سير أعلام النبلاء، ط الحديث

المجلد السابع

بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة السابعة:
1092- سليمان بن كثير 1: "ع"
العبدي، البصري، الحَافِظُ، إِمَامٌ مَشْهُوْرٌ، ثِقَةٌ.
حَدَّثَ عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَحُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
رَوَى عَنْهُ: أَخُوْهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَحَبَّانُ، وَعَفَّانُ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَسَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ، يُكْنَى: أَبَا دَاوُدَ، وَحَدِيْثُه عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيْهِ شَيْءٌ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ الذُّهْلِيُّ: سَكنَ البَصْرَةَ، وَمَا رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَإِنَّهُ قَدِ اضْطَرَبَ فِي أَشْيَاءَ، وَهُوَ فِي غَيْر الزُّهْرِيِّ أَثْبَتُ.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: سُلَيْمَانُ بنُ كَثِيْرٍ الوَاسِطِيُّ، كَذَا نَسَبَهُ، وَقَالَ: مضطرب الحَدِيْثِ.
وَرَوَى عَنْ: حُصَيْنٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ أَحَادِيْثَ لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهَا، مِنْهَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ كَثِيْرٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ نُبَيْطٍ -امْرَأَةِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ- عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَهَا أَنْ تَشْتَرِطَ2.
وَهَذَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ3،
وَجَابِرٍ4، وَعَائِشَةَ5، بِأَسَانِيْدَ صَالِحَةٍ.
قُلْتُ: وَالإِسْنَادُ المَذْكُوْرُ أَيْضاً مَعَ غَرَابَتِهِ صَالِحٌ، وَسُلَيْمَانُ: حَسَنُ الحَدِيْثِ، مُخَرَّجٌ لَهُ فِي الصِّحَاحِ، وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ. مَاتَ: فِي سَنَةِ ثلاث وستين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1873"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 603"، المجروحين لابن حبان "1/ 334"، الكاشف "1/ ترجمة 2145"، ميزان الاعتدال "2/ 220-221"، تهذيب التهذيب "4/ 215"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2734".
2 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 360 و419- 420 و420"، وابن ماجه "2937"، والطبراني في "الكبير" "24/ 837 و840- 482"، والبيهقي "5/ 22" عن ضباعة.
3 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 330 و337 و352"، ومسلم "1208"، وأبو داود "1776" والترمذي "1941"، وابن ماجه "2938"، والدارقطني "2/ 235"، وابن الجارود "415"، والطبراني في "الكبير" "11/ 11909 و11947 و12023" و"24/ 827- 832"، والبيهقي "5/ 221 و222" من طرق عن ابن عباس أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب -رضي الله عنها- أَتَتْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: إني امرأة ثقيلة. وإني أريد الحج فما تأمرني قال: "أهلي بالحج، واشترطي أن محلي حيث تحبسني" قال: فأدركت. واللفظ لمسلم.
4 صحيح: أخرجه الطبراني "24/ 836"، والبيهقي "5/ 222" عن جابر، به.
5 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 164 و202"، والبخاري "5089"، ومسلم "1207" والنسائي "5/ 168"، والدارقطني "2/ 234-235"، وابن الجارود "420"، والطبراني في "الكبير" "24/ 833-538"، والبيهقي "5/ 221"، والبغوي "2000" من طريق عروة، عن عائشة قالت: دخل رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ضباعة بنت الزبير فقال لها: لعلك أردت الحج، قالت: والله لا أجدني إلا وجعة، فقال لها: حجي واشترطي، قولي: "اللهم محلي حيث حبستني". وكانت تحت المقداد بن الأسود. واللفظ للبخاري.

(7/5)


1093- محمد بن مطرف 1: "ع"
ابن داود، الإمام، المحدث، الحجة، أبو غسان المدني.
وُلِدَ قَبْلَ المائَةِ. وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَحَسَّانِ بنِ عَطِيَّةَ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَصَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ- وَابْنُ وَهْبٍ، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَآخَرُوْنَ. وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى المَهْدِيِّ، فَحدَّثَ بِبَغْدَادَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ مَوَالِي عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَقَد نَزَلَ عَسْقَلاَنَ.
قُلْتُ: مَا ظَفِرتُ لَهُ بِوَفَاةٍ، وَكَأَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ قُدَامَةَ فِي كِتَابِهِ، وَطَائِفَةٌ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "طَهُوْرُ كُلِّ أَدِيْمٍ دباغه" 2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 744"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 431"، وتاريخ بغداد "3/ 295"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 299"، الكاشف "3/ ترجمة 5244"، العبر "243 و390"، وميزان الاعتدال "9/ 461"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6661"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 258".
2 صحيح: أخرجه الدارقطني "1/ 49" من طريق إبراهيم بن الهيثم، به.
وقال الدارقطني في إثره: إسناده حسن كلهم ثقات.
قلت: بل إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وثقه الدارقطني والخطيب.

(7/6)


1094- همام بن يحيى 1: "ع"
ابن دينار الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، الحُجَّةُ، أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو عبد الله العَوْذِيُّ، المُحَلِّمِيُّ، البَصْرِيُّ. وَبَنُوْ عَوْذٍ: بَطْنٌ مِنَ الأَزْدِ، وَهُوَ مِنْ مَوَالِيْهِم، وَكَانَ أَبُوْهُ قَصَّاباً بِالبَصْرَةِ.
وُلِدَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ. وَحَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ، وَأَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، ونافع مولى بن عُمَرَ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَأَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، وَأَبِي التَّيَّاحِ، وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، وَقَتَادَةَ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَابْنِ جُحَادَةَ، وَشَقِيْقٍ أَبِي لَيْثٍ، وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ، وَخَلْقٍ. وَيَنْزِلُ إِلَى زِيَادِ بنِ سَعْدٍ، وَإِلَى سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَذَلِكَ فِي "أَبِي دَاوُدَ"، وَ"النَّسَائِيِّ".
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَوَكِيْعٌ، وَيَزِيْدُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، وَالمُقْرِئُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ الغُدَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَفَّانُ، وَعَمْرُو بنُ عَاصِمٍ، وَحَبَّانُ بنُ هِلاَلٍ، وَحَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ، وَشَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، وَسَهْلُ بنُ بَكَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ العَبْدِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ أَنْبَأَنَا، أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ،
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 282"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2852"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 150 و237" و"2/ 18 و70 و177" و"3/ 211"، الكنى للدولابي "1/ 124"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 457"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 194"، الكاشف "3/ ترجمة 6092"، العبر "1/ 242"، ميزان الاعتدال "4/ 309-310"، تهذيب التهذيب "11/ 67"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7700".

(7/7)


أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجنة" 1.
رَوَى عُمَرُ بنُ شَبَّةَ، عَنْ عَفَّانَ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يَعترِضُ عَلَى هَمَّامٍ فِي كَثِيْرٍ مِنْ حَدِيْثِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، نَظَرْنَا فِي كُتُبِهِ فَوَجَدْنَاهُ يُوَافقُ هَمَّاماً فِي كَثِيْرٍ مِمَّا كَانَ يَحْيَى يُنكِرُهُ، فَكَفَّ يَحْيَى بَعْدُ عَنْهُ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: كَانَ هَمَّامٌ قَويّاً فِي الحَدِيْثِ.
وَرَوَى صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: هَمَّامٌ ثَبتٌ فِي كُلِّ المَشَايِخِ.
وَقَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: هَمَّامٌ أَيْش تَقُوْلُ فِيْهِ? فَقَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَرضَاهُ.
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: هَمَّامٌ عِنْدِي فِي الصِّدْقِ، مِثْلُ ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هَمَّامٌ ثِقَةٌ، وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ أَبَانَ فِي يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يَرْوِي عَنْ أَبَانٍ العَطَّارِ، وَلاَ يَرْوِي عَنْ هَمَّامٍ، وَكَانَ هَمَّامٌ أَفْضَلَ عِنْدَنَا.
وَرَوَى الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، صَالِحٌ، وَهُوَ فِي قَتَادَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: هَمَّامٌ فِي قَتَادَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ: هَمَّامٌ، ثُمَّ أَبُو عَوَانَةَ، ثُمَّ أَبَانُ، ثُمَّ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ فِي أَصْحَابِ قتادة: كان هشام أرواهم عنه، وَكَانَ سَعِيْدٌ أَعْلَمَهُم بِهِ، وَكَانَ شُعْبَةُ أَعْلَمَهُم بِمَا سَمِعَ قَتَادَةُ، وَمَا لَمْ يَسْمَعْ، وَلَمْ يَكُنْ هَمَّامٌ عِنْدِي بِدُونِ القَوْمِ فِي قَتَادَةَ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ رَأْيٌ فِيْهِ، وكان عبد الرحمن حَسَنَ الرَّأْيِ فِيْهِ.
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا الفَلاَّسُ، قَالَ: حَدَّثَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بِحَدِيْثٍ، فَأَنْكَرَهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَقَالَ: لَمْ يَصْنَعِ ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ شَيْئاً. فَقَالَ عَفَّانُ -وَكَانَ حَاضِراً: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ، فَسَكَتَ يَحْيَى، فَعَجِبْنَا مَنْ يَحْيَى، حَيْثُ يُحَدِّثُه ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيْدٍ فَيُنْكِرُهُ، وَحَيْثُ حَدَّثَهُ عَفَّانُ عَنْ همام، فسكت.
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "4/ 80"، والبخاري "574"، ومسلم "635"، والدارمي "1/ 331-332"، والبيهقي "1/ 466"، والبغوي "381" من طرق عن همام بن يحيى، به.
والمراد بالبردين صلاة الفجر والعصر لكونهما في طرفى النهار.

(7/8)


قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَحْيَى تَغَيَّرَ رَأْيُه بِأَخَرَةٍ فِي هَمَّامٍ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى اتِّفَاقَهُمَا عَلَى حَدِيْثٍ، اطْمَأَنَّ.
أَبُو الوَلِيْدِ، وَحَبَّانُ: أَنَّ هَمَّاماً قَالَ: إِنِّيْ لأَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أَنظُرَ فِي الكِتَابِ، وَأَحْفَظَ الحَدِيْثَ لَكِي أُحَدِّثَ النَّاسَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: ظَلَمَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ هَمَّاماً، لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، وَلَمْ يُجَالِسْهُ، فَقَالَ فِيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ يَقُوْلُ: أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: مَنْ فَاتَه شُعْبَةُ، سَمِعَ مِنْ هَمَّامٍ، وَكَانَ يحيى لا يعبأ بهمام؟!
وقام أَحْمَدُ: قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: ذَكَرَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ عَاصِمَ بنَ سَعِيْدٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ قَتَادَةُ، فَقَالَ يَحْيَى -كَأَنَّهُ يَحْمِلُ عَلَى هَمَّامٍ: قَدْ أَدخَلَ بَيْنَ قَتَادَةَ، وَبَيْنَ سَعِيْدٍ. قَالَ: فَجَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَضْحَكُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَرْعَرَةَ لِيَحْيَى: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، فَقَالَ لَهُ: اسْكُتْ وَيْحَكَ!
قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: الأَثبَاتُ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ: سَعِيْدٌ، وَهِشَامٌ، وَشُعْبَةُ، وَهَمَّامٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بنُ يُوْسُفَ -أَظُنُّه عَنْ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ- عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: شَهِدَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ فِي حَدَاثتِهِ شَهَادَةً -وَكَانَ هَمَّامٌ عَلَى العَدَالَةِ- يَعْنِي: فَلَمْ يَعدِلْ يَحْيَى، فَتَكَلَّمَ فِيْهِ يَحْيَى لِهَذَا.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ: هَمَّامٌ ثَبْتٌ فِي قَتَادَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ يَقُوْلُ: هَمَّامٌ حِفْظُه رَدِيْءٌ، وَكِتَابُهُ صَالِحٌ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، رُبَّمَا غَلِطَ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لاَ بَأْسَ بِهَمَّامٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ هَمَّامٍ، وَأَبَانٍ، قَالَ: هَمَّامٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مَا حدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ، وَإِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِه، تَقَارَبَا فِي الحِفْظِ وَالغَلَطِ.
وَقَالَ أَيْضاً: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ هَمَّامٍ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، فِي حِفْظِه شَيْءٌ، وَهُوَ فِي قَتَادَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ وَأَبَانٍ.
قَالَ عَفَّانُ عَنْ هَمَّامٍ: إِذَا رَأَيتُم فِي حَدِيْثِي لَحْناً، فَقَوِّمُوْهُ، فَإِنَّ قَتَادَةَ كَانَ لاَ يَلحَنُ.

(7/9)


قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ: وَهَمَّامٌ أَشْهَرُ وَأَصدقُ مِنْ أَنْ يُذكَرَ لَهُ حَدِيْثٌ، وَأَحَادِيْثُه مُسْتقِيْمَةٌ عَنْ قَتَادَةَ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ فِي يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
وَقَعَ لَنَا حَدِيْثُ هَمَّامٍ عَالِياً فِي "صِفَةِ النِّفَاقِ" لِلْفِرْيَابِيِّ، وَقَدْ أوردته فِي أَمَاكِنَ، وَهَمَّامٌ مِمَّنْ جَاوَزَ القَنطرَةَ، وَاحْتجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ.
رَوَى البُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَحْبُوْبٍ: وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ. وَقَالَ شُرَيْحُ بنُ النُّعْمَانِ: قَدِمتُ البَصْرَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ -شَكَّ- فَقِيْلَ لِي: مَاتَ هَمَّامٌ مُنْذُ جُمُعَةٍ أَوْ جُمُعَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُطَهِّرِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ بنُ أبي سعيد، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا بن حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي عِيْسَى الأُسْوَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنِ الشُّرْبِ قَائِماً، أَوْ نَحْوِ ذَاكَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. عَنْ هُدْبَةَ بن خالد.
__________
1 صحيح أخرجه مسلم "2025" "115" من طريق يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، حدثنا قتادة، به.

(7/10)


1095- أَبُو مِخْنَفٍ 1:
لُوْطُ بنُ يَحْيَى الكُوْفِيُّ، صَاحِبُ تَصَانِيْفٍ وَتَوَارِيْخٍ.
رَوَى عَنْ: جَابِرٍ الجُعْفِيِّ، وَمُجَالِدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَصَقْعَبِ بنِ زُهَيْرٍ، وَطَائِفَةٍ مِنَ المجهولين.
وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْبَارِيٌّ ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَهُوَ مِنْ بَابَةِ2 سَيْفِ بنِ عُمَرَ التَّمِيْمِيِّ، صَاحِبِ "الرِّدَّةِ"، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عياش المنتوف، وعوانة بن الحكم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمته 1073"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1030" وميزان الاعتدال "3/ 419"، لسان الميزان "4/ 492"، فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "3/ 225".
2 من بابة: أي من وجه.

(7/10)


1096- سفيان بن حسين 1: "4"
ابن الحسن، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَإِيَاسِ بنِ مُعَاوِيَةَ.
رَوَى عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَهُشَيْمٌ، وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ فِي سِوَى مَا يَرْوِيْهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَإِنَّهُ يَضْطَّرِبُ فِيْهِ، وَيَأْتِي بِمَا يُنْكَرُ.
رَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَيْسَ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ الزهري.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، كَانَ يُؤَدِّبُ المَهْدِيَّ، وَحَدِيْثُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَطْ لَيْسَ بِذَاكَ، إِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ بِالمَوْسِمِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ، هُوَ نَحْوُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: الإِنصَافُ فِي أَمْرِهِ تَنَكُّبُ مَا رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَالاحْتِجَاجُ بِمَا رَوَى عَنْ غَيْرِه، وَذَاكَ أَنَّ صَحِيْفَةَ الزُّهْرِيِّ اخْتلَطَتْ عَلَيْهِ، فَكَانَ يَأْتِي بِهَا عَلَى التَّوهُّمِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، سَنَةَ نيف وخمسين ومائة، ووقع له نحو ثلاثمائة حديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 312"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 363 و419" و"2/ 95 و201"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 974"، المجروحين لابن حبان "1/ 358"، تاريخ بغداد "9/ 149"، تاريخ الإسلام "6/ 185"، الكاشف "1/ ترجمة 209"، ميزان الاعتدال "2/ 165-168"، تهذيب التهذيب "4/ 107"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2577".

(7/11)


1097- صالح بن أبي الأخضر 1: "4"
مُحَدِّثٌ مَشْهُوْرٌ، مِنْ أَهْلِ اليَمَامَةِ، سَكَنَ البَصْرَةَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ، وابن المنكدر، والزهري.
وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَرَوْحٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَجَمَاعَةٌ.
ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَيِّنٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ، كَانَ عِنْدَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ كِتَابَانِ، أَحَدُهُمَا عَرْضٌ وَالآخَرُ، مُنَاوَلَةٌ فَاخْتَلَطَا جَمِيْعاً، فَلاَ يُعْرُفُ هَذَا مِنْ هَذَا.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَبْلَ شعبة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 272"، التاريخ الكبير "4/ ترجمته 2778"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 471"، الجرح والتعديل "4/ ترجمته 1727"، المجروحين لابن حبان "1/ 368"، الكاشف "2/ ترجمة 2347"، تاريخ الإسلام "6/ 201"، تهذيب التهذيب "4/ 380"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3010".

(7/11)


1098- سعيد بن بشير 1: "4"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، الحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ وَقِيْلَ: دِمَشْقِيٌّ، رَحلَ بِهِ أَبُوْهُ إِلَى البَصْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: قَتَادَةَ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ.
وَعَنْهُ: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو الجَمَاهِرِ، وَيَحْيَى الوُحَاظِيُّ، وَمُحَمَّدُ بن بكار بن بلال، وخلق.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِنَا أَحَدٌ أَحْفَظَ مِنْهُ، وَهُوَ مُنْكَرُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ: كَيْفَ هَذِهِ الكَثْرَةُ لَهُ عَنْ قَتَادَةَ? قَالَ: كَانَ أَبُوْهُ شَرِيْكاً لأَبِي عَرُوْبَةَ، فَأَقدمَ ابْنَه سَعِيْداً البَصْرَةَ، فَبَقِيَ يَطلُبُ مَعَ سَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ قَدَرِيّاً.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ بَقِيَّةُ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ، فَقَالَ: ذَاكَ صَدُوْقُ اللِّسَانِ.
وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ، وَكَانَ حَافِظاً. وَقَالَ دُحَيْمٌ: يُوَثِّقُونَهُ، كَانَ حَافِظاً. وَأَمَّا ابْنُ مَهْدِيٍّ، فَرَوَى عَنْهُ، ثُمَّ تَرَكَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لاَ يُحتَجُّ بِهِ، وَمَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُوْنَ فِي حِفْظِه. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ. وَقَالَ أَبُو الجَمَاهِرِ: مَا كَانَ قَدَرِيّاً، مَعَاذَ اللهِ.
مات سنة ثمان وستين ومئة. قَالَهُ أَبُو الجَمَاهِرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ. وَقَالَ هشام بن عمار: سنة تسع.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 468"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1529"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 158 و212 و221" و"2/ 123"، الكنى للدولابي "1/ 191" و"2/ 66"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 20"، المجروحين لابن حبان "1/ 319"، الكاشف "1/ ترجمة 1877"، العبر "1/ 253"، ميزان الاعتدال "2/ 128"، جامع التحصيل للعلائي "ترجمة رقم 232"، تهذيب التهذيب "4/ 8"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2422"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 265".

(7/12)


1099- ثابت بن يزيد 1: "ع"
الحَافِظُ، المُتْقِنُ، الإِمَامُ، أَبُو زَيْدٍ البَصْرِيُّ، الأحول.
حَدَّثَ عَنْ: عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَهِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ، وَحُمَيْدٍ، وَطَبَقَتِهِم مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَفَّانُ، وَعَارِمٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ فِي الكُهُولَة، فَلَمْ يَشتهِرْ، وَهُوَ مِنْ نُظَرَاءِ وُهَيْبٍ وَأَقْرَانِهِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، بالبصرة.
أما:
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2097"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1858"، ميزان الاعتدال "1/ 368"، العبر "1/ 257"، تهذيب التهذيب "2/ 18"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 270".

(7/13)


1100- ثَابِتُ بنُ يَزِيْدَ أَبُو السَّري الأَوْدِيُّ 1:
فَكُوْفِيٌّ، قَدِيْمٌ ضَعَّفُوهُ.
يَرْوِي عَنْ: عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا عَنْهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ. وَقَالَ عَلِيٌّ: سَأَلْتُ يَحْيَى عَنْهُ فَقَالَ: وَسَطٌ إِنَّمَا أَتَيْتُهُ مَرَّةً, فَأَمْلَى عليَّ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ شَرِيْكٌ، فَقَالَ: عَنْ ثابت أبي السَّري الزعفراني.
__________
1 ترجمته في الكامل لابن عدي "1/ 91-92"، والضعفاء للعقيلي "1/ 174-175"، وميزان الاعتدال "1/ 368".

(7/13)


1101- المُقَنَّع 1:
هُوَ عَطَاءٌ المُقَنَّعُ، السَّاحِرُ، العَجَمِيُّ، الَّذِي ادَّعَى الربوبية من طريق المنَاسِخِ، وَرَبطَ النَّاسَ بِالخَوَارِقِ وَالأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ، وَالإِخبَارِ عَنْ بَعْضِ المُغَيَّبَاتِ، حَتَّى ضَلَّ بِهِ خَلاَئِقُ مِنَ الصُّمِّ وَالبُكْمِ. وَادَّعَى أَنَّ اللهَ تَحوَّلَ إِلَى صُوْرَةِ آدَمَ، وَلِذَلِكَ أَمرَ المَلاَئِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَأَنَّهُ تَحوَّلَ إِلَى صُوْرَةِ نُوْحٍ، ثُمَّ إِبْرَاهِيْمَ، وَإِلَى حُكَمَاءِ الأَوَائِلِ، ثُمَّ إِلَى صُوْرَةِ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ، ثُمَّ إِلَيْهِ فَعَبَدُوْه وَحَارَبُوا دُوْنَهُ، مَعَ مَا شَاهَدُوا مِنْ قُبْحِ صُوْرتِهِ، وَسَمَاجَةِ وَجْهِهِ المشَوَّه.
كَانَ أَعْوَرَ، قَصِيْراً، أَلْكَنَ، اتَّخَذَ وَجْهاً مِنَ الذَّهَبِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: المُقَنَّعُ. وَمِمَّا أَضَلَّهُم بِهِ مِنَ المَخَارِيقِ: قَمَرٌ ثانٍ يَرَوْنَهُ فِي السَّمَاءِ، حَتَّى كَانَ يَرَاهُ المُسَافِرُوْنَ مِنْ مَسِيْرَةِ شَهْرَيْنِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ:
أَفِقْ أَيُّهَا البَدْرُ المُقَنَّعُ رَأْسُهُ ... ضَلاَلٌ وَغَيٌّ مِثْلُ بَدْرِ المُقَنَّعِ
وَلابْنِ سَنَاءِ المُلْكِ:
إِلَيْكَ فَمَا بَدْرُ المُقَنَّعِ طَالِعاً ... بِأَسْحَرَ مِنْ أَلْحَاظِ بَدْرِي المُعَمَّمِ
وَلَمَّا اسْتفحَلَ البَلاَءُ بِهَذَا الخَبِيْثِ، تَجَهَّزَ الجَيْشُ إِلَى حَرْبِه، وَحَاصَرُوْهُ فِي قَلْعَتِهِ بِطَرَفِ خُرَاسَانَ وَقِيْلَ: بِمَا وَرَاءَ النَّهرِ، انْتُدِبَ لِحَرْبِهِ مُتَولِّي خُرَاسَانَ مُعَاذُ بنُ مُسْلِمٍ، وَجِبْرِيْلُ الأَمِيْرُ، وَلَيْثٌ مَوْلَى المَهْدِيِّ، وَالقَلْعَةُ هِيَ مِنْ أَعْمَالِ كَشٍّ، وَطَالَ الحِصَارُ نَحْوَ عَامَيْنِ، فَلَمَّا أَحسَّ المَلعُوْنُ بِالهَلاَكِ، مَصَّ سُمّاً، وَسَقَى حَظَايَاهُ السُّمَّ، فَمَاتُوا وَأُخِذَتِ القَلْعَةُ، وَقُطِعَ رَأْسُهُ وَبَعَثَوا بِهِ عَلَى قَنَاةٍ إِلَى المَهْدِيِّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، فَوَافَاهُ بِحَلَبَ، وَهُوَ يجهِّز العَسَاكِرَ لِغَزْوِ الرُّوْمِ مَعَ وَلَدِه هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ، فَكَانَتْ غَزْوَةً عُظْمَى.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 149"، وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 263"، العبر "1/ 235"، شذرات الذهب "1/ 248".

(7/14)


1102- ابن عُلاثَة 1: "د، س، ق"
قَاضِي الخِلاَفَةِ، أَبُو اليَسير مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُلاثة العُقيلي، الجَزَري.
عَنْ: عَبْدَةَ بنِ أَبِي لُبَابَةَ وَعَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مَالِكٍ، وَخُصَيْفٍ وَالأَوْزَاعِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَوَكِيْعٌ، وَحَرَمِيُّ بنُ حَفْصٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ، وَعَمْرُو بنُ الحُصَيْنِ.
وَلِيَ القَضَاءَ لِلْمَهْدِيِّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ- حَرَّانِيُّ، وَلِيَ مَعَهُ القَضَاءَ عَافِيَةُ. وَقَالَ ابن معين: ثقة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ البُخَارِيُّ: فِي حِفْظِه نَظَرٌ. وَقَالَ الأَزْدِيُّ: حَدِيْثُه يَدلُّ عَلَى كَذِبِهِ.
مَاتَ ابْنُ عُلاثة سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ وَيُقَالُ لَهُ: قَاضِي الجِنِّ. قِيْلَ: حَكَمَ بَيْنَهُم وَبَيْنَ الإِنْسِ فِي مَاءِ، بِئْرٍ فَحَكَمَ لِلْجِنِّ أَنْ يَسْتَقُوا بِاللَّيْلِ، فَكَانَ مَنِ اسْتَقَى بعد المغرب، جاءه الرجم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 323"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 399"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1638"، المجروحين لابن حبان "2/ 279"، تاريخ بغداد "5/ 388"، الكاشف "3/ ترجمة 5045"، ميزان الاعتدال "3/ 549"، تهذيب التهذيب "9/ 269"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6387".

(7/15)


1103- الماجشون 1: "ع"
عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ مَيْمُوْنٍ -وَقِيْلَ: دِيْنَارٍ- الإِمَامُ، المُفْتِي الكَبِيْرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو الأَصْبَغِ التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُم، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ، وَالِدُ المُفْتِي عَبْدِ المَلِكِ بنِ المَاجَشُوْنِ، صَاحِبِ مَالِكٍ، وَابْنِ عَمِّ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ المَاجَشُوْنِ.
سَكَنَ مُدَّةً بِبَغْدَادَ. وَحَدَّثَ عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَابْنِ المُنْكَدِرِ، وَوَهْبِ بنِ كَيْسَانَ، وَهِلاَلِ بنِ أَبِي مَيْمُوْنَةَ، وَعَمِّهِ يَعْقُوْبَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الفَضْلِ الهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَسَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَمْرِو بنِ يَحْيَى بنِ عُمَارَةَ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، وَعُمَرَ بنِ حُسَيْنٍ، وَعِدَّةٍ مِنْ عُلَمَاءِ بَلَدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ بِالمُكْثِرِ مِنَ الحَدِيْثِ، لَكِنَّهُ فَقِيْهُ النَّفْسِ، فَصِيْحٌ، كَبِيْرُ الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، ووكيع، وابن
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 323"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1530"، الكنى للدولابي "1/ 110 و191"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1802"، تاريخ بغداد "10/ 436"، ميزان الاعتدال "2/ 629"، الكاشف "2/ ترجمة 3443"، العبر "1/ 244 و292"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 208"، تهذيب التهذيب "6/ 343"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4356"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 259".

(7/15)


مَهْدِيٍّ، وَشَبَابَةُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَيَحْيَى بنُ حَسَّانٍ، وَعَمْرُو بنُ الهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ، وَهَاشِمُ بنُ القَاسِمِ، وَحُجَيْنُ بنُ المُثَنَّى، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَحَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، وَبِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ الكِنْدِيُّ، وَسَعْدَوَيْه الوَاسِطِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ العِجْلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ الجُهَنِيُّ الكَاتِبُ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَغَسَّانُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّ أَصلَهُ مِنْ أَصْبَهَانَ، نَزَلَ المَدِيْنَة، فَكَانَ يَلقَى النَّاسَ، فَيَقُوْلُ: جونِي، جونِي.
قَالَ: وَسُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَيْفَ لُقِّبَ بِالمَاجَشُوْنِ? قَالَ: تَعَلَّقَ مِنَ الفَارِسِيَّة بِكَلِمَةٍ، وَكَانَ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ يَقُوْلُ: شونِي، شونِي، فَلُقِّبَ: المَاجَشُوْنَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: المَاجَشُوْنُ فَارِسِيٌّ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ المَاجَشُوْنَ، لأَنَّ وَجْنَتَيْهِ كَانَتَا حَمْرَاوَيْنِ، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ، وَهُوَ الخَمْرُ، فَعَرَّبَهُ أَهْلُ المَدِيْنَةِ. وَقِيْلَ: أَصلُ الكلمة الماهكون، فَهُوَ وَوَلَدُه يُعرَفُوْنَ بِذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا اللَّقَبُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَيَّانَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ جَدِّي بِخَطِّهِ، قِيْلَ لأَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَعِيْنٍ: عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجَشُوْنِ، هُوَ مِثْلُ اللَّيْثِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ? قَالَ: لاَ، هُوَ دُوْنَهُمَا، إِنَّمَا كَانَ رَجُلاً يَقُوْلُ بِالقَدَرِ وَالكَلاَمِ، ثُمَّ تَرَكَه، وَأَقْبَلَ إِلَى السُّنَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ الحَدِيْثُ، فَلَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ، كَتَبُوا عَنْهُ، فَكَانَ بَعْدُ يَقُوْلُ: جَعَلَنِي أَهْلُ بَغْدَادَ مُحَدِّثاً، وَكَانَ صَدُوقاً ثِقَةً -يَعْنِي: لَمْ يَكُنْ مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ، كَمَا كَانَ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ، قَالَ: كَانَ يَصلُحُ لِلوِزَارَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ بِشْرُ بنُ السَّرِيِّ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَلاَ المَاجَشُوْنُ مِنَ الزُّهْرِيِّ. قَالَ ابْنُ سِنَانٍ: مَعْنَاهُ عِنْدِي، أَنَّهُ عَرْض.
أَبُو الطَّاهِرِ بنُ السَّرْحِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَجَجْتُ سَنَة ثمانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، وَصَائِحٌ يَصِيْحُ: لاَ يُفْتِي النَّاسُ، إِلاَّ مَالِكٌ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ.
قَالَ عَمْرُو بنُ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ: حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ المَنْصُوْرُ، فَشَيَّعَهُ المَهْدِيُّ، فَلَمَّا أَرَادَ الوَدَاعَ، قَالَ: يَا بُنَيَّ! اسْتَهْدِنِي: قَالَ: أَسْتَهدِيكَ رَجُلاً عَاقِلاً. فَأَهْدَى لَهُ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ أَبِي سَلَمَةَ.

(7/16)


قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ عَبْدُ العَزِيْزِ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وَأَهْلُ العِرَاقِ أَرْوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، قَدِمَ بَغْدَادَ، وَأَقَامَ بِهَا، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ المَهْدِيُّ. وَكَذَا أَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. قَالَ: وَكَانَ فَقِيْهاً، وَرِعاً، مُتَابِعاً لِمَذَاهِبِ أَهْلِ الحَرَمَينِ، مُفَرِّعاً عَلَى أُصُوْلِهِم، ذَابّاً عَنْهُم.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ إِجَازَةً، عَنْ يَحْيَى بنِ أَسَعْدَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ القَادِرِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ بُخَيْتٍ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ: أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا جَحَدَتْ بِهِ الجَهْمِيَّةُ? فَقَالَ:
أَمَّا بَعْدُ ... ، فَقَدْ فهمتُ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ، فِيْمَا تَتَابَعتِ الجَهْمِيَّةُ فِي صِفَةِ الرَّبِ العَظِيْمِ، الَّذِي فَاتَتْ عَظَمَتُهُ الوَصفَ وَالتَّقدِيرَ، وَكَلَّتِ الأَلسُنُ عَنْ تَفْسِيْرِ صِفَتِهِ، وَانْحَسَرتِ العُقُوْلُ دُوْنَ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ، فَلَمَّا تَجدِ العُقُوْلُ مَسَاغاً، فَرَجَعتُ خَاسِئَةً حَسِيْرَةً، وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِالنَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فِيْمَا خَلَقَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: كَيْفَ? لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَرَّةً ثُمَّ كَانَ، أَمَّا مَنْ لاَ يَحُولُ وَلَمْ يَزَلْ، وَلَيْسَ لَهُ مِثْلٌ، فَإِنَّهُ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ، إِلاَّ هُوَ وَالدَّلِيْلُ عَلَى عَجزِ العقول عن تحقيق صفته عجزها من تَحقِيْقِ صِفَةِ أَصْغَرِ خَلْقِهِ، لاَ يَكَادُ يَرَاهُ صِغَراً، يَحُوْلُ وَيزُولُ، وَلاَ يُرَى لَهُ بَصَرٌ وَلاَ سَمْعٌ، فَاعْرِفْ غِنَاكَ عَنْ تَكلِيْفِ صِفَةِ مَا لَمْ يَصِفِ الرَّبُّ مِنْ نَفْسِهِ، بِعَجْزِكَ عَنْ مَعْرِفَةِ قَدرِ مَا وَصَفَ مِنْهَا، فَأَمَّا مَنْ جَحَدَ مَا وَصفَ الرَّبُّ مِنْ نَفْسِهِ تَعَمُّقاً وَتَكلِيْفاً، فَقدِ اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِيْنُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ، وَلَمْ يَزَلْ يُمْلِي لَهُ الشَّيْطَانُ، حَتَّى جَحَدَ قَوْلَه تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القِيَامَةُ: 22، 23] ، فَقَالَ: لاَ يُرَى يَوْمَ القِيَامَةِ ... ، وَذَكَرَ فَصلاً طَوِيْلاً فِي إِقرَارِ الصِّفَاتِ وَإِمْرَارِهَا، وَتَرْكِ التَّعَرُّضِ لَهَا.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ نَظَرَ مَرَّةً فِي شَيْءٍ مِنْ سَلْبِ الصِّفَاتِ لِبَعْضِهِم، فَقَالَ: هَذَا الكَلاَمُ هَدْمٌ بِلاَ بِنَاءٍ، وَصِفَةٌ بِلاَ مَعْنَىً.
وَذَكَرَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ المَاجَشُوْنِ الفَقِيْهُ: أَنَّ المَهْدِيَّ أَجَازَ أَبَاهُ بِعَشْرَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: لَهُ كُتُبٌ مصنفة، رواها عنه ابن وهب.

(7/17)


1104- ابن ثوبان 1: "د، ت، ق"
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ العَنْسِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَحَدَّثَ عَنْ: خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، وَشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَزِيَادِ بنِ أَبِي سَوْدَةَ المَقْدِسِيِّ، وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، وَالفِرْيَابِيُّ، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ العِجْلِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ دُحَيم، وَأَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: قَدَرِيٌّ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَيَّنَهُ مَرَّةً.
وَقَدْ قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَحَادِيْثُه مَنَاكِيْرُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيْثُه عَلَى ضَعْفِهِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ فِيْهِ سلامة، وكان مجاب الدعوة.
أَحْمَدُ بنُ كَثِيْرٍ البَغْدَادِيُّ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيِّ، قَالَ: أَغْلَظَ ابْنُ ثَوْبَانَ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ المَهْدِيِّ، فَاسْتَشَاطَ، وَقَالَ: وَاللهِ لَوْ كَانَ المَنْصُوْرُ حَيّاً مَا أَقَالَكَ. قَالَ: لاَ تَقُلْ ذَاكَ، فَوَاللهِ لَوْ كُشِفَ لَكَ عَنْهُ، حَتَّى تُخَبَّرَ بِمَا لَقِيَ مَا جَلَسْتَ مَجْلِسَكَ هَذَا.
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ: لَمَّا كَانَتِ السَّنَةُ الَّتِي تَنَاثَرتِ النُّجُوْمُ، خَرَجْنَا لَيْلاً إِلَى الصَّحْرَاءِ مَعَ الأَوْزَاعِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ قَالَ: فَسَلَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَيْفَه، وَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ جَدَّ فَجِدُّوا قَالَ: فَجَعَلُوا يَسُبُّونَهُ وَيُؤذُونَهُ. فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ رُفِعَ عَنْهُ القَلَمُ- يَعْنِي: جُنَّ.
قُلْتُ: كَانَ فِيْهِ خَارِجِيَّةٌ.
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ: كَتَبَ الأَوْزَاعِيُّ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ ... قَدْ كُنْتَ عَالِماً بِخَاصَّةِ مَنْزِلَتِي مِنْ أَبِيْكَ، فَرَأَيتُ أَنَّ صِلَتِي إِيَّاهُ، وَتَعَاهُدِي إِيَّاكَ بِالنُّصحِ فِي أَوَّلِ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ فِي الجُمُعَةِ وَالصَّلوَاتِ، فَمَرَرتُ بِكَ، فَوَعَظتُكَ فَأَجَبْتَنِي بِمَا لَيْسَ لَكَ فِيْهِ حُجَّةٌ وَلاَ عُذرٌ ... ، فِي مَوْعِظَةٍ طَوِيْلَةٍ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَرَى جُمُعَةً خَلْفَ وُلاَةِ الجَورِ، كَمَذْهَبِ الخَوَارِجِ.
فَنصِيْحَةُ الأَوْزَاعِيِّ، وَذَاكَ النَّفَسُ الَّذِي جَبَهَ بِهِ المَهْدِيَّ، دَالٌّ عَلَى قُوَّتِهِ وَحِدَّتِهِ -اللهُ يَرْحَمُهُ.
عَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ كَانَ مِنْ أَسْنَانِ ابْنِ زَبْرٍ.
وَقَدْ تَتَبَّعَ الطَّبَرَانِيُّ أَحَادِيْثَهُ، فَجَاءتْ فِي كُرَّاس تَامٍّ، وَلَمْ يَكُنْ بِالمُكثرِ، وَلاَ هو بالحجة، بل صالح الحديث.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 856"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 153" و"2/ 356"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1031"، تاريخ بغداد "10/ 222"، والكاشف "2/ ترجمة 3199"، العبر "1/ 245"، ميزان الاعتدال "2/ 551"، تهذيب التهذيب "6/ 150"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4046".

(7/18)


1105- صدقة بن عبد الله 1: "ت، س، ق"
الإِمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، أَبُو معاوية الدمشقي، السمين.
وُلِدَ فِي إِمْرَةِ الوَلِيْدِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ. وحدَّث عَنِ: القَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيِّ، وَالعَلاَءِ بنِ الحَارِثِ، وَأَبِي وَهْبٍ عُبَيْدِ اللهِ الكَلاَعِيِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلْقَمَةَ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَعِدَّةٍ. وَيَنْزِلُ إِلَى الرِّوَايَةِ عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ.
كَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ. حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ -رَفِيْقُهُ- وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَوَكِيْعٌ الفِرْيَابِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، وَيَحْيَى البَابْلُتِّيُّ، وَعَبْدُ الله بن يزيد القارىء، وَجَمَاعَةٌ. وَوَهِمَ ابْنُ عَسَاكِرَ، فَعدَّ فِي الرُّوَاةِ عَنْهُ مُوْسَى بنَ عَامِرٍ المُرِّيَّ، فَقَدْ سَقَطَ بَيْنَهمَا الوَلِيْدُ. وَقِيْلَ: يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيْفٌ. وَكَنَّاهُ مُسْلِمٌ: أَبَا مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: نَظَرْتُ فِي مُصنَّفَاتِ صَدَقَةَ السَّمِيْنِ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ يزيد بن راشد
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2885 و2886"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 405 و438" و"3/ 169 و402"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1889"، المجروحين لابن حبان "1/ 374"، الأنساب للسمعاني "7/ 154"، الكاشف "2/ ترجمة 2406"، العبر "1/ 247"، ميزان الاعتدال "2/ 310"، تهذيب التهذيب "4/ 415"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3081"، شذرات الذهب "1/ 261".

(7/19)


المُقْرِئِ، وَسَأَلْتُ دُحَيْماً عَنْهُ، فَقَالَ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَشُوبُهُ القَدَرُ، وَقَدْ حَدَّثَنَا بِكُتُبٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَكَتَبَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَلْفاً وَخَمْسَ مائَةِ حَدِيْثٍ.
وقال عمرو بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، فَأَتَيْتُ الأَعْمَشَ، فَإِذَا رجل غليظ ممتنع، فجعلت أتعجرف عليه تَعجْرُفَ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ: مِنْ أَينَ تَكُوْنُ? قُلْتُ: مَنْ دِمَشْقَ. قَالَ: وَمَا أَقْدَمَكَ? قُلْتُ: جِئْتُ لأسَمِعَ مِنْكَ وَمِنْ مِثْلِكَ الخَبَرَ. فَقَالَ: وَبِالكُوْفَةِ جِئْتَ تَسْمَعُ? أَمَا إِنَّكَ لاَ تَلقَى فِيْهَا إِلاَّ كَذَّاباً حَتَّى تَخرُجَ مِنْهَا.
قَالَ عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ: سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ يَقُوْلُ: جَاءنِي الأَوْزَاعِيُّ، فَقَالَ: مَنْ حَدَّثَكَ بِكَذَا? قُلْتُ: الثِّقَةُ عِنْدَكَ وَعِنْدِي، صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ.
قَالَ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: صدق السَّمِيْنُ شَامِيٌّ، يَرْوِي عَنْهُ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، لَيْسَ بِشَيْءٍ، ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ، أَحَادِيْثُه مَنَاكِيْرُ، لَيْسَ يَسْوَى حَدِيْثُه شَيْئاً، وَمَا كَانَ مِنْ حَدِيْثِهِ مُرْسَلٌ عَنْ مَكْحُوْلٍ، فَهُوَ أَسهَلُ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ جِدّاً.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّري: ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: هُوَ مِمَّنْ يَجُوْزُ حَدِيْثُه، وَلاَ يُحتَجُّ بِهِ. وَقَدْ طَحَنَهُ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، فَقَالَ: كَانَ مِمَّنْ يَرْوِي المَوْضُوْعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ، لاَ يُشْتَغَلُ بِرِوَايَتِهِ إِلاَّ عِنْدَ التَّعَجُّبِ.
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَدَقَةَ بن عبد الله، عن موسى بن يسار، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "فِي العَسَلِ العشر في كل عشر قرب قربة" 1.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَيَرْوِي عَنِ: ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ نُسْخَةً مَوْضُوْعَةً، يَشْهَدُ لَهَا بِالوَضعِ مَنْ كَانَ مُبْتَدِئاً، فَكَيْفَ المُتَبحِّرُ?!
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: مَاتَ صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ طَوَّلْتُهُ فِي "المِيْزَانِ"، وَكَانَ عِنْدَهُ حَدِيْثٌ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يكن بالمتقن.
__________
1 صحيح بشواهده: أخرجه الترمذي "629"، والبيهقي "4/ 126" من طريق محمد بن يحيى النيسابوري، عن عمرو بن أبي سلمة التنيسي، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته صدقة بن عبد الله، فإنه ضعيف. لكن للحديث شاهد عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ: عند أبي داود "1600" و"1601" و"1602"، والنسائي "5/ 46"، وابن ماجه "1824". وله شاهد آخر من حديث أبي سيارة المتقي: عند ابن ماجه "1823"، وأحمد "4/ 236".

(7/20)


1106- عبيد الله بن إياد 1: "م، ت، س"
ابن لقيط، المُحَدِّثُ، أَبُو السَّليَّل السَّدوسي، الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَنْ: كُليب بنِ وَائِلٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَجَعْفَر بنُ حُمَيْدٍ، وَكَانَ عَرِيْفَ قَوْمِه.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ. وَاحْتجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ. وَهُوَ قَوِيُّ الحَدِيْثِ.
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: بَعْضُ رِوَايَتِهِ صَحِيْفَةٌ.
قلت: توفي سنة تسع وستين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1183"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 145 و180"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1462"، الكاشف "2/ ترجمة 3581"، ميزان الاعتدال "3/ 3-4"، العبر "1/ 256"، تهذيب التهذيب "7/ 4"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4529"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 269".

(7/21)


1107- جُويرية بن أسماء 1: "خ، م، د، س"
ابن عبيد، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُخارق. وَقِيْلَ: أَبُو مِخراق -وهو أشبه- الضُّبَعي، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، وَعَنْ: رَفِيْقِهِ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَحَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، ومُسَدَّد وَعِدَّةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ وَيَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَحَدِيْثُه مُحْتَجٌّ بِهِ فِي الصِّحَاحِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 281"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2326"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 153 و614" و"2/ 27 و136"، الكنى للدولابي "2/ 108"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2206"، الإكمال لابن ماكولا "2/ 569"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 217"، العبر "1/ 264"، الكاشف "1/ ترجمة 836"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 227"، تهذيب التهذيب "2/ 124"، النجوام الزاهرة "2/ 74"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة رقم 1079"، وشذرات الذهب "1/ 283".

(7/21)


1108- مَعْقِل بن عبيد الله 1: "م، د، س"
الجَزَري، المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مَوْلَى بَنِي عَبْسٍ.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيب، وَمَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، وَنَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ، وَزَيْدِ بنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نُعَيم، والفِريابي، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَعْيَنَ، وَسَعِيْدُ بنُ حفص النُّفيلي، وأبو جعفر النُّفيلي، وآخرون.
اخْتَلَفَ قَوْلُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ فِيْهِ. وَقَدِ احْتجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى: ضَعِيْفٌ.
ذَكَرَ أَبُو عَوَانَةَ أَوْ غَيْرُه أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَمَا عَرَفْتُ لَهُ شَيْئاً مُنكَراً فَأَذْكُرَهُ، وَحَدِيْثُه لاَ يَنْزِلُ عَنْ رتبة الحسن. والله الموفق.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1712"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1313"، الكاشف "3/ ترجمة 5654"، العبر "1/ 247"، ميزان الاعتدال "4/ 146"، تهذيب التهذيب "10/ 427"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7113"، شذرات الذهب "1/ 261".

(7/22)


1109- أيوب بن عتبة 1: "ق"
اليمامي الفقيه، أَبُو يَحْيَى، قَاضِي اليَمَامَةِ، ليِّن مِنْ قِبَلِ حِفْظِه.
يَرْوِي عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِيَاسِ بنِ سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَسْوَدُ شَاذَانُ، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَسَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَآخَرُوْنَ.
نَزَلَ البَصْرَةَ.
قَالَ الفلاس: سيئ الحفظ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 556"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1347"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 171" و"3/ 60"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 907"، المجروحين لابن حبان "1/ 169"، تاريخ بغداد "7/ 3-6"، ميزان الاعتدال "1/ 290"، تهذيب التهذيب "1/ 408".

(7/22)


وَقَالَ البُخَارِيُّ: هُوَ عِنْدَهُم لَيِّنٌ.
وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى: سَيِّئُ الحِفظِ، وَمَرَّةً قَالَ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَقَيْسِ بنِ طَلْقٍ. حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَوَكِيْعٌ يُخْطِئُ كَثِيْراً، وَيَهِمُ شَدِيْداً، حَتَّى فَحشَ الخَطَأُ مِنْهُ. مَاتَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ وَفِي نَفْسِهِ أَنْ يُصَلِّيَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَضَعْ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ عِنْدَهُ، فَإِذَا انْتَبَهَ، فَلْيَقْبِضْ بِيَمِيْنِهِ، ثُمَّ لِيَحْصِبْ عَنْ شِمَالِهِ". ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هَذَا بَاطِلٌ.
وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَفِيْفُ بنُ سَالِمٍ، عَنْ أَيُّوْبَ بنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَأَلَ حبشِيٌّ فَقَالَ: فُضِّلْتُم عَلَيْنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ بِالصُّوَرِ أفرأيتَ إِنْ آمنتُ بِكَ أَكَائِنٌ مَعَكَ? قَالَ: "نَعَمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُرَى بَيَاضُ الأَسْوَدِ فِي الجَنَّةِ مَسِيْرَةَ أَلْفِ عَامٍ ... "، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَاسْتبَكَى الحَبَشِيُّ حَتَّى مَاتَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُدَلِّيْهِ فِي حُفْرَتِهِ بِيَدِهِ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذَا بَاطِلٌ.
وَفِي "الجَعْدِيَّات" بِإِسْنَادِي إِلَى البَغَوِيِّ: حَدَّثَنِي عَبَّاسٌ، سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: أَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَنْبَأَنَا أَيُّوْبُ بنُ عُتْبة، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قُسَيط، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ -وَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى أُذُنِهِ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّم" 1.
__________
1 صحيح: وهذا إسناد ضعيف، آفته أيوب بن عتبة، فإنه ضعيف. وقد ورد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "إِذَا اشتَدَّ الحَرُّ، فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ". أخرجه عبد الرزاق "2049"، ومن طريقه أحمد "2/ 266"، ومسلم "615" "183" عن مَعْمَرٌ، عَنِ الزُهْرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أبي هريرة، به. وأخرجه الشافعي "1/ 48"، والحميدي "942"، والبخاري "536"، وابن الجارود "156"، والبغوي "361"، من طريق سفيان، عن الزهري، به.
وأخرجه عبد الرزاق "2051"، وأحمد "2/ 318"، عن معمر، عن أبي هريرة، به. وأخرجه من طرق عن أبي هريرة: ابْنُ أبي شيبة "1/ 324 و325"، وأحمد "2/ 229 و256 و348 و393 و394 و462 و501 و507"، والبخاري "533" و"534"، ومسلم "615" "181" والبغوي "364". =

(7/23)


حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنْبَأَنَا أَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ، حَدَّثَنَا طَيْسَلَةُ بنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الكَبَائِرِ? فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "هُنَّ تِسْعٌ". قُلْتُ: وَمَا هُنَّ? قَالَ: "الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَةِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ المُؤْمِنَةِ، وَالفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَالسِّحْرُ, وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيْمِ، وَعُقُوْقُ الوَالِدَيْنِ المُسْلِمَيْنِ، وَالإِلْحَادُ بِالحَرَمِ" 1.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَيُّوْبَ بنَ جَابِرٍ بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ: أَكْثَرَ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَكِتَابُهُ عَنْهُ صَحِيْحٌ.
__________
= ومعنى الابراد: انكسار حر الظهيرة، وهو ان تتفيأ الافياء، وينكسر وهج الحر، فهو برد بالاضافة إلى حر الظهيرة.
وقوله: "من فيح جهنم": قال أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن" "1/ 239": معناه سطوع حرها وانتشاره، واصله في كلامهم السعة والانتشار، يقال: مكان افيح، اي: واسع. وارض فيحاء: أي واسعة، ومعنى الكلام يحتمل وجهين، احدهما: ان شدة الحر في الصيف من وهج حر جهنم في الحقيقة. والوجه الاخر: ان هذا الكلام خرج مخرج التشبيه والتقريب، أي: كأنه نار جهنم في الحر، فاحذروها، واجتنبوا ضررها.
1 حسن لغيره: أخرجه ابن جرير الطبري "5/ 39" من طريق سليمان بن ثابت الخزاز الواسطي، أخبرنا سليم بن سلام، عن أيوب بن عتبة، عن طيسلة، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: أيوب بن عتبة، ضعيف. والعلة الثانية: طيسلة بن علي اليمامي، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة. وللحديث شاهد من حديث عمير: عند أبي داود "2875"، وفي إسناده يحيى بن أبي كثير، مدلس مشهور بالتدليس، وقد عنعنه، وفيه عبد الحميد بن سنان، مجهول؛ لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة. والحديث يرتقي بهذا الشاهد إلى مرتبة الحسن لغيره والله -تعالى- أعلى وأعلم.

(7/24)


1110- محمد بن جعفر 1: "ع"
ابن أبي كثير الأنصاري، مولاهم المَدَنِيُّ، الحَافِظُ، أَخُو: إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ، وَكَثِيْرِ بنِ جَعْفَرٍ، وَيَحْيَى بنِ جَعْفَرٍ، وَيَعْقُوْبَ بنِ جَعْفَرٍ، فَأَشهرُهُم: مُحَمَّدٌ وَإِسْمَاعِيْلُ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وشَريك بنِ أَبِي نَمِرٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: خَالِدُ بنُ مَخْلَد، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعِيْسَى بنُ مِيْنَاءَ قَالُوْنُ2، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيُّ، وَغَيْرُهُم.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ مَعَ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، مِنْ أَبْنَاءِ السِّتِّيْنَ، وَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ ابْنِ عُلَيَّة، وَأَنَسِ بنِ عِيَاضٍ، وَإِنَّمَا قَدَّمْتُهُ عَنْ قُرَنَائِهِ إِلَى هُنَا لِقِدَمِ وَفَاتِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَمْ يَقَع لَنَا حَدِيْثُه عَالِياً، إِلاَّ مِنْ نَمَطِ مَا فِي "صَحِيْحِ البخاري".
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 116"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 306 و394 و474"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1219"، الكاشف "3/ ترجمة 4840"، العبر "1/ 259"، تهذيب التهذيب "4/ 94"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6112"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 279".
2 قالون: أحد القراء ربيب نافع، وهو الذي لقبه "قالون"، بمعنى جيد في الروسية لجودة قراءته، واسمه عيسى بن ميناء الزرقي، مولى بني زهرة توفي سنة "220هـ". كان -رحمه الله تعالى- أصم يقرئ القرآن، وينظر إلى شفتي القارئ ويرد عليه اللحن والخطأ.

(7/24)


1111- الأخفش 1:
الكبير، شَيْخُ العَرَبِيَّةِ، أَبُو الخَطَّابِ البَصْرِيُّ. يُقَالُ: اسْمُهُ عبد الحميد ابن عَبْدِ المَجِيْدِ.
تَخَرَّجَ بِهِ سِيْبَوَيْه، وَحَمَلَ عَنْهُ النَّحْوَ، لَوْلاَ سِيْبَوَيْه لَمَا اشْتُهِرَ.
وَأَخَذَ عَنْهُ أَيْضاً: عِيْسَى بنُ عُمَرَ النَّحْوِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بنُ المُثَنَّى، وَغَيْرُهمَا. وَلَهُ أَشْيَاءُ غَرِيْبَةٌ، يَنفَرِدُ بِنَقلِهَا عَنِ العَرَبِ. وَلَمْ أَقعْ لَهُ بِوَفَاةٍ.
فَأَمَّا الأَخْفَشُ الأَوْسَطُ2 تِلْمِيْذُ سِيْبَوَيْه، وَالأَخْفَشُ الأصغر3، فسيأتيان.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 86"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 74".
2 الأخفش الأوسط: هو سعيد بن مسعدة المتوفى سنة "211هـ" وقيل: سنة "215هـ".
3 الأخفش الأصغر: هو علي بن سليمان بن الفضل المتوفى سنة "315هـ".

(7/25)


1112- ابن الغَسيل 1: "خ، م، د، ق"
عبد الرحمن بن سليمان، ابْنِ صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدِ اللهِ بنِ حنظلة بنِ الرَّاهِبِ الأَنْصَارِيُّ، الأَوْسِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، أَبُو سُلَيْمَانَ، وَقِيْلَ لِجَدِّهِم: حَنْظَلَةُ الغَسِيْلُ، لأَنَّهُ لَمَّا اسْتُشْهِدَ يَوْم أُحُدٍ كَانَ جُنُباً، فَغَسَّلَتْهُ المَلاَئِكَةُ.
رَأَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنَ الصَّحَابَةِ: سَهْلَ بنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَأَسِيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُبَيْد، وَالمُنْذِرِ بنِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَأَخِيْهِ الزُّبَيْرِ، وَعَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ، وَعَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَكِيْعٌ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحمَّاني، وَأَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ المَسْعُوْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي الوَزِيْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاهِبِ، وجُبَارة بنُ المُغَلِّسِ، وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَرَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنْ يَحْيَى: صُوَيْلِحٌ.
تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاء، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّص، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاهِبِ الحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنُ الغَسِيْلِ، عَنْ أَسِيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي أَسيد -وَكَانَ بَدْرِيّاً- قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِساً، فَجَاءَ رَجُلٌ من الأنصار فقال ... 2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 939"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1134"، المجروحين لابن حبان "2/ 57"، تاريخ بغداد "10/ 225"، العبر "1/ 260"، الكاشف "2/ ترجمة 3254"، وميزان الاعتدال "2/ 568"، تهذيب التهذيب "6/ 189"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4119"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 280".
2 ضعيف: وتمام الحديث عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال رجل: يا رسول الله! هل بقي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما؟ قال: "نعم خصال أربع: الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما".
أخرجه أحمد "3/ 497-498"، والبخاري في "الأدب المفرد" "35"، وأبو داود "5142"، وابن ماجه "3664"، وابن حبان "2030"، والحاكم "4/ 154"، والبيهقي "4/ 28"، والطبراني في "الكبير" "19/ 592" من طرق عن عبد الرحمن بن سليمان، عن أسيد بن علي بن عبيد مولى بني ساعدة، عن أبيه، عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، رجاله ثقات خلا علي بن عبيد الأنصاري، مولى أبي أسيد، مجهول، لم يرو عنه غير ابنه أسيد، وذكره ابن حبان في "الثقات" على عادته في تعديل المجهولين، وقد أشار الحافظ إلى جهالته في "التقريب" بقوله: مقبول.
وقد ذكرت الحديث في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" المجلد الأول برقم حديث "354" فراجعه ثمت تُفد علمًا كثيرًا، وخيرًا جمًّا يسَّر الله طبع باقي المجلدات وأكثر النفع به، وجعله وسائر أعمالي في ميزان حسناتي بكرمه ومنه إنه سميع مجيب كريم جوَّاد.

(7/26)


1113- عثمان البُرِّي 1: "ت"
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، فَقِيْهُ البَصْرَةِ، أَبُو سَلَمَةَ عُثْمَانُ بنُ مِقْسَم الكِنْدي مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ، البُرِّي.
يَرْوِي عَنْ: يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَسَعِيْدٍ المَقْبرِي، وَنَافِعٍ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَحَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَفَرْقَدَ السَّبَخِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَطَائِفَةٍ وَكَانَ مِمَّنْ صَنَّفَ العِلْم، وَدَوَّنَهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَسَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ سَلاَّمٍ، وشيبان بن فَرُّوخ، وآخرون.
تَرَكَه ابْنُ المُبَارَكِ، والقَطَّان، وَكَانَ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ يُزَنَّ بِبِدْعَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوْكٌ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: أَفَادَنِي عُثْمَانُ البُرِّيُّ عَنْ قَتَادَةَ حَدِيْثاً، فَسَأَلْتُ قَتَادَةَ، فَمَا عَرَفَهُ، فَجَعَلَ عُثْمَانُ يَقُوْلُ: بَلْ أَنْتَ حَدَّثْتَنِي، فَيَقُوْلُ: لاَ. فَقَالَ قَتَادَةُ: هَذَا يُخبِرُنِي عَنِّي أَنَّ لِي عَلَيْهِ ثَلاَثَ مائَةِ دِرْهَمٍ.
قَالَ مُؤَمَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ البُرِّيَّ يَقُوْلُ: كَذَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ.
وَقَالَ عَفَّانُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ البُرِّيَّ يُنْكِرُ المِيْزَانَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَيْسَ بِمِيْزَانٍ، إِنَّمَا هُوَ العَدْلُ.
وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ قَدَرِيّاً، وَيَغلَطُ، وَفِي كِتَابِهِ الصَّوَابُ، فَلاَ يَرجِعُ إِلَيْهِ، وَكَانَ يَرْوِي عِشْرِيْنَ حَدِيْثاً. وَحَدَّثَنِي ثِقَةٌ: أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ: {تَبَّتْ} فِي أُمِّ الكِتَابِ? فَقَالَ: لَمْ تَكُنْ، وَإِنَّمَا فِي الكِتَابِ: ت، ب، ت.
قُلْتُ: رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ حَدِيْثاً مِنْ طَرِيْقِ زَيْدِ بنِ الحُبَابِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الكِندي، عَنْ فَرْقَدَ السبخي، فهو البري.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 285"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2319"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 123 و148" و"3/ 34 و62"، الجرح والتعديل "6/ 167"، المجروحين لابن حبان "2/ 101"، ميزان الاعتدال "3/ 59".

(7/27)


1114- خارجة بن مصعب 1: "ت، ق"
ابن خارجة، الإِمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ خُرَاسَانَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بن طَهْمَانَ، أَبُو الحَجَّاجِ الضُّبَعي، السَّرْخَسي.
ارْتَحَلَ وَأَخَذَ عَنْ: عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، وبُكَير بنُ الأَشَجِّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَشَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِر، وَعَمْرِو بنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، وَيُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَعِيْسَى بنُ مُوْسَى غُنْجار، وَوَكِيْعٌ، وَحَفْصُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَيَزِيْدُ بنُ صَالِحٍ الفَرَّاءُ، وَنُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، وَجَمَاعَةٌ.
رَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى قَالَ: هُوَ مُسْتقِيْمُ الحَدِيْثِ عِنْدَنَا، وَلَمْ نُنْكِرْ مِنْ حَدِيْثِهِ إِلاَّ مَا كَانَ يُدَلِّسُ عَنْ غِيَاثٍ، فَإِنَّا كُنَّا نَعرِفُ تِلْكَ الأَحَادِيْثَ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ -يَعْنِي: مَا هُوَ بِمُتَّهَمٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكتب حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَغلطُ وَلاَ يتعمَّد.
وَقَالَ عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: نَهَانِي أَبِي أَنْ أَكْتُبَ أَحَادِيْثَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيْثَهُ وَاتَّقَوْهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الجُوْزَجَانِيُّ: يُرْمَى بالإرجاء.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، قَالَ: كَانَ خَارِجَةُ يُطْعِمُ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ، ويُزْرِي عَلَى مَنْ لاَ يَأْكُلُ.
قَالَ وَلَدُهُ مُصْعَبٌ: تُوُفِّيَ أَبِي سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَلَهُ ثمانٍ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَتْنَا زَيْنَبُ الكنديَّة، عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرية، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الغَافِرِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا بِشْرُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ سَنَةَ "293"، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، أَنْبَأَنَا خَارِجَةُ، عَنْ زَيْدِ بن أسلم، عن عبد الرحمن بن وَعْلة: أَنَّهُ سَأَلَ ابْن عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنِّيْ أَغَزْو المَغْرِبَ، فَنجِدُ لَهُم أَسْقِيَةً مِنْ جُلُودِ المَيتَةِ? قَالَ: مَا أَدْرِي، إِلاَّ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "كُلُّ إِهَابٍ دبغ فقد طهر" 2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 371"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 702"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 37"، الكنى للدولابي "1/ 144"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1716"، المجروحين لابن حبان "1/ 288"، الأنساب للسمعاني "8/ 142"، العبر "1/ 252"، ميزان الاعتدال "1/ 625"، الكاشف "1/ ترجمة 1312"، تهذيب التهذيب "3/ 76"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1736"، شذرات الذهب "1/ 265".
2 صحيح: أخرجه مسلم "366"، وأبو داود "4123"، والترمذي "1728"، وابن ماجة "3609"، وأحمد "1/ 219 و270 و343" من طريق زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن وعلة، به.

(7/28)


1115- المَخْرَمِي 1: "م، 4"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ابْنِ صَاحِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المِسْوَرِ بن مخرمة الزهري، المخرمي، المدني.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَمَّةِ، أَبِيْهِ؛ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ المسْوَر، وَسَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَاضِي، وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَعُثْمَانَ الأَخْنَسِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ، وَخَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ، وَعِدَّةٌ. وَكَانَ: فَقِيْهاً، مُفْتِياً، بَصِيْراً، بِالمَغَازِي.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: صَدُوْقٌ، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. وَجَاءَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ رَجَّحَهُ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ فِي "مُسْنَدِ العَبَّاسِ": سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى تَنَاظَرَا فِي المَخْرَمِيِّ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَجَعَلَ أَحْمَدُ يُقدِّمُ المَخْرَمِيَّ، وَقَدَّمَ ابْنُ مَعِيْنٍ عَلَيْهِ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، وَقَالَ المَخْرَمِيُّ: شُوَيْخٌ، وَأَيُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ؟
وَقِيْلَ: كَانَ قَصِيْراً جِدّاً.
لَهُ فَضْلٌ، وَشَرَفٌ، وَمُرُوْءةٌ، وَلَهُ هَفْوَةٌ، نَهَضَ مَعَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، وَظَنَّهُ المَهْدِيُّ، ثُمَّ إِنَّهُ نَدِمَ فِيْمَا بَعْدُ، وَقَالَ: لاَ غَرَّني أَحَدٌ بَعْدَهُ.
وَقَدْ أَسرَفَ ابْنُ حِبَّانَ وَبَالغَ، فَقَالَ: يَرْوِي عَنْ: سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَكَانَ كَثِيْرَ الوَهْمِ فِي الأَخْبَارِ، حَتَّى رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ مَا لاَ يُشْبِهُ حَدِيْثَ الأَثْبَاتِ، فَإِذَا سَمِعَهَا مَنِ حديث صِنَاعتُهُ، شَهِدَ أَنَّهَا مَقْلُوْبَةٌ، فَاسْتحَقَّ التَّركَ.
قُلْتُ: كَيْفَ يُترَكُ، وَقَدِ احْتجَّ مِثْلُ الجَمَاعَةِ بِهِ، سوى البخاري، ووثقه مِثْلُ أَحْمَدَ.
مَاتَ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 147"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 100"، المجروحين لابن حبان "2/ 27"، الإكمال لابن ماكولا "7/ 311"، الكاشف "2/ ترجمة 2693"، العبر "1/ 258" ميزان الاعتدال "2/ 403"، تهذيب التهذيب "5/ 171"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3426" وشذرات الذهب "1/ 278".

(7/29)


1116- أَمَّا سَمِيُّهُ وَعَصْرِيُّهُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ نَجِيح 1:
وَالِدُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ: فواهٍ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 148"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 269"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 102"، المجروحين لابن حبان "2/ 14"، الكاشف "2/ ترجمة 2692"، ميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4247"، تهذيب التهذيب "5/ 174"، خلاصة الخزرجي، "2/ ترجمة 3429"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 288".

(7/30)


1117- ابن أبي سَبْرة 1: "ق"
الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ، قَاضِي العِرَاقِ، أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَبْرَةَ بنِ أَبِي رُهم -وَكَانَ جَدُّ أَبِيْهِ أَبُو سَبْرَةَ بَدْرِيّاً مِنَ السَّابِقِيْنَ المُهَاجِرِيْنَ- ابْنِ أبي رهم بن عَبْدِ العُزَّى القُرَشِيُّ، ثُمَّ العَامِرِيُّ. تُوُفِّيَ زَمَنَ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ بَرَّةُ عَمَّةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخُوْهُ لأُمِّهِ أَبَا سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيَّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَمَا عَلِمتُهُ رَوَى شَيْئاً.
حَدَّثَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالأَعْرَجِ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَشَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ، وَطَائِفَةٍ. وهو ضعيف الحديث من قبل حفظه.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ العَدَنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
وَرَوَى مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ المَنْصُوْرُ: يَا مَالِكُ! مَنْ بَقِيَ بِالمَدِيْنَةِ مِنَ المَشْيَخَةِ? قُلْتُ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَابْنُ أبي سبرة، وابن أبي سلمة الماجشون.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "9/ ترجمة 56"، المجروحين لابن حبان "3/ 147"، ميزان الاعتدال "4/ 503"، تهذيب التهذيب "12/ 27".

(7/30)


وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي سَبْرة يَقُوْلُ: قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: اكْتُبْ لِي أَحَادِيْثَ مِنْ حَدِيْثِكَ جِيَاداً. فكَتَبتُ لَهُ أَلفَ حَدِيْثٍ، ثُمَّ دَفعتُهَا إِلَيْهِ، مَا قَرَأهَا عليَّ، وَلاَ قَرَأْتُهَا عَلَيْهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: قَالَ لِيَ الحَجَّاجُ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ: عِنْدِي سَبْعُوْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ فِي الحَلاَلِ وَالحَرَامِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: هُوَ عِنْدِي مِثْلُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: لَيْسَ حَدِيْثُه بِشَيْءٍ، قَدِمَ هاهنا، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ: عِنْدِي سَبْعُوْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ، إِنْ أَخَذْتُم عَنِّي كَمَا أَخَذَ عَنِّي ابْنُ جُرَيْجٍ، وَإِلاَّ فَلاَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوْكٌ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ وَصَالِحٌ ابْنَا أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِمَا، قَالَ: كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ.
قُلْتُ: يُقَالُ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ. وَقِيْلَ: عبد الله.
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ قُرَيْشٍ، وَلاَّهُ المَنْصُوْرُ القَضَاءَ، وَكَانَ خَرَجَ مَعَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، وَكَانَ عَلَى صَدَقَاتِ أَسدٍ وَطَيِّئٍ، فَقَدِمَ عَلَى مُحَمَّدٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ، فَلَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ، أُسِرَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَسُجِنَ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَ المَنْصُوْرُ جَعْفَرَ بنَ سُلَيْمَانَ عَلَى المَدِيْنَةِ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ رَحِماً، وَقَدْ أَسَاءَ وَأَحْسَنَ، فَأَطلِقْهُ وَأَحْسِنْ جِوَارَهُ.
وَكَانَ الإِحسَانُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ الرَّبِيْعِ الحَارِثِيَّ، قدم المدينة بعدما شَخَصَ عَنْهَا عِيْسَى بنُ مُوْسَى وَمَعَهُ العَسْكَرُ، فَعَاثُوا بِالمَدِيْنَةِ، وَأَفسَدُوا. فَوَثَبَ عَلَى الحَارِثِيِّ سُودَانُ المَدِيْنَةِ وَالرَّعَاعُ، فَقَتَلُوا جُنْدَهُ، وَطَردُوهُم، وَنَهبُوا مَتَاعَ الحَارِثِيِّ. فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِبِئْرِ المُطَّلبِ يُرِيْدُ العِرَاقَ، فَكَسَرَ السُّودَانُ السِّجنَ، وَأَخْرَجُوا ابْنَ أَبِي سَبْرَةَ حَتَّى أَجلَسُوهُ عَلَى المِنْبَرِ، وَأَرَادُوا كَسْرَ قَيْدِهِ، فَقَالَ: لَيْسَ عَلَى ذَا فَوتٍ، دَعُوْنِي حَتَّى أَتَكَلَّمَ فَتَكَلَّمَ فِي أَسفَلِ المِنْبَرِ، وَحَذَّرَهُمُ الفِتْنَةَ، وَذَكَّرَهُم مَا كَانُوا فِيْهِ، وَوَصفَ عَفْوَ المَنْصُوْرِ عَنْهُم، وَأَمَرَهُم بِالطَّاعَةِ. فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى كَلاَمِهِ، وَتَجمَّعَ القُرَشِيُّوْنَ، فَخَرَجُوا إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ الرَّبِيْعِ، فَضمِنُوا لَهُ مَا ذَهَبَ لَهُ وَلِجُنْدِهِ. وَكَانَ قَدْ تَأَمَّرَ عَلَى السُّودَانِ وَثِيقٌ الزَّنْجِيُّ، فَأُمسِكَ، وَقُيِّدَ، وَأَتَى ابْنُ الرَّبِيْعِ، ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ إِلَى الحَبسِ، حَتَّى قَدِمَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، فَأَطلَقَهُ وَأَكْرَمَهُ، ثُمَّ صَارَ إِلَى المَنْصُوْرِ، فَوَلاَّهُ القَضَاءَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ غَيْرُ مَحْفُوْظٍ، وَهُوَ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَضَعُ الحَدِيْثَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلِيَ القَضَاءَ لِمُوْسَى الهَادِي، إِذْ هُوَ وَلِيُّ عَهْدٍ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ مَكَّةَ لزِيَادِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَعَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً، فَلَمَّا مَاتَ، اسْتُقْضِيَ بَعْدَهُ القَاضِي أَبُو يُوْسُفَ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَكَذَا وَرَّخَ مَوْتَه جَمَاعَةٌ. وَفِي "طَبَقَاتِ" أَبِي إِسْحَاقَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ. وَهُوَ وَهْمٌ.

(7/31)


1118- أبو بكر النَّهْشَلي 1: "م، ت، س، ق"
الكوفي، مِنْ عُلَمَاءِ الكُوْفَةِ فِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ، وَلاَ يُعرَفُ إِلاَّ بِكُنْيَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ النَّخَعِيِّ، وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَزِيَادِ بنِ عِلاقة، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَبَهْزُ بنُ أَسَدٍ، وَعَوْنُ بنُ سَلاَّمٍ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وجُبَارة بنُ المُغَلِّس، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ. وَهُوَ الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي القَطَّافِ. وَأَصحُّ مَا قِيْلَ فِي اسْمِهِ: عَبْدُ اللهِ. وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ حِبَّان، فَقَالَ: كَانَ شَيْخاً صَالِحاً، فَاضِلاً، غَلَبَ عَلَيْهِ التَّقَشُّفُ، حَتَّى صَارَ يَهِمُ وَلاَ يَعْلَمُ، وَيُخطِئُ وَلاَ يَفهَمُ، فَبَطَلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ صَدُوْقٌ، احْتجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ صَالِحاً، يَثِبُ لِلصَّلاَةِ فِي مَرَضِهِ، وَلاَ يَقدِرُ، فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُوْلُ: أُبَادِرُ طيَّ الصَّحِيْفَةِ.
قَالُوا: تُوُفِّيَ النَّهْشَلِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ ومائة، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 378"، التاريخ الكبير "9/ ترجمة 54"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 229"، ميزان الاعتدال "4/ 496"، العبر "1/ 247"، تهذيب التهذيب "12/ 44"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 261".

(7/32)


1119- عبد الله بن عَيَّاش 1: "م، س"
ابن عباس، الإِمَامُ، العَالِمُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو حَفْصٍ القِتْباني، المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمز الأَعْرَجِ، وَأَبِي عُشَّانة المَعَافِرِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، وَوَالِدِهِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ، وَآخَرُوْنَ.
احْتجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، لَيْسَ بِالمَتِيْنِ. وَقَالَ أَيْضاً: هُوَ قَرِيْبٌ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: حَدِيْثُه فِي عِدَادِ الحَسَنِ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ قَرِيْبٌ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، تَصلِيحٌ لِحَالِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، إِذْ يُقارب فِي الوَزنِ بِشَيْخٍ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ أَوثَقُ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، وَأَنَّ ابْنَ لَهِيْعَة أَعْلَمُ بِكَثِيْرٍ منه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 459"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 161"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 580"، الإكمال لابن ماكولا "6/ 72"، الكاشف "2/ ترجمة 2934"، ميزان الاعتدال "2/ 469"، تهذيب التهذيب "5/ 351"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3717"، شذرات الذهب "1/ 55".

(7/33)


1120- عبد الحميد بن بَهرَام 1: "ت، ق"
الفزاري المدائني، المُحَدِّثُ، صَاحِبُ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ.
رَوَى عَنْ شَهْرٍ نُسْخَةً حَسَنَةً، وَعَنْ: عَاصِمٍ الأَحْوَلِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، ورَوْح بنُ عُبادة، وَالفِرْيَابِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَيَّاش، وَأَبُو صَالِحٍ الكَاتِبُ، وسَعْدَوَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدِيْثُه عَنْ شَهْرٍ مُقَارِب، وَهِيَ سَبْعُوْنَ حَدِيْثاً، كان يَحفظُهَا كَأَنَّهَا سُوْرَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَحَادِيْثُه عَنْ شَهْرٍ صِحَاحٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَكَذَا وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى وَلاَ ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثَانِ عَنْهُ شَيْئاً قَطُّ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ حَفْصٍ المَدَائِنِيُّ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: نِعْمَ الشَّيْخُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَام، لَكِنْ لاَ تَكتُبُوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ يَرْوِي عَنْ شَهْر.
قُلْتُ: كَانَ سَمَاعُهُ مِنْ شَهْرٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ، وكان موته قبل السبعين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1685"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 98"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 42"، الكاشف "2/ ترجمة 3135"، ميزان الاعتدال "2/ 538"، تهذيب التهذيب "6/ 109"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3968".

(7/33)


1121- الربيع بن يونس 1:
الوَزِيْرُ، الحَاجِبُ الكَبِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ الأُمَوِيُّ، مِنْ مَوَالِي عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حَجَبَ لِلْمَنْصُوْرِ، ثُمَّ وَزَرَ لَهُ بَعْدَ أَبِي أَيُّوْبَ المُوْرِيَانِيِّ، وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ، وألبَّائهم، وَفُضَلاَئِهِم. قَالَ لَهُ المَنْصُوْرُ: مَا أَطْيَبَ الدُّنْيَا لَوْلاَ المَوْتُ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَا طَابتْ إِلاَّ بِالمَوْتِ. قَالَ: وَكَيْفَ? قَالَ: لَوْلاَ المَوْتُ لَمْ تَقْعُدْ هَذَا المَقْعَدَ.
يُقَالُ: إِنَّ الهَادِي سَمَّهُ. وقيل: مرض ثمانية أيام، ومات.
قَالَ الطَّبَرِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعِيْنَ. وَعَمِلَ حِجَابَةَ الرشيد ابنُه الفضل بن الربيع.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 414"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 235"، شذرات الذهب "1/ 274".

(7/34)


1122- نافع 1:
ابن أبي نُعيم الإِمَامُ، حَبْرُ القُرْآنِ، أَبُو رُوَيم. وَيُقَالُ: أَبُو الحَسَنِ. وَيُقَالُ: أَبُو نُعَيْمٍ. وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ. وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى جَعْونة بنِ شَعُوْبٍ اللَّيْثِيِّ، حَلِيْفِ حَمْزَةَ عَمِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيْلَ: حَلِيْفُ العَبَّاسِ، أَخِي حَمْزَةَ، أَصْلُهُ أَصْبَهَانِيٌّ.
وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَجَوَّدَ كِتَابَ اللهِ عَلَى عِدَّةٍ مِنَ التَّابِعِيْنَ، بِحَيْثُ إِنَّ مُوْسَى بنَ طَارِقٍ حَكَى عَنْهُ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى سَبْعِيْنَ مِنَ التَّابِعِيْنَ.
قُلْتُ: قَدِ اشْتُهرت تِلاَوَتُهُ عَلَى خَمْسَةٍ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ -صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ- وَأَبِي جَعْفَرٍ يَزِيْدَ بنِ القَعْقَاعِ- أَحَدِ العَشَرَةِ2، وَشَيْبَةَ بنِ نِصَاح، وَمُسْلِمِ بنِ جُنْدب الهُذَلِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ. وَحَمَلَ هَؤُلاَءِ عَنْ أَصْحَابِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، كَمَا أَوضَحنَاهُ فِي "طَبَقَاتِ القُرَّاءِ". وَصَحَّ: أَنَّ الخَمْسَةَ تَلَوْا عَلَى مُقْرِئِ المَدِيْنَةِ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيِّ، صاحب أبي. وقيل: إنهم قرءوا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً، وَعَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيْهِ احْتمَالٌ. وَقِيْلَ: إِنَّ مُسْلِمَ بنَ جُنْدُب قَرَأَ عَلَى حَكِيْمِ بنِ حِزام، وَابْنِ عُمَرَ.
قَالَ الهُذَلي فِي "كَامِلِهِ": كَانَ نَافِعٌ مُعَمَّراً، أَخَذَ القُرْآنَ عَلَى النَّاسِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ -كَذَا قَالَ الهُذَلِيُّ- وَبِالجهدِ أَنْ يَكُوْنَ نَافِعٌ فِي ذَلِكَ الحِيْنِ يَتلقَّنُ وَيَتردَّدُ إِلَى مَنْ يُحفِّظه، وَإِنَّمَا تَصدَّرَ لِلإِقْرَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيْلٍ، وَلَعلَّهُ أَقرَأَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، مَعَ وُجُوْدِ أَكْبَرِ مَشَايِخِه.
قَالَ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ: نَافِعٌ إِمَامُ النَّاسِ فِي القِرَاءةِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: قِرَاءةُ نَافِعٍ سُنَّةٌ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ المُسَيِّبي، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ عِدَّةً مِنَ التَّابِعِيْنَ، فَنَظَرْتُ إِلَى مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ اثْنَانِ مِنْهُم، فَأَخَذتُهُ، وَمَا شَذَّ فِيْهِ وَاحِدٌ تَرَكتُهُ، حَتَّى أَلَّفْتُ هَذِهِ القِرَاءةَ.
وَرُوِيَ أَنَّ نَافِعاً كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ تُوجَدُ مِنْ فِيْهِ رِيْحُ مِسْكٍ، فَسُئِلَ عَنْهُ، قَالَ: رَأَيتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ تَفَلَ فِي فيِّ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ: حَجَجْتُ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ، وَإِمَامُ النَّاسِ فِي القِرَاءةِ بِالمَدِيْنَةِ نَافِعُ بنُ أَبِي نُعَيْمٍ.
قُلْتُ: لاَ رِيْبَ أَنَّ الرَّجُلَ رَأْسٌ فِي حَيَاةِ مَشَايِخِه، وَقَدْ حَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَالأَعْرَجِ، وَعَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَمَا هُوَ مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ.
تَلاَ عَلَيْهِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ المُسَيِّبِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ وَرْشٌ، وَعِيْسَى قالون.
وروى عنه: القَعْنَي، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَخَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أويس.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2281"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2089"، تهذيب التهذيب "10/ 407"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7459".
2 أي: أحد القراء العشرة.

(7/35)


وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بأس.
وَلَيَّنَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ -أَعْنِي فِي الحَدِيْثِ- أَمَّا فِي الحُرُوْفِ فَحُجَّةٌ بِالاتِّفَاقِ.
وَقِيْلَ: كَانَ أَسْوَدَ اللَّونِ، وَكَانَ طَيِّبَ الخُلُقِ، يُبَاسِط أَصْحَابَهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الكَامِلِ": لَهُ نُسْخَةٌ عَنِ الأَعْرَجِ، نَحْوٌ مِنْ مائَةِ حَدِيْثٍ، وَلَهُ نُسْخَةٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَلَهُ مِنَ التَّفَارِيقِ قَدْرُ خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً، وَلَمْ أَرَ لَهُ شَيْئاً مُنْكَراً.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يُعدَّ حَدِيْثُه حَسَناً، وَبَاقِي أَخْبَارِهُ فِي "طَبَقَاتِ القُرَّاءِ".
وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَى هَذَا الإِمَامِ: مَالِكٌ الإِمَامُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، قَبْلَ مَالِكٍ بِعَشْرِ سنين.

(7/36)


1123- محمد بن طلحة 1: "خ، م، د، ت، ق"
ابن مُصَرِّف اليامي، الكُوْفِيُّ، المُحَدِّثُ، أَحَدُ الثِّقَاتِ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ، وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، وَالحَكَمِ بنِ عُتَيبة، وَزُبَيْدِ بنِ الحَارِثِ اليَامِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَحَسَّانُ بنُ حَسَّانٍ البَصْرِيُّ، وَعَوْنُ بنُ سَلاَّمٍ، وجُبَارة بنُ المُغَلِّس، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوْقٌ.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وَقَالَ أَحْمَدُ: صَالِحُ الحَدِيْثِ، ثِقَةٌ، لاَ يَكَادُ يَقُوْلُ حَدَّثَنَا -يَعْنِي: إِنَّمَا يُعَنْعِنُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كَانَ يُقَالُ: يُتقى حَدِيْثُ ثَلاَثَةٍ: فُلَيْحٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ، وَأَيُّوْبَ بنِ عُتْبَةَ. رَوَاهَا: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْهُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا? قَالَ: مَنْ أَبِي كَامِلٍ مُظَفَّر بنِ مُدرك. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا كَامِلٍ يَذْكُرُ مُحَمَّدَ بنَ طَلْحَةَ، فَقَالَ: كَانَ يَقُوْلُ: مَا أَذْكُرُ أَبِي إِلاَّ شِبْهَ الحُلُم.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: هُوَ صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَيَجِيْءُ حَدِيْثُه مِنْ أَدَانِي مَرَاتِبِ الصَّحِيْحِ، وَمِنْ أَجْوَدِ الحَسَنِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَكَ أَنَّ "الصَّحِيْحَيْنِ" فِيْهِمَا الصَّحِيْحُ وَمَا هُوَ أَصحُّ مِنْهُ. وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: فِيْهِمَا الصَّحِيْحُ الَّذِي لاَ نِزَاعَ فِيْهِ، وَالصَّحِيْحُ الَّذِي هُوَ حَسَنٌ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَكَ أَنَّ الحَسَنَ قِسمٌ دَاخِلٌ فِي الصَّحِيْحِ، وَأَنَّ الحَدِيْثَ النَّبَوِيَّ قِسمَانِ: لَيْسَ إِلاَّ صَحِيْحٌ: وَهُوَ عَلَى مَرَاتِبَ، وَضَعِيْفٌ: وَهُوَ عَلَى مَرَاتِبَ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 376"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 358"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 178"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1581"، الكاشف "3/ ترجمة رقم 4998"، العبر "1/ 251"، ميزان الاعتدال "3/ 587"، تهذيب التهذيب "9/ 238"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6330"، شذرات الذهب "1/ 264".

(7/37)


1124- عبد الله بن عمر 1: "4، م تبعًا"
ابنِ حَفْصِ بنِ عَاصِمٍ ابْنِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ، العُمَرِيُّ، المَدَنِيُّ، أَخُو عَالِمِ المَدِيْنَةِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ وَأَخَوَيه: عَاصِمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ.
وُلِدَ فِي أَيَّامِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِي، وَوَهْبِ بنِ كَيْسَانَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَأَخِيْهِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَكِيْعٌ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، والقَعْنَبي، وَإِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَرْوي، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ عَالِماً، عَامِلاً، خَيِّراً، حَسَنَ الحَدِيْثِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: صُوَيْلِحٌ.
وَكَانَ يَحْيَى القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُ، وكان عبد الرحمن يحدث عنه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 441"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 429" و"2/ 665"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 499"، المجروحين لابن حبان "2/ 6"، تاريخ بغداد "10/ 19"، الأنساب للسمعاني "9/ 57"، الكاشف "2/ ترجمة 2903"، ميزان الاعتدال "2/ 465"، العبر "1/ 260"، تهذيب التهذيب "5/ 326"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3677"، شذرات الذهب "1/ 279".

(7/37)


وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: ضَعِيْفٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً، وَكَانَ يُسْأَلُ فِي حَيَاةِ أَخِيْهِ عَنِ الحَدِيْثِ، فَيَقُوْلُ: أَمَا وَأَبُو عُثْمَانَ حَيٌّ فَلاَ. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَزِيْدُ فِي الأَسَانِيْدِ وَيُخَالِفُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، مرفوعًا: "من أتى عرافًا ... " 1.
وَبِهِ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّل لِحْيَتَهُ2.
وَبِهِ: "أَنَّ أَهْلَ قُبَاء كَانُوا يُجَمِّعُوْنَ".
وَبِهِ: مَرْفُوْعاً: "لاَ يُحَرِّمُ الحَلاَلَ الحرامُ"3 ... ، وَلَهُ غَيْرُ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ عَلَى الصَّحِيْحِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدِيْثُه يَتردَّدُ فِيْهِ النَّاقِدُ، أَمَا إِنْ تَابعَهُ شَيْخٌ فِي رِوَايتِهِ، فَذَلِكَ حَسَنٌ قَوِيٌّ. إِنْ شاء الله.
__________
1 صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، لضعف عبد الله بن عمرو بن حفص، وتمام الحديث: "من أتى عرافا يسأله لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". وله شاهد صحيح أخرجه مسلم "2230" من طريق محمد بن المثنى، حدثنا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صفية عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ أتى عرافا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة". والعراف هو المنجم الذي يدعي علم الغيب، وقد استأثر الله به.
2 صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، آفته عبد الله بن عمر بن حفص، فإنه ضعيف لكن للحديث شاهد عن عثمان أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يخلل لحيته. أخرجه الترمذي "31"، وابن ماجه "430"، والحاكم "1/ 149" من طريق عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان، به. وله شاهد من حديث أنس: عند أبي داود "145".
3 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "2051" من طريق يحيى بن معلى بن منصور، حدثنا إسحاق بن محمد الفروي حدثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحرم الحرام الحلال.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: إسحاق بن محمد، ضعيف لسوء حفظه والعلة الثانية: عبد الله بن عمر بن حفص، ضعيف، أجمعوا على ضعفه.

(7/38)


1125- فُضَيل بن مرزوق 1: "4، م، تَبعاً"
المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَنَزِيُّ مَوْلاَهُم، الكُوْفِيُّ، الأَغَرُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ الجُهَنِيِّ، وَعَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، وَشَقِيْقِ بنِ عُقْبَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ، صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَكِيْعٌ، وَيَزِيْدُ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَسَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَجَاءَ عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ ضعَّفه. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ. وَقَالَ الحَاكِمُ: عِيْبَ عَلَى مُسْلِمٍ إِخرَاجُهُ فِي "صَحِيْحِهِ".
قُلْتُ: مَا ذَكرَهُ فِي الضُّعَفَاءِ البُخَارِيُّ، وَلاَ العُقَيلي، وَلاَ الدُّوْلاَبِيُّ، وَحَدِيْثُه فِي عِدَادِ الحَسَنِ -إِنْ شَاءَ اللهُ- وَهُوَ شِيْعِيٌّ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ جِدّاً.
قُلْتُ: إِنَّمَا يَرْوِي لَهُ مُسْلِمٌ فِي المُتَابعَاتِ. وَقِيْلَ: كَانَ يَأْتِي عَنْ عَطِيَّةَ بِبَلاَيَا. وَقَدْ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضاً: هُوَ مِمَّنْ أَسْتخِيْرُ اللهَ فِيْهِ.
قُلْتُ: كَانَ يَتَأَلَّهُ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ جَميل: جَاءَ فُضَيْلُ بنُ مَرْزُوْقٍ -وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الهُدَى زُهْداً وَفَضْلاً- إِلَى الحَسَنِ بنِ حَيٍّ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ، فَأَخَرَجَ لَهُ سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ: لَيْسَ مَعِي غَيْرُهَا. قَالَ سُبْحَانَ اللهِ! لَيْسَ عِنْدَك، غَيْرُهَا وَأَنَا آخُذُهَا؟! فَأَبَى ابْنُ حَيٍّ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَهَا، فَأَخَذَ ثَلاَثَةً، وَتَرَكَ ثَلاَثَةً.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَبْلَ سَنَةِ سَبْعِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 547"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 537" و"2/ 759" و"3/ 133"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 423"، المجروحين لابن حبان "2/ 209"، الكاشف "2/ ترجمة 4562"، ميزان الاعتدال "3/ 363"، المغني "2/ ترجمة 4960"، تقريب التهذيب "2/ 113"، تهذيب التهذيب "8/ 298"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5745".

(7/39)


1126- مُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ 1: "4"
المَكْحُوْلِيُّ الدِّمَشْقِيُّ المُحَدِّثُ، نَزِيْلُ البَصْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: مَكْحُوْلٍ -وَإِلَيْهِ يُنسَبُ، فَأَحْسِبُهُ ابْنَ مَوْلاَهُ- وَعَنْ: عَبْدَةَ بنِ أَبِي لُبَابَةَ، وَلَيْثِ بنِ أَبِي رُقَيَّةَ، وَأَبِي وَهْبٍ عُبَيْدِ اللهِ الكَلاَعِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ -وَمَاتَا قَبْلَهُ- وَبَقِيَّةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَحَبَّانُ بنُ هِلاَلٍ، وَعَارِمٌ، وَحَفْصُ بنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ، وَبِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَشَيْبَانُ بنُ فَرُّوخ، وَجَمَاعَةٌ خَاتِمَتُهُم: عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحي.
وَثَّقَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِحَدِيْثِهِ بَأْسٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ، فَحَدِيْثُه مُسْتقِيْمٌ.
وَكَنَّاهُ البُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: أَبَا يَحْيَى.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مَا رَأَيتُ رَجُلاً أَورَعَ مِنْهُ.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ أَبُو النَّضْرِ: كُنْتُ أُوْصِي شُعْبَةَ بالرُّصافة، فَدَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ. فَقَالَ لِي شُعْبَةُ: أَمَا كَتَبْتَ عَنْهُ؟ أَمَا إِنَّهُ صَدُوْقٌ، وَلَكِنَّهُ شِيْعِيٌّ قَدَرِيٌّ. وَقَالَ الفَلاَّسُ: قَدَرِيٌّ.
مَحْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ لِي: لاَ تَكتُبْ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ رَاشِدٍ، فَإِنَّهُ مُعْتَزِلِيٌّ رَافِضِيٌّ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِر: لَمْ يَكُنْ ثِقَةً، كَانَ يُصَحِّفُ.
قَالَ الجُوْزجاني: يَشتمِلُ عَلَى غَيْرِ بِدْعَةٍ، وَكَانَ مُتَحَرِّياً لِلصِّدْقِ.
وَعَنْ أَبِي مُسْهِرٍ: كَانَ يَرَى السَّيْفَ، فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدمشقي: مات بعد سنة ستين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 212"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 125"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1385"، والمجروحين لابن حبان "2/ 253"، تاريخ بغداد "5/ 271"، الكاشف "3/ ترجمة 4917"، ميزان الاعتدال "3/ 543"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 68"، تهذيب التهذيب "9/ 158"، تقريب التهذيب 2/ 160"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 2611".

(7/40)


1127- هشام بن سعد 1: "م، 4"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو عَبَّادٍ القُرَشِيُّ مولاهم، المدني، الخَشَّابُ، يَتِيْمُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدٍ المقبُري، وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، ونُعَيم المُجْمِر، وَابْنِ شِهَابٍ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَهُوَ مُكْثرٌ عَنْهُ، بَصِيْرٌ بِحَدِيْثِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَكِيْعٌ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ أَبِي فُدَيك، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدي، والقَعْنَبي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: فِيْهِ ضَعْفٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَكُنْ بِالحَافِظِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ وَابْن إِسْحَاقَ عِنْدِي سَوَاءٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَرْوِي عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ ثِقَةٌ، أَثْبَتُ النَّاسِ فِي زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ كَذَا وَكَذَا.
وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِذَاكَ القَوِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَعَ ضَعفِه يُكتَبُ حَدِيْثُه.
وَتَقَعَّرَ ابْنُ حِبَّانَ كَعَوَائِدِه، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسيِّب، كَذَا فِي النُّسْخَةِ. ثُمَّ قَالَ: كَانَ مِمَّنْ يَنْقلُ الإِسْنَادَ، وَهُوَ لاَ يَفْهمُ، وَيُسْنِدُ المَوْقُوْفَاتِ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُ، فَلَمَّا كثر
مخالفته للأثبات فيما يرويه عن الثِّقَاتِ، بَطَلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ، وَإِنِ اعْتُبِرَ بِمَا وَافَقَ الثِّقَاتِ مِنْ حَدِيْثِهِ، فَلاَ ضَيْرَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عن معاذ بن عبد الله بن خُبَيب، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا عَرَفَ الغُلاَمُ يَمِيْنَهُ مِنْ شِمَالِهِ، فَمُرُوْهُ بِالصَّلاَةِ"2.
قُلْتُ: احْتجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ. وَمَاتَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ستين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2706"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 173" و"3/ 171"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 241"، المجروحين لابن حبان "3/ 89"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 196"، والكاشف "3/ ترجمة 6069"، المغني "2/ ترجمة 6748"، العبر "1/ 237"، تاريخ الإسلام "6/ 311"، ميزان الاعتدال "4/ 298"، تهذيب التهذيب "11/ 39"، تقريب التهذيب "3/ 318" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 251".
2 ضعيف: أخرجه أبو داود "497" من طريق سليمان بن داود المهري، عن هشام بن سعد، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته هشام بن سعد، قال ابن معين: ليس بذاك القوي وليس بمتروك. وقال النسائي: ضعيف. وقال مرة: ليس بالقوي. وقال أحمد: لم يكن بالحافظ. وكان يحيى القطان لا يحدث عنه. وقال أحمد أيضا: لم يكن محكم الحديث.

(7/41)


1128- أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ 1: "4"
عِيْسَى بنُ مَاهَانَ، عَالِمُ الرَّيِّ يُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ يَتَّجِرُ إِلَى الرَّيِّ، وَيُقِيْمُ بِهِ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ التِّسْعِيْنَ، فِي حَيَاة بَقَايَا الصَّحَابَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وقتادة، والربيع بن أنس، وجماعة.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ الخُرَيبي، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَخَلَفُ بنُ الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَير، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: يَهِمُ كَثِيْراً. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: هُوَ عِيْسَى بنُ أَبِي عِيْسَى، ثِقَةٌ، كَانَ يَخلِطُ. وَقَالَ مَرَّةً: يُكتَبُ حَدِيْثُه، إِلاَّ أَنَّهُ يُخطِئُ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ قال: هو نحو موسى بن عُبيدة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2790"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1556"، والمجروحين لابن حبان "2/ 120"، تاريخ بغداد "11/ 143"، ميزان الاعتدال "3/ 319"، والعبر "1/ 237"، تهذيب التهذيب "12/ 56"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 252".

(7/42)


وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا ثِقَةً.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: فِيْهِ ضَعْفٌ.
وَقَالَ السَّاجِيُّ: صَدُوْقٌ لَيْسَ بِمُتْقِنٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّشْتَكِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُوْلُ: لَمْ أَكْتُبْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، لأَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. ثُمَّ قَالَ الدَّشْتَكِيُّ: زَامَلَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، المَهْدِيَّ وَلَبِسَ السَّوَادَ.
قُلْتُ: زَاملَ المَهْدِيَّ إِلَى مَكَّةَ.
وَمِمَّا تَفَرَّد بِهِ حَدِيْثُ: "القُنُوت"1.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَصلُهُ مِنْ مَرْوَ، انْتقَلَ إِلَى الرَّيِّ، كَانَ مِمَّنْ يَتَفَرَّدُ بِالمَنَاكِيْرِ عَنِ المشَاهِيْرِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَطَائِفَةٌ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارْمَرْدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحاً خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شعرًا" 2.
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: "إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ سَجْدَةٍ ثُمَّ أَحَدَثَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ"3.
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ, عَنْ قَتَادَةَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ خَطْباً يَوْم القِيَامَةِ، أَكْثَرُهُمْ خوضًا في الباطل"4.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 162"، والدارقطني "2/ 239"، والبيهقي "2/ 101" من طريق أبي جعفر، عن الربيع بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: ما زال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا.
قلت: إسناده ضعيف، لضعف أبي جعفر الرازي عيسى بن ماهان، وهذا مخالف لما ثبت عن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يقنت إلا في النوازل والمُلمات.
2 صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي جعفر الرازي، لكن الحديث صحيح ثابت أخرجه البُخَارِيُّ "6155"، وَمُسْلِمٌ "2257"، وَأَبُو دَاوُدَ "5009"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2851"، وَابْنُ مَاجَهْ "3957"، والطحاوي "2/ 370"، وأحمد "2/ 288 و355 و391 و478 و480" وله شاهد عن ابن عمر: عند البخاري "6154"، وأحمد "2/ 39 و96". وشاهد آخر عن سعد بن أبي وقاص: عند مسلم "2258"، وأحمد "1/ 175 و181"، وابن ماجه "3760". وشاهد ثالث عن أبي سعيد الخدري: عند مسلم "2259"، وأحمد "3/ 8 و41".
3 ضعيف: فيه أبو جعفر الرازي، ضعيف، كما أنه مرسل.
4 ضعيف: فيه علتان: الإرسال، وضعف أبي جعفر الرازي.

(7/43)


فتح الموصلي، أما الصغير، ابن زبر

1129- فتح المَوْصلي 1:
زَاهِدُ زَمَانِهِ، فَتْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاح الأَزْدِيُّ، المَوْصِلِيُّ أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ.
لَهُ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ.
وَعَنْهُ: المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوي، وَغَيْرُهُمَا.
وَلَهُ أَحْوَالٌ وَمَقَامَاتٌ، وَقَدَمٌ رَاسخٌ فِي التَّقْوَى.
عَنِ المُعَافَى قَالَ: لَمْ أَرَ أَعقلَ مِنْهُ. قيل: كان يوقد في أتُون بعدما كَانَ يَصِيدُ السَّمَكَ، فَشَغَلَتْهُ سَمَكَةٌ عَنِ الجَمَاعَةِ، فَتَرَكَهُ. وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ المُعَافَى بِأَلفٍ، فَردَّهَا، وَأَخَذَ مِنْهَا دِرْهَماً وَاحِداً، مَعَ فَقْرِ أَهْلِهِ. وَقِيْلَ: كَانَ لاَ يَنَامُ إِلاَّ قَاعِداً، وَكَانَ بَكَّاءً، خَوَّافاً، مُتَهَجِّداً. قِيْلَ: أَتَاهُ مُتولِّي المَوْصِلِ، فَخَرَجَ ابْنُهُ، وَقَالَ: هُوَ نَائِمٌ. فَصَاحَ: مَا أَنَا نَائِماً، مَا لِي وَلَكَ? قَالَ: هَذِهِ عَشْرَةُ آلاَفٍ، خُذْهَا، فَأَبَى.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ. وَهَذَا هُوَ فتح الموصلي الكبير.
1130- أما الصغير 2:
فمن أقران بشر الحافي.
1131- ابن زَبْر 3: "خَ، 4"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، رَئِيْسُ دِمَشْقَ، أَبُو زَبْر عَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْر الرَّبَعي، الدمشقي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 383".
2 هو فتح بن سعيد الموصلي، ترجمته في حلية الأولياء "415"، تاريخ بغداد "12/ 381"، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 235".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 468"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 509"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 153" و"2/ 362 و386 و396 و403"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 592"، تاريخ بغداد "10/ 16"، الإكمال لابن ماكولا "4/ 162"، الكاشف "2/ ترجمة 2933"، ميزان الاعتدال "2/ 463"، العبر "1/ 244"، تهذيب التهذيب "5/ 350"، تقريب التهذيب "1/ 439"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3716"، شذرات الذهب "1/ 260".

(7/44)


حَدَّثَ عَنِ: القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمَكْحُوْلٍ، وبُسْر بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ المُقْرِئِ، وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَأَبِي سَلاَّمٍ مَمْطُور، وَالزُّهْرِيِّ، وَبِلاَلِ بنِ سَعْدٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: وَلدُهُ إِبْرَاهِيْمُ، وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ شَابُوْرَ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَاب، وَشَبَابَةُ، وَأَبُو مُسهِر، وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبُو المُغِيْرَةِ الخَوْلاَنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ دُحَيْمٌ: كَانَ ثِقَةً، مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ البَلَدِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مُقَاربُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، إِنْ شَاءَ اللهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَكَنَّاهُ مُسْلِمٌ، وَجَمَاعَةٌ: أَبَا زَبْرٍ. وَقَالَ البُخَارِيُّ: كُنْيَتُهُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قَالَ ابْنُهُ: وُلِدَ أَبِي فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
كَتبَ إليَّ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَطَائِفَةٌ: سَمِعُوا أَبَا حَفْصٍ المؤدِّب، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الشَّيْبَانِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ البَزَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو زَبْرٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعُمْرَةٍ فِي حِجَّتِهِ.
ومن طبقته:

(7/45)


1132- عبد الله بن العلاء بن خالد 1:
بَصْرِيٌّ، صَدُوْقٌ، نَزَلَ الرَّيَّ.
يَرْوِي عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَأَشْعَثَ الحُمراني.
وَعَنْهُ: زَافِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَهِشَامُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صالح.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 591".

(7/45)


1133- فُلَيح بن سُليمان 1: "ع"
ابن أبي المغيرة، وَاسْمُ جَدِّهِ: رَافِعٌ، أَوْ نَافِعُ بنُ حُنين الخُزَاعي، وَيُقَالُ: الأَسْلَمِيُّ، المَدَنِيُّ، الحَافِظُ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الأَثَرِ، مِنْ مَوَالِي آلِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ. وَاسْمُ فُلَيح: عَبْدِ المَلِكِ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ اللَّقَبُ، حَتَّى جُهِلَ الاسْمُ.
وُلِدَ فِي آخِرِ أَيَّامِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ أَسنُّ مِنْ مَالِكٍ بِقَلِيْلٍ.
حَدَّثَ عَنْ: ضَمْرَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ الحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ، وَنَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ، وَنُعَيْمٍ المُجْمِرِ، وَعَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَهِلاَلِ بنِ أَبِي مَيْمُوْنَةَ، وَعَبَّاسِ بنِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وَرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ، وَصَالِحِ بنِ عَجْلاَنَ، وَأَبِي طُوَالَةَ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَعُثْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَأَيُّوْبَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ صَعْصَعَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ المؤدِّب، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَأَبُو تُمَيْلَةَ المَرْوَزِيُّ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ، وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ، وَالهَيْثَمُ بنُ جَمِيْلٍ، وَشُرَيْحُ بنُ النُّعْمَانِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، وَالمُعَافَى بنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ الوَاسِطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ بكَّار بنِ الرَّيَّانِ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الوَرْكَاني، وَيَحْيَى الوُحَاظِيُّ، وَأَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ: زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَزِيَادُ بنُ سَعْدٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَحَدِيْثُه فِي الأُصُوْلِ السِّتَّةِ اسْتِقْلاَلاً، ومتابعة وغيره أقوى منه.
رَوَى عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ مَا أَقرَبَهُ مِنْ أَبِي أُوَيْسٍ.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ هُوَ دُوْنَ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ أَثبَتُ منه.
وقال أبو حاتم: ليس بالقوي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 415"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 601"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 146" و"2/ 466" و"3/ 43 و55"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 479"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 209"، الكاشف "2/ ترجمة 4566"، العبر "1/ 254 و356 و358 و385"، ميزان الاعتدال "3/ 365"، تهذيب التهذيب "8/ 303"، تقريب التهذيب "2/ 114"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5760"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 266".

(7/46)


وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقشَعِرُّ مِنْ أَحَادِيْثِ فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: فُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَلاَ ابْنُهُ. ثُمَّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ ابْنُ مَعِيْنٍ يَحْمِلُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ فُلَيْحٍ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: ثَلاَثَةٌ يُتَّقَى حَدِيْثُهُم: مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، وَأَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ، وفُلَيح بنُ سُلَيْمَانَ. قُلْتُ لِيَحْيَى: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا? قَالَ: مَنْ مُظَفر بنِ مُدْرك، كُنْتُ آخُذُ عَنْهُ هَذَا الشَّأْنَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لاَ يُحْتَجُّ بِفُلَيْحٍ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: يَهِمُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قُلْتُ لأَبِي دَاوُدَ: قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: عَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَابْنُ عَقِيْلٍ، وَفُلَيْحٌ لاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيْثِهِم. قَالَ: صَدَقَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: فُلَيْحٌ ضَعِيْفٌ. وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا عِنْدِي لاَ بَأْسَ بِهِ، وَقَدِ اعْتمَدَه البُخَارِيُّ فِي "صِحَاحِهِ"، وَلَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ. رَوَى عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، نُسْخَةً. وَيَرْوِي عَنْ هِلاَلِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَادِيْثَ. وَيَرْوِي عَنْ سَائِرِ الشُّيُوخِ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ أَحَادِيْثَ مُسْتقِيْمَةً، وَغَرَائِبَ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ.
قُلْتُ: لَمْ يَرحَلْ فِي الحَدِيْثِ.
وَمِنْ أَفرَادِهِ: عَنِ ابْنِ طُوَالَةِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَعلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ، لاَ يَسْتَعْمِلُهُ إِلاَّ لِيُصِيْبَ بِهِ عَرَضاً مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ1.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يَخْتَلِفُوْنَ فِي فُلَيْحٍ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ السَّاجِيُّ: أَصعبُ مَا رُمِيَ بِهِ، مَا ذُكِرَ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، عَنْ أَبِي كَامِلٍ، قَالَ: كُنَّا نَتَّهِمُهُ، لأَنَّهُ كَانَ يَتَنَاوَلُ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ المُطَهَّرِ التَّمِيْمِيُّ، بِسَفْحِ قَاسِيُوْنَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَهُ فِي الحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فِي يَوْمِ النَّحْرِ، فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ: "أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوْفَنَّ بِالبَيْتِ عُرْيَانُ". صَحِيْحٌ، غَرِيْبٌ. أَخْرَجَهُ: البخاري2، عن أبي الربيع، فوافقناه بعلو.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود "3664"، وابن ماجة "252" من طرق عن فليح بن سليمان، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرحمن بن معمر، عن سعيد بن يسار، به.
وقوله: "عرف الجنة": أي ريحها الطيبة.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4363" حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع، حدثنا فليح، به وأخرجه البخاري "369" و"1622" و"4656" و"4657"، ومسلم "1347" من طرق عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هريرة، به.

(7/47)


1134- إسرائيل 1: "ع"
إِسْرَائِيْلُ بنُ يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَمْرِو بنِ عَبْدِ الله، الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو يُوْسُفَ الهَمْدَانِيُّ، السَّبِيْعِيُّ، الكُوْفِيُّ.
أَكْثَرَ عَنْ: جَدِّهِ. وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَآدَمَ بنِ عَلِيٍّ، وَآدَمَ بنِ سُلَيْمَانَ أَبِي يَحْيَى، وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيِّ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَبْدِ الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيِّ، وَأَشْعَثَ بنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَثُوَيْرِ بنِ أَبِي فَاخِتَةَ، وَسَعْدٍ أَبِي مُجَاهِدٍ الطَّائِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ، وسِماك بنِ حَرْبٍ، وَعَامِرِ بنِ شَقِيْقِ بنِ جَمرة الأَسَدِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، وَعُثْمَانَ بنِ عَاصِمٍ، ومُخارق الأَحْمَسِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المعتمر، وخلق كثير.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الحَدِيْثِ، وَمِنْ مَشَايِخِ الإِسْلاَمِ، كَأَبِيْهِ وَجَدِّه، وَأَخِيْهِ عِيْسَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ، وَحَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ، وَشَبَابَةُ، وَإِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّلولي، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، وَحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرُّوْذِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ كثير العبدي، وأبو
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 374"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1669"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1258"، تاريخ بغداد "7/ 20"، تذكرة الحفاظ "1/ 201"، ميزان الاعتدال "1/ 208"، تهذيب التهذيب "1/ 261"، تقريب التهذيب "1/ 64".

(7/48)


غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو سلمة التَّبُوذَكي، ويحيى بن أبي بكير، وَوَكِيْعٌ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ عَمْرٍو الأَزْدِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
رَوَى هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ، عَنْ دُبَيْسِ بنِ حُمَيْدٍ: أَنَّ مَولِدَ إِسْرَائِيْلَ سَنَةَ مائَةٍ.
رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، قَالَ: قَالَ لِي إِسْرَائِيْلُ: كُنْتُ أَحْفَظُ حَدِيْثَ أَبِي إِسْحَاقَ، كَمَا أَحْفَظُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: إِسْرَائِيْلُ فَوْقَ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ.
وَرَوَى حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: كَانَ ثِقَةً، وَجَعَلَ يَعْجَبُ مِنْ حِفْظِه. وَأَمَّا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ، فَرَوَى عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: إِسْرَائِيْلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: فِيْهِ لِيْنٌ، سَمِعَ مِنْهُ بأخَرَة.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ: أَيُّمَا أَثبَتُ: شَرِيْكٌ أَوْ إِسْرَائِيْلُ? قَالَ: إِسْرَائِيْلُ كَانَ يُؤَدِّي مَا سَمِعَ، كَانَ أَثبتَ مِنْ شَرِيْكٍ. قُلْتُ: مَنْ أَحَبُّ إِلَيْكَ يُوْنُسُ أَوْ إِسْرَائِيْلُ ابْنُهُ فِي أَبِي إِسْحَاقَ? قَالَ: إِسْرَائِيْلُ، لأَنَّهُ صَاحِبُ كِتَابٍ. وَقَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَنْ أَحَبُّ إِلَيْك يُوْنُسُ أَوْ إِسْرَائِيْلُ فِي أَبِي إِسْحَاقَ? قَالَ: يُوْنُسُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: إِسْرَائِيْلُ إِذَا انْفردَ بِحَدِيْثٍ يُحتَجُّ بِهِ? قَالَ إِسْرَائِيْلُ: ثَبتُ الحَدِيْثِ، كَانَ يَحْيَى يَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي حَالِ أَبِي يَحْيَى القَتَّاتِ. قَالَ: رَوَى عَنْهُ مَنَاكِيْرُ. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: مَا حَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى بن سَعِيْدٍ بِشَيْءٍ. قَالَ أَحْمَدُ: وَإِسْرَائِيْلُ إِذَا حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ، لاَ يُغَادرُ، وَيُحفَظُ مِنْ كِتَابِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: شَرِيْكُ أَضبطُ مِنْ إِسْرَائِيْلَ فِي أَبِي إِسْحَاقَ.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: كَانَ القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْ إِسْرَائِيْلَ، وَلاَ عَنْ شَرِيْكٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: قَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: كُنَّا نَكْتُبُ عِنْدَ إِسْرَائِيْلَ مِنْ حِفْظِه. قَالَ يَحْيَى: كَانَ إِسْرَائِيْلُ لاَ يَحفَظُ، ثُمَّ حَفِظَ بَعْدُ -يَعْنِي: أَنَّهُ دَرسَ كِتَابَه. وَقَالَ يَحْيَى: إِسْرَائِيْلُ أَثْبَتُ فِي أَبِي إِسْحَاقَ مِنْ شَيْبَانَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ العِجلي: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، مِنْ أَتْقَنِ أَصْحَابِ أَبِي إسحاق.

(7/49)


وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: صَدُوْقٌ، وَلَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ مَرَّةً: فِي حَدِيْثِهِ لِيْنٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بن دواد الحُدَّانِيُّ: سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ يُوْنُسَ يَقُوْلُ: كَانَ أَصْحَابُنَا سُفْيَانُ وَشَرِيْكٌ ... وَعَدَّ قَوْماً، إِذَا اخْتَلَفُوا في حديث أبي إسحاق، يجيؤون إِلَى أَبِي، فَيَقُوْلُ: اذْهبُوا إِلَى ابْنِي إِسْرَائِيْلَ، فهو أروى عنه مني، وَأَتْقَنُ لَهَا مِنِّي، وَهُوَ كَانَ قَائِدَ جَدِّهِ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الثَّلْجِ، عَنْ شَبَابَةَ: قُلْتُ لِيُوْنُسَ: أمِلَّ عليَّ حَدِيْثَ أَبِيْكَ. قَالَ: اكْتُبْ عَنْ إِسْرَائِيْلَ، فَإِنَّ أَبِي أملَّه عَلَيْهِ.
الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَرْجَرائي: عَنْ خَلَفِ بنِ تَمِيْمٍ، سَمِعْتُ أَبَا الأَحْوَصِ -إِنْ شَاءَ اللهُ- ذَكَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: مَا تَرَكَ لَنَا إِسْرَائِيْلُ كُوَّةً وَلاَ سَفَطاً، إِلاَّ دَحَسَهَا كُتُباً.
مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِي: سَمِعْتُ أَبَا نُعيم سُئِل: أَيُّمَا أَثبَتُ: إِسْرَائِيْلُ أَوْ أَبُو عَوانة? قَالَ: إِسْرَائِيْلُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: قَدْ أَثْنَى عَلَى إِسْرَائِيْلَ الجُمْهُوْرُ، وَاحْتجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَكَانَ حَافِظاً، وَصَاحِبَ كِتَابٍ وَمَعْرِفَةٍ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَرَاءِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ: إِسْرَائِيْلُ ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: مَشَى عليٌّ خَلْفَ أُسْتَاذِه يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَقَفَى أَثَرَهُمَا أَبُو محمد ابن حَزْمٍ، وَقَالَ: ضَعِيْفٌ. وَعَمدَ إِلَى أَحَادِيْثِه الَّتِي فِي "الصَّحِيْحَيْنِ"، فَرَدَّهَا، وَلَمْ يَحتَجَّ بِهَا، فَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَى ذَلِكَ، بَلْ هُوَ ثِقَةٌ. نَعَم، لَيْسَ هُوَ فِي التَّثَبُّتِ كَسُفْيَانَ وَشُعْبَةَ، وَلَعلَّهُ يُقَارِبُهُمَا فِي حَدِيْثِ جَدِّه، فَإِنَّهُ لاَزَمَهُ صَبَاحاً وَمَسَاءً عَشْرَةَ أَعْوَامٍ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ يَرْوِي عَنْهُ وَيُقَوِّيهِ، وَلَمْ يَصْنَعْ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ شَيْئاً فِي تَرْكِهِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ، وروايته عن مجالد.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَزُهَيْرٌ، وَإِسْرَائِيْلُ: حَدِيْثُهُم في أبي إسحاق قريب من السواء، وإنما أَصْحَابُ أَبِي إِسْحَاقَ: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوري: حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بنُ المُثَنَّى، قَالَ: قَدِمَ إِسْرَائِيْلُ بَغْدَادَ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَأُقْعِدَ فَوْقَ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مَعَهُ دَفْتَرٌ, فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ مِنْهُ، وَلاَ يَنْظُرُ فِيْهِ النَّاسُ، فَلَمَّا أَقَامَ إِسْرَائِيْلُ، قَعَدَ ذَاكَ الرَّجُلُ، فَأَمْلاَهُ عَلَى النَّاسِ.
وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: إِسْرَائِيْلُ فِي أَبِي إِسْحَاقَ أَثْبَتُ مِنْ شعبة والثوري.

(7/50)


قُلْتُ: هَذَا أَنَا إِلَيْهِ أَمْيَلُ مِمَّا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ إِسْرَائِيْلَ كَانَ عُكَّازَ جَدِّه، وَكَانَ مَعَ عِلْمِهِ وَحِفْظِهِ ذَا صَلاَحٍ وَخُشُوْعٍ -رَحِمَهُ اللهُ- وَأَخُوْهُ عِيْسَى أَتقَنُ مِنْهُ، وَأَعْلَمُ، وَأَعبَدُ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وَقَدْ طَوَّلَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ التَّرْجَمَةَ، وَسَرَدَ لَهُ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ غَرَائِبَ.
وَبَلَغَنَا عَنْ شَقِيْقٍ البَلْخِيِّ، قَالَ: أَخَذْتُ الخُشُوْعَ عَنْ إِسْرَائِيْلَ، كُنَّا حَوْلَهُ لاَ يَعْرِفُ مَنْ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَلاَ مَنْ عَنْ شِمَالِهِ، مِنْ تَفَكُّرِهِ فِي الآخِرَةِ، فَعَلِمتُ أَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: إِسْرَائِيْلُ فَوْقَ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ. فَقِيْلَ لِيَحْيَى: إِنَّ إِسْرَائِيْلَ رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُهَاجِرٍ ثَلاَثَ مائَةٍ، وَعَنْ أَبِي يَحْيَى القَتَّاتِ ثَلاَثَ مائَةٍ؟ فَقَالَ: لَمْ يُؤتَ مِنْهُ أتِيَ منهما جميعًا.
قُلْتُ: يُشِيْرُ إِلَى لِيْنِ ابْنِ مُهَاجِرٍ، وَالقَتَّاتِ.
وَمِنْ غَرَائِبِ إِسْرَائِيْلَ: رَوَى أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَسْرُوْقٍ، عَنْ سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لاَ وَأَبِي. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْ، إِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُوْنَ اللهِ، فَقَدْ أَشْرَكَ" 1. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
وَمْن عَوَالِيْهِ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ قُدَامَةَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلان، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ دَنُوْقَا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ العِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّيْ أَنَا الرَّزَّاقُ ذُوْ القُوَّةِ المَتِيْنُ" 2. وَهَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، وقَعْنَب بنُ المُحَرَّرِ: مَاتَ إِسْرَائِيْلُ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَشَبَابٌ العُصْفُري: مات سنة اثنتين وستين ومائة. وقال مُطَيَّن: مات سنة إحدى.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 47" حدثنا أبو سعيد، حدثنا إسرائيل، به.
2 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 394 و397 و418"، وأبو داود "3993"، والترمذي "2940"، والنسائي في "الكبرى" "7707" و"11527"، والحاكم "2/ 234 و249"، والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص43 و66 و129" من طرق عن إسرائيل، به. وأخرجه الطيالسي "317" من طريق قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق السبيعي، به. وهذه القراءة شاذة وإن صح إسنادها، لمخالفتها القراءة المتواترة: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] .

(7/51)


1135- الحسن بن صالح 1: "م، 4"
ابن صالح بن حي، وَاسْمُ حَيٍّ: حَيَّانُ بنُ شُفَي بنِ هُنَي بنِ رَافِعٍ، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الهَمْدَانِيُّ، الثَّوْرِيُّ، الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، العَابِدُ، أَخُو الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ صَالِحٍ.
وَأَمَّا البُخَارِيُّ فَنَسَبَهُ، فَقَالَ: الحَسَنُ بنُ صَالِحِ بنِ صَالِحِ بنِ مُسْلِمِ بنِ حَيَّان. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِي: الحَسَنُ بنُ صَالِحِ بنِ صَالِحِ بنِ حَيِّ بنِ مُسْلِمِ بنِ حَيَّان.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الإِسْلاَمِ، لَوْلاَ تَلَبُّسُهُ بِبِدعَةٍ.
قَالَ وَكِيْعٌ: وُلِدَ سَنَةَ مائَةٍ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيل، وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَعَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيِّ، وَبَيَانِ بنِ بِشْرٍ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلة، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وبُكَير بنِ عَامِرٍ، وَقَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، وَلَيْثِ بنِ أَبِي سليم، ومنصور بن المُعْتَمِرِ، وَجَابِرٍ الجُعْفِي، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَعِدَّةٍ. وَيَنْزِلُ إِلَى: شُعْبَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي عَروبة، وَهُوَ صَحِيْحُ الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَوَكِيْعٌ، وَمُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، وحُميد بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّلولي، وَقَبِيْصَةُ بنُ عُقْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكير، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عُمَرَ الفَقِيْه كِتَابَةً، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ المَالِكِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ موسى الجُهَني، عن فاطمة بنت علي,
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 375"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2521"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 155 و440"، و"2/ 680 و689"، الكنى للدولابي "2/ 54"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 68"، وحلية الأولياء "7/ ترجمة 392"، الأنساب للسمعاني "3/ 145"، العبر "1/ 249"، الكاشف "1/ ترجمة 1044"، ميزان الاعتدال "1/ 496"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 59"، تهذيب التهذيب "2/ 285"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 351"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 262".

(7/52)


عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُميس: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ" 1.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ سُفْيَانُ الثوري سيئ الرأي في الحسن بن حَيٍّ. وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيِّ، قَالَ المِزِّيُّ شَيْخُنَا -أَظُنُّه أَبَا بَكْرٍ الأَثْرَمَ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُوْلُ: دَخَلَ الثَّوْرِيُّ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنَ البَابِ القِبْلِيِّ، فَإِذَا الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ يُصَلِّي، فَقَالَ: نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ خُشُوْعِ النِّفَاقِ، وَأَخَذَ نَعْلَيْهِ، فَتَحوَّلَ إِلَى سَارِيَةٍ أُخْرَى.
وَقَالَ العَلاَءُ بنُ عَمْرٍو الحَنَفِيُّ، عَنْ زَافِرِ بنِ سُلَيْمَانَ: أَرَدْتُ الحجَّ، فَقَالَ لِيَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: إِنْ لَقِيْتَ أَبَا عَبْدِ اللهِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ بِمَكَّةَ، فَأَقْرِهِ مِنِّي السَّلاَمَ، وَقُلْ: أَنَا عَلَى الأَمْرِ الأَوَّلِ: فَلَقِيْتُ سُفْيَانَ فِي الطَّوَافِ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَخَاكَ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ: أَنَا عَلَى الأَمْرِ الأَوَّلِ. قَالَ: فَمَا بَالُ الجُمُعَةِ?
قُلْتُ: كَانَ يَترُكُ الجُمُعَةَ، وَلاَ يَرَاهَا خَلْفَ أَئِمَّةِ الجَوْرِ بِزَعْمِهِ.
عُبيد بنُ يَعِيْشَ، عَنْ خَلاَّدِ بنِ يَزِيْدَ، قَالَ: جَاءنِي سُفْيَانُ، فَقَالَ: الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ مَعَ مَا سَمِعَ مِنَ العِلْمِ وَفَقُهَ يَتْرُكُ الجُمُعَةَ، ثُمَّ قَامَ، فَذَهَبَ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ: مَا أَنَا وَابْنُ حَيٍّ? لاَ يَرَى جُمُعَةً وَلاَ جِهَاداً.
مُحَمَّدُ بنُ غَيْلاَنَ عَنْ أَبِي نُعيم، قَالَ: ذُكِرَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ يَرَى السَّيْفَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: كَانَ الحَسَنُ بنُ حَيٍّ يَرَى السَّيْفَ.
وَقَالَ الخُرَيْبي: شَهِدتُ حَسَنَ بنَ صَالِحٍ وَأَخَاهُ، وَشَرِيْكٌ مَعَهُم، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ إِلَى الصَّبَاحِ فِي السَّيْفِ.
بِشْرُ بنُ الحَارِثِ: وَذُكِرَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَفَّانَ الصُّوفِيُّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ يَقُوْلُ: هَؤُلاَءِ يَرَوْنَ السَّيْفَ -أَحْسِبُهُ عَنَى ابْنَ حَيٍّ وَأَصْحَابَهُ. ثم قال بشر: هات من
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 369 و348" من طريق موسى الجهني، عن فاطمة بنت علي، به.
وأخرجه من طرق عن سعيد بن أبي وقاص: أحمد "1/ 173 و175 و184 و185"، والبخاري "3706"، ومسلم "2404"، والترمذي "3724"، وابن ماجه "115" و"121"، وابن أبي عاصم "1335" و"1336" و"1338" و"1342" و"1343" والحاكم "3/ 108-109".

(7/53)


لَمْ يَرَ السَّيْفَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِكِ كُلِّهِم إِلاَّ قَلِيْلٌ، وَلاَ يَرَوْنَ الصَّلاَة أَيْضاً. ثُمَّ قَالَ: كَانَ زَائِدَةُ يَجْلِسُ فِي المَسْجِدِ، يُحذِّرُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ حَيٍّ، وَأَصْحَابِه. قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ السَّيْفَ.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ الفَرَّاءُ: حَكَيتُ لِيُوْسُفَ بنِ أَسْبَاطٍ عَنْ وَكِيْعٍ شَيْئاً مِنْ أَمرِ الفِتَن، فَقَالَ: ذَاكَ يُشْبِهُ أُسْتَاذَهُ. يَعْنِي: الحَسَنَ بنَ حَيٍّ. فَقُلْتُ لِيُوْسُفَ: أَمَا تَخَافُ أَنْ تَكُوْنَ هَذِهِ غِيبَةً? فَقَالَ: لِمَ يَا أَحْمَقُ، أَنَا خَيْرٌ لِهَؤُلاَءِ مِنْ آبَائِهِم وَأُمَّهَاتِهِم، أَنَا أَنْهَى النَّاسَ أَنْ يَعْمَلُوا بِمَا أَحْدَثُوا، فَتَتْبَعُهُم أَوْزَارُهُم، وَمَنْ أَطْرَاهُم كَانَ أَضَرَّ عَلَيْهِم.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَر يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ وَكِيْعٍ، فَكَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ حَسَنِ بنِ صَالِحٍ، أَمْسَكْنَا أَيْدِيَنَا، فَلَمْ نَكْتُبْ فَقَالَ: مَا لَكُم لاَ تَكتُبُوْنَ حَدِيْثَ حَسَنٍ? فَقَالَ لَهُ أَخِي بِيَدِهِ هَكَذَا -يَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ يَرَى السَّيْفَ- فَسَكَتَ وَكِيْعٌ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى: سَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى عَلِيِّ بنِ صَالِحٍ، فَلَمَّا بَلَغْتُ إِلَى قَوْلِهِ: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ} [مَرْيَمُ: 84] ، سَقَطَ الحَسَنُ يَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ، فَرَفَعَهُ، وَمَسَحَ وَجْهَهُ، وَرَشَّ عَلَيْهِ المَاءَ، وَأَسنَدَهُ إِلَيْهِ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ -وذُكِر لَهُ صَعْقُ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ- فَقَالَ: تَبسُّمُ سُفْيَانَ، أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ صَعْقِ الحَسَنِ.
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: أَتَيْتُ حَسَنَ بنَ صَالِحٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَقُوْلُوْنَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ... فَقُلْتُ: مَا لِي، كَفَرتُ? قَالَ: لاَ، وَلَكِن يَنْقِمُوْنَ عَلَيْكَ صُحْبَةَ مَالِكِ بنِ مِغْوَل، وَزَائِدَةَ. قُلْتُ: وَأَنْتَ تَقُوْلُ هَذَا، لاَ جَلَسْتُ إِلَيْكَ أَبَداً.
مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَصْبَهَانِيُّ: عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ زَائِدَةَ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ، فَقَالَ لَنَا يَوْماً: أَيُّكُم يَحفَظُ عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِكُوْزِ الحُبِّ مَرَّتَيْنِ? قَالَ: فَلَوْ قُلْتُ: حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ أَوْ سُفْيَانُ، كُنْت قَدِ اسْترحْتُ، وَلَكِن قُلْتُ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ. قَالَ: الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ أَيْضاً: لاَ حَدَّثْتُكَ بِحَدِيْثٍ أَبَداً.
أَبُو أُسَامَةَ: سَمِعْتُ زَائِدَةَ يَقُوْلُ: ابْنُ حَيٍّ قَدِ اسْتُصلِبَ مُنْذُ زَمَانٍ، وَمَا نَجدُ أَحَداً يَصلِبُه.
وقال خلف بن تميم: كان زائد يَسْتَتِيْبُ مَنْ أَتَى حَسَنَ بنَ صَالِحٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ: لَوْ لَمْ يُولَدِ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، كَانَ خَيْراً لَهُ: يَتْرُكُ الجُمُعَةَ، وَيَرَى السَّيْفَ، جَالَسْتُهُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا رَأَيتُهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَلاَ ذَكَرَ الدنيا.

(7/54)


قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ، وَلاَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حدَّثَا عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ بِشَيْءٍ قَطُّ، وَلاَ عَنْ عَلِيِّ بنِ صَالِحٍ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْ حَدِيْثٍ مِنْ حَدِيْثِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي بِهِ، وَقَدْ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْهُ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ، ثُمَّ تَرَكَه. قَالَ: وَذَكَرَهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالسِّكَّةِ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ دَاوُدَ الخُرَيبي: إِنَّكَ لَكَثِيْرُ الحَدِيْثِ عَنِ ابْنِ حَيٍّ؟ قال: أفضى به ذمام أصحاب الحَدِيْثِ، لَمْ يَكُنْ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ الخُرَيبي، وَعِنْدَ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ، فَجَعَلَ أَبُو أَحْمَدَ يُفَخِّمُ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ. فَقَالَ الخُرَيْبِيُّ: مُتِّعْتُ بِكَ، نَحْنُ أَعْلَمُ بِحَسَنٍ مِنْكَ، إِنَّ حَسَناً كَانَ مُعْجَباً، وَالمُعْجَبُ الأَحْمَقُ.
أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ أَبِي السَّفَر: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَالِمٍ، سَمِعْتُ رَشِيداً الخَبَّازَ -وَكَانَ عَبداً صَالِحاً- وَقَدْ رَآهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ مَوْلاَي إِلَى مَكَّةَ، فَجَاوَرْنَا، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ، جَاءَ إِنْسَانٌ فَقَالَ لِسُفْيَانَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! قَدِمَ اليَوْمَ حَسَنٌ وَعلِيٌّ ابْنَا صَالِحٍ. قَالَ: وَأَيْنَ هُمَا? قَالَ: فِي الطَّوَافِ. قَالَ: إِذَا مَرَّا فَأَرِنِيْهِمَا. فَمَرَّ أَحَدُهُمَا، فَقُلْتُ: هَذَا عَلِيٌّ، وَمَرَّ الآخَرُ، فَقُلْتُ: هَذَا حَسَنٌ. فَقَالَ: أَمَّا الأَوَّلُ فَصَاحِبُ آخِرَةٍ، وَأَمَّا الآخَرُ فَصَاحِبُ سَيْفٍ، لاَ يَمْلأُ جَوْفَهُ شَيْءٌ. قَالَ: فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَنَا، فَأَخْبَرَ عَلِيّاً، ثُمَّ مَضَى مَوْلاَيَ إِلَى عَلِيٍّ يُسلِّمُ عَلَيْهِ، وَجَاءَ سُفْيَانُ يُسلِّمُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ ذَكَرتَ أَخِي أَمْسَ بِمَا ذَكَرتَه، مَا يُؤْمِنُكَ أَنْ تَبلُغَ هَذِهِ الكَلِمَةُ ابْنَ أَبِي جَعْفَرٍ، فَيَبْعَثَ إِلَيْهِ، فَيَقْتُلَهُ? قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى سُفْيَانَ وَهُوَ يَقُوْلُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ، وَجَادَتَا عَيْنَاهُ.
الحُمَيدي، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ حَيٍّ، وَكَانَ خَيْراً مِنِ ابْنَيْهِ، وَكَانَ عَلِيٌّ خَيْرَهُمَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَرَّاقُ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ: كَيْفَ حَدِيْثُه? فَقَالَ: ثِقَةٌ، وَأَخُوْهُ ثِقَةٌ، وَلَكِنَّهُ قَدِمَ مَوْتُهُ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الهِسْنجاني، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ صَحِيْحُ الرِّوَايَةِ، يَتَفَقَّهُ، صَائِنٌ لِنَفْسِهِ فِي الحَدِيْثِ وَالوَرَعِ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ شَرِيْكٍ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ.

(7/55)


وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، مُسْتقِيْمُ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: يُكْتَب رَأْيُ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، هَؤُلاَءِ ثِقَاتٌ.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: ابْنَا صَالِحٍ ثِقَتَانِ، مَأْمُوْنَانِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعة: اجْتَمَعَ فِي حَسَنٍ إِتقَانٌ، وَفِقهٌ، وَعِبَادَةٌ، وَزُهْدٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مُتْقِنٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
السَّاجِيُّ: عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ. قِيْلَ: مَنِ الحَسَنُ? قَالَ: الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، الَّذِي لَوْ رَأَيتَه ذَكرتَ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ، أَوْ شَبَّهْتَه بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ.
قُلْتُ: بَيْنَهمَا قَدرٌ مُشْتَرَكٌ، وَهُوَ العِلْمُ، وَالعِبَادَةُ، وَالخُرُوْجُ عَلَى الظَّلمَةِ تَدَيُّناً.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يقول: لا يبالي من رأى الحسن ابن صَالِحٍ، أَلاَّ يَرَى الرَّبِيْعَ بنَ خُثَيم.
أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ الأَوْدِيُّ، عَنْ أَبِي يَزِيْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُصْعَبٍ المَعْنِيِّ، قَالَ: صَحِبتُ السَّادَةَ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَصَحِبتُ ابْنَيْ حَيٍّ؛ عَلِيّاً وَالحَسَنَ، وصحبت وُهَيب بن الورد.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي بُكير: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بنِ صَالِحٍ: صِفْ لَنَا غَسلَ المَيْتِ، فَمَا قَدِرَ عَلَيْهِ مِنَ البُكَاءِ.
وَعَنْ عَبْدَةَ بنِ سليمان، قال: إني أرى الله يستحي أَنْ يُعَذِّبَ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيم: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، وَمَا كَانَ دُوْنَ الثَّوْرِيِّ فِي الوَرَعِ وَالقُوَّةِ.
الحُنَيْني: سَمِعْتُ أَبَا غَسَّانَ يَقُوْلُ: الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ خَيْرٌ مِنْ شَرِيْكٍ، مِنْ هُنَا إِلَى خُرَاسَانَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَير: كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ أَحَداً إِلاَّ وَقَدْ غَلطَ فِي شَيْءٍ، غَيْرَ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: سَأَلَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ رَجُلاً عَنْ شَيْءٍ? فَقَالَ: لاَ أَدْرِي. فَقَالَ: الآنَ حِيْنَ دَرَيتَ.

(7/56)


وَقَالَ ابْنُ أَبِي الحَوارِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُطَرِّف: كَانَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعِظَ أَحَداً، كَتبَ فِي أَلوَاحِه، ثُمَّ نَاوَلَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ يَقُوْلُ: فَتَّشتُ الوَرَعَ، فَلَمْ أَجِدْهُ فِي شَيْءٍ أَقَلَّ مِنَ اللِّسَانِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المُنْذِرِ الطَّرِيْفِيُّ، عَنْ أَبِي نُعيم، قَالَ: كَتَبتُ عَنْ ثَمَانِ مائَةِ مُحَدِّثٍ، فَمَا رَأَيتُ أَفْضَلَ مِنَ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لِلْحَسَنِ بنِ صَالِحٍ قَوْمٌ يُحَدِّثُوْنَ عَنْهُ بِنُسخٍ، فَعِندَ سلمة بنِ عَبْدِ المَلِكِ العُوْصِيِّ عَنْهُ نُسْخَةٌ، وَعِنْدَ أَبِي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ عَنْهُ نُسْخَةٌ، وَعِنْدَ يَحْيَى بنِ فُضَيل عَنْهُ نُسْخَةٌ ... , إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً مُجَاوِزَ المِقْدَارِ، وَهُوَ عِنْدِي مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ.
قُلْتُ: مَا لَهُ رِوَايَةٌ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ"، بَلْ ذَكَرَهُ فِي الشَّهَادَاتِ1، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ. وَقَدْ قَالَ وَكِيْعٌ: كَانَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ وَأَخُوْهُ وأمهما قد جزءوا اللَّيْلَ ثَلاَثَةَ أَجزَاءٍ، فُكُلُّ وَاحِدٍ يَقُوْمُ ثُلُثاً، فَمَاتَتْ أُمُّهُمَا، فَاقْتَسَمَا اللَّيْلَ، ثُمَّ مَاتَ عَلِيٌّ، فَقَامَ الحَسَنُ اللَّيْلَ كُلَّهُ.
وَعَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيتُ أَحَداً الخَوْفُ أَظهرُ عَلَى وَجْهِهِ وَالخُشُوْعُ مِنَ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، قَامَ لَيْلَةً بـ: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النَّبَأُ: 1] ، فَغُشي عَلَيْهِ، فَلَمْ يَخْتِمْهَا إِلَى الفَجْرِ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: رُبَّمَا أَصْبَحتُ وَمَا مَعِيَ دِرْهَمٌ، وَكَأَنَّ الدُّنْيَا قَدْ حِيْزَتْ لِي.
وَعَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيْفتَحُ لِلْعبدِ تِسْعَةً وَتِسْعِيْنَ بَاباً مِنَ الخَيْرِ، يُرِيْدُ بِهَا بَاباً مِنَ الشَّرِّ.
وَعَنْهُ: أَنَّهُ بَاعَ مَرَّةً جَارِيَةً، فَقَالَ: إِنَّهَا تَنَخَّمت عِنْدَنَا مَرَّةً دَماً.
قَالَ وَكِيْعٌ: حَسَنُ بنُ صَالِحٍ عِنْدِي إِمَامٌ. فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهُ لاَ يَتَرحَّمُ عَلَى عُثْمَانَ. فقال: أفتترحم أنت على الحجاج؟
قُلْتُ: لاَ بَارَكَ اللهُ فِي هَذَا المِثَالِ. وَمُرَادُهُ: أَنْ تَرْكَ التَّرَحُّمِ سُكُوْتٌ، وَالسَّاكتُ لاَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَوْلٌ، وَلَكِنْ مَنْ سَكَتَ عَنْ تَرحُّمِ مِثْلِ الشَّهِيْدِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانَ، فَإِنَّ فيه شيئًا من
__________
1 ذكره البخاري في كتاب الشهادات، باب بلوغ الصبيان وشهادتهم. قال: وقال الحسن بن صالح: أدركت جارة لنا جدة بنت إحدى وعشرين سنة.

(7/57)


تَشَيُّعٍ، فَمَنْ نَطَقَ فِيْهِ بِغَضٍّ وَتَنَقُّصٍ وَهُوَ شِيْعِيٌّ جَلْدٌ يُؤَدَّبُ، وَإِنْ تَرَقَّى إِلَى الشَّيْخَيْنِ بِذَمٍّ، فَهُوَ رَافِضِيٌّ خَبِيْثٌ، وَكَذَا مَنْ تَعرَّضَ لِلإِمَامِ عَلِيٍّ بِذَمٍّ، فَهُوَ نَاصِبِيٌّ1 يُعَزَّرُ، فَإِنْ كَفَّرَهُ، فَهُوَ خَارِجِيٌّ مَارِقٌ، بَلْ سَبِيْلُنَا أَنْ نَستغفِرَ لِلْكُلِّ، وَنُحِبُّهُم، وَنَكَفَّ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ جَبَلَةَ، قَالَ: دَخَلَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ يَوْماً السُّوْقَ وَأَنَا مَعَهُ، فَرَأَى هَذَا يَخِيطُ، وَهَذَا يَصبِغُ، فَبَكَى، وَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهِم يَتَعلَّلُوْنُ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ المَوْتُ.
ورُوي عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَى المَقْبُرَةِ يَصرُخُ، وَيُغْشَى عَلَيْهِ.
قَالَ حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنَيْ صَالِحٍ، وَرَجُلٌ يَقرَأُ: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأَنْبِيَاءُ: 103] ، فَالْتَفَتَ عَلِيٌّ إِلَى أَخِيْهِ الحَسَنِ، وَقَدِ اخْضَرَّ وَاصْفَرَّ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ! إِنَّهَا أَفْزَاعٌ فَوْقَ أَفزَاعٍ، وَرَأَيتُ الحَسَنَ أَرَادَ أَنْ يَصِيْحَ، ثُمَّ جَمَعَ ثَوْبَهُ، فَعَضَّ عَلَيْهِ حَتَّى سَكَنَ عَنْهُ، وَقَدْ ذَبُلَ فَمُهُ، وَاخْضَارَّ وَاصْفَارَّ.
أَحْمَدُ بنُ عِمْرَانَ بنِ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ، قَالَ: قَالَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: قَالَ لِي أَخِي -وَكُنْتُ أُصلِّي: يَا أَخِي! اسقِنِي. قَالَ: فَلَمَّا قَضَيْتُ صَلاَتِي، أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَالَ: قَدْ شربت الساعة. قلت: من سقاك وليس فِي الغُرفَةِ غَيْرِي وَغَيْرُك?! قَالَ: أَتَانِي السَّاعَةَ جِبْرِيْلُ بِمَاءٍ، فَسَقَانِي، وَقَالَ: أَنْتَ وَأَخُوكَ وَأُمُّكَ مَعَ الَّذِيْنَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم، وَخَرَجَتْ نَفْسُهُ.
قُلْتُ: كَانَ يَرَى الحَسَنُ الخُرُوْجَ عَلَى أُمَرَاءِ زَمَانِهِ لِظُلْمِهِم وَجَوْرِهِم، وَلَكِنْ مَا قَاتَلَ أَبَداً، وَكَانَ لاَ يَرَى الجُمُعَةَ خَلْفَ الفَاسِقِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ الخُرَيبي: تَرَكَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ الجُمُعَةَ، فَجَاءَ فُلاَنٌ، فَجَعَلَ يُنَاظِرُهُ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ، فَذَهَبَ الحَسَنُ إِلَى تَرْكِ الجُمُعَةِ مَعَهُم وَإِلَى الخُرُوْجِ عَلَيْهِم وَهَذَا مَشْهُوْرٌ عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، وَدَفَعَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يُؤْخَذَ فَيُقْتَلَ بِدِيْنِهِ وَعِبَادتِهِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ أَبُو نُعَيم: مَاتَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ تِسْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَانَ هُوَ وَأَخُوْهُ عليٌّ تَوْأَماً.
__________
1 الناصبة: هم الذين يتدينون ببغض علي رضي الله عنه.

(7/58)


1136- علي بن صالح بن حي 1: "م، 4"
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الكَبِيْرُ، أَبُو الحَسَنِ.
حَدَّثَ عَنْ: سَلَمَة بنِ كُهيل، وَعَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، وسِماك بن حرب، وعدة.
وَكَانَ طَلَبُه لِلْعِلْمِ هُوَ وَأَخُوْهُ مَعاً، وَمَاتَ كَهْلاً قَبْل أَخِيْهِ بِمُدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ الحَسَنُ، وَوَكِيْعٌ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَالِدُ بنُ مَخْلد القَطَوَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو البَجَلي، وَآخَرُوْنَ.
وَلَمْ يَشتَهِرْ حَدِيْثُه لِقِدَمِ مَوْتِهِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، كَمَا قَدَّمْنَا فِي سِيْرَةِ أَخِيْهِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ يَقُوْلُ: لَمَّا احْتُضِرَ أَخِي، رَفَعَ بَصَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النِّسَاءُ: 69] ، ثُمَّ خَرَجَتْ نَفْسُهُ، فَنَظَرْنَا، فَإِذَا ثُقْبٌ فِي جَنْبِهِ قَدْ وَصَلَ إِلَى جَوْفِهِ، وَمَا عَلِمَ بِهِ أَحَدٌ.
قُلْتُ: وَكَانَا مُقْرِئَيْنِ مُجَوِّدَيْنِ لِلأَدَاءِ. تَلاَ عليٌّ عَلَى عَاصِمٍ، ثُمَّ عَلَى حَمْزَةَ. وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَغَيْرُهُ. وَلِعَلِيٍّ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ"2، فِي حُسْنِ الخُلُقِ.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَلَمْ يَدْخُلْ هَذَا فِي رَأْيِ أَخِيْهِ مِنْ تَرْكِ جُمُعَةٍ وَلاَ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بنِ مُثنَى الزَّمِنِ: مَا رَأَيتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيِّ بنِ صَالِحٍ بِشَيْءٍ، فَهَذَا لاَ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ، بَلْ لَمْ يُدرِكْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلِيّاً. فِيْمَا أظن.
فأما أبوهما:
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 374"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2404"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 140 و440" و"2/ 711" و"3/ 132"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1048" حلية الأولياء "7/ ترجمة 392" وتاريخ الإسلام "6/ 252"، الكاشف "2/ ترجمة 3987"، تهذيب التهذيب "7/ 332"، تقريب التهذيب "2/ 38"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4998"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 263".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1601" "121" من طريق وكيع، عن علي بن صالح، عن سلمة بن كهيل، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: استقرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنا، فأعطى سنا فوقه وقال: "خياركم محاسنكم قضاء". ومعنى: "خياركم محاسنكم قضاء" معناه ذوو المحاسن سماهم بالصفة. قال القاضي عياض: وقيل: هو جمع محسن. وأكثر ما يجيء: أحاسنكم، جمع أحسن.

(7/59)


1137- صالح بن صالح 1: "ع"
فَصَدُوْقٌ، مُوَثَّقٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَحَدِيْثُه فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
مَاتَ قَبْلَ الأَعْمَشِ. وَقَدْ قَالَ فِيْهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
فَأَمَّا سَميُّه:
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2826"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 440" و"2/ 42 و592" و"3/ 90 و184"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1779"، الكاشف "2/ ترجمة 3267"، تاريخ الإسلام "6/ 82"، ميزان الاعتدال "2/ 295"، تهذيب التهذيب "4/ 393"، تقريب التهذيب "1/ 360"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3032".

(7/60)


1138- صَالِحُ بنُ حَيَّان 1:
القُرشي الكُوْفِيُّ أَيضاً، فَقَدْ يَشتَبِهُ بِصَالِحِ بنِ حَيٍّ، وَلَيْسَ هُوَ بِهِ، بَلْ هَذَا يَرْوِي عَنِ: ابْنِ بُرَيْدَةَ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَنَافِعٍ، وَسُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ مُسْهِر، وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَطَائِفَةٌ.
وَهُوَ واهٍ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ غَيْرُ مَحْفُوْظٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ. لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا أَبُو العَبَّاسِ2
اعْتمَدَ فِي كِتَابِ "الصَّارِمِ المَسْلُوْلِ" لَهُ على حديث لصالح بن حَيَّانَ هَذَا، وَقَوَّاهُ، وَتَمَّ عَلَيْهِ الوَهْمُ فِي ذَلِكَ.
رَوَاهُ حَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، وَهُوَ حَافِظٌ عَنِ الحَافِظِ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ مُسْهِر، عَنْ صَالِحِ بنُ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيْهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ حَيٌّ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، عَلَى مِيْلَينِ مِنَ المَدِيْنَةِ، وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ خَطبَ مِنْهُم فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمْ يُزَوِّجُوْهُ، فَأَتَاهُم وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَسَانِي هَذِهِ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَحكُمَ فِي أَمْوَالِكُم وَدِمَائِكم. ثُمَّ انْطَلَقَ، فَنَزَلَ عَلَى المَرْأَةِ الَّتِي كَانَ خَطَبَهَا، فَأَرسَلَ القَوْمُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَقَالَ: "كَذَبَ عَدُوَّ اللهِ". ثُمَّ أَرْسَلَ رَجُلاً فَقَالَ: "إِنْ وَجَدْتَه حَيّاً وَمَا أُرَاكَ تَجِدُهُ حَيّاً، فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَإِنْ وَجَدْتَهُ مَيِّتاً، فَأَحْرِقْهُ". فَجَاءَ، فَوَجَدَهُ قَدْ لَدَغَتْهُ أَفْعَى، فَمَاتَ، فَحَرَّقَهُ. فَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
وَسَاقَهُ شَيْخُنَا مِنْ طَرِيْقِ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، عَنْ يَحْيَى الحِمَّاني، عَنْ عَلِيِّ بنِ مُسْهِر. وَهَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ سِوَى صَالِحِ بنِ حَيَّانَ القُرشي، هذا الضعيف.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2789"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 218" والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1739"، والمجروحين لابن حبان "1/ 369"، وتاريخ الإسلام "6/ 81"، وميزان الاعتدال "2/ 292"، تهذيب التهذيب "4/ 386"، تقريب التهذيب "1/ 358"، وخلاصة الخزرجي "1/ 3017".
2 هو شيخ الإسلام ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني المتوفى سنة "728هـ".

(7/60)


1139- أبو دُلامة 1:
الشَّاعِرُ، النَّدِيْمُ، صَاحِبُ النَّوَادرِ، زَنْد بنُ الجَوْن، وكان أسود، من المَوَالِي. حَضَرَ جَنَازَةَ حَمَّادَةَ زَوْجَةِ المَنْصُوْرِ، فَقَالَ لَهُ المَنْصُوْرُ: مَا أَعْدَدْتَ لِهَذِه الحُفْرَةِ? قَالَ: حَمَّادَةَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! فَأَضْحَكَهُ.
تُوُفِّيَ أَبُو دُلامة سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَيُقَالُ: عَاشَ إِلَى أَوَائِلِ دَوْلَةِ الرَّشِيْدِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ دَخَلَ عَلَى المَهْدِيِّ -إِذْ قَدِمَ مِنَ الرَّيِّ- يَهنِّئُهُ، فَقَالَ:
إِنِّيْ حَلَفْتُ لَئِنْ رَأَيتُكَ سَالِماً ... بِقُرَى العِرَاقِ وَأَنْتَ ذُو وَفْرِ
لَتُصَلِّيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ... وَلَتَمْلأَنَّ دَرَاهِماً حِجْرِي
فَقَالَ: أَمَّا الأُوْلَى، فَنَعَمْ. قَالَ: إِنَّهُمَا كَلِمَتَانِ، فَلاَ يُفرَقُ بَيْنَهمَا. فضحك، وملأ حجره دراهم.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "10/ 247"، تاريخ بغداد "8/ 488"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 244"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 249".

(7/61)


1140- زائدة 1: "ع"
ابن قدامة، الإِمَامُ، الثَّبْتُ، الحَافِظُ، أَبُو الصَّلْتِ الثَّقَفِيُّ، الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَعَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَشَبِيْبِ بنِ غَرْقَدة، وَأَبِي طُوَالَةَ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتمر، وحُصين، وَبَيَانِ بنِ بِشْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيِّ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَعَاصِمِ بنِ كُليب، وَالمُخْتَارِ بنِ فُلْفُلٍ، وَمُوْسَى بنِ أَبِي عَائِشَةَ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقيل، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَمُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ عَمْرٍو الأَزْدِيُّ، وحُسَين بنُ عَلِيٍّ الجُعْفي، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سابق، وخلف ابن تَمِيْمٍ، وطَلْق بنُ غَنَّام، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وخلف بن تميم، وطلق ابن غَنَّامٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ زَائِدَة الرَّازِيُّ: قَدِمتُ الكُوْفَةَ قَدْمَةً، فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ: مَنْ تَرَى أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ? قَالَ: عَلَيْكَ بِزَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، وَكَانَ مِنْ أَصدَقِ النَّاسِ وَأَبَرِّهِم.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، وَكَانَ لاَ يُحَدِّثُ قَدَرِيّاً، وَلاَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ يَعْرِفُه.
وَرَوَى صَالِحُ بنُ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: المُتَثَبِّتُونَ فِي الحَدِيْثِ أَرْبَعَةٌ: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَزُهَيْرٌ، وَزَائِدَةُ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: إِذَا سَمِعْتَ الحَدِيْثَ عَنْ زَائِدَةَ وَزُهَيْرٍ، فَلاَ تُبَالِ أَنْ لاَ تَسْمَعَهُ عَنْ غَيْرِهِمَا، إلا حَدِيْثَ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوْقٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ صَاحِبُ سُنَّةٍ، هُوَ أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَبِي عَوانة، وَأَحْفَظُ مِنْ شَرِيْكٍ وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاش. قَالَ: وَكَانَ عَرَضَ حَدِيْثَهُ عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجلي: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، لاَ يُحَدِّثُ أَحَداً حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ، فَإِنْ كان
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 378"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1441"، الكنى للدولابي "1/ 137"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 5777"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 202"، العبر "1/ 236"، الكاشف "1/ ترجمة 1621"، تهذيب التهذيب "3/ 306"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2108"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 251".

(7/62)


صَاحِبَ سُنَّةٍ، حَدَّثَهُ، وَإِلاَّ لَمْ يُحَدِّثْه وَكَانَ قَدْ عَرَضَ حَدِيْثَهُ عَلَى سُفْيَانَ، وَرَوَى عَنْهُ سُفْيَانُ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ صَنَّفَ حَدِيْثَهُ، وَأَلَّفَ فِي القِرَاءاتِ، وَفِي التَّفْسِيْرِ وَالزُّهدِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: رَأَيتُ زُهَيْرَ بنَ مُعَاوِيَةَ جَاءَ إِلَى زَائِدَةَ، فَكلَّمَه فِي رَجُلٍ يُحَدِّثُه، فَقَالَ: أَمِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ هُوَ? قَالَ: مَا أَعْرِفُهُ بِبِدْعَةٍ. فَقَالَ: مَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ هُوَ? فَقَالَ زُهَيْرٌ: مَتَى كَانَ النَّاسُ هَكَذَا? فَقَالَ زَائِدَةُ: مَتَى كَانَ النَّاسُ يَشتمُوْنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا?
قَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ مُطَيَّن: مَاتَ فِي أَرْضِ الرُّوْمِ، عَامَ غزا الحسن بن قحطبة، سنة سِتِّيْنَ، أَوْ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ، أَخْبَرَكُم أَبُو رَوْح عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى الصَّابُوْنِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضَّرِيْسِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَير، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! رَجُلٌ لَقِيَ امْرَأَةً، فَصنَعَ بِهَا مَا يَصْنَعُ الرَّجُلُ بامْرَأَتِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهَا. قال: فأنزل الله -تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] الآيَةَ. فَقَالَ لَهُ: "تَوَضَّأْ، وَصَلِّ". قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَذَا لَهُ خَاصَّةً، أَوْ لِلنَّاسِ عَامَّةً? قَالَ: "لِلنَّاس -أَوْ لِلْمُسْلِمِيْنَ- عَامَّةً" 1.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيْثِ زَائِدَة. وَعِلَّتُهُ: أَنَّ شُعْبَةَ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، فَأَرْسَلَه، لَمْ يَذْكُرْ مُعَاذاً، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا أَدْرَكَ مُعَاذاً.
__________
1 صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه بين عبد الرحمن بن أبي ليلى ومعاذ بن جبل فإنه لم يسمع منه، وهو عند الترمذي "3113". لكن الحديث قد أخرجه البخاري "4687"، ومسلم "2763" من طريق يزيد بن زريع، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فَأُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فأنزلت عليه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] ، قال الرجل: ألي هذه؟ قال: "لمن عمل بها من أمتي".

(7/63)


1141- إبراهيم بن طَهْمَان 1: "ع"
ابن شعبة الإِمَامُ، عَالِمُ خُراسان، أَبُو سَعِيْدٍ الهَرَوي، نَزِيْلُ نيسابور، ثم حَرَمِ اللهِ -تَعَالَى.
وُلِدَ فِي آخِرِ زَمَانِ الصَّحَابَةِ الصِّغَارِ، وَارْتَحَلَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، فَحَمَلَ عَنْ: آدَمَ بنِ عَلِيٍّ، وَثَابِتٍ البُنَاني، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفيع، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي حُصَين، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الجُمَحِيِّ -صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ- وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَأَبِي جَمْرة الضُّبَعي، وأبي إسحاق السبيعي، وأبي الزبير، وعاصم ابن بَهْدَلة، وَعَاصِمِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ، وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: صَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ -شَيْخُهُ- وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَحَفْصُ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدي، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْنٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ، وَمَعْنٌ القَزَّازُ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَير، وَيَحْيَى بنُ الضَّرِيْسِ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحي، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقي، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُم.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً. حَسَنُ الحَدِيْثِ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: لَمْ يَزلِ الأَئِمَّةُ يَشتَهُوْنَ حَدِيْثَهُ، وَيَرغَبُوْنَ فِيْهِ، وَيُوَثِّقُونَهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ، مِنْ أَهْلِ سَرْخَسَ، خَرَجَ يُرِيْدُ الحجَّ، فَقَدِمَ نَيسَابُوْرَ، فَوَجَدَهُم عَلَى قَوْلِ جَهْمٍ، فَقَالَ: الإِقَامَةُ عَلَى هَؤُلاَءِ، أَفْضَلُ مِنَ الحَجِّ. فَأَقَامَ، فَنَقَلَهُم مِنْ قَوْلِ جَهْمٍ إلى الإرجاء.
وقال صالح مُحَمَّدٍ جَزَرَة: ثِقَةٌ، حَسَنُ الحَدِيْثِ، يَمِيْلُ شَيْئاً إِلَى الإِرْجَاءِ فِي الإِيْمَانِ، حَبَّبَ اللهُ حَدِيْثَهُ إلى الناس، جيد الرواية.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 945"، تاريخ بغداد "6/ 105"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 200"، ميزان الاعتدال "1/ 38"، العبر "1/ 241"، الوافي بالوفيات "6/ 23"، تهذيب التهذيب "1/ 129"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 257".

(7/64)


قَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: كَانَ صَحِيْحَ الحَدِيْثِ، كَثِيْرَ السَّمَاعِ، مَا كَانَ بِخُرَاسَانَ أَكْثَرُ حَدِيْثاً مِنْهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ صَالِحٍ الهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا خُرَاسَانِيٌّ أَفْضَلُ مِنْ أَبِي رَجَاءٍ عَبْدِ اللهِ بنِ وَاقِدٍ. قُلْتُ لَهُ: فَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ? قَالَ: كَانَ ذَاكَ مُرْجِئاً. ثُمَّ قَالَ أَبُو الصَّلْتِ: لَمْ يكن إرجاؤهم هذا المذهب الخبيث: أن الإيمان قول بلا عمل، وأن ترك العمل لا يضر بالإيمان، بل كان إرجاؤهم أنهم يرجون لأهل الكبائر الغفران، ردا على الخوارج وغيرهم الَّذِيْنَ يُكَفِّرُوْنَ النَّاسَ بِالذُّنُوبِ. وَسَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ فِي آخِرِ أَمرِهِ: نَحْنُ نَرْجُوْ لِجَمِيْعِ أَهْلِ الكبَائِرِ الَّذِيْنَ يَدِيْنُوْنَ دِيْنَنَا، وَيُصَلُّوْنَ صَلاَتَنَا، وَإِنْ عَمِلُوا أَيَّ عَملٍ. قَالَ: وَكَانَ شَدِيْداً عَلَى الجَهْمِيَّةِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ أَنبَلِ النَّاسِ بِخُرَاسَانَ والعراق والحجاز، وأوثقهم، وأوسعهم علمًا.
قَالَ حَفْصُ بنُ عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ طَهْمَانَ يَقُوْلُ: وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، لقَدْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ.
وَقَالَ حمَّاد بنُ قِيراط: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ طَهْمَانَ يَقُوْلُ: الجَهْمِيَّةُ وَالقَدَرِيَّةُ كُفَّارٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخَانِ بِخُرَاسَانَ مُرْجِئَانِ: أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَهُمَا ثِقَتَانِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَذُكِرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَكَانَ مُتَّكِئاً مِنْ عِلَّةٍ، فَجَلَسَ، وَقَالَ: لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الصَّالِحُوْنَ فَيُتَّكأ. وَقَالَ أَحْمَدُ كَانَ مُرْجِئاً، شَدِيْداً عَلَى الجَهْمِيَّةِ.
قَالَ غَسَّانُ أَخُو مَالِكِ بنِ سُلَيْمَانَ: كُنَّا نختلف إلى إبراهيم بن طهمان إِلَى القَرْيَةِ، فَكَانَ لاَ يَرضَى مِنَّا حَتَّى يُطْعِمَنَا، وَكَانَ شَيْخاً وَاسِعَ القَلْبِ، وَكَانَتْ قَرْيَتُهُ بَاشَانُ مِنَ القَصَبَةِ عَلَى فَرْسَخٍ.
أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ البُخَارِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو اليُمن الكِنْدِيُّ عَامَ سِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُكَير، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ بُوْرَجَه يَقُوْلُ: قَالَ مَالِكُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ جِرَايَةٌ مِنْ بَيْتِ المَالِ فَاخِرَةٌ، يَأْخُذُ فِي كُلِّ وَقْتٍ،

(7/65)


وَكَانَ يَسخُو بِهِ. فَسُئل مَرَّةً فِي مَجْلِسِ الخَلِيْفَةِ، فَقَالَ: لاَ أَدْرِي. قَالُوا لَهُ: تَأخُذُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَكَذَا، وَلاَ تُحْسِنُ مَسْأَلَةً? فَقَالَ: إِنَّمَا آخُذُ عَلَى مَا أُحْسِنُ، وَلَوْ أَخَذْتُ عَلَى مَا لاَ أُحسِنُ، لَفَنِيَ بَيْتُ المَالِ عليَّ، وَلاَ يَفْنَى مَا لاَ أُحسِنُ. فَأَعْجَبَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ جوَابُهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ فَاخِرَةٍ، وَزَادَ فِي جِرَايَتِهِ.
قُلْتُ: شَذَّ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّار، فَقَالَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ ضَعِيْفٌ، مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ، إِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيْهِ لِلإِرْجَاءِ.
وَقَالَ الجُوزجاني: فَاضِلٌ، يُرْمَى بِالإِرْجَاءِ. وَكَذَلِكَ أشار السليماني إِلَى تَلْيِينِه، وَقَالَ: أَنْكَرُوا عَلَيْهِ حَدِيْثَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: فِي رَفْعِ اليَدَيْنِ1، وَحَدِيْثَهُ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: فِي "سِدْرَةِ المُنْتَهَى".
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ صَحِيْحُ الحَدِيْثِ، مُقَاربٌ.
قُلْتُ: لَهُ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ، وَلاَ يَنحَطُّ حَدِيْثُه عَنْ دَرَجَةِ الحَسَنِ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ فِي كِتَابِهِم، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبْدِ البَاقِي، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ ملُوْكٍ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بجُرْجان، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عن أبي إسحاق الهمذاني، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فليصلِّ عليَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عليَّ مرةً صلى الله عليه عشرًا" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "868" من طريق أبي حذيفة، حدثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير أن جابر بن عبد الله كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك. ويقول: رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعل مثل ذلك. ورفع إبراهيم بن طهمان يديه إلى أذنيه. وقد ورد عن علي بن أبي طالب: عند ابن ماجه "864". وورد عن ابن عباس: عند ابن ماجه "865". وورد عن أنس: عند ابن ماجه "866". وورد عن وائل بن حجر: عند ابن ماجه "867". وورد عن أبي حميد الساعدي: عند ابن ماجه "862" و"863".
2 صحيح لغيره: أخرجه الطيالسي "2122" حدثنا أبو سلمة الخراساني، قال حدثنا أبو إسحاق عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين أبي إسحاق وأنس. وأخرجه أحمد "3/ 261"، وابن أبي شيبة "2/ 517"، والنسائي "3/ 55"، وفي "عمل اليوم والليلة" له "62 و362 و363"، والحاكم "1/ 550"، والبيهقي في "شعب الإيمان" "1554"، والبغوي "1365"، والضياء في "الأحاديث المختارة" =

(7/66)


رُوي عَنْ مَالِكِ بنِ سُلَيْمَانَ الهَرَوِيِّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ ثمانٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ المُنَادِي، أَنْبَأَنَا العَلاَّمَةُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ -فِي رَجَبٍ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ- أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، وَقَرَأْتُ عَلَى سِتُّ الأَهْلِ بِنْتُ عُلْوَانَ، أَنْبَأَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدة، قَالاَ: أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ النِّعَالِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّل، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ بُدَيل بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْد اللهِ بن شَقِيق، عَنْ مَيْسَرَة الفَجْر، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَتَى كُتِبْتَ نَبِيّاً? قَالَ: "وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوْحِ وَالجَسَدِ" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ السَّنَدِ، وَلَمْ يُخَرِّجُوْه فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
وَأَخْبَرَنَاهُ سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَّفُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ الحمَّامي، حَدَّثَنَا عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْنُسَ بنِ مُبَارَكٍ الأَحْوَلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ بِهَذَا، لَكِنَّهُ قَالَ: مَتَى كُنْتَ?
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ، حدثان إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ، أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
__________
= "1566" و"1567" و"1568" من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، بُريد بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من صلى عليَّ صلاة واحدة، صلى الله عليه عشر صلوات، وحطَّ عنه عشر خطيئات". وله شاهد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من صلى عليَّ واحدة، صلى الله عليه عشرًا". أخرجه أحمد "2/ 372 و375"، والبخاري في "الأدب المفرد" "645"، ومسلم "408"، وأبو داود "1530"، والترمذي "485"، والنسائي "3/ 50"، والدارمي "2/ 317"، وإسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي" "8 و9"، وأبو عوانة "2/ 234" من طرق عَنِ العَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أبي هريرة، به.
1 صحيح: أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "4/ ق1/ 374" وابن سعد "7/ 60" من طريق إبراهيم بن طهمان، به. وأخرجه أحمد "5/ 59"، وفي "السنة" "ص111" حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا منصور بن سعد، عَنْ بديل، عَنْ عَبْد اللهِ بن شَقِيق، عن ميسرة الفجر، به. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" "410"، وأبو نعيم في "الحلية" "9/ 53" من طرق أخرى عن ابن مهدي، به إلا أنه وقع في "الحلية": "كنت".

(7/67)


فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ مَاتَ. قَالَ: "اذْهَبْ، فَوَارِهِ، وَلاَ تُحْدِثْ شَيْئاً حَتَّى تَأْتِيَنِي". فَفَعَلْتُ الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: "اغْتَسِلْ". وَعَلَّمَنِي دَعَوَاتٍ هِيَ أَحَبُّ إليَّ من حمر النَّعم1.
__________
1 حسن: أخرجه الشافعي "1/ 207"، وابن أبي شيبة "3/ 347"، والطيالسي "120"، وأحمد "1/ 97"، وأبو داود "3214"، والنسائي "1/ 110"، و"4/ 79-80"، وأبو يعلى "423"، والبيهقي في "دلائل النبوة" "2/ 348"، وفي "السنن" "1/ 304" من طرق عن أبي إسحاق قال: سمعت ناجية بن كعب يحدث عن علي -رضي الله عنه- به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته ناجية بن كعب الأسدي، قال ابن المديني: لا أعلم أحدا روى عنه غير أبي إسحاق، وهو مجهول، ولم يوثقه غير العجلي. وقد وهم الحافظ في "التقريب" فقال عنه: ثقة "! " وقد ضعف الحديث البيهقي في "السنن"، وتبعه النووي في "المجموع" "5/ 144"، وأبو يعلى "424"، وابن عدي في "الكامل" "2/ 326" من طريق الحسن بن يزيد الأصم قال: سمعت السدي إسماعيل يذكره عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي قال: فذكره.
قلت: إسناد ضعيف، فيه الحسن بن يزيد الكوفي الأصم، قال ابن عدي: ليس بالقوي وحديثه عن السدي ليس بالمحفوظ. وقال أحمد وغيره: ليس به بأس. وقد وثقه ابن معين والدارقطني. وأورد البيهقي في "السنن" "1/ 305" طريقين آخرين، وهما معلولان، أعلهما البيهقي لكن الحديث يرتقي لمرتبة الحسن بمجموع الطريقين الأوليين والله -تعالى- أعلى وأعلم.

(7/68)


1142- أبو حمزة السُّكَّري 1: "ع"
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَرْوَزي، عَالِمُ مَرْوٍ.
حَدَّثَ عَنْ: زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيع، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَعَبْدِ الكَرِيْمِ الجَزَري، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَجَابِرٍ الجُعْفِيِّ، وَمُطَرِّفِ بنِ طَرِيْفٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَبُو تُمَيلة، وَالفَضْلُ السَّيناني، وعَتَّاب بنُ زِيَادٍ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، وَعَبْدَانُ بنُ عُثْمَانَ، وَسَلاَّمُ بنُ وَاقِدٍ، وَالفَضْلُ بنُ خَالِدٍ البَلْخِيُّ النَّحْوِيُّ، وآخرون خاتمتهم نعيم بن حماد الحافظ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 371"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 737"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 216" و"3/ 281"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 338"، وتاريخ الخطيب "3/ 266"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 214"، والعبر "1/ 251"، والكاشف "3/ ترجمة 5270"، وميزان الاعتدال "4/ 53، 54"، وجامع التحصيل للحافظ العلائي "ترجمة 714"، تهذيب التهذيب "9/ 486"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6702"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 264".

(7/68)


قَالَ أَحْمَدُ: مَا بِحَدِيْثِهِ عِنْدِي بَأْسٌ، هُوَ أَحَبُّ إليَّ مِنْ حُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّوري: كَانَ أَبُو حَمْزَةَ مِنَ الثِّقَاتِ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ عِنْدَهُ مَنْ قَدْ رَحَلَ إِلَيْهِ، يَنْظُرُ إِلَى مَا يَحتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الكِفَايَة، فَيَأمُرُ بِالقِيَامِ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ يَبِيْعُ السُّكَّرَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ السُّكَّرِيّ؛ لِحَلاَوَةِ كَلاَمِهِ.
وَرَوَى ابْنُ الغَلاَبِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: رَوَى أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ الصَّائِغِ -وَذَكَرَهُ بِصَلاَحٍ: كَانَ إِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ مِنْ جِيْرَانِهِ، تَصَدَّقَ بِمِثْلِ نَفَقَةِ المَرِيْضِ، لِمَا صُرِفَ عَنْهُ من العلة.
وقال النسائي: ثقة.
قال ابْنُ رَاهَوَيْه، عَنْ حَفْصِ بنِ حُميد، سَمِعَ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ: أَبُو حَمْزَةَ صَاحِبُ حَدِيْث، أَوْ كَمَا قَالَ. وَحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ: لَيْسَ بِحَافِظٍ، وَلاَ يُتْرَكُ حَدِيْثُه.
سُفْيَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: السُّكَّرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، صَحِيْحَا الكِتَابِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ رُسْتُمَ: قَالَ أَبُو حَمْزَةَ: اخْتلفتُ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ الصَّائِغِ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا عَلِمَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي أَينَ ذَهَبتُ، وَلاَ مِنْ أَينَ جِئْتُ.
قُلْتُ: لأَنَّ إِبْرَاهِيْمَ الصَّائِغَ كَانَ فِي السِّجْنِ، سِجْنِ المُسَوِّدة، وَلاَ يَذْهَبُ أَحَدٌ إليه، إلا مختفيًا.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الاتِّباع? فَقَالَ: الاتِّبَاعُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ وَأَبُو حَمْزَةَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ شَقِيْقٍ: سُئِلَ عَبْدُ اللهِ عَنِ الأَئِمَّةِ الَّذِيْنَ يُقتَدَى بِهِم، فَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِي حَمْزَةَ، وَأَبُو حَمْزَةَ يَوْمَئِذٍ حَيٌّ.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ المَرْوَزِي: كَانَ أَبُو حَمْزَةَ مُسْتجَابَ الدَّعْوَةِ.
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَكِيْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بنِ خَالِدٍ، سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ السُّكَّرِيَّ يَقُوْلُ: مَا شَبِعتُ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ لِي ضَيفٌ.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، قَالَ: أَرَادَ جَارٌ لأَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ أَنْ يَبِيْعَ دَارَهُ، فَقِيْلَ لَهُ: بِكَمْ? قَالَ: بِأَلْفَيْنِ ثَمَنُ الدَّارِ، وَبِأَلْفَيْنِ جِوَارُ أَبِي حَمْزَةَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا حَمْزَةَ، فَوَجَّه إِلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، وَقَالَ: لاَ تَبِعْ دَارَك.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي رِزْمَةَ: مَاتَ أَبُو حَمْزَةَ سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. قَالَ آخَرُ: سَنَة ثَمَانٍ، وَالأَوّلُ أَصحُّ.

(7/69)


1143- إبراهيم بن أدهم 1:
ابن منصور بن يزيد بن جابر، القُدْوَةُ، الإِمَامُ، العَارِفُ، سَيِّدُ الزُّهَّادِ، أَبُو إِسْحَاقَ العِجْلِيُّ -وَقِيْلَ: التَّمِيْمِيُّ- الخُرَاسَانِيُّ، البَلْخي، نَزِيْلُ الشَّامِ. مولده فِي حُدُوْدِ المائَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الجُمَحي -صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَابْنِ عَجلان، وَمُقَاتِلِ بنِ حَيَّان.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقُهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَقِيْقٌ البَلخي، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حِمْيَر، وَخَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ الخُرَاسَانِيُّ -خَادِمُهُ- وَسَهْلُ بنُ هَاشِمٍ، وَعُتْبَةُ بنُ السَّكَنِ، وَحَكَى عَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ لِي قُتَيْبَةُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ تَمِيْمِيٌّ، يَرْوِي عَنْ مَنْصُوْرٍ. قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ: العِجلي.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: هُوَ مِنْ بَنِي عِجْلٍ.
وَذَكَرَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: أَنَّهُ هَرَبَ مِنْ أَبِي مُسْلِمٍ، صَاحِبِ الدَّعْوَةِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، أَحَدُ الزُّهَّادِ.
وَعَنِ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، قَالَ: حَجَّ وَالِدُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ وَزَوْجَتُهُ، فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيْمَ بِمَكَّةَ.
وَعَنْ يُوْنُسَ البَلْخي، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ مِنَ الأَشْرَافِ، وَكَانَ أَبُوْهُ كَثِيْرَ المَالِ وَالخَدَمِ، وَالمَرَاكِبِ وَالجنَائِبِ وَالبُزَاةِ، فَبَيْنَا إِبْرَاهِيْمُ فِي الصَّيْدِ عَلَى فَرَسِه يُرْكِضُه، إِذَا هُوَ بِصَوْتٍ مِنْ فَوْقِه: يَا إِبْرَاهِيْمُ! مَا هَذَا العَبَثُ? {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: 115] ،
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 877"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 455"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 209"، حلية الأولياء "7/ 367 حتى 8/ 58" "رقم ترجمة 394"، العبر "1/ 238"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 318"، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "1/ 13"، تهذيب التهذيب "1/ 102"، شذرات الذهب "1/ 255".

(7/70)


اتَّقِ اللهَ، عَلَيْكَ بِالزَّادِ لِيَوْمِ الفَاقَةِ. فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِه، وَرَفَضَ الدُّنْيَا. وَفِي "رِسَالَةِ" القُشَيري، قَالَ: هُوَ مِنْ كُورة بَلْخ، مِنْ أَبْنَاءِ المُلُوْكِ، أَثَارَ ثَعْلَباً أَوْ أَرْنَباً، فَهَتَفَ بِهِ هاتف: ألهذا خُلِقتَ? أَمْ بِهَذَا أُمِرتَ? فَنَزَلَ، وَصَادفَ رَاعِياً لأَبِيْهِ، فَأَخَذَ عَبَاءتَه وَأَعْطَاهُ فَرَسَه، وَمَا مَعَهُ، وَدَخَلَ البَادِيَةَ، وَصَحِبَ الثَّوْرِيَّ، وَالفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، وَدَخَلَ الشَّامَ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنَ الحَصَادِ وَحِفْظِ البَسَاتِيْنِ، وَرَأَى فِي البَادِيَةِ رَجُلاً، عَلَّمَهُ الاسْمَ الأَعْظَمَ فَدَعَا بِهِ، فَرَأَى الخَضِرَ، وَقَالَ: إِنَّمَا عَلَّمَكَ أَخِي دَاوُدُ. رَوَاهَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ الوَاعِظُ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الخَرَّاز، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ بِذَلِكَ، لَمَّا سَأَلْتُه عَنْ بَدْءِ أَمرِهِ. ورُويَت عَنِ ابْنِ بَشَّارٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، وَزَادَ، قَالَ: فَسَأَلْتُ بَعْضَ المَشَايِخِ عَنِ الحَلاَلِ، فَقَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّامِ. فَصِرتُ إِلَى المصِّيصَة، فَعَمِلتُ بِهَا أَيَّاماً، ثُمَّ قِيْلَ لِي: عَلَيْك بِطَرَسُوْسَ، فَإِنَّ بِهَا المُبَاحَاتِ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى بَابِ البَحْرِ، اكْتَرَانِي رَجُلٌ أَنْطُرُ بُسْتَانَه، فَمَكَثتُ مُدَّةً.
قَالَ المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُتْبَة الخَوَّاص: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ التَّوبَةَ، فَلْيَخرُجْ مِنَ المَظَالِمِ، وَلْيَدَعْ مُخَالطَةَ النَّاسِ، وَإِلاَّ لَمْ يَنَلْ مَا يُرِيْدُ.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: رَآنِي ابْنُ عَجلان، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ سَاجِداً، وَقَالَ: سَجَدتُ للهِ شُكْراً حِيْنَ رَأَيتُكَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: قُلْتُ لابْنِ المُبَارَكِ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ مِمَّنْ سَمِعَ? قَالَ: قَدْ سَمِعَ مِنَ النَّاسِ، وَلَهُ فَضْلٌ فِي نَفْسِهِ، صَاحِبُ سَرَائِرَ، وَمَا رَأَيتُهُ يُظْهِرُ تَسبِيْحاً، وَلاَ شَيْئاً مِنَ الخَيْرِ، وَلاَ أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ قَطُّ، إِلاَّ كَانَ آخِرَ مَنْ يَرْفَعُ يَدَه.
أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ يُشْبِهُ إِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلَ، وَلَوْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ، لَكَانَ رَجُلاً فَاضِلاً.
قَالَ بِشْرٌ الحَافِي: مَا أَعْرِفُ عَالِماً إِلاَّ وَقَدْ أَكَلَ بِدِيْنِهِ، إِلاَّ وُهَيْبَ بنَ الوَرْدِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ، وَيُوْسُفَ بنَ أَسْبَاطٍ، وَسَلْمَ الخَوَّاص.
قَالَ شَقِيْقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: تَرَكتَ خُرَاسَانَ? قَالَ: مَا تَهنَّأتُ بِالعَيْشِ إِلاَّ فِي الشَّامِ، أَفِرُّ بِدِيْنِي مِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ، فَمَنْ رَآنِي يَقُوْلُ: موسوس، ومن رآني يقول: جمال، يا شقي! مَا نَبُلَ عِنْدَنَا مَنْ نَبُلَ بِالجِهَادِ وَلاَ بالحج، بل كان يعقل مَا يَدْخُلُ بَطْنَه.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ: مُنْذُ كَمْ قَدِمتَ الشَّامَ? قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا جِئْتُ لِربَاطٍ وَلاَ لِجِهَادٍ، جِئْتُ لأَشبَعَ مِنْ خُبْزِ الحَلاَلِ.

(7/71)


وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: الزُّهْدُ فَرضٌ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الحَرَامِ، وَزُهْدُ سَلاَمَةٍ وَهُوَ: الزُّهْدُ فِي الشُّبُهَاتِ، وَزُهْدُ فَضْلٍ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الحَلاَلِ.
يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ: دَعَانِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ إِلَى طَعَامِه، فَأَتَيْتُهُ، فَجَلَسَ، فَوَضَعَ رِجْلَه اليُسْرَى تَحْتَ أَلْيَتِه، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَوَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ جِلْسَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ العَبْدِ، خُذُوا بِسْمِ اللهِ. فَلَمَّا أَكَلْنَا، قُلْتُ لِرَفِيْقِه: أَخْبِرْنِي عَنْ أَشدِّ شَيْءٍ مَرَّ بِكَ مُنْذُ صَحِبْتَه. قَالَ: كُنَّا صِيَاماً، فَلَمْ يَكُنْ لَنَا مَا نُفطِرُ عَلَيْهِ، فَأَصْبَحْنَا، فَقُلْتُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ أَنْ نَأْتِيَ الرَّسْتن، فَنكْرِي أَنْفُسَنَا مَعَ الحَصَّادين؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاكْتَرَانِي رَجُلٌ بِدِرْهَمٍ. فَقُلْتُ: وَصَاحِبِي? قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ، أَرَاهُ ضَعِيْفاً. فَمَا زِلتُ بِهِ حَتَّى اكْتَرَاهُ بِثُلُثَيْنِ، فَاشْتَرَيتُ مِنْ كِرَائِي حَاجَتِي، وَتَصَدَّقتُ بِالبَاقِي، فَقرَّبتُ إِلَيْهِ الزَّادَ، فَبَكَى، وَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ فَاسْتَوفَيْنَا أُجُورَنَا، فَلَيْتَ شِعْرِي أَوَفَّيْنَا صَاحِبَنَا أَم لاَ? فَغضِبتُ، فَقَالَ: أَتَضْمَنُ لِي أَنَّا وَفَّيْنَاهُ، فَأَخَذتُ الطَّعَامَ، فَتصَدَّقتُ بِهِ.
وَبِالإِسْنَادِ عَنْ بَقِيَّةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ فِي البَحْرِ، فَهَاجَتْ رِيْحٌ، وَاضْطَرَبتْ السَّفِيْنَةُ، وَبَكَوْا، فَقُلْنَا: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! مَا تَرَى? فَقَالَ: يَا حَيُّ حِيْنَ لاَ حَيَّ، وَيَا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، يَا حَيُّ، يَا قَيُّومُ، يَا مُحْسِنُ، يَا مُجْمِل! قَدْ أَرَيْتَنَا قُدْرَتَكَ، فَأَرِنَا عَفْوَكَ، فَهَدَأَتِ السَّفِيْنَةُ مِنْ سَاعَتِه.
ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَدْهَمَ، قَالَ: أَخَافُ أَنْ لاَ أُؤْجَرَ فِي تَرْكِي أَطَايِبَ الطَّعَامِ، لأَنِّيْ لاَ أَشْتَهِيهِ. وَكَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَى طَعَامٍ طيب، قدم إلى أصحابه، وَقَنَعَ بِالخُبْزِ وَالزَّيْتُوْنِ.
مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَكِّيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قِيْلَ لإِبْرَاهِيْمَ ابن أَدْهَمَ: لَوْ تَزَوَّجتَ? قَالَ: لَوْ أَمْكَنَنِي أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي، لَفَعَلْتُ.
عَنْ خَلَفِ بنِ تَمِيْمٍ، قَالَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيْمُ الجَبَلَ، وَاشْتَرَى فَأْساً، فَقَطَعَ حَطَباً، وَبَاعَهُ، وَاشْتَرَى نَاطِفاً، وَقَدَّمَه إِلَى أَصْحَابِهِ، فَأَكَلُوا، فَقَالَ: يُبَاسِطُهُم: كَأَنَّكُم تَأْكُلُوْنَ فِي رَهْنٍ.
عِصَامُ بنُ رَوَّادِ بنِ الجَرَّاحِ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: كُنْتُ لَيْلَةً مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِبَاكُورَةٍ، فَنَظَرَ حَوْلَهُ هَلْ يَرَى مَا يُكَافِئُه، فَنَظَرَ إِلَى سَرْجِي، فَقَالَ: خُذْ ذَاكَ السَّرْجَ فَأَخَذَهُ فَسُرِرتُ حِيْنَ نَزَلَ مَالِي بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ بَكَّار: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ بَنِي عِجْلٍ، كَرِيْمَ الحَسَبِ، وَإِذَا حَصدَ، ارْتَجَزَ، وَقَالَ:
اتَّخِذِ اللهَ صَاحِبا ... ودَعِ النَّاسَ جَانِبا

(7/72)


وَكَانَ يَلْبَس فَرْواً بِلاَ قَمِيْصٍ، وَفِي الصَّيْفِ شَقَّتَيْنِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ: إِزَارٌ وَرِدَاءٌ، وَيَصُومُ فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَلاَ يَنَامُ اللَّيْلَ وَكَانَ يَتفكَّرُ، وَيَقْبِضُ أَصْحَابُهُ أُجرَتَه، فَلاَ يَمَسُّهَا بِيَدِهِ، وَيَقُوْلُ: كلوا بها شهواتكم وكان ينطر، وَكَانَ يَطحَنُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ.
قَالَ أَبُو يُوْسُفَ الغَسُّوْلِيُّ: دَعَا الأَوْزَاعِيُّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ، فَقصَّرَ فِي الأَكلِ، فَقَالَ: لِمَ قَصَّرتَ? قَالَ: رَأَيتُكَ قَصَّرتَ فِي الطَّعَامِ.
بِشْرٌ الحَافِي: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَمَانٍ، قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا قَعَدَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، تَحرَّزَ مِنَ الكَلاَمِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ طَالُوْتَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَم يَقُوْلُ: مَا صَدَقَ اللهَ عبدٌ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ.
قُلْتُ: عَلاَمَةُ المُخْلِصِ الَّذِي قَدْ يُحبُّ شُهرَةً، وَلاَ يَشعُرُ بِهَا، أَنَّهُ إِذَا عُوتِبَ فِي ذَلِكَ، لاَ يحرَدُ وَلاَ يبرِّئ نَفْسَه، بَلْ يَعترِفُ، وَيَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ مَنْ أَهدَى إليَّ عُيُوبِي، وَلاَ يَكُنْ مُعجَباً بِنَفْسِهِ، لاَ يَشعرُ بِعُيُوبِهَا، بَلْ لاَ يَشعرُ أَنَّهُ لاَ يَشعرُ، فَإِنَّ هَذَا دَاءٌ مُزْمن.
عِصَامُ بنَ روَّاد: سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ حَازِمٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ يَقُوْلُ: كُنَّا بِمَكَّةَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ فَنَظَرَ إِلَى أَبِي قُبَيْس، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً، مُسْتكمِلَ الإِيْمَانِ، يَهزُّ الجَبَلَ لَتَحَرَكَ فَتَحَرَّكَ أَبُو قُبَيْسٍ، فَقَالَ: اسْكُنْ، لَيْسَ إِيَّاكَ أَرَدْتُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَم يجتني الرطب من شجر البَلُّوط.
وَعَنْ مَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: قِيْلَ لابْنِ أَدْهَم. مَا تَبلُغُ مِنْ كَرَامَةِ المُؤْمِنِ? قَالَ: أَنْ يَقُوْلَ لِلْجَبَلِ: تَحرَّكْ، فَيَتحَرَّكُ. قَالَ: فَتَحَرَّكَ الجَبَلُ، فَقَالَ: مَا إِيَّاكَ عَنَيْتُ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، قَالَ: كُلُّ مَلِك لاَ يَكُوْنُ عَادِلاً، فَهُوَ وَاللِّصُّ سَوَاءٌ، وَكُلُّ عَالِمٍ لاَ يَكُوْنُ تَقِيّاً، فَهُوَ وَالذِّئْبُ سَوَاءٌ، وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ لِغَيْرِ اللهِ، فَهُوَ وَالكَلْبُ سَوَاءٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُلُوْدِيُّ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ عَبْدَ الله بنَ اللَّتِّي أَخْبَرَهُم، قَالَ: أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ المُتَوَكِّلِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ العَلاَّفِ، حَدَّثَنَا الحَمَّامي، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الخُلْدي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ يَقُوْلُ: وَأَيُّ دِيْنٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ! مَنْ طَلَبَ العِلْمَ للهِ، كَانَ الخُمُوْلُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ التَّطَاوُلِ، وَاللهِ مَا الحَيَاةُ بِثِقَةٍ، فَيُرْجَى نَوْمُهَا، وَلاَ المَنِيَّةُ بِعُذرٍ، فَيُؤمَنُ عُذْرُهَا، فَفِيْمَ التَّفْرِيطُ وَالتَّقْصِيْرُ وَالاتِّكَالُ وَالإِبطَاءُ? قَدْ رَضِينَا مِنْ أَعْمَالِنَا بِالمَعَانِي، وَمِنْ طَلَبِ التَّوبَةِ بِالتَّوَانِي، وَمِنَ العَيْشِ البَاقِي بِالعَيْشِ الفاني.

(7/73)


وَبِهِ قَالَ ابْنُ بَشَّار: أَمْسَينَا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ لَيْلَةً، لَيْسَ لَنَا مَا نَفطَرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ بَشَّارٍ! مَاذَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَى الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِيْنِ مِنَ النَّعِيْمِ وَالرَّاحَةِ، لاَ يَسْأَلُهُم يَوْمَ القِيَامَةَ عَنْ زَكَاةٍ، وَلاَ حَجٍّ، وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلاَ صِلَةِ رَحِمٍ! لاَ تَغتمَّ، فَرِزقُ اللهِ سَيَأْتِيْكَ نَحْنُ -وَاللهِ- المُلُوْكُ الأَغْنِيَاءُ، تعجلُنَا الرَّاحَة، لاَ نُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ كُنَّا إِذَا أَطَعنَا اللهَ. ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاَتِه، وَقُمْتُ إِلَى صَلاَتِي، فَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ جَاءَ بِثَمَانِيَةِ أَرْغِفَةٍ، وَتَمْرٍ كَثِيْرٍ، فَوَضَعَهُ، فَقَالَ: كُلْ يا مغموم. فَدَخَلَ سَائِلٌ، فَأَعْطَاهُ ثَلاَثَةَ أَرغِفَةٍ مَعَ تَمْرٍ، وَأَعْطَانِي ثَلاَثَةً، وَأَكَلَ رَغِيْفَيْنِ.
وَكُنْتُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا عَلَى قَبْرٍ مُسَنَّم، فَترحَّمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا قَبْرُ حُمَيْدِ بنِ جَابِرٍ، أَمِيْرِ هَذِهِ المُدُنِ كُلِّهَا، كَانَ غَارِقاً فِي بِحَارِ الدُّنْيَا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْهَا. بَلَغَنِي أَنَّهُ سُرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِشَيْءٍ، وَنَامَ، فَرَأَى رَجُلاً بِيَدِهِ كِتَابٌ، فَفَتَحَهُ، فَإِذَا هُوَ كِتَابٌ بِالذَّهَبِ: لاَ تُؤثِرَنَّ فَانِياً عَلَى بَاقٍ، وَلاَ تَغتَرَّنَّ بِمُلْكِكَ، فَإِنَّ مَا أَنْتَ فِيْهِ جَسِيْمٌ لَوْلاَ أَنَّهُ عَدِيْمٌ، وَهُوَ مُلْكٌ لَوْلاَ أَنَّ بَعْدَهُ هُلْكٌ، وَفَرَحٌ وَسُرُوْرٌ، لَوْلاَ أَنَّهُ غُرُوْرٌ، وَهُوَ يَوْمٌ لَوْ كَانَ يُوثَقُ لَهُ بَعْدُ، فَسَارِعْ إِلَى أَمْرِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ قَالَ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آلُ عِمْرَانَ: 133] . فَانتَبَهُ فَزَعاً، وَقَالَ: هَذَا تَنْبِيْهٌ مِنَ اللهِ وَمَوْعِظَةٌ. فَخَرَجَ مِنْ مُلْكِهِ، وَقَصَدَ هَذَا الجَبَلَ، فَعَبَدَ اللهَ فِيْهِ حَتَّى مَاتَ.
وَرُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ حَصدَ لَيْلَةً مَا يَحصُدُهُ عَشَرَةٌ، فَأَخَذَ أُجْرَتَهُ دِيْنَاراً.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ بَشَّارٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: كَيْفَ كَانَ بَدءُ أَمرِكَ? قَالَ: غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ. قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرْنِي لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْماً. قَالَ: كَانَ أَبِي مِنَ المُلُوْكِ المَيَاسِيْرِ، وحُبِّبَ إِلَيْنَا الصيدُ، فركبتُ، فَثَارَ أَرْنَبٌ أَوْ ثَعْلَبٌ، فَحرَّكتُ فَرَسِي، فَسَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ وَرَائِي: لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ، وَلاَ بِذَا أُمِرْتَ. فَوَقَفتُ أَنظُرُ يَمنَةً يَمنَةً وَيَسْرَةً، فَلَمْ أَرَ أَحَداً، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ ثُمَّ حَرَّكتُ فَرَسِي، فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ ذَلِكَ. يَا إِبْرَاهِيْمُ! لَيْسَ لِذَا خُلِقتَ، وَلاَ بِذَا أُمِرتَ. فَوَقَفتُ أَنظُرُ فَلاَ أَرَى أَحَداً، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ. فَأَسْمَعُ نداءً من قُرْبوس سرجي بِذَاكَ، فَقُلْتُ: أُنْبِهْتُ، أُنْبِهْتُ، جَاءنِي نَذِيرٌ، وَاللهِ لاَ عَصَيتُ اللهَ بَعْدَ يَوْمِي مَا عَصَمنِي اللهُ فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي فَخَلَّيتُ فَرَسِي ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لأَبِي، فَأَخَذتُ جُبَّةً كِسَاءً، وَأَلقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلتُ إِلَى العِرَاقِ، فَعَمِلتُ بِهَا أَيَّاماً، فَلَمْ يصفُ لِي مِنْهَا الحَلاَلُ، فَقِيْلَ لِي: عَلَيْكَ بِالشَّامِ ... ، فَذَكَرَ حِكَايَةَ نِطَارَتِه الرُّمَّان وَقَالَ الخَادِمُ لَهُ: أَنْتَ تَأْكُلُ فَاكِهَتنَا، وَلاَ تَعْرِفُ الحُلْوَ مِنَ الحَامِضِ? قُلْتُ: وَاللهِ مَا ذُقْتُهَا. فَقَالَ:

(7/74)


أَتُرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ فَانْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، ذَكَرَ صِفَتِي فِي المَسْجِدِ، فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ، فَجَاءَ الخَادِمُ وَمَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، فَاخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجرِ، وَالنَّاسُ دَاخِلُوْنَ، فَاخْتلَطْتُ مَعَهُم وَأَنَا هَاربٌ.
قَدْ سُقْتُ أَخْبَارَ إِبْرَاهِيْمَ فِي "تَارِيْخِي" أَزْيَدَ مِمَّا هُنَا، وَأَخْبَارَهُ فِي: "تَارِيْخِ دِمَشْقَ" وَفِي: "الحِلْيَة"؛ وَتَآلِيْفَ لابْنِ جَوْصَا، وَأَخْبَارَهُ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ اللَّتِّيِّ، وَأَشْيَاءَ.
وثَّقهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَقَبْرُهُ يُزَار. وَتَرْجَمَتُه فِي "تَارِيْخِ دِمَشْقَ" في ثلاثة وثلاثين ورقة.

(7/75)


1144- معاوية بن سلام 1: "ع"
ابْنِ الإِمَامِ أَبِي سَلاَّمٍ مَمْطُورٍ الحَبَشِيُّ، العَرَبِيُّ، الشَّامِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَأَخِيْهِ زَيْدٍ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَدْرَكَ جَدَّهُ. وَرَوَى أَيْضاً عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُسْهِر، وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَري، وَيَحْيَى بنُ حَسَّانٍ، وَيَحْيَى الوُحَاظِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ بِشْرٍ الحَرِيْرِيُّ، وَأَبُو تَوْبَةَ الحَلَبِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، كَانَ يَكُوْن بِحِمْصَ وَبِدِمَشْقَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّيْنِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: أَعُدُّه مُحَدِّثَ أَهْلِ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ.
وَرَوَيْنَا فِي نُسْخَةِ أَبِي مُسْهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمٍ: سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا سَلاَّمٍ..، فَذَكَرَ حَدِيْثاً مُرسَلاً، قَالَ أَبُو مُسْهِر: قُلْتُ لَهُ: لِمَنْ وَلاَؤُكَ? فَغَضِبَ -يَعْنِي: أَنَّهُ عَرَبِيٌّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّ يَحْيَى بنَ أَبِي كَثِيْرٍ حَمَلَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ سَلاَّمٍ كِتَابَ جَدِّه مُنَاولَةً.
مات بعد السبعين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1444"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 340" و"3/ 10"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1752"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 230"، الكاشف "3/ ترجمة 5624"، والعبر "1/ 262 و356"، جامع التحصيل للحافظ العلائي "ترجمة 777"، تهذيب التهذيب "10/ 208"، تقريب التهذيب "2/ 259"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7081"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 270".

(7/75)


1145- أَبُو عُبَيْدِ اللهِ الوَزِيْرُ 1:
مُعَاوِيَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَسَارٍ الأَشْعَرِيُّ، مَوْلاَهُم الطَّبَرَانِيُّ، الشَّامِيُّ، الكَاتِبُ، أَحَدُ رِجَالِ الكَمَالِ حَزْماً، وَرَأْياً، وَعِبَادَةً، وَخَيْراً.
رَوَى عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ، وَمَنْصُوْرٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي مُزَاحِم، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ المَهْدِيُّ يُبَالغُ فِي إِجْلاَلِه وَاحْترَامِه، وَيَعتَمِدُ عَلَى رَأْيِه وَتَدبِيْرِه وَحُسنِ سِيَاسَتِه. قَالَ حَفِيْدُهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ: أَبْلَى جَدُّنَا سَجَّادتين، وَشَرَعَ فِي ثَالِثَةٍ مَوْضِعَ رُكْبَتَيْهِ وَوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ صَلاَتِه -رَحِمَهُ اللهُ- وَكَانَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ كُرُّ دَقِيْقٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ، فَلَمَّا وَقَعَ الغَلاَءُ، تَصدَّقَ بِكُرَّين.
قُلْتُ: الكُرُّ يُشبِعُ خَمْسَةَ آلاَفِ إِنْسَانٍ، وَكَانَ مِنْ مُلُوْكِ العَدْلِ.
وَيُقَالُ: سَمِعَ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَعَاصِمِ بنِ رَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ، وَكَانَ مَعَ دِيْنِه فِيْهِ تِيْهٌ وَتعزُّزٌ. حَجَّ الرَّبِيْعُ الحَاجِبُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ مُسَلِّماً، فَمَا قَامَ لَهُ، وَلاَ وَفَّاهُ حَقَّه، فَعمِلَ عَلَيْهِ عِنْدَ المَهْدِيِّ، وَرَمَى ابْنَهُ بِالتَّعَرُّضِ لِحُرمِ الهَادِي، فَقَتَلَ المَهْدِيُّ ابْنَهُ، وَقَبضَ عَلَيْهِ، فَمَا زَالَ فِي السِّجْنِ حَتَّى تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ بَسَطتُ مِنْ سِيْرتِه فِي: "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ"، وَهُوَ جَدُّ الحَافِظِ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ الأشعري.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1751"، الكاشف "3/ ترجمة 5626"، العبر "1/ 259"، وتهذيب التهذيب "10/ 212"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7083"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 279".

(7/76)


1146- عافية 1:
ابن يَزِيْدَ بنِ قَيْسٍ الأَوْدِيُّ، الكُوْفِيُّ، الحَنَفِيُّ، قَاضِي بغداد بالجانب الشَّرْقِيِّ.
كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ، وَمِنْ قُضَاةِ العَدْلِ، نَزعَ فِي الفِقْهِ بِأَبِي حَنِيْفَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَمُجَالِدٍ وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى.
رَوَى عَنْهُ: مُوْسَى بنُ دَاوُدَ، وَأَسَدُ السُّنَّةِ. وَقَلَّمَا رَوَى، لأَنَّهُ مَاتَ كَهْلاً.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ عَالِماً، زَاهِداً، حَكَمَ مُدَّةً عَلَى سَدَادٍ وَصَونٍ، ثُمَّ اسْتَعفَى مِنَ القَضَاءِ، فَأُعْفِي.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: يُكتَبُ حَدِيْثُه.
وَرَوَى عَبَّاسٌ الدُّوري، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ. وَكَذَلِكَ رَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْهُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيد الرَّازِيِّ، عَنْهُ: ضَعِيْفٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَقِيْلَ: سَبَبُ تَرْكِهِ القَضَاءَ، أَنَّهُ تَثبَّتَ فِي حُكْمٍ، فَأَهدَى لَهُ الخَصْمُ رُطَباً، فَرَدَّهُ، وَزَجَرَهُ، فَلَمَّا حَاكَمَ خَصْمَهُ مِنَ الغَدِ، قَالَ عَافِيَةُ: لَمْ يَسْتَوِيَا فِي قَلْبِي. ثُمَّ حَكَاهَا لِلْخَلِيْفَةِ، وَقَالَ: هَذَا: حَالِي وَمَا قَبِلْتُ، فَكَيْفَ لَوْ قَبِلْتُ?! قَالَ: فَأَعْفَاهُ.
توفي سنة نيف وستين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 331"، تاريخ بغداد "12/ 307"، ميزان الاعتدال "2/ 358"، تهذيب التهذيب "5/ 60"، تقريب التهذيب "1/ 386"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5618".

(7/77)


1147- مُفَضَّل 1: "م، س، ق"
ابن مهلهل، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيُّ، الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: مَنْصُوْرٍ، وَبَيَانِ بنِ بِشْرٍ، وَمُغِيْرَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَنَحْوِهِم.
وَعَنْهُ: حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، صَاحِبَ سُنَّةٍ وَفَضْلٍ وَفِقْهٍ. لَمَّا مَاتَ الثَّوْرِيُّ مَضَى أَصْحَابُهُ إِلَى المُفَضَّلِ، فَقَالُوا: تَجْلِسُ لَنَا مَكَانَ أَبِي عَبْدِ اللهِ? فَقَالَ: مَا رَأَيتُ صَاحِبَكُم يُحمَدُ مَجْلِسُهُ.
وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، فَقَالَ: ذَاكَ الرَّاهِبُ قَدِمَ عَلَيْنَا مَعَ سُفْيَانَ.
وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ مَنْجَوَيْه: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
رَوَينَا عَنْ مُفَضَّلِ بنِ مُهَلْهِلٍ كَلِمَةً نَافِعَةً، قَالَ: اعْمَلْ بِقَلِيْلِ الحَدِيْثِ يزهدك في كثيره.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 381"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1776"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 713" و"2/ 782"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1457"، العبر "1/ 250"، الكاشف "3/ ترجمة 5710"، ميزان الاعتدال "4/ 171"، تهذيب التهذيب "10/ 275"، تقريب التهذيب "2/ 271"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7178"، شذرات الذهب "1/ 263".

(7/77)


1148- المهدي 1:
الخَلِيْفَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ المَنْصُوْرِ أَبِي جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ.
مَوْلِدُه بإيْذَج مِنْ أَرْضِ فَارِسٍ، فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ. وَقِيْلَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ. وَأُمُّهُ: أُمُّ مُوْسَى الحِمْيَرية.
كَانَ جوادًا، ممدحًا، مِعْطَاءً، مُحَبَّباً إِلَى الرَّعِيَّةِ، قَصَّابًا فِي الزَّنَادِقَةِ، بَاحِثاً عَنْهُم، مَلِيحَ الشَّكْلِ. قَدْ مرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ".
وَلَمَّا اشْتدَّ، وَلاه أَبُوْهُ مَمْلَكَةَ طَبَرِسْتَانَ، وَقَدْ قَرَأَ العِلْمَ، وَتَأَدَّبَ وَتَمَيَّزَ.
غَرِمَ أَبُوْهُ أَمْوَالاً حَتَّى اسْتَنْزَلَ وَلِيَّ العَهْدِ ابْنَ أَخِيْهِ عِيْسَى بنَ مُوْسَى مِنَ العَهْدِ لِلْمَهْدِيِّ، وَلَمَّا مَاتَ المَنْصُوْرُ، قَامَ بِأَخذِ البَيْعَةِ لِلْمَهْدِيِّ الرَّبِيْعُ بنُ يُوْنُسَ الحَاجِبُ.
وَكَانَ المَهْدِيُّ أَسْمَرَ، مَلِيْحاً، مُضْطَرِبَ الخَلْقِ، عَلَى عَيْنِهِ بَيَاضٌ، جَعْدَ الشَّعرِ، وَنَقْشُ خَاتَمِه: اللهُ ثِقَةُ مُحَمَّدٍ، وَبِهِ نُؤمِنُ.
يَقْطُوْنَه: أَنْبَأَنَا أَبُو العَبَّاسِ المَنْصُوْرِيُّ، قَالَ: لَمَّا حَصَلت الخَزَائِنُ فِي يَدِ المَهْدِيِّ، أَخَذَ فِي رَدِّ المَظَالِمِ، فَأَخَرَجَ أَكْثَرَ الذَّخَائِرِ، فَفَرَّقَهَا، وَبرَّ أَهْلَه وَمَوَالِيْهِ. فَقِيْلَ: فَرَّقَ أَزْيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ أَلْفٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أُثنِيَ عَلَيْهِ بِالشَّجَاعَةِ، فَقَالَ: لِمَ لاَ أَكُوْنُ شُجَاعاً? وَمَا خِفتُ أَحَداً إِلاَّ اللهَ -تَعَالَى.
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَنَّ المَهْدِيَّ كَتَبَ إِلَى الأَمصَارِ يَزجُرُ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ أهل الأهواء في شيء منها.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "2/ 246"، تاريخ بغداد "5/ 391"، العبر "1/ 230 و234"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 300"، شذرات الذهب "1/ 230 و245".

(7/78)


وَعَنْ يُوْسُفَ الصَّائِغِ، قَالَ: رَفَعَ أَهْلُ البِدَعِ رءوسهم، وَأَخَذُوا فِي الجَدَلِ، فَأَمَرَ بِمَنعِ النَّاسِ مِنَ الكَلاَمِ، وَأَنْ لاَ يُخَاضَ فِيْهِ.
قَالَ دَاوُدُ بنُ رَشِيْدٍ: هَاجَتْ رِيْحٌ سَوْدَاءُ، فَسَمِعْتُ سَلَماً الحَاجِبَ يَقُوْلُ: فُجِعْنَا أَنْ تَكُوْنَ القِيَامَةُ، فَطَلَبتُ المَهْدِيَّ فِي الإِيوَانِ، فَلَمْ أَجِدْه، فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ، سَاجِدٌ عَلَى التُّرَابِ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ لاَ تُشَمِّتْ بِنَا أَعْدَاءنَا مِنَ الأُمَمِ، وَلاَ تُفْجِعْ بِنَا نَبِيَّنَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَخَذْتَ العَامَّةَ بِذَنْبِي، فَهَذِهِ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ. فَمَا أَتَمَّ كَلاَمَهُ حَتَّى انْجَلَتْ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: دَخَلَ عَلَى المَهْدِيِّ شَرِيْفٌ، فَوَصَلَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَا أَنْتَهِي إِلَى غَايَةِ شُكرِكَ، إِلاَّ وَجَدْتُ وَرَاءهَا غَايَةً مِنْ مَعْرُوْفِكَ، فَمَا عَجَزَ النَّاسُ عَنْ بُلُوْغِه فَاللهُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ.
وَعَنِ الرَّبِيْعِ: أَنَّ المَنْصُوْرَ فَتحَ يَوْماً خَزَائِنَه مِمَّا قَبضَ مِنْ خَزَائِنِ مَرْوَانَ الحِمَارِ، فَأَحْصَى مِنْ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ عِدْل خَزٍّ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا ثَوْباً، فَقَالَ لِي: فَصِّل مِنْهُ جُبَّةً، وَلِمُحَمَّدٍ جُبَّةً وَقَلَنْسُوَةً. وَبَخِلَ بِإِخْرَاجِ ثَوْبٍ لِلْمَهْدِيِّ، فَلَمَّا وَلِي المَهْدِيُّ، أَمَرَ بِذَلِكَ كُلِّه، فَفُرِّقَ عَلَى المَوَالِي وَالخَدَمِ.
وَقِيْلَ: كَانَ كَثِيْرَ التَّولِيَةِ وَالعَزلِ بِغَيْرِ كَبِيْرِ سَبَبٍ، وَيُبَاشِرُ الأُمُورَ بِنَفْسِهِ، وَأَطلَقَ خَلقاً مِنَ السُّجُونِ، وَزَادَ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ وَزَخْرَفَه.
أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو خُلَيد، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: قَالَ لِي المَهْدِيُّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! لَكَ دَارٌ? قُلْتُ: لاَ. فَأَمَرَ لِي بِثَلاَثَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ وَصَلَ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ المَاجَشُوْنِ بِعَشْرَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
وَنَقَلَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ بِإِسْنَادٍ: أَنَّ المَهْدِيَّ أَعْطَى رَجُلاً مَرَّةً مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ. وَجَوَائِزُهُ كَثِيْرَةٌ مِنْ هَذَا النَّمطِ. وَأَجَازَ مَرَّةً مَرْوَانَ بنَ أَبِي حَفْصَةَ بِسَبْعِيْنَ ألفًا. وليس هذا الإسراف بما يُحْمَدُ عَلَيْهِ الإِمَامُ.
وَكَانَ مُسْتَهْتِراً بِمَوْلاَتِه الخَيْزُرَانِ، وَكَانَ غَارِقاً كَنَحْوِهِ مِنَ المُلُوْكِ فِي بَحْرِ اللَّذَّاتِ، وَاللَّهْوِ وَالصَّيْدِ، وَلَكِنَّهُ خَائِفٌ مِنَ اللهِ، مُعَادٍ لأُولِي الضَّلاَلَةِ، حَنِقَ عَلَيْهِم.
تَمَلَّكَ عَشْرَ سِنِيْنَ وَشَهراً وَنِصْفاً، وَعَاشَ ثَلاَثاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ بماسَبَذَان، فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَبُوْيِعَ ابْنُهُ الهَادِي.

(7/79)


1149- النضر بن عربي 1: "د، ت"
الإِمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو رَوْحٍ -وَقِيْلَ: أَبُو عُمَرَ- البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُم، الجَزَري، الحَرَّاني.
رَأَى أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بنَ وَاثِلَةَ. وروى عن: مجاهد، القاسم بنِ مُحَمَّدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَسَالِمِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمَكْحُوْلٍ، وَمَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَلِيِّ بنِ نُفَيْلٍ، وَعِدَّةٍ. وَيَنْزِل إِلَى أَنْ يَرْوِي عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الرَّقي، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ، وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ، طَالَ عُمُرُهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَوَكِيْعٌ، وَسُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ الثَّوْرِيُّ -وَمَاتَ قَبْلَه- وَأَبُو أُسَامَةَ، وَالمُطَّلِبُ بنُ زِيَادٍ، وَيَحْيَى بنُ صَالِحٍ الوُحَاظِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ، وَعَمْرُو بنُ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ، وَبِشْرُ بنُ عُبَيْس بنِ مَرْحُوْمٍ العَطَّارُ، وَسَعِيْدُ بنُ حَفْصٍ النُّفيلي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَجَبِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سوَّار، وَخَلْقٌ آخِرُهُم: أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيلي.
قَالَ خَلِيْفَةُ: النَّضْرُ بنُ عَرَبِيٍّ العَامِرِيُّ، وَيُقَالُ: مَوْلَى حَاتِمِ بنِ النُّعْمَانِ البَاهِلِيِّ.
رَوَى عَبَّاسٌ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَعِدَّةٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ أَسندَ حَدِيْثاً وَاحِداً. وَقَالَ مَرَّةً: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
أَظُنُّ أَبَا حَاتِمٍ أَرَادَ أَنَّهُ وَهِمَ فِي رِوَايَةِ حَدِيْثٍ وَاحِدٍ، فَأَسنَدَه، وَصَوَابُه مَوْقُوْفٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ أَيْضاً: لَيْسَ بِذَاكَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس به بأس.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ: رَأَيتُ لَهُ أَحَادِيْثَ مُسْتقِيْمَةً عَمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ بأس به.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 483"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2290"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2179"، الكاشف "3/ ترجمة 5941"، ميزان الاعتدال "4/ 261"، تهذيب التهذيب "10/ 442"، تقريب التهذيب "2/ 302"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7517".

(7/80)


وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ -فَشَذَّ: كَانَ ضَعِيْفَ الحَدِيْثِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وستين ومائة.
أخبرنا أبو الفضل بن عَسَاكِرَ: أَنْبَأَنَا القَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الأَسَعْدِ هِبَةُ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ البَحِيْرِيُّ، وَأَنْبَأَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ السَّمْعَانِيِّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الصّرَامُ، قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَيْد الحرَّاني، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ عَرَبِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "لَمَّا وُضِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي لَحدِهِ، وُضِعَ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّحْدِ قَطِيْفَةٌ كَانَتْ لَهُ، بَيْضَاءُ بَعْلَبَكِّيَّةٌ"1. حَسَنٌ، غَرِيْبٌ. وَابْنُ مُعَيْد: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، بِالضَّمِّ، بِوَزنِ عُبَيْدٍ، هَكَذَا وجدته.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "967"، والنسائي "4/ 81" من طريق شعبة، عن أبي جمرة عن ابن عباس قال: جعل في قَبْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قطيفة حمراء.

(7/81)


1150- صَالِحُ بنُ رَاشِدٍ 1:
أَبُو عَبْدِ اللهِ نَصْر بن مَسْتُورٍ.
سَمِعَ الحَسَنَ، وَمَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ، وَعَاصِمَ بنَ رَزين.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَرَمِي بنُ عُمارة، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى التَّبُوذَكي، وَغَيْرُهُم.
ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ"، وَسَكَتَ عَنْ حَالِهِ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2804"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1758"، تاريخ الإسلام "6/ 202"، ميزان الاعتدال "2/ 294".

(7/81)


1151- شيبان 1: "ع"
ابن عبد الرحمن النحوي، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُعَاوِيَةَ التَّمِيْمِيُّ مَوْلاَهُم، النَّحْوِيُّ، البَصْرِيُّ المُؤَدِّبُ، نَزِيْلُ الكُوْفَةِ، ثُمَّ بَغْدَادَ.
رَوَى عَنِ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ -وَذَلِكَ فِي مُسْلِمٍ- وَعَنْ: يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَزِيَادِ بنِ عِلاقة، وَقَتَادَةَ، وَأَشْعَثَ بنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَمَنْصُوْرٍ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَهِلاَلٍ الوَزَّان، وَثَابِتٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو حَنِيْفَةَ -وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ- وَعَبْدُ الرحمن بن مهدي، وأبو داود، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَمُعَاوِيَةُ بنُ هِشَامٍ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَير، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَسَعْدُ بنُ حَفْصٍ الضَّخْمُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا أَقْرَبَ حَدِيْثَهُ. وَقَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: كَانَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ أَكْبَرَ عِنْدَكَ مِنْ شَيْبَانَ? قَالَ: هِشَامٌ أَرْفَعُ، هِشَامٌ حَافِظٌ، وَشَيْبَانُ صَاحِبُ كِتَابٍ. قِيْلَ: فَحَرْبُ بنُ شَدَّادٍ? قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَشَيْبَانُ أَرْفَعُ هَؤُلاَءِ عِنْدِي، شَيْبَانُ صَاحِبُ كِتَابٍ صَحِيْحٍ، قَدْ رَوَى شَيْبَانُ عَنِ النَّاسِ، فَحَدِيْثُه صَالِحٌ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ: شَيْبَانُ ثَبتٌ فِي كُلِّ المَشَايِخِ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ: شَيْبَانُ أَثْبَتُ فِي حَدِيْثِ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: شَيْبَانُ أَحَبُّ إليَّ مِنْ مَعْمَرٍ فِي قَتَادَةَ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: قُلْتُ لِيَحْيَى: شَيْبَانُ مَا حَالُهُ فِي الأَعْمَشِ? فَقَالَ: ثِقَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: شَيْبَانُ صَاحِبُ حُرُوْفٍ وَقِرَاءاتٍ، مَشْهُوْرٌ بِذَلِكَ، كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يُوَثِّقُهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَسَنُ الحَدِيْثِ، صَالِحُ الحَدِيْثِ، يُكتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ خِراش: صدوق.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ العَسْكَرِيُّ: شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ نُسِبَ إِلَى بَطْنٍ يُقَالُ لَهُم: بَنُو نَحْوٍ، وَهُم بَنُو نَحْوِ بنِ شُمسٍ -بِضَمِّ الشِّيْنِ؛ بَطْنٌ مِنَ الأَزْدِ. وَذَكَرَ: ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: أَنَّ المَنْسُوبَ إِلَى القَبِيْلَةِ يَزِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ النَّحْوِيُّ، لاَ شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، وَهُوَ أَشْبَهُ، لأَنَّهُ تَمِيْمِيٌّ، لاَ أَزْدِيٌّ.
وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ حَدِيْثٌ، سُقتُهُ فِي أَخْبَارِ شُعْبَةَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 377"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2709"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 318 و440" و"2/ 160 و451 و544"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1561"، تاريخ بغداد "9/ 271"، الكاشف "2/ ترجمة 2338"، تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 204"، العبر "1/ 243"، ميزان الاعتدال "2/ 285"، تهذيب التهذيب "4/ 373"، تقريب التهذيب "1/ 356"، شذرات الذهب "1/ 259"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2985".

(7/82)


وَأَجَازَ لَنَا جَمَاعَةٌ سَمِعُوا ابْنُ طَبْرَزَد: أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ غَيلان، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البِرْتِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ: "انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُودِيَ بِالصَّلاَةِ جَامِعَةً، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ بِسَجْدَةٍ، ثُمَّ قَامَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ بِسَجْدَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى جُلِيَ عَنِ الشَّمْسِ، فَقَالَتْ: عَائِشَةُ مَا سَجَدَ سُجُوداً قَطُّ، وَلاَ رَكَعَ رُكُوعاً قَطُّ أَطْوَلَ مِنْهُ"1.
قُلْتُ: قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ فِيْهِ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ، لَيْسَ بِجَيِّدٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ شَيْبَانُ فِي خِلاَفَةِ المَهْدِيِّ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ ومائة. وكذا قال يعقوب السدوسي، ومُطَيَّن.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1051" من طريق أبي نعيم، به. وأخرجه مسلم "910" من طريق يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ، به.

(7/83)


1152- عِيْسَى بنُ عَلِيِّ 1:
ابْنِ تَرْجُمان القُرْآنِ: عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ، الأَمِيْرُ، عَمُّ المَنْصُوْرِ، وَإِلَيْهِ يُنْسبُ نَهْر عِيْسَى2، وَقَصْرُ عِيْسَى3.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ، وَأَخِيْهِ.
وَعَنْهُ: وَلَدَاهُ؛ إِسْحَاقُ وَدَاوُدُ، وَهَارُوْنُ الرَّشِيْدُ، وَشَيْبَانُ النَّحْوِيُّ.
وَكَانَ يَرجِعُ إِلَى عِلْمٍ وَدِيْنٍ وَتَقْوَىً، خَدَمَ أَبَاهُ، وَلَمْ يَلِ شَيْئاً تَوَرُّعاً، وَكَانَ فِيْهِ بَعْضُ الاَنقطَاعِ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ لَهُ مَذْهَبٌ جَمِيْلٌ، وَيَعتَزِلُ السُّلْطَانَ، وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ حَدِيْثِ: "يُمْنُ الخَيْلِ فِي شُقْرِها"4. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غريب.
قَالَ الخُطَبِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وقيل: سنة ستين.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "6/ 264"، العبر "1/ 242"، تهذيب التهذيب "8/ 221".
2 نهر عيسى: كورة، وقرى كثيرة، وعمل واسع في غربي بغداد، يعرف بهذا الاسم، ومأخذه من الفرات عند قنطرة دِممَّا ... هو نهر على متنزهات وبساتين كثيرة. قاله ياقوت في "معجم البلدان".
3 قصر عيسى: هو أول قصر بناه الهاشميون في أيام المنصور ببغداد، وكان على شاطئ نهر الرُّفَيل، عند مصبه في دجله -وهو اليوم "أي زمن ياقوت"- في وسط العمارة من الجانب الغربي، وليس للقصر أثر الآن -"أي زمن ياقوت"- إنما هناك محلة كبيرة ذات سوق تسمى: قصر عيسى. قاله ياقوت في "معجم البلدان".
4 حسن: أخرجه أبو داود "2545"، والترمذي "1695" من طريق شيبان يعني ابن عبد الرحمن، حدثنا عيسى بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم: فذكره.
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث شيبان.
قلت: رجال إسناده ثقات خلا عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس، فإنه صدوق، فالإسناد به حسن.

(7/83)


1153- صخر بن جويرية 1: "خَ، م، د، س، ت"
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو نَافِعٍ التَّمِيْمِيُّ مَوْلاَهُم. وَقِيْلَ: مَوْلَى بَنِي هِلاَلٍ البَصْرِيِّ، شَيْخٌ، مُعَمَّرٌ، صَدُوْقٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي رَجَاءٍ العُطَاردي، وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ -وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ- وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَرَوْحُ بنُ عُبَادة، وَعَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: صَالِحٌ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: إِنَّمَا يُتَكَلَّمُ فِيْهِ؛ لأَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّهُ سَقَطَ كِتَابُهُ.
قُلْتُ: احْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
كَتَبَ إليَّ ابْنُ البُخَارِيِّ: أَنْبَأَنَا أَبُو حَفْصٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ هَزَارْمَرْدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبابة، أَنْبَأَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنِي صَخْرُ بنُ جُوَيْرِيَةَ، سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ، قال: حدثنا ابن عباس، قال: قال مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اطَّلَعْتُ -يَعْنِي: فِي الجَنَّةِ- فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ وَالمَسَاكِيْنَ، وَاطَّلَعْتُ إِلَى -أَوْ: فِي- النَّارِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ" 2.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَاهُ شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ مِثْلُ حَدِيْثِ صَخْرٍ. وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، وَقَالَ عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْهُ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 275"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2951"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 637"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1880"، الكاشف "2/ ترجمة 2397"، ميزان الاعتدال "2/ 308"، تهذيب التهذيب "4/ 410"، تقريب التهذيب "1/ 365"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3072".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2737" من طريق زهير بن حرب، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن أبي رجاء العطاردي، عن ابن عباس، به.
وأخرجه البخاري "3241" و"5198" و"6449" و"6546" من طريق أبي رجاء عن عمران بن حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فذكره.

(7/84)


1154- موسى بن عُلَيّ بن رباح 1: "م، 4"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ العَادلُ، نَائِبُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ لأَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ سَنَوَاتٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ اللَّخْمِيُّ مَوْلاَهُم، المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ كَثِيْراً، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وابن شهاب، ويزيد ابن أَبِي حَبِيْبٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ -وَمَاتَ قَبْلَه بِمُدَّةٍ- وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيْعَةَ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُمَحِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ سَالِمٍ القَدَّاح، وَسُفْيَانُ بنُ حَبِيْبٍ البَصْرِيُّ، وَوَكِيْعٌ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَوَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ، وابن مهدي، وأبو نعيم، وأبو عبد الرحمن المقرىء، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ الكَاتِبُ، ورَوْح بنُ صَلاَحِ بنِ سيَابَةَ المَوْصِلِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، وَطَلْقُ بنُ السَّمْحِ، وَبَكْرُ بنُ يُوْنُسَ بنِ بُكَير، وخلق، آخرهم موتًا: القاسم بن هانىء بنِ نَافِعٍ العَدَوِيُّ الضَّرِيْرُ.
وَمَا ظَفِرَ الخَطِيْبُ فِي "السَّابِقِ وَاللاَّحِقِ"، بِغَيْرِ سَعْدِ بنِ يَزِيْدَ الفَرَّاء، شَيخٍ لِلْحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، تُوُفِّيَ مَعَ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالعِجْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً، يُتقِنُ حَدِيْثَه، لاَ يَزِيْدُ وَلاَ يَنقص، صَالِحُ الحَدِيْثِ، كَانَ مِنْ ثِقَاتِ المِصْرِيِّينَ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: وُلِدَ بِإِفْرِيْقِيَةَ، سَنَةَ تِسْعِيْنَ، وَمَاتَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّة، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَكَذَا قَالَ فِي مَوْتِه يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَخَلِيْفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَطَائِفَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: كَانَتْ مُدَّةُ إِمْرَتِه عَلَى إِقْلِيْمِ مِصْرَ ستة أعوام وشهرين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 515"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1235"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 151 و323 و463"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 691"، العبر "1/ 242"، الكاشف "3/ ترجمة 5819"، تهذيب التهذيب "10/ 363"، تقريب التهذيب "2/ 286"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7295"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 258".

(7/85)


1155- وأما أبوه عُلَيّ بن رباح 1: "م، 4"
ابن قَصِير بن قَشِيب ابن يثيع، الثقة، العالم، واسمه: علي، وإنما صُغِّرَ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ: كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ إِذَا سَمِعُوا بِمَوْلُوْدٍ اسْمُهُ عَلِيٌّ، قَتَلُوْهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَبَاحاً، فَقَالَ: هُوَ عَلَيّ.
قُلْتُ: عُلَيّ بنُ رَبَاحٍ وُلِدَ فِي صَدْرِ خِلاَفَةِ عُثْمَانَ، فَلَعَلَّهُ غُيِّر وَهُوَ شَابٌّ، لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ العَرَبِ.
قَدْ رَوَى عَنْ: عَمْرِو بنِ العَاصِ -فَكَانَ آخرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ فِيْمَا عَلِمتُ- وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، وفَضَالة بنِ عُبيد، وَعِدَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ: وَلدُهُ؛ مُوْسَى بنُ عُلَي. وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وحُمَيد بن هانىء، وَمَعْرُوْفُ بنُ سُوَيْدٍ، وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ أَحَدَ الثِّقَاتِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ مُؤَدِّبِي، فَسَمِعْتُهُ يَبْكِي، فَقُلْتُ: مالك? قَالَ: قُتِلَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانُ، وَكُنْتُ بِالشَّامِ.
وَأَمَّا أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: فَذَكَرَ أَنَّ مَوْلِدَه عَامَ اليَرْمُوْكِ. قَالَ: وَذَهَبتْ عَيْنُهُ يَوْمَ ذَاتِ الصَّوَارِي2 فِي البَحْرِ، مَعَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي سَرْحٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ. قَالَ: وَكَانَتْ لَهُ مَنْزِلَةٌ مِنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ، وَهُوَ الَّذِي زَفَّ أُمَّ البنِيْنَ بِنْتَهُ إِلَى ابْنِ عَمِّهَا الوَلِيْدِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ العَزِيْزِ تَغَيَّر عَلَيْهِ وَأَبعَدَهُ، فَأَغْزَاهُ إفريقية، فلم يزل بها حتى مات.
يقال: مات سنة أربع عشرة ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 512"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 323 و463 و481" و"2/ 49"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1020"، الإكمال لابن ماكولا "6/ 251"، الأنساب للسمعاني "10/ 152"، تاريخ الإسلام "4/ 282"، العبر "1/ 193" والكاشف "2/ ترجمة 3972"، جامع التحصيل للعلائي "ترجمة 541"، تهذيب التهذيب "7/ 318"، تقريب التهذيب "2/ 36"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4982"، شذرات الذهب "1/ 149".
2 موقعة ذات الصواري: انتصر فيها المسلمون بقيادة ابن أبي السرح على الروم وكانت بين أسطول الفريقين في البحر.

(7/86)


1156- سلام بن مِسْكين 1: "خ، م"
ابن ربيعة، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو رَوْح الأَزْدِيُّ، النَّمَري، البَصْرِيُّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إِنَّمَا سَلاَّمٌ لَقَبُهُ، وَاسْمُهُ: سُليمان.
رَوَى عَنْ: الحَسَنِ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّير، وعَقيل بنِ طَلْحَةَ، وَقَتَادَةَ، وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَبِشْرِ بنِ حَرْبٍ، وشُعيب بنِ الحَبْحَابِ، وَعِدَّةٍ. وَلَيْسَ بِالمُكْثِرِ، وَلَهُ فِي "الصَّحِيْحَيْن" حَدِيْثٌ عَنْ ثَابِتٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُوْسَى بنُ دَاوُدَ الضَّبِّيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، وَشَيْبَانُ، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَجَمْعٌ كَبِيْرٌ.
قَالَ مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ: كَانَ مِنْ أَعَبْدِ أَهْلِ زَمَانِه.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ سَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ2، فَقَالَ: جَمِيْعاً ثِقَةٌ، إِلاَّ أَنَّ سَلاَّمَ بنَ مِسْكِيْنٍ أَكْثَرُ حَدِيْثاً، وَابْنُ أَبِي مُطِيْعٍ صَاحِبُ سُنَّةٍ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ ثِقَةٌ، صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
قِيْلَ: مَاتَ سَلاَّمٌ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ. وَقَالَ محمد بن محبوب: مات في آخِرِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
رَوَى لَهُ الجَمَاعَةُ، سِوَى التِّرْمِذِيِّ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ يَذْهَبُ إِلَى القَدَرِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرائفي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهري، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بنُ فَرُّوخ، حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي فَضَالة، قَالَ: كَانَ بَعْضُ المُهَاجِرِيْنَ يَقُوْلُ: وَاللهِ مَا أَخَافُ
المُسْلِمَ، وَلاَ أَخَافُ الكَافِرَ؛ أَمَّا المُسْلِمُ، فَيَحْجُزُهُ إِسْلاَمُهُ، وَأَمَّا الكَافِرُ، فَقَدْ أَذَلَّهُ اللهُ، وَلَكِنْ كيف لي بالمنافق?
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 283"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2228"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 475" و"2/ 53 و125"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1117"، والكاشف "1/ ترجمة 2232"، العبر "1/ 250"، تهذيب التهذيب "2/ 286"، تقريب التهذيب "1/ 342"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2847".
2 تأتي ترجمته قريبا برقم ترجمة رقم "1161"، بتعليق رقم "120".

(7/87)


1157- سُليمان بن المُغِيرة 1: "ع"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، أَبُو سَعِيْدٍ القَيْسِيُّ، البَصْرِيُّ، مَوْلَى بَنِي قَيْسِ بنِ ثَعْلَبَةَ، مِنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ، أَوِ ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذي، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِالمَدِيْنَةِ، فَتَرَاءيْنَا الهِلاَلَ، وَكُنْتُ رَجُلاً حَدِيْدَ البَصْرِ، فَرَأَيتُهُ، وَلَيْسَ أحد يزعم أَنَّهُ رَآهُ غَيْرِي، فَجعَلتُ أَقُوْلُ لِعُمَرَ: أَمَّا تَرَاهُ? فَجَعَلَ لاَ يَرَاهُ. قَالَ: يَقُوْلُ عُمَرُ: سَأَرَاهُ وَأَنَا مستلقٍ عَلَى فِرَاشِي2 ... ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 280"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1887"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 345 و490 و503" و"2/ 33 و43 و82 و90" و"3/ 100" والجرح والتعديل "4/ ترجمة 626"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 206"، الكاشف "1/ ترجمة 2150"، العبر "1/ 245 و301"، تهذيب التهذيب "4/ 220"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2745"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 260".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2873" من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: فذكره. وتمامه.. قال فجعلتُ أقولُ لِعُمَرَ: أَمَّا تراهُ؟ فَجَعَلَ لاَ يراهُ قَالَ يَقُوْلُ عُمَرُ: سأراهُ وَأَنَا مستلقٍ على فراشي. ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس يقول: "هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله". قال: فقال عمر: فوالذي بعثه بالحق ما أخطئوا الحدود التي حد رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فجعلوا في بئر بعضهم على بعض فانطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى انتهى إليهم فقال: "يا فلان ابن فلان! ويا فلان ابن فلان! هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني الله حقا". قال عمر: يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟ قال: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا عليَّ شيئا".
قوله: "هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله": هذا من معجزاته -صلى الله عليه وسلم- الظاهرة. وقوله: "ما أنت بأسمع لما أقول منهم": قال المازري: قال بعض الناس: الميت يسمع، عملا بظاهر هذا الحديث. ثم أنكره المازري وادعى أن هذا خاص في هؤلاء. ورد عليه القاضي عياض وقال: يحتمل سماعهم على ما يحتمل عليه سماع الموتى في أحاديث عذاب القبر وفتنته التي لا مدفع لها. وذلك بإحيائهم أو إحياء جزء منهم يعقلون به ويسمعون في الوقت الذي يريد الله -تعالى. هذا كلام القاضي، وهو الظاهر المختار الذي تقتضيه أحاديث السلام على القبور.

(7/88)


أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيِّ حُضُوْراً، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ مُسْلِمٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ طَلاَّبٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُمَيْعٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ سَعِيْدٍ الدَّينَوَري بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سِنَانِ بنِ مَالِكٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالحَلاَّقُ يَحْلِقُهُ، وَقَدِ اجْتَمَعَ أَصْحَابُهُ، فَمَا تَسْقُطُ مِنْ شَعْرَةٍ إِلاَّ بِيَدِ رَجُلٍ1.
وَيَقَعُ فِي "الجَعْدِيَّاتِ" مِنْ عَوَالِيْهِ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، وحُميد بنِ هِلاَلٍ، وَثَابِتِ بنِ أَسْلَمَ، والجُرَيري، وَأَبِي مُوْسَى الهِلاَلِيِّ، وَوَالِدِهِ المُغِيْرَةَ. لَمْ يَزِدْ شَيْخُنَا المِزِّي عَلَى هَؤُلاَءِ.
رَوَى عَنْهُ: الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَبَهْزُ بنُ أَسَدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدي، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ التَّنُّوْرِيُّ، وأسد بن موسى، وحبان بن هِلاَلٍ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ مُطَهَّر، وَعَمْرُو بنُ عَاصِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ المَعْنِيُّ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ التَّبُوذَكي، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَشَيْبَانُ بنُ فَرُّوخ، وَخَلْقٌ.
رَوَى مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ: قَالَ أَيُّوْبُ السَّختياني: لَيْسَ أَحَدٌ أَحْفَظَ لِحَدِيْثِ حُميد بنِ هِلاَلٍ مِنْ سُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ.
وَقَالَ وُهَيب: كَانَ يَقُوْلُ لَنَا أَيُّوْبُ: خُذُوا عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ. وَكُنَّا نَأْتِيْهِ فِي نَاحِيَةٍ، وَأَبُوْهُ قَاعِدٌ فِي نَاحِيَةٍ.
وَقَالَ قُراد أَبُو نُوْحٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ سَيِّدُ أَهْلِ البَصْرَةِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَكَانَ خِيَاراً مِنَ الرِّجَالِ.
قَالَ يَعْلَى بنُ مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ: سَأَلْتُ ابْنَ عُلَيَّة عَنْ حُفَّاظِ أَهْلِ البَصْرَةِ، فَذَكَرَ سُلَيْمَانَ بنَ المُغِيْرَةِ.
قَالَ خَالِدُ بنُ نِزَارٍ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ المُغِيْرَةِ يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا البَصْرَةَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَأَرْسَلَ إليَّ، فَقَالَ: بَلَغَنِي عَنْكَ أَحَادِيْثُ، وَأَنَا عَلَى مَا تَرَى مِنَ الحَالِ، فَأْتِنِي إِنْ خَفَّ عَلَيْكَ. فَأَتَيْتُهُ، فَسَمِعَ مِنِّي.
قَالَ الخُرَيْبِي: مَا رَأَيتُ بِالبَصْرَةِ أَفْضَلَ مِنْ: سُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَمَرْحُوْمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَرَوَى أَبُو طَالِبٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: هُوَ ثَبتٌ، ثَبتٌ.
وَرَوَى الكَوْسَج عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: ثِقَةٌ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ ثَابِتٍ أَثْبَتُ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، ثُمَّ سُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، ثُمَّ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ ثِقَةً، ثَبْتاً.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ شُعْبَةَ، فَجَاءَ سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ يَبْكِي، قَالَ: مَاتَ حِمَارِي، وَذَهَبت مِنِّي الجُمُعَةُ، وَذهَبَتْ حَوَائِجِي. فَقَالَ شُعْبَةُ: بِكَمْ أَخَذْتَه? قَالَ: بِثَلاَثَةِ دَنَانِيْرَ.
قَالَ شُعْبَةُ: فَعِنْدِي ثَلاَثَةُ دَنَانِيْرَ، وَاللهِ مَا أَملِكُ غَيْرَهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيْهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْبُوْبٍ: مَاتَ سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 صحيح: وأخرجه مسلم "2325" حدثنا محمد بن رافع، حدثنا أبو النضر، حدثنا سليمان، عن ثابت، عن أنس، به.

(7/89)


1158- وَرْقَاء بن عمر 1: "ع"
ابن كُليب، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الحَافِظُ، العَابِدُ، أَبُو بِشْرٍ -اليَشْكُري- وَيُقَالُ: الشَّيْبَانِيُّ -الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ المَدَائِنِ. يُقَالُ: أَصلُهُ مَرْوَزي وَقِيْلَ: خُوَارَزْمِيٌّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَأَبِي طُوالة، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللهِ بنُ دِيْنَارٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي يَزِيْدَ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي نَجيح، وَعَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ عَامِرٍ، وَسُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بكر بن عبد الرحمن، وأبي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَخَلْقٍ. وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِيَ عَنْ: شُعْبَةَ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَرِوَايَتُهُ عَنْهُ فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ"- وَابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَابْنُ نُمَيْر، وَيَزِيْدُ، وَوَكِيْعٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَبُو النَّضْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِريابي، وَقَبِيْصَةُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَشَبَابَةُ، وَالمُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ، وَعَلِيُّ بنُ قَادِمٍ، وعلي بن الجعد، وخلق.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3648"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 160"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 216"، وتاريخ بغداد "13/ 484"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 215"، الكاشف "3/ ترجمة 6154"، ميزان الاعتدال "4/ 332"، العبر "1/ 237"، تهذيب التهذيب "11/ 113"، تقريب التهذيب "2/ 330"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 251".

(7/90)


قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَلَيْكَ بِوَرْقَاءَ، فَإِنَّكَ لاَ تَلْقَى بَعْدَهُ مِثْلَهُ حَتَّى تَرجِعَ! فَقِيْلَ لأَبِي دَاوُدَ: مَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ? أَفْضَلُ وَأَورَعُ وَخَيْرٌ مِنْهُ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: وَرْقَاءُ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ. قِيْلَ: وَكَانَ مُرْجِئاً? قَالَ: لاَ أَدْرِي. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: وَرْقَاءُ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، يُصَحِّفُ فِي غَيْرِ حَرفٍ. وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ضَعَّفَهُ فِي التَّفْسِيْرِ. وَرَوَى: حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ، تَوْثِيْقَه فِي تَفْسِيْرِ ابْنِ أَبِي نَجيح، وَقَالَ: هُوَ أَوْثَقُ مِنْ شِبْلٍ. وَقَالَ: إِلاَّ أَنَّ وَرْقَاءَ -يَقُوْلُوْنَ- لَمْ يَسْمَعِ التَّفْسِيْرَ كُلَّه مِنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، يَقُوْلُوْنَ: بَعْضُهُ عَرْضٌ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: قَالَ مُعَاذٌ: قَالَ وَرْقَاءُ: كِتَابُ التَّفْسِيْرِ، قَرَأْتُ نِصْفَه عَلَى ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، وَقَرَأَ عَلَيَّ نِصْفَهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ: هَذَا تَفْسِيْرُ مجاهد.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: تَفْسِيْرُ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَحَبُّ إليَّ مِنْ تَفْسِيْرِ قَتَادَةَ. قَالَ: وَتَفْسِيْرُ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلٌ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِلاَّ حَرفاً.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: وَرْقَاءُ ثِقَةٌ.
وَرَوَى الكَوْسَج، عَنْ يَحْيَى: صَالِحٌ.
وَرَوَى المُفَضَّل بنُ غَسَّانَ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: شَيْبَانُ وَوَرْقَاءُ ثِقَتَانِ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَنْصُوْرٌ مِنْ رِوَايَةِ وَرْقَاءَ عَنْهُ لاَ يُسَاوِي شَيْئاً.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلاب: قَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: لَمَّا قَرَأَ وَكِيْعٌ التَّفْسِيْرَ، قَالَ: خُذُوهُ، فَلَيْسَ فِيْهِ عَنِ الكَلْبِيِّ، وَلاَ عَنْ وَرْقَاءَ شَيْءٌ.
وَقَالَ شَبَابَةُ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: اكْتُبْ أَحَادِيْثَ وَرْقَاءَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي "مَسَائِلِهِ": وَرْقَاءُ صَاحِبُ سُنَّةٍ، إِلاَّ أَنَّ فِيْهِ إِرْجَاءً، وَشِبْلٌ قَدَرِيٌّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعة: وَرْقَاءُ أحبُّ إِلَيْك، أَوْ شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ? قَالَ: وَرْقَاءُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ: أَنْبَأَنَا أَبُو المُنْذِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُمَرَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى وَرْقَاءَ بنِ عُمَرَ، وَهُوَ فِي المَوْتِ، فَجَعَلَ يُهَلِّلُ، وَيُكَبِّرُ، وَيَذْكُرُ اللهَ، وَقَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ! اكْفِنِي رَدَّ السَّلاَمِ عَلَى هَؤُلاَءِ، لاَ يَشْغَلُوْنِي عَنْ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ.
لم يؤرخه شيخنا.

(7/91)


1159- داود الطائي 1: "س"
الإمام، الفقيه، القدوة، الزاهد، أبو سليمان داود بن نصير الطَّائِيُّ، الكُوْفِيُّ، أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ.
وُلِدَ: بَعْدَ المائَةِ بِسَنَوَاتٍ.
وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمير، وحُميد الطويل، وهشام بن عروة، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عُليَّة، وَزَافِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَمُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، وَإِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّلُوْلِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الفَقْهِ وَالرَّأْيِ، بَرَعَ فِي العِلْمِ بِأَبِي حَنِيْفَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى شَأْنِهِ، وَلَزِمَ الصَّمْتَ، وَآثَرَ الخُمُوْلَ، وَفَرَّ بِدِيْنِهِ.
سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ حَدِيْثٍ، فَقَالَ: دَعْنِي أُبَادِرْ خُرُوْجَ نَفْسِي.
وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يُعَظِّمُهُ، وَيَقُوْلُ: أَبصَرَ دَاوُدُ أَمرَهُ.
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: هَلِ الأَمْرُ إِلاَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ دَاوُدُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ غَرَّق كُتُبَهُ.
وَسَأَلَه زَائِدَةُ عَنْ تَفْسِيْرِ آيَةٍ، فَقَالَ: يَا فُلاَنُ، انْقَطَعَ الجوَابُ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ عَلِمَ وَفَقُهَ، وَنَفَذَ فِي الكَلاَمِ، فَحَذَفَ إِنْسَاناً، فَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ! طَالَ لِسَانُكَ وَيَدُكَ. فَاخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً، لاَ يَسْأَلُ وَلاَ يُجِيْبُ.
قُلْتُ: حَرَّب2 نَفْسَهُ وَدرَّبَهَا، حَتَّى قَوِيَ عَلَى العُزْلة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 367"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 819"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1939"، والحلية لأبي نعيم "7/ ترجمة 393"، تاريخ بغداد "8/ 347"، الأنساب للسمعاني "8/ 306"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 225"، العبر "1/ 238"، الكاشف "1/ ترجمة 1478"، ميزان الاعتدال "2/ 21"، تهذيب التهذيب "3/ 203"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1947"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 256".
2 حرَّب نفسه: أي أطعمها. وحَرَّبه إذا أطعمه الحرب، وهو الطَّلْع.

(7/92)


قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: جِئْتُ أَنَا وَابْن عُيَيْنَةَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ جِئْتُمَانِي مَرَّةً، فَلاَ تَعُودَا. وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الفَرِيْضَةِ أَسرَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ.
قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَوْصِنِي. قَالَ: اتَّقِ الله، وَبِرَّ وَالِدَيكَ، وَيْحَكَ! صُمِ الدُّنْيَا، وَاجْعَلْ فِطْرَكَ المَوْتَ، وَاجْتَنِبِ النَّاسَ غَيْرَ تَارِكٍ لِجَمَاعَتِهِم.
وَعَنْهُ قَالَ: كَفَى بِاليَقِيْنِ زُهداً، وَكَفَى بِالعِلْمِ عِبَادَةً، وَكَفَى بِالعِبَادَةِ شُغُلاً.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: رَأَيتُ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَفصَحِ النَّاسِ وَأَعْلَمِهِم بِالعَرَبِيَّةِ، يَلْبَسُ قَلَنْسُوة طَوِيْلَةً سَوْدَاءَ.
وَعَنْ حَفْصٍ الجُعْفِيِّ، قَالَ: وَرِثَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ مِنْ أُمِّهِ أَرْبَعَ مائَةِ دِرْهَمٍ، فَمَكَثَ يَتَقَوَّتُ بها ثلاثين عامًا، فلما نفذت، جَعَلَ يَنْقُضُ سُقُوفَ الدُّوَيْرَةِ، فَيَبِيْعُهَا.
قَالَ عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ: عَاشَ دَاوُدُ عِشْرِيْنَ سَنَةً بِثَلاَثِ مائَةِ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ السَّلُوْلِيُّ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَعِيْدٍ، قَالَتْ: كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ جِدَارٌ قَصِيْرٌ، فَكُنْتُ أَسْمَعُ حَنِيْنَه عَامَّةَ اللَّيْلِ، لاَ يَهْدَأُ، وَرُبَّمَا تَرَنَّمَ فِي السَّحَرِ بِالقُرْآنِ، فَأَرَى أَنَّ جَمِيْعَ النَّعِيْمِ قَدْ جُمِعَ فِي تَرَنُّمِهِ، وَكَانَ لاَ يُسرجُ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الحَفَري: قَالَ لِي دَاوُدُ الطَّائِيُّ: كُنْتَ تَأْتِيْنَا إِذْ كُنَّا، ثُمَّ مَا أُحِبُّ أَنْ تأتيني.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَضَرتُ دَاوُدَ، فَمَا رَأَيتُ أَشدَّ نَزْعاً مِنْهُ.
وَقَالَ حَسَنُ بنُ بِشْرٍ: حَضَرتُ جَنَازَةَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ، فَحُمِلَ عَلَى سَرِيْرِيْنَ أَوْ ثَلاَثَةٍ، تكسَّر مِنَ الزِّحَامِ.
قِيْلَ: إِنَّ دَاوُدَ صَحِبَ حَبِيْباً العَجَمِيَّ، وَلَيْسَ يَصِحُّ، وَلاَ عَلِمنَا دَاوُدَ سَارَ إِلَى البَصْرَةِ، وَلاَ قَدِمَ حَبِيْبٌ الكُوْفَةَ. وَمَنَاقِبُ دَاوُدَ كَثِيْرَةٌ، كَانَ رَأْساً فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ، وَلَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِ جِنَازَتِه، حَتَّى قِيْلَ: بَاتَ النَّاسُ ثَلاَثَ لَيَالٍ مَخَافَةَ أَنْ يَفُوْتَهُم شُهُوْدُهُ.
مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ. وَقَدْ سُقْتُ مِنْ حَدِيْثِهِ وَأَخْبَارِهِ فِي: "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ"، وَلَمْ يُخَلِّفْ بِالكُوْفَةِ أَحَداً مِثْلَهُ.

(7/93)


1160- سليمان بن بلال 1: "ع"
الإمام، المفتي، الحافظ، أبو محمد القرشي التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُم، المَدَنِيُّ. وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو أَيُّوْبَ، مولى عبد الرحمن بنِ أَبِي عَتِيْقٍ، مُحَمَّدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ. وَيُقَالُ: مَوْلَى القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ. مَوْلِدُهُ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَأَبِي طُوالة، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَثَوْرِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَالعَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَأَخِيْهِ سَعْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وعُمارة بنِ غَزِيَّةَ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي مُزَرَّد، وَخُثَيْمِ بنِ عِرَاكٍ، وَشَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، وَأَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ، وَعَمْرِو بنِ أَبِي عَمْرٍو، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عَتِيْقٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم، وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العلم.
روى عنه أَيُّوْبُ شَيْئاً يَسِيْراً. وَرَوَى عَنْ: رَجُلٍ، عَنْهُ، نُسْخَةً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الحَمِيْدِ بن أبي أُوَيْسٍ، وَخَالِدُ بنُ مَخْلَد، وَأَبُو وَهْبٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَير، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدي، وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَمُوْسَى بنُ دَاوُدَ، وَمَنْصُوْرُ بنُ سَلَمَةَ الخُزَاعِيُّ، وَيَحْيَى بنُ حَسَّانٍ، وَيَحْيَى بنُ صَالِحٍ الوُحَاظِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدِ بنِ عَثْمَة، ولُوين وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيُّ، وَإِسْحَاقُ الفَرْوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَخَلْقٌ غَيْرُهُم.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: هُوَ أَحَبُّ إليَّ من الدراوردي.
وقال محمد سَعْدٍ: كَانَ بَرْبَرِيّاً، جَمِيْلاً، حَسَنَ الهَيْئَةِ، عَاقِلاً، وَكَانَ يُفْتِي بِالمَدِيْنَةِ، وَوَلِيَ خَرَاجَهَا، وَكَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلي: ابْنُ أَبِي عَتِيْقٍ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عبد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 420"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1763"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 415 و428" و"3/ 4 و29"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 460"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 220"، الكاشف "1/ ترجمة 2093"، العبر "1/ 261"، تهذيب التهذيب "4/ 304"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2673"، شذرات الذهب "1/ 280".

(7/94)


الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، لَمْ يَروِ عَنْهُ -فِيْمَا عَلِمْتُ- غَيْرُ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ. قَالَ لِي أَيُّوْبُ بنُ سُلَيْمَانَ: مَا عَلِمتُ أَحَداً روى عنه بالمدينة غير أبي.
قَالَ الذُّهْلي: لَوْلاَ أَنَّ سُلَيْمَانَ قَامَ بِحَدِيْثِهِ، لَذَهَبَ حَدِيْثُه، وَلاَ أَعْلَمُهُ كَتَبَ عَنْ سُلَيْمَانَ حَدِيْثَ ابْنِ أَبِي عَتِيْقٍ هَذَا، سِوَى عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ الأَعْشَى، وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ مِنَ الحَدِيْثِ مَا عِنْدَهُ، حَتَّى نَظَرْتُ فِي كِتَابِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، فَإِذَا هُوَ قَدْ تَبَحَّرَ حَدِيْثَ المَدَنِيِّينَ، وَإِذَا هُوَ قَدْ رَوَى عَنْ: يَحْيَى بن سعيد الأنصاري قطعيًا مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنْ يُوْنُسَ الأَيْلِيِّ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ أَحَبُّ إليَّ مِنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سُلَيْمَانُ مُتَقَارِبٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ. وَرَوَى البُخَارِيُّ، عَنْ هَارُوْنَ بنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، وَلَوْ تَأَخَّرَ، لَلَقِيَهُ قُتيبة، وَطَائِفَةٌ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ غَالِيَةَ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ البُسْري، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ بنِ نَضْلة، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَنْزِلُ اللهُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنِصْفِ اللَّيْلِ، أَوِ الثُّلُثِ الآخِرِ، فَيَقُوْلُ: مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُوْنِي فَأَسْتَجِيْبَ لَهُ? وَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ? وَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ? حَتَّى يَطْلُعَ الفَجْرُ، أَوْ يَنْصَرِفَ القَارِئُ مِنْ صلاة الصبح" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "1/ 214"، وأحمد "2/ 487"، والبخاري "1145" و"6321" و"7494"، ومسلم "758"، وأبو داود "1315"، وابن خزيمة في "التوحيد" ص"127"، وابن أبي عاصم في "السنة" "492"، والبيهقي في "السنن" "3/ 2"، وفي "الأسماء والصفات" "ص449" عن ابن شهاب، عن أبي عبد الله الاغر، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه أحمد "2/ 282 و419"، ومسلم "758" "169"، والترمذي "446"، وابن خزيمة في "التوحيد" "ص130" من طريق سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أبي هريرة، به. وأخرجه مسلم "758" "171"، وابن خزيمة في "التوحيد" "ص131" من طريق سعد بن سعيد" عن سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة، به. وأخرجه أحمد "2/ 433"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "483" من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، به.

(7/95)


1161- سلام بن أبي مطيع 1: "خَ، م، ت، س"
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، القُدْوَةُ، أَبُو سَعِيْدٍ الخُزَاعِيُّ مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ.
عَنْ: قَتَادَةَ وَشُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ، وَأَيُّوْبَ، وَعُثْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي عَمْرٍو الجَوْنِيِّ، وَأَسْمَاءَ بنِ عُبَيد، وَعِدَّةٍ. وَيَنْزِلُ إِلَى: مَعْمَرِ بنِ رَاشِدٍ، وَنَحْوِهِ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَسَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعي، وَيُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، وَمُسَدَّدٌ، وَهُدْبَةُ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذكي: كَانَ يُقَالُ: هُوَ أَعقَلُ أَهْلِ البَصْرَةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ: هُوَ القَائِلُ: لأَنْ أَلْقَى اللهَ بِصَحِيْفَةِ الحَجَّاجِ، أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللهَ بِصَحِيْفَةِ عَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِمُسْتقِيْمِ الحَدِيْثِ عَنْ قَتَادَةَ خَاصَّةً، وَلَهُ أَحَادِيْثُ حِسَانٌ غَرَائِبُ، وَأَفرَادَاتٌ، وَهُوَ يُعَدُّ مِنْ خُطبَاءِ أَهْلِ البَصْرَةِ، وَمِنْ عقلائهم. وَكَانَ كَثِيْرَ الحجِّ، وَمَاتَ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ، وَلَمْ أَرَ أَحَداً مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَ نَسَبَهُ إِلَى الضَّعفِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْبُوْبٍ: مَاتَ وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَكَّةَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا أَصحُّ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَثِيْرُ الوَهْمِ، لاَ يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا انْفرَدَ.
قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَلاَ يَنحَطُّ حَدِيْثُه عَنْ دَرَجَةِ الحَسَنِ.
قَالَ زُهَيْرٌ البَابِيُّ: سَمِعْتُ سَلاَّمَ بنَ أَبِي مُطِيْعٍ يَقُوْلُ: الجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ، لاَ يُصَلَّى خَلْفَهُم.
قُلْتُ: وَكَذَا يَقُوْلُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي أَقْوَى الرِّوَايَتَينِ عَنْهُ، وَهُمُ الَّذِيْنَ جَحَدُوا الصِّفَاتِ المُقدَّسَةَ، وَقَالُوا بخلق القرآن.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2229"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 165 و168 و631" و"2/ 260 و268 و791" و"3/ 390"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1118"، المجروحين لابن حبان "1/ 341"، وحلية الأولياء "6/ ترجمة 360"، الكاشف "1/ ترجمة 2233"، العبر "1/ 264" تهذيب التهذيب "4/ 287"، تقريب التهذيب "1/ 342"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 282، 283".

(7/96)


1162- الخليل 1:
الإمام، صاحب العربية، ومنشىء علم العروض، أبو عبد الرحمن، الخليل بن أحمد الفراهيدي، البصري، أحد الأعلام.
حَدَّثَ عَنْ: أَيُّوْبَ السَّختياني، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَالعَوَّامِ بنِ حَوْشَبٍ، وَغَالِبٍ القَطَّانِ.
أَخَذَ عَنْهُ سِيْبَوَيْه النَّحْوَ، وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيل، وَهَارُوْنُ بنُ مُوْسَى النَّحْوِيُّ، وَوَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ رَأْساً فِي لِسَانِ العَرَبِ، دَينًا، وَرِعاً، قَانِعاً، مُتَوَاضِعاً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ. يُقَالُ: إِنَّهُ دَعَا اللهَ أَنْ يَرْزُقَه عِلْماً لاَ يُسبَقُ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَهُ بِالعَرُوضِ، وَلَهُ كِتَابُ "العَيْنِ" فِي اللُّغَةِ.
وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقِيْلَ: كَانَ مُتَقَشِّفاً، مُتَعَبِّداً. قَالَ النَّضْرُ: أَقَامَ الخَلِيْلُ فِي خُصٍّ لَهُ بِالبَصْرَةِ، لاَ يَقْدِرُ عَلَى فَلْسَيْنِ، وَتَلاَمِذتُهُ يَكسِبُوْنَ بِعِلْمِهِ الأَمْوَالَ، وَكَانَ كَثِيْراً مَا يُنشِدُ:
وَإِذَا افتقرتَ إِلَى الذخائرِ لَمْ تَجِدْ
ذُخْراً يَكُوْنُ كَصَالِحِ الأعمالِ
وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- مُفْرطَ الذَّكَاءِ. وُلِدَ: سَنَةَ مائَةٍ. وَمَاتَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَكَانَ هُوَ وَيُوْنُسَ إِمَامَيْ أَهْلِ البَصْرَةِ فِي العربية، ومات ولم يتمم كتاب "العَيْنِ"، وَلاَ هَذَّبَهُ، وَلَكِنَّ العُلَمَاءَ يَغرِفُوْنَ مِنْ بَحْرِهِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَمْرِو بنِ تَمِيْمٍ الأَزْدِيُّ، قِيْلَ: كَانَ يَعْرِفُ عِلْمَ الإِيقَاعِ وَالنَّغَمِ، فَفَتَحَ لَهُ ذَلِكَ عِلْمَ العَرُوضِ. وَقِيْلَ: مَرَّ بالصَّفارين، فَأَخَذَهُ مِنْ وَقْعِ مِطْرَقَةٍ عَلَى طَسْتٍ.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي الزُّهَّادِ، كَانَ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأُغْلِقُ عليَّ بَابِي، فَمَا يُجَاوِزُهُ هَمِّي.
وَقَالَ: أَكمَلُ مَا يَكُوْنُ الإِنْسَانُ عَقْلاً وَذِهْناً عِنْدَ الأَرْبَعِيْنَ.
وَعَنْهُ قَالَ: لاَ يَعرِفُ الرَّجُلُ خَطَأَ مُعَلِّمِهِ حَتَّى يُجَالِسَ غَيْرَه.
قَالَ أَيُّوْبُ بنُ المُتَوَكِّلِ: كَانَ الخَلِيْلُ إِذَا أَفَادَ إِنْسَاناً شَيْئاً، لَمْ يُرِهِ بِأَنَّهُ أَفَادَه، وَإِنِ اسْتفَادَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً، أَرَاهُ بِأَنَّهُ اسْتَفَادَ مِنْهُ.
قُلْتُ: صَارَ طَوَائِفُ فِي زماننا بالعكس.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 681"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 38 و551"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1734"، الإكمال لابن ماكولا "3/ 173"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 220"، العبر "1/ 268"، تهذيب التهذيب "3/ 163"، بغية الوعاة للسيوطي "1/ 557-560"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1870"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 275".

(7/97)


1163- أبان 1: "خ، م، د، س"
ابن يزيد العَطَّار، الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو يَزِيْدَ البَصْرِيُّ، مِنْ كِبَارِ علماء الحديث.
رَوَى عَنِ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَأَبِي عِمران الجَوني، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَقَتَادَةَ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وبُدَيل بنِ مَيْسَرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وحَبَّان بنُ هِلاَلٍ، وَسَهْلُ بنُ بكَّار، وَعَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ التَّبُوذكي، وَشَيْبَانُ بنُ فَرُّوخ، وهُدْبة بنُ خَالِدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ثَبْتاً فِي كُلِّ مَشَايِخِه.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ العِجلي، وَالنَّسَائِيُّ: كَانَ ثِقَةً. زَادَ العِجْلِيُّ: يَرَى القَدَرَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنْ أَبَانٍ وَهَمَّامٍ، فَقَالَ: كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ يَرْوِي عَنْ أَبَانٍ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ هَمَّامٍ، وَأَنَا: فَهَمَّامٌ أَحَبُّ إليَّ.
وَأَمَّا مُحَمَّدُ بنُ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيُّ، فَرَوَى عَنْ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّهُ لَيَّنَ أَبَاناً، وَقَالَ: لاَ أُحَدِّثُ عَنْهُ. فَإِنْ صَحَّ هَذَا، فَقَدْ كَانَ لاَ يَرْوِي عَنْهُ، ثُمَّ رَوَى عَنْهُ وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ. فَقَدْ رَوَى عَبَّاسٌ الدُّوري، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: مَاتَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَهُوَ يَرْوِي عَنْ أَبَانِ بنِ يَزِيْدَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَذَكَرَهُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، فَقَالَ: هُوَ مُتَمَاسِكٌ، يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
قُلْتُ: الرَّجُلُ ثِقَةٌ، حُجَّةٌ، قَدِ احتج به صاحبا "الصحيح"، ولم أقع بِتَارِيْخِ مَوْتِهِ، وَهُوَ قَرِيْبٌ مِنْ مَوْتِ رَفِيْقِهِ همام بن يحيى.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 284"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1452"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1098"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 195"، ميزان الاعتدال "1/ 16"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 301"، تهذيب التهذيب "1/ 101".

(7/98)


1164- نافع بن عمر 1: "ع"
ابن عبد الله بن جميل بن عَامِرِ بنِ حِذْيَمِ بنِ سَلاَمَانَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ سَعْدِ بنِ جُمَح، الحَافِظُ، الإِمَامُ، الثَّبْتُ، الجُمَحي، المَكِّيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأُمَيَّةَ بنِ صَفْوَانَ الجُمَحي، وَبِشْرِ بنِ عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي مَحْذُوْرَةَ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْخٍ السَّهْمِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ حَسَّانٍ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ سَعِيْدٍ فِي "الأَدِبِ" لِلبُخَارِيِّ، وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَوَكِيْعٌ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، وَبِشْرُ بنُ السَّري، وسُرَيج بنُ النُّعْمَانِ، وَخَلاَّدُ بنُ يَحْيَى، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذكي، وَيُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ، وَيَسَرَةُ بنُ صَفْوَانَ، ومُحْرِز بنُ سَلَمة العَدَنِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقي، وَدَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبي، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
تكَاثَرُوا عَلَيْهِ؛ لإِتْقَانِهِ، وَعُلُوِّ سَنَدِهِ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ مِنْ أَثبتِ النَّاسِ. وَرَوَى أَبُو طَالِبٍ، عَنْ أَحْمَدَ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، صَحِيْحُ الحَدِيْثِ. وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: نَافِعُ بنُ عُمَرَ أَحَبُّ إليَّ مِنْ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ الوَرْدِ، وَأَصحُّ حَدِيْثاً، وَهُوَ فِي الثِّقَاتِ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: يُحتَجُّ بِهِ? قَالَ: نَعَمْ.
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ شِهَابِ بنِ عَبَّادٍ، قَالَ: مَاتَ بِمَكَّةَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَكَانَ ثقة، قليل الحديث، في شَيْءٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، مَاتَ بِفَخَّ، سَنَةَ تِسْعٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي رَوْح الهَرَوي، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ
الجُرْجَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الكَنْجَرُوذي، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بنُ عُمَرَ الجُمَحِيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: "تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحرِي وَنَحْرِي، وَجَمَعَ اللهُ بَيْنَ رِيْقِي وَرِيْقِهِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ بِسِوَاكٍ، فَضَعُفَ عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، ثُمَّ سَنَنْتُهُ بِهِ". أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ2، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعٍ فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 494"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2279"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 539" و"2/ 734"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2088"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 216"، الكاشف "3/ ترجمة 5887"، العبر "1/ 257"، ميزان الاعتدال "4/ 241"، تهذيب التهذيب "10/ 409"، تقريب التهذيب "2/ 296"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7462"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 270".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3100".
والسحر: الرئة، أي أنه مات -صلى الله عليه وسلم- وهو مستند إلى صدرها وحذو سحرها.

(7/99)


1165- عيسى بن موسى 1:
ابن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ العباس، ولي العهد أبو موسى الهاشمي.
عَاشَ خَمْساً وَسِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَانَ فَارِسَ بَنِي العَبَّاسِ، وَسَيْفَهُمُ المَسْلُوْلَ، جَعَلَهُ السَّفَّاحُ وَلِيَّ عَهْدِ المُؤْمِنِيْنَ بَعْدَ المَنْصُوْرِ، وَهُوَ الَّذِي انْتُدِبَ لِحَرْبِ ابْنَيْ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، فَظَفِرَ بِهِمَا، وَقُتِلاَ، وَتَوطَّدَتِ الدَّوْلَةُ العَبَّاسِيَّة بِهِ. وَقَدْ تَحَيَّلَ عَلَيْهِ المَنْصُوْرُ بِكُلِّ مُمْكِنٍ، حَتَّى أَخَّرَهُ، وَقَدَّمَ فِي العَهْدِ عَلَيْهِ المَهْدِيَّ، فَيُقَالُ: بَذَلَ لَهُ بَعْدَ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ عَشْرَةَ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، بِالكُوْفَةِ. وَلَهُ: أولاد، وأموال، وحشمة، وشأن.
__________
1 ترجمته في العبر "1/ 253"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 266".

(7/100)


1166- أبو مَعْشَر 1: "4"
الإمام، المحدث، صاحب "المغازي" نَجيح بن عبد الرحمن السِّنْدي، ثُمَّ المَدَنِيُّ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، كَانَ مُكَاتِباً لامْرَأَةٍ مَخْزُوْمِيَّةٍ، فَأَدَّى، فعُتِقَ، فَاشْتَرتْ بِنْتُ المَنْصُوْر وَلاَءهُ، وَهَذَا لاَ يَجُوْزُ. وَقِيْلَ: بَلْ اشْتَرَتْه وَأَعْتَقَتْه. وَيُقَالُ: أَصْلُهُ حِمْيَرِيٌّ. رَأَى: أَبَا أُمَامَةَ بنَ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ، المُتَوَفَّى سَنَةَ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ، وَسَعِيْدٍ المَقْبُري، ونافع العمري، وموسى بن يسار، وابن
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 418"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2397" و"9/ ترجمة 985"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2263"، المجروحين لابن حبان "3/ 60"، تاريخ الخطيب "13/ 427"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 221"، الكاشف "3/ ترجمة 5904"، العبر "1/ 258"، ميزان الاعتدال "4/ 246"، تهذيب التهذيب "10/ 419"، تقريب التهذيب "2/ 298"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7593"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 278".

(7/100)


المُنْكَدِرِ، وَأَبِي وَهْبٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ القَاصِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، وَهِشَامِ بن عروة، وعدة. وقيل: إنه روى عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَفِيْهِ بُعْدٌ، لَعَلَّهُ سَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي "جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ".
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مَعْشَرٍ "بِالمَغَازِي" لَهُ، فَكَانَ خَاتِمَةَ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وهُشَيم، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -مَعَ تَقدُّمِهِ- وَوَكِيْعٌ، وَيَزِيْدُ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَوَاءٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ، وَأَبُو النَّضْرِ، وَهَوْذَةُ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ، وَأَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ الطَّبَّاع، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الوَرْكَاني، وجُبارة بنُ المُغَلِّسِ، وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي مُزَاحم، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ هُشيم: مَا رَأَيتُ مَدَنِيّاً أَكْيَسَ مِنْ أَبِي مَعْشَرٍ.
وَرَوَى أَبُو زُرْعة النَّصْرِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ كَيِّسًا، حَافِظاً.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: ثَبَتَ حَدِيْثُ أَبِي مَعْشَرٍ، وَذَهَبَ حَدِيْثُ أَبِي جَزْءٍ نَصْرٍ.
وَقَالَ يَزِيْدُ: سَمِعْتُ أَبَا جَزْءٍ بنَ طَريف يَقُوْلُ: أَبُو مَعْشَرٍ أَكذَبُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. قُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا عِلْمُكَ بِالأَرْضِ، فَكَيْفَ عِلْمُكَ بِالسَّمَاءِ? فَوَضَعَ اللهُ أَبَا جَزْءٍ، وَرَفَعَ أَبَا مَعْشَرٍ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يُحَدِّثُ عَنِ أَبِي مَعْشَرٍ، وَيُضَعِّفُهُ، وَيَضْحَكُ إِذَا ذَكَرَهُ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْهُ.
وَقَالَ عُبيد اللهِ بنُ فَضَالة: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: أَبُو مَعْشَرٍ، تَعْرِفُ وَتُنْكِرُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدِيْثُه عِنْدِي مُضْطَرِبٌ، لاَ يُقِيْمُ الإِسْنَادَ، وَلَكِنْ أَكْتُبُ حَدِيْثَهُ، أَعْتَبِرُ بِهِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: يُكتَبُ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي مَعْشَرٍ أَحَادِيْثُه عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ فِي التَّفْسِيْرِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ، لَكِنَّهُ لاَ يُقِيْمُ الإِسْنَادَ. فَسَأَلْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ عَنْهُ، فَقَالَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يَرْضَاهُ، وَيَقُوْلُ: كَانَ بَصِيْراً بِالمَغَازِي.

(7/101)


وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كُنْتُ أَهَابُ أَحَادِيْثَهُ، حَتَّى رَأَيتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ، أَحَادِيْثَ، فَتَوَسَّعتُ بَعْدُ فِي كِتَابَةِ حَدِيْثِهِ، وَحَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ عَنْهُ بِحَدِيْثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ صَالِحٌ، لَيِّنُ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: هُوَ ضَعِيْفٌ، يُكْتَبُ مِنْ حَدِيْثِهِ الرِّقَاقُ، كَانَ رَجُلاً أُمِّيّاً، يُتقى أَنْ يُرْوَى مِنْ حَدِيْثِهِ المُسْنَد.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ عَنْ يَحْيَى، قَالَ: أَبُو مَعْشَرٍ رِيْحٌ، أَبُو مَعْشَرٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو داود، والنسائي: ضعيف.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ فِي أَبِي مَعْشَرٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِه. قَالَ مُحَمَّدٌ: لاَ أَرْوِي عَنْهُ شَيْئاً. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوْقٌ فِي الحَدِيْثِ، لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ: شَيْخٌ، ضَعِيْفٌ، ضَعِيْفٌ، وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ، وَيُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ بِأَحَادِيْثَ صَالِحَةٍ، وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ نَافِعٍ وَالمَقْبُرِيِّ بِأَحَادِيْثَ مُنْكَرَةٍ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: ضَعِيْفٌ، فَمَا رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ، وَمَشَايِخِهِ، فَهُوَ صَالِحٌ، وَمَا رَوَى عَنِ: المَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَابْنِ المُنْكَدر، رَدِيئَةٌ لاَ تُكْتَبُ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ بكَّار بنِ الرَّيَّانِ، قَالَ: كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ تَغَيُّراً شَدِيْداً، حَتَّى كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ الرِّيحُ وَلاَ يَشعُرُ بِهَا.
يَحْيَى بنُ بُكَير: عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ أَعْرِفَنَّ أَحَدَكُم مُتَّكِئاً، يَأْتِيْهِ الحَدِيْثُ مِنْ حَدِيْثِي، فَيَقُوْلُ: اتلُ عليَّ قُرْآناً، مَا أَتَاكُم مِنْ خَيْرٍ عَنِّي قُلتُهُ أَوْ لَمْ أَقُلْهُ، فَأَنَا أَقُوْلُهُ، وَمَا أَتَاكُم مِنْ شَرٍّ، فَإِنِّي لاَ أَقُوْلُ الشَّرَّ".
هَذَا مُنْكَرٌ بِمَرَّةٍ. وَلَهُ شَاهِدٌ، رَوَاهُ: يَحْيَى بنُ آدَمَ، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حدَّثَ عَنْهُ: الثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَمَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
قَالَ أَبُو مُسْهِر: كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ أَسْوَدَ. وَرَوَى دَاوُدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَبَاهُ كَانَ أَصْلُهُ مِنَ اليَمَنِ، سُبِيَ فِي وَقْعَةِ يَزِيْدَ بنِ المُهَلَّبِ بِالِيَمَامَةِ وَالبَحْرِيْنَ، وَكَانَ أبيض.

(7/102)


وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كَانَ اسْمُ أَبِي مَعْشَرٍ قَبْلَ أَنْ يُسْرَقَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الوَلِيْدِ بنِ هِلاَلٍ، وَبِيْعَ بِالمَدِيْنَةِ، فَاشْتَرَاهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَسَمَّوْهُ نَجِيْحاً، فاشتُريَ لأُمِّ مُوْسَى بنِ المَهْدِيِّ، فَأَعْتَقَتْهُ، فَصَارَ مِيْرَاثُه لِبَنِي هَاشِمٍ، وَعَقْلُهُ عَلَى حِمْيَرٍ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو مَعْشَرٍ يَذْكُرُ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ حَنْظَلَةَ بنِ مَالِكٍ، وَأَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ يَنتَسِبُ حَتَّى يَبلُغَ آدَمَ، وَقَالَ لِي: وَلاَؤُنَا فِي بَنِي هَاشِمٍ أَحَبُّ إليَّ مِنْ نَسبِي فِي بَنِي حَنْظَلَةَ.
الفَضْلُ بنُ هَارُوْنَ البَغْدَادِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أبي مَعْشَرٍ يَقُوْلُ: كَانَ أَبِي سِنْدِيّاً، أَخْرَمَ، خِيَّاطاً. قَالَ: وَكَيْفَ حَفِظَ المَغَازِي? قَالَ: كَانَ التَّابِعُوْنَ يَجْلِسُوْنَ إِلَى أُستَاذِه، فَكَانُوا يَتذَاكَرُوْنَ المَغَازِي، فَحَفِظَ.
وَرَوَى دَاوُدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: أَشخَصَ المَهْدِيُّ أَبَا مَعْشَرٍ مَعَهُ مِنَ المَدِيْنَةِ إِلَى العِرَاقِ، وَأَمَرَ لَهُ بألف دينار، وذلك سنة ستين ومائة، وَقَالَ: تَكُوْنُ بِحَضْرَتِنَا، فَتُفَقِّهُ مَنْ حَولنَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ مُكَاتِباً لامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي مَخْزُوْمٍ، فَأَدَّى، وَعُتِقَ، فَاشْتَرَتْ أُمُّ مُوْسَى بِنْت مَنْصُوْرٍ وَلاَءهُ.
مَاتَ بِبَغْدَادَ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ دَاوُدُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَنْ أَبِيْهِ: تُوُفِّيَ أَبُو مَعْشَرٍ سَنَةَ سَبْعِيْنَ، وَكَانَ أَزْرَقَ، سَمِيْناً، أَبْيَضَ. وَأَرَّخَهُ فِيْهَا: مُحَمَّدُ بنُ بكَّار، فِي رَمَضَانِهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ المَدَنِيُّ، عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُري، وَمُوْسَى بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى يكثر الهرج". قالوا: وما الهرج يا رسول الله? قال: "القتل"، ثلاث مرات1.
__________
1 صحيح: وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي معشر نجيح، لكن الحديث صحيح أخرجه البخاري "7061"، ومسلم "157" "11" من طريق يونس، عن ابن شهاب، حدثني حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.
وأخرجه مسلم "4/ ص2215" حديث "157" "8" من طريق يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.

(7/103)


1167- روح بن حاتم 1:
ابن قَبيصة بنِ المُهَلَّب بنِ أَبِي صُفْرَةَ المُهَلَّبِيُّ، الأَمِيْرُ، أَبُو حَاتِمٍ، أَحَدُ الأَجْوَادِ، وَالأَبْطَالِ وَلِيَ وَلاَيَاتِ جلَيْلَةً لِلسَّفَاحِ، وَالمَنْصُوْرِ، وَغَيْرِهِمَا.
وَلِيَ السِّنْدَ، ثُمَّ البَصْرَةَ، وَكَانَ أَخُوْهُ يَزِيْدُ بنُ حَاتِمٍ أَمِيْرُ المَغْرِبِ، فَمَاتَ، فَبَعثَ الرَّشِيْدُ رَوْحاً عَلَى المَغْرِبِ، فَقَدِمَهَا سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ، فَوَلِيَهَا ثَلاَثَ سِنِيْنَ.
وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ، فَدُفِنَ مع أخيه بالقيروان.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 125 و155"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 239"، العبر "1/ 266"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 284".

(7/104)


1168- الهَادِي 1:
الخَلِيْفَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ مُوْسَى بنُ المَهْدِيِّ، مُحَمَّدِ بنِ المَنْصُوْرِ عَبْدِ اللهِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ. وَلِيَ عَهْدَ أَبِيْهِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُوْهُ، تَسَلَّمَ الخِلاَفَةَ، وَكَانَ بجُرْجان، فَأَخَذَ لَهُ البَيْعَةَ أَخُوْهُ الرَّشِيْدُ. وَكَانَ أَبْيَضَ، طَوِيْلاً، جَسِيْماً، فِي شَفَتِهِ تَقَلُّص، فَوَكَّلَ بِهِ فِي الصِّبَا خَادِماً، كَانَ كُلَّمَا رَآهُ يُقَلِّصُ شَفَتَهُ، قَالَ: مُوْسَى، أَطْبِقْ. فَيُفِيْقُ، وَيَضُمُّ شَفَتَهُ.
وَعَمِلَ فِيْهِ مَرْوَانُ بنُ أبي حفصة2 قصيدة، منها:
تَشَابَهَ يَوْمَا بَأْسِهِ وَنَوَالِهِ ... فَمَا أَحَدٌ يَدْرِي لأَيِّهِمَا الفَضْلُ
فَأَمَرَ لَهُ بِمائَةِ أَلْفٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لإِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيِّ: إِنْ أَطْرَبْتَنِي، فَاحْتَكِمْ. فَأَطْرَبَهُ، فَأَعْطَاهُ سَبْعَمائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَكَانَ يَشْرَبُ المُسْكِرَ، وَفِيْهِ ظُلمٌ، وَشَهَامَةٌ، وَلَعِبٌ، وَرُبَّمَا رَكِبَ حِمَاراً فَارهاً، وَكَانَ شُجَاعاً، فَصِيْحاً، لَسِنًا، أديبًا، مهيبًا، عظيم السطوة.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "2/ 255"، تاريخ بغداد "13/ 21"، العبر "1/ 257"، شذرات الذهب "1/ 266".
2 هو: مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة يزيد، شاعر في العصر الأموي، نشأ في اليمامة، وأدرك زمنا من العهد العباسي، فقدم بغداد ومدح عددا من أعيانها. ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "10/ 71-95"، تاريخ بغداد "13/ 142".

(7/104)


قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ دَفَعَ نَدِيْماً لَهُ مِنْ جُرْف، عَلَى أُصُوْلِ قَصَبٍ قَدْ قُطِعَ، فَتعلَّقَ بِهِ النَّدِيْمُ، فَوَقَعَ مَعَهُ، فَدَخَلَتْ قَصَبَةٌ فِي دُبُرِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ مَوْتِهِ، فَهَلَكَا جَمِيْعاً.
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَعُمُرُهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ سَنَةً وَشَهْراً، وَقَامَ بَعْدَهُ الرَّشِيْدُ. وَكَانَ المَهْدِيُّ قَدْ عَزَمَ عَلَى تَقْدِيْمِ الرَّشِيْدِ فِي وِلاَيَةِ العَهْدِ، وَأَنْ يُؤَخَّرَ الهَادِي، فَلَمَّا نَفَذَ إِلَى الهَادِي، فَامْتَنَعَ، فَطَلَبَهُ، فَلَمْ يَأْتِ، فَهَمَّ المَهْدِيُّ بِالمُضِيِّ إِلَى جرجان إِلَيْهِ، فَسَاقَ خَلْفَ صَيْدٍ، فَفَرَّ إِلَى خِرْبَةٍ وَتَبِعَهُ المَهْدِيُّ، فَدَقَّ ظَهرَهُ بِبَابِ الخِرْبَةِ، فَانْقَطَعَ. وَقِيْلَ: بَلْ سُمَّ، سَقَتْهُ سُرِّيَّةٌ سُمّاً عَمِلَتْهُ لِضَرَّتِهَا, فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى الطَّعَامِ المَسْمُوْمِ، فَفَزِعَتْ وَلَمْ تُخْبِرْهُ، وَكَانَ لَبِئاً، فَصَاح: جَوْفِي. وَتَلَفَ بَعْدَ يَوْمٍ، وَبَعَثَوا بِالخَاتَمِ وَالقَضِيبِ إِلَى الهَادِي، فَرَكِبَ لِوَقْتِهِ، وَقَصَدَ بَغْدَادَ.
وَكَانَ كَوَالِدِهِ فِي اسْتِئْصَالِ الزَّنَادِقَةِ، وَتَتَبُّعِهِم، فَقَتَلَ عِدَّةً، مِنْهُم: يَعْقُوْبُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ العَبَّاسِ بنِ رَبِيْعَةُ بنُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ، وَظَهَرتْ بِنْتُهُ حُبْلَى مِنْهُ أَكْرَهَهَا.
وَخَرَجَ عَلَى الهَادِي حُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ حسن بن حسين الحَسَنِيُّ بِالمَدِيْنَةِ، المَقْتُوْلُ فِي وَقْعَةِ فَخٍّ، بِظَاهِرِ مَكَّةَ، وَكَانَ قَلِيْلَ الخَيْرِ، وَعَسْكَرُهُ أَوْبَاشٌ، وَهَلَكَ الهَادِي -فِيْمَا قِيْلَ- مَنْ قَرْحَةٍ. وَيُقَالُ: سَمَّتْهُ أُمُّهُ الخَيْزُرَانُ، لَمَّا أَجْمَعَ عَلَى قَتْلِ أَخِيْهِ الرَّشِيْدِ، وَكَانَتْ مُتَصَرِّفَةً فِي الأُمُورِ إِلَى الغَايَةِ، وكانت من مُوَلَّدَاتِ المَدِيْنَةِ، فَقَالَ لَهَا: لَئِنْ وَقَفَ بِبَابِكِ أَمِيْرٌ لأَقْتُلَنَّكِ، أَمَا لَكَ مِغْزَلٌ يَشْغَلُكِ، أَوْ مُصْحَفٌ يُذَكِّرُكِ، أَوْ سُبْحَةٌ، فَقَامَت لاَ تَعْقِلُ غَضَباً.
وَيُقَالُ: خَلَّفَ سَبْعَةَ بَنِيْنَ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ بالري.

(7/105)


1169- حمَّاد بن سَلَمة 1: "خ، م، 4"
ابن دينار، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو سَلَمَةَ البَصْرِيُّ، النَّحْوِيُّ، البَزَّازُ، الخِرَقِي، البَطَائِنِيُّ، مَوْلَى آلِ رَبِيْعَةَ بنِ مَالِكٍ، وَابْنِ أُخْتِ حُميد الطَّوِيْلِ.
سَمِعَ: ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ -وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ- وَأَنَسَ بنَ سِيْرِيْنَ، وَمُحَمَّدَ بنَ زِيَادٍ القُرَشِيَّ، وأبا جمرة نصر بن عمران الضبعي، وثابت البُنَانِيَّ، وَعَمَّارَ بنَ أَبِي عَمَّارٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ الدَّارِيَّ المُقْرِئَ، وَأَبَا عِمْرَانَ الجَوْنِيَّ، وَأَبَا غَالِبٍ حَزَوَّر صَاحِبَ أَبِي أُمَامَةَ، وَقَتَادَةَ بنَ دِعَامَةَ، وَسِمَاكَ بنَ حَرْبٍ، وَحَمِيْداً خَالَهُ، وحماد بن أبي سليمان الفقيه، وسعيد بنَ جُمْهان، وَأَبَا العُشَراء الدَّارِمِيَّ، وَيَعْلَى بنَ عَطَاءٍ، وسُهيل بنَ أَبِي صَالِحٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَإِيَاسَ بنَ مُعَاوِيَةَ، وَبِشْرَ بنَ حَرْبٍ النَّدَبي، وَعَلِيَّ بنَ زيد، وَخَالِدَ بنَ ذَكْوان، وَشُعَيْبَ بنَ الحَبْحَابِ، وَعَاصِمَ بنَ العجَّاج الجَحْدَري، وَأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيَّ، وَيُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ، وَعَمْرَو بنَ دِيْنَارٍ، وَأَبَا الزُّبَيْرِ المَكِّيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ وَاسِعٍ، وَمَطَرَ بنَ طَهْمَانَ الورَّاق، وَيَزِيْدَ الرُّقاشي، وَأَبَا التَّيَّاح الضُّبَعي يَزِيْدَ، وَعَطَاءَ بنَ عَجْلاَنَ، وَعَطَاءَ بنَ السَّائِبِ، وَأُمَماً سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وحَرَمي بنُ عُمَارَةَ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَفَّانُ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَشَيْبَانُ بنُ فَرُّوخ، وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ غِيَاثٍ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَائِشَةَ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ مُظفَّر بنُ مُدْرِك الحَافِظُ، وَالحَسَنُ الأَشْيَبُ، وَيَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحيني، وَالأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، وَالهَيْثَمُ بنُ جَمِيْلٍ، وَأَسَدُ السُّنَّةِ، وَسَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. وَآخِرُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ القَوَارِيْرِيُّ المَتْرُوْكُ المُتَّهَمُ الَّذِي لَقِيَهُ مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَد العَطَّارُ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ رَوَى الحُرُوْفَ عَنْ: عَاصِمٍ، وَابْنِ كَثِيْرٍ.
أَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْفَ حَرَمي بنُ عُمَارَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذكي.
قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ يُفِيْدُنِي عَنْ عمَّار بنِ أَبِي عمَّار. وَقَالَ وُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ سَيِّدُنَا وَأَعْلَمُنَا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِ بِحَدِيْثِ عَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ. قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ عِنْدَ يَحْيَى بنِ ضُرَيْسٍ الرَّازِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ عَشْرَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: يَعْنِي بِالمَقَاطِيْعِ وَالآثَارِ.
قَالَ أَحْمَدُ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِثَابِتٍ البُنَانِيِّ حماد بن سلمة، وهو أثبهم فِي حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ ثِقَةٌ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 282"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 89"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 193"، الكنى للدولابي "1/ 191"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 623" حلية الأولياء "6/ 249"، الأنساب للسمعاني "5/ 102"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 197"، العبر "1/ 248"، الكاشف "1/ ترجمة 1229"، ميزان الاعتدال "1/ 590"، تهذيب التهذيب "3/ 11"، بغية الوعاة للسيوطي "1/ 548"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1602"، شذرات الذهب "1/ 262".

(7/106)


وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ فِي رِجَالٍ، وَهُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَعَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي حَمَّادٍ، فَاتَّهَمُوْهُ فِي الدِّيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ بَحْراً مِنْ بُحُورِ العِلْمِ، وَلَهُ أَوهَامٌ فِي سَعَةِ مَا رَوَى، وَهُوَ صَدُوْقٌ حُجَّةٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ- وَلَيْسَ هُوَ فِي الإِتقَانِ كَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَتَحَايدَ البُخَارِيُّ إِخرَاجَ حَدِيْثِهِ، إِلاَّ حَدِيْثاً خَرَّجَه فِي الرِّقَاقِ، فَقَالَ: قَالَ لِي أَبُو الوَلِيْدِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُبَيٍّ. وَلَمْ يَنحَطَّ حَدِيْثُه عَنْ رُتْبَةِ الحَسَنِ وَمُسْلِمٌ رَوَى لَهُ فِي الأُصُوْلِ، عَنْ ثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، لِكَوْنِهِ خَبِيْراً بِهِمَا.
قَالَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: كَتَبتُ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
جَعْفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ عَفَّانَ يَقُوْلُ: كَتَبتُ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
وَقَالَ حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّيْنِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: قَدْ قِيْلَ فِي سُوْء حِفْظِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَجَمْعِهِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي الإِسْنَادِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُخرِّجْ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الأُصُوْلِ، إلا من حَدِيْثِهِ عَنْ ثَابِتٍ، وَلَهُ فِي كِتَابِهِ أَحَادِيْثُ فِي الشَّوَاهِدِ عَنْ غَيْرِ ثَابِتٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحي: حَدَّثَنَا الحَمَّادَانِ، وفَضْلُ بن سَلَمَةَ عَلَى ابْنِ زَيْدٍ، كَفَضْلِ الدِّيْنَارِ عَلَى الدِّرْهَمِ -يَعْنِي: الَّذِي اسْمُ جَدِّهِ دِيْنَارٌ، أَفْضَلُ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ الَّذِي اسْمُ جَدِّهِ دِرْهَمٌ. وَهَذَا مَحْمُوْلٌ عَلَى جَلاَلتِهِ وَدِيْنِهِ، وَأَمَّا الإِتقَانُ، فمسلَّم إِلَى ابْنِ زَيْدٍ، هُوَ نَظِيْرُ مَالِكٍ فِي التَّثَبُّتِ.
قَالَ شِهَابُ بنُ مُعَمَّر البَلْخي: كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ يُعَدُّ مِنَ الأَبْدَالِ.
قُلْتُ: وَكَانَ مَعَ إِمَامَتِهِ فِي الحَدِيْثِ إِمَاماً كَبِيْراً فِي العَرَبِيَّة، فَقِيْهاً، فَصِيْحاً، رَأْساً فِي السُّنَّةِ، صَاحِبَ تَصَانِيْفَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: لَوْ قِيْلَ لِحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ: إِنَّكَ تَمُوْتُ غَداً، مَا قَدِرَ أَنَّ يَزِيْدَ فِي العَمَلِ شَيْئاً.
قُلْتُ: كَانَتْ أَوْقَاتُهُ مَعْمُوْرَةً بِالتَّعَبُّدِ وَالأَوْرَادِ.
وَقَالَ عَفَّانُ: قَدْ رَأَيتُ مَنْ هُوَ أَعبَدُ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، لَكِنْ مَا رَأَيتُ أَشدَّ مُوَاظِبَةً عَلَى الخَيْرِ، وَقِرَاءةِ القُرْآنِ، وَالعَمَلِ للهِ -تَعَالَى- مِنْهُ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: حَدِيْثُه فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ وآخره واحد.

(7/107)


وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ إِنْسَاناً يَقَعُ فِي عِكْرِمَةَ وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، فَاتَّهِمْهُ عَلَى الإِسْلاَمِ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُ: لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ ثَابِتٍ أَثْبَتُ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.
قَالَ مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ التَّبُوذكي: لَوْ قُلْتُ لَكُم: إِنِّيْ ما رأيت حماد بن سَلَمَةَ ضَاحِكاً، لَصَدَقْتُ، كَانَ مَشْغُوْلاً، إِمَّا أَنْ يُحَدِّثَ، أَوْ يَقْرَأَ، أَوْ يُسبِّحَ، أَوْ يُصَلِّيَ، قَدْ قَسَّمَ النَّهَارَ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُطَهَّر: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ عِنْدَنَا مِنَ الثِّقَاتِ، مَا نَزدَادُ فِيْهِ كُلَّ يَوْمٍ إِلاَّ بَصِيْرَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ لاَ يُحَدِّثُ حَتَّى يَقْرَأَ مائَةَ آيَةٍ، نَظَراً فِي المُصْحَفِ.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ المؤدِّب: مَاتَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ فِي الصَّلاَةِ فِي المَسْجِدِ.
قَالَ سوَّار بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: كُنْتُ آتِي حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ فِي سُوْقِهِ، فَإِذَا رَبِحَ فِي ثَوْبٍ حَبَّةً أَو حَبَّتَيْنِ، شَدَّ جَوْنَتَه، وَلَمْ يَبِعْ شَيْئاً، فَكُنْتُ أَظُنُّ ذَلِكَ يَقُوْتُهُ.
قَالَ التَّبُوذكي: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ يَقُوْلُ: إِنْ دَعَاكَ الأَمِيْرُ لِتَقْرَأَ عَلَيْهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاَصُ: 1] ، فَلاَ تَأْتِهِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ الطَّبَّاعِ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ يَقُوْلُ: مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ لِغَيْرِ الله -تعالى- مكربه.
وَقَالَ حَمَّادٌ: مَا كَانَ مِنْ نِيَّتِي أَنْ أُحَدِّثَ حَتَّى قَالَ لِي أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ فِي النَّوْمِ: حَدِّثْ.
حَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: مَا كُنَّا نَأتِي أَحَداً نَتَعَلَّمُ شَيْئاً بِنِيَّةٍ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، إِلاَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّاجِرُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُوْلُ: عَادَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، فَقَالَ سُفْيَانُ: يَا أَبَا سَلَمَةَ! أَتُرَى الله يَغْفِرُ لِمِثْلِي? فَقَالَ حَمَّادٌ: وَاللهِ لَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ مُحَاسَبَةِ اللهِ إِيَّاي، وَبَيْنَ مُحَاسَبَةِ أَبَوَيَّ، لاَخْتَرْتُ مُحَاسَبَةَ اللهِ، وَذَلِكَ لأَنَّ اللهَ أَرحَمُ بِي مِنْ أَبَوَيَّ.

(7/108)


المُفَضَّل الغَلابي: حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: مَا كَانَ مِنْ شَأْنِي أَنْ أَرْوِيَ أَبَداً حَتَّى رَأَيتُ أَيُّوْبَ فِي النَّوْمِ، فَقَالَ لِي: حَدِّثْ، فَإِنَّ النَّاسَ يُقْبِلُوْنَ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ الجَرَّاحِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَجَّاجِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَسْمَعُ مَعَنَا عِنْدَ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، فَرَكِبَ إِلَى الصِّيْنِ، فَلَمَّا رَجَعَ أَهدَى إِلَى حَمَّادٍ هَدِيَّةً. فَقَالَ لَهُ حَمَّادٌ: إِنْ قَبِلْتُهَا لَمْ أُحَدِّثْكَ بِحَدِيْثٍ، وَإِنْ لَمْ أَقْبَلْهَا حَدَّثْتُكَ. قَالَ: لاَ تَقْبَلْهَا، وَحَدِّثْنِي.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ الخَزَّازُ، كُنْيَةُ أَبِي حَمَّادٍ: أَبُو صَخْرَةَ، مَوْلَى حُمَيْدِ بنِ كرَّاتَه. وَيُقَالُ: مَوْلَى قُرَيْشٍ. وَقِيْلَ: هُوَ حِمْيَرِيٌّ مِنَ العُبَّادِ المُجَابِي الدَّعْوَةِ فِي الأَوقَاتِ، لَمْ يُنْصِفْ مَنْ جَانَبَ حَدِيْثَهُ، وَاحْتَجَّ بأبي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَبَابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، فَإِنْ كان تركه إياه لما كان يخطىء، فَغَيْرُهُ مِنْ أَقْرَانِهِ مِثْلُ الثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَدُوْنَهمَا كَانُوا يُخْطِئُوْنَ، فَإِنَّ زَعمَ أَنَّ خَطَأَهُ قَدْ كَثُرَ مِنْ تَغَيُّرِ حِفْظِه، فَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ مِثْلَ حَمَّادٍ بِالبَصْرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ يَثْلِبْهُ إِلاَّ مُعْتَزِلِيٌّ أَوْ جَهْمِيٌّ، لِمَا كَانَ يُظْهِرُ مِنَ السُّنَنِ الصَّحِيْحَةِ، وَأَنَّى يَبلُغُ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ مَبْلَغَ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ فِي إِتْقَانِهِ، أَمْ فِي جَمْعِهِ، أَمْ فِي عِلْمِهِ، أَمْ فِي ضَبْطِهِ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: مَا كُنَّا نَرَى مَنْ يَتَعلَّمُ بِنِيَّةٍ غَيْرَ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَمَا نَرَى اليَوْمَ مَنْ يُعَلِّمُ بِنِيَّةٍ غَيْرَهُ.
قَالَ مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَسْأَلُ حَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَحَادِيْثَ مُسْنَدَةٍ، وَالنَّاس يَسْأَلُوْنَهُ عَنْ رَأْيِهِ، فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُهُ، قَالَ: لاَ جَاءَ اللهُ بِكَ.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ يَقُوْلُ: إِنَّ الرَّجُلَ ليثقُل حَتَّى يَخِفُّ.
وَقَالَ عَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ -وَعَطَاءٌ بنُ أَبِي رَبَاحٍ حَيٌّ- فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقُلْتُ: إِذَا أَفطَرْتُ، دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَمَاتَ فِي رَمَضَانَ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ فِي "الفَارُوْقِ"1 لَهُ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِذَا رَأَيتَ الرَّجُلَ يَغمِزُ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، فَاتَّهِمْهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَإِنَّهُ كَانَ شَدِيْداً عَلَى المُبْتَدِعَةِ. قَالَ يُوْنُسُ: مِنْ حَمَّادِ بنِ سلمة تعلمت العربية. وليحيى اليزيدي مرثية يقول فيها:
__________
1 الفاروق: هو عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ جعفر أبو إسماعيل الأنصاري الهروي صاحب كتاب "الفاروق" في الصفات"، وكتاب ذم الكلام وأهله، وكتاب "منازل السائرين"، وأشياء المتوفى سنة "481"هـ. ترجم له الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ "3/ 1183-1191".

(7/109)


يَا طَالِبَ النَّحْوِ أَلاَ فَابْكِهِ ... بَعْدَ أَبِي عَمْرٍو وَحَمَّادِ
وَنَقَلَ بَعْضُهُم أَنَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ تَزَوَّجَ سَبْعِيْنَ امْرَأَةً، وَلَمْ يُولَدْ لَهُ وَلَدٌ.
قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: شَهِدتُ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَدَعَوْهُ -يَعْنِي: الدَّوْلَةَ- فَقَالَ: أَحْمِلُ لِحْيَةً حَمْرَاءَ إِلَى هَؤُلاَءِ? وَاللهِ لاَ فَعَلتُ.
وَرُوِيَ أَنَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَكُنْ لِحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ كِتَابٌ، سِوَى كِتَابِ قَيْسِ بنِ سَعْدٍ.
وَرَوَى عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ: أَنَّهُ حَدَّثَهُم بِحَدِيْثِ نُزُوْلِ الرَّبِّ -عَزَّ وَجَلَّ- فَقَالَ: مَنْ رَأَيتُمُوْهُ يُنْكِرُ هَذَا، فَاتَّهِمُوْهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ يَحْيَى: قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ يُفِيْدُنِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ -يَعْنِي: القُرَشِيَّ، صَاحِبَ أَبِي هُرَيْرَةَ- فَقُلْتُ لِيَحْيَى: كَانَ حَمَّادٌ يُفِيْدُهُ? قَالَ: فِيْمَا أَعْلَمُ. ثُمَّ قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ، وَقَيْسِ بنِ سَعْدٍ لَيْسَ بِذَاكَ، إِنْ كَانَ مَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ قَيْسِ بن سَعْدٍ حَقّاً، فَلَمْ يَكُنْ قَيْسٌ بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ حَدِيْثُ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ، وَهَذَا الضَّرْبُ -يَعْنِي: أَنَّهُ ثَبتٌ فِيْهَا.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو خَالِدٍ الرَّازِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخَذَ إِيَاسُ بنُ مُعَاوِيَةَ بِيَدِي وَأَنَا غُلاَمٌ، فَقَالَ: لاَ تَمُوْتُ حَتَّى تَقُصَّ، أَمَا إِنِّي قَدْ قُلْتُ هَذَا لَخَالُكَ -يَعْنِي: حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ- فَمَا مَاتَ حَمَّادٌ حَتَّى قَصَّ. قَالَ أَبُو خَالِدٍ: قُلْتُ لِحَمَّادٍ: أَنْتَ قَصَصْتَ? قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: القَاصُّ هُوَ الوَاعِظُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ عبد الله: قلت ليحيى: حملت على حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ إِمْلاَءً? قَالَ: نَعَمْ، إِملاَءً كُلَّهَا، إِلاَّ شَيْئاً كُنْتُ أَسْأَلُه عَنْهُ فِي السُّوْقِ، فَأَتَحَفَّظُ. قُلْتُ لِيَحْيَى: كَانَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي، وَحَدَّثَنَا? قَالَ: نَعَمْ، كَانَ يَجِيْءُ بِهَا عَفْواً، حَدَّثَنِي وَحَدَّثَنَا.
قَالَ البَيْهَقِيُّ فِي "الخِلاَفِيَّاتِ": مِمَّا جَاءَ فِي كِتَابِ "الإِمَامِ" لِشَيْخِنَا، بَعْدَ إِيرَادِ حَدِيْثِ: "أَلاَ إِنَّ العَبْدَ نَامَ"، لِحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: فَأَمَّا حَمَّادٌ، فَإِنَّهُ أَحَدُ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِذَا رَأَيتَ مَنْ يَغمِزُهُ، فَاتَّهِمْهُ فَإِنَّهُ كَانَ شَدِيْداً عَلَى أَهْلِ البِدَعِ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا طَعَنَ فِي السِّنِّ، سَاءَ حِفْظُه، فَلِذَلِكَ لَمْ يَحتَجَّ بِهِ البُخَارِيُّ، وَأَمَّا مُسْلِمٌ، فَاجْتَهَدَ فِيْهِ وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيْثِهِ عَنْ ثَابِتٍ، مِمَّا سَمِعَ مِنْهُ قَبْل تَغَيُّرِهِ، وَمَا عَنْ غَيْرِ ثَابِتٍ، فَأَخْرَجَ نَحْوَ اثني

(7/110)


عَشَرَ حَدِيْثاً فِي الشَّوَاهِدِ، دُوْنَ الاحْتِجَاجِ، فَالاحتِيَاطُ أَنْ لاَ يُحْتَجَّ بِهِ فِيْمَا يُخَالِفُ الثِّقَاتِ، وَهَذَا الحَدِيْثُ مِنْ جُمْلَتِهَا.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مُطَهَّر، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ عِنْدَنَا مِنَ الثِّقَاتِ، مَا نَزدَادُ فِيْهِ كُلَّ يَوْمٍ إِلاَّ بَصِيْرَةً.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ: مَاتَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَقَدْ أَتَى عَلَيْهِ سِتٌّ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ مَوْلِدُهُ فِي حَيَاةِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ: مَاتَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ: إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ.
قُلْتُ: كَذَا أَرَّخ وَفَاتَه فِي هَذَا العَامِ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَبَعْضُهُم قَالَ: مَاتَ بَعْدَ عِيْدِ النَّحْرِ.
وَقَالَ شَبَابٌ العُصْفُرِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": حَمَّادُ بن سلمة، مولى بن نبي ربيعة ابن زَيْدِ مَنَاةَ بنِ تَمِيْمٍ، يُكْنَى: أَبَا سَلَمَةَ، مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سَبْعٍ. وَأَمَّا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ العَيْشِيُّ، فَقَالَ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ، وَهَذَا وَهْمٌ.
وَمَاتَ مَعَ حَمَّادٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ أَئِمَّةٌ كِبَارٌ مِنَ العُلَمَاءِ، مِنْهُم: أَبُو حَمْزَةَ مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ السُّكَّرِيُّ مُحَدِّثُ مَرْوَ، وَالحَسَنُ بنُ صَالِحِ بنِ حَيٍّ الهَمْدَانِيُّ الفَقِيْهُ الكُوْفِيُّ، وَالرَّبِيْعُ بنُ مُسْلِمٍ البَصْرِيُّ، وَسَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ البَصْرِيُّ، والقاسم بن الفضل الحداني البصري، والسري بنُ يَحْيَى البَصْرِيُّ -بِخُلْفٍ- وَسُوَيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَنَّاطُ البَصْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ البَصْرِيُّ -سُلَمِيٌّ- وَأَبُو عَقيل يَحْيَى بنُ المُتَوَكِّلِ البَصْرِيُّ، وَأَبُو هِلاَلٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمٍ الرَّاسبِيُّ البَصْرِيُّ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي الفُرَاتِ البَصْرِيُّ، وَأَبُو الرَّبيع أَشْعَثُ السَّمَّانُ البَصْرِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ القِسْمَلِّيُّ البَصْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُم بِالبَصْرَةِ. فَكَانَتْ سَنَةَ فَنَاءِ العُلَمَاءِ بِالبَصْرَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ شَيْخُ دِمَشْقَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّنُوْخِيُّ الفَقِيْهُ، وَشَيْخُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُرَيْحٍ، وَمُحَدِّثُ الكُوْفَةِ مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّف، وَأَمِيْرُ الكُوْفَةِ عِيْسَى بنُ مُوْسَى العَبَّاسِيُّ، وَبَشَّارُ بنُ بُرْدٍ، شَاعِرُ وَقْتِهِ.
وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ أَعْلَى رِوَايَاتِهِ بِضْعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، أَفرَدْتُهَا قَدِيْماً فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَنْبَأَنَا المُبَارَكُ بنُ أَبِي الجُوْدِ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا أحمد بن غَالِبٍ العَابِدُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ حَدَّثَنَا

(7/111)


عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرْسي, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ رَجُلاً زَارَ أَخاً لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى, فَأَرْصَدَ اللهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً, فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ, قَالَ: أَيْنَ تُرِيْدُ? قَالَ: أَرَدْتُ أَخاً لِي فِي قَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: هَلْ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا? قَالَ: لا إلا أَنِّي أُحِبُّهُ فِي اللهِ. قَالَ: إِنِّيْ رَسُوْلُ اللهِ إِلَيْكَ أَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيْهِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى, فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ. وَهُوَ مِنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ الَّتِي تَمُرُّ كَمَا جَاءتْ. وَشَاهِدُهُ فِي القُرْآنِ وَفِي الحَدِيْثِ كَثِيْرٌ, قَالَ اللهُ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آلُ عِمْرَانَ: 31] . وَقَالَ: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النِّسَاءُ: 125] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ بِنَابُلُسَ وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الحَجَّارُ بِدِمَشْقَ قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ, أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُسْرِيِّ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المُطَفِّفِيْنَ: 6] . قَالَ: "يَقُوْمُوْنَ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّشْحُ أَطْرَافَ آذَانِهِمْ" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ التَّمَّارِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ: أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ, أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ, أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ, حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ, وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ, وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ, وَكَامِلُ بنُ طَلْحَةَ, وَعُبَيْدُ اللهِ العَيْشِيُّ, قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي العُشَرَاءِ, عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَمَا تَكُوْنُ الذَّكَاةُ إِلاَّ مِنَ اللَّبَّةِ وَالحَلْقِ? فَقَالَ: "لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لأجزأ عنك" 3.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ "الضُّعَفَاءِ": سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي شَيْخٍ المَلْطِيَّ يَقُوْلُ: جَاءَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ إِلَى عَفَّانَ لِيَسْمَعَ مِنْهُ كُتُبَ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ, فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَهَا مِنْ أَحَدٍ? قَالَ: نَعَمْ, حَدَّثَنِي سَبْعَةَ عَشَرَ نَفْساً عَنْ حَمَّادٍ. قَالَ: وَاللهِ لاَ حَدَّثْتُكَ. فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ دِرْهَمٌ, وَأَنْحَدِرُ إِلَى البَصْرَةِ, فَأَسْمَعُ مِنَ التَّبُوْذَكِيِّ. قَالَ: شَأْنُكَ. فَانْحَدَرَ إِلَى البَصْرَةِ, وَجَاءَ إِلَى
التَّبُوْذَكِيِّ, فَقَالَ لَهُ: أَمَا سَمِعْتَهَا مِنْ أَحَدٍ? قَالَ: سَمِعْتُهَا عَلَى الوَجْهِ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ, وَأَنْتَ الثَّامِنَ عَشَرَ. قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهَذَا? قَالَ: إِنَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ كَانَ يُخطِئُ, فَأَرَدتُ أَنْ أَمِيْزَ خَطَأَهُ مِنْ خَطَأِ غَيْرِهِ, فَإِذَا رَأَيتُ أَصْحَابَهُ اجْتَمَعُوا عَلَى شَيْءٍ, عَلِمتُ أَنَّ الخَطَأَ مِنْهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ.
وَقَالَ مُحَدِّثٌ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الحَدَّادَ يَكْتُبُ أَصْنَافَ حَمَّادِ بن سلمة فذكر حكاية.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2567".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2862".
3 ضعيف: فيه أبو العشراء، ضعيف قال البخاري: في حديثه واسمه، وسماعه من أبيه نظر. وقال الذهبي في "الميزان": قلت: ولا يُدْرى من هو ولا من أبوه.

(7/112)


1170- حماد بن زيد 1: "ع"
ابن درهم العَلاَّمَةُ الحَافِظُ, الثَّبْتُ مُحَدِّثُ الوَقْتِ, أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَزْدِيُّ, مَوْلَى آلِ جَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ البَصْرِيِّ, الأَزْرَقُ, الضَّرِيْرُ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ. أَصلُهُ مِنْ سِجستان سُبِيَ جَدُّهُ دِرْهَمٌ مِنْهَا.
سَمِعَ مِنْ: أَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ, وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ, وَأَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ القُرَشِيِّ الجُمَحِيِّ, وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ, وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ, وَبُدَيْلِ بنِ مَيْسَرَةَ, وَأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ, وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ, وَبِشْرِ بنِ حَرْبٍ, وَسَلْمِ بنِ قَيْسٍ العَلَوِيِّ, وَشُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ, وَعَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ, وَعَامِرِ بن الوَاحِدِ الأَحْوَلِ, وَعَبَّاسِ بنِ فَرُّوْخٍ الجُرَيْرِيِّ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ المَكِّيِّ, وَكَثِيْرِ بنِ زِيَادٍ الأَزْدِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ, وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ, وَهَارُوْنَ بنِ رِئَابٍ, وَوَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ بنِ المُهَلَّبِ, وَأَبِي التَّيَّاحِ الضُّبَعِيِّ, وَيَزِيْدَ الرِّشْكِ2, وَإِسْحَاقَ بنِ سُوَيْدٍ, وَجَمِيْلِ بنِ مُرَّةَ, وَحَاجِبِ بنِ المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ, وَالزُّبَيْرِ بنِ الخِرِّيْتِ, وَالزُّبَيْرِ بنِ عَرَبِيٍّ, وَالصَّقْعَبِ بنِ زُهَيْرٍ, وَكَثِيْرِ مِنْ شِنْظِيْرٍ, وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ, وَبُرْدِ بنِ سِنَانٍ, وَدَاوُدَ بنَ أَبِي هِنْدٍ, وَيُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ, وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَنَسٍ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ, وَسُفْيَانُ, وَشُعْبَةُ, وَهُمْ مِنْ شُيُوْخِهِ, وَعَبْدُ الوَارِثِ بنُ
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 286"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 100"، الكنى للدولابي "1/ 96"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 617"، الحلية لأبي نعيم "6/ ترجمة 373"، الأنساب للسمعاني "1/ 199"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 213"، العبر "1/ 274"، الكاشف "1/ ترجمة 1228"، جامع التحصيل للحافظ العلائي "ترجمة 143"، تهذيب التهذيب "3/ 9"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1601"، شذرات الذهب "1/ 292".
2 يزيد الرشك: هو يزيد بن أبي يزيد الصنبعي البصري. والرشك بالفارسية: هو الكبير اللحية، لقب بذلك لكبر لحيته، وهو ثقة عابد، وثقه أبو زرعة، وأبو حاتم. وقال ابن معين والنسائي: ليس به بأس.

(7/113)


سَعِيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَأَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ، وَمُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ القَوَارِيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ عِنْدَهُ، وَزَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، وَقُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، وَسَهْلُ بنُ عُثْمَانَ العَسْكَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ البَلْخِيُّ الفَقِيْهُ، وَدَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَسُنَيْدُ بنُ دَاوُدَ المَصِّيْصِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ صَاحِبُ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، وَأَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَرَشِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زُنْبُوْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ المَرْوَزِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيُّ، وَأَبُو الأَشْعَثِ أَحْمَدُ بنُ المِقْدَامِ العِجْلِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ سَهْلٍ -خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى- عَنْهُ وَأُمَمٌ سِوَاهُم. قَدِ اسْتَوْعَبَ كَثِيْراً، مِنْهُم: شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي "تَهْذِيْبِهِ".
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: أَئِمَّةُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِم أَرْبَعَةٌ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بِالكُوْفَةِ، وَمَالِكٌ بِالحِجَازِ، وَالأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ بِالبَصْرَةِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ أَحَدٌ أَثْبَتَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ شَيْخاً أَحْفَظَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ، هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: لَمْ أَرَ أَحَداً قَطُّ أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ، وَلاَ بِالحَدِيْثِ الَّذِي يَدْخُلُ فِي السُّنَّةِ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.
وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: رَجُلُ البَصْرَةِ بَعْدَ شُعْبَةَ ذَاكَ الأَزْرَقُ -يَعْنِي: حَمَّاداً.
قَالَ وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ: مَا كُنَّا نُشَبِّهُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ إِلاَّ بِمِسْعَرٍ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: لَمْ يَكُنْ لِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ كِتَابٌ، إِلاَّ كِتَابُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ ثِقَةٌ، وَحَدِيْثُهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ، كَانَ يَحْفَظُهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن خراش الحافظ: لم يخطىء حماد بن زيد في حَدِيْثِ قَطُّ، وَفِيْهِ يَقُوْلُ ابْنُ المُبَارَكِ:
أَيُّهَا الطَّالِبُ عِلْماً ... إِيْتِ حَمَّادَ بنَ زَيْدِ
تَقْتَبِسْ حِلْماً وَعِلْماً ... ثُمَّ قَيَّدْهُ بِقَيْدِ

(7/114)


قال عبد الرحمن بن مهدي: ما رأيت أَعْلَمَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَا رَأَيتُ بِالبَصْرَةِ أَحَداً أَفْقَهَ مِنْهُ -يَعْنِي: حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ. وَقَالَ آخَرُ: هُوَ أَجَلُّ أَصْحَابِ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَأَثبَتُهُم.
وَعَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ قَالَ: جَالَسْتُ أَيُّوْبَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيْلَ يَقُوْلُ: مَاتَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ يَوْم مَاتَ، وَلاَ أَعْلَمُ لَهُ فِي الإِسْلاَمِ نَظِيْراً فِي هَيئَتِه وَدَلِّهِ -أَظُنُّهُ قَالَ: وَسَمْتِهِ.
قُلْتُ: تَأَخَّرَ مَوْتُه عَنْ مَالِكٍ قَلِيْلاً، وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ ذَلِكَ، وَلَمَّا سَمِعَ يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ بِمَوْتِ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، قَالَ: مَاتَ اليَوْم سَيِّدُ المُسْلِمِيْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ ضَرِيْراً، يَحفَظُ حديثه كله.
قلت: إنما أضر بأخرة.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قَدْ رَوَى عَنْهُ: إبراهيم عن أَبِي عَبْلَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَخَلْقٌ آخِرُهُم وَفَاةً: الهَيْثَمُ بنُ سَهْلٍ التُّسْتَري.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، قَالَ: مَا رَأَيتُ بالعراق مثل حماد بن زيد. وقد خَلَفُ بنُ هِشَامٍ البَزَّارُ: المُدَلِّسُ مُتَشَبِّعٌ بِمَا لَمْ يُعْطَ.
قُلْتُ: هُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آلُ عِمْرَانَ: 188] . قُلْتُ: وَالمُدَلِّسُ فِيْهِ شَيْءٌ مِنَ الغِشِّ، وَفِيْهِ عَدَمُ نُصحٍ لِلأُمَّةِ، لاَ سِيَّمَا إِذَا دَلَّسَ الخَبَرَ الوَاهِي، يُوْهِمُ أَنَّهُ صَحِيْحٌ، فَهَذَا لاَ يَحِلُّ بِوَجْهٍ، بِخِلاَفِ بَاقِي أَقسَامِ التَّدْلِيسِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ عَبْدِ الوَارِثِ بنِ سَعِيْدٍ: التَّدْلِيسُ ذُلٌّ.
جَمَاعَةٌ سَمِعُوا سُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحُجُرَاتُ: 2] ، قَالَ: أَرَى رَفْعَ الصَّوْتِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، كَرَفعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، إِذَا قرىء حَدِيْثُهُ، وَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ تُنْصِتَ لَهُ، كَمَا تُنصِتُ لِلْقُرْآنِ يَعْمُرُ.
وَرَوَى سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ صَاحِبُ البَصْرِيُّ -وَهُوَ صَادِقٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، لاَ سُفْيَانُ وَلاَ مالك.
وقال محمد بن عيسى بن الطَّبَّاعُ: مَا رَأَيتُ أَعقَلَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زيد.

(7/115)


قَالَ مُحَمَّدُ بنُ وَزِيْرٍ الوَاسِطِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ يَقُوْلُ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ: هَلْ ذَكَرَ اللهُ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ فِي القُرْآنِ? قَالَ: بَلَى اللهُ -تَعَالَى- يَقُوْلُ: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: 122] الآية.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ العَطَّارُ: سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ الحَارِثِ -رَحِمَهُ اللهُ- يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ، إِنَّ لِذِكْرِ الإِسْنَادِ فِي القَلْبِ خُيَلاَءَ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، قَالَ: جَاءنِي أَبَانُ بنُ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ تُكلِّمَ شُعْبَةَ أَنْ يَكُفَّ عَنِّي. فَكَلَّمتُه، فَكَفَّ عَنْهُ أَيَّاماً، وَأَتَانِي فِي اللَّيْلِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لاَ يَحِلُّ الكَفُّ عَنْ أَبَانٍ، فَإِنَّهُ يَكْذِبُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ زيد يَقُوْلُ: إِنَّمَا يَدُورُوْنَ عَلَى أَنْ يَقُوْلُوا: لَيْسَ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ -يَعْنِي: الجَهْمِيَّةَ.
وَعَنْ أَبِي النُّعْمَان عَارِمٍ، قَالَ: قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، أَنْزَلَه جِبْرِيْلُ مِنْ عِنْدَ رَبِّ العَالِمِيْنَ.
قُلْتُ: لاَ أَعْلَمُ بَيْنَ العُلَمَاءِ نِزَاعاً، فِي أَنَّ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ، وَمِنْ أَتقَنِ الحُفَّاظِ وَأَعْدَلِهِم، وَأَعْدَمِهِم غَلَطاً، عَلَى سَعَةِ مَا رَوَى -رَحِمَهُ اللهُ. مَوْلِدُه: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُوْلُ: كُنْتُ إِذَا رَأَيتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، قُلْتُ: أَدَّبَهُ كِسْرَى، وَفَقَّهَهُ عُمَر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ مُحَمَّدٍ الحَافِظَ، سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بن أَخِي هِلاَلٍ الرَّأْيِ، سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: كَانُوا يَقُوْلُوْنَ: كَانَ عِلْمُ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ أَرْبَعَةَ دَوَانِيقَ1، وَعَقْلُهُ دَانِقَيْنِ، وَعِلْمُ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ دَانِقَيْنِ، وَعَقْلُهُ أَرْبَعَةُ دَوَانِيقَ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وِفَاقاً في شهر رمضان. وقال أبو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: مَاتَ فِي يَوْمَ الجُمُعَةِ، تَاسِعَ عَشَرَ شَهْرِ رَمَضَانَ. وَقَالَ عَارِمٌ: مَاتَ لِعَشْرٍ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ، يَوْمَ الجُمُعَةِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَاتَ قَبْلَهُ مَالِكٌ بِشَهْرَيْنِ وَأَيَّامٍ.
قُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ بَلْ مَاتَ قَبْلَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ -فَرَحِمَهُمَا اللهُ. فَلَقَدْ كَانَا رُكْنَي الدِّيْنِ، ما خلفهما مثلهما.
__________
1 الدانق: سدس الدرهم. والدرهم جزء من اثني عشر جزءا من الأوقية.

(7/116)


وَمَاتَ فِيْهَا: بِوَاسِطَ الحَافِظُ الحُجَّةُ العَابِدُ القُدْوَةُ، خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ، وَمُحَدِّثُ الكُوْفَةِ أَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ بنُ سُلَيْمٍ، وَمُفْتِي دِمَشْقَ الهِقْلُ بنُ زِيَادٍ -صَاحِبُ الأَوْزَاعِيِّ- وَمُحَدِّثُ حِمْصَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ.
وَفِيْهَا كَانَ مَصْرَعُ مَلِكِ الخَوَارِجِ، الَّذِي يُضْرَبُ بِشَجَاعَتِهِ المَثَلُ: الوليد ابن طَرِيْفٍ الشَّارِي.
وَمِنْ عَوَالِي حَمَّادٍ -وَقَدْ أَفْرَدْتُهَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوني: سَمِعْتُ جُنْدُبَ بنَ عَبْدِ اللهِ -وَلاَ أَعْلَمُهُ، إِلاَّ أنه قد رفعه- قال: "اقرءوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوْبُكُم، فَإِذَا اخْتَلَفْتُم فِيْهِ، فَقُوْمُوا عَنْهُ" 1.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ العَلَوِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ حُضُوْراً، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ. "ح" وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشِّبْلِيُّ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ بِلاَلٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بَيْنَ العَمُودَيْنِ، تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فِي جَوْفِ الكَعْبَةِ"2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ الزَّهْرَانِيِّ.
وَبِهِ إِلَى الزَّهْرَانِيِّ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ بِلاَلٍ، قَالَ: "صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي البَيْتِ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يُصَلِّ فِيْهِ، إِنَّمَا كَبَّرَ في نواحيه3.
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيْحٌ. وَإِنَّمَا العِبْرَةُ بِقَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ الصَّلاَةَ، فَإِنَّ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ.
رَوَى أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، عَنْ مُقَاتِلِ بنِ مُحَمَّدٍ، سَمِعَ وَكِيْعاً يَقُوْلُ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ أَحْفَظُ مِنِ ابْنِ سَلَمَةَ، مَا كُنَّا نُشَبِّهُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ إِلاَّ بِمِسْعَرٍ.
إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ عَنْ يَحْيَى، قَالَ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ أَثبَتُ مِنْ عَبْدِ الوَارِثِ، وَابْنِ عُلَيَّة، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وابن عيينة.
__________
1 صحيح أخرجه البخاري "5060".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1329" "389".
3 صحيح: أخرجه البخاري "1601"، وأبو داود "2027".

(7/117)


قال أبو زرعة: سمعت أبو الوَلِيْدِ يَقُوْلُ: يَرَوْنَ أَنَّ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ دُوْنَ شُعْبَةَ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ عَارِمٌ: سَأَلْتُ أُمَّ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَمَّتَهُ، فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: وُلِدَ زَمَنَ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ. وَقَالَتِ الأُخْرَى: وُلِدَ زَمَنَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَقَالَ خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ يُكْنَى: أَبَا إِسْمَاعِيْلَ، وَكَانَ عُثْمَانِياً، وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، حجَّةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
فَصْلٌ:
اشْتَرَكَ الحَمَّادَانِ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ كَثِيْرٍ مِنَ المَشَايِخِ، وَرَوَى عَنْهُمَا جَمِيْعاً جَمَاعَةٌ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ، فَرُبَّمَا رَوَى الرَّجُل مِنْهُم عَنْ حَمَّادٍ، لَمْ يَنْسِبْهُ فَلاَ يُعْرَفُ أَيُّ الحَمَّادَيْنِ هُوَ إِلاَّ بِقرِيْنَةٍ، فَإِنْ عَرِيَ السَّنَدُ مِنَ القَرَائِنِ -وَذَلِكَ قَلِيْلٌ- لَمْ نَقطَعْ بِأَنَّهُ ابْنُ زَيْدٍ، وَلاَ أَنَّهُ ابْنُ سَلَمَةَ، بَلْ نَتَرَدَّدُ، أَوْ نُقدِّرُه ابْنَ سَلَمَةَ، وَنَقُوْلُ: هَذَا الحَدِيْثُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، إِذْ مُسْلِمٌ قَدِ احْتَجَّ بِهِمَا جَمِيْعاً.
فَمِنْ شُيُوْخِهِمَا مَعاً: أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَأَيُّوْبُ وَالأَزْرَقُ بنُ قَيْسٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ سُوَيْدٍ، وَبُرْدُ بنُ سِنَانٍ، وَبِشْرُ بنُ حَرْبٍ، وَبَهْزُ بنُ حَكِيْمٍ، وَثَابِتٌ، وَالجَعْدُ أَبُو عُثْمَانَ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَالجُرَيْرِيُّ، وَشُعَيْبُ بنُ الحَبْحَابِ، وَعَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ، وَابْنُ عون، وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَأَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَتِيْقٍ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ الحَمَّادَيْنِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَوَكِيْعٌ، وَعَفَّانُ، وَحَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَشَيْبَانُ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ، وَمُوْسَى بن إسماعيل -لكن ماله عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ- وَمُؤَمَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَهُدْبَةُ، وَيَحْيَى بنُ حَسَّانٍ، وَيُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ، وَغَيْرُهُم.
وَالحُفَّاظُ المُخْتَصُّوْنَ بِالإِكثَارِ، وَبِالرِّوَايَةِ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ: بَهْزُ بنُ أَسَدٍ، وَحِبَّانُ بنُ هِلاَلٍ، وَالحَسَنُ الأَشْيَبُ، وَعُمَرُ بنُ عَاصِمٍ.
وَالمُخْتَصُّوْنَ بِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، الَّذِيْنَ مَا لَحِقُوا ابْنَ سَلَمَةَ، فَهُم أَكْثَرُ وَأَوضَحُ: كَعَلِيِّ بنِ

(7/118)


المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ المِقْدَامِ، وَبِشْرِ بنِ مُعَاذٍ العَقَدِيِّ، وَخَالِدِ بنِ خِدَاشٍ، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، وَسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَأَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ، والقَواريري، وَعَمْرِو بنِ عَوْنٍ، وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمي، ولُوين, وَمُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاع، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَمُسَدَّدٍ، وَيَحْيَى بنِ حَبِيْبٍ، وَيَحْيَى بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ، وَعِدَّةٍ مِنْ أَقْرَانِهِم.
فَإِذَا رَأَيتَ الرَّجُلَ مِنْ هَؤُلاَءِ الطَّبَقَةِ قَدْ رَوَى عَنْ حَمَّادٍ وَأَبْهَمَهُ، عَلِمتَ أَنَّهُ ابْنُ زَيْدٍ، وَأَنَّ هَذَا لَمْ يُدرِكْ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَكَذَا إِذَا رَوَى رَجُلٌ مِمَّنْ لَقِيَهُمَا، فَقَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَسَكَتَ، نَظَرَتَ فِي شَيْخِ حَمَّادٍ مَنْ هُوَ؟ فَإِنْ رَأَيتَهُ مِنْ شُيُوْخِهِمَا عَلَى الاشْتِرَاكِ، تَردَّدْتَ، وَإِنْ رَأَيتَه مِنْ شُيُوْخِ أَحَدِهِمَا عَلَى الاخْتِصَاصِ وَالتَّفرُّدِ، عَرَفْتَه بِشُيُوْخِه المُخْتَصِّيْنَ بِهِ، ثُمَّ عَادَةُ عَفَّانَ لاَ يَرْوِي عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ إِلاَّ وَيَنسِبُهُ، وَرُبَّمَا رَوَى عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ فَلاَ يَنسِبُهُ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ. فَأَمَّا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، فَعَلَى العَكْسِ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عَارِمٌ يفعل، فإذا، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ فَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ، وَمَتَى قَالَ مُوْسَى التَّبُوْذَكِيُّ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، فَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ، فَهُوَ رِوَايَتُهُ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَيَقَعُ مِثْلُ هَذَا الاشْتِرَاكِ سَوَاءً فِي السُّفْيَانَيْنِ، فَأَصْحَابُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ كِبَارٌ قُدَمَاءُ، وَأَصْحَابُ ابْنِ عُيَيْنَةَ صِغَارٌ، لَمْ يُدْرِكُوا الثَّوْرِيَّ، وَذَلِكَ أَبْيَنُ، فَمَتَى رَأَيتَ القَدِيْمَ قَدْ رَوَى، فَقَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَأَبْهَمَ، فَهُوَ الثَّوْرِيُّ، وَهُمْ كَوَكِيْعٍ، وَابْنِ مَهْدِيٍّ، وَالفِرْيَابِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ. فَإِنَّ رَوَى وَاحِدٌ مِنْهُم عَنِ ابْنِ عيينة بينه، فأما الذي لم يحلق الثَّوْرِيَّ، وَأَدْرَكَ ابْنَ عُيَيْنَةَ، فَلاَ يَحْتَاجُ أَنْ ينسب، لعدم الإلباس، فعليك بمعرفة طبقات الناس.

(7/119)


1171- يحيى بن أيوب 1: "ع"
الإمام، المحدث، العالم، الشهير أبو العباس الغافقي، المِصْرِيُّ، يُنْسَبُ فِي عِدَادِ مَوَالِي مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ.
حَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، وأبي قبيل حيي بن هانئ، وجعفر ابن رَبِيْعَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَبْدِ الله بن طاوس، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ، وَعَبْدِ اللهِ بن دِيْنَارٍ،
وَعُمَارَةَ بنِ غَزِيَّةَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ، وَبَكْرِ بنِ عَمْرٍو، وَرَبِيْعَةَ الرأي، وزبان بن قائد، وزيد بن جبيرة، وسهل ابن مُعَاذٍ الجُهَنِيِّ، وَعُقَيْلِ بنِ خَالِدٍ، وَأَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعَيَّاشِ بنِ عَبَّاسٍ القِتْبَانِيِّ، وكعب ابن عَلْقَمَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَرْملَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ زَحْرٍ، وَأَبِي حازم الأعرج، وَصَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ الطَّوِيْلِ، وَابْنِ عَجْلاَنَ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَمُوْسَى بنِ عَلِيٍّ، وَعَمْرِو بنِ الحَارِثِ، وَمَالِكٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ -وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ- وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَابْنُ جُرَيْجٍ -أَحَدُ شُيُوْخِهِ- وَابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَمُوْسَى بنُ أَعْيَنَ، وَإِسْحَاقُ بنُ الفُرَاتِ، وَأَشْهَبُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَاب، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ الكَاتِبُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ، وَعَمْرُو بنُ الرَّبِيْعِ بنِ طَارِقٍ، وَيَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ السَّيْلحيني، وَغَيْرُهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ دُوْنَ حَيْوَةَ وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي أَيُّوْبَ، هُوَ سَيِّئُ الحِفْظِ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ وَقَالَ مَرَّةً: صَالِحٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي المَوَال، وَمَحَلُّهُ الصِّدْقُ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قُلْتُ لأَبِي دَاوُدَ: يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ ثِقَةٌ? قَالَ: هُوَ صَالِحٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قُلْتُ: لَهُ غَرَائِبُ وَمَنَاكِيْرُ يَتَجَنَّبُهَا أَرْبَابُ الصِّحَاحِ، ويُنَقُّون حَدِيْثَهُ، وَهُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ أَحَدَ الطَّلاَّبِيْنَ لِلْعِلْمِ، حَدَّثَ عَنْ: أَهْلِ مَكَّةَ، وَالمَدِيْنَةِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ: الغُرَبَاءُ بِأَحَادِيْثَ لَيْسَتْ عِنْدَ أَهْلِ مِصْرَ عَنْهُ، فَحَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ لَقِيْطٍ، عَنِ ابْنِ حوَالَةَ: "مَنْ نَجَا مِنْ ثَلاَثٍ ... " 2، فَلَيْسَ هَذَا بِمِصْرَ مِنْ حَدِيْثِ يحيى.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 516"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2919"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 445"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 542"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 212"، الكاشف "3/ ترجمة 6247"، والعبر "1/ 243"، ميزان الاعتدال "4/ 362"، تهذيب التهذيب "11/ 186"، تقريب التهذيب "2/ 342"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 258".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 105 و110" و"5/ 33"، من طريق يحيى بن أيوب قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط، عن عبد الله بن حوالة أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: من نجا من ثلاث فقد نجا "ثلاث مرات" موتي والدجال وقتل خليفة مصطبر بالحق معطيه"، وأخرجه أحمد "5/ 288"، وابن أبي عاصم في "السنة" "1177"، والحاكم "3/ 101"، من طرق عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.

(7/120)


وروي عنه أيضًا: يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ: "طُوْبَى لِلشَّامِ ... " 1 مَرْفُوْعاً، وَمَا هُوَ بِمِصْرَ مِنْ حَدِيْثِ يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ.
وَأَحَادِيْثُ جَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ لَيْسَ عِنْد المِصْرِيِّيْنَ مِنْهَا حَدِيْثٌ، وَهِيَ تُشْبِهُ عِنْدِي أَنْ تَكُوْنَ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَرَوَى زَيْدُ بنُ الحُبَابِ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ، عَنْ عيَّاش بنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي الحُصَيْنِ حَدِيْثَ أَبِي رَيْحَانَةَ: "نَهَى عَنِ الوَشْر وَالوَشْمِ ... " 2، وَلَيْسَ هَذَا بِمِصْرَ، إِلاَّ مِنْ حديث ابن لهيعة، والمُفَضَّل، وَحَيْوَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَيَّاشِ بنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ العُقَيلي: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثْتُ مَالِكاً بِحَدِيْثٍ حَدَّثَنَا بِهِ يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ عَنْهُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ؛ فَقَالَ: كَذِبٌ. وَحَدَّثْتُهُ بِآخَرَ؛ فَقَالَ: كَذَبَ.
وَقَالَ الخَضِرُ بنُ دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ -يَعْنِي: أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ- سُئِلَ عَنْ يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ المِصْرِيِّ، فَقَالَ: كَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ، وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ الوَهْمَ فِي حِفْظِهِ، فَذَكَرتُ لَهُ مِنْ حَدِيْثِهِ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عَمرة، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ فِي الوَتْرِ ... ، فَقَالَ: هَاء، مَنْ يَحْتَمِلُ هَذَا?
قَالَ العُقَيلي: وَهَذَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العَلاَّفُ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- يقرأ في الركعة
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 184 و185"، وابن أبي شيبة "12/ 191، 192"، والترمذي "3954"، والحاكم "2/ 229"، والطبراني "4934" "4935"، من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة، عن زيد بن ثابت قال: بينما نحن عِنْد رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْماً حين قال: طوبى للشام طوبى للشام. قلت: ما بال الشام قال الملائكة باسطوا أجنحتها على الشام.
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 134"، حدثنا زيد بن الحباب، حدثني يحيى بن أيوب، عن عياش بن عباس الحميري، عن أبي حصين الحجري، عن عامر الحجري، عن أبي ريحانة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كره عشر خصال: الوشر، والنتف، والوشم، ومكامعة الرجل الرجل والمرأة المرأة ليس بينهما ثوب، والنهبة، وركوب النمور، واتخاذ الديباج ههنا وههنا أسفل في الثياب والمناكب، والخاتم إلا لذي سلطان".
قلت: إسناده ضعيف، فيه أبو عامر الحجري المصري، مجهول لذا قال الحافظ في "التقريب": "مقبول" -أي إذا توبع- وقد توبع من أبي الحصين الهيثم بن شفي كما يأتي: فقد أخرجه أبو داود "4049"، والنسائي "8/ 143"، من طريق المفضل بن فضالة، والنسائي "8/ 149"، من طريق حيوة بن شريح كلاهما عن عياش بن عباس القتباني، عن أبي الحصين يعني الهيثم بن شفي وأبي عامر الحجري، عن أبي ريحانة، به. ورجاله ثقات.

(7/121)


الأُوْلَى مِنَ الوَتْرِ: بِـ {سَبَّحَ} ، وَفِي الثَّانِيَةِ: بِـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وَفِي الثَّالِثَةِ: بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} 1. قَالَ العُقَيلي: أَمَّا المُعَوِّذَتَيْنِ، فَلاَ تَصِحُّ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِنْ فقهاء مصر وعلمائهم، ويقال: كَانَ قَاضِياً بِهَا، وَهُوَ عِنْدِي صَدُوْقٌ.
وَمِنْ غَرَائِبِهِ مَا رَوَاهُ سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تَعَلَّمُوا العِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ العُلَمَاءَ، وَلاَ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلاَ لِتَخَيَّرُوا بِهِ المَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَالنَّارَ النَّارَ" 2. قَالَ: فَهَذَا مَعْرُوْفٌ بِيَحْيَى بن أيوب.
__________
1 صحيح بطرقه: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 285"، والحاكم "1/ 305" و"2/ 520"، والبيهقي "3/ 37 و38"، والدارقطني "2/ 35"، والبغوي "973"، من طريق يحيى بن أيوب، به، وأخرجه الترمذي "463"، والحاكم "2/ 520-521"، والبيهقي "3/ 38"، والبغوي "974"، من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب، عن محمد بن سلمة الحراني، عن خصيف، عن عبد العزيز بن جريج، عن عائشة، به.
قلت: إسناده ضعيف، عبد العزيز بن جريج، لين وهو لم يسمع من عائشة. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" "2/ 125"، من طريق يزبد بن عبد العزيز، قال: حدثنا سليمان بن حسان، عن حيوة بن شريح، عن عباس بن عباس العتباني، عَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه سليمان بن حسان، قال العُقَيْلِيُّ: لاَ يُتابع عَلَى حَدِيْثِهِ. وَقَالَ أَبُو حاتم صحيح الحديث.
2 صحيح بطرقه: أخرجه ابن ماجه "254"، والحاكم "1/ 86"، وابن عبد البر "ص226"، من طرق عن ابن أبي مريم، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه ابن جريج، مدلس، وقد عنعنه، وفيه أبو الزبير المكي مدلسي، وقد عنعنه.
وأخرجه أحمد "2/ 338"، وأبو داود "3664"، وابن ماجه "252"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" "ص230"، والخطيب في "اقتضاء العلم العمل" "102"، وفي "تاريخ بغداد" "5/ 346-347"، و"8/ 78"، والحاكم "1/ 85"، من طريق أبي يحبى فليح بن سليمان الخزاعي، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، به مرفوعا.
قلت: إسناده ضعيف، آفته فليح بن سليمان بن أبي المغيرة الخزاعي، أو الأسلمي، أبو يحيى المدني، سيئ الحفظ، وفي الباب عن ابن عمر: عند ابن ماجه "253"، وإسناده ضعيف، وعن كعب بن مالك: عند الترمذي "2656"، والحاكم "1/ 86"، وإسناده ضعيف، وعن حذيفة: عند ابن ماجه "259"، وإسناده ضعيف، وعن أبي هريرة: عند ابن ماجه "260"، وإسناده ضعيف، وعن أنس عند البزار "178".

(7/122)


قَالَ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
احْتَجَّ بِهِ الأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِم، لَكِنْ أَخْرَجَ لَهُ البُخَارِيُّ مَقْرُوْناً بِغَيْرِهِ حَدِيْثَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا يَعِيْشُ بنُ عَلِيٍّ "ح". وَأَخْبَرَنَا سُنْقُر الزَّيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي الفَتْحِ الكُنَارِيُّ بِحَلَبَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ بَكْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَيْد، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَيْد سَنَةَ تسعَ عشرةَ وأربعمائة، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ الأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ الفُرَاتِ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ كان إِذَا صَلَّى الجُمُعَةَ، انْصَرَفَ، فَصَلَّى سَجْدَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ يَقُوْلُ: "كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يصنع ذلك"1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "882"، من طريق قتيبة، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به.

(7/123)


1172- يحيى بن أيوب 1: "د، ت"
ابن أبي زُرْعة، بنُ عَمْرِو بنِ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيُّ، الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: جَدِّهِ؛ أَبِي زُرْعة، وَالشَّعْبِيِّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيري، وَالفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ الغُداني.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيْفٌ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى نَحْوِ سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
ذَكَرْنَاهُ لِلتَّمْيِيْزِ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ أَخُو جَرِيْرِ بنِ أَيُّوْبَ؛ أَحَدِ الضعفاء.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2918"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 137"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 541"، الكاشف "3/ ترجمة 6246"، تاريخ الإسلام "6/ 315"، ميزان الاعتدال "4/ 362"، تهذيب التهذيب "11/ 186".

(7/123)


1173- مهدي بن ميمون 1: "ع"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو يَحْيَى الكُرْدِيُّ، الأزدي، ثم المِعْوَلي مَوْلاَهُمُ، البَصْرِيُّ، أَحَدُ الأَثْبَاتِ المُعَمَّرين.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي رَجَاءَ العُطَارِدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، وَالحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَغَيْلاَنَ بنِ جَرِيْرٍ، وَأَبِي الوَازِعِ جَابِرِ بنِ عَمْرٍو الرَّاسِبِيِّ، وَوَاصِلٍ الأَحْدَبِ، وَوَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ، عَرَضَ عَلَيْهِ الخِتْمَةَ يعقوبُ الحَضْرَمِيُّ، فَهُوَ مِنْ كِبَارِ مَشْيَخَتِهِ فِي القِرَاءاتِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى القَطَّانُ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَارِمٌ، وَأَبُو الوَلِيْدِ، وَمُسَدَّدٌ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وهُدْبة، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِي، وَآخَرُوْنَ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ رُفَقَائِهِ: هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ.
وَثَّقَهُ شُعْبَةُ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ كُرْدِيّاً، مات في سنة اثنتين وسبعين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 280"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1861"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 225"، و"2/ 51 و56 و80"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1547"، والعبر "1/ 262"، والكاشف "3/ ترجمة 5765"، تهذيب التهذيب "10/ 326"، تقريب التهذيب "2/ 279"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7235"، شذرات الذهب "1/ 281".

(7/124)


1174- عبد الله بن لَهيعة 1: "د، ت، ق"
ابن عُقبة بن فُرعان بنِ رَبِيْعَةَ بنِ ثَوْبَانَ القَاضِي، الإِمَامُ، العلامة، مُحَدِّثُ دِيَارِ مِصْرَ مَعَ اللَّيْثِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيُّ، الأُعْدُوْلِيُّ -وَيُقَالُ: الغَافِقِيُّ- المِصْرِيُّ. وَيُقَالُ: يُكْنَى أَبَا النَّضْرِ، وَلَمْ يَصِحَّ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ، أَوْ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ.
وَطَلَبَ العِلْمَ فِي صِبَاهُ، وَلَقِيَ الكِبَارَ بِمِصْرَ وَالحَرَمَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ -صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ- وَمِنْ مُوْسَى بنِ وَرْدَانَ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وعمر بنِ دِيْنَارٍ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، وَأَبِي وَهْبٍ الجَيْشَانِيِّ، وَمِشْرَحِ بنِ هَاعَانَ، وَعُبَيْدِ اللهِ ابن أَبِي جَعْفَرٍ، وَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ -إِنْ صَحَّ ذَلِكَ- وَكَعْبِ بنِ عَلْقَمَةَ، وَقَيْسِ بنِ الحَجَّاجِ، وَأَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَتِيْمِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَيَزِيْدَ بنِ عَمْرٍو المَعَافِرِيِّ، وَأَبِي يُوْنُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي عُشَّانَةَ المَعَافِرِيِّ، وَأَبِي قَبِيْلٍ المَعَافِرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ خَازِمٍ المَعَافِرِيِّ، وَبَكْرِ بنِ عَمْرٍو المَعَافِرِيِّ، وشُرَحبيل بنِ شَرِيْكٍ المَعَافِرِيِّ، وَعَامِرِ بنِ يَحْيَى المَعَافِرِيِّ، وبُكير بنِ الأشجِّ، وَجَعْفَرِ بنِ رَبِيْعَةَ، وَدَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، وعُقيل بنِ خَالِدٍ، وَعَمْرِو بنِ جَابِرٍ الحَضْرَمِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: حَفِيْدُهُ؛ أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ -وَمَاتُوا قَبْلَهُ- وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَمَالِكٌ -وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِهِ- وَابْنُ المُبَارَكِ، وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَشْهَبُ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَاب، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ، وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَبِشْرُ بن عمر الزهراني، والحسن بن موسى الأشب، وأسد بن مُوْسَى، وَإِسْحَاقُ بنُ عِيْسَى بنِ الطَّباع، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَير، وَعُثْمَانُ بنُ صَالِحٍ، وَالنَّضْرُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَيَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ، وَيَحْيَى بنُ بُكَير، وَحَسَّانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ الكَاتِبُ، والقَعْنبي، وعمرو بن خالد، وكامل طَلْحَةَ، وَقُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ رُمْح، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ صُدَرَة، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، خَاتِمَتُهُم: ابْنُ رُمْحٍ.
وَكَانَ مِنْ بُحُورِ العِلْمِ، عَلَى لِيْنٍ فِي حَدِيْثِهِ.
قَالَ رَوح بنُ صَلاَحٍ: لَقِيَ ابْنُ لَهِيْعَةَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِيْنَ تَابِعِيّاً.
قُلْتُ: لَقِيَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وعُقبة بنِ عَامِرٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَنْ كَانَ مِثْلَ ابْنِ لَهِيْعَةَ بِمِصْرَ فِي كَثْرَةِ حَدِيْثِهِ، وَضَبطِهِ، وَإِتْقَانِهِ! ?
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بنُ عِيْسَى: أَنَّهُ لَقِيَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، وَأَنَّ كُتُبَهُ احْتَرَقَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: مَا كَانَ مُحَدِّثَ مصر، إلا ابن لهيعة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 516"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 574"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 158 و164"، و"2/ 184 و434"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة رقم682"، والمجروحين لابن حبان "2/ 11"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 59"، وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 325"، والكاشف "2/ ترجمة 2971"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 224"، العبر "1/ 264"، ميزان الاعتدال "2/ 475"، جامع التحصيل للحافظ العلائي "ترجمة 392"، تهذيب التهذيب "5/ 373"، تقريب التهذيب "1/ 444"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3760"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 283".

(7/125)


وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: كَانَ ابْنُ لَهِيْعَةَ صَحِيْحَ الكِتَابِ، طَلاَّباً لِلْعِلْمِ.
وَقَالَ زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عِنْدَ ابْنِ لَهِيْعَةَ الأُصُولُ، وَعِنْدَنَا الفُرُوْعُ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ: احْتَرَقَتْ دَارُ ابْنِ لَهِيْعَةَ وَكُتُبُهُ، وَسَلِمَتْ أُصُوْلُهُ، كَتَبتُ كِتَابَ عُمارة بنِ غَزِيَّة مِنْ أَصْلِهِ.
وَلَمَّا مَاتَ ابْنُ لَهِيْعَةَ قَالَ اللَّيْثُ: مَا خَلَّفَ مِثْلَهُ.
لاَ رَيْبَ أَنَّ ابْنَ لَهِيْعَةَ كَانَ عَالِمَ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، هُوَ وَاللَّيْثُ مَعاً، كَمَا كَانَ الإِمَامُ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ العَصْرِ عَالِمَ المَدِيْنَةِ، وَالأَوْزَاعِيُّ عَالِمَ الشَّامِ، وَمَعْمَرٌ عَالِمَ اليَمَنِ، وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ عَالِمَا العِرَاقِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ عَالِمَ خُرَاسَانَ، وَلَكِنَّ ابْنَ لَهِيْعَةَ تَهَاوَنَ بِالإِتْقَانِ، وَرَوَى مَنَاكِيْرَ، فَانْحَطَّ عَنْ رُتْبَةِ الاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَهُم.
وَبَعْضُ الحفَّاظِ يَرْوِي حَدِيْثَهُ، وَيَذكُرُهُ فِي الشَّوَاهِدِ وَالاعْتِبَارَاتِ، وَالزُّهْدِ، وَالمَلاَحمِ، لاَ فِي الأُصُولِ.
وَبَعْضُهُم يُبَالِغُ فِي وَهْنِه، وَلاَ يَنْبَغِي إِهدَارُهُ، وَتُتَجَنَّبُ تِلْكَ المَنَاكِيْرُ، فَإِنَّهُ عَدْلٌ فِي نَفْسِهِ.
وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ الإِقْلِيْمِ فِي دَوْلَةِ المَنْصُوْرِ دُوْنَ السَّنَةِ، وصُرِفَ.
أَعرَضَ أَصْحَابُ الصِّحَاحِ عَنْ رِوَايَاتِهِ، وَأَخْرَجَ لَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ، وَمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ وهب والمقرئ والقدماء فهو أجود.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِي حَدِيْثِهِ.
وَكَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ لاَ يَرَاهُ شَيْئاً. قَالَهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ. ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ، وقيل لَهُ: تَحْمِلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ القَصِيْرِ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ? فَقَالَ: لاَ أَحْمِلُ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ قَلِيْلاً وَلاَ كَثِيْراً. ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: كَتَبَ إليَّ ابْنُ لَهِيْعَةَ كِتَاباً فِيْهِ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ فَقَرَأْتُهُ عَلَى ابْنِ المُبَارَكِ، فَأَخْرَجَ إليَّ ابْنُ المُبَارَكِ مِنْ كِتَابِهِ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي إسحاق بن أبي فروة، عن عمرو بن شُعَيْبٍ.
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: مَا أَعتَدُّ بِشَيْءٍ سَمِعْتُ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ لَهِيْعَةَ إِلاَّ سَمَاعَ ابْنِ المُبَارَكِ، وَنَحْوِهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابْنُ لَهِيْعَةَ كَتَبَ عَنِ المُثَنَّى بنِ الصَّباح، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَكَانَ بَعْدُ يُحَدِّثُ بِهَا عَنْ عَمْرٍو نَفْسِهِ. وَكَانَ اللَّيْثُ أَكْبَرَ مِنْهُ بسنتين.

(7/126)


رَوَى يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: كَانَ حَيْوة بنُ شُريح أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ، وَصَارَتْ كُتُبُهُ عِنْدَهُ، وَكَانَ لاَ يَتَّقِي اللهَ، يَذْهَبُ فَيَكتُبُ مِنْ كُتُبِ حَيْوَةَ الشُّيُوْخَ الَّذِيْنَ شَارَكَهُ فِيْهِمُ ابْنُ لَهِيْعَةَ، ثُمَّ يَحْمِلُ إِلَيْهِ، فَيَقرَأُ عَلَيْهِم. وحضرتُ ابْنَ لَهِيْعَةَ، وَقَدْ جَاءهُ قَوْمٌ حَجُّوا يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَلْ كَتَبتُم حَدِيْثاً طَرِيْفاً? فَجَعَلُوا يُذَاكِرُوْنَهُ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُم: حَدَّثَنَا القَاسِمُ العُمَري، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إذا رَأَيْتُمُ الحَرِيْقَ، فَكَبِّرُوا، فَإِنَّ التَّكْبِيْرَ يُطْفِئُهُ"1. فَقَالَ: هذا حديث طَرِيْفٌ. قَالَ: فَكَانَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا بِهِ صَاحِبُنَا فُلاَنٌ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ، نَسِيَ الشَّيْخُ، فَكَانَ يُقْرَأ عَلَيْهِ، وَيَرْوِيْهِ عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ.
مَيْمُوْنُ بنُ إِصْبَغٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مَرْيَمَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ بِحَدِيْثِ الحَرِيْقِ. ثُمَّ قَالَ سَعِيْدٌ: هَذَا سَمِعَهُ ابْنُ لَهِيْعَةَ مِنْ زِيَادِ بنِ يُوْنُسَ الحَضْرَمِيِّ، عَنِ القَاسِمِ، فَكَانَ ابْنُ لَهِيْعَةَ يَسْتَحْسِنُهُ، ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدُ قَالَ: إِنَّهُ يَرْوِيْهِ عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ.
__________
1 ضعيف جدًّا: ورد مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاص، ومن حديث ابن عباس -رضي الله عنهم أجمعين: أما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما: فأخرجه ابن عدي في "الكامل" "4/ 151"، من طريق محمد بن معاوية النيسابوري، حدثني ابن لهيعة، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف جدًّا، فيه علتان: الأولى: محمد بن معاوية النيسابوري كذبه ابن معين، والدارقطني، وقال مسلم، والنسائي: متروك. والثانية: ابن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه. وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" "294 و295 و296 و297"، من طرق عن القاسم بن عبد اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصِ بنِ عَاصِمِ العمري، عن عبد الرحمن بن الحارث، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جده -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. فذكره.
قلت: في إسناده القاسم بن عبد الله بن عمر العمري المدني، قال أحمد: ليس بشيء كان يكذب، ويضع الحديث، وقال يحيى: ليس بشيء. وقال مرة: كذاب. وقال أبو حاتم والنسائي: متروك. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال البخاري: سكتوا عنه. وأما حديث ابن عباس -رضي الله عنهما: فأخرجه ابن عدي في "الكامل" "5/ 112"، من طريق عمرو بن جُميع، عَنِ ابْنِ جُريج، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عباس، به مرفوعا مختصرا على الشطر الأول.
قلت: إسناده ضعيف جدًّا، فيه عمرو بن جُميع أبو المنذر، قال الدارقطني وجماعة: متروك، وكذبه ابن معين. وقال ابن عدي: كان يتهم بالوضع. وقال البخاري: منكر الحديث، وفي الإسناد ابن جريج، وهو مدلس، وقد عنعنه. وقد خرجت الحديث بأوسع من هذا في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" المجلد الأول ط. مكتبة الدعوة بالقاهرة حديث رقم "202" فراجعه ثمَّت إن شئت.

(7/127)


وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَير: قِيْلَ لابْنِ لَهِيْعَةَ: إِنَّ ابْنَ وَهْبٍ يَزْعُمُ أَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ مِنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ فَضَاقَ ابْنُ لَهِيْعَةَ، وَقَالَ: وَمَا يُدْرِي ابْنَ وَهْبٍ? سَمِعْتُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ مِنْ عَمْرٍو قَبْلَ أَنْ يَلْتَقِيَ أَبَوَاهُ.
قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: مَا حَدِيْثُ ابْنِ لَهِيْعَةَ بِحُجَّةٍ، وَإِنِّيْ لأَكْتُبُهُ أَعْتَبِرُ بِهِ، وَهُوَ يَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.
أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ لِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: لَمْ تَحْترِقْ كُتُبُ ابْنِ لَهِيْعَةَ، وَلاَ كِتَابٌ، إِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَعفُوَ عَلَيْهِ أَمِيْرٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَمِيْرٌ بِخَمْسِ مائَةِ دِيْنَارٍ.
وَسَمِعْتُ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ: كُنَّا لاَ نَكْتُبُ حَدِيْثَ ابْنِ لَهِيْعَةَ إِلاَّ مِنْ كتب ابن أَخِيْهِ، أَوْ كُتُبِ ابْنِ وَهْبٍ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ حَدِيْثِ الأَعْرَجِ.
جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَذْكُرُ: أَنَّهُ سَمِعَ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَحَادِيْثُكَ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ صِحَاحٌ. فَقُلْتُ: لأَنَّا كُنَّا نَكْتُبُ مِنْ كِتَابِ ابْنِ وَهْبٍ، ثُمَّ نَسْمَعُهُ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ الحَرَّانِيُّ: قَالَ لِي ابْنُ لَهِيْعَةَ: مَا تَرَكتُ لِيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ حَرْفاً.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ قَاضِي مِصْرَ، قَالَ: أَنَا حَملتُ رِسَالَةَ اللَّيْثِ إِلَى مَالِكٍ، وَأَخَذْتُ جَوَابَهَا، فَكَانَ مَالِكٌ يَسْأَلُنِي عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، فَأُخْبِرُهُ بِحَالِهِ، فَقَالَ: لَيْسَ يَذْكُرُ الحجَّ? فَسَبَقَ إِلَى قَلْبِي أَنَّهُ يُرِيْدُ السَّمَاعَ مِنْهُ.
قَالَ الثَّوْرِيُّ: حَجَجْتُ حِجَجاً لأَلْقَى ابْنَ لَهِيْعَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: وَدِدْتُ أَنِّي سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ خَمْسَ مائَةِ حَدِيْثٍ، وَأَنِّي غَرِمْتُ مُوَدَّى كَأَنَّهُ يَعْنِي دِيَةً.
أَبُو الطَّاهِرِ بنُ السَّرْحِ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي -وَاللهِ- الصَّادِقُ البَارُّ عَبْدُ اللهِ بنُ لَهِيْعَةَ. قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: فَمَا سَمِعْتهُ يَحلِفُ بِهَذَا قَطُّ.
وَرَوَى حَنْبَلٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ابْنُ لَهِيْعَةَ أَجْوَدُ قِرَاءةً لِكُتُبِهِ مِنِ ابْنِ وهب.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ: مَا كَانَ مُحَدِّثَ مِصْرَ، إِلاَّ ابْنُ لَهِيْعَةَ.
البُخَارِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ بُكَير: احْتَرَقَ مَنْزِلُ ابْنِ لَهِيْعَةَ وَكُتُبُهُ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ.
قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَحتَرِقْ إِلاَّ بَعْضُ أُصُوْلِهِ.

(7/128)


يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ يَقُوْلُ: ابْنُ لَهِيْعَةَ صَحِيْحُ الكِتَابِ، كَانَ أَخْرَجَ كُتُبَهُ، فَأَملَى عَلَى النَّاسِ، حَتَّى كَتَبُوا حَدِيْثَهُ إِملاَءً، فَمَنْ ضَبَطَ، كَانَ حَدِيْثُه حَسَناً صَحِيْحاً، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَحضُرُ مَنْ يَضْبِطُ وَيُحسِنُ، وَيَحضُرُ قوم يكتبون ولا يضبطون، ولا يصححون، وَآخَرُوْنَ نَظَّارَةٌ، وَآخَرُوْنَ سَمِعُوا مَعَ آخرِيْنَ، ثُمَّ لَمْ يُخْرِجِ ابْنُ لَهِيْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ كِتَاباً، وَلَمْ يُرَ لَهُ كِتَابٌ، وَكَانَ مَنْ أَرَادَ السَّمَاعَ مِنْهُ، ذَهَبَ، فَاسْتَنْسَخَ مِمَّنْ كَتَبَ عَنْهُ، وَجَاءهُ، فَقَرَأهُ عَلَيْهِ، فَمَنْ وَقَعَ عَلَى نُسْخَةٍ صَحِيْحَةٍ، فَحَدِيْثُه صَحِيْحٌ، وَمَنْ كَتَبَ مِنْ نُسْخَةٍ لَمْ تُضبَطْ، جَاءَ فِيْهِ خَلَلٌ كَثِيْرٌ. ثُمَّ ذَهَبَ قَوْمٌ، فُكُلُّ مَنْ رَوَى عَنْهُ، عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، فَإِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عطاء، وروى عن رجل عَنهُ، وَعَنْ ثَلاَثَةٍ عَنْ عَطَاءٍ. قَالَ: فَتَرَكُوا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَطَاءٍ، وَجَعَلُوْهُ عَنْ عَطَاءٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ: كَتَبتُ عَنِ ابْنِ رُمْح كِتَاباً، عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، وَكَانَ فِيْهِ نَحْوٌ مِمَّا وَصَفَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، فَقَالَ: هَذَا وَقَعَ عَلَى رَجُلٍ ضَبَطَ إملاءَ ابْنِ لَهِيْعَةَ. فَقُلْتُ لَهُ فِي حَدِيْثِ ابْنِ لَهِيْعَةَ? فَقَالَ: لَمْ تَعْرِفْ مَذْهَبِي فِي الرِّجَالِ. إِنِّيْ أَذهَبُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُتْرَكُ حَدِيْثُ مُحَدِّثٍ حَتَّى يَجْتَمِعَ أهل مصره على ترك حديثه.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ يَقُوْلُ: كَتَبتُ حَدِيْثَ ابْنِ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ فِي الرِّقِّ، وَكُنْتُ أَكْتُبُ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي القَرَاطِيْسِ، وَأَسْتَخِيْرُ اللهَ فِيْهِ، فَكَتَبتُ حَدِيْثَ النَّضْرِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ فِي الرِّقِّ. قَالَ: فَذَكَرتُ لَهُ سَمَاعَ القَدِيْمِ، وَسَمَاعَ الحَدِيْثِ، فَقَالَ: كَانَ ابْنُ لَهِيْعَةَ طَلاَّباً لِلْعِلْمِ، صَحِيْحَ الكِتَابِ.
قَالَ: وَظَنَنتُ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ كَتَبَ مِنْ كِتَابٍ صَحِيْحٍ، فَحَدِيْثُه صَحِيْحٌ، يُشبِهُ حَدِيْثَ أَهْلِ العِلْمِ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيد: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: ابْنُ لَهِيْعَةَ أَمْثَلُ مِنْ رِشْدِيْنَ بنِ سَعْدٍ، وَقَدْ كَتَبتُ حَدِيْثَ ابْنِ لَهِيْعَةَ.
قَالَ أَهْلُ مِصْرَ: مَا احْترَقَ لَهُ كِتَابٌ قَطُّ، وَمَا زَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَكْتُبُ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ.
وَكَانَ النَّضْرُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ رَاوِيَةً عَنْهُ، وَكَانَ شَيْخَ صِدْقٍ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ سَيِّئَ الرَّأْيِ فِي ابْنِ لَهِيْعَةَ، فَلَمَّا كَتَبُوْهَا عَنْهُ، وَسَأَلُوْهُ عَنْهَا، سَكَتَ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ. قُلْتُ لِيَحْيَى: فَسَمَاعُ القُدَمَاءِ وَالآخَرِيْنَ مِنْهُ سَوَاءٌ? قَالَ: نَعَمْ، سَوَاءٌ وَاحِدٌ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ فِي "التَّارِيْخِ": قَدِمَ ابْنُ لَهِيْعَةَ الشَّامَ غَازِياً مَعَ صالح

(7/129)


ابن عَلِيٍّ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، وَاجْتَازَ بِسَاحلِ دِمَشْقَ، أَوْ بِهَا. حَكَاهُ القُطْرُبُلِّي، عَنِ الوَاقِدِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، وَتَفَرَّدَ نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ بِأَنَّ كُنْيَتَه: أَبُو النَّضْرِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ابْنُ لَهِيْعَةَ حَضْرَمِيٌّ مِنْ أَنْفُسِهِم، كَانَ ضَعِيْفاً، وَعِنْدَهُ حَدِيْثٌ كَثِيْرٌ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي أَوَّلِ أَمرِهِ أَحْسَنُ حَالاً. وَأَمَّا أَهْلُ مِصْرَ، فَيَذكُرُوْنَ أَنَّهُ لَمْ يَختَلِطْ، لَكِنَّهُ كَانَ يُقرأ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيْثِهِ، فَيَسكُتُ عَلَيْهِ. فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: وَمَا ذَنْبِي? إِنَّمَا يَجِيْئُوْنَ بِكِتَابٍ يقرءونه وَيَقُوْمُوْنَ، وَلَو سَأَلُوْنِي لأَخْبَرْتُهُم أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَدِيْثِي ... ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَاتَ بِمِصْرَ، فِي نِصْفِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ: ابْنُ لَهِيْعَةَ تَرَكَهُ: وَكِيْعٌ، وَيَحْيَى، وَابْنُ مَهْدِيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ. وَرَأَيْتُهُ فِي دِيْوَانِ حَضْرَمَوْتَ بِمِصْرَ، فِيْمَنْ دُعِيَ بِهِ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، فِي أَرْبَعِيْنَ مِنَ العَطَاءِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدِيْثُ: "لَوْ أَنَّ القُرْآنَ فِي إِهَابٍ، مَا مَسَّتْهُ النَّارُ"1 مَا رَفَعَهُ لَنَا ابن لهيعة في أول عمره قط.
__________
1 ضعيف: ورد مرفوعا من حديث عقبة بن عامر، وسهل بن سعد، وعصمة بن مالك الخطمي -رضي الله عنهم- أما حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه: أخرجه أحمد "4/ 151 و155"، والدارمي "2/ 430"، والطبراني في "الكبير" "17/ 850"، وأبو يعلى "3/ 1745"، والبيهقي في "الشعب" "2/ 2699" كلهم من طريق ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: فذكره مرفوعا.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: ابن لهيعة، سيئ الحفظ، الثانية: مشرح بن هاعان، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة. أما حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه: فهو عند الطبراني في "الكبير" "6/ 5901"، وابن حبان في "المجروحين" "2/ 148"، وابن عدي في "الكامل" "5/ 295"، من طريق عبد الوهاب بن الضحاك، عن عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عنه، به مرفوعا.
قلت: إسناده تالف بمرة، آفته عبد الوهاب بن الضحاك، كذبه أبو حاتم. وقال النسائي وغيره: متروك وكذا قال الحافظ في "التقريب": متروك، كذبه أبو حاتم، وأما حديث عصمة بن مالك الخطمي -رضي الله عنه: فهو عند الطبراني في "الكبير" "17/ 498"، وابن عدي في "الكامل" "6/ 15"، والبيهقي في "شعب الإيمان" "2/ 2700" من طريق الفضل بن المختار، عن عبد الله بن وهب، عنه مرفوعا. وإسناده ضعيف جدا. آفته الفضل بن المختار، قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة يحدث بالأباطيل. وقال الأزدي: منكر الحديث جدا. وقال ابن عدي: أحاديثه منكرة وعامتها لا يُتابع عليها. وقد ذكرت الحديث بإسهاب في كتابنا "الأرائك المصنوعة" رقم "759" فراجعه ثمت إن شئت.

(7/130)


وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاس: مَنْ كَتَبَ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ، فَهُوَ أَصَحُّ، كَابْنِ المُبَارَكِ، وَالمُقْرِئِ، وَهُوَ ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ عِيْسَى: مَا احْتَرقَتْ أُصُوْلُهُ، إِنَّمَا احْتَرَقَ بَعْضُ مَا كَانَ يَقرَأُ مِنْهُ. -يُرِيْدُ: مَا نَسَخَ مِنْهَا.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ العَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ ابْنَ لَهِيْعَةَ يَعرِضُ نَاسٌ عَلَيْهِ أَحَادِيْثَ مِنْ أَحَادِيْثِ العِرَاقِيِّينَ: مَنْصُوْرٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَالأَعْمَشِ، وَغَيْرِهِم، فَأَجَازَهُ لَهُم. فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ حَدِيْثِكَ. قَالَ: هِيَ أَحَادِيْثُ مَرَّتْ عَلَى مَسَامِعِي، وَرَوَاهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ.
وَرَوَى الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: مَنْ كَتَبَ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ قَدِيْماً، فَسَمَاعُهُ صَحِيْحٌ.
قُلْتُ: لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ تَسَاهَلَ، وَكَانَ أَمرُهُ مَضْبُوْطاً، فَأَفسَدَ نَفْسَهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاش: لاَ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ قِيْلَ: فَسَمَاعُ القُدَمَاءِ? قَالَ: أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ سَوَاءٌ، إِلاَّ أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ وَابْنَ المُبَارَكِ كَانَا يَتَتَبَّعَانِ أُصُوْلَهُ، يَكْتُبَانِ مِنْهَا.
عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: ابن لهيعة لا يحتج به.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيْثُه أَحَادِيْثٌ حِسَانٌ، مَعَ مَا قَدْ ضَعَّفُوهُ، فَيُكْتَبُ حَدِيْثُهُ، وَقَدْ حَدَّثَ عنه: مالك، وشعبة، والليث.
قال أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ: حَضَرْتُ مَوْتَ ابْنِ لَهِيْعَةَ، فَسَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُوْلُ: مَا خَلَّف بَعْدَهُ مِثْلَهُ.
مُحَمَّدُ بنُ قُدامة حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ الحُباب، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، عَنْ خَالِدِ بنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنِ القَاسِمِ، وَسَالِمٍ، فِي الأَمَةِ تُصَلِّي يُدْرِكُهَا العِتْقُ?، قَالاَ: تَقَنَّع، وَتَمْضِي فِي صَلاَتِهَا. وَفِي "المُوَطَّأِ": بَلَغَنِي عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَيْعِ العُرْبان1. قَالُوا: هَذَا مَا رَوَاهُ عَنْ عَمْرٍو سِوَى ابْنِ لهيعة.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "3502"، وابن ماجه "2192"، من طريق مالك بن أنس قال: بَلَغَنِي عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ بَيْعِ العُربان.
ووصله ابن ماجه "2193" فرواه عن طريق حبيب بن أبي حبيب أبي محمد كاتب مالك بن أنس، حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ بَيْعِ العُربان.
قلت: إسناده ضعيف جدًّا، فيه عبد الله بن عامر الأسلمي، أبو عامر المدني، ضعيف وفي الإسناد حبيب ابن أبي حبيب المصري، كاتب مالك، يكنى أبا محمد، متروك، كذبه أبو داود وجماعة.
قال أبو عبد الله: العُربان أن يشتري الرجل دابة بمائة دينار، فيعطيه دينارين عُربونا فيقول: إن لم أشتر الدابة، فالديناران لك.

(7/131)


عَبْدُ المَلِكِ بنُ شُعيب بنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَصْبَحَ صَائِماً، فَنَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَاللهُ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ البُستي: كَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُوْلُوْنَ: سَمَاعُ مَنْ سَمِعَ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ، مِثْلَ العَبَادِلَةِ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَالمُقْرِئُ، وَعَبْدُ اللهِ بنِ مَسْلَمَةَ القَعْنَبي، فَسَمَاعُهُم صَحِيْحٌ، وَمَنْ سَمِعَ بَعْدَ احْترَاقِ كُتُبِهِ، فَسَمَاعُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَكَانَ ابْنُ لَهِيْعَةَ مِنَ الكتَّابين لِلْحَدِيْثِ، والجمَّاعين لِلْعِلْمِ، والرحَّالين فِيْهِ، وَلَقَدْ حَدَّثَنِي شكَّر2: حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ مُسَلَّمٍ، عَنْ بِشْرِ بنِ المُنْذِرِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ لَهِيْعَةَ يُكْنَى: أَبَا خَرِيْطَةَ؛ كَانَتْ لَهُ خَرِيطَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِي عُنُقِهِ، فَكَانَ يَدُورُ بِمِصْرَ، فَكُلَّمَا قَدِمَ قَوْمٌ كَانَ يَدُورُ عَلَيْهِم، فَكَانَ إِذَا رَأَى شَيْخاً، سَأَلَه مَنْ لَقِيْتَ? وَعَمَّنْ كَتَبتَ? فَإِنْ وَجَدَ عِنْدَهُ شَيْئاً، كَتَبَ عَنْهُ، فَلِذَلِكَ كَانَ يُكْنَى: أَبَا خَرِيْطَةَ.
قَالَ ابْنُ حِبَّان: قَدْ سَبَرْتُ أَخْبَارَ ابْنِ لَهِيْعَةَ مِنْ رِوَايَةِ المُتَقَدِّمِيْنَ وَالمُتَأَخِّرِيْنَ عَنْهُ، فَرَأَيْتُ التَّخْلِيطَ فِي رِوَايَةِ المُتَأَخِّرِيْنَ عَنْهُ مَوْجُوْداً، وَمَا لاَ أَصْلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ المُتَقَدِّمِيْنَ كَثِيْراً، فَرَجَعتُ إِلَى الاعْتِبَارِ، فَرَأَيْتُهُ كَانَ يُدَلِّسُ عَنْ أَقْوَامٍ ضَعْفَى، عَلَى أَقْوَامٍ رَآهُم هُوَ ثِقَاتٍ، فَأَلزَقَ تلك الموضوعات به.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: قَالَ لِي بِشْرُ بنُ السَّري: لَوْ رَأَيتَ ابْنَ لَهِيْعَةَ، لَمْ تَحْمِلْ عَنْهُ حَرفاً.
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّاد: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ حَسَّانٍ يَقُوْلُ: جَاءَ قَوْمٌ وَمَعَهُم جزء، فقالوا:
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1933"، ومسلم "1155" من طريق هشام القُردُوسي، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه". واللفظ لمسلم.
2 هو: الحافظ الثقة الرجال أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر بن سعيد الهروي، ولقبه شكَّر، مات بهراة سنة ثلاث وثلاثمائة. ترجمته في تذكرة الحفاظ "ص748-749".

(7/132)


سَمِعْنَاهُ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، فَنَظَرْتُ فِيْهِ، فَإِذَا لَيْسَ فِيْهِ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا? قال: فما أصنع بهم، يجيؤون بِكِتَابٍ، فَيَقُوْلُوْنَ: هَذَا مِنْ حَدِيْثِكَ، فَأُحَدِّثُهُم بِهِ.
ابْنُ حِبَّانَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا كَامِلُ بنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، حَدَّثَنِي حُيَيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ1، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلي2، عن عبد الله ابن عَمْرٍو أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي مَرَضِهِ: "ادْعُوا لِي أَخِي". فَدُعِيَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: "ادْعُوا لِي أَخِي". فَدُعِيَ لَهُ عُثْمَانُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ دُعِيَ لَهُ عَلِيٌّ، فَسَتَرَهُ بِثَوْبِهِ، وَأَكَبَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهُ، قِيْلَ لَهُ: مَا قَالَ? قَالَ: عَلَّمَنِي أَلفَ بَابٍ، كُلُّ بَابٍ يَفتَحُ أَلفَ بَابٍ.
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، كَأَنَّهُ مَوْضُوْعٌ3.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ صَالِحٍ: لاَ أَعْلَمُ أَحَداً أَخبَرَ بِسَبَبِ عِلَّةِ ابْنِ لَهِيْعَةَ مِنِّي، أَقْبَلتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بنُ عَتِيْقٍ بَعْد انْصِرَافِنَا مِنَ الصَّلاَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَوَافَيْنَا ابْنَ لَهِيْعَةَ أَمَامَنَا رَاكِباً عَلَى حِمَارٍ، يُرِيْدُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأُفْلِجَ، وَسَقَطَ عَنْ حِمَارِه، فَبَدَرَنِي ابْنُ عَتِيْقٍ إِلَيْهِ، فَأَجْلَسَهُ، وَصِرْنَا بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ.
قَالَ عَمْرُو بنُ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ: سَمِعْتُ زُهَيْراً يَقُوْلُ لِمِسْكِيْنِ بنِ بُكَير الحَذَّاءِ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! مَا كَتَبَ إِلَيْكَ ابْنُ لَهِيْعَةَ? قَالَ: كَتَبَ إِلَى غَيْرِي: أَنَّ عُقَيْلاً أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِصَوْمِ آخر اثنين من شعبان4.
__________
1 هو: حيي بن عبد الله المصري المعافري، قال البخاري: فيه نظر، وقال ابن مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بالقوي ترجمته في "ميزان الاعتدال" رقم "2392".
2 أبو عبد الرحمن الحُبُلي المصري، هو عبد الله بن يزيد المعافري، قال يحيى بن معين: ثقة وذكره ابن حبان في "الثقات" "5/ 51". تُوفي بأفريقية سنة مائة، وكان صالحا ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 511"، وتاريخ البخاري الكبير "5/ ترجمة 739، 740" و"9/ ترجمة 834"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 513، 514"، والكنى للدولابي "2/ 64" والجرح والتعديل "5/ ترجمة 917"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 229"، والعبر "1/ 225". وتاريخ الإسلام "4/ 81"، والكاشف "2/ ترجمة 3097"، تهذيب التهذيب "6/ 81"، تقريب التهذيب "1/ 462"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3918".
3 يقول محمد أيمن الشبراوي -عفا الله عنه: الرأي رأي الحافظ الذهبي كما قيل:
إذا قالت حذام فصدقوها
فإن القول ما قالت حذام
4 منكر: أخرجه العقيلي في "الضعفاء" "2/ 294"، من طريق عمرو بن خالد الحراني، به. في إسناده ابن لهيعة، وهو مرسل. ومتنه يمجه كل من أنعم بصره في دواوين السنة المشرفة.

(7/133)


وَقَالَ العُقَيلي: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ خِدَاش، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ وَهْبٍ -وَرَآنِي لاَ أَكْتُبُ حَدِيْثَ ابْنِ لَهِيْعَةَ: إِنِّيْ لَسْتُ كَغَيْرِي فِي ابْنِ لَهِيْعَةَ، فَاكْتُبْهَا1.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ لَهِيْعَةَ مِنْ يَحْيَى بن سعيد شيئًا، لكن كتب إليه هَذَا الحَدِيْثَ -يَعْنِي: حَدِيْثَ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ، ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ- قَالَ: صَحِبتُ سَعْداً كَذَا وَكَذَا سَنَةً، فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ حَدِيْثاً وَاحِداً، وَكُنْتُ فِي عَقِبِهِ عَلَى أَثَرِهِ: "لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ فِي الصَّدَقَةِ" 2. فَظَنَّ ابْنُ لَهِيْعَةَ أَنَّهُ مِنْ حَدِيْثِ سَعْدٍ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا كَلاَماً مُبْتَدَأً مِنْ مَسَائِلَ كَتَبَ بِهَا إِلَيْهِ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ: أَنَّهُ صَحِبَ سَعْداً مِنَ المَدِيْنَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَلَمْ يَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى رجع.
وَنَقلُوا: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ لَهِيْعَةَ وَلاَّهُ أَبُو جَعْفَرٍ القَضَاءَ بِمِصْرَ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً.
فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيٍّ فِي الحَدِيْثِ المَاضِي: عَلَّمَنِي أَلفَ بَابٍ، يَفتَحُ كُلُّ بَابٍ أَلفَ بَابٍ، فَلَعَلَّ البَلاَءَ فِيْهِ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، فَإِنَّهُ مُفْرِطٌ فِي التَّشَيُّعِ، فَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، بَلْ وَلاَ عَلِمتُ أَنَّهُ غَيْرُ مُفْرِطٍ فِي التَّشَيُّعِ، وَلاَ الرَّجُلُ مُتَّهَمٌ بِالوَضعِ، بَلْ لَعَلَّهُ أَدخَلَ عَلَى كَامِلٍ، فَإِنَّهُ شَيْخٌ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، لَعَلَّ بَعْضَ الرَّافِضَّةِ أَدخَلَه فِي كِتَابِهِ، وَلَمْ يَتفَطَّنْ هُوَ. فَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ: لَمَّا احْتَرَقَتْ كُتُبُ ابْنِ لَهِيْعَةَ، بَعَثَ إِلَيْهِ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ مِنَ الغد بألف دينار.
__________
1 ذكره العقيلي في "الضعفاء" "2/ 295" قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، به.
2 حسن لغيره: أخرجه أبو داود "1580"، وابن ماجه "1801"، والبيهقي "4/ 101" من طريق شريك بن عبد الله، عن عثمان بن أبي زرعة، عن أبي ليلى الكندي، عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ قَالَ: أتَانَا مُصَدِّقُ النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخذت بيده وقرأت في عهده "لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة".
قلت: إسناده ضعيف، فيه شريك بن عبد الله النخعي القاضي، ضعيف. لكن ورد من طريق آخر، فأخرجه أبو داود "1579"، والنسائي "5/ 29-30"، والبيهقي "4/ 101" من طريق هلال بن خباب، عن ميسرة أبي صالح، عن سويد بن غفلة، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه ميسرة أبو صالح الكندي الكوفي، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة؛ فالحديث حسن بمجموع الطريقين والله -تعالى- أعلم.

(7/134)


وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ يَوْماً ابْنَ لَهِيْعَةَ، فَقَالَ: مَا أَخْرَجْتُ مِنْ حَدِيْثِهِ شَيْئاً قَطُّ، إِلاَّ حديثًا واحدًا، حديث عمرو ابن الحَارِثِ، عَنْ مِشْرح، عَنْ عُقْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "فِي الحَجِّ سَجْدَتَانِ"1. أَخْبَرَنَاهُ: هِلاَلُ بنُ العَلاَءِ، عَنْ مُعَافى بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوْسَى بنِ أَعْيَنَ، عَنْ عمرو بن الحارث.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُنْدار، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّص، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كثير مَرْوَانَ الفِهري، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ عَطَسَ أَوْ تَجَشَّأَ، فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنَ الحَالِ، دُفِعَ عَنْهُ بِهَا سَبْعُوْنَ دَاءً، أَهْوَنُهَا الجُذَامُ"2. وَهَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ، لاَ يَحْتَمِلُهُ ابْنُ لَهِيْعَةَ، وَلاَ أَتَى بِهِ سِوَى الفِهْرِيِّ، وَهُوَ شَيْخٌ وَاهٍ جِدّاً.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيابي، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بن سعيد، حدثنا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ مُشْرَح بنِ هَاعَانَ، عَنْ عقبة بن عامر،
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "1402" من طريق ابن وهب أخبرني ابن لهيعة أن مشرح بن هاعان أبا مصعب حدثه أن عقبة بن عامر حدثه قال: قلت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: أفي سورة الحج سجدتان؟ قال: "نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما".
قلت: إسناده ضعيف، عبد الله بن لهيعة وإن كان ضعيفا سيئ الحفظ إلا أنه قد حدث عنه ابن وهب وقد روى عنه قبل احتراق كتبه، فانتفت هذه العلة وبقية العلة التي يضعف بها الإسناد، وهي علة مشرح بن هاعان أبي مصعب المعافري البصري، فإنه مجهول، لذا فقد قال الحافظ في التقريب: مقبول -أي عند المتابعة.
وأخرجه أحمد "4/ 151" من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم و"4/ 155" من طريق أبي عبد الرحمن والترمذي من طريق قتيبة ثلاثتهم عن ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ مِشْرَحِ بنِ هَاعَانَ، عَنْ عقبة بن عامر، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه ابن لهيعة سيئ الحفظ، ومن روى عنه من هؤلاء الثلاثة رووا عنه قبل الاختلاط والعلة الثانية مشرح بن هاعان أبو مصعب، مجهول كما قد ذكرنا.
2 ضعيف جدا: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" "8/ 28" عن ابن عمر، به. وفي إسناده محمد بن كثير بن مروان الفهري الشامي، قال ابن معين: ليس بثقة، وقال ابن عدي: روى بواطيل والبلاء منه. وفيه عبد الله بن لهيعة، ضعيف، لسوء حفظه.

(7/135)


قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أكثر منافقي أمتي قراؤها" 1. هذا حديث محفوط قَدْ تَابَعَ فِيْهِ الوَلِيْدُ بنُ المُغِيْرَةِ ابْنَ لَهِيْعَةَ, عَنْ مِشْرَحٍ.
وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ شُريح المعافري, عن شراحبيل بن يزيد, عن محمد بن هدية الصدفي, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ.
وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الفِرْيَابِيِّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ, عَنْ أَبِي يُوْنُسَ سُلَيْمِ بنِ جُبَيْرٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيْهَا مُؤْمِناً, وَيُمْسِيْ كَافِراً, يَبِيْعُ دِيْنَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيْلٍ, المُتَمَسِّكُ مِنْهُم يَوْمَئِذٍ عَلَى دِيْنِهِ, كَالقَابِضِ عَلَى خَبَطِ الشَّوْكِ, أَوْ جمر الغضا" 2.
__________
1 صحيح بطرقه: ورد من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- كما أورده المؤلف وورد من حديث عبد الله بن عمرو، ومن حديث عبد الله بن عباس، وعصمة بن مالك -رضي الله عنهم- أما حديث عقبة ابن عامر -رضي الله عنه: فقد أخرجه أحمد "4/ 151 و154-155"، وابن عدي في "الكامل" "4/ 148"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "1/ 357" من طرق عن ابن لهيعة، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: ابن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه، والعلة الثانية: مشرح بن هاعان مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة. أما حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما: فأخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" "451"، وأحمد "2/ 175"، والبخاري في "التاريخ الكبير" "1/ 1/ 257" من طريق عبد الرحمن بن شريح المعافري، حدثني شراحيل بن يزيد، عن محمد بن هدبة الصدفي، عن عبد الله بن عمرو، به.
قلت: رجال إسناده ثقات خلا محمد بن هدبة، فلم أر من وثقه. وأما حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما: فأخرجه العقيلي في "الضعفاء" "1/ 274" من طريق حفص بن عمر العدني، قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
قلت: إسناده ضعيف، حفص بن عمر العدني، قال أبو حاتم: لين الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. وقال النسائي: ليس بثقة، وأما حديث عصمة بن مالك -رضي الله عنه: فأخرجه ابن عدي في "الكامل" "6/ 15" من طريق إدريس بن يحيى، عن الفضل بن المختار، عن عبد الله بن موهب، عن عصمة بن مالك، به.
قلت: إسناده واه بمرة، آفته الفضل بن مختار أبو سهل البصري، قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة وكذا قال الأزدي وابن عدي.
2 صحيح دون قوله: المتمسك يومئذ بدينه ... ": وهذا إسناد ضعيف آفته ابن لهيعة، فإنه سيئ الحفظ. وقد أخرجه أحمد "2/ 390 و390-391" من طريق يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي يونس، عن أبي هريرة، به. =

(7/136)


وَبِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيَّ، يَقُوْلُ: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَحَايِيْنُ، وَمَا فِي جِلْدِهِ مَوْضِعُ إِبْرَةٍ مِنَ النِّفَاقِ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَيْهِ أَحَايِيْنُ، وَمَا فِيْهِ مَوْضِعُ إِبْرَةٍ مِنْ إيمان"1.
رَوَاهُ: بِنَحْوِهِ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بنِ شُريح، عَنْ يَزِيْدَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الهَرَوِيَّ أَخْبَرَهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَلَّمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ القَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءَ قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ صَوَّرَ صُوْرتِي، أَوْ شَبَّهَ بِهَا، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ ذَرَّةً"2. هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ جِدّاً، وَفِيْهِ رَجُلٌ مَجْهُوْلٌ أَيْضاً.
وَبِهِ قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اجْعَلُوا مِنْ صَلاَتِكُم فِي بُيُوْتِكُم، وَلاَ تَجْعَلُوْهَا عَلَيْكُم قُبُوْراً، كما اتخذت اليهود
__________
= وهو ضعيف آفته ابن لهيعة. وله شاهد عن زينب بنت جحش مرفوعا بلفظ: "لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه" وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها. قالت: فقلتُ: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم، إذا كثر الخبث". أخرجه عبد الرزاق "20749"، وأحمد "6/ 428 و429"، والبخاري "3346" و"3598" و"7135"، ومسلم "2880" من طريق الزهري عَنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أُمِّ حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب بنت جحش، به.
وله شاهد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، وَيُمْسِي مُؤْمِناً، وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيْعُ دِيْنَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيْلٍ". أخرجه أحمد "2/ 304 و372 و523"، ومسلم "118"، والترمذي "2195"، والبغوي "4223" من طرق عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
1 ضعيف: آفته ابن لهيعة، فإنه ضعيف سيئ الحفظ كما ذكرنا مرارا.
2 ضعيف: إسناده ضعيف، فيه إبهام الرجل، وفيه ابن لهيعة سيئ الحفظ لكن قد صح عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "قال الله -تبارك وتعالى: من أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة، أو ليخلقوا ذرة".
أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 484"، والبخاري "5953" و"7559"، ومسلم "2111"، والبيهقي "7/ 268"، والطحاوي "4/ 283"، والبغوي "3217" مِنْ طَرِيْقِ عُمَارَةَ بنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعة، عن أبي هريرة، به.

(7/137)


وَالنَّصَارَى فِي بُيُوْتِهِم قُبُوْراً، وَإِنَّ البَيْتَ لَيُتْلَى فِيْهِ القُرْآنُ، فَيَتَرَاءى لأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تَتَرَاءى النُّجُوْمُ لأَهْلِ الأَرْضِ"1.
هَذَا حَدِيْثٌ نَظِيفُ الإِسْنَادِ، حَسَنُ المَتْنِ، فِيْهِ النَّهْيُ عَنِ الدَّفْنِ فِي البُيُوْتِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ طَرِيْقٍ آخَرَ. وَقَدْ نهى -عليه الصلاة السلام- أن يبنى على القُبُوْرِ، وَلَو انْدَفَنَ النَّاسُ فِي بُيُوْتِهِم، لَصَارَتِ المقبرة والبيوت شيئًا واحد، وَالصَّلاَةُ فِي المَقْبَرَةِ فَمَنْهِيٌّ عَنْهَا نَهْيَ كَرَاهِيَةٍ، أَوْ نَهْيَ تَحْرِيْمٍ. وَقَدْ قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ السلام: "أفضل صلاة الرحل فِي بَيْتِهِ، إِلاَّ المَكْتُوبَةَ" 2. فَنَاسَبَ ذَلِكَ أَلاَ تُتَّخَذَ المَسَاكِنُ قُبُوراً.
وَأَمَّا دَفْنُهُ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلاَمُهُ- فَمُخْتَصٌّ بِهِ، كَمَا خُصَّ بِبَسطِ قَطِيْفَةٍ تَحْتَه فِي لَحْدِهِ، وَكمَا خُصَّ بِأَنْ صَلُّوا عَلَيْهِ فُرَادَى بِلاَ إِمَامٍ، فَكَانَ هُوَ إِمَامَهُم حَيّاً وَمَيَّتاً، فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَكَمَا خُصَّ بِتَأْخَيْرِ دَفْنِهِ يَوْمَيْنِ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيْرُ أُمَّتِهِ، لأَنَّهُ هُوَ أُمِنَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ، بِخِلاَفِنَا ثُمَّ إِنَّهُم أَخَّرُوْهُ حَتَّى صَلُّوا كُلُّهُم عَلَيْهِ، دَاخِلَ بَيْتِهِ، فَطَالَ لِذَلِكَ الأَمْرُ، وَلأَنَّهُم تَرَدَّدُوا شَطْرَ اليَوْمِ الأَوَّلِ فِي مَوْتِهِ، حَتَّى قَدِمَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ مِنَ السُّنْحِ، فَهَذَا كَانَ سَبَبَ التَّأْخَيْرِ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوزجاني: ابْنُ لَهِيْعَةَ لاَ نُوْرَ عَلَى حَدِيْثِهِ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ، وَلاَ أَنْ يعتد به.
البُخَارِيُّ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ مِشْرَح بنِ هَاعَانَ، عَنْ عقبة بن عَامِرٍ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "لو تمت البقرة ثلاثمائة آية، لتكلمت"3.
__________
1 ضعيف: آفته ابن لهيعة، فإنه كان سيئ الحفظ، لكن ورد شطره الأول عند البخاري "432" و"1187"، ومسلم "777" من طريق عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا". ومعناه: صلوا فيها ولا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة، والمراد به صلاة النافلة، أي صلوا النافلة في بيوتكم.
2 صحيح: أخرجه البخاري "731"، ومسلم "781" من طريق سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، به مرفوعا.
3 منكر: فيه علتان: الأولى: ابن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه. والثانية: مشرح بن هاعان المعافري البصري، أبو مصعب، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة- وليس ثم من تابعه. ومتن الحديث منكر، وهذا ظاهر لكل من أنعم بصره في دواوين السنة المشرفة وملك طلبُ العلم والتبحرُ فيه شغافَ قلبه.

(7/138)


وَعَنْ أَبِي الوَلِيْدِ بنِ أَبِي الجَارُوْدِ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: يُكتَبُ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ مَا كَانَ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ.
قُلْتُ: عَاشَ ثَمَانِياً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَمَرَّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَمِنْ رُؤَسَاءِ أَهْلِ مِصْرَ وَمُحْتَشِمِيهِم، أَطلَقَ المَنْصُوْرُ بنُ عَمَّارٍ الوَاعِظُ أَرَاضِيَ لَهُ.
الرَّمَادِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ حُدَيْجِ بنِ أَبِي عَمْرٍو، سَمِعْتُ المُسْتَوْرِدَ بنَ شَدَّادٍ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ، وَإِنَّ لأُمَّتِي مائَةَ سَنَةٍ، فَإِذَا مَرَّ عَلَيْهَا مائَةُ سَنَةٍ أَتَاهَا مَا وَعَدَهَا اللهُ"1.
ابْنُ لَهِيْعَةَ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عَمْرٍو المَعَافِرِيُّ، عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ، قَالَ: اسْتَظَلَّ سَبْعُوْنَ نَفْساً مِنْ قَوْمِ مُوْسَى تَحْتَ قُحْفِ رَجُلٍ مِنَ العَمَالِقَةِ.
هَذَا مِنَ الإِسْرَائِيْلِيَاتِ، وَالقُدرَةُ صَالِحَةٌ، وَلَوِ اسْتَظَلَّ بذلك القحف أربعة لكان عظيمًا.
__________
1 منكر: فيه ابن لهيعة: وهو ضعيف لسوء حفظه. وفيه حُديج بن عمرو، مجهول وهو منكر ظاهر النكارة.

(7/139)


1175- سعيد بن عبد العزيز 1: "م، 4"
ابن أبي يحيى الإِمَامُ، القُدْوَةُ، مُفْتِي دِمَشْقَ، أَبُو مُحَمَّدٍ التَّنُوْخِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ. وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ العَزِيْزِ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ، فِي حَيَاةِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: ابْنِ عَامِرٍ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ. تَلاَ عَلَيْهِ: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مَكْحُوْلٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَرَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ القَصِيْرِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عبيد الله، ويونس بن ميسر بن حلبس، وعمير ابن هَانِئ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وبلال بن سعد، وعدة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 468"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1659"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 184"، وحلية الأولياء "8/ ترجمة 406"، العبر "1/ 250"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 205"، الكاشف "1/ ترجمة 1945"، ميزان الاعتدال "2/ 149"، جامع التحصيل للعلائي "ترجمة 238"، تهذيب التهذيب "4/ 59"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2502"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 263".

(7/139)


وَدَخَلَ عَلَى عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَسَأَلَه عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ مِنَ الحَدِيْثِ.
وَيَرْوِي أَيْضاً عَنْ: عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَلَمَةَ الجُمَحِيِّ، وَيَحْيَى الذِّمَارِيِّ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي سَوْدَةَ المَقْدِسِيِّ، وَمَعْبَدِ بنِ هِلاَلٍ، وَعَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ أَبِي المُخَارِقِ، وَمُعَاذِ بنِ سَهْلٍ الجُهَنِيِّ.
وَقَدْ جَمَعَ الطبراني مرويات سعيد في جزء واحد.
حَدَّثَ عَنْهُ: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَالحَسَنُ بنُ يَحْيَى الخُشَنِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو اليَمَانِ الحِمْصِيُّ، وَابْنُ المبارك، ووكيع، وابن سابور، وَيَحْيَى بنُ حَمْزَةَ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو المُغِيْرَةِ عَبْدُ القُدُّوْسِ، وَيَحْيَى بنُ صَالِحٍ الوُحَاظي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ الكَاتِبُ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ التِّنِّيسي، وَأَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَرَادِيْسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ هِشَامٍ الغَسَّانِيُّ، وَزَيْدُ بنُ يَحْيَى بنِ عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرٍ المُقْرِئُ الطَّوِيْلُ، وَعَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسي، وَالوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ العُذْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ: شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ. وَانتَهَتْ إِلَيْهِ مَشْيَخَةُ العِلْمِ بَعْدَ الأَوْزَاعِيِّ بِالشَّامِ، فَعَاشَ بَعْدَهُ عَشْرَةَ أَعْوَامٍ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ، قَالَ: دُهِشنَا عَنِ الهَرْوَلَةِ، فَسَأَلْنَا عَطَاءً، فَقَالَ: لاَ شَيْءَ عَلَيْكُم. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: مَا سَمِعَ مِنْ عَطَاءٍ سِوَاهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ زَبْرٍ: كُنَّا نَجلِسُ إِلَى محكول وَمَعَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَكَانَ يَسْقِي المَاءَ فِي مَجْلِسِ مَكْحُوْلٍ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِر: حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ، قَالَ: كُنْتُ أَجلِسُ بِالغَدَوَاتِ إِلَى ابْنِ أَبِي مَالِكٍ، وَأُجَالِسُ بَعْدَ الظُّهْرِ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ، وَبَعدَ العَصْرِ مَكْحُوْلاً.
الدَّارِمِيُّ: أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: مَا كَتَبتُ حَدِيْثاً قَطُّ. يَعْنِي كَانَ يَتحفَّظُ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: سَمِعْتهُ يَقُوْلُ: مَا كَتَبتُ حَدِيْثاً. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لاَ يُؤْخَذُ العِلْمُ مِنْ صَحَفِي.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ أَبُو مُسْهِرٍ يُقدِّمُ سَعِيْداً عَلَى الأَوْزَاعِيِّ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ: أَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ حُجَّةٌ? فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، إِنَّمَا الحُجَّةُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي "المُسْنَدِ": لَيْسَ بِالشَّامِ رَجُلٌ أَصَحَّ حَدِيْثاً مِنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.

(7/140)


وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ لأَهْلِ الشَّامِ، كَمَالِكٍ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ فِي التَّقَدُّمِ وَالفِقْهِ وَالأَمَانَةِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ وَقْعَ دُمُوْعِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ عَلَى الحَصِيْرِ فِي الصَّلاَةِ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَسَدِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَا هَذَا البُكَاءُ الَّذِي يَعرِضُ لَكَ فِي الصَّلاَةِ? فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، وَمَا سُؤَالُكَ عَنْ ذَلِكَ? قُلْتُ: لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ. فَقَالَ: مَا قُمْتُ إِلَى صَلاَةٍ إِلاَّ مُثِّلَتْ لِي جَهَنَّمُ.
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ الصُّوْرِيُّ: كَانَ سَعِيْدٌ إِذَا فَاتَتْهُ صَلاَةُ الجَمَاعَةِ بَكَى.
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مَزْيد: كَانَ الأَوْزَاعِيُّ إِذَا سئل عن مسألة، وسعيد بن عبد العزيز حاضر، قال: سلو أَبَا مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعة الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنَا بَعْضُ مَشَايِخِنَا عَنِ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يُحْيِي اللَّيْلَ، فَإِذَا طَلَعَ الفَجْرُ جَدَّدَ وُضَوءهُ، وَخَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ.
يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ ضَحِكَ قَطُّ، وَلاَ تَبَسَّمَ، وَلاَ شَكَا شَيْئاً قَطُّ.
أَبُو زُرْعَةَ قَالَ أَبُو مُسهر: يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى عِلْمِ بَلَدِه، وَعَلَى عِلْمِ عَالِمِه، لَقَدْ رَأَيتُنِي أَقتَصِرُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَمَا أَفتَقِرُ مَعَهُ إِلَى أَحَدٍ. وَقَالَ يَحْيَى الوُحَاظِيُّ: سَأَلْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ عَنْ حَدِيْثٍ، فَامْتَنَعَ عَلَيَّ، وَكَانَ عَسِراً. وَكَذَا قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ عَنْهُ.
قُلْتُ: شَاخَ، وَضَاقَ خُلُقُهُ، وَاشْتَغَلَ بِاللهِ عَنِ الرِّوَايَةِ.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ قَدِ اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَكَانَ يُعرَضُ عَلَيْهِ قَبْلَ المَوْتِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: لاَ أُجِيْزُهَا.
أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ أَصْحَابَنَا يَعْرِضُونَ عَلَى سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ حَدِيْثَ المِعْرَاجِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! أَلَيْسَ حَدَّثْتَنَا عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ? قَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا يُقِرُّوْنَ عَلَى أَنْفُسِهِم.

(7/141)


قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: سَمِعْتهُ يَقُوْلُ: لاَ أَدْرِي، لما لا أدري، نصف العِلْمِ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا كُنْتُ قَدَرِيّاً1 قَطُّ. وَسَمِعْتُ رَجُلاً يَقُوْلُ لِسَعِيْدٍ: أَطَالَ اللهُ بَقَاءكَ، فَقَالَ: بَلْ عَجَّلَ اللهُ بِي إِلَى رَحْمَتِهِ.
مُحَمَّدُ بنُ بكَّار البَتَلْهي: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، يَقُوْلُ: لاَ خَيْرَ فِي الحَيَاةِ إِلاَّ لأَحَدِ رَجُلَيْنِ: صَمْوتٍ وَاعٍ، وَنَاطقٍ عَارِفٍ.
وَقَالَ عُقْبَةُ بنُ عَلْقَمَةَ البَيْرُوْتِيُّ: حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: مَنْ أَحْسَنَ، فَلْيَرْجُ الثَّوَابَ، وَمَنْ أَسَاءَ، فَلاَ يَسْتَنْكِرِ الجَزَاءَ، وَمَنْ أَخَذَ عِزّاً بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْرَثَهُ الله ذُلاً بِحَقٍّ، وَمَنْ جَمَعَ مَالاً بِظُلْمٍ، أَوْرَثَهُ الله فقرًا بغير ظلم.
وَقَالَ الوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ العُذْري: سُئِلَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ عَنِ الكَفَافِ مِنَ الرِّزْقِ، مَا هُوَ?
قَالَ: شِبَعُ يَوْمٍ، وَجُوْعُ يَوْمٍ.
أَنْبَأَنَا عِدَّةٌ، عَنْ عَبْدِ البَرِّ ابْنِ الحَافِظِ أَبِي العَلاَءِ العَطَّارِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحافظ، حدثنا سُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ عَمُوْدَ الكِتَابِ انْتُزِعَ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فَإِذَا هُوَ نور ساطع في الشام" 2.
__________
1 القدرية: هم الذين كانوا يخوضون في القدر، ويذهبون إلى إنكاره، ورأس هؤلاء هو معبد الجهني المقتول سنة "80". والمعتزلة أصحاب واصل بن عطاء الغزالي، لما اعتزل مجلس الحسن البصري يقرر أن مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن ولا كافر، ويثبت المنزلة بين المنزلتين فطرده، فاعتزله، وتبعه جماعة سموا بالمعتزلة، والمعتزلة يسمون أصحاب العدل والتوحيد، ويلقبون بالقدرية، وهم قد جعلوا لفظ القدرية مشتركا، وقالوا: لفظ القدرية يطلق على من يقول بالقدر خيره وشره من الله -تعالى- احترازا عن وصمة اللقب. راجع "الملل والنحل" للشهرستاني "1/ 57-60".
2 صحيح: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 252"، والحاكم "4/ 509"، وإسناده حسن، فيه يحيى بن صالح الوحاظي الحمصي، صدوق. وسعيد هو ابن عبد العزيز التنوخي الدمشقي، ثقة، والحديث أورده الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" "10/ 58" وقال: رواه الطبراني في الكبير بإسنادين وفي أحدهما ابن لهيعة، وهو حسن الحديث، وقد توبع على هذا، وبقية رجاله رجال الصحيح"، وله شاهد عن أبي الدرداء: أخرجه أحمد "5/ 198، 199" حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا يحيى بن حمزة، عن زيد بن واقد، حدثني بسر بن عبد الله حدثني أبو إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "بينا أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام".
قلت: إسناده حسن، وإسحاق بن عيسى، هو ابن نجيح البغدادي، أبو يعقوب، صدوق، وبقية رجاله ثقات. فالحديث صحيح بمجموع طرقه.

(7/142)


رَوَاهُ الوَلِيْدُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَاري، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعة، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عَمِيْرَةَ المُزَنِيُّ، سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ لِمُعَاوِيَةَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً مَهْدِيّاً وَاهْدِهِ وَاهْدِ بِهِ" 1.
وَبِهِ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ، عَنْ يُوْنُسَ -هُوَ ابْنُ مَيْسَرَةَ- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمِيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَكَرَ مُعَاوِيَة، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً مَهْدِيّاً، وَاهْدِ بِهِ" 2. فَهَذِهِ عِلَّةُ الحَدِيْثِ قَبْلَهُ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَميرة المُزَنِيِّ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ، وَالحِسَابَ، وقِهِ العذاب" 3.
وقال الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَشَبَابٌ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَمَا نُقِلَ مِنْ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فَهُوَ خَطَأٌ وَوَهْمٌ. قَالَهُ أبن عساكر.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "3842"، وأحمد "4/ 216"، والبخاري في "التاريخ الكبير" "4/ 1/ 327"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" "2/ 133/ 1" و"16/ 243/ 2" من طرق عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، به.
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات، وله شاهد عن عمير بن سعد الأنصاري: أخرجه الترمذي "3843"، وابن عساكر من طريق عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ حَلْبَسٍ، عن أبي إدريس الخولاني، عنه، به.
وقال الترمذي: "هذا حديث غريب، وعمرو بن واقد يضعف"، ثم رواه ابن عساكر عن الوليد بن سليمان، عن عمر بن الخطاب مرفوعا به، وقال: "الوليد بن سليمان لم يدرك عمر".
2 هذه الرواية مرجوحة، وليس الحديث مضطربا، فقد رواه جمع من الثقات عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد، به. ومن المعلوم أنه لا يصار إلى الحكم على الحديث بالاضطراب طالما أمكن الترجيح فرواية الجمع من الثقات عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد راجحة، فقد رواه أبو مسهر ومروان ابن محمد الدمشقي، والوليد بن مسلم، وعمر بن عبد الواحد، ومحمد بن سليمان الحراني خمستهم رووه عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، به. عند أحمد "4/ 1/ 327"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" فهذه هي الرواية الراجحة.
3 صحيح: أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "4/ 1/ 327" من طريق أبي مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز، به.
وله شاهد عن العرباض بن سارية: عند أحمد "4/ 127" من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن زياد، عن أبي رهم، عنه مرفوعا بلفظ: "اللهم علم معاوية الكتاب والحساب، وقه العذاب" وإسناده ضعيف آفته الحارث بن زياد، فإنه لين الحديث.

(7/143)


1176- زُفَر بن الهُذَيل 1:
العنبري، الفَقِيْهُ، المُجْتَهِدُ، الرَّبَّانِيُّ، العَلاَّمَةُ، أَبُو الهُذَيْلِ بنُ الهذيل بن قيس بن مسلم.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: كَانَ أَبُوْهُ بِأَصْبَهَانَ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ بنِ الوَلِيْدِ، فَكَانَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَوْلاَدٍ: زُفَرُ، وهَرثمة، وَكَوْثَرٌ.
قُلْتُ: وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ، وَحَدَّثَ عَنِ: الأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، وَحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ، وَطَبَقَتِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَسَّانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَرْمَانِيُّ، وَأَكْثَمُ بنُ مُحَمَّدٍ، والد يحيى ابن أَكْثَمَ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، وَالنُّعْمَانُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّيْمِيُّ، وَالحَكَمُ بنُ أَيُّوْبَ، وَمَالِكُ بنُ فُدَيْكٍ، وَعَامَّتُهُم مِنْ رُفَقَائِهِ وَأَقْرَانِهِ، لأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَوَانِ الرِّوَايَةِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْناً، وَقَعَ إِلَى البَصْرَةِ فِي مِيْرَاثٍ لَهُ مِنْ أُخْتِه، فَتَشبَّثَ بِهِ أَهْلُ البَصْرَةِ، فَلَمْ يَتْركُوهُ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِم.
وَذَكَرَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَقَالَ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ بُحُوْرِ الفِقْهِ، وَأَذْكِيَاءِ الوَقْتِ. تَفَقَّهَ بِأَبِي حَنِيْفَةَ، وَهُوَ أَكْبَرُ تَلاَمِذَتِه، وَكَانَ مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ العِلْمِ وَالعَمَلِ، وَكَانَ يَدْرِي الحَدِيْثَ وَيُتْقِنُهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُدْرِك، عَنِ الحَسَنِ بنِ زِيَادٍ الفَقِيْهِ، قَالَ: كَانَ زُفَرُ وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ مُتَوَاخِيَيْنِ، فَأَمَّا دَاوُدُ فَتَرَك الفِقْهَ، وَأَقْبَلَ عَلَى العِبَادَةِ، وَأَمَّا زُفَر فَجَمَعَهُمَا.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ: مَا رَأَيْتُ فَقِيْهاً يُنَاظِرُ زُفَرَ إِلاَّ رَحِمْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كُنْتُ أَمُرُّ عَلَى زُفَرَ، فَيَقُوْلُ: تَعَالَ حَتَّى أغَرْبِلَ لَكَ مَا سَمِعْتَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 387"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2757"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 243"، العبر "1/ 229"، لسان الميزان "2/ ترجمة 1919"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 243"، تاريخ أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني "1/ 317".

(7/144)


قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: قَالَ زُفَر: مَنْ قَعَدَ قَبْلَ وَقْتِهِ، ذَلَّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كُنْتُ أَعرِضُ الأَحَادِيْثَ عَلَى زُفَرَ، فَيَقُوْلُ: هَذَا نَاسِخٌ، هَذَا مَنْسُوْخٌ، هَذَا يُؤْخَذُ بِهِ، هَذَا يُرفَضُ.
قُلْتُ: كَانَ هَذَا الإِمَامُ مُنْصِفاً فِي البَحثِ مُتَّبِعاً.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، قَالَ: لَقِيْتُ زُفَرَ -رَحِمَهُ اللهُ- فَقُلْتُ لَهُ: صِرْتُمْ حَدِيْثاً فِي النَّاسِ وَضُحْكَةً. قَالَ: وَمَا ذَاكَ? قُلْتُ: تقولون: "ادرءوا الحدود بالشبهات"1، ثم جِئْتُم إِلَى أَعْظَمِ الحُدُوْدِ، فَقُلْتُم: تُقَامُ بِالشُّبُهَاتِ. قَالَ: وَمَا هُوَ? قُلْتُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ" 2. فَقُلْتُم: يُقْتَلُ بِهِ -يَعْنِي بِالذِّمِّيِّ. قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ السَّاعَةَ أَنِّي قَدْ رَجَعْتُ عَنْهُ.
قُلْتُ: هَكَذَا يَكُوْن العَالِمُ وَقَّافاً مَعَ النَّصِّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ زُفَر سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الحَدِيْثِ بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: قَدْ حَكمَ لَهُ إِمَامُ الصَّنعَةِ بِأَنَّهُ ثقة، مأمون.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" "19/ 171/ 2" من طريق محمد بن أحمد بن ثابت، نا مسلم، أبو مسلم إبراهيم بن عبد الصمد، نا محمد بن أبي بكر المقدمي، نا محمد بن علي الشامي، نا أبو عمران الجوني قال: قال عمر بن عبد العزيز: فذكره في قصة مرفوعا، وهو منقطع بين أبي عمران الجوني وعمر بن عبد العزيز، وهو مرسل، أو معضل، فقد أرسله عمر بن عبد العزيز. ففي الإسناد علتان. وروي بلفظ: "ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الامام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة". أخرجه الترمذي "1424"، والدارقطني "3/ 84"، والحاكم "4/ 384"، والبيهقي "8/ 238"، وابن أبي شيبة من طريق يزيد بن زياد الدمشقي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعاً، به.
قلت: إسناده واه، آفته يزيد بن زياد الدمشقي، فهو متروك، كما قال النسائي، وكذا قال الحافظ في "التقريب"، وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق مختار التمار، عن أبي مطر، عن علي -رضي الله عنه- مرفوعا بلفظ: "ادرءوا الحدود بالشبهات".
قلت: إسناده واه بمرة، آفته مختار التمار، قال البخاري: منكر الحديث.
2 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 79"، والبخاري "6903"، والدارمي "2/ 190"، والترمذي "1413"، والنسائي "8/ 23"، من طريق الشعبي قال: سمعت أبا جحيفة قال سألت عليًّا -رضي الله عنه: هل عندكم شيء ما ليس في القرآن. وقال مرة: ما ليس عند الناس. فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن -إلا فهما يُعطى رجلٌ في كتابه- وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقلُ وفكاكُ الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر". واللفظ للبخاري.

(7/145)


1177- قيس 1: "د، ت، ق"
ابن الربيع، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُكْثِرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ، الأَحْوَلُ، أَحَدُ أَوْعِيَةِ العِلْمِ عَلَى ضَعفٍ فِيْهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِه.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ تسعين.
وَرَوَى عَنْ: عَمْرِو بنِ مُرَّة، وَزِيَادِ بنِ عِلاقة، وعَلقمة بنِ مَرْثَد، وزُبيد اليَامِيِّ، وَمُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَعِدَّةٍ. وَكَانَ مِنَ المُكْثِرِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقَاهُ: شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَإِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّلُوْلِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَيَحْيَى الحِمَّاني، وَمُحَمَّدُ بنُ بكَّار بنِ الرَّيَّانِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم. وَكَانَ شُعْبَةُ يُثنِي عَلَيْهِ، وَوَثَّقَهُ عَفَّانُ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ رِوَايَاتِهِ مُسْتقِيْمَةٌ، وَالقَوْلُ فِيْهِ مَا قَالَهُ شُعْبَةُ، وَأَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: هُوَ عِنْدَ جَمِيْعِ أَصْحَابِنَا صَدُوْقٌ، وَكِتَابُهُ صَالِحٌ. ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ رَدِيْءُ الحِفْظِ جِدّاً، كَثِيْرُ الخَطَأِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثَانِ عَنْ قَيْسٍ شَيْئاً قَطُّ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ قَالَ: كَانَ قَيْسٌ لاَ يفرِّق بين "كره" وبين "لا بأس".
وَقَالَ الفَلاَّسُ: حَدَّثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ قَيْسٍ أَوَّلاً، ثُمَّ تَرَكَه.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مَرَّةً: يُضَعَّف.
وَلَيَّنَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ.
قُلْتُ: لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُترَكَ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عُبيد يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ قَيْسٌ عِنْدَنَا بِدُوْنِ سُفْيَانَ، لَكِنَّهُ وُلِّيَ، فَأَقَامَ على رجل الحد، فمات فطفئ أمره.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 377"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 704"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 155 و297 و452" و"2/ 111 و684" و"3/ 36"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 553" والمجروحين لابن حبان "2/ 216"، تاريخ الخطيب "12/ 456"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 211"، الكاشف "2/ ترجمة 4670"، والعبر "1/ 253 و354 و404 و405 و408"، وميزان الاعتدال "3/ 393"، تهذيب التهذيب "8/ 391"، تقريب التهذيب "2/ 128"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5876"، شذرات الذهب "1/ 266".

(7/146)


وَقَالَ مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبيد، قَالَ: اسْتَعْمَلَ المَنْصُوْرُ قَيْساً عَلَى المَدَائِنِ، فَكَانَ يُعَلِّقُ النِّسَاءَ بثُديهن، وَيُرسِلُ عَلَيْهِنَّ الزَّنَابِيْرَ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ: حَضَرَ شَرِيْكٌ جَنَازَةَ قَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ، فَقَالَ: مَا تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ: كَتَبْتُ عَنْ قَيْسٍ سِتَّةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
قَالَ سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: أَدْرِكْ قَيْساً لاَ يَفُوَتُكَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: أَلاَ تَعجَبُوْنَ مِنْ هَذَا الأَحْوَلِ! يَقَعُ فِي قَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ -يُرِيْدُ: يَحْيَى القَطَّانَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
قَالَ قُرَادٌ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مَا أَتَيْنَا شَيْخاً بِالكُوْفَةِ إِلاَّ وَجَدْنَا قيسًا قد سَبَقَنَا إِلَيْهِ، كُنَّا نَسَمِّيهِ: قَيْساً الجَوَّالَ.
وَعَنْ شَرِيْكٍ، قَالَ: مَا نَشَأَ بِالكُوْفَةِ أَطْلَبُ لِلْحَدِيْثِ مِنْ قَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ.
قُراد: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: جَلَسْتُ أَنَا وَقَيْسٌ فِي مَسْجِدٍ فَلَمْ يَزَلْ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْنٍ حَتَّى تَمَنَّيتُ أَنَّ المَسْجِدَ يَقعُ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَدْ سَبَرتُ أَحَادِيْثَ قَيْسٍ، وَتَتَبَّعْتُهَا، فَرَأَيْتُهُ صَدُوقاً، مَأْمُوْناً حِيْنَ كَانَ شَابّاً، فَلَمَّا كَبِرَ سَاءَ حِفْظُهُ، وَامْتُحِنَ بَابْنِ سُوءٍ، فَكَانَ يُدخِلُ عَلَيْهِ الحَدِيْثَ، فَوَقَعَ فِي أَخْبَارِه مَنَاكِيْرُ.
قَالَ عَفَّانُ قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، فَأَتَيْنَا قَيْساً، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَ ابْنُهُ يُلَقِّنُهُ، وَيَقُوْلُ لَهُ: حُصين، فَيَقُوْلُ: حُصَيْنٌ، وَيَقُوْلُ رَجُلٌ آخَرُ وَمُغِيْرَةُ.
قَالَ ابْنُ حِبَّان: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. وَكَذَا أرخه: أبو نعيم الملائي.

(7/147)


1178- السيد الحِمْيَرِي 1:
مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، لَكِنَّهُ رَافِضِيُّ جَلْدٌ. وَاسْمُهُ: أَبُو هَاشِمٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ رَبِيْعَةَ الحِمْيَرِيُّ. لَهُ: مَدَائِحُ بَدِيعَةٌ فِي أهل البيت، كان يَكُوْنُ بِالبَصْرَةِ، ثُمَّ بِبَغْدَادَ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: الصَّحِيْحُ أَنَّ جَدَّهُ لَيْسَ بِيَزِيْدَ بنِ مُفَرِّغ2 الشَّاعِرِ. وَقِيْلَ: كَانَ طُوالا، شَدِيْدَ الأُدْمَةِ.
قِيْلَ: إِنَّ بَشَّاراً قَالَ لَهُ: لَوْلاَ أَنَّ اللهَ شَغَلَكَ بِمَدحِ أَهْلِ البَيْتِ، لاَفْتَقَرْنَا.
وَقِيْلَ: كَانَ أَبَوَاهُ نَاصِبِيَّينِ3، وَلِذَلِكَ يَقُوْلُ:
لَعَنَ اللهُ وَالِدَيَّ جَمِيْعاً ... ثم أصلهما عذاب الجيحم
حَكَّمَا عَدُوَّهُ كَمَا صَلَّيَا الفَجْـ ... ـرَ بِلَعْنِ الوَصِيِّ بَابِ العُلُوْمِ
لَعَنَا خَيْرَ مَنْ مَشَى فَوْقَ ظَهْرِ الـ ... أَرْضِ أَوْ طَافَ مُحْرِماً بِالحَطِيْمِ4
وَكَانَ يَرَى رَأيَ الكَيْسَانِيَّةِ5 فِي رَجْعَةِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ إِلَى الدُّنْيَا. وَهُوَ القَائِلُ:
بَانَ الشَّبَابُ وَرَقَّ عَظْمِي وَانْحَنَى ... صَدْرُ القَنَاةِ وَشَابَ مني المفرق
يَا شِعْبَ رَضْوَى مَا لِمَنْ بِكَ لاَ يُرَى ... وَبِنَا إِلَيْهِ مِنَ الصَّبَابَةِ أَوْلَقُ6
حَتَّى مَتَى? وَكَمِ المَدَى ... يَا ابنَ الوَصِيِّ وَأَنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ
فَقِيْلَ: إِنَّهُ اجْتَمَعَ بِجَعْفَرٍ الصَّادِقِ، فَبَيَّنَ لَهُ ضَلاَلَتَهُ، فَتَابَ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ فِي "المِلَلِ وَالنِّحَلِ": إِنَّ السَّيِّدَ كَانَ يَقُوْلُ بِتَنَاسُخِ الأَروَاحِ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ. وَنَظْمُهُ فِي الذِّرْوَةِ، وَلِذَلِكَ حَفِظَ دِيْوَانَهُ أَبُو الحَسَنِ الدارقطني.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "7/ 229"، وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ص343"، فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "1/ 188"، لسان الميزان "1/ 436".
2 هو: يزيد بن زياد بن ربيعة، لقب بمفرغ؛ لأنه راهن أنه يشرب عُسًا من لبن فشربه حتى فرغه، وهو شاعر غزل محسن، توفي سنة 69، وهو صاحب البيت السائر:
العبد يقرع بالعصا
والحر تكفيه الإشارة
ترجمته في خزانة الأدب للبغدادي "2/ 213"، وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ 342"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "8/ 180".
3 الناصبة: قوم يتدينون ببغض علي -رضي الله عنه.
4 هو: ما بين الركن والباب، سمي بذلك لانحطام الناس فيه، أي ازدحامهم.
5 الكيسانية: هم أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي قام بثأر الحسين بن علي بن أبي طالب وقتل أكثر الذين قتلوا حسينا بكربلاء، وكان المختار يقال له: كيسان، وقيل: إنه أخذ مقالته عن مولى لعلي -رضي الله عنه- كان اسمه: كيسان. وافترقت الكيسانية فرقا يجمعها شيئان: أحدهما: قولهم بإمامة محمد بن الحنفية وإليه كان يدعو المختار بن أبي عبيد. والثاني: قولهم بجواز البداء على الله -عز وجل- ولهذه البدعة قال بتكفيرهم كلُّ من لا يجيز البداء على الله سبحانه.
6 الشِعْب: ما انفرج بين جبلين: ورضوى: جبل منيف ذو شعاب وأودية. وهو من ينبع على مسيرة يوم، ومن المدينة على سبع مراحل، وهو المكان الذي تزعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية به مقيم حي يرزق. والأولق: شبه الجنون. والبيتان في تاريخ الإسلام "3/ 295"، ومروج الذهب للمسعودي "2/ 201".

(7/148)


1179- صالح المُرِّي 1:
الزَّاهِدُ، الخَاشِعُ، وَاعِظُ أَهْلِ البَصْرَةِ، أَبُو بِشْرٍ بن بشير القاص.
حَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، وَبَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَثَابِتٍ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعُبَيْدُ اللهِ العَيْشِيُّ، وَخَالِدُ بنُ خِدَاشٍ، وَطَالُوْتُ بنُ عَبَّادٍ، وَآخَرُوْنَ.
رَوَى عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لاَ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ شَدِيْدَ الخَوْفِ مِنَ اللهِ، كَأَنَّهُ ثَكْلَى إِذَا قَصَّ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: قَاصٌّ حَسَنُ الصَّوْتِ، عَامَّةُ أَحَادِيْثِه مُنْكَرَةٌ، أُتِيَ مِنْ قِلِّةِ مَعْرِفَتِه بِالأَسَانِيْدِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لاَ يَتَعَمَّدُ.
وَقِيْلَ: لَمَّا سَمِعَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: مَا هَذَا قَاصٌّ، هَذَا نَذِيرٌ.
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ الغَالِبُ عَلَى صَالِحٍ كَثْرَةَ الذِّكْرِ، وَالقِرَاءةِ بِالتَّحزِيْنِ. وَيُقَالُ: هُوَ أَوَّلُ مِنْ قَرَأَ بِالبَصْرَةِ بِالتَّحزِيْنِ.
وَيُقَالُ: مَاتَ جَمَاعَةٌ سَمِعُوا قِرَاءتَه.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ. وَيُقَالُ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: شَهِدْتُ صَالِحاً المُرِّيَّ عَزَّى رَجُلاً، فَقَالَ: لَئِنْ كَانَتْ مُصِيْبَتُكَ بِابْنِكَ لَمْ تُحْدِثْ لَكَ مَوْعِظَةً فِي نَفْسِكَ، فَهِي هَيِّنَةٌ فِي جَنْبِ مُصِيْبَتِكَ بنفسك، فإياها فابك.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 127"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1730"، والمجروحين لابن حبان "1/ 371"، وابن عدي في "الكامل" "4/ ترجمة 912"، وحلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني "6/ ترجمة 357"، تاريخ بغداد "9/ 305"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 314"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 403"، والكاشف "2/ ترجمة 2348"، ميزان الاعتدال "2/ ترجمة رقم 3773"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2761"، والعبر "1/ 262"، تهذيب التهذيب "4/ 381"، وتقريب التهذيب "1/ 358"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3011"، وشذرات الذهب "1/ 281".

(7/149)


1180- مالك الإمام 1: "ع"
هُوَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، حُجَّةُ الأُمَّةِ، إِمَامُ دَارِ الهِجْرَةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مَالِكُ بنُ أَنَسِ بنِ مَالِكِ بنِ أَبِي عَامِرٍ بنِ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ بنِ غَيْمَانَ بنِ خُثَيْلِ بنِ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، وَهُوَ ذُو أَصْبَحَ بنُ عَوْفِ بنِ مَالِكِ بنِ زَيْدٍ بنِ شداد بن زُرْعَةَ، وَهُوَ حِمْيَرُ الأَصْغَرُ الحِمْيَرِيُّ، ثُمَّ الأَصْبَحِيُّ، المَدَنِيُّ، حَلِيْفُ بَنِي تَيْمٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَهُم حُلفَاءُ عُثْمَانَ أَخِي طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، أَحَدِ العَشْرَةِ2.
وَأُمُّهُ هِيَ: عَالِيَةُ بِنْتُ شَرِيْكٍ الأزدية. وأعمامه هم: أبو سهل نَافِعٌ، وَأُوَيْسٌ، وَالرَّبِيْعُ، وَالنَّضْرُ أَوْلاَدُ أَبِي عَامِرٍ.
وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ وَالِدِه أَنَسٍ، وَعَمَّيْهِ أُوَيْسٍ، وَأَبِي سُهَيْلٍ. وَقَالَ: مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ، وَرَوَى أَبُو أُوَيْسٍ عَبْدُ اللهِ عَنْ عَمِّهِ الرَّبِيْعِ، وَكَانَ أَبُوْهُم مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ التَّابِعِيْنَ. أَخَذَ عَنْ عُثْمَانَ، وَطَائِفَةٍ.
مَوْلِدُ مَالِكٍ عَلَى الأَصَحِّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، عَامَ مَوْتِ أَنَسٍ خَادِمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَشَأَ فِي صَوْنٍ وَرَفَاهِيَةٍ وَتَجمُّلٍ.
وَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ حدثٌ بُعَيد مَوْتِ القَاسِمِ، وَسَالِمٍ. فَأَخَذَ عَنْ: نَافِعٍ، وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَعَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ المُنْكَدِرِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَخَلْقٍ سَنَذْكُرُهُم عَلَى المُعْجَمِ، وَإِلَى جَانِبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم مَا رَوَى عَنْهُ فِي "المُوَطَّأِ"، كَمْ عَدَدُهُ.
وَهُمْ:
إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ "18"، أَيُّوْبُ بن أبي تميمة السختياني عالم البصرة "4"
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1323"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 902"، وحلية الأولياء "6/ 316"، والأنساب للسمعاني "1/ 287"، وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 550"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 199"، والكاشف "3/ ترجمة 5333"، العبر "1/ 272"، تهذيب التهذيب "10/ 5-9"، تقريب التهذيب "2/ 223"، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 96"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6796"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 289" و"2/ 12".
2 أي: المبشرين بالجنة.

(7/150)


أَيُّوْبُ بنُ حَبِيْبٍ الجُهَنِيُّ مَوْلَى سَعْدِ بنِ مَالِكٍ "1"، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُقْبَةَ "1"، إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي حكيم "1"، إسماعيل ابن مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ "1"، ثَوْرُ بنُ زَيْدٍ الدِّيْلِيُّ "3"، جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ "7"، حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ "6"، حُمَيْدُ بنُ قَيْسٍ الأَعْرَجُ "2"، خُبَيْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ "2"، دَاوُدُ بنُ الحُصَيْنِ "4"، دَاوُدُ أَبُو لَيْلَى بنُ عَبْدِ اللهِ فِي القِسَامَةِ "1"، رَبِيْعَةُ الرَّأْيُ "5"، زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ "26"، زَيْدُ بنُ رَبَاحٍ "1"، زِيَادُ بنُ سَعْدٍ "1"، زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ "1"، سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ "13"، سَعِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ "4"، سُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ "13"، سَلَمَةُ بنُ دِيْنَارٍ أَبُو حَازِمٍ "8"، سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ "11"، سَلَمَةُ بنُ صَفْوَانَ الزُّرَقِيُّ "1"، سعد بن إسحاق "1"، سعيد ابن عَمْرِو بنِ شُرَحْبِيْلَ "1"، شَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ "1"، صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ "2"، صَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ "2"، صَيْفِيٌّ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ "1"، ضَمْرَةُ بنُ سَعِيْدٍ "2"، طَلْحَةُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ "1"، عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ "2"، عَبْدُ اللهِ بنُ الفَضْلِ "1"، عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَابِرِ بنِ عتيك "2"، عبد الله بن أبن بكر ابن حَزْمٍ "18"، عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ "5"، عَبْدُ اللهِ بنُ دِيْنَارٍ "31"، أَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللهِ بنُ ذَكْوَانَ "64"، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ "8"، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي صَعْصَعَةَ "3"، عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو طُوَالَةَ "2"، عُبَيْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ الأَغَرُّ "1"، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ "1"، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْملَةَ "1"، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عَمْرَةَ "1"، عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ سُهَيْلٍ "1"، عبد ربه سَعِيْدٍ "2"، عَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ "1"، عَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ "1"، عَمْرُو بنُ الحَارِثِ "1"، عَمْرُو بنُ أَبِي عَمْرٍو "1"، عَمْرُو بن يحيى ابن عَمَّارٍ "3"، عَلْقَمَةُ بنُ أَبِي عَلْقَمَةَ "2"، العَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ "1"، فُضَيْلُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ "1"، قَطَنُ بنُ وَهْبٍ "1"، الزُّهْرِيُّ "18"، ابْنُ المُنْكَدِرِ "4"، أَبُو الزُّبَيْرِ "8"، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَتِيْمُ عُرْوَةَ "4"، مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَة "2"، مُحَمَّدُ بنُ عُمَارَةَ "1"، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي أُمَامَةَ "1"، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي صَعْصَعَةَ "1"، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ "1"، مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ "1"، مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ "4"، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ "1"، أَبُو الرِّجَالِ مُحَمَّدٌ "1"، مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ "2"، مُوْسَى بنُ مَيْسَرَةَ "2"، مُوْسَى بنُ أَبِي تَمِيْمٍ "1"، مَخْرَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ "1"، مُسْلِمُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ "2"، المِسْوَرُ بنُ رِفَاعَةَ "1"، نَافِعٌ "85"، أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بنُ مَالِكٍ "1"، نُعيم المُجْمِر "3"، وهب بن كيسان "1"، هاشم ابن هَاشِمٍ الوَقَّاصِيُّ "1"، هِلاَلُ بنُ أَبِي مَيْمُوْنَةَ "1"، هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ "42"، يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ "40"، يَزِيْدُ بنُ خُصَيْفَةَ "3"، يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ المَدَنِيُّ "1"، يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ "3"، يَزِيْدُ بنُ رُوْمَانَ "1"، يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُسيط "1"، يُوْنُسُ بنُ يُوْسُفَ بنِ حِمَاس "2"، أَبُو بَكْرٍ بنُ عُمَرَ العُمَري "1"، أَبُو بَكْرٍ بنُ نَافِعٍ "2"، الثِّقَةُ عِنْدَهُ "2"، الثِّقَةُ "3".

(7/151)


فَعَنْهُم كُلُّهُم سِتُّ مائَةٍ وَسِتَّةٌ وَثَلاَثُوْنَ حَدِيْثاً، وَسِتَّةُ أَحَادِيْثَ عَمَّنْ لَمْ يُسَمِّ، وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فِي أَحَدٍ وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ مَقَاطِيْعَ: عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ أَبِي المُخَارِقِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُقْبَةَ، وَعُمَرُ بنُ حُسَيْنٍ، وَكَثِيْرُ بنُ زَيْدٍ، وَكَثِيْرُ بنُ فَرْقَدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ وَعُثْمَانُ بنُ حَفْصِ بنِ خَلْدَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَعْدِ بنِ زُرَارَةَ، وَيَعْقُوْبُ بنُ يَزِيْدَ بنِ طَلْحَةَ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَحْلاَءَ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ رُقَيْشٍ، وعبد الرحمن بن المجبر، والصلت بن زبيد، وَأَبُو عُبَيْدٍ حَاجِبُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، وَعَفِيْفُ بنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بنُ زَيْدِ بنِ قُنْفُذٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ القَارِئُ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ، وَصَدَقَةُ بنُ يَسَارٍ المَكِّيُّ، وَزِيَادُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَعُمَارَةُ بنُ صَيَّادٍ، وَسَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَمْرِو بنِ سُلَيْمٍ، وَعُرْوَةُ بنُ أُذَيْنَةَ، وَأَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَرْملَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عُثْمَانَ، وَجَمِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُؤَذِّنُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدٍ، وَعَمْرُو بنُ عُبَيْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَيَزِيْدُ بنُ حَفْصٍ، وَعَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَثَابِتٌ الأَحْنَفُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَعُمَرُ بنُ أبي دُلاف، وعبد الملك ابن قُرَيْزٍ، وَالوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ صَيَّادٍ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ.
وَفِي "المُوَطَّأِ": عِدَّةُ مَرَاسِيْلَ أَيْضاً عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَيَحْيَى الأَنْصَارِيِّ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ. عَمِلَ الإِمَامُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَطرَافَ جَمِيْعِ ذَلِكَ فِي جُزْءٍ كَبِيْرٍ، فَشَفَى وَبَيَّنَ، وَقَدْ كُنْتُ أَفْرَدْتُ أَسْمَاءَ الرُّوَاةِ عَنْهُ فِي جُزْءٍ كَبِيْرٍ يُقَارِبُ عَدَدُهُم أَلْفاً وَأَرْبَعَ مائَةٍ، فَلْنَذْكُرْ أَعْيَانَهُم:
حَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ: عَمُّهُ؛ أَبُو سُهَيْلٍ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَيَزِيْدُ بنُ الهَادِ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ، وَغَيْرُهُم.
وَمِنْ أَقْرَانِهِ: مَعْمَرٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ، وَالأَوْزَاعِيُّ, وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَجُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ، وَاللَّيْثُ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَخَلْقٌ وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَابْنُ عُلية، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَمَعْنُ بنُ عِيْسَى القَزَّازُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ، وَأَبُو قُرَّةَ مُوْسَى بنُ طَارِقٍ، وَالنُّعْمَانُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَوَكِيْعٌ، وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَإِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، وَأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ، وَضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَأُمَيَّةُ بن خالد، وبشر بن السري الأَفْوَهُ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَبَكْرُ بنُ الشَّرُوْدِ الصَّنْعَانِيُّ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَحَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَرَوْحُ بنُ عُبَادَةَ، وَأَشْهَبُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ

(7/152)


عَبْدِ الحَكَمِ، وَزِيَادُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَبَطُوْنُ الأَنْدَلُسِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ مُظَفَّرُ بنُ مُدْرِكٍ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ المَرْوَزِيُّ عَبْدَانُ، وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ التِّنِّيْسِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ دُكين، وَمُعَلَّى بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّازِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ سَلَمَةَ الخُزَاعِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ جَمِيْلٍ الأَنْطَاكِيُّ، وَهِشَامُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيُّ، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، وَخَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ القَطَوَانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ صَالِحٍ الوُحَاظِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ ابْنَا أَبِي أُوَيْسٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَخَلَفُ بنُ هِشَامٍ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، وَمُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَسُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنُ، وَهِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَاتِمٍ الطَّوِيْلُ، وَأَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الخُزَاعِيُّ الشَّهِيْدُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ البَلْخِيُّ المَاكِيَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سُلَيْمَانَ الزَّيَّاتُ البَلْخِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُوْسَى الفَزَارِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ أَخُو مُحَمَّدٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ الفُرَاتِ، وإسحاق بن إبراهيم الحُنَيْنِي، وبشر ابن الوليد الكندي، وحبيب بن أبي كَاتِبُ مَالِكٍ، وَالحَكَمُ بنُ المُبَارَكِ الخَاشْتِيُّ، وَخَالِدُ بنُ خِدَاشٍ المُهَلَّبِيُّ، وَخَلَفُ بنُ هِشَامٍ البَزَّارُ، وزهير ابن عَبَّادٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَير المِصْرِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو الرَّبِيْعِ سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ الزَّهْرَانِيُّ، وَصَالِحُ بنُ عَبْدِ اللهِ التِّرْمِذِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعِ بنِ ثَابِتٍ الزُّبَيْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو البَجَلِيُّ الحَرَّانِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرسي، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ يَحْيَى المَدَنِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُبَيْدُ بنُ هِشَامٍ الحَلَبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ المَعْني، وَعُتْبَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ اليَحْمَدِيُّ المَرْوَزِيُّ، وَعَمْرُو بنُ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ، وَعَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ النَّرْسِيُّ، وَكَامِلُ بنُ طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ، وَأَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ البَغَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الوَركاني، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي سُكَيْنَةَ، وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي مُزاحم، ومُطرِّف بنُ عَبْدِ اللهِ اليَسَارِيُّ، وَمُحْرِزُ بنُ سَلَمَةَ العَدَنِيُّ، وَمُحْرِزُ بنُ عَوْنٍ، وَالهَيْثَمُ بنُ خَارِجَةَ، وَيَحْيَى بنُ قَزَعة المَدَنِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ بنِ نَضْلَةَ المَدَنِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ صَالِحٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ الفَرَّاءُ.
وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً: رَاوِي "المُوَطَّأِ"؛ أَبُو حُذافة أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ السَّهْمِيُّ، عَاشَ بَعْدَ مَالِكٍ ثَمَانِيْنَ عَاماً.

(7/153)


وَقَدْ حَجَّ قَدِيْماً، وَلَحِقَ عَطَاءَ بنَ أَبِي رَبَاحٍ، فَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي الزُّبَيْرِ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَالَ: رَأَيْتُ عَطَاءَ بنَ أَبِي رَبَاحٍ دَخَلَ المَسْجِدَ، وَأَخَذَ بِرُمَّانَةِ المنبر، ثم استقبل القبلة.
قَالَ مَعْنٌ وَالوَاقِدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ: حَمَلَتْ أُمُّ مَالِكٍ بِمَالِكٍ ثَلاَثَ سنِيْنَ. وَعَنِ الوَاقِدِيِّ، قَالَ: حَمَلتْ بِهِ سَنَتَيْنِ.
وَطَلبَ مَالِكٌ العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَتَأَهَّل لِلْفُتْيَا، وَجَلَسَ لِلإِفَادَةِ، وَلَهُ إِحْدَى وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَحَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ حَيٌّ شَابٌّ طَرِيٌّ، وَقَصَدَهُ طَلبَةُ العِلْمِ مِنَ الآفَاقِ فِي آخِرِ دَوْلَةِ أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ، وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فِي خِلاَفَةِ الرَّشِيْدِ، وَإِلَى أَنْ مَاتَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ المُعَدَّل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الخَطِيْبُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا محمد ابن مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ غَالِبٍ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْج، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أبي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَيَضْرِبَنَّ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ فِي طَلَبِ العِلْمِ، فَلاَ يَجِدُوْنَ عَالِماً أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِيْنَةِ"1.
وَبِهِ: إِلَى ابْنِ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بنُ الفَرَجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْج، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَضْرِبُوْنَ أَكْبَادَ الإِبِل ... "، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ2. هَذَا حَدِيْثٌ نَظِيفُ الإِسْنَادِ، غَرِيْبُ المَتْنِ. رَوَاهُ: عِدَّةٌ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
وَفِي لَفْظٍ: "يُوْشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ آبَاطَ الإِبِلِ يَلْتَمِسُوْنَ العِلْمَ".
وَفِي لَفْظٍ: "مِنْ عَالِمٍ بِالمَدِيْنَةِ". وَفِي لفظ: "أفقه من عالم المدينة".
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 299"، والترمذي "2682"، وابن حبان "2308"، والحاكم "1/ 91"، والبيهقي "1/ 386" من طريق سفيان بن عيينة، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه ابن جريج، وأبو الزبير المكي، وهما مدلسان، وقد عنعناه.
2 ضعيف: فيه ابن جريج، وأبو الزبير المكي، وهما مدلسان، وقد عنعناه.

(7/154)


وَقَدْ رَوَاهُ المُحَارِبِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ مَوْقُوَفاً، وَيُرْوَى عَنْ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، مَرْفُوْعاً.
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَضْرِبُوْنَ أَكْبَادَ الإِبِلِ، فَلاَ يَجِدُوْنَ عَالِماً أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِيْنَةِ". قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا خَطَأٌ، الصَّوَابُ: عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى، عَنْ أَبِي المُنْذِرِ زُهَيْرٍ التَّمِيْمِيِّ، قَالَ: قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَخْرُجُ نَاسٌ مِنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ فِي طَلَبِ العِلْمِ، فَلاَ يَجِدُوْنَ عَالِماً أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِيْنَةِ"1.
وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَقُوْلُ: هُوَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، حَتَّى قُلْتُ: كَانَ فِي زَمَانِهِ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرُهُمَا. ثُمَّ أَصْبَحْتُ اليَوْمَ أَقُوْلُ: إِنَّهُ مَالِكٌ، لَمْ يَبْقَ لَهُ نظير بالمدينة.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: هَذَا هُوَ الصَّحِيْحُ عَنْ سُفْيَانَ. رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَذُؤَيْبُ بنُ عِمَامة2، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، كُلُّهُم سَمِعَ سُفْيَانَ يُفسِّرهُ بِمَالِكٍ، أَوْ يَقُوْلُ: وَأَظُنُّهُ، أَوْ أَحْسِبُهُ، أَوْ أُرَاهُ، أَوْ كَانُوا يَرَوْنَهُ.
وَذَكَرَ أَبُو المُغِيْرَةِ المَخْزُوْمِيُّ أَنَّ مَعْنَاهُ: مَا دَامَ المُسْلِمُوْنَ يَطلبُوْنَ العِلْمَ لاَ يَجِدُوْنَ أَعْلَمَ مِنْ عَالِمٍ بِالمَدِيْنَةِ. فَيَكُوْنُ عَلَى هَذَا سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، ثُمَّ بَعْدَهُ مَنْ هُوَ مِنْ شُيُوْخِ مَالِكٍ، ثُمَّ مَالِكٍ، ثُمَّ مَنْ قَامَ بَعْدَهُ بِعِلْمِهِ، وَكَانَ أَعْلَمَ أَصْحَابِهِ.
قُلْتُ: كَانَ عَالِمَ المَدِيْنَةِ فِي زَمَانِهِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبَيْهِ، زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةُ، ثُمَّ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، ثُمَّ الزُّهْرِيُّ، ثُمَّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، ثُمَّ مَالِكٌ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَالِكٌ عَالِمُ أَهْلِ الحِجَازِ، وَهُوَ حُجَّةُ زَمَانِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -وَصَدَقَ وَبَرَّ: إِذَا ذُكر العُلَمَاءُ فَمَالِكٌ النَّجْمُ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بكَّارٍ فِي حَدِيْثِ: "لَيَضرِبَنَّ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِل ... ". كَانَ سُفْيَانُ بن عيينة
__________
1 ضعيف: فيه الانقطاع بين سعيد بن أبي هند وأبي موسى الأشعري.
2 ذؤيب بن عِمَامة السهمي، ضعفه الدارقطني وغيره، وساق له الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال" حديثا منكرا في ترجمته "2/ ترجمة 2700".

(7/155)


إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا فِي حَيَاةِ مَالِكٍ، يَقُوْلُ: أُرَاهُ مَالِكاً. فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ زَمَاناً ثُمَّ رَجَعَ بَعْدُ، فَقَالَ: أُرَاهُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ العُمَرِيَّ الزَّاهِدَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: لَيْسَ العُمَرِيُّ مِمَّنْ يَلْحَقُ فِي العِلْمِ وَالفِقْهِ بِمَالِكٍ، وَإِنْ كَانَ شَرِيْفاً سيدًا، عابدًا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: نَرَى هَذَا الحَدِيْثَ أَنَّهُ هُوَ مَالِكٌ، وَكَانَ سُفْيَانُ يَسْأَلُنِي عَنْ أَخْبَارِ مَالِكٍ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ لِهَذَا العُمَرِيِّ عِلْمٌ وَفقهٌ جَيِّدٌ وَفَضْلٌ، وَكَانَ قَوَّالاً بِالحَقِّ، أَمَّاراً بِالعُرْفِ، مُنْعَزِلاً عَنِ النَّاسِ، وَكَانَ يَحُضُّ مَالِكاً إِذَا خَلاَ بِهِ عَلَى الزُّهْدِ، وَالاَنقطَاعِ وَالعُزلَةِ، فَرَحِمَهُمَا اللهُ.
فَصْلٌ:
وَلَمْ يَكُنْ بِالمَدِيْنَةِ عَالِمٌ مِنْ بَعْدِ التَّابِعينَ يُشْبِهُ مَالِكاً فِي العِلْمِ، وَالفِقْهِ، وَالجَلاَلَةِ، وَالحفظِ، فَقَدْ كَانَ بِهَا بَعْدَ الصَّحَابَةِ مِثْلُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَالفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ1، وَالقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَنَافِعٍ، وَطَبَقَتِهِم، ثُمَّ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَابْنِ شِهَابٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَصَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ، وَرَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَبَقَتِهِم، فَلَمَّا تَفَانَوْا, اشْتُهِرَ ذِكْرُ مَالِكٍ بِهَا، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وفُليح بنِ سُلَيْمَانَ، وَالدَّرَاوَرْدِيِّ، وَأَقرَانِهِم، فَكَانَ مَالِكٌ هُوَ المُقَدَّمَ فِيْهِم عَلَى الإِطلاَقِ، وَالَّذِي تُضرَبُ إِلَيْهِ آبَاطُ الإِبِلِ مِنَ الآفَاقِ -رَحِمَهُ اللهُ- تَعَالَى.
وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْه "مُوَطَّأُ" أَبِي مصعب2. وفي الطريق إجازة، ووقع لي من
__________
1 الفقهاء السبعة هم:
1- سعيد بن المسيب.
2- سليمان بن يسار الهلالي.
3- عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ بن مسعود الهذلي.
4- عروة بن الزبير.
5- القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
6- أَبُو بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هشام المخزومي المدني.
7- خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري. وقد قيل فيهم:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر ... مقالة حق ليست عن الحق خارجة
فقل هم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجه
2 أبو مصعب: هو الإمام الفقيه أحمد بن بكر الزهري العوفي المدني أحد الأثبات وشيخ أهل المدينة وقاضيهم ومحدثهم، ولد سنة خمسين ومائة ولزم مالكا وتفقه به. قال الدارقطني: أبو مصعب ثقة في الموطأ. قال الزبير بن بكار: أبو مصعب هو فقيه أهل المدينة غير مدافع. مات على القضاء في رمضان سنة اثنتين وتسعين ومائتين. ترجمته في تذكرة الحفاظ "رقم 497".

(7/156)


عَالِي حَدِيْثِهِ بِالاتِّصَالِ أَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً مِنَ المائَةِ الشُّريحية، وجزء بِيْبَى1، وجزء البَانْيَاسِيِّ2، وَالأجزَاءُ المحَامِلِيَّاتُ3، فَمِنْ ذَلِكَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ بِبَغْدَادَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وثلاثين وخمسمائة، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي يُوْنُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى البَابِ وَأَنَا أَسْمَعُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنِّيْ أُصبِحُ جنبًا، وأنا أريد الصِّيَامَ، أَفَأَغتَسِلُ وَأَصُوْمُ ذَلِكَ اليَوْمَ? فَقَالَ: "وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُباً وَأَنَا أُرِيْدُ الصِّيَامَ، فَأَغْتَسِلُ وَأَصُوْمُ ذَلِكَ اليَوْمَ". فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا، قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَغَضبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "وَاللهِ إِنِّيْ لأَرْجُو أَنْ أَكُوْنَ أَخْشَاكُم للهِ وَأَعْلَمَكُم بِمَا أَتَّقِي" 4.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ. أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنِ القَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "مُسْنَدِ مَالِكٍ" لَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ الفَقِيْهِ، عَنْ مَالِكٍ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ هَذَا المَتْنَ بِنَحْوِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ، عَنْ حَجَّاجِ بنِ حَجَّاجٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. فهذا إسناد
__________
1 هي: بيبى بنت عبد الرحمن بن علي أم الفضل الهرثمية الهروية، لها جزء حديثي مشهورة به، توفيت سنة "477" وقيل بعد ذلك. ترجمتها في "العبر" "3/ 287".
2 البانياسي: هو أَبُو عَبْدِ اللهِ مَالِكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ علي بن الفراء البانياسي البغدادي المتوفى سنة "485هـ". ترجمته في "العبر" "3/ 208".
3 الأجزاء المحامليات للمحاملي: وهو القاضي الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد ومحدثها أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي البغدادي، ولد في أول سنة خمس وثلاثين ومائتين. قال الخطيب: كان فاضلا دينا صادقا شهد عِنْد القُضَاة، وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً، وَوَلِيَ قضاء الكوفة ستين سنة. وقال أبو بكر الداودي: كَانَ يحضر مَجْلِس المَحَامِلِيّ عَشْرَة آلاَف رَجُل، وكان محمودا في ولايته، عقد بالكوفة سنة سبعين ومائتين فِي دَاره مَجْلِساً لِلْفقه, فَلَمْ يَزَلْ أَهْل العلم والنظر يختلفون إليه. مات سنة ثلاثين وثلاثمائة. ترجمته في تذكرة الحفاظ "رقم 808".
4 صحيح: أخرجه مالك "1/ 389"، ومسلم "1110"، وأبو داود "2389"، وأحمد "6/ 67" من طريق عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَعْمَرِ الأنصاري، به.

(7/157)


غَرِيْبٌ1، عَزِيْزٌ2، قَدْ تَوَالَى فِيْهِ خمسةٌ تَابِعِيُّوْنَ، بَعْضُهُم عَنْ بَعْضٍ، وَمِنْ حَيْثُ العددُ كَأَنَّنِي صَافَحْتُ3 فِيْهِ النَّسَائِيَّ.
وَرَوَاهُ أَيْضاً: ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُسَمِّ فِيْهِ نَافِعاً، بَلْ قَالَ: عَنْ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْهَا. وَحَدِيْثُ عَائِشَةَ هُوَ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ، مِنْ طَرِيْقِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ أَبُو طُوَالَةَ. وَلَمْ يُخَرِّجْ البُخَارِيُّ لأَبِي يُوْنُسَ شَيْئاً فِيْمَا عَلِمتُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ -وَذَكَرَ سَادَةً مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ، كَابْنِ المُسَيِّبِ وَمَنْ بَعْدَهُ- قَالَ: فَمَا ضُرِبَتْ أَكبَادُ الإِبلِ مِنَ النَّوَاحِي إِلَى أَحَدٍ مِنْهُم دُوْنَ غَيْرِهِ، حَتَّى انْقَرَضُوا، وَخلاَ عصرُهُم، ثُمَّ حَدَّث مِثْلُ ابْنِ شِهَابٍ، وَرَبِيْعَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ هُرْمُزَ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَصَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ، وَكُلُّهُم يُفْتِي بِالمَدِيْنَةِ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُم بِأَنْ ضُرِبَتْ إِلَيْهِ أَكبَادَ الإِبِلِ، حَتَّى خَلاَ هَذَا العَصْرُ، فَلَمْ يَقعْ بِهِمُ التَّأْوِيْلُ فِي عَالِمِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ. ثُمَّ حدَّثَ بَعْدَهُم مَالِكٌ، فَكَانَ مُفتِيْهَا فَضُرِبَتْ إِلَيْهِ أَكبَادُ الإِبِلِ مِنَ الآفَاقِ، وَاعْتَرَفُوا لَهُ، وَرَوَتِ الأَئِمَّةُ عَنْهُ مِمَّنْ كَانَ أَقدمَ مِنْهُ سِنّاً، كَاللَّيْثِ عَالِمِ أَهْلِ مِصْرَ، وَالمَغْرِبِ، وَكَالأَوْزَاعِيِّ عَالِمِ أَهْلِ الشَّامِ وَمُفتِيْهِم، وَالثَّوْرِيِّ، وَهُوَ المُقَدَّمِ بِالكُوْفَةِ، وَشُعْبَةَ عَالِمِ أَهْلِ البَصْرَةِ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَحَمَلَ عَنْهُ قَبْلَهُم يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ حِيْنَ وَلاَّهُ أَبُو جَعْفَرٍ قَضَاءَ القُضَاةِ، فَسَأَلَ مَالِكاً أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مائَةَ حَدِيْثٍ حِيْنَ خَرَجَ إِلَى العِرَاقِ، وَمِنْ قَبْلُ كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ حَمَلَ عَنْهُ.
أَبُو مُصْعَبٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَقَدْ نَزَلَ عَلَى مِثَالٍ لَهُ -يَعْنِي: فَرْشِهِ- وَإِذَا عَلَى بِسَاطِه دَابَّتَانِ، ما تروثان وتبولان، وَجَاءَ صبِيٌّ يَخْرُجُ ثُمَّ يَرْجِعُ، فَقَالَ لِي: أَتَدْرِي مَنْ هَذَا? قُلْتُ: لاَ. قَالَ: هَذَا ابْنِي، وَإِنَّمَا يَفزَعُ مِنْ هَيْبَتِكَ. ثُمَّ سَاءلَنِي عَنِ أَشْيَاءَ، مِنْهَا حَلاَلٌ وَمِنْهَا حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَنْتَ -وَاللهِ- أَعقَلُ النَّاسِ وَأَعْلَمُ النَّاسِ. قُلْتُ: لاَ وَاللهِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّكَ تَكتُمُ. ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ بَقِيْتُ، لأَكْتُبَنَّ قَوْلَكَ كَمَا تُكتَبُ المَصَاحِفُ، ولأبعثن به إلى الآفاق، فلأحملهنم عَلَيْهِ.
الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجَرَوِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ، عَنْ خَلَفِ بنِ عمر: سمع
__________
1 الغريب: ما رواه راو واحد في طبقة واحدة من طبقات السند أو راو واحد في كل طبقة أو بعض طبقاته.
2 العزيز: ما رواه اثنان في كل طبقة من طبقات السند، ولا يقل عن اثنين في جميع طبقاته.
3 أي: كأنه تساوى مع النسائي في عدد رجال السند.

(7/158)


مَالِكاً يَقُوْلُ: مَا أَجَبتُ فِي الفَتْوَى حَتَّى سَأَلْتُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنِّي: هَلْ تَرَانِي مَوْضِعاً لِذَلِكَ? سَأَلْتُ رَبِيْعَةَ، وَسَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ، فَأَمَرَانِي بِذَلِكَ. فَقُلْتُ: فَلَو نَهَوْكَ? قَالَ: كُنْتُ أَنْتَهِي، لاَ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَبذُلَ نَفْسَه حَتَّى يَسْأَلَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ.
قَالَ خَلَفٌ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا تَرَى? فَإِذَا رُؤْيَا بَعَثَهَا بَعْضُ إِخْوَانِه، يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَنَامِ، فِي مَسْجِدٍ قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسِ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُم: إِنِّيْ قَدْ خَبَأْتُ تَحْتَ مِنْبَرِي طِيْباً أَوْ عِلْماً، وَأَمَرتُ مَالِكاً أَنْ يُفرِّقَهُ عَلَى النَّاسِ، فَانْصَرَفَ النَّاس وَهُم يَقُوْلُوْنَ: إِذاً يُنَفِّذُ مَالِكٌ مَا أَمرَهُ بِهِ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ بَكَى، فَقُمْتُ عَنْهُ.
أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُوْلُ: قَالَ مَالِكٌ: لَقَدْ سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً، مَا حَدَّثْتُ بِهَا قَطُّ، وَلاَ أحدث بها.
ونصر بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِي1: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بنُ عُرْوَةَ، قال: قَالَ قَدِمَ المَهْدِيُّ، فَبَعَثَ إِلَى مَالِكٍ بِأَلْفَيْ دِيْنَارٍ -أَوْ قَالَ: بِثَلاَثَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ- ثُمَّ أَتَاهُ الرَّبِيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المؤمنين يحب أن تعادله2 إلى مدينة السَّلاَمِ، فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المَدِيْنَةُ خَيْرٌ لَهُم لَو كَانُوا يَعْلَمُوْنَ". والمال عندي على حاله3.
ومحمد بنُ غَيْلاَنَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ دَاوُدَ المِخْراقي، سمعت مالكًا يقول: أخذ ربيعة
__________
1 هو: نصر بن علي بن صُهْبان، الأزْدي، الجَهْضَمي البصري، ثقة من الطبقة السابعة، وهي طبقة كبار أتباع التابعين، روى له أصحاب السنن الأربعة.
2 أي: تصاحبه في سفره.
3 صحيح: أخرجه مالك "2/ 887-888"، ومن طريقه أخرجه أحمد "5/ 220"، والبخاري "1875"، والطبراني "6408"، والبغوي "2018" عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عبد الله بن الزبير، عن سفيان بن زهير، وأخرجه عبد الرزاق "17159"، وأحمد "5/ 220"، والحميدي "865"، ومسلم "1388"، والطبراني "6407" و"6409" و"6410" و"6411" و"6412"، والبيهقي في "دلائل النبوة" "6/ 320"، والبغوي "2018" من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، به مرفوعا ولفظه: "تُفتح الشام فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون -أي يتحملون بأهليهم- والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. ثم تفتح اليمن فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم تفتح العراق فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون، والمدينة خير لهم لو كان يعلمون". واللفظ لمسلم.
وقيل: معنى يبسون: أي يدعون الناس إلى بلاد الخصب. وهو قول إبراهيم الحربي.
وقال أبو عبيد: معناه يسوقون. والبسُّ سوق الإبل.
وقال ابن وهب: معناه يزينون لهم البلاد ويحببونها إليهم ويدعونهم إلى الرحيل إليها.

(7/159)


الرَّأْيُ بِيَدِي، فَقَالَ: وَرَبِّ هَذَا المَقَامِ، مَا رَأَيْتُ عِرَاقِيّاً تَامَّ العَقْلِ، وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: كَانَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ ضَعِيْفَ العَقْلِ.
يَاسِيْنُ بنُ عَبْدِ الأَحَدِ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ المُحَبِّرِ الرُّعيني، قَالَ: قَدِمَ المَهْدِيُّ المَدِيْنَةَ، فَبَعَثَ إِلَى مَالِكٍ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ لِهَارُوْنَ وَمُوْسَى: اسْمَعَا مِنْهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَلَمْ يُجِبْهُمَا، فَأَعْلَمَا المَهْدِيَّ، فَكلَّمَهُ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! العِلْمُ يُؤْتَى أَهْلُهُ. فَقَالَ: صَدَقَ مَالِكٌ، صِيْرَا إِلَيْهِ. فَلَمَّا صَارَا إِلَيْهِ، قَالَ لَهُ مُؤَدِّبُهُمَا: اقْرَأْ عَلَيْنَا. فقال: إن أهل المدينة يقرءون عَلَى العَالِمِ، كَمَا يَقْرَأُ الصِّبْيَانُ عَلَى المُعَلِّمِ، فإذا أخطئوا، أَفْتَاهُم. فَرَجَعُوا إِلَى المَهْدِيِّ، فَبَعَثَ إِلَى مَالِكٍ، فَكلَّمَه، فَقَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقُوْلُ: جَمَعْنَا هَذَا العِلْمَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ رِجَالٍ، وَهُمْ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعُرْوَةُ، وَالقَاسِمُ، وَسَالِمٌ، وَخَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَنَافِعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ هُرْمُزَ، وَمِنْ بَعْدِهِم: أَبُو الزِّنَادِ، وَرَبِيْعَةُ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَابْنُ شِهَابٍ، كُلُّ هَؤُلاَءِ يُقْرَأُ عليهم، ولا يقرءون. فقال: في هؤلاء قدوة، صيروا إليه، فاقرءوا عَلَيْهِ، فَفَعَلُوا.
قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ هَارُوْنُ يُرِيْدُ الحجَّ، وَمَعَهُ يَعْقُوْبُ أَبُو يُوْسُفَ، فَأَتَى مَالِكٌ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَقَرَّبَهُ، وَأَكرَمَه، فَلَمَّا جَلَسَ، أَقْبَلَ إِلَيْهِ أَبُو يُوْسُفَ، فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ عَادَ، فَسَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ عَادَ, فَسَأَلَهُ، فَقَالَ هَارُوْنُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! هَذَا قَاضِينَا يَعْقُوْبُ يَسْأَلُكَ. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ مَالِكٌ، فَقَالَ: يَا هَذَا! إِذَا رَأَيتَنِي جَلَسْتُ لأَهْلِ البَاطِلِ فَتَعَالَ، أُجِبْكَ مَعَهُم.
السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: كُنَّا إِذَا دَخَلنَا عَلَى مَالِكٍ، خَرَجَ إِلَيْنَا مُزَيَّنًا، مُكَحَّلاً، مُطَيَّباً، قَدْ لَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، وَتَصَدَّرَ الحَلْقَةَ، وَدَعَا بِالمَرَاوِحِ، فَأَعْطَى لِكُلٍّ مِنَّا مَرْوَحَةً.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَأْتِي المَسْجِدَ، فَيَشهَدُ الصَّلَوَاتِ، وَالجُمُعَةَ، وَالجَنَائِزَ، وَيَعُوْدُ المَرْضَى، وَيَجْلِسُ فِي المَسْجِدِ، فَيَجتَمِعُ إِلَيْهِ أَصْحَابُه، ثُمَّ تَرَكَ الجُلُوْسَ، فَكَانَ يُصَلِّي وَيَنصَرِفُ، وَتَرَكَ شُهُوْدَ الجَنَائِزِ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَالجُمُعَةَ، وَاحْتَمَلَ النَّاسُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَكَانُوا أَرغَبَ مَا كَانُوا فِيْهِ، وَرُبَّمَا كُلِّمَ فِي ذَلِكَ فَيَقُوْلُ: لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يقدر أن يتكلم بعذره.
وَكَانَ يَجْلِسُ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى ضجاعٍ لَهُ، وَنَمَارِقَ1 مَطْرُوْحَةٍ فِي مَنْزِلِهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً لِمَنْ يأتيه من قريش والأنصار والناس.
__________
1 النَّمارق: جمع نمرقة وهي الوسادة.

(7/160)


وَكَانَ مَجْلِسُهُ مَجْلِسَ وَقَارٍ وَحِلمٍ. قَالَ: وَكَانَ رَجُلاً مَهِيْباً، نَبِيْلاً، لَيْسَ فِي مَجْلِسِهِ شَيْءٌ مِنَ المِرَاءِ وَاللَّغَطِ، وَلاَ رَفْعُ صَوْتٍ، وَكَانَ الغُربَاءُ يَسْأَلُوْنَهُ عَنِ الحَدِيْثِ، فَلاَ يُجِيْبُ إِلاَّ فِي الحَدِيْثِ بَعْدَ الحَدِيْثِ، وَرُبَّمَا أَذِنَ لِبَعْضِهِم يَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَكَانَ لَهُ كَاتِبٌ قَدْ نَسَخَ كُتُبَهُ، يُقَالُ لَهُ: حَبِيْبٌ، يَقْرَأُ لِلْجَمَاعَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ أَحَدٌ فِي كِتَابِهِ وَلاَ يَسْتَفِهِمُ هَيْبَةً لِمَالِكٍ، وَإِجْلاَلاً لَهُ، وَكَانَ حَبِيْبٌ إِذَا قَرَأَ فَأَخطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَكَانَ ذَلِكَ قَلِيْلاً.
ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: مَا أَكْثَرَ أَحَدٌ قَطُّ، فَأَفلَحَ.
حَرْملَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ لِي مَالِكٌ: العِلْمُ يَنْقُصُ وَلاَ يَزِيْدُ، وَلَمْ يَزَلِ العِلْمُ يَنْقُصُ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ وَالكُتُبِ.
أَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْدٍ المَقْدِسِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُنَيْنِيُّ، قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَقُوْلُ: وَاللهِ مَا دَخَلْتُ عَلَى مَلِكٍ مِنْ هَؤُلاَءِ المُلُوْكِ، حَتَّى أَصِلَ إِلَيْهِ، إِلاَّ نَزَعَ اللهُ هَيْبَتَه مِنْ صَدْرِي.
حَرْملَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: أَعْلَمُ أَنَّهُ فَسَادٌ عَظِيْمٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ الإِنسَانُ بِكُلِّ مَا يَسْمَعُ.
هَارُوْنُ بنُ مُوْسَى الفَرْوِيُّ: سَمِعْتُ مُصْعَباً الزُّبَيْرِيَّ يَقُوْلُ: سَأَلَ هَارُوْنُ الرَّشِيْدُ مَالِكاً -وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ، وَمَعَهُ بَنُوْهُ- أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِم. قَالَ: مَا قَرَأتُ عَلَى أَحَدٍ مُنْذُ زَمَانٍ، وَإِنَّمَا يُقْرَأُ عليَّ. فَقَالَ: أَخرِجِ النَّاسَ حَتَّى أَقَرَأَ أَنَا عَلَيْكَ. فَقَالَ: إِذَا مُنع العَامُّ لِبَعْضِ الخَاصِّ، لَمْ يَنْتَفِعِ الخَاصُّ. وَأَمَرَ مَعْنَ بنَ عِيْسَى، فَقَرَأَ عَلَيْهِ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي مَالِكاً عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ لِي: قِرّ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى السَّرِيْرِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ حَولَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ. وَكَانَ لاَ يُفْتِي حَتَّى يَقُوْلَهَا.
ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: مَا تَعلَّمْتُ العِلْمَ إِلاَّ لِنَفْسِي، وَمَا تَعلَّمتُ لِيَحْتَاجَ النَّاسُ إليَّ، وَكَذَلِكَ كَانَ النَّاسُ.
إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي: سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ يَقُوْلُ: لَمْ يَشْهَدْ مَالِكٌ الجَمَاعَةَ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، فَقِيْلَ لَهُ: مَا يَمْنَعُكَ? قَالَ: مَخَافَةَ أَنْ أَرَى مُنْكَراً، فَأَحْتَاجُ أَنْ أُغَيِّرَهُ.
إِبْرَاهِيْمُ الحِزَامِيُّ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: قَالَ لِي مَالِكٌ: مَا يَقُوْلُ النَّاسُ فِيَّ? قُلْتُ: أَمَّا الصَّدِيْقُ فَيُثْنِي، وَأَمَّا العَدُوُّ فَيَقعُ. فَقَالَ: مَا زَالَ النَّاسُ كَذَلِكَ، وَلَكِن نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ تَتَابُعِ الأَلسِنَةِ كُلِّهَا.

(7/161)


أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الرِّبَاطِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُوْلُ: سَأَلَ سَنْدَلٌ1 مَالِكاً عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَجَابَهُ، فَقَالَ: أَنْتَ مِنَ النَّاسِ، أَحْيَاناً تُخطِئُ، وَأَحْيَاناً لاَ تُصِيْبُ قَالَ: صَدَقتَ، هَكَذَا النَّاسُ. فَقِيْلَ لِمَالِكٍ: لَمْ تَدرِ مَا قَالَ لَكَ? فَفَطِنَ لَهَا، وَقَالَ: عَهِدتُ العُلَمَاءَ، وَلاَ يَتَكَلَّمُوْنَ بِمِثْلِ هَذَا، وَإِنَّمَا أُجِيْبُه عَلَى جَوَابِ النَّاسِ.
حَرْملَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: لَيْسَ هَذَا الجَدَلُ مِنَ الدِّيْنِ بِشَيْءٍ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى المَنْصُوْرِ، وَكَانَ يدخل عليه الهاشميون، فيقبلون يده ورجله، وعصمني اللهُ مِنْ ذَلِكَ.
الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ القَاسِمِ، قَالَ: قِيْلَ لِمَالِكٍ: لِمَ لَمْ تَأْخُذْ عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ? قَالَ: أَتَيْتُهُ، فَوَجَدتُهُ يَأْخذُوْنَ عَنْهُ قِيَاماً، فَأَجْلَلْتُ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ آخُذَهُ قَائِماً.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: لاَ يُؤْخَذُ العِلْمُ عَنْ أَرْبَعَةٍ: سَفِيْهٍ يُعلِنُ السَّفَهَ، وَإِنْ كَانَ أَرْوَى النَّاسِ، وَصَاحِبِ بِدْعَةٍ يَدعُو إِلَى هَوَاهُ، وَمَنْ يَكْذِبُ فِي حَدِيْثِ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتُ لاَ أتهمه في الحَدِيْثِ، وَصَالِحٍ عَابِدٍ فَاضِلٍ، إِذَا كَانَ لاَ يَحْفَظُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ.
أَصْبَغُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ -وَسُئِلَ عَنِ الصَّلاَةِ خَلْفَ أَهْلِ البِدَعِ القَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِم- فَقَالَ: لاَ أَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَهُم. قِيْلَ: فَالجُمُعَةَ? قَالَ: إِنَّ الجُمُعَةَ فَرِيْضَةٌ، وَقَدْ يُذْكَرُ عَنِ الرَّجُلِ الشَّيْءُ وَلَيْسَ هُوَ عَلَيْهِ. فَقِيْلَ لَهُ: أَرَأَيتَ إِنِ اسْتَيْقَنْتُ، أَوْ بَلَّغَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، أَلَيْسَ لاَ أُصَلِّي الجُمُعَةَ خَلْفَهُ? قَالَ: إِنِ اسْتَيْقَنْتَ. كَأَنَّهُ يَقُوْلُ: إِنْ لَمْ يَسْتَيقِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنَ الصَّلاَةِ خَلْفَهُ.
أَبُو يُوْسُفَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلاَنِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ الشَّيْبَانِيَّ يَقُوْلُ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَنَظَرَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: انْظُرُوا أَهْلَ المَشْرِقِ، فَأَنْزِلُوْهُم بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الكِتَابِ إِذَا حَدَّثُوكُم، فَلاَ تُصَدِّقُوهُم، وَلاَ تُكَذِّبُوهُم ثُمَّ الْتَفَتَ، فَرَآنِي، فَكَأَنَّهُ اسْتَحْيَى، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! أَكرَهُ أَنْ تَكُوْنَ غِيبَةً، هَكَذَا أَدْرَكْتُ أَصْحَابَنَا يَقُوْلُوْنَ.
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مِنَ الإِمَامِ قَالَهُ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ اعْتِنَاءٌ بِأَحْوَالِ بَعْضِ القَوْمِ، وَلاَ خبر
__________
1 سندل: هو لقب عمر بن قيس المكي، تركه أحمد والنسائي، والدارقطني. وقال يحيى: ليس بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أحمد أيضا: أحاديثه بواطيل.

(7/162)


تَرَاجِمَهِم، وَهَذَا هُوَ الوَرَعُ، أَلاَ تَرَاهُ لَمَّا خَبَرَ حَالَ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ العِرَاقِيِّ كَيْفَ احْتَجَّ به، وكذلك حميد الطويل، وغيره وَاحِدٍ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُم. وَأَهْلُ العِرَاقِ كَغَيْرِهِم، فِيْهِمُ الثِّقَةُ الحُجَّةُ، وَالصَّدُوقُ، وَالفَقِيْهُ، وَالمُقْرِئُ، وَالعَابِدُ، وَفِيْهِمُ الضَّعِيْفُ، وَالمَتْرُوكُ، وَالمُتَّهَمُ. وَفِي "الصَّحِيْحَيْنِ" شَيْءٌ كَثِيْرٌ جِدّاً مِنْ رِوَايَةِ العِرَاقِيِّينَ -رَحِمَهُمُ اللهُ.
وَفِيْهِم مِنَ التَّابِعِيْنَ كَمِثْلِ: عَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوْقٍ، وَعَبِيْدَةَ، والحسن، وَابْنِ سِيْرِيْنَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ، ثُمَّ الحَكَمِ، وَقَتَادَةَ، وَمَنْصُوْرٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنِ عَوْنٍ، ثُمَّ مِسْعَرٍ، وَشُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ، وَالحَمَّادَيْنِ، وَخَلاَئِقَ أَضْعَافِهِم -رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ. وَهَذِهِ الحِكَايَةُ رَوَاهَا: الحَاكِمُ، عَنِ النَّجَّادِ، عَنْ هِلاَلِ بنِ العَلاَءِ، عَنِ الصَّيْدَلاَنِيِّ.
صِفَةُ الإِمَامِ مَالِكٍ:
عَنْ عِيْسَى بنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ قَطُّ بَيَاضاً، وَلاَ حُمْرَةً أَحْسَنَ مِنْ وَجْهِ مَالِكٍ، وَلاَ أَشَدَّ بَيَاضِ ثَوْبٍ مِنْ مَالِكٍ.
وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَانَ طُوَالاً، جَسِيْماً، عَظِيْمَ الهَامَةِ، أَشقَرَ، أَبْيَضَ الرَّأسِ وَاللِّحْيَةِ، عَظِيْمَ اللِّحْيَةِ، أَصلَعَ، وَكَانَ لاَ يُحْفِي شَارِبَه، وَيَرَاهُ مُثْلَةً.
وَقِيْلَ: كَانَ أَزْرَقَ العِيْنَ، رَوَى بَعْضُ ذَلِكَ: ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ الحِزَامِيُّ: كَانَ مَالِكٌ نَقِيَّ الثَّوْبِ، رَقِيْقَهُ، يُكثِرُ اخْتِلاَفَ اللَّبُوسِ.
وَقَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: كَانَ مَالِكٌ يَلْبَسُ البَيَاضَ، وَرَأَيْتُهُ وَالأَوْزَاعِيَّ يَلْبَسَانِ السِّيجَانَ1.
قَالَ أَشْهَبُ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا اعْتَمَّ، جَعَلَ مِنْهَا تَحْتَ ذَقْنِهِ، وَيُسْدِلُ طَرَفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ.
وَقَالَ خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: رَأَيْتُ عَلَى مَالِكٍ طَيْلَسَاناً وَثِيَاباً مَرْويَّةً جِيَاداً.
وَقَالَ أَشْهَبُ: كَانَ إِذَا اكْتَحَلَ لِلضَّرُوْرَةِ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ.
وَقَالَ مُصْعَبٌ: كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ العَدَنِيَّةَ وَيَتَطَيَّبُ.
وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: مَا رَأَيْتُ مُحَدِّثاً أَحْسَنَ وَجْهاً من مالك.
__________
1 السِّيجان: الطيالسة السود أو الخضر، واحدها ساج.

(7/163)


وَقِيْلَ: كَانَ شَدِيْدَ البَيَاضِ إِلَى صُفْرَةٍ، أَعْيَنَ1، أَشَمَّ2، كَانَ يُوَفِّرُ سَبَلَتَهُ3، وَيَحْتَجُّ بِفَتْلِ عُمَرَ شَارِبَهُ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: رَأَيْتُ مَالِكاً خَضَبَ بِحِنَّاءٍ مَرَّةً.
وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: كَانَ مَالِكٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً، وَأَجْلاَهُم عَيْناً، وَأَنْقَاهُم بَيَاضاً، وَأَتَمِّهُم طُوْلاً، فِي جَوْدَةِ بَدَنٍ.
وَعَنِ الوَاقِدِيِّ: كَانَ رَبْعَةً، لَمْ يَخْضِبْ، وَلاَ دَخَلَ الحَمَّامَ.
وَعَنْ بِشْرِ بنِ الحَارِثِ، قَالَ: دَخَلْتُ على مالك، فرأيت عليه طيلسانًا يساوي خمسمائة، وَقَدْ وَقَعَ جَنَاحَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ أَشْبَهَ شَيْءٍ بِالمُلُوْكِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا اعْتَمَّ، جَعَلَ مِنْهَا تَحْتَ حَنَكِه، وَأَرْسَلَ طَرَفهَا خَلْفَهُ، وَكَانَ يَتَطَيَّبُ بِالمِسْكِ وَغَيْرِه.
وَقَدْ سَاقَ القَاضِي عِيَاضٌ مِنْ وُجُوْهٍ: حُسْنَ بَزَّةِ الإِمَامِ وَوُفُورَ تجمله.
فِي نَسَبِ مَالِكٍ اخْتِلاَفٌ مَعَ اتِّفَاقِهِم عَلَى أَنَّهُ عَرَبِيٌّ أَصْبَحِيٌّ، فَقِيْلَ فِي جَدِّهِ الأَعْلَى: عَوْفُ بنُ مَالِكِ بنِ زَيْدِ بنِ عَامِرِ بن ربيعة بن بنت مَالِكِ بنِ زَيْدِ بنِ كَهْلاَنَ بنِ سَبَأَ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بنِ قَحْطَانَ، وَإِلَى قَحْطَانَ جِمَاعُ اليَمَنِ. وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الأَصْبَحِيِّينَ مِنْ حِمْيَرٍ، وَحِمْيَرٌ فَمِنْ قَحْطَانَ.
نَعَمْ، وَغَيْمَانُ فِي نَسَبِهِ المَشْهُوْرِ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، ثُمَّ بِآخِرِ الحُرُوْفِ عَلَى المَشْهُوْرِ وَقِيْلَ: عُثْمَانُ عَلَى الجَادَّةِ، وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ. وَخُثَيْلٌ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ، ثُمَّ بِمُثَلَّثَةٍ. قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: جُثَيْل: بِجِيْمٍ، ثُمَّ بِمُثَلَّثَةٍ، وَقِيْلَ: حَنْبَلٌ، وَقِيْلَ: حِسْل وَكِلاَهُمَا تَصْحِيْفٌ.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: اخْتُلِفَ فِي نَسَبِ ذِي أصبح، احتلافًا كَثِيْراً.
مَوْلِدُهُ: تَقدَّمَ أَنَّهُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ. قَالَهُ يَحْيَى بنُ بُكَير، وَغَيْرُه. وَقِيْلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ. قَالَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَعُمَارَةُ بنُ وَثِيمة، وَغَيْرُهُمَا. وَقِيْلَ: سنة سبع، وهو شاذ.
__________
1 أعين: أي ضخم العين واسعها.
2 الشمم: ارتفاع قصبة الأنف واستواء أعلاها وإشراف الأرنبة قليلا.
3 السَّبَلَة بالتحريك: الشَّارب، والجمعُ السِّبَال.

(7/164)


قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: ذُو أَصْبَحَ مِنْ حِمْيَرٍ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ مَالِكاً وَآلَهُ مَوَالِي بَنِي تَيْمٍ، فَأَخْطَأَ، وَكَانَ ذَلِكَ أَقْوَى سَبَبٍ فِي تَكْذِيبِ الإِمَامِ مَالِكٍ لَهُ، وَطَعْنِهِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ إِمَاماً فِي نَقْدِ الرِّجَالِ، حَافِظاً، مُجَوِّداً، مُتْقِناً.
قَالَ بِشْرُ بنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَنْ رَجُلٍ، فَقَالَ: هل رأيته فِي كُتُبِي? قُلْتُ: لاَ. قَالَ: لَوْ كَانَ ثِقَةً، لَرَأَيْتَهُ فِي كُتُبِي.
فَهَذَا القَوْلُ يُعْطِيْكَ بِأَنَّهُ لاَ يَرْوِي إِلاَّ عَمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ ثِقَةٌ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ كُلِّ الثِّقَاتِ، ثُمَّ لاَ يَلْزَمُ مِمَّا قَالَ أَنَّ كُلَّ مَنْ رَوَى عَنْهُ -وَهُوَ عِنْدَهُ ثِقَةٌ- أَنْ يَكُوْنَ ثِقَةً عِنْد بَاقِي الحُفَّاظِ، فَقَدْ يَخفَى عَلَيْهِ مِنْ حَالِ شَيْخِه مَا يَظْهَرُ لِغَيْرِه، إِلاَّ أَنَّهُ بِكُلِّ حَالٍ كَثِيْرُ التَّحَرِّي فِي نَقْدِ الرِّجَالِ -رَحِمَهُ اللهُ.
ابْنُ البَرْقِيِّ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ كِنَانَةَ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: رُبَّمَا جَلَسَ إِلَيْنَا الشَّيْخُ، فَيُحُدِّثُ جُلَّ نَهَارِه، مَا نَأخُذُ عَنْهُ حَدِيْثاً وَاحِداً، وَمَا بِنَا أَنْ نَتَّهِمَهُ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ.
إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي: حَدَّثَنَا عَتِيْقُ بن يعقوب، سمعت مالكًا يقول: حدثنا بن شِهَابٍ بِبِضْعَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً، ثُمَّ قَالَ: أَعِدْهَا عليَّ، فَأَعَدتُ عَلَيْهِ مِنْهَا أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ، فَأَتَيْنَاهُ وَمَعَنَا رَبِيْعَةُ، فَحَدَّثَنَا بِنَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مِنَ الغَدِ، فَقَالَ: انْظُرُوا كِتَاباً حَتَّى أُحَدِّثَكُم مِنْهُ، أَرَأَيتُم مَا حَدَّثتُكُم بِهِ أَمْسُ، أيش في أيديكم منه? فقال ربيعة: ههنا مَنْ يَردُّ عَلَيْكَ مَا حَدَّثتَ بِهِ أَمْسُ. قَالَ: وَمَنْ هُوَ? قَالَ: ابْنُ أَبِي عَامِرٍ. قَالَ: هَاتِ. فَسَرَدَ لَهُ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً مِنْهَا. فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّهُ بَقِيَ من يحفظ هذا غيري.
قَالَ البُخَارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ: لِمَالِكٍ نَحْوٌ مِنْ أَلفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: أَرَادَ مَا اشْتُهِرَ لَهُ فِي "المُوَطَّأِ" وَغَيْرِه، وَإِلاَّ فَعِنْدَهُ شَيْءٌ كَثِيْرٌ، مَا كَانَ يَفْعَلُ أَنْ يَرْوِيَهُ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: رَحِمَ اللهُ مَالِكاً، مَا كَانَ أَشَدَّ انْتِقَادَهُ لِلرِّجَالِ.
ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَعِيْنٍ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا نَحْنُ عِنْدَ مَالِكٍ، إِنَّمَا كُنَّا نَتَّبِعُ آثَارَ مَالِكٍ، وَنَنظُرُ الشَّيْخَ، إِنْ كَانَ كَتَبَ عَنْهُ مَالِكٌ، كَتَبنَا عَنْهُ.
وَرَوَى طَاهِرُ بنُ خَالِدٍ الأَيْلِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ مَالِكٌ لاَ يُبَلِّغ مِنَ

(7/165)


الحَدِيْثِ إِلاَّ صَحِيْحاً، وَلاَ يُحَدِّثُ إِلاَّ عَنْ ثِقَةٍ، مَا أَرَى المَدِيْنَةَ إِلاَّ ستَخربُ بَعْدَ مَوْتِهِ -يَعْنِي: مِنَ العِلْمِ.
الطَّحَاوِيُّ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ -وَذَكَرَ حَدِيْثاً- فَقَالُوا: يُخَالِفُكَ فِيْهِ مَالِكٌ. فَقَالَ: أَتَقْرِنُنِي بِمَالِكٍ? مَا أَنَا وَهُوَ إلا كما قال جرير:
وَابْنُ اللَّبُوْنِ إِذَا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ
لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَنَاعِيْسِ1
ثُمَّ قَالَ يُوْنُسُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ القَرِيْنَانِ، وَلَوْلاَ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ، لَذَهَبَ عِلْمُ الحِجَازِ.
وَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ، وَغَيْرُه، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ بَعْدَ مَوْتِ نَافِعٍ بِسَنَةٍ، وَلِمَالِكِ بنِ أَنَسٍ حَلْقة.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، قَالَ: لَقَدْ كَانَ لِمَالِكٍ حَلْقَةٌ فِي حَيَاةِ نَافِعٍ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: سَأَلْتُ المُغِيْرَةَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ المَاجَشُوْنِ، فَرَفَعَ مَالِكاً، وَقَالَ: مَا اعْتَدَلاَ فِي العِلْمِ قَطُّ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنِي وُهَيْبٌ -وَكَانَ مِنْ أَبصَرِ النَّاسِ بِالحَدِيْثِ وَالرِّجَالِ- أَنَّهُ قَدِمَ المَدِيْنَةَ، قَالَ: فَلَمْ أَرَ أَحَداً إِلاَّ تَعْرِفُ وَتُنْكِرُ إِلاَّ مَالِكاً، وَيَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لاَ أُقَدِّمُ عَلَى مَالِكٍ فِي صِحَّةِ الحَدِيْثِ أَحَداً.
وَقَالَ ابْنُ لَهِيْعَةَ: قُلْتُ لأَبِي الأَسْوَدِ: مَنْ لِلرَّأيِ بَعْدَ رَبِيْعَةَ بِالمَدِيْنَةِ? قال: الغلام الأصبحي.
الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُوْلُ: لَوْلاَ أَنِّي أَدْرَكتُ مَالِكاً وَاللَّيْثَ، لَضَلَلْتُ.
هَارُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ ذَكَرَ اخْتِلاَفَ الحَدِيْثِ وَالرِّوَايَاتِ، فَقَالَ: لَوْلاَ أَنِّي لَقِيْتُ مَالِكاً، لضللت.
__________
1 ابن اللبون: ما أوفى على ثلاث سنين. لُزَّ: رُبط. القَرَن: الحبل الذي يشد به البعيران ونحوهما فيقرنان معا. البُزْل: جمع بازل: البعير الذي دخل في السنة التاسعة. والقناعيس: جمع قِنعاس: الجمل الضخم العظيم الشديد القوة. قال البغدادي في "خزانة الأدب": ضربه مثلا لمن يعارضه ويهاجيه، يقول: من رام إدراكي كان بمنزلة ابن اللبون إذا قرن في قرن مع البازل القنعاس، إن صال عليه لم يقدر على دفع صولته ومقاومته، وإن رام النهوض معه قصر عن عدوته.

(7/166)


وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَا فِي القَوْمِ أَصَحُّ حَدِيْثاً مِنْ مَالِكٍ، كَانَ إِمَاماً فِي الحَدِيْثِ. قَالَ: وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَوْقَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ: أَقَمْتُ عند مالك ثلاث سنين وكسرا، وسمعت من لفظه أكثر من سبعمائة حَدِيْثٍ، فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْ مَالِكٍ امْتَلأَ مَنْزِلُهُ، وَإِذَا حَدَّثَ عَنْ غَيْرِه مِنَ الكُوْفِيِّيْنَ، لَمْ يَجِئْهُ إِلاَّ اليَسِيْرُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ العَدَني: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: مَالِكٌ مُعَلِّمي، وَعَنْهُ أَخَذْتُ العِلْمَ.
وَعَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: كَانَ إِذَا شَكَّ فِي حَدِيْثٍ طَرَحَهُ كُلَّهُ.
أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُوْلُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ: صَاحِبُنَا أَعْلَمُ مِنْ صَاحِبِكُم -يُرِيْدُ أَبَا حَنِيْفَةَ وَمَالِكاً- وَمَا كَانَ لِصَاحِبِكُم أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَمَا كَانَ لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسكُتَ. فَغَضِبْتُ، وَقُلْتُ: نَشَدْتُكَ اللهَ مَنْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ، مَالِكٌ أَوْ صَاحِبُكُم? فَقَالَ: مَالِكٌ، لَكِنْ صَاحِبُنَا أَقْيَسُ. فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَمَالِكٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوْخِه وَبِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَمَنْ كَانَ أَعْلَمَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، كَانَ أَوْلَى بِالكَلاَمِ.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: ذَاكَرْتُ يَوْماً مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ، وَدَارَ بَيْنَنَا كَلاَمٌ وَاخْتِلاَفٌ، حَتَّى جَعَلتُ أَنْظُرُ إِلَى أَوْدَاجِه تَدِرُّ، وَأَزْرَارِهِ تَتَقَطَّعُ، فَقُلْتُ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ، تَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا كَانَ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ? قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قُلْتُ: وَكَانَ عَالِماً باخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ? قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: أَئِمَّةُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِم أَرْبَعَةٌ: الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعقَلَ مِنْ مَالِكٍ.
يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ مَالِكاً -وَقَالَ لَهُ ابْنُ القَاسِمِ: لَيْسَ بَعْدَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالبُيُوْعِ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ- فَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَيْنَ عَلِمُوا ذَلِكَ? قَالَ: مِنْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ. فَقَالَ: مَا أَعْلَمُهَا أَنَا، فكيف يعلمونها بي?
وَعَنْ مَالِكٍ، قَالَ: جُنَّة العَالِمِ: "لاَ أَدْرِي"، فَإِذَا أَغفَلَهَا أُصِيْبَتْ مَقَاتِلُهُ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَتْ حَلْقَةُ مَالِكٍ فِي زَمَنِ رَبِيْعَةَ مِثْلَ حَلْقَةِ رَبِيْعَةَ وَأَكْبَرَ، وَقَدْ أَفْتَى مَعَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ.

(7/167)


الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَالَ: لَمَّا أَجْمَعتُ التَّحوِيلَ عَنْ مَجْلِسِ رَبِيْعَةَ، جَلَسْتُ أَنَا وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فَلَمَّا قَامَ رَبِيْعَةُ، عَدَلَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: يَا مَالِكُ، تَلعَبُ بِنَفْسِك زَفَنْتَ1، وَصَفَّقَ لَكَ سُلَيْمَانُ، بَلَغتَ إِلَى أَنْ تَتَّخِذَ مَجْلِساً لِنَفْسِكَ?! ارْجِعْ إِلَى مَجْلِسِكَ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ جَمِيْلٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً سُئِلَ عَنْ ثمانٍ وَأَرْبَعِيْنَ مَسْأَلَةً، فَأَجَابَ فِي اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ مِنْهَا بِـ: لاَ أَدْرِي.
وَعَنْ خَالِدِ بنِ خِدَاشٍ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى مَالِكٍ بِأَرْبَعِيْنَ مَسْأَلَةً، فَمَا أَجَابَنِي مِنْهَا إِلاَّ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ يَزِيْدَ بنِ هُرْمُزَ يَقُوْلُ: يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يُورِّثَ جُلَسَاءهُ قَوْلَ: "لاَ أَدْرِي"، حَتَّى يَكُوْنَ ذَلِكَ أَصْلاً يَفْزَعُوْنَ إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: صَحَّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ: "لاَ أَدْرِي" نِصْفُ العلم.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ رُمْحٍ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّ مَالِكاً وَاللَّيْثَ يَخْتَلِفَانِ، فَبِأَيِّهُمَا آخُذُ? قَالَ: "مَالِكٌ, مَالِكٌ".
أَشْهَبُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَافَيْتُهُ يَخطُبُ، إِذْ أَقْبَلَ مَالِكٌ، فَلَمَّا أَبصرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إليَّ، إليَّ" فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنْهُ، فَسَلَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمَهُ مِنْ خِنْصَرِهِ، فَوَضَعَهُ فِي خِنْصَرِ مَالِكٍ.
مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمَّادٍ الزُّهْرِيُّ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: قَالَ لِي المَهْدِيُّ: ضَعْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ كِتَاباً أَحْمِلُ الأُمَّةَ عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، أَمَّا هَذَا الصُّقع -وَأَشَرتُ إِلَى المَغْرِبِ- فَقَدْ كُفِيْتَهُ، وَأَمَّا الشَّامُ، فَفِيْهُم مَنْ قَدْ عَلِمتَ -يَعْنِي: الأَوْزَاعِيَّ- وَأَمَّا العِرَاقُ, فَهُم أَهْلُ العِرَاقِ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، سَمِعْتُ بن عمر مَالِكاً يَقُوْلُ: لَمَّا حَجَّ المَنْصُوْرُ، دَعَانِي، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَحَادَثْتُه، وَسَأَلَنِي، فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: عَزمتُ أَنْ آمُرَ بِكُتُبِكَ هَذِهِ -يَعْنِي: "المُوَطَّأَ"- فَتُنسَخَ نُسَخاً، ثُمَّ أَبعَثَ إِلَى كُلِّ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ المُسْلِمِيْنَ بِنُسخَةٍ، وَآمُرَهُم أَنْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيْهَا، وَيَدَعُوا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ العِلْمِ المُحْدَثِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ أَصْلَ العِلْمِ رِوَايَةُ أَهْلِ المَدِيْنَةِ وَعِلْمُهُم. قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ لاَ تَفْعَلْ، فإن الناس قد سيقت إليهم أقاويل،
__________
1 زفنت: الزفن: الرقص.

(7/168)


وَسَمِعُوا أَحَادِيْثَ، وَرَوَوْا رِوَايَاتٍ، وَأَخَذَ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا سِيقَ إِلَيْهِم، وَعَمِلُوا بِهِ، وَدَانُوا بِهِ، مِنِ اخْتِلاَفِ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَغَيْرِهم، وَإِنَّ رَدَّهُم عَمَّا اعْتَقَدُوْهُ شَدِيْدٌ، فَدَعِ النَّاسَ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ، وَمَا اختار أهل كل بلد لأَنْفُسِهِم. فَقَالَ: لَعَمْرِي، لَوْ طَاوَعْتَنِي لأمَرتُ بِذَلِكَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مِسْكِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ، قَالاَ: سَمِعْنَا مَالِكاً يَذْكُرُ دُخُوْلَهُ عَلَى المَنْصُوْرِ، وَقَوْلَهُ فِي انْتِسَاخِ كُتُبِهِ، وَحَمْلِ النَّاسِ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: قَدْ رَسَخَ فِي قُلُوْبِ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ مَا اعْتَقَدُوْهُ وَعَمِلُوا بِهِ، وردُّ العَامَّةِ عَنْ مِثْلِ هَذَا عَسِيْرٌ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ مَالِكٌ يَجْلِسُ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى ضِجَاعٍ وَنَمَارِقَ مَطْرُوْحَةٍ يَمنَةً وَيَسرَةً فِي سَائِرِ البَيْتِ لِمَنْ يَأْتِي، وَكَانَ مَجْلِسُه مَجْلِسَ وَقَارٍ وَحِلْمٍ، وَكَانَ مَهِيْباً نَبِيْلاً، لَيْسَ فِي مَجْلِسِهِ شَيْءٌ مِنَ المِرَاءِ وَاللَّغَطِ، وَكَانَ الغُربَاءُ يَسْأَلونُهُ عَنِ الحَدِيْثِ، بَعْدَ الحَدِيْثِ وَرُبَّمَا أَذِنَ لِبَعْضِهِم، فَقَرَأَ عَلَيْهِ، وَكَانَ لَهُ كَاتِبٌ يُقَالُ لَهُ: حَبِيْبٌ. قَدْ نَسَخَ كُتُبَهُ، وَيَقْرَأُ لِلْجَمَاعَةِ، فَإِذَا أَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَكَانَ ذَلِكَ قَلِيْلاً.
أَبُو زُرْعة: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِر، قَالَ لِي مَالِكٌ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! ذَهَبَ النَّاسُ، لَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَغَيْرُكَ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ، فَرَأَيْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يُقَبِّلُوْنَ يَدَهُ، وَعُوْفِيْتُ، فَلَمْ أُقَبِّلْ لَهُ يَداً.
المِحْنة:
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ: كَانَ مَالِكٌ قَدْ ضُرِبَ بِالسِّيَاطِ، وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ، فَحَدَّثَنِي العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا ابن ذكوان، عن مروان الطَّاطَرِيِّ: أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ نَهَى مَالِكاً عَنِ الحَدِيْثِ: "لَيْسَ عَلَى مُسْتَكْرَهٍ طَلاَقٌ" 1. ثُمَّ دَسَّ إليه من يسأله، فحدثه به على رءوس الناس، فضربه بالسياط.
__________
1 علقه البخاري في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الاغلاق والكره والسكران والمجنون، ولفظه عن ابن عباس قال: "طلاق السكران والمستكره ليس بجائز". قال الحافظ في الفتح "9/ 391-392": وصله ابن أبي شيبة "5/ 48" وسعيد بن منصور جميعا عن هشيم، عن عبد الله بن طلحة الخزاعي، عن أبي يزيد المزني، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "ليس لسكران ولا لمضطهد طلاق"، والمضطهد بضاد معجمة ساكنة ثم طاء مهملة مفتوحة ثم هاء مهملة هو المغلوب المقهور، وأخرجه أبو داود "2193"، وابن ماجه "2046"، والحاكم "2/ 198"، والبيهقي "7/ 357" وأحمد "6/ 276" من طرق عن محمد بن إسحاق قال: حدثني ثور بن يزيد الحمصي، عن محمد بن عبيد بن أبي صالح المكي قال: حججت مع عدي بن عدي الكندي فبعثني إلى صفية بنت شيبة ابنة عثمان صاحب الكعبة أسألها عن أشياء سمعتها من عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكان فيما حدثتني أنها سمعت عَائِشَةَ تَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق". وهو حديث حسن له طرق يرتقي بها إلى مرتبة الحسن عند الدارقطني والبيهقي والحاكم، لولا ضيق المقام لفصلنا الكلام عليها تفصيلا.
وقوله: "في إغلاق". قال أبو داود: الإغلاق أظنه في الغضب. وقال ابن الأثير في "النهاية": في إغلاق: أي في إكراه، لأن المكره مغلق عليه في أمره ومضيق عليه في تصرفه كما يغلق الباب على الإنسان.

(7/169)


وَحَدَّثَنَا العَبَّاسُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمَّادٍ: أَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى مَالِكٍ إِذَا أُقِيْمَ مِنْ مَجْلِسِهِ، حَمَلَ يَدَهُ بِالأُخْرَى.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا الواقدي، قال: ما دُعِيَ مَالِكٌ، وشُووِرَ، وَسُمِعَ مِنْهُ، وَقُبِلَ قَوْلُهُ، حُسِدَ، وبَغَوه بِكُلِّ شَيْءٍ، فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ المَدِيْنَةَ، سَعَوْا بِهِ إِلَيْهِ، وَكَثَّرُوا عَلَيْهِ عِنْدَهُ، وَقَالُوا: لاَ يَرَى أَيْمَانَ بَيْعَتِكُم هَذِهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ يَأْخُذُ بِحَدِيْثٍ رَوَاهُ عَنْ ثَابِتِ بنِ الأَحْنَفِ فِي طَلاَقِ المُكْرَهِ: أَنَّهُ لاَ يَجُوْزُ عِنْدَهُ. قَالَ: فَغَضِبَ جَعْفَرٌ، فَدَعَا بِمَالِكٍ، فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِمَا رُفِعَ إِلَيْهِ عَنْهُ، فَأَمَرَ بِتَجرِيْدِه، وَضَرْبِهِ بِالسِّيَاطِ، وجُبْذَت يَدُهُ حَتَّى انخلعت من كَتِفِهِ، وَارتُكِبَ مِنْهُ أَمْرٌ عَظِيْمٌ، فَوَاللهِ مَا زَالَ مَالِكٌ بَعْدُ فِي رِفْعَةٍ وَعُلُوٍّ.
قُلْتُ: هَذَا ثَمَرَةُ المِحْنَةِ المَحْمُوْدَةِ، أَنَّهَا تَرفَعُ العَبْدَ عِنْدَ المُؤْمِنِيْنَ، وَبِكُلِّ حَالٍ فَهِيَ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيْنَا، وَيَعْفُو اللهُ عَنْ كَثِيْرٍ: "وَمَنْ يُرِدِ الله به خيرًا يصيب مِنْهُ" 1. وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ قَضَاءِ المُؤْمِنِ خَيْرٌ لَهُ" 2. وَقَالَ اللهُ -تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} [مُحَمَّدٌ: 31] . وَأَنْزَلَ -تَعَالَى- فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ قَوْلَهُ: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آلُ عِمْرَانَ: 165] . وَقَالَ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشُّوْرَى: 30] . فَالمُؤْمِنُ إِذَا امْتُحِنَ صَبَرَ وَاتَّعَظَ وَاسْتَغْفَرَ، وَلَمْ يَتَشَاغَلْ بِذَمِّ مِنِ انْتَقَمَ مِنْهُ، فَاللهُ حَكَمٌ مُقْسِطٌ، ثُمَّ يَحْمَدُ اللهَ عَلَى سَلاَمَةِ دِيْنِه، وَيَعْلَمُ أَنَّ عُقُوْبَةَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ وَخَيْرٌ لَهُ.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: أَلَّفَ فِي مَنَاقِبِ مَالِكٍ -رَحِمَهُ الله- جماعة منهم القاضي أبو
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 941"، ومن طريقه البخاري "5645"، وأحمد "2/ 237"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "344"، والبغوي "1420"، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي صعصعة أنه قال: سمعت سعيد بن يسار أبا الحباب يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فذكره.
2 حسن: أخرجه أحمد "3/ 117 و184" و"5/ 24"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "596" عن ثعلبة بن عاصم، عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ: "عجبت للمؤمن إن الله لم يقض قضاء إلا كان خيرا له".

(7/170)


عبد الله التُّسْتَري1 المالكي، له في ثلاثة مُجَلَّدَاتٍ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ فِهْرٍ المِصْرِيُّ2، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ القَاضِي، وَأَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ الحَافِظُ، وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، وَأَبُو عُلاَثَةَ مُحَمَّدُ بن أبي غسان، وَابْنُ حَبِيْبٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الجَارُوْدِ، وَأَحْمَدُ بنُ رِشْدِيْنَ، وَأَبُو عَمْرٍو المُغَامِيُّ3، وَالحَسَنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الضَّرَابُ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ مُنتاب، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ شَعْبَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ اليَقْطِيْنِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ بنُ الجبَّان، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ رَوْزَبة الدِّمَشْقِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الزَّنْكَانِيُّ4، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ الدِّيْنَورِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الفَضْلِ القُشيري، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ اللَّبَّادِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي زَيْدٍ، وَالحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكي، وَأَبُو عُمَرَ بنُ حَزْمٍ الصَّدَفِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَالقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ نَصْرٍ، وَابْنُ الإِمَامِ التُّطَيلي، وَابْنُ حَارِثٍ القَرَوِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ، وَأَبُو مَرْوَانَ بنُ أَصْبَغَ.
وَقَدْ جَمَعَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ كِتَاباً كَبِيْراً فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ، وَشَيْءٍ مِنْ رِوَايَتِهم عَنْهُ.
قُلْتُ: وَلِلْحَافِظِ أَبِي نُعيم تَرْجَمَةٌ طُوْلَى فِي "الحِلْيَة" لِمَالِكٍ.
وَمِمَّنْ أَلَّفَ فِي الرُّوَاةِ عَنْهُ: الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مُفَرّج، وَالإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي دُلَيم، وَعَبْدُ الرحمن بن محمد البكري.
قَالَ عِيَاضٌ: وَاسْتَقْصَيْنَا كِتَابَنَا هَذَا فِي أَخْبَارِ مَالِكٍ مِنْ تَصَانِيْفِ المُحَدِّثِيْنَ: كَكُتُبِ البُخَارِيِّ، وَالزُّبَيْرِ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَوَكِيْعٍ القَاضِي، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَابْنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ، والصُّولي، وَأَحْمَدَ بنِ كَامِلٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ يُوْنُسَ الصَّدَفي، وَأَبِي عُمَرَ الكِنْدِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ الصَّدَفِيِّ القُرْطُبِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ حَارِثٍ القَرَوِيِّ، وَأَبِي العَرَبِ التَّمِيْمِيِّ، وَأَبِي إسحاق بن
__________
1 القاضي أبو عبد الله التستري المالكي، هو محمد بن أحمد بن عمر التستري المتوفى سنة "345هـ" ترجمته في "الديباج المذهب" لابن فرحون المالكي "2/ 193".
2 أبو الحسن بن فهر المصري، هو علي بن الحسين بن محمد بن العباس، ترجمته في "الديباج المذهب" لابن فرحون المالكي "2/ 104".
3 أبو عمرو المغامي، نسبة إلى مُغامة، مدينة بالأندلس، اسمه يوسف بن يحيى بن يوسف الأزدي من أهل قرطبة، توفي سنة "288هـ" ترجمته في "نفح الطيب" للتلمساني "2/ 520".
4 هو: محمد بن أحمد بن سهل القاضي البصري، أبو عبد الله الزنكاني القاضي كما في "الديباج المذهب" لابن فرحون المالكي "2/ 183".

(7/171)


الرَّفِيْقِ الكَاتِبِ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ البَصْرِيِّ فِي القُرَوِيِّينَ، وَتَارِيْخِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ المَالِكِيِّ فِي القُرَوِيِّينَ. وَتَوَارِيْخِ الأَنْدَلُسِ: كَكِتَابِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ البَرِّ، وَكِتَابِ "الاحْتِفَالِ" لأَبِي عُمَرَ بنِ عَفِيْفٍ، وَ"الانْتِخَابِ" لأَبِي القَاسِمِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَتَارِيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الفَرضي، وَتَوَارِيْخِ أَبِي مَرْوَانَ، وَابْنِ حَيَّان، وَالرَّازِيِّ، وَكِتَابِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُظَاهر، وَمَا وَقَعَ إليَّ مِنْ تَارِيْخ الخَطِيْبِ فِي البَغْدَادِيِّينَ، وَكِتَابِ أَبِي نَصْرٍ الأَمِيْرِ، وَطَبَقَاتِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيِّ، وَكِتَابِ ابْنِ عَبْدِ البَرِّ فِي الأَئِمَّةِ الثَّلاَثَةِ، وَرُوَاتِهِم.
قَالَ القَاضِي: وَحَقَّقْنَا مَنْ رَوَى "المُوَطَّأَ" عَنْ مَالِكٍ، وَمَنْ نَصَّ عَلَيْهِم أَصْحَابُ الأَثَرِ وَالنُّقَّادُ: ابْنُ وَهْبٍ, ابْنُ القاسم، محمد بن الحسن، الغاز ابن قَيْسٍ، زِيَادٌ شَبَطُون، الشَّافِعِيُّ، القَعْنَبِيُّ، مَعْنُ بنُ عيسى، عبد الله بن يُوْسُفَ، يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ، يَحْيَى بنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ، يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ اليَسَارِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ، مُوْسَى بنُ طَارِقٍ، أَسَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ الصُّوْرِيُّ، أَبُو مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ، حَبِيْبٌ كَاتِبُ اللَّيْثِ، قَرَعوس بنُ العَبَّاسِ، أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الحَرَّاني، يَحْيَى بنُ صَالِحٍ الوُحَاظِيُّ، يَحْيَى بنُ مُضَرَ، سَعِيْدُ بنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ، مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ، أَبُو مُصْعَبٍ الزهري، سويد بن سعيد، سعيد ابن أَبِي مَرْيَمَ، سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، عَلِيُّ بنُ زِيَادٍ التُّوْنُسِيُّ، قُتَيْبة بنُ سَعِيْدٍ الثَّقَفِيُّ، عَتِيْقُ بنُ يَعْقُوْبَ الزُّبَيْرِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ شَرُّوْسٍ الصَّنْعَانِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ عِيْسَى بنِ الطَّباع، خَالِدُ بنُ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ، إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَأَخُوْهُ أَبُو بَكْرٍ، عِيْسَى بنُ شَجَرَةَ المَغْرِبِيُّ، بَرْبَرٌ المُغَنِّي وَالِدُ الزُّبَيْرِ بنِ بَكَّارٍ، أَبُو حُذَافَةَ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ السَّهْمِيُّ.
خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ: قِيْلَ: إِنَّ زَكَرِيَّا بنَ دُوَيْدٍ الكِنْدِيَّ لَقِيَ مَالِكاً، وَلَكِنَّهُ كَذَّابٌ، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَمَائَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ بَنَى الخَطِيْبُ فِي كِتَابِ: "السَّابِقِ وَاللاَّحِقِ"، خَلَفُ بنُ جَرِيْرٍ القَرَوِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى السَّبَائِيُّ، مُحْرِزُ بنُ هَارُوْنَ، سَعِيْدُ بنُ عَبْدُوْسٍ، عَبَّاسُ بنُ نَاصِحٍ، عُبَيْدُ بنُ حَيَّانَ الدِّمَشْقِيُّ، أَيُّوْبُ بنُ صَالِحٍ الرَّمْلِيُّ، حَفْصُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَخُوْهُ حَسَّانٌ، يَحْيَى وَفَاطِمَةُ وَلَدَا مَالِكٍ، سُلَيْمَانُ بنُ بُرد، عَبْدُ الرحمن بن خَالِدٍ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ هِنْدٍ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْدَلُسِيُّ.
وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ قَاضِي البَصْرَةِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ رَوَى "المُوَطَّأَ" عَنْ مَالِكٍ إِجَازَةً. وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا يُوْسُفَ القَاضِي رَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مَالِكٍ، وَمَا زَالَ العُلَمَاءُ قَدِيْماً وَحَدِيْثاً لَهُم أَتَمُّ اعْتنَاءٍ بِرِوَايَةِ "المُوَطَّأِ"، وَمَعْرِفَتِه، وَتَحصِيْلِه. وَقَدْ جَمَعَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي أَحَادِيْثَ "المُوَطَّأِ" عَنْ رِجَالِهِ، عَنْ مَالِكٍ وَسَائِرِ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ حديث مالك.

(7/172)


وَأَلَّفَ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ الحَافِظُ حَدِيْثَ مَالِكٍ، وَأَبُو القَاسِمِ الجَوْهَرِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ القَابِسِيُّ عَمِلَ "المُلَخَّصَ"، وَحَفِظَهُ خَلْقٌ مِنَ الطَّلَبَةِ. وَأَلَّفَ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ "مُسْنَدَ المُوَطَّآتِ"، وَأَلَّف أَبُو بَكْرٍ القَبَّابُ حَدِيْثَ مَالِكٍ. وَلأَبِي الحَسَنِ بنِ حَبِيْبٍ السِّجلْماسي1 "مُسْنَدُ المُوَطَّأِ"، وَلِفُلاَنٍ المُطَرِّزِ، وَلأَبِي عَبْدِ اللهِ الجِيْزِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ بُندار الفَارِسِيِّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَابْنِ مُفرِّج.
وَأَلَّفَ النَّسَائِيُّ "مُسْنَدَ مَالِكٍ"، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَامِعٍ السُّكَّرِيُّ، وَابْنُ عُفير، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ السَّرَّاجُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو العَرَبِ التَّمِيْمِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَالحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ الأَنْدَلُسِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، لَهُ "التَّقَصِّي"، وَمُحَمَّدُ بنُ عَيْشُوْنَ الطُّلَيْطُلِيُّ.
وَأَلَّفَ "مُسْنَدَ مَالِكٍ" أَبُو القَاسِمِ الجَوْهَرِيُّ -وَذَلِكَ غير ما في "المُوَطَّأِ"- وَالحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ أَبِي عِمْرَانَ الهَرَوِيُّ. وَعَمِلَ الدَّارَقُطْنِيُّ كِتَابَ "اخْتِلاَفَاتِ المُوَطَّأِ".
وَأَلَّفَ دَعْلَج السِّجزي "غَرَائِبَ حَدِيْثِ مَالِكٍ"، وَابْنُ الجَارُوْدِ، وَقَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ.
وَعَمِلَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضاً الأَحَادِيْثَ الَّتِي خُوْلِفَ فِيْهَا مَالِكٌ. وَلأَبِي بَكْرٍ البَزَّارِ مُؤَلَّفٌ فِي ذَلِكَ. وَعَمِلَ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ الحَافِظُ مَا وَصَلَهُ مَالِكٌ خَارِجَ مُوَطَّئِهِ. وَأَلَّفَ أَبُو عُمَرَ بنُ نَصْرٍ الطُّلَيْطُلِيُّ "مُسْنَدَ المُوَطَّأِ"، وَكَذَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ فَرْضَخٍ الإِخْمِيْمِيُّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْر، وَأُسَامَةُ بنُ عَلِيٍّ المِصْرِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ الحَمَّالُ الحَافِظُ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ السَّلِيْمِ أَفرَدَ مَا لَيْسَ فِي "المُوَطَّأِ".
وَعَمِلَ أَبُو الحَسَنِ بنُ أَبِي طَالِبٍ العَابِرُ كِتَابَ "موطَّأ الموطَّأ". وَعَمِلَ الدَّارَقُطْنِيُّ الخَطِيْبُ "أَطْرَافَ الموطَّأ".
وَعَمِلَ لَهُ شَرْحاً: يَحْيَى بنُ مُزينٍ الفَقِيْهُ، وَلَهُ كِتَابٌ فِي رِجَالِه.
وَلابْنِ وَهْبٍ فِيْهِ شَرحٌ، وَلِعِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ، وَلِعَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ الصَّائِغِ، وَلِحَرْمَلَةَ، وَلابْنِ حَبِيْبٍ، وَلِمُحَمَّدِ بنِ سُحْنُوْنَ.
وَلِمُسْلِمٍ مُؤَلَّفٌ في شيوخ مالك.
__________
1 نسبة إلى سلجماسة، مدينة في جنوب المغرب.

(7/173)


وَللبَرْقِيِّ "رِجَالُ المُوَطَّأِ"، وَلِلطَّلَمَنْكِيِّ1، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بن الحذاء، وَلأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَلأَحْمَدَ بنِ عِمْرَانَ الأَخْفَشِ فِي غَرِيْبِهِ.
وَلِلْبَرْقِيِّ، وَلِلْغَسَّانِيِّ المِصْرِيِّ، وَلأَبِي جَعْفَرٍ الدَّاوُوْدِيِّ، وَلأَبِي مَرْوَانَ القَنَازِعِيِّ، وَلأَبِي عَبْدِ المَلِكِ البُوْنِيِّ2.
وَجَمَعَ ابْنُ جَوْصَا بَيْنَ "المُوَطَّأِ" رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ القَاسِمِ، وَلِغَيْرِهِ جَمعٌ بَيْنَ رِوَايَةِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَبِي مُصْعَبٍ.
وَلابْنِ عَبْدِ البَرِّ شَرْحَانِ، وَهُمَا "التَّمْهِيْدُ"، و"الاسْتِذْكَارُ"، وَلَهُ كِتَابُ "مَا رَوَاهُ مَالِكٌ خَارِجَ المُوَطَّأِ".
وَعَمِلَ عَلَى "المُوَطَّأِ" أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ كِتَابَ: "الإِيْمَانِ"، وَكِتَابَ: "المُنْتَقَى"، وَعَمِلَ كِتَابَ: "الاسْتِيفَاءِ" طَوِيْلٌ جِدّاً، وَلَمْ يُتِمَّه.
وَشَرَحَه أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الصَّفَّارِ فِي كِتَابٍ اسْمُهُ: "المُوعِب". لَمْ يُتِمَّهُ. وَكِتَابُ: "المُحَلَّى فِي شَرِحِ المُوَطَّا" لِلْقَاضِي مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ خَلِيْفَةَ.
وَلأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ حَزْمٍ شَرحٌ. وَلأَبِي بَكْرٍ بنِ سَائِقٍ شَرحٌ. وَلابْنِ أَبِي صُفْرَةَ شَرحٌ. وَلأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الحَاجِّ القَاضِي شَرحٌ. وَلِشَيْخِنَا أبي الوليد ابن العَوَّادِ "الجَمْعُ بَيْنَ التَّمْهِيْدِ وَالاسْتِذْكَارِ" مَا تَمَّ.
وَلأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ السَّيِّدِ البَطَلْيَوْسِيِّ شَرحٌ كَبِيْرٌ.
ولابن عيشون: "توجيه الموطأ".
وَلِعُثْمَانَ بنِ عَبْدِ رَبِّهِ المَعَافِرِيِّ الدَّبَّاغِ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ عَلَى أَبْوَابِ "المُوَطَّأِ".
وَلأَبِي القَاسِمِ بنِ الجدِّ: "اخْتِصَارُ التَّمْهِيْدِ".
وَلِحَازِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَازِمٍ كِتَابُ "السَّافِرِ عَنْ آثَارِ المُوَطَّأِ".
و"تَفْسِيْرُ المُوَطَّأِ" لأَبِي الحَسَنِ الإِشْبِيْلِيِّ. وَتَفْسِيْرٌ لابن شراحيل.
__________
1 هو: أبو عمر الطلمنكي، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عيسى، نسبة إلى طلمنكة ثغر بالأندلس الشرقي. ترجمته في "ترتيب المدارك" للقاضي عياض "4/ 749".
2 ترجمته في "ترتيب المدارك" للقاضي عياض "4/ 709" واسمه مروان بن علي القطان الأندلسي، سكن بونة من بلاد إفريقية، وكان من الفقهاء الحاذقين.

(7/174)


وَلِلطَّلَمَنْكِيِّ تَفْسِيْرٌ، لَمْ يَتِمَّ. وَ"شَرْحُ مُسْنَدِ المُوَطَّأِ" لِيُوْنُسَ بنِ مُغِيْثٍ.
وَلِلْمُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفرة فِي ذَلِكَ. وَلأَخِيْهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ في ذلك.
وللقاضي لأبي بَكْرٍ بنِ العَرَبِيِّ كِتَابُ: "القَبَسِ فِي شَرْحِ المُوَطَّأِ".
وَلأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ يَرْبُوْعٍ الحَافِظِ كِتَابٌ على معرفة رجال "الموطأ".
ولعاصم النحوي شرح لَمْ يَكْمُلْ. وَلأَبِي بَكْرٍ بنِ مَوْهِبٍ القِيْرِيِّ "شَرْحُ الملخَّصِ" فِي مُجَلَّدَاتٍ.
فَصْلٌ:
ولِمَالِكٍ -رَحِمَهُ اللهُ- رِسَالَةٌ فِي القَدَرِ، كَتَبَهَا إِلَى ابْنِ وَهْبٍ، وَإِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ.
وَلَهُ مُؤَلَّفٌ: فِي النُّجُوْمِ وَمَنَازِلِ القَمَرِ، رَوَاهُ سُحْنُوْنُ، عَنِ ابْنِ نَافِعٍ الصائغ، عنه مشهور.
وَرِسَالَةٌ فِي الأَقْضِيَةِ، مُجَلَّدٌ، رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ مَطْرُوْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الجَلِيْلِ.
وَرِسَالَةٌ إِلَى أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بنِ مُطَرِّفٍ.
وَرِسَالَةُ آدَابٍ إِلَى الرَّشِيْدِ، إِسْنَادُهَا مُنْقَطِعٌ، قَدْ أَنْكَرَهَا إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَغَيْرُهُ، وَفِيْهَا أَحَادِيْثُ لاَ تُعرَفُ. قُلْتُ: هَذِهِ الرِّسَالَةُ مَوْضُوْعَةٌ. وَقَالَ القَاضِي الأَبْهَرِيُّ: فِيْهَا أَحَادِيْثُ لَوْ سَمِعَ مَالِكٌ مَنْ يُحَدِّثُ بِهَا لأَدَّبَهُ.
وَلَهُ جُزْءٌ فِي التَّفْسِيْرِ يَرْوِيْهِ خَالِدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيُّ، يَرْوِيْهِ القَاضِي عِيَاضٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المُقْرِئِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ المَصِّيْصِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، بِإِسْنَادِهِ.
وَكِتَابُ "السِّرِّ" مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ القَاسِمِ، عَنْهُ، رَوَاهُ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ العُثْمَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ وَزِيْرٍ الجَرَوي، عَنِ الحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنٍ، عَنْهُ.
قُلْتُ: هُوَ جُزْءٌ وَاحِدٌ، سَمِعَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ المِصْرِيُّ، مِنْ مُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ العَكرِيِّ، حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ الرُّعَيْني، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَأَبُو زَيْدٍ بنُ أَبِي الغِمْر، قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ القَاسِمِ.
قَالَ: ورسالةٌ إِلَى اللَّيْثِ فِي إِجمَاعِ أَهْلِ المدينة، معروفة.

(7/175)


فَأَمَّا مَا نَقَلَ عَنْهُ كِبَارُ أَصْحَابِهِ مِنَ المَسَائِلِ، وَالفَتَاوَى وَالفَوَائِدِ، فَشَيْءٌ كَثِيْرٌ. وَمِنْ كُنُوْزِ ذَلِكَ "المُدَوَّنَةُ"، وَ"الوَاضِحَةُ"، وَأَشْيَاءُ.
قَالَ مَالِكِيٌّ: قَدْ نَدَرَ الاجْتِهَادُ اليَوْمَ، وَتَعَذَّرَ, فَمَالِكٌ أَفْضَلُ مَنْ يُقَلَّدُ، فَرَجَّحَ تَقْلِيْدَهُ.
وَقَالَ شَيْخٌ: إِنَّ الإِمَامَ لِمَنِ التَزَمَ بِتَقلِيْدِهِ، كَالنَّبِيِّ مَعَ أُمَّتِهِ، لاَ تَحِلُّ مُخَالَفَتُهُ.
قُلْتُ: قَوْلُهُ لاَ تَحِلُّ مُخَالَفَتُه: مُجَرَّدُ دَعْوَى وَاجْتِهَادٍ بِلاَ مَعْرِفَةٍ، بَلْ لَهُ مُخَالَفَةُ إِمَامِهِ إِلَى إِمَامٍ آخَرَ، حُجَّتُهُ فِي تِلْكَ المَسْأَلَةِ أَقوَى، لاَ بَلْ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ الدَّلِيْلِ فِيْمَا تَبَرهَنَ لَهُ، لاَ كَمَنْ تَمَذْهَبَ لإِمَامٍ، فَإِذَا لاَحَ لَهُ مَا يُوَافِقُ هَوَاهُ، عَمِلَ بِهِ مِنْ أَيِّ مَذْهَبٍ كَانَ، وَمَنْ تَتَبَّعَ رُخَصَ المَذَاهِبِ، وَزَلاَّتِ المُجْتَهِدِيْنَ، فَقَدْ رَقَّ دِيْنُهُ، كَمَا قَالَ الأَوْزَاعِيُّ أَوْ غَيْرُهُ: مَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ المَكِّيِّيْنَ فِي المُتْعَةِ، وَالكُوْفِيِّيْنَ فِي النَّبِيذِ، وَالمَدَنِيِّينَ فِي الغِنَاءِ، وَالشَّامِيِّينَ فِي عِصْمَةِ الخُلَفَاءِ، فَقَدْ جَمَعَ الشَّرَّ. وَكَذَا مَنْ أَخَذَ فِي البُيُوْعِ الرَّبَوِيَّةِ بِمَنْ يَتَحَيَّلُ عَلَيْهَا، وَفِي الطَّلاَقِ وَنِكَاحِ التَّحْلِيْلِ بِمَنْ تَوسَّعَ فِيْهِ، وَشِبْهِ ذَلِكَ، فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلانحِلاَلِ، فَنَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ وَالتَّوفِيْقَ.
وَلَكِنْ: شَأْنُ الطَّالِبِ أَنْ يَدْرُسَ أَوَّلاً مُصَنَّفاً فِي الفِقْهِ، فَإِذَا حَفِظَهُ، بَحَثَهُ، وَطَالَعَ الشُّرُوحَ، فَإِنْ كَانَ ذَكِيّاً، فَقِيْهَ النَّفْسِ، وَرَأَى حُجَجَ الأَئِمَّةِ، فَلْيُرَاقِبِ اللهَ، وَلْيَحْتَطْ لِدِيْنِهِ، فَإِنَّ خَيْرَ الدِّيْنِ الوَرَعُ، وَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ، فَقَدِ اسْتَبرَأَ لِدِيْنِهِ وَعِرْضِهِ، وَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ.
فَالمُقَلَّدُوْنَ صحَابَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَرْطِ ثُبُوْتِ الإِسْنَادِ إِلَيْهِم، ثُمَّ أَئِمَّةُ التَّابِعِيْنَ كَعَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوْقٍ، وَعَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعُرْوَةَ، وَالقَاسِمِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالحَسَنِ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ، وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
ثُمَّ كَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَرَبِيْعَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
ثُمَّ كَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٍ، وَابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالحَمَّادَيْنِ، وَشُعْبَةَ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ المَاجِشُوْنِ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ.
ثُمَّ كَابْنِ المُبَارَكِ، وَمُسْلِمٍ الزَّنْجِيِّ، وَالقَاضِي أَبِي يُوْسُفَ، والهِقْل بنِ زِيَادٍ، وَوَكِيْعٍ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَطَبَقَتِهِم.
ثُمَّ كَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالبُوَيْطِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ.
ثُمَّ كَالمُزَنِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الأَثْرَمِ، وَالبُخَارِيِّ وَدَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ القَاضِي.

(7/176)


ثُمَّ كَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبِي عَبَّاسٍ بنِ سُرَيْجٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ المُنْذِرِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الخَلاَّلِ.
ثُمَّ مِنْ بَعْدِ هَذَا النَّمَطِ تَنَاقَصَ الاجْتِهَادُ، وَوُضِعَتِ المُخْتَصَرَاتُ، وَأَخلَدَ الفُقَهَاءُ إِلَى التَّقْلِيْدِ، مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي الأَعْلَمِ، بَلْ بِحَسبِ الاتِّفَاقِ، وَالتَّشَهِّي، وَالتَّعْظِيْمِ، وَالعَادَةِ، وَالبَلَدِ. فَلَو أَرَادَ الطَّالِبُ اليَوْمَ أَنْ يَتَمَذْهَبَ فِي المَغْرِبِ لأَبِي حَنِيْفَةَ، لَعَسُرَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَمَذْهَبَ لابْنِ حَنْبَلٍ بِبُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ، لَصَعُبَ عَلَيْهِ، فَلاَ يَجِيْءُ مِنْهُ حَنْبَلِيٌّ، وَلاَ مِنَ المَغْرِبِيِّ حَنَفِيٌّ، وَلاَ مِنَ الهِنْدِيِّ مَالِكِيٌّ. وَبِكُلِّ حَالٍ: فَإِلَى فِقْهِ مَالِكٍ المُنْتَهَى، فَعَامَّةُ آرَائِهِ مُسَدَّدَةٌ، وَلَو لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلاَّ حَسمُ مَادَةِ الحِيَلِ، وَمُرَاعَاةُ المَقَاصِدِ، لَكَفَاهُ.
وَمَذْهَبُهُ قَدْ مَلأَ المَغْرِبَ وَالأَنْدَلُسَ، وَكَثِيْراً مِنْ بِلاَدِ مِصْرَ، وَبَعْضَ الشَّامِ، وَالِيَمَنَ، وَالسُّوْدَانَ، وَبِالبَصْرَةِ، وَبَغْدَادَ، وَالكُوْفَةِ، وَبَعْضِ خُرَاسَانَ.
وَكَذَلِكَ اشْتُهِرَ مَذْهَبُ الأَوْزَاعِيِّ مُدَّةً، وَتَلاَشَى أَصْحَابُهُ، وَتَفَانَوْا. وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ سَمَّيْنَا، وَلَمْ يَبْقَ اليَوْمَ إِلاَّ هَذِهِ المَذَاهِبُ الأَرْبَعَةُ. وَقَلَّ مَنْ يَنهَضُ بِمَعْرِفَتِهَا كَمَا يَنْبَغِي، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَكُوْنَ مُجْتَهِداً.
وَانْقَطَعَ أتباع أبي ثور بعد الثلاثمائة، وَأَصْحَابُ دَاوُدَ إِلاَّ القَلِيْلُ، وَبَقِيَ مَذْهَبُ ابْنِ جرير إلى ما بعد الأربعمائة.
وَللزَّيْدِيَّةِ مَذْهَبٌ فِي الفُرُوْعِ بِالحِجَازِ وَبِاليَمَنِ، لَكِنَّهُ مَعْدُوْدٌ فِي أَقْوَالِ أَهْلِ البِدَعِ، كَالإِمَامِيَّةِ، وَلاَ بَأْسَ بِمَذْهَبِ دَاوُدَ، وَفِيْهِ أَقْوَالٌ حَسَنَةٌ، وَمُتَابَعَةٌ لِلنُّصُوصِ، مَعَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ العُلَمَاءِ لاَ يَعتَدُّونَ بِخِلاَفِهِ، وَلَهُ شُذُوْذٌ فِي مَسَائِلَ شَانَتْ مَذْهَبَهُ.
وَأَمَّا القَاضِي، فَذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَقلِيْدِهِم إِجْمَاعاً، فَإِنَّهُ سَمَّى المَذَاهِبَ الأَرْبَعَةَ، وَالسُّفْيَانِيَّةَ، وَالأَوْزَاعِيَّةَ، وَالدَّاوُوْدِيَّةَ. ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ: فَهَؤُلاَءِ الَّذِيْنَ وَقَعَ إِجْمَاعُ النَّاسِ عَلَى تَقْلِيْدِهِم، مَعَ الاخْتِلاَفِ فِي أَعْيَانِهِم، وَاتِّفَاقِ العُلَمَاءِ عَلَى اتِّبَاعِهِم، وَالاقْتِدَاءِ بِمَذَاهِبِهِم، وَدَرْسِ كُتُبِهِم، وَالتَّفَقُّهِ عَلَى مَآخِذِهِم، وَالتَّفْرِيْعِ عَلَى أُصُوْلِهِم، دُوْنَ غَيْرِهِم مِمَّنْ تَقَدَّمَهُم أَوْ عَاصَرَهُم؛ لِلْعِلَلِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.
وَصَارَ النَّاسُ اليَوْمَ فِي الدُّنْيَا إِلَى خَمْسَةِ مَذَاهِبَ، فَالخَامِسُ: هُوَ مَذْهَبُ الدَّاوُوْدِيَّةِ. فَحَقٌّ عَلَى طَالِبِ العِلْمِ أَنْ يَعْرِفَ أَوْلاَهُم بِالتَّقْلِيْدِ، لِيَحصَلَ عَلَى مَذْهَبِهِ. وَهَا نَحْنُ نُبَيِّنُ أَنَّ مَالِكاً -رَحِمَهُ اللهُ- هُوَ ذَلِكَ؛ لِجَمعِهِ أَدَوَاتِ الإِمَامَةِ، وَكَونِهِ أَعْلَمَ القَوْمِ.
ثُمَّ وَجَّهَ القَاضِي دَعوَاهُ، وَحَسَّنَهَا، وَنَمَّقَهَا، وَلَكِنْ مَا يَعْجِزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ حَنَفِيٍّ،

(7/177)


وَشَافِعِيٍّ، وَحَنْبَلِيٍّ، وَدَاوُوْدِيٍّ عَنِ ادِّعَاءِ مِثْلِ ذَلِكَ لِمَتْبُوعِه، بَلْ ذَلِكَ لِسَانُ حَالِه، وَإِنْ لَمْ يَفُهْ بِهِ.
ثُمَّ قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: وَعِنْدنَا -وَللهِ الحَمْدُ- لِكُلِّ إِمَامٍ مِنَ المَذْكُوْرِيْنَ مَنَاقِبُ، تَقْضِي لَهُ بِالإِمَامَةِ.
قُلْتُ: وَلَكِنَّ هَذَا الإِمَامَ الَّذِي هُوَ النَّجمُ الهَادِي قَدْ أَنْصَفَ، وَقَالَ قَوْلاً فَصْلاً، حَيْثُ يَقُوْلُ: كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِه وَيُتْرَكُ إِلاَّ صَاحِبَ هَذَا القَبْرِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ كُلَّ مِنْ أَنَسَ مِنْ نَفْسِهِ فِقهاً، وَسَعَةَ عِلْمٍ، وَحُسْنَ قَصدٍ، فَلاَ يَسَعُهُ الالْتِزَامُ بِمَذْهَبٍ وَاحِدٍ فِي كُلِّ أَقْوَالِه، لأَنَّهُ قَدْ تَبَرَهَنَ له مذهب الغير فِي مَسَائِلَ، وَلاَحَ لَهُ الدَّلِيْلُ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ الحُجَّةُ، فَلاَ يُقَلِّدُ فِيْهَا إِمَامَهُ، بَلْ يَعْمَلُ بِمَا تَبَرْهَنَ، وَيُقِلِّدُ الإِمَامَ الآخَرَ بِالبُرْهَانِ، لاَ بِالتَّشَهِّي وَالغَرَضِ. لِكَنَّهُ لاَ يُفْتِي العَامَّةَ إِلاَّ بِمَذْهَبِ إِمَامِه، أَوْ لِيَصمُتْ فِيْمَا خَفِيَ عَلَيْهِ دَلِيْلُهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: العِلْمُ يَدُوْرُ عَلَى ثَلاَثَةٍ: مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ.
قُلْتُ: بَلْ وَعَلَى سَبْعَةٍ مَعَهُم، وَهُمُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَعْمَرٌ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَشُعْبَةُ، وَالحَمَّادَانِ.
وَرُوِيَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذَكَرَ مَالِكاً، يَقُوْلُ: عَالِمُ العُلَمَاءِ، وَمُفْتِي الحَرَمَيْنِ.
وَعَنْ بَقِيَّةَ، أَنَّهُ قَالَ: مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَعْلَمُ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنْكَ يَا مَالِكُ.
وَقَالَ أَبُو يُوْسُفَ: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَمَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى.
وَذَكَرَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مَالِكاً، فقدمه الأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَحَمَّادٍ، وَالحَكَمِ فِي العِلْمِ. وَقَالَ: هُوَ إِمَامٌ فِي الحَدِيْثِ، وَفِي الفِقْهِ.
وَقَالَ القَطَّانُ: هُوَ إِمَامٌ يُقْتَدَى بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: مَالِكٌ مِنْ حُجَجِ اللهِ عَلَى خَلْقِه.
وَقَالَ أَسَدُ بنُ الفُرَاتِ: إِذَا أَرَدْتَ اللهَ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، فَعَلَيْكَ بِمَالِكٍ.
وَقَدْ صَنَّفَ مَكِّيٌّ القَيْسِيُّ كِتَاباً فِيْمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي التَّفْسِيْرِ، وَمَعَانِي القُرْآنِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ: أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي فِي "طَبَقَاتِ القُرَّاءِ"، وَأَنَّهُ تَلاَ عَلَى نَافِعِ بنِ أَبِي نُعيم.
وَقَالَ بُهْلُوْلُ بنُ رَاشِدٍ: مَا رَأَيْتُ أَنزَعَ بِآيَةٍ مِنْ مَالِكٍ مَعَ مَعْرِفَتِه بِالصَّحِيْحِ وَالسَّقِيْمِ.

(7/178)


قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، وَنَبَّأَنِي ابْنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ كُلَيْبٍ، عَنِ الفَضْلِ بنِ زِيَادٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ: مَنْ ضَرَبَ مَالِكاً? قَالَ: بَعْضُ الوُلاَةِ فِي طَلاَقِ المُكْرَهِ، كَانَ لاَ يُجِيْزُه، فَضَرَبَهُ لِذَلِكَ.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ الجَنَدِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: مَا أَفْتَيتُ حَتَّى شَهِدَ لِي سَبْعُوْنَ أَنِّي أَهْلٌ لِذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: كَانَ مَالِكٌ لاَ يُحَدِّثُ إِلاَّ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ؛ إِجْلاَلاً لِلْحَدِيْثِ.
وَبِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا جَاءَ الأَثَرُ، كَانَ مَالِكٌ كَالنَّجْمِ، وَهُوَ وَسُفْيَانُ القَرِيْنَانِ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ بَعْد مَوْتِ نَافِعٍ بِسَنَةٍ، فَإِذَا الحَلْقَةُ لِمَالِكٍ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَاشِدٍ، سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: حَكَى لِي بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْهُ: أَنَّ مَالِكاً لَمَّا ضُرِبَ، حُلِقَ، وَحُمِلَ عَلَى بَعِيْرٍ، فَقِيْلَ لَهُ: نَادِ عَلَى نَفْسِكَ. فَقَالَ: أَلاَ مَنْ عَرَفَنِي، فَقَدْ عَرَفَنِي، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي، فَأَنَا مَالِكُ بنُ أَنَسٍ، أَقُوْلُ. طَلاَقُ المُكْرَهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ جَعْفَرَ بنَ سليمان الأمير، فقال: أدركوه، أنزلوه.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ، حَدَّثَنَا السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قِيْلَ لِمَالِكٍ: مَا تَقُوْلُ فِي طَلَبِ العِلْمِ? قَالَ: حَسَنٌ، جَمِيْلٌ، لَكِنِ انْظُرِ الَّذِي يَلْزَمُكَ مِنْ حِيْنَ تُصبِحُ إِلَى أَنْ تُمْسِيَ، فَالزَمْهُ.
وَبِهِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الدَّاعِي يَقُوْلُ: يَا سَيِّدِي، فَقَالَ: يُعْجِبُنِي دُعَاءُ الأَنْبِيَاءِ: رَبَّنَا، رَبَّنَا.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا الأَبَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: لَوْ أَنَّ لِي سُلْطَاناً عَلَى مَنْ يُفَسِّرُ القُرْآنَ، لَضَرَبْتُ رَأْسَهُ.
قُلْتُ: يَعْنِي: تَفْسِيْرَهُ بِرَأْيِه. وَكَذَلِكَ جَاءَ عَنْ مَالِكٍ، مِنْ طَرِيْقٍ أُخْرَى.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً ارْتَفَعَ مِثْلَ مَالِكٍ، لَيْسَ لَهُ كَثِيْرُ صَلاَةٍ وَلاَ صِيَامٍ، إِلاَّ أَنْ تَكُوْنَ لَهُ سَرِيْرَةٌ.

(7/179)


قُلْتُ: مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ العِلْمِ وَنَشْرِهِ أَفضَلُ مِنْ نَوَافلِ الصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ لِمَنْ أَرَادَ بِهِ اللهَ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا المِقْدَادُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: شَاوَرَنِي هَارُوْنُ الرَّشِيْدُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي أَنْ يُعَلِّقَ "المُوَطَّأَ" فِي الكَعْبَةِ، وَيَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى مَا فِيْهِ، وَفِي أَنْ يَنْقُضَ مِنْبَرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَجْعَلَهُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ، وَفِي أَنْ يُقَدِّمَ نَافِعاً إِمَاماً فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: أَمَّا تَعلِيقُ "المُوَطَّأِ"، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي الفُرُوعِ، وَتَفَرَّقُوا، وَكُلٌّ عِنْد نَفْسِه مُصِيْبٌ، وَأَمَّا نَقْضُ المِنْبَرِ، فَلاَ أَرَى أَنْ يُحْرَم النَّاسُ أَثَرَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَمَّا تَقدِمَتُكَ نَافِعاً، فَإِنَّهُ إِمَامٌ فِي القِرَاءةِ، لاَ يُؤْمَنُ أَنْ تَبْدُرَ مِنْهُ بَادِرَةٌ فِي المِحْرَابِ، فَتُحْفَظَ عَلَيْهِ. فَقَالَ: وَفَّقَكَ اللهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ.
هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ، لَكِنْ لَعَلَّ الرَّاوِي وَهِمَ فِي قَوْلِهِ: هَارُوْنُ؛ لأَنَّ نَافِعاً قَبْلَ خِلاَفَةِ هَارُوْنَ مَاتَ.
مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي السُّنَّةِ:
وَبِهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا الحُلْوَانِيُّ سَمِعْتُ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: سَنَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوُلاَةُ الأَمْرِ بَعْدَهُ سُنَناً، الأَخْذُ بِهَا اتِّبَاعٌ لِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتِكمَالٌ بِطَاعَةِ اللهِ، وَقُوَّةٌ عَلَى دِيْنِ اللهِ، لَيْسَ لأَحَدٍ تَغِييرُهَا وَلاَ تَبْدِيلُهَا وَلاَ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ خَالَفَهَا، مَنِ اهْتَدَى بِهَا، فَهُوَ مُهتَدٍ، وَمَنِ اسْتَنصَرَ بِهَا، فَهُوَ مَنْصُوْرٌ، وَمَنْ تَرَكَهَا، اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيْلِ المُؤْمِنِيْنَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى، وَأَصْلاَهُ جهنم وساءت مصيرًا.
وَبِهِ، إِلَى الحُلْوَانِيِّ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ عِيْسَى يَقُوْلُ: قَالَ مَالِكٌ: أَكُلَّمَا جَاءنَا رَجُلٌ أَجْدَلُ مِنْ رَجُلٍ، تَرَكنَا مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيْلُ عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِجَدَلِهِ?!
وَبِهِ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا جَاءهُ بَعْضُ أَهْلِ الأَهوَاءِ، قَالَ: أَمَا إِنِّيْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ دِيْنِي، وَأَمَّا أَنْتَ، فَشَاكٌّ, اذْهَبْ إِلَى شَاكٍّ مِثْلِكَ، فَخَاصِمْهُ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ خَلَفٍ الطَّرَسُوْسِيُّ -وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ المُسْلِمِيْنَ- قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا تَقُوْلُ فِيْمَنْ يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ? فَقَالَ مَالِكٌ: زِنْدِيقٌ، اقْتُلُوْهُ. فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِنَّمَا أَحكِي كَلاَماً سَمِعْتُهُ. قَالَ: إِنَّمَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ، وعظَّم هَذَا القَوْلَ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: النَّاسُ يَنْظُرُوْنَ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- يَوْمَ القيامة بأعينهم.

(7/180)


وَبِهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ عَنِ القَدَرِ: نَعَمْ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السَّجْدَةُ: 13] .
وَبِهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: رَأيِي فِيْهِم أَنْ يُسْتَتَابُوا، فَإِنْ تَابُوا، وَإِلاَّ قُتِلُوا. يَعْنِي: القَدَرِيَّةَ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُقَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو أُمَيَّةَ الغَلاَّبِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، كَيْفَ اسْتَوَى? فَمَا وَجَدَ مَالِكٌ مِنْ شَيْءٍ مَا وَجَدَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ، فَنَظَرَ إِلَى الأَرْضِ، وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِعُوْدٍ فِي يَدِهِ، حَتَّى عَلاَهُ الرُّحَضاء1، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَه، وَرَمَى بِالعُوْدِ، وَقَالَ: الكَيْفُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْقُوْلٍ، وَالاسْتِوَاءُ مِنْهُ غَيْرُ مَجْهُوْلٍ، وَالإِيْمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَأَظُنُّكَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ. وَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ.
قَالَ سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ مَرَّةً فِي رِوَايَةِ هَذَا: وَقَالَ لِلسَّائِلِ: إِنِّيْ أَخَافُ أَنْ تَكُوْنَ ضَالاًّ.
وَقَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ الرَّشِيْدِيْنِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: كُنَّا عند مالك، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كَيْفَ اسْتِوَاؤُهُ? فَأَطرَقَ مَالِكٌ، وَأَخَذَتْهُ الرُّحَضاء، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَلاَ يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ، وَ"كَيْفَ" عَنْهُ مَرْفُوْعٌ، وَأَنْتَ رَجُلُ سُوءٍ، صَاحِبُ بِدْعَةٍ، أَخْرِجُوْهُ.
وَقَالَ محمد بن عمرو قشمرد النيساوي: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَفِيْهِ: فَقَالَ: الاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُوْلٍ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ "الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ" لَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُريج بنُ النُّعْمَانِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: اللهُ فِي السَّمَاءِ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لاَ يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بن محمد العُمَري، حدثنا ابن
__________
1 الرحضاء: هو عرق يغسل الجلد لكثرته، وكثيرًا ما يستعمل في عرق الحمَّى والمرض.

(7/181)


أَبِي أُوَيْسٍ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَكَلاَمُ اللهِ مِنْهُ، وَلَيْسَ مِنَ اللهِ شيء مخلوق.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ فِي سِيْرَةِ مَالِكٍ: قَالَ ابْنُ نَافِعٍ، وَأَشْهَبُ -وَأَحَدُهُمَا يَزِيْدُ عَلَى الآخَرِ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القِيَامَةُ: 22، 23] ، يَنْظُرُوْنَ إِلَى اللهِ? قَالَ: نَعَمْ، بِأَعْيُنِهُم هَاتَيْنِ. قُلْتُ: فَإِنَّ قَوْماً يَقُوْلُوْنَ: نَاظرَةٌ: بِمَعْنَى مُنْتَظِرَةٌ إِلَى الثَّوَابِ. قَالَ: بَلْ تَنظُرُ إِلَى اللهِ، أَمَّا سَمِعْتَ قَوْلَ مُوْسَى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأَعْرَافُ: 143] ، أَتُرَاهُ سَأَلَ مُحَالاً? قَالَ اللهُ: {لَنْ تَرَانِي} فِي الدُّنْيَا، لأَنَّهَا دَارُ فَنَاءٍ، فَإِذَا صَارُوا إِلَى دَارِ البَقَاءِ، نَظَرُوا بِمَا يَبْقَى إِلَى مَا يَبْقَى. قَالَ -تَعَالَى: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المُطَفِّفِيْنَ: 15] .
قَالَ القَاضِي: وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مَالِكٍ: الإِيْمَان قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ، وَبَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ.
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ القَاسِمِ: كَانَ مَالِكٌ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ يزيد. وتوقف عن النقصان.
قال: روى ابْنُ نَافِعٍ، عَنْ مَالِكٍ: مَنْ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ، يُجلَدُ وَيُحبَسُ.
قَالَ: وَفِي رِوَايَةِ بِشْرِ بنِ بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: يُقتَلُ، وَلاَ تُقْبَلُ لَهُ تَوبَةٌ.
يُوْنُسُ الصَّدَفِيُّ: حَدَّثَنَا أَشْهَبُ، عن مالك، قال: القدرية، لا تُنَاكِحُوهُم، وَلاَ تُصَلُّوا خَلْفَهُم.
أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لاَ يُسْتَتَابُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الكُفَّارِ وَالمُسْلِمِيْنَ.
أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ بنُ أَبِي الغَمْرِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ القَاسِمِ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَمَّنْ حَدَّثَ بِالحَدِيْثِ: الَّذِيْنَ قَالُوا: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ" 1، وَالحَدِيْثِ الَّذِي جَاءَ: "إِنَّ اللهَ يَكْشِفُ عَنْ
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "19435"، ومن طريقه أخرجه أحمد "2/ 315"، والبخاري "3326" و"6227"، ومسلم "2841"، وابن خزيمة في "التوحيد" "ص40-41"، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" "711"، والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص289-290"، والبغوي "3298" عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "خلق الله -عز وجل- آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يجيبونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك قال: فذهب فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة الله. قال: فزادوه ورحمة الله. قال: فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، وطوله ستون ذراعا، فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن".

(7/182)


ساقه"، "وأنه يُدْخِلُ يَدَهُ فِي جَهَنَّمَ حَتَّى يُخْرِجَ مَنْ أَرَادَ" 1. فَأَنْكَر مَالِكٌ ذَلِكَ إِنْكَاراً شَدِيْداً، وَنَهَى أَنْ يُحَدِّثَ بِهَا أَحَدٌ. فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ نَاساً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَتَحَدَّثُوْنَ بِهِ. فَقَالَ: مَنْ هُوَ? قِيْلَ: ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. قَالَ: لَمْ يَكُنِ ابْنُ عَجْلاَنَ يَعْرِفُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ، وَلَمْ يَكُنْ عَالِماً. وَذَكَرَ أَبَا الزِّنَادِ، فَقَالَ: لَمْ يَزَلْ عَامِلاً لِهَؤُلاَءِ حَتَّى مَاتَ. رَوَاهَا: مِقْدَامٌ الرُّعَيْنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الغَمْرِ، وَالحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ القَاسِمِ.
قُلْتُ: أَنْكَرَ الإِمَامُ ذَلِكَ، لأَنَّهُ لَمْ يَثبُتْ عِنْدَهُ، وَلاَ اتَّصَلَ بِهِ، فَهُوَ مَعْذُورٌ، كَمَا أَنَّ صَاحِبَي "الصَّحِيْحَيْنِ" مَعْذُورَانِ فِي إِخرَاجِ ذَلِكَ -أَعْنِي: الحَدِيْثَ الأَوَّلِ وَالثَّانِي- لِثُبُوتِ سَنَدِهِمَا، وأما الحديث الثالث، فلا أعرفه بِهَذَا اللَّفْظِ، فَقَولُنَا فِي ذَلِكَ وَبَابِهِ: الإِقرَارُ، وَالإِمْرَارُ، وَتَفْويضُ مَعْنَاهُ إِلَى قَائِلِه الصَّادِقِ المَعْصُومِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ حَسَّانٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ: يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَمْرُهُ، فَأَمَّا هُوَ، فَدَائِمٌ لاَ يَزُولُ. قَالَ صَالِحٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، فَقَالَ: حَسَنٌ وَاللهِ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: لاَ أَعْرِفُ صَالِحاً، وَحَبِيْبٌ مَشْهُوْرٌ، وَالمَحْفُوْظُ عَنْ مَالِكٍ -رَحِمَهُ اللهُ- رِوَايَةُ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ سَأَلهُ عَنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ، فَقَالَ: أَمِرَّهَا كَمَا جَاءتْ، بِلاَ تَفْسِيْرٍ. فَيَكُوْنُ لِلإِمَامِ فِي ذَلِكَ قَوْلاَنِ إِنْ صَحَّتْ رِوَايَةُ حَبِيْبٍ.
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ البَرْقِيِّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ حَسَّانٍ: أَنَّ أَبَا خُلَيْدٍ قَالَ لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِنَّ أهل دمشق يقرءون: إِبْرَاهَامُ. فَقَالَ: أَهْلُ دِمَشْقَ بِأَكْلِ البَطِّيخِ أَعْلَمُ مِنْهُم بِالقِرَاءةِ. قَالَ لَهُ أَبُو خُلَيْدٍ: إِنَّهُم يدَّعون قِرَاءةَ عُثْمَانَ. قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا مُصْحَفُ عُثْمَانَ عِنْدِي. وَدَعَا بِهِ، فَفُتِحَ، فَإِذَا فِيْهِ: إِبْرَاهَامُ، كَمَا قَالَ أَهْلُ دِمَشْقَ.
قُلْتُ: رَسْمُ المُصْحَفِ مُحْتَمِلٌ لِلْقِرَاءتَيْنِ، وَقِرَاءةُ الجُمْهُوْرِ أَفصَحُ وَأَوْلَى.
قَالَ ابْنُ القَاسِمِ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، فَقَالَ: مَا أَدْرَكتُ أَحَداً مِمَّنْ أَقتَدِي به إلا
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4919"، ومسلم "183" "302" من حديث أبي سعيد الخدري، به.

(7/183)


وَهُوَ يَرَى الكَفَّ عَنْهُمَا. قَالَ ابْنُ القَاسِمِ: يُرِيْدُ التَّفْضِيْلَ بَيْنَهُمَا. فَقُلْتُ: فَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ? فَقَالَ: لَيْسَ فِيْهِمَا إِشْكَالٌ، إِنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا.
قَالَ الحَسَنُ بنُ رُشَيْقٍ: سَمِعْتُ النَّسَائِيَّ يَقُوْلُ: أُمَنَاءُ اللهِ عَلَى عِلْمِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَةٌ: شُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، وَيَحْيَى القَطَّانُ.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ مَعْنٌ: انْصَرَفَ مَالِكٌ يَوْماً، فَلَحِقَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الجُوَيْرِيَةِ، مُتَّهَمٌ بِالإِرْجَاءِ، فَقَالَ: اسْمَعْ مِنِّي. قَالَ: احْذَرْ أَنْ أَشْهَدَ عَلَيْكَ. قَالَ: وَاللهِ مَا أُرِيْدُ إِلاَّ الحَقَّ، فَإِنْ كَانَ صَوَاباً، فَقُلْ بِهِ، أَوْ فَتَكَلَّمْ قَالَ: فَإِنْ غَلَبْتَنِي؟ قَالَ: اتَّبِعْنِي. قَالَ: فَإِنْ غَلَبْتُكَ؟ قَالَ: اتَّبَعْتُكَ. قَالَ: فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ، فَكَلَّمَنَا، فَغَلَبَنَا? قَالَ: اتَّبَعْنَاهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَا هَذَا، إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِدِيْنٍ وَاحِدٍ، وَأَرَاكَ تَتَنَقَّل.
وَعَنْ مَالِكٍ، قَالَ: الجِدَالُ فِي الدِّيْنِ يُنشِئُ المِرَاءَ، وَيُذْهِبُ بِنُورِ العِلْمِ مِنَ القَلْبِ وَيُقَسِّي، وَيُورِثُ الضِّغن.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ أَبُو طَالِبٍ المَكِّيُّ: كَانَ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ- أَبعَدَ النَّاسِ مِنْ مَذَاهِبِ المُتَكَلِّمِيْنَ، وَأَشَدَّ نَقضاً لِلْعِرَاقِيِّينَ. ثُمَّ قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: سَأَلَ رَجُلٌ مَالِكاً، فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} . كَيْفَ اسْتَوَى? فَسَكَتَ مَالِكٌ حَتَّى عَلاَهُ الرُّحَضَاءُ، ثُمَّ قَالَ: الاسْتِوَاءُ مِنْهُ مَعْلُوْمٌ، وَالكَيْفُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْقُوْلٍ، والسؤال عن هذا بِدْعَةٌ، وَالإِيْمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَإِنِّيْ لأَظُنُّكَ ضَالاًّ، أَخْرِجُوْهُ. فَنَادَاهُ الرَّجُلُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، وَاللهِ لَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا أَهْلَ البَصْرَةِ وَالكُوْفَةِ وَالعِرَاقِ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَداً وُفِّقَ لِمَا وُفِّقْتَ لَهُ.
فَصْلٌ:
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "مُسْنَدِ مَالِكٍ" بِإِسْنَادٍ صَحَّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: لَقَدْ سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً مَا حَدَّثتُ بِهَا قَطُّ.
وَقَالَ: نَشَرَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عِلْماً كَثِيْراً أَكْثَرَ مِمَّا نَشَرَ عَنْهُ بَنُوْهُ.
الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ مَالِكٌ: كُنْتُ آتِي نَافِعاً، وَأَنَا غُلاَمٌ حَدِيْثُ السِّنِّ، مَعَ غُلاَمٍ لِي، فَيَنْزِلُ مِنْ دَرَجِه، فَيَقِفُ مَعِي، وَيُحَدِّثُنِي، وَكَانَ يَجْلِسُ بَعْدَ الصُّبْحِ فِي المَسْجِدِ، فَلاَ يَكَادُ يَأْتِيْهِ أَحَدٌ.
سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: جَالَسَ نُعَيْمٌ المُجْمِرُ أَبَا هُرَيْرَةَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.

(7/184)


قَالَ مَعْنٌ: كَانَ مَالِكٌ يَتَّقِي فِي حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اليَاءَ وَالتَّاءَ وَنَحْوَهُمَا.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: العِلْمُ حَيْثُ شَاءَ اللهُ جَعَلَهُ، لَيْسَ هُوَ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ.
ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: حَقٌّ عَلَى مَنْ طَلَبَ العِلْمَ أَنْ يَكُوْنَ له وَقَارٌ، وَسَكِيْنَةٌ، وَخَشْيَةٌ، وَالعِلْمُ حَسَنٌ لِمَنْ رُزِقَ خَيْرَه، وَهُوَ قَسْمٌ مِنَ اللهِ -تَعَالَى- فَلاَ تُمَكِّنِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنَّ مِنْ سَعَادَةِ المَرْءِ أَنْ يُوَفَّقَ لِلْخَيْرِ، وَإِنَّ مِنْ شِقْوَةِ المَرْءِ أَنْ لاَ يَزَالَ يُخطِئُ، وَذُلٌّ وَإِهَانَةٌ لِلْعِلمِ أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِالعِلْمِ عِنْدَ مَنْ لاَ يُطِيْعُهُ.
القَعْنَبِيُّ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: كَانَ الرَّجُلُ يَخْتلِفُ إِلَى الرَّجُلِ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً يَتَعَلَّمُ مِنْهُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ: جَالَسْتُ مَالِكاً خَمْساً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَمْلأَ أَلْوَاحِي مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: لاَ أَدْرِي، لَفَعلْتُ.
حَرْملَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: لَيْسَ هَذَا الجَدَلُ مِنَ الدِّيْنِ بِشَيْءٍ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قُلْتُ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِيْمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي هَذِهِ المَسَائِلِ المُعْضِلَةِ: الكَلاَمُ فِيْهَا -يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ- يُورِثُ البَغْضَاءَ.
سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ، وَابْنَ جُرَيْجٍ، وَمَالِكاً، وَابْنَ عُيَيْنَةَ، كُلَّهُم يَقُوْلُوْنَ: الإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ.
قَالَ مَخْلَدُ بنُ خِدَاشٍ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَنِ الشِّطْرَنْجِ، فَقَالَ: أَحَقٌّ هُوَ? فَقُلْتُ: لاَ. قَالَ: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يُوْنُسُ: 32] .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَجَجْتُ سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، وَصَائِحٌ يَصِيْحُ: لاَ يُفْتِي النَّاسَ إِلاَّ مَالِكُ بنُ أنس، وابن الماجِشُون.
ابْنُ وَهْبٍ, عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ مَا زَهِدَ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا وَاتَّقَى، إِلاَّ نَطَقَ بِالحِكْمَةِ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ذَهَبَ يَمدَحُ نَفْسَه، ذَهَبَ بَهَاؤُهُ.
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: التَّوقِيْتُ فِي المَسْحِ بِدْعَةٌ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: اجْتَمَعَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوْسُفَ عِنْد أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَتَكَلَّمُوا فِي الوُقُوفِ، وَمَا يُحَبِّسُهُ النَّاسُ. فَقَالَ يَعْقُوْبُ: هَذَا بَاطِلٌ. قَالَ شُرَيْحٌ: جَاءَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِطلاَقِ الحُبُسِ. فَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا أَطْلَقَ

(7/185)


مَا كَانُوا يُحَبِّسُونَهُ لآلِهَتِهِم مِنَ البَحِيْرَةِ وَالسَّائِبَةِ، فأما الوقوف، فهذا وقف عمر قَدِ اسْتَأْذَنَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "حَبِّسْ أَصْلَهَا، وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا" 1، وَهَذَا وَقْفُ الزُّبَيْرِ. فَأَعْجَبَ الخَلِيْفَةَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَبَقِيَ يَعْقُوْبُ.
ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ جِدَارِ قِبْلَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَ المِنْبَرِ قَدْرُ مَمَرِّ الرَّجُلِ مُتَحَرِّجاً، وَقَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ، وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَدَّمَ جِدَارَ القِبْلَةِ حَتَّى جَعَلَهَا عِنْد المَقْصُوْرَةِ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، وَإِنَّ عُثْمَانَ قَرَّبَهَا إِلَى حَيْثُ هِيَ اليَوْمَ.
دَاوُدُ بنُ رَشِيْدٍ: حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَنْ تَفْضِيضِ المَصَاحِفِ، فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا مُصْحَفاً، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي: أَنَّهُم جَمَعُوا القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ، وَأَنَّهُم فَضَّضُوا المَصَاحِفَ عَلَى هَذَا أَوْ نَحْوِه.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لِمَالِكٍ نَحْوُ أَلفِ حَدِيْثٍ -يَعْنِي: مَرْفُوْعَةً.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: قَالَ لِي مَالِكٌ: قَرَأْتُ عَلَى نَافِعِ بنِ أَبِي نُعَيْمٍ.
وَرَوَى القَعْنَبِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: مَا تَرَكَ مَالِكٌ عَلَى ظَهْرِ الأرض مثله.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مَالِكٌ ثِقَةً، ثَبْتاً، حُجَّةً، عَالِماً، وَرِعاً.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَوْلاَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ، لَضَلَلْنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا فِي الأَرْضِ كِتَابٌ فِي العِلْمِ أَكْثَرُ صَوَاباً مِنْ "مُوَطَّأِ مَالِكٍ".
قُلْتُ: هَذَا قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يُؤَلَّفَ "الصَّحِيْحَانِ".
قَالَ خَالِدُ بنُ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ: بَعَثَ المَنْصُوْرُ إِلَى مَالِكٍ حِيْنَ قَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا بِالعِرَاقِ، فَضَعْ كِتَاباً نَجْمَعُهُم عَلَيْهِ. فَوَضَعَ "المُوَطَّأَ".
قَالَ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ عَاصِمٍ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: رَجُلٌ يُحِبُّ أَنْ يَحفَظَ حَدِيْثَ رَجُلٍ بِعَيْنِه? قَالَ: يَحفَظُ حَدِيْثَ مَالِكٍ. قُلْتُ: فَرَأْيٌ? قَالَ: رَأْيُ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قِيْلَ لأُخْتِ مَالِكٍ: مَا كَانَ شُغْلُ مَالِكٍ فِي بَيْتِهِ? قالت: المصحف, التلاوة.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 114 و156-157"، والبخاري "2764" و"2777"، والدارقطني "4/ 186 و187"، والبيهقي "6/ 159" من طرق عن نافع، عن ابن عمر، به.

(7/186)


قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: كَانُوا يَزْدَحِمُوْنَ عَلَى بَابِ مَالِكٍ حَتَّى يَقْتَتِلُوا مِنَ الزِّحَامِ، وَكُنَّا إِذَا كُنَّا عِنْدَهُ لاَ يَلْتَفِتُ ذَا إِلَى ذَا، قائلون برءوسهم هَكَذَا. وَكَانَتِ السَّلاَطِيْنُ تَهَابُهُ، وَكَانَ يَقُوْلُ: لاَ، وَنَعَمْ. وَلاَ يُقَالُ لَهُ: مَنْ أَيْنَ قُلْتُ ذَا?
أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المُتَعَالِ بنُ صَالِحٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، قَالَ: قِيْلَ لِمَالِكٍ: إِنَّكَ تَدْخُلُ عَلَى السُّلْطَانِ، وَهُم يَظْلِمُوْنَ، وَيَجُورُوْنَ، فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَأَيْنَ المُكَلِّمُ بِالحَقِّ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ دَاوُدَ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو جَعْفَرٍ المَنْصُوْرُ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ فَقَالَ: يَا مَالِكُ، كَثُرَ شَيبُكَ. قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، مَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ السِّنُوْنُ، كَثُرَ شَيبُهُ قَالَ: مَا لِي أَرَاك تَعتَمِدُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ? قُلْتُ: كَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ عِنْدَنَا مِنَ الصَّحَابَةِ، فَاحْتَاجَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَسَأَلُوْهُ، فَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ.
ذَكَرَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ أَصْحَابَ نَافِعٍ، فَقَالَ: مَالِكٌ وَإِتْقَانُه، وَأَيُّوْبُ وَفَضْلُهُ، وَعُبَيْدُ اللهِ وَحِفْظُهُ.
ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ لِي مُحَمَّدٌ: أَيُّهُمَا أَعْلَمُ صَاحِبُنَا أَمْ صَاحِبُكُم? -يَعْنِي أَبَا حَنِيْفَةَ وَمَالِكاً- قُلْتُ: عَلَى الإِنْصَافِ? قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ مَنْ أعلم بالقرآن? قال: صاحبكم، قلت: نعم. قُلْتُ: مَنْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ? قَالَ: صَاحِبُكُم، قُلْتُ: فَمَنْ أَعْلَمُ بِأَقَاوِيْلِ الصَّحَابَةِ وَالمُتَقَدِّمِيْنَ? قَالَ: صَاحِبُكُم. قُلْتُ: فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ القِيَاسُ، وَالقِيَاسُ لاَ يَكُوْنُ إِلاَّ عَلَى هَذِهِ الأَشْيَاءِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الأُصُوْلَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَقِيسُ?
قُلْتُ: وَعَلَى الإِنْصَافِ، لَوْ قَالَ قَائِلٌ: بَلْ هُمَا سَوَاءٌ فِي عِلْمِ الكِتَابِ، وَالأَوَّلُ: أَعْلَمُ بِالقِيَاسِ، والثاني: أعلم بالسنة، وعنده علم جم مِنْ أَقْوَالِ كَثِيْرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، كَمَا أَنَّ الأَوَّلَ أَعْلَمُ بِأَقَاوِيْلِ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَطَائِفَةٍ مِمَّنْ كَانَ بِالكُوْفَةِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَضِيَ اللهُ عَنِ الإِمَامَيْنِ، فَقَدْ صِرْنَا فِي وَقْتٍ لاَ يَقْدِرُ الشَّخْصُ عَلَى النُّطقِ بِالإِنْصَافِ، نَسْأَل اللهُ السَّلاَمَةَ.
قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَغَيْرُهُ: كَانَ خَاتِمُ مَالِكٍ، الَّذِي مَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ، فَصُّهُ أَسْوَدُ حَجَرِيٌّ، وَنَقْشُهُ: حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيْلُ. وَكَانَ يَلْبَسُهُ فِي يَسَارِهِ، وَرُبَّمَا لَبِسَهُ فِي يَمِيْنِه.
وَعَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَهْيَبَ، وَلاَ أَتَمَّ عَقْلاً مِنْ مَالِكٍ وَلاَ أَشَدَّ تَقوَىً.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَا نَقَلْنَا مِنْ أَدَبِ مَالِكٍ أَكْثَرُ مِمَّا تَعْلَّمْنَا مِنْ عِلْمِهِ.

(7/187)


وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: مَا جَالَسْتُ سَفِيْهاً قَطُّ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ: أَفْتَى مَالِكٌ مَعَ نَافِعٍ، وَرَبِيْعَةَ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: رُوِيَ أَنَّ المَنْصُوْرَ حَجَّ، وَأَقَادَ مَالِكاً مِنْ جَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ الَّذِي كَانَ ضَرَبَه، فَأَبَى مَالِكٌ، وَقَالَ: مَعَاذَ اللهِ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ فِي مَالِكٍ:
يَدَعُ الجَوَابَ فَلاَ يُرَاجَعُ هيبة ... والسائلون نواس الأَذْقَانِ
عِزُّ الوَقَارِ وَنُوْرُ سُلْطَانِ التُّقَى ... فَهُوَ المَهِيْبُ وَلَيْسَ ذَا سُلْطَانِ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ بنِ الرَّمَّاحِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، ما في الصَّلاَةِ مِنْ فَرِيْضَةٍ? وَمَا فِيْهَا مِنْ سُنَّةٍ? أَوْ قَالَ نَافلَةٍ، فَقَالَ مَالِكٌ: كَلاَمُ الزَّنَادِقَةِ، أَخْرِجُوْهُ.
وَقَالَ مَنْصُوْرُ بنُ سَلَمَةَ الخُزَاعِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، أَقَمْتُ عَلَى بَابِكَ سَبْعِيْنَ يَوْماً حَتَّى كَتَبتُ سِتِّيْنَ حَدِيْثاً، فَقَالَ: سِتُّوْنَ حَدِيْثاً! وَجَعَلَ يَسْتَكْثِرُهَا. فَقَالَ الرَّجُلُ: رُبَّمَا كَتَبْنَا بِالكُوْفَةِ أَوْ بِالعِرَاقِ فِي المَجْلِسِ الوَاحِدِ سِتِّيْنَ حَدِيْثاً، فَقَالَ: وَكَيْفَ بِالعِرَاقِ دَارُ الضَّربِ، يُضْرَبُ بِاللَّيْلِ، وَيُنْفَقُ بِالنَّهَارِ?
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ: مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي "التَّمْهِيْدِ": هَذَا كَتَبتُهُ مِنْ حِفْظِي، وَغَابَ عَنِّي أَصْلِي: إِنَّ عَبْدَ اللهِ العُمَرِيَّ العَابِدَ كَتَبَ إِلَى مَالِكٍ يَحُضُّهُ عَلَى الانْفِرَادِ وَالعَمَلِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ: إِنَّ اللهَ قَسَمَ الأَعْمَالَ كَمَا قَسَمَ الأَرْزَاقَ، فَرُبَّ رَجُلٍ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّلاَةِ، وَلَمْ يُفتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَمْ يُفتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الجِهَادِ. فَنَشْرُ العِلْمِ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ البِرِّ، وَقَدْ رَضِيْتُ بِمَا فُتِحَ لِي فِيْهِ، وَمَا أَظُنُّ مَا أَنَا فِيْهِ بِدُوْنِ مَا أَنْتَ فِيْهِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ كِلاَنَا عَلَى خَيْرٍ وَبِرٍّ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ حَسَنِ بن مُهَاجِرٍ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ مَالِكٌ بَعْدَ تَخَلُّفِهِ عَنِ المَسْجِدِ يُصَلِّي فِي مَنْزِلِهِ فِي جَمَاعَةٍ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، وَكَانَ يصلي صلاة الجمعة في منزله وحده.

(7/188)


رِوَايَةُ بَعْضِ مَشَايِخِهِ عَنْهُ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، وَأَنْبَأَنَا أَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الخَطِيْبُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ الأَنْبَارِيِّ فِي المحرم سنة أربع وثمانين وأربعمائة، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ أَبُو بَكْرٍ البَاغَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّسَّاجُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ يُقَالُ لَهُ: مالك بن أنس، عن سعد بن إسحاق، عَنْ عَمَّتِه زَيْنَبَ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ: أَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْلاَجٍ لَهُ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ مِثْلَ حَدِيْثِ النَّاسِ.
وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ جَمَاعَةٍ: أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الصَّوَّافِ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا البَاغَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ النَّسَّاجُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مالك بن أنس، عن سعد بن إسحاق، عن عمته زَيْنَبَ، عَنِ الفُرَيْعَةِ أُخْتِ أَبِي سَعِيْدٍ: أَنَّ زَوْجهَا تَكَارَى عُلُوجاً لَهُ، فَقَتَلُوْهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إِنِّيْ لَسْتُ فِي مَسْكَنٍ لَهُ، وَلاَ يَجْرِي عَلَيَّ مِنْهُ رِزْقٌ، فَأَنْتقِلُ إِلَى أَهْلِ أَبْيَاتِي، فَأُقِيْمُ عَلَيْهِم? قَالَ: "اعْتَدِّي حَيْثُ يَبْلُغُكِ الخَبَرُ" 1.
وَأَخْبَرَنَاهُ بِتَمَامِه عَالِياً أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عُلْوَانَ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَتْنَا شُهْدة الكَاتِبَةُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ دُوْسْتَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا القَعْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بنِ عُجْرَة: أَنَّ الفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكِ بنِ سِنَانٍ -وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ- أَخْبَرَتْهَا: أَنَّهَا جَاءتْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسْأَلُه أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بنِي خُدْرة، فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَهْرِ القَدُوْمِ، لَحِقَهُم، فَقَتَلُوْهُ. قَالَتْ: فَسَأَلْتُ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَرجِعَ إِلَى أَهْلِي، فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَترُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَملِكُهُ، وَلاَ نَفَقَةٍ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ". فَخَرَجتُ، فَقَالَ: "كَيْفَ قُلْتِ"؟. فرددتُ عَلَيْهِ القِصَّةَ، فَقَالَ: "امْكُثِي فِي بَيْتِكِ، حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ". فَاعْتَدَدْتُ فيه
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود الطيالسي "1664" عن شعبة، عن سعد بن إسحاق، عن زينب، عن فريعة أخت أبي سعيد، به.

(7/189)


أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً1، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بنُ عفان، أرسل إلي، فسألني عن ذلك، فَأَخْبَرتُهُ فَاتَّبَعَهُ، وَقَضَى بِهِ.
وَأَخْبَرَنَاهُ عَالِياً بِدَرَجَاتٍ: أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ سَهْلٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، حدثنا مالك، بنحوه.
وبإسنادي إلى بن مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: أنه نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ.
ثُمَّ قَالَ حَمَّادٌ: وَحَدَّثَنَا بِهِ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَأَخْبَرَنَاهُ عَالِياً سُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ بِحَلَبَ، أَخْبَرَنَا المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ، وَأَنْجَبُ الحَمَّامِيُّ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ القُبَّيْطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ السَّبَّاكِ، وَغَيْرُهُم قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ البَانْيَاسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ وَالحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أكل لحوم الحمر الإنسية2.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 591"، ومن طريقه أخرجه الشافعي في "الرسالة" "1214"، وفي "المسند" "2/ 53-54"، وأبو داود "2300"، والترمذي "1204"، والدارمي "2/ 168"، وابن سعد "8/ 368"، والبيهقي "7/ 434"، والبغوي "2386"، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة به.
وأخرجه أحمد "6/ 370 و420-421"، والترمذي عقب الحديث "1204"، والنسائي "6/ 199 و199-200 و200"، وابن ماجه "2031"، وابن سعد "8/ 368"، وابن الجارود "759"، والبيهقي "7/ 434 و435" من طرق عن سعد بن إسحاق، به.
2 صحيح: أخرجه مالك "2/ 542"، وأخرجه من طريقه البخاري "4216" و"5523"، ومسلم "1407" "29"، والنسائي "6/ 126" و"7/ 203"، والترمذي "1794"، وابن ماجه "1961"، والبيهقي "7/ 201" عن ابن شهاب، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة "4/ 292"، وأحمد "1/ 79"، والحميدي "37"، والبخاري "5115"، ومسلم "1407" "30"، والترمذي "1121""، والنسائي "7/ 202"، والدارمي "2/ 140"، وأبو يعلى "576"، وسعيد بن منصور "848" من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به.
وأخرجه البخاري "6961"، ومسلم "1407" "31"، والنسائي "6/ 126"، والبيهقي "7/ 201" من طريق عبيد الله بن عمر، عن الزهري، به.

(7/190)


وَأَخْبَرَنَا بِهِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّوْسِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ البَانْيَاسِيُّ، فَذَكَرَهُ.
وَبِهِ إِلَى ابْنِ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ يَحْيَى بنُ كَثِيْرٍ العَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَالِكِ بنِ أنس، عن عمرو بن مسلم، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا دَخَلَ العَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ عَنِ العَنْبَرِيِّ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ -أَوْ عَمْرِو- بنِ مُسْلِمٍ بِنَحْوِهِ. هَذَا غَرِيْب، وَلَيْسَ ذَا فِي "المُوَطَّأِ".
الحَاكِمُ فِي تَرْجَمَةِ مَالِكٍ، فِي كِتَابِ "مزكِّي الأَخْبَارِ"، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكَرَابِيْسِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ مِنْ أَصلِهِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "السفر قطعة من العذاب" 2. غَرِيْبٌ جِدّاً.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ، أَخْبَرَكَ ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا القَعْنَبِيُّ.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 311"، ومسلم "1977" "41"، والترمذي "1523"، والنسائي "7/ 211"، وابن ماجة "3150"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/ 181"، والطبراني "23/ 564"، والحاكم "4/ 220" من طرق عن شعبة، عن مالك بن أنس، به. وأخرجه الطحاوي "4/ 182"، والطبراني "23/ 562" من طرق عن مالك، به.
2 صحيح: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، فقد أسقط من الإسناد أبا هريرة -رضي الله عنه- وقد أخرجه مالك "2/ 980"، ومن طريقه أخرجه أحمد "2/ 236 و445"، والبخاري "1804" و"3001" و"5429"، ومسلم "1927"، وابن ماجه "2882"، والدارمي "2/ 284"، وأبو الشيخ في "الأمثال" "205"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "225"، والبيهقي "5/ 259"، والبغوي "2687" عَنْ سُمَيّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، به مرفوعا وتمامه "السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه، فليعجل إلى أهله".
قوله: "نهمته": النهمة هي الحاجة. والمقصود في هذا الحديث استحباب تعجيل الرجوع إلى الأهل بعد قضاء حاجته.

(7/191)


ابن شُعَيْبِ بنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ كِلاَهُمَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَحَرْنَا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي الحُدَيْبِيَةِ البَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ1.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ الرُّعَيْنِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيْهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قَلَّمَا تُرَدُّ فِيْهِمَا دَعْوَةٌ: حضور الصلاة وعند الزحف للقتال" 2.
رَوَاهُ أَيْضاً أَيُّوْبُ بنُ سُوَيْدٍ وَأَبُو المُنْذِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ نَحْوَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي الهَمْدَانِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ بِحَرَّانَ3 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الفَارِسِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- دَخَلَ مَكَّةَ زَمَنَ الفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ المِغْفَرُ4.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أخبرنا علي أخبرنا أبو عمر أخبرنا
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 37" ومن طريقه أخرجه مسلم "1318" "350"، وأبو داود "2809"، والترمذي "904"، وابن ماجه "3132"، وأبو نعيم "6/ 335" عن أبي الزبير، عن جابر، به مرفوعا وتمامه: نحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة".
2 صحيح: وهذا الحديث اختلف في رفعه وفي وقفه لكن مثله لا يقال بالرأي وهو من قبيل المرفوع حكما. وقد أخرجه مالك "1/ 70"، ومن طريقه ابن أبي شيبة "10/ 224"، والطبراني "5774" عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، مرقوفا عليه، وهو في حكم المرفوع كما قلنا لأنه لا يقال مثل هذا بالرأي.
وأخرجه الطبراني "5847" من طرق عن عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ مرفوعا. وفيه عبد الحميد، وهو ضعيف.
وأخرجه أبو داود "2540"، والدارمي "1/ 272"، والحاكم "1/ 198"، والبيهقي "1/ 410"، والطبراني "5756"، وابن الجارود "1065" من طرق عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم، عن موسى بن يعقوب الزمعي، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ثنتان لا تردان، أو قلما تردان: الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضا". وإسناده ضعيف، آفته موسى بن يعقوب الزمعي، فإنه سيئ الحفظ لكن الحديث يرتقى إلى مرتبة الحسن بالطريق التي قبله.
3 حران: مدينة بالجزيرة من ديار ربيعة لها شهرة واسعة في التاريخ كان منها جماعة من العلماء.
4 صحيح: أخرجه مالك "1/ 423" ومن طريقه البخاري "1846"، ومسلم "1357".
والمغفر: بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الفاء: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس.

(7/192)


مَخْلَدٌ, حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ سَالِمٍ, حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ, حَدَّثَنَا مَالِكٌ, حَدَّثَنَا عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ, عَنْ عَمْرِو بنِ سُلَيْمٍ, عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بنِ رِبْعِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ركعتين قبل أَنْ يَقْعُدَ". اتَّفَقَا عَلَيْهِ, مِنْ حَدِيْثِ مَالِكٍ1.
الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا البَرْقاني, حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيُّ, قُرِئَ عَلَى أَبِي عَروبة الحَرَّانِيِّ, حَدَّثَكُم مُحَمَّدُ بنُ وَهْبٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيْمِ, عَنْ زَيْدِ بنِ أَبِي أُنَيْسَةَ, عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ, عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, عَنْ أَبِيْهِ -لاَ أَعْلَمُه إِلاَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللهُ عَبْداً كَانَتْ عِنْدَهُ لأَخِيْهِ مَظْلَمَةٌ فِي نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَأَتَاهُ فَاسْتَحَلَّ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ تُؤْخَذَ حَسَنَاتُهُ فَإِنْ لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صَاحِبِهِ فَتُوْضَعُ فِي سَيِّئَاتِهِ" 2.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ العَدْلُ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الحَنْظَلِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ, حَدَّثَنِي أَبِي, حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ مُضَرَ, حَدَّثَنَا ابْنُ الهَادِ, حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرُ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ يَحْتَلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَخِيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ وَيُنْثَلَ مَا فِيْهِ فَلاَ يحلبن أحدكم ماشية أخيه بغير إذنه" 3. وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بنُ بَكْرِ بنِ مُضَرَ عَنْ أَبِيْهِ وَقَدْ وَقَعَ لِي عَالِياً كَأَنِّيْ سَمِعْتُهُ من الحاكم.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "1/ 162"، وعبد الرزاق "1673"، وابن أبي شيبة "1/ 339"، وأحمد "5/ 295 و296 و303 و305 و311"، والبخاري "444" و"1163"، ومسلم "714" "69"، وأبو داود "467" و"468"، والترمذي "316"، والنسائي "2/ 53"، وابن ماجة "1013"، والدارمي "1/ 323-324"، وابن خزيمة "1825" و"1826" و"1827"، والبيهقي "3/ 53"، والبغوي "480"، وأبو عوانة "1/ 415"، من طرق عَنْ عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، به.
2 صحيح: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "6/ 343" من طريق محمد بن الحارث الحراني عن مُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيْمِ، به. وإسناده حسن, محمد بن الحارث، صدوق. وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد بن سماك الحراني، وأخرجه البخاري "6534"، والبيهقي "6/ 56"، من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حَسَنَاتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أَخَذَ من سيئات أخيه فطرحت عليه". وأخرجه الترمذي "2419" من طريق زيد بن أبي أنيسة، والطيالسي "2327" من طريق العمري، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، به.
3 صحيح: أخرجه مالك "2/ 971"، ومن طريقه أخرجه البخاري "2435"، ومسلم "1726"، وأبو داود "2623"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/ 241"، وفي "شرح مشكل الآثار" "4/ 41"، والبيهقي "9/ 358"، والبغوي "2168"، عن نافع، عن ابن عمر، به مرفوعا.

(7/193)


أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, بِنَابُلُسَ, أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ, وَالحُسَيْنُ بنُ مُبَارَكٍ, وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ, أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ مبارك, وَنَفِيْسُ بنُ كَرَمٍ وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَسْكَرٍ, وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ, وَعِدَّةٌ بِمِصْرَ, وَسُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ بِحَلَبَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ بنُ قِوَامٍ, وَيُوْسُفُ بنُ أَبِي نَصْرٍ, وَعَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ الأَمِيْنُ, وَمُحَمَّدُ بنُ حَازِمٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الذَّهَبِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ هَاشِمٍ العَبَّاسِيُّ, وَعُمَرُ, وَأَبُو بَكْرٍ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ, وَسُوَيْجُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي العِزِّ, وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ الآمِدِيَّةُ, وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ المَرَاتِبِيَّةُ, وَفَاطِمَةُ بِنْتُ إِبْرَاهِيْمَ البَطَائِحِيَّةُ, وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الحَمِيْدِ قَالُوا: أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ اليَمَانِيُّ, وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ, وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الحَاجِبُ, وَنَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بنُ العِمَادِ, وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُجَاهِدِ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُلَقِّنُ, وَأَحْمَدُ بنُ رِسْلاَنَ, وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُذْهَبُ, وَأَحْمَدُ بنُ عبد الرحمن الدَّائِمِ بنُ أَحْمَدَ الوَزَّانُ, وَعُبَيْدُ الحُمَيْدِ بنُ أَحْمَدَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ فَضْلٍ, وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ اليُوْنِيْنِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ قَايْمَازَ الدَّقِيْقِيُّ, وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عَلِيٍّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ قَالُوا سِتَّتُهُم: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الفَارِسِيُّ سَنَةَ تسع وستين وأربعمائة, أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ الأَنْصَارِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ مُوْسَى إِمْلاَءً سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمَائَتَيْنِ, حَدَّثَنَا لَيْثُ بنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَامَ فَقَالَ: "لاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ بَابُ خِزَانَتِهِ فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ, وَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُم ضُرُوْعُ مَوَاشِيْهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ, فَلاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ عَنْ لَيْثٍ.
مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الزَّبِيْدِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ, عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعاً: "لاَ تُبَاعُ الثَّمَرَةُ حتى يبدو صلاحها" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1726".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1534"، والطحاوي "2/ 23"، والبيهقي "5/ 300"، والبغوي "2078" من طرق عن إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر، به، وأخرجه عبد الرزاق "14314"، وابن أبي شيبة "6/ 507"، وأحمد "2/ 95"، والبخاري "2183" و"2159"، والنسائي "7/ 262-263 و263"، والطحاوي "2/ 23"، والطبراني "13463"، وابن الجارود "603"، والبيهقي "5/ 295-296 و299" من طرق عن ابن عمر، به.

(7/194)


أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ تَيْمِيَّةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، وَأَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ الخَطِيْبُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قُسَيْطٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ: أَنَّ عمر وعثمان قَضَيَا فِي المِلْطَاةِ، وَهِيَ السِّمْحَاقُ بِنِصْفِ مَا فِي المُوْضِحَةِ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا سُفْيَانُ فَسَأَلْنَاهُ فَحَدَّثَنَا بِهِ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ لَقِيْتُ مَالِكاً فَقُلْتُ: إِنَّ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَنْكَ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ: أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَضَيَا فِي المِلْطَاةِ1 بِنِصْفِ المُوضِحَةِ2. فَقَالَ: صَدَقَ، حَدَّثْتُهُ بِهِ، قُلْتُ: حَدِّثْنِي قَالَ: مَا أُحَدِّثُ بِهِ اليَوْمَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ، وأخبرنا علي ابن مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السَّاوِيُّ3، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَالِكٍ نَحْوَهُ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ عَزِيْزٌ، نَزَلَ الشَّافِعِيُّ فِي إِسْنَادِهِ كَثِيْراً تَحْصِيْلاً لِلْعِلْمِ.
الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ بنِ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، حَدَّثَنَا بَكَّارُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمَّادِ بنِ أَبِي حَنِيْفَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صماتها" 4.
__________
1 الملطاة: القشرة الرقيقة بين عظم الرأس ولحمه، تمنع الشجة أن توضح، وهي من لطيت بالشيء، أي لصقت، فتكون الميم زائدة.
2 الموضحة: هي التي تبدي وضح العظم: أي بياضه. والجمع: المواضح.
3 الساوي: نسبة إلى مدينة بين الري وهمدان تسمى "ساوة".
4 صحيح: أخرجه مالك "2/ 524-525"، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق "10283"، وابن أبي شيبة "4/ 136"، والشافعي "2/ 12"، وسعيد بن منصور "556"، وأحمد "1/ 219 و241-242 و345 و362"، ومسلم "1421" "66"، وأبو داود "2098"، والترمذي "1108"، والنسائي "6/ 84"، وابن ماجه "1870"، والدارمي "2/ 138"، وابن الجارود "709"، والدارقطني "3/ 239-240 و241"، والطبراني في "الكبير" "10/ 10743 و10744 و10745"، والبيهقي "7/ 118 و122"، والبغوي "2254"، عن عبد الله بن المفضل، به، وأخرجه عبد الرزاق "10282"، وابن أبي شيبة "4/ 136"، والطبراني "10/ 10746"، والبيهقي "7/ 118" من طرق عن عبد الله بن المفضل، به.

(7/195)


أَخْبَرَنَا بِهِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنِ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ السَّيِّدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ البَحِيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ, نَحْوَهُ.
وَسَاوَيتُ الحَاكِمَ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَرِيْكٌ القَاضِي، وَشُعْبَةُ.
الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المَدِيْنِيُّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ دُرُسْتَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ القَنَّادُ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "القَطْعُ فِي رُبْعِ دِيْنَارٍ فَصَاعِداً" 1.
غَرِيْبٌ جِدّاً، وَلاَ نَعْلمُ مَالِكاً اجْتَمَعَ بِيَحْيَى، وَلَو جَرَى ذَلِكَ، لَكَانَ يَرْوِي عَنْهُ، وَلكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ مَشْيَخَةِ مَالِكٍ.
تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو الطَّاهِرِ وفيه مقال.
يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ السَّدُوْسِيُّ: حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ المُغِيْرَةِ بنِ النُّعْمَانِ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ هَانِئ بنِ حَرَامٍ، قَالَ: كُتِبَ إِلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فِي رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، فَقَتَلَهُ. فَكَتَبَ فِي السِّرِّ: يُعْطِي الدِّيَةَ، وَكَتَبَ فِي العَلاَنِيَةِ: يُقَادُ منه2.
__________
1 صحيح: وهذا إسناد ضعيف، آفته أبو الطاهر الأموي المديني محمد بن أحمد بن عثمان، قال المؤلف في "ميزان الاعتدال": روى مناكير، أراه كان اختلط، لا تجوز الرواية عنه وقال ابن عدي: يغلط ويثبت عليه ولا يرجع. وذكره ابن يونس في الشعراء وقال: كان يحفظ ويفهم. وأخرجه الشافعي "270"، والبخاري "6789"، ومسلم "1684"، والنسائي "8/ 79" من طريق ابن شهاب، عن عمرة، عن عائشة، به مرفوعا. وأخرجه البخاري "6791"، من طريق يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، عن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته أن عائشة -رضي الله عنها- حدثتهم عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "تقطع اليد في ربع دينار".
2 ضعيف: أخرجه عبد الرزاق "17921" عن الثوري، عن المغيرة بن النعمان، عن هانئ بن حزام أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتلهما، فكتب عمر بكتاب في العلانية أن أقيدوه، وكتابا في السر أن أعطوه الدية".
قلت: إسناده ضعيف، رجاله ثقات خلا هانئ بن حزام، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" "3/ ق2/ 231"، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "4/ ق2/ 101"، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. فهو مجهول كما هو معروف من قاعدتهما، وقد ذكرنا أمثلة كثيرة على ذلك في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" وقد طبع الأول منهما في مكتبة الدعوة بالأزهر الشريف يسر الله طبع بقية مجلداته، وأكثر النفع به، وجعله في ميزان حسناتي ثقيلا ثقيلا بكرمه ومنه وسعة فضله.

(7/196)


قَالَ يَعْقُوْبُ: أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُرهب بِذَلِكَ.
وَبِإِسْنَادِي إِلَى ابْنِ مَخْلَدٍ العَطَّارِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُبَيْرَةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ السِّمْطِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنٍ" 1. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ سَلاَمَةَ بِهِ.
وَوَقَعَ لَنَا عَالِياً.
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيُّ2، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَبَّاسِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَبْقَسِيُّ3، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيُّ4، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ دِيْنَارٍ، بِهَذَا.
وَبِإِسْنَادِي إِلَى ابْنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ذَكَرَ عَلِيُّ بنُ بَحْرٍ القَطَّانُ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي حَازِمٍ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ البَتِّيَّ5 قَائِماً عَلَى رَأْسِ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي الحَنِيْنِ، حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ، فَوَجَدْتُ لِمَالِكٍ حلقة، ووجدت نافعًا قد مات.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 56 و103 و116 و123 و156"، والبخاري "6178" و"6966" ومسلم "1735" "10"، وأبو داود "2756"، والبيهقي "9/ 230"، والبغوي "2480" من طرق عن عبد الله بن دينار، به.
2 هو: علي بن أحمد بن عبد المحسن بن أحمد بن محمد بن علي أبو الحسن الهاشمي الحسيني الواسطي الغرافي ثم الإسكندراني المعدل، شيخ دار الحديث النبيهية بالثغر، ولد في أول سنة ثمان وعشرين وستمائة، وتوفي ذي الحجة سنة أربع وسبعمائة. ترجم له الذهبي في "معجم الشيوخ" رقم "511"، وترجمته أيضا في "الدرر الكامنة" لابن حجر "3/ 85"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "6/ 11".
3 العبقسي: نسبة إلى عبد القيس.
4 الديبُلي: نسبة إلى مدينة ديبُل على ساحل البحر الهندي قريبة من السند.
5 هو: عثمان بن مسلم البتي، بفتح الموحدة وتشديد المثناة، أبو عمرو البصري، يقال اسم أبيه سليمان، صدوق عابوا عليه الإفتاء بالرأي، وهو من صغار التابعين.

(7/197)


وَبِهِ، أَخْبَرَنَا الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: رُحْتُ إِلَى الظُّهْرِ مِنْ بَيْتِ ابْنِ هُرْمُزَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً1.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ، أَخْبَرَنَا أَشْهَبُ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعِدْهُ عَلَيَّ. قَالَ: لاَ. قُلْتُ: أَمَّا كَانَ يُعَادُ عَلَيْكَ? قَالَ: لاَ. فَقُلْتُ: كُنْتَ تَكْتُبُ? قَالَ: لاَ. وَكَفَّ الحَدِيْدَةَ -يَعْنِي: اللِّجَامَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ محمد المؤيدي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يُصَافِحُ امْرَأَةً قَطُّ"2. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، فِي جَمْعِهِ أَحَادِيْثَ مَالِكٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ الشافعي سنة تسع وستمائة -وأنا في الرابعة- أخبرنا علي بن مسلم الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخطيب سنة خمس وستين وأربعمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ بصيدا سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، حَدَّثَنَا أَبُو رَوْقٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهِزَّانِيُّ3 بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ البُسْرِيُّ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ "ح"4. وَأَخْبَرَنَا بِعُلُوٍّ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بن سهل، أخبرنا سعيد
__________
1 ذكره القاضي عياض في "ترتيب المدارك" "1/ 120-121".
2 صحيح: أخرجه البخاري "7214"، ومسلم "1866" من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يبايع النساء بالكلام بهذه الآية {لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} قالت: وما مَسَّتْ يَدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يد امرأة إلا امرأة يملكها". واللفظ للبخاري، وأخرجه الترمذي "1597"، والنسائي "7/ 149" من طريق سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في نسوة من الأنصار نبايعه فقلنا: يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف. قال: "فيما استطعتن وأطقتن". قالت: قلنا: الله ورسول أرحم بنا, هلم نبايعك يا رسول الله! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة". واللفظ للنسائي.
3 الهزاني: نسبة إلى هزان بطن من العتيك، والعتيك من ربيعة وهو هزان بن صباح بن عتيك.
4 رمز لتحويل السند إلى سند آخر أو طريق آخر.

(7/198)


ابن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا مالك، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا" 1. لَفْظُ شُعْبَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بنُ عَلِيِّ بنِ حَسَّانٍ بِبَغْدَادَ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ بِبَعْلَبَكَّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ بِمِصْرَ وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو المَنْجَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ اللَّتِّيِّ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى "ح". وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ أَبِي سَعْدٍ بِهَرَاةَ، قَالاَ: أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الفَضْلِ: بِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الكَعْبَةَ هُوَ، وَأُسَامَةُ، وَبِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ بنُ طَلْحَةَ الحَجَبِيُّ، فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِم، وَمَكَثَ فِيْهَا. فَسَأَلْتُ بِلاَلاً حِيْنَ خَرَجَ: مَاذَا صَنَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ? فَقَالَ: جَعَلَ عَمُوْداً عَنْ يَسَارِهِ، وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَثَلاَثَةَ أَعمِدَةٍ وَرَاءهُ، وَكَانَ البَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعمِدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى2.
وَبِهِ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ بَيْعِ الوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ3.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 554-555"، ومن طريقه أخرجه الشافعي "2/ 12"، وعبد الرزاق "10283"، وابن أبي شيبة "4/ 136"، وسعيد بن منصور "556"، وأحمد "1/ 219 و241-242 و345 و362"، ومسلم "1421" "66"، وأبو داود "2098"، والترمذي "1108"، والنسائي "6/ 84"، وابن ماجه "1870"، والدارمي "2/ 138"، وابن الجارود "709"، والدارقطني "3/ 239-240 و241"، والطبراني في "الكبير" "10/ 10743 و10744 و10745"، والبيهقي "7/ 118 و122"، والبغوي "2254" عن عبد الله بن الفضل، به، وأخرجه عبد الرزاق "10282"، وابن أبي شيبة "4/ 136"، والطبراني "10/ 10746"، والبيهقي "7/ 118" من طرق عن عبد الله بن الفضل، به.
2 صحيح: أخرجه مالك "1/ 398"، ومن طريقه أخرجه البخاري "505"، ومسلم "1329"، وأبو داود "2023" و"2024".
3 صحيح: أخرجه مالك "2/ 782"، والشافعي "2/ 72"، وأحمد "2/ 79 و107"، والطيالسي "1885"، والنسائي "7/ 72 و306"، وابن ماجه "2747"، والدارمي "2/ 256"، والطبراني في "الكبير" "13525" و"13626"، والبيهقي "10/ 292"، والبغوي "2226" من طرق عن عبد الله بن دينار, به.

(7/199)


وَفَاةُ مَالِكٍ:
قَالَ القَعْنَبِيُّ: سَمِعْتُهُم يَقُوْلُوْنَ: عُمُر مَالِكٍ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: مَرِضَ مَالِكٌ، فَسَأَلْتُ بَعْضَ أَهْلِنَا عَمَّا قَالَ عِنْد المَوْتِ. قَالُوا: تَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الرُّوْمُ: 4] . وَتُوُفِّيَ صَبِيْحَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ: الأَمِيْرُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ الهَاشِمِيُّ؛ وَلَدُ زَيْنَبَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ العَبَّاسِيَّةِ، وَيُعْرَفُ بِأُمِّهِ. رَوَاهَا: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَسَأَلْتُ مُصْعَباً، فَقَالَ: بَلْ مَاتَ فِي صَفَرٍ، فَأَخْبَرَنِي مَعْنُ بنُ عِيْسَى بِمِثْلِ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ: مَاتَ لِعَشْرٍ مَضَتْ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سُحْنُوْنَ: مَاتَ فِي حَادِي عَشَرَ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَاتَ لِثَلاَثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ1: الصَّحِيْحُ: وَفَاتُهُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، يَوْم الأَحَدِ، لتمام اثنين وعشرين يومًا من مرضه.
وَغَسَلَهُ ابْنُ أَبِي زَنْبَرٍ وَابْنُ كِنَانَةَ، وَابْنُهُ يَحْيَى وَكَاتِبُهُ حَبِيْبٌ يَصُبَّانِ عَلَيْهِمَا المَاءَ، وَنَزَلَ فِي قَبْرِهِ جَمَاعَةٌ، وَأَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثِيَابٍ بِيْضٍ، وَأَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ الجَنَائِزِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ الأَمِيْرُ المَذْكُوْرُ. قَالَ: وَكَانَ نَائِباً لأَبِيْهِ مُحَمَّدٍ عَلَى المَدِيْنَةِ، ثُمَّ مَشَى أَمَام جِنَازَتِه، وَحَمَلَ نَعشَهُ، وَبَلَغَ كَفَنُهُ خَمْسَةَ دَنَانِيْرَ.
قُلْتُ: تَوَاتَرَتْ وَفَاتُه فِي سَنَةِ تِسْعٍ، فَلاَ اعْتِبَارَ لِقَوْلِ مَنْ غَلِطَ وَجَعَلَهَا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ، وَلاَ اعْتِبَارَ بِقَوْلِ حَبِيْبٍ كَاتِبِهِ، وَمُطَرِّفٍ فِيْمَا حُكِيَ عَنْهُ، فَقَالاَ: سَنَة ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَنَقَلَ القَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ أَسَدَ بنَ مُوْسَى قَالَ: رَأَيْتُ مَالِكاً بَعْد مَوْتِهِ وَعَلَيْهِ طَوِيْلَةٌ وَثِيَابٌ خُضْرٌ، وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ يَطِيْرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! أَلَيْسَ قَدْ مُتَّ? قَالَ: بَلَى. فَقُلْتُ: فَإِلاَمَ صِرتَ? فَقَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَبِّي، وَكَلَّمنِي كِفَاحاً2، وَقَالَ: سَلْنِي أُعْطِكَ، وَتَمَنَّ عَلَيَّ أرضك3.
__________
1 في "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" له نشر مكتبة دار الحياة بيروت "1/ 237".
2 كفاحًا: أي مواجهة وبدون واسطة.
3 ذكره القاضي في كتابه "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" "1/ 239".

(7/200)


قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: وَاخْتُلِفَ فِي سِنِّهِ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، وَابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَحَبِيْبٌ: إِنَّ عُمُرَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً. قَالَ: وَقِيْلَ: أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ: سَبْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً. وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: تِسْعُوْنَ سَنَةً. وَقَالَ الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ: سِتٌّ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً. وَقَالَ القَعْنَبِيُّ: تِسْع وَثَمَانُوْنَ سَنَةً. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، قَالَ: عَاشَ سَبْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. وَشَذَّ أَيُّوْبُ بنُ صَالِحٍ، فقال: عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الضَّرَّابُ: هَذَا خَطَأٌ، الصَّوَابُ سِتٌّ وَثَمَانُوْنَ1.
وَاختُلِفَ فِي حَمْلِ أُمِّهِ بِهِ: فَقَالَ مَعْنٌ، وَالصَّائِغُ، وَمُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ: حَمَلَتْ بِهِ ثَلاَثَ سِنِيْنَ. وَقَالَ نَحْوَهُ: وَالِدُ الزُّبَيْرِ بنِ بَكَّارٍ. وَعَنِ الوَاقِدِيِّ: حَمَلتْ بِهِ سَنَتَيْنِ2.
قُلْتُ: وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ اتِّفَاقاً، وَقَبْرُهُ مَشْهُوْرٌ يُزَارُ -رَحِمَهُ اللهُ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي مَاتَ فِيْهَا رَأَى رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ قَائِلاً يُنشِدُ:
لَقَدْ أَصْبَحَ الإِسْلاَمُ زُعْزِعَ رُكْنُهُ ... غَدَاةَ ثَوَى الهَادِي لَدَى مَلْحَدِ القَبْرِ
إِمَامُ الهُدَى مَا زَالَ لِلْعِلْمِ صَائِناً ... عَلَيْهِ سَلاَمُ اللهِ فِي آخِرِ الدَّهْرِ
قَالَ: فَانْتَبَهتُ، فَإِذَا الصَّارِخَةُ عَلَى مَالِكٍ.
ثُمَّ أَوْرَدَ القَاضِي عِيَاضٌ عِدَّةَ مَنَامَاتٍ حَسَنَةٍ لِلإِمَامِ، وَسَائِرُ كِتَابِه بِلاَ أَسَانِيْدَ، وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ مَا يُنْكَرُ.
قَالَ ابْنُ القَاسِمِ: مَاتَ مَالِكٌ عَنْ مائَةِ عِمَامَةٍ، فَضْلاً عَنْ سِوَاهَا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: بِيْعَ مَا فِي مَنْزِلِ خَالِي مَالِكٍ مِنْ بُسُطٍ، وَمِنَصَّاتٍ، وَمَخَادَّ، وَغَيْرِ ذلك، بما ينيف على خمسمائة دِيْنَارٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ خَلَفٍ: خلف مالك خمسمائة زوج من النِّعَالِ، وَلَقَدِ اشْتَهَى يَوْماً كِسَاءً قُوْصِيّاً، فَمَا مَاتَ إِلاَّ وَعِنْدَهُ مِنْهَا سَبْعَةٌ بُعِثَتْ إِلَيْهِ.
وَأَهدَى لَهُ يَحْيَى بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ هَدِيَّةً، فَوُجِدَتْ بِخَطِّ جَعْفَرٍ: قَالَ مَشَايِخُنَا الثِّقَاتُ: إِنَّهُ باع من فضلتها بثمانين ألفًا.
__________
1 ذكره القاضي عياض في "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" "1/ 111".
2 ذكره القاضي عياض في "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" "1/ 111-112".

(7/201)


قَالَ أَبُو عَمْرٍو: تَرَكَ مِنَ النَّاضِّ1 أَلفَيْ دينار وستمائة دِيْنَارٍ، وَسَبْعَةً وَعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَمِنَ الدَّرَاهِمِ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ هَذَا الإِمَامُ مِنَ الكُبَرَاءِ السُّعدَاءِ، وَالسَّادَةِ العُلَمَاءِ، ذَا حِشْمَةٍ، وَتَجَمُّلٍ، وَعَبِيْدٍ، وَدَارٍ فَاخِرَةٍ وَنِعمَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَرِفعَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، كَانَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ، وَيَأْكُلُ طَيِّباً، وَيَعْمَلُ صَالِحاً، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ المُبَارَكِ فِيْهِ:
صَمُوْتٌ إِذَا مَا الصَّمتُ زَيَّنَ أَهْلَهُ ... وَفَتَّاقُ أَبْكَارِ الكَلاَمِ المُخَتَّمِ
وَعَى مَا وَعَى القُرْآنُ مِنْ كُلِّ حِكْمَةٍ ... وَسِيْطَتْ2 لَهُ الآدَابُ بِاللَّحْمِ وَالدَّمِ
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ -رَحِمَهُ اللهُ- فِيْهِ:
يَا سَائِلاً عَنْ حَمِيْدِ الهَدْيِ وَالسَّنَنِ ... اطْلُبْ هُدِيْتَ عُلُوْمَ الفِقْهِ وَالسُّنَنِ
وَعَقْدَ قَلْبِكَ فَاشدُدْهُ عَلَى ثَلجٍ3 ... لاَ تَطْوِيَنَّهُ عَلَى شَكٍّ ولا دخن4
وَاسْلُكْ سَبِيْلَ الأُلَى حَازُوا نُهَىً وَتُقَىً ... كَانُوا فَبَانُوا حِسَانَ السِّرِّ وَالعَلَنِ
هُمُ الأَئِمَّةُ وَالأَقْطَابُ مَا انْخَدَعُوا ... وَلاَ شَرَوْا دِيْنَهُم بِالبَخْسِ وَالغَبَنِ
أَصْحَابُ خَيْرِ الوَرَى أَحْبَارُ مِلَّتِهِ ... خَيْرُ القُرُوْنِ نُجُومُ الدَّهْرِ وَالزَّمَنِ
مَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُم مُهتَدٍ وَهُمُ ... نَجَاةُ مَنْ بَعْدَهُم مِنْ غَمْرَةِ الفِتَنِ
وَتَابِعُوْهُم عَلَى الهَدْيِ القَويمِ هُمُ ... أَهْلُ التُّقَى وَالهُدَى وَالعِلْمِ وَالفِطَنِ
فَاخْتَرْ لِدِيْنِكَ ذَا عِلْمٍ تُقَلِّدُهُ ... مُشَهَّرَ الذِّكْرِ فِي شَامٍ وَفِي يَمَنِ
حَوَى أُصُولَهُمُ ثُمَّ اقْتَفَى أَثراً ... نَهْجاً إِلَى كُلِّ مَعْنَى رَائِقٍ حَسَنِ
وَمَالِكُ المُرْتَضَى لاَ شَكَّ أَفْضَلُهُم ... إِمَامُ دَارِ الهُدَى وَالوَحِيِ وَالسُّنَنِ
فَعَنْهُ حُزْ عِلْمَهُ إِنْ كُنْتَ مُتَّبِعاً ... وَدَعْ زَخَارِفَ كَالأَحْلاَمِ وَالوَسَنِ
فَهُوَ المُقَلَّدُ فِي الآثَارِ يُسْنِدُهَا ... خِلاَفَ مَنْ هُوَ فِيْهَا غَيْرُ مُؤْتَمَنِ
وَهُوَ المُقَدَّمُ فِي فِقْهٍ وَفِي نَظَرٍ ... وَالمُقتَدَى في الهدى في ذلك الزمن
__________
1 الناض: الدنانير والدراهم.
2 وسيطت: مزجت.
3 ثلج: اطمئنان.
4 دخن: فساد.

(7/202)


وَعَالِمُ الأَرْضِ طُرّاً بِالَّذِي حَكَمَتْ ... شَهَادَةُ المُصْطَفَى ذِي الفَضْلِ وَالمِنَنِ
وَمَنْ إِلَيْهِ بِأَقْطَارِ البِلاَدِ غَدَتْ ... تُنْضَى المَطَايَا وَتُضْحَى بُزَّلُ البُدُنِ1
مَنْ أُشْرِبَ الخَلْقُ طُرّاً حُبَّهُ فَجَرَى ... طَيَّ القُلُوْبِ كَجَرْيِ المَاءِ فِي الغُصُنِ
وَقَالَ كُلُّ لِسَانٍ فِي فَضَائِلِه ... قَوْلاً وَإِنْ قَصَّرُوا فِي الوَصْفِ عَنْ لَسَنِ
عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ أَصْفَى عَوَاطِفِهِ ... وَمِنْ رِضَاهُ كَصَوبِ العَارِضِ الهَتِنِ2
وَجَادَ مَلحَدَهُ وَطْفَاءُ هَاطِلَةٌ ... تَسْقِي بِرُحْمَاهُ مَثْوَى ذَلِكَ الجَنَنِ3
__________
1 تنضى: تهزل. تضحى: تسعى. بزل: جمع بازل: وهو البعير ذكرا كان أو أنثى وذلك في السنة التاسعة. البدن: الإبل والبقر التي تهدى إلى مكة.
2 العارض: السحاب. والهتين: الممطر.
3 ذكر القاضي عياض: هذه الأبيات في كتابه "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" "1/ 253-254" وقوله: الجنن. المستور والمراد به الميت.

(7/203)


1181- عبد القدوس 1:
ابن حبيب المحدث، أبو سعيد الكلاعي، الوحاظي الشامي.
رَوَى عَنْ: مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَمَكْحُوْلٍ، وَابْنِ شِهَابٍ.
وَعَنْهُ: عمرو بن الحارث، وحيوة بنت شُرَيْحٍ، وَالثَّوْرِيُّ -وَمَاتُوا قَبْلَه بِمُدَّةٍ- وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ شَابُوْرٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَأَبُو الجَهْمِ، وَصَالِحُ بنُ مَالِكٍ الخُوَارِزْمِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي إِسْرَائِيْلَ.
يَقَعُ مِنْ عَوَالِيْهِ فِي "الجَعْدِيَّاتِ".
اتَّفقُوا عَلَى ضَعْفِهِ. كَذَّبَهُ: ابْنُ المُبَارَكِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: مَطْرُوحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: تَرَكُوهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: ذَاهِبُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: لأَنْ أَقطَعَ الطَّرِيْقَ، أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَرْوِيَ عَنْهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَلاَ مَأْمُوْنٍ.
قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى ما بعد السبعين ومائة وعمر دهرًا.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1898"، وعند ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "6/ ترجمة 295"، وعند العقيلي في "الضعفاء" "3/ ترجمة 1069"، وعند ابن حبان في "المجروحين" "2/ 131"، وعند ابن عدي في "الكامل" "5/ ترجمة 1498"، وفي ميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5156".

(7/203)


1182- الليث بن سعد 1: "ع"
ابن عبد الرحمن، الإمام، الحافظ، شيخ الإسلام، وعالم الديار المِصْرِيَّةِ، أَبُو الحَارِثِ الفَهْمِيُّ، مَوْلَى خَالِدِ بنِ ثَابِتِ بنِ ظَاعِنٍ.
وَأَهْلُ بَيْتِهِ يَقُوْلُوْنَ: نَحْنُ مِنَ الفُرسِ، مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، وَلاَ مُنَافَاةَ بَيْنَ القَوْلَيْنِ.
مَوْلِدُهُ: بِقَرْقَشَنْدَةَ -قَرْيَةٌ مِنْ أَسْفَلِ أَعْمَالِ مِصْرَ- فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ. قَالَهُ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ. وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ. ذَكَرَهُ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، لأَنَّ يَحْيَى يَقُوْلُ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ. قَالَ اللَّيْثُ: وَحَجَجْتُ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَنَافِعاً العُمَرِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي سَعِيْدٍ المَقْبُرِيَّ، وَابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ، وَأَبَا الزُّبَيْرِ المَكِّيَّ، وَمِشْرَحَ بنَ هَاعَانَ، وَأَبَا قَبِيْلٍ المَعَافِرِيَّ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، وَجَعْفَرِ بنِ رَبِيْعَةَ، وعبيد الله بن أبي جَعْفَرٍ، وَبُكَيْرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ القَاسِمِ، وَالحَارِثَ بنَ يَعْقُوْبَ، وَدَرَّاجاً أَبَا السَّمْحِ الوَاعِظَ، وَعُقَيْلَ بنَ خَالِدٍ، وَيُوْنُسَ بنَ يَزِيْدَ، وَحُكَيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ، وَعَامِرَ بنَ يَحْيَى المَعَافِرِيَّ، وَعُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ، وَعِمْرَانَ بنَ أَبِي أَنَسٍ، وَعَيَّاشَ بنَ عَبَّاسٍ، وَكَثِيْرَ بنَ فَرْقَدَ، وَهِشَامَ بنَ عُرْوَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَأَيُّوْبَ بنَ مُوْسَى، وَبَكْرَ بنَ سَوَادَةَ، وَأَبَا كَثِيْرٍ الجُلاَّحَ، وَالحَارِثَ بنَ يَزِيْدَ الحَضْرَمِيَّ، وَخَالِدَ بنَ يَزِيْدَ، وَصَفْوَانَ بنَ سُلَيْمٍ، وخير بن نعيم، وأبا الزناد، وَقَتَادَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ، وَيَحْيَى بنَ سعيد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 517"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1053"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1015"، وحلية الأولياء "7/ ترجمة 391"، وتاريخ بغداد "13/ 3-14"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 365"، والكاشف "3/ ترجمة 4760"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 210"، والعبر "1/ 266 و345 و356"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6998"، تهذيب التهذيب "8/ 459"، تقريب التهذيب "2/ 138"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6000"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 285".

(7/204)


الأَنْصَارِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً. حَتَّى إِنَّهُ يَرْوِي عَنْ تَلاَمِذَتِهِ، وَحَتَّى إِنَّهُ رَوَى عَنْ نَافِعٍ، ثُمَّ رَوَى حَدِيْثاً بَيْنَهُ وَبَيْنَه فِيْهِ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ فِي شَيْخِهِ ابْنِ شِهَابٍ، رَوَى غَيْرَ حَدِيْثٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَه فِيْهِ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ.
رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ. مِنْهُم: ابْنُ عَجْلاَنَ -شَيْخُهُ- وَابْنُ لَهِيْعَةَ، وَهُشَيْمٌ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَعَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، وَشَبَابَةُ، وَأَشْهَبُ، وَسَعِيْدُ بن شرحبيل، وسعيد بن غفير، وَالقَعْنَبِيُّ، وَحُجَيْنُ بنُ المُثَنَّى، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، وَشُعَيْبُ بنُ اللَّيْثِ -وَلَدُهُ- وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ، وَمَنْصُوْرُ بنُ سَلَمَةَ، وَيُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بنُ القَاسِمِ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو الجَهْمِ العَلاَءُ بنُ مُوْسَى، وَقُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ رُمْحٍ، وَيَزِيْدُ بنُ مَوْهِبٍ الرَّمْلِيُّ، وَكَامِلُ بنُ طَلْحَةَ، وَعِيْسَى بنُ حَمَّادٍ زُغْبَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ الكَاتِبُ، وَعَمْرُو بنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ التِّنِّيْسِيُّ.
وَلَحِقَهُ الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَسَأَلَه عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَرَآهُ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ بِبَغْدَادَ وَهُوَ صَبِيٌّ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ، أَخْبَرَنَا الأُرْمَوِيُّ، وَابْنُ الدَّايَةِ، وَالطَّرَائِفِيُّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ سَعْدِ بنِ سِنَانٍ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَكُوْنُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيْهَا مُؤْمِناً، وَيُمْسِي كَافِراً، وَيُمْسِي مُؤْمِناً، وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيْعُ أَقْوَامٌ دِيْنَهُم بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا".
هَذَا الحَدِيْثُ حَسَنٌ، عَالٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ1، عَنْ قُتَيْبَةَ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الصَّالِحَيُّ، أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القادر الجيلي، أخبرنا
__________
1 صحيح بشاهده: أخرجه الترمذي "2197"، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث بن سعد، به.
قلت: إسناده حسن، سعيد بن سنان المصري، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيْهَا مُؤْمِناً، ويمسي كافرا، ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا، يبيع دينه بعرض من الدنيا". أخرجه أحمد "2/ 304 و372 و523"، ومسلم "118"، والترمذي "2195"، والبغوي "4223"، من طرق عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به. وهو صحيح.

(7/205)


أَبُو القَاسِمِ سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ "ح". وَأَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُؤَيَّدِ القَرَافِيُّ الزَّاهِدُ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ موهوب بن الجواليقي سنة عشرين وستمائة بِبَغْدَادَ "ح". وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ الكِنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُهْتَدِي بِاللهِ في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الزَّيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ الأَشْعَثِ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ حَمَّادٍ التُّجِيْبِيُّ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ زَيْدَ بنَ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ قَائِماً، مُسْنِداً ظَهْرَهُ إِلَى الكَعْبَةِ يَقُوْلُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! وَاللهِ مَا فِيْكُمْ أَحَدٌ عَلَى دِيْنِ إبراهيم غيري، وكان يحيي الموءودة يَقُوْلُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ: مَهْ، لاَ تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيْكَ مُؤْنَتَهَا، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ، قَالَ لأَبِيْهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مُؤْنَتَهَا1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَإِنَّمَا يَرْوِيْهِ اللَّيْثُ، عَنْ هِشَامٍ بِالإِجَازَةِ، لأن البُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ فِي "صَحِيْحِهِ" تَعْلِيقاً، فَقَالَ: وَقَالَ الليث: كتب إلي هشام بن عروة ... ، ذكر الحَدِيْثَ، فَهُوَ فِي "الصَّحِيْحِ"، وِجَادَةً2 عَلَى إِجَازَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ: أَخْبَرَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ زُنْبُوْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عيسى
__________
1 صحيح: علقه البخاري "3828" قال: قال الليث: كتب إليَّ هشام، عن أبيه، به. وقال الحافظ في "الفتح" "7/ 145": وهذا التعليق رويناه موصولا في حديث زغبة من رواية أبي بكر بن أبي داود، عن عيسى بن حماد، وهو المعروف بزغبة عن الليث. وأخرج ابن إسحاق عن هشام بن عروة هذا الحديث بتمامه"، والحديث وصله الحاكم "3/ 440"، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَفَّان، حَدَّثَنَا أبو أسامة، حدثنا هشام بن عروة، به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
2 الوجادة: هي مصدر لوجد مولد غير مسموع من العرب. وهي أن يقف على أحاديث بخط راويها لا يرويها الواجد، فله أن يقول: وجدت، أو قرأت بخط فلان، أو في كتابه بخطه "حدثنا فلان"، ويسوق الإسناد والمتن، أو قرأت بخط فلان عن فلان، هذا الذي استقر عليه العمل قديما وحديثا، وهو من باب المنقطع؛ فالراوي إذا وجد في كتابه حديثا عن شيخنا كان على ثقة من أنه أخذه عنه، فإذا خانته ذاكرته، وجده في كتابه، أما إذا وجده في كتاب غيره، ولو كان أباه، فهذا انقطاع بلا ريب، وقد ذكرت مثالا لذلك في المجلد الثاني في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" يسر الله طباعته ونشره، وأكثر النفع به، ونفعني به وبسائر كتبي يوم الدين بكرمه ومنه وسعة فضله.

(7/206)


ابن حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيْرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مائَةَ سَنَةٍ" 1.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، وَالحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَسْكَرَ، وَحَسَنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ الزَّبِيْدِيِّ، وَالنَّفِيْسُ بنُ كَرَمٍ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أبي طَالِبٍ، وَخَلْقٌ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو المَنْجَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ اللَّتِّيِّ، قَالُوا سِتَّتُهُم: أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مَسْعُوْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، أَخْبَرَنَا العَلاَءُ بنُ مُوْسَى البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ الرَّجُلِ النَّصْرَانِيَّةَ، أَوِ اليَهُوْدِيَّةَ، قَالَ: إِنَّ اللهَ حَرَّمَ المُشْرِكَاتِ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيْئاً أَكْبَرَ مِنْ أَنْ تَقُوْلَ المَرْأَةُ: رَبُّهَا عِيْسَى، وَهُوَ عَبْدٌ مِنْ عَبِيْدِ اللهِ2. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ.
أَخْبَرَنَا القَاضِي تَاجُ الدِّيْنِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سَعِيْدِ بنِ عُلْوَانَ بِبَعْلَبَكَّ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرحمن بن إبراهيم "ح". أَخْبَرَنَا عِزُّ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْدَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ الفَقِيْهُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وستمائة "ح". وَأَخْبَرَنَا بِيْبَرْسُ المَجْدِيُّ بِحَلَبَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّخَّالِ، قَالُوا: أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الكَاتِبَةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الأَنْصَارِيُّ "ح". وَأَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الفَرَّاءِ, أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيِّ، وَيَحْيَى بنُ ثَابِتٍ البَقَّالُ، قَالَ أَبُو الفَتْحِ: أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أحمد بن الحسن الحافظ، وقال
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 452"، ومسلم "2826" "6"، والترمذي "2523"، وابن جرير الطبري في "جامع البيان" "27/ 183"، وأبو نعيم في "صفة الجنة" "401" من طريق الليث، به.
وأخرجه الحميدي "1131"، وأحمد "2/ 418"، والبخاري "4881"، ومسلم "2826" "7"، والبيهقي في "البعث" "268"، وأبو نعيم في "صفة الجنة" "403" من طريق أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
وأخرجه أحمد "2/ 482"، والبخاري "3252"، وابن جرير الطبري "27/ 183"، وأبو نعيم في "صفة الجنة" "403" من طريق فليح بن سليمان، عَنْ هِلاَلِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي عمرة، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه عبد الرزاق "20878"، وأحمد "2/ 469"، والطبري "27/ 183-184"، والبيهقي في "البعث" "269" و"270" من طرق عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "5285".

(7/207)


البَقَّالُ: أَخْبَرَنَا أَبِي، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ الحَافِظُ، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُم مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الهَادِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: فَذَكَرَ الحَدِيْثَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيْبٍ، فَنَزَعْتُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ أَنْزَعَ ... ".
أَخْبَرَنَاهُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَّفُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ الحَمَّامِيِّ، حَدَّثَنَا دَعْلَجُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن بكير، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الهَادِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابن شهاب، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيْبٍ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ نَزَعَ ابْنُ قُحَافَةَ ذَنُوْباً أَوْ ذَنُوْبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَلْيَغْفِرِ اللهُ لَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْباً، فَأَخَذَ ابْنُ الخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عبقريا من الناس ينزع نزعه حتى ضرب النَّاسُ بِعَطَنٍ" 1.
رَوَاهُ مَنْ حَدِيْثِ يَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ صَالِحٍ، نَحْوَهُ، وَالبُخَارِيُّ، عَنْ يَسَرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِنَفْسِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي القَرَافِيُّ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا الأُرْمَوِيُّ، وَابْنُ الدَّايَةِ، وَالطَّرَائِفِيُّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا ابْنُ المُسْلِمَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ عَقِيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ أَبَا إِدْرِيْسَ عَائِذَ اللهِ الخَوْلاَنِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ يَزِيْدَ بنَ عُمَيْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، قَالَ: كَانَ مُعَاذٌ لاَ يَجْلِسُ مَجْلِساً إِلاَّ قَالَ حِيْنَ يَجْلِسُ: اللهُ حَكَمٌ قِسْطٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ، هَلَكَ المُرْتَابُوْنَ.
كَانَ اللَّيْثُ -رَحِمَهُ اللهُ- فَقِيْهَ مِصْرَ، وَمُحَدِّثَهَا، وَمُحْتَشِمَهَا، وَرَئِيْسَهَا، وَمَنْ يَفتَخِرُ بِوُجُوْدِهِ الإِقْلِيْمُ، بِحَيْثُ إِنَّ مُتَوَلِّي مِصْرَ، وَقَاضِيَهَا وَنَاظِرَهَا مِنْ تَحْتِ أَوَامِرِه، وَيَرْجِعُوْنَ إِلَى رَأْيِهِ، وَمَشُوْرَتِهِ، وَلَقَدْ أَرَادَهُ المَنْصُوْرُ عَلَى أَنْ يَنُوبَ لَهُ عَلَى الإِقْلِيْمِ، فاستعفى من ذلك.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 368 و450"، وابن أبي شيبة "12/ 21-22"، والبخاري "3664" و"7021" و"7022" و"7475"، ومسلم "2392" "17" و"18"، والبيهقي في دلائل النبوة" "6/ 344 و345"، والبغوي "3881" و "3882" و"3883" من طرق عن أبي هريرة، به.

(7/208)


وَمِنْ غَرَائِبِ حَدِيْثِ اللَّيْثِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، حَدِيْثُ: "مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"1. صَحَّحَهُ: أَبُو عِيْسَى، وَغَرَّبَهُ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ شَيْخُ أَهْلِ دِمَشْقَ: قدم علينا الليث، فكان يجالس سعد بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُنَا، فَعَرَضُوا عَلَيْهِ، فَلَمْ أَرَ أَنَا أَخْذَ ذَلِكَ عَرْضاً، حَتَّى قَدِمتُ عَلَى مَالِكٍ.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَبَّوَيْه: سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ، سَمِعْتُ لَيْثَ بنَ سَعْدٍ يَقُوْلُ: بَلَغتُ الثَّمَانِيْنَ، وَمَا نَازَعتُ صَاحِبَ هَوَىً قَطُّ.
قُلْتُ: كَانَتِ الأَهوَاءُ وَالبِدَعُ خَامِلَةً فِي زَمَنِ اللَّيْثِ، وَمَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَالسُّنَنُ ظَاهِرَةٌ عَزِيْزَةٌ، فَأَمَّا فِي زَمَنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، فَظَهَرَتِ البِدعَةُ، وَامْتُحِنَ أَئِمَّةُ الأَثَرِ، وَرَفَعَ أَهْلُ الأَهوَاءِ رءوسهم بِدُخُوْلِ الدَّولَةِ مَعَهُم، فَاحْتَاجَ العُلَمَاءُ إِلَى مُجَادَلَتِهِم بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِمُ العُلَمَاءُ أَيْضاً بِالمَعْقُوْلِ، فَطَالَ الجِدَالَ، وَاشتَدَّ النِزَاعُ، وَتَوَلَّدَتِ الشُّبَهُ. نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ.
قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَأَنَا ابْنُ عشرين سنة.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ زُغْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ: أَصْلُنَا مِنْ أَصْبَهَانَ، فَاسْتَوصُوا بِهِم خَيْراً.
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ اللَّيْثَ يَقُوْلُ: كَتَبتُ مِنْ عِلْمِ ابْنِ شِهَابٍ عِلْماً كَثِيْراً، وَطَلَبتُ رُكُوبَ البَرِيْدِ إِلَيْهِ إِلَى الرُّصَافَةِ، فَخِفتُ أَنْ لاَ يَكُوْنَ ذَلِكَ للهِ، فَتَرَكتُهُ، وَدَخَلْتُ عَلَى نَافِعٍ، فَسَأَلَنِي، فَقُلْتُ: أَنَا مِصرِيٌّ. فَقَالَ: مِمَّنْ? قُلْتُ: مَنْ قَيْسٍ. قَالَ: ابْنُ كَمْ? قُلْتُ: ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً. قَالَ: أَمَّا لِحْيَتُكَ فَلِحْيَةُ ابْنِ أَرْبَعِيْنَ.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ: خَرَجْتُ مَعَ اللَّيْثِ إِلَى العِرَاقِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، خَرَجْنَا فِي شَعْبَانَ، وَشَهِدْنَا الأَضْحَى بِبَغْدَادَ. قَالَ: وَقَالَ لِي اللَّيْثُ وَنَحْنُ بِبَغْدَادَ: سَلْ عَنْ مَنْزِلِ هُشَيْمٍ الوَاسِطِيِّ، فَقُلْ لَهُ: أَخُوْكَ لَيْثٌ المِصْرِيُّ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَيَسْأَلُكَ أَنْ تَبْعَثَ إِلَيْهِ شَيْئاً مِنْ كُتُبِكَ فَلَقِيْتُ هُشَيْماً، فَدَفَعَ إِلَيَّ شَيْئاً، فَكَتَبنَا مِنْهُ، وَسَمِعتُهَا مَعَ اللَّيْثِ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُلَيْحٍ: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ الخَادِمَ، وَكَانَ قَدْ عَمِيَ من الكبر في
__________
1 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 759 و763"، وأحمد "3/ 98 و113 و116 و166 و172 و176 و203 و209"، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" "3/ 278"، ومسلم "2"، والدارمي "1/ 77" من طرق عن أنس، به.

(7/209)


مَجْلِسِ يُسْرٍ، قَالَ: كُنْتُ غُلاَماً لِزُبَيْدَةَ، وَأُتِيَ بِاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ تَسْتَفْتِيْهِ، فَكُنْتُ وَاقِفاً عَلَى رَأْسِ سَتِّي زُبَيْدَةَ، خَلْفَ السِّتَارَةِ، فَسَأَلَهُ الرَّشِيْدُ، فَقَالَ لَهُ: حَلَفْتُ إِنَّ لِيَ جَنَّتَيْنِ. فَاسْتَحْلَفَهُ اللَّيْثُ ثَلاَثاً: إِنَّكَ تَخَافُ الله? فَحَلَفَ لَهُ، فَقَالَ: قَالَ اللهُ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرَّحْمَنُ: 16] . قَالَ: فَأَقطَعَهُ قَطَائِعَ كَثِيْرَةً بِمِصْرَ.
قُلْتُ: إِنْ صحَّ هَذَا، فَهَذَا كَانَ قَبْلَ خِلاَفَةِ هَارُوْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَبْدِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ بُكَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ دَاوُدَ وَزِيْرِ المَهْدِيِّ، قَالَ: قَالَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ لَمَّا قَدِمَ اللَّيْثُ العِرَاقَ: الْزَمْ هَذَا الشَّيْخَ، فَقَدْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِمَا حَمَلَ مِنْهُ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: قَالَ اللَّيْثُ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ: تَلِي لِي مِصْرَ? قُلْتُ: لاَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنِّيْ أَضْعُفُ عَنْ ذَلِكَ، إِنِّيْ رَجُلٌ مِنَ المَوَالِي. فَقَالَ: مَا بِكَ ضَعفٌ مَعِي، وَلَكِنْ ضَعُفَتْ نِيَّتُكَ فِي العَمَل لِي.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ: رَأَيْتُ اللَّيْثَ عِنْدَ رَبِيْعَةَ يُنَاظِرُهُم فِي المَسَائِلِ، وَقَدْ فَرْفَرَ أَهْلَ الحَلْقَةِ1.
أَبُو إِسْحَاقَ بنُ يُوْنُسَ الهَرَوِيُّ: حَدَّثَنَا الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُرَحْبِيْلُ بنُ جَمِيْلٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ أَيَّامَ هِشَامٍ الخَلِيْفَةِ، وَكَانَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ حَدَثَ السِّنِّ، وَكَانَ بِمِصْرَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَجَعْفَرُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَالحَارِثُ بنُ يَزِيْدَ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَابْنُ هُبَيْرَةَ، وَإِنَّهُم يَعْرِفُوْنَ لِلَّيْثِ فَضْلَه وَوَرَعَهُ وَحُسْنَ إِسْلاَمِه عَنْ حَدَاثَةِ سِنِّه. ثُمَّ قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: لَمْ أَرَ مِثلَ اللَّيْثِ.
وَرَوَى عَبْدُ المَلِكِ بنُ يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَكمَلَ من الليث.
وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: كَانَ اللَّيْثُ فَقِيْهَ البَدَنِ، عَرَبِيَّ اللِّسَانِ، يُحْسِنُ القُرْآنَ وَالنَّحْوَ، وَيَحفَظُ الحَدِيْثَ وَالشِّعْرَ، حَسَنَ المُذَاكَرَةِ. فَمَا زَالَ يَذْكُرُ خِصَالاً جَمِيْلَةً، وَيَعْقِدُ بِيَدِهِ، حَتَّى عَقَدَ عَشْرَةً: لَمْ أَرَ مِثْلَهُ.
وَنَقَلَ الخَطِيْبُ فِي "تَارِيْخِهِ"، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيِّ، سَمِعَ ابْنَ بُكَيْرٍ يَقُوْلُ: أُخْبِرْتُ عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي أَيُّوْبَ، قَالَ: لَوْ أَنَّ مَالِكاً وَاللَّيْثَ اجْتَمَعَا، لَكَانَ مَالِكٌ عِنْد اللَّيْثِ أَخْرَسَ، وَلَبَاعَ اللَّيْثُ مَالِكاً فيمن يزيد.
__________
1 فرفر أهل الحلقة: غلبهم بحجته.

(7/210)


قُلْتُ: لاَ يَصِحُّ إِسْنَادُهَا؛ لِجَهَالَةِ مَنْ حَدَّثَ عَنْ سَعِيْدٍ بِهَا، أَوْ أَنَّ سَعِيْداً مَا عَرَفَ مَالِكاً حَقَّ المَعْرِفَةِ.
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالمُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ كِتَابَةً، قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِزْقٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أحمد عِيَاضِ بنِ أَبِي طَيْبَةَ المُفْرِضُ، حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُوْلُ: كُلُّ مَا كَانَ فِي كُتُبِ مَالِكٍ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، فَهُوَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ.
وَبِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا الصُّوْرِيُّ، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر التجيبي، أخبرنا الحسن بن يوسف صَالِحِ بنِ مُلَيْحٍ الطَّرَائِفِيُّ، سَمِعْتُ الرَّبِيْعَ بنَ سُلَيْمَانَ يَقُوْلُ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَوْلاَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، لَضَلَّ النَّاسُ.
قَالَ أَحْمَدُ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: لَوْلاَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، هَلَكْتُ، كُنْتُ أَظُنُّ كُلَّ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْعَلُ بِهِ.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّسْعَنِيُّ: حَدَّثَنَا عثمان بن صالح، قال: كان أهل مصر يَنْتَقِصُوْنَ عُثْمَانَ، حَتَّى نَشَأَ فِيْهِمُ اللَّيْثُ، فَحَدَّثَهُم بِفَضَائِلِه، فَكَفُّوا. وَكَانَ أَهْلُ حِمْصَ يَنْتَقِصُوْنَ عَلِيّاً حتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش، فحدثهم بِفَضَائِلِ عَلِيٍّ، فَكَفُّوا عَنْ ذَلِكَ.
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عِيَاضٍ المُفْرِضُ: سَمِعْتُ حَرْملَةَ يَقُوْلُ: كَانَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ يَصِلُ مَالِكاً بِمائَةِ دِيْنَارٍ فِي السَّنَةِ، فَكَتَبَ مَالِكٌ إِلَيْهِ: عَلَيَّ دين. فبعث إليه بخمسمائة دِيْنَارٍ، فَسَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُوْلُ: كَتَبَ مَالِكٌ إِلَى اللَّيْثِ: إِنِّيْ أُرِيْدُ أَنْ أُدخِلَ بِنْتِي عَلَى زَوْجِهَا، فَأُحِبُّ أَنْ تَبْعَثَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ عُصْفُرٍ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِثَلاَثِيْنَ حِمْلاً عُصْفُراً، فباع منه بخمسمائة دِيْنَارٍ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ فَضْلَةٌ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ قُتَيْبَةُ: كَانَ اللَّيْثُ يَسْتَغِلُّ عِشْرِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَقَالَ: مَا وَجَبَتْ عَلَيَّ زَكَاةٌ قَطُّ. وَأَعْطَى اللَّيْثُ ابْنَ لَهِيْعَةَ ألف دينار، وَأَعْطَى مَالِكاً أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَأَعْطَى مَنْصُوْرَ بنَ عمار الواعظ ألف دينار، وجارية تسوى ثلاثمائة دِيْنَارٍ.
قَالَ: وَجَاءتِ امْرَأَةٌ إِلَى اللَّيْثِ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا الحَارِثِ، إِنَّ ابْناً لِي عَلِيْلٌ، وَاشْتَهَى عَسَلاً. فَقَالَ: يَا غُلاَمُ، أَعْطِهَا مِرْطاً مِنْ عَسَلٍ. وَالمِرْطُ: عِشْرُوْنَ وَمائَةُ رَطْلٍ.
قَالَ عبد الملك شُعَيْبِ بنِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَا وَجَبَتْ عَلَيَّ زَكَاةٌ مُنْذُ بَلَغتُ.

(7/211)


وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: سَأَلَتِ امْرَأةٌ اللَّيْثَ مَنّاً مِنْ عَسَلٍ، فَأَمَرَ لَهَا بِزِقٍّ، وَقَالَ: سَأَلَتْ عَلَى قَدَرِهَا، وَأَعْطَيْنَاهَا عَلَى قَدَرِ السَّعَةِ عَلَيْنَا.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِيْنِيَّ، قَالَ: جَاءتِ امْرَأَةٌ بُسكُرَّجَة1 إِلَى اللَّيْثِ تَطلُبُ عَسَلاً، فَأَمَرَ مَنْ يَحمِلُ مَعَهَا زِقّاً، فَجَعَلت تَأْبَى، وَجَعَلَ اللَّيْثُ يَأْبَى إِلاَّ أَنْ يُحْمَلَ مَعَهَا مِنْ عَسَلٍ، وَقَالَ: نُعطِيْكِ عَلَى قَدَرِنَا.
وَعَنِ الحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنٍ، قَالَ: اشْتَرَى قَوْمٌ مِنَ اللَّيْثِ ثَمَرَةً، فَاسْتَغْلَوْهَا، فَاسْتَقَالُوْهُ، فَأَقَالَهُم، ثُمَّ دَعَا بِخَرِيطَةٍ فِيْهَا أَكْيَاسٌ، فَأَمَرَ لَهُم بِخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ الحَارِثُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ غَفْراً، إِنَّهُم قَدْ كَانُوا أَمَّلُوا فِيْهَا أَمَلاً، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُعَوِّضَهُم مِنْ أَمَلِهِم بهذا.
أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ النَّسَائِيُّ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ، سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ اللَّيْثِ يَقُوْلُ: خَرَجْتُ حَاجّاً مَعَ أَبِي، فَقَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ بِطَبَقِ رُطَبٍ. قَالَ: فَجَعَلَ عَلَى الطَّبَقِ أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَرَدَّهُ إِلَيْهِ.
إِسْمَاعِيْلُ سمَّويه: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، قَالَ: صَحِبتُ اللَّيْثَ عِشْرِيْنَ سَنَةً، لاَ يَتَغَدَّى وَلاَ يَتَعَشَّى إِلاَّ مَعَ النَّاسِ، وَكَانَ لاَ يَأْكُلُ إِلاَّ بِلَحمٍ إِلاَّ أَنْ يَمْرَضَ.
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عِيَاضٍ المُفْرِضُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو الغَافِقِيُّ، سَمِعْتُ أَشْهَبَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ يَقُوْلُ: كَانَ اللَّيْثُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَةُ مَجَالِسَ يَجْلِسُ فِيْهَا: أَمَّا أَوَّلُهَا، فَيَجلِسُ لِنَائِبَةِ السُّلْطَانِ فِي نَوَائِبِه وَحَوَائِجِه، وَكَانَ اللَّيْثُ يَغشَاهُ السُّلْطَانُ، فَإِذَا أَنْكَرَ مِنَ القَاضِي أَمراً، أَوْ مِنَ السُّلْطَانِ، كَتَبَ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَيَأْتِيْهِ العَزلُ، وَيَجْلِسُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: نَجِّحُوا أَصْحَابَ الحَوَانِيْتِ، فَإِنَّ قُلُوْبَهُم مُعَلَّقَةٌ بِأَسْوَاقِهِم. وَيَجلِسُ لِلْمَسَائِلِ، يَغشَاهُ النَّاسُ، فَيَسْأَلُوْنَهُ وَيَجلِسُ لِحَوَائِجِ النَّاسِ، لاَ يَسْأَلُهُ أَحَدٌ فَيَرُدّهُ، كَبُرَتْ حَاجَتُهُ أَوْ صَغُرَتْ. وَكَانَ يُطعِمُ النَّاسَ فِي الشِّتَاءِ الهَرَائِسَ بِعَسَلِ النَّحْلِ وَسَمْنِ البَقَرِ، وَفِي الصَّيْفِ سَوِيْقَ اللَّوْزِ فِي السُّكَّرِ.
وَبِهِ, إِلَى الخَطِيْبِ أَبِي بَكْرٍ: أَخْبَرَنَا البَرْقَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، أَخْبَرَنَا السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ: قَفَلْنَا مَعَ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَكَانَ مَعَهُ ثَلاَثُ سَفَائِنَ: سفينة
__________
1 سكرجة: إناء صغير، وهي كلمة فارسية.

(7/212)


فِيْهَا مَطْبَخُه، وَسَفِيْنَةٌ فِيْهَا عَائِلَتُهُ، وَسَفِيْنَةٌ فِيْهَا أَضْيَافُهُ. وَكَانَ إِذَا حَضَرتِ الصَّلاَةُ يَخْرُجُ إِلَى الشَّطِّ، فَيُصَلِّي. وَكَانَ ابْنُهُ شُعَيْبٌ إِمَامَهُ، فَخَرَجْنَا لصلاة المغرب، فقال: أين شُعَيْبٌ? فَقَالُوا: حُمَّ. فَقَامَ اللَّيْثُ، فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ، ثم تقدم، فقرأ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ، فقرأ: {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} . وَكَذَلِكَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ يَقُوْلُوْنَ: هُوَ غَلَطٌ مِنَ الكَاتِبِ عِنْدَ أَهْلِ العِرَاقِ، وَيَجْهَرُ: بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، وَيُسلِّمُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ.
الفَسَوِيُّ: قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ كَثِيْراً يَقُوْلُ: أَنَا أَكْبَرُ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي مَتَّعَنَا بِعَقْلِنَا.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ بُكَير: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بنُ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: لَمَّا وَدَّعتُ أَبَا جَعْفَرٍ بِبِيْتِ المَقْدِسِ، قَالَ: أَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ شِدَّةِ عَقْلِكَ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي رَعِيَّتِي مِثْلَكَ. قَالَ شُعَيْبٌ: كَانَ أَبِي يَقُوْلُ: لاَ تُخْبِرُوا بِهَذَا مَا دُمتُ حَيّاً.
قَالَ قُتَيْبَةُ: كَانَ اللَّيْثُ أَكْبَرَ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ، وَإِذَا نَظَرتَ تَقُوْلُ: ذَا ابْنٌ، وَذَا أَبٌ -يَعْنِي: ابْنَ لَهِيْعَةَ الأَبَ.
قَالَ: وَلَمَّا احْتَرَقَتْ كُتُبُ ابْنِ لَهِيْعَةَ، بَعَثَ إِلَيْهِ اللَّيْثُ مِنَ الغَدِ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ الأَشَجُّ: سُئِلَ قُتَيْبَةُ: مَنْ أَخْرَجَ لكم هذه الأَحَادِيْثَ مِنْ عِنْدِ اللَّيْثِ? فَقَالَ: شَيْخٌ كَانَ يُقَالُ لَهُ: زَيْدُ بنُ الحُبَابِ. وَقَدِمَ مَنْصُوْرُ بنُ عَمَّارٍ عَلَى اللَّيْثِ، فَوَصَلَهُ بِأَلْف دِيْنَارٍ. وَاحْتَرَقَتْ دَارُ ابْنِ لَهِيْعَةَ، فَوَصَلَهُ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ، وَوَصَلَ مَالِكاً بِأَلْفِ دِيْنَارٍ، وَكَسَانِي قَمِيْصَ سُنْدُسٍ، فَهُوَ عِنْدِي. رَوَاهَا: صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ، عن محمد بن علي ابن الحُسَيْنِ الصَّيْدَنَانِيِّ، سَمِعْتُ الأَشَجَّ.
أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ النَّسَائِيُّ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ، سَمِعْتُ شُعَيْباً يَقُوْلُ: يَسْتَغِلُّ أَبِي فِي السَّنَةِ مَا بَيْنَ عِشْرِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ إِلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً، تَأْتِي عَلَيْهِ السَّنَةُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ.
وَبِهِ إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الرَّمْلِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ رُمْحٍ، يَقُوْلُ: كَانَ دَخْلُ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، مَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِ زَكَاةَ دِرْهَمٍ قَطُّ.
قُلْتُ: مَا مَضَى فِي دَخْلِهِ أَصَحُّ.
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَجْدَةَ التَّنُوخِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ رُمْحٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ الآدَم، قَالَ: مَرَرتُ بِاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، فَتَنَحْنَحَ لِي، فَرَجَعتُ إِلَيْهِ, فَقَالَ لِي: يَا سَعِيْدُ، خُذْ هَذَا

(7/213)


القُنْداق، فَاكْتُبْ لِي فِيْهِ مَنْ يَلْزَمُ المَسْجِدَ، مِمَّنْ لاَ بِضَاعَةَ لَهُ وَلاَ غَلَّةَ. فَقُلْتُ: جزاك الله خيرًا يا أبا الحَارِثِ. وَأَخَذْتُ مِنْهُ القُنْدَاقَ ثُمَّ صِرتُ إِلَى المَنْزِلِ، فَلَمَّا صَلَّيْتُ، أَوْقَدتُ السِّرَاجَ، وَكَتَبتُ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، ثُمَّ قُلْتُ: فُلاَنُ بنُ فُلاَنٍ. ثُمَّ بَدَرَتْنِي نَفْسِي، فَقُلْتُ: فُلاَنُ بنُ فُلاَنٍ. قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ أَتَانِي آتٍ، فَقَالَ: هَا اللهِ يَا سَعِيْدُ، تَأْتِي إِلَى قَوْمٍ عَامَلُوا اللهَ سِرّاً، فَتَكْشِفُهُم لآدَمِيٍّ?! مَاتَ اللَّيْثُ، وَمَاتَ شُعَيْبٌ، أَلَيْسَ مَرجِعُهُم إِلَى اللهِ الَّذِي عَامَلُوْهُ? فَقُمْتُ وَلَمْ أَكْتُبْ شَيْئاً، فَلَمَّا أَصْبَحتُ، أَتَيْتُ اللَّيْثَ، فَتَهَلَّلَ وَجْهُهُ، فَنَاوَلْتُهُ القُنْدَاقَ، فَنَشَرَهُ، فَمَا رَأَى فِيْهِ غَيْرَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، فَقَالَ: مَا الخَبَرُ? فَأَخْبَرتُهُ بِصِدقٍ عَمَّا كَانَ، فَصَاحَ صَيْحَةً، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنَ الحِلَقِ، فَسَأَلُوْهُ، فَقَالَ: لَيْسَ إِلاَّ خَيْرٌ. ثُمَّ أَقْبَل عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا سَعِيْدُ، تَبَيَّنْتَهَا وَحُرِمْتَهَا، صَدَقتَ، مَاتَ اللَّيْثُ أَلَيْسَ مَرجِعُهُم إِلَى اللهِ؟
قَالَ مِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ: رَأَيْتُ سَعِيْداً الآدَمَ، وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ: كَانَ اللَّيْثُ يَقْرَأُ بِالعِرَاقِ مِنْ فَوْقِ علِّيَّةٍ عَلَى أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَالكِتَابُ بِيَدِي، فَإِذَا فَرَغَ، رَمَيتُ بِهِ إِلَيْهِم, فَنَسَخُوهُ.
رَوَى عَبْدُ المَلِكِ بنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قِيْلَ لِلَّيْثِ: أَمتَعَ اللهُ بِكَ، إِنَّا نَسْمَعُ مِنْك الحَدِيْثَ لَيْسَ فِي كُتُبِكَ. فَقَالَ: أَوَ كُلُّ مَا فِي صَدْرِي فِي كُتُبِي? لَوْ كَتَبتُ مَا فِي صَدْرِي، مَا وسعه هذا المركب. رواها الحافظ بن يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ أَبِيْهِ.
يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: قَالَ اللَّيْثُ: كُنْتُ بِالمَدِيْنَةِ مَعَ الحُجَّاجِ وَهِيَ كَثِيْرَةُ السِّرقِيْنِ1، فَكُنْتُ أَلبَسُ خُفَّينِ، فَإِذَا بَلَغتُ بَابَ المَسْجِدِ، نَزعتُ أَحَدَهُمَا، وَدَخَلْتُ. فَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: لاَ تَفْعَلْ هَذَا، فَإِنَّكَ إِمَامٌ مَنْظُوْرٌ إِلَيْكَ -يُرِيْدُ لُبسَ خُفٍّ عَلَى خُفٍّ.
الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: مَا فِي هَؤُلاَءِ المِصْرِيِّينَ أَثْبَتَ مِنَ اللَّيْثِ، لاَ عَمْرُو بنُ الحَارِثِ، وَلاَ أَحَدٌ، وَقَدْ كَانَ عَمْرُو بنُ الحَارِثِ عِنْدِي، ثُمَّ رَأَيْتُ لَهُ أَشْيَاءَ مَنَاكِيْرَ، مَا أَصَحَّ حَدِيْثَ لَيْثِ بنِ سَعْدٍ. وَجَعَلَ يُثْنِي عَلَيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: إِنَّ إِنْسَاناً ضَعَّفَهُ. فَقَالَ: لاَ يَدْرِي.
وَقَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: قَالَ أَحْمَدُ: لَيْثٌ كَثِيْرُ العِلْمِ، صحيح الحديث.
__________
1 السرقين: الزبل.

(7/214)


وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: اللَّيْثُ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: لَيْسَ فِي المِصْرِيِّينَ أَصَحُّ حَدِيْثاً مِنَ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ يُقَارِبُهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَصَحُّ النَّاسِ حَدِيْثاً عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ: لَيْثُ بنُ سَعْدٍ، يَفْصِل مَا رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَا عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. هُوَ ثَبْتٌ فِي حَدِيْثِهِ جِدّاً.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سُئِلَ أَحْمَدُ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ عَنِ المَقْبُرِيِّ، أو ابْنُ عَجلان? قَالَ: ابْنُ عَجْلاَنَ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ سَمَاعُهُ مِنْ سَمَاعِ أَبِيْهِ، اللَّيْثُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُم فِي المَقْبُرِيِّ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: اللَّيْثُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ، وَيَحْيَى ثِقَةٌ. قُلْتُ: فَكَيْفَ حَدِيْثُهُ عَنْ نَافِعٍ? فَقَالَ: صَالِحٌ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ: قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: اللَّيْثُ عِنْدِي أَرْفَعُ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. قُلْتُ: فَاللَّيْثُ، أَوْ مَالِكٌ? قَالَ: مَالِكٌ.
وَعَنْ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ -وَذَكَرَ اللَّيْثَ- فَقَالَ: إِمَامٌ قَدْ أَوجَبَ اللهُ عَلَيْنَا حَقَّهُ، لَمْ يَكُنْ بِالبَلَدِ -بَعْدَ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ- مثله.
وقال سهيل بنُ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ: سَمِعْتُ الفَلاَّسَ يَقُوْلُ: لَيْثُ بنُ سَعْدٍ صَدُوْقٌ، سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: اسْتَقَلَّ اللَّيْثُ بِالفَتْوَى، وَكَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، سَريًا مِنَ الرِّجَالِ، سَخِيّاً، لَهُ ضِيَافَةٌ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: فِي حَدِيْثِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بَعْضُ الاضْطِرَابِ.
عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ: ارْتَحَلْتُ إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِلَى الأَعْرَجِ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ مَاتَ، فَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: اللَّيْثُ ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابن خراش: صدوق، صحيح الحديث.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، قَالَ: هَذِهِ رِسَالَةُ مَالِكٍ إِلَى اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا بِهَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ يَقُوْلُ فِيْهَا: وَأَنْتَ فِي إِمَامَتِك وَفَضْلِكَ وَمَنْزِلَتِكَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِكَ، وَحَاجَةِ مَنْ قِبَلَكَ إِلَيْكَ، وَاعْتِمَادِهِم عَلَى مَا جاءهم منك.

(7/215)


أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: اللَّيْثُ أَفْقَهُ مِنْ مَالِكٍ إِلاَّ أَنَّ أَصْحَابَه لَمْ يَقُوْمُوا بِهِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ يَقُوْلُ: أَفْقَهُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنَّ الحُظْوَةَ لِمَالِكٍ -رَحِمَهُ اللهُ.
وَقَالَ حَرْملَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: اللَّيْث أَتْبَعُ لِلأَثَرِ مِنْ مَالِكٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: اللَّيْثُ ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إليَّ مِنْ مُفَضَّلِ بنِ فَضالة.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: اللَّيْث ثِقَةٌ، وَلَكِنَّ فِي أَخْذِهِ سُهُولَةً.
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: قَالَ اللَّيْثُ: قَالَ لِي المَنْصُوْرُ: تَلِي لِي مِصْرَ? فَاسْتَعْفَيْتُ. قال: أما إذا أَبَيْتَ، فَدُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ أُقلِّدُهُ مِصْرَ. قُلْتُ: عُثْمَانُ بنُ الحَكَمِ الجُذَامِيُّ، رَجُلٌ لَهُ صَلاَحٌ، وَلَهُ عَشِيْرَةٌ. قَالَ: فَبَلَغَ عُثْمَانَ ذَلِكَ، فَعَاهَدَ الله ألا يكلم الليث.
قَالَ: وَوَلِيَ لَهُمُ اللَّيْثُ ثَلاَثَ وَلاَيَاتٍ لِصَالِحِ بنِ عَلِيٍّ. قَالَ صَالِحٌ لِعَمْرِو بنِ الحَارِثِ: لاَ أَدَعُ اللَّيْثَ حَتَّى يَتَوَلَّى لِي. فَقَالَ عَمْرٌو: لاَ يَفْعَلُ. فَقَالَ: لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ. فَجَاءهُ عَمْرٌو، فَحَذَّرَهُ، فَوَلِيَ دِيْوَانَ العَطَاءِ، وَوَلِيَ الجَزِيْرَةَ أَيَّامَ أَبِي جَعْفَرٍ، وَوَلِيَ الدِّيْوَانَ أَيَّامَ المَهْدِيِّ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحِيْرِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ -وَسُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ إِلَى جَنْبِهِ: خَرَجَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ يَوْماً، فَقَوَّمُوا ثِيَابَه، وَدَابَّتَه، وَخَاتِمَه، وَمَا عَلَيْهِ، ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إِلَى عِشْرِيْنَ أَلْفاً. فَقَالَ سُلَيْمَانُ: لَكِنْ خَرَجَ عَلَيْنَا شُعْبَةُ يَوْماً، فَقَوَّمُوا حِمَارَه وَسَرْجَه وَلِجَامَه، ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَماً، إِلَى عِشْرِيْنَ دِرْهَماً.
عَنْ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ، قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابِ مَالِكٍ، فَامْتَنَعَ عَنِ الحَدِيْثِ، فَقُلْتُ: مَا يُشْبُهُ هَذَا صَاحِبَنَا? قَالَ: فَسَمِعَهَا مَالِكٌ، فَأَدْخَلَنَا، وَقَالَ: مَنْ صَاحِبُكُمْ? قُلْتُ: اللَّيْثُ. قَالَ: تُشَبِّهُونَا بِرَجُلٍ كَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي قَلِيْلِ عُصْفُرٍ، نَصْبِغُ بِهِ ثِيَابَ صِبْيَانِنَا، فَأَنفَذَ مِنْهُ مَا بِعْنَا فَضْلَتَهُ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ شُعَيْبِ بنِ اللَّيْثِ: سَمِعْتُ أَسَدَ بنَ مُوْسَى يَقُوْلُ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ يَطلُبُ بَنِي أُمَيَّةَ، فَيَقْتُلُهُم. قال: فدخلت مصر في هيئة رَثَّةٍ، فَأَتَيْتُ اللَّيْثَ، فَلَمَّا فَرَغتُ مِنَ

(7/216)


المَجْلِسِ، تَبِعَنِي خَادِمٌ لَهُ بِمائَةِ دِيْنَارٍ، وَكَانَ فِي حُزَّتِي1 هِمْيَانٌ فِيْهِ أَلفُ دِيْنَارٍ، فَأَخْرَجْتُهَا، فَقُلْتُ: أَنَا فِي غِنَىً، اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى الشَّيْخِ. فَاسْتَأْذَنَ، فَدَخَلْتُ، وَأَخْبَرْتُهُ، بِنَسَبِي، وَاعْتَذَرتُ مِنَ الرَّدِّ، فَقَالَ: هِيَ صِلَةٌ. قُلْتُ: أَكرَهُ أَنْ أُعَوِّدَ نَفْسِي. قَالَ: ادْفَعْهَا إِلَى مَنْ تَرَى مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
قَالَ قُتَيْبَةُ: كَانَ اللَّيْثُ يَرْكَبُ فِي جَمِيْعِ الصَّلَوَاتِ إِلَى الجَامِعِ، وَيَتَصَدَّقُ كل يوم على ثلاثمائة مِسْكِيْنٍ.
سُلَيْمُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى اللَّيْثِ خَلْوَةً، فَأَخْرَجُ مِنْ تَحْتِهِ كِيْساً فِيْهِ أَلفُ دِيْنَارٍ، وَقَالَ: يَا أَبَا السَّرِيِّ، لاَ تُعْلِمْ بِهَا ابْنِي، فَتَهُونَ عَلَيْهِ.
أَبُو صَالِحٍ: عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ لِي الرَّشِيْدُ: مَا صَلاَحُ بَلَدِكُم? قُلْتُ: بِإِجرَاءِ النِّيْلِ، وَبِصَلاَحِ أَمِيْرِهَا، وَمِنْ رَأْسِ العَيْنِ يَأْتِي الكَدَرُ، فَإِنْ صَفَتِ العَيْنُ، صَفَتِ السَّوَاقِي. قَالَ: صَدَقتَ.
وَعَنِ ابْنِ وَزِيْرٍ، قَالَ: قَدْ وَلِيَ اللَّيْثُ الجَزِيْرَةَ، وَكَانَ أُمَرَاءُ مِصْرَ لاَ يَقْطَعُوْنَ أَمْراً إِلاَّ بِمَشُوْرَتِه. فَقَالَ أَبُو المُسْعَدِ، ووصَّلها إِلَى المَنْصُوْرِ:
لِعَبْدِ اللهِ عَبْدِ اللهِ عِنْدِي ... نَصَائِحُ حُكْتُهَا فِي السِّرِّ وَحْدِي
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ تَلاَفَ مِصْراً ... فَإِنَّ أَمِيْرَهَا لَيْثُ بنُ سَعْدِ
قَالَ بَكْر بنُ مُضَرَ: قَدِمَ عَلَيْنَا كِتَابُ مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ إِلَى حَوْثَرَةَ وَالِي مِصْرَ: إِنِّيْ قَدْ بَعثْتُ إِلَيْكُم أَعْرَابِيّاً بَدَوِيّاً فَصِيْحاً مِنْ حَالِهِ، وَمِن حَالِه فَاجْمَعُوا لَهُ رَجُلاً يُسدِّدُه فِي القَضَاءِ، وَيُصَوِّبُهُ فِي المَنْطِقِ. فَأَجْمَعَ رَأْيُ النَّاسِ عَلَى اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَفِي النَّاسِ مُعَلِّمَاهُ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: أَعضَلَتِ الرَّشِيْدَ مَسْأَلَةٌ، فَجَمَعَ لَهَا فُقَهَاءَ الأَرْضِ، حَتَّى أَشْخَصَ اللَّيْثَ، فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: قَدِمتُ مَكَّةَ، فَجِئْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابَيْنِ، فَانْقَلْبتُ بِهِمَا، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ عَاوَدْتُهُ، فَسَأَلتُهُ: أَسَمِعْتَ هَذَا كُلَّهُ مِنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ? فَقَالَ: مِنْهُ مَا سَمِعْتُهُ، وَمِنْهُ مَا حُدِّثْتُ بِهِ. فَقُلْتُ لَهُ: علِّم لِي عَلَى مَا سَمِعْتَ. فعلَّم لِي عَلَى هَذَا الَّذِي عِنْدِي.
__________
1 حزة السراويل: حجزتها، وهي موضع شد السروال أو الإزار.

(7/217)


قُلْتُ: قَدْ رَوَى اللَّيْثُ إِسْنَاداً عَالِياً فِي زَمَانِهِ، فَعِنْدَهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنِ ابن أبي ملكية، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهَذَا النَّمَط أَعْلَى مَا يُوجَدُ فِي زَمَانِهِ، ثُمَّ تَرَاهُ يَنزِلُ فِي أَحَادِيْثَ، وَلاَ يُبَالِي لِسَعَةِ عِلْمِهِ، فَقَدْ رَوَى أَحَادِيْثَ عَنِ الهِقْل بنِ زياد -وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ بِكَثِيْرٍ- عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنِ ابْنِ الهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النِّسَاءُ: 3] ، الحَدِيْثَ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ إِذَا سَجَدَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الأُوْلَى، قَعَدَ عَلَى أَطرَافِ أَصَابِعِه، وَيَقُوْلُ: إِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ. لَمْ يَرْوِهِ إِلاَّ اللَّيْثُ. تَفَرَّد بِهِ عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ.
جَمَاعَةٌ قَالُوا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ الوَهَّابِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنِ الكَوْثَرِ، فَقَالَ: "نَهْرٌ أَعْطَانِيْهِ رَبِّي، أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ، وَفِيْهِ طَيْرٌ كَأَعْنَاقِ الجُزُرِ". فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّ تِلْكَ الطَّيْرَ نَاعِمَةٌ! قَالَ: "آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا يَا عُمَرُ "! 1.
سَمِعَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ سَلَمَةَ، وَيُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ، مِنْهُ، وَعَبْدُ اللهِ هُوَ أَخُو الزُّهْرِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ اللَّيْثِ، فَذَكَرَ العَدَسَ، فَقَالَ مَسْلَمَةُ بنُ عَلِيٍّ2: بَارَك فِيْهِ سَبْعُوْنَ نَبِيّاً. فَقَضَى اللَّيْثُ صَلاَتَه، وَقَالَ: وَلاَ نَبِيٌّ وَاحِدٌ، إِنَّهُ بَاردٌ مُؤذٍ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ: لَقَدْ رَأَيْتُ اللَّيْثَ، وَإِنَّ رَبِيْعَةَ وَيَحْيَى بنَ سعيد ليتزحزحون له زحزحة.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 220-221"، والنسائي في "الكبرى" "11703"، وابن جرير الطبري "30/ 324" من طرق عن الليث بن سعد، به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وابن الهاد؛ هو يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أُسَامَةَ بنِ الهاد، وعبد الله بن مسلم، هو الزهري أخو ابن شهاب محمد بن مسلم.
2 هو مسلمة بن علي الخشني، شامي واه، تركوه. قال دحيم: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: لا يشتغل به. وَقَالَ البُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة.

(7/218)


قَالَ سَعِيْدٌ الآدَمُ: قَالَ العَلاَءُ بنُ كَثِيْرٍ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ سَيِّدُنَا، وَإِمَامُنَا, وَعَالِمُنَا.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ اللَّيْثُ قَدِ اسْتَقَلَّ بِالفَتْوَى فِي زَمَانِهِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ: مَاتَ اللَّيْثُ لِلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَ يَحْيَى: يوم الجمعة، وصلى عليه: مُوْسَى بنُ عِيْسَى. وَقَالَ سَعِيْدٌ: مَاتَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ.
قَالَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الصَّدَفِيُّ: شَهِدتُ جَنَازَةَ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ مَعَ وَالِدِي، فَمَا رَأَيْتُ جَنَازَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا، رَأَيْتُ النَّاسَ كُلَّهُم عَلَيْهِمُ الحُزْنُ، وَهُمْ يُعَزِّي بَعْضُهُم بَعْضاً، وَيبْكُوْنَ، فَقُلْتُ: يَا أَبتِ! كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ صَاحِبُ هَذِهِ الجَنَازَةِ. فَقَالَ: يا بني! لاَ تَرَى مِثْلَهُ أَبَداً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ الفَقِيْهُ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَاصِلٍ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ خَارِجَةَ، أَخْبَرَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكاً، وَالثَّوْرِيَّ، وَاللَّيْثَ، وَالأَوْزَاعِيَّ، عَنِ الأَخْبَارِ الَّتِي فِي الصِّفَاتِ، فَقَالُوا: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءتْ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَا أَدْركنَا أَحَداً يُفَسِّرُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ، وَنَحْنُ لاَ نُفَسِّرُهَا.
قُلْتُ: قَدْ صَنَّفَ أَبُو عُبَيْدٍ1 كِتَابَ "غَرِيْبِ الحَدِيْثِ"، وَمَا تَعرَّضَ لأَخْبَارِ الصِّفَاتِ الإِلَهِيَّةِ بِتَأْوِيلٍ أَبَداً، وَلاَ فَسَّرَ مِنْهَا شَيْئاً. وَقَدْ أَخَبَرَ بِأَنَّهُ مَا لَحِقَ أَحَداً يُفَسِّرُهَا، فَلَو كَانَ -وَاللهِ- تَفْسِيْرُهَا سَائِغاً، أَوْ حَتماً، لأَوْشَكَ أَنْ يَكُوْنَ اهْتِمَامُهُم بِذَلِكَ فَوْقَ اهْتِمَامِهِم بِأَحَادِيْثِ الفُرُوْعِ وَالآدَابِ. فَلَمَّا لَمْ يَتعَرَّضُوا لَهَا بِتَأْوِيلٍ، وَأَقَرُّوهَا عَلَى مَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ، عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الحَقُّ الَّذِي لاَ حَيْدَةَ عَنْهُ.
وَقَدْ رَوَى اللَّيْثُ عَمَّنْ هُوَ فِي طَبَقَتِهِ بَلْ أَصْغَرُ:
رَوَى عَنْ: سَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُمَحِيِّ، وَشُعَيْبِ بنِ إِسْحَاقَ
الدِّمَشْقِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجِشُوْنِ، وَأَبِي مَعْشَرٍ، وَهِشَامِ بنِ سَعْدٍ. وَرَوَى عَنْ: رَجُلٍ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ أَصْغَرُ مِنْهُ. وَقَدْ رَوَى عَنْ: كَاتِبِه أَبِي صَالِحٍ حَدِيْثاً وَاحِداً.
فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ تَرْجَمَةِ اللَّيْثِ مُوْجَزاً -رَحِمَهُ اللهُ- وَالحَمْدُ للهِ وحده.
__________
1 هو: أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي اللغوي الفقيه، صاحب المصنفات قال أبو داود: كان ثقة مأمونا. وقال أحمد بن حنبل: أبو عبيد أستاذ، وهو يزداد كل يوم خيرا. وسئل يحيى بن معين عنه فقال: أبو عبيد يسأل عن الناس.
من نظر في كتب أبي عبيد علم مكانه من الحفظ والعلم، وكان حافظا للحديث وعلله ومعرفته متوسطة عارفا بالفقه والاختلاف، رأسا في اللغة، إماما في القراءات، له فيها مصنف، ولي قضاء الثغور مدة، مات بمكة سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وله كتاب "الأموال" وكتاب "الناسخ والمنسوخ" ترجمته في "تذكرة الحفاظ" للمؤلف رقم "423".

(7/219)