سير أعلام
النبلاء، ط الحديث وَمِنْ بَقَايَا صِغَارِ الصَّحَابَةِ:
262- عَبْدُ اللهِ بنُ يزيد 1: "ع"
ابن زيد بن حصين الأَمِيْرُ العَالِمُ الأَكْمَلُ، أَبُو
مُوْسَى الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ، الخَطْمِيُّ
المَدَنِيُّ، ثُمَّ الكُوْفِيُّ.
أَحَدُ مَنْ بَايَعَ بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ، وَكَانَ
عُمُرُهُ يَوْمَئِذٍ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
لَهُ أَحَادِيْثَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ،
وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ.
حدَّث عَنْهُ: سِبْطُهُ عَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ،
وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَارِبُ بنُ دِثَارٍ، وَأَبُو
إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
مِسْعَرٌ, عَنْ ثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ
عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ خاتمًا من ذهب، وطليسانًا
مُدَبَّجاً.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا جَحَّافُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ عَاصِمُ بنُ عُمَرَ، عَنْ مَحْمُوْدِ
بنِ لَبِيْدٍ, أَنَّ الفِيْلَ لَمَّا بَرَكَ عَلَى أَبِي
عبيد الثقفي يوم الجسر فَقَتَلَهُ, هَرَبَ النَّاسُ،
فَسَبَقَهُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الخَطْمِيُّ،
فَقَطَعَ الجِسْرَ، وَقَالَ: قَاتِلُوا عَنْ أَمِيْرِكُم،
ثُمَّ سَاقَ مُسْرِعاً، فَأَخْبَرَ عُمَرَ الخَبَرَ.
وقد كان والده مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ تُوُفُّوا فِي
حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ شَهِدَ عَبْدُ اللهِ مَعَ الإِمَامِ عَلِيٍّ
صِفِّيْنَ وَالنَّهْرَوَانَ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ الكُوْفَةِ
لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَجَعَلَ الشَّعْبِيَّ كَاتِبَ
سِرِّهِ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، ثُمَّ عُزِلَ
بِعَبْدِ اللهِ بنِ مُطِيْعٍ.
مَاتَ قَبْلَ السَّبْعِيْنَ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ
ثَمَانِيْنَ سَنَةً -رَضِيَ اللهُ عنه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 18"، الجرح والتعديل "5/
ترجمة 916" أسد الغابة "3/ 274"، الإصابة "2/ ترجمة 5033"،
تهذيب التهذيب "6/ ترجمة 155".
(4/299)
263- الربيع
بنت معوذ 1: "ع"
ابن عفراء الأنصارية, مِنْ بَنِي النَّجَّارِ, لَهَا
صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَقَدْ زَارَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَبِيْحَةَ عُرْسِهَا صِلَةً
لِرَحِمِهَا, عمَّرت دَهْراً، وَرَوَتْ أَحَادِيْثَ.
حدَّث عَنْهَا: أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَعُبَادَةُ بنُ الوَلِيْدِ
بنِ عُبَادَةَ، وَعَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، وَخَالِدُ بنُ
ذَكْوَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ،
وَآخَرُوْنَ.
وَأَبُوْهَا مِنْ كِبَارِ البَدْرِيِّيْنَ, قَتَل أَبَا
جَهْلٍ.
تُوُفِّيَتْ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ، سَنَةَ بِضْعٍ
وسبعين -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَحَدِيْثُهَا فِي الكُتُبِ
السِّتَّةِ.
الوَاقِدِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ،
وَآخَرُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَمَّارٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ قَالَتْ: أَخَذْتُ طِيْباً
مِنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ مُخَرِّبَةَ أُمِّ أَبِي جَهْلٍ،
فَقَالَتْ: اكْتُبِي لِي عَلَيْكِ، فَقَلْتُ: نَعَمْ,
أَكْتُبُ عَلَى رُبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، فَقَالَتْ:
حَلْقَى، وَإِنَّكِ لابْنَةُ قَاتِلِ سَيِّدِهِ, قُلْتُ:
بَلِ ابْنَةُ قَاتِلِ عَبْدِهِ, قَالَتْ: وَاللهِ لاَ
أَبِيْعُكِ شَيْئاً أَبَداً2.
وَالرُّبَيِّعُ: هِيَ وَالِدَةُ مُحَمَّدِ بنِ إِيَاسِ بنِ
البُكَيْرِ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ خَالِدِ بنِ ذَكْوَانَ،
قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ،
فَقَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي يَوْمِ عُرْسِي، فَقَعَدَ عَلَى
مَوْضِعِ فِرَاشِي هَذَا، وَعِنْدَنَا جَارِيَتَانِ
تَضْرِبَانِ بِدُفٍّ، وَتَنْدُبَانِ آبَائِي الَّذِيْنَ
قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَالَتَا فِيْمَا تَقُوْلاَنِ:
وَفِيْنَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدِ
فقال: "أما هذا فلا تقولاه" 3.
ابْنُ سَعْدٍ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ،
حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ
بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ
عَمِّي كَلاَمٌ -وَهُوَ زَوْجُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: لَكَ
كُلُّ شَيْءٍ لِي، وَفَارِقْنِي قَالَ: قَدْ فَعَلتُ,
قَالَتْ: فَأَخَذَ -وَاللهِ- كُلَّ شَيْءٍ لِي حَتَّى
فِرَاشِي، فَجِئْتُ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، وَقَدْ حُصِرَ، فَقَالَ:
الشَّرْطُ أَمْلَكُ, خُذْ كُلَّ شَيْءٍ لَهَا حَتَّى
عِقَاصَ رَأْسِهَا إِنْ شِئْتَ.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 447"، أسد الغابة "5/
451"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2790"، الإصابة "4/ ترجمة
415".
2 ضعيف جدًّا: فيه الواقدي، وهو متروك كما قد ذكرنا
مرارًا.
3 صحيح: أخرجه البخاري "5147".
(4/300)
264- زينب بنت
أبي سلمة 1: "ع"
ابن عبد الأسد بن هلال المخزومية, رَبِيْبَةُ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُخْتُ عُمَرَ،
وَلَدَتْهُمَا أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ بِالحَبَشَةِ.
رَوَتْ أَحَادِيْثَ، وَلَهَا عَنْ عَائِشَةَ، وَزَيْنَبَ
بِنْتِ جَحْشٍ، وَأُمِّ حَبِيْبَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
حدَّث عَنْهَا: عُرْوَةُ، وَعَلِيُّ بنُ الحسين، والقاسم
بن محمد، وأبو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَكُلَيْبُ بنُ
وَائِلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ، وَعُبَيْدُ
اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَعِرَاكُ بنُ
مَالِكٍ، وَابْنُهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عُبَيْدِ اللهِ
بنِ زَمْعَةَ، وَآخَرُوْنَ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ, عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ,
حَدَّثَتْنِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ, أَنَّ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ
عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ الحَسَنَ مِنْ شقٍّ،
وَالحُسَيْنَ مِنْ شقٍّ، وَفَاطِمَةَ فِي حَجْرِهِ،
فَقَالَ: "رَحْمَةُ اللهِ، وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُم أَهْلَ
البَيْتِ"2.
تُوُفِّيَتْ قَرِيْباً من سنة أربع وسبعين.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 461"، أسد الغابة "5/
468"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 484"، تهذيب التهذيب "12/
ترجمة 2802".
2 ضعيف: آفته ابن لهيعة، وهو سيئ الحفظ, لكن قد ورد في
الحديث الصحيح الذي رواه مسلم "2424" عن عائشة قالت: خرج
النبي -صلى الله عليه وسلم- غداة, وعليه مرط مرجل من شعر
أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه،
ثم جاءت فاطمة فأدخلها, ثم جاء علي فأدخله ثُمَّ قَالَ:
{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب:
33] .
(4/301)
265- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبْزَى
الخُزَاعِيُّ 1: "ع":
لَهُ صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةٌ، وَفِقْهٌ, وَعِلْمٌ.
وَهُوَ مَوْلَى نَافِعِ بنِ عَبْدِ الحَارِثِ، كَانَ
نَافِعٌ مَوْلاَهُ, اسْتَنَابَهُ عَلَى مَكَّةَ حِيْنَ
تَلَقَّى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إِلَى عُسْفَانَ، فَقَالَ
لَهُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الوَادِي? يَعْنِي:
مَكَّةَ- قَالَ: ابْنَ أَبْزَى. قَالَ: وَمَنِ ابْنُ
أَبْزَى? قَالَ: إِنَّهُ عَالِمٌ بِالفَرَائِضِ, قَارِئٌ
لِكِتَابِ اللهِ, قَالَ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُم -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ هذا القُرْآنَ
يَرْفَعُ اللهُ بِهِ أَقْوَاماً، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِيْنَ"
2.
وحدَّث عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضاً، عَنْ أَبِي بَكْرٍ،
وَعُمَرَ، وأُبَيّ بنِ كَعْبٍ، وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَسَعِيْدٌ،
وَالشَّعْبِيُّ، وَعَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ، وَأَبُو
إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
سَكَنَ الكُوْفَةَ، وَنَقَلَ ابْنُ الأَثِيْرِ فِي
"تَارِيْخِهِ" أَنَّ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ,
اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبْزَى عَلَى
خُرَاسَانَ.
وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ:
ابْنُ أَبْزَى مِمَّنْ رَفَعَهُ اللهُ بِالقُرْآنِ.
قُلْتُ: عَاشَ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ -فِيْمَا
يَظْهَرُ لِي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 462"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة رقم 800", الجرح والتعديل "5/ ترجمة 985", أسد
الغابة "3/ 278"، تهذيب التهذيب "6/ ترجمة 275"، الإصابة
"2/ ترجمة 5075".
2 صحيح: أخرجه مسلم "817".
(4/302)
266- أبو جحيفة السُّوائي الكوفي 1: "ع"
صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَاسْمُهُ: وَهْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَيُقَالُ لَهُ: وهب
الخَيْرِ, مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- كَانَ وَهْبٌ مُرَاهِقاً, هُوَ مِنْ أَسْنَانِ
ابْنِ عَبَّاسٍ, وَكَانَ صَاحِبَ شُرطَةِ عَلِيٍّ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ.
حدَّث عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، وَالبَرَاءِ.
رَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بنُ الأَقْمَرِ، وَالحَكَمُ بنُ
عُتَيْبَةَ, وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ، وَوَلَدُهُ عَوْنُ
بنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ،
وَآخَرُوْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ إِذَا
خَطَبَ يَقُوْمُ أَبُو جُحَيْفَةَ تَحْتَ منبره.
اختلفوا قي مَوْتهِ، وَالأَصَحُّ مَوْتُهُ فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَيُقَالُ: عَاشَ إِلَى مَا بَعْدَ
الثَّمَانِيْنَ, فَاللهُ أَعْلَمُ.
حَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، وَآخِرُ مَنْ حدَّث
عنه ابن أبي خالد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 63"، الجرح والتعديل "9/
ترجمة 99"، تاريخ بغداد "1/ 199"، أسد الغاة "5/ 95 و157"،
الإصابة "3/ ترجمة 9166".
(4/302)
267- عبد الله
بن عمر 1: "ع"
ابن الخطاب بن نفيل بن عَبْدِ العُزَّى بنِ رِيَاحِ بنِ
قُرْطِ بنِ رزاح بن عَدِيِّ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ
غَالِبٍ, الإِمَامُ القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ المَكِّيُّ،
ثُمَّ المَدَنِيُّ.
أَسْلَمَ وَهُوَ صَغِيْرٌ، ثُمَّ هَاجَرَ مَعَ أَبِيْهِ
لَمْ يَحْتَلِمْ، وَاسْتُصْغِرَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَوَّلُ
غَزَوَاتِهِ الخَنْدَقُ، وَهُوَ ممن بايع تحت الشجرة، وأمه
و [أم] أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ حَفْصَةَ: زَيْنَبُ بِنْتُ
مَظْعُوْنٍ؛ أُخْتُ عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ الجُمَحِيِّ.
رَوَى عِلْماً كَثِيْراً نَافِعاً عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَبِيْهِ، وَأَبِي
بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَبِلاَلٍ، وَصُهَيْبٍ،
وَعَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَزَيْدٍ
عَمِّهِ، وَسَعْدٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعُثْمَانَ بنِ
طلحة، وأسلم, وحفصة أخته، وعائشة، وغيرهم.
ورى عَنْهُ: آدَمُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَسْلَمُ مَوْلَى
أَبِيْهِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
أَبِي ذُؤَيْبٍ، وَأُمَيَّةُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الأُمَوِيُّ، وَأَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَبُسْرُ بنُ
سَعِيْدٍ، وَبِشْرُ بنُ حَرْبٍ، وَبِشْرُ بنُ عَائِذٍ،
وَبِشْرُ بنُ المُحْتَفِزِ، وَبَكْرٌ المُزَنِيُّ،
وَبِلاَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنُهُ، وَتَمِيْمُ بنُ
عِيَاضٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَثَابِتُ بنُ عُبَيْدٍ،
وَثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَثُوَيْرُ بنُ أَبِي فَاخِتَةَ،
وَجَبَلَةُ بنُ سُحَيْمٍ، وَجُبَيْرُ بنُ أَبِي
سُلَيْمَانَ، وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَجُمَيْعُ بنُ
عُمَيْرٍ، وَجُنَيْدٌ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ،
وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَالحُرُّ بنُ
الصَّيَّاحِ، وَحَرْمَلَةُ مَوْلَى أُسَامَةَ، وَحَرِيْزٌ
أَوْ أَبُو حَرِيْزٍ، وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَالحَسَنُ
بن سُهَيْلٍ، وَحُسَيْنُ بنُ الحَارِثِ الجَدَلِيُّ،
وَابْنُ أَخِيْهِ حَفْصُ بنُ عَاصِمٍ، وَالحَكَمُ بنُ
مِيْنَاءَ، وَحَكِيْمُ بنُ أَبِي حُرَّةَ، وَحُمْرَانُ
مَوْلَى العَبَلاَتِ، وَابْنُهُ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ
اللهِ، وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ،
وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِيُّ،
وَخَالِدُ بنُ أَسْلَمَ، وَأَخُوْهُ زَيْدٌ، وَخَالِدُ بنُ
دُرَيْكٍ -وَهَذَا لَمْ يَلْقَهُ، وَخَالِدُ بنُ أَبِي
عِمْرَانَ الإِفْرِيْقِيُّ -وَلَمْ يَلْحَقْهُ، وَخَالِدُ
بنُ كَيْسَانَ، وَدَاوُدُ بنُ سُلَيْكٍ، وَذَكْوَانُ
السَّمَّانُ، وَرَزِيْنُ بنُ سُلَيْمَانَ الأَحْمَرِيُّ،
وَأَبُو عُمَرَ زَاذَانُ، وَالزُّبَيْرُ بنُ عَرَبِيٍّ،
وَالزُّبَيْرُ بنُ الوَلِيْدِ شَامِيٌّ، وَأَبُو عَقِيْلٍ
زُهْرَةُ بنُ مَعْبَدٍ، وَزِيَادُ بنُ جُبَيْرٍ
الثَّقَفِيُّ، وَزِيَادُ بنُ صَبِيْحٍ الحَنَفِيُّ،
وَأَبُو الخَصِيْبِ زِيَادٌ القرشي، وزيد بن جبير
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 373" و"4/ 142-188"،
التاريخ الكبير "5/ ترجمة 4", الجرح والتعديل "5/ ترجمة
429"، تاريخ بغداد "1/ 171"، أسد الغابة "3/ 227"، الكاشف
"2/ ترجمة 2901"، تذكرة الحفاظ "1/ 37"، تهذيب التهذيب "5/
ترجمة 565"، الإصابة "2/ ترجمة رقم 4834"، خلاصة الخزرجي
"2/ ترجمة 3678".
(4/303)
الطَّائِيُّ، وَابْنُهُ زَيْدٌ، وَابْنُهُ
سَالِمٌ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ، وَالسَّائِبُ
وَالِدُ عَطَاءٍ، وَسَعْدُ بنُ عُبَيْدَةَ، وَسَعْدٌ
مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَسَعْدٌ مَوْلَى طَلْحَةَ،
وَسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَسَعِيْدُ بنُ الحَارِثِ
الأَنْصَارِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ حَسَّانٍ، وَسَعِيْدُ بنُ
عَامِرٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو الأَشْدَقُ، وَسَعِيْدُ
بنُ مَرْجَانَةَ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَسَعِيْدُ
بنُ وَهْبٍ الهَمْدَانِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ يَسَارٍ،
وَسُلَيْمَانُ بنُ أَبِي يَحْيَى، وَسُلَيْمَانُ بنُ
يَسَارٍ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ، وَصَدَقَةُ بن يسار،
وصفوان بن محرز، وطاوس، وَالطُّفَيْلُ بنُ أُبَيٍّ،
وَطَيْسَلَةُ بنُ عَلِيٍّ، وَطَيْسَلَةُ بنُ مَيَّاسٍ،
وَعَامِرُ بنُ سَعْدٍ، وَعَبَّاسُ بنُ جُلَيْدٍ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ بَدْرٍ اليَمَامِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
بُرَيْدَةَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ
الحَارِثِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ دِيْنَارٍ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ أَبِي سَلَمَةَ المَاجَشُوْنُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
شَقِيْقٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَبْرٍ،
وَابْنُهُ عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ عُصْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي قَيْسٍ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ كَيْسَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَالِكٍ
الهَمْدَانِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَقِيْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُرَّةَ الهمداني عبد اللهِ
بنُ مَوْهِبٍ الفَلَسْطِيْنِيُّ، وَحَفِيْدُهُ عَبْدُ
اللهِ بنُ وَاقِدٍ العُمَرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
التَّيْلَمَانِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعْدٍ
مَوْلاَهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سُمَيْرٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَبِي نُعْم، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ هُنَيْدَةَ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ الصَّنْعَانِيُّ،
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ قَيْسٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ
نَافِعٍ، وَعَبَدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَابْنُهُ
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ
مِقْسَمٍ، وَعُبَيْدُ بنُ جُرَيْجٍ، وَعُبَيْدُ بنُ
حُنَيْنٍ، وَعُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ، وَعُثْمَانُ بنُ
الحَارِثِ، وَعُثْمَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ،
وَعِرَاكُ بنُ مَالِكٍ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ،
وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَطِيَّةُ العَوْفِيُّ،
وَعُقْبَةُ بنُ حُرَيْثٍ، وَعِكْرِمَةُ بنُ خَالِدٍ،
وَعِكْرِمَةُ العَبَّاسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ
البَارِقِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المَعَاوِيُّ، وَابْنُهُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ إِنْ
صحَّ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعِمْرَانُ بنُ
الحَارِثِ، وَعِمْرَانُ بن حطان، وعمران الأنصاري، وعمير
بن هانىء، وَعَنْبَسَةُ بنُ عَمَّارٍ، وَعَوْنُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَالعَلاَءُ بنُ عَرَارٍ، وَالعَلاَءُ
بنُ اللجاج، وَعِلاَجُ بنُ عَمْرٍو، وَغُطَيْفٌ أَوْ أَبُو
غُطَيْفٍ الهُذَلِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ رَبِيْعَةَ،
وَالقَاسِمُ بنُ عَوْفٍ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَقُدَامَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَقَزَعَةُ بنُ يَحْيَى،
وَقَيْسُ بنُ عُبَادٍ، وَكَثِيْرُ بنُ جُمْهَانَ،
وَكَثِيْرُ بنُ مُرَّةَ، وَكُلَيْبُ بنُ وَائِلٍ،
وَمُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، وَمُجَاهِدُ بنُ رِيَاحٍ،
وَمُحَارِبُ بنُ دِثَارٍ، وَحَفِيْدُهُ مُحَمَّدُ بنُ
زَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبَّادِ بنِ جَعْفَرٍ، وأبو جَعْفَرٍ البَاقِرِ، وَابْنِ
شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ،
وَمَرْوَانُ بنُ سَالِمٍ المُقَفَّعُ، وَمَرْوَانُ
الأَصْفَرُ، وَمَسْرُوْقٌ، وَمُسْلِمُ بنُ جُنْدُبٍ،
وَمُسْلِمُ بنُ المُثَنَّى، وَمُسْلِمُ بنُ أَبِي
مَرْيَمَ، وَمُسْلِمُ بنُ يَنَّاقَ، وَمُصْعَبُ بنُ
سَعْدٍ، وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ،
وَمُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ، وَمَغْرَاءُ العَبْدِيُّ،
وَمُغِيْثُ بنُ سُمَيّ،
(4/304)
وَمُغِيْثٌ الحِجَازِيُّ، وَالمُغِيْرَةُ
بنُ سَلْمَانَ، وَمَكْحُوْلٌ الأَزْدِيُّ، وَمُنْقِذُ بنُ
قَيْسٍ، وَمُهَاجَرٌ الشَّامِيُّ، وَمُوَرِّقٌ
العِجْلِيُّ، وَمُوْسَى بنُ دِهْقَانَ، وَمُوْسَى بنُ
طَلْحَةَ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، وَنَابِلٌ صَاحِبُ
العَبَاءِ، وَنَافِعٌ مَوْلاَهُ، وَنُسَيْرُ بنُ
ذُعْلُوْقٍ، وَنُعَيْمٌ المُجْمِرُ، وَنُمَيْلَةُ أَبُو
عِيْسَى، وَوَاسِعُ بنُ حَبَّانَ، وَوَبَرَةُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَالوَلِيْدُ الجُرَشِيُّ، وَأَبُو مِجْلَزٍ
لاَحِقٌ، وَيُحَنَّسُ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، وَيَحْيَى
بنُ رَاشِدٍ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
حَاطِبٍ، وَيَحْيَى بنُ وَثَّابٍ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ،
وَيَحْيَى البَكَّاءُ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي سُمَيَّةَ،
وَأَبُو البَزَرَى يَزِيْدُ بنُ عُطَارِدٍ، وَيَسَارٌ
مَوْلاَهُ، وَيُوْسُفُ بنُ مَاهَكَ، وَيُوْنُسُ بنُ
جُبَيْرٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو
البَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي
مُوْسَى، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ حَفْصٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَحَفِيْدُهُ أَبُو
بَكْرٍ بنُ عبد الله، وأبو تيمية الهُجَيْمِيُّ، وَأَبُو
حَازِمٍ الأَعْرَجُ -وَلَمْ يَلْحَقْهُ، وَأَبُو حَيَّةَ
الكَلْبِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ
رَافِعٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَأَبُو سَهْلٍ، وَأَبُو السَّوْدَاءِ، وَأَبُو
الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيُّ، وَأَبُو شَيْخٍ
الهُنَائِيُّ، وَأَبُو الصِّدِّيْقِ النَّاجِي، وَأَبُو
طُعْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ الشَّاعِرُ، وَأَبُو
عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو العَجْلاَنِ
المُحَارِبِيُّ، وَأَبُو عُقْبَةَ، وَأَبُو غَالِبٍ،
وَأَبُو الفَضْلِ، وَأَبُو المُخَارِقِ إِنْ كَانَ
مَحْفُوْظاً، وَأَبُو المُنِيْبِ الجُرَشِيُّ، وَأَبُو
نَجِيْحٍ المَكِّيُّ، وَأَبُو نَوْفَلٍ بن أَبِي عَقْرَبٍ،
وَأَبُو الوَلِيْدِ البَصْرِيُّ، وَأَبُو يَعْفُوْرٍ
العَبْدِيُّ، وَرُقَيَّةُ بِنْتُ عَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ.
قَدِمَ الشَّامَ وَالعِرَاقَ وَالبَصْرَةَ وَفَارِسَ
غَازِياً.
رَوَى حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، عَنْ نَافِعٍ, أَنَّ ابْنَ
عُمَرَ بَارَزَ رَجُلاً فِي قِتَالِ أَهْلِ العِرَاقِ،
فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ سَلَبَهُ1.
وَرَوَى عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ, أنَّ
ابْنَ عُمَرَ كَانَ يصفِّر لِحْيَتَهُ2.
سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ, أَنَّ
ابْنَ عُمَرَ كَانَ يصفِّر حَتَّى يَمْلأَ ثِيَابَهُ
مِنْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: تَصْبِغُ بِالصُّفْرَةِ? فَقَالَ:
إِنِّيْ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَصْبِغُ بِهَا3.
شَرِيْكٌ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ: رَأَى ابْنَ عُمَرَ
يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالخَلُوْقِ وَالزَّعْفَرَانِ.
ابْنُ عَجْلاَنَ, عَنْ نَافِعٍ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ
يُعْفِي لِحْيَتَهُ إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: رَأَيْتُ شَعْرَ ابْنِ
عُمَرَ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ، وَأُتِيَ بِي إليه،
فقبَّلني.
__________
1 ضعيف: آفته حجاج بن أرطاة، مدلّس وقد عنعنه, وهو عند ابن
سعد "4/ 170".
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 179".
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 179".
(4/305)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ البَرْقِيِّ: كَانَ
رَبْعَةً, يَخضِبُ بِالصُّفْرَةِ، تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ فَتْحَ
مِصْرَ وَاخْتَطَّ بِهَا، وَرَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ
أَرْبَعِيْنَ نَفْساً مِنْ أَهْلِهَا.
اللَّيْثُ, عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ قَالَ: تُوُفِّيَ صَاحِبٌ
لِي غَرِيْباً، فَكُنَّا عَلَى قَبْرِهِ أَنَا وَابْنُ
عُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، وَكَانَتْ
أَسَامِيْنَا ثَلاَثَتُنَا العَاصَ، فَقَالَ لَنَا
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"انْزِلُوا قَبْرَهُ، وَأَنْتُمْ عُبَيْدُ اللهِ"،
فَقَبَرْنَا أَخَانَا وَصَعِدْنَا، وَقَدْ أُبْدِلَتْ
أَسْمَاؤُنَا.
هَكَذَا رَوَاهُ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، عَنْهُ.
وَمَعَ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ هُوَ مُنْكَرٌ مِنَ القَوْلِ،
وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ اسمَ ابْنِ عُمَرَ مَا غُيِّرَ
إِلَى مَا بَعْدَ سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الهِجْرَةِ، وَهَذَا
لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: إِنَّ
حَفْصَةَ وَابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَا قَبْلَ عُمَرَ،
وَلَمَّا أَسْلَمَ أَبُوْهُمَا كَانَ عَبْدُ اللهِ ابْنَ
نَحْوٍ مِنْ سَبْعِ سِنِيْنَ. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: رَأَيْتُ ابْنَ
عُمَرَ آدَمَ جَسِيْماً, إِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ
السَّاقَيْنِ، يَطُوْفُ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ
جُمَّةٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ جُدْعَانَ: عَنْ أَنَسٍ، وَابْنِ
المُسَيِّبِ: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ بَدْراً1.
فَهَذَا خَطَأٌ وَغَلَطٌ, ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ: عُرِضت
عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أربع عشرة سنة، فلم يجزني2.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ, عَنِ البَرَاءِ قَالَ: عُرِضْتُ
أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَاسْتَصْغَرَنَا
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ الفَتْحَ، وَلَهُ
عِشْرُوْنَ سَنَةً.
__________
1 ضعيف: آفته علي بن زيد بن جدعان، ضعيف.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4097"، ومسلم "1868"، وأبو داود
"4406".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3955".
(4/306)
وَرَوَى سَالِمٌ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا
عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَكُنْتُ غُلاَماً عَزَباً شَابّاً، فَكُنْتُ أَنَامُ فِي
المَسْجَدِ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِي،
فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ
كَطَيِّ البِئْرِ، وَلَهَا قُرُوْنٌ كَقُرُوْنِ البِئْرِ،
فَرَأَيْتُ فِيْهَا نَاساً قَدْ عَرَفْتُهُم، فَجَعَلتُ
أَقُوْلُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَنَا
مَلَكٌ فَقَالَ: لَنْ تُرَاعَ، فَذَكَرْتُهَا لِحَفْصَةَ،
فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ
عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ". قَالَ:
فَكَانَ بَعْدُ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إلَّا
القَلِيْلَ1.
وَرَوَى نَحْوَهُ نَافِعٌ، وَفِيْهِ: "إِنَّ عَبْدَ اللهِ
رَجُلٌ صَالِحٌ".
سَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ, عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ شَاهِدَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي
حَائِطِ نَخْلٍ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"ائْذَنُوا لَهُ، وبشِّروه بِالجَنَّةِ"، ثُمَّ عُمَرُ
كَذَلِكَ، ثُمَّ عُثْمَانُ، فَقَالَ: "بَشِّرُوْهُ
بِالجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيْبُهُ"، فَدَخَلَ يَبْكِي
وَيَضْحَكُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: فَأَنَا يَا نَبِيَّ
الله? قال: "أنت مع أبيك"2.
تفرَّد بِهِ مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارِ بنِ بِلاَلٍ، عَنْهُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: إِنَّ مِنْ
أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسهِ عَنِ الدُّنْيَا
عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ.
ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ
مُتَوَافِرُوْنَ، وَمَا فِيْنَا شَابٌّ هُوَ أَمْلَكُ
لِنَفْسِهِ مِنِ ابْنِ عُمَرَ.
أَبُو سَعْدٍ البَقَّالُ, عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، عَنْ
شَقِيْقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: مَا منَّا أَحَدٌ
يُفَتَّشُ إلَّا يُفَتَّشُ عَنْ جَائِفَةٍ أَوْ
مُنَقِّلَةٍ إلَّا عُمَرُ وَابْنُهُ.
وَرَوَى سَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ: مَا
مِنَّا أَحَدٌ أَدْرَكَ الدُّنْيَا إلَّا وَقَدْ مَالَتْ
بِهِ إلَّا ابْنُ عُمَرَ.
وَعَنْ عَائِشَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَلْزَمَ
لِلأَمْرِ الأَوَّلِ مِنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ بنُ العلاء المازني، عن ابن أبي
عتيق قال: قالت عائشة لابن عمر: ما
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1121"، ومسلم "2478"، والترمذي
"3825".
2 ضعيف: آفته سعيد بن بشير، ضعيف. لكن قد صحَّ الحديث
فأخرجه مسلم "2403"، والترمذي "3711" من حديث أبي موسى
الأشعري، به.
(4/307)
مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيْرِي?
قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلاً قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْكِ،
وَظَنَنْتُ أَنَّكِ لَنْ تُخَالِفِيْهِ -يَعْنِي: ابْنَ
الزُّبَيْرِ.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَاتَ ابْنُ
عُمَرَ وَهُوَ فِي الفَضْلِ مِثْلُ أَبِيْهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: كُنَّا نَأْتِي
ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَكَانُوا يجتمعون إِلَيْهِ،
فَجَاءهُ أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ:
أَعُمَرُ كَانَ أَفْضَلَ عِنْدَكُم أَمِ ابْنُهُ? قَالُوا:
بَلْ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ فِي زَمَانٍ
لَهُ فِيْهِ نُظَرَاءٌ، وإنَّ ابْنَ عُمَرَ بَقِيَ فِي
زَمَانٍ لَيْسَ لَهُ فِيْهِ نَظِيْرٌ.
وَقَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: لَوْ شَهِدْتُ لأَحَدٍ أَنَّهُ
مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ لَشَهِدْتُ لابْنِ عُمَرَ.
رَوَاهُ ثِقَتَانِ عَنْهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ خير من بقي.
وعن طاوس: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَكَذَا يُرْوَى عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ.
وَرَوَى جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: رُبَّمَا لَبِسَ
ابْنُ عُمَرَ المِطْرَفَ الخَزَّ, ثَمَنُهُ خَمْسُ مائَةِ
دِرْهَمٍ.
وَبإِسْنَادٍ وَسَطٍ عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ: كَانَ
ابْنُ عُمَرَ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ.
قَالَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا
غَرَسْتُ غَرْساً مُنْذُ تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ مُوْسَى بنُ دِهْقَانَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ
يَتَّزِرُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ.
العُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اعتمَّ
وَأَرْخَاهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ.
وَكِيْعٌ, عَنِ النَّضْرِ أَبِي لُؤْلُؤةَ قَالَ: رَأَيْتُ
عَلَى ابن عمر عمامة سوداء.
وَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ ابْنِ
عُمَرَ: "عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ".
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ
إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيْثاً لاَ يَزِيْدُ وَلاَ يَنقصُ،
وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ.
أَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُوْنٍ, قَالَ
ابْنُ عُمَرَ: كَفَفْتُ يَدِي فَلَمْ أَندَمْ،
وَالمُقَاتِلُ عَلَى الحَقِّ أَفْضَلُ.
قَالَ: وَلَقَدْ دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَوَّمْتُ
كُلَّ شَيْءٍ فِي بَيْتِهِ مِنْ أَثَاثٍ, مَا يَسْوَى مائة
درهم.
(4/308)
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ, عمَّن
حدَّثَهُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّبعُ أَمرَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَآثَارَهُ وَحَالَهُ, وَيَهتمُّ بِهِ، حَتَّى كَانَ قَدْ
خِيفَ عَلَى عَقلِهِ مِنِ اهتمَامِهِ بِذَلِكَ.
خَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ
نَافِعٍ قَالَ: لَوْ نَظرْتَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ إِذَا
اتَّبعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لَقُلْتَ: هَذَا مَجنُوْنٌ.
عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ
عُمَرَ كَانَ يَتَّبعُ آثَارَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كلَّ مَكَانٍ صَلَّى فِيْهِ,
حَتَّى إنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- نَزلَ تَحْتَ شَجرَةٍ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ
يَتعَاهدُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ، فَيَصبُّ فِي أَصلِهَا
المَاءَ لِكَيْلاَ تَيْبَسَ.
وَقَالَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ
تَرَكْنَا هَذَا البَابَ لِلنِّسَاءِ" قَالَ نَافِعٌ:
فَلَمْ يَدخْلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حتى مات.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: جَالَسْتُ ابْنَ عُمَرَ سَنَةً، فَمَا
سَمِعتُهُ يُحدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَّا حَدِيْثاً وَاحِداً.
قَالَ مُجَاهِدٌ: صَحِبتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى
المَدِيْنَةِ، فَمَا سَمِعْتُهُ يحدِّث عَنْ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَّا
حَدِيْثاً.
وَرَوَى عَاصِمُ بنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ذَكرَ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَّا بَكَى.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ مَاهَكَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ
عِنْدَ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَعُبَيْدٌ يَقُصُّ،
فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَدُمُوعُهُ تُهرَاقُ.
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ
بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ, أَنَّهُ تَلاَ: {فَكَيْفَ
إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [النِّسَاءُ:
40] . فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يَبْكِي حَتَّى لَثِقَتْ
لِحيتُهُ وَجَيْبُهُ مِنْ دُموعِهِ، فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ
يَقُوْلَ لأَبِي: أَقْصِرْ، فَقَدْ آذَيْتَ الشَّيْخَ.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ وَاقِدٍ، عَنْ نَافِعٍ: كَانَ ابْنُ
عُمَرَ إِذَا قَرَأَ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا
أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحَدِيْدُ:
16] ، بَكَى حَتَّى يَغْلِبَهُ البكاء.
قَالَ حَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ: قِيْلَ لنَافِعٍ: مَا
كَانَ يَصْنَعُ ابْنُ عُمَرَ فِي مَنْزِلِهِ? قَالَ: لاَ
تُطِيْقُونَهُ, الوُضوءُ لِكُلِّ صَلاَةٍ، وَالمصحفُ
فِيمَا بَيْنَهُمَا.
رَوَاهُ أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، عَنْ حَبِيْبٍ.
وَرَوَى عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ
نَافِعٍ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ العشاء
في جماعة أحيا بقية ليلته.
(4/309)
ابْنُ المُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي, أَنَّ ابْنَ
عُمَرَ كَانَ لَهُ مِهْرَاسٌ فِيْهِ مَاءٌ، فَيُصَلِّي
فِيْهِ مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ يَصِيْرُ إِلَى الفِرَاشِ،
فَيُغْفِي إِغْفَاءةَ الطَّائِرِ، ثُمَّ يَقُومُ
فَيَتَوضَّأُ وَيُصَلِّي, يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ
أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَوْ خَمْسَةً.
قَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَصُومُ فِي
السَّفَرِ، وَلاَ يَكَادُ يُفْطِرُ فِي الحَضَرِ.
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ: مَا لَعَنَ ابْنُ
عُمَرَ خَادِماً لَهُ إلَّا مرَّةً، فَأَعتَقَهُ.
رَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى
ابْنِ سِبَاعٍ، قَالَ: أَقْرضْتُ ابْنَ عُمَرَ أَلْفَيْ
درهم، فوفانيها بزائد مائتي درهم.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ, أنَّ مَرْوَانَ
قَالَ لابْنِ عُمَرَ -يَعْنِي بَعْدَ مَوْتِ يَزِيْدَ:
هلمَّ يَدَكَ نُبايِعْكَ، فَإِنَّك سَيِّدُ العَربِ،
وَابْنُ سَيِّدِهَا, قَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِأَهْلِ
المَشرقِ? قَالَ: نَضرِبُهُم حَتَّى يُبَايِعُوا. قَالَ:
وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنَّهَا دَانَتْ لِي سبعِيْنَ
سَنَةً، وَأَنَّهُ قُتلَ فِي سَيْفِي رَجُلٌ وَاحِدٌ.
قَالَ: يَقُوْلُ مروان:
إني أرى فتنة تغلي مراجلها ... والملك بَعْدَ أَبِي
لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا
أَبُو لَيْلَى: مُعَاوِيَةُ بنُ يَزِيْدَ بَايَعَ لَهُ
أَبُوْهُ النَّاسَ، فَعَاشَ أَيَّاماً.
أَبُو حَازِمٍ المَدِيْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
دِيْنَارٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِلَى
مَكَّةَ فَعرَّسْنَا، فَانحدَرَ عَلَيْنَا رَاعٍ مِنْ
جَبلٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَرَاعٍ? قَالَ:
نَعَمْ, قَالَ: بِعْنِي شَاةً مِنَ الغَنَمِ. قَالَ:
إِنِّيْ مَمْلُوْكٌ, قَالَ: قُلْ لِسَيِّدِكَ: أَكَلَهَا
الذِّئْبُ, قَالَ: فَأَيْنَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ? قَالَ
ابْنُ عُمَرَ: فَأَيْنَ اللهُ! ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ
اشْترَاهُ بَعْدُ، فَأَعتَقَهُ!
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ, عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
نَحْوَهُ.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ:
فَأَعتقَهُ، وَاشْتَرَى له الغنم.
عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَا أَعْجَبَ ابْنَ
عُمَرَ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ إلَّا قَدَّمَهُ، بَيْنَا هُوَ
يَسِيرُ عَلَى نَاقتِهِ إِذْ أَعْجَبَتْهُ، فَقَالَ: إِخ
إِخ, فَأَنَاخَهَا، وَقَالَ: يَا نَافِعُ, حُطَّ عَنْهَا
الرَّحْلَ, فَجَلَّلَهَا، وَقَلَّدَهَا، وَجَعَلَهَا فِي
بُدْنِهِ.
عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ
ابْنَ عُمَرَ كَاتَبَ غُلاَماً لَهُ بِأَرْبَعِيْنَ
أَلْفاً، فَخَرَجَ إِلَى الكُوْفَةِ، فَكَانَ يَعملُ عَلَى
حُمُرٍ لَهُ حَتَّى أدَّى خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً،
فَجَاءهُ إِنْسَانٌ، فَقَالَ: أَمَجْنُوْنٌ أَنْتَ? أَنْت
ههنا تُعذِّبُ نَفْسَكَ، وَابْنُ عُمَرَ يَشْتَرِي
الرَّقِيقَ يَمِيْناً وَشِمَالاً، ثُمَّ يُعْتِقُهُم؛
ارجعْ
(4/310)
إِلَيْهِ فَقُلْ: عَجِزْتُ. فَجَاءَ
إِلَيْهِ بِصَحيفَةٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ, قَدْ عَجِزْتُ، وَهَذِهِ صَحيفَتِي
فَامْحُهَا، فَقَالَ: لاَ، وَلَكِنِ امْحُهَا أَنْتَ إِنْ
شِئْتَ، فَمحَاهَا فَفَاضَتْ عَيْنَا عَبْدِ اللهِ،
وَقَالَ: اذهَبْ فَأنتَ حُرٌّ, قَالَ: أَصلَحَكَ اللهُ,
أحسِن إِلَى ابْنَيَّ, قَالَ: هُمَا حُرَّانِ, قَالَ:
أَصلَحَكَ اللهُ, أَحْسِنْ إِلَى أُمَّيْ وَلَدَيَّ,
قَالَ: هُمَا حُرَّتَانِ. رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْهُ.
عَاصِمُ بنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَعْطَى عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ ابنَ عُمَرَ بِنَافِعٍ
عَشْرَةَ آلاَفٍ، فَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ امْرَأتِهِ،
فَحدَّثَهَا, قَالَتْ: فَمَا تَنْتَظِرُ? قَالَ: فَهَلاَّ
مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ, هُوَ حُرٌّ لوجِهِ اللهِ.
فكان يخيل إليَّ أَنَّهُ كَانَ يَنْوِي قَوْلَ اللهِ:
{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ} [آلُ عِمْرَان: 92] .
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَنْ
يَلْعَنَ خَادِماً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ الع، فَلَمْ
يتمَّها، وَقَالَ: مَا أُحبُّ أَنْ أَقُوْلَ هَذِهِ
الكَلِمَةَ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ, عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ،
عَنْ نَافِعٍ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ بِبِضْعَةٍ
وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً، فَمَا قَامَ حَتَّى أَعْطَاهَا.
رَوَاهَا عِيْسَى بنُ كَثِيْرٍ، عَنْ مَيْمُوْنٍ، وَقَالَ:
باثنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
وَقَالَ أَبُو هِلاَلٍ: حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ بنُ وَائِلٍ
قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ بِعَشْرَةِ آلاَفٍ فَفرَّقهَا،
وَأَصْبَحَ يَطلُبُ لرَاحِلَتِهِ عَلَفاً بِدِرْهَمٍ
نَسِيْئَةً.
بُرْدُ بنُ سِنَانٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: إِنْ كَانَ
ابْنُ عُمَرَ لَيُفرِّقُ فِي المَجْلِسِ ثَلاَثينَ
أَلْفاً، ثُمَّ يَأْتِي عَلَيْهِ شَهْرٌ مَا يَأْكُلُ
مُزْعَةَ لَحْمٍ.
عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
مَا مَاتَ ابْنُ عُمَرَ حتى أعتق ألف إنسان، أو زاد.
إِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ.
أَيُّوْبُ, عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: بَعثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى
ابْنِ عُمَرَ بِمائَةِ أَلْفٍ، فَمَا حَالَ عَلَيْهِ
الحَوْلُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ.
مَعْمَرُ, عن الزهري، عن حمزة بن عبد الله، قَالَ: لَوْ
أنَّ طَعَاماً كَثِيْراً كَانَ عِنْدَ أَبِي، مَا شَبعَ
مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يَجِدَ لَهُ آكلاً، فَعَادَهُ ابْنُ
مُطِيْعٍ، فَرَآهُ قَدْ نَحَلَ جِسْمُهُ، فَكَلَّمَهُ,
فَقَالَ: إِنَّهُ لَيَأْتِي
(4/311)
عليَّ ثَمَانُ سِنِيْنَ مَا أَشْبَعُ
فِيْهَا شَبْعَةً وَاحِدَةً. أَو قَالَ: إلَّا شَبْعَةً،
فَالآنَ تُرِيْدُ أَنْ أَشبَعَ حِيْنَ لَمْ يَبْقَ مِنْ
عُمُرِي إلَّا ظِمْءُ حِمَارٍ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنِي مُطْعِمُ بنُ
المِقْدَامِ، قَالَ: كَتَبَ الحَجَّاجُ إِلَى ابْنِ
عُمَرَ: بَلغنِي أَنَّكَ طَلبتَ الخِلاَفَةَ، وَإِنَّهَا
لاَ تَصْلُحُ لِعَييٍّ وَلاَ بَخِيلٍ وَلاَ غَيُورٍ،
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الخِلاَفَةِ
فَمَا طَلبتُهَا، وَمَا هِيَ مِنْ بِالِي، وأمَّا مَا
ذكَرْتَ مِنَ العَيِّ، فَمَنْ جَمعَ كِتَابَ اللهِ
فَلَيْسَ بِعَييٍّ، وَمَنْ أدَّى زَكَاتَهُ فَلَيْسَ
بِبَخيلٍ، وَإِنَّ أَحقَّ مَا غِرْتُ فِيْهِ وَلَدِي أَنْ
يَشْرَكَنِي فِيْهِ غَيْرِي.
هُشَيمٌ, عَنْ يَعْلَى بنِ عَطَاءٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ, قَالَ
لِي ابْنُ عُمَرَ: لأَنْ يَكُوْنَ نَافِعٌ يَحفَظُ
حِفْظَكَ, أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ لِي دِرْهَمُ
زَيْفٍ، فقلت: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ, ألَا
جَعلْتَهُ جَيِّداً!! قَالَ: هَكَذَا كَانَ فِي نَفْسِي.
الأَعْمَشُ وَغَيْرُهُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَرِضَ ابْنُ
عُمَرَ، فَاشْتَهَى عِنَباً أوَّل مَا جَاءَ، فَأَرْسَلَتِ
امْرَأتُهُ بِدِرْهَمٍ، فَاشتَرَتْ بِهِ عُنْقُوْداً،
فَاتَّبعَ الرَّسُوْلَ سَائِلٌ، فلمَّا دَخَلَ قَالَ:
السَّائِلَ السَّائِلَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَعْطُوهُ
إِيَّاهُ، ثُمَّ بَعثَتْ بِدِرْهَمٍ آخرَ, قَالَ:
فَاتَّبعَهُ السَّائِلُ، فلمَّا دَخَلَ, قَالَ: السَّائِلَ
السَّائِلَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَعْطُوهُ إِيَّاهُ،
فَأَعْطَوْهُ، وَأَرْسَلَتْ صَفِيَّةُ إِلَى السَّائِلِ
تَقُوْلُ: وَاللهِ لَئِنْ عُدْتَ لاَ تُصِيْبُ مِنِّي
خَيراً، ثُمَّ أَرْسَلَتْ بِدِرْهَمٍ آخرَ، فَاشْتَرَتْ
بِهِ.
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ
عُمَرَ بِجوَارِشَ، فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: مَا شَبعْتُ
مُنْذُ كَذَا وَكَذَا.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
بنُ بِلاَلٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ:
أنَّ المُخْتَارَ بنَ أَبِي عُبَيْدٍ كَانَ يُرسِلُ إِلَى
ابْنِ عُمَرَ بِالمَالِ فَيَقْبَلُهُ، وَيَقُوْلُ: لاَ
أَسْأَلُ أَحَداً شَيْئاً، وَلاَ أَرُدُّ مَا رَزقَنِي
اللهُ.
الثَّوْرِيُّ, عَنْ أَبِي الوَازِعِ, قُلْتُ لابْنِ
عُمَرَ: لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيرٍ مَا أَبقَاكَ اللهُ
لَهُم، فَغَضبَ وَقَالَ: إِنِّيْ لأَحْسِبُكَ عِرَاقِيّاً،
وَمَا يُدْرِيْكَ مَا يُغلِقُ عَلَيْهِ ابْنُ أُمِّكَ
بَابَهُ.
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ, عَنْ حُصَيْنٍ, قَالَ ابْنُ
عُمَرَ: إِنِّيْ لأَخرجُ وَمَا لِي حَاجَةٌ إلَّا أَنْ
أُسلِّمَ عَلَى النَّاسِ، وَيُسلِّمُوْنَ عَلَيَّ.
وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو النَّدَبِيِّ قَالَ:
خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَمَا لَقِيَ صغِيراً وَلاَ
كَبِيْراً إلَّا سلَّم عَلَيْهِ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَاطِبِيُّ: رَأَيْتُ
ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَاربَهُ، حَتَّى ظنَنْتُ أَنَّهُ
يَنْتِفُهُ، وَمَا
(4/312)
رَأَيتُه إلَّا مُحَلَّلَ الأَزرَارِ،
وَإِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ، وَقِيْلَ: كَانَ
يَتَّزِرُ عَلَى القَمِيْصِ فِي السَّفَرِ، وَيَخْتِمُ
الشَيْءَ بِخَاتَمِهِ، وَلاَ يَكَادُ يَلْبَسُهُ،
وَيَأْتِي السُّوقَ فَيقُولُ: كَيْفَ يُبَاعُ ذَا?
وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ،
عَنْ نَافِعٍ, أنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْبِضُ عَلَى
لحيتِهِ، وَيَأخُذُ مَا جَاوَزَ القَبْضَةَ.
قَالَ مَالِكٌ: كَانَ إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ
زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عمر, مكث ستين سنة
يفتي الناس.
مَالِكٌ, عَنْ نَافِعٍ, كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ
عَبَّاسٍ يَجلِسَانِ لِلنَّاسِ عِنْدَ مَقْدَمِ الحَاجِّ،
فَكُنْتُ أَجلِسُ إِلَى هَذَا يَوْماً، وَإِلَى هَذَا
يَوْماً، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُجِيبُ وَيُفْتِي فِي
كُلِّ مَا سُئِلَ عَنْهُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَردُّ
أَكْثَرَ مِمَّا يُفْتِي.
قَالَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ: كَتبَ رَجُلٌ
إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَنِ اكتُبْ إليَّ بِالعِلمِ كُلِّهِ،
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ العِلمَ كَثِيْرٌ، وَلَكِنْ إِنِ
اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلقَى اللهَ خَفِيفَ الظَّهْرِ مِنْ
دِمَاءِ النَّاسِ, خَمِيْصَ البَطنِ مِنْ أَمْوَالِهِم,
كَافَّ اللِّسَانِ عَنْ أَعْرَاضِهِم, لاَزماً لأَمرِ
جَمَاعَتِهِم، فَافعَلْ.
مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ أَنَّ
رَجُلاً قَالَ لابْنِ عُمَرَ: أَعملُ لَكَ جوَارِشَ?
قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: شَيْءٌ إِذَا كَظَّكَ
الطَّعَامُ، فَأَصبْتَ مِنْهُ, سَهَّلَ. فَقَالَ: مَا
شَبِعْتُ مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشهرٍ، وَمَا ذَاكَ أَنْ لاَ
أَكُوْنَ لَهُ وَاجداً، ولكن عَهِدْتُ قَوْماً يَشبَعُوْنَ
مَرَّةً، وَيَجُوْعُوْنَ مَرَّةً.
وَرَوَى الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ رَجُلٍ:
بَعثَتْ أُمُّ وَلَدٍ لِعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ
إِلَى وَكِيلِهَا تَسْتَهدِيْهِ غُلاَماً، وَقَالَتْ:
يَكُوْنُ عَالِماً بِالسُّنَّةِ, قَارِئاً لِكِتَابِ
اللهِ، فَصِيحاً عَفِيفاً, كَثِيْرَ الحَيَاءِ, قَلِيْلَ
المِرَاءِ, فَكَتَبَ إِلَيْهَا: قَدْ طَلبْتُ هَذَا
الغُلاَمَ، فَلَمْ أَجِدْ غُلاَماً بِهَذِهِ الصِّفَةِ
إلَّا عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، وَقَدْ سَاومْتُ بِهِ
أَهْلَهُ، فَأَبَوْا أَنْ يَبيعُوْهُ.
رَوَى بَقِيَّةُ، عَنِ ابْنِ حِذْيَمٍ، عَنْ وَهْبِ بنِ
أَبَانَ القُرَشِيِّ, أنَّ ابْنَ عُمَرَ خَرَجَ،
فَبَيْنَمَا هُوَ يَسيرُ إِذَا أَسَدٌ عَلَى الطَّرِيْقِ
قَدْ حَبسَ النَّاسَ، فاستخفَّ ابْنُ عُمَرَ رَاحِلتَهُ،
وَنَزَلَ إِلَى الأَسَدِ، فَعَرَكَ أُذُنَهُ وَأَخَّرَهُ
عَنِ الطَّرِيْقِ, وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: "لَوْ لَمْ
يَخَفِ ابْنُ آدَمَ إلَّا اللهَ لم يسلط عليه غيره". لَمْ
يَصحَّ هَذَا.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ وَاقِدٍ
قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عمر يصلي، فلو رَأَيتَهُ
مُقْلَوْلِياً، وَرَأَيتُهُ يَفُتُّ المِسْكَ فِي
الدُّهْنِ يَدَّهِنُ بِهِ.
عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي جَمِيْلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بنِ مَوْهَبٍ, أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لابْنِ عُمَرَ:
اذهَبْ،
(4/313)
فاقض بين الناس, قال: أَوَتعفيني مِنْ
ذَلِكَ؟ قَالَ: فَمَا تَكرَهُ مِنْ ذَلِكَ, وَقَدْ كَانَ
أَبُوْكَ يَقضِي? قَالَ: إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "مَنْ كَانَ
قَاضِياً فَقضَى بِالعَدْلِ، فَبِالحَرِيِّ أَنْ يَنْفلِتَ
كَفَافاً" فَمَا أَرْجُو بَعْدَ ذَلِكَ?! 1.
السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى, عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلمَ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقَدْ أُعْطِيْتُ
مِنَ الجِمَاعِ شَيْئاً مَا أَعْلَمُ أَحَداً أُعْطِيَهُ
إلَّا أَنْ يَكُوْنَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تفرَّد بِهِ يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ، عَنْهُ.
أَبُو أُسَامَةَ: حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَمْزَةَ,
أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنِّيْ
لأَظنُّ قُسِمَ لِي مِنْهُ مَا لَمْ يُقْسَمْ لأَحدٍ إلَّا
لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفطِرُ أَوَّلَ شَيْءٍ
عَلَى الوَطْءِ.
لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ, عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا
قُتِلَ عُثْمَانُ جَاءَ عَلِيٌّ إلى ابْنِ عُمَرَ،
فَقَالَ: إِنَّكَ مَحبُوبٌ إِلَى النَّاسِ، فسِرْ إِلَى
الشَّامِ، فَقَالَ: بِقَرَابَتِي وَصُحْبَتِي وَالرَّحِمِ
الَّتِي بَيْنَنَا, قَالَ: فَلَمْ يُعَاوِدْهُ2.
ابْنُ عُيَيْنَةَ, عَنْ عُمَرَ بنُ نَافِعٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعثَ إليَّ عليٌّ
فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ, إِنَّكَ رَجُلٌ
مُطَاعٌ فِي أَهْلِ الشَّامِ، فَسِرْ فَقَدْ أمَّرتك
عَلَيْهِم، فَقُلْتُ: أُذَكِّرُكَ اللهَ وَقَرَابَتِي مِنْ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَصُحْبَتِي إِيَّاهُ, إلَّا مَا أَعْفَيْتَنِي، فَأَبَى
عَلِيٌّ، فَاسْتَعَنْتُ عَلَيْهِ بِحَفْصَةَ، فَأَبَى،
فَخَرَجْتُ ليلاً إِلَى مَكَّةَ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهُ
قَدْ خَرجَ إِلَى الشَّامِ، فَبَعثَ فِي أَثَرِي، فَجَعَلَ
الرَّجُلُ يَأْتِي المربدَ، فَيَخْطمُ بَعيرَهُ
بِعِمَامَتِهِ لِيُدْرِكَنِي, قَالَ: فَأَرْسَلَتْ
حَفْصَةُ: إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى الشَّامِ, إِنَّمَا
خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَسَكَنَ.
الأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ, عَنْ خَالِدِ بنِ سُمَيْرٍ
قَالَ: هَربَ مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ مِنَ المُخْتَارِ،
فَقَالَ: رَحِمَ اللهُ ابْنَ عُمَرَ! إِنِّيْ لأَحسِبُهُ
عَلَى العَهدِ الأَوَّلِ لَمْ يَتَغِيَّرْ، وَاللهِ مَا
اسْتَفَزَّتْهُ قُرَيْشٌ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا
يُزرِي عَلَى أَبِيْهِ فِي مَقْتلِهِ, وَكَانَ عَلِيٌّ
غَدَا عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبُنَا،
فَاركَبْ بِهَا إِلَى الشَّامِ, قَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ
وَالإِسْلاَمَ, قَالَ: وَاللهِ لَتَرْكَبَنَّ, قَالَ:
أُذَكِّرُكَ اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ, قَالَ:
لَتَرْكَبَنَّ، وَاللهِ طَائِعاً أَوْ كَارهاً, قَالَ:
فَهَرَبَ إِلَى مَكَّةَ.
العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ, عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي
ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ يَوْمَ دُوْمَةَ
جَنْدَلٍ: جَاءَ مُعَاوِيَةُ عَلَى بُخْتِيٍّ عَظِيْمٍ
طَوِيْلٍ، فَقَالَ: وَمَنِ الَّذِي يَطْمَعُ فِي هَذَا
الأَمْرِ وَيَمدُّ إِلَيْهِ عنقه? فما
__________
1 ضعيف: أخرجه الترمذي "1322"، وآفته عبد الملك بن أبي
جميلة، مجهول.
2 ضعيف: فيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف.
(4/314)
حدَّثت نَفْسِي بِالدُّنْيَا إلَّا
يَوْمَئِذٍ، هَمَمْتُ أَنْ أَقُوْلَ: يَطْمَعُ فِيْهِ مَنْ
ضَربَكَ وَأَبَاكَ عَلَيْهِ، ثم ذكرت الجنة ونعيمها،
فأعرضت عَنْهُ.
حمَّاد بنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ نَافِعٍ, أنَّ
مُعَاوِيَةَ بَعثَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمائَةِ أَلْفٍ،
فلمَّا أَرَادَ أَنْ يُبَايِعَ لِيَزِيْدَ قَالَ: أُرَى
ذَاكَ, أَرَادَ: إِنَّ دِيْنِي عِنْدِي إِذاً لَرَخِيصٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ: بُوْيِعَ يَزِيْدُ،
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَمَّا بَلغَهُ: إِنْ كَانَ خَيراً
رَضِيْنَا، وَإِنْ كَانَ بَلاَءً صَبَرْنَا.
ابْنُ عُلَيَّةَ, عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:
حَلَفَ مُعَاوِيَةُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليقتلنَّ ابْنَ عُمَرَ,
يَعْنِي: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ بِمكَّةَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ
عَبْدُ اللهِ بنُ صَفْوَانَ، فَدَخَلاَ بَيْتاً وَكُنْتُ
عَلَى البَابِ، فَجَعَلَ ابْنُ صَفْوَانَ يَقُوْلُ:
أَفَتَتْرُكُهُ حَتَّى يَقْتُلَكَ?! وَاللهِ لَوْ لَمْ
يَكُنْ إلَّا أَنَا وَأَهْلُ بَيْتِي لَقَاتَلْتُهُ
دُونَكَ، فَقَالَ: ألَا أَصِيْرُ فِي حَرَمِ اللهِ?
وَسَمِعْتُ نَحِيبَهُ مَرَّتَيْنِ، فلمَّا دَنَا
مُعَاوِيَةُ تلقَّاه ابْنُ صَفْوَانَ فَقَالَ: إِيهاً,
جِئْتَ لِتقتُلَ ابْنَ عُمَرَ. قَالَ: وَاللهِ لاَ
أَقْتُلُهُ.
مِسْعَرٌ, عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ, قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَنْ
أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ منَّا? وَابْنُ عُمَرَ شَاهِدٌ
قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُوْلَ: أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ
مَنْ ضَرَبَكَ عَلَيْهِ وَأَبَاكَ، فَخِفْتُ الفَسَادَ.
مَعْمَرٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، وابن طاوس، عَنْ عِكْرِمَةَ بنِ خَالِدٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قال: دخلت على حفصة ونوساتها تنطف، فَقُلْتُ:
قَدْ كَانَ مِنَ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ، وَلَمْ يُجْعَلْ
لِي مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ, قَالَتْ: فَالْحَقْ بِهِم،
فَإِنَّهُم يَنتظِرُوْنَكَ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ
يَكُوْنَ فِي احْتِبَاسِكَ عَنْهُم فُرْقَةً، فَلَمْ
يَرُعْهُ حَتَّى ذَهَبَ, قَالَ: فلمَّا تَفرَّقَ
الحَكمَانِ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: مَنْ كَانَ
يُرِيْدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الأَمْرِ
فَلْيُطْلِعْ إليَّ قَرْنَهُ، فَنَحْنُ أَحقُّ بِذَلِكَ
مِنْهُ وَمِنْ أَبِيْهِ -يعرِّض بِابْنِ عُمَرَ.
قَالَ حَبِيْبُ بنُ مَسْلَمَةَ: فَهَلاَّ أَجَبْتَهُ
-فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي? فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: حَلَلْتُ
حَبْوَتِي، فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُوْلَ: أَحَقُّ بِذَلِكَ
مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الإِسْلاَمِ,
فَخَشِيتُ أَنْ أَقُوْلَ كَلمَةً تُفرِّقُ الجَمْعَ،
وَيُسْفَكُ فِيْهَا الدَّمُ، فَذَكَرتُ مَا أعدَّ اللهُ
فِي الجنَانِ1.
وَقَالَ سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: سَمِعْتُ الحَسَنَ
يَقُوْلُ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا كَانَ
زَمَنَ الفِتْنَةِ, أَتَوْا ابْنَ عُمَرَ، فَقَالُوا:
أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ وَابْنُ سَيِّدِهِم، وَالنَّاسُ
بِكَ رَاضُوْنَ, اخْرُجْ نُبَايِعْكَ، فَقَالَ: لاَ،
وَاللهِ لاَ يُهْرَاقُ فِيَّ مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ, وَلاَ
فِي سَببِي مَا كان في روح.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4108".
(4/315)
جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ
نَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوْسَى يَوْمَ التَّحْكِيمِ:
لاَ أَرَى لِهَذَا الأَمْرِ غَيْرَ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُمَرَ, فَقَالَ عَمْرُو بنُ العَاصِ لابْنِ عُمَرَ:
إِنَّا نُرِيْدُ أَنْ نُبَايِعَكَ، فَهلْ لَكَ أَنْ
تُعْطَى مالا عظيما على أن تدع هَذَا الأَمْرَ لِمَنْ هُوَ
أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْكَ? فَغَضِبَ وَقَامَ، فَأَخَذَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا
عَبْدِ الرَّحْمَنِ, إِنَّمَا قَالَ: لتعطي مَالاً عَلَى
أَنْ أُبَايِعَكَ، فَقَالَ: وَاللهِ لاَ أُعْطِي عَلَيْهَا
وَلاَ أُعْطَى، وَلاَ أَقْبَلُهَا إلَّا عَنْ رِضَىً مِنَ
المُسْلِمِيْنَ.
قُلْتُ: كَادَ أَنْ تَنْعقِدَ البَيْعَةُ لَهُ يَوْمَئِذٍ
مَعَ وُجُوْدِ مِثْلِ الإِمَامِ عَلِيٍّ، وَسَعْدِ بنِ
أَبِي وَقَّاصٍ، وَلَوْ بُوْيِعَ لَمَا اخْتلفَ عَلَيْهِ
اثْنَانِ، وَلَكِنَّ اللهَ حَمَاهُ وَخَارَ لَهُ.
مِسْعَرٌ, عَنْ عَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ قَالَ: قَالَ
مَرْوَانُ لابْنِ عُمَرَ: ألَا تَخْرُجُ إِلَى الشَّامِ
فَيُبَايعُوكَ? قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِأَهْلِ
العِرَاقِ? قَالَ: تُقَاتِلُهُم بِأَهْلِ الشَّامِ. قَالَ:
وَاللهِ مَا يَسُرُّنِي أَنْ يُبَايِعَنِي النَّاسُ
كُلُّهم إلَّا أَهْلَ فَدَكٍ، وَأَنْ أُقَاتلَهُم،
فَيُقتلَ مِنْهُم رَجُلٌ، فَقَالَ مَرْوَانُ:
إِنِّيْ أَرَى فِتْنَةً تَغْلِي مراجلها ... والملك بعد
أبي ليلى لمن غلبا
وَرَوَى عَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ نَحْواً مِنْهَا.
وَهَذَا قَالَهُ وَقْتَ هَلاَكِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ،
فلمَّا اطمأنَّ مَرْوَانُ مِنْ جهَةِ ابْنِ عُمَرَ بَادرَ
إِلَى الشَّامِ وَحَارَبَ، وَتَمَلَّكَ الشَّامَ ثُمَّ
مِصْرَ.
أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ فِطْرٍ قَالَ:
أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: مَا أَحَدٌ شَرٌّ
لِلأُمَّةِ مِنْكَ, قَالَ: لِمَ? قَالَ: لَوْ شِئْتَ مَا
اخْتلَفَ فِيكَ اثْنَانِ, قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّهَا
-يَعْنِي: الخِلاَفَةَ- أَتَتْنِي، وَرَجُلٌ يقول لا، وآخر
يقول بلى.
أَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ, عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ
مِهْرَانَ قَالَ: دسَّ مُعَاوِيَةُ عَمْراً وَهُوَ
يُرِيْدُ أَنْ يَعلَمَ مَا فِي نَفْسِ ابْنِ عُمَرَ،
فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! مَا يَمْنَعُكَ
أَنْ تَخْرُجَ تُبَايِعُكَ النَّاسُ, أَنْتَ صَاحِبُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَابْنُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَأَنْتَ أَحقُّ
النَّاسِ بِهَذَا الأَمْرِ، فَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ
النَّاسُ كُلُّهُم عَلَى مَا تَقُوْلُ? قَالَ: نَعَمْ,
إلَّا نَفرٌ يَسيرٌ. قَالَ: لَوْ لَمْ يَبْقَ إلَّا
ثَلاَثَةُ أَعْلاَجٍ بِهَجَرٍ لَمْ يَكُنْ لِي فِيْهَا
حَاجَةٌ. قَالَ: فَعَلِمَ أَنَّهُ لاَ يُرِيْدُ القِتَالَ،
فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تُبَايِعَ مَنْ قَدْ كَادَ
النَّاسُ أَنْ يَجتمعُوا عَلَيْهِ، وَيَكْتُبُ لَكَ مِنَ
الأَرَضِينَ، وَالأَمْوَالِ? فَقَالَ: أفٍّ لَكَ? اخْرجْ
مِنْ عِنْدِي, إِنَّ دِيْنِي لَيْسَ بِدِيْنَارِكُم وَلاَ
دِرْهَمِكُم.
يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ, عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ
عُمَرَ يسلِّم عَلَى الخَشَبيَّةِ وَالخَوَارِجِ وَهُم
يَقْتَتِلُوْنَ، وَقَالَ: مَنْ قَالَ "حيَّ عَلَى
الصَّلاَةِ" أَجبتُهُ، وَمَنْ قَالَ: "حَيَّ عَلَى قَتْلِ
أَخِيْكَ المُسْلِمِ وَأَخْذِ مَالِهِ" فَلاَ.
(4/316)
قَالَ نَافِعٌ: أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ،
فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ, مَا يَحْمِلُكَ
عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَاماً وَتَعتَمِرَ عَاماً، وَتَترُكَ
الجِهَادَ، فَقَالَ: بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ:
إِيْمَانٍ بِاللهِ وَرَسُوْلِهِ، وَصَلاَةِ الخَمْسِ،
وَصيَامِ رَمَضَانَ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ
البَيْتِ. فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ, ألَا
تسَمَعُ قَوْلَهُ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}
[الحُجُرَاتُ: 8] . فَقَالَ: لأَنْ أَعْتَبِرَ بِهَذِهِ
الآيَةِ، فَلاَ أُقَاتِلَ أحبَّ إِلَيَّ مِنْ أن أعتبر
بالآية التي يقول فيها: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا
مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}
[النِّسَاءُ: 92] . فَقَالَ: ألَا تَرَى أَنَّ اللهَ
يَقُوْلُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}
[البَقَرَةُ: 193] . قَالَ: قَدْ فَعلْنَا عَلَى عَهدِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ
كَانَ الإِسْلاَمُ قليلاً، وَكَانَ الرَّجُلُ يُفتَنُ فِي
دِيْنِهِ؛ إمَّا أَنْ يَقْتُلُوْهُ، وإمَّا أَنْ
يَسترِقُّوهُ, حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ، فَلَمْ تَكنْ
فِتْنَةٌ, قَالَ: فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يُوَافِقُهُ
قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ? قَالَ:
أمَّا عُثْمَانُ: فَكَانَ اللهُ عَفَا عَنْهُ، وَكرِهتُم
أَنْ يَعفُوَ اللهُ عَنْهُ، وأمَّا عَلِيٌّ: فَابْنُ عَمِّ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَخَتَنُهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ- هَذَا بَيْتُهُ حَيْثُ
تَرَوْنَ.
الزُّهْرِيُّ، عَنْ حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
أَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ
فِي نَفْسِي شَيْئاً مِنْ أَمْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ مَا
وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ أُقَاتِلَ هَذِهِ الفِئَةَ
البَاغِيَةَ كَمَا أَمَرنِي اللهُ.
قُلْنَا: وَمَنْ تَرَى الفِئَةَ البَاغِيَةَ? قَالَ: ابْنُ
الزُّبَيْرِ بَغَى عَلَى هَؤُلاَءِ القَوْمِ، فَأَخرَجَهُم
مِنْ دِيَارِهِم، وَنَكَثَ عَهدَهُم.
أَيُّوْبُ, عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَصَابَتِ ابْنَ عُمَرَ
عَارضَةُ مَحْمِلٍ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ عِنْدَ الجَمْرَةِ،
فَمَرِضَ، فَدخَلَ عَلَيْهِ الحَجَّاجُ، فلمَّا رَآهُ
ابْنُ عُمَرَ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ، فَكَلَّمَهُ الحَجَّاجُ،
فَلَمْ يُكَلِّمْهُ، فَغَضبَ وَقَالَ: إِنَّ هَذَا
يَقُوْلُ إِنِّي عَلَى الضَّرْبِ الأَوَّلِ.
عَمْرُو بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدِ بنِ عَمْرٍو,
أَخْبَرَنَا جَدِّي, أنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدِمَ حَاجّاً،
فَدَخَلَ عَلَيْهِ الحَجَّاجُ وَقَدْ أَصَابَهُ زُجُّ
رُمْحٍ، فَقَالَ: من أصابك? قَالَ: أَصَابَنِي مَنْ
أَمَرْتُمُوْهُ بِحَملِ السِّلاَحِ فِي مَكَانٍ لاَ
يَحِلُّ فِيْهِ حَمْلُهُ1.
أَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ المَسْعُوْدِيُّ, حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بنُ سَعِيْدِ بنِ عَمْرٍو الأُمَوِيُّ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَامَ إِلَى الحجَّاج
وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللهِ! استُحِلَّ
حَرَمُ اللهِ، وخُرِّبَ بَيْتُ اللهِ، فَقَالَ: يَا
شَيْخاً قَدْ خَرِفَ، فلمَّا صَدرَ النَّاسُ أَمَرَ
الحَجَّاجُ بَعْضَ مسوَّدته، فأخذ
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "967".
(4/317)
حَربَةً مَسمُومَةً، وَضَربَ بِهَا رِجْلَ
ابْنِ عُمَرَ، فَمَرِضَ وَمَاتَ مِنْهَا، وَدَخَلَ
عَلَيْهِ الحجَّاج عَائِداً، فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ
عَلَيْهِ، وَكَلَّمَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ.
هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ, أنَّ الحَجَّاجَ خَطبَ
فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ بدَّل كلاَمَ اللهِ،
فَعَلِمَ ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ: كَذَبَ, لَمْ يَكُنِ
ابْنُ الزُّبَيْرِ يَسْتَطيعُ أَنْ يُبَدِّلَ كَلاَمَ
اللهِ، وَلاَ أَنْتَ, قَالَ: إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ
الغَدَ, قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ عُدْتَ عُدْتُ.
قَالَ الأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ
سُمَيْرٍ قَالَ: خَطَبَ الحَجَّاجُ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ
الزُّبَيْرِ حرَّف كِتَابَ اللهِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:
كَذَبْتَ كَذَبْتَ, مَا يَستَطِيعُ ذَلِكَ، وَلاَ أَنْتَ
مَعَهُ, قَالَ: اسْكُتْ، فَقَدْ خَرِفْتَ وَذَهبَ عَقلُكَ,
يُوشِكُ شَيْخٌ أَنْ يُضرَبَ عُنُقُهُ فَيَخِرَّ, قَدِ
انتفخت خصيتاه, يطوف به صبيان البقيع1.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ قَالَ:
لَمَّا اجْتَمَعُوا عَلَى عَبْدِ المَلِكِ, كَتَبَ
إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا بَعْدُ, فَإِنِّي قَدْ
بَايَعْتُ لِعَبْدِ اللهِ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى سُنَّةِ
اللهِ وَسُنَّةِ رَسُوْلِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ
بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ.
شُعْبَةُ, عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ, عَنْ نَافِعٍ, أنَّ
ابْنَ عُمَرَ أَوْصَى رَجُلاً يغسِّله، فَجَعلَ يَدْلُكُهُ
بِالمِسْكِ.
وَعَنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ: مَاتَ أَبِي بِمَكَّةَ،
وَدُفِنَ بفَخٍّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَهُوَ
ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ، وَأَوْصَانِي أَنْ
أَدفِنَهُ خَارِجَ الحَرَمِ فَلَمْ نَقْدِرْ، فَدَفَنَّاهُ
بِفَخٍّ فِي الحَرَمِ، فِي مَقْبَرَةِ المُهَاجِرِيْنَ.
حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إلَّا
أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الفِئَةَ البَاغِيَةَ. هَكَذَا
رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْهُ, وَقَدْ تقدَّم نَحْوُهُ
مُفسَّراً.
وَأَمَّا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ سِيَاهٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ
ثِقَتَانِ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ, أَنَّ ابْنَ
عُمَرَ قَالَ: مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي إلَّا
أَنِّي لَمْ أُقَاتِلْ مَعَ عَلِيٍّ الفِئَةَ البَاغِيَةَ.
فَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عن أبيه, قال ابْنُ عُمَرَ
حِيْنَ احْتُضِرَ: مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي شَيْئاً إلَّا
أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الفِئَةَ الباغية مع عليّ بن أبي
طالب.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 184".
(4/318)
وَرَوَى أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ,
حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ العَبَّاسِ، عَنْ أَبِي
العَنْبَسِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الجَهْمِ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ.....، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وَلابْنِ عُمَرَ أَقْوَالٌ وَفَتَاوَى يَطُولُ الكِتَابُ
بِإِيرَادِهَا، وَلَهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ فِي الفِئَةِ
البَاغِيَةِ.
فَقَالَ رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا العَوَّامُ بنُ
حَوْشَبٍ، عَنْ عَيَّاشٍ العَامِرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
جُبَيْرٍ قَالَ: لَمَّا احتُضِرَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ: مَا
آسَى عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا إلَّا عَلَى ثَلاَثٍ:
ظَمَأِ الهَوَاجِرِ، وَمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ، وَأَنِّي
لَمْ أُقَاتِلِ الفِئَةَ البَاغِيَةَ الَّتِي نَزَلَتْ
بِنَا -يَعْنِي: الحَجَّاجَ.
قَالَ ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: بَلغَ ابْنُ عُمَرَ سَبْعاً
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ،
وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَعِدَّةٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَسَبْعِيْنَ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَخَلِيْفَةُ،
وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ البَرْقِيِّ: تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ،
وَدُفِنَ بذِي طُوَىً. وَقِيْلَ: بِفَخٍّ مَقْبَرَةِ
المُهَاجِرِيْنَ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
قُلْتُ: هُوَ القَائِلُ كُنْتُ يَوْمَ أُحُدٍ ابْنَ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً1، فعلى هذا يَكُوْنُ عُمُرُهُ
خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
وَأَرْضَاهُ.
أَخْبَرَنَا أَيُّوْبُ بنُ طَارِقٍ، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ بِقِرَاءتِي قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو
القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ, أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
الطُّرَيْثِيْثِيُّ، وَأَبُو يَاسِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ، وَأَبُو القَاسِمِ الرَّبَعِيُّ، وَأَبُو
مَنْصُوْرٍ الخَيَّاطُ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ 353،
حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي
مَسَرَّةَ, حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ -وَهُوَ
ابْنُ بِنْتِ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ- قَالَ: سَمِعْتُ
عَبْدَ اللهِ بنَ أَبِي عُثْمَانَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ
ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ، وَرَأَيتُهُ يَنحَرُ
البُدْنَ قِيَاماً يَجَأُ فِي لَبَّاتِهَا.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ, أَخْبَرَنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ, أَخْبَرَنَا اللَّبَّانُ, أَخْبَرَنَا أَبُو
عَلِيٍّ الحَدَّادُ, أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ
الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ, أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ,
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ،
عَنْ قَزَعَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ
ثِيَاباً خَشِنَةً -أو
__________
1 صحيح: تقدَّم تخريجنا له بتعليق رقم "615", وهو عند
البخاري "4097"، ومسلم "1868".
(4/319)
جَشِبَةً، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّيْ قَدْ
أَتَيتُكَ بِثَوْبٍ ليِّن مِمَّا يُصنعُ بِخُرَاسَانَ،
وَتَقرُّ عَيْنَايَ أَنْ أَرَاهُ عَلَيْكَ. قَالَ:
أَرِنِيهِ، فَلَمَسَهُ، وَقَالَ: أَحَرِيْرٌ هَذَا?
قُلْتُ: لاَ, إِنَّهُ مِنْ قُطْنٍ. قَالَ: إِنِّيْ أَخَافُ
أَنْ أَلْبَسَهُ, أَخَافُ أَكُوْنَ مُخْتَالاً فَخُوراً،
وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ.
قُلْتُ: كُلُّ لِبَاسٍ أَوْجَدَ فِي المَرْءِ خُيَلاَءَ
وَفَخراً فَتَرْكُهُ مُتَعيِّنٌ، وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ
ذَهَبٍ وَلاَ حَرِيرٍ، فَإِنَّا نَرَى الشَّابَّ يَلْبَسُ
الفَرَجِيَّةَ الصُّوفَ بفروٍ مِنْ أَثَمَانِ أَرْبَعِ
مائَةِ دِرْهَمٍ وَنَحْوِهَا، وَالكِبْرُ وَالخُيَلاَءُ
عَلَى مِشْيَتِهِ ظَاهِرٌ، فَإِنْ نَصحْتَهُ وَلُمْتَهُ
بِرِفقٍ كَابَرَ، وَقَالَ: مَا فِيَّ خُيَلاَءُ وَلاَ
فَخْرٌ، وَهَذَا السَّيِّدُ ابْنُ عُمَرَ يَخَافُ ذَلِكَ
عَلَى نَفْسِهِ, وَكَذَلِكَ تَرَى الفَقِيْهَ المُتْرفَ
إِذَا لِيْمَ فِي تَفصيلِ فَرَجِيَّةٍ تحت كعبيه، وقيل
لَهُ: قَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ
الإِزَارِ فَفِي النَّارِ" يَقُوْلُ: إِنَّمَا قَالَ هَذَا
فِيْمَنْ جَرَّ إِزَارَهُ خُيَلاَءَ، وَأَنَا لاَ أَفعلُ
خُيَلاَءَ. فَترَاهُ يُكَابِرُ وَيُبرِّئُ نَفْسَهُ
الحمقَاءَ، وَيَعْمَدُ إِلَى نصٍّ مُستقِلٍّ عَامٍّ
فَيَخُصُّهُ بِحَدِيْثٍ آخرَ مُسْتقلٍّ بِمَعْنَى
الخُيَلاَءِ، ويترخَّص بِقَوْلِ الصِّدِّيْقِ: إِنَّهُ يَا
رَسُوْلَ اللهِ, يَسْتَرخِي إِزَارِي، فَقَالَ: "لَسْتَ
يَا أَبَا بَكْرٍ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاَءَ"،
فَقُلْنَا: أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمْ
يَكُنْ يَشُدُّ إِزَارَهُ مَسْدُوْلاً عَلَى كَعْبَيْهِ
أَوَّلاً, بَلْ كَانَ يَشُدُّهُ فَوْقَ الكَعْبِ، ثُمَّ
فِيمَا بَعْدُ يَسْتَرخِي، وقد قال -عليه السلام:
"إِزْرَةُ المُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ, لاَ
جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيْمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ
الكَعْبَيْنِ"، وَمِثْلُ هَذَا فِي النَّهْيِ لِمَنْ فصَّل
سَرَاويلَ مُغَطِّياً لِكِعَابِهِ، وَمِنْه طُولُ
الأَكمَامِ زَائِداً، وَتَطوِيْلُ العَذَبَةِ، وَكُلُّ
هَذَا مِنْ خُيَلاَءَ كَامنٍ فِي النُّفُوْسِ، وَقَدْ
يُعذَرُ الوَاحِدُ مِنْهُم بِالجَهْلِ، وَالعَالِمُ لاَ
عُذْرَ لَهُ فِي تَرْكِهِ الإِنْكَارَ عَلَى الجَهَلَةِ،
فَإِنْ خُلعَ عَلَى رَئِيْسٍ خِلعَةٌ سِيَرَاءُ مِنْ
ذَهَبٍ وَحَرِيْرٍ وَقُنْدُسٍ, يُحرِّمُهُ مَا وَردَ فِي
النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ, وَلُبْسِهَا الشَّخْصُ
يَسحَبُهَا، وَيَختَالُ فِيْهَا، وَيَخْطُرُ بِيَدِهِ،
وَيَغْضبُ مِمَّنْ لاَ يهنِّيه بِهَذِهِ المُحَرَّمَاتِ،
وَلاَ سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ خِلْعَةَ وَزَارَةٍ وَظُلْمٍ،
وَنَظَرِ مَكْسٍ أَوْ وِلاَيَةِ شُرطَةٍ، فَلْيَتَهَيَّأْ
لِلمَقْتِ وَلِلعَزْلِ وَالإِهَانَةِ وَالضَّرْبِ، وَفِي
الآخِرَةِ أَشدُّ عَذَاباً وَتنكيلاً، فَرَضِيَ اللهُ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِيْهِ، وَأَيْنَ مِثْلُ ابْنِ عُمَرَ
فِي دِيْنِهِ وَوَرَعِهِ وَعِلمِهِ وَتَأَلُّهِهِ،
وَخَوْفِهِ مِنْ رَجُلٍ تُعرَضُ عَلَيْهِ الخِلاَفَةُ
فَيَأبَاهَا، وَالقَضَاءُ مِنْ مِثْلِ عُثْمَانَ
فَيردُّهُ، وَنِيَابَةُ الشَّامِ لِعَلِيٍّ فِيْهربُ
مِنْهُ، فَاللهُ يَجْتبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ،
وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: عَنْ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَوْلاَ أَنَّ
مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ لَسَرَّنِي أَنْ آتِيَ بَيْتَ
المَقْدِسِ، فأهلُّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ، وَلَكِنْ أَكرَهُ
أَنْ آتِيَ الشَّامَ فَلاَ آتيْهِ، فَيَجِدُ عَلَيَّ أَوْ
آتِيَهُ، فَيرَانِي تَعرَّضتُ لِمَا فِي يَدَيْهِ.
رَوَى عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ
نَافِعٍ, أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذا فاتته العشاء في
جماعة أحيا ليلته.
(4/320)
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ
جَابِرٍ, حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ, أَنَّهُ كَانَ يُحيِي
اللَّيْلَ صَلاَةً، ثُمَّ يَقُوْلُ: يَا نَافِعُ
أَسْحَرْنَا? فَأَقُوْلُ: لاَ. فَيُعَاودُ الصَّلاَةَ
إِلَى أَنْ أَقُوْلَ: نَعَمْ، فَيقعدُ وَيَسْتَغْفِرُ
ويدعو حتى يصبح.
قال طاوس: مَا رَأَيْتُ مُصَلِّياً مِثْلَ ابْنِ عُمَرَ
أَشدَّ اسْتقبالاً لِلْقِبْلَةِ بِوجهِهِ وَكَفَّيْهِ
وَقَدَمَيْهِ.
وَرَوَى نَافِعٌ أنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُحْيِي بَيْنَ
الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ.
هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ, عَنِ القَاسِمِ بن أَبِي
بَزَّةَ, أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَرَأَ فَبَلَغَ {يَوْمَ
يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}
[المُطَفِّفِيْنَ: 6] ، فَبَكَى حَتَّى خَرَّ، وَامْتنعَ
مِنْ قِرَاءةِ مَا بَعْدَهَا.
مَعْمَرٌ, عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ نَافِعٍ أَوْ غَيْرِهِ,
أَنَّ رَجُلاً قَالَ لابْنِ عُمَرَ: يَا خَيْرَ النَّاسِ
-أَوِ ابْنَ خَيْرِ النَّاسِ, فَقَالَ: مَا أَنَا بِخيرِ
النَّاسِ، وَلاَ ابْنِ خَيْرِ النَّاسِ، ولكنِّي عَبْدٌ
مِنْ عِبَادِ اللهِ, أَرْجُو اللهَ وَأَخَافُهُ، وَاللهِ
لَنْ تَزَالُوا بِالرَّجُلِ حَتَّى تُهلكُوْهُ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, عَنْ نَافِعٍ, كَانَ ابْنُ
عُمَرَ يُزَاحِمُ عَلَى الرُّكْنِ حَتَّى يَرْعُفُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي
المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ,
أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى,
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ,
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ, حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ,
سَمِعَ عُرْوَةَ يَقولُ: خَطبْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ
ابْنتَهُ وَنَحْنُ فِي الطَّوَافِ، فَسَكَتَ وَلَمْ
يُجِبْنِي بِكلمَةٍ، فَقُلْتُ: لَوْ رَضِيَ لأَجَابَنِي،
وَاللهِ لاَ أُرَاجعُهُ بِكلمَةٍ، فَقُدِّرَ لَهُ أَنَّهُ
صَدَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ قَبْلِي، ثُمَّ قدِمْتُ،
فَدَخَلْتُ مَسجِدَ الرَّسولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَسلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ
حَقَّهُ، فرحَّب بِي، وَقَالَ: مَتَى قَدِمْتَ? قُلْتُ:
الآنَ. فَقَالَ: كُنْتَ ذَكرْتَ لِي سَوْدَةَ وَنَحْنُ فِي
الطَّوَافِ نَتخَايلُ اللهَ بَيْنَ أَعيُنِنَا، وَكُنْتَ
قَادِراً أَنْ تَلْقَانِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ الموطِنِ,
فَقُلْتُ: كَانَ أَمْراً قُدِّرَ, قَالَ: فَمَا رَأْيُكَ
اليَوْمَ? قُلْتُ: أَحْرَصُ مَا كُنْتُ عَلَيْهِ قَطُّ،
فَدَعَا ابنيه سالمًا وَعَبْدَ اللهِ، وَزَوَّجَنِي.
وَبِهِ إِلَى بِشْرٍ: حَدَّثَنَا خلَّاد بنُ يَحْيَى,
حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ أَبِي إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ قَالَ: إِنَّمَا مَثَلُنَا فِي هَذِهِ الفِتْنَةِ
كَمَثَلِ قَوْمٍ يَسيرُوْنَ عَلَى جَادَّةٍ يَعرفُوْنَهَا،
فَبيْنَا هُم كَذَلِكَ؛ إِذْ غَشِيتْهُم سَحَابَةٌ
وَظُلمَةٌ، فَأَخَذَ بَعضُهُم يَمِيْناً وَشِمَالاً
فَأَخْطَأَ الطَّرِيْقَ، وَأَقَمْنَا حَيْثُ أَدْرَكَنَا
ذَلِكَ, حَتَّى جَلاَ اللهُ ذَلِكَ عنَّا، فَأَبْصَرْنَا
طرِيقَنَا الأَوَّلَ, فَعَرفْنَاهُ فَأَخَذْنَا فِيْهِ,
إِنَّمَا هَؤُلاَءِ فِتيَانُ قُرَيْشٍ يَقْتتِلُونَ عَلَى
هَذَا السُّلْطَانِ، وَعَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا, مَا
أُبالِي أَنْ لاَ يَكُوْنَ لِي مَا يَقتلُ عَلَيْهِ
بعضُهُم بعضاً بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ الَجرْدَاوَيْنِ.
(4/321)
عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ
الأَحْوَلِ، عمَّن حَدَّثَهُ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ
إِذَا رَآهُ أَحَدٌ ظنَّ بِهِ شَيْئاً مِمَّا يَتَّبِعُ
آثَارَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَكِيْعٌ, عَنْ أَبِي مَوْدُوْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ, أَنَّهُ كَانَ فِي طرِيقِ مَكَّةَ يَقُوْلُ
بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ يَثْنِيْهَا، وَيَقُوْلُ: لعلَّ
خُفّاً يَقعُ عَلَى خفِّ -يَعْنِي: خُفَّ رَاحِلَةِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ "الإِحْكَامِ" فِي البَابِ
الثَّامنِ وَالعِشْرِيْنَ: المُكثِرُوْنَ مِنَ الفُتْيَا
مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ، وَابْنُه عَبْدُ اللهِ, علي,
عائشة, ابن مَسْعُوْدٍ, ابْنُ عَبَّاسٍ, زَيْدُ بنُ
ثَابِتٍ، فَهُمْ سَبْعَةٌ فَقَطْ يُمكنُ أَنْ يُجمعَ مِنْ
فُتْيَا كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم سِفْرٌ ضَخْمٌ. وَقَدْ
جَمعَ أبو بكر محمد بن موسى بن بعقوب بن أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ المَأْمُوْنِ، فُتْيَا ابْنِ عَبَّاسٍ فِي
عِشْرِيْنَ كِتَاباً، وَأَبُو بَكْرٍ هَذَا أَحَدُ
أَئِمَّةِ الإِسْلاَمِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ
بنُ مُوْسَى، عَنْ نَافِعٍ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ تقلَّد
سَيْفَ عُمَرَ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، وَكَانَ محلَّى,
كَانَتْ حِليتُهُ أَرْبَعَ مائَةٍ.
أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ
الصَّائِغِ، عَنْ نَافِعٍ, أنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَهُ
كُتُبٌ يَنظُرُ فِيْهَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى
النَّاسِ. هَذَا غَرِيْبٌ.
وَلابْنِ عُمَرَ فِي "مُسنَدِ بَقِيٍّ" أَلْفَانِ وَسِتُّ
مائَةٍ وَثَلاَثُوْنَ حَدِيْثاً بالمكرَّر، وَاتَّفَقَا
لَهُ عَلَى مائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَسِتِّيْنَ حَدِيْثاً،
وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِأَحَدٍ وَثَمَانِيْنَ
حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ بِأَحَدٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَأَوْلاَدُهُ مِنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ بنِ
مَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ: أَبُو بَكْرٍ، وَوَاقِدٌ،
وَعَبْدُ اللهِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَعُمَرُ،
وَحَفْصَةُ، وَسَوْدَةُ.
وَمِنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ المُحَارِبِيَّةِ: عَبْدُ
الرَّحْمَنِ، وَبِهِ يكنَّى.
وَمِنْ سُرِّيَّةٍ لَهُ: سَالِمٌ، وَعُبَيْدُ اللهِ،
وَحَمْزَةُ.
وَمِنْ سُرِّيَّةٍ أُخْرَى: زَيْدٌ، وَعَائِشَةُ.
وَمِنْ أُخْرَى: أَبُو سَلَمَةَ، وَقِلاَبَةُ.
وَمِنْ أُخْرَى: بِلاَلٌ, فَالجُمْلَةُ: سِتَّةَ عَشَرَ.
وَعَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
إِلَيْكُم عَنِّي، فَإِنِّي كُنْتُ مَعَ مَنْ هُوَ
أَعْلَمُ مِنِّي، وَلَوْ عَلمْتُ أَنِّي أَبقَى حَتَّى
تَفْتَقِرُوا إِلَيَّ؛ لَتَعلَّمْتُ لَكُم.
(4/322)
هِشَامُ بنُ سَعْدٍ, عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ
القَارِئِ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ مَكَّةَ،
وَكَانَ لَهُ جَفْنَةٌ مِنْ ثَرِيْدٍ, يَجْتَمِعُ
عَلَيْهَا بَنُوْهُ وَأَصْحَابُهُ وَكُلُّ مَنْ جَاءَ,
حَتَّى يَأْكُلَ بعضُهُم قَائِماً، وَمَعَهُ بَعيرٌ لَهُ
عَلَيْهِ مَزَادتَانِ فِيْهمَا نَبِيْذٌ وَمَاءٌ، فَكَانَ
لِكُلِّ رَجُلٍ قَدَحٌ مِنْ سَوِيْقٍ بِذَلِكَ النَّبِيذِ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّه كَانَ يَأْكُلُ الدَّجَاجَ
وَالفِرَاخَ وَالخَبِيْصَ.
مَعْنٌ, عَنْ مَالِكٍ, بَلغَهُ أنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ:
لَوِ اجْتَمَعَتْ عليَّ الأُمَّةُ إلَّا رَجُلَيْنِ مَا
قَاتَلْتُهُمَا.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ يُحدِّثُ
قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ, قَالُوا لابْنِ عُمَرَ:
إِنَّكَ سَيِّدُ النَّاسِ وَابْنُ سَيِّدِهِم، فَاخرُجْ
يُبَايِعْ لَكَ النَّاسُ، فَقَالَ: لَئِنْ اسْتَطَعْتُ لاَ
يُهْرَاقَ فيَّ مِحْجَمَةٌ. قَالُوا: لَتَخْرُجَنَّ أَوْ
لتقتلنَّ عَلَى فِرَاشِكَ، فأعاد قوله.
قال الحسن: أطمعوه وخوفوه فيما قَدِرُوا عَلَى شَيْءٍ
مِنْهُ.
وَتَرْجَمَةُ هَذَا الإِمَامِ فِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ
مُطَوَّلَةٌ فِي ثَمَانٍ وثلاثين ورقة.
يحول إلى نظرائه
(4/323)
|