سير أعلام
النبلاء، ط الحديث الطبقَةُ التاسِعَةُ:
1319- حَفْص بن غِيَاث 1: "ع"
ابن طلق بن معاوية بن مَالِكِ بنِ الحَارِثِ بنِ
ثَعْلَبَةَ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ عَامِرِ بنِ
جُشَم بنِ وهبيل بن سعد بن مالك بن النخع.
الإِمَامُ، الحَافِظُ العَلاَّمَةُ القَاضِي، أَبُو عُمَرَ
النَّخَعِيُّ الكوفي، قاضي الكوفة، ومحدثها، وولي القضاة
بِبَغْدَادَ أَيْضاً.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَسُلَيْمَانَ
التَّيْمِيِّ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَهِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي عٌبَيْدٍ، وَالعَلاَءِ بنِ
المُسَيَّبِ، وَالأَعْمَشِ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَيْدِ بنِ
المُهَاجِرِ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ
الشَّيْبَانِيِّ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ،
وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي عَمْرَةَ، وَبُرَيْدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ،
وَلَيْثِ بنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ،
وَالعَلاَءِ بن خالد، وجده طلق، وخلق سواهم.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ رَفِيْقُهُ،
وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَابْنُ عَمِّهِ طَلْقُ بنُ غَنَّام،
وَابْنُهُ عُمَرُ بنُ حَفْصٍ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى،
وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَيَحْيَى، وَعَلِيٌّ، وَابْنَا
أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ، وَسُفْيَانُ
بنُ وَكِيْعٍ، وسَلْم بنُ جُنَادة، وَسَهْلُ بنُ زَنجَلة،
وَصَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ،
وَعَلِيُّ بنُ خَشْرَم، وَعَمْروٌ النَّاقِدُ، وَابْنُ
نُمَيْرٍ، وَهَارُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ، وهنَّاد، وَأَبُو
كُرَيب، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، وَأُمَمٌ
سِوَاهُم، آخرُهُم: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ
العُطَاردي.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: وَلَّى الرَّشِيْدُ قَضَاءَ
الشَّرْقِيَّةِ بِبَغْدَادَ حَفْصاً، ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى
قَضَاءِ الكُوْفَةِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الجَمَّالُ: آخِرُ القُضَاةِ
بِالكُوْفَةِ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ -يَعْنِي: الأَكَابِرَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ معين، وغيره: ثقة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 389"، والتاريخ الكبير "2/
ترجمة 2804"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 9 و85"،
والجرح والتعديل "3/ ترجمة 803"، وتاريخ بغداد "8/ 188"،
ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 202"، وتذكرة الحفاظ
"1/ ترجمة 279"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2160"، والكاشف
"1/ ترجمة 1174"، وتهذيب التهذيب "2/ 415"، وخلاصة الخزرجي
"1/ ترجمة 1529"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/
340".
(7/486)
قَالَ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ:
سُئِلَ يَحْيَى: أَيُّهُمَا أَحْفَظُ: ابْنُ إِدْرِيْسَ
أَوْ حَفْصٌ? فَقَالَ: ابْنُ إِدْرِيْسَ1 كَانَ حَافِظاً،
وَكَانَ حَفْصٌ صَاحِبَ حَدِيْثٍ، لَهُ مَعْرِفَةٌ.
قِيْلَ: فَابْنُ فُضَيْلٍ? قَالَ: كَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ
أَحْفَظَ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ فَقِيْهٌ. كَانَ
وَكِيْعٌ رُبَّمَا يُسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ، فَيَقُوْلُ:
اذْهَبُوا إِلَى قَاضِيْنَا، فَاسْأَلُوْهُ وَكَانَ شيخًا
عفيفًا مسلمًا.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَفْصٌ ثِقَةٌ ثَبْتٌ
إِذَا حدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ، ويُتَّقَى بَعْضُ حَفِظِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ قَالَ: حَفْصٌ أَوْثَقُ
أَصْحَابِ الأَعْمَشِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: حَفْصٌ
أَعْلَمُ بِالحَدِيْثِ مِنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ.
أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ،
قَالَ: حَدّثتُ وَكِيْعاً بِحَدِيْثٍ، فَعجبَ، فَقَالَ:
مَنْ جَاءَ بِهِ? قُلْتُ: حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ. قَالَ:
إِذَا جَاءَ بِهِ أَبُو عُمَرَ، فَأَيَّ شَيْءٍ نَقُوْلُ
نَحْنُ?
وَقَالَ أَبُو زُرْعة: سَاءَ حفظه بعدما اسْتُقضِيَ،
فَمَنْ كتبَ عَنْهُ مِنْ كِتَابِهِ، فَهُوَ صَالِحٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَتْقَنُ وَأَحْفَظُ مِنْ
أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَةٌ، عَنِ ابْنِ
المَدِيْنِيِّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى يَقُوْلُ: حَفْصٌ
ثَبْتٌ. قُلْتُ: إِنَّهُ يَهِمُ? فَقَالَ: كِتَابُهُ
صَحِيْحٌ.
قَالَ يَحْيَى: لَمْ أَرَ بالكوفة مثل هؤلاء الثلاثة:
حِزَام، وحفص، وَابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، كَانَ هَؤُلاَءِ
أَصْحَابَ حَدِيْثٍ. قَالَ عَلِيٌّ: فَلَمَّا أَخْرَجَ
حَفْصٌ كُتُبَهُ، كَانَ كَمَا قَالَ: يَحْيَى، إِذَا
فِيْهَا أَخْبَارٌ وَأَلْفَاظٌ.
عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى، قَالَ: حَفْصٌ أَثْبَتُ مِنْ
عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ، وَأَثْبَتُ مِنِ ابْنِ
إِدْرِيْسَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: جَمِيْعُ مَا حَدَّثَ بِهِ حَفْصٌ
بِبَغْدَادَ وَالكُوْفَةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حِفْظِهِ،
وَلَمْ يُخْرِجْ كِتَاباً، كَتَبُوا عَنْهُ ثَلاَثَةَ
آلاَفِ حَدِيْثٍ أَوْ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ مِنْ حِفْظِهِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ لاَ يُقدِّمُ بَعْدَ الكِبَارِ مِنْ أَصْحَابِ
الأَعْمَشِ غَيْرَ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَكَانَ عِيْسَى
بنُ شَاذَانَ يُقَدِّمُ حفصًا، وبعض الحفاظ قدم أبا
معاوية.
__________
1 هو: عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي،
بسكون الواو، أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، من الطبقة
الوسطى من أتباع التابعين، وهي الطبقة الثامنة، روى له
الجماعة.
(7/487)
وَقَالَ دَاوُدُ بنُ رُشَيْدٍ: حَفْصٌ
كَثِيْرُ الغَلَطِ.
وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: كَانَ حَفْصٌ لاَ يَردُّ عَلَى
أَحَدٍ حَرْفاً، يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ قَلْبُكَ فِيْهِ،
لَفَهِمْتَهُ. وَكَانَ عَسِراً فِي الحَدِيْثِ جِدّاً،
لَقَدِ اسْتفهمَهُ إِنْسَانٌ حَرْفاً فِي الحَدِيْثِ،
فَقَالَ: وَاللهِ لاَ سَمِعتَهَا مِنِّي، وَأَنَا
أَعرِفُكَ. وَقُلْتُ لَهُ: مَا لَكُمْ! حَدِيْثُكُم عَنِ
الأَعْمَشِ إِنَّمَا هُوَ عَنْ فُلاَنٍ عَنْ فُلاَن،
لَيْسَ فِيْهِ: حَدَّثَنَا وَلاَ سَمِعْتُ? قَالَ:
فَقَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
عَمَّارٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ يَقُوْلُ: "ليأتين أقوام يقرءون
القُرْآنَ، يُقِيْمُوْنَهُ إِقَامَةَ القِدْحِ، لاَ
يَدَعُوْنَ مِنْهُ أَلِفاً وَلاَ وَاواً، وَلاَ يُجَاوِزُ
إِيْمَانُهُم حَنَاجِرَهُم". قَالَ: وَذَكَرَ حَدِيْثاً
آخَرَ مِثْلَهُ، قَالَ: وَكَانَ عَامَّةُ حَدِيْثِ
الأَعْمَشِ عِنْدَ حَفْصٍ عَلَى الخَبَرِ وَالسَّمَاعِ.
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: وَكَانَ بِشْرٌ الحَافِي إِذَا
جَاءَ إِلَى حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَإِلَى أَبِي
مُعَاوِيَةَ، اعْتزلَ نَاحِيَةً وَلاَ يَسْمَعُ مِنْهُمَا،
فَقُلْتُ لَهُ? فَقَالَ: حَفْصٌ هُوَ قَاضٍ، وَأَبُو
مُعَاوِيَةَ مُرْجِئٌ يَدعُو إِلَيْهِ، وَلَيْسَ بَيْنِي
وَبَيْنَهُم عَملٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ حَفْصَ بنَ
غِيَاثٍ، وَهُوَ قَاضٍ بِالشَّرْقِيَّةِ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ
يَسْأَلُ عَنْ مَسَائِلِ القَضَاءِ: لَعَلَّك تُرِيْدُ
أَنْ تَكُوْنَ قَاضِياً? لأَنْ يُدْخِلَ الرَّجُلُ
أُصْبُعَهُ فِي عَيْنِهِ، فَيَقتَلِعَهَا، فَيرمِي بِهَا،
خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ قَاضِياً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ حَفْصَ
بنَ غِيَاثٍ يَقُوْلُ: وَاللهِ مَا وَلِيتُ القَضَاءَ
حَتَّى حلَّتْ لِي المِيتَةُ.
وَمَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَلَمْ يُخَلِّفْ دِرْهَماً، وخلف
عليه تسعمائة دِرْهَمٍ دَيْناً.
قَالَ سَجَّادة1: كَانَ يُقَالُ: خُتِمَ القضاء بحفص بن
غياث.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ سَعِيْدٍ الحَارِثِيُّ، عَنْ طَلْقِ
بنِ غَنَّام قَالَ: خَرَجَ حَفْصٌ يُرِيْدُ الصَّلاَةَ،
وَأَنَا خلفَهُ فِي الزُّقَاقِ، فَقَامَتِ امْرَأَةٌ
حَسْنَاءُ، فَقَالَتْ: أَصْلَحَ اللهُ القَاضِي،
زَوِّجْنِي، فَإِنَّ إِخْوَتِي يَضُرُّوْنَ بِي، فَالتفتَ
إليَّ، وَقَالَ: يَا طَلْقُ! اذْهبْ، فَزَوِّجْهَا إِنْ
كَانَ الَّذِي يَخطُبُهَا كفؤاً، فَإِنْ كَانَ يَشْرَبُ
النَّبِيذَ حَتَّى يَسكرَ، فَلاَ تُزَوِّجْهُ، وَإِنْ
كَانَ رَافِضِيّاً، فَلاَ تَزَوْجْهُ. فَقُلْتُ: لِمَ
قُلْتَ هَذَا? قَالَ: إِنْ كَانَ رَافِضِيّاً فَإِنَّ
الثَّلاَثَ عِنْدَهُ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ كَانَ يَشْربُ
النَّبِيذَ حَتَّى يَسْكَرَ، فَهُوَ يُطَلِّقُ وَلاَ
يَدْرِي.
__________
1 سَجَّادة: هو لقب الحسن بن حماد بن كُسَيب الحضرمي أبي
علي البغدادي، صدوق من الطبقة العاشرة، وهي طبقة كبار
الآخذين عن تبع الأتباع، ممن لم يلق التابعين روى له أبو
داود والنسائي وابن ماجه.
(7/488)
وَعَنْ وَكِيْعٍ قَالَ: أَهْلُ الكُوْفَةِ
اليَوْمَ بِخَيْرٍ، أَمِيْرُهُم دَاوُدُ بنُ عِيْسَى،
وَقَاضِيْهِم حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَمُحْتَسِبُهُم حَفْصٌ
الدَّوْرَقي.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ:
سَمِعْتُ مُعَاذَ بنَ مُعَاذٍ يَقُوْلُ: مَا كَانَ أَحَدٌ
مِنَ القُضَاةِ يَأْتِيْنِي كِتَابُهُ أَحَبَّ إِلَيَّ
مِنْ كِتَابِ حَفْصٍ، وَكَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَيَّ، كتبَ:
أَمَّا بَعْدُ، أَصْلَحَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ بِمَا أَصلحَ
بِهِ عبَادَهُ الصَّالِحِيْنَ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي
أَصلَحَهُم. فَكَانَ ذَلِكَ يُعْجِبُنِي مِنْ كِتَابِهِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ حَيَّوَيْه: قَدَّمَ
إِلَيْنَا مُحَمَّدُ بنُ طَرِيْفٍ البَجَلِيُّ رُطَباً،
فَسَأَلَنَا أَنْ نَأْكُلَ، فَأَبِيْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:
سَمِعْتُ حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ يَقُوْلُ: مَنْ لَمْ يَأْكُلْ
طَعَامَنَا لَمْ نُحَدِّثْهُ.
قَالَ عُمَرُ بنُ حَفْصٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ
مَرَرْتُ بِطَاقِ اللَّحَّامِيْنَ، فَإِذَا بِعُلَيَّانَ
جَالِسٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ سرور الدنيا
وحزن الآخرة، فَلْيَتَمَنَّ مَا هَذَا فِيْهِ، فَوَاللهِ
لَقَدْ تَمنِيتُ أَنِّي كُنْتُ متُّ قَبْلَ أَنْ أَلِيَ
القَضَاءَ.
وَقَالَ بِشْرٌ الحَافِي: قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: لَوْ
رَأَيْتُ أَنِّي أُسَرُّ بِمَا أَنَا فِيْهِ، لَهَلَكْتُ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ،
أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا القَزَّازُ،
أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو
الطَّيِّبِ، وَابْنُ رَوْحٍ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا
المُعَافَى بنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ بنُ عِلاَّنَ
إِمْلاَءً سَنَةَ 266، حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ اللَّيْثِ،
قَالَ: بَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ جِمَالاً
بِثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَرْزُبان
المَجُوْسِيِّ، وَكِيلِ أُمِّ جَعْفَرٍ، فَمطَلَهُ
بِثمَنِهَا، وَحَبَسَهُ، فَطَالَ ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ،
فَأَتَى بَعْضُ أَصْحَابِ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ،
فَشَاوَرَهُ. فَقَالَ: اذْهبْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ:
أَعْطنِي أَلفَ دِرْهَمٍ، وَأُحِيْلُ عَلَيْكَ بِالمَالِ
البَاقِي، وَأَخْرُجُ إِلَى خُرَاسَانَ، فَإِذَا فَعلَ
هَذَا فَالْقَنِي حَتَّى أُشِيْرَ عَلَيْكَ. فَفَعَلَ
الرَّجُلُ، وَأَعْطَاهُ مَرْزُبَانُ أَلفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ: فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: عُدْ إِلَيْهِ، فَقُلْ:
إِذَا ركبتَ غَداً، فَطَرِيْقُكَ عَلَى القَاضِي، تَحضُرُ،
وَأُوكِلُ رَجُلاً يَقبِضُ المَالَ، وَأَخرُجُ، فَإِذَا
جَلَسَ إِلَى القَاضِي فَادَّعِ عَلَيْهِ بِمَالِكَ،
فَإِذَا أَقرَّ، حبسَهُ حَفْصٌ، وَأَخَذْتَ مَالَكَ.
فَرَجَعَ إِلَى مَرْزُبَانَ، وَسَأَلَهُ، فَقَالَ:
انْتظِرْنِي بِبَابِ القَاضِي. فَلَمَّا ركبَ مِنَ الغَدِ،
وَثَبَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ
تَنزِلَ إِلَى القَاضِي حَتَّى أُوكِلَ بِقبضِ المَالِ،
وَأَخْرَجَ. فَنَزَلَ مَرْزُبَانُ، فَتَقَدَّمَا إِلَى
حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ. فَقَالَ الرَّجُلُ: أَصْلَحَ اللهُ
القَاضِي، لِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ تِسْعَةٌ
وَعِشْرُوْنَ أَلفَ دِرْهَمٍ. فَقَالَ حَفْصٌ: مَا
تَقُوْلُ يَا مَجُوْسِيُّ? قَالَ: صدقَ، أَصْلَحَ اللهُ
القَاضِي. قَالَ: مَا تَقُوْلُ يَا رَجُلُ، فَقَدْ أَقَرَّ
لَكَ? قَالَ: يُعطِيْنِي مَالِي. فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ؟
قَالَ: هَذَا المَالُ عَلَى السَّيِّدَةِ. قَالَ: أَنْتَ
أَحْمَق تُقِرُّ ثُمَّ تَقُوْلُ: هُوَ عَلَى السَّيِّدَةِ!
مَا
(7/489)
تَقُوْلُ يَا رَجُل? قَالَ: أَصْلَحَ اللهُ
القَاضِي، إِنْ أَعْطَانِي مَالِي، وَإِلاَّ حَبَسْتَهُ.
قَالَ: مَا تَقُوْلُ يَا مَجُوْسِيُّ? قَالَ: المَالُ
عَلَى السَّيِّدَةِ. قَالَ القَاضِي: خُذُوا بِيَدِهِ
إِلَى الحَبْسِ. فَلَمَّا حُبِسَ، بَلغَ الخَبَرُ أُمَّ
جَعْفَرٍ، فَغَضِبتْ، وَبعثَتْ إِلَى السِّنْدِيِّ:
وَجِّهْ إِلَى مَرْزُبَانَ -وَكَانَتِ القُضَاةُ تَحبِسُ
الغُرَمَاءَ فِي الحَبْسِ- فَعجَّلَ السِّنْدِيُّ،
فَأَخْرَجَهُ، وَبلغ حَفْصاً الخَبَرُ، فَقَالَ: أَحبِسُ
أَنَا؛ وَيُخرِجُ السِّنْدِيُّ!! لاَ جلَسْتُ أَوْ يُرَدُّ
مَرْزُبَانُ الحَبْسَ. فَجَاءَ السِّنْدِيُّ إِلَى أُمِّ
جَعْفَرٍ، فَقَالَ: الله الله فِيَّ، إِنَّهُ حَفْصُ بنُ
غِيَاثٍ، وَأَخَافُ مِنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَنْ
يَقُوْلُ لِي: بِأَمْرِ مَنْ أَخْرَجتَ? رُدِّيه إِلَى
الحَبْسِ، وَأَنَا أُكلِّمُ حَفْصاً فِي أَمرِهِ.
فَأَجَابَتْهُ، فَرَجَعَ مَرْزُبَانُ إِلَى الحَبْسِ،
فَقَالَتْ أُمُّ جَعْفَرٍ لِهَارُوْنَ: قَاضِيكَ هَذَا
أَحْمَقُ، حَبَسَ وَكِيلِي، وَاسْتَخَفَّ بِهِ، فَمُرْهُ
لاَ يَنْظُر فِي الحُكْمِ، وَتُوَلِّي أَمرَهُ إِلَى أَبِي
يُوْسُفَ، فَأَمَر لَهَا بِالكِتَابِ، وَبلغَ حَفْصاً
الخبَرُ. فَقَالَ لِلرَّجُلِ: أَحضِرْنِي شُهُوْداً حَتَّى
أُسجِّلَ لَكَ عَلَى المَجُوْسِيِّ بِالمَالِ، فَجَلَسَ
حَفْصٌ، فَسجَّلَ عَلَى المَجُوْسِيِّ بِالمَالِ، وَوَرَدَ
كِتَابُ هَارُوْنَ مَعَ خَادمٍ لَهُ، فَقَالَ: هَذَا
كِتَاب أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ: مَكَانَكَ، نَحْنُ
فِي شَيْءٍ حَتَّى نَفرُغَ مِنْهُ. فَقَالَ: كِتَابُ
أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ: انظُرْ مَا يُقَالُ لَكَ.
فَلَمَّا فَرَغَ حَفْصٌ مِنَ السِّجِلِّ، أَخَذَ الكِتَابَ
مِنَ الخَادِمِ، فَقَرَأَهُ، فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَى
أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ السَّلاَمَ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّ
كِتَابَهُ وَرَدَ، وَقَدْ أَنْفَذتُ الحُكْمَ. فَقَالَ
الخَادِمُ: قَدْ -وَاللهِ- عرفْتُ مَا صنعْتَ؛ أَبَيْتَ
أَنْ تَأْخُذَ كِتَابَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ حَتَّى
تَفْرُغَ مِمَّا تُرِيْدُ، وَاللهِ لأُخْبِرَنَّهُ بِمَا
فَعَلتَ. قَالَ لَهُ: قُلْ لَهُ مَا أَحْبَبْتَ. فَجَاءَ
الخَادِمُ فَأَخْبَرَ هَارُوْنَ، فَضَحِكَ، وَقَالَ
لِلْحَاجِبِ: مُرْ لِحفصٍ بِثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِرْهَم،
فَرَكِبَ يَحْيَى بنُ خَالِدٍ، فَاسْتقبلَ حَفْصاً
مُنْصَرِفاً مِنْ مَجْلِس القَضَاءِ. فَقَالَ: أَيُّهَا
القَاضِي، قَدْ سَرَرْتَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ
اليَوْمَ، وَأَمرَ لَكَ بِمَالٍ، فَمَا كَانَ السَّبَبُ
فِي هَذَا? قَالَ: تَمَّمَ اللهُ سرُوْرَ أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ، وَأَحسَنَ حِفْظَهُ وَكلاَءتَه، مَا زدتُ
عَلَى مَا أَفْعَلُ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: عَلَى ذَلِكَ?
قَالَ مَا أَعْلَمُ إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ سجَّلتُ عَلَى
مَرْزُبَانَ المَجُوْسِيِّ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ. قَالَ:
فَمِنْ هَذَا سُرَّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ. فَقَالَ
حَفْصٌ: الحَمْدُ للهِ كَثِيْراً. فَقَالَتْ أُمُّ
جَعْفَرٍ لِهَارُوْنَ: لاَ أَنَا وَلاَ أَنْتَ إِلاَّ أَنْ
تَعْزِلَ حَفْصاً، فَأَبَى عَلَيْهَا، ثُمَّ أَلَحَّتْ
عَلَيْهِ فَعَزَلَهُ عَنِ الشَّرْقِيَّةِ، وَوَلاَّهُ
قَضَاءَ الكُوْفَةِ، فَمَكَثَ عَلَيْهَا ثَلاَثَ عَشْرَةَ
سَنَةً.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو يُوْسُفَ لَمَّا وُلِّي حَفْصٌ،
قَالَ لأَصْحَابِهِ: تَعَالَوْا نَكْتُبْ نوَادِرَ حَفْصٍ،
فَلَمَّا وَردتْ أَحْكَامُهُ وَقَضَايَاهُ عَلَى أَبَي
يُوْسُفَ، قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: أَيْنَ النَّوَادِرُ
الَّتِي زعمتَ تَكْتُبُهَا? قَالَ: وَيْحَكُم، إِنَّ
حَفْصاً أَرَادَ اللهَ، فَوَفَّقَهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: رَأَيْتُ مُقَدَّمَ فَمِ
حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ مُضَبَّبَةٌ أَسْنَانُهُ بِالذَّهبِ.
(7/490)
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ فِي حَدِيْثِ حَفْصِ
بنِ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "خَمِّرُوا وُجُوْهَ مَوْتَاكُم، وَلاَ
تَشَبَّهُوا بِاليَهُوْدِ"1. فَأَنْكَرهُ أَبِي، وَقَالَ:
أَخْطَأَ، قَدْ حَدَّثَنَاهُ حَجَّاجٌ، عن ابن جريج، عن
عطاء مرسلا.
وَسُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنْ حَدِيْثٍ لِحَفْصِ بنِ
غِيَاثٍ، عَنْ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ: "كُنَّا نَأْكُلُ وَنَحْنُ مَعَ رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- ونحن نَمْشِي"2. فَقَالَ: لَمْ يُحَدِّثْ
بِهِ إِلاَّ حَفْصٌ، كَأَنَّهُ وَهِمَ فِيْهِ، سَمِعَ
حَدِيْثَ عِمْرَانَ بنِ حُدَيْرٍ، فَغَلِطَ بِهَذَا.
وَيُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ حَفْصٌ
يُخَلِّطُ فِي حَدِيْثِهِ.
قُلْتُ: احْتجَّ بِهَذِهِ الكَلِمَةِ بَعْضُ قُضَاتِنَا
عَلَى أَنَّ حَفْصاً لاَ يُحْتَجُّ بِهِ فِي تَفَرُّدِهِ
عَنْ رِفَاقِهِ بِخَبَرٍ: "فَيُنَادَى بِصَوْتٍ إِنَّ
اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَبْعَثَ بَعْثاً إِلَى النَّارِ" 3
فَهَذِهِ اللَّفْظَةُ ثابتة في "صحيح البخاري"، وحفص فحجة،
والزيادة من الثقة فمقبولة، والله أعلم.
__________
1 ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "11/ 11436"،
والدارقطني "2/ 297"، والبيهقي "3/ 394"، من طرق عن عبد
الرحمن بن صالح الأزدي، حدثنا حفص بن غياث، به.
قلت إسناده ضعيف، فيه ابن جريج، مدلس، مشهور بالتدليس، وقد
عنعنه. وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" "3/ 394" بعد
أن ذكره مرسلا كما أورده المؤلف قال: "هو مرسل كما بينه
البيهقي فيما بعد ثم هو مع إرساله منكر لا يجوز أن يقوله
-عليه السلام- لأنه لا يقول إلا الحق واليهود لا تكشف وجوه
موتاها ثم على تقدير صحته لا يشهد لرواية ابن أبي حرة
لأنها في المحرم وهذا الحديث يعم كل الموتى".
2 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 205"، ومن طريقه أخرجه عبد
بن حميد "785"، وأحمد "2/ 108"، والترمذي "1880"، وابن
ماجه "3301" والدارمي "2/ 120"، والطحاوي مختصرا "4/ 273"
والخطيب في "تاريخه" "8/ 195-196 و196" من طريق عن حفص بن
غياث، به.
وقال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب مِنْ حَدِيْثِ عُبَيْدِ
اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر.
وأخرجه الطيالسي "1904"، وأحمد، والدارمي "2/ 120"، وابن
الجارود "867"، والدولابي في "الكنى" "1/ 127"، والطحاوي
في "شرح معاني الآثار" "4/ 273 و274"، والبيهقي في "السنن"
"7/ 283"، وفي "شعب الإيمان" "5988" و"5989" من طرق عن
عمران بن حدير، عن يزيد بن عطارد السدوسي أبي البَزَري
قال: سألت ابن عمر عن الشرب قائما؟ فقال: قد كنَّا على عهد
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نشرب قياما، ونأكل ونحن
نسعى.
3 صحيح: أخرجه البخاري "4741" من طريق عمر بن حفص، حدثنا
أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا أبو صالح، عن أبي صالح، عن أبي
سعيد الخدري قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم: فذكره في
حديث طويل: وأوله: "يقول الله -عز وجل- يوم القيامة: يا
آدم، فيقول: لبيك ربنا وسعديك، فينادى بصوت: إن الله يأمرك
أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار ... ". الحديث.
(7/491)
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ
إِسْحَاقَ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ
الدَّقَّاقُ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ
القَاضِي، وَقرَأْتُ عَلَى أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ،
عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى
بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ
الأَعْمَشِ، عَنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً عَثْرَتَهُ، أَقَالَهُ
اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يَوْمَ القِيَامَةِ" 1.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ يَحْيَى، فَوَقَعَ
مُوَافقَةً عَالِيَةً، وَرَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ "المُسْنَدِ" عَنْ يَحْيَى،
وَهُوَ يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
أنبأني الخَضِرُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الجُوَيْنِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي
الخَيْرِ إِجَازَةً، عَنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ،
وَقرَأْتُ عَلَى مَحْمُوْدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ
اللُّغَوِيِّ، أَخْبَرَنَا النَّجِيْبُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ
بنُ الصَّيْقَل، أَخْبَرْنَا ابْنُ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ،
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حدثني حَفْصُ بنُ
غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ الرَّاسِبِيِّ، عَنْ مَوْلَىً لأَبِي
بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ذَنْبَانِ
يُعَجَّلاَنِ، وَلاَ يُغْفَرَانِ: البَغْيُ وَقَطِيْعَةُ
الرَّحِمِ" 2.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا سَالِمُ
بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ اللهِ القَزَّازُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ بنُ خُشَيْش، أَخْبَرَنَا أَبُو
عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ
السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ
المُنَادِي، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا
الحَجَّاجُ، عَنْ مَعْرُوْفٍ قَالَ: خَرَجْنَا بِأَكْلُبٍ
لَنَا، فَاسْتقبلَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، فَقَالَ:
إِذَا أَرْسَلْتُمُوْهَا، فَقُوْلُوا: بِسْمِ اللهِ، اللهم
اهد صدورها3.
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "2/ 252"، وأبو داود
"3460"، وابن ماجه "2199" والحاكم "2/ 45"، والبيهقي "6/
27"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "8/ 196" من طريق الأعمش،
به.
2 صحيح: أخرجه الطيالسي "880"، وأحمد "5/ 36 و38"،
والبخاري في "الأدب المفرد" "67"، وأبو داود "4902"،
والترمذي "2511"، وابن ماجه "4211"، والحاكم "2/ 162" و"4/
163" والبيهقي "10/ 234" من طرق عن عيينة بن عبد الرحمن
الغطفاني، عن أبيه، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ما من ذنب
أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخر
له في الآخرة، من البغي وقطيعة الرحم". وصححه الترمذي،
والحاكم، ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا.
3 في إسناده الحجاج، وهو ابن أرطاة، الفقيه الكوفي،
المشهور، وهو مدلس، وقد عنعنه.
(7/492)
قَالَ هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: سَمِعْتُ
حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ سَبْعَ
عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
قَالَ هَارُوْنُ: وَفُلِجَ حَفْصٌ حِيْنَ مَاتَ ابْنُ
إِدْرِيْسَ، فَمَكَثَ فِي البَيْتِ إِلَى أَنْ مَاتَ:
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ فِي العشرِ،
وَصَلَّى عَلَيْهِ الفَضْلُ بنُ العَبَّاسِ أَمِيْرُ
الكُوْفَةِ يَوْمَئِذٍ.
وَفِيْهَا أَرَّخَ مَوْتَهُ خَلِيْفَةُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ،
وَأَبُو سعيد الأشج، والعطاردي.
وَأَمَّا سَلْمُ بنُ جُنَادَةَ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ
خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى وَأَبُو حَفْصٍ
الفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ،
وَالصَّحِيْحُ الأول.
(7/493)
1320- مروان بن
شجاع 1: "خَ، د، ت، ق"
العَالِمُ المُحَدِّثُ، أَبُو عَمْرٍو الأُمَوِيُّ
مَوْلاَهُمْ، الجَزَرِيُّ، الحَرَّانِيُّ.
حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ خُصَيْفٍ، وَهُوَ مُكْثِرٌ
عَنْهُ، وَعَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مَالِكٍ
الجَزَرِيِّ، وَسَالِمٍ الأَفْطَسِ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وسُرَيج بنُ
يُوْنُسَ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنيع، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ،
وَيَعْقُوْبُ الدَّورقي، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ،
وَزِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ:
صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي المَقْلُوْبَاتِ عَنِ
الثِّقَاتِ.
قُلْتُ: حَدِيْثُهُ فِي دَرَجَةِ الحَسَنِ. تُوُفِّيَ: سنة
أربع وثمانين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 485"، والتاريخ الكبير "7/
ترجمة 1597"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 452"،
والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1249"، والمجروحين لابن حبان
"3/ 13-14"، وتاريخ بغداد "13/ 147"، والكاشف "3/ ترجمة
5464"، والمغني "2/ ترجمة 6166"، والعبر "1/ 289"، وميزان
الاعتدال "4/ ترجمة 8428"، وتهذيب التهذيب "10/ 94"،
وتقريب التهذيب "2/ 239"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6927"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 306".
(7/493)
1321- أما مَرْوَانُ بنُ سَالِمٍ الجَزَري
1: "ق"
فَأَصْلُهُ شَامِيٌّ.
حَدَّثَ عَنْ: صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ، وَسُلَيْمَانَ
الأَعْمَشِ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ.
رَوَى عَنْهُ: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، ونُعيم بنُ
حمَّاد، وَأَبُو هَمَّامٍ الوَلِيْدُ بنُ شُجَاعٍ،
وَآخَرُوْنَ.
أجَمَعُوا عَلَى ضعفِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوْكُ
الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: كِلاَهُمَا مَذْكُوْرٌ فِي "مِيْزَانِ
الاَعْتِدَالِ"، وَهُمَا مُتَعَاصِرَانِ. ذُكِر هَذَا
الثَّانِي لِلتَّمْيِيْزِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ لاَ
يُتَابِعُهُ عَلَيْهِ الثِّقَاتُ.
قُلْتُ: وَتَفَرَّدَ بِهَذَا عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ
يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَرَأَيْتَ الرجل يذبح وينسى
أن يُسَمِّيَ? فَقَالَ: "اسْمُ اللهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ
"2.
وَلَهُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ
عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً: "أَوَّلُ مَا
يُجَازَى بِهِ المُؤْمِنُ أَنْ يُغْفَرَ لِجَمِيْعِ من شيع
جنازته"3.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1602"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 42"، والضعفاء الكبير للعقيلي
"4/ ترجمة 1787"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1255"،
والمجروحين لابن حبان "3/ 13"، والكامل لابن عدي "6/ ترجمة
1870"، والكاشف "3/ ترجمة 5463"، والمغني "2/ ترجمة 6164"،
وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8425"، وتهذيب التهذيب "10/
93-94" وتقريب التهذيب "2/ 239"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة
6925".
2 منكر: أخرجه الدارقطني "4/ 295"، والطبراني في "الأوسط"،
وفيه مروان بن سالم الجزري، قال: البُخَارِيُّ: مُنْكَرُ
الحَدِيْثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ:
مَتْرُوْكُ الحديث.
3 منكر: آفته مروان بن سالم الجزري، وهو منكر الحديث كما
ذكره في الحديث السابق.
(7/494)
1322- بِشْر بن المُفَضَّل 1: "ع"
ابن لاحق، الإِمَامُ، الحَافِظُ المُجَوِّدُ أَبُو
إِسْمَاعِيْلَ الرَّقاشي مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ،
وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، وَعَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ،
وَخَالِدٍ الحَذَّاءِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيِّ، وَخَالِدِ بنِ ذَكْوَانَ، وَدَاوُدَ بنِ
أَبِي هِنْدٍ، وَحَاتِمِ بنِ أَبِي صَغِيْرَةَ، وَسَعِيْدٍ
الجُرَيري، وَسَعِيْدِ بنِ يَزِيْدَ أَبِي مَسْلَمَةَ،
وَابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ،
وَأَبِي رَيْحَانَةَ عَبْدِ اللهِ بنِ مَطر، وَعُبَيْدِ
اللهِ بنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَيْدِ بنِ
المُهَاجِرِ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي إِسْحَاقَ
الحَضْرَمِيِّ، وَابْنِ جُدعان، وعُمارة بن غَزِية، وخلق.
وَعَنْهُ: أَبُو الوَلِيْدِ، ومُسَدَّد، وَيَحْيَى بنُ
يَحْيَى، وَبِشْرُ بنُ مُعَاذٍ العَقَدي، وَزِيَادُ بنُ
يَحْيَى الحَسَّانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ،
وَعَمْرٌو الفَلاس، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ، وَالقَوَارِيْرِيُّ، وَوَهْبُ بنُ بَقِيَّةَ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
رَوَى أَبُو بَكْرٍ الأَسَدِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، قَالَ: إِلَى بِشْرٍ المُنْتَهَى فِي
التَّثَبُّتِ بِالبَصْرَةِ.
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ:
مَنْ أَثْبَتُ شُيُوْخِ البَصْرَةِ? قَالَ: بِشْرُ بنُ
المُفَضَّلِ، مَعَ جَمَاعَةٍ سَمَّاهُم.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
لَيْسَ مِنَ العُلَمَاءِ أَحَدٌ إِلاَّ وَقَدْ أَخْطَأَ
فِي حَدِيْثِهِ إِلاَّ بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، وَابْنُ
عُلَية.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، عَنْ عَلِيِّ
بنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: كَانَ بشر يصلي كل يوم أربعمائة
رَكْعَةٍ، وَيَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً،
وَذُكِرَ عِنْدَهُ إِنْسَانٌ مِنَ الجَهْمِيَّةِ، فَقَالَ:
لاَ تَذْكُرُوا ذَاكَ الكَافِرَ.
قَالَ أَبُو زُرْعة، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيْرَ الحَدِيْثِ،
وَكَانَ عُثْمَانِيّاً توفي: سنة ست وثمانين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 290"، والتاريخ الكبير "2/
ترجمة 1769"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1410"، والعبر "1/
296"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 286"، والكاشف "1/ ترجمة
601" وتهذيب التهذيب "1/ 458"، وتقريب التهذيب "1/ 101".
(7/495)
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: دَخَلْتُ البَصْرَةَ
أَوَّلَ دَخْلَةٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ،
واعتُقِلَ لِسَانُ بِشْرِ بنِ المُفَضَّلِ قَبْلَ أَنْ
يَخرُجَ، وَمَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثمانين. وقع لي من عواليه:
قرأت على إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المُعَدَّل، أَخبرَكُم الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ فِي سنة ست عشرة وستمائة، أَخْبَرَنَا
خَطِيْبُ المَوْصِلِ أَبُو الفَضْلِ بنُ الطُّوْسِيِّ،
وشُهْدَة الكَاتِبَةُ، وتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةُ،
قَالُوا: أَخْبَرَنَا طِرَاد بنُ مُحَمَّدٍ
الزَّيْنَبِيُّ، وَقَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الوَهَّابِ السَّعْدِيُّ، أَخبرُكُم عَلِيُّ بنُ
مُخْتَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، قالا:
أخبرنا هلال بن محمد الحفَّار، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ
يَحْيَى بنِ عيَّاش، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْعَثِ أَحْمَدُ
بنُ المِقْدَام العِجْلِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَة بنِ سُحَيم، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ مَخِيْلَةٍ،
فَإِنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ" 1.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبِ بنِ دِثار:
سَمِعْتُ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ
مَخِيْلَةٍ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ" 2.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ يَنَّاق:
رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي دَارِ خَالِدٍ، فَرَأَى رَجُلاً
يَجرُّ إِزَارَهُ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ? فَقَالَ: مَنْ
بَنِي لَيْثٍ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ
يَقُوْلُ: "مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ، لاَ يُرِيْدُ بِذَلِكَ
إِلاَّ المَخِيْلَةَ، لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ" 3.
بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، عَنْ بَشِيْرِ بنِ مَيْمُوْنٍ
الشَّقَري، عَنْ عَمِّهِ أُسَامَةَ بنِ أَخْدَرِيٍّ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِرَجُلٍ: "مَا اسْمُكَ
"؟. قَالَ: أَصْرَمُ. فَقَالَ: "أَنْتَ زُرْعة" 4.
هَذَا صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ مَعْدُوْدٌ فِي أَفْرَادِ بِشْرِ.
خرجه أبو داود.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 81"، ومسلم "2085" "43" من طريق
شعبة، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "5791"، ومسلم "2085"، والنسائي "8/
206"، وأحمد "2/ 42 و46".
3 صحيح: أخرجه مسلم "2085" "45"، وأحمد "2/ 45" من طريق
مسلم بن يَنَّاق عن ابن عمر، به.
4 صحيح: أخرجه أبو داود "4954" من طريق مسدد، عن بشر بن
المفضل، به.
(7/496)
1323- أبو سفيان المَعْمَري 1: "م، س، ق"
الحَافِظُ الحُجَّةُ، أَبُو سُفْيَانَ محمد بن حُميد
البصري، المَعْمَرِيُّ. اشْتُهِرَ بِذَلِكَ لارْتِحَالِهِ
إِلَى مَعْمَرٍ بِالِيَمَنِ. وَكَانَ مِنَ الصُّلَحَاءِ
العُبَّادِ وَالمُتْقِنِيْنَ المُتَّقِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَمَعْمَرٍ،
وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَغَيْرِهِم.
وَعَنْهُ: سُريج بنُ يُوْنُسَ، وَأَبُو خَيثمة،
وَالنُّفَيْلِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَعَمْرٌو
النَّاقِدُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، وَحُمَيْدُ بنُ
الرَّبِيْعِ، وَسُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَهَذَا لَمْ يَرْوِ لَهُ البُخَارِيُّ، وَرَوَى: لأَبِي
سُفْيَانَ الحِمْيَرِيِّ الوَاسِطِيِّ، وَفِيْهِ شَيْءٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: مُحَمَّدُ بنُ حُميد اليَشْكُرِيُّ
المَعْمَرِيُّ مَذْكُوْرٌ بِالصَّلاَحِ وَالعِبَادَةِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ أحبُّ
إليَّ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ المعمري سنة اثنتين وثمانين
ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 166"، والضعفاء
الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1611"، والجرح والتعديل "7/
ترجمة 1272"، وتاريخ بغداد "2/ 257"، والعبر "1/ 283"،
والكاشف "3/ ترجمة 4884"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة
7452"، وتهذيب التهذيب "9/ 131-132"، وخلاصة الخزرجي "2/
ترجمة 6167".
(7/497)
1324- حسان بن
إبراهيم 1: "خَ، م، د"
الإِمَامُ الفَقِيْهُ المُحَدِّثُ، قَاضِي كرمان؛ أبو هشام
الكوفي ثم الكرماني.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ، الثَّوْرِيِّ،
وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ
الأَيْلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: الأَزْرَقُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ
المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ الضَّبَّي،
وَعَلِيُّ بنُ حُجر، وَإِسْحَاقُ بن شاهين، وآخرون كثيرون.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 148"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 320"، والضعفاء الكبير للعقيلي
"1/ ترجمة 309"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1056"، والكامل
لابن عدي "2/ ترجمة 501"، وتاريخ بغداد "8/ 260"، والعبر
"1/ 293"، والكاشف "1/ ترجمة 1003"، وميزان الاعتدال "1/
477"، والمغني "1/ ترجمة 1368"، وتهذيب التهذيب "2/ 245"،
وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1298"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 309".
(7/497)
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لاَ بَأْسَ
بِهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ
النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَاسْتَنْكَرَ لَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَحَادِيْثَ.
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثْتُ أَبِي بِحَدِيْثٍ لِحَسَّانِ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ، رَوَاهُ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ
الحُسَيْنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا دَخَلَ
المَسْجَدَ قَالَ: "السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا
النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي
ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتكَ". فَقَالَ
أَبِي: مَا هَذَا مِنْ حَدِيْثِ عَاصِمٍ، هَذَا مِنْ
حَدِيْثِ لَيْثِ بن أبي سليم1. فذكرت لأبي عن حَسَّانٍ،
عَنْ عَبْدِ المَلِكِ الكُوْفِيِّ، سَمِعْتُ العَلاَءَ،
سَمِعَ مَكْحُوْلاً، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَوَاثِلَةَ:
"كَانَ نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
إِذَا قَامَ فِي الصَّلاَةِ، لَمْ يَلْتَفِتْ وَرَمَى
بِبَصَرِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُوْدِهِ". فَأَنْكَرَهُ
أَبِي، وَقَالَ: اضربْ عليه2.
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه العقيلي في "القضاء" "1/ 255" بهذا
الإسناد.
وأخرجه الترمذي "314"، وأحمد "6/ 282"، وإسماعيل القاضي في
"فضل الصَّلاَة عَلَى النَّبِيِّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسلَّم" "84" من طريق ليث بن أبي سليم، عن عبد الله بن
الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن جدتها فاطمة الكبرى،
به. وفيه ليث بن أبي سليم، ضعيف، وفيه الانقطاع بين فاطمة
بنت الحسين، وجدتها فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإنها لم تدركها لأن
فاطمة الكبرى ماتت بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشهور وكانت أول آل بيته لحاقا به
-صلى الله عليه وسلم. لكن للحديث شاهد عند مسلم "713"،
وأبي داود "465"، وابن ماجة "772" من حديث أبي حميد أو أبي
أسيد مرفوعا بلفظ: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم عَلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ
ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل: اللهم
إني أسألك من فضلك".
2 أخرجه العقيلي في "الضعفاء" "1/ 255" في ترجمة "حسان بن
إبراهيم الكرماني" ومن طريقة عن عبد الملك الكوفي، به.
(7/498)
1325- عبد الله
بن إدريس 1: "ع"
ابن يزيد بن عبد الرحمن، الإِمَامُ، الحَافِظُ،
المُقْرِئُ، القُدوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو
مُحَمَّدٍ، الأَوْدِيُّ، الكُوْفِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَحُصَيْنِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَهِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ،
وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي
خَالِدٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمِسْعَرٍ، وَسُفْيَانَ،
وَالحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبِي مَالِكٍ
الأَشْجَعِيِّ، وَالمُخْتَارِ بنِ فُلْفُلٍ، وَيَزِيْدَ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَعَاصِمِ بنِ
كُلَيْبٍ، وَلَيْثِ بنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَيَزِيْدَ بنِ
أَبِي زِيَادٍ، وَابْنِ عَجْلاَنَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيِّ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَخَلْقٍ.
وَتَلاَ عَلَى نَافِع، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَالِكٌ -وَهُوَ مِنْ مَشَايِخِهِ-
وَابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو بَكْرٍ،
وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَهَنَّادٌ، وَأَبُو
كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، وَالحَسَنُ بنُ
عَرَفَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ
العُطَارِدِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ أَقْدَمَهُ الرَّشِيْدُ بَغْدَادَ لِيُوَلِّيَهُ
قَضَاءَ الكُوْفَةِ، فَامْتَنَعَ.
قَالَ بِشْرُ بنُ الحَارِثِ: مَا شَرِبَ أَحَدٌ مَاءَ
الفرات فسلم، إلا عبد الله ابن إِدْرِيْسَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابْنُ إدريس نسيج
وحده.
قال يعقوب ابن شَيْبَةَ: كَانَ عَابِداً، فَاضِلاً، كَانَ
يَسْلُكُ فِي كَثِيْرٍ مِنْ فُتْيَاهُ وَمَذَاهِبِهِ
مسَالكَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، يُخَالِفُ الكُوْفِيِّيْنَ،
وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكٍ صدَاقَةٌ. ثُمَّ قَالَ:
وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ جَمِيْعَ مَا يرويه مالك في
"المُوَطَّأِ"، فَيَقُوْلُ: بَلَغَنِي عَنْ عَلِيٍّ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ
إِدْرِيْسَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ حُجَّةٌ، إِمَامٌ مِنْ
أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ.
وَقِيْلَ: لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَحَدٌ أَعبدَ للهِ
مِنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَفْضَلَ
مِنْهُ.
أَبُو دَاوُدَ: عَنْ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ
الكِسَائِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي هَارُوْنُ الرَّشِيْدُ:
مَنْ أَقرَأُ النَّاسِ? فَقُلْتُ: عَبْدُ اللهِ بنُ
إِدْرِيْسَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ? قُلْتُ: ثُمَّ حُسَيْنٌ
الجُعْفِيُّ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ? قُلْتُ: رَجُلٌ آخرُ.
وَعَنْ حُسَيْنٍ العَنْقَزِي، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ
بِابْنِ إِدْرِيْسَ المَوْتُ، بَكَتْ بِنْتُهُ. فَقَالَ:
لاَ تَبْكِي يَا بُنَيَّة، فَقَدْ خَتَمْتُ القُرْآنَ فِي
هَذَا البَيْتِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ ختمة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 389"، والتاريخ الكبير "5/
ترجمة 97"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 44"، وتاريخ بغداد
"9/ 415"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 262"، والكاشف "2/
ترجمة 2650"، والعبر "1/ 308"، وجامع التحصيل للعلائي
"ترجمة 337"، وتهذيب التهذيب "5/ 144" وتقريب التهذيب "1/
401"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3380"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "1/ 330".
(7/499)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمَّارٍ: كَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ إِذَا لَحَنَ أَحَدٌ فِي
كَلاَمِهِ، لَمْ يُحَدِّثْهُ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سمعت ابن إدريس يقول: عندي
قوصرة ملكَايَةٌ، وَرَاويَةٌ مِنْ حَوْضِ الرَّبَابِيْنَ،
وَدَبَّةُ زَيْتٍ، مَا أَحَدٌ أَغْنَى مِنِّي.
وَكَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ يُحَرِّمُ النَّبِيذَ، وَقَالَ:
قُلْتُ لِحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ: اتركِ الجُلُوْسَ فِي
المَسْجَدِ. فَقَالَ: أَنْتَ قَدْ تَرَكتَ ذَلِكَ وَلَمْ
تَتركْ؟ قُلْتُ: لأَنْ يَأْتِيَنِي البَلاَءُ وَأَنَا
فَارٌّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْتِيَنِي وَأَنَا
مُتَعَرِّضٌ لَهُ.
قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ
يَقُوْلُ:
كُلُّ شرَابٍ مُسْكِرٍ كَثِيْرُهُ ... فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ
يَسِيْرُهُ
إِنِّيْ لَكُم مِنْ شَرِّهِ نَذِيرُهُ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ
إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ: كَتَبتُ حَدِيْثَ أَبِي الحورَاءِ،
فَكَتَبتُ تَحْتَهُ: "حورٌ عِيْنٌ".
قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ لَهُم فِي ذَلِكَ الوَقْتِ شَكْلٌ
بَعْدُ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ
نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ
البُورَانِيُّ، قَالَ: قُرِئَ كِتَابُ الخَلِيْفَةِ إِلَى
ابْنِ إِدْرِيْسَ وأنا حَاضِرٌ: مِنْ عَبْدِ اللهِ
هَارُوْنَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِلَى عَبْدِ اللهِ
بنِ إِدْرِيْسَ. قَالَ: فَشَهقَ ابْنُ إِدْرِيْسَ
شَهْقَةً، وَسقطَ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَقُمْنَا إِلَى
العَصْرِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، وَانتبَهَ قُبِيْلَ
المَغْرِبِ، وَقَدْ صَبَبْنَا عَلَيْهِ المَاءَ، فَلاَ
شَيْءَ. قَالَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُوْنَ، صَارَ يَعْرِفُنِي حَتَّى يَكْتُبَ إِلَيَّ،
أَيُّ ذَنْبٍ بَلَغَ بِي هَذَا?!
قُلْتُ: قَدْ وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ خِراش، وَالنَّاسُ.
وَقِيْلَ بَلْ كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ
وَمائَةٍ، وَمَاتَ بِالكُوْفَةِ، فِي ذِي الحِجَّةِ،
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ عمَّار المَوْصِلِيُّ كَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ
مِنْ عِبَادِ الله الصَّالِحِيْنَ، مِنَ الزُّهَادِ،
وَكَانَ ابْنُهُ أَعبدَ مِنْهُ، وَلَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ
أَحَداً أَفْضَل مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ،
وَعَبْدَةَ بنِ سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَوَّاسٍ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ
يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَكَذَا قَالَ
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ فِي مَوْلِدِهِ، وهو
المحفوظ.
(7/500)
وَرَوَى العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ
الخَلاَّلُ، عَنْ عَرَفَةَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ ابْنِ
إِدْرِيْسَ، قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مَاتَ
حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ
وَمائَةٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: وفيها مولدي،
فهذا قول شاذ.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 92، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ
مُثَنَّى، وَالأَشَجُّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَزَادَ فِي
عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ، وَقَدْ غلطَ بَعْضُ القُرَّاءِ،
وَزَعَمَ أَنَّ ابْنَ إِدْرِيْسَ تَلاَ عَلَى ابْنِ
كَثِيْرٍ، مَا لَحِقَهُ، وَلاَ قَاربَ.
ورُويَ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ وَكِيْعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ
بنَ إِدْرِيْسَ امْتنعَ مِنَ القَضَاءِ، وَقَالَ
لِلرَّشِيْدِ: لاَ أَصلُحُ. فَقَالَ الرَّشِيْدُ: وَدِدْتُ
أَنِّيْ لَمْ أَكنْ رَأَيتُكَ. فَقَالَ: وَأَنَا وَدِدْتُ
أَنِّي لَمْ أَكُنْ رَأَيتُك، فَخَرَجَ، ثُمَّ ولى حفص ابن
غِيَاثٍ، وَبَعَثَ الرَّشِيْدُ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ إِلَى
ابْنِ إِدْرِيْسَ، فَقَالَ لِلرَّسولِ -وَصَاحَ بِهِ:
مُرَّ مِنْ هُنَا. فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرَّشِيْدُ: لَمْ
تَلِ لَنَا، وَلَمْ تَقْبَلْ صِلَتَنَا، فَإِذَا جَاءكَ
ابْنِي المَأْمُوْنُ، فَحَدِّثْه. فَقَالَ: إِنْ جَاءَ
مَعَ الجَمَاعَةِ حَدَّثْنَاهُ، وَحَلَفَ أَلاَ يُكَلِّمَ
حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ حَتَّى يَمُوْتَ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ،
قال لي الأعمش: والله لأحدثتك شَهْراً. فَقُلْتُ: وَاللهِ
لاَ أَتَيْتُكَ سَنَةً. قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ
سَنَةٍ. فَقَالَ: ابْنُ إِدْرِيْسَ? قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: أُحِبُّ أَنْ يَكُوْنَ لِلْعربِيِّ مَرَارَةٌ.
قَالَ حُسَيْنُ بنُ عَمْرٍو العَنْقَزِي: لَمَّا نَزَلَ
بعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ المَوْتُ: بَكتْ بِنتُهُ.
فَقَالَ: لاَ تَبْكِي، قَدْ خَتَمْتُ فِي هَذَا البَيْت
أَرْبَعَةَ آلاَفِ ختمَةٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ
المَدِيْنِيِّ، وَجَعَلَ يذم قراءة حَمْزَةَ، وَقَالَ:
إِنَّمَا نَزَلَ القُرْآنُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وَهِيَ
التَّفخِيمُ، فَقَالَ لَهُ: بِشْرُ بنُ مُوْسَى:
حَدَّثَنَا نَوْفَلُ. فَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ:
نَوْفَلٌ ثِقَةٌ. قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ
إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ لحَمْزَةَ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّكَ
رَجُلٌ تَتَأَلَّهُ، وَهَذِهِ القِرَاءةُ لَيْسَتْ
قِرَاءةَ عَبْدِ اللهِ، وَلاَ قِرَاءةَ غَيْرِهِ. فَقَالَ
حَمْزَةُ: أَمَّا إِنِّيْ أَتَحَرَّجُ أَنْ أَقرَأَ بِهَا
فِي المِحْرَابِ. قُلْتُ: لِمَ? قَالَ: لأَنَّهَا لَمْ
تَكُنْ قِرَاءةُ القَوْمِ. قُلْتُ: فَمَا تَصْنَعُ بِهَا
إِذاً? قَالَ: إِنْ رَجَعتُ مِنْ سَفَرِي،
لأَتْرُكَنَّهَا. ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: مَا
أَسْتجِيْزُ أَنْ أَقُوْلَ لِمَنْ يَقرَأُ لِحَمْزَةَ:
إِنَّهُ صَاحِبَ سُنَّةٍ.
قُلْتُ: اشْتُهِرَ تَحذِيرُ ابْنِ إِدْرِيْسَ مِنْ ذَلِكَ،
وَاللهُ يَغفرُ لَهُ، وَقَدْ تَلَقَّى المُسْلِمُوْنَ
حُرُوْفَهُ بِالقَبُوْلِ، وَأَجْمَعُوا اليَوْمَ
عَلَيْهَا. وَأَعْلَى مَا يَقَعُ حَدِيْثُ ابْنِ
إِدْرِيْسَ فِي جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ
بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ
القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وَجَرِيْرٌ، عَنِ
الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِنَّ فِي اللَّيْلِ سَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ
مُسْلِم يَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- فِيْهَا خَيْراً مِنْ
أَمرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ،
وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ".
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ عثمان، عن جرير وحده.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "757".
(7/501)
1326- محمد بن سَلَمَة 1: "م، 4"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُفْتِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الحَرَّاني.
حَدَّثَ عَنْ: خُصَيف الجَزَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
عَجْلاَنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، وَخَالِهِ أَبِي
عَبْدِ الرَّحِيْمِ خَالِدِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ،
وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيلي، وَأَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاح الجَرْجَرَائِيُّ،
وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي شُعَيْبٍ
الحَرَّانِيُّ، وَعَمْرُو بنُ هِشَامٍ أَبُو أُمَيَّةَ،
وَأَبُو يُوْسُفَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
الصَّيْدَلاَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَهْبِ بنِ أَبِي
كَرِيْمَةَ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، فَاضِلاً، تُوُفِّيَ
فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيلي: مَاتَ فِي أَوَّلِ
سنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: حَدِيْثُهُ فِي الكتب سوى صحيح البخاري.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 485"، والتاريخ الكبير "1/
ترجمة 302"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 387 و506
و511" و"3/ 162"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1494"، وتذكرة
الحفاظ "1/ ترجمة 296"، والكاشف "3/ ترجمة 4957"، والعبر
"1/ 307"، وتهذيب التهذيب "9/ 193" وتقريب التهذيب "2/
166"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6265"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "1/ 529".
(7/502)
1327- الأبْرَش 1: "د، ت"
سلمه بن الفضل الرازي الأَبْرَشُ، الإِمَامُ، قَاضِي
الرَّيِّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ إِسْحَاقَ، وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ،
وَحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ، وَعَمْرِو بنِ أَبِي قَيْسٍ،
وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ اللهِ المُسْندِيُّ، وَيَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ، وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ
بنُ حُمَيد، وَيُوْسُفُ بنُ مُوْسَى القَطَّانُ،
وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: عِنْدَهُ مَنَاكِيْرُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعة: أَهْلُ الرَّيِّ لاَ يَرغَبُوْنَ
فِيْهِ؛ لِظُلمٍ فِيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ يَتَشَيَّعُ، وَكَانَ
مُعَلِّمَ كُتَّابٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ. يُقَالَ: إِنَّهُ مِنْ
أَخشَعِ النَّاسِ فِي صَلاَتِهِ.
قُلْتُ: كَانَ قَوِيّاً فِي المَغَازِي.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وقد سمع
منه ابن المديني، وتركه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 381"، والتاريخ الكبير "4/
ترجمة 2044"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 241"،
والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 650"، والجرح والتعديل
"4/ ترجمة 739"، والمجروحين لابن حبان "1/ 337"، والكامل
لابن عدي "3/ ترجمة 790"، والعبر "1/ 307"، والكاشف "1/
ترجمة 2063"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3410"، وتهذيب
التهذيب "4/ 153"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2642"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 328".
(7/503)
1328- مروان بن
معاوية 1: "ع"
ابن الحَارِثِ، بنِ عُثْمَانَ بنِ أَسْمَاءَ بنِ خَارِجَةَ
بنِ حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ بنِ بَدْرٍ، الإِمَامُ،
الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الفَزَارِيُّ،
الكُوْفِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بنُ أَبِي الفَتْحِ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ،
وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِي
اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو
الفَضْلِ الأرْمَوي، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ
اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ
بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
الحَسَنِ بن عبد الجبار، حدثنا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 329"، والتاريخ الكبير "7/
ترجمة 1598"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1785"،
والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1246"، وتاريخ بغداد "13/ 149"،
وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 275"، والعبر "1/ 311"، والكاشف
"3/ ترجمة 5467"، وتهذيب التهذيب "10/ 96"، وتقريب التهذيب
"2/ 239"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6930"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "1/ 333".
(7/503)
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ سَنَةَ سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ
مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِلاَلُ بنُ سُوَيْدٍ
الأَحْمَرِيُّ: سَمِعْتُ أَنَساً يَذْكُرُ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُهدِيَ
لَهُ ثَلاَثُ طَوَائِرَ، فَأَطْعَمَ خَادِمَهُ طَيْراً،
فَلَمَّا كَانَ الغَدَاةُ، أَتَاهُ بِهِ. فَقَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَمْ
أَنْهَكَ أَنْ تَخْبَأَ شَيْئاً لِغَدٍ؟ فَإِنَّ اللهَ
-تَعَالَى- يَأْتِي بِرِزْقِ كُلِّ غَدٍ"1.
حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ. وَهِلاَلٌ وَاهٍ، وَيُقَالُ: هُوَ
أَبُو ظِلاَلٍ.
مَرْوَانُ هُوَ ابْنُ عَمِّ الإِمَامِ أَبِي إِسْحَاقَ
الفَزَارِيِّ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُلْصَقَ به؛ لأنه
في طبقته.
وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَعَاصِمٍ
الأَحْوَلِ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَأَبِي مَالِكٍ
الأَشْجَعِيِّ، وَعَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، وَسَعْدِ بنِ
عُبَيْدٍ، وَالحَسَنِ بنِ عَمْرٍو الفُقَيمي، وَيَحْيَى
بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَهَاشِمِ بنِ هَاشِمِ بنِ
عُتْبَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ كَيْسَانَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ
أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَبَهْزِ بنِ حَكِيْمٍ،
وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَرِشْدِيْنَ بنِ كُرَيب،
وَطَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
اللهِ الأَصَمِّ، وَعَطَاءِ بنِ عَجْلاَنَ، وَمُحَمَّدِ
بنِ سُوْقَةَ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَهِلاَلِ بنِ عَامِرٍ،
وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
كَانَ جَوَّالاً فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحُمَيْدِيُّ، وَزَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ،
وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ،
وَابْنُ رَاهَوَيْه، وَأَبُو خَيْثَمة، وَعَلِيُّ بنُ
المَدِيْنِيِّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ
مَنِيْعٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ البِيْكَنْدِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، ودُحَيم، وَعَمْرٌو
النَّاقِدُ، وَأَبُو كُرَيب، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
العَدَنِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الدَّورقي، وَمُحَمَّدُ بنُ
هِشَامِ بنِ مَلاَسٍ، وَأَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ
حُرَيْثٍ، وَزِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ، وَالحَسَنُ بنُ
عَرَفَةَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَسُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَمْرُو بنُ رَافِعٍ
القَزْوِيْنِيُّ، وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، وَكَثِيْرُ بنُ
عُبَيْدٍ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَحَدِيْثُهُ يُرْوَى اليَوْمَ بِعُلُوٍّ فِي "جُزْءِ
ابْنِ عَرَفَةَ".
رَوَى أَبُو بَكْرٍ الأَسَدِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَبْتٌ، حَافِظٌ. وَرَوَى: أَبُو
دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: مَا كَانَ أَحْفَظَه!
كَانَ يَحفَظُ حَدِيْثَهُ.
وروى عثمان الدارمي، عن يحيى: ثقة
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه أحمد "3/ 198"، وفي "الزهد" له "37"،
وفيه هلال بن سويد، وهو واه كما قال الذهبي في "الميزان".
(7/504)
وَكَذَا وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُ
وَاحِدٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: ثِقَةٌ فِيْمَا رَوَى
عَنِ المَعْرُوْفِيْنَ، وَضَعَّفَهُ فِيْمَا رَوَى عَنِ
المَجْهُوْلِيْنَ.
قُلْتُ: إِنَّمَا الضَّعفُ مِنْ قِبَلِهِم، كَانَ يَرْوِي
عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ، وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
مَع جَلاَلَتِه يَفْعَلُ كَذَلِكَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنيد: قَالَ ابْنُ
نُمَيْرٍ: كَانَ مَرْوَانُ يَلتَقِطُ الشُّيُوْخَ مِنَ
السِّكَكِ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، مَا حَدَّثَ عَنِ
المَعْرُوْفِيْنَ، وَمَا حَدَّثَ عَنِ المَجْهُوْلِيْنَ
فَفِيْهِ مَا فِيْهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، لاَ يُدْفَعُ عَنْ
صِدْقٍ، وَتَكثُرُ رِوَايَتُهُ عَنِ الشُّيُوْخِ
المَجْهُوْلِيْنَ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّوري: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ
عَنْ حَدِيْثِ مَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَلِيِّ
بنِ أَبِي الوَلِيْدِ، فَقَالَ: هَذَا هُوَ عَلِيُّ بنُ
غُراب، وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحْيَلَ لِلتَّدْلِيسِ
مِنْهُ.
قَالَ دُحَيم، وَغَيْرُهُ: مَاتَ فَجْأَةً، سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ ومائة، قبل التروية بيوم.
(7/505)
1329- معاذ بن
معاذ 1: "ع"
ابن نصر بن حسان بن الحُرِّ بنِ مَالِكِ بنِ الخَشْخاش
التَّمِيْمِيُّ، القَاضِي، الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو
المُثَنَّى العَنْبَرِيُّ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَأَشْعَثَ بنِ
عَبْدِ المَلِكِ، وَعَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ
بنِ عَمْرٍو، وَأَبِي كَعْبٍ صَاحِبِ الحَرِيْرِ،
وكَهْمَس، وقُرَّة بنِ خَالِدٍ، والنَّهَّاس بنِ قَهْم،
وَابْنِ عَوْنٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَحَاتِمِ بنِ
أَبِي صَغِيْرَةَ، وَعِمْرَانَ بنِ حُدَير، وَشُعْبَةَ،
وَعَاصِمِ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ،
وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَيَحْيَى، وَعَلِيٌّ،
وبُندار، وَمُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى، وَإِسْحَاقُ بنُ
مُوْسَى الخَطْمِي، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ حَاتِمٍ السَّمِيْنُ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ
بنُ الحَكَمِ الوَرَّاقُ، وَأَبُو خَيثمة، وَعَمْرٌو
الفَلاَّسُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القطان،
وأحمد بن سنان
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 293"، والتاريخ الكبير "7/
ترجمة 1571"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1132"، وتاريخ
بغداد "13/ 131"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 306"، والكاشف
"3/ ترجمة 5606"، والعبر "1/ 320"، وتهذيب التهذيب "10/
194"، وتقريب التهذيب "2/ 257"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة
7063"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 345".
(7/505)
القَطَّانُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ
الطُّوْسِيُّ، وَابْنَاهُ؛ المُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللهِ،
وَسَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
أَبِي الزِّنَادِ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ،
إِلَيْهِ المنتهى في التثبت بِالبَصْرَةِ، وَقَالَ: هُوَ
قُرَّةُ عَيْنٍ فِي الحَدِيْثِ. رَوَاهَا: المَرُّوذِي،
عَنْهُ.
وَرَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ،
أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ حُسَيْنٍ
الجُعْفِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ، وَلاَ رَأَيْتُ
أَعقَلَ مِنْ مُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ، كَأَنَّهُ صَخْرَةٌ.
وَقَالَ الكَوْسَج عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَأَبُو
حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ:
أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ، أَزْهَرُ السَّمَّانُ فِي
ابْنِ عَوْنٍ، أَوْ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ? قَالَ:
ثِقَتَانِ. قُلْتُ: فَمُعَاذٌ أَثْبَتُ فِي شُعْبَةَ، أَوْ
غُنْدَرٌ? قَالَ: ثِقَةٌ، وَثِقَةٌ.
وَقَالَ النَّسائي: مُعَاذٌ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ
يَقُوْلُ: طَلَبتُ الحَدِيْثَ مَعَ رَجُلَينِ مِنَ
العَرَبِ: خَالِدِ بنِ الحَارِثِ الهُجَيْمِيِّ، وَمُعَاذِ
بنِ مُعَاذٍ العَنْبَري، وَأَنَا مَوْلَىً لِقُرَيْشٍ،
لِتَيْمٍ، فَوَاللهِ مَا سَبَقَانِي إِلَى مُحَدِّث قَطُّ،
فَكَتَبَا شَيْئاً حَتَّى أَحضُرَ، وَإِذَا تَابَعَانِي،
لاَ أُبَالِي مَنْ خَالَفَنِي مِنَ النَّاسِ. وَسَمِعْتُ
يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: مَا بِالكُوْفَةِ، وَلاَ
البَصْرَةِ، وَلاَ الحِجَازِ أَثْبَتُ مِنْ مُعَاذِ بنِ
مُعَاذٍ، وَمَا أُبَالِي إِذَا تَابعنِي مَنْ خَالَفَنِي،
وَقَدْ كَانَ شُعْبَةُ يَحْلِفُ: لاَ يُحَدِّثُ،
فَيَستَثنِي مُعَاذاً وَخَالِداً.
وَوَرَدَ أَنَّ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ قَالَ فِي سُجُوْدِهِ
مَرَّةً: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِخَالِدِ بنِ الحَارِثِ،
وَمُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،
عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:
إِنِّيْ لأَسْتَغْفِرُ لِسَبْعِيْنَ مِنْ إِخْوَانِي فِي
سُجُوْدِي، أُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَاءِ آبَائِهِم.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ: مَا عَلِمتُ
أَحَداً قَدِمَ بَغْدَادَ إِلاَّ وَقَدْ تُعُلِّقَ
عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الحَدِيْثِ، إِلاَّ مُعَاذاً
العَنْبَرِيَّ، مَا قَدِرُوا أَنْ يَتَعَلَّقُوا عَلَيْهِ
بِحَدِيْثٍ، مَعَ شُغْلِهِ بِالقَضَاءِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ
مُعَاذٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ بنو العباس، بدءوا
بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ، فَانْصَرَفَ النَّاسُ
وَهُم يَقُوْلُوْنَ: بُدِّلَتِ السُّنَّةُ، بُدِّلَتِ
السُّنَّةُ يَوْمَ العِيْدِ.
قَالَ الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ يَقُوْلُ:
وُلِدْتُ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، فِي أَوَّلِهَا،
وَوُلِدَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ
وَمائَةٍ، فِي آخِرِهَا، كَانَ أَكْبَرَ مِنِّي
بِشَهْرَيْنِ.
(7/506)
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُعَاذٍ: مَاتَ
أَبِي سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، وَلِيَ قَضَاءَ
البَصْرَةِ لِهَارُوْنَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، ثُمَّ
عُزِل، وَتُوُفِّيَ بِالبَصْرَةِ، فِي ربِيْعٍ الآخِرِ،
سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ
بنُ صَبَّاح، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ،
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ،
حَدَّثَنَا مُعَاذٌ العَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٍ،
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا
بِنَهْرٍ يَجْرِي، حَافَتَاهُ خِيَامُ اللُؤْلُؤِ،
فَضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى مَا يَجْرِي فِيْهِ المَاءُ،
فَإِذَا مِسْكٌ أَذْفَرُ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا
جِبْرِيْلُ? قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ
اللهُ -عزّ وجلّ " 1.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 103 و115-116"، والبخاري "4964"،
وأبو داود "4748"، والترمذي "3375"، والنسائي "2/ 132
و134" عن أنس، به.
(7/507)
1330- محمد بن
حرب 1: "ع"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الخَوْلاَنِيُّ، الحِمْصِيُّ، الأبْرَش، كَاتِبُ
الزُّبَيْدِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الأَلْهَانِيِّ،
وَبَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ، وَعُمَرَ بنِ رُؤبة، وَمُحَمَّدِ
بنِ الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيِّ، وَصَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو،
وَالأَوْزَاعِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَهْبِ
بنِ عَطِيَّةَ، وإسحاق بن رَاهَوَيْه، وَكَثِيْرُ بنُ
عُبَيْدٍ، وَأَبُو التَّقِيِّ اليَزَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ مُصَفَّى، وَأَبُو عُتْبَةَ الحِجَازِيُّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَّهُ وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ.
وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ، وَكَانَ
مُجَوِّداً لِحَدِيْثِ الشَّامِيّينَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ الكَلاَبَاذِيُّ: حَدِيْثُهُ فِي العِلْمِ2،
وَالطِّبِّ3، وَصَلاَةِ الخَوْفِ4. يَعْنِي: مِنْ صَحِيْحِ
البُخَارِيِّ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ رَبِّهِ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الخَطِيْبُ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا
وَجِيهُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ
الأَزْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ حَمْدُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ
الشَّرْقِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَهْبٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ الوَلِيْدِ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ،
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً، فِي وَجْهِهَا
سَفْعَةٌ، فَقَالَ: "اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا
النَّظْرَةَ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ5، عَنْ مُحَمَّدٍ
الذُّهْلِيِّ.
وَيقعُ لِي حَدِيْثُ مُحَمَّدِ بنِ حرب عاليًا في صفة
المنافق.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 470"، والتاريخ الكبير "1/
ترجمة 161"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 385"
و"2/ 316" و"3/ 4-5"، والكنى للدولابي "2/ 59"، والجرح
والتعديل "7/ ترجمة 1299"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 287"،
والكاشف "3/ ترجمة 4859"، والعبر "1/ 315"، وتهذيب التهذيب
"9/ 109"، وتقريب التهذيب "2/ 153"، وخلاصة الخزرجي "2/
ترجمة 6135"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 341".
2 صحيح: أخرجه البخاري في "كتاب العلم" حديث رقم "77" قال
البخاري -رحمه الله- حدثني محمد بن يوسف، قال حدثنا أبو
مسهر، قال حدثني محمد بن حرب، حدثني الزبيدي، عن الزهري عن
محمود بن الربيع، قال: عقلت من النبي -صلى الله عليه وسلم-
مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو.
3 صحيح: أخرجه البخاري "5739" في "كتاب الطب" حدثنا
مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَهْبٍ
بن عطية الدمشقي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوليد الزبيدي، أخبرنا الزهري،
عن عروة بن الزبير، عن زينب ابنة أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى فِي بَيْتِهَا
جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ فَقَالَ: "استرقوا لها
فإن بها النظرة".
4 صحيح: أخرجه البخاري "944" في "كتاب الخوف" حدثنا حيوة
بن شريح، قال حدثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، عَنِ
الزُهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُتْبَةَ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قام النبي -صلى
الله عليه وسلم- وقام الناس معه فكبر وكبروا معه، وركع
وركع ناس منهم، ثم سجد وسجدوا معه، ثم قام للثانية فقام
الذين سجدوا وحرسوا إخوانهم، وأتت الطائفة الأخرى فركعوا
وسجدوا معه، والناس كلهم في صلاة ولكن يحرس بعضُهم بعضًا.
5 صحيح: أخرجه البخاري "5739"، ومسلم "2197" من طريق محمد
بن حرب، به.
(7/508)
1331- البَرْمَكي 1:
الوزير الملك أبو الفضل جعفر، ابْنُ الوزِيْرِ الكَبِيْرِ
أَبِي عَلِيٍّ يَحْيَى ابْنِ الوَزِيْرِ خَالِدِ بنِ
بَرْمَكٍ الفَارِسِيُّ.
كَانَ خَالِدٌ مِنْ رِجَالِ العَالَمِ، تَوَصَّلَ إِلَى
أَعْلَى المَرَاتِبِ فِي دَوْلَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، ثُمَّ
كَانَ ابْنُهُ يَحْيَى كَامِلَ السُّؤْدُدِ، جَلِيْلَ
المِقْدَارِ، بِحَيْثُ إِنَّ المَهْدِيَّ ضَمَّ إِلَيْهِ
وَلَدَهُ الرَّشِيْدَ، فَأَحْسَنَ تَرْبِيَتَهُ، وأدبه،
فلما أفضت الخلافة إِلَى الرَّشِيْدِ، رَدَّ إِلَى يَحْيَى
مَقَالِيْدَ الأُمُوْرِ، وَرَفَعَ مَحَلَّهُ، وَكَانَ
يُخَاطِبُهُ: يَا أَبِي، فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ
الوُزَرَاءِ، وَنَشَأَ لَهُ أَوْلاَدٌ صَارُوا مُلوَكاً،
وَلاَ سِيَّمَا جَعْفَرٌ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا جَعْفَرٌ?
لَهُ نَبَأٌ عَجِيْبٌ، وَشَأْنٌ غَرِيْبٌ، بَقِيَ فِي
الارتِقَاءِ فِي رُتْبَةٍ، شَرَكَ الخَلِيْفَةَ فِي
أَمْوَالِهِ، وَلَذَّاتِهِ، وَتَصَرُّفِهِ فِي
المَمَالِكِ، ثُمَّ انْقَلْبَ الدَّسْتُ فِي يَوْمٍ،
فَقُتِلَ، وَسُجِنَ أَبُوْهُ وَإِخوَتُهُ إِلَى المَمَاتِ،
فَمَا أَجهَلَ مَنْ يَغتَرُّ بِالدُّنْيَا!
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ خَالِدٍ
يَقُوْلُ: الدُّنْيَا دُوَلٌ، وَالمَالُ عَارِيَّةٌ،
وَلَنَا بِمَنْ قَبْلَنَا أُسْوَةٌ، وَفِيْنَا لِمَنْ
بَعْدَنَا عِبْرَةٌ.
قَالَ إِسْحَاقُ المَوْصِلِيُّ: كَانَتْ صِلَةُ يَحْيَى
إِذَا رَكِبَ لِمَنْ سَأَلَهُ مائَتَيْ دِرْهَمٍ،
أَتَيْتُهُ وَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ ضِيْقاً، فَقَالَ:
مَا أَصْنَعُ بِكَ؟ مَا عِنْدِي شَيْءٌ، وَلَكِنِّي قَدْ
جَاءنِي خَلِيْفَةُ صَاحِبِ مِصْرَ، يَسْأَلُ أَنْ
أَسْتَهْدِي صَاحِبَهُ شَيْئاً، فَأَبَيْتُ، فَأَلَحَّ
وَبَلَغَنِي أَنَّ لَكَ جَارِيَةً بِثَلاَثَةِ آلاَفِ
دِيْنَارٍ، فهو ذا أَسْتَهدِيهِ إِيَّاهَا، فَلاَ
تَنْقُصْهَا مِنْ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ شَيْئاً.
قَالَ: فَمَا شَعَرتُ إِلاَّ وَالرَّجُلُ قَدْ أَتَى،
فَسَاوَمَنِي بِالجَارِيَةِ، فَبَذَلَ عِشْرِيْنَ أَلْفاً،
فَلِنْتُ، فَبِعتُهَا، فَلَمَّا أَتَيْتُ يَحْيَى،
عَنَّفَنِي، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا خَلِيْفَةُ صَاحِبِ
فَارِسَ، قَدْ جَاءنِي فِي نَحْوِ هَذَا، فَخُذْ
جَارِيَتَكَ مِنِّي، فَإِذَا ساومك، لا تنقصها من خمسين
ألف دينار. قَالَ: فَأَتَانِي، فَبِعتُهَا بِثَلاَثِيْنَ
أَلْفاً فَلَمَّا، صِرْتُ إِلَى يَحْيَى، قَالَ: أَلَمْ
نُؤَدِّبْكَ? خُذْ جَارِيَتَكَ. قُلْتُ: قَدْ أَفَدتُ
بِهَا خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، ثُمَّ تَعُوْدُ
إِلَيَّ، هِيَ حُرَّةٌ، وَإِنِّيْ قَدْ تَزَوَّجْتُهَا.
قِيْلَ: إِنَّ وَلداً لِيَحْيَى، قَالَ لَهُ وَهُمْ فِي
القُيُوْدِ: يَا أَبَةِ، بَعْدَ الأَمْرِ والنهي
وَالأَمْوَالِ صِرْنَا إِلَى هَذَا?! قَالَ: يَا بُنَيَّ!
دعوة مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عَنْهَا.
مَاتَ يَحْيَى مَسجوناً، بِالرَّقَّةِ، سَنَةَ تِسْعِيْنَ
وَمائَةٍ، عَنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
فَأَمَّا جَعْفَرٌ، فَكَانَ مِنْ مِلاَحِ زَمَانِهِ، كَانَ
وَسِيْماً، أَبْيَضَ، جَمِيْلاً، فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً،
أَدِيْباً، عَذْبَ العِبَارَةِ، حَاتِمِيَّ السَّخَاءِ،
وَكَانَ لَعَّاباً، غَارِقاً فِي لَذَّاتِ دُنْيَاهُ،
وَلِيَ نِيَابَةَ دِمَشْقَ، فَقَدِمَهَا فِي سَنَةِ
ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، فَكَانَ يَسْتَخلِفُ عَلَيْهَا،
وَيُلاَزِمُ هَارُوْنَ، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِذَا
أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَيْكَ، فَأَعْطِ، فَإِنَّهَا لاَ
تَفْنَى، وَإِذَا أَدبَرَتْ، فَأَعْطِ، فَإِنَّهَا لاَ
تَبقَى.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: هَاجَتِ العَصَبِيَّةُ بِالشَّامِ،
وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ، فَاغْتَمَّ الرَّشِيْدُ، فَعَقَدَ
لِجَعْفَرٍ، وَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَخْرُجَ أَوْ أَخْرَجَ.
فَسَارَ، فَقَتَلَ فِيْهِم، وَهَذَّبَهُم، وَلَمْ يَدَعْ
لَهُم رُمْحاً، وَلاَ قَوْساً، فَهَجَمَ الأَمْرُ،
وَاسْتَخْلَفَ عَلَى دِمَشْقَ عِيْسَى بنَ المعلى، ورد.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 152"، ووفيات الأعيان "1/ 328
و346"، والعبر "1/ 298"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
"2/ 123"، وشذرات الذهب "1/ 311".
(7/509)
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ جَعْفَرٌ عِنْدَ
الرَّشِيْدِ بِحَالَةٍ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيْهَا أَحَدٌ،
وَجُوْدُهُ أَشهَرُ مِنْ أَنْ يُذكَرَ، وَكَانَ مِنْ ذَوِي
اللَّسَن وَالبَلاَغَةِ. يُقَالَ: إِنَّهُ وَقَّعَ
لَيْلَةً بِحَضرَةِ الرَّشِيْدِ زِيَادَةً عَلَى أَلْفِ
تَوقِيْعٍ، وَنَظَرَ فِي جَمِيْعِهَا، فَلَمْ يُخْرِجْ
شَيْئاً مِنْهَا عَنْ مُوْجِبِ الفِقْهِ، كَانَ أبوه قد
ضمه إلى القاضي أبي يُوْسُفَ حَتَّى فَقُهَ.
وَعَنْ ثُمَامَةَ بنِ أَشْرَسَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ
أَبْلَغَ مِنْ جَعْفَرٍ البَرْمَكِيِّ، وَالمَأْمُوْنِ.
قِيْلَ: اعْتَذَرَ إِلَى جَعْفَرٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: قَدْ
أَغنَاكَ اللهُ بِالعُذْرِ مِنَّا عَنِ الاَعتِذَارِ
إِلَيْنَا، وَأَغنَانَا بِالمَوَدَّةِ لَكَ عَنْ سُوءِ
الظَّنِّ بِكَ.
قَالَ جَحْظَةُ: حَدَّثَنَا مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ،
حَدَّثَنِي الرَّشِيْدِيُّ، حَدَّثَنِي مُهَذَّب حَاجِبُ
العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ -يَعْنِي: أَخَا المَنْصُوْرِ:
أَنَّ العَبَّاسَ نَالَتْهُ إِضَاقَةٌ، فَأَخْرَجَ سَفَطاً
فِيْهِ جَوْهَرٌ بِأَلْفِ أَلْفٍ، فحمله إلى جعفر، وقال
أريد عليه خمسمائة أَلْفٍ. قَالَ: نَعَمْ، وَأَخَذَ
السَّفَطَ. فَلَمَّا رَجَعَ العَبَّاسُ إِلَى دَارِهِ،
وَجَدَ السَّفَطَ قَدْ سَبَقَهُ، وَمَعَهُ أَلفُ أَلفٍ،
وَدَخَلَ جَعْفَرٌ عَلَى الرَّشِيْدِ، فخاطبه في العباس،
فأمر له بثلاثمائة أَلْفِ دِيْنَارٍ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيِّ، قَالَ: حَجَّ
الرَّشِيْدُ وَجَعْفَرٌ وَأَنَا مَعَهُم، فَقَالَ لِي
جَعْفَرٌ: انْظُرْ لِي جَارِيَةً لاَ مِثْلَ لَهَا فِي
الغِنَاءِ وَالظَّرَفِ. قَالَ: فَأُرْشِدْتُ إِلَى
جَارِيَةٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا، وَغَنَّتْ، فَأَجَادَتْ،
فَقَالَ مَوْلاَهَا: لاَ أَبِيْعُهَا بِأَقَلَّ مِنْ
أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ. قُلْتُ: قَدْ أَخَذْتُهَا.
فَأُعْجِبَ بِهَا جَعْفَرٌ فَقَالَتِ الجَارِيَةُ: يَا
مَوْلاَيَ، فِي أَيِّ شَيْءٍ أَنْتَ? قَالَ: قَدْ عَرَفْتِ
مَا كُنَّا فِيْهِ مِنَ النِّعْمَةِ، فَأَرَدْتُ أَنْ
تَصِيْرِي إِلَى هَذَا المَلِكِ، فَتَسْعَدِي. قَالَتْ:
لَوْ مَلَكْتُ مِنْكَ مَا مَلَكْتَ مِنِّي، مَا بِعتُكَ
بِالدُّنْيَا، فَاذْكُرِ العَهْدَ -وَقَدْ كَانَ حَلَفَ
أَنْ لاَ يَأْكلَ لَهَا ثمناً- فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنَاهُ،
وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: اشَهَدُوا أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَأَنِّي
قد تَزَوَّجْتُهَا، وَأَمْهَرْتُهَا دَارِي، فَقَالَ
جَعْفَرٌ: انْهضْ بِنَا. فَدَعَوْتُ الحَمَّالِيْنَ لنقلِ
الذَّهبِ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: وَاللهِ لاَ صَحِبْنَا مِنْهُ
دِرْهَمٌ، وَقَالَ لمَوْلاَهَا: أَنْفِقْهُ عَلَيْكُمَا.
قِيْلَ: كَانَ فِي خَزَائِنِ جَعْفَرٍ دَنَانِيْرَ، زِنَةُ
الوَاحِدِ مائَةُ مِثْقَالٍ، كَانَ يَرمِي بِهَا إِلَى
أَصطحَةِ النَّاسِ سِكَّتَهُ.
وَأَصْفَرَ مِنْ ضَرْبِ دَارِ المُلُوْكِ ... يَلُوحُ
عَلَى وَجْهِهِ جَعْفَرُ
يَزِيْدُ عَلَى مائَةٍ وَاحِداً ... مَتَى يُعْطَه
مُعْسِرٌ يُوْسِرُ
وَقِيْلَ: بَلِ الشِّعْر لأَبِي العتَاهِيَةِ، وَكَانَ
عَلَى الدِّيْنَارِ صُوْرَةُ جَعْفَرٍ.
قَالَ صَاحِبُ "الأَغَانِي": أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ إسماعيل، عن
(7/510)
مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ قَالَ: شَهِدتُ
أَبِي يُحَدِّثُ جَدِّي وَأَنَا صَغِيْر، قَالَ: أَخذَ
بِيَدِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَقْبَلَ يَخترقُ
الحُجَرَ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حُجْرَةٍ،
فَفَتَحَهَا، وَدَخَلْنَا، فَأَغْلَقَهَا، وَقَعَدْنَا
عَلَى بَابٍ وَنَقَرَهُ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ عُوْدٍ،
فَغَنَّتِ امْرَأَةٌ، فَأَجَادَت، فَطربتُ وَاللهِ، ثُمَّ
غَنَّتْ، فَرَقَصْنَا مَعاً، وَخرجنَا، فَقَالَ لِي:
أَتعرِفُ هَذِهِ? قُلْتُ: لاَ. قَالَ: عُلَيَّةُ أُخْتِي،
وَاللهِ لَئِنْ لفَظْتَ بِهِ لأَقتلَنَّكَ. فَقَالَ لَهُ
جَدِّي: فَقَدْ لفظْتَ بِهِ، وَاللهِ لَيَقتُلَنَّكَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ امْرَأَةً كِلاَبِيَّةً أَنشدَتْ
جَعْفَراً:
إِنِّيْ مَرَرْتُ عَلَى العقِيْقِ وَأَهْلُهُ ...
يَشكُوْنَ مِنْ مطر الربيع نزورا
مَا ضَرَّهُم إِذْ مَرَّ فِيْهِم جَعْفَرٌ ... أَنْ لاَ
يَكُوْنَ رَبِيْعَهُم مَمْطُورَا
قَدِ اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ مَصْرَعِ جَعْفَرٍ عَلَى
أَقْوَالٍ: فَقِيْلَ: إِنَّ جِبْرِيْلَ بنَ بختيَشوعَ
الطَّبِيْبَ قَالَ: إِنِّيْ لَقَاعِدٌ عِنْدَ الرَّشِيْدِ،
فَدَخَلَ يَحْيَى بنُ خَالِدٍ، وَكَانَ يَدْخُلُ بِلاَ
إِذنٍ، فَسَلَّمَ، فَردَّ الرَّشِيْدُ ردّاً ضَعِيْفاً،
فَوَجَمَ يَحْيَى. فَقَالَ هَارُوْنُ: يَا جِبْرِيْلَ!
يَدْخُلُ عَلَيْكَ أَحَدٌ بِلاَ إِذنٍ? قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَمَا بَالُنَا? فَوَثَبَ يَحْيَى، وَقَالَ:
قَدَّمَنِي اللهُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قِبَلَكَ،
وَاللهِ مَا هُوَ إِلاَّ شَيْءٌ خَصَصْتَنِي بِهِ، وَالآنَ
فَتُبْتُ، فَاسْتَحْيَى الرَّشِيْدُ، وَقَالَ: مَا
أَرَدْتُ مَا تَكرَهُ، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَقُوْلُوْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ ثُمَامَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَا أَنْكَرَ
يَحْيَى بنُ خَالِدٍ مِنْ أَمرِهِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ
اللَّيْثِ رَفَعَ رِسَالَةً إِلَى الرَّشِيْدِ، يَعِظُهُ،
وَفِيْهَا: إِنَّ يَحْيَى لاَ يُغنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ
شَيْئاً، فَأَوْقَفَ الرَّشِيْدُ يَحْيَى عَلَى
الرِّسَالَةِ، وَقَالَ: أَتعرفُ مُحَمَّدَ بنَ الليث? قال:
نعم، هو منهم عَلَى الإِسْلاَمِ. فَسَجَنَهُ، فَلَمَّا
نُكِبَتِ البَرَامِكَةُ، أَحضرَهُ، وَقَالَ: أَتُحِبُّنِي?
قَالَ: لاَ وَاللهِ. قَالَ: أَتَقُوْلُ هَذَا قَالَ:
نَعَمْ، وَضَعتَ فِي رِجلَيَّ القَيدَ، وَحُلْتَ بَيْنِي
وَبَيْنَ عِيَالِي بِلاَ ذَنْبٍ، سِوَى قَوْلِ حَاسدٍ
يَكِيدُ الإِسْلاَمَ وَأَهْلَهُ، وَيُحبُّ الإِلْحَادَ
وَأَهْلَهُ. فَأَطلَقَهُ، وَقَالَ: أَتُحِبُّنِي? قَالَ:
لاَ، وَلاَ أُبْغِضُكَ. فَأَمَرَ لَهُ بِمائَةِ أَلفٍ،
وَقَالَ: أَتُحِبُّنِي? قال: نَعَمْ. قَالَ: انْتقمَ اللهُ
مِمَّنْ ظلمَكَ. فَقَالَ النَّاسُ فِي البَرَامِكَةِ
وَكَثَّرُوا.
وَقِيْلَ: إِنَّ يَحْيَى دَخَلَ بَعْدُ عَلَى الرَّشِيْدِ،
فَقَالَ لِلْغِلْمَانِ: لاَ تَقُوْمُوا لَهُ، فَارْبَدَّ
لَوْنُ يَحْيَى.
وَقِيْلَ: بَلْ سَبَبُ قتلِ جَعْفَرٍ، أَنَّ الرَّشِيْدَ
سَلَّمَ لَهُ يَحْيَى بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ
العلوِيَّ، فَرَقَّ لَهُ، وَأَطلقَهُ سِرّاً، فَجَاءَ
رَجُلٌ يَنْعتُهُ إِلَى الرَّشِيْدِ، وَأَنَّهُ رَآهُ
بِحُلوَانَ، فَأَعْطَى الرَّجُلَ مَالاً.
وَقِيْلَ: بَلْ أَنشَأَ جَعْفَرٌ دَاراً، أَنْفَقَ
عَلَيْهَا عِشْرِيْنَ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ، فَأَسرفَ.
(7/511)
وَقِيْلَ: اعْتمرَ يَحْيَى بنُ خَالِدٍ،
فَتَعَلَّقَ بِالأَسْتَارِ، وَقَالَ: رَبِّ ذُنُوبِي
عَظِيْمَةٌ، فَإِنْ كُنْتَ مُعَاقِبِي، فَاجْعلْ عقُوبَتِي
فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِسَمْعِي،
وَبَصْرِي، وَمَالِي، وَوَلدِي، حَتَّى أَبلغَ رضَاكَ،
فَقدحَ الأَمِيْرُ ابْنُ مَاهَانَ عِنْدَ الرَّشِيْدِ فِي
مُوْسَى بنِ يَحْيَى بنِ خَالِدٍ، وَأَعْلَمَهُ طَاعَةَ
أَهْلِ خُرَاسَانَ لَهُ، وَأَنَّهُ يُكَاتِبُهُم،
فَاسْتوحشَ الرَّشِيْدُ مِنْهُ، وَركِبَهُ دَيْنٌ،
فَاخْتفَى مِنَ الغُرَمَاءِ، فَتَوَهَّمَ الرَّشِيْدُ
أَنَّهُ سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، ثُمَّ ظهرَ، فَسَجَنَهُ،
فَهَذَا أَوَّلُ نَكْبَتِهِم، فَأَتَتْ أُمُّهُ تُلاَطفُ
الرَّشِيْدَ، فَقَالَ: يَضمنُهُ أَبُوْهُ، فَضمِنَهُ.
وَغَضِبَ الرَّشِيْدُ أَيْضاً عَلَى الفَضْلِ بنِ يَحْيَى،
لِتَرْكِهِ الشُّربَ مَعَهُ، وَكَانَ الفَضْلُ يَقُوْلُ:
لَوْ عَلِمتُ أَنَّ شرب الماء ينقص مروءتي، لتركته، وكان
مَشْغُوَفاً بِالسَّمَاعِ، وَكَانَ جَعْفَرٌ يُنَادِمُ
الرَّشِيْدَ، وَيَأْمرُهُ أَبُوْهُ بِالإِقلاَلِ مِنْ
ذَلِكَ، فَلاَ يَسْمَعُ. وَقَالَ يَحْيَى: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ! أَنَا أَكرهُ مدَاخِلَ جَعْفَرٍ مَعَكَ،
فَلَو اقْتصرْتَ بِهِ عَلَى الإِمْرَةِ دُوْنَ العُشْرَةِ.
قَالَ: يَا أَبتِ لَيْسَ ذَا بِكَ، بَلْ تُرِيْدُ أَنْ
تُقَدِّمَ الفَضْلَ عَلَيْهِ.
ابْنُ جَرِيْرٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ،
أَظُنُّه عَنْ عَمِّهِ زَاهِرِ بنِ حَرْبٍ، أَنَّ سَبَبَ
هَلاَكِ البَرَامِكَةِ، أَنَّ الرَّشِيْدَ كَانَ لاَ
يَصبرُ عَنْ جَعْفَرٍ وَأُخْتِه عَبَّاسَةَ، وَكَانَ
يُحْضِرُهُمَا مَجْلِسَ الشَّرَابِ، فَيَقومُ هُوَ،
فَقَالَ: أُزَوِّجُكَهَا عَلَى أَنْ لاَ تَمَسَّهَا.
قَالَ: فَكَانَا يَثملاَنِ، وَيَذْهَبُ الرَّشِيْدُ،
وَيثبُ جَعْفَرٌ عَلَيْهَا، فَوَلَدَتْ مِنْهُ غُلاَماً،
فَوَجَّهَتْهُ إِلَى مَكَّةَ، فَاخْتفَى الأَمْرُ، ثُمَّ
ضَرَبَتْ جَارِيَةً لَهَا، فَوَشَتْ بِهَا، فَلَمَّا حَجَّ
الرَّشِيْدُ، هَمَّ بِقتلِ الطِّفلِ، ثُمَّ تَأْثَّم مِنْ
ذَلِكَ، فَلَمَّا وَصلَ إِلَى الحِيْرَةِ، بَعَثَ إِلَى
مَسْرُوْرٍ الخَادِمِ، وَمَعَهُ أَبُو عِصْمَةَ،
وَأَجْنَادٌ، فَأَحَاطُوا بِجَعْفَرٍ لِيْلاً، فَدَخَلَ
عَلَيْهِ مَسْرُوْرٌ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ لهوٍ،
فَأَخْرَجَهُ بِعُنْفٍ، وَقَيَّدَهُ بقِيدِ حِمَارٍ،
وَأَتَى بِهِ، فَأَمرَ الرَّشِيْدُ بِقَتْلِهِ.
وَعَنْ مَسْرُوْرٍ قَالَ: وَقَعَ عَلَى رِجْلِي
يُقَبِّلُهَا، وَقَالَ: دَعْنِي أَدخلُ فَأُوصِي. قُلْتُ:
لاَ سَبِيْلَ إِلَى ذَا، فَأَوصِ بِمَا شِئْتَ فَأَوْصَى،
وَأَعتقَ مَمَالِيْكَهُ، ثُمَّ ذَبَحْتُهُ بَعْدَ أَنْ
رَاجعتُ فِيْهِ الرَّشِيْدَ، وَجِئْتُهُ بِرَأَسِهِ.
وَوجَّهَ الرَّشِيْدُ جُنْداً إِلَى أَبِيْهِ، فَأَحَاطُوا
بِهِ وَبأَوْلاَدِهِ وَمَوَالِيْه، وَأُخِذَتْ
أَمْوَالُهُم وَأَملاَكُهُم، وَبُعِثَتْ جُثَّةُ جَعْفَرٍ
إِلَى بَغْدَادَ، فَصُلِبَ، وَنُودِي: أَلاَ لاَ أَمَانَ
لمن آوى بَرْمَكِيّاً، وَصَلَبَ الرَّشِيْدُ أَنَسَ بنَ
أَبِي شَيْخٍ عَلَى الزَّنْدَقَةِ، وَكَانَ مُخْتَصّاً
بِالبَرَامِكَةِ.
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المَهْدِيِّ قَالَ: خَلاَ جَعْفَرٌ
يَوْماً بِنُدَمَائِهِ وَأَنَا فِيْهِم، وَتضَمَّخَ
بِالطِّيبِ، فَجَاءهُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ صَالِحٍ،
فَدَخَلَ فَاربَدَّ وَجْهُ جَعْفَرٍ، فَدَعَا عَبْدُ
المَلِكِ غُلاَمَهُ، فَنَزَعَ سوَادَهُ، وَقَلنسُوتَهُ،
وَأَتَى مَجْلِسَنَا، فَأَلبسُوهُ حَرِيْراً، وَأَطعمَ
وَشَربَ. فَقَالَ: وَاللهِ مَا شَرِبتُهُ قَبْلَ اليَوْمِ،
فَأَخفِ عليَّ، وَنَادَمَ أَحْسَنَ مُنَادِمَةٍ، وَسُرِّيَ
عَنْ جَعْفَرٍ، وَقَالَ: اذكُرْ حَوَائِجَكَ، فَإِنِّي لاَ
(7/512)
أَسْتَطِيْعُ مُقَابَلَةَ مَا كَانَ
مِنْكَ. قَالَ: فِي قَلْبِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ
عَلَيَّ مَوْجِدَةٌ، فَتُخْرِجُهَا. قَالَ: قَدْ رَضِيَ
عَنْكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ: وَعَلَيَّ
أَرْبَعَةُ آلاَفِ أَلفٍ. قَالَ: قُضِيَ دَينُكَ. قَالَ:
وَابْنِي إِبْرَاهِيْمُ، أُحِبُّ أَنْ أُزَوِّجَهُ. قَالَ:
قَدْ زَوَّجَهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بِالعَالِيَةِ
بِنْتِهِ. قَالَ: وَأُوثرُ أَنْ يُولَّى بَلَداً. قَالَ:
قَدْ وَلاَّهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ مِصْرَ، فَخَرَجَ
وَنَحْنُ مُتَعَجِّبُوْنَ مِنْ إِقدَامِ جَعْفَرٍ عَلَى
هَذِهِ الأُمُوْرِ العَظِيْمَةِ، مِنْ غَيْرِ
اسْتِئِذَانٍ، وَرَكِبَ إِلَى الرَّشِيْدِ، فَأَمْضَى لَهُ
الجَمِيْعَ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: بَلَغَ مِنْ أَمْرِ جَعْفَرٍ
أَنَّ الرَّشِيْدَ اتَّخَذَ لَهُ ثَوْباً لَهُ زِيقَانَ
يَلبَسُهُ هُوَ وَهُوَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ صَبْرٌ،
وَكَانَتْ عَبَّاسَةُ أُخْتُ الرَّشِيْدِ أَعزَّ امْرَأَةٍ
عَلَيْهِ، فَكَانَ مَتَى غَابَت أَوْ غَابَ جَعْفَرٌ
تَنغَّصَ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: سَأُزَوِّجُكَهَا
لِمُجَرَّدِ النَّظَرِ، فَاحْذَرْ أَنْ تَخْلُوَ بِهَا،
فَزَوَّجَهُ. فَقِيْلَ: إِنَّهَا أَحَبَّتْهُ،
وَرَاوَدَتْهُ، فَأَبَى، وَأَعْيَتْهَا الحِيْلَةُ،
فَبَعَثَتْ إِلَى وَالِدَةِ جَعْفَرٍ: أَنِ ابْعثِينِي
إِلَى ابْنِكِ كَأَنَّنِي جَارِيَةٌ لك، تتحفينه بها،
فأبت. فقالت: لئن لَمْ تَفْعلِي، لأَقُوْلَنَّ عَنْكِ:
إِنَّكِ دَعَوتِيْنِي إِلَى هَذَا، وَلَئِنْ وَلَدتُ مِنِ
ابْنِكِ، لِيكُوْننَّ لَكُمُ الشرف، فأجابتها. قال:
فافتضها، فَقَالَتْ: كَيْفَ رَأَيْتَ خدِيعَةَ بَنَاتِ
الخُلَفَاءِ، فَأَنَا مَوْلاَتُكَ، فَطَارَ السُّكرُ مِنْ
رَأْسِهِ، وَقَامَ، وَقَالَ لأُمِّهِ: بِعتِيْنِي
-وَاللهِ- رَخِيْصاً، وَحَبِلَتْ مِنْهُ، فَلَمَّا
وَلدَتْ، وَكَّلَتْ بِالوَلَدِ خَادِماً وَمُرْضِعاً،
وَبَعَثتْهُم إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ وَشَتْ بِهَا
زُبَيْدَةُ، فَحَجَّ، وَتَحَقَّقَ الأَمْرَ، فَأَضْمَرَ
السُّوْءَ لِلبَرَامِكَةِ، وَأَشَارَ أَبُو نُوَاسٍ إِلَى
ذَلِكَ، فَقَالَ:
أَلاَ قُل لأَمِيْنِ اللْـ ... ـلَه وَابْنِ القَادَةِ
السَّاسَه
إِذَا مَا نَاكِثٌ سرْ ... رَك أَنْ تُعْدِمَهُ رَأْسَه
فَلاَ تَقْتُلْهُ بِالسَّيْفِ ... وَزَوِّجْهُ بِعَبَّاسَه
وَسُئِلَ سَعِيْدُ بنُ سَالِمٍ عَنْ ذَنْبِ البَرَامِكَةِ،
فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْهُم بَعْضُ مَا يُوجِبُ مَا فَعلَ
الرَّشِيْدُ، لَكِن طَالَتْ أَيَّامُهُم، وكل طويل
يُمَلُّ.
وقيل: رفعت القصة إِلَى الرَّشِيْدِ فِيْهَا:
قُلْ لأَمِيْنِ الله فِي أَرْضِهِ ... وَمَنْ إِلَيْهِ
الحَلُّ وَالعَقْدُ
هَذَا ابْنُ يَحْيَى قَدْ غَدَا مَالِكاً ... مِثْلَكَ مَا
بَيْنَكُمَا حَدُّ
أَمْرُكَ مَرْدُوْدٌ إِلَى أَمْرِهِ ... وَأَمْرُهُ مَا
إِنْ لَهُ رَدُّ
وَقَدْ بَنَى الدَّارَ الَّتِي مَا بَنَى الـ ... ـفُرْسُ
لَهَا مِثْلاً وَلاَ الهِنْدُ
الدُّرُّ وَاليَاقُوْتُ حَصْبَاؤُهَا ... وَتُرْبُهَا
العَنْبَرُ وَالنَّدُّ
وَنَحْنُ نَخْشَى أَنَّهُ وَارِثٌ ... مُلْكَكَ إِنْ
غَيَّبَكَ اللحد
(7/513)
فقرأها، وأثرت فيه.
وَقِيْلَ: إِنَّ أُخْتَه قَالَتْ لَهُ: مَا رَأَيْتُ لَكَ
سُرُوْراً مُنْذُ قتلتَ جَعْفَراً، فَلِمَ قَتَلْتَهُ?
قَالَ: لَوْ عَلِمتُ أَنَّ قمِيْصِي يَعلَمُ السَّبَبَ
لَمَزَّقْتُهُ.
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَاشِمِيِّ
خَطِيْبِ الكُوْفَةِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّي يَوْمَ
الأَضْحَى، وَعِنْدَهَا عَجُوْزٌ فِي أَثْوَابٍ رَثَّةٍ،
فَقَالَتْ: تَعرِفُ هَذِهِ? قُلْتُ: لاَ. قَالَتْ: هَذِهِ
وَالِدَةُ جَعْفَرٍ البَرْمَكِيِّ، فَسلَّمْتُ عَلَيْهَا،
وَرحَّبْتُ بِهَا، وَقُلْتُ: حدِّثِينَا بِبَعْضِ
أَمرِكُم. قَالَتْ: لَقَدْ هجمَ عليَّ مثل هذا العيد، وعلى
رأسي أربعمائة جَارِيَةٍ، وَأَنَا أَزعمُ أَنَّ ابْنِي
عَاقٌّ لِي، وَقَدْ أَتَيْتُكُم يُقنِعُنِي جلدُ
شَاتَيْنِ، أَجْعَلُ أَحَدَهُمَا فراشًا لي. قال: فأعطيتها
خمسمائة دِرْهَمٍ، فَكَادَتْ تَموَتُ فَرَحاً.
لَمْ يَزَلْ يَحْيَى، وَآلُهُ مَحْبُوْسِينَ، وَحَالُهُم
حَسَنَةٌ، إِلَى أَنْ سخطَ الرَّشِيْدُ عَلَى ابْنِ
عَمِّهِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ صَالِحٍ، فَعَمَّهُم
بِسُخْطِهِ، وَجَدَّدَ لَهُم التُّهمَةَ، وَضَيَّقَ
عَلَيْهِم.
وَدَامتْ جُثَّةُ جَعْفَرٍ مُعَلَّقَةً مُدَّةً،
وَعُلِّقتْ أَطْرَافُهُ بِأَمَاكِنَ، ثُمَّ أُحْرِقَتْ.
وَقِيْلَ: لَمْ يُحبسْ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى.
وَفِي تَارِيْخِ ابْنِ خَلِّكَانَ: أَنَّ الرَّشِيْدَ
دَعَا يَاسِراً غُلاَمَهُ، فَقَالَ: قَدِ انْتَخَبْتُكَ
لأَمرٍ لَمْ أَرَ لَهُ الأَمِيْنَ وَلاَ المَأْمُوْنَ،
فَحَقِّقْ ظَنِّي. قَالَ: لَوْ أَمَرْتَنِي بِقتلِ نَفْسِي
لَفَعَلْتُ. قَالَ: ائِتِنِي بِرَأَسِ جَعْفَرٍ، فَوَجَمَ
لَهَا. قَالَ: وَيْلَكَ مَا لَكَ? قَالَ: الأَمْرُ عظيم،
ليتني مت قبل هذا. قال: امضِ وَيْلَكَ. فَمَضَى، فَأَتَى
جَعْفَراً، فَقَالَ: يَا يَاسِرُ! سَرَرْتَنِي
بِإِقبالِكَ، لَكِنْ سُؤْتَنِي بِدُخُوْلِكَ بِلاَ إِذنٍ.
قَالَ: الأَمْرُ وَرَاءَ ذَلِكَ يَا جَعْفَرٌ، قَدْ
أُمِرْتُ بِكَذَا. قَالَ المِسْكِيْنُ -وَأَقْبَلَ
يُقَبِّلُ قَدَمَهُ- وَقَالَ: دَعْنِي أَدخلُ وَأُوصِي.
قَالَ: لاَ سَبِيْلَ إِلَى ذَلِكَ، فَأَوصِ. فَقَالَ: لِي
عَلَيْكَ حَقٌّ، فَارْجِعْ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ،
وَقُلْ: قَتَلْتُهُ، فَإِنْ نَدِمَ كَانَتْ حَيَاتِي عَلَى
يَدِكَ. قَالَ: لاَ أَقْدِرُ. قَالَ: فَآتِي مَعَكَ إِلَى
مُخَيَّمِهِ، وَأَسْمَعُ كَلاَمَهُ، وَقَوْلَكَ لَهُ.
قَالَ: أَمَّا هَذَا فَنَعَمْ، وَذَهَبَ بِهِ، فَلَمَّا
دَخَلَ يَاسِرٌ، قَالَ: مَا وَرَاءكَ? فَذَكَرَ لَهُ
قَوْلَ جَعْفَرٍ، فَشَتَمَهُ، وَقَالَ: لَئِنْ
رَاجَعْتَنِي، لأُقَدِّمَنَّكَ قَبْلَهُ، فَخَرَجَ
وَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَأَتَاهُ بِرَأْسِهِ. فَقَالَ: يَا
يَاسِرُ جِئنِي بِفُلاَنٍ وَفُلاَنٍ فَلَمَّا أَتَاهُ
بِهِمَا قَالَ: اضرِبَا عُنُقَهُ، فَإِنِّي لاَ أَقدرُ
أَرَى قَاتَلَ جَعْفَرٍ.
وَقَالَ أَبُو العَتَاهِيَةِ:
قُوْلاَ لِمَنْ يَرْتَجِي الحَيَاةَ أَمَا ... فِي
جَعْفَرٍ عِبْرَةٌ وَيَحْيَاهُ
(7/514)
كَانَا وَزِيْرَيْ خَلِيْفَةِ اللهِ هَا
... رُوْنَ هُمَا مَا هُمَا وَزِيْرَاهُ
فَذَالِكُم جَعْفَرٌ بِرُمَّتِهِ ... فِي حَالِقٍ رَأْسُهُ
وَنِصْفَاهُ
وَالشَّيْخُ يَحْيَى الوَزِيْرُ أَصْبَحَ قَدْ ...
نَحَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَقصَاهُ
شُتِّتَ بَعْدَ الجَمِيْعِ شَمْلُهُمُ ... فَأَصْبَحُوا
فِي البِلاَدِ قَدْ تَاهُوا
كَذَاكَ مَنْ يُسْخِطُ الإِلَهَ بِمَا ... يُرْضِي بِهِ
العَبْدَ يَجْزِهِ اللهُ
سُبْحَانَ مَنْ دَانَتِ المُلُوْكُ لَهُ ... نَشْهَدُ أَنْ
لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوْ
طُوْبَى لِمَنْ تَابَ قَبْلَ عَثْرَتِهِ ... فَتَابَ
قَبْلَ الممات طوباه
قَالَ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ بنُ رَوْحٍ
المَدَائِنِيُّ: وُلِدْتُ يَوْم قُتِلَ جَعْفَرُ بنُ
يَحْيَى، وَهُوَ أَوَّلُ صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، عَاشَ سَبْعاً وَثَلاَثِيْنَ
سَنَةً، وَمَاتَ أَخُوْهُ الفَضْلُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَكَانَ أَخاً لِلرَّشِيْدِ مِنَ
الرَّضَاعَةِ، وَأُمُّهُ بَرْبَرِيَّةٌ، وَكَانَ قَدْ
وَلِيَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ، وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ
الرِّجَالِ، وَكَانَ أَكرَمَ وَأَجْوَدَ مِنْ جَعْفَرٍ،
لَكِنَّهُ كَانَ ذَا تِيْهٍ وَكِبْرٍ عَظِيْمٍ، وَصَلَ
مَرَّةً عَمْرَو بنَ جَمِيْلٍ التَّمِيْمِيَّ بِأَلفِ
أَلفِ دِرْهَمٍ، وَعَاشَ خَمْساً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً،
وَلَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ.
(7/515)
1332- يزيد بن مَزْيَد 1:
ابن زائدة، أَمِيْرُ العَرَبِ، أَبُو خَالِدٍ
الشَّيْبَانِيُّ، أَحَدُ الأَبْطَالِ وَالأَجْوَادِ،
وَهُوَ ابْنُ أَخِي الأَمِيْر مَعْنِ بنِ زَائِدَةَ.
وَلِيَ اليَمِنَ، ثُمَّ وَلِيَ أَذْرَبِيْجَانَ
وَأَرْمِيْنِيَةَ لِلرَّشِيْدِ، وَقَتَلَ رَأْسَ
الخَوَارِجِ الوَلِيْدَ بنَ طَرِيْفٍ.
وَكَانَ يَزِيْدُ مَعَ فَرطِ شَجَاعَتِهِ وَكَرَمِهِ مِنْ
دُهَاةِ العَرَبِ، وَتَمَّتْ لَهُ حُرُوْبٌ مَعَ
الوَلِيْدِ، حَتَّى إِنَّهُ بَارَزَهُ بِنَفْسِهِ،
فَتَصَاوَلاَ نَحْوَ سَاعَتَيْنِ، وَتَعَجَّبَ مِنْهُمَا
الجَمْعَانِ، ثُمَّ ضَرَبَ رِجْلَ الوَلِيْدَ، فَسَقَطَ،
وَكِلاَهُمَا مِنْ بَنِي شَيْبَانَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الرَّشِيْدَ قَالَ لَهُ: يَا يَزِيْدُ!
مَا أَكْثَرَ أُمَرَاءَ المُؤْمِنِيْنَ فِي قَوْمِكَ!
قَالَ: نَعَمْ، إِلاَ أن منابرهم الجذوع.
وَقِيْلَ: إِنَّ الرَّشِيْدَ أَعْطَاهُ لَمَّا بَعَثَهُ
لِحَربِ الوَلِيْدِ ذُوْ الفَقَارِ، وَقَالَ: سَتُنْصَرُ
بِهِ.
فَقَالَ مُسْلِمُ بنُ الوَلِيْدِ:
أَذَكَرْتَ سَيْفَ رَسُوْلِ اللهِ سُنَّتَه ... وَبَأْسَ
أَوَّلِ مَنْ صَلَّى وَمَنْ صَامَا
يَعْنِي: عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُ الرَّشِيْدَ مُتَقَلِّداً
سَيْفاً، فَقَالَ: أَلاَ أُرِيْكَ ذُو الفَقَارِ? قُلْتُ:
بَلَى. قَالَ: اسْتَلَّ سَيْفِي. فَاسْتَلَلْتُهُ
فَرَأَيْتُ، فِيْهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ فَقَارَةً.
وَلِمَنْصُوْرِ بنِ الوَلِيْدِ:
لَوْ لَمْ يَكُنْ لِبَنِي شَيْبَانَ مِنْ حَسَبٍ ... سِوَى
يَزِيْدَ لَفَاتُوا النَّاسَ بِالحَسَبِ
قِيْلَ: نَظَرَ يَزِيْدُ إِلَى لِحْيَةٍ عَظِيْمَةٍ
مَخضُوبَةٍ، فَقَالَ لِصَاحِبِهَا: أَنْتَ مِنْ لِحْيَتِكِ
فِي مُؤنَةٍ. قَالَ: أَجَلْ، وَلِذَلِكَ أَقُوْلُ:
لَهَا دِرْهَمٌ لِلطِّيْبِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ... وَآخَرُ
لِلْحِنَّاءِ يَبْتَدِرَانِ
وَلَوْلاَ نوال من يزيد من مزيد ... لصوت في حافاتها
الجلمان
وَبَلَغَنَا أَنَّ يَزِيْدَ بنَ مَزْيَدٍ أُهْدِيَتْ لَهُ
جارية، فافتضَّها، فَمَاتَ عَلَى صَدْرِهَا بِبَرْذَعَةَ،
سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، وَخَلَّفَ
ابْنَيْهِ الأَمِيْرَيْنِ: خَالِداً، وَمُحَمَّداً.
وَلِمُسْلِمٍ فيه مدائح بديعة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 334"، ووفيات الأعيان "4/
ترجمة 820"، وخزانة الأدب للبغدادي "3/ 54".
(7/516)
1333- أبو
معاوية 1: "ع"
محمد بن حازم مَوْلَى بَنِي سَعْدِ بنِ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ
تَمِيْمٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو
مُعَاوِيَةَ السَّعْدِيُّ، الكُوْفِيُّ، الضَّرِيْرُ،
أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
قَالَ أَحْمَدُ، وَجَمَاعَةٌ: وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثَ
عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَعَمِيَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِيْنَ، فَأَقَامُوا
عَلَيْهِ مَأْتَماً. قَالَهُ: أَبُو دَاوُدَ. وَيُقَالُ:
عَمِيَ ابْنَ ثَمَانِ سِنِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 392"، والتاريخ الكبير "1/
ترجمة 191"، والكنى للدولابي "2/ 117"، والجرح والتعديل
"7/ ترجمة 1360"، وتاريخ بغداد "5/ 243"، والأنساب
للسمعاني "8/ 152"، والكاشف "3/ ترجمة 4889"، وميزان
الاعتدال "3/ ترجمة 7466" و"4/ 10618" وجامع التحصيل
للعلائي "ترجمة 678"، وتهذيب التهذيب "9/ 137"، وتقريب
التهذيب "2/ 157" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6174".
(7/516)
حَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيِّ، وَالأَعْمَشِ، وَسُهَيْلٍ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَبُرَيْدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَأَبِي مَالِكٍ
الأَشْجَعِيِّ، وأبي إسحاق الشيباني، ومحمد بن سوقة،
وَالكَلْبِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ طَرِيْفٍ الإِسْكَافِ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُسْلِمٍ المَكِّيِّ، وَبَشَّارِ بنِ
كِدَامٍ، وَجَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ، وَجُوَيْبِرِ بنِ
سَعِيْدٍ، وَحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ، وَالحَسَنِ بنِ
عَمْرٍو الفُقَيْمِيِّ، وَخَالِدِ بنِ إِلْيَاسَ، وَسَعْدِ
بنِ سَعِيْدٍ، وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ بنِ مِهْرَانَ،
وَأَبِي بُرْدَةَ عَمْرِو بنِ يَزِيْدَ، وَقَنَانِ بنِ
عَبْدِ اللهِ، وَلَيْثِ بنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيْمُ، وَابْن جُرَيْجٍ
شَيْخُهُ، وَالأَعْمَشُ شَيْخُه، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
القَطَّانُ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَعَمْرُو بنُ عَوْنٍ،
وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ،
وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو كُرَيْبٍ،
وَابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيٌّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ،
وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَهَنَّادٌ،
وَقُتَيْبَةُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ
مَنِيْعٍ، وَعَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، وَأَخُوْهُ أَحْمَدُ بنُ
حَرْبٍ، وَأَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ،
وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَسَهْلُ بنُ
زَنْجَلَةَ، وَصَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ، وَسَعْدَانُ بنُ
نَصْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ
الطَّرَسُوْسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ إِشْكَابٍ، وَمُحَمَّدُ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحَسَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ الأَحْمَسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَرِيْفٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ المُثَنَّى العَنَزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ
أَبِي عُمَرَ العَدَنِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، خَاتِمَتُهُم، أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الجَبَّارِ العُطَارِدِيُّ.
سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَجَرِيْرٍ فِي
الأَعْمَشِ، فَقَدَّمَ أَبَا مُعَاوِيَةَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيْهِ: كَانَ
أَبُو مُعَاوِيَةَ إِذَا سُئِلَ عَنْ أَحَادِيْثِ
الأَعْمَشِ، يَقُوْلُ: قَدْ صَارَ حَدِيْثُ الأَعْمَشِ فِي
فَمِي عَلْقَماً، أَوْ أَمَرَّ، لِكَثْرَةِ مَا تَرَدَّدَ
عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ أَبِي: أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي غَيْر
حَدِيْثِ الأَعْمَشِ مُضْطَرِبٌ، لاَ يَحفَظُهَا حِفْظاً
جَيِّداً، وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَانَ -وَاللهِ-
حَافِظاً لِلْقُرْآنِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ
جَرِيْرٍ فِي الأَعْمَشِ. قَالَ: وَرَوَى: أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ أَحَادِيْثَ
مَنَاكِيْرَ، وَقَالَ: هُوَ أَثْبَتُ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ
بَعْدَ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ لَنَا
وَكِيْعٌ: مَنْ تَلْزَمُوْنَ? قُلْنَا: نَلزَمُ أَبَا
مُعَاوِيَةَ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ يَعُدُّ
عَلَيْنَا فِي حَيَاةِ الأَعْمَشِ ألفًا وسبعمائة.
فَقُلْتُ لأَبِي مُعَاوِيَةَ: إِنَّ وَكِيْعاً، قَالَ
كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: صَدَقَ، وَلَكِنِّي مَرِضْتُ
مَرْضَةً، فَأُنسِيتُ أربعمائة.
(7/517)
عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ أَبُو
مُعَاوِيَةَ: حَفِظتُ من الأعمش ألفًا وستمائة، فمرضت
مرضة، فذهب عني منها أربعمائة. قَالَ يَحْيَى: كَانَ
عِنْدَهُ أَلْفٌ وَمائَتَانِ، وَعِنْدَ وكيع عن الأعمش
ثمانمائة. قُلْتُ لِيَحْيَى: كَانَ أَبُو مُعَاوِيَةَ
أَحْسَنُهُم حَدِيْثاً عَنِ الأَعْمَشِ? قَالَ: كَانَتْ
تِلْكَ الأَحَادِيْثُ الكِبَارُ العَالِيَةُ عِنْدَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَتَبْنَا عن أبي
معاوية، عن الأعمش ألفًا وخمسمائة حَدِيْثٍ، وَكَانَ
عِنْدَ جَرِيْرٍ أَلفٌ وَمائَتَانِ عَنِ الأَعْمَشِ،
وَكَانَ عِنْدَ الأَعْمَش مَا لَمْ يَكُنْ عند أبي معاوية،
أربعمائة وَنَيِّفٌ وَخَمْسُوْنَ حَدِيْثاً.
مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، سَمِعْتُ
الأَعْمَشَ يَقُوْلُ لأَبِي مُعَاوِيَةَ: أَمَّا أَنْتَ،
فَقَدْ رَبَطْتَ رَأْسَ كِيسِكَ.
وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: سَمِعْتُ شَبَابَةَ يَقُوْلُ:
جَاءَ أَبُو معاوية إلى مَجْلِسِ شُعْبَةَ، فَقَالَ: يَا
أَبَا مُعَاوِيَةَ! سَمِعْتَ حَدِيْثَ كَذَا مِنَ
الأَعْمَشِ? قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ شُعْبَةُ: هَذَا
صَاحِبُ الأَعْمَش، فَاعْرِفُوهُ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا
نُعَيْمٍ يَقُوْلُ: لَزِمَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الأَعْمَشَ
عِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ الوَكِيْعِيُّ: مَا
أَدْرَكْنَا أَحَداً كَانَ أَعْلَمَ بِأَحَادِيْثِ
الأَعْمَشِ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا
مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ: البُصَرَاءُ، كَانُوا عِيَالاً
عَلَيَّ عِنْدِ الأَعْمَشِ.
وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ
يَقُوْلُ: كُلُّ حَدِيْثٍ أَقُوْلُ فِيْهِ: "حَدَّثَنَا"،
فَهُوَ مَا حَفِظتُهُ مِنْ فِيِّ المُحَدِّثِ، وَمَا
قُلْتُ: ذَكَرَ فُلاَنٌ، فَهُوَ مَا لَمْ أَحْفَظْه مِنْ
فِيْهِ، وَقُرِئَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ، فَحَفِظتُهُ
وَعَرَفتُهُ.
قَالَ العِجْلِيُّ: كُوْفِيٌّ، ثِقَةٌ، يَرَى الإِرْجَاءَ،
وَكَانَ لَيِّنَ القَوْلِ فِيْهِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ، رُبَّمَا
دَلَّسَ، كَانَ يَرَى الإِرْجَاءَ، فَيُقَالُ: إِنَّ
وَكِيْعاً لَمْ يَحضُرْ جِنَازَتَه لِذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ رَئِيْسَ المُرْجِئَةَ
بِالكُوْفَةِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ، وَهُوَ فِي الأعمش ثقة،
وفي غيره فيه اضطراب.
(7/518)
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ حَافِظاً،
مُتْقِناً، وَلَكِنَّهُ كَانَ مُرْجِئاً، خَبِيثاً.
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: كُنَّا نَرْقَع
الحَدِيْثَ عِنْد الأَعْمَشِ، ثُمَّ نَخرُجُ، فَلاَ
يَكُوْنُ أَحَدٌ أَحْفَظَ مِنَّا لِحَدِيْثِهِ مِنْ أَبِي
مُعَاوِيَةَ.
وَكَانَ هَارُوْنَ الرَّشِيْد يُجِلُّ أَبَا مُعَاوِيَةَ،
وَيَحْتَرِمُهُ، قِيْلَ: إِنَّهُ أَكَلَ عِنْدَهُ،
فَغَسَلَ يَدَيْه، فَكَانَ الرَّشِيْدُ هُوَ الَّذِي صَبَّ
عَلَى يَدِهِ، وَقَالَ: تَدْرِي يَا أَبَا مُعَاوِيَةَ
مَنْ يَصُبُّ عَلَيْكَ، ثُمَّ وَصَلَهُ بِذَهَبٍ كَثِيْرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: مَاتَ
أَبُو مُعَاوِيَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ
سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ. وَزَادَ بَعْضُهُم: فِي
صَفَرٍ -أَوْ أَوَّلِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ بنُ مَحَاسِنَ، أَخْبَرَنَا
جَدِّي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَصْرٍ القَاضِي،
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ
بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ،
حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَعَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ، عَنْ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ: أَنَّهُ قَرَأَ
القُرْآنَ فِي رَكْعَة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الله بنِ أَبِي السَّهْلِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ السَّبَّاكِ، وَعَلِيُّ بنُ
سَالِمٍ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ
شَاتِيْلَ، وَنَصْرُ اللهِ القَزَّازُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الرَّبَعِيُّ، زَادَ ابْنُ
شَاتِيْلَ، فَقَالَ: وَأَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ
عَلِيٍّ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
البَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو
الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ
قَيْسٍ، عَنْ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَعَثَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمٍ، فَاعْتَصَمَ نَاسٌ
بِالسُّجُوْدِ، فَأَسرَعَ فِيْهِمُ القَتْلُ، فَبَلَغَ
ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَأَمَرَ لَهُم بِنِصْفِ العَقْلِ، وَقَالَ: "أَنَا
بَرِيْءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيْمُ بَيْنَ ظَهْرَي
المُشْرِكِيْنَ". قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَلِمَ?
قَالَ: "لا تراءى ناراهما" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود "2645"، والترمذي "1604" من طريق
هناد بن السري، عن أبي معاوية، به، وأخرجه الترمذي "1605"
حدثنا هناد، حدثنا عبدة، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي
خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ بن أبي حازم مثل حديث أبي معاوية ولم
يذكر فيه عن جرير وهذا أصح.
وقال أبو عيسى: وأكثر أصحاب إسماعيل، عن قَيْسِ بنِ أَبِي
حَازِمٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- بعث سرية ولم يذكروا فيه عن جرير.
وأخرجه النسائي "8/ 36" من طريق أبي خالد، عن إسماعيل، به.
وأخرجه أحمد "4/ 365"، والنسائي "7/ 148"، والبيهقي "9/
13" من طريق أبي وائل، عن أبي نخيلة البجلي قال: قال جرير:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَهُوَ يبايع فقلت: يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك
واشترط علي فأنت أعلم قال: "أبايعيك على أن تعبد الله
وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المسلمين وتفارق
المشركين".
وله شاهد عند أبي داود "2787" من حديث سمرة بن جندب مرفوعا
بلفظ: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله".
وله شاهد آخر عند النسائي "5/ 83"، وابن ماجه "2536" من
طريق بَهْزُ بنُ حَكِيْمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ
مرفوعا بلفظ: "لا يقبل الله من مشرك بعدما أسلم عملا حتى
يفارق المشركين إلى المسلمين". وإسناده حسن.
(7/519)
1334- أَبُو مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدُ 1:
مِنْ كِبَارِ أَوْلِيَاءِ اللهِ. صحب سفيان الثوري،
وإبراهيم بن أدهم، وَغَيْرَهُمَا، وَكَانَ يُعَدُّ مِنَ
الأَبْدَالِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ ذَهَبَ بَصَرُه، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ
التِّلاَوَةَ فِي المُصْحَفِ، أَبصَرَ بِإِذْنِ اللهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: جَاءَ إِلَى أَبِي
مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدِ جَمَاعَةٌ، ثُمَّ قَالُوا: ادْعُ
اللهَ لَنَا. فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِهِم، وَلاَ
تَحْرِمْهُم بِي.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ فُضَيْلٍ العَكِّيُّ: غَزَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدُ، فَحَضَرَ المُسْلِمُوْنَ حِصْناً
فِيْهِ عِلْجٌ، لاَ يَرْمِي بِحَجَرٍ وَلاَ نُشَّابٍ
إِلاَّ أَصَابَ، فَشَكَوْا إِلَى أَبِي مُعَاوِيَةَ،
فَقَرَأَ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ
اللَّهَ رَمَى} [الأَنْفَالُ: 17] ، اسْتُرُوْنِي مِنْهُ.
فَلَمَّا وَقفَ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيْدُوْنَ بِإِذنِ
اللهِ? قَالُوا: المذَاكِيْرَ. فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، قَدْ
سَمِعْتَ ما سألوني، فأعطي ذَلِكَ: بِسْمِ اللهِ، ثُمَّ
رَمَى المذَاكِيْرَ، فَوَقَعَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمَّا مَاتَ عَلِيُّ بنُ
الفُضَيْلِ، حَجَّ أَبُو مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدُ مِنْ
طَرَسُوْس لِيُعَزِّيَ الفُضَيْلَ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، طَالَ
غَداً غَمُّهُ، وَمَنْ خَافَ مَا بَيْنَ يَدَيْه، ضَاقَ
بِهِ ذَرْعُهُ، وَلَهُ مَوَاعِظُ وحكم.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "8/ ترجمة 405".
(7/520)
1335- إبراهيم المَوْصلي 1:
رَئِيْسُ المُطْرِبِيْنَ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ
بنُ مَاهَانَ بن بهمن الفَارِسِيُّ الأَصْلِ،
الأَرَّجَانِيُّ مَوْلَى بَنِي حَنْظَلَةَ. صَحِبَ
بِالكُوْفَةِ فِتْيَاناً فِي طَلَبِ الغِنَاءِ، فَاشْتَدَّ
عَلَيْهِ أَخْوَالُهُ، فَهَرَبَ إِلَى المَوْصِلِ، وَكَانَ
مَاهَانُ قَدِمَ مِنْ أَرَّجَانَ، وَهَذَا حَمَلٌ،
فَوُلِدَ بِالكُوْفَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ
وَمائَةٍ.
فَبَرَعَ فِي الآدَابِ، وَالشِّعْرِ، وَالمُوْسِيْقَى،
وَسَافَرَ فِي تَطلُّبِ ذَلِكَ، إِلَى أَنْ بَرَعَ
وَاشْتُهِرَ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَاتَّصَلَ بِالخُلَفَاءِ
وَالبَرَامِكَةِ، وحصل الأموال، وكان ندي الصوت جدًّا،
ماهر بِالعُوْدِ، لَعَّاباً، مُتْرَفاً -سَامَحَهُ اللهُ-
وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي "الأَغَانِي".
وَهُوَ وَالِدُ العَلاَّمَةِ الأَدِيْبِ إِسْحَاقَ
المَوْصِلِيِّ.
مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَهُ:
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ.
وَيُقَالُ عَاشَ إِلَى مَا بعد الثمانين.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "5/ 154"،
وتاريخ بغداد "6/ 175"، ووفيات الأعيان "1/ ترجمة 10"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 126"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "1/ 318".
(7/521)
1336- المُعَافَى 1: "خ، د، س"
المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ بنِ نُفَيْلِ بنِ جَابِرِ بن
جبلة، الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، يَاقُوتَةُ
العُلَمَاءِ، أَبُو مَسْعُوْدٍ الأزدي، الموصلي، الحافظ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ هِشَامَ بنَ حَسَّانٍ، وَجَعْفَرَ بنَ بُرْقَانَ،
وَحَنْظَلَةَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَابْنَ جُرَيْجٍ،
وَثَوْرَ بنَ يَزِيْدَ، وَسَيْفَ بنَ سُلَيْمَانَ
المَكِّيَّ، وَأَفْلَحَ بنَ حُمَيْدٍ، وَمُوْسَى بنَ
عُبَيْدَةَ، وَالأَوْزَاعِيَّ، وَابْنَ أَبِي عَرُوْبَةَ،
وَعُمَرَ بنَ ذَرٍّ، وَمُحِلَّ بنَ مُحْرِزٍ الضَّبِّيَّ،
وَالثَّوْرِيَّ، وَمِسْعَرَ بنَ كِدَامٍ، وَعَبْدَ
الحَمِيْدِ بنَ جَعْفَرٍ، وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ،
وَمَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، وخلقًا من طبقتهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 487"، والتاريخ الكبير "8/
ترجمة 2146"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 177"
و"2/ 780"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1835"، وتاريخ بغداد
"13/ 226"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 267"، والكاشف "3/
ترجمة 5611"، وتهذيب التهذيب "10/ 199"، وتقريب التهذيب
"2/ 258"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7067"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "1/ 308".
(7/521)
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ العِلْمِ
وَالعَمَلِ، قَلَّ أَنْ تَرَى العُيُوْنُ مِثْلَه.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُوْسَى بنُ أَعْيَنَ، وَابْنُ
المُبَارَكِ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَوَكِيْعُ بنُ
الجَرَّاحِ -وَهُم مِنْ جِيْلِهِ- وَبِشْرُ بنُ الحَارِثِ،
وَالحَسَنُ بنُ بِشْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الهَرَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي خِدَاشٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي
سَمِيْنَةَ، وَمَسْعُوْدُ بنُ جُوَيْرِيَةَ، وَهِشَامُ بنُ
بَهْرام المَدَائِنِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ، وَوَلَدُهُ؛ أَحْمَدُ بنُ
المُعَافَى، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ فُلَيْحٍ المَكِّيُّ،
وَمُوْسَى بنُ مَرْوَانَ الرَّقِّي، وَعِدَّةٌ.
وَقَدْ سَاقَ الحَافِظُ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الأَزْدِيُّ فِي "تَارِيْخِ المَوْصِلِ" لَهُ تَرْجَمَةَ
المُعَافَى فِي عِشْرِيْنَ وَرَقَةً، فَمِنْ ذَلِكَ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ الزَّيَّاتُ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ دَاوُدَ
الحُداني، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، قَالَ: خَرَجَ
عَلَيْنَا الأَوْزَاعِيُّ، وَنَحْنُ بِبَيْرُوْتَ: أَنَا،
وَالمُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، وَمُوْسَى بنُ أَعْيَنَ،
وَمَعَهُ كِتَابُ "السُّنَنِ" لأَبِي خَلَتْقَمُرّ،
فَقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا الخَطَأَ فِي أُمَّةٍ،
لأَوْسَعَهُم خطأ. قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ: صَنَّفَ
المُعَافَى فِي الزُّهدِ، وَالسُّنَنِ، وَالفِتَنِ،
وَالأَدَبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ يَقُوْلُ: المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ
يَاقُوتَةُ العُلَمَاءِ.
وَقَالَ بِشْرُ بنُ الحَارِثِ: إِنِّيْ لأَذْكُرُ
المُعَافَى اليَوْمَ، فَأَنْتَفِعُ بِذِكْرِهِ، وَأَذْكُرُ
رُؤْيَتُهُ، فَأَنْتَفِعُ.
وَقَالَ وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا المُعَافَى وَكَانَ مِنَ
الثِّقَاتِ.
وَعَنْ بِشْرٍ الحَافِي، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ
يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي الرَّجُلُ الصَّالِحُ -يَعْنِي:
المُعَافَى.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، عَنْ
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: امْتَحِنُوا أَهْلَ
المَوْصِلِ بِالمُعَافَى.
وَيُرْوَى عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لاَ
أُقَدِّمُ عَلَى المُعَافَى المَوْصِلِيِّ أَحَداً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ المُعَافَى ثِقَةً،
خَيِّراً، فَاضِلاً، صَاحِبَ سُنَّةٍ.
بِشْرُ بنُ الحَارِثِ: سَمِعْتُ المُعَافَى يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ للهِ
فِي العَبْدِ حَاجَةٌ، نَبَذَهُ إِلَى السُّلْطَانِ.
قَالَ بِشْرُ بنُ الحَارِثِ: كَانَ المُعَافَى يَحفَظُ
الحَدِيْثَ وَالمَسَائِلَ، سَأَلتُهُ عَنِ الرَّجُلِ
يَقُوْلُ لِلرَّجُلِ: اقعُدْ هُنَا وَلاَ تَبْرَحْ. قَالَ:
يَجْلِسُ حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتُ صَلاَةٍ، ثُمَّ يقوم.
(7/522)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُمَارَةَ: رَأَيْتُ المُعَافَى بنَ عِمْرَانَ -وَلَمْ
أَرَ أَفْضَلَ منه- يسأل عن تجصيص القبور، فكرهه1.
عَلِيُّ بنُ مَضَاءٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ بَهْرَام،
سَمِعْتُ المُعَافَى يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ،
غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ خَارِجَةَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً
آدَبَ مِنَ المُعَافَى بنِ عِمْرَانَ، وَبَلَغَنَا أَنَّ
المُعَافَى كَانَ أَحَدَ الأَسخِيَاءِ المَوْصُوْفِيْنَ،
أَفنَى مَالَهُ الجُودُ، كَانَ إِذَا جَاءهُ مَغَلُّه،
أَرْسَلَ مِنْهُ إِلَى أَصْحَابِهِ مَا يَكفِيْهِم سَنَةً،
وَكَانُوا أَرْبَعَةً وَثَلاَثِيْنَ رَجُلاً.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ وُجُوْهِ الأَزْدِ.
قَالَ بِشْرٌ الحَافِي: كَانَ المُعَافَى فِي الفَرَحِ
وَالحُزْنِ وَاحِداً، قَتَلَتِ الخَوَارِجُ لَهُ
وَلَدَيْنِ، فَمَا تَبَيَّنَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَجَمَعَ
أَصْحَابَهُ، وَأَطعَمَهُم، ثُمَّ قَالَ لَهُم: آجَرَكُمُ
اللهُ فِي فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ. رَوَاهَا: جَمَاعَةٌ، عَنْ
بِشْرٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ كُنْتُ
عِنْدَ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، فَقَالَ: أَسَمِعْتَ مِنَ
المُعَافَى? قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: مَا أَحسِبُ أَحَداً
رَأَى المُعَافَى، وَسَمِعَ مِنْ غَيْرِهِ، يُرِيْدُ
بِعِلْمِهِ -اللهَ- تَعَالَى.
قَالَ بِشْرُ بنُ الحَارِثِ: سَمِعْتُ المُعَافَى
يَقُوْلُ: أَجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ
السُّكْنَى -يَعْنِي: بِبَغْدَادَ.
وَقِيْلَ لِبِشْرٍ: نَرَاكَ تَعشَقُ المُعَافَى؟ قَالَ:
وَمَا لِيَ لاَ أَعشَقُهُ، وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ يُسَمِّيهِ اليَاقُوتَةَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ: رَأَيْتُ
المُعَافَى أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ
قَمِيْصٌ غَلِيْظٌ، وَكُمُّهُ يَبِيْنُ مِنْهُ أَطرَافُ
أَصَابِعِه.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: المُعَافَى ثِقَةٌ.
قَالَ بِشْرٌ الحَافِي: كَانَ المُعَافَى صَاحِبَ دُنْيَا
وَاسِعَةٍ، وَضِيَاعٍ كَثِيْرَةٍ، قَالَ مَرَّةً رَجُلٌ:
مَا أَشَدَّ البَرْدَ اليَوْمَ، فَالتَفَتَ إِلَيْهِ
المُعَافَى، وَقَالَ: أَسْتَدْفَأْتَ الآن? لو سكت، لكان
خيرًا لك.
__________
1 وذلك لما أخرجه مسلم "970" بإسناده عن جابر بنِ عَبْدِ
اللهِ قَالَ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن
يبنى عليه".
(7/523)
قُلْتُ: قَوْلُ مِثْلِ هَذَا جَائِزٌ،
لَكِنَّهُم كَانُوا يَكْرَهُوْنَ فُضُولَ الكَلاَمِ،
وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي الكَلاَمِ المُبَاحِ، هَلْ
يَكْتُبُهُ المَلَكَانِ، أَمْ لاَ يَكْتُبَانِ إِلاَّ
المُسْتَحَبَّ الَّذِي فِيْهِ أَجْرٌ، وَالمَذْمُوْمَ
الَّذِي فِيْهِ تَبِعَةٌ؟ وَالصَّحِيْحُ كِتَابَةُ
الجَمِيْعِ، لِعُمُوْمِ النَّصِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ
عَتِيدٌ} [ق: 18] ، ثُمَّ لَيْسَ إِلَى المَلَكَيْنِ
اطِّلاَعٌ عَلَى النِّيَّاتِ وَالإِخْلاَصِ، بَلْ
يَكْتُبَانِ النُّطْقَ، وَأَمَّا السَّرَائِرُ البَاعِثَةُ
لِلنُّطْقِ، فَاللهُ يَتَوَلاَّهَا.
وَقَدْ أَوْصَى المُعَافَى -رَحِمَهُ اللهُ- أَوْلاَدَهُ
بِوَصِيَّةٍ نَافِعَةٍ، تَكُوْنُ نَحْواً مِنْ كُرَّاسٍ.
وَقَدْ وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ، وَلَهُ "مُسْنَدٌ"
صَغِيْرٌ، سَمِعْنَاهُ.
أَخْبَرَنَا السَّيِّدُ الحَافِظُ تَاجُ الدِّيْنِ أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ
العَلَوِيُّ الغَرَّافِيُّ، بِقِرَاءتِي عَلَيْهِ
بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فِي شَهْرِ رمضان، سنة خمس وتسعين
وستمائة، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ خَلَفٍ القَطِيْعِيُّ قِرَاءةً
عَلَيْهِ ببغداد، في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وَأَنَا
فِي الخَامِسَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ نَصْرِ بنِ السَّرِيِّ، والمجلد "ح".
وَأَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُؤَيَّدِ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا
الإِمَامُ شِهَابُ الدِّيْنِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ السُّهْرَوَرْدِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ
مائَةٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
القَصَّارُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
العَبَّاسِ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -يَعْنِي:
ابْنَ أَبِي سَمِيْنَةَ- حَدَّثَنَا المُعَافَى بنُ
عِمْرَانَ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي الأَخْضَرِ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: "كُنْتُ أَسْكُبُ
لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَضُوْءَهُ عَنْ جَمِيْعِ أَزْوَاجِهِ فِي اللَّيْلَةِ
الوَاحِدَةِ".
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنُ الإِسْنَادِ. أَخْرَجَهُ: ابْنُ
مَاجَه1 مِنْ حَدِيْثِ وَكِيْعٍ، عَنْ صَالِحٍ.
تُوُفِّيَ المُعَافَى -فِيْمَا قَالَهُ سَلَمَةُ بنُ أَبِي
نَافِعٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ:
سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ الهَيْثَمُ
بنُ خَارِجَةَ، وَرَبَاحُ بنُ الجَرَّاحِ -شَيْخٌ
لِحَاتِمِ بنِ اللَّيْثِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ. وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ حُسَيْنٍ
الخَوَّاصُ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَمائَةٍ.
وَمِمَّا رَوَاهُ المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ حَجَّاجِ بنِ فُرَافِصَةَ، عَنْ بُدَيْلٍ،
قَالَ: مَنْ عَرَفَ اللهَ -عَزَّ وجلّ- أحبه، ومن أبصر
الدُّنْيَا، زَهِدَ فِيْهَا وَالمُؤْمِنُ لاَ يَلهُو
حَتَّى يغفل، فإذا تذكر حزن.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "589"، وإسناده ضعيف، آفته صالح بن
أبي الأخضر فإنه ضعيف، أجمعوا على ضعفه، وأخرجه مسلم "309"
من طريق شعبة، عن هشام بن زيد، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ
يطوف على نسائه بغسل واحد.
وللحديث طرق أخرى كثيرة عن أنس: عند عبد الرزاق "1061"،
والنسائي "1/ 143"، وابن ماجه "588"، وابن خزيمة "231".
(7/524)
1337- المعافى
بن عمران الحمصي 1:
أَمَّا المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ الحِمْصِيُّ، فَهُوَ
المُحَدِّثُ، أَبُو عِمْرَانَ الحِمْيَرِيُّ،
الظِّهْرِيُّ.
يَرْوِي عَنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ،
وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ لَهِيْعَةَ،
وَشُعَيْبِ بنِ زُرَيْقٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: كَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو
التَّقِيِّ هِشَامٌ اليَزَنِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ
رَبِّهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى، وَسَعِيْدُ بنُ
عَمْرٍو السَّكُوْنِيُّ، وَمِزْدَادُ بنُ جَمِيْلٍ،
وَأَبُو حُمَيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَوْهِي،
وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَهُوَ صَدُوْقٌ
-إِنْ شَاءَ اللهُ- لاَ شَيْءَ لَهُ فِي الكُتُبِ
السِّتَّةِ. مَاتَ: بعد المائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1836"، وتهذيب
التهذيب "10/ 200"، وتقريب التهذيب "2/ 258"، وخلاصة
الخزرجي "7068".
(7/525)
1338- أبو ضمرة
1: "ع"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ،
بَقِيَّةُ المَشَايِخِ، أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بنُ عِيَاضٍ
اللَّيْثِيُّ، المَدَنِيُّ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَمائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ، وَأَبِي حَازِمٍ
الأَعْرَجِ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَرَبِيْعَةَ
الرَّأْيِ، وَشَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِر، وَهِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَعُمِّرَ دَهْراً، وَتَفَرَّدَ فِي زَمَانِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَلِيُّ بنُ
المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ: بَقِيَّةُ بنُ
الوَلِيْدِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَالنَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: مَا رَأَيْتُ
أَحَداً أَحْسَنَ خُلُقاً مِنْ أَبِي ضَمْرَةَ -رَحِمَهُ
اللهُ- وَلاَ أَسْمَحَ بِعِلْمِهِ مِنْهُ، قَالَ لَنَا:
وَاللهِ لَوْ تَهَيَّأَ لِي أَنْ أُحَدِّثَكُم بِكُلِّ مَا
عِنْدِي فِي مَجْلِسٍ، لَفَعَلْتُ.
قُلْتُ: عَاشَ سِتّاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، تُوُفِّيَ
سَنَةَ مائَتَيْنِ.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ: أَخْبَرَتْنَا خَدِيْجَةُ
بِنْتُ الرِّضَى، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ
اللهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَفَّارِ الشِّيرُويي،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا أَبُو
العَبَّاسِ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بنِ
عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: "وَاللهِ مَا تَرَكَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
ركعتين عندي بعد العصر قط"2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1591"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 190"، والجرح والتعديل "2/
ترجمة 1055"، والعبر "1/ 332"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة
304"، والكاشف "1/ ترجمة 482"، وتهذيب التهذيب "1/ 375"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 358".
2 صحيح: أخرجه البخاري "591"، ومسلم "835" "299" من طريق
هشام بن عروة، به.
(7/525)
1339- حَكَّام بن سَلْم 1: "م، 4"
الإِمَامُ، الصَّادِقُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الكِنَاني، الرَّازي.
سَمِعَ: حُمَيْداً الطَّوِيْلَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي
خَالِدٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ،
وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَمْرٍو زُنَيْجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ
الرَّازِيَّانِ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ
الزَّعْفَرَانِيُّ، وَمُوْسَى بنُ نَصْرٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ العُلَمَاءِ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ.
مَاتَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، بِمَكَّةَ، وَكَانَ
قَدْ قَدِمَ لِلْحَجِّ، وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ فِي
السُّنِّيَّةِ، توفي قبل يوم عرفة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 381"، والتاريخ الكبير "3/
ترجمة 455"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 83"،
والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1427"، وتاريخ بغداد "8/ 281"،
والعبر "1/ 303"، والكاشف "1/ ترجمة 1180"، وتهذيب التهذيب
"2/ 422"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1717"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "1/ 325".
(7/526)
1340- ابن
الإمام 1:
نائب دمشق، الأمير محمد بن الإِمَامِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ العباس
الهاشمي.
وَلِيَ دِمَشْقَ لابْنِ عَمِّهِ المَهْدِيِّ، ثُمَّ
لِلرَّشِيْدِ، وَوَلِيَ مَكَّةَ وَالمَوْسِمَ، وَكَانَ
كَبِيْرَ الشَّأْنِ، يُذْكَرُ لِلْخِلاَفَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وَعَنِ المَنْصُوْرِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُوْسَى، وَحَفِيْدُهُ؛ عَبْدُ
الصَّمَدِ، وَغَيْرُهُمَا.
وَهُوَ رَاوِي حَدِيْثِ: "أَكْرِمُوا الشُّهُوْدَ"2. وَمَا
عَلِمتُ أَحَداً تَجَاسَرَ عَلَى تَضْعِيْفِ هَؤُلاَءِ
الأُمَرَاءِ لِمَكَانِ الدَّوْلَةِ.
عَاشَ ثَلاَثاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً. وَتُوُفِّيَ ببغداد،
سنة خمس وثمانين ومائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغدد "1/ 384"، والعبر "1/ 292"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 309".
2 منكر: أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" "3/ 84"،
والخطيب في "تاريخ بغداد" "5/ 94" و"6/ 138" من طريق عبد
الصمد بن علي الهاشمي، قال حدثني عمي إبراهيم بن محمد، عن
عبد الصمد بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أكرموا الشهود، فإن الله
يستخرج بهم الحقوق، ويرفع بهم الظلم"، وذكر الذهبي هذا
الحديث في ترجمة عبد الصمد بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ العَبَّاسِ الهاشمي الأمير في "ميزان الاعتدال" "2/
620": وقال: وهذا منكر، وما عبد الصمد بحجة، ولعل الحفاظ
إنما سكتوا عنه مداراة للدولة. وذكر الشوكاني الحديث في
"الفوائد المجموعة" "581" وقال: صرح الصغاني بأنه موضوع.
(7/527)
1341- يحيى بن
خالد 1:
ابن برمك الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَلِيٍّ
الفَارِسِيُّ.
مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ حَزْماً، وَرَأْياً، وَسِيَاسَةً،
وَعَقْلاً، وَحِذْقاً بِالتَّصَرُّفِ، ضَمَّهُ المَهْدِيُّ
إِلَى ابْنِهِ الرَّشِيْدِ لِيُرَبِّيَهُ، وَيُثَقِّفَهُ،
وَيُعَرِّفَهُ الأُمُوْرَ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ، رَفَعَ
قَدْرَهُ، وَنَوَّهَ بِاسْمِهِ، وَكَانَ يُخَاطِبُهُ: يَا
أَبِي، وَرَدَّ إِلَيْهِ مقاليد الوزارة، وَصَيَّرَ
أَوْلاَدَهُ مُلُوَكاً، وَبَالَغَ فِي تَعْظِيْمِهِم إِلَى
الغَايَةِ
مُدَّةً إِلَى أَنْ قَتَلَ وَلَدَهُ جَعْفَرَ بنَ يَحْيَى،
فَسَجَنَهُ، وَذَهَبَتْ دَوْلَةُ البَرَامِكَةِ -كَمَا
ذَكَرنَا فِي تَرْجَمَةِ جَعْفَرٍ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
الدُّنْيَا دُوَلٌ وَالمَالُ عَارِيَّةٌ، وَلَنَا بِمَنْ
قَبْلَنَا أُسْوَةٌ، وَفِيْنَا لِمَنْ بَعْدَنَا عِبْرَةٌ.
قَالَ إِسْحَاقُ المَوْصِلِيُّ: كَانَتْ صِلاَتُ يَحْيَى
لِمَنْ تَعَرَّضَ لَهُ إِذَا رَكِبَ، مائَتَيْ دِرْهَمٍ.
فَقَالَ لِي أَبِي: شَكَوْتُ إِلَى يَحْيَى ضِيْقاً،
فَقَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ مَا عِنْدِي شَيْءٌ، لَكِنْ
أَدُلُّكَ عَلَى أَمرٍ، فَكُنْ فِيْهِ رَجُلاً، جَاءنِي
وَكِيلُ صَاحِبِ مِصْرَ، يَطلُبُ أَنْ أَسْتَهدِيَ مِنْهُ
شَيْئاً، فَأَبَيْتُ، فَأَلَحَّ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ
أُعْطِيْتَ فِي جَارِيَةٍ لَكَ ثَلاَثَةَ آلاَفِ
دِيْنَارٍ، فَهُوَ ذَا أَسْتَهدِيه إِيَّاهَا،
وَأُخْبِرُهُ أَنَّهَا قَدْ أَعْجَبَتْنِي، فَلاَ
تَنْقُصْهَا عَنْ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ. قَالَ:
فَوَاللهِ مَا شَعَرتُ إِلاَّ وَالرَّجُلُ يَسُومُنِي
الجَارِيَةَ، فَبَذَلَ فِيْهَا عِشْرِيْنَ أَلْفَ
دِيْنَارٍ، فَضَعُفَ قَلْبِي عَنْ رَدِّهَا. فَلَمَّا
صِرْتُ إِلَى الوَزِيْرِ، قَالَ: إِنَّكَ لَكَذَا، كُنْتَ
صَبْرتَ، وَهَذَا خَلِيْفَةُ صَاحِبِ فَارِسَ قَدْ جَاءنِي
فِي مِثْلِ هَذَا، فَخُذْ جَارِيَتَكَ، فإذا ساومك، لا
تنقصها من خمسين ألف دِيْنَارٍ. قَالَ: فَجَاءنِي،
فَلِنْتُ، وَبِعتُهَا بِثَلاَثِيْنَ أَلْفاً. فَلَمَّا
صِرْتُ إِلَى الوزِيْرِ، قَالَ: أَلَمْ تُؤَدِّبْكَ
الأُوْلَى عَنِ الثَّانِيَةِ، خُذْ جَارِيَتَكَ إِلَيْكَ.
فَقُلْتُ: قَدْ أَفَدتُ بِهَا خَمْسِيْنَ أَلْفَ
دِيْنَارٍ، أُشْهِدُكَ أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَأَنِّي قَدْ
تَزَوَّجْتُهَا.
قِيْلَ: إِنَّ أَوْلاَدَ يَحْيَى قَالُوا لَهُ وَهُم فِي
القُيُودِ مَسْجُوْنِيْنَ: يَا أَبَةِ! صِرْنَا بَعْدَ
العِزِّ إِلَى هذا! قال: يا بني! دعوة مظلوم غفلنا
عَنْهَا، لَمْ يَغْفُلِ اللهُ عَنْهَا.
مَاتَ يَحْيَى بن خَالِدٍ: فِي سِجْنِ الرَّقَّةِ، سَنَةَ
تِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَلَهُ سَبْعُوْنَ سَنَةً.
وَكَانَ أَبُوْهُ أَحَدَ الأعيان المذكورين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 128"، ووفيات الأعيان "6/
ترجمة 806"، والعبر "1/ 306"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 288".
(7/528)
1342- الفضل بن
يحيى 1:
وَكَانَ ابْنُهُ الفَضْلُ مِنْ رِجَالِ الكَمَالِ، وَلِيَ
إِمْرَةَ خُرَاسَانَ، وَعَمِلَ الوِزَارَةَ، وَكَانَ
فِيْهَا -قِيْلَ- أَسْخَى مِنْ جَعْفَرٍ، وَلَكِنَّهُ
يُضْرَبُ بِكِبْرِهِ وَتِيْهِهِ المَثَلُ، وَصَلَ مَرَّةً
لِعَمْرٍو التَّمِيْمِيِّ بِسِتِّيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ،
وَكَانَ أَخاً لِلرَّشِيْدِ مِنَ الرَّضَاعَةِ. مَاتَ:
كَهْلاً، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ، مَسْجُوْناً،
وَكَانَ قَدْ أَخْرَبَ بَيْتَ النَّارِ الَّذِي بِبَلْخَ،
وَكَانَ جَدُّهُمْ بَرْمَكُ مُوبِدان2 بِهِ.
وَعَمِلَ الوِزَارَةَ مُدَّةً لِهَارُوْنَ، ثُمَّ
حَوَّلَهَا مِنْهُ إِلَى جَعْفَرٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى
المَشْرِقِ كُلِّهِ هَذَا، وَاسْتَعْمَلَ جَعْفَراً عَلَى
المَغْرِبِ كُلِّهِ.
وَكَانَ الفَضْلُ غَارِقاً فِي اللَّذَاتِ المُرْدية،
حَتَّى تَعَطَّلَتِ الأُمُوْرُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ
الشَّيْخُ النَّحِسُ أَبُوْهُ، بِأَنْ يَتَسَتَّرَ،
وَيَقْنَعَ بِاللَّيْلِ، فَسَمِعَ مِنْهُ، وَكَانَ عَلَى
هَنَاتِهِ شُجَاعاً، مَهِيْباً، كَثِيْرَ الغَزْوِ،
وَكَانَ يَقُوْلُ: تَعَلَّمْتُ الكَرَمَ وَالتِّيهَ مِنْ
عُمَارَةَ بنِ حَمْزَةَ. أَتَيْتُهُ فِي جَائِحَةٍ لأَبِي،
فَطُوْلِبَ بِأَمْوَالٍ، فَكَلَّمتُهُ، فَمَا بَشَّ بِي،
وَطَلَبتُ مِنْهُ أَنْ يُقْرِضَنَا ثَلاَثَة آلاَفِ أَلفِ
دِرْهَمٍ، فَقَالَ: حتى ننظر. ورحت، فَوَجَدتُ المَالَ
قَدْ بُعِثَ بِهِ إِلَى أَبِي، ثُمَّ عَادَ أَبِي إِلَى
رُتْبَتِهِ، وَحَصَّلَ، ثُمَّ بَعَثَ مَعِي بِالوَفَاءِ،
فَكَلَّمتُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! أَكُنْتَ صَيْرَفِيّاً
لأَبِيْكَ? اخْرُجْ عَنِّي، وَخُذِ المَالَ لَكَ.
فَرُدِدتُ بِالمَالِ إِلَى أَبِي، فَأَعْطَانِي مِنْهُ
أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَقِيْلَ: أَتَاهُ رَجُلٌ يَمُتُّ3 بِأَمرٍ، فَقَالَ: يَا
هَذَا! مَا حَاجَتُكَ? قَالَ: رَثَاثَةُ مَلْبَسِي
تُخْبِرُكَ. قَالَ: فَبِمَ تَمُتُّ? قَالَ: إِنِّيْ فِي
سِنِّكَ، وَمِنْ جِيْرَانِكَ، وَاسْمِي كَاسْمِكَ. قَالَ:
وَمَا عِلْمُكَ بِالوِلاَدَةِ؟ قَالَ: حَكَتْ لِي أُمِّي
أَنَّهَا وَلَدَتْنِي صَبِيْحَةَ مَوْلِدِكَ، وَقِيْلَ
لَهَا: وُلِدَ اللَّيْلَةَ لِيَحْيَى بنِ خَالِدٍ ابْنٌ
سَمَّوْهُ الفَضْلَ. قَالَ: فَسَمَّتْنِي أُمِّي
الفُضَيْلَ إِكْبَاراً لاسْمِكَ. فَتَبَسَّمَ الفَضْلُ،
وَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ أَلفاً،
وَمَرْكُوباً، ثُمَّ اسْتَعَمَلَه دِيْوَاناً.
ضُرِبَ الفَضْلُ مائَتَي سَوْطٍ فِي المُصَادَرَةِ، حَتَّى
كَادَ يَتْلَفُ، ثُمَّ دَاوَاهُ الجرائحي مدة.
__________
1 ترجمته في العبر "1/ 309"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 330".
2 الموبد: صاحب معبد النار، والموبدان هو رئيسهم.
3 يمت: أي يتوسل أو يتقرب بمودة أو قرابة.
(7/529)
1343- الأحمر
1:
شَيْخُ العَرَبِيَّةِ، عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ. وَقِيْلَ:
عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ، تِلْمِيْذُ الكِسَائِيِّ، نَاظَرَ
سِيْبَوَيْه مَرَّةً.
قَالَ ثَعْلَبٌ: كَانَ الأَحْمَرُ يَحفَظُ -سِوَى مَا
يحفظ- أربعين ألف بيت شاهدًا فِي النَّحوِ.
وَقَالَ الأَحْمَرُ: وَصَلَنِي فِي يَوْمٍ ثلاثمائة أَلْفِ
دِرْهَمٍ.
وَكَانَ مُتَمَوِّلاً، مُتَجَمِّلاً، فَاخِرَ البِزَّةِ،
كَأَنَّ دَارَهُ دَارُ مُلْكٍ بِالخَدَمِ وَالحَشَمِ.
أَخَذَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ النَّدِيْمُ، وَسَلَمَةُ بنُ
عَاصِمٍ، وَيُقَالُ: إِنَّ مُحَمَّدَ بنَ الجَهْمِ
أَدْرَكَه.
وَقِيْلَ: كَانَ شَابّاً، مِنْ رَجَّالَةِ بَابِ
الخِلاَفَةِ، وَكَانَ يَتَوَقَّدُ ذَكَاءً، فَرَأَى
الكِسَائِيَّ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ، فَلَزِمَهُ إِلَى أَنْ
بَرَعَ، فَنَدَبَهُ لِتَعْلِيْمِ أَوْلاَدِ الرَّشِيْدِ،
نِيَابَةً عَنْ نَفْسِهِ.
تُوُفِّيَ الأَحْمَرُ: بِطَرِيْقِ مَكَّةَ، فَتَوَجَّعَ
الفَرَّاءُ لِمَوتِهِ.
فَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 104"، وبغية الوعاة للسيوطي
"2/ 158".
(7/529)
1344- منصور بن عَمَّار 1:
ابن كثير الوَاعِظُ، البَلِيْغُ، الصَّالِحُ،
الرَّبَانِيُّ، أَبُو السَّرِيِّ السُّلَمِيُّ،
الخُرَاسَانِيُّ -وَقِيْلَ: البَصْرِيُّ- كَانَ عَدِيْمَ
النَّظِيْرِ فِي المَوْعِظَةِ وَالتَّذكِيْرِ.
رَوَى عَنِ: اللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ، ومعروف
الخياط، وهقل بن زياد، وَالمُنْكَدِرِ بنِ مُحَمَّدٍ،
وَبَشِيْرِ بنِ طَلْحَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَلَمْ يَكُنْ
بِالمُتَضَلِّعِ مِنَ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ سُلَيْمٌ، وَدَاوُدُ، وَزُهَيْرُ
بنُ عَبَّادٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَعَلِيُّ بنُ
خَشْرَمٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يُوْنُسَ الرَّقِّيُّ،
وَمَنْصُوْرُ بنُ الحَارِثِ، وَغَيْرُهُم.
وَعَظَ بِالعِرَاقِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَبَعُدَ
صِيْتُهُ، وَتَزَاحمَ عَلَيْهِ الخَلْقُ، وَكَانَ يَنطَوِي
عَلَى زُهْدٍ، وَتَأَلُّهٍ، وَخَشْيَةٍ، وَلِوَعْظِهِ
وَقْعٌ فِي النُّفُوْسِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَاحِبُ مَوَاعِظَ، لَيْسَ
بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدِيْثُهُ مُنْكَرٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يَرْوِي عَنْ ضُعَفَاء
أَحَادِيْثَ لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهَا.
وَذَكَرَ ابْنُ يُوْنُسَ فِي "تَارِيْخِهِ": أَنَّ
اللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ حَضَرَ وَعْظَهُ، فَأَعْجَبَهُ،
وَنَفَّذَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ. وَقِيْلَ:
أَقْطَعَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَدَّاناً، وَإِنَّ ابْنَ
لَهِيْعَةَ أَقطَعَهُ خَمْسَةَ فَدَادِيْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: كُنَّا عِنْدَ
ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَسَأَلَهُ مَنْصُوْرُ بنُ عَمَّارٍ
عَنِ القُرْآنِ، فَزَبَرَهُ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ
بِعُكَّازِهِ. فَقِيْلَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ
عَابِدٌ. فَقَالَ: مَا أُرَاهُ إِلاَّ شَيْطَاناً.
وَعَنْ عَبْدَكَ العَابِدِ، قَالَ: قِيْلَ لِمَنْصُوْرٍ:
تَتَكَلَّمُ بِهَذَا الكَلاَمِ، وَنَرَى مِنْكَ
أَشْيَاءَ?! قَالَ: احْسِبُونِي دُرَّةً عَلَى كُنَاسَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ مُطَرِّفٍ يَقُوْلُ: رؤي منصور بن
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1509"، والجرح
والتعديل "8/ ترجمة 777"، والكامل لابن عدي "6/ ترجمة
1881"، وحلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني "9/ ترجمة
455"، وتاريخ بغداد "13/ 71"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة
8790"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 244".
(7/530)
عَمَّارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقِيْلَ: مَا
فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ: غَفَر لِي، وَقَالَ لِي: يَا
مَنْصُوْرُ! غَفَرْتُ لَكَ عَلَى تَخْلِيْطٍ فِيْكَ
كَثِيْرٍ، إِلاَّ أَنَّكَ كُنْتَ تَحُوشُ1 النَّاسَ إِلَى
ذِكْرِي.
أَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ: حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ
عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ
أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ -أَوْ
حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَكُوْنُ لأَصْحَابِي بَعْدِي زَلَّةٌ،
يَغْفِرُهَا اللهُ لَهُمْ بِسَابِقَتِهِم، ثُمَّ يَعْمَلُ
بِهَا قَوْمٌ بَعْدَهُم، يَكُبُّهُمُ اللهُ فِي
النَّارِ"2.
مَنْصُوْرُ بنُ الحَارِثِ: حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ
عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ يَزِيْدَ،
عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ، مَرْفُوْعاً:
"مُشَاشُ الطَّيْرِ يُوْرِثُ السِّلَّ"3.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ،
حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ عَقَدَ
عَبَاءً بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَقَالَ: "إِنَّمَا لَبِسْتُ
هَذَا، لأَقْمَعَ بِهِ الكِبْرَ"4.
وَسَاقَ ابْنُ عَدِيٍّ مَنَاكِيْرَ لِمَنْصُوْرٍ، تَقْضِي
بِأَنَّهُ وَاهٍ جِدّاً.
أَبُو شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
خَشْرَمٍ، قَالَ مَنْصُوْرُ بنُ عَمَّارٍ: لَمَّا قَدِمْتُ
مِصْرَ، كَانُوا فِي قَحْطٍ، فَلَمَّا صَلَّوُا
الجُمُعَةَ، ضَجُّوا بِالبُكَاءِ وَالدُّعَاءِ،
فَحَضَرَتْنِي نِيَّةٌ، فَصِرْتُ إِلَى الصَّحْنِ، وقلت:
يا قوم! تقربوا إلى اللهِ بِالصَّدَقَةِ، فَمَا تُقُرِّبَ
بِمِثْلِهَا، ثُمَّ رَمَيْتُ بِكِسَائِي، فَقَالَ: هَذَا
جُهْدِي، فَتَصَدَّقُوا، حَتَّى جَعَلَتِ المَرْأَةُ
تُلْقِي خُرْصَهَا، حَتَّى فَاضَ الكِسَاءُ، ثُمَّ
هَطَلَتِ السَّمَاءُ، وَخَرَجُوا فِي الطِّيْنِ،
فَدَفَعْتُ إِلَى اللَّيْثِ وَابْنِ لَهِيْعَةَ، فَنَظَرَا
إِلَى كَثْرَةِ المَالِ، فوكلوا به الثقات،
__________
1 تحوش: تجمع وتسوق.
2 منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "6/ 394" من طريق
أَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ
عَمَّارٍ، به. وفي إسناده علتان: الأولى: منصور بن عمار،
قال ابن عدي: منكر الحديث. والثانية: ابن لهيعة، ضعيف.
3 منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "6/ 394، 395" من طريق
منصور بن الحارث بن أبي منصور، حدثنا منصور بن عمار، به.
وقال ابن عدي: "مساس" بالسين المهملة. وذكر الذهبي الحديث
في "ميزان الاعتدال" في ترجمة منصور ابن عمار وقال: "مشاش
الطير" بالشين المعجمة. وعد الذهبي الحديث والحديث السابق
من جملة منكراته. وفي الإسناد ابن لهيعة، وهو ضعيف لسوء
حفظه.
4 منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "6/ 395" من طريق عبد
الرحمن بن يونس الرقي، حدثني منصور بن عمار، به.
قلت: إسناده واه، فيه العلتان السابقتان.
(7/531)
وَرُحْتُ أَنَا إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ،
فَبَيْنَا أَنَا أَطُوْفُ على حصنها، إذا رجل يرمقني، قلت:
مالك? قَالَ: أَنْتَ المُتَكَلِّمُ يَوْمَ الجُمُعَةِ?
قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: صِرْتَ فِتْنَةً، قَالُوا: إِنَّكَ
الخَضِرُ، دَعَا فَأُجِيْبَ. قُلْتُ: بَلْ أَنَا العَبْدُ
الخَاطِئُ. فَقَدِمْتُ مِصْرَ، فَأَقْطَعَنِي اللَّيْثُ
خَمْسَةَ عَشَرَ فَدَّاناً.
أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ
قَالَ: قَدِمْتُ مِصْرَ، وَبِهَا قَحْطٌ، فَتَكَلَّمْتُ،
فَبَذَلُوا صَدَقَاتٍ كَثِيْرَةً، فَأَتَى بِيَ اللَّيْثُ،
فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الكَلاَمِ بِغَيْرِ أَمْرٍ؟
قُلْتُ أَصْلَحَكَ اللهُ، أَعْرِضُ عَلَيْكَ، فَإِنْ كَانَ
مَكْرُوْهاً، نَهَيْتَنِي. قَالَ: تَكَلَّمْ،
فَتَكَلَّمْتُ. قَالَ: قُمْ، لاَ يَحِلُّ أَنْ أَسْمَعَ
هَذَا وَحْدِي. قَالَ: وَأَخْرَجَ لِيَ جَارِيَةً، تُعَدُّ
قيمتها ثلاثة مائَةِ دِيْنَارٍ وَأَلْفَ دِيْنَارٍ،
وَقَالَ: لاَ تُعْلِمْ بِهَا ابْنِي، فَتَهُوْنَ عَلَيْهِ.
أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بنُ مَنْصُوْرٍ،
حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: أَعْطَانِي اللَّيْثُ أَلفَ
دِيْنَارٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: سَمِعْتُ مَنْصُوْراً
يَقُوْلُ: المُتَكَلِّمُوْنَ ثَلاَثَةٌ: الحَسَنُ
البَصْرِيُّ، وَعَوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُمَرُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الرَّشِيْدَ لَمَّا سَمِعَ وَعْظَ
مَنْصُوْرٍ، قَالَ: مَنْ أَيْنَ تَعَلَّمْتَ هَذَا? قَالَ:
تَفِلَ فِي فِي رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، وَقَالَ لِي: يَا مَنْصُوْرُ!
قُلْ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بنُ مُوْسَى الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: قَالَ مَنْصُوْرُ بنُ
عَمَّارٍ: حَجَجْتُ، فَبِتُّ بِالكُوْفَةِ، فَخَرَجْتُ فِي
الظَّلمَاءِ، فَإِذَا بِصَارِخٍ يَقُوْلُ: إِلَهِي
وَعِزَّتِكَ، مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِي مُخَالَفَتَكَ،
وَعَصَيْتُ وَمَا أَنَا بِنَكَالِكَ جَاهِلٌ، وَلَكِنْ
خَطِيْئَةٌ أَعَانَنِي عَلَيْهَا شَقَائِي، وَغَرَّنِي
سِتْرُكَ، فَالآنَ مَنْ يُنْقِذُنِي، فَتَلَوَتُ هَذِهِ
الآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا
أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التَّحْرِيْمُ: 6] .
قَالَ فَسَمِعْتُ دَكْدَكَةً، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ،
مَرَرْتُ هُنَاكَ، فَإِذَا بِجَنَازَةٍ وَعَجُوْزٌ
تَقُوْلُ: مَرَّ البَارِحَةَ رَجُلٌ تَلاَ آيَةً،
فَتَفَطَّرَتْ مَرَارَتُهُ، فَوَقَعَ مَيْتاً.
قَالَ سُليم بنُ مَنْصُوْرٍ: كَتَبَ بِشْرٌ المَرِيْسِيُّ
إِلَى أَبِي: أَخْبِرْنِي عَنِ القُرْآنِ. فَكَتَبَ
إِلَيْهِ: عَافَانَا اللهُ وَإِيَّاكَ، نَحْنُ نَرَى أَنَّ
الكَلاَمَ فِي القُرْآنِ بِدعَةٌ، تَشَارَكَ فِيْهَا
السَّائِلُ وَالمُجِيْبُ، تَعَاطَى السَّائِلُ مَا لَيْسَ
لَهُ، وَتَكَلَّفَ المُجِيْبُ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ، وَمَا
أَعْرِفُ خَالِقاً إِلاَّ اللهَ، وَمَا دُوْنَهُ
مَخْلُوْقٌ، وَالقُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، فَانْتَهِ
بِنَفْسِكَ وَبَالمُخْتَلِفِيْنَ فِيْهِ مَعَكَ إِلَى
أَسْمَائِهِ الَّتِي سَمَّاهُ اللهُ بِهَا، وَلاَ تُسَمِّ
القُرْآنَ بَاسْمٍ مِنْ عِنْدِكَ، فَتَكُوْنَ مِنَ
الضَّالِّينَ.
قَالَ الكَوْكَبِيُّ: حَدَّثَنَا حَرِيْزُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ أَبِي دُؤَادَ، حَدَّثَنِي سَلْمَوَيْه بنُ عَاصِمٍ،
قَالَ: كَتَبَ بِشْرٌ إِلَى مَنْصُوْرِ بنِ عَمَّارٍ يسأله
عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
[طه: 5]
كَيْفَ اسْتَوَى? فَكَتَبَ إِلَيْهِ: اسْتِوَاؤُهُ غَيْرُ
مَحْدُوْدٍ، وَالجَوَابُ فِيْهِ تَكَلُّفٌ، وَمَسْأَلَتُكَ
عَنْهُ بِدعَةٌ، وَالإِيْمَانُ بِجُمْلَةِ ذَلِكَ وَاجِبٌ.
لَمْ أَجِدْ وَفَاةً لِمَنْصُوْرٍ، وَكَأَنَّهَا فِي حدود
المائتين.
(7/532)
1345- العباس
بن الأحنف 1:
ابن أَسْوَدَ بنِ طَلْحَةَ الحَنَفِيُّ اليَمَامِيُّ.
مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، وَلَهُ غَزَلٌ فَائِقٌ.
وَهُوَ خَالُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ العَبَّاسِ الصُّوْلِيِّ
الشَّاعِرِ.
تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ سِتِّيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ أَبُوْهُ الأَحْنَفُ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ،
بالبصرة.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "8/ 352"،
وتاريخ بغداد "12/ 127"، ووفيات الأعيان "3/ ترجمة 319"،
والعبر "1/ 312"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/
334".
(7/533)
1346- غُنْدَر 1: "ع"
محمد بن جعفر، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الثَّبْتُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ الهُذَلِيُّ مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ،
الكَرَابِيْسِيُّ، التَّاجُ، أَحَدُ المُتْقِنِيْنَ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَرَوَى عَنْ: حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَعَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ،
وَابْنٍ جُرَيْجٍ، وَجَعْفَرِ بنِ مَيْمُوْنٍ
الأَنْمَاطِيِّ، وَمَعْمَرٍ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي
عَرُوْبَةَ، وَشُعْبَةَ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَجَوَّدَ
وَحَرَّرَ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ رَاهَوَيْه،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرُو بنُ
عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
المُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ البُسْرِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ،
وَخَلِيْفَةُ بن خياط، وسليمان بن أيوب صاحب
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 296"، والتاريخ الكبير "1/
ترجمة 119"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1223"، وتذكرة
الحفاظ "1/ ترجمة 281"، والكاشف "3/ ترجمة 4843"، والعبر
"1/ 311"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7324"، وتهذيب
التهذيب "9/ 96"، وتقريب التهذيب "2/ 151"، وخلاصة الخزرجي
"2/ ترجمة 6115"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/
333".
(7/533)
البَصْرِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ،
وَالعَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ البَحْرَانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ
حَكِيْمٍ المُقَوِّمُ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كَانَ أَصَحَّ النَّاسِ
كِتَاباً، وَأَرَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يُخَطِّئَ
غُنْدَراً، فَلَمْ يَقْدِرْ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: قَالَ غُنْدَرٌ: لَزِمْتُ
شُعْبَةَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: مَا أَظُنُّه رَحَلَ فِي الحَدِيْثِ مِنَ
البَصْرَةِ، وَابْنُ جُرَيْجٍ هُوَ الَّذِيْنَ سَمَّاهُ
غُنْدَراً، وَذَلِكَ لأَنَّهُ تَعَنَّتَ ابْنَ جُرَيْجٍ
فِي الأَخْذِ، وَشَغَبَ عَلَيْهِ أَهْلُ الحِجَازِ،
فَقَالَ: مَا أَنْتَ إِلاَّ غُنْدَرٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: أَخْرَجَ غُنْدَرٌ إِلَيْنَا
ذَاتَ يَوْمٍ جِرَاباً فِيْهِ كُتُبٌ، فَقَالَ: اجْهَدُوا
أَنْ تُخْرِجُوا فِيْهَا خَطَأً. قَالَ: فَمَا وَجَدْنَا
فِيْهِ شَيْئاً، وَكَانَ يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفْطِرُ
يَوْماً مُنْذُ خَمْسِيْنَ سَنَةً.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: كُنَّا
نَسْتَفِيْدُ مِنْ كُتُبِ غُنْدَرٍ فِي حَيَاةِ شُعْبَةَ.
وَقِيْلَ: كَانَ غُنْدَرٌ يَتَّجِرُ فِي الطَّيَالِسَةِ1
وَفِي الكَرَابِيْسِ2 وَكَانَ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ
الحَدِيْثِ، وَمُجَوِّدِيهِم. وَقِيْلَ: كَانَ مُغَفَّلاً.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَثَّامٍ يَقُوْلُ: أَتَيْتُ
غُنْدَراً -فَذَكَرَ مِنْ فَضْلِهِ وَعِلْمِهِ بِحَدِيْثِ
شُعْبَةَ- فَقَالَ لِي: هَاتِ كِتَابَكَ. فَأَبَيْتُ
إِلاَّ أَنْ يُخْرِجَ كِتَابَهُ، فَأَخْرَجَهُ، وَقَالَ:
يَزْعُمُ النَّاسُ أَنِّي اشْتَرَيتُ سَمَكاً،
فَأَكلُوْهُ، وَلَطَخُوا بِهِ يَدِي وَأَنَا نَائِمٌ،
فَلَمَّا اسْتَيْقَظتُ، طَلَبْتُهُ، فَقَالُوا لِي:
أَكَلتَ فَشُمَّ يَدَكَ، أَفَمَا كَانَ يَدُلُّنِي
بَطْنِي. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَثَّامٍ: وَكَانَ مُغَفَّلاً.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ
فِي شُعْبَةَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: غُنْدَرٌ فِي شُعْبَةَ، أَثْبَتُ
مِنِّي.
وَرَوَى سَلَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ
قَالَ: إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي حَدِيْثِ شُعْبَةَ،
فَكِتَابُ غُنْدَرٍ حَكَمٌ بَيْنَهُم.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ غُنْدَرٌ
صَدُوْقاً، مُؤَدِّياً، وَفِي حَدِيْثِ شُعْبَةَ ثِقَةً،
وَأَمَّا فِي غَيْرِ شُعْبَةَ، فَيُكْتَبُ حَدِيْثُهُ،
وَلاَ يُحْتَجُّ به.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: كَانَ
غُنْدَرٌ يَجْلِسُ عَلَى رَأْسِ المَنَارَةِ، يُفَرِّقُ
زكاته،
__________
1 الطيلسان: وشاح يلبس على الكتف.
2 الكرابيس: جمع كرباس، وهو الثوب الغليظ من القطن. وهو
معرب.
(7/534)
فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ تَفْعَلُ هَذَا?
قَالَ: أُرَغِّبُ النَّاسَ فِي إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ
فَاشْتَرَى سَمَكاً وَقَالَ لأَهْلِهِ: أَصْلِحُوهُ وَنَام
فَأَكَلَ عِيَالُهُ السَّمَكَ وَلَطَخُوا يَدَهُ فَلَمَّا
انْتَبَهَ قَالَ: هَاتُوا السَّمَكَ قَالُوا: قَدْ أَكَلتَ
فَقَالَ: لاَ قَالُوا: فَشُمَّ يَدَك فَفَعَلَ ثُمَّ
قَالَ: صَدَقْتُم وَلَكِنْ مَا شَبِعْتُ.
ابْنُ المَرْزُبَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
المَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بِشْرٍ عَنْ
سُلَيْمَانَ بنِ أَيُّوْبَ صَاحِبِ البَصْرِيِّ قَالَ:
قُلْتُ لِغُنْدَرٍ: إِنَّهُم يُعَظِّمُوْنَ مَا فِيْكَ
مِنَ السَّلاَمَةِ قَالَ: يَكْذِبُوْنَ عَلَيَّ قُلْتُ:
فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ يَصِحُّ مِنْهَا قَالَ: صُمْتُ
يَوْماً فَأَكَلتُ فِيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ نَاسِياً ثُمَّ
أَتْمَمْتُ صَوْمِي.
وَنَقَلَ ابْنُ مَرْوَانَ فِي "المُجَالَسَةِ" قَالَ:
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: سَمِعْتُ
يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: دَخَلْنَا عَلَى غندر
فقال: لا أحدثكم بشيء حتى تجيئوا مَعِيَ إِلَى السُّوْقِ
وَتَمشُونَ فَيَرَاكُمُ النَّاسُ فَيُكْرِمُوْنِي قَالَ:
فَمَشَيْنَا خَلْفَهُ إِلَى السُّوْقِ فَجَعَلَ النَّاسُ
يَقُوْلُوْنَ لَهُ: مَنْ هَؤُلاَءِ يَا أَبَا عَبْدِ الله?
فيقول: هؤلاء أصحاب الحديث جاءوني مِنْ بَغْدَادَ
يَكتُبُوْنَ عَنِّي.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: وَالتَفَتَ غُنْدَرٌ يَوْماً
إِلَيَّ فَقَالَ: اعْلَمْ أَنِّي مُنْذُ خَمْسِيْنَ سَنَةً
أَصُوْمُ يَوْماً وَأُفْطِرُ يَوْماً قُلْتُ: اتَّفَقَ
أَربَابُ الصِّحَاحِ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِغُنْدَرٍ
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ وَهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ
رَحِمَهُ اللهُ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ غَدِيْرٍ الطَّائِيُّ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ حُضُوْراً أَخْبَرَنَا علي
بن المسلم أخبرنا الحسين بن محمد القرشي أخبرنا محمد ابن
أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو رَوْقٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدٍ بِالبَصْرَةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الوَلِيْدِ البُسْرِيُّ حدثنا غندر حدثنا شعبة عن ملك عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأَيِّمُ أَحَقُّ
بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي
نفسها وإذنها صماتها" 1.
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك "2/ 424-525"، ومن
طريقه أخرجه عبد الرزاق "10283"، وابن أبي شيبة "4/ 136"،
والشافعي "2/ 12"، وسعيد بن منصور "556"، وأحمد "1/ 219
و241-242 و345 و362"، ومسلم "1421" "66"، وأبو داود
"2098"، والترمذي "1108"، والنسائي "6/ 84"، وابن ماجه
"1870"، والدارمي "2/ 138"، وابن الجارود "709"،
والدارقطني "3/ 239-240 و241"، والطبراني في "الكبير" "10/
10743 و10744 و10745"، والبيهقي "7/ 118 و122"، والبغوي
"2254" عن عبد الله بن الفضل، به، وأخرجه عبد الرزاق
"10282"، وابن أبي شيبة "4/ 136"، والطبراني "10/ 10746"،
والبيهقي "7/ 118" من طرق عن عبد الله بن الفضل، به.
(7/535)
وَرَوَاهُ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ،
وَزِيَادُ بنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ الفَضْلِ هَذَا.
أَخْرَجَه: السِّتَّةُ، سِوَى البُخَارِيِّ، مِنْ حَدِيْثِ
الثَّلاَثَةِ، عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وستمائة، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ سَنَةَ سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ، أَخْبَرَتْنَا شُهْدة الكَاتِبَةُ،
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طَلْحَةَ، وَأَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ،
أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا
عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ
بنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ
خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ حُمْرَانَ
بنِ أَبَانٍ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "من مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لاَ
إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الجَنَّة" 1.
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 65 و69"، ومسلم
"26"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "1113" و"1114"،
وأبو عوانة "1/ 7"، وابن منده "32" من طرق عن خالد الحذاء،
به.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" "1115" من طريق
شعبة، عن بيان بن بشر، عن حمران، به.
(7/536)
1347- شُعَيب 1: "ع، سوى ت"
ابن إسحاق بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
رَاشِدٍ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، أَبُو شُعَيْبٍ
القُرَشِيُّ مَوْلاَهُمْ، الدِّمَشْقِيُّ، الحَنَفِيُّ.
أَخَذَ الفِقْهَ عَنْ: أَبِي حَنِيْفَةَ، وَكَانَ مِنْ
ثِقَاتِ أَهْلِ الرَّأْيِ، مُتْقِناً، مُجَوِّداً
لِلْحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ
عُمَرَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاقُ، ودُحَيم، وَابْنُ عَائِذٍ،
وَدَاوُدُ بنُ رُشَيْدٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ
الجَوْبَرَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ. وَلَمْ يَلْحَقْهُ وَلَدُه
شُعَيْبُ بنُ شُعَيْبٍ.
تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ، فِي رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وثمانين
ومائة، وله اثنتان وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي كِبَارِ الفُقَهَاءِ -رَحِمَهُ
اللهُ. رَوَى لَهُ: الجَمَاعَةُ، سِوَى التِّرْمِذِيِّ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 641"، والتاريخ الكبير "4/
ترجمة 2583"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 180"
و"2/ 641"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1498"، والكاشف "2/
ترجمة 2303"، وتهذيب التهذيب "4/ 347"، وتقريب التهذيب "1/
351"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2954".
(7/536)
1348- السِّيناني 1: "ع"
هُوَ الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو عَبْدِ الله
الفضل بن موسى المَرْوَزِيُّ. وَسِيْنَانُ: قَرْيَةٌ مِنْ
أَعْمَالِ مَرْوَ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ، فَهُوَ
أَسَنُّ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَعَاشَ بَعْدَهُ
مُدَّةً.
رَحَلَ وَسَمِعَ مِنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
وَالأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بن أبي خالد، وعبيد الله بن
عمر، وَخُثَيْمِ بنِ عِرَاكٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ
عَلْقَمَةَ، وَحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَمَعْمَرِ بنِ
رَاشِدٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ حُجْر، وَإِسْحَاقُ بنُ
رَاهَوَيْه، وَيَحْيَى بنُ أَكْثَمَ، وَأَبُو عَمَّارٍ
الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ، وَعَلِيُّ بنُ خَشْرم،
وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَمَحْمُوْدُ بنُ آدَمَ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ وَكِيْعٌ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ أَعْرِفُه.
أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
خَشْرَم، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُوْسَى، قَالَ: كَانَ
عَلَيْنَا عَامِلٌ بِمَرْوَ، وَكَانَ نَسَّاءً، فَقَالَ:
اشْتَرُوا لِي غُلاَماً، وَسَمُّوْهُ بِحَضْرَتِي حَتَّى
لاَ أَنسَى اسْمَه، ثُمَّ قَالَ: مَا سَمَّيْتُمُوْهُ?
قَالُوا: وَاقِدٌ. قَالَ: فَهَلاَّ اسْماً لاَ أَنسَاهُ
أَبَداً? -أَوْ قَالَ: فَهَذَا اسْمٌ مَا أَنسَاهُ
أَبَداً. وَقَالَ: قُمْ يَا فَرْقَدُ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ حريث: سمعت
السيناني يقول: طلب
الحديث حِرْفَةُ المَفَالِيْسِ، مَا رَأَيْتُ أَذَلَّ مِنْ
أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: كَتَبْتُ العِلْمَ،
فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْ أَحَدٍ أَوْثَقَ فِي نَفْسِي مِنْ
هَذَيْنِ الرَّجُلِيْنِ: الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، وَيَحْيَى
بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه المَرْوَزِيُّ: مَاتَ
الفَضْلُ السِّيْنَانِيُّ لَيْلَةَ دَخَلَ هَرْثَمة بنُ
أعيَن وَالِياً عَلَى خُرَاسَانَ، فِي حَادِي عَشَرِ
رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 372"، والتاريخ الكبير "7/
ترجمة 523"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 357
و518" و"2/ 18"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 390"، وتذكرة
الحفاظ "1/ ترجمة 278"، والكاشف "2/ ترجمة 4546"، والعبر
"1/ 307"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6754"، وتهذيب
التهذيب "8/ 286"، وتقريب التهذيب "2/ 111"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 5728"، وشذرات الذهب "1/ 329".
(7/537)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ
بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا
مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ
البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ
غَيْلاَنَ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُوْسَى
السِّيْنَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الجُعَيد، عَنْ عَائِشَةَ
بِنْتِ سَعْدٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ سَعْداً يَقُوْلُ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ
يَكِيْدُ أَهْلَ المَدِيْنَةِ أَحَدٌ بِسُوْءٍ، إِلاَّ
انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ المِلْحُ فِي المَاءِ" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، غَرِيْبٌ، وَلَمْ يُخَرِّجْهُ
أَحَدٌ مِنْ أَربَابِ الكُتُبِ السِّتَّةِ، سِوَى
البُخَارِيِّ، فَرَوَاهُ عَنِ الثِّقَة، عَنِ
السِّيْنَانِيِّ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عاليًا.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 180"، والبخاري "1877"، ومسلم
"1387"، وأبو يعلى "804"، والبيهقي "5/ 197"، والبغوي
"2014" من حديث سعد بن أبي وقاص، به.
وأخرجه أحمد "2/ 279 و309 و357"، والحميدي "1167"، ومسلم
"1386"، وابن ماجه "3114" وأبو نُعيم في "الحلية" "9/ 42"
من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ $"من أراد أهل المدينة بسوء
أَذَابَهُ اللهُ كَمَا يَذُوْبُ المِلْحُ فِي المَاءِ".
(7/538)
1349- يَزِيْدُ بنُ سَمُرَة 1:
الرَّهَاوِيُّ، المَذْحِجِيُّ، أَبُو هِرَّانَ،
الزَّاهِدُ، شَامِيٌّ.
عَنْ: عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ، وَيَحْيَى
السَّيْبَانِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَالحَكَمِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ.
وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو مُسْهِر، وَيَحْيَى بنُ
بُكَيْرٍ، وَابْنُ عَائِذٍ، وَهِشَامُ بنُ عَمَّارٍ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: كَانَ مِنْ أَهْلِ
فَضْلٍ وَزُهْدٍ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: لَمْ يَذْكُرُوْهُ بِجَرْحٍ.
وَالرَّهَا: بطن من مذحج.
قلت: فأما.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3229"، والجرح
والتعديل "9/ ترجمة 1125".
(7/538)
1350- يَزِيْدُ بنُ شَجَرَةَ 1:
أَبُو شَجَرَةَ الرَّهاوي، فَقَدِيْمٌ. يُقَالَ: لَهُ
صُحْبَةٌ.
كَانَ أَمِيْرَ الجَيْشِ فِي غَزوِ الرُّوْمِ
أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَرَوَى عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ،
وَاسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ.
قَالَ شَبَابٌ: اسْتُشْهِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي
البحر، سنة ثمان.
قَالَ مَنْصُوْرٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ: كَانَ يَزِيْدُ بنُ
شَجَرَةَ مِمَّا يُذَكِّرُنَا نَبْكِي، وَكَانَ يُصَدِّقُ
بُكَاءَهُ بفعله -رضي الله عنه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 446"، الجرح والتعديل "9/
ترجمة 1135".
(7/539)
1351- ابن عُلَيَّة 1: "ع"
إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ،
الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو بِشْرٍ الأَسَدِيُّ
مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ الكُوْفِيُّ، الأَصْلِ
المَشْهُوْرُ: بِابْنِ عُلَيَّةَ؛ وَهِيَ أُمُّهُ.
وُلِدَ سَنَةَ مَاتَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ، سَنَةَ عَشْرٍ
وَمائَةٍ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: أَبُو بِشْرٍ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَهْمِ بنِ مِقْسَمٍ
البَصْرِيُّ مَوْلَى بَنِي أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ،
وَأُمُّهُ عُلَيَّةُ مَوْلاَةٌ لِبَنِي أَسَدٍ. سَمِعَ:
أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ التَّيْمِيَّ،
وَأَبَا بَكْرٍ أَيُّوْبَ بنَ أَبِي تَمِيْمَةَ،
وَيُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ.
قُلْتُ: وَإِسْحَاقَ بنَ سُوَيْدٍ، وَعَلِيَّ بنَ زيد،
وحميد الطَّوِيْلَ، وَعَطَاءَ بنَ السَّائِبِ، وَعَبْدَ
اللهِ بنَ أَبِي نَجيح، وَسُهَيْلَ بنَ أَبِي صَالِحٍ،
وَلَيْثَ بنَ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بنَ
صُهَيْبٍ، وَأَبَا التَّيَّاحِ الضُّبَعي، وَسَعِيْداً
الجُرَيري، وَحَبِيْبَ بنَ الشَّهِيْدِ، وَابْنَ جُرَيْجٍ،
وَحَجَّاجَ بنَ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافَ، وَحَنْظَلَةَ
السَّدوسي، وَخَالِداً الحَذَّاء، وَرَوْحَ بنَ القَاسِمِ،
وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ، وَعَاصِمَ بنَ سُلَيْمَانَ،
وَعَوْفَ بنَ أَبِي جَمِيْلَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ
الزُّبَيْرِ الحَنْظَلِيَّ، ويرد بنَ سِنَانٍ
الدِّمَشْقِيَّ نَزِيْلَ البَصْرَةِ، وَدَاوُدَ بنَ أَبِي
هِنْدٍ، وَعَلِيَّ بنَ الحَكَمِ البُناني، وَمَنْصُوْرَ
بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشَلَّ، وَالوَلِيْدَ بنَ أَبِي
هِشَامٍ، وَيَحْيَى بنَ عَتِيْقٍ، وَيَحْيَى بنَ
مَيْمُوْنٍ العَطَّارَ، وَيَحْيَى بنَ يَزِيْدَ الهُنَائي،
وَأَبَا رَيْحَانَةَ السَّعْدِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وَشُعْبَةُ -وَهُمَا مِنْ
شُيُوْخِهِ- وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مَهْدِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدُ
بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَيَحْيَى بنُ معين،
وأبو حفص
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 325"، والتاريخ الكبير "1/
ترجمة 1078"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 513"، وتاريخ
بغداد "6/ 229"، والعبر "1/ 310"، وميزان الاعتدال "1/
ترجمة 843"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 303"، والكاشف "1/
ترجمة 352"، وتهذيب التهذيب "1/ 275"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "2/ 144"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 333".
(7/539)
الفَلاَّسُ، وَعَمْرُو بنُ رَافِعٍ
القَزْوِيْنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَزِيَادُ بنُ
أَيُّوْبَ، وَعَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ،
وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ،
وَمُؤَمَّلُ بنُ هِشَامٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُعَاذٍ،
وَخَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى،
وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ، خَاتِمَتُهُم: مُوْسَى بنُ سَهْلِ بنِ كَثِيْرٍ
الوَشَّاءُ، البَاقِي إِلَى سنة ثمان وسبعين ومائتين.
وكان فقهيًا، إِمَاماً، مُفْتِياً، مِنْ أَئِمَّةِ
الحَدِيْثِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: مَنْ قَالَ: ابْنُ
عُلَيَّةَ، فَقَدِ اغْتَابَنِي.
قُلْتُ: هَذَا سُوءُ خُلُقٍ -رَحِمَهُ اللهُ- شَيْءٌ قَدْ
غَلَبَ عَلَيْهِ، فَمَا الحِيْلَةُ?! قَدْ دَعَا
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرَ
وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَسْمَائِهِم مُضَافاً إِلَى
الأُمِّ، كَالزُّبَيْرِ ابْنِ صفية، وعمار بن سُمَيَّةَ.
قَالَ مُؤَمَّلُ بنُ هِشَامٍ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ
يَقُوْلُ: لَقِيْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ،
وَسَمِعْتُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ. قُلْتُ: هُوَ
أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ. قَالَ: فَقُلْتُ ذَا شَيْخٌ،
فَلَمَّا قَدِمْتُ البَصْرَةَ، إِذَا أَيُّوْبُ
السِّخْتِيَانِيُّ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
المُنْكَدِرِ.
قَالَ غُنْدَرٌ: نَشَأْتُ فِي الحَدِيْثِ يَوْم نَشَأْتُ،
وَلَيْسَ أَحَدٌ يُقَدَّمُ فِي الحَدِيْثِ عَلَى ابْنِ
عُلَيَّةَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: مَا أَحَدٌ مِنَ
المُحَدِّثِيْنَ إِلاَّ وَقَدْ أَخْطَأَ، إِلاَّ إسماعيل
بن عُلَيَّةَ، وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كَانَ ابْنُ عُلَيَّةَ
ثِقَةً، تَقِيّاً، وَرِعاً.
وَقَالَ يُوْنُسُ بنُ بُكَير: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ:
إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ سَيِّدُ المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ زُرارة النَّيْسَابُوْرِيُّ: صَحِبْتُ
ابْنَ عُلَيَّةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَمَا
رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ فِيْهَا.
قُلْتُ: مَا فِي هَذَا مَدْحٌ وَلَكِنَّهُ، مُؤْذِنٌ
بِخَشْيَةٍ وَحُزْنٍ.
قَالَ عَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ
الحَارِثِ، قَالَ: كُنَّا نُشَبِّهُ ابْن عُلَيَّةَ
بِيُوْنُسَ بنِ عُبيد.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوي:
سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ
البَصْرَةَ وَمَا بِهَا خَلْقٌ يُفَضَّلُ عَلَى ابْنِ
عُلَيَّةَ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: مَا رَأَيْتُ
لإِسْمَاعِيْلَ ابْنِ عُلَيَّةَ كِتَاباً قَطُّ. وَكَانَ
يُقَالُ: ابْنُ عُلَيَّةَ يَعُدُّ الحُرُوْفَ.
(7/540)
قَالَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: مَا كُنَّا
نُشَبِّهُ شَمَائِلَ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ عُلَيَّةَ إِلاَّ
بِشَمَائِلِ يُوْنُسَ، حَتَّى دَخَلَ فِيْمَا دَخَلَ
فِيْهِ.
قُلْتُ: يُرِيْدُ وِلاَيَتَه الصَّدَقَةَ، وَكَانَ
مَوْصُوْفاً بِالدِّيْنِ، وَالوَرَعِ، وَالتَأَلُّهِ،
مَنْظُوْراً إِلَيْهِ فِي الفَضْلِ وَالعِلْمِ، وَبَدَتْ
مِنْهُ هَفَوَاتٌ خَفِيْفَةٌ، لَمْ تُغَيِّرْ رُتْبَتَهُ
إِنْ شَاءَ اللهُ.
وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ ابْنُ المُبَارَكِ بِأَبْيَاتٍ
حَسَنَةٍ يُعَنِّفُهُ فِيْهَا، وَهِيَ:
يَا جَاعِلَ العِلْمِ لَهُ بَازِياً ... يَصْطَادُ
أَمْوَالَ المَسَاكِيْنِ
احْتَلْتَ لِلدُّنْيَا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعدما ... كُنْتَ دَوَاءً لِلْمَجَانِيْنِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِيْمَا مَضَى ... عَنِ ابْنِ عَوْنٍ
وَابْنِ سِيْرِيْنِ
وَدَرْسُكَ العِلْمَ بِآثَارِهِ ... فِي تَرْكِ أَبْوَابِ
السَّلاَطِيْنِ
تَقُوْلُ أُكْرِهْتُ فَمَاذَا كَذَا ... زَلَّ حِمَارُ
العِلْمِ فِي الطِّيْنِ
لاَ تَبِعِ الدِّيْنَ بِالدُّنْيَا كَمَا ... يَفْعَلُ
ضُلاَّلُ الرَّهَابِيْنِ
وَرَوَى الخَطِيْبُ فِي "تَارِيْخِهِ": أَنَّ الحَدِيْثَ
الَّذِي أُخِذَ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ شَيْءٌ يَتَعَلَّقُ
بِالكَلاَمِ في القرآن.
دَخَلَ عَلَى الأَمِيْنِ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ،
فَشَتَمَهُ مُحَمَّدٌ، فَقَالَ: أَخْطَأْتَ، وَكَانَ
حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيْثِ: "تَجِيْءُ البَقرَةُ وَآلُ
عِمْرَانَ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ تُحَاجَّانِ عَنْ
صَاحِبِهِمَا" 1. فَقِيْلَ لابْنِ عُلَيَّةَ: أَلَهُمَا
لِسَانٌ? قَالَ: نَعَمْ. فَقَالُوا: إِنَّهُ يَقُوْلُ:
القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ، وإنما غلط.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "804"، وأحمد "5/ 249" من طريق أبي
سلام عن أبي أمامة الباهلي قَالَ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "اقرءوا
القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه. اقرءوا
الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم
القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما
فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما. اقرءوا سورة
البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة".
قال معاوية: بلغني أن البطلة السحرة.
قوله: "الزهراوين": سميتا الزهراوين لنورهما وهدايتهما
وعظيم أجرهما. "كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان": قال
أهل اللغة: الغمامة والغياية كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه
سحابة وغبرة وغيرهما. قال العلماء: المراد أن ثوابهما يأتي
كغمامتين. "كأنهما فرقان من طير صواف": الفرقان هما قطيعان
وجماعتان. "من طير صواف" أي جماعة صافة، وهي من الطيور ما
يبسط أجنحتها في الهواء.
"تحاجان عن أصحابهما": أي تدافعان الجحيم والزبانية. وهو
كناية عن المبالغة في الشفاعة.
(7/541)
قَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَأَلْتُ
أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ وُهَيْبٍ وَابْنِ عُلَيَّةَ:
أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ إِذَا اخْتَلَفَا? فَقَالَ:
وُهَيْبٌ، وَمَا زَالَ إِسْمَاعِيْلُ وَضِيعاً مِنَ
الكَلاَمِ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيْهِ، إِلَى أَنْ مَاتَ.
قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ رَجَعَ وتاب على رءوس النَّاسِ?
قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ مَا زَالَ لأَهْلِ الحَدِيْثِ
-بَعْدَ كَلاَمِهِ ذَلِكَ- مُبْغِضاً، وَكَانَ لاَ
يُنْصِفُ فِي الحَدِيْثِ، كَانَ يُحَدِّثُ بِالشَفَاعَاتِ،
وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، يَخْتَلِفُ
إِلَى الشُّيُوْخِ، فَأَدخَلَنِي عَلَيْهِ، فَلَمَّا
رَآنِي، غَضِبَ، وَقَالَ: مَنْ أَدْخَلَ هَذَا عليَّ?
قُلْتُ: مَعْذُوْرٌ الإِمَامُ أَحْمَدُ فيه.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ أُدْخِلَ
عَلَى الأَمِيْنِ، فَلَمَّا رَآهُ، زَحَفَ، وَجَعَلَ
يَقُوْلُ: يَا ابْنَ الفَاعِلَةِ! تَتَكَلَّمُ فِي
القُرْآنِ. وَجَعَلَ إِسْمَاعِيْل يَقُوْلُ: جَعَلَنِي
اللهُ فِدَاكَ، زَلَّةٌ مِنْ عَالِمٍ. ثُمَّ قَالَ
أَحْمَدُ: إِنْ يَغْفِرِ اللهُ لَهُ -يَعْنِي: الأَمِيْنَ-
فَبِهَا ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: وَإِسْمَاعِيْلُ ثَبْتٌ.
قَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ
اللهِ! إِنَّ عَبْدَ الوَهَّابِ قَالَ: لاَ يُحِبُّ
قَلْبِي إِسْمَاعِيْلَ أَبَداً، لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي
المَنَامِ كَأَنَّ وَجْهَهُ أَسْوَدُ. فَقَالَ أَحْمَدُ:
عَافَى اللهُ عَبْدَ الوَهَّابِ، ثُمَّ قَالَ: لَزِمتُ
إِسْمَاعِيْلَ عَشْرَ سِنِيْنَ إِلَى أَنْ أُعِيْبَ. ثُمَّ
جَعَلَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ كَأَنَّهُ يَتَلَهَّفُ، ثُمَّ
قَالَ: وَكَانَ لاَ يُنْصِفُ فِي التَّحَدُّثِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيْلُ فِي ذِي القَعْدَةِ،
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، عَنْ ثَلاَثٍ
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَحَدِيْثُهُ فِي كُتُبِ
الإِسْلاَمِ كُلِّهَا.
وَلَهُ أَوْلاَدٌ مَشْهُوْرُوْنَ، مِنْهُم قَاضِي دِمَشْقَ
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ
عُلَيَّةَ، شَيْخٌ لِلنَّسَائِيِّ، ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مَاتَ
أَبُوْهُ وَهُوَ صَبِيٌّ، فَمَا لَحِقَ الأَخْذَ عَنْ
أَبِيْهِ، وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَإِسْحَاقَ
الأَزْرَقِ، ويزيد بن هارون، يروي عن: مكحول البيروتي،
وابن جَوْصَا، وطائفة، مات سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَلابْنِ عُلَيَّةَ ابْنٌ آخَرُ، جَهْمِي شَيْطَانٌ،
اسْمُهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، كَانَ يَقُوْلُ
بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَيُنَاظِرُ.
وَابْنٌ آخَرُ، اسْمُهُ: حَمَّادُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ،
لَحِقَ أَبَاهُ، وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِ مُسْلِمٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ الكَاتِبُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ مِقْسَمٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ قُطْبَةَ الأَسَدِيِّ؛ أَسَدِ خُزَيْمَةَ، كُوْفِيٌّ،
كَانَ جَدُّهُ مِقْسَمٌ مِنْ سَبْيِ القِيْقَانِيَّةِ،
وَهِيَ مَا بَيْنَ خُرَاسَانَ وَزَابُلِسَانَ، وَكَانَ
إِبْرَاهِيْمُ ابن مِقْسَمٍ تَاجِراً مِنَ الكُوْفَةِ،
كَانَ يَقْدَمُ البَصْرَةَ لِلتِّجَارَةِ، فَتَخَلَّفَ،
وَتَزَوَّجَ عُلَيَّةَ بِنْتَ حَسَّانٍ؛ مَوْلاَةً لِبَنِي
شَيْبَانَ، وَكَانَتْ نَبِيْلَةً عَاقِلَةً، لَهَا دَارٌ
بالعوقة بالبصرة،
(7/542)
تُعْرَفُ بِهَا، وَكَانَ صَالِحٌ
المُرِّيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ وُجُوْهِ البَصْرَةِ
وَفُقَهَائِهَا يَدْخُلُوْنَ عَلَيْهَا، فَتَبْرُزُ لَهُم،
وَتُحَادِثُهُم، وَتُسَائِلُهُم، وَأَقَامَ ابْنُهَا
إِسْمَاعِيْلُ بِالبَصْرَةِ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ أَبُو بِشْرٍ
بِبَغْدَادَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ:
ابْنُ عُلَيَّةَ رَيْحَانَةُ الفُقَهَاءِ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى
القَطَّانِ، قَالَ: ابْنُ عُلَيَّةَ أَثْبَتُ مِنْ
وُهَيْبٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ هُشَيْمٍ.
وَرَوَى عَفَّانُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حَمَّادِ بنِ
سَلَمَةَ، فَأَخْطَأَ فِي حَدِيْثٍ، وَكَانَ لاَ يَرْجِعُ
إِلَى قَوْلِ أَحَدٍ، فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ خُوْلِفْتَ
فِيْهِ. فَقَالَ: مَنْ? قَالُوا: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ،
فَلَمْ يَلْتَفِتْ. فَقِيْلَ: إِنَّ إِسْمَاعِيْلَ ابْنَ
عُلَيَّةَ يُخَالِفُكَ. فَقَامَ، وَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ،
فَقَالَ: القَوْلُ مَا قَالَ إِسْمَاعِيْلُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ
أَبِيْهِ: إِلَيْهِ -يَعْنِي: إِسْمَاعِيْلَ- المُنْتَهَى
فِي التَّثَبُّتِ بِالبَصْرَةِ.
وَعَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: فَاتَنِي مَالِكٌ، فَأَخْلَفَ
اللهُ عَلَيَّ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَفَاتَنِي
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، فَأَخْلَفَ اللهُ عَلَيَّ
إِسْمَاعِيْلَ ابْنَ عُلَيَّةَ، كَانَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ
لاَ يَفْرَقُ مِنْ مُخَالفَةِ وُهَيْبٍ وَالثَّقَفِيِّ،
وَيَفْرَقُ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ إِذَا خَالَفَه. وَكَذَلِكَ
رَوَاهُ: مُسْلِمٌ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ:
نَشَأْتُ فِي الحَدِيْثِ يَوْمَ نَشَأْتُ، وَمَا أَحَدٌ
يُقَدَّمُ فِي الحَدِيْثِ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ
عُلَيَّةَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحْرِزٍ، عَنْ
يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ ثِقَةً،
مَأْمُوْناً، صَدُوْقاً، مُسْلِماً، وَرِعاً، تَقِيّاً.
وَقَالَ قُتَيْبَةُ: كَانُوا يَقُوْلُوْنَ: الحُفَّاظُ
أَرْبَعَةٌ: إِسْمَاعِيْلُ، وَوُهَيْبٌ، وَعَبْدُ
الوَارِثِ، وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ، عَنِ الهَيْثَمِ بنِ
خَالِدٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ حُفَّاظُ البَصْرَةِ، فَقَالَ
أَهْلُ الكُوْفَة لَهُم: نَحُّوا عَنَّا إِسْمَاعِيْلَ،
وَهَاتُوا مَنْ شِئْتُمْ.
وَقَالَ زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: مَا رَأَيْتُ لابْنِ
عُلَيَّةَ كِتَاباً قَطُّ. وَكَانَ يُقَالُ: ابْنُ
عُلَيَّةَ يَعُدُّ الحُرُوْفَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَا أَحَدٌ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ
إِلاَّ وَقَدْ أَخْطَأَ، إِلاَّ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ
عُلَيَّةَ، وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ.
(7/543)
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ابْنُ عُلَيَّةَ
ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثَبْتاً، حُجَّةً، وَلِيَ
صَدَقَاتِ البَصْرَةِ، وَوَلِيَ بِبَغْدَادَ المَظَالِمَ
فِي آخِرِ خِلاَفَةِ هَارُوْنَ، فَنَزَلَ هُوَ وَوَلَدُهُ
بَغْدَادَ، وَاشْتَرَى بِهَا دَاراً، وَتُوُفِّيَ بِهَا،
وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُه إِبْرَاهِيْمُ؛ أَحَدُ كِبَارِ
الجَهْمِيَّةِ، وَمِمَّنْ نَاظَرَ الشَّافِعِيَّ، وَلَهُ
تَصَانِيْفُ، وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ عَبْدِ اللهِ بنِ
مَالِكٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَزَعَمَ عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ أَنَّ
عُلَيَّةَ إِنَّمَا هِيَ جَدَّتُهُ لأُمِّهِ.
قَالَ العَيْشِيُّ: قَالَ لِي عَبْدُ الوَارِثِ بنُ
سَعِيْدٍ: أَتَتْنِي عُلَيَّةُ بِابْنِهَا، فَقَالَتْ:
هَذَا ابْنِي، يَكُوْنُ مَعَكَ، وَيَأْخُذُ بِأَخْلاَقِكَ.
قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ غُلاَمٍ بِالبَصْرَةِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا أَقُوْلُ: إِنَّ
أَحَداً أَثْبَتُ فِي الحَدِيْثِ مِنْ إسماعيل.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَرْوَاهُم عَنِ الجُرَيْرِيِّ:
إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ
الدَّارِمِيُّ: لاَ يُعْرَفُ لابْنِ عُلَيَّةَ غَلَطٌ،
إِلاَّ فِي حَدِيْثِ جَابِرٍ فِي المُدَبَّرِ1، جَعَلَ
اسْمَ الغُلاَمِ اسْمَ المَوْلَى، وَاسْمَ المَوْلَى اسْمَ
الغُلاَمِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ:
أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا: أَنَّ ابْنَ عُلَيَّةَ
لَمْ يَضْحَكْ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ
ابْنِ عُلَيَّةَ، فَقَرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ، وَمَا
رَأَيْتُهُ ضَحِكَ قَطُّ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ العَيْشِيُّ: حَدَّثَنَا
الحَمَّادَانِ: أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ كَانَ يَتَّجِرُ،
وَيَقُوْلُ: لَوْلاَ خَمْسَةٌ مَا تَجِرْتُ:
السُّفْيَانَانِ، وَفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ، وَابْنُ
السَّمَّاكِ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، فَيَصِلُهُم. فَقَدِمَ
ابْنُ المُبَارَكِ سَنَةً، فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ وَلِيَ
ابْنُ عُلَيَّةَ القَضَاءَ، فَلَمْ يَأْتِهِ، وَلَمْ
يَصِلْهُ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُلَيَّةَ، فَلَمْ
يَرْفَعْ بِهِ رَأْساً، فَانْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ
الغَدِ، كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللهِ رُقعَةً يَقُوْلُ: قَدْ
كُنْتُ مُنْتَظِراً لِبِرِّكَ، وَجِئْتُكَ فَلَمْ تكلمني،
فما رأيت مِنِّي? فَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: يَأْبَى
هَذَا الرَّجُلُ إِلاَّ أَنْ نُقَشِّرَ لَهُ العَصَا.
ثُمَّ كتب إليه:
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "997"، وأبو داود "3957"، والنسائي "7/
304" من طرق عن إسماعيل -يعني: ابن علية- عن أيوب، عن أبي
الزبير، عن جابر أن رجلا من الانصار "يقال له أبو مذكور"
أعتق غلاما له عن دبر يقال له يعقوب عن دبر ولم يكن له مال
غيره، فدعا بِهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "من يشتريه"؟. فاشتراه نعيم بن عبد
الله بن النحام بثمانمائة درهم، فدفعها إليه، ثم قال: "إذا
كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، فإن كان فيها فضل فعلى
عياله، فإن كان فيها فضل فعلى ذي قرابته". أو قال: "على ذي
رحمه، فإن كان فضلا فههنا وههنا".
(7/544)
يَا جَاعِلَ العِلْمِ لَهُ بَازِياً ...
يَصْطَادُ أَمْوَالَ المَسَاكِيْنِ
الأَبْيَاتُ المَذْكُوْرَةُ: فَلَمَّا قَرَأَهَا، قَامَ
مِنْ مَجْلِسِ القَضَاءِ، فَوَطِئَ بِسَاطَ هَارُوْنَ
الرَّشِيْدِ، وَقَالَ: الله الله، ارْحَمْ شَيْبَتِي،
فَإِنِّي لاَ أَصْبِرُ عَلَى الخَطَأِ. فَقَالَ: لَعَلَّ
هَذَا المَجْنُوْنَ أَغرَى عَلَيْكَ. ثُمَّ أَعفَاهُ،
فَوَجَّهَ إِلَيْهِ ابْنُ المُبَارَكِ بِالصُّرَّةِ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْكَرَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ
العَيْشِيَّ يَروِيهَا عَنِ الحَمَّادَيْنِ، وَقَدْ مَاتَا
قَبْلَ هَذِهِ القِصَّةِ بِمُدَّةٍ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ
أَدْرَجَه العَيْشِيُّ.
قَالَ سَهْلُ بنُ شَاذَوَيْهِ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ
خَشْرَمٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ لِوَكِيْعٍ: رَأَيْتُ
إِسْمَاعِيْلَ ابْنَ عُلَيَّةَ يَشْرَبُ النَّبِيذَ حَتَّى
يُحْمَلَ عَلَى الحِمَارِ، يَحْتَاجُ مَنْ يَرُدُّه إِلَى
مَنْزِلِهِ فَقَالَ وَكِيْعٌ: إِذَا رَأَيْتَ البَصْرِيَّ
يَشْرَبُ، فَاتَّهِمْه. قُلْتُ: وَكَيْفَ? قَالَ: إِنَّ
الكُوْفِيَّ يَشْرَبُهُ تَدَيُّناً، وَالبَصرِيُّ
يَترُكُهُ تَدَيُّناً.
وَهَذِهِ حِكَايَةٌ غَرِيْبَةٌ، مَا عَلِمْنَا أَحَداً غمز
إسماعيل يشرب المُسْكِرِ قَطُّ، وَقَدِ انحَرَفَ بَعْضُ
الحُفَّاظِ عَنْهُ بِلاَ حُجَّةٍ، حَتَّى إِنَّ مَنْصُوْرَ
بنَ سَلَمَةَ الخُزَاعِيَّ تَحَدَّثَ مَرَّةً، فَسَبَقَهُ
لِسَانُهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ
عُلَيَّةَ ... ، ثُمَّ قَالَ: لاَ، وَلاَ كَرَامَةَ، بَلْ
أَرَدْتُ زُهَيْراً. وَقَالَ: لَيْسَ مَنْ قارف الذنب كمن
لم يفارقه، أنا -والله- استتبته.
قُلْتُ: يُشِيْرُ إِلَى تِلْكَ الهَفْوَةِ الصَّغَيْرَةِ،
وَهَذَا مِنَ الجَرحِ المَرْدُوْدِ، وَقَدِ اتَّفَقَ
عُلَمَاءُ الأُمَّةِ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِإِسْمَاعِيْلَ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ العَدْلِ المَأْمُوْنِ. وَقَدْ قَالَ
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ يَزِيْدَ مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ
إِسْمَاعِيْلَ ابْنَ عُلَيَّةَ يَقُوْلُ: القُرْآنُ
كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَقَدْ كَانَ بَيْنَ ابْنِ طَبَرْزَدَ وَبَيْنَ ابْنِ
عُلَيَّةَ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ فِي حَدِيْثَيْنِ
مَشْهُوْرَيْنِ مِنَ "الغَيْلاَنِيَّاتِ"، وَهَذَا غَايَةٌ
فِي العُلُوِّ، رَوَاهُمَا عَنِ ابْنِ الحُصَيْنِ،
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ، بنُ مُحَمَّدٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا
مُوْسَى بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ
عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ
العَدُوِّ1.
أَخْبَرْنَاهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ،
وَجَمَاعَةٌ كتابة، بسماعهم من عمر بن طبرزد.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 446"، وعبد الرزاق "9410"،
والطيالسي "1855"، والحميدي "699"، وأحمد "2/ 6 و7 و10
و63"، والبخاري "2990"، ومسلم "1869" "92" و"93" و"94"،
وأبو داود "2610"، وابن ماجه "2880"، وابن أبي داود في
"المصاحف" "ص205 و206 و207 و208 و209"، وابن الجارود
"1064"، والبيهقي "9/ 108"، والبغوي "1233" من طرق عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إن يسافر بالقرآن إلى
أرض العدو مخافة أن يناله العدو.
(7/545)
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ
أَحْمَدَ الغَرَّافِيِّ، أَخْبَرَكُم مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا المُؤَمَّلُ
بنُ هِشَامٍ اليَشْكُري، ويعقوب بن إبراهيم، قالا: حدثنا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوْبُ،
عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: مَكَثتُ عِشْرِيْنَ سَنَةً
يُحَدِّثُنِي مَنْ لاَ أَتَّهِمُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ
طَلَّقَ امْرَأَتَه ثَلاَثاً وَهِيَ حَائِضٌ، فَأُمِرَ
أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَجَعَلْتُ لاَ أَتَّهِمُهُم، وَلاَ
أَعْرِفُ الحَدِيْثَ، حَتَّى لَقِيْتُ أَبَا غَلاَّبٍ
يُوْنُسَ بنَ جُبَيْرٍ البَاهِلِيَّ -وَكَانَ ذَا ثَبْتٍ1
فَحَدَّثَنِي: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، فَحَدَّثَهُ
أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَهِيَ حَائِضٌ، فَأُمِرَ
أَنْ يُرَاجِعَهَا. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَفَحُسِبَتْ
عَلَيْهِ? قَالَ: فَمَهْ، أَوَ إِنْ عَجَزَ2.
قَالَ أَحْمَدُ، وَالفَلاَّسُ، وَزِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ،
وَمَحْمُوْدُ بنُ خِدَاشٍ، وَطَائِفَةٌ: مَاتَ ابْنُ
عُلَيَّةَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: ابْنُ عُلَيَّةَ:
ثَبْتٌ جدًّا، توفي يوم الثلاثاء، لِثَلاَثَ عَشْرَةَ
خَلَتْ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ سُفْيَانَ الحَافِظُ: عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلٍ، قَالَ: كُنَّا بِمَكَّةَ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا رَاشِدٌ
الخَفَّافُ، فَقَالَ: دَفَنَّا إِسْمَاعِيْلَ ابْنَ
عُلَيَّةَ يَوْمَ الخَمِيْسِ، لِخَمْسٍ -أَوْ سِتٍّ-
بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ. وَقَالَ: سِرْنَا تِسْعَةَ
أَيَّامٍ -يُرِيْدُ: سَارَ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى مَكَّةَ
فِي هَذِهِ المُدَّةِ اليَسِيْرَةِ، وَهَذَا سَيْرٌ
سَرِيْعٌ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مَاتَ سنة أربع وتسعين،
فقد غلط.
__________
1 أي: متثبتا.
2 صحيح: أخرجه مسلم "1471" "7" حدثني علي بن حجر السعدي،
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، به. وأخرجه البخاري
"5258"، ومسلم "1471" "10" من طريق قتادة، عن أبي غلاب
يونس بن جبير قال: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ وَهِيَ حائض, فقال: تعرفُ ابن عمر؟ إن ابن عمر
طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَتَى عُمَرُ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ
ذَلِكَ لَهُ، فأمره أن يراجعها فإذا طهرت فأراد أن يطلقها
فليطقها. قلت: فهل عد ذلك طلاقا؟ قال: أرأيتَ إن عجز
واستحمق.
(7/546)
1352- عبد
الرحمن بن القاسم 1: "خَ، س"
عَالِمُ الدِّيَّار المِصْرِيَّة، وَمُفْتِيْهَا، أَبُو
عبد لله العُتَقِيُّ مَوْلاَهُمْ، المِصْرِيُّ، صَاحِبُ
مَالِكٍ الإِمَامِ.
رَوَى عَنْ: مَالِكٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ شُرَيْحٍ،
وَنَافِعِ بنِ أَبِي نُعَيْمٍ المُقْرِئِ، وَبَكْرِ بنِ
مُضَرَ، وَطَائِفَةٍ قَلِيْلَةٍ.
وَعَنْهُ: أَصْبَغُ، وَالحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ،
وسُحْنُون، وَعِيْسَى بنُ مَثْرود، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وآخرون.
وَكَانَ ذَا مَالٍ وَدُنْيَا، فَأَنْفَقَهَا فِي العِلْمِ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَمْتَنِعُ مِنْ جَوَائِزِ السُّلْطَانِ،
وَلَهُ قَدَمٌ فِي الوَرَعِ وَالتَّأَلُّهِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ امْنَعِ الدُّنْيَا مِنِّي، وَامْنَعْنِي
مِنْهَا.
وَعَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ ابْنُ القَاسِم،
فَقَالَ: عَافَاهُ اللهُ، مَثَلُهُ كَمَثَلِ جِرَابٍ
مَمْلُوءٍ مِسْكاً.
وَقِيْلَ: إِنَّ مَالِكاً سُئِلَ عَنْهُ، وَعَنِ ابْنِ
وَهْبٍ، فَقَالَ: ابْنُ وَهْبٍ رَجُلٌ عَالِمٌ، وَابْنُ
القَاسِمِ فَقِيْهٌ.
وَعَنْ أَسَدِ بنِ الفُرَاتِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ
القَاسِمِ يَخْتِمُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَتْمَتَيْنِ.
قَالَ: فَنَزَلَ بِي حِيْنَ جِئْتُ إِلَيْهِ عَنْ
خَتْمَةٍ، رَغْبَةً فِي إِحْيَاءِ العِلْمِ.
وَبَلَغَنَا عَنِ ابْنِ القَاسِمِ، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى
الحِجَازِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً، أَنْفَقْتُ فِي
كُلِّ مَرَّةٍ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
وَعَنِ ابْنِ القَاسِمِ، قَالَ: لَيْسَ فِي قُرْبِ
الوُلاَةِ، وَلاَ فِي الدُّنُوِّ مِنْهُم خَيْرٌ.
أَحْمَدُ ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا عَمِّي،
قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَابْنُ القَاسِمِ بِضْعَ عَشْرَةَ
سَنَةً إِلَى مَالِكٍ، فَسَنَةً أَسْأَلُ أَنَا مَالِكاً،
وَسَنَةً يَسْأَلُهُ ابْنُ القَاسِمِ.
وَرَوَى الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
كَانَ ابْنُ القَاسِمِ وَهُوَ حَدَثٌ فِي العِبَادَةِ،
أَشَهْرَ مِنْهُ فِي العِلْمِ. ثُمَّ قَالَ الحَارِثُ:
كَانَ فِي ابْنِ القَاسِم العِبَادَةُ، وَالسَّخَاءُ،
وَالشَّجَاعَةُ، وَالعِلْمُ، وَالوَرَعُ، وَالزُّهْدُ.
مُحَمَّدُ بنُ وضَّاح: أَخْبَرَنِي ثِقَةٌ ثِقَةٌ، عَنْ
عَلِيِّ بنِ مَعْبَدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ القَاسِمِ
فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ وَجَدتَ المَسَائِلَ?
فَقَالَ: أُفٍّ أُفٍّ. قُلْتُ: فَمَا أَحْسَنُ مَا
وَجَدْتَ? قَالَ: الرِّبَاطُ بِالثَّغْرِ. قَالَ:
وَرَأَيْتُ ابْنَ وَهْبٍ أَحْسَنَ حَالاً مِنْهُ.
وَقَالَ سُحْنُون: رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ، فقلتُ: مَا
فَعَلَ اللهُ بِكَ? قال: وجدت عنده ما أحببت.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1325"، ووفيات
الأعيان لابن خلكان "3/ 129"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة
346"، والكاشف "2/ ترجمة 3330"، وتهذيب التهذيب "6/ 252"،
وتقريب التهذيب "1/ 495"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4218"،
وشذرات الذهب "1/ 329".
(7/547)
قُلْتُ: فَأَيَّ عَمَلٍ وَجَدتَ? قَالَ:
تِلاَوَةُ القُرْآنِ. قُلْتُ: فَالمَسَائِلُ? فَأَشَارَ
يُلَشِّيها. وَسَأَلتُهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، فَقَالَ: فِي
عِلِّيِّيْنَ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ القَاسِمِ،
قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي فُلاَنٍ عَيْباً إِلاَّ
دُخُوْلَهُ إِلَى الحُكَّامِ، أَلاَ اشْتَغَلَ
بِنَفْسِهِ?!
قَالَ سَعِيْدُ بنُ الحَدَّادِ: سَمِعْتُ سُحْنُون
يَقُوْلُ: كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ ابْنَ القَاسِمِ عَنِ
المَسَائِلِ، يَقُوْلُ لِي: يَا سُحْنُوْنُ! أَنْتَ
فَارِغٌ، إِنِّيْ لأُحِسُّ فِي رَأْسِي دَوِيّاً كَدَوِيِّ
الرَّحَا -يَعْنِي: مَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ. قَالَ:
وَكَانَ قَلَّما يَعْرِضُ لَنَا إِلاَّ وَهُوَ يَقُوْلُ:
اتَّقُوا اللهَ، فَإِنَّ قَلِيْلَ هَذَا الأَمْرِ مَعَ
تَقْوَى اللهِ كَثِيْرٌ، وَكَثِيْرُهُ مَعَ غَيْرِ تَقْوَى
اللهِ قَلِيْلٌ.
وَعَنْ سُحْنُون قَالَ: لَمَّا حَجَجْنَا، كُنْتُ
أُزَامِلُ ابْنَ وَهْبٍ، وَكَانَ أَشْهَبُ يُزَامِلُهُ
يَتِيْمُهُ، وَكَانَ ابْنُ القَاسِمِ يُزَامِلُهُ ابْنُهُ
مُوْسَى، فَكُنْتُ إذا نَزَلْتُ، ذَهَبْتُ إِلَى ابْنِ
القَاسِمِ أُسَائِلُهُ مِنَ الكُتُبِ، وَأَقرَأُ عَلَيْهِ
إِلَى قُرْبِ الرَّحِيْلِ، فَقَالَ لِي ابْنُ وَهْبٍ
وَأَشْهَبُ: لَوْ كَلَّمْتَ صَاحِبَكَ يُفْطِرُ عِنْدنَا.
فَكَلَّمتُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيَثْقُلُ عَلَيَّ
ذَلِكَ. قُلْتُ: فَبِمَ يَعْلَمُ القَوْمُ مَكَانِي
مِنْكَ? فَقَالَ: إِذَا عَزَمتَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَنَا
أَفْعَلُ. فَأَتَيْتُ، فَأَعْلَمْتُهُمَا، فَلَمَّا كَانَ
وَقْتُ التَّعرِيْسِ، قَامَ مَعِي، فَأَصَبتُ أَشْهَبَ
وَقَدْ فَرَشَ أَنْطَاعَهُ، وَأَتَى مِنَ الأَطعِمَةِ
بِأَمرٍ عَظِيْمٍ، وَصَنَعَ ابْنُ وَهْبٍ دُوْنَ ذَلِكَ،
فَلَمَّا أَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ، سَلَّمَ، وَقَعَدَ،
ثُمَّ أَدَارَ عَيْنَهُ فِي الطَّعَامِ، فَإِذَا
سُكُرُّجَةٌ فِيْهَا دُقَّةٌ، فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ،
فَحَرَّكَ الأَبزَارَ حَتَّى صَارَتْ نَاحِيَةً، وَلَعَقَ
مِنَ المِلْحِ ثَلاَثَ لَعَقَاتٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ
أَصْلَ مِلْحِ مِصْرَ طَيِّبٌ، ثُمَّ قَامَ، وَقَالَ:
بَارَكَ اللهُ لَكُم، وَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَقُومَ.
قَالَ: فَتَكَلَّمَ أَشْهَبُ، وَعَظُمَ عَلَيْهِ مَا
فَعَلَ. قَالَ لَهُ ابْنُ وَهْبٍ: دَعْهُ دَعْهُ، وَكُنَّا
نَمْشِي بِالنَّهَارِ، وَنُلْقِي المَسَائِلَ، فَإِذَا
كَانَ فِي اللَّيْلِ، قَامَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى حِزْبِهِ
مِنَ الصَّلاَةِ. فَيَقُوْلُ ابْنُ وَهْبٍ لأَصْحَابِهِ:
مَا تَرَوْنَ إِلَى هَذَا المَغْرِبِيِّ يُلْقِي
المَسَائِلَ بِالنَّهَارِ، وَهُوَ لاَ يَدْرُسُ
بِاللَّيْلِ? فَيَقُوْلُ لَهُ ابْنُ القَاسِمِ: هُوَ
نُوْرٌ يَجْعَلُهُ اللهُ فِي القُلُوْبِ.
قَالَ: وَنَزَلْنَا بِمَسْجدٍ، بِبَعْضِ مَدَائِنِ
الحِجَازِ، فَنِمْنَا، فَانْتَبَهَ ابْنُ القَاسِمِ
مَذْعُوْراً، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا سَعِيْدٍ! رَأَيْتُ
السَّاعَةَ كَأَنَّ رَجُلاً دَخَلَ عَلَيْنَا مِنْ بَابِ
هَذَا المَسْجَدِ، وَمَعَهُ طَبَقٌ مُغَطَّى، وَفِيْهِ
رَأْسُ خِنْزِيْرٍ، أَسْأَلُ اللهَ خَيْرَهَا. فَمَا
لَبِثْنَا حَتَّى أَقْبَلَ رَجُلٌ مَعَهُ طَبَقٌ مُغَطَّى
بِمِنْدِيلٍ، وَفِيْهِ رُطَبٌ مِنْ تَمْرِ تِلْكَ
القَرْيَةِ، فَجَعَلَهُ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ القاسم، وقال:
كل قَالَ: مَا إِلَى ذَلِكَ مِنْ سَبِيْلٍ. قَالَ:
فَأَعْطِهِ أَصْحَابَكَ. قَالَ: أَنَا لاَ آكُلُهُ،
أُعْطِيْه غَيْرِي! فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَقَالَ لِي
ابْنُ القَاسِمِ: هَذَا تَأْوِيلُ الرُّؤْيَا. وَكَانَ
يُقَالُ: إِنَّ تِلْكَ القَرْيَةَ، أَكْثَرُهَا وَقْفٌ
غُصِبَتْ.
(7/548)
قَالَ الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ: كَانَ
ابْنُ القَاسِمِ فِي الوَرَعِ وَالزُّهدِ شَيْئاً
عَجِيْباً.
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ قَوَّامٍ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا
الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الأَوَّلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَمَّويه، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ تَلِيد، حَدَّثَنَا
ابْنُ القَاسِمِ، عَنْ بَكْرُ بنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو
بنِ الحَارِثِ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ
مِثْلَ مَا لَبِثَ يُوْسُفُ، ثُمَّ جَاءنِي الدَّاعِي،
لأَجَبْتُهُ" 1 ... الحَدِيْثَ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ
بنُ مُنِيْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
العُثْمَانِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ شِبْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا
الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَجْدَابِيُّ، حَدَّثَنَا
هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي عُقْبَةَ التَّمِيْمِيُّ،
حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بنُ حمود الصدفي، حدثنا سُحْنُوْنُ،
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنِي
مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "قَالَ اللهُ: إِذَا أَحَبَّ
عَبْدِي لِقَائِي، أَحْبَبْتُ لِقَاءهُ، وَإِذَا كَرِهَ
لِقَائِي، كَرِهْتُ لِقَاءهُ" 2.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ غَسَّانَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ
الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ النَّسِيْبُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ السُّمَيْسَاطي، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
جَوْصَا، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ مَثْرَود، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ
يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوْتِرُ
مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ
الأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهِ المُؤَذِّنُ، فَيُصَلِّيَ
رَكْعَتَيْنِ خَفِيْفَتَيْنِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ3 وَحْدَهُ، عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى
التَّمِيْمِيِّ، عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: وُلِدَ ابْنُ
القَاسِمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ،
وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ
وَمائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ- عَاشَ تِسْعاً وَخَمْسِيْنَ
سَنَةً.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3372" و"4537"، ومسلم "151" "238"،
وابن ماجه "4026"، وابن جرير الطبري في "جامع البيان"
"5974" و"19400"، والبغوي في "شرح السنة" "63" والطحاوي في
"شرح مشكل الآثار" "326" من طرق عن ابن وهب قال أخبرني
يونس، عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بنِ
المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قال: "نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي
كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ
بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] ،
ويرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لثبت في
السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي". وأخرجه البخاري
"4694"، وابن جرير "5973" و"19399"، والطحاوي "327"،
والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص507"، وابن منده في
"الإيمان" "369" من طريق سعيد بن عيسى بن تليد، عن عبد
الرحمن بن القَاسِمِ، عَنْ بَكْرُ بنُ مُضَر، عَنْ عَمْرِو
بنِ الحَارِثِ، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، به.
2 صحيح: أخرجه مالك "1/ 240"، ومن طريقه أخرجه البخاري
"7504"، والنسائي "4/ 10" عن أبي الزناد، به، وأخرجه أحمد
"2/ 418"، والنسائي "4/ 10" عن قتيبة بن سعيد، عن المغيرة
بن عبد الرحمن القرشي، عن أبي الزناد، به.
3 صحيح: أخرجه مسلم "736".
(7/549)
1353- محمد بن
يوسف 1:
ابن معدان، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ، عروس الزهاد.
لَهُ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ مُنْكَرٌ2.
وَرَوَى عَنْ: يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ، وَالأَعْمَشِ،
وَأَبَانٍ، وَالحَمَّادَيْنِ آثَاراً.
وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَالقَطَّانُ، وَابْنُ
المُبَارَكِ، والشَّاذَكُوني، وَزُهَيْرُ بنُ عَبَّادٍ،
وَصَالِحُ بنُ مِهران، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يَأْتِيْهِ، وَيُحِبُّهُ،
وَهُوَ مِنْ أَجْدَادِ أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظِ
لأَبِيْهِ.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ خَيْراً مِنْهُ،
فَذُكِرَ لَهُ الثَّوْرِيُّ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ،
وَهَذَا شَيْءٌ.
وَكَانَ لاَ يَضَعُ جَنْبَهُ، وَقَدْ رَابَطَ وَزَارَ
قَبْرَ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ، وَكَانَ يَأْتِيْهِ
فِي العَامِ مِنْ أَصْبَهَانَ سَبْعُوْنَ دِيْنَاراً،
فَيَحُجُّ، وَيَرْجِعُ إِلَى الثغر -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 540"، وحلية
الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني "8/ ترجمة 400"، وتاريخ
أصبهان "2/ 171"، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 117".
2 موضوع: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "8/ 237"، وفي "تاريخ
أصبهان" "2/ 172" من طريق محمد بن يوسف، عن عمر بن صبح، عن
أبان، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يحول الله تعالى
يوم القيامة ثلاث قرى من زبرجدة خضراء تزف إلى أزواجهن:
عسقلان، والإسكندرية، وقزوين". وفيه علتان: الأولى: عمر بن
صبح، ليس بثقة ولا مأمون.
قال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث. وقال الدارقطني وغيره:
متروك. وقال الأزدي: كذاب والعلة الثانية: أبان بن أبي
عياش، قال يحيى بن معين والنسائي: متروك. وقال أبو إسحاق
السعدي الجوزجاني: ساقط. وساق ابن عدي لأبان جملة أحاديث
منكرة.
(7/550)
1354- خالد بن
الحارث 1: "ع"
ابن عبيد بن سليمان بن عبيد بن سفيان، ويقال: خالد بن
الحَارِثِ بنِ سُلَيْمِ بنِ عُبَيْدِ بنِ سُفْيَانَ،
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، الإِمَامُ، أَبُو عُثْمَانَ
الهُجَيمي، البَصْرِيُّ. وَبَنُو الهُجَيم مِنْ بَنِي
العَنْبَرِ، مِنْ تَمِيْمٍ.
رَوَى عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وحُميد الطَّوِيْلِ،
وَأَيُّوْبَ، وَأَشْعَثَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ
الحُمْرَانِيِّ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ،
وَعَوْفٍ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَبِشْرِ بنِ صُحَارٍ، وَعَبْدِ
الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ، وَابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ،
وَشُعْبَةَ، وَابْنِ عَجْلاَنَ، وَحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ،
وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ مِنْ أَوعِيَةِ العِلْمِ، كَثِيْرَ التَّحَرِّي،
مَليح الإِتْقَانِ، مَتِيْنَ الدِّيَانَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ -وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ-
ومُسَدَّد، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ
المَدِيْنِيِّ، وَعَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، وَإِسْحَاقُ بنُ
رَاهَوَيْه، وَحُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
المُثَنَّى، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ
المِقْدَامِ، وَالحَسَنُ بنُ قَزَعة، وَالحَسَنُ بنُ
عَرَفَةَ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، أَنَّ
يَحْيَى القَطَّانَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً خَيْراً
مِنْ سُفْيَانَ، وَخَالِدِ بنِ الحَارِثِ.
وَرَوَى الأَثْرَمُ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:
إليه المنتهى في التَّثَبُّتِ بِالبَصْرَةِ -يَعْنِي:
خَالِداً.
وَرَوَى المَرُّوْذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: كَانَ
خَالِدُ بنُ الحَارِثِ يَجِيْءُ بِالحَدِيْثِ كَمَا
يَسْمَعُ، وَكَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يَجِيْءُ بالحديث كما
يسمع، وَكَانَ وَكِيْعٌ يَجْهَدُ أَنْ يَجِيْءَ
بِالحَدِيْثِ كَمَا يَسْمَعُ، وَكَانَ رُبَّمَا قَالَ فِي
الحَرفِ أَوِ الشَّيْءِ: يَعْنِي كَذَا.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ يُقَالُ لَهُ: خَالِدٌ
الصَّدُوْقُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، إِمَامٌ. وَقَالَ
النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: وُلِدَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ
وَمائَةٍ، وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ،
فَرَأَيْتُ مُعْتَمِراً، وَبِشْرَ بنَ المُفَضَّلِ فِي
جِنَازَتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ سَلاَمَةَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِهِ، عَنْ عَبْدِ
المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ،
حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ الحَارِثِ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا
سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ،
عَنْ نَصْرِ بنِ عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحُوَيْرِث:
أَنَّهُ قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي صَلاَتِهِ
إِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوْعِ
حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوْعَ أُذُنَيْهِ"2.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيْثِ
سَعِيْدٍ، وشعبة، عن قتادة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 291"، والتاريخ الكبير "3/
ترجمة 490"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 178
و218" و"2/ 44 و138 و145" و"3/ 16"، والكنى للدولابي "2/
27"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1460"، والعبر "1/ 293"،
وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة رقم 285"، والكاشف "1/ ترجمة
1317"، وتهذيب التهذيب "3/ 82"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة
1742"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 309".
2 صحيح: أخرجه مسلم "391"، والنسائي "2/ 182".
(7/551)
1355- إِبْرَاهِيْمُ بنُ الأَغْلَبِ 1:
التَّمِيْمِيُّ، أَمِيْرُ المَغْرِبِ، دَخَلَ إلى
القيروان، فبايعوه، وانضم إِلَيْهِ خَلْقٌ، فَأَقْبَلَ
يُلاَطِفُ نَائِبَ القَيْرَوَانِ هَرْثَمَةَ بنَ أَعْيَنَ،
فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى نَاحِيَةِ الزَّابِ، فَضَبَطَهَا.
وَآخِرُ أَمرِهِ اسْتَعَمَلَه عَلَى المَغْرِبِ
الرَّشِيْدُ، وَعَظُمَ، وَأَحَبَّهُ أَهْلُ المَغْرِبِ.
وَكَانَ فَصِيْحاً، خَطِيْباً، شَاعِراً، ذَا دِيْنٍ،
وَفِقهٍ، وَحَزْمٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَسُؤْدُدٍ.
أَخَذَ عَنِ: اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِ.
بَنَى مَدِيْنَةً سَمَّاهَا: العَبَّاسِيَّةَ، وَمَهَّدَ
المَغْرِبَ، وَعَاشَ سِتّاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ ومائة،
فقام بعده ابنه عبد الله.
__________
1 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 327".
(7/552)
1356- عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيِّ 1:
ابْنِ حَبْرِ الأُمَّةِ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ بنِ
عَبْدِ المُطَّلِبِ، الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، عَمُّ السَّفَاحِ
وَالمَنْصُوْرِ.
وُلِدَ بِالبَلْقَاءِ، سَنَةَ نَيِّفٍ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ.
رَوَى عَنْهُ: المهدي، وغيره.
قِيْلَ مَاتَ بِأَسْنَانِ اللَّبَنِ، وَكَانَتْ
مُلْتَصِقَةً.
وَكَانَ عَظِيْمَ الخِلْقَةِ، ضَخْماً، وَقَدْ خَرَجَ
عِنْد مَوْتِ السَّفَاحِ مَعَ أَخِيْهِ عَبْد اللهِ عَلَى
المَنْصُوْرِ، وَحَارَبَهُمَا أَبُو مُسْلِمٍ
الخُرَاسَانِيُّ، وَتَقَلَّبَتْ بِهِ الأَيَّامُ، وَعَاشَ
إِلَى الآنَ2، وَكَانَ الرَّشِيْدُ يُجِلُّهُ
وَيَحتَرِمُه، وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ، وَإِمْرَةَ
البَصْرَةِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَيَرْوِي عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ -ابْنُهُ- وَعَبْدُ
الوَاحِدِ وَيَعْقُوْبُ ابْنَا جَعْفَرٍ ابْنِ أَخِيْهِ
سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيٍّ.
وَلَهُ حَدِيْثٌ سَمِعْنَاهُ فِي "جُزْءِ البَانْيَاسِيِّ"
فِي إِكرَامِ الشُّهُودِ3، وَهُوَ مُنْكَرٌ مِنْ رِوَايَةِ
عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ مُوْسَى الهَاشِمِيِّ؛ أَمِيْرِ
الحَجِّ، عَنْ عَمِّهِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ، عَنْهُ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ.
وَكَانَ فِي تَعَدُّدِ النَّسَبِ نَظِيْرَ يَزِيْدَ
الخَلِيْفَةِ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ أَحَدِ العَشْرَةِ،
وَقَدْ أَضَرَّ بِأَخَرَةٍ كَأَبِيْهِ وَجَدِّهِ.
وَأُمُّهُ هِيَ كَثِيْرَةُ، الَّتِي شَبَّبَ بِهَا ابْنُ
قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ، حَيْثُ يَقُوْلُ:
عَادَ لَهُ مِنْ كثيرة الطرب ... فعينه بالدموع تنسكب
مَاتَ عَبْدُ الصَّمَدِ: بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَثَمَانِيْنَ ومائة، وعمره ثمانون سنة.
__________
1 ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1053"،
والجرح والتعديل "6/ ترجمة 266"، وتاريخ بغداد "11/ 37"،
ووفيات الأعيان "3/ ترجمة 388"، والعبر "1/ 290"، وميزان
الاعتدال "2/ 620"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/
307".
2 أي: عاش إلى زمن هارون الرشيد.
3 منكر: تقدم تخريجنا له قريبا في هذا الجزء برقم تعليق
"655"، وهو عند العقيلي في "الضعفاء الكبير" "3/ 84"،
والخطيب في "تاريخ بغداد" "5/ 94" و"6/ 138" ولفظه "أكرموا
الشهود، فإن الله يستخرج بهم الحقوق، ويرفع بهم الظلم"
فراجع تخريجنا له ثمَّت.
(7/553)
1357- الكسائي
1:
الإِمَامُ، شَيْخُ القِرَاءةِ وَالعَرَبِيَّةِ، أَبُو
الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
بَهْمَنَ بنِ فَيْرُوْزٍ الأَسَدِيُّ مَوْلاَهُمْ
الكُوْفِيُّ، المُلَقَّبُ: بِالكِسَائِيِّ؛ لِكِسَاءٍ
أَحرَمَ فِيْهِ.
تَلاَ عَلَى: ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَرْضاً، وَعَلَى
حَمْزَةَ2.
وَحَدَّثَ عَنْ: جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وَالأَعْمَشِ،
وَسُلَيْمَانَ بنِ أَرْقَمَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَلاَ أيضا على: عيسى بن عمر المقرئ.
وَاخْتَارَ قِرَاءةً اشْتُهِرَتْ، وَصَارَتْ إِحْدَى
السَّبْعِ.
وَجَالَسَ فِي النَّحوِ الخَلِيْلَ، وَسَافَرَ فِي
بَادِيَةِ الحِجَازِ مُدَّةً لِلْعَرَبِيَّةِ، فَقِيْلَ:
قَدِمَ وَقَدْ كَتَبَ بِخَمْسَ عَشْرَةَ قِنِّيْنَةَ
حِبْرٍ. وَأَخَذَ عَنْ: يُوْنُسَ3.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَبَحَّرَ فِي
النَّحوِ، فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى الكِسَائِيِّ.
قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: اجْتَمَعَ فِيْهِ أَنَّهُ
كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالنَّحوِ، وَوَاحِدَهُم فِي
الغَرِيْبِ، وَأَوحَدَ فِي عِلْمِ القُرْآنِ، كَانُوا
يُكْثِرُوْنَ عَلَيْهِ، حَتَّى لاَ يَضبِطَ عَلَيْهِم،
فَكَانَ يَجمَعُهُم، وَيَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيٍّ،
وَيَتْلُو، وَهُم يَضبِطُوْنَ عَنْهُ، حَتَّى الوُقُوفِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: سَمِعْتُ الكِسَائِيَّ
يَقرَأُ القُرْآنَ عَلَى النَّاسِ مَرَّتَيْنِ.
وَعَنْ خَلَفٍ، قَالَ: كُنْتُ أَحضُرُ بَيْنَ يَدَيِ
الكِسَائِيِّ وَهُوَ يَتْلُو، وَيُنَقِّطُونَ عَلَى
قِرَاءتِهِ مَصَاحِفَهُم.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو عُمَرَ الدُّوْرِيُّ، وَأَبُو
الحَارِثِ اللَّيْثُ، وَنُصَيْرُ بنُ يُوْسُفَ
الرَّازِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بن مِهْرَانَ الأَصْبَهَانِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي سُرَيْجٍ، وَأَحْمَدُ بنُ جُبَيْرٍ
الأَنْطَاكِيُّ، وَأَبُو حَمْدُوْنَ الطَّيِّبُ، وعيسى بن
سليمان الشيزري، وعدة.
وَمِنَ النَّقَلَةِ عَنْهُ: يَحْيَى الفَرَّاءُ، وَأَبُو
عُبَيْدٍ، وَخَلَفٌ البَزَّارُ.
وَلَهُ عِدَّةُ تَصَانِيْفٍ، مِنْهَا: "مَعَانِي القرآن"،
وكتاب في القراءات، وَكِتَابُ "النَّوَادِرِ الكَبِيْرِ"،
وَمُخْتَصَرٌ فِي النَّحْوِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَقِيْلَ: كَانَ أَيَّامَ تِلاَوَتِهِ عَلَى حَمْزَةَ
يَلْتَفُّ فِي كِسَاءٍ، فَقَالُوا: الكِسَائِيَّ.
ابْنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ عَاصِمٍ،
قَالَ الكِسَائِيُّ: صَلَّيْتُ بِالرَّشِيْدِ،
فَأَخْطَأْتُ فِي آيَةٍ، مَا أَخْطَأَ فِيْهَا صَبِيٌّ،
قُلْتُ: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعِيْنَ، فَوَاللهِ مَا
اجْتَرَأَ الرَّشِيْدُ أَنْ يَقُوْلُ: أَخْطَأْتَ، لَكِنْ
قَالَ: أَيُّ لغة هذه? قلت: يا أمير المؤمنين! قد يعثر
الجواد. قال: أما هذا فنعم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2368"، والجرح
والتعديل "6/ ترجمة 1000"، وتاريخ بغداد "11/ 403"، ووفيات
الأعيان لابن خَلَّكان "3/ ترجمة 433"، والعبر "1/ 302"،
وتهذيب التهذيب "7/ 313"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
"2/ 130"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 162"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "1/ 321".
2 هو: حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، أحد القراء السبعة،
المتوفى سنة "156هـ".
3 هو: يونس بن حبيب الضبي، إمام النحاة بالبصرة في عصره.
توفي سنة "182هـ".
(7/554)
وَعَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الفَرَّاءِ:
سَمِعْتُ الكِسَائِيَّ يَقُوْلُ: رُبَّمَا سَبَقَنِي
لِسَانِي بِاللَّحْنِ.
وَعَنْ خَلَفِ بنِ هِشَامٍ: أَنَّ الكِسَائِيَّ قَرَأَ
عَلَى المِنْبَرِ: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا} [الكهف:
34] ، بِالنَّصْبِ، فَسَأَلُوْهُ عَنِ العِلَّةِ، فَثُرْتُ
فِي وُجُوْهِهِم، فَمَحَوْهُ، فَقَالَ لِي: يَا خَلَفُ!
مَنْ يَسْلَمُ مِنَ اللَّحْنِ?
وَعَنِ الفَرَّاء، قَالَ: إِنَّمَا تَعَلَّمَ الكسائي
النحو علي كبر، ولزم مُعَاذاً الهَرَّاءَ مُدَّةً، ثُمَّ
خَرَجَ إِلَى الخَلِيْلِ.
قُلْتُ: كَانَ الكِسَائِيُّ ذَا مَنْزِلَةٍ رَفِيْعَةٍ
عِنْدِ الرَّشِيْدِ، وَأَدَّبَ وَلَدَهُ الأَمِيْنَ،
وَنَالَ جَاهاً وَأَمْوَالاً، وَقَدْ تَرجَمتُهُ فِي
أَمَاكِنَ.
سَارَ مَعَ الرَّشِيْدِ، فَمَاتَ بِالرَّيِّ، بِقَرْيَة
أرَنْبُوية، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، عَنْ
سَبْعِيْنَ سَنَةً. وَفِي تَارِيْخِ مَوْتِه أقوال. فهذا
أصحها.
(7/555)
1358- محمد بن
الحسن 1:
ابن فَرْقَد، العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ العِرَاقِ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيُّ، الكُوْفِيُّ، صَاحِبُ أَبِي
حَنِيْفَةَ.
وُلِدَ بِوَاسِطَ، وَنَشَأَ بِالكُوْفَةِ.
وَأَخَذَ عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ بَعْضَ الفِقْهِ، وتمم
الفقه على القاضي أبو يُوْسُفَ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي حَنِيْفَةَ، ومِسْعَر، وَمَالِكِ بن
مِغْوَل، والأوزاعي، ومالك بن أنس.
أَخَذَ عَنْهُ: الشَّافِعِيُّ -فَأَكْثَرَ جِدّاً- وَأَبُو
عُبَيْدٍ، وَهِشَامُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَحْمَدُ بنُ
حَفْصٍ فَقِيْهُ بُخَارَى، وَعَمْرُو بنُ أَبِي عَمْرٍو
الحَرَّاني، وَعَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ الطُّوْسِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ سُقْتُ أَخْبَارَهُ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَصلُهُ جَزَري، سَكَنَ أَبُوْهُ
الشَّامَ، ثُمَّ وُلِدَ لَهُ مُحَمَّدٌ سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. غَلَبَ عَلَيْهِ الرَّأْيُ،
وَسَكَنَ بَغْدَادَ.
قُلْتُ: وَلِيَ القَضَاءَ لِلرَّشِيْدِ بَعْدَ القَاضِي
أَبِي يُوْسُفَ، وَكَانَ مَعَ تَبَحُّرِهِ فِي الفِقْهِ،
يُضْرَب بِذَكَائِهِ المَثَلُ.
كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْهُ وَقْرَ
بُخْتِيّ2، وَمَا نَاظَرتُ سَمِيْناً أَذكَى مِنْهُ،
وَلَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُوْلَ: نَزَلَ القُرْآنُ بِلُغَةِ
مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، لقُلْتُ؛ لِفِصَاحَتِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحسن: أقمت
عند مالك ثلاث سنين وكسرا، وسمعت من لفظه سبع مائة حديث.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ "الجَامِعَ
الصَّغَيْرَ".
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: قُلْتُ لِلإِمَامِ
أَحْمَدَ: مَنْ أَيْنَ لَكَ هَذِهِ المَسَائِلُ
الدِّقَاقُ? قَالَ: مَنْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ.
قِيْلَ: إِنَّ مُحَمَّداً لَمَّا احْتُضِرَ، قِيْلَ لَهُ:
أَتَبكِي مَعَ العِلْمِ? قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ
أَوْقَفَنِيَ اللهُ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مَا
أَقْدَمَكَ الرَّيَّ، الجِهَادُ فِي سَبِيْلِي، أَمِ
ابْتِغَاءُ مَرضَاتِي? مَاذَا أَقُوْلُ?
قُلْتُ: تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، بالري.
__________
1 ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1606"،
والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1253"، والمجروحين لابن حبان
"2/ 275"، وتاريخ بغداد "2/ 172"، ووفيات الأعيان لابن
خلكان "4/ ترجمة 567"، والعبر "1/ 302"، وميزان الاعتدال
"3/ 513"، ولسان الميزان "5/ 121"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "1/ 321".
2 البُّختي: واحد البُّخت، وهي الإبل.
(7/555)
1359- المحاربي
1: "ع"
الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الكُوْفِيُّ.
وُلِدَ فِي دَوْلَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَلَيْثِ
بنِ أَبِي سُليم، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ،
وَالأَعْمَشِ، وَفُضَيْلِ بنِ غَزْوَانَ، وَجُوَيْبِرِ بنِ
سَعِيْدٍ، وَجِبْرِيْلَ بنِ أَحْمَرَ، وَعَاصِمٍ
الأَحْوَلِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَلْقمة،
ومُطَّرِح بنِ يَزِيْدَ، وَعَمَّارِ بنِ سَيْفٍ، وَعُمَرَ
بنِ ثَابِتٍ الرَّازِيِّ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وخلق.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 392"، والتاريخ الكبير "5/
ترجمة 1102"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 328"
و"2/ 711"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 948"،
والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1342"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة
291"، والكاشف "2/ ترجمة 3347"، والعبر "1/ 319"، وميزان
الاعتدال "2/ ترجمة 4952"، وجامع التحصيل للعلائي "ترجمة
453"، وتهذيب التهذيب "6/ 295"، تقريب التهذيب "1/ 497"،
وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4239"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 343".
(7/556)
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ،
وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَهَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، وَأَبُو
سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَعَلِيُّ
بنُ حَرْبٍ، وَابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَخَلْقٌ.
قَالَ وَكِيْعٌ: مَا كَانَ أَحْفَظَهُ لِلطِّوَالِ!
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ، فَقَالَ: ابْنُهُ عَبْدُ
الرَّحِيْمِ بنُ المُحَارِبِيِّ أَحْفَظُ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كُنَّا نَكُوْنُ عِنْدَ سُفْيَانَ
الثَّوْرِيِّ، فَإِذَا مَرَّ حَدِيْثٌ مِنْ أَحَادِيْثِ
الزُّهدِ، قَالَ: ابْنَ المُحَارِبِيِّ! خُذْ إِلَيْكَ
هَذَا مِنْ بَابَتِكَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَهُ أَحَادِيْثُ
مَنَاكِيْرُ عَنِ المَجْهُوْلِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: يَرْوِي عَنِ
المَجْهُوْلِيْنَ أَحَادِيْثَ مُنْكَرَةً، فَيُفْسِدُ
حَدِيْثَهُ بِذَلِكَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيلي: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بنُ أَحْمَدَ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ المُحَارِبِيَّ
كَانَ يُدَلِّسُ، وَلاَ نَعْلَمُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ
مَعْمَرٍ شَيْئاً، وَأَنْكَرَ أَبِي رِوَايَتَهُ عَنْ
مَعْمَرٍ، فَقِيْلَ لأَبِي: إِنَّ المُحَارِبِيَّ يَرْوِي
عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ جَرير البَجَلي
حَدِيْثَ: "تُبْنَى مَدِيْنَةٌ بَيْنَ دِجْلَةَ
وَدُجَيْلٍ"1. فَقَالَ أَبِي: كَانَ المُحَارِبِيُّ
جَلِيساً لِسَيفِ بنِ مُحَمَّدٍ؛ ابْنِ أُخْتِ
الثَّوْرِيِّ، وَكَانَ سَيْفٌ كَذَّاباً، وَأَظُنُّ
المُحَارِبِيَّ سَمِعَ هَذَا مِنْهُ.
قُلْتُ: لَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللهِ مَنْ حَدَّثَهُ
بِهَذَا عَنِ المُحَارِبِيِّ، فَهُوَ -إن صَحَّ أَنَّ
المُحَارِبِيَّ حَدَّثَ بِهِ- قَوِيُّ الإِسْنَادِ عَلَى
نَكَارَتِهِ.
مَاتَ المُحَارِبِيُّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَازِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ فَضْلٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا
الحُسَيْنُ بنُ هِبَةِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ، أَخْبَرَنَا
الحُسَيْنُ بنُ الحسن الأسدي
__________
1 كذب: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "3/ 432"، والضعفاء في
الكبير للعقيلي "2/ 348"، والخطيب في "تاريخ بغداد" من
طريق المحاربي، عن عاصم، به.
وقال ابن عدي والعقيلي في إثره: كَانَ المُحَارِبِيُّ
جَلِيساً لِسَيفِ بنِ مُحَمَّدٍ ابْنِ أخت سفيان وكان سيف
كذابا وأظن المحابي سمعه منه. قيل له إن عبد العزيز بن
أبان رواه عن سفيان، فقال: كل من حدث به عن سفيان فهو
كذاب. وذكر الذهبي في "ميزان الاعتدال" "3/ 165" في ترجمة
عمار بن سيف هذا الحديث، وقال حديث منكر جدا، وذكره.
(7/557)
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ
المَصِّيْصِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ ابْنَا
الحُسَيْنِ بنِ سَهْلِ بنِ الصَّيَّاحِ بِبَلَدٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ
الإِمَامُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا
المُحَارِبِيُّ، عَنْ لَيْثِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيْدَ
بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ
عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لأَنْ أَمْشِيَ
عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ، أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ
أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَمَا أُبَالِي
وَسَطَ القُبُوْرِ قَضَيْتُ حَاجَتِي أَمْ وسط السوق" 1.
إسناده صالح.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "1567" من طريق محمد بن إسماعيل بن
سمرة، عن المحاربي، به. وقد توبع محمد بن إسماعيل هذا؛
فرواه أبو يعلى من طريق حفص بن عبد الله أبي عمر الحلواني،
حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، به.
وللحديث شاهد عن أبي مرثد الغنوي: عند مسلم، وأبي داود،
والترمذي، والنسائي.
(7/558)
1360- يحيى بن
سعيد 1: "ع"
ابن أبان بن سعيد بن العَاصِ بنِ أَبِي أُحَيْحَةَ
سَعِيْدِ بنِ العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ
عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ.
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، النَّبِيْلُ، أَبُو
أَيُّوْبَ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، الكُوْفِيُّ، وَلَهُ
عِدَّةُ إِخْوَةٍ.
وَهُوَ وَالِدُ سَعِيْد بنِ يَحْيَى الأُمَوِيِّ؛ صَاحِبِ
"المَغَازِي".
مَوْلِدُهُ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
رَوَى عَنْ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ،
وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي بُرْدَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي
خَالِدٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَحَمَلَ المَغَازِي عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَسُرَيْجُ بنُ
يُوْنُسَ، وَوَلَدُهُ؛ سَعِيْدُ بنُ يَحْيَى، وَحُمَيْدُ
بنُ الرَّبِيْعِ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عِنْدَهُ عَنِ الأَعْمَشِ
غَرَائِبُ، وَلَيْسَ به بأس.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ:
ثِقَةٌ.
وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: سَكَنَ بَغْدَادَ، وَيُلَقَّبُ بِالجَمَلِ، مَاتَ
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَمَاتَ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ: أَخُوْهُ مُحَمَّدٌ.
وَأَخُوْهُمَا عُبيد: يَرْوِي عَنْ إِسْرَائِيْلَ،
وَجَمَاعَةٍ.
وَأَخُوْهُم عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ: لُغَوِيٌّ،
شَاعِرٌ.
وَأَخُوْهُم الخَامِسُ عَنْبَسَةُ: يَرْوِي عَنِ ابْنِ
المُبَارَكِ، وَطَائِفَةٍ، وَهُوَ أَصْغَرُهُم.
وَأَخُوْهُم السَّادِسُ: اسْمُهُ ... رَوَى عن: زهير بن
معاوية.
ذكرهم الدارقطني.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 398" و"7/ 339"، والتاريخ
الكبير "8/ ترجمة 2984"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي
"3/ 133"، والكنى للدولابي "1/ 102"، والضعفاء الكبير
للعقيلي "4/ 403"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 625"، وتاريخ
بغداد "14/ 132"، والكاشف "3/ ترجمة 6284"، وتذكرة الحفاظ
"1/ ترجمة 308"، والعبر "1/ 315"، وميزان الاعتدال "4/
ترجمة 9524"، وتهذيب التهذيب "11/ 213"، وتقريب التهذيب
"2/ 348"، وشذرات الذهب لابن العماد "1/ 341".
(7/558)
1361- وكيع
1: "ع"
ابن الجراح بن مَليح بن عدي بن فرس بن جمجمة بن سُفْيَانَ
بنِ الحَارِثِ بنِ عَمْرِو بنِ عُبَيْدِ بنِ رُؤَاسٍ،
الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ العِرَاقِ، أَبُو
سُفْيَانَ الرُّؤَاسِيُّ، الكُوْفِيُّ، أَحَدُ
الأَعْلاَمِ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَهُ:
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَهَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: وُلِدَ
سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ، وَاشْتَغَلَ فِي الصِّغَرِ.
وَسَمِعَ مِنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَسُلَيْمَانَ
الأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَابْنِ
عَوْنٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَدَاوُدَ الأَوْدِيِّ،
وَيُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَسْوَدَ بنِ
شَيْبَانَ، وَهِشَامِ بنِ الغَازِ، وَالأَوْزَاعِيِّ،
وَجَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ، وَزَكَرِيَّا بنِ أَبِي
زَائِدَةَ، وَطَلْحَةَ بنِ عَمْرٍو المَكِّيِّ، وَفُضَيْلِ
بنِ غَزْوَانَ، وَأَبِي جَنَابٍ الكَلْبِيِّ، وَحَنْظَلَةَ
بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَانِ بنِ صَمْعَةَ، وَأَبَانِ
بنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ، وَأَبَانِ بنِ يَزِيْدَ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الفَضْلِ المَخْزُوْمِيِّ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بن يزيد الخُوزي، وإدريس
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 394"، والتاريخ الكبير "8/
ترجمة 2618"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 168"، وحلية
الأولياء "8/ ترجمة 437"، وتاريخ بغداد "13/ 466"،
والأنساب للسمعاني "6/ 174"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة
284"، والكاشف "3/ ترجمة 6164"، والعبر "1/ 324"، وميزان
الاعتدال "4/ ترجمة 9356"، وتهذيب التهذيب "11/ 123"،
وتقريب التهذيب "2/ 331"، وشذرات الذهب لابن العماد "1/
349"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 153".
(7/559)
ابن يَزِيْدَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ رَافِعٍ
المَدَنِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ سُلَيْمَانَ الأَزْرَقِ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي الصُّفَيْرَا، وَإِسْمَاعِيْلَ
بنِ مُسْلِمٍ العَبْدِيِّ، وَأَفْلَحَ بنِ حُمَيْدٍ،
وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَبَدْرِ بنِ عُثْمَانَ،
وَبَشِيْرِ بنِ المُهَاجِرِ، وَحُرَيْثِ بنِ أَبِي مَطَرٍ،
وَأَبِي خَلْدَةَ خَالِدِ بنِ دِيْنَارٍ، وَخَالِدِ بنِ
طَهْمَانَ، وَدَلْهَمِ بنِ صَالِحٍ، وَسَعْدِ بنِ أَوْسٍ،
وَسَعْدَانَ الجُهَنِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ السَّائِبِ،
وَسَعِيْدِ بنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ، وَسَلَمَةَ بنِ
نُبَيْطٍ، وَطَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، وَعَبَّادِ بنِ
مَنْصُوْرٍ، وَعُثْمَانَ الشَّحَامِ، وَعُمَرَ بنِ ذَرٍّ،
وعيسى بن طهمان، وعيينة بن عبد الرَّحْمَنِ بنِ جَوْشَنٍ،
وَكَهْمَسٍ، وَالمُثَنَّى بنِ سَعِيْدٍ الضُّبَعِيِّ،
وَالمُثَنَّى بنِ سَعِيْدٍ الطَّائِيِّ، وَابْنِ أَبِي
لَيْلَى، وَمِسْعَرِ بنِ حَبِيْبٍ، وَمِسْعَرِ بنِ كِدَام،
وَمُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، وَمُصْعَبِ بنِ
سُلَيْمٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَسُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ،
وَإِسْرَائِيْلَ، وَشَرِيْكٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، وَأَئِمَّةِ الحِفْظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -أَحَدُ
شُيُوْخِهِ- وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَالفَضْلُ
بنُ مُوْسَى السِّيْنَانِيُّ -وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ-
وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ،
وَالحُمَيْدِيُّ، وَمُسَدَّدٌ، وَعَلِيٌّ، وَأَحْمَدُ،
وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَإِسْحَاقُ، وَبَنُو أَبِي شَيْبَةَ،
وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ،
وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
هَاشِمٍ الطُّوْسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ
العُطَارِدِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ
العَبْسِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ وَالِدُهُ نَاظِراً عَلَى بَيْتِ المَالِ
بِالكُوْفَةِ، وَلَهُ هَيْبَةٌ وَجَلاَلَةٌ.
وَرَوَى عَنْ: يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ المَقَابِرِيِّ.
قَالَ: وَرِثَ وَكِيْعٌ مِنْ أُمِّهِ مائَةَ أَلْفِ
دِرْهَمٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: لَمَّا مَاتَ سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ، جَلَسَ وَكِيْعٌ مَوْضِعَهُ.
قَالَ القَعْنَبي: كُنَّا عِنْدَ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ،
فَلَمَّا خَرَجَ وَكِيْعٌ، قَالُوا: هَذَا رَاويَةُ
سُفْيَانَ. قَالَ حَمَّادٌ: إِنْ شِئْتُمْ قُلْتُ:
أَرْجَحُ مِنْ سُفْيَانَ.
الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعراني: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ
أَكْثَمَ يَقُوْلُ: صَحِبْتُ وَكِيْعاً فِي الحَضَرِ
وَالسَّفَرِ، وَكَانَ يَصُوْمُ الدَّهْرَ، وَيَخْتِمُ
القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ.
قُلْتُ: هَذِهِ عِبَادَةٌ يُخضَعُ لَهَا، وَلَكِنَّهَا
مِنْ مِثْلِ إِمَامٍ مِنَ الأَئِمَّةِ الأَثَرِيَّةِ
مَفضُولَةٌ، فَقَدْ صَحَّ نهيه -عليه الصلاة السلام- عَنْ
صَومِ الدَّهْرِ، وَصَحَّ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقْرَأَ
القُرْآنُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ، وَالدِّيْنُ يُسْرٌ،
وَمُتَابَعَةُ السُّنَّةِ أَوْلَى، فَرَضِيَ اللهُ عَنْ
وَكِيْعٍ، وَأَيْنَ مِثْلُ وَكِيْعٍ؟! وَمَعَ هَذَا
فَكَانَ مُلاَزِماً لِشُرْبِ نَبِيذِ الكُوْفَةِ الَّذِي
يُسكِرُ الإِكثَارُ مِنْهُ، فَكَانَ مُتَأَوِّلاً فِي
شُرْبِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ
(7/560)
تَوَرُّعاً، لَكَانَ أَوْلَى بِهِ، فَإِنَّ
مَنْ تَوَقَّى الشُّبَهَاتِ، فَقَدِ اسْتَبرَأَ لِدِيْنِه
وَعِرْضِهِ، وَقَدْ صَحَّ النهي والتحريم للنبيذ المذكور،
وليس هذا مَوْضِعَ هَذِهِ الأُمُوْرِ، وَكُلُّ أَحَدٍ
يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ، فَلاَ قُدْوَةَ فِي
خَطَأِ العَالِمِ، نَعَمْ، وَلاَ يُوَبَّخُ بِمَا فَعلَهُ
بِاجْتِهَادٍ، نَسْأَلُ اللهَ المُسَامَحَةَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: وَكِيْعٌ فِي زَمَانِهِ
كَالأَوْزَاعِيِّ فِي زَمَانِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَوعَى لِلْعِلمِ وَلاَ أَحْفَظَ مِنْ وَكِيْعٍ.
قُلْتُ: كَانَ أَحْمَدُ يُعَظِّمُ وَكِيْعاً،
وَيُفَخِّمُهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَامِرٍ المَصِّيْصِيُّ: سَأَلْتُ
أَحْمَدَ: وَكِيْعٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ يَحْيَى بنُ
سَعِيْدٍ? فَقَالَ: وَكِيْعٌ. قُلْتُ: كَيْفَ فَضَّلتَه
عَلَى يَحْيَى، وَيَحْيَى وَمَكَانُه مِنَ العِلْمِ
وَالحِفْظِ وَالإِتْقَانِ مَا قَدْ عَلِمْتَ? قَالَ:
وَكِيْعٌ كَانَ صَدِيْقاً لِحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، فَلَمَّا
وَلِيَ القَضَاءَ، هَجَرَهُ، وَإِنَّ يَحْيَى كَانَ
صَدِيْقاً لِمُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ، فَلَمَّا وَلِيَ
القَضَاءَ، لَمْ يَهْجُرْه يَحْيَى.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَرَّاقُ: عُرِضَ
القَضَاءُ عَلَى وَكِيْعٍ، فَامْتَنَعَ.
مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ البِيْكَنْدِيُّ: سَمِعْتُ
وَكِيْعاً يَقُوْلُ: مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ كَمَا جَاءَ،
فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَمَنْ طَلَبَهُ لِيُقَوِّيَ بِهِ
رَأْيَهُ، فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَدْ
حَدَّثَ وَكِيْعٌ بِدِمَشْقَ، فَأَخَذَ عَنْهُ: هِشَامُ
بنُ عَمَّارٍ، وَابْنُ ذَكْوَانَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حدثنا محمد بن يزيد،
حدثني حسين أَخُو زَيْدَانَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ وَكِيْعٍ،
فَأَقْبَلْنَا جَمِيْعاً مِنَ المَصِّيْصَةِ -أَوْ
طَرَسُوْسَ- فَأَتَيْنَا الشَّامَ، فَمَا أَتَيْنَا
بَلَداً إِلاَّ اسْتَقبَلَنَا وَالِيْهَا، وَشَهِدْنَا
الجُمُعَةَ بِدِمَشْقَ، فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ،
أَطَافُوا بِوَكِيْعٍ، فَمَا انْصَرَفَ إِلَى أَهْلِهِ
-يَعْنِي: إِلَى اللَّيْلِ- قَالَ: فَحَدَّثَ بِهِ
مَلِيْحاً ابْنَهُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ فِي جَسَدِ أَبِي
آثَارَ خُضْرَةٍ مِمَّا زُحِمَ ذَلِكَ اليَوْمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: أَحْرَمَ
وَكِيْعٌ مِنْ بَيْتِ المَقْدِسِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ وَكِيْعٌ ثِقَةً،
مَأْمُوْناً، عَالِياً، رَفِيْعاً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ،
حُجَّةً.
قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: قَالَ لِي وَكِيْعٌ:
اخْتَلَفتُ إِلَى الأَعْمَشِ سِنِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ التَّيْمِيُّ: أَخْبَرَنَا
وَكِيْعٌ، قَالَ: أَتَيْتُ الأَعْمَشَ، فَقُلْتُ:
حَدِّثْنِي. قَالَ: مَا اسْمُكَ? قُلْتُ: وَكِيْعٌ. قَالَ:
اسْمُ نَبِيْلٍ، مَا أَحسِبُ إِلاَّ سَيَكُوْنُ لَكَ
نَبَأٌ، أَيْنَ تَنْزِلُ مِنَ
(7/561)
الكُوْفَةِ? قُلْتُ: فِي بَنِي رُؤَاسٍ.
قَالَ: أَيْنَ مِنْ مَنْزِلِ الجَرَّاحِ بنِ مَلِيْحٍ?
قُلْتُ: ذَاكَ أَبِي؟ وَكَانَ عَلَى بَيْتِ المَالِ. قَالَ
لِي اذْهَبْ، فَجِئنِي بِعَطَائِي، وَتَعَالَ حَتَّى
أُحَدِّثَك بِخَمْسَةِ أَحَادِيْثَ. فَجِئْتُ إِلَى أَبِي،
فَأَخْبَرتُهُ، قَالَ: خُذْ نِصْفَ العَطَاءِ، وَاذْهَبْ،
فَإِذَا حَدَّثَكَ بِالخَمْسَةِ، فَخُذِ النِّصْفَ
الآخَرَ، حَتَّى تَكُوْنَ عَشْرَةٌ. فَأَتَيْتُهُ بِنِصْفِ
عَطَائِهِ، فَوَضَعَهُ فِي كَفِّه، وَقَالَ: هَكَذَا.
ثُمَّ سَكَتَ، فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي. فَأَملَى عَلَيَّ
حَدِيْثَينِ، فَقُلْتُ: وَعَدْتَنِي بِخَمْسَةٍ. قَالَ:
فَأَيْنَ الدَّرَاهِمُ كُلُّهَا? أَحسِبُ أن أباك أمرك
بهذا، وَلَمْ يَدرِ أَنَّ الأَعْمَشَ مُدَرَّبٌ، قَدْ
شَهِدَ الوَقَائِعَ، اذْهَبْ، فَجِئْنِي بِتَمَامِه،
فَجِئْتُهُ، فَحَدَّثَنِي بِخَمْسَةٍ، فَكَانَ إِذَا كَانَ
كُلُّ شَهْرٍ، جِئْتُهُ بِعَطَائِهِ، فَحَدَّثَنِي
بِخَمْسَةِ أَحَادِيْثَ.
قَالَ قَاسِمُ بنُ يَزِيْدَ الجَرْمِيُّ: كَانَ
الثَّوْرِيُّ يَدعُو وَكِيْعاً وَهُوَ غُلاَمٌ،
فَيَقُوْلُ: يَا رُؤَاسِيُّ! تَعَالَ، أَيَّ شَيْءٍ
سَمِعْتَ? فَيَقُوْلُ: حَدَّثَنِي فُلاَنٌ بِكَذَا،
وَسُفْيَانُ يَتَبَسَّمُ، وَيَتَعَجَّبُ مِنْ حِفْظِهِ.
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: مَا كَانَ بِالكُوْفَةِ فِي زَمَانِ
وَكِيْعٍ أَفْقَهُ وَلاَ أَعْلَمُ بِالحَدِيْثِ مِنْ
وَكِيْعٍ، وَكَانَ جِهْبِذاً سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا
نَظَرْتُ فِي كِتَابٍ مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً،
إِلاَّ فِي صَحِيْفَةٍ يَوْماً. فَقُلْتُ لَهُ: عَدُّوا
عَلَيْكَ بِالبَصْرَةِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ غَلِطْتَ
فِيْهَا. قال: وحدثتهم بعبادان بنحو من ألف وخمسمائة،
أربعة أحاديث ليست بكثيرة في ذلك.
وقال يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:
مَا كَتَبتُ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَطُّ، كُنْتُ أَتَحَفَّظُ،
فَإِذَا رَجَعْتُ إِلَى المَنْزِلِ كَتَبْتُهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ: سَمِعْتُ
يَحْيَى بنَ يَمَانٍ يَقُوْلُ: نَظرَ سُفْيَانُ إِلَى
عَيْنَيْ وَكِيْعٍ، فَقَالَ: لاَ يَمُوْتُ هَذَا
الرُّؤَاسِيُّ حَتَّى يَكُوْنَ لَهُ شَأْنٌ. فَمَاتَ
سُفْيَانُ، وَجَلَسَ وَكِيْعٌ مَكَانَه.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: قُلْتُ لأَبِي
بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ: حَدِّثْنَا. قَالَ: قَدْ كَبِرْنَا
وَنَسِينَا الحَدِيْثَ، اذْهَبْ إِلَى وَكِيْعٍ فِي بَنِي
رُؤَاسٍ.
قَالَ الشَّاذَكُوْنِيُّ: قَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
يَوْماً: مَا دَامَ هَذَا التِّنِيْنُ حَيّاً -يَعْنِي:
وَكِيْعاً- مَا يفلح أحدًا مَعَهُ.
قُلْتُ: كَانَ وَكِيْعٌ أَسْمَرَ، ضَخْماً، سَمِيْناً.
قال ابن عدي: حديث عَنْ نُوْحِ بنِ حَبِيْبٍ، عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ، قَالَ: رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ، وَابْنَ
عُيَيْنَةَ، وَمَعْمَراً، وَمَالِكاً، وَرَأَيْتُ
وَرَأَيْتُ، فَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ قَطُّ مِثْلَ وكيع.
(7/562)
قَالَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: كُنَّا
بِعَبَّادَانَ، فَقَالَ لِي حَمَّادُ بنُ مَسْعدَةَ:
أُحِبُّ أَنْ تَجِيْءَ مَعِي إِلَى وَكِيْعٍ.
فَأَتَيْنَاهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَتَحَدَّثْنَا، ثُمَّ
انْصَرَفنَا، فَقَالَ لِي حَمَّادٌ: يَا أَبَا
مُعَاوِيَةَ! قَدْ رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ، فَمَا كَانَ
مِثْلَ هَذَا.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ
أَبِي يَقُوْلُ: كَانَ وَكِيْعٌ حَافِظاً حَافِظاً، مَا
رَأَيْتُ مِثْلَهُ.
وَقَالَ بِشْرُ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ قَطُّ مِثْلَ وَكِيْعٍ
فِي العِلْمِ، وَالحِفْظِ، وَالإِسْنَادِ، وَالأَبْوَابِ،
مَعَ خُشُوْعٍ وَوَرَعٍ.
قُلْتُ: يَقُوْلُ هَذَا أَحْمَدُ مَعَ تَحَرِّيه
وَوَرَعِهِ، وَقَدْ شَاهَدَ الكِبَارَ، مِثْلَ هُشَيمٍ،
وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَأَبِي
يُوْسُفَ القَاضِي، وَأَمْثَالِهِم.
وَكَذَا رَوَى عَنْ أَحْمَدَ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ،
قَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بنَ
سُلَيْمَانَ البَلْخِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ ابن حَنْبَلٍ
عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَوَكِيْعٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ
أَحْفَظَ مِنْ وَكِيْعٍ، وَكَفَاكَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ
مَعْرِفَةً وَإِتْقَاناً، وَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَوزَنَ
بِقَوْمٍ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ، وَلاَ أَشَدَّ
تَثَبُّتاً فِي أُمُوْرِ الرِّجَالِ مَنْ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ أَقَلُّ الأَرْبَعَةِ خَطَأً،
وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، مَوْضِعُ الحُجَّةِ فِي
الحَدِيْثِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لأَبِي: أَيُّمَا
أَثْبَتُ عِنْدَكَ، وَكِيْعٌ أَوْ يَزِيْدُ? فَقَالَ: مَا
مِنْهُمَا -بِحَمْدِ الله- إِلاَّ ثَبْتٌ، وَمَا رَأَيْتُ
أَوعَى لِلْعِلْمِ مِنْ وَكِيْعٍ، وَلاَ أَشْبَهَ مِنْ
أَهْلِ النُّسُكِ مِنْهُ، وَلَمْ يَختَلِطْ
بِالسُّلْطَانِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ:
سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْ وَكِيْعٍ وَابْنِ
مَهْدِيٍّ، فَقَالَ: وَكِيْعٌ أَكْبَرُ فِي القَلْبِ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ إِمَامٌ.
وَقَالَ زَاهِدُ دِمَشْقَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَاري:
مَا رَأَيْتُ فِيْمَنْ لَقِيْتُ أَخشَعَ مِنْ وَكِيْعٍ.
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ: عَنْ أَبِيْهِ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ
مِنْ وَكِيْعٍ. قِيْلَ: وَلاَ ابْنُ المُبَارَكِ? قَالَ:
قَدْ كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ لَهُ فَضْلٌ، وَلَكِنْ مَا
رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ وَكِيْعٍ، كَانَ يَسْتَقبِلُ
القِبْلَةَ، وَيَحْفَظُ حَدِيْثَهُ، وَيَقُوْمُ اللَّيْلَ،
وَيسرُدُ الصَّوْمَ، وَيُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيْفَةَ
-رَحِمَهُ اللهُ- وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ كَثِيْراً.
قَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرة: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ
مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ مِنْ
وَكِيْعٍ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَلاَ هُشَيْمٌ? فَقَالَ:
وَأَيْنَ يَقَعُ حَدِيْثُ هُشَيْمٍ مِنْ حَدِيْثِ
وَكِيْعٍ?! قال
(7/563)
الرَّجُلُ: إِنِّيْ سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ
المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ
مَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ. فَقَالَ: كَانَ يَزِيْدُ
يَتَحَفَّظُ، كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ تُحَفِّظُه مِنْ
كِتَابٍ.
قَالَ قُتَيْبَةُ: سَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ: جَاءنِي
ابْنُ المُبَارَكِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ! مَنْ رَجُلُ الكُوْفَةِ اليَوْمَ? فَسَكَتَ
عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: رَجُلُ المِصْرَيْنِ وَكِيْعٌ.
تَمْتَامٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنِي
بَعْضُ أَصْحَابِ وَكِيْعٍ الَّذِيْنَ كَانُوا
يَلْزَمُوْنَهُ: أَنَّ وَكِيْعاً كَانَ لاَ يَنَامُ حَتَّى
يَقرَأَ جُزْءهُ مِنْ كُلِّ لَيْلَةٍ ثُلُثَ القُرْآنَ،
ثُمَّ يَقُوْمُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَيَقرَأُ
المُفَصَّلَ، ثُمَّ يَجْلِسُ، فَيَأْخُذُ فِي
الاسْتِغْفَارِ حَتَّى يَطلُعَ الفَجْرُ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ وَكِيْعٍ، قَالَ: كَانَ أَبِي يُصَلِّي،
فَلاَ يَبْقَى فِي دَارِنَا أَحَدٌ إِلاَّ صَلَّى، حَتَّى
جَارِيَةٌ لَنَا سَوْدَاءُ.
عَبَّاسٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَمِعْتُ
وَكِيْعاً يَقُوْلُ كَثِيْراً: وَأَيُّ يَوْمٍ لَنَا مِنَ
المَوْتِ? وَرَأَيْتُهُ أَخَذَ فِي كِتَابِ "الزُّهْدِ"
يَقْرَؤُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ حَدِيْثاً مِنْهُ، تَرَكَ
الكِتَابَ، ثُمَّ قَامَ، فَلَمْ يُحَدِّثْ، فَلَمَّا كَانَ
مِنَ الغَدِ، وَأَخَذَ فِيْهِ، بَلَغَ ذَلِكَ المَكَانَ،
قَامَ أَيْضاً وَلَمْ يُحَدِّثْ، حَتَّى صَنَعَ ذَلِكَ
ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. قُلْتُ لِيَحْيَى: وَأَيُّ حَدِيْثٍ
هُوَ? قَالَ: حَدِيْثُ "كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر
سَبِيْلٍ".
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: كَانَ وَكِيْعٌ يَصُوْمُ الدَّهْرَ،
وَيُفْطِرُ يَوْمَ الشَّكِّ وَالعِيْدِ، وَأُخْبِرْتُ
أَنَّهُ كَانَ يَشتَكِي إِذَا أَفطَرَ فِي هَذِهِ
الأَيَّامِ.
وَعَنْ سُفْيَانَ بنِ وَكِيْعٍ، قَالَ: كَانَ أَبِي
يَجْلِسُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ مِنْ بُكْرَةٍ إِلَى
ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقِيْلُ،
ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَيَقْصِدُ الطَّرِيْقَ إِلَى
المَشْرَعَةِ الَّتِي يَصعَدُ مِنْهَا أصحاب الروايا،
فَيُرِيْحُوْنَ نَوَاضِحَهُم، فَيُعَلِّمُهُم مِنَ
القُرْآنِ مَا يُؤَدُّونَ بِهِ الفَرضَ إِلَى حُدُوْدِ
العَصْرِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَيُصَلِّي
العَصْرَ، ثُمَّ يَجْلِسُ يَدْرُسُ القُرْآنَ، وَيَذكُرُ
الله إِلَى آخِرِ النَّهَارِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ،
فَيُقَدَّمُ إِلَيْهِ إِفْطَارُهُ، وَكَانَ يُفْطِرُ عَلَى
نَحْوِ عَشْرَةِ أَرطَالٍ مِنَ الطَّعَامِ، ثُمَّ
تُقَدَّمُ إِلَيْهِ قُرَابَةٌ، فِيْهَا نَحْوٌ مِنْ
عَشْرَةِ أَرطَالٍ مِنْ نَبِيذٍ، فَيَشرَبُ مِنْهَا مَا
طَابَ لَهُ عَلَى طَعَامِهِ، ثُمَّ يَجعَلُهَا بَيْنَ
يَدَيْهِ، ثُمَّ يَقُوْمُ، فَيُصَلِّي وِرْدَهُ مِنَ
اللَّيْلِ، كُلَّمَا صَلَّى شَيْئاً، شَرِبَ مِنْهَا،
حَتَّى يُنْفِدَهَا، ثُمَّ يَنَامُ.
رَوَى هَذِهِ الحِكَايَةَ الدَّارَقُطْنِيُّ، عَنِ
القَاضِي ابْنِ أُمِّ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سُفْيَانَ بنِ وَكِيْعٍ،
عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ بُهْلُولٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا
وَكِيْعٌ، فَنَزَلَ فِي مَسْجِدِ الفُرَاتِ، وَسَمِعْتُ
مِنْهُ، فطلب
(7/564)
مِنِّي نَبِيْذاً، فَجِئْتُهُ بِهِ،
وَأَقْبَلتُ أَقرَأُ عَلَيْهِ الحَدِيْثَ وَهُوَ يَشْرَبُ،
فَلَمَّا نَفِدَ مَا جِئْتُهُ بِهِ، أَطفَأَ السِّرَاجَ.
قُلْتُ: مَا هَذَا? قَالَ: لَوْ زِدْتَنَا، زِدْنَاكَ.
قَالَ جَعْفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ
مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْأَلُ وَكِيْعاً،
فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ! شَرِبْتُ البَارِحَةَ
نَبِيْذاً، فَرَأَيْتُ فِيْمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ
رَجُلاً يَقُوْلُ: شَرِبتَ خَمراً. فَقَالَ وَكِيْعٌ:
ذَلِكَ الشَّيْطَانُ.
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: تَعَشَّينَا عِنْدَ
وَكِيْعٍ -أَوْ قَالَ: تَغَدَّينَا- فَقَالَ: أَيَّ شَيْءٍ
تُرِيْدُوْنَ أَجِيئُكُم مِنْهُ: نَبِيذُ الشُّيُوْخِ،
أَوْ نَبِيذُ الفِتْيَانِ? فقلت: تَتَكَلَّمُ بِهَذَا?
قَالَ: هُوَ عِنْدِي أَحَلُّ مِنْ مَاءِ الفُرَاتِ. قُلْتُ
لَهُ: مَاءُ الفُرَاتِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي حِلِّهِ،
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا.
قُلْتُ: الرَّجُلُ -سَامَحَهُ الله- لَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ
إِبَاحَتَه، لَمَا قَالَ هَذَا.
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَمَّاسٍ، قَالَ: لَوْ
تَمَنَّيْتُ، كُنْتُ أَتَمَنَّى عَقْلَ ابْنِ المُبَارَكِ
وَوَرَعَهُ، وَزُهْدَ ابْنِ فُضَيْلٍ وَرِقَّتَه،
وَعِبَادَةَ وَكِيْعٍ وَحِفْظَهُ، وَخُشُوْعَ عِيْسَى بنِ
يُوْنُسَ، وَصَبْرَ حُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ، صَبَرَ وَلَمْ
يَتَزَوَّجْ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمرِ
الدُّنْيَا.
وَرَوَى بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ وَكِيْعٍ، قَالَ: قَالَ
لِي الرَّشِيْدُ إِنَّ أَهْلَ بَلَدِكَ طَلَبُوا مِنِّي
قَاضِياً، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُشْرِكَكَ فِي أَمَانَتِي
وَصَالِحِ عَمَلِي، فَخُذْ عَهدَكَ. فَقُلْتُ: يَا
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَنَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ،
وَإِحْدَى عَيْنَيَّ ذَاهِبَةٌ، وَالأُخْرَى ضَعِيْفَةٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَم: مَا رَأَيْتُ بِيَدِ وَكِيْعٍ
كِتَاباً قَطُّ، إِنَّمَا هُوَ حِفْظٌ، فَسَأَلتُهُ عَنْ
أَدوِيَةِ الحِفْظِ، فَقَالَ: إِنْ عَلَّمْتُكَ
الدَّوَاءَ، اسْتَعْمَلتَه? قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ. قَالَ:
تَرْكُ المَعَاصِي، مَا جَرَّبْتُ مِثْلَهُ لِلْحِفْظِ.
وَقَالَ طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيُّ: سَمِعْتُ
وَكِيْعاً يَقُوْلُ: لَوْ علمت أَنَّ الصَّلاَةَ أَفْضَلُ
مِنَ الحَدِيْثِ، مَا حَدَّثْتُكُم.
قَالَ سُفْيَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ صَاحِبُ ابْنِ
المُبَارَكِ: كَانَ وَكِيْعٌ أَحْفَظَ مِنِ ابْنِ
المُبَارَكِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: وَكِيْعٌ: كُوْفِيٌّ،
ثِقَةٌ، عَابِدٌ، صَالِحٌ، أَدِيْبٌ، مِنْ حُفَّاظِ
الحَدِيْثِ، وَكَانَ مُفْتِياً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سُئِلَ أَبُو
دَاوُدَ: أَيُّمَا أَحْفَظُ: وَكِيْعٌ أَوْ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ? قَالَ: وَكِيْعٌ أَحْفَظُ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَتْقَنُ، وَقَدِ التَقَيَا بَعْدَ
العِشَاءِ فِي المَسْجَدِ الحَرَامِ، فَتَوَاقَفَا، حَتَّى
سَمِعَا أَذَانَ الصُّبْحِ.
(7/565)
عَبَّاسٌ، وَابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ:
سَمِعَا يَحْيَى يَقُوْلُ: مَنْ فَضَّلَ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ عَلَى وَكِيْعٍ، فَعَلَيهِ
لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ.
قُلْتُ: هَذَا كَلاَمٌ رَدِيءٌ، فَغَفَرَ اللهُ لِيَحْيَى،
فَالَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
أَعْلَمُ الرَّجُلَيْنِ، وَأَفْضَلُ، وَأَتْقَنُ،
وَبِكُلِّ حَالٍ هُمَا إِمَامَانِ نَظِيْرَانِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَا رُئِيَ لِوَكِيْعٍ كِتَابٌ
قَطُّ، وَلاَ لِهُشَيْمٍ، وَلاَ لِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ،
وَلاَ لِمَعْمَرٍ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: أَوْثَقُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ
الثَّوْرِيِّ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَالقَطَّانُ، وَوَكِيْعٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَشْهَدُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ حنبل
قال: الثبت عندنا بِالعِرَاقِ: وَكِيْعٌ، وَيَحْيَى
القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ.
رَوَاهَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ
بنِ حَنْبَلٍ أَيْضاً، ثُمَّ قَالَ: فَذَكَرْتُهُ
لِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَقَالَ: الثَّبْتُ عِنْدنَا
بِالعِرَاقِ وَكِيْعٌ.
السَّاجِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ
يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ
مِنْ وَكِيْعٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ -وَبَلَغَهُ قَوْلُ يَحْيَى:
مَنْ فَضَّلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَلَى وَكِيْعٍ،
فَعَلَيْهِ اللَّعْنَةَ: كَانَ غَيْرُ هَذَا أَشْبَهَ
بِكَلاَمِ أَهْلِ العِلْمِ، وَمَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ، لَمْ
يَقلْ مِثْلَ هَذَا، وَكِيْع خَيِّرٌ، فَاضِلٌ، حَافِظٌ.
وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِذَا اخْتَلَفَ
وَكِيْعٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، بِقَوْلِ مَنْ نَأْخُذُ?
فَقَالَ: نُوَافِقُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَكْثَرَ،
وَخَاصَّةً فِي سُفْيَانَ، كَانَ مَعْنِيّاً بِحَدِيْثِهِ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يَسْلَمُ مِنْهُ السَّلَفُ،
وَيَجتَنِبُ شُرْبَ المُسْكِرِ، وَكَانَ لاَ يَرَى أَنْ
يُزْرَع فِي أَرْضِ الفُرَاتِ.
قُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ،
وَكَانَ يُغْشَى عَلَيْهِ إِذَا سَمِعَ القُرْآنَ.
نَقَلَهُ: صَاحِبُ "شرِيْعَةِ المَقَارِئِ".
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: حَدِيْثُ
الأَعْمَشِ إِذَا اخْتَلَفَ وَكِيْعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ?
قَالَ: يُوَقَّفُ حَتَّى يَجِيْءَ مَنْ يُتَابِعُ
أَحَدَهُمَا. ثُمَّ قَالَ: كَانَتِ الرِّحلَةُ إِلَى
وَكِيْع فِي زَمَانِهِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: وَكِيْعٌ أحفظ من ابن
المبارك.
قَالَ حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ
يقول: رأيت عند مروان ابن مُعَاوِيَةَ لَوْحاً فِيْهِ
أَسْمَاءُ شُيُوْخٍ: فُلاَنٌ رَافِضِيٌّ، وَفُلاَنٌ كَذَا،
وَوَكِيْعٌ رَافِضِيٌّ، فَقُلْتُ لِمَرْوَانَ: وَكِيْع خير
منك.
(7/566)
قَالَ: مِنِّي? قُلْتُ: نَعَمْ. فَسَكَتَ،
وَلَوْ قَالَ لِي شَيْئاً، لَوَثَبَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ
عَلَيْهِ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ وَكِيْعاً، فَقَالَ:
يَحْيَى صَاحِبُنَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْرِفُ لِي،
وَيُرَحِّبُ.
قُلْتُ: مَرَّ قَوْلُ أَحْمَدَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
يَسْلَمُ مِنْهُ السَّلَفُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَكِيْعاً
فِيْهِ تَشَيُّعٌ يَسِيْرٌ، لاَ يَضُرُّ -إِنْ شَاءَ
اللهُ- فَإِنَّهُ كُوْفِيٌّ فِي الجُمْلَةِ، وَقَدْ
صَنَّفَ كِتَابَ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، سَمِعْنَاهُ
قَدَّمَ فِيْهِ بَابَ مَنَاقِبِ عَلِيٍّ عَلَى مَنَاقِبِ
عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مَهْدِيٍّ لاَ يُتَحَدَّثُ فِي مَجْلِسِهِ، وَلاَ
يَقُوْمُ أَحَدٌ ولا يبرى فيه قلم، ولا يبتسم أَحَدٌ،
وَكَانَ وَكِيْعٌ يَكُوْنُوْنَ فِي مَجْلِسِهِ كَأَنَّهُم
فِي صَلاَةٍ، فَإِنْ أَنْكَرَ مِنْ أَمرِهِم شَيْئاً،
انْتَعَلَ، وَدَخَلَ، وَكَانَ ابْنُ نُمَيْرٍ يَغْضَبُ
وَيَصِيْحُ، وَإِنْ رَأَى مَنْ يَبرِي قَلَماً، تَغَيَّرَ
وَجْهُهُ غَضَباً.
قَالَ تَمِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ: سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: عَلَيْكُم بِمُصَنَّفَاتِ
وَكِيْعٍ.
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ
اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أبي يقول: أخطأ
وكيع في خمسمائة حَدِيْثٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ وَكِيْعٌ يلحن،
ولو حدثت عنه بِأَلْفَاظِهِ، لَكَانَتْ عَجَباً، كَانَ
يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا مِسْعَر، عَنْ "عِيْشَةَ".
نَقَلَهَا: يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، عَنْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ وَكِيْعٌ أَحْفَظَ
مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِكَثِيْرٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: عَنْ أَبِيْهِ: ابْنُ
مَهْدِيٍّ أَكْثَرُ تَصْحِيْفاً مِنْ وَكِيْعٍ، لَكِنَّهُ
أَقَلُّ خَطَأً.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ
يَقُوْلُ: مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ وَكِيْعٍ قَطُّ،
يَحْفَظُ الحَدِيْثَ جَيِّداً، وَيُذَاكِرُ بِالفِقْهِ،
فَيُحْسِنُ مَعَ وَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ
فِي أَحَدٍ.
قَالَ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ:
دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ بَعْدَ المِحْنَةِ،
فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ وَكِيْعٌ إِمَامَ
المُسْلِمِيْنَ فِي زَمَانِهِ.
قَالَ سَلْمُ بنُ جُنَادَةَ: جَالَسْتُ وَكِيْعاً سَبْعَ
سِنِيْنَ، فَمَا رَأَيْتُهُ بَزَقَ، وَلاَ مَسَّ حَصَاةً،
وَلاَ جَلَسَ مِجْلِساً فَتَحَرَّكَ، وَمَا رَأَيْتُهُ
إِلاَّ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، وَمَا رَأَيْتُهُ يَحلِفُ
بِاللهِ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: كُنْتُ عِنْدَ
وَكِيْعٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ يَدعُوْهُ إِلَى عُرْسٍ،
فَقَالَ أَثَمَّ نَبِيْذٌ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: لاَ
نَحْضُرُ عُرْساً لَيْسَ فِيْهِ نَبِيْذٌ. قَالَ: فَإِنِّي
آتِيْكُم بِهِ، فَقَامَ.
(7/567)
وَرُوِيَ عَنْ وَكِيْعٍ: أَنَّ رَجُلاً
أَغلَظَ لَهُ، فَدَخَلَ بَيْتاً، فَعَفَّرَ وَجْهَه، ثُمَّ
خَرَجَ إِلَى الرَّجُلِ، فَقَالَ: زِدْ وَكِيْعاً
بِذَنْبِهِ، فَلَولاَهُ، مَا سُلِّطْتَ عَلَيْهِ.
نَصْرُ بنُ المُغِيْرَةِ البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ إبراهيم
بن شماس يقول: رأيت أفقه الناس وَكِيْعاً، وَأَحْفَظَ
النَّاسِ ابْنَ المُبَارَكِ، وَأَورَعَ النَّاسِ
الفُضَيْلَ.
قَالَ مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ: مَا
رَأَيْتُ فِيْمَنْ رَأَيْتُ أَخشَعَ مِنْ وَكِيْعٍ، وَمَا
وُصِفَ لِي أَحَدٌ قَطُّ إِلاَّ رَأَيْتُهُ دُوْنَ
الصِّفَةِ، إِلاَّ وَكِيْعاً، رَأَيْتُهُ فَوْقَ مَا
وُصِفَ لِي.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: قَدِمَ وَكِيْعٌ مَكَّةَ،
وَكَانَ سَمِيْناً، فَقَالَ لَهُ الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ:
مَا هَذَا السِّمَنُ وَأَنْتَ رَاهِبُ العِرَاقِ?! قَالَ:
هَذَا مِنْ فَرَحِي بِالإِسْلاَمِ، فَأَفَحَمَهُ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:
الجَهرُ بِالبَسْمِلَةِ بدعة.
قَالَ الفَضْلُ بنُ عَنْبَسَةَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ
وَكِيْعٍ مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: حِفْظِي وَحِفظُ ابْن
المُبَارَكِ تَكَلُّفٌ، وَحِفْظُ وَكِيْعٍ أَصْلِيٌّ،
قَامَ وَكِيْعٌ، فَاسْتَنَدَ، وَحَدَّثَ بِسَبْعِ مائَةِ
حَدِيْثٍ حِفْظاً.
وَقَالَ مَحْمُوْدُ بنُ آدَمَ: تَذَاكَرَ بِشْرُ بنُ
السَّرِيِّ وَوَكِيْعٌ لَيْلَةً -وَأَنَا أَرَاهُمَا- مِنَ
العِشَاءِ إِلَى الصُّبْحِ، فَقُلْتُ لِبِشْرٍ: كَيْفَ
رَأَيْتَهُ? قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ.
وَقَالَ سَهْلُ بنُ عُثْمَانَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ
وَكِيْعٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ وَكِيْعٌ مَطْبُوْعَ
الحِفظِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: كَانُوا
إِذَا رَأَوْا وَكِيْعاً، سَكَتُوا -يَعْنِي: فِي الحِفْظِ
وَالإِجْلاَلِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى
وَابْنِ مَهْدِيٍّ وَوَكِيْعٍ، فَقَالَ: وَكِيْعٌ
أَسْرَدُهُم.
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ
الجَمَّالَ يَقُوْلُ: أَتَيْنَا وَكِيْعاً، فَخَرَجَ
بَعْدَ سَاعَةٍ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ مَغْسُوْلَةٌ، فَلَمَّا
بَصُرْنَا بِهِ، فَزِعْنَا مِنَ النُّوْرِ الَّذِي
رَأَينَاهُ يَتَلأْلأُ مِنْ وَجْهِهِ. فَقَالَ رَجُلٌ
بِجَنْبِي: أَهَذَا مَلَكٌ? فَتَعَجَّبْنَا مِنْ ذَلِكَ
النُّوْرِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: رَأَيْتُ وَكِيْعاً إِذَا
قَامَ فِي الصَّلاَةِ، لَيْسَ يَتَحَرَّكُ مِنْهُ شَيْءٌ،
لاَ يَزُوْلُ وَلاَ يَمِيْلُ عَلَى رِجْلٍ دُوْنَ
الأُخْرَى.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ
وَكِيْعاً يَقُوْلُ: مَا نَعِيْشُ إِلاَّ فِي سُتْرَةٍ،
وَلَوْ كُشِفَ الغِطَاءُ، لَكُشِفَ عَنْ أَمرٍ عَظِيْمٍ،
الصِّدْقَ النِّيَّةَ.
(7/568)
قَالَ الفَلاَّسُ: مَا سَمِعْتُ وَكِيْعاً
ذَاكِراً أَحَداً بِسُوءٍ قَطُّ.
قُلْتُ: مَعَ إِمَامَتِهِ، كَلاَمُهُ نَزْرٌ جِدّاً فِي
الرِّجَالِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ وَكِيْعٍ:
مَا أَخَذْتُ حَدِيْثاً قَطُّ عَرْضاً. فَذَكَرْتُ هَذَا
لابْنِ مَعِيْنٍ، فَقَالَ: وَكِيْعٌ عِنْدنَا ثَبْتٌ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَكَمِ بنِ بَشِيْرٍ:
وَكِيْعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ غَايَةُ الإِسْنَادِ، لَيْسَ
بَعْدَهُ شَيْءٌ، مَا أَعْدِلُ بِوَكِيْعٍ أَحَداً.
فَقِيْلَ لَهُ: فَأَبُو مُعَاوِيَةَ? فَنَفَرَ مِنْ
ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَصَحُّ إِسْنَادٍ بِالعِرَاقِ وَغَيْرِهَا:
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنْ سُفْيَانُ،
عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي "المُسْنَدِ" بِهَذَا السَّنَدِ
عِدَّةُ مُتُوْنٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ: خَرَجَ عَلَيْنَا
وَكِيْعٌ يَوْماً، فَقَالَ: أَيُّ الإِسْنَادَينِ أَحَبُّ
إِلَيْكُم: الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ، أَوْ: سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ? فَقُلْنَا: الأَعْمَشُ،
فَإِنَّهُ أَعْلَى. فَقَالَ: بَلِ الثَّانِي، فَإِنَّهُ
فَقِيْهٌ، عَنْ فَقِيْهٍ، عَنْ فَقِيْهٍ، عَنْ فَقِيْهٍ،
وَالآخَرُ شَيْخٌ، عَنْ شَيْخٍ، وَحَدِيْثٌ يَتَدَاوَلُهُ
الفقهاء، خير من حديث يتداوله الشيوخ.
نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَضَرْتُ مَوْتَ
سُفْيَانَ، فَكَانَ عَامَّةُ كَلاَمِهِ: مَا أَشَدَّ
المَوْتَ! قَالَ نُوْحٌ: فَأَتَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ،
فَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنَا عَنْكَ وَكِيْعٌ، فَكَانَ
مُتَّكِئاً، فَقَعَدَ، وَقَالَ: أَنَا حَدَّثْتُ أَبَا
سُفْيَانَ، جَزَاهُ اللهُ خَيْراً وَمَنْ مِثْلُ أَبِي
سُفْيَانَ?! وَمَا يُقَالُ لمِثْلِ أَبِي سُفْيَانَ?!
وَقِيْلَ: إِنَّ وَكِيْعاً وَصَلَ إِنْسَاناً مَرَّةً
بِصُرَّةِ دَنَانِيْرَ؛ لِكَوْنِهِ كَتَبَ مِنْ مِحْبَرَةِ
ذَلِكَ الإِنْسَانِ، وَقَالَ: اعذِرْ، فَلاَ أَمْلِكُ
غَيْرَهَا.
عَلِيُّ بنُ خَشْرَم: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ: لاَ
يَكْمُلُ الرَّجُلُ حَتَّى يَكْتُبَ عَمَّنْ هُوَ
فَوْقَهُ، وَعَمَّنْ هُوَ مِثْلَهُ، وَعَمَّنْ هُوَ
دُوْنَهُ.
وَعَنْ مَلِيْحِ بنِ وَكِيْعٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ
بِأَبِي المَوْتُ، أَخْرَجَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا
بُنَيَّ! تَرَى يَدَيَّ مَا ضَرَبْتُ بِهِمَا شَيْئاً
قَطُّ. قَالَ مَلِيْحٌ: فَحَدَّثتُ بِهَذَا دَاوُدَ بنَ
يَحْيَى بنِ يَمَانٍ، فقال: رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّومِ،
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنِ الأَبْدَالُ? قَالَ:
الَّذِيْنَ لاَ يَضْرِبُوْن بِأَيْدِيهِم شَيْئاً، وَإِنَّ
وَكِيْعاً مِنْهُم.
قُلْتُ: بَلِ الَّذِي يَضْرِبُ بِيَدِهِ فِي سَبِيْلِ
اللهِ أَشْرَفُ وَأَفْضَلُ.
(7/569)
مِحْنَةُ وَكِيْعٍ -وَهِيَ غَرِيْبَةٌ-
تَوَرَّطَ فِيْهَا، وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ خَيْراً،
وَلَكِنْ فَاتَتْهُ سَكْتَةٌ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَفَى بِالمَرْءِ
إِثْماً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، فَلْيَتَّقِ
عَبْدٌ رَبَّهُ، وَلاَ يَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنْبَهُ".
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَم: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
البَهِيِّ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيْقَ جَاءَ إِلَى
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ
وَفَاتِهِ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ، فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ:
بِأَبِي وَأُمِّي، مَا أَطْيَبَ حَيَاتَكَ وَمِيْتَتَكَ.
ثُمَّ قَالَ البَهِيُّ: وَكَانَ تُرِكَ يَوْماً
وَلَيْلَةً، حَتَّى رَبَا بَطْنُهُ، وَانْثَنَتْ
خِنْصِرَاهُ. قَالَ ابْنُ خَشْرَمٍ: فَلَمَّا حَدَّثَ
وَكِيْعٌ بِهَذَا بِمَكَّةَ، اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ،
وَأَرَادُوا صَلْبَ وَكِيْعٍ، وَنَصَبُوا خَشَبَةً
لِصَلْبِهِ، فَجَاءَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ
لَهُم: اللهَ اللهَ، هَذَا فَقِيْهُ أَهْلِ العِرَاقِ،
وَابْنُ فَقِيْهِهِ، وَهَذَا حَدِيْثٌ مَعْرُوْفٌ. قَالَ
سُفْيَانُ: وَلَمْ أَكنْ سَمِعْتُهُ، إِلاَّ أَنِّي
أَرَدْتُ تَخلِيصَ وَكِيْعٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: سَمِعْتُ الحديث من وكيع
بعدما أَرَادُوا صَلبَهُ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْ جَسَارَتِهِ.
وَأُخْبِرْتُ أَنَّ وَكِيْعاً احْتجَّ، فَقَالَ: إِنَّ
عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُمُ عُمَرُ، قَالُوا: لَمْ
يَمُتْ رَسُوْلُ اللهِ، فَأَرَادَ اللهُ أَنْ يُرِيَهِم
آيَةَ المَوْتِ.
رَوَاهَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ رَزِيْنٍ
البَاشَانِيُّ، قال: حدثنا علي ابن خَشْرَمٍ. وَرَوَى
الحَدِيْثَ عَنْ وَكِيْعٍ: قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ.
فَهَذِهِ زَلَّةُ عَالِمٍ، فَمَا لِوَكِيْعٍ،
وَلِرِوَايَةِ هَذَا الخَبَرِ المُنْكَرِ، المُنْقَطِعِ
الإِسْنَادِ! كَادَتْ نَفْسُهُ أَنْ تَذْهَبَ غَلَطاً،
وَالقَائِمُوْنَ عَلَيْهِ مَعْذُوْرُوْنَ، بَلْ
مَأْجُورُوْنَ، فَإِنَّهُم تَخَيَّلُوا مِنْ إِشَاعَةِ
هَذَا الخَبَرِ المَرْدُوْدِ، غَضّاً مَا لِمَنْصِبِ
النُّبُوَّةِ، وَهُوَ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ يُوْهِمُ
ذَلِكَ، وَلَكِنْ إِذَا تَأَمَّلتَه، فَلاَ بَأْسَ -إِنْ
شَاءَ اللهُ- بِذَلِكَ، فَإِنَّ الحَيَّ قَدْ يَرْبُو
جَوْفُهُ، وَتَستَرخِي مَفَاصِلُهُ، وَذَلِكَ تَفَرُّعٌ
مِنَ الأَمرَاضِ "وَأَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً
الأَنْبِيَاءُ". وإنما المحذور أن تُجَوِّزَ عَلَيْهِ
تَغَيُّرَ سَائِرِ مَوْتَى الآدَمِيِّينَ وَرَائِحَتِهِم،
وَأَكْلَ الأَرْضِ لأَجْسَادِهِم، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمُفَارِقٌ لِسَائِرِ
أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ، فَلاَ يَبْلَى، وَلاَ تَأْكلُ
الأَرْضُ جَسَدَهُ، وَلاَ يَتَغَيَّرُ رِيْحُهُ، بَلْ هُوَ
الآنَ -وَمَا زَالَ- أَطْيَبُ رِيْحاً مِنَ المِسْكِ،
وَهُوَ حَيٌّ فِي لَحْدِهِ، حَيَاةَ مِثْلِهِ فِي
البَرزَخِ الَّتِي هِيَ أَكمَلُ مِنْ حَيَاةِ سَائِرِ
النَّبِيِّينَ، وَحَيَاتُهُم بِلاَ رَيْبٍ أَتَمُّ
وَأَشرَفُ مِنْ حَيَاةِ الشُّهدَاءِ الَّذِيْنَ هُم
بِنَصِّ الكِتَابِ: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
يُرْزَقُونَ} [آلُ عِمْرَانَ: 169] ، وَهَؤُلاَءِ
حَيَاتُهُم الآنَ الَّتِي فِي عَالِمِ البَرْزَخِ حَقٌّ،
وَلَكِنْ لَيْسَتْ هِيَ حَيَاةَ الدُّنْيَا مِنْ كُلِّ
وَجْهٍ، وَلاَ حَيَاةَ أَهْلِ الجَنَّةِ مِنْ كُلِّ
وَجْهٍ، وَلَهُم شِبْهٌ بِحَيَاةِ أَهْلِ الكَهْفِ. وَمِنْ
ذَلِكَ اجْتِمَاعُ آدَمَ وَمُوْسَى لَمَّا احْتَجَّ
عَلَيْهِ مُوْسَى، وَحَجَّهُ آدَمُ بِالعِلْمِ السَّابِقِ،
كَانَ اجْتِمَاعُهُمَا حَقّاً، وَهُمَا فِي عَالِمِ
البَرْزَخِ، وَكَذَلِكَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخبَرَ أَنَّهُ رَأَى فِي
السَّمَاوَاتِ آدَمَ، وَمُوْسَى،
(7/570)
وَإِبْرَاهِيْمَ، وَإِدْرِيْسَ، وَعِيْسَى،
وَسَلَّمَ عَلَيْهِم، وَطَالَتْ مُحَاوَرَتُهُ مع مُوْسَى،
هَذَا كُلُّه حَقٌّ، وَالَّذِي مِنْهُم لَمْ يَذُقِ
المَوْتَ بَعْدُ، هُوَ عِيْسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-
فَقَدْ تَبَرْهَنَ لَكَ أَنَّ نَبِيَّنَا -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا زَالَ طَيِّباً مُطَيَّباً،
وَإِنَّ الأَرْضَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهَا أَكلُ أَجْسَادِ
الأَنْبِيَاءِ، وَهَذَا شَيْءٌ سَبِيْلُهُ التَّوقِيْفُ،
وَمَا عَنَّفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- لَمَّا
قَالُوا لَهُ بِلاَ عِلْمٍ: وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاَتُنَا
عَلَيْك وَقَدْ أَرَمْتَ?! يَعْنِي: قَدْ بَلِيتَ.
فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ
تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ".
وَهَذَا بَحْثٌ مُعتَرِضٌ فِي الاعتِذَارِ عَنْ إِمَامٍ
مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَقَدْ قَامَ فِي الدَّفعِ
عَنْهُ مِثْلُ إِمَامِ الحِجَازِ؛ سُفْيَانُ بنُ
عُيَيْنَةَ، وَلَوْلاَ أَنَّ هَذِهِ الوَاقِعَةَ فِي
عِدَّةِ كُتُبٍ، وَفِي مِثْلِ "تَارِيْخِ الحَافِظِ ابْنِ
عَسَاكِرَ"، وَفِي "كَامِلِ الحَافِظِ ابْنِ عَدِيٍّ"،
لأَعرَضْتُ عَنْهَا جُمْلَةً، فَفِيْهَا عِبْرَةٌ. حَتَّى
قَالَ الحَافِظُ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ فِي
"تَارِيْخِهِ": وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ حَدَّثَ وَكِيْعٌ
بِمَكَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ البَهِيِّ ...
، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ. ثُمَّ قَالَ: فَرُفِعَ ذَلِكَ
إِلَى العُثْمَانِيِّ، فَحَبَسَهُ، وَعَزَمَ عَلَى
قَتْلِهِ، وَنُصِبَتْ خَشَبَةٌ خَارِجَ الحَرَمِ، وَبَلَغَ
وَكِيْعاً، وَهُوَ مَحْبُوسٌ. قَالَ الحَارِثُ بنُ
صِدِّيْقٍ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ لَمَّا بَلَغَنِي، وَقَدْ
سَبَقَ إِلَيْهِ الخَبَرُ. قَالَ: وَكَانَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ يَوْمَئِذٍ مُتَبَاعَدٌ،
فَقَالَ لِي: مَا أُرَانَا إِلاَّ قَدِ اضطُرِرنَا إِلَى
هَذَا الرَّجُلِ، وَاحْتَجْنَا إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: دَعْ
هَذَا عَنْكَ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْكَ، قُتِلْتَ.
فَأَرَسَلَ إِلَى سُفْيَانَ، وَفَزِعَ إِلَيْهِ، فَدَخَلَ
سُفْيَانُ عَلَى العُثْمَانِيِّ -يَعْنِي: مُتَوَلِّي
مَكَّةَ- فَكَلَّمَهُ فِيْهِ، وَالعُثْمَانِيُّ يَأْبَى
عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: إِنِّيْ لَكَ نَاصِحٌ،
هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وله عشيرة، وولده بباب
أمير المؤمنين، فشخص لِمُنَاظَرَتِهِم. قَالَ: فَعَمِلَ
فِيْهِ كَلاَمُ سُفْيَانَ، فَأَمَرَ بِإِطلاَقِهِ.
فَرَجَعتُ إِلَى وَكِيْعٍ، فَأَخْبَرتُهُ، فَرَكِبَ
حِمَاراً، وَحَمَلْنَا مَتَاعَه، وَسَافَرَ، فَدَخَلْتُ
عَلَى العُثْمَانِيِّ مِنَ الغَدِ، فَقُلْتُ: الحَمْدُ
للهِ الَّذِي لَمْ تُبْتَلَ بِهَذَا الرَّجُلِ،
وَسَلَّمَكَ اللهُ. قَالَ: يَا حَارِثُ، مَا نَدِمتُ عَلَى
شَيْءٍ نَدَامَتِي عَلَى تَخلِيَتِهِ، خَطَرَ بِبَالِي
هَذِهِ اللَّيْلَةَ حَدِيْثُ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ،
قَالَ: حَوَّلتُ أَبِي وَالشُّهَدَاءَ بَعْدَ أَرْبَعِيْنَ
سَنَةً، فَوَجَدنَاهُم رِطَاباً يُثْنَوْنَ، لَمْ
يَتغَيَّرْ مِنْهُم شَيْءٌ. ثُمَّ قَالَ الفَسَوِيُّ:
فَسَمِعْتُ سَعِيْدَ بن منصور يقول: كُنَّا
بِالمَدِيْنَةِ، فَكَتَبَ أَهْلُ مَكَّةَ إِلَى أَهْلِ
المَدِيْنَةِ بِالَّذِي كَانَ مِنْ وَكِيْعٍ، وَقَالُوا:
إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُم، فَلاَ تَتَّكِلُوا عَلَى
الوَالِي، وَارْجُمُوْهُ حَتَّى تَقْتُلُوْهُ. قَالَ:
فَعَرَضُوا عَلَيَّ ذَلِكَ، وَبَلَغَنَا الَّذِي هُمْ
عَلَيْهِ، فَبَعَثْنَا بَرِيْداً إِلَى وَكِيْعٍ أَنْ لاَ
يَأْتِيَ المَدِيْنَةَ، وَيَمضِيَ مِنْ طَرِيْقِ الربذة،
وكان قد جاوز مفرق الطريقتين، فَلَمَّا أَتَاهُ
البَرِيْدُ، رَدَّ، وَمَضَى إِلَى الكُوْفَةِ.
وَنَقَلَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدُ
المَجِيْدِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رَوَّادٍ
أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَفْتَى بِمَكَّةَ بِقَتلِ وَكِيْعٍ.
(7/571)
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى المَرْوَزِيُّ -فِيْمَا كَتَبَ
إِلَيَّ- قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا
قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، فَسَاقَ الحَدِيْثَ.
ثُمَّ قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَ وَكِيْعٌ بِمَكَّةَ
بِهَذَا سَنَةَ حَجَّ الرَّشِيْدُ، فَقَدَّمُوْهُ
إِلَيْهِ، فَدَعَا الرَّشِيْدُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ،
وَعَبْدَ المَجِيْدِ بنَ أَبِي رَوَّادٍ، فَأَمَّا عَبْدُ
المَجِيْدِ، فَإِنَّهُ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يُقْتَلَ،
فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ هَذَا إِلاَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ
غِشٌّ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ: لاَ قَتْلَ عَلَيْهِ، رَجُلٌ سَمِعَ
حَدِيْثاً، فَأَرْوَاهُ، وَالمَدِيْنَةُ شَدِيْدَةُ
الحَرِّ، تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَتُرِكَ لَيْلَتَيْنِ؛ لأَنَّ القَوْمَ فِي
إِصْلاَحِ أَمرِ الأُمَّةِ، وَاخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ
وَالأَنْصَارُ، فَمِنْ ذَلِكَ تَغَيَّرَ. قَالَ
قُتَيْبَةُ: فَكَانَ وَكِيْعٌ إِذَا ذَكَرَ فِعلَ عَبْدِ
المَجِيْدِ، قَالَ: ذَاكَ جَاهِلٌ، سَمِعَ حَدِيْثاً لَمْ
يَعْرِفْ وَجْهَهُ، فَتَكَلَّمَ بِمَا تَكَلَّمَ.
قُلْتُ: فَرَضنَا أَنَّهُ مَا فهم توجيه الحديث على ما
تزعم، أفمالك عَقلٌ وَوَرَعٌ? أَمَّا سَمِعْتَ قَوْلَ
الإِمَامِ عَلِيٍّ: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا
يَعْرِفُوْنَ، وَدَعُوا مَا يُنْكِرُوْنَ، أَتُحِبُّونَ
أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُوْلهُ؟ أَمَا سَمِعْتَ فِي
الحَدِيْثِ: "مَا أَنْتَ مُحَدِّثٌ قَوْماً حَدِيْثاً لاَ
تَبْلُغُهُ عُقُوْلُهُم، إِلاَّ كَانَ فِتْنَةً
لِبَعْضِهِم"؟ ثُمَّ إِنَّ وَكِيْعاً بَعْدَهَا تَجَاسَرَ
وَحَجَّ، وَأَدْرَكَه الأَجَلُ بِفَيْدَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ بِحَدِيْثٍ فِي
الكُرْسِيِّ، قَالَ: فَاقشَعَرَّ رَجُلٌ عِنْد وَكِيْعٍ،
فَغَضِبَ، وَقَالَ: أَدْرَكْنَا الأَعْمَشَ وَالثَّوْرِيَّ
يُحَدِّثُونَ بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ، وَلاَ
يُنْكِرُوْنَهَا.
قَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ: سَمِعْتُ
وَكِيْعاً يَقُوْلُ: مَنْ شَكَّ أَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ
اللهِ -يَعْنِي: غَيْرَ مَخْلُوْقٍ- فَهُوَ كَافِرٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ:
سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ: نُسَلِّمُ هَذِهِ
الأَحَادِيْثَ كَمَا جَاءتْ، وَلاَ نَقُوْلُ: كَيْفَ
كَذَا? وَلاَ لِمَ كَذَا? يَعْنِي: مِثْلَ حَدِيْثِ:
"يَحْمِلُ السَّمَاوَاتِ على إصبع".
قَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً
يَقُوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ، فَقَدْ
زَعَمَ أَنَّهُ مُحْدَثٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ
مُحْدَثٌ، فَقَدْ كَفَرَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ عَثَّامٍ: مَرِضَ وَكِيْعٌ، فَدَخَلْنَا
عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ سُفْيَانَ أَتَانِي،
فَبَشَّرَنِي بِجِوَارِهِ، فَأَنَا مُبَادِرٌ إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: مَاتَ وَكِيْعٌ سَنَةَ
سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ،
فَدُفِنَ بِفَيْدَ. يَعْنِي: رَاجِعاً مِنَ الحَجِّ
(7/572)
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَجَّ
وَكِيْع سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، وَمَاتَ بِفَيْدَ.
قُلْتُ: عَاشَ ثَمَانِياً وَسِتِّيْنَ سَنَةً، سِوَى
شَهْرٍ، أَوْ شَهْرَيْنِ.
قَالَ قَيْسُ بنُ أُنَيْفٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ جَعْفَرٍ
البيكَنْدي: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُوْلُ: يَا
أَهْلَ خُرَاسَانَ؛ إِنَّهُ نُعِيَ لِي إِمَامُ خُرَاسَانَ
-يَعْنِي: وَكِيْعاً قَالَ: فَاهتَمَمنَا لِذَلِكَ، ثُمَّ
قَالَ: بُعْداً لَكُم يَا مَعْشَرَ الكِلاَبِ، إِذَا
سَمِعْتُم مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً، اشْتَهَيْتُم مَوْتَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ المُؤَيَّدِ بن علي الهمذاني الزَّاهِدُ
بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَكُمْ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ
الدَّقَّاقُ، وَأَبُو الفَرَجِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ،
وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِي
اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو
الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي. وَأَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ
بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ
أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ "ح". وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ
عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ عَبْدِ الجَلِيْلِ بنِ
مَنْدَوَيْه، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ مُظَفَّرٍ، قَالُوا
ثَلاَثَتُهُم: أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّور، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ
الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ
الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ هاشم، ووكيع، عَنْ هِشَامِ بنِ
عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا مَاتَ صَاحِبُكُم، فَدَعُوْهُ".
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ
بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ
البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المخلِّص،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ
هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ
ثَابِتٍ، قَالَ: تَسَحَّرْنَا مع رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلاَةِ. قُلْنَا: كَمْ
كَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا? قَالَ: خَمْسُوْنَ آيَةً.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَلَى
المُوَافَقَةِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي -وَأَنَا
حَاضِرٌ- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّم، أَخْبَرَنَا
الحُسَيْنُ بنُ محمد القُرَشِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الحسن البَغْدَادِيُّ بِالرَّمْلَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ حَسَّانٍ الأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ عَائِشَةَ،
قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "نِعْمَ الإِدَامُ الخَلُّ" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2051" و"2052".
(7/573)
1362- الجراح
بن مليح 1: "بَخ، م، د، ت، ق"
وَقَدْ كَانَ وَالِدُ وَكِيْعٍ عَلَى بَيْتِ المَالِ فِي
دَوْلَةِ الرَّشِيْدِ، وَكَانَ عَلَى دَارِ الضَّرْبِ
بِالرَّيِّ. وَيُقَالُ: مَحْتِدُهُ مِنْ نوَاحِي الرَّيِّ،
مِنْ بُليدة أُسْتُوَا.
حَدَّثَ عَنْ: زِيَادِ بنِ عِلاقة، وَأَبِي إِسْحَاقَ،
وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ،
وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ، وَقَبِيْصَةُ، وَمُسَدَّدٌ، وَيَحْيَى
الحِمَّانِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ،
وَآخَرُوْنَ.
رَوَى حَنَشُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ وَكِيْعٍ، قَالَ: وُلِدَ
أَبِي بالسُّغْد، وَوُلِدَ شَرِيْكٌ بِبُخَارَى.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلِيَ الجَرَّاحُ بنُ مليح بيت
المال بمدينة السَّلاَمِ، وَكَانَ ضَعِيْفاً فِي
الحَدِيْثِ، عَسِراً فِي الحَدِيْثِ، مُمْتَنِعاً بِهِ.
وَرَوَى جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ، قَالَ: مَا كَتَبْتُ عَنْ وَكِيْعٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، وَلاَ مِنْ حَدِيْثِ قَيْسٍ شَيْئاً قَطُّ.
وَرَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
الجَرَّاحُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى:
ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ، وَهُوَ أَمْثَلُ مِنْ أَبِي يَحْيَى
الحِمَّاني.
وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدِيْثُهُ لاَ بَأْسَ بِهِ،
وَهُوَ صَدُوْقٌ، لَمْ أَجِدْ فِي حَدِيْثِهِ مُنْكَراً
فَأَذْكُرَهُ.
وَقَالَ البُرْقَانِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ
وَالِدِ وَكِيْعٍ، قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهُوَ
كَبِيْرُ الوَهْمِ. قُلْتُ: يُعْتَبَرُ بِهِ? قَالَ: لاَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ
وَمائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: سَنَةَ ست.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 380"، والتاريخ الكبير "2/
ترجمة 2286"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 445"
و"3/ 131"، والمجروحين لابن حبان "1/ 219"، وتاريخ بغداد
"7/ 252" وميزان الاعتدال "1/ 389"، والكاشف "1/ ترجمة
774"، وتهذيب التهذيب "2/ 66".
(7/574)
1363- يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ 1:
الزَّاهِدُ، مِنْ سَادَاتِ المَشَايِخِ، له مواعظ وحكم.
رَوَى عَنْ: مُحِلِّ بنِ خَلِيْفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ،
وَزَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ.
وَعَنْهُ: المسيَّب بنُ وَاضِحٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
خُبَيق، وَغَيْرُهُمَا.
نَزَلَ الثُّغُوْرَ مُرَابِطاً.
قَالَ المسيَّب: سَأَلتُهُ عَنِ الزُّهْدِ، فَقَالَ: أَنْ
تَزْهَدَ فِي الحَلاَلِ، فَأَمَّا الحَرَامُ، فَإِنِ
ارْتَكَبْتَهُ، عَذَّبَكَ.
وَسُئِلَ يُوْسُفُ: مَا غَايَةُ التَّوَاضُعِ? قَالَ: أَنْ
لاَ تَلقَى أَحَداً إِلاَّ رَأَيْتَ لَهُ الفَضْلَ
عَلَيْكَ.
وَعَنْهُ قَالَ: لِلصَّادِقِ ثَلاَثُ خِصَالٍ:
الحَلاَوَةُ، وَالمَلاَحَةُ، وَالمَهَابَةُ.
وَعَنْهُ: خُلِقَتِ القُلُوْبُ مَسَاكِنَ لِلذِّكْرِ،
فَصَارَتْ مَسَاكِنَ لِلشَّهَوَاتِ، لاَ يَمحُو
الشَّهوَاتِ إِلاَّ خَوْفٌ مُزْعِجٌ، أَوْ شَوْقٌ
مُقْلِقٌ، الزُّهْدُ فِي الرِّئَاسَةِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي
الدُّنْيَا.
قَالَ ابْنُ خُبَيق: قُلْتُ لابْنِ أَسْبَاطٍ: لِمَ لاَ
تَأْذَنُ لابْنِ المُبَارَكِ يُسَلِّمُ عَلَيْكَ? قَالَ:
خَشِيْتُ أَنْ لاَ أَقُومَ بِحَقِّهِ، وَأَنَا أُحِبُّهُ.
وَعَنْ يُوْسُفَ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ قَدْ أشِرَ
وَبطِرَ، فَلاَ تَعِظْهُ، فَلَيْسَ لِلْعِظَةِ فِيْهِ
مَوْضِعٌ، لِي أَرْبَعُوْنَ سَنَةً، مَا حَكَّ فِي صَدْرِي
شَيْءٌ، إِلاَّ تَرَكتُه.
قَالَ شُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ: مَا أقدم على
يوسف بن أسباط أحدًا.
وَعَنْ يُوْسُفَ، قَالَ: يُجْزِئُ قَلِيْلُ الوَرَعِ
وَالتَّوَاضُعِ مِنْ كَثِيْرِ الاجْتِهَادِ فِي العَمَلِ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: دَفَنَ كُتُبَهُ، فَكَانَ
حَدِيْثُهُ لاَ يجيء كما ينبغي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3414"، والضعفاء
الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 2084"، والجرح والتعديل "9/
ترجمة 910"، وحلية الأولياء "8/ ترجمة 401"، وميزان
الاعتدال "4/ 462".
(7/575)
1364- إسحاق
الأزرق 1: "ع"
هُوَ الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
إِسْحَاقُ بنُ يُوْسُفَ بن مِرْدَاسٍ القُرَشِيُّ،
الوَاسِطِيُّ، الأَزْرَقُ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
حَدَّثَ عَنِ: الأَعْمَشِ، وَابْنِ عَوْنٍ، وفُضَيل بنِ
غَزْوان، ومِسْعَر بنِ كِدَام، وَسُفْيَانَ، وَشَرِيْكٍ،
وَعِدَّةٍ.
وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ المُقْرِئِيْنَ، تَلاَ عَلَى:
حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ. وَأَخَذَ الحُرُوْفَ عَنْ: أَبِي
بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَغَيْرِهِ، وَلَهُ اخْتِيَارٌ
مَعْرُوْفٌ. حَمَلَهُ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ ابن هُوْدٍ
الوَاسِطِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هَانِئ، وَغَيْرُهُمَا.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ، رَوَى عَنْهُ:
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ،
وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى،
وَسَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ، وأبو جَعْفَرٍ بنُ المُنَادِي،
وَخَلْقٌ.
وَكَانَ حُجَّةً وِفَاقاً، لَهُ قَدَمٌ رَاسِخٌ فِي
التَّقوَى. قِيْلَ: إِنَّهُ مَكَثَ عِشْرِيْنَ سَنَةً لَمْ
يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ -رَحْمَةُ اللهِ
عَلَيْهِ- وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِشَرِيْكٍ.
قَالُوا: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
رَوَى عَنْ شَرِيْكٍ سِتَّةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ للهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ هِلاَلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ
الدَّقَّاقُ سنة أربع وثمانين وأربعمائة، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ الأَزْرَقِ،
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدِ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ
أَبِيْهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قال: "لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ، وَأَيُّمَا
حِلْفٌ كَانَ في الجاهلية، لم يزده الإسلام إلا شدة" 2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 315"، والتاريخ الكبير "1/
ترجمة 1300"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 841"، والعبر "1/
318"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 299"، والكاشف "1/ ترجمة
332"، وتهذيب التهذيب "1/ 257"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 343".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2530".
(7/576)
1365- محمد بن فُضَيل 1: "ع"
ابن غزوان، الإِمَامُ، الصَّدُوْقُ، الحَافِظُ، أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الضَّبِّيُّ مولاهم، الكوفي، مصنف كتاب
"الدعاء"، وكتاب "الزاهد"، وَكِتَابِ "الصِّيَامِ"،
وَغَيْرِ ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وحصين بن عبد الرحمن، وعاصم
الأحوال، وَعُمَارَةَ بنِ القَعْقَاعِ، وَبَيَانِ بنِ
بِشْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ الهَجَرِيِّ، وَعَطَاءِ بنِ
السَّائِبِ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَابْنِ أَبِي
خَالِدٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَلَيْثِ بنِ
أَبِي سُلَيْمٍ، وَمِسْعَرٍ، وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي
عَمْرَةَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ،
وَعَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، وَأَحْمَدُ بنُ بُدَيْلٍ،
وَأَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ، وَعَمْرُو بنُ
عَلِيٍّ، وَبَنُو أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ،
وَأَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ،
وَعَلِيُّ بنُ المُنْذِرِ الطَّرِيْقِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ،
وَجَمٌّ غَفِيرٌ، عَلَى تَشَيُّعٍ كَانَ فِيْهِ، إِلاَّ
أَنَّهُ كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ، وَالكَمَالُ
عَزِيْزٌ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ،
شِيْعِيٌّ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: كَانَ
شِيْعِيّاً، مُتَحَرِّقاً.
قُلْتُ: تَحَرُّقُهُ عَلَى مَنْ حَارَبَ أَوْ نَازَعَ
الأَمْرَ عَلَيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ مُعَظِّمٌ
لِلشَّيْخَيْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وَكَانَ مِمَّنْ
قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ. وَقَدْ
أَدْرَكَ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ،
فَوَجَدَهُ مَرِيْضاً، وَهَذَا أَوَانُ أَوَّلِ سَمَاعِهِ
لِلْعِلْمِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: بَعْضُهُم لاَ يَحْتَجُّ
بِهِ.
وَكَانَ أَبُو الأَحْوَصِ يَقُوْلُ: أَنْشُدُ اللهَ
رَجُلاً يُجَالِسُ ابْنَ فُضَيْلٍ، وَعَمْرَو بنَ ثَابِتٍ،
أَنْ يُجَالِسَنَا.
قَالَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: سَمِعْتُ فُضَيْلاً -أَوْ
حُدِّثْتُ عَنْهُ- قَالَ: ضَرَبتُ ابْنِي البَارِحَةَ
إِلَى الصَّبَاحِ أَنْ يَتَرَحَّمَ عَلَى عُثْمَانَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فأبى علي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 389"، والتاريخ الكبير "1/
ترجمة 652"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 173"
و"3/ 112"، والكنى للدولابي "2/ 64"، والجرح والتعديل "8/
ترجمة 263"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 16"، والأنساب
للسمعاني "8/ 145"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 294"، والكاشف
"3/ ترجمة 5194"، والعبر "1/ 319"، وميزان الاعتدال "3/
ترجمة 8062"، وتهذيب التهذيب "9/ 405"، وتقريب التهذيب "2/
200"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 659"، وشذرات الذهب "1/
344".
(7/577)
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ
مَاسَرْجِسَ: سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ عَنْ أَسْبَاطٍ،
وَابْنِ فُضَيْلٍ فَسَكَتَ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ
ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، قَالَ: يَا حَسَنُ! صَاحِبَاكَ لاَ
أَرَى أَصْحَابنَا يَرْضَوْنَهُمَا.
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: سنة أربع.
وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ
طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الطَّبِيْبُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْروِ بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا
الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
خَلاَّدٍ البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
فُضَيْلٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَسَحَّرُوا،
فَإِنَّ فِي السُّحُوْرِ بَرَكَةً" 1.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ زَكَرِيَّا خَيَّاطِ
السُّنَّةِ2، عَنِ البَاهِلِيِّ، فَوَقَعَ بَدَلاً
عَالِياً بِدَرَجَتَيْنِ، وَحَدِيْثُهُ أَعْلَى مِنْ هَذَا
فِي "جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ".
__________
1 صحيح: أخرجه الطيالسي "2006"، وأحمد "3/ 229 و243"،
ومسلم "1095"، والترمذي "708"، والنسائي "4/ 141"، وأبو
يعلى "2848"، والبيهقي "4/ 236"، والبغوي "1727" و"1728"
من طرق عن أبي عوانة، عن قتادة، عن أنس، به، وأخرجه عبد
الرزاق "7598"، وابن أبي شيبة "3/ 8"، وأحمد "3/ 99 و229
و258 و281"، والبخاري "1923"، ومسلم "1095"، والترمذي
"708"، وابن ماجه "1692"، وابن خزيمة "1937"، وابن الجارود
"383"، والبيهقي "4/ 236"، والبغوي "1728" من طرق عَنْ
عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، به.
2 هو: زكريا بن يحبى بن إياس بن سلمة السجزي، أبو عبد
الرحمن المعروف بخياط السنة، سمي بذلك لأنه كان يخيط أكفان
أهل السنة، روى له النسائي وهو من أقرانه، قَالَ
النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أحد
الثقات. وقال عبد الغني بن سعيد: حافظ ثقة.
(7/578)
1366- يحيى
القطان 1: "ع"
يحيى بن سعيد بن فروخ، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، أَمِيْرُ
المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ، أَبُو سَعِيْدٍ
التَّمِيْمِيُّ مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ، الأَحْوَلُ،
القَطَّانُ، الحَافِظُ.
وُلِدَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ، وَهِشَامَ بنَ
عُرْوَةَ، وَعَطَاءَ بنَ السَّائِبِ، وَسُلَيْمَانَ
الأَعْمَشَ، وَحُسَيْناً المُعَلِّمَ، وَحُمَيداً
الطَّوِيْلَ، وَخُثَيْمَ بنَ عِرَاكٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ
أَبِي خَالِدٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَيَحْيَى
بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ، وَابْنَ عَوْنٍ، وَابْنَ
أَبِي عَرُوْبَةَ، وَشُعْبَةَ، وَالثَّوْرِيَّ، وَأَخْضَرَ
بنَ عَجْلاَنَ، وَإِسْرَائِيْلَ بنَ مُوْسَى -نَزِيْلَ
الهِنْدِ- وَأَشْعَثُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الحُمْرَانِيُّ،
وَأَشْعَثُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحُدَّانِيَّ، وَبَهْزَ بنَ
حَكِيْمٍ، وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَحَاتِمَ بنَ أَبِي
صَغِيْرَةَ، وَحَبِيْبَ بنَ الشَّهِيْدِ، وَحَجَّاجَ بنَ
أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافَ، وَزَكَرِيَّا بنُ أَبِي
زَائِدَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ،
وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيَّ،
وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعُثْمَانَ بنَ
الأَسْوَدِ المَكِّيَّ، وَفُضَيْلَ بنَ غَزْوَانَ،
وَمُحَمَّدَ بنَ عَجْلاَنَ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ أَتَمَّ عِنَايَةٍ، وَرَحَلَ
فِيْهِ، وَسَادَ الأَقْرَانَ، وَانْتَهَى إِلَيْهِ
الحِفْظُ، وَتَكَلَّمَ فِي العِلَلِ وَالرِّجَالِ،
وَتَخَرَّجَ بِهِ الحُفَّاظُ: كَمُسَدَّدٍ، وَعَلِيٍّ،
وَالفَلاَّسِ، وَكَانَ فِي الفُرُوْعِ عَلَى مَذْهَبِ
أَبِي حَنِيْفَةَ -فِيْمَا بَلَغَنَا- إِذَا لَمْ يَجِدِ
النَّصَّ.
رَوَى عَنْهُ: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَمُعْتَمِرُ بنُ
سُلَيْمَانَ -وَهُم مِنْ شُيُوْخِهِ- وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَمُسَدَّدٌ، وَابْنُه؛
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَعُبَيْدُ اللهِ
القَوَارِيْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ،
وَعَلِيٌّ، وَيَحْيَى، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَعَمْرُو
بنُ عَلِيٍّ، وَبُنْدَارُ، وَابْنُ مُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ
بنُ حَاتِمٍ السَّمِيْنُ، وَسُلَيْمَانُ
الشَّاذَكُوْنِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ
السَّرَخْسِيُّ، وَيَحْيَى بنُ حَكِيْمٍ المُقَوِّمُ،
وَعُمَرُ بنُ شَبَّةَ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ
القَطَّانُ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَزَيْدُ بنُ
أَخْزَمَ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ، خَاتِمَتُهُم: مُحَمَّدُ بنُ شَدَّادٍ
المِسْمَعِيُّ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: لَزِمْتُ شُعْبَةَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: رَوَى
ابْنُ مَهْدِيٍّ فِي تَصَانِيْفِهِ أَلْفَيْ حَدِيْثٍ عَنْ
يَحْيَى القَطَّانِ، فَحَدَّثَ بِهَا وَيَحْيَى حَيٌّ.
وَثَبَتَ أَنَّ أَحْمَد بنَ حَنْبَلٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ
بِعَيْنِي مِثْلَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: قَالَ لِي عَبْدُ
الرَّحْمَنِ: لاَ تَرَى بِعَيْنَيْكَ مِثْلَ يَحْيَى
القَطَّانِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَعْلَمَ بِالرِّجَالِ مَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ.
وَقَالَ بُنْدَارُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سعيد إمام أهل
زمانه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 293"، والتاريخ الكبير "8/
2983"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 716" و"2/ 140
و202"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 624"، وحلية الأولياء
"8/ ترجمة 438"، وتاريخ بغداد "14/ 135"، والأنساب
للسمعاني "10/ 184"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 280"،
والكاشف "3/ ترجمة 6285"، والعبر "1/ 327"، وميزان
الاعتدال "4/ ترجمة 9522"، وتهذيب التهذيب "11/ 216"،
وتقريب التهذيب "2/ 348"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 355".
(7/579)
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ:
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ مَوْلَى بَنِي تَمِيْمٍ
-زَعَمُوا- وَكَانَ يُوَقَّرُ وَهُوَ شَابٌّ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ:
لَيْسَ لأَحَدٍ عَلَيَّ عَقدٌ وَلاَ وَلاَءٌ.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ: سَمِعْتُ ابْنَ
مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ الثَّوْرِيُّ
البَصْرَةَ، قَالَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! جِئنِي
بِإِنْسَانٍ أُذَاكِرُهُ. فَأَتَيْتُهُ بِيَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، فَذَاكَرَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ: قُلْتُ
لَكَ: جِئنِي بِإِنْسَانٍ، جِئْتَنِي بِشَيْطَانٍ
-يَعْنِي: بَهَرَهُ حِفْظُهُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ خَاقَانَ: سَمِعْتُ
عَمْرَو بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
القَطَّانُ يَخْتِمُ القُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ،
يَدعُو لأَلفِ إِنْسَانٍ، ثُمَّ يَخْرُجُ بَعْدَ العَصْرِ،
فَيُحَدِّثُ النَّاسَ.
قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ بُنْدَاراً يَقُوْلُ:
اخْتَلَفتُ إِلَى يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ أَكْثَرَ مِنْ
عِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا أَظُنُّهُ عَصَى اللهَ قَطُّ، لَمْ
يَكُنْ فِي الدُّنْيَا فِي شَيْءٍ.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَالَ
لِي يَحْيَى القَطَّانُ: لَوْ لَمْ أَرْوِ إِلاَّ عَمَّنْ
أَرْضَى، لَمْ أَرْوِ إِلاَّ عَنْ خَمْسَةٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ بِشْرٍ الطَّالَقَانِيُّ: سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
أَثْبَتُ النَّاسِ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبَانٍ الحَافِظُ: سَأَلْتُ أَبَا
الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ عَنْ خَالِدِ بنِ الحَارِثِ،
وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، فَقَالَ: يَحْيَى
أَكْثَرُ مِنْهُ بِكَثِيْرٍ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَثِقَةٌ،
صَاحِبُ كِتَابٍ. فَقَالَ رَجُلٌ: مَا كَانَ بِالبَصْرَةِ
مِثْلُ خَالِدٍ بَعْدَ شُعْبَةَ. فَقَالَ: وَكَانَ
شُعْبَةُ يُحْسِنُ مَا يُحْسِنُ يَحْيَى? فَقُلْتُ: فَمَنْ
كَانَ أَكْثَرَ عِنْدَكَ: يَحْيَى، أَوْ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ? فَإِنَّ قَوْماً يُقَدِّمُوْنَ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ. قَالَ: مَا يُنْصِفُوْنَ،
هُوَ أَكْبَرُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَعَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ: إِنْ كُنْتُم تُرِيْدُوْنَ
الحَدِيْثَ، فَعَلَيْكُم بِيَحْيَى القَطَّانِ. فَقَالَ
لَهُ رَجُلٌ: فَأَيْنَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ? قَالَ:
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ مُعَلِّمُنَا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بنَ حنبل يقول: ما كتبت الحَدِيْثَ عَنْ مِثْلِ
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: رَوَى يَحْيَى القَطَّانُ عَنِ
الأَوْزَاعِيِّ حَدِيْثاً وَاحِداً.
قَالَ أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى
بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: كُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ
الأَئِمَّةِ كَانُوا
(7/580)
يَقُوْلُوْنَ: الإِيْمَانُ قَوْلٌ
وَعَمَلٌ، يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ، وَيُكَفِّرُوْنَ
الجَهْمِيَّةَ، وَيُقَدِّمُوْنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي
الفَضِيلَةِ وَالخِلاَفَةِ.
مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى، قَالَ: مَا حَمَلتُ عَنْ
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ شَيْئاً، إِلاَّ مَا قَالَ:
حَدَّثَنِي، وَحَدَّثَنَا سِوَى حَدِيْثَينِ مِنْ قَوْلِ
إِبْرَاهِيْمَ وَعِكْرِمَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ: قَالَ لِي ابْنُ
مَعِيْنٍ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ فَوْقَ يَزِيْدَ ابن
زُرَيْعٍ، وَخَالِدِ بنِ الحَارِثِ، وَمُعَاذِ بنِ
مُعَاذٍ.
قَالَ يَحْيَى: رُبَّمَا أَتَيْتُ التَّيْمِيَّ، وَلَيْسَ
عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ، وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ
فِي بنِي مُرَّةَ، إِنَّمَا يَكُوْنُ عِنْدَهُ خَمْسَةٌ
أَوْ سِتَّةٌ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَمَّارٍ: كُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ
إِلَى يَحْيَى القَطَّانِ، ظَنَنْتَ أَنَّهُ لاَ يُحْسِنُ
شَيْئاً بِزِيِّ التُّجَّارِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ، أَنْصَتَ
لَهُ الفُقَهَاءُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَطَّانُ:
لَمْ يَكُنْ جَدِّي يَمْزَحُ، وَلاَ يَضْحَكُ إِلاَّ
تَبَسُّماً، وَلاَ دَخَلَ حَمَّاماً، وَكَانَ يَخْضِبُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: أَقَامَ يَحْيَى بنُ
سَعِيْدٍ عِشْرِيْنَ سَنَةً يَخْتِمُ القُرْآنَ كل ليلة.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى
بنِ سَعِيْدٍ، فَقَرَأَ رَجُلٌ سُوْرَةَ الدُّخَانِ،
فَصَعِقَ يَحْيَى، وَغُشِيَ عَلَيْهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَوْ قَدِرَ أَحَدٌ أَنْ
يَدْفَعَ هَذَا عَنْ نَفْسِهِ، لَدَفَعَهُ يَحْيَى
-يَعْنِي: الصَّعْقَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ:
مَا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْتُ جَدِّي قَهْقَهَ قَطُّ،
وَلاَ دَخَلَ حَمَّاماً قَطُّ، وَلاَ اكْتَحَلَ، وَلاَ
ادَّهَنَ.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: كَانَ
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ إِذَا قُرِئ عِنْدَهُ القُرْآنُ،
سَقَطَ حَتَّى يُصِيْبَ وَجْهُهُ الأَرْضَ. وَقَالَ: مَا
دَخَلْتُ كَنِيْفاً قَطُّ، إِلاَّ وَمَعِيَ امْرَأَةٌ
-يَعْنِي: مَنْ ضَعْفِ قَلْبِهِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: جَعَلَ جَارٌ لَهُ يَشتِمُهُ،
وَيَقَعُ فِيْهِ، وَيَقُوْلُ: هَذَا الخُوْزِيُّ، وَنَحْنُ
فِي المَسْجَدِ. قَالَ: فَجَعَلَ يَبْكِي، وَيَقُوْلُ:
صَدَقَ، وَمَنْ أَنَا? وَمَا أَنَا?
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: وَكَانَ يَحْيَى يَجِيْءُ مَعَهُ
بِمِسْبَاحٍ، فَيُدْخِلُ يَدَهُ فِي ثِيَابِهِ،
فَيُسَبِّحُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: اخْتَلَفُوا
يَوْماً عِنْد شُعْبَةَ، فَقَالُوا لَهُ: اجْعَلْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ حَكَماً. قَالَ قَدْ رَضِيْتُ
بِالأَحْوَلِ -يَعْنِي: القَطَّانَ. فَجَاءَ، فَقضَى عَلَى
شُعْبَةَ. فَقَالَ شُعْبَةُ: وَمَنْ يُطِيْقُ نَقْدَكَ يا
أحول؟!
(7/581)
قَالَ ابْنُ سَعِيْدٍ: كَانَ يَحْيَى
ثِقَةً، مَأْمُوْناً، رفيعًا، حجة.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أُمَنَاءُ اللهِ عَلَى حَدِيْثِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
شُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، وَيَحْيَى القَطَّانُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ بُنْدَارَ الجُرْجَانِيُّ: قُلْتُ
لابْنِ المَدِيْنِيِّ: مَنْ أَنْفَعُ مَنْ رَأَيْتَ
لِلإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ? قَالَ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
القَطَّانُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِلَى يَحْيَى القَطَّانِ
المُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي صَفْوَانَ: كَانَ لِيَحْيَى
القَطَّانِ نَفَقَةٌ مِنْ غَلَّتِهِ، إِنْ دَخَلَ مِنْ
غَلَّتِهِ حِنطَةٌ، أَكَلَ حِنطَةً، وَإِنْ دَخَلَ
شَعِيْرٌ، أَكَلَ شعِيْراً، وَإِنْ دَخَلَ تَمرٌ، أَكَلَ
تَمراً.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: إِنَّ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ
لَمْ يَفُتْهُ الزَّوَالُ فِي المَسْجَدِ أَرْبَعِيْنَ
سَنَةً.
قَالَ عَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ: رَأَى رَجُلٌ لِيَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنْ بَشِّرْ يَحْيَى بنَ
سَعِيْدٍ بِأَمَانٍ مِنَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقَلَّ خَطَأً مِنْ
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَلَقَدْ أَخْطَأَ فِي أَحَادِيْثَ.
ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ يَعرَى مِنَ الخَطَأِ
وَالتَّصْحِيْفِ?!
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ نَقِيَّ الحَدِيْثِ، لاَ يُحَدِّثُ
إِلاَّ عَنْ ثِقَةٍ.
قَالَ أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى
بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: أَخَافُ أَنْ يُضَيَّقَ عَلَى
النَّاسِ تَتَبُّعُ الأَلْفَاظِ؛ لأَنَّ القُرْآنَ
أَعْظَمُ حُرمَةً، وَوُسِّعَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى وُجُوْهٍ
إِذَا كَانَ المعنى واحدًا.
قَالَ شَاذُّ بنُ يَحْيَى: قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَنْ
قَالَ: إِنَّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مَخْلُوْقٌ،
فَهُوَ زِنْدِيْقٌ، وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ
هُوَ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: كَانَ هِجِّيْرَى يَحْيَى
بنِ سَعِيْدٍ إِذَا سَكَتَ ثُمَّ تَكَلَّمَ يَقُوْلُ:
يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ المَصِيْرُ. وَقُلْتُ لَهُ
فِي مَرَضِهِ: يُعَافِيْكَ اللهُ -إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَقَالَ: أَحَبُّهُ إِلَيَّ، أَحَبُّهُ إِلَى اللهِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: إِذَا اخْتَلَفَ ابْنُ
المُبَارَكِ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ
فِي حَدِيْثٍ، آخذ بقول يحيى.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَأَلْتُ يَحْيَى عَنْ
أَحَادِيْثِ عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ
أَبِي كَثِيْرٍ، فَقَالَ: لَيْسَتْ بِصِحَاحٍ.
(7/582)
الفَلاَّسُ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: كُنْتُ
أَنَا، وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَمُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ،
وَمَا تَقَدَّمَانِي فِي شَيْءٍ قَطُّ -يَعْنِي مِنَ
العِلْمِ- كُنْتُ أَذهَبُ مَعَهُمَا إِلَى ابْنِ عَوْنٍ،
فَيَقْعُدَانِ وَيَكْتُبَانِ، وَأَجِيْءُ أَنَا،
فَأَكْتُبُهَا فِي البَيْتِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: قَالَ أَبِي:
كُنْتُ أَخْرُجُ مِنَ البَيْتِ، أَطْلُبُ الحَدِيْثَ،
فَلاَ أَرْجِعُ إِلاَّ بَعْدَ العَتَمَةِ.
قُلْتُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ مُتَعَنِّتاً فِي
نَقدِ الرِّجَالِ، فَإِذَا رَأَيْتَهُ قَدْ وَثَّقَ
شَيْخاً، فَاعْتمِدْ عَلَيْهِ، أَمَّا إِذَا لَيَّنَ
أَحَداً، فَتَأَنَّ فِي أَمرِهِ حَتَّى تَرَى قَوْلَ
غَيْرِهِ فِيْهِ، فَقَدْ لَيَّنَ مِثْلَ: إِسْرَائِيْلَ
وَهَمَّامٍ، وَجَمَاعَةٍ. احْتَجَّ بِهِمُ الشَّيْخَانِ،
وَلَهُ كِتَابٌ فِي الضُّعفَاءِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ،
يَنْقُلُ مِنْهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ، وَيَقعُ
كَلاَمُهُ فِي سُؤَالاَتِ عَلِيٍّ، وَأَبِي حَفْصٍ
الصَّيْرَفِيِّ، وَابْنِ مَعِيْنٍ لَهُ.
قال عبد الرحمن بن عمر رستة: سمعت عَلِيَّ بنَ عَبْدِ
اللهِ يَقُوْلُ كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ،
فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ المَسْجَدِ، خَرَجْنَا مَعَهُ،
فَلَمَّا صَارَ بِبَابِ دَارِهِ وَقَفَ، ووقفنا معه،
فانتهى إليه الروبي، فَقَالَ يَحْيَى لَمَّا رَآهُ:
ادْخُلُوا. فَدَخَلْنَا، فَقَالَ لِلرُّوْبِيِّ: اقْرَأْ.
فَلَمَّا أَخَذَ فِي القِرَاءةِ، نَظَرْتُ إِلَى يَحْيَى
يَتَغَيَّرُ، حَتَّى بَلَغَ: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ
مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} [الدُّخَانُ: 40] ، صَعِقَ
يَحْيَى، وَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَارتَفَعَ صَوْتُهُ، وَكَانَ
بَابٌ قَرِيْبٌ مِنْهُ، فَانقَلْبَ، فَأَصَابَ البَابُ
فَقَارَ ظَهْرِهِ، وَسَالَ الدَّمُ، فَصَرَخَ النِّسَاءُ،
وَخَرَجْنَا، فَوَقَفْنَا بِالبَابِ، حَتَّى أَفَاقَ
بَعْدَ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا
هُوَ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ يَقُوْلُ: {إِنَّ
يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} ، فَمَا
زَالتْ فِيْهِ تِلْكَ القَرْحَةُ حَتَّى مَاتَ -رَحِمَهُ
اللهُ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَنْبَرِيُّ،
عَنْ زُهَيْرٍ البَابِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ يَحْيَى
القَطَّانَ فِي النَّومِ، عَلَيْهِ قمِيْصٌ بَيْنَ
كَتِفَيْهِ، مَكْتُوْبٌ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيْمِ كِتَابٌ مِنَ اللهِ العَزِيْزِ العَلِيْمِ،
بَرَاءةٌ لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ مِنَ
النَّارِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ البَاهِلِيُّ: عَنْ
يَحْيَى القَطَّانِ، قَالَ: كُنْتُ إِذَا أَخطَأْتُ، قَالَ
لِي سُفْيَانُ: أَخطَأْتَ يَا يَحْيَى، فَحَدَّثَ يَوْماً
عَنْ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ
وَالفِضَّةِ، إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطنِهِ نَارَ
جَهَنَّمَ". فَقُلْتُ: أَخطَأْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: وَكَيْفَ هُوَ? قُلْتُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ
عَنْ نافع، عن زيد بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. قَالَ:
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 924-925"، ومن طريقه أخرجه البخاري
"5634"، ومسلم "2065"، والطبراني "23/ 927"، والبيهقي "1/
27"، والبغوي "3030"، عن نافع، به.
(7/583)
صدقت يا يحيى، اعرض علي كُتُبَكَ. قُلْتُ:
تُرِيْدُ أَنْ أَلْقَى مِنْكَ مَا لَقِيَ زَائِدَةُ?
قَالَ: وَمَا لَقِيَ، أَصلَحتُ لَهُ كُتُبَهُ
وَذَكَّرْتُهُ حَدِيْثَهُ.
قُلْتُ: أَقْرَبُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ فِي هَذَا الحَدِيْثِ الوَاحِدِ:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
ابْنُ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ شدَّادٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، عَنْ قَيْسِ بنِ
أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يَرْحَمُ
اللهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ النَّاسَ" 1.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ زَيْدُ بنُ هِبَةِ اللهِ،
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ قَفَرْجَلَ، أَخْبَرَنَا
عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ
مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
حَيَّانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي يَزِيْدُ بنُ
حَيَّانَ، سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ أَرْقَمَ، قَالَ: بَعَثَ
إِلَيَّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ: مَا أَحَادِيْثُ
بَلَغَنِي تُحَدِّثُهَا وَتَروِيهَا عَنْ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَذْكُرُ أَنَّ
لَهُ حَوْضاً فِي الجَنَّةِ? قَالَ: حَدَّثَنَا ذَاكَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَوَعَدَنَاهُ. قَالَ: كَذَبتَ، وَلَكِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ
خَرِفْتَ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ،
وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقُوْلُ: "مَنْ كَذَبَ
عَلَيَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ
النَّارِ"، مَا كَذَبتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "1922" من طريق محمد بن بشار، عن
يحيى بن سعيد، به، وأخرجه البخاري "7376"، ومسلم "2319" عن
جابر بن عبد الله، به، وأخرجه البخاري "5997"، ومسلم
"2318"، وأبو داود "5218" من حديث أبي هريرة، به، وأخرجه
أحمد "4/ 366" من حديث جرير، به.
2 صحيح: ورد من حديث أنس بن مالك، وعقبة بن عامر، وابن
عمرو وغيرهم -رضي الله عنهم: أما حديث أنس بن مالك -رضي
الله عنه: فأخرجه أحمد "3/ 223"، وابن ماجه "32" من طريق
الليث بن سعد، عن الزهري، عنه، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة "8/ 763"، وأحمد "3/ 116 و176"، وابنه
في "زوائد المسند" "3/ 278" والدارمي "1/ 77" من طرق عن
سليمان التيمي، عن أنس، به، وأخرجه أحمد "3/ 203 و209"،
وابنه في "زوائد المسند" "3/ 278"، والدارمي "1/ 77" من
طرق عن حماد بن أبي سليمان، عنه، به.
وأخرجه أحمد "3/ 98"، ومسلم "2" في "المقدمة" من طرق عن
عبد العزيز بن صهيب، عنه، به.
وأما حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه: عند أحمد "4/ 159"،
والطبراني في "الكبير" "17/ 843" من طريق ابن لهيعة، عن
أبي عشانة، عنه، به.
وأما حديث ابن عمرو -رضي الله عنها: أخرجه أحمد "2/ 159"،
وأبو خيثمة في "العلم" "45" والخطيب في "تاريخه" "13/ 157"
من طريق الوليد بن مسلم قال: حدقنا الأوزاعي، قال: حدثني
حسان بن عطية، عن أبي كبشة السلولي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل
ولا حرج، ومن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
(7/584)
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ
أَحْمَدَ العَلَوِيِّ بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ
القَطِيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ
بنِ الزَّاغُوْنِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّصِ، حَدَّثَنَا أَبُو
القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ حَنْبَلٍ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو جَمْرَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ
يَقُوْلُ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَهُم
بِالإِيْمَانِ بِاللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: "تَدرُوْنَ
مَا الإِيْمَانُ بِاللهِ "؟. قَالُوا: اللهُ وَرَسُوْلُهُ
أَعْلَمُ. قَالَ: "شَهَادَةَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللهَ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامُ
الصَّلاَةِ وَإِيْتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ،
وَأَنْ تُعْطُوا الخُمُسَ مِنَ المَغْنَمِ" 1.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عُبَيْدَةَ
العُصْفُرِيُّ: سمعت علي بن المديني قال: رأيت خالدا بنَ
الحَارِثِ فِي النَّومِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ?
قَالَ غَفَر لِي، عَلَى أَنَّ الأَمْرَ شَدِيْدٌ. قُلْتُ:
فَمَا فَعلَ يَحْيَى القَطَّانُ? قَالَ: نَرَاهُ كَمَا
يُرَى الكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ.
قَالُوا: تُوُفِّيَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ فِي صَفَرٍ،
سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، قَبْلَ مَوْتِ
ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، بِأَرْبَعَةِ
أَشْهُرٍ -رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنِي أَبِي،
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ التِّرْمِذِيِّ، قَالَ:
قَدِمْتُ البَصْرَةَ أَكْتُبُ الحَدِيْثَ، وَكَانَ يَحْيَى
بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ يَجْلِسُ عَلَى مَوْضِعٍ
مُرْتَفِعٍ، وَيَمُرُّ بِهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ وَاحِداً
وَاحِداً، يُحَدِّثُ كُلَّ إِنْسَانٍ بِحَدِيْثٍ،
فَمَرَرْتُ بِهِ لأَسْأَلَهُ، فَقَالَ لِي: اصعَدْ،
وَاقرَأْ حَدْراً، وَاقرَأْ مِنْ سُورَةٍ وَاحِدَةٍ.
فَقَرَأْتُ: {إِذَا زُلْزِلَتِ} ، فَسَقَطَ مغشيًا عليه،
فأصابه خشبة جزار.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ أَبِي عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ
اللهِ، قَالَ: فَمَا رَأَينَا إِلاَّ جِنَازَتَهُ. قَالَ
أَبِي: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ: وَقَرَأْتُ عَلَى
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، فَأَصَابَهُ نَحْوُ
ذَلِكَ.
قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا
عَبْدِ اللهِ -يَعْنِي: أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ- يَقُوْلُ:
انْتَهَى العِلْمُ إِلَى أَرْبَعَةٍ: إِلَى ابْنِ
المُبَارَكِ، وَوَكِيْعٍ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ، فَأَمَّا ابْنُ المُبَارَكِ، فَأَجْمَعُهُم،
وَأَمَّا وَكِيْعٌ فَأَسرَدُهُم، وَأَمَّا يَحْيَى
فَأَتقَنُهُم، وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَجِهْبِذٌ.
ثُمَّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ وَلاَ أَوعَى
لِلْعِلْمِ مِنْ وَكِيْعٍ، وَلاَ أَشْبَهَ بِأَهْلِ
النُّسُكِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: قَالَ
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: لاَ تَنْظُرُوا إِلَى الحَدِيْثِ،
وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى الإِسْنَادِ، فَإِنْ صَحَّ
الإِسْنَادُ، وَإِلاَّ فَلاَ تَغْتَرُّوا بِالحَدِيْثِ
إِذَا لَمْ يصح الإسناد.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 228"، والبخاري "53"، ومسلم "17"
"24"، وأبو داود "4677"، والنسائي "8/ 322" من طريق شعبة،
به، وأخرجه مسلم "17" "23"، وأبو داود "3692" من طريق عباد
بن عباد، عن أبي جمرة، به. وأبو جمرة: هو نصر بن عمران بن
عصام الضبعي البصري، نزيل خراسان، ثقة ثبت.
(7/585)
1367- شُعَيب بن حرب 1: "خَ، د، س"
الإِمَامُ، القُدوَةُ، العَابِدُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ،
أَبُو صَالِحٍ المَدَائِنِيُّ، المُجَاوِرُ بِمَكَّةَ مِنْ
أَبْنَاءِ الخُرَاسَانِيَّةِ.
رَوَى عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُسْلِمٍ العَبْدِيِّ،
وَعِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، وَمِسْعَرِ بنِ كِدَامٍ،
وَشُعْبَةَ، وَأَبَانِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ،
وَصَخْرِ بنِ جُوَيْرِيَةَ، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ،
وَالحَسَنِ بنِ عمارة، وسفيان، وإسرائيل، وَعَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ أَبِي رَوَّادٍ، وَمَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ،
وَكَامِلٍ أَبِي العَلاَءِ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ
المَقَابِرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي سُرَيْجٍ
الرَّازِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ بَحْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَبِي رَجَاءٍ، وَأَيُّوْبُ بنُ مَنْصُوْرٍ
الكُوْفِيُّ، وَحَسَنُ بنُ الجُنَيْدِ البَغْدَادِيُّ،
وَالحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البزَّارُ، وَعَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَمَحْبُوْبُ بنُ مُوْسَى،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ السَّرِيِّ الزَّاهِدُ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ خُبَيْقٍ الأَنْطَاكِيُّوْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيُّ، وَنُصَيْرُ بنُ الفَرَجِ،
وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ
حَيَّانَ المَدَائِنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
رَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ،
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 320"، والتاريخ الكبير "4/
ترجمة 2578"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 444
و722"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1504"، وتاريخ بغداد "9/
239"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 293"، والكاشف
"2/ ترجمة 2307"، والعبر "1/ 263 و281" وميزان الاعتدال
"2/ ترجمة 2713"، وتهذيب التهذيب "4/ 350"، وتقريب التهذيب
"1/ 352"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2958"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "1/ 349".
(7/586)
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ
خُرَاسَانَ، مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ، فَتَحَوَّلَ إِلَى
المَدَائِنِ، وَاعْتَزَلَ بِهَا، وَكَانَ لَهُ فَضْلٌ،
ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَنَزَلَهَا إِلَى أَنْ مَاتَ
بِهَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ
حَرْبٍ يَقُوْلُ: رُبَّمَا دَرَسَ بَعْضُ الإِسْنَادِ،
أَكَادُ أُحَمُّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: جِئْنَا إِلَى شُعَيْبٍ
أَنَا، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَكَانَ يَنْزِلُ مَدِيْنَةَ
أَبِي جَعْفَرٍ، عَلَى قَرَابَةٍ لَهُ، فَقُلْتُ لأَبِي
خَيْثَمَةَ: سَلْهُ. فَدَنَا إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ،
فَرَأَى كُمَّهُ طَوِيْلاً، فَقَالَ: مَنْ يَكْتُبُ
الحَدِيْثَ يَكُوْنُ كُمُّهُ طَوِيْلاً?! يَا غُلاَمُ!
هَاتِ الشَّفْرَةَ. قَالَ: فَقُمنَا، وَلَمْ يُحَدِّثْنَا
بِشَيْءٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْحَاقَ
الصُّوْفِيُّ: سَمِعْتُ سَرِيّاً السَّقَطِيَّ يَقُوْلُ:
أَرْبَعَةٌ كَانُوا فِي الدُّنْيَا، أَعمَلُوا أَنْفُسَهُم
فِي طَلَبِ الحَلاَلِ، وَلَمْ يُدْخِلُوا أَجْوَافَهُم
إِلاَّ الحَلاَلَ: وُهَيْبُ بنُ الوَرْدِ، وَشُعَيْبُ بنُ
حَرْبٍ، وَيُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ، وَسُلَيْمَانُ
الخَوَّاصُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ خُبَيْقٍ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ
حَرْبٍ: أَكَلتُ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ أَكْلَةً،
وَشَرِبْتُ شَرْبَةً.
أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الصُّوْفِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا
حَمْدُوْنَ الطَّيِّبَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ:
ذَهَبنَا إِلَى المَدَائِنِ إِلَى شُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ،
وَكَانَ قَاعِداً عَلَى شَطِّ دِجْلَةَ، قَدْ بَنَى لَهُ
كُوْخاً، وَخُبْزٌ لَهُ مُعَلَّقٌ فِي شَرِيطٍ،
وَمَطْهَرَةٌ، يَأْخُذُ كُلَّ لَيْلَةٍ رَغِيْفاً،
يَبُلُّهُ فِي المَطْهَرَةِ، وَيَأْكلُهُ، فَقَالَ
بِيَدِهِ هَكَذَا، إِنَّمَا كَانَ جِلْداً وَعَظْماً.
فَقَالَ: أَرَى هُنَا بَعْدُ لَحْماً، وَاللهِ
لأَعْمَلَنَّ فِي ذَوَبَانِهِ، حَتَّى أَدخُلَ إِلَى
القَبْرِ وَأَنَا عِظَامٌ تَقَعْقَعُ، أُرِيْدُ السِّمَنَ
لِلدُّودِ وَالحَيَّاتِ? فَبلغَ أَحْمَدَ قَوْلُهُ،
فَقَالَ: شُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ، حَمَلَ عَلَى نَفْسِهِ فِي
الوَرَعِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى المَدَائِنِيُّ: مَاتَ
شُعَيْبٌ بِمَكَّةَ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، وَغَيْرُهُ: سَنَةَ
سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ -رَحْمَةُ اللهِ عليه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ
بنِ الخَطِيْبِ فَخْرِ الدِّيْنِ بنِ تَيْمِيَةَ بِمِصْرَ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ
اللُّغَوِيُّ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ،
أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ فَخْرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي القَاسِمِ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ البَاقِي بنِ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ
مائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَنْبَسُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ القَزَّازُ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ
حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَالِكِ
بنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي
قَتَادَةَ بنِ رِبْعِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا دَخَلَ أحدكم
المسجد، فليصل ركعتين قبل أن يقعد" 1.
وَبِهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا
العَلاَءُ بنُ سَالِمٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ،
حَدَّثَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ مِثْلَهُ، وَلَمْ
يَذْكُرْ سُفْيَانَ. قَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: هَذَا هُوَ
عِنْدِي الصَّوَابُ.
أَمَّا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ العَطَّارُ، فَفِي
الطَّبَقَةِ الآتية.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "1/ 162"، وعبد الرزاق "1673"، وابن
أبي شيبة "1/ 339"، والحميدي "421"، وأحمد "5/ 295 و296
و303 و305 و311"، والبخاري "444" و"1163"، ومسلم "714"
"69"، وأبو داود "467" و"467"، والترمذي "316"، والنسائي
"2/ 53"، وابن ماجة "1013"، وابن خزيمة "1825" و"1826"
و"1827"، والبيهقي "3/ 53"، والبغوي "480"، وأبو عوانة "1/
451" من طرق عَنْ عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
الزُّبَيْرِ، به.
وأخرجه مسلم "714" "70"، وابن خزيمة "1829"، وأبو عوانة
"1/ 415-416" من طريق عمرو بن سليم، به.
(7/587)
1368- بَهْز بن أسد 1: "ع"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو الأَسْوَدِ
العَمِّيُّ، البَصْرِيُّ، أَخُو مُعَلَّى بنِ أَسَدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
التُّسْتَرِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّهْشَلِيِّ،
وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
بَشَّارٍ، وَأَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ
الطُّوْسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ: مَا رَأَيْتُ
رَجُلاً خَيْراً مِنْ بَهْز.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سبع وتسعين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 298"، والتاريخ الكبير "2/
ترجمة 1983"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 306"
و"2/ 140 و202" و"3/ 156"، والكنى للدولابي "1/ 107"،
والجرح والتعديل لابن أبي حاتم "2/ ترجمة 1715"، والإكمال
لابن ماكولا "1/ 380"، والكاشف "1/ ترجمة رقم 657"، وتذكرة
الحفاظ "1/ ترجمة 324"، وميزان الاعتدال "1/ 353"، وتهذيب
التهذيب "1/ 497".
(7/588)
1369- عبد
الرحمن بن مهدي 1: "ع"
ابن حسان بن عبد الرحمن، الإمام، الناقد، المجود، سيد
الحُفَّاظِ، أَبُو سَعِيْدٍ العَنْبَرِيُّ -وَقِيْلَ:
الأَزْدِيُّ- مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ، اللُّؤْلُؤِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَهُ:
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
وَطَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعَ عَشْرَةَ
سَنَةً.
سَمِعَ أَيْمَنَ بنَ نَابِلٍ، وَعُمَرَ بنَ أَبِي
زَائِدَةَ، وَمُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ الحَضْرَمِيَّ،
وَهِشَامَ بنَ أَبِي عَبْدِ اللهِ الدَّسْتُوَائِيَّ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُسْلِمٍ العَبْدِيَّ قَاضِي
جَزِيْرَةَ قَيْسٍ، وَأَبَا خَلْدَةَ خَالِدَ بنَ
دِيْنَارٍ، وَسُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، وَالمَسْعُوْدِيَّ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ بُدَيْلِ بنِ وَرْقَاءَ، وَأَبَا
يَعْلَى عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الثَّقَفِيَّ، وَعَبْدَ الجَلِيْلِ بنَ عَطِيَّةَ
البَصْرِيَّ، وَعِكْرِمَةَ بنَ عَمَّارٍ، وَعَلِيَّ بنَ
مَسْعَدَةَ البَاهِلِيَّ، وَعِمْرَانَ القَطَّانَ،
وَالمُثَنَّى بنَ سَعِيْدٍ الضُّبَعِيَّ، وَيُوْنُسَ بنَ
أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبَا حُرَّةَ وَاصِلَ بنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَحَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَأَبَانَ بنَ
يَزِيْدَ، وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
الماجِشون، وَأُمَماً سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ
-وَهُمَا مِنْ شُيُوْخِهِ- وَعَلِيٌّ، وَيَحْيَى،
وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
وبُنْدار، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ،
وَالقَوَارِيْرِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
عُمَرَ رُسْتَةُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَهَارُوْنُ
بنُ سُلَيْمَانَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مُحَمَّدٍ الحَارِثِيُّ كُرْبُزَانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مَاهَانَ زنبقة، وخلق يتعذر حصرهم.
وَكَانَ إِمَاماً، حُجَّةً، قُدوَةً فِي العِلْمِ
وَالعَمَلِ.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لاَ أَعْرِفُ
لَهُ نَظِيْراً فِي هَذَا الشَّأْنِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفْقَهُ
مِنْ يَحْيَى القَطَّانِ. وَقَالَ: إِذَا اخْتَلَفَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ وَوَكِيْعٌ، فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَثْبَتُ؛
لأَنَّهُ أَقْرَبُ عَهداً بِالكِتَابِ، وَاخْتَلَفَا فِي
نَحْوٍ مِنْ خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً لِلثَّوْرِيِّ. قَالَ:
فَنَظَرْنَا، فَإِذَا عَامَّةُ الصَّوَابِ فِي يَدِ عَبْدِ
الرحمن.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 297"، والتاريخ الكبير "5/
ترجمة 1123"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1382"، وحلية
الأولياء "9/ ترجمة 414"، وتاريخ بغداد "10/ 240"، والكاشف
"2/ ترجمة 3368"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 313"، وتهذيب
التهذيب "6/ 279"، وتقريب التهذيب "1/ 499"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 4259"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
"2/ 159"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 355".
(7/589)
قَالَ أَيُّوْبُ بنُ المُتَوَكِّلِ: كُنَّا
إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ إِلَى الدِّيْنِ
وَالدُّنْيَا، ذَهَبْنَا إِلَى دَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ مَهْدِيٍّ.
إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي: سَمِعْتُ ابْنَ المَدِيْنِيِّ
يَقُوْلُ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِالحَدِيْثِ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ. قُلْتُ لَهُ: قَدْ كَتَبتُ
حَدِيْثَ الأَعْمَشِ، وَكُنْتُ عِنْدَ نَفْسِي أَنَّنِي
قَدْ بَلَغتُ فِيْهَا، فَقُلْتُ: وَمَنْ يُفِيْدُنِي عَنِ
الأَعْمَشِ. فَقَالَ لِي: مَنْ يُفِيْدُكَ عَنِ
الأَعْمَشِ? قُلْتُ: نَعَمْ. فَأَطرَقَ، ثُمَّ ذَكَرَ
ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً لَيْسَتْ عِنْدِي، يَتَّبِعُ
أَحَادِيْثَ الشُّيُوْخِ الَّذِيْنَ لَمْ أَلْقَهُم أَنَا،
وَلَمْ أَكْتُبْ حَدِيْثَهُم نَازِلاً. قَالَ
إِسْمَاعِيْلُ: أَحْفَظُ مِنْ ذَلِكَ مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي
الأَسْوَدِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ: مَا
رَأَيْتُ أَحَداً أَتْقَنَ لِمَا سَمِعَ، وَلِمَا لَمْ
يَسْمَعْ، وَلِحَدِيْثِ النَّاسِ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بن مهدي، إمام، ثَبْتٌ، أَثْبَتُ مَنْ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، وَأَتْقَنُ مِنْ وَكِيْعٍ، كَانَ عَرَضَ
حَدِيْثَهُ عَلَى سُفْيَانَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ القَوَارِيْرِيُّ:
أَمْلَى عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عِشْرِيْنَ أَلْفَ
حَدِيْثٍ حِفْظاً.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ: سَمِعْتُ ابْنَ
مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: لاَ يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ الرَّجُلُ
إِمَاماً، حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَصِحُّ مِمَّا لاَ
يَصِحُّ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ عِلْمُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ فِي الحَدِيْثِ كَالسِّحرِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
يَقُوْلُ: مَا تَرَكتُ حَدِيْثَ رَجُلٍ إِلاَّ دعوَتُ
اللهَ لَهُ، وَأُسَمِّيهِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ زِيَادٍ سَبَلاَنُ: قُلْتُ
لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ: مَا تَقُوْلُ
فِيْمَنْ يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ? فَقَالَ: لَوْ
كَانَ لِي سُلْطَانٌ، لَقُمْتُ عَلَى الجِسْرِ، فَلاَ
يَمُرُّ بِي أَحَدٌ إِلاَّ سَأَلتُهُ، فَإِذَا قَالَ:
مَخْلُوْقٌ، ضَرَبتُ عُنُقَهُ، وَأَلقَيْتُهُ فِي المَاءِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجستاني: الْتَقَى وَكِيْعٌ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الحَرَمِ بَعْدَ العِشَاءِ،
فَتَوَاقَفَا، حَتَّى سَمِعَا أَذَانَ الصُّبْحِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: لَوْلاَ أَنِّي
أَكرَهُ أن يعصى الله، لتمنيت أن لا يبقى أحدًا فِي
المِصْرِ إِلاَّ اغْتَابَنِي! أَيُّ شَيْءٍ أَهنَأُ مِنْ
حَسَنَةٍ يَجِدُهَا الرَّجُلُ فِي صَحِيْفَتِهِ لَمْ
يَعْمَلْ بِهَا.
وَعَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ أَجلِسُ يَوْمَ الجُمُعَةِ،
فَإِذَا كَثُرَ النَّاسُ، فَرِحتُ، وَإِذَا قَلُّوا
حَزِنْتُ، فَسَأَلْتُ بِشْرَ بنَ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ:
هَذَا مَجْلِسُ سُوءٍ، فَلاَ تَعُدْ إِلَيْهِ فَمَا عُدْتُ
إِلَيْهِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رُسْتَه: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، أَنَّ أَبَاهُ قَامَ
لَيْلَةً، وَكَانَ
(7/590)
يُحْيِي اللَّيْلَ كُلَّهُ. قَالَ:
فَلَمَّا طَلَعَ الفَجْرُ، رَمَى بِنَفْسِهِ عَلَى
الفِرَاشِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَلَمْ يُصَلِّ
الصُّبْحَ، فَجَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لاَ يَجْعَلَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ شَيْئاً شَهْرَيْنِ، فَقَرَّحَ
فَخِذَاهُ جَمِيْعاً.
وَقَالَ رُسْتَه: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ
لِفَتَىً مِنْ وَلَدِ الأَمِيْرِ جَعْفَرِ بنِ
سُلَيْمَانَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ فِي الرَّبِّ
وَتَصِفُهُ وَتُشَبِّهُهُ. قَالَ: نَعَمْ، نَظَرْنَا،
فَلَمْ نَرَ مِنْ خَلْقِ اللهِ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنَ
الإِنْسَانِ. فَأَخَذَ يَتَكَلَّمُ فِي الصِّفَةِ
وَالقَامَةِ، فَقَالَ لَهُ: رُوَيْدَكَ يَا بُنَيَّ حَتَّى
نَتَكَلَّمَ أَوَّلَ شَيْءٍ فِي المَخْلُوْقِ، فَإِنْ
عَجَزْنَا عَنْهُ، فَنَحْنُ عَنِ الخَالِقِ أَعْجَزُ،
أَخْبِرْنِي عَمَّا حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنِ
الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}
[النَّجْمُ: 18] . قَالَ: رَأَى جِبْرِيْلَ لَهُ سِتُّ
مائَةِ جَنَاحٍ1، فَبَقِيَ الغُلاَمُ يَنْظُرُ، فَقَالَ:
أَنَا أُهَوِّنُ عليك، صف لي خلقًا لَهُ ثَلاَثَةُ
أَجْنِحَةٍ، وَرُكِّبَ الجَنَاحُ الثَّالِثُ مِنْهُ
مَوْضِعاً حَتَّى أَعْلَمَ. قَالَ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ،
عَجَزْنَا عَنْ صِفَةِ المَخْلُوْقِ، فَأُشْهِدُكَ أَنِّي
قَدْ عَجَزْتُ وَرَجَعْتُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى، وَابْنِ مَهْدِيٍّ، فَقَالَ: ابْنُ
مَهْدِيٍّ أَكْثَرُ حَدِيْثاً.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلي: شَرِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ البَلاَذرَ2، وَكَذَا الطَّيَالِسِيُّ، فَبَرِصَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَجُذِمَ الآخَرُ. قَالَ: وَقِيْلَ
لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ:
يَغْفِرُ لَكَ ذَنْباً، أَوْ تَحْفَظُ حَدِيْثاً? قَالَ:
أَحْفَظُ حَدِيْثاً.
أَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ: سَمِعْتُ جَرِيْراً
الرَّازِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَوَصَفَ حِفْظَهُ وَبَصَرَهُ
بِالحَدِيْثِ.
قَالَ نُعيم بن حماد: قلت لعبد الرحمن مَهْدِيٍّ: كَيْفَ
تَعرِفُ الكَذَّابَ? قَالَ: كَمَا يَعْرِفُ الطَّبِيْبُ
المَجْنُوْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي صَفْوَانَ: سمعت علي بن المديني
يقول: لو أخذت، فحلفت بين
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3232"، ومسلم "174" من طرق عن
سليمان الشيباني عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، به.
2 البلاذر: ثمرة شبيهة بنوى التمر، ولبه مثل لب الجوز، حلو
لا مضرة فيه، وقشرة متخلخل متثقب، في تخلخله عسل لزج ذو
رائحة، ومن الناس من يقضمه فلا يضره وخصوصا مع الجوز ذكره
ابن سينا في كتابه "القانون" "1/ 267".
(7/591)
الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، لَحَلَفتُ بِاللهِ
أَنِّي لَمْ أَرَ أَحَداً قَطُّ أَعْلَمَ بِالحَدِيْثِ
مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ. سَمِعَهُ: أَبُو
حَاتِمٍ الرَّازِيُّ مِنْهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ قَيْمَازَ، وَغَيْرُهُ،
قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ اللَّتِّيِّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ
الجَرَّاحِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ مَحْبُوْبٍ، حَدَّثَنَا
أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
عَمْرِو بنِ نَبْهَانَ بنِ صَفْوَانَ الثَّقَفِيَّ،
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: لَوْ
حُلِّفتُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، لَحَلَفْتُ أَنِّي
لَمْ أَرَ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مَهْدِيٍّ.
وَبِهِ إِلَى التِّرْمِذِيِّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
الحَسَنِ، قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا رَأَيْتُ
بِعَيْنَيَّ مِثْلَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ إِمَامٌ.
وَقَالَ زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ الطُّوْسِيُّ: قُمْنَا مِنْ
مَجْلِسِ هُشَيْمٍ، فَأَخَذَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ،
وَأَصْحَابُهُ بِيَدِ فَتَىً، فَأَدخَلُوْهُ مَسْجِداً،
وَكَتَبْنَا عَنْهُ، فَإِذَا الفَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مَهْدِيٍّ.
مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الطَّرَسُوْسِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ رُسْتَه يَقُوْلُ: كَانَتْ لِعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ جَارِيَةٌ، فَطَلَبَهَا مِنْهُ
رَجُلٌ، فَكَانَ مِنْهُ شِبْهُ العِدَةِ، فَلَمَّا عَادَ
إِلَيْهِ، قِيْلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: هَذَا صَاحِبُ
الخصومات. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَلَغَنِي
أَنَّكَ تُخَاصِمُ فِي الدِّيْنِ. فَقَالَ: يَا أَبَا
سَعِيْدٍ! إِنَّا نَضَعُ عَلَيْهِم لِنُحَاجَّهُم بِهَا.
فَقَالَ: أَتَدفَعُ البَاطِلَ بِالبَاطِلِ؟ إِنَّمَا
تَدْفَعُ كَلاَماً بِكَلاَمٍ، قُمْ عَنِّي، وَاللهِ لاَ
بِعْتُكَ جَارِيَتِي أَبَداً.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:
اترُكْ مَنْ كَانَ رَأْساً فِي بِدعَةٍ يَدْعُو إليهما.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: دَخَلْتُ عَلَى امْرَأَةِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ -وَكُنْتُ أَزُورُهَا
بَعْد مَوْتِهِ- فَرَأَيْتُ سَوَاداً فِي القِبْلَةِ،
فَقُلْتُ: مَا هَذَا? قَالَتْ: مَوْضِعُ اسْتِرَاحَةِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَإِذَا
غَلَبَهُ النَّومُ، وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ.
وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: مَنْ طَلَبَ
العَرَبِيَّةَ، فَآخِرُهُ مُؤَدِّبٌ، وَمَنْ طَلَبَ
الشِّعْرَ، فَآخِرُهُ شَاعِرٌ يَهْجُو أَوْ يَمْدَحُ
بِالبَاطِلِ، وَمَنْ طَلَبَ الكَلاَمَ، فَآخِرُ أَمرِهِ
الزَّنْدَقَةُ، وَمَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ، فَإِنْ قَامَ
بِهِ، كَانَ إِمَاماً، وَإِنْ فَرَّطَ ثُمَّ أَنَابَ
يَوْماً، يُرْجَعُ إِلَيْهِ، وَقَدْ عَتُقَتْ وَجَادَتْ.
قَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى: كُنْتُ أَسْأَلُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ عَنِ المَشَايِخِ بِالبَصْرَةِ.
وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مَهْدِيٍّ، قَالَ: إِنَّ الجَهْمِيَّةَ أَرَادُوا أَنْ
يَنْفُوا أَنْ يَكُوْنَ اللهُ كَلَّمَ مُوْسَى، وَأَنْ
يَكُوْنَ اسْتَوَى عَلَى العرش، أَرَى أَنْ يُسْتَتَابُوا،
فَإِنْ تَابُوا، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ أعناقهم.
(7/592)
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: ثُمَّ كَانَ
بَعْدَ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ يَذْهَبُ مَذْهَبَ تَابِعِي أَهْلِ
المَدِيْنَةِ، وَيَقْتَدِي بِطَرِيْقَتِهِم.
وَقَالَ: نَظَرْتُ فَإِذَا الإِسْنَادُ يَدُورُ عَلَى
سِتَّةٍ، ثُمَّ صَارَ عِلْمُهُم إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ
نَفْساً، ثُمَّ صَارَ عِلْمُهُم إِلَى: يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ،
وَابْنُ المُبَارَكِ، وَوَكِيْعٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَأَوْثَقُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ: يَحْيَى
القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثِقَةٌ،
خِيَارٌ، صَالِحٌ، مُسْلِمٌ، مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ أَبُو الأَسْوَدِ يَتِيْمُ
عُرْوَةَ، أَخاً لِهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ من الرَّضَاعَةِ.
وَقَدْ قَالَ هِشَامٌ: حَدَّثَنَا أَخِي مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ نَوْفَلٍ، عَنْ أَبِي، قَالَ: لَمْ
يَزَلْ أَمرُ بَنِي إِسْرَائِيْلَ مُعْتَدِلاً حَتَّى
نَشَأَ فِيْهِم أَبْنَاءُ سَبَايَا الأُمَمِ، فَقَالُوا
فِيْهِم بِالرَّأْيِ، فَضَلُّوا، وَأَضَلُّوا.
قَالَ أَيُّوْبُ بنُ المُتَوَكِّلِ: كَانَ حَمَّادُ بنُ
زَيْدٍ إِذَا نَظَرَ إلى عبد الرحمن ابن مَهْدِيٍّ فِي
مَجْلِسِهِ، تَهَلَّلَ وَجْهُهُ.
وَقَالَ صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ المَرْوَزِيُّ الحَافِظُ:
أَتَيْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ أَسْأَلُهُ، فَقَالَ لِي:
الْزَمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ. وَأَفَادَنِي
عَنْهُ أَحَادِيْثَ، فَسَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
عَنْهَا فَحَدَّثَنِي بِهَا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ: سَمِعْتُ
مَهْدِيَّ بنَ حَسَّانٍ يَقُوْلُ: كَانَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ يَكُوْنُ عِنْدَ سُفْيَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ
وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ،
فَإِذَا جَاءنَا سَاعَةً، جَاءَ رَسُوْلُ سُفْيَانَ فِي
أَثَرِهِ يَطْلُبُهُ، فَيَدَعُنَا، وَيَذْهَبُ إِلَيْهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: أَفْتَى سُفْيَانُ فِي مَسْأَلَةٍ،
فَرَآنِي كَأَنِّيْ أَنْكَرتُ فُتْيَاهُ، فَقَالَ: أَنْتَ
مَا تَقُوْلُ? قُلْتُ: كَذَا وَكَذَا، خِلاَفَ قَوْلِهِ،
فَسَكَتَ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ، قَالَ لِي سُفْيَانُ: لَوْ أَنَّ عِنْدِي
كُتُبِي، لأَفَدْتُكَ عِلْماً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: كَانَ لاَ يُتَحَدَّثُ فِي
مَجْلِسِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَلاَ يُبْرَى قَلَمٌ، وَلاَ
يَتَبَسَّمُ أَحَدٌ، وَلاَ يقوم أحد قائمًا، كأن على
رءوسهم الطير، أَوْ كَأَنَّهُم فِي صَلاَةٍ، فَإِذَا رَأَى
أَحَداً مِنْهُم تَبَسَّمَ، أَوْ تَحَدَّثَ، لَبِسَ
نَعْلَهُ، وَخَرَجَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: عِنْدِي عَنِ المُغِيْرَةِ بنِ
شُعْبَةَ فِي المَسْحِ عَلَى الخُفَّينِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ
حَدِيْثاً -يَعْنِي: الطرق.
(7/593)
قَالَ بُنْدَارُ: سَمِعْتُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: لَوِ اسْتَقبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا
اسْتَدْبَرْتُ، لَكَتَبْتُ تَفْسِيْرَ الحَدِيْثِ إِلَى
جَنْبِهِ، وَلأَتَيْتُ المَدِيْنَةَ حَتَّى أَنْظُرَ فِي
كُتُبِ قَوْمٍ سَمِعْتُ مِنْهُم.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَةُ:
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ -وَذَكَرَ الفُقَهَاءَ
السَّبْعَةَ- فَقَالَ: كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ
بِقَوْلِهِم وَحَدِيْثِهِم: ابْنُ شِهَابٍ، ثُمَّ بَعْدَهُ
مَالِكٌ، تم بعده عبد الرحمن بن مهدي.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِذَا حَدَّثَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ، فَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ عَلِيٌّ: كَانَ وِرْدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُلَّ
لَيْلَةٍ نِصْفَ القُرْآنِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: مَا رَأَيْتُ
فِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ كِتَاباً قَطُّ
-يَعْنِي: كَانَ يُحَدِّثُ حِفْظاً.
وَقَالَ رُسْتَه: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ:
كَانَ يُقَالُ: إِذَا لَقِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَوْقَهُ
فِي العلمِ، فَهُوَ يَوْمُ غَنِيمَتِهِ، وَإِذَا لَقِيَ
مَنْ هُوَ مِثْلُهُ، دَارَسَهُ، وَتَعَلَّمَ مِنْهُ،
وَإِذَا لَقِيَ مَنْ هُوَ دُوْنَهُ، تَوَاضَعَ لَهُ،
وَعَلَّمَهُ، وَلاَ يَكُوْنُ إِمَاماً فِي العِلمِ مَنْ
حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلاَ يَكُوْنُ إِمَاماً مَنْ
حَدَّثَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَلاَ مَنْ يُحَدِّثُ
بِالشَّاذِّ وَالحِفْظُ لِلإِتْقَانِ.
وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ: مَعْرِفَةُ الحَدِيْثِ إِلهَامٌ.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ ضَحَّاكٍ: سَمِعْتُ القَوَارِيْرِيَّ
يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يَعْرِفُ حَدِيْثَهُ
وَحَدِيْثَ غَيْرِهِ. وَكَانَ يَحْيَى القطان يعرف حديثه،
فسمعت حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ يَقُوْلُ: لَئِنْ عَاشَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، لَنُخَرِّجَنَّ رَجُلَ أَهْلِ
البَصْرَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ: سَمِعْتُ ابْنَ
مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ بِحَضرَةِ يَحْيَى القَطَّانِ
-وَذَكَرَ الجَهْمِيَّةَ- فَقَالَ: مَا كُنْتُ
لأُنَاكِحَهُم، وَلاَ أُصَلِّيَ خَلْفَهُم.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ رُسْتَه: سَمِعْتُ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: الجَهْمِيَّةُ يُرِيْدُوْنَ
أَنْ يَنفُوا الكَلاَمَ عَنِ اللهِ، وَأَنْ يَكُوْنَ
القُرْآنُ كَلاَمَ اللهِ، وَأَنْ يَكُوْنَ كَلَّمَ
مُوْسَى، وَقَدْ وَكَّدَهُ اللهُ -تَعَالَى- فَقَالَ:
{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النِّسَاءُ: 164]
.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رُسْتَه: سَأَلْتُ ابْنَ
مَهْدِيٍّ عَنِ الرَّجُلِ يَبنِي بِأَهْلِهِ، أَيَترُكُ
الجَمَاعَةَ أَيَّاماً? قَالَ: لاَ، وَلاَ صَلاَةً
وَاحِدَةً. وَحَضَرْتُهُ صَبِيْحَةَ بُنِي عَلَى
ابْنَتِهِ، فَخَرَجَ، فَأَذَّنَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى
بَابِهِمَا، فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ: قُوْلِي لَهُمَا:
يَخْرُجَانِ إِلَى الصَّلاَةِ. فَخَرَجَ النِّسَاءُ
وَالجَوَارِي، فقلن:
(7/594)
سُبْحَانَ اللهِ! أَيُّ شَيْءٍ هَذَا?
فَقَالَ: لاَ أبرح حتى يخرجا إلى الصلاة. فخرجا بعدما
صَلَّى، فَبَعَثَ بِهِمَا إِلَى مَسْجِدٍ خَارِجٍ مِنَ
الدَّرْبِ.
قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ السَّلَفُ فِي الحِرْصِ عَلَى
الخَيْرِ.
قَالَ رُسْتَه: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَحُجُّ كُلَّ
عَامٍ، فَمَاتَ أَخُوْهُ، وَأَوْصَى إِلَيْهِ، فَأَقَامَ
عَلَى أَيْتَامِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قَدِ
ابْتُلِيْتُ بهؤلاء الأيتام، فاستقرضت من يحيى بن سعيد
أربعمائة دِيْنَارٍ احْتَجتُ إِلَيْهَا فِي مَصْلَحَةِ
أَرْضِهِم.
ذَكَرَ أَبُو نُعَيم الحَافِظُ لابْنِ مَهْدِيٍّ فِي
"الحِلْيَةِ" تَرْجَمَةً طَوِيْلَةً جِدّاً، فَرَوَى
فِيْهَا مِنْ حَدِيْثِهِ مائَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ
حَدِيْثاً، وَقَدْ لَحِقَ صِغَارَ التَّابِعِيْنَ:
كَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَصَالِحِ بنِ دِرْهَمٍ،
وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ.
وَكَانَ قَدِ ارْتَحَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ مِنَ
البَصْرَةِ، فَحَدَّثَ بِأَصْبَهَانَ.
قَالَ بُنْدار: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: مَا
نَعرِفُ كِتَاباً فِي الإِسْلاَمِ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ
أَصَحَّ مِنْ "مُوَطَّأِ مَالِكٍ".
وَقَالَ رُسْتَه: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ:
أَئِمَّةُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِم: سُفْيَانُ
بِالكُوْفَةِ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ بِالبَصْرَةِ،
وَمَالِكٌ بِالحِجَازِ، وَالأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ.
أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّان: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ الهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ
عَلِيٌّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ
يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، فَقَالَ لَهُ
رَجُلٌ: أَكَانَ ثِقَةً? فَقَالَ: كَانَ صَدُوْقاً،
وَكَانَ خِيَاراً، وَكَانَ مَأْمُوْناً، الثِّقَةُ
سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ،
سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: لَزِمتُ مَالِكاً
حَتَّى مَلَّنِي. فَقُلْتُ يَوْماً: قَدْ غِبْتُ عَنْ
أَهْلِي هَذِهِ الغَيْبَةَ الطَّوِيْلَةَ، وَلاَ أَعْلَمُ
مَا حَدَثَ بِهِم بَعْدِي. قَالَ: يَا بُنَيَّ، وَأَنَا
بِالقُربِ مِنْ أَهْلِي، وَلاَ أَدْرِي مَا حَدَثَ بِهِم
منذ خرجت.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَدْرِ كِتَابِهِ فِي
"الضُّعَفَاءِ": إِلاَّ أَنَّ مِنْ أَكْثَرِهِم
تَنْقِيْراً عَنْ شَأْنِ المُحَدِّثِيْنَ، وَأَتْرَكِهِم
لِلضُّعَفَاءِ وَالمَتْرُوْكِيْنَ، حَتَّى يَجْعَلَهُ
لِهَذَا الشَّأْنِ صِنَاعَةً لَهُم لَمْ يَتَعَدَّوْهَا
-مَعَ لُزُومِ الدِّيْنِ وَالوَرَعِ الشَّدِيْدِ،
وَالتَّفَقُّهِ فِي السُّنَنِ- رَجُلَيْنِ: يَحْيَى بنُ
سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ.
قَالَ سَهْلُ بنُ صَالِحٍ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ
هَارُوْنَ يَقُوْلُ: وَقَعتُ بَيْنَ أَسَدَيْنِ: عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى القَطَّانِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ ابْنُ مَهْدِيٍّ بِالبَصْرَةِ، فِي
جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَةٍ.
(7/595)
وَعَاشَ أَبُوْهُ بَعْدَهُ، وَكَانَ
شَيْخاً عَامِّيّاً، رُبَّمَا كَانَ يَمْزَحُ بِجَهْلٍ،
وَيُشِيْرُ إِلَى الجَمَاعَةِ إِلَى ابْنِهِ، وَيُشِيْرُ
إِلَى مَتَاعِهِ، فَيَقُوْلُ: هَذَا خَرَجَ مِنْ هَذَا.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ:
سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُمَرَ، سَمِعْتُ ابْنَ
مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: فِتْنَةُ الحَدِيْثِ أَشَدُّ مِنْ
فِتْنَةِ المَالِ وَالوَلَدِ.
قَالَ أَبُو قُدَامَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ
يَقُوْلُ: لأَنْ أَعْرِفَ عِلَّةَ حَدِيْثٍ، أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَسْتَفِيْدَ عَشْرَةَ أَحَادِيْثَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ أَخُو رُسْتَه: سَمِعْتُ ابْنَ
مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: مُحَرَّمٌ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ
يُفْتِيَ إِلاَّ فِي شَيْءٍ سَمِعَهُ مِنْ ثِقَةٍ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ
الجُلُوْسَ إِلَى ذِي هَوَىً، أَوْ ذِي رَأْيٍ.
وَقَالَ رُسْتَه: قَامَ ابْنُ مَهْدِيٍّ مِنَ المَجْلِسِ،
وَتَبِعَهُ الناس، فقال: يا قوم! لا تطئون عقبي، ولا تمشون
خَلْفِي، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، عَنِ الحَسَنِ،
قَالَ عِمْرَانُ: خَفْقُ النِّعَالِ خَلْفَ الأَحْمَقِ
قَلَّ مَا يُبقِي مِنْ دِيْنِهِ.
قَالَ رُسْتَه: سَأَلْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ عَنِ الرَّجُلِ
يَتَمَنَّى المَوْتَ مَخَافَةَ الفِتْنَةِ عَلَى دِيْنِهِ؟
قَالَ: مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْساً، لَكِنْ لاَ
يَتَمَنَّاهُ مَنْ ضُرٍّ بِهِ، أَوْ فَاقَةٍ، تَمَنَّى
المَوْتَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَنْ دُوْنَهُمَا.
وَسَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْ مَا
يَرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيْبُكَ" 1. فَقُلْتُ:
الآمِرُ رَجُلٌ. فَقَالَ: خُذْ بِمَا لاَ يَرِيْبُكَ
حَتَّى لاَ يُصِيْبَكَ مَا يَرِيْبُكَ -يَعْنِي: الحِيَلَ.
وَبَلَغَنَا عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: مَا هُوَ
-يَعْنِي: الغَرَامَ بِطَلَبِ الحَدِيْثِ- إِلاَّ مِثْلُ
لَعِبِ الحَمَامِ، وَنِطَاحِ الكِبَاشِ.
قُلْتُ: صَدَقَ -وَاللهِ- إِلاَّ لِمَنْ أَرَادَ بِهِ
اللهَ، وَقَلِيْلٌ مَا هُم.
أَخْبَرَنَا أبو حفص عمرو بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ2،
أَخْبَرَنَا القَاضِي جَمَالُ الدِّيْنِ عبد الصمد بن
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "4984"، والطيالسي "1178"،
والترمذي "2518"، والنسائي "8/ 327"، والدارمي "2/ 245"،
والحاكم "2/ 13" و"4/ 99"، والطبراني في "الكبير" "2708"
و"2711"، وأبو نعيم في "الحلية" "8/ 264"، والبغوي "2032"
من طريق بريد بن أبي مريم، السعدي، عن الحسن بن علي، به.
2 هو: عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ
اللهِ بن غدير، الثقة المعمر مسند وقته ناصر الدين، أبو
القاسم وأبو حفص الطائي الدمشقي ابن القواس. ذكره الذهبي
في "معجم الشيوخ" "2/ ترجمة 581".
(7/596)
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ بنُ طَلاَّبٍ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
جُمَيْعٍ بِصَيْدَا، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ
أَحْمَدَ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ عَمْرٍو
الرَّبَالِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مَهْدِيٍّ، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنِ
النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ1.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّي: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ
يَقُوْلُ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ لِي
عَلَيْهِ سُلْطَانٌ -عَلَى مَنْ يَقْرَأُ قِرَاءةَ
حَمْزَةَ- لأَوْجَعْتُ ظَهْرَهُ وَبَطْنَهُ.
قُلْتُ: جَاءَ نَحْوُ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ، وَإِنَّمَا
ذَلِكَ عَائِدٌ إلى ما فيها من قَبِيْلِ الأَدَاءِ
-وَاللهُ أَعْلَمُ- وَقَدِ اسْتَقَرَّ اليَوْمَ الإجماع
على تلقى قراءة حمزة بالقبول.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 309"، والحميدي "525"، وابن أبي
شيبة "8/ 217 و220 و221" وأبو داود "3728"، والترمذي
"1888"، وابن ماجة "3429"، والدارمي "2134"، وأبو يعلى
"2402"، والبيهقي في "السنن" "7/ 284"، وفي "الشعب"
"6004"، والبغوي "3035" من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد
الكريم، به.
وعبد الكريم: هو ابن مالك الجزري الخضرمي.
(7/597)
1370- مسكين
1: "ع"
ابن بكير، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الحَرَّانِيُّ، الحَذَّاءُ.
حَدَّثَ عَنْ: ثَابِتِ بنِ عَجلان، وَأَرْطَاةَ بنِ
المُنْذِرِ، وَجَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ، وَالأَوْزَاعِيِّ،
وَشُعْبَةَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَأَحْمَدُ
بنُ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي شُعَيْبٍ
الحَرَّانِيُّ، وَابْنُهُ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ وَهْبِ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ، وَمُوْسَى
بنُ أَيُّوْبَ النَّصِيْبِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ، صَالِحُ
الحَدِيْثِ.
وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: صَدُوْقٌ.
وَقِيْلَ: لَهُ عَنْ شُعْبَةَ مَا يُنْكَرُ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: لَهُ مَنَاكِيْرُ
كَثِيْرَةٌ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ مِسْكِيْنٌ في سنة ثمان وتسعين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 1927"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 185"، والضعفاء الكبير للعقيلي
"4/ ترجمة 1812"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1521"،
والكاشف "3/ ترجمة 5501"، والمغني "2/ ترجمة 6203"، والعبر
"1/ 328"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8479"، وتهذيب
التهذيب "10/ 120"، وتقريب التهذيب "2/ 244"، وخلاصة
الخزرجي "3/ ترجمة 7400"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 355".
(7/597)
1371- مُعَمَّر 1: "ت، س، ق"
ابن سليمان، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
النَّخَعِيُّ، الرَّقِّيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: خُصَيف، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ،
وَزَيْدِ بنِ حِبَّانَ الرَّقِّيِّ، وَحَجَّاجِ بنِ
أَرْطَاةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ،
وَعَلِيُّ بنُ حُجْر، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ،
وَأَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، وَقَوْمٌ آخِرُهُم مَوْتاً:
سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَذَكَرَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، فَذَكَرَ مِنْ فَضْلِهِ
وَهَيْبَتِهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ: كَانَ مِنْ خَيْرِ مَنْ
رَأَيْتُ.
قُلْتُ: وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ. وَمَاتَ فِي
شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ -رحمه
الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2103"، والجرح
والتعديل "8/ ترجمة 1704"، والكاشف "3/ ترجمة 5672"،
والعبر "1/ 308 و425"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8692"،
وتهذيب التهذيب "10/ 249-250"، وتقريب التهذيب "2/ 266"،
وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7132"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 329".
(7/598)
1372- أبو تُمَيْلَة 1: "ع"
يحيى بن واضح المَرْوَزِي الحَافِظُ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، وَمُوْسَى بن
عُبيدة، وحسين بن واقد المَرْوَزِيِّ، وَأَبِي طَيْبَةَ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ،
وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ رَاهَوَيْه،
وَسَعِيْدٌ الجَرْمي، وَزِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو زُنَيْج، وَالحَسَنُ بنُ
عَرَفَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَتَبنَا عَنْهُ عَلَى بَابِ هُشَيْمٍ،
لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ.
وَوَهِمَ أَبُو حَاتِمٍ حَيْثُ حَكَى أَنَّ البُخَارِيَّ
تَكَلَّمَ فِي أَبِي تُمَيْلَةَ، وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ
أَبُو الفَرَجِ بن الجَوْزِيِّ، وَلَمْ أَرَ ذِكْراً
لأَبِي تُمَيْلَةَ فِي كِتَابِ "الضُّعَفَاءِ"
لِلْبُخَارِيِّ، لاَ فِي الكَبِيْرِ وَلاَ الصَّغِيْرِ.
ثُمَّ إِنَّ البُخَارِيَّ قَدِ احْتَجَّ بِأَبِي
تُمَيْلَةَ، وَقَدْ كَانَ مُحَدِّثَ مَرْوَ مَعَ الفَضْلِ
بنِ مُوْسَى السِّيناني.
مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ ومائة.
تم الجزء السابع ويليه: الجزء الثامن، وأوله: الوليدُ بن
مُسْلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 375"، والتاريخ الكبير "8/
ترجمة 3124"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 810"، وتاريخ
بغداد "14/ 126"، والكاشف "3/ ترجمة 6372"، والمغني "2/
ترجمة 7062"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9644"، وتهذيب
التهذيب "11/ 293"، وتقريب التهذيب "2/ 359".
(7/599)
الفهارس
فهرس الموضوعات:
الصفحة الموضوع
5 1092- سليمان بن كثير العبدي
6 1093- محمد بن مطرف بن داود
7 1094- همام بن يحيى بن ينار
10 1095- أبو مخنف -لوط بن يحيى
11 1096- سفيان بن حسين بن الحسن
11 1097- صالح بن أبي الأخضر
12 1098- سعيد بن بشير
13 1099- ثابت بن يزيد
13 1100- ثابت بن يزيد
14 1101- المقنع
14 1102- ابن علاثة
15 1103- الماجشون
18 1104- ابن ثوبان
19 1105- صدقة بن عبد الملك
21 1106- عبيد الله بن إياد
21 1107- جويرية بن أسماء
22 1108- معقل بن عبيد الله
22 1109- أيوب بن عتبة
24 1110- محمد بن جعفر
25 1111- الأخفش
25 1112- ابن الغسيل
27 1113- عثمان البري
28 1114- خارجة بن مصعب
29 1115- المَخْرَمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ
عَبْدِ الرحمن
30 1116- عبد الله بن جعفر بن نجيح
30 1117- ابن أبي سبرة
32 1118- أبو بكر النهشلي
33 1119- عبد الله بن عياش
33 1120- عبد الحميد بن بهرام
34 1121- الربيع بن يونس
34 1122- نافع بن أبي نعيم
36 1123- محمد بن طلحة
37 1124- عبد الله بن عمر بن حفص
(7/601)
39 1125- فضيل بن مرزوق
40 1126- محمد بن راشد
41 1127- هشام بن سعد
42 1128- أبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان
44 1129- فتح الموصلي
44 1130- فتح بن سعيد الموصلي الصغير
44 1131- ابن زبر عبد الله بن العلاء
45 1132- عبد الله بن العلاء بن خالد
46 1133- فليح بن سليمان
48 1134- إسرائيل بن يونس
52 1135- الحسن بن صالح بن حي
59 1136- علي بن صالح بن حي
60 1137- صالح بن صالح بن حي
60 1138- صالح بن حيان
61 1139- أبو دلامة
62 1140- زائدة بن قدامة
64 1141- زائدة بن طهمان
68 1142- أبو حمزة السكري
70 1143- إبراهيم بن أدهم
75 1144- معاوية بن سلام
76 1145- أَبُو عُبَيْدِ اللهِ الوَزِيْرُ مُعَاوِيَةُ بنُ
عُبَيْدِ الله
76 1146- عافية بن يزيد
77 1147- مفضل بن مهلهل
78 1148- المهدي - محمد بن المنصور
80 1149- النضر بن عربي
81 1150- صالح بن راشد
81 1151- شيبان بن عبد الرحمن
83 1152- عيسى بن علي
84 1153- صخر بن جويرية
85 1154- موسى بن علي بن رباح
86 1155- علي بن رباح
87 1156- سلام بن مسكين
88 1157- سليمان بن المغيرة
90 1158- ورقاء بن عمر
92 1159- داود الطائي
94 1160- سليمان بن بلال
96 1161- سلام بن أبي مطيع
97 1162- الخليل بن أحمد الفراهيدي
98 1163- أبان بن يزيد
99 1164- نافع بن عمر
100 1165- عيسى بن موسى
100 1166- أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن
104 1167- روح بن حاتم
104 1168- الهادي - موسى بن المهدي
(7/602)
105 1169- حماد بن سلمة
113 170- حماد بن زيد
119 1171- يحيى بن أيوب "البصري"
123 1172- يحيى بن أيوب "الكوفي"
124 1173- مهدي بن ميمون
124 1174- عبد الله بن لهيعة
139 1175- سعيد بن عبد العزيز
144 1176- زفر بن الهذيل
146 1177- قيس بن الربيع
147 1178- السيد الحميري
149 1179- صالح المري
150 1180- مالك الإمام
203 1181- عبد القدوس
204 1182- الليث بن سعد
220 1183- محمد بن موسى الفطري
220 1184- ميسرة التراس
221 1185- المغيرة بن عبد الرحمن
222 1186- ابن أبي الزناد
224 1187- مفضل بن فضالة
225 1188- جحا
226 1189- رباح بن عمرو القيس
226 1190- محمد بن النضر
227 1191- محمد بن مسلم
228 1192- الزنجي
229 1193- سليمان الخواص
230 1194- سلم بن ميمون
231 1195- صالح بن موسى
231 1196- زهير بن معاوية
236 1197- زهير بن محمد
239 1198- القاسم بن معن
239 1199- يونس
240 1200- عبد العزيز بن مسلم
241 1201- المغيرة بن مسلم
241 1202- سلم الخاسر
241 1203- أبو المليح
242 1204- قزعة بن سويد
242 1205- بكر بن مضر
244 1206- جعفر بن سليمان
246 1207- شريك بن عبد الله
256 1208- غسان بن برزين
257 1209- أبو عوانة
261 1210- وهيب بن خالد بن عجلان
263 1211- أبو شهاب
264 1212- عبثر بن القاسم
264 1213- إسماعيل بن جعفر
266 1214- حفص بن ميسرة
266 1215- الوليد بن طريف
267 1216- يزيد بن حاتم
(7/603)
268 1217- روح بن حاتم
268 1218- أيوب بن جابر
269 1219- أيوب بن عتبة
270 1220- محمد بن جابر
271 1221- جعفر بن سليمان
272 1222- محمد بن سليمان
273 1223- رابعة العدوية
274 1224- رابعة الشامية
274 1225- عبد الرحمن بن معاوية بن هشام
280 1226- هشام بن عبد الرحمن بن معاوية
280 1227- الحكم بن هشام
284 1228- عبد الرحمن بن الحكم بن هشام
285 1229- محمد بن عبد الرحمن بن الحكم
286 1230- المُنْذِرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ
286 1231- عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ
287 1232- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ
289 1233- الحكم بن عبد الرحمن بن محمد
290 1234- هشام بن الحكم
291 1235- يعلى بن الأشدق
292 1236- العطاف بن خالد بن عبد الله
292 1237- إبراهيم بن صالح
293 1238- الفيض بن أبي صالح
293 1239- عمارة بن حمزة
294 1240- عبيس بن ميمون
295 1241- خالد بن عبد الله
296 1242- موسى بن أعين
297 1243- المفضل بن فضالة
298 1244- أبو الأحوص
299 1245- شهاب بن خداش
302 1246- هشيم بن بشر
306 1247- هشيم بن أبي ساسان
306 1248- عباد بن عباد
307 1249- يزيد بن زريع
309 1250- يعقوب القمي
310 1251- عبد الوارث بن سعيد
312 1252- إبراهيم بن سعد
316 1253- عبد الله بن عمرو
318 1254- إسماعيل بن عياش
330 1255- ابن السماك
331 1256- مرحوم بن عبد العزيز
332 1257- المطلب بن زياد
334 1258- عبد السلام بن حرب
(7/604)
335 1259- عمر بن عبيد "الكوفي"
335 1260- عمر بن عبيد "البصري"
336 1261- يحيى بن زكريا
339 1262- خلف بن خليفة
340 1263- علي بن هاشم
342 1264- يعقوب
344 1265- عبد الرحمن بن زيد
345 1266- سفيان بن حبيب
345 1267- سفيان بن موسى
346 1268- سيبويه
347 1269- الهيثم بن حميد
348 1270- يحيى بن حمزة
349 1271- يحيى بن يمان
350 1272- عبد الرحيم بن سليمان
351 1273- عبد الرحيم بن زيد بن الحواري
351 1274- إسماعيل بن صالح
352 1275- بشر بن منصور
354 1276- عبد العزيز بن أبي حازم
355 1277- صريع الغواني
356 1278- عبد العزيز بن محمد
358 1279- عبد العزيز بن عبد الصمد
359 1280- الهقل بن زياد
360 1281- يوسف بن يعقوب
361 1282- العمري
365 1283- عبد الله بن المبارك
392 1284- ضيغم بن مالك
393 1285- الفضيل بن عياض
406 1286- علي بن الفضيل
410 1287- فضيل بن عياض الخولاني
410 1288- فضيل بن عياض الصدفي
410 1289- النعمان بن عبد السلام
411 1290- إبراهيم ين أبي يحيى
414 1291- سفيان بن عيينة
427 1292- إبراهيم بن عيينة
427 1293- الخلقاني
428 1294- معتمر بن سليمان بن طرخان
430 1295- مروان بن أبي حفصة
431 1296- مروان بن أبي الجنوب
431 1297- مبارك بن سعيد
432 1298- معاذ بن مسلم
433 1299- علي بن مسهر
435 1300- غنجار
437 1301- عيسى بن يونس
441 1302- أبو بكر بن عياش
449 1303- عبيدة بن حميد
451 1304- عبدة بن سليمان
452 1305- عباد بن العوام
453 1306- عمر بن علي
(7/605)
454 1307- الأشجعي
456 1308- عبد الله بن مصعب
456 1309- حاتم بن إسماعيل
457 1310- بقية بن الوليد
469 1311- العباس
469 1312- القاضي أبو يوسف
472 1313- أبو إسحاق الفزاري
475 1314- البكائي محمد بن زياد
477 1315- عبد الواحد بن زياد
478 1316- جرير بن عبد الحميد
484 1317- سويد بن عبد العزيز
484 1318- أبو خالد الأحمر
486 1319- حفص بن غياث
493 1320- مروان بن شجاع
494 1321- مروان بن سالم الجزري
495 1322- بشر بن المفضل
497 1323- أبو سفيان المعمري
497 1324- حسان بن إبراهيم
498 1325- عبد الله بن إدريس
502 1326- محمد بن سلمة
502 1327- الأبرش، سلمة بن الفضل
503 1328- مروان بن معاوية
505 1329- معاذ بن معاذ
507 1330- محمد بن حرب
508 1331- البرمكي، جعفر بن يحيى
515 1332- يزيد بن مزيد
516 1333- أبو معاوية الضرير
520 1334- أبو معاوية الأسود
521 1335- إبراهيم الموصلي
521 1336- المعافى بن عمران الأزدي
525 1337- المعافى بن عمران الحمصي
525 1338- أبو ضمرة الليثي
526 1339- حكام بن سلم
527 1340- ابن الإمام، محمد بن إبراهيم
527 1341- يحيى بن خالد
528 1342- الفضل بن يحيى
529 1343- الأحمر، علي بن المبارك
530 1344- منصور بن عمار
533 1345- العباس بن الأحنف
533 1346- غندر، محمد بن جعفر
536 1347- شعيب بن إسحاق
537 1348- السيناني، الفضل بن موسى
538 1349- يزيد بن سمرة
538 1350- يزيد بن شجرة
539 1351- ابن علية، إسماعيل بن إبراهيم
546 1352- عبد الرحمن بن القاسم
550 1353- محمد بن يوسف
551 1354- خالد بن الحارث
552 1355- إبراهيم بن الأغلب
(7/606)
552 356- عبد الصمد بن علي
553 1357- الكسائي، علي بن حمزة
555 1358- محمد بن الحسن
556 1359- المحاربي، عبد الرحمن بن محمد
558 1360- يحيى بن سعيد
559 1361- وكيع بن الجراح
574 1362- الجراح بن مليح
575 1363- يوسف بن أسباط
576 1364- إسحاق الأزرق
577 1365- محمد بن فضيل
578 1366- يحيى القطان
586 1367- شعيب بن حرب
588 1368- بهز بن أسد
589 1369- عبد الرحمن بن مهدي
597 1370- مسكين بن بكير
598 1371- معمر بن سليمان
598 1372- أبو تميلة
601 فهرس الموضوعات
(7/607)
فهرس التراجم على حروف المعجم:
الجزء السابع
الصفحة التراجم
98 1163- أبان بن يزيد
70 1143- إبراهيم بن أدهم
552 1355- إبراهيم بن الأغلب
312 1252- إبراهيم بن سعد
292 1237- إبراهيم بن صالح
64 1141- إبراهيم طهمان
427 1292- إبراهيم بن عيينة
إبراهيم بن محمد بن الحارث = أبو إسحاق الغزاري
521 1335- إبراهيم الموصلي
411 1290- إبراهيم بن أبي يحيى
502 1327- الأبرش، سلمة بن الفضل
529 1343- الأحمر، على بن المبارك
297 1244- أبو الأحوص
25 1111- الأخفش عبد الحميد بن عبد المجيد
576 1364- إسحاق الأزرق
472 1313- أبو إسحاق الغزاري
48 1134- إسرائيل بن يونس
264 1213- إسماعيل بن جعفر
351 1274- إسماعيل بن صالح
318 1254- إسماعيل بن عياش
454 1307- الأشجعي = عبيد الله بن عبد الرحمن أبو عبد
الرحمن الأشجعي
527 1340- ابن الإمام محمد بن إبراهيم
268 1218- أيوب بن جابر
22 1109- أيوب بن عتبة
269 1219- أيوب بن عتبة
508 1331- البرمكي، جعفر بن يحيى
495 1322- بشر بن المفضل
352 1275- بشر بن منصور
457 1310- بقية بن الوليد
475 1314- البكائي أبو محمد بن زياد
441 1302- أبو بكر بن عياش
32 1118- أبو بكر النهشلي
242 1205- بكر بن مضر
588 1368- بهز بن أسد
(7/609)
13 1099- ثَابِتُ بنُ يَزِيْدَ = أَبُو
زَيْدٍ البَصْرِيُّ الأَحْوَلُ
13 1100- ثابت بن يزيد = أبو السري الأودي
18 1104- ابن ثوبان عبد الرحمن بن ثابت
225 1188- حجا = أبو الغصن دجين بن ثابت اليربوعي البصري
574 1362- الجراح بن مليح
478 1316- جرير بن عبد الحميد
42 1128- أبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان
244 1206- جعفر بن سليمان أبو سليمان الضبعي البصري
271 1221- جعفر بن سليمان بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَبَّاسٍ
21 1107- جويرية بن أسماء
456 1309- حاتم بن إسماعيل
497 1324- حسان بن إبراهيم
52 1135- الحسن بن صالح بن حي
486 1319- حفص بن غياث
266 1214- حفص بن ميسرة
526 1339- حكام بن سلم
289 1233- الحكم بن عبد الرحمن بن محمد
280 1227- الحكم بن هشام
113 1170- حماد بن زيد
105 1169- حماد بن سلمة
68 1142- أبو حمزة السكري محمد بن ميمون
28 1114- خارجة بن مصعب
484 1318- أبو خالد الأحمر
551 1354- خالد بن الحارث
295 1241- خالد بن عبد الله
339 1262- خلف بن خليفة
427 1293- الخلقاني = إسماعيل بن زكريا أبو زياد الكوفي
الخلقاني
97 1162- الخليل بن أحمد الفراهيدي
92 1159- داود الطائي
61 1139- أبو دُلامة - زَنْد بن الجَوْن
274 1224- رابعة الشامية
273 1223- رابعة العدوية
34 1121- الربيع بن يونس
104 1167- روح بن حاتم
268 1217- روح بن حاتم
226 1189- رياح بن عمرو القيس أبو المهاصر البصري
62 1140- زائدة بن قدامة
44 1131- ابن زَبْر عبد الله بن العلاء ابن زَبْر الربعي
144 1176- زفر بن الهذيل
(7/610)
222 186- ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ = عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الله بن ذكوان
228 1192- الزنجي = مسلم بن خالد الزنجي
236 1197- زهير بن محمد
231 1196- زهير بن معاوية
30 1117- ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ
الله بن محمد أبي سبرة بن أبي رهم
12 1098- سعيد بن بشير
139 1175- سعيد بن عبد العزيز
345 1266- سفيان بن حبيب
11 1096- سفيان بن حسين بن الحسن أبو محمد الواسطي
414 1291- سفيان بن عيينة
497 1323- أبو سفيان المعمري محمد بن حميد البصري المعمري
345 1267- سفيان بن موسى
87 1156- سلام بن مسكين
96 1161- سلام بن أبي مطيع
241 1202- سلم الخاسر
230 1194- سلم بن ميمون
سلمة بن الفضل = الأبرش
94 1160- سليمان بن بلال
229 1193- سليمان بن الخواص
5 1192- سليمان بن كثير
88 1157- سليمان بن المغيرة
330 1255- ابن السماك
484 1317- سويد بن عبد العزيز
346 1268- سيبويه
147 1178- السيد الحميري
537 1348- السيناني، الفضل بن موسى المروزي
246 1207- شريك بن عبد الله النخعي
536 1347- شعيب بن إسحاق
586 1367- شعيب بن حرب
263 1211- أبو شهاب الحفاط = عبد ربه بن نافع الكوفي
المدائني
299 1245- شهاب بن خراش
81 1151- شيبان بن عبد الرحمن
11 1097- صالح بن أبي الأخضر
60 1138- صالح بن حيان
81 1150- صالح بن راشد
60 1137- صالح بن صالح بن حي
149 1179- صالح المري
231 1195- صالح بن موسى
84 1153- صخر بن جويرية
19 1105- صدقة بن عبد الله
355 1277- صريع الغواني
525 1338- أبو ضمرة الليثي
392 1284- ضيغم بن مالك
76 1146- عافية بن يزيد
(7/611)
306 1248- عباد بن عباد
452 1305- عباد بن العوام
469 1311- العباس بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ العباس
533 1345- العباس بن الأحنف
264 1212- عبثر بن القاسم
33 1120- عبد الحميد بن بهرام
عبد الحميد بن عبد المجيد = الأحفش
284 1228- عبد الرحمن بن الحكم
344 1265- عبد الرحمن بن زيد
546 1352- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ
287 1232- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
اللهِ
274 1225- عبد الرحمن بن معاوية بن هشام
589 1369- عبد الرحمن بن مهدي
350 1272- عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ أَبُو
عَلِيٍّ الرَّازِيُّ
351 1273- عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ زَيْدِ بنِ الحَوَارِيِّ
العَمِّيُّ البصري
334 1258- عبد السلام بن حرب الملائي البصري
552 1356- عبد الصمد بن علي
354 1276- عبد العزيز بن أبي حازم
358 1279- عبد العزيز بن عبد الصمد
356 1278- عبد العزيز بن محمد
240 1200- عبد العزيز بن مسلم
203 1181- عَبْدُ القُدُّوْسِ بنُ حَبِيْبٍ أَبُو سَعِيْدٍ
الكَلاَعِيُّ الوحاظي الشامي
498 1352- عبد الله بن إدريس
30 1116- عبد الله بن جعفر بن نجيح
45 1132- عبد الله بن العلاء بن خالد
37 1124- عبد الله بن عمر بن حفص
33 1119- عبد الله بن عياش
124 1174- عبد الله بن لهيعة
365 1283- عبد الله بن المبارك
286 1231- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ
456 1308- عبد الله بن مصعب
477 1315- عبد الواحد بن زياد
310 1251- عبد الوارث بن سعيد
451 1304- عبدة بن سليمان
21 1106- عبيد الله بن إياد
316 1253- عبيد الله بن عمرو
76 1145- أَبُو عُبَيْدِ اللهِ الوَزِيْرُ مُعَاوِيَةُ بنُ
عُبَيْدِ الله
449 1303- عبيدة بن حميد
294 1240- عبيس بن ميمون
27 1113- عثمان البري أبو سلمة عثمان بن مقسم
292 1236- العطاف بن خالد بن عبد الله بن العاص
(7/612)
14 1102- ابن علاثة مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ عُلاَثَةَ العُقَيْلِيُّ الجزري
86 1155- علي بن رباح
59 1136- علي بن صالح بن حي
406 1286- علي بن الفضيل بن عياض
433 1299- علي بن مسهر
340 1263- علي بن هاشم
539 1351- ابن علية إسماعيل بن إبراهيم مقسم أبو بشر
الأسدي
293 1239- عمارة بن حمزة
335 1260- عمر بن عبيد البصري
335 1259- عمر بن عبيد الكوفي
453 1306- عمر بن علي
361 1282- العمري أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ
بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عبد الله بن
عمر
257 1209- أبو عوانة
83 1152- عيسى بن علي
عيسى بن ماهان = أبو جعفر الرازي
100 1165- عيسى بن موسى
437 1301- عيسى بن يونس
256 1208- غسان بن بزرين أبو المقدام الطهوي البصري
25 1112- ابن الغسيل عبد الرحمن بن سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ حَنْظَلَة
435 1300- غنجار
533 1346- غندر، محمد بن جعفر
44 1130- فتح بن سعيد الموصلي الصغير
44 1129- فتح الموصلي الكبير = فتح بن محمد وشاح الأزدي
528 1342- الفضل بن يحيى
410 1287- فضيل بن عياض الخولاني
410 1288- فضيل بن عياض الصدفي
393 1285- الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضِ = بنِ مَسْعُوْدِ بنِ
بِشْرٍ
39 1125- فضيل بن مرزوق
46 1133- فليح بن سليمان
293 1238- الفيض بن أبي صالح شيرويه
239 1198- القاسم بن معن
469 1312- القاضي أبو يوسف
242 1204- قزعة بن سويد
146 1177- قيس بن الربيع أبو محمد الأسدي الكوفي
553 1357- الكسائي، علي بن حمزة بن عبد الله
204 1182- الليث بن سعد
15 1103- الماجشون عبد العزيز بن عبد الله
150 1180- مالك الإمام
431 1297- مبارك بن سعيد بن مسروق
(7/613)
556 1359- المحاربي، عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الكُوْفِيُّ
270 1220- محمد بن جابر
24 1110- محمد بن جعفر
507 1335- محمد بن حرب
555 1358- محمد بن الحسن
40 1126- محمد بن راشد
502 1326- محمد بن سلمة
272 1222- محمد بن سليمان
36 1123- محمد بن طلحة
285 1229- محمد بن عبد الرحمن بن الحكم
577 1365- محمد بن فضيل
227 1191- محمد بن مسلم
6 1093- محمد بن مطرف
220 1183- محمد بن موسى الفطري
226 1190- محمد بن النضر
550 1353- محمد بن يوسف
29 1115- المَخْرَمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ
عَبْدِ الرحمن
10 1095- أبو مخنف لوط بن يحيى
331 1256- مرحوم بن عبد العزيز بن مهران
431 1296- مروان بن أبي الجنوب
430 1295- مروان بن أبي حفصة
494 1321- مروان بن سالم الجزري
493 1320- مروان بن شجاع
503 1328- مروان بن معاوية
597 1370- مسكين بن بكير
332 1257- المطلب بن زياد
432 1298- معاذ بن مسلم
505 1329- معاذ بن معاذ
521 1336- المعافى بن عمران الأزدي
525 1337- المعافى بن عمران الحمصي
520 1334- أبو معاوية الأسود
75 1144- معاوية بن سلام
516 1333- أبو معاوية الضرير
428 1294- معتمر بن سليمان بن طرخان
100 1196- أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
السِّنْدِيُّ
22 1108- معقل بن عبيد الله
598 1371- معمر بن سليمان
221 1185- المُغِيْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ
اللهِ
241 1201- المغيرة بن مسلم القسملي
224 1187- مفضل بن فضالة بن عبيد
297 1243- المفضل بن فضالة بن أبي أمية
77 1147- مفضل بن مهلهل
14 1101- المقنع عطاء
241 1203- أبو المليح الحسن بن عمر الرقي
(7/614)
286 1230- المنذر بن محمد بن عبد الرحمن
530 1344- منصور بن عمار أبو جعفر الخليفة
78 1148- المهدي - محمد المنصور
124 1173- مهدي بن ميمون
296 1242- موسى بن أعين
85 1154- موسى بن علي بن رباح
220 1184- ميسرة التراس ميسرة بن عبد ربه الفارسي
99 1164- نافع بن عمر
34 1122- نافع بن أبي نعيم
80 1149- النضر بن عربي
410 1289- النعمان بن عبد السلام بن حبيب
104 1168- الهادي - موسى بن المهدي
290 1234- هشام بن الحكم
41 1127- هشام بن سعد
280 1226- هشام بن عبد الرحمن بن معاوية
302 1246- هشيم بن بشير بن أبي خازم
306 1247- هشيم بن أبي ساسان هشام
359 1280- الهقل بن زياد
7 1094- همام بن يحيى
347 1269- الهيثم بن حميد
90 1158- ورقاء بن عمر
559 1361- وكيع بن الجراح
266 1215- الوليد بن طريف
261 1210- وهيب بن خالد بن عجلان
119 1171- يحيى بن أيوب المصري
123 1172- يحيى بن أيوب الكوفي
348 1270- يحيى بن حمزة
527 1341- يحيى بن خالد
336 1261- يحيى بن زكريا
558 1360- يحيى بن سعيد
578 1366- يحيى القطان
349 1271- يحيى بن يمان
267 1216- يزيد بن حاتم
307 1249- يزيد بن زريع
538 1349- يزيد بن سمرة
538 1350- يزيد بن شجرة
515 1332- يزيد بن مزيد
342 1264- يعقوب = أبو يعقوب بن داود بن طهمان
309 1250- يعقوب القمي = يعقوب بن عبد الله بن سعد الأشعري
291 1235- يعلى بن الأشدق
575 1363- يوسف بن أسباط
360 1281- يوسف بن يعقوب
239 1199- يونس بن حبيب الصنبي البصري
(7/615)
المجلد الثامن
تابع الطبقة التاسعة
بسم الله الرحمن الرحيم
1373- الوليد بن مسلم
1: "ع"
الإِمَامُ عَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ أَبُو العَبَّاسِ
الدِّمَشْقِيُّ الحَافِظُ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. قَرَأَ
القُرْآنَ عَلَى: يَحْيَى بنِ الحَارِثِ الذِّمَارِيِّ
وَعَلَى: سَعِيْدِ بن عبد العزيز.
وَحَدَّثَ عَنْهُمَا وَعَنِ: ابْنِ عَجْلاَنَ، وَثَوْرِ
بنِ يَزِيْدَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَرْوَانَ بنِ جَنَاحٍ
وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ
الغَسَّانِيِّ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ وَعُثْمَانَ بنِ
أَبِي العَاتِكَةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ
جَابِرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ تَمِيْمٍ
وَعَبْدِ اللهِ بنِ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ وَسُلَيْمَانَ
بنِ مُوْسَى، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ رَافِعٍ وَحَنْظَلَةَ
بنِ أَبِي سُفْيَانَ وَصَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو وَشَيْبَةَ
بنِ الأَحْنَفِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَّانٍ
الكِنَانِيِّ، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ وَهِشَامِ بنِ
حَسَّانٍ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ
وَمُعَانِ بنِ رِفَاعَةَ وَشَيْبَانَ النَّحْوِيِّ
وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَابْنِ
لَهِيْعَةَ وَالمُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ وَيَزِيْدَ بنِ
أَبِي مَرْيَمَ وَسَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ وَعَدَدٍ
كَثِيْرٍ.
وَارْتَحَلَ فِي هَذَا الشَّأْنِ وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ
وَتَصَدَّى لِلإِمَامَةِ وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ ثِقَةً حَافِظاً لَكِنْ
رَدِيْءَ التَّدْلِيْسِ فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا فَهُوَ
حُجَّةٌ هُوَ فِي نَفْسِهِ أَوْثَقُ مِنْ بَقِيَّةَ،
وَأَعْلَمُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَبَقِيَّةُ بنُ
الوَلِيْدِ -وَهُمَا مِنْ شُيُوْخِهِ- وَعَبْدُ اللهِ بنُ
وَهْبٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ،
وَدُحَيْمٌ وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى،
وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ
أَبِي الحَوَارِيِّ وَنُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ وَمُحَمَّدُ
بنُ عَائِذٍ، وَدَاوُدُ بنُ رُشَيْدٍ وَسُوَيْدُ بنُ
سَعِيْدٍ وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
مُوْسَى، وَمُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى وَأَبُو قُدَامَةَ
السَّرَخْسِيُّ، وَكَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مَيْمُوْنٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ
وَيَحْيَى بنُ مُوْسَى خَتٌّ، وَأَبُو عُمَيْرٍ بنُ
النَّحَاسِ وَمُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى وموسى بن عامر المري،
ومحمود بن
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 470"، والتاريخ الكبير "8/
ترجمة 2532"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 420"،
والكنى للدولابي "2/ 71"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 70"،
والأنساب للسمعاني "5/ 338"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة
282"، والكاشف "3/ ترجمة 6202"، والمغني "2/ ترجمة 6887"،
والعبر "1/ 319"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9405"، وتهذيب
التهذيب "11/ 151"، وتقريب التهذيب "2/ 336"، وشذرات الذهب
لابن العماد "1/ 344".
(8/5)
غَيْلاَنَ وَأُمَمٌ سِوَاهُم آخِرُهُم
وَفَاةً: حَجَّاجُ بنُ الرَّيَّانِ الدِّمَشْقِيُّ
المُتَوَفَّى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ الوَلِيْدُ ثِقَةً
كَثِيْرَ الحَدِيْثِ وَالعِلْمِ حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَمَاتَ
بِالطَّرِيْقِ.
قَالَ دُحَيْمٌ: كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعَ
عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَرَأَ عَلَيْهِ
القُرْآنَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَالرَّبِيْعُ بنُ
ثَعْلَبٍ.
قَالَ الفَسَوِيُّ: سَأَلْتُ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ عَنِ
الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، فَأَقْبَلَ يَصِفُ عِلْمَهُ،
وَوَرَعَهُ وَتَوَاضُعَهُ، وَقَالَ: كَانَ أَبُوْهُ مِنْ
رَقِيْقِ الإِمَارَةِ، وَتَفَرَّقُوا عَلَى أَنَّهُم
أَحرَارٌ، وَكَانَ لِلْوَلِيْدِ أَخٌ جِلْفٌ مُتَكَبِّرٌ
يَرْكَبُ الخَيْلَ، وَيَرْكَبُ مَعَهُ غِلمَانُ كَثِيْرٌ
وَيَتَصَيَّدُ، وَقَدْ حَمَلَ الوَلِيْدُ دِيَةً، فَأَدَّى
ذَلِكَ إِلَى بَيْتِ المَالِ أَخْرَجَهُ عَنْ نَفْسِهِ،
إِذِ اشْتبَهَ عَلَيْهِ أَمرُ أَبِيْهِ. قَالَ: فَوَقَعَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ فِي ذَلِكَ شَغَبٌ وَجَفَاءٌ،
وَقطِيْعَةٌ، وَقَالَ: فَضَحْتَنَا، مَا كَانَ حَاجَتُكَ
إِلَى مَا فَعَلتَ?!
قَالَ أَبُو التَّقِيِّ اليَزَنِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ
بنُ مَسْلَمَةَ القُرَشِيُّ: أَنَا أَعتَقْتُ الوَلِيْدَ
بنَ مُسْلِمٍ كَانَ عَبْدِي.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ: أَنَّ
الوَلِيْدَ كَانَ مِنَ الأَخْمَاسِ فَصَارَ لآلِ
مَسْلَمَةَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ فَلَمَّا قَدِمَ بَنُو
العَبَّاسِ فِي دَوْلَتِهِم قَبَضُوا رَقِيْقَ الأَخْمَاسِ
وَغَيْرَهُ فَصَارَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ وَأَهْلُ
بَيْتِهِ لِلأَمِيْرِ صَالِحِ بنِ عَلِيٍّ فَوَهَبَهُم
لابْنِهِ الفَضْلِ، ثُمَّ إِنَّ الوَلِيْدَ اشْتَرَى
نَفْسَهُ مِنْهُم فَأَخْبَرَنِي سَعْدُ بنُ مَسْلَمَةَ
قَالَ: جَاءنِي الوَلِيْدُ فَأَقَرَّ لِي بِالرِّقِّ
فَأَعتَقْتُهُ وَكَانَ لَهُ أَخٌ اسمه جَبَلَةُ كَانَ لَهُ
قَدْرٌ وَجَاهٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ أَحَدٌ أَرْوَى
لِحَدِيْثِ الشَّامِيِّيْنَ مِنَ: الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ:
قَدِمْتُ البَصْرَةَ فَجَاءنِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ
فَقَالَ: أَوَّلُ شَيْءٍ أَطْلُبُ أَنْ تُخْرِجَ إِلَيَّ
حَدِيْثَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ. فَقُلْتُ: يَا ابْنَ
أُمِّ! سُبْحَانَ اللهِ! وَأَيْنَ سَمَاعِي مِنْ
سَمَاعِكَ? فَجَعَلْتُ آبَى وَيُلِحُّ فَقُلْتُ لَهُ:
أَخْبِرْنِي عَنْ إِلحَاحِكَ مَا هُوَ? قَالَ: أُخبِرُكَ:
إِنَّ الوَلِيْدَ رَجُلُ أَهْلِ الشَّامِ، وَعِنْدَهُ
عِلْمٌ كَثِيْرٌ وَلَمْ أَسْتَمكِنْ مِنْهُ وَقَدْ
حَدَّثَكُم بِالمَدِيْنَةِ فِي المَوَاسِمِ وَتَقَعُ
عِنْدَكُمُ الفَوَائِدُ؛ لأَنَّ الحُجَّاجَ يَجْتَمِعُوْنَ
بِالمَدِيْنَةِ مِنَ الآفَاقِ فَيَكُوْنُ مَعَ هَذَا
بَعْضُ فَوَائِدِهِ وَمَعَ هَذَا شَيْءٌ. قَالَ
فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ فَتَعَجَّبَ مِنْ كِتَابِهِ كَادَ
أَنْ يَكتُبَهُ عَلَى الوَجْهِ. سَمِعَهَا يَعْقُوْبُ
الفَسَوِيُّ، من إبراهيم.
(8/6)
قَالَ أَبُو اليَمَانِ: مَا رَأَيْتُ
مِثْلَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
وَقِيْلَ لأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: الوَلِيْدُ
أَفْقَهُ أَمْ وَكِيْعٌ? فَقَالَ: الوَلِيْدُ بِأَمرِ
المَغَازِي، وَوَكِيْعٌ بِحَدِيْثِ العِرَاقِيِّينَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ الوَلِيْدُ مِنْ حُفَّاظِ
أَصْحَابِنَا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: الثِّقَاتُ مِنْ
أَهْلِ الشَّامِ مِثْلُ الوَلِيْدِ بن مسلم.
قَالَ ابْنُ جَوْصَا الحَافِظُ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ
أَنَّهُ مَنْ كَتَبَ مُصَنَّفَاتِ الوَلِيْدِ، صَلُحَ أَنْ
يَلِيَ القَضَاءَ، وَمُصَنَّفَاتُهُ سَبْعُوْنَ كِتَاباً.
قُلْتُ: كُتُبُهُ أَجزَاءٌ مَا أَظُنُّ فِيْهَا مَا
يَبلُغُ مُجَلَّداً.
الفَسَوِيُّ: عَنِ الحُمَيْدِيِّ: قَالَ: خَرَجْتُ يَوْمَ
الصَّدَرِ، وَالوَلِيْدُ فِي مَسْجِدِ مِنَىً وَعَلَيْهِ
زِحَامٌ كَثِيْرٌ، وَجِئْتُ فِي آخِرِ النَّاسِ، فَوَقَفتُ
بِالبُعْدِ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ بِجَنْبِهِ،
فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، وَيُحَدِّثُهُم وَأَنَا لاَ
أَفْهُمُ فَجَمَعتُ جَمَاعَةً مِنَ المَكِّيِّينَ وَقُلْتُ
لَهُم: جَلِّبُوا وَأَفْسِدُوا عَلَى مَنْ بِالقُرْبِ
مِنْهُ. فَجَعَلُوا يَصِيْحُوْنَ، وَيَقُوْلُوْنَ: لاَ
نَسْمَعُ وَجَعَلَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
اسْكُتُوا نُسْمِعْكُم قَالَ: فَاعْتَرَضْتُ وَصِحْتُ
وَلَمْ أَكُنْ بَعْدُ حَلَقْتُ، فَنَظَرَ ابْنُ
المَدِيْنِيِّ إِلَيَّ وَلَمْ يُثبِتْنِي فَقَالَ: لَوْ
كَانَ فِيْكَ خَيْرٌ، لَمْ يَكُنْ شَعرُكَ عَلَى مَا
أَرَى. قَالَ: فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يُحَدِّثْهُم
بِشَيْءٍ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ الوَلِيْدُ يَأْخُذُ مِنِ
ابْنِ أَبِي السَّفَرِ حَدِيْثَ الأَوْزَاعِيِّ، وَكَانَ
كَذَّاباً وَالوَلِيْدُ يَقُوْلُ فِيْهَا: قَالَ
الأَوْزَاعِيُّ.
قَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ
الهَيْثَمَ بنَ خَارِجَةَ قَالَ: قُلْتُ لِلْوَلِيْدِ:
قَدْ أَفسَدْتَ حَدِيْثَ الأَوْزَاعِيِّ! قَالَ: وَكَيْفَ?
قُلْتُ: تَروِي عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ نَافِعٍ، وَعَنِ
الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ
عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَغَيْرُكَ يُدْخِلُ
بَيْنَ الأَوْزَاعِيِّ، وَبَيْنَ نَافِعٍ عَبْدَ اللهِ بنَ
عَامِرٍ الأَسْلَمِيَّ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ
قُرَّةَ وَغَيْرَهُ، فَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا? قَالَ:
أُنَبِّلُ الأَوْزَاعِيَّ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ مِثْلِ
هَؤُلاَءِ الضُّعَفَاءِ. قُلْتُ: فَإِذَا رَوَى الأوزاعي
عَنْ هَؤُلاَءِ الضُّعَفَاءِ مَنَاكِيْرَ، فَأَسقَطْتَهُم
أَنْتَ وَصَيَّرْتَها مِنْ رِوَايَةِ الأَوْزَاعِيِّ عنِ
الثِّقَاتِ ضَعُفَ الأَوْزَاعِيُّ. قَالَ: فَلَمْ
يَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِي.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا رَأَيْتُ فِي
الشَّامِيِّينَ أَحَداً أَعقَلَ مِنَ الوَلِيْدِ بنِ
مُسْلِمٍ.
(8/7)
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا
رَأَيْتُ فِي الشَّامِيِّينَ مِثْلَ الوَلِيْدِ، وَقَدْ
أَغرَبَ أَحَادِيْثَ صَحِيْحَةً لَمْ يَشْرَكْهُ فِيْهَا
أَحَدٌ.
قَالَ صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ المَرْوَزِيُّ: مَا رَأَيْتُ
رَجُلاً أَحْفَظُ لِلْحَدِيْثِ الطَّوِيْلِ، وَأَحَادِيْثِ
المَلاَحِمِ مِنَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَكَانَ
يَحْفَظُ الأَبْوَابَ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: رُبَّمَا دَلَّسَ الوَلِيْدُ بنُ
مُسْلِمٍ عَنْ كَذَّابِيْنَ.
قُلْتُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ قَدِ احْتَجَّا بِهِ،
وَلَكِنَّهُمَا يَنْتَقِيَانِ حَدِيْثَهُ،
وَيَتَجَنَّبَانِ مَا يُنكَرُ لَهُ، وَقَدْ كَانَ فِي
آخِرِ عُمُرِهِ ذَهَبَ إِلَى الرَّمْلَةِ، فَأَكْثَرَ
عَنْهُ أَهْلُهَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الوَلِيْدُ يَرْوِي عَنِ
الأَوْزَاعِيِّ أَحَادِيْثَ هِيَ عِنْدَ الأَوْزَاعِيِّ
عَنْ ضُعَفَاءَ، عن شيوخ أدركهم الأوزاعي: كنافع وعطاء،
وَالزُّهْرِيِّ فَيُسقِطُ أَسْمَاءَ الضُّعَفَاءِ مِثْلَ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ الأَسْلَمِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ
بنِ مُسْلِمٍ.
قُلْتُ: رَوَى جَمَاعَةٌ عَنِ الوَلِيْدِ قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم: "اسْمَحْ، يُسْمَحْ لَكَ" 1. فَهَذَا
شَنَّعَ بَعْضُ المُحَدِّثِيْنَ أَنَّ الوَلِيْدَ
تَفَرَّدَ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ يُوْسُفَ
بنِ مُوْسَى القَطَّانِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَرَوَاهُ الحَافِظُ سُلَيْمَانُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ:
أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ حَدَّثَهُم. وَقَدْ رَوَاهُ مِنْدَلُ
بنُ عَلِيٍّ، وَخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ فَأَرْسَلاَهُ.
قُلْتُ: أَنْكَرُ مَا لَهُ حَدِيْثٌ رَوَاهُ عُثْمَانُ بنُ
سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ
-وَاللَّفْظُ لَهُ- قَالاَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ،
حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ
جَاءهُ عَلِيٌّ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ، وَأُمِّي
تَفَلَّتَ هَذَا القُرْآنُ مِنْ صَدْرِي فَمَا أَجِدُنِي
أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَقَالَ: "يَا أَبَا الحَسَنِ أَفَلاَ
أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ،
وَيُثَّبِتُ مَا تَعَلَّمْتَ فِي صَدْرِكَ?". قَالَ:
أَجَلْ يَا رَسُوْلَ اللهِ قَالَ: "إِذَا بِتَّ لَيْلَةَ
الجُمُعَةِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقُوْمَ فِي ثُلُثِ
اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنَّهَا سَاعَةٌ مَشْهُوْدَةٌ
وَالدُّعَاءُ فِيْهَا مُسْتَجَابٌ وَقَدْ قَالَ أَخِي
يَعْقُوْبُ لِبَنِيْهِ: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ
رَبِّي} [يُوْسُفُ: 98] حَتَّى تَأْتِيَ لَيْلَةَ
الجُمُعَةِ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فقم في وسطها فإن لم
تستطع،
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 248"، والطبراني في "الصغير"
"1169"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "648"، والبيهقي في
"شعب الإيمان" "11258" من طرق عن الوليد بن مسلم، به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، والوليد بن مسلم قد صرح
بالتحديث عند الطبراني في "الصغير"، والبيهقي في "شعب
الإيمان".
(8/8)
"ففي أولها فَصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ
تَقْرَأُ فِي الأُوْلَى: بِالفَاتِحَةِ وَيس وَفِي
الثَّانِيَةِ: بِالفَاتِحَةِ وَالدُّخَانِ وَفِي
الثَّالِثَةِ: بـ آلم السَّجْدَةِ وَفِي الرَّابِعَةِ:
تَبَارَكَ فَإِذَا فَرَغْتَ فَاحْمَدِ اللهَ، وَأَحْسِنِ
الثَّنَاءَ، وَصَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى سَائِرِ
النَّبِيِّيْنَ وَاسْتَغْفرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ، وَقُلْ:
اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِتَرْكِ المَعَاصِي، وَارْحَمْنِي
أَنْ أَتَكَلَّفَ مَا لاَ يَعْنِيْنِي، وَارْزُقْنِي
حُسْنَ النَّظَرِ فِيْمَا يُرْضِيْكَ عَنِّي اللَّهُمَّ
بَدِيْعَ السَّمَاوَاتِ، وَالأَرْضِ ذَا الجَلاَلِ
وَالإِكْرَامِ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لاَ تُرَامُ
أَسْأَلُكَ يَا اللهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلاَلِكَ، وَنُوْرِ
وَجْهِكَ، أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حِفْظَ كِتَابِكَ ... "
فِي دُعَاءٍ فِيْهِ طَوِيْلٍ إِلَى أَنْ قَالَ: "يَا أَبَا
الحَسَنِ تَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ جُمَعٍ أَوْ خَمْساً
أَوْ سَبْعاً، تُجَابُ بِإِذْنِ اللهِ". قَالَ: فَمَا
لَبِثَ عَلِيٌّ إلَّا خَمْساً أَوْ سَبْعاً حَتَّى جَاءَ
فِي مِثْلِ ذَلِكَ المَجْلِسِ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ مَا لِي كُنْتُ فِيْمَا خَلاَ لاَ آخُذُ إلَّا
أَرْبَعَ آيَاتٍ وَنَحْوَهُنَّ، وَأَنَا أَتَعَلَّمُ
اليَوْمَ أَرْبَعِيْنَ آيَةً، وَلَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ
الأَحَادِيْثَ فَإِذَا رَدَّدْتُهُ تَفَلَّتَ، وَأَنَا
اليَوْمَ أَسْمَعُ الأَحَادِيْثَ، فَإِذَا حَدَّثْتُ لَمْ
أُحَرِّفْ مِنْهَا حَرفاً؟ فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ:
"مُؤْمِنٌ -وَرَبِّ الكَعْبَةِ- أَبَا الحَسَنِ"1. قَالَ
التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيْبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلَّا
مِنْ حَدِيْثِ الوَلِيْدِ.
قُلْتُ: هَذَا عِنْدِي مَوْضُوْعٌ، وَالسَّلاَمُ،
وَلَعَلَّ الآفَةَ دَخَلَتْ عَلَى سُلَيْمَانَ ابْنِ
بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ فِيْهِ فَإِنَّهُ مُنْكَرُ
الحَدِيْثِ، وَإِنْ كَانَ حَافِظاً فَلَو كَانَ قَالَ
فِيْهِ: عَنِ ابْنِ جريج لراج ولكن صرح بالتحديث فقويت
الرِّيْبَةُ، وَإِنَّمَا هَذَا الحَدِيْثُ يَرْوِيْهِ
هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
القُرَشِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدٌ هَذَا لَيْسَ بِثِقَةٍ،
وَشَيْخُهُ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ:
أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أبي
__________
1 موضوع: أخرجه الترمذي "3570"، والحاكم "1/ 316-317" من
طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، به.
وقال الحاكم في إثره: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبي في "التلخيص" بقوله: "قلت: هذا حديث منكر
شاذ أخاف لا يكون موضوعا وقد حيرني والله جودة إسناده، فإن
الحاكم قال فيه: حدثنا أبو النضر محمد الفقيه وأحمد بن
محمد العنزي، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي "ح"
وحدثني أبو بكر بن محمد بن جعفر المركي حدثنا محمد بن
إبراهيم العبدي قالا: حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن
الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم فذكره مصرحا بقوله: حدثنا
ابن جريج فقد حدث به سليمان قطعا وهو ثبت، فالله أعلم.
وقال في "الميزان: "3/ 213" في ترجمة سليمان بن عبد الرحمن
راويه عن الوليد بن مسلم: وهو مع نظافة سنده حديث منكر جدا
في نفسي منه شيء، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" "2/
213-214": طرق أسانيد هذا الحديث جيدة، ومتنه غريب جدا.
(8/9)
شَرِيْكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ
بنُ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ
الوَزِيْرُ قُرِئَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ
سُلَيْمَانَ، وَأَنَا أَسْمَعُ قِيْلَ لَهُ: حَدَّثَكُم
عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ عَنِ
الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "ذَبَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمَّنِ اعْتَمَرَ مَعَهُ
مِنْ نِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بَقَرَةً
بَيْنَهُم"1.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ وَأَحْمَدُ
بنُ مُؤْمِنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ البُسْطِيُّ، وَسُنْقُرُ
الزَّيْنِيُّ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ زَيْنِ
الأُمَنَاءِ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ،
وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ
حُضُوْراً فِي الرَّابِعَةِ "ح". وَقَرَأْتُ عَلَى
أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ: أَخْبَرَكُم أَكْمَلُ بنُ أَبِي
الأَزْهَرِ العَلَوِيُّ أَخْبَرْنَا ابْنُ البَنَّاءِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
وَزِيْرٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ حَدَّثَنَا عُمَرَ بنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: عَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
"يُؤْتَى بِالمَوْتِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي صُوْرَةِ
كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُذْبَحُ بَيْنَ الجَنَّةِ، وَالنَّارِ
ثُمَّ يُقَالَ: يَا أهل الجنة! أَيْقِنُوا بِالخُلُوْدِ،
وَيَا أَهْلَ النَّارِ! أَيْقِنُوا بِالخُلُوْدِ". قَالَ:
"فَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً، وَأَهْلُ الجَنَّةِ
سُرُوْراً" 2.
قَالَ حَرْمَلَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُهَنِيُّ:
نَزَلَ عَلَيَّ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ بِذِي المَرْوَةِ
قَافِلاً مِنَ الحَجِّ، فَمَاتَ عِنْدِي بِذِي
المَرْوَةِ3.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى الحِمْصِيُّ، وَغَيْرُهُ:
مَاتَ الوَلِيْدُ فِي شَهْرِ المُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ ومائة.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود "1751" من طريق عمرو بن عثمان، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان الأولى: الوليد بن مسلم،
والثانية يحيى بن أبي كثير، وهما مدلسان وقد عنعناه،
وأخرجه ابن ماجة "3133" من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مسلم،
حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي
كَثِيْرٍ، به. فصرح الوليد بالتحديث وبقيت العلة الثانية
في الإسناد.
ويشهد له ما أخرجه مسلم "1319" "357" من حديث جابر بن عبد
الله قال: نَحَرَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنِ نسائه وفي حديث محمد بن بكر: عن عائشة،
بقرة في حجته".
2 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 130"، وعبد بن حميد في "المنتخب"
"761"، والبخاري "6544"، ومسلم "2850" "42"، والبيهقي في
"الشعب" "386"، وفي "البعث والنشور" "483" من طريق
يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ
صَالِح، حدثنا نافع عن عبد الله بن عمر، به، وأخرجه أحمد
"2/ 118"، والبخاري "6548"، ومسلم "2850" "43"، والطبراني
في "الكبير" "13337"، وأبو نعيم في "الحلية" "8/ 183-184"،
والبيهقي في "البعث والنشور" "642"، والبغوي في "شرح
السنة" "4367" من طريق عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ،
عَنْ أَبِيْهِ، عن ابن عمر، به.
3 هي قرية بوادي القرى، وقيل: بين خشب ووادي القرى، ووادي
القرى: هو واد بين المدينة والشام من أعمال المدينة، وخشب:
واد على مسيرة ليلة من المدينة ذكره ياقوت الحموي في كتابه
"معجم البلدان".
(8/10)
1374- محمد بن
أبي عدي 1: "ع"
السلمي مولاهم البصري الحَافِظُ، أَبُو عُمَرَ، وَهُوَ:
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بن أَبِي عَدِيٍّ.
فَقِيْلَ: إِنَّ وَلَدَهُ إِبْرَاهِيْمَ هُوَ أَبُو
عَدِيٍّ.
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ وَدَاوُدَ بنِ أَبِي
هِنْدٍ، وَحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي
عُبَيْدٍ، وَعَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، وَابْنِ عَوْنٍ
وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَالفَلاَّسُ،
وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ.
مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ القَاضِي، وَعَبْدُ
الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ
الحِمْصِيُّ الأَبْرَشُ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
الأُمَوِيُّ، وَعُمَرُ بنُ هَارُوْنَ البَلْخِيُّ،
وَسَلْمُ بنُ سَالِمٍ البَلْخِيُّ العَابِدُ وَشَقِيْقُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَلْخِيُّ الزَّاهِدُ، وَالقَاسِمُ
بنُ يَزِيْدَ الجَرْمِيُّ، وَسُوَيْدُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ قاضي بعلبك.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 292"، والتاريخ الكبير "1/
ترجمة 19"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 219"، "2/
100، 102، 105"، والكنى للدولابي "2/ 29"، والجرح والتعديل
"7/ ترجمة 1058"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 305"، والكاشف
"3/ ترجمة 4770"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7939"، تهذيب
التهذيب "9/ 12-13"، وتقريب التهذيب "2/ 141"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 6019"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 341".
(8/11)
1375- عبد
الملك بن صالح 1:
ابن عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ الأَمِيْرُ
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَبَّاسِيُّ. وَلِيَ
المَدِيْنَةَ وَغَزْوَ الصَّوَائِفِ لِلرَّشِيْدِ ثُمَّ
وَلِيَ الشَّامَ وَالجَزِيْرَةَ لِلأَمِيْنِ.
قِيْلَ: بَلَغَ الرَّشِيْدَ أَنَّ هَذَا فِي عَزْمِ
الوُثُوبِ عَلَى الخِلاَفَةِ، فَقَلِقَ ثُمَّ حَبَسَهُ
ثُمَّ لاَحَ لَهُ بَرَاءتُهُ فَأَنْعَمَ عَلَيْهِ. وَكَانَ
فَصِيْحاً بَلِيْغاً شَرِيْفَ الأَخْلاَقِ، مَهِيْباً
شُجَاعاً سَائِساً.
قِيْلَ: إِنَّ يَحْيَى البَرْمَكِيَّ قَالَ لَهُ:
بَلَغَنِي أَنَّكَ حَقُودٌ. قَالَ: إِنْ كَانَ الحِقدُ
بَقَاءَ الخَيْرِ وَالشَّرِّ إِنَّهُمَا لَبَاقِيَانِ فِي
قَلْبِي. فَقَالَ الرَّشِيْدُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً
احْتَجَّ لِلْحقدِ بِأَحْسَنَ مِنْ هَذَا.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: كَانَ أَفصَحَ النَّاسِ وَأَخطَبَهُم
لَمْ يَكُنْ فِي دَهْرِهِ مِثْلُهُ فِي فَصَاحْتِهِ،
وَصِيَانَتِهِ، وَجَلاَلتِهِ وَلَهُ شِعرٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ المَلِكِ أَرَادَ أَنْ يَغْتَالَ
مَلِكَ الرُّوْمِ بِمَكِيدَةٍ، وَكَانَ مِنْ دُهَاةِ بَنِي
هَاشِمٍ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ
نَسِيجَ، وَحدِهِ أَدَباً وَلِسَاناً وُشِيَ بِهِ،
وَتَتَابَعَتْ فِيْهِ الأَخْبَارُ وَكَثُرَ حَاسِدُوْهُ،
وَبَلَغَ الرَّشِيْدَ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَى عَزْمِ
الخُرُوْجِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ مَا حَبَسَهُ إلَّا لَمَّا
رَآهُ لَهُ نَظِيْراً فِي السُّؤْدُدِ.
مَاتَ بِالرَّقَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ،
وَقَدْ مَرَّ مِنْ سِيْرَتِهِ فِي تَرْجَمَةِ
البَرْمَكِيِّ.
وَهُوَ أَخُو الأَمِيْرِ أَبِي العَبَّاسِ الفَضْلِ بنِ
صَالِحٍ نَائِبِ دِمَشْقَ ثُمَّ مِصْرَ لِلْمَهْدِيِّ،
وَهُوَ الَّذِي عَمِلَ أَبْوَابَ جَامِعِ دِمَشْقَ
وَقُبَّةَ المَالِ بِالجَامِعِ، فَكَانَ الأَكْبَرَ.
مَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ عَنْ
خمسين سنة.
وَمَاتَ أَخُوْهُمَا نَائِبُ مِصْرَ، ثُمَّ نَائِبُ حَلَبَ
فِي حُدُوْدِ سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَهُوَ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ
صَالِحٍ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ بِحَلبَ. وَكَانَ أَدِيْباً
شَاعِراً مُتَفَلْسِفاً عَوَّاداً ذَا كَرَمٍ وَشَجَاعَةٍ.
وَأَخُوْهُم عَبْدُ الله، أمير الثغور.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ص30"، وفوات
الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "6/ 30"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "2/ 90".
(8/12)
1376- عبد الله
بن وهب 1: "ع"
ابن مسلم الإِمَامُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ
الفِهْرِيُّ مَوْلاَهُمْ المِصْرِيُّ الحَافِظُ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
أَرَّخَهُ ابْنُ يُوْنُسَ وَقَالَ: قِيْلَ: وَلاَؤُهُ
لِلأَنْصَارِ.
طَلَبَ العِلمَ وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
رَوَى عَنِ: ابْنِ جُرَيْجٍ وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ،
وَحَنْظَلَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَحُيَيِّ بنِ عَبْدِ
اللهِ المَعَافِرِيِّ، وَحَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ، وَعَمْرِو
بنِ الحَارِثِ وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ،
وَعُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ وَعَبْدِ الحَمِيْدِ
بنِ جَعْفَرٍ، وَمُوْسَى بنِ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ الأَسْلَمِيِّ، وَأَبِي صَخْرٍ
حُمَيْدِ بنِ زِيَادٍ وَمُوْسَى بنِ أَيُّوْبَ
الغَافِقِيِّ، وَأَفْلَحَ بنِ حُمَيْدٍ، وَعَبْدِ الله بن
زياد بن سَمْعَانَ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ، وَابْنِ
لَهِيْعَةَ، وَحَرْملَةَ بنِ عِمْرَانَ، وَسَلَمَةَ بنِ
وَرْدَانَ المَدَنِيِّ، وَالضَّحَّاكِ بنِ عُثْمَانَ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشٍ القِتْبَانِيِّ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ زِيَادٍ الإِفْرِيْقِيِّ وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ.
لَقِيَ بَعْضَ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ، وَكَانَ مِنْ
أَوْعِيَةِ العِلْمِ وَمِنْ كُنُوْزِ العَمَلِ.
ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي كِتَابِ العِلْمِ لَهُ:
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَانَ أَوَّلُ أَمْرِي فِي
العِبَادَةِ قَبْلَ طَلَبِ العِلْمِ فَوَلِعَ بِيَ
الشَّيْطَانُ فِي ذِكْرِ عِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ
السَّلاَمُ- كَيْفَ خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى? وَنَحْوِ
هَذَا فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى شَيْخٍ فَقَالَ لِي: ابْنَ
وَهْبٍ. قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: اطْلُبِ العِلْمَ. فَكَانَ
سَبَبَ طَلَبِي العِلْمَ.
قُلْتُ: مَعَ أَنَّهُ طَلَبَ العِلمَ فِي الحَدَاثَةِ
نَعَمْ، وَحَدَّثَ عَنْهُ خَلقٌ كَثِيْرٌ وَانتَشَرَ
عِلْمُهُ، وَبَعُدَ صِيتُهُ.
رَوَى عَنْهُ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ شَيْخُه، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ وَأَصْبَغُ بنُ الفَرَجِ،
وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
صَالِحٍ وَأَحْمَدُ بنُ عِيْسَى التُّسْتَرِيُّ،
وَحَرْمَلَةُ بنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ
وَالحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَأَبُو الطَّاهِرِ بنُ
السَّرْحِ، وَعَمْرُو بنُ سَوَّادٍ وَهَارُوْنُ بنُ
سَعِيْدٍ الأَيْلِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ
المَقَابِرِيُّ وَسُحْنُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ عَالِمُ
المَغْرِبِ، وَيَحْيَى بن يحيى الليث وَعَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ، وَيُوْنُسُ بن عبد الأعلى، وبحر من
نَصْرٍ الخَوْلاَنِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُنْقِذٍ
الخَوْلاَنِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
الحَكَمِ، وَابْنُ أَخِيْهِ، أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الوَهْبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ،
وَعِيْسَى بنُ مَثْرُوْدٍ الغَافِقِيُّ، وَالرَّبِيْعُ بنُ
سُلَيْمَانَ المُرَادِيُّ وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ شُعَيْبِ
بنِ اللَّيْثِ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الهَمْدَانِيُّ
وَغَيْرُهُم.
وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ
عُمَرَ قَدْ عَمِيَ، وَقَطَعَ الحَدِيْثَ، وَرَأَيْتُ
هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ جَالِساً فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: آخُذُ عَنِ
ابْنِ سَمْعَانَ، ثُمَّ أَصِيْرُ إِلَى هِشَامٍ. فَلَمَّا
فَرَغْتُ، قُمْتُ إِلَى مَنْزِلِ هِشَامٍ فَقَالُوا: قَدْ
نَامَ فَقُلْتُ: أَحُجُّ وَأَرْجِعُ. فَرَجَعتُ
فَوَجَدتُهُ قَدْ مَاتَ. كَذَا هَذِهِ الرِّوَايَةُ
وَإِنَّمَا مَاتَ هِشَامٌ ببغداد، فلعله سار إلى بغداد
بعد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 518"، والتاريخ الكبير "5/
ترجمة 710"، والجرح والتعديل "5/ ترجمته 879"، والمنتظم
لابن الجوزي "5/ 77"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 324"،
والكاشف "2/ ترجمة 3086"، والمغني "1/ ترجمة 3416"، وميزان
الاعتدال "2/ ترجمة 4677"، والعبر "1/ 322"، "2/ 28"،
وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 283"، وتهذيب التهذيب "6/ 71"،
وتقريب التهذيب "1/ 460"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3897"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 347"، "2/ 352".
(8/13)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ
ابْنَ القَاسِمِ يَقُوْلُ: لَوْ مَاتَ ابْنُ عُيَيْنَةَ
لَضُرِبَتْ إِلَى ابْنِ وَهْبٍ أَكْبَادُ الإِبِلِ، مَا
دَوَّنَ العِلْمَ أَحَدٌ تَدْوِينَهُ. وَرَوَى يُوْنُسُ
بنُ عَبْدِ الأَعْلَى عَنِ ابْنِ وِهْبٍ قَالَ:
أَقْرَأَنِي نَافِعُ بنُ أَبِي نُعَيْمٍ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: نَظَرْتُ فِي نَحْوٍ مِنْ
ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ لابْنِ وَهْبٍ وَلاَ أَعْلَمُ
أَنِّي رَأَيْتُ لَهُ حَدِيْثاً لاَ أَصْلَ لَهُ وَهُوَ
ثِقَةٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ يَقُوْلُ:
ابْنُ وَهْبٍ أَفْقَهُ مِنِ ابْنِ القَاسِمِ.
قُلْتُ: "مُوَطَّأُ ابْنِ وَهْبٍ" كَبِيْرٌ لَمْ أَرَهُ،
وَلَهُ كِتَابُ الجَامِعِ، وَكِتَابُ "البَيْعَةِ"،
وَكِتَابُ "المَنَاسِكِ"، وَكِتَابُ "المَغَازِي"،
وَكِتَابُ "الرِّدَّةِ"، وَكِتَابُ "تَفْسِيْرِ غَرِيْبِ
المُوَطَّأِ"، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ الحَافِظُ: حَدَّثَ ابْنُ
وَهْبٍ بِمائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ مَا رَأَيْتُ أَحَداً
أَكْثَرَ حَدِيْثاً مِنْهُ، وَقَعَ عِنْدَنَا سَبْعُوْنَ
أَلْفَ حَدِيْثٍ عَنْهُ.
قُلْتُ: كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، وقد
ضم إلى علمه علم مَالِكٍ وَاللَّيْثِ، وَيَحْيَى بنِ
أَيُّوْبَ، وَعَمْرِو بنِ الحَارِثِ، وَغَيْرِهِم؟!
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجُنَيْدِ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا
مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ يُعَظِّمُ ابْنَ وَهْبٍ وَيَقُوْلُ:
مَسَائِلُهُ عَنْ مَالِكٍ صَحِيْحَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ صَدُوْقٌ صَالِحُ
الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ: هُوَ
مِنَ الثِّقَاتِ لاَ أَعْلَمُ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً
إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ.
وَرَوَى أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ قَالَ:
ابْنُ وَهْبٍ يَفصِلُ السَّمَاعَ مِنَ العَرْضِ مَا
أَصَحَّ حَدِيْثَهُ، وَأَثْبَتَه! وَقَدْ كَانَ يُسِيءُ
الأَخْذَ لَكِنْ مَا رَوَاهُ أَوْ حَدَّثَ بِهِ، وَجَدتُهُ
صَحِيْحاً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
قَالَ خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ
وَهْبٍ كِتَابُ "أَهْوَالِ يَوْمِ القِيَامَةِ"
-تَأْلِيْفُهُ- فَخَرَّ مَغْشِيّاً عليه. قَالَ: فَلَمْ
يَتَكَلَّمْ بِكَلِمَةٍ حَتَّى مَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ.
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَعَنْ سُحْنُوْنَ الفَقِيْهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ وَهْبٍ
قَدْ قَسَمَ دَهْرَهُ أَثْلاَثاً ثُلُثاً فِي الرِّبَاطِ
وَثُلُثاً يُعَلِّمُ النَّاسَ بِمِصْرَ، وَثُلُثاً فِي
الحَجِّ وَذُكِرَ أَنَّهُ حَجَّ ستًا وثلاثين حجة.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ قَالَ: دَعَوْتُ يُوْنُسَ
بنَ يَزِيْدَ إِلَى وَلِيمَةِ عُرْسِي.
(8/14)
وَبَلَغَنَا أَنَّ مَالِكاً الإِمَامَ
كَانَ يَكْتُبُ إِلَيْهِ: إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ
مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ، وَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا مَعَ
غَيْرِهِ. وَقَدْ ذُكِرَ عِنْدَهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ
القَاسِمِ، فَقَالَ مَالِكٌ: ابْنُ وَهْبٍ عَالِمٌ،
وَابْنُ القَاسِمِ فَقِيْهٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الهَمَذَانِيُّ: دَخَلَ ابْنُ
وَهْبٍ الحَمَّامَ فَسَمِعَ قَارِئاً يَقْرَأُ: {وَإِذْ
يَتَحَاجُّونَ فِي النَّار} [المُؤْمِنُ: 47] ، فَغُشِيَ
عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو زَيْدٍ بنُ أَبِي الغَمْرِ: كُنَّا نُسَمِّي
ابْنَ وَهْبٍ: دِيْوَانَ العِلْمِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ
أَبَا زُرْعَةَ: نَظَرْتُ لابْنِ وَهْبٍ فِي نَحْوِ
ثَمَانِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: هَذِهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي زُرْعَةَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: جَدُّ عَبْدِ
اللهِ بنِ وَهْبٍ هُوَ مُسْلِمٌ مَوْلَى رَيْحَانَةَ،
مَوْلاَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أُنَيْسٍ
الفِهْرِيِّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: بَحْشَلٌ:
طَلَبَ عَبَّادُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَمِيْرُ عَمِّيَ
لِيُوَلِّيَهُ القَضَاءَ، فَتَغَيَّبَ عَمِّي فَهَدَمَ
عَبَّادٌ بَعْضَ دَارِنَا فَقَالَ الصَّبَّاحِيُّ
لِعَبَّادٍ: مَتَى طَمِعَ هَذَا الكَذَا وَكَذَا أَنْ
يَلِيَ القَضَاءَ؟! فَبَلَغَ ذَلِكَ عَمِّي، فَدَعَا
عَلَيْهِ بِالعَمَى. قَالَ: فَعَمِيَ الصَّبَّاحِيُّ
بَعْدَ جمعة.
قَالَ حَجَّاجُ بنُ رِشْدِيْنَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ
وَهْبٍ يَتَذَمَّرُ، وَيَصِيْحُ فَأَشرَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ
غُرْفَتِي فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ?
قَالَ: يَا أَبَا الحَسَنِ! بَيْنَمَا أَنَا أَرْجُو أَنْ
أُحْشَرَ فِي زُمْرَةِ العُلَمَاءِ أُحشَرُ فِي زُمْرَةِ
القُضَاةِ. قَالَ: فَتَغَيَّبَ فِي يَوْمِهِ فَطَلبُوْهُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا
حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُوْلُ: نَذَرتُ
أَنِّي كُلَّمَا اغْتَبْتُ إِنْسَاناً أَنْ أَصُوْمَ
يَوْماً فَأَجْهَدَنِي فَكُنْتُ أَغْتَابُ وَأَصُوْمُ،
فَنَوَيْتُ أَنِّي كُلَمَّا اغْتَبتُ إِنْسَاناً أَنْ
أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ فَمِنْ حُبِّ الدَّرَاهِمِ تَرَكتُ
الغِيْبَةَ.
قُلْتُ: هَكَذَا -وَاللهِ- كَانَ العُلَمَاءُ، وَهَذَا
هُوَ ثَمَرَةُ العِلْمِ النَّافِعِ، وَعَبْدُ اللهِ
حُجَّةٌ مُطْلَقاً، وَحَدِيْثُهُ كَثِيْرٌ فِي الصِّحَاحِ،
وَفِي دَوَاوِيْنِ الإِسْلاَمِ، وَحَسْبُكَ
بِالنَّسَائِيِّ، وَتَعَنُّتِهِ فِي النَّقْدِ حَيْثُ
يَقُوْلُ: وَابْنُ وَهْبٍ ثِقَةٌ مَا أَعْلَمُهُ رَوَى
عَنِ الثِّقَاتِ حَدِيْثاً مُنْكَراً.
قُلْتُ: أَكْثَرَ فِي تَوَالِيْفِهِ مِنَ المَقَاطِيْعِ
وَالمُعْضَلاَتِ، وَأَكْثَرَ عَنِ ابْنِ سَمْعَانَ
وَبَابتِهِ، وَقَدْ تَمَعْقَلَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ عَلَى
ابْنِ وَهْبٍ فِي أَخذِهِ لِلْحَدِيْثِ، وَأَنَّهُ كَانَ
يَتَرَخَّصُ فِي الأَخذِ، وَسَوَاءٌ تَرَخَّصَ
(8/15)
وَرَأَى ذَلِكَ سَائِغاً أَوْ تَشَدَّدَ
فَمَنْ يَرْوِي مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَيَنْدُرُ
المُنْكَرُ فِي سَعَةِ مَا رَوَى، فَإِلَيْهِ المُنْتَهَى
فِي الإِتْقَانِ.
قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ بنُ عَمْرٍو: جَاءنَا نَعْيُ ابْنِ
وَهْبٍ، وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ
فَقَالَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ،
أُصِيْبَ به المسلمون عامة، وأصبت به خاصةً.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ ابْنُ وَهْبٍ لَهُ دُنْيَا وَثَرْوَةٌ،
فَكَانَ يَصِلُ سُفْيَانَ، وَيَبَرُّهُ فَلِهَذَا
يَقُوْلُ: أُصِبْتُ بِهِ خَاصَّةً.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: كَانُوا أَرَادُوا
ابْنَ وَهْبٍ عَلَى القَضَاءِ، فَتَغَيَّبَ. قَالَ:
وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ، وَتِسْعِيْنَ
وَمائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ اثْنَتَيْنِ، وَسَبْعِيْنَ سَنَةً وَقَدْ
وَقعَ لَنَا جُمْلَةٌ مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ فِي
"الخِلَعِيَّاتِ"1، وَفِي "الثَّقَفِيَّاتِ"2، وَغَيْرِ
ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ حَدَّثَنِي أَبِي
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ، سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ العُتْبِيَّ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي
سُحْنُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ: أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بنَ القَاسِمِ فِي النَّومِ فَقَالَ: مَا
فَعَلَ اللهُ بِكَ? فَقَالَ: وَجَدتُ عِنْدَهُ مَا
أُحِبُّ. قَالَ لَهُ: فَأَيَّ أَعْمَالِكَ وَجَدتَ
أَفْضَلَ? قَالَ: تِلاَوَةُ القُرْآنِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ:
فَالمَسَائِلُ? فَكَانَ يُشِيْرُ بِأُصْبُعِهِ يُلَشِّيها.
قَالَ: فَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، فَيَقُوْلُ
لِي: هُوَ فِي عِلِّيِّيْنَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ
بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ
القَادِرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ سَعِيْدُ بنُ
أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ البُسْرِيِّ أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
مُنْقِذٍ الخَوْلاَنِيُّ "ح". وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
المُؤَيَّدِ أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ،
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا
عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِملاَءً قَالَ: قُرِئَ على عَبْدِ
اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ الأَشْعَثِ، وَأَنَا أَسْمَعُ:
حَدَّثَكُم أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ
وَهْبٍ -وَهَذَا لَفظُ أَحْمَدَ- أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ
بنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيْهِ سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ سَيْفٍ
عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ قَالَ: قَالَتْ عائشة: إن
__________
1 الخلعيات: لمسند مصر القاضي أبي الحسن علي بن الحسن
الخلعي الشافعي، وهي في عشرين جزءًا، وقد عرف بالخلعي؛
لأنه كان يبيع الخلع لاولاد الملوك. توفي في سنة "492"
بمصر عن ثمانية وثمانين سنة.
2 الثقفيات: لمسند أصبهان ورئيسها أَبِي عَبْدِ اللهِ
القَاسِمِ بنِ الفَضْلِ الثَّقَفِيِّ، شيخ السلفي، وهي في
عشرة أجزاء، توفي في سنة "489هـ" عن بضع وتسعين سنة.
(8/16)
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا يَوْمٌ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ
يُعْتِقَ اللهُ فِيْهِ عَبِيْداً مِنَ النَّارِ، مِنْ
يَوْمِ عَرَفَةَ". زَادَ فِيْهِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
مُنْقِذٍ: "وَإِنَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَيَدْنُو ثُمَّ
يُبَاهِي بِهِمُ المَلاَئِكَةَ" 1.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو
الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا
الحَسَنُ بنُ يَحْيَى المَخْزُوْمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ رِفَاعَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ
الخِلَعِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ
بنِ النَّحَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو المَدِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا
يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ
أَخْبَرَنِي أَفلح بنُ حُمَيْدٍ، عن أبي بكر بن حزم عن
سلمان الأَغر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلاَةٌ فِي
مَسْجِدِي هَذَا، كَأَلْفِ صَلاَةٍ فِيْمَا سِوَاهُ، إلَّا
المَسْجَدَ الحَرَامَ وَصَلاَةُ الجَمَاعَةِ خَمْس
وَعِشْرُوْنَ دَرَجَةً على صلاة الفذ" 2.
رَوَى عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ
سَمِعَ ابْنَ وَهْبٍ يَقُوْلُ لِسُفْيَانَ: يَا أَبَا
مُحَمَّدٍ! الَّذِي عَرَضَ عَلَيْكَ فُلاَنٌ أَمْسِ،
أَجِزْهَا لِي. قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: هَذَا الفِعلُ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ وَإِنَّ
الرِّوَايَةَ سَائِغَةٌ بِهِ وَبِهِ يَقُوْلُ:
الزُّهْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ.
وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِ اللهِ المَخْزُوْمِيُّ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كُنْتُ
عِنْدَ سُفْيَانَ وَعِنْدَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، فَجَاءهُ
ابْنُ وَهْبٍ بِجُزْءٍ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ!
أُحَدِّثُ بِمَا فِيْهِ عَنْكَ? فَقَالَ لَهُ ابْنُ
مَعِيْنٍ: يَا شَيْخُ! هَذَا وَالرِّيْحُ سَوَاءٌ، ادْفَعِ
الجُزءَ إِلَيْهِ حَتَّى نَنظُرَ فِي حَدِيْثِهِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ الدَّوْرَقِيِّ: سَمِعْتُ ابْنَ
مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: ابْنُ وَهْبٍ لَيْسَ بِذَاكَ فِي ابْنِ
جُرَيْجٍ كَانَ يُسْتَصْغَرُ. وَقَدْ وَرَدَ: أَنَّ
اللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ سَمِعَ مِنِ ابْنِ وَهْبٍ
أَحَادِيْثَ ابْنِ جُرَيْجٍ.
فَمِنْ غَرَائِبِهِ عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: "أن رجلا زَنَى، فَأَمَرَ بِهِ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1348" "436"، والنسائي "5/ 251، 252"،
وابن ماجة "3014" من طرق عن عبد الله بن وهب، به.
2 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 485"، والدارمي "1418"، والطحاوي
"3/ 126" من طرق عن أفلح بن حميد، به.
والشطر الأول منه: أخرجه أبو يعلى "6166"، والطحاوي "3/
127" من طريق محمد بن عمرو، عن سلمان أبي عبد الله الاغر،
عن أبي هريرة، به.
والشطر الثاني منه: أخرجه مسلم "649" "247"، وأبو عوانة
"2/ 2-3"، والبيهقي "3/ 60" من طريق أفلح بن حميد، به.
والفذ: الفرد.
(8/17)
فَجُلِدَ ثُمَّ أُخْبِرَ أَنَّهُ مُحْصَنٌ
فَرَجَمَهُ"1. لَكِنَّ هَذَا تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَبُو
عَاصِمٍ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ
يَقُوْلُ: قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ:
اكْتُبْ لِي أَحَادِيْثَ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ فَكَتَبْتُ
لَهُ مائَتَيْنِ وَحَدَّثْتُهُ بِهَا.
عَمْرُو بنُ سَوَّادٍ: قَالَ لِي ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ
مِنْ ثَلاَثِ مائَةٍ وَسَبْعِيْنَ شَيْخاً، فَمَا رَأَيْتُ
أَحْفَظَ مِنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ وَذَلِكَ أَنَّهُ
كَانَ يَتَحَفَّظُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ.
يُوْنُسُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسٍ
وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَطَلَبْتُ العِلْمَ، وَأَنَا ابْنُ
سَبْعَ عَشْرَةَ وَدَعَوْتُ يُوْنُسَ يَوْمَ عُرْسِي.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ
مَعِيْنٍ عن ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ
صَدُوْقاً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى
حَدَّثَنَا ابْنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي
مَرْيَمَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
وَهْبٍ عَنِ العُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرُ:
إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لَمْ يَسْجُدْ يَوْمَ ذِي اليَدِيْنَ سجدتي السهو"2.
وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ قَالَ: صَنَّفَ ابْنُ وَهْبٍ
مائَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ كُلُّهُ سوى
حديثين عند حرملة.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "4438" من طريق ابن وهب، عن ابن
جريج، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: ابن جريج، والثانية
أبو الزبير المكي، وها مدلسان وقد عنعناه. وأخرجه أبو داود
"4439" من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، به.
2 منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "4/ 142/ 976" من طريق
يحيى بن معين، حدثنا ابن أبي مريم، به.
قلت: إسناده ضعيف، عبد الله بن عمر بن حفص العمري، ضعفه
ابن المديني، والنسائي، وابن حبان وقال ابن معين: ليس به
بأس. وقال الذهبي في "الميزان": في حفظه شيء، وهو يخالف
الحديث الصحيح الثابت الذي رواه مسلم "573" "99" بإسناده
عن أبي هريرة قال: صلى لَنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةُ العصر، فسلم في
ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله!
أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ذلك لم
يكن". فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رَسُوْلُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الناس
فقال: "أصدق ذو اليدين"؟ فقالوا: نعم يا رسول الله فأتم
رسول الله ما بقي من الصلاة ثم سجد وهو جالس بعد التسليم".
(8/18)
قُلْتُ: وَمَعَ هَذِهِ الكَثْرَةِ
فَيَعْتَرِفُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَيَقُوْلُ: لاَ أَعْلَمُ
لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً مِنْ رِوَايَةِ ثِقَةٍ عَنْهُ.
وَرَوَى أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ قَالَ:
مَا أَصَحَّ حَدِيْثَ ابْنِ وَهْبٍ وَأَثْبَتَه! يُفَصِّلُ
السَّمَاعَ مِنَ العَرْضِ وَالحَدِيْثَ مِنَ الحَدِيْثِ.
فَقِيْلَ لَهُ: أَلَيْسَ كَانَ سَيِّئَ الأَخْذِ? قَالَ:
بَلَى وَلَكِنْ إِذَا نَظَرتَ فِي حَدِيْثِهِ، وَمَا رَوَى
عَنْ مَشَايِخِه وَجَدتَه صَحِيْحاً مَرَّ هَذَا
مُخْتَصَراً.
وَعَنِ الحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنٍ قَالَ: شَهِدتُ سُفْيَانَ
بنَ عُيَيْنَةَ، وَمَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ فَسُئِلَ عَنْ
شَيْءٍ فَسَأَلَ ابْنَ وَهْبٍ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا شَيْخُ
أَهْلِ مِصْرَ يُخْبِرُ عَنْ مَالِكٍ بِكَذَا.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: ابْنُ وَهْبٍ هُوَ
الَّذِي عُنِيَ بِجمعِ مَا رَوَى أَهْلُ الحِجَازِ،
وَأَهْلُ مِصْرَ، وَحَفِظَ عَلَيْهِم حَدِيْثَهُم،
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَكَانَ مِنَ العُبَّادِ.
قَالَ يُوْنُسُ الصَّدَفِيُّ: عُرِضَ عَلَى ابْنِ وَهْبٍ
القَضَاءُ فَجَنَّنَ نَفْسَهُ، وَلَزِمَ بَيْتَهُ.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَخِي
ابْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ
مَالِكٍ، فَسُئِلَ عَنْ تَخْلِيْلِ الأَصَابِعِ فَلَمْ
يَرَ ذَلِكَ فَتَرَكْتُ حَتَّى خَفَّ المَجْلِسُ فَقُلْتُ:
إِنَّ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ سُنَّةً حَدَّثَنَا اللَّيْثُ،
وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ عَنْ أَبِي عُشَّانَةَ عَنْ
عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا تَوَضَّأْتَ خَلِّلْ
أَصَابعَ رِجْلَيْكَ" 1. فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ
يُسْأَلُ عَنْهُ، فَيَأْمُرُ بِتَخْلِيْلِ الأَصَابِعِ،
وَقَالَ لِي: مَا سَمِعْتُ بِهَذَا الحَدِيْثِ قَطُّ إِلَى
الآنَ.
سَمِعنَاهُ فِي "إِرْشَادِ" الخَلِيْلِيِّ: حَدَّثَنِي
جَدِّي، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الفَقِيْهُ وَالقَاسِمُ بنُ
عَلْقَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَصَالِحُ بنُ
عِيْسَى قَالُوا: حدثنا ابن أبي حاتم.
__________
1 صحيح بطرقة: ورد عن لقيط بن صبرة في حديث طويل مرفوعا
بلفظ: "أسبغ الوضوء، وخلل بين أصابعك، وبالغ في الاستنشاق
إلا أن تكون صائما" أخرجه الشافعي في "مسنده" "1/ 30، 31"،
وأبو داود "142"، والبيهقي "7/ 303"، والبغوي "213" من طق
عن يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن
صبرة، عن أبيه، به.
وعن المستورد بن شداد: عند أحمد "4/ 229"، وأبي داود
"148"، وابن ماجه "446"، والبيهقي "1/ 76". وعن ابن عباس
مرفوعا بلفظ: "إذا توضأت فخلل بين أصابع يديك ورجليك".
أخرجه الترمذي "39"، وابن ماجه "447".
(8/19)
1377- محمد بن
حمير 1: "خ، س، ق"
ابن أنيس، المُحَدِّثُ العَالِمُ، شَيْخُ حِمْصَ أَبُو
عَبْدِ اللهِ، وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ الحَمِيْدِ
القُضَاعِيُّ ثُمَّ السَّلِيْحِيُّ. وَسَلِيْحٌ: بَطْنٌ
مِنْ قُضَاعَةَ. رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ
الأَلْهَانِيِّ، وَثَابِتِ بنِ عَجلاَنَ وَمُحَمَّدِ بنِ
الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي
عَبْلَةَ، وعمرو بن قيس السكوني وطبقتهم.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى وَخَطَّابُ بنُ
عُثْمَانَ وَهِشَامُ بنُ عَمَّارٍ وَكَثِيْرُ بنُ
عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ الفَرَجِ الحِجَازِيُّ،
وَآخَرُوْنَ. وَرَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ: ابْنُ
لَهِيْعَةَ، وَمَاتَ ابْنُ لَهِيْعَةَ قَبْلَ الحِجَازِيِّ
بِبِضْعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَدُحَيْمٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ، وَبَقِيَّةُ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قُلْتُ: مَا هُوَ بِذَاكَ الحُجَّةِ حَدِيْثُهُ يُعَدُّ
فِي الحِسَانِ وَقَدِ انْفَرَدَ بِأَحَادِيْثَ مِنْهَا مَا
رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيْحِهِ" لَهُ عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: عَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
"مَنْ قَرَأَ آيَةَ الكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ
مَكْتُوْبَةٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ
الجَنَّةَ إلَّا أَنْ يَمُوْتَ" 2.
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سنة مائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 159"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 308، 309" والجرح والتعديل "7/
ترجمة 1315"، والكاشف "3/ ترجمة 4886"، والمغني "2/ ترجمة
5454"، والعبر "1/ 334"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7459"،
وتهذيب التهذيب "9/ 134"، وتقريب التهذيب "2/ 156"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 6170"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 359".
2 حسن: أخرجه الطبراني في "الكبير" "8/ 7532" من طرق عن
محمد بن حمير، حدثني محمد بن زياد الألهاني قال: سمعت أبا
أمامة يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فذكره.
قلت: إسناد حسن، محمد بن حمير بن أنيس السلمي الحمصي،
صدوق.
(8/20)
1378- مخلد بن
الحسين 1: "س"
الإِمَامُ، الكَبِيْرُ، شَيْخُ الثَّغْرِ أَبُو مُحَمَّدٍ
الأزدي المهلبي البصري ثم المصيصي.
حدث عن: مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ
وَيُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ وَالأَوْزَاعِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَعَنْهُ: حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالحَسَنُ بنُ
الرَّبِيْعِ، وَأَبُو صَالِحٍ مَحْبُوْبٌ الفَرَّاءُ
وَالمُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ، وَمُوْسَى بنُ أَيُّوْبَ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ رَجُلٌ صَالِحٌ
عَاقِلٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ أَعقَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ.
رُوِيَ أَنَّ الرَّشِيْدَ قَالَ لَهُ: مَا قَرَابَةُ مَا
بَيْنِكَ، وَبَيْنَ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ? قَالَ: هُوَ
وَالِدُ إِخْوَتِي يَعْنِي: مَا قَالَ: زَوْجُ أُمِّي.
قَالَ سُنَيْدُ بنُ دَاوُدَ: سَمِعْتُ مَخْلَدَ بنَ
الحُسَيْنِ يَقُوْلُ: مَا نَدَبَ اللهُ العِبَادَ إِلَى
شَيْءٍ إلَّا اعْتَرَضَ فِيْهِ إِبْلِيْسُ بِأَمْرَيْنِ،
مَا يُبَالِي بِأَيِّهِمَا ظَفِرَ: إِمَّا غُلُوٌّ فِيْهِ
وَإِمَّا تَقَصِيْرٌ عَنْهُ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ مَخْلَدٌ سَنَةَ إِحْدَى، وَتِسْعِيْنَ
وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ، وَتِسْعِيْنَ
وَمائَةٍ.
وَلَهُ شَيْءٌ فِي مقدمة "صحيح مسلم".
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 489"، والمعرفة والتاريخ
ليعقوب الفسوي "1/ 181"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1592"،
والحلية لأبي نعيم "8/ 266"، والكاشف "3/ ترجمة 5443"،
وتهذيب التهذيب "10/ 72"، وتقريب التهذيب "2/ 235"، وخلاصة
الخزرجي "3/ ترجمة 6898".
(8/21)
1379- مخلد بن
يزيد 1: "خ، م، د، س، ق"
الحراني أَحَدُ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ،
وَجَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ وَحَنْظَلَةَ
بنِ أَبِي سُفْيَانَ وَالأَوْزَاعِيِّ.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ
نُمَيْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَخُوْهُ
عُثْمَانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ البِيْكَنْدِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: مُحتَجٌّ بِهِ فِي الصِّحَاحِ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ
ثلاث، وتسعين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1913"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 459" والجرح والتعديل "8/
1591"، والأنساب للسمعاني "4/ 96"، والعبر "1/ 311"،
والكاشف "3/ ترجمة 5439"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة
8394"، وتهذيب التهذيب "10/ 77"، وتقريب التهذيب "2/ 235"،
وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6907".
(8/21)
1380- عبد الوهاب الثَّقَفِيُّ 1: "ع"
هُوَ الإِمَامُ الأَنبَلُ، الحَافِظُ الحُجَّةُ أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ
الصَّلْتِ بنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ صَاحِبِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الحَكَمِ بنِ أَبِي
العَاصِ الثَّقَفِيُّ، البَصْرِيُّ، وَالحَكَمُ: هُوَ
أَخُو الأَمِيْرِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ -رَضِيَ
اللهُ عنهما.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمائَةٍ قَالَهُ: أَحْمَدُ بنُ
حَنْبَلٍ. أَوْ سَنَةَ عَشْرٍ قَالَهُ: الفَلاَّسُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَيُّوْبَ وَحُمَيْدٍ وَيُوْنُسَ بنِ
عُبَيْدٍ، وَالحَذَّاءِ وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ،
وَإِسْحَاقَ بنِ سُوَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ
بنِ خُثَيْمٍ وَأَبِي هَارُوْنَ العَبْدِيِّ وَجَعْفَرِ
بنِ مُحَمَّدٍ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَمَالِكِ بنِ
دِيْنَارٍ، وَالجُرَيْرِيِّ، وَعَوْفٍ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَيَحْيَى وَعَلِيٌّ،
وَالفَلاَّسُ وَبُنْدَارُ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ مُثَنَّى،
وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَدَنِيُّ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ رُسْتَه، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
الزِّمَّانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ حَكِيْمٍ، وَنَصْرُ بنُ
عَلِيٍّ وَخَلْقٌ.
قَالَ الحَارِثُ النَّقَّالُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ:
أَرْبَعَةٌ أَمرُهُم فِي الحَدِيْثِ، وَاحِدٌ: جَرِيْرٌ
وَمُعْتَمِرٌ وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَعَبْدُ
الأَعْلَى السَّامِيُّ كَانُوا يُحَدِّثُونَ مِنْ كُتُبِ
النَّاسِ، وَيَحْفَظُونَ ذَلِكَ الحِفْظَ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، اخْتُلِطَ بِأَخَرَةٍ.
وَقَالَ عُقْبَةُ بنُ مُكْرَمٍ العَمِّيُّ: اخْتُلِطَ
عَبْدُ الوَهَّابِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ،
أَوْ أَرْبَعٍ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ فِي
الدُّنْيَا كِتَابٌ عَنْ يَحْيَى أَصَحَّ مِنْ كِتَابِ
عَبْدِ الوَهَّابِ، وَكُلُّ كِتَابٍ عَنْ يَحْيَى فَهُوَ
عَلَيْهِ كَلٌّ يَعْنِي: كِتَابَ عبد الوهاب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 289"، والتاريخ الكبير "6/
ترجمة 1822"، والمعرفة والتاريخ "1/ 177، 518"، "104،
132"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1040"، والجرح
والتعديل "6/ ترجمة 369"، وتاريخ بغداد "11/ 18"، والكاشف
"2/ ترجمة 3567"، والمغني "2/ ترجمة 3894"، وميزان
الاعتدال "2/ ترجمة 5321"، والعبر "1/ 314، 408"، وتذكرة
الحفاظ "1/ ترجمة 300"، وتهذيب التهذيب "6/ 449"، وتقريب
التهذيب "1/ 528" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4509"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 340".
(8/22)
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَجَمَاعَةٌ إِذْناً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ
أَخْبَرَنَا القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
الخَطِيْبُ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ
الدَّسْكَرِيُّ بِحُلْوَانَ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ
أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ عِصْمَةَ البُخَارِيَّ،
سَمِعْتُ الفَضْلَ بنَ العَبَّاسِ الهَرَوِيَّ، سَمِعْتُ
عَاصِماً المَرْوَزِيَّ سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ عَلِيٍّ
يَقُوْلُ: كَانَتْ غَلَّةُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ
المَجِيْدِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا بَيْنَ أَرْبَعِيْنَ
أَلفاً إِلَى خَمْسِيْنَ أَلْفاً، فَكَانَ إِذَا أَتَى
عَلَيْهِ السَّنَةَ، لَمْ يُبْقِ مِنْهَا شَيْئاً كَانَ
يُنْفِقُهَا عَلَى أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
وَبِهِ إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ
الصَّيْمَرِيُّ، حَدَّثَنَا المَرْزُبَانِيُّ أَخْبَرَنِي
الصُّوْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَمُوْتُ بنُ المُزَرَّعِ
حَدَّثَنَا الجَاحِظُ، قَالَ: قَالَ النَّظَّامُ، وَذَكَرَ
عَبْدَ الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ فَقَالَ: هُوَ وَاللهِ
أَحلَى مِنْ أَمْنٍ بَعْدَ خَوْفٍ، وَبُرْءٍ بَعْدَ سُقْمٍ
وَخِصْبٍ بَعْدَ جَدْبٍ، وَغِنَىً بَعْدَ فَقْرٍ وَمِنْ
طَاعَةِ المَحْبُوْبِ وَفَرَجِ المَكْرُوْبِ، وَمِنَ
الوِصَالِ الدَّائِمِ مَعَ الشَّبَابِ النَّاعِمِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً وَفِيْهِ ضَعْفٌ
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: تَغَيَّرَ.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.
قُلْتُ: لَكِنْ مَا ضَرَّهُ تَغَيُّرُهُ، فَإِنَّهُ لَمْ
يُحَدِّثْ زَمَنَ التَّغَيُّرِ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الذَّارِعُ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ:
تَغَيَّرَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ
الثَّقَفِيُّ، فَحُجِبَ النَّاسُ عَنْهُم.
وَمِنْ أَفرَادِ عَبْدِ الوَهَّابِ: حَدِيْثُهُ عَنْ
جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَابِرٍ
مَرْفُوْعاً: "قَضَى بِالِيمِيْنِ وَالشَّاهِدِ" 1.
رَوَاهُ: مَالِكٌ وَالقَطَّانُ وَالنَّاسُ عَنْ جَعْفَرٍ،
عَنْ أَبِيْهِ مُرْسَلاً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ
الدِّيْنَوَرِيُّ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ
الحَسَنِ، "ح". وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ،
وَأَحْمَدُ بنُ العِمَادِ وَمُحَمَّدُ بنُ بَطِّيْخٍ
وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ "ح". وَأَخْبَرَتْنَا
خَدِيْجَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَالاَ: أَخْبَرَتْنَا
شُهْدَةُ الكَاتِبَةُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
طَلْحَةَ قَالَ هُوَ، وَعَاصِمٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَهْدِيٍّ
الفَارِسِيُّ حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
المَحَامِلِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الوَلِيْدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ،
حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ: أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
"يَا عَبْدَ اللهِ! ألَّا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً مِنْ
كُنُوزِ الجَنَّةِ: لاَ حَوْلَ ولا قوة إلَّا بالله" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 305"، والترمذي "1344"، وابن ماجه
"2369" من طريق عبد الوهاب الثقفي، به، وأخرجه مالك "2/
711" مرسلا.
وله شاهد عن ابن عباس: عند أحمد "1/ 315"، ومسلم "1712"،
وأبو داود "3608". وشاهد آخر عن أبي هريرة: عند أبي داود
"3610"، والترمذي "1343"، وابن ماجه "2368".
2 صحيح: أخرجه البخاري "6409"، ومسلم "2704"، وأبو داود
"1526".
(8/23)
1381- أحمد بن
بشير 1: "خَ، ت"
المُحَدِّثُ العَالِمُ أَبُو بَكْرٍ الكُوْفِيُّ مَوْلَى
عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ المَخْزُوْمِيِّ. وَيُقَالُ: مِنْ
مَوَالِي هَمْدَانَ.
حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنِ: الأَعْمَشِ وَابْنِ أَبِي
خَالِدٍ وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَمُجَالدٍ، وَشَبِيْبِ
بنِ بِشْرٍ، وَهَاشِمِ بنِ هَاشِمٍ وَمِسْعَرٍ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى وَمُحَمَّدُ بنُ
المُثَنَّى، وَابْنُ عَرَفَةَ وَسَلْمُ بنُ جُنَادَةَ
وَابْنُ نُمَيْرٍ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ يُقَيِّنُ وَلَيْسَ
بِحَدِيْثِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: مَوْصُوْفٌ بِالصِّدْقِ.
وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: كَانَ صَدُوْقاً حَسَنَ
المَعْرِفَةِ بِأَيَّامِ الناس حسن الفَهْمِ، رَأْساً فِي
الشُّعُوْبِيَّةِ2، يُخَاصمُ فِيْهَا فَاتَّضَعَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ القوِيِّ.
وَلَيَّنَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ دَاوُدَ: ثِقَةٌ مُكْثرٌ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ
سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 396"، والتاريخ الكبير "2/
ترجمة 1477"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 14"، وتاريخ بغداد
"4/ 46"، وميزان الاعتدال "1/ 85"، والكاشف "1/ ترجمة 11"،
وتهذيب التهذيب "1/ 18".
2 الشعوبية: هم الذين يصغرون شأن العرب، ولا يرون لهم فضلا
على غيرهم.
(8/24)
1382- عبد
الأعلى 1: "ع".
ابن عبد الأعلى السامي الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الحَافِظُ
أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ وَالجُرَيْرِيِّ
وَدَاوُدَ بنَ أَبِي هِنْدٍ، وَيُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ
وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَطَبَقَتِهِم وَمَنْ
بَعْدَهُم.
رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ بَشَّارٍ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى الزِّمَّانِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عَيَّاشُ بنُ الوَلِيْدِ الرَّقَّامُ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الأَعْلَى أَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَبُو هَمَّامٍ
يَعْنِي: أَنَّ لَهُ كُنْيَتَيْنِ.
وَأَمَّا ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالقَوِيِّ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ صَدُوْقٌ قَوِيُّ الحَدِيْثِ، لَكِنَّهُ
رُمِيَ بِالقَدَرِ. فَاللهُ أَعْلَمُ.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ،
وَمائَةٍ وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ بُنْدَارُ: وَاللهِ مَا كَانَ عَبْدُ الأَعْلَى
بنُ عَبْدِ الأَعْلَى يَدْرِي أَيَّ طَرَفَيْهِ أَطوَلَ
أَوْ أَيَّ رِجْلَيْهِ أَطوَلَ.
قُلْتُ: تَقَرَّرَ الحَالُ أَنَّ حَدِيْثَهُ مِنْ قِسْمِ
الصَّحِيْحِ نَعَمْ مَا هُوَ فِي القُوَّةِ فِي رتبة يحيى
القطان وغندر.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 290"، والتاريخ الكبير "6/
ترجمة 1748"، والمعرفة والتاريخ "1/ 180، 243، 253"، "2/
104، 119"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1020"،
والجرح والتعديل "6/ ترجمة 147"، والمغني "1/ ترجمة 3445"،
وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4728"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة
277"، وتهذيب التهذيب "6/ 96"، وتقريب التهذيب "1/ 465"،
وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3952"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 324".
(8/25)
1383- عبد الله
بن نمير 1: "ع"
الحَافِظُ الثِّقَةُ الإِمَامُ أَبُو هِشَامٍ
الهَمْدَانِيُّ الخَارِفِيُّ مَوْلاَهُمْ الكُوْفِيُّ.
وُلِدَ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَرَوَى عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ وَالأَعْمَشِ
وَأَشْعَثَ بنِ سَوَّارٍ وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي
خَالِدٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَيَزِيْدَ
بنُ أَبِي زِيَادٍ وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ
العُمَرِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الفَضْلِ
المَخْزُوْمِيِّ، وَخَلْقٍ مِنْ طَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ، وَبَنُو أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ
الكَوْسَجُ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَعَلِيُّ بنُ
حَرْبٍ وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ، وَأَبُو
عُبَيْدَةَ بنُ أَبِي السَّفَرِ وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَغَيْرُهُ.
وَمِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ ابْنُهُ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ.
تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَةٍ.
وَقَعَ لِي جُمْلَةٌ مِنْ عواليه: أخبرنا أحمد بن عبد
المنعم الطَّاوُوْسِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
الصَّيْدَلاَنِيِّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ
حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ
عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: "الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوْهَا
بالماء" 2.
متفق عليه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 394"، والتاريخ الكبير "5/
ترجمة 700"، والكنى للدولابي "2/ 153"، والجرح والتعديل
"5/ ترجمة 869"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 311"، والكاشف
"2/ ترجمة 3062"، والعبر "1/ 330، 441"، "2/ 33، 44"،
وتهذيب التهذيب "6/ 57"، وتقريب التهذيب "1/ 457"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 3869"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "1/ 357".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5725"، ومسلم "2210" من طريق أبي
بكر بن أبي شيبة، وأبي كريب عن عبد الله بن نمير، به.
(8/26)
1384- يونس بن بُكَير 1: "خت، 4، م"
ابن واصل الإمام الحافظ الصدوق، صاحب المغازي، والسير.
وَيُقَالُ لَهُ: أَبُو بُكَيْر يُكْنَى: أَبَا بَكْرٍ
الكُوْفِيَّ الحَمَّالَ وَالِدُ بَكْرٍ وَعَبْدِ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَسُلَيْمَانَ
الأَعْمَشِ، وَطَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، وَزَكَرِيَّا بنِ
أَبِي زَائِدَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ فَأَكْثَرَ
عَنْهُ وَعُمَرَ بنِ ذَرٍّ، وَكَهْمَسِ بنِ الحَسَنِ،
وَمَطَرِ بنِ مَيْمُوْنٍ المُحَارِبِيِّ، وَالنَّضْرِ
أَبِي عُمَرَ الخَزَّازِ، وَالسَّرِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ،
وَأَبِي خَلْدَةَ خَالِدِ بنِ دِيْنَارٍ، وَأَسْبَاطِ بنِ
نَصْرٍ، وَعَلِيِّ بنِ الحَزَوَّرِ، وَيُوْنُسَ بنِ أَبِي
إِسْحَاقَ، وَأَبِي كَعْبٍ صَاحِبِ الحَرِيْرِ وَحَجَّاجِ
بنِ أَبِي زَيْنَبَ وَشُعْبَةَ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: سَعْدُوَيْه، وَابْنُ نُمَيْرٍ وَإِسْحَاقُ بنُ
مُوْسَى الخَطْمِيُّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَأَبُو
كُرَيْبٍ، وَهَنَّادٌ وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ
بنُ مُثَنَّى وَعُبَيْدُ بنُ يَعِيْشَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ
الأَشَجُّ وَسُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ، وَعُقْبَةُ بنُ
مُكْرَمٍ الضَّبِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ
كَرَامَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى
القَطَّانُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ
العُطَارِدِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
رَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: كَانَ صَدُوْقاً.
وَرَوَى مُضَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ
عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ مَرَّةً عَنْهُ: لَيْسَ
بِهِ بَأْسٌ.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ،
عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: كَانَ ثِقَةً، صَدُوْقاً
إلَّا أَنَّهُ كَانَ مَعَ جَعْفَرِ بنِ يَحْيَى
البَرْمَكِيِّ وَكَانَ مُوْسِراً، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ:
إِنَّهُم يَرْمُوْنَهُ بِالزَّنْدَقَةِ لِكَذَا وكذا فقال:
كذب. ثم قال يَحْيَى: رَأَيْتُ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ
أَتَيَاهُ، فَأَقْصَاهُمَا وَسَأَلاَهُ كِتَاباً، فَلَمْ
يُعْطِهِمَا فَذَهبَا يَتَكَلَّمَانِ فِيْهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: بَكْرُ
بنُ يُوْنُسَ بنِ بُكَيْرٍ لاَ بَأْسَ بِهِ، كَانَ
أَبُوْهُ عَلَى مَظَالِمِ جَعْفَرٍ، وَبَعْضُ النَّاسِ
يضعفونهما.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 399"، والتاريخ الكبير "8/
ترجمة 3523"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 711"،
"3/ 141، 249"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 2093"،
والجرح والتعديل "9/ ترجمة 995"، والكامل لابن عدي "7/
ترجمة 2084"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة رقم 310"، والكاشف
"3/ ترجمة 6581"، والمغني "2/ ترجمة 7261"، والعبر "1/
331، 441"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9900"، وتهذيب
التهذيب "11/ 434"، وتقريب التهذيب "2/ 384"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "1/ 357".
(8/27)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبُو
زُرْعَةَ: أَيَّ شَيْءٍ تُنْكِرُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ:
أَمَّا فِي الحَدِيْثِ فَلاَ أَعْلَمُهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّه الصِّدْقُ.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: لَيْسَ
هُوَ عِنْدِي حُجَّةً يَأْخُذُ كَلاَمَ ابْنِ إِسْحَاقَ،
فَيُوصِلُهُ بِالأَحَادِيْثِ سَمِعَ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ
بِالرَّيِّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ وَقَالَ
مَرَّةً: ضَعِيْفٌ.
وَقَوَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ.
وَجَاءَ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ أَيْضاً: ثِقَةٌ إلَّا
أَنَّهُ مُرْجِئٌ يَتْبَعُ السُّلْطَانَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ
يُتَثَبَّتَ فِي أَمْرِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَتَبْتُ عَنْهُ
وَلَيْسَ أُحَدِّثُ عَنْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ:
قَالَ لِي يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: لاَ أَسْتَحِلُّ الرواية
عن يونس.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ
وَعُبَيْدُ بنُ يَعِيْشَ: ثِقَةٌ.
وَقَدْ رَوَى لَهُ: مُسْلِمٌ فِي الشَّوَاهدِ، لاَ
الأُصُوْلِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ،
عَنْ يُوْنُسَ بنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيْهِ عَنِ البَرَاءِ،
عَنْ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ! آخَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ
المُطَّلِبِ.
مَاتَ يُوْنُسُ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ،
وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُقَيَّرِ وَجَمَاعَةٌ
قَالُوا: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ قُمَيْرَةَ
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ
البَاقِلاَّنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ
شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ
الأَدَمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
الهَاشِمِيُّ وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَعُثْمَانُ بنُ
السَّمَّاكِ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الجَبَّارِ أَخْبَرَنَا يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ
هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ
قَالَتْ: كَانَتْ أُمِّي تُعَالِجُنِي تُرِيْدُ أَنْ
تُسَمِّنَنِي بَعْضَ السِّمَنِ، لِتُدْخِلَنِي عَلَى
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا
اسْتَقَامَ لَهَا ذَلِكَ، حَتَّى أَكَلتُ التَّمْرَ
بِالقِثَّاءِ، فسمنت أحسن ما يكون من السمن1.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود "3903" من طريق محمد بن إسحاق،
وابن ماجه "3324" من طريق يونس بن بكير كلاهما عن هشام بن
عروة، به.
(8/28)
1385- علي بن
عاصم 1: "د، ت، ق"
ابن صهيب الإِمَامُ، العَالِمُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ،
مُسْنِدُ العِرَاقِ أَبُو الحَسَنِ القُرَشِيُّ
التَّيْمِيُّ مَوْلَى قَرِيْبَةَ، أُخْتِ القَاسِمِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الوَاسِطِيِّ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ فَهُوَ مِنْ أَسْنَانِ
سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
وَرَوَى عَنْ: حُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَبَيَانِ
بنِ بِشْرٍ وَيَحْيَى البَكَّاءِ، وَعَطَاءِ بنِ
السَّائِبِ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ
أَبِي زِيَادٍ وَلَيْثِ بنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَحُمَيْدٍ
الطَّوِيْلِ وَمُحَمَّدِ بنِ سُوْقَةَ، وَمُطَرِّفِ بنِ
طَرِيْفٍ، وَعَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي
صَالِحٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَدَاوُدَ
بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَخَالِدٍ الحَذَّاءِ وَبَهْزِ بنِ
حَكِيْمٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ،
وَالجُرَيْرِيِّ وَعُمَارَةَ بنِ أَبِي حَفْصَةَ،
وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَأَبِي هَارُوْنَ
العَبْدِيِّ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ
وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ
وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ حرب النشائي
وزياد بن أَيُّوْبَ وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ
بنُ الأَزْهَرِ وَسَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ وَمُحَمَّدُ بنُ
عِيْسَى المَدَائِنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ
بنِ المُنَادِي، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وَعَبْدُ اللهِ بنُ
أَيُّوْبَ المُخَرِّمِيُّ، وَيَحْيَى بنُ جَعْفَرٍ
البِيْكَنْدِيُّ وَيَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ،
وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَيُوْسُفُ بنُ عِيْسَى
المَرْوَزِيُّ، وَعَمْرُو بنُ رَافِعٍ، وَعِيْسَى بنُ
يُوْنُسَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَهَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ،
وَمُوْسَى بنُ سَهْلٍ الوَشَّاءُ وَالحَسَنُ بنُ مُكْرَمٍ،
وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ
عَاصِمٍ عَلَى اخْتِلاَفِ أَصْحَابِنَا فِيْهِ، مِنْهُم
مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ كَثْرَةَ الخَطَأِ وَالغَلَطِ،
وَمِنْهُم مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ تَمَادِيهِ فِي ذَلِكَ،
وَتَرْكَهُ الرُّجُوْعَ عَمَّا خَالفَ فِيْهِ النَّاسَ
وَلَجَاجَتَهُ فِيْهِ، وَثَبَاتَهُ عَلَى الخَطَأِ
وَمِنْهُم مَنْ تَكَلَّمَ فِي سُوءِ حِفْظِهِ، وَاشتِبَاهِ
الأَمْرِ عَلَيْهِ
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 313"، والتاريخ الكبير "6/
ترجمته 2435"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 640"،
والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 430"، والكنى للدولابي
"1/ 147"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1244"،
والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1092"، والمجروحين لابن حبان
"2/ 113"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1348"، وتاريخ بغداد
"11/ 446"، والأنساب للسمعاني "10/ 118"، والعبر "1/ 336"،
"2/ 53"، والكاشف "2/ ترجمة 3994"، وميزان الاعتدال "3/
ترجمة 5873"، وتهذيب التهذيب "7/ 344"، وتقريب التهذيب "2/
39"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5006"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "2/ 2".
(8/29)
فِي بَعْضِ مَا حَدَّثَ بِهِ مِنْ سُوءِ
ضَبطِهِ، وَتَوَانِيْهِ عَنْ تَصَحِيْحِ مَا كَتَبَ
الوَرَّاقُونَ لَهُ، وَمِنْهُم مَنْ قِصَّتُهُ عِنْدَهُ
أَغلَظُ مِنْ هَذِهِ القَصَصِ، وَقَدْ كَانَ رَحِمَهُ
اللهُ مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ، وَالصَّلاَحِ وَالخَيْرِ
البَارِعِ شَدِيْدَ التَّوَقِّي، وَلِلْحَدِيْثِ آفَاتٌ
تُفْسِدُهُ.
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا
عَتَّابُ بنُ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ قَالَ:
قُلْتُ لِعَبَّادِ بنِ العَوَّامِ: يَا أَبَا سَهْلٍ: مَا
بَالُ صَاحِبِكُم? يَعْنِي: عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ قَالَ:
لَيْسَ يُنكَرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ
وَلَكِنَّهُ كَانَ رَجُلاً مُوْسِراً، وَكَانَ
الوَرَّاقُونَ يكتبون له، فنراه أتي من كتبه.
قَالَ يَعْقُوْبُ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ يَعِيْشَ
قَالَ: رَجَعْنَا مَعَ وَكِيْعٍ عَشِيَّةَ جُمُعَةٍ،
وَمَعَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَخَلَفٌ، فَكَانَ وَكِيْعٌ
يُحَدِّثُ خَلَفاً فَقَالَ لَهُ: مَنْ بَقِيَ عِنْدَكُم?
فَذَكَرَ شُيُوخاً، وَقَالَ: عِنْدَنَا عَلِيُّ بنُ
عَاصِمٍ فَقَالَ، وَكِيْعٌ: مَا زِلْنَا نَعرِفُهُ
بِالخَيْرِ. قَالَ خَلَفٌ: إِنَّهُ يَغلَطُ فِي
أَحَادِيْثَ. قَالَ: دَعُوا الغَلَطَ وَخُذُوا الصِّحَاحَ،
فَإِنَّا مَا زِلْنَا نَعرِفُهُ بِالخَيْرِ.
قُلْتُ: كَانَ عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ أَكْبَرَ مِنْ وَكِيْعٍ
بِنَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
قَالَ يَعْقُوْبُ: وَحَدَّثَنِي العَبَّاسُ بنُ صَالِحٍ،
قَالَ: سَأَلْتُ أَسْوَدَ بنَ سَالِمٍ قُلْتُ: بَلَغَنِي
أَنَّ وَكِيْعاً كَانَ يُقَدِّمُ عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ،
وَيَرفَعُ أَمرَهُ. فَقَالَ لِي أَسْوَدُ بنُ سَالِمٍ:
إِنَّمَا قَالَ وَكِيْعٌ وَذَكَرَهُ يَوْماً: لَوْ تُرِكَ
مَا يَغلَطُ فِيْهِ وَأَخَذُوا غَيْرَهُ لَكَانَ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بنُ أَبِي إِسْرَائِيْلَ
حَدَّثَنِي عَفَّانُ قَالَ: قَدِمْتُ أَنَا وَبَهْزٌ
وَاسِطَ فَدَخَلْنَا عَلَى عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ، فَقَالَ:
مِمَّنْ أَنْتُمَا? قُلْنَا: مَنْ أَهْلِ البَصْرَةِ
فَقَالَ: مَنْ بَقِيَ? فَجَعَلْنَا نَذكُرُ حَمَّادَ بنَ
زَيْدٍ وَالمَشَايِخَ فَلاَ نَذكُرُ لَهُ إِنْسَاناً إلَّا
اسْتَصْغَرَهُ، فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ بَهْزٌ: مَا
أَرَى هَذَا يُفْلِحُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: قَدْ كَانَ عَلِيٌّ مِنْ ذَوِي
الأَمْوَالِ وَالاتِّسَاعِ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَزَلْ
يُنْفِقُ فِي طَلَبِ العِلْمِ، وَيُفْضِلُ عَلَى أَهْلِهِ
قَدِيْماً وَحَدِيْثاً.
أَخْبَرْنَا ابْنُ عِلاَّنَ إِذْناً، أَخْبَرَنَا
الكِنْدِيُّ أَخْبَرَنَا القزاز أخبرنا الخَطِيْبُ،
حَدَّثَنِي مَسْعُوْدُ بنُ نَاصِرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو
الفَضْلِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ المُزَكِّي،
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ
المَرْوَانِيُّ سَمِعْتُ زَنْجَوَيْه اللَّبَّادَ،
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ البَكْرِيَّ، سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بنَ أَعْيَنَ بِالمَصِّيْصَةِ، سَمِعْتُ عَلِيَّ
بنَ عَاصِمٍ يَقُوْلُ: دَفَعَ إِلَيَّ أَبِي مائَةَ أَلْفِ
دِرْهَمٍ وَقَالَ: اذْهَبْ، فَلاَ أَرَى لَكَ وَجْهاً
إلَّا بِمائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَبِهِ إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ فَضَالَةَ بِالرَّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
(8/30)
ابن جَعْفَرٍ بِبَلْخَ، حَدَّثَنَا مُوْسَى
بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَرْبٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ سَمِعْتُ
عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ يَقُوْلُ: أَعْطَانِي أَبِي مائَةَ
أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَتَيْتُهُ بِمائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ،
وَكُنْتُ أُرْدِفُ هُشَيْماً خَلْفِي لِيَسْمَعَ مَعِيَ
الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: حَدَّثَنَا، وَكِيْعٌ
أَدْرَكتُ النَّاسَ وَالحَلْقَةُ لعَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ
بِوَاسِطَ.
قِيْلَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ! إِنَّهُ يَغْلَطُ. قَالَ:
دَعُوْهُ وَغَلَطَهُ.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا أَبِي: قَالَ
وَكِيْعٌ، وَذُكِرَ عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ فَقَالَ: خُذُوا
حَدِيْثَهُ مَا صَحَّ وَدَعُوا مَا غَلِطَ أَوْ مَا
أَخْطَأَ. قَالَ عَبْدُ اللهِ: كَانَ أَبِي يَحْتَجُّ
بِهَذَا، وَيَقُوْلُ: كَانَ يَغلَطُ وَيُخْطِئُ، وَكَانَ
فِيْهِ لَجَاجٌ، وَلَمْ يَكُنْ مُتَّهَماً بِالكَذِبِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَحْمَدُ، وَذُكِرَ عَلِيُّ
بنُ عَاصِمٍ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فأخذت عنه، وحدثنا عنه.
وقال سيد بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ قَالَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ
بنِ حَنْبَلٍ فِي عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ، وَذَكَرْتُ لَهُ
خَطَأَه فَقَالَ: كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ يُخْطِئُ،
وَأَوْمَأَ أَحْمَدُ بِيَدِهِ خَطَأً كَثِيْراً، وَلَمْ
نَرَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ بَأْساً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: وَكَانَ يَسْتَصغِرُ
النَّاسَ وَيَزْدَرِيهِم.
قَالَ الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا الخَضِرُ بنُ أَبَانٍ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ يَقُوْلُ: خَرَجْتُ مِنْ
وَاسِطَ أَنَا، وَهُشَيْمٌ إِلَى الكُوْفَةِ لِلُقِيِّ
مَنْصُوْرٍ، فَلَمَّا خَرَجْتُ فَرَاسِخَ لَقِيَنِي أَبُو
مُعَاوِيَةَ فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيْدُ? قَالَ: أَسعَى فِي
دَيْنٍ عَلَيَّ. فَقُلْتُ: ارْجِعْ مَعِي، فَإِنَّ عِنْدِي
أَرْبَعَةَ آلاَفٍ أُعْطِيْكَ مِنْهَا أَلْفَيْنِ.
فَرَجَعتُهُ فَأَعْطَيْتُهُ أَلفَينِ ثُمَّ خَرَجْتُ
فَدَخَلَ هُشَيْمٌ الكُوْفَةَ غَدَاةً، وَدَخَلْتُهَا
العَشِيَّ فَذَهَبَ فَسَمِعَ مِنْ مَنْصُوْرٍ أَرْبَعِيْنَ
حَدِيْثاً، وَدَخَلْتُ أَنَا الحَمَّامَ، ثُمَّ أَصْبَحتُ
فَأَتَيْتُ بَابَ مَنْصُوْرٍ فَإِذَا جِنَازَتَهُ
فَقَعَدْتُ أَبْكِي، فَقَالَ شَيْخٌ هُنَاكَ: يَا فَتَى
مَا يُبْكِيْكَ? قُلْتُ: قَدِمْتُ لأَسْمَعَ مِنْ هَذَا
الشَّيْخِ فَمَاتَ. قَالَ: فَأَدُلُّكَ عَلَى مَنْ شَهِدَ
عُرْسَ أُمِّ ذَا? قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: اكْتُبْ:
حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَعَلتُ
أَكتُبُ شَهْراً. فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ? قَالَ: أَنَا
حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا كَانَ بَيْنِي،
وَبَيْنَ أَنْ أَلْقَى ابْنَ عَبَّاسٍ إلَّا تِسْعَةَ
دَرَاهِمَ وَكَانَ عِكْرِمَةُ يَسْمَعُ مِنْهُ، ثُمَّ
يَجِيْءُ فَيُحَدِّثُنِي.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ
كَثِيْرَ الغَلَطِ وَإِذَا رُدَّ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ
وَكَانَ مَعْرُوْفاً فِي الحَدِيْثِ، وَيَرْوِي
أَحَادِيْثَ مُنْكَرَةً وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَهُ قَالَ
لَهُ: هَبْ لِي مِنْ حَدِيْثِكَ عِشْرِيْنَ حَدِيْثاً،
فأبى.
(8/31)
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: آتَيتُهُ
بوَاسِطَ فَنَظَرْتُ في أثلاث كثيرة فأخرجت منها مئتي
طَرَفٍ، فَذَهَبتُ إِلَيْهِ، فَحَدَّثَ عَنْ مُغِيْرَةَ
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ فِي التَّمَتُّعِ. فَقُلْتُ لَهُ:
إِنَّمَا هَذَا عَنْ مُغِيْرَةَ رَأْيُ حَمَّادٍ. قَالَ:
مَنْ حَدَّثَكُم? قُلْتُ: جَرِيْرٌ. قَالَ: ذَاكَ
الصَّبِيُّ لَقَدْ رَأَيْتُ ذَاكَ نَاعِساً مَا يَعْقِلُ
مَا يُقَالُ لَهُ. قَالَ: وَمَرَّ شَيْءٌ آخَرُ فَقُلْتُ:
يُخَالِفُوْنَكَ. قَالَ: مَنْ? قُلْتُ: أَبُو عَوَانَةَ.
فَصَاحَ وَقَالَ: ذَاكَ العَبْدُ. وَمَرَّ بِشَيْءٍ
فَقُلْتُ: يُخَالفُوْنَكَ فَقَالَ: مَنْ? قُلْتُ:
إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ. قَالَ: وَمَنْ ذَا?
قُلْتُ: ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ ذَاكَ
يَطْلُبُ حَدِيْثاً قَطُّ، وَقَالَ لِشُعْبَةَ: ذَاكَ
المِسْكِيْنُ كُنْتُ أُكَلِّمُ لَهُ خَالِداً الحَذَّاءَ،
فَيُحَدِّثُه. رَوَاهَا: عَبْدُ اللهِ بنُ المَدِيْنِيِّ
عَنْ أَبِيْهِ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ لَيْسَ
عِنْدِي مِمَّنْ يَكْذِبُ وَلَكِنْ يَهِمُ، هُوَ سَيِّئُ
الحِفْظِ، كَثِيْرُ الوَهْمِ يَغلَطُ فِي أَحَادِيْثَ
يَرْفَعُهَا وَيَقْلِبُهَا وَسَائِرُ حَدِيْثِهِ صَحِيْحٌ
مُسْتقِيْمٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ شُعَيْبٍ: حَضَرْتُ يَزِيْدَ بنَ
هَارُوْنَ وَهُم يَسْأَلُونَهُ حَتَّى سَمِعْتُ مِنْ
فُلاَنٍ، وَقَالُوا لَهُ: فَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ? وَقَالَ:
سَمِعْتُ مِنْهُ قَالُوا لَهُ: كَانَ يُغْمَزُ بِشَيْءٍ
أَوْ يُتَكَلَّمُ فِيْهِ إِذْ ذَاكَ بِشَيْءٍ? قَالَ:
مَعَاذَ اللهِ كَانَتْ حَلْقَتُهُ بِحِيَالِ حَلْقَةِ
هُشَيْمٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ لاَ يُجَالِسُهُم وَكَتَبَ
وَلَمْ يُجَالِسْ، فَوَقَعَ فِي كُتُبِهِ الخَطَأُ.
مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ
قَالَ: لَقِيْتُ عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ، فَأَفَادَنِي
أَشْيَاءَ عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، فَأَتَيْتُ خَالِداً
فَسَأَلتُهُ عَنْهَا فأنكرها كلها.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ فِيْهِ ضَعْفٌ،
وَكَانَ إِنْ شَاءَ اللهُ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ عِنْدَهُم
يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ
وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي
السُّعُوْدِ أَخْبَرَتْنَا تَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةُ،
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طَلْحَةَ أَخْبَرْنَا ابْنُ
رَزْقُوَيْه أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من
عزى مصابًا، فله مثل أجره"1.
__________
1 ضعيف: أخرجه الترمذي "1073"، وابن ماجه "1602" والعقيلي
في "الضعفاء" "3/ 247" والبيهقي "4/ 59"، والخطيب في
"تاريخ بغداد" "4/ 25، 450-451" من طريق عن علي بن عاصم،
حدثنا محمد بن سوقة، عن إبراهيم بن الأسود، عن عبد الله بن
مسعود، به. =
(8/32)
وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ
إِسْرَائِيْلَ، وَقَيْسِ بنِ الربيع، عن ابن سوقة.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ
بنَ هَاشِمٍ يَقُوْلُ: قَالَ رَجُلٌ لِسُفْيَانَ بنِ
عُيَيْنَةَ: إِنَّ عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ حَدَّثَ، عَنِ
ابْنِ سوقة عَنْ إِبْرَاهِيْمَ عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "مَنْ عَزَّى مُصَاباً فَلَهُ مِثْلُ
أَجْرِهِ". فَلَمْ يُنكِرِ الحَدِيْثَ وَقَالَ: مُحَمَّدُ
بنُ سُوْقَةَ لَمْ يَحْفَظْ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ شَيْئاً.
ثُمَّ قَالَ يَعْقُوْبُ: وَهُوَ حَدِيْثٌ كُوْفِيُّ
الإِسْنَادِ، مُنكَرٌ يَرَوْنَ أَنَّهُ لاَ أَصلَ لَهُ
مُسْنَداً، وَلاَ مَوقُوَفاً لاَ نَعْلَمُ أَحَداً
أَسنَدَهُ، وَلاَ وَقَفَهُ غَيْرَ عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ.
وَقَدْ رَوَاهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، وَهُوَ
صَدُوْقٌ، ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ عَنْ مُحَمَّدٍ، فَلَمْ
يُجَاوِزْه بِهِ بَلْ قَالَ: يَرْفَعُ الحَدِيْثَ1.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قَدْ رَوَى حَدِيْثَ
ابْنِ سُوْقَةَ: عَبْدُ الحَكِيْمِ بنُ مَنْصُوْرٍ
كَرِوَايَةِ عَلِيٍّ وَرُوِيَ كَذَلِكَ عَنِ: الثَّوْرِيِّ
وَشُعْبَةَ وَإِسْرَائِيْلَ وَمُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ بنِ
عَطِيَّةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَالِكِ بنِ
مِغْوَلٍ، وَالحَارِثِ بنِ عِمْرَانَ الجَعْفَرِيِّ، عَنِ
ابْنِ سُوْقَةَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا
ثَابِتاً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ قُدَامَةَ،
وَطَائِفَةٌ كِتَابَةً أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي
عُثْمَانَ عَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
خَرَجَ فِتْيَةٌ يَتَحَدَّثُوْنَ فَإِذَا هُمْ بِإِبِلٍ
مُعَطَّلَةٍ فَقَالَ بَعَضُهُم: كَأَنَّ أَربَابَ
هَؤُلاَءِ لَيْسُوا مَعَهَا. فَأَجَابَه بَعِيْرٌ مِنْهَا،
فَقَالَ: إِنَّ أربابها حشروا ضحى.
__________
= وقال الترمذي: "حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث
علي بن عاصم، وروى بعضهم عن محمد بن سوقة بهذا الإسناد
مثله موقوفا ولم يعرفه، ويقال: أكثر ما ابتلي به علي بن
عاصم بهذا الحديث نقموا عليه".
وقال البيهقي: "تفرد به علي بن عاصم، وهو أحد ما أنكر
عليه، وقد روى عن غيره، والله أعلم". ورواه أبو نعيم في
"الحلية" "5/ 99" من طريق حماد بن الوليد الكوفي، عن
سفيالن الثوري، عن محمد بن سوقة، به.
قلت: إسناده واه بمرة، حماد بن الوليد الكوفي، قال ابن
حبان: يسرق الحديث، ويلزق بالثقات ما ليس من أحاديثهم.
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال الحافظ
في "التلخيص الحبير" وهو ضعيف جدا، وكل المتابعين لعلي بن
عاصم أضعف منه بكثير"، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/
9"، "7/ 164" من طريق نصر بن حماد، حدثنا شعبة، عن محمد بن
سوقة، به.
قلت: إسناده واه بمرة، آفته نصر بن حماد، قال ابن معين:
كذاب وقال النسائي: ليس بثقة.
1 ضعيف: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" "11/ 451، 453"،
وراجع تخريجنا السابق.
(8/33)
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ
شُعْبَةَ يَقُوْلُ: لاَ تكتبوا عنه يعني: علي بن عاصم.
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحْرِزٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى
بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ كَذَّابٌ،
لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: فَسَأَلتُهُ يَعْنِي:
يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ، فَقَالَ:
لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ. قُلْتُ: مَا
أَنْكَرْتَ مِنْهُ? قَالَ: الخَطَأَ وَالغَلَطَ لَيْسَ
مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: كُنَّا عِنْدَ
يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ أَنَا وَأَخِي، فَقُلْنَا لَهُ:
يَا أَبَا خَالِدٍ! عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ مَا حَالُهُ
عِنْدَكَ? قَالَ: حَسْبُكُم مَا زِلْنَا نَعرِفُهُ
بِالكَذِبِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَكَذَلِكَ رَوَى أَيُّوْبُ بنُ
إِسْحَاقَ بنِ سَافِرِيٍّ عَنِ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ
عَنْ يَزِيْدَ، وَجَاءَ عَنْ يَزِيْدَ خِلاَفُ هَذَا.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ اللَّيْثُ بنُ جَبْرَوَيه: سَمِعْتُ
يَحْيَى بنَ جَعْفَرٍ البِيْكَنْدِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ
يَجْتَمِعُ عِنْدَ عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ أَكْثَرُ مِنْ
ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَكَانَ يَجْلِسُ عَلَى سَطْحٍ
وَكَانَ لَهُ ثَلاَثَةُ مُسْتَمْلِيْنَ.
الزَّعْفَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ عَنْ
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: عَنْ
عَائِشَةَ مَرْفُوْعاً: "لاَ تُمْسِكُوا عَلَيَّ شَيْئاً
فَإِنِّي لاَ أُحِلُّ إلَّا مَا أَحَلَّ اللهُ، وَلاَ
أُحَرِّمُ إلَّا مَا حَرَّمَ فِي كِتَابِهِ"1.
مَحْمُوْدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ
بِهِ} [النساء: 123] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُوْلَ
اللهِ! نَزَلَتْ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ فَقَالَ: "رَحِمَك
الله.. " 2 الحَدِيْثَ. وَمَعْنَاهُ: تجزون به ببلايا
الدنيا.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "5/ 192" من طريق محمد
بن الحسن بن الصباح، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عَنْ
يَحْيَى بنِ سعيد، به. وهو ضعيف آفته علي بن عاصم.
2 صحيح لغيره: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "5/ 192" من طريق
مَحْمُوْدُ بنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ،
به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، آفته علي بن عاصم، فقد علمت ضعفه
كما ذكره المؤلف في ترجمته لكن يشهد له حديث أبي بكر
الصديق -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح
بعد هذه الآية: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ
أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}
[النساء: 123] ، وكل شيء عملنا جزينا به؟ فقال: "غفر الله
لك يا أبا بكر، ألست تمرض، ألست تحزن؟ ألست تصيبك
اللأواء"؟ قال: قلت: بلى قال: هو ما تجزون به". أخرجه أحمد
"1/ 11"، وابن جرير الطبري "10523-10527"، والمروزي في
"مسند أبي بكر" "111"، "112"، وأبو يعلى"98-101"، والحاكم
"3/ 74-75"، والبيهقي "3/ 373" من طرق عَنْ إِسْمَاعِيْلَ
بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بكر بن أبي زهير الثقفي، عن
أبي بكر الصديق، به.
قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين أبي بكر بن أبي زهير
الثقفي، وهو من صغار التابعين، وبين أبي بكر الصديق، كما
أنه مجهول لم يذكر بجرح ولا تعديل.
وللحديث شاهد آخر عن أبي هريرة قال: "لما نزلت: {مَنْ
يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِه} [النساء: 123] ، بلغت من
المسلمين مبلغا شديدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى
النكبة ينكبها أو الشوكة يشاكها". أخرجه مسلم "2574" من
طريق محمد بن قيس بن مخرمة، عن أبي هريرة، به.
(8/34)
عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبِي
عَنْ خَالِدٍ، وَهِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "صَلاَةُ المَغْرِبِ وِتْرُ النَّهَارِ،
فَأَوْتِرُوا صَلاَةَ اللَّيْلِ" 1.
سَاقَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَلِيٍّ
عِدَّةَ أَحَادِيْثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَالِمٍ البَاجُدَّائِيُّ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ القُدُّوْسِ بنُ عَبْدِ القَاهِرِ
البَاجُدَّائِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ عَنْ
حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم- يقول: "مَنْ أَكَلَ مِنَ الطِّيْنِ
وَقِيَّةً، فَقَدْ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الخِنْزِيْرِ
وَقِيَّةً وَلاَ يُبَالِي اللهُ عَلَى مَا مَاتَ
يَهُوْدِيّاً أَوْ نَصْرَانِياً". وَبِهِ: "مَنْ أَكَلَ
الطِّيْنَ، وَاغْتَسَلَ بِهِ فَقَدْ أَكَلَ لَحْمَ
أَبِيْهِ آدَمَ، وَاغْتَسَلَ بِدَمِهِ". ثُمَّ قَالَ ابْنُ
عَدِيٍّ: هَذَانِ بَاطِلاَنِ.
قُلْتُ: أَجْزِمُ بِأَنَّ عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ رَحِمَهُ
اللهُ مَا حَدَّثَ بِهِمَا فَقَدْ تَنَاكَدَ ابْنُ عَدِيٍّ
حَيْثُ أَوْرَدَهُمَا هُنَا، وَإِنَّمَا هُمَا
مَوْضُوعَانِ مِنَ البَاجُدَّائِيِّ قَبَّحَهُ الله.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ
مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ عَنْ حُمَيْدٍ
عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "مَنْ قَرَأَ يَس كُلَّ لَيْلَةٍ ابْتِغَاءَ
وجه الله غفر له"2.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "5/ 192" من طريق عاصم
بن علي بن عاصم، به.
وأخرجه أحمد "2/ 30، 41"، وابن أبي شيبة "2/ 282" من طريق
يزيد بن هارون، أخبرنا هشام عن محمد بن سيرين، عن ابن عمر،
به، وأخرجه عبد الرزاق "3/ 4675"، والنسائي في "الكبرى"،
"1382" من طريق هشام، به.
وأخرجه عبد الرزاق "3/ 4676"، والطبراني في "الأوسط" "965"
من طرق عن ابن سيرين، به، وأخرجه ابن أبي شيبة "2/ 282"،
والنسائي في "الكبرى" "1383" من طريق ابن سيرين، به.
2 باطل: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "5/ 193"، وفيه علتان:
الأولى: العلاء بن مسلمة، وهو ابن عثمان الرواس، مولى بني
تميم، متروك، ورماه ابن حبان بالوضع. الثانية: علي بن
عاصم، ضعيف ما ذكرنا سابقًا.
(8/35)
وَبِهِ: "خَلَقَ اللهُ الجَنَّةَ، وَغَرَسَ
أَشْجَارَهَا بِيَدِهِ، وَقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي
قَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُوْنَ"1.
قُلْتُ: وَهَذَانِ بَاطِلاَنِ ابْنُ عَاصِمٍ بَرِيْءٌ
مِنْهُمَا، وَالعَلاَءُ مُتَّهَمٌ بِالكَذِبِ.
مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ النَّشَائِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنساً يَقُوْلُ:
أَرَادَ أَبُو طَلْحَةَ أَنْ يُطَلِّقَ أُمَّ سُلَيْمٍ
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِنَّ طَلاَقَ أُمِّ سُلَيْمٍ حُوْبٌ"، فَكَفَّ. فَهَذَا
خَبَرٌ مُنْكَرٌ2، وَالنَّشَائِيُّ صَدُوْقٌ.
أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ الفَرَجِ الغَافِقِيُّ بِمِصْرَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ أَبَانٍ
حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزَّيَّاتُ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ خَالِدٍ الخَيَّاطُ حَدَّثَنَا
شعبة أخبرني عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ
عَنِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ فِي
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
دُعَابَةٌ3.
قُلْتُ: وَهَذَا مُنكَرٌ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ مُرْسَلاً.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلِعَلِيٍّ قَدْرُ ثَلاَثِيْنَ
حَدِيْثاً، لاَ يَروِيهَا غَيْرُهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، أَخْبَرَنَا
مُوْسَى بنُ عَبْدِ القادر، وعبد الله ابن زَيْدٍ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ
الدَّاوُوْدِيُّ أَخْبَرْنَا ابْنُ حَمُّوَيْه،
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خُزَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ
بنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عَنْ
يَحْيَى البَكَّاءِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يَقُوْلُ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ تُحْسَبُ
بِمِثْلِهِنَّ فِي صَلاَةِ السَّحَرِ، وَلَيْسَ مِنْ
شَيْءٍ إلَّا، وَهُوَ يُسَبِّحُ اللهَ فِي تِلْكَ
السَّاعَةِ". ثُمَّ قَرَأَ: {يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ
الْيَمِينِ وَالشَّمَائِل} الآيَةَ كُلَّهَا [النَّحْلُ:
48] .
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ4 عن عبد فوافقناه بعلو.
__________
1 باطل: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "5/ 193"، وفي العلتان
السابقتان العلاء بن مسلمة، وعلي بن عاصم.
2 منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "5/ 193".
3 منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "5/ 193".
4 ضعيف: أخرجه الترمذي "3128"، وقال: "هذا حديث غريب لا
نعرفه إلا من حديث علي بن عاصم".
قلت: وهذا تضعيف من الترمذي للحديث وذلك معروف من اصطلاحه:
"حديث غريب". وآفته علي بن عاصم، فإنه ضعيف كما قد ذكرنا
مرارا.
(8/36)
قَالَ بَحْشَلٌ فِي تَارِيْخِهِ:
حَدَّثَنَا تَمِيْمُ بنُ المُنْتَصِرِ قَالَ: وُلِدَ
عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: وُلِدَ
سَنَةَ تِسْعٍ وَمائَةٍ وَمَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى
سَنَةَ إِحْدَى وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً. زَادَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَشْهُرٍ
بواسط.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بنَ
عَلِيٍّ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ صَامَ
ثَمَانِيْنَ شَهْرَ رَمَضَانَ لَمْ يُفْطِرْ فِيْهَا
يَوْماً قَالَ: وَمَاتَ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً. وَشَذَّ: هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ
وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ
عَنْ مَوْلِدِهِ فَقَالَ: سَنَةَ خمس ومائة.
(8/37)
1386- عاصم بن
علي بن عاصم 1: "خَ، ت، ق"
حَافِظاً صَدُوْقاً مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ، وَأَبُو
دَاوُدَ.
وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ
لَقِيَ عِكْرِمَةَ بنَ عَمَّارٍ وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْ: عَاصِمِ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ،
وَعِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ
وَشُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ وَالقَاسِمِ بنِ الفَضْلِ
الحُدَّانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ المَسْعُوْدِيِّ،
وَأَبِيْهِ وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ
المُحَدِّثِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَحَنْبَلُ بنُ إسحاق،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، وَعَلِيُّ
بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
المَرْوَزِيُّ، وَخَلْقٌ.
حَدَّثَ بِبَغْدَادَ مُدَّةً وَتَكَاثَرُوا عَلَيْهِ،
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى وَاسِطَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 316"، والتاريخ الكبير "6/
ترجمة 3081"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 368"،
"2/ 475"، "3/ 280، 289"، والكنى للدولابي "1/ 149"
والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1361"، والجرح والتعديل
"6/ ترجمة 1920"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1384"،
وتاريخ بغداد "12/ 247"، والأنساب للسمعاني "1/ 128"،
والكاشف "2/ ترجمة 2532"، والمغني "1/ ترجمة 2988"، وتذكرة
الحفاظ "1/ ترجمة 397"، والعبر "1/ 232"، "2/ 63، 93،
112"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4058"، وتهذيب التهذيب
"4/ 94"، وتقريب التهذيب "1/ 384"، وخلاصة الخزرجي "2/
ترجمة 3236"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 48".
(8/37)
وَقَدْ جَرَحَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ،
وَالصَّوَابُ أَنَّهُ صَدُوْقٌ كَمَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ،
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
صَحِيْحُ الحَدِيْثِ قَلِيْلُ الغَلَطِ.
وَقَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: كَانَ
مَجْلِسُهُ يُحزَرُ بِبَغْدَادَ بِأَكْثَرَ مِنْ مائَةِ
أَلْفِ إِنْسَانٍ، وَكَانَ يَسْتَملِي عَلَيْهِ: هَارُوْنَ
الدِّيْكَ وَهَارُوْنَ مُكْحُلَةَ.
قَالَ عُمَرُ بنُ حَفْصٍ السَّدُوْسِيُّ: سَمِعْنَا مِنْ
عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، فَوَجَّهَ المُعْتَصِمُ مَنْ يَحزِرُ
مَجْلِسَهُ فِي رَحْبَةِ النَّخْلِ الَّتِي فِي جَامِعِ
الرُّصَافَةِ، وَكَانَ يَجْلِسُ عَلَى سَطْحٍ وَيَنتَشِرُ
النَّاسُ حَتَّى إِنِّيْ سَمِعتُهُ يَوْماً يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ وَيُسْتَعَادُ. فَأَعَادَ
أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَالنَّاسُ لاَ يَسْمَعُوْنَ،
وَكَانَ هَارُوْنُ المُسْتَملِي يَرْكَبُ نَخْلَةً
مُعْوَجَّةً يَسْتَملِي عَلَيْهَا فَبَلَغَ المُعْتَصِمَ
كَثْرَةُ الخَلْقِ، فَأَمَرَ بِحَزْرِهِم فَوَجَّهَ
بِقطَاعِي الغَنَمِ، فَحَزِرُوا المَجْلِسَ عِشْرِيْنَ
وَمائَةَ أَلْفٍ.
وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى، قَالَ: أَتَانِي آتٍ فِي
مَنَامِي فَقَالَ لِي: عَلَيْكَ بِمَجْلِسِ عَاصِمِ بنِ
عَلِيٍّ فَإِنَّهُ غَيْظٌ لأَهْلِ الكُفْرِ.
قُلْتُ: كَانَ عَاصِمٌ رَحِمَهُ اللهُ مِمَّنْ ذَبَّ عَنِ
الدين في المحنة، فروى الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ الدُّوْرِيُّ
أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ سُوَيْدٍ الطَّحَّانَ حَدَّثَهُ
قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَمَعَنَا
أَبُو عُبَيْدٍ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي اللَّيْثِ
وَجَمَاعَةٌ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يُضْرَبُ، فَجَعَلَ
عَاصِمٌ يَقُوْلُ: إلَّا رَجُلٌ يَقُوْمُ مَعِي فَنَأْتِيَ
هَذَا الرَّجُلَ، فَنُكَلِّمَهُ? قَالَ: فَمَا يُجِيْبُهُ
أَحَدٌ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي اللَّيْثِ: أَنَا أَقُومُ
مَعَكَ يَا أَبَا الحُسَيْنِ. فَقَالَ: يَا غُلاَمُ!
خُفِّي. فَقَالَ ابْنُ أَبِي اللَّيْثِ: يَا أَبَا
الحُسَيْنِ! أَبْلُغُ إِلَى بَنَاتِي فَأُوْصِيْهِم
فَظَنَنَّا أَنَّهُ ذَهَبَ يَتَكَفَّنُ، وَيَتَحَنَّطُ
ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: إِنِّيْ ذَهَبْتُ إِلَيْهِنَّ
فَبَكِيْنَ. قَالَ: وَجَاءَ كِتَابُ ابْنَتَيْ عَاصِمٍ
مِنْ وَاسِطَ: يَا أَبَانَا! إِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ
هَذَا الرَّجُلَ أَخَذَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَضَرَبَهُ
عَلَى أَنْ يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ فَاتَّقِ
اللهَ، وَلاَ تُجِبْهُ فَوَاللهِ لأَنْ يَأْتِيَنَا
نَعِيُّكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ يَأْتِيَنَا
أَنَّكَ أَجَبْتَ.
قُلْتُ: ذَكَرَ ابْنُ عَدِيٍّ لِعَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ
ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ تَفَرَّدَ بِهَا عَنْ شُعْبَةَ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لاَ أَعْلَمُ لَهُ شَيْئاً
مُنكَراً سِوَاهَا وَلَمْ أَرَ بِحَدِيْثِهِ بَأْساً.
قَالُوا: تُوُفِّيَ عَاصِمٌ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى
وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَسَمِعَ أَبُو دَاوُدَ مِنْهُ
أَحَادِيْثَ يَسِيْرَةً، وَتُوُفِّيَ عَاصِمٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ فِي سَنَةِ سِتَّ
عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ
البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ،
وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي
قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
(8/38)
البرقاني، حدثنا أبو بكر
الإِسْمَاعِيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ
سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ عَنِ الحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: جَاءَ
رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّيْ أَجْنَبْتُ، فَلَمْ
أَجِدِ المَاءَ. فَقَالَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ: أَمَا
تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَرِيَّةٍ عَلَى عَهْدِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَأَجنَبتُ، وَأَنْتَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ،
وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ،
وَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "إِنَّمَا كَانَ
يَكْفِيْكَ هَذَا". وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ
وَنَفَخَ فِيْهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ،
وَكَفَّيْهِ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ غندر والقطان عن شعبة1.
__________
1 صحيح: أخرجه الطيالسي "1/ 63"، وأحمد "4/ 265، 320"،
والبخاري "338-343" ومسلم "368" "112"، "113"، وأبو داود
"326"، والنسائي "1/ 169، 170"، وابن ماجه "569" وأبو
عوانة "1/ 306"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 112"،
والدارقطني "1/ 183"، وابن الجارود "125"، والبيهقي في
"السنن" "1/ 209، 216"، والبغوي "308" من طرق عن شعبة، به.
(8/39)
1387- محمد بن
بشر 1: "ع"
ابن الفرافصة بن المختار بن رديح الحَافِظُ الإِمَامُ
الثَّبْتُ أَبُو عَبْدِ اللهِ العَبْدِيُّ الكُوْفِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ المُعَدَّلِ الفَقِيْهُ: هُوَ ابْنُ
عَمِّنَا نَجْتَمِعُ نَحْنُ، وَهُوَ فِي المُخْتَارِ.
قُلْتُ: وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ
المَلِكِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ،
وَأَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي
خَالِدٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَعُبَيْدِ
اللهِ بنِ عُمَرَ، وَمُجَمِّعِ بنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ
بنِ عَمْرٍو، وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي عَمْرَةَ، وَحَجَّاجٍ
الصَّوَّافِ، وَحَجَّاجِ بنِ دِيْنَارٍ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَهَانِئ
بنِ هَانِئ الجُهَنِيِّ، وَابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ
وَشُعْبَةَ وَسُفْيَانَ، وَمِسْعَرٍ وَخَلْقٍ، وَيَنْزِلُ
إِلَى أَنْ يَرْوِيَ عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ سُلَيْمَانَ
الدَّارِمِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ رَفِيْقُهُ،
وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه،
وَأَبُو بكر
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 394"، والتاريخ الكبير "1/
ترجمة 87"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 195،
494"، "2/ 188، 220، 660"، "3/ 132، 201"، والجرح والتعديل
"7/ ترجمة 1167"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 302"، والكاشف
"3/ ترجمة 4814"، والعبر "1/ 341"، وجامع التحصيل للعلائي
"ترجمة 669"، وتهذيب التهذيب "9/ 73"، وتقريب التهذيب "2/
147"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6080"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "2/ 7".
(8/39)
ابن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَخُوْهُ عُثْمَانُ
وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ
الأَشَجُّ، وَهَارُوْنُ الحَمَّالُ وَأَحْمَدُ بنُ
الفُرَاتِ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى
الصُّوْفِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرُّهَاوِيُّ،
وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَاصِمٍ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا
دَاوُدَ عَنْ سَمَاعِ مُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ مِنِ ابْنِ
أَبِي عَرُوْبَةَ فَقَالَ: هُوَ أَحْفَظُ مَنْ كَانَ
بِالكُوْفَةِ.
الكُدَيْمِيُّ: عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: لَمَّا
خَرَجْنَا فِي جِنَازَةِ مِسْعَرٍ جَعَلْتُ أَتَطَاوَلُ
فِي المَشْيِ، فَقُلْتُ: يَجِيْئُوْنِي: فَيَسْأَلُوْنِي
عَنْ حَدِيْثِ مِسْعَرٍ. فَذَاكَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ
بِشْرٍ العَبْدِيُّ بِحَدِيْثِ مِسْعَرٍ، فَأَغرَبَ
عَلَيَّ سَبْعِيْنَ حَدِيْثاً لَمْ يَكُنْ عِنْدِي مِنْهَا
إلَّا حَدِيْثٌ وَاحِدٌ.
قَالَ البُخَارِيُّ، وغيره: مات سنة ثلاث ومائتين.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مَكْتُوْمٍ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي
مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو العِزِّ
بنُ عَسَاكِرَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ أَخْبَرَنَا
الدَّاوُوْدِيُّ أَخْبَرْنَا ابْنُ حَمُّوَيْه أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ خُزَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بنُ
حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ عَنْ هِشَامِ
بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
قِيْلَ لِعُمَرَ: أَلاَ تَسْتَخْلِفُ? قَالَ: إِنْ
أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنْ
أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي:
أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
مِنْ حديث هشام.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 43"، وعبد بن حميد "32" من طريق
محمد بن بشر، به، وأخرجه البخاري "7218"، ومسلم "1823"
"11"، وأبو يعلى "206" من طرق عن هشام بن عروة، به.
(8/40)
1388- عمر بن
هارون 1: "ت، ق"
ابن يزيد بن جابر بن سلمة الإِمَامُ، عَالِمُ خُرَاسَانَ
أَبُو حَفْصٍ الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُم، البَلْخِيُّ،
المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ ومائة وارتحل وصنف
وجمع.
وَحَدَّثَ عَنْ: سَلَمَةَ بنِ وَرْدَانَ، وَعِيْسَى بنِ
أَبِي عِيْسَى الحَنَّاطِ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ صِغَارِ
التَّابِعِيْنَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ وَلاَزمَهُ سَنَوَاتٍ
وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ
وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ
رَافِعٍ المَدَنِيِّ، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ،
وَصَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو وَعُثْمَانَ بنِ الأَسْوَدِ،
وَمَعْرُوْفِ بنِ خَرَّبُوْذَ، وَقُرَّةَ بنِ خَالِدٍ
وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ الأَيْلِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
أَبِي مَرْيَمَ، وَالأَوْزَاعِيِّ وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ
وَثَوْرِ بنِ يَزِيْدَ، وَحَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، وَتَلاَ
عَلَيْهِ وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَشُعْبَةَ
وَالثَّوْرِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: هِشَامُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيُّ،
وَعَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ
وَجُمْعَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَلْخِيُّ، وَعَمْرُو بنُ
رَافِعٍ القَزْوِيْنِيُّ وَمُحَمَّدُ بن أَبِي بَكْرٍ
المُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ وَهَنَّادُ بنُ
السَّرِيِّ، وَقُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ وَأَبُو طَاهِرٍ
بنُ السَّرْحِ، وَسُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ وَأَبُو سَعِيْدٍ
الأَشَجُّ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ
وَأَحْمَدُ بنُ نَاصِحٍ المَصِّيْصِيُّ، وَالجَارُوْدُ بنُ
مُعَاذٍ البَلْخِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ المَصَاحِفِيُّ
البَلْخِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ سَلْمٍ وَعَلِيُّ بنُ
الحَسَنِ الذُّهْلِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. إلَّا أَنَّهُ
عَلَى سَعَةِ عِلْمِهِ سَيِّئُ الحِفْظِ، فَلَمْ يَرْوِهِ
حُجَّةً وَلاَ عُمدَةً.
قَالَ البُخَارِيُّ: تَكَلَّمَ فِيْهِ يَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ
كَثِيْراً، وَتَرَكُوا حَدِيْثَهُ.
رَوَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ، عَنْ أَبِي
غَسَّانَ زُنَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بنُ هَارُوْنَ:
أَلْقَيْتُ مِنْ حَدِيْثِي سَبْعِيْنَ أَلْفاً: لأَبِي
جُزْءٍ عِشْرِيْنَ أَلْفاً، وَلِعُثْمَانَ البُرِّيِّ
كَذَا، وَكَذَا. فَقَالَ: يَا أَبَا غَسَّانَ! مَا كَانَ
حَالُهُ? قَالَ: قَالَ بَهْزٌ: أرى يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ
حَسَدَهُ فَقَالَ: أَكْثَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. مَنْ
لَزِمَ رَجُلاً اثْنَيْ عَشَرَ سَنَةً، لاَ يُرِيْدُ أَنْ
يُكْثِرَ عَنْهُ! قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ أُمَّهُ
كَانَتْ تُعِيْنُهُ عَلَى الكِتَابِ.
قُلْتُ: مَا أَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ هَذَا
إلَّا أَنْ يَكُوْنَ نَحْوَ سَنَةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَذَكَرَ مُسْلِمُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ البَلْخِيُّ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ تَزَوَّجَ
أُمَّ عُمَرَ بنَ هَارُوْنَ فَمِنْ هُنَالِكَ أَكْثَرَ
السَّمَاعَ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُقَالُ: إِنَّهُ لَقِيَ ابْنَ
جُرَيْجٍ، وَكَانَ حَسَنَ الوَجْهِ فَسَأَلَهُ ابْنُ
جُرَيْجٍ: أَلَكَ أُخْتٌ? قَالَ: نَعَمْ فَتَزَوَّجَ
بِأُخْتِهِ فَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا الحُسْنَ يَكُوْنُ فِي
أُخْتِهِ كَمَا هُوَ فِي أَخِيْهَا.
فَتَفَرَّدَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَرَوَى عَنْهُ
أَشْيَاءَ لَمْ يَرْوِهَا غَيْرُه.
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ زَنْجَلٍ:
سَمِعْتُ صَاحِباً لَنَا يُقَالُ لَهُ: بُوْرُ بنُ
الفَضْلِ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ ذَكَرَ عُمَرَ بنَ
هَارُوْنَ، فَقَالَ: كَانَ عِنْدَنَا أَحْسَنَ أَخْذاً
مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 374"، والضعفاء والمتروكين
للنسائي "ترجمة 475" والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة
1192"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 765"، والمجروحين لابن
حبان "2/ 90"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1201"، وتاريخ
بغداد "11/ 187"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 323"، والكاشف
"2/ ترجمة 4184"، والمغني "2/ ترجمة 4568"، والعبر "1/
316" وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6237"، وتهذيب التهذيب "7/
501"، وتقريب التهذيب "2/ 64"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
5242".
(8/41)
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ: كَانَ
كَثِيْرَ السَّمَاعِ. رَوَى عَنْهُ: عَفَّانُ وَقُتَيْبَةُ
وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَيُقَالُ: إِنَّ مُرْجِئَةَ بَلْخَ كَانُوا يَقَعُوْنَ
فِيْهِ، وَكَانَ أَبُو رَجَاءٍ يَعْنِي: قُتَيْبَة
يُطْرِيهِ، وَيُوَثِّقُهُ.
وَذُكِرَ عَنْ وَكِيْعٍ أَنَّهُ قَالَ: عُمَرُ بنُ
هَارُوْنَ مر بنا، وبات عندنا وكان يُزَنُّ بِالحِفْظِ،
وَسَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُوْلُ: كَانَ عُمَرُ بنُ
هَارُوْنَ شَدِيْداً عَلَى المُرْجِئَةِ وَيَذكُرُ
مَسَاوِئَهُم وَبَلاَيَاهُم، فَكَانَتْ بَيْنَهُم
عَدَاوَةٌ لِذَلِكَ. قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ
النَّاسِ بِالقِرَاءاتِ وَكَانَ القُرَّاءُ يَقْرَؤُونَ
عَلَيْهِ وَيَخْتَلِفُوْنَ إِلَيْهِ فِي حُرُوْفِ
القُرْآنِ، وَسَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُوْلُ: سَأَلْتُ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ فَقُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ
بنَ هَارُوْنَ قَدْ أَكْثَرْنَا عَنْهُ، وَبَلَغَنَا
أَنَّكَ تَذْكُرُهُ. قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مَا قُلْتُ
فِيْهِ إلَّا خَيْراً. قُلْتُ: بَلَغَنَا أَنَّكَ قُلْتَ:
رَوَى عَنْ فُلاَنٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ? قَالَ: يَا
سُبْحَانَ اللهِ! مَا قُلْتُ أَنَا ذَا قَطُّ وَلَوْ رَوَى
مَا كَانَ عِنْدَنَا بِمُتَّهَمٍ.
عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الهِسِنْجَانِيُّ: عَنْ يَحْيَى بنِ
المُغِيْرَةِ الرَّازِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ
المُبَارَكِ يَغْمِزُ عُمَرَ بنَ هَارُوْنَ فِي سَمَاعِه
مِنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ عُمَرُ يَرْوِي
عَنْهُ نَحْوَ سِتِّيْنَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ
يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: عُمَرُ بنُ هَارُوْنَ
كَذَّابٌ، قَدِمَ مَكَّةَ وَقَدْ مَاتَ جَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ فَحَدَّثَ عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ
المُبَارَكِ فَذَهَبَ حَدِيْثُهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُلْتُ
لأَبِي: إِنَّ أَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ حَدَّثَنَا عَنْ
عُمَرَ بنِ هَارُوْنَ، فَقَالَ: هُوَ ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ
بَخَسَهُ ابْنُ المُبَارَكِ بَخْسَةً فَقَالَ: يَرْوِي
عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ قَدِمْتُ قَبْلَ
قُدُوْمِهِ، فَكَانَ جَعْفَرٌ قَدْ تُوُفِّيَ.
قُلْتُ: هَذَا مُنْقَطِعٌ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ وَلاَ
يَصِحُّ فَقَدْ قَدِمَ ابْنُ المُبَارَكِ، وَحَجَّ قَبْلَ
مَوْتِ جَعْفَرٍ بِسَنَوَاتٍ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا
البَلْخِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قُلْتُ لِجَرِيْرٍ:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ هَارُوْنَ عَنِ القَاسِمِ بنِ
مَبْرُوْرٍ قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيْلُ عَلَى النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "إِنَّ
كَاتِبَكَ هَذَا أَمِيْنٌ"1. يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ فَقَالَ
لِي جَرِيْرٌ: اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: كَذَبْتَ.
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عَنْ
عُمَرَ بنِ هَارُوْنَ فَقَالَ: مَا أَقدِرُ أَنْ
أَتَعَلَّقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيْثاً
كَثِيْراً. فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ كَانَتْ لَهُ قِصَّةٌ مَعَ
ابْنِ مَهْدِيٍّ. قَالَ: بلغني أنه كان
__________
1 باطل: أخرجه الطبراني في "الأوسط" وفي إسناده مجاهيل.
وقال في "الميزان": باطل. وقال ابن عدي: باطل.
(8/42)
يَحْمِلُ عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو
جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ مَنْ يَحكِي عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ:
أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِم عُمَرُ بنُ هَارُوْنَ
البَصْرَةَ، وَهُوَ شَابٌّ، فَذَاكَرَهُ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ فَكَتَبَ عَنْهُ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ:
مِنْهَا حَدِيْثٌ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي عَمْرٍو
السَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ
الحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو فِي شُرْبِ
العَصِيْرِ، وَمِنْهَا: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ
فِي الحَفَّارِ يَنْسَى الفَأْسَ فِي القَبْرِ، وَحَدِيْثٌ
آخَرُ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ زَمَانٍ، قَدِمَ فَأَتَى
رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: إِنَّكَ كَتَبْتَ عَنْ
هَذَا أَشْيَاءَ فَأَعْطَاهُ الرُّقعَةَ فَذَهَبَ
إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيْثِ يَحْيَى بنِ أَبِي
عَمْرٍو، فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئاً إِنَّمَا
كَانَ هَذَا في الحداثة. وسأله عن حديث عَبْدِ المَلِكِ
فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إِنَّمَا حَدَّثَنِيْهِ
فُلاَنٌ، عَنْهُ فَأَتَى الرَّجُلُ ابْنَ مَهْدِيٍّ
فَأَخْبَرَهُ فَنَالَ مِنْهُ، وَتَكَلَّمَ. فَقَالَ أَبُو
عَبْدِ اللهِ: كَانَ أَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُنَا عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ.
وَرَوَى عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ قِيْلَ لَهُ: فَتَرْوِي
عَنْهُ? فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ رَوَيتُ عَنْهُ شَيْئاً.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ:
عُمَرُ بنُ هَارُوْنَ لاَ أَرْوِي عَنْهُ، وَقَدْ
أَكْثَرتُ عَنْهُ، وَلَكِنْ كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ
يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيْمَةٌ عِنْدِي، وَبَلَغَنِي
أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي بِأَحَادِيْثَ، فَلَمَّا قَدِمَ
مَرَّةً أُخْرَى، حَدَّثَنِي بِهَا عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
عَيَّاشٍ، عَنْ أُوْلِئَكَ فَتَرَكْتُ حَدِيْثَهُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ: وَجَدتُ
بِخَطِّ جَدِّي: قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا: عُمَرُ بنُ
هَارُوْنَ البَلْخِيُّ: كَذَّابٌ خَبِيثٌ لَيْسَ
حَدِيْثُهُ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبتُ عَنْهُ، وَبِتُّ عَلَى
بَابِهِ بِبَابِ الكُوْفَةِ، وَذَهَبْنَا مَعَهُ إِلَى
النَّهْرَوَانِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَنَا أَمرُهُ بَعْدَ
ذَلِكَ، فَحَرَّقْتُ حَدِيْثَهُ كُلَّهُ مَا عِنْدِي
عَنْهُ كَلِمَةٌ إلَّا أَحَادِيْثُ عَلَى ظَهْرِ دَفْتَرٍ
خَرَّقْتُها كُلَّهَا. قُلْتُ لأَبِي زَكَرِيَّا: مَا
تَبَيَّنَ لَكُم مِنْ أَمرِهِ? قَالَ: قَالَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ وَلَمْ أَسْمَعْه مِنْهُ،
وَلَكِنَّ هَذَا مَشْهُوْرٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا فَحَدَّثَنَا عَنْ جَعْفَرِ بنِ
مُحَمَّدٍ فَنَظَرْنَا إِلَى مَوْلِدِهِ، وَإِلَى
خُرُوْجِه إِلَى مَكَّةَ فَإِذَا جَعْفَرٌ قَدْ مَاتَ
قَبْلَ خُرُوْجِهِ.
وَرَوَى عَبَّاسٌ وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ عَنْ يَحْيَى:
لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَرَوَى ابْنُ مُحْرِزٍ وَالغَلاَبِيُّ عن يحيى: ليس بثقة.
وعن يحيى أَيْضاً: ضَعِيْفٌ. وَعَنْهُ: كَانَ يَكْذِبُ.
وَسُئِلَ عَنْهُ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ فَضَعَّفَهُ
جِدّاً.
وَقَالَ أَبُو زرعة: سمعت إبراهيم بن موسى وقيل لَهُ: لِمَ
لاَ تُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ بنِ هَارُوْنَ? فَقَالَ:
النَّاسُ تَرَكُوا حَدِيْثَهُ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى قَالَ: كَتَبتُ عَنْهُ
حُزْمَةً، وَلاَ أُحَدِّثُ عَنْهُ بِشَيْءٍ.
(8/43)
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ:
لَمْ يَقنَعِ النَّاسُ بِحَدِيْثِهِ وَقَالَ صَالِحٌ
جَزَرَةُ وَالنَّسَائِيُّ: مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ وَقَالَ
زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: فِيْهِ ضَعْفٌ وَقَالَ أَبُو
عَلِيٍّ الحَافِظُ: مَتْرُوْكٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:
ضَعِيْفٌ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: لاَ شَيْءَ حَدَّثَ عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ وَالأَوْزَاعِيِّ، وَشُعْبَةَ
بِالمَنَاكِيْرِ.
وَقَالَ أَبُو عِيْسَى فِي جَامِعِهِ: سَمِعْتُ مُحَمَّداً
يَقُوْلُ: مُقَارَبُ الحَدِيْثِ لاَ أَعْرِفُ لَهُ
حَدِيْثاً لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ إلَّا هَذَا. رَوَاهُ:
التِّرْمِذِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو
بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ: كَانَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْخُذُ
مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَمِنْ طُوْلِهَا1. قَالَ
التِّرْمِذِيُّ: لاَ نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيْثِ
عُمَرَ، وَرَأَيْتُ مُحَمَّداً حَسَنَ الرَّأْيِ فِيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ مِمَّنْ
يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ المُعْضِلاَتِ، وَيَدَّعِي
شُيُوْخاً لَمْ يَرَهُم. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ
حَسَنَ الرَّأْيِ فِيْهِ. قُلْتُ: هَذِهِ رِوَايَةُ
قُتَيْبَةَ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ وَقَدْ رَوَى غَيْرُ
وَاحِدٍ عَنْهُ أَنَّهُ اتَّهَمَهُ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو
السَّوِيْقِيُّ: شَهِدتُ عُمَرَ بنَ هَارُوْنَ
بِبَغْدَادَ، وَهُوَ يُحَدِّثُهُم فَسُئِلَ عَنْ حَدِيْثٍ
لابْنِ جُرَيْجٍ رَوَاهُ عَنْهُ الثَّوْرِيُّ، لَمْ
يُشَارَكْ فِيْهِ فَحَدَّثَهُم بِهِ فَرَأَيتُهُم
مَزَّقُوا عَلَيْهِ الكُتُبَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ:
كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَفَضْلٍ وَسَخَاءٍ وَكَانَ أَهْلُ
بَلَدِهِ يُبْغِضُونَهُ لِتَعَصُّبِهِ فِي السُّنَّةِ،
وَذَبِّهِ عَنْهَا وَلَكِنْ كَانَ شَأْنُهُ فِي الحَدِيْثِ
مَا وَصَفْتُ، وَالمَنَاكِيْرُ فِي حَدِيْثِهِ تَدُلُّ
عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فِيْهِ.
قَالَ: وَقَدْ حَسَّنَ القَوْلَ فِيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ
شُيُوْخِنَا، كَانَ يَصِلُهُم فِي كُلِّ سَنَةٍ بِصِلاَتٍ
كَبِيْرَةٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالثِّيَابِ وَيَبْعَثُهَا
إِلَيْهِم مِنْ بَلْخَ إِلَى بَغْدَادَ فِي كُلِّ سَنَةٍ.
وَقَدْ رَوَى عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي
كَثِيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْتَادُ لِبَوْلِهِ كَمَا يَرْتَادُ
أحدكم لصلاته2.
__________
1 موضوع: أخرجه الترمذي "2762"، والعقيلي في "الضعفاء
الكبير" "3/ 195" من طريق هناد بن السري قال: حدثنا عمر بن
هارون، عن أسامة بن زيد، به.
قلت: إسناده موضوع، آفته عمر بن هارون، ترك الناس حديثه
كما علمت من ترجمتة المؤلف له.
2 ضعيف: أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "2/ 91" من طريق
حامد بن يحيى البلخي، حدثنا عمر بن هارون، به.
قلت: إسناده تالف موضوع، آفته عمر بن هارون، وقد علمت حاله
من هذه الترجمة. وقد ذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمته في
"الميزان"، وعده من جملة منكراته.
وورد عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا بلفظ: "إذا أراد أحدكم
أن يبول فَلْيَرْتَدْ لبوله موضعا".
أخرجه أبو داود "3"، والبيهقي "1/ 92، 94"، وفيه الشيخ
المبهم، فالإسناد ضعيف.
(8/44)
قُلْتُ: مِمَّنْ قَوَّى أَمرَهُ ابْنُ
خُزَيْمَةَ، فَرَوَى له في المختصر حديثًا في البسملة1.
وقال عَلِيُّ بنُ الفَضْلِ بنِ طَاهِرٍ البَلْخِيُّ: مَاتَ
عُمَرُ بِبَلْخَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، أَوَّلَ رَمَضَانَ
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ
سِتٍّ وَسِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَانَ يَخْضِبُ هَكَذَا
أَخْبَرَنِي: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
السُّلَمِيِّ. ثُمَّ قَالَ: وَرَأَيْتُ فِي كِتَابٍ
أَنَّهُ عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ
الكَرِيْمِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الأَنْصَارِيُّ سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بَاسَوَيْه
المُقْرِئُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُسْلِمٍ
الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ
الكَرْخِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مَسْعَدَةَ
أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا بُهْلُوْلُ بنُ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَاتِمٍ الطَّوِيْلُ،
حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ هَارُوْنَ عَنْ ثور، عن يزيد بن
شريح عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ عَنِ النَّوَّاسِ بنِ
سَمْعَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ
أَخَاكَ حَدِيْثاً هُوَ لَكَ مُصَدِّقٌ، وَأَنْتَ لَهُ
كَاذِبٌ"2. يزيد: وثق.
__________
1 منكر: أخرجه ابن خزيمة "493"، والحاكم "1/ 232" من طريق
خالد بن خداش أخبرنا عمر بن هارون، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قرأ في الصلاة بسم
الله الرحمن الرحيم فعدها آية، والحمد لله رب العالمين،
آيتين، وإياك نستعين، وجمع خمس أصابعه".
قلت: إسناده واه بمره، فإن عمر بن هارون ترك الناس حديثه
كما علمت من ترجمة المؤلف له.
وهذا الحديث يخالف الحديث الصحيح الثابت الذي رواه مسلم
"399" بإسناده عن أنس قال: صليت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فلم أسمع أحدا منهم
يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم".
يقول محمد أيمن الشبراوي: فعل هذا فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبا بكر، عمر، وعثمان
كانوا يسرون بقراءة البسملة ولا يجهرون بها، فثبت بذلك
نكارة حديث الجهر بالبسملة والله تعالى أعلى وأعلم.
2 ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 183" من طريق عمر بن هارون، به.
وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته عمر بن هارون هذا. فإنه متروك.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "393"، وأبو داود "4971"
حدثنا حيوة بن شريح الحضرمي إمام مسجد حمص، حدثنا بقية بن
الوليد، عن ضبارة بن مالك الحضرمي، عن أبيه، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عن أبيه، عن سفيان
بن أسيد الحضرمي قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل: الأولى: بقية بن الوليد،
مدلس، يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه. العلة الثانية:
ضبارة بن عبد الله بن مالك بن أبي السليك الحضرمي أبو شريح
الحمصي، مجهول كا قال الحافظ في "التقريب". العلة الثالثة:
مالك بن أبي السليك الحضرمي، مجهول كما قال الحافظ في
"التقريب".
(8/45)
قَرَأْتُ عَلَى عِيْسَى بنِ يَحْيَى،
أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ سَنَدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الحَافِظُ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ الهَيْثَمِ الوَاعِظُ سَنَةَ سَبْعَ
عَشْرَةَ، وَأَرْبَعِ مائَةٍ حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ
الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بنُ هَارُوْنَ،
حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ هَارُوْنَ البَلْخِيُّ حَدَّثَنَا
ثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ مَكْحُوْلٍ عَنِ النَّوَّاسِ
بنِ سَمْعَانَ الكِلاَبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ
لأُمَّتِي فِي بُكُوْرِهَا" 1.
__________
1 صحيح بطرقة: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته عمر بن هارون
فإنه متروك كما علمت. وقد ورد من طريق صخر الغامدي، وابن
عمر، وأبي هريرة، وجابر، وابن عباس، وأبي بكرة -رضي الله
عنهم أجمعين- أما حديث صخر الغامدي: فهو عند أحمد "3/ 147،
431"، "4/ 390"، وابن أبي شيبة "12/ 516"، وسعيد بن منصور
"2382"، وأبي داود "2606"، والترمذي "1212"، وابن ماجه
"2236"، وإسناده ضعيف، فيه عمارة بن حديد، فإنه مجهول قال
أبو زرعة: لا يعرف. وقال أبو حاتم: مجهول. وأما حديث ابن
عمر -رضي الله عنهما: فهو عند ابن ماجه "2238"، والطبراني
"13390"، وإسنادهما ضعيف.
وأما حديث أبي هريرة -رضي الله عنهما-: فهو عند ابن ماجه
"2237"، وهو ضعيف.
وأما حديث جابر -رضي الله عنه-: فأخرجه الطبراني في
"الأوسط" "996".
وأما حديث ابن عباس -رضي الله عنهما: فهو عند الطبراني
"12966".
وأما حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-: فهو عند الطبراني في
"الأوسط" "2975".
كما روي عن كعب بن مالك: عند الطبراني في "الكبير" "19/
156".
وعن ابن مسعود: عند الطبراني في "الكبير" "10490".
(8/46)
1389- أبو
أسامة:
2 "ع".
حماد بن أسامة بن زيد، الكوفي الحَافِظُ، الثَّبْتُ
مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَيُقَالُ: وَلاَؤُهُ لِزَيْدِ بنِ
عَلِيٍّ. وَقِيْلَ: بَلْ مَوْلَى الحَسَنِ بن سعد مولى
الحسن بن علي.
__________
1 صحيح بطرقة: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته عمر بن هارون
فإنه متروك كما علمت. وقد ورد من طريق صخر الغامدي، وابن
عمر، وأبي هريرة، وجابر، وابن عباس، وأبي بكرة -رضي الله
عنهم أجمعين- أما حديث صخر الغامدي: فهو عند أحمد "3/ 147،
431"، "4/ 390"، وابن أبي شيبة "12/ 516"، وسعيد بن منصور
"2382"، وأبي داود "2606"، والترمذي "1212"، وابن ماجه
"2236"، وإسناده ضعيف، فيه عمارة بن حديد، فإنه مجهول قال
أبو زرعة: لا يعرف. وقال أبو حاتم: مجهول. وأما حديث ابن
عمر -رضي الله عنهما: فهو عند ابن ماجه "2238"، والطبراني
"13390"، وإسنادهما ضعيف.
وأما حديث أبي هريرة -رضي الله عنهما-: فهو عند ابن ماجه
"2237"، وهو ضعيف.
وأما حديث جابر -رضي الله عنه-: فأخرجه الطبراني في
"الأوسط" "996".
وأما حديث ابن عباس -رضي الله عنهما: فهو عند الطبراني
"12966".
وأما حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-: فهو عند الطبراني في
"الأوسط" "2975".
كما روي عن كعب بن مالك: عند الطبراني في "الكبير" "19/
156".
وعن ابن مسعود: عند الطبراني في "الكبير" "10490".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 394"، والتاريخ الكبير "3/
ترجمة 113"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 63، 188،
220"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 600"، وتذكرة الحفاظ "1/
ترجمة رقم 301"، والعبر "1/ 335"،، وميزان الاعتدال "1/
ترجمة 2235"، والكاشف "1/ ترجمة 1221"، وتهذيب التهذيب "3/
2"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1589"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "2/ 2".
(8/46)
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ
وَمائَةٍ. |