(جَامِع
(18/505)
التِّرْمِذِيّ)، نبَّهتُ عَلَيْهِمَا فِي
نسختِي، وَهِيَ عَلَى الخطَأَ فِي غَيْر نسخَة (1) .
قَالَ المُؤتمن:كَانَ يَدخلُ عَلَى الأُمَرَاء
وَالجبَابرَة، فَمَا يُبالِي، وَيَرَى الغَرِيْبَ مِنَ
المُحَدِّثِيْنَ، فَيُبَالِغُ فِي إِكرَامه، قَالَ لِي
مرَّةً:
هَذَا الشَّأْنُ شَأْنُ منْ لَيْسَ لَهُ شَأْنٌ سِوَى
هَذَا الشَّأْنِ - يَعْنِي:طلب الحَدِيْث - وَسَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ:تركتُ الحِيْرِيَّ (2) للهِ.
قَالَ:وَإِنَّمَا تَركه، لأَنَّه سَمِعَ مِنْهُ شَيْئاً
يُخَالِف السُّنَّة (3) .
قُلْتُ:كَانَ يَدْرِي الكَلاَم عَلَى رَأْي الأَشْعَرِيِّ،
وَكَانَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَثرِيّاً قُحّاً، يَنَالُ
مِنَ المُتَكَلِّمَة، فَلِهَذَا أَعرضَ عَنِ الحِيْرِيِّ،
وَالحِيْرِيُّ:فَثِقَةٌ عَالِم، أَكْثَر عَنْهُ
البَيْهَقِيّ وَالنَّاس.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الكُتُبِيّ:خَرَجَ شَيْخُ
الإِسْلاَمِ لجَمَاعَةٍ الفَوَائِدَ بخطِّه إِلَى أَنْ
ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَكَانَ يَأْمرُ فِيمَا يُخْرِّجه لمَنْ
يَكتب، وَيَصحِّحُ هُوَ، وَقَدْ تَوَاضع بِأَنَّ خَرَّجَ
لِي فَوَائِد، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ خَرَّج لَهُ
سوَاي (4) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ:سَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيْل
الأَنْصَارِيّ يَقُوْلُ:
إِذَا ذكرتُ التَّفْسِيْر، فَإِنَّمَا أَذْكُره مِنْ مائَة
وَسَبْعَةِ تَفَاسير.
وَسَمِعته يُنشِدُ عَلَى مِنْبَره:
أَنَا حَنْبَلِي مَا حَييْتُ وَإِنْ أَمُتْ ...
فَوَصِيَّتِي لِلنَّاسِ أَنْ يَتَحَنْبَلُوا (5)
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1185، 1186.
(2) يعني أبا بكر أحمد بن الحسن الحيري، وقد ذكره المؤلف
في عداد من سمع منهم، وقال: لكنه لم يرو عنه.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186.
(4) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186، وفيه: ولم يبق
أحد ممن خرج لي سواه. وهو خطأ واضح.
(5) البيت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186.
وأبو عبد الله البوشنجي قال في الشافعي كما ورد في ترجمته
في الجزء العاشر ص 73: وإني حياتي شافعي وإن أمت * فتوصيتي
بعدي بأن يتشفعوا =
(18/506)
قُلْتُ:وَقَدْ قَالَ فِي قَصِيدَته
النونِيَّة الَّتِي أَوَّلهَا:
نَزَلَ المَشِيْبُ بِلَمَّتِي فَأَرَانِي ... نُقْصَانَ
دَهْرٍ طَالَما أَرْهَانِي (1)
أَنَا حَنْبَلِيٌّ مَا حَييتُ وَإِنْ أَمُتْ ...
فَوَصِيَّتِي ذَاكُمْ إِلَى الإِخْوَانِ (2)
إِذْ دِيْنُهُ دِيْنِي وَدِيْنِي دِيْنُهُ ... مَا كُنْتُ
إِمَّعَةً لَهُ دِيْنَانِ (3)
قَالَ ابْنُ طَاهِر:وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيْلَ
يَقُوْلُ:قصدتُ أَبَا الحَسَنِ الخَرَقَانِيّ الصُّوْفِيّ،
ثُمَّ عزمتُ عَلَى الرُّجُوْع، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ
أَقصدَ أَبَا حَاتِمٍ بنَ خَاموش الحَافِظَ بِالرَّيّ،
وَأَلتقيه - وَكَانَ مُقَدَّم أَهْلِ السّنَّة بِالرَّيّ،
وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَان مَحْمُوْدَ بنَ سُبُكْتِكِينَ
لَمَّا دَخَلَ الرَّيّ، وَقُتِلَ بِهَا البَاطِنِيَّة،
منعَ الكُلَّ مِنَ الْوَعْظ غَيْرَ أَبِي حَاتِمٍ، وَكَانَ
مَنْ دَخَلَ الرَّيّ يَعرضُ عَلَيْهِ اعْتِقَادَه، فَإِنَّ
رضيَه، أَذن لَهُ فِي الكَلاَم عَلَى النَّاسِ، وَإِلاَّ
فَمنعه - قَالَ:فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنَ الرَّيّ؛كَانَ
مَعِي رَجُلٌ فِي الطَّرِيْق مِنْ أَهْلهَا، فَسَأَلنِي
عَنْ مَذْهَبِي، فَقُلْتُ:حَنْبَلِيّ، فَقَالَ:مَذْهَبٌ
مَا سَمِعْتُ بِهِ!وَهَذِهِ بِدعَة.
وَأَخَذَ بِثَوْبِي، وَقَالَ:لاَ أَفَارقُك إِلَى الشَّيْخ
أَبِي حَاتِمٍ.
فَقُلْتُ:خِيْرَة (4) ، فَذَهَبَ بِي إِلَى دَارِهِ،
وَكَانَ لَهُ ذَلِكَ
__________
= وأما القاضي عياض، فيقول في الامام مالك بن أنس كما في
ترجمته، في الجزء الثامن رقم (10):
ومالك المرتضى لا شك أفضلهم * إمام دار الهدى والوحي
والسنن
وأما أبو حنيفة فقد قال بعضهم في مذهبه:
فلعنة ربنا أعداد رمل * على من رد قول أبي حنيفة
فانظر ما يقوله كل تابع لامام من الأئمة في حق إمامه ! !
والحق الذي يجب أن يكون عليه المسلم أن يوالي الجميع،
ويشيد بفضلهم، ولا يعتقد العصمة فيهم، ولا يتخذ من تقليده
لواحد منهم وسيلة للتعصب، أو الإفراط في الحب الذي ينحرف
به عن الصواب.
(1) قال في " اللسان ": أرهى على نفسه: رفق بها وسكنها،
والامر منه: أره على نفسك، أي أرفق بها.
(2) في " طبقات الحنابلة ": إلى إخواني.
(3) البيتان الاخيران من هذه الثلاثة في " طبقات الحنابلة
" 2 / 248.
(4) تصحفت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1187 إلى " حيرة "
بالحاء المهملة.
(18/507)
اليَوْم مَجْلِسٌ عَظِيْم، فَقَالَ:هَذَا
سَأَلتُه عَنْ مَذْهَبه، فَذَكَر مَذْهَباً لَمْ أَسْمَعْ
بِهِ قَطُّ.
قَالَ:وَمَا قَالَ؟
فَقَالَ:قَالَ:أَنَا حَنْبَلِيّ.
فَقَالَ:دَعْهُ، فُكُلُّ مِنْ لَمْ يَكُنْ حَنْبَليّاً،
فَلَيْسَ بِمُسْلِم.
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي:الرَّجُل كَمَا وُصِفَ لِي.
وَلزمتُه أَيَّاماً، وَانْصَرَفتُ (1) .
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ فِي(ذَمِّ الكَلاَمِ)، فِي أَوله
عقيبَ حَدِيْث {اليَوْمَ
__________
(1) في حاشية الأصل بخط مغاير ما نصه: أخطأ هذا القائل
قطعا، والمقول له في تصويبه ذلك.
وكذلك المادح له، بل لو قيل: إن قائل هذه المقالة يكفر بها
لم يبعد، لأنه نفى الإسلام عن عالم عظيم من هذه الأمة،
ليسوا بحنابلة، بل هم الجمهور الأعظم، ولقد بالغ المصنف في
هذا الكتاب في تعظيم رؤوس التجسيم، وسياق مناقبهم،
والتغافل عن بدعهم، بل يعدها سنة، ويهضم جانب أهل التنزيه،
ويعرض بهم أو يصرح، ويتغافل عن محاسنهم العظيمة، وآثارهم
في الدين، كما فعل في ترجمة إمام الحرمين والغزالي، والله
حسيبه، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال شعيب: يلمح القارئ من سطور هذا التعليق أن قائله أشعري
جلد حاقد على الامام الذهبي رحمه الله فإنه ينعته بما هو
برئ منه ويقوله ما لم يقل: فالخبر الذي أورده رحمه الله في
هذه الترجمة لم يمر عليه دون أن ينتقد قائله ويبين وهاءه
فقد وصف قائله فيما بعد باليبس وزعارة العجم ثم قال: وما
قاله فمحل نظر.
أما قوله: إنه يبالغ في تعظيم رؤوس المجسمة ويكثر من سرد
مناقبهم ويتغافل عن بدعهم ويعتدها سنة...فقول في غاية
السقوط وجرأة بالغة في تزوير الحقائق، فالذهبي رحمه الله
إنما يعظم رؤوس أهل السنة والجماعة الذين اتخذوا مذهب
السلف الصالح المشهود لهم بالخيرية على لسان الصادق
والمصدوق قدوة في صفات الله سبحانه فآمنوا بما وصف به نفسه
ووصفه به رسوله وأجروا تلك الصفات على ظاهرها اللائقة
بجلال الله سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف
ولا تمثيل كما نطق بذلك القرآن (ليس كمثله شيء وهو السميع
البصير) فهؤلاء هم الذين يمتدحهم المؤلف رحمه الله ويسرد
مناقبهم ويعدد مآثرهم ويشيد بفضلهم ليتخذهم أهل العلم
قدوة.
فهل يعد هؤلاء من رؤوس المجسمة سبحانك هذا بهتان عظيم.
وفي مواضع كثيرة من كتابه تجد النقد القوي الرصين المقرون
بقوة الحجاج وملازمة الإنصاف لكل قول يتبين له خطؤه
ومجافاته لمذهب السلف كائنا من كان ذلك القائل من غير
محاباة ولا مواربة، ففي هذه الترجمة ينتقد أبا إسماعيل
فيذكر أن في كتابه منازل السائرين أشياء مشكلة مع أنه من
مثبتي
الصفات وانظر ص 286، 287 من ترجمة الامام أحمد في الجزء
الحادي عشر من هذا الكتاب، ويغلب على ظني أن صاحب هذا
التعليق يخيل إليه أن مذهب السلف في الصفات يفضي إلى
التجسيم وهذا ما دعاه إلى كتابة هذا التعليق الاثيم.
(18/508)
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُم
}[المَائِدَة:3]، وَنزولهَا بِعَرَفَةَ:سَمِعْتُ أَحْمَدَ
بنَ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّاز الفَقِيْه
الحَنْبَلِيّ الرَّازِيّ فِي دَارِهِ بِالرَّيّ يَقُوْلُ:
كُلُّ مَا أُحْدِثَ بَعْد نُزول هَذِهِ الآيَة فَهُوَ
فَضْلَةٌ وَزِيَادَة وَبِدْعَة.
قُلْتُ:قَدْ كَانَ أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ
بنِ خَاموش صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاع، وَفِيْهِ يُبس
وَزعَارَة العَجَم، وَمَا قَالَهُ، فَمحَلُّ نَظَرٍ.
وَلَقَدْ بِالغ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ فِي(ذَمِّ
الكَلاَمِ)عَلَى الاَتِّبَاع فَأَجَاد، وَلَكِنَّهُ لَهُ
نَفْس عَجِيْب لاَ يُشْبِهُ نَفَسَ أَئِمَّة السَّلَف فِي
كِتَابِهِ(مَنَازِل السَّائِرِيْنَ (1))، فَفِيْهِ
أَشيَاءُ مُطْرِبَة، وَفِيْهِ أَشيَاءُ مُشكلَة، وَمَنْ
تَأَمَّلَه لاَح لَهُ مَا أَشرتُ إِلَيْهِ، وَالسُّنَّة
المحمديَّة صَلِفَة، وَلاَ يَنْهَضُ الذّوقُ وَالوَجْدُ
إِلاَّ عَلَى تَأَسيسِ الكِتَاب وَالسّنَّة.
وَقَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ سَيْفاً مسلَوْلاً عَلَى
المُتَكَلِّمِين، لَهُ صَوْلَةٌ وَهَيْبَةٌ وَاسْتيلاَءٌ
عَلَى النُّفُوْس بِبلده، يُعظّمونه، وَيَتغَالَوْنَ
فِيْهِ، وَيبذلُوْنَ أَرْوَاحهم فِيمَا يَأْمر بِهِ.
كَانَ عِنْدَهم أَطوعَ وَأَرْفَعَ مِنَ السُّلْطَان
بكَثِيْرٍ، وَكَانَ طَوْداً رَاسياً فِي السّنَّةِ لاَ
يَتزلزلُ وَلاَ يَلين، لَوْلاَ مَا كَدَّر
كِتَابهُ(الفَارُوْق فِي الصِّفَات)بِذكر أَحَادِيْث
بَاطِلَةٍ يَجِبُ بيَانُهَا وَهَتْكُهَا، وَاللهُ يغفِرُ
لَهُ بحُسْنِ قصدهُ، وَصَنَّفَ(الأَرْبَعِيْنَ)فِي
التَّوحيد، وَ(أَرْبَعِيْنَ)فِي السُّنَّةِ، وَقَدِ
امتُحِنَ مَرَّات، وَأُوذِي، وَنُفِي مِنْ بَلَده.
قَالَ ابْنُ طَاهِر:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:عُرضتُ عَلَى
السَّيْف خَمْسَ مَرَّات، لاَ يُقَالَ لِي:ارْجِع عَنْ
مَذْهَبك.
لَكِن يُقَالَ لِي:اسْكُتْ عَمَّنْ خَالفك.
فَأَقُوْلُ:لاَ أَسكُتُ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:أَحْفَظُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلف
حَدِيْثٍ أَسرُدهَا سرداً (2) .
__________
(1) وقد طبع كتاب " منازل السائرين " مع شرحه " مدراج
السالكين " للعلامة ابن القيم بمطبعة السعادة بتحقيق الشيخ
محمد حامد الفقي، وقد تعقب الامام ابن القيم رحمه الله في
شرحه هذا الاشياء المشكلة، وانتقدها انتقادا جيدا رصينا
كما هو دأبه رحمه الله في كل تواليفه.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1184.
(18/509)
قَالَ الحَافِظُ أَبُو النَّضْرِ
الفَامِيّ:كَانَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ
بِكْر الزَّمَان، وَوَاسطَةَ عِقد المَعَانِي، وَصُوْرَةَ
الإِقبال فِي فُنُوْن الفضَائِل وَأَنْوَاعِ المَحَاسِن،
مِنْهَا نُصْرَةُ الدِّيْنِ وَالسُّنَّة، مِنْ غَيْرِ
مُدَاهنَة وَلاَ مرَاقبَةٍ لسُلْطَان وَلاَ وَزِيْر،
وَقَدْ قَاسَى بِذَلِكَ قصدَ الحُسَّاد فِي كُلِّ وَقْتٍ،
وَسعُوا فِي رُوحه مِرَاراً، وَعمدُوا إِلَى إِهَلاَكه
أَطوَاراً، فَوْقَاهُ اللهُ شَرَّهُم، وَجَعَلَ قَصدهمْ
أَقوَى سَبَبٍ لارتفَاع شَأْنه (1) .
قُلْتُ:قَدِ انْتفع بِهِ خَلْقٌ، وَجَهِلَ آخرُوْنَ،
فَإِنَّ طَائِفَةً مِنْ صُوْفَة الفلسفَة وَالاَتحَاد
يَخضعُوْنَ لَكَلاَمه فِي(مَنَازِل السَّائِرِيْنَ)،
وَيَنْتَحِلُونه، وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ مُوَافِقهم.
كلاَ، بَلْ هُوَ رَجُلٌ أَثرِيٌّ، لَهِجٌ بِإِثْبَات نُصوص
الصِّفَات، مُنَافِرٌ لِلْكَلاَمِ وَأَهْلِهِ جِدّاً (2) ،
وَفِي(مَنَازِله (3))إِشَارَاتٌ إِلَى الْمَحْو وَالفنَاء،
وَإِنَّمَا مُرَادُه بِذَلِكَ الفَنَاءِ هُوَ الغَيْبَةُ
عَنْ شُهُوْد السِّوَى، وَلَمْ يُرِدْ مَحْوَ السِّوَى فِي
الخَارِج، وَيَا ليتَه لاَ صَنَّف ذَلِكَ، فَمَا أَحلَى
تَصُوفَ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِيْنَ!مَا خَاضُوا فِي
هَذِهِ الخَطَرَاتِ وَالوسَاوِسِ، بَلْ عبدُوا اللهَ،
وَذَلُّوا لَهُ وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ، وَهم مِنْ خَشيته
مُشفقُوْنَ، وَلأَعدَائِهِ مُجَاهِدُوْنَ، وَفِي الطَّاعَة
مُسَارعُوْنَ، وَعَنِ اللَّغو مُعرضون، وَاللهُ يَهدي مَنْ
يَشَاءُ إِلَى صرَاط مُسْتَقِيْم.
وَقَدْ جمع هَذَا سيرَةً لِلإِمَامِ أَحْمَدَ فِي
مُجَلَّد، سمِعنَاهَا مِنْ أَبِي حَفْصٍ ابْنِ القوَّاس
بِإِجَازته مِنَ الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا الكَرُوخِيّ،
أَخْبَرَنَا المُؤَلّف.
قَالَ ابْنُ طَاهِر:حَكَى لِي أَصْحَابُنَا أَنَّ
السُّلْطَان أَلب آرسلاَن قَدِمَ هَرَاةَ
__________
(1) المصدر السابق.
(2) جاء في الحاشية بخط مغاير ما نصه: بل في كلامه صريح
الاتحاد، لا سيما في الابيات الثلاثة التي ختم بها الكتاب،
والرجل منحرف عن السنة في الطرفين عفا الله عنه.
(3) إي كتابه: " منازل السائرين ".
(18/510)
وَمَعَهُ وَزِيْرُهُ نِظَامُ المُلك،
فَاجتمع إِلَيْهِ أَئِمَّةُ الحَنَفِيَّة وَأَئِمَّةُ
الشَّافِعِيَّة لِلشكوَى مِنَ الأَنْصَارِيّ،
وَمُطَالبَتِه، بِالمُنَاظرَة، فَاسْتدَعَاهُ الوَزِيْرُ،
فَلَمَّا حضَر، قَالَ:إِنَّ هَؤُلاَءِ قَدِ اجْتَمَعُوا
لمنَاظرتك، فَإِنْ يَكُنِ الحَقُّ مَعَكَ؛رَجَعُوا إِلَى
مَذْهَبِكَ، وَإِنْ يَكُن الحَقُّ مَعَهم؛رَجَعتَ أَوْ
تسكتَ عَنْهُم.
فَوَثَبَ الأَنْصَارِيّ، وَقَالَ:أُنَاظِرُ عَلَى مَا فِي
كُمِّي.
قَالَ:وَمَا فِي كُمِّكَ؟
قَالَ:كِتَابُ اللهِ.
- وَأَشَارَ إِلَى كُمِّهِ اليَمِين - وَسُنَّةُ رَسُوْلِ
اللهِ - وَأَشَارَ إِلَى كَمّه اليَسَار - وَكَانَ
فِيْهِ(الصَّحيحَان).
فَنَظَرَ الوَزِيْرُ إِلَيْهِم مُسْتفهمَاتهم (1) ، فَلَمْ
يَكُنْ فِيهِم مِنْ نَاظَرَهُ مِنْ هَذَا الطَّرِيْق (2) .
وَسَمِعْتُ خَادِمَه أَحْمَد بن أَمِيْرجه يَقُوْلُ:حضَرتُ
مَعَ الشَّيْخ لِلسّلاَم عَلَى الوَزِيْر نِظَام المُلك،
وَكَانَ أَصْحَابُنَا كلَّفُوهُ الخُرُوجَ إِلَيْهِ،
وَذَلِكَ بَعْد المِحنَة وَرُجُوْعِهِ إِلَى وَطَنه مِنْ
بَلْخ - يَعْنِي:أَنَّهُ كَانَ قَدْ غُرِّبَ -
قَالَ:فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ؛أَكرمه وَبجَّلَهُ،
وَكَانَ هُنَاكَ أَئِمَّةٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ،
فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَسْأَلُوْهُ بَيْنَ يَدي
الوَزِيْر، فَقَالَ العَلَوِيُّ الدبوسِيّ:يَأْذنُ
الشَّيْخ الإِمَامُ أَنْ أَسَأَل؟
قَالَ:سَلْ.
قَالَ:لَمْ تَلْعَن أَبَا الحَسَنِ الأَشْعَرِيَّ؟
فَسَكَتَ الشَّيْخُ، وَأَطرق الوَزِيْرُ، فَلَمَّا كَانَ
بَعْد سَاعَة؛قَالَ الوَزِيْر:أَجِبْهُ.
فَقَالَ:لاَ أَعْرفُ أَبَا الحَسَنِ، وَإِنَّمَا أَلعنُ
مَنْ لَمْ يَعتقد أَنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ، وَأَنَّ
القُرْآن فِي المُصْحَف، وَيَقُوْلُ:إِنَّ النَّبِيَّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليَوْمَ لَيْسَ
بِنَبِيّ.
ثُمَّ قَامَ وَانْصَرَفَ (3) ، فَلَمْ يُمَكِّن أَحَداً
أَنْ يَتَكَلَّم مِنْ هَيبته، فَقَالَ الوَزِيْر
لِلسَائِل:هَذَا أَرَدْتُمْ!أَن نَسْمَع مَا كَانَ يذكرهُ
بهَرَاة بآذَانِنَا، وَمَا
__________
(1) في تذكرة الحفاظ: مستفهما لهم.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1187.
(3) في حاشية الأصل ما نصه: الذي يصف الله سبحانه وتعالى
بصفات المحدثين من التحيز ونحوه أحق باللعن من الأشعري،
والله يعفو عن الجميع.
(18/511)
عَسَى أَنْ أَفْعَلَ بِهِ؟ثُمَّ بَعَثَ
إِلَيْهِ بِصِلَةٍ وَخِلَع، فَلَمْ يَقْبَلهَا، وَسَافَرَ
مِنْ فَوره إِلَى هَرَاة (1) .
قَالَ:وَسَمِعْتُ أَصْحَابَنَا بهَرَاة
يَقُوْلُوْنَ:لَمَّا قَدِمَ السُّلْطَانُ أَلب آرسلاَن
هَرَاة فِي بَعْض قَدَمَاتِهِ، اجْتَمَع مَشَايِخُ البَلَد
وَرُؤِسَاؤُه، وَدخلُوا عَلَى أَبِي إِسْمَاعِيْلَ،
وَسلَّمُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا:وَرَدَ السُّلْطَانُ
وَنَحْنُ عَلَى عزمِ أَن نَخْرُج، وَنُسَلِّمَ عَلَيْهِ،
فَأَحْبَبْنَا أَن نبدَأَ بِالسَّلاَمِ عَلَيْكَ،
وَكَانُوا قَدْ تَوَاطؤُوا عَلَى أَنَّ حملُوا مَعَهم
صَنَماً مِنْ نُحَاسٍ صغِيراً، وَجَعَلُوْهُ فِي
المِحْرَاب تَحْتَ سَجَّادَة الشَّيْخ، وَخَرَجُوا،
وَقَامَ الشَّيْخُ إِلَى خَلوته، وَدخلُوا عَلَى
السُّلْطَان، وَاسْتغَاثُوا مِنَ الأَنْصَارِيّ، وَأَنَّهُ
مُجَسِّمٌ، وَأَنَّهُ يَتركُ فِي مِحْرَابه صَنَماً
يَزْعمُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَلَى صُوْرته، وَإِن بَعَثَ
السُّلْطَانُ الآنَ يَجِدْهُ.
فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى السُّلْطَان، وَبَعَثَ غُلاَماً
وَجَمَاعَة، فَدَخَلُوا، وَقصدُوا المِحْرَاب، فَأَخذُوا
الصّنم، فَأَلقَى الغُلاَمُ الصَّنَمَ، فَبَعَثَ
السُّلْطَانُ مَنْ أَحضر الأَنْصَارِيَّ، فَأَتَى فَرَأَى
الصّنمَ وَالعُلَمَاء، وَقَدِ اشتدَّ غَضَبُ السُّلْطَانِ،
فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان:مَا هَذَا؟
قَالَ:صَنَمٌ يُعْمَلُ مِنَ الصُّفْرِ شِبْه اللُّعبَة.
قَالَ:لَسْتُ عَنْ ذَا أَسَأَلُكَ.
قَالَ:فَعَمَّ يَسْأَلُنِي السُّلْطَان؟
قَالَ:إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُوْنَ أَنَّك تَعبُدُ هَذَا،
وَأَنَّك تَقُوْلُ:إِنَّ اللهَ عَلَى صُوْرته.
فَقَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ بصولَةٍ وَصَوْتٍ
جَهْوَرِيٍّ:سُبْحَانَكَ!هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيْم.
فَوَقَعَ فِي قَلْب السُّلْطَان أَنَّهم كَذَبُوا
عَلَيْهِ، فَأَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ إِلَى دَارِهِ
مُكَرَّماً.
وَقَالَ لَهُم:اصدقُونِي.
وَهَدَّدَهم فَقَالُوا:نَحْنُ فِي يَد هَذَا فِي بَلِيَّةٍ
مِنِ اسْتيلاَئِه عَلَيْنَا بِالعَامَّة، فَأَردنَا أَن
نَقطع شَرَّهُ عَنَّا.
فَأَمَرَ بِهِم، وَوَكَّل بِهِم، وَصَادَرَهُم، وَأَخَذَ
مِنْهم وَأَهَانَهُم (2) .
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1187 - 1188.
(2) " تذكره الحفاظ " 3 / 1188 - 1189.
(18/512)
قَالَ أَبُو الوَقْتِ
السِّجْزِيُّ:دَخَلْتُ نَيْسَابُوْر، وَحَضَرتُ عِنْد
الأُسْتَاذِ أَبِي المَعَالِي الجُوَيْنِيّ، فَقَالَ:مَنْ
أَنْتَ؟
قُلْتُ:خَادمُ الشَّيْخ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ
الأَنْصَارِيّ.
فَقَالَ:رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (1) .
قُلْتُ:اسْمَع إِلَى عقلِ هَذَا الإِمَام، وَدَعْ سَبَّ
الطَّغَام، إِنْ هُم إِلاَّ كَالأَنعَام.
قَالَ ابْنُ طَاهِر:وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيْلَ
يَقُوْلُ:كِتَابُ أَبِي عِيْسَى التِّرْمِذِيّ عِنْدِي
أَفْيَدُ مِنْ كِتَاب البُخَارِيّ وَمُسْلِم.
قُلْتُ:وَلِمَ؟
قَالَ:لأَنَّهُمَا لاَ يَصلُ إِلَى الفَائِدَة مِنْهُمَا
إِلاَّ مَنْ يَكُوْنُ مِنْ أَهْلِ المَعْرِفَة التَّامة،
وَهَذَا كِتَابٌ قَدْ شَرَح أَحَادِيْثَه، وَبيَّنهَا،
فِيَصِلُ إِلَى فَائِدته كُلُّ فَقِيْهٍ وَكُلُّ مُحَدِّثٍ
(2) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيّ:سَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ
بنَ مُحَمَّدٍ الحَافِظَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
الأَنْصَارِيّ، فَقَالَ:إِمَامٌ حَافظ (3) .
وَقَالَ عبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ:كَانَ أَبُو
إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ عَلَى حَظٍّ تَامٍّ مِنْ
مَعْرِفَة العَرَبِيَّة وَالحَدِيْثِ وَالتَّوَارِيخِ
وَالأَنسَابِ، إِمَاماً كَامِلاً فِي التَّفْسِيْر، حَسْنَ
السِّيْرَةِ فِي التَّصُوُّف، غَيْرَ مُشْتَغِلٍ بِكَسْبٍ،
مُكْتَفِياً بِمَا يُبَاسِطُ بِهِ المرِيْدينَ
وَالأَتْبَاع مِنْ أَهْلِ مَجْلِسه فِي العَامِ مَرَّةً
أَوْ مرَّتين عَلَى رَأْس الملأِ، فِيحصل عَلَى أُلوفٍ
مِنَ الدَّنَانِيْر وَأَعدَادٍ مِنَ الثِّيَاب
وَالحُلِيِّ، فَيَأْخذُهَا، وَيُفَرِّقهَا عَلَى اللَّحَام
وَالخَبَّاز، وَيُنفق مِنْهَا، وَلاَ يَأْخذُ مِنَ
السُّلْطَان وَلاَ مِنْ أَركَانِ الدَّوْلَة شَيْئاً،
وَقلَّ مَا يُرَاعِيْهُم (4) ، وَلاَ يَدخُل عَلَيْهِم،
وَلاَ يُبَالِي بِهِم، فَبقِيَ عَزِيزاً
__________
(1) المصدر السابق: 1189.
(2) المصدر نفسه.
(3) المصدر نفسه.
(4) تحرفت في " التذكرة " إلى: يرى عنهم.
(18/513)
مقبولاً قَبولاً أَتمَّ مِنَ المَلِك،
مُطَاعَ الأَمْر نَحْواً مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً مِنْ
غَيْرِ مُزَاحمَة، وَكَانَ إِذَا حضَرَ المَجْلِسَ لَبِسَ
الثِّيَاب الفَاخِرَة، وَركب الدَّوَابّ الثّمِينَة،
وَيَقُوْلُ:إِنَّمَا أَفْعَلُ هَذَا إِعزَازاً لِلدِّين،
وَرَغْماً لأَعدَائِهِ، حَتَّى يَنظرُوا إِلَى عِزِّي
وَتَجَمُّلِي، فِيرغبُوا فِي الإِسْلاَمِ.
ثُمَّ إِذَا انْصرف إِلَى بَيْته؛عَادَ إِلَى
المُرَقَّعَةِ (1) وَالقعُوْدِ مَعَ الصُّوْفِيَّة فِي
الخَانقَاه يَأْكُلُ مَعَهُم، وَلاَ يَتَمَيَّزُ بحَالٍ،
وَعَنْهُ أَخَذَ أَهْلُ هَرَاةَ التبكيرَ بِالفَجْر،
وَتسمِيَةَ الأَوْلاَد غَالِباً بِعَبْدِ المضَافِ إِلَى
أَسْمَاء الله - تَعَالَى - (2) .
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ السَّمْعَانِيّ:كَانَ أَبُو
إِسْمَاعِيْلَ مُظْهِراً لِلسُّنَّة، دَاعِياً إِلَيْهَا،
مُحَرِّضاً عَلَيْهَا، وَكَانَ مُكتفِياً بِمَا يُبَاسِط
بِهِ المردينَ، مَا كَانَ يَأْخذُ مِنَ الظَّلَمَةِ
شَيْئاً، وَمَا كَانَ يَتَعَدَّى إِطلاَق مَا وَرد فِي
الظوَاهر مِنَ الكِتَاب وَالسّنَّة، مُعْتَقداً مَا صَحَّ،
غَيْر مُصَرِّحٍ بِمَا يَقتضيه تَشبيهٌ، وَقَالَ
مرَّة:مِنْ لَمْ يَرَ مجلسِي وَتذكيرِي، وَطَعَنَ فِيَّ،
فَهُوَ مِنِّي فِي حِلٍّ (3) .
قُلْتُ:غَالِبُ مَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ(الفَارُوْق)صِحَاح
وَحِسَان، وَفِيْهِ بَابُ إِثْبَاتِ اسْتوَاءِ اللهِ عَلَى
عَرْشه فَوْقَ السَّمَاء السَّابِعَة بَائِناً مِنْ خَلقه
مِنَ الكِتَاب وَالسّنَّة، فَسَاقَ دلاَئِل ذَلِكَ مِنَ
الآيَات وَالأَحَادِيْث...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَفِي أَخْبَارٍ شَتَّى أَنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ
السَّابِعَة عَلَى الْعَرْش، وَعِلْمُهُ وَقُدْرَتُه
وَاسْتمَاعُه وَنَظَرُه وَرَحمتُه فِي كُلِّ مَكَان.
قِيْلَ:إِنَّ شَيْخ الإِسْلاَمِ عَقد عَلَى تَفْسِيْر
قَوْله :{إِنَّ الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا
الحُسْنَى}[الأَنْبِيَاء:101]ثَلاَثَ مائَةٍ وَسِتِّيْنَ
مَجْلِساً.
__________
(1) المرقعة: من لباس الصوفية، لما فيها من الرقع. "
المعجم الوسيط ".
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1189 - 1190.
(3) المصدر السابق: 1190.
(18/514)
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيّ:تُوُفِّيَ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، عَنْ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً وَأَشهرٍ (1) .
وَفِيْهَا مَاتَ:مُسْنِدُ أَصْبَهَان أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ ابْن
مَاجَه الأَبْهَرِيّ (2) ، وَمُسْنِدُ نَيْسَابُوْر أَبُو
عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد اللهِ
المَحْمِيّ المُزكِّي (3) ، وَرَاوِي(جَامِعِ
التِّرْمِذِيّ)أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الصَّمد
الغُوْرَجِي (4) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيّ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ رُوزبه
بِبَغْدَادَ، وَكَتَبَ إِلَيَّ غَيْرُ وَاحِد، مِنْهم
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ، وَزَكَرِيَّا
العُلبِيّ، وَابْنُ صيلاَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ عبدُ الأَوّل بنُ عِيْسَى،
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مَنْصُوْرِ بن الحُسَيْنِ وَقَالَ:
هُوَ أَعْلَى حَدِيْثٍ عِنْدِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرِ بنِ دَيْسم أَبُو
سَعِيْدٍ بهَرَاة، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المِقْدَام،
حَدَّثَنَا الفَضْل بن دُكَيْن، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ
وَرْدَانَ(ح).
وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
قَايْمَازَ الدَّقِيْقِيّ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ اللَّتِّي،
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا عبدُ الجَبَّار بن الجَرَّاحِ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحْبُوْبٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا
عُقْبَةُ بنُ مُكْرَم، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْك،
أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بنُ وَرْدَانَ اللَّيْثِيّ، عَنْ
أَنَسِ بنِ مَالِكٍ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(مَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ، بُنِيَ
لَهُ فِي
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1190. وفي " البداية ": توفي عن
ست وثمانين سنة، وفي " تاريخ الخميس ": أنه توفي سنة
(480).
(2) سترد ترجمته برقم (302).
(3) سترد ترجمته برقم (300).
(4) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (3).
(18/515)
رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَ
المِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ، بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا،
وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلاَهَا) (1)
.
سلمَة سَيِّئُ الحِفْظ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ:ابْنُ
المُبَارَكِ وَالقَعْنَبِيّ، مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَمِنْ مَنَاكِيْرِهِ مَا رَوَاهُ
سُرَيْج بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْك،
عَنْ سلمَة، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ لِرَجُلٍ:(هَلْ تَزَوَّجتَ)؟
قَالَ:لَيْسَ عِنْدِي مَا أَتزوَّجُ.
قَالَ:(أَلَيْسَ مَعَكَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد }؟)
قَالَ:بَلَى.
قَالَ:(ربع القُرْآن، أَلَيْسَ مَعَكَ {قُلْ يَا أَيُّهَا
}؟)
قَالَ:بَلَى.
قَالَ:(ربع القُرْآن، أَلَيْسَ مَعَكَ إِذَا زُلْزِلَت؟)
قَالَ:بَلَى.
قَالَ:(ربع القُرْآن، تَزَوَّجَ تَزَوَّجَ (2)).
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ:خَرَجَ عَنْ حدِّ
الاحْتِجَاج بِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الغَرَّافِيّ (3) ،
أَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي رُوزْبه، أَخْبَرَنَا أَبُو
الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا حَامِدٌ الرَّفَّاء، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف سلمة بن وردان، وهو في " سنن ابن
ماجه " (51) والترمذي (1994) وحسنه، وله شاهد عند أبي داود
(4800) من حديث أبي أمامة ولفظه " أنا زعيم ببيت في ربض
الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة
لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن
خلقه " وسنده حسن، وآخر من حديث ابن عباس عند الطبراني في
" معجمه " الكبير (11290) وثالث عن معاذ بن جبل عند
الطبراني في الصغير ص 166، فالحديث صحيح.
(2) هو في سنن الترمذي (2895) في فضائل القرآن من طريق
عقبة بن مكرم العمي البصري عن ابن أبي فديك بهذا الإسناد،
ومع وجود سلمة بن وردان في السند، فقد حسنه الترمذي.
(3) العرافي: نسبة إلى الغراف، قال ياقوت: على وزن فعال
بالتشديد، من الغرف، وهو نهر كبير تحت واسط بينها وبين
البصرة، وعليه كورة فيها قرى كثيرة وهي بطائح.
(18/516)
الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ
الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
(أَهدَى رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - مرَّة غنماً).
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (1) ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ،
وَهُوَ مِنْ نَمط الثُّلاَثيَات.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ عَلِيِّ بن مُحَمَّدٍ
الفَقِيْه، وَمُحَمَّدِ بن قَايْمَازَ، وَجَمَاعَةٍ
قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عبدُ
الأَوّل بن عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ
الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عبدُ الجَبَّار، أَخْبَرْنَا
ابْنُ مَحْبُوْب، حَدَّثَنَا أَبُو عِيْسَى
التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار (2) ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ - هُوَ الخَزَّاز - عَنِ ابْنِ
أَبِي مُلَيكَة، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
تَلاَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- هَذِهِ الآيَة :{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ
الكِتَابَ }[آل عِمْرَان:7].
فَقَالَ:(إِذَا رَأَيتُم الَّذِيْنَ يَتَّبِعُوْنَ مَا
تَشَابَهَ مِنْهُ، أَولئك الَّذِيْنَ سَمَّى الله
فَاحْذَرُوهُمْ (3)).
وَبِهِ:قَالَ التِّرْمِذِيُّ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
بَشَّار، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ
ابْنِ أَبِي مُلَيكَة، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ هَذِهِ الآيَة :{فَأَمَّا الَّذِيْنَ فِي
قُلُوْبِهمْ زَيْغٌ }[آل عِمْرَان:7].
قَالَ:(هُمُ الَّذِيْنَ سَمَّى اللهُ فَاحذَرُوهُم
(4))هَذَا أَوْ قَرِيْبٌ مِنْهُ.
__________
(1) رقم (1701) في الحج: باب تقليد الغنم، وأخرجه مسلم
(1321) (367) في الحج: باب استحباب الهدي إلى الحرم لمن لا
يريد الذهاب لنفسه من طريق يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية،
عن الأعمش بهذا الإسناد.
(2) في الأصل، فوق كلمة بشار: علامة سقط ح، وسيذكر المؤلف
هذا السقط قريبا.
(3) هو في سنن الترمذي (2993) و(2994) في التفسير، وقال:
هذا حديث حسن صحيح.
(4) هو في سنن الترمذي (2993) وأخرجه البخاري (4547) ومسلم
(2665) وأبو داود (4598) وابن حبان (72) والطبري (6610)
والطيالسي (1433) كلهم من طريق يزيد ابن إبراهيم، عن ابن
أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة، ولم ينفرد يزيد بن
إبراهيم بزيادة القاسم ابن أبي مليكة وعائشة، بل تابعه
عليه حماد بن سلمة عند الطبري (6615) والطيالسي (1432)
ورواه عن ابن أبي مليكة، عن عائشة ليس بينهما القاسم،
الطبري (6605) و(6606) =
(18/517)
فَهذَان الحَدِيْثَان اللذَان أَسقطَ
مِنْهُمَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ رَجُلاً رَجُلاً،
فَالأَوّل:سقطَ فَوْقَ ابْن بَشَّار أَبُو دَاوُدَ
الطَّيَالِسِيُّ، وَالثَّانِي:سقط مِنْهُ رَجُل وَهُوَ
أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ، عَنْ يَزِيْدَ.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَالِياً، عَنِ القَعْنَبِيّ
عَنْ يَزِيْدَ، بِهِ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
اللَّتِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ الحَيَّانِيّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ الرَّبِيْعَ بنَ سُلَيْمَانَ،
سَمِعْتُ الشَّافِعِيّ يَقُوْلُ:
قِرَاءةُ الحَدِيْث خَيْرٌ مِنْ صَلاَةِ التَّطوع.
إِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ عَنِ الشَّافِعِيّ، وَلفْظُهُ
غَرِيْب، وَالمَحْفُوْظ:طَلَبُ العِلْم (1) .
261 - ابْنُ قُرَيْشٍ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ
البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّالِحُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ عُثْمَانَ
بنِ قُرَيْشٍ البَغْدَادِيُّ، النَّصْرِيُّ، البَنَّاءُ،
مِنْ أَهْلِ مَحَلَّةِ النَّصْرِيَّة (2) .
__________
= وأحمد 6 / 48، وابن ماجه (47) وقد سمع ابن أبي مليكة من
عائشة كثيرا، وكثيرا ما يدخل بينها وبينه واسطة، وقد اختلف
عليه في هذا الحديث، فبعضهم يروي عن ابن أبي مليكة، عن
عائشة ليس بينهما أحد، وبعضهم يزيد القاسم بن محمد بين ابن
أبي مليكة وعائشة كما تقدم في التخريج وكل صحيح، فهو من
المزيد في متصل الأسانيد، سمعه ابن أبي مليكة عن عائشة،
وسمعه من القاسم عن عائشة، فحدث به على الوجهين تارة هكذا
وتارة هكذا.
(1) وهو بهذا اللفظ في " الحلية " 9 / 199، وآداب الشافعي:
97، والانتقاء: 84، وجامع بيان العلم 1 / 25.
(*) المنتظم 9 / 59.
(2) قال ياقوت: هي محلة بالجانب الغربي من بغداد في طرف
البرية متصلة بدار القز...منسوبة إلى أحد أصحاب المنصور،
يقال له نصر.
(18/518)
سَمِعَ:أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
الصَّلْت الأَهْوَازِيَّ، وَهُوَ آخِرُ أَصْحَابه، وَأَبَا
الحَسَنِ الحمامِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ الحُرْفِيّ.
وَعَنْهُ:ابْنُ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ
الأَنْمَاطِيّ، وَابْنُ نَاصِرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ
اللهِ ابنِ الفُرضِي، وَعبدُ الخَالِق اليُوْسُفِيّ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:ثِقَةٌ، صَالِحٌ، صَدُوْقٌ.
تُوُفِّيَ:فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
262 - الحَاكِمِيُّ أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ عَلِيِّ بنِ
أَحْمَدَ *
الفَقِيْهُ نَصْرُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ
مَنْصُوْرِ بنِ شَاذَوَيْه، أَبُو الفَتْحِ الطُّوْسِيُّ،
الحَاكمِيُّ، أَحَدُ المَشَاهِير.
حَدَّثَ بـ(السُّنَن)عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الرُّوْذْبَارِيّ،
عَنِ ابْنِ دَاسَة.
وَأَحضروهُ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، فَسمِعُوا مِنْهُ
الكِتَاب.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو الأَسَعْدِ بنُ القُشَيْرِيّ، وَصخرُ
بنُ عُبَيْدِ الطابَرَانِيّ، وَجَمَاعَة، وَكَانَ
مُعَمَّراً.
263 - مُعَلَّى بنُ حَيْدَرَةَ أَبُو الحَسَنِ
الكُتَامِيُّ **
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، حِصْنُ الدَّوْلَة، أَبُو الحَسَنِ
الكُتَامِي (1) .
تغلب عَلَى مملكَة دِمَشْق بَعْد نُزُوح أَمِيْرِ
الجُيُوْش بَدْرٍ (2) عَنْهَا، فَظلم وَصَادَرَ وَعسَفَ،
وَزَعَمَ أَنَّ التَّقْلِيد جَاءهُ مِنَ المُسْتنصر،
وَتعثَّرتِ الرعيَّةُ،
__________
(*) السياق: الورقة 92 ب، التقييد: الورقة 212 ب - 213 أ.
(* *) ذيل تاريخ دمشق للقلانسي: 95، معجم الأنساب والاسرات
الحاكمة: 46.
(1) نسبة إلى كتامة، وهي قبيلة من البربر ببلاد المغرب.
(2) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (43).
(18/519)
وَأَبغضه الجُنْد، وَجلاَ كَثِيْرٌ مِنَ
النَّاس، ثُمَّ خَاف وَذَلَّ، فَهَرَبَ إِلَى بَانيَاس،
فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة،
فَبقِي هُنَاكَ مُدَّةً، ثُمَّ هَرَبَ إِلَى صُوْر، ثُمَّ
إِلَى طرَابُلُس، فَأُمسك مِنْهَا، ثُمَّ سُجن بِمِصْرَ
مُدَّة، ثُمَّ قتلُوْهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
وَكَانَ أَبُوْهُ حَيدرَة بن مُنَزه (1) وَفَدَ إِلَى
دِمَشْقَ مِنْ قِبَل المُسْتنصر، وَلُقِّبَ بِحِصْنِ
الدَّوْلَة أَيْضاً.
264 - الحُسَيْنِيُّ أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، السَّيِّدُ
الكَبِيْرُ، المُرْتَضَى، ذُو الشّرفِيْن، أَبُو
المَعَالِي (2) مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدِ بنِ
عَلِيٍّ العَلَوِيُّ، الحُسَيْنِيُّ، البَغْدَادِيُّ،
نَزِيْلُ سَمَرْقَنْدَ.
وُلِدَ:سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ:أَبَا عَلِيٍّ بنَ شَاذَانَ، وَأَبَا القَاسِمِ
الحُرْفِيّ (3) ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بن
المَحَامِلِيّ، وَطَلْحَةَ بن الصّقر، وَأَبَا بَكْرٍ
البَرْقَانِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى الهَمَذَانِيّ،
وَعَبْدَ الْملك بن بِشْرَان الوَاعِظ، وَابْنَ غَيْلاَنَ،
وَطَبَقَتهُم، وَاختصَّ بِالخَطِيْبِ، وَلاَزمه.
__________
(1) هكذا هنا، وقد ذكره المصنف في ترجمة حيدرة بن الحسين
رقم (87): منزو، بالواو بدل الهاء.
(*) المنتظم 9 / 40 - 42، المنتخب: الورقة 14 ب، دول
الإسلام 2 / 10، تذكرة الحفاظ 4 / 1209 - 1212، العبر 3 /
297، الوافي 1 / 143، البداية والنهاية 12 / 133 - 134،
طبقات الحفاظ: 445، شذرات الذهب 3 / 365، إيضاح المكنون 2
/ 186، هدية العارفين 2 / 75.
(2) في " المنتظم " 9 / 40: ذو الكنيتين، أبو المعالي وأبو
الحسن.
(3) بالفاء، وقد تصحف في " الوافي بالوفيات " 1 / 143 إلى:
الحرقي، بالقاف -
(18/520)
وَصَنَّفَ وَجَمَعَ، وَكَانَ كَبِيْرَ
القَدْرِ، كَامِل السُّؤْدُدِ، كَثِيْرَ الأَمْوَال،
يَرْجِع إِلَى عقلٍ وَرَأْي وَعلم وَافرٍ، وَنعمَة جسيمَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:شَيْخُهُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ
المُسْتَغْفِرِي، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَيُوْسُفُ
بنُ أَيُّوْبَ الهَمَذَانِيّ الزَّاهِد، وَزَاهِرُ بنُ
طَاهِرٍ الشَّحَّامِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ سَهْلٍ
السَّيِّديّ، وَأَبُو الأَسْعَدِ هِبَةُ الرَّحْمَن بنُ
القُشَيْرِيّ، وَأَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الحِيْرِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ
الحُسَيْنِ الأَدِيْب، لَكِن هَذَا بِالإِجَازَة، وَآخر
مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ:الخَطِيْبُ أَبُو المَعَالِي
المَدِيْنِيّ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:هُوَ أَفْضَلُ
عَلَوِيٍّ فِي عصره، لَهُ المَعْرِفَةُ التَّامَةُ
بِالحَدِيْثِ، وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَى عقلٍ وَافرٍ
وَرَأْيٍ صَائِبٍ، بَرَع بِأَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب فِي
الحَدِيْثِ، نَقل عَنْهُ الخَطِيْبُ - أَظَنُّ فِي
كِتَابِ(البخلاَء) - رُزق حُسْنَ التَّصنِيف، وَسَكَنَ فِي
آخِرِ عُمُرِهِ سَمَرْقَنْد، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَاد،
وَأَملَى بِهَا، وَحَدَّثَ بِأَصْبَهَانَ، ثُمَّ رَجَعَ
إِلَى سَمَرْقَنْد (1) .
سَمِعْتُ يُوْسُفَ بن أَيُّوْبَ الزَّاهِد يَقُوْلُ:مَا
رَأَيْتُ علويّاً أَفْضَلَ مِنْهُ.
وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَكَانَ مِنَ الأَغنِيَاء
المَذْكُوْرِيْنَ، وَكَانَ كَثِيْرَ الإِيثَار، يُنَفِّذُ
فِي العَامِ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الأَئِمَّةِ الأَلفَ
دِيْنَار وَالخَمْسَ مائَةٍ وَأَكْثَرَ إِلَى كُلّ وَاحِد،
فَرُبَّمَا بلغَ ذَلِكَ عَشْرَةَ آلاَف دِيْنَار،
وَيَقُوْلُ:هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي، وَأَنَا غَرِيْبٌ،
فَفَرِّقُوا عَلَى مَنْ تَعرفُوْنَ اسْتحقَاقه، وَكُلّ
مَنْ أَعْطيتُمُوْهُ؛فَاكتُبُوا لَهُ خَطّاً،
وَأَرْسَلُوْهُ حَتَّى أُعْطِيْه مِنْ عُشر الغَلَّة.
قَالَ:وَكَانَ يَملك قَرِيْباً مِنْ أَرْبَعِيْنَ قَرْيَة
خَالصَةً لَهُ بنوَاحِي كِس (2) ، وَلَهُ فِي كُلِّ
قَرْيَة وَكيلٌ أَمْيَزُ مِنْ رَئِيْسٍ بِسَمَرْقَنْدَ (3)
.
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1210 و" الوافي " 1 / 143.
(2) في " التذكرة " و" المنتظم ": كش بالمعجمة.
(3) انظر " المنتظم " 9 / 41، و" تذكرة الحفاظ " 4 / 1210
- 1211، و" الوافي " 1 / 143.
(18/521)
هَذَا قَوْل السَّمْعَانِيّ، وَلَقَدْ
بِالغ، فَهَذَا فِي رُتْبَة مَلِكٍ، وَمِثْلُ هَذَا يَصلُح
لِلْخِلاَفَةِ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو سَعْدٍ:وَسَمِعْتُ أَبَا المعَالِي
مُحَمَّدَ بن نَصْرٍ الخَطِيْب يَقُوْلُ:ذَلِكَ، وَكَانَ
مِنْ أَصْحَابِ الشَّرِيْف.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:إِنَّ الشَّرِيْفَ أَنشَأَ
بُستَانَا عَظِيْماً، فَطَلبَ صَاحِبُ مَا وَرَاء
النَّهْرِ الخَاقَانُ خَضِرٌ أَنْ يَحْضُرَ دَعوتَه فِي
البُسْتَان، فَقَالَ الشَّرِيْف لِلْحَاجِبِ:لاَ سَبِيْل
إِلَى ذَلِكَ.
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ:لَكِنِّي لاَ أُحضر، وَلاَ
أُهيَىء لَهُ آلَةَ الفِسْق وَالفسَاد، وَلاَ أَعصِي الله
- تَعَالَى - .
قَالَ:فَغَضِبَ الخَاقَان، وَأَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ
عَلَيْهِ، فَاخْتَفَى عِنْد وَكيل لَهُ نَحْواً مِنْ
شَهْر، فَنُوْدِيَ عَلَيْهِ فِي البَلَد، فَلَمْ يَظفرُوا
بِهِ، ثُمَّ أَظهرُوا نَدماً عَلَى مَا فَعلُوا
لِيَطمَئِن، وَأَلحَّ عَلَيْهِ أَهْله فِي الظُهُوْر،
فَجَلَسَ عَلَى مَا كَانَ مُدَّة، ثُمَّ إِنَّ الْملك
نَفَّذَ إِلَيْهِ ليشَاورَهُ فِي، أَمر فَلَمَّا حصل
عِنْدَهُ، أَخَذَه وَسَجَنَهُ، ثُمَّ اسْتَأَصل أَمْوَاله
وَضيَاعَه، فَصبر، وَحَمِدَ الله، وَقَالَ:مَنْ يَكُوْنُ
مِنْ أَهْلِ البَيْتِ لاَ بُدَّ أَنْ يُبتلَى، وَأَنَا
رُبِّيْتُ فِي النِّعمَة، وَكُنْتُ أَخَاف أَنْ (1)
يَكُوْنَ وَقَعَ فِي نسبِي خلل، فَلَمَّا جرَى هَذَا،
فَرِحْتُ، وَعلمتُ أَنَّ نسبِي مُتَّصِل (2) .
قَالَ لِي أَبُو المَعَالِي الخَطِيْب:فَسمِعنَا أَنَّهم
منعُوْهُ مِنَ الطَّعَام حَتَّى مَاتَ جُوعاً، وَهُوَ مِنْ
ذُرِّيَّة زَيْنِ العَابِدِيْنَ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ
(3) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ:قَالَ أَبُو العَبَّاسِ
الجَوْهَرِيُّ:رَأَيْتُ السَّيِّدَ المُرْتَضَى بَعْد
مَوْتِهِ وَهُوَ فِي الجَنَّةِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامٌ،
قِيْلَ لَهُ:أَلاَ تَأكل؟
قَالَ:لاَ، حَتَّى
__________
(1) في الأصل: لا يكون، وفي التذكرة، أخاف يكون.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 41، و" تذكرة الحفاظ " 4 / 1211.
(3) " المنتظم " 9 / 41، و" تذكرة الحفاظ " 4 / 1211، و"
الوافي " 1 / 143، و" البداية والنهاية " 12 / 134.
(18/522)
يَجِيْء ابْنِي، فَإِنَّهُ غداً يَجِيْء.
قَالَ:فَانْتبهتُ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ، فَقُتل وَلده السَّيِّد أَبُو
الرِّضَا فِي ذَلِكَ اليَوْم (1) .
قَالَ:وَتُوُفِّيَ المرتضَى بَعْدَ سَنَةِ سِتٍّ
وَسَبْعِيْنَ، وَقِيْلَ:قُتِلَ فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة، قَتله الخَاقَان خَضِر بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَكَانَ قَدْ نَفَّذَهُ الخَاقَان
رَسُوْلاً إِلَى القَائِم بِأَمْرِ اللهِ (2) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ
الدِّمَشْقِيّ، أَنْبَأَنَا أَبُو المظفرِ عَبْدُ
الرَّحِيْم بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا هبَةُ
الرَّحْمَن بنُ عبد الوَاحِد الصُّوْفِيّ، أَخْبَرَنَا
المُرْتَضَى أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
العَلَوِيّ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ الهَرَوِيّ الزَّاهِد، أَخْبَرَنَا
مَنْصُوْرُ بنُ العَبَّاسِ البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا
جَعْفَرٌ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْر الحَصِيْرِيّ، حَدَّثَنَا
أَبُو حَفْصٍ الأُبُلِّيُّ عُمَرُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ
شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ القَاسِمِ، عَنْ
أَيُّوْبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(عِلْمٌ لاَ يَنْفَعُ كَكَنْزٍ لاَ يُنْفَقُ فِي
سَبِيْلِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ (3) - ).
عِيْسَى لاَ يُوثَقُ بِهِ (4) .
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1211 - 1212، و" الوافي " 1 /
143.
(2) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1212، ثم قال الذهبي: وقع لنا من
تصانيفه كتاب " فرحة المتعلم " سمعناه عاليا.
(3) إسناده ضعيف لضعف عيسى بن شعيب وهو في " جامع بيان
العلم " 1 / 122 من طريق عيسى بن شعيب بهذا الإسناد، وله
شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد 2 / 499، والدارمي 1 /
138 وفي سنده إبراهيم بن مسلم الهجري وهو لين الحديث، وله
طريق آخر فيه ابن لهيعة عند ابن عبد البر 1 / 22،
والطبراني في " الأوسط " كما في المجمع 1 / 164، وله شاهد
آخر من حديث ابن مسعود عند القضاعي كما في " الجامع الصغير
" فالحديث صحيح بهما.
(4) يتحصل من كلامهم أن ضعفه خفيف، فيصلح للمتابعات
والشواهد، وحديثه هذا من هذا القبيل.
(18/523)
وَبِهِ إِلَى المرتضَى:أَخْبَرَنَا أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ طَلْحَةَ البَصْرِيّ، حَدَّثَنَا
صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيّ الحَافِظ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَمْروس، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الجُرْجَانِيّ، حَدَّثَنَا الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ،
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِد فِي
قَوْله{لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ
وَالأَحْبَارُ }[المَائِدَة:63]،
قَالَ:الرَّبَّانِيون:العُلَمَاء الفُقَهَاء وَهُم فَوْقَ
الأَحْبَار (1) .
وَبِهِ:أَخْبَرَنَا الحَسَنُ الفَارِسِيّ - يَعْنِي:ابْن
شَاذَانَ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ القَطَّان،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا
ابْنُ عبدَة، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ جُمَيْع، عَنْ
سِمَاكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِر قَالَ:قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يَرفعه:
(إِنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ دَرَجَةً مِنْ دَرَجَةِ
النُّبُوَّة أَهْلُ الجِهَادِ وَأَهْلُ العِلْمِ، أَمَّا
أَهْلُ العِلْمِ فَقَالُوا مَا جَاءتْ بِهِ الأَنْبِيَاءُ،
وَأَمَّا أَهْلُ الجِهَادِ فَجَاهدُوا عَلَى مَا جَاءتْ
بِهِ الأَنْبِيَاء) (2) .
وَابْنُهُ:
265 - الحُسَيْنِيُّ أَبُو الرِّضَا الأَطْهَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ *
سَيِّدُ السَّادَةِ، أَبُو الرِّضَا الأَطْهَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ.
مِنْ كِبَارِ الشّرفَاء حِشْمَةً
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه الطبري (7312) من طريق يونس، عن
ابن وهب، عن سفيان بهذا الإسناد.
(2) ضعيف، حفص بن جميع ضعفه أبو حاتم، وقال أبو زرعة: ليس
بالقوي، وقال ابن حبان: لا يحتج به، وقال الساجي: يحدث عن
سماك بأحاديث مناكير، وفيه ضعف، وأورده السيوطي في "
الجامع الكبير " 1 / 135، ونسبه للديلمي، وقد قال في
مقدمته بعد أن ذكر رمز العقيلي وابن عدي والخطيب وابن
عساكر: وكل ما عزي لهؤلاء الأربعة، أو للحكيم الترمذي في "
نوادر الأصول " أو الحاكم في " تاريخه " أو للديلمي في "
مسند الفردوس "، فهو ضعيف، فليستغن بالعزو إليها أو إلى
بعضها عن بيان ضعفه.
(*) الوافي بالوفيات 9 / 289.
(18/524)
وَجَاهاً وَرِئَاسَةً وَأَمْوَالاً، وَلَمْ
يَزَلْ فِي رِفعَةٍ إِلَى أَنْ رَام المملكَة، وَنَابَذَ
خَانَ سَمَرْقَنْد، وَأَمر بِضَرْب السِّكَّةِ باسمه،
وَاسْتخدم آلاَفاً مِنَ العَسْكَر، وَجَنَى الخَرَاج،
وَعَظُمَ أَمرُه، ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ الخَانُ، فَوسَّطه (1)
، وَأَخَذَ أَمْوَالَه وَحرِيْمَه، وَأَبَاد حَاشِيَتَهُ،
حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهم نَافخُ نَارٍ، وَذَلِكَ فِي
سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
4 - حَجَّاجُ بنُ قَاسِمٍ أَبُو مُحَمَّدٍ البُسْتِيُّ *
(تَقَدَّمَ)
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البُسْتِيُّ.
سَمِعَ مِنْ:أَبِيْهِ تِلْمِيْذ ابْن أَبِي زَيْدٍ،
وَبِمَكَّةَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ (2) .
وَحَدَّثَ بـ(الصَّحِيْح)وَرَأَسَ عُلَمَاءَ المَرِيَّة،
ثُمَّ سَبْتَةَ.
سَمِعَ مِنْهُ:القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ مَنْصُوْرٌ،
وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ طَرِيْف، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ
العَجُوْز، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
266 - الشَّاشِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
حَامِدٍ **
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَامِدٍ الشَّاشِيُّ،
صَاحِبُ الطَّرِيقَة المَشْهُوْرَة (3) .
__________
(1) في " الوافي ": ثم إنه قد نصفين، وعلق في السوق.
(*) تقدمت ترجمته برقم (4).
(2) هو الهروي.
(* *) المنتخب: الورقة 17 ب، العبر 3 / 308، الوافي 4 /
140، مرآة الجنان 3 / 138، طبقات السبكي 4 / 190، طبقات
الاسنوي 2 / 94 - 95، شذرات الذهب 3 / 375، هدية العارفين
2 / 76، والشاشي: بفتح الشين المعجمة وبعد الالف شين
ثانية، هذه النسبة إلى الشاش: وهي مدينة وراء نهر سيحون.
(3) في " طبقات " الاسنوي 2 / 94: صاحب الطريقة المشهورة
في الجدل.
(18/525)
تَفَقَّه بِبلاَده عَلَى أَبِي بَكْرٍ
السِّنْجِيّ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى صَاحِب غَزْنَة،
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَعظُمَ شَأْنه بِغَزْنَةَ، وَبَعُدَ
صِيته، وَتَفَقَّهوا عَلَيْهِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ
(1) ، ثُمَّ اسْتدَعَاهُ نِظَامُ المُلك إِلَى هَرَاة،
وَأَشَارَ عَلَيْهِم بِتسرِيحِه، فَجهَّزُوهُ، مُكَرَّماً
مِنْ غَزْنَة بِأَوْلاَده، فَدرَّس بِنِظَامِيَّة هَرَاة،
ثُمَّ قَصَدَ نَيْسَابُوْر زَائِراً، فَاحْتَرَمُوْهُ،
وَقِيْلَ:لَمْ يَقع مِنْهم بِذَاكَ الْموقع، فَعَادَ إِلَى
هَرَاة، وَحَدَّثَ عَنْ مَنْصُوْر الكَاغَدِيّ صَاحِب
الهَيْثَم الشَّاشِيّ (2) .
مَاتَ بهَرَاة:فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَة، فِي سَادس شَوَّالهَا وَلَهُ ثَمَانٌ وَثَمَانُوْنَ
سَنَةً، وَقِيْلَ:بَلْ عَاشَ أَرْبَعاً وَتِسْعِيْنَ
سَنَةً.
وَأَمَّا عبدُ الغَافِرِ فِي(السّيَاق)فَقَالَ:مَاتَ فِي
شَوَّال سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَالأَوّلُ أَشْبَهُ،
بَلِ الصَّوَاب، وَكَذَا أَرَّخَهُ أَبُو سَعْدٍ
السَّمْعَانِيُّ، وَقَالَ:زُرْتُ قَبْرَهُ بهَرَاة، رَوَى
لَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّنْجِيّ،
وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيّ.
267 - البَانْيَاسِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مَالِكُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، الصَّالِحُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مَالِكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
البَانْيَاسِيُّ الأَصْل، البَغْدَادِيُّ، ابْن الفَرَّاء.
كَانَ يَقُوْلُ:هَكَذَا سمَّانِي الوَالِدُ، وَكَنَّانِي،
وَسمتَنِي أُمِّي عَلِيّاً، وَكَنَتْنِي أَبَا الحَسَنِ،
فَأَنَا أُعْرَفُ بِهِمَا (3) .
سَمِعَ:أَبَا الحَسَنِ بنَ الصَّلْت المُجبر، وَأَبَا
الفَتْح بن أَبِي الفوَارس، وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ
بِشْرَان، وَابْنَ الفَضْلِ القَطَّان.
__________
(1) لم يذكر في " هدية العارفين " من تصانيفه سوى الطريقة
في الخلاف.
(2) انظر " طبقات " السبكي: 4 / 190، و" طبقات " الاسنوي 2
/ 94
(*) الأنساب 2 / 64، المنتظم 9 / 69، اللباب 1 / 115،
العبر 3 / 308 - 309، البداية والنهاية 12 / 142، النجوم
الزاهرة 5 / 137، شذرات الذهب 3 / 376.
(3) انظر " المنتظم " 9 / 69.
(18/526)
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ
سُكَّرَة، وَأَبُو عَامِرٍ العَبْدَرِي، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ نَاصِر، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ تَاج
القُرَّاء، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ البَطِّي،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:شَيْخٌ صَالِح، ثِقَة،
مُتديِّنٌ، مُسَنٌّ، عُمِّر حَتَّى أَخَذَ عَنْهُ
الطَّلبَةُ، وَتَكَابُّوا عَلَيْهِ، كَانَ يَسكن فِي
غُرْفَةٍ بسُوْق الرَّيْحَانِيين (1) .
وَقَالَ ابْنُ سُكَّرَة:كَانَ مَالِكيّاً شَيْخاً
صَالِحاً، وَقعتِ النَّارُ بِبَغْدَادَ بِقُرْبِ حُجرته
وَقَدْ زَمِنَ، فَأُنْزِلَ فِي قُفَّةٍ إِلَى بَابِ
الحُجْرَة، فَإِذَا النَّارُ عِنْد البَاب، فَتركه الَّذِي
أَنْزَله، وَفَرَّ، فَاحترق هُوَ - رَحِمَهُ اللهُ -
وَذَلِكَ فِي تَاسع جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة بِالنَّهَار (2) .
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ:كَانَ
آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ الصَّلْت، وَكَانَ ثِقَةً،
قَالَ لِي:وُلِدْتُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَة.
وَفِيْهَا مَاتَ:المُحَدِّثُ جَعْفَرُ بنُ يَحْيَى
الحكَّاك (3) ، وَالوَزِيْرُ نِظَامُ الْملك أَبُو عَلِيٍّ
(4) قُتِلَ، وَشَارحُ البُخَارِيِّ القَاضِي أَبُو عَبْدِ
اللهِ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بن المرَابط، وَأَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ القشَّاشِيّ، وَمُقْرِئُ وَقته
مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى المُغَامِيّ (5) ، وَالسُّلْطَانُ
جَلاَلُ الدَّوْلَة مَلِكْشَاه السَّلْجُوْقِيّ (6) ،
وَشيخُ الحَنَفِيَّة مَنْصُوْرُ بنُ أَحْمَدَ
البِسْطَامِيّ بِبلخ.
__________
(1) تحرفت في " الأنساب " 2 / 64 إلى: الريحانين.
(2) انظر " الأنساب " 2 / 63، و" المنتظم " 9 / 69.
(3) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (69).
(4) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (51).
(5) نسبة إلى مغامة، وهي: مدينة بالاندلس.
(6) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (32).
(18/527)
268 - المُجَاشِعِيُّ أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ فَضَالِ بنِ عَلِيٍّ *
إِمَامُ النَّحْو، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ فَضَّالِ
بنِ عَلِيِّ بنِ غَالِبٍ المُجَاشِعِيُّ،
القَيْرَوَانِيُّ، التَّمِيْمِيُّ، الفَرَزْدَقِيُّ،
المُفَسِّرُ.
طَوَّفَ الدُّنْيَا، وَاتصل بِنِظَام المُلك،
وَصَنَّفَ(الإِكسير فِي التَّفْسِيْر)فِي خَمْسَةٍ
وَثَلاَثِيْنَ مُجَلَّداً، وَمُؤَلَّفاً فِي النَّحْوِ فِي
عِدَّة مُجَلَّدَات، وَ(البُرْهَان)فِي التَّفْسِيْر فِي
عِشْرِيْنَ مُجَلَّداً.
وَقَدْ وَعَدَهُ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ بِأَلفِ دِيْنَار
عَلَى(الإِكسير)فَأَلَّفه، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءته
عَلَيْهِ، لَمْ يُعْطه شَيْئاً، فَتَوَعَّده بِأَنَّ
يَهْجُوهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ:عِرْضِي فدَاؤك (1) .
وَقَدْ أَلَّف بغَزْنَة كتباً بِأَسْمَاء أَكَابِرَ،
وَأَقرَأَ الآدَابَ مُدَّةً.
وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّد (2) .
وَلَهُ(البسملَة وَشرحهَا)فِي مُجَلَّد، وَكِتَاب(الدّول)
__________
(*) المنتظم 9 / 33، معجم الأدباء 14 / 90 - 98 ومقدمته 1
/ 48، الكامل 10 / 159، إنباه الرواة 2 / 229 - 301، العبر
3 / 295، تلخيص ابن مكتوم 146 - 148، الوافي خ 12 / 135 -
136، مرآة الجنان 3 / 132، البداية والنهاية 12 / 132،
طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 177 - 178، لسان الميزان 4 / 249،
النجوم الزاهرة 5 / 124، إشارة التعيين: الورقة 34، 35،
بغية الوعاة 2 / 183، طبقات المفسرين للسيوطي: 24 - 25،
طبقات المفسرين للداوودي 1 / 421 - 422، كشف الظنون: 1027،
1179، شذرات الذهب 3 / 363، روضات الجنات، 485، إيضاح
المكنون 1 / 85 و115 و116 و178، هدية العارفين 1 / 693.
والمجاشعي: بضم الميم وفتح الجيم وسكون الالف وكسر الشين
المعجمة والعين المهملة، هذه النسبة إلى: مجاشع بن دارم بن
مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة من تميم.
وقد تحرفت في " البداية " إلى المشاجعي.
(1) انظر الخبر في " معجم الأدباء " 14 / 97، و" إنباه
الرواة " 2 / 300 - 301، وقد زاد ياقوت بعد ذلك: ولم يدفع
إليه حبة واحدة، ثم قال: وبلغني أنه عقيب ذلك ورد بغداد،
وأقام بها، ولم يتكلم بعد في النحو، وصنف كتابه في
التاريخ.
(2) انظر بعض نظمه في " معجم الأدباء " 14 / 93 - 96، ومنه
قوله:
وإخوان حسبتهم دورعا * فكانوها ولكن للاعادي =
(18/528)
أَزيد مِنْ ثَلاَثِيْنَ سِفراً، وَأَشيَاء
(1) .
تُوُفِّيَ:فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَة تِسْعٍ
وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
269 - السَّرَّاجُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَهْلِ بنِ
مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّر، مُسْنِدُ نَيْسَابُوْر، أَبُو
نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَهْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
الشَّاذْيَاخِيّ (2) ، السَّرَّاجُ.
سَمِعَ:أَبَا نُعَيْمٍ عَبْدَ الْملك بن مُحَمَّدٍ
الإِسفرَايينِيّ، وَأَبَا الطَّيب الصُّعلوكِيّ، وَأَبَا
طَاهِرٍ بنَ مَحْمِش، وَعَبْدَ اللهِ بنَ يُوْسُفَ
الأَصْبَهَانِيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفُرَاوِيّ، وَعبدُ الغَافِرِ بن
إِسْمَاعِيْلَ، وَقَالَ:هُوَ شَيْخ نَظيفٌ ظرِيف، مختصٌّ
بِمَجْلِس الصَّاعديَّة لِلمُنَادَمَةِ وَالخِدمَة، سَمِعَ
الكَثِيْرَ وَعَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ:فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ:هُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ
المِهْرَجَانِيّ، يَقَعُ حَدِيْثُهُ اليَوْم بِعُلُوٍّ فِي
كِتَابِ(التَّرغِيب وَالتَّرهيب)لِلتيمِيّ.
__________
= وخلتهم سهاما صائبات * فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا: قد صفت منا قلوب * لقد صدقوا ولكن من وداد
(1) انظر مصنفاته في " معجم الأدباء " 14 / 91 وما بعدها،
و" إنباه الرواة " 2 / 300.
(*) العبر 3 / 303، شذرات الذهب 3 / 369.
(2) قال ابن الأثير: الشاذياخي، بفتح الشين وسكون الالف
والذال المعجمة وفتح الياء وسكون الالف وفي آخرها خاء
معجمة: هذه النسبة إلى موضعين، أحدهما: على باب نيسابور
مثل قرية متصلة بالبلد بها دار السلطان، والثاني: قرية
شاذخ وهي على باب بلخ.
(18/529)
270 - مُوْسَى بنُ عِمْرَانَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ إِسْحَاقَ بنِ يَزِيْدَ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّالِحُ، القُدْوَةُ، مُسْنِدُ خُرَاسَانَ،
أَبُو المُظَفَّرِ الأَنْصَارِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ،
الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي الحَسَنِ العَلَوِيِّ فَكَانَ آخِرَ
مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِم،
وَأَبِي القَاسِمِ السَّرَّاج، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:زَاهِرٌ وَوجيهٌ ابْنَا الشَّحَّامِيّ،
وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ دَوَّسَتْ
الحَاكِم، وَعُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الصَّفَّار
الفَقِيْهُ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الشَّحَّامِيّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفُرَاوِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عبدُ الغَافِر:هُوَ شَيْخ وَجيهٌ، حَسَنُ الرّوَاء
وَالمَنْظَر، رَاسخُ الْقدَم فِي الطّرِيقَة، لقِي
الشَّيْخَ أَبَا سَعِيْدٍ بنَ أَبِي الخَيْرِ المِيهَنِيّ،
وَخدمَه، ثُمَّ خدم أَبَا القَاسِمِ القُشَيْرِيّ، وَكَانَ
مِنْ أَركَانَ الشُّيُوْخ، عُمِّرَ ثَمَانِياً
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ:فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَة سِتٍّ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
271 - المُقَوِّمِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الهَيْثَمِ القَزْوِيْنِيُّ،
المُقَوِّمِيّ، رَاوِي(سُنَن ابْنِ مَاجَه) عَنِ القَاسِمِ
بنِ أَبِي المُنْذِر الخَطِيْب.
سَمِعَ:فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِ مائَة وَلَهُ عشرُ
سِنِيْنَ مِنِ ابْنِ أَبِي المُنْذِر، وَالزُّبَيْرِ بنِ
__________
(*) السياق: الورقة 90 ب - 91 أ، العبر 3 / 313، شذرات
الذهب 3 / 379.
(* *) العبر 3 / 306، شذرات الذهب 3 / 372.
(18/530)
مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيّ، وَعبدِ الجَبَّار
بن أَحْمَدَ القَاضِي، شَيْخِ المُعْتَزِلَة.
وَحَدَّثَ بِالرَّيّ.
وَسَأَله ابْنُ مَاكُوْلا عَنْ مَوْلِده، فَقَالَ:فِي
سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:ملكدَاذُ بنُ عَلِيٍّ العَمْرَكِيّ،
وَعَلِيُّ بنُ شَافعِيّ، وَعبدُ الرَّحْمَن بنُ عَبْدِ
اللهِ الرَّازِيّ، وَأَبُو العَلاَءِ زَيْدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ مَنْصُوْر الشُّروطِيّ، وَأَخُوْهُ أَبُو المَحَاسِنِ
مَسْعُوْدٌ، وَالحَافِظ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ
المَقْدِسِيّ، وَابْنُهُ أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرٌ.
وَلاَ أَعْلَمُ مَتَى تُوُفِّيَ، إِلاَّ أَنَّهُ فِي
سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة كَانَ
حيّاً (1) .
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ:أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الذَّكوَانِيّ،
وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ الكَاشْغَرِيّ،
وَالحَافِظ ظَافِرُ بنُ مُفَوِّزٍ الشَّاطبِيّ، وَعَبْدُ
الْملك بنُ شَغَبَةَ البَصْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ قُرَيْشٍ النَّصْرِيّ (2) - بنُوْنَ - ،
وَمُقْرِئُ مَرْوَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
الكُرْكَانجِيّ (3) ، وَقَاضِي القُضَاة أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّاصِحِيّ، وَالمُعْتَصِمُ
مُحَمَّدُ بنُ مَعْنٍ الصُّمَادِحِيّ (4) بِالأَنْدَلُسِ.
272 - ابْنُ البَغْدَادِيِّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
الحَسَنِ *
الإِمَامُ، الوَاعِظُ، شَيْخُ أَصْبَهَان، أَبُو الفَضْلِ
مُحَمَّدُ بنُ أَبِي سَعْدٍ أَحْمَدَ
__________
(1) قال المؤلف في " العبر " وفيات سنة 484: وتوفي فيها أو
بعدها عن بضع وثمانين سنة.
(2) تقدمت ترجمته برقم (261).
(3) سترد ترجمته برقم (317).
(4) سترد ترجمته برقم (313).
(*) " المنتظم " 9 / 42.
(18/531)
ابْنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ
البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ الأَصْبَهَانِيُّ، مِنْ بَيْتِ
العِلْمِ وَالإِسْنَادِ، أَوَّلُهم عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
بنِ سُلَيْمَانَ البَغْدَادِيُّ.
وَعظ مُحَمَّدٌ، وَاشْتُهِرَ، وَسَمَّعَ أوَلاَده أَبَا
سَعْدٍ الحَافِظَ وَفَاطِمَةَ، وَشَارك فِي الفضَائِل.
سَمِعَ:ابْن فَاذشَاه، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بن أَحْمَدَ
بنِ فَاذَوَيْه، وَأَبَا أَحْمَد مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ
المُؤَدِّب، وَابْنَ رِيْذَةَ.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَعَبْدُ
الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ، وَجَمَاعَة.
مَوْلِده:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَمَاتَ:فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ غرِيباً
بِبَغْدَادَ بَعْد مجيئِهِ مِنَ الحَجّ (1) .
273 - مَسْعُوْدُ بنُ نَاصِرِ بنِ أَبِي زَيْدٍ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، الحَافِظُ، أَبُو
سَعِيْدٍ (2) السِّجْزِيُّ (3) ، الرَّكَّابُ.
سَمِعَ مِنْ:عَلِيِّ بنِ بُشرَى، وَطَائِفَةٍ
بِسِجِسْتَان، وَمِنْ مُحَمَّدِ بن
__________
(1) " المنتظم " 9 / 42.
(*) الأنساب 7 / 47 (السجستاني)، المنتظم 9 / 13، المنتخب:
الورقة 127 أ - 127 ب، التقييد: الورقة 200 أ - 200 ب،
الاستدراك 1 / الورقة 253 ب، تذكرة الحفاظ 4 / 1216 -
1218، العبر 3 / 289، مرآة الجنان 3 / 122، البداية
والنهاية 12 / 127، طبقات الحفاظ: 447، شذرات الذهب 3 /
357.
(2) في " الأنساب " 7 / 47: أبو مسعود، وفي " البداية " 12
/ 127: أبو سعد.
(3) والسجزي: بكسر السين المهملة وسكون الجيم وفي آخرها
زاي، هذه النسبة إلى سجستان - إحدى بلاد كابل - على غير
قياس، والقياس: السجستاني. انظر " الأنساب " 7 / 47.
وقد تصحف في " المنتظم " 9 / 13 إلى " الشجري "، وفي "
الشذرات " 3 / 357 إلى " الشحري ".
(18/532)
عَبْد الرَّحْمَنِ الدَّبَّاس،
وَمَنْصُوْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ
بهَرَاة، وَأَبِي حَسَّانٍ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ
المُزَكِّي، وَأَبِي سَعْدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن
حَمْدَان، وَعُمَرَ بن مَسْرُوْر، وَطَبَقَتهم
بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبِي طَالِبِ بنِ غَيْلاَنَ، وَبُشرَى
الفَاتَنِيّ (1) ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الخلاَّل
بِبَغْدَادَ، وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ رِيْذَةَ (2)
بِأَصْبَهَانَ.
وَجَمَعَ فَأَوعَى، وَصَنَّفَ الأَبْوَاب.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ
العِجْلِيّ المَرْوَزِيّ، وَعبدُ الوَاحِد بن الفَضْلِ
الطُّوْسِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ
الغَازِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق،
وَأَبُو الأَسَعْدِ بنُ القُشَيْرِيّ، وَخَلْقٌ، وَأَبُو
بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ، وَسَمِعَ
مِنْهُ شَيْخُه الصُّوْرِيُّ.
قَالَ الدَّقَّاق:وَلَمْ أَرَ فِي المُحَدِّثِيْنَ
أَجْوَدَ إِتقَاناً وَلاَ أَحْسَنَ ضبطاً مِنْهُ (3) .
وَقَالَ زَاهِر الشَّحَّامِيّ:كَانَ مَسْعُوْدٌ
السِّجْزِيّ يَذْهَبُ إِلَى القدرِ، وَيَقرَؤُهَا:(فَحجَّ
آدَمَ مُوْسَى)بِنصب آدَمَ (4) .
مَاتَ مَسْعُوْدٌ بِنَيْسَابُوْرَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى
سَنَة سَبْعٍ (5) وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَصَلَّى
عَلَيْهِ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ أَبُو المَعَالِي،
وَوَقَّفَ كُتُبَه، وَكَانَتْ كَثِيْرَةً نَفِيْسَةً
مُتقنَةً (6) .
__________
(1) هو بشرى بن مسيس الرومي الفاتني أبو الحسن، مرت ترجمته
في الجزء السابع عشر برقم (365).
(2) هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني ابن
ريذة، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (397).
(3) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1217.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1217، و" المنتظم " 9 / 13.
(5) سقط لفظ " سبع " من " الأنساب ".
(6) انظر " المنتظم " 9 / 13.
(18/533)
قَالَ عبدُ الغَافِرِ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ:كَانَ مُتْقِناً، وَرِعاً، قَصِيْرَ اليَد،
زجَّى عُمُره كَذَلِكَ إِلَى أَنِ ارْتبطه نِظَام المُلك
بِبَيْهَقَ ثُمَّ بطوسَ لِلاستفَادَة (1) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ ثَابِت الطَّرقِي (2) :سَمِعْتُ ابْنَ
الخَاضِبَة يَقُوْلُ:كَانَ مَسْعُوْد قَدَرِيّاً، سمِعتُه
يَقرَأهَا:فَحجَّ آدَمَ مُوْسَى - بِالنصب (3) - .
وَقَالَ المُؤْتَمَنُ السَّاجِيّ:كَانَ يَرْجِعُ إِلَى
هِدَايَةٍ وَإِتْقَان وَحُسْنِ ضَبْطٍ (4) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا
مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ
بنُ أَحْمَدَ الحَدَّاد، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ
نَاصِر، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
النَّوقَانِيّ، أَخْبَرَنَا أَبِي أَبُو عُمَرَ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الخَيَّاط، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسين،
حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنُِ دِيْنَارٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، عَنْ
أَزْهَرَ السَّمَّان، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(تَفَكَّهُوا، وَكُلُوا البِطِّيْخَ، فَإِنَّ
حَلاَوَتُهُ مِنَ الجَنَّةِ) (5) .
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1217، و" المنتظم " 9 / 13.
(2) بفتح الطاء المهملة وسكون الراء وفي آخرها قاف، نسبة
إلى " طرق " وهي قرية كبيرة مثل البليدة من أصبهان انظر "
الأنساب " 8 / 235، وفيه ترجمة أبي العباس أحمد بن ثابت
هذا.
(3) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1217، و" المنتظم " 9 / 13.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1217.
(5) وفي البطيخ أحاديث كثيرة لا يصح منها شيء غير حديث
واحد أخرجه أبو داود (3836) والترمذي (1844) والحميدي رقم
(255) من حديث عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان
يأكل البطيخ بالرطب، يقول: " نكسر حر هذا ببرد هذا، وبرد
هذا بحر هذا ".
(18/534)
هَذَا بَاطِل، مَا تَفُوَّهُ بِهِ أَزْهَرُ
قَطُّ.
قَالَ عبدُ الغَافِر:انْتقل مَسْعُوْدٌ فِي آخِرِ عُمُرِهِ
إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَكَانَ عَلَى كِبَرِ سنّه يَطُوْفُ
عَلَى المَشَايِخ، وَيَكْتُب، وَيُنْفِقُ مَا يُفْتَح لَهُ
عَلَى الطَّلبَة، وَفَوَائِدُه مِنَ الأَخْبَار
وَالحِكَايَاتِ وَالأَشعَارِ فِي سفَائِنه لاَ تُحصَى،
فَقَدْ عددنَا فِي كُتبه قَرِيْباً مِنْ سِتِّيْنَ مجموعاً
مِنَ التَّوَارِيخ، سِوَى سَائِر الأَجنَاس، وَكَانَ
يَكتُبُ بخطٍّ مُسْتَقِيْمٍ، وَيورّق بِبَغْدَادَ
وَأَصْبَهَان، وَقَفَ كتُبَه فِي مَسْجِدِ عقيل.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدٍ
الحَافِظَ عَنْ مَسْعُوْدِ بنِ نَاصِر، فَقَالَ:حَافظ،
سَمِعَ الكَثِيْر.
وَلأَسْعَد الزَّوْزَنِيّ:
بِمَسْعُوْدٍ بنِ نَاصِرٍ اشتَمَلْنَا ... عَلَى عَيْنِ
الحَدِيْثِ بِغَيْرِ رَيْبِ
إِذَا مَا قَالَ حَدَّثَنَا فُلاَنٌ ... فَذَا الإِسْنَادُ
حَقٌّ غَيْرُ رَيْبِ
وَمَا إِنْ زُرْتُهُ إِلاَّ خَفِيْفاً ... فِيُصْبِحُ
مُثْقَلاً كُمِّي وَجَيْبِي
وَلَوْ أَنِّي ظَفِرْتُ بِهِ شَبَابِي ... غَنِيْتُ عَنِ
التَّرَدُّدِ وَقْتَ شَيْبِي
274 - أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ سُلَيْمَانُ بنُ خَلَفِ
بنِ سَعْدٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفُنُوْنِ،
القَاضِي، أَبُو الوَلِيْدِ
__________
(*) الإكمال 1 / 468، قلائد العقيان: 215 - 216، الذخيرة ق
2 / م 1 / 94 - 105، ترتيب المدارك 4 / 802 - 808، الأنساب
2 / 19 و20، الصلة 1 / 200 - 202، الخريدة 12 / الورقة
157، بغية الملتمس: 302 - 303، معجم الأدباء 11 / 246 -
251، اللباب 1 / 103، المغرب في حلى المغرب 1 / 404 - 405،
وفيات الأعيان 2 / 408 - 409، الروض المعطار: 75، دول
الإسلام 2 / 6، العبر 3 / 281 - 282، تذكرة الحفاظ 3 /
1178 - 1183، تتمة المختصر 1 / 572 - 573، فوات الوفيات 2
/ 64 - 65، الوافي خ 13 / 129 - =
(18/535)
سُلَيْمَانُ بنُ خَلَفِ بنِ سَعْدِ (1) بنِ
أَيُّوْبَ بنِ وَارِث التُّجِيْبِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ،
القُرْطُبِيُّ، البَاجِيُّ، الذَّهَبِيُّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ.
أَصلُهُ مِنْ مدينَة بَطَلْيَوس (2) ، فَتحوّل جَدُّه
إِلَى باجَة (3) - بُليدَة بِقُرْبِ إِشبيليَة - فَنُسب
إِلَيْهَا، وَمَا هُوَ مِنْ باجَةَ المَدِيْنَةِ الَّتِي
بِإِفْرِيْقِيَّةَ (4) ، الَّتِي يُنسب إِلَيْهَا
الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيّ البَاجِيّ، وَابْنه الحَافِظ الأَوحدُ أَبُو عُمَرَ
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَاجِيّ، وَهُمَا مِنْ
عُلَمَاء الأَنْدَلُس أَيْضاً.
وَلد أَبُو الوَلِيْدِ:فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِ
مائَة.
وَأَخَذَ عَنْ:يُوْنُسَ بنِ مُغِيْث، وَمَكِّي بنِ أَبِي
طَالِبٍ، وَمُحَمَّدِ بن إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبِي بَكْرٍ
مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الوَارِثِ.
وَارْتَحَلَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ، فَحجَّ، وَلَوْ
مَدَّهَا إِلَى العِرَاقِ
__________
= 130، مرآة الجنان 3 / 108، البداية والنهاية 12 / 122 -
123، قضاة النباهي: 95، الديباج المذهب 1 / 377 - 385،
وفيات ابن قنفذ: 255، تبصير المنتبه 1 / 117، النجوم
الزاهرة 5 / 114، طبقات الحفاظ: 440 - 441، طبقات المفسرين
للسيوطي: 14، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 202 - 207، نفح
الطيب 2 / 67 - 85، كشف الظنون: 19 - 20، 419 شذرات الذهب
3 / 344 - 345، روضات الجنات: 322، إيضاح المكنون 1 / 48،
74، هدية العارفين 1 / 397، الرسالة المستطرفة: 207، تهذيب
ابن عساكر 6 / 250 - 252.
(1) في " ترتيب المدارك " 4 / 802: ابن سعدون، وفي " تذكرة
الحفاظ " 3 / 1178: ابن سعيد.
(2) بطليوس، بفتحتين وسكون اللام، وياء مفتوحة وسين مهملة،
وانفرد ياقوت، فضم الياء، وهي: مدينة كبيرة بالاندلس من
أعمال ماردة على نهر آنة غربي قرطبة.
(3) وهي من أقدم مدن الأندلس، وتقع اليوم في البرتغال على
بعد 140 كم إلى الجنوب الشرقي من لشبونة.
(4) كما ذكر ابن عساكر.
وسيذكر المؤلف قوله في آخر الترجمة.
(18/536)
وَأَصْبَهَان؛لأَدْرَكَ إِسْنَاداً
عَالِياً، وَلَكِنَّهُ جَاور ثَلاَثَة أَعْوَام،
مُلاَزِماً لِلحَافظ أَبِي ذَرٍّ، فَكَانَ يُسَافِرُ
مَعَهُ إِلَى السَّرَاة، وَيَخدمُه، فَأَكْثَرَ عَنْهُ (1)
، وَأَخَذَ علمَ الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ وَالكَلاَم.
ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى دِمَشْقَ، فَسَمِعَ مِنْ:أَبِي
القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الطُّبَيز، وَالحَسَنِ بن
السِّمْسَار، وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جُمَيْع،
وَمُحَمَّدِ بن عَوْفٍ المُزَنِيّ.
وَارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، فَسَمِعَ عُمَرَ بن
إِبْرَاهِيْمَ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا طَالبٍ مُحَمَّدَ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، وَأَبَا القَاسِمِ الأَزْهَرِيّ،
وَعَبْدَ العَزِيْزِ بن عَلِيٍّ الأَزَجِيّ، وَمُحَمَّدَ
بن عَلِيٍّ الصُّوْرِيّ الحَافِظ، وَصَحِبَه مُدَّة،
وَمُحَمَّدَ بن عبد الوَاحِدِ بن رزمَة، وَالحَسَنَ بن
مُحَمَّدٍ الخلاَّل، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
وَتَفَقَّهَ بِالقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبرِيّ،
وَالقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيّ، وَأَبِي
الفَضْلِ بن عَمْروس (2) المَالِكِيّ.
وذهبَ إِلَى المَوْصِل، فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً عَلَى
القَاضِي أَبِي جَعْفَرٍ السِّمنَانِيّ، المُتَكَلِّم،
صَاحِبِ ابْنِ البَاقِلاَّنِيّ، فَبرَّز فِي الحَدِيْثِ
وَالفِقْه وَالكَلاَم وَالأُصُوْل وَالأَدب.
فَرَجَعَ إِلَى الأَنْدَلُسِ بَعْد ثَلاَثَ عَشْرَةَ
سَنَةً بِعِلْمٍ غزِيْر، حصَّله مَعَ الفَقْر
وَالتَّقَنُّعِ بِاليَسِيْر.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَر، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 802، و" الصلة " 1 / 201،
و" بغية الملتمس ": 303، و" معجم الأدباء " 11 / 248
(2) تحرفت في " الديباج المذهب " 1 / 378 إلى: عروس.
(18/537)
الخَطِيْبُ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ
الصَّقَلِّيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ،
وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ غَزْلُوْنَ، وَأَبُو عَلِيٍّ
بنُ سُكَّرَة الصَّدَفِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الفِهْرِيُّ
الطُّرْطوشِيّ، وَابْنُه الزَّاهِد أَبُو القَاسِمِ بنُ
سُلَيْمَانَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ سَهْل السَّبْتِيّ،
وَأَبُو بَحْرٍ سُفْيَان بنُ العَاصِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَبِي الخَيْرِ القَاضِي، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَتَفَقَّهَ بِهِ أَئِمَّةٌ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ،
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ النَّفِيسَة.
قَالَ القَاضِي عِيَاض (1) :آجرَ أَبُو الوَلِيْدِ نَفْسَه
بِبَغْدَادَ لحرَاسَة درب، وَكَانَ لَمَّا رَجَعَ إِلَى
الأَنْدَلُسِ يَضربُ وَرق الذَّهَبِ لِلغَزْل، وَيَعقدُ
الوثَائِق قَالَ لِي أَصْحَابُه:كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْنَا
لِلإِقْرَاءِ وَفِي يَدِهِ أَثَرُ المِطرقَة، إِلَى أَنْ
فَشَا علمُه، وَهَيَّتَتِ (2) الدُّنْيَا بِهِ، وَعَظُمَ
جَاهُهُ، وَأُجزلت صِلاَتُه، حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْ مَالٍ
وَافرٍ، وَكَانَ يَسْتَعْمَلُهُ الأَعيَانُ فِي
تَرَسُّلهُم، وَيَقْبَلُ جَوَائِزهُم، وَلِيَ القَضَاءَ
بِموَاضِع مِنَ الأَنْدَلُس، وَصَنَّفَ كِتَاب(المنتقَى
فِي الفِقْه (3))، وَكِتَاب(المَعَانِي فِي شرح
المُوَطَّأ)، فَجَاءَ فِي عِشْرِيْنَ مُجلَّداً، عديمَ
النّظير.
قَالَ:وَقَدْ صَنَّفَ كِتَاباً كَبِيْراً جَامِعاً، بلغَ
فِيْهِ الغَايَةَ، سَمَّاهُ:(الاسْتيفَاء)، وَلَهُ
كِتَاب(الإِيمَاء فِي الفِقْه)خَمْس مُجَلَّدَات،
وَكِتَابُ(السّراج فِي الخلاَف)لَمْ يَتم، وَ(مُخْتَصَر
المُخْتَصَر فِي مَسَائِل المدوّنَة)، وَلَهُ كِتَابٌ فِي
اخْتِلاَف الْمُوَطَّآت، وَكِتَابٌ فِي الْجرْح
__________
(1) في " ترتيب المدارك " 4 / 804 - 805.
(2) ويقال هيت به: دعاه وناداه، والمقصود: شهرته وأظهرت
اسمه.
(3) شرح فيه " موطأ " الامام مالك، وفرع عليه تفريعا حسنا،
وقد طبع بسبعة أجزاء بعناية ابن شقرون في مصر عام 1914 م.
(18/538)
وَالتعديل، وَكِتَابُ(التّسَدِيْد إِلَى
مَعْرِفَة التَّوحيد)، وَكِتَاب(الإِشَارَة فِي أُصُوْل
الفِقْه)، وَكِتَابُ(إِحكَام الْفُصُول فِي أَحكَام
الأُصُوْل)، وَكِتَاب(الحُدُوْد)، وَكِتَابُ(شَرْح
المنهَاج)، وَكِتَابُ(سنَن الصَّالِحِيْنَ وَسنن
العَابِدين)، وَكِتَابُ(سُبل الْمُهْتَدِينَ)،
وَكِتَابُ(فِرق الفُقَهَاء)، وَكِتَاب(التَّفْسِيْر)لَمْ
يَتمه، وَكِتَابُ(سَنن المنهَاج وَتَرْتِيْب الحجَاج (1)).
قَالَ الأَمِيْر أَبُو نَصْرٍ (2) :أَمَا البَاجِيّ ذُو
الوزَارَتَيْنِ فَفَقيهٌ متكلّم، أَديبٌ شَاعِر، سَمِعَ
بِالعِرَاقِ، وَدرّس الكَلاَم، وَصَنَّفَ...، إِلَى أَنْ
قَالَ:
وَكَانَ جَلِيْلاً رفِيعَ الْقدر وَالخَطَر، قَبْرُهُ
بِالمَرِيَّة.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ:مَا رَأَيْتُ
مِثْل أَبِي الوَلِيْد البَاجِيّ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً
عَلَى سِمَته وَهيئته وَتوقيرِ مَجْلِسه.
وَلَمَّا كُنْتُ بِبَغْدَادَ قَدِمَ وَلدُه أَبُو
القَاسِمِ أَحْمَدُ، فَسرتُ مَعَهُ إِلَى شَيْخنَا قَاضِي
القُضَاة الشَّامِيّ، فَقُلْتُ لَهُ:أَدَامَ اللهُ
عِزَّكَ، هَذَا ابْنُ شَيْخ الأَنْدَلُس.
فَقَالَ:لَعَلَّهُ ابْن البَاجِيّ؟
قُلْتُ:نَعم.
فَأَقْبَل عَلَيْهِ (3) .
قَالَ القَاضِي عِيَاض (4) :كَثُرَتِ القَالَةُ فِي أَبِي
الوَلِيْد لِمُدَاخلته لِلرُؤِسَاء، وَوَلِيَ قَضَاءَ
أَمَاكن تَصغُر عَنْ قدره كَأُورِيُولَة، فَكَانَ يَبعث
إِلَيْهَا خُلَفَاءهُ، وَرُبَّمَا أتَاهَا المَرَّةَ
وَنَحْوهَا، وَكَانَ فِي أَوّل أَمره مُقِلاًّ حَتَّى
احْتَاجَ فِي سَفَره إِلَى القَصْدِ بِشعرِهِ، وَإِيجَار
نَفْسِه مُدَّة مُقَامه بِبَغْدَادَ فِيمَا سمِعتُه،
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 806 - 807، واسم الكتاب
الأخير فيه: " تفسير المنهاج في ترتيب طرق الحجاج ".
(2) انظر " الإكمال " 1 / 468.
(3) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 804.
(4) في " ترتيب المدارك " 4 / 804 - 806، باختلاف عن ما
هنا.
(18/539)
مُسْتفِيضاً لحرَاسَةِ دربٍ، وَقَدْ جمع
وَلدُه شعرَه، وَكَانَ ابْتدَأَ بِكِتَابِ(الاسْتيفَاء)فِي
الفِقْه، لَمْ يَضع مِنْهُ سِوَى كِتَاب الطّهَارَة فِي
مُجَلَّدَات.
قَالَ لِي:وَلَمَّا قَدِمَ مِنَ الرّحلَة إِلَى
الأَنْدَلُسِ وَجَد لَكَلاَم ابْن حَزْمٍ طَلاَوَةٌ،
إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ خَارِجاً عَنِ المَذْهَب، وَلَمْ
يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ مَنْ يَشتغِلُ بِعِلْمه، فَقَصُرَتْ
أَلسَنَةُ الفُقَهَاء عَنْ مُجَادلته وَكَلاَمِه،
وَاتَّبعه عَلَى رَأْيه جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الجَهْل،
وَحلَّ بجَزِيْرَة مَيُورقَة، فَرَأَسَ فِيْهَا،
وَاتَّبَعه أَهْلُهَا، فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو
الوَلِيْدِ؛كلَّمُوْهُ فِي ذَلِكَ، فَدَخَلَ إِلَى ابْنِ
حَزْم، وَنَاظره، وَشهرَ بَاطِله.
وَلَهُ مَعَهُ مَجَالِس كَثِيْرَة.
قَالَ:وَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو الوَلِيْدِ فِي حَدِيْث
الكِتَابَةِ يَوْم الحُدَيْبِيَة الَّذِي فِي(صَحِيْح
البُخَارِيّ (1)).
قَالَ بِظَاهِرِ لَفظه، فَأَنْكَر عَلَيْهِ الفَقِيْهُ
أَبُو بَكْرٍ بنُ الصَّائِغ، وَكَفَّرهُ بِإِجَازته
الكَتْبَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - النَّبِيِّ الأُمِّيِّ، وَأَنَّهُ تَكذِيبٌ
لِلقُرْآن، فَتَكَلَّم فِي ذَلِكَ مِنْ لَمْ يَفهم
الكَلاَمَ، حَتَّى أَطلقُوا عَلَيْهِ الفِتْنَةَ،
وَقبَّحُوا عِنْد العَامَّة مَا أَتَى بِهِ، وَتَكلّم بِهِ
خُطَبَاؤُهم فِي الجُمَع، وَقَالَ شَاعِرهُم:
بَرِئْتُ مِمَّنْ شَرَى دُنْيَا بآخِرَةٍ ...
وَقَالَ:إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَدْ كَتَبَا (2)
فَصَنَّف القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ(رِسَالَةً)بَيَّنَ
فِيْهَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ قَادحٍ فِي المُعجزَة،
فَرَجَعَ بِهَا جَمَاعَةٌ.
قُلْتُ:يَجوز عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أَنْ يَكْتُبَ اسْمه لَيْسَ إِلاَّ، وَلاَ
يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنه أُمِّياً، وَمَا مَنْ كَتب
اسْمَه مِنَ الأُمَرَاء وَالوُلاَة إِدمَاناً لِلعلاَمَةِ
يُعَدُّ كَاتِباً، فَالحكمُ لِلغَالِب لاَ لِمَا نَدَرَ،
وَقَدْ
قَالَ - عَلَيْهِ الصّلاة والسَّلاَمُ - :(إِنَّا أُمَّةٌ
__________
(1) انظر الحديث رقم (4251) في المغازي: باب عمرة القضاء،
وقد توسع الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه فراجعه.
(2) في " ترتيب المدارك " 4 / 805 أن قائل البيت هو عبد
الله بن هند.
(18/540)
أُمِّيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ
(1)).
أَي لأَنَّ أَكْثَرهم كَذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ فِيهِم
الكَتَبَةُ قَلِيْلاً.
وَقَالَ تَعَالَى :{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ
رَسُوْلاً مِنْهم }[الجُمُعَة:2].
فَقوله - عَلَيْهِ الصّلاة والسَّلاَمُ - :(لاَ
نَحْسُبُ)حَقٌّ، وَمَعَ هَذَا فَكَانَ يَعرف السِّنِيْنَ
وَالحسَابَ، وَقَسْمَ الفَيْءِ، وَقِسْمَةَ الموَارِيث
بِالحسَاب العَربِي الفِطرِي لاَ بحسَاب القِبط وَلاَ
الجَبْر وَالمُقَابلَة، بِأَبِي هُوَ وَنَفْسِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَدْ كَانَ سَيِّدَ
الأَذكيَاء، وَيَبْعُد فِي العَادَة أَنَّ الذّكيَّ
يُمْلِي الوحِي وَكُتُبَ المُلُوْكِ وَغَيْرَ ذَلِكَ عَلَى
كُتَّابه، وَيَرَى اسْمَه الشَّرِيْف فِي خَاتِمه، وَلاَ
يَعرفُ هيئَةَ ذَلِكَ مَعَ الطُّول، وَلاَ يَخْرُجُ
بِذَلِكَ عَنْ أُمِّيَّته، وَبَعْضُ العُلَمَاء عدَّ مَا
كَتَبَهُ يَوْم الحُدَيْبِيَة مِنْ مُعجزَاته، لِكَوْنِهِ
لاَ يَعرِفُ الكِتَابَة وَكَتَبَ، فَإِنَّ قِيْلَ:لاَ
يَجُوْزُ عَلَيْهِ أَنْ يَكتب، فَلَو كتب؛لارتَاب مُبطل،
وَلقَالَ:كَانَ يُحْسِنُ الخَطّ، وَنظر فِي كتب
الأَوَّلين.
قُلْنَا:مَا كَتَبَ خَطّاً كَثِيْراً حَتَّى يَرتَاب بِهِ
المُبطلُوْنَ، بَلْ قَدْ يُقَالَ:لَوْ
قَالَ مَعَ طول مُدَّةِ كِتَابَةِ الكِتَاب بَيْنَ
يَدَيْهِ:لاَ أَعْرفُ أَنْ أَكْتُب اسْمِي الَّذِي فِي
خَاتِمِي، لارتَاب المبطلُوْنَ أَيْضاً، وَلقَالُوا:هُوَ
غَايَةٌ فِي الذَّكَاء، فَكَيْفَ لاَ يَعْرِفُ ذَلِكَ؟بَلْ
عَرفه، وَقَالَ:لاَ أَعْرف.
فَكَانَ يَكُوْنُ ارْتيَابهم أَكْثَرَ وَأَبلغَ فِي
إِنْكَاره، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ،
فَذَكَر أَنَّ أَبَا الوَلِيْدِ قَالَ:كَانَ أَبِي مِنْ
باجَةِ القَيْرَوَان، تَاجراً يَخْتلِف إِلَى الأَنْدَلُسِ
(2) .
__________
(1) أخرجه من حديث عبد الله بن عمر البخاري (1913) في
الصوم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نكتب ولا
نحسب، ومسلم (1080) (15) في الصيام: باب وجوب صوم رمضان
لرؤيته، وأبو داود (2319)، والنسائي 4 / 139 و140، وأحمد 2
/ 43 و52 و122 و129.
(2) انظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 6 / 251.
(18/541)
قُلْتُ:فَعَلَى هَذَا هُوَ وَأَبُو عُمَرَ
بنُ البَاجِيّ وَآلُه كُلُّهم مِنْ باجَة القَيْرَوَان،
فَاللهُ أَعْلَم.
وَمِنْ نَظْمِ أَبِي الوَلِيْد:
إِذَا كُنْتُ أَعْلَمُ عِلْماً يَقِيْنَا ... بِأَنَّ
جَمِيْعَ حَيَاتِي كَسَاعَه
فَلِمَ لاَ أَكُوْنُ ضَنِيْناً بِهَا ... وَأَجْعَلُهَا
فِي صَلاَحٍ وَطَاعَهْ (1)
أَخْبَرْنَا ابْنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، عَنِ القَاسِمِ
بنِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا
رَزِيْنُ بنُ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ، أَخْبَرَنَا
الفَقِيْهُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ الصَّقَلِّيّ
بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ القَاضِي،
حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ القُرْطُبِيّ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
يَحْيَى بنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- أَنَاخَ بِالبَطْحَاءِ الَّتِي بذِي الحُلَيْفَةِ،
وَصَلَّى بِهَا (2) .
كَذَا رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِر.
أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّن وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي طَاهِر
الخُشُوْعِيّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ
__________
(1) البيتان في " الإكمال " 1 / 468، و" الذخيرة " 2 / 1 /
98، و" ترتيب المدارك " 4 / 807، و" الأنساب " 2 / 19، و"
الصلة " 1 / 201 - 202، و" معجم الأدباء " 11 / 250، و"
المغرب في حلى المغرب " 1 / 404، و" وفيات الأعيان " 2 /
408 - 409، و" الروض المعطار ": 75، و" بغية الملتمس ":
303، و" فوات الوفيات " 2 / 65، و" تذكرة الحفاظ " 3 /
1182، و" تهذيب تاريخ ابن عساكر " 6 / 252.
وانظر بعض نظمه في " الذخيرة " ق 2 / م 1 / 98 - 105، و"
معجم الأدباء " 11 / 249 - 251.
(2) هو في " الموطأ " 1 / 405 في الحج: باب صلاة المعرس
والمحصب، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (1532) في الحج،
ومسلم (1257) في الحج: باب التعريس بذي الحليفة، وأبو داود
(2045) والنسائي 5 / 127.
والبطحاء: مسيل فيه دقاق الحصى، وذو الحليفة: بينها وبين
المدينة ستة أميال.
(18/542)
مُحَمَّدِ بن الوَلِيْدِ الفِهْرِيّ(ح).
وَأَخْبَرَنَا عبدُ المُؤْمِن بنُ خَلَفٍ الحَافِظ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ
الزُّهْرِيّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو الطَّاهِرِ بنُ
عَوْفٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ الفِهْرِيّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَلِيْدِ سُلَيْمَانُ بنُ خَلَفٍ،
أَخْبَرَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ مُنَاولَةً،
أَخْبَرَنَا أَبُو عِيْسَى يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ
اللَّيْثِيّ، أَخْبَرَنَا عَمّ أَبِي؛عُبيدُ الله بنُ
يَحْيَى بنِ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ مَالِك،
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قَالَ:(إِنَّ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاَةُ العَصْرِ،
كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ) (1) .
وَسَمِعتُهُ عَالِياً مِنْ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ،
عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ
بنُ سَهْلٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو
إِسْحَاقَ الهَاشِمِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَب،
حَدَّثَنَا مَالِكٌ بِهَذَا.
وَسَمِعنَاهُ فِي(جُزءٍ أَبِي الجَهْمِ)مِنْ حَدِيْثِ
اللَّيْث، عَنْ نَافِع (2) .
__________
(1) هو في " الموطأ " 1 / 11، 12 في وقوت الصلاة: باب جامع
الوقوت، وأخرجه من طريقه البخاري (552) في مواقيت الصلاة:
باب إثم من فاتته العصر، ومسلم (626) في المساجد: باب
التغليظ في تفويت صلاة العصر، وأبو داود (414) والنسائي 6
/ 255، وأخرجه الدارمي 1 / 280، ومسلم (201) والنسائي 1 /
255، وابن ماجة (685) من طريق الزهري عن سالم، عن ابن عمر،
وأخرجه الدارمي أيضا من طريق عبيد الله، عن نافع.
(2) هو في سنن الترمذي (175) في الصلاة: باب ما جاء في
السهو عن وقت صلاة العصر من طريق قتيبة عن الليث بن سعد،
عن نافع، عن ابن عمر.
وقوله: " وتر أهله وماله " قال الحافظ في " الفتح " 2 /
30: هو بالنصب عند الجمهور على أنه مفعول ثان لوتر، وأضمر
في وتر مفعول لم يسم فاعله، وهو عائد على الذي فاتته،
فالمعنى: أصيب بأهله وماله وهو متعد إلى مفعولين...وقيل:
وتر هنا بمعنى نقص، فعلى هذا يجوز نصبه ورفعه، لان من رد
النقص إلى الرجل نصب، وأضمر ما يقوم مقام الفاعل، ومن رده
إلى الأهل رفعه وقال القرطبي: يروى بالنصب على أن " وتر "
بمعنى سلب، وهو يتعدى إلى مفعولين، وبالرفع على أن وتر
بمعنى أخذ، فيكون أهله هو المفعول الذي لم يسم فاعله.
(18/543)
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة:مَاتَ
أَبُو الوَلِيْدِ بِالمَرِيَّة فِي تَاسع عشر رَجَب،
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ (1) وَأَرْبَعِ مائَة،
فَعُمُرُهُ إِحْدَى وَسَبْعُوْنَ سَنَةً سِوَى أَشهرٍ،
فَإِنَّ مَوْلِدَهُ فِي ذِي الحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِ مائَة.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ:مُسْنِدُ العِرَاق أَبُو
القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيّ البُنْدَار
(2) ، وَشيخُ المَالِكِيَّة بِسَبْتَة أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ العَجُوْز
الكُتَامِيّ (3) ، وَمُحَدِّث نَيْسَابُوْر أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ المزكِّي (4) ، وَمَعْمَّر بَغْدَاد أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ صَدَقَة الدَّبَّاس (5) .
وَكَانَ يَذكر أَنَّ أُصُوْله عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ بنِ
سَمْعُوْنَ وَالمُخَلِّص ذَهَبت فِي النَّهب.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْم المُقْرِئ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ سَنَة
خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ مَكِّيّ الزُّهْرِيّ قِرَاءةً عَلَيْهِ
سَنَة(572)، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الفِهْرِيّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيّ، أَخْبَرَنَا
يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو
عِيْسَى يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَمِّ
أَبِيْهِ؛عبيد الله بنِ (6) يَحْيَى بنِ يَحْيَى، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيْعَة بن أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُوْلُ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ البَائِنِ وَلاَ بِالقَصِيْر،
وَلاَ بِالأَبْيَضِ
__________
(1) تحرفت في " معجم الأدباء " 11 / 249 إلى: تسعين، وفي "
الأنساب " 2 / 20، توفي في حدود سنة ثمانين وأربع مئة.
(2) تقدمت ترجمته برقم (200).
(3) سترد ترجمته برقم (280).
(4) تقدمت ترجمته برقم (197).
(5) سترد ترجمته برقم (277).
(6) زيادة يقتضيها النص.
وقد سبق هذا الاسم في الصفحة 543.
(18/544)
الأَمْهَقِ وَلاَ بِالآدَمْ، وَلاَ
بِالجَعْدِ القَطَطِ وَلاَ بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ الله
عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ
عَشْرَ سِنِيْنَ، وَتوَفَّاهُ الله عَلَى رَأْسِ سِتِّيْنَ
سَنَةً، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُوْنَ
شَعْرَةً بَيْضَاء - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(1) .
وَابْنُهُ:
275 - أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ البَاجِيُّ أَبُو
القَاسِمِ *
العَلاَّمَةُ الكَبِيْرُ، أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ
سُلَيْمَانَ البَاجِيُّ.
سَكَنَ بسَرقُسطَة، وَرَوَى عَنْ أَبِيْهِ كَثِيْراً،
وَخَلَفَه فِي حَلْقَته (2) .
وَحَدَّثَ عَنْ:حَاتِم بنِ مُحَمَّدٍ، وَابْنِ حَيَّانَ،
وَمُحَمَّدِ بنِ عتَّاب، وَمُعَاوِيَة العُقَيْلِيّ.
وَبَرَعَ فِي الأُصُوْل وَالكَلاَم، لَهُ تَصَانِيْفُ
تَدُلُّ عَلَى حِذْقِه وَذكَائِهِ، وَصَنَّفَ عقيدَةً (3)
.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (4) :أَخْبَرَنَا عَنْهُ
جَمَاعَةٌ، وَوصفُوهُ بِالنَّباهَة وَالجَلاَلَة.
__________
(1) هو في " الموطأ " 1 / 919 في أول صفة النبي صلى الله
عليه وسلم، ومن طريقه البخاري (3548) في المناقب: باب صفة
النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2347) في الفضائل: باب
صفة النبي صلى الله عليه وسلم.
الامهق: الابيض الشديد البياض الذي لا يخالط بياضه شيء من
الحمرة، وليس بنير، ولكن كلون الجص أو نحوه.
والجعودة في الشعر: أن لا ينكسر ولا يسترسل، والسبوطة
بينهما.
(*) الصلة 1 / 71، بغية الملتمس: 180 - 181، صفة جزيرة
الأندلس: 36 - 37، الوافي 6 / 404، الديباج المذهب 1 /
183، كشف الظنون: 836، إيضاح المكنون 1 / 550، شجرة النور
1 / 121.
(2) " الصلة " 1 / 71.
(3) واسمها كما في " الوافي بالوفيات ": " العقيدة في
المذاهب السديدة " وذكر في " الديباج المذهب " 1 / 183 من
كتبه " البرهان على أن أول الواجبات الايمان " و" معيار
النظر " و" سر النظر ".
(4) " الصلة " 1 / 71.
(18/545)
قُلْتُ:وَأَجَاز لِلقَاضِي عيَاض، وَقَالَ
(1) :كَانَ حَافِظاً لِلْخلاَف وَالمنَاظرَة.
لَهُ النَّظم وَالأَدب، وَكَانَ دَيِّناً، وَرِعاً، تخلَّى
عَنْ تَرِكَةِ أَبِيْهِ لِقَبُولِهِ جَوَائِز السُّلْطَان،
وَكَانَتْ وَافرَةً حَتَّى احْتَاجَ بَعْدُ.
قُلْتُ:ارْتَحَلَ وَرَأَى بَغْدَاد وَاليَمَن، وَاتَّفَقَ
مَوْتُهُ بِجُدَّةَ بَعْد الحَجّ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة كَهْلاً (2) .
276 - أَبُو جَعْفَرٍ الهَاشِمِيُّ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ
عِيْسَى بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الحَنْبَلِيَّة، أَبُو جَعْفَرٍ عبدُ
الخَالِقِ بنِ أَبِي مُوْسَى عِيْسَى بنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ
مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
مَعْبَدِ ابْن عَمِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ،
البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُهُ:سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ:أَبَا القَاسِمِ بنَ بِشْرَان، وَأَبَا
الحُسَيْنِ بنَ الحَرَّانِيّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ
الخَلاَّل، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ وَغَيْرهُ،
وَهُوَ أَكْبَرُ تَلاَمِذَةِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى.
__________
(1) قال القاضي عياض في " ترتيب المدارك " 4 / 807 في
ترجمة أبيه أبي الوليد: " وكان له ابنان أحدهما أبو القاسم
خلف مجلسه، وسيأتي ذكره " ولكنه لم يورده بعد ذلك، فلعله
سقط من الكتاب.
(2) انظر " الصلة 1 / 71، و" الديباج المذهب " 1 / 183.
(*) المنتظم 8 / 315 - 317، العبر 3 / 273 - 274، دول
الإسلام 2 / 5، البداية والنهاية 12 / 119، ذيل طبقات
الحنابلة 1 / 15 - 26، النجوم الزاهرة 5 / 106، شذرات
الذهب 3 / 336 - 337.
(18/546)
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ حَسَنَ
الكَلاَمِ فِي المُنَاظرَةِ، وَرِعاً زَاهِداً، مُتْقِناً،
عَالِماً بِأَحكَامِ القُرْآن وَالفَرَائِضِ (1) .
وَقَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَرَّاءِ:لَزِمْتُهُ
خَمْسَ سِنِيْنَ، وَكَانَ إِذَا بلغَه مُنْكَرٌ، عَظُمَ
عَلَيْهِ جِدّاً، وَكَانَ شدِيداً عَلَى المُبْتَدِعَة،
لَمْ تَزل كَلِمَتُهُ عَالِيَةٌ عَلَيْهِم، وَأَصْحَابُهُ
يَقمعونهُم، وَلاَ يَردُّهم أَحَد، وَكَانَ عَفِيْفاً
نَزِهاً، دَرَّس بِمسجده، ثُمَّ انْتقل إِلَى الجَانب
الشَّرْقِيّ يُدَرِّس، ثُمَّ درَّس بِجَامِع المَهْدِيّ،
وَلَمَّا احْتُضِرَ أَبُو يَعْلَى (2) ، أَوْصَاهُ أَنْ
يُغَسِّلَهُ، وَكَذَا لمَا احتُضِرَ الخَلِيْفَةُ القَائِم
أَوْصَى أَنْ يُغَسِّلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ، فَفَعَل، وَمَا
أَخَذَ شَيْئاً مِمَّا وَصَّى لَهُ بِهِ، حَتَّى قِيْلَ
لَهُ:خُذْ قَمِيْصَ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ لِلْبَرَكَةِ
فَنَشَّفَهُ (3) بفوطَة وَقَالَ:حَصَلَتِ البركَة.
ثُمَّ اسْتدعَى المُقتدي، فَبَايَعَهُ منفرداً...إِلَى
أَنْ قَالَ:
وَأُخِذَ أَبُو جَعْفَرٍ فِي فِتْنَة ابْنِ القُشَيْرِيّ
(4) ، وَحُبِسَ أَيَّاماً، فَسرَد الصَّوْمَ، وَمَا أَكل
لأَحدٍ شَيْئاً، وَدَخَلْتُ، فَرَأَيْتُهُ يَقرَأُ فِي
المُصْحَف، وَمَرِضَ، فَلَمَّا ثَقُلَ وَضَجَّ النَّاسُ
مِنْ حَبْسِهِ، أُخرج إِلَى الحرِيْم، فَمَاتَ هُنَاكَ،
وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُوْدَةً، وَدُفِنَ إِلَى جَانب
قَبْر الإِمَام أَحْمَد، وَلَزِمَ النَّاسُ قَبْره مُدَّةً
حَتَّى قِيْلَ:خُتِمَ عَلَى قَبْرِهِ عَشْرَة آلاَفِ
خَتمَة.
__________
(1) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 16.
(2) هو القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء شيخ
الحنابلة المتوفي سنة (458) وقد تقدمت ترجمته برقم (40).
(3) في الأصل: فشقه، وهو خطأ، والتصويب من " المنتظم " 8 /
316، و" ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 17.
(4) والتي وقعت بين الحنابلة والاشعرية، انظر تفصيل ذلك في
" ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 19 - 22، و" طبقات " السبكي 3
/ 389 وما بعدها.
(5) " المنتظم " 8 / 316 - 317، و" ذيل طبقات الحنابلة " 1
/ 17 و22 و23، و" البداية والنهاية " 12 / 129.
(18/547)
تُوُفِّيَ:فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:كَانَ مُنْقَطِعاً إِلَى
العِبَادَةِ وَخُشُونَةِ الْعَيْش وَالصّلاَبَةِ فِي
مَذْهَبِهِ، حَتَّى أَفضَى ذَلِكَ إِلَى مُسَارعَة العوَام
إِلَى إِيذَاء النَّاس، وَإِقَامَة الفِتْنَة، وَسفكِ
الدِّمَاء، وَسَبِّ العُلَمَاء، فَحُبِسَ.
قُلْتُ:كَانَ يَوْمُ مَوْته يوماً مَشْهُوْداً - رَحِمَهُ
اللهُ - (1) .
277 - الدَّبَّاسُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ
بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ
اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ صَدَقَة
الرَّحَبِيُّ الدَّبَّاس.
قَالَ:وُلِدْتُ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة،
قَالَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ.
سَمِعَ:أَبَا الحُسَيْنِ بنَ بِشْرَان، وَغَيْرهُ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار:كَانَ يذكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ
مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ سَمْعُوْنَ، وَأَبِي طَاهِر
المُخَلِّص، وَأَنَّ أُصُوْلَه ذَهَبت فِي النّهب، وَكَانَ
يَسكن بِالنَّصْرِيَّة.
قُلْتُ:رَوَى عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ.
قَالَ ابْنُ نَاصِرٍ:مَاتَ أَبُو بَكْرٍ الرَّحَبِيّ فِي
رَجَب سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة،
وَقَدْ بلغَ مائَةً وَأَرْبَعَ سِنِيْنَ.
__________
(1) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 17 - 18.
(*) المنتظم 8 / 332، وفيه الرحبي السعدي من ولد سعد بن
معاذ.
(18/548)
278 - البُزَانِيُّ المُطَهِّرُ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الجَلِيْلُ، الرَّئِيْسُ، أَبُو الفَضْلِ
المُطَهّرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ
اليَرْبُوْعِيُّ، البُزَانِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ،
الكَاتِبُ.
سَمِعَ:أَبَا جَعْفَرٍ بن المَرْزُبَان الأَبْهَرِيّ،
وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مَنْدَة الحَافِظ، وَأَبَا
عُمَرَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ
خُرَّشيذْ قُوْله.
وَعُمِّرَ دَهْراً، وَأَكْثَر النَّاسُ عَنْهُ.
وَعَاشَ إِلَى سَنَة خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة
(1) .
حَدَّثَ عَنْهُ:مَسْعُوْدٌ الثَّقَفِيّ، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ الرُّستمِيّ، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ لَهُ ابْنٌ رَئِيْس، وَهُوَ الوَزِيْرُ عبدُ
الوَاحِد، وَلِي عَمِيْداً عَلَى العِرَاقِ، وَمَاتَ
قَبْلَ وَالِده.
279 - ابْنُ البَقَّالِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ **
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ البَقَّالِ الأَزَجِيُّ.
رَوَى عَنْ:عَبْدِ الْملك بن بِشْرَان.
وَعَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ البَرَدَانِيّ.
__________
(*) الإكمال 1 / 573، الأنساب 2 / 187، الاستدراك 1 / ورقة
70 أ، المشتبه 1 / 57، العبر 3 / 282، تبصير المنتبه 1 /
131، شذرات الذهب 3 / 348، والبزاني: بضم الباء الموحدة
وفتح الزاي وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى: بزان، وهي
قرية من أصبهان. وقد تصحف في " شذرات الذهب " 3 / 348 إلى:
البراني (بالراء).
(1) في " الأنساب " 2 / 187: توفي في حدود سنة ثمانين
وأربع مئة، وفي " الاستدراك " 1 / ورقة 70 أ: أنه توفي سنة
أربع وسبعين، وقد قال المؤلف في " العبر " في سنة خمس
وسبعين وأربع مئة: توفي فيها أو في حدودها.
(* *) الكامل لابن الأثير 10 / 141، طبقات السبكي 4 / 333،
طبقات الاسنوي 1 / 239 - 240.
(18/549)
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:كَانَ عَلاَّمَة،
مُدَقِّقاً، مُنَاظراً، زَاهِداً، عَابِداً، نَزِهاً،
وَلِيَ قَضَاءَ الحرِيْم (1) ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ:فِي شَعْبَانَ سَنَة سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة وَلَهُ سِتٌّ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً،
وَكَانَ مِنْ تَلاَمِذَة القَاضِي أَبِي الطَّيِّب، وَلَهُ
حَلْقَة مُنَاظرَةٍ بِجَامِع الْقَصْرِ (2) .
186 - الأَنْطَاكِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ
عَلِيِّ بنِ عُمَرَ * (تَقَدَّمَ)
القَاضِي، الفَقِيْهُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ
الأَنْطَاكِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الشَّاغورِيُّ.
كَانَ يَسكن بِالشَّاغور (3) .
ولِدَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ:تَمَّام الرَّازِيّ، وَعبدِ الرَّحْمَن بن
أَبِي نَصْرٍ، وَهُوَ آخِرُ أَصْحَاب تَمَّام.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَهِبَةُ اللهِ
بنُ الأَكْفَانِي، وَجمَالُ الإِسْلاَم أَبُو الحَسَنِ
السُّلَمِيّ، وَعَلِيُّ بنُ قُبيس المَالِكِيّ،
وَغَيْرهُم.
نَاب فِي القَضَاءِ بِدِمَشْقَ عَنِ الشَّرِيْف أَبِي
الفَضْل بنِ أَبِي الجِنّ (4) .
__________
(1) قال ياقوت: هو حريم دار الخلافة ببغداد، وهو بمقدار
ثلث بغداد، في وسطها، ودور العامة محيطة به وله سور يتحيز
به، ابتداؤه من دجلة، وانتهاؤه إلى دجلة كهيئة نصف دائرة،
وله عدة أبواب.
(2) الخبر بنحوه في " طبقات " السبكي 4 / 333، و" طبقات "
الاسنوي 1 / 239 - 240.
(*) تقدمت ترجمته في الصفحة 382 برقم (186) وقد ورد اسمه
هناك: الحسن بن علي والذي هنا يوافق " تهذيب تاريخ ابن
عساكر " 4 / 349.
(3) هي محلة في جنوب دمشق تقع عند الباب الصغير.
(4) " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 349.
(18/550)
تُوُفِّيَ:فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة بِدِمَشْقَ.
280 - ابْنُ العَجُوْزِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الكُتامِيُّ *
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ أَحْمَدَ
بنِ العَجُوْزِ الكُتامِيُّ، عَالِمُ سَبْتَةَ، وَابْنُ
عَالِمهَا العَلاَّمَة أَبِي القَاسِمِ (1) ، الَّذِي
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
لقِي أَبَا إِسْحَاقَ التُّوْنُسِيّ بِالقَيْرَوَان،
وَعَلَيْهِ وَعَلَى ابْنِ البرِيا كَانَتِ العُمدَةُ فِي
الفَتْوَى، وَكَانَتْ بَيْنهُمَا إِحَنٌ، فَجرت مِحْنَةٌ
لِلفظَةٍ قَالهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قرَأَ الخَطِيْبُ
:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتمْ مِنْ }عِدَّة، بدل
:{قُوَّةٍ }[الأَنْفَال:60]فَقَالَ:الوزنُ وَاحِد.
فَكَفَّرُوهُ، وَأَفتُوا بِاسْتتَابَتِه، وَسُجن، ثُمَّ
أُخرج، فَارْتَحَلَ إِلَى فَاس، فَعَظَّمه ابْنُ
تَاشفِيْن، وَوَلاَّهُ قَضَاء فَاس.
تَفَقَّهَ عَلَيْهِ عِدَّة.
وَمَاتَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَهُوَ وَالِدُ العَلاَّمَة عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ
اللهِ وَعبدِ الرَّحِيْم.
281 - التَّفَكُّرِيُّ يُوْسُفُ بنُ الحَسَنِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ **
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، المُحَدِّثُ
المُتْقِنُ، أَبُو القَاسِمِ يُوْسُفُ بنُ الحَسَنِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ التَّفَكُّرِيُّ الزَّنجَانِيُّ.
__________
(*) الوافي بالوفيات 3 / 231.
(1) انظر ترجمته في " ترتيب المدارك " 4 / 782، و" الديباج
المذهب " 1 / 476.
(* *) المنتظم 8 / 329 - 330، الاستدراك 1 / ورقة 20 أ،
الكامل 10 / 119، طبقات السبكي 5 / 361، طبقات الاسنوي 2 /
5 وفيه: المعروف أيضا بالتفكري لكثرة تفكره في الآخرة،
البداية والنهاية 12 / 122 وقد تحرفت فيها إلى: العسكري.
(18/551)
سَمِعَ بزنجَان مِنْ:أَبِي عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْن الفلاَكِي، وَأَبِي عَلِيّ بنِ بُنْدَار،
وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظ، وَقرَأَ
عَلَيْهِ(مَعَاجِم الطَّبَرَانِيّ)الثَّلاَثَة،
وَسَمِعَ:بِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ البَرْمَكِيّ،
وَالصُّوْرِيّ.
وَإِنَّمَا طلب هَذَا الشَّأْن وَقَدْ كَبِرَ، فَإِنَّ
مَوْلِدهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَة.
وَقرَأَ الفِقْه بِبَغْدَادَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي
إِسْحَاقَ، وَلاَزمه حَتَّى صَارَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابه،
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلين، ذَا وَرَعٍ وَخُشُوع
وَتَأَلُّهٍ (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ،
وَعبدُ الخَالِق بنُ أَحْمَدَ اليَوسفِيّ، وَشِيرْوَيْه
الدّيلمِيّ، وَغَيْرُهُم.
تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَة الله:بِبَغْدَادَ فِي حَادِي عشر
ربيع الآخر، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة
وَلَهُ ثَمَانٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
282 - جَعْبَرُ بنُ سَابِقٍ القُشَيْرِيُّ *
مِنْ أُمَرَاءِ العَرَبِ، أَنشَأَ قَلْعَةَ جَعْبَر (2)
عَلَى الفُرَاتِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهَا:الدُّوسرِيَّة.
لأَنَّ دُوْسَرَ غُلاَمَ صَاحِب الحِيرَة النُّعْمَان بن
المُنْذِرِ بنَاهَا، فَلَمَّا قَدِمَ السُّلْطَان
مَلِكْشَاه السَّلْجُوْقِيّ حلب، قتل الأَمِيْرَ جَعْبَراً
هَذَا لِكَوْنِهِ بلغه أَن وَلَدَيْهِ يَقطعَان
الطَّرِيْق، قَتله فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة (3) .
__________
(1) الخبر بنحوه في " المنتظم " 8 / 329 - 330، و" طبقات "
الاسنوي 2 / 5.
(*) معجم البلدان 2 / 142، تاج العروس 3 / 103 مادة
(جعبر).
(2) هي قلعة قديمة على الفرات بين بالس والرقة.
(3) انظر " المنتظم " 9 / 28، و" الكامل " 10 / 149.
(18/552)
283 - ابْنُ مُنْقِذٍ عَلِيُّ بنُ مُنْقِذِ
بنِ نَصْرٍ الكِنَانِيُّ *
الأَمِيْرُ، سَدِيْدُ المُلْكِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ مُنْقِذِ (1) بنِ نَصْرِ بنِ مُنْقِذٍ الكِنَانِيُّ،
صَاحِبُ شَيْزَرَ (2) .
كَانَ بَطَلاً شُجَاعاً، جَوَاداً، فَاضِلاً، أَوَّل مَنْ
مَلك شَيْزر مِنْ بَيْته، لأَنَّه كَانَ نَازلاً فِي
عَشِيرَته هُنَاكَ، وَالحِصنُ فِي يَد الرُّوْم،
فَنَازلهُم، وَتسلَّمه بِالأَمَان فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَسَبْعِيْنَ، وَدَام لبَنِيه حَتَّى تَهدم مِنَ
الزَّلْزَلَةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ
مائَة، وَهلك مَنْ بِالحصن مِنْ آلِ مُنْقِذ، فَعمَّره نور
الدِّيْنِ (3) .
وَكَانَ لِسَدِيْد المُلك نَظمٌ رَائِق وَفِطْنَةٌ وَذكَاء
(4) ، وَمَاتَ فِي الزَّلْزَلَة حَفِيْدُهُ تَاج
الدَّوْلَة مُحَمَّدُ بنُ سُلْطَان.
__________
(*) الخريدة (قسم الشام) 1 / 552، وفيات الأعيان 3 / 409 -
411، دول الإسلام 2 / 6
في حوادث سنة (474) وقد تحرف فيه اسم المترجم إلى: سديد
الدولة علي بن مقلة الكتاني، النجوم الزاهرة 5 / 113 - 114
و124.
(1) في " وفيات الأعيان " و" النجوم الزاهرة ": مقلد بدل
منقذ.
(2) هي اليوم أنقاض مدينة سورية على العاصي شمالي مدينة
حماة فيها قلعة مشهورة.
(3) الخبر في " وفيات الأعيان " 3 / 409.
وانظر " الكامل " 11 / 219 - 221، و" النجوم الزاهرة " 5 /
113 - 114، ولحفيد صاحب الترجمة الأمير أسامة بن منقذ كتاب
" المنازل والديار " جمعه بعد أن رأى ما نال بلده ووطنه من
الخراب، فقد قال: ولقد وقفت عليها بعد ما أصابها من
الزلازل ما أصابها، وهي أول أرض مس جلدي ترابها، فما عرفت
داري، ولا دور والدي وإخوتي، ولا دور أعمامي وبني عمي
وأسرتي، فبهت متحيرا مستعيذا بالله من عظيم بلائه، وانتزاع
ما خوله من نعمائه، إلى أن قال: وقد جعلت الكتاب فصولا،
فافتتحت كل فصل بما يوافق حالي، ثم أفضت فيما يوافق ذا
القلب الخالي، لكي لا يأتي الكتاب وهو كله عويل ونياحة ليس
فيه لسوى ذي البث راحة.
وقد طبع هذا الكتاب سنة 1965 في دمشق بتحقيقنا.
(4) انظر طرفا من ذلك في " وفيات الأعيان " 3 / 410.
(18/553)
تُوُفِّيَ سَدِيدُ المُلك:سَنَة بِضْع
وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة فَقِيْلَ:سَنَة خَمْسٍ (1)
.
وَقِيْلَ:سَنَةَ تِسْع.
284 - ابْنُ شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بنُ شُرَيْحِ بنِ أَحْمَدَ
الرُّعَيْنِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ شُرَيْحِ بنِ أَحْمَدَ بنِ شُرَيْحِ بنِ
يُوْسُفَ الرُّعَيْنِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ، مُصَنِّفُ
كِتَاب(الكَافِي).
وُلِدَ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ (2) وَثَلاَثِ
مائَة، وَهَذَا الَّذِي تحرَّرَ فِي نسبه.
فَأَمَّا ابْن بَشْكُوَال، فَأَدخلَ فِي نسبه مُحَمَّداً
بَيْنَ أَبِيْهِ وَبَيْنَ أَحْمَد (3) ، وَلَهُ
كِتَاب(التَّذكير (4)).
سَمِعَ:عُثْمَان بنَ أَحْمَدَ أَبَا عَمْرٍو
القَيْجطَالِيّ (5) ، وَأَجَاز لَهُ مَكِّيّ وَأَخَذَ
عَنْهُ، وَحَجَّ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي
ذَرٍّ(الصَّحِيْح)وَغَيْر ذَلِكَ.
وَأَخَذَ القِرَاءات عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
القَنْطَرِيّ المجَاور، وَتَاجِ الأَئِمَّة
__________
(1) وممن قال بذلك ابن خلكان في " وفياته " 3 / 410.
(*) الصلة 2 / 553، معرفة القراء الكبار 1 / 351، العبر 3
/ 285، مرآة الجنان: 3 / 120 غاية النهاية 2 / 153، كشف
الظنون 1379، شذرات الذهب 3 / 354، إيضاح المكنون 1 / 221،
هدية العارفين 2 / 74.
(2) في " غاية النهاية " 2 / 153: ولد سنة ثمان وثمانين
وثلاث مئة.
(3) الذي في " الصلة " 2 / 553: محمد بن شريح بن أحمد بن
محمد بن شريح الرعيني، وكذلك أورده المؤلف في " معرفة
القراء الكبار " 1 / 351، وابن الجزري في " غاية النهاية "
2 / 153.
وقد تحرف شريح في " الشذرات " 3 / 354 إلى: سريج بالسين
المهملة، وفي " إيضاح المكنون " 1 / 221 إلى: ابن سريج.
(4) في " الصلة ": التذكرة.
(5) كذا الأصل، وعثمان بن أحمد هذا ترجمة ابن بشكوال في "
الصلة " 2 / 404 وقال: يعرف بالقيشطيالي.
وفي " غاية النهاية ": القسطالي، وفي " معرفة القراء
الكبار ": عمار بن أحمد القساطلي.
(18/554)
أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي (1) عَلِيٍّ
الحَسَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
صَاحِب(الرَّوضَة)فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي العَبَّاسِ بن نَفِيْس، وَمُحَمَّدِ
بن الطَّيب الكَحَّال، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ اليَحْصُبِيّ.
وَكَانَ رَأْساً فِي القِرَاءات، بَصِيْراً بِالنَّحْوِ
وَالصَّرف، فَقِيْهاً كَبِيْرَ القَدْرِ، حُجّةً، ثِقَةً
(2) .
وَقِيْلَ:إِنَّهُ صَلَّى لَيْلَةً بِالمُعتضد، فَوَقَفَ
فِي الرَّعد عَلَى قَوْلِهِ :{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ
الأَمْثَالَ }[الرَّعْد:17].
فَقَالَ:كُنْتُ أَظَنُّ مَا بَعْدَهُ صفَةً لِلأَمثَال،
وَمَا فَهمتُهُ إِلاَّ مِنْ وَقْفِك.
ثُمَّ أَمر لَهُ بخِلْعَةٍ وَفرسٍ وَجَارِيَةٍ وَأَلفِ
دِيْنَار.
رَوَى عَنْهُ الكَثِيْرَ:وَلدُه أَبُو الحَسَنِ شُرَيْح بن
مُحَمَّدٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْن عَيشُوْنَ،
وَطَائِفَة.
مَاتَ:فِي رَابع شَوَّال سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة، عَنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِيْنَ عَاماً.
وَقِيْلَ:بَلْ مَاتَ فِي مُنْتَصف الشَّهْر، وَتَأَسَّفَ
النَّاسُ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللهُ - وَصَلَّى عَلَيْهِ
ابْنُهُ.
285 - الأَعْلَمُ يُوْسُفُ بنُ سُلَيْمَانَ بن عِيْسَى
الشَّنْتَمَرِيُّ *
إِمَامُ العَرَبِيَّة، أَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُفُ بنُ
سُلَيْمَانَ بنِ عِيْسَى
__________
(1) في الأصل: " وأبا " وهو خطأ، وانظر ترجمة أبي علي هذا
في " غاية النهاية " 1 / 230، وكتابه " الروضة " هو في
القراءات الإحدى عشرة، وهي القراءات العشرة المشهورة
وقراءة الأعمش. انظر " النشر " 1 / 74.
(2) انظر " الصلة " 2 / 553.
(*) فهرسة ابن خير: 472، 475، وانظر الفهرس، الصلة 2 /
681، معجم الأدباء =
(18/555)
الشَّنْتَمَرِيُّ (1) ، الأَنْدَلُسِيُّ،
النَّحْوِيُّ، الأَعْلَمُ، وَهُوَ المَشقوق الشَّفَة (2) .
تخرَّج بِإِبْرَاهِيْم بنِ مُحَمَّدٍ الإِفْليلِيّ،
وَمُسْلِمِ بن أَحْمَدَ الأَدِيْب.
وَبَرَعَ فِي اللُّغَة وَالنَّحْو وَالأَشعَار، وَجَلَسَ
لِلطَّلبَة وَتَكَاثرُوا عَلَيْهِ، وَصَنَّفَ
التَّصَانِيْفَ (3) .
أَخَذَ عَنْهُ:الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الجَيَّانِيّ
وَغَيْرهُ.
وَأَضَرَّ بِأَخَرَة.
وَكَانَ أَحَدَ الأَذكيَاء المُبرِّزِين.
__________
= 20 / 60 - 61، وفيات الأعيان 7 / 81 - 83، المختصر في
أخبار البشر 2 / 204، نكت الهميان: 313، مرآة الجنان 3 /
159، بغية الوعاة 2 / 356، كشف الظنون 604، 692، شذرات
الذهب 3 / 403، هدية العارفين 2 / 551، تاريخ بروكلمان 5 /
352 - 353.
(1) في " الصلة " 2 / 681: يوسف بن عيسى بن سليمان، وفي "
المختصر " 2 / 204: أبو الحجاج بن يوسف بن سليمان،
والشنتمري: نسبة إلى شنتمرية، قال ابن خلكان: بفتح الشين
المعجمة وسكون النون وفتح التاء المثناة من فوقها والميم
وكسر الراء وبعدها ياء مشددة، وبعدها هاء ساكنة وهي مدينة
بالاندلس في غربها.
(2) أي العليا، وأما مشقوق الشفة السفلى فيقال له: أفلح.
(3) انظر مصنفاته في " معجم الأدباء " 20 / 61، و" وفيات
الأعيان " 7 / 81 - 82.
وقد طبع من تصانيفه " شرح أبيات سيبويه " بهامش كتاب
سيبويه، وله كتاب " شرح دواوين الشعراء الستة الجاهليين "
وهم امرؤ القيس، والنابغة الذبياني، وعلقمة الفحل، وزهير،
وطرفة، وعنترة.
ذكر في مقدمته أنه اعتمد فيما جلبه من هذه الاشعار على أصح
رواياتها وهي رواية الاصمعي لتواطؤ الناس عليها واتفاقهم
على تفضيلها، ثم أتبع ذلك بما صح من رواياته قصائد متخيرة
من قصائد غيره، وقد قام المستشرق أهلوارد بطبعه سنة 1869 م
بعد تصحيحه وتهذيبه وترتيبه، ووضع له ذيلا يشتمل على الشعر
المنسوب لكل شاعر، ثم قام الأستاذ مصطفى السقا بإعادة نشر
هذا المجموع سنة 1930 م باسم مختار الشعر الجاهلي وكذلك
فعل الأستاذ محمد عبد المنعم خفاجة سنة 1954 م.
ثم أفرد بالطبع كل ديوان على حدة، فطبع شرح ديوان زهير
بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة سنة 1970 م، وطبع شرح
ديوان علقمة عدة طبعات آخرها بتحقيق الاستاذين لطفي الصقال
ودرية الخطيب سنة 1969 م بحلب، وشرح ديوان طرفة بتحقيقهما
في المجمع العلمي بدمشق، وشرح ديوان عنترة بتحقيق الأستاذ
محمد سعيد المولوي في المكتب الإسلامي بدمشق، وشرح ديوان
النابغة بتحقيق الأستاذ محمد أبي الفضل إبراهيم.
(18/556)
وُلِدَ:سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَة،
وَعَاشَ بِضْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ شُرَيْح بنُ مُحَمَّدٍ (1) :مَاتَ
أَبِي فِي شَوَّال سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، فَأَعْلَمت
بِهِ أَبَا الحَجَّاج الأَعْلَمَ، وَكَانَا كَالأَخوين،
فَانْتحب بِالبُكَاء، وَقَالَ:لاَ أَعيش بَعْدَهُ إِلاَّ
شَهْراً.
قَالَ:فَكَانَ كَذَلِكَ (2) .
286 - دُبَيْسُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَزْيَدٍ الأَسَدِيُّ *
أَمِيْرُ العَرَب بِالعِرَاقِ، نورُ الدَّوْلَة، دُبيسُ
بنُ عَلِيِّ بنِ مزْيَدٍ الأَسَدِيُّ.
كَانَ فَارِساً، جَوَاداً، مُمَدَّحاً، كَبِيْرَ
الشَّأْنِ.
عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
رَثَتْهُ الشُّعَرَاء، فَأَكْثَرُوا، وَكَانَ صَاحِبَ
مدينَة الحِلَّة (3) ، وَفِيْهِ تَشَيُّع.
مَاتَ:فِي شَوَّال سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
__________
(1) في الأصل: محمد بن شريح، وهو خطأ، والتصويب من ترجمته
في " الصلة " 1 / 234 - 235، وأبوه تقدمت ترجمته قبل هذه
الترجمة مباشرة.
(2) الخبر في " وفيات الأعيان " 7 / 82.
وقد أخطأ ابن العماد حيث أورد وفاته في سنة 495.
(*) المنتظم 8 / 333، الكامل 10 / 121، وفايت الأعيان 2 /
491، ذكره في ترجمة صدقة ابن منصور، دول الإسلام 2 / 6،
تاريخ ابن خلدون 4 / 277 وما بعدها، النجوم الزاهرة 5 /
114، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 207.
(3) كذا قال المؤلف، وأما ابن خلكان فقد ذكر في ترجمة سيف
الدولة صدقة بن منصور بن دبيس، وهو حفيد صاحب هذه الترجمة:
أن الحلة اختطها سيف الدولة صدقة المذكور في سنة خمس
وتسعين وأربع مئة فنسب إليه.
وقال ابن الأثير في " الكامل " 10 / 440 عند ذكر سيف
الدولة صدقة: وهو الذي بنى الحلة السيفية بالعراق، وقال
ياقوت عند ذكر حلة بني مزيد: وكان أول من عمرها ونزلها سيف
الدولة صدقة بن منصور بن دبيس.
وكانت منازل آبائه الدور من النيل " معجم البلدان " 2 /
294.
إذن فابن خلكان وابن الأثير وياقوت كلهم أجمعوا على أن
الحلة إنما بناها صدقة حفيد صاحب الترجمة وستأتي ترجمة
صدقة هذا في الجزء التاسع عشر برقم (165)، وقد لقبه الذهبي
هناك بصاحب الحلة.
(18/557)
وَهُوَ الَّذِي ضَرَبَ بِهِ الحَرِيْرِي
المَثَل فِي(المَقَامَات (1)).
تملّكَ بَعْدَهُ وَلدُه بَهَاء الدَّوْلَة مَنْصُوْر (2) ،
فَسَارَ إِلَى مُخَيَّم السُّلْطَان مَلِكْشَاه،
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَخلعَ عَلَيْهِ الخَلِيْفَة،
وَوَلاَّهُ الحِلَّة، فَكَانَتْ أَيَّامُه خَمْس سِنِيْنَ
وَمَاتَ (3) ، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً وَشَاعِراً
مُحسناً، نَحْوِيّاً جَيِّدَ السِّيرَة، فَولِي بَعْدَهُ
ابْنُه سَيْف الدَّوْلَة صَدَقَةُ بنُ مَنْصُوْر.
287 - الخَبْرِيُّ أَبُو حَكِيْمٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ *
إِمَامُ الفَرَضِيِّين، العَلاَّمَةُ أَبُو حَكِيْمٍ (4)
عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الخَبْرِيُّ،
الشَّافِعِيُّ.
تَفقَّه عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ، وَسَمِعَ مِنَ القَادسِيّ،
وَالجَوْهَرِيّ.
__________
(1) ذكر ابن خلكان في " الوفيات " 2 / 263 أن الذي ضرب به
الحريري المثل في " المقامات " هو دبيس بن صدقة بن منصور
بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي المتوفى سنة 529، من أحفاد
المترجم، وقد وهم المؤلف في ذلك، وأورد ذكره الحريري في
المقامة التاسعة والثلاثين، وهي المقامة العمانية، وفيها
يصف كيف أحاطت الجماعة بأبي زيد تثني عليه، وتقبل يديه "
حتى خيل إلي أنه القرني أويس، الأسدي دبيس " انظر " مقامات
الحريري " ص: 342 (ط: صادر).
(2) انظر " الكامل " 10 / 121.
(3) " الكامل " 10 / 150.
(*) الإكمال 3 / 51، الأنساب 5 / 39، المنتظم 9 / 99 -
100، معجم الأدباء 12 / 46 - 47، معجم البلدان 2 / 344،
الاستدراك 1 / لوحة 154 ب - 155 أ، إنباه الرواة 2 / 98،
المشتبه 1 / 184، تلخيص ابن مكتوم: 88، طبقات السبكي 5 /
62 - 63، طبقات الاسنوي 1 / 471 - 472، البداية والنهاية
12 / 153، تبصير المنتبه 1 / 362، النجوم الزاهرة 5 / 159،
بغية الوعاة 2 / 29، طبقات ابن هداية الله: 172 - 173، كشف
الظنون: 692، 779، شذرات الذهب 3 / 353، روضات الجنات:
449، هدية العارفين 1 / 452، والخبري: بفتح الخاء المعجمة
وسكون الباء الموحدة وفي آخرها الراء المهملة، هذه النسبة
إلى خبر: وهي قرية بنواحي شيراز من فارس وقد تصحف في "
النجوم الزاهرة " إلى " الخيري "، وفي " كشف الظنون " إلى
" الجيزي ".
(4) في " البداية ": أخو أبي حكيم، بزيادة " أخو "، وفي "
الشذرات ": أبو حليم، وكلاهما خطأ.
(18/558)
وَعَنْهُ:سِبْطُه ابْن نَاصِر (1) ،
وَابْنُ كَادش.
وَانتهت إِلَيْهِ الإِمَامَةُ فِي الفَرَائِضِ وَفِي
الأَدب.
شرح(الحَمَاسَة)، وَ(ديوَان)البُحترِيّ وَالمُتنبِيّ
وَالرّضِيِّ، وَكَانَ خَيِّراً صَدُوْقاً.
كَانَ يَنسَخُ فِي مصحفٍ، فَوضع القلمَ، وَقَالَ:إِنَّ
هَذَا لَمُوتٌ مُهَنَّأ طيب.
ثُمَّ مَاتَ (2) ، وَذَلِكَ:فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ
سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ (3) وَأَرْبَعِ مائَة.
288 - ابْنُ مُنْتَابٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ أَبِي
عُثْمَانَ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ
مُنتَابٍ البَصْرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الدَّقَّاقُ،
المُقْرِئُ، مُقْرِئٌ مُجَوِّدٌ مُكْثِرٌ، دَيِّنٌ
مَهِيْبٌ، لَقَّنَ جَمَاعَةً خَتَمُوا عَلَيْهِ.
مَوْلِدُهُ:سَنَةَ(397).
سَمِعَ:أَبَا أَحْمَد الفَرَضِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بن
الحَسَنِ الصَّرصَرِيّ، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ المُجبر،
وَأَبَا عُمَر بنَ مَهْدِيٍّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بن
البَيِّع، وَالحَسَنَ بن القَاسِمِ الدّبّاس.
__________
(1) هو الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي نسبة إلى
مدينة السلام بغداد، المتوفى سنة 550 ه وسترد ترجمته في
الجزء العشرين برقم (180).
(2) انظر " المنتظم " 9 / 100، و" معجم الأدباء " 12 / 47،
و" طبقات " الاسنوي 1 / 472، و" طبقات " السبكي 5 / 63، و"
بغية الوعاة " 2 / 29.
(3) في " الاستدراك " أنه توفي سنة ست وتسعين، وذكر في "
المنتظم " و" البداية " و" النجوم الزاهرة ": في وفيات سنة
تسع وثمانين، ولم يذكر القفطي وفاته.
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(18/559)
رَوَى عَنْهُ:مَكِّيُّ الرُّمِيْلِيّ،
وَهِبَةُ اللهِ الشِّيْرَازِيّ، وَعبدُ الغَافِرِ بنُ
الحُسَيْنِ الكَاشْغَرِيّ، وَعُمَرُ الروَّاسِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عبدِ البَاقِي الأَنْصَارِيّ، وَأَبُو
القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ خَيْرُوْنَ، وَيَحْيَى بنُ الطّرَّاح.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ:سُئِلَ أَبُو
مُحَمَّدٍ أَخُو أَبِي الغنَائِم بنِ أَبِي عُثْمَانَ أَنْ
يُسْتَشْهَدَ (1) ، فَامْتَنَعَ.
فَكُلِّفَ، فَقَالَ:اصبرُوا إِلَى غَد.
وَدَخَلَ البَيْت فَأَصْبَح مَيتاً - رَحِمَهُ اللهُ - .
مَاتَ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة، وَشيَّعه خَلاَئِق.
289 - ابْنُ جَلَبَةَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَحْمَدَ
الحَرَّانِيُّ الخَزَّازُ *
مُفْتِي حَرَّانَ، وَقَاضِيهَا، أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ
الوَهَّابِ (2) بنُ أَحْمَدَ بنِ جَلَبَةَ الحَرَّانِيُّ،
الخَزَّازُ (3) .
تَفقَّه بِالقَاضِي أَبِي يَعْلَى بنِ الفَرَّاء، وَكَتَبَ
تَصَانِيْفه.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي عَلِيّ بن شَاذَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ
البَرْقَانِيّ، وَالحَسَنِ بن شِهَابٍ العُكْبَرِيّ.
__________
(1) أي أن يكون شاهدا.
(*) الاستدراك 1 / 88 ب، الكامل 10 / 129 - 130، العبر 3 /
283 - 284، تبصير المنتبه 1 / 258، و333 و343، وقد تصحف في
الصفحة 333 إلى " حلية " بالحاء المهملة والياء المثناة،
شذرات الذهب 3 / 352.
(2) في " الشذرات " 3 / 352: عبد الله بن أحمد بن عبد
الوهاب بن جلبة وهو خطأ.
(3) نسبة إلى الخز وبيعه كما في " تبصير المنتبه " 1 /
333، وقد تصحف في " ذيل طبقات الحنابلة " إلى: الجزار،
بجيم وآخره راء مهملة.
(18/560)
أَخَذَ عَنْهُ:مَكِّيّ الرُّمِيْلِيّ (1) ،
وَالرَّحَّالَة.
وَقُتِلَ شهيداً.
وَكَانَ وَلِيَ قَضَاءَ حَرَّان نِيَابَةً مِنْ أَبِي
يَعْلَى. درَّس وَوعظ وَخَطَبَ وَنشر السُّنَّة (2) .
قَتله ابْنُ قُرَيْش العُقَيْلِيّ فِي سَنَةِ سِتٍّ
وَسَبْعِيْنَ (3) ، عِنْد قيَام أَهْل حرَّان عَلَى ابْنِ
قُرَيْش لَمَّا أَظهر سبَّ الصَّحَابَة (4) .
وَقَدْ رَوَى السِّلَفِيُّ فِي بلد مَاكسِين (5) ، عَنْ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَامِد، عَنْهُ.
290 - البَكْرِيُّ أَبُو بَكْرٍ عَتِيْقٌ المَغْرِبِيُّ
الأَشْعَرِيُّ *
الوَاعِظُ، العَالِمُ، أَبُو بَكْرٍ عَتِيْقٌ البَكْرِيُّ،
المَغْرِبِيُّ (6) ، الأَشْعَرِيُّ.
وَفَدَ عَلَى النّظَامِ الوَزِيْرِ، فَنفَق عَلَيْهِ،
وَكَتَبَ لَهُ تَوقيعاً بِأَن يَعِظَ بجَوَامع بَغْدَاد،
فَقَدم وَجَلَسَ، وَاحتفل الخلقُ، فَذَكَرَ الحنَابلَةَ،
وَحطَّ
__________
(1) تصحف في " الشذرات " إلى " الدميلي ".
(2) الخبر في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 42 - 43.
(3) في تبصير المنتبه 1 / 334 أنه قتل سنة (496) وهو خطأ.
(4) انظر " الكامل " 10 / 129 - 130 وفيه " ابن حلبة "
وانظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 43، وانظر ترجمة ابن
قريش المتقدمة برقم (246).
(5) قال ياقوت: ماكسين، بكسر الكاف: بلد بالخابور قريب من
رحبة مالك بن طوق من ديار ربيعة.
(*) المنتظم 9 / 3 - 4، الكامل 10 / 124 - 125، العبر 3 /
284 - 285، شذرات الذهب 3 / 353.
(6) تحرفت في " الشذرات " 3 / 353 إلى " المقرئ ".
(18/561)
وَبَالَغَ وَنَبَزَهم بِالتجسيم، فَهَاجتِ
الفِتْنَةُ، وَغَلَتْ بِهَا المرَاجلُ، وَكفَّر هَؤُلاَءِ
هَؤُلاَء، وَلَمَّا عزم عَلَى الجُلُوْس بِجَامِع
المَنْصُوْر؛قَالَ نَقيب النُّقَبَاء:قِفُوا حَتَّى
أَنْقُلَ أَهْلِي، فَلاَ بُدَّ مِنْ قتلٍ وَنهبٍ.
ثُمَّ أُغلقت أَبْوَابُ الجَامِع، وَصَعِد البَكْرِيُّ،
وَحَوْلَهُ التُّرْكُ بِالقِسِيِّ، وَلُقِّبَ بِعَلَم
السُّنَّة، فَتعرَّض لأَصْحَابِهِ طَائِفَةٌ مِنَ
الحنَابلَة، فَشدّت (1) الدَّوْلَة مِنْهُ، وَكُبِسَتْ
دُور بنِي القَاضِي ابْنِ الفَرَّاء، وَأُخِذَتْ كتُبهُم،
وَفِيْهَا كِتَابٌ فِي الصِّفَات، فَكَانَ يُقرَأُ بَيْنَ
يَدي البَكْرِيّ، وَهُوَ يُشَنِّعُ وَيُشَغِّبُ، ثُمَّ
خَرَجَ البَكْرِيُّ إِلَى المعَسْكَر متشكياً مِنْ
عَمِيْدِ بَغْدَاد أَبِي الفَتْح بن أَبِي اللَّيْث.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ وَعظ وَعظَّم الإِمَام أَحْمَد، ثُمَّ
تَلاَ :{وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ
الشَّيَاطِيْنَ كَفَرُوا }[البَقَرَة:102].
فَجَاءتْهُ حَصَاةٌ ثُمَّ أُخْرَى، فَكشفَ النَّقيبُ عَنِ
الحَال، فَكَانُوا نَاساً مِنَ الهَاشِمِيين حنَابلَةً
قَدْ تخبَّؤُوا فِي بطَانَة السَّقف، فَعَاقبهم النَّقيبُ،
ثُمَّ رَجَعَ البَكْرِيُّ عليلاً.
وَتُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَة سِتٍّ
وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (2) .
291 - ابْنُ القُشَيْرِيِّ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الكَرِيْمِ بنِ هَوَازِنَ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ اللهِ ابنُ
الشَّيْخِ أَبِي القَاسِمِ عبدِ الكَرِيْمِ بنِ هَوَازِن
القُشَيْرِيُّ (3) ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ:أَبَا بَكْرٍ الحِيْرِيَّ، وَأَبَا سَعِيْدٍ
الصَّيْرَفِيّ، وَطَائِفَةً، وَبِبَغْدَادَ مِنَ القَاضِي
أَبِي الطَّيِّب، وَالجَوْهَرِيِّ.
__________
(1) في الأصل: فشد.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 3 - 4، و" الكامل " 10 / 124 -
125.
(*) العبر 3 / 287، شذرات الذهب 3 / 354.
(3) تقدمت ترجمة والده برقم (109).
(18/562)
وَعَنْهُ:ابْنُ أُخْتِهِ عبدُ الغَافِرِ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَابْنُ أَخِيْهِ هبَةُ الرَّحْمَن.
وَتُوُفِّيَ قَبْل وَالِدته فَاطِمَة بِنْتِ الدَّقَّاق
(1) ، وَكَانَ زَاهِداً، مُتَأَلِّهاً، متصوّفاً، كَبِيْرَ
القَدْرِ، ذَا عِلْمٍ وَذكَاء وَعِرفَان.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
292 - ابْنُ رِزْقٍ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ رِزْقٍ القُرْطُبِيُّ.
تَفقَّه بِابْنِ القَطَّان.
وَرَوَى عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ عَتَّاب، وَأَبِي شَاكِر
القَبْرِيّ، وَابْنِ عبدِ البرّ.
تَفقَّه بِهِ:أَبُو الوَلِيْدِ بنُ رشد، وَقَاسِمُ بنُ
الأَصْبَغ، وَهِشَامُ بنُ إِسْحَاقَ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلين، دَيِّناً، صَالِحاً،
حليماً، خَاشعاً، يَتوَقَّد ذكَاءً.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ مُغِيْث:كَانَ أَذكَى مَنْ
رَأَيْتُ فِي عِلم المَسَائِل، وَأَليَنهم كلمَةً،
وَأَكْثَرهم حرصاً عَلَى التَّعَلِيْم، وَأَنفعَهم لطَالبِ
فَرعٍ، عَلَى مُشَارَكَةٍ لَهُ فِي علم الحَدِيْث (2) .
__________
(1) تقدمت ترجمتها برقم (243).
(*) الصلة 1 / 65 - 66، بغية الملتمس: 167، الديباج المذهب
1 / 182 - 183، شجرة النور 1 / 121.
(2) الخبر في " الصلة " 1 / 66.
(18/563)
قُلْتُ:عَاشَ خَمْسِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ
فَجْأَةً فِي شَوَّال سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (1) :كَانَ مَدَارُ طلبَةِ الفِقْه
بقُرْطُبَة عَلَيْهِ فِي المُنَاظرَة وَالتَّفَقُّه.
293 - نَافِلَةُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ أَبُو القَاسِمِ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ مَسْعَدَةَ *
الإِمَامُ، المُفْتِي، الرَّئِيْسُ، أَبُو القَاسِمِ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ مَسْعَدَةَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ
الإِمَامِ الكَبِيْرِ أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ،
الجُرْجَانِيُّ.
سَمِعَ:أَبَاهُ، وَعَمَّه المُفَضَّل، وَحَمْزَةَ بنَ
يُوْسُفَ الحَافِظ، وَالقَاضِي مُحَمَّد بنَ يُوْسُفَ
الشَّالَنْجِيّ (2) ، وَأَحْمَدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ
الرِّبَاطِيّ.
وَعَنْهُ:زَاهِرٌ الشَّحَّامِيّ، وَأَخُوْهُ وَجيهٌ،
وَأَبُو نَصْرٍ الغَازِي، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ
البَغْدَادِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ،
وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ خَيْرُوْنَ، وَأَبُو الْكَرم
الشَّهرزُورِيّ، وَأَبُو الْبَدْر الكَرْخِيّ.
وُلِدَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَمَاتَ بجُرْجَان وَلَهُ سَبْعُوْنَ سَنَةً.
وَكَانَ صدراً، مُعَظَّماً، إِمَاماً، وَاعِظاً،
بَلِيْغاً، لَهُ النَّظْمُ وَالنَّثر وَسَعَةُ العِلْم (3)
.
رَوَى ابْنُ السَّمَرْقَنْدِيّ عَنْهُ
كِتَابَ(الكَامِل)لابْنِ عَدِيّ.
__________
(1) " الصلة " 1 / 66.
(*) المنتظم 9 / 10 - 11، الكامل 10 / 141، العبر 3 / 286،
الوافي بالوفيات 9 / 223 - 224، شذرات الذهب 3 / 354.
(2) قال ابن الأثير: الشالنجي، بفتح الشين واللام بينهما
ألف ساكنة وسكون النون وفي آخرها جيم: هذه النسبة إلى بيع
الاشياء من الشعر كالمخلاة والمقود والحبل.
(3) انظر " المنتظم " 9 / 10 - 11.
(18/564)
294 - الفَارمْذِيُّ أَبُو عَلِيٍّ
الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُرَاسَانِيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو
عَلِيٍّ الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارمذِيُّ،
الخُرَاسَانِيُّ، الوَاعِظُ.
وُلِدَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ فِي رُجوليَّتِه مِنْ:أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
بَاكويه، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ عبدِ القَاهِر البَغْدَادِيّ
المُتَكَلِّم، وَأَبِي حَسَّانٍ المزكِّي، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ:عبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ عَلِيٍّ الخَرْكُوشِيّ، وَأَبُو الخَيْرِ جَامِع
السّقَّا، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عبدُ الغَافِر:هُوَ شَيْخُ الشُّيُوْخ فِي عصره،
المُنْفَردُ بطرِيقتِهِ فِي التَّذكير، الَّتِي لَمْ يُسبق
إِلَيْهَا فِي عبَارته وَتَهْذِيْبه، وَحُسنِ أَدَائِهِ،
وَمليحِ اسْتَعَارته، وَدقيقِ إِشَارته، وَرِقَّةِ
أَلْفَاظه، وَوَقْع كَلاَمه فِي القُلُوْب.
صحب القُشَيْرِيَّ، وَأَخَذَ فِي الاجْتِهَاد البَالغ،
وَكَانَ ملحوظاً مِنَ الإِمَام بعينِ العنَايَة، مُوفِّراً
عَلَيْهِ مِنْهُ طرِيقَةُ الهدَايَة، ثُمَّ عَادَ إِلَى
طُوْس، وَصَاهرَ أَبَا القَاسِمِ كُرَّكَانَ (1) ، وَكَانَ
لَهُ قَبولٌ عَظِيْم فِي الْوَعْظ، وَكَانَ نِظَام المُلْك
يَتَغَالَى فِيْهِ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى الصُّوْفِيَّة
أَكْثَرَ مَا يُفتح عَلَيْهِ بِهِ.
تُوُفِّيَ الأُسْتَاذ أَبُو علِيٍّ:فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ،
سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
__________
(*) الأنساب 9 / 219، معجم البلدان 4 / 228، اللباب 2 /
405، العبر 3 / 288، دول الإسلام 2 / 8، شذرات الذهب 3 /
355 - 356، والفارمذي: ضبطت في الأصل بسكون الميم وضبطها
السمعاني بفتح الراء والميم، وضبطها ياقوت بسكون الراء
وفتح الميم: وهي نسبة إلى فارمذ قرية من قرى طوس.
(1) تقدمت ترجمته برقم (202).
(18/565)
وَفِيْهَا مَاتَ:عَالِمُ قُرْطُبَة أَبُو
جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رزق تَفَقَّهَ بابْن
القَطَّان (1) ، وَأَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مَسْعَدَةَ الإِسْمَاعِيْلِيّ (2) ، وَبِيْبَى
الهَرْثَمِيَّة (3) ، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ اللهِ ابنُ
الشَّيْخ أَبِي القَاسِمِ القُشَيْرِيّ العَابِدُ (4) ،
وَشيخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو نَصْرٍ عبدُ السَّيِّد بن
مُحَمَّدِ بنِ الصّبَّاغ (5) ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ كُلار
البُوْشَنْجِيّ (6) ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَمَّار المَهْرِيّ، الوَزِيْر (7) ، وَزَرَ لِلمُعتمد،
وَمَسْعُوْدُ بنُ نَاصِر السِّجْزِيّ الرَّكَّاب (8) .
295 - أَبُو عِيْسَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زِيَادٍ الأَصْبَهَانِيُّ *
الأَدِيْبُ، الزَّاهِدُ، رَاوِي نُسْخَة لُوين، عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ بنِ المَرْزُبَان الأَبْهَرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ
الحَافِظ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ
الصَّالِحَانِيّ، وَمَسْعُوْدٌ الثَّقَفِيّ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ الرُّستمِيّ، وَآخَرُوْنَ.
بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سَنَة سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
وَكَانَ مِنْ بَقَايَا العُلَمَاءِ العُبَّاد - رَحِمَهُ
اللهُ - .
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (292) والتصويب منها.
(2) تقدمت ترجمته قبل هذه الترجمة مباشرة.
(3) تقدمت ترجمتها برقم (201).
(4) تقدمت ترجمته برقم (291).
(5) تقدمت ترجمته برقم (238).
(6) تقدمت ترجمته برقم (227).
(7) سترد ترجمته برقم (304) وفيها وفاته سنة (479).
(8) تقدمت ترجمته برقم (273).
(*) لم نعثر على مصادر ترجمة.
(18/566)
296 - ابْنُ دِلْهَاثٍ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ
بنِ أَنَسٍ العُذْرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَنَسِ بنِ دِلْهَاثِ
بنِ أَنَسِ بنِ فَلْذَان (1) بنِ عُمَرَ (2) بنِ مُنِيبٍ
العُذْرِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، المَرِيَّيّ،
الدَّلاَئِيُّ.
وَدلاَيَة:مِنْ قرَى المَرِيَّة.
مَوْلِدُهُ:فِي رَابعِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَحَجَّ بِهِ أَبوَاهُ وَهُوَ حَدَثٌ، فَقَدِمُوا مَكَّة
فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِ مائَة فِي رَمَضَانهَا،
فَجَاورُوا ثَمَانِيَة أَعْوَام، فَأَخَذَ(صَحِيْح
مُسْلِم)عَنْ أَبِي العَبَّاسِ بن بُنْدَار الرَّازِيّ،
وَلاَزَمَ أَبَا ذَرٍّ الهَرَوِيّ، وَسَمِعَ
مِنْهُ(صَحِيْح البُخَارِيّ)سَبْعَ مَرَّاتٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي الحَسَنِ بن جَهْضَم، وَأَبِي بَكْرٍ
بنِ نُوْح، وَعَلِيِّ بنِ بُنْدَار القَزْوِيْنِيّ
بِمَكَّةَ، وَلَمْ يَسْمَعْ بِمِصْرَ فِيمَا أَعْلَم (3) .
وَسَمِعَ بِالأَنْدَلُسِ مِنْ:أَبِي عَلِيٍّ الحُسَيْن بن
يَعْقُوْبَ البَجَّانِيّ؛صَاحِب ابْن فَحلُوْنَ، وَمِنْ
أَبِي عُمَرَ بنِ عَفِيْف، وَيُوْنُسَ بن عَبْدِ اللهِ،
وَالمُهَلَّبِ بن أَبِي صُفْرَةَ (4) ، وَأَبِي عُمَرَ
السَّفَاقُسِيّ. وَعُمِّر، وَأَلحقَ الصّغَارَ
بِالكِبَارِ.
__________
(*) جذوة المقتبس: 136 - 139، الأنساب 5 / 389 (الدلايي)،
الصلة 1 / 66 - 67، بغية الملتمس: 195 - 197، معجم البلدان
2 / 460، اللباب 1 / 522، العبر 3 / 290، دول الإسلام 2 /
8، مرآة الجنان 3 / 122، شذرات الذهب 3 / 357 - 358، إيضاح
المكنون 1 / 104، 2 / 656، هدية العارفين 1 / 80، شجرة
النور الزكية 1 / 121.
(1) في " معجم البلدان " 2 / 460: فلهدان بدل فلذان.
(2) في " الصلة " 1 / 66: عمران بدل عمر.
(3) في " الأنساب " 5 / 389: أنه سمع بمصر جماعة.
(4) هو القاضي أبو القاسم المهلب بن أحمد بن أبي صفرة
الأسدي من أهل المرية، الفقيه الحافظ المتوفى سنة 436 ه
تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (384).
(18/567)
وَصَنَّفَ(دلاَئِل النُّبُوَّة)،
وَكِتَاب(المسَالك وَالممَالِك (1))، وَغَيْر ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ حَزْمٍ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ
البرّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الوَقَّشِيّ (2) ،
وَالحُمَيْدِيّ، وَطَاهِرُ بنُ مفوّز، وَأَبُو عَلِيٍّ
الجَيَّانِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة، وَأَبُو
بَحْرٍ بنُ العَاصِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ شِبرِيْنَ،
وَعِدَّة.
مَاتَ:فِي شَعْبَانَ سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة، وَصَلَّى عَلَيْهِ، ابْنُه أَنَس -
رَحِمَهُ اللهُ - .
297 - البُرِّيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ
بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ *
الشَّيْخُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ المُوحّد السُّلَمِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ.
عُرف بِابْنِ البُرِّي.
سَمِعَ مِنْ:عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ،
وَعَبْدِ الوَهَّابِ بن الحبَّانِ، وَمَنْصُوْر بن رَامش.
وَعَنْهُ:الخَطِيْبُ، وَالفَقِيْهُ نَصْر، وَالزَّكِي
يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ، وَنَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُقَاتل،
وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَة.
__________
(1) ورد اسمه في " معجم البلدان ": " نظام المرجان في
المسالك والممالك "، وكذلك هو في " إيضاح المكنون " 2 /
656.
(2) بفتح الواو وتشديد القاف والشين معجمة، نسبة إلى وقش:
مدينة بالاندلس من أعمال طليطلة.
أنظر " معجم البلدان " 5 / 381 وفيه ترجمة أبي الوليد هذا.
(*) المشتبه 1 / 64، تبصير المنتبه 1 / 139، قال ابن حجر:
المشهور فيه بالفتح، تهذيب تاريخ ابن عساكر 4 / 232.
(18/568)
298 - ابْنُ مَاكُوْلا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ
اللهِ بنِ عَلِيٍّ العِجْلِيُّ *
المَوْلَى، الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ،
النَّسَّابَةُ، الحُجّةُ، أَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ (1) بنُ
هِبَةِ اللهِ بنِ عَلِيِّ (2) بنِ جَعْفَرِ بنِ عَلِيِّ
بنِ مُحَمَّدِ ابنِ الأَمِيْر دُلف ابْنِ الأَمِيْر
الجَوَاد قَائِد الجُيُوْش أَبِي دُلف القَاسِمِ بنِ
عِيْسَى العِجْلِيُّ الجَرْباذْقَانِيُّ (3) ، ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ كِتَابِ(الإِكمَال فِي مُشْتَبه
النّسبَة (4))، وَغَيْر ذَلِكَ، وَهُوَ مُصَنِّفُ
كِتَاب(مُسْتمر الأَوهَام) (5) .
__________
(*) تاريخ ابن عساكر 12 / 280 / 1 - 281 / 1، المنتظم 9 /
5 و79، معجم الأدباء 15 / 102 - 111، الكامل 10 / 128،
وفيات الأعيان 3 / 305 - 306، المختصر في أخبار البشر 2 /
194، دول الإسلام 2 / 17، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد:
201 - 203، تتمة المختصر 1 / 573، فوات الوفيات 3 / 110 -
112، مرآة الجنان 3 / 143 - 144، البداية والنهاية 12 /
123 - 124 و145 - 146، طبقات ابن قاضي شهبة في وفيات 475،
النجوم الزاهرة 5 / 115 - 116، طبقات الحفاظ: 444، كشف
الظنون: 1637، 1758، شذرات الذهب 3 / 381 - 382، هدية
العارفين 1 / 693، الرسالة المستطرفة 116، مقدمة الإكمال 1
/ 7 - 8 و18 - 61، تاريخ بروكلمان 6 / 176 - 178 من النسخة
العربية.
(1) سقط اسم " علي " هذا من نسبه عند ابن شاكر في " فوات
الوفيات " 3 / 110.
(2) في " المنتظم " و" معجم الأدباء " و" وفيات الأعيان ":
ابن علكان، بدل علي.
(3) انظر الصفحة: 353 تعليق رقم (2).
(4) واسمه الكامل: " الإكمال في رفع عارض الارتياب عن
المؤتلف والمختلف من الأسماء والكنى والأنساب " جمع فيه ما
في " المؤتلف والمختلف " للدارقطني و" تكملته " للخطيب
البغدادي و" المؤتلف والمختلف " و" مشتبه النسبة " لعبد
الغني الأزدي، مع ما شذ عنها، وأسقط ما لا يقع الاشكال فيه
مما ذكروه، وذكر ما وهم فيه أحدهم على الصحة، وما اختلفوا
فيه وكان لكل قول وجه ذكره. انظر مقدمته لهذا الكتاب.
وقد طبع بتحقيق العلامة المرحوم عبد الرحمن بن يحيى
المعلمي اليماني بدائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد
الدكن في الهند.
وقد عمل ابن نقطة البغدادي المتوفى سنة 629 على هذا الكتاب
تكملة بعنوان " تكملة الإكمال " وعلى هذه التكملة " ذيل "
لوجيه الدين منصور بن سليم الهمذاني محتسب الإسكندرية
المتوفى سنة 673 ه منه نسخة مخطوطة في دار الكتب المصرية
برقم 678 - تاريخ، وعندنا منه نسخة مصورة.
(5) في " كشف الظنون ": " تهذيب مستمر الاوهام " وانظر "
تاريخ بروكلمان " 6 / 177 - 178 النسخة العربية، وفيه ذكر
النسخ الخطية لبعض مؤلفاته.
(18/569)
وَعِجل:هم بطنٌ مِنْ بَكْر بنِ وَائِلٍ
ثُمَّ مِنْ رَبِيْعَة أَخِي مُضَرَ ابْنَي نِزَارِ بنِ
مَعَدٍّ بنِ عدنَان.
مَوْلِدُهُ:فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة بقَرْيَة عُكْبَرَا.
هَكَذَا قَالَ (1) .
سَمِعَ:بُشرَى بن مَسِيس الفَاتِنِيّ، وَعُبيدَ الله بن
عُمَرَ بنِ شَاهِيْن، وَمُحَمَّدَ بن مُحَمَّدِ بنِ
غَيْلاَنَ، وَأَبَا مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ
السّوَّاق، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيّ، وَأَبَا
بَكْرٍ بنَ بِشْرَان، وَالقَاضِي أَبَا الطَّيِّب
الطَّبَرِيّ، وَعبدَ الصَّمد بن مُحَمَّدِ بنِ مُكْرم،
وَطَبَقَتهم بِبَغْدَادَ، وَأَبَا القَاسِمِ الحِنَّائِيّ،
وَطَبَقَته بِدِمَشْقَ، وَأَحْمَدَ بنَ القَاسِمِ بن
مَيْمُوْنِ بنِ حَمْزَةَ، وَعِدَّةً بِمِصْرَ، وَسَمِعَ
بِخُرَاسَانَ وَمَا وَرَاء النَّهْر وَالجِبَال
وَالجَزِيْرَة وَالسَّوَاحل، وَلقِي الحُفَّاظ
وَالأَئِمَّة (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ شَيْخُه،
وَالفَقِيْهُ نَصْرٌ المَقْدِسِيّ، وَالحَسَنُ بنُ
أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق، وَشُجَاعُ بنُ فَارِسٍ
الذُّهْلِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ طَرْخَان التّركِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَهْدِيّ، وَأَبُو
القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْديّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
بنِ بيَان، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ السَّلاَم الكَاتِب،
وَآخَرُوْنَ.
أَخْبَرَنِي أَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُفُ بنُ زكِي الحَافِظ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الخَالِق الأُمَوِيّ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُفَضَّلِ، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
__________
(1) في تاريخ ولادة المترجم عدة أقوال ذكرها المعلمي
اليماني في " مقدمة الإكمال ": 1 / 20 - 23، ثم رجح منها
سنة 421.
(2) انظر مقدمة اليماني للاكمال 1 / 25 - 27، فقد ذكر
كثيرا من شيوخه.
(18/570)
الأَصْبَهَانِيّ، وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ أَبِي التَّائِب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا السِّلَفِيّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ العِجْلِيُّ
الحَافِظ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَهْدِيّ،
حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِي، حَدَّثَنَا أَبُو
عَمْرٍو بنُ مَطَر، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ
الهِسِنْجَانِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ صَاحِبُ
أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ،
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ،
حَدَّثَنَا عُبيدُ الله بنُ مُعَاذ، حَدَّثَنَا أَبِي،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَفْص، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كُنَّ أَزْوَاجُ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَأْخُذْنَ مِنْ رُؤُوْسِهِنَّ حَتَّى
تَكُوْنَ كَالوَفْرَةِ (1) .
أَحْمَدُ بنُ مَهْدِيّ هَذَا هُوَ الخَطِيْب، أَخْبَرَنَا
بِهِ عبدُ الوَاسِع الأَبْهَرِيّ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَات، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ
ابْنُ عَسَاكِرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ النَّسِيْب،
أَخْبَرَنَا الخَطِيْب...، فَذَكَره ثُمَّ زَادَ فِي
آخِره:
قَالَ الهِسِنْجَانِيّ، حدثنَاهُ عُبَيْد اللهِ بن
مُعَاذٍ...، فَذَكَره، ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ:
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحِ بنِ أَحْمَدَ
بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ الهِسِنْجَانِيّ،
حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ نَحْوَه.
قُلْتُ:فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاكُوْلا وَقَعَ خَلَلٌ،
وَهُوَ قَوْله:أَبُو الفَضْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ الفَضْلُ،
وَسقط عِنْد يُوْسُف الحَافِظ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
حَنْبَل.
أَنْبَأَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو
الغَنَائِمِ القَيْسِيّ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (320) من طريق عبيد الله بن
معاذ بهذا الإسناد.
ومعنى الحديث: أنهن يأخذن من شعر رؤوسهن، ويخففن من شعورهن
حتى تكون كالوفرة، وهي من الشعر ما كان إلى الاذنين ولا
يجاوزهما.
(18/571)
الحَسَن، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ
القَزَّاز، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظ،
قَالَ:
كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ الحُسَيْنِيّ مِنْ
مِصْرَ، وَحَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ
اللهِ، عَنْهُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الأَزْهَرِ السّمنَاوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ - هُوَ
ابْنُ عِيْسَى الوشَا - حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عِيْسَى
بِالرّملَة - بغدَادِي سَنَة(250) - ، حَدَّثَنَا
يَزِيْدُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَس قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(إِذَا بَكَى اليَتِيْمُ وَقَعَتْ دُمُوْعَهُ فِي كَفِّ
الرَّحْمَن، فَيَقُوْلُ:مَنْ أَبَكَى هَذَا اليَتِيْمَ
الَّذِي وَارَيْتُ وَالِدَيْهِ تَحْتَ التُّرَابِ؟مَنْ
أَسْكَتَهُ فَلَهُ الجَنَّةُ).
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :هَذَا مُنْكَرٌ، روَاتُه
مَعْرُوْفُوْنَ سِوَى مُوْسَى.
قُلْتُ:هُوَ الَّذِي افْترَاهُ (2) .
أُنْبِئت عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الأَخضر وَغَيْرهُ،
عَنِ ابْنِ نَاصِر، أَنَّ أَبَا نَصْر الأَمِيْر كتب
إِلَيْهِ، (ح).
وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ الأَرتَاحِيّ
(3) ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ بن الفَرَّاء، عَنِ ابْنِ
مَاكُوْلا قَالَ:
أَخْبَرَنَا مظفرُ بنُ الحَسَنِ سِبْطُ ابْنِ لاَل،
أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشيرَازِيّ
الحَافِظ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ بنِ الشَّاه،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
البَغْدَادِيّ بِأَنْطَاكِيَةَ، حَدَّثَنَا
__________
(1) في " تاريخه " 13 / 42، ونص كلامه: هذا حديث منكر جدا
لم أكتبه إلا بإسناده، ورجالهم كلهم معروفون إلا موسى بن
عيسى، فإنه مجهول، وحديثه عندنا غير مقبول.
(2) في " الميزان " 4 / 216: موسى بن عيسى البغدادي عن
يزيد بن هارون بخبر كذب: إذا بكى اليتيم.
(3) بالراء والتاء المثناة الفوقية والحاء المهملة نسبة
إلى أرتاح وهو اسم حصن منيع كان من العواصم من أعمال
حلب... والمنسوب هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حامد بن
مفرج بن غياث الارتاحي المتوفى سنة (601) ه ذكره المعلمي
اليماني في هامش " الأنساب 1 / 172 - 173 نقلا عن " تاريخ
دمشق ".
(18/572)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الحِمْيَرِيّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ نَجِيْح،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
عَنْ فَأْفَأَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ
عَائِشَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ:(لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ
أَفْضَوا إِلَى مَا قَدَّمُوا).
وَقرَأْتُهُ بِمِصْرَ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ
إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عبدُ السَّلاَّم بن فَتحَة
السَّرْفُولِيّ، حَدَّثَنَا برقوه سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ
وَسِتِّ مائَة حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا شَهْردَارُ بنُ
شِيْرَوَيْه الدَّيْلمِيّ سَنَة(554)، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ البَيِّع، أَخْبَرَنَا حُمَيْد بن
مَأْمُوْن، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الشِّيْرَازِيّ فِي كِتَابِ(الأَلقَاب)لَهُ، فَذَكَره
ثُمَّ قَالَ:
وَفَأْفَأَةُ هُوَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضّرِير.
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلا:بَلْ هُوَ إِسْمَاعِيْل
الكِنْدِيّ شَيْخٌ لبَقِيَّة.
وَالحَدِيْث فَفِي(صَحِيْح البُخَارِيّ (1)):حَدَّثَنَا
آدَم، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، فَهُوَ يَعلو
لَنَا بدرجَات، فَكَأَنِّي لَقِيْتُ فِيْهِ الشيرَازِيَّ.
قَالَ شِيْرَوَيْه الدّيلمِيّ فِي
كِتَابِ(الطَّبَقَات)لَهُ:كَانَ الأَمِيْر أَبُو نَصْرٍ
يُعْرَفُ بِالوَزِيْر سَعْدِ المُلْكِ ابْنِ مَاكُوْلا،
قَدِمَ رَسُوْلاً مرَاراً.
سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ حَافِظاً مُتْقِناً، عُنِي
بِهَذَا الشَّأْن، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ بَعْدَ
الخَطِيْب
__________
(1) رقم (393) في الجنائز: باب ما ينهى عن سب الاموات،
وأخرجه أيضا (6516) في الرقاق من طريق علي بن الجعد عن
شعبة به، وهو في سنن أبي داود (4899) والنسائي 4 / 52، 53.
وقوله: " أفضوا " أي: وصلوا إلى ما عملوا من خير أو شر،
واستدل بهذا الحديث على منع سب الاموات مطلقا، قال الحافظ
ابن حجر: وأصح ما قيل في ذلك أن أموات الكفار والفساق يجوز
ذكر ؟ ساوئهم للتحذير منهم، والتنفير عنهم وأن عموم قوله:
" لا تسبوا الاموات " مخصوص بحديث أنس عند البخاري (1367)
ومسلم (949) حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم عند ثنائهم
بالخير والشر: " وجبت وأنتم شهداء الله في الأرض " ولم
ينكر عليهم، وقد اتفق العلماء على جواز جرح المجروحين من
الرواة أحياء وأمواتا.
(18/573)
أَحَد أَفْضَلَ مِنْهُ.
حضَر مَجْلِسه الكِبَارُ مِنْ شُيُوْخنَا، وَسَمِعُوا
مِنْهُ (1) .
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ:وَزر أَبُوْهُ
هِبَةُ اللهِ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ القَائِم، وَوَلِيَ
عَمُّه الحُسَيْن قَضَاءَ القُضَاة بِبَغْدَادَ...إِلَى
أَنْ قَالَ:
وَوُلِدَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ.
كَذَا هُنَا سَنَة إِحْدَى (2) .
قَالَ الحُمَيْدِيُّ:مَا رَاجعت الخَطِيْب فِي شَيْءٍ
إِلاَّ وَأَحَالنِي عَلَى الكِتَاب، وَقَالَ:حَتَّى
أَكْشِفَه.
وَمَا رَاجعتُ ابْن مَاكُوْلا فِي شَيْءٍ إِلاَّ
وَأَجَابْنِي حِفْظاً كَأَنَّهُ يَقرَأُ مِنْ كِتَاب (3) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مَرْزُوْق:لمَا بلغَ
الخَطِيْبَ أَنَّ ابْنَ مَاكُوْلا أَخَذَ عَلَيْهِ فِي
كِتَابِ(المُؤتنف)، وَأَنَّهُ صَنّف فِي ذَلِكَ
تَصنَيِّفاً، وَحضر ابْنُ مَاكُوْلا عِنْدَهُ، وَسَأَلَهُ
الخَطِيْبُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْكَر، وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ،
وَأَصرَّ، وَقَالَ:هَذَا لَمْ يَخْطُر بِبَالِي.
وَقِيْلَ:إِنَّ التَّصنِيف كَانَ فِي كمّه، فَلَمَّا مَاتَ
الخَطِيْبُ أَظَهْره.
وَهُوَ الكِتَاب المُلَقَّب بِـ(مُسْتمر الأَوهَام) (4) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ:سَمِعْتُ أَبَا
إِسْحَاقَ الحَبَّال يَمدحُ أَبَا نَصْرٍ بن مَاكُوْلا،
وَيُثنِي عَلَيْهِ، وَيَقُوْلُ:دَخَلَ مِصْرَ فِي زِيِّ
الكَتَبَة، فَلَمْ نَرْفَع بِهِ رَأْساً، فَلَمَّا
عرفنَاهُ كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ بِهَذَا الشَّأْن (5) .
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1203.
(2) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1203.
(3) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1203 - 1204، و" معجم الأدباء "
15 / 10، و" المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 202.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1204، و" معجم الأدباء " 15 /
110 - 111.
(5) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1204، و" معجم الأدباء " 15 /
103 - 104.
(18/574)
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:كَانَ
ابْنُ مَاكُوْلا لبِيْباً، عَالِماً، عَارِفاً، حَافِظاً،
يُرَشَّحُ لِلحفظ حَتَّى كَانَ يُقَالُ لَهُ:الخَطِيْبُ
الثَّانِي، وَكَانَ نَحْويّاً مجُوِّداً، وَشَاعِراً
مبرّزاً، جَزْلَ الشّعر، فَصيح العِبَارَة، صَحِيْحَ
النَّقل، مَا كَانَ فِي البَغْدَادِيِّيْنَ فِي زَمَانِهِ
مِثْلُهُ، طَاف الدُّنْيَا، وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ (1) .
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار:أَحَبَّ العِلْمَ مِنَ الصِّبَا،
وَطلبَ الحَدِيْث، وَكَانَ يُحضر المَشَايِخ إِلَى
مَنْزِلهمْ (2) ، وَيسمع، وَرَحَلَ وَبَرَعَ فِي
الحَدِيْثِ، وَأَتقنَ الأَدب، وَلَهُ النَّظْمُ وَالنثرُ
وَالمُصَنّفَات.
نَفَّذَه المُقْتَدِي بِاللهِ رَسُوْلاً إِلَى سَمَرْقَنْد
وَبُخَارَى لأَخْذ البَيْعَة لَهُ عَلَى ملكهَا طَمْغَان
الخَان (3) .
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ بن
الدَّوَاتِي:اجْتَمَعتُ بِالأَمِيْر ابْن مَاكُوْلا،
فَقَالَ لِي:خُذْ جُزئِين مِنَ الحَدِيْثِ، فَاجعل
مُتُوْنَ هَذَا لأَسَانِيْدِ هَذَا، وَمُتُوْنَ الثَّانِي
لأَسَانِيْدِ الأَوَّل، حَتَّى أَرُدُّهَا إِلَى الحَالَة
الأُوْلَى (4) .
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ:سَأَلتُ أَبَا الغنَائِم
النَّرْسِيّ عَنِ الخَطِيْب، فَقَالَ:جَبَلٌ لاَ يُسْأَلُ
عَنْ مِثْلِهِ، مَا رَأَينَا مِثْلَه، وَمَا سَأَلتُه عَنْ
شَيْءٍ فَأَجَابَ فِي الحَال، إِلاَّ يَرْجِعُ إِلَى
كِتَابِه (5) .
قَدْ مرَّ أَنَّ الأَمِيْر كَانَ يُجيب فِي الحَال،
وَهَذَا يَدلُّ عَلَى قوَّة حفظه، وَأَمَّا الخَطِيْب
فَفعلُه دَالٌّ عَلَى وَرَعِهِ وَتَثَبُّتِه.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ
الهَمْدانِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1204.
(2) أي: إلى منزل أهله.
(3) أنظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1204.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1204 - 1205.
(5) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205.
(18/575)
السِّلَفِي: سَأَلْتُ شجاعاً الذهليّ عَن
ابْن مَاكُولَا، فَقَالَ:كَانَ حافظاً، فَهْماً، ثِقَة،
صنَّف كتباً فِي علم الحَدِيث (1) .
قَالَ الْمؤْتَمن السّاجيُّ الْحَافِظ:لَمْ يلزمِ ابْنُ
مَاكُولَا طريقَ أهل الْعلم، فَلم ينْتَفع بِنَفسِهِ (2) .
قلت:يُشير إِلَى أَنه كَانَ بِهَيْئَة الْأُمَرَاء
وبرفاهَيَتهم.
قَالَ الْحَافِظ ابْنُ عَسَاكِر:سمعتُ إِسْمَاعِيل بنَ
السمرقنديّ يذكر أنَّ ابْنَ مَاكُولَا كَانَ لَهُ
غِلْمَانٌ تُرْكٌ أَحْدَاث، فَقَتَلُوهُ بجُرجان فِي سنة
نيفٍ وَسَبْعين وأَرْبَعِ مائَة (3) .
وَقَالَ الحَافظ ابْنُ نَاصر:قُتِلَ الحافظُ ابْنُ
مَاكُولَا، وَكَانَ قد سَافر نَحْو كِرمان وَمَعَهُ
مماليكُه الْأَتْرَاك، فَقَتَلُوهُ، وَأخذُوا مَاله، فِي
سنة خمسٍ وَسَبْعين وأَرْبَعِ مِئَة.
هَكَذَا نقل ابْنُ النّجّار هَذَا (4) .
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو سعد السّمعانيّ:سمعتُ ابْن نَاصر
يَقُوْل:قُتِلَ ابْنُ مَاكُولَا بِالْأَهْوَاز إِمّا فِي
سنة ستٍّ - أَو سنة سبعٍ - وَثَمَانِينَ وأَرْبَعِ مائَة
(5) .
وَقَالَ السّمعانيّ:خرج مِنْ بَغْدَاد إِلَى خُوزستَان،
وقُتِلَ هنَاك بعد الثَّمَانِينَ (6) .
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ الحَافِظ فِي(الْمُنْتَظِم):قُتِلَ
سَنَةَ خَمْسٍ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205، و" المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد ": 202.
(2) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205، و" المستفاد ": 202 - 203.
(3) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205، و" المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد ": 203.
(5) انظر " معجم الأدباء " 15 / 104، و" تذكرة الحفاظ " 4
/ 1205.
(6) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205.
(18/576)
وَسَبْعِيْنَ، وَقِيْلَ:سَنَة سِتٍّ
وَثَمَانِيْنَ (1) .
وَقَالَ غَيْرُهُ:قُتل فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسبعين،
وَقِيْلَ:سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ بِخوزستَان.
حَكَى هذِيْن الْقَوْلَيْنِ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ بنُ
خلّكَانَ.
قَالَ:قَتله غلمَانُه، وَأَخَذُوا مَالَه، وَهَرَبُوا (2)
- رَحِمَهُ اللهُ - .
وَمِنْ نَظْمه (3) :
قَوِّضْ خِيَامَكَ عَنْ دَارٍ أُهِنْتَ بِهَا ...
وَجَانِبِ الذُّلَّ إِنَّ الذُّلَّ مُجْتَنَبُ (4)
وَارْحَلْ إِذَا كَانَتِ الأَوْطَانُ مَضْيَعَةً(5) ...
فَالمَنْدَلُ (6) الرَّطْبُ فِي أَوْطَانِهِ حَطَبُ (7)
وَلَهُ (8) :
وَلمَّا تَوَاقَفْنَا (9) تَبَاكَتْ قُلُوبُنَا ...
فَمُمْسِكُ دَمْعٍ يَوْمَ (10) ذَاكَ كَسَاكِبِه
فَيَا كَبِدِي (11) الحَرَّى الْبَسِي ثَوْبَ حَسْرَةٍ ...
فِرَاقُ الَّذِي تَهْوَيْنَه قَدْ كَسَاكِ بِه
__________
(1) ولذا أورده في وفيات هاتين السنتين، انظر " المنتظم "
9 / 5 و79، وتابعه على ذلك ابن كثير في " البداية " 12 /
143 و145.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 306.
(3) البيان في " معجم الأدباء " 15 / 106، و" وفيات
الأعيان " 3 / 306، و" تذكرة الحفاظ " 4 / 1206، و"
البداية والنهاية " 12 / 124.
(4) في " وفيات الأعيان " و" البداية ": يجتنب.
(5) في " معجم الأدباء ": منقصة، وفي " وفيات الأعيان " و"
البداية ": وارحل إذا كان في الاوطان منقصة.
(6) المندل، كمقعد: العود الرطب يتبخر به أو أجوده.
(7) في " معجم الأدباء ": الحطب.
(8) البيتان في " معجم الأدباء " 15 / 104، و" تذكرة
الحفاظ " 4 / 1206، و" فوات الوفيات " 3 / 111، و" النجوم
الزاهرة " 5 / 116.
(9) في " معجم الأدباء " و" فوات الوفيات ": تفرقنا، وقد
تحرفت في " تذكرة الحفاظ " إلى: توافقنا، وفي " النجوم
الزاهرة " إلى: توافينا.
(10) عند ياقوت: " عند " بدل " يوم ".
(11) في " فوات الوفيات " و" معجم الأدباء ": فيا نفسي.
(18/577)
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَالمُسَلَّم بن عَلاَّنَ كِتَابَةً قَالاَ:
أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ حَسَن، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
عَلِيٍّ الحَافِظ، حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ بنُ
هِبَةِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيْمَ أَحْمَدُ
بنُ القَاسِمِ العَلَوِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَتْحِ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ نَصْر
بنِ جَرِيْر، أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ الحَنْظَلِيّ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا بَكَّارُ بنُ
عَبْدِ اللهِ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَة، سَمِعْتُ
عَائِشَة تَقُوْلُ:
كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَة تُسْمِعُنِي، فَدَخَلَ رَسُوْل
اللهِ - صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم - وَهِيَ عَلَى تِلْكَ
الحَالَة، ثمَّ دَخَلَ عُمَر فَفَرِقَتْ، فَضَحِكَ رَسُوْل
اللهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم - فَقَالَ عُمَرُ:مَا
يُضْحِكُكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ!؟فَحَدَّثَه،
فَقَالَ:وَاللهِ لاَ أَخرجُ حَتَّى أَسْمَعَ مَا سَمِعَ
رَسُوْل اللهِ - صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم - .
فَأَسْمَعَتْهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :أَبُو الفَتْحِ سَاقطُ الرِّوَايَة،
وَأَحسب مُوْسَى بن نَصْر اسْماً اخْتلَقَهُ.
299 - ابْنُ أَبِي الصَّقْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ اللَّخْمِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الخَطِيْبُ، أَبُو طَاهِرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
بنِ أَبِي الصَّقْرِ اللَّخْمِيُّ الأَنْبَارِيُّ.
سَمِعْنَا(مشيخَتَهُ)فِي جُزْأَيْنِ.
سَمِعَ:عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي نَصْرٍ التّمِيمِيّ،
وَأَبَا نَصْر بن الحبَّانِ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ بن
عَبْدِ اللهِ المُرِّيّ، وَطَائِفَةٌ بِدِمَشْقَ، وَأَبَا
عَبْدِ اللهِ بنَ
__________
(1) نص كلامه في " تاريخه " 13 / 58: قلت: وأبو الفتح
البغدادي يعرف بابن بخت، وكان واهي الحديث، ساقط الرواية،
وأحسب موسى بن نصر بن جرير اسما ادعاه وشيخا اختلقه، وأصل
الحديث باطل فالله أعلم.
(*) المنتظم 9 / 9 وفيه ابن أبي السقر، العبر 3 / 285،
الوافي بالوفيات 2 / 86، البداية والنهاية 12 / 125،
النجوم الزاهرة 5 / 118، شذرات الذهب 3 / 354.
(18/578)
نَظيف، وَإِسْمَاعِيْلَ بن عَمْرٍو
الحَدَّاد، وَصِلَة بن المُؤَمَّل، وَجَمَاعَةٌ بِمِصْرَ،
وَمُحَمَّدَ بن الحُسَيْنِ الصَّنْعَانِيّ صَاحِب
النَّقَويِّ (1) ، وَأَبَا العَلاَء المَعَرِّيّ بِهَا،
وَأَبَا مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيَّ بِبَغْدَادَ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ الفَضْلِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
السَّمَرْقَنْدِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ الأَنْبَارِيّ، وَعَبْدُ الوَهَّاب
الأَنْمَاطِيّ، وَموهوبُ بنُ الجوَالِيقِيّ، وَأَبُو
بَكْرٍ ابْن الزَّاغونِيّ، وَابْنُ نَاصِرٍ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ خَلِيْفَةَ بنَ مَحْفُوْظٍ
بِالأَنبار يَقُوْلُ:كَانَ ابْنُ أَبِي الصّقر صَوَّاماً
قوّاماً (2) ، يُقَالَ:مسموعَاتُه وِقْرُ جَمَلٍ.
قُلْتُ:وَله شِعرٌ رَائِق، مَاتَ بِالأَنبار فِي جُمَادَى
الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة،
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -
.
300 - المَحْمِيُّ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عُبَيْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، العَدْلُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ المَحْمِيُّ،
النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُزكِّي.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي نُعَيْمٍ الإِسفرَايينِيّ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بن إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَأَبِي عَبْدِ
اللهِ الحَاكِم، وَجَمَاعَة.
__________
(1) بفتح النون والقاف نسبة إلى: نقو. قال: وظني أنها من
قرى صنعاء اليمن. " اللباب " 3 / 323.
(2) الخبر بنحوه في " المنتظم " 9 / 9.
(*) الأنساب: " المحمي "، التقييد: الورقة 176 ب، العبر 3
/ 298، النجوم الزاهرة 5 / 127، شذرات الذهب 3 / 366
والمحمي، بفتح الميم وسكون الحاء وفي آخرها ميم ثانية، هذه
النسبة إلى محم، وهو بيت كبير بنيسابور قال لهم: المحمية.
(18/579)
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ،
وَعَبْدُ الغَافِر بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَعَبْد اللهِ بن
مُحَمَّدٍ الفُرَاوِيّ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بن زَاهِر،
وَأَبُو الأَسْعَد هبَةُ الرَّحْمَن بنُ القُشَيْرِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ جَامِع الصَّوَّاف، وَعَبْدُ الكَرِيْم
بنُ حَسَن الكَاتِب، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ
الشَّحَّامِيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن يَحْيَى
النَّاصحِي، وَأَخُوْهُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ
يَحْيَى، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ:سَمِعَ المَشَايِخ وَالصُّدُوْرَ،
وَأَدْرَكَ الإِسْنَادَ العَالِي، وَحضر الوقَائِع،
وَكَانَ حَسَنَ الصُّحْبَة وَالعِشْرَة.
ثُمَّ قَالَ:تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ:قِيْلَ:إِنَّهُ عُثْمَانِيّ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ
بِالإِجَازَة مُحَمَّدُ بنُ نَاصِر الحَافِظ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ:أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ الصَّمَدِ الغُورَجِيّ (1) ، وَشيخُ الإِسْلاَم
الأَنْصَارِيّ (2) ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَاجَه
الأَبْهَرِيّ (3) ، وَالوَزِيْر مُحَمَّدُ بنُ هِشَامٍ
المُصْحَفِيّ بقُرْطُبَة، وَحصنُ الدَّوْلَة مُعَلَّى بن
حَيْدَرَة الكُتَامِيّ (4) ، المُتَغَلِّبُ عَلَى
دِمَشْقَ.
301 - المَلِكُ المُؤَيَّدُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَسْعُوْدِ
ابْنِ السُّلْطَانِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِيْنَ *
صَاحِبُ غَزْنَةَ وَالهِنْدِ.
__________
(1) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (3).
(2) تقدمت ترجمته برقم (260).
(3) سترد ترجمته برقم (302).
(4) في الأصل: الكناني، والمثبت من ترجمته المتقدمة برقم
(263).
(*) المنتظم 9 / 109 - 110، الكامل 10 / 167 - 168،
المختصر 2 / 199، تتمة المختصر 2 / 9، البداية 12 / 157،
النجوم الزاهرة 5 / 164.
(18/580)
كَانَتْ دَوْلَتُه بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ
سَنَةً، وَكَانَ شُجَاعاً، حَازِماً، غَازِياً، حَسَن
السِّيْرَةِ (1) .
مَاتَ:سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ (2) وَأَرْبَعِ مائَة.
وَتملَّك بَعْدَهُ ابْنُه السُّلْطَان مَسْعُوْدٌ زوج
ابْنَةِ السُّلْطَان الكَبِيْر مَلِكْشَاه (3) .
302 - ابْن مَاجَه أَبُو بكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
الأَبْهَرِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ (4) بنِ مَاجَه
الأَبْهَرِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ.
وَأَبهر الَّتِي هُوَ مِنْهَا لَيْسَتْ بِمدينَة أَبهر
زَنْجَان، بَلْ قَرْيَة مِنْ قرَى أَصْبَهَان.
وُلِدَ:سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ(جُزْء لُوين)مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ بن
المَرْزُبَان، وَتَفرَّد بعلُوِّهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ خلقٌ كَثِيْر مِنْهُم:مُحَمَّدُ بنُ
طَاهِرٍ، وَمُؤتَمن السَّاجِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ
التَّيْمِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ البَغْدَادِيّ،
وَمَحْمُوْدُ بنُ مَاشَاذه، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الكِسَائِيّ، وَعَبْدُ المُغِيْث بنُ
أَبِي عدنَان،
__________
(1) " الكامل " 10 / 167.
(2) ذكره ابن الجوزي في وفيات سنة (492)، وتابعه على ذلك
ابن كثير في " البداية " 12 / 157، وابن تغري بردي في "
النجوم الزاهرة " 5 / 164، وقد رجحه ابن أبي الفداء في "
مختصره " 2 / 199، ولكنه تابع ابن الأثير في إيراده في
وفيات سنة (481).
(3) " الكامل " 10 / 168، و" المختصر " 2 / 199.
(*) العبر 3 / 298، النجوم الزاهرة 5 / 127، شذرات الذهب 3
/ 366.
(4) في " العبر " 3 / 298، و" النجوم الزاهرة " 5 / 127:
محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن، وكذلك أورده المؤلف في
ترجمة شيخ الإسلام الأنصاري. انظر ص: 516.
(18/581)
وَمَسْعُوْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو
نَصْرٍ الغَازِي، وَأَبُو الخَيْرِ البَاغْبَان،
وَمَحْمُوْدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ يُورجَه، وَأَبُو
رشيدٍ أَحْمَدُ بنُ حَمْد الخِرَقِيّ، وَعَبْدُ الْمُنعم
بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدَوَيْه، وَالحَسَنُ بنُ رَجَاء بن
سليم، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الصَّالِحَانِيّ
الأَدِيْب.
مَاتَ:فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة،
عَنْ بِضْع وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
303 - الأَزْدِيُّ أَبُو عُثْمَانَ طَاهِرُ بنُ هِشَامٍ
الأَنْدَلُسِيُّ *
مُفْتِي المَالِكِيَّةِ، أَبُو عُثْمَانَ طَاهِرُ بنُ
هِشَامٍ الأَزْدِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، المرِيِّيّ.
سَمِعَ مِنَ:المُهَلَّبِ بن أَبِي (1) صُفْرَةَ، وَأَبِي
عُمَرَ بنِ عَفِيْف، وَحجَّ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ
الحَافِظ، وَغَيْرِهِ.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَال:أَخْبَرَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ،
وَعَاشَ ستاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، تُوُفِّيَ سَنَةَ
سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (2) .
304 - المَهْرِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمَّارٍ
الأَنْدَلُسِيُّ **
شَاعِرُ الأَنْدَلُسِ، ذُو الوزَارَتَيْنِ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَمَّارٍ الأَنْدَلُسِيُّ المَهْرِيّ.
__________
(*) الصلة 1 / 240.
(1) سقط لفظ " أبي " من " الصلة " 1 / 240، وترجمة المهلب
قد تقدمت في الجزء السابع عشر رقم (384).
(2) " الصلة " 1 / 240، وفيه أنه توفي سنة (407).
(* *) قلائد العقيان: 85، الذخيرة 2 / 1 / 368 - 433،
الخريدة 11 / 164، بغية الملتمس: 113، المطرب: 169،
المعجب: 77، الحلة السيراء 2 / 131 - 165، المغرب 1 / 389
- 391، وفيات الأعيان 4 / 425 - 429، العبر 3 / 288،
الوافي بالوفيات =
(18/582)
كَانَ هُوَ وَابْنُ زيدُوْن كَفَرسَي
رِهَان.
بلغ المَهْرِيُّ أَسنَى الرُّتب، حَتَّى اسْتوزره
المُعْتَمِدُ بنُ عَبَّادٍ، ثمَّ اسْتنَابه عَلَى مُرسيَة،
فَعصَى بِهَا، وَتَملَّكهَا، فَلَمْ يَزَلِ المُعتمد
يَتلطَّفُ فِي الحيلَة، إِلَى أَنْ وَقَعَ فِي يَدِهِ،
فَذبحه صَبْراً لِلعصيَان بَعْد فَرْط الإِحسَان،
وَلأَنَّهُ هجَا المُعْتَمِد وَآبَاءهُ فَهُوَ القَائِلُ
(1) :
ممَّا يُقَبِّحُ عِنْدِي ذِكْرَ أَنْدَلُسٍ ... سَمَاعَ
مُعْتَمِدٍ فِيْهَا وَمُعْتَضِدِ
أَسْمَاءُ (2) مَمْلَكَةٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ...
كَالهِرِّ يَحكِي انتِفَاخاً صَوْلَةَ الأَسَدِ
وَقَدْ جَال ابْنُ عَمَّار فِي الأَنْدَلُس أَوَّلاً،
وَمدح المُلُوْكَ وَالكِبَار وَالسُّوقَة، بِحَيْثُ
أَنَّهُ مدح فَلاَّحاً أَعْطَاهُ مِخلاَة شعيرٍ لحمَارِهِ،
ثُمَّ آل بِابْنِ عَمَّار الحَال إِلَى الإِمْرَةِ، فَملأَ
لِلفلاَّح مِخْلاَتَه درَاهِمَ، وَقَالَ:لَوْ ملأَهَا
بُرّاً لملأَنَاهَا تِبْراً.
وَقَدْ سجنه المُعْتَمِد مُدَّة، وَتوسَّل إِلَيْهِ
بقصَائِد تُلَيِّنَ الصَّخْرَ، فَقَتَلَهُ فِي سَنَةِ(479)
(3) .
__________
= 4 / 229 - 234، نفح الطيب 1 / 652 - 656، شذرات الذهب 3
/ 356 - 357.
وللدكتور صلاح خالص مؤلف عنه جمع فيه شعره (بغداد 1957)
وللاستاذ ثروت أباظة كتيب عنه في سلسلة اقرأ.
(1) كذا قال المؤلف هنا موافقة لابن خلكان 4 / 428، ولم
يردا في بقية المصادر التي ترجمت لابن عمار، وقد سبق
للمؤلف في ترجمة إدريس بن علي بن حمود الحسني الادريسي
التي مرت في الجزء السابع عشر برقم (85) أن أورد هذين
البيتين، ونسبهما إلى ابن رشيق القيرواني، وإليه نسبهما
المقري في " نفح الطيب " 1 / 214، ثم أوردهما: 4 / 255 غير
منسوبين.
والبيتان في مجموع " ديوان " ابن رشيق للدكتور عبد الرحمن
ياغي صفحة 59 - 60 ونص البيت الأول فيه:
مما يزهدني في أرض أندلس * سماع مقتدر فيها ومعتضد
(2) في " ديوان " ابن رشيق: ألقاب.
(3) انظر هذه القصائد في " الذخيرة " 2 / 1 / 419 وما
بعدها، وقد ذكر ابن خلكان أنه توفي =
(18/583)
وَله:
عَلَيَّ وَإِلاَّ مَا بُكَاءُ الغَمَائِمِ ... وَفِيَّ
وَإِلاَّ مَا نِيَاحُ (1) الحَمَائِمِ (2)
وَعَنِّي أَثَارَ الرَّعْدُ صَرْخَةَ طَالِبٍ ... لِثَأْرٍ
وَهَزَّ البَرْقُ صَفْحَةَ صَارِمِ
وَمَا لَبِسَتْ زُهْرُ النُّجُوْمِ حِدَادَهَا ...
لِغَيْرِي وَلاَ قَامَتْ لَهُ فِي مَآتِمِ (3)
منهَا:
أَبَى اللهُ أَنْ تَلْقَاهُ إِلاَّ مُقَلَّداً ...
حَمِيْلَةَ سَيْفٍ أَوْ حَمَالَةَ غَارِمِ (4)
305 - الدِّيْنَوَرِيُّ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ
عِيْسَى بنِ عَبَّادٍ *
مُسْنِدُ هَمَذَانَ، أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى
بنِ عَبَّادٍ الدِّيْنَوَرِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ
الأُسْتَاذِ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِيْهِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ لاَل،
وَأَحْمَدَ بنِ تُركَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الصّفّار،
وَأَبِي عُمَرَ بنِ مَهْدِيّ، وَعِدَّة.
قَالَ شِيْرَوَيْه:سَمِعْتُ مِنْهُ بهَمَذَان
وَالِدِّيْنَور، وَكَانَ صَدُوْقاً، قَالَ
__________
= سنة (477) وتابعه على ذلك المؤلف في " العبر " وقد سبق
للمؤلف أن أورده في وفيات هذه السنة أيضا في ترجمة
الفارمذي.
(1) في " الوافي ": وإلا فيم نوح.
(2) في " الذخيرة ": علي وإلا ما نياح الحمائم * وفي وإلا
ما بكاء الغمائم
(3) انظر الابيات بأطول مما هنا في " الذخيرة " 2 / 1 /
372 وما بعدها.
وقد ورد البيت الأول في " الوافي " 4 / 232، و" الحلة
السيراء " 2 / 148.
(4) ورد هذا البيت في " الذخيرة ": 376 هكذا: أبى أن يراه
الله غير مقلد * حمالة سيف أو حمالة غارم والحميلة: هي
علاقة السيف، وهي السير الذي يقلده المتقلد.
والحمالة: الدية والغرامة يحملها قوم عن قوم.
(*) الوافي بالوفيات 7 / 272. وسيعيد المؤلف ترجمته في
الصفحة (607).
(18/584)
لِي:وُلِدْتُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَة.
مَاتَ بِالدِّيْنَوَر:سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
306 - المُتَوَلِّي أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَأْمُوْنِ بنِ عَلِيٍّ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو سَعْدٍ (1)
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَأْمُوْنِ بنِ عَلِيٍّ
النَّيسَابورِيُّ المُتَوَلِّي.
دَرَّسَ بِبَغْدَادَ بِالنِّظَامِيَّةِ بَعْدَ الشَّيْخ
أَبِي إِسْحَاقَ، ثُمَّ عُزِلَ بِابْنِ الصّبَّاغ، ثُمَّ
بَعْد مُديدَة أُعيد إِلَيْهَا (2) .
تَفقّه بِالقَاضِي حُسَيْن (3) ، وَبأَبِي سَهْلٍ أَحْمَدَ
بن عَلِيّ بِبُخَارَى، وَعَلَى الفُورَانِيّ (4) بِمَرْو،
وَبَرَعَ وَبذَّ الأَقرَان.
وَلَهُ كِتَاب(التَّتمَة)الَّذِي تَمَّم
بِهِ(الإِبَانَة)لِشيخه أَبِي القَاسِمِ الفُورَانِيّ،
فَعَاجَلَتْهُ المَنِيَّةُ عَنْ تَكمِيْله، انْتَهَى
فِيْهِ إِلَى الحُدُوْد. وَلَهُ
__________
(*) المنتظم 9 / 18، الكامل 10 / 146، وفيات الأعيان 3 /
133 - 134، العبر 3 / 290، الوافي خ 16 / 61 - 62، مرآة
الجنان 3 / 122 - 123، طبقات السبكي 5 / 106 - 108، طبقات
الاسنوي 1 / 305 - 306، البداية والنهاية 12 / 128، طبقات
ابن هداية الله 176 - 177، كشف الظنون 1 / 1 و2 / 1251،
شذرات الذهب 3 / 358، هدية العارفين 1 / 518، إيضاح
المكنون 2 / 150 وقد تحرف فيه إلى أبي سعيد قال ابن خلكان
في نسبته، المتولي: ولم أعلم لاي معنى عرف بذلك، ولم يذكر
السمعاني هذه النسبة.
(1) تحرف لفظ " سعد " في " طبقات " الاسنوي وابن هداية
الله و" كشف الظنون " إلى " سعيد ".
(2) انظر ما ذكره المؤلف في آخر ترجمة ابن الصباغ رقم
(239) من ترتيب مدرسي النظامية.
(3) هو القاضي أبو علي حسين بن محمد بن أحمد المروزي
المتوفى سنة (465) وقد تقدمت ترجمته برقم (131).
(4) هو أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران المروزي
الفوراني المتوفى سنة (461) وقد تقدمت ترجمته برقم (133).
(18/585)
مُخْتَصَر فِي الفَرَائِضِ، وَآخرُ فِي
الأُصُوْل، وَكِتَابٌ كَبِيْر فِي الخلاَف (1) .
مَاتَ بِبَغْدَادَ:سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ كهلاً،
وَلَهُ اثْنَتَانِ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -
.
307 - قَاضِي حَلَبَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَامِدٍ
البِيْكَنْدِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الاعْتِزَالِ، أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَامِدِ بنِ عُبَيْدٍ
البِيْكَنْدِيُّ، البُخَارِيُّ، المُتَكَلِّمُ، مِنْ
دُعَاةِ البِدَعِ.
وُلِدَ:سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ.
وَزَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ(الصَّحِيْح)مِنَ الكُشَانِيّ (2)
فِي سَنَةِ سَبْعٍ، وَإِنَّمَا تُوُفِّيَ الكُشَانِيّ
سَنَة مولد هَذَا.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ:السُّليمَانِيّ، وَمَنْصُوْر
الكَاغَديّ، وَعدنَان بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ،
وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو غَالِبٍ بنُ البَنَّاء، وَعَلِيُّ بنُ
هِبَةِ اللهِ بنِ زهمويه.
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 134، و" طبقات " السبكي 5
/ 107، و" طبقات " الاسنوي 1 / 306.
(*) المنتظم 9 / 52، ميزان الاعتدال 3 / 462، البداية
والنهاية 12 / 136، الجواهر المضية 2 / 8 - 10 (الطبعة
الهندية)، لسان الميزان 5 / 52 و61، كشف الظنون 378، 891،
هدية العارفين 2 / 75.
والبيكندي: نسبة إلى بيكند، وقد ضبطها ياقوت بكسر الباء
وفتح الكاف وسكون النون، وتابعه على ذلك السيوطي في " لب
اللباب "، ولم يضبطها كل من السمعاني وابن الأثير، وهي
بلدة بين بخارى وجيحون على مرحلة من بخارى.
(2) الكشاني: بضم الكاف نسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد
الصغد بنواحي سمرقند، وهو أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد
بن حاجب الكشاني السمرقندي المتوفى سنة (392) أو (391)،
وقد تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب برقم
(354). وقد تصحف في " لسان الميزان " 5 / 61 إلى: الكسائي.
(18/586)
طعن فِي المُؤْتَمَنُ السَّاجِيّ.
وَقَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ:كَذَّاب (1) .
وَقِيْلَ:وُلد سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
تُوُفِّيَ:فِي أَوّل سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ
أَرْبَعِ مائَة بِبَغْدَادَ (2) .
308 - ابْنُ أَبِي الشَّخْبَاءِ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ
الصَّمَدِ العَسْقَلاَنِيُّ *
العَلاَّمَةُ، بَلِيْغُ زَمَانِهِ، الشَّيْخُ المُجِيْد،
أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ (3) بنِ
أَبِي الشَّخْبَاء العَسْقَلاَنِيُّ، صَاحِبُ الخُطَبِ
وَالتَّرسُّل.
كَانَ جُلُّ اعتمَادِ القَاضِي الفَاضِل عَلَى حِفْظ
كَلاَمه فِيمَا يُقَالَ (4) .
قَالَ العمَاد فِي تَرْجَمَة المُجيد:مُجِيْدٌ كَنَعْتِهِ،
قَادِرٌ عَلَى ابْتدَاع الكَلاَم وَنَحْتِهِ.
قُتِلَ بِمِصْرَ مسجوناً سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ
وأَرْبَعِ مائَة (5) .
__________
(1) " المنتظم " 9 / 52.
(2) وله مصنفات ذكرها صاحب " الجواهر المضية " 2 / 9.
(*) الذخيرة ق 4 / م 2 / 627 - 661، الخريدة: قسم
العسقلانيين في القسم التابع لشعراء مصر الورقة: 14 نسخة
باريس رقم (3328)، معجم الأدباء 9 / 152 - 184، وفيات
الأعيان 2 / 89 - 91، الوافي بالوفيات 12 / 68 - 70، هدية
العارفين 1 / 277، أعيان الشيعة 23 / 146.
(3) في " معجم الأدباء " 9 / 152: الحسن بن محمد بن عبد
الصمد.
(4) الخبر في " معجم الأدباء " 9 / 152، و" وفيات الأعيان
" 2 / 89، وقد رد الصفدي على هذا القول في كتابه " الوافي
بالوفيات " 12 / 69.
والقاضي الفاضل هو الأديب أبو علي عبد الرحيم بن علي بن
الحسن اللخمي العسقلاني المصري وزير السلطان الملك الناصر
صلاح الدين المتوفى سنة (596) ه سترد ترجمته في الجزء
الحادي والعشرين رقم (179).
(5) الخبر في " وفيات الأعيان " 2 / 89 وما بعدها، وقد
تحرفت سنة وفاته في المطبوع من " معجم الأدباء " إلى سنة
(432). وانظر بعض نظمه في مصادر ترجمته.
(18/587)
309 - الطَّبَسيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ أَبِي جَعْفَرٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَارِفُ، المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ،
أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ
الطَّبَسِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة.
سَمِعَ:الحَافِظ أَبَا عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَأَبَا
طَاهِرٍ بنَ مَحْمِش، وَعَبْدَ اللهِ بنَ يُوْسُفَ بنِ
بامُويه، وَالسُّلَمِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ الحِيْرِيَّ،
وَأَمثَالَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:الجُنَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ القَاينِيّ (1) ،
وَوجيهٌ الشَّحَّامِيّ، وَأَبُو الأَسَعْد بنُ
القُشَيْرِيّ، وَعَبْدُ الغَافِر بنُ إِسْمَاعِيْلَ،
وَقَالَ:شَيْخٌ ثِقَةٌ، وَرِع، صُوْفِيٌّ زَاهِد، كتب
الكَثِيْر، وَحصَّلَ التَّصَانِيْف المُفِيدَة، وأَلَّف
كِتَاب(بستَان العَارِفِيْن).
قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ طَبَس، وأَملَى بِالنِّظَامِيَّة
أَيَّاماً، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَلَده، وَبِهَا مَاتَ:فِي
رَمَضَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وأَرْبَعِ
مائَة - رَحِمَهُ اللهُ - .
قُلْتُ:كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِسْعين.
__________
(*) الأنساب 8 / 209، اللباب 2 / 274، تذكرة الحفاظ 3 /
1195، العبر 3 / 301، الوافي 2 / 88، كشف الظنون: 1024،
شذرات الذهب 3 / 367، إيضاح المكنون 1 / 181، هدية
العارفين 2 / 75.
والطبسي، قال السمعاني: بفتح الطاء المهملة والباء
المنقوطة بواحدة والسين المهملة هذه النسبة إلى طبس: وهي
بلدة في برية، إذا خرجت منها إلى أي صوب منها سلكت وقصدت
لابد من ركوب البرية، وهي بين نيسابور وأصبهان وكرمان فتحت
في زمن عمر رضي الله عنه.
(1) بالقاف والياء المثناة التحتية ثم النون نسبة إلى
قاين: بلدة قريبة من طبس.
انظر " الأنساب " 10 / 37، وفيه ترجمة الجنيد بن محمد
القايني هذا. وقد تصحف في الأصل إلى " الفاتني " بالفاء
والتاء المثناة الفوقية.
(18/588)
310 - ابْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ هِبَةُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَيْدَرٍ القُرَشِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الصَّدْرُ الكَامِلُ، الشَّرِيْفُ،
المَأْمُوْنُ، أَبُو السَّنَابِلِ هِبَةُ اللهِ ابنُ أَبِي
الصَّهْبَاءِ مُحَمَّدِ بنِ حَيْدَرٍ القُرَشِيُّ،
النَّيْسَابُوْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي طَاهِر بنِ مَحْمِش، وَعَبْدِ اللهِ
بنِ يُوْسُفَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ،
وَيَحْيَى المُزَكِّي، وَأَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ، وَأَبِي
إِسْحَاقَ الإِسفرَايينِيّ.
رَوَى عَنْهُ:وَجيهٌ الشَّحَّامِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
جَامِع الصَّوَّاف، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ زَاهِر،
وَعَائِشَةُ بِنْتُ أَحْمَد الصَّفَّار، وَعِدَّة.
وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ المُكْثِرِيْنَ.
سَمِعَ(سنَن النَّسَائِيّ)مِنَ الحُسَيْن بن فَنْجُويه.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَة.
311 - ابْنُ أَبِي عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ **
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الصَّالِحُ، المُسْنِدُ، أَبُو
الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ عَمْرِو بنِ مُحَمَّدِ بنِ
مُنتَاب البَغْدَادِيُّ، الدَّقَّاقُ، نَاظرُ المَارستَان
العَتِيْق.
قَالَ المُؤتَمَن السَّاجِيّ:أَفَاده أَبُوْهُ مَعَ
إِخْوَته أَبِي سَعْدٍ (1) ، وَأَبِي تَمَّام مَعَ
__________
(*) تبصير المنتبه 3 / 1084.
(* *) المنتظم 9 / 54، العبر 3 / 304، الوافي بالوفيات 4 /
141، شذرات الذهب 3 / 369.
(1) في الأصل " محمد " بدل " سعد "، والتصويب من " الوافي
" 4 / 140، حيث أورد ترجمة أبي سعد هذا، ثم أورد ترجمة
أخيه أبي تمام 4 / 141.
(18/589)
شرَاسَة أَخلاَقٍ وَنُفُور طَبْعٍ لاَ
وَجْهَ لَهُ.
قُلْتُ:سَمِعَ:أَبَا عُمَر بنَ مَهْدِيّ الفَارِسِيّ،
وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ البيِّع، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ
رَزْقُوَيْه، وَعَبْدَ القَاهِر بن عِترَة (1) ، وَكَانَ
خيِّراً دَيِّناً، كَثِيْرَ السَّمَاع.
رَوَى عَنْهُ:مَكِّيّ الرُّمِيْلِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ
البَغْدَادِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ الغَازِي، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
التَّيْمِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ قَفَرْجَل، وَمُحَمَّدُ بنُ
المَادح، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
الخَرَّاز، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سُكَّرَة:كَانَ الحُيمِيديُّ يَحضُّنِي عَلَى
قِرَاءة مَا عِنْدَهُ مِنْ(مُسْنَد)يَعْقُوْب بنِ شيبَة،
وَيَقُوْلُ:لَوْ وُجد كَلاَمُ يَعْقُوْب عَلَى أَبْوَاب
الحمَّامَات لَلَزِمَ أَنْ يُقرَأَ، فَكَيْفَ وَهُوَ
مُسْنَدٌ لاَ مِثْلَ لَهُ!؟
قَالَ الحَافِظُ شُجَاعٌ الذُّهْلِيّ:مَاتَ فِي سَنَةِ
ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ (2) وَأَرْبَعِ مائَة.
312
- بَادِيْسُ بنُ حَبُوْسَ* بنِ مَاكْسَ (3) بنِ
بُلُكِّيْنَ (4) بنِ زِيْرِي بنِ مَنَادَ الصّنْهَاجِيُّ
مِنْ قُوَّادِ
__________
(1) تحرفت في " الوافي بالوفيات " 4 / 141 إلى " عنترة ".
(2) أورده المؤلف في " العبر " في وفيات سنة (483) وهو
الذي في مصادر ترجمته.
(*) المغرب في حلى المغرب 2 / 107، البيان المغرب 3 / 264،
المختصر في أخبار البشر 2 / 198، الاحاطة 1 / 435 - 443،
تاريخ ابن خلدون 4 / 160 - 161 وفيه باديس بن حسون، نفح
الطيب 1 / 196، أعمال الاعلام: 264، معجم الأنساب والاسرات
الحاكمة: 87.
(3) في " الكامل " و" الاحاطة " و" معجم الأنساب ". ماكسن،
وقد تحرفت في " المختصر " إلى " مالس ".
(4) لم يرد اسم بلكين في نسبه في مصادر ترجمته، وفي "
الاحاطة " أن بلكين هو ابن =
(18/590)
البَرْبَرِ، لَهُ شَرَفٌ وَأُبُوَّة
وَعَشِيْرَة.
تملَّك غَرنَاطَة، وَجيَّش الجُيُوْش، وَحَارَبَ
المُعْتَصِم صَاحِب المرِيَّة، وَالمُعتضدَ صَاحِبَ
إشبيليَة، وَكَانَ سَفَّاكاً لِلدِّمَاء.
فِيه عَدْلٌ بجَهل.
وَقَفَتْ لَهُ امْرَأَةٌ عِنْد بَاب إِلْبيرَة (1) ،
فَقَالَتْ:يَا مَوْلاَنَا!ابْنِي يَعُقُّنِي.
فَطَلَبَهُ، وَدَعَا بِالسَّيْف، فَقَالَتِ
المَرْأَة:إِنَّمَا أَردتُ تَهديده.
فَقَالَ:مَا أَنَا بِمُعَلِّمِ كُتَّاب.
وَأَمر بِهِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ (2) .
وَاسْتَعْمَلَ بَعْضَ أَقَارَبّه عَلَى بلد، فَخَرَجَ
يَتَصَيَّد، فَمَرَّ بشيخِ قَرْيَة، فَرغب فِي تَشرِيفه
بِالضِّيَافَة، فَأَنْزَلَهُ فِي أَرْضٍ فِيْهَا دُولاَب
وَفَوَاكِه، فَبَادر لَهُ بثرِيْدٍ فِي لبن وَسُكَّرٍ،
وَقَالَ:نَأْتِي بَعْد بِمَا تُحب.
فَرمَاهُ بِرَجُله وَضربَ الشَّيْخ، فَفَرَّ الشَّيْخُ،
وَأَتَى إِلْبيرَة، فَعَرَّفَ المَلِكَ بِمَا جرَى
عَلَيْهِ، فَقَالَ:ارْجِع وَاصبر، وَوَاعَدَه، ثُمَّ
جَاءهُ بَعْد أَيَّام فِي كبكبَة مِنْهم خَصمُه، فَقَدّم
الشَّيْخُ لِلملك مِثْلَ ذَلِكَ الثرِيْد، فَتنَاوله
وَأَكله وَاسْتطَابه، ثُمَّ قَالَ:خُذْ بثأْرك مِنْ هَذَا،
فَاضْرِبْهُ.
فَاسْتعظم الشَّيْخُ ذَلِكَ، فَقَالَ الْملك:لاَبدَّ،
فَضَرَبَه حَتَّى اقتصَّ مِنْهُ.
فَقَالَ الْملك:هَذَا حقُّ هَذَا، بَقِيَ حقُّ الله فِي
إِهَانَة نَعمته، وَحَقِّي فِي اجْترَاء العُمَّال.
فَضَرَبَ عُنُقه، وَطِيف بِرَأْسِهِ. حكَاهَا اليَسعُ بنُ
حَزْم.
__________
= باديس، انظر " الاحاطة " 1 / 431 - 433، وسينقل المؤلف
عن أبي الفداء في " المختصر " نصا يظهر فيه أن بلكين هو
أخو باديس صاحب الترجمة.
(1) قال ياقوت: إلبيرة، بوزن إخريطة: وهي كورة كبيرة من
الأندلس، ومدينة متصلة بأراضي كورة قبرة بين القبلة والشرق
من قرطبة، بينها وبين قرطبة تسعون ميلا.
(2) الخبر في " المغرب في حلى المغرب " 2 / 107.
(18/591)
وَحَكَى أَيْضاً أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ
البَادِيَة كَانَتْ لَهُ بِنْتُ عَمٍّ بَدِيْعَةُ
الحُسْنِ، فَافْتقر، وَنَزَح بِهَا، فَصَادَفَهُ فِي
الطَّرِيْق أَمِيْرٌ صنْهَاجيٌّ، فَأَركبهَا شفقَةً
عَلَيْهَا، ثُمَّ أَسرع بِهَا، فَلَمَّا وَصل البدوِيُّ،
أَتَى دَارَ الأَمِيْر، فَطردُوْهُ، فَقصد الملكَ، فَقَالَ
لذَاكَ الأَمِيْر:ادْفَعْ إِلَيْهِ زوجتَه.
فَأَنْكَر، فَقَالَ:يَا بدوِيُّ!هَلْ لَكَ مِنْ شَهِيد
وَلَوْ كلباً يَعرفُهَا؟
قَال:نعم.
فَدَخَلَ بِكَلْبٍ لَهُ إِلَى الدَّارِ، وَأُخْرِجَتِ
الحُرَم، فَلَمَّا رَآهَا الكلبُ عَرفهَا وَبصْبَص، فَأَمر
المَلِكُ بدفعهَا إِلَى البدوِيّ، وَضرب عُنُق الأَمِيْر،
فَقَالَ البدوِيّ:هِيَ طَالِقٌ لِكَوْنِهَا سكتتْ،
وَرَضِيَتْ.
فَقَالَ المَلِكُ:صَدَقْتَ، وَلَوْ لَمْ تُطَلِّقْهَا
لأَلحقتُك بِهِ.
ثُمَّ أَمر بِالمَرْأَة، فَقُتلت.
قَالَ صَاحِبُ حَمَاة (1) :تُوُفِّيَ وَالِد بَادِيس
هَذَا:فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة،
وَتَملَّك ابْنُه بَادِيسُ بنُ حَبُوس، وَامتدت أَيَّامه،
ثُمَّ تَملَّك غرنَاطَةَ ابْنُ أَخِيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ
بُلُكِّين بنِ حَبُوس، وَبَقِيَ حَتَّى أَخَذَهَا مِنْهُ
يُوْسُفُ بنُ تَاشفِيْن، سَنَة بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ (2)
وَأَرْبَعِ مائَة.
313 - المُعْتَصِمُ ابْنُ صُمَادِحٍ التُّجِيْبِيُّ
مُحَمَّدُ بنُ مَعْنٍ *
السُّلْطَان، أَبُو يَحْيَى التُّجِيْبِيُّ
الأَنْدَلُسِيُّ مُحَمَّدُ بنُ مَعْنٍ - وَقِيْلَ:
__________
(1) انظر " المختصر في أخبار البشر " 2 / 198.
(2) ذكر أبو الفداء في " تاريخه " 2 / 198: أن يوسف أخذ
غرناطة في سنة (479)، ونقل عن صاحب تاريخ القيروان أنه
أخذها في سنة (480)، وفي " كامل " ابن الأثير أن ذلك كان
في سنة (484) انظر " الكامل " 9 / 292.
ولم يتعرض المؤلف لذكر وفاة المترجم، وفي " الاحاطة " أنه
توفي سة (465)، أما في " تاريخ " ابن خلدون، فذكر أنه توفي
سنة (467).
(*) قلائد العقيان: 47، الذخيرة ق 1 / م 2 / 729 - 736،
الخريدة 2 / 83 - 89، المطرب: 34 - 38 و126، المعجب: 196،
الحلة السيراء 2 / 78 - 88، المغرب في حلى المغرب 2 / 195
- 198، وفيات الأعيان 5 / 39 - 45، البيان المغرب 3 / 167،
الوافي =
(18/592)
مَعْنُ بنُ مُحَمَّدِ (1) - بنِ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ صُمَادح (2) .
كَانَ جَدُّهُ مُحَمَّد صَاحِبَ مدينَة وَشْقَة (3) ،
فَحَارَبَهُ ابْنُ عَمِّهِ الأَمِيْرُ منذرُ بنُ يَحْيَى
التُّجِيْبِيّ، فَعَجِزَ عَنْهُ، وَترك لَهُ وَشْقَة،
وَهَرَبَ، وَكَانَ مِنْ دُهَاة الرِّجَال، وَكَانَ ابْنُهُ
مَعْنٌ مُصَاهراً لصَاحِب بَلَنْسِيَة عَبْدِ العَزِيْزِ
بن عَامِرٍ، وَكَانَتِ المَرِيَّةُ قَدْ صَارَت لَهُ،
فَاسْتنَاب عَلَيْهَا مَعْناً هَذَا، فَخَافه
وَتَملَّكهَا، وَتَمَّ لَهُ ذَلِكَ، وتَمَلَّكها مِنْ
بَعْدَهُ وَلدُهُ المُعْتَصِم مُحَمَّدٌ، فَكَانَ
حَلِيماً، جَوَاداً، مُمَدَّحاً، وَقَدْ دَاخِلَ ابْنَ
تَاشفِيْن، وَنصره، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ تَاشفِيْن عزم عَلَى
أَخَذَ البِلاَدِ مِنِ ابْنِ صُمَادِح - وَكَانَ يَملك
المَرِيَّة وَبَجَّانَة (4) وَالصُّمَادِحِيَّة - فَأَظهر
العصيَانَ لابْنِ تَاشفِيْن، وَكَانَ فِيْهِ خَيْرٌ وَدينٌ
وَعَدْل وَتوَاضعٌ وَعَقل تَامّ (5) .
رَوَى عَنْ:أَبِيْهِ، عَنْ جدّه كِتَابهُ(المُخْتَصَر فِي
غَرِيْب القُرْآن).
رَوَى عَنْهُ:إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَسْوَد الغَسَّانِيّ.
نَازلته عَسَاكِرُ ابْن تَاشفِيْن مُدَّة، فَتمرَّض،
فَسَمِعَ مرَّةً هيعَةً،
فَقَالَ:لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، نُغِّصَ عَلَيْنَا كُلُّ
شيءٍ حَتَّى المَوْتُ. قَالَتْ جَارِيته:
__________
= 5 / 45 - 47، أعمال الاعلام: 190، تاريخ ابن خلدون 4 /
162، شذرات الذهب 3 / 372 - 373، معجم الأنساب والاسرات
الحاكمة: 90.
(1) العقول الأول في تسميته وهو محمد بن معن هو الذي في
مصادر ترجمته.
(2) الصمادح: هو الصلب الشديد.
" القاموس ".
(3) قال ياقوت: وشقة، بفتح أوله وسكون ثانيه والقاف: بليدة
بالاندلس.
(4) قال ياقوت: بجانة، بالفتح ثم التشديد وألف ونون، مدينة
بالاندلس من أعمال كورة إلبيرة، خربت وقد انتقل أهلها إلى
المرية، وبينها وبين المرية فرسخان، وبينها وبين غرناطة
مئة ميل.
وفي " وفيات " ابن خلكان: بجاية، وهي مدينة أخرى غير هذه.
(5) انظر " الذخيرة " 1 / 2 / 729 وما بعدها، و" فيات
الأعيان " 5 / 39 - 40.
(18/593)
فَدمعت عينَاي، فَقَالَ بِصَوْت ضَعِيْف:
تَرَفَّقْ بِدَمْعِكَ لاَ تُفْنِهِ ... فَبَيْنَ يَدَيْكَ
بُكَاءٌ طَوِيْلُ (1)
فَمَاتَ:فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ (2) ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَمِنْ وُزرَائِهِ أَبُو بَكْرٍ بنُ الحَدَّاد الأَدِيْب.
وَقَدِ امْتَدَحه جَمَاعَةٌ مِنْ فحُوْل الشُّعَرَاء (3) .
314 - المُظَفَّرُ بنُ الأَفْطَسِ *
سُلْطَانُ الثَّغْرِ الشِّمَالِيّ مِنَ الأَنْدَلُسِ،
وَدَارُ مُلْكِهِ بَطَلْيَوس.
كَانَ رَأْساً فِي العِلْمِ وَالأَدَبِ وَالشَّجَاعَةِ
وَالرَّأْي، فَكَانَ مُنَاغراً (4) لِلرُّوْمِ، شجَىً فِي
حُلُوقِهِم، لاَ يُنَفِّسُ لَهم مَخْنَقاً، وَلاَ يُوجِدُ
لَهم إِلَى الظُهُوْر عَلَيْهِ مُرتقَى، وَلَهُ آدَاب
تُغِيْرُ سرَايَاهَا، فَتسبِي عَذَارَى معَانٍ لاَ
__________
(1) الخبر في " الذخيرة " 1 / 2 / 734، و" المغرب في حلى
المغرب " 2 / 196، و" وفيات الأعيان " 5 / 44، و" الوافي
بالوفيات " 5 / 46، وقد تحرفت فيه كلمة " يديك " إلى " يدي
".
(2) في الأصل: " ربيع الا " فقط، وما أثبتناه من " الحلة
السيراء " 2 / 84، وفي " وفيات الأعيان " و" الشذرات " أنه
توفي في ربيع الأول.
(3) انظر " الحلة السيراء " 2 / 82 - 83، و" وفيات الأعيان
" 3 / 41 - 43.
(*) الذخيرة ق 2 / م 2 / 640 - 646، الكامل 9 / 288،
المعجب 127، تكملة ابن الابار: 128، المغرب 1 / 364، وفيات
الأعيان 7 / 123، البيان المغرب 3 / 220 و236، الوافي
بالوفيات 3 / 323، تاريخ ابن خلدون 4 / 159 - 160، أعمال
الاعلام: 212، كشف الظنون 2 / 1722، هدية العارفين 2 / 72،
معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 89.
واسمه أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلمة التجيبي،
وبعض المصادر لم تذكر " محمدا " بين عبد الله ومسلمة، وورد
في " الكامل " و" المغرب " سلمة بدل مسلمة، وتحرف اسمه في
" تاريخ " ابن خلدون إلى: أبو محمد عبد الله بن مسلمة.
(4) أي مغيظا لهم.
(18/594)
تَعشقُ المَحَامِدُ إِلاَّ إِيَّاهَا،
أَلْفَاظٌ كَالزلزَال، وَأَغرَاضٌ أَبعدُ مِنَ الهِلاَل،
رَائِقُ النّظم، ذكيّ النُّوْر، رصيفُ المَعَانِي، شَاهقُ
الغَور، وَلَهُ تَأْلِيفٌ كَبِيْر فِي الآدَاب عَلَى
هيئَة(عُيُون الأَخْبَار)لابْنِ قُتَيْبَة، يَكُوْن عشرَ
مُجَلَّدَات، وَمِنْ نَثْرِه - وَقَدْ غنم بلاَدَ شلمنكَة
وَهِيَ مجَاورتُه، فَكَتَبَ إِلَى المُعْتَمِد بِاللهِ
يَفخر، وَيُنَكِّتُ عَلَيْهِ بِمسَالِمته لِلرّوم،
فَقِيْلَ:إِنَّهُ حَصَّل مِنْ هَذِهِ الغَزْوَة أَلفَ
جَارِيَة حسنَاء مِنْ بنَات الأَصْفَر - :مَنْ يَصِدْ
صَيْداً فَلْيَصِدْ كَمَا صَيْدِي، صَيْدِي الغَزَالَة
مِنْ مرَابِضِ الأَسَدِ.
أَيُّهَا الْملك إِنَّ الرُّوْم إِذَا لَمْ تُغْزَ غَزَتْ،
وَلَوْ تَعَاقدنَا تَعَاقدَ الأَوْلِيَاء المُخلِصين
فَلَلْنَا حَدَّهُم، وَأَذْلَلْنَا جَدَّهُم (1) ،
وَرَأْيُ السَّيِّد المعتمدِ عَلَى اللهِ سرَاجٌ تُضيء
بِهِ ظُلمَات المنَى.
وَللمظفَّر(تَفْسِيْرٌ)لِلقُرآن (2) .
وَكَانَ مَعَ اسْتغرَاقه فِي الجِهَادِ لاَ يَفتُر عَنِ
العِلْم، وَلاَ يَترك العَدْلَ، صَنَعَ مدرسَةً يَجْلِس
فِيْهَا كُلَّ جُمُعَة، وَيَحضُره العُلَمَاء، وَكَانَ
يَبَيْتُ فِي مَنْظَرَةٍ لَهُ، فَإِذَا سَمِعَ صَوْتاً
وَجَّه أَعْوَاناً لَكشف الخَبَر، لاَ يَنَام إِلاَّ
قَلِيْلاً.
وَفِيه يَقُوْلُ أَبُو الأَصْبَغِ القلمَندر الكَاتِب:
يُربِي عَلَى سَيْبِ الغَمَامِ عَطَاؤُهُ ... مَلِكٌ عَلَى
فُلْكِ العُلَى اسْتِمْطَاؤُهُ
سَيْفٌ رِقَابُ عَدُوِّه أَغمَادُهُ ... تَسْقِيْهِ
بِالغَيْثِ المُغِيْثِ دِمَاؤُهُ
وَكَانَ كَاتِبُه الوَزِيْر أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ
بنُ النَّحْوِيّ أَحَدَ البلغَاء،
__________
(1) الجد هنا بمعنى الجلال والعظمة.
(2) وذكر ابن بسام أن له كتاب " التذكرة "، والمشتهر اسمه
أيضا بكتاب " المظفر " في خمسين مجلدة، يشتمل على علوم
وفنون من مغاز وسير، ومثل وخبر، وجميع ما يختص به علم
الأدب.
" الذخيرة " 2 / 2 / 640.
(18/595)
فَكَتَبَ أَذفونش - لَعنه الله - يُرْعِدُ
وَيُبْرِقُ (1) ، فَأَجَابَ:وَصل إِلَى الْملك المُظَفَّر
مِنْ عَظِيْم الرُّوْم كِتَابٌ مُدَّع فِي المقَادِير،
يُرْعِدُ وَيُبْرِقُ، وَيَجمعُ تَارَةً وَيُفَرِّق، وَيهدد
بِالجُنُوْد الوَافرَة، وَلَمْ يَدر أَن للهِ جُنُوْداً
أَعزَّ بِهِم الإِسْلاَم، وَأَظهر بِهِم دينَ نَبِيّنَا
عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم، يُجَاهدُوْنَ فِي
سَبِيْلِ اللهِ، وَلاَ يَخَافُوْنَ لُوْمَة لاَئِم،
فَأَمَّا تَعييرُك لِلمُسْلِمِيْنَ فِيمَا وَهَنَ مِنْ
أَحْوَالِهم، فَبالذُّنُوبِ المركوبَة، وَالفِرَقِ
المنكوبَة، وَلَوِ اتَّفَقت كلِمتُنَا علمتَ أَيَّ صَائِبٍ
أَذَقْنَاك، كَمَا كَانَتْ آبَاؤُك مَعَ آبَائِنَا،
وَبَالأَمسِ كَانَتْ قطيعَةُ المَنْصُوْر عَلَى سَلَفِك،
أَهدَى ابْنتَه إِلَيْهِ مَعَ الذّخَائِر الَّتِي كَانَتْ
تَفِدُ فِي كُلّ عَام عَلَيْهِ، وَنَحْنُ فَإِنْ قلَّت
أَعدَادُنَا، وَعُدِمَ مِنَ المَخلوقين اسْتمدَادُنَا،
فَمَا بَيْنَنَا وَبينك بحرٌ تَخُوضهُ، وَلاَ صَعب تَروضه،
إِلاَّ سيوفٌ يَشْهَد بَحَدِّهَا رقَابُ قَوْمك، وَجِلاَدٌ
تُبصره فِي يَوْمك، وَبَالله وَمَلاَئِكتِه نَتقوَّى
عَلَيْك، لَيْسَ لَنَا سِوَاهُ مطلب، وَلاَ إِلَى غَيْره
مَهْرب، وَهل تَرَبَّصُوْنَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى
الحُسْنَيَيْنِ، شهَادَةٌ، أَوْ نَصْرٌ عزِيز.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ المُظَفَّر بَعْد السَّبْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة (2) أَوْ قَبْلَهَا، قَامَ فِي المُلك
بَعْدَهُ وَلدُه المُلَقَّب بِالمُتَوَكِّل عَلَى اللهِ
أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ (3) بنُ الأَفْطَس صَاحِبُ بَطَلْيَوس
وَيَابُرَة (4) وَشَنْتَرِيْنَ وَأُشْبُونَة، فَكَانَ
نَحْواً مِنْ أَبِيْهِ فِي الشَّجَاعَة وَالبرَاعَة
وَالأَدب وَالبلاغَة، فَبَقِيَ إِلَى أَنْ قَتله
المرَابطُوْنَ جُنْد
__________
(1) أي يتهدد ويتوعد.
(2) في " الوافي بالوفيات " 3 / 323، و" تاريخ " ابن خلدون
4 / 160 أنه توفي سنة (460).
(3) انظر ترجمته في " المغرب " 1 / 364، أعمال الاعلام:
214، قلائد العقيان: 36، الرايات: 29، الذخيرة ق 2 / م 2 /
646 - 652، الحلة السيراء 2 / 96 - 107، فوات الوفيات 3 /
155 - 156، نفح الطيب 1 / 663 - 666، الخريدة 3 / 356.
(4) قال ياقوت: هي بلدة في غربي الأندلس.
(18/596)
يُوْسُفُ بنِ تَاشفِيْن صَبْراً، وَقتلُوا
مَعَهُ وَلَدَيْهِ الفَضْلَ وَعبَّاساً، فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (1) ، إِذِ اسْتولَوا
عَلَى الأَنْدَلُس.
وَلعَبْدِ المَجِيْدِ بن عيذُوْنَ (2) فِيهِم قصيدَة
طَنَّانَةٌ نَادِرَةُ المِثْلِ مِنْهَا:
بَنِي المُظَفَّرِ وَالأَيَّامُ لاَ نَزَلَتْ ... مرَاحِلٌ
(3) وَالوَرَى مِنْهَا عَلَى سَفَرِ
مَنْ لِلأَسِرَّةِ أَوْ من لِلأَعِنَّةِ أَوْ ... مَنْ
لِلأَسِنَّةِ يَهْدِيْهَا إِلَى الثُغُرِ
مَنْ لِلبَرَاعَةِ أَوْ مَنْ لِليَرَاعَةِ أَوْ ... مَنْ
لِلشَّجَاعَةِ (4) أَوْ لِلنَّفْعِ وَالضَّرَرِ (5)
وَهِيَ طَوِيْلة وَكَانَ ابْنُ عيذُوْنَ وَزِيْراً
لِلمُتَوَكِّل.
315 - النَاصِرُ بنُ عِلْنَاسَ بنِ حَمَّادِ بنِ
بُلُكِّيْنَ بنِ زِيْرِي الصّنْهَاجِيُّ *
البَرْبَرِيُّ، مَلِكُ المَغْرِبِ.
__________
(1) انظر " الكامل " 10 / 193، و" المغرب في حلي المغرب "
1 / 364، و" المختصر " 2 / 200.
(2) كذا في الأصل بياء مثناة تحتية وذال معجمة، وورد "
عبدون " بباء موحدة ودال مهملة في مصادر ترجمته مثل " فوات
الوفيات " 2 / 388، و" الذخيرة " 2 / 2 / 668، و" المغرب "
1 / 374، وضبطه المعلمي اليماني في تعليقه على " الإكمال "
6 / 86 " عيدون " بياء مثناة تحتية ودال مهملة، وذكر أنه
في المراجع بالموحدة والمهملة، وستأتي ترجمته في الجزء
التاسع عشر برقم (348).
فانظره ثم.
(3) في " الذخيرة " و" المغرب " و" فوات الوفيات ":
مراحلا.
(4) في المصادر السابقة: " للسماحة ".
(5) انظر هذه الابيات مع تتمة هذه القصيدة الرائعة في "
الذخيرة " 2 / 2 / 721 - 724، و" فوات الوفيات " 2 / 389 -
391، وبعض القصيدة في " المغرب " 1 / 376.
(*) معجم البلدان 1 / 339، الكامل 44 - 49، 58، 107، 166 -
167، الروض المعطار: 81، تاج العروس 10 / 31 في مادة "
بجاوة "، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 110.
وفي الروض: الناصر بن عالناس، وذكر محققه في الهامش أن هذا
الاسم يكتب أيضا " علناس " و" أعلى الناس " وورد في هامش "
الكامل ": علناس، وفي " معجم " ياقوت: علناس، وفي " أعلام
" الزركلي " علناس ".
(18/597)
هُوَ الَّذِي أَنشَأَ مدينَة بِجَايَة (1)
النَّاصرِيَة، وَكَانَتْ دَوْلَتُه سبعًا وَعِشْرِيْنَ
سَنَةً.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ.
قهر ابْنَ عَمِّهِ بُلُكِّين بن مُحَمَّدِ بنِ حَمَّاد
وَغَدر بِهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ المُلك بَعْدَ أَنْ تَملَّكَ
خَمْس سِنِيْنَ بَعْد المَلِك مُحسن بن قَائِد بن
حَمَّادٍ، وَكَانَتْ دَوْلَة مُحسن ثَلاَثَةَ أَعْوَام،
وَمَاتَ، وَكَانَ قَبْله أَبُوْهُ القَائِدُ، فَبقِي فِي
المُلك سَبْعَة وَعِشْرِيْنَ عَاماً، تَملَّك بَعْد
أَبِيْهِ، وَمَاتَ أَبُوْهُ المَلِكُ حَمَّادٌ سَنَة
تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة (2) .
وَقَدْ حَاربَ حَمَّادٌ ابْنَ أَخِيْهِ بَادِيسَ وَوَلَدَه
المُعِزُّ بنُ بَادِيس، وَجَرَتْ لَهُمَا وَقَائِعُ،
وَلَمْ تَزلِ الدَّوْلَةُ فِي آل حَمَّاد، إِلَى أَنْ أَخذ
مِنْهم عَبْدُ المُؤْمِنِ بِجَايَة (3) سَنَة سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَآخرهم هُوَ الْملك
يَحْيَى بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَنْصُوْر بن صَاحِب
بِجَايَة النَّاصر (4) .
316 - العَاصِمِيُّ عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّادِقُ، الأَدِيْبُ، مُسْنِدُ
بَغْدَادَ فِي وَقْتِهِ، أَبُو
__________
(1) في الأصل: بجانة، بالجيم المشددة والنون: وهي مدينة
أخرى غير هذه، تقدم التعريف بها في الصفحة (594) ت (4)،
أما التي أنشأها الناصر فهي بجاية بالكسر وتخفيف الجيم،
وألف وياء وهاء وهي: اليوم مدينة ساحلية وميناء في
الجزائر.
وتسمى الناصرية أيضا باسم بانيها.
انظر " معجم البلدان " 1 / 339.
(2) في " الكامل " 9 / 355 أنه توفي سنة: 417.
(3) تصحفت في الأصل أيضا إلى بجانة، بالنون وتشديد الجيم.
(4) عن هذه الحوادث انظر " الكامل " 9 / 600 و253 - 259
و10 / 44 - 49 و166 - 167 و11 / 158 - 159.
(*) الأنساب 8 / 314 - 315، المنتظم 9 / 51 - 52، اللباب 2
/ 304، المختصر 1 / 199، دول الإسلام 2 / 12، العبر 3 /
302، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 133 - 134، تتمة
المختصر 2 / 10، مرآة الجنان 3 / 134، البداية والنهاية 12
/ 136، النجوم الزاهرة 5 / 128 و131، شذرات الذهب 3 / 368،
هدية العارفين: 1 / 435، إيضاح المكنون: 1 / 516.
(18/598)
الحُسَيْنِ (1) عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بن عَاصِمِ بنِ مِهْرَانَ
العَاصِمِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الكَرْخِيُّ، الشَّاعِرُ.
وُلِدَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي عُمَرَ بن مَهْدِيّ، وَأَبِي
الحُسَيْنِ بنِ المُتَيَّم، وَهِلاَلٍ الحَفَّار،
وَمُحَمَّدِ بن عَبْدِ العَزِيْزِ البَرْذَعِيّ، وَأَبِي
الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَان.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ فِي
كِتَابِ(المُؤتنف)وَالمُؤْتَمَنُ السَّاجِيّ، وَأَبُو
نَصْرٍ الغَازِي، وَإِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيّ، وَأَبُو
سعدٍ البَغْدَادِيّ، وَوجيهٌ الشَّحَّامِيّ، وَهِبَةُ
اللهِ بنُ طَاوُوْس الدِّمَشْقِيّ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ المِصِّيْصِيّ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ أَحْمَدَ
بنِ يُوْسُفَ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَاصِر، وَسَعِيْدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ البَنَّاء، وَأَحْمَدُ بنُ قَفَرْجَل،
وَعَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ البَيِّع الدِّيْنَوَرِيّ، وَهِبَةُ
اللهِ بنُ هِلاَلٍ الدَّقَّاق، وَأَبُو الفَتْحِ ابْنُ
البَطِّي، وَخَلْقٌ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَأَلْتُ أَبَا سَعْد
البَغْدَادِيَّ، عَنْ عَاصِمِ بنِ الحَسَنِ، فَقَالَ:
كَانَ شَيْخاً مُتْقَناً، أَديباً، فَاضِلاً، كَانَ
حُفَّاظ بَغْدَاد يَكتُبُوْنَ عَنْهُ، وَيَشهدُوْنَ
بِصِحَّة سَمَاعه.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوَهَّاب الأَنْمَاطِيَّ يَقُوْلُ:ضَاع
الجزءُ الرَّابِع مِنْ(جَامِع عَبْد الرَّزَّاقِ)لابْنِ
عَاصِم، وَكَانَ سَمَاعَه قرَؤُوهُ عَلَيْهِ بِالسَّمَاع،
وَضَاع، فَكَانَ بَعْدُ يَرْوِيْهِ بِالإِجَازَة، فَلَمَّا
كَانَ قَبْل مَوْته بِأَيَّام، جَاءنِي شُجَاع الذُّهْلِيّ
وَقَدْ لَقِيَهُ، فَقَالَ:تَعَال حَتَّى نَسمعه.
فَأَرِينَاهُ الأَصْلَ، فَسَجَدَ للهِ، وَقرَأَنَاهُ
عَلَيْهِ بِالسَّمَاع، وَقَالَ لِي عَبْد
__________
(1) في " الأنساب " 8 / 314: أبو الحسن.
(18/599)
الوَهَّاب:كَانَ عَاصِم عَفِيْفاً، نَزِهَ
النَفْسِ، صَالِحاً، رَقِيق الشِّعر، مليحَ الطّبع، قَالَ
لِي:مرضتُ، فَغَسَلْتُ ديوَان شِعرِي (1) .
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة:كَانَ عَاصِمٌ ثِقَةً
فَاضِلاً، ذَا شِعر كَثِيْر، وَكَانَ يُكرمنِي، وَكَانَ
لِي مِنْهُ مِيْعَادٌ يَوْمَ الخَمِيْسِ، لَوْ أَتَاهُ
فِيْهِ الخَلِيْفَةُ لَمْ يُمكِّنه.
وَقَالَ غَيْرُهُ:كَانَ صَاحِبَ مُلَحٍ وَنوَادرَ وَلُطْف،
وَكَيْسٍ وَنظمٍ رَائِقٍ.
عُمِّر، وَرحلُوا إِلَيه، وَكَانَ وَرِعاً، خيِّراً،
صَالِحاً.
مَاتَ:فِي جُمَادَى الآخِرَة، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ (2) وَأَرْبَعِ مائَة بِبَغْدَادَ وَلَهُ
سِتٌّ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
317 - الكُرْكَانجِيُّ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ *
شَيْخُ القُرَّاءِ بِخُرَاسَانَ، أَبُو نَصْرٍ (3)
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَامِدٍ
المَرْوَزِيُّ، سَكَنَ جُرْجَانِيَّة خُوَارَزْم مُدَّةً،
فَنُسِبَ إِلَيْهَا.
__________
(1) انظر " المنتظم " 9 / 52.
(2) ذكره ابن الجوزي في " المنتظم " في وفيات سنة (482)،
وتابعه على ذلك أبو الفداء في " المختصر " 1 / 199، وابن
كثير في " البداية " 12 / 136، وقد أورده ابن تغري بردي في
" النجوم الزاهرة " مرتين: أولاهما في وفيات سنة (482) 5 /
128، والثانية في وفيات سنة (483) 5 / 131.
(*) الأنساب 10 / 398، المنتظم: 9 / 60، معجم الأدباء 17 /
230 - 233، اللباب 3 / 92 - 93، معرفة القراء الكبار 1 /
354 - 355، العبر 3 / 305 - 306، الوافي 2 / 88 - 89،
البداية والنهاية 12 / 138، غاية النهاية 2 / 72، النجوم
الزاهرة 5 / 133، شذرات الذهب 3 / 372.
والكركانجي، بضم أولها وسكون الراء: هذه النسبة إلى
كركانج، وهي مدينة خوارزم يقال لها الجرجانية.
(3) في " الأنساب " و" اللباب ": أبو حامد.
(18/600)
أَخَذَ القِرَاءات وَالآدَابَ بِمَرْو،
عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ
الدّهّان، ثُمَّ ارْتَحَلَ، فَلَحِق الحمامِيَّ (1)
بِبَغْدَادَ، فَتَلاَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الرُّهَاوِيّ
بِدِمَشْقَ، وَعَلَى الشَّرِيْف الزِّيديّ (3) بِحَرَّانَ،
وَعَلَى جَمَاعَة كِبَارِ، وَانتهت إِلَيْهِ الإِمَامَةُ
فِي القِرَاءات.
تَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّة، وَعَاشَ نِيّفاً وَتِسْعِيْنَ
سَنَةً.
قَالَهُ وَلدُه الإِمَام المُقْرِئ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ثَانِي عشر ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ
أَرْبَعٍ (4) وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَلَهُ
تَرْجَمَة طَوِيْلَة فِي(طَبَقَاتِ القُرَّاءِ) (5) .
318 - مَازِنٌ *
لَقَبُ الشَّاعِرِ المُحسِنِ، أَبِي عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ
__________
(1) هو المقرئ أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر البغدادي
الحمامي المتوفى سنة (417) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع
عشر برقم (265).
(2) هو المقرئ أبو علي الحسين بن علي بن عبيد الله الرهاوي
السلمي المتوفي سنة (414) مترجم في " غاية النهاية " 1 /
245 - 246.
(3) هو المقرئ أبو القاسم علي بن محمد بن علي العلوي
الزيدي الحراني المتوفى سنة (433) وقد مرت ترجمته في الجزء
السابع عشر برقم (327).
(4) في " الأنساب " و" اللباب " أنه توفي سنة (481) وقد
حكى هذين القولين في وفاته المؤلف وابن الجزري في
طبقاتهما.
(5) ذكرت في مصادر الترجمة.
(*) المطمح: 80، الذخيرة ق 1 / م 2 / 691 - 729، الخريدة
الورقة 12 / 54، المحمدون من الشعراء: 99، التكملة لابن
الابار: 133، المغرب 2 / 143 - 145، المسالك للعمري 11 /
400، فوات الوفيات 3 / 283 - 284، الوافي 2 / 86 - 88،
الاحاطة 2 / 333 - 337، نفح الطيب 3 / 502 - 505، كشف
الظنون: 765، هدية العارفين 2 / 75، وقد أورد له ابن خلكان
في " الوفيات " 5 / 41 قصيدة في مدح ابن صمادح واسمه فيه:
أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خلف بن أحمد بن عثمان بن
إبراهيم المعروف بالحداد القيسي.
(18/601)
القَيْسِيِّ (1) ، الأَنْدَلُسِيِّ، ابْنِ
الحَدَّاد، نَاظَرَ الدِّيْوَان الكَبِيْر.
قَالَ الأَبَّار فِي(تَارِيْخه):هُوَ مِنْ أَهْلِ مدينَة
وَادِي آش (2) ، سكنَ المَرِيَّةَ وَكَانَ مِنْ فُحُوْل
الشُّعَرَاء، لَهُ مُؤَلّف فِي الْعرُوض، اخْتصّ
بِالمُعْتَصِم بن صُمَادِح، وَاسْتفرغ فِيْهِ مَدَائِحه،
ثُمَّ سَارَ عَنْهُ إِلَى سَرقُسطَة، فَأَقَامَ فِي كَنَفِ
المُقتدر بنِ هود (3) .
قَالَ:وَتُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
319 - البَزْدَوِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ الحُسَيْنِ *
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، عَالِمُ مَا وَرَاء النَّهْرِ،
أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ
عَبْدِ الكَرِيْمِ البَزْدَوِيُّ، صَاحِبُ الطَّرِيْقَةِ
فِي المَذْهَبِ (4) .
قَالَ السَّمْعَانِيّ:مَا حَدَّثَنَا عَنْهُ سِوَى صَاحِبه
أَبِي المَعَالِي مُحَمَّدِ بن نَصْرٍ الخَطِيْب (5) .
__________
(1) تصحف في " هدية العارفين " إلى: الفيشي.
(2) قال الحميري: وادي آش، مدينة بالاندلس قريبة من غرناطة
كبيرة خطيرة، تطرد حولها المياه والانهار...انظر " الروض
المعطار ".
(3) انظر " الذخيرة " ق 1 / م 2 / 692.
وانظر شعره في مصادر ترجمته.
(*) الأنساب 2 / 188 - 189، معجم البلدان 1 / 409، اللباب
1 / 146، الجواهر المضية 2 / 594 - 595، تاج التراجم: 30 -
31، مفتاح السعادة 2 / 184 - 185، طبقات الفقهاء لطاش
كبري: 85، كتائب أعلام الاخبار رقم: 286، الطبقات السنية
رقم: 1535، كشف الظنون 1 / 112، 467، 553، 563، 568، و2 /
1016، 1485، 1581، الفوائد البهية: 124 - 125، هدية
العارفين 1 / 693.
والبزدوي: بفتح الباء الموحدة وسكون الزاي وفتح الدال
المهملة وفي آخرها الواو: هذه النسبة إلى بزدة (ويقال
بزدوة) وهي قلعة حصينة على ستة فراسخ من نسف وينسب إليها
أيضا: بزدي.
(4) ويعرف بفخر الإسلام البزدوي، وهو مشهور أيضا بأبي
العسر لعسر تصانيفه، كما أن أخاه مشهور بأبي اليسر ليسر
تصانيفه، كما في " مفتاح السعادة " 2 / 185.
(5) انظر " الأنساب " 2 / 188.
(18/602)
قَالَ:وَكَانَ إِمَامَ الأَصْحَاب بِمَا
وَرَاء النَّهْر، وَلَهُ التَّصَانِيْف الجَلِيْلَة (1) .
درّس بِسَمَرْقَنْدَ.
وَمَاتَ بِكِسَّ (2) فِي رَجَب، سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ، وَكَانَ أَحَدَ مَنْ يُضْرَبُ بِهِ
المَثَلُ فِي حِفْظ المَذْهَب، وَوُلِدَ فِي حُدُوْدِ
سَنَةَ أَرْبَعِ مائَة.
وَأَمَّا أَخُوْهُ فَسَيَأْتِي (3) .
320 - ابْن زِكْرِي عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ
البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الثِّقَةُ، الصَّالِحُ، أَبُو
الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ زِكْرِي البَغْدَادِيُّ، الدَّقَاقُ.
سَمِعَ:أَبَا الْحُسَيْن بن بِشْرَان، وَأَبَا الحَسَنِ
بنَ الحمامِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ،
وَأَبُو سَعْدٍ بنُ البَغْدَادِيّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ
الأَنْمَاطِيّ، وَهِبَةُ اللهِ الدَّقَّاق، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ الزَّاغوَانِيّ، وَجَمَاعَة.
__________
(1) ومن تصانيفه المشهورة كتابه في الأصول المعروف بأصول
البزدوي، وقد طبع مع شرحه المسمى " كشف الاسرار " لعلاء
الدين البخاري في الآستانة عام 1308 ه.
ومن تصانيفه أيضا " المبسوط " أحد عشر مجلدا، وشرح الجامع
الكبير، والجامع الصغير وغيرها. انظر " الجواهر المضية " 2
/ 595.
(2) بكسر الكاف وتشديد السين المهملة: مدينة تقارب سمرقند،
وقال ابن ماكولا: كسره العراقيون، وغيرهم يقوله بفتح
الكاف، وقد تصحفت في " الفوائد البهية " إلى " كش " وتلك
بالفتح والشين المعجمة: قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان على
جبل. انظر " معجم البلدان " 4 / 460 و462.
(3) هو أبو اليسر محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم
البزدوي ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (30).
(*) المنتظم 9 / 78، تذكرة الحفاظ 3 / 1199، العبر 3 / 312
وقد تحرف فيه إلى ابن ذكري بالذال، شذرات الذهب 3 / 378.
(18/603)
قَالَ الأَنْمَاطِيّ:كَانَ صَالِحاً
دَيِّناً، ثِقَةً.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ:كَانَ شَيْخاً
عَفِيْفاً، كُنَّا نَقرَأُ عَلَيْهِ فِي دَارِهِ.
مَاتَ ابْنُ زِكرِي:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَمَوْلِده كَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَعَ لَنَا الأَوّل مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ البَخْتَرِيّ
مِنْ طرِيقه.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ:أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ
الدَّقَّاق، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ
زِكْرِيّ الدَّقَّاق، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ
المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بنِ مَالِكِ بنِ برصَاء
قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم -
يَوْم فَتْحِ مَكَّة:(لاَ تُغْزَى بَعْدَهَا إِلَى يَوْمِ
القِيَامَةِ) (1) .
321 - ابْنُ فَهْدٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الصَّالِحُ، الصَّادِقُ، أَبُو
القَاسِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
فَهْدٍ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ العَلاَّفِ.
سَمِعَ:أَبَا الفَتْح بنَ أَبِي الفوَارس، وَأَبَا الْفرج
الغُورِيّ، وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ بِشْرَان،
وَالحَمامِيّ.
__________
(1) وأخرجه أحمد 3 / 412، و4 / 343، والترمذي (1611) في
السير من طرق عن زكريا بن أبي زائدة بهذا الإسناد، وقال
الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال: وانظر شرح
الحديث في " جامع الأصول " 9 / 291، 292 الطبعة الشامية.
(*) المنتظم 9 / 78، ذيل تاريخ بغداد 1 / 271 - 273، العبر
3 / 312، تذكرة الحفاظ 3 / 1199، شذرات الذهب 3 / 378.
(18/604)
وَعَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ بنُ
السَّمَرْقَنْدِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ البَغْدَادِيّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ، وَعَبْدُ
الخَالِقِ اليُوسفِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيّ.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:شَيْخٌ صَالِح، صَدُوْقٌ، مُكْثِر،
مَأْمُوْن، متوَاضع، ذَهَبتْ لَهُ أُصُوْلٌ كَثِيْرَة (1)
.
مَاتَ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
322 - ابْنُ الأَخْضَرِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الخَطِيْبُ، المُسْنِدُ، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ شُعَيْبٍ الشَّيْبَانِيُّ،
الأَنْبَارِيُّ، ابْنُ الأَخْضَرِ.
وُلِدَ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة
فِي صَفَرٍ.
وَسَمِعَ:أَبَا أَحْمَدَ بن أَبِي مُسْلِمٍ الفَرَضِيَّ
(2) فَكَانَ خَاتِمَةَ أَصْحَابه، وَأَبَا عُمَرَ بن
مَهْدِيٍّ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ رَزْقُوَيْه، وَأَبَا
الحُسَينِ بنَ بِشْرَان، وَالحَسَنَ بنَ عُمَرَ الغَزَّال،
وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ دُوْست، وَالحَسَنَ بنَ
الحُسَيْنِ بنِ رَامِين الإِسترَابَاذِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ،
وَأَبُو نَصْرٍ الغَازِي، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ
البَغْدَادِيّ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ مُفْتِي
دِمَشْق، وَهِبَةُ اللهِ بن
__________
(1) الخبر بنحوه في " ذيل تاريخ بغداد " لابن النجار 1 /
271.
(*) المنتظم 9 / 79، السياق: الورقة 66 أ، العبر 3 / 313،
تذكرة الحفاظ 3 / 1199، البداية والنهاية 12 / 145،
الجواهر المضية 2 / 602 - 603، الطبقات السنية رقم (1554)،
شذرات الذهب 3 / 379.
(2) تحرفت في " البداية " إلى: أبي محمد الرضي.
(18/605)
طَاوُوْس، وَابْنُ نَاصِر، وَابْنُ
البَطِّيّ، وَعِدَّة.
وَكَانَ فَقيهاً حَنَفِيّاً، خَطِيْباً بِالأَنبار.
عُمِّرَ، وَارْتَحَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ ثِقَةً، نَبيلاً، صَدُوْقاً،
مُعَمِّراً، مُسْنِداً (1) ، انْتَشَرت روَايَاتُهُ فِي
الآفَاق، وَكَانَ أَقطَعَ اليَد، قُطِعَتْ فِي كَائِنَةِ
البَسَاسيرِيّ، وَكَانَ يَقْدَم بَغْدَاد أَحيَاناً،
وَيُحَدِّث.
سَأَلت إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظ عَنْهُ، فَقَالَ:ثِقَة.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ:حَدَّثَنِي أَنَّهُ
سَأَلَ وَهُوَ صَبِيّ حَلْقَة أَبِي حَامِدٍ
الإِسفرَايينِيّ عَنِ الوُضُوْء مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ.
وَقَالَ لِي:رَأَيْتُ يَحْيَى جدَّ جدِّي وَأَنَا اليَوْم
جَدُّ جَدٍّ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ:لَمْ أَلقَ مَنْ يَرْوِي عَنِ
الفَرَضِيّ سِوَاهُ.
قَالَ:وَإِنَّمَا عِنْدَهُ عَنْهُ حَدِيْثَان.
قُلْتُ:وَقعَا لِي.
وَتُوُفِّيَ:فِي شَوَّال سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة.
أَرَّخَهُ ابْنُ نَاصِرٍ.
قَالَ صَالِحُ بنُ عَلِيِّ بنِ الخَطِيْب
الأَنْبَارِيُّ:أَمر البَسَاسِيرِيُّ جدّنَا عليّاً
الخَطِيْبَ أَنْ يَخْطُبَ لِلمُسْتنصر صَاحِب مِصْر،
فَلَمَّا خطبَ، وَدَعَا لِلقَائِم، وَلَمْ يَمْتَثِلْ
أَمرَ البسَاسيرِيّ، فَأَمر بِقطع يَده عَلَى المِنْبَرِ
(2) .
305 - ابْنُ الأُسْتَاذِ أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى بنِ
عَبَّادٍ الدِّيْنَوَرِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ الدِّيْنُوَرِ، أَبُو
الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى
__________
(1) انظر " الجواهر المضية " 2 / 602.
(2) انظر " الجواهر المضية " 2 / 603.
(*) تقدمت ترجمته برقم (305).
(18/606)
بنِ عَبَّادِ بنِ عِيْسَى بنِ مُوْسَى
الدِّيْنَوَرِيُّ، المَعْرُوفُ بِابْنِ الأُسْتَاذِ.
مَوْلِدُهُ:سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي بَكْرٍ بنِ لاَل، وَعَنْ أَبِيْهِ
أَبِي القَاسِمِ، وَأَحْمَدَ بن تُركَانَ، وَأَبِي عُمَرَ
بنِ مَهْدِيّ الفَارِسِيّ، وَطَاهِر بن مَاهلَة، وَعَلِيِّ
بنِ البَيِّع، وَعِدَّة، وَتفرَّد فِي زَمَانِهِ.
قَالَ شِيْرَوَيْه الدّيلمِيّ:سَمِعْتُ مِنْهُ بهَمَذَان
وَالدِّيْنُور، وَكَانَ صَدُوْقاً، أَخْبَرَنِي
بِمَوْلِده.
قَالَ:وَمَاتَ بِالدِّينور فِي:سَنَةِ ثَمَانٍ
وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
323 - ابْنُ شَانْدُه مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ شَاندُه الأَصْبَهَانِيُّ الأَصْلِ،
الوَاسِطِيُّ، الشِّيْعِيُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة(تَارِيخ
أَحْمَدَ بن أَبِي خَثيمَة)مِنْ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ خَزَفَة الصَّيْدَلاَنِيّ، وَسَمِعَ
مِنْ:أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ كُرْدَانَ النَّحْوِيّ،
وَمِنْ عمِّه أَبِي مُحَمَّدٍ التَّلْعُكْبَرِيّ
الرَّافضِيّ، فَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ عمّه كتبٌ (1) لَا
يسمعهَا أَحَداً.
قَالَ السِّلَفِيّ:سَأَلْتُ خَمِيْساً الحَوْزِيّ،
فَقَالَ:كَانَ ابْنُ شَانْدُه رَئِيْساً مُحْتَشِماً،
ثِقَةً، مَددتُ يَدي إِلَى كتبٍ يَوْماً، فَاسْتَلَبَهَا
منْ يَدي
__________
(*) سؤالات الحافظ السلفي: 16 - 17.
(1) في الأصل: كتبا، وهو خطأ.
(18/607)
وَقَالَ:هَذَا لاَ يَصلح لَكَ.
قَالَ:وَكَانَ يَتظَاهِر بِالسُّنَّة (1) .
قُلْتُ:رَوَى عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة،
وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجُلاَّبِيّ.
وَتُوُفِّيَ:سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَة.
قَالَ ابْنُ سُكَّرَة:هُوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
السَّلاَّم بن مُحَمَّدِ (2) بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
أُحمولَة، نَزِيلُ وَاسِط.
324 - ابْنُ جَهِيْرٍ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ *
الوَزِيْرُ الأَكْمَلُ، فَخْرُ الدِّيْنِ، أَبُو نَصْرٍ،
مُؤَيِّدُ الدِّين مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَهِير
الثَّعْلَبِيُّ (3) .
كَانَ نَاظِرَ ديوَان حلب، ثمَّ وَزَرَ لصَاحِب
مَيَّافَارِقين (4) ، ثُمَّ وَزَرَ لِلْخَلِيْفَة
القَائِم، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ (5) ، وَامتدت
دَوْلَتُهُ إِلَى أَنِ
__________
(1) " سؤالات الحافظ السلفي " ص: 17.
(2) لم ترد لفظة " محمد " هذه في نسبه في " سؤالات الحافظ
السلفي " : 16
(*) الأنساب 3 / 396، المنتظم 9 / 54، الكامل 10 / 23، 57
- 59، 109 - 111، 129، 134 - 136، 143 - 144، 158، 182 -
183، اللباب 1 / 318، وفيات الأعيان 5 / 127 - 134،
الفخري: 293 - 295، مختصر 2 / 199 - 200، العبر 3 / 304،
تتمة المختصر 2 / 10، الوافي بالوفيات 1 / 122 - 124،
البداية والنهاية 12 / 136 - 137، تاريخ ابن خلدون 4 / 320
- 321، النجوم الزاهرة 5 / 130، شذرات الذهب 3 / 369 -
370.
(3) تصحفت في " العبر " إلى: التغلبي.
(4) وهو الأمير نصر الدولة أبو نصر أحمد بن مروان بن دوستل
الكردي، المتوفى سنة (453) وقد تقدمت ترجمته برقم (58).
والخبر بنحوه في " الكامل " 10 / 18، و" وفيات الأعيان " 5
/ 127، و" الفخري ": 294.
(5) انظر " الكامل " 10 / 23، و" وفيات الأعيان " 5 / 127
- 128، و" الفخري ": 294.
(18/608)
اسْتُخْلِفَ المُقتدي، فَاسْتوزَرَه
عَامَيْن، ثُمَّ عَزَلَهُ (1) ، ثُمَّ فِي سَنَةِ سِتٍّ
وَسَبْعِيْنَ اسْتدَعَاهُ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاه،
وَاسْتنَابَهُ عَلَى ديَار بكر، فَافْتَتَحَ ابْنُهُ أَبُو
القَاسِمِ آمِد بَعْد حِصَارٍ يَطول، وَافتَتَح هُوَ
مَيَّافَارقين (2) .
وَكَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً، فَاضِلاً، مَهِيْباً، مِنْ
رِجَال العَالَم، عَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ عَلَى إِمْرَة المَوْصِلِ:سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (3) .
325 - رِزْقُ اللهِ ابْنُ الإِمَامِ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ
الوَهَّابِ التَّمِيْمِيُّ *
ابْنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الحَارِثِ بنِ أَسَدِ بنِ
اللَّيْثِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ الأَسْوَدِ بنِ سُفْيَان
بنِ يَزِيْدَ بنِ أُكَيْنَةَ (4) بنِ الهَيْثَمِ بنِ
عَبْدِ اللهِ وَكَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللاَت، قِيْلَ:لَهُ
صُحْبَةٌ، وَهُوَ ابْن
__________
(1) الخبر في " الكامل " 10 / 109 - 111، و" وفيات الأعيان
" 5 / 128، وقد عزل ابن جهير من الوزارة مرتين: أولاهما في
خلافة القائم، وذلك بسبب خلاف جرى بينه وبين نظام الملك،
ثم أعاده، فمدحه الشعراء، وهنؤوه بالعودة كما في " الكامل
" 10 / 57 - 59، و" الفخري ": 294. والثانية هي التي ذكرها
المؤلف في خلافة المقتدي.
(2) انظر " الكامل " 10 / 129 و134 - 137 و143 - 144، و"
وفيات الأعيان " 5 / 128.
(3) " المنتظم " 9 / 54، و" الكامل " 1 / 182 - 183، و"
وفيات الأعيان " 5 / 131، وفيها أنه توفي سنة 483، وكذا في
بقية المصادر التي ترجمت له.
(*) الإكمال 1 / 109 و4 / 61، مناقب الامام أحمد: 525،
معجم الأدباء 11 / 136 - 138، الكامل لابن الأثير 10 /
253، معرفة القراء الكبار 1 / 356 - 357، العبر 3 / 320 -
321، تذكرة الحفاظ 4 / 1208، دول الإسلام 2 / 17، المستفاد
من ذيل تاريخ بغداد: 116 - 118، البداية والنهاية 12 /
150، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 77 - 85، غاية النهاية 1 /
284، المقصد الارشد: ورقة 111 - 112، المنهج الاحمد 2 /
164 - 171، الدر المنضد: ورقة / 55، طبقات المفسرين 1 /
171 - 172، شذرات الذهب 3 / 384، هدية العارفين 1 / 367.
(4) بضم الهمزة وفتح الكاف وبالياء والنون كما قيده ابن
ماكولا 1 / 108.
(18/609)
الهَيْثَمِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
الحَارِثِ، الشَّيْخُ الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، الوَاعِظُ،
رَئِيْسُ الحَنَابلَةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ
البَغْدَادِيُّ.
وَلد:سَنَةَ أَرْبَعِ مائَة، وقِيْلَ:سَنَة إِحْدَى (1) .
وعَرَض القُرْآن عَلَى أَبِي الحَسَنِ بنِ الحمَّامِي،
وَأَقرَأَ بِبَعْضِ السَّبْع.
وسَمِعَ مِنْ:أَبِيْهِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الْمُتَيَّم (2) ، وَأَبِي عُمَرَ بنِ
مَهْدِيٍّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَان، وَالحمامِيّ،
وَابْنِ الفَضْلِ القَطَّان، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:خلقٌ كَثِيْر، مِنْهُم:أَبُو عَامِرٍ
مُحَمَّدُ بنُ سعدُوْنَ العبدرِيّ، وَابْنُ طَاهِرٍ
المَقْدِسِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَعَبْدُ
الوَهَّاب الأَنْمَاطِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ
البَغْدَادِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ طَاوُوْس، وَمُحَمَّدُ
بنُ نَاصِر، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ السَّلاَمِ الكَاتِبُ، وَأَبُو الْكَرم المُبَارَكُ
بنُ الحَسَنِ الشَّهْرزورِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
الزغوَانِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الحَفَّار،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ
الحَرَّانِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ شَهرِيَار،
وَالفَقِيْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الرُّستمِيّ، وَأَبُو
الفَتْحِ بنُ البَطِّيّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
مُحَمَّدٍ الشيرَازِيّ الأَدَمِيّ، وَأَبُو المطهَّر
القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الصَّيْدَلاَنِيّ، وَأَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الصَّيْدَلاَنِيّ،
وَرَجَاءُ بنُ حَامِدٍ المَعْدَانِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ السّمِعَانِيّ:هُوَ فَقِيْهُ الحنَابلَة
وَإِمَامُهُم، قَرَأَ القُرْآنَ وَالفِقْهَ
__________
(1) " المنتظم " 9 / 88.
(2) تحرفت في " ذيل طبقات الحنابلة " إلى: التميم.
(18/610)
وَالحَدِيْثَ وَالأُصُوْل وَالتَّفْسِيْرَ
وَالفَرَائِضَ وَاللُّغَة العَرَبِيَّة، وَعُمِّر حَتَّى
قُصد مِنْ كُلِّ جَانب، وَكَانَ مَجْلِسُه جَمَّ
الفَوَائِد، كَانَ يَجلُسُ فِي حَلْقَةٍ لَهُ بِجَامِع
المَنْصُوْر لِلوعظ وَالفَتْوَى، وَكَانَ فَصيحَ
اللِّسَان، قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى الحمامِيّ...إِلَى أَنْ
قَالَ:
وَوَرَدَ أَصْبَهَان رَسُوْلاً فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ
سِتِّيْنَ نَفْساً مِنْ أَهْلهَا.
ثُمَّ قَالَ:أَخْبَرَنَا المَشَايِخُ السِّتُّوْنَ
بِبَغْدَادَ، وَأَخْبَرَنَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ
غَيْرهَا، وَآخَرُوْنَ قَالُوا:أَخْبَرَنَا رزقُ الله
التَّمِيْمِيّ، (ح).
وقَرَأْتُ أَنَا غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى أَحْمَدَ بنِ
إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيّ، أَخبركُم أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَابور بَشِيْرَاز فِي سَنَةِ
تِسْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَة قِرَاءةً عَلَيْهِ وَأَنَا
فِي الخَامِسَة، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
مُحَمَّدٍ الأَدَمِيّ، حَدَّثَنَا رزقُ الله بن عَبْدِ
الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ
بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مَخْلَد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ كرَامَة،
حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَد، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ
بِلاَل، عَنْ شرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم -
:(إِنَّ اللهَ قَالَ:مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً، فَقَدْ
آذَنَنِي بِالحَرْبِ...)، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (1) ، عَنِ ابْنِ كرَامَة،
فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوّ. تَفَرَّد بِهِ ابْن كرَامَة.
__________
(1) رقم (6502) في الرقاق: باب التواضع، وساق المؤلف في "
الميزان " 1 / 640 في ترجمة خالد بن مخلد بعد أن ذكر قول
أحمد فيه: له مناكير، وقول أبي حاتم: لا يحتج به، وأخرج
ابن عدي عشرة أحاديث من حديثه استنكرها منها هذا الحديث من
طريق محمد بن مخلد عن عثمان بن كرامة شيخ البخاري فيه،
وقال: هذا حديث غريب جدا لو لا هيبة الصحيح لعدوه في
منكرات خالد بن مخلد، فإن هذا المتن لم يرو إلا بهذا
الإسناد، ولا خرجه من عدا البخاري، ولا أظنه في مسند أحمد،
ونقل كلامه الحافظ في " الفتح " 11 / 341، وتعقبه بقوله:
وإطلاق أنه لم يرو بهدا المتن إلا بهذا الإسناد مردود، ومع
ذلك فشريك شيخ شيخ خالد فيه مقال أيضا وهو =
(18/611)
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَمِعْتُ أَحْمَدَ
بنَ سَعْد العِجْلِيّ يَقُوْلُ:كَانَ شَيْخُنَا أَبُو
مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيّ إِذَا رَوَى هَذَا الحَدِيْث
قَالَ :{أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لاَ تُبْصِرُوْنَ
}[الطّور:15].
قَالَ السِّلَفِيّ - فِيمَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي
مُحَمَّدٍ الدمِيَاطِيّ - :أَخْبَرْنَا ابْنُ رَوَاج،
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ قَالَ:
رزقُ الله شَيْخُ الحنَابلَة قَدِمَ أَصْبَهَان رَسُوْلاً
مِنْ قِبَل الخَلِيْفَة إِلَى السُّلْطَانِ، وَأَنَا إِذْ
ذَاكَ صَغِيْرٌ، وَشَاهَدْتُهُ يَوْمَ دُخُوْله، وَكَانَ
يَوْماً مَشْهُوْداً كَالعِيْد، بَلْ أَبلغُ فِي المزِيد،
وَأُنْزِلَ بِبَابِ الْقصر، مَحِلَّتِنَا فِي دَارِ
السُّلْطَان، وَحَضَرتُ فِي الجَامِع الجُورجيرِيّ
مَجْلِسه متفرجاً، ثُمَّ لَمَّا قصدتُ لِلسَمَاع؛قَالَ لِي
أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ معمر اللُّنبَانِيّ - وَكَانَ
مِنَ الأَثْبَاتِ - :قد اسْتَجزتُهُ لَكَ فِي جُمْلَةِ
مِنْ كَتَبتُ اسْمه صبيَاننَا.
فَكَتَبَ خَطَّه بِالإِجَازَة.
وَقَالَ أَبُو غَالِبٍ هِبَةُ اللهِ قصيدَة مِنْهَا:
بِمَقْدَمِ الشَّيْخِ رِزْقُ اللهِ قَدْ رُزِقَتْ ...
أَهْلُ اصْبَهَانَ أَسَانِيْداً عَجِيْبَاتِ
ثُمَّ قَالَ السِّلَفِيّ:وَرَوَى رزقُ الله بِالإِجَازَةِ،
عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ.
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا بنُ مَنْدَة:سَمِعْتُ أَبَا
مُحَمَّدٍ رزقَ الله الحَنْبلِيَّ بِأَصْبَهَانَ
يَقُوْلُ:أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مُجَاهِد
وَاحِداً يُقَالَ لَهُ:أَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بن
مُحَمَّدٍ الخفّاف، قَرَأْت عَلَيْهِ سُوْرَة البَقَرَة،
وَقرَأَهَا
__________
= راوي حديث المعراج الذي زاد فيه ونقص وقدم وأخر، وتفرد
فيه بأشياء لم يتابع عليها...ولكن للحديث طرق أخرى يدل
مجموعها على أن له أصلا ... ثم ذكرها، وانظر أيضا كلام
الحافظ ابن رجب على هذا الحديث في " جامع العلوم والحكم "
337 - 339.
(18/612)
عَلَى ابْنِ مُجَاهِد (1) ، وَأَدْرَكتُ
أَيْضاً أَبَا القَاسِمِ عُمَر بن تَعويذ مِنْ أَصْحَابِ
الشِّبلِيّ يَقُوْلُ:رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الشِّبلِيّ
وَقَدِ اجْتَاز عَلَى بقَّالَ يُنَادِي عَلَى البَقل:يَا
صَائِم مِنْ كُلِّ الأَلوَان.
فَلَمْ يَزَلْ يُكَرِّرُهَا وَيَبْكِي، ثُمَّ أَنشَأَ
يَقول:
خَلِيْلَيَّ إِنْ دَامَ هَمُّ النُّفُوْسِ ... عَلَى مَا
أَرَاهُ سرِيعاً قَتَلْ
فَيَا سَاقِي القَوْمِ لاَ تَنْسَنِي ... وَيَا رَبَّةَ
الخِدْرِ غَنِّي رَمَلْ
لَقَدْ كَانَ شَيءٌ يُسَمَّى السُّرُوْرُ ... قَدِيْماً
سَمِعْنَا بِهِ مَا فَعَلْ؟
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ:قَرَأْتُ عَلَى رِزق الله
التَّمِيْمِيِّ برِوَايَة قَالُوْنَ خَتْمَةً، وَكَانَ
كَبِيْرَ بَغْدَاد وَجَلِيْلَهَا، وَكَانَ يَقُوْلُ:كُلُّ
الطّوَائِف تَدَّعينِي.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:يَقبُح بكُم أَنْ تَسْتفِيدُوا
مِنَّا، ثُمَّ تذكرونَا، فَلاَ تَترحَّمُوا (2) عَلَيْنَا
- رَحِمَهُ اللهُ - .
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ:عَنْ أَحْمَدَ بنِ
طَارِقٍ سَمِعَ أَبَا الْكَرم الشَّهْرُزُورِيّ
يَقُوْلُ:سَمِعْتُ رزقَ الله بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ
يَقُوْلُ:
دَخَلتُ سَمَرْقَنْد وَكَانَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاه
بِهَا، فَرَأَيْتُ أَهْلهَا يَروَون(النَّاسخ
وَالمَنْسُوْخ)لهِبَةِ اللهِ المُفسّرِ جَدِّيّ، بوَاسطَةِ
خَمْس رِجَالٍ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُم:الكِتَابُ مَعِي
وَمُصَنِّفُهُ جَدِّي لأُمِّي، وَقَدْ سمِعتُه مِنْهُ،
وَلَكِن مَا أُسَمِّع كُلَّ وَاحِد إِلاَّ بِمائَةِ
دِيْنَارٍ.
فَمَا كَانَ الظّهر حَتَّى جَاءتَنِي خَمْسُ مائَة
دِيْنَارٍ، فَسمِعُوْهُ، فَلَمَّا رَجَعتُ؛دَخَلتُ
أَصْبَهَان، وَأَمليتُ بِهَا (3) .
__________
(1) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 77 - 78، و" معرفة
القراء الكبار " 1 / 356، و" طبقات المفسرين " 1 / 172، و"
غاية النهاية " 1 / 284.
(2) في الأصل: فلا تترحمون.
(3) الخبر في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 80.
(18/613)
قَالَ السِّلَفِيّ:سَأَلتُ المُؤتَمن عَنْ
رزق الله، فَقَالَ:هُوَ الإِمَام عِلْماً وَنَفْساً
وَأُبُوَّةً، وَمَا يُذكر عَنْهُ، فَتَحَامُلٌ مِنْ
أَعدَائِهِ (1) .
وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ العَبْدَرِيّ:كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ
ظرِيفاً لطيفاً، كَثِيْرَ الحِكَايَات وَالمُلَح، مَا
أَعْلَم مِنْهُ إِلاَّ خَيراً (2) .
وَقَالَ ابْنُ نَاصِرٍ:مَا رَأَيْتُ شَيْخاً ابْنَ سَبْعٍ
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً أَحْسَنَ سَمتاً وَهدَايَةً
وَاسْتقَامَةَ قَامَةٍ مِنْهُ، وَلاَ أَحْسَنَ كَلاَماً،
وَلاَ أَظرفَ وَعْظاً، وَأَسرعَ جَوَاباً مِنْهُ (3) ،
فَلَقَدْ كَانَ جمَالاً لِلإِسْلاَم - كمَا لُقِّب -
وفخراً لأَهْل العِرَاق خَاصَّةً، وَلجمِيْع البِلاَد
عَامَّةً، مَا رَأَينَا مِثْلَه، وَكَانَ مقدّماً وَهُوَ
ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَكَيْفَ اليَوْم؟وَكَانَ ذَا
قدرٍ رفِيعٍ عِنْد الخُلَفَاء.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي سَعْدٍ شَيْخ
الشُّيُوْخ:كَانَ رِزقُ الله إِذَا قرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ
الخَاضبَة هَذَا الحَدِيْث - يعنِي حَدِيْث:(مَنْ عَادَى
لِي وَلِيّاً) - أَخَذَ خَدَّه وَقَرَصَه، وَقَالَ:يَا
أَبَا بَكْرٍ يَنْبُتُ تَحْتَ حُبِّكُم مِنْ ذَا شَيْءٌ.
أُنْبِئتُ عَنِ ابْنِ الأَخضر، أَخْبَرَنَا الزاغونِيّ،
أَنشدنَا رزقُ الله لِنَفْسه:
لاَ تَسْأَلاَنِي عَنِ الحيِّ الَّذِي بَانَا ...
فَإِنَّنِي كُنْتُ يَوْمَ البَيْنِ سَكْرَانَا
يَا صَاحِبيَّ عَلَى وَجْدِي بِنَعْمَانَا ... هَلْ
رَاجِعٌ وَصْلُ لَيْلَى كَالَّذِي كَانَا
مَا ضَرَّهُمْ لَوْ أَقَامُوا يَوْمَ بَيْنَهمُ ...
بِقَدْرِ مَا يَلْبَسُ المَحْزُوْنُ أَكْفَانَا (4)
__________
(1) الخبر في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 117 - 118،
و" ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 79.
(2) الخبر في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 79.
(3) الخبر إلى هنا في " المستفاد ": 118، وبتمامه في " ذيل
طبقات الحنابلة " 1 / 79.
(4) الابيات في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 117، و"
ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 82.
(18/614)
وَقَالَ هِبَةُ اللهِ بن طَاوُوْس:أَنشدنَا
رزق الله لِنَفْسِهِ (1) :
وَمَا شَنْآنُ (2) الشَّيْبِ مِنْ أَجْلِ لَوْنِهِ ...
وَلَكِنَّهُ حَادٍ إِلَى البَيْنِ مُسْرِعُ
إِذَا مَا بَدَتْ مِنْهُ الطَّلِيْعَةُ آذَنَتْ ...
بِأَنَّ المنَايَا خَلْفَهَا تَتَطَلَّعُ
فَإِنْ قَصَّهَا المِقْرَاضُ صَاحَتْ بِأُخْتهَا ...
فَتَظْهَرُ تَتْلُوْهَا ثَلاَثٌ وَأَرْبَعُ
وَإِنْ خُضِبَتْ حَالَ الخِضَابُ لأَنَّهُ ... يُغَالِبُ
صِبْغَ اللهِ وَاللهُ أَصْبَغُ (3)
إِذَا مَا بَلَغَتَ الأَرْبَعِيْنَ فَقُلْ لِمَنْ ...
يَوَدُّكَ فِيمَا تَشْتَهِيْهِ وَيُسْرِعُ (4)
هَلِمُّوا لِنَبْكِي قَبْلَ فِرْقَةِ بَيْنِنَا ... فَمَا
بَعْدَهَا عَيْشٌ لَذِيْذٌ (5) وَمَجْمَعُ
وَخَلِّ التَّصَابِي وَالخَلاعَةَ وَالهَوَى ... وَأُمَّ
طَرِيْق الخَيْرِ فَالخَيْرُ أَنْفَعُ
وَخُذْ جُنَّةً تُنْجِي وَزَاداً مِنَ التُّقَى ...
وَصُحْبَةَ مَأْمُوْنٍ (6) فَقَصْدُكَ مُفْزِعُ
قَالَ ابْنُ نَاصِرٍ:تُوُفِّيَ شَيخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
التَّمِيْمِيّ:فِي نِصْفِ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة
ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَدُفِنَ فِي
دَارِهِ بِبَابِ المَرَاتِب، ثُمَّ نُقِلَ فَدُفِنَ فِي
سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ إِلَى جَانب قَبْر الإِمَام
أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ (7) .
وَمَاتَ مَعَهُ:أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ المُحَدِّث
(8) ، وَأَمِيْرُ الجُيُوْش بدرٌ (9) ، بِمِصْرَ
وَالسُّلْطَان تَاجُ الدَّوْلَة تُتش السَّلْجُوْقِيّ (10)
، وَشَيْخُ المُعْتَزِلَةِ
__________
(1) الابيات في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 80 - 81.
(2) في الأصل: شنأني، وهو خطأ.
(3) في " ذيل طبقات الحنابلة ": وفي " معرفة القراء الكبار
" للمصنف: يغالب صنع الله والله أصنع.
وهو الموافق للقافية.
(4) تصحف في " ذيل طبقات الحنابلة " إلى: تسرع.
(5) في الأصل: لزيد، وهو خطأ.
(6) في الأصل: " مأموم " والمثبت من " ذيل طبقات الحنابلة
".
(7) الخبر في " المنتظم " 9 / 89، و" مناقب الامام أحمد بن
حنبل ": 525.
(8) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (60).
(9) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (45).
(10) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (46).
(18/615)
أَبُو يُوْسُفَ القَزْوِيْنِيّ (1) ،
وَالفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي حَرْب أَبُو القَاسِمِ
الجُرْجَانِيّ (2) ، وَالوَزِيْر ظهير الدِّيْنِ أَبُو
شُجَاعٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الرُّوْذْرَاوَرِيّ (3)
، وَالمُعتمدُ بنُ عَبَّادٍ صَاحِب الأَنْدَلُس (4) فِي
السجْن، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَغَوِيّ الدَّبَّاس
(5) ، وَقَاضِي بَغْدَاد أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
المُظَفَّر الشَّامِيّ (6) ، وَالحُمَيْدِيُّ المحدّث (7)
، وَنجيبُ بنُ مَيْمُوْنٍ الوَاسِطِيّ (8) بهَرَاة.
326 - أَبُو يُوْسُفَ القَزْوِيْنِيُّ عَبْدُ السَّلاَمِ
بنُ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، البَارِعُ، شَيْخُ
المُعْتَزِلَةِ وَفَاضِلهُم، أَبُو يُوْسُفَ عَبْدُ
السَّلاَمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ بُنْدَارٍ
القَزْوِيْنِيُّ المُفَسِّرُ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ:أَبَا عُمَر بن مَهْدِيٍّ، وَالقَاضِي عَبْدَ
الجَبَّارِ بن أَحْمَدَ، وَأخذ عَنْهُ
__________
(1) سترد ترجمته عقب هذه الترجمة مباشرة.
(2) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (26).
(3) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (17).
(4) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (35).
(5) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (1).
(6) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (47).
(7) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (63).
(8) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (23).
(*) تاريخ ابن عساكر 10 / 163 / 2، المنتظم 9 / 89 - 90،
التدوين في تاريخ قزوين: 224 ب - 245 ب، الكامل 10 / 253،
دول الإسلام 2 / 17، العبر 3 / 321، تذكرة الحفاظ 4 /
1208، عيون التواريخ 13 / الورقة 5 - 6، مرآة الجنان 3 /
147، طبقات السبكي 5 / 121 - 122، البداية والنهاية 12 /
150، الجواهر المضية 2 / 421 - 422، لسان الميزان 4 / 11 -
12، النجوم الزاهرة 5 / 156، طبقات المفسرين للسيوطي: 67 -
68، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 301 - 302، الطبقات
السنية رقم 1243، كشف الظنون 1 / 634، شذرات الذهب 3 /
385، هدية العارفين 1 / 569.
(18/616)
الاعتزَال، وَسَمِعَ بهَمَذَان مِنْ أَبِي
طَاهِر بن سَلَمَةَ، وَبِأَصْبَهَانَ عنْ أَبِي نُعَيْمٍ،
وَبِحَرَّانَ عَنْ أَبِي القَاسِمِ الزَّيديّ، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ،
وَأَبُو غَالِبٍ بنُ البنّاء، وَهِبَةُ اللهِ بن طَاوُوْس،
وَمَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّحَبِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ الحَافِظ، وَأَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ
البَغْدَادِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ أَحَدَ الفُضَلاَء
المُقَدَّمِين، جمع(التَّفْسِيْر)الكَبِيْر الَّذِي لَمْ
يُرَ فِي التَّفَاسير أَكْبَر مِنْهُ، وَلاَ أَجْمَع
لِلفَوَائِد، لَوْلاَ أَنَّهُ مَزجه بِالاعتزَال، وَبثَّ
فِيْهِ مُعتَقده، وَلَمْ يَتَّبع نَهج السَّلَف، أَقَامَ
بِمِصْرَ سِنِيْنَ، وَحصَّل أَحمَالاً مِنَ الكُتُب،
وَحملَهَا إِلَى بَغْدَادَ، وَكَانَ دَاعِيَةً إِلَى
الاعتزَال (1) .
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِر:سَكَنَ طرَابُلُس مُدَّة.
سَمِعْتُ الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ البَلْخِيّ
يَقُوْلُ:إِنَّ أَبَا يُوْسُف صَنَّف(التَّفْسِيْر)فِي
ثَلاَثِ مائَة مُجَلَّدٍ وَنَيِّفٍ (2) .
وقَالَ:مَنْ قرَأَه عَلِيَّ وَهَبْتُ لَهُ النُّسْخَة.
فَلَمْ يَقرَأْه أَحَد.
وَقَالَ هِبَةُ اللهِ بن طَاوُوْس:دَخَلْتُ عَلَيْهِ
وَقَدْ زَمِنَ، فَقَالَ:مَنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قُلْتُ:مَنْ دِمَشْق.
قَالَ:بَلَدِ النَّصْب (3) .
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر:قِيْلَ:سَأَله ابْن البَرَّاج شَيْخُ
الرَّافِضَّة بِطَرَابُلس:
__________
(1) انظر " المنتظم " 9 / 89 - 90، و" لسان الميزان " 4 /
11، و" طبقات المفسرين " للداوودي 1 / 301.
(2) وسيورد المؤلف نقلا آخر أنه فسر في سبع مئة مجلد.
(3) الناصبة: هم الذين يبغضون عليا رضي الله عنه.
(18/617)
مَا تَقُوْلُ فِي الشَّيخين؟
قَالَ:سِفلتَان.
قَالَ:مَنْ تَعْنِي؟
قَالَ:أَنَا وَأَنْت (1) .
ابْنُ عَقِيْل فِي(فُنونه)قَالَ:قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ
مِصْرَ القَاضِي أَبُو يُوْسُفَ القَزْوِيْنِيّ، وَكَانَ
يَفتخر بِالاعتزَال، وَيَتوسَّعُ فِي قدح العُلَمَاء،
وَلَهُ جُرْأَةٌ، وَكَانَ إِذَا قصد بَاب نَظَام
الْملك؛يَقُوْلُ:استَأْذنُوا لأَبِي يُوْسُفَ
المُعْتَزِلِي.
وَكَانَ طَوِيْلَ اللِّسَان بِعِلْمٍ تَارَةً، وَبِسَفَهٍ
تَارَةً، لَمْ يَكُنْ مُحققاً إِلاَّ فِي التَّفْسِيْر،
فَانَّه لَهِجَ بِذَلِكَ حَتَّى جمع كِتَاباً بلغَ خَمْسَ
مائَةِ مُجلَّد، فِيْهِ العَجَائِب، رَأَيْتُ مِنْهُ
مُجلَّدَةً فِي آيَة وَاحِدَة، وَهِيَ :{واتَّبَعُوا مَا
تَتْلُو الشَّيَاطِينُ }[البَقَرَةُ:102]فَذَكَرَ
السِّحْرَ وَالمُلُوْك الَّذِيْنَ نَفق عَلَيْهِم
السِّحرُ، وَتَأْثيرَاته وَأَنْوَاعه (2) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ:مَلك مِنَ الكُتُب
مَا لَمْ يَملِكه أَحَدٌ، قِيْلَ:ابْتَاعهَا مِنْ مِصْرَ
بِالخُبز وَقت القَحط، وحَدَّثَنِي عَبْدُ المُحْسِنِ بنُ
مُحَمَّدٍ أَنَّهُ ابْتَاعهَا بِالأَثَمَان الغَاليَة.
كَانَ يَبتَاع مِنْ كُتُب السِّيرَافِيّ، وَكَانَتْ
أَزِيدَ مِنْ أَرْبَعِيْنَ أَلف مُجلَّد، فَكَانَ أَبُو
يُوْسُفَ يَشْتَرِي فِي كُلِّ أُسْبُوْع بِمائَةِ
دِيْنَارٍ، وَيَقُوْلُ:قَدْ بِعتُ رحلِي وَمَا فِي
بَيْتِي.
وَكَانَ الرُّؤَسَاء يَصِلُونَهُ، وَقِيْلَ:قَدِمَ
بَغْدَادَ بِعَشْرَةِ أَحمَالِ كُتب، وَأَكْثَرُهَا
بخُطُوط مَنْسُوْبَة.
وَعَنْهُ قَالَ:مَلكتُ سِتِّيْنَ تَفسيراً.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ المَلِكِ:وَأَهدَى لِلنِّظَامِ(غَرِيْب
الحَدِيْث)لإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيّ فِي عَشْرِ
مُجَلَّدَات، و(شعر الكُمَيْت)فِي ثَلاَث عشر مجلدَة،
__________
(1) انظر " لسان الميزان " 4 / 12.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 90، و" لسان الميزان " 4 / 11،
و" طبقات " الداوودي 1 / 302.
(18/618)
و(عَهْدَ)القَاضِي عَبْد الجَبَّارِ بخطّ
الصَّاحب إِسْمَاعِيْل بن عَبَّادٍ، كُلّ سطر فِي وَرقَة،
وَلَهُ غلاَف آبنُوس فِي غلظ الأُسْطُوَانَة، وَأَهدَى
لَهُ مُصحفاً بخطٍّ مَنْسُوْب بَيْنَ سُطُوره القِرَاءات
بِأَحْمَر، وَاللُّغَةُ بِأَخضر، وَالإِعرَابُ بِأَزرق،
وَهُوَ مُذَهَّب، فَأَعْطَاهُ النّظَامُ ثَلاَثَ مائَةِ
دِيْنَارٍ، وَمَا أَنْصَفَه، لَكنَّه اعْتذر، وَقَالَ:مَا
عِنْدِي مَالٌ حَلاَلٌ سِوَاهَا (1) .
قَالَ المُؤتَمَن:تركتُه لِمَا كَانَ يَتظَاهِر بِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ:وَكَانَ فَصِيْحاً،
حُلوَ الإِشَارَة، يَحفظ غَرَائِب الحِكَايَات
وَالأَخْبَار، زِيديَّ المَذْهَب، فَسَّر فِي سَبْع مائَة
مُجَلَّدٍ كِبَارِ (2) .
قيل:دخل الغزَالِيُّ إِلَيْهِ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ،
فَقَالَ:مَنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ:مِنَ المدرسَة بِبَغْدَادَ.
قَالَ الغزَالِيّ:لَوْ قُلْتُ:إِنِّيْ مِنْ طُوْس، لذكر
تَغفِيل أَهْلِ طُوْس، مِنْ أَنَّهم سَأَلُوا المَأْمُوْن،
وَتوسَّلُوا إِلَيْهِ بقبرِ أَبِيْهِ عِنْدَهُم،
وَطَلَبُوا أَنْ يُحَوِّلَ الكَعْبَة إِلَى بلدهمْ.
وَأَنَّهُ جَاءَ عَنْ بَعْضِهم أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ نَجمه،
فَقَال:بالتَّيس.
فَقِيْلَ لَهُ، فَقَالَ:كَانَ مِنْ سَنتين بِالجدي،
وَالسَّاعَةَ قَدْ كَبِرَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة:أَبُو يُوْسُفَ كَانَ
مُعْتَزِليّاً دَاعِيَةً يَقُوْلُ:لَمْ يَبْقَ مَنْ
يَنْصُر هَذَا المَذْهَب غَيْرِي، وَكَانَ قَدْ أَسنّ،
وَكَادَ أَنْ يَخفَى فِي مَجْلِسِهِ، وَلَهُ لِسَانُ
شَابٍّ (3) . ذكر لِي أَنَّ(تَفْسِيْره)ثَلاَثُ مائَةِ
مُجلَّد،
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 121 - 122، و" لسان الميزان
" 4 / 11 - 12.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 90، و" البداية " 12 / 150، و"
النجوم الزاهرة " 5 / 156، و" طبقات " السبكي 5 / 121.
(3) انظر " لسان الميزان " 4 / 12.
(18/619)
مِنْهَا سَبْعَةٌ فِي سُوْرَة الفَاتِحَة.
وَكَانَ عِنْدَهُ جُزء مِنْ حَدِيْثِ أَبِي حَاتِمٍ
الرَّازِيِّ، عَنِ الأَنْصَارِيّ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ
بَعْضَه، عَنِ القَاضِي عَبْدِ الجَبَّارِ، عَنْ رَجُلٍ
عَنْهُ، قرَأْتُهُ لولَدَيْ شَيْخِنَا ابْن سِوَار
المُقْرِئ، وَقَرَأْتُ لَهُمَا جزءاً مِنْ حَدِيْثِ
المَحَامِلِيّ، وَسَمِعَهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَة وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِيْنَ أَوْ
نَحْوهَا.
وَكَانَ لاَ يُسَالِم أَحَداً مِنَ السَّلَف، وَيَقُوْلُ
لَنَا:اخْرجُوا تَدْخُلِ المَلاَئِكَة (1) .
وَقِيْلَ:وُلِدَ سَنَةَ(393).
وَقَالَ ابْنُ نَاصِرٍ:مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة
ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ (2) وَأَرْبَعِ مائَة.
بعُوْنَ الله وَتوفِيقه تَمَّ الْجُزْء الثَّامن عشر
مِنْ(سير أَعْلاَم النُّبَلاَء)وَيتلُوْهُ الْجُزْء
التَّاسع عشر، وَأَوَّلُه:تَرْجَمَة الدَّبَّاس مُحَمَّد
بن عَلِيٍّ البغويّ.
__________
(1) انظر " لسان الميزان " 4 / 12.
(2) في " طبقات المفسرين " للداوودي 1 / 302 أنه توفي سنة
(483) وهو خطأ.
(18/620)
وَجَاءَ فِي آخِرِ الأَصْلِ مَا نَصُّهُ:
تمّ الجُزءُ الحَادِي عَشَرَ بِحَمْدِ الله تَعَالى
وَعَوْنِهِ وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ.
وَصَلَّى الله عَلَى سيِّدنَا مُحَمَّد وَآله وَصحبِه،
وَسلَّمَ تَسلِيماً كَثِيْراً، وَكَانَ الفرَاغُ مِنْهُ
لَيْلَةَ الاثْنَيْن، لِثِنْتَي عَشْرةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ
مِنْ شَهرِ ذِي الحِجَةِ، سَنةَ 741.
وَهِي أوَّلُ نُسخةٍ نُسختْ مِن خَطِّ المُصنِّفِ،
وَيَتلُوه فِي الَّذي يَلِيهِ - إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالى
- :مُحَمَّد بن عَلِيٍّ البغويّ الدَّبَّاس.
(18/621)
الجُزءُ التَّاسِعَ عَشَرَ
1 - الدَّبَّاسُ أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
أَبِي صَالِحٍ *
الشَّيْخُ، الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو
سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي صَالِحٍ
البَغَوِيُّ، الدَّبَّاسُ.
آخِرُ مَنْ رَوَى(جَامِعَ التِّرْمِذِيِّ)عَالِياً عَنْ
عَبْدِ الجَبَّارِ الجَرَّاحِيِّ (1) .
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ:مَسْعُوْدِ بنِ مُحَمَّدٍ
البَغَوِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الإِسْتِرَابَاذِيِّ
(2) .
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُهُ عُثْمَانُ، وَأَبُو الفَتْحِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشِّيرَازِيُّ، وَأَحْمَدُ
بنُ يَاسِرٍ المُقْرِئُ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الحَمْدُوْيِيُّ (3) ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
__________
(*) الأنساب: 2 / 256، 257، العبر: 3 / 322، عيون التواريخ
13 / 51.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر، رقم الترجمة (154).
(2) ضبطه السمعاني في " الأنساب " 1 / 214 بكسر الهمزة
والتاء وسكون السين، وتابعه على ذلك ابن الأثير في "
اللباب "، وانفرد ياقوت في " معجمه " 1 / 174، فضبطه بفتح
الهمزة والتاء وقال: أستراباذ: بلدة كبيرة مشهورة أخرجت
خلقا من أهل العلم في كل فن وهي من أعمال طبرستان.
(3) بفتح الحاء وسكون الميم وضم الدال: نسبة إلى حمدويه:
اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
(19/5)
وَعَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً،
وَكَانَ مِنَ الفُقَهَاءِ.
مَاتَ:بِبَغْشُوْرَ (1) ، فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة
ثَمَانٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَآخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ:عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مُحَمَّدٍ المَسْعُوْدِيُّ.
2 - التِّرْيَاقِيُّ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الأَدِيْب، المُعَمَّر، الثِّقَةُ،
أَبُو نَصْرٍ عَبْد العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ
بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ ثُمَامَة الهَرَوِيُّ،
التِّرْيَاقِيُّ.
وَتِريَاق:قَرْيَة مِنْ عَمَلِ هَرَاة (2) .
سَمِعَ(جَامِع أَبِي عِيْسَى) - سِوَى الجُزْءِ الأَخِيْرِ
مِنْهُ، أَوَّله:مَنَاقِبُ ابْنِ عَبَّاسٍ - مِنَ
الجَرَّاحِيّ.
سَمِعَهُ مِنْهُ المُؤتَمَنُ السَّاجِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ
عَبْدُ الْملك الكَرُوخِي (3) .
وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنِ:القَاضِي أَبِي مَنْصُوْرٍ
الأَزْدِيِّ، وَالحَافِظ أَبِي الفَضْلِ الجَارُوْديِّ.
__________
(1) هي بليدة بين هراة ومرو الروذ من بلاد خراسان، والنسبة
إليها بغوي على غير
قياس، انظر " الأنساب " 2 / 254، و" معجم البلدان " 1 /
467، و" شرح السنة " 1 / 20، وقد تحرفت في " الشذرات " إلى
بشفور.
(*) الأنساب المتفقة: 33، الأنساب: 3 / 50، معجم البلدان:
2 / 28، العبر: 3 / 302، 303، اللباب: 1 / 214، شذرات
الذهب: 3 / 368.
(2) هراة: مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان،
افتتحها الاحنف بن قيس في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن
عفان رضي الله عنه، قال ياقوت: لم أر بخراسان عند كوني بها
في سنة (607 ه) مدينة أجل ولا أعظم ولا أفخم ولا أحسن ولا
أكثر أهلا منها، فيها بساتين كثيرة، ومياه غزيرة، وخيرات
كثيرة محشورة بالعلماء، ومملوءة بأهل الفضل والثراء، وقد
غزاها الكفار التتار سنة (618 ه) فخربوها حتى أدخلوها في
خبر كان...(3) ستأتي ترجمته في الجزء العشرين برقم (183).
(19/6)
وَعُمِّر أَرْبَعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ:فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
3 - الغُورَجِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الصَّمدِ بنِ أَبِي الفَضْلِ *
الشَّيْخُ الثِّقَة، الجَلِيْلُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بنُ عَبْدِ الصَّمد بن أَبِي الفَضْلِ الغُورَجِيُّ (1) ،
الهَرَوِيُّ، التَّاجِرُ، رَاوِي(جَامِع أَبِي عِيْسَى
التِّرْمِذِيّ)عَنْ عَبْد الجَبَّارِ الجَرَّاحِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:المُؤْتَمَن السَّاجِيّ (2) ، وَأَبُو
الفَتْحِ الكَرُوْخِي، وَغَيْرهُمَا.
وَثَّقَهُ:المُحَدِّثُ الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ الكُتُبِيّ.
تُوُفِّيَ:فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ إِحْدَى
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، بِهَرَاةَ، وَهُوَ فِي
عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
4 - الصَّاعِدِيُّ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ صَاعِدٍ **
قَاضِي القُضَاة، رَئِيْسُ نَيْسَابُوْر، أَبُو نَصْرٍ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدِ
__________
(*) تقييد المهمل: الورقة / 24 أ، المنتظم: 9 / 44، معجم
البلدان 4 / 216، اللباب: 2 / 393، الكامل في التاريخ: 10
/ 168، العبر: 3 / 297، شذرات الذهب: 3 / 365.
(1) بضم الغين، وسكون الواو، وفتح الراء: نسبة إلى غورة،
وبعضهم يقول: غورج: قرية من قرى هراة.
انظر اللباب: 2 / 393، ومعجم البلدان: 4 / 216.
(2) هو الحافظ الحجة محدث بغداد، أبو نصر المؤتمن بن أحمد
بن علي بن الحسين الديرعاقولي ثم البغدادي المتوفى سنة 445
ه، وسيترجمه المؤلف في هذا الجزء برقم (195).
(* *) المنتظم: 9 / 49 - 50، الكامل في التاريخ: 10 / 180،
العبر: 3 / 299، مرآة الجنان: 3 / 133، الجواهر المضية: 1
/ 279 - 281، النجوم الزاهرة: 5 / 129، =
(19/7)
بن مُحَمَّدٍ الصَّاعديُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ عَشر.
وَسَمِعَ مِنْ:جدّه أَبِي العَلاَءِ صَاعِد، وَأَبِي
بَكْرٍ الحِيْرِيّ، وَأَبِي سَعْدٍ الصَّيْرَفِيّ،
وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ:زَاهِرٌ وَوَجِيهٌ ابْنَا الشَّحَّامِي، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ الفُرَاوِي (1) ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ
زَاهِر، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيّ:تَعصَّب بِأَخَرَةٍ فِي
المَذْهَب حَتَّى أَدَّى إِلَى إِيحَاشِ العُلَمَاء،
وَإِغرَاءِ الطّوَائِف، حَتَّى لُعِنُوا عَلَى
المَنَابِرِ، حَتَّى أَبْطَلَهُ نِظَامُ الْملك (2) .
أَملَى مَجَالِسَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ:شَيْخُ
الإِسْلاَمِ.
تُوُفِّيَ:فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
5 - الثَّقَفِيُّ القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْدٍ *
الشَّيْخُ، العَالِم، المُعَمَّر، مُسْنِدُ الوَقْتِ،
رَئِيْسُ أَصْبَهَان وَمعتَمَدُهَا، أَبُو
__________
= كتائب أعلام الاخيار: رقم (282)، الطبقات السنية: رقم
(324)، شذرات الذهب: 1089، الفوائد البهية: 34 - 35.
(1) بضم الفاء وفتح الراء كما في " الأنساب "، وضبط ياقوت
الفاء بالفتح: نسبة إلى فراوة: بليدة على الثغر مما يلي
خوارزم، يقال لها: رباط فراوة، بناها أمير خراسان عبد الله
ابن طاهر في خلافة المأمون.
(2) الوزير الكبير أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي،
منشئ المدرسة النظامية في بغداد، وسترد ترجمته برقم (53)
من هذا الجزء.
(*) السياق: الورقة / 76 ب، التقييد: الورقة / 192 ب - 193
أ، دول الإسلام: 2 / 18، العبر: 3 / 325، وذكره الذهبي في
تذكرة الحفاظ 4 / 1227، والاعلام لابن قاضي شهبة حوادث /
489، كشف الظنون: 55 و522، شذرات الذهب: 3 / 393، الرسالة
المستطرفة: 77، تاريخ الأدب العربي: 6 / 178.
(19/8)
عَبْد اللهِ القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْد الثَّقَفِيّ،
الأَصْبَهَانِيّ، صَاحِبُ(الأَرْبَعِيْنَ)وَ(الفَوَائِد
العَشْرَة (1)).
وُلِدَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة،
وَرحَّلَه أَبُوْهُ فِي صِبَاهُ إِلَى خُرَاسَانَ،
وَالعِرَاق، وَالحِجَاز، وَلقِي الكِبَار.
سَمِعَ:أَبَا طَاهِر مُحَمَّد بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمِش،
وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، وَأَبَا
زَكَرِيَّا المُزكِّي، وَعبدَ الرَّحْمَن بن بَالُوْيَه،
وَعَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَان، وَالقَاضِي أَبَا
بَكْرٍ الحِيْرِيّ، وَمُحَمَّد بن مُوْسَى الصَّيْرَفِيّ،
وَأَبَا عَمْرٍو مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الرَّزْجَاهِي
(2) ، وَعَلِيَّ بن مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ، وَأَبَا حَازِمٍ
العَبْدَوِي، وَعبدَ الرَّحْمَن بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
بنِ حَبِيْبٍ، وَطَائِفَة بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبَا
الفَرَجِ عُثْمَانَ بنَ أَحْمَدَ البُرْجِي، وَعَبْدَ
اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ جُوْلَة، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ
بنَ مَرْدَوَيْه، وَعَلِيَّ بنَ مَاشَاذَه الفَرَضِيّ،
وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيّ، وَعِدَّةً
بِبَلَدِهِ، وَهِلاَلَ بن مُحَمَّدٍ الحَفَّار، وَأَبَا
الحُسَيْنِ بن بِشْرَان، وَابْنَ يَعْقُوْبَ الإِيَادِيّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ القَطَّان،
وَأَبَا عَبْدِ اللهِ الغَضَائِرِي، وَعِدَّةً
بِبَغْدَادَ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ نَظيف المِصْرِيّ
بِمَكَّةَ.
وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَتَفَرَّد فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ
صدراً مُعَظَّماً.
__________
(1) وهي المعروفة ب " الاجزاء الثقفيات " وتدعى أيضا ب "
الفوائد العوالي ".
(2) بفتح الراء وسكون الزاي وفتح الجيم: نسبة إلى رزجاه:
قرية من قرى بسطام، وأبو عمرو هذا كان من أهل الفضل
والعلم، أسمع الاسماعيلي، وابن عدي، وأبا أحمد الحاكم،
وروى عنه الامام البيهقي، وغير واحد، أقام بنيسابور مدة،
وحدث بها بالكتب، وقرأ الأدب عليه بها جماعة إلى سنة خمس
وأربع مئة، ورجع إلى وطنه بسطام، وتوفي بها سنة 427 ه،
تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر رقم (326).
(19/9)
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ طَاهِر،
وَإِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الغَازِي،
وَأَبُو سَعْدٍ البَغْدَادِيّ، وَأَبُو المُطهَّر
الصَّيْدَلاَنِيّ قَاسمٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ الصَّيْدَلاَنِيّ، وَأَبُو رشيد مُحَمَّد بن
عَلِيِّ بنِ البَاغْبَان (1) ، وَالحَسَنُ بن العَبَّاسِ
الرُّسْتُمِي (2) ، وَحَفِيْدُهُ مَسْعُوْدُ بن الحَسَنِ
الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو رُشَيْد عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ
الأَصْبَهَانِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ ذَا رَأْي وَكفَايَة
وَشَهَامَة، وَكَانَ أَسندَ أَهْل عصره، وَأَكْثَرهُم
ثروَةً وَنِعْمَةً وَبِضَاعَةً وَنقداً، وَكَانَ مُنفقاً،
كَثِيْرَ الصَّدَقَةِ، دَائِمَ الإِحسَان إِلَى
الطَّارِئِين وَالمُقيَمِيْن وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَإِلَى
العَلَوِيَّة خُصوصاً، كَثِيْرَ البذلِ لَهُم، عُزِلَ فِي
آخِرِ عُمُرِهِ عَنْ رِئَاسَة الْبَلَد، وَصُودِر، فَوزن
مائَةَ أَلْفِ دِيْنَار حمر لَمْ يَبِعْ لَهَا مِلْكاً،
وَلاَ أَظهر انكسَاراً.
وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الدُّنْيَا، عُمِّر، وَرَحَلَتْ
إِلَيْهِ الطلبَةُ مِنَ الأَمصَار، وَكَانَ صَحِيْحَ
السَّمَاعِ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَمِيْلُ إِلَى
التَّشَيُّع عَلَى مَا سَمِعْتُ جَمَاعَةَ أَهْلِ
أَصْبَهَان.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنده:لَمْ يُحَدِّث فِي وَقت أَبِي
عَبْدِ اللهِ الرَّئِيْس أَوثقُ مِنْهُ فِي الحَدِيْثِ،
وَأَكْثَرُ سَمَاعاً، وَأَعْلَى إِسْنَاداً، كَانَ فِيْمَا
قِيْلَ:يَمِيْل إِلَى الرَّفض، سَمِعَ(تَارِيخ يَعْقُوْب
الفَسَوِيّ)مِنِ ابْنِ الفَضْل القَطَّان،
وَسَمِعَ(تَارِيخ يَحْيَى بن مَعِيْنٍ)مِنْ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ.
قَالَ السِّلَفِيّ:كَانَ الرَّئِيْس الثَّقَفِيّ
عَظِيْماً، كَبِيْراً فِي أَعْيُنِ النَّاس، عَلَى
مَجْلِسه هَيبَةٌ وَوَقَار، وَكَانَ لَهُ ثَروَةٌ
وَأَملاَكٌ كَثِيْرَة.
__________
(1) هذه النسبة إلى حفظ الباغ - وهو البستان، انظر الأنساب
2 / 44.
(2) بضم الراء وسكون السين وفتح التاء، نسبة إلى رستم بعض
أجداد المنتسب، انظر الأنساب 6 / 115.
(19/10)
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ مَحْمُوْدَ
السِّيرَة فِي وِلاَيته، مُشفقاً عَلَى الرَّعيَّة،
سَمِعْتُ أَنَّ السُّلْطَان مَلِكشَاهُ أَرَادَ أَنْ
يَأْخذ مِنَ الرَّعيَّة مَالاً بِأَصْبَهَانَ، فَقَالَ
الرَّئِيْس:أَنَا أُعْطِي النِّصْف، وَيُعْطِي الوَزِيْر -
يَعْنِي:نِظَامَ الْملك - وَأَبُو سَعْدٍ المُسْتوفِي
النِّصْفَ.
فَمَا قَامَ حَتَّى وَزن مَا قَالَ، فَظنِّي أَنَّ المَال
كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مائَة أَلْفِ دِيْنَارٍ أَحْمَر.
وَكَانَ يَبَرُّ المُحَدِّثِيْنَ بِمَالٍ كَثِيْر؛رحلُوا
إِلَيْهِ مِنَ الأَقطَار.
مَاتَ الرَّئِيْس:فِي رَجَب، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَة.
6 - التَّفْلِيْسِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، المُقْرِئُ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّرِيِّ
ابْن بَنُّوْنَ (1) التَّفْليسِيُّ، ثُمَّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
مَوْلِدُهُ:فِي رَجَب، سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ بن بامُويَه،
وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَحَمْزَة
المُهَلَّبِيّ، وَأَبِي صَادِق الصَّيْدَلاَنِيّ، وَعِدَّة
مِنْ أَصْحَابِ الأَصَمّ، وَأَملَى مُدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبدُ الغَافِر بن إِسْمَاعِيْلَ -
وَأَثْنَى عَلَيْهِ - وَإِسْمَاعِيْلُ بن المُؤَذِّن،
وَوجيه الشَّحَّامِي.
__________
(*) الأنساب: 3 / 65 - 66، العبر: 3 / 303، النجوم
الزاهرة: 5 / 131، شذرات الذهب: 3 / 393.
(1) تصحفت في " الأنساب " 3 / 65 إلى " بتون " بالتاء
المثناة، والتفليسي: بفتح التاء وتكسر نسبة إلى تفليس، وهي
آخر بلدة من بلاد أذربيجان.
(19/11)
وَسُئِلَ عَنْهُ إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ
التَّيْمِيّ، فَقَالَ:شَيْخ صَالِح يُتَبَرَّك
بِدُعَائِهِ، سَمِعَ الكَثِيْر مِنَ المُهَلَّبِيّ.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي سَلخ شَوَّال، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
7 - ابْنُ أَبِي العَلاَءِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ المَصِّيْصِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُفْتِي، مُسْنِدُ دِمَشْق،
أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بن
أَحْمَدَ بنِ أَبِي العَلاَءِ المَصِّيْصِيُّ (1) ، ثُمَّ
الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الفَرَضِيُّ.
وُلِدَ:فِي رَجَب، سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ وَهُوَ حَدَثٌ مِنَ الكِبَارِ، وَارْتَحَلَ،
وَلحق العَوَالِي.
سَمِعَ:مُحَمَّد بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَطَّان، وَعبد
الرَّحْمَن بنَ أَبِي نَصْرٍ، وَأَبَا نَصْرٍ بن
هَارُوْنَ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ بن جَعْفَرٍ المَيْدَانِي،
وَعَبْدَ الوَهَّابِ المُرِّيّ، وَعدداً كَثِيْراً
بِدِمَشْقَ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ الحَمَّامِي (2)
بِبَغْدَادَ.
لحقه مَرِيضاً هُوَ وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَانِي
رفِيقُه، فَسَمِعَا مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ،
وَسَمِعَ
__________
(*) الأنساب: 532 ب، تاريخ دمشق:، معجم البلدان: 5 / 145،
العبر: 3 / 317، طبقات السبكي: 5 / 290 - 291، طبقات
الاسنوي: 2 / 412 - 413، حسن المحاضرة 1 / 404، شذرات
الذهب: 3 / 381.
(1) ضبطها السمعاني بكسر الميم والصاد المشددة، وقال
ياقوت: بفتح الميم، وانفرد الجوهري وخاله الفارابي، فقالا:
" المصيصة " بتخفيف الصادين، وتابعهما على ذلك صاحب "
القاموس " فقال: والمصيصة كسفينة، ولا تشدد.
وهي مدينة على ساحل البحر من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد
الروم تقارب طرسوس، كان يرابط بها كثير من العلماء
والصالحين.
(2) تحرف في معجم ياقوت إلى " الحماني ". وقد تقدمت ترجمته
في الجزء السابع عشر رقم (265).
(19/12)
بِبَلَدَ (1) مِنْ أَحْمَد بن الحُسَيْنِ
بنِ سَهْلِ بن خَلِيْفَةَ، وَأَخِيْهِ مُحَمَّد، وَبِمصر
مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ نَظيف، وَأَبِي النُّعْمَان
بن تُرَاب بن عُمَرَ، وَبعُكْبَرَا مِنْ أَبِي نَصْرٍ
البَقَّال، وَبِبَغْدَادَ أَيْضاً مِنْ هِبَة اللهِ بن
الحَسَنِ اللاَّلْكَائِيّ، وَطَلْحَةَ بنِ الصَّقْر،
وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ البَادِي (2) ، وَأَبِي عَلِيٍّ
بنِ شَاذَانَ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ - وَمَاتَ
قَبْلَهُ بِأَرْبَع وَعِشْرِيْنَ سَنَةً - وَالفَقِيْهُ
نَصْرٌ المَقْدِسِيّ، وَالخَضِرُ بن عَبْدَان، وَهِبَةُ
اللهِ بن أَحْمَدَ الأَكْفَانِي، وَجَمَالُ الإِسْلاَمِ
عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، وَنَصْر بن أَحْمَدَ بنِ
مُقَاتِل، وَهِبَةُ اللهِ بنُ طَاوُوْس، وَالقَاضِي
يَحْيَى بن عَلِيٍّ الفرسِي، وَابْنُهُ القَاضِي الزَّكِي
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَأَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ
البُنّ، وَأَبُو العَشَائِرِ مُحَمَّدُ بنُ خَلِيْل،
وَعَلِيُّ بن أَحْمَدَ بنِ مُقَاتل، وَأَبُو يَعْلَى
حَمْزَةُ بنِ الحُبُوبِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ:كَانَ
فَقِيْهاً فَرَضياً مِنْ أَصْحَابِ القَاضِي أَبِي
الطَّيِّب، مَاتَ بِدِمَشْقَ، فِي حَادِي عشر جُمَادَى
الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
حكَى البهجَةُ بنُ أَبِي عَقيل عَن ابْنِ أَبِي العَلاَءِ
أَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ دَفْتَرُ حسَابٍ يُحَاسِبُ
رَجُلاً، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى فَوْق، وَقَالَ:مَا هَذَا
الوَجْهُ؟هَذِهِ صُوْرَة شَخْص قَدْ تَمثَّل لِي، ثُمَّ
رَمَى الدَفْتَر، وَأُغمِي عَلَيْهِ، وَمَاتَ.
قُلْتُ:سَمِعْنَا مِنْ طرِيقه عِدَّةَ أَجزَاء، كحَدِيْث
ابْن أَبِي ثَابِتٍ، وَجُزء
__________
(1) بلد: اسم بلدة قديمة على دجلة فوق الموصل، بينهما سبعة
فراسخ، وبينها وبين نصيبين ثلاثة وعشرون فرسخا.
انظر " معجم البلدان " 1 / 481، و" الأنساب " 2 / 284،
286.
(2) قال ابن ناصر الدين في التوضيح 1 / 28 / 1: وسبب لقبه
أن أمه حملت به وبولد آخر توأما، فولدته قبل أخيه، فقيل
له: البادي وعرف به، توفي سنة (420 ه).
(19/13)
عَلِيّ بن حَرْبٍ (1) ، وَمِنْ(فَضَائِل
الصَّحَابَة)لِخَيْثَمَة (2) .
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ:مُسْنِدُ نَيْسَابُوْر أَبُو بَكْرٍ
بنُ خَلَفٍ الشِّيرَازِي صَاحِبُ الحَاكِم، وَنَائِبُ حلبَ
قسيمُ الدَّوْلَة آقْسُنْقُر جدُّ نور الدِّين (3) ،
وَالأَدِيْبُ النَّحْوِيُّ أَبُو نَصْرٍ الحَسَنُ بن
أَسَدٍ الفَارقِي (4) ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَن
بن عَبْدِ المَلِكِ النَّسَفِي (5) ، وَعَبْدُ اللهِ بن
عَبْدِ العَزِيْزِ أَبُو عُبَيْدٍ البَكْرِيّ (6)
صَاحِبُ(مُعْجَم البِلاَد)، وَالمقتدي بِاللهِ
العَبَّاسِيّ، وَشيخُ القُرَّاء عبدُ السَّيِّد بن عتَّاب،
وَالفَضْلُ بن أَحْمَدَ وَالِدُ الفُرَاوِي، وَأَبُو
الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
طَلْحَةَ الإِسْفَرَايينِي الشَّاعِر، وَأَبُو عَامِرٍ
مَحْمُوْدُ بنُ القَاسِمِ الأَزْدِيُّ (7) ،
وَالمُسْتَنْصِرُ بِاللهِ معدٌّ العُبيدي.
8 - خُوَاهَر زَاذَهْ مُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنِ بن مُحَمَّدٍ
القُدَيْدِيُّ *
شَيْخُ الحَنَفِيَّة، وَفقيهُ مَا وَرَاء النَّهْرِ،
وَنُعمَانُ الوَقْت، أَبُو بَكْرٍ خُوَاهَرزَاذَهْ،
وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ
القُدَيْدِي (8) ، البُخَارِيّ،
__________
(1) المتوفى سنة (225 ه)، وقد تقدمت ترجمته في الجزء
الثاني عشر رقم (93).
(2) ابن سليمان بن حيدرة القرشي الاطرابلسي المتوفى سنة
(343 ه) تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر رقم (230).
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (67).
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (44).
(5) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (73).
(6) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (21).
(7) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (19).
(*) الأنساب: 5 / 201، اللباب: 1 / 468، العبر: 3 / 302،
الجواهر المضية: 1 / 236 و2 / 49، الاعلام (خ) حوادث /
483، تاج التراجم: 46، مفتاح السعادة: 2 / 276، كشف
الظنون: 569، 1223، 1580، شذرات الذهب: 3 / 367، الفوائد
البهية: 163 - 164.
(8) نسبة إلى قديد، منزل بين مكة والمدينة. انظر الأنساب:
10 / 77.
(19/14)
ابْنُ أُخْت القَاضِي أَبِي ثَابِتٍ
مُحَمَّد بن أَحْمَدَ البُخَارِيّ، وَلذَلِكَ لُقِّبَ
بِخُوَاهَرزَاذَهْ، مَعْنَاهُ:ابْن أُخْت عَالِم.
سَمِعَ:أَبَاهُ، وَمَنْصُوْراً الكَاغَدِيَّ، وَأَبَا
نَصْرٍ أَحْمَد بن عَلِيٍّ الحَازِمِي، وَالحَاكِمَ أَبَا
عُمَر مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ القَنْطَرِي،
وَأَملَى عِدَّة مَجَالِس، وَخَرَّج لَهُ أَصْحَابٌ
وَأَئِمَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:عُثْمَانُ بنُ عَلِيٍّ البِيْكَنْدِيّ،
وَعُمَرُ بن مُحَمَّدِ بنِ لُقْمَان النَّسفِي،
وَطَائِفَة.
وطرِيقته أَبسطُ الطَّرِيْق، وَكَانَ يَحفظهَا، وَكَانَ
مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ.
ذَكَرَهُ السَّمْعَانِيّ فِي(الأَنسَاب (1)).
تُوُفِّيَ:بِبُخَارَى، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ شَاخَ.
وَفِيْهَا مَاتَ:عَاصِمٌ العَاصِمِي، وَمُحَمَّدُ بن
إِسْمَاعِيْلَ التَّفْلِيسِي (2) ، وَأَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ ثَابِتٍ الخُجَنْدِي (3) المُتَكَلِّمُ،
وَأَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بن عَلِيٍّ الدَّقَّاق،
وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَهْلٍ السَّرَّاج،
وَالوَزِيْرُ فَخرُ الدَّوْلَة مُحَمَّدُ بن مُحَمَّدِ بنِ
جَهِير، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بن مُحَمَّدٍ التِّرِيَاقِي.
__________
(1) 5 / 201، والنص فيه: كان إماما فاضلا بحرا في مذهب أبي
حنيفة رحمه الله، وطريقته أبسط طريقة لهم، جمع فيها من كل
جنس، وكان يحفظها.
(2) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (6).
(3) بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم وسكون النون نسبة إلى
خجند: بلدة كبيرة على طرق سيحون من بلاد المشرق، فتحت سنة
ثلاث ومئة في خلافة يزيد بن عبد الملك بن مروان.
(19/15)
9 - الخَلاَّلِيُّ أَبُو القَاسِمِ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
مُسْنِدُ جُرْجَان فِي زَمَانِهِ، أَبُو القَاسِمِ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
الجُرْجَانِيّ.
وُلِدَ:سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بن
الإِسْمَاعِيْلِي، وَأَبِي الفَضْلِ مُحَمَّد بنِ جَعْفَرٍ
الخُزَاعِيِّ، وَأَبِي سَعْدٍ المَالِيْنِيّ، وَغَالِبِ
بنِ عَلِيٍّ الرَّازِيّ، وَحَمْزَة السَّهْمِيّ، وَخَلْق.
يَرْوِي عَنْهُ:سَعْدُ بنُ عَلِيٍّ الغَضَائِرِي،
وَطَائِفَة.
تُوُفِّيَ:بِجُرْجَان، سَنَة نَيِّف وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - .
10 - ابْنُ سَمْكُويه أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفِيد، المُصَنِّفُ،
الثِّقَةُ، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ سَمْكُويه الأَصْبَهَانِيّ، نَزِيْلُ
هَرَاة، كَانَ مِنْ فُرْسَان الحَدِيْث، وَالمُكْثِرِيْنَ
مِنْهُ.
سَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ:أَبِي مُحَمَّدٍ الخَلاَّل
وَطَبَقَتِهِ.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ:أَبِي حَفْصٍ بن مَسْرُوْر.
وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ:إِبْرَاهِيْمَ سِبْطِ بَحْرويه،
وَعِدَّة.
وَبِسَمَرْقَنْدَ:مِنْ مُسْنَدهَا عُمَر بن شَاهِيْن.
وَبِشِيْرَازَ:مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَلِيٍّ
الحَافِظ.
__________
(*) قال السمعاني في " الأنساب " 5 / 218: الخلالي: بفتح
الخاء المعجمة، وتشديد اللام ألف، وفي آخرها اللام، هذه
النسبة إلى الخل، وإلحاق الياء في مثل هذا الانتساب أكثرها
بجرجان وطبرستان وخوارزم.
(* *) المنتظم: 9 / 52، تذكرة الحفاظ: 4 / 1212 - 1213،
الوافي بالوفيات: 2 / 88، البداية والنهاية: 12 / 136،
طبقات الحفاظ: 446، شذرات الذهب 3 / 367.
(19/16)
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَع
مائَة، وَإِنَّمَا طلب الحَدِيْثَ عَلَى كِبَر، وَكَانَ
عَابِداً صَالِحاً خَيِّراً، يُتَبَرَّكُ بدعَائِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّقَّاق، وَغَيْرهُمَا.
قَالَ الدَّقَّاقُ فِي(رِسَالته (1)):كَانَ لابْنِ
سَمْكُويه الكَثْرَةُ الوَافِرَة فِي كتب الحَدِيْث.
قَالَ:وَوهْمُه أَكْثَرُ مِنْ فَهمه، صَحِبَ عَبْدَ
العَزِيْزِ النَّخْشَبِي إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَأَقَامَ
بِهَرَاةَ سِنِيْنَ يُورِّق، صَادَفْتُهُ بِهَا، وَبَينِي
وَبَيْنَهُ مَا كَانَ مِنَ الحِقد وَالحَسَدِ (2) .
قُلْتُ:بِئستِ الخَصْلَتَانِ أَعَاذَنَا اللهُ مِنْهُمَا.
مَاتَ:بِنَيْسَابُوْرَ، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
11 - هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ بنِ عَلِيٍّ
الشِّيرَازِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، أَبُو القَاسِمِ
الشِّيرَازِيُّ، رَحَّالٌ
__________
(1) الموسومة ب " رحلة الدقاق " ذكر فيها ألف شيخ أخذ
عنهم.
(2) قلت: فلا يلتفت إلى قول الدقاق في المترجم: " وهمه
أكثر من فهمه " لأنه طعن صادر عن حقد وحسد كما صرح به
الدقاق نفسه.
قال الامام الذهبي في " الميزان " 1 / 111 في ترجمة أبي
نعيم صاحب " الحلية ": وكلام الاقران بعضهم في بعض لا يعبأ
به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد، ما
ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمت أن عصرا من الاعصار
سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئت لسردت من
ذلك كراريس، اللهم (لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا
ربنا انك رؤوف رحيم) .
(*) السياق: الورقة / 94 ب - 95 أ، تاريخ ابن عساكر،
المنتظم: 9 / 74 - 75، الكامل في التاريخ: 10 / 218،
العبر: 3 / 314، تذكرة الحفاظ: 4 / 1215 - 1216، المستفاد
من ذيل تاريخ بغداد: 246 - 248، البداية والنهاية: 12 /
144، طبقات الحفاظ: 446 - 447، كشف الظنون: 296، شذرات
الذهب: 3 / 379.
(19/17)
جَوَّالٌ، كَتَبَ بِخُرَاسَانَ،
وَالحَرَمَيْنِ، وَالعِرَاقِ، وَاليَمَنِ، وَمِصْرَ،
وَالشَّامِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَفَارِسَ، وَالجِبَالِ (1) .
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ
اللَّيْثِ الشِّيرَازِي، وَأَحْمَد بن طوق المَوْصِلِيّ،
وَأَحْمَدَ بن الفَضْلِ البَاطِرْقَانِي، وَأَبِي جَعْفَرٍ
بن المُسْلِمَة، وَأَقرَانِهِم،
وَعَمِلَ(تَارِيخاً)لِشيرَاز.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ ثِقَةً خَيِّراً، كَثِيْرَ
العِبَادَةِ، مشتغلاً بِنَفْسِهِ، خَرَّجَ وَأَفَاد،
وَانتَفَعَ الطلبَة بِصُحْبَتِه وَبقِرَاءته، وَكَانَ
قدومُهُ بَغْدَادَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
رَوَى لَنَا عَنْهُ:أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الخَطِيْب بِمَرْوَ، وَعُمَر بن أَحْمَدَ
الصَّفَّار، وَأَحْمَدُ بنُ يَاسِرٍ المُقْرِئُ، وَأَبُو
نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَاشَانِيُّ (2) ،
وَإِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
اللَّفْتُوَانِي (3) .
سَكنَ فِي آخِرِ أَمرِهِ مَرْوَ.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِر:حَدَّثَ عَنْهُ الفَقِيْهُ نَصْرٌ
المَقْدِسِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ طَاوُوْس، وَأَبُو
نَصْرٍ اليُونَارْتِي (4) .
ثُمَّ قَالَ:حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُوْسٍ، حَدَّثَنَا
هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو
زُرْعَةَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الخَطِيْب بِشِيْرَاز،
أَخْبَرَنَا المُقْرِئُ الحَسَنُ بن سَعِيْدٍ
__________
(1) قال ياقوت: الجبال: جمع جبل اسم للبلاد التي ما بين
أصبهان إلى زنجان
وقزوين وهمذان والدينور وقرميس والري، وما بين ذلك من
البلاد الجليلة والكنوز العظيمة.
(2) بفتح الفاء والشين نسبة إلى " فاشان " قرية من قرى
مرو، خرج منها جماعة من العلماء ذكرهم السمعاني في "
الأنساب ": 9 / 225، 228، وقد تصحفت في المطبوع من
المنتظم: 10 / 54 إلى " القاساني "، وفي الجواهر المضية: 2
/ 122 إلى " القاشاني ".
(3) بفتح اللام وسكون الفاء وضم التاء، كما في " الأنساب
"، وضبط ياقوت التاء بالفتح: نسبة إلى لفتوان قرية من قرى
أصبهان.
(4) نسبة إلى يونارت: قرية على باب أصبهان.
(19/18)
المُطَّوِّعِي (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو
مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ عَبدُ الغَافِر:هِبَةُ اللهِ شَيْخٌ عَفِيْفٌ
صُوْفِيٌّ فَاضِلٌ، طَاف البِلاَدَ، وَخَطُّه مَشْهُوْر،
وَكَانَ كَثِيْرَ الفَوَائِد.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ الفَاشَانِي:كُنْتُ إِذَا أَتيتُ هِبَة
اللهِ بِالرِّباط، أَخرجنِي إِلَى الصّحرَاء،
وَقَالَ:اقرَأْ هُنَا، فَالصُّوْفِيَّةُ يَتَبَرَّمُوْنَ
بِمَنْ يَشتغِلُ بِالعِلْمِ وَالحَدِيْث (2) ،
يَقُوْلُوْنَ:يُشَوِّشُوْنَ عَلَيْنَا أَوقَاتَنَا.
مَاتَ هِبَة اللهِ:سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَقِيْلَ:سَنَةَ خَمْسٍ فِي رَمَضَانَ، فَقِيْلَ:قَامَ
لَيْلَة وَفَاته سَبْعِيْنَ مَجْلِساً، كُلَّ مرَّة
يَسْتَنجِي بِالمَاءِ.
12 - النَّاصِحِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ الحُسَيْنِ *
العَلاَّمَةُ، قَاضِي القُضَاة، عَالِمُ الحَنَفِيَّة،
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ
النَّاصحِي، النَّيْسَابُوْرِيّ.
سَمِعَ:القَاضِي أَبَا بَكْرٍ الحِيْرِيّ، وَأَبَا
سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَطَائِفَة.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَخُرَاسَانَ.
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوَاحِد الدَّقَّاق،
وَعَبْدُ الوَهَّابِ بن الأَنْمَاطِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
الزَّاغُوْنِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) بضم الميم، وفتح الطاء المشددة، وكسر الواو: نسبة إلى
المطوعة وهم جماعة فرغوا أنفسهم للغزو ومرابطة الثغور،
وقصدوا جهاد العدو في بلادهم.
(2) وهذا الوصف ينطبق على أكثرهم.
(*) المنتظم: 9 / 60، الكامل في التاريخ: 10 / 630، العبر:
3 / 306، الوافي بالوفيات: 3 / 338، البداية والنهاية: 12
/ 138، الجواهر المضية: 2 / 64 - 65، شذرات الذهب: 3 /
372، الفوائد البهية: 179 - 180.
(19/19)
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ
فِي(تَارِيْخِهِ):هُوَ قَاضِي القُضَاة أَبُو بَكْرٍ ابْنُ
إِمَامِ الإِسْلاَم أَبِي مُحَمَّدٍ النَّاصحِي، أَفْضَلُ
أَهْلِ عصره فِي الحَنَفِيَّة، وَأَعْرفُهُم بِالمَذْهَب،
وَأَوْجَهُهُم فِي المُنَاظرَة، مَعَ حَظٍّ وَافرٍ مِنَ
الأَدَبِ وَالشِّعر وَالطِّب، دَرَّسَ بِمَدرَسَةِ
السُّلْطَان فِي حَيَاة أَبِيْهِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ
نَيْسَابُوْر فِي دَوْلَةِ أَلبَ آرسلاَن، فَبقِي عشرَ
سِنِيْنَ، وَنَال مِنَ الحِشْمَة وَالدَّرَجَة، وَكَانَ
فَقِيْهَ النَّفْسِ، تَكَلَّمَ فِي مَسَائِل مَعَ إِمَامِ
الحَرَمَيْنِ، فَكَانَ يُثنِي الإِمَامُ عَلَيْهِ (1) ،
ثُمَّ شكَا قِلَّةَ تَصَاونه فِي قبض يَده، وَوكلاَء
مَجْلِسه وَأَصْحَابِهِ عَنِ الأَمْوَال، وَأَشرف بَعْضُ
الحُقُوقِ عَلَى الضيَاع مِنْ فَتح أَبْوَاب الرُّشَا،
فَولِي قَضَاءَ الرَّيِّ، ثُمَّ مَاتَ مُنْصَرَفَهُ مِنَ
الحَجِّ، فِي رَجَب، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، بِقُرْبِ أَصْبَهَان (2) .
13 - حَمْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ * (3)
الشَّيْخُ، العَالِم، الثِّقَة، أَبُو الفَضْلِ
الأَصْبَهَانِيُّ، الحَدَّادُ، أَخُو أَبِي عَلِيٍّ
الحَدَّادِ.
وُلِدَ:بَعْدَ عَام أَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ:عَلِيّ بن مِيْلَة، وَعَلِيّ بن
عَبْدَكُويه، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَلِيٍّ
الذَّكْوَانِي، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ الخَرْجَانِي (4) ،
وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ حَسْنُويه، وَعِدَّة.
__________
(1) انظر " الفوائد البهية " 179 - 180.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 60.
(*) المنتظم: 9 / 88، التقييد: الورقة 88 / ب، الكامل في
التاريخ: 10 / 254، العبر: 3 / 311 وأرخ وفاته (486) ه،
وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ 3 / 1199، شذرات الذهب: 3 /
377.
(3) على هامش الأصل ما نصه: مهرة خ.
(4) قال السمعاني: الخرجاني بفتح الخاء المنقوطة بنقطة،
وسكون الراء المهملة، وفتح الجيم، وكسر النون، هذه النسبة
إلى خرجان، وهي محلة كبيرة بأصبهان، اجتزت بها =
(19/20)
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ
بِكِتَابِ(الحليَة)لأَبِي نُعَيْمٍ عَنْهُ لَمَّا حَجَّ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ إِمَاماً فَاضِلاً، صَحِيْحَ
السَّمَاع، مُحققاً فِي الأَخْذِ، حَدَّثَنَا عَنْهُ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدي، وَعَبْدُ الوَهَّابِ
الأَنْمَاطِيّ، وَابْنُ نَاصر، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ
البَطِّي، وَغَيرُ وَاحِد.
وَرد نَعيُّه مِنْ أَصْبَهَان إِلَى بَغْدَادَ فِي ذِي
الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَأَرَّخَ مَوْتَه بَعْضُ الأَصْبَهَانِيين فِي جُمَادَى
الأُوْلَى، سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ السِّلَفِيُّ:سَأَلت أَبَا عَامِرٍ العَبْدَرِي عَنْ
حَمْدٍ الحَدَّاد، فَقَالَ:كَتبنَا عَنْهُ، قَلَّ مَنْ
رَأَيْتُ مِثْلَه فِي الثِّقَة، كَانَ يُقَابِلُ، وَلاَ
يَثِقُ بِغَيْره.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِي:كَانَ فَاضِلاً
جَلِيْلاً عِنْد أَهْلِ بَلَده، وَكَانَتْ لَهُ مَهَابَة.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار:قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَامِرٍ
مُحَمَّد بن سعدُوْنَ:حَجَّ حمْد الحَدَّادُ، ثُمَّ
انْصرف، فَنَزَلَ بِالحرِيْم، وَحَدَّثَ
بِكِتَابِ(الحليَة)وَغَيْر ذَلِكَ، سَمِعْتُ مِنْهُ،
وَكَانَ ذَا وَقَارٍ وَسكَيْنَة، يَقِظاً فَطِناً، ثِقَةً
ثِقَةً، حسنَ الخُلُقِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
14 - سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
سُلَيْمَانَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الحَافِظُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ، أَبُو
مَسْعُوْدٍ
__________
= غير مرة، وأهل أصبهان يقولون لها: خورجان إلى الساعة، ثم
ذكر علي بن أحمد هذا من المشهورين بالانتساب إليها.
(*) الأنساب: 542 / أ، المنتظم: 9 / 78، العبر: 3 / 311،
تذكرة الحفاظ: 3 / 1197 - 1200، ميزان الاعتدال: 2 / 195،
المغني في الضعفاء: 1 / 277، مرآة الجنان: 3 / 142،
البداية: 12 / 145، لسان الميزان: 3 / 76 - 77، طبقات
الحفاظ: 443، شذرات الذهب: 3 / 377 - 378، الرسالة
المستطرفة: 30.
(19/21)
الأَصْبَهَانِيّ، المِلَنْجِي (1) .
وُلِدَ:فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ:أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ
الجُرْجَانِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ مَرْدُوَيْه، وَابْن
جُوْلَة (2) الأَبْهَرِيّ، وَأَبَا سَعْد أَحْمَد بن
مُحَمَّدٍ المَالِيْنِيّ، وَأَبَا سَعِيْدٍ مُحَمَّد بن
عَلِيٍّ النَّقَاش، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَعِدَّة.
وَبِبَغْدَادَ:أَبَا عَلِيٍّ بن شَاذَانَ، وَأَبَا بَكْرٍ
البَرْقَانِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ بن بِشْرَان، وَابْنَ
طَلْحَةَ المُنَقِّي (3) ، وَأَبَا القَاسِمِ الحُرْفِي
(4) ، وَنُظرَاءَهُم، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَجَمَعَ
وَصَنَّفَ.
سَمِعَ مِنْهُ:أَبُو نُعَيْمٍ شَيْخُه.
وَحَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ - وَهُوَ
أَكْبَرُ مِنْهُ - وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
التَّيْمِيّ، وَأَحْمَدُ بن عُمَرَ الغَازِي، وَهِبَةُ
اللهِ بن طَاوُوْس المُقْرِئُ، وَأَبُو سَعْدٍ
البَغْدَادِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ الطُّوْسِيّ،
وَشرفُ بنُ عبد المُطَّلِب الحُسَيْنِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عبد الوَاحِد المغَازِلِي، وَرَجَاءُ بنُ حَامِدٍ
المَعْدَانِي (5) ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَسَنٍ
الصَّيْدَلاَنِيّ، وَمَسْعُوْدُ بن الحَسَنِ الثَّقَفِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةً
بِالحَدِيْثِ، جَمعَ الأَبْوَابَ، وَصَنَّفَ
__________
(1) بكسر الميم، وفتح اللام، وسكون النون، وبعدها جيم:
نسبة إلى ملنجة من قرى أصبهان.
(2) بضم الجيم، وهو أبو بكر محمد بن علي بن جولة الابهري "
مشتبه المؤلف ": 1 / 274.
(3) هذا يقال لمن ينقي الطعام. " اللباب ": 3 / 264.
(4) هذه النسبة للبقال ببغداد، ولمن يبيع الاشياء التي
تتعلق بالبقالين. " الأنساب ": 4 / 112.
(5) بفتح الميم، وسكون العين، وفتح الدال نسبة إلى معدان،
وهو اسم لجد المنتسب إليه.
(19/22)
التَّصَانِيْف، وَخَرَّجَ
عَلَى(الصَّحِيْحَيْنِ)، سَأَلتُ أَبَا سَعْدٍ
البَغْدَادِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ:لاَ بَأْسَ بِهِ، وَوصفَه
بِالرِّحلَة وَالجَمْعِ، وَالكَثْرَةِ، كَانَ يُمْلِي
عَلَيْنَا، فَقَامَ سَائِلٌ يَطلب، فَقَالَ
سُلَيْمَانُ:مِنْ شُؤْمِ السَّائِلِ أَنْ يَسْأَلَ
أَصْحَابَ المحَابِرِ.
وَسَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظِ عَنْهُ،
فَقَالَ:حَافِظٌ، وَأَبُوْهُ حَافظ (1) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّقَّاق
فِي(رسَالته):سُلَيْمَانُ الحَافِظ لَهُ الرِّحلَة
وَالكَثْرَة، وَوَالِده إِبْرَاهِيْم يَعرف بِالفَهم
وَالحِفْظ، وَهُمَا مِنْ أَصْحَابِ أَبِي نُعَيْمٍ،
تُكُلِّمَ فِي إِتْقَان سُلَيْمَان، وَالحِفْظ هُوَ
الإِتْقَان، لاَ الكَثْرَة (2) .
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ البَغْدَادِيّ:شَنَّع عَلَيْهِ
أَصْحَابُ الحَدِيْث فِي جُزْء مَا كَانَ لَهُ بِهِ
سَمَاع، وَسَكَتُّ أَنَا عَنْهُ (3) .
قُلْتُ:الرَّجُلُ فِي نَفْسِهِ صَدُوْقٌ، وَقَدْ يَهِمُ،
أَوْ يَترخَّص فِي الرِّوَايَة بِحكم الثَّبْت.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنده:فِي سَمَاعه كَلاَمٌ، سَمِعْتُ
مِنْ ثِقَاتٍ أَن لَهُ أَخاً يُسَمَّى إِسْمَاعِيْل
أَكْبَرَ مِنْهُ، فَحك اسْمَه، وَأَثْبَت اسمَ نَفْسه،
وَهُوَ شَيْخ شَرِه لاَ يَتورَّع، لحَّان، وَقَاح (4) .
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة سِتٍّ
وَثَمَانِيْنَ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ عَاماً غَيْر أَشهر.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 1198، و" لسان الميزان ": 3 /
76.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 1198، و" لسان الميزان ": 3 /
77.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 1198.
(4) في اللسان: وقح الرجل: إذا صار قليل الحياء، فهو وقح
ووقاح، وقد أورد المؤلف كلام ابن منده هذا في " التذكرة ":
3 / 1198.
(19/23)
أَنْبَأَنَا المُسَلَّم بنُ عَلاَّنَ،
أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا القَزَّازُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا
سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو مَسْعُوْدٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّان، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْر، حَدَّثَنَا أَبُو
إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ خَتَنِ رَسُوْلِ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
وَاللهِ مَا تركَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَوْتِهِ دِيْنَاراً، وَلاَ دِرْهَماً،
وَلاَ عَبْداً، وَلاَ أَمَةً، وَلاَ شَيْئاً، إِلاَّ
بَغْلَتَهُ البَيْضَاء، وَسِلاَحَهُ، وَأَرْضاً جَعَلهَا
صَدَقَة.
وَأَخْبَرَنَاهُ عَالِياً مُحَمَّد بن حَسَنٍ الفَقِيْه،
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ القُرَشِيَّة، عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ الحَسَنِ الصَّيْدَلاَنِيّ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ
بِهَذَا.
وَقَدْ عَاشَ الصَّيْدَلاَنِيّ بَعْد الخَطِيْب مائَة
سَنَةٍ وَخَمْس سِنِيْنَ.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ (1) عَنْ إِبْرَاهِيْمَ،
فَوَافَقْنَاهُ.
وَيَنْبَغِي التَّوقفُ فِي كَلاَم يَحْيَى، فَبينَ آلِ
مَندَه وَأَصْحَابِ أَبِي نُعَيْمٍ عَدَاوَاتٌ وَإِحَنٌ
(2) .
__________
(1) رقم (2739) في أول الوصايا، وإبراهيم بن الحارث ليس له
في البخاري سوى هذا الحديث، ويحيى بن أبي بكير هو
الكرماني، وليس هو يحيى بن بكير المصري صاحب الليث، وأبو
إسحاق هو السبيعي، وعمرو بن الحارث هو المصطلقي الخزاعي
أخو جويرية أم المؤمنين، وقد صرح أبو إسحاق السبيعي بسماع
هذا الحديث من عمرو بن الحارث في رواية البخاري (2873) من
طريق عمرو بن علي، عن يحيى، عن سفيان، عن أبي إسحاق، وهو
عند البخاري (2912) و(3098) و(4461) من طريقين، عن أبي
إسحاق به، وأخرجه أحمد 4 / 279، والنسائي 6 / 229 في
الاحباس، من طريقين، عن سفيان، عن أبي إسحاق به.
(2) في ميزان المؤلف 1 / 111 في ترجمة أبي نعيم: وكلام ابن
منده في أبي نعيم فظيع لا أحب حكايته، ولا أقبل قول كل
منهما في الآخر، بل هما عندي مقبولان، لا أعلم لهما ذنبا
أكثر من روايتهما الموضوعات ساكتين عنها، قرأت بخط يوسف بن
أحمد الشيرازي =
(19/24)
وَمَاتَ مَعَهُ:حَمْدٌ الحَدَّادُ (1) ،
وَابْن زَكْرِي الدَّقَّاق، وَالشَّيْخ أَبُو الفَرَجِ
الشِّيرَازِي، وَعبدُ الوَاحِد بن فَهْد العلاَف، وَشيخُ
الإِسْلاَم أَبُو الحَسَنِ الهكَّارِي (2) ، وَأَبُو
الحَسَنِ بنُ الأَخْضَرِ، وَأَبُو المُظفَّر مُوْسَى بن
عِمْرَانَ الأَنْصَارِيّ، وَنَصْرُ بن الحَسَنِ
التُّنْكُتِي (3) الشَّاشِيّ (4) ، وَهِبَةُ اللهِ بن
عَبْدِ الوَارِثِ الشِّيرَازِي (5) ، وَيَعْقُوْبُ
البَرْزَبِينِي الحَنْبَلِيّ (6) .
15 - أَبُو الأَصْبَغِ عِيْسَى بنُ سَهْلِ بنِ عَبْدِ
اللهِ الأَسَدِيُّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو الأَصْبَغ عِيْسَى بن سَهْلِ بنِ
عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيّ، الجَيَّانِي، المَالِكِيّ.
تَفقَّه بِمُحَمَّدِ بنِ عَتَّاب، وَلاَزمه.
وَسَمِعَ مِنْ:حَاتِم الأَطَرَابُلُسِي، وَيَحْيَى بن
زَكَرِيَّا القُلَيْعِي، وَالقَاضِي ابْنِ أَسَدٍ
الطُّلَيْطلِي، وَابْنِ ارْفَع رَأسه.
__________
= الحافظ: رأيت بخط ابن طاهر المقدسي، يقول: أسخن الله عين
أبي نعيم يتكلم في أبي عبد الله بن منده، وقد أجمع الناس
على إمامته، وسكت عن لاحق، وقد أجمع الناس على أنه كذاب.
قلت: (القائل الذهبي): كلام الاقران بعضهم في بعض لا يعبأ
به لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب، أو لحسد.
(1) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (13).
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (37).
(3) ضبطت في الأصل بضم الكاف، وكذلك ضبطها ياقوت في "
معجمه "، وضبطها السمعاني في " الأنساب " بفتح الكاف،
وتابعه على ذلك ابن الأثير، وتنكت: مدينة من مدن الشاش
وراء نهر سيحون.
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (234).
(5) تقدمت ترجمته برقم (11)
(6) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (52).
(*) الصلة: 2 / 438، بغية الملتمس: 403، العبر: 3 / 311،
المرقبة العليا: 96 - 97، الديباج المذهب: 2 / 70 - 72،
شذرات الذهب 3 / 377 - 378، هدية العارفين: 1 / 807، شجرة
النور الزكية: 1 / 122.
(19/25)
وَصَنَّفَ فِي الأَحكَام كِتَاباً (1)
حسناً، وَرَأَسَ بِسَبْتَةَ، نوَّهُ بِهِ صَاحِبُهَا
البرغوَاطِي (2) .
وَأَخَذَ عَنْهُ:القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَنْصُوْرٍ،
وَالقَاضِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ النَّصْرِيّ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الجَوْزِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ غَرْنَاطَة.
قَالَ ابْنُ بَشكوَال (3) :يَرْوِي عَنْ:مَكِّيٍّ
القَيْسِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الغرَّاب، وَابْن
الشَّمَّاخ.
وَتُوُفِّيَ مَصْرُوفاً عَنْ قَضَاء غَرْنَاطَة:فِي
المُحَرَّمِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
16 - الحُصرِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
الغَنِيِّ الفِهْرِيُّ *
الأَدِيْبُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ الغَنِيِّ الفِهْرِيّ، القَيْرَوَانِي،
__________
(1) سماه ابن فرحون في " الديباج المذهب ": 2 / 71: "
الاعلام بنوازل الاحكام "، وقال ابن بشكوال: مفيد، يعول
عليه الحكام، ووصفه الزركلي في " الاعلام " بأنه مجلد ضخم
في خزانة الرباط (86) أوقاف، عمل في تحقيقه وتهيئته للطبع
الدكتور نصوح النجار.
(2) لم أعثر على نسبته في كتب الأنساب.
(3) الصلة: 2 / 438.
(*) جذوة المقتبس: 314 - 315، الذخيرة: 4 / 1 / 245 - 283،
السلفي: 63، 110 - 111، الصلة: 2 / 432، 433، الخريدة: 2 /
186، بغية الملتمس: 1229، معجم الأدباء: 14 / 39 - 41،
أدباء مالقة لابن عسكر: 157، المعجب: 205، الحلة السيراء:
2 / 54، 67، وفيات الأعيان: 3 / 331 - 334، المختصر: 2 /
208، تتمة المختصر: 2 / 17 وفيه الحضري، مسالك الابصار: 11
/ 375، 455، 468، العبر: 3 / 321، الوافي بالوفيات (خ) 12
/ 100، نكت الهميان: 213، عيون التواريخ (خ): 13 / 6 - 17،
طبقات القراء: 1 / 550 - 551، كشف الظنون: 1337، 1344،
شذرات الذهب: 3 / 385 - 386، إيضاح المكنون: 1 / 110، هدية
العارفين: 1 / 693.
(19/26)
الحُصرِي، المُقْرِئ، الضّرِيرُ، مِنْ
كِبَارِ الشُّعَرَاء، وَلَهُ تَصَانِيْف فِي القِرَاءات
(1) .
وَقَدْ مَدحَ المُلُوْكَ، وَأَخَذَ جَوَائِزَهُم، وَلَهُ
فِي ابْنِ عَبَّادٍ قصَائِدُ، وَنظمُهُ عَذْبٌ جَزْلٌ (2)
.
اتَّفَقَ مَوْتُه:بِطَنْجَة، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَ المُعتمِد بن عَبَّادٍ بَعَثَ إِلَيْهِ خَمْس
مائَة دِيْنَارٍ لِيَفِدَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ:
أَمرْتَنِي بِرُكُوبِ البَحْرِ أَقْطَعُه ... غَيْرِي لَكَ
الخَيْر فَاخصُصْهُ بِذَا الرَّائِي
مَا أَنْتَ نُوْحٌ فَتُنْجِينِي سَفِيْنَتُهُ ... وَلاَ
المَسيحُ أَنَا أَمْشِي عَلَى المَاءِ (3)
17 - ظَهِيْرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ
مُحَمَّدٍ الرُّوذْرَاوَرِيُّ *
الوَزِيْرُ العَادلُ، ظَهِيرُ الدِّين، أَبُو شُجَاعٍ
مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ بنِ
__________
(1) منها القصيدة الرائية الحصرية في قراءة نافع، عدد
أبياتها مئتان وتسعة أبيات.
(2) وهو صاحب القصيدة السائرة التي أولها: يا ليل الصب متى
غده * أقيام الساعة موعده رقد السمار فأرقه * أسف للبين
يردده.
وقد عارضها غير واحد من الشعراء، منهم أمير الشعراء أحمد
شوقي، ومطلع قصيدته: مضناك جفاه مرقده * وبكاه ورحم عوده
وانظر ما كتب د. زكي المبارك في الموازنة بين القصيدتين.
(3) البيتان في وفيات الأعيان: 3 / 334.
(*) المنتظم: 9 / 90 - 94، الخريدة: 1 / 77، الكامل في
التاريخ: 10 / 250، وفيات الأعيان: 5 / 134 - 137، الفخري:
297 - 299، الوافي بالوفيات: 3 / 3 - 4، طبقات السبكي: 4 /
136، 140، البداية: 2 / 150 - 151، الاعلام (خ) حوادث:
488، كشف الظنون: 344، معجم الأنساب: 9.
(19/27)
مُحَمَّد (1) الرُّوذْرَاوَرِي (2) .
مَوْلِدُهُ:بِقَلْعَة كَنْكُور (3) ، مِنْ أَعْمَالِ
هَمَذَان، سَنَة سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
الهَمَذَانِيّ:تَغَيَّر القَائِمُ عَلَى وَزِيْره أَبِي
نَصْرٍ بن جَهير، فَصرفه بِأَبِي يَعْلَى الحُسَيْنِ بنِ
مُحَمَّدٍ، فَخَدَم وَلدُه أَبُو شُجَاعٍ صهرُ ابْن رضوَان
القَائِم بِثَلاَثِيْنَ أَلف دِيْنَارٍ.
فَعزلَ ابْنَ جَهير سَنَةَ سِتِّيْنَ، وَمَاتَ حِيْنَئِذٍ
أَبُو يَعْلَى، فَعُوِّضَ وَلدُه أَبُو شُجَاعٍ عَنِ
المَال بِدَارِ البسَاسيرِي، فَبَاع مِنْهَا بِأَضعَافِ
ذَلِكَ المَالِ، وَتَكَسَّب، وَتَعَانَى العَقَار، ثُمَّ
خَدَمَ وَلِيَّ العَهْدِ الْمُقْتَدِي، وَصَارَ صَاحِبَ
سِرِّهِ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ، عَظُمَ أَبُو شُجَاعٍ،
فَسَمِعَ نِظَامُ الْملك، فَكَاتَب الْمُقْتَدِي فِي
إِبْعَاده، فَكَتَبَ الْمُقْتَدِي إِلَى النِّظَام بخطِّه
يُعرِّفه مَنْزِلَةَ أَبِي شُجَاع لَدَيْهِ، وَيَصِفُ دينه
وَفضلَه، ثُمَّ أَمر أَبَا شُجَاع بِالمضِيِّ إِلَى
أَصْبَهَانَ، وَبَعَثَ فِي خدمته خَادمَه مختصاً، فَخضع
النِّظَام، وَعَاد لأَبِي شُجَاع بِالودِّ فِي سَنَةِ
خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، ثُمَّ عَزَل الْمُقْتَدِي ابْنَ
جَهير فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا شُجَاع (4) ،
وَأَقْبَلت سعَادتُه، وَتَمَكَّنَ مِنَ الْمُقْتَدِي
تَمكُّناً عجيباً، وَعزَّت الخِلاَفَةُ، وَأَمِنَ
النَّاسُ، وَعُمِرَتِ العِرَاق، وَكَثرت المكَاسبُ.
وَكَانَ كَثِيْرَ التِّلاَوَة وَالتَّهجُّد، وَيَكْتُب
مَصَاحِفَ، وَيَجْلِس لِلمَظَالِمِ،
__________
(1) في " المنتظم " و" الكامل " و" الوافي ": محمد بن
الحسين بن عبد الله بن إبراهيم.
(2) بضم الراء، وسكون الواو، والذال المعجمة، وفتح الراء
والواو بينهما ألف في آخرها راء أخرى: نسبة إلى روذراور:
بليدة بنواحي همذان.
(3) ضبطت في الأصل بفتح الكافين، أما ياقوت، فقد ضبطها في
معجمه بكسرهما.
(4) انظر " الكامل " لابن الأثير: 10 / 122، 130.
(19/28)
فَيغتصُّ الدِّيْوَان بِالسَّادَة
وَالكُبَرَاء، وَيُنَادِي الحُجَّاب:أَيْنَ أَصْحَابُ
الحوَائِج؟فِيُنْصِفُ المَظْلُوْم، وَيُؤَدِّي عَنِ
المَحْبُوس، وَلَهُ فِي عدله حِكَايَاتٌ فِي إِنصَاف
الضَّعِيْف مِنَ الأَمِيْرِ (1) .
وَخَلعت عَلَيْهِ بِنْتُ السُّلْطَان ملكشَاهُ حِيْنَ
تَزَوَّجت بِالمقتدي، فَاسْتعفَى مِنْ لُبس الحَرِيْر،
فَنفَّذت لَهُ عِمَامَةً وَدَبِيقيَّةً (2) بِمائتين
وَسَبْعِيْنَ دِيْنَاراً، فَلبسهَا.
وَقِيْلَ:إِنَّهُ أَمر لَيْلَةً بِعَمَل قطَائِف، فَلَمَّا
أُحْضِرَت، تذكَّر نُفُوْسَ مسَاكين تَشتهيهَا، فَأَمر
بِحملهَا إِلَى فُقَرَاء وَأَضرَّاء (3) .
وَقِيْلَ:أُحصي مَا أَنفقه عَلَى يَد كَاتِبٍ لَهُ،
فَبَلَغَ أَزْيدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ (4) .
قَالَ الكَاتِب:وَكُنْتُ وَاحِداً مِنْ عَشْرَة
يَتَوَلَّوْنَ صَدَقَاتِهِ (5) .
وَكَانَ كَامِلاً فِي فُنُوْن، وَلَهُ يَدٌ بيضَاء فِي
البلاغَة وَالبيَان، وَكِتَابَتُه طَبَقَةٌ عَالِيَة عَلَى
طرِيقَة ابْنِ مُقلَة (6) .
وَلَقَدْ بَالغ ابْنُ النَّجَّار فِي اسْتيفَاء
تَرْجَمَته.
__________
(1) قال العماد في " الخريدة ": وكان عصره أحسن العصور،
وزمانه أنضر الازمان، ولم يكن في الوزراء من يحفظ أمر
الدين وقانون الشريعة مثله، صعبا شديدا في أمور الشرع،
سهلا في أمور الدنيا، لا تأخذه في الله لومة لائم.
وانظر " المنتظم ": 9 / 91، و" طبقات السبكي ": 4 / 137.
(2) نوع من الثياب تنسب إلى دبيق، بليدة بين الضرما وتنيس
من أعمال مصر، معجم البلدان: 2 / 438، والقاموس في مادة
دبق.
(3) " المنتظم ": 9 / 91.
(4) " المنتظم ": 9 / 90.
(5) " المنتظم ": 9 / 90.
(6) هو أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة الوزير
الكاتب المشهور الذي يضرب بحسن خطه المثل، ولد في بغداد،
وولي جباية الخراج في بعض أعمال فارس، =
(19/29)
وَزر سَبْعَ سِنِيْنَ وَسَبْعَةَ أَشهر،
ثُمَّ عُزِلَ بِأَمر السُّلْطَان مَلِكشَاهُ لِلْخَلِيْفَة
لِمَوْجِدَةٍ، فَأَنْشَدَ أَبُو شُجَاعٍ:
تَولاَّهَا وَلَيْسَ لَهُ عَدُوٌّ ... وَفَارَقَهَا
وَلَيْسَ لَهُ صَدِيْقُ (1)
ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الجُمُعَةِ، فَضجَّتِ العَامَّةُ
يَدعُوْنَ لَهُ، وَيُصَافحونه، فَأُلزم لِذَلِكَ بِأَنْ
لاَ يَخْرُج مِنْ دَاره، فَاتَّخَذَ فِي دِهليزه
مَسْجِداً، ثُمَّ حَجَّ لِعَامِهِ، وَرجع، فَمُنِعَ مِنْ
دُخُوْل بَغْدَاد، وَبُعِثَ إِلَى رُوذْرَاور، فَبقِي
فِيْهَا سنتَيْن، ثُمَّ حَجَّ بَعْد مَوْتِ النّظَام
وَالسُّلْطَان وَالخَلِيْفَة، وَنَزَلَ المَدِيْنَة
وَتَزَهَّد، فَمَاتَ خَادِمٌ، فَأَعْطَى الخدَامَ ذهباً،
حَتَّى جُعِلَ مَوْضِعَ الخَادِم، فَكَانَ يَكنُس
وَيُوقِدُ (2) ، وَلَبِسَ الخَام، وَحَفِظَ القُرْآن
هُنَاكَ، وَطلب مِنْهُ أَبُو عَلِيٍّ العِجْلِيّ أَنْ
يَقرَأَ عَلَيْهِ دِيْوَانَه، فَامْتَنَعَ، وَأَنشده بعضه
(3) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الهَمَذَانِيّ:دُفِنَ بِالبَقِيْع،
فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَة، سَنَة ثَمَانٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى
وَخَمْسِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - .
وَخَلَّف مِنَ الوَلَد الصَّاحبَ نظَامَ الدِّين،
فَتُوُفِّيَ بِأَصْبَهَانَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
وَخَمْس مائَة، وَهُوَ وَالِدُ الوَزِيْر المُعْظَم ظهِيرِ
الدّين مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ حُسَيْن ابْن
الوَزِيْر أَبِي شُجَاع.
__________
= واستوزره المقتدر العباسي سنة 316 ه، ثم تقلب به الدهر
من حال إلى حال، إلى أن توفي في سنة 328 ه.
تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (86).
(1) البيت غير منسوب في " الكامل " لابن الأثير: 10 / 187،
و" وفيات الأعيان ": 5 / 135، و" الوافي بالوفيات ": 3 /
3.
(2) انظر " المنتظم ": 9 / 93، و" طبقات السبكي ": 4 / 39.
(3) وقد أورد له ابن خلكان، والعماد، وابن الجوزي، والصلاح
الصفدي جملة من شعره.
(19/30)
وَزَرَ لِلمُسْتظهر فِي حَيَاة أَبِيْهِ،
وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ لَحِقَ بِالسُّلْطَان مُحَمَّد بن
مَلِكْشَاه، فَتَشَفَّعَ السُّلْطَانُ فِي الوَلَد إِلَى
المُسْتظهِر حَتَّى اسْتوزره، فَوزر، وَسِنُّه يَوْمَئِذٍ
سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّة أَشْهُرٍ (1) ، وَنَاب
عَنْهُ عَلِيّ بن طِرَاد الزَّيْنَبِيّ، ثُمَّ اسْتُخلف
المُسْترشد، فَعَزَلَهُ، وَلَمْ يُسْتَخدم بَعْدهَا،
وَلَزِمَ دَاره نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ سَنَةً مُرَفَّهاً
مُكرَّماً، وَكَانَ كَثِيْرَ الصَّدَقَة.
مَاتَ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ.
18 - الهَمَذَانِيُّ أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الهَمَذَانِيّ - وَيُعْرَفُ بِالمَقْدِسِيِّ
- الفَرَضِيّ، المُقْرِئ، الشَّافِعِيّ، نَزِيْلُ
بَغْدَادَ، وَالِدُ المُؤَرِّخ مُحَمَّد بن عَبْدِ
المَلِكِ، رَأْسٌ فِي الفَرَائِضِ، فَقِيْهٌ صَالِح،
مُتَأَلِّه، أُرِيْد عَلَى قَضَاء القُضَاة، فَامْتَنَعَ.
وُلِدَ:سَنَةَ نَيف عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة.
وَسَمِعَ:فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ بِتُسْتَر.
__________
(1) في " المنتظم " لابن الجوزي: 9 / 198: وكان عمره عشرين
سنة..فكتب له أبو محمد الحريري صاحب المقامات:
هنيئا لك الفخر فافخر هنيا * كما قد رزقت مكانا عليا
رقيت كآبائك الاكرمين * لدست الوزارة كفوا رضيا
تقلدت أعباءها يافعا * كما أوتي الحكم يحيى صبيا
(*) المنتظم: 9 / 100 - 101، الكامل لابن الأثير: 10 /
261، ذيل تاريخ بغداد: 1 / 8 - 14، عيون التواريخ: 13 /
55، نكت الهميان: 54، طبقات السبكي: 5 / 162 - 164، طبقات
الاسنوي: 2 / 529، البداية: 12 / 153، لسان الميزان: 4 /
57، كشف الظنون: 1252.
(19/31)
رَوَى عَنْ:عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدَان
الفَقِيْه، وَأَبِي عَلِيٍّ الشَّاموخِي (1) ، وَعِدَّة.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ الآبَنُوسِي (2) :مَنْسُوْب إِلَى
الاعتزَال.
وَفِي(فُنُوْن ابْن عَقِيْل (3)):كَانَ عَالِماً فِي
أُصُوْل الفِقْه وَالعَرَبِيَّة وَالفَرَائِض، وَأَكْثَرُ
عِلْمه الفِقْهُ، قَالَ:وَكَانَ عَلَى طرِيقَة السَّلَف
زَاهِداً وَرِعاً.
وَقَالَ شُجَاع الذُّهْلِيّ:مُعْتَزِلِيٌّ، عَلَّقتُ
عَنْهُ (4) .
وَقَالَ ابْنُهُ:كَانَ يَحفظُ(غَرِيْب الحَدِيْث)لأَبِي
عُبَيْدٍ (5) ، وَ(المُجْمل)لابْنِ فَارِس (6) ، لَمْ
نَعرف أَنَّهُ اغْتَاب أَحَداً.
تُوُفِّيَ:فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
19 - أَبُو عَامِرٍ الأَزْدِيّ مَحْمُوْدُ بنُ القَاسِمِ
بن مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُسْنِد، القَاضِي، أَبُو عَامِرٍ
مَحْمُوْدُ بنُ القَاسِمِ ابْن القَاضِي
__________
(1) نسبة إلى شاموخ، وهي قرية بنواحي البصرة. الأنساب: 7 /
265.
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم: (177).
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (259)، وكتابه " الفنون
" يقال: إنه في أربع
مئة مجلد، ولا يعلم في الإسلام تأليف أكبر منه، وقد طبع
منه مجلد، وتولى تحقيقه من ليس بأهل لان يتولاه، فوقع له
فيه أغاليط وتحريفات كثيرة مدونة في مجلة المجتمع بدمشق.
(4) انظر ذيل تاريخ بغداد: 1 / 12.
(5) القاسم بن سلام الهروي المتوفي سنة 244 ه، تقدمت
ترجمته 10 / ت 164، وكتابه " غريب الحديث " مطبوع في دائرة
العثمانية بالهند سنة 1964.
(6) هو أحمد بن فارس بن زكريا، اللغوي الأديب، المتوفي سنة
(395) وقد تقدمت ترجمته 17 / ت 65، وكتاب " المجمل " أشهر
كتب ابن فارس في اللغة، التزم فيه إيراد الصحيح من اللغات،
وقد طبع منه جزء صغير غير محقق في مطبعة السعادة بمصر سنة
1331 ه وتقوم الآن مؤسسة الرسالة بنشره كاملا بتحقيق زهير
عبد المحسن سلطان، وسيكون في أيدي القراء قريبا إن شاء
الله تعالى.
(*) التقييد: الورقة: 199 أ - 199 ب، العبر: 3 / 318،
طبقات السبكي: 5 / 327 - 328، طبقات الاسنوي: 1 / 94 - 95،
شذرات الذهب: 3 / 382.
(19/32)
الكَبِيْر أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ مُقَاتِلِ بنِ صُبِيْحِ بن رَبِيْعِ بنِ
عَبْدِ المَلِكِ بنِ يَزِيْدَ بنِ المُهَلَّبِ بن أَبِي
صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ، المُهَلَّبِيُّ، الهَرَوِيُّ،
الشَّافِعِيُّ، مِنْ كِبَارِ أَئِمَّة المَذْهَبِ.
حَدَّثَ بِـ(جَامِع التِّرْمِذِيِّ)عَنْ عَبْد الجَبَّارِ
الجَرَّاحِيّ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِي:شَيْخٌ عديمُ النّظير
زُهْداً وَصلاَحاً وَعِفَّةً، لَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ
مِنِ ابْتدَاء عُمُره إِلَى انتهَائِهِ، وَكَانَتْ
إِلَيْهِ الرِّحلَةُ مِنَ الأَقطَار، وَالقصدُ
لأَسَانِيْده (1) ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ
الهَمَذَانِيّ:كَانَ شيخُنَا أَبُو عَامِرٍ مِنْ أَركَانِ
مَذْهَب الشَّافِعِيّ بِهَرَاةَ، كَانَ نِظَامُ المُلك
يَقُوْلُ:لَوْلاَ هَذَا الإِمَام فِي هَذِهِ البلدَة،
لَكَانَ لَنَا وَلَهُم شَأْنٌ - يُهَدِّدُهُم (2) -
وَكَانَ يَعتقِدُ فِيْهِ اعتقَاداً عَظِيْماً، لِكَوْنِهِ
لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ شَيْئاً قَطُّ.
وَلَمَّا سَمِعْتُ مِنْهُ(الجَامِع (3))، هَنَّأَنِي
شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ (4) ،
وَقَالَ:لَمْ تَخْسَرْ فِي رِحلتك إِلَى هَرَاة.
وَكَانَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ قَدْ سَمِعَهُ قديماً نَازلاً،
ثُمَّ سَمِعَهُ مِنَ الجَرَّاحِيّ (5) .
__________
(1) الخبر في " طبقات السبكي ": 5 / 328.
(2) في " طبقات السبكي ": 5 / 328: يهددهم به.
(3) أي: جامع الامام الترمذي، وأخطأ من سماه " صحيح
الترمذي " فإنه لم يلتزم فيه الصحة كالبخاري ومسلم.
(4) هو الحافظ الكبير أبو إسماعيل، عبد الله بن محمد بن
علي بن محمد الأنصاري الهروي، صاحب كتاب " الأربعين "،
وكتاب " منازل السائرين "، وكتاب " ذم الكلام وأهله ".
المتوفى سنة 481 ه وقد تقدمت ترجمته في الجزء الثامن عشر
برقم (260).
(5) وقد أورد المؤلف ذلك في " تذكرته ": 1183.
(19/33)
قُلْتُ:رَوَى عَنْهُ:المُؤتَمَنُ
السَّاجِيّ، وَابْنُ طَاهِر، وَأَبُو نَصْرٍ
اليُونَارْتِي، وَصَاعِدُ بن سَيَّار، وَزَاهِر بن طَاهِر،
وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَبُو
الفَتْحِ عَبْدُ الْملك الكَرُوخِي المُجَاور، وَأَبُو
الفَتْحِ نَصْرُ بن سَيَّار البَاقِي إِلَى سَنَةِ ثِنتين
وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:هُوَ جَلِيْلُ الْقدر، كَبِيْرُ
الْمحل، عَالِمٌ فَاضِلٌ (1) .
سَمِعَ مِنْ:جَدِّه أَبِي مَنْصُوْرٍ الأَزْدِيّ، وَعَبْدِ
الجَبَّارِ الجَرَّاحِيّ، وَأَبِي عُمَرَ مُحَمَّد بن
الحُسَيْنِ البِسْطَامِي، وَأَبِي مُعَاذ أَحْمَد بن
مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَالحَافِظِ أَحْمَد بن
مُحَمَّدٍ الجَارُوْدي، وَأَبِي مُعَاذ بن عَبْس
الزَّاغَانِي، وَبَكْرِ بن مُحَمَّدٍ المَرْوَرُّوْذِيّ،
وَجَمَاعَة.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ أَبِي عليّ:كَانَ شَيْخُ
الإِسْلاَمِ يَزورُ أَبَا عَامِر وَيَعُوْدُه إِذَا
مَرِضَ، وَيَتَبَرَّكُ بدعَائِهِ (2) .
قَالَ الفَامِي:مَاتَ أَبُو عَامِرٍ الأَزْدِيّ فِي
جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
20 - السِّمْسَارُ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ الأَصْبَهَانِيّ،
السِّمْسَار.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ، وَعَلِيّ بن مَيْلَة
__________
(1) طبقات السبكي: 5 / 328، والاسنوي: 1 / 95.
(2) طبقات السبكي: 5 / 328.
(*) العبر: 3 / 328، عيون التواريخ: 13 / 79، شذرات الذهب:
3 / 359.
(19/34)
الفَرَضِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
عليّ.
وَعَنْهُ:إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ.
سُئِلَ عَنْهُ إِسْمَاعِيْلُ الحَافِظُ، فَقَالَ:شَيْخٌ
لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ:تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ
تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ:نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ
حَدَّثَ عَنِ الجُرْجَانِيّ مَوْتاً.
21 - البَكْرِيُّ أَبُو عُبَيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، المُتَفَنِّنُ، أَبُو عُبَيْدٍ عَبْد اللهِ
بن عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدٍ البَكْرِيّ، نَزِيْلُ
قُرْطُبَة.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي مَرْوَانَ بن حَيَّانَ، وَأَبِي بَكْرٍ
المُصْحَفِي، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبدِ
البَر، وَكَانَ رَأْساً فِي اللُّغَة وَأَيَّامِ النَّاس.
صَنَّف فِي أَعْلاَم النُّبُوَّة، وَعَمِلَ
شَرحاً(لأَمَالِي)القَالِي، وَكِتَاب(اشتقَاق
الأَسْمَاء)وَكِتَاب(مُعْجَم مَا اسْتَعجم مِنَ البُلْدَان
__________
(*) القلائد للفتح: 191، الذخيرة: ق 2 / م 1 / 232 - 238،
الصلة: 1 / 287 - 288، الخريدة: 12 / الورقة: 158، بغية
الملتمس: 436، وقال: ذكره محمد بن مدرك الغساني توفي سنة
496 ه، الحلة السيراء: 2 / 180 - 187، عيون الانباء: 500،
المغرب في حلي المغرب: 1 / 347 - 349، البيان المغرب: 3 /
240، طبقات المسالك: 11 / 422، الوافي بالوفيات (خ): 15 /
59 - 60، نهاية الارب: 5 / 145، طبقات النحاة لابن قاضي
شهبة: 336، بغية الوعاة: 2 / 49، إيضاح المكنون: 1 / 540،
2 / 396، تاريخ الفكر الأندلسي: 309 - 311، مقدمة الميمني
على سمط الآلئ، مقدمة معجم ما استعجم: 1 / من ص - ش،
الجغرافية والجعرافيين لحسين مؤنس: 107 - 148، دائرة
المعارف الإسلامية: 4 / 48 - 50.
(19/35)
وَالأَمَاكن)، وَكِتَاب(النّبَات).
وَكَانَ مِنْ أَوعيَة الفَضَائِل.
حَدَّثَ عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ مَعْمَر المَالِقِي،
وَمُحَمَّد بن عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ اللَّخْمِيّ،
وَطَائِفَة.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
22 - البَكْرِيُّ القَصَّاصُ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ
أَمَا البَكْرِيّ القَصَّاص الكَذَّاب، فَهُوَ أَبُو
الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
البَكْرِيّ، طُرُقِيٌّ مُفْتَرٍ، لاَ يَسْتَحيِي مِنْ
كَثْرَة الْكَذِب الَّذِي شَحَن بِهِ مَجَامِيْعَه
وَتَوَالِيفَه (1) ، هُوَ أَكذبُ مِنْ مُسَيْلِمَة،
أَظنُّه كَانَ فِي هَذَا الْعَصْر.
23 - نَجِيْبُ بنُ مَيْمُوْنِ بنِ سَهْلِ بنِ عَلِيٍّ
أَبُو سَهْلٍ الوَاسِطِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، مُسْنِدُ هَرَاة، أَبُو سَهْلٍ
الوَاسِطِيّ، ثُمَّ الهَرَوِيّ.
سكن وَالِده هَرَاة، وَسَمَّعَ وَلَدَه مِنْ:أَبِي عَلِيٍّ
مَنْصُوْر بن عَبْدِ اللهِ الذُّهْلِيّ، وَرَافِع بن عُصْم
الضَّبِّيّ، وَحَاتِم بن مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، وَأَحْمَد
بن
__________
(1) قال المؤلف في " الميزان ": 1 / 112: وما روى حرفا من
العلم بسند، ويقرأ له في سوق الكتبيين كتاب " ضياء الانوار
"، و" رأس الغول "، و" شر الدهر "، وكتاب " كلندجة "، و"
حصن الدولاب "، وكتاب " الحصون السبعة "، وصاحبها هضام بن
الجحاف، وحروب الامام علي معه، وغير ذلك. ومن مشاهير كتبه
" الذروة " في السيرة النبوية، ما ساق غزوة منها على
وجهها، بل كل ما يذكره لا يخلو من بطلان إما أصلا، وإما
زيادة.
(*) المنتخب: الورقة: 138 ب - 139 أ، التقييد: الورقة: 215
ب، العبر: 3 / 324، عيون التواريخ: 13 / 51، شذرات الذهب:
3 / 392 وفيه محبب تحريف.
(19/36)
عليّ الشَّارعِي، وَمُحَمَّد بن مَنْصُوْرٍ
الحَوْتَكِي (1) ، وَالقَاضِي مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ
الأَزْدِيّ، وَعِدَّة.
مَوْلِدُهُ:فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ طَاهِر، وَوجيهٌ الشَّحَّامِي،
وَأَبُو النَّضْرِ الفَامِي، وَعُبَيْدُ اللهِ بن حَمْزَةَ
المُوسوِي (2) ، وَأَخُوْهُ عَلِيُّ بن حَمْزَةَ،
وَالمُطَهَّرُ بن يَعْلَى، وَمُحَمَّد بن المُفَضَّلِ
الدَّهَّان، وَالجُنَيْدُ بن مُحَمَّدٍ القَاينِي (3) ،
وَأَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ سَيَّار، وَعَلِيّ بنُ سَهْلٍ
الشَّاشِيّ، وَأَمَةُ اللهِ بِنْتُ مُحَمَّد العَارِف،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّقَّاق:لَيْسَ بَقِيَ فِي
الدُّنْيَا مَنْ يَرْوِي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مَنْصُوْر
سِوَى نَجيب.
مَاتَ نَجيبٌ:فِي العِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ
ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ
وَتِسْعُوْنَ سَنَةً وَشهرٌ، وَرَوَى شَيْئاً كَثِيْراً.
24 - طِرَادُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَسَنِ بنِ
مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الأَنْبلُ، مُسْنِدُ العِرَاق،
__________
(1) قال ابن دريد في " الاشتقاق " ص: 546: ومن بطونهم: بنو
حوتكة بمصر، و" الحوتك ": الصغير من كل شيء، وقال محققه
الأستاذ عبد السلام هارون: في ديارنا المصرية بلدة تسمى "
الحواتكة " من أعمال أسيوط.
(2) نسبة لجماعة من السادة العلوية ينسبون إلى موسى
الكاظم. اللباب: 3 / 268.
(3) في الأصل الفاتني، وهو تحريف، وسترد ترجمته في الجزء
العشرين رقم (181).
(*) الإكمال: 4 / 202، الأنساب: 6 / 346، المنتظم: 9 /
106، الكامل في التاريخ: 10 / 280، دول الإسلام: 2 / 20،
العبر: 3 / 331، وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ: 4 / 1228،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 132 - 133، عيون التواريخ:
13 / 81 - 82، الوافي بالوفيات (خ): 14 / 98، مرآة الجنان:
3 / 154، البداية والنهاية: 12 / 155، الجواهر المضية: 2 /
281 - 282، النجوم الزاهرة: 5 / 162، =
(19/37)
نَقيبُ النُّقَبَاء، الكَامِلُ، أَبُو
الفوَارس بن أَبِي الحَسَنِ القُرَشِيّ، الهَاشِمِيّ،
العَبَّاسِيّ، الزَّيْنَبِيّ، البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ:سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَسَمِعَ:أَبَا نَصْرٍ بن حسْنُوْنَ النَّرْسِيّ، وَأَبَا
الحَسَنِ بنَ رِزْقويه، وَهِلاَلاً الحَفَّار، وَأَبَا
الحُسَيْنِ بن بِشْرَان، وَالحُسَيْن بن بَرْهَان، وَأَبَا
الفَرَج بن المُسْلِمَة، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ الحمَّامِي،
وَطَائِفَة.
وَأَملَى مَجَالِس عِدَّة، وَخُرِّج
لَهُ(العَوَالِي)المَشْهُوْرَة، وَ(فَضَائِل الصَّحَابَة).
حَدَّثَ عَنْهُ:وَلَدَاهُ؛عَلِيٌّ الوَزِيْر وَمُحَمَّدٌ،
وَابْنُ نَاصر، وَعُمَرُ بن عَبْدِ اللهِ الحَرْبِيّ،
وَأَحْمَد بن المُقَرَّب، وَيَحْيَى بن ثَابِتٍ، وَشُهْدَة
الكَاتِبَةُ، وَكمَالُ بِنْت أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ
السَّمَرْقَنْدي، وَعَمُّهَا إِسْمَاعِيْل، وَهِبَة اللهِ
بن طَاوُوْس، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّة، وَأَبُو
الكِرَامِ الشَّهْرُزُورِي، وَعَبْدُ اللهِ بن عَلِيٍّ
الطَّامَذِي (1) الأَصْبَهَانِيّ، وَخَلْق، آخِرُهُم
مَوْتاً خطيبُ المَوْصِل أَبُو الفَضْلِ الطُّوْسِيّ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:سَادَ الدَّهْرَ رُتْبَةً، وَعلُواً،
وَفضلاً، وَرَأْياً، وَشَهَامَةً، وَلِي نَقَابَة
البَصْرَة، ثُمَّ بَغْدَاد، وَمُتِّعَ بِسَمِعَهُ وَبَصره
وَقُوَّته، وَتَرسَّل عَنِ الدِّيْوَان، فَحَدَّثَ
بِأَصْبَهَانَ، وَكَانَ يَحضُرُ مَجْلِسَ إِملاَئِه
جَمِيْعُ أَهْلِ العِلْمِ، لَمْ يُرَ بِبَغْدَادَ مِثْلُ
مَجَالِسه بَعْد القَطِيْعِيّ (2) ، وَقَدْ أَملَى
بِمَكَّةَ سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ،
__________
= الطبقات السنية: رقم / 1017، كشف الظنون: 2 / 1178،
شذرات الذهب: 3 / 396 - 397، تاج العروس: 2 / 409.
(1) قال السمعاني: بفتح الطاء المهملة والميم، بينهما
الالف، وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى طامذ،
وظني أنها قرية من قرى أصبهان. " الأنساب ": 8 / 179.
(2) هو أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي صاحب
القطيعيات، وهي خمسة أجزاء حديثية، وراوي مسند أحمد، تقدمت
ترجمته في الجزء السادس عشر رقم (143).
(19/38)
وَبِالمَدِيْنَة، وَأَلحق الصِّغَارَ
بِالكِبَار.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة:كَانَ أَعْلَى أَهْلِ
بَغْدَادَ مَنْزِلَةً عِنْد الخَلِيْفَة.
وَقَالَ السِّلَفِيّ:كَانَ حَنَفِيّاً مِنْ جِلَّةِ
النَّاس، وَكُبرَائِهم، ثِقَةً، ثَبْتاً، لَمْ أَلحقه.
قُلْتُ:مَاتَ:فِي سَلخ شَوَّال، سَنَة إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَدُفِنَ بدَاره حَوْلاً،
ثُمَّ نُقل.
وَقَدْ مرّ أَخُوْهُ مُسْند بَغْدَادَ أَبُو نَصْرٍ
الزَّيْنَبِيُّ (1) ، وَسَيَأْتِي أَخوَاهُمَا نورُ الهدَى
الحُسَيْنُ، وَأَبُو طَالِبٍ حَمْزَة (2) سَنَة بِضْع
وَخَمْس مائَة، وَأَخُوْهُم الخَامِس - هُوَ الأَكْبَر -
أَبُو تَمَام مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيّ،
وَمَوْلاَهُ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّد بن وِشَاح
الزَّيْنَبِيّ مِنْ كِبَارِ الرُّوَاة، وَأَخُوْهُم
السَّادس أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيٍّ، يَرْوِي عَنْ عِيْسَى بن الوَزِيْر (3) .
كتب عَنْهُ الخَطِيْب، وَقَالَ:تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى
وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (4) .
أَبُوْهُم:
25 - مُحَمَّدُ بنُ أَبِي تَمَّامٍ أَبُو الحَسَنِ بنُ
عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ *
النَّقيبُ، السَّيِّد، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
تَمَام عَلِيِّ بن أَبِي القَاسِمِ الحَسَن بن مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بن سُلَيْمَانَ بن مُحَمَّدِ بنِ
سُلَيْمَانَ بنِ
__________
(1) تقدمت ترجمته في الجزء الثامن عشر (228).
(2) انظر الترجمة (208) و(209) من هذا الجزء.
(3) " تاريخ بغداد ": 3 / 238.
(4) انظر ترجمته في " تاريخ بغداد ": 3 / 237 - 238.
(*) ذكره السمعاني في " الأنساب " مع أولاده: 6 / 346.
(19/39)
عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الإِمَام ابْن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ ابْن
حَبْرِ الأُمَّة عَبْدِ اللهِ بن العَبَّاسِ الهَاشِمِيّ.
وَلِي نِقَابَةَ بَنِي هَاشِمٍ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ
أَبِي تَمَام، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ
شَاذَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ المَهْدِيِّ فِي(مَشْيَخَته)، وَكَانَ
يُلَقَّبُ بِنظَام الحَضْرَتَيْنِ.
عَاشَ:إِحْدَى وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَتُوُفِّيَ:فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَرثَاهُ الشَّرِيْف
المُرْتَضَى.
26 - ابْنُ أَبِي حَرْبٍ الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيُّ *
الشَّيْخُ الثِّقَةُ، العَابِدُ، أَبُو القَاسِمِ الفَضْلُ
بن أَبِي حَرْب أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى
الجُرْجَانِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، التَّاجِرُ.
وُلِدَ:سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمَّعَهُ أَبُوْهُ الكَثِيْر.
فَحَدَّثَ عَنْ:حَمْزَةَ المُهَلَّبِيّ، وَابْن مَحْمِش،
وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَيَحْيَى
المزكِي، وَعبدِ الرَّحْمَن بن مُحَمَّدٍ السَّرَّاجِ،
وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّقَاءِ، وَأَبِي بَكْرٍ
الحِيْرِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ:أَحْمَدُ بنُ سَعْدٍ العِجْلِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ
بن السَّمَرْقَنْدي، وَأَبُو عُثْمَانَ العَصَائِدي (1) ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ الفُرَاوِي، وَعُمَرُ بن أَحْمَدَ
الصَّفَّار، وَصَدَقَةُ
__________
(*) لم أعثر له على ترجمة.
(1) بفتح العين والصاد المهملتين: نسبة إلى عمل العصيدة،
واسم أبي عثمان: إسماعيل بن عبد الرحمن بن سعيد بن أحمد،
قال السمعاني: 8 / 463: كان شيخا كاتبا =
(19/40)
بن مُحَمَّدٍ السَّيَّاف، وَأَحْمَدُ بن
قَفَرْجَلَ، وَنَصْر بن نَصْرٍ العُكْبَرِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عُبَيْدُ الله بنُ أَبِي عَلِيٍّ
الحَدَّاد:سَمِعْتُ بَعْضَ جِيْرَانِ الفَضْل بن أَبِي
حَرب يَقُوْلُ:
مَا ترك أَحَداً فِي جِوَاره مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً
أَنْ يَنَامَ مِنْ قِرَاءته وَبُكَائِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الهَمَذَانِيّ
الحَافِظ فِي(مَشْيَخَته):وَمِنْهُم الشَّيْخُ الجَلِيْلُ
العَالِمُ أَبُو القَاسِمِ الجُرْجَانِيّ التَّاجِرُ
الصَّدُوْق، صَاحِبُ سَمَاع كَثِيْر، وَمسَانِيْدَ جِيَاد،
وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ كفّاً فِي مُوَاسَاة
الفُقَرَاء، وَكَانَ وَالِدُهُ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ،
وَيُقَالُ:أَبُو حَرْب، حَاتِم وَقته فِي السَّخَاء.
تُوُفِّيَ أَبُو القَاسِمِ:فِي ثَالِث عشر رَمَضَانَ،
سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حَدَّثَ بِخُرَاسَانَ، وَالعِرَاق، وَمَكَّة، وَكَتَبَ
عَنْهُ الحُفَّاظ - رَحِمَهُ اللهُ - .
27 - العَبَّادَانِيُّ أَبُو طَاهِرٍ جَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُعَمَّر، مُسْنِد البَصْرَة،
أَبُو طَاهِرٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل
القُرَشِيُّ، العَبَّادَانِيُّ، ثُمَّ البَصْرِيّ.
سَمِعَ مِنَ:القَاضِي أَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيّ أَجزَاءَ
مِنْ(مُسْنَد عَلِيّ بن إِسْحَاقَ
__________
= شهما، ذا بصر بالامور الجليلة، مليح الشيبة...، حدث
بالكثير، وعمر العمر الطويل، وأملى مدة مديدة بجامع
نيسابور، وحضرت مجلس إملائه، وكتبت عنه بمرو ونيسابور،
وكانت ولادته في سنة خمس وستين وأربع مئة بنيسابور.
قلت: لم يؤرخ السمعاني وفاته، وأرخها الامام الذهبي في "
المشتبه " 2 / 463 سنة (500) ه.
(*) الأنساب: 8 / 336، العبر: 3 / 336، عيون التواريخ: 13
/ 98، شذرات الذهب: 3 / 399.
(19/41)
المَادَرَائِي)(1) ، وَشَيْئاً مِنْ
إِمْلاَءِ أَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
المَاوَرْدي، وَعَلِيُّ بن عَبْدِ المَلِكِ الوَاعِظ،
وَطَلْحَةُ بن عَلِيٍّ المَالِكِيّ، وَمُحَمَّد بن طَاهِرٍ
المَقْدِسِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بن عَلِيٍّ الطَّامَذِي،
وَعَبْدُ اللهِ بن عُمَرَ بنِ سَليخ البَصْرِيّ، وَعَبْدُ
اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ السَّمَرْقَنْدي، وَعِدَّةٌ،
وَالسِّلَفِيّ بِالإِجَازَةِ.
فَأَمَّا قَوْل المُحَدِّثِ أَبِي نَصْرٍ
اليُونَارْتِي:إِنَّ العبَّادَانِي رَاوِي(سُنَن أَبِي
دَاوُدَ)عَنِ الهَاشِمِيّ، فَقولٌ مَرْدُوْد، فَإِنَّ
الطَّلبَة ازدحمُوا عَلَى أَبِي عَلِيٍّ التُّسْتَرِيّ،
فَارْتَحَلَ إِلَيْهِ ابْنُ طَاهِر، وَمُؤْتَمَنٌ
السَّاجِيّ، وَمُحَمَّد بن مَرْزُوْق الزَّعْفَرَانِيّ،
وَعِدَّة، وَقَدْ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ، فَلَو
كَانَ العَبَّادَانِي سَمِعَ(السُّنَن)، وَبَقِيَ بَعْد
التُّسْتَرِيّ بِضْعَ عَشْرَةَ، لَكَانَتْ إِلَيْهِ
الرِّحلَة فِي الكِتَابِ أَضعَاف ذَلِكَ.
ثُمَّ مَا علمنَا أَحَداً رَوَى(السُّنَن)عَنِ
العَبَّادَانِي، وَلاَ ادَّعَى سَمَاعهَا مِنْهُ، فَهَذَا
شَيْء تَفَرَّد بِذكرِهِ اليُونَارتِي، وَأَظُنُّهُ
وَهِمَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة:أَبُو طَاهِرٍ
العبَادَانِي رَجُلٌ صَالِحٌ أُمِّيٌّ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ فِي(مُعْجَم أَصْبَهَان)لَهُ:سَمِعْتُ
يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ النَّجرَانِي يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ العَبَّادَانِي فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَنُودي لَهُ فِي
البَصْرَة:مَنْ أَرَادَ الصَّلاَة عَلَى ابْنِ
العَبَّادَانِي الزَّاهِد، فَليحضُرْ.
فَلَعَلَّهُ لَمْ يَتخلف مِنْ أَهْلِ الْبَلَد إِلاَّ
القَلِيْل، ثُمَّ قَالَ السِّلَفِيّ:كَانَ يَرْوِي عَنِ
الهَاشِمِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ النَّجَّاد.
قَالَ:وَمِنْ مَرْوِيَّاته:كِتَابُ(السُّنَن)لأَبِي
دَاوُدَ، يَرْوِيْهِ عَنْ أَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيّ.
قُلْتُ:مَشَى السِّلَفِيّ وَرَاء قَوْل اليُونَارتِي.
__________
(1) نسبة إلى مادرايا من أعمال البصرة، وعلي بن إسحاق هذا
توفي سنة 334 ه.
(19/42)
أَخْبَرَنَا عبدُ المُؤْمِن بن خَلَفٍ
الحَافِظ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رَوَاج، أَخْبَرَنَا
السِّلَفِيُّ، قَالَ:
كَتَبَ إِلَيْنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ مِنَ البَصْرَةِ،
وَحَدَّثَنِي عَنْهُ شُجَاع الكِنَانِيّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا
ابْنُ إِدْرِيْسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ يَقُوْلُ:إِنِّيْ لأُخْبَرُ
بِمَكَانِكُم، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُم
إِلاَّ كَرَاهِيَةَ أَنْ أُمِلَّكُم، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ
يَتَخَوَّلُنَا بِالمَوْعِظَةِ كَرَاهِيَةَ السَّآمَةِ
عَلَيْنَا (1) .
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ خلقٌ.
منهُم:الفَقِيْهُ أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ ابنُ القَاضِي
أَبِي الوَلِيْدِ البَاجِي الأُصُوْلِي.
وَالفَقِيْهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ البَيِّع
الهَمَذَانِيّ.
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيّ مُسْنِد
العِرَاق.
وَلُغوِيُّ الوَقْت سَلْمَانُ بن عَبْدِ اللهِ بن الفُتِّي
(2) النَّهْرَوَانِي.
وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَابِرِ بنِ يَاسين الحَنْبَلِيّ.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (68) في العلم، و(6411)
في الدعوات، ومسلم (2821) في صفات المنافقين، والترمذي
(2855)، وأحمد 1 / 377 و378 و425 و440 و443 و462 من طرق عن
الأعمش بهذا الإسناد.
وأخرجه من طريق منصور، عن شقيق، البخاري (70) في العلم:
باب من جعل لاهل العلم أياما معلومة، وأحمد 1 / 427 و465.
(2) بالفاء وتاء واحدة بعدها ياء كما في الأصل، وفي
المصادر التي ترجمت له، ولم يرد لها ذكر في كتب الأنساب،
وأورد السمعاني 9 / 239: " الفتيتي " وضبطه بضم الفاء
والياء الساكنة بين التاءين ثالث الحروف، وقال: كذا رأيت
في تاريخ بغداد 2 / 99 مقيدا مضبوطا، وهو أبو الحسن علي بن
محمد بن عبد الله الفتيتي القطان من أهل النهروان...وسلمان
هذا مترجم في " معجم الأدباء " 11 / 234، وإنباه الرواة 2
/ 26 - 28، والوافي بالوفيات 15 / 311 ومرآة الجنان 3 /
156، وطبقات المفسرين للسيوطي 13، وبغية الوعاة 1 / 595،
وشذرات الذهب 3 / 399، وروضات الجنات 322 - 323.
(19/43)
وَأَبُو سَعْدٍ عبدُ الجَلِيْل بن
مُحَمَّدٍ السَّاوِي (1) السَّفَّار.
وَالمُقْرِئُ عبدُ القَاهِر بن عَبْد السَّلاَمِ
العَبَّاسِيّ صَاحِبُ الكَارَزِينِي (2) .
وَأَبُو الفَضْلِ عبدُ الكَرِيْم بن المُؤَمَّل
الكَفَرْطَابِي (3) البَزَّاز.
وَالوَزِيْر ابْنُ الوَزِيْر عَمِيدُ الدَّوْلَة أَبُو
مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ ابنُ فَخر الدَّوْلَة ابْن جَهير.
وَشَيخُ الطِّبِّ مُؤلف(المنهَاج (4))أَبُو عَلِيٍّ
يَحْيَى بن عِيْسَى بنِ جَزَلَة البَغْدَادِيّ (5) .
وَفقيهُ مَا وَرَاءَ النَّهْر أَبُو الْيُسْر مُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنٍ ابْنِ المُحَدِّث عبد
الكَرِيْم بن مُوْسَى بن مُجَاهِدٍ البَزْدَوِيّ
النَّسَفِي (6) ، وَيُلَقَّبُ بِالقَاضِي الصَّدْر عَنْ
نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
28 - هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ اللَّيْثِ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الحَسَنِ
الأَنْصَارِيُّ، الأَوسِيُّ، الأَشْهَلِيُّ، ثُمَّ
السَّعْدِيّ، البَغْدَادِيّ، مِنْ ذُرِّيَّة سَعْد بنِ
مُعَاذ
__________
(1) نسبة إلى ساوة: بلدة بين الري وهمذان.
(2) نسبة إلى " كارزين " وهي من بلاد فارس مما يلي البحر "
الأنساب ": 10 / 316.
(3) نسبة إلى " كفرطاب " وهي بلدة عند المعرة بين حلب
وحماة.
الأنساب: 10 / 448.
(4) والاسم الكامل: " منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان
من الادوية المفردة والمركبة " وتوجد منه نسخة خطية بدار
الكتب المصرية رقم 107 طب.
(5) انظر ترجمته في هذا الجزء رقم (108).
(6) انظر ترجمته في هذا الجزء رقم (30).
(*) المنتظم: 9 / 107 - 108، العبر: 3 / 332، عيون
التواريخ: 13 / 84، شذرات الذهب: 3 / 397.
(19/44)
الَّذِي اهْتَزَّ الْعَرْش لِمَوْتِهِ (1)
.
سَمِعَ(جُزءَ الحَفَّارِ)مِنْ صَاحِبه هِلاَل بن مُحَمَّدِ
بنِ جَعْفَرٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي الحُسَيْنِ بن بِشْرَان، وَأَبِي
الفَضْلِ عبد الوَاحِد بن عَبْدِ العَزِيْزِ
التَّمِيْمِيّ، وَكَانَ آخِرَ أَصْحَاب التَّمِيْمِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدي،
وَأَبُو البَرَكَات بنُ الأَنْمَاطِيّ، وَعبدُ الخَالِق
اليُوسُفِي، وَعبدُ الرَّحْمَن بن أَحْمَدَ الطُّوْسِيّ
ثُمَّ المَوْصِلِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن
العَبَّاسِ الحَرَّانِيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَأَجَازَ
لِلْحَافظ السِّلَفِيّ، وَمَا تَنبَّه لَهُ أَن
عِنْدَهُ(جُزء الحَفَّارِ).
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:سَمِعْتُ بَعْضَ
مَشَايِخِي يَقُوْلُ:
إِنَّ الشَّرِيْفَ هِبَة اللهِ الأَنْصَارِيّ كَانَ يَأْخذ
عَلَى(جُزء الحَفَّار)دِيْنَاراً صَحِيْحاً.
قُلْتُ:وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة،
وَمَاتَ فِي الحَادِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخر،
سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ
مِنْ ذَوِي الهَيآت، وَمِنْ قُرَّاء الموَاكب، صَحِيْحَ
السَّمَاع.
وَفِيْهَا مَاتَ:طِرَادٌ (2) الزَّيْنَبِيّ، وَأَبُو
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عبد الغفَار بن أَشتَه (3) ،
وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الرَّازِيّ
بن الخَطَّابِ (4) ، وَأَبُو
__________
(1) أخرجه من حديث جابر بن عبد الله البخاري (3803) في
مناقب الانصار: باب مناقب سعد بن معاذ، ومسلم (2466)
(124)، والترمذي (3848)، وابن ماجة (158)، وأحمد 3 / 296
و316 و349، وفي الباب عند أحمد 3 / 234، ومسلم (2467) من
طريق أنس، و4 / 352 عن أسيد بن حضير، 6 / 329 عن رميثة بنت
عمرو، و6 / 456، عن أسماء بنت يزيد بن السكن.
(2) تقدمت ترجمته برقم 24.
(3) سيترجمه المؤلف برقم 104.
(4) مترجم برقم 111.
(19/45)
العَبَّاس أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ بِشرُويه (1) ، وَالحَسَن بن أَحْمَدَ
السَّمَرْقَنْدي الحَافِظ (2) ، وَسَهْل بن بِشْرٍ
الإِسْفَرَايينِي (3) ، وَعَبْد الرَّزَّاقِ بن حَسَّانِ
بنِ سَعِيْدٍ المَنِيْعِيّ، وَعبد الوَاحِد بن عُلْوَانَ
الشَّيْبَانِيُّ (4) ، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ الحَرَمِي (5) بِهَرَاةَ، وَمكِي بن مَنْصُوْرٍ
السَّلاَّر الكَرَجِيّ (6) .
29 - ابْنُ البَطِرِ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ
البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُقْرِئُ، الفَاضِلُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ،
أَبُو الخَطَّابِ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ البَطِر البَغْدَادِيّ، البَزَّاز، القَارِئُ.
وُلِدَ:سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
وَسَمَّعَهُ أَخُوْهُ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ
بن عُبيد الله بن البَيِّع، وَعُمَر بن أَحْمَدَ
العُكْبَرِيّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بن بِشْرَان، وَأَبِي
الحَسَنِ بنِ رِزقويه، وَأَبِي بَكْرٍ المُنَقِّي، وَمكِي
الحَرِيْرِيّ، وَتَفَرَّد فِي زَمَانِهِ، وَارْتَحَلَ
المُحَدِّثُونَ إِلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة، وَأَبُو
بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
السَّمَرْقَنْدي، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الأَنْمَاطِيّ،
وَسَعْدُ الخَيْر الأَنْدَلُسِيّ، وَأَبُو
__________
(1) مترجم برقم 135.
(2) مترجم برقم 125.
(3) مترجم برقم 88.
(4) مترجم برقم 65.
(5) مترجم برقم 122.
(6) ستأتي ترجمته برقم 39.
(*) الأنساب: 9 / 133 - 134، المنتظم: 9 / 129، معجم
البلدان: 4 / 192، اللباب: 2 / 377، الكامل في التاريخ: 10
/ 327، العبر: 3 / 340، دول الإسلام: 2 / 24، المستفاد من
ذيل تاريخ بغداد: 240 - 241، عيون التواريخ: 13 / 107،
البداية والنهاية: 12 / 161، تبصير المنتبه: 3 / 1002،
شذرات الذهب: 3 / 402.
(19/46)
بَكْر بن العربِي (1) ، وَمَحْمُوْدٌ
الزَّمَخشرِي المُعْتَزِلِي (2) ، وَابْنُ نَاصر، وَعبدُ
الخَالِق اليُوسُفِي، وَابْن البَطِّي، وَأَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ الغَنِيِّ البَاجِسْرَائِي، وَمُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ السَّكَن، وَخُزَيفَة (3) ابْن الهَاطْرَا،
وَعبد الوَاحِد بن الحُسَيْنِ البَارِزِي، وَأَحْمَد بن
المقرّب، وَعَبْد اللهِ بن عَلِيٍّ الطَّامَذِي،
وَالمُبَارَك بن مُحَمَّدٍ البَادَرَائِي (4) ، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَشُهْدَة، وَخطيب المَوْصِل،
وَخَلْقٌ.
قَالَ ابْنُ سُكَّرَة:شَيْخٌ، مَسْتورٌ، ثِقَةٌ.
وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ
الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ:سَأَلتُ شُجَاعاً الذُّهْلِيّ عَنِ ابْنِ
البَطر، فَقَالَ:كَانَ قَرِيْبَ الحَال (5) ، ليِّناً فِي
الرِّوَايَة، فَرَاجعتُهُ فِي ذَلِكَ، وَقُلْتُ:مَا عرفنَا
مِمَّا (6) ذكرتَ شَيْئاً، وَمَا قُرِئَ عَلَيْهِ شَيْء
يُشكُّ فِيْهِ، وَسمَاعَاته كَالشَّمْس وُضُوحاً،
فَقَالَ:هُوَ - لَعمرِي - كَمَا ذكرت، غَيْر أَنِّي
وَجَدْت فِي بَعْضِ مَا كَانَ لَهُ بِهِ نُسخَة، سَمَاعاً
يَشْهَدُ القَلْب بِبُطْلانِهِ، وَلَمْ يُحْمَلْ عَنْهُ
مِنْ ذَلِكَ شَيْء (7) .
قَالَ أَبُو المُظفَّر فِي(مِرْآة الزَّمَان (8)):كَانَ
ابْنُ الْبَطر عَلَى دَوَالِيب
__________
(1) ستأتي ترجمته في الجزء العشرين رقم (128).
(2) ستأتي ترجمته في الجزء العشرين رقم (91).
(3) في " تبصير المنتبه ": 1 / 421: بخاء معجمة وزاي بدل
الذال: خزيفة بن سعد ابن الهاطرا، مشهور ذكره ابن نقطة.
(4) نسبة لبادرايا وهي بلدة من نواحي واسط.
انظر الإكمال بتعليقه 1 / 404.
(5) في " المستفاد ": كان قريب الامر.
(6) في الأصل: ما.
(7) الخبر في " المستفاد ": 241.
(8) وقد صور منه الجزء الثامن والاخير - وهو يبتدئ بحوادث
سنة 495 ه - في أمريكا سنة 1907 م.
(19/47)
الْبَقر مُشرِفاً عَلَى عُلوَفَاتِهِم،
فَكَتَبَ إِلَى الخَلِيْفَة المُسْتَظهر بِاللهِ:العَبْدُ
ابْن البَقَر المُشرِف عَلَى البَطر، فَضَحِكَ
الخَلِيْفَةُ مِنْ تَغفِيله.
قَالَ السِّلَفِيّ:دَخَلتُ بَغْدَاد فِي الرَّابع
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّال، فَبَادَرْتُ إِلَى ابْنِ
البَطرِ، فَدَخَلتُ عَلَيْهِ، وَكَانَ عَسِراً،
فَقُلْتُ:قَدْ وَصلتُ مِنْ أَصْبَهَان لأَجلك،
فَقَالَ:اقرَأْ، وَنَطق بِالرَّاء غِيْناً، فَقَرَأْتُ
مُتَّكِئاً مِنْ دمَامِيْل بِي، فَقَالَ:أَبصر ذَا
الكَلب!فَاعْتذرتُ بِالدمَامِيْل، وَبكيتُ مِنْ كلاَمه،
وَقَرَأْت سَبْعَة وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، وَقُمْتُ،
ثُمَّ تردَّدتُ إِلَيْهِ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ خَمْسَةً
وَعِشْرِيْنَ جُزْءاً، وَلَمْ يَكُنْ بِذَاكَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ ابْنُ البَطِرِ يَسكن بَاب
الغَرَبَة (1) عِنْد المَشْرَعَة (2) مِمَّا يَلِي
البدرِيَّة، وَعُمِّر حَتَّى صَارَت إِلَيْهِ الرِّحلَةُ
مِنَ الأَطرَاف، وَتَكَاثر عَلَيْهِ الطَّلبَةُ، وَكَانَ
صَالِحاً صَدُوْقاً، صَحِيْحَ السَّمَاع، هُوَ آخِرُ مَنْ
حَدَّثَ عَنِ ابْنِ البَيِّع، وَابْن رِزقويه، وَابْن
بِشْرَان.
مَاتَ:فِي سَادس عشر رَبِيْع الأَوّل، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ
وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا بِجُزء فِيْهِ حَدِيْثُ الإِفك لِلآجرِيِّ
الطَّوَاشِيُّ بِلاَلٌ المُغِيثيُّ (3) ،
__________
(1) هو أحد أبواب دار الخلافة ببغداد، سمي بغربة كانت فيه
- وهي شجرة ضخمة
خضراء -: " معجم البلدان ": 4 / 192.
(2) هي المواضع التي ينحدر إلى الماء منها.
(3) ترجمة المؤلف في " مشيخته " ورقة: 39، فقال: بلال بن
عبد الله الأمير الكبير حسام الدين أبو الخير الحبشي الخصي
المغيثي الجمدار، ويعرف بالوالي، ربى ملوكا، وأولاد ملوك،
وكان وافر الحرمة، له أوقاف وبر، وفيه حب للرواية، عنده
سفاين أجزاء عن ابن رواج وغيره، مات بعد الهزيمة في رمل
مصر في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وست مئة، وكان من أبناء
التسعين.
وابن رواج: هو عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح
الإسكندراني المالكي المتوفى سنة 648، " شذرات الذهب ": 5
/ 242.
(19/48)
قَالَ:أَخْبَرْنَا ابْنُ رَوَاج،
أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَطِر.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الجُزْء أَبُو الفَتْحِ بنُ شَاتيل
عَنِ ابْنِ البَطِر، وَذَلِكَ وَهْمٌ مِنْ بَعْض
الطَّلبَة، لَمْ يُدرِكِ ابْنُ شَاتيل ذَلِكَ - وَاللهُ
أَعْلَمُ - .
30 - البَزْدَوِيُّ أَبُو اليُسْرِ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ *
وَيُلَقَّبُ بِالقَاضِي الصَّدْر، هُوَ العَلاَّمَةُ،
شَيْخُ الحَنَفِيَّة بَعْد أَخِيْهِ الكَبِيْرِ، أَبُو
اليُسْرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ ابنِ
المُحَدِّث عبد الكَرِيْم بن مُوْسَى بن مُجَاهِدٍ
النَّسفِي.
وَبَزْدَة:قَلْعَة حصينَة (1) .
قَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي(القَنْد (2)):كَانَ أَبُو
اليُسْرِ إِمَامَ الأَئِمَّة عَلَى الإِطلاَق، وَالموفودَ
إِلَيْهِ مِنَ الآفَاق، مَلأَ الكَوْن بِتَصَانِيْفِه فِي
الأُصُوْل وَالفُرُوْع، وَوَلِيَ قَضَاءَ سَمَرْقَنْد (3)
، أَملَى الحَدِيْث مُدَّة.
تُوُفِّيَ:بِبُخَارَى، فِي تَاسع رَجَب، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيّ:مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى
وَعِشْرِيْنَ.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ عُثْمَان بنُ عَلِيٍّ البِيْكَنْدِيّ،
وَأَحْمَد بن نَصْرٍ البُخَارِيّ، وَمُحَمَّدُ بن أَبِي
بَكْرٍ السِّنْجِيّ، وَأَبُو رَجَاءٍ مُحَمَّد بن
مُحَمَّدٍ، وَآخَرُوْنَ. قُلْتُ:مَا سَمَّى شُيُوْخَه.
__________
(*) الأنساب: 2 / 189، الجواهر المضية: 2 / 116 و270 -
271، تاج التراجم: 48، 49، مفتاح السعادة: 2 / 185،
الفوائد البهية: 188، هدية العارفين: 2 / 77.
(1) على ستة فراسخ من نسف، كما في " معجم " ياقوت: 1 /
409.
(2) واسمه الكامل " القند في تاريخ سمرقند " تأليف أبي حفص
نجم الدين عمر بن محمد النسفي السمرقندي المتوفى سنة 537
ه.
(3) انظر " الجواهر المضية ": 2 / 270 و" مفتاح السعادة ":
2 / 185.
(19/49)
31 - ابْنُ شَغَبَةَ أَبُو القَاسِمِ
عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ،
القُدْوَةُ، العَابِدُ، شَيْخ البَصْرَة، أَبُو القَاسِمِ
عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَفِ بن مُحَمَّدِ بنِ
النَّضْرِ بن شَغَبَةَ الأَنْصَارِيُّ، البَصْرِيُّ،
وَجدُّه فَردٌ مُسْتفَاد مَعَ شُعْبَة (1) .
حَدَّثَ عَنْ:القَاضِي أَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيّ،
وَالحَسَن بن بَشَّار السَّابورِي، وَيُوْسُفَ بنِ
غَسَّانَ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة، وَأَبُو
نَصْرٍ الغَازِي، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلا، وَجَابِرُ
بن مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ
السَّمَرْقَنْدي، وَأَبُو غَالِبٍ المَاوَرْديُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:شَيْخٌ، حَافظٌ، مُتْقِنٌ، ثِقَةٌ،
مُكْثِرٌ، حضَر ابْنُ مَاكُوْلا مَجْلِسَ إِملاَئِه.
وَقَالَ ابْنُ سُكَّرَة:أَدْرَكتُه وَقَدْ ترك كُلَّ
شَيْء، وَأَقْبَلَ عَلَى العِبَادَة، صَادَفتُه يَدعُو
وَيَبْكِي بَعْدَ الصُّبْح، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ شَيْئاً
مِنَ الحَدِيْثِ، رُزِقَ الشَّهَادَة فِي آخِرِ عُمُرِهِ،
وَكَانَ عِنْدَهُ جُمْلَةٌ مِنْ(سُنَن أَبِي دَاوُدَ)،
عَنْ أَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيّ.
قُلْتُ:قُتِلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ، لَمْ
يَقع لِي شَيْء مِنْ عَوَالِيْهِ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ
بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
__________
(*) الإكمال: 5 / 64 وانظر ما قاله المعلمي، العبر: 3 /
305، تبصير المنتبه: 2 / 782، شذرات الذهب: 3 / 371 - 372،
تاج العروس: 1 / 323.
(1) من كتب المشتبه.
(19/50)
إِسْمَاعِيْل الطَّرَسُوسِيّ(ح).
وَأَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ الطَّرَسُوسِيّ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَافِظ، سَنَة
خَمْسٍ وَخَمْس مائَة إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
المَلِكِ بنُ شَغَبَة البَصْرِيّ بِهَا، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ إِمْلاَءً،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بن
أَبِي زُهَيْر، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ الوَلِيْدِ،
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ عَبْدِ
العَزِيْزِ بن عُمَرَ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنْ
عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- يُعَلِّمُنَا هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ، إِذَا جَاءَ
رَمَضَان، يَقُوْلُ:(اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي لِرَمَضَانَ،
وَسَلِّمْ رَمَضَانَ لِي، وَتَسَلَّمهُ مِنِّي
مُتَقَبَّلاً (1)).
غَرِيْب، وَرَوَاهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ عَنْ خَلَف
بن الوَلِيْدِ، وَتَفَرَّد بِهِ خلف.
32 - أَبُو الفَرَجِ الحَنْبَلِيُّ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو
الفَرَجِ عَبْدُ الوَاحِدِ بن مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف أبي جعفر الرازي، واسمه عيسى بن
ماهان، قال ابن المديني: كان يخلط، وقال يحيى: كان يخطئ،
وقال أحمد: ليس بالقوي في
الحديث، وقال أبو زرعة: كان يهم كثيرا، وقال ابن حبان: كان
ينفرد بالمناكير عن المشاهير، قلت: وهو راوي حديث أنس: ما
زال رسول الله يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا.
أخرجه أحمد: 3 / 162، والدارقطني 2 / 39، والطحاوي: ص:
143، والبيهقي: 2 / 201، كلهم من طريق أبي جعفر هذا عن
الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك، والثابت عن أنس كما في
الصحيح وغيره، أنه صلى الله عليه وسلم قنت شهرا في صلاة
الفجر ثم تركه.
قال الحافظ ابن حجر في الدراية ص: 117: ويؤخذ من الاخبار
أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا في النوازل، وقد
جاء ذلك صريحا: فعند ابن حبان وابن خزيمة، عن أبي هريرة:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح
إلا أن يدعو لقوم أو على قوم. وعند ابن خزيمة (620) عن أنس
مثله، وإسناد كل منهما صحيح.
(*) طبقات الحنابلة: 2 / 248 - 249، الكامل في التاريخ: 10
/ 228، العبر: 3 / 312، وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ: 3 /
1199، الوافي بالوفيات (خ): 17 / 82 - =
(19/51)
عَلِيّ بن أَحْمَدَ الأَنْصَارِيّ،
الشِّيرَازِيُّ الأَصْلِ، الحَرَّانِيُّ المَوْلِدِ،
الدِّمَشْقِيُّ المَقَرِّ، الفَقِيْهُ الحَنْبَلِيّ
الوَاعِظ، وَكَانَ يُعرَفُ فِي العِرَاق بِالمَقْدِسِيّ،
مِنْ كِبَارِ أَئِمَّة الإِسْلاَم.
سَمِعَ مِنْ:أَبِي الحَسَنِ بنِ السِّمْسَار، وَشيخ
الإِسْلاَم أَبِي (1) عُثْمَانَ الصَّابونِي، وَعَبْدِ
الرَّزَّاقِ بن الفَضْلِ الكَلاعِيّ، وَطَائِفَة
بِدِمَشْقَ بَعْد الثَّلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، فَلاَزم القَاضِي أَبَا
يَعْلَى بن الفَرَّاءِ، وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَدرَّس وَوَعظ،
وَبثَّ مَذْهَب أَحْمَد بِأَعْمَال بَيْتِ المَقْدِسِ،
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ (2) .
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَرَّاءِ فِي(طَبَقَات
الحنَابلَة (3)):صَحِبَ وَالِدي مِنْ سَنَةِ نَيِّفٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَتردَّد إِلَيْهِ
سِنِيْنَ عديدَة، وَنَسَخَ وَاسْتَنْسَخ مُصَنَّفَاته،
وَسَافَرَ إِلَى الرَّحْبَةِ وَالشَّام، وَحصل لَهُ
الأَتْبَاع وَالغِلمَان.
قَالَ:وَكَانَتْ لَهُ كرَامَاتٌ ظَاهِرَة، وَوقعَاتٌ مَعَ
الأَشَاعِرَة، وَظهرَ عَلَيْهِم بِالحُجَّة فِي مَجْلِس
السَّلاَطين بِالشَّامِ.
__________
= 83، ذيل طبقات الحنابلة: 1 / 68 - 73، الدارس: 2 / 65 -
66، الانس الجليل: 1 / 297 وهو فيه عبد الواحد بن أحمد بن
محمد، طبقات المفسرين للداوودي: 10 / 360 - 362، شذرات
الذهب: 3 / 378، إيضاح المكنون: 1 / 155، 2 / 287، هدية
العارفين: 634.
(1) في الأصل " أبو " وهو خطأ.
(2) من تصانيفه: " المبهج "، و" الايضاح "، و" التبصرة "
في أصول الدين، وكتاب " الجواهر " وهو ثلاثون مجلدة في
التفسير، و" مختصر في الحدود "، وفي " أصول الفقه "، و"
مسائل الامتحان ".
(3) 2 / 248، ونقله عنه في " ذيل الطبقات ": 1 / 69، 70.
(19/52)
قَالَ:وَيُقَالُ:إِنَّهُ اجْتَمَع
بِالخَضِرِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - مَرَّتين (1) ،
وَكَانَ يَتَكَلَّم فِي عِدَّةِ أَوقَات عَلَى الخوَاطر،
كَمَا كَانَ يَتَكَلَّم بِبَغْدَادَ أَبُو الحَسَنِ بنُ
القَزْوِيْنِيّ الزَّاهِد، وَكَانَ الْملك تُتُشُ (2)
يُعظِّمه، لأَنَّه تَمَّ لَهُ مُكَاشفَةٌ مَعَهُ...إِلَى
أَنْ قَالَ:
وَكَانَ نَاصراً لاعتقَادنَا، مُتَجَرِّداً فِي نَشره،
وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الفِقْه وَالوَعْظ وَالأُصُوْل.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة
بَاب الصَّغِيْر، وَقَبرُهُ مَشْهُوْر يُزَار، وَيُدعَى
عِنْدَهُ.
وَهُوَ وَالِدُ الإِمَام الرَّئِيْس شرف الإِسْلاَم عَبْد
الوَهَّابِ (3) بن أَبِي الفَرَجِ الحَنْبَلِيّ
الدِّمَشْقِيّ، وَاقف المدرسَة الحَنْبَليَة (4) الَّتِي
وَرَاء جَامِع دِمَشْق بِحِذَاء الرَّوَاحِيَة (5) ،
وَكَانَ صَدراً مُعَظَّماً يُرسَل عَنْ صَاحِب دِمَشْق
إِلَى الخِلاَفَة، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَشَرَفُ الإِسْلاَمِ هَذَا هُوَ جَدُّ الإِمَامِ
المُفْتِي شَيْخِ الحِنَابلَةِ:
__________
(1) وهذا مبني على أن الخضر حي لم يمت بعد، وهو قول مؤوف
لا يصح، فقد صرح بموته جمهور أهل العلم فيما نقله أبو حيان
في " البحر المحيط " وذكر الحافظ في " الإصابة " منهم
إبراهيم الحربي، وعبد الله بن المبارك، والبخاري، وأبا
طاهر بن العبادي، وأبا الفضل بن ناصر، وأبا بكر بن العربي،
وابن الجوزي، وغيرهم.
(2) ستأتي ترجمته برقم (46).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء العشرين رقم 63.
(4) هي المدرسة الشريفية عند القباقبية العتيقة، أنشأها
شرف الإسلام عبد الوهاب، انظر مختصر تنبيه الطالب، وإرشاد
الدارس ص: 124.
(5) هي مدرسة للشافعية لصيقة بالجامع الأموي من جهة بابه
الشرقي، وبانيها هو زكي الدين أبو القاسم التاجر المعروف
بابن رواحة، المتوفى سنة 622 ه، ولي التدريس فيها نخبة
ممتازة من أهل العلم والفضل كابن الصلاح، وبهاء الدين
السبكي، والكمال بن الزملكاني، وصفي الدين الارموي، وشمس
الدين المقدسي.
انظر " الدارس " ص: 1، 21، 32، 39، 130، 135، 268، و"
مختصر تنبيه الطالب " ص 43 - 45.
(19/53)
33 - نَاصِحُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ نَجْمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ الحَنْبَلِيِّ *
الدِّمَشْقِيّ، الوَاعِظ، الَّذِي مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ بِبَغْدَادَمِنْ:عبد الحَقِّ اليُوسفِي، وَشُهْدَة
الكَاتِبَة، وَجَمَاعَة.
وَبِأَصْبَهَانَ:مِنْ أَبِي العَبَّاسِ التُّرك،
وَالحَافِظ أَبِي مُوْسَى، وَطَائِفَة.
وَوعظ بِمِصْرَ، وَدرَّس، وَصَنَّفَ (1) ، وَكَانَ مُدرساً
بِمدرسَة جَدِّه.
رَوَى لَنَا عَنْهُ:ابْن مُؤْمِن، وَالعزُّ بنُ العِمَادِ،
وَابْنُ حَازِمٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْن الوَاسِطِيّ،
وَابْن بِطِّيخ، وَالشِهَابُ بن مُسْرِف، وَآخِرُ مَنْ
حَدَّثَ عَنْهُ المُعَمَّرُ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبدِ
الدَّائِم.
مَاتَ النَّاصح أَبُو الفَرَجِ بنُ أَبِي العَلاَءِ بنِ
الحَنْبَلِيّ:فِي ثَالِث المُحرَّم، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً،
وَلَهُ أَقَاربُ وَذُرِّيَّةٌ عُلَمَاء.
34 - مَلِكْشَاه جلاَلُ الدَّوْلَة بنُ أَلب آرسلاَنَ
السَّلْجُوْقِيُّ **
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، جلاَلُ الدَّوْلَةِ، أَبُو
الفَتْحِ مَلِكْشَاه ابنُ السُّلْطَان أَلب أَرسلاَن
__________
(*) ذيل الروضتين: 164، دول الإسلام: 2 / 137، العبر: 5 /
138، مرآة الزمان: م 8 / 463، البداية: 13 / 146، ذيل
طبقات الحنابلة: 2 / 193 - 201، النجوم الزاهرة: 6 / 297،
الدارس: 2 / 70 - 71، المنهج الاحمد خ، القلائد الجوهرية:
1 / 159، كشف الظنون: 78، شذرات الذهب: 5 / 164 - 166،
هدية العارفين: 1 / 524 - 560، منتخبات التواريخ: 502 -
503.
(1) ذكر ابن رجب في " ذيل طبقات الحنابلة ": 2 / 199 من
مصنفاته كتاب: " أسباب الحديث "، وكتاب: " الاستسعاد "،
وكتاب: " الانجاد في الجهاد ".
(* *) المنتظم: 9 / 69 - 74، أخبار الدولة السلجوقية: 55،
الكامل في التاريخ: 1 / 76، 78، 90، 210 - 214، وفيات
الأعيان: 5 / 283 - 289، المختصر: 2 / 202 - 203، دول
الإسلام: 2 / 13 - 14، العبر 3 / 309، تتمة المختصر: =
(19/54)
مُحَمَّد بن جغرِيبَك (1) السَّلْجُوْقِي،
التُّركِي.
تَمَلَّك بَعْد أَبِيْهِ، وَدَبَّر دَوْلَته النّظَامُ
الوَزِيْرُ بِوصيَةٍ مِنْ أَلب أرسلاَن إِلَيْهِ، فِي
سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ عَمُّه
مَلِكُ كِرْمَان قَاروت (2) ، فَالْتَقَوا بِقُرْبِ
هَمَذَان (3) ، فَانْكَسَرَ جَمعُهُ، وَأُتِي بعَمِّه
أَسِيْراً، فَوبَّخه، فَقَالَ:أُمرَاؤك كَاتَبونِي،
وَأَحضر خرِيطَةً فِيْهَا كُتُبُهُم، فَنَاوَلَهَا لنظَام
الْملك لِيقرَأهَا، فَرمَاهَا فِي مِنْقَلِ نَارٍ،
فَفَرِحَ الأُمَرَاءُ، وَبَذَلُوا الطَّاعَةَ، وَخَنَقَ
عَمَّهُ (4) ، ثُمَّ تَمَلَّكَ مِنَ المَدَائِن مَا لَمْ
يَملكه سُلْطَان، فَمَنْ ذَلِكَ مَدَائِنُ مَا وَرَاءَ
النَّهْر، وَبلاَدُ الهَيَاطِلَة (5) ، وَبَابُ
الأَبْوَاب، وَبلاَدُ الرُّوْم، وَالجَزِيْرَة، وَكَثِيْرٌ
مِنَ الشَّام، فَتملَّك مِنْ كَاشْغَرَ (6) إِلَى القُدْس
طُوْلاً، وَمِنْ أَطرَاف قُسْطَنْطِيْنِيَّة إِلَى بلاَد
الخَزَر (7) ، وَبَحر الهِنْد عرضاً، وَكَانَ حَسَنَ
السِّيرَة، لَهِجاً بِالصَّيد
__________
= 2 / 12 - 13، البداية والنهاية: 12 / 142 - 143، تاريخ
ابن خلدون: 5 / 13، النجوم الزاهرة: 5 / 134 - 135، شذرات
الذهب: 3 / 376، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 52، 73.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء الثامن عشر رقم 51.
(2) كذا الأصل: (قاروت) بتقديم الراء على الواو، وهو كذلك
في ابن خلكان 5 / 284 وفي الكامل لابن الأثير: 1 / 78:
(قاورت) بتقديم الواو على الراء، وفي أخبار الدولة
السلجوقية ص: 50: (قارود) بالدال بدل التاء.
(3) انظر خبر الحرب بينهما في " الكامل " لابن الأثير: 10
/ 78 - 79.
(4) في الوفيات: 5 / 284: ثم أمر بقتل عمه فخنق بوتر قوسه.
(5) قال ياقوت في معجم البلدان: هيطل: اسم لبلاد ما وراء
النهر، وهي بخارى، وسمرقند، وخجند.
سمي بهيطل بن عالم بن سام بن نوح عليه السلام.
(6) قال ياقوت: هي مدينة وقرى ورساتيق يسافر إليها من
سمرقند وتلك النواحي وهي في وسط بلاد الترك، وضبطها ابن
خلكان بفتح الكاف، وبعد الالف شين معجمة ساكنة، وغين معجمة
مفتوحة، وبعدها راء، وقال هي قصبة بلاد تركستان.
(7) قال ياقوت: هي بلاد الترك خلف باب الابواب المعروف
بالدربند، وقيل: سمي بالخزر ابن يافث بن نوح.
وقال في العين: الخزر: جيل خزر العيون انظر " معجم البلدان
": 2 / 367.
(19/55)
وَاللَّهْو، مُغرَىً بِالعَمَائِر، وَحفرِ
الأَنْهَار، وَتَشييدِ القَنَاطِر، وَالأَسْوَارِ،
وَعَمَّرَ بِبَغْدَادَ جَامِعاً كَبِيْراً، وَأَبطل
المُكوسَ وَالخفَارَاتِ فِي جَمِيْع بلاَده.
هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ خَلِّكَان (1) .
قَالَ:وَصنع بِطرِيق مَكَّة مصَانِع، يُقَالَ:إِنَّهُ ضَبط
مَا اصطَاده بِيَدِهِ، فَبَلَغَ عَشْرَة آلاَفِ وَحشٍ،
فَتَصَدَّقَ بِعَشْرَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ:إِنِّيْ
خَائِفٌ مِنْ إِزهَاق الأَرْوَاح لِغِير مَأْكَلَةٍ.
شَيَّعَ مرَّة ركبَ العِرَاق إِلَى العُذَيْب (2) ،
فَصَادَ شَيْئاً كَثِيْراً، فَبنَى هُنَاكَ مَنَارَةَ
القرُوْنَ (3) مِنْ حَوَافر الْوَحْش وَقرونهَا، وَوَقَفَ
يَتَأَمَّل الحُجَّاج، فَرقَّ وَنَزَلَ وَسجد، وَعفَّر
وَجْهَهُ وَبَكَى، وَقَالَ بِالعجمِيَة:بلِّغُوا سَلاَمِي
إِلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- وَقُولُوا:العَبْدُ العَاصي الْآبِق أَبُو الفَتْحِ
يَخدم وَيَقُوْلُ:يَا نَبِيَّ اللهِ، لَوْ كُنْتُ مِمَّنْ
يَصلُح لِتلك الحضرَة المُقَدَّسَة، كُنْتُ فِي
الصُّحْبَة، فَضجَّ النَّاسُ وَبكُوْا، وَدَعَوا لَهُ.
وَأَمِنَتِ الطُّرُقُ فِي دَوْلَته، وَانحلَّتِ
الأَسعَارُ، وَتَزَوَّجَ الخَلِيْفَةُ المُقْتَدِي
بِابْنته بِسِفَارَة شَيْخ الشَّافعيَة أَبِي إِسْحَاقَ
(4) ، وَكَانَ عُرْسُهَا فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ،
وَعمِلَتْ دَعْوَة لجَيْشِ السُّلْطَان مَا سُمِعَ
بِمِثْلِهَا أَبَداً، فَممَا دَخَلَ فِيْهَا أَرْبَعُوْنَ
__________
(1) في " وفيات الأعيان ": 5 / 284.
(2) هو ماء بين القادسية والمغيثة، بينه وبين القادسية
أربعة أميال. " معجم البلدان ": 4 / 92.
(3) قال ابن خلكان: والمنارة باقية إلى الآن، وتعرف بمنارة
القرون، وذلك في سنة 480 ه.
(4) هو أبو إسحاق الشيرازي صاحب " المهذب " و" التنبيه "،
وقد تقدمت ترجمته في الجزء الثامن عشر رقم (237).
(19/56)
أَلف مَنّاً سُكَّراً، فَوَلَدَتْ لَهُ
جَعْفَراً (1) .
َقَدِمَ مَلِكْشَاه بَغْدَاد مرَّتين، وَقَدِمَ إِلَى حلب،
وَلَمْ يَكُنْ لِلمقتدي مَعَهُ غَيْرُ الاسْم، ثُمَّ
قَدِمهَا ثَالِثاً عليلاً، وَكَانَ المُقتدي قَدْ فَوَّض
العَهْدَ إِلَى ابْنِهِ المُسْتظهِر، فَأَلزمه مَلِكْشَاه
بِعَزْلِهِ، وَأَنْ يُوَلِّي ابْن بِنْته جَعْفَراً، وَأَن
يُسلِّم بَغْدَاد إِلَيْهِ، وَيَتحَوَّل إِلَى البَصْرَةِ،
فَشقَّ عَلَى الْمُقْتَدِي، وَحَار، ثُمَّ طَلَب المُهلَة
عَشْرَة أَيَّام لِيَتَجَهَّز، فَصَام وَطوَى، وَجَلَسَ
عَلَى التُّرَاب، وَتضرَّع إِلَى رَبِّهُ، فَقوِيَ
بِالسُّلْطَان المرضُ، وَمَاتَ فِي شَوَّال، سَنَةَ خَمْسٍ
وَثَمَانِيْنَ، عَنْ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً،
فَقِيْلَ:سُمَّ فِي خِلالٍ تَخَلَّلَ بِهِ، وَكَانَ
وَزِيْرُهُ النِّظَام قَدْ قُتِلَ مِنْ أَيَّام، وَلَمْ
يَشْهَدِ السُّلْطَانَ كَبِيْرُ أَحَد (2) ، وَلاَ عُمِلَ
لَهُ عزَاء، وَنُقِلَ تَابوته إِلَى أَصْبَهَانَ، فَدُفِنَ
فِي مدرسَةٍ عَظِيْمَة.
وَقَدْ تَزَوَّجَ المُسْتظهرُ بِاللهِ بِخَاتُوْنَ
بِنْتِهِ الأُخْرَى، وَتنَازع فِي المُلك أَوْلاَدُهُ مِنْ
بَعْدِهُ زَمَاناً، وَكَانَ آخِرُهُم مَوْتاً ابْنُهُ
سَنْجَر صَاحِبُ خُرَاسَان، عَاشَ بَعْدَ أَبِيْهِ أَقلَّ
مِنْ سَبعِينَ سَنَةً.
وَكَانَ ملكشَاهُ كَثِيْرَ الجُيُوْش، خفِيفَ الرِّكَاب،
عبر فِي سَنَةِ (482) إِلَى مَا وَرَاء النَّهْر، فَسَارَ
إِلَى بُخَارَى، وَسَمَرْقَنْد، فَتَمَلَّكَهَا، ثُمَّ
سَارَ فِي بلاَد التُّرك إِلَى كَاشْغَر، فَأَذعَن
صَاحِبُهَا بطَاعته، وَنَزَلَ إِلَى خِدمَته (3) .
قَالَ المُؤَيَّد فِي(تَارِيْخِهِ (4)):كَانَ مِنْ أَحْسَن
النَّاسِ صُوْرَةً وَمَعْنَى،
__________
(1) انظر الكامل في التاريخ: 10 / 160 - 161، الوفيات: 5 /
288، وابن خلدون: 5 / 9 - 10.
(2) ابن خلكان: 5 / 188، وفيه: ولم يشهد أحد جنازته
ببغداد، ولا صلي عليه في الصورة الظاهرة.
(3) انظر الكامل في التاريخ: 10 / 171 - 172.
(4) 2 / 203.
(19/57)
خُطِبَ لَهُ مِنْ حُدُوْد الصِّينِ إِلَى
آخِرِ الشَّام، وَمِنْ مَمْلَكَة الرُّوْم إِلَى اليَمَنِ،
وَقَصَدَ حلب، فَافْتَتَحَهَا، وَدَانَت لَهُ الدُّنْيَا.
35 - المُعْتَمِدُ بنُ عَبَّادٍ مُحَمَّدُ ابنُ
المُعْتَضِدِ بِاللهِ ابنِ الظَّافِرِ بِاللهِ *
صَاحِبُ الأَنْدَلُس، المُعْتَمِدُ عَلَى اللهِ أَبُو
القَاسِمِ مُحَمَّدُ ابنُ الملكِ المُعْتَضِدِ بِاللهِ
أَبِي عَمْرٍو عَبَّادِ ابْن الظَّافر بِاللهِ أَبِي
القَاسِمِ، قَاضِي إِشبيليَة، ثُمَّ مَلِكُهَا، مُحَمَّد
بن إِسْمَاعِيْلَ بن قُرَيْش اللَّخْمِيّ.
قِيْلَ:هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ النُّعْمَان بن المُنْذِرِ
صَاحِبِ الحِيرَة.
حكم المُعْتَمِدُ عَلَى المدينَتينِ قُرْطُبَة
وَإِشبيليَة، وَأَصلُهُم مِنَ الشَّام مِنْ بَلَدِ
العَرِيشِ، فَدَخَلَ أَبُو الوَلِيْدِ إِسْمَاعِيْلُ بن
قُرَيْش إِلَى الأَنْدَلُسِ، ثُمَّ بَرَعَ القَاضِي فِي
الفِقْه، وَوَلِيَ القَضَاءَ، ثُمَّ تَمَلَّكَ مُدَّةً،
وَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُهُ المُعْتَضِدُ، فَسَاسَ
المَمْلَكَة بِإِشبيليَة، وَبَايعُوْهُ بِالمُلك فِي
سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَ شَهْماً، صَارِماً، دَاهِيَةً، ذَبَحَ جَمَاعَةً
مِنْ أَعْوَان أَبِيْهِ، وَصَادَرْهم، وَعلاَ شَأْنُهُ،
وَدَانت لَهُ الأُمَمُ.
غرز خشباً فِي قَصْره، وَعَمَّمَهَا برُؤُوْس كِبَارٍ
وَمُلُوْكٍ، وَكَانُوا يُشَبِّهونه
__________
(*) مطمح الانفس: 10 - 22، الذخيرة: ق 2 / م 1 / 41 - 81،
خريدة القصر: 2 / 25، الكامل في التاريخ: 10 / 248 - 250،
المعجب: 158، الحلة السيراء: 2 / 52 - 67، وفيات الأعيان:
5 / 21 - 39، البيان المغرب: 3 / 257، المختصر: 2 / 207 -
208، العبر: 3 / 321 - 322، تتمة المختصر: 2 / 16، الوافي:
3 / 183 - 188، عيون التواريخ: 13 / 19 - 49 وفيه كثير من
شعره، أعمال الاعلام: 157، تاريخ ابن خلدون 5 / 158،
النجوم الزاهرة: 5 / 157، القلائد: 40، نفح الطيب: 4 / 212
- 228، شذرات الذهب: 3 / 386 - 391، تراجم إسلامية لعنان:
212 - 224.
(19/58)
بِالمَنْصُوْر العَبَّاسِيّ.
وَرَام ابْنُهُ إِسْمَاعِيْل اغْتيَالَه، فَأَخَذَهُ،
وَضربَ عُنُقه، وَعَهِدَ إِلَى ابْنِهِ الْمُعْتَمد (1) .
قِيْلَ:سَمَّه طَاغِيَةُ الفِرَنْج فِي ثَوْبٍ فَاخر،
أَهدَاهُ لَهُ (2) .
وَمِنْ جَبَرُوتِهِ وَعُتُوِّهِ أَنَّهُ أَخَذَ مَالاً
لأَعْمَى، فَهجَّ وَجَاور بِمَكَّةَ، فَبَلَغَ
المُعْتَضِدَ أَنَّهُ يَدعُو عَلَيْهِ، فَندبَ رَجُلاً
أَعْطَاهُ جُمْلَةَ دَنَانِيْر مَطْلِيَّةً بِسُمٍّ،
فَسَارَ إِلَى مَكَّةَ، وَأَوصله الذّهب، فَقَالَ:يَظلمنِي
بِإِشبيليَة، وَيَصِلُنِي هُنَا؟!
ثُمَّ وَضَعَ مِنْهَا دِيْنَاراً فِي فَمِهِ كَعَادَة
الأَضِرَّاء، فَمَاتَ مِنَ الغَدِ.
وَهَرَبَ مِنْهُ مُؤَذِّن إِلَى طُلَيْطُلَةَ، فَبقِي
يَدعُو عَلَيْهِ فِي السَّحر، فَنفَّذ مَنْ جَاءهُ
بِرَأْسِهِ.
وَقَدْ سَكِرَ لَيْلَةً، وَخَرَجَ فِي اللَّيْلِ مَعَهُ
غُلاَمٌ، وَسَارَ مَخْمُوْراً، حَتَّى وَافَى قَرمُونَه
(3) ، وَصَاحِبهَا إِسْحَاق البِرْزَال، وَبينهُمَا
حُرُوْب، وَكَانَ يَشرب أَيْضاً فِي جَمَاعَةٍ،
فَاسْتَأْذَن المُعْتَضِدُ، وَدَخَلَ، فَزَادَ
تَعجُّبُهُم، فَسَلَّمَ وَأَكل، وَأَلَّ (4) [ مِنْ ]
سُكْرِهِ، وَسُقِطَ فِي يَدِهِ، لَكنَّه تَجلَّد، ثُمَّ
قَالَ:أُرِيْد أَنْ أَنَام، فَفَرشُوا لَهُ، فَتنَاوم،
فَقَالَ بَعْضُهُمْ:هَذَا كَبش سمِينٌ، وَاللهِ لَوْ
أَنفقتُم مُلكَ الأَنْدَلُس عَلَيْهِ مَا قَدَرْتُم،
فَقَالَ مُعَاذُ بنُ أَبِي قُرَّة:كلا، رَجُل قَصَدَنَا،
__________
(1) تقدم الخبر في " السير " مفصلا في ترجمة " المعتضد "
في الجزء الثامن عشر رقم 126.
(2) الخبر في فوات الوفيات: 2 / 147.
(3) قال ياقوت: 4 / 330: قرمونيه: بالفتح ثم السكون، وضم
الميم، وسكون الواو، ونون مكسورة، وياء مخففة، وهاء: كورة
بالاندلس يتصل عملها بأعمال إشبيلية غربي قرطبة وشرقي
إشبيلية، قديمة البنيان، وأكثر الناس يقولون " قرمونه ".
(4) في اللسان: أل في سيره ومشيه. إذا أسرع واهتز واضطرب.
وما بين الحاصرتين زيادة يقتضيها النص.
(19/59)
وَنَزَلَ بِنَا مُسْتَأْمِناً، لاَ تَتحدّث
عَنَّا القبَائِلُ أَنَّا قتلنَا ضَيْفَنَا، ثُمَّ انْتَبه
وَقَامَ، فَقبَّلُوا رَأْسه، وَقَالَ لِلْحَاجِبِ:أَيْنَ
نَحْنُ؟
قَالَ:بَيْنَ أَهْلك وَإِخْوَانِك.
قَالَ:هَاتُوا دوَاة، فَكَتَبَ لِكُلِّ مِنْهُم بِخِلْعَةٍ
وَمَالٍ وَأَفرَاسٍ وَخَدَمٍ، وَأَخَذَ مَعَهُ غِلمَانهُم
لِقبض ذَلِكَ، وَركب، فَمَشَوا فِي خِدمته.
لَكِن أَسَاء كُلَّ الإِسَاءة؛طَلَبهُم بَعْدَ أَشهرٍ
لِوليمَة، فَأَتَاهُ سِتُّوْنَ مِنْهُم، فَأَكْرَمَهُم،
وَأَنْزَلهُم حَمَّاماً وَطَيَّنه عَلَيْهِم سِوَى مُعَاذ،
وَقَالَ لِمُعَاذ:لَمْ تُرَعْ، حَضَرَتْ آجَالُهُم،
وَلَولاَكَ لَقَتلونِي، فَإِنْ أَردتَ أَنْ أُقَاسمك
مُلكِي، فَعَلت.
قَالَ:بَلْ أُقيم عِنْدَك، وَإِلاَّ بِأَيِّ وَجه أَرجعُ،
وَقَدْ قتلتَ سَادَات بَنِي بِرْزَال، فَصَيَّره مِنْ
كِبَارِ قُوَّاده، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ قُوَّاد
المُعْتَمد.
وَحَكَى عبد الوَاحِد بن عَلِيٍّ فِي(تَارِيْخِهِ
(1)):أَنَّ المُعْتَضِدَ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ إِلَيْهِ
المُؤَيَّدُ بِاللهِ هِشَام بنُ الحَكَمِ المَرْوَانِي،
فَخطب لَهُ مُدَّة بِالخِلاَفَةِ، وَحَمله عَلَى تَدبِير
هَذِهِ الحيلَة اضْطِرَابُ أَهْل إِشبيليَة
عَلَيْهِ؛أَنِفُوا مِنْ بَقَائِهِم بِلاَ خَلِيْفَة،
وَبَلَغَهُ أَنَّهُم يَتَطَلَّبُوْنَ أُمَوِيّاً،
فَقَالَ:فَالمُؤَيَّدُ عِنْدِي، وَشَهِدَ لَهُ جَمَاعَة
بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ كَالحَاجِب لَهُ، وَأَمر بِالدُّعَاء
لَهُ فِي الجُمَعِ، وَدَام إِلَى أَنْ نَعَاهُ لِلنَّاسِ
سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَادَّعَى
أَنَّهُ عَهِدَ إِلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ.
وَهَذَا هَذِيَان، وَالمُؤَيَّدُ هَلَكَ سَنَة نَيِّفٍ
وَأَرْبَع مائَة، وَلَوْ كَانَ بَقِيَ إِلَى هَذَا
الوَقْت، لَكَانَ ابْنَ مائَة سَنَةٍ وَسَنَة (2) .
__________
(1) هو " المعجب في تلخيص أخبار المغرب " لعبد الواحد بن
علي التميمي المراكشي المتوفى سنة 647 ه، فرغ من تأليفه
سنة 621 ه، وقد طبع بمصر بتحقيق الأستاذ الفاضل الأديب
سعيد العريان رحمه الله، وانظر الخبر فيه ص 141 - 142.
(2) وقد ذكر المؤلف اختفاء المؤيد وظهوره والاختلاف في أمر
وفاته في الجزء السابع عشر في ترجمة ابن عباد والد المتعضد
برقم (354).
(19/60)
هلك المُعْتَضِدُ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَخلفه الْمُعْتَمد صَاحِب التَّرْجَمَة، فَكَانَ فَارِساً
شُجَاعاً، عَالِماً أَديباً، ذكيّاً شَاعِراً، مُحسناً
جَوَاداً مُمَدَّحاً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ، خَيْراً مِنْ
أَبِيْهِ.
كَانَ أَندَى المُلُوْك رَاحَةً، وَأَرحبهُم سَاحَةً،
كَانَ بَابُه مَحطَّ الرِّحَال، وَكعبَةَ الآمَال (1) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ اللَّبَّانَة الشَّاعِر
(2) :مَلَكَ المُعْتَمِدُ مِنْ مُسوَّرَات البِلاَد
مائَتَيْ مُسور، وَوُلد لَهُ مائَةٌ وَثَلاَثَة
وَسَبْعُوْنَ وَلداً، وَكَانَ لِمَطْبَخه فِي اليَوْمِ
ثَمَانِيَةُ قنَاطير لحم، وَكُتَّابُه ثَمَانِيَةَ عشرَ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان (3) :كَانَ الأَذْفونش (4) قَدْ
قوِيَ أَمرُه، وَكَانَتِ المُلُوْكُ بِالأَنْدَلُسِ
يُصَالِحونه، وَيَحْمِلُوْنَ إِلَيْهِ ضَرَائِبَ، وَأَخَذَ
طُليطلَة (5) فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ بَعْدَ
حِصَارٍ شَدِيد، مِنَ القَادِر بنِ ذِي النُّوْنِ، فَكَانَ
ذَلِكَ أَوَّلَ وَهْنٍ دَخَلَ مِنَ الفِرَنْج عَلَى
المُسْلِمِين، وَكَانَ المُعْتَمِدُ يُؤَدِّي إِلَيْهِ،
فَلَمَّا تَمَكَّنَ، لَمْ يَقبلِ الضَّرِيبَةَ،
وَتَهدَّدَه، وَطلب مِنْهُ أَنْ يُسَلِّم حُصُوْناً،
فَضَرَبَ الرَّسُولَ، وَقَتَلَ مَنْ مَعَهُ، فَتحرَّك
اللَّعينُ، وَاجتمع العُلَمَاءُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ
يُكَاتِبُوا الأَمِيْرَ أَبَا يَعْقُوْب بن تَاشفِيْن
صَاحِبَ مَرَّاكُش لِيُنْجِدَهُم، فَعَبَرَ ابْنُ
تَاشفِيْن بِجيوشه إِلَى الجَزِيْرَة، ثُمَّ اجْتَمَع
بِالمُعْتَمِد، وَأَقْبَلت المُطَّوِّعَةُ مِنَ
النَّوَاحِي،
__________
(1) ذكره ابن خلكان بأطول مما هنا: 5 / 24، نقلا عن أبي
الحسن علي بن القطاع السعدي في كتابه " لمح الملح ".
(2) ستأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (215).
(3) في وفيات الأعيان: 5 / 28 - 30.
(4) أي ملك الفرنج فرذلند.
(5) قال السمعاني: بضم الطاء المهملة، وفتح اللام، وسكون
الياء، وكسر الطاء الأخرى، وقال ياقوت: ضبطه الحميدي بضم
الطائين وفتح اللام، وأكثر ما سمعناه من المغاربة بضم
الأولى وفتح الثانية.
(19/61)
وَركب الأَذْفونش فِي أَرْبَعِيْنَ (1)
أَلف فَارِس، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ تَاشفِيْن يَتهدَّدُه،
فَكَتَبَ فِي ظهر كِتَابهُ:الَّذِي يَكُوْن سَتَرَاهُ.
ثُمَّ الْتَقَى الجمعَانِ، وَاصطدمَ الجبلاَنِ
بِالزَّلاَّقَةِ مِنْ أَرْضِ بَطَلْيَوْس (2) ، فَانْهَزَم
الكَلْبُ، وَاسْتُؤْصِلَ جَمعُه، وَقَلَّ مَنْ نَجَا، فِي
رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَجُرِحَ
المُعْتَمِدُ فِي بَدَنِه وَوَجهه، وَشُهِدَ لَهُ
بِالشَّجَاعَةِ وَالإِقدَام، وَغَنِمَ المُسْلِمُوْنَ مَا
لاَ يُوصف، وَغدَا ابْنُ تَاشفِيْن (3) .
ثُمَّ عَبَر فِي العَامِ الآتِي، وَتلَقَّاهُ
المُعْتَمِدُ، وَحَاصرَا حِصناً لِلْفرنج، وَترَجَّل ابْنُ
تَاشفِيْن، فَمَرَّ بغَرْنَاطَة، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ
صَاحِبُهَا ابْن بُلُكِّين تَقَادِمَ وَهَدَايَا،
وَتلقَاهُ، فَغَدَرَ بِهِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى قَصْره،
وَرجع إِلَى مَرَّاكُش، وَقَدْ بَهره حُسنُ الأَنْدَلُس
وَبَسَاتينُهَا، وَحسَّن لَهُ أُمَرَاؤُهُ أَخْذَهَا،
وَوحَّشُوا قَلْبَه عَلَى الْمُعْتَمد (4) .
قَالَ عبدُ الوَاحِد بن عَلِيٍّ:غلبَ المعتمِدُ عَلَى
قُرْطُبَة فِي سَنَةِ(471)، فَأَخْرَجَ مِنْهَا ابْنَ
عُكَاشَة...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَجَالَ ابْنُ تَاشفِيْن فِي الأَنْدَلُس يَتفرَّجُ،
مضمِراً أَشيَاء، مُعظماً لِلمعتمِد، وَيَقُوْلُ:نَحْنُ
أَضيَافُهُ وَتَحتَ أَمرِهِ، ثُمَّ قرَّرَ ابْنُ تَاشفِيْن
خَلقاً مِنَ المُرَابطين يُقيمُوْنَ بِالأَنْدَلُسِ،
وَأَحبَّ الأَنْدَلُسِيّون ابْنَ تَاشفِيْن، وَدَعَوْا
لَهُ، وَجَعَلَ عِنْدَهُم بُلَّجين قَرَابَته،
__________
(1) في الأصل: أربعة ألف، والتصويب من ابن خلكان: 5 / 29.
(2) مدينة كبيرة بالاندلس، تقع على الحدود الشرقية
للبرتغال، كانت عاصمة بني الافطس التجيبيين في عهد ملوك
الطوائف.
(3) ذكر ابن خلكان في ترجمة المعتمد: 5 / 29 أن الأمير
يوسف عاد إلى بلاده، ثم ذكر في ترجمة الأمير يوسف: 7 /
119، أنه لم يرجع بل ظل في إشبيلية. ونبه على ذلك لئلا يظن
القارئ أن في كتابه تناقضا، انظر " وفيات الأعيان ": 7 /
127.
(4) " وفيات الأعيان ": 5 / 29 - 30.
(19/62)
وَقرَّرَ مَعَهُ أُمُوْراً، فَهَاجتِ
الفِتْنَةُ بِالأَنْدَلُسِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ، وَزَحَفَ المُرَابطون، فَحَاصَرُوا
حُصُوْناً لِلمعتَمد، وَأَخَذُوا بعضَهَا، وَقتلُوا
وَلَدَه المَأْمُوْنَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، فَاسْتحكَمت
الإِحْنَةُ، وَغَلَتْ مرَاجِلُ الفِتْنَةِ، ثُمَّ حَاصرُوا
إِشبيليَة أَشدَّ حِصَار، وَظَهر مِنْ بَأْس المُعْتَمِدِ
وَتَرَامِيه عَلَى الاسْتشهَاد مَا لَمْ يُسْمَعْ
بِمِثْلِهِ.
وَفِي رَجَب سَنَةَ أَرْبَعٍ، هَجَمَ المرَابطون عَلَى
البَلَد، وَشَنُّوا الغَارَات، وَخَرَجَ النَّاسُ
عَرَايَا، وَأَسَرُوا المعتمِد (1) .
قَالَ عبدُ الوَاحِد (2) :برز المعتمِدُ مِنْ قَصْره فِي
غِلاَلَةٍ (3) بِلاَ دِرْعٍ وَلاَ دَرَقَةٍ، وَبِيَدِهِ
سَيْفُه، فَرمَاهُ فَارِسٌ بِحربَة أَصَاب الغِلاَلَة،
وَضربَ الفَارِس فَتَلَّه (4) ، فَولَّتِ المرَابطون.
ثُمَّ وَقتَ العَصرِ كَرَّتِ البَرْبَرُ، وَظهرُوا عَلَى
البلدِ مِنْ وَادِيه، وَرَمَوْا فِيْهِ النَّارَ، فَانقطع
العملُ، وَاتَّسَعَ الخَرقُ عَلَى الرَّاقِع بقُدومِ
سِيْرِ ابْنِ أَخِي السُّلْطَانِ، وَلَمْ يَتركِ
البَرْبَرُ لأَهْل الْبَلَد شَيْئاً، وَنُهِبَتْ قُصُوْر
المُعْتَمِدِ، وَأُكْرِهَ عَلَى أَنَّ كَتَبَ إِلَى
وَلَدَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَا الحِصْنَيْنِ، وَإِلاَّ
قُتِلْتُ، فَدَمِي رهنٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهُمَا
المُعْتَدُّ، وَالرَّاضِي، وَكَانَا فِي رُنْدَةَ
وَمَارْتلَة، فَنَزَلاَ بِأَمَانٍ وَموَاثيقَ كَاذِبَة،
فَقَتَلُوا المُعْتَدَّ، وَقتلُوا الرَّاضِي غِيلَة،
وَمَضَوا بِالمعتمدِ وَآله إِلَى طَنْجَةَ بَعْدَ أَنْ
أَفقروهُم، ثُمَّ سُجِنَ بِأَغْمَاتَ (5) عَامَين
__________
(1) المعجب ص 161 وما بعدها، و" وفيات الأعيان ": 5 / 30،
وانظر " الوفيات " أيضا في ترجمة ابن تاشفين: 7 / 121 -
123.
(2) المعجب ص 206 وما بعدها.
(3) الغلالة: شعار يلبس تحت الثوب، لأنه يتغلل فيها، أي:
يدخل، وفي " التهذيب " الغلالة: الثوب الذي يلبس تحت
الثياب أو تحت درع الحديد، والدرقة: الحجفة، وهي ترس من
جلود ليس فيه خشب ولا عقب.
(4) أي: صرعه.
(5) أغمات: ناحية في بلاد البربر المصامدة من أرض المغرب
قرب مراكش بينهما مسافة يوم.
(19/63)
وَزِيَادَة، فِي قِلَّة وَذِلَّة، فَقَالَ:
تَبَدَّلْتُ مِنْ ظِلِّ عِزِّ البُنُوْد ... بِذُلِّ
الحَدِيْدِ وَثِقْلِ القُيُودِ
وَكَانَ حَدِيْدِي سِنَاناً ذَلِيْقاً ... وَعَضْباً
رَقِيْقاً صَقِيْلَ الحَدِيْدِ
وَقَدْ صَارَ ذَاكَ وَذَا أَدْهَمَا ... يَعَضُّ
بِسَاقَيَّ عَضَّ الأُسُودِ (1)
قِيْلَ:إِنَّ بنَات المُعْتَمدِ أَتَيْنَهُ فِي عِيدٍ،
وَكُنَّ يَغْزِلْنَ بِالأُجرَة فِي أَغْمَاتَ، فَرَآهن فِي
أَطْمَارٍ رَثَّةٍ، فَصَدَعْنَ قَلْبَه، فَقَالَ:
فِيمَا مَضَى كُنْتَ بِالأَعْيَادِ مَسْرُوْرا ...
فَسَاءَكَ العِيْدُ فِي أَغْمَاتَ مَأْسُوْرَا
تَرَى بَنَاتِكَ فِي الأَطْمَارِ جَائِعَةً ... يَغْزِلْنَ
لِلنَّاسِ مَا يَمْلُكْنَ قِطْمِيْرَا
بَرَزْنَ نَحْوَكَ لِلتَّسْلِيمِ خَاشِعَةً ...
أَبْصَارُهُنَّ حَسِيْرَاتٍ مَكَاسِيْرَا
يَطَأْنَ فِي الطِّيْنِ وَالأَقْدَامُ حَافِيَةٌ ...
كَأَنَّهَا لَمْ تَطَأْ مِسْكاً وَكَافُوْرَا (2)
وَلَهُ مِنْ قصيدَة:
قَدْ رُمْتُ يَوْمَ نِزَالِهِمْ ... أَنْ لاَ تُحصِّنَنِي
الدُّرُوْعْ
وَبَرَزْتُ لَيْسَ سِوَى القُمِّيـ ... ـصِ عَنِ الحَشَا
شَيْءٌ دَفُوعْ
أَجَلِي تَأَخَّرَ لَمْ يَكُنْ ... بِهَوَايَ ذُلِّي
وَالخُشُوعْ
مَا سِرْتُ قَطُّ إِلَى القِتَا ... لِ وَكَانَ فِي أَملِي
رُجُوْعْ (3)
__________
(1) الشعر في ديوان المعتمد: 94، والذخيرة: 2 / 1 / 75،
وابن خلكان: 5 / 32، ونفح الطيب: 4 / 214، والوافي
بالوفيات: 3 / 186، ورواية الشطر الأول من البيت الأول في
الذخيرة: تبدلت من عز ظل البنود.
(2) ديوانه: 100، والقلائد: 25، ومختارات الصيرفي: 199،
والذخيرة: 2 / 1 / 73، ووفيات الأعيان: 5 / 35، 36،
والوافي: 3 / 186.
(3) ديوانه: 88، والذخيرة: 2 / 1 / 53، والقلائد: 22،
والمعجب: 202، ومختارات الصيرفي: 120.
(19/64)
وَلابْنِ اللَّبَّانَة - وَوَفَدَ بِهَا
إِلَى السِّجن - :
تَنَشَّقْ رَيَاحِيْنَ السَّلامِ فَإِنَّمَا ... أَفُضُّ
بِهَا مِسْكاً عَلَيْكَ مُخَتَّمَا
وَقُلْ لِي مَجَازاً إِنْ عَدِمْتَ حَقِيْقَةً ...
بِأَنَّكَ فِي نُعْمَى فَقَدْ كُنْتَ مُنَعَّمَا (1)
أُفَكِّرُ فِي عَصْرٍ مَضَى لَكَ مُشْرِقاً ... فَيَرْجِعُ
ضَوْءُ الصُّبْحِ عِنْدِي مُظْلِمَا
وَأَعْجَبُ مِنْ أُفْقِ المَجَرَّةِ إِذْ رَأَى ...
كُسُوْفَكَ شَمْساً كَيْفَ أَطْلَعَ أَنْجُمَا
قَنَاةٌ سَعَتْ لِلطَّعْنِ حَتَّى تَقَصَّدَتْ(2) ...
وَسَيْفٌ أَطَالَ الضَّرْبُ حَتَّى تَثَلَّمَا
بَكَى آلُ عَبَّادٍ وَلاَ كَمُحَمَّدٍ ... وَأَبنَائِهِ
صَوْبُ الغَمَامَةِ إِذْ هَمَا
صَبَاحُهُم كُنّا بِهِ نَحْمَدُ السُّرَى ... فَلَمَّا
عَدِمْنَاهُم سَرَيْنَا عَلَى عَمَى
وَكُنَّا رَعَيْنَا العِزَّ حَوْلَ حِمَاهُمُ ... فَقَدْ
أَجْدَبَ المَرْعَى وَقَدْ أَقْفَرَ الحِمَى
وَقَدْ أَلْبَسَتْ أَيْدِي اللَّيَالِي مَحَلَّهُم ...
مَنَاسِيْجَ سَدَّى الغَيْثُ فِيْهَا وَأَلْحَمَا (3)
قُصُوْرٌ خَلَتْ مِنْ سَاكِنِيْهَا فَمَا بِهَا ... سِوَى
الأَدْمِ يَمْشِي حَوْلَ وَاقِفَةِ الدُّمَى (4)
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيْهَا أَنِيْسٌ وَلاَ الْتَقَى ...
بِهَا الوَفْدُ جَمْعاً وَالخَمِيْسُ عَرَمْرَمَا
فَكُنْتَ وَقَدْ فَارَقْتَ مُلْكَكَ مَالِكاً ... وَمِنْ
وَلَهِي أَبْكِي عَلَيْكَ مُتَمِّمَا (5)
تَضِيْقُ عَلَيَّ الأَرْضَ حَتَّى كَأَنَّنِي(6) ...
خُلِقْتُ وَإِيَّاهَا سِوَاراً وَمِعْصَمَا
وَإِنِّيْ عَلَى رَسْمِي مُقِيْمٌ فَإِنْ أَمُتْ ...
سَأَجْعَلُ لِلبَاكِيْنَ رَسْمِيَ مَوْسِمَا
بَكَاكَ الحَيَا وَالرِّيْحُ شَقَّتْ جُيُوبَهَا ...
عَلَيْكَ وَنَاحَ الرَّعْدُ بِاسْمِكَ مُعْلِما
__________
(1) في الذخيرة وغيرها: لعلك في نعمى...
(2) أي: تكسرت، وفي " نفح الطيب ": تقسمت.
(3) في الأصل: " الغيب ".
(4) في " عيون التواريخ " قائمة الدما.
(5) ورد البيت في جميع مصادر الترجمة كما يلي: حكيت وقد
فارقت ملكك مالكا * ومن ولهي أحكي عليك متمما.
(6) في جميع المصادر: " كأنما ".
(19/65)
وَمُزِّقَ ثَوْبُ البَرْقِ وَاكتَسَتِ
الضُّحَى(1) ... حِدَاداً وَقَامَتْ أَنْجُمُ اللَّيْل
مَأْتمَا
وَلاَ حَلَّ بَدْرُ التِّمِّ بَعْدَكَ دَارَةً ... وَلاَ
أَظْهَرَتْ شَمْسُ الظَّهِيْرَةِ مَبْسِمَا
سَيُنْجِيْكَ مَنْ نَجَّى مِنَ الجُبِّ يُوْسُفاً ...
وَيُؤْوِيكَ مَنْ آوَى المَسِيْحَ ابْنَ مَرْيَمَا (2)
فَلَمَّا أَنشده إِيَّاهَا، وَأَرَادَ الخُرُوج، أَعْطَاهُ
تَفضِيْلَة وَعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَأَبيَاتاً
يَعْتَذِرُ فِيْهَا.
قَالَ:فَرددتُهَا عَلَيْهِ لِعلمِي بِحَاله، وَأَنَّهُ مَا
ترك عِنْدَهُ شَيْئاً.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان (3) :مَوْلِدُهُ كَانَ:فِي سَنَةِ
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي
شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَقَدْ سَمَّى ابْن اللَّبَانَة بَنِي المعتَمِدِ
بِأَسمَائِهم وَأَلقَابِهِم، فَعَدَّ نَحْواً مِنْ
ثَلاَثِيْنَ نَفْساً، وَعَدَّ لَهُ أَرْبَعاً
وَثَلاَثِيْنَ بِنْتاً.
قُلْتُ:افْتقرُوا بِالمَرَّة، وَتَعَلَّمُوا صَنَائِع،
وَكَذَلِكَ الدَّهْرُ، نَسْأَل اللهَ المَغْفِرَة.
36 - ابْنُ المُرَابِطِ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ سَعِيْدٍ
الأَنْدَلُسِيُّ *
الإِمَامُ، مُفْتِي مدينَة المَرِيَّة وَقَاضِيهَا، أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ
__________
(1) في " عيون التواريخ " و" الذخيرة ": واكتست الدجى.
(2) القصيدة في الذخيرة: 2 / 1 / 77، 78، وابن خلكان: 5 /
33، 34، ونفح الطيب: 4 / 257، 258، وعيون التواريخ: 13 /
29، 32، وابن اللبانة: هو محمد بن عيسى بن محمد أبو بكر
اللخمي الأندلسي المتوفى سنة 507 ه، سترد ترجمته برقم
(215).
(3) 5 / 37.
(*) الصلة: 2 / 557 - 558، معجم البلدان: 5 / 119 - 120،
العبر: 3 / 308، الوافي بالوفيات: 3 / 46 - 47، الديباج
المذهب: 2 / 240، كشف الظنون: 2 / 1361، شذرات الذهب: 3 /
375، هدية العارفين: 2 / 76، شجرة النور الزكية: 1 / 122.
(19/66)
سَعِيْد بن وَهْبٍ الأَنْدَلُسِيّ
المَرِيِي (1) ، ابْنُ المُرَابط صَاحِب(شرح صَحِيْح
البُخَارِيِّ (2)).
أَجَازَ لَهُ أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِي، وَأَبُو
عَمْرٍو الدَّانِي.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي القَاسِمِ المُهَلَّب، وَأَبِي
الوَلِيْدِ بنِ مِيْقُل، وَارْتَحَلَ إِلَيْهِ الطَّلبَةُ.
وَأَخَذَ عَنْهُ:أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عِيْسَى
التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ السَّبْتِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ:فِي شَوَّال، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ شَاخَ.
مِنْ كِبَارِ المَالِكِيَّة.
37 - الهَكَّارِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
بنِ يُوْسُفَ بن جَعْفَرٍ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ،
أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ بن
جَعْفَرِ بنِ عَرَفَةَ بن مَأْمُوْنِ بن المُؤَمَّلِ بن
الوَلِيْدِ بنِ القَاسِمِ بن الوَلِيْدِ
__________
(1) نسبة إلى المرية: بالفتح ثم بالكسر، وتشديد الياء، وهي
مدينة كبيرة من كورة إلبيرة من أعمال الأندلس.
(2) قال في " هدية العارفين ": 2 / 76، له من الكتب: تاريخ
بلنسية، ومختصر شرح البخاري للمهلب بن أبي صفرة، وزاد
عليه...، وقال في " الصلة ": 2 / 557: وله تأليف في شرح
البخاري. سمع منه.
(*) الأنساب: 591 / أ، المنتظم: 9 / 79، " ذيل تاريخ بغداد
": 3 / 172، اللباب: 3 / 390، الكامل في التاريخ: 10 / 226
- 227، وفيات الأعيان: 3 / 345، العبر: 3 / 312 - 313،
ميزان الاعتدال: 3 / 122، المغني في الضعفاء: 2 / 443،
وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ: 3 / 1199، المستفاد من ذيل
تاريخ بغداد: 182 - 183، مرآة الجنان: 3 / 142، النهاية:
12 / 145، لسان الميزان: 4 / 195، النجوم الزاهرة: 5 /
138، شذرات الذهب: 3 / 378 - 379.
(19/67)
بن عُتْبَةَ بن أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبِ
بن أُمَيَّةَ الأُمَوِيُّ، السُّفْيَانِيُّ، الهَكَّارِي
(1) .
وَقِيْلَ:سقط مِنْ نَسَبِه خَالِدٌ بَيْنَ الوَلِيْدِ
وَالقَاسِم (2) .
قَالَ السَّمْعَانِيّ:تَفَرَّد بطَاعَةِ الله فِي
الجِبَال، وَابتنَى أَربِطَةً وَموَاضِعَ يَأْوِي
إِلَيْهَا الفُقَرَاءُ وَالمُنْقَطِعُوْنَ، وَكَانَ
كَثِيْرَ العِبَادَة، حَسَنَ الزَّهادَة، مقبولاً،
وَقُوْراً.
رَحل وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ:أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ نَظيف
الفَرَّاء.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ:عَبْدِ المَلِكِ بنِ بِشْرَان.
وَبَالرَّملَة مِنِ:ابْنِ التَّرْجَمَان.
وَبِمَكَّةَ مِنْ:أَبِي الحَسَنِ بنِ صَخْر.
حَدَّثَنَا عَنْهُ:يَحْيَى بن عَطَّافٍ، وَعبد الرَّحْمَن
بن الحَسَنِ الفَارِسِيّ، وَحَسَنُ بن أَبِي عليٍّ
المُقْرِئ، وَجَمَاعَة.
وَقَالَ عبدُ الغَفَّار الكَرَجِيّ:مَا رَأَيْتُ مِثْلَ
شَيْخِ الإِسْلاَمِ الهَكَّارِي زُهْداً وَفَضلاً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنده:قَدِمَ عَلَيْنَا، وَكَانَ
صَاحِبَ صَلاَةٍ، وَعُبَادَةٍ، وَاجْتِهَادٍ، مِنْ
كُبَرَاءِ الصُّوْفِيَّة.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِر:لَمْ يَكُنْ مُوَثَّقاً فِي
رِوَايَته (3) .
__________
(1) الهكارية: نسبة إلى قبيلة من الاكراد، لهم معاقل وحصون
وقرى من أعمال الموصل.
(2) أورد الدمياطي في " المستفاد ": ص 182 نسبه ولم يذكر "
خالدا " بين الوليد والقاسم، وقال: هكذا رأيت نسبه بخط أبي
علي بن البرداني.
(3) وقال ابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " 3 / 173 :
وحدث بالكثير وانتقى عليه محمد ابن طاهر المقرئ، وكان
الغالب على حديثه الغرائب والمنكرات ولم يكن حديثه يشبه
حديث أهل الصدق، وفي حديثه متون موضوعة مركبة على أسانيد
صحيحة، ورأيت بخط بعض أصحاب الحديث أنه كان يضع الحديث
بأصبهان، وقال أبو نصر اليونارتي: لم يرضه الشيخ أبو بكر
بن الخاضبة.
(19/68)
وَقَالَ ابْنُ نَاصر:مَاتَ فِي أَوَّلِ
المُحَرَّمِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ بِالهَكَّارِيَّة، وَهِيَ جبال فَوْقَ المَوْصِل.
قُلْتُ:عَاشَ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَلَهُ
تَوَالِيفُ، وَعِنَايَةٌ بِالأَثرِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
38 - العُمَيْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، القَانِتُ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عُمَيْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَيْرٍ العُمَيْرِي (1)
، الهَرَوِيُّ.
وُلِدَ:سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَوّلُ مَا سَمِعَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَع مائَة.
سَمِعَ أَبَاهُ عَنِ العَبَّاس بن الفَضْلِ النَّضْرُوِي
(2) .
وَسَمِعَ:عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ الخُوَارِزمِي،
وَعَلِيَّ بن جَعْفَرٍ القُهُنْدُزِي (3) ، وَعبدَ
الرَّحْمَن بن مُحَمَّدٍ الدِّينَارِي، وَضِمَام بن
مُحَمَّدٍ الشَّعرَانِي، وَعِدَّةً بِهَرَاةَ، وَالقَاضِي
أَبَا بَكْرٍ الحِيْرِيّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبَا عَلِيٍّ
بن شَاذَانَ وَأَقرَانه بِبَغْدَادَ، وَمُحَمَّد بن
الحُسَيْنِ الصَّنْعَانِيّ بِمَكَّةَ.
__________
(*) الأنساب: 9 / 61، المنتظم: 9 / 101، العبر: 3 / 326،
الوافي بالوفيات: 14 / 141، عيون التواريخ: 13 / 57، شذرات
الذهب: 3 / 394.
(1) ضبطه السمعاني: بضم العين المهملة، وفتح الميم، وسكون
الياء، وقال: هذه النسبة إلى الجد، والمنتسب إليها الامام
الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي.
(2) بفتح النون، وسكون الضاد، وضم الراء وفي آخر الياء
المنقوطة باثنتين.
(3) نسبة إلى قهندز: المدينة الداخلة المسورة، وهي بضم
القاف والهاء، وسكون النون، وضم الدال المهملة، وفي آخرها
الزاي: وهي في مواضع كثيرة، وبلاد شتى في بخارى، ونيسابور،
وسمرقند، وهراة.
انظر " الأنساب ": 10 / 274، 277، ومعجم البلدان: 4 / 419.
(19/69)
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِي:تَوحَّد
العُميْرِي عَنْ أَبْنَاء زَمَانه بِالعِلْمِ وَالزُّهْد
وَالإِتْقَان فِي الرِّوَايَة، وَالرَّغبَة فِي
التَّحْدِيْث، وَالتَّجَرُّدِ مِنَ الدُّنْيَا (1) ،
وَالإِعرَاضِ عَنْ حُطَامِهَا، وَالإِقبالِ عَلَى
الآخِرَة.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّقَّاق:العميْرِي لَيْسَ
لَهُ نَظيرٌ بِخُرَاسَانَ فَكَيْفَ بِهَرَاةَ!
وَقَالَ فِي(رِسَالته):لَمْ أَرَ فِي شُيُوخِي كَالإِمَام
المُتْقِنِ الزَّاهِد أَبِي عَبْدِ اللهِ العُمَيْرِي.
وَقَالَ آخر:كَانَ إِمَاماً فِي الفِقْه، قُدْوَةً،
وَاسِعَ الرِّوَايَة.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:حَجَّ وَدَخَلَ اليَمَن، وَسَمِعَ
بِمَكَّةَ مِنْ:مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الصَّنْعَانِيّ،
وَسَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ مِنَ:الحِيْرِيّ،
وَالصَّيْرَفِيّ، وَبِبَغْدَادَ مِنِ:ابْنِ شَاذَان،
وَالحُرْفِي، وَابْن دُوسْت، وَبِهرَاة مِنْ:يَحْيَى بنِ
عَمَّارٍ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ القَرَّاب.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ طَاهِر، وَالمُؤْتَمَنُ، وَمُحَمَّدُ
بنُ أَبِي عَلِيٍّ الهَمَذَانِيّ، وَأَبُو الوَقْتِ،
وَعَلِيُّ بنُ حَمْزَةَ، وَأَبُو النَّضْرِ الفَامِي (2) ،
وَالجُنَيْدُ القَاينِي (3) .
__________
(1) " عيون التواريخ ": 13 / 57.
(2) واسمه عبد الرحمن بن عبد الجبار.
(3) ضبطه السمعاني بفتح القاف والياء، وقال ياقوت: قاين:
بعد الالف ياء مثناة من تحت، وآخره نون، وذكر ابن الأثير
أن " القايني " مثل ما قبله - أي: القايمي - إلا أنه عوض
الميم نون، ومقتضى هذا أن تكون الياء مكسورة.
(19/70)
سَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ التَّيْمِيَّ
عَنْهُ، فَقَالَ:إِمَامٌ زَاهِد.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ:قَالَ لِي أَبُو
إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيّ:احْفَظِ الشَّيْخَ
العُمَيْرِي، وَاكتُبْ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مُتْقِن.
قَالَهُ مَعَ مَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الوحشَة.
مَاتَ:فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
39 - السَّلاَّرُ أَبُو الحَسَنِ مَكِّيُّ بنُ مَنْصُوْرِ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلاَّنَ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الرَّئِيْسُ، المُسْنِدُ،
المُعَمَّرُ، سَلاَّرُ الكَرَج (1) ، أَبُو الحَسَنِ
مَكِّيُّ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلاَّنَ
الكَرَجِيّ، المُعْتَمَدُ.
وُلِدَ:سَنَةَ سبعٍ - أَوْ تِسْع - وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ:أَبِي الحُسَيْنِ بن بِشْرَان،
وَأَبِي القَاسِمِ اللاَّلْكَائِيّ، وَطَائِفَة.
وَسَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ مِنَ:القَاضِي أَبِي بَكْرٍ
الحِيْرِيّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَمُحَمَّد
بن القَاسِمِ الفَارِسِيّ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتَفَرَّدَ، وَارْتَحَلَ الطَّلَبَةُ
إِلَيْهِ.
رَوَى عَنْهُ:الفَقِيْهُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ الكَرَجِيّ الشَّافِعِيّ، وَأَبُو
المَكَارِمِ أَحْمَدُ بن مُحَمَّدِ بنِ علاَّن، وَأَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ نَصْرِ
__________
(*) التقييد: الورقة: 204 ب - 205 أ، العبر: 3 / 331 -
332، المشتبه: 2 / 546، عيون التواريخ م: 13 / 83 - 84،
تبصير المنتبه: 3 / 1209، شذرات الذهب: 3 / 397.
(1) قال ياقوت: كرج: بفتح أوله وثانيه، وآخره جيم، وهي
فارسية وأهلها يسمونها كره، وقال السمعاني: 10 / 379: وهي
بلدة من بلاد الجبل، بين أصبهان وهمذان، بنيت زمن المهدي
أبي عبد الله محمد بن أبي جعفر المنصور، بناها عيسى بن
إدريس بن معقل بن عمرو بن خزاعي العجلي.
(19/71)
بن دُلَف، وَمُحَمَّدُ بنُ عبد الوَاحِد
الدَّقَّاق، وَأَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بن مُحَمَّدٍ
المَقْدِسِيّ، وَأَبُوْهُ، وَالقَاسِمُ بن الفَضْلِ
الصَّيْدَلاَنِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
وَرَجَاءُ بنُ حَامِدٍ المَعْدَانِي، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مَاشَاذَه، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ شِيْرَوَيْه:رحلتُ إِلَيْهِ إِلَى الكَرَج،
وَسَمَّعْتُ مِنْهُ وَلدي، وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ،
محموداً بَيْنَ الرُّؤسَاء، محسناً إِلَى الفُقَرَاء
وَالعُلَمَاء.
وَقَالَ ابْنُ طَاهِر:رحلتُ بِابْني أَبِي زُرْعَةَ إِلَى
الكَرَجِ حَتَّى سَمِعَ(مُسْنَد الشَّافِعِيّ)مِنَ
السَّلاَّر مَكِّيّ، وَكَانَ قَدْ سَمِعَهُ
بِنَيْسَابُوْرَ، وَوَرَّقَ لَهُ ابْنُ هَارُوْنَ،
وَكَانَتْ أُصُوْلُه صَحِيْحَةً جيدَةً.
وَقَالَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ:كَانَ السَّلاَّر
جَلِيْلَ الْقدر، نَافذَ الأَمْر، مَحْبُوباً إِلَى رَعيته
بِجُوْدِ سَجِيَّتِهِ، وَآخر قَدْمَةٍ قَدِمَهَا
أَصْبَهَانَ كُنْتُ أَوَّل مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ، وَلَمْ
يَتَهَيَّأْ لِي أَنْ أُكْثِرَ عَنْهُ، وَأَدْرَكَتْهُ
المَنِيَّةُ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:هُوَ مِنْ رُؤَسَاء الكَرَج،
كَانَتْ لَهُ الثروَةُ الكَثِيْرَةُ، وَالدُّنْيَا
العرِيضَةُ الوَاسِعَةُ، وَالتَّقَدُّمُ بِبَلَدِهِ،
عُمِّر حَتَّى صَارَ يُرْحَلُ إِلَيْهِ، وَنُقِلَ عَنْهُ
الكَثِيْرُ، لأَنَّه لحق إِسْنَادَ العِرَاق وَخُرَاسَان.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَه:مَاتَ بِأَصْبَهَانَ، فِي
سَلْخِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
40 - المَدِيْنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بن بَهْمَنَ
المَدِيْنِيّ، المُقْرِئ.
__________
(*) طبقات القراء: 2 / 241، وغاية النهاية 2 / 241.
(19/72)
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَحْمَدَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ اليَزْدي
فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة، وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ
بنِ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكوَانِي، وَعبدِ الرَّحْمَن بن
مُحَمَّدِ بنِ عُبيد الله، وَمُحَمَّد بن صَالِحٍ
العَطَّار، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ
السَّمْعَانِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ
التَّيْمِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَه:كَانَ شُروطياً، ثِقَةً،
أَمِيناً، أَديباً، وَرِعاً، قرَأَ كِتَاب(الحُجَّة
(1))لأَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيّ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ
المَرْزُوْقِي (2) ، وَلزمه مُدَّة.
تُوُفِّيَ:فِي حَادِي عشر شَعْبَان، سَنَة تِسْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ:هُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ
الحَدِيْث.
41 - الخَلِيْلِيُّ أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
مُسْنِدُ الوَقْت، الرَّئِيْسُ، أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الخَلِيْلِي (3) ،
البَلْخِيُّ، الدِّهْقَان.
__________
(1) في علل القراءات السبع، بناه على كتاب القراءات السبع
لشيخه ابن مجاهد، وهو غاية في النفاسة والجودة، إلا أنه -
رحمه الله - كما قال تلميذه ابن جني - أغمضه وأطاله حتى
منع كثيرا ممن يدعي العربية - فضلا عن القرأة - منه،
وأجفاهم عنه، وقد صدر منه جزء في القاهرة نشرته دار الكاتب
العربي للطباعة والنشر.
(2) تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (313).
(*) الأنساب: 5 / 170 - 171، التقييد: الورقة: 139 أ - 139
ب، اللباب: 1 / 458، العبر: 3 / 333، وذكره الذهبي في
تذكرة الحفاظ: 4 / 1230، الجواهر المضية: 1 / 310 - 311،
الطبقات السنية: رقم 355، شذرات الذهب: 3 / 397 - 398.
(3) قيل له الخليلي: لأنه كان يخدم القاضي الخليل بن أحمد
السجزي شيخ الإسلام ببلخ.
(19/73)
وُلِدَ:سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة(مُسْنَدَ
الهَيْثَمِ بن كُلَيْبٍ (1))، وَ(الشَّمَائِل)مِنْ أَبِي
القَاسِمِ الخُزَاعِيّ (2) لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو شُجَاعٍ البِسْطَامِي، وَمَسْعُوْدُ
بن مُحَمَّدٍ الغَانِمِي، وَمُحَمَّدُ بن إِسْمَاعِيْلَ
الفُضَيْلِي، وَأَبُو نَصْرٍ اليُونَارتِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ
مائَةُ سَنَةٍ وَسَنَةٌ.
42 - الخِلَعِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ
الحُسَيْنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، القُدْوَةُ، مُسْنِدُ
الدّيَارِ المِصْرِيّة، القَاضِي، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
بنُ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المَوْصِلِيّ
الأَصْل، المِصْرِيّ، الشَّافِعِيّ، الخِلَعِي (3) ،
صَاحِب(الفَوَائِد العِشْرِيْنَ (4))وَرَاوِي السِّيرَة
النَّبويَّة.
__________
(1) الشاشي المتوفى سنة 335 ه، وقد أورد المؤلف ترجمته في
الجزء الخامس عشر برقم: 183، ومسنده هذا لم يطبع، ومنه
نسخة جيدة في دار الكتب الظاهرية بدمشق.
(2) هو علي بن أحمد بن محمد الخزاعي البلخي راوي مسند
الشاشي عنه، توفي سنة (411) ه تقدمت ترجمته في الجزء
السابع عشر رقم (114).
(*) وفيات الأعيان: 3 / 317 - 318، دول الإسلام: 2 / 22،
العبر: 3 / 334، وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ: 4 / 1230،
عيون التواريخ: 13 / الورقة: 88 - 89، الوافي بالوفيات: 12
/ الورقة: 35، مرآة الجنان: 3 / 255، طبقات السبكي: 5 /
253 - 255، طبقات الاسنوي: 1 / 479، تبصير المنتبه: 2 /
550، النجوم الزاهرة: 5 / 164، حسن المحاضرة: 1 / 404 -
405، كشف الظنون: 722، 1297، شذرات الذهب: 3 / 398، تاج
العروس: 5 / 323، هدية العارفين: 1 / 694، الرسالة
المستطرفة: 91.
(3) بكسر الخاء وفتح اللام وبعدها عين مهملة، هذه النسبة
إلى الخلع، ونسب إليها أبو الحسن لأنه كان يبيع بمصر الخلع
لاملاك مصر، فاشتهر بذلك وعرف به. قاله ابن خلكان: 3 /
318.
(4) خرجها له أبو نصر أحمد بن الحسن الشيرازي في عشرين
جزءا، وسماها الخلعيات.
(19/74)
مَوْلِدُهُ:بِمِصْرَ، فِي أَوَّلِ سَنَةِ
خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة (1) .
وَسَمِعَ:أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ
بنِ النَّحَاسِ، وَأَبَا العَبَّاسِ بن الحَاجّ، وَأَبَا
سَعْدٍ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ المَالِيْنِيّ، وَأَبَا
العَبَّاسِ مُنِيْرَ بن أَحْمَدَ الخَشَّاب،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ رَجَاءَ الأَدِيْب، وَالحَسَنَ بنَ
جَعْفَرٍ الكِللِي، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ نَظيف،
وَالخَصِيْبَ بن عَبْدِ اللهِ القَاضِي، وَشُعَيْبَ بن
عَبْد اللهِ بن المِنْهَالِ، وَأَبَا النُّعْمَان تُرَاب
بن عُمَرَ، وَأَحْمَدَ بن الحُسَيْنِ العَطَّار، وَأَبَا
خَازِم مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ
بَكْرَان، وَعَبْدَ الوَهَّابِ بن أَبِي الكِرَام،
وَغَيْرَهُم، وَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْ جَمَاعَةٍ
كَالنَّحَاس وَالمَالِيْنِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِي، وَمُحَمَّدُ بن
طَاهِر، وَأَبُو الفَتْحِ سُلْطَانُ بن إِبْرَاهِيْمَ
الفَقِيْه، وَسُلَيْمَانُ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي دَاوُدَ
الفَارِسِيّ، وَعَلِيُّ بن مُحَمَّدِ بنِ سلاَمَة
الرَّوْحَانِي (2) ، وَعبدُ الكَرِيْم بن سِوارٍ
التَّكَكِيُّ، وَعبدُ الحَقِّ بن أَحْمَدَ البَانِيَاسِيّ،
وَمُحَمَّدُ بن حَمْزَةَ العِرْقِي (3) اللُّغَوِيّ،
وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ ابْنُ العربِي، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ رِفَاعَةَ السَّعْدِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سُكَّرَة:هُوَ فَقِيْهٌ، لَهُ تَصَانِيْفُ،
وَلِيَ القَضَاءَ، وَحكم يَوْماً وَاحِداً وَاسْتعفَى،
وَانزوَى بِالقَرَافَة (4) ، وَكَانَ مُسْنِدَ مِصْر بَعْد
الحَبَّال (5) .
__________
(1) الخبر في حسن المحاضرة: 1 / 404، الوفيات: 3 / 318،
والنجوم الزاهرة: 5 / 164.
(2) نسبة إلى روحا، قرية من قرى الرحبة.
(3) بكسر العين، وسكون الراء، وآخرها قاف، نسبة إلى " عرقة
" وهي بلدة تقارب أطرابلس الشام.
(4) القرافة: قرافتان، الكبرى منهما ظاهر مصر، والصغرى
ظاهر القاهرة، وبها قبر الشافعي رحمه الله، وانظر الخبر في
ابن خلكان: 3 / 317، والسبكي: 5 / 253، والاسنوي: 1 / 479،
وعيون التواريخ: 13 / لوحة 8، وحسن المحاضرة: 1 / 404.
(5) ترجمة المؤلف في الجزء الثامن عشر رقم (259).
(19/75)
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ العربِي:شَيْخٌ
مُعْتَزِلٌ فِي القَرَافَة، لَهُ عُلُوٌّ فِي الرِّوَايَة،
وَعِنْدَهُ فَوَائِد، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ
الحُمَيْدِيُّ، وَعَبَّر عَنْهُ بِالقَرَافِيّ (1) .
وَقَالَ آخر:كَانَ يَبيع الخِلَعَ لِمُلُوْك مِصْر (2) .
وَقَالَ الحَافِظُ إِسْمَاعِيْل بن الأَنْمَاطِيّ:سَمِعْتُ
أَبَا صَادِق عبدَ الحَقّ بن هِبَةِ اللهِ القُضَاعِيَّ
المُحَدِّث، سَمِعْتُ العَالِمَ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ
بنَ إِبْرَاهِيْمَ ابنِ بِنْت أَبِي سَعْدٍ يَقُوْلُ:كَانَ
القَاضِي الخِلَعِي يَحْكُم بَيْنَ الجِنِّ، وَإِنَّهُم
أَبطؤُوا عَلَيْهِ قدر جُمُعَةٍ، ثُمَّ أَتَوْهُ،
وَقَالُوا:كَانَ فِي بَيْتَكَ أُتْرُجٌّ، وَنَحْنُ لاَ
نَدْخُل مَكَاناً يَكُوْن فِيْهِ (3) .
قَالَ أَبُو المَيْمُوْنِ بن وَرْدَانَ:حَدَّثَنَا أَبِي
أَبُو الفَضْلِ، حَدَّثَنَا بَعْضُ المَشَايِخ، عَنْ أَبِي
الفَضْلِ الجَوْهَرِيّ الوَاعِظ، قَالَ:
كُنْتُ أَتردَّدُ إِلَى الخِلَعِي، فَقُمْت فِي لَيْلَة
مُقْمِرَةٍ ظَنَنْتُ الصُّبْحَ، فَإِذَا عَلَى بَاب
مسجِدِهِ فَرَسٌ حَسَنَة، فَصعدتُ، فَوَجَدْتُ بَيْنَ
يَدَيْهِ شَابّاً لَمْ أَرَ أَحْسَن مِنْهُ يَقْرَأُ
القُرْآنَ، فَجلَسْتُ أَسْمَعُ إِلَى أَنْ قَرَأَ جُزْءاً،
ثُمَّ قَالَ لِلشيخ:آجَرَكَ اللهُ.
قَالَ:نَفعك اللهُ، ثُمَّ نَزَل، فَنَزَلتُ خَلفه،
فَلَمَّا اسْتوَى عَلَى الفَرس، طَارت بِهِ، فَغُشِيَ
عَلَيَّ، وَالقَاضِي يَصيحُ بِي:اصْعَدْ يَا أَبَا
الفَضْل، فَصَعِدْتُ، فَقَالَ:هَذَا مِنْ مُؤْمِنِي
الجِنِّ، يَأْتِي فِي الأُسْبُوْع مَرَّةً يَقرَأَ جُزْءاً
وَيَمضِي (4) .
قَالَ ابْنُ الأَنْمَاطِيّ:قَبْرُ الخِلَعِي بِالقَرَافَة
يُعرَفُ بِقَبْر قَاضِي الجِنِّ
__________
(1) الخبر في وفيات الأعيان: 3 / 317، وطبقات السبكي: 5 /
254، وجاء في " الوفيات ": وكنى عنه بالقرافي.
(2) " عيون التواريخ ": 13 / 89.
(3) أورده السبكي في طبقاته: 5 / 254.
(4) الخبر أيضا في " طبقات السبكي ": 5 / 254.
(19/76)
وَالإِنْس، يُعْرَفُ بِإِجَابَة الدُّعَاء
عِنْدَهُ (1) .
قَالَ:وَسَأَلتُ شُجَاعاً المُدْلَجِيَّ وَغَيْرهُ عَنِ
الخِلَعِي:النِّسبَةُ إِلَى أَيِّ شَيْء؟فَمَا أَخْبَرَنِي
أَحَدٌ بِشَيْءٍ، وَسَأَلتُ السَّدِيدَ الرَّبَعِيّ،
وَكَانَ عَارِفاً بِأَخْبَار المِصْرِيّين، عدلاً،
فَقَالَ:كَانَ أَبُوْهُ بَزَّازاً، وَكَانَتْ أُمَرَاءُ
المِصْرِيّين مِنْ أَهْلِ القَصْر يَشترُوْنَ الخِلَع مِنْ
عِنْدِهِ، وَكَانَ يَتَصَدَّقُ بِثُلُثِ مَكْسَبِهِ.
وَذَكَرَ ابْن رِفَاعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ الحَبَّال،
وَأَنَّهُ أَتَى إِلَى الخِلَعِي، فَطَرَدَه مُدَّةً،
وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، أَظُنُّ مِنْ جِهَةِ
الاعتِقَاد، فَهَذِهِ الحكَايَة مُنْكرَة، لأَنَّ أَبَا
إِسْحَاقَ الحَبَّال كَانَ قَدْ مُنِعَ مِنَ التَّحْدِيْث
قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَوَاتٍ، وَيَصبُو ابْن رِفَاعَةَ
عَنْ إِدرَاكِ الأَخْذ عَنْهُ قَبْل ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
العَابِدُ:سَمِعْتُ الشَّيْخ ابْن بَخيسَاه (2) ، قَالَ:
كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى القَاضِي أَبِي الحَسَنِ الخِلَعِي
فِي مَجْلِسِهِ، فَنجِدُهُ فِي الشِّتَاء وَالصَّيْف
وَعَلَيْهِ قَمِيْصٌ وَاحِدٌ، وَوجهُهُ فِي غَايَةٍ مِنَ
الحُسْنِ، لاَ يَتغَيَّر مِنَ البَرد، وَلاَ مِنَ الحَرِّ،
فَسَأَلتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَدَمَعَت
عينُه (3) ، ثُمَّ قَالَ:أَتَكْتُمُ عَلَيَّ مَا أَقُوْل؟
قُلْتُ:نَعم.
قَالَ:غَشِيَتْنِي حُمَّى (4) يَوْماً، فَنِمْتُ فِي
تِلْكَ اللَّيْلَة، فَهتفَ بِي هَاتفٌ، فَنَادَانِي
بِاسْمِي، فَقُلْتُ:لَبَّيْكَ
__________
(1) الخبر في " طبقات السبكي ": 5 / 254، وليس من شرط
إجابة الدعاء أن يدعو الإنسان عند قبر نبي أو صالح، بل هو
مما استحدثه من لم يتضلع من هدي القرآن، وسنة النبي عليه
الصلاة والسلام، وسيرة السلف الصالح الذين هم خير القرون
بشهادة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى.
(2) في " طبقات السبكي ": نحيساه، وقال محققه: وفي س
بالخاء المعجمة، وفي عيون التواريخ: بختشاه.
(3) في الطبقات: عيناه.
(4) في الأصل: حماه، وفي " اللسان ": الحمى والحمة: علة
يستحر بها الجسم.
(19/77)
دَاعِيَ الله، فَقَالَ:لاَ، قُلْ:لَبَّيْكَ
رَبِّيَ الله، مَا تَجِدُ مِنَ الأَلَمِ؟
فَقُلْتُ:إِلَهِي وَسَيِّدي، قَدْ أَخَذَتْ مِنِّي
الحُمَّى مَا قَدْ عَلِمْتَ.
فَقَالَ:قَدْ أَمرتُهَا أَنْ تُقْلِعَ عَنْكَ.
فَقُلْتُ:إِلَهِي، وَالبَردَ أَيْضاً؟
قَالَ:قَدْ أَمرتُ البردَ أَيْضاً أَنْ يُقْلِعَ عَنْكَ،
فَلاَ تَجدُ أَلَمَ البَرْد وَلاَ الحرّ.
قَالَ:فَوَاللهِ مَا أُحِسُّ بِمَا أَنْتُم فِيْهِ مِنَ
الحرِّ وَلاَ مِنَ البَرد (1) .
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ الأَكْفَانِي:مَاتَ الخلعِي
بِمِصْرَ، فِي السَّادس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي
الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ (2) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ يَحْيَى بن أَحْمَدَ بنِ
عَبْدِ اللهِ بن عَبْدِ العَزِيْزِ الجُذَامِيّ
بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ سَنَة
عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ
الشَّافِعِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَاسِ إِمْلاَءً،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ دَانَاجَ
الإِصْطَخْرِيّ إِمْلاَءً، سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ (3)
، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى
__________
(1) طبقات السبكي: 5 / 254، 255، وعيون التواريخ: 13 /
لوحة 88.
(2) طبقات السبكي: 5 / 255، وطبقات الاسنوي: 1 / 479، وحسن
المحاضرة: 1 / 404.
(3) نسبة إلى الدبر: قرية من قرى صنعاء اليمن، وهو إسحاق
بن إبراهيم بن عباد الدبري راوي كتب عبد الرزاق، قال ابن
عدي: استصغر في عبد الرزاق، قال الامام الذهبي في الميزان:
1 / 181، 182: ما كان الرجل صاحب حديث، وإنما أسمعه أبوه،
واعتنى به، سمع من عبد الرزاق تصانيفه، وهو ابن سبع سنين
أو نحوها، لكن روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة، فوقع
التردد فيها: هل هي منه فانفرد بها، أو هي معروفة مما تفرد
به عبد الرزاق ؟ وقد احتج بالدبري أبو عوانة في صحيحه
وغيره، وأكثر عنه الطبراني، وقال الدارقطني في رواية
الحاكم: صدوق ما رأيت فيه خلافا، إنما قيل: لم يكن من رجال
هذا الشأن، قلت: ويدخل في الصحيح ؟ قال: إي والله.
وفي مرويات أبي بكر محمد بن خير في فهرسته ص: 131 كتاب
إصلاح الحروف التي كان إسحاق بن إبراهيم الدبري يصحفها في
مصنف عبد الرزاق.
(19/78)
عَبْد الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ لِلشُّونِيز:(عَلَيْكُم بِهَذِهِ
الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ، فَإِنَّ فِيْهِ شِفَاءً مِنْ
كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّام (1))يُرِيْد المَوْتَ.
43 - السَّعِيْدَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ
بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاوِيَةَ القُرَشِيُّ،
الأُمَوِيُّ، العَتَّابِيّ، السَّعِيدَانِيّ، البَصْرِيّ،
المُحْتَسِبُ، مِنْ ذُرِّيَّةِ عَتَّاب بنِ أَسيد؛الَّذِي
اسْتَعْمَله النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - زَمَنَ الفَتْح عَلَى مَكَّةَ (2) .
مَوْلِده:سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ مِنْ:عَلِيِّ بنِ
هَارُوْنَ المَالِكِيّ، وَطَلْحَة بن
__________
(1) وأخرجه البخاري (5688) في الطب، ومسلم (2215) في
السلام، والترمذي (2041) في الطب، وابن ماجة (3447) في
الطب من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب، عن
أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2 / 241 و261 و268 و423 و429 و504 من طريق أبي
سلمة عن أبي هريرة.
وهو عند أحمد أيضا 2 / 389 و484، من طريق العلاء بن عبد
الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، و2 / 468 و538، من طريق
قتادة، عن هلال بن يزيد، عن أبي هريرة، و2 / 510 من طريق
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.
وفي الباب عن عائشة عند البخاري (5687)، وأحمد 6 / 138
و146، وابن ماجة (3449).
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر التي رجعنا إليها.
(2) انظر ترجمة عتاب بن أسيد وأخباره في " الاستيعاب ": 3
/ 1023 - 1024،
وأسد الغابة: 3 / 556 - 557، و" نسب قريش ": ص 187، و"
الإصابة ": 2 / 451 - 452.
(19/79)
يُوْسُف المَوَاقيتِي (1) ، وَالمُبَارَك
بن عَلِيِّ بنِ حَمْدَانَ، وَحَسَن بن أَحْمَدَ الدَّبَّاس
بِالبَصْرَةِ.
وَارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَسَمِعَ، وَكَانَ فَاضِلاً
عَالِماً، لَهُ تَخَارِيج.
رَوَى عَنْهُ:جَابِرُ بن مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ،
وَأَبُو نَصْرٍ الغَازِي، وَمُحَمَّدُ بن عبد الوَاحِد
المغَازلِي المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ المَاوَرْدِي،
وَشُجَاعٌ الذُّهْلِيّ، وَعِدَّة.
أَرَّخ ابْنُ النَّجَّار وَفَاتَه فِي سَنَةِ تِسْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
44 - الفَارِقِيُّ أَبُو نَصْرٍ الحَسَنُ بنُ أَسَدٍ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الأَدب (2) ، أَبُو نَصْرٍ الحَسَنُ
بنُ أَسَدٍ، صَاحِبُ كِتَابِ
__________
(1) نسبة لمن يعرف المواقيت.
(*) يتيمة الدهر: 4 / 441، الخريدة، قسم شعراء الشام 4 /
198 - 200، معجم الأدباء: 8 / 54 - 75، إنباه الرواة: 1 /
294 - 298، العبر: 3 / 316، فوات الوفيات: 1 / 321 - 324،
الوافي بالوفيات: 11 / 401، 404، مرآة الجنان: 3 / 143،
طبقات ابن قاضي شهبة: 1 / 298، النجوم الزاهرة: 5 / 140 -
141، بغية الوعاة: 1 / 500، وذكر في كشف الظنون: 1563،
شذرات الذهب: 3 / 380، روضات الجنات: 221، إيضاح المكنون:
2 / 43، البلغة لائمة اللغة: 54، والفارقي: نسبة إلى
ميافارقين: أشهر مدينة بديار بكر تقع إلى الشمال الغربي من
الموصل، بين الجزيرة وأرمينية.
(2) قال ياقوت في " معجم الأدباء ": 8 / 54: " شاعر رقيق
الحواشي، مليح النظم، متمكن من القافية، قلما يخلو له بيت
من تصنيع وإحسان وبديع ". وذكر له أبياتا كثيرة منها:
أياكم أعاني الوجد في كل صاحب * ولست أراه لي كوجدي واجدا
إذا كنت ذا عدم فحرب مجانب * وتلقاه لي سلما إذا كنت واجدا
أحاول في دهري خليلا مصافيا * وهيهات خلا صافيا لست واجدا
(19/80)
(الأَلغَازِ (1))، صَدْرٌ مُعَظَّمٌ،
وَلِيَ دِيوَانَ آمِد (2) ، ثُمَّ صُودِرَ، فَتَحَوَّل
إِلَى مَيَّافَارِقين، فَخلت مِنْ أَمِيْرٍ، فَقَامَ أَبُو
نَصْرٍ بِهَا، وَحَكم، وَنَزَلَ القَصْرَ، ثُمَّ خَافَ
وَهَرَبَ إِلَى حلب، ثُمَّ تَجَسَّرَ وَرجع إِلَى حَرَّان،
فَأُخِذَ وَشُنِقَ (3) بِأَمرِ نَائِبِ حَرَّانَ، فِي
سَنةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
45 - أَمِيْرُ الجُيُوْش بَدْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الأَرمَنِيُّ الجَمَالِيُّ *
الأَمِيْرُ، الوَزِيْر الأَرمَنِيُّ، الجَمَالِي، اشترَاهُ
جَمَالُ المُلك بن عَمَّارٍ الطَّرَابُلُسِي، وَربَّاهُ،
فَترقَّت بِهِ الأَحْوَالُ إِلَى المُلك.
وَلِي نِيَابَة دِمَشْق لِلمُسْتَنْصِر فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَبقِي
__________
(1) قال في كشف الظنون: 1 / 149: " هو علم يتعرف منه دلالة
الألفاظ على المراد دلالة خفية في الغاية، لكن لا بحيث
تنبو عنها الاذهان السليمة، بل تستحسنها وتنشرح إليها بشرط
أن يكون المراد من الألفاظ الذوات الموجودة في الخارج ".
وذكر له ياقوت في " معجم الأدباء ": 8 / 56: كتاب " شرح
اللمع "، وكتاب " الافصاح في شرح أبيات مشكلة "، وقد عقد
السيوطي في المزهر: 1 / 578 فصلا في الالغاز وذكر أنواعها
وأشهر المؤلفين فيها.
(2) آمد: بكسر الميم: إحدى مدن ديار بكر على شاطئ دجلة
الأيسر، وتقع اليوم في الاراضي التركية شمال ماردين، وصفها
ياقوت بأنها أعظم مدن ديار بكر، وأجلها قدرا، وأشهرها
ذكرا.
(3) ذكر ياقوت أن أحمد بن مروان غضب عليه فقتله صلبا،
وانظر خبر صلبه مفصلا في: " معجم الأدباء ": 8 / 57 - 61.
(*) الإشارة إلى من نال الوزارة: 55، الكامل في التاريخ:
10 / 235 - 236، وفيات الأعيان عند ذكر ولده: 2 / 448 -
450، المختصر في أخبار البشر: 2 / 205، دول الإسلام: 2 /
15، العبر: 3 / 320، تتمة المختصر: 2 / 14، الوافي
بالوفيات: 10 / 95، البداية: 12 / 147 - 148، النجوم
الزاهرة: 5 / 141 وفيه 87، رفع الإصر: 1 / 130 - 137، حسن
المحاضرة: 2 / 204، شذرات الذهب: 3 / 383، معجم الأنساب
والاسرات الحاكمة: 45، 149.
(19/81)
ثَلاَثَ سِنِيْنَ، ثُمَّ هَاجَ أَحَدَاثُ
دِمَشْق وَشُطَّارهَا (1) ، وَكَانَتْ لَهُم صُوْرَةٌ
كَبِيْرَة، وَإِلَيهِم أَسوَارُ الْبَلَد، فَتسحَّب
مِنْهَا فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ، وَأُخْرِبَ قَصْرُه الَّذِي
كَانَ يَسكنُهُ خَارِجَ بَاب الجَابِيَة (2) ، ثُمَّ مَضَى
إِلَى مِصْرَ.
وَقِيْلَ:بَلْ رَكب البَحْرَ مِنْ صُوْر إِلَى دِمْيَاط
لَمَّا عَلِمَ بِاضْطِرَاب أُمُوْرِ مِصْر، وَشِدَّةِ
قَحْطِهَا، فَهجَمهَا بَغْتَةً، وَسُرَّ بِمَقْدَمِهِ
المُسْتَنْصِر الإِسْمَاعِيْلِي (3) ، وَزَال القُطوع (4)
عَنْهُ، وَالذُّلُّ الَّذِي قَاسَاهُ مِنِ ابْنِ حَمْدَان
(5) وَغَيْرهِ.
فَلِوقْته قتل عِدَّة أُمَرَاء كِبَارٍ فِي اللَّيْلِ،
وَجَلَسَ عَلَى تَخت الوِلاَيَة، وَقرَأَ القَارِئُ
:{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ }[آلُ عِمْرَانَ
:123](6) ، وَرُدَّت أَزِمَّة الأُمُوْر إِلَيْهِ،
فَجَهَّزَ جَيْشاً إِلَى دِمَشْقَ، فَلَمْ يَظفَرُوا
بِهَا، كَانَ قَدْ تَمَلَّكهَا تَاجُ الدَّوْلَة تُتُشُ
أَخُو السُّلْطَان مَلِكْشَاه.
وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّة جَامِعَ
العَطَّارِيْنَ (7) ، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً
__________
(1) جمع شاطر: وهو من أعيا أهله ومؤدبه خبثا، مأخوذ من
قولهم: شطر عن أهله شطورا وشطورة وشطارة: إذا نزح عنهم
وتركهم مراغما أو مخالفا، وأعياهم خبثا.
قال أبو إسحاق: قول الناس: فلان شاطر معناه: أنه أخذ في
نحو غير الاستواء، ولذلك قيل له:
شاطر، لأنه تباعد عن الاستواء.
(2) قال ابن عساكر: 1 / 262: باب الجابية من غربي البلد
منسوب إلى قرية الجابية، لان الخارج إليها يخرج منه لكونه
مما يليها، وكان ثلاثة أبواب، الأوسط منها كبير، ومن
جانبيه بابان صغيران على مثال ما كان عليه الباب الشرقي،
وذكر بدران أنه رمم سنة 515 ه.
والجابية - كما في معجم ياقوت - من أعمال دمشق، ثم من عمل
الجيدور من ناحية الجولان، قرب مرج الصفر في شمالي حوران،
فقول العامة: إنه منسوب إلى الست جابية قول باطلا لا مستند
له، وهو اليوم شرقي جامع سنان باشا، انظر: " ثمار المقاصد
": 59.
(3) تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر رقم (72).
(4) الادبار والنحس: عن حاشية الوفيات.
(5) هو ناصر الدولة ابن حمدان، تقدمت ترجمته في الجزء
الثامن عشر رقم 156.
(6) تمام الخبر في الوفيات والوافي: ولم يتم الآية - وهي
قوله تعالى: (وأنتم أذلة) - فقال المستنصر: لو أتمها ضربت
عنقه.
(7) قال ابن خلكان: 2 / 450: وكان فراغه من عمارته سنة تسع
وسبعين وأربع مئة.
(19/82)
مَهِيْباً، مِنْ رِجَالِ العَالم.
مَاتَ:بِمِصْرَ، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ (1) ، وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُه المُلَقَّب أَيْضاً
بِأَمِيْرِ الجُيُوْش (2) .
وَقِيْلَ:عَاشَ بَدْرٌ نَحْواً مِنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً -
وَاللهِ يُسَامحه - .
قَصَدَهُ عَلْقَمَةُ العُلَيْمِيُّ الشَّاعِرُ، فَعَجِزَ
عَنِ الدّخول إِلَيْهِ، فَوَقَفَ عَلَى طرِيقه، وَفِي
رَأْسه رِيشُ نَعَام، ثُمَّ أَنشده أَبيَاتاً (3) وَقعت
مِنْهُ بِموقعٍ، وَوَقَفَ لَهُ، ثُمَّ أَمر الحَاشيَة أَنْ
يَخلعُوا عَلَيْهِ، وَأَمَرَ لَهُ بِعَشْرَةِ آلاَف،
فَذَهَبَ بِخِلَعٍ كَثِيْرَةٍ إِلَى الغَايَة، وَهب
مِنْهَا لِجَمَاعَة مِنَ الشُّعَرَاء.
وَخلَّف بَدْرٌ (4) أَمْوَالاً عَظِيْمَةً.
46 - تُتُشُ تَاجُ الدَّوْلَةِ بنُ أَلب أَرْسَلاَنَ بنِ
دَاوُدَ السَّلْجُوْقِيُّ *
الْملك، تَاجُ الدَّوْلَة تُتُش ابنُ السُّلْطَان أَبِي
شُجَاع أَلب
__________
(1) " حسن المحاضرة ": 2 / 204، والوفيات: 2 / 450،
والوافي: 10 / 95.
(2) سترد ترجمته برقم 294 من هذا الجزء.
(3) وهي كما في ابن خلكان: 2 / 449، وابن الأثير: 10 /
236.
نحن التجار، وهذه أعلاقنا * در، وجود يمينك المبتاع قلب،
وفتشها بسمعك إنما * هي جوهر تختاره الاسماع كسدت علينا
بالشآم وكلما * قل النفاق تعطل الصناع فأتاك يحملها إليك
تجارها * ومطيها الآمال والاطماع حتى أناخوها ببابك والرجا
* من دونك السمسار والبياع فوهبت ما لم يعطه في دهره * هرم
ولا كعب ولا القعقاع وسبقت هذا الناس في طلب العلا *
فالناس بعدك كلهم أتباع.
(4) في الأصل " بدرا " وهو خطأ.
(*) أخبار تتش واستيلاؤه على دمشق وحلب لابن القلانسي:
116، 120 - 125، المنتظم: 9 / 87 - 88، تاريخ الدولة
السلجوقية: 75 - 78، الكامل في التاريخ: 10 / =
(19/83)
أَرْسَلاَن (1) بن دَاوُدَ بنِ مِيكَال
السَّلْجوقِي أَخُو السُّلْطَان مَلِكْشَاه التُّركِي.
كَانَ شُجَاعاً مَهِيْباً جَبَّاراً، ذَا سطوَةٍ، وَلَهُ
فُتُوْحَاتٌ وَمَصَافَّات، وَتَملَّك عِدَّة مَدَائِن،
وَخُطِبَ لَهُ بِبَغْدَادَ، وَصَارَ مِنْ كِبَارِ مُلُوْكِ
الزَّمَان.
قَدِمَ دِمَشْق، فَخَرَجَ لِيَتَلَقَّاهُ المتغلِّبُ
عَلَيْهَا أَطْسز (2) الخُوَارزمِيُّ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ،
ثُمَّ سَارَ، وَشدَّ عَلَيْهِ تُتُش، فَضَرَبَ عُنُقَه،
وَأَخَذَ البَلد (3) ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْرٌ وَحُرُوْبٌ
مَعَ المِصْرِيّين، وَتَملَّكَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً (4)
، ثُمَّ سَارَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ لِيَتَمَلَّكَ بِلاَدَ الْعَجم،
فَقُتِلَ فِي المَصَافِّ بِالرَّيِّ، التقَاهُ بَرْكْيَا
رُوْق ابْنُ أَخِيْهِ.
وَكَانَ يَتَغَالَى فِي حُبِّ الشَّيْخ أَبِي الفَرَجِ
الحَنْبَلِيّ (5) ، وَيَحضُرُ مَجْلِسَه، فَعَقَدَ لَهُ
وَلِخُصُوْمه فِي مَسْأَلَة القُرْآن مَجْلِساً، فَقَالَ
تُتُش:هَذَا مِثْلُ مَا يَقُوْلُ، هَذَا قَبَاء حقيقَةً
لَيْسَ هُوَ بِحَرِيْرٍ، وَلاَ قُطْنٍ، وَلاَ كَتَّانٍ،
وَلاَ صُوْفٍ.
__________
= 244 - 246، وفيات الأعيان: 1 / 295 - 297، المختصر: 2 /
204 - 205 و206، دول الإسلام: 2 / 15 و17، العبر: 3 / 320،
تتمة المختصر: 2 / 14 و15 و17، عيون التواريخ: 13 / لوحة 2
- 3، الوافي بالوفيات: 10 / 378، للصفدي، البداية: 12 /
149 - 150، تاريخ ابن خلدون: 5 / 147، النجوم الزاهرة: 5 /
155، شذرات الذهب: 3 / 384، تهذيب تاريخ دمشق: 3 / 343.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء الثامن عشر رقم 210.
(2) في وفيات الأعيان: 1 / 295، وعيون التواريخ، والوافي
بالوفيات، وغيرها: " أتسز " بالتاء بدل الطاء، وفي كامل
ابن الأثير: 10 / 111: " أقسيس " وذكر عن ابن الهمذاني،
وابن عساكر في تاريخه أن ملكه إياها كان سنة اثنتين وسبعين
وأربع مئة.
(3) الوافي بالوفيات: 1 / 295، عيون التواريخ: 13 / 2،
تهذيب ابن عساكر: 3 / 343، والكامل في التاريخ: 10 / 111،
وغيرها.
(4) زيادة يقتضيها النص.
(5) تقدمت ترجمته برقم (32) من هذا الجزء.
(19/84)
وَكَانَ عَسُوَفاً لِلرَّعِيَّة، تَملَّك
دِمَشْق بَعْدَهُ ابْنُه شَمْسُ المُلُوْك دُقَاقُ (1)
وَغَيْرُهُ، ثُمَّ مَمْلُوْكُه طُغْتِكين (2)
وَأَوْلاَدُهُ، إِلَى أَنْ تَملَّكهَا العَادِلُ نورُ
الدّين السَّلجوقِي (3) ، ثُمَّ صلاَحُ الدّين وَابْنُه،
ثُمَّ أَخُوْهُ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ، ثُمَّ مَوَاليهِم،
وَإِلَى اليَوْمِ.
47 - الحَمَوِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ
بنِ بكرَانَ الشَّامِيُّ *
الإِمَامُ، المُفْتِي، شَيْخُ الشَّافعيَةِ، قَاضِي
القُضَاةَ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّر بن
بَكرَان الشَّامِيُّ، الحَمَوِيُّ، الشَّافِعِيّ،
الزَّاهِدُ.
وُلِدَ:سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدِمَ بَغْدَاد
شَابّاً.
فَسَمِعَ مِنْ:عُثْمَانَ بن دُوسْت العَلاَّف، وَأَبِي
القَاسِمِ بنِ بِشْرَان، وَطَبَقَتِهِمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدي،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَهِبَةُ
اللهِ بن طَاوُوْسٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:هُوَ أَحَد المُتْقِنِيْنَ
لِلمَذْهَب، وَلَهُ اطِّلاعٌ عَلَى أَسرَارِ
__________
(1) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (129).
(2) سترد ترجمته برقم (302) من هذا الجزء.
(3) سترد ترجمته في الجزء العشرين برقم (340).
(*) الأنساب: 4 / 229، المنتظم: 9 / 94 - 96، معجم
البلدان: 2 / 301، اللباب: 1 / 391، الكامل في التاريخ: 10
/ 253، طبقات ابن الصلاح: الورقة: 24 / ب، دول الإسلام: 2
/ 17، العبر: 3 / 322 - 323، عيون التواريخ: 13 / لوحة 51،
الوافي بالوفيات: 5 / 34 - 35، طبقات السبكي: 4 / 202 -
205، طبقات الاسنوي: 2 / 95 - 96، تاج التراجم: 50، كشف
الظنون: 1 / 264، شذرات الذهب: 3 / 391 - 392، هدية
العارفين: 2 / 76، إيضاح المكنون: 1 / 206.
(19/85)
الفِقْه، وَكَانَ وَرِعاً زَاهِداً،
مُتَّقِياً سَديد الأَحكَام، وَلِيَ قَضَاءَ القُضَاةِ
بَعْد أَبِي عَبْدِ اللهِ الدَّامغَانِي مُدَّةً إِلَى
أَنْ تَغَيَّر عَلَيْهِ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ
المُقْتدي، فَمَنَعَ الشُّهُودَ مِنْ حُضُوْرِ مَجْلِسه
مُدَّةً، فَكَانَ يَقُوْلُ:مَا أَنْعزلُ مَا لَمْ يَتحقَّق
عليَّ فِسْقٌ، ثُمَّ إِنَّ الْمُقْتَدِي رضِيَ وَخَلَعَ
عَلَيْهِ (1) .
وَشَهِدَ عِنْدَهُ المشطَّب الفَرْغَانِي (2) ، فَلَمْ
يَقبله، لِكَوْنِهِ يَلْبَسُ الحَرِيْرَ،
فَقَالَ:تردُّنِي، وَالسُّلْطَانُ وَوزِيْرُهُ نِظَامُ
المُلْك يَلْبَسَانِهِ؟!
فَقَالَ:وَلَوْ شَهِدَا، لَمَا قَبِلتُهُمَا (3) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّار:تَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي
الطَّيِّب (4) ، وَحَفِظَ تَعليقهَ، وَلَمْ يَأْخُذْ عَلَى
القَضَاءِ رِزْقاً، وَلاَ غَيَّرَ مَأْكَلَهُ وَلاَ
مَلْبسَهُ، وَكَانَ يُسَوِّي بَيْنَ النَّاس، فَانقَلْب
عَلَيْهِ الكُبَرَاء، وَكَانَ نَزِهاً وَرِعاً عَلَى
طرِيقَة السَّلَف لَهُ كَارك (5) يُؤجِّرُه كُلَّ شهرٍ
بدِيْنَارٍ وَنِصْف، كَانَ يَقْتَاتُ مِنْهُ، فَلَمَّا
وَلِيَ القَضَاءَ، جَاءَ إِنْسَانٌ، فَدَفَعَ فِيْهِ
أَرْبَعَةَ دَنَانِيْر، فَأَبَى، وَقَالَ:لاَ أُغَيِّرُ
سَاكِنِي، وَقَدِ ارْتبتُ بِكَ، هَلاَّ كَانَتِ
الزِّيَادَةُ مِنْ قَبْل القَضَاء (6)؟!
__________
(1) طبقات السبكي: 4 / 202 - 203.
(2) هو أبو المظفر المشطب بن محمد بن أسامة بن زيد بن
النعمان الفرغاني، من فرغانة ما وراء نهر جيحون، كان من
فحول المناظرين، وكانت له يد باسطة في النظر والجدل، وكان
مختلطا بالعسكر، وكان لا يفارقهم.
انظر " الأنساب ": 9 / 275.
(3) المنتظم: 9 / 96، وابن الأثير: 10 / 253، والسبكي: 4 /
204، 205، وفيه عندهم: ولو شهدوا عندي في باقة بقل، ما
قبلت شهادتهما.
(4) هو طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر الطبري البغدادي،
وقد تقدمت ترجمته برقم (462) في الجزء السابع عشر.
(5) الكلمة فارسية، ومعناها: البيت كما يفهم من هذا
السياق، وكذلك وردت عند السبكي: 4 / 205، وفي " المعجم
الذهبي ": كارك: عمل صغير، وكاركاه: معمل، مصنع، دكان،
قصر.
(6) طبقات السبكي: 4 / 205.
(19/86)
وَكَانَ يَشُدُّ فِي وَسطه مئزراً،
وَيَخلَعُ فِي بَيْته ثيَابَه وَيَجْلِس، وَقَالَ:مَا
دَخَلتُ فِي القَضَاءِ حَتَّى وَجَب عليَّ (1) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ:هُوَ وَرِعٌ زَاهِدٌ.
وَأَمَّا الفِقْه، فَكَانَ يُقَالُ:لَوْ رُفِعَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيّ، لأَمْكنه أَنْ يُمْلِيَهِ مِنْ صَدْره (2) .
علق عَنْهُ:القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِي.
قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ:كَانَ قَاضِي
القُضَاة الشَّامِيّ حَسنَ الطَّرِيقَة، مَا كَانَ
يَتبسَّمُ فِي مَجْلِس قضَائِهِ (3) .
قُلْتُ:كَانَ قُدُومُه بَغْدَاد فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَوعيَة الفِقْه، وَقَدْ
صَنَّفَ(البيَان فِي أُصُوْل الدّين (4))يَنْحُو فِيْهِ
إِلَى مَذْهَب السَّلَف.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الآبَنُوسِي:كَانَ
لِقَاضِي القُضَاة الشَّامِيّ كِيْسَانِ، أَحَدهُمَا يَجعل
فِيْهِ عِمَامَته، وَقمِيْصاً مِنَ القُطنِ الحَسَن (5) ،
فَإِذَا خَرَجَ لَبِسَهُما، وَالكيس الآخر فِيْهِ فَتيتٌ
يَجعل مِنْهُ فِي قَصْعَة وَيَقتَاتُ مِنْهُ (6) .
وَعَنْهُ، قَالَ:أَعصي إِنْ لَمْ أَلِ القَضَاء، وَكَانَ
أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيّ - فِيمَا
__________
(1) طبقات السبكي: 4 / 205.
(2) طبقات السبكي: 4 / 203، طبقات الاسنوي: 2 / 95، عيون
التواريخ: 13 / الورقة 51.
(3) طبقات السبكي: 4 / 203.
(4) ذكره في كشف الظنون: 1 / 264، وهدية العارفين: 2 / 76،
وإيضاح المكنون: 1 / 206.
(5) في الطبقات: الخشن.
(6) طبقات السبكي: 4 / 205.
(19/87)
قِيْلَ - قَدْ بَذَلَ فِيْهِ ذَهَباً
كَثِيْراً.
وَقِيْلَ:كَانَتْ فِي الشَّامِيّ حِدَّةٌ وَزَعَارَّةٌ،
وَمَنَاقِبُهُ جَمَّةٌ - رَحِمَهُ اللهُ - .
مَاتَ:فِي شَعْبَانَ، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارب التِّسْعِيْنَ، وَدُفِنَ
فِي تربَةٍ لَهُ عِنْد أَبِي العَبَّاسِ بن سُرَيْج (1) .
48 - ابْنُ مُفَوِّزٍ أَبُو الحَسَنِ طَاهِرُ بنُ
مُفَوِّزِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، المُجَوِّدُ، أَبُو
الحَسَنِ طَاهِرُ بنُ مُفَوِّز بن أَحْمَدَ بنِ مُفَوِّز
المَعَافِرِيُّ الشَّاطبِيُّ، تِلْمِيْذ أَبِي عُمَرَ بن
عبد البَر، وَخصيصُه، أَكْثَرَ عَنْهُ وَجَوَّد (2) .
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ:أَبِي العَبَّاسِ بن دِلْهَاث،
وَأَبِي الوَلِيْدِ البَاجِي، وَابْن شَاكِر الخَطِيْب،
وَأَبِي الفَتْحِ التُّنْكُتِي (3) ، وَحَاتِم بن
مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيّ، وَأَبِي مَرْوَانَ بن حَيَّانَ،
وَعِدَّة.
وَكَانَ فَهماً ذَكيّاً، إِمَاماً، مِنْ أَوعيَةِ العِلْم،
وَفُرْسَانِ الحَدِيْث، وَأَهْلِ الإِتْقَان
وَالتَّحْرِيْر، مَعَ الفَضْل وَالوَرَعِ، وَالتَّقْوَى
وَالوَقَار وَالسَّمت.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ (4) .
وَمَاتَ:فِي رَابع شَعْبَان، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(1) المنتظم: 9 / 96، طبقات السبكي: 4 / 205، طبقات
الاسنوي: 2 / 96.
(*) الصلة: 1 / 240 - 241، بغية الملتمس: 327، العبر: 3 /
305، تذكرة الحفاظ: 4 / 1222 - 1223، طبقات الحفاظ: 448،
شذرات الذهب: 3 / 371 وفيه تصحف اسمه إلى ظاهر بن منور
المعافري.
(2) انظر بغية الملتمس: 327.
(3) سترد ترجمته برقم (50) من هذا الجزء.
(4) في الصلة: 1 / 241: سنة سبع وعشرين وأربع مئة.
(19/88)
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة
الصَّدَفِي وَغَيْرهُ، وَكَانَ أَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ
زَاهِدَ أَهْلِ الأَنْدَلُس فِي زَمَانِهِ (1) .
49 - ظَاهِرٌ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ
السَّلِيْطِيُّ *
الشَّيْخُ، الحَافِظُ، البَارعُ، المُفِيْدُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ ظَاهِر (2) بن أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ
السَّلِيْطِي (3) ، النَّيْسَابُوْرِيّ، وَيُسَمَّى عبدَ
الصَّمد أَيْضاً.
وُلِدَ:بِالرَّيِّ، وَبِهَا نشَأَ، وَكَتَبَ مَا لاَ يُوصف
بِخَطِّه المَلِيْح.
سَمِعَ:أَبَا عُبيد صَخر بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ
بِالرَّيِّ، وَعبدَ الكَرِيْم بن أَحْمَدَ المَطِيرِيَّ
(4) بِسَاوَةَ، وَعَبْدَ المَلِكِ بن عبد الغَفَّار
البَصْرِيّ، وَعِدَّةً بِهَمَذَان، وَأَبَا عَلِيٍّ بن
المُذْهِب، وَأَبَا إِسْحَاقَ البَرْمَكِيّ، وَالقَاضِي
أَبَا الطَّيِّب، وَالجَوْهَرِيَّ، وَعِدَّة بِبَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الطُّيُورِي، وَابْنُ
بَدْرَان الحُلْوَانِيّ، وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ
المَزْرَفِي (5) ، وَطَائِفَة.
__________
(1) قال عنه ابن بشكوال في " الصلة ": 1 / 284: " روى عن
أبي عمر بن عبد البر كثيرا، ثم زهد فيه لصحبته السلطان،
وعن أبي تمام القطيني، وأبي العباس العذري وغيرهم، وكان من
أهل العلم والفهم والصلاح والورع والزهد مشهورا بذلك كله،
وتوفي
سنة خمس وسبعين وأربع مئة ".
(*) المنتظم: 9 / 50، تذكرة الحفاظ: 4 / 1223 - 1224،
البداية: 12 / 135، طبقات الحفاظ: 448.
(2) في المنتظم، وتذكرة الحفاظ، والبداية، وطبقات الحفاظ:
" طاهر " بالطاء المهملة، وهو تصحيف.
(3) نسبة إلى سليط، وهو اسم لجد المنتسب إليه.
(4) نسبة إلى المطيرة: قرية من نواحي سامراء، وكانت من
متنزهات بغداد وسامراء.
(5) بفتح الميم، وسكون الزاي، وفتح الراء: نسبة إلى
المزرفة، وهي قرية كبيرة بالقرب من بغداد، وقد تحرفت في "
تذكرة الحفاظ ": 4 / 1223 إلى المزروفي.
(19/89)
سَكَنَ هَمَذَان مُدَّةً، وَمَاتَ
بِظَاهِرهَا.
قَالَ شِيْرُوَيْه:كَانَ أَحَدَ مَنْ عُنِيَ بِهَذَا
الشَّأْن، حسن العِبَارَة، كَثِيْر الرِّحلَة، صَدُوْقاً،
جَمع كَثِيْراً فِي سَائِرِ العُلُوْم، مَا رَأَيْتُ -
فِيْمَنْ رَأَيْتُ - أَكْثَر كُتُباً وَسَمَاعاً مِنْهُ،
عَاجَلَه المَوْتُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْده:هُوَ أَحَدُ الحُفَّاظ،
صَحِيْحُ النَّقلِ، يَفهَم الحَدِيْثَ وَيَحفظُه (1) .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَلِيٍّ
الحَافِظ:سَمِعْتُ مَسْعُوْدَ بن نَاصر السِّجْزِيّ
يَقُوْلُ:
أَشْهَدُ أَنَّ كُلَّ كِتَابٍ بَغْدَادِيٍّ عِنْد عَبْدِ
الصَّمَدِ السَّلِيْطِيّ كُلُّهَا غَارَةٌ وَنَهْبٌ مِنْ
نَهبِ نَوْبَةِ البَسَاسِيرِي بِبَغْدَادَ، لاَ يُنْتَفَعُ
بِهَا دُنْيَا وَلاَ دِيناً (2) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:مَاتَ ظَاهِرٌ
بِهَمَذَانَ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ (3) .
وَهُوَ الَّذِي انتقَى لأَبِي مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ
بَعْضَ مَجَالِسه.
50 - التُّنْكُتِيُّ أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ الحَسَنِ
بنِ القَاسِمِ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ،
أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ الحَسَنِ بنِ
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 4 / 1223.
(2) الخبر في " التذكرة " وعلق عليه العلامة المعلمي،
فقال: يعني أنها لما وقعت فتنة البساسيري، ونهبت بيوت
بغداد، كان في ذلك كتب اشتراها الناس من ناهبيها، ثم
باعوها فاشترى عدة من تلك الكتب، وهي في الأصل مما نهبه
الناس، والظاهر أن ظاهرا اعتمد ظاهر اليد، فاشترى ولم
يتعمق، والله أعلم.
(3) المنتظم: 9 / 50، تذكرة الحفاظ: 4 / 1224.
(*) جذوة المقتبس: 356، الأنساب: 3 / 88 - 90، وفيه قال
السمعاني: بضم التاء وسكون النون وفتح الكاف وفي آخرها تاء
أخرى، الصلة: 2 / 637 - 639، المنتظم: =
(19/90)
القَاسِم التُّركِي، الشَّاشِيُّ،
التُّنْكُتِي.
وَتُنْكُت:بلد مِنْ أَعْمَالِ الشَّاش.
وُلِدَ:سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَع مائَة.
وَسَمِعَ عَلَى كِبَرٍ مِنْ:أَبِي الحَسَنِ الطَّفَّال
بِمِصْرَ، وَمِنْ أَبِي الحُسَيْنِ الفَارِسِيّ، وَابْن
مَسْرُوْر بِنَيْسَابُوْرَ، وَمِنَ الخَطِيْب بِصُوْر،
وَبِالإِسْكَنْدَرِيَّة مِنَ الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ
المَعَافِرِيّ، وَبَالأَنْدَلُس مِنِ ابْنِ دِلْهَاث.
وَجَاب النَّوَاحِي تَاجراً وَمُحَدِّثاً، وَكَثُرت
أَمْوَالُه جِدّاً.
رَوَى عَنْهُ:أَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدي، وَعبدُ
الخَالِق اليوسفِي، وَنَصْرُ بن نَصْرٍ العُكْبَرِيّ،
وَطَاهِر بن مُفَوِّز.
وَرَوَى(الصَّحِيح)بِالأَنْدَلُسِ (1) ، وَكَانَ دَيِّناً
وَرِعاً وَقُوْراً رَئِيْساً متصدِّقاً.
تُوُفِّيَ:سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ
(2) - رَحِمَهُ اللهُ - .
51 - الدَّبُوسِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ
المُظَفَّرِ بنِ حَمْزَةَ بنِ زَيْدٍ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافعيَة، أَبُو القَاسِمِ
عَلِيُّ بنُ أَبِي يَعْلَى المُظَفَّر بن
__________
= 9 / 79 - 80، بغية الملتمس: 476، معجم البلدان: 2 / 50،
وفيه قال ياقوت: بضم الكاف، اللباب: 1 / 224 - 225، الكامل
لابن الأثير: 10 / 227 - 228، العبر: 3 / 314، وذكره
الذهبي في تذكرة الحفاظ: 3 / 1200 وفيه الشكتي محرف، شذرات
الذهب: 3 / 379، وقد تحرف فيه إلى السكشي.
(1) في الأنساب: واشتهر برواية كتاب الصحيح لمسلم بن
الحجاج بالعراق ومصر والاندلس عن أبي الحسين عبد الغافر بن
محمد الفارسي، وانظر " المنتظم ": 9 / 80، والصلة: 2 /
637، والكامل لابن الأثير: 10 / 228، وجذوة المقتبس: 356،
وبغية الملتمس: 476.
(2) الأنساب: 3 / 90، المنتظم: 9 / 80، ونقل ابن بشكوال: 2
/ 638 عن ابن قاسم أنه توفي بصور، وعن طاهر بن مفوز أنه
توفي بأطرابلس الشام سنة إحدى وسبعين وأربع مئة.
(*) الأنساب: 5 / 275 - 276، المنتظم: 9 / 50، معجم
البلدان: 2 / 438، =
(19/91)
حَمْزَة بن زَيْدٍ العَلَوِيُّ،
الحُسَيْنِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الدَّبوسِيُّ.
وَدَبُوسِيَة:بَلَدٌ بَيْنَ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْد.
كَانَ فَقِيْهاً بَارِعاً، أَديباً أُصُوْليّاً،
مُنَاظراً، مُدْرِكاً، حسنَ الأَخلاَق، سَمْحاً جَوَاداً.
سَمِعَ مِنْ:مُحَمَّد بن عَبْدِ العَزِيْزِ القَنْطَرِي،
وَأَبِي سهل أَحْمَدَ بن عَلِيٍّ الأَبِيْوَرْدِي، وَأَبِي
مَسْعُوْدٍ البَجَلِيّ، وَعِدَّة.
وَقَدِمَ بَغْدَاد لِتَدْرِيْس النَّظَامِيَة فِي سَنَةِ
تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَدرَّس، وَأَملَى
مَجَالِس (1) .
رَوَى عَنْهُ:هِبَة اللهِ بن السَّقَطِيّ، وَأَبُو العِزِّ
القَلاَنِسِي، وَعَبْد الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ، وَعبد
الرَّحْمَن بن الحَسَنِ الشَّرَّافِي (2) .
__________
= اللباب: 1 / 490، الكامل لابن أثير: 10 / 81، طبقات
السبكي: 5 / 296 - 298، طبقات الاسنوي: 1 / 526 - 527،
البداية: 12 / 135 - 136، النجوم الزاهرة: 5 / 129.
(1) الأنساب: 5 / 275، 276، والمنتظم: 9 / 50، وطبقات
السبكي: 5 / 297.
(2) تحرف في " الأنساب ": 5 / 276 إلى " السيرافي " وفي "
طبقات السبكي ": 5 / 298.
إلى " الشرابي "، والشرافي هذا من شيوخ السمعاني، ترجم له
في " التحبير ": 1 / 390، 391، وقال: توفي في أول رجب سنة
أربع وأربعين وخمس مئة ببنج ديه، وبنج ديه: معناه
بالفارسية الخمس قرى، وهي كذلك خمس قرى متقاربة من نواحي
مرو الروذ، ثم من نواحي خراسان، قال ياقوت: عمرت حتى اتصلت
العمارة بالخمس قرى، وصارت كالمحال بعد أن كانت كل واحدة
مفردة، فارقتها في سنة 617 قبل استيلاء التتر على خراسان
وقتلهم أهلها، وهي من أعمر مدن خراسان، ولا أدري إلى أي
شيء آل أمرها، وقد تعرب فيقال لها: فنج ديه، وينسبون إليها
فنجديهي، وقد نسب إليها السمعاني: 5 / 178 خمقري من الخمس
قرى وقال: هي أيفان، ومرست، ومدو، وكريكان، وبهونة، وقد
يختصرون فيقولون: بندهي.
(19/92)
قَالَ السَّقَطِيُّ:أَبُو القَاسِمِ هُوَ
إِمَامُ الشَّافعيَةِ، قَرَأَ القُرْآنَ وَالفِقْهَ
وَالحَدِيْثَ وَالأُصُوْلَ وَاللُّغَةَ وَالعَرَبِيَّةَ،
وَكَانَ فَطِناً فِي الاجْتِهَاد، وَلَهُ التَّوسعُ فِي
الكَلاَمِ وَالفَصَاحَة فِي الجِدَال وَالخِصَام، أَقومُ
النَّاسِ بِالمنَاظرَة، وَتحقيقِ الدّروس، وَكَانَ
مُوَفَّقاً فِي الفَتْوَى (1) .
وَقَالَ فِي مَكَانٍ آخر:كَانَ المشَارَ إِلَيْهِ فِي
المَذْهَب وَالخلاَف، وَمَعْرِفَة الغَرِيْب وَالبلاغَة،
وَإِلَيه انْتَهَت رِئَاسَةُ الشَّافعيَة.
تُوُفِّيَ:فِي العِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَة،
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ:لَمْ يَشِخْ كَثِيْراً، وَمَا وَقَعَ لِي
حَدِيْثُهُ عَالِياً - رَحِمَهُ اللهُ - .
52 - البَرْزَبيْنِيُّ أَبُو عَلِيٍّ يَعْقُوْبُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ *
شَيْخُ الحنَابلَة، القَاضِي، أَبُو عَلِيٍّ يَعْقُوْبُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ سطورَا (2)
العُكْبَرِيّ، الحَنْبَلِيّ، تِلْمِيْذ القَاضِي أَبِي
يَعْلَى.
وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْنٍ، يَدْرِي الأُصُوْلَ وَالحَدِيْث
وَالقُرْآن، تَفَقَّهَ بِهِ خلقٌ كَثِيْر، وَصَنَّفَ فِي
المَذْهَب (3) ، وَمَا درس عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلاَّ
وَتَمَيَّز (4) .
__________
(1) طبقات السبكي: 5 / 297.
(*) طبقات الحنابلة: 2 / 245 - 247، الأنساب: 2 / 147،
المنتظم: 9 / 80، اللباب: 1 / 137، الكامل لابن الأثير: 10
/ 227، وفيه المرزباني، ذيل طبقات الحنابلة: 1 / 73 - 76،
إيضاح المكنون: 1 / 299، هدية العارفين: 2 / 544.
والبرزبيني: نسبة إلى برزبين، وهي قرية كبيرة من قرى بغداد
على خمسة فراسخ منها، وقد تحرفت في المنتظم إلى البرزباني.
(2) كذا الأصل: (سطورا) بالالف، وجميع مصادر الترجمة على
حذفها.
(3) قال ابن رجب في ذيل الطبقات: 1 / 75: وله تصانيف في
المذهب، منها " التعليقة " في الفقه في عدة مجلدات، وهي
ملخصة من تعليقة شيخه القاضي.
(4) في ذيل الطبقات: 1 / 74، ذكره ابن السمعاني، فقال:
كانت له يد قوية في =
(19/93)
تَفقَّهَ بِهِ أَبُو حَازِمٍ بنُ
الفَرَّاءِ، وَأَجَازَ لِغَانِمِ بن خَلَفٍ، وَأَبِي
نَصْرٍ الغَازِي.
مَاتَ:فِي شَوَّال، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ.
53 - نِظَامُ المُلْكِ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْحَاقَ
الطُّوْسِيُّ *
الوَزِيْر الكَبِيْر، نِظَام المُلْك، قِوَامُ الدِّين،
أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بن إِسْحَاقَ
الطُّوْسِيُّ، عَاقلٌ، سَائِسٌ، خَبِيرٌ، سَعِيْدٌ،
مُتَدَيِّنٌ، مُحتَشمٌ، عَامِرُ المَجْلِس بِالقُرَّاء
وَالفُقَهَاء.
أَنشَأَ المدرسَة الكُبْرَى بِبَغْدَادَ (1) ، وَأُخْرَى
بِنَيْسَابُوْرَ، وَأُخْرَى بِطُوْسَ (2) ، وَرغَّب فِي
العِلْمِ، وَأَدرَّ عَلَى الطلبَة الصِّلاَت، وَأَملَى
الحَدِيْثَ، وَبَعُدَ صيتُه.
__________
= القرآن والحديث والفقه والمحاضرة، وقرأ عليه عامة
الحنابلة ببغداد، وانتفعوا به، وكان حسن السيرة، جميل
الطريقة، جرت أموره على سداد واستقامة.
(*) الأنساب: 6 / 37 ذكره في الراذكاني، المنتظم: 9 / 64 -
68، تاريخ دولة آل سلجوق: 1 / 115، معجم البلدان: 3 / 13
و4 / 50، المتخب: الورقة: 54 / ب، التدوين: الورقة: 189 أ
- 189 ب، الكامل في التاريخ: 10 / 204 - 206، الروضتين: 1
/ 25 - 26، طبقات النووي: الورقة: 73 - 74، وفيات الأعيان:
2 / 128 - 131، ابن العبري: 192 - 195، دول الإسلام: 2 /
13، العبر: 3 / 307 - 308، الوافي بالوفيات: 12 / 123 -
127، طبقات السبكي: 4 / 309 - 329، البداية: 12 / 140 -
141، تاريخ ابن خلدون: 5 / 11 - 13، النجوم الزاهرة: 5 /
136، شذرات الذهب: 3 / 373 - 375، روضات الجنات: 221،
أعيان الشيعة: 22 / 225.
(1) وهي المشهورة بالمدرسة النظامية، شرع في عمارتها سنة
سبع وخمسين وأربع مئة، وفي سنة تسع وخمسين جمع الناس على
طبقاتهم ليدرس بها أبو إسحاق الشيرازي.
فلم يحضر، فذكر الدرس أبو نصر بن الصباغ صاحب الشامل عشرين
يوما، ثم جلس الشيخ أبو إسحاق بعد ذلك.
(2) ناحية كبيرة من نواحي نيسابور تشتمل على ثلاث مئة
وإحدى وعشرين قرية.
(19/94)
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ دَهَاقين بَيْهَقَ
(1) ، فَنشَأَ وَقرَأَ نَحْواً، وَتعَانَى الكِتَابَة
وَالدِّيْوَان، وَخدم بِغَزْنَةَ، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ
الأَحْوَالُ إِلَى أَنْ وَزَرَ لِلسُّلْطَانِ أَلب
آرسلاَن، ثُمَّ لابْنِهِ مَلِكْشَاه، فَدبَّر مَمَالِكَه
عَلَى أَتمِّ مَا يَنْبَغِي، وَخفف المظَالِمَ، وَرَفَقَ
بِالرعَايَا، وَبَنَى الوُقُوْفَ، وَهَاجرت الكِبَارُ
إِلَى جَنَابه، وَازدَادت رفعتُهُ، وَاسْتمرَّ عِشْرِيْنَ
سَنَةً.
سَمِعَ مِنَ:القُشَيْرِيّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ بن
مِهْرَبْزُدَ (2) ، وَأَبِي حَامِد الأَزْهَرِيّ.
رَوَى عَنْهُ:عَلِيُّ بنُ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيّ، وَنَصْرُ
بنُ نَصْرٍ العُكْبَرِيّ، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ فِيْهِ خَيْرٌ وَتَقْوَى، وَمَيْلٌ إِلَى
الصَّالِحِيْنَ، وَخُضوعٌ لِمَوعِظتهم، يُعْجِبُهُ مَنْ
يُبَيِّنُ لَهُ عيوبَ نَفْسه، فَيَنكسِرُ وَيَبْكِي.
مَوْلِدُهُ:فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة، وَقُتِلَ
صَائِماً فِي رَمَضَانَ، أَتَاهُ باطنِي فِي هيئَة صُوْفِي
يُنَاوله قِصَّة، فَأَخَذَهَا مِنْهُ، فَضَرَبَه
بِالسِّكينِ فِي فُؤَاده، فَتَلِفَ، وَقَتلُوا قَاتِلَه،
وَذَلِكَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، بِقُرْبِ نُهَاوَنْدَ، وَكَانَ آخِرُ
قَوْلِهِ:لاَ تَقتلُوا قَاتلِي، قَدْ عَفْوتُ، لاَ إِلَهَ
إِلاَّ الله (3) .
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (4) :قَدْ دَخَلَ نِظَامُ الْملك
عَلَى المُقتدي بِاللهِ،
__________
(1) ذكر له السبكي في طبقاته تسع مدارس أخرى غير هذه.
(2) هو العلامة النحوي المفسر المعتزلي محمد بن علي بن
مهربزد، تقدمت ترجمته في الجزء الثامن عشر الترجمة (79).
(3) " المنتظم ": 9 / 66 - 67، و" وفيات الأعيان ": 2 /
130.
(4) 4 / 128، وهو في طبقات السبكي: 4 / 322.
(19/95)
فَأَجْلَسَهُ، وَقَالَ لَهُ:يَا حَسنُ،
رَضِيَ اللهُ عَنْكَ، كَرِضَى (1) أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ
عَنْكَ.
وَللِنِّظَامِ سيرَةٌ طَوِيْلَة فِي(تَارِيخ ابْن
النَّجَّار)، وَكَانَ شَافِعياً أَشعرِيّاً.
وَقِيْلَ:إِنَّ قتلَه كَانَ بتدبِيرِ السُّلْطَان، فَلَمْ
يُمْهَلْ بَعْدَهُ إِلاَّ نَحْوُ شَهْرٍ (2) .
وَكَانَ النِّظَامُ قَدْ خَتَمَ وَلَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ،
وَاشْتَغَل بِمَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَسَارَ إِلَى
غَزْنَة، فَصَارَ كَاتِباً نَجيباً، إِلَيْهِ المُنْتَهَى
فِي الحسَاب، وَبَرَعَ فِي الإِنشَاء، وَكَانَ ذكيّاً،
لبِيْباً، يَقظاً، كَامِلَ السُّؤْدُدِ (3) .
قِيْلَ:إِنَّهُ مَا جلس إِلاَّ عَلَى وُضوء، وَمَا
تَوضَّأَ إِلاَّ تَنفَّل، وَيَصُوْمُ الاثْنَيْنَ
وَالخَمِيْس، جدَّدَ عِمَارَة خُوَارِزْم، وَمشهدَ طُوْس،
وَعَمِلَ بيمَارستَاناً، نَابه عَلَيْهِ خَمْسُوْنَ أَلْفَ
دِيْنَار، وَبَنَى أَيْضاً بِمَرْوَ مدرسَةً، وَبِهرَاةَ
مدرسَةً، وَبِبَلْخ مدرسَةً، وَبِالبَصْرَةِ مدرسَةً،
وَبِأَصْبَهَانَ مدرسَةً، وَكَانَ حَليماً رزِيناً
جَوَاداً، صَاحِبَ فتوَة وَاحتمَال وَمَعْرُوْف كَثِيْر
إِلَى الغَايَة، وَيُبَالغ فِي الْخُضُوع لِلصَّالحين.
وَقِيْلَ:كَانَ يَتَصَدَّق كُلَّ صبَاح بِمائَةِ
دِيْنَارٍ.
قَالَ ابْنُ عَقِيْلٍ:بَهَرَ العُقُوْلَ سيرَةُ النِّظَام
جُوْداً وَكَرَماً وَعدلاً، وَإِحيَاءً لِمعَالِم الدِّين،
كَانَتْ أَيَّامُهُ دَوْلَةَ أَهْل العِلْمِ، ثُمَّ خُتِمَ
لَهُ بِالقَتل وَهُوَ مَارٌّ إِلَى الحَجِّ، فِي
رَمَضَانَ، فَمَاتَ مَلِكاً فِي الدُّنْيَا، مَلِكاً فِي
الآخِرَةِ - رَحِمَهُ اللهُ (4) - .
__________
(1) في الوفيات: برضاء.
(2) قال ابن الجوزي في المنتظم: 9 / 67: وإنما كان بينهما
خمسة وثلاثون يوما.
(3) انظر " طبقات السبكي ": 4 / 312.
(4) نص كلام ابن عقيل في " المنتظم ": 9 / 67، 68، وقد
نقله ابن الجوزي من =
(19/96)
54 - عَبْدُوسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوسٍ الرُّوْذْبَارِيُّ *
الإِمَامُ الجَلِيْلُ المُتْقِنُ، شَيْخُ هَمَذَانَ، أَبُو
الفَتْحِ الرُّوْذْبَارِيُّ، الفَارِسِيُّ، ثُمَّ
الهَمَذَانِيُّ، أَكْبَرُ أَهْلِ هَمَذَانَ، وَأَعْلاَهُم
إِسْنَاداً.
وُلِدَ:فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ:عَمَّ أَبِيْهِ عَلِيَّ بن عَبدوس، وَمُحَمَّدَ بنَ
أَحْمَدَ بنِ حَمْدُوَيْه صَاحِب أَبِي العَبَّاسِ
الأَصَمّ، وَأَبَا طَاهِر الحُسَيْن بن سَلَمَةَ،
وَالحُسَيْنَ بن مُحَمَّدِ بنِ مَنْجَوَيْه، وَمُحَمَّدَ
بن عِيْسَى المُحتَسب، وَرَافِعَ بن مُحَمَّدٍ القَاضِي،
وَعِدَّة.
وَلَهُ إِجَازَةٌ صَحِيْحَة مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ
بنِ عَلِيِّ بنِ لاَلَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ السُّلَمِيّ، وَشيخِ الْحرم أَبِي
الحَسَنِ بنِ جَهْضَم.
__________
= خطه: وأما النظام، فإن سيرته بهرت العقول جودا وكرما
وحشمة، وإحياء لمعالم الدين، فبنى المدارس، ووقف عليها
الوقوف، ونعش العلم وأهله، وعمر الحرمين، وعمر دور الكتب،
وابتاع الكتب، فكانت سوق العلم في أيامه قائمة، والعلماء
مستطيلين على الصدور من أبناء الدنيا، وما ظنك برجل كان
الدهر في خفارته لأنه كان قد أفاض من الانعام ما أرضى
الناس، وإنما كانوا يذمون الدهر لضيق أرزاق واختلال أحوال،
فلما عمهم إحسانه، أمسكوا عن ذم زمانهم.
وقد رثاه شبل الدولة مقاتل بن عطية، فقال:
كان الوزير نظام الملك لؤلؤة * يتيمة صاغها الرحمن من شرف
عزت فلم تعرف الايام قيمتها * فردها غيرة منه إلى الصدف
ونقل السبكي 4 / 318 - 319 كلام ابن عقيل هذا عن " الفنون
".
(*) ذيل تاريخ بغداد: 1 / 426 - 430، العبر: 3 / 329، عيون
التواريخ: 13 / 79 - 80 وفيه عبد بن عبد الله، شذرات
الذهب: 3 / 395.
(19/97)
رَوَى عَنْهُ:أَبُو الحُسَيْنِ بنُ
الطُّيورِي، وَإِسْمَاعِيْل بن السَّمَرْقَنْدي،
وَمُحَمَّد بن بُنَيْمَان (1) الهَمَذَانِيّ، وَأَبُو
زُرْعَةَ المَقْدِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَأَجَازَ لأَبِي
طَاهِرٍ السِّلَفِيّ.
قَالَ شِيْرَوَيْه:سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً
مُتْقِناً فَاضِلاً ذَا حِشْمَة وَصيتٍ، حسنَ الخطِّ،
حُلْوَ المنطِق، كُفَّ بَصَرُه وَأَصَمَّ فِي آخِرِ
عُمُرِهِ، وَسَمَاعُ القُدَمَاءِ مِنْهُ أَصَحُّ إِلَى
سَنَةِ نَيِّفٍ (2) وَثَمَانِيْنَ، وَمَاتَ فِي جُمَادَى
الآخِرَةِ، سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
فَغَسَّلْتُه (3) .
قَالَ ابْنُ طَاهِر:دَخَلتُ هَمَذَان بَعْد رُجُوْعِي مِنَ
الرَّيِّ بِأَوْلاَدِي، وَكُنْتُ أَسْمَع أَنَّ(سُنَن
النَّسَائِيّ)يَرْوِيْهِ عَبدوس، فَقصدتُه، فَأَخْرَجَ
إِلَيَّ الكِتَابَ، وَفِيْهِ السَّمَاع ملحقٌ طَرِيٌّ
بِخطِّه، فَلَمْ أَقرَأْه، وَبعد مُدَّةٍ خَرَجتُ بِابْنِي
أَبِي زُرْعَةَ إِلَى الدُّونِي (4) ، فَقَرَأْتُ لَهُ
الكِتَابَ عَلَيْهِ (5) .
55 - السِّيْبِي أَبُو القَاسِمِ يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُعَمَّرُ الكَبِيْرُ، أَبُو
القَاسِمِ يَحْيَى بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) سترد ترجمته برقم (375) من الجزء العشرين.
(2) في ذيل ابن النجار: " ست ".
(3) ذيل ابن النجار: 1 / 429 - 430.
(4) نسبة إلى دونة على عشرة فراسخ من همذان، وهي بين همذان
ودينور، واسمه
عبد الرحمن بن حمد، قال يحيى بن منده فيما ذكره ابن نقطة
في " الاستدراك " ورقة 177: قرأنا عليه كتاب السنن لأبي
عبد الرحمن النسائي بسماعه من القاضي أبي نصر أحمد بن
الحسين الكسار، عن أحمد بن السني، عنه، سألته عن ميلاده،
فقال: ولدت في سنة سبع وعشرين وأربع مئة، وتوفي سنة خمس
مئة.
وسترد ترجمته برقم (147).
(5) ذيل ابن النجار: 1 / 429.
(*) الأنساب: 7 / 216، المنتظم: 9 / 105، الكامل في
التاريخ: 10 / 271، =
(19/98)
مُحَمَّد بن عَلِيٍّ السِّيبِيُّ،
القَصْرِي.
قَالَ لِجَمَاعَةٍ:وُلِدَتُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ
وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بقَصْر ابْن هُبَيْرَةَ.
وَتَلاَ عَلَى الحمَّامِي.
وَسَمِعَ:أَبَا الحَسَنِ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
الصَّلْتِ، وَأَبَا الحُسَيْنِ بن بِشْرَان، وَأَبَا
الفَضْل عبدَ الوَاحِد التَّمِيْمِيّ، وَابْنَ الفَضْلِ
القَطَّان.
وَلَوْ سَمِعَ فِي الصِّغر، لَلَحِقَ أَصْحَابَ
البَغَوِيّ، وَكَانَ مُجَوِّداً مُحقِّقاً، قَرَأَ
بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَبِي الحَسَنِ بنِ الحمَّامِي،
وَخَتَم عَلَيْهِ خلق.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ:رَحل النَّاسُ إِلَيْهِ مِنَ
الآفَاق، وَأَكْثَرُوا عَنْهُ، وَكَانَ خَيِّراً صَالِحاً،
ثِقَةً ثَبْتاً، رَوَى لَنَا عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدي،
وَأَبُو البَرَكَات الأَنْمَاطِيّ، وَعبدُ الخَالِق
اليُوسفِي، وَأَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيُّ،
وَأَبُو نَصْرٍ الغَازِي.
وَقَالَ ابْنُ سُكَّرَة:كَانَ صَالِحاً مُسِنّاً
عَفِيْفاً، كَانَ يَتَعَمَّمُ بِالسَّوَادِ.
قَالَ ابْنُ نَاصر (1) :مَاتَ فِي الخَامِس وَالعِشْرِيْنَ
مِنْ رَبِيْع الآخر، سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
= العبر: 3 / 330، معرفة القراء الكبار: 1 / 357 - 358،
غاية النهاية 2 / 365، عيون
التواريخ: 13 / 80، البداية: 12 / 155، توضيح المشتبه: 2 /
55 / 1، النجوم الزاهرة: 5 / 161، طبقات القراء: 2 / 365،
شذرات الذهب: 3 / 396.
وقد جاء في الأنساب، والمنتظم، ومعرفة القراء الكبار،
وطبقات القراء: يحيى بن أحمد بن أحمد بن محمد.
(1) هو أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي - نسبة إلى دار
السلام وهي بغداد - المتوفي سنة 550، سيترجمه المؤلف في
الجزء العشرين رقم (180).
(19/99)
وَفِيْهَا مَاتَ:فَقِيْهُ البَصْرَة أَبُو
يَعْلَى العَبْدِيُّ (1) ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ السِّمْسَار الأَصْبَهَانِيّ (2)
، وَعبدوسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الفَارِسِيّ
بِهَمَذَان (3) ، وَالفَقِيْه نَصْرٌ المَقْدِسِيّ (4)
بِدِمَشْقَ.
وَفِيْهَا (5) فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ اجْتَمَعت
السِّتَّةُ:الشَّمْسُ، وَالقَمَرُ، وَالزُّهرَةُ،
وَالمَرِّيخُ، وَعُطَارِدُ، وَالمُشترِي، فِي بُرجِ
الْحُوت، وَزَعَمُوا أَنَّهُم لَمْ يَسْمَعُوا باجتمَاعهِم
فِي بُرجٍ فِي هَذِهِ الأَزْمِنَة، ثُمَّ فَسَّرُوا
بِأَنَّهُ يَكُوْن غَرق عَظِيْم، فَكَانَتِ المِيَاهُ
قليلَةً.
56 - تَاجُ المُلْك أَبُو الغَنَائِمِ مَرْزُبَانُ بنُ
خُسْرُو بنِ دَارستَ *
الوَزِيْرُ، أَبُو الغَنَائِمِ مَرْزُبَان بن خُسْرو بن
دَارست.
كَانَ كَاتِباً لِلأَمِيْرِ سَرهنك، فَمَاتَ مخدومُهُ،
فَصَادره نِظَامُ الْملك، وَقَالَ:عِنْدَكَ لِمخدومِكَ
أَلفُ أَلفِ دِيْنَار، فَقَالَ:إِذَا قِيْلَ هَذَا عَنِّي،
فَمَا يُقَال فِيْمَنْ خَدَم سُلْطَانَيْنِ ثَلاَثِيْنَ
سَنَةً؟!وَلَكِنْ أَنَا القَائِمُ بِمَا يُطْلَبُ مِنِّي،
وَحُمِلَ إِلَى خِزَانَة السُّلْطَان أَلفَي أَلفِ
دِيْنَار، فَعَظُمَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ، وَقَرَّبَه،
فَتَأَلَّمَ النِّظَام، وَبَقِيَ يُعظِّم النِّظَام
صُوْرَةً، وَيَحُطُّ عَلَيْهِ باطِناً، فَلَمَّا قُتِلَ
__________
(1) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (83).
(2) تقدمت ترجمته برقم (20).
(3) وهو الذي مر قبل السيبي برقم (54).
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (72).
(5) في كامل ابن الأثير: 10 / 259 - 260، والنجوم الزاهرة:
5 / 158، والمنتظم: 9 / 97: أن ذلك وقع عام 489.
(*) المنتظم: 9 / 74 أورده في سنة 485 ه، أخبار الدولة
السلجوقية: 67، الكامل لابن الأثير: 10 / 216، وفيات
الأعيان: 2 / 131 مع ترجمة نظام الملك، البداية: 12 / 144
في وفيات 485 ه، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 338.
(19/100)
النَّظَامُ، وَزَرَ هَذَا لِمَلِكْشَاه،
ثُمَّ لابْنِهِ مَحْمُوْد، وَجَرَتْ حُرُوْبٌ عَلَى
المُلك، فَأُسِرَ مَرْزُبَان، فَشَدَّ عَلَيْهِ غِلْمَانُ
النِّظَام، فَقَتَلُوْهُ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سِتٍّ
(1) ، وَكَانَتْ أَيَّامُه أَرْبَعَة أَشْهُرٍ، وَكَانَ
يَتَعَبَّدُ وَيَصُوْمُ - رَحِمَهُ اللهُ - .
57 - النِّعَالِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّر، مُسْنِدُ العِرَاق، أَبُو عَبْدِ
اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ
النِّعَالِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الحَمَّامِي، الحَافِظ -
يَعْنِي يَحفظُ ثِيَاب الحَمَّام وَغلَّتَه (2) - .
أَسْمَعَهُ جدُّه مِنْ:أَبِي عُمَرَ بن مَهْدِيٍّ، وَأَبِي
سَعْدٍ المَالِيْنِيّ، وَأَبِي الحَسَنِ مُحَمَّد بن عُبيد
الله الحِنَّائِي، وَأَبِي سَهل مَحْمُوْد العُكْبَرِيّ،
وَأَبِي القَاسِمِ بنِ المُنْذِرِ القَاضِي، وَهُوَ آخِرُ
مَنْ حَدَّثَ عَنْهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ نَاصر، وَهِبَةُ اللهِ بن الحَسَنِ
الدَّقَّاق، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ الصَّابِي،
وَعَبْدُ اللهِ بن مَنْصُوْرٍ المَوْصِلِيّ، وَأَبُو
الفَتْحِ بنُ البَطِّي، وَالمُبَارَك بن المُبَارَكِ
السِّمْسَار، وَيَحْيَى بن ثَابِتٍ البَقَّال، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَلِيٍّ ابْن العَلاَّف، وَصَالِح ابْن الرِّخْلَة (3)
، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ الرَّحَبِيِّ،
__________
(1) وثمانين وأربع مئة كما في " الوفيات ": 2 / 131 وانظر
خبر قتله كاملا في الكامل لابن الأثير: 10 / 216.
(*) الأنساب: لوحة: 564 ب، المنتظم: 9 / 115، اللباب: 3 /
317، دول الإسلام: 2 / 23، العبر: 3 / 336، الوافي: 12 /
339، لسان الميزان: 2 / 268، شذرات الذهب: 3 / 399، أعيان
الشيعة: 25 / 165.
(2) في لسان الميزان: 2 / 268: وكان يعرف بالحافظ، لأنه
كان يحفظ ثياب الناس في الحمام.
(3) هو صالح بن المبارك البغدادي الكرخي سترد ترجمته في
الجزء العشرين رقم: (342).
(19/101)
وَأَحْمَد بن المُقرَّب، وَعَبْدُ اللهِ
الطَّامَذِي، وَكَمَالُ بِنْتُ المُحَدِّث عَبْدِ اللهِ
بنِ السَّمَرْقَنْدي، وَتَركنَازُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ
الدَّامغَانِي، وَشُهْدَة بِنْت (1) الإِبَرِي، وَنَفِيسَة
البَزَّازَة، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّة، وَعَدَدٌ
كَثِيْر.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة:هُوَ رَجُلٌ أُمِّيٌّ،
لَهُ سَمَاع صَحِيْحٌ عَالٍ، وَكَانَ فَقيراً عَفِيْفاً،
مِنْ بَيْتِ علَمٍ، يَخْدُمُ حَمَّاماً فِي الكَرْخِ،
حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ رِزْقويه.
قُلْتُ:وَيَرْوِي أَيْضاً عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ بن
بِشْرَان، وَأَبِي الحَسَنِ الحَمَّامِي.
قَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيّ:هُوَ صَحِيْحُ السَّمَاع، خَالٍ
مِنَ العِلْمِ وَالفَهم، سَمِعْتُ مِنْهُ (2) .
وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ العَبْدَرِي:هُوَ عَامِيٌّ،
أُمِّيٌّ، رَافِضِيٌّ، لاَ يَحلُّ أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُ
حَرفٌ، لاَ يَدْرِي مَا يُقرَأ عَلَيْهِ (3) .
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ:سَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظَ
بِأَصْبَهَانَ، فَقَالَ:هُوَ مِنْ أَوْلاَدِ
المُحَدِّثِيْنَ، سَمِعَ الكَثِيْر، وَسَأَلتُ
إِبْرَاهِيْمَ بن سُلَيْمَانَ عَنْهُ، فَقَالَ:لاَ
أُحَدِّثُ عَنْهُ، كَانَ لاَ يَعرف مَا يُقرَأُ عَلَيْهِ
(4) .
وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ
يَقُوْلُ:دَلَّنَا عَلَيْهِ أَبُو الغَنَائِمِ بنُ أَبِي
عُثْمَانَ، فَمَضينَا إِلَيْهِ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ
جُزْءاً فِيْهِ اسْمُهُ، وَسَأَلتُهُ:هَلْ عِنْدَك
__________
(1) سترد ترجمتها في الجزء العشرين برقم (344).
(2) لسان الميزان: 2 / 268.
(3) لسان الميزان: 2 / 268.
(4) لسان الميزان: 2 / 268.
(19/102)
شَيْء مِنَ الأُصُوْل؟
فَقَالَ:كَانَ عِنْدِي شِدَّة (1) بِعتُهَا لأَبِي
الحُسَيْن بن الطُّيورِي (2) ، مَا أَدْرِي مَا فِيْهَا،
فَمَضَينَا إِلَى ابْنِ الطُّيورِي، فَأَخْرَجَهَا فِيْهَا
سَمَاعُهُ مِنَ المَالِيْنِيّ وَغَيْرِهِ، فَقَرَأْنَاهَا
عَلَيْهِ.
قُلْتُ:مَاتَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ هَذَا فِي
صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
عَنْ أَرْجَحَ مِنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً، وَقَدْ رَوَى
عَنْهُ السِّلَفِيّ بِالإِجَازَةِ، وَوَقَعَ لَنَا مِنْ
عَوَالِيْهِ جَمَاعَةُ أَجزَاء.
58 - الذَّكوَانِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الصَّدُوْق، المُكْثِر، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابنِ الشَّيْخ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ
بنِ أَبِي عَلِيٍّ الهَمَذَانِيّ، الذَّكْوَانِي،
الأَصْبَهَانِيّ، صَاحِبُ أُصُوْل، وَاسِعُ الرِّوَايَة.
سَمِعَ مِنِ:ابنِ مَيْلَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
مَرْدَوَيْه، وَالمَالِيْنِيّ، وَجدِّه، وَعُثْمَان
البُرجِي، وَخَلْقٍ.
وُلِدَ:سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ:فِي يَوْم عَرَفَةَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ خلقٌ، مِنْهُم:عَبدُ الجَلِيْل بن
مُحَمَّدٍ كوتَاهُ (3) ، وَالحَافِظُ
__________
(1) أي: مجموعة من الأوراق يشد بعضها إلى بعض.
(2) لسان الميزان: 2 / 268.
(*) الأنساب: 6 / 15 - 16، العبر: 3 / 304 - 305، شذرات
الذهب: 3 / 371.
(3) كوتاه: لقب لعبد الجليل عند المصنف كما في " تذكرته ":
4 / 1314، وقال الحافظ ابن حجر في " نزهة الالباب ": هو
لقب لابيه محمد، وسترد ترجمته في الجزء العشرين رقم:
(224).
(19/103)
إِسْمَاعِيْل التَّيْمِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ
بنُ البَغْدَادِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ الغَازِي، وَكَانَ
صَدُوْقاً جَلِيْلاً نَبِيلاً، وَعِنْدَهُ عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ، وَعُثْمَان بن أَحْمَدَ
البُرْجِيّ.
59 - الوَرْكِيُّ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ القَاسِمِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الصَّالِحُ،
المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ الدُّنْيَا، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ القُرَشِيُّ، الزُّبَيْرِيُّ، البُخَارِيُّ،
الوَرْكِيُّ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ:عُمِّر الوَرْكِيُّ
مائَةً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَبَيْنَ كِتَابَتِهِ
لِلإِمْلاَء عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَمَّارِ بن مُحَمَّد،
صَاحِب يَحْيَى بن صَاعِد، وَبَيْنَ مَوْته مائَةُ سَنَةٍ
وَعشرُ سِنِيْنَ.
رَحل النَّاسُ إِلَيْهِ مِنَ الأَقطَار.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِي ذَرٍّ المَذْكُور، وَإِبْرَاهِيْم بن
مُحَمَّدِ بنِ يَزْدَاد الرَّازِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن
حُسَيْنٍ البُخَارِيّ، وَإِسْحَاق بن حَمْدَان
المُهَلَّبِيّ، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ
الجُورِي.
حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ ذكرهُم السَّمْعَانِيّ،
وَقَالَ:قَبْره بِوَرْكَى، عَلَى فَرْسَخين مِنْ بُخَارَى،
زُرتُ قَبْره.
قُلْتُ:حَدَّثَ عَنْهُ:عُثْمَان بن عَلِيٍّ
البِيْكَنْدِيّ، وَأَبُو العَطَاء أَحْمَدُ بنُ أَبِي
بَكْرٍ الحَمَّامِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ
عُثْمَانَ البَزْدَوِي، وَأَخُوْهُ عُمَرُ
__________
(*) العبر: 3 / 342، عيون التواريخ: 13 / 115، شذرات الذهب
3 / 402 - 403، والوركي: بفتح الواو وإسكان الراء وبعدها
كاف. هذه النسبة إلى " وركة " وهي من قرى بخارى. أنظر:
معجم البلدان: 5 / 373، اللباب: 3 / 362.
(19/104)
الصَّابونِيّ، وَمُحَمَّد بن نَاصِر
السَّرْخَسيّ، وَمَحْمُوْدُ بن أَبِي القَاسِمِ
الطُّوْسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ:هُوَ فَقِيْهٌ، إِمَامٌ، زَاهِدٌ،
مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ قِرَاءةً،
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عبد الكَرِيْم
المَرْوَزِيّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ عَلِيٍّ،
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ عبدُ الوَاحِد بن عَبْدِ
الرَّحْمَنِ سنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
سُلَيْمَانَ الفَارِسِيّ إِمْلاَءً سَنَة سِتٍّ
وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ القُرَشِيّ، حَدَّثَنَا
الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَفَّان، حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ
الحُبَابِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بن صَالِحٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، سَمِعَ
عَمْرَو بنَ الحَمِقِ يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- :(إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيراً عَسَلَهُ).
فَقِيْلَ:يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَمَا عَسَلَهُ؟
قَالَ:(فَتَحَ لَهُ عَمَلاً صَالِحاً بَيْنَ يَدَيْ
مَوْتِهِ حَتَّى يُرْضِيَ عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ) (1) .
60 - ابْنُ خَيْرُوْنَ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، المُسْنِدُ، الحُجَّةُ،
أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
__________
(1) أخرجه أحمد في " المسند ": 5 / 224 من طريق زيد بن
الحباب بهذا الإسناد، ورجاله رجال الصحيح، وصححه ابن حبان
(1842)، والحاكم: 1 / 340، ووافقه الذهبي، وله شاهد من
حديث أنس عند أحمد: 3 / 106 و120 والترمذي: (2143)، وصححه
هو وابن حبان (1821)، والحاكم: 1 / 340، ووافقه الذهبي وهو
كما قالوا، وآخر عن أبي عنبة: 4 / 200، ورجاله ثقات، وثالث
عن أبي أمامة عند الطبراني في الكبير (7522)، و(7725)،
و(2900) من طرق.
(*) المنتظم: 9 / 87، الكامل لابن الأثير: 10 / 253، دول
الإسلام: 2 / 17، العبر: 3 / 319، ميزان الاعتدال: 1 / 92،
تذكرة الحفاظ: 4 / 1207 - 1209، عيون =
(19/105)
أَحْمَد بن خَيْرُوْنَ البَغْدَادِيُّ،
المُقْرِئُ، ابْنُ البَاقِلاَّنِي.
وُلِدَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَأَجَازَ لَهُ:أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
الصَّلْتِ الأَهْوَازِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ
المُتَيَّم، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ المَحَامِلِيّ،
وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رِزْقَويه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ
بِشْرَانَ، وَأَبُو نَصْرٍ حَسنُوْنُ النَّرْسِيّ،
وَمُحَمَّد بن فَارِس الغُورِي، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ
اللهِ بن أَبَانٍ النَّصِيْبِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بن
عَبَّاسٍ، وَأَبُو سَهْلٍ مَحْمُوْدُ بنُ عُمَرَ
العُكْبَرِيّ، وَالقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ البَاقَرْحِي،
وَجَمَاعَة.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ
البَرْقَانِيّ، وَعُثْمَان بن دُوسْت العَلاَّف، وَأَبِي
القَاسِمِ الحُرْفِي، وَأَحْمَدَ بن عَبْدِ اللهِ بن
المَحَامِلِيِّ، وَعَبْدِ الْملك بن بِشْرَان، وَأَبِي
يَعْلَى أَحْمَدَ بنِ عبدِ الوَاحِد، وَالحَسَن بن
مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، وَخَلْقٍ، وَيَنْزِلُ إِلَى أَصْحَاب
المُخَلِّص، وَنَحْوِهِ، وَتَفَرَّد بِأَشيَاء
وَبإِجَازَات.
حَدَّثَ عَنْهُ:شَيْخُهُ؛أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو
عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة، وَأَبُو عَامِرٍ العَبْدَرِي،
وَأَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدي، وَإِسْمَاعِيْلُ
بن مُحَمَّدٍ الطَّلْحِي الحَافِظ، وَأَبُو بَكْرٍ قَاضِي
المَارستَان، وَإِسْمَاعِيْلُ بن أَبِي سَعْدٍ
الصُّوْفِيّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ، وَأَبُو
الفَتْحِ بنُ البَطِّي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
ذكره أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فَقَالَ:ثِقَةٌ، عدلٌ،
مُتْقِنٌ، وَاسِعُ الرِّوَايَة، كتب بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ،
وَكَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ، سَمِعْتُ أَبَا
مَنْصُوْرٍ بن خَيْرُوْنَ
__________
= التواريخ: 13 / 51، الوافي بالوفيات: 6 / 320، البداية:
12 / 149، لسان الميزان: 1 / 155، طبقات الحفاظ: 400،
تاريخ خميس: 2 / 360، طبقات القراء: 1 / 46، شذرات الذهب:
3 / 383.
(19/106)
يَقُوْلُ:كتب عمِّي أَبُو الفَضْلِ عَنِ
ابْنِ شَاذَانَ أَلفَ جُزءٍ، وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوهَّاب
الأَنْمَاطِيّ يَقُوْلُ:مَا رُئِيَ مِثْلُ أَبِي الفَضْلِ
بنِ خَيْرُوْنَ، لَوْ ذكرت لَهُ كتبه وَأَجزَاءَهُ الَّتِي
سَمِعَهَا، يَقُوْلُ لَكَ عَمَّنْ سَمِعَ، وَبأَيِّ
طَرِيْقٍ سَمِعَ، وَكَانَ يَذْكُرُ الشَّيْخَ وَمَا
يَرْوِيْهِ، وَمَا يَنْفَرِدُ بِهِ.
قَالَ أَبُو مَنْصُوْرٍ:كَتَبُوا مرَّةً لِعمِّي:الحَافِظ،
فَغَضِبَ، وَضربَ عَلَيْهِ، وَقَالَ:قرَأنَا حَتَّى يُكتب
لِي الحَافِظ؟!
قُلْتُ:وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى أَبِي عَلِيٍّ
الوَاسِطِيّ، وَعَلِيِّ بنِ طَلْحَةَ - قرَأَ عَلَيْهِ
ابْنُ أَخِيْهِ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ خَيْرُوْنَ - وَأَبِي
عَلِيٍّ بنِ سُكَّرَة الصَّدَفِيّ، وَكَانَ يُقَالُ فِي
ذَلِكَ الزَّمَان:هُوَ كَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ فِي
زَمَانِهِ، إِشَارَةً إِلَى تَزكيته لِمَشَايِخ وَقته،
وَتَبيين جَرْحِهِم، وَكَانَ يُنْصِف.
قَالَ السِّلَفِيّ:كَانَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ وَقْتِهِ
(1) .
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ طَاهِر بكلاَم زَيْفٍ،
فَذَكَر أَنَّهُ كَانَ يُلْحِقُ بِخطِّه أَشيَاء
فِي(تَارِيخ الخَطِيْب).
قُلْتُ:مَا ذَا بِإِلحَاق، بَلْ هُوَ حَوَاشٍ، وَقَدْ
كَانَ شَيْخُهُ الخَطِيْبُ أَذِنَ لَهُ فِي مِثْل ذَلِكَ،
وَخَطُّهُ، فَمَشْهُوْر بَيِّن، لاَ يَلتَبِسُ بِغَيْره.
مَاتَ:فِي رَجَب، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً وَشهرٌ.
وَمَاتَ مَعَهُ:شَيْخُ العِرَاق أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْق
الله بن عَبْدِ الوَهَّابِ التَّمِيْمِيّ، وَشَيْخُ
المُعْتَزِلَةِ المُفَسِّرُ أَبُو يُوْسُفَ عَبْد
السَّلاَمِ القَزْوِيْنِيّ، وَطَائِفَة، ذكرتُهُم
فِي(التَّذكرَة (2))وَغَيْرهَا.
__________
(1) عيون التواريخ: 13 / 51.
(2) 4 / 1208 - 1209.
(19/107)
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ:أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد البَاقِي،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
خُزَيْمَة، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبيد الله
النَّرْسِيّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ:سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُوْلُ:سَمِعْتُ
ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:(لَوْ أَنَّ لابْنِ آدَمَ وَادِياً
مِنْ مَالٍ، لأَحَبَّ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ إِلَيْهِ
مِثْلُهُ، وَلاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ
التُّرَابُ، وَاللهُ يَتُوْبُ عَلَى مَنْ تَابَ).
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:فَلاَ أَدْرِي أَمِنَ القُرْآن هُوَ
أُمْ لاَ؟
رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ زُهَيْر، عَنْ حَجَّاج (1) .
__________
(1) برقم (1049) في الزكاة: باب لو أن لابن آدم واديين
لابتغى ثالثا.
وأخرجه البخاري (6436) و(6437) في الرقاق، وأحمد: 1 / 370
من طرق عن ابن جريج به.
وفي الباب عن أنس عند البخاري (6439)، وأحمد: 3 / 122 و168
و176 و192 و198 و236 و238 و247 و272 و340 و341 و368، ومسلم
(1048)، والترمذي (2337)، والدارمي: 2 / 318، 319.
(19/108)
|