سير أعلام
النبلاء، ط الحديث أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: "إِنِّي قَدْ
أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ أَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ
وَحُلَّةً وَإِنِّي أَرَاهُ قَدْ مَاتَ وَلاَ أَرَى
الهَدِيَّةَ إلَّا سَتُرَدُّ فَإِنْ رُدَّتْ فَهِيَ لَكِ.
قَالَتْ: فَكَانَ كَمَا قَالَ فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ
مِنْ نِسَائِهِ أُوْقِيَّةٍ وَأَعْطَى سَائِرَهُ أُمَّ
سَلَمَةَ وَالحُلَّةَ"1.
القَعْنَبِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ
الزُّهْرِيُّ، عَنْ هشام به عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ
تُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِمَكَّةَ يَوْمَ النحر وكان يومها
فأحب أن توافيه.
الوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:
صَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ.
قُلْتُ: الوَاقِدِيُّ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ وَاللهُ
أَعْلَمُ وَلاَ سِيَّمَا وَقَدْ خُوْلِفَ.
وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ عَبْدَ الله بن صفوان دخل
على أم سلمة فِي خِلاَفَةِ يَزِيْدَ2.
وَبَعْضُهُم أَرَّخَ مَوْتَهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ
وَخَمْسِيْنَ فَوَهِمَ أَيْضاً وَالظَّاهِرُ وَفَاتُهَا
فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَقَدْ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- حِيْنَ حَلَّتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَيَبْلُغُ مُسْنَدُهَا ثَلاَثَ مائَةٍ وَثَمَانِيَةً
وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
وَاتَّفَقَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ لَهَا عَلَى ثَلاَثَةَ
عَشَرَ. وَانْفَرَدَ البخاري بثلاثة ومسلم بثلاثة عشر.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "8/ 94"، وفي إسناده
مسلم بن خالد المخزومي مولاهم، المكي، المعروف بالزنجي،
كثير الأوهام سيئ الحفظ. وأم موسى ابن عقبة، وما إخالها أم
موسى سرية علي بن أبي طالب، وإن كانت هي فهي مجهولة لذا
قال الحافظ في "التقريب" مقبولة أي عند المتابعة كما هو
معروف معلوم عند عامة أهل الحديث.
2 صحيح: تقدم تخريجنا له قريبا برقم "1023"، وهو عند مسلم
"2882".
(3/472)
17- زينب أم
المؤمنين بنت جحش 1 "ع":
بنت جحش بن رياب وَابْنَةُ عَمَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أُمُّهَا: أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ
هَاشِمٍ وَهِيَ أُخْتُ حَمْنَةَ وَأَبِي أَحْمَدَ. مِنَ
المهاجرات الأول.
وكانت عِنْدَ زَيْدٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهِيَ الَّتِي يَقُوْلُ اللهُ
فِيْهَا: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ
زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا
اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ
أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا
زَوَّجْنَاكَهَا} [الأَحْزَابُ: 37] .
فَزَوَّجَهَا اللهُ تَعَالَى بِنَبِيِّهِ بِنَصِّ
كِتَابِهِ بِلاَ وَلِيٍّ وَلاَ شَاهِدٍ. فَكَانَتْ
تَفْخَرُ بِذَلِكَ عَلَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ
وَتَقُوْلُ: زَوَّجَكُنَّ أهاليكن وزوجني الله من فوق
عرشه.
وَفِي رِوَايَةِ البُخَارِيِّ: كَانَتْ تَقُوْلُ: إِنَّ
اللهَ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ1.
وَكَانَتْ مِنْ سَادَةِ النِّسَاءِ دِيْناً وَوَرَعاً
وَجُوْداً وَمَعْرُوْفاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَحَدِيْثُهَا فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
رَوَى عَنْهَا: ابْنُ أَخِيْهَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ جَحْشٍ وأم المؤمنين أم حبيبة وزينب أَبِي
سَلَمَةَ وَأَرْسَلَ عَنْهَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ.
تُوُفِّيَتْ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَصَلَّى عَلَيْهَا
عُمَرُ.
مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ
خَصِيْفَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَافِعٍ، عَنْ بَرْزَةَ
بِنْتِ رَافِعٍ قَالَتْ: أَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى زَيْنَبَ
بِعَطَائِهَا فَقَالَتْ: غَفَرَ اللهُ لِعُمَرَ غَيْرِي
كَانَ أَقْوَى عَلَى قَسْمِ هَذَا. قَالُوا: كُلُّهُ لَكِ.
قَالَتْ: سُبْحَانَ اللهِ وَاسْتَتَرَتْ مِنْهُ بِثَوْبٍ
وَقَالَتْ: صُبُّوْهُ وَاطْرَحُوا عَلَيْهِ ثَوْباً
وَأَخَذَتْ تُفَرِّقُهُ فِي رَحِمِهَا وَأَيْتَامِهَا
وَأَعْطَتْنِي مَا بَقِيَ فَوَجَدنَاهُ خَمْسَةً
وَثَمَانِيْنَ دِرْهَماً ثُمَّ رَفَعَتْ يَدَهَا إِلَى
السِّمَاءِ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لاَ يُدْرِكْنِي عَطَاءُ
عُمَرَ بَعْدَ عَامِي هَذَا.
أَيُّوْبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: لَمَّا
مَاتَتْ بِنْتُ جَحْشٍ أَمَرَ عُمَرُ مُنَادِياً إلَّا
يَخْرُجَ مَعَهَا إلَّا ذُوْ مَحْرَمٍ. فَقَالَتْ بِنْتُ
عُمَيْسٍ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إلَّا أُرِيْكَ
شَيْئاً رَأَيْتُ الحَبَشَةَ تَصْنَعُهُ بِنِسَائِهِم
فَجَعَلَتْ نَعْشاً وَغَشَّتْهُ ثَوْباً. فَقَالَ: مَا
أَحْسَنَ هَذَا وَأَسْتَرَهُ.
فَأَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى: أَنِ اخْرُجُوا عَلَى
أُمِّكُم.
رَوَاهُ عَارِمٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا
أَيُّوْبُ2.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 101-115"، تهذيب الكمال
"35/ ترجمة رقم 7846" تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2801"،
والإصابة "4/ ترجمة رقم 470".
2 صحيح: أخرجه البخاري "7420".
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 111" من طريق عارم بن الفضل
حدثنا حماد بن يزيد، حدثنا أيوب به، وسقط من إسناده ابن
عمر فليسجل إخواني العلماء وطلبة العلم "ابن عمر" في
نسختهم لأنها سقطت من الطبقات.
(3/473)
وَهِيَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "أَسْرَعُكُنَّ
لُحُوْقاً بِي أَطْوَلُكُنَّ يَداً". وَإِنَّمَا عَنَى
طُوْلَ يَدِهَا بِالمَعْرُوْفِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ
أَطْوَلُ يَداً. وَكَانَتْ زَيْنَبُ تَعْمَلُ
وَتَتَصَدَّقُ وَالحَدِيْثُ مُخَرَّجٌ فِي مُسْلِمٍ1.
وَرُوِيَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ زَيْنَبُ
بِنْتُ جَحْشٍ تُسَامِيْنِي فِي المَنْزِلَةِ عِنْدَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا
رَأَيْتُ امْرَأَةً خَيْراً في الدين من زينب أتقى لله
وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة -رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا2.
وَعَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ قَسَمَ لأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ
فِي العَامِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِكُلِّ
وَاحِدَةٍ إلَّا جُوَيْرِيَةَ وَصَفِيَّةَ فَقَرَّرَ
لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ ذَلِكَ. قَالَهُ الزُّهْرِيُّ.
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ عُبَيْدَ بنَ
عُمَيْرٍ يَقُوْلُ: سَمِعتُ عَائِشَةَ تَزْعُمُ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ
يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَيَشْرَبُ
عِنْدَهَا عَسَلاً فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ
أَيَّتَنَا مَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ: إِنِّي
أَجِدُ مِنْكَ رِيْحَ مَغَافِيْرَ أَكَلْتَ مَغَافِيْرَ
فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ وَلَنْ
أَعُوْدَ لَهُ. فَنَزَلَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ
تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك} [التَّحْرِيْمُ: 1] .
إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ تَتُوبَا} يَعْنِي: حَفْصَةَ
وَعَائِشَةَ {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِي} [التحريم: 1-4]
قوله: بل شربت عسلًا3.
وَعَنِ الأَعْرَجِ قَالَ: أَطْعَمَ رَسُوْلُ اللهِ
زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ بِخَيْبَرَ مائَةَ وَسَقٍ.
وَيُرْوَى، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
يَرْحَمُ اللهُ زَيْنَبَ لَقَدْ نَالَتْ فِي الدُّنْيَا
الشَّرَفَ الَّذِي لاَ يَبْلُغُهُ شَرَفٌ إِنَّ اللهَ
زَوَّجَهَا وَنَطَقَ بِهِ القُرْآنُ وَإِنَّ رَسُوْلَ
اللهِ قَالَ لَنَا: "أَسْرَعُكُنَّ بِي لُحُوْقاً
أَطْوَلُكُنَّ بَاعاً". فَبَشَّرَهَا بِسُرْعَةِ
لُحُوْقِهَا بِهِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الجَنَّةِ.
قُلْتُ: وَأُخْتُهَا هِيَ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ الَّتِي
نَالَتْ مِنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الإِفْكِ فَطَفِقَتْ
تُحَامِي، عَنْ أُخْتِهَا زَيْنَبَ. وَأَمَّا زَيْنَبُ
فَعَصَمَهَا اللهُ بِوَرَعِهَا.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2452" من طريق عائشة بن طلحة، عن
عائشة أم المؤمنين قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا"
قالت فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا، قال: فكانت أطولنا يدا
زينب؛ لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق.
2 صحيح: أخرجه مسلم "2442" في حديث طويل من طريق الزهري
أخبرني محمد بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ
هِشَامٍ، عن عائشة، به.
3 صحيح: أخرجه البخاري "6691"، ومسلم "1474".
(3/474)
وَكَانَتْ حَمْنَةُ زَوْجَةُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ ولها هجرة.
وَقِيْلَ: بَلْ كَانَتْ تَحْتَ مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ
فَقُتِلَ عَنْهَا فَتَزَوَّجَهَا طَلْحَةُ فَوَلَدَتْ لَهُ
مُحَمَّداً وَعِمْرَانَ.
وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسْتَحَاضُ وَكَانَتْ أُخْتُهَا
أُمُّ حَبِيْبَةَ تُسْتَحَاضُ أَيْضاً1.
وَأُمُّهُنَّ عَمَّةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُمَيْمَةُ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ
فِيْهَا: أُمُّ حَبِيْبٍ وَالأَوَّلُ أَكْثَرُ وَقَالَ
شَيْخُنَا الدِّمْيَاطِيُّ أُمُّ حَبِيْبٍ وَاسْمُهَا
حَبِيْبَةُ.
وَأَمَّا ابْنُ عَسَاكِرَ فَعِنْدَهُ: أَنَّ أُمَّ
حَبِيْبَةَ هِيَ حَمْنَةُ المُسْتَحَاضَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: بَنَاتُ جَحْشٍ: زَيْنَبُ
وَحَمْنَةُ وَأُمُّ حَبِيْبَةَ كُنَّ يَسْتَحِضْنَ.
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: كَانَتْ حَمْنَةُ تَحْتَ مُصْعَبٍ
وَكَانَتْ أُمُّ حَبِيْبٍ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
عَوْفٍ. وَفِي المُوَطَّأ وَهْمٌ وَهُوَ أَنَّ زَيْنَبَ
كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقِيْلَ: هُمَا
زَيْنَبَانِ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لأَزْوَاجِهِ: "يَتْبَعُنِي أَطْوَلُكُنَّ يَداً" فَكُنَّا
إِذَا اجْتَمَعْنَا بَعْدَهُ نَمُدُّ أَيْدِيَنَا فِي
الجِدَارِ نَتَطَاوَلُ فَلَمْ نَزَلْ نَفْعَلُهُ حَتَّى
تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ وَكَانَتِ امْرَأَةً قَصِيْرَةً لَمْ
تَكُنْ رَحِمَهَا اللهُ أَطْوَلَنَا فَعَرَفْنَا أَنَّمَا
أَرَادَ الصدقة.
وَكَانَتْ صَنَاعَ اليَدِ فَكَانَتْ تَدْبُغُ وَتَخْرُزُ
وَتَصَدَّقُ2.
الوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ: قَالَتْ زَيْنَبُ
بِنْتُ جَحْشٍ حِيْنَ حَضَرَتْهَا الوَفَاةُ: إِنِّي قَدْ
أَعْدَدْتُ كَفَنِي فَإِنْ بَعَثَ لِي عُمَرُ بِكَفَنٍ
فَتَصَدَّقُوا بِأَحَدِهِمَا وَإِنِ اسْتَطَعْتُم إِذْ
أَدْلَيْتُمُوْنِي أَنْ تصدقوا بحقوتي فافعلوا3.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "334".
2 أخرجه "ابن سعد "8/ 108"، والحاكم "4/ 25"، من طريق يحيى
بن سعيد، عن عمرة، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم،
ووافقه الذهبي.
قلت: فيه إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
أُوَيْسٍ بن مالك بن أبي عامر الاصبحي، صدوق وأبوه لم أقف
له على ترجمة، وعمرة هي بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة
الأنصارية المدنية، ثقة، روى لها الجماعة، والإسناد حسن إن
كان عبد الله بن أبي أويس ثقة أو صدوق وإلا فالإسناد ضعيف
والله تعالى أعلى وأعلم.
3 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 109"، وفي إسناده الواقدي،
وهو متروك، وقد ذكرنا ذلك مرارا.
(3/475)
وَقِيْلَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ بِزَيْنَبَ فِي ذِي
القَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ بِنْتُ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ سَنَةً. وَكَانَتْ صَالِحَةً صَوَّامَةً
قَوَّامَةً بَارَّةً وَيُقَالُ لَهَا: أُمُّ
المَسَاكِيْنِ.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَالَ لِزَيْدٍ: "اذْكُرْهَا
عَلَيَّ" قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَقُلْتُ لَهَا: يَا
زَيْنَبُ أَبْشِرِيْ فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ أَرْسَلَ
يَذْكُرُكِ. قَالَتْ: مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئاً
حَتَّى أُؤَامِرَ رَبِّي. فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا
وَنَزَلَ القُرْآنُ وَجَاءَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ
إِذْنٍ1.
عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بن شداد أن رسول الله قَالَ لِعُمَرَ: "إِنَّ
زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أَوَّاهَةٌ". قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ مَا الأَوَّاهَةُ? قَالَ: "الخَاشِعَةُ
المُتَضَرِّعَةُ". وَ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ
أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} 2 [هود: 75] .
وَلِزَيْنَبَ أَحَدَ عَشَرَ حَدِيْثاً اتَّفَقَا لَهَا
عَلَى حَدِيْثَيْنِ.
وَعَنْ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ الجَحْشِيِّ قَالَ:
بَاعُوا مَنْزِلَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ مِنَ الوَلِيْدِ
بِخَمْسِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ حِيْنَ هَدَمَ المَسْجِدَ.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1428"، والنسائي "6/ 79"، وأحمد "3/
195".
2 ضعيف: في إسناده شهر بن حوشب، وهو ضعيف. وعبد الله بن
شداد هو ابن الهاد الليثي، أبو الوليد، من كبار التابعين.
قال أحمد: لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم شيئا. فالحديث مرسل، فهي علة أخرى في إسناده
تزيده وهنا على وهن.
(3/476)
118- زينب أم
المؤمنين بنت خزيمة 1:
بِنْتُ خُزَيْمَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ اللهِ
الهِلاَلِيَّةُ.
فَتُدْعَى أَيْضاً: أُمَّ المَسَاكِيْنِ لِكَثْرَةِ
مَعْرُوْفِهَا أَيْضاً.
قُتِلَ زَوْجُهَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَحْشٍ يَوْمَ أُحُدٍ
فَتَزَوَّجَهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَلَكِنْ لَمْ تَمْكُثْ عِنْدَهُ إلَّا
شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَتُوُفِّيَتْ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا.
وَقِيْلَ: كَانَتْ أَوَّلاً عِنْدَ الطُّفَيْلِ بنِ
الحَارِثِ وَمَا رَوَتْ شَيْئاً.
وَقَالَ النَّسَّابَةُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ
الجُرْجَانِيُّ: كَانَتْ عِنْدَ الطُّفَيْلِ ثُمَّ خَلَفَ
عَلَيْهَا أَخُوْهُ الشَّهِيْدُ: عُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ
المُطَّلِبِيُّ.
وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةَ
لأُمِّهَا.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 115-116"، والإصابة "4/
ترجمة رقم 479".
(3/476)
119- أم حبيبة
أم المؤمنين 1 "ع":
السَّيِّدَةُ المُحَجَّبَةُ: رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي
سُفْيَانَ صخر بن حرب بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ
عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ.
مُسْنَدُهَا خَمْسَةٌ وَسِتُّوْنَ حَدِيْثاً. وَاتَّفَقَ
لَهَا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى حَدِيْثَيْنِ
وَتَفَرَّدَ مُسْلِمٌ بِحَدِيْثَيْنِ.
وَهِيَ مِنْ بَنَاتِ عَمِّ الرَّسُوْلِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْسَ فِي أَزْوَاجِهِ مَنْ هِيَ
أَقْرَبُ نَسَباً إِلَيْهِ مِنْهَا وَلاَ فِي نِسَائِهِ
مَنْ هِيَ أَكْثَرُ صَدَاقاً مِنْهَا ولا من تزوج بها وهي
نائبه الدَّارِ أَبْعَدُ مِنْهَا.
عُقِدَ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِالحَبَشَةِ وَأَصْدَقَهَا عَنْهُ صَاحِبُ الحَبَشَةِ
أَرْبَعَ مائَةِ دِيْنَارٍ وَجَهَّزَهَا بِأَشْيَاءَ.
رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهَا أَخَوَاهَا: الخَلِيْفَةُ مُعَاوِيَةُ
وَعَنْبَسَةُ وابن أخيها عبد الله ابن عُتْبَةَ بنِ أَبِي
سُفْيَانَ وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو صَالِحٍ
السَّمَّانُ وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ وَزَيْنَبُ
بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ وَشُتَيْرُ بنُ شَكَلٍ وَأَبُو
المليح عامر الهذلي. وآخرون.
وَقَدِمَتْ دِمَشْقَ زَائِرَةً أَخَاهَا.
وَيُقَالُ: قَبْرُهَا بِدِمَشْقَ وَهَذَا لاَ شَيْءَ بَلْ
قَبْرُهَا بِالمَدِيْنَةِ. وَإِنَّمَا الَّتِي
بِمَقْبَرَةِ بَابِ الصَّغِيْرِ: أُمُّ سَلَمَةَ أَسْمَاءُ
بِنْتُ يَزِيْدَ الأَنْصَارِيَّةُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلَدَ أَبُو سُفْيَانَ: حَنْظَلَةَ
المَقْتُوْلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَأُمَّ حَبِيْبَةَ تُوُفِّيَ
عَنْهَا زَوْجُهَا الَّذِي هَاجَرَ بِهَا إِلَى
الحَبَشَةِ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ جَحْشِ بنِ رِيَابٍ
الأَسَدِيُّ مُرْتَدّاً مُتَنَصِّراً.
عُقِدَ عَلَيْهَا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِالحَبَشَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَكَانَ الوَلِيُّ
عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ. كَذَا قَالَ.
وَعَنْ عُثْمَانَ الأَخْنَسِيِّ: أَنَّ أُمَّ حَبِيْبَةَ
وَلَدَتْ حبيبة بمكة قبل هجرة الحبشة2.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 96-100"، الجرح والتعديل
"9/ ترجمة رقم 2366" وتهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7841"،
وتهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2794"، والإصابة "4 ترجمة
رقم 434".
2 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 97" من طريق الواقدي، وهو
متروك.
(3/477)
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ: بَعَثَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عَمْرَو بنَ أُمَيَّةَ إِلَى النَّجَاشِيِّ يَخْطُبُ
عَلَيْهِ أُمَّ حَبِيْبَةَ فَأَصْدَقَهَا مِنْ عِنْدِهِ
أَرْبَعَ مائَةِ دِيْنَارٍ1.
وَعَنْ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ وَآخَرَ
قَالاَ: كَانَ الَّذِي زَوَّجَهَا وَخَطَبَ إِلَيْهِ
النَّجَاشِيُّ: خَالِدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ بنِ
أُمَيَّةَ. فَكَانَ لَهَا يَوْمَ قَدِمَ بِهَا
المَدِيْنَةَ بِضْعٌ وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً2.
مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُمِّ
حَبِيْبَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عُبَيْدِ اللهِ
وَأَنَّ رَسُوْلَ اللهِ تَزَوَّجَهَا بِالحَبَشَةِ
زَوَّجَهَا إِيَّاهُ النَّجَاشِيُّ وَمَهَرَهَا أَرْبَعَةَ
آلاَفِ دِرْهَمٍ وَبَعَثَ بِهَا مَعَ شُرَحْبِيْلَ بنِ
حَسَنَةَ وَجَهَازُهَا كُلُّهُ مِنْ عِنْدِ
النَّجَاشِيِّ3.
ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ:
أَنْكَحَهُ إِيَّاهَا بِالحَبَشَةِ عُثْمَانُ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا الوَاقِدِيُّ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ زُهَيْرٍ، عَنْ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: قَالَتْ
أُمُّ حَبِيْبَةَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ عُبَيْدَ اللهِ
زَوْجِي بِأَسَوَأِ صُوْرَةٍ وَأَشْوَهِهَا فَفَزِعْتُ
وَقُلْتُ: تَغِيَّرَتْ وَاللهِ حَالُهُ فَإِذَا هُوَ
يَقُوْلُ حَيْثُ أَصْبَحَ: إِنِّي نَظَرْتُ فِي الدِّيْنِ
فَلَمْ أَرَ دِيْناً خَيْراً مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ
وَكُنْتُ قَدْ دِنْتُ بِهَا ثُمَّ دَخَلْتُ فِي دِيْنِ
مُحَمَّدٍ وَقَدْ رَجَعْتُ فَأَخْبَرَتْهُ بِالرُّؤْيَا
فَلَمْ يَحْفَلْ بِهَا وَأَكَبَّ عَلَى الخَمْرِ قَالَتْ:
فَأُرِيْتُ قَائِلاً يَقُوْلُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ
فَفَزِعْتُ فَأَوَّلْتُهَا أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَزَوَّجُنِي. وَذَكَرَتِ
القِصَّةَ بِطُوْلِهَا وَهِيَ مُنْكَرَةٌ4.
حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ: عَنْ يَزِيْدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}
[الأحزاب: 33] . قال: نَزَلَتْ فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاصَّةً5.
إِسْنَادُهُ صَالِحٌ وَسِيَاقُ الآيَاتِ دَالٌّ عليه.
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 98-99" والحاكم "4/ 22" من
طريق الواقدي وهو متروك.
2 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 99" من طريق الواقدي، وهو
متروك.
3 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 427"، وأبو داود "2107"، والنسائي
"6/ 119".
4 منكر: أخرجه ابن سعد "8 / 97"، والحاكم "4/ 20-22"، وفيه
الواقدي، وهو متروك.
5 حسن: في إسناده زيد بن الحباب، وهو صدوق، ويزيد النحوي
هو يزيد بن أبي سعيد النحوي، أبو الحسن، القرشي مولاهم،
المروزي ثقة عابد. وقد مر تخريجنا له بتعليقنا رقم "1024".
(3/478)
وَقِيْلَ: إِنَّ أُمَّ حَبِيْبَةَ لَمَّا
جَاءَ أَبُوْهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُؤَكِّدَ عَقْدَ الهُدْنَةِ دَخَلَ
عَلَيْهَا فَمَنَعَتْهُ أَنْ يَجلِسَ عَلَى فِرَاشِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لِمَكَانِ الشِّرْكِ1.
وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ طَلَبِ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ
يُزَوِّجَهُ بِأُمِّ حَبِيْبَةَ فَمَا صَحَّ. وَلَكِنَّ
الحَدِيْثَ فِي مُسْلِمٍ2. وَحَمَلَهُ الشَّارِحُوْنَ
عَلَى الْتِمَاسِ تَجْدِيْدِ العَقْدِ.
وَقِيْلَ: بَلْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ
بِابْنَتِهِ الأُخْرَى وَاسْمُهَا عَزَّةُ فَوَهِمَ رَاوِي
الحَدِيْثِ وَقَالَ: أُمَّ حَبِيْبَةَ.
وَقَدْ كَانَ لأُمِّ حَبِيْبَةَ حُرْمَةٌ وَجَلاَلَةٌ
وَلاَ سِيَّمَا فِي دَوْلَةِ أَخِيْهَا وَلِمَكَانِهِ
مِنْهَا قِيْلَ لَهُ: خَالُ المُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالفَسَوِيُّ:
مَاتَتْ أُمُّ حَبِيْبَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ.
وَشَذَّ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ. فَقَالَ: تُوُفِّيَتْ
قَبْلَ مُعَاوِيَةَ بِسَنَةٍ.
الوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ،
عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: لَمَّا
بَلَغَ أَبَا سُفْيَانَ نِكَاحُ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَتَهُ قَالَ: ذَاكَ
الفَحْلُ لاَ يقرع أنفه3.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ
المَدِيْنَةَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يُرِيْدُ غَزْوَ مَكَّةَ فَكَلَّمَهُ فِي أَنْ
يَزِيْدَ فِي الهُدْنَةِ. فَلَمْ يُقْبِلْ عَلَيْهِ.
فَقَامَ فَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ أُمِّ حَبِيْبَةَ
فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَجْلِسَ عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَوَتْهُ دُوْنَهُ.
فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ أَرَغِبْتِ بِهَذَا الفِرَاشِ
عَنِّي أَمْ بِي عَنْهُ? قَالَتْ: بَلْ هُوَ فِرَاشُ
رَسُوْلِ اللهِ وَأَنْتَ امْرُؤٌ نَجِسٌ مُشْرِكٌ.
فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ لَقَدْ أَصَابَكِ بَعْدِي شَرٌّ4.
قَالَ عَطَاءٌ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شَوَّالٍ أَنَّ أُمَّ
حَبِيْبَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ أَمَرَهَا
أَنْ تَنْفُرَ من جمع بليل5.
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 99-100" من طريق الواقدي،
عن محمد بن عبد الله، عن الزهري، والواقدي، متروك.
2 أخرجه مسلم "2501".
3 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 99"، وفيه الواقدي، وهو
متروك.
4 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 99-100" وفيه الواقدي، وهو
متروك.
5 صحيح أخرجه مسلم "1292"، وابن سعد "8/ 100".
(3/479)
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ سُهَيْلٍ،
عَنْ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُوْلُ:
دَعَتْنِي أُمُّ حَبِيْبَةَ عِنْدَ مَوْتِهَا فَقَالَتْ:
قَدْ كَانَ يَكُوْنُ بَيْنَنَا مَا يَكُوْنُ بَيْنَ
الضَّرَائِرِ فَغَفَرَ اللهُ لِي وَلَكِ مَا كَانَ مِنْ
ذَلِكَ. فَقُلْتُ: غَفَرَ اللهُ لَكِ ذَلِكَ كُلَّهُ
وَحَلَّلَكِ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: سَرَرْتِنِي سَرَّكِ
اللهُ وَأَرْسَلَتْ إِلَى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك1.
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 100" وفيه الواقدي، متروك.
(3/480)
120- أم أيمن
1 "ق":
الحبشية مَوْلاَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحاضنته. ورثها من أبيه ثم أعتقها
عِنْدَمَا تَزَوَّجَ بِخَدِيْجَةَ.
وَكَانَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ.
اسْمُهَا: بَرَكَةٌ. وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عُبَيْدُ بنُ
الحَارِثِ الخَزْرَجِيُّ فَوَلَدَتْ لَهُ: أَيْمَنَ
وَلأَيْمَنَ هِجْرَةٌ وَجِهَادٌ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ
حُنَيْنٍ. ثُمَّ تَزَوَّجَهَا زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ
لَيَالِيَ بُعِثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِبُّ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رُوِيَ بِإِسْنَادٍ وَاهٍ مُرْسَلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُوْلُ
لأُمِّ أَيْمَنَ: "يَا أُمَّه" وَيَقُوْلُ: "هَذِهِ
بَقِيَّةُ أَهْلِ بَيْتِي".
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ القَاسِمِ
قَالَ: لَمَّا هَاجَرَتْ أُمُّ أَيْمَنَ أَمْسَتْ
بِالمُنْصَرَفِ دُوْنَ الرَّوْحَاءِ فَعَطِشَتْ وَلَيْسَ
مَعَهَا مَاءٌ وَهِيَ صَائِمَةٌ وَجَهِدَتْ فَدُلِّيَ
عَلَيْهَا مِنَ السِّمَاءِ دَلْوٌ مِنْ مَاءٍ بِرِشَاءٍ
أَبْيَضَ فَشَرِبَتْ وَكَانَتْ تَقُوْلُ: مَا أَصَابَنِي
بَعْدَ ذَلِكَ عَطَشٌ وَلَقَدْ تَعَرَّضْتُ لِلْعَطَشِ
بِالصَّوْمِ فِي الهَوَاجِرِ فَمَا عَطِشْتُ.
قَالَ فُضَيْلُ بنُ مَرْزُوْقٍ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ
عُقْبَةَ قَالَ: كَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تُلْطِفُ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَتَقُوْمُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ
يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ
فَلْيَتَزَوَّجْ أم أيمن"2.
قال: فتزوجها زيد.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 223-226"، الجرح والتعديل
"9/ ترجمة 2363" تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7950"، وتهذيب
التهذيب "12/ ترجمة 2914"، والإصابة "4/ ترجمة 1145".
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 224"، وهو منقطع سفيان بن عقبة
من الطبقة التاسعة، وهي طبقة أتباع التابعين الطبقة الصغرى
منهم، فالحديث معضل وليس بمنقطع.
(3/480)
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو
مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ: جَاءتْ أُمُّ
أَيْمَنَ فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ احْمِلْنِي قَالَ:
"أَحْمِلُكِ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ". قَالَتْ: إِنَّهُ
لاَ يُطِيْقُنِي وَلاَ أُرِيْدُهُ قَالَ: "لاَ أَحْمِلُكِ
إلَّا عَلَيْهِ". يَعْنِي: يُمَازِحُهَا1.
الوَاقِدِيُّ، عَنْ عَائِذِ بنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي
الحُوَيْرِثِ: أَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ قَالَتْ يَوْمَ
حُنَيْنٍ: سَبَّتَ اللهُ أَقْدَامَكُمْ. فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْكُتِي
فَإِنَّكِ عَسْرَاءُ اللِّسَانِ"2.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ: دَخَلَتْ أُمُّ
أَيْمَنَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. فَقَالَتْ: سَلاَمَ لاّ عَلَيْكُمْ. فَرَخَّصَ
لَهَا أَنْ تَقُوْلَ: السَّلاَمُ.
مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيْهِ: حَدَّثَنَا
أَنَسٌ: إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَالِهِ
النَّخْلاَتِ حَتَّى فُتِحَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيْرُ
فَجَعَلَ يَرُدُّ. وَإِنَّ أَهْلِي أَمَرَتْنِي أَنْ
أَسْأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
الَّذِي كَانَ أَهْلُهُ أَعْطَوْهُ. أَوْ بَعْضُهُ وَكَانَ
النَّبِيُّ أَعْطَى ذَاكَ أُمَّ أَيْمَنَ فَسَأَلْتُهُ
فَأَعْطَانِيْهِنَّ. فَجَاءتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ
الثَّوْبَ فِي عُنُقِي وَجَعَلَتْ تَقُوْلُ: كَلاَّ
وَاللهِ لاَ يُعْطِيْكَهُنَّ وَقَدْ أعطانيهن. فقال
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَكِ
كَذَا" وَتَقُوْلُ: كَلاَّ وَاللهِ ... وَذَكَرَ
الحَدِيْثَ3.
الوَلِيْدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَمِرٍ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ مَوْلَى
أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ
ابْنِ عُمَرَ إِذْ دَخَلَ الحَجَّاجُ بنُ أَيْمَنَ
فَصَلَّى صَلاَةً لَمْ يُتِمَّ رُكُوْعَهَا وَلاَ
سُجُوْدَهَا فَدَعَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ: أَتَحْسِبُ
أَنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ? إِنَّك لَمْ تُصَلِّ فَعُدْ
لِصَلاَتِكَ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ
هَذَا فَقُلْتُ: الحَجَّاجُ بنُ أَيْمَنَ بنِ أُمِّ
أَيْمَنَ. فَقَالَ: لَوْ رَآهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَحَبَّهُ4.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ
أُمَّ أَيْمَنَ بَكَتْ حِيْنَ مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قِيْلَ لَهَا: أَتَبْكِيْنَ
قَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ سَيَمُوْتُ
وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى الوَحْيِ إِذِ
انْقَطَعَ عَنَّا مِنَ السِّمَاءِ5.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 224"، وفيه أبو معشر، وهو نجيح
بن عبد الرحمن السندي، ضعيف، والعلة الثانية: الإرسال فبين
محمد بن قيس، والرسول صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطع
دونها أعناق المطي.
2 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 225"، وفيه الواقدي، وهو
متروك.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 225"، وأخرجه البخاري "4120"
ومسلم "1771" "71" من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن
أنس -رضي الله عنه- به.
4 حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 225"، حرملة، مولى أسامة بن زيد،
صدوق.
5 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 226"، وأخرج مسلم "2454"، وابن
ماجه "1635"، وأبو نعيم في "الحلية" "2/ 68" من طريق
سليمان بن المغيرة بن ثابت، عن أنس، به.
(3/481)
وَرَوَى: قَيْسُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنْ
طَارِقٍ قَالَ: لما قتل عمر بكت أم أيمن وَقَالَتْ:
اليَوْمَ وَهَى الإِسْلاَمُ. وَبَكَتْ حِيْنَ قُبِضَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَتْ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ.
وَلَهَا فِي "مُسندِ بقي": خمسة أحاديث.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 226".
(3/482)
121- حفصة أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ 1"ع":
السِّتْرُ الرَّفِيْعُ بِنْتُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ
أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ. تَزَوَّجَهَا
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ
انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ خُنَيْسِ بنِ حُذَافَةَ
السَّهْمِيِّ أَحَدِ المُهَاجِرِيْنَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
مِنَ الهِجْرَةِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: هِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِيْنِي
مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
وَرُوِيَ أَنَّ مَوْلِدَهَا كَانَ قَبْلَ المَبْعَثِ
بِخَمْسِ سِنِيْنَ. فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ دُخُوْلُ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا
وَلَهَا نَحْوٌ مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
رَوَتْ عَنْهُ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهَا: أَخُوْهَا ابْنُ عُمَرَ وَهِيَ أَسَنُّ
مِنْهُ بِسِتِّ سِنِيْنَ وحارثة بن وَهْبٍ وَشُتَيْرُ بنُ
شَكَلٍ2 وَالمُطَّلِبُ بنُ أَبِي وَدَاعَةَ وَعَبْدُ اللهِ
بنُ صَفْوَانَ الجُمَحِيُّ وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَتْ لَمَّا تَأَيَّمَتْ عَرَضَهَا أَبُوْهَا عَلَى
أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ وَعَرَضَهَا عَلَى
عُثْمَانَ فَقَالَ: بَدَا لِي إلَّا أَتَزَوَّجَ اليَوْمَ.
فَوَجَدَ عَلَيْهِمَا وَانْكَسَرَ وَشَكَا حَالَهُ إِلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ:
"يَتَزَوَّجُ حَفْصَةَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عُثْمَانَ
وَيَتَزَوَّجُ عُثْمَانُ مَنْ هِيَ خَيْرٌ مِنْ حَفْصَةَ".
ثُمَّ خَطَبَهَا فَزَوَّجَهُ عُمَرُ3.
وَزَوَّجَ رَسُوْلُ اللهِ عُثْمَانَ بِابْنَتِهِ رُقَيَّةَ
بعد وفاة أختها.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 81-86"، تهذيب الكمال "35/
ترجمة 7817"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2764"، الإصابة "4/
ترجمة 296.
2 هو شُتير، مصغرا، ابن شكل العبسي، الكوفي، يقال إنه أدرك
الجاهلية ثقة من الطبقة الثالثة، روى له البخاري في "الأدب
المفرد"، ومسلم، وأصحاب السنن.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 82"، وفيه الواقدي، وهو متروك.
وأخرجه البخاري "5122"، والنسائي "6/ 83".
(3/482)
وَلَمَّا أَنْ زَوَّجَهَا عُمَرُ لَقِيَهُ
أَبُو بَكْرٍ فَاعْتَذَرَ وَقَالَ: لاَ تَجِدْ عَلَيَّ
فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- كَانَ قَدْ ذَكَرَ حَفْصَةَ فَلَمْ أَكُنْ
لأُفْشِيَ سِرَّهُ وَلَوْ تَرَكَهَا لَتَزَوَّجْتُهَا1.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- طَلَّقَ حَفْصَةَ تَطْلِيْقَةً ثُمَّ
رَاجَعَهَا بِأَمْرِ جِبْرِيْلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَهُ
بِذَلِكَ وَقَالَ: "إِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ وَهِيَ
زَوْجَتُكَ فِي الجَنَّةِ" 2.
إِسْنَادُهُ صَالِحٌ. يَرْوِيْهِ مُوْسَى بنُ عُلَيِّ بنِ
رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عن عقبة ابن عَامِرٍ الجُهَنِيِّ.
وَحَفْصَةُ وَعَائِشَةُ هُمَا اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا
عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَأَنْزَلَ اللهُ فِيْهِمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ
فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ
فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ} [التحريم: 4]
الآية3.
مُوْسَى بنُ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
عُقْبَةَ قَالَ: طَلَّقَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَفْصَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ
فَحَثَا عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ وَقَالَ: مَا يَعْبَأُ
اللهُ بِعُمَرَ وَابْنَتِهِ فَنَزَلَ جِبْرِيْلُ مِنَ
الغَدِ وَقَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُرَاجِعَ
حَفْصَةَ رَحْمَةً لِعُمَرَ4 -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ: سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ
عَامَ الجَمَاعَةِ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ
بِالمَدِيْنَةِ وَصَلَّى عَلَيْهَا وَالِي المَدِيْنَةِ
مَرْوَانُ. قَالَهُ الوَاقِدِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ سالم.
وَمُسْنَدُهَا فِي كِتَابِ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ سِتُّوْنَ
حَدِيْثاً.
اتَّفَقَ لَهَا الشَّيْخَانِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيْثَ
وانفرد مسلم بستة أحاديث.
__________
1 صحيح: راجع تخريجنا السابق، فهو جزء من الحديث السابق.
2 صحيح: أخرجه أبو داود "2283"، وابن ماجه "2016" عن عمر.
وأخرجه النسائي "6/ 213" من حديث ابن عمر. وإسناده صحيح
وأخرجه الحاكم "4/ 15" عن قيس بن زيد مرسلا. وفي إسناده
الحسن بن أبي جعفر الجفري البصري، ضعيف الحديث مع عبادته
وفضله.
3 صحيح: أخرجه البخاري "4912"، ومسلم "1474" "20" من طريق
ابن جريج، أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير، عن عائشة -رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا.
قالت: فتواطيت أَنَا وَحَفْصَةُ: أَنَّ أَيَّتَنَا مَا
دَخَلَ عَلَيْهَا النبي صلى الله عليه وسلم فَلْتَقُلْ:
إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيْحَ مَغَافِيْرَ. أَكَلْتَ
مغافير؟ فدخل على إحداهما فقالت ذلك له: فقال: "بل شربت
عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له". فنزل: {لِمَ
تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله: {إِنْ
تَتُوبَا} [التحريم: 1-4] ، "لعائشة وحفصة". {وَإِذْ
أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا}
لقوله: "بل شربت عسلا" [التحريم: 3] ، واللفظ المسلم.
4 راجع تخريجنا قبل السابق.
(3/483)
وَيُرْوَى، عَنْ عُمَرَ أَنَّ حَفْصَةَ
وُلِدَتْ إِذْ قُرَيْشٌ تَبْنِي البَيْتَ1.
وَقِيْلَ: بَنَى بِهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ،
عَنْ أَبِيْهِ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ فِيْمَنْ حَمَلَ
سَرِيْرَ حَفْصَةَ وَحَمَلَهَا أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ
دَارِ المُغِيْرَةِ إِلَى قَبْرِهَا2.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ
الجَوْنِيُّ، عَنْ قَيْسِ بنِ زَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- طلق حَفْصَةَ فَدَخَلَ
عَلَيْهَا خَالاَهَا: قُدَامَةُ وَعُثْمَانُ فَبَكَتْ
وقالت: والله ما طلقني، عن شبع. وجاء النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "قَالَ لِي
جِبْرِيْلُ: رَاجِعْ حَفْصَةَ فَإَنَّهَا صَوَّامَةٌ
قَوَّامَةٌ وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الجَنَّةِ" 3.
وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ كَلاَمِ جِبْرِيْلَ الحَسَنُ بنُ
أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ ثابت، عن أنس مرفوعًا4.
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 81"، وفي الواقدي، متروك.
2 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 86"، وفيه الواقدي، متروك.
3 صحيح بشواهده: أخرجه الحاكم "4/ 15"، وابن سعد "8/ 84"
عن قيس بن زيد مرسلا. قيس بن زيد تابعي صغير، وهو مجهول،
وقد ذكرنا تخريجه في تعليقنا السابق رقم "1065".
4 صحيح بشواهده: أخرجه الحاكم "4/ 15"، وفيه الحسن بن أبي
جعفر الجفري، وهو ضعيف، وهو صحيح بشواهده، راجع تعليقنا
السابق رقم "1065".
(3/484)
122- صفية أم
المؤمنين 1"ع":
بنت حيي بن أخطب بن سعية مِنْ سِبْطِ اللاَّوِي بنِ
نَبِيِّ اللهِ إِسْرَائِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ. ثُمَّ مِنْ
ذُرِّيَّةِ رَسُوْلِ اللهِ هَارُوْنَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.
تَزَوَّجَهَا قَبْلَ إِسْلاَمِهَا: سَلاَمُ بنُ أَبِي
الحُقَيْقِ ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا كِنَانَةُ بن أَبِي
الحُقَيْقِ وَكَانَا مِنْ شُعَرَاءِ اليَهُوْدِ فَقُتِلَ
كِنَانَةُ يَوْم خَيْبَرَ عَنْهَا وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ
فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ فَقِيْلَ لِلنَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندها وأنها لا ينبغي
أن تَكُوْنَ إلَّا لَكَ فَأَخَذَهَا مِنْ دِحْيَةَ
وَعَوَّضَهُ عنها سبعة أرؤس2.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 120-129"، تهذيب الكمال
"35/ ترجمة 7873" وتهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2829"،
والإصابة "4/ ترجمة 650".
2 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 23 و246"، ومسلم "1365" "87" وأبو
داود "2997" من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن
أنس بن مالك، به.
(3/484)
ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا طَهُرَتْ تَزَوَّجَهَا
وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا1.
حَدَّثَ عَنْهَا: عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ وَإِسْحَاقُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ وَكِنَانَةُ مَوْلاَهَا
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَتْ شَرِيْفَةً عَاقِلَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ
وَدِيْنٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: رَوَيْنَا أَنَّ
جَارِيَةً لِصَفِيَّةَ أَتَتْ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ
فَقَالَتْ: إِنَّ صَفِيَّةَ تُحِبُّ السَّبْتَ وَتَصِلُ
اليَهُوْدَ. فَبَعَثَ عُمَرُ يَسْأَلُهَا. فَقَالَتْ:
أَمَّا السَّبْتُ فَلَمْ أُحِبَّهُ مُنْذُ أَبْدَلَنِي
اللهُ بِهِ الجُمُعَةَ وَأَمَّا اليَهُوْدُ فَإِنَّ لِي
فِيْهِمْ رَحِماً فَأَنَا أَصِلُهَا ثُمَّ قَالَتْ
لِلْجَارِيَةِ: مَا حَمَلَكِ على مَا صَنَعْتِ? قَالَتِ:
الشَّيْطَانُ قَالَتْ: فَاذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ.
وَقَدْ مَرَّ فِي المَغَازِي: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ بِهَا وَصَنَعَتْهَا
لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ وَرَكَّبَهَا وَرَاءهُ عَلَى
البَعِيْرِ وَحَجَبَهَا وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا وَأَنَّ
البَعِيْرَ تَعَسَ بِهِمَا فَوَقَعَا وَسَلَّمَهُمَا اللهُ
تَعَالَى2.
وَفِي "جَامِعِ أَبِي عِيْسَى": مِنْ طَرِيْقِ هَاشِمِ بنِ
سَعِيْدٍ الكُوْفِيِّ: حَدَّثَنَا كِنَانَةُ: حَدَّثَتْنَا
صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ
بَلَغَنِي، عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ كَلاَمٌ فَذَكَرَتْ
لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: "أَلاَ قُلْتِ: وَكَيْفَ تَكُوْنَانِ
خَيْراً مِنِّي وَزَوْجِي مُحَمَّدٌ وَأَبِي هَارُوْنُ
وَعَمِّي مُوْسَى". وَكَانَ بَلَغَهَا أَنَّهُمَا
قَالَتَا: نَحْنُ أَكْرَمُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منها نحن أزواجه وبنات عمه3.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4201"، ومسلم "1365" "85" من طريق
عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ الله
عنه- قال: سبى النبي -صلى الله عليه وسلم- صفية فأعتقها
وتزوجها، فقال ثابت لأنس: ما أصدقها؟ قال: أصدقها نفسها
فأعتقها. وأخرجه البخاري "5086"، ومسلم "1365" "85" حدثنا
قتيبة بن سعيد، حدثنا حماد "يعني ابن زيد" عن ثابت، وشعيب
بن حبحاب عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعتق صفية، وجعل عتقها
صداقها.
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 122-123"، ومسلم "1365" "87" من
طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك به في
حديث طويل ولفظ مسلم: " ... فعثرت الناقة العضباء، وندر
رسول الله صلى الله عليه وسلم وندرت فقام فسترها وقد أشرفت
النساء فقلن: أبعد الله اليهودية".
3 صحيح لغيره: أخرجه الترمذي "3892"، والحاكم "4/ 29" من
طريق هاشم بن سعيد الكوفي، به.
قلت: إسناده ضعيف، هاشم بن سعيد الكوفي البصري، ضعيف كما
قال الحافظ في "التقريب" لكن للحديث شاهد عند أحمد "3/
135-136"، والترمذي "3894" من طريق عبد الرزاق، عن معمر،
عن ثابت، عن أنس قال: بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت يهودي
فبكت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي،
فقال: "ما يبكيك"؟ فقالت: قالت لي حفصة: إني بنت يهودي
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لابنة نبي، وإن عمك
لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك"؟ ثم قال: "اتقي الله
يا حفصة".
وقال الترمذي: هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ مِنْ
هَذَا الوَجْهِ.
قلت: إسناد صحيح، رجاله ثقات.
(3/485)
قَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: حَدَّثَتْنِي
سُمَيَّةُ أَوْ شُمَيْسَةُ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ
حُيَيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- حَجَّ بِنِسَائِهِ فَبَرَكَ بِصَفِيَّةَ
جَمَلُهَا فَبَكَتْ وَجَاءَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَخْبَرُوْهُ فَجَعَلَ
يَمْسَحُ دُمُوْعَهَا بيده وهي تبكي وهو ينهاها فَنَزَلَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِالنَّاسِ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الرَّوَاحِ قَالَ
لِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: "أَفْقِرِي أُخْتَكِ جَمَلاً".
وَكَانَتْ مِنْ أَكْثَرِهِنَّ ظَهْراً فَقَالَتْ أَنَا
أُفْقِرُ يَهُوْدِيَّتَكَ!.
فَغَضِبَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ
يُكَلِّمْهَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى المَدِيْنَةِ
وَمُحَرَّمَ وَصَفَرَ فَلَمْ يَأْتِهَا وَلَمْ يَقْسِمْ
لَهَا وَيَئِسَتْ مِنْهُ.
فَلَمَّا كَانَ رَبِيْعٌ الأَوَّلُ دَخَلَ عَلَيْهَا
فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ مَا
أَصْنَعُ قَالَ: وَكَانَتْ لَهَا جَارِيَةٌ تَخْبَؤُهَا
مِنْ رَسُوْلِ اللهِ فَقَالَتْ: هِيَ لَكَ. قَالَ: فَمَشَى
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى
سَرِيْرِهَا وَكَانَ قَدْ رُفِعَ فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ
وَرَضِيَ، عَنْ أَهْلِهِ1.
الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَالِكِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ
صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ لَيْسَ مِنْ نِسَائِكَ أَحَدٌ إلَّا وَلَهَا
عَشِيْرَةٌ فَإِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ فَإِلَى مَنْ
أَلْجَأُ? قَالَ: "إِلَى عَلِيٍّ"2 -رضي الله عنه.
هذا غريب.
قِيْلَ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَقِيْلَ
تُوُفِّيَتْ سنة خمسين.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 337-338"، وابن سعد "8/ 126-127"
من طريق ثابت البناني، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته شُميسة بالتصغير، وهي بنت عزيز
العتكية البصرية، مجهولة، لذا قال الحافظ في "التقريب":
مقبولة -أي عند المتابعة- وليس ثم من تابعها.
2 منكر: في إسناده علتان: الأولى: الحسين بن الحسن الاشقر
الكوفي، قال البخاري: فيه نظر. وقال أبو زرعة: منكر
الحديث. وقال أبو حاتم والنسائي والدارقطني: ليس بالقوي
وقال أبو معمر الهذلي: كذاب. وذكره ابن حبان في "الثقات"
على عادته في توثيق المجاهيل والمجروحين. العلة الثانية:
مالك بن مالك، قال البخاري: لا يُتابع على حديثه.
(3/486)
وَكَانَتْ صَفِيَّةُ ذَاتَ حِلْمٍ
وَوَقَارٍ.
مَعْنٌ، عَنْ هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ
أَسْلَمَ: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ فِي وَجَعِهِ الَّذِي
تُوُفِّيَ فِيْهِ قَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ:
وَاللهِ يَا نَبِيَّ اللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ الَّذِي بِكَ
بِي فَغَمَزَهَا أَزْوَاجُهُ فَأَبْصَرَهُنَّ فَقَالَ:
"مَضْمِضْنَ" قُلْنَ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ? قَالَ: "مِنْ
تَغَامُزِكُنَّ بِهَا وَاللهِ إِنَّهَا لَصَادِقَةٌ"1.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ
قَالَ: قَالَتْ صَفِيَّةُ رَأَيْتُ كَأَنِّي وَهَذَا
الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَهُ وَمَلَكٌ
يَسْتُرُنَا بِجَنَاحَيْهِ. قَالَ: فَرَدُّوا عَلَيْهَا
رُؤْيَاهَا وَقَالُوا لَهَا فِي ذَلِكَ قَوْلاً
شَدِيْداً2.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
أَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
صَفِيَّةَ مِنْ دِحْيَةَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ وَدَفَعَهَا
إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ حَتَّى تُهَيِّئَهَا وَتَصْنَعَهَا
وَتَعْتَدَّ عِنْدهَا فَكَانَتْ وَلِيْمَتُهُ: السَّمْنَ
وَالأَقِطَ وَالتَّمْرَ وَفُحِصَتِ الأَرْضُ أَفَاحِيْصَ
فَجُعِلَ فيها الأنطاع ثم جعل ذلك فيها3.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ، عَنْ يَحْيَى بنِ
أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ لِي أَنَس: أَقْبَلْنَا مَعَ رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- أنا وَأَبُو طَلْحَةَ
وَصَفِيَّةُ رَدِيْفَتُهُ فَعَثَرَتِ النَّاقَةُ فَصُرِعَ
وَصُرِعَتْ فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ، عَنْ رَاحِلَتِهِ
فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ هَلْ ضَرَّكَ شَيْءٌ? قَالَ:
"لاَ عَلَيْكَ بِالمَرْأَةِ". فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ
ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَقَصَدَ نَحْوَهَا فَنَبَذَ
الثَّوْبَ عَلَيْهَا فَقَامَتْ فَشَدَّهَا عَلَى
رَاحِلَتِهِ فَرَكِبَتْ وَرَكِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4.
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بنِ عَتِيْقٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ صَفِيَّةَ
لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فُسْطَاطَهُ حَضَرْنَا فَقَالَ:
"قوموا، عن أمكم" فلما كان العشي
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 128". وهو ضعيف لإرساله زيد بن
أسلم العدوي، مولى عمر، أبو عيد الله، ثقة عالم كان يرسل،
وهو من الطبقة الثالثة، الطبقة الوسطى من التابعين.
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 122" وهو ضعيف لإرساله، حميد بن
هلال العدوي، أبو نصر البصري من الطبقة الثالثة الوسطى من
التابعين.
3 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 23 و246"، ومسلم "1365" "85"، وقد
سبق تخريجنا له قريبا برقم "1073".
4 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 124" أخبرنا المعلى بن أسد،
حدثنا عبد العزيز بن المختار به. وأخرجه مسلم "1365" "88"
في كتاب النكاح من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن
أنس، به.
(3/487)
حَضَرْنَا وَنَحْنُ نَرَى أَن ثَمَّ
قَسْماً. فَخَرَجَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي
طَرَفِ رِدَائِهِ نَحْوٌ مِنْ مُدٍّ وَنِصْفٍ مِنْ تَمَرِ
عَجْوَةٍ فَقَالَ: "كُلُوا مِنْ وَلِيْمَةِ أُمِّكُم" 1.
زِيَادٌ ضَعِيْفٌ.
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الرِّجَالِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
قَالَ: لَمَّا اجْتَلَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَفِيَّةَ رَأَى عَائِشَةَ
مُتَنَقِّبَةً فِي وَسْطِ النِّسَاءِ فَعَرَفَهَا
فَأَدْرَكَهَا فَأَخَذَ بِثَوْبِهَا فقال: "يا شقيراء كيف
رَأَيْتِ"? قَالَتْ: رَأَيْتُ يَهُوْدِيَّةً بَيْنَ
يَهُوْدِيَّاتٍ2.
وَعَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُوْلُ
اللهِ مِنْ خَيْبَرَ وَمَعَهُ صَفِيَّةُ أَنْزَلَهَا.
فَسَمِعَ بِجَمَالِهَا نِسَاءُ الأَنْصَارِ فَجِئْنَ
يَنْظُرْنَ إِلَيْهَا وَكَانَتْ عَائِشَةُ مُتَنَقِّبَةً
حَتَّى دَخَلَتْ فَعَرَفَهَا فَلَمَّا خَرَجَتْ خَرَجَ
فَقَالَ: "كَيْفَ رَأَيْتِ؟ " قَالَتْ: رَأَيْتُ
يَهُوْدِيَّةً قَالَ: "لاَ تَقُوْلِي هَذَا فَقَدْ
أَسْلَمَتْ"3.
مَخْرَمَةُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ
المُسَيِّبِ قَالَ: قَدِمَتْ صَفِيَّةُ وَفِي أُذَنَيْهَا
خِرْصَةٌ مِنْ ذَهَبٍ فَوَهَبَتْ لِفَاطِمَةَ مِنْهُ
وَلِنِسَاءٍ مَعَهَا.
الحَسَنُ بنُ مُوْسَى الأَشْيَبُ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ،
حَدَّثَنَا كِنَانَةُ قَالَ: كُنْتُ أَقُوْدُ بِصَفِيَّةَ
لِتَرُدَّ، عَنْ عُثْمَانَ فَلَقِيَهَا الأَشْتَرُ
فَضَرَبَ وَجْهَ بَغْلَتِهَا حَتَّى مَالَتْ فَقَالَتْ:
ذَرُوْنِي لاَ يَفْضَحْنِي هَذَا ثُمَّ وَضَعَتْ خَشَباً
مِنْ مَنْزِلِهَا إِلَى مَنْزِلِ عُثْمَانَ تَنْقُلُ
عَلَيْهِ المَاءَ وَالطَّعَامَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى، عَنْ
عُمَارَةَ بنِ المُهَاجِرِ، عَنْ آمِنَةَ بِنْتِ قَيْسٍ
الغِفَارِيَّةِ قَالَتْ: أَنَا إِحْدَى النِّسَاءِ
اللاَّئِي زَفَفْنَ صَفِيَّةَ يَوْمَ دَخَلَتْ عَلَى
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَسَمِعْتُهَا تَقُوْلُ: مَا بَلَغْتُ سَبْعَ عَشْرَةَ
سَنَةً يَوْمَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَبْرُهَا بِالبَقِيْعِ.
وَقَدْ أَوْصَتْ بِثُلُثِهَا لأَخٍ لَهَا يَهُوْدِيٍّ
وَكَانَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
وَرَدَ لَهَا مِنَ الحَدِيْثِ عَشْرَةُ أَحَادِيْثَ
مِنْهَا وَاحِدٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 124" وأحمد "3/ 333" وأبو يعلى
"2251" من طريق ابن جريج، أخبرني زياد بن إسماعيل، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته زياد بن إسماعيل المخزومي، فإنه
سيئ الحفظ كما قال الحافظ في "التقريب". وقد صرح ابن جريج
بالتحديث عند أحمد فأمنا شر تدليسه، وتبقى علة زياد هذا
ليظل الحديث يرزح تحت أسر الضعف ولا فكاك له.
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 125-126"، وفي إسناده انقطاع
بين عبد الرحمن بن أبي الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حارثة، وبين ابن عمر،
فإن عبد الرحمن هذا من الطبقة الثامنة، وهي الطبقة الوسطى
من كبار أتباع التابعين، فبينه وبين ابن عمر مفاوز وقفارات
تنقطع دونها أعناق المطي.
3 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 126" وفيه الواقدي، وهو
متروك. وهو مرسل.
(3/488)
123- ميمونة أم
المؤمنين 1 "ع":
بنت الحارث بن حزن بن بُجَيْرِ بنِ الهُزْمِ بنِ
رُوَيْبَةَ بنِ عَبْدِ الله بن هلال ابن عَامِرِ بنِ
صَعْصَعَةَ الهِلاَلِيَّةُ.
زَوْجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَأُخْتُ أُمِّ الفَضْلِ زَوْجَةِ العباس وخالة خالد بن
الوليد وخالة أن عباس.
تَزَوَّجَهَا أَوَّلاً: مَسْعُوْدُ بنُ عَمْرٍو
الثَّقَفِيُّ قُبَيْلَ الإِسْلاَمِ فَفَارَقَهَا
وَتزَوَّجَهَا أَبُو رُهْمٍ بنُ عَبْدِ العُزَّى فَمَاتَ.
فَتَزَوَّجَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي وَقْتِ فَرَاغِهِ مِنْ عُمْرَةِ القَضَاءِ
سَنَةَ سَبْعٍ فِي ذِي القَعْدَةِ. وَبَنَى بِهَا بِسَرِفٍ
أَظُنُّهُ المَكَانَ المَعْرُوْفَ بِأَبِي عُرْوَةَ.
وَكَانَتْ مِنْ سَادَاتِ النِّسَاءِ. رَوَتْ عِدَّةَ
أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ أُخْتِهَا
الآخَرُ: عَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادِ بنِ الهَادِ
وَعُبَيْدُ بنُ السَّبَّاقِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
السَّائِبِ الهِلاَلِيُّ وَابْنُ أُخْتهَا الرَّابِعُ
يَزِيْدُ بنُ الأَصَمِّ وَكُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ
وَمَوْلاَهَا سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ وَأَخُوْهُ عَطَاءُ
بنُ يَسَارٍ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى، عَنِ
الفُضَيْلِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخُرُوْجَ
إِلَى مَكَّةَ عَامَ القَضِيَّةِ بَعَثَ أَوْسَ بنَ
خَوْلِيٍّ وَأَبَا رَافِعٍ إِلَى العَبَّاسِ فَزَوَّجَهُ
بِمَيْمُوْنَةَ فَأَضَلاَّ بَعِيْرَيْهِمَا فَأَقَامَا
أَيَّاماً بِبَطْنِ رَابِغٍ حَتَّى أَدْرَكَهُمَا رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقُدَيْدٍ
وَقَدْ ضَمَّا بَعِيْرَيْهِمَا فَسَارَا مَعَهُ حَتَّى
قَدِمَ مَكَّةَ. فَأَرْسَلَ إِلَى العَبَّاسِ فَذَكَرَ
ذَلِكَ لَهُ وَجَعَلَتْ مَيْمُوْنَةُ أَمْرَهَا إِلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَذَا
قَالَ. وَصَوَابُهُ: إِلَى العَبَّاسِ فَخَطَبَهَا إِلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فزوجها
إياه.
وَرُوِيَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا
جَعَلَتْ أَمْرَهَا لَمَّا خَطَبَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم- إلى العباس فزوجها.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 132-140"، تهذيب الكمال
"35/ ترجمة 7936" تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2899"،
والإصابة "4/ ترجمة 1026".
(3/489)
مَالِكٌ، عَنْ رَبِيْعَةَ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ أَبَا رَافِعٍ وَرَجُلاً مِنَ
الأَنْصَارِ فَزَوَّجَاهُ مَيْمُوْنَةَ قَبْلَ أَنْ
يَخْرُجَ مِنَ المَدِيْنَةِ1.
قَالَ عَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ
مِهْرَانَ: دَخَلْتُ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ
عَجُوْزٍ كَبِيْرَةٍ فَسَأَلْتُهَا: أَتَزَوَّجَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مَيْمُوْنَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَتْ: لاَ وَاللهِ لَقَدْ
تَزَوَّجَهَا وَإِنَّهُمَا لَحَلاَلاَنِ.
أَيُّوْبُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ قَالَ: خَطَبَهَا
وَهُوَ حَلاَلٌ وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلاَلٌ2.
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو فَزَارَةَ، عَنْ
يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ
رَسُوْلَ اللهِ تَزَوَّجَ مَيْمُوْنَةَ حَلاَلاً وَبَنَى
بها حلالًا بسرف3.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ، عَنْ
رَبِيْعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
رَافِعٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ مَيْمُوْنَةَ حَلاَلاً وَكُنْتُ
الرَّسُوْلَ بَيْنَهُمَا4.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَهُوَ حَلاَلٌ.
هَذَا مُنْكَرٌ. وَالوَاقِدِيُّ مَتْرُوْك.
وَالثَّابِتُ، عَنِ ابْنِ عباس خلافه.
__________
1 ضعيف: أخرجه مالك "1/ 348"، وابن سعد "8/ 133"، وهو
مرسل.
2 صحيح: أخرجه مسلم "1411"، وابن ماجه "1964"، والبيهقي
"5/ 66" من طريق يزيد بن الأصم، حدثتني ميمونة بنت الحارث
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تزوجها وهو حلال. قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 133"، والحاكم "4/ 31" من طريق
جرير بن حازم، قال سمعت أبا فزارة يحدث، عن يزيد بن الأصم،
عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده صحيح. وأبو فزارة، هو راشد بن كيسان العبسي
الكوفي، ثقة.
4 ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 392-393"، وابن سعد "8/ 134"،
والترمذي "841" والدارمي "2/ 38"، وابن حبان "1272" موارد،
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "2/ 270"، والبيهقي "5/
66" و"7/ 211" والبغوي "1982" من طرق عن حماد بن زيد، به.
قلت: إسناده ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين خلا مطر بن
طهمان الوراق، أجمعوا على ضعفه. وقد أخرج له مسلم في
المتابعات.
(3/490)
فَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ
عَنْهُ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ1.
وَقَالَ أَيُّوْبُ وَهِشَامٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ
كَذَلِكَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ مِثْلَهُ.
وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْهُ
نحوه.
فهذا متواتر عنه.
وَالأَنْصَارِيُّ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ الشَّهِيْدِ سَمِعَ
مَيْمُوْنَ بنَ مِهْرَانَ عَنْهُ مِثْلَهُ.
وَرَوَى زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ وَعَبْدُ اللهِ
بنُ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ
مَيْمُوْنَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
جَرِيْرٌ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ -مُرْسَلاً-
مِثْلَهُ.
رَبَاحُ بنُ أَبِي مَعْرُوْفٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً مِثْلَهُ وَفِيْهِ وَكَانَ ابْنُ
عَبَّاسٍ لاَ يرى بذلك بأسًا2.
__________
1 أخرجه البخاري "1873"، والنسائي "5/ 192"، والبيهقي "7/
212"، والبغوي "1981" من طريق الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن
عباس، به.
وأخرجه ابن سعد "8/ 135"، والطحاوي "2/ 369" من طريق
رَبَاحُ بنُ أَبِي مَعْرُوْفٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابن
عباس، به، وأخرجه ابن سعد "8/ 135" من طريق ليث وابن جريج
عن ابن عباس، به.
وأخرجه أحمد "1/ 221 و228"، والبخاري "5114"، ومسلم "1410"
"46" و"47" والترمذي "844"، والنسائي "5/ 191"، وابن ماجه
"1965"، والدارمي "2/ 37"، والبيهقي "7/ 210"، والطحاوي في
"شرح معاني الآثار" "2/ 269"، وابن سعد "8/ 136" من طرق عن
عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس، به.
قال الحافظ في الفتح" "4/ 52": "قد اختلف في تزويج ميمونة،
فالمشهور عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم تزوجها وهو محرم، وصح نحوه عن عائشة
وأبي هريرة، وجاء عن ميمونة نفسها أنه كان حلالا، وعن أبي
رافع مثله وأنه كان الرسول إليها، واختلف العلماء في هذه
المسألة، فالجمهور على المنع لحديث عثمان "لا ينكح المحرم
ولا ينكح" أخرجه مسلم. وأجابوا عن حديث ميمونة بأنه اختلف
في الواقعة كيف كانت ولا تقوم بها الحجة، ولأنها تحتمل
الخصوصية، فكان الحديث في النهي عن ذلك أولى بأن يُؤخذ به.
وقال عطاء وعكرمة وأهل الكوفة: يجوز للمحرم أن يتزوج كما
يجوز له أن يشتري الجارية للوطء، وتعقب بأنه قياس في
معارضة السنة فلا يعتبر به. وأما تأويلهم حديث عثمان بأن
المراد به الوطء فمتعقب بالتصريح فيه بقوله "ولا يُنكح"
بضم أوله، وبقوله فيه "ولا يخطب".
2 انظر تخريجنا وتعليقنا السابق.
(3/491)
وَبَعْضُ مَنْ رَأَى صِحَّةَ خَبَرِ ابْنِ
عَبَّاسٍ عَدَّ الجَوَازَ خَاصّاً بِالنَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَجَوَّدَ هَذَا البَابَ ابْنُ سَعْدٍ ثُمَّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ
بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُوْنٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ
عَطَاءٍ فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ يَتَزَوَّجُ
المُحْرِمُ قَالَ: مَا حَرَّمَ اللهُ النِّكَاحَ مُنْذُ
أَحَلَّهُ. فَقُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ
كَتَبَ إِلَيَّ وَمَيْمُوْنٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى
الجَزِيْرَةِ: أَنْ سَلْ يَزِيْدَ بنَ الأَصَمِّ أَكَانَ
تَزَوَّجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَوْمَ تَزَوَّجَ مَيْمُوْنَةَ حَلاَلاً أَوْ
حَرَاماً.
فَقَالَ يَزِيْدُ: تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلاَلٌ.
وَكَانَتْ مَيْمُوْنَةُ خَالَةَ يَزِيْدَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ أن ميمونة وَهَبَتْ
نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ1.
قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَسَمَّاهَا
رَسُوْلُ اللهِ مَيْمُوْنَةَ2.
وَرَوَى بُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ
الخَوْلاَنِيِّ: أَنَّهُ رَأَى مَيْمُوْنَةَ تُصَلِّي فِي
دِرْعٍ سَابِغٍ لاَ إِزَارَ عَلَيْهَا3.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ يَزِيْدَ
بنِ الأَصَمِّ: أَنَّ مَيْمُوْنَةَ حَلَقَتْ رَأْسَهَا فِي
إحرامها فماتت ورأسها محمم4.
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 137" وفيه الواقدي، وهو
متروك.
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 137" من طريق سفيان، عن منصور،
عن مجاهد مرسلا.
قلت: رجاله ثقات لكنه ضعيف لإرساله، وأخرجه الحاكم "4/ 30"
من طريق إسرائيل، عن محمد بن عبد الرحمن، عَنْ كُرَيْبٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ اسم خالتي ميمونة برة
فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة، وقال الحاكم:
صحيح. ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، إسرائيل هو ابن يونس بن أبي
إسحاق السبيعي وهو ثقة. ومحمد بن عبد الرحمن هو ابن عبيد
القرشي، مولى آل طلحة بن عبيد الله، ثقة.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 138" من طريق ليث بن سعد، عن
بكير الأشج، به.
4 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 138" أخبرنا عارم بن الفضل،
حدثنا حماد بن زيد، به.
وأخرجه أحمد "6/ 333"، والترمذي "845"، والطحاوي "2/ 270"،
وابن سعد "8/ 133"، والدارقطني "3/ 261-262"، البيهقي "7/
211" من طرق عن وهب بن جرير قال: حدثني أبي، قال: سمعت أبا
فزارة، يحدث عن يزيد بن الأصم، به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات وأبو فزارة: هو راشد بن
كيسان العبسي الكوفي.
(3/492)
كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ
بنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ الأَصَمِّ قَالَ:
تَلَقَّيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ مُقْبِلَةٌ مِنْ مَكَّةَ
أَنَا وَابْنُ أُخْتِهَا وَلَدٌ لِطَلْحَةَ وَقَدْ كُنَّا
وَقَعْنَا فِي حَائِطٍ بِالمَدِيْنَةِ فَأَصَبْنَا مِنْهُ
فَبَلَغَهَا ذَلِكَ فَأَقْبَلَتْ عَلَى ابْنِ أُخْتِهَا
تَلُوْمُهُ ثُمَّ وَعَظَتْنِي مَوْعِظَةً بَلِيْغَةً ثُمَّ
قَالَتْ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ سَاقَكَ حَتَّى
جَعَلَكَ فِي بَيْتِ نَبِيِّهِ ذَهَبَتْ وَاللهِ
مَيْمُوْنَةُ وَرُمِيَ بِحَبْلِكَ عَلَى غَارِبِكَ أَمَا
إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ أَتْقَانَا للهِ وَأَوْصَلِنَا
لِلرَّحِمِ1!
وَبِهِ، أَنْبَأَنَا يَزِيْدُ: أَنَّ ذَا قَرَابَةٍ
لِمَيْمُوْنَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَوَجَدَتْ مِنْهُ رِيْحَ
شَرَابٍ فَقَالَتْ: لَئِنْ لَمْ تَخْرُجْ إِلَى
المُسْلِمِيْنَ فَيَجْلِدُوْكَ لاَ تَدْخُلْ عَلَيَّ
أَبَداً2.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ: بَعَثَنِي
ابْنُ عَبَّاسٍ أَقُوْدُ بَعِيْرَ مَيْمُوْنَةَ فَلَمْ
أَزَلْ أَسْمَعُهَا تُهِلُّ حَتَّى رَمَتِ الجَمْرَةَ3.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بنُ وَهْبٍ،
أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ الأصم: رأيت ميمونة تحلق رأسها.
جرير بن حازم، عن أبي فزارة، عن يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ
قَالَ: دَفَنَّا مَيْمُوْنَةَ بِسَرِفٍ فِي الظُلَّةِ
الَّتِي بَنَى بِهَا فِيْهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ كَانَتْ حَلَقَتْ فِي
الحَجِّ. نَزَلْتُ فِي قَبْرِهَا أَنَا وَابْنُ عَبَّاسٍ4.
وَعَنْ عَطَاءٍ: تُوُفِّيَتْ مَيْمُوْنَةُ بِسَرِفٍ
فَخَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَيْهَا فَقَالَ: إِذَا
رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلاَ تُزَلْزِلُوْهَا وَلاَ
تُزَعْزِعُوْهَا.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَتْ بِمَكَّةَ فَحُمِلَتْ عَلَى
الأَعْنَاقِ بِأَمْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى سَرِفٍ
وَقَالَ: ارْفُقُوا بِهَا فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَتْ فِي خِلاَفِةِ يَزِيْدَ
سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَلَهَا ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: لَمْ تَبْقَ إِلَى هَذَا الوَقْتِ فَقَدْ مَاتَتْ
قَبْلَ عَائِشَةَ. وَقَدْ مَرَّ قَوْلُ عَائِشَةَ:
ذَهَبَتْ مَيْمُوْنَةُ ...
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ إِحْدَى
وَخَمْسِيْنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
رُوِيَ لَهَا سَبْعَةُ أَحَادِيْثَ فِي الصَّحِيْحَيْنِ
وَانْفَرَدَ لَهَا البُخَارِيُّ بِحَدِيْثٍ وَمُسْلِمٌ
بِخَمْسَةٍ. وَجَمِيْعُ مَا رَوَتْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ
حَدِيْثاً.
__________
1 حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 138"، والحاكم "4/ 32". وفيه
جعفر بن برقان صدوق.
2 حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 139".
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 139".
4 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 333"، والترمذي "845" والطحاوي "2/
270" وابن سعد "8/ 133 و139-140"، والدارقطني "3/
261-262"، والبيهقي "7/ 211" والحاكم "4/ 31" من طريق جرير
بن حازم، به.
(3/493)
124- زينب بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ-صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1:
وَأَكْبَرُ أَخَوَاتِهَا مِنَ المُهَاجِرَاتِ
السَّيِّدَاتِ.
تَزَوَّجَهَا فِي حَيَاةِ أُمِّهَا ابْنُ خَالَتِهَا أَبُو
العَاصِ فَوَلَدَتْ لَهُ أُمَامَةَ الَّتِي تَزَوَّجَ
بِهَا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ فَاطِمَةَ
وَوَلَدَتْ لَهُ عَلِيَّ بنَ أَبِي العَاصِ الَّذِي
يُقَالُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَرْدَفَهُ وَرَاءهُ يَوْمَ الفَتْحِ
وَأَظُنُّهُ مَاتَ صَبِيّاً.
وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَّ أَبَا العَاصِ تَزَوَّجَ
بِزَيْنَبَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَهَذَا بَعِيْدٌ.
أَسْلَمَتْ زَيْنَبُ وَهَاجَرَتْ قَبْلَ إِسْلاَمِ
زَوْجِهَا بِسِتِّ سِنِيْنَ.
فَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ بإِسْنَادٍ وَاهٍ أَنَّ أَبَا
العَاصِ شَهِدَ بَدْراً مُشْرِكاً فَأَسَرَهُ عَبْدُ اللهِ
بنُ جُبَيْرٍ الأَنْصَارِيُّ فَلَمَّا بَعَثَ أَهْلُ
مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أُسَارَاهُمْ جَاءَ فِي فِدَاءِ أَبِي
العَاصِ أَخُوْهُ عَمْرٌو وَبَعَثَتْ مَعَهُ زَيْنَبُ
بِقِلاَدَةٍ لَهَا مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ -أَدْخَلَتْهَا
بِهَا خَدِيْجَةُ- فِي فِدَاءِ زَوْجِهَا فَلَمَّا رَأَى
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
القِلاَدَةَ عَرَفَهَا وَرَقَّ لَهَا وَقَالَ: "إِنْ
رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيْرَهَا
فَعَلْتُمْ". قَالُوا: نَعَمْ فَأَخَذَ عَلَيْهِ العَهْدَ
أَنْ يُخَلِّيَ سبيلها إليه ففعل2.
وَقِيْلَ: هَاجَرَتْ مَعَ أَبِيْهَا وَلَمْ يَصِحَّ.
البَزَّارُ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا
الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ،
عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، أَخْبَرَنَا بُكَيْرُ بنُ
الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ: بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية،
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 30-36"، والإصابة "4/
ترجمة 466".
2 حسن: أخرجه ابْنُ سَعْدٍ "8/ 31" أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي المنذر بن سعد مولى لبني أسد بن
عبد العزى، عن عيسى بن معمر، عن عباد بن عبد الله بن
الزبير، عن عائشة، به.
قلت: إسناده واه، آفته محمد بن عمر الواقدي، متروك. لكن
أخرجه الحاكم "4/ 44-45" من طريق يونس بن بكير، عن ابن
إسحاق، حدثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن
أبيه، عن عائشة به. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده حسن، يونس بن بكير، صدوق. ومحمد بن إسحاق صرح
بالتحديث فأمنا شر تدليسه.
(3/494)
وَكُنْتُ فِيْهِم فَقَالَ: "إِنْ
لَقِيْتُمْ هَبَّارَ بنَ الأَسْوَدِ وَنَافِعَ بنَ عَبْدِ
عَمْرٍو فَأَحْرِقُوْهُمَا". وَكَانَا نَخَسَا بِزَيْنَبَ
بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ حِيْنَ خَرَجَتْ فَلَمْ تَزَلْ
ضَبِنَةً1 حَتَّى مَاتَتْ.
ثُمَّ قَالَ: "إِنْ لَقِيْتُمُوْهُمَا فَاقْتُلُوْهُمَا
فَإِنَّهُ لاَ يَنْبِغِي لأَحَدٍ أن يعذب بعذاب الله" 2.
ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ قَالَ:
صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِالنَّاسِ الصُّبْحَ فَلَمَّا قَامَ فِي
الصَّلاَةِ نَادَتْ زَيْنَبُ: إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا
العَاصِ بنَ الرَّبِيْعِ فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا عَلِمْتُ
بِهَذَا وَإِنَّهُ يُجِيْرُ عَلَى النَّاسِ أَدْنَاهُمْ".
قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَسْلَمَتْ زَيْنَبُ وَهَاجَرَتْ
ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ: ثُمَّ أُنْزِلَتْ
بَرَاءةٌ بَعْدُ. فَإِذَا أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ قَبْلَ
زَوْجِهَا فَلاَ سَبِيْلَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا
بِخِطْبَةٍ.
وَرَوَى حَجَّاجٌ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَدَّ ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي العَاصِ
بِنِكَاحٍ جديد ومهر جديد3.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ الحُصَيْنِ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَدَّ
ابْنَتَهُ إِلَى أَبِي العَاصِ بَعْدَ سِنِيْنَ
بِنِكَاحِهَا الأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ صَدَاقاً4.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ قَالَ:
خَرَجَ أَبُو العَاصِ إِلَى الشَّامِ فِي عِيْرٍ
لِقُرَيْشٍ فَانْتُدِبَ لَهَا زَيْدٌ فِي سَبْعِيْنَ
وَمائَةِ رَاكِبٍ فَلَقَوُا العِيْرَ فِي سَنَةِ ست
فأخذوها وأسروا أناسًا،
__________
1 الضبنة: الزمانة. وهي المرض الدائم.
2 حسن: عبد الله بن لهيعة، صدوق، وقد حدث عنه ابن المبارك
قبل احتراق كتبه.
3 منكر: أخرجه الترمذي "1142"، وابن ماجه "2010"، والبيهقي
"7/ 188"، وابن سعد "8/ 32" من طريق حجاج بن أرطاة، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته الحجاج بن أرطاة، فإنه مدلس، وقد
عنعنه، وقد خالف به الصحيح الثابت فإن الرسول صلى الله
عليه وسلم ردها بنكاحها الأول، وليس بنكاح جديد فهذا
الحديث منكر لمخالفته ما ثبت، وانظر الحديث الآتي.
4 حسن: أخرجه أحمد "1/ 217"، وعبد الرزاق "12644"، وأبو
داود "2240" والترمذي "1143"، والحاكم "3/ 237 و238-239"،
والبيهقي "7/ 187"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "3/
256"، والدارقطني "3/ 254"، والطبراني "11575" من طرق عن
محمد بن إسحاق، به.
قلت: إسناده حسن، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند الترمذي
والحاكم.
(3/495)
مِنْهُم أَبُو العَاصِ فَدَخَلَ عَلَى
زَيْنَبَ سَحَراً فَأَجَارَتْهُ ثُمَّ سَأَلَتْ أَبَاهَا
أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَتَاعَهُ. فَفَعَلَ وَأَمَرَهَا
إلَّا يَقْرَبَهَا مَا دَامَ مُشْرِكاً. فَرَجَعَ إِلَى
مَكَّةَ فَأَدَّى إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ثُمَّ
رَجَعَ مُسْلِماً مُهَاجِراً فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ
سَبْعٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ زَيْنَبَ بذاك النكاح الأول1.
الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ: رَأَيْتُ عَلَى زَيْنَبَ
بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ بُرْدَ سِيَرَاءَ مِنْ حَرِيْرٍ2.
تُوُفِّيَتْ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ.
عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنِ أُمِّ عَطِيَّةَ
قَالَتْ: لَمَّا مَاتَتْ زينب بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اغْسِلْنَهَا
وِتْراً ثَلاَثاً أَوْ خَمْساً وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ
كَافُوْراً أَوْ شَيْئاً مِنْ كَافُوْرٍ فَإِذَا
غَسَلْتُنَّهَا فَأَعْلِمْنَنِي". فَلَمَّا غَسَّلْنَاهَا
أَعْطَانَا حقوه فقال: "أشعرنها إياه" 3.
__________
1 أخرجه ابْنُ سَعْدٍ "8/ 33" أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُمَرَ حَدَّثَنِي موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي، عن أبيه، به.
قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته محمد بن عمر الواقدي، متروك
كما ذكرنا مرارا. وانظر الحديث السابق.
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 33-34" من طريق عبد الله بن
المبارك، والنسائي "8/ 197"، والحاكم "4/ 45-46" من طريق
عيسى بن يونس كلاهما عن معمر، عن الزهري به.
وأخرجه الحاكم "4/ 45-46" من طريق الأوزاعي، عن الزهري به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وقد رواه ثلاثة من الثقات
عن الزهري بإثبات زينب في الحديث.
وسيرد الحديث في ترجمة "أم كلثوم" بإثبات "أم كلثوم" بدل
"زينب" من طريق الزهري، عن أنس. ولا تعارض بينهما، فلا
مانع من تكرر رؤية أنس لزينب وأم كلثوم وهما ترتديان برد
سيراء. وكلاهما صحيح ثابت.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 34"، ومسلم "939" "40"
والطبراني "25/ 165" من طريق أبي معاوية الضرير الكوفي
محمد بن خازم، حدثنا أبو عاصم الأحول، به.
وأخرجه أبو داود "314" و"3145"، وابن ماجه "1459"،
والبيهقي "3/ 388-389" والطبراني "25/ 94 و154-161 و166"
من طرق عن حفصة بن سيرين، عن أم عطية، به.
وأخرجه البخاري "1258" و"1259"، ومسلم "939" "38"، وأبو
داود "3142"، والنسائي "4/ 31" والبيهقي "3/ 389"
والطبراني "25/ 90" من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن
سيرين، عن أم عطية، به.
وأخرجه مالك "1/ 222"، ومن طريقه البخاري "1253"، ومسلم
"939" "36"، وأبو داود "3142"، والنسائي "4/ 28"،
والطبراني "25/ 88 و89"، والبيهقي "3/ 389" عن أيوب، عن
ابن سيرين، عن أم عطية، به.
قوله: "حقوه" بفتح الحاء وكسرها، لغتان: يعني إزاره. وأصل
الحقو معقد الإزار. وجمعه أحق وحقي. وسمي به الإزار مجازا
لأنه يشد فيه.
قوله: "أشعرنها إياه" أي اجعلنه شعارا لها. وهو الثوب الذي
يلي الجسد، سُمي شعارا لأنه يلي شعر الجسد. والحكمة في
إشعارها به تبريكها به.
وأما الدثار: فهو الثوب الذي يكون فوق الشعار. ومنه قوله
صلى الله عليه وسلم في حديث الأنصار -رضي الله عنهم: "أنتم
الشعار والناس الدثار".
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: كان إذا نزل عليه الوحي
يقول: "دثروني دثروني" أي غطوني بما أدفأ به.
(3/496)
125- رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُوْلِ اللهِ 1:
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمها خديجة.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تَزَوَّجَهَا عُتْبَةُ بنُ أَبِي
لَهَبٍ قَبْلَ النُّبُوَّةِ.
كَذَا قَالَ وَصَوَابُهُ: قَبْلَ الهِجْرَةِ.
فَلمَّا أُنْزِلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}
[المسد: 1] قَالَ أَبُوْهُ: رَأْسِي مِنْ رَأْسِكَ حَرَامٌ
إِن لَمْ تُطَلِّقْ بِنْتَهُ. فَفَارَقَهَا قَبْلَ
الدُّخُوْلِ.
وَأَسْلَمَتْ مَعَ أُمِّهَا وَأَخَوَاتِهَا. ثُمَّ
تَزَوَّجَهَا عُثْمَانُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى الحَبَشَةِ
الهِجْرَتَيْنِ جَمِيْعاً.
قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: "إِنَّهُمَا لأَوَّلُ مَنْ
هَاجَرَ إِلَى اللهِ بَعْدَ لُوْطٍ".
وَوَلَدَتْ مِنْ عُثْمَانَ عَبْدَ اللهِ وَبِهِ كَانَ
يُكْنَى وَبَلَغَ سِتَّ سِنِيْنَ فَنَقَرَهُ دِيْكٌ فِي
وَجْهِهِ فَطَمِرَ وَجْهُهُ فَمَاتَ.
ثُمَّ هَاجَرَتْ إِلَى المَدِيْنَةِ بَعْدَ عُثْمَانَ
وَمَرِضَتْ قُبَيْلَ بَدْرٍ فَخَلَّفَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهَا عُثْمَانَ
فَتُوُفِّيَتْ وَالمُسْلِمُوْنَ بِبَدْرٍ.
فَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ،
عَنْ يُوْسُفَ بنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُوْلِ اللهِ قَالَ:
"الْحَقِي بِسَلَفِنَا عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ" فَبَكَتِ
النِّسَاءُ عَلَيْهَا فَجَعَلَ عُمَرُ يَضْرِبُهُنَّ
بِسَوْطِهِ. فَأَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ وَقَالَ: "دَعْهُنَّ يبكين" ثم قَالَ:
"ابْكِيْنَ وَإِيَّاكُنَّ وَنَعِيْقَ الشَّيْطَانِ
فَإِنَّهُ مَهْمَا يكن من القلب العين فَمِنَ اللهِ
وَالرَّحْمَةِ وَمَهْمَا يَكُنْ مِنَ اليَدِ وَاللِّسَانِ
فَمِنَ الشَّيْطَانِ" فَقَعَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى شَفِيْرِ
القَبْرِ إِلَى جَنْبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلَتْ تَبْكِي فَجَعَلَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْسَحُ
الدَّمْعَ، عَنْ عَيْنِهَا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ.
قُلْتُ: هَذَا مُنْكَرٌ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ذَكَرْتُهُ لِمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ
فَقَالَ: الثَّبْتُ عِنْدَنَا مِنْ جَمِيْعِ الرِّوَايَةِ:
أَنَّ رُقَيَّةَ تُوُفِّيَتْ وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَدْرٍ. فَلَعَلَّ هَذَا
فِي غَيْرِ رُقَيَّةَ أَوْ لعله أتى قبرها بعد بدر زائرًا.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 36-37"، والإصابة "4/
ترجمة رقم 430".
(3/497)
126- أم كلثوم بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ 1:
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البَضْعَةُ
الرَّابعَةُ النَّبَوِيَّةُ.
يُقَالُ تَزَوَّجَهَا عُتَيْبَةُ بنُ أَبِي لَهَبٍ ثُمَّ
فَارَقَهَا.
وَأَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ
أُخْتُهَا رُقَيَّةُ تَزَوَّجَ بِهَا عُثْمَانُ وَهِيَ
بِكْرٌ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاَثٍ فلم تلد له.
وَتُوُفِّيَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ. فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ
كُنَّ عَشْراً لزوجتهن عثمان" حكاه ابن سعد2.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 37-39"، والإصابة "4/
ترجمة رقم 1470".
2 ذكره ابن سعد في "الطبقات" "8/ 38" بدون إسناد. لكن أخرج
ابن أبي عاصم في "السنة" "1291" حدثنا محمد بن عثمان بن
خالد، حدثنا أبي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي
الزِّنَادِ، عَنْ الاعرج، عن أبي هريرة قال: وَقَفَ
رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
ابنته الثانية التي كانت عند عثمان فقال: ألا أبا أيم، ألا
أخا أيم يُزوجها عثمان فلو كن عشرا. لزوجته، وما زوجته إلا
بوحي من السماء.
قلت: إسناده واه بمرة، آفته عثمان بن خالد بن عمر الأموي
متروك الحديث، كما قال الحافظ في "التقريب" وأبو الزناد هو
عبد الله بن ذكوان. والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" "1301" حدثنا يوسف بن
موسى، حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه عن جده،
عن محمد بن أبي بكر، عن عثمان بنحوه في قصة.
قلت: إسناده موضوع، آفته عبد الملك بن هارون بن عنترة، قال
يحيى: كذاب. وقال أبو حاتم: متروك، ذاهب الحديث. وقال ابن
حبان: يضع الحديث، وقال السعدي: عبد الملك بن هارون دجال
كذاب.
وقال الذهبي في "الميزان": اتهم بوضع حديث: "من صام يوما
من أيام البيض عدل عشرة آلاف سنة". وأبوه هارون بن عنترة،
وثقه يحيى بن معين وأحمد. لكن ابن حبان قال: لا يجوز أن
يحتج به. وهو الذي يقال له: هارون بن أبي وكيع منكر الحديث
جدا.
(3/498)
وَرَوَى صَالِحُ بنُ أَبِي الأَخْضَرِ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ رَأَى عَلَى
أُمِّ كُلْثُوْمٍ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُلَّةً سِيَرَاءَ1.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلاَلِ بنِ
أُسَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِساً عَلَى قَبْرِهَا
يَعْنِي أُمَّ كُلْثُوْمٍ وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ
فَقَالَ: "فِيْكُم أَحَدٌ لم يقارف الليلة"؟. فقال أبو
طلحة: أنا قَالَ: "انْزِلْ" 2.
زَوْجَاتُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
قَالَ الزُّهْرِيُّ: تَزَوَّجَ نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم- ثنتي عشرة عربية محصنات.
وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: تَزَوَّجَ خَمْسَ عَشْرَةَ
امْرَأَةً: سِتٌّ مِنْ قُرَيْشٍ وَوَاحِدَةٌ مِنْ
حُلَفَاءِ قُرَيْشٍ وَسَبْعَةٌ مِنْ نِسَاءِ العَرَبِ.
وَوَاحِدَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثَبَتَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ ثَمَانِي
عَشْرَةَ امْرَأَةً: سَبْعٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَوَاحِدَةٌ
مِنْ حُلَفَائِهِم. وَتِسْعٌ مِنْ سَائِرِ العَرَبِ.
وَوَاحِدَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيْلَ.
فَأَوَّلُهُنَّ: خَدِيْجَةُ ثُمَّ سَوْدَةُ ثُمَّ
عَائِشَةُ ثُمَّ أُمُّ سَلَمَةَ ثُمَّ حَفْصَةُ ثُمَّ
زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ثُمَّ جُوَيْرِيَةُ ثُمَّ أُمُّ
حَبِيْبَةَ ثُمَّ صَفِيَّةُ ثُمَّ مَيْمُوْنَةُ ثُمَّ
فَاطِمَةُ بِنْتُ شُرَيْحٍ. ثُمَّ تَزَوَّجَ:
زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ، ثُمَّ هِنْدَ بِنْتَ
يَزِيْدَ، ثُمَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ النُّعْمَانِ، ثُمَّ
قُتَيْلَةَ أُخْتَ الأَشْعَثِ، ثُمَّ سنا بنت أسماء
السلمية.
__________
1 صحيح: وهذا إسناد ضعيف أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "8/
38" أخبرنا وكيع بن الجراح، عن صالح بن أبي الأخضر، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته صالح بن أبي الأخضر البصري، ضعفه
يحيى بن معين، والنسائي، والبخاري، وأبو زرعة. وَقَالَ
أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ ابْنُ حبان:
لا يحتج به. وأخرجه البخاري "5842"، وأبو داود "2058"،
والنسائي "8/ 197"، وابن ماجه "3598"، والحاكم "4/ 49"،
وابن سعد "8/ 38" من طرق عن الزهري، عن أنس، به.
وقد مر بتخريجنا السابق رقم "1108" هذا الحديث ولكن بإثبات
"زينب" بدل "أم كلثوم" من طريق الزهري عن أنس. ولا تعارض
بينهما، فلا مانع من تكرار رؤية أنس لأم كلثوم ولزينب وهما
ترتديان برد سيراء، وكلاهما صحيح ثابت راجع تخريجنا السابق
رقم "1108" قوله: "حلة سيراء" حلة من حرير محض، وقد تكون
غير محض.
2 حسن: أخرجه الطيالسي "2116"، وأحمد "3/ 126 و228"
والبخاري "1285" و"1342"، وابن سعد "8/ 38"، والترمذي في
"الشمائل" "327"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار "2514"،
ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 163"، والبيهقي
"4/ 53" من طرق عن فليح بن سليمان، عن هلال بن علي بن
أسامة، به.
قلت: إسناده حسن، فليح بن سليمان، صدوق.
(3/499)
127- العالية
1:
قَالَ الزُّهْرِيُّ: تَزَوَّجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةً مِنْ بَنِي بَكْرِ
بنِ كِلاَبٍ.
وَلأَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ جَمِيْلِ بنِ زَيْدٍ وَاهٍ،
عَنْ زَيْدِ بنِ كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- العَالِيَةَ مِنْ بَنِي غِفَارَ فَأُدْخِلَتْ
فَرَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضاً فَقَالَ: "الْبَسِي
ثِيَابَكِ وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ" وأمر لها بالصداق2.
__________
1 ترجمتها في "الإصابة" "4/ ترجمة رقم 703".
2 ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 493"، والبيهقي "7/ 256-257" من
طريق جميل بن زيد الطائي، عن زيد بن كعب بن عجرة قال:
فذكره.
وأخرجه البخاري في "التاريخ" "7/ 223" من طريق محمد بن
فضيل، عن جميل بن زيد، عن عبد الله بن كعب قال: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، آفته جميل بن زيد الطائي، قال ابن معين،
ليس بثقة. وقال ابن حبان: واهي الحديث. وقال أبو حاتم:
ضعيف. وقال البخاري: لم يصح حديثه.
(3/500)
128- أسماء
1:
قِيْلَ: هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ كَعْبٍ الجَوْنِيَّةُ.
كَذَا سَمَّاهَا ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ: لَمْ يَدْخُلْ
بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
حَتَّى طَلَّقَهَا.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: تَزَوَّجَ أُخْتَ بَنِي الجَوْنِ
الكِنْدِيِّ فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهُ. فَقَالَ: "لَقَدْ
عُذْتِ مُعَاذاً الْحَقِي بِأَهْلِكِ" 2.
وَقِيْلَ: بَلْ هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ
الغِفَارِيَّةُ.
وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ:
أَسْمَاءَ بِنْتَ النُّعْمَانِ الغِفَارِيَّةَ فَلَمَّا
دَخَلَ بِهَا دَعَاهَا. فَقَالَتْ: تَعَالَ أَنْتَ
فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ أُمَّ شَرِيْكٍ.
__________
1 ترجمتها في الإصابة "4/ ترجمة رقم 57".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5254" من طريق الاوزاعي قال سألت
الزهري أي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استعاذت منه
قال: أخبرني عروة، عن عائشة -رضي الله عنها- أن ابنة الجون
لما أدخلت عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ودنا منها قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: "لقد
عذت بعظيم، الحقي بأهلك".
وأخرجه أحمد "3/ 498"، والبخاري "5257"، وابن الجارود
"758"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" "641"، والطبراني في
"الكبير" "19/ 583" من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن
عبد الرحمن بن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد، عن أبيه، به.
وأخرجه ابن ماجه "2037" من طريق عبيد بن القاسم،
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
عائشة، به نحوه.
قلت: إسناده موضوع، عبيد بن القاسم، قال فيه ابن معين: كان
كذابا خبيثا. وقال صالح بن محمد: كذاب كان يضع الحديث.
وقال ابن حبان: ممن يروي الموضوعات.
(3/500)
129- أم شريك
1:
امرأة أنصارية، النجارية.
عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنِّي أُحِبُّ أَن
أَتَزَوَّجَ فِي الأَنْصَارِ ثُمَّ إِنِّي أَكْرَهُ
غَيْرَتَهُنَّ". قَالَ: فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا.
نَعَمْ وَرَوَى عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ أُمِّ
شَرِيْكٍ: أَنَّهَا كَانَتْ فِيْمَنْ وَهَبَتْ نفسها للنبي
-صلى الله عليه وسلم.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 154-157"، الجرح والتعديل
"9/ ترجمة رقم 2377"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7985"،
تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2956". والإصابة "4/ ترجمة
1347".
(3/501)
130- سناء
1:
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ: وَزَعَمَ
حَفْصُ بنُ النَّضْرِ السُّلَمِيُّ وَعَبْدُ القَاهِرِ بنُ
السَّرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ سَنَاءَ بِنْتَ أَسْمَاءَ بنِ
الصَّلْتِ السُّلَمِيَّةَ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ
بِهَا.
وَقِيْلَ: سَنَاءُ بنت سفيان الكلابية.
__________
1 ترجمتها في الإصابة "4/ ترجمة رقم 587".
(3/501)
131- الكلابية
1:
قَالَ الوَاقِدِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ فَاطِمَةُ
بِنْتُ الضَّحَّاكِ بنِ سُفْيَانَ.
وَقِيْلَ: عَمْرَةُ بِنْتُ زَيْدٍ.
وقيل: هي العالية بنت ظبيان.
وقيل: سناء بنت سفيان.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 220-221"، الإصابة "4/
ترجمة 843".
(3/501)
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ كِلاَبِيَّةٌ
وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ كُنَّ جَمَاعَةً.
نَقَلَ ذَلِكَ الحَاكَمُ فِي أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ
مِنْ "مُسْتَدْرَكِهِ".
ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عُرْوَةَ،
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَزَوَّجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكِلاَبِيَّةَ فَلَمَّا
دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ: إِنِّي
أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْكَ. قَالَ: "لَقَدْ عُذْتِ
بِعَظِيْمٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ" 1.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تَزَوَّجَ عَمْرَةَ بِنْتَ
زَيْدٍ الكِلاَبِيَّةَ وَمَا دَخَلَ بِهَا.
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: طَلَّقَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العَالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيَانَ
فَنَكَحَهَا ابْنُ عَمٍّ لَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ.
وَقِيْلَ: الكِلاَبِيَّةُ: عَمْرَةُ بِنْتُ حَزْنٍ التي
تعوذت.
__________
1 صحيح: أخرجه الحاكم "4/ 35" من طريق محمد بن عبد الله بن
مسلم ابن أخي ابن شهاب، عن عمه، عن عروة، عن عائشة، به.
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات.
(3/502)
132- الكِنْدِيَّةُ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ: نَكَحَ
رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
امْرَأَةً مِنْ كِنْدَةَ، وَهِيَ الشَّقِيَّةُ الَّتِي
سَأَلَتْهُ أَنْ يُفَارِقَهَا، وَيَرُدَّهَا إِلَى
قَوْمِهَا، فَفَعَلَ.
رَوَاهُ عَنْهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو.
وَرَوَى الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
يَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي
عَوْنٍ: أَنَّ النُّعْمَانَ بنَ أَبِي الجَوْنِ
الكِنْدِيَّ قَدِمَ مُسْلِماً، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ، أَلاَ أُزَوِّجُكَ أَجْمَلَ أَيِّمٍ فِي العَرَبِ،
وَقَدْ رَغِبَتْ فِيْكَ? فَتَزَوَّجَهَا عَلَى اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ أُوْقِيَّةً وَنَشٍّ1. فَقَالَ: لاَ تَقْصُرْ
بِهَا فِي المَهْرِ. قَالَ: "مَا أَصْدَقْتُ أَحَداً
فَوْقَ هَذَا"2.
فَبَعَثَ مَعَهُ أَبَا أُسَيْدٍ. فَلَمَّا قَدِمَا
عَلَيْهَا جَلَسَتْ وَأَذِنَتْ لَهُ فَقَالَ أبو أسيد: إن
نساء رسول
__________
1 الأوقية: أربعون درهما. والنش: نصف الأوقية، وهو عشرون
درهما. وقيل: النش يطلق على النصف من كل شيء.
2 إسناده ضعيف جدا، آفته الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا
مرارا.
(3/502)
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لاَ يَرَاهُنَّ الرِّجَالُ فَتَحَمَّلْتُ مَعَ
الظَّعِيْنَةِ1 عَلَى جَمَلٍ فِي مِحَفَّةٍ2 فَأَقْبَلْتُ
بِهَا حَتَّى أَنْزَلْتُهَا فِي بَنِي سَاعِدَةَ. فَدَخَلَ
عَلَيْهَا النِّسَاءُ فَرَحَّبْنَ بِهَا ثُمَّ خَرَجْنَ
فَذَكَرْنَ جَمَالَهَا وَشَاعَ ذَلِكَ. فَدَخَلَ عَلَيْهَا
دَاخِلٌ مِنَ النِّسَاءِ فَقِيْلَ لَهَا: إِنَّكِ مَلِكَةٌ
فَإِنْ كُنْتِ تُرِيْدِيْنَ أَنْ تَحْظَيْ عِنْدَ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُوْلِي:
أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْكَ فَإِنَّهُ يَرْغَبُ فِيْكِ3.
وَعَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: فَتَزَوَّجَ
الكِنْدِيَّةَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ الوَلِيْدَ
كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ: هَلْ تَزَوَّجَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخت الأشعث?
فقال: ما تَزَوَّجَهَا قَطُّ وَلاَ تَزَوَّجَ كِنْدِيَّةً
إلَّا بِنْتَ الجَوْنِ فَمَلَكَهَا. فَلَمَّا أُتِيَ بِهَا
نَظَرَ إِلَيْهَا فَطَلَّقَهَا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا.
عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: تَزَوَّجَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَسْمَاءَ بِنْتَ النُّعْمَانِ الجَوْنِيَّةَ
فَأَرْسَلَنِي فَجِئْتُ بِهَا. فَقَالَتْ حَفْصَةُ
لِعَائِشَةَ: اخْضِبِيْهَا أَنْتِ وَأَنَا أَمْشُطَهَا.
فَفَعَلَتَا ثُمَّ قَالَتْ لَهَا إِحْدَاهُمَا: إِنَّهُ
يُعْجِبُهُ أَنْ تَقُوْلَ المَرْأَةُ: أَعُوْذُ بِاللهِ
مِنْكَ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَأَرْخَى السِّتْرَ
مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا. فَقَالَتْ: أَعُوْذُ بِاللهِ
مِنْكَ فَقَالَ بِكُمِّهِ عَلَى وَجْهِهِ فَاسْتَتَرَ.
وَقَالَ: "عُذْتِ بِمُعَاذٍ" وَخَرَجَ فَقَالَ: "يَا أَبَا
أُسَيْدٍ أَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا وَمَتِّعْهَا
بِرَازِقِيَّيْنِ". يَعْنِي: كِرْبَاسَيْنِ.
فَكَانَتْ تَقُوْلُ: ادْعُوْنِي الشقية.
إسناده واه. وقد ذكره الحاكم في "مستدركه"4.
__________
1 الظعينة: أصل الظعينة: الراحلة التي يُرحل ويُظعن عليها:
أي يسار وقيل للمرأة ظعينة؛ لأنها تظعن مع الزوج حيثما
ظعن، أو لأنها تحمل على الراحلة إذا ظعنت. وقيل الظعينة:
المرأة في الهودج، ثم قيل الهودج بلا امرأة، وللمرأة بلا
هودج ظعينة. وجمع الظعينة. ظُعْن وظُعُن وظعائن وأظعان.
وظعن يظعن وظعنا وظعنا بالتحريك إذا سار.
2 المحفة: رحل يحف بثوب ثم تركب فيه المرأة، وقيل: المحفة:
مركب الهودج إلا أن الهودج يقبب والمحفة لا تقبب قال ابن
دريد: سميت بها لأن الخشب يحف بالقاعد فيها أي يحيط به من
جميع جوانبه، وقيل: المحفة مركب من مراكب النساء.
3 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 143-144"، والحاكم "4/ 36"
من طريق الواقدي، وهو متروك.
4 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 145-146"، والحاكم "4/ 37"
من طريق هشام بن محمد، عن ابن الغسيل، عن حمزة بن أبي
أسيد، عن أبيه، به.
وقال الحاكم: "قال ابن عمر: قال هشام بن محمد فحدثني زهير
بن معاوية الجعفي أنها ماتت كمدا".
وقال الذهبي: "قلت: سنده واه ويروى عن زهير بن معاوية أنها
ماتت كمدا".
قلت: آفة إسناده هشام بن محمد هو ابن السائب الكلبي، أبو
المنذر الأخباري، متروك.
(3/503)
وَعَنْ زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ: قَالَ
فَمَاتَتْ كَمَداً1.
وَعَنِ الكَلْبِيِّ قَالَ: خَلَفَ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ
النُّعْمَانِ المُهَاجِرُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ فَهَمَّ
عُمَرُ أَنْ يُعَاقِبَهَا. فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا ضَرَبَ
عَلَيَّ حِجَاباً وَلاَ سُمِّيْتُ بِأُمِّ المُؤْمِنِيْنَ
فَكَفَّ عَنْهَا2.
__________
1 انظر تخريجنا السابق.
2 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 147"، والحاكم "4/ 37" من
طريق هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، عن أبي صالح، عن
ابن عباس، قال: فذكره.
قلت: إسناده واه بمرة، فيه هشام بن محمد بن السائب الكلبي،
وأبوه، وهما متروكان.
(3/504)
133- قتيلة
1:
يُقَالُ: هِيَ أُخْتُ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ قَدِمَ عَلَيْهِ
وَفْدُ كِنْدَةَ سَنَةَ عَشْرٍ فَتُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ
يَقْدَمَ عَلَيْهِ.
وَيُقَالُ: إنها ارتدت2 فالله أعلم.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "1478".
2 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 147" من طريق هشام بن محمد
بن السائب، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، به.
قلت: إسناده واه بمرة، فيه هشام بن محمد بن السائب الكلبي،
وأبوه وهما متروكان.
(3/504)
134- خولة
1:
عُمَارَةُ بنُ رَاشِدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ،
عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيْمٍ.
وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
تَزَوَّجَهَا فأرجأها فيمن أرجأ من نسائه.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 158"، تهذيب الكمال "35/
ترجمة رقم 7829" تهذيب التهذيب "12/ 415"، والإصابة "4/
ترجمة رقم 362".
(3/504)
135- جويرية أم
المؤمنين 1"ع":
بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية.
سُبِيَتْ يَوْمَ غَزْوَةِ المُرَيْسِيْعِ فِي السَّنَةِ
الخَامِسَةِ وَكَانَ اسْمُهَا: بَرَّةَ فَغُيِّرَ2
وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النساء.
أتت النبي تَطْلُبُ مِنْهُ إِعَانَةً فِي فَكَاكِ
نَفْسِهَا فَقَالَ: "أوخير مِنْ ذَلِكَ? أَتَزَوَّجُكِ".
فَأَسْلَمَتْ وَتَزَوَّجَ بِهَا وَأَطْلَقَ لَهَا
الأُسَارَى مِنْ قَوْمِهَا3.
وَكَانَ أَبُوْهَا سَيِّداً مُطَاعاً.
حَدَّثَ عَنْهَا: ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُبَيْدُ بنُ
السَّبَّاقِ وَكُرَيْبٌ وَمُجَاهِدٌ. وَأَبُو أَيُّوْبَ
يَحْيَى بنُ مالك الأزدي وآخرون.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ جُوَيْرِيَةُ امْرَأَةً
حُلْوَةً4 ملاحة لا يراها أحد إلَّا أخذت بنفسه الحَدِيْثَ
بِطُوْلِهِ5.
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
أَعْتَقَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم-
جويرية واستنكحها،
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 116-120"، تهذيب الكمال
"35/ ترجمة رقم "7808". تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم
2755"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 251".
2 أخرجه مسلم "2140" بإسناده عن ابن عباس قال: كانت جويرية
اسمها برة. فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها
جويرية. وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة.
3 صحيح: يأتي تخريجه قريبا في التعليق بعد الآتي.
4 ملاحه: أي شديدة الملاحة، وهو من أبنية المبالغة. وفي
كتاب الزمخشري وكانت امرأة ملاحة أي ذات ملاحة، وفعال
مبالغة في فعيل مثل كريم وكرام وكبير وكبار، وفعال مشددا
أبلغ منه.
5 حسن: أخرجه أبو داود "3931" وأحمد "6/ 277"، وابن جرير
الطبري في "تاريخ الملوك" "1/ 111"، وابن هشام في "السيرة"
"2/ 497"، من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن
الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: لما قسم رسول
الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية
بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له
فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد
إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم
تستعينه في كتابتها، قالت عائشة: فوالله ما هو إلا أن
رأيتها على باب حجرتي فكرهتها، وعرفت أنه سيرى منها صلى
الله عليه وسلم ما رأيت، فدخلت عليه، فقالت: يا رسول الله،
أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني
من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن
الشماس، أو لابن عم له، فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينك
على كتابتي، قال: "فهل لك في خير من ذلك"؟ قالت: وما هو يا
رسول الله؟ قال: "أقضي عنك كتابتك وأتزوجك"؟ قالت: نعم يا
رسول الله، قال: "قد فعلت" قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية بنة الحارث
عن أبي ضرار، فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وأرسلوا ما بأيديهم، قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها
مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم
على قومها بركة منها.
قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق بن يسار، صدوق، وقد صرح
بالتحديث فأمنا شر تدليسه.
(3/505)
وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَ كُلِّ
مَمْلُوْكٍ مِنْ بَنِي المُصْطَلِقِ وَكَانَتْ مِنْ مِلْكِ
اليَمِيْنِ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا1.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ: بَنُو المُصْطَلِقِ مِنْ
خُزَاعَةَ. وَكَانَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ ابْنُ
عمها مسافع بن صفوان ابن أبي الشفر.
وَقَدْ قَدِمَ أَبُوْهَا الحَارِثُ عَلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ.
وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ قَالَتْ: تزوجني رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا بِنْتُ
عِشْرِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَتْ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ جُوَيْرِيَةُ فِي سَنَةِ
خَمْسِيْنَ. وَقِيْلَ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ سِتٍّ
وَخَمْسِيْنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
جَاءَ لَهَا سَبْعَةُ أَحَادِيْثَ: مِنْهَا عِنْدَ
البُخَارِيِّ حَدِيْثٌ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ حَدِيْثَانِ.
أَيُّوْبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ قَالَ: أَتَى وَالِدُ
جُوَيْرِيَةَ فَقَالَ: إِنَّ بِنْتِي لاَ يُسْبَى
مِثْلُهَا فَأَنَا أَكْرَمُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أَرَأَيْتَ إِنْ خَيَّرْنَاهَا". فَأَتَاهَا أَبُوْهَا
فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ خَيَّرَكِ فَلاَ
تَفْضَحِيْنَا فَقَالَتْ: فَإِنِّي قَدِ اخْتَرْتُهُ
قَالَ: قَدْ وَاللهِ فَضَحْتِنَا2.
زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَعْتَقَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جُوَيْرِيَةَ
وَاسْتَنْكَحَهَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَ كُلِّ
مَمْلُوْكٍ مِنْ بَنِي المُصْطَلِقِ3.
هَمَّامٌ وَغَيْرُهُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي
أَيُّوْبَ الهَجَرِيِّ، عَنْ جويرية بنت الحَارِثِ: أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ
عَلَيْهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ وَهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ
لَهَا: "أَصُمْتِ أَمْسِ" قَالَتْ: لاَ قَالَ:
"أَتُرِيْدِيْنَ أَنْ تَصُوْمِي غَداً". قَالَتْ: لاَ
قَالَ: "فَأَفْطِرِي" 4.
__________
1 منكر: أخرجه ابن سعد "8/ 117" من طريق الواقدي. وهو
متروك كما أن الحديث مرسل. وهو يخالف الحديث السابق الثابت
فليس صداقها عتق بني المصطلق.
2 ضعيف: أبو قلابة، هو عبد الله بن زيد الجرمي البصري، ثقة
فاضل، كثير الإرسال وهو من الطبقة الثالثة، وهي الطبقة
الوسطى من كبار التابعين، فأنى له لقيا رسول الله صلى الله
عليه وسلم فبينه، وبين سيد البشر صلى الله عليه وسلم مفاوز
تنقطع دونها أعناق المطي.
3 منكر: أخرجه عبد الرزاق "13118"، وابن سعد "8/ 118"، وهو
مرسل وهو مخالف للثابت أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث قال صلى الله عليه وسلم
لها: $"أقضي عنك كتابتك وأتزوجك؟ " قالت: نعم يا رسول
الله، قال: $"قد فعلت" ولم يكن صداقها عتق بني المصطلق،
إنما أعتقهم الصحابة لما سمعوا أنهم أصهار سيد البشر صلى
الله عليه وسلم.
4 صحيح: أخرجه البخاري "1986"، وأبو داود "2422"، وأحمد
"6/ 430"، وابن سعد "8/ 119".
(3/506)
رَوَاهُ شُعْبَةُ وَلَهُ عِلَّةٌ غَيْرُ
مُؤَثِّرَةٍ رَوَاهُ سَعِيْدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ
المُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو.
شُعْبَةُ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ: سَمِعْتُ كُرَيْباً،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ قَالَتْ: أَتَى
عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- غَدْوَةً وَأَنَا أُسَبِّحُ ثُمَّ انْطَلَقَ
لِحَاجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ قَرِيْباً مِنْ نِصْفِ
النَّهَارِ فَقَالَ: "أَمَا زِلْتِ قَاعِدَةً". قُلْتُ:
نَعَمْ. قَالَ: "أَلاَ أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ لَو عُدِلْنَ
بِهِنَّ عَدَلَتْهُنَّ أَوْ وُزِنَّ بِهِنَّ وَزَنَتْهُنَّ
-يَعْنِي جَمِيْعَ مَا سَبَّحْتِ- سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ
خَلْقِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ
عَرْشِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ
ثَلاَثَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ
-ثَلاَثَ مَرَّاتٍ- " 1.
يُوْنُسُ، عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ، عن عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ
قَالَتْ: لَمَّا قَسَّمَ رَسُوْلُ الله -صلى الله عليه
وسلم- سبايا بني المُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ فِي
سَهْمِ رَجُلٍ فَكَاتَبَتْهُ وَكَانَتْ حُلْوَةً
مُلاَّحَةً لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ إلَّا أخذت بنفسه. فأتت
رسول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسْتَعِيْنُهُ
فَكَرِهْتُهَا يَعْنِي لِحُسْنِهَا. فَقَالَتْ: يا رسول
الله أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من البلاء
ما لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ وَقَدْ كَاتَبْتُ فَأَعِنِّي.
فَقَالَ: "أوخير مِنْ ذَلِكَ: أُؤَدِّي عَنْكِ
وَأَتَزَوَّجُكِ". فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَفَعَلَ فَبَلَغَ
النَّاسَ فَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُوْلِ اللهِ
فَأَرْسَلُوا مَا كَانَ فِي أَيْدِيْهِمْ مِنْ بَنِي
المصطلق فلقد أعتق بها مئة أَهْلِ بَيْتٍ. فَمَا أَعْلَمُ
امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بركة على قومها منها2.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2726"، وابن سعد "1/ 119"، وأحمد "6/
324 و327 و429 و430".
2 حسن: راجع تخريجنا السابق رقم "1138".
(3/507)
136- سودة أم
المؤمنين 1 "خ، د، س":
بنت زمعة بن قيس القُرَشِيَّةُ العَامِرِيَّةُ.
وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ تَزَوَّجَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ خَدِيْجَةَ
وَانْفَرَدَتْ بِهِ نَحْواً مِنْ ثَلاَثِ سِنِيْنَ أَوْ
أَكْثَرَ حَتَّى دَخَلَ بِعَائِشَةَ.
وَكَانَتْ سَيِّدَةً جَلِيْلَةً نَبِيْلَةً ضَخْمَةً
وَكَانَتْ أَوَّلاً عِنْدَ السَّكْرَانِ بنِ عمرو أخي سهيل
بن عمرو العامري.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 52-57" تهذيب الكمال "35/
ترجمة 7864"، وتهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2820"، الإصابة
"4/ ترجمة رقم 606".
(3/507)
وَهِيَ الَّتِي وَهَبَتْ يَوْمَهَا
لِعَائِشَةَ رِعَايَةً لِقَلْبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَتْ قَدْ فَرِكَتْ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
لَهَا أَحَادِيْثُ: وَخَرَّجَ لَهَا البُخَارِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهَا: ابْنُ عَبَّاسٍ وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ
اللهِ الأَنْصَارِيُّ.
تُوُفِّيَتْ فِي آخِرِ خِلاَفَةِ عُمَرَ بِالمَدِيْنَةِ.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ
قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ
أَكُوْنَ فِي مِسْلاخِهَا مِنْ سَوْدَةَ مِنِ امْرَأَةٍ
فِيْهَا حِدَّةٌ فَلَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا
مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- لعائشة1.
وَرَوَى الوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ،
عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَوْدَةَ فِي رَمَضَانَ
سَنَةَ عَشْرٍ مِنَ النُّبُوَّةِ وَهَاجَرَ بِهَا
وَمَاتَتْ بِالمَدِيْنَةِ فِي شَوَّال سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ2.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: وَهَذَا الثَّبْتُ عِنْدَنَا.
وَرَوَى عَمْرُو بنُ الحَارِثِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي
هِلاَلٍ أَنَّ سَوْدَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-
تُوُفِّيَتْ زَمَنَ عُمَر.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَسْلَمَتْ سَوْدَةُ وَزَوْجُهَا
فَهَاجرَا إِلَى الحَبَشَةِ.
وَعَنْ بُكَيْرِ بنِ الأَشَجِّ: أَنَّ السَّكْرَانَ قَدِمَ
مِنَ الحَبَشَةِ بِسَوْدَةَ فَتُوُفِّيَ عَنْهَا.
فَخَطَبَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: أَمْرِي إِلَيْكَ قَالَ: "مُرِي
رَجُلاً مِنْ قَوْمِكِ يُزَوِّجُكِ" فَأَمَرَتْ حَاطِبَ
بنَ عَمْرٍو العَامِرِيَّ فَزَوَّجَهَا وَهُوَ
مُهَاجِرِيٌّ بدري3.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "5212" من طريق زهير، ومسلم "1436"
من طريق جرير، كلاهما عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ قالت: ما رأيت أَحَبَّ إِلَيَّ
أَنْ أَكُوْنَ فِي مِسْلاخِهَا مِنْ سودة بنت زمعة من
امراة فيها حدة. قالت: فلما كبرت جعلت يومها مِنْ رَسُوْلِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة. قالت: يا
رسول الله قد جعلت يومي منك لعائشة. فكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين: يومها ويوم سودة.
قوله: "مسلاخها" المسلاخ هو الجلد. ومعناه أنها تمنت أن
تكون في مثل هديها وطريقتها.
2 ضعيف جدا: "أخرجه ابن سعد "8/ 53"، وفي إسناده الواقدي،
وهو متروك وهو مرسل.
3 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 53" من طريق الواقدي، وهو
متروك.
(3/508)
هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ: حَدَّثَنَا
القَاسِمُ بنُ أَبِي بَزَّةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ إِلَى سَوْدَةَ
بِطَلاقِهَا. فَجَلَسَتْ عَلَى طَرِيْقِهِ فَقَالَتْ:
أنشدك بالذي أنزل عليك كِتَابَهُ لِمَ طَلَّقْتَنِي?
أَلِمَوْجِدَةٍ? قَالَ: "لاَ" قَالَتْ: فَأَنْشُدُكَ اللهَ
لَمَا رَاجَعْتَنِي فَلاَ حَاجَةَ لِي فِي الرِّجَالِ
وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُبْعَثَ فِي نِسَائِكَ.
فَرَاجَعَهَا قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي
لِعَائِشَةَ1.
الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ قَالَتْ سَوْدَةُ: يَا
رَسُوْلَ اللهِ صَلَّيْتُ خَلْفَكَ البَارِحَةَ فَرَكَعْتَ
بِي حَتَّى أَمْسَكْتُ بِأَنْفِي مَخَافَةَ أَنْ يَقْطُرَ
الدَّمُ فَضَحِكَ. وَكَانَتْ تُضْحِكُهُ الأَحْيَانَ
بِالشَّيْءِ.
صَالِحٌ مَوْلَى التوءمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
حَجَّةِ الوَدَاعِ: "هَذِهِ ثُمَّ ظُهُوْرَ الحُصْرِ".
قَالَ صَالِحٌ: فَكَانَتْ سَوْدَةُ تَقُوْلُ: لاَ أَحُجُّ
بَعْدَهَا.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ لَيْلَةَ
المُزْدَلِفَةِ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ
وَكَانَتْ امْرَأَةٌ ثَبِطَةٌ أَيْ ثَقِيْلَةٌ فَأَذِنَ
لها2.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ: أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ إِلَى سَوْدَةَ
بِغِرَارَةِ دَرَاهِمٍ. فَقَالَتْ: مَا هَذِهِ قَالُوا:
دَرَاهِم قَالَتْ: فِي الغِرَارَةِ مِثْلَ التَّمْرِ يَا
جَارِيَةُ: بَلِّغِيْنِي القُنْعَ فَفَرَّقَتْهَا3.
يُرْوَى لِسَوْدَةَ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ: مِنْهَا فِي
الصَّحِيْحَيْنِ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ، عَنِ البُخَارِيِّ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رِيْطَةَ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ بَعَثَ زَيْداً
وَبَعَثَ مَعَهُ أَبَا رَافِعٍ مَوْلاَهُ وَأَعْطَاهُمَا
بَعِيْرَيْنِ وَخَمْسَ مائَةِ دِرَهْمٍ فَخَرَجْنَا
جَمِيْعاً وَخَرَجَ زَيْدٌ وَأَبُو رَافِعٍ بِفَاطِمَةَ
وَبِأُمِّ كُلْثُوْمٍ وَبِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ
وَبِأُمِّ أَيْمَن وَأُسَامَةَ ابنه4.
__________
1 القاسم بن أبي بزة، مولى بني مخزوم، القارئ ثقة من
الطبقة الخامسة، وهي الطبقة الصغرى من التابعين، فالحديث
مرسل. وقد أخرجه ابن سعد "8/ 54".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1290". وحطمة الناس: أي زحمة الناس.
3 ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 56"، وإسناده منقطع بين ابن
سيرين وعمر.
4 ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "1/ 237-238" وفيه الواقدي،
متروك.
(3/509)
137- صفية عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1:
بنت عبد المطلب الهاشمية. وَهِيَ شَقِيْقَةُ حَمْزَةَ.
وَأُمُّ حَوَارِيِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الزُّبَيْرِ. وَأُمُّهَا مِنْ بَنِي زهرة.
تَزَوَّجَهَا الحَارِثُ أَخُو أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ
فَتُوُفِّيَ عَنْهَا.
وَتَزَّوَجَهَا العَوَّامُ أَخُو سَيِّدَةِ النِّسَاءِ
خَدِيْجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ فَوَلَدَتْ لَهُ الزُّبَيْرَ
وَالسَّائِبَ وَعَبْدَ الكَعْبَةِ.
وَالصَّحِيْحُ أَنَّهُ مَا أَسْلَمَ مِنْ عَمَّاتِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِوَاهَا.
وَلَقَدْ وَجَدَتْ عَلَى مَصْرَعِ أَخِيْهَا حَمْزَةَ
وَصَبَرَتْ وَاحْتَسَبَتْ.
وَهِيَ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ وَمَا أَعْلَمُ هَلْ
أَسْلَمَتْ مَعَ حَمْزَةَ أَخِيْهَا أَوْ مَعَ الزُّبَيْرِ
وَلَدِهَا.
وَقَدْ كَانَتْ يَوْمَ الخَنْدَقِ فِي حِصْنِ حَسَّانِ بنِ
ثَابِتٍ قَالَتْ وَكَانَ حَسَّانٌ مَعَنَا فِي
الذُّرِّيَّةِ. فَمَرَّ بِالحِصْنِ يَهُوْدِيٌّ فَجَعَلَ
يُطِيْفُ بِالحِصْنِ وَالمُسْلِمُوْنَ فِي نُحُورِ
عَدُوِّهِمْ.
ثُمَّ سَاقَتِ الحَدِيْثَ وَأَنَّهَا نَزَلَتْ وَقَتَلَتِ
اليَهُوْدِيَّ بِعَمُوْدٍ.
فَرَوَى هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْهَا قَالَتْ: أَنَا
أَوَّلُ امْرَأَةٍ قَتَلَتْ رَجُلاً: كَانَ حَسَّانٌ
مَعَنَا فَمَرَّ بِنَا يَهُوْدِيٌّ فَجَعَلَ يُطِيْفُ
بِالحِصْنِ فَقُلْتُ لِحَسَّانٍ: إِنَّ هَذَا لاَ آمَنُهُ
أَنْ يَدُلَّ عَلَى عَوْرَتِنَا فَقُمْ فَاقْتُلْهُ.
قَالَ: يَغْفِرُ اللهُ لَكِ لَقَدْ عَرَفْتِ مَا أَنَا
بِصَاحِبِ هَذَا. فاحتجزت وَأَخَذَتْ عَمُوداً وَنَزَلَتْ
فَضَرَبَتْهُ حَتَّى قَتَلَتْهُ.
تُوُفِّيَتْ صَفِيَّةُ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَدُفِنَتْ
بِالبَقِيْعِ. وَلَهَا بِضْعُ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
وَكِيْعٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِين} [الشُّعرَاء: 214] . قَامَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:
"يَا فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ يَا صَفِيَّةَ بِنْتَ
عَبْدِ المُطَّلِبِ يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ لاَ
أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً سَلُوْنِي مِنْ مَالِي
مَا شئتم" 2.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 41"، والإصابة "4/ ترجمة
رقم 654".
2 صحيح: أخرجه مسلم "205".
(3/510)
ذِكْرُ أَوْلاَدِ صَفِيَّةَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا:
وَلَدَتْ صَفِيَّةُ: الزُّبَيْرَ وَالسَّائِبَ وَعَبْدَ
الكَعْبَةِ بَنِي العَوَّامِ.
وَهِيَ القَائِلَةُ تَنْدُبُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عَيْنُ جُوْدِي بِدَمْعَةٍ وَسُهُوْدِ ... وَانْدُبِي
خَيْرَ هَالِكٍ مَفْقُودِ
وَانْدُبِي المُصْطَفَى بِحُزْنٍ شَدِيْدٍ ... خَالَطَ
القَلْبَ فَهُوَ كَالمَعْمُوْدِ
كِدْتُ أَقْضِي الحَيَاةَ لَمَّا أَتَاهُ ... قَدَرٌ خُطَّ
فِي كِتَابٍ مَجِيْدِ
فَلَقَدْ كَانَ بِالعِبَادِ رَؤُوْفاً ... وَلَهُمْ
رَحْمَةً وَخَيْرَ رَشِيْدِ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حَيّاً وَمَيْتاً ... وَجَزَاهُ
الجِنَانَ يَوْمَ الخُلُوْدِ#
فَهَذَا مِمَّا أُوْرِدَ لِصَفِيَّةَ. فالله أعلم بصحته.
أختها:
(3/511)
138- أَرْوَى عَمَّةُ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1:
تَزَوَّجَهَا عُمَيْرُ بنُ وَهْبٍ فَوَلَدَتْ لَهُ
طُلَيْباً ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا أَرْطَاةُ فَوَلَدَتْ
لَهُ فَاطِمَةَ. ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَرْوَى وَهَاجَرَتْ.
وَأَسْلَمَ وَلَدُهَا طُلَيْبٌ فِي دَارِ الأَرْقَمِ.
رَوَى هَذَا ابْنُ سَعْدٍ. وَلَمْ يُسْمَعْ لَهَا بِذِكْرٍ
بَعْدُ وَلاَ وجدنا لها رواية.
وأختها:
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 42-43"، الإصابة "4/ ترجمة
رقم 33".
(3/511)
139- عاتكة عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1:
بنت عبد المطلب. أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ.
وَهِيَ صَاحِبَةُ تِلْكَ الرُّؤْيَا فِي مَهْلِكِ أَهْلِ
بَدْرٍ. وَتِلْكَ الرُّؤْيَا ثَبَّطَتْ أَخَاهَا أَبَا
لَهَبٍ، عَنْ شُهُودِ بَدْرٍ.
وَلَمْ نَسْمَعْ لها بذكر في غير الرؤيا.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 43-45"، والإصابة "4/
ترجمة رقم 198".
(3/511)
140- البيضاء عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1:
أَمْ حكيم بنت عبد المطلب مَا أَظُنُّهَا أَدْرَكَتْ
نُبُوَّةَ المُصْطَفَى.
تَزَوَّجَهَا كُرَيزُ بنُ رَبِيْعَةَ العَبْشَمِيُّ
فَوَلَدَتْ لَهُ عَامِراً وَالِدَ الأَمِيْرِ عَبْدِ اللهِ
وَأَرْوَى وَالِدَةَ الشَّهِيْدِ عُثْمَانَ.
ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا: عُقْبَةُ بنُ أَبِي مُعَيْطٍ
فَوَلَدَتْ لَهُ الوَلِيْدَ وَخَالِداً وَأُمَّ كُلْثُوْمٍ
وَلِلثَّلاَثَةِ صحبة.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 45".
(3/512)
141- بَرَّةُ عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم 1:
بنت عبد المطلب، وَالِدَةُ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ
الأَسَدِ المَخْزُوْمِيِّ البَدْرِيِّ.
ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا أَبُو رُهْمٍ بنِ عَبْدِ العُزَّى
العَامِرِيُّ فَوَلَدَتَ لَهُ: أَبَا سَبْرَةَ أَحَدُ
البَدْرِيِّيْنَ.
لَمْ تُدْرِكِ المَبْعَثَ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهَا
استطرادًا.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 45".
(3/512)
142- أميمة عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1:
بنت عبد المطلب وَالِدَةُ عَبْدِ اللهِ وَأُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ زَيْنَبَ، وَعُبَيْدِ الله، وَأَبِي
أَحْمَدَ عَبْدٍ وَحَمْنَةَ أَوْلاَدِ جَحْشِ بنِ رِيَابٍ
الأَسَدِيِّ حَلِيْفِ قُرَيْشٍ.
أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَطْعَمَهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعِيْنَ وَسْقاً مِنْ
تَمْرِ خَيْبَرَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ رَبِيْعَةَ ابْنِ
عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ الهَاشِمِيَّةُ أَعْنِي
الَّتِي أَسْلَمَتْ وَأُطْعِمَتْ مِنْ تَمْرِ خَيْبَرَ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُمَيْمَةَ الكُبْرَى العَمَّةَ مَا
هَاجَرَتْ وَلاَ أَدْرَكَتِ الإِسْلاَمَ. فَاللهُ
أَعْلَمُ.
لَمْ يَهْتَمَّ بِذِكْرِ إِسْلاَمِهَا إلَّا الوَاقِدِيُّ
وَرَوَى فِي ذَلِكَ قِصَّةً. فَاللهُ أَعْلَمُ.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 45-46"، والإصابة "4/
ترجمة 106".
(3/512)
143- ضباعة
1 "د، س، ق":
بِنْتُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الزُّبَيْرِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ
هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ الهَاشِمِيَّةُ.
مِنَ المُهَاجِرَاتِ.
وَكَانَتْ تَحْتَ المِقْدَادِ بنِ الأَسْوَدِ فولدت له عبد
الله وكريمة.
لَهَا أَحَادِيْثُ يَسِيْرَةٌ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى عَنْهَا: ابْنَتُهَا كَرِيْمَةُ وَسَعِيْدُ بن
المسيب وعروة بن الزبير عبد الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ
وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهَا مِنَ القُدَمَاءِ: ابْنُ عَبَّاسٍ
وَجَابِرٌ.
وَقُتِلَ وَلَدُهَا عَبْدُ اللهِ بنُ المِقْدَادِ يَوْمَ
الجَمَلِ مَعَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ.
مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ
فَقَالَتْ: إِنِّي أُرِيْدُ الحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي"
2.
بَقِيَتْ ضُبَاعَةُ إِلَى بَعْدِ عَامِ أَرْبَعِيْنَ
فِيْمَا أَرَى -رَضِيَ اللهُ عنها.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 46"، تهذيب الكمال "35/
ترجمة رقم 7881"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2837"،
الإصابة "4/ ترجمة 672".
2 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 164"، ومسلم "1207" والنسائي "5/
68" والدارقطني "2/ 234-235"، وابن الجارود "420"،
والطبراني في "الكبير" "24 / 833"، والبيهقي "5/ 221" من
طرق عن عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ به.
وأخرجه أحمد "6/ 202"، والبخاري "5089"، ومسلم "1207"،
والنسائي "5/ 168"، والطبراني "24/ 834 و835"، والبغوي
"2000" من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، به.
(3/513)
144- درة
1:
بِنْتُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَبِي لَهَبٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
الهَاشِمِيَّةُ.
من المهاجرات.
لَهَا حَدِيْثٌ وَاحِدٌ فِي "المُسْنَدِ" مِنْ رِوَايَةِ
ابْنِ ابْنِ عَمِّهَا الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ.
وَقِيْلَ: تزوج بها دحية الكلبي.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 50"، الإصابة "4/ ترجمة
رقم 397".
(3/513)
145- أم كلثوم
1 "خ، م، د، ت، س":
بنت عقبة بن أَبِي مُعَيْطٍ: أَبَانِ بنِ ذَكْوَانَ بنِ
أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ
قُصَيٍّ الأُمَوِيِّ.
مِنَ المُهَاجِرَاتِ.
أَسْلَمَتْ بِمَكَّةَ وَبَايَعَتْ. وَلَمْ يَتَهَيَّأْ
لَهَا هِجْرَةٌ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ. وَكَانَ خُرُوْجُهَا
زَمَنَ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ فَخَرَجَ فِي إِثْرِهَا
أَخَوَاهَا: الوَلِيْدُ وَعُمَارَةُ. فَمَا زَالاَ حَتَّى
قَدِمَا المَدِيْنَةَ فَقَالاَ: يَا مُحَمَّدُ فِ لَنَا
بِشَرْطِنَا. فَقَالَتْ: أَتَرُدُّنِي يَا رَسُوْلَ اللهِ
إِلَى الكُفَّارِ يَفْتِنُوْنِي، عَنْ دِيْنِي وَلاَ
صَبْرَ لِي وَحَالُ النِّسَاءِ فِي الضَّعْفِ مَا قَدْ
عَلِمْتَ? فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَكُمُ
الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ}
الآيَتَيْنِ [المُمْتَحَنَةُ: 10] .
فَكَانَ يَقُوْلُ: "آللهُ مَا أَخْرَجَكُنَّ إلَّا حُبُّ
اللهِ وَرَسُوْلِهِ وَالإِسْلاَمُ مَا خَرَجْتُنَّ
لِزَوْجٍ وَلاَ مَالٍ". فَإِذَا قُلْنَ ذَلِكَ لَمْ
يُرْجِعْهُنَّ إِلَى الكُفَّارِ.
وَلَمْ يَكُنْ لأُمِّ كُلْثُوْمٍ بِمَكَّةَ زَوْجٌ
فَتَزَوَّجَهَا زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ ثُمَّ طَلَّقَهَا
فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ فَوَلَدَت
لَهُ: إِبْرَاهِيْمَ وَحُمَيْداً فَلَمَّا تُوُفِّيَ
عَنْهَا تَزَوَّجَهَا عَمْرُو بنُ العَاصِ فَتُوُفِّيَتْ
عِنْدَهُ.
رَوَتْ عَشْرَةَ أَحَادِيْثَ فِي مُسْنَدِ بَقِيِّ بنِ
مَخْلَدٍ.
لَهَا فِي الصَّحِيْحَيْنِ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ.
رَوَى عَنْهَا ابْنَاهَا: حُمَيْدٌ وَإِبْرَاهِيْمُ
وَبُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ.
تُوُفِّيَتْ فِي خِلاَفَةِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
رَوَى لَهَا الجَمَاعَةُ سِوَى ابْن مَاجَه. وَسَاقَ
أَخْبَارَهَا ابن سعد وغيره.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 230-232"، تهذيب الكمال
"35/ ترجمة رقم 8004" تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 3980"،
الإصابة "4/ ترجمة 1475".
(3/514)
146- أم عمارة
1 "ع":
نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عَوْفِ بنِ مَبْذُوْلٍ.
الفَاضِلَةُ المُجَاهِدَةُ الأَنْصَارِيَّةُ
الخَزْرَجِيَّةُ النَّجَّارِيَّةُ المَازِنِيَّةُ
المَدَنِيَّةُ.
كَانَ أَخُوْهَا عَبْدُ اللهِ بنُ كَعْبٍ المَازِنِيُّ
مِنَ البَدْرِيِّيْنَ. وَكَانَ أَخُوْهَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ مِنَ البَكَّائِيْنَ.
شَهِدَتْ أُمُّ عُمَارَةَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ وَشَهِدَتْ
أُحُداً وَالحُدَيْبِيَةَ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ وَيَوْمَ
اليَمَامَةِ. وَجَاهَدَتْ وَفَعَلَتِ الأَفَاعِيْلَ.
رُوِيَ لَهَا أَحَادِيْثُ. وَقُطِعَتْ يَدُهَا فِي
الجِهَادِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: شَهِدَتْ أُحُداً مَعَ زَوْجِهَا
غَزِيَّةَ بنِ عَمْرٍو وَمَعَ وَلَدَيْهَا.
خَرَجَتْ تَسْقِي وَمَعَهَا شَنٌّ وَقَاتَلَتْ وَأَبْلَتْ
بَلاَءً حَسَناً وَجُرِحَتِ اثْنَيْ عَشَرَ جُرْحاً.
وَكَانَ ضَمْرَةُ بنُ سَعِيْدٍ المَازِنِيُّ يُحَدِّثُ،
عَنْ جَدَّتِهِ وَكَانَتْ قَدْ شَهِدَتْ أُحُداً قَالَتْ:
سَمِعْتُ رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ:
"لَمُقَامُ نَسِيْبَةَ بِنْتِ كَعْبٍ اليوم خَيْرٌ مِنْ
مُقَامِ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ".
وَكَانَتْ تَرَاهَا يَوْمَئِذٍ تُقَاتِلُ أَشَدَّ
القِتَالِ وَإِنَّهَا لَحَاجِزَةٌ ثَوْبَهَا عَلَى
وَسَطِهَا حَتَّى جُرِحَتْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ جُرْحاً
وَكَانَتْ تَقُوْلُ: إِنِّي لأَنْظُرُ إِلَى ابْنِ
قَمِئَةَ وَهُوَ يَضْرِبُهَا عَلَى عَاتِقِهَا. وَكَانَ
أَعْظَمَ جِرَاحِهَا فَدَاوَتْهُ سَنَةً. ثُمَّ نَادَى
مُنَادِي رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. إِلَى حَمْرَاءِ الأَسَدِ2. فَشَدَّتْ
عَلَيْهَا ثِيَابَهَا فَمَا اسْتَطَاعَتْ مِنْ نَزْفِ
الدَّمِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَرَحِمَهَا.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عُمَارَةَ، عَنْ
عُمَارَةَ بنِ غَزِيَّةَ قَالَ: قالت أم عمارة: رأيتني
انكشف الناس، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا بَقِيَ إلَّا فِي نُفَيْرٍ مَا
يُتِمُّونَ عَشَرَةً وَأَنَا وَابْنَايَ وَزَوْجِي بَيْنَ
يَدَيْهِ نَذُبُّ عَنْهُ وَالنَّاسُ يَمُرُّوْنَ بِهِ
مُنْهَزِمِيْنَ وَرَآنِي وَلاَ تُرْسَ مَعِي فَرَأَى
رَجُلاً مُوَلِّياً وَمَعَهُ تُرْسٌ فَقَالَ: "أَلْقِ
تُرْسَكَ إِلَى مَنْ يُقَاتِلُ" فَأَلْقَاهُ فَأَخَذْتُهُ
فَجَعَلْتُ أُتَرِّسُ بِهِ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ.
وَإِنَّمَا فَعَلَ بِنَا الأَفَاِعْيَلَ أَصْحَابُ
الخَيْلِ لَو كَانُوا رَجَّالَةً مِثْلَنَا أَصَبْنَاهُمْ
إِنْ شَاءَ الله.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 412-416"، تهذيب الكمال
"35/ ترجمة 7993"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2966"،
الإصابة "4/ ترجمة 1426".
2 حمراء الأسد: موضع على ثمانية أميال من المدينة عن يسار
الطريق إذا أردت ذا الحليفة.
(3/515)
فَيُقْبِلُ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ
فَيَضْرِبُنِي وَتَرَّسْتُ لَهُ فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئاً
وَوَلَّى فَأَضْرِبُ عُرْقُوبَ فَرَسِهِ فَوَقَعَ عَلَى
ظَهْرِهِ. فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم-
يصيح: "يابن أُمِّ عُمَارَةَ أُمَّكَ أُمَّكَ" قَالَتْ:
فَعَاوَنَنِي عَلَيْهِ حتى أوردته شعوب1.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي
ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ يَحْيَى، عَنْ
أُمِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ قَالَ: جُرِحْتُ
يَوْمَئِذٍ جُرْحاً وَجَعَلَ الدَّمُ لاَ يَرْقَأُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"اعْصِبْ جُرْحَكَ".
فَتُقْبِلُ أُمِّي إِلَيَّ وَمَعَهَا عَصَائِبُ فِي
حَقْوِهَا2 فَرَبَطَتْ جُرْحِي وَالنَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاقِفٌ فَقَالَ: "انْهَضْ
بُنَيَّ فَضَارِبِ القَوْمَ" وَجَعَلَ يَقُوْلُ: "مَنْ
يُطِيْقُ مَا تُطِيْقِيْنَ يَا أُمَّ عُمَارَةَ"؟!.
فَأَقْبَلَ الَّذِي ضَرَبَ ابْنِي فَقَالَ رسول الله:
"هَذَا ضَارِبُ ابْنِكِ". قَالَتْ: فَأَعْتَرِضُ لَهُ
فَأَضْرِبُ سَاقَهُ فَبَرَكَ.
فَرَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَبْتَسِمُ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ
وَقَالَ: "اسْتَقَدْتِ 3 يَا أُمَّ عُمَارَةَ"!
ثُمَّ أَقْبَلْنَا نَعُلُّهُ4 بِالسِّلاحِ حَتَّى
أَتَيْنَا عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحَمْدُ للهِ الَّذِي
ظَفَّرَكِ".
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي
سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ اللهِ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدِ بنِ عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
شَهِدْتُ أُحُداً فَلَمَّا تَفَرَّقُوا، عَنْ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَنَوْتُ
مِنْهُ أَنَا وَأُمِّي نَذُبُّ عَنْهُ. فَقَالَ: "ابْنَ
أُمِّ عُمَارَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: "ارْمِ"
فَرَمَيْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلاً بِحَجَرٍ وَهُوَ عَلَى
فَرَسٍ فَأَصَبْتُ عَيْنَ الفَرَسِ فَاضْطَرَبَ الفَرَسُ.
فَوَقَعَ هُوَ وَصَاحِبُهُ وَجَعَلْتُ أَعْلُوْهُ
بِالحِجَارَةِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى الله عليه وسلم-
يبتسم.
وَنَظَرَ إِلَى جُرْحِ أُمِّي عَلَى عَاتِقِهَا فَقَالَ:
"أُمَّكَ أُمَّكَ! اعْصِبْ جُرْحَهَا! اللَّهُمَّ
اجْعَلْهُم رُفَقَائِي في الجنة".
__________
1 شعوب: من أسماء المنيه غير مصروف، وسميت شعوب لأنها
تفرق.
2 الحقو: معقد الإزار، وجمعه أحق وأحقاء، ثم سُمي به
الإزار للمجاورة.
3 استقدت: اقتصصت من القود وهو القصاص.
4 نعله: نتابع ضربه.
(3/516)
قُلْتُ: مَا أُبَالِي مَا أَصَابَنِي مِنَ
الدُّنْيَا.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ ضَمْرَةَ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ بِمُرُوْطٍ فِيْهَا
مِرْطٌ جَيِّدٌ فَبَعَثَ بِهِ إِلَى أُمِّ عُمَارَةَ.
شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ
امْرَأَةٍ، عَنْ أُمِّ عُمَارَةَ قَالَتْ: أَتَانَا
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَاماً وَكَانَ بَعْضُ مَنْ
عِنْدَهُ صَائِماً فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أُكِلَ عِنْدَ الصَّائِمِ
الطَّعَامُ صَلَّتْ عَلَيْهِ المَلائِكَةُ".
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ قَالَ:
جُرِحَتْ أُمُّ عُمَارَةَ بِأُحُدٍ اثْنَيْ عَشَرَ جُرْحاً
وَقُطِعَتْ يَدُهَا يَوْمَ اليَمَامَةِ وَجُرِحَتْ يَوْمَ
اليَمَامَةِ سوَى يَدِهَا أَحَدَ عَشَرَ جُرْحاً.
فَقَدِمَتِ المَدِيْنَةَ وبها الجراحة فلقد رئي أبي بَكْرٍ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ خَلِيْفَةٌ يَأْتِيهَا
يَسْأَلُ عَنْهَا.
وَابْنُهَا حَبِيْبُ بنُ زَيْدِ بنِ عاصم هو الذي قطعه
مسيلمة.
وَابْنُهَا الآخَرُ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدٍ المَازِنِيُّ
الَّذِي حَكَى وُضُوْءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُتِلَ يَوْمَ الحَرَّةِ1 وَهُوَ
الَّذِي قَتَلَ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابَ بِسَيْفِهِ.
انْفَرَدَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ وَابْنُ مَنْدَةَ
بِأَنَّهُ شَهِدَ بَدْراً.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: بَلْ شَهِدَ أُحُداً.
قُلْتُ: نَعَمْ الصَّحِيْحُ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ
بَدْراً. وَاللهُ أعلم.
__________
1 الحرة: كل أرض ذات حجارة سود.
(3/517)
147- أسماء بنت
عميس 1 "ع":
ابن معبد بن الحارث الخثعمية. أم عبد الله.
مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ.
قِيْلَ: أَسْلَمَتْ قَبْلَ دُخُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ
وَهَاجَرَ بِهَا زَوْجُهَا جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ إِلَى
الحَبَشَةِ فَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ: عَبْدَ اللهِ
وَمُحَمَّداً وَعَوْناً.
فَلَمَّا هَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى المَدِيْنَةِ سَنَةَ
سَبْعٍ وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ تَزَوَّجَ بِهَا
أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّداً
وَقْتَ الإِحْرَامِ فَحَجَّتْ حَجَّةَ الوَدَاعِ ثُمَّ
تُوُفِّيَ الصِّدِّيْقُ فَغَسَّلَتْهُ.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 280-285" تهذيب الكمال
"35/ ترجمة 7783"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2726"،
الإصابة "4/ ترجمة رقم 51".
(3/517)
وَتَزَوَّجَ بِهَا عَلِيُّ بنُ أَبِي
طَالِبٍ.
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَدِمَتْ أَسْمَاءُ مِنَ الحَبَشَةِ
فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: يَا حَبَشِيَّةُ سَبَقْنَاكُمْ
بِالهِجْرَةِ.
فَقَالَتْ: لَعَمْرِي لَقَدْ صَدَقْتَ كُنْتُمْ مَعَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وُيُعَلِّمُ جَاهِلَكُم وَكُنَّا
البُعَدَاءُ الطُّرَدَاءُ. أَمَا وَاللهِ لأَذْكُرَنَّ
ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ. فَأَتَتْهُ. فَقَالَ: "لِلنَّاسِ
هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكُمْ هجرتان" 1.
عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ عَامِرٍ
قَالَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُوْنَ أَنَّا لَسْنَا مِنَ
المُهَاجِرِيْنَ. قَالَ: "كَذَبَ مَنْ يَقُوْلُ ذَلِكَ
لَكُمُ الهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ، هَاجَرْتُمْ إِلَى
النَّجَاشِيِّ وَهَاجَرْتُمْ إِلَيَّ".
قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَوَّلُ مَنْ أَشَارَ بِنَعْشِ
المَرْأَةِ يَعْنِي المُكَبَّةُ أَسْمَاءُ رَأَتِ
النَّصَارَى يَصْنَعُوْنَهُ بِالحَبَشَةِ.
الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ،
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: لَمَّا أُصِيْبَ
جَعْفَرٌ قَالَ: تَسَلَّبِي ثَلاَثاً ثُمَّ اصنعي ما شئت.
قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ
عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدٍ بِذِي الحُلَيْفَةِ وَهُمْ
يُرِيْدُوْنَ حَجَّةَ الوَدَاعِ فَأَمَرَهَا أَبُو بَكْرٍ
أَنْ تَغْتَسِلَ ثُمَّ تُهِلَّ بِالحَجِّ2.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
المُسَيِّبِ قَالَ: نُفِسَتْ بِذِي الحُلَيْفَةِ فَهَمَّ
أَبُو بَكْرٍ بِرَدِّهَا فَسَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مُرْهَا
فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَ تُهِلَّ بِالحَجِّ".
وَرَوَى القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ نَحْواً
مِنْهُ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي
بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَكَانَ أَبْيَضَ خَفِيْفَ
اللَّحْمِ فَرَأَيْتُ يَدَيْ أَسْمَاءَ مَوْشُوْمَةً.
__________
1 صحيح: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، أخرجه ابن سعد "8/ 281".
وأخرجه البخاري "4230"، ومسلم "2502" و"2503" حدثنا محمد
بن العلاء الهمداني قال: حدثنا أبو أسامة، حدثني بُرَيْدٌ،
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، به في حديث
طويل.
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 282" من طريق سفيان الثوري، عن
عبد الكريم، به. وأخرجه أحمد "6/ 369" ومسلم "1218" في
حديث طويل، عن جابر بن عبد الله.
(3/518)
زَادَ خَالِدٌ الطَّحَّانُ، عَنْ
إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ قَيْسٍ: تذب عن أبي بكر.
قَالَ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَاضِي المَدِيْنَةِ:
أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ تُغَسِّلَهُ أَسْمَاءُ.
قَالَ قَتَادَةُ: فَغَسَّلَتْهُ بِنْتُ عُمَيْسٍ
امْرَأَتُهُ.
وَقِيْلَ: عَزَمَ عَلَيْهَا لَمَّا أَفْطَرَتْ وَقَالَ:
هُوَ أَقْوَى لَكِ. فَذَكَرَتْ يَمِيْنَهُ فِي آخِرِ
النَّهَارِ فَدَعَتْ بِمَاءٍ فَشَرِبَتْ وَقَالَتْ:
وَاللهِ لاَ أُتْبِعُهُ اليَوْمَ حِنْثاً.
مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ
أَسْمَاءَ غَسَّلَتْ أَبَا بَكْرٍ فَسَأَلَتْ مَنْ حَضَرَ
مِنَ المُهَاجِرِيْنَ وَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمَةٌ وَهَذَا
يَوْمٌ شَدِيْدُ البَرْدِ فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ غُسْلٍ?
فَقَالُوا: لاَ.
رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ: أَنَّ
عُمَرَ فَرَضَ الأُعْطِيَةَ فَفَرَضَ لأَسْمَاءَ بِنْتِ
عُمَيْسٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: ثُمَّ تَزَوَّجَتْ عَلِيّاً
فَوَلَدَتْ لَهُ يَحْيَى وَعَوْناً.
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: سَمِعْتُ عَامِراً
يَقُوْلُ: تَزَوَّجَ عَلِيٌّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ
فَتَفَاخَرَ ابْنَاهَا: مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ
وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا
أَكْرَمُ مِنْكَ وَأَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِيْكَ.
قَالَ: فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ: اقْضِي بَيْنَهُمَا
قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ شَابّاً مِنَ العَرَبِ خَيْراً مِنْ
جَعْفَرٍ وَلاَ رَأَيْتُ كَهْلاً خَيْراً مِنْ أَبِي
بَكْرٍ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا تَرَكْتِ لَنَا شَيْئاً وَلَوْ
قُلْتِ غَيْرَ الَّذِي قُلْتِ لَمَقَتُّكِ.
قَالَتْ: إِنَّ ثَلاَثَةً أَنْتَ أَخَسُّهُمْ خِيَارٌ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ:
قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كَذَّبَتْكُم مِنَ
النِّسَاءِ الحَارِقَةُ1 فَمَا ثَبَتَتْ مِنْهُنَّ
امْرَأَةٌ إلَّا أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ.
قُلْتُ: لأَسْمَاءَ حَدِيْثٌ فِي "سُنَنِ الأَرْبَعَةِ".
حَدَّثَ عَنْهَا: ابْنُهَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ
وَابْنُ أُخْتِهَا عَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادٍ. وَسَعِيْدُ
بنُ المُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَالقَاسِمُ
بنُ مُحَمَّدٍ. وَآخَرُوْنَ.
عاشت بعد علي.
__________
1 الحارقة والحاروق من النساء: الضيقة الفرج. قال ابن
الأعرابي: وامرأة حارقة ضيقة الملاقي، وقيل: هي التي
تغلبها الشهوة حتى تحرق أنيابها بعضها على بعض أي تحكها.
(3/519)
148- أسماء بنت
أبي بكر 1 "ع":
عبد الله بن أبي قحافة عثمان.
أُمُّ عَبْدِ اللهِ القُرَشِيَّةُ، التَّيْمِيَّةُ،
المَكِّيَّةُ، ثُمَّ المدنية.
وَالِدَةُ الخَلِيْفَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ،
وَأُخْتُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ، وَآخِرُ
المُهَاجِرَاتِ وَفَاةً.
رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ. وَعُمِّرَتْ دَهْراً
وَتُعْرَفُ بِذَاتِ النِّطَاقَيْنِ.
وَأُمُّهَا: هِيَ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ العُزَّى
العَامِرِيَّةُ.
حَدَّثَ عَنْهَا ابْنَاهَا: عَبْدُ اللهِ وَعُرْوَةُ
وَحَفِيْدُهَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُرْوَةَ وَحَفِيْدُهُ
عَبَّادُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو
وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ
وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ
وَأَبُو نَوْفَلٍ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي عَقْرَبٍ
وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ وَفَاطِمَةُ
بِنْتُ المُنْذِرِ بنِ الزُّبَيْرِ وَمَوْلاَهَا عَبْدُ
اللهِ بنُ كَيْسَانَ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ
وَنَافِلَتُهَا2 عَبَّادُ بنُ حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ الزُّبَيْرِ وَعِدَّةٌ.
وَكَانَتْ أَسَنَّ مِنْ عَائِشَةَ بِبِضْعَ عَشْرَةَ
سَنَةً، هَاجَرَتْ حَامِلاً بِعَبْدِ اللهِ، وَقِيْلَ:
لَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ، وَشَهِدَتِ اليَرْمُوْكَ مَعَ
زَوْجِهَا الزُّبَيْرِ، وَهِيَ وَأَبُوْهَا وَجَدُّهَا
وَابْنُهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ أَرْبَعَتُهُمْ
صَحَابِيُّوْنَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ،
أَنْبَأَنَا المُؤَيَّدُ الطُّوْسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الفَرَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَافِرِ
الفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَمْرَوَيْه، أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ،
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا نَافِعُ بن
عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ
أَبِي بَكْرٍ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إني عَلَى الحَوْضِ أَنْظُرُ مَنْ
يَرِدُ عليَّ مِنْكُم" 3.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 249-255"، تهذيب الكمال
"35/ ترجمة 7780"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2721"،
الإصابة "4 ترجمة 46".
2 النافلة: ولد الولد؛ لأن الأصل كان الولد فصار ولد الولد
زيادة على الأصل، قال الله - عز وجل- في قضية إبراهيم، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72] ، كأنه قال وهبنا
لإبراهيم إسحاق فكان كالفرض له، ثم قال: ويعقوب نافلة،
فالنافلة ليعقوب خاصة لأنه ولد الولد أي وهبنا له زيادة
على الفرض له، وذلك أن إسحاق وهب له بدعائه وزيد يعقوب
تفضلا.
3 صحيح: أخرجه مسلم "2293" حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو
الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بنُ عُمَرَ الجُمَحِيُّ،
عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، به.
وأخرجه البخاري "6593" حدثنا سعيد بن أبي مريم، عن نافع بن
عمر، به.
(3/520)
شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمٍ القُرِّيِّ قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَإِذَا هِيَ
امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ عَمْيَاءُ نَسْأَلُهَا، عَنْ مُتْعَةِ
الحَجِّ. فَقَالَتْ: قَدْ رَخَّصَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيْهَا1.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ
أَسْمَاءُ أَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرٍ.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ
المُنْذِر، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: صَنَعْتُ سُفْرَةَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
بَيْتِ أَبِي حِيْنَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ فَلَمْ أَجِدْ
لِسُفْرَتِهِ وَلاَ لِسِقَائِهِ مَا أَرْبِطُهُمَا
فَقُلْتُ لأَبِي: مَا أَجِدُ إلَّا نِطَاقِي قَالَ:
شُقِّيْهِ بِاثْنَيْنِ فَارْبِطِي بِهِمَا قَالَ:
فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ2.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ أسماء قالت: لَمَّا تَوَجَّهَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ حَمَلَ
أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ جَمِيْعَ مَالِهِ خَمْسَةَ آلاَفٍ
أَوْ سِتَّةَ آلاَفٍ فَأَتَانِي جَدِّي أَبُو قُحَافَةَ
وَقَدْ عَمِيَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ فَجَعَكُمْ
بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ. فَقُلْتُ: كَلاَّ قَدْ تَرَكَ لَنَا
خَيْراً كَثِيْراً.
فَعَمَدْتُ إِلَى أَحْجَارٍ فَجَعَلْتُهُنَّ فِي كُوَّةِ
البَيْتِ وَغَطَّيْتُ عَلَيْهَا بِثَوْبٍ ثُمَّ أَخَذْتُ
بِيَدِهِ وَوَضَعْتُهَا عَلَى الثَّوْبِ فَقُلْتُ: هَذَا
تَرَكَهُ لَنَا فَقَالَ: أَمَا إِذْ تَرَكَ لَكُم هَذَا
فَنَعَمْ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حُدِّثْتُ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ:
أَتَى أَبُو جَهْلٍ فِي نَفَرٍ فَخَرَجتُ إِلَيْهِمْ
فَقَالُوا: أَيْنَ أَبُوْكِ? قُلْتُ: لاَ أَدْرِي وَاللهِ
أَيْنَ هُوَ.
فَرَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ وَلَطَمَ خَدِّي لَطْمَةً
خَرَّ مِنْهَا قُرْطِي. ثُمَّ انْصرفُوا. فَمَضَتْ ثَلاَثٌ
لاَ نَدْرِي أَيْنَ تَوَجَّهَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ
الجِنِّ يَسْمَعُوْنَ صَوْتَهُ بِأَعْلَى مَكَّةَ
يَقُوْلُ:
جَزَى اللهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ ...
رَفِيْقَيْنِ قَالاَ خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعَبْدِ
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ تَصْدَعُ
فَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَتَقُوْلُ: بِذَنْبِي
وَمَا يَغْفِرُهُ اللهُ أَكْثَرُ.
وَرَوَى عُرْوَةُ عَنْهَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي
الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ شَيْءٌ غَيْرُ فرسه فكنت أسوسه
وأعلفه وأدق لناضجه النوى3 وأستقي وأعجن وكنت أنقل النوى
من أرض الزبير
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "6/ 348" من طريق روح وهو ابن عبادة عن
شعبة، به.
قلت: إسناده حسن، مسلم القرى، هو مسلم بن مخراق، العبد
القري، أبو الأسود، صدوق.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3907"، وابن سعد "8/ 250" من طريق
أبي أسامة حماد بن أسامة، حدثنا هشام بن عروة، به.
3 الناضح: هو البعير التي يُستقى عليها. والنوى: عجم التمر
والزبيب وغيرهما.
(3/521)
الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِي وَهِيَ عَلَى
ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ فَجِئْتُ يَوْماً وَالنَّوَى عَلَى
رَأْسِي فَلَقِيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ نَفَرٌ فَدَعَانِي فَقَالَ:
"إِخّ إِخّ" لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ
وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ.
قَالَتْ: فَمَضَى.
فَلَمَّا أَتَيْتُ أَخْبَرْتُ الزُّبَيْرَ فَقَالَ:
وَاللهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ
رُكُوْبِكِ مَعَهُ قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو
بَكْرٍ بَعْدُ بِخَادِمٍ فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ
فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي1.
وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ
فِي أَسْمَاءَ وَكَانَتْ أُمُّهَا يُقَالُ لَهَا:
قُتَيْلَةُ جَاءتْهَا بِهَدَايَا فَلَمْ تَقْبَلْهَا
حَتَّى سَأَلَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَنَزَلَتْ: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ
الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}
[المُمْتَحَنَةُ: 8] .
وَفِي الصَّحِيْحِ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ
إِنَّ أُمِي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا?
قَالَ: "نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ" 2.
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ عُرْوَةَ،
عَنْ هِشَامٍ أَنَّ عُرْوَةَ قَالَ: ضَرَبَ الزُّبَيْرُ
أَسْمَاءَ فَصَاحَتْ بِعَبْدِ اللهِ ابْنِهَا فَأَقْبَلَ.
فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أُمُّكَ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتَ.
فَقَالَ: أَتَجْعَلُ أَمِّي عُرْضَةً لِيَمِيْنِكَ
فَاقْتَحَمَ وَخَلَّصَهَا. قَالَ: فَبَانَتْ مِنْهُ3.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ: أَنَّ
الزُّبَيْرَ طَلَّقَ أَسْمَاءَ فَأَخَذَ عُرْوَةَ وَهُوَ
يَوْمَئِذٍ صَغِيْرٌ4.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ
قَالَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ سَخِيَّةَ
النَّفْسِ.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2182".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5979" من طريق الليث، ومسلم "1003"
من طريق عبد الله بن إدريس، كلاهما عَنْ هِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أسماء، به.
3 موضوع: آفته عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ
عُرْوَةَ بن الزبير المدني، قال ابن حبان: يروي الموضوعات
عن الثقات. وقال أبو حاتم الرازي: متروك الحديث. وساق له
ابن عدي له أحاديث، ثم قال: عامتها مما لا يتابعه عليه
الثقات، والحديث ذكره الذهبي في ترجمته في "الميزان"، وعده
من بلاياه.
4 ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 253" أخبرنا عَفَّانُ بنُ
مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، به.
قلت: إسناده ضعيف، إسناده منقطع بين هشام بن عروة، والزبير
بن العوام.
(3/522)
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنِ القَاسِمِ بنِ
مُحَمَّدٍ: سَمِعتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُوْلُ: مَا
رَأَيْتُ امْرَأَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْ عَائِشَةَ
وَأَسْمَاءَ وَجُوْدُهُمَا مُخْتَلِفٌ: أَمَّا عَائِشَةُ
فَكَانَتْ تَجْمَعُ الشَّيْءَ إِلَى الشَّيْءِ حَتَّى
إِذَا اجْتَمَعَ عِنْدَهَا وَضَعَتْهُ مَوَاضِعَهَ
وَأَمَّا أَسْمَاءُ فَكَانَتْ لاَ تَدَّخِرُ شَيْئاً
لِغَدٍ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ سَعْدٍ: فَرَضَ عُمَرُ
لِلْمُهَاجِرَاتِ أَلْفاً أَلْفاً مِنْهُنَّ أُمُّ عَبْدٍ
وَأَسْمَاءُ.
هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ:
أَنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ تَمْرَضُ المَرْضَةَ فَتَعْتِقُ
كُلَّ مَمْلُوْكٍ لَهَا.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ مِنْ
أَعْبَرِ النَّاسِ لِلْرُّؤْيَا أَخَذَ ذَلِكَ، عَنْ
أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَأَخَذَتْ، عَنْ
أَبِيْهَا.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ طَلْحَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ: قَالَتْ أَسْمَاءُ لابْنِهَا: يَا بُنَيَّ
عِشْ كَرِيْماً وَمُتْ كَرِيْماً لاَ يَأْخُذْكَ القَوْمُ
أَسِيْراً.
قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: كَثُرَ اللُّصُوْصُ
بِالمَدِيْنَةِ فَاتَّخَذَتْ أَسْمَاءُ خِنْجَراً زَمَنَ
سَعِيْدِ بنِ العَاصِ: كَانَتْ تَجْعَلُهُ تَحْتَ
رَأْسِهَا.
قَالَ عُرْوَةُ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَخِي قَبْلَ أَنْ
يُقْتَلَ عَلَى أُمِّنَا بِعَشْرِ لَيَالٍ وَهِيَ وَجِعَةٌ
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ? قَالَتْ:
وَجِعَةٌ. قَالَ: إِنَّ فِي المَوْتِ لَعَافِيَةً.
قَالَتْ: لَعَلَّكَ تَشْتَهِي مَوْتِي فَلاَ تَفْعَلْ
وَضَحِكَتْ وَقَالَتْ: وَاللهِ مَا أَشْتَهِي أَنْ
أَمُوْتَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ: إِمَّا
أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبُكَ وَإِمَّا أَنْ تَظْفَرَ
فَتَقَرَّ عَيْنِي. إِيَّاكَ أَنْ تُعْرَضَ عَلَى خُطَّةٍ
فَلاَ تُوَافِقَ فَتَقْبَلُهَا كَرَاهِيَةَ المَوْتِ.
قَالَ: وَإِنَّمَا عَنَى أَخِي أَنْ يُقْتَلَ
فَيَحْزُنُهَا ذَلِكَ.
وَكَانَتْ بِنْتَ مائة سنة.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو المُحَيَّاةِ، عَنْ
أُمِّهِ قَالَ: لَمَّا قَتَلَ الحَجَّاجُ ابْنَ
الزُّبَيْرِ دَخَلَ عَلَى أَسْمَاءَ وَقَالَ لَهَا: يَا
أُمَّه إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ وَصَّانِي بِكِ
فَهَلْ لَكِ مِنْ حَاجَةٍ? قَالَتْ: لَسْتُ لَكَ بِأُمٍّ
وَلَكِنِّي أُمُّ المَصْلُوْبِ عَلَى رَأْسِ الثَّنِيَّةِ
وَمَا لِي مِنْ حَاجَةٍ وَلَكِنْ أُحَدِّثُكَ: سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول:
"يخرج في ثفيف كَذَّابٌ وَمُبِيْرٌ". فَأَمَّا الكَذَّابُ
فَقَدْ رَأَيْنَاهُ -تَعْنِي المختار- وأما المبير فأنت1.
__________
1 حسن: أخرجه مسلم "2545" من حديث ابن عمر عن أسماء مرفوعا
بلفظ: "أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حدثنا "أن في ثقيف كذابا ومبيرا" فأما الكذاب
فرأيناه. وأما المبير لا إخالك إلا إياه، قال: فقام عنها
ولم يراجعها -أي الحجاج بن يوسف- قوله: "مبيرا": أي مهلكا.
قوله "إخالك": بفتح الهمزة وكسرها، والكسر أشهر: أي أظنك.
(3/523)
فَقَالَ لَهَا: مُبِيْرُ المُنَافِقِيْنَ.
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو المُحَيَّاةِ
يَحْيَى بنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
دَخَلْتُ مَكَّةَ بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ
بِثَلاَثٍ وَهُوَ مَصلُوْبٌ فَجَاءتْ أُمُّهُ عَجُوْزٌ
طَوِيْلَةٌ عَمْيَاءُ فَقَالَتْ لِلحَجَّاجِ: أَمَا آنَ
لِلرَّاكِبِ أَنْ يَنْزِلَ فَقَالَ: المُنَافِقُ? قَالَتْ:
وَاللهِ مَا كَانَ مُنَافِقاً كَانَ صَوَّاماً قَوَّاماً
بَرّاً قَالَ: انْصَرِفِي يَا عَجُوْزُ فَقَدْ خَرِفْتِ.
قَالَتْ: لاَ وَاللهِ مَا خَرِفْتُ مُنْذُ سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ: "فِي ثَقِيْفٍ كَذَّابٌ
وَمُبِيْرٌ....." الحَدِيْثَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ صَفِيَّةَ، عَنْ
أُمِّهِ قَالَتْ: قِيْلَ لابْنِ عُمَرَ: إِنَّ أَسْمَاءَ
فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ وَذَلِكَ حِيْنَ صُلِبَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ فَمَالَ إِلَيْهَا فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ
الجُثَثَ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا الأَرْوَاحُ عِنْدَ
اللهِ فَاتَّقِي الله واصبري.
فَقَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَقَدْ أُهْدِيَ رَأْسُ
يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي
إِسْرَائِيْلَ.
أَيُّوْبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: دَخَلْتُ
عَلَى أَسْمَاءَ بَعْدَ مَا أُصِيْبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ
فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا صَلَبَ عَبْدَ اللهِ
اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى أُوتَى بِهِ
فَأُحَنِّطَهُ وَأُكَفِّنَهُ.
فَأُتِيَتْ بِهِ بَعْدُ فَجَعَلَتْ تُحَنِّطُهُ بِيَدِهَا
وَتُكَفِّنُهُ بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهَا.
وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:
وَصَلَّتْ عَلَيْهِ وَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ إلَّا
مَاتَتْ.
شَرِيْكٌ، عَنِ الرُّكَيْنِ بنِ الرَّبِيْعِ قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ
كَبِرَتْ وَهِيَ تُصَلِّي وَامْرَأَةٌ تَقُوْلُ لَهَا:
قُوْمِي اقْعُدِي افْعَلِي مِنَ الكِبَرِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَتْ بَعْدَ ابْنِهَا بِلَيَالٍ.
وَكَانَ قَتْلُهُ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى
الأُوْلَى سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
قُلْتُ: كَانَتْ خَاتِمَةُ المُهَاجِرِيْنَ
وَالمُهَاجِرَاتِ.
إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ عَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، عَنْ
أَبِي الصِّدِّيْقِ النَّاجِي: أَنَّ الحَجَّاجَ دَخَلَ
عَلَى أَسْمَاءَ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَكِ أَلْحَدَ فِي
هَذَا البَيْتِ وَإِنَّ اللهَ أَذَاقَهُ مِنْ عَذَابٍ
أَلِيْمٍ. قَالَتْ: كَذَبْتَ، كَانَ بَرّاً بِوَالِدَتِهِ
صَوَّاماً قَوَّاماً وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنَا رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ
سَيَخْرُجُ مِنْ ثَقِيْفٍ كَذَّابَانِ: الآخَرُ مِنْهُمَا
شَرٌّ مِنَ الأَوَّلِ وَهُوَ مُبِيْرٌ" 1.
مُسْنَدُهَا: ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُوْنَ حَدِيْثاً.
اتَّفَقَ لَهَا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى ثَلاَثَةَ
عَشَرَ حَدِيْثاً. وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِخَمْسَةِ
أَحَادِيْثَ وَمُسْلِمٌ بأربعة.
__________
1 حسن: راجع تخريجنا السابق.
(3/524)
149- أسماء بنت
يزيد بن السكن 1:
أم عامر وَأُمُّ سَلَمَةَ. الأَنْصَارِيَّةُ
الأَشْهَلِيَّةُ، بِنْتُ عَمَّةِ مُعَاذِ بن جبل.
مِنَ المُبَايِعَاتِ المُجَاهِدَاتِ.
رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- جُمْلَةَ أَحَادِيْثَ.
وَقَتَلَتْ بِعَمُوْدِ خِبَائِهَا يَوْمَ اليَرْمُوْكِ
تِسْعَةً مِنَ الرُّوْمِ.
سَكَنَتْ دِمَشْقَ وَقَبْرُ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي
بِمَقْبَرَةِ البَابِ الصَّغِيْرِ هُوَ قَبْرُهَا إِنْ
شَاءَ اللهُ.
حَدَّثَ عَنْهَا: مَوْلاَهَا مُهَاجِرٌ وَشَهْرُ بنُ
حَوْشَبٍ وُمُجَاهِدٌ وإسحاق ابن رَاشِدٍ وَابْنُ
أُخْتِهَا مَحْمُوْدُ بنُ عَمْرٍو وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ: أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيْدَ
هِيَ أُمُّ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيَّةُ.
قُلْتُ: وَقِيْلَ: إِنَّهَا حَضَرَتْ بَيْعَةَ
الرِّضْوَانِ وَبَايَعَتْ يَوْمَئِذٍ.
رَوَى مُحَمَّدُ بنُ مُهَاجِرٍ وَأَخُوْهُ عَمْرٌو، عَنْ
أَبِيْهِمَا، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيْدَ بِنْتِ عَمِّ
مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ كَذَا قَالَ وَلاَ يَسْتَقِيْمُ ذَلِكَ
لأَنَّ أَسْمَاءَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ وَمُعَاذاً
مِنْ بَنِي سَلِمَةَ قَالَتْ: قَتَلْتُ يَوْمَ
اليَرْمُوْكِ تِسْعَةً.
قُلْتُ: عَاشَتْ إِلَى دَوْلَةِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ.
__________
1 ترجمتها في تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7785"، تهذيب
التهذيب "12/ ترجمة 2727"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 58".
(3/525)
2- بَرِيْرَةُ مَوْلاَةُ أُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ 1 "س":
لَهَا حديث عند النسائي.
رَوَى عَنْهَا: عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ وَغَيْرُهُ.
قَدْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيْثِهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ
وَغَيْرُهُ بِفَوَائِدَ جَمَّةٍ.
رَوَى عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا أَبِي
قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ
المُؤْمِنِيْنَ إِنِّي كُنْتُ لِعُتْبَةَ بنِ أَبِي لَهَبٍ
وَإِنَّ بَنِيْهِ وَامْرَأَتَهُ بَاعُوْنِي وَاشْتَرَطُوا
الوَلاَءَ فَمَوْلَى مَنْ أَنَا? فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ
دَخَلَتْ عَلَيَّ بَرِيْرَةُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ
فَقَالَتْ: اشْتَرِيْنِي قُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَتْ:
إِنَّهُمْ لاَ يَبِيْعُوْنَنِي حَتَّى يَشْتَرِطُوا
وَلاَئِي فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْكِ.
فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَوْ بَلَغَهُ فَقَالَ: "مَا بَالُ
بَرِيْرَةَ"؟ فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ: "اشْتَرِيْهَا
فَأَعْتِقِيْهَا وَدَعِيْهِمْ فَيَشْتَرِطُونَ مَا شاءوا".
فَاشْتَرَيْتُهَا فَأَعْتَقْتُهَا فَقَالَ: "الوَلاَءُ
لِمَنْ أَعْتَقَ وَلَو اشْتَرَطُوا مائَةَ مَرَّةٍ" 2.
مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ: قَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَأْنِ بَرِيْرَةَ حِيْنَ
أَعْتَقَهَا وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا الوَلاَءَ فَقَالَ:
"مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُوْنَ شُرُوْطاً لَيْسَتْ
فِي كِتَابِ اللهِ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطاً لَيْسَ فِي
كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنِ اشْتَرَطَ مائَةَ
مَرَّةٍ فَشَرْطُ اللهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ" 3.
وَرَوَى نَحْوَهُ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ وَالأَسْوَدُ
بنُ يَزِيْدَ وَعَمْرَةُ وَمُجَاهِدٌ، عن عائشة4.
وَيَرْوِيْهِ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ5.
عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءتْنِي بَرِيْرَةُ
تَسْتَعِيْنُ فِي كِتَابَتِهَا وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ
شَيْئاً. فَقُلْتُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ فَإِنْ
أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ ويكون ولاؤك
لي فعلت
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 256-261"، وتهذيب الكمال
"35/ ترجمة 7769"، تهذيب التهذيب "12 / ترجمة 2741"،
الإصابة "4/ ترجمة 177".
2 صحيح: أخرجه البخاري "2565"، وابن سعد "8/ 256-257" من
طريق عبد الواحد بن أيمن، به.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 257".
4 صحيح: أخرجه مالك "2/ 562"، ومن طريقه أخرجه البخاري
"5097" و"5279" ومسلم "1075" "173" و"1504" "14"، والنسائي
"6/ 162"، والبيهقي "6/ 161"، والبغوي "1611" عَنْ
رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ القاسم، عن
عائشة، به.
وأخرجه البخاري "6754"، والبيهقي "7/ 223" من طريق أبي
عوانة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، عن
عائشة، به.
5 صحيح: أخرجه مالك "2/ 781"، ومن طريق مالك رواه البخاري
"2169" و"2562" و"2752" و"6757"، ومسلم "1504"، وأبو داود
"2915"، والنسائي "7/ 300"، والبيهقي "10/ 337"، والبغوي
"2113" عن نافع، عن ابن عمر، به.
(3/526)
فَذَكَرَتْ بَرِيْرَةُ ذَلِكَ لَهُم.
فَأَبَوْا وَقَالُوا: إِنْ شَاءتْ أَنْ تَحْتَسِبَ
فَلْتَفْعَلْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: "ابْتَاعِي
فَأَعْتِقِي فَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". ثُمَّ
قَامَ فَقَالَ: "مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُوْنَ
شُرُوْطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ! مَنِ اشْتَرَطَ
شَرْطاً لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ
شَرَطَ مئة شَرْطٍ شَرْطُ اللهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ" 1.
وَفِي لَفْظٍ فِي "الصَّحِيْحِ". قَالَتْ: كَاتَبْتُ
أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أواقٍ كُلُّ عَامٍ أُوْقِيَّةٌ
فَأَعِيْنِيْنِي.
وَفِي لَفْظٍ: "قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللهَ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ" وفيه: "قضاء الله أحق وشرط الله وأوثق
وَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ".
وَفِي لَفْظٍ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُوْلُ أَحَدُهُمْ:
أَعْتِقْ يَا فُلاَنُ وَلِيَ الوَلاَءُ".
وَفِي رِوَايَةٍ: دَخَلَتْ وَعَلَيْهَا خَمْسُ أواق في خمس
سنين فقالت لها عَائِشَةُ وَنَفِسَتْ فِيْهَا: أَرَأَيْتِ
إِنْ عَدَدْتُ لَهُم عِدَّةً وَاحِدَةً أَيَبِيْعُكِ
أَهْلُكِ فَأُعْتِقَكِ? وَفِي لَفْظٍ أَنَّهُ قَالَ
لِعَائِشَةَ: "لاَ يَمْنَعُكِ ذَلِكَ" وَفِيْهِ قَالَ:
"أَمَّا بَعْدُ".
وَفِي رِوَايَةٍ: عَتَقَتْ وَهِيَ عِنْدَ مُغِيْثِ بنِ
جَحْشٍ فَخَيَّرَهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "إِنْ قَرُبَكِ فَلاَ
خِيَارَ لَكِ".
وَفِي رِوَايَةٍ: جَعَلَ عِدَّتَهَا عِدَّةَ المُطَلَّقَةِ
الحُرَّةِ.
وَفِي لَفْظٍ: جَاءتْنِي وَرَسُوْلُ اللهِ جَالِسٌ
فَقَالَتْ لِي مَا رَدَّ أَهْلُهَا. فَقُلْتُ: لاهَا اللهِ
وَرَفَعْتُ صَوْتِي. فَقَالَ: "خُذِيْهَا وَاشْتَرِطِي".
وَفِي لَفْظٍ: "إِذَا أُعْتِقْتِ فَأَنْتَ أَوْلَى
بِأَمْرِكِ مَا لَمْ يَطَأْكِ وَمَا أُحِبُّ أَنْ
تَفْعَلِي" قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ.
وَفِي حَدِيْثِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ فِي
بَرِيْرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ: عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي
زَوْجِهَا وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَالبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ تَفُوْرُ بِلَحْمٍ
فَقُرِّبَ إِلَيْهِ مِنْ أَدَمِ البَيْتِ فَقَالَ: "أَلَمْ
أَرَ البُرْمَةَ"؟ قَالُوا: بَلَى ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ
بِهِ عَلَى بَرِيْرَةَ وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ.
قَالَ: "هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ولنا هدية".
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 780"، ومن طريقه أخرجه الشافعي "2/
70 و70-71 و71-72"، والبخاري "2168" و"2729"، ومسلم
"1504"، وأبو يعلى "4335"، والبيهقي "10/ 336"، والبغوي
"2214" عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
عَائِشَةَ، به.
(3/527)
وَفِي رِوَايَةٍ: وَخُيِّرَتْ فِي
زَوْجِهَا وَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ: لاَ أَدْرِي1.
وَفِي لَفْظٍ: كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ. فَقَالَ: "أَنْتِ
أَمْلَكُ لِنَفْسِكِ إِنْ شئت أقمت معه".
حَدِيْثُ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا أَرَادَتْ
أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيْرَةَ لِلْعِتْقِ: وَفِيْهِ:
فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا. فَقَالَتْ: لَو أَعْطَانِي
كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُّ عِنْدَهُ. فَاخْتَارَتْ
نَفْسَهَا.
وَفِي لَفْظِ الحَكَمِ: وَكَانَ حُرّاً2.
فَقَالَ البُخَارِيُّ: قَوْلُ الأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ3.
وَفِي رِوَايَةٍ: بِلَحْمِ بَقَرٍ. قُلْنَا: تُصُدِّقَ
بِهِ عَلَى بَرِيْرَةَ.
حَدِيْثُ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: إِنَّ بَرِيْرَةَ
جَاءتْ تَسْتَعِيْنُ فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ أَحَبَّ
أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُم ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً
فَأُعْتِقَكِ
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1504" "14" من طريق مالك بن أنس، عن
ربيعة بن عبد الرحمن، عن القاسم بن محمد عن عائشة، به.
2 أخرجه البخاري "6751" وأحمد "6/ 175"، والدارمي "2/
169"، والنسائي "5/ 107-108" من طريق شعبة، عن الحكم عن
إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به، ثم قال الحكم: "وكان
زوجها حرا".
وقال البخاري في إثره: وقول الحكم مرسل، وقال ابن عباس:
رأيته عبدا. قال الحافظ في "الفتح" "12/ 40": وقول الحكم
مرسل: أي ليس بمسند إلى عائشة رواية الخبر فيكون في حكم
المتصل المرفوع. وقوله "وقال ابن عباس رأيته عبدا" زاد في
الباب الذي يليه حديث رقم "6754": وقول الأسود منقطع أي لم
يصله بذكر عائشة فيه وقول ابن عباس أصح لأنه ذكر أنه رآه،
وقد صح أنه حضر القصة وشاهدها فيترجح قوله على قول من لم
يشهدها، فإن الأسود لم يدخل المدينة في عهد رسول الله صلى
الله عليه وسلم. وأما الحكم فولد بعد ذلك بدهر طويل.
ويستفاد من تعبير البخاري قول الأسود منقطع جواز إطلاق
المنقطع في موضع المرسل خلافا لما اشتهر في الاستعمال من
تخصيص المنقطع بما يسقط من أثناء السند واحد إلا في صورة
سقوط الصحابي بين التابعي والنبي صلى الله عليه وسلم فإن
ذلك يسمى عندهم المرسل، ومنهم من خصه بالتابعي الكبير
فيستفاد من قول البخاري أيضا، وقول الحكم مرسل: أنه يستعمل
في التابعي الصغير أيضا لأن الحكم من صغار التابعين،
واستدل به لأحدى الروايتين عن أحمد أن من أعتق من غيره
فالولاء للمعتق والأجر للمعتق عنه.
3 أخرجه البخاري "6754". وقال البخاري في إثره: قول الأسود
منقطع وقول ابن عباس رأيته عبدا أصح. راجع تعليقنا السابق.
(3/528)
حَدِيْثُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ عَائِشَةَ سَاوَمَتْ بَرِيْرَةَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ
إِلَى الصَّلاَةِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ: إِنَّهُمْ لاَ
يَبِيْعُوْنَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا الوَلاَءَ.
قَالَ: "إِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" 1.
هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيْرَةَ كَانَ عَبْداً
أَسْوَدَ يُسَمَّى: مُغِيثاً فَقَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيْهَا أَرْبَعَ قَضِيَّاتٍ:
أَنَّ مَوَالِيْهَا اشْتَرَطُوا الوَلاَءَ فَقَضَى أَنَّ
الوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ وَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ
نَفْسَهَا فَأَمَرَ النَّبِيُّ أَنْ تَعْتَدَّ. فَكُنْتُ
أَرَاهُ يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ المَدِيْنَةِ يَعْصِرُ
عَيْنَيه عَلَيْهَا.
قَالَ: وَتُصُدِّقَ عَلَيْهَا بِصَدَقَةٍ فَأَهْدَتْ
مِنْهَا إِلَى عَائِشَةَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "هُوَ
عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ" 2.
رَوَى نَحْواً مِنْهُ: رَبِيْعَةُ الرَّأْيِ، عَنِ
القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ3.
دَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ
لِبَرِيْرَةَ: "قَدْ أُعْتِقَ بَضْعُكِ مَعَكِ
فَاخْتَارِي".
أَيُّوْبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ خَيَّرَ بَرِيْرَةَ. فَكَلَّمَهَا
فِيْهِ. فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَشَيْءٌ وَاجِبٌ?
قَالَ: "لاَ، إنما أشفع له".
شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أُتِيَ
رَسُوْلُ اللهِ بِلَحْمٍ فَقِيْلَ: تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى
بَرِيْرَةَ قَالَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا
هَدِيَّةٌ" 4.
أَيُّوْبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: ذُكِرَ زَوْجُ
بَرِيْرَةَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: ذَاكَ مُغِيْثٌ
عَبْدُ بَنِي فُلاَنٍ قَدْ رَأَيْتُهُ يَبْكِي خَلْفَهَا
يتبعها في الطريق5.
__________
1 سبق تخريجنا له قريبا برقم "1192".
2 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "10/ 182"، وأحمد "1/ 281
و361"، والطحاوي "3/ 82"، والطبراني "11826"، والبيهقي "7/
221-222" من طريق همام، قال: أخبرنا قتادة، عن عكرمة به.
3 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك "2/ 562، ومن طريق
مالك أخرجه البخاري "5097" و"5279"، ومسلم "1075" "173"
و"1504" "14" والنسائي "6/ 162"، والبيهقي "6/ 161"،
والبغوي "1611" عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ عَنْ القاسم، عن عائشة، به.
4 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 259-260" من طريق شعبة، به.
5 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 260" أخبرنا الفضل بن دكين، عن
ابن عيينة عن أيوب، عن عكرمة، به.
(3/529)
وَرَوَى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ
أَيُّوْبَ قَالَ: لاَ أَعْلَمُ أَهْلَ المَدِيْنَةِ
وَمَكَّةَ يَخْتَلِفُوْنَ أَنَّهُ عَبْدٌ.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ زَوْجُ بَرِيْرَةَ يَوْمَ خُيِّرَتْ حُرّاً.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ
بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ: أَنَّ زَوْجَ بَرِيْرَةَ كَانَ
عَبْداً.
قُلْتُ: بَرِيْرَةُ لَمَّا أَعْتَقَتْهَا عَائِشَةُ وَقْتَ
باعوها وكان ذَلِكَ وَابْنُ عَبَّاسٍ بِالمَدِيْنَةِ
وَإِنَّمَا قَدِمَهَا بَعْدَ عَامِ الفَتْحِ.
فَأَمَّا الجَارِيَةُ الَّتِي فِي حَدِيْثِ الإِفْكِ
الَّتِي سُئِلَتْ عَمَّا تَعْلَمُ مِنْ عَائِشَةَ
فَأُخْرَى غَيْرُ بَرِيْرَةَ.
وَجَاءَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لِلعَبَّاسِ: "يَا عم ألا تعجب
من بغض بَرِيْرَةَ مُغِيْثاً وَحُبِّهِ لَهَا".
(3/530)
151- أم سليم
الغميصاء 1 "خَ، م، د، ت، س":
وَيُقَالُ: الرُّمَيْصَاءُ. وَيُقَالُ: سَهْلَةُ،
وَيُقَالُ: أُنَيْفَةُ، وَيُقَالُ: رُمَيْثَةُ.
بِنْتُ مِلْحَانَ بنِ خَالِدِ بنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ
جُنْدَبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ
النَّجَّارِ الأَنْصَارِيَّةُ الخَزْرَجِيَّةُ.
أُمُّ خَادِمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ.
فَمَاتَ زَوْجُهَا مَالِكُ بنُ النَّضْرِ ثُمَّ
تَزَوَّجَهَا أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بنُ سَهْلٍ
الأَنْصَارِيُّ فَوَلَدَتْ لَهُ: أَبَا عُمَيْرٍ وَعَبْدَ
اللهِ.
شَهِدَتْ: حُنَيْناً وَأُحُداً مِنْ أَفَاضِلِ النِّسَاءِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ: كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ
مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَوْمَ أُحُدٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ
أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ خِنْجَراً يَوْمَ حُنَيْنٍ
فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ هَذِهِ أُمُّ
سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ
إِنْ دَنَا مِنِّي مُشْرِكٌ بَقَرْتُ به بطنه2.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 424"، الجرح والتعديل "9/
ترجمة 2376"، تهذيب الكمال "/ 35 ترجمة 7983"، تهذيب
التهذيب "12/ ترجمة رقم 2954"، الإصابة "4/ ترجمة رقم
1321"،
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 425".
(3/530)
هَمَّامُ بنُ يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ
عَبْدِ اللهِ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ: أَنَّهَا
آمَنَتْ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو أَنَسٍ وَكَانَ
غَائِباً فَقَالَ: أَصَبَوْتِ فَقَالَتْ: مَا صَبَوْتُ
وَلَكِنِّي آمَنْتُ! وَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَساً: قُلْ
لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ قُلْ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً
رَسُوْلَ اللهِ فَفَعَلَ. فَيَقُوْلُ لَهَا أَبُوْهُ: لاَ
تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي. فَتَقُوْلُ: إِنِّي لاَ
أُفْسِدُهُ! فَخَرَجَ مَالِكٌ فَلَقِيَهُ عَدُوٌّ لَهُ
فَقَتَلَهُ: فَقَالَتْ: لاَ جَرَمَ لاَ أَفْطِمُ أَنَساً
حَتَّى يَدَعَ الثَّدْيَ وَلاَ أَتَزَوَّجُ حَتَّى
يَأْمُرُنِي أَنَسٌ.
فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ
فَأَبَتْ.
خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن موسى، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ
أَنَسٍ قَالَ: خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ
فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ فَإِنْ تَابَعْتَنِي
تَزَوَّجْتُكَ قَالَ: فَأَنَا عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتِ
عَلَيْهِ. فَتَزَوَّجَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ وَكَانَ
صَدَاقَهَا الإِسْلاَمُ.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ
أَنَسٍ قَالَ: خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أم سُلَيْمٍ
فَقَالَتْ: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ أَتَزَوَّجَ
مُشْرِكاً أَمَا تَعْلَمُ يَا أَبَا طَلْحَةَ أَنَّ
آلِهَتَكُمْ يَنْحَتُهَا عَبْدُ آلِ فُلاَنٍ وَأَنَّكُمْ
لَو أَشْعَلْتُم فِيْهَا نَاراً لاحْتَرَقَتْ قَالَ:
فَانْصَرَفَ وَفِي قَلْبِهِ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَاهَا
وَقَالَ: الَّذِي عَرَضْتِ عَلَيَّ قَدْ قَبِلْتُ. قَالَ:
فَمَا كَانَ لَهَا مَهْرٌ إلَّا الإِسْلاَمُ1.
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ:، أَخْبَرَنَا رِبْعِيُّ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ الجَارُوْدِ الهُذَلِيُّ:، حَدَّثَنِي
الجَارُودُ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بنُ مَالِكٍ: أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ
يَزُوْرُ أُمَّ سُلَيْمٍ فَتُتْحِفُهُ بِالشَّيءِ
تَصْنَعُهُ لَهُ وَأَخٌ لِي أَصْغَرُ مِنِّي يُكْنَى أَبَا
عُمَيْرٍ فَزَارَنَا يَوْماً فَقَالَ: "مَا لِي أَرَى
أَبَا عُمَيْرٍ خَاثِرَ النَّفْسِ"؟ قَالَتْ: مَاتَتْ
صَعْوَةٌ لَهُ كَانَ يَلْعَبُ بِهَا فَجَعَلَ النَّبِيُّ
يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَيَقُوْلُ: "يا أبا عمير ما فعل
النغير"؟ 2.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 426-427" أخبرنا عفان بن مسلم،
حدثنا سليمان بن المغيرة، به.
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 427" أخبرنا مُسْلِمُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا رِبْعِيُّ بنُ عَبْدِ الله بن
الجارود الهذلي، به.
قلت: وإسناده حسن، ربعي بن عبد الله، وجده الجارود كلاهما
صدوق. وأخرجه أحمد "3/ 119 و171 و190 و212"، والبخاري
"6203"، ومسلم "659" و"2150"، والبيهقي "5/ 203" من طريق
أبي التياح قال: سمعت أنس بن مالك يَقُوْلُ: كَانَ
رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يخالطنا حتى
يقول لأخ لي صغير: "يا أبا عمير ما فعل النغير"؟ ونضح بساط
لنا، فصلى عليه.
(3/531)
هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ
اللهِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْخُلُ بَيْتاً
غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ. فَقِيْلَ لَهُ. فَقَالَ:
"إِنِّي أَرْحَمُهَا قتل أَخُوْهَا مَعِي" 1.
قُلْتُ: أَخُوْهَا هُوَ حَرَامُ بنُ مِلْحَانَ الشَّهِيْدُ
الَّذِي قَالَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُوْنَةَ: فُزْتُ وَرَبِّ
الكَعْبَةِ لَمَّا طُعِنَ مِنْ وَرَائِهِ فَطَلَعَتِ
الحَرْبَةُ مِنْ صَدْرِهِ. -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
أَيُّوْبُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنِ أُمِّ سُلَيْمٍ
قَالَتْ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقِيْلُ فِي بَيْتِي وَكُنْتُ أَبْسُطُ لَهُ
نِطْعاً فَيَقِيْلُ عَلَيْهِ فَيَعْرَقُ فَكُنْتُ آخُذُ
سُكّاً فَأَعْجِنُهُ بِعَرَقِهِ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: فَاسْتَوْهَبْتُ مِنْ أُمِّ
سُلَيْمٍ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ فَوَهَبَتْ لِي مِنْهُ.
قَالَ أَيُّوْبُ: فَاسْتَوْهَبْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ مِنَ
ذَلِكَ السُّكِّ فَوَهَبَ لِي مِنْهُ فَإِنَّهُ عِنْدِي
الآنَ.
قَالَ: وَلَمَّا مَاتَ مُحَمَّدٌ حُنِّطَ بِذَلِكَ السك2.
رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ
الرَّقِّيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو عَنْهُ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ،
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنِ
البَرَاءِ بنِ زَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ
عَلَى نِطْعٍ فَعَرِقَ فَاسْتَيْقَظَ وَهِيَ تَمْسَحُ
العَرَقَ فَقَالَ: "مَا تَصْنَعِيْنَ"؟ قَالَتْ: آخُذُ
هَذِهِ البَرَكَةَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْكَ.
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عبد الكريم بن مالك: أخبرني البراء
بن بِنْتِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ
وَقِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ فَشَرِبَ مِنْهَا قَائِماً
فَقَامَتْ إِلَى في السقاء فقطعته.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 428"، والبخاري "2844"، ومسلم
"2455" من طريق همام، عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس، به.
2 صحيح: أخرجه ابْنُ سَعْدٍ "8/ 428" أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ
اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَيُّوْبَ، عن محمد بن سيرين، به.
وأخرجه البخاري "6281" من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري،
قال: حدثني أبي، عن ثمامة، عن أنس، عن أم سليم، به.
وأخرجه أحمد "3/ 136"، ومسلم "2331" "83" من طريق سليمان
التيمي، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال فذكره.
وأخرجه مسلم "2331" "84" من طريق إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ بن مالك، به وأخرجه
مسلم "2332" من طريق عفان بن مسلم، حدثنا وهب، حدثنا أيوب،
عن أبي قلابة، عن أنس، عن أم سليم، به.
(3/532)
رَوَاهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو
فَزَادَ: وَأَمْسَكَتْهُ عِنْدَهَا.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ:، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ،
عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ بِمِنَى
أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ شِقَّ شَعْرِهِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى
أُمِّ سُلَيْمٍ فَكَانَتْ تَجْعَلُهُ فِي سُكِّهَا.
قَالَتْ: وكان يقبل عِنْدِي عَلَى نِطْعٍ وَكَانَ
مِعْرَاقاً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَجَعَلْتُ أَسْلِتُ العَرَقَ فِي قَارُوْرَةٍ فاستيقظ
فقال: "ما تجعلين"؟ فلت: أريد أن أدوف بِعَرَقِكَ
طِيْبِي1.
حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- دخل على أُمِّ سُلَيْمٍ
فَأَتَتْهُ بِسَمْنٍ وَتَمْرٍ. فَقَالَ: "إِنِّي صَائِمٌ"
ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَلأَهْلِ
بَيْتِهَا فَقَالَتْ: إِنَّ لِي خُوَيْصَّةٌ قَالَ: "مَا
هِيَ"؟ قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ فَمَا تَرَكَ خَيْرَ
آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إلَّا دَعَا لِي بِهِ وَبَعَثَتْ
مَعِي بِمِكْتَلٍ مِنْ رُطَبٍ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.
وروى ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ
فَسَمِعْتُ خَشْفَةً بَيْنَ يَدَيَّ فَإِذَا أَنَا
بِالغُمَيْصَاءِ بِنْتِ مِلْحَانَ" 3.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: وَلَدَتْ أُمِّي فَبَعَثَتْ
بِالوَلَدِ مَعِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: هَذَا أَخِي فَأَخَذَهُ
فَمَضَغَ لَهُ تَمْرَةً فَحَنَّكَهُ بِهَا4.
قَالَ حُمَيْدٌ: قَالَ أَنَسٌ: ثَقُلَ ابْنٌ لأُمِّ
سُلَيْمٍ فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى المَسْجِدِ
فَتُوُفِّيَ الغُلاَمُ. فَهَيَّأَتْ أُمُّ سُلَّيْمٍ
أَمْرَهُ وَقَالَتْ: لاَ تُخْبِرُوْهُ فَرَجَعَ وَقَدْ
سَيَّرَتْ لَهُ عَشَاءهُ فَتَعَشَّى ثُمَّ أَصَابَ مِنْ
أَهْلِهِ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَتْ:
يَا أَبَا طَلْحَةَ أَلَمْ تَرَ إِلَى آلِ أبي فلان
استعاروا
__________
1 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 428-429"، وأحمد "3/ 287".
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 429" من طريق محمد بن عبد الله
بن المثنى الأنصاري، حدثنا حميد، عن أنس، به.
وأخرجه أحمد "3/ 108" من طريق ابن أبي عدي، و"3/ 188" من
طريق عبيدة بن حميد، والبخاري "1982" من طريق خالد بن
الحارث ثلاثتهم عن حميد، عن أنس، به.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 430"، والبخاري "3679"، ومسلم
"2456" و"2457" من طريق عبد العزيز بن الماجشون، حدثنا
محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: فذكره.
قوله خشفة: أي صوتا ليس بالشديد.
4 صحيح أخرجه ابن سعد "8/ 431"، ومسلم "2144".
(3/533)
عَارِيَّةً فَمَنَعُوْهَا وَطُلِبَتْ
مِنْهُم فَشَقَّ عَلَيْهِم. فَقَالَ: مَا أَنْصَفُوا
قَالَتْ: فَإِنَّ ابْنَكَ كَانَ عَارِيَّةً مِنَ اللهِ
فَقَبَضَهُ فَاسْتَرْجَعَ وَحَمِدَ اللهَ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَآهُ قَالَ:
"بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا".
فَحَمَلَتْ بِعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ فَوَلَدَتْ
لَيْلاً فَأَرْسَلَتْ بِهِ مَعِي وَأَخَذْتُ تَمَرَاتٍ
عَجْوَةٍ فَانْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَهْنَأُ أَبَاعِرَ
لَهُ وَيَسِمُهَا فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ وَلَدَتْ
أُمُّ سُلَيْمٍ اللَّيْلَةَ.
فَمَضَغَ بَعْضَ التَّمَرَاتِ بِرِيْقِهِ فأوجره إياه
فتلمظ الصبي فقال: "حِبُّ الأَنْصَارِ التَّمْرُ"
فَقُلْتُ: سَمِّهِ يَا رَسُوْلَ اللهِ. قَالَ: " هُوَ
عَبْدُ اللهِ" 1
سَمِعَهُ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بنِ بَكْرٍ
مِنْهُ.
وَرَوَى سَعِيْدُ بنُ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ
عَبَايَةَ بنِ رِفَاعَةَ قَالَ: كَانَتْ أُمُّ أَنَسٍ
تَحْتَ أَبِي طَلْحَةَ ... ، فذكر نحوه. وفيه فقال رسول
الله: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا فِي لَيْلَتِهِمَا" 2.
قَالَ عَبَايَةُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ لِذَلِكَ الغُلاَمِ
سَبْعَ بَنِيْنَ كُلُّهُمْ قَدْ خَتَمَ القُرْآنَ. رَوَاهُ
أَبُو الأَحْوَصِ عَنْهُ.
رَوَتْ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً اتَّفَقَا لَهَا
عَلَى حديث وانفرد البخاري بحديث ومسلم بحديثين.
__________
1 صحيح: أخرجه ابْنُ سَعْدٍ "8/ 431-432" أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأنصاري، وعبد الله بن بكر
السهمي قالا: حدثنا حميد قال: قال أنس: فذكره في حديث
طويل.
وأخرجه البخاري "5470" حدثني مطر بن الفضل، حدثنا يزيد بن
هارون، أخبرنا عبد الله بن عون عن أنس بن سيرين، عن أنس بن
مالك، به في حديث طويل.
وأخرجه مسلم "2144" من طريق بهز، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنس، به.
2 صحيح: أخرجه مسلم "2144" "32" من طريق يزيد بن هارون،
أخبرنا ابن عون، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك قال: كان
ابن لأبي طلحة يشتكي، فخرج أبو طلحة، فقبض الصبي، فلما رجع
أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سليم: هو أسكن مما
كان. فقربته إليه العشاء فتعشى. ثم أصاب منها. فلما فرغ
قالت: واروا الصبي. فلما أصبح أبو طلحة أُتِيَ رَسُوْلُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ
فقال: "أعرستم الليلة"؟ قال: نعم. قال: "اللهم بارك لهما".
فولدت غلاما فقال لي أبو طلحة: احمله حتى تأتي به النبي
صلى الله عليه وسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم
وبعثت معه بتمرات فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
"أمعه شيء"؟ قالوا: نعم. تمرات فأخذها النبي صلى الله عليه
وسلم فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها في الصبي، ثم حنكه،
وسماه عبد الله.
(3/534)
152- أم هانئ
1:
السَّيِّدَةُ الفَاضِلَةُ أُمُّ هَانِئ بِنْتُ عَمِّ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي
طَالِبٍ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ
هَاشِمٍ الهَاشِمِيَّةُ المَكِّيَّةُ.
أُخْتُ: عَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ.
اسْمُهَا: فَاخِتَةُ وَقِيْلَ: هِنْدٌ تَأَخَّرَ
إِسْلاَمُهَا.
دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
إِلَى مَنْزِلِهَا يَوْمَ الفَتْحِ فَصَلَّى عِنْدَهَا
ثَمَانِ رَكَعَاتٍ ضُحَىً2.
رَوَتْ أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهَا: حَفِيْدُهَا جَعْدَةُ وَمَوْلاَهَا أَبُو
صَالِحٍ بَاذَامُ وَكُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى وَمُجَاهِدُ بنُ
جَبْرٍ وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعُرْوَةُ بنُ
الزُّبَيْرِ وَآخَرُوْنَ.
كَانَتْ تَحْتَ هُبَيْرَةَ بنِ عَمْرِو بنِ عَائِذٍ
المَخْزُوْمِيِّ فَهَرَبَ يَوْمَ الفَتْحِ إِلَى
نَجْرَانَ. أَوْلَدَهَا: عَمْرَو بنَ هُبَيْرَةَ
وَجَعْدَةَ وَهَانِئاً وَيُوْسُفَ.
وَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الفَتْحِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا بَلَغَ هُبَيْرَةَ
إِسْلاَمُهَا قَالَ أبياتًا منها:
وَعَاذِلَةٍ هَبَّتْ بِلَيْلٍ تَلُوْمُنِي ...
وَتَعْذُلُنِي بِاللَّيْلِ ضَلَّ ضَلاَلُهَا
وَتَزْعُمُ أَنِّي إِنْ أَطَعْتُ عَشِيْرَتِي ...
سَأُوْذَى وَهَلْ يُؤْذِيْنِي إلَّا زَوَالُهَا
فَإِنْ كُنْتِ قَدْ تَابَعْتِ دِيْنَ مُحَمَّدٍ ...
وَقُطِّعَتِ الأَرْحَامُ مِنْكِ حِبَالُهَا
فَكُوْنِي عَلَى أَعْلَى سَحِيْقٍ بِهَضْبَةٍ ...
مُلَمْلَمَةٍ غَبْرَاءَ يَبْسٍ بِلاَلُهَا#
قُلْتُ: لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَنَّ هُبَيْرَةَ أَسْلَمَ.
عَاشَتْ أُمُّ هَانِئ إِلَى بَعْدِ سنة خمسين.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 47"، الجرح والتعديل "9/
ترجمة 2383"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة 8017"، تهذيب
التهذيب "12/ ترجمة 2995"، الإصابة "4/ ترجمة 1533".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1176"، ومسلم "336".
(3/535)
القَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي
النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ: أَنَّ أَبَا
مُرَّةَ مولى أم هانىء أخبره: أنه سمع أم هانىء تَقُوْلُ:
ذَهَبْتُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَوْمَ الفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ
وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ فَسَلَّمْتُ فَقَالَ:
"مَنْ هَذِهِ"؟ قُلْتُ: أنا أم هانىء بِنْتُ أَبِي
طَالِبٍ. فَقَالَ: "مَرْحَباً بِأُمِّ هَانِئ".
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِ
رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفاً فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. فَقُلْتُ: يَا
رَسُوْلَ اللهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي تَعْنِي عَلِيّاً
أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أَجَرْتُهُ. فُلاَنٌ ابْنُ
هُبَيْرَةَ. فَقَالَ: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا
أم هانئ" وذلك ضحى1.
قَالَ الدَّغُوْلِيُّ: كَانَ ابْنُهَا جَعْدَةُ بنُ
هُبَيْرَةَ قَدْ وَلاَّهُ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ
خُرَاسَانَ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أُمَّ هَانِئ لَمَّا بَانَتْ، عَنْ
هُبَيْرَةَ بِإِسْلاَمِهَا خَطَبَهَا رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إِنِّي
امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ. فَسَكَتَ عَنْهَا.
بَلَغَ مُسْنَدَهَا: سِتَّةً وَأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً
لَهَا مِنْ ذَلِكَ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ أخرجاه.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3171"، ومسلم "336".
(3/536)
153- أم الفضل
1 "ع":
بِنْتُ الحَارِثِ بنِ حَزْنِ بنِ بُجَيْرٍ الهِلاَلِيَّةُ
الحُرَّةُ الجَلِيْلَةُ. زَوْجَةُ العَبَّاسِ عَمِّ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُمُّ
أَوْلاَدِهِ الرِّجَالِ السِّتَّةِ النُّجَبَاءِ.
اسْمُهَا: لُبَابَةُ. وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ
مَيْمُوْنَةَ وَخَالَةُ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ وَأُخْتُ
أَسْمَاءَ بنت عميس لأمها.
قَدِيْمَةُ الإِسْلاَمِ فَكَانَ ابْنُهَا عَبْدُ اللهِ
يَقُوْلُ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ المُسْتَضْعَفِيْنَ
مِنَ النِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.
فَهَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّهُمَا أَسْلَمَا قَبْلَ
العَبَّاسِ وَعَجِزَا، عَنِ الهِجْرَةِ.
وَكَانَتْ أُمُّ الفَضْلِ مِنْ عِلْيَةِ النِّسَاءِ
تَحَوَّلَ بِهَا العَبَّاسُ بَعْدَ الفَتْحِ إِلَى
المَدِيْنَةِ.
وَرَوَتْ أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهَا: وَلَدَاهَا عَبْدُ اللهِ وَتَمَّامٌ
وَأَنَسُ بنُ مالك وعبد الله ابن الحَارِثِ وَغَيْرُهُمْ.
خَرَّجُوا لَهَا فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
أَحْسَبُهَا تُوُفِّيَتْ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ.
وَلَهَا فِي "مُسْنَدِ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ": ثَلاَثُونَ
حَدِيْثاً. أَعْنَي بِالمُكَرَّرِ وَاتَّفَقَ البُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٍ لَهَا عَلَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ وَآخَرُ عِنْدَ
البُخَارِيِّ وَثَالِثٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ.
وَقِيْلَ: لَمْ يُسْلِمْ مِنَ النِّسَاءِ أَحَدٌ قَبْلَهَا
-يعني: بعد خديجة.
__________
1 ترجمتها في تهذيب الكمال "35 / ترجمة رقم 7923"، "تهذيب
التهذيب "12/ ترجمة 2886"، الإصابة "4/ ترجمة 1448".
(3/536)
154- أم حرام
1 "خ، م، د، س، ق":
بِنْتُ مِلْحَانَ بنِ خَالِدِ بنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ
جُنْدَبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ
النَّجَّارِ الأَنْصَارِيَّةُ النَّجَّارِيَّةُ
المَدَنِيَّةُ.
أُخْتُ أُمِّ سُلَيْمٍ. وَخَالَةُ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ.
وَزَوْجَةُ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
حَدِيْثُهَا فِي جَمِيْعِ الدَّوَاوِيْنِ سِوَى جَامِعِ
أَبِي عِيْسَى. كَانَتْ مِنْ عِلْيَةِ النِّسَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهَا: أَنَسُ بنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ
قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا هُوَ إلَّا أَنَا وَأُمِّي
وَخَالَتِي أُمُّ حَرَامٍ فَقَالَ: "قُوْمُوا فَلأُصَلِّ
بِكُمْ". فَصَلَّى بِنَا فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ2.
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
يَحْيَى بنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي
أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي بَيْتِهَا
يَوْماً فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. فَقُلْتُ: يَا
رَسُوْلَ اللهِ: مَا أَضْحَكَكَ? قَالَ: "عُرِضَ عَلَيَّ
نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُوْنَ ظَهْرَ هَذَا البَحْرِ
كَالمُلُوْكِ عَلَى الأَسِرَّةِ" قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ ادْعُ الله أن يجعلني منهم. قال: "أنت من الأولين".
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 434-436"، الجرح والتعديل
"9/ ترجمة 2367"، تهذيب الكمال "35 / ترجمة رقم 7962"،
تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2928"، الإصابة "4/ ترجمة
1215".
2 صحيح: أخرجه البخاري "6203" ومسلم "660".
(3/537)
فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ
فَغَزَا بِهَا فِي البَحْرِ فَحَمَلَهَا مَعَهُ. فَلَمَّا
رَجَعُوا قُرِّبَتْ لَهَا بَغْلَةٌ لِتَرْكَبَهَا
فَصَرَعَتْهَا فَدُقَّتْ عُنُقُهَا فَمَاتَتْ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا1.
قُلْتُ: يُقَالُ هَذِهِ غَزْوَةُ قُبْرُسَ2 فِي خِلاَفَةِ
عُثْمَانَ.
وَحَدِيْثُهَا لَهُ طُرُقٌ فِي الصحيحين.
وبلغني أن قبرها تزوره الفرنج.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 361 و423"، والبخاري "2799"
و"2894"، ومسلم "1912" "161"، وأبو داود "2490"، والنسائي
"6/ 41"، وابن ماجه "2776"، والطبراني "25/ 321"، والبيهقي
"9/ 166" من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان،
عن أنس بن مالك، به.
2 هي الجزيرة المعروفة اليوم باسم "قبرص"، وكان أمير جيش
المسلمين معاوية بن أبي سفيان.
(3/538)
155- أم عطية
الأنصارية 1 "ع":
اسْمُهَا: نَسِيْبَةُ بِنْتُ الحَارِثِ وَقِيْلَ:
نَسِيْبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ.
مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ لَهَا عِدَّةُ أَحَادِيْث.
وَهِيَ الَّتِي غَسَّلَتْ بِنْتَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْنَبَ2.
حَدَّثَ عَنْهَا: مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ وَأُخْتُهُ
حَفْصَةُ بِنْتُ سِيْرِيْنَ وَأُمُّ شَرَاحِيْلَ وَعَلِيُّ
بنُ الأَقْمَرِ وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعِدَّةٌ.
عَاشَتْ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِيْنَ.
وَهِيَ القَائِلَةُ: نُهِيْنَا، عَنِ اتِّبَاعِ
الجَنَازَةِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا3.
حَدِيْثُهَا مخرج في الكتب الستة.
__________
1 ترجمتها في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 2379"، تهذيب
الكمال "35/ ترجمة رقم 7940"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة
رقم 2904"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 1415".
2 صحيح: تقدم تخريجنا له برقم تعليق "1109"، وهو عند ابن
سعد "8/ 34" ومسلم "939" "40". وهو أيضا عند البخاري
"1258" و"1259"، ومسلم "939" "38" فراجع تخريجنا له ثمت.
3 صحيح: أخرجه البخاري "1278"، ومسلم "938".
(3/538)
156- فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ
الفِهْرِيَّةُ 1 "ع":
إِحْدَى المُهَاجِرَاتِ، وَأُخْتُ الضَّحَّاكِ.
كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرٍو بنِ حَفْصِ بنِ المُغِيْرَةِ
المَخْزُوْمِيِّ فَطَلَّقَهَا فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ بنُ
أَبِي سُفْيَانَ وَأَبُو جَهْمٍ فَنَصَحَهَا رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَشَارَ
عَلَيْهَا بِأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ فَتَزَوَّجَتْ بِهِ2.
وَهِيَ الَّتِي رَوَتْ حَدِيْثَ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ
لِلمُطَلَّقَةِ بَتَّةً3.
وَهِيَ الَّتِي رَوَتْ قِصَّةَ الجَسَّاسَةِ4.
حَدَّثَ عَنْهَا: الشَّعْبِيُّ وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ الحَارِثِ بنِ هشام وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَتْ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ. وَحَدِيْثُهَا فِي
الدواوين كلها.
تم الجزء الثالث ويليه: الجزء الرابع
وأوله: فصل: في بقية كبراء الصحابة
__________
1 صحيح: ترجمتها في تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7904"،
تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2866"، الإصابة "4/ ترجمة
851".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1480"، وأبو داود "2284"، والترمذي
"1135".
3 صحيح: راجع تخريجنا السابق.
4 صحيح: أخرجه مسلم "2942".
(3/539)
الفهرس:
فهرس الموضوعات الجزء الثالث:
الصفحة الموضوع
5 6- أبو عبيدة بن الجراح.
18 7- طلحة بن عبيد الله.
31 8- الزبير بن العوام.
49 9- عبد الرحمن بن عوف.
66 10- سعد بن أبي وقاص.
84 11- سعيد بن زيد.
95 السابقون الأولون.
96 12- مصعب بن عمير.
98 ومن شهداء يوم أحد.
99 13- أبو سلمة.
100 14 عثمان بن مظعون.
105 15- قدامة بن مظعون.
106 16- عبد الله بن مظعون الجمحي.
106 17- السائب بن عثمان.
107 18- أبو حذيفة.
108 19- سالم مولى أبي حذيفة.
110 شهداء بدر.
110 وقتل من المشركين.
111 20- حمزة بن عبد المطلب.
119 21- عاقل بن البكير.
119 23- إياس بن أبي البكير.
120 24- عامر بن أبي البكير.
120 25- مسطح بن أثاثة.
120 26- أبو عبس.
121 27- ابن التيهان.
122 28- أبو جندل.
123 29- عبد الله بن سهيل.
124 30- سهيل بن عمرو.
124 31- البراء بن مالك.
126 32 - نوفل بن الحارث.
127 33 - الحارث بن نوفل.
(3/543)
الصفحة الموضوع
127 34 عبد الله بن الحارث بن نوفل.
128 35 عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ.
128 36 سعيد بن الحارث.
128 37- أبو سفيان بن الحارث.
130 38- جعفر بن أبي سفيان.
130 39- جعفر بن أبي طالب.
139 40- عقيل بن أبي طالب.
140 41- زيد بن حارثة.
145 42- عبد الله بن رواحة.
150 شهداء يوم الرجيع.
150 شهداء بئر معونة.
151 43- كلثوم بن الهدم.
151 44- أبو دجانة الأنصاري.
153 45 - خبيب بن عدي
154- 46- معاذ بن عمرو بن الجموح.
156 47 - معوذ بن عمرو.
156 48 - خلاد بن عمرو.
156 49- عمرو بن الجموح.
158 50- عبيدة بن الحارث.
159 أعيان البدريين.
159 51- ربيعة بن الحارث.
160 52- عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ
المُطَّلِبِ
160 53 - خالد بن سعيد.
161 54- أبان بن سعيد.
162 55- عمرو بن سعيد.
162 56- العلاء بن الحضرمي.
164 57- سعد بن خيثمة.
165 58- البراء بن معرور.
166 60- سعد بن عبادة.
171 61- سعد بن معاذ.
184 62- زيد بن الخطاب.
185 من شهداء اليمامة.
185 63- أسعد بن زرارة.
188 64- عتبة بن غزوان.
189 65- عكاشة بن محصن.
190 66- ثابت بن قيس.
192 شهداء أجنادين واليرموك.
194 67- طليحة بن خويلد.
194 68- سعد بن الربيع.
195 69- معن بن عدي.
196 70- عبد الله بن عبد الله بن أبي.
197 71- عكرمة بن أبي جهل.
197 72- عبد الله بن عمرو بن حرام.
199 73- يزيد بن أبي سفيان.
(3/544)
الصفحة الموضوع
200 74- أبو العاص بن الربيع.
203 75- زينب بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
203 76- أمامة بنت أبي العاص.
203 77- أبو زيد.
204 78- عباد بن بشر.
206 79- أسيد بن الحضير.
208 80- الطفيل بن عمرو الدوسي.
210 81- بلال بن رباح.
219 82- ابن أم مكتوم.
223 83- خالد بن الوليد.
234 84- صفوان بن بيضاء
234 85- سهيل بن بيضاء.
235 86- المقداد بن عمرو
236 87- أبي بن كعب.
243- 88- النعمان بن مقرن.
245 89- عمار بن ياسر.
260 90- أخبار النجاشي.
269 91- معاذ بن جبل.
280 92- عبد الله بن مسعود.
307 93- عتبة بن مسعود الهذلي.
307 94- خبيب بن يساف.
308 95- عويم بن ساعدة.
309 96- قصة سلمان الفارسي.
341 97- عباد بن الصامت.
345 98- عبد الله بن حذافة.
348 99- أبو رافع.
349 100- صهيب بن سنان.
356 101- أبو طلحة الأنصاري.
361 102- أبو بردة بن نيار.
361 103- جبر بن عتيك.
362 104- الأشعث بن قيس.
365 105- حاطب بن أبي بلتعة.
367 106- أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري.
389 107- العَبَّاسُ "عَمُّ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
405 108- عمير بن سعد الأنصاري الأوسي الزاهد.
406 109- أبو سفيان.
407 110- الحكم بن أبي العاص.
408 111- كسرى.
408 112- خديجة أم المؤمنين.
414 113- فاطمة بنت أسد.
415 114- فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
426 115- عائشة أم المؤمنين.
467 116- أم سلمة أم المؤمنين.
472 117- زينب أم المؤمنين بنت جحش.
476 118- زينب أم المؤمنين بنت خزيمة.
(3/545)
الصفحة الموضوع
477 119- أم حبيبة أم المؤمنين
480 120- أم أيمن
482 121- حفصة أم المؤمنين.
484 122- صفية أم المؤمنين.
489 123- ميمونة أم المؤمنين.
494 124- زينب بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
497 125- رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
498 126- أَمْ كلثوم بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
500 127- العالية
500 128- أسماء الكندية.
501 129- أم شريك.
501 130- سناء.
501 131- الكلابية
502 132- الكندية.
504 133- قتيلة.
504 134- خولة بنت حكيم.
504 135- جويرية أم المؤمنين.
507 136- سودة أم المؤمنين.
510 137- صفية عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
511 139- عاتكة عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
512 140- البيضاء عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
512 141- بَرَّةُ عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم.
512 142- أميمة عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
513 143- ضباعة بِنْتُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
513 144- درة بِنْتُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
514 145- أَمْ كلثوم.
515 146- أم عمارة.
517 147- أسماء بنت عميس.
520 148- أسماء بنت أبي بكر.
525 149- أسماء بنت يزيد بن السكن
525 150- بريرة مولاة أم المؤمنين.
530 151- أم سليم الغميصاء.
535 152- أم هانئ.
536 153- أم الفضل.
537 154- أم حرام.
538 155- أم عطية الأنصارية.
539 156- فاطمة بنت قيس الفهرية.
541 فهرس الموضوعات.
547 فهرس التراجم.
(3/546)
فهرس التراجم على حروف المعجم الجزء
الثالث:
الصفحة التراجم
161 54- أبان بن سعيد.
236 87- أبي بن كعب.
511 138- أروى بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه
وسلم
185 63- أسعد بن زرارة.
520 148- أسماء بنت أبي بكر.
517 147- أسماء بنت عميس.
500 128- أسماء بنت كعب أو بنت النعمان.
525 149- أسماء بنت يزيد بن السكن.
206 79- أسيد بن الحضير.
362 104- الأشعث بن قيس.
260 90- أصحمة= النجاشي.
203 76- أمامة بنت أبي العاص.
512 142- أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه
وسلم.
119 23- إياس بن أبي البكير.
480 120- أم أيمن.
361- 102- أبو بردة بن نيار.
124 31- البراء بن مالك.
165 58- البراء بن معرور
512 141- برة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم
525 150- بريرة مولاة عائشة.
166 59- بشر بن البراء.
210 81- بلال بن رباح.
512 140- البيضاء بن عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه
وسلم.
121 27- ابن التيهان.
ثابت بن زيد= أبو زيد.
190 66- ثابت بن قيس.
361 103- جبر بن عتيك.
130 38- جعفر بن أبي طالب.
122 28- أبو جندل.
504 135- جويرية أم المؤمنين.
127 33- الحارث بن نوفل.
365 105- حاطب بن أبي بلتعة.
(3/549)
الصفحة التراجم
477 119- أم حبيبة أم المؤمنين.
107 18- أبو حذيفة.
537 154- أم حرام بنت ملحان.
482 121- حفصة أم المؤمنين.
407 110- الحكم بن أبي العاص
111 20- حمزة بن عبد المطلب.
119 22- خالد بن البكير.
160 53- خالد بن سعيد.
223 83- خالد بن الوليد.
153 45- خبيب بن عدي.
307 94- خبيب بن يساف.
408 112- خديجة أم المؤمنين.
156 48- خلاد بن عمرو.
504 134- خولة بنت حكيم.
151 44- أبو دجانة الأنصاري.
513 144- درة بنت أبي لهب بِنْتُ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
367 106- أبو ذر الغفاري.
348 99- أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
159 51- رَبِيْعَةَ بن الحارث.
497 125- رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
31 8- الزُّبَيْر بن العوام.
203 77- أبو زيد.
140 41- زيد بن حارثة.
184 62- زيد بن الخطاب.
472 117- زينب -أم المؤمنين- بنت جحش بن رئاب.
476 118- زينب -أم المؤمنين- بنت خزيمة العامرية.
203 57- زينب بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
494 124- زينب بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
106 17- السائب بن عثمان.
108 19- سالم مولى أبي حذيفة= سالم بن معقل.
164 57- سعد بن خيثمة.
66 10- سعد بن أبي وقاص.
194 68- سعد بن الربيع.
166 60- سعد بن عبادة.
171 61- سعد بن معاذ.
128 36- سعيد بن الحارث.
84 11- سعيد بن زيد.
128 37- أبو سفيان بن الحارث.
406 109- أبو سفيان بن حرب.
309 96- سلمان الفارسي.
99 13- أبو سلمة.
467 116- أم سلمة -أم المؤمنين.
530 151- أم سليم بنت ملحان.
سماك بن خرشة= أبو دجانة الأنصاري.
501 130 - سناء بنت أسماء بن الصلت.
(3/550)
234 85- سهيل ابن بيضاء.
124 30- سهيل بن عمرو.
507 136- سودة أم المؤمنين.
501 129 - أم شريك.
406 109- صخر بن حرب بن أمية= أبو سفيان.
234 84- صفوان ابن بيضاء.
484 122- صفية أم المؤمنين.
510 137- صفية بنت عبد المطلب عمة صلى الله عليه وسلم.
349 100- صهيب بن سنان.
513 143- ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب.
208 80- الطفيل بن عمرو الدوسي.
356 101- أبو طلحة الأنصاري.
18 7- طلحة بن عبيد الله.
194 67- طليحة بن خويلد.
426 115- عائشة أم المؤمنين.
511 139- عاتكة بنت عبد المطلب.
200 74- أبو العاص بن الربيع.
العاص بن سهيل بن عمرو= أبو جندل.
119 21- عاقل بن البكير.
500 127- العالية بنت ظبيان بن عمرو.
120 24- عامر بن أبي البكير.
5 6- عامر بن عبد الله بن الجراح= أبو عبيدة بن الجراح.
204 78- عباد بن بشر.
341 97- عبادة بن الصامت.
389 107- العَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
120 26- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ جبر= أبو عبس.
49 9- عبد الرحمن بن عوف.
160 52- عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ
المُطَّلِبِ.
127 34- عبد الله بن الحارث بن نوفل.
345 98- عبد الله بن حذافة.
145 42- عبد الله بن رواحة.
123 29- عبد الله بن سهيل بن عمرو.
196 70- عبد الله بن عبد الله بن أبي.
128 35- عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ.
197 72- عبد الله بن عمرو بن حرام.
عبد الله بن قيس بن زائدة= ابن أم مكتوم
280 92- عبد الله بن مسعود.
106 16- عبد الله بن مظعون الجمحي.
120 26 - أبو عبس= عبد الرحمن بن جبر
5 6- أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ= عَامِرُ بنُ عَبْدِ
الله بن الجراح
(3/551)
158 50- عبيدة بن الحارث.
188 64- عتبة بن غزوان.
307 93- عتبة بن مسعود الهذلي.
100 14- عثمان بن مظعون.
538 155- أم عطية الأنصارية.
139 40- عقيل بن أبي طالب.
189 65- عكاشة بن محصن.
197 71- عكرمة بن أبي جهل.
162 56- العلاء بن الحضرمي.
245 89- عمار بن ياسر.
515 146- أم عمارة المازنية.
156 49- عمرو بن الجموح.
162 55- عمرو بن سعيد.
عمرو بن قيس بن زائدة= ابن أم مكتوم.
308 95- عويم بن ساعدة.
414 113- فاطمة بنت أسد.
415 114- فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
539 156- فاطمة بنت قيس الفهرية.
536 153- أم الفضل.
504 133- قتيلة بنت قيس.
105 15- قدامة بن مظعون.
408 111- كسرى.
501 131- الكلابية.
498 126- أم كلثوم بنت رسول الله.
514 145- أم كلثوم بنت عقبة بن أبان.
151 43- كلثوم بن الهدم.
502 132- الكندية.
121 27- مالك بن التيهان= ابن التيهان.
120 25- مسطح بن أثاثة.
96 12- مصعب بن عمير.
269 91- معاذ بن جبل.
154 46- معاذ بن عمرو بن الجموح.
195 69- معن بن عدي.
156 47- معوذ بن عمرو.
128 37- المغيرة بن الحارث= أبو سفيان بن الحارث.
235 86- المقداد بن عمرو.
219 82- ابن أم مكتوم.
489 123- ميمونة أم المؤمنين.
260- 90- النجاشي.
538 155- نسيبة بنت الحارث= أم عطية الأنصارية.
515 146- نسيبة بنت كعب بن عمرو= أم عمارة المازنية.
243 88- النعمان بن مقرن.
126 32- نوفل بن الحارث
535 152- أم هانئ.
199 73- يزيد بن أبي سفيان.
(3/552)
المجلد الرابع
تابع: شهداء أجنادين واليرموك
بسم الله الرحمن الرحيم
فَصْلٌ: فِي بَقِيَّةِ كُبَرَاءِ الصَّحَابَةِ
157- عُثْمَانُ بنُ حنيف1: "ت، س، ق"
ابن واهب بن عُكَيْمِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ
مَجْدَعَةَ بنِ عَمْرِو بنِ حَنَشِ بنِ عَوْفِ بنِ عَمْرِو
بنِ عَوْفٍ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ القُبَائِيُّ.
أَخُو سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ، وَوَالِدُ عَبْدِ اللهِ,
وَحَارِثَةَ, وَالبَرَاءِ، وَمُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ اللهِ.
وَأُمُّ سَهْلٍ مِنْ جُلَّة الأَنْصَارِ.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي
مِجْلَزٍ: أنَّ عُمَرَ وجَّه عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ عَلَى
خَرَاجِ السَّوَادِ, وَرَزَقَهُ كُلَّ يَوْمٍ رُبْعَ شَاةٍ
وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ, وَأَمَرَهُ أَنْ يَمْسَحَ
السَّوَادَ عَامِرَهُ وَغَامِرَهُ2، وَلاَ يَمْسَحَ
سَبْخَةً وَلاَ تَلاًّ وَلاَ أَجَمَةً، وَلاَ مُسْتَنْقَعَ
مَاءٍ.
فَمَسَحَ كُلَّ شَيْءٍ دُوْنَ جَبَلِ حُلْوَانَ، إِلَى
أَرْضِ العَرَبِ, وَهُوَ أَسْفَلُ الفُرَاتِ, وَكَتَبَ
إِلَى عُمَرَ: إِنِّي وَجَدْتُ كُلَّ شَيْءٍ بَلَغَهُ
المَاءَ غامرًا وعامرًا سِتَّةً وَثَلاَثِيْنَ أَلْفَ
جَرِيْبٍ3، وَكَانَ ذِرَاعُ عُمَرَ الَّذِي ذَرَعَ بِهِ
السَّوَادَ ذِرَاعاً وَقَبْضَةً, وَالإِبْهَامَ
مُضْجَعَةً.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنِ افْرِضِ الخَرَاجَ عَلَى كُلِّ
جَرِيْبٍ عَامِرٍ أَوْ غَامِرٍ دِرْهَماً وَقَفِيْزاً4،
وَافْرِضْ عَلَى الكَرْمِ عَلَى كُلِّ جَرِيْبٍ عَشْرَةَ
دَرَاهِمَ, وَأَطْعِمْهُمُ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ,
وَقَالَ: هَذَا قُوَّةٌ لهم على عمارة بلادهم.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 797"، تهذيب الكمال
"19/ ترجمة 3805"، وتاريخ الخطيب "1/ 179"، وأسد الغابة
"3/ 371"، تهذيب التهذيب "7/ ترجمة رقم 241"، الإصابة "2/
ترجمة 5435"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 4724".
2 الغامر من الأرض: ما كان في الأرض من خضرة قليلة, إمَّا
ريحةً وإمَّا نباتًا. وقيل: هو الأخضر الذي غمره اليبيس.
3 الجريب من الأرض: مقدار معلوم الذراع والمساحة، وهو عشرة
آلاف ذراع.
4 القفيز: مكيال كانوا يكتالون به.
(4/5)
وَفَرَضَ عَلَى الموسِر ثَمَانِيَةً
وَأَرْبَعِيْنَ دِرْهَماً، وَعَلَى مَنْ دُوْنَ ذَلِكَ
أَرْبَعَةً وَعِشْرِيْنَ دِرْهَماً, وَعَلَى مَنْ لَمْ
يَجِدْ شَيْئاً اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَماً, وَرَفَعَ
عَنْهُم الرِّقَّ بِالخَرَاجِ الَّذِي وَضَعَهُ فِي
رِقَابِهِمْ.
فَحُمِلَ مِنْ خَرَاجِ سَوَادِ الكُوْفَةِ إِلَى عُمَرَ
فِي أَوَّلِ سَنَةٍ ثَمَانُوْنَ أَلْفَ أَلْفِ درهم، ثم
حمل من قابل مئة وَعِشْرُوْنَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ,
فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ.
حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ عَمْرِو بنِ
مَيْمُوْنٍ قَالَ: جِئْتُ فَإِذَا عُمَرُ وَاقِفٌ عَلَى
حُذَيْفَةَ وَعُثْمَانَ بنِ حُنَيْفٍ, وَهُوَ يَقُوْلُ:
تَخَافَانِ أَنْ تَكُوْنَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ
تُطِيْقُ. قَالَ عُثْمَانُ: لَو شِئْتُ لأَضْعَفْتُ عَلَى
أَرْضِي. وَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَقَدْ حَمَّلْتُ الأَرْضَ
شَيْئاً هِيَ لَهُ مُطِيْقَةٌ. فَجَعَلَ يَقُوْلُ:
انْظُرَا مَا لَدَيْكُمَا, وَاللهِ لَئِنْ سَلَّمَنِي
اللهُ لأدعنَّ أَرَامِلَ العِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ. فَمَا
أَتَتْ عَلَيْهِ رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيْبَ1.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ عُثْمَانُ وَفَارَقَ ابْنُ
كُرَيْزٍ2 البَصْرَةَ, فَبَعَثَ عليٌّ عَلَيْهَا عُثْمَانَ
بنَ حُنَيْفٍ وَالِياً, فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى قَدِمَ
عَلَيْهِ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ, فَقَاتَلَهُمَا وَمَعَهُ
حُكَيْمُ بنُ جَبَلَةَ العَبْدِيُّ, ثُمَّ تَوَادَعُوا
حَتَّى يَقْدَمَ عَلِيٌّ.
ثُمَّ كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ رِيْحٍ وَظُلْمَةٍ،
فَأَقْبَلَ أَصْحَابُ طَلْحَةَ, فَقَتَلُوا حَرَسَ
عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ، وَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَنَتَفُوا
لِحْيَتَهُ وَجُفُوْنَ عَيْنَيْهِ, وَقَالُوا: لَوْلاَ
العَهْدُ لَقَتَلْنَاكَ. فَقَالَ: إِنَّ أَخِي والٍ لعليٍّ
عَلَى المَدِيْنَةِ, وَلَو قَتَلْتُمُوْنِي لقتلَ مَنْ
بِالمَدِيْنَةِ مِنْ أَقَارِبِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ.
ثُمَّ سُجِنَ. وَأَخَذُوا بَيْتَ المَالِ.
وَكَانَ يكنَّى أَبَا عَبْدِ اللهِ, تُوُفِّيَ فِي
خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ, وَلَهُ عَقِبٌ.
وَلِعُثْمَانَ حَدِيْثٌ ليِّن فِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ".
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3700".
2 هو: عبد الله بن عامر بن كريز, ابن خال أمير المؤمنين
عثمان بن عفان. تأتي ترجمته برقم "228".
(4/6)
158- خباب بن
الأرت 1: "ع"
ابن جندلة بن سعد بن خُزَيْمَةَ بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ
زَيْدِ مَنَاةَ, مِنْ تَمِيْمٍ، أَبُو يَحْيَى
التَّمِيْمِيُّ.
مِنْ نُجَبَاءِ السَّابِقِيْنَ. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ. شَهِدَ بَدْراً
وَالمَشَاهِدَ.
حدَّث عَنْهُ: مَسْرُوْقٌ, وَأَبُو وَائِلٍ, وَأَبُو
مَعْمَرٍ, وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَعَلْقَمَةُ بنُ
قَيْسٍ، وَعِدَّةٌ.
قِيْلَ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ, وَصَلَّى عَلَيْهِ
عُمَرُ, وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ, بَلْ مَاتَ بِالكُوْفَةِ
سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ, وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ.
وَقِيْلَ: عاش ثلاثًا وسبعين سنة.
نَعَمْ، الَّذِي مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ, وصلَّى
عَلَيْهِ عُمَرُ, هُوَ: خَبَّابٌ مَوْلَى عُتْبَةَ بنِ
غَزْوَانَ, صَحَابِيٌّ مُهَاجِرِيٌّ أَيْضاً.
قَالَ مَنْصُوْرٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ
إِسْلاَمَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, وَأَبُو بَكْرٍ, وَخَبَّابٌ, وَبِلاَلٌ,
وَصُهَيْبٌ, وعمَّار.
وَأَمَّا ابْنُ إِسْحَاقَ فَذَكَرَ إِسْلاَمَ خبَّاب
بَعْدَ تِسْعَةَ عَشَرَ إِنْسَاناً، وَأَنَّهُ كمَّل
العِشْرِيْنَ.
الثَّوْرِيُّ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ أَبِي لَيْلَى
الكِنْدِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لخبَّاب: ادْنُه, فَمَا
أَحَدٌ أَحَقُّ بِهَذَا المَجْلِسِ مِنْكَ إلَّا عَمَّارٌ.
قَالَ: فَجَعَلَ يُرِيْهِ بِظَهْرِهِ شَيْئاً -يَعْنِي:
مِنْ آثَارِ تَعْذِيْبِ قُرَيْشٍ لَهُ2.
أَبُو الضُّحَى, عَنْ مَسْرُوْقٍ, عَنْ خَبَّابٍ قَالَ:
كُنْتُ قَيْناً بِمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلعَاصِ بنِ
وَائِلٍ سَيْفاً, فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لاَ
أُعْطِيَكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: لاَ
أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
حَتَّى تَمُوْتَ ثُمَّ تُبْعَثَ, فَقَالَ: إِذَا بُعِثْتُ
كَانَ لِي مَالٌ, فَسَوْفَ أَقْضِيْكَ. فَقُلْتُ ذَلِكَ
لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
فَأُنْزِلَتْ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا}
[مَرْيَمُ: 78] 3.
لِخَبَّابٍ -بِالمُكَرَّرِ: اثْنَانِ وَثَلاَثُوْنَ
حَدِيْثاً, وَمِنْهَا: ثَلاَثَةٌ في "الصَّحِيْحَيْنِ",
وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثَيْنِ, وَمُسْلِمٌ
بِحَدِيْثٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 164"، التاريخ الكبير "3/
ترجمة رقم 730"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1817"، أسد
الغابة "2/ 114"، تهذيب الكمال "8/ ترجمة رقم 1674"،
الحلية لأبي نعيم "1/ 143"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 254"،
الإصابة "1/ ترجمة 2210".
2 حسن لغيره: أخرجه ابن ماجه "153"، وابن سعد "3/ 165" من
طريق وكيع بن الجراح, حدَّثنا سفيان، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي لَيْلَى الكِنْدِيِّ، به.
قلت: إسناده ضعيف، أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي،
ثقة، لكنَّه مدلس، وقد عنعنه. لكن يشهد للحديث ما رواه أبو
نعيم في "الحلية"، "1/ 144" من طريق جرير بن بيان، عن
الشعبي قال: سأل عمر بلالًا عمَّا لقي من المشركين ... "
فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، آفته الانقطاع بين الشعبي وعمر، فإنه لم
يدركه -كما قال الدارقطني، وأبو حاتم، وأبو زرعة. وهو حسن
بمجموع الطريقين.
3 صحيح: أخرجه البخاري "2091" من طريق شعبة، وابن سعد "3/
164" من طريق الأعمش, كلاهما عن أبي الضحى، عن مسروق، به.
(4/7)
159- سهل بن
حنيف 1: "ع"
أبو ثابت الأنصاري الأوسي العَوْفِيُّ.
وَالِدُ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَأَخُو عُثْمَانَ
بنِ حُنَيْفٍ, شَهِدَ بَدَراً وَالمَشَاهِدَ.
حدَّث عَنْهُ ابْنَاهُ؛ أَبُو أُمَامَةَ وَعَبْدُ اللهِ,
وَعُبَيْدُ بنُ السَّبَّاقِ, وَأَبُو وَائِلٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى, وَيُسَيْرُ بنُ عَمْرٍو,
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
مَاتَ بِالكُوْفَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ,
وَصَلَّى عَلَيْهِ عليّ.
وحديثه في الكتب الستة.
الحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ"، مِنْ طَرِيْقِ عَبْدِ
الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ
حَكِيْمٍ, حَدَّثَتْنَا الرَّبَابُ جَدَّتِي, عَنْ سَهْلِ
بنِ حُنَيْفٍ: اغْتَسَلْتُ فِي سَيْلٍ, فَخَرَجْتُ
مَحْمُوْماً, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "مُرُوا أَبَا ثَابِتٍ فَلْيَتَصَدَّقْ" 2.
مَالِكٌ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بنِ
سَهْلٍ قَالَ: رَأَى عَامِرُ بنُ رَبِيْعَةَ سَهْلَ بنَ
حُنَيْفٍ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ وَلاَ
جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ! فَلُبِطَ بِسَهْلٍ، فَأُتِيَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقِيْلَ: يَا
رَسُوْلَ اللهِ! هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ, وَاللهِ مَا
يَرْفَعُ رَأْسَهُ, قَالَ: "هَلْ تَتَّهِمُوْنَ بِهِ
أَحَداً" ? قَالُوا: نَتَّهِمُ عَامِرَ بنَ رَبِيْعَةَ,
فَدَعَاهُ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ, وَقَالَ: "عَلاَمَ
يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أخاه, ألا برَّكت؟ اغتسل له".
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 471" و"6/ 15"، وتاريخ
البخاري الكبير "4/ ترجمة 2090", والجرح والتعديل "4/
ترجمة 840"، أسد الغابة "2/ 470"، تهذيب الكمال "12/ ترجمة
رقم 2610"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 428"، الإصابة "2/
ترجمة 3527"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2793".
2 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 408-409" و"4/ 413"، وأبو داود
"3888"، وأحمد "3/ 486" من طريق عبد الواحد بن زياد، به.
قلت: إسناده ضعيف، الرباب جدَّة عثمان بن حكيم بن عباد
مجهولة، لذا قال الحافظ في "التقريب": "مقبولة" أي: عند
المتابعة, وليس ثَمَّ من تابعه.
(4/8)
فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ
وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ
وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صبَّ عَلَيْهِ,
فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ مَا بِهِ بَأْسٌ1.
أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ
سَهْلَ بنَ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ يُحَدِّثُ عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ: أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ تُشَدِّدُوا
عَلَى أَنْفُسِكُم, فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ
قَبْلَكُم بتشديدهم على أنفسهم، وستجدون بَقَايَاهُمْ فِي
الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ" 2.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, عَنْ عَامِرٍ, عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ مَعْقِلٍ قَالَ: صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى
سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ, فَكَبَّرَ سِتّاً3.
رَوَاهُ الأَعْمَشُ، عَنْ يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ،
فَقَالَ: كبَّر خَمْساً, ثُمَّ التفت إلينا، فقال: إنه
بدريّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَهْلُ بنُ حُنَيْفِ بنِ وَاهِبِ بنِ
عُكَيْمِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ بنِ
مَجْدَعَةَ بنِ عَمْرِو بنِ حَنَشِ بنِ عَوْفِ بنِ عَمْرِو
بنِ عَوْفٍ، أَبُو سَعْدٍ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ.
وَلَهُ مِنَ الوَلَدِ: أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ،
وَعُثْمَانُ، وَسَعْدٌ، وَعَقِبُهُ اليَوْمَ
بِالمَدِيْنَةِ وَبِبَغْدَادَ.
قَالَ: وَقَالُوا: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ سَهْلٍ وَبَيْنَ عَلِيٍّ.
شَهِدَ بَدْراً, وَثَبَتَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَبَايَعَ عَلَى
المَوْتِ, وَجَعَلَ يَنْضَحُ بِالنَّبْلِ عَنْ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ
رَسُوْلُ الله: "نبلوا سهلًا فإنه سهل".
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 938"، والطبراني "5880" عن محمد بن
أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أباه "أبا أمامة" يقول:
فذكره.
وأخرجه عبد الرزاق "19766"، ومالك "2/ 393"، والنسائي في
"عمل اليوم والليلة" "208"، والطبراني "5574-5577 و5579"،
والبيهقي "9/ 351-352 و352", والبغوي "3425" من طرق عن
الزهري، حدَّثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف، به.
2 ضعيف: في إسناده أبو صالح، عبد الله بن صالح، كاتب
الليث، ضعيف لسوء حفظه. وأخرجه أبو داود "4904" من طريق
أحمد بن صالح، عن عبد الله بن وهب, قال: أخبرني سعيد بن
عبد الرحمن بن أبي العمياء, أنَّ سهل بن أبي أمامة حدَّثه:
فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، آفتة سعيد بن عبد الرحمن بن أبي
العمياء، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 472"، وعبد الرزاق "6403"،
والطحاوي "1/ 287"، والحاكم "3/ 409"، والبيهقي "4/ 36" من
طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي، عن عبد الله بن
معقل، به.
(4/9)
قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَمْ يُعْطِ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْوَالِ
بَنِي النَّضِيْرِ أَحَداً مِنَ الأَنْصَارِ إلَّا سَهْلَ
بنَ حُنَيْفٍ، وَأَبَا دُجَانَةَ, كَانَا فَقِيْرَيْنِ.
الأَعْمَشُ, عَنْ يَزِيْدَ بنِ زِيَادٍ -مَدَنِيٌّ, عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ مَعْقِلٍ قَالَ: كبَّر عَلِيٌّ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ- فِي سُلْطَانِهِ كُلِّهِ أَرْبَعاً
أَرْبَعاً عَلَى الجَنَازَةِ, إلَّا عَلَى سَهْلِ بنِ
حُنَيْفٍ، فَإِنَّهُ كبَّر عَلَيْهِ خَمْساً، ثُمَّ
الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنَّهُ بدريّ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو جَنَابٍ، سَمِعْتُ
عُمَيْرَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى
سهلٍ فكبَّر خَمْساً, فَقَالُوا: مَا هَذَا? فَقَالَ:
لأَهْلِ بَدْرٍ فضلٌ عَلَى غَيْرِهِمْ, فَأَرَدْتُ أَنْ
أُعْلِمَكُمْ فَضْلَهُ.
عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ بِسَيْفِهِ عَلَى
فَاطِمَةَ وَهِيَ تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ:
خُذِيْهِ, فَلَقَدْ أَحْسَنْتُ بِهِ القِتَالَ! فَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ
كُنْتَ أَحْسَنْتَ، فَلَقَدْ أَحْسَنَ سَهْلُ بنُ
حُنَيْفٍ".
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مُرْسَلاً.
(4/10)
160- خَوَّات بن جبير 1: "بخ"
ابن النعمان بن أمية بن البرك, وَهُوَ امْرُؤُ القَيْسِ
بنُ ثَعْلَبَةَ بنِ عَمْرِو بن عوف الأنصاري الأوسي.
أَخُو عَبْدِ اللهِ بنِ جُبَيْرٍ العَقَبِيُّ البَدْرِيُّ،
الَّذِي كَانَ أَمِيْرَ الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ.
ويكنَّى خوَّات: أَبَا صَالِحٍ.
قَالَ قَيْسُ بنُ أَبِي حُذَيْفَةَ: كُنْيَتُهُ: أَبُو
عَبْدِ اللهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالُوا: وَكَانَ خوَّات بنُ جُبَيْرٍ
صَاحِبَ ذَاتِ النِّحْيَيْنِ2 فِي الجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ
أَسْلَمَ فَحَسُنَ إسلامه.
__________
1 ترجمة في طبقات ابن سعد "3/ 477"، تاريخ البخاري الكبير
"3/ ترجمة 736"، أسد الغابة "2/ 148"، تهذيب الكمال "8/
ترجمة 1734"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 323", الإصابة "1/
ترجمة رقم 2298"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1901".
2 النحى: الزق فيه السمن, وذات النحيين: هي امرأة من تيم
الله بن ثعلبة، وكانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتى
خوات بن جبير الأنصاري
يبتاع منها سمنًا فساومها، فحَلّت نحيًا مملوءًا، فقال:
أمسكيه حتى أنظر غيره، ثم حلَّ آخر, وقال لها: أمسكيه،
فلمَّا شغل يديها ساورها حتى قضى ما أراد وهرب. قاله ابن
منظور في "اللسان" مادة "نحى".
(4/10)
الوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ المَلِكِ
بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ خَوَّاتِ بنِ صَالِحٍ، عَنْ
أَبِيْهِ. وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ
المسْوَر بنِ رِفَاعَةَ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مِكْنَفٍ,
أنَّ خوَّات بنَ جُبَيْرٍ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ, فلمَّا
كَانَ بِالرَّوْحَاءِ أَصَابَهُ نَصِيْلُ1 حَجَرٍ،
فَكُسِرَ, فردَّه رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- إِلَى المَدِيْنَةِ، وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ
وَأَجْرِهِ، فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا.
قَالُوا: مَاتَ خوَّات بِالمَدِيْنَةِ سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً،
وَكَانَ يَخْضِبُ، وَكَانَ ربعة2ً من الرجال.
أخوه:
__________
1 النصيل: قال ابن شميل: النصيل حجر طويل رقيق كهيئة
الصفيحة المحددة, وجمعه: النُّصُل.
2 الربعة: هو المربوع الخلق، لا بالطويل ولا بالقصير.
(4/11)
161- عبد الله
بن جبير 1:
شَهِدَ العَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِيْنَ, وَبَدْراً،
وَأُحُداً.
وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ عَلَى الرُّمَاةِ, وَهُمْ
خَمْسُوْنَ رَجُلاً، وَأَمَرَهُم فَوَقَفُوا عَلَى
عَيْنَيْنِ, فَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ ومُثِّلَ بِهِ.
قَتَلَهُ عكرمة بن أبي جهل.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 475"، الجرح والتعديل "3/
ترجمة 118"، أسد الغابة "3/ 194"، الإصابة "2/ ترجمة
4582".
(4/11)
162- قتادة بن
النعمان 1: "ع"
ابن زيد بن عامر الأَمِيْرُ، المُجَاهِدُ، أَبُو عُمَرَ
الأَنْصَارِيُّ، الظَّفَرِيُّ، البَدْرِيُّ.
مِنْ نُجَبَاءِ الصَّحَابَةِ, وَهُوَ أَخُو أَبِي سَعِيْدٍ
الخُدْرِيِّ لأُمِّهِ.
وَهُوَ الَّذِي وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَلَى خَدِّهِ يَوْمَ
أُحُدٍ، فَأَتَى بِهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَغَمَزَهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ الشَّرِيْفَةِ،
فردَّها، فكانت أصحَّ عينيه2.
له أحاديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 452"، التاريخ الكبير "7/
ترجمة 823"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 753"، أسد الغابة
"4/ 195"، الإصابة "3/ ترجمة 7076"، خلاصة الخزرجي "2/
ترجمة 5836".
2 انظر تعليقنا الآتي.
(4/11)
رَوَى عَنْهُ: أَخُوْهُ؛ أَبُو سَعِيْدٍ،
وَابْنُهُ؛ عُمَرُ، وَمَحْمُوْدُ بنُ لَبِيْدٍ،
وَغَيْرُهُم.
وَكَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ
بنِ الخَطَّابِ لَمَّا سَارَ إلى الشام، وكان من الرماة
المعدودين.
عَاشَ خَمْساً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ
بِالمَدِيْنَةِ، وَنَزَلَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ فِي قَبْرِهِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الغَسِيْلِ: حدَّثنا عَاصِمُ بن
عمر بن قتادة, عن أبيه، عن جَدِّهِ: أَنَّهُ أُصِيْبَتْ
عَيْنُهُ يَوْمَ بَدْرٍ, فَسَالَتْ حَدَقَتُهُ عَلَى
وَجْنَتِهِ, فَأَرَادَ القَوْمُ أَنْ يَقْطَعُوْهَا,
فَقَالُوا: نَأْتِي نَبِيَّ اللهِ نَسْتَشِيْرُهُ, فَجَاءَ
فَأَخْبَرَهُ الخَبَرَ, فَأَدْنَاهُ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ, فَرَفَعَ
حَدَقَتَهُ حَتَّى وَضَعَهَا مَوْضِعَهَا, ثُمَّ غَمَزَهَا
بِرَاحَتِهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اكْسُهُ جَمَالاً".
فَمَاتَ وَمَا يَدْرِي مَنْ لَقِيَهُ أَيَّ عَيْنَيْهِ
أُصِيْبَتْ؟! 1.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: بَنُو ظَفَرٍ مِنَ الأَوْسِ. وَقِيْلَ
يكنَّى: أَبَا عَبْدِ اللهِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: شَهِدَ العَقَبَةَ مَعَ
السَّبْعِيْنَ. وَكَذَا قَالَ: ابْنُ عُقْبَةَ، وَأَبُو
مَعْشَرٍ.
وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِيْمَنْ شَهِدَ
العَقَبَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
__________
1 حسن لغيره: في إسناده عمر بن قتادة بن النعمان الأنصاري،
مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" -كما ذكره ابن كثير "2/
447"- من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، حدثنا عبد
الرحمن بن سليمان بن الغسيل، عن عاصم بن عمر بن قتادة، به.
قلت: إسناده موضوع، فيه علتان, الأولى: يحيى بن عبد الحميد
الحماني الكوفي الحافظ، وثَّقه يحيى بن معين وغيره، وأمَّا
أحمد فقال: كان يكذب جهارًا. وقال النسائي: ضعيف. العلة
الثانية: عمر بن قتادة، مجهول -كما ذكرنا في التعليق
السابق.
وأخرجه الدارقطني وابن شاهين من طريق عبد الرحمن بن يحيى
العذري، عن مالك، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن
لبيد، عن قتادة بن النعمان، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه عبد الرحمن بن يحيى العذري، قال
العقيلي: مجهول, لا يقيم الحديث من جهته, والخلاصة: فإنَّ
الحديث حسن بمجموع الطريق الأخير والطريق الأوّل, والله
تعالى أعلى وأعلم.
(4/12)
163- عامر بن
ربيعة 1: "ع"
ابن كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ العَنْزِيُّ,
عَنْزُ بنُ وَائِلٍ. مِنْ حُلَفَاءِ آلِ عُمَرَ بن الخطاب؛
العدوي.
مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ, أَسْلَمَ قَبْلَ
عُمَرَ, وَهَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ, وَشَهِدَ بَدْراً.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ المَدِيْنَةَ
مُهَاجِراً أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ،
وَبَعْدَهُ: عَامِرُ بنُ رَبِيْعَةَ. لَهُ أَحَادِيْثَ
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
حدَّث عَنْهُ: وَلَدُهُ عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ عُمَرَ،
وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ,
وَغَيْرُهُمْ.
وَكَانَ الخَطَّابُ قَدْ تبنَّاه. وَكَانَ مَعَهُ لِوَاءُ
عُمَرَ لَمَّا قَدِم الجَابِيَةَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ مَوْتُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ
بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِأَيَّامٍ, وَكَانَ لَزِمَ
بَيْتَهُ، فَلَمْ يَشْعُرِ النَّاسُ إلَّا بِجَنَازَتِهِ
قَدْ أُخْرِجَتْ.
رَوَى يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ: أنَّ أَبَاهُ رُئِيَ
فِي المَنَامِ حِيْنَ طَعَنُوا عَلَى عُثْمَانَ، فَقِيْلَ
لَهُ: قُمْ فَسَلِ اللهَ أَنْ يعيذك من الفتنة.
توفي عامر: سنة خمس وَثَلاَثِيْنَ قَبْلَ مَقْتَلِ
عُثْمَانَ بِيَسِيْرٍ.
جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ,
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ, قَالَ:
لَمَّا طَعَنُوا عَلَى عُثْمَانَ, صَلَّى أَبِي فِي
اللَّيْلِ وَدَعَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ قِنِي مِنَ
الفِتْنَةِ بِمَا وَقَيْتَ بِهِ الصَّالِحِيْنَ مِنْ
عِبَادِكَ, فَمَا أُخْرِجَ وَلاَ أَصْبَحَ إلَّا
بِجَنَازَتِهِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 386"، تاريخ البخاري الكبير
"6/ ترجمة 2943"، وتاريخه الصغير "1/ 64"، الجرح والتعديل
"6/ ترجمة 1790"، أسد الغابة "3/ 121"، تهذيب التهذيب "5/
62"، الإصابة "2/ ترجمة 438"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
3258".
(4/13)
164- أبو
الدرداء 1: "ع"
الإِمَامُ القُدْوَةُ, قَاضِي دِمَشْقَ، وَصَاحِبُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَبُو
الدَّرْدَاءِ, عُوَيْمِرُ بنُ زَيْدِ بنِ قَيْسٍ,
وَيُقَالُ: عُوَيْمِرُ بنُ عَامِرٍ, وَيُقَالُ: ابْنُ
عَبْدِ اللهِ, وَقِيْلَ: ابْنُ ثَعْلَبَةَ بنِ عَبْدِ
اللهِ الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ.
حَكِيْمُ هَذِهِ الأُمَّةِ, وَسَيِّدُ القُرَّاءِ
بِدِمَشْقَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ عُوَيْمِرُ بنُ قَيْسِ
بنِ زَيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَامِرِ بنِ
عَدِيِّ بنِ كَعْبِ بنِ الخَزْرَجِ.
قَالَ: وَيُقَالُ: اسْمُهُ عَامِرُ بنُ مَالِكٍ.
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عِدَّةَ أحاديث.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِيْمَنْ تَلاَ عَلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَمْ يَبْلُغْنَا
أَبَداً أنَّه أَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِيْمَنْ جَمَعَ القُرْآنَ فِي حَيَاةِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وتصدَّر لِلإِقْرَاءِ بِدِمَشْقَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ,
وَقَبْلَ ذَلِكَ.
رَوَى عَنْهُ: أَنَسُ بنُ مَالِكٍ, وَفَضَالَةُ بنُ
عُبَيْدٍ, وَابْنُ عَبَّاسٍ, وَأَبُو أُمَامَةَ, وَعَبْدُ
اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العَاصِ, وغيرهم من جلة الصحابة،
وجبير ابن نُفَيْرٍ, وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ, وَأَبُو
إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ, وَعَلْقَمَةُ بنُ قَيْسٍ,
وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ, وَزَوْجَتُهُ أُمُّ
الدَّرْدَاءِ العَالِمَةُ، وَابْنُهُ بِلاَلُ بنُ أَبِي
الدرداء, وسعيد ين المُسَيِّبِ, وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ,
وَمَعْدَانُ بنُ أَبِي طَلْحَةَ, وَأَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ, وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ,
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرٍ اليَحْصُبِيُّ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ وَلَحِقَهُ,
فَإِنْ صحَّ فَلَعَلَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ بَعْضَ القُرْآنِ
وَهُوَ صَبِيٌّ.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ عَطِيَّةُ بنُ قَيْسٍ, وَأُمُّ
الدَّرْدَاءِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي: عَرَضَ عَلَيْهِ
القُرْآنَ: خُلَيْدُ بنُ سَعْدٍ, وَرَاشِدُ بنُ سَعْدٍ,
وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ, وَابْنُ عَامِرٍ. كَذَا قَالَ
الدَّانِي. وَوَلِيَ القَضَاءَ بِدِمَشْقَ فِي دَوْلَةِ
عُثْمَانَ, فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ذُكِرَ لَنَا مِنْ
قُضَاتِهَا. وَدَارُهُ بِبَابِ البَرِيْدِ, ثُمَّ صَارَتْ
فِي دَوْلَةِ السُّلْطَانِ صلاح الدين تعرف بدار الغَزِّي.
ويروى له مئة وَتِسْعَةٌ وَسَبْعُوْنَ حَدِيْثاً.
وَاتَّفَقَا لَهُ عَلَى حَدِيْثَيْنِ, وَانْفَرَدَ
البُخَارِيُّ بِثَلاَثَةٍ، وَمُسْلِمٌ بِثَمَانِيَةٍ.
رَوَى سَعِيْدُ بن عبد العزى، عَنْ مُغِيْثِ بنِ سُمَيٍّ:
أنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرَ بنَ عَامِرٍ مِنْ
بَنِي الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ مَرَّةً: هُوَ عُوَيْمِرُ بنُ
ثَعْلَبَةَ.
مَاتَ قَبْلَ عُثْمَانَ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 391"، وتاريخ البخاري
الكبير "7/ ترجمة 348"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 146"،
أسد الغابة "4/ 158"، تهذيب التهذيب "8/ 175-177" الإصابة
"3/ ترجمة 6117"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4500".
(4/14)
وَقَالَ البُخَارِيُّ: سَأَلْتُ رَجُلاً
مِنْ وَلَدِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَقَالَ: اسْمُهُ عَامِرُ
بنُ مَالِكٍ, وَلَقَبُهُ: عُوَيْمِرٌ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: هُوَ عُوَيْمِرُ بنُ ثَعْلَبَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّةٌ:
عُوَيْمِرُ بنُ عَامِرٍ.
وَآخِرُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَأَى أَبَا الدَّرْدَاءِ
شيخٌ عَاشَ إِلَى دَوْلَةِ الرَّشِيْدِ, فَقَالَ أَبُو
إِبْرَاهِيْمَ التُّرْجُمَانِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
أَبُو الحَارِثِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ
أَقْنَى أَشْهَلَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ.
رَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ, قَالَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ: كُنْتُ تَاجِراً قَبْلَ المَبْعَثِ,
فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ جَمَعْتُ التِّجَارَةَ
وَالعِبَادَةَ, فَلَمْ يجتمعا, فَتَرَكْتُ التِّجَارَةَ
وَلَزِمْتُ العِبَادَةَ.
قُلْتُ: الأَفْضَلُ جَمْعُ الأَمْرَيْنِ مَعَ الجِهَادِ،
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ طَرِيْقُ جَمَاعَةٍ مِنَ
السَّلَفِ وَالصُّوْفِيَّةِ, وَلاَ رَيْبَ أَنَّ
أَمْزِجَةَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ، فَبَعْضُهُمْ
يَقْوَى عَلَى الجَمْعِ؛ كالصدِّيق وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ عَوْفٍ، وَكَمَا كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ,
وَبَعْضُهُمْ يَعْجزُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى العِبَادَةِ،
وَبَعْضُهُمْ يَقْوَى فِي بِدَايَتِهِ، ثُمَّ يَعْجِزُ,
وَبِالعَكْسِ, وَكُلٌّ سَائِغٌ, وَلَكِنْ لاَ بُدَّ مِنَ
النَّهْضَةِ بِحُقُوْقِ الزَّوْجَةِ وَالعِيَالِ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَسْلَمَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ, ثُمَّ شَهِدَ أُحُداً,
وَأَمَرَهُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ أَنْ يَرُدَّ مَنْ عَلَى الجَبَلِ,
فردَّهم وَحْدَهُ، وَكَانَ قَدْ تأخَّر إِسْلاَمُهُ
قَلِيْلاً.
قَالَ شُرَيْحُ بنُ عُبَيْدٍ الحِمْصِيُّ: لَمَّا هُزِمَ
أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ يَوْمَ أُحُدٍ, كَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ يَوْمَئِذٍ فِيْمَنْ فَاءَ إِلَى رَسُوْلِ
اللهِ فِي النَّاسِ، فلمَّا أَظَلَّهُمُ المُشْرِكُوْنَ
مِنْ فَوْقِهِمْ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ
يَعْلُوْنَا" فَثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ وَانْتَدَبُوا,
وَفِيْهِم عُوَيْمِرُ أَبُو الدَّرْدَاءِ, حَتَّى
أَدْحَضُوْهُمْ عَنْ مَكَانِهِمْ, وَكَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ يَوْمَئِذٍ حَسَنَ البَلاَءِ, فَقَالَ رسول
الله: "نعم الفارس عويمر"1.
وَقَالَ: "حَكِيْمُ أُمَّتِي عُوَيْمِرٌ".
هَذَا رَوَاهُ يَحْيَى البَابْلُتِّيُّ، حَدَّثَنَا
صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحٍ2.
__________
1 ضعيف: شريح بن عبيد بن شريح الحضرمي الحمصي، ثقة، لكنَّه
لم يدرك أبا الدرداء، فقد كان يرسل كثيرًا.
2 ضعيف: مرسل كسابقه.
(4/15)
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَثُمَامَةُ، عَنْ
أَنَسٍ: مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَجْمَعِ القُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ:
أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاذٌ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ،
وَأَبُو زَيْدٍ1.
وَقَالَ زَكَرِيَّا وَابْنُ أَبِي خَالِدٍ, عَنِ
الشَّعْبِيِّ: جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ
اللهِ سِتَّةٌ، وَهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: مُعَاذٌ وَأَبُو
الدَّرْدَاءِ، وَزَيْدٌ، وَأَبُو زَيْدٍ، وأُبَيّ,
وَسَعْدُ بنُ عُبَيْدٍ2.
وَكَانَ بَقِيَ عَلَى مجمَّع بنِ جَارِيَةَ سُوْرَةٌ أَوْ
سُوْرَتَانِ حِيْنَ تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إِسْمَاعِيْلُ, عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ ابْنُ
مَسْعُوْدٍ قَدْ أَخَذَ بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سُورَةً
-يَعْنِي مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, وَتَعَلَّمَ بَقِيَّتَهُ مِنْ مجمَّع, وَلَمْ
يَجْمَعْ أَحَدٌ مِنَ الخُلَفَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ
القُرْآنَ غَيْرُ عُثْمَانَ3.
قَالَ أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ
مِنْ آخِرِ الأَنْصَارِ إِسْلاَماً، وَكَانَ يَعْبُدُ
صَنَماً، فَدَخَلَ ابْنُ رَوَاحَةَ وَمُحَمَّدُ بنُ
مَسْلَمَةَ بَيْتَهُ، فَكَسَرَا صَنَمَهُ, فَرَجَعَ
فَجَعَلَ يَجْمَعُ الصَّنَمَ وَيَقُوْلُ: وَيْحَكَ! هَلاَّ
امْتَنَعْتَ، ألَا دَفَعْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ فَقَالَتْ
أُمُّ الدَّرْدَاءِ: لَو كَانَ يَنْفَعُ أَوْ يَدْفَعُ
عَنْ أَحَدٍ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَنَفَعَهَا.
فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَعِدِّي لِي مَاءً فِي
المُغْتَسَلِ, فَاغْتَسَلَ وَلَبِسَ حُلَّتَهُ، ثُمَّ
ذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ رَوَاحَةَ مُقْبِلاً,
فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, هَذَا أَبُو الدَّرْدَاءِ,
وَمَا أُرَاهُ إلَّا جَاءَ فِي طَلَبِنَا, فَقَالَ:
"إِنَّمَا جَاءَ لِيُسْلِمَ, إِنَّ رَبِّي وَعَدَنِي
بِأَبِي الدَّرْدَاءِ أَنْ يُسْلِمَ"4.
رَوَى مِنْ قَوْلِهِ: "وَكَانَ يَعَبْدُ..... إِلَى
آخِرِهِ" مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ, عَنْ أَبِي
الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ.
وَرَوَى مِنْهُ: أَبُو صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ
أَبِي الزاهرية، عن جبير، عن أَبِي الدَّرْدَاءِ: قَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ
اللهَ وَعَدَنِي إِسْلاَمَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فأسلم"5.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "5004", حدَّثنا معلَّى بن أسد،
حدثنا عبد الله بن المثنَّى، حدثني ثبت البناني، وثمامة،
عن أنس قال: فذكره.
2 ضعيف لإرساله، الشعبي، عامر بن شراحيل من الطبقة
الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين.
3 ضعيف: أرسله الشعبي عن ابن مسعود، وقد نصَّ على ذلك
الأئمة، حسبك ما أورده الحافظ العلائي في كتابه الفذ "جامع
التحصيل في أحكام المراسيل".
4 ضعيف: أبو الزاهرية، هو حُدَير بن كريب الحضرمي الحمصي،
لم يدرك أبا الدرداء، فروايته عنه مرسلة كما قال أبو حاتم,
ونقله الحافظ العلائي.
5 ضعيف: في إسناده أبو صالح، هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ
صَالِحٍ، كَاتِبُ اللَّيْثِ، ضعيف لسوء حفظه. ومعاوية هو
ابن صالح الحضرمي الحمصى، قاضي الأندلس، صدوق.
(4/16)
وَرَوَى أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ: أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَسْلَمَ
يَوْمَ بَدْرٍ، وَشَهِدَ أُحُداً، وَفَرَضَ لَهُ عُمَرُ
فِي أَرْبَعِ مائَةٍ -يَعْنِي فِي الشَّهْرِ- أَلْحَقَهُ
فِي البَدْرِيِّيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: قِيْلَ: لَمْ يَشْهَدْ أُحُداً.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ مَكْحُوْلٍ: كَانَتِ
الصَّحَابَةُ يَقُوْلُوْنَ: أَرْحَمُنَا بِنَا أَبُو
بَكْرٍ، وَأَنْطَقُنَا بِالحَقِّ عُمَرُ، وَأَمِيْنُنَا
أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَعْلَمُنَا بِالحَرَامِ وَالحَلاَلِ
معاذ, وأقرأنا أُبَيّ, وَرَجُلٌ عِنْدَهُ عِلْمٌ ابْنُ
مَسْعُوْدٍ، وَتَبِعَهُم عُوَيْمِرُ أَبُو الدَّرْدَاءِ
بِالعَقْلِ1.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ الصَّحَابَةُ
يَقُوْلُوْنَ: أَتْبَعُنَا لِلعِلْمِ وَالعَمَلِ أَبُو
الدَّرْدَاءِ2.
وَرَوَى عَوْنُ بنُ أَبِي جُحَيْفَةَ, عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ، فَجَاءهُ سَلْمَانُ يَزُوْرُهُ، فَإِذَا
أُمُّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةٌ. فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ?
قَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ لاَ حَاجَةَ لَهُ فِي الدُّنْيَا،
يَقُوْمُ اللَّيْلَ، وَيَصُومُ النَّهَارَ. فَجَاءَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ فرحَّب بِهِ وقرَّب إِلَيْهِ طَعَاماً,
فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: كُلْ. قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ.
قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لتفطرنَّ, فَأَكَلَ مَعَهُ,
ثُمَّ بَاتَ عِنْدَهُ, فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ
أَرَادَ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَنْ يقوم, فمنعه سلمان، وقال:
إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً, وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ
حَقّاً, وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، صُمْ وَأَفْطِرْ
وَصَلِّ وَائْتِ أَهْلَكَ, وَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ
حَقَّهُ.
فَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ قَالَ: قُمِ الآنَ إِنْ
شئت, فقاما فتوضآ, ثُمَّ رَكَعَا, ثُمَّ خَرَجَا إِلَى
الصَّلاَةِ, فَدَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ لِيُخْبِرَ
رَسُوْلَ اللهِ بِالَّذِي أَمَرَهُ سَلْمَانُ, فَقَالَ
لَهُ: "يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ, إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ
حَقّاً مِثْلَ مَا قَالَ لَكَ سلمان" 3.
__________
1 ضعيف: لإرساله، مكحول الشامي كثير الإرسال جدًّا, وهو من
الطبقة الخامسة، وهي الطبقة الصغرى من التابعين الذين رأوا
الواحد والاثنين من الصحابة، ولم يثبت لبعضهم السماع منهم.
ومكحول منهم, فلم يدرك أُبَيّ بن كعب، وروى عن أنس وثوبان
مرسل، وأرسل عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي عبيد وسعد
بن أبي وقاص، وأبي ذر، وعائشة, وأبي هريرة، وطائفة آخرين.
2 ضعيف: أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"، "4/ 1/ 77" من
طريق عمرو بن خالد, أخبرنا محمد بن سلمة، عن محمد بن
إسحاق، عن مكحول قال: كان أصحاب النبي -صلى الله عليه
وسلم- يقولون: أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء، وأعلمنا
بالحلال والحرام معاذ".
قلت: إسناده ضعيف، فقد أرسله مكحول، فقد كان كثير الإرسال
جدًّا، وهو من الطبقة الخامسة, الطبقة الصغرى من التابعين.
ومحمد بن إسحاق مدلّس، وقد عنعنه.
3 صحيح: أخرجه البخاري (1968) من طريق جَعْفَرُ بنُ
عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ، عَنِ عَوْنِ بنِ
أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، به.
(4/17)
البابلتِّي: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ،
حَدَّثَنَا حَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ قَالَ: قَالَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ: لَو أُنْسِيْتُ آيَةً لَمْ أَجِدْ أَحَداً
يُذَكِّرُنِيْهَا إلَّا رَجُلاً بِبَرْكِ الغَمَادِ،
رَحَلْتُ إِلَيْهِ.
الأَعْمَشُ, عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَلُوْنِي، فَوَاللهِ لَئِنْ
فَقَدْتُمُوْنِي لَتَفْقِدُنَّ رَجُلاً عَظِيْماً مِنْ
أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَبِيْعَةُ القَصِيْرُ, عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ, عَنْ
يَزِيْدَ بنِ عَمِيْرَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ مُعَاذاً
الوَفَاةُ قَالُوا: أَوْصِنَا, فَقَالَ: العِلْمُ
وَالإِيْمَانُ مَكَانُهُمَا، مَنِ ابْتَغَاهُمَا
وَجَدَهُمَا -قَالَهَا ثَلاَثاً, فَالْتَمِسُوا العِلْمَ
عِنْدَ أَرْبَعَةٍ: عند عويمر أَبِي الدَّرْدَاءِ,
وَسَلْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
سَلاَمٍ, الَّذِي كَانَ يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ: عُلَمَاءُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ:
وَاحِدٌ بِالعِرَاقِ وَآخَرُ بِالشَّامِ -يَعْنِي: أَبَا
الدَّرْدَاءِ, وَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى الَّذِي بِالعِرَاقِ
-يَعْنِي نَفْسَهُ, وَهُمَا يَحْتَاجَانِ إِلَى الَّذِي
بِالمَدِيْنَةِ -يَعْنِي: عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
إِسْنَادُهُ ضَعِيْفٌ.
ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ, عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَجْرِيِّ, قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ
لأَبِي الدَّرْدَاءِ: مَا حَمَلَتْ وَرْقَاءُ، وَلاَ
أَظَلَّتْ خَضْرَاءُ, أَعْلَمَ مِنْكَ يَا أَبَا
الدَّرْدَاءِ.
مَنْصُوْرٌ, عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
وَجَدْتُ عِلْمَ الصَّحَابَةِ انْتَهَى إِلَى سِتَّةٍ:
عُمَرَ، وَعَلِيٍّ وأُبَيّ, وَزَيْدٍ, وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, ثُمَّ انْتَهَى
عِلْمُهُمْ إِلَى عليٍّ وَعَبْدِ اللهِ.
وَقَالَ خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ
يَقُوْلُ: حَدِّثُوْنَا عَنِ العَاقِلَيْنِ, فَيُقَالُ: من
العاقلان? فيقول: معاذ وأبو الدرداء.
وَرَوَى سَعْدُ بنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ
قَالَ: جَمَعَ القُرْآنَ خَمْسَةٌ: مُعَاذٌ، وَعُبَادَةُ
بنُ الصَّامِتِ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وأُبَيّ، وَأَبُو
أَيُّوْبَ، فلمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ، كَتَبَ إِلَيْهِ
يَزِيْدُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ: إنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَدْ
كثروا وملئوا المَدَائِنَ, وَاحْتَاجُوا إِلَى مَنْ
يُعَلِّمُهُمُ القُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ, فأعنِّي
بِرِجَالٍ يُعَلِّمُوْنَهُمْ, فَدَعَا عُمَرُ الخَمْسَةَ
فَقَالَ: إِنَّ إِخْوَانَكُم قَدِ اسْتَعَانُوْنِي مَنْ
يُعَلِّمُهُمُ القُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّيْنِ,
فَأَعِيْنُوْنِي يَرْحَمْكُمُ اللهُ بِثَلاَثَةٍ مِنْكُمْ
إِنْ أَحْبَبْتُمْ, وَإِنِ انْتُدِبَ ثَلاَثَةٌ مِنْكُمْ
فَلْيَخْرُجُوا.
فَقَالُوا: مَا كُنَّا لِنَتَسَاهَمَ، هَذَا شَيْخٌ
كَبِيْرٌ -لأَبِي أَيُّوْبَ, وَأَمَّا هَذَا فَسَقِيْمٌ
-لأُبَيّ, فَخَرَجَ مُعَاذٌ، وَعُبَادَةُ، وَأَبُو
الدَّرْدَاءِ.
(4/18)
فقال عمر: ابدءوا بِحِمْصَ, فَإِنَّكُمْ
سَتَجِدُوْنَ النَّاسَ عَلَى وُجُوْهٍ مُخْتَلِفَةٍ،
مِنْهُمْ مَنْ يَلْقَنُ, فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ
فَوَجِّهُوا إِلَيْهِ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ, فَإِذَا
رَضِيْتُمْ مِنْهُمْ فَلْيَقُمْ بِهَا وَاحِدٌ,
وَلْيَخْرُجْ وَاحِدٌ إِلَى دِمَشْقَ, وَالآخَرُ إِلَى
فِلَسْطِينَ. قَالَ: فَقَدِمُوا حِمْصَ, فَكَانُوا بِهَا
حَتَّى إِذَا رَضُوا مِنَ النَّاسِ أَقَامَ بِهَا
عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ, وَخَرَجَ أَبُو الدَّرْدَاءِ
إِلَى دِمَشْقَ, وَمُعَاذٌ إِلَى فِلَسْطِيْنَ, فَمَاتَ
فِي طَاعُوْنِ عَمَوَاسَ1, ثُمَّ صَارَ عُبَادَةُ بَعْدُ
إِلَى فِلَسْطِيْنَ وَبِهَا مَاتَ, وَلَمْ يَزَلْ أَبُو
الدَّرْدَاءِ بدمشق حتى مات.
الأَحْوَصُ بنُ حَكِيْمٍ, عَنْ رَاشِدِ بنِ سَعْدٍ, قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ أنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ ابْتَنَى كَنِيْفاً
بِحِمْصَ, فَكَتَبَ إِلَيْهِ: يَا عُوَيْمِرُ, أَمَا
كَانَتْ لَكَ كِفَايَةٌ فِيْمَا بَنَتِ الرُّوْمُ عَنْ
تَزْيِيْنِ الدُّنْيَا, وَقَدْ أَذِنَ اللهُ بِخَرَابِهَا,
فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي فَانْتَقِلْ إِلَى دِمَشْقَ.
مَالِكٌ, عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: كَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ إِذَا قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ
أَدْبَرَا عَنْهُ نَظَرَ إِلَيْهِمَا, فَقَالَ: ارْجِعَا
إِلَيَّ, أَعِيْدَا عَلَيَّ قَضِيَّتَكُمَا.
مَعْمَرٌ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ,
عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَتَبَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ إِلَى مَسْلَمَةَ بنِ مُخَلَّدٍ: سَلاَمٌ
عَلَيْكَ, أمَّا بَعْدُ, فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا عَمِلَ
بِمَعْصِيَةِ اللهِ أَبْغَضَهُ اللهُ, فَإِذَا أَبْغَضَهُ
اللهُ بغَّضه إِلَى عِبَادِهِ.
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ, عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: إِنِّي
لآمُرُكُمْ بِالأَمْرِ وَمَا أَفْعَلُهُ, وَلَكِنْ لعلَّ
اللهَ يَأْجُرُنِي فِيْهِ.
شُعْبَةُ, عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ أَبِيْهِ:
أنَّ عُمَرَ قَالَ لابْنِ مَسْعُوْدٍ وَأَبِي ذَرٍّ
وَأَبِي الدَّرْدَاءِ: مَا هَذَا الحَدِيْثُ عَنْ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَحْسِبُهُ
حَبَسَهُمْ بِالمَدِيْنَةِ حَتَّى أصيب.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, عَنْ مُسْلِمِ بنِ
مِشْكَمٍ: قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: اعْدُدْ مَنْ في
مجلسنا. قال: فجاءوا ألفًا وست مائة ونيفًا, فكانوا يقرءون
وَيَتَسَابَقُوْنَ عَشْرَةً عَشْرَةً, فَإِذَا صَلَّى
الصُّبْحَ انْفَتَلَ وَقَرَأَ جُزْءاً, فَيُحْدِقُونَ بِهِ
يَسْمَعُوْنَ أَلْفَاظَهُ, وَكَانَ ابْنُ عَامِرٍ مقدَّمًا
فِيْهِم.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ
أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ يُصَلِّي ثُمَّ يُقْرِئُ وَيَقْرَأُ, حَتَّى
إِذَا أَرَادَ القِيَامَ قَالَ لأَصْحَابِهِ: هَلْ مِنْ
وَلِيْمَةٍ أَوْ عَقِيْقَةٍ نَشْهَدُهَا? فَإِنْ قَالُوا:
نَعَمْ, وَإِلاَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ
أَنِّي صَائِمٌ. وَهُوَ الَّذِي سنَّ هَذِهِ الحلق
للقراءة.
__________
1 عمواس: قرية على بعد ستة أيام من الرملة على طريق بيت
المقدس, وطاعون عمواس كان في "سنة 18هـ" استشهد فيه أبو
عبيدة، ومعاذ بن جبل، وغيرهما.
(4/19)
قَالَ القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنَ الَّذِيْنَ أُوْتُوا
العِلْمَ.
أَبُو الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ: شَامَمْتُ
أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى عُمَرَ، وَعَلِيٍّ،
وَعَبْدِ اللهِ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ،
وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ1.
وَعَنْ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: إِنَّ أَبَا
الدَّرْدَاءِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالفُقَهَاءِ الذين يشفون
من الداء.
وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ آخَرَ: رَأَيْتُ
أَبَا الدَّرْدَاءِ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ مِنَ الأَتْبَاعِ
مِثْلُ السُّلْطَانِ, فَمِنْ سَائِلٍ عَنْ فَرِيْضَةٍ,
وَمِنْ سَائِلٍ عَنْ حِسَابٍ, وَسَائِلٍ عَنْ حَدِيْثٍ,
وَسَائِلٍ عَنْ مُعْضِلَةٍ, وَسَائِلٍ عَنْ شِعْرٍ.
قَالَ رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ القَصِيْرُ: كَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ إِذَا حدَّث عَنْ رَسُوْلِ اللهِ قَالَ:
اللَّهُمَّ إِنْ لاَ هَكَذَا وَإِلاَّ فَكَشَكْلِهِ.
مَنْصُوْرٌ, عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, قَالَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ: مَا لِي أَرَى عُلَمَاءكُم يَذْهَبُوْنَ,
وَجُهَّالَكُمْ لاَ يَتَعَلَّمُوْنَ, تَعَلَّمُوا فَإِنَّ
العَالِمَ والمتعلِّم شَرِيْكَانِ فِي الأَجْرِ.
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِنْ وَجْهٍ مُرْسَلٍ: لَنْ
تَكُوْنَ عَالِماً حَتَّى تَكُوْنَ مُتَعَلِّماً, وَلاَ
تُكُوْنُ مُتَعَلِّماً حَتَّى تَكُوْنَ بِمَا عَلِمْتَ
عَامِلاً, إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ إِذَا وَقَفْتُ
لِلحِسَابِ أَنْ يُقَالَ لِي: مَا عَمِلْتَ فِيْمَا
عَلِمْتَ?.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ,
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَيْلٌ لِلَّذِي لاَ يَعْلَمُ
مَرَّةً، وَوَيْلٌ لِلَّذِي يعلم ولا يعمل سبع مرات.
ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ: قُلْتُ
لأُمِّ الدَّرْدَاءِ: أَيُّ عِبَادَةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ
كَانَتْ أَكْثَرَ? قَالَتْ: التَّفَكُّرُ وَالاعْتِبَارُ.
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ
قِيَامِ لَيْلَةٍ.
عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ عَنِ ابْنِ حَلْبَسٍ: قِيْلَ لأَبِي
الدَّرْدَاءِ -وَكَانَ لاَ يَفْتُرُ مِنَ الذِّكْرِ: كَمْ
تُسَبِّحُ فِي كُلِّ يَوْمٍ? قَالَ: مائَةَ أَلْفٍ, إلَّا
أَنْ تُخْطِئَ الأَصَابِعُ.
الأَعْمَشُ, عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ, عَنْ أَبِي
البَخْتَرِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يُوْقِدُ
تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ؛ إِذْ سَمِعْتُ فِي القِدْرِ صَوْتاً
يَنْشُجُ كَهَيْئَةِ صَوْتِ الصَّبِيِّ, ثُمَّ انْكَفَأَتِ
القِدْرُ, ثُمَّ رَجَعَتْ إلى
__________
1 صحيح: أخرجه ابن سعد "2/ 351".
(4/20)
مَكَانِهَا، لَمْ يَنْصَبَّ مِنْهَا
شَيْءٌ, فَجَعَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُنَادِي: يَا
سَلْمَانُ, انْظُرْ إِلَى مَا لَمْ تَنْظُرْ إِلَى
مِثْلِهِ أَنْتَ وَلاَ أَبُوْكَ, فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ:
أَمَا إِنَّكَ لَو سَكَتَّ لَسَمِعْتَ مِنْ آيَاتِ رَبِّكَ
الكُبْرَى.
الأَوْزَاعِيُّ, عَنْ بِلاَلِ بنِ سَعْدٍ: أنَّ أَبَا
الدَّرْدَاءِ قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ تَفْرِقَةِ
القَلْبِ, قِيْلَ: وَمَا تَفْرِقَةُ القَلْبِ? قَالَ: أَنْ
يُجْعَلَ لِي فِي كل وادٍ مال.
رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: لَوْلاَ ثَلاَثٌ
مَا أَحْبَبْتُ البَقَاءَ: سَاعَةً ظَمَأُ الهَوَاجِرِ,
وَالسُّجُوْدُ فِي اللَّيْلِ, وَمُجَالَسَةُ أَقْوَامٍ
يَنْتَقُوْنَ جَيِّدَ الكَلاَمِ كَمَا يُنْتَقَى أَطَايِبُ
الثَّمَرِ.
الأَعْمَشُ، عَنْ غَيْلاَنَ، عَنْ يَعْلَى بنِ الوَلِيْدِ
قَالَ: لَقِيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقُلْتُ: مَا
تُحِبُّ لِمَنْ تُحِبُّ? قَالَ: المَوْتُ. قُلْتُ: فَإِنْ
لَمْ يَمُتْ? قَالَ: يَقِلُّ مَالُهُ وَوَلَدُهُ.
قَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:
ثَلاَثَةٌ أُحِبُّهُنَّ وَيَكْرَهُهُنَّ النَّاسُ:
الفَقْرُ، وَالمَرَضُ، وَالمَوْتُ. أُحِبُّ الفَقْرَ
تَوَاضُعاً لِرَبِّي, وَالمَوْتَ اشْتِيَاقاً لِرَبِّي,
وَالمَرَضَ تَكْفِيْراً لِخَطِيْئَتِي.
الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ
أَبِيْهِ: أنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَوْجَعَتْ عَيْنُهُ
حَتَّى ذَهَبَتْ, فَقِيْلَ لَهُ: لَو دَعَوْتَ اللهَ?
فَقَالَ: مَا فَرَغْتُ بَعْدُ مِنْ دُعَائِهِ لِذُنُوْبِي,
فَكَيْفَ أَدْعُو لِعَيْنِي?!
حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ: حَدَّثَنَا رَاشِدُ بنُ سَعْدٍ
قال: جاء رجل إلى أبي الدَّرْدَاءِ فَقَالَ: أَوْصِنِي.
قَالَ: اذْكُرِ اللهَ فِي السَّرَّاءِ يَذْكُرْكَ فِي
الضَّرَّاءِ، وَإِذَا ذَكَرْتَ المَوْتَى فَاجْعَلْ
نَفْسَكَ كَأَحَدِهِمْ, وَإِذَا أَشْرَفَتْ نَفْسُكَ عَلَى
شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا فَانْظُرْ إِلَى مَا يَصِيْرُ.
إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ عَنْ هَمَّامِ بنِ الحَارِثِ:
كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُقْرِئُ رَجُلاً أَعْجَمِيّاً:
{إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ، طَعَامُ الْأَثِيمِ}
[الدُّخَانُ 43-44] ، فَقَالَ: "طَعَامُ اليَتِيْمِ" فردَّ
عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَقُوْلَهَا, فَقَالَ:
قُلْ: طَعَامُ الفَاجِرِ فَأَقْرَأَهُ "طَعَامُ
الفَاجِرِ".
مَنْصُوْرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ: أنَّ أَبَا
الدَّرْدَاءِ قَالَ: اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ،
وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي المَوْتَى, وَإِيَّاكَ وَدَعْوَةَ
المَظْلُوْمِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَلِيْلاً يُغْنِيْكَ
خَيْرٌ مِنْ كَثِيْرٍ يُلْهِيْكَ, وَأَنَّ البِرَّ لاَ
يَبْلَى, وَأَنَّ الإِثْمَ لاَ يُنْسَى.
شَيْبَانُ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ: إِيَّاكَ وَدَعَوَاتِ المَظْلُوْمِ،
فَإِنَّهُنَّ يَصْعَدْنَ إِلَى اللهِ كَأَنَّهُنَّ
شَرَارَاتٍ مِنْ نَارٍ.
وَرَوَى لُقْمَانُ بنُ عَامِرٍ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ
قَالَ: أَهْلُ الأَمْوَالِ يَأْكُلُوْنَ وَنَأْكُلُ,
وَيَشْرَبُوْنَ وَنَشْرَبُ, وَيَلْبَسُوْنَ وَنَلْبَسُ,
وَيَرْكَبُوْنَ وَنَرْكَبُ, وَلَهُمْ فُضُوْلُ أَمْوَالٍ
يَنْظُرُوْنَ إِلَيْهَا وَنَنْظُرُ إِلَيْهَا مَعَهُمْ,
وَحِسَابُهُمْ عَلَيْهَا وَنَحْنُ مِنْهَا بُرَآءُ.
(4/21)
وَعَنْهُ قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي
جَعَلَ الأَغْنِيَاءَ يتمنون أنهم مثلنا عند المَوْتِ,
وَلاَ نَتَمَنَّى أَنَّنَا مِثْلُهُمْ حِيْنَئِذٍ، مَا
أَنْصَفَنَا إِخْوَانُنَا الأَغْنِيَاءُ، يُحِبُّوْنَنَا
عَلَى الدِّيْنِ، وَيُعَادُوْنَنَا عَلَى الدُّنْيَا.
رَوَاهُ صَفْوُانُ بنُ عَمْرٍو الحِمْصِيُّ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرٍ.
وَرَوَى صَفْوَانُ, عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ قُبْرُسُ, مُرَّ بِالسَّبْيِ عَلَى
أَبِي الدَّرْدَاءِ فَبَكَى, فَقُلْتُ لَهُ: تَبْكِي فِي
مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ الَّذِي أعزَّ اللهُ فِيْهِ
الإِسْلاَمَ وَأَهْلَهُ! قَالَ: يَا جُبَيْرُ, بَيْنَا
هَذِهِ الأُمَّةُ قَاهِرَةٌ ظَاهِرَةٌ؛ إِذْ عَصَوُا
اللهَ, فَلَقُوا مَا تَرَى، مَا أَهْوَنَ العِبَادَ عَلَى
اللهِ إِذَا هُمْ عَصَوْهُ.
بَقِيَّةُ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ
الصَّمَدِ, عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: كَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ لاَ يحدِّث بِحَدِيْثٍ إلَّا تبسَّم
فَقُلْتُ: إِنّي أَخَافُ أَنْ يُحَمِّقَكَ النَّاسُ,
فَقَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لاَ يُحَدِّثُ بِحَدِيْثٍ إلَّا تبسَّم.
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي المُسْنَدِ1.
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي قُدَامَةَ مُحَمَّدِ
بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: كَانَ
لأَبِي الدَّرْدَاءِ سِتُّوْنَ وَثَلاَثُ مائَةِ خَلِيْلٍ
فِي اللهِ, يَدْعُو لَهُمْ فِي الصَّلاَةِ, فَقُلْتُ لَهُ
فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ رَجُلٌ يَدْعُو
لأَخِيْهِ فِي الغَيْبِ إلَّا وَكَّلَ الله له مَلَكَيْنِ
يَقُوْلاَنِ: وَلَكَ بِمِثْلٍ, أَفَلاَ أَرْغَبُ أَنْ تدعو
لي الملائكة.
وَقَالَ أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:
إِنَّا لنكشِّر فِي وُجُوْهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ
قُلُوْبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ.
قَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: لَمَّا احْتُضِرَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ جَعَلَ يَقُوْلُ: مَنْ يَعْمَلُ لِمِثْلِ
يَوْمِي هَذَا, مَنْ يَعْمَلُ لِمِثْلِ مَضْجَعِي هَذَا?
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ,
أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ, أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي, وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ,
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِقِيُّ, قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ,
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ,
أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ, حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ
حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا الوَضِيْنُ بنُ عَطَاءٍ, عَنْ
يَزِيْدَ بنِ مَزْيَدٍ, قَالَ: ذُكِرَ الدَّجَّالُ فِي
مَجْلِسٍ فِيْهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ نَوْفٌ
البِكَالِيُّ: إِنِّي لِغَيْرِ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ
مِنِّي مِنَ الدَّجَّالِ, فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:
وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ أستَلَب إِيْمَانِي
وَأَنَا لاَ أَشْعُرُ. فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: ثكلتك
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 199"، وآفته بقية وهو ابن الوليد،
مدلس، يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه.
(4/22)
أُمُّكَ يَا ابْنَ الكِنْدِيَّةِ، وَهَلْ
فِي الأَرْضِ خَمْسُوْنَ يَتَخَوَّفُوْنَ مَا تَتَخَوَّفُ.
ثُمَّ قَالَ: وَثَلاَثُوْنَ، وَعِشْرُوْنَ، وَعَشْرَةٌ,
وَخَمْسَةٌ. ثُمَّ قَالَ: وَثَلاَثَةُ, كُلُّ ذَلِكَ
يَقُوْلُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ, مَا أَمِنَ عَبْدٌ عَلَى إِيْمَانِهِ إلَّا
سُلِبَهُ أَوِ انْتُزِعَ مِنْهُ فَيَفْقِدُهُ, وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ, مَا الإِيْمَانُ إلَّا كَالقَمِيْصِ
يتقمَّصه مرَّة وَيَضَعُهُ أُخْرَى.
قَالَ الوَاقِدِيُّ وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ:
مَاتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ.
وَعَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، قَالَ: مَاتَ سَنَةَ
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ.
فَهَذَا خَطَأٌ؛ لأنَّ الثَّوْرِيَّ رَوَى عَنِ
الأَعْمَشِ, عَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ, عَنْ حُرَيْثِ
بنِ ظُهَيْرٍ, قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيٌ -يَعْنِي ابْنَ
مَسْعُوْدٍ- إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ, قَالَ: أَمَا
إِنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ بَعْدَهُ مِثْلَهُ, وَوَفَاةُ
عَبْدِ اللهِ فِي سَنَةِ 32.
وَرَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدِ اللهِ الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: مَاتَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ قَبْلَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا.
وَقِيْلَ: الَّذِيْنَ فِي حَلْقَةِ إِقْرَاءِ أَبِي
الدَّرْدَاءِ كَانُوا أَزْيَدَ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ،
وَلِكُلِّ عَشْرَةٍ مِنْهُم ملقِّن, وَكَانَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ يَطُوْفُ عَلَيْهِم قَائِماً, فَإِذَا
أَحْكَمَ الرَّجُلُ مِنْهُم تحوَّل إِلَى أَبِي
الدَّرْدَاءِ -يَعْنِي: يَعْرِضُ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: مَنْ أَكْثَرَ ذكر الموت
قلَّ فرحه وقلَّ حسده.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 84"، أسد الغابة "4/
327".
(4/23)
165- عياض بن
غنم 1:
ابن زُهَيْرِ بنِ أَبِي شَدَّادٍ, أَبُو سَعْدٍ
الفِهْرِيُّ.
مِمَّنْ بَايَعَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَاسْتَخْلَفَهُ
قَرَابَتُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ لَمَّا
احْتُضِرَ عَلَى الشَّامِ.
حدَّث عَنْهُ: جُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ خيِّرًا، صَالِحاً، زَاهِداً، سَخِيّاً، وَهُوَ
الَّذِي افْتَتَحَ الجَزِيْرَةَ صُلْحاً. أَقَرَّهُ عُمَرُ
عَلَى الشَّامِ, فَعَاشَ بَعْدُ نَحْواً مِنْ عَامَيْنِ.
وَقِيْلَ: عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً, وَمَاتَ فِي سَنَةِ
عِشْرِيْنَ بِالشَّامِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ الحُدَيْبِيَةَ, وَكَانَ
أَحَدَ الأُمَرَاءِ الخمسة يوم اليرموك.
رَوَى عَنْهُ: عِيَاضُ بنُ عَمْرٍو الأَشْعَرِيُّ.
قُلْتُ: فَأَمَّا عِيَاضُ بنُ زُهَيْرٍ الفِهْرِيُّ
فَبَدْرِيٌّ كَبِيْرٌ, وَهُوَ عَمُّ عِيَاضِ بنِ غَنْمٍ،
يكنَّى أَيْضاً: أَبَا سَعْدٍ، لاَ رِوَايَةَ لَهُ،
تُوُفِّيَ زَمَنَ عُثْمَانَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 84"، أسد الغابة "4/
327".
(4/23)
166- سلمة بن
سلامة 1:
ابن وقش بن زغبة بن زَعُوْرَاءَ بنِ عَبْدِ الأَشْهَلِ،
أَبُو عَوْفٍ الأَشْهَلِيُّ, ابْنُ عَمَّةِ مُحَمَّدِ بنِ
مَسْلَمَةَ.
شَهِدَ العَقَبَتَيْنِ وَبَدْراً وَأُحُداً،
وَالمَشَاهِدَ.
وَلَهُ حَدِيْثٌ فِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ
رِوَايَةِ مَحْمُوْدِ بنِ لَبِيْدٍ عنه.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً, وَدُفِنَ بِالمَدِيْنَةِ,
وَقَدِ انْقَرَضَ عَقِبُهُ.
آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي سَبْرَةَ بنِ أَبِي رُهْمٍ
العَامِرِيِّ, وقيل: بينه وبين الزبير بن العوام.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ ترجمة 439"، التاريخ الكبير
"4/ ترجمة 1986"، أسد الغابة "2/ 428"، الإصابة "2/ ترجمة
3381".
(4/24)
167- النعمان
بن مقرن 1:
أبو حكيم وَقِيْلَ: أَبُو عَمْرٍو المُزَنِيُّ الأَمِيْرُ,
صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
كَانَ إِلَيْهِ لِوَاءُ قَوْمِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ,
ثُمَّ كَانَ أَمِيْرَ الجَيْشِ الَّذِيْنَ افْتَتَحُوا
نَهَاوَنْدَ2، فاستُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ.
وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ, فَنَعَاهُ عُمَرُ عَلَى
المِنْبَرِ إِلَى المُسْلِمِيْنَ وَبَكَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ، وَمَعْقِلُ بنُ
يَسَارٍ، وَمُسْلِمُ بنُ الهَيْضَمِ، وَجُبَيْرُ بنُ
حَيَّةَ الثَّقَفِيُّ.
وَكَانَ مَقْتَلُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ يَوْم
جُمُعَةٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
زَائِدَةُ: حدَّثنا عَاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ الجَرْمِيُّ:
حدَّثني أَبِي أَنَّهُ أَبْطَأ عَلَى عُمَرَ خَبَرُ
نَهَاوَنْدَ وَابْنِ مُقَرِّنٍ، وَأَنَّهُ كَانَ
يَسْتَنْصِرُ، وَأَنَّ النَّاسَ كَانُوا مِمَّا يَرَوْنَ
مِنِ اسْتِنْصَارِهِ لَيْسَ هَمُّهُمْ إلَّا نَهَاوَنْدَ
وَابْنَ مُقَرِّنٍ, فَجَاءَ إِلَيْهِمْ أَعْرَابِيٌّ
مُهَاجِرٌ, فَلَمَّا بَلَغَ البَقِيْعَ قَالَ: مَا
أَتَاكُمْ عَنْ نَهَاوَنْدَ? قَالُوا: وَمَا ذَاكَ? قَالَ:
لاَ شَيْءَ, فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَتَاهُ
فَقَالَ: أَقْبَلْتُ بِأَهْلِي مُهَاجِراً حَتَّى
وَرَدْنَا مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، فلمَّا صَدَرْنَا, إِذَا
نَحْنُ بِرَاكِبٍ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ مَا رَأَيْتُ
مِثْلَهُ, فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللهِ, مِنْ أَيْنَ
أَقْبَلْتَ? قَالَ: مِنَ العِرَاقِ, قُلْتُ: مَا خَبَرُ
النَّاسِ؟ قَالَ: اقْتَتَلَ النَّاسُ بِنَهَاوَنْدَ،
فَفَتَحَهَا اللهُ، وقُتِلَ ابْنُ مُقَرِّنٍ, وَاللهِ مَا
أَدْرِي أَيُّ النَّاسِ هُوَ, وَلاَ مَا نَهَاوَنْدَ?
فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيُّ يَوْمٍ ذَاكَ مِنَ الجُمُعَةِ؟
قَالَ: لاَ, قَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَدْرِي, عُدَّ
مَنَازِلَكَ. قَالَ: نَزَلْنَا مَكَانَ كَذَا, ثُمَّ
ارْتَحَلْنَا فَنَزَلْنَا مَنْزِلَ كَذَا, حَتَّى عَدَّ.
فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ يَوْمُ كَذَا وَكَذَا مِنَ
الجُمُعَةِ, لَعَلَّكَ تَكُوْنُ لَقِيْتَ بَرِيْداً مِنْ
برد الجنّ, فإن لهم بردًا.
فَلَبِثَ مَا لَبِثَ ثُمَّ جَاءَ البَشِيْرُ بِأَنَّهُمُ
التقوا ذلك اليوم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 18"، التاريخ الكبير "8/
ترجمة 2222"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2035"، أسد الغابة
"5/ 342"، تهذيب الكمال "29/ ترجمة 6448"، الكاشف "3/
ترجمة 5951", تجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 1246", تهذيب
التهذيب "10/ ترجمة 826"، الإصابة "3/ ترجمة 8759"، خلاصة
الخزرجي "3/ ترجمة 7535".
2 نهاوند: مدينة في قبلة همذان بينهما ثلاثة أيام, كان
فتحها في خلافة عمر سنة "21"هـ.
(4/25)
بنو عفراء:
168- معاذ بن الحارث 1:
ابن رفاعة بن الحَارِثِ بنِ سَوَادِ بنِ مَالِكِ بنِ
غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ الأَنْصَارِيُّ
النَّجَّارِيُّ.
أَخُو عَوْفٍ، وَرَافِعٍ، وَرِفَاعَةَ.
وَأُمُّهُمْ عَفْرَاءُ بِنْتُ عُبَيْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ
عُبَيْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ
النَّجَّارِ, كَانَ شَهِدَ بَدْراً.
وَلَهُ مِنَ الوَلَدِ: عُبَيْدُ اللهِ, وَالحَارِثُ,
وَعَوْفٌ, وَسَلْمَى، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَعَائِشَةُ،
وَسَارَةُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: يُرْوَى أَنَّ مُعَاذاً هَذَا،
وَرَافِعَ بنَ مَالِكٍ الزُّرَقِيَّ, أَوَّلُ مَنْ
أَسْلَمَ مِنَ الأَنْصَارِ بِمَكَّةَ, وَأَمْرُ السِّتَّةِ
أَثْبَتُ.
وَشَهِدَ مُعَاذٌ العَقَبَتَيْنِ جَمِيْعاً, وَآخَى
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْمَرِ بنِ الحَارِثِ الجُمَحِيِّ,
أَحَدُ البدريين.
وَمَاتَ مُعَاذٌ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ, وَلَهُ
عَقِبٌ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 491"، التاريخ الكبير "7/
ترجمة 155"، ثقات ابن حبان "3/ 370"، أسد الغابة "4/ 378"،
الإصابة "3/ ترجمة 8039"، تهذيب الكمال "28/ ترجمة 6021"،
تهذيب التهذيب "10/ ترجمة 348"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة
7049".
(4/25)
169- معوّذ بن الحارث 1:
ابن رفاعة ابْنُ عَفْرَاءَ، وَهُوَ وَالِدُ الرُّبَيِّع
بِنْتِ مُعَوِّذٍ، وَأُخْتُهَا عُمَيْرَةُ.
شَهِدَ العَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِيْنَ، عِنْدَ ابْنِ
إِسْحَاقَ فَقَطْ.
وَهُوَ الَّذِي قِيْلَ: إِنَّهُ ضَرَبَ أَبَا جَهْلٍ هُوَ
وَأَخُوْهُ عَوْفٌ حَتَّى أَثْخَنَاهُ, وَعَطَفَ هُوَ
عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا، ثُمَّ وَقَعَ صَرِيْعاً، ثُمَّ
ذفَّفَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
وَكَانَ مُعَوِّذٌ وَعَوْفٌ قَدْ وَقَفَا يَوْمَئِذٍ فِي
الصَّفِّ بِجَنْبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ وَقَالاَ
لَهُ: يَا عَمُّ, أَتَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ, فَإِنَّهُ
بَلَغَنَا أَنَّهُ يُؤْذِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم, فدلهما عليه، فشدا معًا عليه2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 492"، أسد الغابة "5/ 240"،
الإصابة "3/ ترجمة 8162".
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "3/ 115 و129" وابن
أبي شيبة "14/ 373" والبخاري "3962" و"3963" و"4020"،
ومسلم "1800"، وأبو يعلى "4063" و"4074", وأبو عوانة "4/
228 و228-229"، والبيهقي "9/ 29", وفي "الدلائل" "3/ 86"
من طرق عن سليمان التيمي، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يوم بدر:
"من ينظر ما فعل أبو جهل"؟ انطق ابن مسعود، فوجد ابني
عفراء قد ضرباه حتى برَدَ، فأخذ بلحيته فقال: أنت أبا
جهل؟! فقال: وهل فوق رجل قتلتموه -أو قتله قومه؟
(4/26)
170- عوف بن
الحارث 1:
ابن رفاعة ابن عفراء.
شَهِدَ العَقَبَةَ, وَبَعْضُهُمْ عدَّه أَحَدَ السِّتَّةِ
النَّفَرِ الَّذِيْنَ لَقَوْا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوَّلاً.
شَهِدَ بَدْراً، وَاسْتُشْهِدَ.
وَأَخُوْهُمُ الرَّابِعُ:
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 492"، أسد الغابة "4/ 311"،
الإصابة "3/ ترجمة 6092".
(4/26)
171- رفاعة
1:
بَدْرِيٌّ, تفرَّد بِذِكْرِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ. فَقَالَ
الوَاقِدِيُّ: لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِثَبْتٍ.
وَلِعَوْفٍ عَقِبٌ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
سِيْرِيْنَ يَقُوْلُ فِي قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ: أَقْعَصَهُ2
ابْنَا عَفْرَاءَ وذفَّفَ عَلَيْهِ3 ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
وَفِي رِوَايَةِ صَالِحُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ اللَّذَيْنِ سَأَلاَهُ وَقَتَلاَ أَبَا جَهْلٍ:
مُعَاذُ بنُ عَمْرِو بن الجموح, ومعاذ ابن عفراء4. وهو
أصحّ.
__________
1 ترجمته في العبر "1/ 41".
2 أقعصه: قتله مكانه.
3 ذفَّفَ عليه: أجهز عليه.
4 صحيح: أخرجه البخاري "3964" من طريق يوسف بن الماجشون،
عن صالح بن إبراهيم، به. وراجع تخريجنا السابق رقم "44".
(4/27)
172- حذيفة بن
اليمان 1: "ع"
مِنْ نُجَبَاءِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَهُوَ صَاحِبُ السِّرِّ2.
وَاسْمُ اليَمَانِ: حِسل, وَيُقَالُ: حُسَيْلٌ ابْنُ
جَابِرٍ العَبْسِيُّ، اليَمَانِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ،
حَلِيْفُ الأَنْصَارِ، مِنْ أَعْيَانِ المُهَاجِرِيْنَ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ؛ وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ،
وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ, وَرِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ, وَصِلَةُ
بنُ زُفَرَ, وَثَعْلَبَةُ بنُ زَهْدَمٍ، وَأَبُو
العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَبِي لَيْلَى, وَمُسْلِمُ بنُ نُذَيْرٍ، وَأَبُو
إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَقَيْسُ بنُ عُبَادٍ، وَأَبُو
البَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ، وَنُعَيْمُ بنُ أَبِي هِنْدٍ،
وَهَمَّامُ بنُ الحَارِثِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
لَهُ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" اثْنَا عَشَرَ حَدِيْثاً،
وَفِي البُخَارِيِّ ثَمَانِيَةٌ, وَفِي مُسْلِمٍ سَبْعَةَ
عَشَرَ حَدِيْثاً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 317"، التاريخ الكبير "3/
ترجمة 332"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1140"، أسد الغابة
"1/ 468"، الإصابة "1/ ترجمة 1647"، تهذيب الكمال "5/
ترجمة 1147"، تهذيب التهذيب "2/ ترجمة 405"، خلاصة الخزرجي
"1/ ترجمة 1267".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3743".
(4/27)
وَكَانَ وَالِدُهُ حِسْلٌ قَدْ أَصَابَ
دَماً فِي قَوْمِهِ، فَهَرَبَ إِلَى المَدِيْنَةِ،
وَحَالَفَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فسمَّاه قَوْمُهُ
اليَمَانَ؛ لِحِلْفِهِ لِلْيَمَانِيَّةِ، وَهُمُ
الأَنْصَارُ.
شَهِدَ هُوَ وَابْنُهُ حُذَيْفَةُ أُحُداً، فَاسْتُشْهِدَ
يَوْمَئِذٍ، قَتَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ غَلَطاً, وَلَمْ
يَعْرِفْهُ؛ لأَنَّ الجَيْشَ يَخْتَفُوْنَ فِي لأْمَةِ
الحَرْبِ وَيَسْتُرُوْنَ وُجُوْهَهُمْ, فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُمْ عَلاَمَةٌ بَيِّنَةٌ وَإِلاَّ رُبَّمَا قَتَلَ
الأَخُ أَخَاهُ وَلاَ يَشْعُرُ.
وَلَمَّا شَدُّوْا عَلَى اليَمَانِ يَوْمَئِذٍ, بَقِيَ
حُذَيْفَةُ يَصِيْحُ: أَبِي! أَبِي! يَا قَوْمُ! فَرَاحَ
خَطَأً, فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ عَلَيْهِم بِدِيَتِهِ1.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: آخَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
بين حُذَيْفَةَ وعمَّار, وَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ.
إِسْرَائِيْلُ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ رَجُلٍ, عَنْ
حُذَيْفَةَ: أنه أقبل هو وَأَبُوْهُ, فَلَقِيَهُمْ أَبُو
جَهْلٍ قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالاَ: حَاجَةٌ لَنَا.
قَالَ: مَا جِئْتُمْ إلَّا لِتُمِدُّوا مُحَمَّداً,
فَأَخَذُوا عَلَيْهِمَا مَوْثِقاً ألَّا يُكَثِّرَا
عَلَيْهِمْ, فَأَتَيَا رَسُوْلَ اللهِ، فَأَخْبَرَاهُ2.
ابْنُ جُرَيْجٍ, أَخْبَرَنِي أَبُو حَرْبٍ بنُ أَبِي
الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ, قَالَ: وَعَنْ رَجُلٍ،
عَنْ زَاذَانَ, أنَّ عَلِيّاً سُئِلَ عَنْ حُذَيْفَةَ
فَقَالَ: عَلِمَ المُنَافِقِيْنَ, وَسَأَلَ عَنِ
المُعْضِلاَتِ, فَإِنْ تَسْأَلُوْهُ تَجِدُوْهُ بِهَا
عَالِماً.
أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ سُلَيْمَانَ, عَنْ ثَابِتٍ أَبِي
المِقْدَامِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ
حُذَيْفَةَ -وَأَنَا عِنْدَهُ- فَقَالَ: مَا النِّفَاقُ؟
قَالَ: أَنْ تَتَكَلَّمَ بِالإِسْلاَمِ وَلاَ تَعْمَلَ
بِهِ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ, أَنَّ
عُمَرَ كَتَبَ فِي عَهْدِ حُذَيْفَةَ عَلَى المَدَائِنِ:
اسَمَعُوا لَهُ وَأَطِيْعُوا وَأَعْطُوْهُ مَا سَأَلَكُمْ,
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ عَلَى حِمَارٍ مُوْكَفٍ,
تَحْتَهُ زَادُهُ, فلمَّا قَدِمَ اسْتَقْبَلَهُ
الدَّهَاقِيْنُ وَبِيَدِهِ رغيف وعرق من لحم.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4065"، وابن سعد "2/ 45" من طريق
أبي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قالت: "لما كان يوم أحد
هزم المشركون, فصرخ إبليس لعنة الله عليه: أي عباد الله،
أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فبَصُرَ حذيفة
فإذا هو بأبيه اليمان, فقال: أي عباد الله، أبي أبي. قال:
قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه. فقال حذيفة: يغفر الله
لكم. قال عروة. فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق
بالله".
2 ضعيف: فيه عنعنة أبي إسحاق، وهو السبيعي، فقد كان مدلسًا
مشهورًا بالتدليس, وفيه إبهام الرجل الذي روى عنه أبو
إسحاق السبيعي.
(4/28)
وَلِيَ حُذَيْفَةُ إِمْرَةَ المَدَائِنِ
لِعُمَرَ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى بَعْدِ مَقْتَلِ
عُثْمَانَ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِيْنَ
لَيْلَةً.
قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْراً
إلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي، فَأَخَذَنَا
كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكم تُرِيْدُوْنَ
مُحَمَّداً! فَقُلْنَا: مَا نُرِيْدُ إلَّا المَدِيْنَةَ.
فَأَخَذُوا العَهْدَ عَلَيْنَا: لننصرفنَّ إِلَى
المَدِيْنَةِ، وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ. فَأَخْبَرْنَا
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ:
"نَفِيْ بِعَهْدِهِمْ, وَنَسْتَعِيْنُ اللهَ عَلَيْهِم" 1.
وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَدْ أسرَّ إِلَى حُذَيْفَةَ أَسْمَاءَ المُنَافِقِيْنَ,
وَضَبَطَ عَنْهُ الفِتَنَ الكَائِنَةَ فِي الأُمَّةِ2.
وَقَدْ نَاشَدَهُ عُمَرُ: أَأَنَا مِنَ المُنَافِقِيْنَ?
فَقَالَ: لاَ، وَلاَ أُزَكِّي أَحَداً بَعْدَكَ.
وَحُذَيْفَةُ هُوَ الَّذِي نَدَبَهُ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الأَحْزَابِ
لِيَجُسَّ لَهُ خَبَرَ العَدُوِّ3, وَعلَى يَدِهِ فُتِحَ
الدِّيْنَوَرُ عَنْوَةً, وَمَنَاقِبُهُ تَطُوْلُ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ.
أَبُو إِسْحَاقَ, عَنْ مُسْلِمِ بنِ نُذَيْرٍ، عَنْ
حُذَيْفَةَ، قَالَ: أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضلة
ساقي، فقال: "الائتزار ههنا، فإن أبيت فأسفل، فإن أبيت،
فلاحق للإزار فيما أسفل من الكعبين".
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1787" من طريق أبي أسامة، عن الوليد
بن جُميع، حدثنا أبو الطفيل، حدثنا حذيفة بن اليمان,
فذكره.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3606" و"7084"، ومسلم "1847",
"51"، والبيهقي في السنن "8/ 190"، وفي الدلائل "6/ 490"،
والبغوي "4222" من طرق عن الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ,
حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي بسر بن عبيد الله
الحضرمي, أنه سمع أبا إدريس الخولاني, أنه سمع حذيفة بن
اليمان يقول: كان الناس يسألون رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيَّرَ الخير، وكنت أسأله عن
الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله, إنا كنا في
جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من
شر؟ قال: "نعم". قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم,
وبه دخن". قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يهدون بغير هديي، تعرف
منهم وتنكر"، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم،
دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها". قلت:
يا رسول الله، صفهم لنا، قال: "هم من جلدتنا، ويتكلمون
بألسنتنا". قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم
جماعة المسلمين وإمامهم"، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا
إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة
حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".
3 صحيح: أخرجه مسلم "1788" من طريق الأعمش، عن إبراهيم
التيمي، عن أبيه، به في حديث طويل.
(4/29)
وفي لفظ: "فلاحق لِلإِزَارِ فِي
الكَعْبَيْنِ" 1.
عَقِيْلٌ، وَيُوْنُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي
أَبُو إِدْرِيْسَ، سَمِعَ حُذَيْفَةَ يَقُوْلُ: "وَاللهِ,
إِنِّي لأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ
كَائِنَةٌ فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ"2.
قَالَ حُذَيْفَةُ: كَانَ الناس يسألون رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الخير, وكنت
أسأله عن الشر مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي3.
الأَعْمَشُ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ:
قَامَ فِيْنَا رَسُوْلُ اللهِ مَقَاماً, فَحَدَّثَنَا
بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ, فَحَفِظَهُ
مَنْ حَفِظَهُ, وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ4.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يُرَتِّلُ كَلاَمَهُ وَيُفَسِّرُهُ, فَلَعَلَّهُ قَالَ فِي
مَجْلِسِهِ ذَلِكَ مَا يُكْتَبُ فِي جُزْءٍ؛ فَذَكَرَ
أَكْبَرَ الكَوَائِنِ، وَلَوْ ذَكَرَ أَكْثَرَ مَا هُوَ
كَائِنٌ فِي الوُجُوْدِ لَمَا تَهَيَّأَ أَنْ يَقُوْلَهُ
فِي سَنَةٍ، بَلْ وَلاَ فِي أَعْوَامٍ, فَفَكِّرْ فِي
هَذَا.
مَاتَ حُذَيْفَةُ بِالمَدَائِنِ, سَنَةَ سِتٍّ
وَثَلاَثِيْنَ، وَقَدْ شَاخَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: بَعَثَ عُمَرُ حُذَيْفَةَ عَلَى
المَدَائِنِ، فَقَرَأَ عَهْدَهُ عَلَيْهِم. فَقَالُوا:
سَلْ مَا شِئْتَ. قَالَ: طَعَاماً آكُلُهُ، وَعَلَفَ
حِمَارِي هَذَا -مَا دُمْتُ فِيْكُمْ- مِنْ تِبْنٍ.
فَأَقَام فِيْهِم مَا شَاءَ اللهُ؛ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ
عُمَرُ: اقْدُمْ.
فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ قُدُوْمُهُ, كَمَنَ لَهُ عَلَى
الطَّرِيْقِ؛ فلمَّا رَآهُ عَلَى الحَالِ الَّتِي خَرَجَ
عَلَيْهَا, أَتَاهُ فَالْتَزَمَهُ، وَقَالَ: أنت أخي، وأنا
أخوك.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 140 و249 و256"، والبيهقي في "شعب
الإيمان" من طرق عن حميد، عن أنس مرفوعًا.
قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وللحديث شواهد منها: ما رواه ابن حبان "1447"، وأحمد "5/
382 و396 و398 و400"، والحميدي "445" عن مسلم بن نذير، عن
حذيفة.
وتابعه عند ابن حبان "1448" الأغر أبو مسلم عن حذيفة.
2 صحيح: أخرجه مسلم "2891"، وأحمد "5/ 388 و407" من طرق
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيَّ
كان يقول: قال حذيفة بن اليمان: فذكره.
3 صحيح: سبق تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "55"، وهو عند
البخاري "3606" و"7084" ومسلم "1847" "51"، وغيرهما فراجعه
ثَمَّتَ.
4 صحيح: أخرجه البخاري "6604"، ومسلم "2891".
(4/30)
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ, عَنْ طَلْحَةَ:
قَدِمَ حُذَيْفَةُ المَدَائِنَ عَلَى حِمَارٍ، سَادِلاً
رِجْلَيْهِ، وَبِيَدِهِ عَرْقٌ وَرَغِيْفٌ.
سَعِيْدُ بنُ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ:
هُوَ رَكُوْبُ الأَنْبِيَاءِ، يَسْدِلُ رِجْلَيْهِ مِنْ
جَانِبٍ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: سَمِعتُ أَبَا إِسْحَاقَ
يَقُوْلُ: كَانَ حُذَيْفَةُ يَجِيْءُ كُلَّ جُمُعَةٍ مِنَ
المَدَائِنِ إِلَى الكُوْفَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ:
فَقُلْتُ لَهُ: يُمْكِنُ هَذَا؟ قَالَ: كَانَتْ لَهُ
بَغْلَةٌ فَارِهَةٌ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله
الأسدي, حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ العَبَّاسِ,
عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الغَطَفَانِيِّ، قَالَ: كَانَ
حُذَيْفَةُ لاَ يَزَالُ يُحَدِّثُ الحَدِيْثَ
يَسْتَفْظِعُوْنَهُ, فَقِيْلَ لَهُ: يُوْشِكُ أَنْ
تُحَدِّثَنَا أَنَّهُ يَكُوْنُ فِيْنَا مَسْخٌ! قَالَ:
نَعَمْ, ليكوننَّ فِيْكُمْ مَسْخٌ قِرَدَةٌ وَخَنَازِيْرُ.
أَبُو وَائِلٍ, عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكْتُبُوا لِي
مَنْ تلفَّظ بِالإِسْلاَمِ مِنَ النَّاسِ" فَكَتَبْنَا
لَهُ أَلْفاً وَخَمْسَ مائَةٍ1.
سُفْيَانُ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ مُوْسَى بن عَبْدِ اللهِ
بنِ يَزِيْدَ, عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: كَانَ فِي خَاتَمِ
حُذَيْفَةَ كُرْكِيَّانِ بَيْنَهُمَا: الحَمْدُ للهِ.
عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ مُوْسَى,
عَنْ أُمِّهِ, قَالَتْ: كَانَ خَاتَمُ حُذَيْفَةَ مِنْ
ذَهَبٍ, فِيْهِ فَصُّ يَاقُوْتٍ أَسْمَانْجُوْنَه, فِيْهِ
كُرْكِيَّانِ مُتَقَابِلاَنِ, بَيْنَهُمَا: الحَمْدُ للهِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ,
عَنِ الحَسَنِ, عن جندب: أن حُذَيْفَةَ قَالَ: مَا كَلاَمٌ
أَتَكَلَّمُ بِهِ يَرُدُّ عَنِّي عِشْرِيْنَ سَوْطاً إلَّا
كُنْتُ مُتَكَلِّماً بِهِ.
خَالِدٌ, عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ, عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ:
إِنِّي لأَشْتَرِي دِيْنِي بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، مَخَافَةَ
أَنْ يَذْهَبَ كُلُّهُ.
أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ أَوْسٍ، عَنْ
بِلاَلِ بنِ يَحْيَى قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ حُذَيْفَةَ
كَانَ يَقُوْلُ: مَا أَدْرَكَ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ مِنَ
الصَّحَابَةِ إلَّا قَدِ اشْتَرَى بَعْضَ دِيْنِهِ
بِبَعْضٍ. قَالُوا: وَأَنْتَ؟ قَالَ: وَأَنَا, وَاللهِ
إِنِّي لأَدْخُلُ عَلَى أَحَدِهِمْ -وَلَيْسَ أَحَدٌ إلَّا
فِيْهِ مَحَاسِنُ وَمَسَاوِئُ- فَأَذْكُرُ مِنْ
مَحَاسِنِهِ, وَأُعْرِضُ عمَّا سِوَى ذَلِكَ, وَرُبَّمَا
دَعَانِي أَحَدُهُمْ إِلَى الغَدَاءِ فَأَقُوْلُ: إِنِّي
صَائِمٌ وَلَسْتُ بِصَائِمٍ.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "149"، وابن ماجه "4029"، وأحمد "5/
384" من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة
قال: فذكره.
(4/31)
جَمَاعَةٌ, عَنِ الحَسَنِ قَالَ: لَمَّا
حَضَرَ حُذَيْفَةَ المَوْتُ قَالَ: حَبِيْبٌ جَاءَ عَلَى
فَاقَةٍ؛ لاَ أَفْلَحَ مَنْ نَدِمَ! أَلَيْسَ بَعْدِي مَا
أَعْلَمُ؟ الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَبَقَ بِي الفِتْنَةَ,
قَادَتَهَا وَعُلُوْجَهَا.
شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَيْسَرَةَ,
عَنِ النَزَّالِ بنِ سَبْرَةَ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي
مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيِّ, مَاذَا قَالَ حُذَيْفَةُ
عِنْدَ مَوْتِهِ؟ قَالَ: لَمَّا كَانَ عِنْدَ السَّحَرِ،
قَالَ: أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ صَبَاحٍ إِلَى النَّارِ
-ثَلاَثاً, ثُمَّ قَالَ: اشْتَرُوا لِي ثَوْبَيْنِ
أَبْيَضَيْنِ؛ فَإِنَّهُمَا لَنْ يُتْرَكَا عَلَيَّ إلَّا
قَلِيْلاً حَتَّى أُبْدَلَ بِهِمَا خيرًا منهما، أو
أسلبهما سلبًا قبيحًا.
شُعْبَةُ أَيْضاً, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بنِ
زُفَرَ, عَنْ حُذَيْفَةَ, قَالَ: ابْتَاعُوا لِي كفنًا,
فجاءوا بِحُلَّةٍ ثَمَنُهَا ثَلاَثُ مائَةٍ, فَقَالَ: لاَ,
اشْتَرُوا لِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ.
وَعَنْ جُزَى بنِ بُكَيْرٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ
فَزِعْنَا إِلَى حُذَيْفَةَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ حُذَيْفَةُ بِالمَدَائِنِ
بَعْدَ عُثْمَانَ, وَلَهُ عَقِبٌ, وَقَدْ شَهِدَ أَخُوْهُ
صَفْوَانُ بنُ اليَمَانِ أُحُداً.
(4/32)
173- محمد بن
مسلمة 1: "ع"
ابن سلمة بن خالد بن عَدِيِّ بنِ مَجْدَعَةَ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ -وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو
سَعِيْدٍ- الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ, مِنْ نُجَبَاءِ
الصَّحَابَةِ, شَهِدَ بَدْراً وَالمَشَاهِدَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- اسْتَخْلَفَهُ مَرَّةً عَلَى المَدِيْنَةِ,
وَكَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِمَّنِ اعْتَزَلَ
الفِتْنَةَ, وَلاَ حَضَرَ الجَمَلَ وَلاَ صِفِّيْنَ، بَلِ
اتَّخَذَ سَيْفاً مِنْ خَشَبٍ, وتحوَّل إلى الربذة فأقام
بها مديدة.
رَوَى جَمَاعَةَ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهُ: المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ، وَسَهْلُ بنُ
أَبِي حَثْمَةَ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ،
وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَابْنُهُ مَحْمُوْدُ
بنُ مُحَمَّدٍ.
وَهُوَ حَارِثيٌّ، مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ
الأَشْهَلِ.
وَكَانَ رَجُلاً طُوَالاً، أَسْمَرَ، مُعْتَدِلاً, أصلع،
وقورًا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 443-445"، التاريخ الكبير
"1/ ترجمة 1", والجرح والتعديل "8/ ترجمة 316"، وأسد
الغابة "5/ 112"، الإصابة "3/ ترجمة 7806"، تهذيب الكمال
"26/ ترجمة 5610"، تهذيب التهذيب "9/ ترجمة 737"، خلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 6658".
(4/32)
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى زَكَاةِ
جُهَيْنَةَ, وَقَدْ كَانَ عُمَرُ إِذَا شُكِيَ إِلَيْهِ
عَامِلٌ نَفَّذَ مُحَمَّداً إِلَيْهِم لِيَكْشِفَ
أَمْرَهُ.
خَلَّفَ مِنَ الوَلَدِ: عَشْرَةَ بَنِيْنَ؛ وَسِتَّ
بَنَاتٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَقِيْلَ: اسْمُ جَدِّهِ خَالِدُ بنُ عَدِيِّ بنِ
مَجْدَعَةَ.
وَقَدِمَ لِلْجَابِيَةَ، فَكَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ جَيْشِ
عُمَرَ.
عَبَّادُ بنُ مُوْسَى السَّعْدِيُّ, حَدَّثَنَا يُوْنُسُ,
عَنِ الحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ:
مَرَرْتُ، فَإِذَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الصَّفَا وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى
يَدِ رَجُلٍ, فَذَهَبْتُ, فَقَالَ: "مَا مَنَعَكَ أَنْ
تسلِّمَ" ? قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, فَعَلْتَ بِهَذَا
الرَّجُلِ شَيْئاً مَا فَعَلْتَهُ بِأَحَدٍ, فَكَرِهْتُ
أَنْ أَقْطَعَ عَلَيْكَ حَدِيْثَكَ، مَنْ كَانَ يَا
رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: "جِبْرِيْلُ, وَقَالَ لِي: هَذَا
مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ لَمْ يُسَلِّمْ, أَمَا إِنَّهُ
لَوْ سلَّمَ رَدَدْنَا عَلَيْهِ السَّلاَمَ". قُلْتُ:
فَمَا قَالَ لَكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: "مَا زَالَ
يُوصِيْنِي بالجار حتى ظننت أنه يأمرني فأورثه" 1.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَسْلَمَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ
عَلَى يَدِ مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ، قَبْلَ إِسْلاَمِ
سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ, قَالَ: وَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي
عُبَيْدَةَ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى المَدِيْنَةِ عَامَ
تَبُوْكٍ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ, عَنْ أَبِي
بُرْدَةَ، قَالَ: مَرَرْنَا بِالرَّبَذَةِ, فَإِذَا
فُسْطَاطُ مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ, فَقُلْتُ: لَوْ
خَرَجْتَ إِلَى النَّاسِ فَأَمَرْتَ وَنَهَيْتَ, فَقَالَ:
قَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"يَا مُحَمَّدُ, سَتُكُوْنُ فُرْقَةٌ وَفِتْنَةٌ
وَاخْتِلاَفٌ, فَاكْسِرْ سَيْفَكَ, وَاقْطَعْ وَتَرَكَ,
وَاجْلِسْ في بيتك". ففعلت ما أمرني2.
__________
1 صحيح: ورد من حديث أبي هريرة, أخرجه ابن أبي شيبة "8/
546-547", وأحمد "2/ 514 و259"، والبزار "1898"، والبغوي
في شرح السنة "3488" من طريق شعبة، عن داود بن فراهيج، عن
أبي هريرة به.
وورد من حديث عائشة: أخرجه ابن أبي شيبة "6/ 238" و"8/
545", وأحمد "6/ 238"، والبخاري "6014"، وفي الأدب المفرد
"101 و106", ومسلم "2624"، وأبو داود "5151"، والترمذي
"1942"، وابن ماجه "3673"، والبيهقي "7/ 27" من طريق يحيى
بن سعيد الأنصاري، عن أبي بَكْرٍ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَمْرِو بنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ, عَنْ عَائِشَةَ، به.
2 ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 493"، حدثنا يزيد بن هارون قال:
أخبرنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي بردة، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته علي بن زيد بن جدعان، ضعيف.
(4/33)
شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي
بُرْدَةَ، عَنْ ضُبَيْعَةَ, قَالَ حُذَيْفَةُ: إِنِّي
لأَعْرِفُ رَجُلاً لاَ تَضُرُّهُ الفِتْنَةُ, قَالَ:
فَإِذَا فُسْطَاطٌ لَمَّا أَتَيْنَا المَدِيْنَةَ, وَإِذَا
مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ1.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: شَهِدَ مُحَمَّدٌ فَتَحَ مِصْرَ،
وَكَانَ فِيْمَنْ طَلَعَ الحِصْنَ مَعَ الزُّبَيْرِ, قَالَ
عَبَايَةُ بنُ رِفَاعَةَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ
أَسْوَدَ طَوِيْلاً عظيمًا.
وَفِي الصِّحَاحِ مِنْ حَدِيْثِ جَابِرٍ: مَقْتَلُ كَعْبِ
بنِ الأَشْرَفِ عَلَى يَدِ مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ2.
ابْنُ المُبَارَكِ, أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ, عَنْ
مُوْسَى بنِ أَبِي عِيْسَى قَالَ: أَتَى عُمَرُ
مَشْرَبَةَ3 بَنِي حَارِثَةَ, فَوَجَدَ مُحَمَّدَ بنَ
مَسْلَمَةَ, فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ, كَيْفَ تَرَانِي؟
قَالَ: أَرَاكَ كَمَا أُحِبُّ, وَكَمَا يُحِبُّ مَنْ
يُحِبُّ لَكَ الخَيْرَ, قَوِيّاً عَلَى جَمْعِ المَالِ,
عَفِيْفاً عَنْهُ, عَدْلاً فِي قَسْمِهِ, وَلَوْ مِلْتَ
عَدَّلْنَاكَ كَمَا يُعَدَّلُ السَّهْمُ فِي الثِّقَافِ.
قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنِي فِي قَوْمٍ إِذَا
مِلْتُ عَدَّلُوْنِي4.
ابْنُ عُيَيْنَةَ, عَنْ عَمْرِو بن سَعِيْدٍ, عَنْ
أَبِيْهِ, عَنْ عَبَايَةَ بنِ رِفَاعَةَ, قَالَ: بَلَغَ
عُمَرَ أَنَّ سَعْداً اتَّخَذَ قَصْراً, وَقَالَ:
انْقْطَعَ الصُّوَيْتُ, فَأَرْسَلَ عُمَرُ مُحَمَّدَ بنَ
مَسْلَمَةَ -وَكَانَ عُمَرُ إِذَا أَحَبَّ أَنْ يُؤْتَى
بِالأَمْرِ كَمَا يُرِيْدُ بَعَثَهُ- فَأَتَى الكُوْفَةِ،
فَقَدَحَ, وَأَحْرَقَ البَابَ عَلَى سَعْدٍ, فَجَاءَ
سَعْداً فَقَالَ: إِنَّهُ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّكَ قُلْتَ:
انْقَطَعَ الصُّوَيْتُ, فَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يقله.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "4664", والحاكم "3/ 433-434" من
طريق شعبة، وأخرجه أبو داود "4665"، وابن سعد "3/ 444-445"
من طريق أبي عوانة, كلاهما عن الأشعث بن سليم، عن أبي
بردة, عن ثعلبة بن ضبيعة, قال: دخلنا على حذيفة فقال: إني
لأعرف رجلًا لا تضره الفتن شيئًا ... ".
قلت: إسناده ضعيف، ضبيعة -بالتصغير- ابن حصين الثعلبي،
ويقال: ثعلبة بن ضبيعة، مجهول، لذا قال الحافظ في
"التقريب": مقبول -أي عند المتابعة, وليس ثَمَّ من تابعه.
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" "4/ 390" على عادته في
توثيق المجاهيل والمجروحين.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4037"، ومسلم "1801" من طريق
سفيان، عن عمرو, سمعت جابرا يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من لكعب بن
الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله". فقال محمد بن مسلمة: يا
رسول الله, أتحب أن أقتله؟ قال: "نعم.... " الحديث.
3 المشربة -بفتح الراء من غير ضم: الموضع الذي يشرب منه.
4 ضعيف: لانقطاعه بين موسى بن أبي عيسى، وهو الحناط, وعمر
بن الخطاب, فإنه لم يدركه، فهو من الطبقة السادسة، وهي
طبقة أصاغر التابعين التي لم يثبت لها لقاء أحد من
الصحابة.
(4/34)
هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ
حُذَيْفَةَ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَأَنَا أَخَافُ
عَلَيْهِ الفِتْنَةَ, إلَّا مَا كَانَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ
مَسْلَمَةَ، فَإِنِّي سَمِعتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "لا تضره الفتنة"1.
الفَسَوِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مُصَفَّى, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ مُوْسَى
بنِ وَرْدَانَ, عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ جَابِرٍ, قَالَ:
قَدِمَ مُعَاوِيَةُ وَمَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ, فَبَلَغَ
رَجُلاً شَقِيّاً مِنْ أَهْلِ الأُرْدُنِّ صنيعَ مُحَمَّدِ
بنِ مَسْلَمَةَ -جُلُوْسُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ,
فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِ المَنْزِلَ فَقَتَلَهُ, فَأَرْسَلَ
مُعَاوِيَةُ إِلَى كَعْبِ بنِ مَالِكٍ: مَا تَقُوْلُ فِي
مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ?.
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
المُنْذِرِ, وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَشَبَابٌ وَجَمَاعَةٌ:
مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ
الحَسَنِ, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَعْطَى مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ سَيْفاً
فَقَالَ: "قَاتِلْ بِهِ المُشْرِكِيْنَ, فَإِذَا رَأَيْتَ
المُسْلِمِيْنَ قَدْ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ
فَاضْرِبْ بِهِ أُحُداً حَتَّى تَقْطَعَهُ, ثُمَّ اجْلِسْ
فِي بَيْتِكَ حَتَّى تَأْتَيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ أَوْ
مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ"2.
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ مَرَاسِيْلِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ.
عَاشَ ابْنُ مَسْلَمَةَ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سنة.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "4663" من طريق هشام -وهو ابن
حسان، عن محمد قال: قال حذيفة: ما أحد من الناس تدركه
الفتنة إلّا أنا أخافها عليه, إلا مُحَمَّدِ بنِ
مَسْلَمَةَ, فَإِنِّي سَمِعتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "لا تضرك الفتنة".
قلت: إسناده ضعيف؛ لانقطاعه بين محمد بن سيرين وحذيفة الذي
مات في أوّل خلافة عليّ -رضي الله عنه, لذا فإنه لم يدركه.
2 ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 225" من طريق زيد بن الحباب، عن
سهل بن أبي الصلت, عن الحسن به. وإسناده منطقع بين الحسن
وهو البصري، وبين محمد بن مسلمة, فإنه لم يدركه.
(4/35)
174- عثمان بن
أبي العاص 1: "م، 4"
الأَمِيْرُ، الفَاضِلُ، المؤتَمَن, أَبُو عَبْدِ اللهِ
الثَّقَفِيُّ، الطَّائِفِيُّ.
قَدِمَ فِي وَفْدِ ثَقِيْفٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سنة تِسْعٍ,
فَأَسْلَمُوا, وأمَّره عَلَيْهِم لِمَا رَأَى مِنْ
عَقْلِهِ وَحِرْصِهِ عَلَى الخَيْرِ وَالِدِّيْنِ, وَكَانَ
أَصْغَرَ الوَفْدِ سِنّاً2.
ثُمَّ أقرَّه أَبُو بَكْرٍ عَلَى الطَّائِفِ, ثُمَّ
عُمَرُ, ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى عَمَّانَ
وَالبَحْرَيْنِ, ثُمَّ قدَّمه عَلَى جَيْشٍ فَافْتَتَحَ
توج ومصرها, وسكن البصرة.
ذَكَرَهُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ
أَحَداً أَفْضَلَ مِنْهُ.
قُلْتُ: لَهُ أَحَادِيْثُ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ، وَفِي
السُّنَنِ.
وَكَانَتْ أُمُّهُ قَدْ شَهِدَتْ وِلادَةَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حدَّث عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ وَنَافِعُ بنُ
جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَيَزِيْدُ وَمُطَرِّفٌ ابْنَا
عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ، وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ,
وَآخَرُوْنَ.
سَالِمُ بنُ نُوحٍ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي
العَلاَءِ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ, أَنَّهُ بعث
غلمانًا له تجارًا, فلما جاءوا قَالَ: مَا جِئْتُمْ بِهِ؟
قَالُوا: جِئْنَا بِتِجَارَةٍ يَرْبَحُ الدِّرْهَمُ
عَشَرَةً. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالُوا: خَمْرٌ, قَالَ:
خَمْرٌ وَقَدْ نُهِيْنَا عَنْ شُرْبِهَا وَبَيْعِهَا؟!
فَجَعَلَ يَفْتَحُ أَفْوَاهَ الزِّقَاقِ وَيَصُبُّهَا.
يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ
أبي العاص, فذكر نَحْوَهُ.
تُوُفِّيَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- سَنَةَ إِحْدَى وخمسين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 508"، والتاريخ الكبير "6/
ترجمة 2195"، أسد الغابة "3/ 579"، تهذيب الكمال "19/
ترجمة 3829"، وتهذيب التهذيب "7/ ترجمة 270"، الإصابة "2/
ترجمة 5441"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4752".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 217"، وأبو داود "531"، والنسائي
"2/ 23" من طرق عن حماد بن سلمة، عن سعيد الجريري، عن أبي
العلاء، عن مطرف بن عبد الله، عن عثمان بن أبي العاص, قال:
قلت: يا رسول الله, اجعلني إمام قومي، قال: "أنت إمامهم،
واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرًا".
وأخرجه مسلم "468" من طريق عمرو بن عثمان، حدثنا موسى بن
طلحة، حدثني عثمان بن أبي العاص الثقفي؛ أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ له: "أمَّ
قومك" , قال: قلت: يا رسول الله, إني أجد في نفسي شيئًا.
قال: "أدنه" فجَلَّسَني بين يديه, ثم وضع كفَّه في صدري
بين ثديي, ثم قال: "تحوّل" فوضعها في ظهري بين كتفي, ثم
قال: "أمَّ قومك, فمن أمَّ قوما فليخفف, فإن فيهم الكبير,
وإن فيهم المريض, وإن فيهم الضعيف, وإن فيهم ذا الحاجة,
وإذا صلى أحدكم وحده فليصلّ كيف شاء".
(4/36)
175- عبد الله
بن زيد 1: "4"
ابن عَبْدِ رَبِّهِ بنِ ثَعْلَبَةَ الأَنْصَارِيُّ
الخَزْرَجِيُّ، المَدَنِيُّ، البدري، من سادة
الصَّحَابَةِ, شَهِدَ العَقَبَةَ وَبَدْراً, وَهُوَ
الَّذِي أُرِيَ الأَذَانَ2، وَكَانَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ
الأُوْلَى منَ الهِجْرَةِ. لَهُ أَحَادِيْثُ يَسِيْرَةٌ,
وَحَدِيْثُهُ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ. وَقِيْلَ: إِنَّ
ذِكْرَ ثَعْلَبَةَ فِي نَسَبِهِ خَطَأٌ.
حدَّث عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ, وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى وَلَمْ يَلْقَهُ,
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَلَدُهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.
إِسْحَاقُ الفَرْوِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ العُمَرِيُّ، عَنْ بِشْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ زَيْدٍ, قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ!
أَنَا ابْنُ صَاحِبِ العَقَبَةِ وَبَدْرٍ, وَابْنُ الَّذِي
أُرِيَ النِّدَاءَ. فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَهْلَ الشَّامِ:
هَذِي المَكَارِمُ لاَ قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ ... شيبا
بماء, فعادا بعد أبوالا3
الأَعْمَشُ, عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ, عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يا رسول
الله! إِنِّي رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كأنَّ رَجُلاً قَامَ
عَلَى جِذْمِ حَائِطٍ، فأذَّن مَثْنَى, وَأَقَامَ مَثْنَى,
وقعد قعدة, وعليه بردان أخضران4.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 536-537"، التاريخ الكبير
"5/ ترجمة 19"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 265"، والكاشف
"2/ ترجمة 2758"، والعبر "1/ 33"، تهذيب الكمال "14/ ترجمة
3282"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 386"، الإصابة "2/ ترجمة
رقم 4686"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3510".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 43"، وأبو داود "499", والترمذي
"189", والدارمي "1/ 268-269", وابن حبان "281", وابن ماجه
"706"، والدارقطني "1/ 341"، وابن الجارود "158"، والبيهقي
"1/ 390-391، 415" من طريق ابن إسحاق, قال: حدثنا محمد بن
إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه،
قال: حدثني أبي عبد الله بن زيد قال: فذكر رؤية الأذان في
حديث طويل.
وأخرجه أحمد "4/ 42"، والبيهقي "1/ 414-415" من طريق
الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن زيد، به،
وأخرجه عبد الرزاق "1788"، وابن أبي شيبة "1/ 203"،
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 131-132 و134"،
والبيهقي "1/ 420" مِنْ طرِيقِ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ
عَبْدِ الرحمن ابن أبي ليلى, قال: حدَّثنا أصحاب رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ عبد الله
بن زيد قال: فذكره.
3 هذا البيت من قصيدة لأبي الصلت، والد أمية بن أبي الصلت،
ويمدح فيها سيف بن ذي يزن، ومطلع القصيدة:
ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن ... ريم في البحر للأعداء
أحوالا
4 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "1/ 23"، والبيهقي "1/ 391" من
طريق عمرو بن مرة، به. قوله: "على جذم حائط", الجذم:
الأصل، أراد: بقية حائط, أو قطعة من حائط.
(4/37)
فأمَّا:
176- عبد الله بن زيد المازني
النجاري 1: "ع":
صَاحِبُ حَدِيْثِ الوُضُوْءِ2، فَمِنْ فُضَلاَءِ
الصَّحَابَةِ. يُعْرَفُ بِابْنِ أُمِّ عُمَارَةَ، وَهُوَ
عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدِ بنِ عَاصِمِ بنِ كَعْبٍ، أَحَدُ
بَنِي مازن بن النجار. ذَكَرَ ابْنُ مَنْدَةَ فَقَطْ
أَنَّهُ بَدْرِيٌّ3.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ وَغَيْرُهُ: بَلْ
هُوَ أحُديّ, وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ مُسَيْلِمَةَ
بِالسَّيْفِ مَعَ رَمْيَةِ وَحْشِيٍّ لَهُ بِحَرْبَتِهِ,
وَهُوَ عَمُّ عَبَّادِ بنِ تَمِيْمٍ.
قِيْلَ: إِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الحرة, سنة ثلاث وستين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 531"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 20"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 266"، أسد الغابة "3/
250"، تهذيب الكمال "14/ ترجمة 3381"، تهذيب التهذيب "5/
ترجمة 385"، الإصابة "2/ ترجمة 4688"، خلاصة الخزرجي "2/
ترجمة 3509".
2 صحيح: أخرجه البخاري "185"، ومسلم "235" من طريق عمرو بن
يحيى المازن، عن أبيه, أنَّ رجلًا قال لعبد الله بن زيد
-وهو جد عمرو بن يحيى: أتستطيع أن تريني كيف كأن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم,
فدعا بماء, فأفرغ على يديه فغسل مرتين، ثم مضمض واستنثر
ثلاثًا، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين، ثم مسح
رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر, بدأ بمقدَّم رأسه حتى ذهب
بهما إلى قفاه، ثم ردَّهما إلى المكان الذي بدأ منه، ثم
غسل رجليه".
3 قال الحافظ الذهبي في "تلخيص المستدرك" معلقًا على هذا
فقال: هذا خطأ.
(4/38)
177- حارثة بن
النعمان 1:
ابن نفع بن زيد بنِ عُبَيْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ
بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ الخَزْرَجِيُّ،
النَّجَّارِيُّ. وَيُقَالُ: ابْنُ رَاِفعٍ بَدَلَ: ابْنِ
نَفْعٍ.
وَلَهُ مِنَ الوَلَدِ: عَبْدُ اللهِ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ, وَسَوْدَةُ, وَعَمْرَةُ, وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ,
يكنَّى أَبَا عَبْدِ اللهِ.
شَهِدَ بَدْراً وَالمَشَاهِدَ، وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ
رِوَايَةً، وَكَانَ دَيِّناً، خيِّرًا، بَرّاً بِأُمِّهِ.
وَعَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ جِبْرِيْلَ من الدهر مرتين: يوم
الصورين2 حين خَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ إِلَى بَنِي
قُرَيْظَةَ, مَرَّ بِنَا فِي صُوْرَةِ دِحْيَةَ,
فَأَمَرَنَا بِلُبْسِ السِّلاَحِ، وَيَوْمَ مَوْضِعِ
الجَنَائِزِ حِيْنَ رَجَعْنَا مِنْ حُنَيْنٍ، مَرَرْتُ
وَهُوَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَلَمْ أُسَلِّمْ, فَقَالَ جِبْرِيْلُ: مَنْ
هَذَا يَا مُحَمَّدُ? قَالَ: حَارِثَةُ بنُ النُّعْمَانِ,
فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ مِنَ المائَةِ الصَّابِرَةِ يَوْمَ
حُنَيْنٍ, الَّذِيْنَ تكفَّل اللهُ بِأَرْزَاقِهِمْ فِي
الجَنَّةِ, وَلَو سلَّم لَرَدَدْنَا عَلَيْهِ.
وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٌ: أَنَّ حَارِثَةَ كُفَّ,
فَجَعَلَ خَيْطاً مِنْ مُصَلاَّهُ إِلَى حُجْرَتِهِ،
وَوَضَعَ عِنْدَهُ مِكْتَلاً فِيْهِ تَمْرٌ وَغَيْرُهُ,
فَكَانَ إِذَا سلَّم مِسْكِيْنٌ أَعْطَاهُ مِنْهُ, ثُمَّ
أَخَذَ عَلَى الخَيْطِ حَتَّى يَأْتِيَ إِلَى بَابِ
الحُجْرَةِ فَيُنَاوِلَ المِسْكِيْنَ. فَيَقُوْلُ
أَهْلُهُ: نَحْنُ نَكْفِيْكَ, فَيَقُوْلُ: سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَقُوْلُ: "مُنَاوَلَةُ المِسْكِيْنِ تَقِي مِيْتَةَ
السُّوْءِ"3.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَتْ لَهُ مَنَازِلُ قُرْبَ
مَنَازِلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
فَكَانَ كُلَّمَا أَحْدَثَ رَسُوْلُ اللهِ أَهْلاً،
تَحَوَّلَ لَهُ حَارِثَةُ عَنْ مَنْزِلٍ, حَتَّى قَالَ:
"لَقَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ حَارِثَةَ مِمَّا يَتَحَوَّلُ
لَنَا عَنْ مَنَازِلِهِ".
وَبَقِيَ إِلَى خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ.
وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ: المحدِّث أَبُو الرِّجَالِ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَارِثَةَ
بنِ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ، وَلَدُ عَمْرَةَ
الفَقِيْهَةِ.
وَهُوَ -أَعْنِي: حَارِثَةَ- الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ قِرَاءةً، فَقُلْتُ: مَنْ
هَذَا? قِيْلَ: حَارِثَةُ, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَاكُمُ البِرُّ" وَكَانَ
بَرّاً بِأُمِّهِ -رَضِيَ الله عنه4.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 487"، التاريخ الكبير "3/
ترجمة 323"، أسد الغابة "1/ 429"، الإصابة "1/ ترجمة
1532".
2 الصوران: موضع بالمدينة.
3 ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 488"، والطبراني في "الكبير"
"3228" و"3233"، والبيهقي في "الشعب" "3/ 3463" من طرق, عن
إسماعيل بن أبي فديك، عن محمد بن عثمان، عن أبيه قال: كان
حارثة بن النعمان قد ذهب بصره، فاتخذ خيطًا في مصلاه إلى
باب حُجْرَتِهِ، وَوَضَعَ عِنْدَهُ مِكْتَلاً فِيْهِ
تَمْرٌ وَغَيْرُهُ، فكان إذا جاء المسكين فسلَّم، أخذ من
ذلك المكتل، ثم أخذ بطرف الخيط حتى يناوله، وكان أهله
يقولون: نحن نكفيك، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ:
"مُنَاوَلَةُ المِسْكِيْنِ تَقِي مِيْتَةَ السُّوْءِ".
وأورده الهيثمي في "المجمع" "3/ 112", وقال: "رواه
الطبراني في الكبير، وفيه من لم أعرفه".
قلت: في إسناده محمد بن عثمان، ذكر البخاري في "التاريخ"
"1/ 1/ 180" -وذكر الحديث في ترجمته- كما ذكر الحديث ابن
أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "4/ 1/ 24" في ترجمته، ولم
يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
أما عثمان والد محمد بن عثمان, فذكره ابن أبي حاتم في
ترجمة حارثة بن النعمان "1/ 2/ 253-254" فيمن روى عن
حارثة، ولم يذكر اسم أبيه، ولم أعرفه، وقد ذكرت الحديث
وشواهد له في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث
الضعيفة والموضوعة" حديث رقم "317" الطبعة الثانية.
4 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "20119"، وأحمد "6/ 151-152
و166-167"، والحميدي "285" عن عمرة، عن عائشة، به.
(4/39)
178- أبو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ 1: "ع"
عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بن سُلَيْمِ بنِ حَضَّارِ بنِ
حَرْبٍ, الإِمَامُ الكَبِيْرُ، صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَبُو مُوْسَى
الأَشْعَرِيُّ التَّمِيْمِيُّ الفَقِيْهُ المُقْرِئُ.
حدَّث عَنْهُ: بُرَيْدَةُ بنُ الحَصِيْبِ, وَأَبُو
أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ،
وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَطَارِقُ بنُ شِهَابٍ, وَسَعِيْدُ
بنُ المُسَيِّبِ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ, وَأَبُو
وَائِلٍ شَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ، وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ,
وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ النَّهْدِيُّ، وَمُرَّةُ الطَّيِّبُ،
وَرِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ، وَزَهْدَمُ بنُ مُضَرِّبٍ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِيْمَنْ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَقْرَأَ أَهْلَ
البَصْرَةِ وفقَّهَهم فِي الدِّيْنِ, قَرَأَ عَلَيْهِ
حِطَّانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ
العُطَارِدِيُّ.
فَفِي "الصَّحِيْحَيْنِ": عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي
مُوْسَى عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ, وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ
القِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيْماً" 2.
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَمُعَاذاً عَلَى زبيد وعدن3, وولي إمرة الكوفة
لِعُمَرَ, وَإِمْرَةَ البَصْرَةِ, وَقَدِمَ لَيَالِيَ
فَتْحِ خَيْبَرَ، وَغَزَا وَجَاهَدَ مَعَ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم, وحمل عنه علمًا كثيرًا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 344-345" و"4/ 105" و"6/
16"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 35"، الجرح والتعديل "5/
ترجمة 642"، حلية الأولياء "1/ 256-264"، أسد الغابة "3/
367"، الكاشف "2/ ترجمة 2951"، تجريد أسماء الصحابة "1/
ترجمة 3487" وتذكرة الحفاظ "1/ 23"، تهذيب الكمال "15/
ترجمة 3491"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة رقم 625"، الإصابة
"2/ ترجمة 4898"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3739".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4323"، ومسلم "2498" حدثنا محمد بن
العلاء، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى
-رضي الله عنه- به, مرفوعًا في حديث طويل.
3 صحيح: أخرجه البخاري "3038"، ومسلم "1733" من طريق وكيع،
عن شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ جدِّه, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ معاذا وأبا موسى إلى اليمن,
قال: "يسِّرَا ولا تعسِّرا، وبشِّرَا ولا تنفِّرَا،
وتطاوعا ولا تختلفا".
(4/40)
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ:
حَدَّثَنِي أَبُو يُوْسُفَ حَاجِبُ مُعَاوِيَةَ: أَنَّ
أَبَا مُوْسَى الأَشْعَرِيَّ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ،
فَنَزَلَ فِي بَعْضِ الدُّوْرِ بِدِمَشْقَ، فَخَرَجَ
مُعَاوِيَةُ مِنَ اللَّيْلِ لِيَسْتَمِعَ قِرَاءتَهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أُمُّ أَبِي مُوْسَى هِيَ: ظَبْيَةُ
بِنْتُ وَهْبٍ، كَانَتْ أَسْلَمَتْ وَمَاتَتْ
بِالمَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ
قَالَ: أَسْلَمَ أَبُو مُوْسَى بِمَكَّةَ, وَهَاجَرَ إِلَى
الحَبَشَةِ, وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ خَيْبَرُ، وَمَاتَ
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: أَسْلَمَ بِمَكَّةَ ثُمَّ
قَدِمَ مَعَ أَهْلِ السَّفِيْنَتَيْنِ بَعْدَ فَتْحِ
خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ، فَقَسَمَ لَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلِيَ البَصْرَةَ لِعُمَرَ
وَعُثْمَانَ, وَوَلِيَ الكوفة وبها مات.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: افْتَتَحَ أَصْبَهَانَ زَمَنَ
عُمَرَ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: بَعَثَهُ عُمَرُ أَمِيْراً عَلَى
البَصْرَةِ, فَأَقْرَأَهُمْ وَفَقَّهَهُمْ, وَهُوَ فَتَحَ
تُستَر, وَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ أَحْسَنَ
صَوْتاً مِنْهُ.
قَالَ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ: سَمِعْتُ ابْنَ بُرَيْدَةَ
يَقُوْلُ: كَانَ الأَشْعَرِيُّ قَصِيْراً، أَثَطَّ1،
خَفِيْفَ الجِسْمِ.
وَأَمَّا الوَاقِدِيُّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ
إِلْيَاسَ, عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي جَهْمٍ قَالَ:
لَيْسَ أَبُو مُوْسَى مِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ، وَلاَ
حِلْفَ لَهُ فِي قُرَيْشٍ، وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ
بِمَكَّةَ, وَرَجَعَ إِلَى أَرْضِهِ حَتَّى قَدِمَ هُوَ
وَأُنَاسٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّيْنَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَذَكَرَهُ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِيْمَنْ هَاجَرَ إِلَى
الحَبَشَةِ.
وَرَوَى أَبُو بُرْدَةَ, عَنْ أَبِي مُوْسَى قَالَ:
خَرَجْنَا مِنَ اليَمَنِ فِي بضْعٍ وَخَمْسِيْنَ مِنْ
قَوْمِي، وَنَحْنُ ثَلاَثَةُ إِخْوَةٍ: أَنَا وَأَبُو
رُهْمٍ وَأَبُو عَامِرٍ, فَأَخْرَجَتْنَا سَفِيْنَتُنَا
إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَعِنْدَهُ جَعْفَرٌ وَأَصْحَابُهُ،
فَأَقْبَلْنَا حِيْنَ افْتُتِحَتْ خَيْبَرُ, فَقَالَ
رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لَكُمُ الهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ, هَاجَرْتُمْ إِلَى
النَّجَاشِيِّ, وَهَاجَرْتُمْ إليَّ" 2.
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَا وَأَخَوَايَ أَبُو رُهْمٍ وَأَبُو
بُرْدَةَ، أَنَا أَصْغَرُهُمْ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، عن حميد، عن أنس، قال:
__________
1 أثطّ: أي: قليل شعر اللحية.
2 صحيح: تقدم تخريجنا له في الجزء الأول في ترجمة أسماء
بنت عميس, بتخريجنا رقم "1172".
(4/41)
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَداً قَوْمٌ
هُمْ أَرَقُّ قُلُوْباً لِلإِسْلاَمِ مِنْكُمْ" , فَقَدِمَ
الأَشْعَرِيُّوْنَ, فَلَمَّا دَنَوْا جَعَلُوا
يَرْتَجِزُوْنَ:
غَداً نَلْقَى الأَحِبَّهْ ... مُحَمَّداً وَحِزْبَهْ
فلمَّا أَنْ قَدِمُوا تَصَافَحُوا، فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ
أَحْدَثَ المُصَافَحَةَ1.
شُعْبَةُ, عَنْ سِمَاكٍ, عَنْ عِيَاضٍ الأَشْعَرِيِّ,
قَالَ: لَمَا نَزَلَتْ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ
بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المَائِدَةُ: 54] ؛
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"هُمْ قَوْمُكَ يَا أَبَا مُوْسَى, وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ"
2.
صحَّحه الحَاكِمُ, وَالأَظْهَرُ: أنَّ لِعِيَاضِ بنِ
عَمْرٍو صُحْبَةٌ, وَلَكِنْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ
شُعْبَةَ أَيْضاً "ح". وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ،
عَنْ أَبِيْهِ, كِلاَهُمَا عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِيَاضٍ,
عَنْ أَبِي مُوْسَى.
بُرَيْد, عَنْ أَبِي بُرْدَةَ, عَنْ أَبِي مُوْسَى قَالَ:
لَمَّا فَرَغَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حُنَيْن,
بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ الأَشْعَرِيَّ عَلَى جَيْشِ أوطاس,
فلقي دريد بن الصِّمَّةِ, فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ
اللهُ أَصْحَابَهُ, فَرَمَى رَجُلٌ أَبَا عَامِرٍ فِي
رُكْبَتِهِ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ, فَقُلْتُ: يَا عَمّ!
مَنْ رَمَاكَ؟ فَأَشَارَ إِلَيْهِ, فَقَصَدْتُ لَهُ
فَلَحِقْتُهُ, فَلَمَّا رَآنِي ولَّى ذَاهِباً, فجعلت أقول
له: ألا تستحي؟ أَلَسْتَ عَرَبٍيّاً؟ أَلاَ تَثْبُتُ؟
قَالَ: فكفَّ, فَالْتَقَيْتُ أَنَا وَهُوَ فَاخْتَلَفْنَا
ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلْتُهُ, ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي
عَامِرٍ, فَقُلْتُ: قَدْ قَتَلَ اللهُ صَاحِبَكَ, قَالَ:
فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ, فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ
المَاءُ, فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي, انْطَلِقْ إِلَى
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
فأقرأه منِّي السَّلاَمَ, وَقُلْ لَهُ: يَسْتَغْفِرْ لِي,
وَاسْتَخْلَفَنِي أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ, فَمَكَثَ
يَسِيْراً ثُمَّ مَاتَ, فلمَّا قَدِمْنَا، وَأَخْبَرْتُ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
تَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ" حَتَّى
رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ
اجْعَلْهُ يوم
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 105 و155 و182 و223 و251 و262"،
وابن سعد "4/ 106" من طرق عن حميد، عن أنس، به.
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 107"، والحاكم "2/ 313" من طرق
عن شعبة، عن سماك بن حرب، به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي في "تلخيص
المستدرك".
قلت: عياض بن عمرو الأشعري، مختلف في صحبته، قال أبو حاتم:
تابعي أرسل, وجزم ابن عبد البر بصحبته.
(4/42)
القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيْرٍ مِنْ
خَلْقِكَ" , فَقُلْتُ: وَلِي يَا رَسُوْلَ اللهِ, فَقَالَ:
"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ
وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيْماً" 1.
وَبِهِ, عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِالجِعْرَانَةِ2، فَأَتَى أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: ألَا
تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي, قَالَ: "أَبْشِرْ" قَالَ:
قَدْ أَكْثَرْتَ منَ البُشْرَى, فَأَقْبَلَ رَسُوْلُ اللهِ
عليَّ وَعلَى بِلاَلٍ, فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا قَدْ ردَّ
البُشْرَى فَاقْبَلاَ أَنْتُمَا" فَقَالاَ: قَبِلْنَا يَا
رَسُوْلَ الله, فدعا بقدح فغسل يديه وَوَجْهَهُ فِيْهِ,
ومجَّ فِيْهِ ثُمَّ قَالَ: "اشْرَبَا منه وأفرغا على
رءوسكما وَنُحُوْرِكُمَا" , فَفَعَلاَ, فَنَادَتْ أُمُّ
سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السَّتْرِ: أَنَّ فَضِّلاَ
لأمِّكما, فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ3.
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ, وَغَيْرُهُ, عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ,
عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ المَسْجِدِ،
فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ قَائِمٌ, وَإِذَا رَجُلٌ
يُصَلِّي, فَقَالَ لِي: "يَا بُرَيْدَةَ, أَتَرَاهُ
يُرَائِي"؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ, قَالَ:
"بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ مُنِيْبٌ, لَقَدْ أُعْطِيَ مِزْمَاراً
مِنْ مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ" , فأتيته فإذا هو أبو موسى
فأخبرته4.
أنبئونا عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ اللَّبَّانِ
وَغَيْرِهِ: أنَّ أَبَا عَلِيٍّ الحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ,
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ فَارِسٍ,
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَاصِمٍ, حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ
الحُبَابِ, عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ
بُرَيْدَةَ, عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: جَاءَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المَسْجِدِ
وَأَنَا عَلَى بَابِ المَسْجِدِ, فَأَخَذَ بِيَدِيْ
فَأَدْخَلَنِي المَسْجِدَ، فَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي
يَدْعُو يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي
أَشْهَدُ أَنَّكَ الله لا إله إلَّا أنت الأحد الصمد, الذي
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ, وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً
أَحَدٌ.
قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, لَقَدْ سَأَلَ اللهَ
بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سئل به أعطى, وإذا دعي
به أجاب". وَإِذَا رَجُلٌ يَقْرَأُ فَقَالَ: "لَقَدْ
أُعْطِيَ هَذَا مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ"
, قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, أُخْبِرُهُ? قَالَ:
"نَعَمْ" فَأَخْبَرْتُهُ, فَقَالَ لِي: لاَ تَزَالُ لِي
صَدِيْقاً, وَإِذَا هُوَ أبو موسى5.
__________
1 صحيح: سبق تخريجنا له بتعليقنا رقم "85"، وهو عند
البخاري "4323"، ومسلم "2498" فراجعه ثَمَّ.
2 الجعرانة: بين مكة والطائف، وهي إلى مكة أقرب.
3 صحيح: أخرجه البخاري "4328"، ومسلم "2497" من طريق أبي
أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبي
بردة، عَنْ أَبِي مُوْسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
فذكره.
4 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 349", ومسلم "793" من طريق مالك بن
مغول، عن عبد الله بن بريدة به.
5 صحيح: أخرجه أبو داود "1494"، والترمذي "2475" من طريق
زيد بن الحباب, حدثنا مالك بن مغول، به، وأخرجه أحمد "5/
349" من طريق عثمان بن عمر، عن مالك، به.
(4/43)
رَوَاهُ حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ
بُرَيْدَةَ مُخْتَصَراً.
وَرَوَى أَبُو سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أنَّ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: "لَقَدْ أُعْطِيَ أَبُو مُوْسَى مِزْمَاراً مِنْ
مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ" 1.
خَالِدُ بنُ نَافِعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدِ بنِ أَبِي
بُرْدَةَ, عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي مُوْسَى: أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَعَائِشَةَ مرَّا بِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ فِي بَيْتِهِ,
فَاسْتَمَعَا لِقِرَاءتِهِ, فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرَهُ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ:
لَوْ أَعْلَمُ بمكانك لحبَّرته لك تحبيرًا2.
خالد: ضُعِّفَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ
أَبَا مُوْسَى قَرَأَ لَيْلَةً, فَقُمْنَ أَزْوَاجَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَسْتَمِعْنَ لِقِرَاءتِهِ, فَلَمَّا أَصْبَحَ أُخْبِرَ
بِذَلِكَ, فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ لحبَّرت تَحْبِيْراً,
وَلَشَوَّقْتُ تَشْوِيْقاً3.
الأَعْمَشُ, عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ, عَنْ أَبِي
البَخْتَرِيِّ قَالَ: أَتَيْنَا عَلِيّاً فَسَأَلْنَاهُ
عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, قَالَ: عَنْ أَيِّهِمْ تَسْأَلُوْنِي? قُلْنَا:
عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ, قَالَ: عَلِمَ القُرْآنَ
وَالسُّنَّةَ, ثُمَّ انْتَهَى وَكَفَى بِهِ عِلْماً,
قُلْنَا: أَبُو مُوْسَى قَالَ: صُبِغَ فِي العِلْمِ
صِبْغَةً ثُمَّ خرج منه, قلنا:
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 396" من طريق محمد بن أبي حفصة،
والنسائي "2/ 180" من طريق عمرو بن الحارث, كلاهما عن ابن
شهاب، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ
أبي هريرة، به. وأخرجه أحمد "2/ 450"، وابن سعد "4/ 107"،
وابن أبي شيبة "10/ 463"، والدارمي "2/ 473"، وابن ماجه
"1341"، والبغوي "1219" من طريق يزيد بن هارون، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، به.
2 ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه الحاكم "3/ 466" من طريق خالد بن
نافع الأشعري، عن سعيد بن أبي بردة، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته خالد بن نافع الأشعري، ضعَّفه أبو
زرعة والنسائي, وقال أبو حاتم: ليس بقويّ, وقال أبو داود:
متروك الحديث, وردَّه الذهبي في "الميزان", فقال: هذا
تجاوز في الحد، فإن الرجل قد حدَّث عنه أحمد بن حنبل
ومسدد، فلا يستحق الترك.
وقد رواه مختصرًا البخاري "5048"، والترمذي "3855" من طريق
أبي يحيى الحماني، حدثنا بُرَيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي بُرْدَةَ، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ له: "يا أبا موسى، لقد أوتيت مزمارًا من
مزامير آل داود".
وقوله: "حبَّرته لك تحبيرًا" يريد: تحسين الصوت وتحزينه,
يقال: حَبَّرت الشيء تحبيرًا إذا حسَّنته.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 108" من طريق يزيد بن هارون،
وعفان بن مسلم, كلاهما عن حماد بن سلمة، به.
(4/44)
حُذَيْفَةُ؟ قَالَ: أَعْلَمُ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ بِالمُنَافِقِيْنَ. قَالُوا: سَلْمَانُ؟ قَالَ:
أَدْرَكَ العِلْمَ الأَوَّلَ وَالعِلْمَ الآخِرَ؛ بَحْرٌ
لاَ يُدْرَكُ قَعْرُهُ، وَهُوَ منَّا أَهْلَ البَيْتِ.
قَالُوا: أَبُو ذَرٍّ؟ قَالَ: وَعَى عِلْماً عَجِزَ عَنْهُ
فَسُئِلَ عَنْ نَفْسِهِ, قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ
أُعْطِيْتُ, وَإِذَا سَكَتُّ ابْتُدِيْتُ.
أَبُو إِسْحَاقَ, سَمِعَ الأَسْوَدَ بنَ يَزِيْدَ قَالَ:
لَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَعْلَمَ مِنْ عَلِيٍّ وَأَبِي
مُوْسَى.
وَقَالَ مَسْرُوْقٌ: كَانَ القَضَاءُ فِي الصَّحَابَةِ
إِلَى سِتَّةٍ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ،
وَأُبَيٍّ وَزِيْدٍ، وأبي موسى.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: يُؤْخَذُ العِلْمُ عَنْ سِتَّةٍ:
عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ، وَزَيْدٍ، يُشْبِهُ عِلْمُهُمْ
بَعْضُهُ بَعْضاً, وَكَانَ عَلِيٌّ وأُبَيّ وَأَبُو
مُوْسَى يُشْبِهُ عِلْمُهُمْ بَعْضُهُ بَعْضاً، يَقْتَبِسُ
بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.
وَقَالَ دَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ: قُضَاةُ الأُمَّةِ:
عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَزَيْدٌ, وَأَبُو مُوْسَى.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ, عَنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ،
قَالَ: لَمْ يَكُنْ يُفْتِي فِي المَسْجِدِ زَمَنَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
غَيْرُ هَؤُلاَءِ: عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَمُعَاذٍ وَأَبِي
مُوْسَى.
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَ: إِنِّي تَعَلَّمْتُ
المُعْجَمَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَكَانَتْ كِتَابَتِي مِثْلَ
العَقَارِبِ.
أَيُّوْبُ, عَنْ مُحَمَّدٍ, قَالَ عُمَرُ: بِالشَّامِ
أَرْبَعُوْنَ رَجُلاً, مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ كَانَ يَلِي
أَمْرَ الأُمَّةَ إلَّا أَجْزَأَهُ, فَأَرْسَلَ
إِلَيْهِمْ, فَجَاءَ رَهْطٌ فِيْهِم أَبُو مُوْسَى,
فَقَالَ: إِنِّي أُرْسِلُكَ إِلَى قومٍ عَسْكَرَ
الشَّيْطَانُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ, قَالَ: فَلاَ
تُرْسِلْنِي. قَالَ: إِنَّ بِهَا جِهَاداً وَرِبَاطاً,
فَأَرْسَلَهُ إِلَى البَصْرَةِ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: مَا قَدِمَهَا رَاكِبٌ خَيْرٌ
لأَهْلِهَا مِنْ أَبِي مُوْسَى.
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: كَانَ أَبُو مُوْسَى إِذَا صَلَّى
الصُّبْحَ اسْتَقْبَلَ الصُّفُوْفَ رَجُلاً رَجُلاً
يُقْرِئُهُمْ، وَدَخَلَ البَصْرَةَ على جمل أورق، وعليه
خرج لما عُزِلَ.
قَتَادَةُ, عَنْ أَنَسٍ: بَعَثَنِي الأَشْعَرِيُّ إِلَى
عُمَرَ، فَقَالَ لِي: كَيْفَ تَرَكْتَ الأَشْعَرِيَّ؟
قُلْتُ: تَرَكْتُهُ يُعَلِّمُ النَّاسَ القُرْآنَ, فَقَالَ
أَمَا إِنَّهُ كَيِّسٌ, وَلاَ تُسْمِعْهَا إِيَّاهُ.
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: كَتَبْتُ عَنْ أَبِي أَحَادِيْثَ,
فَفَطِنَ بِي, فَمَحَاهَا, وَقَالَ: خُذْ كَمَا أَخَذْنَا.
أَبُو هِلاَلٍ, عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: بَلَغَ أَبَا
مُوْسَى أَنَّ نَاساً يَمْنَعُهُمْ مِنَ الجُمُعَةِ أَنْ
لَيْسَ لَهُم ثِيَابٌ، فَخَرَجَ عَلَى النَّاسِ فِي
عَبَاءةٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ فَنَزَعَ أَبَا
مُوْسَى عَنِ البَصْرَةِ، وأمَّر عَلَيْهَا عَبْدَ اللهِ
بنَ عَامِرِ بنِ كريز.
(4/45)
قَالَ خَلِيْفَةُ: وَلِيَ أَبُو مُوْسَى
البَصْرَةَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ بَعْدَ المُغِيْرَةِ,
فَلَمَّا افْتَتَحَ الأَهْوَازَ اسْتَخْلَفَ عِمْرَانَ بنَ
حُصَيْنٍ بِالبَصْرَةِ -وَيُقَالُ: افْتَتَحَهَا صلحًا,
فوظف عليها عشرة آلاف ألف وأربع مائة ألف.
وَقِيْلَ: فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ افْتَتَحَ أَبُو
مُوْسَى الرُّهَا وسُمَيْسَاط, وَمَا وَالاَهَا عَنْوَةً.
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ,
حَدَّثَنَا أَنَسٌ, أَنَّ الهُرْمُزَانَ نَزَلَ عَلَى
حُكْمِ عُمَرَ مِنْ تُستَر، فَبَعَثَ بِهِ أَبُو مُوْسَى
مَعِي إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ, فَقَدِمْتُ بِهِ,
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تَكَلَّمْ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ,
فَاسْتَحْيَاهُ, ثُمَّ أَسْلَمَ وَفَرَضَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَارَ أَبُو مُوْسَى مِنْ
نَهَاوَنْدَ, فَفَتَحَ أَصْبَهَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ.
مُجَالِدٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ فِي
وَصِيَّتِهِ: ألَّا يَقِرَّ لِي عَامِلٌ أَكْثَرَ مِنْ
سَنَةٍ, وَأَقِرُّوا الأَشْعَرِيَّ أَرْبَعَ سِنِيْنَ.
حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ, عَنْ أَبِي بُرْدَةَ: سَمِعتُ أَبِي
يُقْسِمُ مَا خَرَجَ حِيْنَ نُزعَ عَنِ البَصْرَةِ, إلَّا
بِسِتِّ مائَةِ دِرْهَمٍ.
الزُّهْرِيُّ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: كَانَ عُمَرُ إِذَا
جَلَسَ عِنْدَهُ أَبُو مُوْسَى، رُبَّمَا قَالَ لَهُ:
ذَكِّرْنَا يَا أَبَا مُوْسَى, فيقرأ.
وَفِي رِوَايَةٍ تفرَّد بِهَا رِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ:
فَيَقْرَأُ وَيَتَلاَحَنُ1.
وَقَالَ ثَابِتٌ, عَنْ أَنَسٍ: قَدِمْنَا البَصْرَةَ مَعَ
أَبِي مُوْسَى, فَقَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ،
فَلَمَّا أَصْبَحَ قِيْلَ لَهُ: أَصْلَحَ اللهُ
الأَمِيْرَ! لَوْ رَأَيْتَ إِلَى نِسْوَتِكَ وَقَرَابَتِكَ
وَهُمْ يَسْتَمِعُوْنَ لِقِرَاءتِكَ, فَقَالَ: لَوْ
عَلِمْتُ لزيِّنت كِتَابَ اللهِ بِصَوْتِي, ولحبَّرته
تَحْبِيْراً2.
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: مَا سَمِعْتُ
مِزْمَاراً وَلاَ طُنْبُوْراً وَلاَ صَنْجاً أَحْسَنَ مِنْ
صَوْتِ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ؛ إِنْ كَانَ
لَيُصَلِّي بِنَا فنَوَدّ أَنَّه قَرَأَ البَقَرَةَ مِنْ
حُسْنِ صَوْتِهِ.
هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ, عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي
عُيَيْنَةَ، عَنْ لَقِيْطٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ, عَنْ
أَبِي مُوْسَى، قَالَ: غَزَوْنَا فِي البَحْرِ، فَسِرْنَا
حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي لُجَّةِ البَحْرِ سَمِعنَا
مُنَادِياً يُنَادِيْ: يَا أهل
__________
1 التَّلاحُن: هو التطريب وترجيع الصوت، وتحسين القراءة.
2 صحيح أخرجه ابن سعد "2/ 344-335" من طريق عفان بن مسلم،
أخبرنا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ،
به.
(4/46)
السَّفِيْنَةِ، قِفُوْا أُخْبِرْكُمْ,
فَقُمْتُ فَنَظَرْتُ يَمِيْناً وَشِمَالاً فَلَمْ أَرَ
شَيْئاً، حَتَّى نَادَى سَبْعَ مِرَارٍ, فَقُلْتُ: أَلاَ
تَرَى فِي أَيِّ مَكَانٍ نَحْنُ؟ إِنَّا لاَ نَسْتَطِيْعُ
أَنْ نَقِفَ, فَقَالَ: ألَا أُخْبِرُكَ بِقَضَاءٍ قَضَى
اللهُ عَلَى نَفْسِهِ: إِنَّهُ مَنْ عَطَّشَ نَفْسَهُ للهِ
فِي يَوْمٍ حَارٍّ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ
يَرْوِيَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو
مُوْسَى لاَ تَكَادُ تلقاه في يوم حار إلَّا صَائِماً.
وَرَوَاهُ ابْنُ المُبَارَكِ فِي "الزُّهْدِ", حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, عَنْ وَاصِلٍ.
الأَعْمَشُ, عَنْ أَبِي الضُّحَى, عَنْ مَسْرُوْقٍ قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ أَبِي مُوْسَى فِي غَزَاةٍ، فَجَنَّنَا
اللَّيْلُ فِي بُسْتَانٍ خَرِبٍ, فَقَامَ أَبُو مُوْسَى
يُصَلِّي وَقَرَأَ قِرَاءةً حَسَنَةً, وَقَالَ: اللَّهُمَّ
أَنْتَ المُؤْمِنُ تُحِبُّ المُؤْمِنَ, وَأَنْتَ
المُهَيْمِنُ تُحِبُّ المُهَيْمِنَ, وَأَنْتَ السَّلاَمُ
تُحِبُّ السَّلاَمَ.
وَرَوَى صَالِحُ بنُ مُوْسَى الطَّلْحِيُّ, عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: اجْتَهَدَ الأَشْعَرِيُّ قَبْلَ مَوْتِهِ
اجْتِهَاداً شَدِيْداً, فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ أَمْسَكْتَ
وَرَفَقْتَ بِنَفْسِكَ, قَالَ: إِنَّ الخَيْلَ إِذَا
أُرْسِلَتْ فَقَارَبَتْ رَأْسَ مَجْرَاهَا, أَخْرَجَتْ
جَمِيْعَ مَا عِنْدَهَا, وَالَّذِي بَقِيَ مِنْ أَجَلِي
أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ
أَبَا مُوْسَى كَانَ لَهُ سَرَاوِيْلُ يَلْبَسُهُ
مَخَافَةَ أَنْ يَتَكَشَّفَ.
الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيْقٍ، قَالَ: كُنَّا مع حذيفة
جلوسًا, فدخل عبد الله وَأَبُو مُوْسَى المَسْجِدَ،
فَقَالَ: أَحَدُهُمَا مُنَافِقٌ, ثُمَّ قَالَ: إِنَّ
أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْياً وَدَلاًّ وَسَمْتاً بِرَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدُ اللهِ.
قُلْتُ: مَا أَدْرِي مَا وَجْهُ هَذَا القَوْلِ، سَمِعَهُ
عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ مِنْهُ, ثُمَّ يَقُوْلُ
الأَعْمَشُ: حَدَّثْنَاهُمْ بِغَضَبِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ
-صلى الله عليه وسلم, فاتخذه دِيْناً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: كَانَ الأَعْمَشُ بِهِ
دِيَانَةٌ مِنْ خَشْيَتِهِ.
قُلْتُ: رُمِيَ الأَعْمَشُ بِيَسِيْرِ تَشَيُّعٍ, فَمَا
أَدْرِي.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ غُلاَةَ الشِّيْعَةِ يُبْغِضُوْنَ
أَبَا مُوْسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ لِكَوْنِهِ مَا
قَاتَلَ مَعَ عَلِيٍّ، ثُمَّ لَمَّا حَكَّمَهُ عَلِيٌّ
عَلَى نَفْسِهِ عَزَلَهُ، وَعَزَلَ مُعَاوِيَةَ، وَأَشَارَ
بِابْنِ عُمَرَ, فَمَا انْتَظَمَ مِنْ ذَلِكَ حَالٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلْقَمَةَ, عن داود بن الحصين، عن
عكرمة, عن ابن عباس: قلت لعلي يوم الحَكَمَيْنِ: لاَ
تُحَكِّمِ الأَشْعَرِيَّ؛ فَإِنَّ مَعَهُ رَجُلاً
(4/47)
حَذِراً مَرِساً قَارِحاً1، فلُزَّنِي2
إِلَى جَنْبِهِ, فَلاَ يَحُلُّ عُقْدَةً إلَّا
عَقَدْتُهَا, وَلاَ يَعْقِدُ عُقْدَةً إلَّا حَلَلْتُهَا.
قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ, مَا أَصْنَعُ؟ إِنَّمَا أوتَى
مِنْ أَصْحَابِي قَدْ ضَعُفَتْ نيتهم وكلوا, هذا الأشعث
يقول: لا يكون فِيْهَا مُضَرِيَّانِ أَبَداً حَتَّى
يَكُوْنَ أَحَدُهُمَا يَمَانٍ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
فَعَذَرْتُهُ وَعَرَفْتُ أَنَّهُ مُضْطَهَدٌ3.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: حكَّم مُعَاوِيَةُ عَمْراً,
فَقَالَ الأَحْنَفُ لِعَلِيٍّ: حَكِّمِ ابْنَ عَبَّاسٍ،
فَإِنَّهُ رَجُلٌ مُجَرَّبٌ, قَالَ: أَفْعَلُ. فَأَبَت
اليَمَانِيَّةُ, وَقَالُوا: حَتَّى يَكُوْنَ مِنَّا
رَجُلٌ, فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:
عَلاَمَ تُحَكِّمُ أَبَا مُوْسَى, لَقَدْ عَرَفْتَ
رَأْيَهُ فِيْنَا, فَوَاللهِ مَا نَصَرَنَا, وَهُوَ
يَرْجُو مَا نَحْنُ فِيْهِ, فَتُدْخِلُهُ الآنَ فِي
مَعَاقِدِ أَمْرِنَا, مَعَ أَنَّه لَيْسَ بِصَاحِبِ
ذَلِكَ, فَإِذَا أَبَيْتَ أَنْ تَجْعَلَنِي مَعَ عَمْرٍو
فَاجْعَلِ الأَحْنَفَ بنَ قَيْسٍ؛ فَإِنَّهُ مُجَرَّبٌ
مِنَ العَرَبِ، وَهُوَ قِرْنٌ لِعَمْرٍو, فَقَالَ: نَعَمْ,
فَأَبَتِ اليَمَانِيَةُ أَيْضاً, فَلَمَّا غُلِبَ جَعَلَ
أَبَا مُوْسَى4.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ: قَالَ عَلِيٌّ: يَا
أَبَا موسى، احكم ولو على حز عُنُقِي.
زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ
المُغِيْرَةِ البَكْرِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ
أَبِي مُوْسَى: أنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْهِ: أمَّا
بَعْدُ, فَإِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ قَدْ بَايَعَنِي
عَلَى مَا أُرِيْدُ, وَأُقْسِمُ بِاللهِ لَئِنْ
بَايَعْتَنِي عَلَى الَّذِي بَايَعَنِي لأستعملنَّ أَحَدَ
ابْنَيْكَ عَلَى الكُوْفَةِ, وَالآخَرَ عَلَى البَصْرَةِ؛
وَلاَ يُغْلَقُ دُوْنَكَ بَابٌ، وَلاَ تُقْضَى دُوْنَكَ
حَاجَةٌ، وَقَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكَ بِخَطِّي, فَاكْتُبْ
إِلَيَّ بِخَطِّ يَدِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أمَّا بَعْدُ, فَإِنَّكَ كَتَبْتَ
إليَّ فِي جَسِيْمِ أَمْرِ الأُمَّةِ, فَمَاذَا أَقُوْلُ
لِرَبِّي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ, لَيْسَ لِي فِيْمَا
عَرَضْتَ مِنْ حَاجَةٍ, وَالسَّلاَمُ عَلَيْكَ.
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ
أَتَيْتُهُ, فَمَا أَغْلَقَ دُوْنِي بَاباً، وَلاَ كانت لي
حاجة إلَّا قُضِيَت.
__________
1 المرس: بكسر الراء- هو الشديد الذي مارس الأمور
وجرَّبها.
والقارح من الخيل: هو الذي دخل في السنة الخامسة, وجمعه
قُرَّح, وقد شبه الرجل المجرب بالفرس.
2 لُزَّنِي إلى جنبه: أي: الزمني إياه. لزبه الشيء: لزق
به، كأنه يلتزق بالمطلوب لسرعته.
3 ضعيف جدًّا: في إسناده علتان, الأولى: محمد بن عمر، وهو
الواقدي، متروك -كما قد ذكرنا مرارًا.
الثانية: داود بن الحصين، قال علي بن المديني: ما رواه عن
عكرمة فمنكر, وكذا قال أَبُو دَاوُدَ: أَحَادِيْثُهُ عَنْ
عِكْرِمَةَ مَنَاكِيْرُ, وَقَالَ أبو زرعة: لين.
4 ضعيف جدًّا: في إسناده الواقدي، وهو متروك.
(4/48)
قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو مُوْسَى صوَّامًا
قَوَّاماً، رَبَّانِيّاً، زَاهِداً، عَابِداً، مِمَّنْ
جَمَعَ العِلْمَ وَالعَمَلَ وَالجِهَادَ وَسَلاَمَةَ
الصَّدْرِ، لَمْ تُغَيِّرْهُ الإِمَارَةُ، وَلاَ اغترَّ
بِالدُّنْيَا.
وَمِنْ عَوَالِيْهِ:
أَخْبَرَنَا الفَقِيْهَانِ: يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ كِتَابَهُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ غَيْلاَنَ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ,
حدثنا إبراهيم بن عبد اللهِ البَصْرِيُّ, حَدَّثَنَا
الأَنْصَارِيُّ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ "ح". وَبِهِ إِلَى
الشَّافِعِيِّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ
-وَاللَّفْظُ لَهُ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ,
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, عَنْ أَبِي
عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ, عَنْ أَبِي مُوْسَى
الأَشْعَرِيِّ, قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ, وَكَانَ القَوْمُ يَصْعَدُوْنَ
ثَنِيَّةً أَوْ عَقَبَةً, فَإِذَا صَعِدَ الرَّجُلُ قَالَ:
لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ -أَحْسِبُهُ
قَالَ: بِأَعْلَى صَوْتِهِ, وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَغْلَتِهِ
يَعْتَرِضُهَا فِي الجَبَلِ, فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ,
إِنَّكُمْ لاَ تُنَادُوْنَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِباً" ,
ثُمَّ قَالَ: "يَا عَبْدَ اللهِ بنَ قَيْسٍ, أَوْ يَا
أَبَا مُوْسَى, ألَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ
كُنُوْزِ الجَنَّةِ" , قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُوْلَ اللهِ,
قَالَ: "قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ" 1.
قَدْ مَرَّ أَنَّ أَبَا مُوْسَى تُوُفِّيَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ, وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَقَعْنَبُ بنُ المُحَرَّرِ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَأَمَّا الوَاقِدِيُّ فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَخَمْسِيْنَ, وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَخَمْسِيْنَ بعد المغيرة.
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي "طَبَقَاتِ القُرَّاءِ": تُوُفِّيَ
أَبُو مُوْسَى فِي ذِيْ الحَجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ عَلَى الصَّحِيْحِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ وَعَفَّانُ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ
أبا موسى
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 402 و403"، والبخاري "4205"
و"6384" و"7386", ومسلم "2704"، وأبو داود "1527" و"1528"،
والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "537" و"538"، ابن ماجه
"3824" من طرق عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ
أَبِي مُوْسَى, به.
(4/49)
كَانَ حُلْوَ الصَّوْتِ, فَقَامَ لَيْلَةً
يُصَلِّي، فَسَمِعَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقُمْنَ يَسْتَمِعْنَ, فَلَمَّا
أَصْبَحَ قِيْلَ لَهُ: إِنَّ النِّسَاءَ سَمِعْنَكَ,
قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ لحبرتكنَّ تَحْبِيْراً,
وَلَشَوَّقْتُكُنَّ تَشْوِيْقاً1.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: كَانَ
عُمَرُ إِذَا رَأَى أَبَا مُوْسَى، قَالَ: ذَكِّرْنَا يَا
أَبَا مُوْسَى, فَيَقْرَأُ عِنْدَهُ.
شُعْبَةُ, عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ, عَنْ أَبِي نَضْرَةَ,
قَالَ عُمَرُ لأَبِي مُوْسَى: شَوِّقْنَا إِلَى رَبِّنَا,
فَقَرَأَ, فقالوا: الصلاة، فقال: أولسنا فِي صَلاَةٍ! 2.
رَوَى حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ:
حَدَّثَتْنِي أُمِّي قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو مُوْسَى حِيْنَ
نُزِعَ عَنِ البَصْرَةِ, مَا مَعَهُ إلَّا سِتُّ مائَةِ
دِرْهَمٍ عَطَاءً لِعِيَالِهِ.
رَوَى الزُّبَيْرُ بنُ الخِرِّيْتِ، عَنْ أَبِي لَبِيْدٍ
قَالَ: مَا كُنَّا نُشَبِّهُ كَلاَمَ أَبِي مُوْسَى إلَّا
بالجزار الذي ما يخطى المفصل3.
عَنْ بَعْضِهِمْ, أنَّ أَبَا مُوْسَى أَتَى مُعَاوِيَةَ،
وَهُوَ بِالنُّخَيْلَةِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ،
وَجُبَّةٌ سَوْدَاءُ, وَمَعَهُ عَصَا سَوْدَاءُ.
ثَابِتٌ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كان أبو موسى إذا نام لبس
ثبانًا مَخَافَةَ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ.
مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو
الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو مُوْسَى: لأَنْ
يَمْتَلِئَ مَنْخِرِيْ مِنْ رِيْحِ جِيْفَةٍ، أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ مِنْ رِيْحِ امْرَأَةٍ.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَزَعَةَ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ،
قَالَ: قَدِمَ أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ وَزِيَادٌ
عَلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, فَرَأَى فِي يَدِ
زِيَادٍ خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ, فَقَالَ: اتَّخَذْتُمْ
حِلَقَ الذَّهَبِ, فَقَالَ أَبُو مُوْسَى: أمَّا أَنَا
فَخَاتَمِي مِنْ حَدِيْدٍ, فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ أَنْتَنُ
أَوْ أَخْبَثُ, مَنْ كَانَ مُتَخَتِّماً فَلْيَتَخَتَّمْ
بِخَاتَمٍ مِنْ فِضَّةٍ.
قَالَ ابْنُ بُرَيْدَةَ: كَانَ أَبُو مُوْسَى أَثَطَّ
قَصِيْراً خَفِيْفَ اللَّحْمِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَلَهُ فِي "مُسْنَدِ بَقِيٍّ" ثَلاَثُ مائَةٍ وستون
حديثًا.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 108" من طريق يزيد بن هارون,
وعفان بن مسلم، به.
2 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 109" من طريق عمرو بن الهيثم
أبي قطن، قال: حدثنا شعبة, عن أبي مسلمة، به.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 111" من طرق, عن حماد بن زيد,
عن الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد، به.
(4/50)
وَقَعَ لَهُ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ"
تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً, وتفرد البخاري بأربعة
أَحَادِيْثَ، وَمُسْلِمٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً,
وَكَانَ إِمَاماً رَبَّانِيّاً.
جَوَّدَ تَرْجَمَتَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ عَسَاكِرَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ: قَدِمَ أَبُو مُوْسَى
مَكَّةَ، وَحَالَفَ أَبَا أُحَيْحَةَ الأُمَوِيَّ،
وَأَسْلَمَ بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ, عَنْ أَبِي
بُرْدَةَ, عَنْ أَبِيْهِ: أَمَرَنَا رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَنْطَلِقَ مَعَ
جَعْفَرٍ إِلَى أَرْضِ النَّجَاشِيِّ، فبعث قُرَيْشٌ
عَمْراً وَعُمَارَةَ بنَ الوَلِيْدِ، وَجَمَعُوا لَهُ
هَدِيَّةً.
وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ
وَأَبُو مَعْشَرٍ فِيْمَنْ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ.
قَتَادَةُ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ
أَبِيْهِ, قَالَ لِي أَبِي: لَوْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ
نَخْرُجُ مع نبينا -صلى الله عليه وسلم؛ إذ أَصَابَتْنَا
السَّمَاءُ, لَوَجَدْتَ مِنَّا رِيْحَ الضَّأْنِ مِنْ
لِبَاسِنَا الصُّوْفِ1.
قَالَ حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي أُمِّي قَالَتْ: خَرَجَ أَبُوْكَ حِيْنَ
نُزِعَ عَنِ البَصْرَةِ، وَمَا مَعَهُ إلَّا ست مائة درهم
عطاء عياله.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ،
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ
حِيْنَ أَصَابَتْهُ قَرْحَتُهُ, فَقَالَ: هلمَّ يَا ابْنَ
أَخِي, فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ سُبِرَتْ2 -يَعْنِي:
قَرْحَتُهُ- فَقُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ؛ إِذْ
دَخَلَ ابْنُهُ يَزِيْدُ, فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: إِنْ
وُلِّيْتَ فَاسْتَوْصِ بِهَذَا, فَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ
أَخاً لِي أَوْ خَلِيْلاً، غَيْرَ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ
فِي القِتَالِ مَا لَمْ يَرَ.
وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَ أَبِي: ائْتِنِي بِكُلِّ
شَيْءٍ كَتَبْتَهُ, فَمَحَاهُ، ثُمَّ قَالَ: احْفَظْ كَمَا
حَفِظْتُ.
ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: كَانَ الحَكَمَانِ
أَبَا مُوْسَى وَعَمْراً؛ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَبْتَغِي
الدُّنْيَا, وَالآخَرُ يَبْتَغِي الآخِرَةَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَبِي
مِجْلَزٍ: أنَّ أَبَا مُوْسَى قَالَ: إِنِّي لأَغْتَسِلُ
فِي البَيْتِ المُظْلِمِ, فَأَحْنِي ظَهْرِي حَيَاءً من
ربي.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 419"، وابن سعد "4/ 108"، وأبو
داود "4033"، والترمذي "2479"، وابن ماجه "3562" من طرق,
عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، به.
2 السَّبْر: مصدر سبر الجرح يسبُرُه, ويسبِرُهُ سبرا: نظر
مقداره وقاسه؛ ليعرف غوره.
(4/51)
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا مُوْسَى
دَاخِلاً مِنْ هذا الباب وعليه مقطع ومطرف حيريّ1.
عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ أَبِي
مُوْسَى: أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ عُبَيْداً أَبَا
عَامِرٍ فَوْقَ أَكْثَرِ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ" ,
فَقُتِلَ يَوْمَ أَوْطَاسٍ, فَقَتَلَ أَبُو مُوْسَى
قَاتِلَهُ.
الجُرَيْرِيُّ, عَنْ قَسَامَةَ بنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي
مُوْسَى قَالَ: أعمقوا لي قبري.
__________
1 مطرف حِيري: رداء من خز له أعلام، من الحيرة.
(4/52)
179- أبو أيوب
الأنصاري 1: "ع"
الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، البَدْرِيُّ، السَّيِّدُ
الكَبِيْرُ، الَّذِي خَصَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنُّزُوْلِ عَلَيْهِ فِي بَنِي
النَّجَّارِ, إِلَى أَنْ بُنِيَتْ لَهُ حُجْرَةُ أُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ سَوْدَةَ، وبُنِيَ المَسْجِدَ الشَّرِيْفَ.
اسْمُهُ: خَالِدُ بنُ زَيْدِ بنِ كُلَيْبِ بنِ ثَعْلَبَةَ
بنِ عَبْدِ عَمْرٍو بنِ عَوْفِ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ
النَّجَّارِ بنِ ثعلبة بن الخزرج.
حدَّث عَنْهُ: جَابِرُ بنُ سَمُرَةَ, وَالبَرَاءُ بنُ
عَازِبٍ، وَالمِقْدَامُ بنُ مَعْدِ يْكَرِبَ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ يَزِيْدَ الخَطْمِيُّ، وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ,
وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ, وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ,
وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ, وَعَطَاءُ بنُ يَزِيْدَ
اللَّيْثِيُّ, وَأَفْلَحُ مَوْلاَهُ, وَأَبُو رُهْمٍ
السَّمَاعِيُّ2، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرحمن, وعبد
الرحمن ابن أَبِي لَيْلَى، وَقَرْثَعٌ الضَّبِّيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ، وَالقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ, وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ فَفِي "مُسْنَدِ بَقِيٍّ" لَهُ
مائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُوْنَ حَدِيْثاً؛ فَمِنْهَا فِي
"البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ" سَبْعَةٌ. وَفِي "البُخَارِيِّ"
حَدِيْثٌ, وَفِي "مُسْلِمٍ" خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ.
حَرْمَلَةُ: حدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ,
أَخْبَرَنَا الوَلِيْدُ بنُ أَبِي الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا
أَيُّوْبُ بنُ خالد بن أبي أيوب الأنصاري، عن أبيه عن جده:
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 484-485"، والتاريخ الكبير
"3/ ترجمة 462", والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1484"، والحلية
لأبي نعيم "1/ 361"، وتاريخ الخطيب "1/ 153"، وأسد الغابة
"2/ 94"، والإصابة "1/ ترجمة 2163"، تهذيب التهذيب "3/
ترجمة رقم 174" وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1760".
2 هو أبو رهم السَّمَعي، أحزاب بن أسيد، مختلف في صحبته،
والصحيح أنه مخضرم، وهو ثقة، روى له أبو داود، والنسائي،
وابن ماجه.
(4/52)
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "اكْتُمِ الخِطْبَةَ,
ثُمَّ تَوَضَّأْ, ثُمَّ صَلِّ مَا كَتَبَ اللهُ لَكَ,
ثُمَّ احْمَدْ ربَّكَ ومجِّده, ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ
تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ, وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ,
وَأَنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوْبِ, فَإِنْ رَأَيْتَ لِي فِي
فُلاَنَةٍ -تُسَمِّيْهَا- خَيْراً فِي دِيْنِي وَدُنْيَايَ
وَآخِرَتِي فَاقْدُرْهَا لِي, وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا
خَيْراً لِي مِنْهَا فَأَمْضِ لِي -أو قال: اقدرها لي"1.
وَفِي سِيْرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ أَمِيْراً
عَلَى البَصْرَةِ لِعَلِيٍّ، وأنَّ أَبَا أَيُّوْبَ
الأَنْصَارِيَّ وَفَدَ عَلَيْهِ, فَبَالغَ فِي
إِكْرَامِهِ، وَقَالَ: لأجزينَّك عَلَى إِنْزَالِكَ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَكَ,
فَوَصَلَهُ بِكُلِّ مَا فِي المَنْزِلِ, فَبَلَغَ ذَلِكَ
أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً.
الأَعْمَشُ, عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ, عَنْ
أَبِي أَيُّوْبَ أَنَّهُ قَالَ: ادْفِنُوْنِي تَحْتَ
أَقْدَامِكُمْ, سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ
بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ" 2.
ابْنُ عُلَيَّةَ, عَنْ أَيُّوْبَ, عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:
شَهِدَ أَبُو أَيُّوْبَ بَدْراً, ثُمَّ لَمْ يَتَخَلَّفْ
عَنْ غَزَاةٍ إلَّا عَاماً اسْتُعْمِلَ عَلَى الجَيْشِ
شَابٌّ, فَقَعَدَ, ثُمَّ جَعَلَ يَتَلَهَّفُ وَيَقُوْلُ:
مَا عَلَيَّ مَنِ استعمل
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 423"، والحاكم "1/ 314"، والطبراني
"4/ 390"، والبيهقي "7/ 147" من طرق عن ابن وهب قال:
أخبرني حيوة، به.
قلت: إسناده ضعيف, آفته جهالة خالد بن أبي أيوب الأنصاري،
ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، "3/ ترجمة 1443",
ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولم يرو عنه إلّا أيوب بن
خالد حسب. ولم يوثقه غير ابن حبان في كتابه "الثقات"، "4/
198", وذلك على عادته في توثيق المجاهيل والمجروحين.
2 صحيح لغيره: أخرجه أحمد "5/ 419 و423" من طريق الأعمش،
عن أبي ظبيان قال: غزا أبو أيوب مع يزيد بن معاوية قال:
إذا أنا مت فأدخلوني أرض العدو, فادفنوني تحت أقدامكم حيث
تلقون العدو, قال: ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ
مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجنة".
قلت: إسناده ضعيف، ذكره بدون ذكر الأشياخ لأبي ظبيان، وهو
حصين بن ندب بن الحارث الجنبي الكوفي، مات سنة "90"، وهو
من الطبقة الثانية, ما إخاله أدرك أبا أيوب, إنما روى عنه
بواسطة الأشياخ وهم مجهولون، فإن كان أدركه وروى عنه
فالإسناد صحيح, فقد ما أبو أيوب سنة "50", لذا فقد قال
الحافظ المزي في ترجمته: "روى عن أبي أيوب خالد بن زيد
الأنصاري، وقيل: عن أشياخ لهم, عن أبي أيوب", فقد تشكك
الحافظ في ثبوت روايته عنه, وأخرجه أحمد "5/ 413-414"،
والنسائي "7/ 88"، والطبراني "3885" في الكبير من طرق عن
بقية بن الوليد, حدثني بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان،
حدثني أبو رهم السمعي, عن أبي أيوب الأنصاري, أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قال: "من جاء يعبد الله ولا يشرك به
شيئًا، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويجتنب الكبائر، كان
له الجنة".
وأخرجه الحاكم "1/ 23" من طريق أحمد بن النضر بن عبد
الوهاب، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا فضيل بن
سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، سمع عبيد الله بن سلمان، عن
أبيه، عن أبي أيوب الأنصاري، به.
(4/53)
عليَّ, فَمَرِضَ وَعلَى الجَيْشِ يَزِيْدُ
بنُ مُعَاوِيَةَ، فَأَتَاهُ يَعُوْدُهُ، فَقَالَ:
حَاجَتُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا أَنَا مِتُّ فَارْكَبْ
بِي, ثُمَّ تَبَيَّغْ بِي فِي أَرْضِ العَدُوِّ مَا
وَجَدْتَ مَسَاغاً, فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغاً فادفنِّي
ثُمَّ ارْجِعْ.
فلمَّا مات ركب بهو ثُمَّ سَارَ بِهِ, ثُمَّ دَفَنَهُ,
وَكَانَ يَقُوْلُ: قال الله: {انْفِرُوا خِفَافًا
وَثِقَالًا} [التَّوْبَةُ: 41] ، لاَ أَجِدُنِي إلَّا
خَفِيْفاً أَوْ ثَقِيْلاً.
وَرَوَى هَمَّامٌ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ
رَجُلٍ: أنَّ أَبَا أَيُّوْبَ قَالَ لِيَزِيْدَ: أَقْرِئِ
النَّاسَ مِنِّي السَّلاَمَ؛ وَلْيَنْطَلِقُوا بِي,
وَلَيُبْعِدُوا مَا اسْتَطَاعُوا, قَالَ: فَفَعَلُوا.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ عَامَ غَزَا يَزِيْدُ فِي
خِلاَفَةِ أَبِيْهِ القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ, فَلَقَدْ
بَلَغَنِي أنَّ الرُّوْمَ يَتَعَاهَدُوْنَ قَبْرَهُ
وَيَرُمُّوْنَهُ وَيَسْتَسْقُوْنَ بِهِ, وَذَكَرَهُ
عُرْوَةُ وَالجَمَاعَةُ فِي البَدْرِيِّيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: شَهِدَ العَقَبَةَ الثَّانِيَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ: النَّجَّارُ, سُمِّيَ
بِذَلِكَ؛ لأَنَّهُ اخْتَتَنَ بِقَدُوْمٍ.
وَعنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْن أَبِي أَيُّوْبَ
وَمُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ.
شَهِدَ أبو أيوب المشاهد كلها.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ: جَاءَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ
خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ مِصْرَ فِي البَحْرِ سَنَةَ
سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ: قَدِمَ دِمَشْقَ
زَمَنَ مُعَاوِيَةَ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: شَهِدَ حَرْبَ الخَوَارِجِ مَعَ
عَلِيٍّ.
جَعْفَرُ بنُ جِسْرِ بنِ فَرْقَدٍ: أَخْبَرَنَا أَبِي,
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْخُلِ المَدِيْنَةَ
رَاشِداً مَهْدِيّاً, فَدَخَلَهَا وَخَرَجَ النَّاسُ
يَنْظُرُوْنَ إِلَيْهِ, كُلَّمَا مَرَّ عَلَى قَوْمٍ
قالوا: يا رسول الله, ههنا, فَقَالَ: "دَعُوْهَا
فَإِنَّهَا مَأُمُوْرَةٌ" -يَعْنِي النَّاقَةَ, حَتَّى
بركت على باب أبي أيوب1.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه ابن عدي في "الكامل "2/ 170" من طريق
جعفر بن جسر بن فرقد، به. وإسناده ضعيف، آفته جعفر بن جسر
بن فرقد، قال العقيلي: في حفظه اضطراب شديد, وأبوه جسر بن
فرقد القصَّاب، قال ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ,
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ, وقال البخاري: ليس بذاك
عندهم وأخرجه البيهقي في "الدلائل", وإسناده واهٍ بمرة،
آفته إبراهيم بن صِرْمَة الأنصاري، ضعَّفه الدارقطني
وغيره، وقال ابن عدي: عامَّة أحاديثه منكرة السند والمتن.
وقال ابن معين: كذّاب خبيث.
وله طريق آخر عند ابن سعد "1/ 335-236 و237"، وطريق ثالث
عند البيهقي في "الدلائل" يرتقي به الحديث إلى الحسن لغيره
على أقلّ الأحوال، ولولا ضيق المقام لفصّلت الكلام على
طرقه تفصيلًا يروي ظمأ عشّاق الحديث، فالله المستعان.
(4/54)
يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِي
الخَيْرِ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ, أَنَّ أَبَا أَيُّوْبَ
حَدَّثَهُ: أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- نَزَلَ فِي بَيْتِنَا الأَسْفَلِ, وَكُنْتُ فِي
الغُرْفَةِ, فَأُهْرِيْقَ مَاءٌ فِي الغُرْفَةِ, فَقُمْتُ
أَنَا وَأُمُّ أَيُّوْبَ بِقَطِيْفَةٍ لَنَا نَتَتَبَّعُ
المَاءَ, وَنَزَلْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, لاَ
يَنْبِغِي أَنْ نَكُوْنَ فَوْقَكَ, انْتَقِلْ إِلَى
الغُرْفَةِ, فَأَمَرَ بِمَتَاعِهِ فَنُقِلَ وَمَتَاعُهُ
قَلِيْلٌ, قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, كُنْتَ تُرْسِلُ
بِالطَّعَامِ, فَأَنْظُرُ, فَإِذَا رَأَيْتُ أَثَرَ
أَصَابِعَكَ وضعت فيه يدي1.
بَحِيْرُ بنُ سَعْدٍ, عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ, عَنْ
جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ قَالَ:
أَقْرَعَتِ الأَنْصَارُ أيُّهم يُؤْوِي رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَرَعَهُمْ أَبُو
أَيُّوْبَ, فَكَانَ إِذَا أُهْدِيَ لِرَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَعَامٌ أُهْدِيَ
لأَبِي أَيُّوْبَ, فَدَخَلَ أَبُو أَيُّوْبَ يَوْماً,
فَإِذَا قَصْعَةٌ فِيْهَا بَصَلٌ, فَلَمْ يَأْكُلْ
مِنْهَا, وَقَالَ: "إِنَّهُ يَغْشَانِي مَا لاَ
يَغْشَاكُمْ"2.
الصَّنْعَانِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ,
حَدَّثَنَا حَشْرَجُ بنُ نُبَاتَةَ, عَنْ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ, سَمِعَ أَبَا قِلاَبَةَ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الصُّنَابِحِيُّ, أَنَّ
عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ حدَّثه قَالَ: خَلَوْتُ
بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقُلْتُ: أَيُّ أَصْحَابِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ, قَالَ:
"اكْتُمْ عَلَيَّ حَيَاتِي" قُلْتُ: نَعَمْ, قَالَ: "أَبُو
بَكْرٍ, ثُمَّ عُمَرُ, ثُمَّ عَلِيٌّ", ثُمَّ سَكَتَ
فَقُلْتُ: ثُمَّ مَن, قَالَ: "مَنْ عَسَى أَنْ يَكُوْنَ
بَعْدَ هَؤُلاَءِ إلَّا الزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ وَسَعْدٌ
وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذٌ، وَأَبُو طَلْحَةَ، وَأَبُو
أَيُّوْبَ، وَأَنْتَ, وأُبَيّ بنُ كَعْبٍ، وَأَبُو
الدَّرْدَاءِ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَابْنُ عَفَّانَ,
وَابْنُ عَوْفٍ, ثُمَّ هَؤُلاَءِ الرَّهْطُ مِنَ
المَوَالِي: سَلْمَانُ وَصُهَيْبٌ وَبِلاَلٌ وَسَالِمٌ
مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ, هَؤُلاَءِ خاصَّتي". هَذَا
حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ, رَوَاهُ الهَيْثَمُ الشاشي في "مسنده".
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه أحمد "5/ 420" من طريق يونس، حدثنا
ليث، عن يزيد بن أبي حبيب، به.
قلت: سماع أبي رهم، وهو أحزاب بن أسيد, من أبي أيوب في
القلب منه شيء، فإن سمع منه, فالإسناد صحيح، وإلا فهو
ضعيف. وأبو الخير هو مرثد بن عبد الله اليزني، ثقة.
وأخرجه مسلم "2053" "171" من طريق أبي النعمان، حدثنا
ثابت، حدثنا عاصم بن عبد الله بن الحارث، عن أفلح مولى أبي
أيوب، عن أبي أيوب، به نحوه.
2 ضعيف: أخرجه "5/ 414", حدثنا زكريا بن عديّ، أخبرنا
بقية، به.
قلت: إسناده ضعيف, آفته بقية، وهو مدلِّس، وقد عنعنه.
(4/55)
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا كَثِيْرُ بنُ
زَيْدٍ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ رَبَاحٍ, عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِصَفِيَّةَ, بَاتَ أَبُو
أَيُّوْبَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَلَمَّا أَصْبَحَ فَرَأَى رَسُوْلَ
اللهِ كَبَّر, وَمَعَ أَبِي أَيُّوْبَ السَّيْفُ، فَقَالَ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ, كَانَتْ جَارِيَةً حَدِيْثَةَ عَهْدٍ
بِعُرْسٍ، وَكُنْتَ قَتَلْتَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا
وَزَوْجَهَا, فَلَمْ آمَنْهَا عَلَيْكَ, فَضَحِكَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ
لَهُ خَيْراً.
غَرِيْبٌ جِدّاً, وله شويهد من حديث عيسى بن المحتار،
وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ,
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, فَذَكَرَ قَرِيْباً مِنْهُ.
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ
أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عُبَيْدَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرٍ، بِنَحْوِهِ.
وَابْنُ لَهِيْعَةَ, عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ, عَنْ
عُرْوَةَ، نَحْوَهُ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ, عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ سَالِمٍ قَالَ: أَعْرَسْتُ, فَدَعَا أَبِي النَّاسَ
فِيْهِم أَبُو أَيُّوْبَ، وَقَدْ سَتَرُوا بَيْتِي
بِجُنَادِيٍّ أَخْضَرَ, فَجَاءَ أَبُو أَيُّوْبَ
فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ, فَنَظَرَ فَإِذَا البَيْتُ
مُسَتَّرٌ, فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ, تَسْتُرُوْنَ
الجُدُرَ, فَقَالَ أَبِي وَاسْتَحْيَى: غَلَبَنَا
النِّسَاءُ يَا أَبَا أَيُّوْبَ, فَقَالَ: مَنْ خَشِيْتُ
أن تَغْلِبَهُ النِّسَاءُ, فَلَمْ أَخْشَ أَنْ
يَغْلِبْنَكَ, لاَ أَدْخُلُ لَكُمْ بَيْتاً، وَلاَ آكُلُ
لَكُمْ طَعَاماً!
غَرِيْبٌ, رَوَاهُ النُّفَيْلِيُّ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ,
عَنْهُ.
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنْ عَبْدِ العَزِيْز بنِ عَبَّاسٍ,
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ أَبُو أَيُّوْبَ
يُخَالِفُ مَرْوَانَ فَقَالَ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟
قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ، فَإِنْ
وَافَقْتَهُ وَافَقْنَاكَ، وَإِنْ خَالَفْتَهُ
خَالَفْنَاكَ.
مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
زِيَادِ بنِ أَنْعُمَ, عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: انضمَّ
مَرْكَبُنَا إِلَى مَرْكَبِ أَبِي أَيُّوْبَ
الأَنْصَارِيِّ فِي البَحْرِ، وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ
مَزَّاحٌ, فَكَانَ يَقُوْلُ لِصَاحِبِ طَعَامِنَا: جَزَاكَ
اللهُ خَيْراً وَبِرّاً, فَيَغْضَبُ, فَقُلْنَا لأَبِي
أَيُّوْبَ: هُنَا مَنْ إِذَا قُلْنَا لَهُ: جَزَاكَ اللهُ
خَيْراً يَغْضَبُ, فَقَالَ: اقْلِبُوْهُ لَهُ. فكنَّا
نَتَحَدَّثُ: إنَّ مَنْ لَمْ يُصْلِحْهُ الخَيْرُ
أَصْلَحَهُ الشَّرُّ.
فَقَالَ لَهُ المَزَّاحُ: جَزَاكَ اللهُ شَرّاً وعرًا,
فضحك وقال: ما تدع مزاحك! 1.
ذَكَرَ خَلِيْفَةُ أَنَّ عَلِيّاً اسْتَعْمَلَ أَبَا
أَيُّوْبَ على المدينة.
__________
1 ضعيف: آفته عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زِيَادِ بنِ أَنْعُمَ
الإِفْرِيْقِيُّ، ضعيف في حفظه, قوله "العُرّ": الأمر
القبيح المكروه والأذى.
(4/56)
وَقَالَ الحَاكِمُ: لَمْ يَشْهَدْ أَبُو
أَيُّوْبَ مَعَ عليٍّ صِفِّيْنَ.
الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ: أنَّ أَبَا أَيُّوْب
غَزَا زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قَالَ:
إِذَا صَافَفْتُمُ العَدُوَّ فَادْفِنُونِي تَحْتَ
أَقْدَامِكُمْ.
ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ الهجَري, عَنْ
أَبِي صَادِقٍ قَالَ: قَدِمَ أَبُو أَيُّوْبَ
الأَنْصَارِيُّ العِرَاقَ, فَأَهْدَتْ لَهُ الأَزْدُ
جُزُراً مَعِي, فَسَلَّمْتُ وَقُلْتُ: يَا أَبَا
أَيُّوْبَ, قَدْ أَكْرَمَكَ اللهُ بِصُحْبَةِ نبيه،
وبنزوله عليك, فمالي أَرَاكَ تَسْتَقْبِلُ النَّاسَ
تُقَاتِلُهُمْ بِسَيْفِكَ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ
عَهِدَ إِلَيْنَا أَنْ نُقَاتِلَ مَعَ عليٍّ
النَّاكِثِيْنَ، فَقَدْ قَاتَلْنَاهُمْ, وَالقَاسِطِيْنَ,
فَهَذَا وَجْهُنَا إِلَيْهِمْ, -يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ
وَالمَارِقِيْنَ- فَلَمْ أَرَهُمْ بَعْدُ. هَذَا خَبَرٌ
واهٍ1.
إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو
سِنَانٍ, عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ: أنَّ أَبَا
أَيُّوْبَ قَدِمَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ البَصْرَةَ،
فَفَرَّغَ لَهُ بَيْتَهُ, وَقَالَ: لأصنعنَّ بك كما صنعت
برسول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كَمْ عَلَيْكَ?
قَالَ: عِشْرُوْنَ أَلْفاً, فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِيْنَ
أَلْفاً, وَعِشْرِيْنَ مَمْلُوْكاً, وَمَتَاعَ البَيْتِ.
ابْنُ عَوْنٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ, وَحَدَّثَنَا عُمَرُ
بنُ كَثِيْرِ بنِ أَفْلَحَ, وَهَذَا حَدِيْثُهُ قَالَ:
قَدِمَ أَبُو أَيُّوْبَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَجْلَسَهُ
مَعَهُ عَلَى السَّرِيْرِ, وَحَادَثَهُ وَقَالَ: يَا أَبَا
أَيُّوْبَ, مَنْ قَتَلَ صَاحِبَ الفَرَسِ البَلْقَاءِ
الَّتِي جَعَلَتْ تَجُوْلُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا? قَالَ:
أَنَا؛ إِذْ أَنْتَ وَأَبُوْكَ عَلَى الجَمَلِ الأَحْمَرِ,
مَعَكُمَا لِوَاءُ الكُفْرِ, فَنَكَّسَ مُعَاوِيَةُ,
وَتَنَمَّرَ أَهْلُ الشَّامِ وَتَكَلَّمُوا, فَقَالَ
مُعَاوِيَةُ: مَهْ, وَقَالَ: مَا نَحْنُ عَنْ هَذَا
سَأَلْنَاكَ.
أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
كَثِيْرٍ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بنَ غَزِيَّةَ قَالَ: دَخَلَ
أَبُو أَيُّوْبَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: صَدَقَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ, إِنَّكُم
سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا" 2. فَبَلَغَتْ
مُعَاوِيَةَ فصدَّقه فَقَالَ: مَا أَجْرَأَهُ, لا أكلمه
أبدًا, ولا يئويني وَإِيَّاهُ سَقْفٌ. وَخَرَجَ مِنْ
فَوْرِهِ إِلَى الغَزْوِ, فمرض فعاده يزيد بن معاوية،
__________
1 ضعيف: آفته إبراهيم بن مسلم الهجريّ، ضعَّفه ابن معين،
والنسائي, وقال أبو حاتم: ليس بقوي.
2 صحيح لغيره: إسناده ضعيف لانقطاعه، عمارة بن غزية هو ابن
الحارث الأنصاري، من الطبقة السادسة، وهي طبقة لم يثبت لهم
لقاء أحد من الصحابة.
وأخرجه البخاري "3792"، ومسلم "1845", حدثنا محمد بن بشار،
حدثنا غندر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة، عن أنس بن مالك،
عن أسيد بن حضير -رضي الله عنهم, أن رجلا من الانصار قال:
يا رسول الله، ألا تستعملني كما استعملت فلانا؟ قال:
"ستلقون بعدي أثرة, فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
(4/57)
وَهُوَ عَلَى الجَيْشِ, فَقَالَ: هَلْ لَكَ
مِنْ حَاجَةٍ? قَالَ: مَا ازْدَدْتُ عَنْكَ وَعَنْ
أَبِيْكَ إلَّا غِنَىً, إِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَ قَبْرِي
مِمَّا يَلِي العَدُوَّ ... الحَدِيْثَ. الأَعْمَشُ, عَنْ
أَبِي ظبيان قال: غزا أَبُو أَيُّوْبَ, فَمَرِضَ فَقَالَ:
إِذَا مِتُّ فَاحْمِلُوْنِي، فَإِذَا صَافَفْتُمُ
العَدُوَّ فَارْمُوْنِي تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ, أَمَا
إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيْثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: "مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ
شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ" 1. إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
جَرِيْرٌ, عَنْ قَابُوْسِ بنِ أَبِي ظِبْيَانَ، عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ: أَتَيْتُ مِصْرَ, فَرَأَيْتُ النَّاسَ
قَدْ قَفَلُوا مِنْ غَزْوِهِمْ, فَأَخْبَرُوْنِي أَنَّهُمْ
لَمَّا كَانُوا عِنْدَ انْقَضَاءِ مَغْزَاهُمْ؛ حَيْثُ
يَرَاهُمُ العَدُوُّ, حَضَرَ أَبَا أَيُّوْبَ المَوْتُ,
فَدَعَا الصَّحَابَةَ وَالنَّاسَ فَقَالَ: إِذَا قُبِضْتُ
فَلْتُرْكَبِ الخَيْلُ ثُمَّ سِيْرُوا حَتَّى تَلْقَوُا
العَدُوَّ فَيَرُدُّوْكُمْ, فَاحْفِرُوا لِي
وَادْفِنُوْنِي, ثُمَّ سَوُّوْهُ, فَلْتَطَأِ الخَيْلُ
وَالرِّجَالُ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يُعْرَفَ، فَإِذَا
رَجَعْتُمْ فَأَخْبِرُوا النَّاسَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَنِي:
"أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ يَقُوْلُ: لاَ
إِلَهَ إلَّا اللهُ" 2.
قَالَ الوَلِيْدُ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ:
أَغْزَى مُعَاوِيَةُ ابْنَهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَخَمْسِيْنَ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ حتى أجاز بهم الخليج
وقاتلوا أهل القسطنطينية عَلَى بَابِهَا، ثُمَّ قَفَلَ.
وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ أَبَا
أَيُّوْبَ قُبِرَ مَعَ سُوْرِ القُسْطِنْطِيْنِيَّةِ،
وَبُنِي عَلَيْهِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا، قَالَتِ الرُّوْمُ:
يَا مَعْشَرَ العَرَبِ، قَدْ كَانَ لَكُمُ اللَّيْلَةَ
شَأْنٌ. قَالُوا: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ
نَبِيِّنَا وَاللهِ لَئِنْ نُبِشَ لاَ ضُرِبَ بِنَاقُوْسٍ
فِي بِلاَدِ العَرَبِ. فَكَانُوا إِذَا قَحَطُوا، كَشَفُوا
عَنْ قَبْرِهِ فَأُمْطِرُوا.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ أَبُو أَيُّوْبَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ يَزِيْدُ
وَدُفِنَ بِأَصْلِ حِصْنِ القُسْطِنْطِيْنِيَّةِ. فَلَقَدْ
بَلَغَنِي أَنَّ الروم يتعاهدون قبره وَيَسْتَسْقُوْنَ
بِهِ3.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ. وَقَالَ
يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.
__________
1 صحيح لغيره: تقدم تخريجنا له برقم تعليق "115".
2 صحيح لغيره: في إسناده قابوس بن أبي ظبيان، قال أَبُو
حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس
بالقوى. قال أحمد: ليس بذلك.
لكن الحديث يشهد له ما قبله.
3 ضعيف جدًّا: آفته محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك كما
ذكرنا مرارًا.
(4/58)
180- عبد الله
بن سلام 1: "ع"
ابن الحارث, الإِمَامُ الحَبْرُ, المَشْهُوْدُ لَهُ
بِالجَنَّةِ, أَبُو الحَارِثِ الإِسْرَائِيْلِيُّ،
حَلِيْفُ الأَنْصَارِ, مِنْ خواصِّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ, وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ,
وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَعْقِلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
حَنْظَلَةَ بنِ الغَسِيْلِ، وَابْنَاهُ: يُوْسُفُ
وَمُحَمَّدٌ، وَبِشْرُ بنُ شَغَافٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ
المُقْرِئُ, وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى, وَقَيْسُ
بنُ عَبَّادٍ, وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ,
وَعطَاءُ بنُ يَسَارٍ, وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى, وآخرون.
وَكَانَ فِيْمَا بَلَغَنَا مِمَّنْ شَهِدَ فَتْحَ بَيْتِ
المَقْدِسِ. نَقَلَهُ الوَاقِدِيُّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: اسْمُهُ الحُصَيْنُ, فغيِّره
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَبْدِ
اللهِ.
وَرَوَى قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ -وَهُوَ ضَعِيْفٌ- عَنْ
عَاصِمٍ, عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ
بنُ سَلاَمٍ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَامَيْنِ. فَهَذَا قَوْلٌ
شَاذٌّ مَرْدُوْدٌ بِمَا فِي "الصَّحِيْحِ" مِنْ أَنَّهُ
أَسْلَمَ وَقْتَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقُدُوْمِهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ وَلَدِ يُوْسُفَ بنِ
يَعْقُوْبَ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ, وَهُوَ حَلِيْفُ
القَوَاقِلَةِ.
قَالَ: وَلَهُ إِسْلاَمٌ قَدِيْمٌ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
المَدِيْنَةَ, وَهُوَ مِنْ أَحْبَارِ اليَهُوْدِ.
قَالَ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ: حدَّثنا زُرَارَةُ بنُ
أَوْفَى, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، قَالَ: لَمَّا
قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
المَدِيْنَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ, وَكُنْتُ
فِيْمَنِ انْجَفَلَ, فلمَّا رَأَيْتُهُ عَرَفْتُ أنَّ
وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ. فَكَانَ أَوَّلَ
شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ,
أَفْشُوْا السَّلاَمَ, وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ, وصِلُوا
الأَرْحَامَ, وصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ,
تَدْخُلُوا الجنَّة بِسَلاَمٍ" 2.
وَرَوَى حُمَيْدٌ, عَنْ أَنَسٍ: أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ
سَلاَمٍ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مقدمه إِلَى المَدِيْنَةِ، فَقَالَ: إِنِّي
سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهَا إلَّا نَبِيٌّ,
مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ? وَمَا أَوَّلُ مَا
يَأْكُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ? ومن أين يشبه الولد أباه وأمه?
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 352"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 29"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 288"، أسد الغابة
"3/ 264"، الإصابة "2/ ترجمة 3557"، تهذيب التهذيب "5/
ترجمة 437"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3557".
2 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 451"، والترمذي "2487"، وابن ماجه
"3251"، والدارمي "1/ 340" من طريق عوف بن أبي جميلة، عَنْ
زُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سلام.
(4/59)
فَقَالَ: "أَخْبَرَنِي بهنَّ جِبْرِيْلُ
آنفاً" قَالَ: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُوْدِ مِنَ
المَلاَئِكَةِ. قَالَ: "أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ
السَّاعَةِ فَنَارٌ تَخْرُجُ مِنَ المَشْرِقِ, فَتَحْشُرُ
النَّاسَ إِلَى المَغْرِبِ, وأمَّا أَوَّلُ مَا يَأكُلُهُ
أَهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوْتٍ، وَأَمَّا
الشَّبَهُ: فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ نَزَعَ
إِلَيْهِ الوَلَدُ, وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ
نَزَعَ إِلَيْهَا" قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُوْلُ
اللهِ.
وَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, إِنَّ اليَهُوْدَ قَوْمٌ
بُهْت, وَإِنَّهُم إِنْ يَعْلَمُوا بإِسْلاَمِي
بَهَتُوْنِي، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَسَلْهُمْ عنِّي.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: "أَيُّ رَجُلٍ ابْنُ
سَلاَمٍ فِيْكُمْ"؟ قَالُوا: حَبْرُنَا وَابْنُ حَبْرِنَا
وَعَالِمُنَا وَابْنُ عَالِمِنَا. قَالَ: "أَرَأَيْتُمْ
إِنْ أَسْلَمَ تُسْلِمُوْنَ"؟ قَالُوا: أَعَاذَهُ اللهُ
مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ فَقَالَ:
أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهَ وَأَنَّ مُحَمَّداً
رَسُوْلُ اللهِ, فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شرِّنا؛
وَجَاهِلُنَا وَابْنُ جَاهِلِنَا, فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ، أَلَمْ أُخْبِرْكَ أنَّهم قَوْمٌ بُهْتٌ1.
عَبْدُ الوَارِثِ: حدَّثنا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
صُهَيْبٍ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ
إِلَى المَدِيْنَةِ، فَقَالُوا: جَاءَ نَبِيُّ اللهِ.
فَاسْتَشْرَفُوا يَنْظُرُوْنَ, وَسَمِعَ ابْنُ سَلاَمٍ
-وَهُوَ فِي نَخْلٍ يَخْتَرِفُ- فَعَجَّلَ قَبْلَ أَنْ
يَضَعَ الَّتِي يَخْتَرِفُ فِيْهَا, فَسَمِعَ مِنَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ثُمَّ
رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ.
فَلَمَّا خَلاَ نَبِيُّ الله، جاء فقال: أشهد أَنَّكَ
رَسُوْلُ اللهِ, وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ, وَلَقَدْ
عَلِمَتِ اليَهُوْدُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ، وَابْنُ
سَيِّدِهِمْ, وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ,
فَسَلْهُمْ عنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أنِّي قَدْ
أَسْلَمْتُ, فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ
أَسْلَمْتُ قَالُوا فيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ, فأرسل إليهم
فجاءوا فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ اليَهُوْدِ، وَيْلَكُم!
اتَّقُوا اللهَ, فَوَاللهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُوْنَ أنِّي
رَسُوْلُ اللهِ حَقّاً, وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ
فَأَسْلِمُوا". قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ. قَالَ: "فَأَيُّ
رَجُلٍ فِيْكُمُ ابْنُ سَلاَمٍ"؟ قَالُوا: ذَاكَ
سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا, وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ
أَعْلَمِنَا, قَالَ: "أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ"؟
قَالُوا: حَاشَى للهِ, مَا كَانَ لِيُسْلِمَ, فَقَالَ:
"اخْرُجْ عَلَيْهِمْ". فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ:
وَيْلَكُمْ, اتَّقُوا اللهَ, فَوَاللهِ إِنَّكُمْ
لَتَعْلَمُوْنَ أَنَّهُ رَسُوْلُ اللهِ حَقّاً. قَالُوا:
كَذَبْتَ, فَأَخْرَجَهُمْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.
ابْنَ إِسْحَاقَ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مُحَمَّدٍ
مَوْلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنِ ابن
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 108"، والبخاري "3329" و"3938"
و"4480"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 528-529"، والبغوي
"3769" من طريق عن حميد، عن أنس بن مالك، به.
قوله: "بُهْت": البهت: الكذب والافتراء, والمراد أنهم
كذَّابون مفترون.
2 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 211"، والبخاري "3911"، والبيهقي
"2/ 526-528" من طريق عبد الوارث بن سعيد العنبري، عن عبد
العزيز بن صهيب، به. قوله: "يخترف": أي يجتني.
(4/60)
عَبَّاسٍ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ
فِي ابْنِ سَلاَمٍ، وَثَعْلَبَةَ بنِ سَعْيَةَ، وَأَسَدِ
بنِ عُبَيْدٍ: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} 1 [آل عمران: 113-114] .
مَالِكٌ, عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ, عَنْ عَامِرِ بنِ
سَعْدٍ, عَنْ أَبِيْهِ: قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُوْلَ
اللهِ يَقُوْلُ لأَحَدٍ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ
إلَّا لِعَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ, وَفِيْهِ نَزَلَتْ:
{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى
مِثْلِهِ} [الأَحْقَافُ: 10] 2.
حَمَّادٌ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ بَهْدلَةَ, عَنْ
مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ, عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "يدخل من هذا
الفج رجل من أهل الجَنَّةِ" , فَجَاءَ ابْنُ سَلاَمٍ3.
وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا,
فقصَّها عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, فَقَالَ لَهُ: "تَمُوْتُ وَأَنْتَ مُسْتَمْسِكٌ
بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى" 4 إِسْنَادُهَا قَوِيٌّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بنُ عَمْرٍو,
حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ رُفَيْعٍ, عَنْ مَعَبْدٍ
الجُهَنِيِّ, عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَمِيْرَةَ, أَنَّهُ
لَمَّا احْتُضِرَ معَاذٌ قَعَدَ يَزِيْدُ عِنْدَ رَأْسِهِ
يَبْكِي, فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لِمَا
فَاتَنِي مِنَ العِلْمِ, قَالَ: إِنَّ العِلْمَ كَمَا هُوَ
لَمْ يَذْهَبْ، فَاطْلُبْهُ عِنْدَ أَرْبَعَةٍ، فسمَّاهم,
وَفِيْهِمْ: عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ، الَّذِي قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فِيْهِ: "هُوَ عَاشِرُ عشرة في الجنة" 5.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن جرير في "تفسيره" "7644" و "7645" من
طريق ابن إسحاق، به. وإسناده ضعيف, آفته ابن إسحاق، وهو
مدلّس، وقد عنعنه.
2 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 169"، والبخاري "3812"، ومسلم
"2483" من طريق مالك, عن أبي النضر سالم، به.
3 حسن: أخرجه أحمد "1/ 169 و183"، والبزار "2712"، والحاكم
"3/ 416"، من طرق, عن حمَّاد ابن سلمة، به.
قلت: إسناده حسن، عاصم بن بهدلة هو ابن أبي النجود الأسدي،
صدوق، وحديثه في الصحيحين مقرون.
4 صحيح: أخرجه البخاري "7014" من طريق ابن عون، عن محمد بن
سيرين، حدثنا قيس بن عبد، عن عبد الله بن سالم, قال: رأيت
كأنِّي في روضة، ووسط الروضة عمود، في أعلى العمود عروة،
فقيل لي: ارقه، قلت: لا أستطيع، فأتاني وصيف فرفع ثيابي
فرقيت، فاستمسكت بالعروة، فانتبهت وأنا مستمسك بها،
فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, فَقَالَ: "تلك الروضة روضة الإسلام، وذلك
العمود عمود الإسلام، وتلك العروة العروة الوثقى, لا تزال
مستمسكًا بالإسلام حتى تموت".
5 صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف جدًّا، أخرجه ابن سعد "2/
352-353", وآفته حمَّاد بن عمرو، وهو أبو إسماعيل النصيبي،
قال أبو حاتم في "الجرح والتعديل" "3/ ترجمة 634" وقال:
منكر الحديث، ضعيف الحديث جدًّا. لكن الحديث يصح بالطريق
الآتي.
(4/61)
البُخَارِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ":
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةُ
بنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ, عَنْ أَبِي
إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَمِيْرَةَ
الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ
المَوْتُ قِيْلَ لَهُ: أَوْصِنَا يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ, قَالَ: الْتَمِسُوْا العِلْمَ عِنْدَ أَبِي
الدَّرْدَاءِ, وَسَلْمَانَ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَعَبْدِ
اللهِ بن سَلاَمٍ, الَّذِي أَسْلَمَ, فَإِنِّي سَمِعْتُ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
يَقُوْلُ: "إِنَّهُ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الجَنَّةِ" 1.
{وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43] قَالَ
مُجَاهِدٌ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي يَحْيَى: حَدَّثَنَا معَاذُ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ سَلاَمٍ, عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهُ جَاءَ إِلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ:
إني قد قرأت القُرْآنَ وَالتَّوْرَاةَ, فَقَالَ: "اقْرَأْ
بِهَذَا لَيْلَةً, وَبِهَذَا لَيْلَةً". إِسْنَادُهُ
ضَعِيْفٌ2.
فَإِنَّ صحَّ فَفِيْهِ رُخْصَةٌ فِي التَّكْرَارِ عَلَى
التَّوْرَاةِ الَّتِي لَمْ تُبَدَّلْ، فأمَّا اليَوْمَ
فَلاَ رُخْصَةَ فِي ذَلِكَ؛ لِجَوَازِ التَّبْدِيْلِ عَلَى
جَمِيْعِ نُسَخِ التَّوْرَاةِ المَوْجُوْدَةِ, وَنَحْنُ
نُعَظِّمُ التَّوْرَاةَ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى
مُوْسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَنُؤمِنُ بِهَا, فأمَّا
هَذِهِ الصُّحُفُ الَّتِي بِأَيْدِي هَؤُلاَءِ
الضُّلاَّلِ، فَمَا نَدْرِي مَا هِيَ أَصْلاً. وَنَقِفُ
فَلاَ نُعَامِلُهَا بِتَعَظِيْمٍ وَلاَ بِإِهَانَةٍ، بَلْ
نَقُوْلُ: آمنَّا بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسِلِهِ, وَيَكْفِيْنَا فِي ذَلِكَ الإِيْمَانُ
المُجْمَلُ، وَللهِ الحَمْدُ.
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ،
قَالَ: زَعَمَ عَبْدُ اللهِ بنُ حَنْظَلَةَ أنَّ عَبْدَ
اللهِ بنَ سَلاَمٍ مَرَّ فِي السُّوْقِ عَلَيْهِ حُزْمَةٌ
مِنْ حَطَبٍ، فَقِيْلَ لَهُ: أَلَيْسَ أَغْنَاكَ اللهُ?
قَالَ: بَلَى, وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَقْمَعَ الكِبْرَ,
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ
فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ من كبر" 3.
اتَّفِقُوا عَلَى أَنَّ ابْنَ سَلاَمٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ
ثلاث وأربعين.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 242-243", والبخاري في تاريخه
الصغير "1/ 73", والترمذي "3804"، والنسائي في فضائل
الصحابة "149"، والحاكم "3/ 270 و416"، والطبراني "8514"
و"20/ 229" من طريق مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ
رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ، عن أبي إدريس الخولاني به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
2 موضوع: آفته إبراهيم بن أبي يحيى، قال فيه ابن معين
ويحيى القطان: كذَّاب, وقال أحمد بن حنبل: تركوا حديثه,
وقال البخاري: تركه ابن المبارك والناس, وقال النسائي
والدارقطني وغيرهما: متروك.
136 صحيح لغيره: أخرجه الحاكم "3/ 416" من طريق سالم بن
إبراهيم صاحب المصاحف، عن عكرمة ابن عمار، به.
وقال الحاكم: صحيح. وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: سالم واهٍ"
والحديث صحيح دون القصة، فقد ورد عن عبد الله بن مسعود,
أخرجه ابن أبي شيبة "9/ 89"، وأحمد "1/ 412 و416"، ومسلم
"91" "148"، وأبو داود "4091"، والترمذي "1998", والطبراني
"10000 و10001"، وأبو عوانة في "مسنده"، "1/ 17"، وابن
منده "542" من طرق عَنِ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ،
عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود، به.
(4/62)
وَقَدْ سَاقَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ
تَرْجَمَتَهُ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ وَرَقَةً.
الوَاقِدِيُّ, عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ،
وَآخَرَ: أنَّ ابْنَ سَلاَمٍ كَانَ اسْمُهُ: الحُصَيْنُ،
فغيِّره النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِعَبْدِ اللهِ.
يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: حَدَّثَنَا
حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ, أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَلاَمٍ
أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ.... الحَدِيْثَ, وَفِيْهِ
قَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا......، وَنَحْوَ
ذَلِكَ.
قَالَ: يَقُوْلُ عَبْدُ اللهِ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, هَذَا
الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ1.
حمَّاد بنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ وَحُمَيْدٍ, عَنْ
أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, فَأَتَاهُ ابْنُ سَلاَمٍ، فَقَالَ: سَائِلُكَ
عَنْ أَشْيَاءَ لاَ يَعْلَمُهَا إلَّا نَبِيٌّ, فَإِنْ
أَخْبَرْتَنِي بِهَا آمَنْتُ بِكَ ... الحَدِيْثَ2.
هَوْذَةُ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ, عَنِ الحَسَنِ قَالَ: عَبْدُ
اللهِ بنُ سَلاَمٍ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ اليَهُوْدَ
يَجِدُوْنَكَ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ, ثُمَّ أَرْسَلَ
إِلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ نَفَرٍ سمَّاهم, فَقَالَ: "مَا
عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ فِيْكُمْ وَمَا أَبُوْهُ"؟
قَالُوا: سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا, وَعَالِمُنَا
وَابْنُ عَالِمِنَا. قَالَ: "أَرَأَيْتُم إِنْ أَسْلَمَ
أَتُسْلِمُوْنَ"؟. قَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُسْلِمُ,
فَدَعَاهُ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ وتشهَّد, فَقَالُوا: يَا
عَبْدَ اللهِ, مَا كنَّا نَخْشَاكَ عَلَى هَذَا,
وَخَرَجُوا.
وَأَنْزَلَ اللهُ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ
عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ
وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأَحْقَافُ: 10] .
إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ, عَنِ
ابْنِ سِيْرِيْنَ, عَنْ قَيْسِ بنِ عُبَادٍ قَالَ: كُنْتُ
فِي مَسْجِدِ المَدِيْنَةِ, فَجَاءَ رَجُلٌ بِوَجْهِهِ
أَثَرٌ مِنْ خُشُوْعٍ، فَقَالَ القَوْمُ: هَذَا مِنْ
أَهْلِ الجَنَّةِ, فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَوْجَزَ
فِيْهِمَا, فَلَمَّا خَرَجَ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ
مَنْزِلَهُ, فَدَخَلْتُ مَعَهُ, فحدثته، فلما
__________
1 صحيح: تقدَّم تخريجنا له برقم "127" و"128".
2 صحيح: سبق تخريجه له برقم "127".
(4/63)
اسْتَأَنَسَ، قُلْتُ: إِنَّهُم قَالُوا
لَمَّا دَخَلْتَ المَسْجِدَ: كَذَا، وَكَذَا. قَالَ:
سُبْحَانَ اللهِ, مَا يَنْبِغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقُوْلَ مَا
لاَ يَعْلَمُ, وَسَأُحَدِّثُكَ: إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا
فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, رَأَيْتُ كأنِّي فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ,
وَسَطُهَا عَمُوْدٌ حَدِيْدٌ, أَسْفَلُهُ فِي الأَرْضِ،
وَأَعْلاَهُ فِي السِّمَاءِ, فِي أَعْلاَهُ عُرْوَةٌ,
فَقِيْلَ لِي: اصْعَدْ عَلَيْهِ, فَصَعِدْتُ حَتَّى
أَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ, فَقِيْلَ: اسْتمْسِكْ
بِالعُرْوَةِ, فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي,
فلمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ,
فَقَالَ: "أَمَّا الرَّوْضَةُ فَرَوْضَةُ الإِسْلاَمِ،
وَأَمَّا العَمُوْدُ فَعَمُوْدُ الإِسْلاَمِ, وَأَمَّا
العُرْوَةُ فَهِيَ العُرْوَةُ الوُثْقَى, أَنْتَ عَلَى
الإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوْتَ". قَالَ: وَهُوَ عَبْدُ اللهِ
بنُ سَلاَمٍ1.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عَنِ
المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ، عَنْ خَرَشَةَ بنِ الحُرِّ،
قَالَ: قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ فَجَلَسْتُ إِلَى شِيَخَةٍ
فِي المَسْجِدِ، فَجَاءَ شَيْخٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصاً
لَهُ, فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
الجَنَّةِ, فَقَامَ خَلْفَ سَارِيَةٍ فصلَّى رَكْعَتَيْنِ,
فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: زَعَمَ هَؤُلاَءِ أَنَّكَ
مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ, فَقَالَ: الجَنَّةُ للهِ
يُدْخِلُهَا مَنْ يَشَاءُ, إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ
رَسُوْلِ اللهِ رُؤْيَا؛ رَأَيْتُ كأنَّ رَجُلاً أَتَانِي
فَقَالَ: انْطَلِقْ, فَسَلَكَ بِي فِي مَنْهَجٍ عَظِيْمٍ,
فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي؛ إِذْ عَرَضَ لِي طَرِيْقٌ عَنْ
شِمَالِي, فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْلُكَهَا, فَقَالَ: إِنَّكَ
لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا, ثُمَّ عَرَضَتْ لِي طَرِيْقٌ عَنْ
يَمِيْنِي, فَسَلَكْتُهَا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى جَبَلٍ
زَلَقٍ, فَأَخَذَ بِيَدِي, فَرَحَلَ بِي, فَإِذَا أَنَا
عَلَى ذُرْوَتِهِ, فَلَمْ أَتَقَارَّ وَلَمْ أَتَمَاسَكْ,
وَإِذَا عَمُوْدٌ مِنْ حَدِيْدٍ, فِي أَعْلاَهُ عُرْوَةٌ
مِنْ ذَهَبٍ, فَأَخَذَ بِيَدِي, فَرَحَلَ بِي حَتَّى
أَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ, فَقَالَ لِي: اسْتَمْسِكْ
بِالعُرْوَةِ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: "رَأَيْتَ خَيْراً،
أَمَّا المَنْهَجُ العَظِيْمُ فَالمَحْشَرُ, وَأَمَّا
الطَّرِيْقُ الَّتِي عَرَضَتْ عَنْ شِمَالِكَ فَطَرِيْقُ
أَهْلِ النَّارِ, وَلَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا, وَأَمَّا
الَّتِي عَنْ يَمِيْنِكَ فَطَرِيْقُ أَهْلِ الجَنَّةِ,
وَأَمَّا الجَبَلُ الزَّلِقُ فَمَنْزِلُ الشُّهَدَاءِ,
وَأَمَّا العُرْوَةُ فَعُرْوَةُ الإِسْلاَمِ,
فَاسْتَمْسِكْ بِهَا حَتَّى تَمُوْتَ" وَهُوَ عَبْدُ اللهِ
بنُ سَلاَمٍ2.
جَرِيْرٌ, عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ
مُسْهِرٍ، عَنْ خَرَشَةَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً فِي
حَلَقَةٍ فِيْهِمُ ابْنُ سَلاَمٍ يُحَدِّثُهُمْ؛ فلمَّا
قَامَ قَالُوا: مَنْ سرَّه أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ
مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا,
فَتَبِعْتُهُ فَسَأَلْتُهُ ... فَذَكَرَ الحديث بطوله3.
وهو صحيح.
__________
1 صحيح: مَرَّ تخريجنا له برقم "132".
2 حسن: أخرجه أحمد "5/ 452-453"، وابن ماجه "3920" من طريق
حمَّاد بن سلمة، به. وإسناده حسن، عاصم بن بهدلة هو ابن
أبي النجود، صدوق. قوله: "أتقارّ" أي: استقر.
3 صحيح: أخرجه مسلم "2484" "150" من طريق جرير، عن الأعمش،
به.
(4/64)
وَرَوَى بِشْرُ بنُ شَغَافٍ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بن سلام: أنه شهد فتح نهاوند.
قَالَ أَيُّوْبُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: نُبِّئتُ
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَلاَمٍ قَالَ: إِنْ أَدْرَكَنِي،
وَليْسَ لِي رَكُوْبٌ فَاحْمِلُوْنِي، حَتَّى تَضَعُوْنِي
بَيْنَ الصَّفَيْنِ -يَعْنِي: قُبَالَ الأَعْمَاقِ.
مُحَمَّدُ بنُ مُصْعَبٍ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ
يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ
بنُ سَلاَمٍ إِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ سلَّم عَلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَالَ:
اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا أَبوَابَ رَحْمَتِكَ, وَإِذَا
خَرَجَ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَتَعَوَّذَ مِنَ الشَّيْطَانِ1.
حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: عَنْ أَشْعَثَ, عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
بن أَبِي مُوْسَى قَالَ: أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ, فَإِذَا
عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ جَالِسٌ فِي حَلَقَةٍ
مُتَخَشِّعاً, عَلَيْهِ سِيْمَاءُ الخَيْرِ, فَقَالَ: يَا
أَخِي, جِئْتَ وَنَحْنُ نُرِيْدُ القِيَامَ, فَأَذِنْتُ
لَهُ, أَوْ قُلْتُ: إِذَا شِئْتَ, فَقَامَ فَاتَّبَعْتُهُ,
فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ? قُلْتُ: أَنَا ابْنُ أَخِيْكَ,
أَنَا أبو بردة ابن أَبِي مُوْسَى, فرحَّب بِي وَسَأَلَنِي
وَسَقَانِي سَوِيْقاً, ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ بِأَرْضِ
الرِّيْفِ, وَإِنَّكُمْ تُسَالِفُوْنَ الدهاقين، فيهدون
لكم حملان القت وَالدَّوَاخِلِ, فَلاَ تَقْرَبُوْهَا،
فَإِنَّهَا نَارٌ.
قَدْ مَرَّ مَوْتُ عَبْدِ اللهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ, وأرَّخه جَمَاعَةٌ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ, أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ,
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ,
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنِ حَمُّوْيَةَ, أَخْبَرَنَا
عِيْسَى بنُ عُمَرَ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرحمن الدرامي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنِ
الأَوْزَاعِيِّ, عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ قَالَ:
قَعَدْنَا نفر مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَذَاكَرْنَا, فَقُلْنَا:
لَو نَعْلَمُ أَيَّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ
لَعَمِلْنَا, فَأَنْزَلَ اللهُ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ
تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصَّفُّ: 1-2] . حَتَّى
خَتَمَهَا, قَالَ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى خَتَمَهَا,
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ
بنُ سَلاَمٍ, قَالَ يَحْيَى: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا أبو
سلمة،
__________
1 ضعيف: آفته محمد بن مصعب القرقساني، قال صالح جزرة:
عامَّة أحاديثه عن الاوزاعي مقلوبة, وقال أبو حاتم: ليس
بالقوي, وقال النسائي: ضعيف.
والصحيح الثابت من حديث أبي حميد, أو عن أَبِي أُسَيْدٍ
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجَدَ فليقل:
اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني
أسألك من فضلك".
أخرجه مسلم "713" واللفظ له، وأبو داود "465"، وابن ماجه
"772" عن أبي حميد, أو عن أبي أسيد، به.
(4/65)
فقرأها علينا يحيى، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا
الأَوْزَاعِيُّ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا مُحَمَّدٌ،
فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا الدَّارِمِيُّ، فَقَرَأَهَا
عَلَيْنَا عِيْسَى، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا ابن حموية,
فقرأها علينا الداودي, فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا أَبُو
الوَقْتِ, فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ.
قُلْتُ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا شُيُوْخُنَا.
صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو الحِمْصِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَوْفِ بنِ
مَالِكٍ قَالَ: انْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ وَأَنَا مَعَهُ
حَتَّى دَخَلْنَا كَنِيْسَةَ اليَهُوْدِ, فَقَالَ:
"أَرُوْنِي يَا مَعْشَرَ يَهُودٍ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً
يَشْهَدُوْنَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ, يَحُطُّ
اللهُ عَنْكُمُ الغَضَبَ" فَأُسْكِتُوا, ثُمَّ أَعَادَ
عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ.
قَالَ: "فَوَاللهِ, لأَنَا الحَاشِرُ, وَأَنَا العَاقِبُ
1، وَأَنَا المُصْطَفَى، آمَنْتُمْ أَوْ كذَّبتم" , فلمَّا
كَادَ يَخْرُجُ، قَالَ رَجُلٌ: كَمَا أَنْتَ يَا
مُحَمَّدُ, أَيُّ رَجُلٍ تَعْلَمُوْنَنِي فِيْكُمْ?
قَالُوا: مَا فِيْنَا أَعْلَمُ مِنْكَ, قَالَ: فَإِنِّي
أَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّهُ نَبِيُّ الله الَّذِي
تَجِدُوْنَهُ فِي التَّوْرَاةِ, فَقَالُوا: كَذَبْتَ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "كَذَبْتُمْ".
قَالَ: فَخَرَجْنَا وَنَحْنَ ثَلاَثَةٌ, وَأُنْزِلَتْ:
{أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ} [الأحقاف: 10] .
وَفِي الصَّحِيْحِ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيْثِ أَنَسِ بنِ
مَالِكٍ, وَهُوَ عَبْدُ اللهِ -يَعْنِي: ابْنَ سَلاَمٍ.
__________
1 الحاشر: أي الذي يحشر الناس خلفه, وعلى ملته دون ملة
غيره. العاقب: هو آخر الأنبياء.
(4/66)
181- زيد بن
ثابت 1: "ع"
ابن الضحاك بن زيد بن لُوْذَانَ بنِ عَمْرِو بنِ عَبْدِ
عَوْفٍ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ بنِ
ثَعْلَبَةَ.
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ المُقْرِئِيْنَ
وَالفَرَضِيِّيْنَ2، مُفْتِي المَدِيْنَةِ، أبو سَعِيْدٍ،
وَأَبُو خَارِجَةَ الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ
الأَنْصَارِيُّ, كَاتِبُ الوَحْيِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
حدَّث عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, وَعَنْ صَاحِبَيْهِ, وَقَرَأَ عَلَيْهِ
القُرْآنَ بَعْضَهُ أَوْ كُلَّهُ، وَمَنَاقِبُهُ جَمَّةٌ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ
-وَقَرَآ عَلَيْهِ, وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ
الخُدْرِيُّ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَسَهْلُ بنُ سَعْدٍ،
وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ
يَزِيْدَ الخَطْمِيُّ، وَمَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ,
وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ, وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ,
وَابْنَاهُ: الفَقِيْهُ خَارِجَةُ وَسُلَيْمَانُ,
وَأَبَانُ بنُ عُثْمَانَ, وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ
وَأَخُوْهُ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ, وَعُبَيْدُ بنُ
السَّبَّاقِ, وَالقَاسِمُ بنُ محمد, وعروة, وحجر المدري,
وطاوس, وَبُسْرُ بنُ سَعِيْدٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ, وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَكَانَ مِنْ حَمَلَةِ الحُجَّةِ، وَكَانَ عُمَرُ بنُ
الخَطَّابِ يَسْتَخْلِفُهُ -إِذَا حَجَّ- عَلَى
المَدِيْنَةِ.
وَهُوَ الَّذِي تولَّى قِسْمَةَ الغَنَائِمِ يَوْمَ
اليَرْمُوْكِ, وَقَدْ قُتِلَ أَبُوْهُ قَبْلَ الهِجْرَةِ
يَوْمَ بُعَاثٍ، فربِّيَ زَيْدٌ يَتِيْماً, وَكَانَ أَحَدَ
الأَذْكِيَاءِ, فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْلَمَ زَيْدٌ وَهُوَ ابْنُ
إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً, فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يتعلَّم خَطَّ
اليَهُوْدِ لِيَقْرَأَ لَهُ كُتُبَهُمْ, قَالَ: "فَإِنِّي
لاَ آمَنُهُمْ".
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلَدَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ سَعِيْداً،
وَبِهِ كَانَ يكنَّى، وَأُمُّهُ أُمُّ جَمِيْلٍ.
وَوُلِدَ لِزَيْدٍ: خَارِجَةُ، وَسُلَيْمَانُ، وَيَحْيَى،
وَعُمَارَةُ، وَإِسْمَاعِيْلُ، وَأَسَعْدُ، وَعُبَادَةُ،
وَإِسْحَاقُ، وَحَسَنَةُ، وَعَمْرَةُ، وَأُمُّ إِسْحَاقَ،
وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ، وأمَّ هَؤُلاَءِ أُمُّ سَعْدٍ ابْنَةُ
سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ أَحَدُ البَدْرِيِّيْنَ.
وَوُلِدَ لَهُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَمُحَمَّدٌ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ, وَأُمُّ حَسَنٍ, مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ
مُعَاذِ بنِ أَنَسٍ, وَوُلِدَ لَهُ: زَيْدٌ, وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ, وَعُبَيْدُ اللهِ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ,
لأُمِّ وَلَدٍ. وَسَلِيْطٌ، وَعِمْرَانُ، وَالحَارِثُ،
وَثَابِتٌ، وَصَفِيَّةُ، وَقَرِيْبَةُ، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ
لأُمِّ وَلَدٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ: زَيْدٌ
يكنَّى أَبَا سَعِيْدٍ, وَيقَالُ: أَبُو خَارِجَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُقَدَّمِيُّ: لَهُ
كُنْيَتَانِ.
رَوَى خَارِجَةُ عَنْ أبيه، قال: قدم النبي -عليه الصلاة
السلام- المَدِيْنَةَ وَأَنَا ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ
سَنَةً, وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَةَ يَهُوْدٍ, قَالَ:
وَكُنْتُ أَكْتُبُ فَأَقْرَأُ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ.
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: أُتِيَ بِي النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقْدَمُهُ المَدِيْنَةَ,
فَقَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ, هَذَا غُلاَمٌ مِنْ بَنِي
النَّجَّارِ, وَقَدْ قَرَأَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْكَ
سَبْعَ عَشْرَةَ سُوْرَةً, فَقَرَأْتُ عَلَى رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَأَعْجَبَهُ
ذَلِكَ, وَقَالَ: "يَا زَيْدُ, تَعَلَّمْ لِي كِتَابَ
يَهُوْدٍ, فَإِنِّي والله ما آمنهم على كتابي".
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 358"، والتاريخ الكبير "3/
ترجمة 1278"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2524"، وأسد
الغابة "2/ 278"، الإصابة "1/ ترجمة 2880" تهذيب التهذيب
"3/ ترجمة 731"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2245".
2 الفرضي: هو العالم بالفرائض والمواريث.
(4/67)
قَالَ: فَتَعَلَّمْتُهُ، فَمَا مَضَى لِي
نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى حَذَقْتُهُ, وَكُنْتُ أَكْتُبُ
لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِمْ1.
الأَعْمَشُ, عَنْ ثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ, قَالَ زَيْدٌ:
قَالَ لي رسول الله: "أَتُحْسِنُ السُّرْيَانِيَّةَ".
قُلْتُ: لاَ, قَالَ: "فَتَعَلَّمْهَا" فَتَعَلَّمْتُهَا
فِي سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً2.
الوَلِيْدُ بنُ أَبِي الوَلِيْدِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
بنُ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ جَدِّهِ,
قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ بَعَثَ إِلَيَّ
فَكَتَبْتُهُ3.
يَرْوِيْهِ اللَّيْثُ، عَنْهُ.
أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ, قَالَ لِي رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادْعُ لي
زيدًا, وقل لَهُ يَجِيْءُ بِالكَتِفِ وَالدَّوَاةِ" قَالَ:
فَقَالَ: "اكْتُبْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ}
[النِّسَاءُ: 84] .....، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ4.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، عَنْ
زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّعْرِيَّةِ,
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ, عَنْ زَيْنَبَ
وَعَبْدِ المُعِزِّ الهَرَوِيِّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا
زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الكَنْجَرُوْذِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ,
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا
عَلِيٌّ -هُوَ ابْنُ الجَعْدِ, أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي
ذِئْبٍ, عَنْ شُرَحْبِيْلَ -يَعْنِي: ابْنَ سَعْدٍ- قَالَ:
كُنْتُ مَعَ زَيْدِ بنِ ثابت بالأسواف, فأخذ طَيْراً،
فَدَخَلَ زَيْدٌ قَالَ: فَدَفَعُوا فِي يَدِيَّ وَفَرُّوا,
فَأَخَذَ الطَّيْرَ فَأَرْسَلَهُ, ثُمَّ ضَرَبَ فِي
قَفَايَ وَقَالَ: لاَ أمَّ لَكَ, أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حرَّم
ما بين لابتيها5.
شرحبيل: فيه لين ما.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "5/ 186", وأبو داود "3645"، والترمذي
"2716"، والطبراني "4856" و"4857" من طريق عبد الرحمن بن
أبي الزناد، به.
قلت: إسناده حسن، عبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق.
2 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 182"، والحاكم "3/ 422"، والطبراني
"4928" من طريق جرير, عن الأعمش، به.
3 ضعيف: أخرجه الطبراني "4882" من طريق عبد الله بن صالح،
عن الليث، به. وإسناده ضعيف، آفته عبد الله بن صالح, وهو
ابن محمد بن مسلم الجهني، أبو صالح المصري، كاتب الليث،
سيئ الحفظ.
4 صحيح: أخرجه البخاري "4990", حدثنا عبيد الله بن موسى،
عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، به.
5 صحيح لغيره: أخرجه أحمد "5/ 181 و192"، والطبراني
"4910"، والبيهقي "5/ 199", وآفته شرحبيل بن سعد، قال ابن
معين: ضعيف, وقال مالك: ليس بثقة, لكن للحديث شاهد عن أبي
هريرة مرفوعًا بلفظ: "ما بين لابتيها حرام" أخرجه مسلم
"1372".
(4/68)
وَقَالَ عُبَيْدُ بنُ السَّبَّاقِ:
حَدَّثَنِي زَيْدٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهُ: إِنَّكَ
رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ, قَدْ كُنْتَ
تَكْتُبَ الوَحْيَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ.
فَقُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُوْنَ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!.
قَالَ: هُوَ -وَاللهِ- خَيْرٌ.
فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ
اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ, فَكُنْتُ أَتَتَبَّعُ القُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ
الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ وَالعُسُبِ وَصُدُوْرِ
الرِّجَالِ1.
قَالَ أَنَسٌ: جَمعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ
اللهِ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيّ،
وَمُعَاذٌ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ2.
خَالِدٌ الحَذَّاءُ, عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ, عَنْ أَنَسٍ,
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أَفْرَضُ أُمَّتِي زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ" 3.
وَجَاءَ نَحْوُهُ مِنْ حديث ابن عمر.
مَنْدَلُ بنُ عَلِيٍّ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أفرض أمتي زيد بن ثَابِتٍ".
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ
وَكِيْعٍ, حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ,
عَنْ دَاوُدَ العَطَّارِ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنْ قَتَادَةَ,
عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو
بَكْرٍ" , الحَدِيْثَ وَفِيْهِ: "وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ
بنُ ثَابِتٍ".
هَذَا غَرِيْبٌ, وَحَدِيْثُ الحذاء صحَّحه الترمذي4.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4986" من طريق ابن شهاب، عن عبيد
السباق، عن زيد بن ثابت، به في حديث طويل.
2 صحيح: أخرجه البخاري "5003", حدثنا حفص بن عمر، حدثنا
همام، حدثنا قتادة قال: سألت أنس ابن مالك -رضي الله عنه:
من جمع القرآن عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فذكره.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "2/ 359", أخبرنا عفان بن مسلم،
أخبرنا وهيب، أخبرنا خالد الحذاء، به.
4 صحيح: أخرجه الترمذي "3790" من طريق سفيان بن وكيع، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته سفان بن وكيع بن الجراح, قَالَ
البُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ لأَشْيَاءَ لقَّنوه
إِيَّاهَا. وقال أبو زرعة: يتهم بالكذب, قال أبو أحمد: له
حديث كثير، وإنما بلاؤه أنه كان يتلقَّن ما لقّن.
ولكن قد أخرجه الترمذي "3791"، وابن ماجه "154" من طريق
عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد، عن أبي قلابة، عن أنس بن
مالك، به، وأخرجه أحمد "3/ 184"، وابن ماجه "155"،
والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" "1/ 351"، وأبو نعيم في
"الحلية" "3/ 122"، والبيهقي "6/ 210"، والبغوي "3930" من
طريق سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، به.
(4/69)
قُلْتُ: بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ:
"أَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ وَأَقْرَأُهُمْ أُبَيٌّ" لاَ يَدُلُّ
عَلَى تَحَتُّمِ تَقْلِيْدِهِ فِي الفَرَائِضِ, كَمَا لاَ
يَتَعَيَّنُ تَقْلِيْدُ أُبَيّ فِي قِرَاءتِهِ, وَمَا
انْفَرَدَ بِهِ.
رَوَى عَاصِمٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: غَلَبَ زَيْدٌ
النَّاسَ عَلَى اثْنَتَيْنِ: الفَرَائِضِ، وَالقُرْآنِ.
وَيُرْوَى عَنْ زَيْدٍ قَالَ: أَجَازَنِي رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الخَنْدَقِ،
وكساني قبطية1.
وَعَنْهُ قَالَ: أُجِزْتُ فِي الخَنْدَقِ, وَكَانَتْ
وَقْعَةُ بُعَاثٍ وَأَنَا ابْنُ سِتِّ سِنِيْنَ.
دَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ: عَنْ أَبِي نَضْرَةَ, عَنْ
أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ
قَامَ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ، فَتَكَلَّمُوا، وَقَالُوا:
رَجُلٌ منَّا وَرَجُلٌ مِنْكُمْ, فَقَامَ زَيْدُ بنُ
ثَابِتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ كَانَ منَ
المُهَاجِرِيْنَ, وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ, وَإِنَّمَا
يَكُوْنُ الإِمَامُ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، وَنَحْنُ
أَنْصَارُهُ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَزَاكُمُ اللهُ خَيْراً يَا
مَعْشَرَ الأَنْصَارِ, وَثَبَّتَ قَائِلَكُم, لَو قُلْتُمْ
غَيْرَ هَذَا مَا صَالَحْنَاكُمْ.
هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيْحٌ. رَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ فِي
"مُسْنَدِهِ". عَنْ وُهَيْبٍ عَنْهُ.
رَوَى الشَّعْبِيُّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ: كَانَ
أَصْحَابُ الفَتْوَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ،
وَابْنُ مَسْعُوْدٍ وَزَيْدٌ، وأُبَيّ، وأبو موسى.
مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: القُضَاةُ
أَرْبَعَةٌ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَابْنُ
مَسْعُوْدٍ.
وَعَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ: كَانَ عُمَرُ
يَسْتَخْلِفُ زَيْداً فِي كُلِّ سَفَرٍ.
وَعَنْ سَالِمٍ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ
زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ, فَقُلْتُ: مَاتَ عَالِمُ النَّاسِ
اليَوْمَ, فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَرْحَمُهُ اللهُ, فَقَدْ
كَانَ عَالِمَ النَّاسِ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ وَحَبْرَهَا,
فَرَّقَهُم عُمَرُ فِي البُلْدَانِ، وَنَهَاهُمْ أَنْ
يُفْتُوا بِرَأْيِهِمْ, وَحَبَسَ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ
بِالمَدِيْنَةِ يُفْتِي أَهْلَهَا.
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ، قَالَ: مَا كَانَ عُمَرُ
وَعُثْمَانُ يُقَدِّمَانِ عَلَى زَيْدٍ أَحَداً فِي
الفَرَائِضِ وَالفَتْوَى وَالقِرَاءةِ وَالقَضَاءِ.
__________
1 القبطية: الثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء، وكأنه منسوب
إلى القبط، وهم أهم مصر. والحديث أخرجه الطبراني "4743,
وهو ضعيف، آفته إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَيْسِ بنِ سَعْدِ بنِ
زَيْدِ، وهو ضعيف. قال البخاري: منكر الحديث. وضعَّفه
النسائي وغيره.
(4/70)
وَعَنْ يَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ: أنَّ
عُمَرَ اسْتَخْلَفَ زَيْداً، وَكَتَبَ إِلَيْهِ مِنَ
الشَّامِ: إِلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ مِنْ عُمَرَ.
قَالَ خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ عُمَرُ يَسْتَخْلِفُ
أَبِي، فقلَّمَا رَجَعَ إلَّا أقطعه حديقة من نخل.
الوَاقِدِيُّ: حدَّثنا الضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ, عَنِ
الزُّهْرِيِّ قال: قال ثعلبة ابن أَبِي مَالِكٍ: سَمِعْتُ
عُثْمَانَ يَقُوْلُ: مَنْ يَعْذِرُنِي مِنِ ابْنِ
مَسْعُوْدٍ؟ غَضِبَ إِذْ لَمْ أُوَلِّه نَسْخَ
المَصَاحِفِ! هَلاَّ غَضِبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؛
إِذْ عَزَلاَهُ عَنْ ذَلِكَ ووليَّا زَيْداً, فَاتَّبَعْتُ
فِعْلَهُمَا1.
مُغِيْرَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: تَنَازَعَ أُبَيٌّ
وَعُمَرُ فِي جَدَادِ نَخْلٍ, فَبَكَى أُبَيٌّ ثُمَّ
قَالَ: أَفِي سُلْطَانِكَ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: اجْعَلْ
بَيْنِي وَبَيْنكَ رَجُلاً, قَالَ أُبَيٌّ: زَيْدٌ.
فَانْطَلَقَا حَتَّى دَخَلا عَلَيْهِ فَتَحَاكَمَا
إِلَيْهِ, فَقَالَ: بَيِّنَتُكَ يَا أُبَيُّ, قَالَ: مَا
لِي بَيِّنَةٌ, قَالَ: فَأَعْفِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ
مِنَ اليَمِيْنِ, فَقَالَ عُمَرُ: لاَ تُعْفِ أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ مِنَ اليَمِيْنِ إِنْ رَأَيْتَهَا
عَلَيْهِ.
وَتَابَعَهُ سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ: حدَّثنا حَجَّاجٌ، عَنْ
نَافِعٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ زَيْداً عَلَى
القَضَاءِ، وَفَرَضَ لَهُ رِزْقاً.
الوَاقِدِيُّ: حدَّثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ, عَنْ
أَبِيْهِ، وَآخَرَ قَالاَ: لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ,
أَتَاهُ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ, فَدَخَلَ عَلَيْهِ الدَّارَ.
فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَنْتَ خَارِجَ الدَّارِ أنفع لي
منك ههنا, فذُبَّ عنِّي, فَخَرَجَ فَكَانَ يذُبُّ النَّاسَ
وَيَقُوْلُ لَهُمْ فِيْهِ, حَتَّى رَجَعَ أُنَاسٌ مِنَ
الأَنْصَارِ, وجعل يقول: يا للأنصار، كونوا أنصار للهِ
مَرَّتَيْنِ، انْصُرُوْهُ، وَاللهِ إنَّ دَمَهُ لَحَرَامٌ.
فَجَاءَ أَبُو حَيَّةَ المَازِنِيُّ مَعَ نَاسٍ مِنَ
الأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَا يَصْلُحُ مَعَكَ أَمْرٌ,
فَكَانَ بَيْنَهُمَا كَلاَمٌ وَأَخَذَ بِتَلْبِيْبِ زَيْدٍ
هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ، فمرَّ بِهِ نَاسٌ مِنَ
الأَنْصَارِ، فلمَّا رَأَوْهُمْ أَرْسَلُوْهُ, وَقَالَ
رَجُلٌ مِنْهُم لأَبِي حَيَّةَ: أَتَصْنَعُ هَذَا بِرَجُلٍ
لَو مَاتَ اللَّيْلَةَ, مَا دَرَيْتَ مَا مِيْرَاثُكَ مِنْ
أَبِيْكَ2.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَو هَلَكَ عُثْمَانُ وَزَيْدٌ فِي
بَعْضِ الزَّمَانِ لَهَلَكَ عِلْمُ الفَرَائِضِ، لَقَدْ
أَتَى عَلَى النَّاسِ زمان وما يعلمها غيرهما.
أخرجه الدارمي.
__________
1 ضعيف جدًّا: آفته الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا مرارًا.
2 ضعيف جدًّا: آفته محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك.
(4/71)
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: سَمِعْتُ
الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ: لَوْلاَ أَنَّ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ
كَتَبَ الفَرَائِضَ؛ لَرَأَيْتُ أَنَّهَا سَتَذْهَبُ مِنَ
النَّاسِ.
وَرَوَى سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ
الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كَانَ إِمَامَ النَّاسِ
عِنْدَنَا بَعْدَ عُمَرَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ, وَكَانَ
إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ زَيْدٍ ابْنُ عُمَرَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: النَّاسُ
عَلَى قِرَاءةِ زيد، وعلى فرض زيد.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَقَدْ عَلِمَ
المَحْفُوْظُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ مِنَ
الرَّاسِخِيْنَ فِي العِلْمِ.
الأَعْمَشُ, عَنْ مُسْلِمٍ, عَنْ مَسْرُوْقٍ, عَنْ عَبْدِ
اللهِ, أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ فِي أَخَوَاتٍ لأَبٍ
وُأُمٍّ, وَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ لأَبٍ: لِلأَخَوَاتِ
لِلأَبِ وَالأُمِّ الثُّلُثَانِ, فَمَا بَقِي
فَلِلذُّكُورِ دُوْنَ الإِنَاثِ.
فقَدِمَ مَسْرُوْقٌ المَدِيْنَةَ، فَسَمِعَ قَوْلَ زَيْدٍ
فِيْهَا فَأَعْجَبَهُ, فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ:
أَتَتْرُكُ قَوْلَ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: أَتَيْتُ
المَدِيْنَةَ، فَوَجَدْتُ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ مِنَ
الرَّاسِخِيْنَ فِي العِلْمِ -يَعْنِي: كَانَ زَيْدٌ
يُشَرِّكُ بَيْنَ البَاقِيْنَ.
مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أنَّ ابْنَ
عَبَّاسٍ قَامَ إِلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ, فَأَخَذَ لَهُ
بِرِكَابِهِ فَقَالَ: تنحَّ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:
إِنَّا هكذا نفعل بعلمائنا وكبرائنا.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَكُنْ مِنَ
الصَّحَابَةِ أَحَدٌ لَهُ أَصْحَابٌ حَفِظُوا عَنْهُ
وَقَامُوا بِقَوْلِهِ فِي الفِقْهِ إلَّا ثَلاَثَةٌ:
زَيْدٌ وَعَبْدُ اللهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ.
شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ, عَنِ الزُّهْرِيِّ:
بَلَغَنَا أنَّ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ كَانَ يَقُوْلُ إِذَا
سُئِلَ عَنِ الأَمْرِ: أَكَانَ هَذَا؟ فَإِنْ قَالُوا
نَعَمْ, حدَّث فِيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ, وَإِنْ قَالُوا:
لَمْ يَكُنْ, قَالَ: فَذَرُوْهُ حَتَّى يَكُوْنَ.
مُوْسَى بنُ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
كَانَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ إِذَا سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ
شَيْءٍ قَالَ: آللهِ كَانَ هَذَا؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ
تكلَّم فِيْهِ, وَإِلاَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ.
الثَّوْرِيُّ, عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ, أنَّ مَرْوَانَ دَعَا زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ
وَأَجْلَسَ لَهُ قَوْماً خَلْفَ سِتْرٍ, فَأَخَذَ
يَسْأَلُهُ وَهُمْ يَكْتُبُوْنَ، فَفَطِنَ زَيْدٌ فَقَالَ:
يَا مَرْوَانُ! أَغَدْراً؟ إِنَّمَا أَقُوْلُ بِرَأْيِي.
رَوَاهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ, عَنِ
ابْنِ أَبِي خَالِدٍ نَحْوَهُ, "وَزَادَ": فَمَحَوْهُ.
(4/72)
هِشَامٌ, عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
حجَّ بِنَا أَبُو الوَلِيْدِ، وَنَحْنُ وَلَدُ سِيْرِيْنَ
سَبْعَةٌ، فمرَّ بِنَا عَلَى المَدِيْنَةِ, فَأَدْخَلَنَا
عَلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، فَقَالَ: هَؤُلاَءِ بَنُو
سِيْرِيْنَ, فَقَالَ زَيْدٌ: هَؤُلاَءِ لأُمٍّ, وَهَذَانِ
لأُمٍّ, وَهَذَانِ لأُمٍّ, قَالَ: فما أَخْطَأَ, وَكَانَ
مُحَمَّدٌ وَمَعَبْدٌ وَيَحْيَى لأُمٍّ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ, عَنْ ثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ فِي
أَهْلِهِ, وَأَزْمَتِهِ عِنْدَ القَوْمِ.
هِشَامٌ, عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ قَالَ: خَرَجَ زَيْدُ بنُ
ثَابِتٍ يُرِيْدُ الجُمُعَةَ، فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ
رَاجِعِيْنَ، فَدَخَلَ دَاراً فَقِيْلَ لَهُ: فَقَالَ:
إِنَّهُ مَنْ لاَ يَسْتَحْيِي منَ النَّاسِ لاَ
يَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ.
حمَّاد بنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ:
لَمَّا مَاتَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ, قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:
مَاتَ حَبْرُ الأُمَّةِ, وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ
فِي ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ خَلَفاً1.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ،
قَالَ: لما مات زيد، جلسنا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ظلٍّ
فَقَالَ: هَكَذَا ذَهَابُ العُلَمَاءِ, دُفِنَ اليَوْمَ
عِلْمٌ كَثِيْرٌ.
الوَاقِدِيُّ, حدَّثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ, عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ،
وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ, وَنَزَلَ نِسَاءُ
العَوَالِي, وَجَاءَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ، فَجَعَلَ
خَارِجَةُ يذكرهنَّ اللهَ: لاَ تَبْكِيْنَ عَلَيْهِ,
فَقُلْنَ: لاَ نَسْمَعُ مِنْكَ، ولنبكينَّ عَلَيْهِ
ثَلاَثاً، وَغَلَبْنَهُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: وَأَرْسَلَ مَرْوَانُ بِجُزُرٍ
فَنُحِرَتْ، وَأَطْعَمُوا النَّاسَ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ:
فَمَنْ لِلْقَوَافِي بَعْدَ حَسَّانَ وَابْنِهُ ... وَمَنْ
لِلْمَثَانِي بَعْدَ زَيْدِ بنِ ثَابِتِ
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حازم: حدَّثنا قيس به سعد, عن مكحول:
أنَّ عبادة ابن الصَّامِتِ دَعَا نَبَطِيّاً يُمْسِكُ
دَابَّتَهُ عِنْدَ بَيْتِ المَقْدِسِ فَأَبَى, فَضَرَبَهُ
فشجَّه, فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ عُمَرَ, فَقَالَ: مَا
دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ بِهَذَا, قَالَ: أَمَرْتُهُ
فَأَبَى, وَأَنَا فِي حِدَّةٍ فَضَرَبْتُهُ, فَقَالَ:
اجْلِسْ لِلْقِصَاصِ, فَقَالَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ:
أَتُقِيْدُ لِعَبْدِكَ مِنْ أَخِيْكَ? فَتَرَكَ عُمَرُ
القَوَدَ, وقضى عليه بالدية.
وَمِنْ جَلاَلَةِ زَيْدٍ أنَّ الصِّدِّيْقَ اعْتَمَدَ
عَلَيْهِ فِي كِتَابَةِ القُرْآنِ العَظِيْمِ فِي صُحُفٍ،
وَجَمْعِهِ من
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 362"، من طريق عارم، عَنْ
حمَّاد بنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، به.
وإسناده ضعيف لانقطاعٍ بين يحيى بن سعيد، وأبي هريرة.
(4/73)
أَفْوَاهِ الرِّجَالِ، وَمِنَ الأَكْتَافِ
وَالرِّقَاعِ, وَاحْتَفَظُوا بِتِلْكَ الصُّحُفِ مُدَّةً,
فَكَانَتْ عِنْدَ الصِّدِّيْقِ, ثُمَّ تسلَّمها
الفَارُوْقُ، ثُمَّ كَانَتْ بَعْدُ عِنْدَ أُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ حَفْصَةَ، إِلَى أَنْ نَدَبَ عُثْمَانُ
زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ وَنَفَراً مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى كِتَابِ
هَذَا المُصْحَفِ العُثْمَانِيِّ الَّذِي بِهِ الآنَ فِي
الأَرْضِ أَزْيَدُ مِنْ أَلْفَيْ أَلْفِ نُسْخَةٍ، وَلَمْ
يَبْقَ بِأَيْدِي الأُمَّةِ قُرْآنٌ سِوَاهُ، وَللهِ
الحَمْدُ.
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي وَفَاةِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- عَلَى أَقْوَالٍ: فَقَالَ الوَاقِدِيُّ -وَهُوَ
إِمَامُ المُؤَرِّخِيْنَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ عَنْ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً,
وَتَبِعَهُ عَلَى وَفَاتِهِ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ,
وَشَبَابٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ, ثُمَّ قَالَ: وَسَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ
أَثْبَتُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَعَمْرُو بنُ عَلِيٍّ:
سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ, وَالهَيْثَمُ، وَيَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ
-فَاللهُ أَعْلَمُ.
حَفْصٌ1، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
قَالَ: لَمْ أُخَالِفْ عَلِيّاً فِي شَيْءٍ مِنْ
قِرَاءتِهِ, وَكُنْتُ أَجْمَعُ حُرُوفَ عَلِيٍّ فَأَلْقَى
بِهَا زَيْداً فِي المَوَاسِمِ بِالمَدِيْنَةِ, فَمَا
اخْتَلَفَا إلَّا فِي التَّابُوْتِ, كَانَ زَيْدٌ يَقْرَأُ
بِالهَاءِ، وَعَلِيٌّ بِالتَاءِ.
__________
1 حفص: هو ابن سليمان، وهو حفص بن أبي داود، أبو عمر
الأسدي، صاحب القراءة, وابن امرأة عاصم، روى عن شيخه في
القراءة عاصم. قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ
أَبِيْهِ: متروك الحديث. وقال أبو حاتم: متروك لا يصدق.
وقال ابن خراش: كذّاب يضع الحديث. وقال ابن عدي: عامة
أحاديثه غير محفوظة. وقال ابن جبان: يقلب الأسانيد، ويرفع
المراسيل.
(4/74)
182- تميم
الداري 1: "م,4"
صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, أَبُو رُقَيَّةَ تَمِيْمُ بنُ أَوْسِ بنِ
خَارِجَةَ بنِ سَوْدِ بنِ جَذِيْمَةَ اللَّخْمِيُّ،
الفِلَسْطِيْنِيُّ.
وَالدَّارُ: بَطْنٌ مِنْ لَخْمٍ, وَلَخْمٌ فَخِذٌ مِنْ
يَعْرُبَ بنِ قَحْطَانَ.
وَفَدَ تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ, فَأَسْلَمَ,
فحدَّث عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَلَى المِنْبَرِ بِقِصَّةِ الجَسَّاسَةِ فِي
أَمْرِ الدَّجَّالِ1.
وَلِتَمِيْمٍ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ, وَكَانَ عَابِداً،
تلَّاءً لكتاب الله.
حدَّث عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ مَوْهَبٍ عَبْدُ
الله، وأنس بن مالك، وكثير ابن مُرَّةَ، وَعَطَاءُ بنُ
يَزِيْدَ اللَّيْثِيُّ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَشَهْرُ
بنُ حَوْشَبٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَمْ يَزَلْ بِالمَدِيْنَةِ حَتَّى
تَحَوَّلَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ إِلَى الشَّامِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: هُوَ أَخُو أَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ,
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ وَفْدُ الدَّارِيِّيْنَ
عَشْرَةً، فِيْهِم تَمِيْمٌ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عِكْرِمَةُ: لَمَّا أَسْلَمَ
تَمِيْمٌ قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, إِنَّ اللهَ
مُظْهِرُكَ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا, فَهَبْ لِي قَرْيَتِي
مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ, قَالَ: "هِيَ لَكَ" وَكَتَبَ لَهُ
بِهَا.
قَالَ: فَجَاءَ تَمِيْمٌ بِالكِتَابِ إِلَى عُمَرَ،
فَقَالَ: أَنَا شَاهِدُ ذَلِكَ فَأَمْضَاهُ، وَذَكَرَ
اللَّيْثُ أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "لَيْسَ لَكَ أَنْ تَبِيْعَ".
قَالَ: فَهِيَ فِي أَيْدِي أَهْلِهِ إِلَى اليَوْمِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: لَيْسَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَطِيْعَةٌ سوى: حبرى, وبيت عينون،
أَقْطَعَهُمَا تَمِيْماً وَأَخَاهُ نُعَيْماً.
وَفِي "الصَّحِيْحِ" مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
خَرَجَ سَهْمِيٌّ مَعَ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَعَدِيِّ
بنِ بَدَّاءَ, فَمَاتَ بِأَرْضِ كُفْرٍ, فَقَدِمَا
بِتَرِكَتِهِ, فَفَقَدُوا جَامّاً مِنْ فِضَّةٍ,
فَأَحْلَفَهُمَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, ثُمَّ وَجَدُوا الجَامَّ بِمَكَّةَ, فَقِيْلَ:
اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيْمٍ وَعَدِيٍّ.
فَقَامَ رَجُلاَنِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ
فَحَلَفَا: لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا,
وأنَّ الجَامَّ لِصَاحِبِهِمْ, وَفِيْهِم نَزَلَتْ آيَةُ:
{شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}
[المَائِدَةُ: 110] 2.
قَالَ قَتَادَةُ: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}
[الرَّعْدُ: 45] قَالَ: سَلْمَانُ، وَابْنُ سلّام، وتميم
الداري.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 408"، والتاريخ الكبير "2/
ترجمة 2016"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1754"، أسد الغابة
"1/ 256"، والإصابة "1/ ترجمة 837"، وتهذيب "1/ ترجمة
951".
2 صحيح: حديث الجسَّاسة أخرجه مسلم "2942" في حديث طويل.
3 صحيح: أخرجه البخاري "2780" من طريق يحيى بن آدم، حدثنا
ابن أبي زائدة، عن محمد بن أبي القاسم، عن عبد الملك بنِ
سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابن عباس، به.
(4/75)
وَرَوَى قُرَّةُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ,
قَالَ: جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ:
أُبَيّ وَعُثْمَانُ وَزَيْدٌ وَتَمِيْمٌ الدَّارِيُّ.
وَرَوَى أَبُو قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَّبِ: كَانَ
تَمِيْمٌ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي سَبْعٍ.
وَرَوَى عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: أَنْ
تَمِيْماً الدَّارِيَّ كَانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ فِي
رَكْعَةٍ.
وَرَوَى أَبُو الضُّحَى, عَنْ مَسْرُوْقٍ: قَالَ لِي
رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: هَذَا مُقَامُ أَخِيْكَ
تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ, صَلَّى لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ,
أَوْ كَادَ يَقْرَأُ آيَةً يُرَدِّدُهَا وَيَبْكِي: {أَمْ
حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ
نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ} [الجَاثِيَةُ: 20] .
أَبُو نُبَاتَةَ يُوْنُسُ بنُ يَحْيَى, عَنِ المُنْكَدِرِ
بنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ تَمِيْماً
الدَّارِيَّ نَامَ لَيْلَةً لَمْ يَقُمْ يتهجَّد, فَقَامَ
سَنَةً لَمْ يَنَمْ فِيْهَا عقوبة للذي صنع.
سَعِيْدٌ الجُرَيْرِيُّ, عَنْ أَبِي العَلاَءِ, عَنْ
رَجُلٍ قَالَ: أَتَيْتُ تَمِيْماً الدَّارِيَّ فحدَّثنا,
فَقُلْتُ: كَمْ جُزْؤُكَ؟ قَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ
الَّذِيْنَ يَقْرَأُ أَحَدُهُمُ القُرْآنَ ثُمَّ يُصْبِحُ
فَيَقُوْلُ: قَدْ قَرَأْتُ القُرْآنَ فِي هَذِهِ
اللَّيْلَةِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, لأَنْ
أُصَلِّيَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ نَافِلَةً أحبَّ إليَّ مِنْ
أَنْ أَقْرَأَ القُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ، ثُمَّ أُصْبِحَ
فَأُخْبِرَ بِهِ, فَلَمَّا أَغْضَبَنِي، قُلْتُ: وَاللهِ
إِنَّكُمْ -مَعَاشِرَ صَحَابَةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, مَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ-
لَجَدِيْرٌ أَنْ تَسْكُتُوا فَلاَ تُعَلِّمُوا, وَأَنْ
تُعَنِّفُوا مَنْ سَأَلَكُمْ.
فَلَمَّا رَآنِي قَدْ غَضِبْتُ لاَنَ وَقَالَ: ألَا
أُحَدِّثُكَ يَا ابْنَ أَخِي? أَرَأَيْتَ إِنْ كُنْتُ
أَنَا مُؤْمِناً قَوِيّاً وَأَنْتَ مُؤْمِنٌ ضَعِيْفٌ,
فَتَحْمِلُ قُوَّتِي عَلَى ضَعْفِكَ, فَلاَ تَسْتَطِيْعُ,
فَتَنْبَتُّ, أَوْ رَأَيْتَ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مُؤْمِناً
قَوِيّاً، وَأَنَا مُؤْمِنٌ ضَعِيْفٌ، حِيْنَ أَحْمِلُ
قُوَّتَكَ عَلَى ضَعْفِي، فَلاَ أَسْتَطِيْعُ,
فَأَنْبَتُّ, وَلَكِنْ خُذْ مِنْ نَفْسِكَ لِدِيْنِكَ،
وَمِنْ دِيْنِكَ لِنَفْسِكَ, حَتَّى يَسْتَقِيْمَ لَكَ
الأَمْرُ عَلَى عِبَادَةٍ تُطِيْقُهَا.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ, عَنْ أَبِي
العَلاَءِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ حَرْمَلٍ، قَالَ:
قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ, فَلَبِثْتُ فِي المَسْجِدِ
ثَلاَثاً لاَ أَطْعَمُ, فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ:
تَائِبٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرَ عَلَيْهِ, قَالَ: مَنْ
أَنْتَ؟ قُلْتُ: مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْمَلٍ, قَالَ: اذْهَبْ
إِلَى خَيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فَانْزِلْ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَكَانَ تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ إِذَا صلَّى ضَرَبَ
بِيَدَيْهِ عَلَى يَمِيْنِهِ وَشِمَالِهِ، فَذَهَبَ
بِرَجُلَيْنِ, فَصَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِهِ, فَأَخَذَنِي,
فَأُتِيْنَا بِطَعَامٍ, فَبَيْنَا نَحْنُ ذَاتَ لَيْلَةٍ؛
إِذْ خَرَجَتْ نَارٌ بِالحَرَّةِ, فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى
تميم فقال: قم إلى هَذِهِ النَّارِ, فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ! وَمَنْ أَنَا، وَمَا أَنَا.
(4/76)
فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَامَ مَعَهُ،
وَتَبِعْتُهَمَا, فَانْطَلَقَا إِلَى النَّارِ, فَجَعَلَ
تَمِيْمٌ يَحُوْشُهَا بِيَدِهِ حَتَّى دَخَلَتِ الشِّعْبَ،
وَدَخَلَ تَمِيْمٌ خَلْفَهَا, فَجَعَلَ عُمَرُ يَقُوْلُ:
لَيْسَ مَنْ رَأَى كَمَنْ لَمْ يَرَ -قَالَهَا ثَلاَثاً.
سَمِعَهَا عَفَّانُ مِنْ حَمَّادٍ, وَابْنُ حَرْمَلٍ: لاَ
يُعْرَفُ.
قَتَادَةُ عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ, وَقَتَادَةُ أَيْضاً
عَنْ أَنَسٍ: أنَّ تَمِيْماً الدَّارِيَّ اشْتَرَى رِدَاءً
بِأَلْفِ دِرْهَمٍ, يَخْرُجُ فِيْهِ إِلَى الصَّلاَةِ.
وَرَوَى حَمَّادٌ, عَنْ ثَابِتٍ أنَّ تَمِيْماً أَخَذَ
حُلَّة بِأَلْفٍ، يَلْبَسُهَا فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي
تُرْجَى فِيْهَا لَيْلَةُ القَدْرِ.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ, عَنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ
قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قصَّ تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ،
اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فَأَذِنَ لَهُ، فقصَّ قَائِماً.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ حُمَيْدِ
بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إنَّ تَمِيْماً اسْتَأْذَنَ
عُمَرَ فِي القَصَصِ سِنِيْنَ، وَيَأْبَى عَلَيْهِ, فلمَّا
أَكْثَرَ عَلَيْهِ قَالَ: مَا تَقُوْلُ؟ قَالَ: أَقْرَأُ
عَلَيْهِمُ القُرْآنَ, وَآمُرُهُمْ بِالخَيْرِ,
وَأَنْهَاهُمْ عَنِ الشَّرِّ. قَالَ عُمَرُ: ذَاكَ
الرِّبْحُ. ثُمَّ قَالَ: عظ قبل أن أخرج للجمعة.
فَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ, فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ
اسْتَزَادَهُ، فَزَادَهُ يَوْماً آخَرَ.
خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ بَيَانٍ, عَنْ وَبَرَةَ،
قَالَ: رَأَى عُمَرُ تَمِيْماً الدَّارِيَّ يُصَلِّي
بَعْدَ العَصْرِ، فَضَرَبَهُ بِدِرَّتِهِ عَلَى رَأْسِهِ,
فَقَالَ لَهُ تَمِيْمٌ: يَا عُمَرَ, تَضْرِبُنِي عَلَى
صَلاَةٍ صَلَّيْتُهَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: يَا تَمِيْمُ, لَيْسَ كُلُّ
النَّاسِ يَعْلَمُ مَا تَعْلَمُ1.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَه بِإِسْنَادٍ ضَعِيْفٍ، عَنْ أَبِي
سَعِيْدٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْرَجَ فِي المَسَاجِدِ
تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ2.
يُقَالُ: وُجِدَ عَلَى بَلاَطَةِ قَبْرِ تَمِيْمٍ
الدَّارِيِّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ, وَحَدِيْثُهُ
يَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً. مِنْهَا فِي
"صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" حَدِيْثٌ واحد.
__________
1 صحيح: وهذا إسناد صحيح، خالد بن عبد الله هو الواسطي،
وبيان هو ابن بشر الأحمسي, أبو بشر الكوفي, وأخرجه
الطبراني في "الكبير" "1281" من طريق عبد الله بن صالح،
حدَّثني الليث، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، عن تميم
الداري، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد الله بن صالح، كاتب الليث،
ضعَّفه أحمد وغيره.
2 ضعيف جدًّا: أخرجه ابن ماجة "760" من طريق أبي معاوية،
عن خالد بن إياس، عَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
حَاطِبٍ، عن أبي سعيد الخدري, قال: فذكره.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "2/ 1247" من طريق معاوية بن
هشام، عن خالد بن إياس، عَنْ سَعِيْدٍ المقبرِيُّ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: فذكره. وفي إسنادهما خالد بن
إياس، قال أحمد والنسائي: متروك, وقال البخاري: ليس بشيء.
(4/77)
183- أبو قتادة
الأنصاري السلمي 1: "ع"
فَارِسَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, شَهِدَ أُحُداً وَالحُدَيْبِيَةَ، وَلَهُ
عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
اسْمُهُ: الحَارِثُ بنُ رِبْعِيٍّ عَلَى الصَّحِيْحِ,
وَقِيْلَ: اسْمُهُ النُّعْمَانُ. وَقِيْلَ: عَمْرٌو.
حدَّث عَنْهُ: أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَسَعِيْدُ بنُ
المُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَعُلَيُّ بنُ
رَبَاحٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيُّ,
وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَعَبْدٍ الزِّمَّانِيُّ, وَعَمْرُو
بنُ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ, وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَمَعَبْدُ بنُ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ,
وَابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي قَتَادَةَ, وَمَوْلاَهُ
نَافِعٌ, وَآخَرُوْنَ.
رَوَى إِيَاسُ بنُ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ، عَنْ
أَبِيْهِ, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَيْرُ فُرْسَانِنَا أَبُو قَتَادَةَ,
وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ" 2.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي قَتَادَةَ، عن أمه، عن أبيه, قال: قَالَ أَبُو
قَتَادَةَ: إِنِّي لأَغْسِلُ رَأْسِي، قَدْ غَسَلْتُ
أَحَدَ شِقَّيْهِ؛ إِذْ سَمِعْتُ فَرَسِي جِرْوَةَ
تَصْهُلُ وَتَبْحَثُ بِحَافِرِهَا, فَقُلْتُ: هَذِهِ
حَرْبٌ قَدْ حَضَرَتْ.
فَقُمْتُ وَلَمْ أَغْسِلْ شِقَّ رَأْسِي الآخَرَ,
فَرَكِبْتُ وعليَّ بُرْدَةٌ, فَإِذَا رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصِيْحُ: الفَزَعَ
الفَزَعَ!
قَالَ: فَأُدْرِكُ المِقْدَادَ، فَسَايَرْتُهُ سَاعَةً،
ثُمَّ تَقَدَّمَهُ فَرَسِي، وكان أجود من فرسه، وأخبرني
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 15"، والتاريخ الكبير "2/
ترجمة 2387"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 340"، أسد الغابة
"6/ 250"، الإصابة "4/ ترجمة 921"، تهذيب التهذيب "12/
ترجمة 646".
2 صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير" "3/ 3270" من طريق أبي
الوليد الطيالسي، حدَّثنا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ
إِيَاسِ بنِ سلمة، به.
وأخرجه أحمد "4/ 52-53"، ومسلم "1807" من طرق, عن عكرمة بن
عمار، به.
(4/78)
المِقْدَادُ بِقَتْلِ مَسْعَدَةَ مُحْرِزاً
-يَعْنِي: ابْنَ نَضْلَةَ- فَقُلْتُ لِلمِقْدَادِ: إِمَّا
أَنْ أَمُوْتَ، أَوْ أَقْتُلَ قَاتِلَ مُحْرِزٍ.
فَضَرَبَ فَرَسَهُ فَلَحِقَهُ أَبُو قَتَادَةَ، فَوَقَفَ
لَهُ مَسْعَدَةُ، فَنَزَلَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَتَلَهُ،
وَجَنَبَ فَرَسَهُ مَعَهُ.
قَالَ: فَلَمَّا مَرَّ النَّاسُ، تَلاحَقُوا وَنَظَرُوا
إِلَى بُرْدِي فَعَرَفُوهَا, وَقَالُوا: أَبُو قَتَادَةَ
قُتِلَ, فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لاَ، وَلَكِنَّهُ قَتِيْلُ أَبِي قَتَادَةَ,
عَلَيْهِ بُرْدُهُ, فَخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَلَبِهِ
وَفَرَسِهِ".
قَالَ: فَلَمَّا أَدْرَكَنِي قَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ
لَهُ فِي شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ, أَفْلَحَ وَجْهُكَ,
قَتَلْتَ مَسْعَدَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: "فَمَا هَذَا
الَّذِي بِوَجْهِكَ" قُلْتُ: سَهْمٌ رُمِيْتُ بِهِ, قَالَ:
"فَادْنُ منِّي" فَبَصَقَ عَلَيْهِ, فَمَا ضَرَبَ عَلَيَّ
قَطُّ, وَلاَ قَاحَ.
فَمَاتَ أَبُو قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً،
وكأنَّه ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ: وأعطاني فرس مسعدة وسلاحه.
مَالِكٌ, عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ
كَثِيْرٍ, عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ,
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ
حُنَيْنٍ, فَلَمَّا الْتَقَيْنَا رَأَيْتُ رَجُلاً قَدْ
عَلاَ المُسْلِمِيْنَ, فَاسْتَدَرْتُ لَهُ مِنْ وَرَائِهِ,
فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً
قَطَعْتُ مِنْهَا الدِّرْعَ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ وضمَّني
ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيْحَ المَوْتِ, ثُمَّ
أَرْسَلَنِي وَمَاتَ. إِلَى أَنْ قَالَ: فقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَلَ قَتِيْلاً لَهُ
بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ". فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ
يَشْهَدُ لِي، وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ:
صَدَقَ يَا رَسُوْلَ اللهِ, وَسَلَبُ ذَلِكَ القَتِيْلِ
عِنْدِي, فَأَرْضِهِ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لاَ
هَا اللهِ, إِذاً لاَ يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ
اللهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ فَيُعْطِيَكَ
سَلَبَهُ! فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى الله عليه وسلم:
"صدق" , فأعطانيه, فبعث الدِّرْعَ وَابْتَعْتُ بِهِ
مِخْرَفاً فِي بَنِي سَلِمَةَ, فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ
تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ1.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَتْ سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَةَ
إِلَى حِضْرَةَ، وَهِيَ بِنَجْدٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَكَانَ
فِي خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً, فَغَنِمُوا مَائَتَيْ
بَعِيْرٍ، وَأَلْفَيْ شَاةٍ, وَسَبَوْا سَبْياً, ثُمَّ
سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَةَ إلى بطن إضم بعد شهر.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 454-455"، ومن طريقه أخرجه البخاري
"2100" و"3142" و"4321"، ومسلم "1751"، وأبو داود "2717"،
والترمذي "1652"، وابن الجارود "1076"، والبيهقي "6/ 306"،
والبغوي "2724" عن يحيى بن سعيد، به.
(4/79)
الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ أَسِيْدِ بنِ
أَبِي أَسِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ: قُلْتُ لأَبِي قَتَادَةَ:
مَالَكَ لاَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا يُحَدِّثُ عَنْهُ
النَّاسِ? فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ كَذَبَ عليَّ
فَلْيُشَهِّدْ لِجَنْبِهِ مَضْجِعاً مِنَ النَّارِ" 1.
وَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ ذَلِكَ وَيَمْسَحُ الأَرْضَ بِيَدِهِ.
سَمِعَهُ قُتَيْبَةُ مِنْهُ.
شُعْبَةُ, عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ،
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ منِّي
أَبُو قَتَادَةَ: أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لعمَّار: "تَقْتُلُكَ الفِئَةُ
البَاغِيَةُ" 2.
ابْنُ سَعْدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ, حَدَّثَنَا
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ, حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ ابن
عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ: أنَّ عُمَرَ بَعَثَ أَبَا
قَتَادَةَ فَقَتَلَ مَلِكَ فَارِسٍ بِيَدِهِ وَعَلَيْهِ
مِنْطَقَةٌ قِيْمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً,
فَنَفَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: اسْتَعْمَلَ عليٌّ عَلَى مَكَّةَ أَبَا
قتادة الأنصاري، ثم عزله بقثم ابن العَبَّاسِ.
مَعْمَرٌ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ:
أنَّ مُعَاوِيَةَ قَدِمَ المَدِيْنَةَ, فَلَقِيَهُ أَبُو
قَتَادَةَ فَقَالَ: تَلَقَّانِي النَّاسُ كُلُّهُم
غَيْرَكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، فَمَا مَنَعَكُمْ?
قَالُوا: لَمْ يَكُنْ لَنَا دَوَابٌّ, قَالَ: فَأَيْنَ
النَّوَاضِحُ? قَالَ أبو قَتَادَةَ: عَقَرْنَاهَا فِي
طَلَبِ أَبِيْكَ يَوْمَ بَدْرٍ, أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال
__________
1 صحيح: ورد من حديث أنس بن مالك، وعقبة بن عامر, ابن
عمرو, وغيرهم -رضي الله عنهم, أما حديث أنس بن مالك: أخرجه
ابن أبي شيبة "8/ 763"، وأحمد "3/ 116 و166 و176"، وفي
زوائد المسند "3/ 278"، والدارمي "1/ 77" من طرق عن سليمان
التيمي، عن أنس، به.
وأخرجه أحمد "3/ 203 و209"، وفي زوائد المسند "3/ 278"،
والدارمي "1/ 77" من طرق عن حماد ابن أبي سليمان، عن أنس،
به. وأخرجه أحمد "3/ 98"، ومسلم "2" في "مقدمة صحيحه" من
طرق عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ،
به.
وعن عقبة بن عامر: أخرجه أحمد "4/ 159"، والطبراني في
"الكبير" "17/ 843" من طريق ابن لهيعة، عَنْ أَبِي
عُشَّانَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، به. وأخرجه أحمد
"4/ 156"، وأبو يعلى "1751"، والطحاوي "4/ 247"، والطبراني
"1/ 904" من طرق عن ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ
الحَارِثِ، عَنْ هشام بن أبي رقية، عن مسلمة بن مخلد، عن
عقبة بن عامر، به.
وقد روى الحديث جمّ غفير من الصحابة، فهو حديث متواتر،
نجتزئ بما ذكرنا لضيق المقام.
2 صحيح: أخرجه مسلم "2915" من حديث أبي قتادة، به.
3 النواضح: جمع ناضح, وهي الإبل يُسْتَقى عليها.
(4/80)
لَنَا: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي
أَثَرَةً". قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا أَمَرَكُمْ؟ قَالَ:
أَمَرَنَا أَنْ نَصْبِرَ, قَالَ: فَاصْبِرُوا1.
وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيّاً كبَّر عَلَى أَبِي قَتَادَةَ
سَبْعاً. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ: هَذَا
غَلَطٌ، فَإِنَّ أَبَا قَتَادَةَ تأخَّر عَنْ عَلِيٍّ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: لَمْ أَرَ بَيْنَ وَلَدِ أَبِي
قَتَادَةَ وَأَهْلِ البَلَدِ عِنْدَنَا اخْتِلاَفٌ أَنَّهُ
تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ.
قَالَ: وَرَوَى أَهْلُ الكُوْفَةِ أَنَّهُ تُوُفِّيَ
بِهَا، وَأَنَّ عَلِيّاً صَلَّى عَلَيْهِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ
وَالمَدَائِنِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَابْنُ
بُكَيْرٍ، وَشَبَابٌ، وَابْنُ نُمَيْرٍ: مَاتَ أَبُو
قَتَادَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَبَاحٍ،
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- في بَعْضِ أَسْفَارِهِ؛ إِذْ
تأخَّر عَنِ الرَّاحِلَةِ, فَدَعَمْتُهُ بِيَدِي حَتَّى
اسْتَيْقَظَ, فَقَالَ: "اللَّهُمَّ احْفَظْ أَبَا
قَتَادَةَ كَمَا حَفِظَنِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ, مَا
أُرَانَا إلَّا قَدْ شَقَقْنَا عَلَيْكَ" 2.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَبُو قَتَادَةَ بنُ رِبْعِيِّ بنِ
بَلْدَمَةَ بنِ خُنَاسِ بنِ سِنَانِ بنِ عُبَيْدِ بنِ
عَدِيِّ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلَمَةَ.
قَالَ: وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي اسْمِهِ, فَقَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ: الحَارِثُ, وَقَالَ ابْنُ عُمَارَةَ
وَالوَاقِدِيُّ: النُّعْمَانُ, وقيل: عمرو.
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه عبد الرزاق "19909"، ومن طريقه أخرجه
أحمد "5/ 304" وفي إسناده عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَقِيْلِ بنِ أبي طالب الهاشمي، ضعَّفه ابن معين وأبو
حاتم. وقال ابن حبان: رديء الحفظ. وقال ابن خزيمة: لا
أحتجّ به.
وله شاهد من حديث أنس بن مالك: أخرجه البخاري "2377"
تعليقًا و"3163" و"3794" وأحمد "3/ 111 و182-183"،
والحميدي "1195"، وأبو يعلى "3649"، والبغوي "2192" من طرق
عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أنس بن مالك قال: دعا النبي
-صلى الله عليه وسلم- الأنصار ليكتب لهم بالبحرين، فقالوا:
لا والله, حتى تكتب لإخواننا من قريش بمثلها, فقال: ذاك
لهم, ما شاء الله على ذلك, يقولون له. قال: "فإنكم سترون
بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
وأخرجه البخاري "2376"، والبيهقي "6/ 143-144" من طريق
سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأنصاري، به.
2 صحيح: أخرجه الطبراني "3271" من طريق عبد الرزاق، عن
معمر، به.
وأخرجه مسلم "861" في المساجد, باب قضاء الصلاة الفائتة,
من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت، عن عبد الله بن رباح،
به. وقوله "دعمته": أي أسندته.
(4/81)
وَلَهُ أَوْلاَدٌ وَهُم: عَبْدُ اللهِ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَثَابِتٌ, وَعُبَيْدٌ, وَأُمُّ
البَنِيْنَ، وَأُمُّ أَبَانَ.
شَهِدَ أُحُداً وَالخَنْدَقَ.
أَيُّوْبُ, عَنْ مُحَمَّدٍ, أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَ إِلَى أَبِي
قَتَادَةَ, فَقِيْلَ: يَتَرَجَّلُ, ثُمَّ أَرْسَلَ
إِلَيْهِ فَقِيْلَ: يَتَرَجَّلُ, ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ
فَقِيْلَ: يَتَرَجَّلُ, فَقَالَ: "احْلِقُوا رَأْسَهُ".
فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, دَعْنِي هَذِهِ
المَرَّةَ، فَوَاللهِ لأعتبنَّك1، فَكَانَ أوَّل ما لقي
قتل رأس المشركين مسعدة2.
مَعْنٌ القَزَّازُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو,
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ, أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى أَبَا
قَتَادَةَ يُصَلِّي وَيَتَّقِي شَعْرَهُ، فَأَرَادَ أَنْ
يَجُزَّهُ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, إِنْ تَرَكْتَهُ
لأُرْضِيَنَّكَ, فَتَرَكَهُ, فَأَغَارَ مَسْعَدَةُ
الفَزَارِيُّ عَلَى سَرْحِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ, فَرَكِبَ
أَبُو قَتَادَةَ فَقَتَلَهُ وغشَّاه بِبُرْدَتِهِ3.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ, عَنْ أَنَسٍ, أنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ قَتَلَ
كَافِراً فَلَهُ سَلَبَهُ" , فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: يَا
رَسُوْلَ اللهِ, إِنِّي ضَرَبْتُ رَجُلاً عَلَى حَبْلِ
عَاتِقِهِ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ، فَأُجْهِضْتُ عَنْهُ,
فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَخَذْتُهَا, فَأَرْضِهِ مِنْهَا
وَأَعْطِنِيْهَا, وَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يُسْأَلُ شَيْئاً إلَّا
أَعْطَاهُ, أَوْ سَكَتَ فَسَكَتَ. فَقَالَ عُمَرُ: لاَ
يُفِيْئُهَا اللهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِهِ
وَيُعْطِيْكَهَا, فَضَحِكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "صَدَقَ عُمَرُ" 4.
وَرَوَى مَالِكٌ, عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, عَنْ عُمَرَ
بنِ كَثِيْرِ بنِ أَفْلَحَ, عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى
أَبِي قَتَادَةَ, أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ: خَرَجْنَا
مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عَامَ حُنَيْنٍ.... الحَدِيْثَ بِنَحْوٍ مِنْهُ. وَفِيْهِ:
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لاَ هَا اللهِ! إِذاً لاَ يَعْمِدُ
إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللهِ فَيُعْطِيَكَ سَلَبَهُ,
فَأَعْطَانِي الدِّرْعَ فَبِعْتُهُ. قَالَ: فَابْتَعْتُ
بِهِ مِخْرَفاً, فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ5.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ
اللَّيْثِيُّ, عَنِ الأَعْرَجِ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ
يَوْمُ حُنَيْنٍ، قَتَلْتُ رَجُلاً, فَجَاءَ رجل فَنَزَعَ
عَنْهُ دِرْعَهُ, فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَضَى لِي بِهَا,
فَبِعْتُهَا بِسَبْعِ أَوَاقِيَّ مِنْ حَاطِبِ بنِ أَبِي
بَلْتَعَةَ.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ أَبُو قَتَادَةَ يَلْبِسُ الخَزَّ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: لَمْ أَرَ بَيْنَ وَلَدِ أَبِي
قَتَادَةَ وَأَهْلِ بَلَدِنَا اخْتِلافاً أنَّ أَبَا
قَتَادَةَ تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ.
ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بن أبي خالد, عن
مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الخَطْمِيِّ،
قَالَ: صَلَّى عليٌّ على أبي قتادة, فكبَّر عليه سبعًا.
__________
1 قوله: "لأعتبنَّك": أي لأسترضينَّك.
2 ضعيف لإرساله، محمد بن سرين من التابعين، بينه وَبَيْنَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مفاوز
تتقطع دونها أعناق المطيّ.
3 ضعيف لإرساله كما سبق.
4 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 190 و279" من طريق حماد بن سلمة،
به. قوله: "أجهضت عنه" أي: أزلته.
5 صحيح: تقدَّم تخريجنا برقم "167".
(4/82)
184- عمرو بن
عبسة 1: "م. 4"
ابن خالد بن حذيفة, الإِمَامُ الأَمِيْرُ, أَبُو نَجِيْحٍ
السُّلَمِيُّ البَجَلِيُّ, أَحَدُ السَّابِقِيْنَ, وَمَنْ
كَانَ يُقَالُ: هُوَ رُبُعُ الإِسْلاَمِ. روى أحاديث.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ, وَسَهْلُ بنُ
سعد, وجبير بن نفير, وكثير ابن مُرَّةَ, وَضَمْرَةُ بنُ
حَبِيْبٍ، وَالصُّنَابِحِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ أَرْطَاةَ،
وَحَبِيْبُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعِدَّةٌ.
وَقِيْلَ: إنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَوَى عَنْهُ.
وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ الجَيْشِ يَوْمَ وَقْعَةِ
اليَرْمُوْكِ.
قَالَ عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسي: حدَّثنا
صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ, عَنْ نَصْرِ بنِ عَلْقَمَةَ,
عَنْ أَخِيْهِ, عن ابن عائذ, عن جبير بن نفير، قَالَ:
كَانَ أَبُو ذَرٍّ الغِفَارِيُّ, وَعَمْرُو بنُ عَبَسَةَ,
كِلاَهُمَا يَقُوْلُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي رُبُعَ
الإِسْلاَمِ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ, لَمْ يُسْلِمْ قَبْلِي
إلَّا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَأَبُو بَكْرٍ، وَبِلاَلٌ, كِلاَهُمَا حَتَّى لاَ يُدْرَى
مَتَى أَسْلَمَ الآخر2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 214"، التاريخ الكبير "6/
2474، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1339"، حلية الأولياء "2/
15-16"، أسد الغابة "4/ 251"، الإصابة "3/ ترجمة 5903"،
تهذيب التهذيب "8/ ترجمة 107"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
5336".
2 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 341-342" وصححه "! ", ووافقه
الذهبي "! ", وفي إسناده صدقة بن عبد الله السمين، أبو
معاوية الدمشقي، ضعَّفه أحمد والبخاري والنسائي
والدارقطني, ونقل هذه الأقوال الحافظ الذهبي في "الميزان"،
وذهب عنه هنا, فوافق الحاكم على تصحيح إسناده، وهذا من
تساهله, وقد ذكرت كثيرًا نماذج من هذا التساهل في كتابنا
"الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" وقد طبع
المجلد الأول منه في مكتبة الدعوة بالأزهر الشريف، يسَّر
الله طبع بقية مجلداته، وجعله وسائر أعمالي في ميزان
حسناتي يوم القيامة.
(4/83)
نَزَلَ عَمْرٌو حِمْصَ بِاتِّفَاقٍ,
وَيُقَالُ: شَهِدَ بَدْراً, وَمَا تَابَعَ أَحَدٌ عَبْدَ
الصَّمَدِ بنَ سَعِيْدٍ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
عِيْسَى عَلَى ذَا.
وبنو بجيلة: رهط من سليم.
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا شَدَّادٌ أَبُو
عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي
أُمَامَةَ -وَقَدْ لَقِيَ شَدَّادٌ أَبَا أُمَامَةَ-
قَالَ: قَالَ عَمْرُو بنُ عَبَسَةَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ,
فَإِذَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- حِرَاءٌ عَلَيْهِ قَوْمُهُ, فَتَلَطَّفْتُ
حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ, فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ? قَالَ:
"نَبِيٌّ" , قُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: "أرسلني الله"
, قلت: بِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: "بِصِلَةِ الأَرْحَامِ,
وَكَسْرِ الأَوْثَانِ, وَأَنْ يُوَحَّدَ اللهُ". قُلْتُ:
مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: "حُرٌّ وَعَبْدٌ". قَالَ:
وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٍ, فَقُلْتُ: إِنِّي
مُتَّبِعُكَ, قَالَ: "إِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيْعُ ذَاكَ
يَوْمَكَ هَذَا, ألَا تَرَى حَالِي, فَإِذَا سَمِعْتَ بِي
قَدْ ظَهَرْتُ فَائْتِنِي".
فَذَهَبْتُ إِلَى أَهْلِي, وَجَعَلْتُ أَتَخَبَّرُ
الأَخْبَارَ, حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ،
فَقَدِمْتُ المَدِيْنَةَ فَأَتَيْتُهُ ... وَذَكَرَ
الحديث1.
أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ, عَنْ
سُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ وَضَمْرَةَ بنِ حَبِيْبٍ وَآخَرَ:
سَمِعُوا أَبَا أُمَامَةَ، سَمِعَ عَمْرَو بنَ عَبَسَةَ
قَالَ: أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَهُوَ نَازِلٌ بِعُكَاظٍ, فَقُلْتُ: مَنْ
مَعَكَ؟ قَالَ: "أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ" فَأَسْلَمْتُ,
فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي رُبُعَ الإِسْلاَمِ.
لَمْ يُؤَرِّخُوا مَوْتَهُ.
حَرِيْزٌ: حَدَّثَنَا سليم بن عامر, عن عمرو بن عبسة
قَالَ: أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بِعُكَاظٍ, فَقُلْتُ: مَنْ تَبِعَكَ؟ قَالَ:
"حُرٌّ وَعَبْدٌ, انْطَلِقْ حَتَّى يُمَكِّنَ اللهُ
لِرَسُوْلِهِ" 2.
مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ, عَنْ سُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ، عَنْ
عَمْرِو بنِ عَبَسَةَ، قَالَ: أَسْلَمْتُ, فَقَالَ لِي
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَقْ
بِقَوْمِكَ" ثم أتيته قبل الفتح3.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ صَفْوَانَ, عَنِ
ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ
عَبَسَةَ، قَالَ: رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي،
فَلَقِيْتُ يَهُوْدِيّاً مِنْ أَهْلِ تَيْمَاءَ, فَقُلْتُ:
إِنِّي مِمَّنْ يَعْبُدُ الحِجَارَةَ, فَيَتْرُكُ الحَيَّ,
فَيَنْزِلُ الرَّجُلُ فَيَأْتِي بِأَرْبَعَةِ حِجَارَةٍ
فَيَنْصُبُ ثَلاَثَةً لقِدْرِه, وَيَجْعَلُ أَحْسَنَهَا
إِلَهاً يَعْبُدُهُ.
فَقَالَ: يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ رَجُلٌ يَرْغَبُ عَنِ
الأَصْنَامَ، فَإِذَا رَأَيْتَهُ فَاتَّبِعْهُ، فَإِنَّهُ
يَأْتِي بِأَفْضَلِ دِيْنٍ.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَتَيْتُ مَكَّةَ فَوَجَدْتُهُ
مُسْتَخْفِياً, وَوَجَدْتُ قُرَيْشاً عَلَيْهِ أَشِدَّاءَ
... وَذَكَرَ الحَدِيْثَ بِطُوْلِهِ.
لَعَلَّهُ مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ ستين -فالله أعلم.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "832".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 385"، وابن سعد "4/ 215" من طريق
حريز بن عثمان.
3 حسن: معاوية بن صالح، صدوق.
(4/84)
185- شداد بن
أوس 1: "ع"
ابن ثابت بن المنذر بن حرام، أَبُو يَعْلَى، وَأَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، النَّجَّارِيُّ،
الخَزْرَجِيُّ, أَحَدُ بَنِي مَغَالَةَ، وَهُمْ بَنُو
عَمْرِو بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ.
وَشَدَّادٌ: هُوَ ابْنُ أَخِي حَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ،
شَاعِرِ رَسُوْلِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم.
مِنْ فُضَلاَءِ الصَّحَابَةِ وَعُلَمَائِهِمْ، نَزَلَ
بَيْتَ المَقْدِسِ.
حدَّث عَنْهُ: ابْنُهُ يَعْلَى, وَأَبُو إِدْرِيْسَ
الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ، وَأَبُو
الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
غَنْمٍ، وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَكَثِيْرُ بنُ مُرَّةَ،
وَبَشِيْرُ بنُ كَعْبٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرٍ:
سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ غَنْمٍ يَقُوْلُ: لَمَّا
دَخَلْنَا مَسْجِدَ الجَابِيَةِ2 أَنَا وَأَبُو
الدَّرْدَاءِ، لَقِيَنَا عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ,
فَأَخَذَ بِشِمَالِهِ يَمِيْنِي, وَبِيَمِيْنِهِ شِمَالَ
أَبِي الدَّرْدَاءِ, فَقَالَ: إِنْ طَالَ بِكُمَا عُمُرُ
أَحَدِكُمَا أَوْ كِلاَكُمَا، فَيُوْشِكُ أَنْ تَرَيَا
الرَّجُلَ مِنْ ثَبَجِ3 المُسْلِمِيْنَ قَدْ قَرَأَ
القُرْآنَ أَعَادَهُ وَأَبْدَاهُ, وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ,
وحرَّم حَرَامَهُ, وَنَزَلَ عِنْدَ مَنَازِلِهِ, أَوْ
قَرَأَ بِهِ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ لاَ يَحُوْرُ فِيْكُمْ
إلَّا كَمَا يَحُوْرُ رَأْسُ الحِمَارِ المَيِّتِ4.
فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ؛ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا
شَدَّادُ بنُ أَوْسٍ، وَعَوْفُ بنُ مَالِكٍ، فَجَلَسَا
إِلَيْنَا، فَقَالَ شَدَّادٌ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ
عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، لَمَا سَمِعْتُ مِنْ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, يقول
في الشهوة
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 401"، التاريخ الكبير "4/
ترجمة 2951" الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1434"، حلية
الأولياء "1/ 264-270"، أسد الغابة "2/ 387"، الإصابة "2/
ترجمة 2847"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2915".
2 الجابية: قرية من أعمال دمشق.
3 الثبح: الوسط.
4 قال ابن الأثير في "النهاية" "1/ 458": اي لا يرجع فيكم
بخير، ولا ينتفع بما حفظه من القرآن، كما لا ينتفع بالحمار
الميت صاحبه.
(4/85)
الخَفِيَّةِ وَالشِّرْكِ. فَقَالَ
عُبَادَةُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ: اللَّهُمَّ غُفْراً, أَوَ
لَمْ يَكُنْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَدْ حدَّثنا أنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ
أَنْ يُعْبَدَ فِي جَزِيْرَةِ العَرَبِ, فأمَّا
الشَّهْوَةُ الخَفِيَّةُ فَقَدْ عَرَفْنَاهَا، فَهِيَ
شَهَوَاتُ الدُّنْيَا مِنْ نِسَائِهَا وَشَهَوَاتِهَا،
فَمَا هَذَا الشِّرْكُ الذي تخوفنا به يا شداد؟
قَالَ: أَرَأَيْتُكُمْ لَو رَأَيْتُمْ أَحَداً يُصَلِّي
لِرَجُلٍ، أَوْ يَصُومُ لَهُ، أَوْ يَتَصَدَّقُ لَهُ,
أَتَرَوْنَ أَنَّهُ قَدْ أَشْرَكَ? قَالُوا: نَعَمْ,
قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ صَلَّى يُرَائِي
فَقَدْ أَشْرَكَ, وَمَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ,
وَمَنْ تصدَّق يُرَائِي فقد أشرك".
فقال عوف: أَوَلَا يَعْمَدُ اللهُ إِلَى مَا ابتُغِيَ
فِيْهِ وَجْهُهُ مِنْ ذَلِكَ العَمَلِ كُلِّهِ، فَيَقْبَلُ
مِنْهُ مَا خَلَصَ لَهُ، وَيَدَعُ مَا أُشْرِكَ بِهِ
فِيْهِ؟ قَالَ شَدَّادٌ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ عَنِ اللهِ,
قَالَ: "أَنَا خَيْرُ قَسِيْمٍ فَمَنْ أَشْرَكَ بِي
شَيْئاً, فَإِنَّ جَسَدَهُ وَعَمَلَهُ, قَلِيْلَهُ
وَكَثِيْرَهُ, لِشَرِيْكِهِ الَّذِي أَشْرَكَ بِهِ, أَنَا
عَنْهُ غَنِيٌّ"1.
شَدَّادٌ, كنَّاه مُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ:
أَبَا يَعْلَى.
ابْنُ جَوْصَاءَ2, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ مُحَمَّدِ بنِ
شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيِّ, حَدَّثَنَا أَبِي,
حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ جَدِّهِ, قَالَ:
كُنْيَةُ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ أَبُو يَعْلَى.
وَكَانَ لَهُ خَمْسَةُ أَوْلاَدٍ، مِنْهُمْ: بِنْتُهُ
خَزْرَجٌ، وَتَزَوَّجَتْ فِي الأَزْدِ, وَكَانَ
أَكْبَرُهُمْ يَعْلَى، ثُمَّ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ عَبْدُ
الوَهَّابِ, وَالمُنْذِرُ.
فَمَاتَ شَدَّادٌ، وَخَلَّفَ عَبْدَ الوَهَّابِ،
وَالمُنْذِرَ صغيرين، وأعقبوا سوى يعلى.
وَنَسَأَ لابْنَتِهِ نَسْلٌ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ
وَمائَةٍ.
وَكَانَتِ الرَّجْفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِالشَّامِ فِي
هَذِهِ السَّنَةِ, وَكَانَ أَشَدُّهَا بِبَيْتِ
المَقْدِسِ، فَفَنِيَ كَثِيْرٌ مِمَّنْ كَانَ فِيْهَا مِنَ
الأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ، وَوَقَعَ مَنْزِلُ شَدَّادٍ
عَلَيْهِمْ, وَسَلِمَ مُحَمَّدٌ, وَقَدْ ذَهَبَتْ رجله تحت
الردم.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 125-126"، وأبو نعيم في "الحلية"
"1/ 268-269" وفي إسناده شهر ابن حوشب، سيئ الحفظ.
2 ابن جوصاء، هو الإِمَامُ الحَافِظُ الأَوْحَدُ،
مُحَدِّثُ الشَّامِ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عُمَيْرِ
بنِ يُوْسُفَ بنِ مُوْسَى بن جَوْصَا، مولى بني هاشم،
وُلِدَ في حدود الثلاثين ومائتين. قال الطبراني: ابن جوصا
ثقة. وقال الدارقطني: تفرَّد بأحاديث ولم يكن بالقوي. توفى
فِي جُمَادَى الأُولَى سنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَث مائَة.
(4/86)
وَكَانَتِ النَّعْلُ زَوْجاً، خَلَّفَهَا
شَدَّادٌ عِنْدَ وَلَدِهِ، فَصَارَتْ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ
شَدَّادٍ، فلمَّا أَنْ رَأَتْ أُخْتُهُ خَزْرَجٌ مَا
نَزَلَ بِهِ وَبِأَهْلِهِ جَاءتْ، فَأَخَذَتْ فَرْدَ
النَّعْلَيْنِ, وَقَالَتْ: يَا أَخِي، لَيْسَ لَكَ نَسْلٌ,
وَقَدْ رُزِقْتُ وَلَداً, وَهَذِهِ مَكْرُمَةُ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أُحِبُّ أَنْ
تُشْرِكَ فِيْهَا وَلَدِي, فَأَخَذَتْهَا مِنْهُ.
وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ أَوَانِ الرَّجْفَةِ،
فَمَكَثَتِ النَّعْلُ عِنْدَهَا حَتَّى أَدْرَكَ
أَوْلاَدُهَا، فلمَّا جَاءَ المَهْدِيُّ إِلَى بَيْتِ
المَقْدِسِ، أَتَوْهُ بِهَا وعرَّفوه نَسَبَهَا مِنْ
شَدَّادٍ, فَعَرَفَ ذَلِكَ وَقَبِلَهُ, وَأَجَازَ كُلَّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَلْفِ دِيْنَارٍ, وَأَمَرَ لِكُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِضَيْعَةٍ, وَبَعَثَ إِلَى مُحَمَّدِ
بنِ شَدَّادٍ فأُتِيَ بِهِ يُحْمَلُ لِزَمَانَتِهِ,
فَسَأَلَهُ عَنْ خَبَرِ النَّعْلِ فَصَدَّقَ مَقَالَةَ
الرَّجُلَيْنِ, فَقَالَ لَهُ المَهْدِيُّ: ائْتِنِي
بِالأُخْرَى, فَبَكَى, وَنَاشَدَهُ اللهَ, فرَقَّ لَهُ,
وَخَلاَّهَا عِنْدَهُ.
مُعَانُ بنُ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِي يَزِيْدَ الغَوْثِيِّ،
عمَّن حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: إِنَّ
لِكُلِّ أُمَّةٍ فَقِيْهاً, وَإِنَّ فَقِيْهَ هَذِهِ
الأُمَّةِ شَدَّادُ بنُ أَوْسٍ. لَمْ يصح.
وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ: إِنَّ شَدَّادَ بنَ أَوْسٍ أُوْتِيَ عِلْماً
وَحِلْماً.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: فَضُلَ شَدَّادُ
بنُ أَوْسٍ الأَنْصَارَ بِخَصْلَتَيْنِ: بِبَيَانٍ إِذَا
نَطَقَ, وَبِكَظْمٍ إِذَا غَضِبَ.
عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ,
وَكَانَ بَدْرِيّاً,..... فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: شَدَّادٌ لَهُ صُحْبَةٌ, قَالَ:
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: شَهِدَ بَدْراً. وَلَمْ يَصِحَّ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نَزَلَ فِلَسْطِيْنَ وَلَهُ عَقِبٌ.
مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ سَنَةً, وَكَانَتْ لَهُ عِبَادَةٌ
وَاجْتِهَادٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ: كَانَ أَبُوْهُ أَوْسُ
بنُ ثَابِتٍ بَدْرِيّاً, وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ثَوْرَ بنَ
يَزِيْدَ, عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ قَالَ: لَمْ يَبْقَ
بِالشَّامِ أَحَدٌ كَانَ أَوْثَقَ وَلاَ أَفْقَهَ وَلاَ
أَرْضَى مِنْ عبادة بن الصامت وشداد بن أوس.
قَالَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: زهَّاد الأَنْصَارِ
ثَلاَثَةٌ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَعُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ،
وَشَدَّادُ بنُ أَوْسٍ.
__________
1 الزمانة: العاهة. ورجل زَمِنٌ, أي: مبتلى بَيِّنُ
الزمانة.
(4/87)
عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ رَجُلٍ, عَنْ
مُطَرِّفِ بنِ الشِّخِّيْرِ، عَنْ رَجُلٍ -أَحْسِبُهُ مِنْ
بَنِي مُجَاشِعٍ- قَالَ: انْطَلَقْنَا نَؤُمُّ البَيْتَ,
فَإِذَا نَحْنُ بِأَخْبِيَةٍ بَيْنَهَا فُسْطَاطٌ,
فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: عَلَيْكَ بِصَاحِبِ الفُسْطَاطِ
فإنَّه سَيِّدُ القَوْمِ, فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى
بَابِ الفُسْطَاطِ سلَّمنا فرَدَّ السَّلاَمَ, ثُمَّ
خَرَجَ إِلَيْنَا شَيْخٌ, فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ هِبْنَاهُ
مَهَابَةً لَمْ نَهَبْهَا وَالِداً قَطُّ وَلاَ
سُلْطَاناً, فَقَالَ: مَا أَنْتُمَا؟ قُلْنَا: فِتْيَةٌ
نَؤُمُّ البَيْتَ, قَالَ: وَأَنَا قَدْ حَدَّثَتْنِي
نَفْسِي بِذَلِكَ, وَسَأَصْحَبُكُمْ, ثُمَّ نَادَى,
فَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الأَخْبِيَةِ شَبَابٌ,
فَجَمَعَهُمْ ثُمَّ خَطَبَهُمْ, وَقَالَ: إِنِّي ذَكَرْتُ
بَيْتَ رَبِّي, وَلاَ أُرَانِي إلَّا زَائِرُهُ.
فَجَعَلُوا يَنْتَحِبُوْنَ عَلَيْهِ بُكَاءً, فَالْتَفَتُّ
إِلَى شَابٍّ مِنْهُم, فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟
قَالَ: شَدَّادُ بنُ أَوْسٍ، كَانَ أَمِيْراً، فلمَّا أَنْ
قُتِلَ عُثْمَانُ اعْتَزَلَهُمْ.
قَالَ: ثُمَّ دَعَا لَنَا بِسَوِيْقٍ, فَجَعَلَ يَبُسُّ1
لَنَا وَيُطْعِمُنَا وَيَسْقِيْنَا.
ثُمَّ خَرَجْنَا مَعَهُ, فلمَّا عَلَوْنَا فِي الأَرْضِ،
قَالَ لِغُلاَمٍ لَهُ: اصْنَعْ لَنَا طَعَاماً يَقْطَعْ
عَنَّا الجُوْعَ -يُصَغِّرُهُ, كَلِمَةً قَالَهَا
فَضَحِكْنَا, فَقَالَ: مَا أُرَانِي إلَّا مُفَارِقُكُمَا,
قُلْنَا: رَحِمَكَ اللهُ, إِنَّكَ كُنْتَ لاَ تَكَادُ
تَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ, فَلَمَّا تَكَلَّمْتَ لَمْ
نَتَمَالَكْ أَنْ ضَحِكْنَا, فَقَالَ: أُزَوِّدُكُمَا
حَدِيْثاً, كَانَ رَسُوْلُ اللهِ يُعِلِّمُنَا فِي
السَّفَرِ وَالحَضَرِ, فَأَمْلَى عَلَيْنَا وَكَتَبْنَاهُ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ،
وَأَسْأَلُكَ عَزِيْمَةَ الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ
نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ, وَأَسْأَلُكَ يَقِيْناً
صادقًا, وقلبًا سَلِيْماً, وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا
تَعْلَمُ, وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ,
وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ, إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ
الغُيُوبِ"2.
وَرُوِيَ الدُّعَاءُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ.
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا فَرَجُ بنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَسَدِ
بنِ وَدَاعَةَ، عَنْ شَدَّادِ بنِ أوس, أنه كان إذا دخل
__________
1 قوله "يَبُسُّ": بَسَّ السويق والدقيق وغيرهما يَبُسُّه
بَسًّا: خلطه بسمن أو زيت، وهي البسيسة, قال اللحياني: هي
التي تُلَتُّ بسمن أو زيت ولا تُبَلُّ.
2 ضعيف: في سنده مجهولان, أخرجه الطبراني "7178", وأخرجه
أحمد "4/ 125"، والترمذي "3407"، والطبراني في "الكبير"
"7175" و"7176" و"7177" من طرق عن سعيد الجريري، عن أبي
العَلاَءِ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ، عن
الحنظلي, أو عن رجل من بني حنظلة، عن شداد بن أوس، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته جهالة الرجل من بين حنظلة.
(4/88)
الفِرَاشَ يَتَقَلَّبُ عَلَى فِرَاشِهِ،
لاَ يَأْتِيْهِ النَّوْمُ، فَيَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنَّ
النَّارَ أَذْهَبَتْ مِنِّي النَّوْمَ, فَيَقُوْمُ
فَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ1. رَوَاهُ جَمَاعَةٌ, عَنْ
فَرَجٍ, عَنْ أَسَدٍ.
قَالَ سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أنَّ
شَدَّادَ بنَ أَوْسٍ خَطَبَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ!
إِنَّ الدُّنْيَا أَجَلٌ حَاضِرٌ، يَأْكُلُ مِنْهَا
البَرُّ وَالفَاجِرُ، وَإِنَّ الآخِرَةَ أَجَلٌ
مُسْتَأْخَرٌ، يَحْكُمُ فِيْهَا مَلِكٌ قَادِرٌ, ألََا
وَإِنَّ الخَيْرَ كُلَّهُ بِحَذَافِيْرِهِ فِي الجَنَّةِ،
وَإِنَّ الشَّرَّ كُلَّهُ بِحَذَافِيْرِهِ فِي النَّارِ.
اتَّفَقُوا عَلَى مَوْتِهِ كَمَا قُلْنَا فِي سَنَةِ
ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، إلَّا ما يروى عن بعض أَهْلِ
بَيْتِهِ, أَنَّهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ.
خَرَّجُوا لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
وَعَدَدُ أَحَادِيْثِهِ فِي "مُسْنَدِ بَقِيٍّ" خَمْسُوْنَ
حَدِيْثاً، أَعْنِي: بِالمُكَرَّرِ.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "1/ 264", وفي إسناده
فرج بن فضالة، قال أبو حاتم: لا يحتج به, وضعَّفه النسائي
والدارقطني.
(4/89)
186- عقبة بن
عامر الجهني 1: "ع"
الإِمَامُ المُقْرِئُ, أَبُو عَبْسٍ -وَيُقَالُ: أَبُو
حَمَّادٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو, وَيُقَالُ: أَبُو
عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو الأَسَدِ- المِصْرِيُّ، صَاحِبُ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو الخَيْرِ مَرْثَدٌ اليَزَنِيُّ,
وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ, وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ,
وَأَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ, وَعُلَيُّ بنُ
رَبَاحٍ, وَأَبُو عِمْرَانَ أَسْلَمُ التُّجِيْبِيُّ,
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُمَاسَةَ, وَمِشْرَحُ بنُ
هَاعَانَ, وَأَبُو عُشَّانَةَ حَيُّ بنُ يُؤْمِنَ, وَأَبُو
قَبِيْلٍ المَعَافِرِيُّ, وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ،
وَبَعْجَةُ الجُهَنيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَكَانَ عَالِماً مُقْرِئاً، فَصِيْحاً فَقِيْهاً،
فَرَضِيّاً شَاعِراً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ, وَهُوَ كَانَ
البَرِيْدَ إِلَى عُمَرَ بِفَتْحِ دِمَشْقَ. وَلَهُ دار
بخط باب توما2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 343-344"، التاريخ الكبير
"6/ ترجمة 2885"، الجرح والتعديل "6/ 1741"، أسد الغابة
"4/ 53"، الإصابة "2/ ترجمة 5601"، تهذيب التهذيب "7/
ترجمة 439"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4897".
2 باب توما: أحد أبواب مدينة دمشق من الجانب الشرقي.
(4/89)
عُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ، عَنْ عُقْبَةَ،
قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الشَّامِ يَوْمَ الجُمُعَةِ،
وَدَخَلْتُ المَدِيْنَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ, فَقَالَ لِي
عُمَرُ: هَلْ نَزَعْتَ خُفَيَّكَ؟ قلت: لا, قَالَ:
أَصَبْتَ السُّنَّةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ صِفِّيْنَ مَعَ مُعَاوِيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: شَهِدَ فَتحَ مِصْرَ وَاخْتَطَّ
بِهَا, وَوَلِيَ الجُنْدَ بِمِصْرَ لِمُعَاويَةَ، ثُمَّ
عَزَلَهُ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِيْنَ، وَأَغْزَاهُ البَحْرَ,
وَكَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
وَقَبْرُهُ بِالمُقَطَّمِ, مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ.
وَعَنْ عُقْبَةَ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُوْلَ اللهِ عَلَى
الهِجْرَةِ، وَأَقَمْتُ مَعَهُ.
وَقَالَ عُقْبَةُ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِي
الصُّفَّةِ1، وَكُنْتُ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّة, وَكَانَ
عُقْبَةُ مِنَ الرُّمَاةِ المَذْكُوْرِيْنَ.
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ: أَنَّ
عُقْبَةَ كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتاً
بِالقُرْآنِ, فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اعْرِضْ عَلَيَّ,
فَقَرَأَ فَبَكَى عُمَرُ.
ابْنُ أَبِي خَالِدٍ, عَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ, عَنْ
عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ: وَكَانَ مِنْ رُفَعَاءِ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ.
قُلْتُ: وَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ, وكان يخضب بالسواد.
مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
لَهُ فِي "مُسْنَدِ بقيّ" خمسة وخمسون حديثًا.
__________
1 الصُّفّة: هو الموضع الذي كان يأوي إليه فقراء المهاجرين
في مسجد المدينة, ولم يكن لهم مكان يأويهم غيره.
(4/90)
187- بريدة بن
الحصيب 1: "ع"
ابن عبد الله بن الحَارِثِ بنِ الأَعْرَجِ بنِ سَعْدٍ,
أَبُو عَبْدِ اللهِ -وَقِيْلَ: أَبُو سَهْلٍ, وَأَبُو
سَاسَانَ, وَأَبُو الحُصَيْبِ- الأَسْلَمِيُّ.
قِيْلَ: إِنَّهُ أَسْلَمَ عَامَ الهِجْرَةِ؛ إِذْ مَرَّ
بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مُهَاجِراً, وَشَهِدَ غَزْوَةَ خَيْبَرَ وَالفَتْحَ،
وَكَانَ مَعَهُ اللِّوَاءُ, وَاسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى صَدَقَةِ
قَوْمِهِ.
وَكَانَ يَحْمِلُ لِوَاءَ الأَمِيْرِ أُسَامَةَ حِيْنَ
غَزَا أَرْضَ البَلْقَاءِ, إِثْرَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لَهُ جُمْلَةُ أَحَادِيْثَ، نَزَلَ مَرْوَ وَنَشَرَ
العِلْمَ بِهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ سُلَيْمَانُ وَعَبْدُ اللهِ،
وَأَبُو نَضْرَةَ العَبْدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
مَوَلَةَ، وَالشَّعْبِيُّ, وَأَبُو المَلِيْحِ
الهُذَلِيُّ, وَطَائِفَةٌ.
وَسَكَنَ البَصْرَةَ مدَّة.
ثُمَّ غَزَا خُرَاسَانَ زَمَنَ عُثْمَانَ, فَحَكَى عَنْهُ
مَنْ سَمِعَهُ يَقُوْلُ وَرَاءَ نَهْرِ جَيْحُوْنَ:
لَا عَيْشَ إلَّا طِرَادَ الخَيْلِ بِالخَيْلِ
قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: قَالَ مُوَرِّقٌ: أَوْصَى
بُرَيْدَةُ أَنْ يُوْضَعَ فِي قَبْرِهِ جَرِيْدَتَانِ،
وَكَانَ مَاتَ بِخُرَاسَانَ, فَلَمْ تُوْجَدَا إلَّا فِي
جُوَالِقِ حِمَارٍ.
وَرَوَى مُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ,
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ, وَكُنْتُ
فِيْمَنْ صَعِدَ الثُّلْمَةَ, فَقَاتَلْتُ حَتَّى رُئِيَ
مَكَانِي, وعليَّ ثَوْبٌ أَحْمَرُ, فَمَا أَعْلَمُ أَنِّي
رَكِبْتُ فِي الإِسْلاَمِ ذَنْباً أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنْهُ
-أَيْ: الشُّهْرَةَ.
قُلْتُ: بَلَى, جُهَّالُ زَمَانِنَا يَعُدُّوْنَ اليَوْمَ
مِثْلَ هَذَا الفِعْلِ مِنْ أَعْظَمِ الجِهَادِ, وَبِكُلِّ
حَالٍ فَالأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ, وَلَعَلَّ بُرَيْدَةَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِإِزْرَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ
يَصِيْرُ لَهُ عَمَلُهُ ذَلِكَ طَاعَةً وَجِهَاداً,
وَكَذَلِكَ يَقَعُ فِي العَمَلِ الصَّالِحِ, رُبَّمَا
افْتَخَرَ بِهِ الغِرُّ, وَنَوَّهَ بِهِ, فَيَتَحَوَّلُ
إِلَى دِيْوَانِ الرِّيَاءِ, قَالَ اللهُ تَعَالَى:
{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ
فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفُرْقَانُ: 23] .
وَكَانَ بُرَيْدَةُ مِنْ أُمَرَاءِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ
فِي نَوْبَةِ سَرْغٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ بُرَيْدَةُ
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ.
وَقَالَ آخَرُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ,
وَهَذَا أقوى.
رُوِيَ لِبُرَيْدَةَ نَحْوٌ مِنْ مائَةٍ وَخَمْسِيْنَ
حَدِيْثاً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 241-243"، التاريخ الكبير
"2/ ترجمة رقم 1977"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1984"، أسد
الغابة "1/ 209"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 632".
(4/91)
188- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيْقِ 1: "ع"
شَقِيْقُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ.
حَضَرَ بَدْراً مَعَ المُشْرِكِيْنَ؛ ثُمَّ إِنَّهُ
أَسْلَمَ وَهَاجَرَ قُبَيْلَ الفَتْحِ, وَأَمَّا جَدُّهُ
أَبُو قُحَافَةَ فتأخَّر إِسْلاَمُهُ إِلَى يَوْمِ
الفَتْحِ2.
وَكَانَ هَذَا أَسَنَّ أَوْلاَدِ الصِّدِّيْقِ, وَكَانَ
مِنَ الرُّمَاةِ المَذْكُوْرِيْنَ، وَالشُّجْعَانِ, قَتَل
يَوْمَ اليمامة سبعةً من كبارهم.
لَهُ أَحَادِيْثُ نَحْوُ الثَّمَانِيَةِ, اتَّفَقَ
الشَّيْخَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ مِنْهَا.
رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ: عَبْدُ اللهِ وَحَفْصَةُ, وَابْنُ
أَخِيْهِ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ
النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى،
وَعَمْرُو بنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ, وَابْنُ أَبِي
مُلَيْكَةَ, وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ الَّذِي أَمَّرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ أَنْ يُعْمِرَ
أُخْتَهُ عَائِشَةَ مِنَ التَّنْعِيْمِ3.
لَهُ تَرْجَمَةٌ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ".
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
هكَذَا ورَّخوه، وَلاَ يَسْتَقِيْمُ؛ فَإِنَّ فِي
"صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ
يَوْمَ مَوْتِ سَعْدٍ فَتَوَضَّأَ, فَقَالَتْ لَهُ:
أَسْبِغِ الوُضُوْءَ, سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "ويل للأعقاب من النار"
4.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 795"، الجرح
والتعديل "5/ ترجمة 1180"، أسد الغابة "3/ 466"، الإصابة
"2/ ترجمة 5088 و5151"، تهذيب التهذيب "6/ ترجمة رقم 298"،
خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4040".
2 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "20179"، ومسلم "2102".
3 التنعيم: موضع بين مكة وسرف, على فرسخين من مكة. والحديث
أخرجه مالك "1/ 361"، والبخاري "1556"، ومسلم "1211" من
طريق ابن شهاب، عن عروة، عائشة.
4 صحيح: أخرجه مسلم "240" من طريق ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ
مَخْرَمَةَ بنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أبيه, عن سالم مولى شداد
قال: دخلت على عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم
توفي سعد بن أبي وقاص, فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فتوضأ
عندها, فقالت: يا عبد الرحمن, أسبغ الوضوء, فَإِنِّي
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ منَ النَّارِ"
, وَقَدْ ورد الحديث عن أبي هريرة مرفوعًا عند ابن أبي
شيبة "1/ 26"، وأحمد "4/ 430 و498"، والبخاري "165"، ومسلم
"242" "29"، والنسائي "1/ 77"، والدرامي "1/ 179"،
والطحاوي "1/ 38" من طرق عن شعبة, عن محمد بن زيادة، عن
أبي هريرة مرفوعًا.
(4/92)
وَقَدْ هَوِيَ ابْنَةَ الجُوْدِيِّ،
وتغَزَّل فِيْهَا بِقَوْلِهِ:
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى وَالسَّمَاوَةُ دُوْنَهَا ... فَمَا
لابْنَةِ الجُوْدِيِّ ليلى وماليا
وأنَّى تُعَاطِي قَلْبَهُ حَارِثيَّةٌ ... تَدَمَّنُ بُصرى
أَوْ تَحِلُّ الجَوَابِيَا
وأنَّى تُلاَقِيْهَا بَلَى وَلَعَلَّهَا ... إِنِ النَّاسُ
حَجُّوا قَابِلاً أَنْ تُوَافِيَا
فَقَالَ عُمَرُ لأَمِيْرِ عَسْكَرِهِ: إِنْ ظَفِرْتَ
بِهَذِهِ عَنْوَةً فَادْفَعْهَا إِلَى ابْنِ أَبِي بَكْرٍ,
فَظَفِرَ بِهَا، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ, فَأُعْجِبَ بِهَا,
وَآثَرَهَا عَلَى نِسَائِهِ حتَّى شَكَوْنَهُ إِلَى
عَائِشَةَ, فَقَالَتْ لَهُ: لَقَدْ أَفْرَطْتَ, فَقَالَ:
وَاللهِ إِنِّي لأَرْشُفُ مِنْ ثَنَايَاهَا حَبَّ
الرُّمَّانِ, فَأَصَابَهَا وَجَعٌ فَسَقَطَتْ
أَسْنَانُهَا, فَجَفَاهَا حَتَّى شَكَتْهُ إِلَى
عَائِشَةَ, فَكَلَّمَتْهُ, قَالَ: فَجَهَّزَهَا إِلَى
أَهْلِهَا, وَكَانَتْ مِنْ بَنَاتِ المُلُوْكِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بِالصِّفَاحِ، وَحُمِلَ، فَدُفِنَ بِمَكَّةَ.
وَقَدْ صحَّ فِي "مُسْلِمٍ" فِي الوُضُوْءِ, أنَّ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ خَرَجَ إِلَى جَنَازَةِ سَعْدِ ابْن أَبِي
وَقَّاصٍ, فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنه عاش بعد سعد.
(4/93)
189- الحَكَمُ بنُ عَمْرٍو الغِفَارِيُّ 1:
"خَ. 4"
الأَمِيْرُ, أَخُوْ رَافِعِ بنِ عَمْرٍو، وَهُمَا مِنْ
بَنِي ثُعَيْلَةَ, وَثُعَيْلَةُ أَخُو غِفَارَ.
نَزَلَ الحَكَمُ البَصْرَةَ, وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ،
وَفَضْلٌ وَصَلاَحٌ، وَرَأْيٌ وَإِقْدَامٌ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بنُ زَيْدٍ،
وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ،
وَسَوَادَةُ بنُ عَاصِمٍ؛ وَآخَرُوْنَ.
رِوَايَتُهُ فِي الكُتُبِ سِوَى "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ"2.
رَوَى هِشَامٌ, عَنِ الحَسَنِ, أنَّ زِيَادَ بنَ أبيه بعث
الحكم بن عمرو على خُرَاسَانَ، فَغَنِمُوا، فَكَتَبَ
إِلَيْهِ: أمَّا بَعْدُ: فإنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ
كَتَبَ إليَّ أَنْ أَصْطَفِيَ لَهُ الصفراء والبيضاء، لا
تقسم
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 28"، التاريخ الكبير "2/
ترجمة 2646"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 551"، أسد الغابة
"2/ 40"، الإصابة "1/ ترجمة 1784", تهذيب التهذيب "2/
ترجمة 759"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1557".
2 الصواب أن يقول: سوى مسلم؛ فإن المؤلف قد رمز إلى أنه قد
روى له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة, ولم يرو له مسلم.
وهذا ذهول من المؤلف -رحمه الله تعالى.
(4/93)
بَيْنَ النَّاسِ ذَهَباً وَلاَ فِضَّةً,
فَكَتَب إِلَيْهِ الحَكَمُ: أُقْسِمُ بِاللهِ، لَوْ
كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ رَتْقاً عَلَى عَبْدٍ،
فَاتَّقَى اللهَ, يَجْعَلُ لَهُ مِنْ بَيْنِهِمَا
مَخْرَجاً, وَالسَّلاَمُ. ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: اغْدُوا
عَلَى فَيْئِكُمْ فَاقْسِمُوْهُ.
وَيُرْوَى أنَّ عُمَرَ نَظَرَ إِلَى الحَكَمِ بنِ عَمْرٍو
وَقَدْ خضَّب بِصُفْرَةٍ, فَقَالَ: هَذَا خِضَابُ
الإِيْمَانِ.
مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ أَبِي
حَاجِبٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الحَكَمِ الغِفَارِيِّ؛ إِذْ
جَاءهُ رَسُوْلُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ:
إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَقُوْلُ: إِنَّكَ أَحَقُّ
مَنْ أَعَانَنَا, قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ خَلِيْلِي
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِذَا
كَانَ الأَمْرُ هَكَذَا اتَّخِذْ سَيْفاً مِنْ خَشَبٍ"1.
أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, عَنْ هِشَامٍ، عَنِ
الحَسَنِ قَالَ: بَعَثَ زِيَادٌ الحَكَمَ, فَأَصَابُوا
غَنَائِمَ كَثِيْرَةً, فَكَتَبَ زِيَادٌ: إِنَّ أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ أَمَرَ أَنْ تُصْطَفَى لَهُ الصَّفْرَاءُ
وَالبَيْضَاءُ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنِّي وَجَدْتُ كِتَابَ اللهِ قَبْلَ
كِتَابِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ. وَأَمَرَ مُنَادِياً
فَنَادَى: أَنِ اغْدُوا على فيئكم, فقسَمَه بينهم.
فوجَّه مُعَاوِيَةُ مَنْ قَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ, فَمَاتَ
فَدُفِنَ فِي قُيُوْدِهِ, وَقَالَ: إِنِّي مُخَاصِمٌ.
حمَّاد بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ وَيُوْنُسُ،
عَنِ الحَسَنِ أنَّ زِيَاداً اسْتَعْمَلَ الحَكَمَ بنَ
عَمْرٍو، فَلَقِيَهُ عِمرَانُ بنُ حُصَيْنٍ، فَقَالَ:
أَمَا تَذْكُرَ أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لَمَّا بَلَغَهُ الَّذِي قَالَ لَهُ
أَمِيْرُهُ: قَعْ فِي النَّارِ, فَقَامَ لِيَقَعَ فِيْهَا,
فَأَدْرَكَهُ فَأَمْسَكَهُ, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ وَقَعَ فِيْهَا
لَدَخَلَ النَّارَ, لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوْقٍ فِي
مَعْصِيَةِ اللهِ".
قَالَ الحَكَمُ: بَلَى قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أن أذكرك
هذا الحديث2.
__________
1 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 442" من طريق محمد بن أبي
السَّري العسقلاني، حدثنا بن سليمان، به.
قلت: إسناده ضعيف، محمد بن أبي السريّ، وهو محمد بن
المتوكل العسقلاني، قال أبو حاتم: لين الحديث, وقال ابن
عدي: كثير الغلط.
2 صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 433" وصححه, ووافقه الذهبي، وله
شاهد من حديث علي بن أبي طالب, أخرجه أحمد "1/ 94"،
والبخاري "7257"، ومسلم "1840"، وأبو داود "2625"،
والنسائي "7/ 159" من طرق عن شعبة، عن زبيد، عن سَعْدُ بنُ
عُبَيْدَةَ, عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي، عن علي
بن أبي طالب، به.
(4/94)
جَمِيْلُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
حَدَّثَنَا أَبُو المُعَلَّى, عَنِ الحَسَنِ قَالَ: قَالَ
الحَكَمُ بنُ عَمْرٍو: يَا طَاعُوْنُ خُذْنِي إِلَيْكَ,
فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ تَقُوْلُ هَذَا? وَقَدْ قَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ
يتمنينَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ" قَالَ: أُبَادِرُ سِتّاً:
بَيْعَ الحُكْمِ, وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ, وَإِمَارَةَ
الصِّبْيَانِ, وَسَفْكَ الدِّمَاءِ, وَقَطِيْعَةَ
الرَّحِمِ, وَنَشْأً يَكُوْنُوْنَ في آخر الزمان يتخذون
القرآن مزامير1.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ: كَانَ سَبَبُ مَوْتِ وَالِي
خُرَاسَانَ الحَكَمِ، أنَّه دَعَا عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ
بِمَرْوَ، لِكِتَابٍ وَرَدَ إِلَيْهِ مِنْ زِيَادٍ,
وَمَاتَ قَبْلَهُ بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ, فدفِنَا
جَمِيْعاً.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بِخُرَاسَانَ وَالياً سَنَةَ
إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه الحاكم "3/ 443"، والطبراني "3162" من
طريق جميل بن عبيد الطائي، حدثنا المعلى، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته المعلى، فإنه مجهول لا يعرف.
وأخرجه أحمد "3/ 493" من حديث عابس، وإسناده ضعيف، فيه
علتان:
الأولى: شريك بن عبد الله، وهو النخعي القاضي، سيئ الحفظ.
والعلة الثانية: عثمان بن عمير، أبو اليقظان، وهو ضعيف,
اختلط وكان يدلس.
وأخرجه أحمد "6/ 22-23" من حديث عوف بن مالك, وفي سنده
النَّهاس بن قهم، وهو ضعيف. فالحديث حسن بمجموع طرقه
-والله أعلم.
(4/95)
أخوه:
190- رافع بن عمرو الغفاري
1: "م، د، ت، ق"
الكناني: لَهُ صُحْبَةٌ وَحَدِيْثَانِ.
نَزَلَ البَصْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ الصَّامِتِ؛ وَغَيْرُهُ.
خرَّج لَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عِيْسَى،
وَابْنُ مَاجَه.
لَهُ حَدِيْثٌ فِي نَعْتِ الخَوَارِجِ.
وَقَالَ مُعْتَمرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنِي ابْنُ
أَبِي الحَكَمِ، عَنْ عَمِّهِ رَافِع قَالَ: كُنْتُ
أَرْمِي نَخْلاً لِلأَنْصَارِ وَأَنَا غُلاَمٌ, فَرَآنِي
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:
"يَا غُلاَمُ, لِمَ تَرْمِي النَّخْلَ"؟ قُلْتُ: آكُلُ,
قَالَ: "كُلْ مَا يَسْقُطُ" ثُمَّ مَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ:
"اللَّهُمَّ أَشْبِعْ بَطْنَهُ"2.
وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ رَافِعٍ بإِسْنَادٍ آخَرَ,
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ".
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ خمسين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 29"، التاريخ الكبير "3/
ترجمة 1025"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2151"، أسد الغابة
"2/ 194"، الإصابة "1 ترجمة رقم 2539"، وتهذيب التهذيب "3/
ترجمة 445"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1999".
2 ضعيف: أخرجه أبو داود "2622"، وابن ماجه "2299"، والحاكم
"3/ 444"، والطبراني "4459" من طرق عن المعتمر بن سليمان،
به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته جهالة ابن أبي الحكم الغفاري.
(4/95)
191- رَافِعُ بنُ عَمْرٍو المُزَنِيُّ
البَصْرِيُّ 1: "د، س"
أخو عائذ، فآخر، ولهما صحبة.
رَوَى لِهَذَا أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
يَرْوِي عَنْهُ: عمرو بن سليم المزني.
ذكرته للتمييز.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1026"، والجرح
والتعديل "3/ ترجمة 2152"، وأسد الغابة "2/ 94"، الإصابة
"1/ ترجمة 2540"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 446" وخلاصة
الخزرجي "1/ ترجمة 2000".
(4/96)
192- الأرقم بن
أبي الأرقم 1:
ابن أسد بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمٍ بنِ
يَقَظَةَ المَخْزُوْمِيُّ.
صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ, اسْمُ أَبِيْهِ:
عَبْدُ مَنَافٍ.
كَانَ الأَرْقَمُ أَحَدَ مَنْ شَهِدَ بَدْراً, وَقَدِ
اسْتَخْفَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي دَارِهِ, وَهِيَ عِنْدَ الصَّفَا. وَكَانَ
مِنْ عُقَلاَءِ قُرَيْشٍ، عَاشَ إِلَى دَوْلَةِ
مُعَاوِيَةَ.
أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ: حدَّثنا يَحْيَى بنُ
عِمْرَانَ بنِ عُثْمَانَ بنِ الأَرْقَمِ، عَنْ عَمِّهِ
عَبْدِ اللهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ, عَنْ جَدِّهِ، عَنِ
الأَرْقَمِ, أنَّه تجهَّز يُرِيْدُ بَيْتَ المَقْدِسِ؛
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ جَهَازِهِ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوَدِّعُهُ فَقَالَ:
"مَا يُخْرِجُكَ؟ حَاجَةٌ أَوْ تِجَارَةٌ" قَالَ: لاَ
وَاللهِ يَا نَبِيَّ اللهِ, وَلَكِنْ أَرَدْتُ الصَّلاَةَ
فِي بَيْتِ المَقْدِسِ, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصَّلاَةُ في مسجدي خير
مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيْمَا سِوَاهُ إلَّا المَسْجِدَ
الحَرَامِ" فَجَلَسَ الأَرْقَمُ، وَلَمْ يَخْرُجْ.
وَقَدْ أَعْطَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الأَرْقَمَ يَوْمَ بَدْرٍ سَيْفاً2,
وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الصَّدَقَةِ.
وَقَدْ وَهِمَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ
أَبَاهُ أَبَا الأَرْقَمِ أَسْلَمَ.
وَغَلِطَ أَبُو حَاتِمٍ إِذْ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ
بنَ الأَرْقَمِ هُوَ ابْنُ هَذَا، ذَاكَ زُهْرِيٌّ، وَلِيَ
بَيْتَ المَالِ لِعُثْمَانَ، وَهَذَا مَخْزُوْمِيٌّ.
قِيْلَ: الأَرْقَمُ عَاشَ بِضْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ, وَصَلَّى عَلَيْهِ سَعْدُ بنُ
أَبِي وَقَّاصٍ بِوَصِيَّتِهِ إِلَيْهِ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ الأَرْقَمِ: تُوُفِّيَ أَبِي سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ
سَنَةً.
لَهُ رِوَايَةٌ فِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ بنِ حنبل".
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 242"، التاريخ الكبير "2/
ترجمة 1636"، الجرح والتعديل:2/ ترحمة 1159"، أسد الغابة
"1/ 74"، الإصابة "1/ ترجمة 73".
1 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 504" من طريق أبي مصعب الزهري،
عن يحيى بن عمران بن عثمان، عن جده، عن أبيه الأرقم,
وصحَّحه الحاكم ووافقه الذهبي, والإسناد ضعيف, يحيى بن
عمران مجهول كما قال أبو حاتم, ونقله الحافظ الذهبي في
"الميزان", وذهل عنه هنا فصحَّح إسناده موافقة للحاكم. وقد
ذكرنا كثيرًا من تساهله هذا في كتابنا "الأرائك المصنوعة
في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" طبع المجلد الأول منه في
مكتبة الدعوة بالأزهر الشريف، يسَّر الله طبع بقية
المجلدات, وتقبله منا بكرمه ومَنّه وسعة فضله.
(4/97)
193- أبو حميد
الساعدي 1: "ع"
الأنصاري، المدني, قِيْلَ: اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ,
وَقِيْلَ: المُنْذِرُ بنُ سَعْدٍ.
مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى عَنْهُ: جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُرْوَةُ بنُ
الزُّبَيْرِ، وَعَمْرُو بنُ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ،
وَعَبَّاسُ بنُ سَهْلِ بن سَعْدٍ، وَخَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ,
وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ, وَغَيْرُهُمْ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ, وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَلَهُ حَدِيْثٌ فِي وَصْفِهِ هَيْئَةَ صَلاَةِ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.
وَقَع لَهُ فِي "مُسْنَدِ بَقِيٍّ" سِتَّةٌ وَعِشْرُوْنَ
حديثًا.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1124"، وتهذيب
التهذيب "6/ ترجمة 371" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4405".
2 صحيح: أخرجه البخاري "828".
(4/98)
194- عبد الله
بن الأرقم 1: "4"
ابن عبد يغوث بن وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ زُهْرَةَ
القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ، الكَاتِبُ.
مِنْ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ, وَكَانَ مِمَّنْ حَسُنَ
إِسْلاَمُهُ, وَكتَبَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ثُمَّ كَتَبَ لأَبِي بَكْرٍ،
وَلِعُمَرَ.
وولَّاه عُمَرُ بَيْتَ المَالِ, وَوَلِيَ بَيْتَ المَالِ
أَيْضاً لِعُثْمَانَ مُدَّةً, وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ
الصَّحَابَةِ وَصُلَحَائِهِمْ.
قَالَ مَالِكٌ: إِنَّهُ أَجَازَهُ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- وَهُوَ عَلَى بَيْتِ المَالِ بِثَلاَثِيْنَ
أَلْفاً، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا.
وَرُوِي عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ أَنَّهَا كَانَتْ
ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ, فَلَمْ يَقْبَلْهَا,
وَقَالَ: إِنَّمَا عَمِلْتُ للهِ تَعَالَى, وَإِنَّمَا
أَجْرِي عَلَى اللهِ.
وَرُوِي عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بنِ
الأَرْقَمِ: لَوْ كانت لك سابقة ما قَدَّمْتُ عَلَيْكَ
أَحَداً, وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَخْشَى للهِ
مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَرْقَمِ.
وَرَوَى عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ رَجُلاً قَطُّ
كَانَ أَخْشَى للهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَرْقَمِ.
قُلْتُ: لَهُ حَدِيْثٌ فِي "السنن".
روى عنه عروة وغيره.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 56"، والجرح
والتعديل "5/ ترجمة رقم 4"، أسد الغابة "3/ 172"، والإصابة
"2/ ترجمة 4525"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 249", وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 3381".
(4/98)
195- عبد الله
بن مغفل 1: "ئ"
ابن عبد نهم بن عفيف المزنيّ, صَحَابِيٌّ جَلِيْلٌ، مِنْ
أَهْلِ بَيْعَة الرِّضْوَانِ2، تأخَّر.
وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنِّي لممَّنْ رَفَعَ عَنْ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَغْصَانِ
الشجرة يَوْمَئِذٍ3.
سَكَنَ المَدِيْنَةَ ثُمَّ البَصْرَةَ، وَلَهُ عِدَّةُ
أَحَادِيْثَ.
حدَّث عَنْهُ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ, وَمُطَرِّفُ بنُ
الشِّخِّيْرِ، وَابْنُ بُرَيْدَةَ، وَسَعِيْدُ بنُ
جُبَيْرٍ، وَمُعَاويَةُ بنُ قُرَّةَ، وَحُمَيْدُ بنُ
هِلاَلٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ؛ وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ سَعِيْدُ بنُ
جُبَيْرٍ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُغَفَّلٍ أَحَدَ العَشْرَةِ الَّذِيْنَ بَعَثَهُمْ
إِلَيْنَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ يفقِّهون النَّاسَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ, وَكَانَ أَبُوْهُ
مِنَ الصَّحَابَةِ، فتوفِّي عَامَ الفَتْحِ فِي
الطَّرِيْقِ.
وَقِيْلَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ مِنَ البكَّائين.
قَالَ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ, عَنْ خُزَاعِيِّ بنِ زِيَادٍ
المُزَنِيِّ، قَالَ: أُرِيَ عبد الله بنُ مُغَفَّلٍ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ السَّاعَةَ قَدْ قَامَتْ,
وَأَنَّ النَّاسَ حُشِرُوا, وثَمَّ مَكَانٌ مَنْ جَازَهُ
فَقَدْ نَجَا, وَعَلَيْهِ عَارِضٌ, فَقَالَ لِي قَائِلٌ:
أَترِيْدُ أَنْ تَنْجُوَ وَعِنْدَكَ مَا عِنْدَكَ؟
فَاسْتَيْقَظْتُ فَزِعاً.
قَالَ: فَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَعِنْدَهُ عَيْبَةٌ
مَمْلُوْءةٌ دَنَانِيْرَ، فَفَرَّقَهَا كُلَّهَا.
كُنْيَتُهُ: أَبُو سعيد, وقيل: أبو زياد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 13-14"، التاريخ الكبير "5/
ترجمة 36"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 687"، أسد الغابة "3/
398"، الإصابة "2/ ترجمة 4972"، تهذيب التهذيب "6/ ترجمة
رقم 74"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3840".
2 وهي في غزوة الحديبية: وهي قرية متوسطة ليست بالكبيرة،
سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بويع الرسول الله
-صلى الله عليه وسلم- تحتها، وهي على تسعة أميال من مكة,
وكانت في سنة ست في ذي القعدة, وكان معه ألف وخمسمائة
-هكذا في الصحيحين عن جابر. وقيل غير ذلك في العدد.
3 أخرجه أحمد "5/ 54" عن عبد الله بن مغفل: إني لآخذ بغصن
من أغصان الشجرة أظلّ بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم
يبايعونه, فقالوا: نبايعك على الموت؟ قال: لا، ولكن لا
تفرّوا. قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو جعفر الرازي، واسمه:
عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان، سيئ الحفظ، لكن أخرجه
أحمد "5/ 25"، ومسلم "1858" عن معقل بن يسار قال: لقد
رأيتني يوم الشجرة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يبايع
الناس، وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه، ونحن أربع عشرة
مائة، لم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على ألّا نفر"
واللفظ لمسلم, فروياه عن معقل بن يسار, وليس عن عبد الله
بن مغفل، والراوية عنه وردت بإسناد ضعيف -كما علمت.
(4/99)
196- خزيمة بن
ثابت1: "م، 4"
ابن الفاكه بن ثَعْلَبَةَ بنِ سَاعِدَةَ الفَقِيْهُ، أَبُو
عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ الخَطْمِيُّ المَدَنِيُّ، ذُوْ
الشَّهَادَتَيْنِ.
قِيْلَ: إِنَّهُ بَدْرِيٌّ، وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ شَهِدَ
أُحُداً وَمَا بَعْدَهَا. وَلَهُ أَحَادِيْثُ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ جَيْشِ عَلِيٍّ فاستُشْهِدَ مَعَهُ
يَوْمَ صِفِّيْنَ.
حدَّث عَنْهُ: ابْنُهُ عُمَارَةُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
الجَدَلِيُّ، وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ؛
وَجَمَاعَةٌ.
قُتِلَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- سَنَةَ سَبْعِ
وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ حَامِلَ رَايَةِ بَنِي خَطْمَةَ,
وَشَهِدَ مؤتة.
فَقَالَ الوَاقِدِيُّ: حدَّثنا بُكَيْرُ بنُ مِسْمَارٍ،
عَنْ عُمَارَةَ بنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
حَضَرْتُ مُؤْتَةَ، فَبَارَزْتُ رَجُلاً فَأَصَبْتُهُ،
وَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ فِيْهَا يَاقُوْتَةٌ, فَلَمْ يَكُنْ
هَمِّي إلَّا اليَاقُوْتَةُ، فَأَخَذْتُهَا, فلمَّا
انْكَشَفْنَا وَانْهَزَمْنَا رَجَعْتُ بِهَا إِلَى
المَدِيْنَةِ, فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَفَلَنِيْهَا، فَبِعْتُهَا
زَمَنَ عُمَرَ بِمائَةِ دِيْنَارٍ.
وَقَالَ خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ, عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا كَتَبْنَا المَصَاحِفَ فَقَدْتُ آيَةً كُنْتُ
سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ, فَوَجَدْتُهَا عِنْدَ خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ:
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا
اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] ، قَالَ: وَكَانَ
خُزَيْمَةُ يُدْعَى: ذَا الشَّهَادَتَيْنِ, أَجَازَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
شَهَادَتَهُ بشهادة رجلين2.
قَالَ قَتَادَةُ, عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: افْتَخَرَ
الحَيَّانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَتِ الأَوْسُ: مِنَّا
غَسِيْلُ المَلاَئِكَةِ: حَنْظَلَةُ بنُ الرَّاهِبِ؛
ومنَّا مَنِ اهتزَّ لَهُ العَرْشُ: سَعْدٌ, ومنَّا مَنْ
حَمَتْهُ الدَّبْرُ: عَاصِمُ بنُ أَبِي الأَقْلَحِ,
وَمِنَّا مَنْ أُجِيْزَتْ شَهَادَتُهُ بِشَهَادَتَيْنِ:
خُزَيْمَةُ بنُ ثَابِتٍ.
وَرَوَى أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَةَ بنِ
خُزَيْمَةَ، قَالَ: مَا زَالَ جَدِّي كَافّاً سِلاَحَهُ
حَتَّى قُتِلَ عمَّار، فسَلَّ سيفه، وقاتل حتى قتل.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 378"، التاريخ الكبير "3/
ترجمة 704"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1744"، وأسد الغابة
"2/ 133"، الإصابة "1/ ترجمة 2251"، تهذيب التهذيب "3/
ترجمة 267"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1836".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4784".
(4/100)
197- عَوْفُ بنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ
الغَطَفَانِيُّ1: "ع"
مِمَّنْ شَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ, وَلَهُ جَمَاعَةُ
أَحَادِيْثَ.
فِي كُنْيَتِهِ أَقْوَالٌ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَبُو
عَمْرٍو، وَأَبُو حماد.
وكان من نبلاء الصحابة.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ
الخَوْلاَنِيُّ -وماتا قبله بمدة, وجبير ابن نُفَيْرٍ،
وَأَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَرَاشِدُ بنُ سَعْدٍ،
وَيَزَيْدُ بنُ الأَصَمِّ, وَشُرَيْحُ بنُ عُبَيْدٍ,
وَالشَّعْبِيُّ, وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ, وَسُلَيْمُ
بنُ عَامِرٍ. وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ.
وَشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤْتَةَ, وَقَالَ: رَافَقَنِي
مَدَدِيٌّ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ
سَيْفِهِ...., الحَدِيْثَ بِطُوْلِهِ, وَفِيْهِ قَوْلُهُ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ أَنْتُم
تَارِكُوْ لِي أُمَرَائِي" 2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 280"، التاريخ الكبير "7/
ترجمة 256"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 61"، الإصابة "3/
ترجمة 6101"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة رقم 303"، خلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 5488".
2 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 27-28"، ومن طريقه أخرجه أبو داود
"2719" و"2720", حدَّثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني صفوان
عمرو، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ،
عَنْ أبيه، عن عوف بن مالك الاشجعي قال: خرجت مع من خرج مع
زيد بن حارثة من المسلمين في غزوة مؤتة, ووافقني مددي من
اليمن, ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزورًا،
فسأله المددي طائفة من جلده فأعطاه إياه, فاتخذه كهيئة
الدرق, ومضَيْنَا فلقينا جمع الروم, وفيهم رجل على فرسٍ له
أشقر, عليه سرج مذهب, فجعل الرومي يغري بالمسلمين, وقعد له
المددي خلف صخرة, فمرَّ به الرومي, فعقرب فرسه, فخَرَّ
فقتله, وحاز فرسه وسلاحه, فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه
خالد بن الوليد فأخذ منه السلب, قال عوف: فأتيته فقلت: يا
خالد, أما علمت أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى
بالسلب للقاتل, قال: بلى, ولكني استكثرته, قلت: لتردنَّه
إليه أو لأعرفنكها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم,
وأبى أن يردَّ عليه, قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله -صلى
الله عليه وسلم, وقصصت عليه قصة المددي وما فعله خالد,
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يا خالد, ما حملك
على ما صنعت"؟ قال: يا رسول الله, استكثرته, فقال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم: "يا خالد, ردَّ عليه ما أخذت
منه" , قال عوف: فقال: دونك يا خالد, لم أف لك, فقال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك"؟ فأخبرته, فغضب رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: "يا خالد, لا ترده عليه،
هل أنتم تاركو لي أمراء لي, لكم صفوة أمرهم, وعليهم كدره".
قلت: إسناده صحيح, رجاله ثقات، والوليد بن مسلم مدلس, يدلس
تدليس التسوية، لكنه قد صرَّح بالتحديث, فأَمِنَّا شر
تدليسه.
(4/101)
وَقَالَ رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ, عَنْ
أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ, عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ
قَالَ: حَدَّثَنِي الحَبِيْبُ الأَمِيْنُ: "أَمَّا هُوَ
إِلَيَّ فَحَبِيْبٌ, وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِيْنٌ"
عَوْفُ بنُ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُوْل اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبعة أو ثمانية أو
تسعة فَقَالَ: "أَلاَ تُبَايِعُوْنَ" ? ... الحَدِيْثَ1.
قَالَ الوَاقِدِيُّ. كَانَتْ رَايَةُ أَشْجَعَ يَوْمَ
الفَتْحِ مَعَ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ.
بُسْرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ, عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ
الخَوْلاَنِيِّ, حَدَّثَنِي عَوْفٌ, أَتَيْتُ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي
خَيْمَةٍ مِنْ أَدَمٍ, فَتَوَضَّأَ وُضُوْءاً مَكِيْثاً,
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, أَدْخُلُ؟ قَالَ: "نَعَمْ" ,
قُلْتُ: كُلِّي قَالَ: "كُلَّكَ" ثُمَّ قَالَ: "يَا
عَوْفُ, اعْدُدْ ستا بين يدي الساعة ... " وذكر الحديث2.
ابن أبي عروبة, عن قتادة, عن أبي المَلِيْحِ, عَنْ عَوْفٍ
قَالَ: عرَّس بِنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فتوسَّد كُلُّ إِنْسَانٍ منَّا
ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ, فَانْتَبَهْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ,
فَإِذَا أَنَا لاَ أَرَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ رَاحِلَتِهِ, فَأَفْزَعَنِي
ذَلِكَ, فَانْطَلَقْتُ أَلْتَمِسُهُ, فَإِذَا مُعَاذٌ
وَأَبُو مُوْسَى يَلْتَمِسَانِهِ, فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى
ذَلِكَ؛ إِذْ سَمِعْنَا هَزِيْزاً بِأَعْلَى الوَادِي
كَهَزِيْزِ الرَّحَى. قَالَ: فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا كَانَ
مِنْ أَمرنَا. فَقَالَ: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ
رَبِّي, فخيَّرني بَيْنَ الشَّفَاعَةِ وَبَيْنَ أَنْ
يُدْخِلَ نِصْفَ أُمَّتِي الجَنَّةَ, فَاخْتَرْتُ
الشَّفَاعَةَ".
فَقُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللهَ, وَالصُّحْبَةَ يَا نَبِيَّ
اللهِ, لم جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ؟ قَالَ:
"فَإِنَّكُم مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي" 3.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ, حَدَّثَنَا ثَابِتُ بنُ
الحَجَّاجِ الكِلاَبِيُّ قَالَ: شَتَوْنَا فِي حِصْنٍ
دُوْنَ القُسْطَنْطِيْنِيَةِ, وَعَلَيْنَا عَوْفُ بنُ
مَالِكٍ, فَأَدْرَكْنَا رَمَضَانَ, فَقَالَ عَوْفٌ: ...
فَذَكَر حَدِيْثاً.
قَالَ الوَاقِدِيُّ وَخَلِيْفَةُ وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ
عَوْفٌ سَنَةَ ثَلاَثٍ وسبعين.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1043" من طريق مروان بن محمد الدمشقي،
عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3176" من طريق الحميدي، حدثنا
الوَلِيْدُ بنُ مُسلمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
العلاء بن زبر، قال: سمعت بسر بن عبيد الله، أنه سمع أبا
إدريس قال: سمعت عوف بن مالك قال: فذكره.
وذكر قصة الدخول أبو داود "5000"، وابن ماجه بتمامه "4042"
من طريق الوليد بن مسلم، به.
3 صحيح: أخرجه الطيالسي "998"، وأحمد "6/ 28 و29"،
والترمذي "2441", والطبراني "18/ 134"، وابن خزيمة في
"التوحيد" "ص264-265"، وابن منده في "الإيمان" "925" من
طرق عن قتادة، عن أبي المليح، عن عوف بن مالك قال: فذكره.
وأخرجه عبد الرزاق "20865"، والطبراني في "الكبير" "18/
136 و137 و138" من طرق عن أبي قلابة، عن عوف بن مالك، به.
التعريس: هو نزول المسافر آخر الليل نزلةً للنوم
والاستراحة. يقال منه: عرَّس يعرِّس تعريسًا, ويقال فيه:
أَعْرَس، والمعرَّس: موضع التعريس.
(4/102)
198- مُعَيْقِيْبُ بنُ أَبِي فَاطِمَةَ
الدَّوْسِيُّ 1: "ع"
مِنَ المُهَاجِرِيْنَ, وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ
شَمْسٍ.
وَكَانَ أَمِيْناً عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ أَبُو
بَكْرٍ عَلَى الفَيْءِ, وَوَلِيَ بَيْتَ المَالِ لِعُمَرَ.
رَوَى حَدِيْثَيْنِ.
وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ -وَحْدَهُ:
أَنَّهُ شَهِدَ بَدْراً. وَلاَ يَصِحُّ هَذَا.
رَوَى عَنْهُ: حَفِيْدُهُ إِيَاسُ بنُ الحَارِثِ بنِ
مُعَيْقِيْبٍ, وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَلَهُ هِجْرَةٌ إِلَى الحَبَشَةِ, وَقِيْلَ: إِنَّهُ
قَدِمَ مَعَ جَعْفَرٍ لَيَالِيَ خَيْبَرَ, وَكَانَ
مُبْتلَىً بِالجُذَامِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنِي
عَاصِمُ بنُ عُمَرَ، عَنْ محمود بن لبيد قَالَ: أمَّرني
يَحْيَى بنُ الحَكَمِ عَلَى جُرَشَ فَقَدِمْتُهَا,
فَحَدَّثُوْنِي أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ حدَّثهم
أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ لِصَاحِبِ هَذَا الوَجَعِ -الجُذَامَ: "اتَّقُوْهُ
كَمَا يُتَّقَى السَّبُعُ إِذَا هَبَطَ وَادِياً
فَاهْبِطُوا غيره".
فَقَدِمْتُ المَدِيْنَةَ, فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ
جَعْفَرٍ, فَقَالَ: كَذَبُوا, وَاللهِ مَا حدَّثتُهم
هَذَا, وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يُؤْتَى
بِالإِنَاءِ فِيْهِ المَاءُ, فَيُعْطِيْهِ مُعَيْقِيْباً,
وَكَانَ رَجُلاً قَدْ أَسْرَعَ فِيْهِ ذَاكَ الدَّاءُ,
فَيَشْرَبُ مِنْهُ وَيُنَاوِلُهُ عُمَرَ, فَيَضَعُ فَمَهُ
مَوْضِعَ فَمِهِ حَتَّى يَشْرَبَ مِنْهُ, فعرفت أنه يفعله
فرارًا من العدوى.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 116"، التاريخ الكبير "8/
ترجمة 2123"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1938"، أسد الغابة
"5/ 240"، الإصابة "3/ ترجمة 8164", تهذيب التهذيب "10/
ترجمة 456"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7425".
(4/103)
وَكَانَ يَطْلَبُ الطِّبَّ مِنْ كُلِّ مَنْ
سُمِعَ لَهُ بِطِبٍّ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ
مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمَا مِنْ
طِبٍّ لِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ؟ فَقَالاَ: أمَّا
شَيْءٌ يُذْهِبُهُ فَلاَ نَقْدِرُ عَلَيْهِ, ولكنَّا
سَنُدَاوِيْهِ دَوَاءً يُوْقِفُهُ فَلاَ يَزِيْدُ. فَقَالَ
عُمَرُ: عَافِيَةٌ عَظِيْمَةٌ, فَقَالاَ: هَلْ تُنْبِتُ
أَرْضُكَ الحَنْظَلَ, قَالَ: نَعَمْ. قَالاَ: فَاجْمَعْ
لَنَا مِنْهُ, فَأَمَرَ فَجُمِعَ لَهُ مِلْءُ مِكْتَلَيْنِ
عَظِيْمَيْنِ, فشَقَّا كُلَّ وَاحِدَةٍ نِصْفَيْنِ, ثُمَّ
أَضْجَعَا مُعَيْقِيْباً, وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا بِرِجْلٍ, ثُمَّ جَعَلاَ يَدْلُكَانِ بُطُوْنَ
قَدَمَيْهِ بِالحَنْظَلَةِ, حَتَّى إِذَا مُحِقَتْ أَخَذَا
أُخْرَى, حَتَّى إِذَا رَأَيَا مُعَيْقِيْباً
يَتَنَخَّمُهُ أَخْضَرَ مُرّاً أَرْسَلاَهُ.
ثُمَّ قَالاَ لِعُمَرَ: لاَ يَزِيْدُ وَجَعُهُ بَعْدَ
هَذَا أَبَداً, قَالَ: فَوَاللهِ، مَا زَالَ مُعَيْقِيْبٌ
مُتَمَاسِكاً، لاَ يَزِيْدُ وَجَعُهُ حَتَّى مَاتَ.
صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ: قَالَ أَبُو زِنَادٍ: حَدَّثَنِي
خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ أنَّ عُمَرَ دَعَاهُمْ لِغَدَائِهِ
فَهَابُوا, وَكَانَ فِيْهِمْ معيقيب -وكان به جذام- فأكل
معيقيب مَعَهُم, فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كُلْ مِمَّا
يَلِيْكَ وَمِنْ شِقِّكَ, فَلَوْ كَانَ غَيْرُكَ مَا
آكَلَنِي فِي صَحْفَةٍ, وَلَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
قَيْدُ رُمْحٍ.
وَرَوَى الوَاقِدِيُّ, عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ, عَنْ
أَبِيْهِ, عَنْ خَارِجَةَ نَحْوَهُ.
عَاشَ مُعَيْقِيْبٌ إِلَى خِلاَفَةِ عُثْمَانَ.
وَقِيْلَ: عَاشَ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ.
وَالفِرَارُ منَ المَجْذُوْمِ وَتَرْكُ مُؤَاكَلِتِهِ
جَائِزٌ, لَكِنْ لِيَكُنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لاَ يَكَادُ
يَشْعُرُ المَجْذُوْمُ, فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ. وَمَنْ
وَاكَلَهُ -ثِقَةً بِاللهِ وَتَوَكُّلاً عَلَيْهِ- فَهُوَ
مُؤْمِنٌ1.
__________
1 يقول محمد أيمن الشبراوي: الصواب أنه مؤمن، ولكنه قد أثم
بترك الالتزام بالثابت الصحيح المرفوع "فر من المجذوم
فرارك من الأسد" وهو حديث صحيح, أمَّا ما ورد عَنْ جَابِرٍ
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة، وقال: كل ثقة بالله
وتوكلا عليه" فقد أخرجه أبو داود "3925"، والترمذي "1817"،
وابن ماجه "3542" من طرق, عن يونس بن محمد، حدثنا مفضل بن
فضالة، عن حبيب بن الشهيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر،
به مرفوعًا.
قلت: إسناده ضعيف، آفته مفضل بن فضالة البصري لا المصري،
قال النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ
مَعِيْنٍ: لَيْسَ بذلك.
(4/104)
199- أبو مسعود
البدري 1: "ع"
وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْراً عَلَى الصَّحِيْحِ، وَإِنَّمَا
نَزَلَ مَاءً بِبَدْرٍ, فَشُهْرَ بِذَلِكَ.
وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَيْعَةَ العَقَبَةِ، وَكَانَ
شَابّاً مِنْ أَقْرَانِ جَابِرٍ فِي السِّنِّ.
رَوَى أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً, وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي
عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ, نَزَلَ الكُوْفَةَ.
وَاسْمُهُ: عُقْبَةُ بنُ عَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ
أُسَيْرَةَ بنِ عُسَيْرَةَ الأَنْصَارِيُّ.
وَقِيْلَ: يُسَيْرَةُ بنُ عُسَيْرَةَ -بِضَمِّهِمَا- بنِ
عَطِيَّةَ بنِ خُدَارَةَ بنِ عَوْفٍ بنِ الحَارِثِ بنِ
الخَزْرَجِ.
حدَّث عَنْهُ وَلَدُهُ بَشِيْرٌ, وَأَوْسُ بنُ ضَمْعَجٍ,
وَعَلْقَمَةُ, وَأَبُو وَائِلٍ, وَقَيْسُ بنُ أَبِي
حَازِمٍ, وَربْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ يَزِيْدَ, وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ, وَالشَّعْبِيُّ,
وَعِدَّةٌ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: شَهِدَ العَقَبَةَ وَلَمْ يَشْهَدْ
بَدْراً.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: جَدُّهُ نُسَيْرَةُ -بِنُوْنٍ-
فَخُوْلِفَ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: إِنَّمَا نَزَلَ بِمَوْضِعٍ
يُقَالُ لَهُ: بَدْرٌ.
وَرَوَى شُعْبَةُ, عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ:
لَمْ يَكُنْ بَدْرِيّاً, وَقَالَ الحكم: كان بدريًّا.
وَرَوَى شُعَيْبٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي
سُلَيْمَانُ عمَّن لاَ يُتَّهَم, أنَّه سَمِعَ أَبَا
مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيَّ, وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْراً.
وَقَالَ حَبِيْبٌ, عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: قَالَ عُمَرُ
لأَبِي مَسْعُوْدٍ: نُبِّئْتُ أَنَّكَ تُفْتِي النَّاسَ
وَلَسْتَ بِأَمِيْرٍ! فَوَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى
قَارَّهَا2. يَدَلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ عُمَرَ أَنْ
يَمْنَعَ الإِمَامُ مَنْ أَفْتَى بِلاَ إِذْنٍ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: اسْتَعْمَلَ عَلِيٌّ -لَمَّا حَارَبَ
مُعَاوِيَةَ- عَلَى الكُوْفَةِ أَبَا مَسْعُوْدٍ.
وَكَذَا نَقَلَ مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
فَكَانَ يَقُوْلُ: مَا أَوَدُّ أَنْ تَظْهَرَ إِحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى الأُخْرَى, قِيْلَ: فَمَهْ قَالَ:
يَكُوْنُ بَيْنَهُم صُلْحٌ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 16"، التاريخ الكبير "6/
ترجمة 2884"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1740"، أسد الغابة
"4/ 57" و"6/ 286"، الإصابة "2/ ترجمة 5606", تهذيب
التهذيب "7/ ترجمة 446"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4903".
2 ضعيف لانقطاعه بين محمد سيرين وعمر بن الخطاب, والمراد:
ولّ شرها من تولّى خيرها.
(4/105)
فَلَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ أُخْبِرَ
بِقِوْلِهِ, فَقَالَ: اعْتَزِلْ عَمَلَنَا, قَالَ:
وَمِمَّهْ, قَالَ: إِنَّا وَجَدْنَاكَ لاَ تَعْقِلُ
عَقْلَهُ, قَالَ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ بَقِيَ مِنْ عَقْلِي
أنَّ الآخَرَ شَرٌّ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوْبَ, عَنْ مُحَمَّدٍ,
قَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ: كُنْتُ رَجُلاً عَزِيْزَ
النَّفْسِ, حَمِيَّ الأَنْفِ, لاَ يَسْتَقِلُّ مِنِّي
أَحَدٌ شَيْئاً سُلْطَانٌ وَلاَ غَيْرَهُ, فَأَصْبَحَ
أُمَرَائِي يُخَيِّرُوْنَنِي بَيْنَ أَنْ أُقِيْمَ عَلَى
مَا أَرْغَمَ أَنْفِي وَقَبَّحَ وَجْهِي, وَبَيْنَ أَنْ
آخُذَ سَيْفِي فَأَضْرِبَ فَأَدْخُلَ النَّارَ.
وَقَالَ بَشِيْرُ بنُ عَمْرٍو: قُلْنَا لأَبِي مَسْعُوْدٍ:
أَوْصِنَا, قال: عليكم بِالجَمَاعَة, فَإِنَّ اللهَ لَنْ
يَجْمَعَ الأُمَّةَ عَلَى ضَلاَلَةٍ حَتَّى يَسْتَرِيْحَ
بَرٌّ, أَوْ يُستراح مِنْ فَاجِرٍ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ أَبُو مَسْعُوْدٍ قَبْلَ
الأَرْبَعِيْنَ, وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ, وَقَالَ المَدَائِنِيُّ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ.
وَقِيْلَ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ.
وَعَنْ خَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَمَّا
خَرَجَ عَلِيٌّ اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُوْدٍ عَلَى
الكُوْفَةِ, وَتَخَبَّأَ رِجَالٌ لَمْ يَخْرُجُوا مَعَ
عَلِيٍّ, فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ عَلَى المِنْبَرِ:
أَيُّهَا النَّاسُ, مَنْ كَانَ تَخَبَّأَ فَلْيَظْهَرْ,
فَلَعَمْرِي لَئِنْ كَانَ إِلَى الكَثْرَةِ إِنَّ
أَصْحَابَنَا لَكَثِيْرٌ, وَمَا نَعُدُّهُ قُبْحاً أَنْ
يَلْتَقِيَ هَذَانِ الجَبَلاَنِ غَداً مِنَ
المُسْلِمِيْنَ, فَيَقْتُلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ؛
وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ, حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا
رِجْرِجَةٌ1 مِنْ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ؛ ظَهَرَتْ إِحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ, وَلَكِنْ نَعُدُّ قُبْحاً أَن يَأْتِيَ
اللهُ بِأَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ يَحْقِنُ بِهِ دِمَاءهُم
وَيُصْلِحُ بِهِ ذَاتَ بَيْنِهِم.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَاتَ أَبُو مَسْعُوْدٍ
أَيَّامَ قُتِلَ عَلِيٌّ بِالكُوْفَةِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ بالمدينة في خلافة معاوية.
__________
1 الرجرجة: بقية الماء في الحوض الكدرة المختلطة بالطين،
والمراد هنا: أرذال الناس ورعاعهم.
(4/106)
200- أسامة بن
زيد 1: "ع"
ابن حارثة بن شراحيل بن عَبْدِ العُزَّى بنِ امْرِئِ
القَيْسِ, المَوْلَى الأَمِيْرُ الكبير.
حب رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَمَوْلاَهُ، وَابْنُ مَوْلاَهُ.
أَبُو زَيْدٍ, وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ, وَيُقَالُ:
أَبُو حَارِثَةَ, وَقِيْلَ: أَبُو يَزِيْدَ.
اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَلَى جيشٍ لِغَزْوِ الشَّامِ، وَفِي الجَيْشِ
عُمَرُ وَالكِبَارُ, فَلَمْ يَسِرْ حَتَّى تُوُفِّيَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
فَبَادَرَ الصِّدِّيْقُ بِبَعْثِهِمْ, فَأَغَارُوا عَلَى
أُبْنَى مِنْ نَاحِيَةِ البَلْقَاءِ, وَقِيْلَ: إِنَّهُ
شَهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ مَعَ وَالِدِهِ, وَقَدْ سَكَنَ
الِمزة مُدَّةً, ثُمَّ رَجَعَ إِلَى المَدِيْنَةِ فَمَاتَ
بِهَا, وَقِيْلَ: مَاتَ بِوَادِي القُرَى.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ،
وَأَبُو وَائِلٍ, وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ,
وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ, وَأَبُو سَلَمَةَ, وَأَبُو
سَعِيْدٍ المَقْبُرِيُّ, وَعَامِرُ بنُ سَعْدٍ, وَأَبُو
ظَبْيَانَ, وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ, وَعِدَّةٌ,
وَابْنَاهُ: حَسَنٌ وَمُحَمَّدٌ.
ثَبَتَ عَنْ أُسَامَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأخذني والحسن فيقول: "اللهم
إني أحبهما فأحبهما" 2.
قُلْتُ: هُوَ كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الحَسَنِ بِأَزْيَدَ
مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ.
وَكَانَ شَدِيْدَ السَّوَادِ, خَفِيْفَ الرُّوْحِ,
شَاطِراً شُجَاعاً, رَبَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَحَبَّهُ كَثِيْراً.
وَهُوَ ابْنُ حَاضِنَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِّ أَيْمَنَ, وَكَانَ أَبُوْهُ
أَبْيَضَ, وَقَدْ فَرِحَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ بِقَوْلِ
مُجَزِّزٍ المُدْلِجِيِّ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ
بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ3.
أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ
أَبِيْهِ, أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ, أنَّ
عَلِيّاً قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, أَيُّ أَهْلِكَ
أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "فَاطِمَةُ" قَالَ: إِنَّمَا
أَسْأَلُكَ عَنِ الرِّجَالِ? قَالَ: "مَنْ أَنْعَمَ اللهُ
عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتُ عَلَيْهِ, أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ",
قَالَ: ثُمَّ مَنْ, قَالَ: "ثُمَّ أَنْتَ"4.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 61-72"، التاريخ الكبير "2/
ترجمة 1552"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1020"، أسد الغابة
"1/ 79"، الإصابة "1/ ترجمة 89"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة
391".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3735" و"2747"، وابن سعد "4/ 62"
من طريق مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ،
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه
كان يأخذه والحسن ويقول: اللهم إني أحبهما فأحبهما".
3 صحيح: أخرجه البخاري "3731"، ومسلم "1459" من طريق ابن
شهاب، عن عرو عن عائشة قالت: دخل علي قائف والنبي -صلى
الله عليه وسلم- شاهد وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان
فقال: إن هذه الاقدام بعضها من بعض، قال: فسر بذلك النبي
-صلى الله عليه وسلم- وأعجبه، فأخبر به عائشة".
4 ضعيف: أخرجه الترمذي "3819"، والحاكم "3/ 596"،
والطبراني "369" وآفته عمر بن أبي سلمة هو ابن عبد الرحمن
بن عوف القرشي الزهري، ضعفه شعبة، وابن مَعِيْنٍ. وَقَالَ
النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ
في رواية: لا يحتج به.
(4/107)
وَرَوَى مُغِيْرَةُ, عَنِ الشَّعْبِيِّ,
أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ
يُبْغِضَ أُسَامَةَ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ
كَانَ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُوْلَهُ فليحب أسامة"1.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي شَأْنِ المَخْزُوْمِيَّةِ الَّتِي
سَرَقَتْ فَقَالُوا: مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ
يُكَلِّمُهُ فِيْهَا إلَّا أُسَامَةُ حِبُّ رَسُوْل اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.
مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ, عَنْ سَالِمٍ, عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم: "أحب النَّاسِ إِلَيَّ أُسَامَةُ, مَا
حَاشَا فَاطِمَةَ وَلاَ غَيْرَهَا" 3.
قَالَ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ, عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: فَرَضَ
عُمَرُ لأُسَامَةَ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسِ مائَةٍ,
وَفَرَضَ لابْنِهِ عَبْدِ اللهِ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ,
فَقَالَ: لِمَ فَضَّلته عليَّ, فَوَاللهِ مَا سَبَقَنِي
إِلَى مَشْهَدٍ? قَالَ: لأنَّ أَبَاهُ كَانَ أحبَّ إِلَى
رَسُوْلِ اللهِ مِنْ أَبِيْكَ, وَهُوَ أَحَبُّ إِلَى
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مِنْكَ, فَآثَرْتُ حُبَّ رَسُوْلِ اللهِ عَلَى حُبِّي.
حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ4.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أمَّر رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسَامَةَ, فَطَعَنُوا في إمارته
فقال: "إن يطعنوا في
__________
1 ضعيف لانقطاعه بين عامر بن شراحيل الشعبي وعائشة, قال
ابن معين: ما روى الشعبي عن عائشة فهو مرسل.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3475" و"6887" و"6788"، ومسلم
"1988" "8"، وأبو داود "4373"، والترمذي "1430"، والنسائي
"8/ 73-74"، وابن ماجة "2547"، وابن الجارود "805"،
والبيهقي "8/ 253-254"، والبغوي "2603" من طرق عن الليث بن
سعد، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ،
به.
3 صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير" "372", حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي
هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ،
عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ, عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم: "أسامة أحبّ الناس إليّ" دون قوله: "ما حاشا فاطمة
ولا غيرها"، وأخرجه البخاري "4469"، ومسلم "2426" من طريق
عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-
به. دون قوله: "ما حاشا فاطمة ولا غيرها".
4 ضعيف: أخرجه الترمذي "3813", حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا
محمد بن بكر، عن ابن جريج، عن زيد بن أسلم، به. وقال
الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
قلت: إسناده ضعيف، آفته ابن جريج، فهو مدلس، وقد عنعنه.
قال الدارقطني: سر التدليس تدليس ابن جريج، فإنه قبيح
التدليس، لا يدلس إلّا فيما سمعه من مجروح.
(4/108)
إِمَارَتِهِ, فَقَدْ طَعَنُوا فِي
إِمَارَةِ أَبِيْهِ, وَايمُ اللهِ, إِنْ كَانَ لَخَلِيْقاً
لِلإِمَارَةِ, وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ
إليَّ, وَإِنَّ ابْنَهُ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ
إليَّ بَعْدَهُ" 1.
قُلْتُ: لَمَّا أمَّره النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ذَلِكَ الجَيْشِ كَانَ عُمُرُهُ
ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ
بنُ سَلَمَةَ, عَنْ هِشَامِ بنِ عروة, عَنْ أَبِيْهِ: أنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخَرَّ
الإِفَاضَةَ مِنْ عَرَفَةَ مِنْ أَجْلِ أُسَامَةَ
يَنْتَظِرُهُ, فَجَاءَ غُلاَمٌ أَسْوَدُ أَفْطَسُ. فَقَالَ
أَهْلُ اليَمَنِ: إِنَّمَا جَلَسْنَا لِهَذَا, فَلِذَلِكَ
ارْتَدُّوا -يَعْنِي: أَيَّامَ الرِّدَّةِ2.
قَالَ وَكِيْعٌ: سَلِمَ مِنَ الفِتْنَةِ مِنَ المعروفين:
سعد وابن عمر وأسامة ابن زَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بنُ
مَسْلَمَةَ.
قُلْتُ: انْتَفَعَ أُسَامَةُ مِنْ يَوْمِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ يَقُوْلُ لَهُ:
"كَيْفَ بِلاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ يَا أُسَامَةُ" فكفَّ
يَدَهُ وَلَزِمَ مَنْزِلَهُ فَأَحْسَنَ3.
عَائِشَةُ قَالَتْ: أَرَادَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَمْسَحَ مُخَاطَ
أُسَامَةَ, فَقُلْتُ: دَعْنِي حَتَّى أَكُوْنَ أَنَا
الَّتِي أَفْعَلُ, فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ, أَحِبِّيْهِ
فَإِنِّي أُحِبُّهُ" 4.
قُلْتُ: كَانَ سِنُّهُ فِي سِنِّهَا.
مُجَالِدٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, عَنْ عَائِشَةَ: أَمَرَنِي
رَسُوْلُ اللهِ أَنْ أَغْسِلَ وَجْهَ أُسَامَةَ وَهُوَ
صَبِيٌّ, قَالَتْ: وَمَا وَلِدْتُ وَلاَ أَعْرِفُ كَيْفَ
يُغْسَلُ الصِّبْيَانُ, فَآخُذُهُ, فَأَغْسِلُهُ غَسْلاً
لَيْسَ بِذَاكَ, قَالَتْ: فَأَخَذَهُ فَجَعَلَ يَغْسِلُ
وَجْهَهُ وَيَقُوْلُ: "لَقَدْ أَحْسَنَ بِنَا أُسَامَةُ؛
إِذْ لَمْ يَكُنْ جَارِيَةً, وَلو كُنْتَ جَارِيَةً
لَحَلَّيْتُكَ وأعطيتك"5.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4469"، ومسلم "2426" من طريق عبد
الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- به.
2 ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 63" لإرساله.
3 صحيح: أخرجه مسلم "97".
4 حسن: أخرجه الترمذي "3818" حدثنا الحسين بن حريث، حدثنا
الفضل بن موسى، عَنْ طَلْحَةَ بنِ يَحْيَى, عَنْ عَائِشَةَ
بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المؤمنين قالت:
فذكرته.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
قلت: إسناده حسن، طلحة بنِ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ القرشي، التيمي، المدني صدوق.
5 ضعيف: في إسناده مجالد، وهو ابن سعيد، ضعيف.
(4/109)
وَفِي "المُسْنَدِ" عَنِ البَهِيِّ, عَنْ
عَائِشَةَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ: "لَوْ كَانَ أُسَامَةُ
جَارِيَةً لَكَسَوْتُهُ، وحلَّيته حَتَّى أُنْفِقَهُ"1.
وَمِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عُمَرَ, أنَّه لَمْ يَلْقَ
أُسَامَةَ قَطُّ إلَّا قَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ
أَيُّهَا الأَمِيْرُ وَرَحْمَةُ اللهِ, تُوُفِّيَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْتَ عليَّ
أمير.
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: حدَّثنا ابْنُ إِسْحَاقَ, عَنْ
صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ, عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
اللهِ قَالَ: رَأَيْتُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ مُضْطَجِعاً
عِنْدَ بَابِ حُجْرَةِ عَائِشَةَ, رَافِعاً عَقِيْرَتُهُ
يتغنَّى, وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فمَرَّ بِهِ
مَرْوَانُ, فَقَالَ: أَتُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ, وَقَالَ
لَهُ قَوْلاً قَبِيْحاً, فَقَالَ: يَا مَرْوَانُ, إِنَّكَ
فَاحِشٌ متفحِّش, وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِنَّ
اللهَ يُبْغِضُ الفَاحِشَ المُتَفَحِّشَ" 2.
وَقَالَ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
حِيْنَ بَلَغَهُ أنَّ الرَّايَةَ صَارَتْ إِلَى خَالِدٍ
قَالَ: "فَهَلاَّ إِلَى رَجُلٍ قُتِلَ أَبُوْهُ" ?
يَعْنِي: أُسَامَةَ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, عَنْ عُتْبَةَ بنِ عَبْدِ
اللهِ, عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
جَهْمٍ, قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ
وَقَدْ طلَّقها زَوْجُهَا ... الحَدِيْثَ. فَلَمَّا
حَلَّتْ, قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "هَلْ ذَكَرَكِ أَحَدٌ"؟ قَالَتْ: نَعَمْ,
مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الجَهْمِ, فَقَالَ: "أمَّا أَبُو
الجَهْمِ فَشَدِيْدُ الخُلُقِ, وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ
فَصُعْلُوْكٌ لاَ مَالَ لَهُ, وَلَكِنْ أُنْكِحُكِ
أُسَامَةَ". فَقُلْتُ: أُسَامَةُ تَهَاوُناً بِأَمْرِ
أُسَامَةَ, ثُمَّ قُلْتُ: سَمْعاً وَطَاعَةً للهِ ولرسوله,
فزوجينه فَكَرَّمَنِي اللهُ بِأَبِي زَيْدٍ, وشرَّفني
اللهُ وَرَفَعَنِي به3.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 139 و222"، وابن ماجه "1976"، وابن
سعد "4/ 61-62" من طريق شريك القاضي، عن العباس بن ذريح،
عن البهي، عن عائشة، به.
قلت: إسناده ضعيف, شريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي،
سيئ الحفظ, والبهي هو عبد الله بن يسار، لم يسمع من عائشة
-كما قال أحمد بن حنبل.
2 حسن: أخرجه الطبراني في "الكبير" "405" من طريق وهب بن
جرير قال: حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث، عن
صالح بن يسان، عن عبيد الله بن عبد الله، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق، وقد صرَّح بالتحديث،
فأَمِنَّا شر تدليسه.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "399" و"404"، وفي "الأوسط"
"330"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "13/ 188" من طريق عثمان
بن حكيم، عن محمد بن أفلح مولى أبي أيوب، عن أسامة.
3 صحيح: أخرجه مسلم "1480" "49" من طريق أبي عاصم، حدَّثنا
سفيان الثوري, حدثني أبو بكر بن أبي الجهم, قال: فذكره.
(4/110)
وَرَوَى مَعْنَاهُ مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ يزيد, عن أبي سلمة عنها1.
قَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ:
وَاللهِ, لأَنْ تَخْطَفَنِي الطَّيْرُ أَحَبُّ إليَّ مِنْ
أَنْ أَبْدَأَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَبَعَثَ أُسَامَةَ
وَاسْتَأْذَنَهُ فِي عُمَرَ أَنْ يَتْرُكَهُ عِنْدَهُ.
قَالَ: فلمَّا بَلَغُوا الشَّامَ أَصَابَتْهُمْ ضَبَابَةٌ
شَدِيْدَةٌ, فَسَتَرَتْهُمْ حَتَّى أَغَارُوا وَأَصَابُوا
حَاجَتَهُمْ, فَقَدِمَ عَلَى هِرَقْلَ مَوْتُ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَإغَارَةُ أُسَامَةَ
عَلَى أَرْضِهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ, فَقَالَتِ الرُّوْمُ: مَا
بَالُ هَؤُلاَءِ يَمُوْتُ صَاحِبُهُمْ وَأَنْ أَغَارُوا
عَلَى أَرْضِنَا!
ابْنُ إِسْحَاقَ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ
السَّبَّاقِ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أُسَامَةَ, عَنْ أَبِيْهِ
قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, هَبَطْتُ وَهَبَطَ النَّاسُ
المَدِيْنَةَ, فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ, وَقَدْ أَصْمَتَ فَلاَ
يَتَكَلَّمُ, فَجَعَلَ يَضَعُ يَدَيْهِ عليَّ ثُمَّ
يَرْفَعُهُمَا, فَأَعْرِفُ أَنَّهُ يَدْعُو لِي2.
أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: حدَّثنا حَجَّاجٌ, أَخْبَرَنَا
شَرِيْكٌ, عَنِ العَبَّاسِ بنِ ذَرِيْحٍ, عَنِ البَهِيِّ,
عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أُسَامَةَ عَثَرَ بِأُسْكُفَةِ
البَابِ فشجَّ فِي جَبْهَتِهِ, فَجَعَلَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمُصُّهُ ثُمَّ
يَمُجُّهُ, وَقَالَ: "لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً
لَكَسَوْتُهُ وحلَّيته حتى أنفقه"3.
شَرِيْكٌ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ جَبَلَةَ قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-
إِذَا لَمْ يَغْزُ أَعْطَى سِلاَحَهُ عَلِيّاً أَوْ
أُسَامَةَ4.
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
سَلاَمٍ, عَنْ يَزِيْدَ بنِ عِيَاضٍ, قَالَ: أَهْدَى
حَكِيْمُ بنُ حِزَامٍ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الهُدْنَةِ حُلَّةَ ذِي يَزَنٍ,
اشْتَرَاهَا بِثَلاَثِ مائَةِ دِيْنَارٍ, فردَّها وَقَالَ:
"لاَ أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ", فَبَاعَهَا حَكِيْمٌ,
فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مَنِ اشْتَرَاهَا لَهُ, فَلَبِسَهَا رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَلَمَّا رآه حكيم
فيها، قال:
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 580-581"، ومسلم "1480"، وأبو داود
"2284" عن عبد الله بن يزيد، به.
2 حسن: أخرجه أحمد "5/ 201"، والترمذي "3817"، والطبراني
"377" من طريق محمد بن إسحاق، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق، وقد صرَّح بالتحديث
عند أحمد، فأَمِنَّا شر تدليسه.
3 ضعيف: تقدَّم تخريجنا له بتعليق رقم "242", وهو عند أحمد
"6/ 139 و222"، وابن ماجه "1976"، وابن سعد "4/ 61-62".
4 ضعيف: شريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي، سيئ الحفظ.
(4/111)
|