سير أعلام
النبلاء، ط الحديث الطبقة الثالثة عشر:
1936- دُحَيْم 1: "خَ، د، س، ق"
القَاضِي, الإِمَامُ, الفَقِيْهُ, الحَافِظُ, مُحَدِّثُ
الشَّامِ, أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الدِّمَشْقِيُّ,
قَاضِي مَدِيْنَةِ طَبَرِيَّةَ؛ قَاعِدَةِ الأُرْدُنِّ،
وَأَمَّا اليَوْمُ, فَأُمُّ الأُرْدُنِّ بَلَدُ صَفَدَ.
وُلِدَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ قَالَهُ
ابْنُه عَمْرٌو.
حَدَّثَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَمَرْوَانَ بنِ
مُعَاوِيَةَ، والوليد بن مسلم، وسويد بن عبد العزيز،
وَإِسْحَاقَ بنِ يُوْسُفَ الأَزْرَقِ، وَمُحَمَّدِ بنِ
شُعَيْبٍ، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَشُعَيْبِ بنِ
إِسْحَاقَ، وَأَبِي ضَمْرَةَ أَنَسِ بنِ عِيَاضٍ،
وَعَمْرِو بنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبِي مُسْهِرٍ، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ بِالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ،
وَالكُوْفَةِ، وَالبَصْرَةِ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ،
وَفَاقَ الأَقْرَانَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَجَرَّحَ،
وَعَدَّلَ، وَصَحَّحَ، وعلل.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ
الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ
الرَّازِيَانِ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ،
وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى، وَوَلَدَاهُ؛ عَمْرٌو
وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنَا دُحَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَيُّوْبَ،
وَالِدُ الطَّبَرَانِيِّ، وَزَكَرِيَّا خَيَّاطُ
السُّنَّةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ العُقَيْلِيُّ،
وَابْنُ قُتَيْبَةَ العَسْقَلاَنِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
عَتَّابٍ الزِّفْتِيُّ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ مَامُوَيْه، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ يُعْرَفُ بِدُحَيْمٍ
اليَتِيْمِ فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَانَ دُحَيْمٌ
يُمَيِّزُ، وَيَضْبِطُ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: وَلِيَ دُحَيْمٌ
قَضَاءَ الرَّمْلَةِ زَمَاناً.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ يحيى الذهلي، والحسن بن شبيب
المعمري.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 827"، والجرح
والتعديل "5/ ترجمة 999"، وتاريخ بغداد "10/ 265"،
والأنساب للسمعاني "5/ 285"، والكاشف "2/ ترجمة 3172"،
والعبر "1/ 445"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 494"، وتهذيب
التهذيب "6/ 131"، وتقريب التهذيب "1/ 471"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 4016"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "2/ 108".
(9/405)
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ
بِبَغْدَادَ قَدِيْماً, فَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهلِهَا:
الحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ, وَالرَّمَادِيُّ، وَحَنْبَلٌ,
وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ،
وَكَانَ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ الأَوْزَاعِيِّ.
قَالَ عَبْدَانُ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَلِيِّ بنِ
بَحْرٍ يَقُوْلُ: قَدِمَ دُحَيْمٌ بَغْدَادَ سَنَةَ
اثْنَتَي عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ, فَرَأَيْتُ أَبِي
وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ, وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ,
وَخَلَفَ بنَ سَالِمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالصِّبْيَانِ
قُعُوداً.
قُلْتُ: هَؤُلاَءِ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَلَكِنْ أَكرَمُوهُ
لِكَوْنِهِ قَادِماً, وَاحْتَرَمُوهُ لِحِفظِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: دُحَيْمٌ ثِقَةٌ كَانَ
يَخْتلِفُ إِلَى بَغْدَادَ فَذَكَرُوا الفِئَةَ
البَاغِيَةَ هُم أَهْلُ الشَّامِ, فَقَالَ: مَنْ قَالَ
هَذَا, فَهُوَ بن الفَاعِلَةِ. فَنَكَّبَ عَنْهُ النَّاسُ
ثُمَّ سَمِعُوا مِنْهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ هَفْوَةٌ مِنْ نَصْبٍ، أَوْ لَعَلَّهُ
قَصَدَ الكَفَّ عَنِ التَّشغِيْبِ بِتَشْعِيْثٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ
يَقُوْلُ: دُحَيْمٌ: حُجَّةٌ, لَمْ يَكُنْ بِدِمَشْقَ فِي
زَمَانِهِ مِثْلُهُ.
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ
يُثْنِي عَلَى دُحَيْمٍ, وَيَقُوْلُ: هُوَ عَاقِلٌ,
رَكِينٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: هُوَ أَوْثَقُ مِنْ
حَرْمَلَةَ.
قُلْتُ: وَمِنْ رِفَاقِهِ: سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ, وَسُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ،
وَهِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ
العَسْقَلاَنِيُّ.
وَيَقَعُ لِي مِنْ عَالِي حَدِيْثِه فِي "صِفَةِ
المُنَافِقِ".
ذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الكِنْدِيُّ: أَنَّ كِتَابَ
المُتَوَكِّلِ وَرَدَ عَلَى دُحَيْمٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ مَوْلَى يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ,
وَهُوَ عَلَى قَضَاءِ فِلَسْطِيْنَ, يَأْمُرُهُ
بِالانْصِرَافِ إِلَى مِصْرَ لِيَلِيَهَا, فَتُوُفِّيَ
بِفِلَسْطِيْنَ فِي يَوْمِ الأَحَدِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ
سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَكَذَا
أَرَّخَ وَفَاتَهُ: ابْنُهُ؛ عَمْرُو بنُ دُحَيْمٍ,
وَجَمَاعَةٌ.
وَقَدْ كَانَ المُتَوَكِّلُ لَمَّا سَكَنَ بِدِمَشْقَ
بَعْد عَامِ أَرْبَعِيْنَ، وَمائَتَيْنِ, وَأَنْشَأَ
القَصْرَ المَشْهُوْرُ بَيْنَ المِزَّةِ، وَدَارَيَّا
وَسَكَنَه, عَرَفَ بِفَضِيْلَةِ دُحَيْمٍ وَمَعْرِفَتِه
بِالسُّنَنِ, فَأَمَرَ بِتَولِيَتِهِ قَضَاءَ الدِّيَارِ
المِصْرِيَّةِ, فَحَانَ الأَجَلُ. مَاتَ فِي سَابِعَ
عَشَرَ رَمَضَانَ.
كَتَبَ إليَّ يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ بِبَغْدَادَ،
أَخْبَرَنَا محمد بن
(9/406)
عَبْدِ المَلِكِ المُقْرِئُ -مُؤَلِّفُ
"المِفْتَاحِ"- وَيَحْيَى بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ الخَالِقِ
بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ, وَأَبُو غَالِبٍ بن البناء،
وَأَخْبَرَنَا المِقْدَادُ بنُ هِبَةِ اللهِ القَيْسِيُّ،
أَخْبَرَنَا سعيد بن محمد بن الرزاز، وَأَخْبَرَنَا
المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ
بنُ عَلِيٍّ الزَّاهِدُ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بنُ
مُلاَعِبٍ, قالا: أخبرنا أبو الفضل الأرموي، وَأَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ, أَخْبَرَتْنَا
نِعْمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي؛ يَحْيَى بنُ
الطراح, وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ
الأَبَرْقُوْهِيُّ, أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ
السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ
يُوْسُفَ الأُرْمَوِيُّ, وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ,
قَالُوا سبْعَتُهُم: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ
اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثمانين
وثلاثمائة، حَدَّثَنَا أَبوْ بَكْرٍ جَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ الحَافِظُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، وَالوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ
الدِّمَشْقِيَّانِ, قَالاَ: حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ
مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ هُوَ بن عَبْدِ العَزِيْزِ,
وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ
بنِ عُبَيْدِ اللهِ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللهِ
الأَشْعَرِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعَ أَبَا الدَّرْدَاءِ
يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لَيَكْفُرَنَّ أَقْوَامٌ بَعْدَ
إِيْمَانِهِمْ". فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ,
فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! بَلَغَنِي أَنَّكَ
قُلْتَ: "لَيَكْفُرَنَّ أَقْوَامٌ بَعْدَ إِيْمَانِهِمْ"؟
قَالَ: "نَعَمْ, ولستَ مِنْهُمْ"1.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ،
حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا
الأَوْزَاعِيُّ, سَمِعْتُ بِلاَلَ بنَ سَعْدٍ يَقُوْلُ:
لاَ تَكُنْ وَلِيّاً للهِ فِي العَلاَنِيَّةِ وَعَدُوَّهُ
فِي السر.
__________
1 إسناده صحيح: ذكره الفريابي في "صفة النفاق وذم
المنافقين" "19".
(9/407)
1937- دِعْبل 1:
ابن علي, شَاعِرُ زَمَانِهِ, أَبُو عَلِيٍّ الخُزَاعِيُّ.
لَهُ "دِيْوَانٌ" مَشْهُوْرٌ، وَكِتَابُ "طَبَقَاتِ
الشُّعَرَاءِ". وَكَانَ مِنْ غُلاَةِ الشِّيْعَةِ, وَلَهُ
هَجوٌ مُقْذِعٌ.
رَأَى مَالِكاً الإِمَامَ. يَرْوِي عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ
مُوْسَى البَرْبَرِيُّ, وَغَيْرُهُ.
بَلَغَتْ جَوَائِزُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ لَهُ
ثلاثمائة أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقِيْلَ: كَانَ أَحدَبَ
أَصَمَّ.
وَقِيْلَ: هَجَا المَأْمُوْنَ وَالكِبَارَ, وَكَانَ
خَبِيْثَ اللِّسَانِ، وَالنَّفْسِ حَتَّى إِنَّهُ هَجَا
قَبِيْلَتَهُ خُزَاعَةَ.
وَيُقَالُ: هَجَا مَالِكَ بنَ طَوْقٍ, فَدَسَّ عَلَيْهِ
مَنْ طَعَنَهُ فِي قَدَمِهِ بِحَرْبَةٍ مَسْمُومَةٍ,
فَمَاتَ مِنَ الغَدِ, سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
يُقَالُ: لاَمَهُ صَاحِبٌ لَهُ فِي هِجَاء الخُلَفَاءِ,
فَقَالَ: دَعْنِي مِنْ فُضُوْلِكَ, أَنَا -وَاللهِ-
أَسْتَصْلِبُ مُذْ سَبْعِيْنَ سَنَةً, ما وجدت من يجود
بخشبة.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "18/ 29"،
وتاريخ بغداد "8/ 382"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "11/
29"، وميزان الاعتدال "2/ 27"، والعبر "1/ 447"، ووفيات
الأعيان لابن خلكان "2/ 227"، ولسان الميزان "2/ 430"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 322".
(9/407)
1938- أحمد بن المُعَذَّل 1:
ابن غيلان بن حكم, شيخ المالكية, أبو العباس العبدي
البصري, المَالِكِيُّ, الأُصُوْلِيُّ, شَيْخُ
إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي. تَفَقَّهَ بِعَبْدِ المَلِكِ بنِ
المَاجَشُوْنِ, وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ. وَكَانَ مِنْ
بُحُورِ الفِقْهِ, صَاحِبَ تَصَانِيْف, وَفَصَاحَةٍ,
وَبَيَانٍ.
حَدَّثَ عَنْ بِشْرِ بنِ عُمَرَ الزَّهْرَانِيِّ,
وَطَبَقَتِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي, وَأَخُوْهُ
حَمَّادٌ, وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ: قَالَ لِي أَبُو
خَلِيْفَةَ: أَحْمَدُ بنُ المُعَذَّل أَفْضَلُ مِنْ
أَحْمَدِكُم, يَعْنِي أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيُّ: كَانَ ابْنُ
المُعَذَّلِ مِنَ الفِقْهِ وَالسَّكِينَةِ وَالأَدَبِ
وَالحَلاَوَةِ فِي غَايَةٍ. وَكَانَ أَخُوْهُ عَبْدُ
الصَّمَدِ الشَّاعِرُ يُؤذِيه, فَكَانَ أَحْمَدُ يَقُوْلُ
لَهُ: أَنْتَ كَالأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ, إِنْ تُرِكَتْ
شَانَتْ, وَإِنْ قُطِعَتْ آلَمَتْ. وَقَدْ كَانَ أَهْلُ
البَصْرَةِ يُسَمُّوْنَ أَحْمَدَ: الرَّاهِبَ
لِتَعَبُّدِهِ, وَدِيْنِهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ يَنْهَانِي عَنْ طَلَبِ
الحَدِيْثِ, يَعْنِي: زَهَادَةً.
قُلْتُ: كَانَ يَقِفُ فِي خَلْقِ القُرْآنِ.
وَرَوَى المُعَافَى الجُرَيْرِيُّ, عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ
مُحَمَّدٍ الكُرَيْزِيِّ, عَنْ عَبْدِ الجَلِيْلِ بنِ
الحَسَنِ, قَالَ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ المُعَذَّلِ فِي
مَجْلِسِ أَبِي عَاصِمٍ, فَمَزَحَ أَبُو عَاصِمٍ يُخجِلَ
أَحْمَدَ, فَقَالَ: يَا أَبَا عَاصِمٍ, إِنَّ اللهَ
خَلَقَكَ جِدّاً, فَلاَ تَهْزِلَنَّ, فَإِنَّ
المُسْتَهْزِئَ جَاهِلٌ, قَالَ تَعَالَى: {قَالُوا
أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ
أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البَقَرَةُ: 67] . فَخَجِلَ
أَبُو عَاصِمٍ, ثُمَّ كَانَ يُقعِدُ أَحْمَدَ بنَ
المُعَذَّلِ إِلَى جَنْبِهِ.
وَرَوَى يَمُوْتُ بنُ المُزَرَّعِ, عَنِ المُبَرِّدِ, عَنْ
أَحْمَدَ بنِ المُعَذَّلِ, قَالَ: كُنْتُ عند بن
المَاجَشُوْنِ فَجَاءهُ بَعْضُ جُلَسَائِهِ, فَقَالَ: يَا
أَبَا مَرْوَانَ, أُعْجُوْبَةٌ, خَرَجْتُ إِلَى حَائِطِي
بِالغَابَةِ, فَعَرَضَ لِي رَجُلٌ, فَقَالَ: اخْلَعْ
ثِيَابَكَ. قُلْتُ: لِمَ? قَالَ: لأَنِّي أَخُوْكَ،
وَأَنَا عُرْيَانُ. قُلْتُ: فَالمَوَاسَاةُ? قَالَ: قَدْ
لَبِسْتَهَا بُرْهَةً. قُلْتُ: فَتُعَرِّيْنِي? قَالَ:
قَدْ رَوَينَا عَنْ مَالِكٍ, أَنَّهُ قَالَ: لاَ بَأْسَ
لِلرَّجُلِ أَنْ يَغْتِسَلَ عُرْيَاناً. قُلْتُ: تُرَى
عَوْرَتِي. قَالَ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَلْقَاكَ هُنَا مَا
تَعَرَّضْتُ لَكَ. قُلْتُ: دَعْنِي أَدْخُلْ حَائِطِي،
وَأَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ. قَالَ: كَلاَّ, أَرَدْتَ أَنْ
تُوَجِّهَ عَبِيدَكَ, فَأُمْسَكَ. قُلْتُ: أَحلِفُ لَكَ.
قَالَ: لاَ تَلْزَمُ يَمِيْنُكَ لِلِصٍّ. فَحَلَفتُ لَهُ:
لأَبعَثَنَّ بِهَا طَيِّبَةً بِهَا نَفْسِي. فَأَطرَقَ,
ثُمَّ قَالَ: تَصَفَّحتُ أَمرَ اللُّصُوْصِ مِنْ عَهْدِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى
وَقْتِنَا, فَلَمْ أَجِدْ لِصّاً أَخَذَ بِنَسِيْئَةٍ,
فَأَكْرَهُ أَنْ أَبْتَدِعَ, فَخَلَعتُ ثيابي له.
لم أر له وفاة.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "3/ 251"،
والعبر "1/ 434"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/
184"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 95".
(9/408)
1939- زيد بن
بشر 1:
العَلاَّمَةُ فَقِيْهُ المَغْرِبِ, أَبُو البِشْرِ
الأَزْدِيُّ، وَيُقَالُ: الحَضْرَمِيُّ المَالِكِيُّ.
رَأَى ابْنَ لَهِيْعَةَ. وَسَمِعَ: ابْنَ وَهْبٍ،
وَرِشْدِيْنَ بنَ سَعْدٍ, وَأَشْهَبَ.
وَعَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ, وَسُلَيْمَانُ بنُ سَالِمٍ,
وَيَحْيَى بنُ عُمَرَ, وَسَعِيْدُ بنُ إِسْحَاقَ
الإِفْرِيْقِيُّوْنَ. وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ تَلاَمِذَةِ
ابْنِ وَهْبٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَجُلٌ صَالِحٌ, عَاقِلٌ, خَرَجَ
إِلَى المَغْرِبِ, فَمَاتَ هُنَاكَ, وَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الكِنْدِيُّ: كَانَ مِنْ صَلِيْبَةِ
الأَزْدِ, وَجَدَّتُهُ مَوْلاَةٌ لِحَضْرَمَوْتَ. نَشَأَ
فِي حِجْرِ ابْنِ لَهِيْعَةَ, وَمَا سَمِعَ مِنْهُ.
قُلْتُ: وَكَانَ ذَا كَرَمٍ, وَجُوْدٍ، وَفَرْطِ
شَجَاعَةٍ. قِيْلَ: كَانَ سَبَبَ فِرَاقِهِ مِصْرَ
مِحْنَةُ القُرْآنِ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ بِتُوْنُسَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وأربعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2522"، ولسان
الميزان "2/ ترجمة 2015".
(9/409)
1940- ابن أخي
الإمام 1: "د, س"
الحَافِظُ, المُحَدِّثُ الإِمَامُ الرَّحَّالُ, مُسْنِدُ
حَلَبَ، وَإِمَامُ جَامِعِهَا, أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ حَكِيْمٍ الأَسَدِيُّ,
الحَلَبِيُّ. وَيُعْرَفُ: بِابْنِ أَخِي الإِمَامِ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِي المَلِيْحِ الحَسَنِ بنِ عُمَرَ
الرَّقِّيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ،
وَخَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ،
وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ, وَعَبْدَ
العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَقْرَانِهِم بِالحِجَازِ,
وَالشَّامِ, وَالعِرَاقِ, وَالجَزِيْرَةِ، وَكَانَ
مُحَدِّثَ حَلَبَ مَعَ أَبِي نُعَيْمٍ عُبَيْدِ بنِ
هِشَامٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ,
وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ, وَالحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ
التُّسْتَرِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ
الحَلَبِيُّ, وَعبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ
عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ
سُفْيَانَ, وَعُمَرُ بنُ سَعِيْدٍ المَنْبِجِيُّ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ
ابْنُ أَخِي الإِمَامِ الصَّغِيْرِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ ومائتين.
أما:
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1220"، والكاشف "2/
ترجمة 3301"، وتهذيب التهذيب "6/ 224"، وتقريب التهذيب "1/
490"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4177".
(9/409)
1941- ابن أخي
الإمام الصغير 1:
هو المُحَدِّثُ, الصَّادِقُ المُعَدَّلُ, عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ
الفَضْلِ الهَاشِمِيُّ, العَبَّاسِيُّ, الحَلَبِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ، وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ
بنِ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ
المَصِّيْصِيِّ، وَبَرَكَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيِّ,
وَحَاجِبِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدَ بنِ حَرْبٍ
الطَّائِيِّ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ, وَأَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ المُقْرِئِ وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
إِسْحَاقَ الحَلَبِيُّ, وَعِدَّةٌ.
يُكْنَى: أَبَا مُحَمَّدٍ, وَقِيْلَ: أَبَا القَاسِمِ.
عاش: إلى بعد سنة عشر وثلاثمائة, مَا أَظُنُّ بِهِ
بَأْساً.
ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيْخِهِ":
وَأَنَّهُ حَدَّثَ بِدِمَشْقَ, وَمَا ذَكَرَ الكَبِيْرَ؛
لأَنَّه لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كِتَابِهِ.
__________
1 ترجمته في تهذيب التهذيب "6/ 224"، وتقريب التهذيب "1/
490"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4179".
(9/410)
1942- محمد بن كَرَّام 1:
لسجستاني المُبْتَدِعُ, شَيْخُ الكَرَّامية, كَانَ
زَاهِداً, عَابِداً, رَبَّانِيّاً, بَعِيْدَ الصِّيْتِ,
كَثِيْرَ الأَصْحَابِ، وَلَكِنَّهُ يَرْوِي الوَاهِيَاتِ
-كَمَا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ.
خُذِلَ حَتَّى الْتَقَطَ مِنَ المَذَاهِبِ أَرْدَاهَا،
وَمِنَ الأَحَادِيْثِ أَوْهَاهَا, ثُمَّ جَالَسَ
الجُوَيْبَارِيَّ، وَابْنَ تَمِيْمٍ, وَلَعَلَّهُمَا قَدْ
وَضَعَا مائة ألف حديث، وأخذ التَّقَشُّفُ عَنْ أَحْمَدَ
بنِ حَرْبٍ.
قُلْتُ: كَانَ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ هُوَ نُطقُ
اللِّسَانِ بِالتَّوْحِيْدِ, مُجَرَّدٌ عَنْ عَقْدِ
قَلْبٍ، وَعَمَلِ جَوَارِحَ. وَقَالَ خَلْقٌ مِنَ
الأَتْبَاعِ لَهُ: بِأَنَّ البَارِي جِسْمٌ لاَ
كَالأَجْسَام، وَأَنَّ النَّبِيَّ تَجُوْزُ مِنْهُ
الكَبَائِرُ سِوَى الكَذِبِ.
وَقَدْ سُجِنَ ابْنُ كَرَّامٍ, ثُمَّ نُفِي. وَكَانَ
نَاشِفاً, عَابِداً, قَلِيْلَ العِلْمِ.
قَالَ الحَاكِمُ: مَكَثَ فِي سِجْنِ نَيْسَابُوْرَ
ثَمَانِيَ سِنِيْنَ، وَمَاتَ بِأَرْضِ بَيْتِ المَقْدِسِ,
سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: طَوَّلنَا تَرْجَمَتَه فِي "تَارِيْخِ
الإِسْلاَمِ".
وَكَانَتِ الكَرَّامِيَّةُ كَثِيْرِيْنَ بِخُرَاسَانَ.
وَلَهُم تَصَانِيْفُ, ثُمَّ قَلُّوا, وتلاشوا, نعوذ بالله
من الأهواء.
__________
1 ترجمته في ميزان الاعتدال "4/ 21"، ولسان الميزان "5/
353"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 24".
(9/411)
1943- يعقوب بن
كعب 1: "د"
ابن حامد الحَافِظُ, أَبُو يُوْسُفَ الأَنْطَاكِيُّ,
أَصْلُهُ مِنْ حَلَبَ.
سَمِعَ عَطَاءَ بنَ مُسْلِمٍ, وَشُعَيْبَ بنَ إِسْحَاقَ,
وَعِيْسَى بنَ يُوْنُسَ, وَابْنَ وَهْبٍ، وَأَبَا
مُعَاوِيَةَ, وَطَبَقَتَهُم. وَكَانَ ذَا رِحلَةٍ,
وَفَضْلٍ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ, وَيَزِيْدُ بنُ جَهْوَرٍ,
وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
البُوْشَنْجِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حاتم.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, رَجُلٌ صَالِحٌ, صَاحِبُ
سُنَّةٍ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 892"، والكاشف "3/
ترجمة 6515"، وتهذيب التهذيب "11/ 394"، وتقريب التهذيب
"2/ 376".
(9/411)
1944- علي بن
مسلم 1: "خ، د، س"
ابن سعيد الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ, مُسْنِدُ
العِرَاقِ, أَبُو الحَسَنِ الطُّوْسِيُّ, ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ جَرِيْرَ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَيُوْسُفَ بنَ
يَعْقُوْبَ المَاجَشُوْنَ، وَهُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ,
وَعَبْدِ اللهِ بنَ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي
زَائِدَةَ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ,
وَأَبَا يُوْسُفَ القَاضِي، وَخَلْقاً كَثِيْراً, وَعُنِيَ
بِهَذَا الشَّأْنِ, وَجَمَعَ, وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ,
وَالنَّسَائِيُّ, وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ -رَفِيْقُهُ-
وَأَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ, وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
صَاعِدٍِ, وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ, وَالحُسَيْنُ بنُ
عَيَّاشٍ القَطَّانُ, وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَيْضاً, عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ,
وَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: مَاتَ لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ, عَنْ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا
عَمِّي؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ فِي سَنَةِ
تِسْعٍ وثلاثين وخمسمائة، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ
الحَسَنِ "ح". وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الحَمِيْدِ, وَمُحَمَّدُ بنُ بِطِّيْخٍ, وَعَبْدُ
الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ, وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
نَجْمٍ الوَاعِظُ "ح". وَأَخْبَرَتْنَا خَدِيْجَةُ بِنْتُ
الرِّضَى، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ,
قَالاَ: أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ بِنْتُ
أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ طَلْحَةَ
قَالَ هُوَ, وَعَاصِمٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ
مُحَمَّدِ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، حَدَّثَنَا
حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ, عَنْ سِمَاكٍ, عَنْ جَابِرِ بنِ
سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ فِي سَاقَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُمُوْشَةٌ, وَكَانَ لاَ
يَضْحَكُ إِلاَّ تَبَسُّماً, وَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ
إِلَيْهِ, قُلْتَ: أَكْحَلُ العَيْنَيْنِ, وليس بأكحل. هذا
حديث غريب.
__________
1 ترجمته في الكنى للدولابي "1/ 147"، والجرح والتعديل "6/
ترجمة 1115"، وتاريخ بغداد "12/ 108"، والكاشف "2/ ترجمة
4028"، وتهذيب التهذيب "7/ 382"، وتقريب التهذيب "2/ 44"،
وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5050".
(9/412)
1945- الجاحظ
1:
العَلاَّمَةُ المُتَبَحِّرُ، ذُوْ الفُنُوْنَ، أَبُو
عُثْمَانَ عَمْرُو بنُ بَحْرِ بنِ مَحْبُوْبٍ البَصْرِيُّ،
المُعْتَزِلِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ. أَخَذَ عَنِ:
النَّظَّامِ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي يُوْسُفَ القَاضِي، وثُمَامَةَ بنِ
أَشْرَسَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو العَيْنَاءِ، وَيَمُوْتُ بنُ
المُزَرَّعِ -ابْنُ أُخْتِهِ، وكان أحذ الأذكياء.
قَالَ ثَعلَبُ: مَا هُوَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ يَمُوْتُ: كَانَ جَدُّهُ جَمَّالاً أَسْوَدَ.
وَعَنِ الجَاحِظِ: نَسِيْتُ كُنْيَتِي ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ،
حَتَّى عَرَّفَنِي أَهْلِي.
قُلْتُ: كَانَ مَاجِناً، قَلِيْلَ الدِّيْنِ، لَهُ
نَوَادِرُ.
قَالَ المُبَرِّدُ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ
أَنْتَ? قَالَ: كَيْفَ مَنْ نِصْفُه مَفْلُوجٌ، وَنِصْفُهُ
الآخَرُ مُنَقْرَسٌ? لَوْ طَارَ عَلَيْه ذُبَابٌ لآلَمَهُ،
وَالآفَةُ فِي هَذَا أَنِّي جُزتُ التِّسْعِيْنَ.
وَقِيْلَ: طَلَبَه المُتَوَكِّلُ، فَقَالَ: وَمَا يَصْنَعُ
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بِشقٍّ مَائِلٍ، وَلُعَابٍ
سَائِلٍ?!
قَالَ ابْنُ زَبْر: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ الصُّوْلِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ, وَتَصَانِيْفُه
كَثِيْرَةٌ جِدّاً. قِيْلَ: لَمْ يَقَعْ بِيَدِهِ كِتَابٌ
قَطُّ إِلاَّ اسْتَوفَى قِرَاءتَه, حَتَّى إِنَّهُ كَانَ
يَكتَرِي دَكَاكِيْنَ الكُتْبِيِّين، وَيَبِيتُ فِيْهَا
لِلْمُطَالَعَةِ، وَكَانَ بَاقِعَةً2 فِي قُوَّةِ
الحِفْظِ.
وَقِيْلَ: كَانَ الجَاحِظُ يَنُوْبُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ
بنِ العَبَّاسِ الصُّوْلِيِّ مُدَّةً فِي دِيْوَانِ
الرَّسَائِلِ.
وَقَالَ فِي مَرَضِهِ لِلطَّبِيْبِ: اصْطَلَحَتِ
الأَضْدَادُ عَلَى جَسَدِي، إِنْ أَكَلْتُ بَارِداً،
أُخِذَ بِرِجْلِي، وَإِنْ أَكَلْتُ حَارّاً، أُخِذَ
بِرَأْسِي.
وَمِنْ كَلاَمِ الجَاحِظِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عبد الملك:
المنفعة توجب المحبة، والمضرة توجب
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 212"، ومعجم الأدباء لياقوت
الحموي "16/ 74"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 470"،
وميزان الاعتدال "3/ 247"، والعبر "1/ 456"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "2/ ترجمة 506".
2 باقعة: أي داهية.
(9/413)
البِغْضَةَ، وَالمُضَادَّةُ عَدَاوَةٌ،
وَالأَمَانَةُ طُمَأْنِيْنَةٌ، وَخِلاَفُ الهَوَى يُوْجِبُ
الاسْتِثْقَالَ، وَمُتَابَعَتُهُ تُوْجِبُ الأُلْفَةَ.
العَدْلُ يُوْجِبُ اجْتِمَاعَ القُلُوْبِ، وَالجَوْرُ
يُوْجِبُ الفُرْقَةَ. حُسْنُ الخُلْقِ أُنْسٌ،
وَالانْقِبَاضُ وَحْشَةٌ, التَّكَبُّرُ مَقْتٌ،
وَالتَّوَاضُعُ مِقَةٌ, الجُوْدُ يُوْجِبُ الحَمْدَ،
وَالبُخْلُ يُوْجِبُ الذَّمَّ، التَّوَانِي يُوْجِبُ
الحَسْرَةَ، وَالحَزْمُ يُوْجِبُ السُّرُوْرَ،
وَالتَّغْرِيْرُ نَدَامَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ
هَذِهِ إِفْرَاطٌ وَتَقْصِيْرٌ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ
نَتَائِجُهَا إِذَا أُقِيْمَتْ حُدُوْدُهَا. فَإِنَّ
الإِفْرَاطَ فِي الجُوْدِ تَبْذِيْرٌ، وَالإِفْرَاطَ فِي
التَّوَاضُعِ مَذَلَّةٌ، وَالإِفْرَاطَ فِي الغَدْرِ
يَدْعُو إِلَى أَنْ لاَ تَثِقَ بِأَحَدٍ، وَالإِفْرَاطَ
فِي المُؤَانَسَةِ يَجْلِبُ خُلَطَاءَ السُّوْءِ.
وَلَهُ: وَمَا كَانَ حَقِّي -وَأَنَا وَاضِعٌ هَذَيْنِ
الكِتَابَيْنِ فِي خَلْقِ القُرْآنِ، وَهُوَ المَعْنَى
الَّذِي يُكَثِّرُهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ وَيَعِزُّهُ،
وَفِي فَضْلِ مَا بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ، وَعَبْدِ شَمْسٍ
وَمَخْزُوْمٍ- إِلاَّ أَنْ أَقْعُدَ فَوْقَ السِّمَاكَينِ،
بَلْ فَوْقَ العَيُّوقِ، أَوْ أَتَّجِرَ فِي الكِبْرِيْتِ
الأَحْمَرِ، وَأَقُوْدَ العَنْقَاءَ بِزِمَامٍ إِلَى
المَلِكِ الأَكْبَرِ.
وَلَهُ كِتَابُ "الحَيَوَانِ" سَبْعُ مُجَلَدَاتٍ،
وَأَضَافَ إِلَيْهِ كِتَابَ "النِّسَاءِ"، وَهُوَ فَرْقٌ
مَا بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَكِتَابُ "البِغَالِ"،
وَقَدْ أُضِيْفَ إِلَيْهِ كِتَابٌ، سَمَّوْهُ كِتَابُ
"الجِمَالِ" لَيْسَ مِنْ كَلاَمِ الجَاحِظِ، وَلاَ
يُقَارِبُهُ.
قَالَ رَجُلٌ لِلْجَاحِظِ: أَلَكَ بِالبَصْرَةِ ضَيْعَةٌ?
قَالَ: فَتَبَسَّمَ, وَقَالَ: إِنَّمَا إِنَاءٌ
وَجَارِيَةٌ وَمَنْ يَخْدمُهَا، وَحِمَارٌ، وَخَادِمٌ،
أَهدَيتُ كِتَابَ "الحَيَوَانِ" إِلَى ابْنِ الزَّيَّاتِ،
فَأَعطَانِي أَلفَي دِيْنَارٍ، وَأَهدَيتُ إِلَى فُلاَنٍ
فَذَكَرَ نَحْواً مِنْ ذَلِكَ. يَعْنِي: أَنَّهُ فِي
خَيْرٍ وَثَروَةٍ.
قَالَ يَمُوْتُ بنُ المُزَرَّعِ: سَمِعْتُ خَالِي
يَقُوْلُ: أَملَيْتُ عَلَى إِنْسَانٍ مَرَّةً: أَخْبَرَنَا
عَمْرٌو، فَاسْتَمْلَى: أَخْبَرَنَا بِشْرٌ، وَكَتَبَ:
أَخْبَرَنَا زَيْدٌ.
قُلْتُ: يَظْهَرُ مِنْ شَمَائِلِ الجَاحِظِ أَنَّهُ
يَخْتَلِقُ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ: حَدَّثَنَا أَبُو
العَيْنَاءِ، قَالَ: أَنَا وَالجَاحِظُ وَضْعَنَا حَدِيْث
فَدَكٍ، فَأَدخَلنَاهُ عَلَى الشُّيُوْخِ بِبَغْدَادَ،
فَقَلَبُوهُ إِلاَّ ابْنَ شَيْبَةَ العَلَوِيَّ، فَإِنَّهُ
قَالَ: لاَ يُشبِه آخِرُ هَذَا الحَدِيْث أَوَّلَه ثُمَّ
قَالَ: الصَّفَّارُ كَانَ أَبُو العَيْنَاءِ يحدث بهذا
بعدما تَابَ.
قِيْلِ لِلْجَاحِظِ: كَيْفَ حَالُكَ? قَالَ: يَتَكَلَّمُ
الوَزِيْرُ بِرَأْيِي، وَصِلاَتُ الخَلِيْفَةِ
مُتَوَاتِرَةٌ إِلَيَّ، وَآكُلُ مِنَ الطَّيْرِ
أَسْمَنَهَا، وَأَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ أَلْيَنَهَا،
وَأَنَا صَابِرٌ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِالفَرَجِ.
قِيْلَ: بَلِ الفَرَجُ مَا أَنْتَ فِيْهِ. قَالَ: بَلْ
أُحِبُّ أَنْ أَلِيَ الخِلاَفَةَ، وَيَخْتَلِفَ إِلَيَّ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ -يَعْنِي: الوَزِيْر
-وَهُوَ القَائِلُ:
(9/414)
سَقَامُ الحِرْصِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ ...
وَدَاءُ الجَهْلِ لَيْسَ لَهُ طَبِيْبُ
وَقَالَ: أَهدَيتُ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ
كِتَابَ "الحَيَوَانِ"، فَأَعطَانِي خَمْسَةَ آلاَفِ
دِيْنَارٍ. وَأَهْدَيْتُ كِتَابَ "البَيَان وَالتبيين"
إِلَى أحمد بن أبي دؤاد، فَأَعطَانِي كَذَلِكَ.
وَأَهْدَيْتُ كِتَابَ "الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ" إِلَى
إِبْرَاهِيْمَ الصُّوْلِيِّ، فَأَعطَانِي مِثْلَهَا،
فَرَجَعتُ إِلَى البَصْرَةِ، وَمَعِيَ ضَيعَةٌ لاَ
تَحْتَاجُ إِلَى تَحدِيْدٍ، وَلاَ إلى تسميد.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي دَاوُدَ حَدِيْثاً
وَاحِداً.
وَتَصَانِيْفُ الجَاحِظِ كَثِيْرَةٌ جِدّاً: مِنْهَا
"الرَّدُّ عَلَى أَصْحَابِ الإِلهَامِ"، وَ"الرَّدُّ علَى
المُشَبِّهَةِ"، وَ"الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى"،
"الطُّفَيْلِيَّةُ"، "فَضَائِلُ التُّرْكِ"، "الرَّدُّ
عَلَى اليَهُوْدِ"، "الوَعِيْدُ"، "الحُجَّةُ
وَالنُّبُوَّةُ"، "المُعَلِّمِيْنَ"، "البُلْدَانُ"،
"حَانُوْتُ عَطَّارٍ"، "ذَمُّ الزَّنَى"، وَأَشْيَاءُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، عَنْ
أَحْمَدَ بنِ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ،
أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ الطُّيُوْرِيِّ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا
خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ بِصُوْرَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ
بنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: أَتَيتُ الجَاحِظَ،
فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَاطَّلَعَ عَلَيَّ مِنْ
كُوَّةٍ فِي دَارِه، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ? فَقُلْتُ:
رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ. فقال: أوما عَلِمتَ
أَنِّي لاَ أَقُوْلُ بِالحَشْوِيَّةِ? فَقُلْتُ: إِنِّي
ابْنُ أَبِي دَاوُدَ. فَقَالَ: مَرْحَباً بِكَ وَبِأَبِيكَ
ادْخُلْ، فَلَمَّا دَخَلْتُ قَالَ لِي: مَا تُرِيْدُ?
فَقُلْتُ: تُحَدِّثَنِي بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ:
اكتُبْ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ المِنْهَالِ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى
عَلَى طِنْفِسَةٍ. فَقُلْتُ: زِدْنِي حَدِيْثاً آخَرَ،
فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لاِبْنِ أَبِي دَاوُدَ أَنْ
يَكذِبَ.
قُلْتُ: كَفَانَا الجَاحِظُ المَؤُونَةَ، فَمَا رَوَى مِنَ
الحَدِيْثِ إِلاَّ النَّزْرَ اليَسِيْرَ، وَلاَ هُوَ
بِمُتَّهَمٍ فِي الحَدِيْثِ, بَلَى فِي النَّفْسِ مِنْ
حِكَايَاتِهِ وَلَهْجَتِهِ، فَرُبَّمَا جَازَفَ،
وَتَلَطُّخُهُ بِغَيْرِ بِدْعَةٍ أَمْرٌ وَاضِحٌ،
وَلَكِنَّهُ أَخْبَارِيٌّ عَلاَّمَةٌ, صَاحِبُ فُنُوْنٍ
وَأَدَبٍ بَاهِرٍ، وَذَكَاءٍ بَيِّنٍ, عفا الله عنه.
(9/415)
1946- أحمد بن
خالد 1: "ت، س":
الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ، أَبُو جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ،
الخَلاَّلُ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، وَابْنِ عُلَيَّةَ،
وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَشُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ، وَمَعْنٍ،
وَالشَّافِعِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ
الأَبَّارُ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَعُمَرُ
البُجَيْرِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ خَيِّراً،
عَدْلاً، ثِقَةً، رِضَىً، صَدُوْقاً.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ، نَبِيْلٌ، قَدِيْمُ
الوَفَاةِ.
وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ بِسَامَرَّاءَ، سنة سبع
وأربعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 47"، وتاريخ بغداد
"4/ 126"، وتهذيب التهذيب "1/ 27".
(9/415)
أحمد بن الخليل،
أحمد بن الخليل النوفلي القومسي:
1947- أحمد بن الخليل 1: "س":
الإِمَامُ الثَّبْتُ، أَبُو عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ،
البَزَّازُ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ، وَيَزِيْدَ بنِ
هَارُوْنَ، وَحَجَّاجٍ الأَعْوَرِ، وَرَوْحِ بنِ
عُبَادَةَ، وَقُرَادٍ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَالحُسَيْنُ القَبَّانِيُّ،
وَعَبْدَانُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَآخَرُوْنَ،
خَاتِمَتُهُم: أَبُو عَلِيٍّ المذكر، ذاك التالف.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
قَالَ القَبَّانِيّ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ،
سَنَةَ ثَمَانٍ وأربعين ومائتين.
أحمد بن الخليل البُرْجُلاَنِيُّ شَيْخُ النَّجَّادِ
سَيَأْتِي.
1948- أَحْمَدُ بنُ الخَلِيْلِ النَّوْفَلِيُّ
القُوْمَسِيُّ 2:
عَن الأَصْمَعِيِّ، وَأَبِي النَّضْرِ، وَالأَنْصَارِيِّ،
وَالمُقْرِئِ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ عَبْدَكَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَهُوَ واه.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 129"، وميزان الاعتدال "1/
96"، وتهذيب التهذيب "1/ 27".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 49"، وميزان
الاعتدال "1/ 96"، ولسان الميزان "1/ 167" وتهذيب التهذيب
"1/ 28".
(9/416)
1949- ذو النون
المصري 1:
الزَّاهِدُ, شَيْخُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، ثَوْبَانُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَقِيْلَ: فَيْضُ بنُ أَحْمَدَ.
وَقِيْلَ: فَيْضُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النُّوْبِيُّ،
الإِخْمِيْمِيُّ. يُكْنَى: أَبَا الفَيْضِ. وَيُقَالُ:
أَبَا الفَيَّاضِ. وُلِدَ: فِي أَوَاخِرِ أَيَّامِ
المَنْصُوْرِ.
وَرَوَى عَنْ: مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ،
وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَسَلْمٍ الخَوَّاصِ، وَسُفْيَانَ
بنِ عُيَيْنَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ صَبِيْحٍ الفَيُّوْمِيُّ،
وَرَبِيْعَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ، وَرِضْوَانُ بنُ
مُحَيْمِيْدٍ، وَحَسَنُ بنُ مُصْعَبٍ، وَالجُنَيْدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَمِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ
الرُّعَيْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَلَّ مَا رَوَى مِنَ الحَدِيْثِ، وَلاَ كَانَ
يُتْقِنُه. قِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ مَوَالِي قُرَيْشٍ،
وَكَانَ أَبُوْهُ نُوْبِيّاً.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَى عَنْ مَالِكٍ
أَحَادِيْثَ فِيْهَا نَظَرٌ، وكان واعظًا.
قال ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ عَالِماً، فَصِيْحاً،
حَكِيْماً. تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: حَمَلُوْهُ عَلَى البَرِيْدِ مِنْ
مِصْرَ إِلَى المُتَوَكِّلِ لِيَعِظَهُ فِي سَنَةِ 244،
وَكَانَ إِذَا ذُكر بَيْنَ يَدَيِ المُتَوَكِّل أَهْلُ
الوَرَعِ، بَكَى.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ: كَانَ
أَهْلُ نَاحِيَتِه يُسَمُّوْنَهُ الزِّنْدِيْقَ، فَلَمَّا
مَاتَ، أَظلَّتْ الطَّيْرُ جِنَازَتَه، فَاحْتَرَمُوا
بَعْدُ قَبْرَهُ.
عَنْ أَيُّوْبَ مُؤَدِّبِ ذِي النُّوْنِ، قَالَ: جَاءَ
أَصْحَابُ المَطَالِبِ ذَا النُّوْنِ، فَخَرَجَ مَعَهُم
إِلَى قِفْطَ وَهُوَ شَابٌّ، فَحَفَرُوا قَبْراً،
فَوَجَدُوا لَوْحاً فِيْهِ: اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ،
فَأَخَذَهُ ذُو النُّوْنِ، وَسَلَّمَ إِلَيْهِم مَا
وَجَدُوا.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ: حَضَرْتُ ذَا
النُّوْنِ، فَقِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا الفَيْضِ، مَا كَانَ
سَبَبُ تَوْبَتِكَ? قَالَ: نِمْتُ، فِي الصحراء، ففتحت
عيني، فإذا قُنْبَرَةٌ عَمْيَاءُ سَقَطَتْ مِنْ وَكْرٍ،
فَانْشَقَّتِ الأَرْضُ، فَخَرَجَ مِنْهَا سُكُرُّجَتَانِ
ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، فِي إِحْدَاهُمَا سِمْسِمٌ، وَفِي
الأُخْرَى مَاءٌ، فَأَكَلَتْ، وَشَرِبَتْ، فَقُلْتُ:
حَسْبِي. فَتُبْتُ، وَلَزِمْتُ البَابَ، إِلَى أَنْ
قَبِلَنِي.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "9/ ترجمة 456"، وتاريخ بغداد
"8/ 393"، والأنساب للسمعاني "1/ 135"، واللباب لابن
الأثير "1/ 35"، ووفيات الأعيان "1/ 317"، والعبر "1/
444"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 320".
(9/417)
قَالَ السُّلَمِيُّ فِي "مِحَنِ
الصُّوْفِيَّةِ": ذُو النُّوْنِ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ
بِبَلْدَتهِ فِي تَرْتِيْبِ الأَحْوَالِ، وَمَقَامَاتِ
الأَوْلِيَاءِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ
عَبْدِ الحَكَمِ، وَهَجَرَهُ عُلَمَاءُ مِصْرَ، وَشَاعَ
أَنَّهُ أَحْدَثَ عِلْماً لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيْهِ
السَّلَفُ وَهَجَرُوْهُ حَتَّى رَمَوْهُ بِالزَّنْدَقَةِ،
فَقَالَ أَخُوْهُ: إِنَّهُم يَقُوْلُوْنَ: إنك زنديق،
فقال:
ومالي سِوَى الإِطْرَاقِ وَالصَّمْتِ حِيْلَةٌ ...
وَوَضْعِيَ كَفِّي تَحْتَ خَدِّي وَتَذْكَارِي
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَرْخِيِّ: كُنْت مَعَ ذِي
النُّوْنِ فِي زَوْرَقٍ، فَمَرَّ بِنَا زَوْرَقٌ آخَرُ،
فَقِيْلَ لِذِي النُّوْنِ: إِنَّ هَؤُلاَءِ يَمُرُّوْنَ
إِلَى السُّلْطَانِ يَشْهَدُوْنَ عَلَيْكَ بِالكُفْرِ.
فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانُوا كَاذِبِيْنَ،
فَغَرِّقْهُم. فَانْقَلَبَ الزَّوْرَقُ، وَغَرِقُوا،
فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا بَالُ المَلاَّحِ? قَالَ: لِمَ
حَمَلَهُم وَهُوَ يَعلَمُ قَصْدَهُم? وَلأَنْ يَقِفُوا
بَيْنَ يَدَيِ اللهِ غَرْقَى، خَيْرٌ لَهُم مِنْ أَنْ
يَقِفُوا شُهُوْدَ زُوْرٍ. ثُمَّ انْتَفَضَ وَتَغَيَّر،
وَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لاَ أَدْعُو عَلَى أَحَدٍ بَعْدَهَا.
ثُمَّ دَعَاهُ أَمِيْرُ مِصْرَ، وَسَأَلَهُ عَنِ
اعْتِقَادِهِ، فَتَكَلَّمَ، فَرَضِيَ أَمْرَهُ، وَطَلَبَهُ
المُتَوَكِّلُ، فَلَمَّا سَمِعَ كَلاَمَه، وَلِعَ بِهِ،
وَأَحَبَّهُ، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِذَا ذُكِرَ
الصَّالِحُوْنَ، فَحَيَّ هَلاَ بِذِي النُّوْنِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ حَاتِمٍ: سَمِعْتُ ذَا النُّوْنِ
يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ: سَمِعْتُ ذَا النُّوْنِ
يَقُوْلُ: مَهْمَا تَصَوَّرَ فِي وَهْمِكَ، فَاللهُ
بِخِلاَفِ ذَلِكَ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: الاسْتِغْفَارُ
جَامِعٌ لِمَعَانٍ, أَوَّلُهُمَا: النَّدَمُ عَلَى مَا
مَضَى, الثَّانِي: العَزْمُ عَلَى التَّرْكِ,
وَالثَّالِثُ: أَدَاءُ مَا ضَيَّعْتَ مِنْ فَرْضٍ للهِ,
الرَّابِعُ: رَدُّ المَظَالِمِ فِي الأَمْوَالِ
وَالأَعْرَاضِ وَالمُصَالَحَةُ عَلَيْهَا, الخَامِسُ:
إِذَابَةُ كُلِّ لَحْمٍ وَدَمٍ نَبَتَ عَلَى الحَرَامِ,
السَّادِسُ: إِذَاقَةُ أَلَمِ الطَّاعَةِ كَمَا وَجَدْتَ
حَلاَوَةَ المَعْصِيَةِ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ السَّرْحِ: قُلْتُ لِذِي النُّوْنِ:
كَيْفَ خَلصتَ مِنَ المُتَوَكِّلِ، وَقَدْ أَمَرَ
بِقَتْلِكَ? قَالَ: لَمَّا أَوْصَلَنِي الغُلاَمُ, قُلْتُ
فِي نَفْسِي: يَا مَنْ لَيْسَ فِي البِحَارِ قَطَرَاتٌ،
وَلاَ فِي دَيْلَجِ الرِّيَاحِ ديْلَجَاتٌ، وَلاَ فِي
الأَرْض خَبِيئَاتٌ، وَلاَ فِي القُلُوْبِ خَطَرَاتٌ
إِلاَّ وَهِيَ عَلَيْكَ دَلِيلاَتٌ، وَلَكَ شَاهِدَاتٌ،
وَبِرُبُوبِيَّتِكَ مُعتَرِفَاتٌ، وَفِي قُدرَتِكَ
مُتَحَيِّرَاتٌ، فَبِالقُدْرَةِ الَّتِي تُجِيْرُ بِهَا
مَنْ فِي الأَرَضِيْنَ وَالسَّمَاوَاتِ إِلاَّ صَلَّيْتَ
عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَخَذتَ
قَلْبَه عَنِّي. فَقَامَ المُتَوَكِّلُ يَخْطُو حَتَّى
اعْتَنَقَنِي, ثُمَّ قَالَ: أَتْعَبْنَاكَ يَا أَبَا
الفَيْضِ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ: حَضَرتُ مَعَ ذِي
النُّوْنِ مَجْلِسَ المُتَوَكِّلِ، وَكَانَ مُوْلَعاً
بِهِ، يُفَضِّلُه عَلَى الزُّهَّادِ، فَقَالَ: صِفْ لِي
أَوْلِيَاءَ اللهِ. قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ!
هُمْ قَوْمٌ أَلبَسَهُمُ اللهُ النُّوْرَ السَّاطِعَ مِنْ
مَحَبَّتِهِ، وَجَلَّلَهُم بِالبَهَاءِ مِنْ إِرَادَةِ
كَرَامَتِهِ، وَوَضَعَ عَلَى مَفَارِقِهِم تِيْجَانَ
مَسَرَّتِهِ،
(9/418)
فَذَكَرَ كَلاَماً طَوِيْلاً، وَقَدِ
اسْتَوفَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَحْوَالَ ذِي النُّوْنِ فِي
"تَارِيْخِهِ"، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الحِلْيَةِ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: العَارِفُ لاَ يَلتَزِمُ حَالَةً
وَاحِدَةً، بَلْ يَلْتَزِمُ أَمرَ رَبِّهُ فِي الحَالاَتِ
كُلِّهَِا.
أَرَّخَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ عُفَيْرٍ وَفَاته
-كَمَا مَرَّ- فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَأَمَّا حَيَّانُ بنُ أَحْمَدَ السَّهْمِيُّ, فَقَالَ:
مَاتَ بِالجِيْزَةِ، وَعُدِّي بِهِ إِلَى مِصْرَ فِي
مَرْكِبٍ خَوْفاً مِنْ زَحْمَةِ النَّاسِ عَلَى الجِسْرِ
لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَالَ آخَرُ: مَاتَ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَكَانَ
مِنْ أبناء التسعين.
(9/419)
ابن زياد، الرواجني:
1950- ابن زياد 1:
مُتَوَلِّي اليَمَنِ الأَمِيْرُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ زِيَادٍ.
غَلَبَ عَلَى اليَمَنِ، وَحَارَبَ، وَتَمَكَّنَ فِي
أَيَّامِ المَأْمُوْنِ، وَاختَطَّ مَدِيْنَةَ زُبَيْدٍ فِي
سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ، وَنَفَّذَ إِلَى
المَأْمُوْنِ بِتُحَفٍ، فَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ، وَعَظُمَ
أَمْرُهُ، وَدَامَتْ دَوْلَتُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ
خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. فَقَامَ بَعْدَهُ
ابْنُهُ إِبْرَاهِيْمُ، فَوَلِيَ اليَمَنَ مُدَّةَ
أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً. ثُمَّ مَاتَ، وَتَمَلَّكَ
بَعْدَهُ وَلَدَاهُ زِيَادٌ ثُمَّ إِسْحَاقُ، وَدَامَتَ
دَوْلَتُهُم إِلَى بَعْدِ الأربعمائة ثُمَّ صَارَتْ فِي
مَوَالِيهِم مُدَّةً إِلَى أَنْ ظهر الصليحي.
1951- الرَّوَاجِنِيُّ 2: "خَ، ت، ق"
الشَّيْخُ العَالِمُ الصَّدُوْقُ، مُحَدِّثُ الشيعة، أبو
سعيد عباد بن يعقوب الأَسَدِيُّ، الرَّوَاجِنِيُّ،
الكُوْفِيُّ، المُبْتَدِعُ.
رَوَى عَنْ: شَرِيْكٍ القَاضِي، وَعَبَّادِ بنِ
العَوَّامِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى،
وَالوَلِيْدِ بنِ أَبِي ثَوْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ
عَيَّاشٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ القُدُّوْسِ،
وَالحُسَيْنِ ابنِ الشَّهِيْدِ زَيْدِ بنِ عَلِيٍّ،
وَعَلِيِّ بنِ هاشم بن البريد، وعدة.
__________
1 ترجمته في أنباء الزمن في تاريخ اليمن، حوادث سنة
"203هـ" لمؤلفه يحيى بن حسين بن الامام القاسم المتوفى بعد
سنة 1099هـ.
2 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1645"، والجرح
والتعديل "6/ 447"، والمجروحين لابن حبان "2/ 172"،
والكاشف "2/ ترجمة 2606"، والمغني "1/ ترجمة 3058"، وتهذيب
التهذيب "5/ 109"، وتقريب التهذيب "1/ 394"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 3331"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "2/ 121".
(9/419)
رَوَى عَنْهُ: البُخَارِيُّ حَدِيْثاً
قَرَنَ فِيْهِ مَعَهُ آخَرَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ
مَاجَهْ، وَأَبُو بَكْرٍ البَزَّارُ، وَصَالِحٌ جَزَرَةُ،
وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَكِيْمُ
التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ, ثِقَةٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: كَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا الثِّقَةُ فِي رِوَايَتِهِ، المُتَّهَمُ فِي
دِيْنِهِ، عَبَّادُ بنُ يَعْقُوْبَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: فِيْهِ غُلُوٌّ فِي التَّشَيُّعِ.
وَرَوَى عَبْدَانُ عَنْ ثِقَةٍ، أَنَّ عَبَّاداً كَانَ
يَشْتِمُ السَّلَفَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى مَنَاكِيْرَ فِي الفَضَائِلِ
وَالمَثَالِبِ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَبِيْبِيُّ، عَنْ
صَالِحٍ جَزَرَةَ، قَالَ: كَانَ عَبَّادٌ يَشْتِمُ
عُثْمَان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
اللهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُدْخِلَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ
الجَنَّة، قَاتَلاَ عَلِيّاً بَعْدَ أَنْ بَايَعَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَنْ لَمْ
يَبْرَأْ فِي صَلاَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَعْدَاءِ آلِ
مُحَمَّدٍ حُشِرَ مَعَهُم.
قُلْتُ: هَذَا الكَلاَمُ مَبْدَأُ الرَّفْضِ، بَلْ
نَكُفُّ، وَنَسْتَغْفِرُ لِلأُمَّةِ، فَإِنَّ آلَ
مُحَمَّدٍ فِي إِيَّاهُم قَدْ عَادَى بَعْضهُم بَعْضاً،
وَاقْتَتَلُوا عَلَى المُلْكِ، وَتَمَّتْ عَظَائِمُ،
فَمِنْ أَيِّهِم نَبْرَأُ?!
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا
القَاسِمُ المُطَرِّز، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبَّادٍ
بِالْكُوْفَةِ، وَكَانَ يَمْتَحِنُ الطَّلَبَةَ, فَقَالَ:
مَنْ حَفَرَ البَحْرَ? قُلْتُ: اللهُ. قَالَ: هُوَ
كَذَاكَ، وَلَكِنْ مَنْ حَفَرَهُ? قُلْتُ: يَذْكُرُ
الشَّيْخُ، قَالَ: حَفرَهُ عَلِيٌّ، فَمَنْ أَجْرَاهُ?
قُلْتُ: اللهُ. قَالَ: هُوَ كَذَلِكَ، وَلَكِن مَنْ
أَجْرَاهُ? قُلْتُ: يُفِيْدُنِي الشَّيْخُ. قَالَ:
أَجْرَاهُ الحُسَيْنُ، وَكَانَ ضَرِيْراً، فَرَأَيْتُ
سَيْفاً وَحَجَفَةً1. فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا? قَالَ:
أَعْدَدْتُهُ لأُقَاتِلَ بِهِ مَعَ المَهْدِيِّ. فَلَمَّا
فَرَغْتُ مِنْ سَمَاعِ مَا أَرَدْتُ، دَخَلْتُ عَلَيْهِ،
فَقَالَ: مَنْ حَفَرَ البَحْرَ? قُلْتُ: حَفَرَهُ
مُعَاوِيَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَأَجْرَاهُ عَمْرُو
بنُ العَاصِ، ثُمَّ وَثَبْتُ وَعَدَوْتُ، فَجَعَلَ
يَصِيْحُ: أَدْرِكُوا الفَاسِقَ عَدُوَّ اللهِ،
فَاقْتُلُوهُ. إِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ. وَمَا أَدْرِي
كَيْفَ تَسَمَّحُوا فِي الأَخْذِ عَمَّنْ هَذَا حَالُهُ?
وَإِنَّمَا وَثِقُوا بِصِدْقِهِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ عَبَّاد بن يَعْقُوْبَ فِي
شَوَّال سنَة خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ، فِي "البَعْثِ"
لاِبْنِ أَبِي دَاوُدَ. وَرَأَيْتُ لَهُ جُزْءاً مِنْ
كِتَابِ "المَنَاقِبِ"، جَمَعَ فِيْهَا أَشْيَاء سَاقِطَة،
قَدْ أَغْنَى اللهُ أَهْلَ البيت عنها، وما أعتقده يعتمد
الكذب أبدًا.
__________
1 الحجفة: الترس.
(9/420)
صالح، صالح بن محمد
الترمذي، عتبة بن عبد الله:
1952- صالح 1: "ت"
ابن عبد الله بن ذكوان الحَافِظُ الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ
اللهِ البَاهِلِيُّ، التِّرْمِذِيُّ، نزيل بغداد.
حَدَّثَ عَنْ: مَالِكٍ، وَشَرِيْكٍ، وَحَمَّادٍ الأَبَحِّ،
وَأَبِي عَوَانَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، ثُمَّ رَوَى عَنْ رَجُلٍ
عَنْهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
كَرَّامٍ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَصَالِحٌ جَزَرَةُ،
وَأَبُو يَعْلَى، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّان: هُوَ صَاحِبُ حَدِيْثٍ وَسُنَّةٍ,
كَتَبَ، وَجَمَعَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، بِمَكَّةَ.
أَمَّا:
1953- صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيُّ 2:
فَمِنْ أَقْرَانِهِ، وَلِيَ قَضَاءَ تِرْمذَ.
قَالَ ابْنُ حِبَّان: كَانَ جَهْمِيّاً يَبِيْعُ الخَمْرَ.
كَانَ ابْنُ رَاهْوَيْه يَبْكِي مِنْ تَجَرُّئِهِ عَلَى
اللهِ.
1954- عُتْبَةُ بنُ عبد الله 3: "س"
ابن عتبة الشَّيْخُ المُحَدِّثُ المُسْنِدُ، الثِّقَةُ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ اليحمدي، المروزي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2823"، والجرح
والتعديل "4/ ترجمة 1785"، وتاريخ بغداد "9/ 315"، والكاشف
"2/ ترجمة 2365"، وتهذيب التهذيب "4/ 395"، وتقريب التهذيب
"1/ 361"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3039".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1812"، والمجروحين
لابن حبان "1/ 370"، وتاريخ بغداد "9/ 330"، ولسان الميزان
"3/ 176".
3 ترجمته في الكاشف "2/ ترجمة 3718"، وتهذيب التهذيب "7/
98"، وتقريب التهذيب "2/ 40"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
4698".
(9/421)
حَدَّثَ عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ،
وَسَعِيْدِ بنِ سَالِمٍ القَدَّاحِ، وَابْنِ المُبَارَكِ،
وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَالفَضْلَ بنَ مُوْسَى،
وجماعة.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
الحَكِيْمُ، وَعِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ،
وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْتِيُّ، وَالحَسَنُ
بنُ سُفْيَانَ، وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ،
وَعِدَّةٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَيْضاً: ثِقَةٌ.
وَمِمَّنْ لَحِقَهُ، وَرَوَى عَنْهُ: مُؤَرِّخُ مَرْو
أَبُو رَجَاء مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه. قَالَ: وَمَاتَ
فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مُعَمَّراً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا
عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ
طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الحَاكِمُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
إِسْحَاقَ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بنُ عَبْدِ
اللهِ اليُحْمِدِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ
العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا
السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامُ بنُ زُهْرَةَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْل اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى صَلاَةً
لَمْ يَقْرَأْ فِيْهَا بِأُمِّ القُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ
هِيَ خِدَاجٌ هِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ". فَقُلْتُ: يَا
أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي أَحْيَاناً وَرَاء الإِمَامِ.
قَالَ: فَغَمَزَ ذِرَاعِي ثُمَّ قَالَ: إِقْرَأْهَا يَا
فَارِسِي فِي نَفْسِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "قَالَ
اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي،
وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ نِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا
لِعَبْدِي يَقُوْلُ العَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ} . يَقُوْلُ اللهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي.
يَقُوْلُ العَبْدُ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . يَقُوْلُ
اللهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. يَقُوْلُ العَبْدُ:
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} . يَقُوْلُ اللهُ: مَجَّدَنِي
عَبْدِي. وَهَذِهِ الآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، فَهِيَ
بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.
يَقُوْلُ العَبْدُ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ،
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:
2-7] ، فهي لعبدي، ولعبدي ما سأل" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "1/ 84"، ومسلم "395" "39"، وأبو داود
"821".
(9/422)
1955- الدُّوري 1: "ق":
الإِمَامُ العَالِمُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ المُقْرِئيْنَ،
أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بنُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ
صُهْبَانَ -وَيُقَالُ صُهَيْبٌ- الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُمُ،
الدُّوْرِيُّ، الضَّرِيْرُ، نَزِيْلُ سَامَرَّاءَ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ, فِي دَوْلَةِ
المَنْصُوْرِ.
وَتَلاَ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ، وَسَمِعَ
مِنْهُ، وَتَلاَ عَلَى الكِسَائِيِّ بِحَرْفِهِ، وَعَلَى
يَحْيَى اليَزِيْدِيِّ بِحَرْفِ أَبِي عَمْرٍو، وَعَلَى
سُلَيْمٍ بِحَرْفِ حَمْزَةَ، وَجَمَعَ القِرَاءاتِ،
وَصَنَّفَهَا.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ إِبْرَاهِيْمَ
بنِ سُلَيْمَانَ المُؤَدِّبِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي
يَحْيَى، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَسُفْيَانَ بنِ
عُيَيْنَةَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَهُوَ مِنْ
أَقْرَانِهِ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ، وَرَوَى
هُوَ عنهما.
وَتَلاَ عَلَيْهِ أَبُو الزَّعْرَاءِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ عُبْدُوْسٍ، وَأَحْمَدُ بنُ فَرَحٍ المُفَسِّرُ،
وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ
عَلِيِّ بنِ بَشَّار صَاحِبُ مَرْثِيَّةِ الهِرِّ،
وَقَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا المُطَرِّزُ، وَأَبُو عُثْمَانَ
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الضَّرِيْرُ، وَعَلِيُّ
بنُ سُلَيْمٍ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ،
وَالقَاسِمُ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ، وَأَحْمَدُ بنُ
مَسْعُوْدٍ السَّرَّاجُ، وَبَكْرٌ السَّرَاوِيْلِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ دُلْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ النَّفَّاحِ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ
المُنَقِّي، وَالحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ الصَّوَافُ،
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّافِقِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
يَعْقُوْبَ بنِ العِرْقِ، وَحَسَنُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ،
وَأَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ المُعَدَّلُ، وَغَيْرُهُم.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ، وَحَاجِبُ بنُ
أَرْكِيْنَ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ حَامِدٍ السُّنِّيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ
يَكْتُبُ عَنْ أَبِي عُمَرَ الدُّوْرِيِّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ فَرَحٍ: قُلْتُ لِلدُّوْرِيِّ: مَا
تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟ قَالَ: كَلاَمُ اللهِ غير مخلوق.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 364"، والكنى للدولابي "2/
41"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 792" وتاريخ بغداد "8/
203"، والأنساب للسمعاني "5/ 356"، وميزان الاعتدال "1/
566"، والمغني "1/ ترجمة 1638"، وتهذيب التهذيب "2/ 408"،
وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1515"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "2/ 48".
(9/423)
قَالَ ابْنُ النَّفَّاحِ: حَدَّثَنَا أَبُو
عُمَرَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ
بِقِرَاءةِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ خَتْمَةً، وَأَدْرَكْتُ
حَيَاةَ نَافِعٍ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي عَشْرَةُ
دَرَاهِمَ، لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ: رَحَلَ أَبُو عُمَرَ
فِي طَلَبِ القِرَاءاتِ، وَقَرَأَ سَائِرَ حُرُوْفِ
السَّبْعَةِ، وَبِالشَّوَاذِّ، وَسَمِعَ مِنْ ذَلِكَ
الكَثِيْرَ، وَصَنَّفَ فِي القِرَاءاتِ، وَهُوَ ثِقَةٌ،
وَعَاشَ دَهْراً. وَفِي آخِرِ عُمُرِهِ ذَهَبَ بَصَرُهُ،
وَكَانَ ذَا دِيْنٍ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَبُو عُمَرَ
الدُّوْرِيُّ يُقَالُ لَهُ: الضَّرِيْرُ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ،
وَقِيْلَ: هُوَ مِنَ الدُّورِ -مَحَلَّةٌ بِالجَانِبِ
الشَّرْقِيِّ مِنْ بَغْدَادَ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَالبَغَوِيُّ،
وَطَائِفَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ. زَادَ بَعْضُهُم: فِي شَوَّالٍ. وَقِيْلَ:
سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَهِمَ فِيْهِ حَاجِبٌ
الفَرْغَانِيُّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مُسْتَوْعَباً فِي
"طَبَقَاتِ القُرَّاءِ".
وَقَوْلُ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيْفٌ يُرِيْدُ فِي ضَبْطِ
الآثَارِ أَمَّا فِي القِرَاءاتِ، فَثَبْتٌ إِمَامٌ.
وَكَذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ القُرَّاءِ أَثْبَاتٌ فِي
القِرَاءةِ دُوْنَ الحَدِيْثِ, كَنَافِعٍ، والكسائي، وحفص،
فإنهم نهضوا بأعباء الحروف وحرورها، وَلَمْ يَصْنَعُوا
ذَلِكَ فِي الحَدِيْثِ كَمَا أَنَّ طَائِفَةً مِنَ
الحُفَّاظِ أَتْقَنُوا الحَدِيْثَ، وَلَمْ يُحْكِمُوا
القِرَاءةَ. وَكَذَا شَأْنُ كُلِّ مَنْ بَرَّزَ فِي فَنٍّ،
وَلَمْ يَعْتَنِ بِمَا عَدَاهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
(9/424)
1956- سَوَّار بن عبد الله 1: "د، ت، س"
ابن سوار بن عَبْدِ اللهِ بنِ قُدَامَةَ الإِمَامُ
العَلاَّمَةُ القَاضِي، أبو عبد الله التَّمِيْمِيُّ,
العَنْبَرِيُّ, البَصْرِيُّ, قَاضِي الرُّصَافَةِ مِنْ
بَغْدَادَ مِنْ بَيْتِ العِلْمِ وَالقَضَاءِ، كَانَ
جَدُّهُ قَاضِي البَصْرَةِ.
سَمِعَ سَوَّارٌ هَذَا مِنْ: عَبْدِ الوَارِثِ
التَّنُّوْرِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَمُعْتَمِرِ
بنِ سُلَيْمَانَ، وَبِشْرِ بنِ المُفَضَّلِ، وَيَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ القَطَّانِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَيَحْيَى
بنُ صَاعِدٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ
الغَضَائِرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي: دَخَلَ سَوَّارُ بنُ
عَبْدِ اللهِ القَاضِي عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ طَاهِرٍ فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ، إِنِّي جِئْتُ
فِي حَاجَةٍ رَفَعْتُهَا إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
قَبْلَ أَنْ أَرْفَعَهَا إِلَيْكَ، فَإِنْ قَضَيْتَهَا,
حَمَدْنَا اللهَ وَشَكَرْنَاكَ، وَإِنْ لَمْ تَقْضِهَا,
حَمَدْنَا اللهَ وَعَذَرْنَاكَ. قَالَ: فَقَضَى جَمِيْعَ
حَوَائِجِهِ.
قُلْتُ: وَكَانَ مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ، فَصِيْحاً,
مُفَوَّهاً، وَكَانَ وَافِرَ اللِّحْيَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ المُعَذَّلِ الفَقِيْهُ: كَانَ
سَوَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ قَدْ خَامَرَ قَلْبَهُ وَجْدٌ،
فَقَالَ:
سَلَبْتِ عِظَامِي مُخَّهَا فَتَرَكْتِهَا ... عَوَارِيَ
فِي أَجْلاَدِهَا تَتَكَسَّرُ
وَأَخْلَيْتِ مِنْهَا مُخَّهَا فَكَأَنَّهَا ...
قَوَارِيْرُ فِي أَجْوَافِهَا الرِّيْحُ تَصْفِرُ
خُذِي بِيَدِي ثُمَّ اكشِفِي الثَّوْبَ وَانْظُرِي ...
بِلَى جَسَدِي لَكِنَّنِي أَتَسَتَّرُ
وَلَيْسَ الَّذِي يجْرِي مِنَ العين ماؤها ... ولكنها روحي
تذاب فتقطر
عَمِيَ سَوَّارٌ بِأَخَرَة، وَمَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وأربعين ومائتين، في شوال.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 113"،
والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1174"، وتاريخ بغداد "9/ 210"،
والكاشف "1/ ترجمة 2212"، والعبر "1/ 248 و444"، وتهذيب
التهذيب "4/ 268" وتقريب التهذيب "1/ 339"، وخلاصة الخزرجي
"1/ ترجمة 2822"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 108".
(9/424)
1957- النَّخْشَبِيُّ 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ، شَيْخُ الطَّائِفَةِ, أَبُو تُرَابٍ
عَسْكَرُ بنُ الحُصَيْنِ النَّخْشَبِيُّ، وَمَدِيْنَةُ
نَخْشَب مِنْ نَوَاحِي بَلخ تُسَمَّى أَيْضاً نَسَف.
صَحِبَ حَاتِماً الأَصَمَّ. وَحَدَّثَ عَنْ نُعَيْمِ بنِ
حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ،
وَغَيْرِهِمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: الفَتْحُ بنُ شَخْرَف، وَرَفِيْقُهُ؛
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ
الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الجَلاَّءِ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَتَبَ العِلْمَ، وَتَفَقَّهَ, ثُمَّ تَأَلَّهَ
وَتَعَبَّدَ، وَسَاحَ وَتَجَرَّدَ.
وَسُئِلَ عَنْ صِفَةِ العَارِفِ, قَالَ: الَّذِي لاَ
يُكَدِّرهُ شَيْءٌ، وَيَصْفُو بِهِ كُلُّ شَيْء.
وَعَنْهُ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الصُّوْفِيَّ قَدْ سَافر
بِلاَ رَكْوَةٍ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ عَزَمَ عَلَى
تَرْكِ الصَّلاَةِ.
وَعَنْهُ: ثَلاَثٌ مِنْ مَنَاقِبِ الإِيْمَانِ
الاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ، وَالرِّضَى بِالكَفَافِ،
وَالتَّفْوِيْضُ إِلَى اللهِ.
وَثَلاَثٌ مِنْ مَنَاقِبِ الكُفْرِ: طُوْلُ الغَفْلَةِ
عَنِ اللهِ، وَالطِّيَرَةُ، وَالحَسَدُ.
وَعَنْ يُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: كُنَّا بِمَكَّةَ،
فَقَالَ أَبُو تراب: أحتاج إِلَى دَرَاهِمَ، فَإِذَا
رَجُلٌ قَدْ صَبَّ فِي حَجْرِهِ كِيْسَ دَرَاهِم، فَجَعَلَ
يُفَرِّقُهَا عَلَى مَنْ حَوْلَهُ، وَكَانَ فِيْهِم
فَقِيْرٌ يَتَرَاءى لَهُ ليُعْطِيَهُ، فَنَفِذَتْ، وَلَمْ
يُعْطِهِ وَبَقِيْتُ أَنَا وَهُوَ وَالشَّيْخُ، فَقَالَ
لَهُ: تَرَاءيتُ لَكَ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: أَنْتَ لاَ
تَعْرِفُ المُعْطِي.
قَالَ ابْنُ الجَلاَّء: لَقِيْتُ أَلْفَي شَيْخٍ، مَا
لَقِيْتُ مِثْلَ أَبِي تُرَابٍ، وَآخَر.
مَاتَ أَبُو تُرَابٍ: بِطَرِيْقِ الحَجِّ, انقَطَعَ،
فَنَهَشَتْهُ السِّبَاعُ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 462"، وتاريخ بغداد
"12/ 315"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 321".
(9/425)
1958- محمد بن عُبَيد 1:
ابن عبد الملك الإِمَامُ المُحَدِّثُ العَبْدُ الصَّالِحُ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ، ثُمَّ
الهَمَذَانِيُّ وَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
عَبْدِ المَلِكِ.
رَوَى أَبُوْهُ عَنِ: الشَّعْبِيِّ.
وَعَنْهُ: وَكِيْعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
يُقَالُ: صَامَ سِتِّيْنَ سَنَةً.
وَرَوَى مُحَمَّدُ عَنْ، سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ،
وَعُمَرَ بنِ هَارُوْنَ، وَالرَّبِيْعِ بنِ زِيَادٍ،
وَعَبِيْدَةَ بنِ حُمَيْدٍ، وَسَيْفِ بنِ مُحَمَّدٍ
الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَيَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ الأُمَوِيِّ، وَحُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ،
وَشَبَابَةَ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ الكَرَابِيْسِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الدُّحَيْمِيُّ، وَعَلِيُّ
بنُ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيُّ، وَعِيْسَى بنُ يَزِيْدَ إمام
الجامع، وعلي بن الحسن بن سعيد، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ
المُكْتِبُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَمْروس، وَعُبْدوسُ بنُ
أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
بنَ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
ذَاكَرْتُ أَبَا زُرْعَةَ بِحَدِيْثِ مُحَمَّدِ بنِ
عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بن أبي بكر، عن همام، عن قتادة،
عَنْ
أَنَسٍ, مَرْفُوْعاً: "مَنْ حُوْسِبَ, عُذِّبَ" 2. فَقَالَ
ابْنُ عُبَيْدٍ عِنْدَنَا إِمَامٌ، وَعلِيٌّ مِنَ
الأَبْدَالِ، وَهَذَا غَرِيْبٌ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ يَزْدَادَ الخَشَّابُ: لَوْ كَانَ
مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ بِبَغْدَادَ كَانَ يَكُوْنُ
شَبِيْهاً بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
وَعَنْ أَبِي زُرْعَةَ, قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ
ثِقَةٌ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ المُؤَدِّبُ: تُوُفِّيَ
سَنَةَ تِسْعٍ وأربعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 5106"، وتهذيب التهذيب "9/
330"، وتقريب التهذيب "2/ 188"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
6478".
2 صحيح: أخرجه الترمذي "3338" من طريق
محمد بن عبيد الهمداني،
عن علي بن أبي بكر، به. وله شاهد من حديث عائشة: عند
البخاري "4939"، ومسلم "2876".
(9/426)
1959- الحسن بن
عرفة 1: "ت، ق"
ابن يزيد الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ, مُسْنِدُ
وَقْتِهِ، أَبُو عَلِيٍّ العبدي، البغدادي, المؤدب.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ هُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ
عَيَّاشٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى، وَخَلَفِ
بنِ خَلِيْفَةَ، وَالمُبَارَكِ بنِ سَعِيْدٍ أَخِي
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ،
وَزِيَادٍ البَكَّائِيِّ، وَعَبَّادِ بنِ عَبَّادٍ
المُهَلَّبِيِّ، وَعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ،
وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
عَيَّاشٍ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَالحَكَمِ بنِ
ظُهَيْرٍ، وَمَرْحُوْمِ بنِ عَبْدِ العزيز العطار، وقران
بن تمام، وعمار بن محمد الثوري، وَعَلِيِّ بنِ ثَابِتٍ
الجَزَرِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ
العَمِّيِّ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ،
وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ ابْنِ عُلَيَّةَ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْس، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الأَبَّارِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيِّ، وَعَبَّادِ بنِ العَوَّامِ،
وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَمَرْوَانَ بنِ شُجَاعٍ، وَبِشْرِ
بنِ المُفَضَّلِ، وَطَبَقَتِهم، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ
الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ
أَبِي الدُّنْيَا، وَزَكَرِيَّا خَيَّاطُ السُّنَّةِ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو يَعْلَى، وَقَاسِمٌ
المُطَرِّزُ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَالمَحَامِلِيُّ، وَابْنُ
مَخْلَدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ
الهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ،
وَإِسْمَاعِيْلُ الوَرَّاقُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ
المَطِيْرِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَيَّاشٍ القَطَّانُ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الأَثْرَمُ، وعلي بن الفضل
الستوري،
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 128"، وتاريخ بغداد
"7/ 394"، والعبر "1/ 14"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين
الصفدي "12/ 103"، وتهذيب التهذيب "2/ 293"، وخلاصة
الخزرجي "1/ ترجمة 1356"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/
136".
(9/427)
وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الرَّبِيْعِ
الأَنْمَاطِيُّ، وَمُؤْنِسُ بنُ وَصِيْفٍ، وَحَبْشونُ بنُ
مُوْسَى الخَلاَّلُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَبِي ثَابِتٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ هميان الوَكِيْلُ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ قَالَ لِي ابْنُ
مَعِيْنٍ: كَتَبْتَ عَنْ ذَاكَ المُعَلِّمِ الَّذِي فِي
المُرَبَّعَةِ? قُلْتُ: نَعَمْ, أَهُوَ الحَسَنُ بنُ
عَرَفَةَ? قَالَ: نَعَمْ, يَرْوِي عَنْ مُبَارَكِ بنِ
سَعِيْدٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ. قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَكَانَ
يَخْتَلِفُ إِلَى أَبِي.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ الدَّروقِيِّ، عَنِ ابْنِ
مَعِيْنٍ قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ اذهَبْ إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ سَمِعْتُ مِنْهُ
مَعَ أَبِي بِسَامَرَّاءَ، وَسُئِلَ عَنْهُ أَبِي فَقَالَ:
صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَقَدْ رَوَى
النَّسَائِيُّ، عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيُّ:
سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ يَقُوْلُ: كَتَبَ عَنِّي
خَمْسَةُ قُرُوْن.
قُلْتُ: يَعْنِي خَمْسَ طَبَقَاتٍ، فَالطَّبَقَةُ
الأُوْلَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالثَّانِيَةُ ابْنُ
أَبِي الدُّنْيَا, الثَّالِثَةُ طَبَقَةُ ابْنُ
خُزَيْمَةَ, الرَّابِعَةُ طَبَقَةُ المَحَامِلِيّ,
الخَامِسَةُ الصَّفَّار.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: عَاشَ الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ
مائَةً وَعَشْرَ سِنِيْنَ، وَكَانَ لَهُ عَشْرَةُ
أَوْلاَدٍ سَمَّاهُم بِأَسَامِي العَشرَةِ -رَضِيَ الله
عنهم.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَمُؤَمَّلُ بنُ
مُحَمَّدٍ إِجَازَةً, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ
الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ
الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
الحَافِظُ قَالَ: أَجَازَ لِي مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيٍّ
المِصْرِيُّ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ نَصْرُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ زُرَيْقٍ، أخبرنا الحسن بن رشيق، حدثنا
أحمد بن مُحَمَّدِ بنِ حَكِيْمٍ الصَّدَفِيُّ سَمِعْتُ
الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَسُئِلَ: كَمْ تَعُدُّ مِنَ
السِّنِيْن؟ قَالَ: مائَةَ سَنَةٍ وَعَشْر سِنِيْنَ, لَمْ
يَبْلُغْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ هَذَا السِّنَّ
غَيْرِي.
قُلْتُ: قَدْ بَلَغَ أَيْضاً هَذَا السِّنَّ حَسَّانُ بنُ
ثَابِت، وَحَكِيْمُ بنُ حِزَامٍ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ
الصَّحَابَةِ، وَسُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ
التَّابِعِيْنَ، وَمِمَّنْ شَارَكَهُ، فِي السِّنِّ أَبُو
العَبَّاسِ الحَجَّارُ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ الحَافِظُ:
وُلِدَ فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ: الشَّافِعِيُّ،
وَبِشْرٌ الحَافِي، وَخَلَفٌ البَزَّارُ، وَالحَسَنُ بنُ
عَرَفَةَ.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوْسَى بنُ
مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ, سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ
يَقُوْلُ:
(9/428)
حَدَّثَنِي وَكِيْعٌ بِأَحَادِيْثَ،
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أَلَم
أُحَدِّثْكَ بِهَا أَمْس؟ قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنِّي
شَكَكْتُ. قَالَ: لاَ تَشُكَّ، فَإِنَّ الشَّكَّ مِنَ
الشَّيْطَانِ.
قُلْتُ: انْتَهَى عُلُوُّ الإِسْنَادِ اليَوْمَ، وَهُوَ
عَامُ خَمْسَة وَثَلاَثِيْنَ إِلَى حَدِيْثِ الحَسَنِ بنِ
عَرَفَةَ كَمَا أَنَّهُ كَانَ سَنَةَ نَيِّفٍ وستين
وستمائة أعلى شيء يَكُوْن، وَكَانَ رَحِمَهُ اللهُ صَاحِبَ
سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ.
قَالَ البَغَوِيُّ: مَاتَ بِسَامَرَّاءَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَقِيْلَ: مَاتَ لأَرْبَعٍ
بَقِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ مِنْهَا، وَيُقَالُ: سَنَةَ
ثَمَانٍ، وَهُوَ وَهْمٌ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُؤَمَّلُ بنُ
مُحَمَّدٍ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ عُمَرَ المُعَدَّلُ لِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ
بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بنُ
يَحْيَى، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا
المُبَارَكُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ مُوْسَى الجُهَنِيِّ، عَنْ
مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَمْنَعُ
أَحَدَكُمْ أَنْ يُسَبِّحَ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْراً،
وَيُكَبِّرَ عَشْراً، وَيَحْمَدَ عَشْراً، فَذَلِكَ فِي
خَمْسِ صَلَوَاتٍ خَمْسُوْنَ وَمائَةٌ باللسان، وألف
وخمسمائة فِي المِيْزَانِ، وَإِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ
سَبَّحَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ، وَحَمِدَ ثَلاَثاً
وَثَلاَثِيْنَ، وَكَبَّرَ أَرْبَعاً وَثَلاَثِيْنَ،
فَذَلِكَ مائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ فِي المِيْزَانِ،
فأيكم يعمل في يوم وليلة ألفين وخمسمائة سَيِّئَةٍ"؟! 1
وَأَنْبَأَنيه بِعُلُوِّ أَرْبَع درج: أَحْمَدُ بنُ
سَلاَمَةَ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بن بيان، حدثنا بنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ
عَرَفَةَ نحوه.
__________
1 صحيح: وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو: عند أبي داود
"5065"، والترمذي "3410" والنسائي "3/ 74" من طرق عن عطاء
بن السائب، عن أبيه، عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره بنحوه وإسناده حسن،
عطاء بن السائب، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
(9/429)
1960- أحمد بن أبي سُرَيج 1: "خ، د، س"
عمر بن الصباح الحَافِظُ، العَالِمُ، أَبُو جَعْفَرٍ
الرَّازِيُّ.
تَلاَ عَلَى الكِسَائِيِّ.
قَرَأَ عَلَيْهِ العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الرَّازِيُّ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عُلَيَّةَ،
وَشُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ، وَوَكِيْعٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ:
صَدُوْقٌ، وَالبُخَارِيُّ، فِي "صَحِيْحِهِ"، وَأَبُو
دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
دَاوُدَ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 75"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "1/ ترجمة 21"، وتهذيب التهذيب "1/ 44".
(9/429)
1961- علي بن
خشرم 1: "م، ت، س"
ابن عبد الرحمن بن عَطَاءِ بنِ هِلاَلٍ، الإِمَامُ،
الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ أَبُو الحسن المروزي بن أُخْتِ
بِشْرٍ الحَافِي.
سَمِعَهُ أَبُو رَجَاءَ مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه
يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ مُحَمَّدٍ
الدَّرَاوَرْدِيَّ، وَهُشَيْمَ بنَ بَشِيْرٍ، وَعِيْسَى
بنَ يُوْنُسَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ، وَسُفْيَانَ
بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ، وَهْبٍ، وَالفَضْلَ
بنَ مُوْسَى السِّيْنَانِيَّ، وَأَبَا تميلة، ووكيعًا،
وطبقتهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيُّ،
وَوَقَعَ لَنَا رِوَايَتُهُ عَنْهُ، فِي تَعْلِيَةِ
حَدِيْثِ مُوْسَى، وَالخَضِرِ، فَقَالَ، حَدَّثَنَاهُ
عَلِيُّ بنُ خشرم، حدثنا بن عُيَيْنَةَ، فَذَكَرَهُ لَكِنْ
لَيْسَ هَذَا فِي كُلِّ النُّسَخِ بِالصَّحِيْحِ،
وَمِمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذٍ
المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ رَزِيْنٍ
البَاشَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ شَكَّر،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ البَلْخِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ
أَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ الأَعْمَشِيُّ، وَعَدَدٌ
كَثِيْرٌ.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَادِ بِمَا وَرَاء
النَّهرِ، وَبِمَرْوَ، وَهَرَاةَ.
قَالَ أَبُو رَجَاءَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: صُمتُ
ثَمَانِيَةً وَثَمَانِيْنَ رَمَضَاناً. قَالَ: وَمَاتَ فِي
رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1013"، والعبر "2/
183"، والكاشف "2/ ترجمة رقم3969"، وتهذيب التهذيب "7/
316"، وتقريب التهذيب "2/ 36"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
4978".
(9/430)
أحمد بن بكار،
الحظمي:
1962- أحمد بن بَكَّار 1: "س"
بن أبي ميمونة زيد، الأموي مَوْلاَهُمُ الحَرَّانِيُّ،
الحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
رَوَى عَنْ: أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَمَخْلَدِ بنِ يَزِيْدَ،
وَابْنِ فُضَيْلٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ، وَوَكِيْعٍ،
وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَالبَاغَنْدِيُّ، وَأَبُو
عَرُوْبَةَ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لا بأس به.
قُلْتُ: امتَنَعَ مِنَ الأَخْذِ عَنْ يَعْلَى بنِ
الأَشْدَقِ؛ لأَنَّهُ سَمِعَهُ يُفْحِشُ فِي خِطَابِهِ.
تُوُفِّيَ سنة 244، في صفر.
1963- الخَطْمي 2: "م، ت، س، ق"
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ القَاضِي، أَبُو مُوْسَى
إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الخَطْمِيِّ, الأَنْصَارِيُّ,
المَدَنِيُّ, الفَقِيْهُ, نَزِيْلُ سَامَرَّاءَ, ثُمَّ
قَاضِي نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدَ السَلاَّمِ بنَ
حَرْبٍ، وَمَعْنَ بنَ عِيْسَى القَزَّازَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَبَقِيُّ بنُ
مَخْلَدٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَابْنُهُ مُوْسَى
بنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَة،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ. أَطْنَبَ أَبُو
حَاتِمٍ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
وَيَروِي التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ كَثِيْراً، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ. وَلَهُ حَدِيْثٌ يَنْفَرِدُ
بِهِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى،
حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بنِ إِدْرِيْسَ، عَنْ شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ إِلَى
ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَإِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي
مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا الحَدِيْثُ الَّذِي
تُكْثِرُوْنَ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ? فَحَبَسَهُم بِالمَدِيْنَةِ حَتَّى
اسْتُشْهِدَ. هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ نَاجِيَةَ،
وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْحَاقَ الخَطْمِيِّ.
قِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ بِجُوْسِيَةَ -بُلَيْدَةٍ مِنْ
أَعْمَالِ حِمْصَ- فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ وَلَدُهُ مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ مِنْ كِبَارِ أئمة
الدين.
__________
1 ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 19"، وتقريب التهذيب "1/
12".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 828"، وتاريخ بغداد
"6/ 355"، والعبر "1/ 442" والوافي بالوفيات لصلاح الدين
الصفدي "8/ 427"، وتهذيب التهذيب "1/ 251"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "2/ 105".
(9/431)
1964- يحيى بن
أكثم 1: "ت"
ابن محمد بن قطن، قَاضِي القُضَاةِ، الفَقِيْهُ
العَلاَّمَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ
المَرْوَزِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ المَهْدِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ،
وَابْنِ المُبَارَكِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ
الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ،
وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَالفَضْلِ السِّيْنَانِيِّ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَعِدَّةٍ، وَلَهُ
رِحْلَةٌ، ومعرفة.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ،
وَالبُخَارِيُّ خَارِجَ "صَحِيْحِهِ"، وَإِسْمَاعِيْلُ
القَاضِي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَتَّوَيْه،
وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
مَحْمُوْدٍ المَرْوَزِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ
مِنْهَا كِتَابُ "التَنْبِيْهِ".
قَالَ الحَاكِمُ: مَنْ نَظَرَ فِي "التَنْبِيهِ" لَهُ,
عَرَفَ تَقَدُّمَهُ فِي العُلُومِ.
وَقَالَ طَلْحَةُ الشَّاهِدُ: كَانَ وَاسِعَ العِلْمِ
بِالفِقْهِ كَثِيْرَ الأَدَبِ حَسَنَ العَارِضَةِ قَائِماً
بِكُلِّ مُعْضِلَةٍ. غَلَبَ عَلَى المَأْمُوْنِ حَتَّى
لَمْ يَتَقَدَّمْهُ عِنْدَهُ أَحَدٌ مَعَ بَرَاعَةِ
المَأْمُوْنِ فِي العِلْمِ، وَكَانَتِ الوُزَرَاءُ لاَ
تُبْرِمُ شَيْئاً حَتَّى تُرَاجِعَ يَحْيَى.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَلاَّهُ المَأْمُوْنُ قَضَاءَ
بَغْدَادَ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ أَكْثَمَ بنِ صَيْفِيٍّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعَ مِنِ ابْنِ
المُبَارَكِ صَغِيراً، فَصَنَعَ أَبُوْهُ طَعَاماً،
وَدَعَا النَّاسَ، وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ ابْنِي سَمِعَ
مِنْ عبد الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2932"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 244 و716" والجرح والتعديل "9/
ترجمة 549"، وتاريخ بغداد "14/ 191"، والإكمال لابن ماكولا
"7/ 125"، ووفيات الأعيان "6/ ترجمة 793"، والكاشف "3/
ترجمة 6243"، والمغني "2/ ترجمة 6929"، والعبر "1/ 439"،
وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9459"، وتهذيب التهذيب "11/
179"، وتقريب التهذيب "2/ 342"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "2/ 91".
(9/432)
قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ:
سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: كنت عند سفيان، فَقَالَ:
بُلِيْتُ بِمُجَالَسَتِكُم بَعْدَ مَا كُنْتُ أُجَالِسُ
مَنْ جَالَسَ الصَّحَابَةَ، فَمَنْ أَعْظَمُ مِنِّي
مُصِيْبَةً? قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, الَّذِيْنَ
بَقُوا حَتَّى جَالَسُوكَ بَعْدَ الصَّحَابَةِ, أَعْظَمُ
مِنْكَ مُصِيْبَةً.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ يَحْيَى،
عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَلِيَّتِي
إِلاَّ أَنِّي حِيْنَ كَبِرْتُ صَارَ جُلَسَائِيَ
الصِّبْيَانُ بعدما كُنْتُ أُجَالِسُ مَنْ جَالَسَ
الصَّحَابَةَ. قلتُ: أَعْظَمُ منك مصيبة من جالسك، في صغرك
بعدما جَالَسَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَسَكَتَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى, قَالَ:
صِرْتُ إِلَى حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، فَتَعَشَّيْنَا
عِنْدَهُ، فَأَتَى بِعُسٍّ، فَشَرِبَ، وَنَاوَلَ أَبَا
بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، فَشَرِبَ، وَنَاوَلَنِي.
قَالَ: فَقُلْتُ: أَيُسْكِرُ كَثِيْرُهُ? قَالَ: إِيْ
وَاللهِ، وَقَلِيْلُهُ، فَتَرَكْتُهُ.
وَرَوَى أَبُو حَازِمٍ القَاضِي، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ:
وَلِيَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ قضاء البَصْرَةِ، وَلَهُ
عِشْرُوْنَ سَنَةً، فَاسْتَصْغَرُوْهُ، وَقِيْلَ: كَمْ
سِنُّ القَاضِي? قَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْ عَتَّابِ بنِ
أَسِيدٍ؛ الَّذِي وَلاَّهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَكَّةَ، وَأَكْبَرُ مِنْ
مُعَاذٍ حِيْنَ وَجَّهَ بِهِ رَسُوْلُ اللهِ قَاضِياً
عَلَى اليَمَنِ، وَأَكْبَرُ مِنْ كَعْبِ بنِ سُوْرٍ
الَّذِي وَجَّهَ بِهِ عُمَرُ قَاضِياً عَلَى البَصْرَةِ.
قَالَ الفَضْلُ الشَّعْرَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ
أَكْثَمَ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ فَمَنْ قَالَ:
مَخْلُوْقٌ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ
عُنُقُهُ.
وَعَنْ يَحْيَى قَالَ: مَا سُرِرْتُ بِشَيْءٍ سُروْرِي
بِقَوْلِ المُسْتَمْلِي: مَنْ ذَكَرْتَ رَضِيَ اللهُ
عَنْكَ.
وَذُكِرَ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ مَا يُرْمَى بِهِ
يَحْيَى، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَنْ يَقُوْلُ هَذَا?!
قُلْتُ: قَدْ وَلِعَ النَّاسُ بِيَحْيَى لِتَوَلُّعِهِ
بِالصُّوَرِ حُبّاً أَوْ مُزَاحاً.
الصُّوْلِيُّ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي يُعَظِّمُ
شَأْنَ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، وَذكَرَ لَهُ يَوْمَ
قِيَامِهِ فِي وَجْهِ المَأْمُوْنِ لَمَّا أَبَاحَ
مُتْعَةَ النِّسَاءِ، فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى رَدَّهُ
إِلَى الحَقِّ، وَنَصَّ لَهُ الحَدِيْثَ فِي
تَحْرِيْمِهَا، فَقِيْلَ لإسماعيل: فما كَانَ يُقَالُ?
قَالَ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ تَزُوْلَ عَدَالَةُ مِثْلِهِ
بِكَذِبِ بَاغٍ أَوْ حَاسِدٍ ثُمَّ قَالَ: وَكَانَتْ
كُتُبُهُ فِي الفِقْهِ أَجَلَّ كُتُبٍ, تَرَكَهَا النَّاسُ
لِطُوْلِهَا.
قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: سُئِلَ رَجُلٌ مِنَ البُلَغَاءِ،
عَنْ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، وأحمد ابن أبي دؤاد,
أَيُّهُمَا أَنْبَلُ? قَالَ: كَانَ أَحْمَدُ يَجِدُّ مَعَ
جَارِيَتِهِ وَبَيْتِهِ، وَكَانَ يَحْيَى يَهْزِلُ مَعَ
عَدُوِّهِ وَخَصْمِهِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.
(9/433)
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ،
عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: كَانَ يَكْذِبُ.
وَقَالَ ابْنُ رَاهْوَيْه: ذَاكَ الدَّجَّالُ يُحَدِّثُ
عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الجُنَيْدِ: يَسْرِقُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: حَدَّثَ عَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ
بِأَحَادِيْثَ لَمْ يَسْمَعْهَا.
وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ: رَوَى عَنِ
الثِّقَاتِ عجائب.
قُلْتُ: مَا هُوَ مِمَّنْ يَكْذِبُ, كَلاَّ, وَكَانَ
عَبَثُهُ بِالمُرْدِ أَيَّامَ الشَّبِيْبَةِ، فَلَمَّا
شَاخَ, أَقْبَلَ عَلَى شَأْنِهِ, وَبَقِيَتِ الشَّنَاعَةُ،
وَكَانَ أَعْوَرَ.
قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: وَقَفَ لَهُ الأَضِرَّاءُ،
فَطَالَبُوْهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكُمْ عِنْدَ أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ شَيْءٌ. فَقَالُوا: لاَ تَفْعَلْ يَا أَبَا
سَعِيْدٍ. فَصَاحَ: الحَبْسَ الحَبْسَ. فَحُبِسُوا،
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ضَجَّوُا، فَقَالَ المَأْمُوْنُ:
مَا هَذَا? قِيْلَ: الأَضِرَّاءُ. فَقَالَ لَهُ: وَلِمَ
حَبَسْتَهُمْ? أَعَلَى أَنْ كَنَّوْكَ? قَالَ: بَلْ
حَبَسْتُهُم عَلَى التَّعْرِيْضِ بِشَيْخٍ لاَئِطٍ فِي
الحَرْبِيَّةِ.
قَالَ فَضْلَكُ الرَّازِيُّ: مَضَيْتُ أَنَا وَدَاوُدُ
الأَصْبَهَانِيُّ إِلَى يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، وَمَعَنَا
عَشْرَةُ مَسَائِلَ، فَأَجَابَ فِي خَمْسَةٍ مِنْهَا
أَحْسَنَ جَوَابٍ، وَدَخَلَ غُلاَمٌ مَلِيْحٌ، فَلَمَّا
رَآهُ اضْطَرَبَ، فَلَمْ يَقْدِرْ يَجِيءُ، وَلاَ يَذْهَبُ
فِي مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ دَاوُدُ: قم, اختلط الرجل.
قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ أَبِي
عَاصِمٍ، فَنَازَعَ أَبُو بَكْرٍ بنُ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ
غُلاَماً، فَقَالَ أَبُو عَاصِمٌ: مَهْيَم? قِيْلَ: أَبُو
بَكْرٍ يُنَازِعُ غُلاَماً، فَقَالَ: إِنْ يَسْرِقْ،
فَقَدْ سَرَقَ أَبٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ.
وَقَدْ هُجِيَ بِأَبْيَاتٍ مُفَرَّقَةٍ لَمْ أَسُقْهَا.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ المُتَوَكِّلُ,
صَيَّرَ يَحْيَى فِي مَرْتَبَةِ ابن أبي دؤاد، وَخَلَعَ
عَلَيْهِ خَمْسَ خِلَعٍ.
وَقَالَ نِفْطَوَيْه: لَمَّا عُزِلَ يَحْيَى مِنَ
القَضَاءِ بِجَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ, جَاءهُ كَاتِبُهُ،
فَقَالَ: سَلِّمِ الدِّيْوَانَ. فَقَالَ: شَاهِدَانِ
عَدْلاَنِ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ بِذَلِكَ. فَلَمْ
يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، وَأُخِذَ مِنْهُ قَهْراً، وَأَمَرَ
المُتَوَكِّلُ بِقَضِّ أَمْلاَكِهِ، وَحُوِّلَ إِلَى
بَغْدَادَ، وَأُلزِمَ بَيْتَهُ.
قَالَ الكَوْكَبِيُّ: حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بنُ أَحْمَدَ
الكَاتِبُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ
السَّعْدِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ،
فَقَالَ: افْتَحْ هَذَا القِمَطْرَ. فَفَتَحَ، فَإِذَا
فِيْهِ شَيْءٌ رَأْسُهُ رَأْسُ إِنْسَانٍ، وَمِنْ
سُرَّتِهِ إِلَى أَسْفَلٍ خِلْقَةُ زَاغٍ، وَفِي ظَهْرِهِ
سلعة -يعني: حدبة- وفي صدره كذلك، فَكَبَّرْتُ وَهَلَّلْتُ
وَجَزِعْتُ, وَيَحْيَى يَضْحَكُ، فَقَالَ لِي بلسان طلق:
(9/434)
أَنَا الزَّاغُ أَبُو عَجْوَه ... أَنَا
ابْنُ اللَّيْثِ وَاللَّبْوَه
أُحِبُّ الرَّاحَ وَالرَّيْحَا ... نَ وَالنَّشْوَةَ
وَالقَهْوَه
فَلاَ عَرْبَدَتِي تُخْشَى ... وَلاَ تُحْذَرُ لِي سَطْوَه
ثُمَّ قَالَ: يَا كَهْلُ أَنْشِدْنِي شِعْراً غَزِلاً،
فَأَنْشَدْتُهُ:
أَغَرَّكِ أَنْ أَذْنَبْتِ ثُمَّ تَتَابَعَتْ ... ذُنُوبٌ
فلم أهجرك ثم أتوب
وَأَكْثَرْتِ حَتَّى قُلْتِ لَيْسَ بِصَارِمِي ... وَقَدْ
يُصْدَمُ الإِنْسَانُ وَهُوَ حَبِيْبُ
فَصَاحَ: زَاغْ زَاغْ زَاغْ، فَطَارَ ثُمَّ سَقَطَ فِي
القِمَطْرِ، فَقُلْتُ: أَعَزَّ اللهُ القَاضِيَ، وَعَاشِقٌ
أَيْضاً?! فَضَحِكَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا? قَالَ: هُوَ مَا
تَرَى، وَجَّهَ بِهِ صَاحِبُ اليَمَنِ إِلَى أَمِيْرِ
المُؤْمِنِيْنَ، وَمَا رَآهُ بَعْدُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ
الحَارِثِ، عَنْ شَبِيْبِ بنِ شَيْبَةَ بنِ الحَارِثِ,
قَالَ: قَدِمْتُ الشِّحْرَ عَلَى رَئِيْسِهَا،
فَتَذَاكَرْنَا النَّسْنَاسَ، فَقَالَ: صِيْدُوا لَنَا
مِنْهَا. فَلَمَّا أَنْ رُحْتُ إِلَيْهِ إِذَا بِنَسْنَاسٍ
مَعَ الأَعْوَانِ، فَقَالَ: أَنَا بِاللهِ وَبِكَ!
فَقُلْتُ: خَلُّوهُ. فَخَلَّوْهُ، فَخَرَجَ يَعْدُو،
وَإِنَّمَا يَرْعَوْنَ النَّبَاتَ، فَلَمَّا حَضَرَ
الغَدَاءُ, قَالَ: اسْتَعِدُّوا لِلصَّيْدِ، فَإِنَّا
خَارِجُوْنَ. فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ, سَمِعْنَا
قَائِلاً يَقُوْلُ: أَبَا مُحَمَّدٍ, إِنَّ الصبح قد
أَسْفَرَ، وَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ أَدْبَرَ، وَالقَانِصُ
قَدْ حَضَرَ، فَعَلَيْكَ بِالوَزَرِ. فَقَالَ: كُلِي وَلاَ
تُرَاعِي. فَقَالُوا: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، فَهَرَبَ،
وَلَهُ وَجْهٌ كَوَجْهِ الإِنْسَانِ، وَشَعَرَاتٌ بِيْضٌ
فِي ذَقْنِهِ، وَمِثْلُ اليَدِ فِي صَدْرِهِ، وَمِثْلُ
الرِّجْلِ بَيْنَ وَرِكَيْهِ، فَأَلَظَّ بِهِ كَلْبَان،
وَهُوَ يَقُوْلُ:
إِنَّكُمَا حِيْنَ تُجَارِيَانِي ... أَلْفَيْتُمَانِي
خَضِلاً عِنَانِي
لَوْ بِي شَبَابٌ مَا مَلَكْتُمَانِي ... حَتَّى تَمُوْتَا
أَوْ تُفَارِقَانِي
قَالَ: فَأَخَذَاهُ.
قَالَ: وَيَزْعَمُوْنَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا مِنْهَا
نَسْنَاساً، فَقَالَ قَائِلٌ: سُبْحَانَ اللهِ, مَا
أَحْمَرَ دَمَهُ! قَالَ: يَقُوْلُ نَسْنَاسٌ مِنْ
شَجَرَةٍ: كَانَ يَأْكُلُ السُّمَّاقَ، فَقَالُوا:
نَسْنَاسٌ. فَأَخَذُوْهُ، وَقَالُوا: لَوْ سَكَتَ ما علم
به. فَقَالَ آخَرُ مِنْ شَجَرَةٍ: أَنَا صُمَيْمِيْتٌ.
فَقَالُوا: نَسْنَاسٌ, خُذُوْهُ. قَالَ: وَبَنُو مَهْرَةَ
يَصْطَادُوْنَهَا وَيَأْكُلُوْنَهَا. قَالَ: وَكَانَ بَنُو
أُمِيْمَ بنِ لاَوَذَ بنِ سَامِ بنِ نُوْحٍ سَكَنُوا
زُنَّارَ أَرْضِ رَمْلٍ كَثِيْرَةِ النَّخْلِ، وَيُسْمَعُ
فِيْهَا حِسُّ الجِنِّ حَتَّى كَثُرُوا، فَعَصَوْا،
فَعَاقَبَهُمُ اللهُ، فَأَهْلَكَهُمْ، وَبَقِيَ
(9/435)
مِنْهُمْ بَقَايَا لِلْعَرَبِ تَقَعُ
عَلَيْهِمْ، وَلِلرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ مِنْهُمْ يَدٌ أَوْ
رِجْلٌ فِي شِقٍّ وَاحِدٍ يُقَالُ لَهُمُ: النَّسْنَاسُ.
قُلْتُ: هَذَا كَقَوْلِ بَعْضِهِم: ذَهَبَ النَّاسُ،
وَبَقِيَ النَّسْنَاسُ يُشْبِهُونَ النَّاسَ، وَليْسُوا
بِنَاسٍ، وَلَعَلَّ هَؤُلاَءِ تَوَلَّدُوا مِنْ قِرَدَةٍ
وَنَاسٍ، فَسُبْحَانَ القَادِرِ.
وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ رُئِيَ فِي
النَّوْمِ، وَأَنَّهُ غُفِرَ لَهُ، وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ.
قَالَ السَّرَّاجُ فِي "تَارِيْخِهِ": مَاتَ
بِالرَّبَذَةِ, مُنصَرَفَهُ مِنَ الحَجِّ, يَوْمَ
الجُمُعَةِ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ ابن أخته: بلغ ثلاثًا وثمانين سنة.
وَدُعَابَةُ يَحْيَى مَعَ المُرْدِ أَمْرٌ مَشْهُوْرٌ،
وَبَعْضُ ذَلِكَ لاَ يَثْبُتُ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ
يَشِيْخَ عَفَا اللهُ عَنْهُ، وَعَنَّا.
(9/436)
1965- ابن السِّكِّيت 1:
شَيْخُ العَرَبِيَّةِ, أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ
إِسْحَاقَ بنِ السِّكِّيْتِ البَغْدَادِيُّ النَّحْوِيُّ
المُؤَدِّبُ مُؤلِفُ كِتَابِ "إصْلاَحِ المَنْطِقِ",
دَيِّنٌ خَيِّرٌ, حُجَّةٌ فِي العَرَبِيَّةِ.
أَخَذَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عِكْرِمَةَ الضَّبِّيُّ، وَأَحْمَدُ
بنُ فَرَحٍ المُفَسِّرُ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مُؤَدِّباً، فَتَعَلَّمَ يَعْقُوْبُ،
وَبَرَعَ فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَأَدَّبَ أَوْلاَدَ
الأَمِيْرِ؛ محمد بن عبد الله بن طاهر, ثم ارْتَفَعَ
مَحَلُّهُ، وَأَدَّبَ وَلَدَ المُتَوَكِّلِ.
وَلَهُ مِنَ التصانيف نحو من عشرين كتابًا.
رَوَى أَبُو عُمَرَ، عَنْ ثَعَلبٍ, قَالَ: مَا عَرَفْنَا
لاِبْنِ السِّكِّيْتِ خَرْبَةٌ قَطُّ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَدَّبَ مَعَ أَبِيْهِ الصِّبْيَانَ.
وَرَوَى، عَنِ الأَصْمَعِيِّ، وأبي عبيدة، والفراء، وكتبه
صحيحة نافعة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 273"، ومعجم الأدباء لياقوت
الحموي "20/ 50"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة
827"، والعبر "1/ 443"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
"2/ 317" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 106".
(9/436)
قَالَ ثَعْلَبٌ: لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفَاذٌ
فِي النَّحْوِ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ: شَاوَرَنِي يَعْقُوْبُ فِي
مُنَادَمَةِ المُتَوَكِّلِ، فَنَهَيْتُهُ، فَحَمَلَ
قَوْلِي عَلَى الحَسَدِ، وَلَمْ يَنْتَهِ.
وَقِيْلَ: كَانَ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي اللُّغَةِ،
وَأَمَّا التَّصْرِيْفُ، فَقَدْ سَأَلَهُ المَازِنِيُّ
عَنْ وَزْنِ "نَكْتَلْ"، فَقَالَ: "نَفْعَل", فَرَدَّهُ.
فَقَالَ: "نَفْتَعِل". فَقَالَ: أَتَكُوْنُ أَرْبَعَةُ
أَحْرُفٍ وَزْنُهَا خَمْسَةُ أَحْرُفٍ? فَوَقَفَ
يَعْقُوْبُ، فَبَيَّنَ المَازِنِيُّ أَنَّ وَزْنَهُ
"نَفْتَلُ". فَقَالَ الوَزِيْرُ ابْنُ الزَّيَّاتِ:
تَأْخُذُ كُلَّ شَهْرٍ أَلفَيْنِ، وَلاَ تَدْرِي مَا
وَزْنُ "نَكْتَل"? فَلَمَّا خَرَجَا, قَالَ ابْنُ
السِّكِّيْتُ لِلْمَازِنِيِّ: هَلْ تَدْرِي مَا صَنَعْتَ
بِي? فَاعْتَذَرَ.
وَلابْنِ السِّكِّيْتِ شِعْرٌ جَيِّدٌ.
وَيُرْوَى أَنَّ المُتَوَكِّلَ نَظَرَ إِلَى ابْنَيْهِ؛
المُعْتَزِّ وَالمُؤَيِّدِ، فَقَالَ لاِبْنِ السِّكِّيْتِ:
مَنْ أَحَبُّ إِلَيْكَ: هُمَا, أَوِ الحَسَنُ
وَالحُسَيْنُ? فَقَالَ: بَلْ قَنْبَر. فَأَمَرَ
الأَتْرَاكَ فَدَاسُوا بَطْنَهُ، فَمَاتَ بَعْدَ يَوْمٍ.
وَقِيْلَ: حُمِلَ مَيْتاً فِي بِسَاطٍ. وَكَانَ فِي
المُتَوَكِّلِ نَصْبٌ, نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ. مَاتَ
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ السِّكِّيْتِ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى صَدِيْقٍ
لَهُ: قَدْ عَرَضْتُ حَاجَةً إِلَيْكَ، فَإِنْ نَجَحَتْ،
فَالفَانِي مِنْهَا حَظِّيَ، وَالبَاقِي حَظُّكَ، وَإِنْ
تَعَذَّرَتْ فَالخَيْرُ مَظنُوْنٌ بِكَ، وَالعُذْرُ
مُقَدَّمٌ لَكَ، وَالسَّلاَمُ.
قَالَ ثَعْلَبٌ: أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ
بَعْدَ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ أَعْلَمَ بِاللُّغَةِ مِنِ
ابْنِ السِّكِّيْتِ، وَكَانَ المُتَوَكِّلُ قَدْ
أَلْزَمَهُ تَأْدِيْبَ وَلَدِهِ المُعْتَزِّ، فَلَمَّا
حَضَرَ, قَالَ لَهُ ابْنُ السِّكِّيْتِ: بِمَ تُحِبُّ أَنْ
تَبْدَأَ? قَالَ: بِالانْصِرَافِ. قَالَ: فَأَقُوْمُ.
قَالَ المُعْتَزُّ: فَأَنَا أَخَفُّ مِنْكَ، وَبَادَرَ،
فعثر، فسقط، وَخَجِلَ. فَقَالَ يَعْقُوْبُ:
يَمُوْتُ الفَتَى مِنْ عَثْرَةٍ بِلِسَانِهِ ... وَلَيْسَ
يَمُوْتُ المَرْءُ مِنْ عَثْرَةِ الرِّجْلِ
فَعَثْرَتُهُ بِالقَوْلِ تُذْهِبُ رَأْسَهُ ...
وَعَثْرَتُهُ بِالرِّجْلِ تَبْرَا عَلَى مَهْلِ
قِيْلَ: كِتَابُ "إصْلاَحِ المَنْطِقِ" كِتَابٌ بِلاَ
خُطْبَةٍ، وَكِتَابُ "أَدَبِ الكَاتِبِ" خُطْبَةٌ بِلاَ
كِتَابٍ.
قَالَ أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ ثَعْلَباً
يَقُوْلُ: عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ العِبَادِيُّ أَمِيْرُ
المُؤْمِنِيْنَ فِي اللُّغَةِ. وَكَانَ يَقُوْلُ قَرِيْباً
مِنْ ذَلِكَ فِي ابْنِ السِّكِّيْتِ.
قُلْتُ: "إصْلاَحُ المَنْطِقِ" كِتَابٌ نَفِيْسٌ
مَشْكُوْرٌ فِي اللُّغَةِ.
(9/437)
1966- حُميد بن زَنْجَويه 1: "د، س"
الإِمَامُ, الحَافِظُ الكَبِيْرُ, أَبُو أَحْمَدَ، واسمه:
حميد بن مخلد بن قتيبة الأَزْدِيُّ, النَّسَائِيُّ,
صَاحِبُ كِتَابِ "التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ"،
وَكِتَابِ "الأَمْوَالِ"، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: النَّضْرَ بنَ شُمَيْلٍ، وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ،
وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَسَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ
الضُّبَعِيَّ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ
يُوْسُفَ الفِرْيَابِيَّ، وَروْحَ بنَ أَسْلَمَ،
وَمُؤَمَّلَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ
مُوْسَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ الكَاتِبَ، وَخَلْقاً
كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، فِي
كِتَابَيْهِمَا، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ -وَلَكِنْ مَا
وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ فِي "صَحِيْحَيْهِمَا"- وَأَبُو
العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
جَرِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ المُرِّيُ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ عَتَّابِ بنِ الزِّفْتِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الرَّيَّانِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ المُجَوِّدِيْنَ. قَالَ
النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: هو الذي أظهر السنة
بنسا.
قَالَ: وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ: مَا قَدِمَ
عَلَيْنَا مِنْ فِتْيَانِ خُرَاسَانَ مِثْلُ حَمِيْدَ بنَ
زَنْجُوْيَةَ، وَأَحْمَدَ بنَ شَبَّوَيْه.
قُلْتُ: آخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً القَاضِي أَبُو عَبْدِ
اللهِ المَحَامِلِيُّ.
وَذَكَرَهُ الحَاكِمُ, فَقَالَ: أَبُو أَحْمَدَ كَثِيْرُ
الحَدِيْثِ قَدِيْمُ الرِّحْلَةِ إِلَى الحِجَازِ،
وَمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقَيْنِ.... إِلَى أَنْ
قَالَ: رَوَى عَنْهُ بِالعِرَاقِ إِمَامَا الحَدِيْثِ:
إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
بنِ حَنْبَلِ إِلَى أَنْ قَالَ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي
عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: حَدَّثَنَا حَمِيْدُ بنُ
زَنْجُوْيَةَ النَّسَائِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ سَنَةَ سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ فِي "شُيُوْخِ النَّبَلِ": مَاتَ
سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَيُقَالُ:
سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنِ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 977"، وتاريخ بغداد
"7/ 160"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 570"، وتهذيب التهذيب
"3/ 48"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 124".
(9/438)
قُلْتُ: ارْتَحَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ
نَاشِراً لِعِلْمِهِ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى مِصْرَ,
ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهُ المَنِيَّةُ فِي
سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ. هَذَا الصَّحِيْحُ فِي
وَفَاتِهِ.
سَمِعْتُ أَبَا الحَجَّاجِ الحَافِظَ يَقُوْلُ
لِشَيْخِنَا؛ أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ
فِي سَنَةِ ست وتسعين وستمائة: أخبركم أبو الغنائم المسلم
أحمد بن علي المازني سنة ثمان وعشرين وستمائة فَأَقَرَّ
بِهِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ
ببَعْلَبَكَّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ
الفُرَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ،
حَدَّثَنَا حَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ النَّسَوِيُّ،
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ
لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمْرِو بنِ العَاصِ أَنَّهُ قَالَ: الصِّيَامُ
وَالقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِصَاحِبِهِمَا يَوْمَ
القِيَامَةِ يَقُوْلُ الصِّيَامُ: يَا رَبِّ إِنِّي
مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالشَّهَوَاتِ
بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيْهِ، وَيَقُوْلُ القُرْآنُ:
يَا رَبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ،
فَشَفِّعْنِي فِيْهِ، فَيُشَفَّعَانِ فيه1. إسناده لين.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه أحمد "2/ 174" حدثنا موسى بن داود،
حدثنا لهيعة، عن حُيَيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
عَمْرٍو، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته ابن لهيعة، فإنه ضعيف مجمع على
ضعفه. وحيي بن عبد الله هو ابن شريح المعافري، صدوق، وأبو
عبد الرحمن الحبلي، هو عبد الله بن يزيد المعافري، ثقة.
لكن لابن لهيعة متابعة فقد أخرجه الحاكم "1/ 554" من طريق
عبد الله بن وهب، أخبرني حُيَيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرحمن الحبلى، به. وصححه الحاكم، ووافقه
الذهبي.
قلت: إسناده حسن، حيي بن عبد الله، صدوق كما قال الحافظ عن
"التقريب".
(9/439)
1967- أبو هَمَّام 1: "م، د، ت، ق"
الإِمَامُ, الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ،
أبو همام الوليد بن
الإِمَامِ أَبِي بَدْرٍ شُجَاعِ بنِ الوَلِيْدِ بنِ قَيْسٍ
السَّكُوْنِيُّ الكُوْفِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ أَبَاهُ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ جَعْفَرٍ، وَشَرِيْكَ
بنَ عَبْدِ اللهِ القَاضِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ، وَالوَلِيْدَ بنَ
مُسْلِمٍ، وَطَبَقَتَهُم.
جَالَ في الحديث، وجمع وألف.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 334"، والجرح والتعديل "9/
ترجمة 28"، وتاريخ بغداد "13/ 443" والكاشف "3/ ترجمة
6176"، والمغني "2/ ترجمة 6858"، والعبر "1/ 441"، وميزان
الاعتدال "4/ ترجمة 9374" وتهذيب التهذيب "11/ 135"،
وتقريب التهذيب "2/ 333"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "2/ 104".
(9/439)
حَدَّثَ عَنْهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَبَّاسٌ
الدُّوْرِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ نَاجِيَةَ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَأَبُو
يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: مَا أَخْرَجَ إِلَيَّ الشُّيُوْخُ
كِتَاباً إِلاَّ وَفِيْهِ: فَرَغَ أَبُو هَمَّامٍ، فَرَغَ
أَبُو هَمَّامٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا الغَلاَبِيُّ: سَمِعْتُ
يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: عِنْدَ أَبِي همام مائة
ألف حديث عن الثقات.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: اكْتُبُوا عَنْهُ.
وَقَالَ سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ: مَا فَعَلَ ابْنُ أَبِي
بَدْرٍ? كَانُوا يُضعِّفُوْنَهُ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: تَكَلَّمُوا فِي أَبِي
هَمَّامٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَهُوَ عَلَى سَعَةِ
عِلْمِهِ قَلَّ أَنْ تَجِدَ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً،
وَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ هُوَ ثِقَةٌ.
مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فِي عَشْرِ التِّسْعِيْن.
وَقَعَ لِي مِنْ عواليه.
(9/440)
1968- أبو حُذَافة 1: "ق"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ, أَبُو
حُذَافَةَ أحمد بن إسماعيل بن مُحَمَّدِ بنِ نُبَيْهٍ
السَّهْمِيُّ, القُرَشِيُّ, المَدَنِيُّ, نَزِيْلُ
بَغْدَادَ، وَبَقِيَّةُ المُسْنِدِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ "المُوَطَّأَ"، فَكَانَ
خَاتِمَةَ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ، وَعَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الزِّنَادِ، وَمُسْلِمِ بنِ خَالِدٍ
الزَّنْجِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدٍ
الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ،
وَطَائِفَةٍ. انْفَرَدَ بالرواية عنهم، وعاش مائة عام.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 22"، وميزان الاعتدال "1/
83"، والعبر "2/ 18"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي
"2/ 139".
(9/440)
حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَيَحْيَى
بنُ صَاعِدٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَبِي عِصْمَةَ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ العَبَّاسِ الوَرَّاقُ، وَابْنُ
خُزَيْمَةَ -ثُمَّ تَرَكَهُ- وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ المَحَامِلِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: سَأَلْتُ
أَبَا مُصْعَبٍ عَنْ أَبِي حُذَافَةَ، فَقَالَ: كَانَ
يَحْضُرُ مَعَنَا العَرْضَ عَلَى مَالِكٍ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ قوي السماع عن مالك.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ حَسَنَ
الرَّأْي فِي أَبِي حُذَافَةَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُخَرِّجَ
حَدِيْثَهُ فِي "الصَّحِيْحِ".
وَقَالَ الخَطِيْبُ: قَرَأْتُ بِخَطِّ الدَّارَقُطْنِيِّ:
أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَبُو حُذَافَةَ ضَعِيْفُ
الحَدِيْثِ, كَانَ مُغَفَّلاً, رَوَى "المُوَطَّأَ"، عَنْ
مَالِكٍ مُسْتَقِيْماً، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ أَحَادِيْثُ
عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ "المُوَطَّأِ"، فَقَبِلَهَا, لاَ
يُحْتَجُّ بِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَتَعَمَّدُ
البَاطِلَ.
قُلْتُ: مِمَّا نَقَمُوا عَلَيْهِ رِوَايَتُهُ عَنْ
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعاً:
"أَفْطَرَ الحَاجِمُ" 1.
وَبِهَذَا السَّنَدِ حَدِيْثُ: "قَضَى بِاليَمِيْنِ مَعَ
الشَّاهِدِ"2.
فَهَذَا إِسْنَادٌ مُرَكَّبٌ، وَلَمْ يَأْتِ أَبُو
حُذَافَةَ بِمَتْنٍ بَاطِلٍ.
وَقَدْ رَمَاهُ بِالكَذِبِ الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ
الأَعْرَجُ.
مَاتَ يَوْمَ الفِطْرِ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَعَ لنا من عواليه.
__________
1 صحيح: ورد عن جماعة من الصحابة -رضوان الله عليهم- بلغ
عددهم كما في "نصب الراية" للحافظ الزيلعي ثمانية عشر
صحابيا، أجتزئ بذكر الصحيح عنهم حسب دون ذكر المعلول منها
طلبا للاختصار: فقد ورد عن ثوبان: أخرجه الطيالسي "1/
186"، وأحمد "5/ 277 و280 و382 و383"، وأبو داود "2367"،
وابن ماجه "1680"، والدارمي "2/ 14"، وابن خزيمة "1962"
و"1963" وابن حبان "899"، والحاكم "1/ 427"، والطحاوي "1/
349"، والبيهقي "4/ 265" من طرق عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي
كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن
ثوبان، به مرفوعا.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات، وقد صرح يحيى بن أبي كثير
بالتحديث عند ابن حبان. وأبو أسماء الرحبي، هو عمرو بن
مرثد الشامي الدمشقي. وأبو قلابة، هو عبد الله بن زيد
الجرمي البصري. وأخرجه أحمد "5/ 282" من طريق ابن جريج،
أخبرني مكحول أن شيخا من الحي أخبره أن ثوبان مولى النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال: فذكره، وأخرجه أحمد "5/ 276
و282"، من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن
ثوبان، به، وورد عن شداد بن أوس عند أحمد "4/ 124"،
والدارمي "2/ 14"، والبيهقي "4/ 265"، وورد عن رافع بن
خديج: عند أحمد "3/ 465"، وابن خزيمة "1964"، والحاكم "1/
428"، والبيهقي "4/ 465" وورد عن أنس بن مالك: عند البيهقي
"4/ 268".
2 صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، آفته أحمد بن إسماعيل أبو
حذافة، لكنه قد روى من حديث ابن عباس: عند مسلم "1712"،
وأبي داود "3608" و"3609"، وابن ماجه "2370"، وأحمد "1/
248 و315 و323".
وورد من حديث أبي هريرة: عند أبي داود "3610"، والترمذي
"1343"، وابن ماجه "2368".
وورد من حديث جابر: عند الترمذي "1344"، وابن ماجه "2369"،
وأحمد "3/ 305".
(9/441)
1969- الحسن بن عيسى بن ماسَرْجِس 1: "م،
د، س"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ, الجَلِيْلُ, أَبُو
عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الأَحْوَصِ سَلاَّمِ بنِ سُلَيْمٍ،
وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ
الحَمِيْدِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ مَوْلاَهُ،
وَعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ، وَسُعَيرِ بنِ الخِمْسِ،
وَنُوْحِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبِي معاوية الضرير،
وطبقتهم.
رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَبِوَاسِطَةٍ
النَّسَائِيُّ، وَالبُخَارِيُّ، فِي غَيْرِ "صَحِيْحِهِ"،
وَزَكَرِيَّا خَيَّاطُ السُّنَّةِ، وَأَبُو يَعْلَى
المَوْصِلِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَيَحْيَى
بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ،
وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مَعَ
تَقَدُّمِهِ.
كَانَ مِنْ كُبَرَاءِ النَّصَارَى، فَأَسْلَمَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ أَحْمَدَ
المَاسَرْجِسِيَّ, يَحْكِي عَنْ جَدِّهِ، وَغَيْرِهِ,
قَالَ: كَانَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ ابْنَا عِيْسَى
يَرْكَبَانِ مَعاً، فَيَتَحَيَّرُ النَّاسُ مِنْ
حُسْنِهِمَا وَبَزَّتِهِمَا، فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ
يُسْلِمَا، فَقَصَدَا حَفْصَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
فَقَالَ: أَنْتُمَا مِنْ أَجَلِّ النصارى، وابن المبارك
قادم
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2547"، والجرح
والتعديل "3/ ترجمة 124"، وتاريخ بغداد "7/ 351"، واللباب
لابن الأثير "3/ 147"، والعبر "1/ 432"، وتهذيب التهذيب
"2/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 94".
(9/442)
لِيَحُجَّ، فَإِذَا أَسْلَمْتُمَا عَلَى
يَدِهِ كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ عِنْدَ المُسْلِمِيْنَ،
وَأَرْفَعَ لَكُمَا، فَإِنَّهُ شَيْخُ المَشْرِقِ،
فَانْصَرَفَا عَنْهُ، فَمَرِضَ الحُسَيْنُ، فَمَاتَ
نَصْرَانِيّاً، فَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ المُبَارَكِ
أَسْلَمَ الحَسَنُ عَلَى يَدِهِ.
قُلْتُ: يَبْعُدُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا حَفْصٌ بِتَأخِيْرِ
الإِسْلاَمِ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ عَالِمٌ، فَإِنْ صَحَّ
ذَلِكَ، فَمَوْتُ الحُسَيْنُ مُرِيْداً لِلإِسْلاَمِ
مُنْتَظِراً قُدُوْمَ ابْنِ المُبَارَكِ ليُسْلِمَ نَافِعٌ
لَهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّيْسَابُوْرِيُّ، عَنْ شُيُوْخِهِ: أَنَّ ابْنَ
المُبَارَكِ نَزَلَ مَرَّةً بِرَأْسِ سِكَّةِ عِيْسَى،
وكان الحسن بن عيسى يركب، فَيُجْتَازُ بِهِ وَهُوَ فِي
المَجْلِسِ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ الشَبَابِ وَجْهاً،
فَسَأَلَ ابْنُ المُبَارَكِ عَنْهُ، فَقِيْلَ: هُوَ
نَصْرَانِيٌّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ الإِسْلاَمَ،
فَاسْتُجِيْبَ لَهُ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ
بنُ عِيْسَى مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ،
وَكَانَ عَاقِلاً: عُدَّ فِي مَجْلِسِهِ بِبَابِ الطَّاقِ
اثْنَا عَشَرَ أَلفَ محْبَرَةٍ.
وَمَاتَ بِالثَّعْلَبِيَّةِ, مُنْصَرَفَهُ مِنْ مَكَّةَ
سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ: مَاتَ سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ ابْنَي المُؤَمَّلِ بنِ
الحَسَنِ يَقُوْلاَنِ: أَنْفَقَ جَدُّنَا فِي الحَجَّةِ
التي توفي فيها ثلاثمائة أَلْفٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: فَحَجَجْتُ مَعَ ابْنَي المُؤمَّلِ،
وَزُرْنَا بِالثَّعْلَبِيَّةِ قَبْرَ جَدِّهِمَا،
فَقَرَأْتُ عَلَى لَوْحِ قَبْرِهِ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ
بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ
يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى
اللَّهِ} [النساء: 100] .
هَذَا قَبْرُ الحَسَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسٍ
مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ تُوُفِّيَ فِي
صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُؤَمَّلِ بنِ الحَسَنِ: سَمِعْتُ
أَبَا يَحْيَى البَزَّازَ يَقُوْلُ لأَبِي رَجَاءٍ
القَاضِي: كُنْتُ فِيْمَنْ حَجَّ مَعَ الحَسَنِ بنِ
عِيْسَى وَقْتَ مَوْتِهِ، فَاشْتَغَلْتُ بِحِفْظِ جَمَلِي
عَنْ شُهُوْدِهِ، فَأُرِيْتُهُ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ:
مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ: غَفَر لِي، وَلِكُلِّ مَنْ
صَلَّى عَلَيَّ. قُلْتُ: فَإِنِّي فَاتَنِيَ الصَّلاَةُ
عَلَيْكَ لِغَيبَةِ عَدِيْلِي. فَقَالَ: لاَ تَجْزَعْ،
وَغُفِرَ لِكُلِّ مَنْ يَتَرَحَّمُ عليَّ, رَحِمَهُ اللهُ.
قُلْتُ: وَفِي ذُرِّيَتِهِ وَأَقَارِبِهِ مُحَدِّثُوْنَ
وَفُضَلاَءُ.
(9/443)
1970- المتوكل
على الله 1:
الخليفة, أبو الفضل, جعفر بن المعتصم بالله محمد بن
الرَّشِيْدِ هَارُوْنَ بنِ المَهْدِيِّ بنِ المَنْصُوْرِ,
القُرَشِيُّ العباسي البغدادي.
ولد سنة خمس ومائتين.
وَبُوْيِعَ عِنْدَ مَوْتِ أَخِيْهِ الوَاثِقِ فِي ذِي
الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ:
حَكَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَيَحْيَى بنِ أَكْثَمَ.
وَكَانَ أَسْمَرَ جَمِيْلاً, مَلِيْحَ العَيِنَيْنِ,
نَحِيْفَ الجِسْمِ, خَفِيْفَ العَارِضَيْنِ, رَبْعَةً
وَأُمُّهُ اسْمُهَا شُجَاعٌ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: اسْتُخْلِفَ
المُتَوَكِّلُ، فَأَظْهَرَ السُّنَّةَ، وَتَكَلَّمَ بِهَا
فِي مَجْلِسِهِ، وَكَتَبَ إِلَى الآفَاقِ بِرَفْعِ
المِحْنَةِ، وَبَسْطِ السُّنَّةِ، وَنَصْرِ أَهْلِهَا.
وَقَدْ قَدِمَ المُتَوَكِّلُ دِمَشْقَ، فِي صَفَرٍ سَنَةَ
244، فَأَعْجَبَتْهُ وَعَزَمَ عَلَى المُقَامِ بِهَا،
وَنَقَلَ دَوَاوِيْنَ المُلْكِ إِلَيْهَا، وَأَمَرَ
بِالبِنَاءِ بِهَا، وَأَمَرَ لِلأَتْرَاكِ بِمَالٍ رَضُوا
بِهِ، وَأَنْشَأَ قَصْراً كَبِيْراً بِدَارَيَّا مِمَّا
يَلِي المِزَّةَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَهْمِ: كَانَتْ لِلْمُتَوَكِّلِ
جُمَّةٌ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ مِثْلَ أَبِيْهِ،
وَالمَأْمُوْنِ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: رَجَعَ مِنْ دِمَشْقَ بَعْدَ
شَهْرَيْنِ إِلَى سَامَرَّاءَ. وَقِيْلَ: نُعِتَتْ لَهُ
دِمَشْقَ، وَأَنَّهَا تُوَافِقُ مِزَاجَهُ، وَتُذْهِبُ
عِلَلَهُ الَّتِي تَعْرِضُ لَهُ بِالعِرَاقِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: وحج بالناس قبل الخلافة.
وَكَانَ قَاضِي البَصْرَةِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ
التَّيْمِيُّ يَقُوْلُ: الخُلَفَاءُ ثَلاَثَةٌ: أَبُو
بَكْرٍ يَوْمَ الرِّدَّةِ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ، فِي رَدِّ المظَالِمِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ،
وَالمُتَوَكِّلُ فِي مَحْوِ البِدَعِ، وَإِظْهَارِ
السُّنَّةِ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ: قَالَ لِي
المُتَوَكِّلُ: إِنَّ الخُلَفَاءَ كَانَتْ تَتَصَعَّبُ
عَلَى النَّاسِ ليُطِيْعُوهُمْ، وَأَنَا أُلِيْنُ لَهُمْ
ليُحِبُّونِي وَيُطِيْعُونِي.
وحَكَى الأعْسَم أَنَّ عَلِيَّ بنَ الجَهْمِ دَخَلَ عَلَى
المُتَوَكِّلِ، وَبِيَدِهِ دُرَّتَانِ يُقَلِّبُهُمَا،
فَأَنْشَدَهُ قَصِيْدَةً لَهُ، فَدَحَا إِلَيْهِ
بِالوَاحِدَةِ فَقَلَّبْتُهَا، فَقَالَ: تَسْتَنْقِصُ
بِهَا? هِيَ وَاللهِ خَيْرٌ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ. فَقُلْتُ:
لاَ وَاللهِ, لَكِنِّي فَكَّرْتُ فِي أبيات آخذ بها
الأخرى. وأنشأت أقول:
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 165"، ووفيات الأعيان لابن
خلكان "1/ ترجمة 134"، والعبر "1/ 449"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "2/ 275"، وشذرات الذهب "2/ 114".
(9/444)
بِسُرَّ مَنْ رَأَى إِمَامٌ عَدْلٌ ...
تَغْرِفُ مِنْ بَحْرِهِ البِحَارُ
يُرْجَى وَيُخْشَى لِكُلِّ خَطْبٍ ... كَأَنَّهُ جَنَّةٌ
وَنَارُ
المُلْكُ فِيْهِ وَفِي بَنِيْهِ ... مَا اخْتَلَفَ
اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ
لَمْ تَأَتِ مِنْهُ اليَمِيْنُ شيئا ... إلا أتت مثلها
اليسار
فَدَحَا بِهَا إِلَيَّ، وَقَالَ: خُذْهَا, لاَ بَارَكَ
اللهُ لَكَ فِيْهَا.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَرُوِيَتْ هَذِهِ للبُحْتُرِيِّ فِي
المُتَوَكِّلِ.
وَعَنْ مَرْوَانَ بنِ أَبِي الجَنُوْبِ أَنَّهُ مَدَحَ
المُتَوَكِّلَ بِقَصِيْدَةٍ، فَوَصَلَهُ بِمائَةٍ
وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً وثِيَابٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَهْمِ: كَانَ المُتَوَكِّلُ
مَشْغُوْفاً بِقَبِيْحَةَ لاَ يَصْبِرُ عَنْهَا.
فَوَقَفَتْ لَهُ وَقَدْ كَتَبَتْ عَلَى خَدِّهَا
بِالغَالِيَةِ: "جَعْفَرٌ"، فَتَأَمَّلَهَا, ثُمَّ
أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
وَكَاتِبَةٍ بِالمِسْكِ فِي الخَدِّ جَعْفَراً ...
بِنَفْسِي مَحَطُّ المِسْكِ مِنْ حَيْثُ أَثَّرَا
لَئِنْ أَوْدَعَتْ سَطْراً مِنَ المِسْكِ خَدَّهَا ...
لَقَدْ أَوْدَعَتْ قَلْبِي مِنَ الحُبِّ أَسْطُرَا
وفِي أَوَّلِ خِلاَفَتِهِ كَانَتِ الزَلْزَلَةُ
بِدِمَشْقَ, سَقَطَ شُرُفَاتُ الجَامِعِ، وَانْصَدَعَ
حَائِطُ المِحْرَابِ، وَهَلَكَ خَلْقٌ تحت الردم, دامت
ثلاث سَاعَاتٍ، وَهَرَبَ النَّاسُ إِلَى المُصَلَّى
يَسْتَغِيْثُونَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ فِي "تَارِيْخِهِ": وَمَاتَ
تَحْتَ الهَدْمِ مُعْظَمُ أَهْلِهَا, كَذَا قَالَ،
وَامْتَدَتْ إِلَى الجَزِيْرَةِ، وَهَلَكَ بِالمَوْصِلِ
خَمْسُوْنَ أَلْفاً، وَبِأَنْطَاكِيَةَ عِشْرُوْنَ ألفًا،
وبلي ابن أبي دؤاد بِالفَالِجِ.
وَفِي سَنَةِ 234: أَظْهَرَ المُتَوَكِّلُ السُّنَّةَ،
وَزَجَرَ عَنِ القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَكَتَبَ
بِذَلِكَ إِلَى الأَمْصَارِ، وَاسْتَقْدَمَ
المُحَدِّثِيْنَ إِلَى سَامَرَّاءَ، وَأَجْزَلَ
صِلاَتِهِمْ، وَرَوَوْا أَحَادِيْثَ الرُّؤْيَةِ
وَالصِّفَاتِ، وَنَزَعَ الطَّاعَةَ مُحَمَّدُ بنُ
البُعَيْثِ نَائِبُ أَذْرَبِيْجَانَ وَأَرْمِيْنِيَةَ،
فَسَارَ لِحَرْبِهِ بُغَا الشَّرَابِيُّ, ثُمَّ بَعْدَ
فُصُوْلٍ أُسِرَ.
وَفِي سَنَةِ 235: أَلْزَمَ المُتَوَكِّلُ النَّصَارَى
بِلُبْسِ العَسَلِي.
وَفِي سَنَةِ سِتٍّ: أَحْضَرَ القُضَاةَ مِنَ البُلْدَانِ
لِيَعْقِدَ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ لبَنِيْهِ: المُنْتَصِرِ
مُحَمَّدٍ, ثُمَّ لِلْمُعْتَزِّ, ثُمَّ لِلْمُؤيَّدِ
إِبْرَاهِيْمَ. وَكَانَتِ الوَقْعَةُ بَيْنَ
المُسْلِمِيْنَ والروم، ونصر الله.
وفِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ: هَدَمَ المُتَوَكِّلُ
قَبْرَ الحُسَيْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ
البَسَّامِيُّ أَبْيَاتاً منها:
(9/445)
أسفوا على أن لا يَكُوْنُوا شَارَكُوا ...
فِي قَتْلِهِ فَتَتَّبعُوهُ رَمِيْمَا
وَكَانَ المُتَوَكِّلُ فِيْهِ نَصْبٌ وَانْحِرَافٌ فَهَدَم
هَذَا المَكَانَ وَمَا حَوْلَهُ مِنَ الدُّوْرِ، وَأَمَرَ
أَنْ يُزْرَعَ، وَمَنَعَ النَّاسَ مِنْ انْتِيَابِهِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: هَكَذَا قَالَهُ أَرْبَابُ
التَّوَارِيْخِ، وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ قَتَلَتِ الأُمَرَاءُ
عَامِلَ أَرْمِيْنِيَةَ يُوْسُفَ، فَسَارَ لِحَرْبِهِم
بُغَا الكَبِيْرُ، فَالتَقَوا، وَبَلَغَتِ المَقْتَلَةُ
ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً. وَعَفَّى قَبْرَ الشَّهِيْدِ
الحُسَيْنِ وَمَا حَوْلَهُ مِنَ الدُّوْرِ. فَكَتَبَ
النَّاسُ شُتَمَ المُتَوَكِّلِ عَلَى الحِيْطَانِ،
وَهَجَتْهُ الشُّعَرَاءُ كَدِعْبِلٍ وَغَيْرِهِ, وَبَعَثَ
المُتَوَكِّلُ إِلَى نَائِبِهِ بِمِصْرَ، فَحَلَقَ
لِحْيَةَ قَاضِي القُضَاةِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي اللَّيْثِ,
وضَرَبَهُ، وَطَوَّفَ بِهِ عَلَى حمار في رمضان، وسجن،
وكان ظلومًا جَهْمِيّاً ثُمَّ وَلِيَ القَضَاءَ الحَارِثُ
بنُ مِسْكِيْنٍ، فَكَانَ يَضْرِبُهُ كُلَّ حِيْنٍ
عِشْرِيْنَ سَوْطاً ليُؤَدِّيَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ،
فَإِنَّا للهِ.
وَغَضِبَ المُتَوَكِّلُ على أحمد بن أبي دؤاد،
وَصَادَرَهُ، وَسَجَنَ أَصْحَابَهُ، وَحُمِّلَ سِتَّةَ
عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَافْتَقَرَ هُوَ وَآلُهُ.
وَولَّى يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ القَضَاءَ، وَأَطْلَقَ مَنْ
تَبَقَّى فِي الاعْتِقَالِ مِمَّنِ امْتَنَعَ مِنَ
القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَأُنْزِلَتْ عِظَامُ
أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الشَّهِيْدِ، وَدَفَنَهَا
أَقَارِبُهُ، وَبنَى قَصَرَ العَرُوْسِ بِسَامَرَّاءَ،
وَأُنْفِقَ عَلَيْهِ ثَلاَثُونَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَالْتَمَسَ المُتَوَكِّلُ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ
أَنْ يَأْتِيَهُ، فَذَهَبَ إِلَى سَامَرَّاءَ وَلَمْ
يَجْتَمِعْ بِهِ, اسْتَعْفَى، فَأَعْفَاهُ، وَدَخَلَ عَلَى
وَلَدِهِ المُعْتَزِّ، فَدَعَا لَهُ.
وفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ, عَصَى مُتَوَلِّي
تَفْلِيْسَ، فَنَازَلهَا بُغَا، وَقَتَلَ مُتَوَلِّيْهَا،
وَأَحْرَقَهَا، وَفَعَلَ القَبَائِحَ، وَافْتَتَحَ عِدَّةَ
حصون.
وأقبلت الروم في ثلاثمائة مركب، فكبسوا دمياط، وسبوا
ستمائة امْرَأَةٍ، وَأَحْرَقُوا، وَرَدُّوا مُسْرِعِيْنَ،
فَحَصَّنَهَا المُتَوَكِّلُ.
وَفِي سَنَةِ 239 غَزَا يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ الأَرْمَنِيُّ
بِلاَدَ الروم حتى قرب من القُسْطَنْطِيْنِيَّة،
وَأَحْرَقَ أَلْفَ قَرْيَةٍ، وَسَبَى عِشْرِيْنَ ألْفاً،
وَقَتَلَ نَحْوَ العَشْرَةِ آلاَفٍ، وَعُزِلَ يَحْيَى بنُ
أَكْثَمَ مِنَ القَضَاءِ، وَأُخِذَ مِنْهُ أَرْبَعَةُ
آلاَفِ جَرِيْبٍ، وَمَائةُ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ فِيْهَا سَمِعَ أَهْلُ خَلاَطٍ
صَيحَةً مِنَ السَّمَاءِ مَاتَ مِنْهَا جَمَاعَةٌ
كَثِيْرَةٌ.
وَفِي سَنَةِ 241: مَاجَتِ النُّجُوْمُ، وَتنَاثَرَتْ
شِبْهَ الجَرَادِ أَكْثَرَ اللَّيْلِ، فَكَانَ ذَلِكَ
آيَةً مُزْعِجَةً.
وَفِيْهَا خَرَجَ مَلِكُ البُجَاةِ، وَسَارَ
المِصْرِيُّونَ لِحَرْبِهِ، فَحَمَلُوا عَلَى البُجَاةِ،
فَنَفَرَتْ جِمَالُهُم، وَكَانُوا يقَاتِلُونَ, ثُمَّ
تَمَزَّقُوا، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَجَاءَ مَلِكُهُمْ
بِأَمَانٍ إِلَى المُتَوَكِّلِ، وَهُمْ يَعْبُدُوْنَ
الأصنام.
(9/446)
وَفِي سَنَةِ 242: الزَلْزَلَةُ بِقُومِسَ،
وَالدَّامَغَانِ، وَالرَّيِّ، وَطَبَرِسْتَانَ،
وَنَيْسَابُوْرَ، وَأَصْبَهَانَ، وَهَلَكَ مِنْهَا
بِضْعَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ أَلْفاً، وانهد نصف مدينة
الدامغان.
وفي سنة 244: نفى المتوكل طبيبه يختيشوع1. وَاتَّفَقَ
عِيْدُ النَّحْرِ وَعِيْدُ النَّصَارَى وَعِيْدُ
الفَطِيْرِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.
وَفِي سَنَةِ 245: عَمَّتِ الزَلْزَلَةُ الدُّنْيَا،
وَمَاتَ مِنْهَا خَلاَئِقُ. وَبنَى المُتَوَكِّلُ
المَاحُوْزَةَ، وَسَمَّاهَا الجَعْفَرِيَّ، وَأَنْفَقَ
عَلَيْهَا بَعْدَ مُعَاوَنَةِ الجَيْشِ لَهُ أَلْفَي
أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَتَحَوَّلَ إِلَيْهَا، وَفِيْهَا
وَقَعَ بِنَاحِيَةِ بَلْخَ مَطَرٌ كَالدَّمِ العَبِيْطِ.
وَكَانَ المُتَوَكِّلُ جَوَاداً مُمَدَّحاً لَعَّاباً،
وَأَرَادَ أَنْ يَعْزِلَ مِنَ العَهْدِ المُنْتَصِرَ،
وَيُقدِّمَ عَلَيْهِ المُعْتَزَّ لِحُبِّهِ أُمَّهُ
قَبِيْحَةَ، فَأَبَى المُنْتَصِرُ، فَغَضِبَ أَبُوْهُ،
وَتَهَدَّدَهُ، وَأَغْرَى بِهِ، وَانْحَرَفَتِ الأَتْرَاكُ
عَلَى المُتَوَكِّلِ لمُصَادَرَتِهِ وَصِيْفاً وَبُغَا
حَتَّى اغْتَالُوهُ.
قَالَ المُبَرِّدُ: قَالَ المُتَوَكِّلُ لِعَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الرِّضَا: مَا يَقُوْلُ وَلَدُ أَبِيْكَ فِي
العَبَّاسِ? قَالَ: مَا تَقُوْلُ يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ فِي رَجُلٍ فَرَضَ اللهُ طَاعَتَهُ عَلَى
نَبِيِّهِ، وَذَكَرَ حِكَايَةً طَوِيْلَةً، وَبَكَى
المُتَوَكِّلُ، وَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الحَسَنِ,
لَيَّنْتَ مِنَّا قُلُوْباً قَاسِيَةً, أَعَلَيْكَ دَيْنٌ?
قَالَ: نَعَمْ, أَرْبَعَةُ آلاَفِ دِيْنَارٍ فَأَمَرَ لَهُ
بِهَا.
حَكَى المَسْعُوْدِيُّ أَنَّ بُغَا الصَّغِيْرَ دَعَا
بِبِاغِرَ التركي، فكلمه، وقال: قَدْ صَحَّ عِنْدِي أَنَّ
المُنْتَصِرَ عَامِلٌ عَلَى قَتْلِي، فَاقْتُلْهُ. قَالَ:
كَيْفَ بِقَتْلِهِ وَالمُتَوَكِّلُ بَاقٍ? إِذاً
يُقَيِّدُكُمْ بِهِ, قَالَ: فَمَا الرَّأْيُ? قَالَ:
نَبْدَأُ بِهِ, قَالَ: وَيْحَكَ وَتَفْعَلُ?! قَالَ:
نَعَمْ. قَالَ: فَادْخُلْ عَلَى أَثَرِي، فَإِنْ
قَتَلْتُهُ، وَإِلاَّ فَاقْتُلْنِي، وَقُلْ: أَرَادَ أَنْ
يَقْتُلَ مَوْلاَهُ. فَتَمَّ التَّدْبِيْرُ، وَقُتِلَ
المُتَوَكِّلُ.
وَحَدَّثَ البُحْتُرِيُّ قَالَ: اجْتَمَعْنَا فِي مَجْلِسِ
المُتَوَكِّلِ، فَذُكِرَ لَهُ سَيْفٌ هِنْدِيٌّ، فَبَعَثَ
إِلَى اليَمَنِ، فَاشْتُرِيَ لَهُ بِعَشْرَةِ آلاَفٍ،
فَأَعْجَبَهُ. وَقَالَ لِلْفَتْحِ: ابْغِنِي غُلاَماً
أَدْفَعْ إِلَيْهِ هَذَا السَّيْفَ لاَ يُفَارِقُنِي بِهِ،
فَأَقْبَلَ بَاغِرُ، فَقَالَ الفَتْحُ بنُ خَاقَانَ: هَذَا
مَوْصُوْفٌ بِالشَّجَاعَةِ وَالبَسَالَةِ فَأَعْطَاهُ
السَّيْفَ، وَزَادَ فِي أَرْزَاقِهِ. فَمَا انْتَضَى
السَّيْفَ إِلاَّ لَيْلَةً, ضَرَبَهُ بِهِ بَاغِرُ،
فَلَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ المُتَوَكِّلِ فِي لَيْلَتِهِ
عَجَباً, رَأَيْتُهُ يَذُمٌّ الكِبْرَ وَيتَبَرَّأُ
مِنْهُ. ثُمَّ سَجَدَ وَعَفَّرَ وَجْهَهُ وَنَثَرَ
التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا
عَبْدٌ فَتَطَيَّرْتُ لَهُ, ثُمَّ جَلَسَ، وَعَمِلَ فِيْهِ
النَّبِيْذُ، وَغُنِّيَ صَوْتاً أَعْجَبَهُ، فَبَكَى،
فَتَطَيَّرْتُ مِنْ بُكَائِهِ. فَإِنَّا فِي ذَلِكَ إِذْ
بَعثَتْ لَهُ قَبِيْحَةُ خِلْعَةً اسْتَعْمَلَهَا
دِرَاعَةً حَمْرَاءَ من خز
__________
1 هو: يخيشوع بن جبريل، طبيب نصراني، له تصانيف عديدة،
توفى سنة ستين ومائتين.
(9/447)
وَمِطْرَفِ خَزٍّ، فَلَبِسَهُمَا, ثُمَّ
تَحَرَّكَ فِي المِطْرَفِ، فَانْشَقَّ، فَلَفَّهُ،
وَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ ليَكُوْنَ كَفَنِي، فَقُلْتُ:
إِنَّا للهِ, انْقَضَتْ وَاللهِ المُدَّةُ. وَسَكِرَ
المُتَوَكِّلُ سُكْراً شَدِيْداً. وَمَضَى مِنَ اللَّيْلِ
إِذْ أَقْبَلَ بَاغِرُ فِي عَشْرَةِ مُتَلَثِمِيْنَ
تَبْرُقُ أَسْيَافُهُم، فَهَجَمُوا عَلَيْنَا، وَقَصَدُوا
المُتَوَكِّلَ، وَصَعِدَ بَاغِرُ وَآخَرُ إِلَى
السَّرِيْرِ، فصَاحَ الفَتْحُ: وَيلَكُم مَوْلاَكُمْ.
وَتَهَارَبَ الغِلْمَانُ، وَالجُلَسَاءُ، وَالنُّدَمَاءُ،
وَبَقِيَ الفَتْحُ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقْوَى نَفساً
مِنْهُ بَقِيَ يُمَانِعُهُم، فَسَمِعْتُ صَيْحَةَ
المُتَوَكِّلِ إِذْ ضَرَبَهُ بَاغِرُ بِالسَّيْفِ
المَذْكُوْرِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَقَدَّهُ إِلَى
خَاصِرَتِهِ، وَبَعَجَ آخَرُ الفَتْحَ بِسَيْفِهِ،
فَأَخْرَجَهُ مِنْ ظَهْرِهِ، وَهُوَ صَابِرٌ لا يزول, ثم
طرح نَفْسَهُ عَلَى المُتَوَكِّلِ، فَمَاتَا فَلُفَّا، فِي
بِسَاطٍ ثُمَّ دُفِنَا مَعاً، وَكَانَ بُغَا الصَّغِيْرُ
اسْتَوْحَشَ مِنَ المُتَوَكِّلِ لِكَلاَمٍ، وَكَانَ
المُنْتَصِرُ يَتَأَلَّفُ الأَتْرَاكَ لاَ سِيِّمَا مَنْ
يُبْعِدُهُ أَبُوْهُ.
قَالَ المَسْعُوْدِيُّ: وَنُقِلَ فِي مَقْتَلِهِ غَيْرُ
ذَلِكَ. قَالَ: وَقَدْ أَنْفَقَ المُتَوَكِّلُ، فِيْمَا
قِيْلَ عَلَى الجَوْسَقِ، وَالجَعْفَرِيِّ
وَالهَارُوْنِيِّ أَكْثَرَ مِنْ مَائَتَي أَلْفِ أَلْفِ
دِرْهَمٍ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ
آلاَفِ سُرِّيَّةٍ وَطِئَ الجَمِيْعَ. وَقُتِلَ وَفِي
بَيْتِ المَالِ أَرْبَعَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِيْنَارٍ،
وَسَبْعَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ولا يعلم أحد من رءوس
الجِدِّ، وَالهَزْلِ إِلاَّ وَقَدْ حَظِيَ بِدَوْلَتِهِ،
وَاسْتَغْنَى، وَقَدْ أَجَازَ الحُسَيْنَ بنَ الضَّحَّاكِ
الخَلِيْعَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَبْيَاتٍ أَرْبَعَةَ آلاَفِ
دِيْنَارٍ. وَفِيْهِ يَقُوْلُ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ
المُهَلَّبِيُّ:
جَاءتْ مَنِيَّتُهُ وَالعَيْنُ هَاجِعَةٌ ... هَلاَّ
أَتَتْهُ المنَايَا وَالقَنَا قُصُدُ
خَلِيْفَةٌ لَمْ يَنَلْ مِنْ مَالِهِ أَحَدٌ ... وَلَمْ
يُصَغْ مِثْلُهُ رُوْحٌ وَلاَ جَسَدُ
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَهْمِ: أَهْدَى ابْنُ طَاهِرٍ إِلَى
المُتَوَكِّلِ وَصَائِفَ عِدَةً، فِيْهَا مَحْبُوبَةُ،
وَكَانَتْ شَاعِرَةً عَالِمَةً بِصُنُوْفٍ مِنَ العِلْمِ
عَوَّادَةً، فَحَلَّتْ مِنَ المُتَوَكِّلِ مَحَلاًّ
يَفُوتُ الوَصْفَ، فَلَمَّا قُتِلَ ضُمَّتْ إِلَى بُغَا
الكَبِيْرِ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ يَوْماً لِلْمُنَادَمَةِ،
فَأَمَرَ بِهَتْكِ السِّتْرِ، وَأَمَرَ القِيَانَ،
فَأَقْبَلْنَ يَرْفُلْنَ فِي الحُلِيِّ وَالحُلَلِ،
وَأَقْبَلَتْ هِيَ فِي ثِيَابٍ بِيْضٍ، فَجَلَسَتْ
مُنْكَسِرَةً، فَقَالَ: غَنِّي. فَاعْتَلَّتْ، فَأَقْسَمَ
عَلَيْهَا، وَأَمَرَ بالعود فوضع في حجرها، فغنت ارتجالا:
أَيُّ عَيْشٍ يَلَذُّ لِي ... لاَ أَرَى فِيْهِ جَعْفَرَا
مَلِكٌ قَدْ رَأَيْتُهُ ... فِي نَجِيْعٍ مُعَفَّرَا
كُلُّ مَنْ كَانَ ذَا خَبَا ... لٍ وَسُقْمٍ فَقَدْ بَرَا
غَيْرَ مَحْبُوْبَةَ الَّتِي ... لَوْ تَرَى المَوْتَ
يُشْتَرَى
لاشْتَرَتْهُ بِمَا حَوَتْـ ... ـهُ يَدَاهَا لِتُقْبَرَا
فَغَضِبَ بُغَا، وَأَمَرَ بِسَحْبِهَا، وَكَانَ آخِرَ
العَهْدِ بِهَا.
وَبُوْيِعَ المُنْتَصِرُ مِنَ الغَدِ بِالقَصْرِ
الجَعْفَرِيِّ يَوْمَ خَامِسِ شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقِيْلَ: لَمْ يَصُّح
عَنْهُ النَّصْبُ، وَقَدْ بَكَى مِنْ وَعْظِ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيِّ العَلَوِيِّ، وَأَعْطَاهُ
أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
لِلْمُتَوَكِّلِ مِنَ البَنِيْنَ: المُنْتَصِرُ مُحَمَّدٌ،
وَمُوْسَى، وَأُمُّهُمَا حَبَشِيَّةُ، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ المُعْتَزُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ، وَأُمُّهُمَا
قَبِيْحَةٌ، وَالمُؤَيَّدُ إِبْرَاهِيْمُ، وَأَحْمَدُ
وَهُوَ المُعْتَمِدُ، وَأَبُو الحُمَيْدِ، وَأَبُو بَكْرٍ،
وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّهُ شُجَاعٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ،
وَخلَّفَتْ أَمْوَالاً لاَ تُحْصَرُ, مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةُ
آلاَفِ أَلْفِ دِيْنَارٍ مِنَ العين وحده.
(9/448)
1971- المنتصر
بالله 1:
الخَلِيْفَةُ, أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ المتوكل على الله جعفر بن المُعْتَصِم
مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ الهَاشِمِيُّ,
العَبَّاسِيُّ. وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ رُوْمِيَّةٌ,
اسْمُهَا حَبَشِيَّةُ.
وَكَانَ أَعْيَنَ أَسْمَرَ أَقْنَى, مَلِيْحَ الوَجْهِ,
مُضَبَّراً رَبْعَةً, كَبِيْرَ البَطْنِ, مَلِيْحاً
مَهِيْباً.
وَلَمَّا قُتِلَ أَبُوْهُ دَخَلَ إِلَيْهِ قَاضِي
القُضَاةِ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الهَاشِمِيُّ،
فَقَالُوا لَهُ: بايِعْ. قَالَ: وَأَيْنَ أَمِيْرُ
المُؤْمِنِيْنَ؟ -يَعْنِي: المُتَوَكِّل- قَالَ: قَتَلَهُ
الفَتْحُ بنُ خَاقَانَ. قَالَ: وَأَيْنَ الفَتْحُ? قَالَ:
قَتَلَهُ بُغَا. قَالَ: فَأَنْتَ وَلِيُّ الدَّمِ،
وَصَاحِبُ الثَأْرِ. فَبايَعَهُ وَبَايَعَهُ الوَزِيْرُ
وَالكِبَارُ, ثُمَّ صَالَحَ المُنْتَصِرُ إِخْوَتَهُ عَنْ
مِيْرَاثِهِمْ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ
دِرْهَمٍ، وَنفَى عَمَّهُ عَلِيّاً إِلَى بَغْدَادَ،
وَرسَّمَ عَلَيْهِ.
وَكَانَ المُنْتَصِرُ وَافِرَ العَقْلِ, رَاغِباً فِي
الخَيْرِ, قَلِيْلَ الظُّلْمِ, بَارّاً بِالعَلَوِيْين.
قِيْلَ إِنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: يَا بُغَا أَيْنَ أَبِي?
مَنْ قَتَلَ أَبِي?! وَيَسُبُّ الأَترَاكَ، وَيَقُوْلُ:
هَؤُلاَءِ قَتَلَةُ الخُلَفَاءِ، فَقَالَ بُغَا
الصَّغِيْرُ للَّذِيْنَ قَتَلُوا المُتَوَكِّلَ: مَا
لَكُمْ عِنْدَ هَذَا رِزْقٌ. فَعَملُوا عَلَيْهِ،
وَهَمُّوا، فَعَجِزُوا عَنْهُ؛ لأَنَّهُ كَانَ شُجَاعاً
مَهِيْباً يَقِظاً مُتَحِرِّزاً لاَ كَأَبِيْهِ،
فَتَحَيَّلُوا إِلَى أَنْ دَسُّوا إِلَى طَبِيْبِهِ ابْنِ
طَيْفُوْرَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ عِنْدَ مَرَضِهِ،
فَأَشَارَ بِفَصْدِهِ, ثُمَّ فَصَدَهُ بِرِيْشَةٍ
مَسْمُومَةٍ، فَمَاتَ مِنْهَا.
وَيُقَالُ: إِنَّ طَيْفُوْرَ نَسِيَ وَمَرِضَ، وَافْتُصِدَ
بِتِلْكَ الرِّيْشَةِ، فَهَلَكَ. وقال بعض الناس: بل
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 119"، والعبر "1/ 452"،
الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 289"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 327"، وشذرات الذهب لابن
العماد "2/ 118".
(9/449)
حَصَلَ لِلْمُنْتَصِرِ مَرَضٌ فِي
أُنْثَيَيْهِ، فَمَاتَ مِنْهُ فِي ثَلاَثِ لَيَالٍ.
وَيُقَالُ: مَاتَ بِالخَوَانِيْقِ. وَيُقَالُ: سُمَّ فِي
كُمَّثْرَاةٍ بِإِبْرَةٍ.
وَوَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِهِ: ذَهَبَتْ يَا
أَمَّاهُ مِنِّيَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ, عَاجَلْتُ أَبِي
فعُوْجِلْتُ.
وَكَانَ يُتَّهَمُ بِأَنَّهُ وَاطَأَ عَلَى قَتْلِ
أَبِيْهِ، فَمَا أُمْهِلَ وَوَزَرَ لَهُ أَحْمَدُ بنُ
الخَصِيْبِ؛ أَحَدُ الظَّلَمَةِ.
وذَكَرَ المَسْعُوْدِيُّ أَنَّهُ أَزَالَ عَنِ
الطَّالِبِيِّيْنَ مَا كَانُوا فِيْهِ مِنَ الخَوْفِ
وَالمِحْنَةِ مِنْ مَنْعِهِم مِنْ زِيَارَةِ تُرْبَةِ
الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ، وَرَدَّ فَدَكَ إِلَى آلِ
عَلِيٍّ، وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ البُحْتُرِيُّ:
وَإِنَّ عَلِيّاً لأَوْلَى بِكُمْ ... وَأَزْكَى يَداً
عِنْدَكُمْ من عمر
وَكُلّ لَهُ فَضْلُهُ وَالحَجُوْ ... لُ يَوْمَ
التَّرَاهُنِ دُوْنَ الغُرَرْ
وَقَالَ يُرِيْدُ المُهَلَّبِيَّ:
وَلَقَدْ بَرَرْتَ الطالبية بعدما ... دَفُّوا زَمَاناً
بَعْدَهَا وَزَمَانَا
وَرَدَدْتَ أُلْفَةَ هَاشِمٍ فَرَأَيْتَهُم ... بَعْدَ
العَدَاوَةِ بَيْنَهُم إِخْوَانَا
ثُمَّ إِنَّ المُنْتَصِرَ تَمَكَّنَ، وَخَلَعَ مِنَ
العَهْدِ إِخْوَتَهُ: المُعْتَزَّ وَإِبْرَاهِيْمَ.
وَمِنْ كَلاَمِ المُنْتَصِرِ إِذْ عَفَا عَنْ أَبِي
العَمَرَّدِ الشَّارِيِّ: لَذَّةُ العَفْوِ أَعْذَبُ مِنْ
لَذَةِ التَّشَفِّي، وَأَقْبَحُ فَعَالِ المُقْتَدَرِ
الانْتِقَامُ.
قَالَ المَسْعُوْدِيُّ: كَانَ المُنْتَصِرُ أَظْهَرَ
الإِنْصَافَ فِي الرَّعِيَّةِ، فَمَالُوا إِلَيْهِ مَعَ
شِدَّةِ هَيْبَتِهِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ يَحْيَى المُنَجِّمُ: مَا رَأَيْتُ
مِثْلَ المُنْتَصِرِ، وَلاَ أَكْرَمَ فعَالاً بِغَيْرِ
تَبَجُّحٍ, لَقَدْ رَآنِي مغمومًا، فسألني، فوريت،
فاستحلفني، فذكرت إِضَاقَةً فِي ثَمَنِ ضَيْعَةٍ،
فَوَصَلَنِي بِعِشْرِيْنَ أَلْفاً.
وجَلَسَ مَرَّةً لِلَّهْوِ، فَرَأَى فِي بَعْضِ البُسُطِ
دَائِرَةً فِيْهَا فَارِسٌ عَلَيْهِ تَاجٌ، وَحَوْلَهُ
كِتَابَةٌ فَارِسِيَّةٌ، فَطَلَبَ مَنْ يَقْرَأ،
فَأُحْضِرَ رَجُلٌ، فَنَظَرَ، فَإِذَا فِيْهَا: ...
فَقَطَّبَ وَسكَتَ، وَقَالَ: لاَ مَعْنَى لَهُ، فَأَلَحَّ
المُنْتَصِرُ عَلَيْهِ, قَالَ فِيْهَا: أَنَا شِيْرَوَيْه
بنُ كِسْرَى بنِ هِرْمِز, قَتَلْتُ أَبِي، فَلَمْ
أُمَتَّعْ بِالمُلْكِ سِوَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ. قَالَ:
فَتَغَيَّرَ وَجْهُ المُنْتَصِرِ، وَقَامَ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ: قَالَ لِي
المُنْتَصِرُ: يَا جَعْفَرُ, لَقَدْ عُوْجِلْتُ، فَمَا
أُذنِي بِأُذُنِي، وَلاَ أُبْصِرُ بعيني.
(9/450)
قُلْتُ: قَلَّ مَا وَقَعَ فِي دَوْلَتِهِ
مِنَ الحَوَادِثِ لِقِصَرِ المُدَّةِ، وَعَاشَ سِتّاً
وَعِشْرِيْنَ سَنَةً سَامَحَهُ اللهُ.
وَمَاتَ فِي خَامَسِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَكَانَتْ خِلاَفَتَهُ
سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّاماً.
وَكَانَ قَدْ أَبْعَدَ، وَصِيْفاً فِي عَسْكَرٍ إِلَى
ثَغْرِ الرُّوْمِ، وَكَانَ قَدْ أَلَحَّ عَلَيْهِ هُوَ،
وَبُغَا، وَابْنُ الخَصِيْبِ فِي خَلْعِ إِخْوَتِهِ
خَوْفاً مِنْ أَنْ يَلِيَ المُعْتَزُّ، فَيَسْتَأَصِلُهُم،
فَاعْتُقِلا، وَتَمَنَّعَ أَوَّلاً المُعْتَزُّ, ثُمَّ
خَافَ، وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَنَّهُمَا
يَعْجِزَانِ عَنِ الإِمَامَةِ. فَقَالَ المُنْتَصِرُ:
أَتَرَيَانِي خَلَعْتُكُمَا طَمَعاً فِي أَنْ أَعِيْشَ
بعدكما حتى يكبر ابني عَبْدِ الوَهَّابِ، وَأَعْهَدَ
إِلَيْهِ?! وَاللهِ مَا طَمِعْتُ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ
هَؤُلاَءِ أَلَحُّوا عليَّ، وَخِفْتُ عَلَيْكُمَا مِنَ
القَتْلِ، فَقَبَّلا يَدَهُ، وضَمَّهُمَا إِلَيْهِ.
وَلِلْمُنْتَصِرِ مِنَ الوَلَدِ: أَحْمَدُ، وَعلِيٌّ،
وَعَبْدُ اللهِ، وعمر.
(9/451)
1972- المستعين
بالله 1:
الخليفة, أبو العباس أحمد بن المُعْتَصِمِ بِاللهِ؛
مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ ابنِ المَهْدِيِّ
العَبَّاسِيُّ, أَخُو الوَاثِقِ وَالمُتَوَكِّلِ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَبُوْيِعَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ, سَنَةَ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ, عِنْدَ مَوْتِ أَخِيْهِ المُنْتَصِرِ.
وَكَانَ أَحْمَرَ الوَجْهِ, رَبْعَ القَامَةِ, خَفِيْفَ
العَارِضَيْنِ, مَلِيْحَ الصُّوْرَةِ, بِوَجْهِهِ أَثَرُ
جُدَرِيٍّ, بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ طُوْلٌ, يَلْثَغُ
بِالسِّيْنِ كَالثَّاءِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ.
وَكَانَ مِتْلاَفاً لِلْمَالِ, مُبَذِّراً، فَرَّقَ
الجَوَاهِرَ، وَفَاخِرَ الثِّيَابِ, اخْتَلَّتِ
الخِلاَفَةُ بِوِلاَيَتِهِ، وَاضْطَرَبَتِ الأُمُوْرُ.
اسْتَوْزَرَ أَبَا مُوْسَى أُوْتَامُشَ بِإِشَارَةِ
كَاتِبِهِ شُجَاعِ بنِ القَاسِمِ, ثُمَّ قَتَلَهُمَا،
وَاسْتَوْزَرَ أَحْمَدَ بنَ صَالِحِ بنِ شَبَرْزَاذَ.
وَلَمَّا قَتَلَ بَاغَرَ التُّرْكِيَّ الَّذِي قَتَلَ
المُتَوَكِّلَ, غَضِبَتْ لَهُ المَوَالِي، وَكَانَ
المُسْتَعِيْنُ مِنْ تَحْتِ أَوَامِرِ وَصِيْفٍ وَبُغَا،
وَكَانَ جَيِّدَ الأدب, حسن الفضيلة، واسم أمه مخارق.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 64"، والوافي بالوفيات لصلاح
الدين الصفدي "8/ 93"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/
313"، وشذرات الذهب لابن العماد لحنبلي "2/ 124".
(9/451)
وَلَمَّا مَاتَ المُنْتَصِرُ, اسْتَوْزَرَ
الأُمَرَاءَ وَابْنَ أَبِي الخَصِيْبِ، فَقَالَ لَهُم
أُوْتَامُشُ: مَتَى وَلَّيْتُمْ أَحَداً مِنْ، وَلَدِ
المُتَوَكِّلِ, لاَ يُبْقِي مِنَّا أَحَداً، فَقَالُوا:
مَا لَهَا إِلاَّ أَحْمَدَ بنَ المُفْتَصِدِ, هُوَ ابْنُ
أُسْتَاذِنَا. فَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى المُنَجِّمُ
سِرّاً: أَتُوَلُّوْنَ رَجُلاً يَرَى أَنَّهُ أَحَقُّ
بِالإِمَامَةِ مِنَ المُتَوَكِّلِ اصْطَنِعُوا مَنْ
يَعْرِفُ لَكُم ذَاكَ. فَأَبَوْا، وَبَايَعُوْهُ،
وَاسْتَقَلَّ أَيَّاماً، فَبَيْنَا هُوَ قَدْ دَخَلَ
مَجْلِسَ الخِلاَفَةِ, إِذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الغَوْغَاءِ،
وَالشَّاكِرِيَّةِ1، وَالجُنْدِ نَحْوَ الأَلْفِ فِي
السِّلاَحِ، وَصَاحُوا: المُعْتَزُّ يَا مَنْصُوْرُ.
فَنَشَبَتِ الحَرْبُ وَقُتِلَ جَمَاعَةٌ، وَمَضَى
المُسْتَعِيْنُ إِلَى القَصْرِ الهَارُوْنِيِّ، فَبَاتَ
بِهِ، وَنَهَبَتِ الغَوْغَاءُ الدَّارَ وَعِدَّة دورٍ،
وَحَازُوا سِلاَحاً كَثِيْراً، فَزَجَرَهُمْ بُغَا
الصَّغِيْرُ عَنْ دَارِ الخِلاَفَةِ، وَكَثُرَتِ
القَتْلَى، فَبَذَلَ المُسْتَعِيْنُ الخَزَائِنَ،
فَسَكَنُوا، وَبُوْيِعَ لَهُ بِبَغْدَادَ، وَأَمِيْرُهَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ.
ثُمَّ غَضِبَ المُسْتَعِيْنُ بِإِشَارَةِ أَوْتَامُشَ
الوَزِيْرِ عَلَى أَحْمَدَ بنِ الخَصِيْبِ، وَأَخَذَ
أَمْوَالَهُ، وَنَفَاهُ إِلَى جَزِيْرَةِ أَقْرِيْطِشِ1.
وَمَاتَ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ مُتَوَلِّي خُرَاسَانَ،
فَوَلَّى المُسْتَعِيْنُ ابْنَهُ مُحَمَّدَ بنَ طَاهِرٍ
مَوْضِعَهُ، وَوَلَّى العِرَاقَ وَالحَرَمَيْنِ أَخَاهُ
مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ.
وَمَاتَ بُغَا الكَبِيْرُ، فَوَلَّى مَكَانَهُ وَلَدَهُ
مُوْسَى بنَ بُغَا. وَسَجَنَ المُعْتَزَّ وَالمُؤَيَّدَ،
وضَيَّقَ عَلَيْهِمَا، وَاشْتَرَى أَمْلاَكَهُمَا كُرْهاً.
وَقرَّرَ لَهُمَا فِي العَامِ نَيِّفاً وعشرين ألف دينار
ليس إلا.
وَعَقَدَ لأَوْتَامُشَ مَعَ الوِزَارَةِ الإِمْرَةَ عَلَى
مِصْرَ وَسَائِرِ المَغْرِبِ. وَنَفَى عُبَيْدَ اللهِ بنَ
يَحْيَى بنِ خَاقَانَ إِلَى بَرْقَةَ. وَأَنْفَقَ أَلْفَي
أَلْفِ دِيْنَارٍ فِي الجُنْدِ، وَقُتِلَ عَلِيُّ بنُ
يَحْيَى الأَرْمَنِيُّ، وَعُمَرُ الأَقْطَعُ,
مُجَاهِدَيْنِ بِبِلاَدِ الرُّوْمِ. وَكَثُرَتِ
الأَتْرَاكُ بِبَغْدَادَ، وَتَمَكَّنُوا، وَعَسَفُوا،
وَآذَوا العَامَةَ، فثَارَتِ الشَّاكِرِيَةُ وَالجُنْدُ،
وَأَحْرَقُوا الجِسْرَ، وَانْتَهَبُوا الدَّوَاوِيْنَ،
وَهَاجَ مِثْلُهُم بِسَامَرَّاءَ، فَرَكِبَ بُغَا
وَأَوْتَامُشُ وَوَضَعُوا السَّيْفَ، وَقَتَلُوا عِدَّةً،
وَتَنَاخَتِ العَامَةُ، فَقَتَلُوا طَائِفَةً مِنَ
الأَتْرَاكِ، وَعَظُمَ الخَطْبُ، وَخَرَجَ وَصِيْفٌ،
فَأَمَرَ بِإِحْرَاقِ الأَسْوَاقِ, ثُمَّ بَعْدَ يَسِيْرٍ
قُتِلَ أَوْتَامُشُ، وَوَزَرَ ابْنُ يَزْدَاذَ، وَعُزِلَ،
عَنِ القَضَاءِ جَعْفَرٌ الهَاشِمِيُّ.
وَدَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَخَرَجَ
بِطَبَرِسْتَانَ الحَسَنُ بنُ زَيْدٍ الحَسَنِيُّ،
وَعَظُمَ سُلْطَانُهُ، وَحَكَمَ عَلَى عِدَّةِ مَدَائِنَ،
وَانْضَمَّ إِلَيْهِ كُلُّ مُرِيْبٍ، وَهَزَمَ جَيْشَ
ابْنِ طَاهِرٍ مَرَّتَيْنِ، وَوَصَلَ إِلَى هَمَذَانَ،
فجهز المستعين له جيشًا.
__________
1 الشاكرية: الأجراء والمستخدمون، وهي كلمة فارسية معربة.
2 جزيرة أقريطش: اسم جزيرة في البحر الأبيض المتوسط كما
قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان".
(9/452)
وَفِيْهَا: عَقَدَ المُسْتَعِيْنُ
لاِبْنِهِ عَبَّاسٍ عَلَى العِرَاقِ وَالحِجَازِ.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ ظَهَرَ:
بِقَزْوِيْنَ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيُّ،
فَتَمَلَّكَهَا، وَكَانَ هُوَ وَأَحْمَدُ بنُ عِيْسَى
الزَّيْدِيُّ قَدِ اتّفَقَا، وَقَتَلاَ خَلْقاً
بِالرَّيِّ، وَعَاثَا فَأُسِرَ أَحَدُهُمَا، وَقُتِلَ
الآخَرُ.
وَخَرَجَ بِالحِجَازِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يُوْسُفَ
الحَسَنِيُّ، وَتَبِعَهُ الأَعْرَابُ، فَعَاثَ، وَأَفْسَدَ
مَوْسِمَ الحَاجِّ. وَقَتَلَ مِنَ الوَفْدِ أَزْيَدَ مِنْ
أَلْفٍ, ثُمَّ قَصَمَهُ الله بالطاعون هو وكثير من جنده.
وَهَاجَتِ الفِتْنَةُ الكُبْرَى بِالعِرَاقِ، فَتَنَكَّرَ
التُّرْكُ لِلْمُسْتَعِيْنِ، فَخَافَ، وَتَحَوَّلَ إِلَى
بَغْدَادَ، فَنَزَلَ بِالجَانِبِ الغَرْبِيِّ عَلَى
نَائِبِهِ ابْنِ طَاهِرٍ، فَاتَّفَقَ الأَتْرَاكُ
بِسَامَرَّاءَ، وَبَعَثُوا يَعْتَذِرُوْنَ،
وَيَسْأَلُونَهُ الرُّجُوْعَ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ،
فَغَضِبُوا، وَقَصَدُوا السِّجْنَ، وَأَخْرَجُوا
المُعْتَزَّ بِاللهِ، وَبَايَعُوا لَهُ، وَخَلَعُوا
المُسْتَعِيْنَ، وَبَنَوا أَمْرَهُم عَلَى شُبْهَةٍ،
وَهِيَ أَنَّ المُتَوَكِّلَ عَقَدَ لِلْمُعْتَزِّ بَعْدَ
المُنْتَصِرِ، فَجَهَّزَ المُعْتَزُّ أَخَاهُ أَبَا
أَحْمَدَ لِمُحَارَبَةِ المُسْتَعِيْنِ، وَتَهَيَّأَ
المُسْتَعِيْنُ، وَابْنُ طَاهِرٍ لِلْحِصَارِ، وَإِصْلاَحِ
السُّوْرِ، وَتَجَرَّدَ أَهْلُ بَغْدَادَ لِلْقَتْلِ،
وَنُصِبَتِ المَجَانِقُ، وَوَقَعَ الجِدُّ، وَدَامَ
البَلاَءُ أَشْهُراً، وَكَثُرَتِ القَتْلَى، وَاشْتَدَّ
القَحْطُ، وَتَمَّتْ بَيْنَهُمَا عِدَّةُ وَقْعَاتٍ
بَحَيْثُ إِنَّهُ قُتِلَ فِي نَوْبَةٍ مِنْ جُنْدِ
المُعْتَزِّ أَلْفَانِ إِلَى أَنْ ضَعُفَ أَهْلُ بَغْدَادَ
وَذُلُّوا وَجَاعُوا وَتَعَثَّرُوا، فَمَا أَصْبَرَهُمْ
عَلَى الشَّرِّ وَالفِتَنِ! وَقَوِيَ أَمْرُ
المُعْتَزِّيَّةِ، فَكَاتَبَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي السِّرِّ
المُعْتَزَّ، وَانْحَلَّ نِظَامُ المُسْتَعِيْنِ،
وَإِنَّمَا كَانَ قَوَامُ أَمْرِهِ بِابْنِ طَاهِرٍ،
وَكَاشَفَهُ النَّاسُ، فَتَحَوَّلَ إِلَى الرُّصَافَةِ
ثُمَّ سَعَى النَّاسُ فِي الصُّلْحِ، وَخُلِعَ
المُسْتَعِيْنُ، فَأَقَامَ فِي ذَلِكَ إِسْمَاعِيْلُ
القَاضِي وَغَيْرُهُ بِشُرُوْطٍ وَثِيْقَةٍ، فَأَذْعَنَ
بِخَلْعِ نَفْسِهِ فِي أَوَّلِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ
وَخَمْسِيْنَ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ، فَأُحْدِرَ بَعْدَ
خَلْعِهِ تَحْتَ الحَوْطَةِ إِلَى وَاسِطَ، فَاعْتُقِلَ
بِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ, ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى
سَامَرَّاءَ، فَقُتِلَ بِقَادِسِيَةِ سَامَرَّاءَ فِي
ثَالِثِ شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ. وَقِيْلَ: قُتِلَ
لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ رَمَضَانَ، وَلَهُ إِحْدَى
وَثَلاَثُونَ سَنَةً وَأَيَّاماً. فَيُقَالُ: بَعَثَ
المُعْتَزُّ إِلَيْهِ سَعِيْداً الحَاجِبَ، فَلَمَّا رَآهُ
المُسْتَعِيْنُ تَيَقَّنَ التَّلَفَ، وبكى، وقال: ذهبت
نَفْسِي. فَأَخَذَ سَعِيْدٌ يُقَنِّعُهُ بِالسُّوْطِ,
ثُمَّ أَضْجَعَهُ، وَقَعَدَ عَلَى صَدْرِهِ، وَذَبَحَهُ
-فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَقَالَ الصُّوْلِيُّ: بَعَثَ المُعْتَزُّ أَحْمَدَ بنَ
طُوْلُوْنَ إِلَى وَاسِطَ لِقَتْلِ المُسْتَعِيْنِ،
فَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَقْتُلُ أَوْلاَدَ الخُلَفَاءِ.
فَبَعَثَ سَعِيْداً الحَاجِبَ، فَمَا مَتَّعَ اللهُ
المُعْتَزَّ, بَلْ عُوْجِلَ بالخلع والقتل جزاء وفاقًا.
(9/453)
1973- البزي
1:
مُقْرِئُ مَكَّةَ، وَمُؤَذِّنُهَا, أَبُو الحَسَنِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ
بنِ أَبِي بَزَّةَ المَخْزُوْمِيُّ مَوْلاَهُمُ
الفَارِسِيُّ الأَصْلِ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَتَلاَ عَلَى عِكْرِمَةَ بنِ سُلَيْمَانَ، وَأَبِي
الإِخْرِيْطِ، وَابْنِ زِيَادٍ، عَنْ تِلاَوَتِهِمْ عَلَى
إِسْمَاعِيْلَ القِسْطِ؛ صَاحِبِ ابْنِ كَثِيْرٍ.
وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ عُيَنْيَةَ، وَمَالِكِ بنِ سُعَيْرٍ،
وَمُؤَمَّلِ بن إسماعيل، والمقرئ، وطائفة.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي "التَّارِيْخِ"، وَمُضَرُ
الأَسَدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الحُبَابِ، وَيَحْيَى بنُ
صَاعِدٍ.
وَتَلا عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنْهُم: أَبُو رَبِيْعَةَ
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَإِسْحَاقُ الخُزَاعِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ فرحٍ، وَابْنُ الحُبَابِ،
وَاللِّهْبِيَانِ، وَآخَرُوْنَ.
وَصَحَّحَ لَهُ الحَاكِمُ حَدِيْثَ التَّكْبِيْرِ2، وَهُوَ
مُنْكَرٌ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ لاَ
أُحَدِّثُ عَنْهُ.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ، يُوْصِلُ
الأَحَادِيْثَ، قَدْ سُقْنَا تَرْجَمَتَهُ مُطَوَّلَةً فِي
"الطَّبَقَاتِ".
وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ دينًا
عالمًا صاحب سنة, رحمه الله.
__________
1 ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 155"،
والجرح والتعديل "2/ ترجمة 129"، وميزان الاعتدال "1/
144"، والعبر "1/ 455"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي
"2/ 120".
2 منكر: أخرجه الحاكم "3/ 304" من طريق أَبِي عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ الصائغ، حدثنا أحمد بن
محمد بن القاسم بن أبي بزة قال: سمعت عكرمة بن سليمان
يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغت
والضحى قال لي: كبر كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم,
وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك
وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك وأخبره ابن عباس أن
أبي بن كعب أمره بذلك وأخبره أبي بن كعب أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ بِذَلِكَ.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وخالفه الذهبي فقال: "قلت:
البزي قد تكلم فيه".
وقال الذهبي في "الميزان" بعد أن أورد الحديث في ترجمته
"1/ 144": هذا حديث غريب وهو مما أنكر على البزي. وقال
العقيلي: هو منكر الحديث.
وقال أبو حاتم: هذا حديث منكر.
(9/454)
1974- أبو عمير
بن النحاس 1: "د، س"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, العَابِدُ, القُدْوَةُ, أَبُو
عُمَيْرٍ عِيْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ
النَّحَاسِ الرَّمْلِيُّ.
سَمِعَ الوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ لَمَّا قَدِمَ
الرَّمْلَةَ، وَضَمْرَةَ بنَ رَبِيْعَةَ، وَأَيُّوْبَ بنَ
سُوَيْدٍ، وَزَيْدَ بنَ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ،
وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ -مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَثْنَى
عَلَيْهِ، وَقَالَ: ثِقَةٌ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ
لِحَدِيْثِ ضَمْرَةَ- وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ،
وَأَبُو حَاتِمٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَعُمَرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
دَاوُدَ، وَابْنُ جَوْصَا، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا: سَمِعْتُ أَبَا عُمَيرٍ
يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا الوَلِيْدُ، فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، فَاسْتَقْرَضَ لَهُ أَبِي
دَنَانِيْرَ، فَحَجَّ مِنَ الرَّمْلَةِ، فَمَاتَ
مُنْصَرَفَهُ مِنَ الحَجِّ بِذِي المَرْوَةَ، فَمَضَى
أَبِي إِلَى دِمَشْقَ حَتَّى أُبِيْعَ مَنْزِلُ
الوَلِيْدِ، وَقضَى دَيْنَهُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ
الرَّمْلِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً رِضَىً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ مِنَ العُبَّادِ يَطْلُبُ
العِلْمَ، وَعَلَى ظهره خرقة قَدْرُ ذِرَاعٍ يَخْتَلِفُ
إِلَى الوَلِيْدِ وَضَمْرَةَ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ سَهْلٍ الدِّيْنَوَرِيُّ: سَمِعْتُ
ابْنَ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيَّ يَقُوْلُ: لَقَّنْتُ أَبَا
عُمَيْرٍ بنَ النَّحَاسِ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً مِنْ
حَدِيْثِهِ، فَلَمَّا بَلَغَتْ أَحَداً وَأَرْبَعِيْنَ
حَدِيْثاً قَالَ: أَمَا تَسْتَحْيِي?! أَتَحْشِمُنِي أَنْ
أَشْهَدُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ
أَرْبَعِيْنَ شَهَادَةً.
قَالَ ابْنُ زَبْرٍ: تُوُفِّيَ فِي ثَامِن المُحَرَّمِ
سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيِّ،
أَخْبَرَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأزهر الحسني سنة عشرين
وستمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ البَنَّاءِ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ بنُ زُنْبُوْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ
الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ،
عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ: {وَمَا نُرْسِلُ
بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإِسْرَاءُ: 59] ،
قَالَ: المَوْتُ مِنْ ذَلِكَ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ: الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ
قَاضِي مَكَّةَ، وَالرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ
الجِيْزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ المُنْذِرِ الطَّرِيْقِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عُثْمَانَ بن كرامة، والمهتدي بالله محمد بن
الوَاثِقِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَرِّمِيُّ
الزُّهْرِيُّ، وعبد الله بن أحمد بن شبويه المَرْوَزِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُقْرِئِ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1591"، وتهذيب
التهذيب "8/ 228".
(9/455)
1975- الحارث
بن مسكين 1: "د، س"
ابن محمد بن يوسف, الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ, الفَقِيْهُ,
المُحَدِّثُ, الثَّبْتُ, قَاضِيَ القُضَاةِ بمصر, أبو عمرو
مولى زبان بن الأَمِيْرِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ
الأُمَوِيُّ, المِصْرِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ،
وَإِنَّمَا طَلَبَ العِلْمَ عَلَى كِبَرٍ.
سَأَلَ اللَّيْثَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفَاتَهُ
ابْنُ لَهِيْعَةَ وَمَالِكٌ وَالكِبَارُ.
وَحَمَلَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ
بنِ وَهْبٍ، وَابْنِ القَاسِمِ، وَتَفَقَّهَ بِهِمَا،
وَعَنْ يُوْسُفَ بنِ عَمْرٍو الفَارِسِيِّ، وَبِشْرِ بنِ
عُمَرَ الزَّهْرَانِيِّ، وَأَشْهَبَ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ،
وَوَلَدُهُ؛ أَحْمَدُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ،
وَعَلِيُّ بنُ قُدَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ زَبَّانَ بنِ
حَبِيْبٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ
اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ السِّمْنَانِي،
وَآخَرُوْنَ.
سُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ،
وقال فيه قولا جميلا.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَنَقَلَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ، عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ: قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا -يَعْنِي: ابْنَ
مَعِيْنٍ: الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ خَيْرٌ مِنْ أَصْبَغَ
وَأَفْضَلُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ فَقِيْهاً ثِقَةً
ثَبْتاً حَمَلَهُ المَأْمُوْنُ إِلَى بَغْدَادَ فِي
المِحْنَةِ، وَسَجَنَهُ، فَلَمْ يُجِبْ، فَمَا زَالَ
مَحْبُوْساً بِبَغْدَادَ إِلَى أَنْ استخلف المتوكل،
فأطلقه، فحدث
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 419"، وتاريخ بغداد
"8/ 216"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 151"،
وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 530"، والعبر "1/ 455"، وتهذيب
التهذيب "2/ 156" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/
289"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 121".
(9/456)
بِبَغْدَادَ، وَرَجعَ إِلَى مِصْرَ
مُتَوَلِّياً قَضَاءَ مِصْرَ, ثُمَّ اسْتَعْفَى مِنَ
القَضَاءِ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ،
وَمائَتَيْنِ، فَأُعْفِيَ.
وَمَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ خَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَكَانَ -مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي العِلْمِ
وَالزُّهْدِ وَالتَأَلُّهِ- قَوَّالاً بِالْحَقِّ, مِنْ
قُضَاةِ العَدْلِ, رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ بَحْرُ بنُ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيُّ: عَرَفْنَا
الحَارِثَ بنَ مِسْكِيْنٍ أَيَّامَ ابْنِ وَهْبٍ عَلَى
طَرِيْقَةِ زَهَادَةٍ وَوَرَعٍ وَصِدْقٍ حَتَّى مات.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيُّ: قَدِمَ
المَأْمُوْنُ مِصْرَ، وَبِهَا مَنْ يَتَظَلَّمُ مِنْ
عَامِلَيْهِ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ تَمِيْمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ
أَسْبَاطٍ، فَجَلَسَ الفَضْلُ بنُ مَرْوَانَ الوَزِيْرُ
فِي الجَامِعِ، وَاجْتَمَعَ الأَعْيَانُ، وَأُحْضِرَ
الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ لِيُوَلَّى القَضَاءَ، فَبَيْنَا
الفَضْلُ يُكَلِّمُهُ, إِذْ قَالَ لَهُ مُتَظَلِّمٌ:
سَلْهُ -أَصْلَحَكَ اللهُ- عَنِ ابْنِ تَمِيْمٍ وَابْنِ
أَسْبَاطٍ. فَقَالَ: لَيْسَ لِذَا حَضَرَ. قَالَ:
أَصْلَحَكَ اللهُ, سَلْهُ. قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِيْهِمَا?
فَقَالَ: ظَالِمَيْنِ غَاشِمَيْنِ. قَالَ: فَاضْطَرَبَ
المَسْجِدُ، فَقَامَ الفَضْلُ، فَأَعْلَمَ المَأْمُوْنَ،
وَقَالَ: خِفْتُ عَلَى نَفْسِي مِنْ ثَوْرَةِ النَّاسِ
مَعَ الحَارِثِ. فَطَلَبَ الحَارِثَ، وَقَالَ: مَا
تَقُوْلُ فِي هَذَيْنِ? قَالَ: ظَالِمَيْنِ غَاشِمَيْنِ.
قَالَ: هَلْ ظَلَمَاكَ بِشَيْءٍ? قَالَ: لاَ. قَالَ:
فَعَامَلْتَهُمَا? قَالَ: لاَ. قَالَ: فَكَيْفَ تَشْهَدُ
عَلَيْهِمَا? قَالَ: كَمَا شَهِدْتُ أَنَّكَ أَمِيْرُ
المُؤْمِنِيْنَ، وَلَمْ أَرَكَ إِلاَّ السَّاعَةَ. قَالَ:
اخْرُجْ مِنْ هَذِهِ البِلاَدِ، وَبِعْ قَلِيْلَكَ
وَكَثِيْرَكَ. وَحَبَسَهُ فِي خَيْمَةٍ, ثُمَّ انْحَدَرَ
إِلَى البَشَرُوْدِ1، وَأَخَذَهُ مَعَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ
البَشَرُوْدَ, طَلَبَ الحَارِثَ، وَسَأَلَهُ عَنِ
المَسْأَلَةِ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا بِمِصْرَ، فَرَدَّ
الجَوَابَ بِعَيْنِهِ. قَالَ: فَمَا تَقُوْلُ فِي
خُرُوْجِنَا? قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ القَاسِمِ، عَنْ
مَالِكٍ أَنَّ الرَّشِيْدَ كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ
عَنْ قِتَالِهِم، فَقَالَ: إِنْ كَانُوا خَرَجُوا عَنْ
ظُلْمٍ مِنَ السُّلْطَانِ، فَلاَ يَحِلُّ قِتَالُهُم،
وَإِنْ كَانُوا إِنَّمَا شَقُّوا العَصَا، فَقِتَالُهُم
حَلاَلٌ، فَقَالَ: أَنْتَ تَيْسٌ، وَمَالِكٌ أَتْيَسُ
مِنْكَ ارْحَلْ عَنْ مِصْرَ قَالَ: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ إِلَى الثُّغُوْرِ? قَالَ: بَلْ
بِمَدِيْنَةِ السَّلاَمِ.
وَرَوَى دَاوُدُ بنُ أَبِي صَالِحٍ الحَرَّانِيُّ، عَنْ
أَبِيْهِ, قَالَ: لما أحضر الحَارِثُ مَجْلِسَ
المَأْمُوْنِ, جَعَلَ المَأْمُوْنُ يَقُوْلُ: يَا سَاعِي.
يُرَدِّدُهَا -يَعْنِي: يَا مُرَافِعُ- قَالَ: وَاللهِ مَا
أَنَا بِسَاعٍ، وَلَكِنِّي أُحْضِرْتُ، فَسَمِعْتُ،
وَأَطَعْتُ, ثُمَّ سُئِلْتُ، عَنْ أَمْرٍ، فَاسْتَعْفَيْتُ
ثَلاَثاً، فَلَمْ أُعْفَ، فَكَانَ الحَقُّ آثَرَ عِنْدِي
مِنْ غَيْرِهِ. فَقَالَ المَأْمُوْنُ: هَذَا رَجُلٌ
أَرَادَ أَنْ يُرْفَعَ له علم ببلده، خذه إليك.
__________
1 البشرود: كورة من كور بطن الريف بمصر. قاله ياقوت في
"معجم البلدان".
(9/457)
قَالَ أَحْمَدُ المُؤَدِّبُ: خَرَجَ
المَأْمُوْنُ، وَأَخْرَجَ الحَارِثَ فِي سَنَةِ سَبْعَ
عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ وَخَرَجَتْ زَوْجَةُ الحَارِثِ،
فَحَجَّتْ، وَذَهَبَتْ إِلَى العِرَاقِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ:
قَالَ لي ابن أبي دؤاد: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ, لَقَدْ
قَامَ حَارِثُكُمْ لله مقام الأنبياء. وكان ابن أبي دؤاد
إِذَا ذَكَرَهُ عَظَّمَهُ جِدّاً.
قَالَ أَبُو يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيُّ: فَأَقَامَ
الحَارِثُ بِبَغْدَادَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً،
وَأَطْلَقَهُ الوَاثِقُ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ، فَرَجَعَ
إِلَى مِصْرَ، وَقَالَ ابْنُ قُدَيْدٍ: أَتَاهُ -يَعْنِي:
الحَارِثَ- فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ كِتَابُ
تَوَلِّيِهِ القَضَاءَ وَهُوَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ،
فَامْتَنَعَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ إِخْوَانُهُ حَتَّى
قَبِلَ، فَقَدِمَ مِصْرَ، فَجَلَسَ لِلْحُكْمِ، وَأَخْرَجَ
أَصْحَابَ أَبِي حَنِيْفَةَ وَالشَّافِعِيِّ مِنَ
المَسْجَدِ، وَأَمَرَ بِنَزْعِ حُصُرِهِم مِنَ العُمُدِ،
وَقَطَعَ عَامَّةَ المُؤَذِّنِيْنَ مِنَ الأَذَانِ،
وَأَصْلَحَ سَقْفَ المَسْجِدِ، وَبَنَى السِّقَايَةَ،
وَلاَعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَهُ، وَمَنَعَ مِنَ
النِّدَاءِ عَلَى الجَنَائِزِ، وضَرَبَ الحَدَّ فِي سَبِّ
عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ، وَقَتَلَ سَاحِرَيْنِ.
عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الجَرَوِيِّ: أَنَّ
رَجُلاً كَانَ مُسْرِفاً عَلَى نَفْسِهِ، فَمَاتَ،
فَرُئِيَ فِي النَّوْمِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ غَفَرَ لِيَ
بِحُضُوْرِ الحَارِثِ بنِ مِسْكِيْن جِنَازَتِي، وَإِنَّهُ
اسْتَشْفَعَ لِيَ، فَشُفِّعَ فِيَّ.
تُوُفِّيَ الحَارِثُ لِثَلاَثٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ
الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ،
أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ،
أَخْبَرَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى،
حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ
وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ
أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ مُوْسَى:
أَنْتَ آدَمُ الَّذِي نَفَخَ اللهُ فِيْكَ مِنْ رُوْحِهِ،
وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ الأَسْمَاءَ
كُلَّهَا? قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى
أَنْ أَخْرَجْتَنَا، وَنَفْسَكَ مِنَ الجَنَّةِ? فَقَالَ:
مَنْ أَنْتَ? قَالَ: أَنَا مُوْسَى. قَالَ: أَنْتَ مُوْسَى
بَنِي إِسْرَائِيْلَ, الَّذِي كَلَّمَكَ اللهُ مِنْ
وَرَاءِ حِجَابٍ، فَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
رَسُوْلاً? قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَتَلُوْمُنِي عَلَى
أَمْرٍ قَدْ سَبَقَ مِنَ اللهِ القَضَاءُ قَبْلِي". قَالَ:
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عِنْدَ ذَلِكَ: "فَحَجَّ آدَمُ مُوْسَى" 1.
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه أبو داود "4702" من طريق أحمد بن
صالح، عن ابن وهب، به.
قلت: إسناده حسن، هشام بن سعد صدوق كما قال الحافظ في
"التقريب" لكن للحديث شاهد عن أبي هريرة: عند البخاري
"6614"، ومسلم "2652"، وأبي داود "4701".
(9/458)
1976- البُوَيْطِي ّ1:
الإِمَامُ, العَلاَّمَةُ, سَيِّدُ الفُقَهَاءِ, يُوْسُفُ
أَبُو يَعْقُوْبَ بن يحيى المِصْرِيُّ, البُوَيْطِيُّ,
صَاحِبُ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ لاَزَمَهُ مُدَّةً،
وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَفَاقَ الأَقْرَانَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ وَهْبٍ، وَالشَّافِعِيِّ،
وَغيْرِهِمَا.
رَوَى عَنْهُ: الرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ
الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو
حَاتِمٍ، وَقَالَ: هُوَ صَدُوْقٌ، وَأَحْمَدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ فِيْلٍ، وَالقَاسِمُ بنُ هَاشِمٍ
السِّمْسَارُ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي العِلْمِ, قُدْوَةً فِي العَمَلِ,
زَاهِداً رَبَّانِيّاً مُتَهَجِّداً, دَائِمَ الذِّكْرِ
وَالعُكُوْفِ عَلَى الفِقْهِ.
بَلَغَنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لَيْسَ فِي
أَصْحَابِي أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنَ البُوَيْطِيِّ.
وَقَالَ الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ البُوَيْطِيُّ
أَبَداً يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِذِكْرِ اللهِ، وَمَا
أَبْصَرْتُ أَحَداً أَنْزَعَ بِحُجَّةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ
مِنَ البُوَيْطِيِّ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ عَلَى بَغْلٍ فِي
عُنُقِهِ غُلٌّ, وَفِي رِجْلَيْهِ قَيْدٌ، وَبَيْنَهُ
وَبَيْنَ الغُلِّ سِلْسِلَةٌ فِيْهَا لَبِنَةٌ، وَزْنُهَا
أَرْبَعُوْنَ رِطْلاً، وَهُوَ يَقُوْلُ: إِنَّمَا خَلَقَ
اللهُ الخَلْقَ بِـ"كُنْ"، فَإِذَا كَانَتْ مَخْلُوْقَةً،
فَكَأَنَّ مَخْلُوْقاً خُلِقَ بِمَخْلُوْقٍ، وَلَئِنْ
أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ لأَصْدُقَنَّهُ -يَعْنِي: الوَاثِقَ-
وَلأَمُوْتَنَّ فِي حَدِيْدِيَ هَذَا حَتَّى يَأْتِيَ
قَوْمٌ يَعْلَمُوْنَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فِي هَذَا
الشَّأْنِ قَوْمٌ في حديدهم.
قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَبْدِ الحَكَمِ أَعْلَمَ مَنْ رَأَيْتُ بِمَذْهَبِ
مَالِكٍ, فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البُوَيْطِيِّ عِنْدَ
مَوْتِ الشَّافِعِيِّ، فَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ
السُّكَّرِيُّ, قَالَ: تَنَازَعَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ
وَالبُوَيْطِيُّ مَجْلِسَ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ
البُوَيْطِيُّ: أَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ، وَقَالَ
الآخَرُ كَذَلِكَ، فَجَاءَ الحُمَيْدِيُّ، وَكَانَ
بِمِصْرَ، فَقَالَ: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من
يُوْسُفَ, لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَعْلَمَ مِنْهُ.
فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ: كَذَبْتَ. قَالَ: بَلْ
كذبت أنت وأبوك وأمك, وغضب ابن عبد الحَكَمِ، فَجَلَسَ
البُوَيْطِيُّ فِي مَكَانِ الشَّافِعِيِّ, وَجَلَسَ ابن
عبد الحكم في الطاق الثالث.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 988"، وتاريخ بغداد
"14/ 299"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "7/ ترجمة 835"،
والكاشف "3/ ترجمة 6574"، والعبر "1/ 411"، وتهذيب التهذيب
"11/ 427" وتقريب التهذيب "2/ 383"، والنجوم الزاهرة لابن
تغري بردي "2/ 260"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/
71".
(9/459)
القَاضِي زَكَرِيَّا بنُ أَحْمَدَ
البَلْخِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ
سُلَيْمَانَ, قَالَ: كَانَ البُوَيْطِيُّ حِيْنَ مَرِضَ
الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ هُوَ وَابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ
وَالمُزَنِيُّ، فَتَنَازَعُوا الحَلَقَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ
الشَّافِعِيَّ، فَقَالَ: الحَلَقَةُ لِلْبُوَيْطيِّ.
فَلِهَذَا اعْتَزَلَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ الشَّافِعِيَّ
وَأَصْحَابَهُ، وَكَانَتْ أَعْظَمَ حَلَقَةٍ فِي
المَسْجِدِ. فَكَانَ البُوَيْطِيُّ يَصُوْمُ، وَيَتْلُو
غَالِباً فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَتْمَةً مَعَ
صَنَائِعِ المَعْرُوْفِ إِلَى النَّاسِ.
وَبِهِ إِلَى الرَّبِيْعِ قَالَ: فَسُعِيَ
بِالبُوَيْطِيِّ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الأَصَمُّ مِمَّنْ
سَعَى بِهِ -وَمَا هُوَ بِابْنِ كَيْسَانَ الأَصَمِّ-
وَكَانَ أَصْحَابُ ابْنِ أَبِي دؤاد، وَابْنُ
الشَّافِعِيِّ مِمَّنْ سَعَى بِهِ, حَتَّى كَتَبَ فيه ابن
أبي دؤاد إلى والي مصر، فَامْتَحَنَهُ فَلَمْ يُجِبْ،
وَكَانَ الوَالِي حَسَنَ الرَّأْيِ فِيْهِ, فَقَالَ لَهُ:
قُلْ فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ. قَالَ: إِنَّهُ
يَقْتَدِي بِي مائَةُ أَلْفٍ، وَلاَ يَدْرُوْنَ المَعْنَى.
قَالَ: وَقَدْ كَانَ أُمِرَ أَنْ يُحْمَلَ إِلَى بَغْدَادَ
فِي أَرْبَعِيْنَ رِطْلَ حَديدٍ.
قَالَ الرَّبِيْعُ: وَكَانَ المُزَنِيُّ مِمَّنْ سَعَى
بِهِ وَحَرْمَلَةُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ: فَحَدَّثَنِي
الثِّقَةُ، عَنِ البُوَيْطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: بَرِئَ
النَّاسُ مِنْ دَمِي إِلاَّ ثَلاَثَةً: حَرْمَلَةَ
وَالمُزَنِيَّ وَآخَرَ.
قُلْتُ: اسْتَفِقْ، وَيْحَكَ! وَسَلْ رَبَّكَ العَافِيَةَ،
فَكَلاَمُ الأَقْرَانِ بَعْضُهُم فِي بَعْضٍ أَمْرٌ
عَجِيْبٌ، وَقَعَ فِيْهِ سَادَةٌ، فَرَحِمَ اللهُ
الجَمِيْعَ.
قَالَ الرَّبِيْعُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو يَعْقُوْبَ
البُوَيْطِيُّ: أَنِ اصْبِرْ نَفْسَكَ لِلْغُرَبَاءِ،
وَحَسِّنْ خُلُقَكَ لأَهْلِ حَلْقَتِكَ، فَإِنِّي لَمْ
أَزَلْ أَسَمَعُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ كَثِيْراً
وَيَتَمَثَّلُ:
أُهِيْنُ لَهُم نَفْسِي لِكَي يُكْرِمُونَهَا ... وَلَنْ
تُكْرَمَ النَّفْسُ الَّتِي لاَ تُهِيْنُهَا
مَاتَ الإِمَامُ البُوَيْطِيُّ: فِي قَيْدِهِ, مَسْجُوْناً
بِالعِرَاقِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
عِنْدِي حَدِيْثٌ فِي "مُسْندِ أَبِي مُحَمَّدٍ
الدَّارِمِيِّ": حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوْبَ
البُوَيْطِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، فذكره.
(9/460)
1977- ابن
السرح 1: "م، د، س، ق"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، أَبُو الطَّاهِرِ
أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ
السَّرْحِ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ, الفَقِيْهُ,
المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ
بنِ وَهْبٍ، وَسَعِيْدٍ الآدَمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالقَاسِمُ بنُ
مَهْدِيٍّ، وَأَبُو العَلاَءِ الكُوْفِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ زَبَّانَ بنِ حَبِيْبٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
دَاوُدَ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ شَرَحَ "مُوَطَّأَ ابْنِ وَهْبٍ"، وَكَانَ مِنَ
العُلَمَاءِ الجِلَّة.
مَاتَ فِي رَابِعَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ
خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ
الثَّمَانِيْنَ.
لَهُ حَدِيْثٌ تَفَرَّدَ بِهِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، فَقَالَ
جَمَاعَةٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ
وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُوْنُسَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "كل بني آدم سيد،
وَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ، وَالمَرْأَةُ سَيِّدَةُ
بَيْتِهَا" 2.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ، غَرِيْبٌ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أبي سعيد، وَزَاهِرُ بنُ
طَاهِرٍ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ
حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ
أَخْبَرَنِي جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوْبَ،
وَهِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ آخِرُ الزَّمَانِ لَمْ تَكَدْ
رُؤْيَا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ، فَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا
أَصْدَقُهُمْ حَدِيْثاً، وَالرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ:
فَبُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ بِهِ
المَرْءُ نَفْسَهُ، وَرُؤْيَا مِنَ الشَّيْطَانِ"،
وَالقَيْدُ فِي المَنَامِ ثَبَاتٌ فِي الدِّيْنِ،
وَالغُلُّ أَكْرَهُهُ3.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُقْرِئُ مَكَّةَ أَبُو الحَسَنِ
البَزِّيُّ، وَالحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَعَبَّادُ بنُ
يَعْقُوْبَ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَمْرُو بنُ
عُثْمَانَ, وَكَثِيْرُ بن عبيد.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 115"، وتذكرة الحفاظ
"2/ ترجمة 519"، والعبر "1/ 455"، وتهذيب التهذيب "1/ 64"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 120".
2 صحيح: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "4/ 204" من طرق عن أبي
الطاهر بن السرح، به.
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات. وأبو يونس، هو سليم بن جابر
الدوسي المصري، مولى أبي هريرة، وهو ثقة. وعمر بن الحارث
هو ابن يعقوب بن عبد الله الأنصاري، مولى قيس، أبو أمية
المصري، ثقة حافظ روى له الجماعة. وأبو الطاهر بن السرح،
هو أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عمرو بن
السرح ثقة. وهو صاحب الترجمة.
3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "3917" حدثنا أحمد بن عمرو بن
السرح المصري، حدثنا بشر بن بكر، =
(9/461)
1978- سُحْنُون 1:
الإِمَامُ, العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ المَغْرِبِ, أَبُو
سَعِيْدٍ عَبْدُ السلام بن حبيب بن حَسَّانَ بنِ هِلاَلِ
بنِ بَكَّارِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ
التَّنُوْخِيُّ, الحِمْصِيُّ الأَصْلِ, المَغْرِبِيُّ,
القَيْرَوَانِيُّ, المَالِكِيُّ, قَاضِي القَيْرَوَانِ،
وَصَاحِبُ المُدَوَّنَةِ، وَيُلَقَّبُ: بِسَحْنُوْنَ,
ارْتَحَلَ وَحَجَّ.
وَسَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَالوَلِيْدِ بنِ
مُسْلِمٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ،
وَأَشْهَبَ، وَطَائِفَةٍ.
وَلَمْ يَتَوَسَّعْ فِي الحَدِيْثِ كَمَا تَوَسَّعَ، فِي
الفُرُوْعِ.
لاَزمَ ابْنَ وَهْبٍ، وَابْنَ القَاسِمِ، وَأَشْهَبَ
حَتَّى صَارَ مِنْ نُظَرَائِهِم.
وَسَادَ أَهْلَ المَغْرِبِ، فِي تَحْرِيْرِ المَذْهَبِ،
وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ العِلْمِ، وَعَلَى
قَوْلِهِ المُعَوَّلُ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَتفَقَّهَ
بِهِ عَدَدٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَ قَدْ تَفَقَّهَ أَوَّلاً
بِإِفْرِيْقِيَةَ عَلَى ابْنِ غَانِمٍ وَغَيْرِهِ. وَكَانَ
ارْتِحَالُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ،
وَكَانَ مَوْصُوْفاً بِالعَقْلِ وَالدِّيَانَةِ التَّامَةِ
وَالوَرَعِ, مَشْهُوْراً بِالجُوْدِ وَالبَذْلِ، وَافِرَ
الحُرْمَةِ, عَدِيْمَ النَّظِيْرِ.
أَخَذَ عَنْهُ: وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ؛ فَقِيْهُ
القَيْرَوَانِ، وَأَصْبَغُ بنُ خَلِيْلٍ القُرْطُبِيُّ،
وَبَقِيُّ بنُ مِخْلَدٍ، وَسَعِيْدُ بنُ نَمِرٍ
الغَافِقِيُّ الإِلْبِيْرِيُّ الفَقِيْهُ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ غَافِقٍ التُّوْنُسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ عَبْدُوْسٍ المَغْرِبِيُّ، وَوَهْبُ بنُ نَافِعٍ؛
فَقِيْهُ قُرْطُبَةَ، وَيَحْيَى بنُ القَاسِمِ بنِ هِلاَلٍ
الزَّاهِدُ، وَمُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المَرْوَانِيُّ مَوْلاَهُمْ، وَيَحْيَى بنُ عُمَرَ
الكِنَانِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ، وَعِيْسَى بنُ مِسْكِيْنٍ،
وَحَمْدِيْسُ، وَابْنُ مُغِيْثٍ، وَابْنُ الحَدَّادِ،
وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ مِنَ الفقهاء.
فَعَنْ أَشْهَبَ, قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ
مِثْلُ سَحْنُوْنَ.
وَعَنْ يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى قال:
سحنون سيد أهل المغرب.
__________
= حدثنا الأوزاعي، عن ابن سيرن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم: $"إذا قرب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقهم
رؤيا أصدقهم حديثا، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا
من النبوة".
وأخرجه البخاري "7017"، ومسلم "2263"، وأبو داود "5019"،
والترمذي "2270"، والدارمي "2/ 125"، وأحمد "2/ 269" من
طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، به.
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 382"،
والعبر "2/ 102 و103 و122".
(9/462)
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ
الأَنْدَلُسِيِّ, قَالَ: مَا بُوْرِكَ لأَحَدٍ بَعْدَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
أَصْحَابِهِ مَا بُوْرِكَ لِسَحْنُوْنَ فِي أَصْحَابِهِ،
فَإِنَّهُم كَانُوا فِي كُلِّ بَلَدٍ أَئِمَّةً.
وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُوْنَ قَالَ: مَنْ لَمْ يَعْمَلْ
بِعِلْمِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ بَلْ يَضُرُّهُ.
وَقَالَ سَحْنُوْنُ: إِذَا أَتَى الرَّجُلُ مَجْلِسَ
القَاضِي ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ بِلاَ حَاجَةٍ،
فَيَنْبَغِي أَنْ لاَ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ.
وَسُئِلَ سَحْنُوْنُ: أَيَسَعُ العَالِمَ أَنْ يَقُوْلَ:
لاَ أَدْرِي فِيْمَا يَدْرِي? قَالَ: أَمَّا مَا فِيْهِ
كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ فَلاَ، وَأَمَّا مَا كَانَ
مِنْ هَذَا الرَّأْيِ، فَإِنَّهُ يَسَعُهُ ذَلِكَ؛
لأَنَّهُ لاَ يَدْرِي أَمُصِيْبٌ هُوَ أَمْ مُخْطِئٌ.
قَالَ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ: كَانَ مُحَمَّدُ
بنُ وَضَّاحٍ لاَ يُفَضِّلُ أَحَداً مَمَّنْ لَقِيَ عَلَى
سَحْنُوْنَ فِي الفِقْهِ وَبِدَقِيْقِ المَسَائِلِ.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ قَالَ: أَكْلٌ بِالمَسْكَنَةِ، وَلاَ
أَكْلٌ بِالعِلْمِ. مُحِبُّ الدُّنْيَا أَعْمَى, لَمْ
يُنَوِّرْهُ العِلْمُ. مَا أَقْبَحَ بِالعَالِمِ أَنْ
يَأْتِيَ الأُمَرَاءَ، وَاللهِ مَا دَخَلْتُ عَلَى
السُّلْطَانِ إِلاَّ وَإِذَا خَرَجْتُ حَاسَبْتُ نَفْسِي،
فَوَجَدْتُ عَلَيْهَا الدَّرْكَ، وَأَنْتُم تَرَوْنَ
مُخَالَفَتِي لِهَوَاهُ، وَمَا أَلْقَاهُ بِهِ مِنَ
الغلظة، والله ما أَخَذْتُ وَلاَ لَبِسْتُ لَهُمُ ثَوْباً.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ قَالَ: كَانَ بَعْضُ مَنْ مَضَى
يُرِيْدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ، وَلَوْ تَكَلَّمَ
بِهَا لانْتَفَعَ بِهَا خَلْقٌ كَثِيْرٌ، فَيَحْبِسُهَا،
وَلاَ يَتَكَلَّمُ بِهَا مَخَافَةَ المُبَاهَاةِ. وَكَانَ
إِذَا أَعْجَبَهُ الصَّمْتُ تَكَلَّمَ، وَيَقُوْلُ:
أَجْرَأُ النَّاسِ عَلَى الفُتْيَا أَقَلُّهُم عِلْماً.
وَعَنْهُ قَالَ: أَنَا أَحْفَظُ مَسَائِلَ فِيْهَا
ثَمَانِيَةُ أَقَاوِيْلَ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَئِمَّةٍ،
فَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ أُعَجِّلَ بِالجَوَابِ? وَقِيْلَ:
إِنَّ زِيَادَةَ اللهِ الأَمِيْرَ بَعَثَ يَسْأَلُ
سَحْنُوْناً، عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ
لَهُ مُحَمَّدُ بنُ عُبْدُوْسٍ: أُخْرُجْ مِنْ بَلَدِ
القَوْمِ أَمْسِ تَرْجَعُ عَنِ الصَّلاَةِ خَلْفَ
قَاضِيْهِم، وَاليَوْمَ لاَ تُجِيْبُهُم?! قَالَ:
أَفَأُجِيْبُ مَنْ يُرِيْدُ أَنْ يَتَفَكَّهَ يُرِيْدُ
أَنْ يَأْخُذَ قَوْلِي وَقَوْلَ غَيْرِي، وَلَوْ كَانَ
شَيْئاً يَقْصِدُ بِهِ الدِّيْنَ لأَجَبْتُهُ.
وَعَنْهُ: قَالَ: مَا وَجَدْتُ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ
بِدُنْيَا غَيْرِهِ إِلاَّ المُفْتِي.
وَعَنْ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ خَالِدٍ, قَالَ: كُنَّا
نَسْمَعُ مِنْ سَحْنُوْنَ بِقَرْيَتِهِ، فَصَلَّى
الصُّبْحَ، وَخَرَجَ، وَعَلَى كَتِفِهِ مِحْرَاثٌ،
وَبَيْنَ يَدَيْهِ زَوْجُ بَقَرٍ، فَقَالَ لَنَا: حُمَّ
الغُلاَمُ البَارِحَةَ، فَأَنَا أَحْرُثُ اليَوْمَ عَنْهُ،
وَأَجِيْئُكُمْ. فَقُلْتُ: أَنَا أَحْرُثُ عَنْكَ.
فَقَرَّبَ إِلَيَّ غَدَاءهُ؛ خُبْزَ شَعِيْرٍ وَزَيْتاً.
(9/463)
وَعَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ,
قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَحْنُوْنَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ
قَاضٍ، وَفِي عُنُقِهِ تَسْبِيْحٌ يسبح به.
وَعَنْ أَبِي دَاوُدَ العَطَّارِ قَالَ: بَاعَ سَحْنُوْنُ
زيتونًا له بثمانمائة، فَدَفَعَهَا إليَّ، فَفَرَّقْتُهَا
عَنْهُ صَدَقَةً.
وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا قُرِئَتْ عَلَيْهِ "مَغَازِي ابْنِ
وَهْبٍ"، تَسِيْلُ دُمُوْعُهُ، وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِ
"الزُّهْدَ" لاِبْنِ وَهْبٍ يَبْكِي.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ عَوْنٍ, قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ
سَحْنُوْنَ عَلَى ابْنِ القَصَّارِ، وَهُوَ مَرِيْضٌ،
فَقَالَ: مَا هَذَا القَلَقُ? قَالَ لَهُ: المَوْتُ
وَالقُدُوْمُ عَلَى اللهِ. قَالَ لَهُ سَحْنُوْنُ:
أَلَسْتَ مُصَدِّقاً بِالرُّسُلِ وَالبَعْثِ وَالحِسَابِ
وَالجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَأَنَّ أَفْضَلَ هَذِهِ
الأُمَّةِ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمُرُ, وَالقُرْآنُ كَلاَمُ
اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَأَنَّ اللهَ يُرَى يَوْمَ
القِيَامَةِ، وَأَنَّهُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى، وَلاَ
تَخْرُجُ عَلَى الأَئِمَّةِ بِالسَّيْفِ، وَإِنْ جَارُوا.
قَالَ: إِيْ وَاللهِ. فَقَالَ: مُتْ إِذَا شِئْتَ, مُتْ
إِذَا شِئْتَ.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ, قَالَ: كَبِرْنَا وَسَاءتْ
أَخْلاَقُنَا، وَيَعْلَمُ اللهُ مَا أَصِيْحُ عَلَيْكُم
إِلاَّ لأُؤَدِّبَكُم.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ, قَالَ: مَا عَمِيَتْ عَلَيَّ
مَسْأَلَةٌ إِلاَّ وَجَدْتُ فَرَجَهَا فِي كُتُبِ ابْنِ
وَهْبٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ طَالِباً قَالَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ
كَأَنَّ سَحْنُوْناً يَبْنِي الكَعْبَةَ, قَالَ:
فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ يَقْرَأُ لِلنَّاسِ
"مَنَاسِكَ الحَجِّ" الَّذِي جَمَعَهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ،
وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقَ، وَوَكِيْعٍ، وَيَحْيَى بنِ
سُلَيْمٍ الطَّائِفِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ طُلَيْبٍ
المُرَادِيِّ، وَبُهْلُوْلِ بنِ رَاشِدٍ، وَعَلِيِّ بنِ
زِيَادٍ التُّوْنُسِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ
غَانِمٍ الرُّعَيْنِيِّ، وَشُعَيْبِ بنِ اللَّيْثِ
المِصْرِيِّ، وَمَعْنٍ القَزَّازِ، وَأَبِي ضَمْرَةَ
اللَّيْثِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَعِدَّةٍ.
قَالَ أَبُو العَرَبِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ: كَانَ الَّذِيْنَ
يَحْضُرُونَ مَجْلِسَ سَحْنُوْنَ مِنَ العُبَّادِ أَكْثَرَ
مِنَ الطَّلَبَةِ, كَانُوا يَأْتُوْنَ إِلَيْهِ مِنْ
أَقْطَارِ الأَرْضِ، وَلَمَّا وَلِيَ سَحْنُوْنُ القَضَاءَ
بِأَخَرَةٍ عُوْتِبَ، فَقَالَ: مَا زِلْتُ فِي القَضَاءِ
مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً هَلِ الفُتْيَا إِلا
القَضَاءُ?!
قِيْلَ: إِنَّ الرُّوَاةَ عَنْ سحنون بلغوا تسعمائة.
وَأَصْلُ المُدَوَّنَةِ أَسْئِلَةٌ سَأَلَهَا أَسَدُ بنُ
الفُرَاتِ لاِبْنِ القَاسِمِ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ
سَحْنُوْنُ بِهَا عَرَضَهَا عَلَى ابْنِ القَاسِمِ،
فَأَصْلَحَ فِيْهَا كَثِيْراً وَأَسْقَطَ, ثُمَّ
رَتَّبَهَا سَحْنُوْنُ، وَبَوَّبَهَا، وَاحْتَجَّ
لِكَثِيْرٍ مِنْ مَسَائِلِهَا بِالآثَارِ مِنْ
مَرْوِيَّاتِهِ مَعَ أَنَّ فِيْهَا أَشْيَاءَ لاَ يَنْهَضُ
دَلِيْلُهَا، بَلْ رَأْيٌ مَحْضٌ.
(9/464)
وَحَكَوا أَنَّ سَحْنُوْنَ، فِي أَوَاخِرِ
الأَمْرِ عَلَّمَ عَلَيْهَا، وَهَمَّ بِإِسْقَاطِهَا
وَتَهْذِيْبِ "المُدَوَّنَةِ"، فَأَدْرَكَتْهُ المَنِيَّةُ
-رَحِمَهُ اللهُ. فَكُبَرَاءُ المَالِكِيَّةِ يَعْرِفُوْنَ
تِلْكَ المَسَائِلَ، وَيُقَرِّرُونَ مِنْهَا مَا قَدَرُوا
عَلَيْهِ، وَيُوَهِّنُونَ مَا ضَعُفَ دَلِيْلُهُ، فَهِيَ
لَهَا أُسْوَةٌ بِغَيْرِهَا مِنْ دَوَاوِيْنِ الفِقْهِ.
وَكُلُّ أَحَدٍ فُيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ
إِلاَّ صَاحِبَ ذَاكَ القَبْرِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً- فَالعِلْمُ بَحْرٌ بِلاَ سَاحِلٍ،
وَهُوَ مُفَرَّقٌ فِي الأُمَّةِ, مَوْجُوْدٌ لِمَنِ
التَمَسَهُ.
وَتَفْسِيْرُ سَحْنُوْنَ بِأَنَّهُ اسْمُ طَائِرٍ
بِالمَغْرِبِ, يُوْصَفُ بالفطنة والتحرز، وهو بفتح السين
وبضمها.
تُوُفِّيَ الإِمَامُ سَحْنُوْنُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ
أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً،
وَخَلَفَهُ وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ.
قَرَأْتُ فِي تَارِيْخِ القَيْرَوَانِ لأَبِي بَكْرٍ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المَالِكِيِّ, قَالَ: قَالَ
أَبُو العَرَبِ: اجْتَمَعَتْ فِي سَحْنُوْنَ خِلاَلٌ
قَلَّمَا اجْتَمَعَتْ فِي غَيْرِهِ: الفِقْهُ البَارِعُ،
وَالوَرَعُ الصَّادِقُ، وَالصَّرَامَةُ فِي الحَقِّ،
وَالزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالتَّخَشُّنُ فِي
المَلْبَسِ وَالمَطْعَمِ، وَالسَّمَاحَةُ, كَانَ رُبَّمَا
وَصَلَ إِخْوَانَهُ بِالثَّلاَثِيْنَ دِيْنَاراً، وَكَانَ
لاَ يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً، وَلَمْ يَكُنْ يَهَابُ
سُلْطَاناً فِي حَقٍّ. شَدِيْداً عَلَى أَهْلِ البِدَعِ,
انْتَشَرَتْ إِمَامَتُهُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى فَضْلِهِ,
قَدِمَ بِهِ أَبُوْهُ مَعَ جُنْدِ الحِمْصِيِّينَ، وَهُوَ
مِنْ تَنُوْخَ صَلِيْبَةً.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ, قَالَ: حَجَجْتُ زَمِيلَ ابْنِ وَهْبٍ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ مِسْكِيْنٍ: سَحْنُوْنُ رَاهِبُ
هَذِهِ الأُمَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ مَالِكٍ
وَسَحْنُوْنَ أَحَدٌ أَفْقَهَ مِنْ سَحْنُوْنَ.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ, قَالَ: إِنِّي حَفِظْتُ هَذِهِ
الكُتُبَ, حَتَّى صَارَتْ فِي صَدْرِي كَأُمِّ القُرْآنِ.
وَعَنْهُ, قَالَ: إِنِّي لأَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا، وَلاَ
يَسْأَلُنِي اللهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ قُلْتُ فِيْهَا
بِرَأْيِي، وَمَا أَكْثَرَ مَا لاَ أَعْرِفُ.
وَعَنْهُ: سُرْعَةُ الجَوَابِ بِالصَّوَابِ أَشَدُّ
فِتْنَةً مِنْ فِتْنَةِ المال.
(9/465)
1979- أحمد بن
عيسى 1: "خ، م، د، س، ق"
ابن حسان، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ, الصَّدُوْقُ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ المِصْرِيُّ, المَعْرُوْفُ: بِابْنِ
التُّسْتَرِيِّ.
سَمِعَ ضِمَامَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ، وَمُفَضَّلَ بنَ
فَضَالَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ وَهْبٍ، وَبِشْرَ بنَ
بَكْرٍ، وَأَزْهَرَ بنَ سَعْدٍ السَّمَّانَ، وَغَيْرَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: السِّتَةُ سِوَى التِّرْمِذِيِّ، وَأَبُو
زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ،
وَيُوْسُفُ القَاضِي، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ،
وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ
لِمَنْ تَرَكَ الاحْتِجَاجَ بِحَدِيْثِهِ حُجَّةً.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَمَّا نَظَرَ فِي "صَحِيْحِ
مُسْلِمٍ": يَرْوِي عَنْ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى فِي
"الصَّحِيْحِ"، وَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ مِصْرَ يَشُكُّونَ
أَنَّهُ، وَأَشَارَ إِلَى لسانه.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ
عَنْهُ، فَحَلَفَ إِنَّهُ كَذَّابٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قِيلَ لِي بِمِصْرَ: إِنَّ
أَحْمَدَ بنَ عِيْسَى اشْتَرَى كُتُبَ ابْنِ وَهْبٍ،
وَكِتَابَ مُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ.
قُلْتُ: العَمَلُ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ, فَأَيْنَ مَا
انْفَرَدَ بِهِ حَتَّى نُلَيِّنَهُ بِهِ?! وَقَدْ لَحِقَ
يَغْنَمَ بنَ سَالِمٍ؛ أَحَدَ الهَلْكَى، وَسَمِعَ مِنْهُ،
وَسَكَنَ العِرَاقَ.
تُوُفِّيَ بِسَامَرَّاءَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ أَبُوْهُ يَتَّجِرُ إِلَى تُسْتَرَ الَّتِي
يُقَالُ لَهَا اليَوْمَ: شُشْتَرُ، فعرف بالتستري لهذا.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1512"، والجرح
والتعديل "2/ ترجمة 109"، وتاريخ بغداد "4/ 272"، وميزان
الاعتدال "1/ 125"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي
"7/ 272"، وتهذيب التهذيب "1/ 64"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "2/ 102".
(9/466)
1980- أحمد بن
عيسى 1:
ابن عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ
بنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو طَاهِرٍ العَلَوِيُّ المَدَنِيُّ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ, وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ.
وَعَنْهُ أَبُو يُوْنُسَ المَدِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مَنْصُوْرٍ الكُوْفِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. لَهُ مَا
يُنْكَرُ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ
الحاكم، وما ضعفاه.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 111"، وميزان
الاعتدال "1/ 126".
(9/466)
أحمد بن عيسى، أبو
ثور:
1981- أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى 1:
ابْنِ الشَّهِيْدِ زَيْدِ بنِ عَلِيٍّ الحُسَيْنِيُّ،
شَيْخُ بَنِي هَاشِمٍ وَكَبِيْرُهُم.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: بَلَغَ الرَّشِيْدَ ظُهُوْرُ هَذَا
بِعَبَّادَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ، فَدَسَّ
عَلَيْهِ مَنْ خَدَعَهُ وَبَايَعَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ، فِي
سَفِيْنَةٍ، فَهَرَبَ أَحْمَدُ لِوَاسِطَ، وَاخْتَفَى
ذِكْرُهُ.
قُلْتُ: بَقِيَ بِالبَصْرَةِ، فِي الأَزْدِ خَامِلاً إِلَى
أَنْ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَعَاشَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
1982- أَبُو ثور 2: "د، ق"
إبراهيم بن خالد, الإِمَامُ, الحَافِظُ, الحُجَّةُ,
المُجْتَهِدُ, مُفْتِي العِرَاقِ, أَبُو ثَوْرٍ
الكَلْبِيُّ, البَغْدَادِيُّ الفَقِيْهُ، وَيُكْنَى
أَيْضاً: أَبَا عبد الله.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبِيْدَةَ بنِ
حُمَيْدٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ، وَوَكِيْعِ بنِ
الجَرَّاحِ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ،
وَمُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ، وَروْحِ بنِ عُبَادَةَ، وَأَبِي
قَطَنٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيِّ،
وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَقِيْلَ: إِنَّ مُسْلِماً رَوَى عَنْهُ فِي مُقَدِّمَةِ
"صَحِيْحِهِ"، وَإِنَّمَا رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
خَالِدٍ اليَشْكُرِيِّ، وَهُوَ آخَرُ -إِنْ شَاءَ اللهُ-
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: قَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا
المُطَرِّزُ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ،
وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ
السَّرَّاجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ ذَرِيْحٍ
العُكْبَرِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم، وجَمَعَ وصنف.
__________
1 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 271".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 266"، وتاريخ بغداد
"6/ 65"، واللباب لابن الأثير "3/ 104"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "1/ ترجمة 2"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 528"،
وميزان الاعتدال "1/ 29"، والعبر "1/ 431"، وتهذيب التهذيب
"1/ 118"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 301"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 93".
(9/467)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: سَأَلْتُ
أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْهُ، فَقَالَ: أَعْرِفُهُ
بِالسُّنَّةِ مُنْذُ خَمْسِيْنَ سَنَةً، وَهُوَ عِنْدِي،
فِي مِسْلاَخِ1 سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ, أَحَدُ
الفُقَهَاءِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ أَحَدَ
أَئِمَّةِ الدُّنْيَا فِقْهاً وَعِلْماً وَوَرَعاً
وَفَضْلاً. صَنَّفَ الكُتُبَ، وَفَرَّعَ عَلَى السُّنَنِ،
وَذَبَّ عَنْهَا, رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
ذَكَرَهُ الخَطِيْبُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ:
تُوُفِّيَ في صفر, سنة أربعين ومائتين.
قُلْتُ: عَاشَ سَبْعِيْنَ سَنَةً, أَوْ أَكْثَرَ.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ أَبِي
اليُمْنِ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ "ح". وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَجَمَاعَةٌ,
قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ، وَأَبُو حَفْصٍ
المُعَلِّمُ "ح". وَأَخْبَرَنَا المِقْدَادُ بنُ أَبِي
القَاسِمِ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
الأَخْضَرِ "ح". وَأَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي
مَنْصُوْرٍ الحَنْبَلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ
الكِنْدِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَنِيْنَا قَالُوا
أَرَبَعَتُهُمْ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
البَاقِي الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عُمَرَ البَرْمَكِيُّ، فِي الرَّابِعَةِ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَاسِي، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الجَوْزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو
ثَوْرٍ الكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ
اللهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقِيَهُ
فِي طَرِيْقٍ مِنْ طُرُقِ المَدِيْنَةِ، وَهُوَ جُنُبٌ،
فَانْسَلَّ، فَذَهَبَ، فَاغْتَسَلَ، فَفَقَدَهُ رَسُوْلُ
اللهِ، فَلَمَّا جَاءَ, قَالَ: "أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا
هُرَيْرَةَ"؟ قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, لَقِيْتَنِي
وَأَنَا جُنُبٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ. قَالَ: "إن
المؤمن لا ينجس" 2.
صَحِيْحٌ, تَفَرَّدَ بِهِ حُمَيْدُ الطَّوِيْلُ.
أَخْرَجَهُ: أَصْحَابُ الكُتُبِ السِّتَّةِ, مِنْ طَرِيْقِ
ابْنِ عُلَيَّةَ، وَجَمَاعَةٌ عَنْهُ.
وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ يَكْرَهُ تَدْوِيْنَ المَسَائِلِ،
وَيَحُضُّ عَلَى كِتَابَةِ الأَثَرِ، فَقَالَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بن خاقان: سألت أحمد بن حنبل، عن أَبِي
ثَوْرٍ، فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْهُ إِلاَّ خَيْرٌ,
إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُعْجِبُنِي الكَلاَمُ الَّذِي
يُصِيِّرُونَهُ فِي كُتُبِهِم.
وَقِيْلَ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ
لِلْسَّائِلِ: سَلْ غَيْرَنَا, سَلِ الفُقَهَاءَ, سَلْ
أَبَا ثَوْرٍ.
وَقَالَ بَدْرُ بنُ مُجَاهِدٍ: قَالَ لِي سُلَيْمَانُ
الشَّاذَكُوْنِيُّ: اكْتُبْ رَأْيَ الشَّافِعِيِّ،
وَاخْرُجْ إِلَى أَبِي ثَوْرٍ، وَلاَ يَفُوْتَنَّكَ
بِنَفْسِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَتَفَقَّهُ
أَوَّلاً بِالرَّأْيِ، وَيَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ
العِرَاقِيِّيْنَ, حَتَّى قَدِمَ الشَّافِعِيُّ،
فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ، وَرَجَعَ, عَنِ الرَّأْي إِلَى
الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَتَكَلَّمُ بِالرَّأْيِ،
فَيُخْطِئُ، ويصيب, ليس محله مَحَلَّ المُسْمِعِيْنَ، فِي
الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ حُجَّةٌ بِلاَ تَرَدُّدٍ.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أربعين ومائتين.
أما:
__________
1 في مسلاخ: أي في هديه وطريقته.
2 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "283"، وَمُسْلِمٌ "371"،
وَأَبُو دَاوُدَ "231"، وَالتِّرْمِذِيُّ "121"،
وَالنَّسَائِيُّ "1/ 145"، وابن ماجه "534".
(9/468)
إبراهيم بن خالد،
إبراهيم بن خالد، الجوعي:
1983- إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَالِدٍ 1:
المَرْوَزِيُّ الجُرْمِيْهِنِيُّ الحَافِظُ, المُلَقَّبُ:
بِالبُطَيْطِيِّ، فَصَاحِبُ حَدِيْثٍ, مَاتَ شَابّاً
سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَهُوَ الَّذِي يَقُوْلُ بُنْدَارُ: حُفَّاظُ الدُّنْيَا
أَرْبَعَةٌ, كُلُّهُم غِلْمَانِي: إِبْرَاهِيْمُ بنُ
خَالِدٍ الجُرْمِيْهِنِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ،
وَالبُخَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ الدَّارِمِيُّ.
وَأَمَّا:
1984- إبراهيم بن خالد 2: "مق"
اليشكري، فَرَوَى عَنْهُ: مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ
"صَحِيْحِهِ".
1985- الجُوعِيّ ُ3:
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الوَلِيُّ، المُحَدِّثُ, أَبُو
عَبْدِ المَلِكِ القَاسِمُ بنُ عُثْمَانَ العَبْدِيُّ,
الدِّمَشْقِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، وَرَفِيْقُ
أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، عُرِفَ: بِالجُوْعِيِّ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 265"، والأنساب
للسمعاني "3/ ترجمة 232". واللباب لابن الأثير "1/ 273".
2 ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 119".
3 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 657"، وحلية
الأولياء "9/ ترجمة 453"، والأنساب للسمعاني "3/ 373"،
واللباب لابن الأثير "1/ 311"، والعبر "1/ 452".
(9/469)
صَحِبَ: أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ،
وَسَمِعَ: سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَالوَلِيْدَ بنَ
مُسْلِمٍ، وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ العَمْرِيَّ، وَأَبَا
مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ عَاصِمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَنَسٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
دُحَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَسَعِيْدُ
بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ: العُقَيْلِيُّ: تَفَرَّدَ الجُوْعِيُّ بِحَدِيْثٍ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعاً: "مَا بَيْنَ
قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ من رِيَاضِ الجَنَّةِ" 1.
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي
الحَوَارِيِّ يَقْرَأُ عِنْدَ القَاسِمِ بنِ عُثْمَانَ،
فَيَصِيْحُ القَاسِمُ وَيَصْعَقُ، وَكَانَ فَاضِلاً مِنْ
مُحَدِّثِي دِمَشْقَ, كَانَ يُقَدَّمُ فِي الفَضْلِ عَلَى
أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ أَوْسٍ: سَمِعْتُ قَاسِماً
الجُوْعِيَّ، وَكَانَ صُوْفِيّاً نُسِبَ إِلَى الجُوْعِ.
وحَكَى أَبُو عَلِيٍّ الحَصَائِرِيُّ، عَنْ أَبِي الرِّضَا
الصَّيَّادِ, قَالَ: كَانَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ عَابِدَ
أَهْلِ الشَّامِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ: قَدِمَ يَحْيَى بنُ
أَكْثَمَ دِمَشْقَ مَعَ المَأْمُوْنِ، فَبَعَثَ إِلَى
أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، فَجَاءَ إِلَيْهِ
وَجَالَسَهُ، فَخَلَعَ يَحْيَى عَلَيْهِ طَوِيْلَةً
وَمَلْبُوْساً، وَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ،
وَقَالَ: فَرِّقْهَا يَا أَبَا الحَسَنِ حَيْثُ تَرَى.
فَدَخَلَ بِهَا المَسْجِدَ، وَصَلَّى صَلَوَاتٍ
بِالخِلْعَةِ، فَقَالَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ: أَخَذَ
دَرَاهِمَ اللُّصُوْصِ، وَلبِسَ ثِيَابَهُم. ثُمَّ أَتَى
الجامع، ومر به وهو في التَّحِيَّاتِ، فَلَمَّا حَذَاهُ
لَطَمَ القَلَنْسُوَةَ، فَسَلَّمَ أَحْمَدُ، وَأَعْطَى
القَلَنْسُوَةَ ابْنَهُ إِبْرَاهِيْمَ، فَذَهَبَ بِهَا،
فَقَالَ لَهُ مَنْ رَآهُ: مَا رَأَيْتَ مَا فَعَلَ بِكَ
هَذَا? فَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ.
وَمِنْ كَلاَمِ القَاسِمِ: رَأْسُ الأَعْمَالِ الرِّضَى
عَنِ اللهِ، وَالوَرَعُ عِمَادُ الدِّيْنِ، وَالجُوْعُ
مُخُّ العِبَادَةِ، وَالحِصْنُ الحَصِيْنُ الصَّمْتُ.
وَقَالَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ
زِيَادٍ يَقُوْلُ: مَكْتُوْبٌ فِي التَّوْرَاةِ: مَنْ
سَالَمَ سَلِمَ، وَمَنْ شَاتَمَ شُتِمَ، وَمَنْ طَلَبَ
الفَضْلَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ نَدِمَ.
وَقَالَ: الشَّهَوَاتُ نَفَسُ الدُّنْيَا، فَمَنْ تَرَكَ
الشَّهَوَاتِ، فَقَدْ تَرَكَ الدُّنْيَا إِذَا رَأَيْتَ
الرَّجُلَ يُخَاصِمُ، فَهُوَ يُحِبُّ الرِّئَاسَةَ.
قَالَ عَمْرُو بنُ دُحَيْمٍ: تُوُفِّيَ قَاسِمٌ
الجُوْعِيُّ، فِي رَمَضَانَ, سَنَةَ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ زَاهِدَ الوَقْتِ هَذَا الجُوْعِيُّ
بِدِمَشْقَ، وَالسَّرِيُّ السَّقَطِيُّ بِبَغْدَادَ،
وَأَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَذُو النُّوْنِ
بِمِصْرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ بِطُوْسَ. وَأَيْنَ
مِثْلُ هَؤُلاَءِ السَّادَةِ? مَا يَمْلأُ عَيْنِي إِلاَّ
التراب أو من تحت التراب.
__________
1 صحيح: ورد من حديث ابن عمر عند الطبراني في "الكبير"
"13156"، وفي "الأوسط" "610" و"633" وأخرج البخاري "1196"،
ومسلم "1391" من حديث أبي هريرة، به.
وورد من حديث عبد الله بن زيد المازني: عند البخاري
"1195"، ومسلم "1390"، وأحمد "4/ 39".
(9/470)
1986-
الكرابيسي 1:
العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ بَغْدَادَ, أَبُو عَلِيٍّ
الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ,
صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ إِسْحَاقَ الأَزْرَقَ، وَمَعْنَ بنَ عِيْسَى،
وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَيَعْقُوْبَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ، وَتفَقَّهَ بِالشَّافِعِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ فُسْتُقَةُ.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ, ذَكِيّاً, فَطِناً،
فَصِيْحاً, لَسِناً. تَصَانِيْفُهُ فِي الفُرُوْعِ
وَالأُصُوْلِ تَدُلُّ عَلَى تَبَحُّرِهِ إِلاَّ أَنَّهُ
وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فَهُجِرَ
لِذَلِكَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ اللَّفْظَ، وَلَمَّا
بَلَغَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ في
أَحْمَدَ, قَالَ: مَا أَحْوَجَهُ إِلَى أَنْ يُضْرَبَ،
وَشَتَمَهُ.
قَالَ حُسَيْنٌ فِي القُرْآنِ: لَفْظِي بِهِ مَخْلُوْقٌ،
فَبَلَغَ قَوْلُهُ أَحْمَدَ، فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ:
هَذِهِ بِدْعَةٌ. فَأَوْضَحَ حُسَيْنٌ المَسْأَلَةَ،
وَقَالَ: تَلَفُّظُكَ بِالقُرْآنِ -يَعْنِي: غَيْرَ
المَلْفُوْظِ- وَقَالَ فِي أَحْمَدَ: أَيُّ شَيْءٍ
نَعْمَلُ بِهَذَا الصَّبِيِّ? إِنْ قُلْنَا: مَخْلُوْقٌ,
قَالَ: بِدْعَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: غَيْرُ مَخْلُوْقٍ,
قَالَ: بِدْعَةٌ. فَغَضِبَ لأَحْمَدَ أَصْحَابُهُ،
وَنَالُوا مِنْ حُسَيْنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا بَلاؤُهُم مِنْ هَذِهِ
الكُتُبِ الَّتِي وَضَعُوهَا، وَتَرَكُوا الآثَارَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ
الصَّيْرَفِيَّ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ لِتَلاَمِذَتِهِ:
اعْتَبِرُوا بِالكَرَابِيْسِيِّ، وَبِأَبِي ثَوْرٍ،
فَالحُسَيْنُ فِي عِلْمِهِ وَحِفْظِهِ لاَ يَعْشِرُهُ
أَبُو ثَوْرٍ، فَتَكَلَّمَ فِيْهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ
فِي بَابِ مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ، فَسَقَطَ، وَأَثْنَى
عَلَى أَبِي ثَوْرٍ، فَارْتَفَعَ لِلُزُوْمِهِ
لِلسُّنَّةِ.
مَاتَ الكَرَابِيْسِيُّ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ،
وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ مَا ابْتَدَعَهُ الكَرَابِيْسِيُّ،
وَحَرَّرَهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّلَفُّظِ، وَأَنَّهُ
مَخْلُوْقٌ هُوَ حَقٌّ, لَكِنْ أَبَاهُ الإِمَامُ
أَحْمَدُ, لِئَلاَّ يُتَذَرَّعَ بِهِ إِلَى القَوْلِ
بِخَلْقِ القُرْآنِ، فَسُدَّ البَابُ؛ لأَنَّكَ لاَ
تَقْدِرُ أَنْ تَفْرِزَ التَّلفُّظَ مِنَ المَلْفُوْظِ
الَّذِي هو كلام الله إلا في ذهنك.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 64"، والأنساب للسمعاني "10/
371"، واللباب لابن الأثير "3/ 88" ووفيات الأعيان "2/
ترجمة 181"، وميزان الاعتدال "1/ 544"، والعبر "1/ 450"،
وتهذيب التهذيب "2/ 359"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
"2/ 321"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 117".
(9/471)
1987- الفتح بن
خاقان 1:
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ الوَزِيْرُ الأَكْمَلُ, أَبُو
مُحَمَّدٍ التُّرْكِيُّ, شَاعِرٌ, مُتَرَسِّلٌ, بَلِيْغٌ,
مُفَوَّهٌ, ذُو سُؤْدُدٍ وَجُوْدٍ وَمَحَاسِنَ عَلَى
لَعِبٍ فِيْهِ.
وَكَانَ المُتَوَكِّلُ لاَ يَكَادُ يَصْبِرُ عَنْهُ,
اسْتَوْزَرَهُ، وَفَوَّضَ إِلَيْهِ إِمْرَةَ الشام،
فَبَعَثَ إِلَيْهَا نُوَّاباً عَنْهُ. وَلَهُ أَخْبَارٌ
فِي الكَرَمِ وَالظَّرْفِ وَالأَدَبِ. وَلَمَّا قَدِمَ
المُتَوَكِّلُ إِلَى دِمَشْقَ كَانَ الفَتْحُ زَمِيْلَهُ
عَلَى جَمَّازَةٍ2.
حَكَى عَنْهُ: المُبَرِّدُ، وَأَحْمَدُ بنُ يَزِيْدَ
المُؤَدِّبُ.
وَكَانَ أَحَدَ الأَذكِيَاءِ, دَخَلَ المُعْتَصِمُ عَلَى
الأَمِيْرِ خَاقَانَ، فَمَازَحَ ابْنَهُ هَذَا، وَهُوَ
صَبِيٌّ، فَقَالَ: يَا فَتْحُ, أَيُّمَا أَحْسَنُ: دَارِي
أَوْ دَارُكُم? فَقَالَ الفَتْحُ: دَارُنَا إِذَا كُنْتَ
فِيْهَا، فَوَهَبَهُ مائَةَ أَلْفٍ.
وَكَانَ الفَتْحُ ذَا بَاعٍ أَطْوَلَ فِي فُنُوْنِ
الأَدَبِ.
قُتِلَ مَعَ المُتَوَكِّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وأربعين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 389"، ومعجم الأدباء لياقوت
الحموي "16/ 174"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي
"3/ 177"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 313"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 144".
2 جمازة: أي السريعة.
(9/472)
1988- الفَضْلُ بنُ مَرْوَانَ 1:
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ.
حَدَّثَ عَنْ عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ.
رَوَى عَنْهُ: المُبَرِّدُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ وَهْبٍ
الكَاتِبُ، وَغَيْرُهُمَا.
يُكْنَى أَبَا العَبَّاسِ، أَصْلُهُ مِنَ البَرَدَانِ،
وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ إِلَى وِزَارَةِ
المُعْتَصِمِ، وَكَانَ مِنَ البُلَغَاءِ، وَكَانَ
المُعْتَصِمُ كثير البذل، فربما عطل منه الفَضْلُ،
فَنَفَاهُ إِلَى السِّنِّ، وَاسْتَوْزَرَ ابْنَ
الزَّيَّاتِ, ثُمَّ إِنَّهُ سَكَنَ بَعْدُ سَامَرَّاءَ.
وَعَنْهُ, قَالَ: أَنْعَمْتُ النَّظَرَ فِي عِلْمَيْنِ،
فَلَمْ أَرَهُمَا يَصِحَّانِ: السِّحْرِ وَالنَّحْوِ.
وَكَانَ الفَضْلُ فِيْهِ -مَعَ جَوْرِهِ- تِيْهٌ،
وَبَأْوٌ.
تُوُفِّيَ خَامِلاً سنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وأَصْلُهُ نَصْرَانِيٌّ لَعَلَّهُ بَلَغَ التِّسْعِيْنَ.
وَقَدْ خَدَمَ المَأْمُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: هُوَ الفَضْلُ بنُ مَرْوَانَ بنِ
مَاسَرْجِسَ. كَانَ بَدِيْعَ الخَطِّ, مُنْشِئاً, لَمْ
يَزَلْ فِي ارْتِقَاءٍ، وَالنَّاسُ يَحْسُدُوْنَهُ حَتَّى
نُكِبَ، وَأَدَّى أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
فَكَانَ المُعْتَصِمُ يَقُوْلُ: عَصَى اللهَ،
وَأَطَاعَنِي، فَسَلَّطَنِيَ اللهُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: ثُمَّ أَطْلَقَهُ، وَأَلْزَمَهُ بَيْتَهُ،
وَاسْتَوْزَرَ أَحْمَدَ بنَ عَمَّارٍ.
وَقِيْلَ: أُلْقِيَتْ رُقْعَةٌ إِلَيْهِ فِيْهَا:
تَفَرْعَنْتَ يَا فَضْلَ بنَ مَرْوَانَ فَاعْتَبِرْ ...
فقبلك كان الفضل والفضل والفضل
ثَلاَثَةُ أَمْلاَكٍ مَضَوْا لِسَبِيْلِهِم ...
أَبَادَتْهُمُ الأَقْيَادُ وَالذُّلُّ وَالقَتْلُ
عَنَى: الفَضْلَ بنَ يَحْيَى البَرْمَكِيَّ، وَالفَضْلَ بن
الربيع الحاجب، والفضل بن سهل.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 530"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 332" وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "2/ 122".
(9/473)
1989- أحمد بن
أبي الحواري 1: "د، ق"
وَاسْمُ أَبِيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ مَيْمُوْنٍ الإِمَامُ
الحَافِظُ القُدْوَةُ شَيْخُ أَهْلِ الشَّامِ أَبُو
الحَسَنِ الثَّعْلَبِيُّ الغَطَفَانِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ,
الزَّاهِدُ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ, أَصْلُهُ مِنَ
الكُوْفَةِ.
وَقَدْ قَالَ: سَأَلَنِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَتَى
مَوْلِدُكَ? قُلْتُ: فِي سنة أربع وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ: هِيَ مَوْلِدِي.
قُلْتُ: عُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ أَتَمَّ عِنَايَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ
بنِ إِدْرِيْسَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَالوَلِيْدِ بنِ
مُسْلِمٍ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ، وَأَبِي الحَسَنِ
الكِسَائِيِّ، وَوَكِيْعٍ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ،
وَشُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ، وَطَبَقَتِهِم. وَدَخَلَ دِمَشْقَ،
فَصَحِبَ الشَّيْخَ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ
مُدَّةً، وَأَخَذَ عَنْ: مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبِي
مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ، وَطَائِفَةٍ, ثُمَّ أَقْبَلَ
عَلَى العِبَادَةِ وَالتَّأَلُّهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ
الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَأَبُو
دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِمَا"، وَأَبُو
حَاتِمٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ المُعَافَى الصَّيْدَاوِيُّ، وَأَبُو
الجَهْمِ بنُ طَلاَّبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
البَاغَنْدِيُّ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ،
وَعُمَرُ بنُ بَحْرٍ الأَسَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
خُرَيْمٍ، وَيُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ نَائِلَةَ الأَصْبَهَانِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ، وَأَبُو بَكْر بنُ
أَبِي دَاوُدَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ, آخِرُهُم: أَحْمَدُ بنُ
سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّانَ الكِنْدِيُّ؛ أَحَدُ
الضُّعَفَاءِ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ الأَيْلِيُّ: عَنْ يَحْيَى
بنِ مَعِيْنٍ، وَذكَرَ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ،
فَقَالَ: أَهْلُ الشَّامِ بِهِ يُمْطَرُونَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يُحْسِنُ
الثَنَاءَ عَلَيْهِ، وَيُطْنِبُ فِيْهِ.
وَقَالَ فَيَّاضُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ
مَعِيْنٍ، وَذكَرَ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ،
فَقَالَ: أَظُنُّ أَهْلَ الشَّامِ يَسْقِيْهُمُ اللهُ بِهِ
الغَيْثَ.
قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ خَالِدٍ -وَذَكَرَ أَحْمَدَ بنَ
أَبِي الحَوَارِيِّ- فَقَالَ: مَا أَظُنُّ بَقِيَ عَلَى،
وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُهُ.
وَرُوِيَ عَنِ الجُنَيْدِ, قَالَ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي
الحَوَارِيِّ رَيْحَانَةُ الشَّامِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ
بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ, قَالَ: قُلْتُ لِشَيْخٍ دَخَلَ
مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ:
دُلَّنِي عَلَى مَجْلِسِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى،
فَمَا كَلَّمَنِي، فَإِذَا هُوَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَطَاءٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ
أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ يَقُوْلُ: كُنَّا
نَسْمَعُ بُكَاءَ أَبِي بِاللَّيْلِ حَتَّى نَقُوْلَ: قَدْ
مَاتَ, ثُمَّ نَسْمَعُ ضَحِكَةً حَتَّى نَقُوْلَ: قَدْ
جُنَّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الحِمْصِيُّ: رَأَيْتُ
أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ عِنْدَنَا
بِأَنْطَرْسُوْسَ، فَلَمَّا صَلَّى العَتَمَةَ, قَامَ
يُصَلِّي، فَاسْتَفْتَحَ بِـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} إِلَى:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، فَطُفْتُ
الحائط كله، ثم رجعت، فَإِذَا هُوَ لاَ يُجَاوِزُهَا,
ثُمَّ نُمْتُ، وَمَرَرْتُ فِي السَّحَرِ وَهُوَ يَقْرَأُ:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} . فَلَمْ يزل يرددها إلى الصبح.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 34"، وحلية الأولياء
"10/ ترجمة 457"، والعبر "1/ 446" وتهذيب التهذيب "1/ 49"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 110".
(9/474)
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ:
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ يَقُوْلُ: مَنْ
عَمِلَ بِلا اتِّبَاعِ سُنَّةٍ، فَعَمَلُهُ بَاطِلٌ.
وَقَالَ: مَنْ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا نَظَرَ إِرَادَةٍ
وَحُبٍّ, أَخْرَجَ اللهُ نُوْرَ اليَقِيْنِ وَالزُّهْدِ
مِنْ قَلْبِهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ فِي
"تَارِيْخِ الصُّوْفِيَّةِ": سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
جَعْفَرِ بنِ مَطَرٍ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ يُوْسُفَ
الهِسِنْجَانِيَّ يَقُوْلُ: رَمَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي
الحَوَارِيِّ بِكُتُبِهِ فِي البَحْرِ، وَقَالَ: نِعْمَ
الدَّلِيْلُ كُنْتِ وَالاشْتِغَالُ بِالدَّلِيْلِ بَعْدَ
الوُصُوْلِ مَحَالٌ.
السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ
الطَّبَرِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ الحُسَيْنِ
يَقُوْلُ: طَلَبَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ
العِلْمَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً, ثُمَّ حَمَلَ كُتُبَهُ
كُلَّهَا إِلَى البَحْرِ، فَغَرَّقَهَا، وَقَالَ: يَا
عِلْمُ لَمْ أَفْعَلْ بِكَ هَذَا اسْتِخْفَافاً، وَلَكِنْ
لَمَّا اهْتَدَيْتُ بِكَ, اسْتَغْنَيْتُ عَنْكَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ
عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيِّ،
وَأَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا
الكَاغِدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ
أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ قال: قلت
لراهب في دير حرملة، وَأَشْرَفَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ: مَا
اسْمُكَ? قَالَ: جُرَيْجٌ. قُلْتُ: مَا يَحْبِسُكَ? قَالَ:
حَبَسْتُ نَفْسِي عَنِ الشَّهَوَاتِ. قُلْتُ: أَمَا كَانَ
يَسْتَقيمُ لَكَ أَنْ تذهب معنا ههنا، وَتَجِيءَ،
وَتَمْنَعَهَا الشَّهَوَاتِ? قَالَ: هَيْهَاتَ! هَذَا
الَّذِي تَصِفُهُ قُوَّةٌ، وَأَنَا فِي ضَعْفٍ. قُلْتُ:
وَلِمَ تَفْعَلُ هَذَا? قَالَ: نَجِدُ فِي كُتُبِنَا أَنَّ
بَدَنَ ابْنِ آدَمَ خُلِقَ مِنَ الأَرْضِ، وَرُوْحُهُ
خُلِقَ مِنْ مَلَكُوْتِ السَّمَاءِ، فَإِذَا أَجَاعَ
بَدَنَهُ وَأَعْرَاهُ وَأَسْهَرَهُ وَأَقْمَأَهُ1 نَازَعَ
الرُّوْحَ إِلَى المَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ،
وَإِذَا أَطْعَمَهُ وَأَرَاحَهُ أَخْلَدَ البدن إلى الموضع
الَّذِي مِنْهُ خُلِقَ، فَأَحَبَّ الدُّنْيَا. قُلْتُ:
فَإِذَا فَعَلَ هَذَا يُعَجَّلُ لَهُ فِي الدُّنْيَا
الثَّوَابُ? قَالَ: نَعَمْ, نُوْرٌ يُوَازِيْهِ. قَالَ:
فَحَدَّثْتُ بِهَذَا أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ،
فَقَالَ: قَاتَلَهُ اللهُ إِنَهُمْ يَصِفُوْنَ.
قُلْتُ: الطَّرِيْقَةُ المُثْلَى هِيَ المُحَمَّدِيَّةُ،
وَهُوَ الأَخْذُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَتَنَاوُلُ
الشَّهَوَاتِ المُبَاحَةِ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ كَمَا
قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ
الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المُؤْمِنُوْنَ: 51]
. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَقُوْمُ
وَأَنَامُ، وَآتِي النِّسَاءَ، وَآكُلُ اللَّحْمَ، فَمَنْ
رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مني" 2. فلم يشرع لنا
الرهبانية، ولا التمزق ولا
__________
1 أقمأه: أي أذله.
2 صحيح: أخرجه البخاري "5063"، ومسلم "1401"، والنسائي "6/
60" من حديث أنس بن مالك مرفوعا.
(9/475)
الوِصَالَ، بَلْ وَلا صَوْمَ الدَّهْرِ،
وَدِيْنُ الإِسْلاَمِ يُسْرٌ، وَحَنِيْفِيَّةٌ سَمْحَةٌ،
فَلْيَأْكُلِ المُسْلِمُ مِنَ الطَّيِّبِ إِذَا أَمْكَنَهُ
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ
سَعَتِهِ} [الطَّلاَقُ: 7] ، وَقَدْ كَانَ النِّسَاءُ
أَحَبَّ شَيْءٍ إِلَى نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ1، وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَالحَلْوَاءُ
وَالعَسَلُ وَالشَّرَابُ الحُلْوُ البَارِدُ وَالمِسْكُ،
وَهُوَ أَفْضَلُ الخَلْقِ، وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ
-تَعَالَى- ثُمَّ العَابِدُ العَرِيُّ مِنَ العِلْمِ,
مَتَى زَهَدَ وَتبتَّلَ وَجَاعَ، وَخَلاَ بِنَفْسِهِ،
وَتَرَكَ اللَّحْمَ، وَالثِّمَارَ، وَاقْتَصَرَ عَلَى
الدُّقَّةِ، وَالكِسْرَةِ صَفَتْ حَوَاسُّهُ وَلَطُفَتْ،
وَلاَزَمَتْهُ خَطَرَاتُ النَّفْسِ، وَسَمِعَ خِطَاباً
يَتَوَلَّدُ مِنَ الجُوْعِ، وَالسَّهَرِ لاَ وُجُوْدَ
لِذَلِكَ الخَطَابِ، وَاللهِ فِي الخَارِجِ، وَوَلَجَ
الشَّيْطَانُ فِي بَاطِنِهِ وَخَرَجَ، فَيَعْتَقِدُ
أَنَّهُ قَدْ، وَصَلَ وَخُوْطِبَ وَارْتَقَى فَيَتَمَكَّنُ
مِنْهُ الشَّيْطَانُ، وَيُوَسْوِسُ لَهُ، فَيَنْظُرُ إِلَى
المُؤْمِنِيْنَ بِعَيْنِ الازْدِرَاءِ، وَيَتَذَكَّرُ
ذُنُوبَهُم، وَيَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِ
الكَمَالِ، وَرُبَّمَا آلَ بِهِ الأَمْرُ إِلَى أَنْ
يَعْتَقِدَ أَنَّهُ وَلِيٌّ, صَاحِبُ كَرَامَاتٍ
وَتَمَكُّنٍ، وَرُبَّمَا حَصَلَ لَهُ شَكٌّ, وَتَزَلْزَلَ
إيمانه، فالخلوة والجوع أبوجاد التَّرهُّبِ، وَلَيْسَ
ذَلِكَ مِنْ شَرِيْعَتِنَا فِي شَيْءٍ بَلَى السُّلُوْكُ
الكَامِلُ هُوَ الوَرَعُ فِي القُوْتِ, وَالوَرَعُ فِي
المَنْطِقِ، وَحِفْظُ اللِّسَانِ، وَمُلاَزَمَةُ
الذِّكْرِ، وَتَرْكُ مُخَالَطَةِ العَامَّةِ، وَالبُكَاءُ
عَلَى الخَطِيْئَةِ، وَالتِّلاَوَةُ بِالتَّرْتِيْلِ
وَالتَّدَبُّرِ، وَمَقْتُ النَّفْسِ وَذَمُّهَا فِي ذَاتِ
اللهِ، وَالإِكْثَارُ مِنَ الصَّوْمِ المَشْرُوْعِ،
وَدَوَامُ التَّهَجُّدِ، وَالتَّوَاضُعُ لِلْمُسْلِمِيْنَ،
وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَالسَّمَاحَةُ، وَكَثْرَةُ البِشْرِ,
وَالإِنْفَاقُ مَعَ الخَصَاصَةِ، وَقَوْلُ الحَقِّ المُرِّ
بِرِفْقٍ وَتُؤَدَةٍ، وَالأَمْرُ بِالعُرْفِ، وَالأَخْذُ
بِالعَفْوِ، وَالإِعْرَاضُ عَنِ الجَاهِلِيْنَ،
وَالرِّبَاطُ بِالثَّغْرِ، وَجِهَادُ العَدُوِّ، وَحَجُّ
البَيْتِ، وتناول الطيبات فِي الأَحَايِيْنِ، وَكَثْرَةُ
الاسْتِغْفَارِ، فِي السَّحَرِ، فَهَذِهِ شَمَائِلُ
الأَوْلِيَاءِ، وَصِفَاتُ المُحَمَّدِيِّيْنَ أَمَاتَنَا
اللهُ عَلَى مَحَبَّتِهِم.
وَبَالإِسْنَادِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو
أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ
يَقُوْلُ: مَنْ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا نَظَرَ إِرَادَةٍ
وَحُبٍّ, أَخْرَجَ اللهُ نُوْرَ اليَقِيْنِ وَالزُّهْدِ
مِنْ قَلْبِهِ ثُمَّ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ
السُّلَمِيِّ الحِكَايَتَيْنِ فِي تغريق كتب أحمد في
البحر.
__________
1 فقد ورد عَنْ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "حبب إلي من
الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة". أخرجه
أحمد "3/ 128 و199 و285"، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر
الصلاة" "322" و"323"، وأبو يعلى "3482"، والطبراني في
"الأوسط" "5199"، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي -صلى الله
عليه وسلم" "ص98 و229"، والبيهقي "7/ 78"، والضياء في
"المختارة" "1737" من طرق عن سلام أبي المنذر، عن ثابت، عن
أنس، به.
قلت: إسناده حسن من أجل سلام أبي المنذر، وهو ابن سليمان
المزني القارئ، فإنه صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
(9/476)
وَبِهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ بَحْرٍ
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ يَقُوْلُ:
بَيْنَا أَنَا فِي قُبَّةٍ بِالمَقَابِرِ بِلاَ بَابٍ
إِلاَّ كِسَاءٌ أَسْبَلْتُهُ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ
تَدُقُّ عَلَى الحَائِطِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا? قَالَتْ:
ضَالَّةٌ، فَدُلَّنِي عَلَى الطَّرِيْقِ. فَقُلْتُ:
رَحِمَكِ اللهُ أَيَّ الطَّرِيْقِ تَسْلُكِيْنَ، فَبَكَتْ
ثُمَّ قَالَتْ: عَلَى طَرِيْقِ النَّجَاةِ يَا أَحْمَدُ.
قُلْتُ: هَيْهَاتَ! إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا عِقَاباً،
وَتِلْكَ العِقَابُ لاَ تُقْطَعُ إِلاَّ بِالسَّيْرِ
الحَثِيْثِ، وَتَصْحِيْحِ المُعَامَلَةِ، وَحَذْفِ
العَلاَئِقِ الشَّاغِلَةِ، فَبَكَتْ, ثُمَّ قَالَتْ:
سُبْحَانَ مَنْ أَمْسَكَ عَلَيْكَ جَوَارِحَكَ فَلَمْ
تَتَقَطَّعْ، وَفُؤَادَكَ فَلَمْ يَتَصَدَّعْ ثُمَّ
خَرَّتْ مَغْشِيّاً عَلَيْهَا، فَقُلْتُ لِبَعْضِ
النِّسَاءِ: أَيُّ شَيْءٍ حَالُهَا? فَقُمْنَ،
فَفَتَّشْنَهَا، فَإِذَا وَصِيَّتُهَا فِي جَيْبِهَا:
كَفِّنُونِي فِي أَثْوَابِي هَذِهِ، فَإِنْ كَانَ لِي
عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ, فَهُوَ أَسْعَدُ لِي، وَإِنْ كَانَ
غَيْرُ ذَلِكَ، فَبُعْداً لِنَفْسِي قُلْتُ: مَا هِيَ?
فَحَرَّكُوهَا، فَإِذَا هِيَ مَيْتَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ
هَذِهِ الجَارِيَةُ؟ قَالُوا: جَارِيَةٌ قُرَشِيَّةٌ
مُصَابَةٌ، وَكَانَ قَرِيْنُهَا يَمْنَعُهَا مِنَ
الطَّعَامِ، وَكَانَتْ تَشْكُو إِلَيْنَا وَجَعاً
بِجَوْفِهَا، فَكُنَّا نصفها للأطباء، فتقول: خَلُّوا
بَيْنِي وَبَيْنَ الطَّبِيْبِ الرَّاهِبِ تَعْنِي أَحْمَدَ
بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ أَشْكُو إِلَيْهِ بَعْضَ مَا
أَجِدُ مِنْ بَلاَئِي لَعَلَّهُ أَنْ يَكُوْنَ عِنْدَهُ
شفائي.
وبه، حدثنا سليمان الطبراني، حدثا أَبُو زُرْعَةَ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ قَالَ: كُنْتُ
أَسْمَعُ وَكِيْعاً يَبْتَدِئُ قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَ،
فَيَقُوْلُ: مَا هُنَالِكَ إِلاَّ عَفْوُهُ، وَلاَ
نَعِيْشُ إِلاَّ فِي سُتْرَةٍ، وَلَوْ كُشِفَ الغِطَاءُ,
لَكُشِفَ عَنْ أَمْرٍ عَظِيْمٍ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَائِلَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ حَرْبٍ يَقُوْلُ: لِرَجُلٍ: إِنْ
دَخَلْتَ القَبْرَ وَمَعَكَ الإِسْلاَمُ، فَأَبْشِرْ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
الحَوَارِيِّ قُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ:
حَدِّثْنَا. قَالَ: دَعُونَا مِنَ الحَدِيْثِ، فَقَدْ
كَبِرْنَا وَنَسِيْنَا, جِيْئُونَا بِذِكْرِ المَعَادِ،
وَبِذِكْرِ المَقَابِرِ لَوْ أَنِّي أَعْرِفُ أَهْلَ
الحَدِيْثِ, لأَتَيْتُهُمْ إِلَى بُيُوْتِهِم
أُحَدِّثَهُم.
وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: أَسْنَدَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي
الحَوَارِيِّ عَنِ المَشَاهِيْرِ وَالأَعْلاَمِ مَا لاَ
يُعَدُّ كَثْرَةً.
أَبُو الدَّحْدَاحِ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ
بنُ حَامِدٍ: أَنَّ كِتَابَ المَأْمُوْنِ وَرَدَ عَلَى
إِسْحَاقَ بنِ يَحْيَى بنِ مُعَاذٍ أَمِيْرِ دِمَشْقَ أَنْ
أَحْضِرِ المُحَدِّثِيْنَ بِدِمَشْقَ، فَامْتَحِنْهُم.
قَالَ: فَأَحْضَرَ هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وسليمان بن عبد
الرَّحْمَنِ، وَابْنَ ذَكْوَانَ، وَابْنَ أَبِي
الحَوَارِيِّ، فَامْتَحَنَهُمُ امْتِحَاناً لَيْسَ
بِالشَّدِيْدِ، فَأَجَابُوا خَلاَ أَحْمَدَ بنَ أَبِي
الحَوَارِيِّ، فَجَعَلَ يَرْفُقُ بِهِ، وَيَقُوْلُ:
أَليْسَ السَّمَاوَاتُ مَخْلُوْقَةً? أَلَيْسَ الأَرْضُ
مَخْلُوْقَةً. وَأَحْمَدُ يَأْبَى أَنْ يُطِيْعَهُ،
فَسَجَنَهُ فِي دَارِ الحِجَارَةِ، ثُمَّ أَجَابَ بَعْدُ،
فَأَطْلَقَهُ.
(9/477)
قَالَ أَحْمَدُ السُّلَمِيُّ فِي "مِحَنِ
الصُّوْفِيَّةِ": أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ شَهِدَ
عَلَيْهِ قَوْمٌ أَنَّهُ يُفَضِّلُ الأَوْلِيَاءَ عَلَى
الأَنْبِيَاءِ، وَبَذَلُوا الخُطُوطَ عَلَيْهِ، فَهَرَبَ
مِنْ دِمَشْقَ إِلَى مَكَّةَ، وَجَاوَرَ حَتَّى كَتَبَ
إِلَيْهِ السُّلْطَانُ يَسْأَلُهُ أَنْ يَرْجِعَ،
فَرَجَعَ.
قُلْتُ: إِنْ صَحَّتِ الحِكَايَةُ، فَهَذَا مِنْ كَذِبِهِم
عَلَى أَحْمَدَ, هُوَ كَانَ أَعْلَمَ بِاللهِ مِنْ أَنْ
يَقُوْلَ ذَلِكَ.
وَنَقَلَ السُّلَمِيُّ حِكَايَةً مُنْكَرَةً، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَنَقَلَهَا ابْنُ
بَاكَوَيْه، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الغَازِيِّ, سَمِعَا أَبَا
بَكْرٍ الشَّبَّاكَ, سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ الحُسَيْنِ
يَقُوْلُ: كَانَ بَيْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ،
وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ عَقْدٌ لاَ يُخَالِفُهُ
فِي أَمْرٍ، فَجَاءهُ يَوْماً وَهُوَ يَتَكَلَّمُ فِي
مَجْلِسِهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: إِنَّ التَّنُّوْرَ قَدْ
سُجِرَ، فَمَا تَأْمُرُ? فَلَمْ يُجِبْهُ، فَأَعَادَ
مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً، فَقَالَ: اذْهَبْ، فَاقْعُدْ
فِيْهِ -كَأَنَّهُ ضَاقَ بِهِ- وَتَغَافَلَ أَبُو
سُلَيْمَانَ سَاعَةً, ثُمَّ ذَكَرَ، فَقَالَ: اطْلُبُوا
أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ فِي التَّنُّوْرِ؛ لأَنَّهُ عَلَى
عَقْدٍ أَنْ لاَ يُخَالِفَنِي، فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ
فِي التنور لم يحترق منه شعرة1.
تُوُفِّيَ أَحْمَدُ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيِّ، أَخْبَرَنَا
الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
الحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
أَبِي الحَوَارِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ
هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنِ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عن
عَاصِمِ بنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ: "مَنْ يَحْرِصْ عَلَى الإِمَارَةِ لَمْ يَعْدِلْ
فِيْهَا".
تُوُفِّيَ مَعَ ابْنِ أَبِي الحَوَارِيِّ أَحْمَدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ
الدُّوْرِيُّ المُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ
لُوَيْنٌ، وَالمُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مُصَفَّى، وَالحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ،
وَحَامِدُ بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ, رَحِمَهُمُ اللهُ.
__________
1 هذا خبر غير صحيح، ففي الصحيح المرفوع: "إنما الطاعة في
المعروف"، فكيف يأمر عالم عالما آخر بالجلوس في التنور؟!
سبحانك هذا بهتان وإثم عظيم لا يصدقه أصغر طالب علم، فكيف
يروج ذلك على الكبار؟!
(9/478)
1990- محمد بن مُصَفَّى 1: "د، س، ق"
ابن بهلول الحَافِظُ الإِمَامُ عَالِمُ أَهْلِ حِمْصَ
أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ الحِمْصِيُّ، العَبْدُ
الصَّالِحُ.
حَدَّثَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَبَقِيَّةَ بنَ
الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَرْبٍ، وَالوَلِيْدَ بنَ
مُسْلِمٍ، وَابْن أَبِي فُدَيْكٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
حِمْيَرٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ
مَاجَهْ، وَالحَسَنُ بنُ أحمد بنِ فِيْلٍ، وَسَعِيْدُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ، وَعَبْدَانُ
الأَهْوَازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الهَرَوِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ تَمَّامٍ البَهْرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ الغَافِرِ بنُ سَلاَمَةَ،
وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ الكَلاَعِيُّ: عَادَلْتُهُ
إِلَى مَكَّةَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
فَاعْتَلَّ بِالجُحْفَةِ، وَمَاتَ بِمَكَّةَ بِمِنَىً.
وَكَانَ دَخَلَ مَكَّةَ وَهُوَ لِمَا بِهِ، فَدَخَلَ
عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ وَهُوَ في النزع، فقرءوا
عَلَيْهِ, فَمَا عَقَلَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ: رَأَيْتُ
مُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: يَا
أَبَا عَبْدِ اللهِ أَلَيْسَ قَدْ مُتَّ? إِلَى مَا
صِرْتَ? قَالَ: إِلَى خَيْرٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَنَحْنُ
نَرَى رَبَّنَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، فَقُلْتُ: يَا
أَبَا عَبْدِ اللهِ صَاحِبُ سُنَّةٍ فِي الدُّنْيَا،
وَصَاحِبُ سُنَّةٍ فِي الآخِرَةِ?! فَتَبَسَّمَ إِلَيَّ.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَيْضاً، عَنْ مَرَّارِ
بنِ حَمُّوَيْه, عَنْهُ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: لَهُ مَنَاكِيْرُ، وَأَرْجُو
أَنْ يَكُوْنَ صَادِقاً.
قُلْتُ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ سِتٍّ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَكْمَلُ
بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مُصَفَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بنُ
يَزِيْدَ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عُتْبَةَ بنِ
عَبْدٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ،
فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ!
أَسْمَعُكَ تَذْكُرُ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً لاَ أَعْلَمُ
شَجَرَةً أَكْثَرَ شَوْكاً مِنْهَا -يَعْنِي: الطَّلْحَ-
فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ يَجْعَلُ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ
مِنْهَا ثَمَرَةً مِثْلَ خُصْيَةِ التَّيْسِ المَلْبُوْدِ
-يَعْنِي: الخَصِيَّ- فِيْهَا سَبْعُوْنَ لَوْناً مِنَ
الطَّعَامِ لاَ يُشْبِهُ لَوْنٌ آخَرَ" 2. حَدِيْثٌ
حَسَنٌ، غَرِيْبٌ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 782"، والضعفاء
الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1710"، والجرح والتعديل "8/
ترجمة 446"، والأنساب للسمعاني "4/ 221"، والكاشف "3/
ترجمة 5243", والعبر "1/ 447"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة
8181"، وتهذيب التهذيب "9/ 460"، وتقريب التهذيب "2/ 208"،
وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6660".
2 صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير" "17/ 318"، ومن طريقه
أبو نعيم في "الحلية" "6/ 103" عن محمد بن المبارك الصوري،
حدثنا يحيى بن حمزة، به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
(9/479)
1991- العَدَنِي 1: "م، ت، ق، س"
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الحَافِظُ شَيْخُ الحَرَمِ, أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي عُمَرَ
العَدَنِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: فُضَيل بنِ عِياض، وَسُفْيَانَ بنِ
عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ العزيز بن محمد، ومعتمر بن سلميان،
وَسَعِيْدِ بنِ سَالِمٍ، وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ،
وَمَرْوَانَ بن معاوية، وخلق كثير، وصنف "المسند".
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ
مَاجَهْ، وَبِوَاسِطَةٍ النَّسَائِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ
أَحْمَدَ الخُزَاعِيُّ، وَالحَكَمُ بنُ مَعْبَدٍ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ صَالِحٍ البُخَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ
الغَضَائِرِيُّ، وَالمُفَضَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَنَدِيُّ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ،
فَقَالَ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً، وَكَانَتْ بِهِ
غَفْلَةٌ. رَأَيْتُ عِنْدَهُ حَدِيْثاً مَوْضُوْعاً,
حَدَّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَكَانَ صَدُوْقاً.
وَرُوِيَ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ اللَّيْثِ،
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيُّ، وَكَانَ قَدْ
حَجَّ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ حَجَّةً. وَبَلَغَنِي أَنَّهُ
لَمْ يَقْعُدْ مِنَ الطَّوَافِ سِتِّيْنَ سَنَةً, رَحِمَهُ
اللهُ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ بِمَكَّةَ, لإِحْدَى عَشْرَةَ
بَقِيَتْ مِنْ ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ, رَحِمَهُ
اللهُ تَعَالَى.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي
رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَحْيَى بنِ مُعَاذٍ النَّسَوِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي عُمَرَ,
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ
الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إذا رَأَى
أَحَدُكُمْ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي المَالِ وَالجِسْمِ
فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُوْنَهُ فِي المال والجسم"
2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 847"، والجرح
والتعديل "8/ ترجمة 560"، والأنساب للسمعاني "8/ 408"،
والكاشف "3/ ترجمة 5302"، والعبر "1/ 441"، وتهذيب التهذيب
"9/ 518"، وتقريب التهذيب "2/ 218"، وخلاصة الخزرجي "2/
ترجمة 6746"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 104".
2 صحيح: ورد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "إذا نظر أحدكم إلى
من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه
ممن فضل عليه". أخرجه البخاري "6490"، ومسلم "2963" من
طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة، به.
وورد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "انظروا إلى من أسفل منكم،
ولا تنظروا إلى من فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة
الله". أخرجه أحمد "2/ 254 و482"، ومسلم "2963" "9" واللفظ
له، والترمذي "2513" وابن ماجه "4142" من طريق الأَعْمَشُ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
(9/480)
1992- رجاء بن مُرَجَّى 1: "د، ق"
ابن رافع، وَقِيْلَ: رَجَاءُ بنُ مُرَجَّي بنِ رَجَاءَ بنِ
رَافِعٍ, الإِمَامُ, الحَافِظُ, النَّاقِدُ, المُصَنِّفُ,
أَبُو مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، وَيُقَالُ:
السَّمَرْقَنْدِيُّ. وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو أَحْمَدَ،
فَلَعَلَّهُ يُكْنَى بِهِمَا.
مَوْلِدُهُ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ النَّضْرَ بنَ شُمَيْلٍ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي
حَكِيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَعَلِيَّ بنَ
الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ، وَسَلمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ رَجَاءَ الغُدَانِيَّ، وَأَبَا
اليَمَانِ، وَخَلْقاً كَثِيْراً بِخُرَاسَانَ وَالحِجَازِ
وَالعِرَاقِ وَالشَّامِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أبي شيبة البَزَّازُ،
وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ،
وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ
السَّقَطِيُّ، وَمُطَيَّنٌ، وَآخَرُوْنَ. وَآخِرُ مَنْ
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ, حَافِظٌ,
سَمَرْقَنْدِيٌّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ مَرْوَزِيٌّ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: سَكَنَ بَغْدَادَ، وَكَانَ ثِقَةً،
ثَبْتاً، إِمَاماً فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ، وَحِفْظِهِ
وَالمَعْرِفَةِ بِهِ.
وَذَكَرَ عُمَرُ بنُ حَفْصٍ الأَشْقَرُ, قَالَ: قَدِمَ
عَلَيْنَا رَجَاءُ بنُ مُرجى بُخَارَى, يُرِيْدُ الشَّاشَ،
فَسَمِعْنَا مِنْهُ، وَدَخَلَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، فَتَذَاكَرَا.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2277"، وتاريخ بغداد
"8/ 410"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 562"، والعبر "1/ 454"،
وتهذيب التهذيب "3/ 269"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "2/ 120".
(9/481)
قَالَ النَّسَائِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ -يَعْنِي: الخَفَّافَ- عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: فيها مات رجاء -يعني: سنة تسع
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ- وَفِيْهَا أَرَّخَهُ أَبُو
العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَزَادَ أَنَّهُ مَاتَ
بِبَغْدَادَ، وَقَالَ البُخَارِيُّ أَيْضاً: مَاتَ
بِبَغْدَادَ فِي غُرَّةِ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ
تِسْعٍ.
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ الحَلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللَّطِيْفِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بنُ العَلاَّفِ، حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ
الحَمَّامِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا رَجَاءُ
بنُ مُرَجَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ،
حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ مسلم بن أبي مريم،
عن عَبْدِ اللهِ بنِ سَرْجِسَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى يَوْماً وَعَلَيْهِ
نَمِرَةٌ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: "هَاتِ نَمِرَتَكَ وَخُذْ
نَمِرَتِي". قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, هِيَ خَيْرٌ مِنْ
نَمِرَتِي. قَالَ: "أَجَلْ وَلَكِنْ عَلَيْهَا خَيْطٌ
أَحْمَرُ فَخَشِيْتُ أَنْ تَفْتِنَنِي فِي صَلاَتِي"1.
قُلْتُ: أَي تَشْغَلُنِي عَنْ كَمَالِ المُرَاقَبَةِ،
وَالأَنْبِيَاءُ مُطَالَبُونَ بِمَا يُسْمَحُ فيه لغيرهم،
فلذلك قايض بنمرته.
__________
1 ضعيف: أخرجه البغوي في "شرح السنة"، وفيه سعيد بن مسلمة
بن هشام بن عبد الملك الأموي، فإنه ضعيف كما قال الحافظ في
"التقريب".
(9/482)
1993- البِيكَنْدِي 1: "خَ"
الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ، مُحَدِّثُ مَا وَرَاءَ
النَّهْرِ2، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ جَعْفَرِ بنِ
أَعْيَنَ البُخَارِيُّ، البِيْكَنْدِيُّ3.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ،
وَوَكِيْعٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَعَبْدِ
الرَّزَّاقِ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي
حَاتِمٍ الوَرَّاقُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصلٍ، وجماعة.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ, رَحِمَهُ اللهُ.
لَمْ يَقَعْ لِي مِنْ عَوَالِي هَذَا المُحَدِّثِ شَيْءٌ
إِنَّمَا وَقَعَ لَنَا حَدِيْثُه في "الجامع المختصر".
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 404"، وتذكرة الحفاظ "2/
ترجمة 501"، والكاشف "3/ ترجمة 6250"، وتهذيب التهذيب "11/
193"، وتقريب التهذيب "2/ 344".
2 ما وراء النهر: يراد به نهر جيحون "أموداريا" بخراسان.
فما كان شرقيه سمَّاه المسلمون ما وراء النهر، وما كان
غريبه فهو خراسان وولاية خوارزم. قاله ياقوت الحموي في
"معجم البلدان".
3 نسبة إلى بيكند، بكسر الباء، وفتح الكاف، وسكون النون،
بلدة بين بخارى وجيحون كما في "معجم البلدان".
(9/482)
1994- البَحْراني 1: "ق"
القَاضِي الإِمَامُ المُحَدِّثُ المُتْقِنُ, أَبُو
الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ
البَحْرَانِيُّ البَصْرِيُّ, أَحَدُ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ زُرَيع، وَسُفْيَانَ بنِ
عُيَيْنَةَ، وَسُفْيَانَ بنِ حَبِيْبٍ، وَمُعْتَمِرِ بنِ
سُلَيْمَانَ، وَزِيَادٍ البَكَّائِيِّ، وَابْنِ
إِدْرِيْسَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ غُنْدَرٍ،
وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ
الثَّقَفِيِّ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالقَاضِي
المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ،
وَإِسْمَاعِيْلُ الوَرَّاقُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ: قَدِمَ
البَحْرَانِيُّ هَمَذَانَ، وَحَدَّثَ بِهَا
بِمُصَنَّفَاتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أُورمَةَ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: كَانَ يُلَقَّبُ
عَبَّاسَوَيْه، وَكَانَ حَافِظاً.
قُلْتُ: وَلِيَ قَضَاءَ هَمَذَانَ مُدَّةً، وَحَدَّثَ
بِأَصْبَهَانَ أَيْضاً.
قَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَيُقَالُ: فِيْهِ لِيْنٌ لاَ
يَضُرُّ، وَتَكَلَّمَ مَرَّارُ بنُ حَمّوَيْه فِي
سَمَاعِهِ مِنْ يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَالرَّجُلُ
مَأْمُوْنٌ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1193"، وتذكرة
الحفاظ "2/ ترجمة 518"، وميزان الاعتدال "2/ 387"، وتهذيب
التهذيب "5/ 134"، وتقريب التهذيب "1/ 400"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "2/ 140".
(9/483)
1995- ابن حبيب
1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ الأَنْدَلُسِ أَبُو
مَرْوَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبِ بنِ سُلَيْمَانَ
بنِ هَارُوْنَ بنِ جَاهمَةَ ابْنِ الصَّحَابِيِّ عَبَّاسِ
بنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ العَبَّاسِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ
القُرْطُبِيُّ المَالِكِيُّ أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ الإِمَامِ مَالِكٍ بَعْدَ
السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَخَذَ عَنِ: الغَازِ بنِ قَيْسٍ، وَزِيَادِ شبطون،
وصعصعة بن سلام. ثُمَّ ارْتَحَلَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ
عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ، وَحَجَّ. وَحَمَلَ عَنْ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَمُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ
اليَسَارِيِّ، وَأَسَدِ بنِ مُوْسَى السُّنَّةِ،
وَأَصْبَغَ بنِ الفَرَجِ، وَأَبِي صَالِحٍ،
وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيِّ، وَعِدَّةٍ
مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ، وَرجَعَ إِلَى
قُرْطُبَةَ بِعِلْمٍ جَمٍّ، وَفِقْهٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالحِذْقِ فِي الفِقْهِ, كَبِيْرَ
الشَّأْنِ, بَعِيْدَ الصِّيْتِ, كَثِيْرَ التَّصَانِيْفِ
إِلاَّ أَنَّهُ فِي بَابِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ بِمُتْقِنٍ
بَلْ يَحْمِلُ الحَدِيْثَ تَهَوُّراً كَيْفَ اتَّفَقَ،
وَيَنْقُلُهُ وَجَادَةً وَإِجَازَةً، وَلاَ يَتَعَانَى
تَحْرِيْرَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
صَنَّفَ كِتَابَ "الوَاضِحَةِ" فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ،
وَكِتَابَ "الجَامِعِ"، وَكِتَابَ "فَضَائِلِ
الصَّحَابَةِ"، وَكِتَابَ "غَرِيْبِ الحَدِيْثِ"،
وَكِتَابَ "تَفْسِيْرِ المُوَطَّأِ"، وَكِتَاباً فِي
"حُرُوْبِ الإِسْلاَمِ"، وَكِتَابَ"فَضْلِ
المَسْجِدَيْنِ"، وَكِتَابَ "سِيْرَةِ الإِمَامِ فِيْمَنْ
أَلْحَدَ"، وكتاب "طبقات الفُقَهَاءِ"، وَكِتَابَ
"مَصَابِيْحِ الهُدَى".
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرضِيِّ: كَانَ فَقِيْهاً,
نَحْوِيّاً, شَاعِراً, عَرُوْضِيّاً, أَخْبَارِيّاً,
نَسَّابَةً, طَوِيْلَ اللِّسَانِ, مُتَصَرِّفاً فِي
فُنُوْنِ العِلْمِ. حَدَّثَ عَنْهُ: بَقِيُّ بنُ مَخْلدٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، وَيُوْسُفُ بنُ يَحْيَى
المُغَامِيُّ، وَمُطَرِّفُ بنُ قَيْسٍ، وَخَلْقٌ، وَآخِرُ
أَصْحَابِهِ مَوْتاً: المُغَامِيُّ.
سَكَنَ إِلْبِيْرَةَ مِنَ الأَنْدَلُسِ مُدَّةً, ثُمَّ
اسْتَقْدَمَهُ الأَمِيْرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
الحَكَمِ، فَرَتَّبَهُ فِي الفَتْوَى بِقُرْطُبَةَ،
وَقَرَّرَ مَعَهُ يَحْيَى بنُ يَحْيَى فِي النَّظَرِ
وَالمُشَاوَرَةِ، فَتُوُفِّيَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى،
وَانْفَرَدَ ابْنُ حَبِيْبٍ بِرِئَاسَةِ العِلْمِ.
وَكَانَ حَافِظاً لِلْفِقْهِ نَبِيْلاً إِلاَّ أَنَّهُ
لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالحَدِيْثِ، وَلاَ يَعْرِفُ
صَحِيْحَهُ مِنْ سَقِيْمِهِ, ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ
يَتَسَهَّلُ فِي سَمَاعِهِ، وَيَحْمِلُ عَلَى سَبِيْلِ
الإِجَازَةِ أَكْثَرَ رِوَايَتِهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَضَّاحٍ: أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ
المُنْذِرِ الحِزَامِيَّ قَالَ لَهُ: أَتَانِي صَاحِبُكُم
عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ بِغِرَارَةٍ مَمْلُوْءةٍ
كُتُباً، فَقَالَ: لِي هَذَا عِلْمُكَ تُجِيْزُهُ لِي?
فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ مَا قَرَأَ عَلَيَّ مِنْهُ حَرْفاً،
وَلاَ قَرَأْتُهُ عليه.
وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ يَقُوْلُ:
ابْنُ حَبِيْبٍ عَالِمُ الأَنْدَلُسِ، وَيَحْيَى بنُ
يَحْيَى عَاقِلُهَا، وَعِيْسَى بنُ دِيْنَارٍ فَقِيْهُهَا.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَالَ: قِيْلَ
لِسَحْنُوْنَ: مَاتَ ابْنُ حَبِيْبٍ. فَقَالَ: مَاتَ
عَالِمُ الأَنْدَلُسِ! بَلْ -وَاللهِ- عالم الدنيا.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 554"، وميزان الاعتدال
"2/ 652"، والعبر "1/ 427"، وتهذيب التهذيب "6/ 390"،
ولسان الميزان "4/ 59"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي
"2/ 90".
(9/484)
حَكَى بَعْضُهُم قَالَ: هَاجَتِ الرِّيْحُ،
فَرَأَيْتُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ حَبِيْبٍ رَافِعاً
يَدَيْهِ مُتَعَلِّقاً بِحِبَالِ المَرْكِبِ يَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ
ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، وَمَا عِنْدَكَ، فَخَلِّصْنَا قَالَ:
فَسَلَّمَ اللهُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الصَّدَفِيُّ:
قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ: إِنَّ "الوَاضِحَةَ"
عَجِيْبَةٌ جِدّاً، وَإِنَّ فِيْهَا عِلْماً عَظِيْماً
فَمَا يَدْخُلُهَا? قَالَ: أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَكَى
فِيْهَا مَذَاهِبَ لَمْ نَجِدْهَا لأَحَدٍ مِنْ
أَصْحَابِهِ، وَلاَ نُقِلَتْ عَنْهُم.
قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّدَفِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ
كَثِيْرَ الرِّوَايَةِ, كَثِيْرَ الجَمْعِ, يَعْتَمِدُ
عَلَى الأَخْذِ بِالحَدِيْثِ، وَلَمْ يَكُنْ يُمَيِّزُهُ،
وَلاَ يَعْرِفُ الرِّجَالَ، وَكَانَ فَقِيْهاً فِي
المَسَائِلِ. قَالَ: وَكَانَ يُطْعَنُ عَلَيْهِ بِكَثْرَةِ
الكُتُبِ، وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَجِيزُ الأَخْذَ
بِلاَ رِوَايَةٍ، وَلاَ مُقَابَلَةٍ، وَأَنَّهُ أَخَذَ
بِالإِجَازَةِ كَثِيْراً. قَالَ: وَأُشِيْرَ إِلَيْهِ
بِالكَذِبِ, سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ خَالِدٍ يَطْعُنُ
عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَيَتَنقَّصُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ،
وَقَالَ: ظَهَرَ كَذِبُهُ فِي "الوَاضِحَةِ"، فِي غَيْرِ
شَيْءٍ، فَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ وَضَّاحٍ يَقُوْلُ:
أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ؟ قَالَ: كَانَ ابْنُ
حَبِيْبٍ بِمِصْرَ، فَكَانَ يَضَعُ الطَّوِيلَةَ،
وَيَنْسَخُ طُوْلَ نَهَارِهِ، فَقُلْتُ له: إلى كم ذا
النسخ؟ متى تَقْرَؤُهُ عَلَى الشَّيْخِ? قَالَ: قَدْ
أَجَازَ لِي كُتُبَهُ -يَعْنِي: أَسَدَ بنَ مُوْسَى-
فَأَتِيْتُ أَسَداً، فَقُلْتُ: تَمْنَعُنَا أَنْ نَقْرأَ
عَلَيْكَ، وَتُجِيْزُ لِغَيْرِنَا? فَقَالَ: أَنَا لاَ
أَرَى القِرَاءةَ، فَكَيْفَ أُجِيْزُ? فَأَخْبَرْتُهُ،
فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذَ مِنِّي كُتُبِي، فَيَكْتُبُ
مِنْهَا, لَيْسَ ذَا عليَّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَرِّ فِي
"تَارِيْخِهِ": ابْنُ حَبِيْبٍ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ
الحَدِيْثَ بِالأَنْدَلُسِ، وَكَانَ لاَ يَفْهَمُ
طُرُقَهُ، وَيُصَحِّفُ الأَسْمَاءَ، وَيَحْتَجُّ
بِالمَنَاكِيْرِ، فَكَانَ أَهْلُ زَمَانِهِ يَنْسِبُوْنَهُ
إِلَى الكَذِبِ، وَلاَ يَرْضَوْنَهُ.
وَمِمَّنْ ضَعَّفَ ابْنَ حَبِيْبٍ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
حَزْمٍ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ صُحُفيًّا وَأَمَّا
التَّعَمُّدُ فَكَلاَّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَرِّ: وَكَانَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَحْشَةٌ, كَانَ
كَثِيْرَ المُخَالَفَةِ لَهُ, لَقِيَ أَصْبَغَ بِمِصْرَ،
فَأَكْثَرَ عَنْهُ، فَكَانَ يُعَارِضُ يَحْيَى عِنْدَ
الأَمْرِ، وَيَرُدُّ قَوْلَهُ، فَيَغْتَمُّ لِذَلِكَ
قَالَ: فَجَمَعَهُمُ القَاضِي مَرَّةً فِي الجَامِعِ،
فَسَأَلَهُم عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَفْتَى فِيْهَا يَحْيَى
بنُ يَحْيَى، وَسَعِيْدُ بنُ حَسَّانٍ بِالرِّوَايَةِ،
فَخَالَفَهُمَا عَبْدُ المَلِكِ، وَذَكَرَ خِلاَفَهُمَا
رِوَايَةً عَنْ أَصْبَغَ، وَكَانَ عَبْدُ الأَعْلَى بنُ
وَهْبٍ شَابّاً قَدْ حَجَّ وَلَحِقَ أَصْبَغَ،
فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ وَضَّاحٍ،
عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى, قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ
بنِ حَسَّانٍ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي كَذَا
لِلْمَسْأَلَةِ المَذْكُوْرَةِ? هَلْ يَذْكُرُ فِيْهَا
الأَصْبَغُ شَيْئاً? قُلْتُ: نَعَمْ. يَقُوْلُ فِيْهَا:
بِكَذَا وَكَذَا، فذكر موافقة
(9/485)
سَعِيْدٍ وَيَحْيَى، فَقَالَ لِي سَعِيْدٌ:
انْظُرْ مَا تَقُوْلُ, أَنْتَ عَلَى يَقِيْنٍ مِنْهَا?
قُلْتُ: نَعَمْ. قال: فأتني بكتابك. فَخَرَجْتُ مُسْرِعاً,
ثُمَّ نَدِمْتُ، فَأَخْرَجْتُهَا مِنْ قِرْطَاسٍ،
فَسُرِرْتُ، وَأَتَيْتُهُ بِالكِتَابِ. قَالَ: تَمْضِي
بِهِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ. فَمَضَيْتُ بِهِ إِلَى
يَحْيَى بنِ يَحْيَى، فَأَعْلَمْتُهُ، فَاجْتَمَعَا
بِالقَاضِي، وَقَالاَ: هَذَا يُخَالِفُنَا بِالكَذِبِ،
فَارْدَعْهُ، وَكُفَّهُ. فَجَمَعُهُمُ القَاضِي ثَانِياً،
فَتَكَلَّمُوا، فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: قَدْ
أَعْلَمْتُكَ بِمَا يَقُوْلُ فِيْهَا أَصْبَغُ. فَبَدَرَ
عَبْدُ الأَعْلَى، فَقَالَ: تَكْذِبُ عَلَى أَصْبَغَ,
أَنَا رَوَيْتُ هَذِهِ المَسْأَلَةَ عَنْهُ عَلَى وِفْقِ
مَا قَالاَ، وَهَذَا كِتَابِي. فَقَرَأَهُ القَاضِي،
وَقَالَ: لِعَبْدِ المَلِكِ: مَا سَاءهُ. وَخَرَجَ
عَلَيْهِ، وَقَالَ: تُفْتِيْنَا بِالكَذِبِ وَالخَطَأِ،
وَتُخَالِفُ أَصْحَابَكَ بِالهَوَى؟! لَوْلاَ البُقْيَا
عَلَيْكَ لَعَاقَبْتُكَ. قَالَ عَبْدُ الأَعْلَى: فَلَمَّا
خَرَجْتُ, خَطَرْتُ عَلَى دَارِ ابْنِ رُسْتُمَ الحَاجِبِ،
فَرَأَيْتُ عَبْدَ المَلِكِ خَارِجاً مِنْ عِنْدِهِ فِي
وَجْهِهِ البِشْرُ، فَقُلْتُ: لأَدْخُلَنَّ عَلَى ابْنِ
رُسْتُمَ. فَدَخَلْتُ، فَلَمْ يَنْتَظِرْ جُلُوْسِي،
وَقَالَ: يَا مِسْكِيْنُ مَنْ غَرَّكَ -أَوْ مَنْ
أَدْخَلَكَ- فِي هَذَا? تُعَارِضُ مِثْلَ ابْنِ حَبِيْبٍ
وَتُكَذِّبُهُ? فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ, إِنَّمَا
سَأَلَنِي القَاضِي، فَأَجَبْتُ بِمَا عِنْدِي. قَالَ:
وَبَعَثَ الأَمِيْرُ إِلَى القَاضِي يَقُوْلُ: مَنْ
أَمَرَكَ أَنْ تُشَاوِرَ عَبَدَ الأَعْلَى؟ فَبَعَثَ
يُثْنِي عليَّ، وَيَقُوْلُ: لَمْ أَرَ نَفْسِي فِي سَعَةٍ
مِنْ تَرْكِ مُشَاوَرَةِ مِثْلِهِ، فَسَأَلَ الأَمِيْرُ
وُزَرَاءهُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ،
وَوَصَفُوا عِلْمَهُ وَوَلاَءهُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ فَحْلُوْنَ: مَاتَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ
حَبِيْبٍ يَوْمَ السَّبْتِ، لأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ
رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ,
بِعِلَّةِ الحَصَى, رَحِمَهُ اللهُ. وَنَقَلَ آخَرُ:
أَنَّهُ مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ، فالله أعلم.
(9/486)
1996- عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ 1: "د"
وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ؛ مُحَدِّثُ
الأَنْدَلُسِ، عَنْ أَبِي مَرْوَانَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
حَبِيْبٍ البَزَّازِ المَصِّيْصِيِّ.
شَيْخٌ يَرْوِي عَنِ: ابْنِ المُبَارَكِ، وَأَبِي
إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي "السُّنَنِ"، وجعفر
الفريابي في مصنفاته، فاعرف.
__________
1 ترجمته في تهذيب التهذيب "6/ 389".
(9/486)
1997- موسى بن
معاوية 1:
الإِمَامُ المُفْتِي أَبُو جَعْفَرٍ الصُّمَادِحيُّ,
المَغْرِبِيُّ, الإفْرِيْقِيُّ. يُقَالُ: إِنَّهُ
هَاشِمِيٌّ جَعْفَرِيٌّ.
قَالَ أَبُو العَربِ، وَغَيْرُهُ: كَانَ ثِقَةً,
مَأْمُوْناً، عَالِماً بِالحَدِيْثِ وَالفِقْهِ, صَالِحاً.
عَنْ شُعَيْبِ بنِ أَبِي الأَزْهَرِ: قُلْتُ لِسَحْنُوْنَ:
إِنَّ مُوْسَى بنَ مُعَاوِيَةَ جَلَسَ فِي الجَامِعِ
يُفْتِي النَّاسَ. قَالَ: مَا جَلَسَ أَحَدٌ أَحَقُّ
مِنْهُ بِالفَتْوَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ اللَّبَّادِ: أَدْرَكَ مُوْسَى فِي
رِحْلَتِهِ جَمَاعَةً, مِنْهُمُ: الفُضَيْلُ بنُ عِيْاضٍ،
وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، ووكيع.
قُلْتُ: وَأَبو مُعَاوِيَةَ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ مُعَاوِيَةَ, قَالَ: لَمْ أَلْقَ
أَحَداً أَرْوَى مِنْ وَكِيْعٍ, كَانَ يَرْوِي خَمْسَةً،
وَثَلاثِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، فَقَرَأَهَا وَكِيْعٌ
عَلِيْنَا ظَاهِراً عَلَى تَألِيفِهَا مَا يُشَكُّ فِي
حَدِيْثٍ مِنْهَا.
وَعَنْهُ قَالَ: رَحَلْتُ مِنَ القَيْرَوَانِ، وَمَا
أَظُنُّ أَنَّ أَحَداً أَخْشَعَ مِنَ البُهْلُوْلِ بنِ
رَاشِدٍ حَتَّى لَقِيْتُ وَكِيْعاً، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي
رَمَضَانَ فِي اللَّيْل خَتْمَةً وَثُلُثاً، وَيُصَلِّي
ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مِنَ الضُّحَى، وَيُصَلِّي مِنَ
الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ.
وَعَنْ مُوْسَى, قَالَ: صَلَّى بِنَا هَارُوْنُ
الخَلِيْفَةُ الصُّبْحَ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ،
فَقَرَأَ بِالرَّحْمَنِ وَالوَاقِعَةِ، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ
لاَ يَسْكُتَ مِنْ حُسْنِ قِرَاءتِهِ، فَقُمْتُ إِلَى
الفُضَيْلِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مِسْكِيْنٌ هَارُوْنُ
قَرَأَ الرَّحْمَنَ وَالوَاقِعَةَ وَلاَ يَدْرِي مَا
فِيْهِمَا.
وَرَوَى عَنْ مُوْسَى: مُحَمْدُ بنُ وَضَّاحٍ، وَأَبُو
سَهْلٍ فُرَاتٌ، وَمُحَمْدُ بنُ سَحْنُوْنَ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: ثِقَةٌ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ رَحَلَ
إِلَى الكُوْفَةِ وَالرَّيِّ لَقِيْتُهُ بِالقَيْرَوَانِ.
وَقَالَ مُحَمْدُ بنُ أَحْمَدَ العَنْسِيُّ: هُوَ: مُوْسَى
بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ صُمَادِحِ بنِ عَوْنِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّالِبِيُّ,
لَقِيْتُهُ وَقَدْ كُفَّ، فَكُلُّ مَا فِي "المُدَوّنَةِ"
لِوَكِيْعٍ وَابْنِ مَهْدِيٍّ، فَإِنَّمَا أخذه سحنون عن
موسى.
__________
1 لم أقف له على ترجمة.
(9/487)
1998- المحاسبي
1:
الزَّاهِدُ العَارِفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو
عَبْدِ اللهِ الحَارِثُ بنُ أَسَدٍ البَغْدَادِيُّ،
المُحَاسِبِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الزُّهْدِيَّةِ.
يَرْوِي عَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ يَسِيْراً.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَسْرُوْقٍ، وَأَحْمَدُ بنُ
القَاسِمِ، وَالجُنَيْدُ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ
الصُّوْفِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ،
وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ خَيْرَانَ الفَقِيْهُ, إِنْ صَحَّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَهُ كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ فِي الزُّهْدِ،
وَأُصُوْلِ الدِّيَانَةِ، وَالرَّدِّ عَلَى المُعْتَزِلَةِ
وَالرَّافِضَةِ.
قَالَ الجُنَيْدُ: خَلَّفَ لَهُ أَبُوْهُ مَالاً
كَثِيْراً، فَتَرَكَهُ، وَقَالَ: لاَ يَتَوَارَثُ أَهْلُ
مِلَّتَيْنِ. وَكَانَ أَبُوْهُ وَاقِفِيّاً2.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ مِقْسَمٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو
عَلِيٍّ بنُ خَيْرَانَ, قَالَ: رأيت المُحَاسِبِيَّ
مُتَعَلَّقاً بِأَبِيْهِ, يَقُوْلُ: طَلِّقْ أُمِّي،
فَإِنَّكَ عَلَى دِيْنٍ، وَهِيَ عَلَى غَيْرِهِ.
قَالَ الجُنَيْدُ: قَالَ لِيَ الحَارِثُ: كَمْ تَقُوْلُ:
عُزْلَتِي أُنْسِي, لَوْ أَنَّ نِصْفَ الخَلْقِ
تَقَرَّبُوا مِنِّي, مَا وَجَدْتُ لَهُمْ أُنْساً، وَلَوْ
أَنَّ النِّصْفَ الآخَرَ نَأَوْا عَنِّي, مَا
اسْتَوْحَشْتُ.
وَاجْتَازَ الحَارِثُ يَوْماً بِي، فَرَأَيْتُ فِي
وَجْهِهِ الضُّرَّ مِنَ الجُوْعِ، فَدَعَوْتُهُ،
وَقدَّمْتُ لَهُ أَلْوَاناً، فَأَخَذَ لُقْمَةً،
فَرَأَيْتُهُ يَلُوْكُهَا، فَوَثَبَ وَخَرَجَ، وَلفَظَ
اللُّقْمَةَ، فَلَقِيْتُهُ، فَعَاتَبْتُهُ. فَقَالَ:
أَمَّا الفَّاقَةُ فَكَانَتْ شَدِيْدَةً، وَلَكِنْ إِذَا
لَمْ يَكُنِ الطَّعَامُ مَرْضِيّاً, ارْتَفَعَ إِلَى
أَنْفِي مِنْهُ زَفْرَةٌ، فَلَمْ أَقْبَلْهُ.
وَعَنْ حَارِثٍ, قَالَ: جَوْهَرُ الإِنْسَانِ الفَضْلُ،
وَجَوْهَرُ العَقْلِ التَّوْفِيْقُ.
وَعَنْهُ قَالَ: تَرْكُ الدُّنْيَا مَعَ ذِكْرِهَا صِفَةُ
الزَّاهِدِيْنَ، وَتَرْكُهَا مَعَ نِسْيَانِهَا صِفَةُ
العَارِفِيْنَ.
قُلْتُ: المُحَاسِبِيُّ كَبِيْرُ القَدْرِ، وَقَدْ دَخَلَ
فِي شَيْءٍ يَسِيْرٍ من الكلام، فَنُقِمَ عَلَيْهِ.
وَوَرَدَ: أَنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ أَثْنَى عَلَى حَالِ
الحَارِثِ مِنْ وَجْهٍ، وَحَذَّرَ مِنْهُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: شَهِدْتُ أَبَا
زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، وَسُئِلَ عَنِ المُحَاسِبِيِّ
وَكُتُبِهِ, فَقَالَ: إِيَّاكَ وَهَذِهِ الكُتُبَ هَذِهِ
كُتُبُ بِدَعٍ وضَلاَلاَتٍ عَلَيْكَ بِالأَثَرِ تَجِدْ
غُنيَةً, هَلْ بَلَغَكُم أَنَّ مالكًا والثوري
وَالأَوْزَاعِيَّ صَنَّفُوا فِي الخَطَرَاتِ
وَالوَسَاوِسِ? مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى البِدَعِ!
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: تَفَقَّهَ الحَارِثُ،
وَكَتَبَ الحَدِيْثَ، وَعَرَفَ مَذَاهِبَ النُّسَّاكِ،
وَكَانَ مِنَ العِلْمِ بِمَوْضِعٍ إِلاَّ أَنَّهُ
تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ وَمَسْأَلَةِ
الإِيْمَانِ. وَقِيْلَ: هَجَرَهُ أَحْمَدُ، فَاخْتَفَى
مُدَّةً.
وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 465"، وتاريخ بغداد
"8/ 211"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 152"،
والعبر "1/ 440"، وميزان الاعتدال "1/ 430"، وتهذيب
التهذيب "2/ 134"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/
316"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1119"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "2/ 103".
2 أي يقف في مسألة خلق القرآن، فلا يقول مخلوق أو غير
مخلوق. وهذا مذهب غير سديد فأهل السنة والجماعة يقولون بأن
القرآن كلام الله غير مخلوق.
(9/488)
1999- أبو قدامة السَّرَخْسِي 1: "خَ، م،
س"
الإِمَامُ المُجَوِّدُ الحَافِظُ المُصَنِّفُ، أَبُو
قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ
بُرْدٍ اليَشْكُرِيُّ مَوْلاَهُمُ السَّرَخْسِيُّ،
نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ، وَسُفْيَانَ بنَ عيينة، ويحيى
القطان، ومعاذ بن هِشَامٍ، وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقَ،
وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
مَهْدِيٍّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ،
وَأَبُو زُرْعَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ،
وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَالحُسَيْنُ القَبَّانِيُّ،
وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ أَفْعَالِ
العِبَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ
حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَهَذَا بَعِيْدٌ مَا أُرَاهُ
لَقِيَهُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ قَلَّ مَنْ
كَتَبْنَا عَنْهُ مِثْلَهُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ: مَا قَدِمَ
عَلَيْنَا نَيْسَابُوْرَ أَحَدٌ أَثْبَتُ مِنْ أَبِي
قُدَامَةَ، وَلاَ أَتْقَنُ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ البُسْتِيُّ: هُوَ الذي أظهر السنة
بسرخس، ودعا الناس إليها.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيُّ: كَانَ
إِمَاماً, فَاضِلاً, خَيِّراً.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ
بِفِرَبْرَ، رَحِمَهُ اللهُ.
وَقَعَ لِي مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ فِي صِفَةِ
المُنَافِقِ، وَقَدْ رَوْيتُ ذَلِكَ فِي "تَذْكِرَةِ
الحفاظ".
__________
1ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1227"، والجرح
والتعديل "5/ ترجمة 1507"، واللباب لابن الأثير "3/ 413"،
وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 515"، والعبر "1/ 436"، وتهذيب
التهذيب "7/ 16", وتقريب التهذيب "1/ 533".
(9/489)
2000- أحمد بن
عبد الرحمن 1: "ت، س، ق"
ابن بكار، أبُو الوَلِيْدِ البُسْرِيُّ، مِنْ وَلَدِ
بُسْرِ بنِ أَبِي أَرْطَاةَ, القُرَشِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ،
العَامِرِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ، وَلَهُ بَنُو عَمٍّ.
رَوَى عَنْ: عِرَاكِ بنِ خَالِدٍ، وَالوَلِيْدِ بنِ
مُسْلِمٍ، وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ
الرَّزَّاقِ.
وَعَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ
مَاجَهْ، وَأَبُو يَعْلَى، وَحَاجِبُ بنُ أَرْكِيْنَ،
وَأَبُو حَامِدٍ الحَضْرَمِيُّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ.
وَقَدْ حَطَّ عَلَيْهِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ
السُّكَّرِيُّ بِأَنَّهُ قَاصٌّ، وَأَنَّهُ كَانَ
يُحَلِّلُ النِّسَاءَ، وَاتَّهَمَهُ فِي لُقْيِ
الوَلِيْدِ، وَمَا الْتَفَتَ الخَطِيْبُ إِلَى قَوْلِ
السُّكَّرِيِّ.
مَاتَ فِي رمضان سنة ثمان وأربعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 89"، وتاريخ بغداد
"4/ 241"، والأنساب للسمعاني "2/ 212"، وميزان الاعتدال
"1/ 115"، وتهذيب التهذيب "1/ 52"، وتقريب التهذيب "1/
19".
(9/490)
2001- هارون الحَمَّال 1: "م، 4" وابنه
هارون بن عبد الله بن مروان، الإِمَامُ, الحُجَّةُ,
الحَافِظُ, المُجَوِّدُ، أَبُو مُوْسَى البَغْدَادِيُّ،
التَّاجِرُ، البَزَّازُ, المُلَقَّبُ: بِالحَمَّالِ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ
حَرْبٍ الخَوْلاَنِيَّ، وَحَرَمِيَّ بنَ عُمَارَةَ،
وَأَبَا أُسَامَةَ، وَالحُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ الجُعْفِيَّ،
وَمَعْنَ بنَ عِيْسَى، وَابْنَ أَبِي فُدَيْكٍ، وَيَحْيَى
بنَ آدَمَ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَرَوْحَ بنَ
عُبَادَةَ، وَحَمَّادَ بنَ مَسْعَدَةَ، وَمُصْعَبَ بنَ
المِقْدَامِ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَأَبَا
دَاوُدَ الحَفَرِيَّ، وَأَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ
-ثُمَّ عَنْ عَفَّانَ وَأَبِي الوَلِيْدِ- وَسُلَيْمَانَ
بنَ حَرْبٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ الهَاشِمِيَّ،
وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَعَنْهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى البُخَارِيِّ- وَابْنُهُ؛
مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو
حَاتِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَابْنُ أَبِي
الدُّنْيَا، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَزَكَرِيَّا
خَيَّاطُ السُّنَّةِ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ،
وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى
الخُوْزِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ:
أَكْتُبُ عَنْ هَارُوْنَ الحَمَّالِ? قَالَ: إي والله.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: لَوْ كَانَ الكَذِبُ
حَلاَلاً تَرَكَهُ هَارُوْنُ الحَمَّالُ تَنَزُّهاً.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْه،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ,
قَالَ: أَخْبَرَنِي هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ, قَالَ
الدَّارَقُطْنِيُّ: قَالَ الشَّيْخُ -وَهُوَ الحَمَّالُ،
وَإِنَّمَا سُمِّيَ حَمَّالاً, لأَنَّه حَمَلَ رَجُلاً فِي
طَرِيْقِ مَكَّةَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَانْقَطَعَ بِهِ
فِيْمَا يُقَالُ.
قَالَ ابْنُهُ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَمُطَيَّنٌ،
وَعَلِيٌّ الغَضَائِرِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ زَادَ ابْنُهُ: فِي تَاسِعَ
عَشْرَ شَوَّالٍ. وَأَخْطَأَ مَنْ قال: سنة تسع وأربعين.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 422"،
والجرح والتعديل "9/ ترجمة 382"، وتاريخ بغداد "14/ 22"،
والإكمال لابن ماكولا "3/ 27"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة
491"، والكاشف "3/ ترجمة 6017" والعبر "1/ 441"، وتهذيب
التهذيب "11/ 8-9"، وتقريب التهذيب "2/ 312"، وخلاصة
الخزرجي "3/ ترجمة 7628".
(9/490)
2002- وموسى بن هارون ابْنُه 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ الحُجّةُ, النَّاقِدُ,
مُحَدِّثُ العِرَاقِ, أَبُو عِمْرَانَ البَزَّازُ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عشرة ومائتين.
وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَأَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيِّ، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ،
وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ،
وَوَالِدِهِ، وَطَبَقَتِهم. وَصَنَّفَ الكُتُبَ،
وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ.
رَوَى عَنْهُ: خَلْقٌ كَثِيْرٌ, مِنْهُم: أَبُو سَهْلٍ بنُ
زِيَادٍ، وَجَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، وَدَعْلَجٌ
السِّجْزِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو
القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ
الصِّبْغِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ
قَاضِي مِصْرَ.
قَالَ الصِّبْغِيُّ: مَا رَأَيْنَا فِي حُفَّاظِ
الحَدِيْثِ أَهْيَبَ ولا أورع من موسى بن هارون.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 50".
(9/491)
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ
سَعِيْدٍ: أَحسَنُ النَّاسِ كَلاَماً عَلَى حَدِيْثِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-
عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ فِي زَمَانِهِ، وَمُوْسَى بنُ
هَارُوْنَ فِي وَقْتِهِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي
وَقْتِهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا
سَهْلٍ بنَ زِيَادٍ يَقُوْلُ: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ
القَاضِي يُجْلِسُ مُوْسَى بنَ هَارُوْنَ مَعَهُ عَلَى
سَرِيْرِهِ يَنْظُرُ فِي كُلِّ مَا يُقْرأُ عَلَيْهِ
-يَعْنِي: لِيُتْقِنَهُ لَهُ- هَذَا مَعَ ثِقَةِ
إِسْمَاعِيْلَ وَجَلاَلَتِهِ فِي العِلْمِ وَالحَدِيْثِ,
لَكِنَّهُ شَاخَ، وَنَاطحَ التِّسْعِيْنَ، فَخَافَ أَنْ
تَزِلَّ قَدَمٌ بَعْد ثُبُوتِهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ مُوْسَى ثِقَةً
حَافِظاً.
وَقِيْلَ: كَانَ مُوْسَى كَثِيْرَ الحَجِّ، فَكَانَ
يُقِيمُ بِبَغْدَادَ سَنَةً، وَيَحُجُّ وَيُجَاوِرُ
سَنَةً، وأظنه كان يتجر في غضون ذلك.
مَاتَ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ, سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ عَاماً.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ، وَعوَالِي أَبِيْهِ.
فَأَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ العَلَوِيُّ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بِبَغْدَادَ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُجَلِّدُ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ،
حَدَّثَنَا مُحَاضِرُ بنُ المُوَرِّعِ، حَدَّثَنَا
الأَعْمَشُ، عَنِ المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيْمِ
بنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ, قَالَ: دَخَلَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ
حِلَقٌ فِي المَسْجَدِ، فَقَالَ: "مَا لِي أَرَاكُمْ
عِزِيْنَ"؟ 1.
وَبِهِ: إِلَى البَغَوِيِّ، حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ
عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ قَالاَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ،
عَنِ المُسَيَّبِ، عَنْ تَمِيْمٍ، عَنْ جَابِرٍ, قَالَ:
دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا لَكُمْ لاَ تَصُفُّونَ كَمَا
تَصُفُّ المَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا" ? قَالَ:
"يُتِمُّوْنَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّوْنَ فِي
الصَّفِّ" 2.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
الحَنْبَلِيُّونَ، وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا
كَامِلُ بن
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "430"، وأبو داود "4823".
2 صحيح: أخرجه مسلم "430"، وأبو داود "661"، والنسائي "2/
92" من طريق الأعمش، به.
(9/492)
طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ
عَقِيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ
الحُسَيْنِ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كفن
في ثلاثة أَثْوَابٍ: أَحَدُهَا بُرْدٌ، وَأُلْحِدَ لَهُ،
وَنُصِبَ عَلَى اللَّحْدِ اللَّبِنُ"1.
هَذَا مُرْسَلٌ, جَيِّدٌ، وَرَوَاهُ قُتَيْبَةُ عن الليث.
__________
1 صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف لإرساله, بل لإعضاله. لكن
قد ورد عن عائشة قالت: كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا
عمامة. أخرجه مالك "1/ 323"، والبخاري، ومسلم "941"، وأبو
داود "3051"، والترمذي "996" والنسائي "4/ 35". وورد عن
سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه:
"الحدوا لي لحدا، وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول
الله -صلى الله عليه وسلم".
(9/493)
2003- الأعَين 1: "م"
الحَافِظُ الثَّبْتُ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
عَتَّابٍ الحَسَنِ بنِ طَرِيْفٍ البَغْدَادِيُّ،
الأَعْيَنُ.
حَدَّثَ عَنْ: زَيْدِ بنِ الحُبَابِ، وَيَزِيْدَ بنِ
هَارُوْنَ، وَروْحٍ، وَالمُقْرِئِ، وَالفِرْيَابِيِّ،
وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: مُسْلِمٌ فِي "المُقَدِّمَةِ"، وَأَبُو دَاوُدَ
خَارِجَ "سُنَنِهِ"، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ -رَفِيقُهُ-
وَابْنُ أَبِي الدنيا، والبغوي، والسراج، وعدة.
وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ
أَبِي، وَقَالَ: إِنِّي لأَغْبِطُهُ, مَاتَ وَمَا يَعرِفُ
إِلاَّ الحَدِيْثَ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ كَلاَمٍ.
قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ, لاَ يَرَوْنَ
الدُّخُوْلَ فِي الكَلاَمِ، وَلاَ الجِدَالَ, بَلْ
يَسْتَفْرِغُونَ، وُسْعَهُم فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
وَالتَّفَقُهِ فِيْهِمَا، وَيَتَّبِعُونَ، ولا يتنطعون.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1259"، وتاريخ
الخطيب "5/ 384" و"2/ 182"، والأنساب للسمعاني "1/ 318"،
والكاشف "3/ ترجمة 5117"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 573"،
والعبر "1/ 433"، وتهذيب التهذيب "9/ 334"، وتقريب التهذيب
"2/ 189"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 6487"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "2/ 95".
(9/493)
2004- زياد بن
أيوب 1: "خ، د، ت، س"
ابن زياد، الإِمَامُ, المُتْقِنُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ،
شُعْبَةُ الصَّغِيْرُ، أَبُو هَاشِمٍ الطُّوْسِيُّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ، وَيُلَقَّبُ أَيضاً: دَلَّوَيْه.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ هُشَيْمَ بنَ بَشِيْرٍ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ
عَيَّاشٍ، وَزِيَادَ بن عبد الله البَكَّائِيَّ،
وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَعَبَّادَ بنَ العَوَّامِ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْسَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ
عُلَيَّةَ، وَعَلِيَّ بنَ غُرَابٍ، وَمَرْوَانَ بنَ
شُجَاعٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَرَحَلَ، وَجَمَعَ، وَأَلَّفَ، وَطَالَ عُمُرُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ
البَغَوِيُّ، وَابْنُهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ،
وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْزَجَانِيُّ، وَعُمَرُ بنُ
بُجَيْرٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغيَانِيُّ،
وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ،
وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَعَدَدٌ سِوَاهُم، وَقَدْ
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيقُهُ؛ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أُورْمَةَ: لَيْسَ عَلَى بَسِيطِ
الأَرْضِ أَحَدٌ أَوْثَقُ مِنْ زِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ المَرُّوْذِيُّ: قَالَ لَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ: اكتُبُوا عَنْ زِيَادٍ، فَإِنَّهُ شُعْبَةُ
الصَّغِيْرُ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ: مَوْلِدِي سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ،
وَطَلَبْتُ الحَدِيْثَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ
ومائة.
قَالُوا: تُوُفِّيَ زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ فِي رَبِيْعٍ
الأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: تَقَعُ عَوَالِيهِ فِي "المَحَامِلِيَّاتِ".
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الخَالِقِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ
القَاضِي ببَعْلَبَكَّ: أَخبرَكُم الإِمَامُ أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ سَنَةَ إِحْدَى
عَشْرَةَ وستمائة، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الغَنِيِّ البَاجِسْرَائِيُّ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ
أَحْمَدَ القَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ اِسْمَاعِيْلَ
القاضي إملاء،
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1168"، والجرح
والتعديل "3/ ترجمة 2373"، وتاريخ بغداد "8/ 479"، وتذكرة
الحفاظ 523"، والعبر "2/ 3"، وتهذيب التهذيب "3/ 355"
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 126".
(9/494)
حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ،
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بنُ عَطَاءٍ،
أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بنُ حَدِيْدٍ، عَنْ صَخْرٍ
الغَامِدِيِّ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ
لأُمَّتِي فِي بُكُوْرِهَا". وَكَانَ إِذَا بَعَثَ
سَرِيَّةً أَوْ جَيشاً بَعَثَهُم مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ،
وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلاً تَاجِراً، وَكَانَ يَبْعَثُ
تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ
مَالُهُ1.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ, غَرِيْبٌ, قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ،
فَأَخْرَجَهُ هُوَ عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ،
وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ منصور، والقزويني عن
أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ جَمِيْعاً، عَنْ هُشَيْمٍ،
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ نَازِلاً, عَنِ الفَلاَّسِ، عَنْ
خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَعْلَى.
وَمَاتَ مَعَهُ عَامَ اثْنَيْنِ: مُحَمَّدُ بنُ
المُثَنَّى، وَبُنْدَارُ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الجَوَّازُ، وَعَبْدُ
الوَارِثِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ التَّنُّوْرِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْجُوْفٍ،
وَالمُسْتَعِيْنُ -قَتَلُوهُ، وَإِسْحَاقُ بنُ بُهْلُوْلٍ،
وَالأَمِيْرُ أَشْنَاسُ، وخلق.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 416-417 و432"، وأبو داود "2606"،
والترمذي "1212"، وابن ماجه "2236"، وفي إسناده عمارة بن
حديد، مجهول كما قال الحافظ في "التقريب".
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر: عند ابن ماجه "2238"،
والطبراني في "الأوسط" "3312"، وإسناده ضعيف آفته عبد
الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة الجدعاني
فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".
وشاهد آخر من حديث أبي هريرة: عند ابن ماجه "2237"، وهو
ضعيف.
وشاهد ثالث عن جابر: عند الطبراني في "الأوسط" "996".
وشاهد رابع عن أبي بكرة: عند الطبراني في "الأوسط" "2975".
وفي الباب عن ابن عباس، وابن مسعود، وعبد الله بن سلام،
وعمران بن حصن، عند الطبراني فالحديث صحيح بهذه الشواهد,
والله تعالى أعلم.
(9/495)
2005- أبو موسى
1: "ع"
محمد بن المثنى بن عبيد بن قَيْسِ بنِ دِيْنَارٍ،
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثَّبْتُ، أَبُو مُوْسَى
العَنَزِيُّ، البَصْرِيُّ، الزَّمِنُ.
وُلِدَ مَعَ بُنْدَارٍ فِي عَامِ وَفَاةِ حَمَّادِ بنِ
سَلَمَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ
العَمِيِّ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَمُعْتَمِرِ بنِ
سُلَيْمَانَ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَابْنِ إِدْرِيْسَ،
وَمَرْحُوْمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ،
وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَغُنْدَرٍ، وَيَحْيَى
القَطَّانِ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَمُعَاذِ بنِ
مُعَاذٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدِ
الأَعْلَى بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ،
وَيَنْزِلُ إِلَى عَفَّانَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ لاَ بَلْ
يَنْزِلُ إِلَى تِلمِيذِهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ
سَعِيْدٍ الدَّارِمِيِّ. جَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَكَتَبَ
الكَثِيْرَ.
رَوَى عَنْهُ: الجَمَاعَةُ سِتَّتُهُم، وَأَبُو زُرْعَةَ،
وَأَبُو حَاتِمٍ، وَبَقِيٌّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا،
وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ
صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ،
وَقَاسِمٌ المُطَرِّزُ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ، وَزَكَرِيَّا
السَّاجِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: حُجَّةٌ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: صَدُوْقُ اللَّهْجَةِ، فِي
عَقلِهِ شَيْءٌ، وكُنْتُ أُقَدِّمُهُ عَلَى بُنْدَارٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو عَرُوْبَةَ: مَا رَأَيْتُ بِالبَصْرَةِ
أَثْبَتَ مِنْ أَبِي مُوْسَى، وَيَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: كَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ, كَانَ
يُغَيِّرُ فِي كِتَابِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يُوْسُفَ بنِ خِرَاشٍ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، وَكَانَ مِنَ
الأثبات.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ, لاَ
يَقْرأُ إِلاَّ مِنْ كِتَابِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً، وَرِعاً.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: كَانَ ثِقَةً, ثَبْتاً,
احْتَجَّ بِهِ سَائِرُ الأَئِمَّةِ، وَيَرْوِي أَنَّ أَبَا
مُوْسَى مَزَحَ مَرَّةً، فَقَالَ: نَحْنُ قوم لنا شرف صلى
إلينا النبي -صلى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ2.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ،
وَغَيْرُهُ: مَاتَ أَبُو مُوْسَى فِي ذِي القَعْدَةِ
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ
غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ
بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَبِي حَامِدٍ عَبْدِ العَزِيْزِ
الدِّيْنَوَرِيُّ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَامِدٍ سنة تسع وثلاثين
وخمسمائة، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وأربعمائة، أخبرنا أبو عمر
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 409"، وتاريخ بغداد
"3/ 283"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 43"، وتذكرة الحفاظ
"2/ ترجمة 527"، والكاشف "3/ ترجمة 5219"، والعبر "2/ 4"،
وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8115"، وتهذيب التهذيب "9/
425"، وتقريب التهذيب "2/ 204"، وخلاصة الخرزجي "2/ ترجمة
6622"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 126".
2 يقصد أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- صَلَّى إلى عَنَزَة، وصاحب الترجمة ينتهي نسبه
إلى العنزي.
(9/496)
ابن مَهْدِيٍّ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا
القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوْسَى مُحَمَّدُ بنُ
المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ
بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا
جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاَهَا، وَخَرَجَ
مِنْ أسفلها"1.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ خَمْسَتُهُم، عَنْ
أَبِي مُوْسَى العَنَزِيِّ، فَوَافَقْنَاهُمْ بِعُلُوٍّ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ
بنَ حَامِدِ بنِ السَّرِيِّ، وَقُلْتُ لَهُ: لِمْ لاَ
تَقُوْلُ فِي مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى إِذَا ذَكَرْتَهُ:
الزَّمِنَ. كَمَا يَقُوْلُ الشُّيُوْخُ? فَقَالَ: لَمْ
أَرَهُ زَمِناً رَأَيْتُهُ يَمْشِي، فَسَأَلْتُهُ،
فَقَالَ: كُنْتُ فِي لَيْلَةٍ شَدِيْدَةِ البَرْدِ،
فَجَثَوتُ عَلَى يَدَيَّ، وَرِجْلَيَّ، فَتَوَضَّأْتُ،
وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَسَأَلْتُ اللهَ، فَقُمْتُ
أَمْشِي. قَالَ: فَرَأَيْتُهُ يَمْشِي, وَلَمْ أَرَهُ
زَمِناً.
حِكَايَةٌ صَحِيْحَةٌ, رَوَاهَا السِّلَفِيُّ، عَنِ
الرَّازِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عليُّ بنُ
مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا ابن الناصح.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1579"، ومسلم "1258"، وأبو داود
"1869"، والترمذي "853"، وأحمد "6/ 40" من طريق سُفْيَانَ،
عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
عَائِشَةَ، به.
وأخرجه أحمد "6/ 201-202" من طريق حماد بن أسامة قال
أخبرنا هشام، عن أبيه، عن عائشة، به.
(9/497)
2006- هارون بن
إسحاق 1: "ت، س، ق"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثَّبْتُ، المُعَمَّرُ, أَبُو
القَاسِمِ الهَمْدَانِيُّ, الكُوْفِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ المُطَّلِبَ بنَ زِيَادٍ، وَمُعْتَمِرَ بنَ
سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ، وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ،
وَحَفْصَ بنَ غِيَاثٍ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ،
وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ
مَاجَهْ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَبَدْرُ بنُ الهَيْثَمِ،
وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ،
وَابْنُ صَاعِدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: كَانَ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يُجِلُّهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ قَدْ نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الخَالِقِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ
الفَقِيْهِ أَخْبَرَكُمُ الإِمَامُ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ في سنة إحدى عشر وستمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو
المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الخَطَّابِ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
المَحَامِلِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ
إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ
سَعْدِ بنِ طَارِقٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "المَعْرُوْفُ كُلُّهُ
صَدَقَةٌ، وَإِنَّ اللهَ صَانِعُ كُلِّ صَانِعٍ
وَصَنْعَتِهُ، وَإِنَّ آخِرَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَهْلُ
الجَاهِليَّةِ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ: إِذَا لَمْ
تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" 2. رواه مسلم.
__________
1 ترجمه في طبقات ابن سعد "6/ 414"، والجرح والتعديل "8/
ترجمة 360"، والكاشف "3/ ترجمة 6006"، وتهذيب التهذيب "11/
2-3"، وتقريب التهذيب "2/ 311"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة
7612".
2 صحيح: وردت الفقرة الأولى والأخيرة عند أحمد "5/ 383
و405"، والخطيب في "التاريخ بغداد" "12/ 135-136" من طريق
أبي مالك الاشجعي، عن ربعي بن حراش، به.
ووردت الفقرة الأولى: عند مسلم "1005"، وأبي داود "4947"
من طرق عن أبي مالك الاشجعي، به.
أما أوسطه: "إن الله صانع كل صانع وصنعته". وردت عند
الحاكم "1/ 31 و32"، والبيهقي في "الأسماء والصفات"
"ص388"، وأخرج آخره أحمد "5/ 505"، وله شاهد من حديث أبي
مسعود الأنصاري عند البخاري "6120" وأبي داود "4797"، وابن
ماجه "4183"، والطبراني في "الأوسط" "3311".
(9/497)
2007- السُّكَّري 1: "ق"
الشَّيْخُ الفَقِيْهُ العَالِمُ, قَاضِي دِمَشْقَ, أَبُو
الحَسَنِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ القُرَشِيُّ,
العَبْدَرِيُّ, الرَّقِّيُّ, المَعْرُوْفُ:
بِالسُّكَّرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي المَلِيْحِ الحَسَنِ بنِ عُمَرَ،
وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الرَّقِّيَّيْنِ، وَيَعْلَى
بنِ الأَشْدَقِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ، وَعَبْدِ
اللهِ بنِ المُبَارَكِ، وَبَقِيَّةَ، وَعِيْسَى بنِ
يُوْنُسَ، وَجَمَاعَةٍ، وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ
وَإِتْقَانٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ،
وَجُمَاهِرُ الزَّمْلَكَانِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ
مَسْرُوْقٍ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ البَاغَنْديِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ هِشَامِ
بنِ مَلاَّسٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيَّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفيض: ولى أحمد بن أبي دؤاد عَلَى
قَضَاءِ دِمَشْقَ إِسْمَاعِيْلَ السُّكَّرِيَّ، فِي سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَأَقَامَ إِلَى أَنْ
وَلِيَ القضاء لِلْمُتَوَكِّلِ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ،
فَعَزَلَ السُّكَّرِيَّ بِمُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَيُّوْبَ الحَوْرَانِيُّ:
قُلْتُ: لإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ القَاضِي:
بَلَغَنِي أَنَّكَ كُنْتَ صُوفِيّاً مَنْ أَكلَ مِنْ
جِرَابكَ كِسْرَةً افتَخَرَ بِهَا، فَقَالَ: حَسْبُنَا
اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ عَلاَّنُ: مَاتَ إِسْمَاعِيْلُ
السُّكَّرِيُّ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ قَالَ:
وَكَانَ يرمى بالتجهم.
قلت: فأما:
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 614"، وميزان
الاعتدال "1/ 236"، وتهذيب التهذيب "1/ 307"، وتقريب
التهذيب "1/ 71".
(9/498)
إسماعيل بن عبد الله
بن زرارة، أحمد بن إبراهيم:
2008- إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زُرَارَةَ 1:
الرَّقِّيُّ فَآخَرُ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ. مَا لَحِقَهُ ابْنُ مَاجَهْ،
وَوَهِمَ صَاحِبُ النَّبَلِ، وَزَعَمَ أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ
رَوَى عَنِ ابْنِ زُرَارَةَ.
2009- أحمد بن إبراهيم 2: "م، د، ت، ق"
ابن كثير، الدورقي الحَافِظُ الإِمَامُ المُجَوِّدُ
المُصَنِّفُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ العَبْدِيُّ, أَخُو
الحَافِظِ يَعْقُوْبَ، وَوَالِدُ المُحَدِّثِ الثِّقَةِ
عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ. وَهَذِهِ نِسْبَةٌ إِلَى
بَيْعِ القَلاَنِسِ الدَّوْرَقِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ
وَالِدُهُم إِبْرَاهِيْمُ بنُ كَثِيْرٍ مِنَ النُّسَاكِ
العُبَّادِ، فَقِيْلَ: كَانَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ كُلُّ
مَنْ تَنَسَّكَ يُقَالُ لَهُ: دَوْرَقِيٌّ.
سَمِعَ أَحْمَدُ مِنْ: هُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَيَزِيْدَ
بنِ زُرَيْعٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَحَفْصُ
بنُ غِيَاثٍ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، ووَكِيْعٍ، وَابْنِ
فُضَيْلٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَإِسْحَاقَ
الأَزْرَقِ، وَبَهْزِ بنِ أَسَدٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ،
وَيَنْزِلُ فِي الرِّوَايَةِ إِلَى عَفَّانَ، وَأَبِي
سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بن المنذر
الحزامي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1157"، والجرح
والتعديل "2/ ترجمة 615"، وتاريخ بغداد "6/ 261"، وميزان
الاعتدال "1/ 236"، وتهذيب التهذيب "1/ 308".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1509"، والجرح
والتعديل "2/ ترجمة 3"، وتاريخ بغداد "4/ 6-7" والأنساب
للسمعاني "5/ 391" و"8/ 356"، واللباب لابن الأثير "1/
512"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 520"، والعبر "1/ 446"،
وتهذيب التهذيب "1/ 10-11"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/
110".
(9/499)
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو
دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالهَيْثَمُ
بنُ خَلَفٍ الدُّوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
بَدْرٍ البَاهِلِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ،
وَابْنُ صَاعِدٍ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو يَعْلَى
المَوْصِلِيُّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَكَانَ
حَافِظاً يَقِظاً, حسن التصنيف.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
ذَكَرَهُ الخَطِيْبُ، وَوَرَّخَ وَفَاتَهُ فِي شَعْبَانَ
سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ
ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بن عبد الرحيم سنة
سبعمائة، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ ظَافِرٍ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الحَضْرَمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
مُظَفَّرٍ الكَحَّالُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ
المُهَنْدِسُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
البَاهِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
كَثِيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ القَيْسِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، عَنْ
سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ
أَبِيْهِ أَنَّ سَعْدَ بنَ مُعَاذٍ حكَمَ عَلَى بَنِي
قُرَيظَةَ أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ كُلُّ مَنْ جَرَتْ
عَلَيْهِ المُوْسَى، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالهُم
وَذَرَارِيْهِم، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "لَقَدْ حَكَمَ
فِيْهِمُ اليَوْمَ بِحُكْمِ اللهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ
مِنْ فَوْق سَبْعِ سَمَاوَاتٍ" 1.
تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهِ: النَّسَائِيُّ، فَرَوَاهُ عَنْ
أَصْحَابِ أَبِي عامر العقدي.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الهَاشِمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ عَفِيْفٍ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ العَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ هُوَ
الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ أَيُّوْبُ
يَمْشِي إِلَى مَسْجِدِ بَنِي ضُبَيعَةَ يَسْأَلُ عَنِ
الحَدِيْثِ، فَحَدَّثَ أَيُّوْبُ يَوْماً بِحَدِيْثِ
قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بنِ شِهَابٍ أَنَّ
امْرَأَةً أَرَادَتِ الحَجَّ، فَقَالَ أَيُّوْبُ: هَاتُوا
إِسْنَاَداً مِثْلَ هَذَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ
بنُ عَبْدِ اللهِ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَلِيِّ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا مَرْحُوْمُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ، عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ قَالَ: قَرَأْتُ
فِي الزَّبُوْرِ: بِكِبْرِيَاءِ المُنَافِقِ يَحْتَرِقُ
المِسْكِيْنُ. قَالَ: وَقَرَأْتُ فِي الزَّبُورِ: إِنِّي
أَنتَقِمُ لِلْمُنَافِقِ مِنَ المُنَافِقِ, ثُمَّ
أَنتَقِمُ مِنَ المُنَافِقين جَمِيْعاً. فذَلِكَ قَوْلُ
اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ
الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
[الأنعام: 129] ، وذكر الحديث.
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه النسائي في "الكبرى" "8223" من طريق
أبي عامر، به.
وأخرجه البخاري "4121"، ومسلم "1768" من طريق غندر، حدثنا
شعبة، عن سعد, قال سمعت: أبا أمامة, قال: سمعت أبا سعيد
الخدري -رضي الله عنه- يقول: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن
معاذ، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى سعد فأتى على
حمار، فلما دنا من المسجد قال للأنصار: "قوموا إلى سيدكم
-أو خيركم ". فقال: "هؤلاء نزلوا على حكمك". فقال: تقتل
مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، قال: "قضيت بحكم الله". وربما
قال: "بحكم الملك".
(9/500)
2010- نصر بن
علي 1: "ع"
ابن نَصْرِ بنِ عَلِيِّ بنِ صُهْبَانَ بنِ أُبَيٍّ,
الحَافِظُ, العَلاَّمَةُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَمْرٍو
الأَزْدِيُّ، الجَهْضَمِيُّ البَصْرِيُّ, الصَّغِيْرُ،
وَهُوَ حَفِيْدُ الجَهْضَمِيِّ الكَبِيْرِ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَمُعْتَمِرِ بنِ
سُلَيْمَانَ، وَنُوْحِ بنِ قَيْسٍ الحُدَّانِيِّ، وَعَبْدِ
رَبِّهِ بنِ بَارِقٍ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ،
وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَسُفْيَانَ بنِ
عُيَيْنَةَ، ودُرُسْت بنِ زِيَادٍ، وَبِشْرِ بنِ
المُفَضَّلِ، وَالحَارِثِ بنِ وَجِيْهٍ، وَعَبْدِ
العَزِيْزِ العَمِّيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ
الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَعُمَرَ بنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ
عُلَيَّةَ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَمَرْحُوْمِ بنِ
عَبْدِ العَزِيْزِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ ابْنُهُ؛ عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ، وَأَصْحَابُ
الكُتُبِ السِّتَّةِ، وَالذُّهْلِيُّ، وَابْنُ أَبِي
الدُّنْيَا، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
المَرْوَزِيُّ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَزَكَرِيَّا
السِّجْزِيُّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ، وَابْنُ
خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو حَامِدٍ
الحَضْرَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيْعِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُكْرَمٍ، وَأُمَمٌ
سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَعْلاَمِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ،
فَقَالَ: مَا بِهِ بَأْسٌ، وَرَضِيَهُ.
وَقَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ
أَبِي عَنْ نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ
الصَّيْرَفِيِّ: مَنْ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ? قَالَ:
نَصْرٌ أَحَبُّ إليَّ وَأَوْثَقُ وَأَحْفَظُ, نَصْرٌ
ثِقَةٌ.
وَقَالَ النسائي، وابن خراش: ثقة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2362"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 446", والجرح والتعديل "8/
ترجمة 2159"، وتاريخ بغداد "13/ 287"، وتذكرة الحفاظ "2/
ترجمة 536"، والكاشف "3/ ترجمة 5921"، وتهذيب التهذيب "10/
430"، وتقريب التهذيب "2/ 300"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة
7493"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 123".
(9/501)
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
الفَرْهَيَانِيُّ: نَصْرٌ عِنْدِي مِنْ نُبَلاَءِ
النَّاسِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزَّبِيْبِيُّ:
سَمِعْتُ نَصْرَ بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى
المُتَوَكِّلِ، فَإِذَا هُوَ يَمْدَحُ الرِّفْقَ،
فَأَكْثَرَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ,
أَنْشَدَنِيَ الأَصْمَعِيُّ:
لَمْ أَرَ مِثْلَ الرِّفْقِ فِي لِينِهِ ... أَخْرَجَ
لِلْعَذْرَاءِ مِنْ خِدْرِهَا
مَنْ يَسْتَعِنْ بِالرِّفْقِ فِي أَمْرِهِ ... يَسْتَخرِجِ
الحَيَّةَ مِنْ جُحْرِهَا
فَقَالَ: يا غلام, الدواة والقرطاس، فكتبهما.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنِي
نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بنُ جَعْفَرِ بنِ
مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي أَخِي مُوْسَى، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ
جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ، وَحُسَيْنٍ، فَقَالَ:
"مَنْ أَحَبَّنِي، وَأَحَبَّ هَذَيْنِ، وَأَبَاهُمَا
وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ
القِيَامَةِ".
قُلْتُ: هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ جِدّاً. ثُمَّ قَالَ
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: لَمَّا حَدَّثَ نَصْرٌ بِهَذَا
أَمَرَ المُتَوَكِّلُ بِضَرْبِهِ أَلْفَ سَوْطٍ،
فَكَلَّمَهُ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَجَعَلَ
يَقُوْلُ لَهُ: الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَمْ
يَزَلْ بِهِ حَتَّى تَرَكَهُ، وَكَانَ لَهُ أَرزَاقٌ،
فَوَفَّرَهَا عَلَيْهِ مُوْسَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ عَقِيْبَهُ: إِنَّمَا
أَمَرَ المُتَوَكِّلُ بِضَرْبِهِ لأَنَّهُ ظَنَّهُ
رَافِضِيّاً.
قُلْتُ: وَالمُتَوَكِّلُ سُنِّيٌّ, لَكِنْ فِيْهِ نَصْبٌ.
وَمَا فِي رُوَاةِ الخَبَرِ إِلاَّ ثِقَةٌ مَا خَلاَ
عَلِيَّ بنَ جَعْفَرٍ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَضْبِطْ لَفْظَ
الحَدِيْثِ، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنْ حُبِّهِ وَبَثِّ فَضِيْلَةِ
الحَسَنَيْنِ لِيَجعَلَ كُلَّ مَنْ أَحَبَّهُمَا، فِي
دَرَجَتِهِ، فِي الجَنَّةِ، فَلَعَلَّهُ قَالَ: فَهُوَ
مَعِي فِي الجَنَّةِ. وَقَدْ تَوَاتَرَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ
السلام: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ" 1. وَنَصْر بن
عَلِيٍّ، فمن أئمة السنة الأثبات.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَغَيْرُهُ
إِذْناً, قَالُوا: أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا
القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ
بنُ عُثْمَانَ الوَاعِظُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَكَمِ الوَاسِطِيُّ,
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ يَقُوْلُ: كَانَ
المُسْتَعِيْنُ بِاللهِ بَعَثَ إِلَى نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ
يُشْخِصُهُ لِلْقَضَاءِ، فَدَعَاهُ عَبْدُ المَلِكِ
أَمِيْرُ البَصْرَةِ، وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ:
أَرْجِعُ، وأَسْتَخِيْرُ اللهَ تَعَالَى، فَرَجَعَ إِلَى
بَيْتِهِ نِصْفَ النَّهَارِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ،
وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لِي عِنْدَكَ خَيْرٌ،
فَاقبِضْنِي، فَنَامَ، فَأَنبَهُوهُ، فَإِذَا هُوَ
مَيِّتٌ.
قَالَ السَّرَّاجُ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ. قَالَ البُخَارِيُّ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ.
زَادَ السَّرَّاجُ: رَأَيْتهُ أَبْيَضَ الرَّأْسِ
وَاللِّحْيَةِ, كَانَ لاَ يَخضِبُ, رَأَيْتُهُ بِبَغْدَادَ
وَلَمْ يُحَدِّثْنَا. قُلْتُ: فَأَمَّا جَدُّهُ الثِّقَةُ:
__________
1 صحيح: ورد عن عبد الله بن مسعود: عند البخاري "6168"،
ومسلم "2640"، وأحمد "1/ 392".
وورد عن أبي موسى الأشعري: عند البخاري "6170"، ومسلم
"2641"، وأحمد "4/ 392 و395".
وورد عن أنس بن مالك: عند البخاري "6171"، ومسلم "2639"،
وأبي داود "5127".
وورد عن أبي ذر: عند أبي داود "5126".
(9/502)
2011- نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ
الكَبِيْرُ 1:
فَرَوَى عَنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ؛ أَشْعَثَ بنِ عَبْدِ اللهِ
الحُدَّانِيِّ، وَالنَّضْرِ بنِ شَيْبَانَ، وَعَبْدِ اللهِ
بنِ غَالِبٍ الحداني.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَلِيٌّ، وَوَكِيْعٌ، وَعُبَيْدُ اللهِ
بنُ مُوْسَى، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدُ
الصَّمَدِ، وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ فِي أَيَّامِ شُعْبَةَ.
وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَوَثَّقَهُ، وَقَالَ: مَاتَ فِي
خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ.
أَجَازَ لَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ
بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الخِرَقيُّ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ
نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بنُ شَيْبَانَ،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ فَرَضَ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ،
وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ فَمَنْ صَامَ وَقَامَ
إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً, خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ
وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"2.
أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنِ الثِّقَةِ عَنْ وَكِيْعٍ.
وعِنْدِي هَذَا الحَدِيْثُ أَعْلَى بِدَرَجَةٍ مِنْ
طَرِيْقِ القَاسِمِ بنِ الفَضْلِ الحُدَّانِيِّ، عَنِ
النَّضْرِ، وَأَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ مِنَ
الوَجْهَيْنِ, لَكِنْ قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا خَطَأٌ.
وَالصَّوَابُ حَدِيْثُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة.
وأما ولده:
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2345"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 446"، والجرح والتعديل "8/
ترجمة 2136"، والكاشف "3/ ترجمة 5920"، وتهذيب التهذيب
"10/ 429"، وتقريب التهذيب "2/ 299"، وخلاصة الخزرجي "3/
ترجمة 7492".
2 ضعيف: أخرجه النسائي "4/ 158"، وابن ماجه "1328"، من
طريق نصر بن علي، قال: حدثني النضر ابن شيبان، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته النضر بن شيبان الحداني، لين
الحديث كما قال الحافظ في "التقريب".
(9/503)
2012- علي بن
نصر بن علي 1: "ع"
الإِمَامُ الثِّقَةُ الحَافِظُ، أَبُو الحَسَنِ
الجَهْضَمِيُّ الكَبِيْرُ.
فَيَرْوِي عَنْ: هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ،
وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُسْلِمٍ العَبْدِيِّ، وَحَمْزَةَ
الزَّيَّاتِ، وَشُعْبَةَ، وَالمُثَنَّى بنِ سَعِيْدٍ،
وَقُرَّةَ بنِ خَالِدٍ، وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ،
وَصَخْرِ بنِ جُوَيْرِيَةَ، وَخَالِدِ بنِ قَيْسٍ
الحُدَّانِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ نَافِعٍ، وَالقَاسِمِ
بنِ مَعْنٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ نَصْرٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَهُمَا مِنْ
أَقْرَانِهِ، وَوَكِيْعٌ -وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْهُمَا-
وَمُعَلَّى بنُ أَسَدٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ
الحَدِيْثِ، أَثْبَتُ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ،
وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: صَدُوْقٌ.
قَالَ مُطَيَّنٌ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَمَّا وَلَدُ صَاحِبِ الترجمة، فهو:
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2464"، والجرح
والتعديل "7/ ترجمة 1133"، وتهذيب التهذيب "7/ 390"،
وتقريب التهذيب "2/ 45".
(9/504)
2013- عَلِيِّ بنِ نَصْرِ بن علي 1: "م، د،
ت، س"
ابن نَصْرِ بنِ عَلِيِّ بنِ صُهْبَانَ بنِ أُبَيٍّ الحافظ,
الإمام, الثبت, أبو الحَسَنِ الجَهْضَمِيُّ الصَّغِيْرُ.
رَوَى عَنْ: حَرَمِيِّ بنِ عُمَارَةَ، وَوَهْبِ بنِ
جَرِيْرٍ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَبْدِ الوَارِثِ،
وَأَبِي دَاوُدَ
الطَّيَالِسِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَأَبِي
عَلِيٍّ الحَنَفِيِّ، وَأَخِيْهِ أَبِي بَكْرٍ
الحَنَفِيِّ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ،
وَالمُقْرِئِ، وَطَبَقَتِهِم، وَلَمْ يَلْحَقْ جَدَّهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ،
وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالبُخَارِيُّ، فِي تَارِيْخِهِ،
وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى التُّسْتَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
هَارُوْنَ الحَضْرَمِيُّ، وَعُمُرُ البُجَيْرِيُّ، وَابْنُ
صَاعِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَلِيُّ بنُ
العَبَّاسِ البَجَلِيُّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ
خَلَفاً -يَعْنِي: مَاتَ، وَلَمْ يُعَمَّرْ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ،
فَوَثَّقَهُ، وَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ وَالثَّنَاءِ
عَلَيْهِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: كَانَ حَافِظاً, صَاحِبَ
حَدِيْثٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ وَأَبُوْهُ ثِقَتَانِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ أَيْضاً، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ
سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَقِيْلَ: فِي
شَعْبَانِهَا، وَمَاتَ أَبُوْهُ قَبلَهُ بِأَرْبَعَةِ
أَشْهُرٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ بِبَغْدَادَ،
أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ "ح".
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ
المُنْعِمِ بنُ عَسَاكِرَ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ،
وَسُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ، وَسُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِيْسَى بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ, قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا سعيد بن
أحمد حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي
دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ، وَنَصْرُ بنُ
عَلِيٍّ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ
العمِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ، عَنْ
أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ،
عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ
آنِيتُهُمَا، وَمَا فِيْهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ,
آنِيتُهُمَا وَمَا فِيْهِمَا وَمَا بِيْنَ القَوْمِ
وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِم إِلاَّ رِدَاءُ
الكبرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ".
أَخْرَجَهُ مسلم, عنهما2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2463"، والجرح
والتعديل "6/ ترجمة 1134"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 560"،
وتهذيب التهذيب "7/ 390"، وتقريب التهذيب "2/ 45".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4878"، ومسلم "180" من طرق عن عبد
العزيز بن عبد الصمد عن أبي عمران الجوني، به.
(9/505)
2014- الدَّورقي 1: "ع"
يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زَيْدِ بنِ أَفْلَحَ بنِ
مَنْصُوْرِ بنِ مُزَاحِمٍ الحَافِظُ الإِمَامُ الحُجَّةُ
أَبُو يُوْسُفَ العَبْدِيُّ القَيْسِيُّ مَوْلاَهُمُ,
الدَّوْرَقِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَكَانَ
أَكبَرَ مِنْ أَخِيْهِ أَحْمَدَ بِعَامَيْنِ.
رَأَى اللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ،
وَهُشَيْمٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ
العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَجَرِيْرٍ، وَبَقِيَّةَ،
وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَغُنْدَرٍ، وَحَفْصِ بنِ
غِيَاثٍ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، وَحُمَيْدِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ، وَشُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ،
وَالمُحَارِبِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ الأَشْجَعِيِّ،
وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَوَكِيْعٍ، وَيَزِيْدَ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَخَلْقٍ، وَيَنْزِلُ إِلَى عَفَّانَ،
وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
وَرَحَلَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَتَمَيَّزَ فِي هَذَا
الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ السِّتَّةُ، وَأَخُوْهُ،
وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ بن المحاملي، وأخوه؛
القاضي وأبو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ أَبِي
الدُّنْيَا، وَزَكَرِيَّا خَيَّاطُ السُّنَّةِ،
وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ، وَابْنُ
خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ،
وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلدٍ
العَطَّارُ، وعدة. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً, حَافِظاً, مُتْقِناً,
صَنَّفَ "المُسْنَدَ".
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ
سَعْدٍ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَآخِرُ
مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ،
وَبَيْنَهُمَا فِي الوَفَاةِ مائَةُ سَنَةٍ وَسَنَةٌ.
وَقَالَ البَغَوِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ الدَّوْرَقِيُّ
سنَةَ اثنتين وخمسين ومائتين، وآخر من روى حديثًا عاليًا
سبط السلفي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 360"، والجرح والتعديل "9/
ترجمة 844"، وتاريخ بغداد "14/ 277"، والأنساب للسمعاني
"5/ 354"، والكاشف "3/ ترجمة 6499"، وتهذيب التهذيب "11/
381"، وتقريب التهذيب "2/ 374".
(9/506)
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ تَاجُ الدِّيْنِ
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الغَرَّافِيُّ
بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُفِيْدُ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ
الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا
يُوْنُسُ، عَنِ الحَسَنِ، وَهِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُصَلِّي الرَّجُلُ فِي
الثَّوْبِ الوَاحِدِ? قَالَ: "أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ"؟
1
وَبِهِ، حَدَّثَنَا يعقوب الدروقي، حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ
عُبَيْدٍ، عَنِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ يُوْنُسَ
بنِ جُبَيْرٍ: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ: تَعْرِفُ عَبْدَ
اللهِ بنَ عُمَرَ، فَإِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ
حَائِضٌ، فأتى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا, ثُمَّ
يَسْتَقْبِلَ عِدَّتَهَا، فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا طَلَّقَ
الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ, أَيُعْتَدُّ
بِتِلْكَ التطليقة? قال: "فمه، وإن عجز واستحمق"؟ 2
أخرجه مسلم، والنسائي، عن يعقوب.
__________
1 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "358"، وَمُسْلِمٌ "515"،
وَأَبُو دَاوُدَ "625"، وَالنَّسَائِيُّ "2/ 69" مِنْ طريق
ابن شهاب، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "5251"، ومسلم "1471"، وأبو داود
"2179-2185" والترمذي "1175".
(9/507)
2015- بُنْدَار 1: "ع"
مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارِ بنِ عُثْمَانَ بنِ دَاوُدَ بن
كيسان, الإِمَامُ, الحَافِظُ, رَاوِيَةُ الإِسْلاَمِ,
أَبُو بَكْرٍ العَبْدِيُّ, البَصْرِيُّ بُنْدَارُ, لُقِّبَ
بِذَلِكَ, لأَنَّهُ كَانَ بُنْدَارَ الحَدِيْثِ، فِي
عَصْرهِ بِبَلَدِهِ. وَالبُنْدَارُ: الحَافِظُ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَمُعْتَمِرِ بنِ
سُلَيْمَانَ، وَمَرْحُوْمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ
العَطَّارِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ
العَمِّيِّ، وَغُنْدَرٍ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعَبْدِ
الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَعُمَرَ بنِ
عَلِيٍّ، وَالطُّفَاوِيِّ، وَبَهْزِ بنِ أَسَدٍ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَمُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ،
وَمُعَاذِ بنِ هِشَامٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ،
وَوَكِيْعٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم. وَيَنْزِلُ إِلَى:
حَجَّاجِ بنِ مِنْهَالٍ، وَعَفَّانَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ،
وَعِدَّةٍ.
وَجَمَعَ حَدِيْثَ البَصْرَةِ، وَلَمْ يَرْحَلْ بِرّاً
بِأُمِّهِ, ثُمَّ رَحَلَ بَعْدَهَا.
رَوَى عَنْهُ: السِّتَّةُ، فِي كُتُبِهِم، وَأَبُو
زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ،
وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ،
وَأَبُو العباس السراج، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَزَكَرِيَّا
السَّاجِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا المُطَرِّزُ،
وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ
الأَرْغِيَانِيُّ، وَالبَغَوِيُّ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البَصَلانِيُّ، وَالحَسَنُ
بنُ عَلِيٍّ الطُّوْسِيُّ، وَعَبْدُ الله ابن نَاجِيَه،
وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ خَاقَانَ المرزوي:
سَمِعْتُ بُنْدَاراً يَقُوْلُ: أَرَدْتُ الخُرُوجَ
-يَعْنِي: الرِّحْلَةَ- فَمَنَعَتْنِي أُمِّي،
فَأَطَعْتُهَا، فَبُوْرِكَ لِي فِيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ بُنْدَاراً يَقُوْلُ:
اخْتَلَفتُ إِلَى يَحْيَى القَطَّانِ -ذَكَرَ أَكْثَرَ
مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً- وَلَوْ عَاشَ بَعْدُ, لَكُنْتُ
أَسْمَعُ مِنْهُ شَيْئاً كَثِيْراً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا
دَاوُدَ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ بُنْدَارٍ نَحْواً مِنْ
خَمْسِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، وَكَتَبْتُ عَنْ أَبِي
مُوْسَى شَيْئاً، وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ بُنْدَارٍ،
وَلَوْلاَ سَلاَمَةٌ فِي بُنْدَارٍ, تُرِكَ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ؛ ابْنُ خُزَيْمَةَ، فِي
كِتَابِ "التَّوْحِيْدِ" لَهُ: أَخْبَرَنَا إِمَامُ أَهْلِ
زَمَانِهِ فِي العِلْمِ، وَالأَخْبَارِ مُحَمَّدُ بنُ
بَشَّارٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسيَّبِ: سَمِعْتُ
بندارًا يقول: كتب عني
خمسة قرون، وحدثت وأنا ابن ثمان عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: هُوَ
ثِقَةٌ, كَثِيْرُ الحَدِيْثِ, حَائِكٌ.
وَقَالَ أبو حاتم الرزاي: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ بُنْدَاراً يَقُوْلُ:
مَا جلَسْتُ مَجْلِسِي هَذَا حَتَّى حَفِظْتُ جَمِيْعَ مَا
خَرَّجْتُهُ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَزَّازُ: كُنَّا
عِنْدَ بُنْدَارٍ، فَقَالَ فِي حَدِيْثٍ عَنْ عَائِشَةَ,
قَالَ: قَالَتْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَسخَرُ مِنْهُ: أُعِيذُكَ
بِاللهِ, مَا أَفْصَحَكَ! فَقَالَ: كُنَّا إِذَا خَرَجْنَا
مِنْ عِنْدِ رَوْحٍ, دَخَلْنَا إِلَى أَبِي عبيدة، فقال:
قد بان ذلك عليك.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 98"، والجرح
والتعديل "7/ ترجمة 1187"، وتاريخ بغداد "2/ 101"، وتذكرة
الحفاظ "2/ ترجمة 526"، والكاشف "3/ ترجمة 4812"، والعبر
"2/ 3"، والمغني "3/ ترجمة 5327"، وميزان الاعتدال "3/
ترجمة 7269"، وتهذيب التهذيب "9/ 70"، وتقريب التهذيب "2/
147"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6078"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "2/ 126".
(9/508)
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ
الحُسَيْنِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
القَطِيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ يُوْنُسَ
بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ:
طَلَّقْتُ امْرَأَتِي تَطلِيقَةً، فَأَتَى عُمَرُ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ
ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "لِيُرَاجِعْهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ،
فَإِنْ شَاءَ فَلْيُطَلِّقْهَا"، فَقُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ:
فَاحتَسَبْتَ بِهَا? قَالَ: فَمَهْ, أَرَأَيْتَ إِنْ
عَجَزْتُ? أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1، عن بندار.
قَالَ النَّسَائِيُّ: بُنْدَارٌ صَالِحٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَضَالَةَ
الحَافِظُ بِالرَّيِّ, سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ مُحَمَّدٍ
الطُّوْسِيَّ, سَمِعْتُ محمد ابن المُسَيَّبِ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ بُنْدَاراً يَقُوْلُ: سَأَلُونِي الحَدِيْثَ
وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً، فَاسْتَحْيَيْتُ
أَنْ أُحَدِّثَهُمْ فِي المَدِيْنَةِ، فَأَخرَجْتُهُمْ
إِلَى البُسْتَانِ، وَأَطْعَمْتُهُمُ الرُّطَبَ،
وَحَدَّثْتُهُم.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ
السِّمناني: كَانَ أَهْلُ البَصْرَةِ يُقَدِّمُونَ أبا
موسى على بندار، وكان الغرباء يقدمون بُنْدَاراً عَلَى
أَبِي مُوْسَى.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ:
سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ الفلاس يحلف أن يندارًا يَكْذِبُ،
فِيْمَا يَرْوِي عَنْ يَحْيَى.
وَقَالَ ابْنُ سَيَّارٍ أَيْضاً: سَمِعْتُ أَبَا مُوْسَى،
وَكَانَ قَدْ صَنَّفَ حَدِيْثَ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ،
وَلَمْ يَكُنْ بُنْدَارٌ صَنَّفَهُ، فَسَمِعْتُ أَبَا
مُوْسَى يَقُوْلُ: مِنَّا قَوْمٌ لَوْ قَدِرُوا أَنْ
يَسرِقُوا حَدِيْثَ دَاوُدَ, لَسَرَقُوهُ: يَعْنِي بِهِ
بُنْدَاراً.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ:
سَمِعْتُ أَبِي، وَسَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيْثٍ رَوَاهُ
بُنْدَارٌ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنُ
عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"تَسَحَّرُوا" 2, قَالَ: هذا كذب, حَدَّثَنِي أَبُو
دَاوُدَ مَوْقُوْفاً، وَأَنكَرَهُ أَشَدَّ الإِنْكَارِ.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1471" "10" وقد تقدم تخريجنا له قريبا
بتعليقنا رقم "552".
2 صحيح: رواه النسائي "4/ 140" أخبرنا محمد بن بشار، قال
حدثنا عبد الرحمن، به. وتمام الحديث: "تسحروا، فإن في
السحور بركة". وله شواهد عن أنس بن مالك، وعمرو بن العاص،
وأبي هريرة، رضي الله عنهم أجمعين:
أما شاهد أنس بن مالك -رضي الله عنه- فهو عند البخاري
"1923"، ومسلم "1095".
وأما شاهد عمرو بن العاص: فهو عند مسلم "1096"، وأبي داود
"2343".
وأما شاهد أبي هريرة: هو عند النسائي "4/ 141".
(9/509)
قَالَ أَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المَطِيْرِيُّ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الدَّوْرَقِيِّ قَالَ: كُنَّا
عِنْدَ ابْنِ مَعِيْنٍ، وَجرَى ذِكْرُ بندار، فرأيت يحيى
لا يعبأ، وَيَسْتَضْعِفُهُ، وَرَأَيْتُ القَوَارِيْرِيَّ
لاَ يَرْضَاهُ، وَقَالَ: كَانَ صَاحِبَ حَمَامٍ, ثُمَّ
قَالَ أَبُو الفَتْحِ: بُنْدَارٌ كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ،
وَقَبِلُوهُ، وَلَيْسَ قَوْلُ يَحْيَى وَالقَوَارِيْرِيِّ
مِمَّا يَجْرَحُهُ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً ذَكَرَهُ
إِلاَّ بِخَيْرٍ وَصِدْقٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ:
بُنْدَارٌ وَأَبُو مُوْسَى ثِقَتَانِ، وَأَبُو مُوْسَى
أَحَجُّ؛ لأَنَّهُ كَانَ لاَ يَقْرَأُ إِلاَّ مِنْ
كِتَابِهِ، وَبُنْدَارٌ يَقْرَأُ كُلَّ كِتَابٍ، فَإِنَّهُ
كَانَ يَحْفَظُ حَدِيْثَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ: لَمَّا مَاتَ بُنْدَارٌ
جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُوْسَى, البُشْرَى
مَاتَ بُنْدَارٌ. قَالَ: جئت تبشرني بموته?! علي ثلاثون
حَجَّةً إِنْ حَدَّثْتُ بِحَدِيْثٍ أَبَداً. فَبَقِيَ
أَبُو مُوْسَى بَعْدَهُ تِسْعِيْنَ يَوْماً لَمْ
يُحَدِّثْ، وَمَاتَ.
قَالَ البُخَارِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ فِي رَجَبٍ, سنَةَ
اثنتين وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَحْفَظُ حَدِيْثَهُ،
وَيَقْرَؤُهُ مِنْ حِفْظِهِ. وَأَبُو مُوْسَى مِنْ أقرانه
مولدًا ووفاة.
(9/510)
2016- الجَوْهَري 1: "م، 4"
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ, صَاحِبُ "المُسْنَدِ"
الأَكْبَرِ, أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ
البَغْدَادِيُّ, الجَوْهَرِيُّ، وَأَصْلُهُ مِنْ
طَبَرِسْتَانَ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ
فُضَيْلٍ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي
مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيْعٍ، وَأَنَسِ بنِ عَيَاضٍ
اللَّيْثِيِّ، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى البُخَارِيِّ- وَأَبُو
الجَهْمِ بنُ طَلاَّبٍ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا،
وَأَبُو طَاهِرٍ بن فيل، وأبو عروبة، والحكيم الترمذي
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ،
وَزَكَرِيَّا خياط السنة، وخلق كثير.
وثقه النسائي.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 294"، وتاريخ بغداد
"6/ 93"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 532"، وميزان الاعتدال
"1/ 35"، والعبر "1/ 448"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين
الصفدي "5/ 354"، وتهذيب التهذيب "1/ 123"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "2/ 113".
(9/510)
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ
خَاقَانَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ
الجَوْهَرِيَّ عَنْ حَدِيْثٍ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ،
فَقَالَ لِجَارِيَتِهِ: أَخرِجِي لِيَ الجُزْءَ الثَّالِثَ
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ "مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ". فَقُلْتُ
لَهُ: أَبُو بَكْرٍ لاَ يَصِحُّ لَهُ خَمسُوْنَ حَدِيْثاً,
مِنْ أَيْنَ ثَلاَثَةٌ وَعِشْرُوْنَ جُزْءاً? فَقَالَ:
كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَكُوْنُ عِنْدِي مِنْ مائَةِ، وَجْهٍ،
فَأَنَا فِيْهِ يَتِيْمٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً مُكْثِراً صَنَّفَ
"المُسْنَدَ".
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ أَبُوْهُ
سَعِيْدٌ ثِقَةً مُحْتَشِماً نَبِيلاً, حَجَّ مَرَّةً،
فَحَجَّ مَعَهُ أربعمائة نَفْسٍ مِنْهُم: هُشَيْمٌ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَكُنْتُ أَنَا مِنْهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: حَدَّثَنِي عَلِيُّ
بنُ الحَسَنِ النَّجَّارُ، أَخْبَرَنَا الصَّاغَانِيُّ،
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ
قَالَ: رَأَيْتُ صَبِيّاً ابْنَ أَرْبَعِ سِنِيْنَ قَدْ
حُمِلَ إِلَى المَأْمُوْنِ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ،
وَنَظَرَ فِي الرَّأْيِ غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا جَاعَ بَكَى.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ اللَّبَّانِ: حَفِظْتُ
القُرْآنَ وَلِي خَمْسُ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: الرَّجُلُ ثِقَةٌ, حَافِظٌ، وَقَدْ لَيَّنَهُ حجاج
بن الشاعر بلا، وجه. وَتُوُفِّيَ: مُرَابِطاً, بِعَيْنِ
زَرْبَةَ. فَمَا حَرَّرُوا وَفَاتَهُ كَمَا يَنْبَغِي.
فَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَقِيْلَ:
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَة تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ, رَحِمَهُ اللهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
مُحَمَّدٍ، حدثنا إبراهيم بن سعد الجَوْهَرِيُّ،
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو
مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، أَخْبَرَنَا نُبَيْطُ بنُ
شَرِيْطٍ، عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: شَهِدْتُ خُطْبَةَ رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِنَىً،
فَحَمِدَ اللهَ، وَقَالَ: "الحَمْدُ للهِ أَحْمَدُهُ
وَأَسْتَعِيْنُهُ". ثُمَّ سأَلَهُم: "أَيَّ يَوْمٍ
أَحْرَمُ" ? قَالُوا: هَذَا اليَوْمَ. وَقَالَ: "وَأَيَّ
بَلَدٍ أَحْرَمُ" ? قَالُوا: هَذَا البَلَدَ. قَالَ:
"فَأَيَّ شَهْرٍ أَحْرَمُ" ? قَالُوا: هَذَا الشَّهْرَ.
قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ
حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا
فِي شَهْرِكُمْ هَذَا أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ" ? قَالُوا:
اللَّهُمَّ نَعَمْ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي
بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللهَ
لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ
يُفْلِتْهُ". ثُمَّ تَلاَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ
إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ
أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] 1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4686"، ومسلم "2583"، والترمذي
"3109"، وابن ماجه "4018" من طرق عن أبي معاوية، عن بريد،
به.
(9/511)
2027- سفيان بن
وكيع 1: "ت، ق"
ابن الجراح بن مليح، الحافط بن الحافظ محدث الكوفة، وأبو
مُحَمَّدٍ الرُّؤَاسِيُّ، الكُوْفِيُّ.
كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، عَلَى لِينٍ لَحِقَهُ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْ: جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ
الحَمِيْدِ، وَعَبْدِ السَلاَّمِ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي
خَالِدٍ الأَحْمَرِ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَطَبَقَتِهِم،
فَأَكْثَرَ.
وَعَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَمُحَمَّدُ
بنُ جَرِيْرٍ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ،
وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاشَانِيُّ،
وَخَلْقٌ.
قَالَ البُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُوْنَ، فِيْهِ لأَشْيَاءَ
لَقَّنُوهُ إِيَّاهَا.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: لاَ يُشْتَغَلُ بِهِ
كَانَ يُتَّهَمُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَشَارَ عَلَيْهِ أَبِي أَنْ
يُغَيِّرَ وَرَّاقَهُ، فَإِنَّهُ أَفسَدَ حَدِيْثَهُ،
وَقَالَ لَهُ: لاَ تُحِدِّثْ إِلاَّ مِنْ أُصُوْلِكَ،
فَقَالَ: سَأَفعَلُ, ثُمَّ تَمَادَى وَحَدَّثَ
بِأَحَادِيْثَ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ سُفْيَانُ بنُ
وَكِيْعٍ شَيْخاً فَاضِلاً صَدُوْقاً إِلاَّ أَنَّهُ
ابْتُلِيَ بِوَرَّاقِ سُوءٍ كَانَ يُدخِلُ عليه الحديث،
وكان يثق به، فَيُجِيبُ، فِيْمَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ،
وَقِيْلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فِي أَشْيَاءَ مِنْهَا،
فَلَمْ يَرْجِعْ، فَمِنْ أَجلِ إِصرَارِهِ اسْتَحَقَّ
التَّركَ. وَكَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يَرْوِي عَنْهُ،
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا بَعْضُ مَنْ أَمسَكْنَا
عَنْ ذِكْرِهِ، وَهُوَ مِنَ الضَّربِ الَّذِي إِنْ لَوْ
خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيرُ, أَحَبُّ
إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكْذِبُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ أَفسَدُوهُ، وَمَا
كَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يُحَدِّثُ عَنْهُ إِلاَّ
بِالحَرْفِ بَعْدَ الحَرْفِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ, سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ فِيْهَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ
الجَوْهَرِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ المَازِنِيُّ
النَّحْوِيُّ، وَالمُتَوَكِّلُ. قِيْلَ: وَسَلَمَةُ بنُ
شَبِيْبٍ، وَالفَتْحُ بن خاقان الوزير.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 264"،
والجرح والتعديل "4/ ترجمة 991" والمجروحين لابن حبان "1/
359"، والعبر "2/ 186"، والكاشف "1/ ترجمة 2024"، وميزان
الاعتدال "2/ ترجمة 3334"، والمغني "1/ ترجمة 2489"،
وتهذيب التهذيب "4/ 123"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2595".
(9/512)
2018- الرفاعي
1: "م، ت، ق"
الإِمَامُ الفَقِيْهُ الحَافِظُ العَلاَّمَةُ قَاضِي
بَغْدَادَ أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرِ بنِ رِفَاعَةَ العِجْلِيُّ
الرِّفَاعِيُّ الكُوْفِيُّ المُقْرِئُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الأَحْوَصِ سَلاَّمٍ، وَالمُطَّلِبِ
بنِ زِيَادٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَحَفْصِ بنِ
غِيَاثٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الأجلح، ويحيى بن يمان،
وطبقتهم.
وَأَخَذَ القِرَاءةَ، عَنْ جَمَاعَةٍ، وَصَنَّفَ كِتَاباً
فِي القِرَاءاتِ فِي شُذُوذٍ كَثِيْرٍ، وَهُوَ صَاحِبُ
غَرَائِبَ فِي الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ
مَاجَهْ، وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ،
وَابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ
الحَضْرَمِيُّ، وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَجَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ الجَرَوِيُّ، وَالحُسَيْنُ المَحَامِلِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ صَاحِبُ
قُرْآنٍ قَرَأَ عَلَى سُلَيْمٍ، وَوَلِيَ قَضَاءَ
المَدَائِنِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: رَأَيتُهُم مُجْمِعِيْنَ عَلَى
ضَعْفِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: حَدَّثَنَا مُطَيَّنٌ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: أَنَّ أَبَا
هِشَامٍ كَانَ يَسْرِقُ الحَدِيْثَ.
وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ
أَضْعَفَنَا طَلَباً، وَأَكْثَرَنَا غَرَائِبَ.
وَقَالَ طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ: اسْتُقْضِيَ
أَبُو هِشَامٍ -يَعْنِي: بِبَغْدَادَ- فِي سَنَةِ 242،
وَهُوَ مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ، وَالعِلْمِ، وَالفِقْهِ،
وَالحَدِيْثِ لَهُ كِتَابٌ فِي القِرَاءاتِ قَرَأَ
عَلَيْنَا ابْنُ صَاعِدٍ أَكْثَرَهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحْرِزٍ: سَأَلْتُ
يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ أبي هشام، فقال: ما رأى به
بأسًا.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ أَمَرَنِي
الدَّارَقُطْنِيُّ أَنْ أُخَرِّجَ حَدِيْثَهُ فِي
"الصَّحِيْحِ".
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 415"، والجرح والتعديل "8/
ترجمة 578"، وتاريخ بغداد "3/ 375" والكاشف "3/ ترجمة
5312"، والمغني "2/ ترجمة 6089"، وميزان الاعتدال "4/
ترجمة 8326"، وتهذيب التهذيب "9/ 526"، وتقريب التهذيب "2/
219"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6764".
(9/513)
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ
القِرَاءةَ، عَنْ جَمَاعَةٍ، وَلَهُ عَنْهُمْ شُذُوْذٌ
كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: حَمَلَ الحُرُوْفَ، عَنِ الكِسَائِيِّ، وَعَنْ
حُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ، وَأَبِي
يُوْسُفَ الأَعْشَى، وَقَيَّدَ أَحرُفاً عَنْ أَبِي بَكْرٍ
بنِ عَيَّاشٍ، فَإِنَّهُ سَمِعَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ
خَتْمَةً بِقِرَاءةِ الأَعْشَى.
رَوَى عَنْهُ القِرَاءةَ: مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ القَاضِي،
وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ القُطَعِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
سَعِيْدٍ المَرْوَزيُّ، وَقَاسِمُ بنُ دَاوُدَ،
وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَعَلِيُّ بنُ قِرْبَةَ،
وَجَمَاعَةٌ. وَمَا هُوَ بِالمُجَوِّدِ لِرِوَايَاتِهِ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ,
سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَمُحَمَّدُ
بنُ أَبِي بَكْرٍ بنُ بِطِّيْخٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ،
وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ الوَاعِظُ أَخْبَرَتْنَا،
فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ1، أَخْبَرْنَا ابْنُ طلحة
النعالي، وَأَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ
الدِّيْنَوَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَمِّي؛ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ,
قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
القَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ
أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ
القُرَظِيِّ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
قَالَ: كُنَّا نَلْقَى النَّفَرَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُمْ
يَتَحَدَّثُونَ، فَيَقْطَعُونَ حَدِيْثَهُم، فَذَكَرْنَا
ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقَالَ: "وَاللهِ لاَ يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإِيْمَانُ
حَتَّى يُحِبَّكُم للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ولقرابتكم مني" 2.
__________
1 هي شُهْدَةُ بِنْتُ المُحَدِّثِ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ
بنِ الفَرَجِ الدِّيْنَوَرِيِّ، ثُم البَغْدَادِيِّ
الإِبَرِيِّ الجهَةِ، المُعَمَّرَةُ، الكَاتِبَةُ،
مُسْنِدَةُ العِرَاقِ، فَخْرُ النِّسَاءِ. وُلدت بَعْد
الثمانين وأربعمائة.
قال ابن الجوزي في "المنتظم" "10/ 288": قَرَأْت
عَلَيْهَا، وَكَانَ لَهَا خطّ حسن، وتزوَّجت بِبَعْض
وُكلاَء الخَلِيْفَة، وَخَالطت الدّور وَالعُلَمَاء،
وَلَهَا بر وَخير، وَعُمِّرت حَتَّى قَاربت المائَة،
تُوُفِّيَت فِي رَابِعَ عَشَرَ المُحَرَّمِ سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وخمسمائة، وحضرها خلق كثير وعامة
العلماء.
2 حسن: أخرجه الترمذي "3785" من طريق أبي عوانة، عن يزيد
بن أبي زيادة، عن عبد الله بن الحارث، حدثني المطلب بنِ
رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ أن
العباسي بن عبد المطلب دَخَلَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مغضبا, وأنا عنده
فقال: "ما أغضبك"؟ قال: يا رسول الله ما لنا ولقريش إذا
تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا لقونا لقونا بغير
ذلك، قال: فَغَضبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى احمر وجهه ثم قال: "والذي نفسي
بيده لاَ يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإِيْمَانُ حَتَّى
يُحِبَّكُمْ لله ورسوله". ثم قال: "يا أيها الناس من آذى
عمي فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. =
(9/514)
2019- أحمد بن
الحسن 1: "خ، ت"
ابن جنيدب، الإِمَامُ، الحَافِظُ, المُجَوِّدُ, الفَقِيْهُ
أَبُو الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ.
سَمِعَ يَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ، وَأَبَا النَّضْرِ،
وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي
مَرْيَمَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا صَالِحٍ الكَاتِبَ،
وَطَبَقَتَهُم.
وَتَفَقَّهَ بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَكَانَ بَصِيْراً
بِالعِلَلِ وَالرِّجَالِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ خزيمة، وجماعة.
وَكَانَ قَدْ قَدِمَ نَيْسَابُوْرَ، فِي سَنَةِ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَحَدَّثَ بِهَا، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ:
البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ فِي المَغَازِي عَنْهُ
حَدِيْثاً بِرِوَايَتِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
لَمْ يُظْفَرْ لَهُ بِتَارِيْخِ، وَفَاةٍ، وَلَهُ رِحلَةٌ
شَاسِعَةٌ، وَبَاعٌ أَطْوَلُ في الحديث.
__________
= وأخرجه أحمد "4/ 165" من طريق يزيد يعني ابن عطاء، عن
يزيد بن أبي زياد، به مرفوعا.
وأخرجه أحمد "1/ 208"، والحاكم "3/ 333" من طريق جرير بن
عبد الحميد أبي عبد الله، عن يزيد بن زياد به مرفوعا.
لكن هذا إسناد ضعف لأجل يزيد بن أبي زياد هذا قال الحافظ
في "التقريب": ضعيف كبر فتغير صار يتلقن.
وللحديث شاهد أخرجه ابن ماجه "140" في المقدمة من طريق
محمد بن طريف، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ،
حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ،
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عَنِ العَبَّاسِ
بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ قَالَ: كنا نلقى النفر من قريش،
وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم, فذكرنا ذلك لرسول الله -صلى
الله عليه وسلم- فقال: "ما بال أقوام يتحدثون فإذا رأوا
الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم، والله لا يدخل قلب رجل
الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن كعب القرظي، روايته عن
العباس بن عبد المطلب قيل إنها مرسلة وعلى فرض أنه قد سمع
منه، فإن في هذا الإسناد أبا سبرة النخعي. قال الحافظ في
"التقريب": مقبول -أي عند المتابعة- فالحديث حسن بهذا
الشاهد. وقد تكلمت على هذا الحديث بإسهاب في تخريجنا
وتعليقنا على كتاب "مكان رأس الحسين" لشيخ الإسلام ابن
تيمية. ط. دار الجيل، بيروت لبنان "ص21-22" فراجعه ثم إن
شئت. وقد ذكرت هذا التخريج لهذا الحديث في المجلد الثاني
من كتابنا هذا بتعليقنا رقم "838" ذكرناه لبعد العهد من
هذا الموضوع وتذكرة لإخواننا القراء الكرام.
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 33"، والأنساب
للسمعاني "3/ 45"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 553"، والوافي
بالوفيات "6/ 319"، وتهذيب التهذيب "1/ 24"، وتقريب
التهذيب "1/ 13".
(9/515)
أحمد بن الحسن بن
خراش، الهيثم بن سهل:
2020- أحمد بن الحسن بن خراش 1: "م، ت"
الحَافِظُ المُحَدِّثُ، أَبُو جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَوَهْبِ
بنِ جَرِيْرٍ، وَشَبَابَةَ بنِ سَوَّارٍ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي
كِتَابَيْهِمَا، وَمُحَمَّدُ بنُ هارون ابن المُجَدَّرِ،
وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ السَّرَّاجِ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ثقة.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ لاَ
بَلِ ابْنَ سِتِّيْنَ سَنَةً إِلاَّ عِشْرِيْنَ يَوْماً
قَالَ ابْنُهُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: هَذَا قَبْلَ
مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ, رَحِمَهُ اللهُ.
2021- الهَيْثَمُ بنُ سَهْل 2:
التُّسْتَرِيُّ شَيْخٌ مُعَمَّرٌ عَالِي الإِسْنَادِ
مُحَدِّثٌ لَيِّنٌ.
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْثَرِ بنِ
القَاسِمِ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَعَلِيِّ بنِ مُسْهِرٍ،
وَالمُسَيَّبِ بنِ شَرِيْكٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: سُلَيْمِ بنِ عُقْبَةَ البَقَّارِ، وَمِنْ
حَرْبِ يَام صَاحِبَيْ أَنَسٍ، وَسَكَنَ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ حَمْدَانَ، وَالِدُ
القَطِيْعِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
يُوْسُفَ الزَّيَّاتُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ
الأَعْرَابِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظُ: ضَرَبَ
إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي عَلَى حَدِيْثِ الهَيْثَمِ بنِ
سِهْلٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زيد، وأنكر عليه.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ: حَدَّثَنَا
الهَيْثَمُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ عَمْرٍو
الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، فَذَكَرَ
حَدِيْثاً.
قُلْتُ: لاَ يُدْرَى مَنِ النَّضْرُ هَذَا.
وَعَنِ الهَيْثَمِ, قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 42"، وتاريخ بغداد
"4/ 78"، وتهذيب التهذيب "1/ 24".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 60"، وميزان الاعتدال "4/
323"، ولسان الميزان "6/ 207".
(9/516)
وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ فِي
"الخِلَعِيَّاتِ"1 حَدِيْثٌ، وَفِي "مُعْجَمِ ابْنِ
جُمَيْعٍ".
وَتُوُفِّيَ بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ
بنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الحَسَنِ الخِلعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ سَهْلٍ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: يَا
رَسُوْلَ اللهِ إِنِّي أَصَبْتُ مَالاً بِخَيْبَرَ لَمْ
أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ، فَقَالَ:
"إِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْتَ، وَإِنْ شِئْتَ أَمْسَكْتَ
أَصْلَهُ". فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ عَلَى الضُّعَفَاءِ،
وَالمَسَاكِيْنِ، وَابْنِ السَّبِيْلِ لاَ جُنَاحَ عَلَى
مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيْقاً
غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مِنْهُ مَالاً أَوْ مُتَأَثِّلٍ مِنْهُ
مَالاً2.
__________
1 "الخلعيات": للشيخ الإِمَامُ الفَقِيْهُ القُدْوَةُ،
مُسْنِدُ الدّيَارِ المِصْرِيّة، القَاضِي أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ
المَوْصِلِيّ الأَصْل، المِصْرِيّ الشَّافِعِيّ الخِلَعِي،
بكسر الخاء وفتح، وبعدها عين مهملة، هذه النسبة إلى الخلع،
ونسب إليها أبو الحسن، لأنه كان يبيع الخلع لاولاد الملوك
بمصر فاشتهر بذلك وعرف به، وهو صاحب "الفوائد العشرين"
الذي خرجها أبو نصر أحمد بن الحسن الشيرازي في عشرين جزءا،
وسماها "الخلعيات".
2 صحيح: وهذا إسناد ضعيف؛ آفته الهيثم بن سهل، ضعفه
الدارقطني. وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد، ضَرَبَ
إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي عَلَى حَدِيْثِ الهَيْثَمِ بنِ سهل
عن حماد، وأنكر عليه. لكن الحديث صحيح من طريق آخر، فقد
أخرجه أحمد "2/ 12-13"، والبخاري "2772"، ومسلم "1932"،
وأبو داود "2878"، والترمذي "1375"، والنسائي "6/ 230-231"
من طريق ابن عون -واسمه عبد الله- عن نافع، عن ابن عمر،
به. ومعنى قوله: "غير متأثل": معناه غير جامع.
(9/517)
2022- أحمد بن
صالح 1: "خَ، د"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ, حَافِظُ زَمَانِهِ بِالدِّيَارِ
المِصْرِيَّةِ, أَبُو جَعْفَرٍ المِصْرِيُّ, المَعْرُوْفُ:
بِابْنِ الطَّبَرِيِّ.
كَانَ أَبُوْهُ جُنْدِيّاً مِنْ آمُلِ طَبَرِسْتَانَ.
وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ رَأْساً فِي هَذَا الشَّأْنِ,
قَلَّ أَنْ تَرَى العُيُوْنُ مِثْلَهُ مَعَ الثِّقَةِ
وَالبَرَاعَةِ.
وُلِدَ بِمِصْرَ سنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ, ضَبَطَهُ
ابْنُ يُوْنُسَ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ وَهْبٍ -فَأَكْثَرَ- وَعَنْ:
سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, ارْتَحَلَ إِلَيْهِ، وَحَجَّ،
وَسَارَ إِلَى اليَمَنِ، فَأَكْثَرَ عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ، وَرَوَى أَيْضاً، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ،
وَعَنْبَسَةَ بنِ خَالِدٍ الأَيْلِيِّ، وَحَرَمِيِّ بنِ
عُمَارَةَ، وَأَسَدِ بنِ مُوْسَى، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِيِّ، وَيَحْيَى بنِ
حَسَّانٍ، وَيَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ الجَارِي، وَأَبِي
نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، وَسَلاَمَةَ بنِ رَوْحٍ، وَخَلْقٍ
سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو
زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَمُوْسَى
بنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى
الزَّمِنُ، وَهُوَ أكبر مِنْهُ، وَمَحْمُوْدُ بنُ
غَيْلاَنَ، وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِزَمَانٍ،
وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو الأَحْوَصِ
مُحَمَّدُ بنُ الهَيْثَمِ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ سَمَّوَيهْ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ
جَزَرَةُ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ،
وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ
الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ، وَعُبَيْدُ بنُ رِجَالٍ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَافِعٍ الطَّحَّانُ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ آخِرُهُمْ، وَفَاةً أَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي دَاوُدَ. وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ النَّسَائِيُّ،
وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ, وَقَعَ بَينَهُمَا، وَآذَاهُ
أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، فَآذَى النَّسَائِيُّ نَفْسَهُ
بِوُقُوْعِهِ فِي أَحْمَدَ.
رَوَى عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ المُغِيْرَةِ،
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ, سَمِعْتُ
أَبَا نُعَيْمٍ يقول: ما قدم علينا أحد بِحَدِيْثِ أَهْلِ
الحِجَازِ مِنْ هَذَا الفَتَى -يُرِيْدُ: أَحْمَدَ بنَ
صَالِحٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
عَاصِمٍ الأَقْرَعَ بِمِصْرَ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ
الدِّمَشْقِيَّ يَقُوْلُ: قَدِمْتُ العِرَاقَ، فَسَأَلَنِي
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَنْ خَلَّفْتَ بِمِصْرَ? قُلْتُ:
أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، فَسُرَّ بِذِكْرِهِ، وَذَكَرَ
خَيْراً، وَدَعَا اللهَ لَهُ.
مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ بنِ خَالِدٍ
النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ
مَحْمُوْدٍ الهَرَوِيَّ يَقُوْلُ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ: من أعرف الناس بأحاديث ابْنِ شِهَابٍ? قَالَ:
أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ
الحَافِظُ: سَمِعْتُ يَعْقُوْبَ بنَ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
كَتَبْتُ عَنْ أَلْفِ شَيْخٍ وَكَسْرٍ, كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ
مَا أَحَدٌ أَتَّخِذُهُ عِنْدَ اللهِ حُجَّةً إِلاَّ
رَجُلَيْنِ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بِمِصْرَ، وَأَحْمَدُ
بنُ حَنْبَلٍ بِالعِرَاقِ.
قُلْتُ: فِي صِحَّةِ هَذَا نَظَرٌ، فَإِنَّ يَعْقُوْبَ مَا
كَتَبَ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ، وَلاَ شَطْرِ ذَلِكَ، وَهَذِهِ
مَشْيَخَتُهُ مَوْجُوْدَةٌ فِي مُجَلَّدٍ لَطِيفٍ،
وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الأَحَمَدَيْنِ فِي سَعَةِ
الرِّحْلَةِ، وَكَثْرَةِ المَشَايِخِ وَالجَلاَلَةِ
وَالفَضْلِ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1510"، والجرح
والتعديل "2/ ترجمة 73"، وتاريخ بغداد "4/ 195"، وتذكرة
الحفاظ "2/ ترجمة 511"، وميزان الاعتدال "1/ 103-104"،
والعبر "1/ 450"، والوافي بالوفيات "6/ 424"، وتهذيب
التهذيب "1/ 39-42"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/
328"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 117".
(9/518)
قَالَ البُخَارِيُّ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ
ثِقَةٌ صَدُوْقٌ مَا رَأَيْتُ أَحَداً يَتَكَلَّمُ فِيْهِ
بِحُجَّةٍ، وَكَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَلِيٌّ،
وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَغَيْرُهُم يُثنُوْنَ عَلَى أَحْمَدَ
بنِ صَالِحٍ كَانَ عَليٌّ يَقُوْلُ: سَلُوا أَحْمَدَ،
فَإِنَّهُ أَثْبَتُ.
خَلَفٌ الخَيَّامُ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ
يَقُوْلُ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: كَانَ عِنْدَ ابْنِ
وَهْبٍ مائَةُ أَلْفِ حَدِيْثٍ كَتَبْتُ عَنْهُ خَمْسِيْنَ
أَلْفاً.
قَالَ صَالِحٌ: وَلَمْ يَكُنْ بِمِصْرَ أَحَدٌ يُحْسِنُ
الحَدِيْثَ، وَلاَ يَحْفَظُ غَيْرَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ
كَانَ يَعْقِلُ الحَدِيْثَ، وَيُحْسِنُ أَنْ يَأْخُذَ،
وَكَانَ رَجُلاً جَامِعاً يَعْرِفُ الفِقْهَ،
وَالحَدِيْثَ، وَالنَّحْوَ، وَيَتَكَلَّمُ يَعْنِي:
يَعْرِفُ، وَيُذَاكِرُ فِي حَدِيْثِ الثَوْرَيِّ،
وَشُعْبَةَ، وَأَهْلِ العِرَاقِ أَيْ يُذَاكِرُ بِذَلِكَ
قَالَ: وَكَانَ قَدِمَ العِرَاقَ، وَكَتَبَ عَنْ عَفَّانَ،
وَهَؤُلاَءِ، وَكَانَ يُذَاكِرُ بِحَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ،
وَيَحْفَظُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: كَتَبْتُ عَنِ ابْنِ
زَبَالَةَ يَعْنِي: مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ بنِ زَبَالَةَ
مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ كَانَ
يَضَعُ الحَدِيْثَ، فَتَرَكْتُ حَدِيْثَهُ.
وَكَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ يُثْنِي عَلَى أَبِي
الطَّاهِرِ بنِ السَّرْحِ وَيَقَعُ فِي حَرْمَلَةَ،
وَيُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى
الحَضْرَمِيَّ هُوَ أَخُو أَبِي عَجِيْبَةَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ بَعْضَ مشَايِخِنَا يَقُوْلُ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ
صَالِحٍ: صَنَّفَ ابْنُ وَهْبٍ مائَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِيْنَ
أَلْفَ حَدِيْثٍ، فِعِندَ بَعْضِ النَّاسِ مِنْهَا الكُلُّ
-يَعْنِي: حَرْمَلَةَ- وَعِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ مِنْهَا
النِّصْفُ -يُرِيْدُ نَفْسَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجُنَيْدِ الحَافِظُ: سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يَقُوْلُ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَإِذَا جَاوَزْتَ
الفُرَاتَ، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِثْلَهُ.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عُقْدَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ
اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ قُتَيْبَةَ سَمِعْتُ ابْنَ
نُمَيْرٍ، وَذكرَ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، فَقَالَ: هُوَ
وَاحِدُ النَّاسِ فِي عِلْمِ الحِجَازِ، وَالمَغْرِبِ
فَهِمٌ، وَجَعَلَ يُعَظِّمُهُ، وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ
بِغَيْرِ شَيْءٍ.
أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ
وَارَةَ قَالَ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ بِبَغْدَادَ،
وَابْنُ نُمَيْرٍ بِالكُوْفَةِ، وَالنُّفَيْلِيُّ
بِحَرَّانَ هَؤُلاَءِ أَرْكَانُ الدِّيْنِ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ
مِصْرِيٌّ ثِقَةٌ صَاحِبُ سُنَّةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ كَتَبْتُ عَنْهُ بِمِصْرَ،
وبدمشق، وأنطاكية.
(9/519)
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ:
ذَاكَرْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ مَقْدَمَهُ دِمَشْقَ سنَةَ
سَبْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا
دَاوُدَ يَقُوْلُ: كَتَبَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ عَنْ
سَلاَمَةَ بنِ رَوْحٍ، وَكَانَ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُ:
وَكَتَبَ عَنِ ابْنِ زَبَالَةَ بِخَمْسِيْنَ أَلْفَ
حَدِيْثٍ، وَكَانَ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُ, وَحَدَّثَ
أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ
الأَرْبَعِيْنَ، وَكَتَبَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ عن رجل,
عنه، وقال: كان أحمد ابن صَالِحٍ يُقَوِّمُ كُلَّ لَحْنٍ
فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ سهل الغزال: أحمد بن صَالِحٍ طَبَرِيُّ
الأَصْلِ كَانَ مِنْ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ، وَاعِياً,
رَأْساً فِي عِلمِ الحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ، وَكَانَ
يُصَلِّي بِالشَّافِعِيِّ، وَلَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ
ابْنِ وَهْبٍ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالآثَارِ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ أَبُوْهُ مِنْ
طَبَرِسْتَانَ جُنْدِيّاً مِنَ العَجَمِ، وَكَانَ أَحْمَدُ
حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ يَوْماً،
فَرَمَاهُ وَأَسَاءَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ:
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ
مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ كَذَّابٌ
يَتَفَلْسَفُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: لَمْ يَكُنْ
عِنْدَنَا بِحَمْدِ اللهِ كَمَا قَالَ النَّسَائِيُّ،
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ آفَةٌ غَيْرَ الكِبْرِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ
الأَهْوَازِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا دُوَادَ
السِّجِسْتَانِيَّ يَقُوْلُ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ لَيْسَ
هُوَ كَمَا يَتَوَهَّمُونَ يَعْنِي: لَيْسَ بِذَاكَ فِي
الجَلاَلَةِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَسَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ
عَبْدِ اللهِ بنِ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ
صَالِحٍ يَسْتَعِيرُ مِنِّي كُلَّ جُمُعَةٍ الحِمَارَ،
وَيَركَبُهُ إِلَى صَلاَةِ الجُمُعَةِ، وَكُنْتُ جَالِساً
عِنْدَ حَرْمَلَةَ، فِي الجَامِعِ، فجَازَ أَحْمَدُ بنُ
صَالِحٍ عَلَى بَابِ الجَامِعِ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا،
وَإِلَى حَرْمَلَةَ، وَلَمْ يُسَلِّمْ، فَقَالَ
حَرْمَلَةُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا بِالأَمسِ يَحْمِلُ
دَوَاتِي، وَاليومَ يَمُرُّ بِي فَلاَ يُسَلِّمُ.
وَقَالَ أَيْضاً: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سَعْدٍ
السَّعْدِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
النَّسَائِيَّ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ قال: سألت
يحيى عن أحمد بن صَالِحٍ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ كَذَّاباً
يَخْطِرُ فِي جَامِعِ مِصْرَ.
وَقَالَ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ النَّسَائِيِّ، عَنْ
أَبِيْهِ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَلاَ
مَأْمُوْنٍ تَرَكَهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَرَمَاهُ
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ بِالكَذِبِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ النسائي سيئ الرَّأْيِ فِيْهِ،
وَيُنْكِرُ عَلَيْهِ أَحَادِيْثَ مِنْهَا عَنِ ابن
(9/520)
وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الدِّيْنُ
النَّصِيْحَةُ" 1.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ مِنْ
حُفَّاظِ الحَدِيْثِ، وَخَاصَّةً لِحَدِيْثِ الحِجَازِ،
وَمِنَ المَشْهُوْرِينَ بِمَعرِفَتِهِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ:
البُخَارِيُّ مَعَ شِدَّةِ اسْتَقصَائِهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ
يَحْيَى، وَاعتِمَادُهُمَا عَلَيْهِ، فِي كَثِيْرٍ مِنْ
حَدِيْثِ الحِجَازِ، وَعَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَحَدَّثَ
عَنْهُ مَنْ حَدَّثَ مِنَ الثِّقَاتِ، وَاعتَمَدُوهُ
حِفْظاً، وَإِتقَاناً، وَكَلاَمُ ابْنِ مَعِيْنٍ، فِيْهِ
تَحَامُلٌ، وَأَمَّا سُوءُ ثَنَاءِ النَّسَائِيِّ
عَلَيْهِ، فَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ بنِ
حَسَّانٍ البَرْقِيَّ يَقُوْلُ: هَذَا الخُرَاسَانِيُّ
يَتَكَلَّمُ، فِي أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، وَحَضَرْتُ
مَجْلِسَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، وَطَرَدَهُ مِنْ
مَجْلِسِهِ، فَحَمَلَهُ ذَلِكَ علَى أن تَكَلَّمَ فِيْهِ
قَالَ: وَهَذَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ قَدْ أَثْنَى
عَلَيْهِ، فَالقَوْلُ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ لا ما قاله
غيره، وحديث: "الدين
__________
1متن الحديث صحيح: لكن قد اختلف على مالك فيه، فقد رواه
عنه عبد الله بن وهب كما في هذا الإسناد، ورواه عنه عبد
الله بن نافع، ومحمد بن خالد، وزياد بن يونس، وأحمد بن
حاتم بن مخشي ومعن بن عيسى, فقالوا فيه: عن مَالِكٌ، عَنْ
سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عن أبي هريرة،
به.
وتابعه سفيان الثوري من رواية بشر بن منصور عنه، فرواه
عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وكذا رواه عبد الله بن جعفر بن نجيح المديني عن سهيل.
وقال علي بن المديني -كما في "التاريخ الكبير للبخاري" "6/
460-461": بلغني أن في كتاب عثمان ابن عمر: عن مالك، عن
سهيل، عن عطاء، عن تميم، عن النبي -صلى الله عليه وسلم.
وتابعه سليمان التيمي، ويحيى بن سعيد، وجرير بن عبد
الحميد، وخالد بن عبد الله، وسفيان بن عيينة، وزهير بن
معاوية، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، فرووه عن سهيل، عن
عطاء بن يزيد, عن تميم الداري، وكذلك رواه سفيان الثوري من
رواية محمد بن يوسف وابن مهدي عنه.
ورواه عنه علي بن قادم فقال عن سهيل، عن أبيه، عن عطاء بن
يزيد، عن تميم.
وقد ورد عن أبي هريرة: عند أحمد "2/ 297" والترمذي "1926"،
ومحمد بن نصر "748" في "تعظيم قدر الصلاة" من طريق صفوان
بن عيسى، أخبرنا ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "الدين
النصيحة" ثلاث مرات. قال: قيل: يا رسول الله لمن؟ قال:
"لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين". وقال الترمذي:
حديث حسن صحيح.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "6/ 460"، وفي
"الأوسط" "2/ 34"، والنسائي "7/ 157" من طريق الليث بن
سعد، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم والقعقاع بن حكيم، عن
أبي صالح، به.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "6/ 460-461"، وفي
"التاريخ الأوسط" -المطبوع خطأ باسم الصغير- "2/ 34"،
ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" "754" من طريق سليمان
بن بلال، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم وعبيد الله بن
مقسم، عن أبي صالح، به.
وقد ورد الحديث عن تميم الداري: عند مسلم "55"، والنسائي
"7/ 156"، وأحمد "4/ 102" من طريق سفيان، عن سهيل بن أبي
صالح، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تيم الداري، به.
(9/521)
النَّصِيْحَةُ". الَّذِي أَنْكَرَهُ
النَّسَائِيُّ قَدْ رَوَاهُ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى
أَيْضاً، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ
مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ بنِ عَثْمَةَ. قَالَ: وَأَحْمَدُ
بنُ صَالِحٍ مِنْ أَجِلَّةِ النَّاسِ، وَذَاكَ أَنِّي
رَأَيْتُ جَمْعَ أَبِي مُوْسَى الزَّمِنِ، فِي عَامَّةِ
مَا جَمَعَ مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ يَقُوْلُ: كَتَبَ
إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَوْلاَ
أَنِّي شَرَطْتُ، فِي كِتَابِي هَذَا أَنْ أَذْكُرَ فِيْهِ
كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ، فِيْهِ مُتَكَلِّمٌ لَكُنْتُ
أُجِلُّ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ أَنْ أَذْكُرَهُ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بنِ
القَاسِمِ: النَّاسُ مُجْمِعُونَ علَى ثِقَةِ أَحْمَدَ بنِ
صَالِحٍ لِعِلمِهِ وَخَيْرِهِ وَفَضْلِهِ، وَإِنَّ
أَحْمَدَ بن حنبل وغيره وكتبوا عَنْهُ، وَوثَّقَوهُ،
وَكَانَ سَبَبُ تَضعِيفِ النَّسَائِيِّ لَهُ أَنَّ
أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ كَانَ لاَ يُحَدِّثُ أَحَداً حتَّى
يَشْهَدَ عِنْدَهُ رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ أَنَّهُ
مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ وَالعَدَالَةِ، فَكَانَ يُحَدِّثُهُ
وَيَبْذُلُ لَهُ عِلْمَهُ، وَكَانَ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ
مَذْهَبَ زَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ، فَأَتَى النَّسَائِيُّ
لِيَسمَعَ مِنْهُ، فَدَخَلَ بِلاَ إِذنٍ، وَلَمْ يَأْتِهِ
بِرَجُلَينِ يَشْهَدَانِ لَهُ بِالعَدَالَةِ، فَلَمَّا
رَآهُ فِي مَجْلِسِهِ, أَنْكَرَهُ، وَأَمَرَ
بِإِخْرَاجِهِ، فَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ لِهَذَا.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: احْتَجَّ سَائِرُ الأَئِمَّةِ
بِحَدِيْثِ ابْنِ صَالِحٍ سِوَى النَّسَائِيِّ، فَإِنَّهُ
تَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ، وَكَانَ يُطْلِقُ لِسَانَهُ
فِيْهِ، وَلَيْسَ الأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرَ
النَّسَائِيُّ. وَيُقَالُ: كَانَ فِيْهِ الكِبْرُ،
وَشَرَاسَةُ الخُلُقِ، وَنَالَ النَّسَائِيَّ مِنْهُ
جَفَاءٌ فِي مَجْلِسِهِ، فذَلِكَ الَّذِي أَفسَدَ الحَالَ
بَينَهُمَا.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ فِي
الثِّقَاتِ، وَمَا أَورَدَهُ فِي الضُّعَفَاءِ فَأَحْسَنَ،
وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي الضُّعَفَاءِ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ
المَكِّيَّ الشَّمُوْمِيَّ، وَكَذَّبَهُ، وَادَّعَى
أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَطَّ عَلَيْهِ ابْنُ مَعِيْنٍ،
وَقَصَدَ أَنْ يُنَزِّهَ ابْنَ مَعِيْنٍ عَنِ الوَقِيْعَةِ
فِي مِثْلِ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ الطَّبَرِيِّ الحَافِظِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ:
أَخْبَرَنَا بُنْدَارٌ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ
صَالِحٍ بِخَمْسِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ -أَيْ إِجَازَةً-
وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُجِيزَ لِي, أَوْ يَكْتُبَ إليَّ
بِحَدِيْثِ مَخْرَمَةَ بنِ بُكَيْرٍ، فَلَمْ يَكُنْ
عِنْدَهُ مِنَ المُرُوءةِ مَا يَكْتُبُ بِذَلِكَ إليَّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: بَلَغَنِي أَنَّ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ
كَانَ لاَ يُحَدِّثُ إِلاَّ ذَا لِحْيَةٍ، وَلا يَترُكُ
أَمرَدَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ، فَلَمَّا حَمَلَ أَبُو داود
السجستاني إليه ابنه ليسمع منه -وكان إذا ذَاكَ أَمرَدَ-
أَنكَرَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ عَلَى أبي داود إحضاره. فقال
أَبُو دَاوُدَ: هُوَ -وَإِنْ كَانَ أَمْرَدَ- أَحْفَظُ
مِنْ أَصْحَابِ اللِّحَى، فَامْتَحِنْهُ بِمَا أَرَدْتَ.
فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ أَجَابَهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ
عَنْ جَمِيْعِهَا، فَحَدَّثَهُ حِيْنَئِذٍ، وَلَمْ
يُحَدِّثْ أَمرَدَ غَيْرَهُ.
قَالَ: وَكَانَ أَحَدَ حُفَّاظِ الأَثَرِ, عَالِماً
بِعِلَلِ الحَدِيْثِ, بَصِيْراً بِاخْتِلاَفِهِ، وَرَدَ
بَغْدَادَ قَدِيْماً، وَجَالَسَ بِهَا الحُفَّاظَ،
وَجَرَتْ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ
مُذَاكَرَاتٌ، وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يَذْكُرُهُ،
(9/522)
وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَقِيْلَ: إِنَّ
كُلاًّ مِنْهُمَا كَتَبَ عَنْ صَاحِبِهِ فِي المُذَاكَرَةِ
حَدِيْثاً ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ صَالِحٍ إِلَى مِصْرَ،
وَانْتَشَرَ عِنْدَ أَهْلِهَا عِلْمُهُ، وَحَدَّثَ عَنْهُ
الأَئِمَّةُ.
أَنْبَأَنَا أَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلاَّنَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ
القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنُ عَلِيٍّ
المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الخَلِيْلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ
سَمِعْتُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ زَنْجَوَيْه
يَقُوْلُ: قَدِمْتُ مِصْرَ، فَأَتَيتُ أَحْمَدَ بنَ
صَالِحٍ، فَسَأَلَنِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ? قُلْتُ: مِنْ
بَغْدَادَ. قَالَ: أَيْنَ مَنْزِلُكَ مِنْ مَنْزِلِ
أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ? فَقُلْتُ: أَنَا مِنْ أَصْحَابِهِ.
قَالَ: تَكْتُبُ لِي مَوْضِعَ مَنْزِلِكَ? فَإِنِّي
أُرِيْدُ أُوافِيَ العِرَاقِ حَتَّى تَجمَعَ بَيْنَنَا.
فَكَتَبْتُ لَهُ، فَوَافَى أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ سنَةَ
اثْنَتَي عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ إِلَى عَفَّانَ، فَسَأَلَ
عَنِّي، فَلَقِيَنِي، فَقَالَ: المَوْعِدُ الَّذِي بَيْنِي
وَبَيْنَكَ? فَذَهَبتُ بِهِ إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ،
وَاسْتَأْذَنْتُ لَهُ، فَقُلْتُ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ
بِالبَابِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ، وَرَحَّبَ
بِهِ وَقَرَّبَهُ, ثُمَّ قَالَ لَهُ: بلغني أنك جمعت
حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ، فَتَعَالَ حَتَّى نَذْكُرَ مَا
رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلاَ يَتَذَاكَرَانِ،
وَلا يُغْرِبُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ حَتَّى فَرَغَا،
فَمَا رَأَيْتُ أَحسَنَ مِنْ مُذَاكَرَتِهِمَا, ثُمَّ
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: تَعَالَ حَتَّى نَذْكُرَ مَا
رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَوْلاَدِ الصَّحَابَةِ،
فَجَعَلاَ يَتَذَاكَرَانِ، وَلا يُغْرِبُ أَحَدُهُمَا
عَلَى الآخَرِ ... , إِلَى أَنْ قَالَ لأَحْمَدَ بنِ
صَالِحٍ: عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرِ
بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بنِ عَوْفٍ قَالَ:
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا
يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ حُمْرَ النَّعَمِ، وَأَنَّ لِي
حِلْفَ المُطَيَّبِين" 1.
فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
أَنْتَ الأُسْتَاذُ، وَتَذْكُرُ مِثْلَ هَذَا. فَجَعَلَ
أَحْمَدُ يَتَبَسَّمُ، وَيَقُوْلُ: رَوَاهُ عَنِ
الزُّهْرِيِّ رَجُلٌ مَقْبُوْلٌ أَوْ صَالِحٌ؛ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: مَنْ رَوَاهُ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ? فَقَالَ: حَدَّثَنَاهُ ثِقَتَانِ:
إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ.
فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: سَأَلْتُكَ بِاللهِ إِلاَّ
أَملَيْتَهُ عليَّ. فَقَالَ: أَحْمَدُ مِنَ الكِتَابِ،
فَقَامَ، وَدَخَلَ، فَأَخْرَجَ الكِتَابَ، وَأَمْلَى
عَلَيْهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: لَوْ لَمْ
أَستَفِدْ بِالعِرَاقِ إِلاَّ هَذَا الحَدِيْثَ لَكَانَ
كَثِيْراً ثُمَّ، وَدَّعَهُ، وَخَرَجَ.
وَهَذَا الحَدِيْثُ، فِي "مُسْنَدِ" الإِمَامِ أَحْمَدَ
عَنْهُمَا، وَلَفْظُهُ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "شَهِدْتُ غُلاَماً مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ
المُطَيَّبِيْنَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ حُمْرَ
النَّعَمِ وَإِنِّي أَنْكُثُهُ". فَهَذَا لَفْظُ
إِسْمَاعِيْلَ ثُمَّ رَوَاهُ ثَانِياً، فَقَالَ:
حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
__________
1 صحيح: انظر تخريجنا الآتي.
(9/523)
أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَهِدْتُ
حِلْفَ المُطَيَّبِيْنَ مَعَ عمومتي، وأنا غُلاَمٌ، فَمَا
أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ، وَإِنِّي أَنْكُثُهُ"
1.
قُلْتُ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ
الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا حَنْبَلٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا
القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
حَدَّثَنِي أَبِي بِهِمَا.
وَقَدْ قَالَ البُخَارِيُّ فِي التَّوْحِيْدِ مِنْ
صَحِيْحِهِ: حَدَّثَنَا محمد، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو،
عَنِ ابْنِ أَبِي هِلاَلٍ أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ
حَدَّثَهُ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ، وَكَانَتْ فِي حَجْرِ
عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ رَجُلاً عَلَى
سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ، فِي
صَلاَتِهِم، فَيَخْتِمُ بِـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ،
فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "سَلُوْهُ لأَيِّ
شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ"؟ فَسَأَلُوْهُ، فَقَالَ:
لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ
أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ"
2.
فَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ. قَالَ
ذَلِكَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ، فِي كِتَابِ
"تَقْيِيْدِ المُهْمَلِ"، وَأَنَا إِلَى هذا أميل إن كانت
النسخ متفقة في ذَلِكَ، فَإِنَّنِي أَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ
مُحَمَّدٌ هُوَ البُخَارِيُّ، فَإِنَّ كَثِيْراً مِنَ
النُّسَخِ فِي أَوَّلِ كُلِّ حَدِيْثٍ مِنْهَا اسْمُ
المُؤَلِّفِ, وَفِي بَعْضِهَا: مُحَمَّدٌ الفِرَبْرِيُّ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، فَيُحَرَّرُ هَذَا.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ
بنُ صَالِحٍ قال: حدثت أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ بِحَدِيْثِ
زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ فِي بَيعِ الثِّمَارِ، فَأَعجَبَهُ،
وَاسْتَزَادَنِي مِثْلَهُ، فَقُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ
مِثْلُهُ?!
قَالَ: صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ الحَافِظُ:
حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: حَرَجٌ
عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعٍ وَمَاجِنٍ أَنْ يَحْضُرَ
مَجْلِسِي، فَقُلْتُ: أَمَّا المَاجِنُ، فَأَنَا هُوَ:
وَذَاكَ أَنَّهُ قِيْلَ لَهُ: صَالِحٌ المَاجِنُ قَدْ حضر
مجلسك.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 193"، والبخاري في "الأدب المفرد"
"567"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "221"، وأبو
يعلى "846"، وابن حبان "4373"، والحاكم "2/ 219-220" وابن
عدي في "الكامل" "4/ 301"، والبيهقي في "السنن" "6/ 366"،
وفي "دلائل النبوة" "2/ 37" من طريق إسماعيل بن علية،
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد
الرحمن بن عوف، به.
وأخرجه أحمد "1/ 190" من طريق بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إسحاق، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "7375".
(9/524)
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ
السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
دَاوُدَ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ
يَقُوْلُ: ارْتَحَلْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صالح، فدخلت،
فتذاكرانا إِلَى أَنْ ضَاقَ الوَقْتُ ثُمَّ أَخْرَجْتُ
مِنْ كُمِّي أَطرَافاً فِيْهَا أَحَادِيْثُ، فَسَأَلْتُهُ
عَنْهَا، فَقَالَ لِي: تَعُودُ. فَعُدْتُ مِنَ الغَدِ مَعَ
أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَأَخْرَجْتُ الأَطرَافَ،
وَسأَلْتُهُ، فَقَالَ: تَعُودُ. فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قُلْتَ
لِي بِالأَمسِ: مَا عِنْدَكَ مَا يُكْتَبُ؟ أَوْرِدْ
عَلَيَّ مُسْنَداً أَوْ مُرْسَلاً أَوْ حَرْفاً مِمَّا
أَسْتَفِيْدُ، فَإِنْ لَمْ أُورِدْ ذَلِكَ عَمَّنْ هُوَ
أَوْثَقُ مِنْكَ، فَلَسْتُ بِأَبِي زُرْعَةَ. ثم قمت، وقلت
لأصحابنا: من ههنا مِمَّنْ نَكتُبُ عَنْهُ? قَالُوا:
يَحْيى بنُ بُكَيْرٍ، فَذَهَبتُ إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ قَدْ
سَمِعَ فِي كُتُبِ حَرْمَلَةَ، فَمَنَعَهُ حَرْمَلَةُ مِنَ
الكُتُبِ، وَلَمْ يَدْفَعْ إِلَيْهِ إِلاَّ نِصْفَ
الكُتُبِ، فَكَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بَعْدُ كُلُّ مَنْ
سَمِعَ مِنْ حَرْمَلَةَ، وَبَدَأَ بِهِ إِذَا وَافَى
مِصْرَ لَمْ يُحَدِّثْهُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ المَقْدِسِيَّ يَقُوْلُ: قَدِمْتُ
مِصْرَ، فَبَدَأْتُ بِحَرْمَلَةَ، فَكَتَبْتُ عَنْهُ
كِتَابَ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ،
وَالفَوَائِدَ, ثُمَّ ذَهَبتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ،
فَلَمْ يُحَدِّثْنِي، فَحَمَلْتُ كِتَابَ يُوْنُسَ،
فَخَرَّقْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أُرْضِيَهِ بِذَلِكَ،
وليتني لم أخرقه، فلم يَرْضَ، وَلَمْ يُحَدِّثْنِي.
قُلْتُ: نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ هَذِهِ الأَخْلاَقِ صَدَقَ
أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ حَيْثُ يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ
لَهُ آفَةٌ غَيْرَ الكِبْرِ، فَلَو قُدِحَ فِي عَدَالتِهِ
بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ إِثْمٌ كَبِيْرٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ المُؤَيَّدِ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ
أَبِي الجُوْدِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي غَالِب
الزَّاهِد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بن علي،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ
صَالِحٍ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ
حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ
إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيْثاً كَثِيْراً، فَأَنسَاهُ
قَالَ: " ابْسُطْ رِدَاءكَ". فَبَسَطْتُهُ، فَغَرَفَ
بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: "ضُمَّهُ". فَضَمَمْتُهُ، فَمَا
نَسِيتُ حَدِيْثاً بَعْدُ1.
رَوَاهُ البُخَارِيُّ، عَنِ الثِّقَةِ، عَنِ ابْنِ أَبِي
فُدَيْكٍ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابن أبي ذئب، عن
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "118" و"119" و"2047" و"2350"
و"7354"، ومسلم "2492".
(9/525)
شُرَحْبِيْلَ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ
الخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لأَنْ يَتَصَدَّقَ الرَّجُلُ
فِي حَيَاتِهِ بِدِرْهَمٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ
بِمائَةِ دِيْنَارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ"1.
أَخْرَجَهُ أبو داود، عن أحمد، فوافقناه بعلو.
فَأَمَّا حَدِيْثُ بَيْعِ الثِّمَارِ، فَأَنْبَأَنَاهُ
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي
دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ،
حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا
الزِّنَادِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ
صَلاَحُهُ، وَمَا يُذْكَرُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: كَانَ
عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ، عَنْ سَهْلِ بنِ
أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ
النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ، فَإِذَا جَدَّ
النَّاسُ، وَحَضَرَ تَقَاضِيهِم, قَالَ المُبْتَاعُ:
إِنَّهُ أَصَابَ الثِّمَارَ الدَّمَانُ، وَأَصَابَهُ
قُشَامٌ، وَأَصَابَهُ مُرَاضٌ عَاهَاتٌ يَحتَجُّوْنَ
بِهَا، فَقَالَ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه
وسلم: "فإما لا فلا تبيايعوا الثِّمَارَ حَتَّى يَبْدُوَ
صَلاَحُهَا". كَالمَشُورَةِ يُشِيْرُ بِهَا لِكَثْرَةِ
خُصُومَتِهِم2. قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: إِنِّي شَاكٌّ
لاَ أَدْرِي سَمِعْتُ هَذِهِ الكَلِمَةَ مِنْ قَوْلِ
أَحْمَدَ، وَهُوَ فِي كِتَابِي مُجَازٌ عَلَيْهِ.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ.
قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُم البُخَارِيُّ، وَابْنُ زَبْرٍ:
مَاتَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ
سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ كَانَ
أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ مِنْ جِلَّةِ المُقْرِئِينَ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ القِرَاءةَ
عَرْضاً وَسَمَاعاً عَنْ ورش، وقالون، وإسماعيل بن
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "2866"، وابن حبان "821" من طريق
ابن أبي فديك، به.
قلت: إسناده ضعيف، رجاله ثقات خلا شرحبيل، وهو ابن سعد،
أبو سعد المدني، مولى الأنصار، فإنه ضعيف بالاتفاق، وقد
اتهمه بعضهم.
2 صحيح: أخرجه أبو داود "3372" حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا
عنبسة بن خالد، حدثنا يونس، به.
وأخرجه البخاري "2193" معلقا قال: وقال الليث، عن أبي
الزناد: كان عروة يحدث عن سهل بن أبي حثمة ... فذكره.
وقال الحافظ في الفتح: لم أره موصلا من طريق الليث، وقد
رواه سعيد بن منصور، عن أبي الزناد، عن أبيه نحو حديث
الليث ولكن بالإسناد الثاني دون الأول، وأخرجه أبو داود
والطحاوي من طريق يونس بن يزيد، عن أبي الزناد بالإسناد
الأول دون الثاني. وأخرجه أبو داود والطحاوي من طريق يونس
بن يزيد، عن أبي الزناد بالإسناد الأول دون الثاني. وأخرجه
البيهقي من طريق يونس بالإسنادين معا.
وقوله "جد الناس" وفي رواية البخاري "جذ" بالذال: أي قطعوا
ثمر النخل، أي استحق الثمر القطع. وفي رواية أبي ذر عن
المستملي والسرخسي "أجذ" بزيادة الألف ومثله للنسفي، قال
ابن التين: معناه دخلوا في زمن الجذاذ كأظلم إذا دخل في
الظلام. والجذاذ: صرام النخل وهو قطع ثمرتها وأخذها من
الشجر.
(9/526)
أَبِي أُوَيْسٍ وَأَخِيْهِ؛ أَبِي بَكْرٍ
بنِ أَبِي أُوَيْسٍ, كُلُّهُم عَنْ نَافِعٍ قَالَ: وَرَوَى
حُرُوْفَ عَاصِمٍ عَنْ حَرَمِيِّ بنِ عُمَارَةَ.
روَى عَنْهُ القِرَاءةَ: حَجَّاجٌ الرُّشْدِيْنِيُّ،
وَالحَسَنُ بنُ أَبِي مِهْرَانَ الجَمَّالُ، وَالحَسَنُ
بنُ عَلِيِّ بنِ مَالِكٍ الأُشْنَانِيُّ، وَحَسَنُ بنُ
القَاسِمِ، وَالخَضِرُ بنُ الهَيْثَمِ الطُّوْسِيُّ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ الحَرَّانِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ زَيْدِ
بنِ الحَسَنِ أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ تَوْبَةَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارْمَرْدَ1،
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَتَّانِيُّ،
حَدَّثَنَا ابْنُ مُجَاهِدٍ فِي كِتَابِ "السَّبْعَةِ"
لَهُ قَالَ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ عَنْ وَرْشٍ، وَقَالُوْنَ، وَأَبِي
بكر، وإسماعيل عن نافع بالحروف.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ
عَمَّنْ قَالَ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَلاَ يَقُوْلُ:
مَخْلُوْقٌ، وَلاَ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، فَقَالَ: هَذَا
شَاكٌّ، وَالشَّاكُّ كَافِرٌ.
قُلْتُ: بَلْ هَذَا سَاكِتٌ، وَمَنْ سَكَتَ تَوَرُّعاً لاَ
يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَوْلٌ, وَمَنْ سَكَتَ شَاكّاً
مُزْرِياً عَلَى السَّلَفِ، فَهَذَا مُبْتَدِعٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى المِصْرِيُّ: سَأَلْتُ
أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ قَوْماً
يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ لَفْظَنَا بِالقُرْآنِ غَيْرُ
المَلْفُوْظِ، فَقَالَ: لَفْظُنَا بِالقُرْآنِ هو الملفوظ،
والحكاية هي المحكي، وهو كلام اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ
مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِهِ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ.
قُلْتُ: إِنْ قَالَ: لَفْظِي، وَعَنَى بِهِ القُرْآنَ،
فَنَعَمْ، وَإِنْ قَالَ: لَفْظِي، وَقَصَدَ بِهِ
تَلَفُّظِي وَصَوتِي وَفِعْلِي أَنَّهُ مَخْلُوْقٌ،
فَهَذَا مُصِيبٌ، فَاللهُ تَعَالَى خَالِقُنَا، وَخَالِقُ
أَفْعَالِنَا، وَأَدَوَاتِنَا، وَلَكِنَّ الكَفَّ عَنْ
هَذَا هُوَ السُّنَّةُ، وَيَكفِي المَرْءَ أَنْ يُؤمِنَ
بِأَنَّ القُرْآنَ العَظِيْمَ كَلاَمُ اللهِ وَوَحْيُهُ
وَتَنْزِيْلُهُ عَلَى قَلْبِ نَبِيِّهِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ
مَخْلُوْقٍ، وَمَعْلُوْمٌ عِنْدَ كُلِّ ذِي ذهن سليم أن
الجماعة إذا قرءوا السورة أنهم جميعهم قرءوا شَيْئاً،
وَاحِداً، وَأَنَّ أَصْوَاتَهُم وَقِرَاءاتِهِم
وَحَنَاجِرَهُمْ أَشْيَاءٌ
مُخْتَلِفَةٌ، فَالمَقرُوءُ كَلاَمُ رَبِّهِم،
وَقِرَاءتُهُم وَتَلَفُّظُهُم وَنَغَمَاتُهُم
مُتَبَايِنَةٌ، وَمَنْ لَمْ يَتَصَوَّرِ الفَرْقَ بَيْنَ
التَّلَفُّظِ وبين الملفوظ، فدعه، وأعرض عنه.
__________
1 هو: أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُجيب بنِ
المُجَمِّعِ بنِ بَحْرِ بنِ مَعْبَدٍ بن هَزَارْمَرْدَ
الصَّرِيفِيْنِي، رَاوِي كِتَاب "الجعديَات" عَنْ أبي
القاسم بن حبابة وهو من بلدة "صرفين" التي نسب إليها. وهي
بلدة في سواد العراق في موضعين: إحداهما قرية كبيرة غناء
شجراء قرب عكبراء، وأوانا على ضفة نهر دجيل. تأتي ترجمته
في كتابنا هذا "سير أعلام النبلاء" ترجمة "4245" في المجلد
الحادي عشر من هذه الطبعة المباركة. ط. دار الحديث.
(9/527)
عقبة بن مكرم، عقبة
بن مكرة الضبي:
2023- عقبة بن مكرم 1: "م، د، ت، ق"
ابن أفلح الحَافِظُ الثَّبْتُ أَبُو عَبْدِ المَلِكِ
العَمِّيُّ البَصْرِيُّ, لاَ الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ غُنْدَرٍ، وَيَحْيَى القَطَانِ، وَمُحَمَّدِ
بنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنِ أَبِي
فُدَيْكٍ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَبَقِيُّ بنُ
مَخْلَدٍ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وأحمد بن عمر
البَزَّارُ، وَعَلِيُّ بنُ زَاطِيَا، وَأَبُو القَاسِمِ
البَغَوِيُّ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ, هُوَ فَوْقَ
بُنْدَارٍ عِنْدِي.
وَقَالَ بَعْضُ الحُفَّاظِ: كَانَ ثِقَةً مُجَوِّداً.
قَالَ السَّرَّاجُ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَمَّا:
2024- عُقبة بنُ مُكْرَم الضَّبي 2:
الهِلاَلِيُّ الكُوْفِيُّ، فَحَدَّثَ عن: سفيان بن عيينة،
والمسيب بن شَرِيْكٍ، وَمُصْعَبِ بنِ سَلاَّمٍ، وَيَحْيَى
بنِ يَمَانٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ دِيْزِيْلَ، وَابْنُ
أَبِي عَاصِمٍ, وَمُطَيَّنٌ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ،
وَعَبْدَانُ الجَوَالِيْقِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى
المَوْصِلِيُّ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: صَدُوْقٌ، لاَ يَخْضِبُ.
قُلْتُ: مَا خَرَّجُوا لِهَذَا شَيْئاً.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ
ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2918"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 235" و"2/ 100 و120 و264"،
والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1765"، وتاريخ بغداد "12/ 266"،
والمنتظم لابن الجوزي "6/ 114"، والكاشف "2/ ترجمة 39063"،
وتهذيب التهذيب "7/ 250"، وتقريب التهذيب "2/ 28"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 4907"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "2/ 104"، والعبر "1/ 440".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2919"، والجرح
والتعديل "6/ ترجمة 1766"، والعبر "1/ 441"، وتهذيب
التهذيب "7/ 251"، وتقريب التهذيب "2/ 28"، وخلاصة الخزرجي
"2/ ترجمة 4908".
(9/528)
2025- محمود بن خِداش 1: "ت، ق"
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
الطَّالْقَانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ هُشَيْمٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَفُضَيْلِ
بنِ عِيَاضٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبَّادِ بنِ
العَوَّامِ، وَسَيْفِ بنِ مُحَمَّدٍ الثَّوْرِيِّ،
وَطَبَقَتِهِم، فَأَكْثَرَ وَجَوَّدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، فِي تَأَلِيفِهِ لَهُ،
وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ فَيْرُوْزٍ الأَنْمَاطيُّ، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ المحاملي، وآخرون.
رَوَى أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحْرِزٍ، عَنْ يَحْيَى
بنِ مَعِيْنٍ هُوَ ثِقَةٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّوَّاسُ: سَمِعْتُ
مَحْمُوْدَ بنَ خِدَاشٍ يَقُوْلُ: مَا بِعْتُ شَيْئاً
قَطُّ، وَلاَ اشْتَرَيتُهُ.
قَالَ السَّرَّاجُ: كَأَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ
وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ: كُنْتُ فِيْمَنْ
غَسَّلَهُ، فَرَأَيْتُهُ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا
أَبَا مُحَمَّدٍ مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ? قَالَ: غَفَرَ
لِي، وَلِجَمِيْعِ مَنْ تَبِعَنِي. قُلْتُ: فَأَنَا قَدْ
تَبِعتُكَ، فَأَخْرَجَ وَرَقاً مِنْ كُمِّهِ فِيْهِ
مَكْتُوبٌ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ كَثِيْرٍ.
قَالَ السَّرَّاجُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: وَقَعَ حَدِيْثُهُ عَالِياً عِندَ سِبْطِ
السِّلَفِيِّ.
أَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
المَحَاسِنِ البَيِّعُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ، أَخْبَرَنَا العَاصِمِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا
مَحْمُوْدُ بنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ،
أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرٌ، عَنِ الحَسَنِ، وَأَبُو بِشْرٍ،
عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ كُنْتَ
فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ
الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}
[يُوْنُسُ: 94] ، قَالاَ: لَمْ يَشُكَّ، ولم يسأل.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1339"، وتاريخ
الخطيب "13/ 90"، والكاشف "3/ ترجمة 5416"، وتهذيب التهذيب
"6210"، وتقريب التهذيب "2/ 233"، وخلاصة الخزرجي "3/
ترجمة 6880".
(9/529)
2026- عبد
الحميد بن عصام 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الصَّادِقُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الجُرْجَانِيُّ، نَزِيْلُ هَمَذَانَ.
سَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَيَزِيْدَ بنَ
هَارُوْنَ، وَأَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ،
وَالعَقَدِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ، وَأَبَا دَاوُدَ
الحَفَرِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ الكَرَابِيْسِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَوْسٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَدِمْتُ هَمَذَانَ، وَهُوَ
حَيٌّ، وَلَمْ يُقَدَّرْ لِيَ السَّمَاعُ مِنْهُ، وَقَالَ
أَبِي: هُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا عَنْهُ الحَسَنُ
بنُ عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَمْرُوْسٍ، وَأَحْمَدُ
بنُ الحَسَنِ بنِ عَزُّوْنَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَسَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ أَبِي صَالِحٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ الحُسَيْنِ يَقُوْلُ: مَا
لَقِيَ الجُرْجَانِيُّ مِثْلَهُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: لَيْسَ أَنَا مِثْلُ: ينكمر, ذاكم
الجرجاني. ورأيت في كِتَابِ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ قَالَ
المَرَّارُ: كَتَبْتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ مَا رَأَيْتُ
مِثْلَ الجُرْجَانِيِّ، وَلَمَّا وَقَعَتِ المِحْنَةُ فِي
اللَّفْظِ سَكَتَ الجُرْجَانِيُّ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ
أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: ذَهَبتُ
مَعَ صَالِحِ بنِ حَمُّوْيَه؛ أَخِي المَرَّارِ، فَوَقَفَ
عَلَى مَجْلِسِ الجُرْجَانِيِّ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي
اللَّفْظِ بِالقُرْآنِ? فَسَكَتَ حَتَّى سأَلَهُ
الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: أَرَاهُ مُحْدثَةً بِدْعَةً،
وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: كَانَ أَحَدَ العُلَمَاءِ،
وَالفُقَهَاءِ, ثِقَةً, صَدُوْقاً. قِيْلَ: إِنَّهُ
نَاظَرَ أَبَا عبيد.
مات ست سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ سِتٍّ, وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ كُبَرَاءُ,
مُحْتَشِمُونَ بِهَمَذَانَ, رَحِمَهُ اللهُ.
وَلَمْ يَقَعْ لَنَا مِنْ عَوَالِي هَذَا الإِمَامِ
شَيْءٌ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 85".
(9/530)
2027- الأشج
1: "ع"
الحَافِظُ الإِمَامُ الثَّبْتُ شَيْخُ الوَقْتِ أَبُو
سَعِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ حُصَيْنٍ
الكِنْدِيُّ، الكُوْفِيُّ المُفَسِّرُ, صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ هُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
عَيَّاشٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَعُقْبَةَ بنِ
خَالِدٍ، وعبد السلام بن حرب، وأبي خالد الأحمر، وَزِيَادِ
بنِ الحَسَنِ بنِ الفُرَاتِ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وحفص بن
غياث، وإبراهيم بنِ أَعْيَنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلٍ،
وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيِّ،
وَالمُطَّلبِ بنِ زِيَادٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ أَوَّلَ طَلَبِهِ لِلْعِلْمِ بَعْدَ
الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ. رَأَيْتُ "تَفْسِيْرَهُ"
مُجَلَّدٌ.
وَعَنْهُ: الجَمَاعَةُ السِّتَّةُ، وَأَبُو زُرْعَةَ،
وَأَبُو حَاتِمٍ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ،
وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
بُجَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهَنَّادُ بنُ
السَّرِيِّ الصَّغِيْرُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم مِنْ آخِرِهِم
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ فِي
"أَمَالِيْهِ".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ هُوَ إِمَامُ أَهْلِ
زَمَانِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بِلاَلٍ الشَّطَوِيُّ:
مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ
سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى
التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا القَاضِي العَلاَّمَةُ مُحْيِي الدِّيْنِ
مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ الأَسَدِيُّ الحَنَفِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عُثْمَانَ، أخبرنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي،
وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّوْسِيُّ،
وَأَخْبَرَنَا سُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِحَلَبَ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، وَعَبْدُ
اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَنْجَبُ الحمَّامِيُّ،
وَعَلِيُّ بنُ أَبِي الفَخَارِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ السَّبَاكِ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي بنُ
الرَّفِيْعِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخَضِرِ قِرَاءةً
بِحَرَّانَ، وَعِدَّةٌ, قَالُوا جَمِيْعاً: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي قَالَ هُوَ,
وَالطُّوْسِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بن أحمد البانياسي،
أخبرنا أحمد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 415"، والجرح والتعديل "5/
ترجمة 342"، والأنساب للسمعاني "1/ 270"، وتذكرة الحفاظ
"2/ ترجمة 517"، والكاشف "2/ ترجمة 2780"، والعبر "2/ 15"،
وتهذيب التهذيب "5/ 236"، وتقريب التهذيب "1/ 419"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 3532"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/
137".
(9/531)
ابن مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى بنِ القَاسِمِ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ
الهَاشِمِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ
الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ -هُوَ ابْنُ
حَرْبٍ- عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "فِي ثَلاَثِيْنَ مِنَ البَقَرِ
تَبِيْعٌ أَوْ تَبِيْعَةٌ, وَفِي كُلِّ أَرْبَعِيْنَ
مُسِنَّةٌ".
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ1، عَنِ الأَشَجِّ،
فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ: مَاتَ الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ،
وَعَلِيُّ بنُ خشرم، وزيد بن أخرم، وَأَحْمَدُ بنُ
مَنْصُوْر زَاج، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
حَبِيْبِ بنِ الشَّهِيْدِ، وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ
المَرْوَزيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ مَعْبَدٍ السِّنْجِيُّ،
وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجَرَوِيُّ، وَأَبُو
الفَضْلِ عَبَّاسٌ الرِّيَاشِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
حَسَّانٍ الأَزْرَقُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بن حنان،
ومحمد بن وزير الواسطي.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "622"، وابن ماجه "1803"، وإسناده
ضعيف؛ آفته خصيف وهو ابن عبد الرحمن الجزري الحراني، أبو
عون، ضعفه أحمد. وقال مرة: ليس بالقوي.
وقال أبو حاتم: تكلم في سوء حفظه.
لكن للحديث شاهد عن معاذ بن جبل: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا وجهه إلى اليمن أمره
أن يأخذ من البقرة من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة، ومن كل
أربعين مسنة، ومن كل حالم -يعني محتلما- دينارا أو عدله من
المعافر، ثياب تكون باليمن. أخرجه عبد الرزاق "6841"، وأبو
داود "1576" و"1577"، والنسائي "5/ 26"، وابن ماجة "1803"،
والدارمي "1/ 382"، والدارقطني "2/ 102"، وابن الجارود
"178"، والبيهقي "4/ 98" و"9/ 193"، والحاكم "1/ 398".
وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي. وهو كما قالوا.
(9/532)
2028- السَّرِي بنُ المُغَلِّس السِّقَطِي
1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو الحَسَنِ
البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ السِّتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ: الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَهُشَيْمِ بنِ
بَشِيْرٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَعَلِيِّ بنِ
غُرَابٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَغَيْرِهِم
بِأَحَادِيْثَ قَلِيْلَةٍ، وَاشتَغَلَ بِالعِبَادَةِ،
وَصَحِبَ مَعْرُوْفاً الكَرْخِيَّ، وَهُوَ أَجَلُّ
أَصْحَابِهِ.
رَوَى عَنْهُ: الجُنَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالنُّورِيُّ
أَبُو الحُسَيْنِ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ مسروق، وإبراهيم
ابن عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
شَاكِرٍ، فَرَوَى ابْنُ شَاكِرٍ. عَنْهُ, قَالَ: صَلَّيْتُ
وِرْدِي لَيْلَةً، وَمَدَدْتُ رِجْلِي فِي المِحْرَابِ،
فنُوْدِيْتُ: يَا سَرِيُّ كَذَا تُجَالِسُ المُلُوْكَ!
فَضَمَمْتُهَا، وَقُلْتُ: وَعِزَّتِكَ لاَ مَدَدْتُهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الحَرْبِيُّ: سَمِعْتُ السري يقول:
حمدت الله مرة، فأنا أَسْتَغْفِرُ مِنْ ذَلِكَ الحَمْدِ
مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً قِيْلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ? قَالَ:
كَانَ لِي دُكَّانٌ فِيْهِ مَتَاعٌ، فَاحْتَرَقَ
السُّوْقُ، فَلَقِيَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: أَبْشِرْ
دُكَّانُكَ سَلِمَتْ، فَقُلْتُ: الحَمْدُ للهِ ثُمَّ
فَكَّرْتُ، فَرَأَيْتُهَا خَطِيئَةً.
وَيُقَالُ: إِنَّ السَّرِيَّ رَأَى جَارِيَةً سَقَطَ مِنْ
يَدِهَا إِنَاءٌ، فَانْكَسَرَ، فَأَخَذَ مِنْ دُكَّانِهِ
إِنَاءً، فَأَعطَاهَا، فَرَآهُ مَعْرُوْفٌ الكَرْخِيُّ،
فَدَعَا لَهُ قَالَ: بَغَّضَ اللهُ إِلَيْكَ الدُّنْيَا.
قَالَ: فَهَذَا الَّذِي أَنَا فِيْهِ مِنْ بَرَكَاتِ
مَعْرُوْفٍ.
وَقَالَ الجُنَيْدُ: سَمِعْتُ سَرِيّاً يَقُوْلُ:
أَشْتَهِي مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ جَزَرَةً أَغمِسُهَا فِي
دِبْسٍ وَآكُلُهَا، فَمَا يَصِحُّ لِي. وَسَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ: أُحِبُّ أَنْ آكُلَ أَكْلَةً لَيْسَ للهِ
عَلَيَّ فِيْهَا تَبِعَةٌ، وَلا لِمَخْلُوقٍ فِيْهَا
مِنَّةٌ، فَمَا أَجِدُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً. وَدَخَلتُ
عَلَى السَّرِيِّ، وَهُوَ يَجُوْدُ بِنَفْسِهِ، فَقُلْتُ:
أَوْصِنِي. قَالَ: لاَ تَصْحَبِ الأَشْرَارَ، وَلاَ
تَشْتَغِلَنَّ عَنِ اللهِ بِمُجَالَسَةِ الأَخيَارِ.
قَالَ الفَرُّخَانِيُّ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُوْلُ: مَا
رَأَيْتُ أَعْبَدَ للهِ مِنَ السَّرِيِّ أَتَتْ عَلَيْهِ
ثَمَانٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً مَا رُئِيَ مُضْطَجِعاً
إِلاَّ فِي عِلَّةِ المَوْتِ.
قَالَ الجُنَيْدُ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: إِنِّي
لأَنْظُرُ إلى أنفي كل يوم مخافة أن يَكُوْنَ وَجْهِيَ
قَدِ اسْوَدَّ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَيْثُ
أُعْرَفُ, أَخَافُ أَنْ لاَ تَقْبَلَنِي الأَرْضُ،
فَأَفْتَضِحَ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: فَاتَنِي جُزْءٌ مِنْ وِرْدِي،
فَلاَ يُمْكِنُنِي قَضَاؤُهُ, يَعْنِي: لاستِغْرَاقِ
أَوْقَاتِهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: كَانَ
السَّرِيُّ أَوَّلَ مَنْ أَظهَرَ بِبَغْدَادَ لِسَانَ
التَّوْحِيْدِ وَتَكَلَّمَ فِي عُلُوْمِ الحَقَائِقِ،
وَهُوَ إِمَامُ البَغْدَادِيِّيْنَ فِي الإِشَارَاتِ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ صَحِبَهُ: العَبَّاسُ بنُ يُوْسُفَ
الشَّكْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ جَابِرٍ
السَّقَطِيُّ.
تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ, سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَقِيْلَ: سنة سبع وخمسين.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 469"، وتاريخ بغداد
"9/ 187"، والعبر "2/ 5"، ولسان الميزان "3/ 13"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 339"، وشذرات الذهب لابن
العماد "2/ 127".
(9/533)
2029- الحسن بن شُجاع 1: "ت"
ابن رجاء الحَافِظُ النَّاقِدُ الإِمَامُ المُحَقِّقُ،
أَبُو عَلِيٍّ البَلْخِيُّ أَحَدُ الأَعْلاَمِ، لَهُ
مَعْرِفَةٌ وَاسِعَةٌ، وَرِحلَةٌ شَاسِعَةٌ.
لَقِيَ مَكِّيَّ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَطَبَقَتَهُ
بِبَلْخَ، وَلَحِقَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى -وَهُوَ
أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ- وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا مُسْهِرٍ
الغَسَّانِيَّ، وَيَحْيَى الوُحَاظِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ
أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ،
وَأَبَا صَالِحٍ كَاتِبَ اللَّيْثِ، وَمُحَمَّدَ بنَ
الصَّلْتِ، وَيَحْيَى بنَ يَحْيَى، وَعَلِيَّ بنَ
المَدِيْنِيِّ، وابن راهويه، وطبقتهم.
رَوَى عَنْهُ: البُخَارِيُّ -وَذَلِكَ فِي "جَامِعِ
التِّرْمِذِيِّ"- وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ
زَكَرِيَّا البَلْخِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ،
وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ، فِي "صَحِيْحِهِ", قَالَ:
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ
الخَلِيْلِ الخَزَّازُ، وَذَلِكَ، فِي تَفْسِيْرِ
الزُّمَرِ2، فَقِيْلَ: هُوَ البَلْخِيُّ.
قَالَ نَصْرُ بنُ زَكَرِيَّا المَرْوزيُّ: سَمِعْتُ
قُتَيْبَةَ بن سعيد يقول: شباب خراسان أربعة: محمد بنُ
إِسْمَاعِيْلَ، وَعَبْدُ اللهِ الدَّارِمِيُّ،
وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى اللُّؤْلُؤِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ
شُجَاعٍ البَلْخِيُّ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيْحَةٌ، وَيَروِيهَا أَيْضاً
الحَسَنُ بنُ حَمَّادٍ، عَنْ قُتَيْبَةَ.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ القَاضِي،
عَنْ بَعْضِ شُيُوْخِهِ, سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بن أحمد بن
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 561"، والعبر "1/
442"، والكاشف "1/ ترجمة 1042" والوافي بالوفيات لصلاح
الدين الصفدي "12/ 53"، وتهذيب التهذيب "2/ 282"، وخلاصة
الخزرجي "1/ ترجمة 1349"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "2/ 105".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4812" حدثني الحسن، حدثنا إسماعيل
بن خليل، أخبرنا عبد الرحيم عن زكرياء بنُ أَبِي
زَائِدَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هريرة -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة
الآخرة، فإذا أنا بموسى متعلق بالعرش، فلا أدري؛ أكذلك
كان، أم بعد النفخة"؟
قال الحافظ في الفتح: قوله: "حدثني الحسن" كذا في جميع
الروايات غير منسوب، فجزم أبو حاتم سهل بن السري الحافظ
فيما نقله الكلاباذي بأنه
الحسن بن شجاع البلخي الحافظ، وهو أصغر من البخاري
لكن مات قبله، وهو معدود من الحفاظ، ووقع في "المصافحة
للبرقاني" أن البخاري قال في هذا الحديث "حدثنا الحسين"
بضم أوله مصغر، ونقل عن الحاكم أنه الحسين بن محمد القباني
فالله أعلم.
وإسماعيل بن الخليل شيخه من أوساط شيوخ البخاري، وقد نزل
البخاري في هذا الإسناد درجتين لأنه يروي عن واحد عن زكريا
بن أبي زائدة، وهنا بينهما ثلاثة أنفس. قوله: "أخبرنا عبد
الرحيم" هو ابن سليمان. وعامر هو الشعبي.
(9/534)
حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ: يَا أَبَةِ,
مَن الحُفَّاظُ? قَالَ: يَا بُنَيَّ شَبَابٌ كَانُوا
عِنْدنَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَقَدْ تَفَرَّقُوا
قُلْتُ: مَنْ هُمْ? قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
ذَاكَ البُخَارِيُّ، وَعُبَيْدُ الله بن عبد الكَرِيْمِ
ذَاكَ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
ذَاكَ السَّمَرَقَنْدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ ذَاكَ
البَلْخِيُّ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَةِ مَنْ أَحْفَظُ
هَؤُلاَءِ? قَالَ: أَمَا أَبُو زُرْعَةَ فَأَسْرَدُهُم،
وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَأَعَرَفُهُم، وَأَمَّا الدَّارِمِيُّ
فَأَتْقَنُهُم، وَأَمَّا ابْنُ شُجَاعٍ فَأَجْمَعُهُم
لِلأَبْوَابِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ
الأَشْعَثِ البِيْكَنْدِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: انْتَهَى الحفظ إلى
أربعة من أهل خراسان: أبو زُرْعَةَ، وَالبُخَارِيُّ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالحَسَنُ بنُ
شُجَاعٍ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو: فَحَكَيْتُ هَذَا لِمُحَمَّدِ بنِ
عَقِيْلٍ، فَأَطْرَى ذِكْرَ الحَسَنِ بنِ شُجَاعٍ،
فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ يَشْتَهِرْ كَمَا اشْتَهَرَ
هَؤُلاَءِ? قَالَ: لأَنَّهُ لَمْ يُمَتَّعْ بِالعُمُرِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ": الحَسَنُ بنُ
شُجَاعٍ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ مِمَّنْ أَكْثَرَ
الرِّحلَةَ، وَالكَتْبَ، وَالحِفْظَ، وَالمُذَاكَرَةَ,
مَاتَ وَهُوَ شَابٌّ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: ابْنُ شُجَاعٍ مِنْ أَئِمَّةِ
الحَدِيْثِ رَحَلَ، وَصَنَّفَ ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ
المَنِيَّةُ قَبْلَ الخَمْسِيْنَ سَنَةً.
رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيْحِ"
ثُمَّ نَقَلَ الحَاكِمُ أَنَّهُ مَاتَ فِي نِصْفِ شَوَّالٍ
سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ عَنْ تِسْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً, كَذَا نُقِلَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ
مُحَمَّدٍ الصُّوْفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ
البَلْخِيِّ، وَهَذَا خَطَأٌ لاَ يَسُوغُ، فَإِنْ صَحَّ
تَارِيْخُ مَوْتِهِ هَذَا، فَمَا عَاشَ إِلاَّ نَحْواً
مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً حَتَّى يَلحَقَ فِي ارْتِحَالِهِ
مِثْلَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَإِلاَّ فَتَحدِيْدُ
سِنِّهِ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ الحَافِظُ، فَقَالَ
فِي رِجَالِ البُخَارِيِّ: كَانَ أَبُو حَاتِمٍ سَهْلُ بنُ
السَّرِيِّ البُخَارِيُّ الحَافِظُ الحَذَّاءُ يَقُوْلُ:
الحَسَنُ الَّذِي رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ فِي
تَفْسِيْرِ سُوْرَةِ الزُّمرِ هُوَ الحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ
الحَافِظُ عِنْدِي. ثُمَّ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: كَتَبَ
إِلَيْنَا الشَّبِيْبِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ
البَلْخِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: مَاتَ لِلنِّصْفِ مِنْ
شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قلتُ: النَّاقِلُ -وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ- هُوَ
الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ شَيْخُ الحَاكِمِ، فَهَذَا أَصَحُّ
عَنْهُ، وَأَخْطَأَ ذَاكَ الصُّوْفِيُّ عَلَيْهِ حَيْثُ
زَادَ فِي تَارِيْخِ مَوْتِهِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ
سَنَةً، وَاتَّفَقَا فِي عُمُرِهِ، وَفِي نِصْفِ شَهْرِ
مَوْتِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ الكَلاَبَاذِيُّ: وَلَهُ إِخْوَةٌ: مُحَمَّدُ
بنُ شُجَاعٍ -وَكَانَ أَكْبَرَهُم- وَأَبُو رَجَاءَ
أَحْمَدُ بنُ شُجَاعٍ -وَهُوَ أَوْسطُهُم- وأبو شيخ.
(9/535)
2030- الحسين
بن الحسن بن حرب 1: "ت، ق"
الإِمَامُ الحَافِظُ الصَّادِقُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ
السُّلَمِيُّ المَرْوَزِيُّ, صَاحِبُ ابْنِ المُبَاركِ,
جَاوَرَ بِمَكَّةَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ المُبَارَكِ بِشَيْءٍ كَثِيْرٍ،
وَعَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَمُعْتَمِرِ بنِ
سُلَيْمَانَ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَهُشَيْمِ بنِ
بَشِيْرٍ، وَالفَضْلِ بنِ مُوْسَى، وَالوَلِيْدِ بنِ
مُسْلِمٍ، وعدة.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ،
وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَدَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ
الظَاهِرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ
صَاعِدٍ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ:
مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ، وَهُوَ رَاوِي
كِتَابِ "الزُّهْدِ" لأَحْمَدَ.
يَقَعُ لِي مِنْ عواليه في "جزء البانياسي".
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 631 و716"
و"2/ 172" و"3/ 132 و176" والكنى للدولابي "2/ 54"، والجرح
والتعديل "3/ ترجمة 219"، والعبر "1/ 446"، والكاشف "1/
ترجمة 1091" وتهذيب التهذيب "2/ 334"، وخلاصة الخزرجي "1/
ترجمة 1417".
(9/536)
2031- الخليع
1:
الشَّاعِرُ المُفْلِقُ, أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ
الضَّحَّاكِ البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُمُ, البَصْرِيُّ,
الخَلِيْعُ.
مَدَحَ الخُلَفَاءَ، وَسَارَ شِعرُهُ، وَعُمِّرَ دَهْراً،
وَكَانَ يَذْكُرُ مَوْتَ شُعْبَةَ، وَكَانَ ذَا ظَرْفٍ
وَمُجُونٍ، وَتَفُنُّنٍ فِي بَدِيعِ النَّظمِ، وَكَانَ
نَدِيْماً مَعَ إِسْحَاقَ المَوْصِلِيِّ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ بِضْعٌ
وَتِسْعُوْنَ سَنَةً. وشهر بالخليع؛ لمجونه وهناته، وهو
القائل:
ولا وَحُبِّيكِ لاَ أُصَا ... فِحُ بِالدَّمْعِ مَدْمَعَا
مَنْ بَكَى شَجْوَهُ اسْتَرَا ... حَ وَإِنْ كَانَ
مُوجِعَا
كَبِدِي فِي هَوَاكِ أَسْـ ... ـقَمُ مِنْ أَنْ يُقَطَّعَا
لَمْ تَدَعْ سَوْرَةُ الضَّنَى ... فِيَّ لِلسُّقْمِ
مَوْضِعَا
وَلَهُ:
صِلْ بِخَدِّي خَدَّيْكَ تَلْقَ عَجِيْبا ... مِنْ مَعَانٍ
يَحَارُ فِيْهَا الضَّمِيْرُ
فَبِخَدَّيْكَ لِلرِّيَاضِ ربيع ... وبخدي للدموع غدير
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "7/ 146"،
وتاريخ بغداد "8/ 54"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "10/
5"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 191"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 333"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "2/ 123".
(9/536)
2032- الحسن بن
الصباح بن محمد 1: "خَ، د، ت"
الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو
عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ, ثُمَّ البَغْدَادِيُّ البَزَّارُ،
وَيُعْرَفُ أَيْضاً بِابْنِ البَزَّارِ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَأَبِي
مُعَاوِيَةَ، وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، وَمُبَشِّرِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ، وَمَعْنِ بنِ عِيْسَى، وَشُعَيْبِ بنِ
حَرْبٍ، وَوَكِيْعٍ، وَشَبَابَةَ بنِ سَوَّارٍ، وَحَجَّاجِ
بنِ محمد، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ،
وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى
المَوْصِلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عُمَرَ بنِ بُجَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَالقَاضِي
أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ كَانَتْ لَهُ جَلاَلَةٌ
عَجِيْبَةٌ بِبَغْدَادَ كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ
يَرْفَعُ مِنْ قَدْرِهِ، وَيُجِلُّهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ: مَا
يَأْتِي عَلَى ابْنِ البَزَّارِ يَوْمٌ إِلاَّ وَهُوَ
يَعْمَلُ فِيْهِ خَيْراً، وَلَقَدْ كُنَّا نَخْتَلِفُ
إِلَى فُلاَنٍ، فَكُنَّا نَقْعُدُ نَتَذَاكَرُ إِلَى
خُرُوْجِ الشَّيْخِ، وَابْنُ البَزَّارِ قَائِمٌ يُصَلِّي.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ الحَسَنَ
بنَ الصَّبَّاحِ يَقُوْلُ: أُدْخِلْتُ عَلَى المَأْمُوْنِ
ثَلاَثَ
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2522"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 789" و"3/ 393"، والجرح
والتعديل "3/ ترجمة 71"، وتاريخ بغداد "7/ 330"، والعبر
"1/ 453"، والكاشف "1/ ترجمة 1045"، وميزان الاعتدال "1/
499"، والوافي بالوفيات "12/ 60"، وتهذيب التهذيب "2/
289"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1352"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "2/ 199".
(9/537)
مَرَّاتٍ: رُفِعَ إِلَيْهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ
أَنَّهُ يَأْمرُ بِالمَعْرُوْف -قَالَ: وَكَانَ نَهَى أَنْ
يَأْمُرَ أَحَدٌ بِمَعْرُوْفٍ- فَأُخِذْتُ، فَأُدْخِلْتُ
عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ الحَسَنُ البَزَّارُ?
قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ:
وَتَأْمرُ بِالمَعْرُوْفِ? قُلْتُ: لاَ، وَلَكِنِّي
أَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ. قَالَ: فَرَفَعَنِي عَلَى ظَهرِ
رَجُلٍ، وَضَرَبَنِي خَمْسَ دِرَرٍ، وَخَلَّى سَبِيلِي،
وَأُدْخِلْتُ المَرَّةَ الثَّانِيَةَ عَلَيْهِ, رُفِعَ
إِلَيْهِ أَنِّي أَشْتِمُ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
فَأُدْخِلْتُ، فَقَالَ: تَشتِمُ عَلِيّاً? فَقُلْتُ:
صَلَّى اللهُ عَلَى مَوْلاَيَ وَسَيِّدِي عَلِيٍّ, يَا
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَنَا لاَ أَشتِمُ يَزِيْدَ
لأَنَّه ابْنُ عَمِّكَ، فَكَيْفَ أَشْتِمُ مَوْلاَيَ
وَسَيِّدِي?! قَالَ: خَلُّوا سَبِيلَهُ. وَذَهَبتُ مَرَّةً
إِلَى أَرْضِ الرُّوْمِ إِلَى البَذَنْدُوْنَ فِي
المِحْنَةِ، فَدُفِعْتُ إِلَى أَشْنَاسَ. قَالَ: فَلَمَّا
مَاتَ خُلِّيَ سَبِيلِي.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ صَاحِبُ سُنَّةٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ
أَيْضاً: صَالِحٌ.
وَقَالَ السَّرَّاجُ: كَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ
بِبَغْدَادَ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ النَّحْوِيِّ،
وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ، وَأَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ الحَافِظِ: أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى,
أَخْبَرَتْنَا بِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ
بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ, عَنْ
وَرْقَاءَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
سَمِعْتُ أَنَساً يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ
يَسْأَلُوْنَ حَتَّى يَقُوْلُوا: هَذَا اللهُ خَلَقَ كُلَّ
شَيْءٍ"، وَذَكَرَ كَلِمَةً1.
أَخْرَجَهُ البخاري، عن البزار، فوافقناه.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخرِ, سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
ومائتين, من أبناء الثمانين.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "7296"، ومسلم "136"، وأبو داود
"4721".
(9/538)
2023- محمد بن
أسلم 1:
ابن سالم بن يزيد، الإِمَامُ الحَافِظُ الرَّبَّانِيُّ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو الحَسَنِ الكِنْدِيُّ
مَوْلاَهُمُ, الخُرَاسَانِيُّ, الطُّوْسِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَيَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ،
وَأَخَاهُ؛ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدٍ، وَجَعْفَرَ بنَ
عَوْنٍ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَأَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ المُقْرِئَ، وَحُسَيْنَ بنَ الوَلِيْدِ
النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ،
وَعَبْدَ الحَكَمِ بنَ مَيْسَرَةَ -صَاحِبَ ابْنِ
جُرَيْجٍ- وَالنَّضْرَ بنَ شُمِيْلٍ، وَمَحَاضِرَ بنَ
المُوَرِّعِ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي بُكَيْرٍ، وَمُسْلِمَ
بنَ إِبْرَاهِيْمَ. وَصَنَّفَ "المُسْنَدَ"،
وَ"الأَرْبَعِيْنَ"، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ،
وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القَبَّانِيُّ، وَإِمَامُ
الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي
دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَكِيْعٍ الطُّوْسِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ الطُّوْسِيُّ،
وَزَنْجُوْيَةَ بنُ مُحَمَّدٍ اللَّبَّادُ، وَعَلِيُّ بنُ
عَبْدِ اللهِ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ نَصْرٍ
الطُّوْسِيُّ، وَخَلْقٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ: عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ
الهِلاَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوهاب الفراء.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ مِنَ
الأَبدَالِ المُتَتَبِّعِينَ لِلآثَارِ.
قَالَ فِيْهِ مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ: دَخَلْتُ عَلَى
مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ، فَمَا شَبَّهْتُهُ إِلاَّ
بِأَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ
بَالُوَيْه, سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَهُ, أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ.
وَقَالَ قَبِيْصَةُ: كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ أَشْبَهُ
النَّاسِ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَعْنِي: فِي هَديِهِ وَسَمتِهِ، وَكَانَ
عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ فِي ذَلِكَ،
وَيُشَبَّهُ بِعَلْقَمَةَ إِبْرَاهِيْمُ، وَبإِبْرَاهِيْمَ
مَنْصُوْرٌ، وَبِمَنْصُوْرٍ سُفْيَانُ، وَبسُفْيَانَ
وَكِيْعٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَامَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ مَقَامَ
وَكِيْعٍ، وَأَفْضَلَ مِنْ مَقَامِهِ لِزُهدِهِ وَوَرَعِهِ
وَتَتَبُّعِهِ لِلأَثَرِ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا اللَّبَّانُ، أَخْبَرَنَا
الحَدَّادُ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ،
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا خَالِي أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا أَبِي, قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ الطُّوْسِيِّ
خَادِمِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ
رَاهْوَيْه يَقُوْلُ فِي حَدِيْثٍ: "إِنَّ اللهَ لاَ
يَجْمَعُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَلَى ضَلاَلَةٍ، فَإِذَا رَأًيْتُمُ
الاخْتِلاَفَ، فَعَلَيْكُم
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1129"، وحلية
الأولياء "9/ ترجمة 447"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 550"،
والعبر "1/ 437"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/
204"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 308"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 100".
(9/539)
بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ"1. فَقَالَ
رَجُلٌ: يَا أَبَا يَعْقُوْبَ مَنِ السَّوَادُ الأَعْظَمُ?
قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ، وَأَصْحَابُهُ، وَمَنْ
تَبِعَهُ. ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: لَمْ أَسْمَعْ عَالِماً
مُنْذُ خَمْسِيْنَ سنَةً كَانَ أَشَدَّ تَمَسُّكاً
بِأَثَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مِنْ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ: وَسَمِعْتُ أَبَا
يَعْقُوْبَ المَرْوَزِيَّ بِبَغْدَادَ، وَقُلْتُ لَهُ:
قَدْ صَحِبْتَ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ، وَأَحْمَدَ بنَ
حَنْبَلٍ أَيُّهُمَا كَانَ أَرْجَحَ وَأَكبَرَ وَأَبْصَرَ
بِالدِّيْنِ? فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ لِمَ
تَقُوْلُ هَذَا? إِذَا ذَكَرْتُ مُحَمَّداً فِي أَرْبَعَةِ
أَشْيَاءَ، فَلاَ تَقْرُنْ مَعَهُ أَحَداً: البَصْرُ
بِالدِّيْنِ، وَاتِّبَاعُ الأَثَرِ، وَالزُّهْدُ فِي
الدُّنْيَا، وَفَصَاحَتُهُ بِالقُرْآنِ وَالنَّحْوِ. ثُمَّ
قَالَ لِي: نَظَرَ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ "الرَّدِّ عَلَى
الجَهْمِيَّةِ" لاِبْنِ أَسْلَمَ، فَتَعَجَّبَ مِنْهُ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ: رَأَتْ عَينَاكَ مِثْلَ
مُحَمَّدٍ? قُلْتُ: لاَ.
وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ قَاسمٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ
يَحْيَى، عَنْ سِتِّ مَسَائِلَ، فَأَفْتَى فِيْهَا، وَقَدْ
كُنْتُ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ، فَأَفْتَى
فِيْهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَاحْتَجَّ فِيْهَا بِحَدِيْثِ
النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فِي كُلِّ
مَسْأَلَةٍ، وَلَيْسَ ذَاكَ عِنْدَنَا. وَسَمِعْتُ ابْنَ
رَاهْوَيْه ذَاتَ يَوْمٍ رَوَى فِي تَرْجِيْعِ الأَذَانِ
أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً, ثُمَّ رَوَى حَدِيْثَ عَبْدِ
اللهِ بنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ, ثُمَّ قَالَ: يَا قَوْمُ
قَدْ حَدَّثْتُكُم بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ فِي
التَّرْجِيْعِ، وَلَيْسَ فِي غَيْرِ التَّرْجِيْعِ إِلاَّ
حَدِيْثٌ وَاحِدٌ؛ حَدِيْثُ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ،
وَقَدْ أَمَرَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ النَّاسَ
بِالتَّرْجِيْعِ، فَقُلْتُم: هذا مبتدع, عامة أهل بلده
بالكوفة غَوْغَاءُ. ثُمَّ قَالَ: احْذَرُوا الغَوْغَاءَ،
فَإِنَّهُمْ قَتَلَةُ الأَنْبِيَاءِ. فَلَمَّا كَانَ
اللَّيْلُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا
يَعْقُوْبَ حَدَّثْتَ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ
بِالتَّرْجِيْعِ، فَمَا لَكَ لاَ تَأْمُرُ مُؤَذِّنَكَ
بِالتَّرْجِيْعِ؟ قَالَ: يا مغفل،
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن ماجه "3950" حدثنا العباس بن عثمان
الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا معان بن رفاعة
السلامي، حدثني أبو خلف الأعمى قال: سمعت ابن مالك
يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم- يقول: فذكره.
قلت: إسناده واه بمرة، آفته أبو خلف الأعمى، واسمه حازم بن
عطاء، كذبه يحيى بن معين. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. لكن
الفقرة الأولى من الحديث صحيحة لها شاهد ترتقي بها إلى
مرتبة الصحة, فله شاهد عن ابن عمر عند ابن أبي عاصم في
السنة "80"، والحاكم "1/ 115-116" من طريق المعتمر بن
سليمان عن سليمان بن سفيان، هو أبو سفيان المدني مولى طلحة
بن عبيد الله، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".
وأخرجه الطبراني في "الكبير" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي محمد بن أبي بكر
المقدمي، أخبرنا معتمر بن سليمان، عن مرزوق مولى آل طلحة
عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به.
قلت: وإسناد صحيح، رجاله ثقات، ومرزوق اسم أبيه مرداسة كما
في "مشكل الآثار" "4/ 114".
(9/540)
أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قُلْتُ فِي
الغَوْغَاءِ, إِنَّمَا أَخَافُ الغَوْغَاءَ. فَأَمَّا
أَمْرُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ، فَإِنَّهُ سَمَاوِيٌّ
كُلَّمَا أَخَذَ فِي شَيْءٍ, تَمَّ لَهُ، وَنَحْنُ
عَبِيْدُ بُطُوْنِنَا لَا يَتِمُّ لَنَا أَمْرٌ نَأْخُذُ
فِيْهِ نَحْنُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ مِثْلَ
السُّرَّاقِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ:
اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَالِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ،
فَإِنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَركَانِ الإِسْلاَمِ.
وكُنْتُ يَوْماً عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ بَعْدَ مَوتِ
ابْنِ أَسْلَمَ بِيَوْمٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ
مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَقَالَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ
أَبِي النَّضْرِ، وَهُوَ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ،
وَيَقُوْلُ: يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَجتَمِعَ، فَنُعَزِّيَ
بَعْضَنَا بَعْضاً بِمَوتِ رَجُلٍ لَمْ نَعْرِفْ مِنْ
عَهدِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ مِثْلَهُ.
وَقِيْلَ لأَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ
صَلَّى عَلَيْهِ أَلْفُ أَلفٍ مِنَ النَّاسِ، وَقَالَ
بَعْضُهُم: أَلْفُ أَلفٍ، وَمائَةُ أَلْفٍ يَقُوْلُ
صَالِحُهُمْ وَطَالِحُهُمْ: لَمْ نَعْرِفْ لِهَذَا
الرَّجُلِ نَظِيْراً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ: وَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ
أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ
بِنَيْسَابُوْرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تَعَالَ
أُبَشِّرْكَ بِمَا صَنَعَ اللهُ بِأَخِيكَ مِنَ الخَيْرِ
قَدْ نَزَلَ بِيَ المَوْتُ، وَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيَّ
أَنَّهُ مَا لِي دِرْهَمٌ يُحَاسِبُنِي اللهُ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ: أَغْلِقِ البَابَ، وَلاَ تَأْذنْ لأَحَدٍ
حَتَّى أَمُوتَ، وَتَدفِنُونَ كُتُبِي، وَاعْلَمْ أَنِّي
أَخرُجُ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَيْسَ أَدَعُ مِيْرَاثاً
غَيْرَ كِسَائِي وَلِبْدِي وَإِنَائِي الَّذِي أَتَوَضَّأُ
فِيْهِ وَكُتُبِي هَذِهِ، فَلاَ تُكَلِّفُوا النَّاسَ
مُؤْنَةً. وَكَانَ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيْهَا نَحْوُ
ثَلاَثِيْنَ دِرْهَماً، فَقَالَ: هَذَا لاِبْنِي أَهدَاهُ
قَرِيْبٌ لَهُ، وَلاَ أَعْلَمُ شَيْئاً أَحَلَّ لِي مِنْهُ
لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: "أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيْكَ" 1. وقال: "أَطْيَبُ
مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ ولده من كسبه"
2.
__________
1 صحيح: ورد عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم- فقد ورد عن
عبد الله بن عمرو: عند أحمد "2/ 179 و204 و214"، وأبي داود
"2291"، وابن ماجة "2292"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"
"4/ 158"، وابن الجارود "995" وإسناده حسن.
وورد عن جابر: عند ابن ماجه "2291"، والطحاوي في "شرح
معاني الآثار" "4/ 158"، وفي "مشكل الآثار" "2/ 230".
وإسناده صحيح على شرط البخاري.
وورد عن ابن مسعود: عند الطبراني في "الكبير" "10019"،
وسنده حسن في الشواهد.
وورد عن عبد الله بن عمر: عند البزار "1259".
وورد من حديث سمرة: عند البزار "1260"، والطبراني في
"الأوسط"، وأبي يعلى.
وورد من حديث عمر: عند البزار "1261"، وإسناده ضعيف
للانقطاع بين سعيد بن المسيب، وعمر.
2 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 31 و41 و127 و193 و201"، والبخاري
في "التاريخ الكبير" "1/ 407"، وأبو داود "3528"، والنسائي
"7/ 240-241 و241"، والدارمي "2/ 247"، والبيهقي "7/
479-480" من طريق إبراهيم عن عمارة بن عمير، عن عائشة، به
مرفوعا.
وأخرجه أحمد "6/ 42 و220"، والنسائي "7/ 241"، والبغوي
"2398" من طرق عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ
الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ به مرفوعا.
(9/541)
فَكَفِّنُونِي مِنْهَا، فَإِنْ أَصَبتُمْ
لِي بِعَشْرَةٍ مَا يَسْتُرُ عَورَتِي، فَلاَ تَشتَرُوا
بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَابْسُطُوا عَلَى جِنَازَتِي لِبْدِي،
وَغَطُّوا عَلَيْهَا كِسَائِي، وَأَعْطُوا إِنَائِي
مِسْكِيْناً, يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ
كَتَبُوا رَأْيَ فُلاَنٍ، وَكَتَبْتُ أَنَا الأَثَرَ،
فَأَنَا عِنْدَهُم عَلَى غَيْرِ الطَّرِيْقِ، وَهُم
عِنْدِي عَلَى غَيْرِ الطَّرِيْقِ, أَصْلُ الفَرَائِضِ فِي
حَرْفَيْنِ: مَا قَالَ اللهُ وَرَسُوْلُهُ: افْعَلْ,
فَهُوَ فَرِيْضَةٌ يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ، وَمَا قَالَ
اللهُ وَرَسُوْلُهُ: لاَ تَفْعَلْ، فَيَنْبَغِي أَنْ
يُنْتَهَى عَنْهُ، وَتَرْكُهُ فَرِيْضَةٌ. وَهَذَا فِي
القُرْآنِ، وَفِي فَرِيْضَةِ النبي -صلى الله عليه وسلم-
وهم يقرءونه، وَلَكِنْ لاَ يَتَفَكَّرُونَ فِيْهِ قَدْ
غَلَبَ عَلَيْهِم حُبُّ الدُّنْيَا.
صَحِبتُ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِيْنَ
سَنَةً لَمْ أَرَهُ يُصَلِّي حَيْثُ أَرَاهُ رَكْعَتَيْنِ
مِنَ التَّطَوُّعِ إِلاَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَسَمِعتُهُ
كَذَا وَكَذَا مَرَّةً يَحْلِفُ: لَوْ قَدِرتُ أَنْ
أَتَطَوَّعَ حَيْثُ لاَ يَرَانِي مَلَكَايَ لَفَعَلْتُ
خوفًا من الرياء، وكان يَدخُلُ بَيتاً لَهُ، وَيُغْلِقُ
بَابَهُ، وَلَمْ أَدرِ مَا يَصْنَعُ حَتَّى سَمِعْتُ
ابْناً لَهُ صَغِيْراً يَحكِي بُكَاءهُ، فَنَهَتْهُ
أُمُّهُ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هَذَا? قَالَتْ: إِنَّ أَبَا
الحَسَنِ يَدخُلُ هَذَا البَيْتَ، فَيَقْرأُ وَيَبْكِي،
فَيَسْمَعُهُ الصَّبِيُّ، فَيَحْكِيهِ. وَكَانَ إِذَا
أَرَادَ أَنْ يَخرُجَ غَسَلَ وَجْهَهُ، وَاكتَحَلَ، فَلاَ
يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ البُكَاءِ، وَكَانَ يَصِلُ قَوْماً،
وَيَكسُوهُمْ، وَيَقُوْلُ لِلرَّسُوْلِ: انظُرْ أَنْ لاَ
يَعلَمُوا مَنْ بَعَثَهُ، وَلاَ أَعلَمُ مُنْذُ
صَحِبْتُهُ، وَصَلَ أَحَداً بِأَقَلَّ مِنْ مائَةِ
دِرْهَمٍ إِلاَّ أَنْ لاَ يُمْكِنَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ
يَقُوْلُ لِي: اشتَرِ لِي شَعِيراً أَسوَدَ، فَإِنَّهُ
يَصِيرُ إِلَى الكَنِيفِ، وَلاَ تَشتَرِ لِي إِلاَّ مَا
يَكفِينِي يَوْماً بِيَوْمٍ، وَاشْتَرَيتُ لَهُ مَرَّةً
شَعِيراً أَبْيَضَ، وَنَقَّيْتُهُ، وَطَحَنْتُهُ، فَرَآهُ،
فَتَغَيَّرَ لَونُهُ، وَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تَنَوَّقْتَ
فِيْهِ، فَأَطْعِمْهُ نَفْسَكَ لَعَلَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ
أَعْمَالاً تَحتَمِلُ أَنْ تُطْعِمَ نَفْسَكَ النَّقِيَّ،
وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ سِرْتُ فِي الأَرْضِ وَدُرتُ
فِيْهَا فَبِاللهِ مَا رَأَيْتُ نَفْساً تُصَلِّي أَشَرَّ
عِنْدِي مِنْ نَفْسِي، فَبِمَا أَحتَجُّ عِنْدَ اللهِ إِنْ
أَطعَمتُهَا النَّقِيَّ?! خُذْ هَذَا الطَّعَامَ، وَاشتَرِ
لِي كُلَّ يَوْمٍ بِقِطعَةٍ شَعِيْراً رَدِيْئاً، وَاشتَرِ
لِي رَحَىً، فَجِئْنِي بِهِ حَتَّى أَطحَنَ بَيَدِي،
وَآكُلَهُ لَعَلِّي أَبلُغُ مَا كَانَ فِيْهِ عَلِيٌّ
وَفَاطِمَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَوُلِدَ لَهُ ابْنٌ، فَدَفَعَ إِلَيَّ دَرَاهِمَ،
فَقَالَ: اشتَرِ كَبْشَيْنِ عَظِيْمَينِ، وَغَالِ بِهِمَا،
وَاشتَرِ بِعَشْرَةٍ دَقِيْقاً وَاخْبِزْهُ. فَفَعَلتُ,
وَنَخَلتُهُ، فَأَعطَانِي عَشْرَةً أُخَرَ، وَقَالَ:
اشتَرِ بِهِ دَقِيْقاً، وَلاَ تَنْخُلْهُ ثُمَّ قَالَ:
إِنَّ العقيقة سنة، ونخل الدَّقِيقِ بِدْعَةٌ، وَلاَ
يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ فِي السُّنَّةِ بِدْعَةٌ.
قَالَ: وَأَمَّا كَلاَمُهُ فِي النَّقضِ علَى
المُخَالِفِينَ مِنَ المُرْجِئَةِ وَالجَهْمِيَّةِ،
فَشَائِعٌ ذَائِعٌ.
(9/542)
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحٍ
سَمِعْتُ أَبَا سعيد محمد شَاذَانَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
رَافِعٍ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ،
وَقبَّلْتُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَمَا شَبَّهْتُهُ إِلاَّ
بِالصَّحَابَةِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ
جَزَاكَ اللهُ عَنِ الإِسْلاَمِ خَيْراً.
وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّيَ سَمِعْتُ ابْنَ
خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا رَبَّانِيُّ هَذِهِ
الأُمَّةِ؛ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ الطُّوْسِيُّ.
أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَسْلَمَ, قَالَ: لَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ
بنِ طَاهِرٍ، وَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْهِ بِالإِمْرَةِ
غَضِبَ، وَقَالَ: عَمَدتُم إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ
القِبْلَةِ، فَكَفَّرْتُمُوهُ، فَقِيْلَ: قَدْ كَانَ مَا
أُنْهِيَ إِلَى الأَمِيْرِ، فَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ:
شِرَاكُ نَعْلَي عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ خَيْرٌ مِنْكَ،
وَكَانَ يَرفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَدْ
بَلَغَنِي أَنَّكَ لاَ تَرفعُ رَأْسَكَ إِلَى السَّمَاءِ،
فَقُلْتُ: بِرَأْسِي هَكَذَا إِلَى السَّمَاءِ سَاعَةً
ثُمَّ قُلْتُ: وَلِمَ لاَ أَرفَعُ رَأْسِي إِلَى
السَّمَاءِ؟ وَهلْ أَرْجُو الخَيْرَ إِلاَّ مِمَّنْ فِي
السَّمَاءِ?! وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مُؤَمَّلَ بنَ
إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
النَّظَرُ فِي وُجُوْهِكُمْ مَعْصِيَةٌ، فَقَالَ: بِيَدِهِ
هَكَذَا يُحْبَسُ.
قَالَ ابْنُ أَسْلَمَ: فَأَقَمْنَا، وَكُنَّا أَرْبَعَةَ
عشر شيخًا، فحبست أربعة عشر شَهْراً مَا اطَّلَعَ اللهُ
عَلَى قَلْبِي أَنِّي أَرَدْتُ الخَلاَصَ. قُلْتُ: اللهُ
حَبَسَنِي، وَهُوَ يُطْلِقُنِي، وَلَيْسَ لِي إِلَى
المَخْلُوْقِيْنَ حَاجَةٌ، فَأُخْرِجْتُ، وَأُدْخِلْتُ
عَلَيْهِ، وَفِي رَأْسِي عِمَامَةٌ كَبِيْرَةٌ طَوِيْلَةٌ،
فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي السُّجُوْدِ عَلَى كَوْرِ
العِمَامَةِ? فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ يَحْيَى،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ المُحَرَّرِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ
الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجَدَ عَلَى كَوْرِ
العِمَامَةِ1، فَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: هَذَا إِسْنَادٌ
ضَعِيْفٌ، فَقُلْتُ: أَسْتَعْمِلُ هَذَا حَتَّى يَجِيْءَ
أَقْوَى مِنْهُ, ثُمَّ قُلْتُ: وَعِنْدِي أَقْوَى مِنْهُ،
حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ حُسَيْنِ
بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي
بِفُضُولِهِ حَرَّ الأَرْضِ وَبَرْدَهَا2. هَذَا
الدَّلِيْلُ على
__________
1 ضعيف جدا: فيه عبد الله بن المحرر الجزري، قال أحمد: ترك
الناس حديثه.
وقال الدارقطني وجماعة: متروك.
2 حسن لغيره: أخرجه أحمد "1/ 256 و303 و320 و354"، وابن
أبي شيبة "1/ 269"، وأبو يعلى "2446" و"2687"، والطبراني
"11520" و"11521" من طرق عن شريك عن حسين بن عبد الله، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه شريك، وهو ابن عبد الله النخعي
القاضي، فإنه سيئ الحفظ.
وفيه حسين بن عبد الله، وهو ابن عبيد الله بن عباس، وهو
ضعيف أيضا. =
(9/543)
السُّجُوْدِ عَلَى كَوْرِ العِمَامَةِ
ثُمَّ قَالَ: وَرَدَ كِتَابُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ
يَنْهَى عَنِ الجَدَلِ وَالخُصُومَاتِ، فَتَقَدَّمْ إِلَى
أَصْحَابِكَ أَنْ لاَ يَعُوْدُوا، فَقُلْتُ: نَعَمْ ثُمَّ
خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وَهَذَا كَانَ مُقَدَّراً
عَلَيَّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَنِي
غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ جُلَّ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ صَارُوا
إِلَى يَحْيَى بنِ يَحْيَى، فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَكْتُبَ
إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ فِي تَخْلِيَتِكَ، فَقَالَ
يَحْيَى: لاَ أُكَاتِبُ السُّلْطَانَ، وَإِنْ كُتِبَ عَلَى
لِسَانِيَ لَمْ أُكْرَهْ حَتَّى يَكُوْنَ خَلاَصُهُ،
فَكُتِبَ بِحَضْرَتِهِ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ
الكِتَابُ إِلَى ابْنِ طَاهِرٍ أَمَرَ بِإِخْرَاجِكَ
وَأَصْحَابِكَ. قَالَ: نَعَمْ.
أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَسْلَمَ,
سَمِعْتُ المُقْرِئَ يَقُوْلُ: الشِّكَايَةُ
وَالتَّحْذِيْرُ لَيْسَتْ مِنَ الغِيْبَةِ.
مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ السّلْطِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ
أَسْلَمَ يُنْشِدُ:
إِنَّ الطَّبِيْبَ بِطِبِّهِ وَدَوَائِهِ ... لاَ
يَسْتَطِيعُ دِفَاعَ مَقْدُوْرٍ أَتَى
مَا لِلطَّبِيْبِ يَمُوْتُ بِالدَّاءِ الَّذِي ... قَدْ
كَانَ يُبْرِي مِثْلَهُ فِيْمَا مَضَى
هَلَكَ المُدَاوِي وَالمُدَاوَى وَالَّذِي ... جَلَبَ
الدَّوَاءَ وَبَاعَهُ وَمَنِ اشْتَرَى
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: مَرِضَ مُحَمَّدُ بنُ
أَسْلَمَ فِي بَيْتِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ طُوْسَ، فَقَالَ
لَهُ: لاَ تُفَارِقْنِي اللَّيْلَ، فَإِنِّي يَأْتِيْنِي
أَمْرُ اللهِ قَبْلَ أَنْ أُصْبِحَ، فَإِذَا مُتُّ، فَلاَ
تَنْتَظِرْ بِي أَحَداً، وَاغْسِلْنِي لِلْوَقْتِ،
وَجَهِّزْنِي. قَالَ: فَمَاتَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ.
قَالَ: فَأَتَاهُمْ صَاحِبُ الأَمِيْرِ طَاهِرِ بنِ عَبْدِ
اللهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُ إِلَى مَقْبَرَةِ
السَّاذياخِ؛ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ. قَالَ:
فَوُضِعَتِ الجِنَازَةُ، وَالنَّاسُ يُؤَذِّنُونَ
لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، وَمَا نَادَى عَلَى جِنَازَتِهِ
أَحَدٌ، وَلاَ رُوسِلَ بِوَفَاتِهِ أَحَدٌ، وَإِذَا
الخَلقُ قَدِ اجْتَمَعَ بِحَيْثُ لاَ يُذكَرُ مِثْلُهُ،
فَأَمَّهُمْ طَاهِرٌ، وَدُفِنَ بِجَنْبِ إِسْحَاقَ بن
راهويه.
__________
= وأخرجه أبو يعلى "2248"، والطبراني "11178" من طريق سلام
بن الطويل، عن زيد العمى، عن مجاهد، عن ابن عباس قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يسجد على ثوبه. وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف سلام
الطويل، وزيد العمي.
ويشهد له ما أخرجه البخاري "1208"، ومسلم "620" من حديث
أنس بن مالك قال: "كنا نصلي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شِدَّة الحَرِّ، فإذا لم
يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه".
وفي لفظ عند البخاري "385" قال: "كنا نصلي مع النبي -صلى
الله عليه وسلم- فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان
السجود".
(9/544)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى
البَاشَانِيُّ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ لِثَلاَثٍ
بَقِيْنَ مِنْ المُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِنَيْسَابُوْرَ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ الفَقِيْهَ سَمِعْتُ
إِبْرَاهِيْمَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ العَنْبَرِيَّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ بِمِصْرَ، وَأَنَا أَكْتُبُ بِاللَّيْلِ كُتُبَ ابن
وهب، وذلك لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ, فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ يَا
إِبْرَاهِيْمُ مَاتَ العَبْدُ الصَّالِحُ مُحَمَّدُ بنُ
أَسْلَمَ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَتَبتُهُ عَلَى
ظَهرِ كِتَابِي، فَإِذَا بِهِ قَدْ مَاتَ فِي تِلْكَ
السَّاعَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ: قيلَ لِي:
صَلَّى عَلَى مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ أَلفُ أَلفِ
إِنْسَانٍ.
قُلْتُ: هَذَا لَيْسَ بِمُمْكِنِ الوُقُوْعِ، وَلاَ
سِيَّمَا أَنَّهُ إِنَّمَا عَلِمُوا بِمَوتِهِ فِي
اللَّيْلِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بُعَيْدَ الفَجْرِ، فَاللهُ
أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ،
وَزَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ قَالاَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ
المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ
طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ وَكِيْعٍ الطُّوْسِيُّ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ
المُحَارِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: "لاَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عَلَى قَوْمٍ، فِيْهِمْ
قَاطِعُ رَحِمٍ"1.
تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرُ، عن سليمان أبي
إدام، وهو ضعيف.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ
مَسْعُوْدِ بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَقَرَأْتُهُ عَلَى
إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيْلٍ،
أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ الطُّوْسِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا يَعْلَى,
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَكْمَلُ
المُؤْمِنِيْنَ إِيْمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً" 2.
__________
1 ضعيف: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "63"، وآفته
سليمان بن زيد أو يزيد المحاربي الكوفي أبو إدام. قال
يحيى: ليس بثقة وقال مرة: ليس يسوى حديثه فلسا.
وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان: لا يحتج به، وأورد
الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان".
2 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 515" و"11/ 27"، وفي
"الإيمان" له "17" و"18"، وأحمد "2/ 472"، وأبو داود
"4682"، والترمذي "1162"، والحاكم "1/ 3"، والآجري في
"الشريعة" "ص115"، وأبو نعيم في "الحلية" "9/ 248"،
والقضاعي في "مسند الشهاب" "1291" والبغوي "3495" من طرق
عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
أبي هريرة، به مرفوعا.
قلت: إسناده حسن، محمد بن عمرو، هو ابن علقمة الليثي، صدوق
كما قال الحافظ في "التقريب".
وأخرجه ابن أبي شيبة "8/ 516" و"11/ 27-28"، وفي "الإيمان"
له "20"، وأحمد "2/ 527"، والدارمي "2/ 323"، والحاكم "1/
3" من طريق سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عجلان، عن القعقاع
ابن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن عجلان، صدوق كما قال الحافظ في
"التقريب".
(9/545)
وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ
خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَكَمِ بنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ
قَالَ: مَا رُئِيَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ مَادّاً
رِجْلَيْهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ1. غَرِيْبٌ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ،
أَخْبَرْنَا اللَّبَّانُ, أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ،
أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرٍ المُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ بَطَّةَ،
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ المَدِيْنِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ طُوْسِيٍّ بِمَكَّةَ،
وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ خَادِمُ مُحَمَّدِ بنِ
أَسْلَمَ وَصَاحِبُهُ, قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
أَسْلَمَ يَقُوْلُ: زَعَمَتِ الجَهْمِيَّةُ أَنَّ القرآن
خلق، وقد أشركوا في ذَلِكَ وَهُم لاَ يَعْلَمُوْنَ؛ لأَنَّ
اللهَ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ أَنَّ لَهُ كَلاَماً،
فَقَالَ: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ
بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأَعْرَافُ: 144] ،
وَقَالَ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}
[النِّسَاءُ: 164] . وَقَالَ: {يَا مُوسَى، إِنِّي أَنَا
رَبُّكَ} [طه: 11، 12] ، وَقَالَ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14] .
وَعَنْ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ, قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ
بنُ أَسْلَمَ فِي وَقْتِهِ يُشَبَّهُ بِابْنِ المُبَارَكِ.
وَكَانَ زَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ إِذَا حَدَّثَ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا الزَّاهِدُ
الرباني.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "9/ 250" حدثنا أبو
أحمد محمد بن أحمد الغطريفي، به.
قلت: إسناده ضعيف فيه عبد الحكم بن ميسرة، قال أبو موسى
المديني لا أعرفه بجرح ولا تعديل.
والعلة الثانية: ابن جريج والعلة الثالثة أبو الزبير
المكي، وهما مدلسان، وقد عنعناه.
(9/546)
2034- الرِّبَاطي 1: "خَ، م، د، ت، س"
الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ أَمِيْرُ الرِّبَاطِ أَبُو
عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بن سعيد ابن إِبْرَاهِيْمَ
المَرْوَزِيُّ الرِّبَاطِيُّ الأَشْقَرُ نَزِيْلُ
نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ وَكِيْعاً، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَوَهْبَ بنَ
جَرِيْرٍ، وَسَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ الضُّبَعِيَّ،
وَإِسْحَاقَ السَّلُوْلِيَّ، وَأَبَا عَاصِمٍ،
وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
أَبِي طَالِبٍ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القَبَّانِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العباس الثقفي،
وآخرون.
رُوِيَ عَنِ الرِّبَاطِيِّ, قَالَ: جِئْتُ إِلَى أَحْمَدَ
بنِ حَنْبَلٍ، فَجَعَلَ لاَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَيَّ،
فقلت: يا أبا عبد الله إنه يكتب عَنِّيَ الحَدِيْثُ
بِخُرَاسَانَ، فَإِنْ عَامَلْتَنِي بِهَذَا, رَمَوا
بِحَدِيْثِي. فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ هَلْ بُدٌّ أَنْ
يُقَالَ يَوْمَ القِيَامَةِ: أَيْنَ عَبْدُ اللهِ بنُ
طَاهِرٍ وَأَتْبَاعُهُ، فَانْظُرْ أَيْنَ تَكُوْنُ
مِنْهُ?! قُلْتُ: إِنَّمَا وَلاَّنِي أَمرَ الرِّبَاطِ،
فَجَعَلَ يُرَدِّدُ قَوْلَهُ عَلَيَّ.
تُوُفِّيَ الرِّبَاطِيُّ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ. وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ عَسَاكِرَ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ
الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ
الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بنُ المُحِبِّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ الخَفَّافُ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
سَعِيْدٍ الرِّبَاطِيُّ، حَدَّثَنَا مَحْبُوْبُ بنُ
الحَسَنِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ
مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: فُرِضَتْ صَلاَةُ
الحَضَرِ، وَالسَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ،
فَلَمَّا أَقَامَ رَسُوْلُ الله بالمدنية, زِيْدَ فِي
صَلاَةِ الحَضَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وَتُرِكَتْ
صَلاَةُ الفَجْرِ لِطُوْلِ القِرَاءةِ، وَالمَغْرِبُ
لأَنَّهَا وِتْرُ النهار2.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ
يَقُوْلُ: كَانَ الرِّبَاطِيُّ -وَاللهِ- مِنَ الأَئِمَّةِ
المُقْتَدَى بِهِم.
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ: كَانَ حَافِظاً مُتْقِناً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّفَّارُ: لَوْ كَانَ
الحَسَنُ البَصْرِيُّ حَيّاً, لاَحْتَاجَ إِلَى إِسْحَاقَ
بنِ رَاهْوَيْه، وَلَمْ أر بعده مثل أحمد
الرباطي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1511"، وتاريخ بغداد
"4/ 165"، والأنساب للسمعاني "6/ 69"، واللباب لابن الأثير
"2/ 14"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 556"، والعبر "1/ 439"،
والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 390"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 102".
2 صحيح: أخرجه ابن خزيمة "305" من طريق محبوب بن الحسن،
به.
وأخرجه مالك "1/ 146"، ومن طريقه البخاري "350"، ومسلم
"685"، وأبو داود "1198"، والنسائي "1/ 225-226" من طريق
صالح بن كيسان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، به.
وأخرجه البخاري "1090" و"3935"، ومسلم "685"، والنسائي "1/
225"، والدارمي "1/ 355" والبيهقي "3/ 143" من طرق عن
الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.
(9/547)
2035- فضل بن
سهل 1: "خ، م، د، س، ت"
ابن إبراهيم, الحَافِظُ, البَارِعُ, الثِّقَةُ, أَبُو
العَبَّاسِ الأَعْرَجُ, البَغْدَادِيُّ, الرَّامِ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ، أَوْ
قَبْلَهَا.
حَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَحُسَيْنٍ
الجُعْفِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ، وَزَيْدِ
بنِ الحُبَابِ، وَمُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ العَبْدِيِّ،
وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَطَاءَ، وَأَبِي نُوْحٍ قُرَادٍ،
وَأَبِي عَاصِمٍ، وَالحَسَنِ بنِ مُوْسَى، وَشَبَابَةَ،
وَعَفَّانَ، وَيَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ،
وَأَبِي النّضرِ، وَيَحْيَى بنِ غَيْلاَنَ، وَيُوْنُسَ بنِ
مُحَمَّدٍ، وَخَلْقٍ لاَ يَنْحَصِرُوْنَ، وَكَانَ من أعيان
الحفاظ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَئِمَّةُ السِّتَّةُ -سِوَى ابْنِ
مَاجَهْ- وَأَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّارُ، وَابْنُ
أَبِي عَاصِمٍ، وَالبَغَوِيُّ، وَعَبْدَانُ
الجَوَالِيْقِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَعُمَرُ بنُ
بُجَيْرٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَالقَاضِي
المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ،
وَعِدَّةٌ.
قَالَ عَبْدَانُ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: أَنَا
لاَ أُحَدِّثُ، عَنْ فَضْلٍ الأَعْرَجِ. قُلْتُ: لِمَ?
قَالَ: لأَنَّهُ كَانَ لاَ يَفُوْتُهُ حَدِيْثٌ جَيِّدٌ.
قُلْتُ: مَا بِهَذَا الخِيَالِ يُغْمَزُ الحَافِظُ, ثُمَّ
هَذَا أَبُو دَاوُدَ قَائِلُ هَذَا قَدْ رَوَى عَنْهُ فِي
"سُنَنِهِ".
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ".
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ: مَاتَ
الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ بِبَغْدَادَ, يَوْمَ الاثْنَيْنِ,
لِثَلاَثٍ بَقِيْنَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ
وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، عَنْ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ
سَنَةً، وَفِي اليَوْمِ المَذْكُوْرِ أَرَّخَهُ أَيْضاً
أَبُو عبيد بن حربويه، وكان ذا غرائب.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ
الوَلِيِّ بنُ رَافِعٍ، وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ،
وَعِيْسَى بنُ بَرَكَةَ، وَجَمَاعَةٌ, قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أخبرنا سعيد بن أحمد
بنِ البَنَّاءِ، وَأَنَا فِي الرَّابِعَةِ سَنَةَ تِسْعٍ
وأربعين وخمسمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، أخبرنا
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 758
و789"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 309" وتاريخ بغداد "12/
364"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 574"، والكاشف "2/ ترجمة
4534"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6728"، وتهذيب التهذيب
"8/ 277"، وتقريب التهذيب "2/ 110"، وخلاصة الخزرجي "2/
ترجمة 5712".
(9/548)
مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ زُنْبُوْرٍ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدَةُ الصَّفَّارِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ،
حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، وَالأَعْمَشِ
"ح". وَحَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا
الأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ
مَنْصُوْرٍ، وَالأَعْمَشِ، وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بنُ
مُحَمَّدٍ، وَابْنُ كَرَامَةَ -وَاللَّفْظُ لَهُ- قَالاَ:
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا
إِسْرَائِيْلُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ
عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
غَزَاةٍ أَوْ غَارٍ -وَقَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: فِي
غَارٍ- فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}
[المُرْسَلاَتُ: 1] ، فَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ
فِيْهِ إِذْ خَرَجَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ،
فَابْتَدَرْنَاهَا، فَسَبَقَتْنَا، فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا،
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "وُقِيَتْ شَرَّكُم، وَوُقِيْتُم شَرَّهَا".
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ1، عَنْ عَبْدَةَ.
وَمَاتَ مَعَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ
بِسَمَرْقَنْدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ الطُّوْسِيُّ،
وَعُتَيْقُ بنُ مُحَمَّدٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ
رِفَاعَةَ بِمِصْرَ، وَالمُعْتَزُّ بِاللهِ -قَتَلُوهُ-
وَمُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ النَّشَائِيُّ، وَأَبُو يَحْيَى
صَاعِقَةُ، وَمُوْسَى بنُ عَامِرٍ المُرِّيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ كَرَّامٍ شَيْخُ الكَرَّامِيَّةَ، وَالجَاحِظُ،
وَأَبُو حَاتِمٍ بِخُلْفٍ فِيْهِمَا.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3317".
(9/549)
2036- محمد بن
منصور 1: "د، س"
ابن داود بن إبراهيم الإِمَامُ الحَافِظُ القُدْوَةُ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوْسِيُّ ثُمَّ
البَغْدَادِيُّ العَابِدُ.
سَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَمُعَاذَ بنَ مُعَاذٍ،
وَإِسْمَاعِيْلَ ابْنَ عُلَيَّةَ، وَيَعْقُوْبَ بنَ
إِبْرَاهِيْمَ الزُّهْرِيَّ، وَيَحْيَى القَطَّانَ،
وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ فِي
"سُنَنِهِمَا"، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُطَيَّنٌ، وَابْنُ
صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيُّ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ المَرُّوْذِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ
اللهِ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: لاَ أعلم
إلا خيرًا صاحب صلاة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 407"، وحلية
الأولياء "10/ ترجمة 549"، وتاريخ بغداد "3/ 247"، والكاشف
"3/ ترجمة 5255"، والعبر"2/ 212"، وتهذيب التهذيب "9/
472"، وتقريب التهذيب "2/ 210"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
6677".
(9/549)
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَذِّنُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيَّ، وَحَوَالَيْهُ قَوْمٌ،
فَقَالُوا: يَا أَبَا جَعْفَرٍ أَيْشٍ اليَوْمَ عِنْدَكَ,
قَدْ شَكَّ النَّاسُ فِيْهِ? أَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ أَوْ
غَيْرُهُ? فَقَالَ: اصْبِرُوا. فَدَخَلَ البَيْتَ ثُمَّ
خَرَجَ، فَقَالَ: هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَاسْتَحْيَوْا
أَنْ يَقُوْلُوا لَهُ: مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ؟ فَعَدُّوا
الأَيَّامَ، فَكَانَ كَمَا قَالَ: فَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ
بنَ سَلاَّمٍ الوراق يقول له: من أَيْنَ عَلِمْتَ? قَالَ:
دَخَلْتُ، فَسَأَلْتُ رَبِّي، فَأَرَانِي النَّاسَ فِي
المَوْقِفِ!
قُلْتُ: لاَ أَعْرِفُ هَذَا المُؤَذِّنَ، وَلَمْ يَبْعُدْ
وُقُوْعُ هَذَا لِمِثْلِ هَذَا الوَلِيِّ، وَلَكِنِ
الشَّأْنُ فِي ثُبُوْتِ ذَلِكَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ فِي كِتَابِ
طَبَقَاتِ الصُّوْفِيَّةِ: مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ
الطُّوْسِيُّ أُسْتَاذُ أَبِي سَعِيْدٍ الخَرَّازِ،
وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ مَسْرُوْقٍ كَتَبَ الحَدِيْثَ
الكَثِيْرَ، وَرَوَاهُ.
قُلْتُ: مَتَى رَأَيْتَ الصُّوْفِيَّ مُكِبّاً عَلَى
الحَدِيْثِ، فَثِقْ بِهِ، وَمَتَى رَأَيْتَهُ نَائِياً
عَنِ الحَدِيْثِ، فَلاَ تَفرَحْ بِهِ لاَ سيِّمَا إِذَا
انْضَافَ إِلَى جَهلِهِ بِالحَدِيْثِ عُكُوفٌ عَلَى
تُرَّهَاتِ1 الصُّوْفِيَّةِ، وَرُمُوْزِ البَاطِنِيَّةِ
-نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ- كَمَا قَالَ ابْنُ
المُبَارَكِ:
وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّيْنَ إِلاَّ المُلُوْكُ ...
وَأَحْبَارُ سَوْءٍ وَرُهْبَانُهَا
وَعَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخَرَّازِ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ
مَنْصُوْرٍ عَنْ حَقِيْقَةِ الفَقْرِ، فَقَالَ:
السُّكُوْنُ عِنْدَ كُلِّ عَدَمٍ، وَالبَذْلُ عِنْدَ كُلِّ
وُجُوْدٍ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ أَنَّهُ سُئِلَ: إِذَا
أَكَلْتُ وَشَبِعْتُ فَمَا شُكْرُ تِلْكَ النِّعمَةِ؟
قَالَ: أَنْ تُصَلِّيَ حَتَّى لاَ يَبْقَى فِي جَوفِكَ
مِنْهُ شَيْءٌ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُصْعَبٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ،
فَقُلْتُ: مُرْنِي بِشَيْءٍ حَتَّى أَلْزَمَهُ قَالَ:
"عَلَيْكَ بِالْيَقِيْنِ".
وَعَنْهُ قَالَ: يُعْرَفُ الجَاهِلُ بِالغَضَبِ فِي غَيْرِ
شَيْءٍ، وَإِفْشَاءِ السر، وَالثِّقَةِ بِكُلِّ أَحَدٍ،
وَالعِظَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا.
مَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَعَاشَ ثَمَانِياً
وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِطِّيْخٍ، وَجَمَاعَةٌ
قَالُوا: أَخْبَرَنَا النَّاصِحُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ،
أَخْبَرْنَا ابْنُ طَلْحَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ
مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ,
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ: سَمِعَ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ
لِعَلِيٍّ هَذِهِ المَقَالَةَ حِيْنَ اسْتَخْلَفَهُ:
"أَلاَ تَرْضَى يَا عَلِيُّ أَنْ تَكُوْنَ مِنِّي
بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى؟ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ
نبي بعدي" 2.
__________
1 الترهات: الأباطيل.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3706" و"4416"، ومسلم "2404"،
والترمذي "3731".
(9/550)
2037- محمد بن
رافع 1: "خ، م، د، س، ت"
ابن أبي زيد، وَاسْمُهُ سَابُوْرُ، الإِمَامُ الحَافِظُ
الحُجَّةُ القُدْوَةُ بَقِيَّةُ الأَعْلاَمِ أَبُو عَبْدِ
اللهِ القُشَيْرِيُّ مَوْلاَهُمُ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، فِي
أَيَّامِ مالك الإمام، ورحل سنة نيف وتسعين.
وَسَمِعَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ.
قَالَ فِيْهِ الحَاكِمُ فِي "تَارِيْخِهِ": شَيْخُ عَصرِهِ
بِخُرَاسَانَ فِي الصِّدْقِ وَالرِّحْلَةِ.
سَمِعَ بِالحِجَازِ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَمَعْنَ
بنَ عِيْسَى، وَابْنَ أَبِي فُدَيْكٍ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ
أَبِي أُوَيْسٍ، وَطَبَقَتَهُم بِالحِجَازِ، وَعَبْدَ
اللهِ بنَ إِدْرِيْسَ، وَوَكِيْعاً، وَابْنَ نُمَيْرٍ،
وَأَبَا مُعَاوِيَةَ، وَأَبَا أُسَامَةَ، وَيُوْنُسَ بنَ
بُكَيْرٍ، وَالحُسَيْنَ الجُعْفِيَّ، وَعِدَّةً
بِالْكُوْفَةِ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَأَخَاهُ عَبْدَ
الوَهَّابِ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي حَكِيمٍ، وَعَبْدَ اللهِ
الوَلِيْدَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ
بِاليَمَنِ، وَأَبَا دَاوُدَ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ،
وَأَبَا قُتَيْبَةَ، وَأَبَا عَلِيٍّ الحَنَفِيَّ،
وَحَمَّادَ بنَ مَسْعَدَةَ، وَعِدَّةً بِالبَصْرَةِ.
وَمِنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَطَبَقَتِهِ بِوَاسِطَ،
وَمِنْ شَبَابَةَ بِالمَدَائِنِ، وَمِنْ أَبِي النَّضْرِ،
وَعِدَّةٍ بِبَغْدَادَ، وَمِنَ النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ،
وَمَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَطَبَقَتِهِمَا
بِخُرَاسَانَ، وَعُنِيَ بِالسُّنَنِ عِلْماً وَعَمَلاً،
وَعُمِّرَ، وَارْتَحَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو
دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي
تَصَانِيْفِهِم، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ، وَأَبُو زُرْعَةَ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وأبو بكر
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 218"، والمعرفة
والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 390"، والجرح والتعديل "7/
ترجمة 1391"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 525"، والكاشف "3/
ترجمة 4918"، والعبر "1/ 445" و"2/ 126 و136"، وتهذيب
التهذيب "9/ 160"، وتقريب التهذيب "2/ 160"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "2/ 109"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
6212".
(9/551)
ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ البَلْخِيُّ،
وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، وَزَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَخَلْقٌ, آخِرُهُم مَوْتاً: حَاجِبُ بنُ أَحْمَدَ
الطُّوْسِيُّ.
وَمِنْ طَرِيْقِهِ يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً في
"الثقفيات"1.
قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ, سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو
المُسْتَمْلِي, سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ يَقُوْلُ:
كُنْتُ مَعَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ عِنْدَ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَجَاءنَا يَوْمُ الفِطْرِ،
فَخَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إِلَى المُصَلَّى،
وَمَعَنَا نَاسٌ كَثِيْرٌ، فَلَمَّا رَجَعنَا مِنَ
المُصَلَّى دَعَانَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ إِلَى الغَدَاءِ،
فَجَعَلَنَا نَتَغَدَّى مَعَهُ، فَقَالَ لأَحْمَدَ
وَإِسْحَاقَ: رَأَيْتُ اليَوْمَ مِنْكُمَا شَيْئاً
عَجَباً, لَمْ تُكَبِّرَا! قَالا: يَا أَبَا بَكْرٍ,
نَحْنُ نَنْظُرُ إِلَيْكَ هَلْ تُكَبِّرُ، فَنُكَبِّرَ،
فَلَمَّا رَأَينَاكَ لَمْ تُكَبِّرْ, أَمسَكْنَا. قَالَ:
وَأَنَا كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْكُمَا, هَلْ تُكَبِّرَانِ،
فَأُكَبِّرَ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الحَافِظُ: مَا
رَأَيْتُ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ أَهْيَبَ مِنْ مُحَمَّدِ
بنِ رَافِعٍ كَانَ يَسْتَنِدُ إِلَى الشَّجَرَةِ
الصَّنَوبَرِ فِي دَارِهِ، فَيَجْلِسُ العُلَمَاءُ بَيْنَ
يَدَيْهِ عَلَى مَرَاتِبِهِم، وَأَوْلاَدُ
الطَّاهِرِيَّةِ، وَمَعَهُمُ الخَدَمُ كَأَنَّ عَلَى
رءوسهم الطَّيْرُ، فَيَأْخُذُ الكِتَابَ، وَيَقْرَأُ
بِنَفْسِهِ، وَلاَ يَنْطِقُ أَحَدٌ، وَلا يَتَبَسَّمُ
إِجْلاَلاً لَهُ، وَإِذَا تَبَسَّمَ، وَاحِدٌ أَو رَاطَنَ
صَاحِبَهُ, قَالَ: وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ،
وَيَأْخُذُ الكِتَابَ، فَلا يَقْدِرُ أَحَدٌ يُرَاجِعَهُ,
أَوْ يُشِيْرَ بِيَدِهِ. وَلَقَدْ تَبَسَّمَ خَادِمٌ مِنْ
خَدَمِ الطَّاهِرِيَّةِ يَوْماً، فَقَطَعَ ابْنُ رَافِعٍ
مَجْلِسَهُ، فَانْتَهَى الخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَى طَاهِرِ
بنِ عَبْدِ اللهِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِ الخَادِمِ, حَتَّى
احْتَلْنَا لِخَلاَصِهِ.
قَالَ زَكَرِيَّا بنُ دَلَّوَيْه: بَعَثَ طَاهِرُ بنُ
عَبْدِ اللهِ إِلَى ابْنِ رَافِعٍ بِخَمْسَةِ آلاَفِ
دِرْهَمٍ مَعَ رَسُوْلٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ
العَصرِ، وَهُوَ يَأْكُلُ الخُبزَ مَعَ الفُجْلِ. فَوَضَعَ
الكِيسَ، فَقَالَ: بَعَثَ الأَمِيْرُ إِلَيْكَ بِهَذَا
المَالِ، فَقَالَ: خُذْ خُذْ, لاَ أَحتَاجُ إِلَيْهِ،
فَإِنَّ الشَّمْسَ قَدْ بَلَغَتْ رَأْسَ الحِيْطَانِ
إِنَّمَا تَغْرُبُ بَعْدَ سَاعَةٍ، وَقَدْ جَاوَزْتُ
الثَّمَانِيْنَ, إِلَى مَتَى أَعِيشُ? فَردَّ. قَالَ:
فَدَخَلَ ابْنُهُ، وَقَالَ: يَا أَبَةِ لَيْسَ لَنَا
اللَّيْلَةَ خُبْزٌ. قَالَ: فَبَعَثَ بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ
خَلْفَ الرَّسُوْلِ لِيَرُدَّ المَالَ إِلَى طَاهِرٍ،
فَزَعاً مِنِ ابْنِهِ أَنْ يَذْهَبَ خَلْفَهُ، فَيَأْخُذَ
المَالَ.
قَالَ زَكَرِيَّا: رُبَّمَا كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْنَا
مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ فِي الشِّتَاءِ، وَقَدْ لَبِسَ
لِحَافَهُ.
أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ
رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ بَيْنَ يدي يزيد بن هارون
__________
1 الثقفيات: هي عشرة أجزاء حديثية لأبي عبد الله القاسم بن
الفضل الثقفي مسند أصبهان ورئيسها المتوفى "سنة 489هـ".
(9/552)
بِبَغْدَادَ، وَفِي يَدِهِ كِتَابٌ
لِزُهَيْرٍ عَنْ جَابِرٍ، وَهُوَ يَكْتُبُهُ، فَقُلْتُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تَنْهَوْنَا عَنْ جَابِرٍ
وَتَكْتُبُونَهُ? قَالَ: نَعْرِفُهُ.
الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
عُمَرَ, سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ يَقُوْلُ: أَنَا أَفَدْتُ أَحْمَدَ
بنَ حَنْبَلٍ عَنْ يَزِيْدَ بنِ مُسْلِمٍ الصَّنْعَانِيِّ
الرَّاوِي عَنْ وَهْبٍ، وَنَزَلتُ أَنَا وَأَحْمَدُ،
وَمَاتَ الشَّيْخُ، وَكَانَ قَدْ أَتَى لَهُ مائَةٌ
وَخَمْسٌ وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ
سَمِعْتُ مَعْمَراً يَقُوْلُ: رَأَيْتُ بِاليَمَنِ
عُنْقُودَ عِنَبٍ وَقْرَ بَغْلٍ تام.
قَالَ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ: ابْنُ رَافِعٍ ثِقَةٌ,
مَأْمُوْنٌ.
قَالَ زَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ
رَافِعٍ، فِي ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، وَغَسَّلَهُ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ العَابِدُ،
وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى.
الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ بَالُوَيْه
العَفْصِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ, سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ المَدَنِيَّ
-يَعْنِي: مُحَمَّدَ بنَ نُعَيْمٍ- يَقُوْلُ: رَأَيْتُ
مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، فِي المَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ
بِثَلاَثٍ فِي حَجْرِهِ مُصْحَفٌ يُقْرَأُ، فَقُلْتُ لَهُ:
أَلَيْسَ قَدْ مُتَّ? فَنَظَرَ إِلَيَّ نَظرَةً
مُنْكَرَةً، فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ بِاللهِ إِلاَّ مَا
حَدَّثْتَنِي مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ? قَالَ: بَشَّرَنِي
بِالرَّوْحِ وَالرَّاحَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ
قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا
ابْنُ مَحْمِشٍ، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بنُ أَحْمَدَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَكَمِ بنِ أَبَانٍ حَدَّثَنِي أَبِي
عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ
بِرَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً، وَهُوَ يَمْشِي، فَسَأَلَهُ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:
إِنَّهَا بَدَنَةٌ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1689"، ومسلم "1322"، وأبو داود
"1760"، والنسائي "5/ 176"، وابن ماجة "3103"، وأحمد "2/
487".
(9/553)
2038- أحمد بن
المقدام 1: "خ، ت، س، ق"
ابن سليمان بن أشعث الإِمَامُ المُتْقِنُ الحَافِظُ أَبُو
الأَشْعَثِ العِجْلِيُّ البَصْرِيُّ.
سَمِعَ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، وَحَزْمَ بنَ أَبِي حَزْمٍ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ المَدِيْنِيَّ، وَيَزِيْدَ
بنَ زُرَيْعٍ، وَخَالِدَ بنَ الحَارِثِ، وَفُضَيْلَ بنَ
عياض، وعثمان بنَ عَلِيٍّ، وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ،
وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالبَغَوِيُّ، وَابْنُ
أَبِي دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَعَلِيُّ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ
الجَوْزَجَانِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ
المَحَامِلِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالحُسَيْنُ بنُ
يَحْيَى القَطَّانُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: كَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
قَالَ أَبُو الأَشْعَثِ: وُلِدتُ قَبْلَ مَوْتِ
المَنْصُوْرِ بِسَنَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لاَ أُحَدِّثُ عنه: كان يعلمهم
المجون, كان بالبصرة مُجَّانٌ, يُلقُونَ صُرَّةَ
الدَّرَاهِمِ, ثُمَّ يَرقُبُونَهَا، فَإِذَا جَاءَ مَنْ
يَرْفَعُهَا, صَاحُوا بِهِ، وَخَجَّلُوهُ. فَعَلَّمَهُم
أَبُو الأَشْعَثِ أَنْ يَتَّخِذُوا صُرَّةً فِيْهَا
زُجَاجٌ، فَإِذَا أَخَذُوا صُرَّةَ الدَّرَاهِمِ، فَصَاحَ
صَاحِبُهَا، وَضَعُوا بَدَلَهَا، فِي الحَالِ صُرَّةَ
الزُّجَاجِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي صَفَرٍ, سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
يَقَعُ حَدِيْثهُ عَالِياً فِي "جُزْءِ الحَفَّارِ"، وَفِي
"الثَّقَفِيَّاتِ"، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَعَاشَ: بِضْعاً
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ أَسنَدَ مَنْ بَقِيَ
بِالبَصْرَةِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ
بنُ غَالِيَةَ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ
القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ
بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ, قَالَ:
كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بنُ رَبَاحٍ سَمِعْتُ عَبْدَ
اللهِ بنَ عَمْرٍو يَقُوْلُ: هَجَّرْتُ إِلَى رَسُوْلِ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمِعَ
أَصْوَاتَ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ، فَخَرَجَ
إِلَيْنَا نَعْرِفُ فِي وَجْهِهِ الغَضَبَ، فَقَالَ: "أَلا
إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِاخْتِلاَفِهِمْ،
فِي الكِتَابِ" 2.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى تَحْرِيْمِ
الجِدَالِ، وَالاخْتِلاَفِ فِي الكِتَابِ, مَعَ أَنَّهُ
-عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ
يُوَضِّحَ الحَقَّ لَهُمَا فِي تلك الآية، ويبين أن أحدهما
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 167"، وتاريخ بغداد
"5/ 162"، واللباب لابن الأثير "2/ 326"، وميزان الاعتدال
"1/ 158"، والعبر "2/ 5"، وتهذيب التهذيب "1/ 81"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 127".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2666".
(9/554)
مُصِيْبٌ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ,
بَلْ سَدَّ البَابَ، وَلَوْ كَانَ تَبْيِيْنُ ذَلِكَ
مِمَّا تَمَسُّ إِلَيْهِ الحَاجَةُ لأَوْضَحَهُ، فَعُلِمَ
بِهَذَا أَنَّ كُلَّ نَصٍّ أَلقَاهُ إِلَى أُمَّتِهِ،
وَلَمْ يَزِدْهُم فِيْهِ تَفْسِيْراً، وَلاَ هُمْ
سَأَلُوْهُ, بَلْ وَلاَ فَسَّرُوهُ لِمَنْ بَعدَهُم،
فَإِنَّ قِرَاءتَهُ تَفْسِيْرُهُ، فَلا يُزَادُ عَلَيْهِ،
وَلاَ يُبْحَثُ فِيْهِ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِي
أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ المُقَدَّسَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الهَمْدَانِيُّ
بِمِصْرَ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ،
وَخُشَيْشُ بنُ أَصْرمَ، وَالسَّرِيُّ السَّقَطِيُّ،
وَعَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ الطُّوْسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ
شُعَيْبٍ السِّمْسَارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
طَاهِرٍ الأَمِيْرُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى القُطَعِيُّ،
وَهَارُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ الأَيْلِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ
مُوْسَى القَطَّانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى التَّيْمِيُّ
مُقْرِئُ الرَّيِّ، وَوَصَيْفٌ الأَمِيْرُ، وَأَبُو
العَبَّاسِ القَلَوَّرِيُّ.
(9/555)
2039- يوسف بن
موسى 1: "خ، د، ت، ق"
ابن راشد الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ أَبُو
يَعْقُوْبَ الكُوْفِيُّ القَطَّانُ نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَبِي
خَالِدٍ الأَحْمَرِ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ،
وَوَكِيْعٍ، وعبد الله بنِ نُمَيْرٍ، وَحَكَّامِ بنِ
سَلْمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ
مُوْسَى، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِبْرَاهِيْمٌ
الحَرْبِيُّ، وَقَاسِمٌ المُطَرِّزُ، وَأَبُو القَاسِمِ
البَغَوِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَالنَّسَائِيُّ خَارِجَ
"سُنَنِهِ"، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، قَدْ كَتَبَ عَنْهُ:
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالكِبَارُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَرَوَى أَبُو سَعِيْدٍ السُّكَّرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ: صَدُوْقٌ.
وَقِيْلَ: يَتَّجِرُ إِلَى الرَّيِّ، فَسَمِعَ مِنْ
جَرِيْرٍ.
قَالَ ابْنُ زُوْلاَقَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ
بنَ أَحْمَدَ الحَدَّادَ يَقُوْلُ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي
عُبَيْدٍ بنِ حَرْبَوَيْه جُزْءاً، عَنْ يُوْسُفَ بنِ
مُوْسَى القَطَّانِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ, قُلْتُ: كَمَا
قَرَأْتُ علَى القَاضِي. قَالَ: نَعَمْ, إِلاَّ
الإِعْرَابَ، فَإِنَّكَ تُعْرِبُ، وَكَانَ يُوْسُفُ لاَ
يُعرِبُ.
قُلْتُ: توفي يوسف بن راشد -وَكَذَا نَسَبَهُ البُخَارِيُّ
إِلَى جَدِّهِ- فِي صَفَرٍ سنة ثلاث وخمسين ومائتين.
ويَقَعُ مِنْ عَوَالِيْهِ فِي "المَحَامِلِيَّاتِ"2،
وَغَيْرِ ذَلِكَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 363"، والجرح والتعديل "9/
ترجمة 969"، وتاريخ بغداد "14/ 304"، وتذكرة الحفاظ "2/
548"، والكاشف "3/ ترجمة 6565"، وتهذيب التهذيب "11/ 425"،
وتقريب التهذيب "2/ 383".
2 المحامليات: هي ستة عشر جزءا للقاضي الإمام العلامة
الحافظ شيخ بغداد أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد
الضبي البغدادي، ولد في أول سنة خمس وثلاثين ومائتين.
والمحاملي نسبة إلى بيع المحامل التي يحمل الناس عليها في
السفر. قال الخطيب: كان فاضلا دينا صادقا. ولي قضاء الكوفة
ستين سنة توفى سنة ثلاثين وثلاثمائة.
(9/555)
2040- محمود بن
غيلان 1: "خَ، م، ت، س، ق":
الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ أَبُو أَحْمَدَ العَدَوِيُّ
مَوْلاَهُمُ المَرْوَزِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَرِ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَالفَضْلِ بنِ
مُوْسَى، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ،
وَوَكِيْعٍ، وَيَحْيَى بنِ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ،
وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَطَبَقَتِهِم، فَأَكْثَرَ،
وَجَوَّدَ، وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى أَبِي دَاوُدَ-
وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُطَيَّنٌ،
وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَالهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ،
وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي
طَالِبٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَجَعْفَرُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ شَاذَانَ، وَابْنُ
خُزَيْمَةَ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَعْرِفُهُ بِالحَدِيْثِ,
صَاحِبُ سُنَّةٍ, قَدْ حُبِسَ بسبب القرآن.
وقال النسائي: ثقة.
قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: سَمِعَ مِنِّي إِسْحَاقُ
بنُ رَاهْوَيْه حَدِيْثَيْنِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ بِمَرْوَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءَ
مُحَمَّدُ بنُ
حَمْدُوَيْه, قَالَ: خَرَجَ مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ
إِلَى الحَجِّ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ
ثُمَّ رُدَّ إِلَى مَرْوَ، وَتُوُفِّيَ لِعَشْرٍ بَقِيْنَ
مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ, كَذَا وَقَعَ فِي تَارِيْخِ الحَاكِمِ،
وَالصَّحِيْحُ وَفَاتهُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِي مَحْمُوْدِ بنِ غيلان.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1769"، والجرح
والتعديل "8/ ترجمة 1340"، وتاريخ بغداد "13/ 89" وتذكرة
الحفاظ "2/ ترجمة 488"، والعبر "1/ 473"، والكاشف "3/
ترجمة 5420"، وتهذيب التهذيب "10/ 64" وتقريب التهذيب "2/
223"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6886"، وشذرات الذهب لابن
العماد "2/ 92".
(9/556)
2041- الدَّارمي 1: "م، د، ت"
عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الفَضْلِ بن
بَهْرَامَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ الإِمَامُ أَحَدُ
الأَعْلاَمِ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ ثُمَّ
الدَّارِمِيُّ السَمَرْقَنْدِيُّ، وَدَارِمٌ هُوَ ابْنُ
مَالِكِ بنِ حَنْظَلَةَ بنِ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ تَمِيْمٍ.
طَوَّفَ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَقَالِيمَ، وَصَنَّفَ
التَّصَانِيْفَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَيَعْلَى بنِ
عُبَيْدٍ، وَجَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ، وَبِشْرِ بنِ عُمَرَ
الزَّهْرَانِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
عَبْدِ المَجِيْدِ الحَنَفِيِّ، وَأَخِيْهِ؛ أَبِي بَكْرٍ
عَبْدِ الكَبِيْرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ
البُرْسَانِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَالنَّضْرِ بنِ
شُمَيْلٍ -وَهُوَ أَقْدَمُهُمْ مَوْتاً- وَأَبِي النَّضْرِ
هَاشِمِ بنِ القَاسِمِ، وَعُثْمَانَ بنِ عُمَرَ بنِ
فَارِسٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَامرٍ الضُّبَعِيِّ،
وَالأَسْوَدِ بنِ عَامِرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ
الحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ
مُوْسَى، وَأَبِي المُغِيْرَةِ الخَوْلاَنِيِّ، وَأَبِي
مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ
الفِرْيَابِيِّ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَبْدِ الوَارِثِ،
وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ،
وَمُسْلِمٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، وَيَحْيَى بنِ
حَسَّانٍ، وَخَلْقٍ، وَيَنْزِلُ إِلَى دُحَيْمٍ،
وَخَلِيْفَةَ بنِ خَيَّاطٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ -وَهُوَ أَقدَمُ
مِنْهُ- وَرَجَاءُ بنُ مُرَجَّى، وَالحَسَنُ بنُ
الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ
بُنْدَارٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى -وَهُم أَكْبَرُ
مِنْهُ- وَقَدْ روَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضاً، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ عَنْهُ، وَبَقِيُّ بنُ
مَخْلَدٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَصَالِحُ
بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي
طَالِبٍ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ، وَجَعْفَرٌ
الفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَعُمَرُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ
الجَارُوْدِيُّ، وَعِيْسَى بنُ عُمَرَ السَمَرْقَنْدِيُّ
راوي "مسنده" عنه، وآخرون.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "458"، وتاريخ بغداد "10/ 29"،
والأنساب للسمعاني "5/ 252"، والكاشف "2/ ترجمة 3854"،
وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 552"، والعبر "2/ 8"، وتهذيب
التهذيب "5/ 294"، وتقريب التهذيب "1/ 429"، وخلاصة
الخزرجي "2/ ترجمة 3618"، وشذرات الذهب "2/ 130".
(9/557)
قَالَ عَبْدَ الصَّمَدِ بنَ سُلَيْمَانَ
البَلْخِيَّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، عَنْ
يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، فَقَالَ: تَرَكنَاهُ لِقَولِ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, لأنه إمام.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ دَاوُدَ السَمَرْقَنْدِيُّ: قَدِمَ
قَرِيْبٌ لِي مِنَ الشَّاشِ، فَقَالَ: أَتيتُ أَحْمَدَ بنَ
حَنْبَلٍ، فَجَعَلْتُ أَصِفُ لَهُ أَبَا المُنْذِرِ،
وَجَعَلتُ أَمدَحُهُ، فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُ هَذَا، فَقَدْ
طَالَتْ غَيبَةُ إِخْوَانِنَا عَنَّا لَكِنْ أَيْنَ أَنْتَ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ? عَلَيْكَ
بِذَاكَ السَّيِّدِ, عَلَيْكَ بِذَاكَ السَّيِّدِ.
رَوَى نُعَيْمُ بنُ نَاعِمٍ, قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ
بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يَقُوْلُ: غَلَبَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالحِفْظِ وَالوَرَعِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاقُ: سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيَّ يَقُوْلُ: يَا
أَهْلَ خُرَاسَانَ مَا دَامَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بَيْنَ أَظهُرِكُمْ، فَلاَ تَشتَغِلُوا
بِغَيْرِهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ يَقُوْلُ:
عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِمَامُنَا.
وَسَمِعْتُ عُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ يَقُوْلُ: أَمْرُ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ
فِيْمَا يَقُوْلُوْنَ مِنَ البَصَرِ وَالحِفْظِ
وَصِيَانَةِ النَّفسِ, عَافَاهُ اللهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ: حُفَّاظُ الدُّنْيَا
أَرْبَعَةٌ: أَبُو زُرْعَةَ بِالرَّيِّ، وَمُسْلِمٌ
بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى.
قُلْتُ: كَانَ بُنْدَارٌ يَفتَخِرُ بِكَونِهِمْ حَمَلُوا
عَنْهُ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زَبْرَكَ، عَنْ أَبِي
حَاتِمٍ الرَّازِيِّ, قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
أَعْلَمُ مَنْ دَخَلَ العِرَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
أَعْلَمُ مَنْ بِخُرَاسَانَ اليَوْمَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
أَسْلَمَ أَوْرَعُهُم، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ أَثْبَتُهُم.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ
أَبِيْهِ, قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: إِنَّمَا
أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ
خَمْسَةً: مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى، وَمُحَمَّدَ بنَ
إِسْمَاعِيْلَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَمُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي
طَالِبٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَنْصُوْرٍ
الشِّيْرَازِيُّ: كَانَ عَبْدُ اللهِ عَلَى غَايَةٍ مِنَ
العَقلِ وَالدِّيَانَةِ،
(9/558)
مَنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الحِلمِ
وَالدِّرَايَةِ وَالحِفْظِ وَالعِبَادَةِ وَالزُّهَّادَةِ,
أَظهَرَ عِلْمَ الحَدِيْثِ وَالآثَارِ بِسَمَرْقَنْدَ،
وَذَبَّ عَنْهَا الكَذِبَ، وَكَانَ مُفَسِّراً كَامِلاً،
وَفَقِيْهاً عَالِماً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ الدَّارِمِيُّ
مِنَ الحُفَّاظِ المُتْقِنِيْنَ، وَأَهْلِ الوَرَعِ في
الدين ممن حفظ وجمع, وتفقه، وَصَنَّفَ، وَحَدَّثَ،
وَأَظهَرَ السُّنَّةَ بِبَلَدِهِ، وَدَعَا إِلَيْهَا,
وَذَبَّ عَنْ حَرِيْمِهَا، وَقَمَعَ مَنْ خَالفَهَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ أَحَدَ
الرَّحَّالِيْنَ، فِي الحَدِيْثِ، وَالمَوصُوفِينَ
بِحِفْظِهِ وَجَمْعِهِ، وَالإِتْقَانِ لَهُ مَعَ الثقة
والصدق، والورع وَالزُّهْدِ، وَاسْتُقْضِيَ عَلَى
سَمَرْقَنْدَ، فَأَبَى، فَأَلَحَّ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ
حَتَّى يُقَلِّدَهُ، وَقَضَى قَضِيَّةً وَاحِدَةً, ثُمَّ
اسْتَعْفَى، فَأُعْفِيَ، وَكَانَ عَلَى غَايَةِ العَقلِ،
وَنِهَايَةِ الفَضْلِ, يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي
الدَّيَانَةِ وَالحِلْمِ وَالرَّزَانَةِ، وَالاجْتِهَادِ
وَالعِبَادَةِ، وَالزَّهَادِةِ وَالتَّقَلُّلِ، وَصَنَّفَ
"المُسْنَدَ" وَ"التَّفْسِيْرَ" وَ"الجَامِعَ".
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاقُ: سَمِعْتُ
عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ
فِي سَنَةِ مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ سَنَةَ إِحْدَى
وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ المَرْوَزِيُّ الحَافِظُ:
كَانَ الدَّارِمِيُّ حَسَنُ المَعْرِفَةِ قَدْ دَوَّنَ
"المُسْنَدَ"، وَ"التَّفْسِيْرَ".
مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ يَوْمَ
التَّروِيَةِ بَعْدَ العَصرِ، وَدُفِنَ يَوْمَ عَرَفَةَ
يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ
سَنَةً.
وَقَالَ الحَافِظُ مَكِّيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
بنِ مَاهَانَ البَلْخِيُّ تِلمِيذُهُ فِي تَارِيْخِ
وَفَاتِهِ نَحْوَ ذَلِكَ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: وَفَاتُهُ
فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ، فَقَدْ أَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى
الأَوَّلِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ: كُنَّا عِنْدَ
مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، فَوَرَدَ
عَلَيْهِ كِتَابٌ فِيْهِ نَعْيُّ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، فَنَكَّسَ رَأْسَهُ, ثُمَّ رَفَعَ،
وَاسْتَرْجَعَ، وَجَعَلَ تَسِيْلُ دُمُوْعُهُ عَلَى
خَدَّيْهِ, ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
إِنْ تَبْقَ تُفْجَعْ بِالأَحِبَّةِ كُلِّهِم ...
وَفَنَاءُ نَفْسِكَ لاَ أَبَا لَكَ أَفْجَعُ
ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: مَا سَمِعنَاهُ يُنْشِدُ إِلاَّ
يَجِيْءُ فِي الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ الدَّارِمِيُّ رُكْناً مِنْ أَركَانِ
الدِّيْنِ, قَدْ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ
وَالنَّاسُ، وَحَدَّثَ عَنْهُ بُنْدَارٌ وَالكِبَارُ،
وَبَلَغَنَا عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَذَكَرَ
الدَّارِمِيَّ، فَقَالَ: عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا،
فَلَمْ يقبل.
(9/559)
قَالَ رَجَاءُ بنُ مُرَجَّى: رَأَيْتُ
سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ
رَاهْوَيْه -وَسَمَّى جَمَاعَةً- فَمَا رَأَيْتُ أَحفَظَ
مِنْ عَبْدِ اللهِ الدَّارِمِيِّ.
وَمِنْ حَدِيْثِهِ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ،
وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عَلِيِّ بنِ
عَسْكَرٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَابْنُ الحُبُوْبِيِّ, قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الحَرِيْمِيُّ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللهِ بنُ حَمَّوَيْه، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ بنِ
العَبَّاسِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ الدَّارِمِيُّ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ
بنِ بِلاَلٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "نعم الإدام الخل" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ، فَردٌ عَلَى شَرْطِ
الشَّيْخَيْنِ، وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِهِ، وَرَوَاهُ
أَيْضاً أَبُو عِيْسَى فِي "جَامِعِهِ", كِلاَهُمَا عَنْ
أَبِي مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيِّ، فَوَقَعَ مُوَافَقَةً
بِعُلُوٍّ.
وَقَدْ كَانَ الدَّارِمِيُّ يُقْصَدُ فِي رِوَايَةِ هَذَا
الحَدِيْثِ لِتَفَرُّدِهِ بِهِ قَالَ: فَكَانَ يُدَقُّ
عَلَيَّ البَابُ، وَأَنَا بِبَغْدَادَ، فَأَقُوْلُ: مَنْ
ذَا? فيُقَالُ: يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ: "نِعْمَ الإِدَامُ
الخَلُّ".
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ يَجُوْعُ
أَهْلُ بَيْتٍ عِنْدَهُمُ التَّمْرُ" 2. أَخْرَجَهُ:
مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ جَمِيْعاً، عَنِ
الدَّارِمِيِّ، وَبِهِ إِلَى الدَّارِمِيِّ مِنْ سِوَى
ابْنِ الحُبُوْبِيِّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
أَيُّوْبَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَعُبَيْدُ
اللهِ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ, قَالَ: "قَطَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلاَثَةُ
دَرَاهِمَ"3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنِ الدَّارِمِيِّ.
وَبِهِ: أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ،
حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا
الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ أَنَّ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ
أَخْبَرَهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عام غزوة تبوك، فكان يجمع الصلاة،
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2051"، والترمذي "1840"، والدارمي "2/
101"، وورد من حديث جابر بن عبد الله: عند مسلم "2052"،
وأبو داود "3820" و"3821"، والترمذي "1839" و"1842"،
والنسائي "7/ 14"، وابن ماجه "3317"، والدارمي "2/ 101"،
وأحمد "3/ 301 و304 و364" وورد من حديث أم سعد: عند ابن
ماجه "3318".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2046"، والترمذي "1816".
3 صحيح: أخرجه مسلم "1686"، والدارمي "2/ 173".
وأخرجه مالك "2/ 831"، والبخاري "6795"، وأبو داود "4385"،
والنسائي "8/ 76"، وابن ماجة "2584"، وأحمد "2/ 54 و64 و80
و143 و145" عن ابن عمر، به.
(9/560)
يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيْعاً,
ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَلَّى
المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ جَمِيْعاً1. مُسْلِمٌ عَنِ
الدَّارِمِيِّ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ
قُدَامَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مَكْتُوْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ الغَنِيِّ الذَّهَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ،
وَسُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ، وَعَبْدُ العَالِي بنُ عَبْدِ
الملكِ، وَمَحْمُوْدُ بنُ يُوْسُفَ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ
بنُ أَحْمَدَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ يُوْسُفَ، وَعَبْدُ
الأَحَدِ التَّيْمِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ صَدَقَةَ،
وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ
نِعْمَةَ، وَحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ
عَلِيٍّ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ عَقِيْلٍ الخَطِيْبُ, قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو المُنَجَّى عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
مُحَمَّدٍ بنِ حَمُّوْيَةَ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ
عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَخْبَرَنَا
حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم- قال لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ،
وَرَأَى عَلَيْهِ أَثَراً مِنْ صُفْرَةٍ: "مَهْيَمْ" ?
قَالَ: تَزَوَّجْتُ. قَالَ: "أَوْلِمْ ولو بشاة". أخرجه
البخاري2، وغيره.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّد، وَسُلَيْمَانُ بنُ أَبِي
عُمَرَ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عليٍّ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا
أَبُو المُنَجَّى، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ،
أَخْبَرَنَا الدَّاوُوْدِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
حَمُّوَيْه، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ
اللهِ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَوْهبٍ أَخْبَرَنِي نَافِعُ
بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الأَيِّمُ
أَمْلَكُ بِأَمْرِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالبِكْرُ
تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا" 3.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنُ الإِسْنَادِ, غَرِيْبٌ, عَالٍ
جِدّاً، وَقَدْ أَخْرَجَهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى
البُخَارِيِّ- مِنْ حَدِيْثِ جَمَاعَةٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بنِ الفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بن جبير بن مطعم.
__________
1 صحيح: أخرجه الدارمي "2/ 356"، ومن طريقه أخرجه مسلم
"706".
وأخرجه مالك "1/ 143-144"، وأبو داود "1206"، والترمذي
"553"، والنسائي "1/ 285" وابن ماجه "1070"، وأحمد "5/
241-242".
2 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "5153"، وَمُسْلِمٌ
"1427"، وَأَبُو دَاوُدَ "2109"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1094"،
وَالنَّسَائِيُّ "6/ 119-120".
3 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 274 و355"، والدارمي "2/ 138-139"،
والدارقطني "3/ 242"، والطبراني "10/ 10747" من طريق
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَوْهبٍ، عن
نافع بن جبير، به. وأخرجه مالك "2/ 524-525"، ومن طريقه
عبد الرزاق "10283"، وابن أبي شيبة "4/ 136"، والشافعي "2/
12"، وسعيد بن منصور "556"، وأحمد "1/ 219 و241-242 و345
و362"، ومسلم "1421" "66"، وأبو داود "2098"، والترمذي
"1108"، والنسائي "6/ 84"، وابن ماجه "1870" والدارمي "2/
138"، وابن الجارود "709"، والدارقطني "3/ 239-240 و241"،
والطبراني في "الكبير" "10/ 10743 و10744 و10745"،
والبيهقي "7/ 118 و122"، والبغوي "2254" عَنْ عَبْدِ اللهِ
بنِ الفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بن جبير، به.
(9/561)
2042- أحمد بن
سعيد 1: "د"
ابن بشر الحَافِظُ, أَبُو جَعْفَرٍ الهَمْدَانِيُّ,
المِصْرِيُّ, صَاحِبُ ابْنِ وَهْبٍ.
وَيَرْوِي أَيْضاً: عَنْ بِشْرِ بنِ بَكْرٍ،
وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ الفُرَاتِ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ،
وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بنِ كُسَا
الوَاسِطِيُّ، وَعَلِيٌّ عَلاَّنُ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ،
وَآخَرُونَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَوْ رَجَعَ عَنْ حَدِيْثِ الغَارِ
مِنْ طَرِيْقِ بُكَيْرِ بنِ الأَشَجِّ لَرَوَيْتُ عَنْهُ.
وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قيلَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ
ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 64"، وميزان
الاعتدال "1/ 100"، وتهذيب التهذيب "1/ 31".
(9/562)
2043- الدارمي
1: "خَ، م، د، ت، ق"
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ الفَقِيْهُ الحَافِظُ الثَّبْتُ،
أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ صَخْرِ بنِ
سُلَيْمَانَ الدَّارِمِيُّ، السَّرَخْسِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ النَّضْرَ بنَ شُمَيْلٍ، وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ،
وَرَوْحاً، وَعَبْدَ الصَّمَدِ بنَ عَبْدِ الوَارِثِ،
وَأَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيَّ، وَأَبَا عَاصِمٍ
النَّبِيْلَ، وَحَبَّانَ بنَ هِلاَلٍ، وَوَهْبَ بنَ
جَرِيْرٍ، وَعَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ،
وَطَبَقَتَهُم، وَأَكْثَرَ التَّطْوَافَ، وَتَوَسَّعَ فِي
العِلْمِ، وبعد صيته.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ السِّتَّةُ -سِوَى
النَّسَائِيِّ- وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيضاً عَنْ رَجُلٍ
عَنْهُ، وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنِ
هَانِئٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَابْنُ
خُزَيْمَةَ، وَخَلْقٌ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ
القُدَمَاءِ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى الزَّمِنُ.
أَقْدَمَهُ أَمِيْرُ خُرَاسَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ
إِلَى نَيْسَابُوْرَ لِيُحَدِّثَ بِهَا، فَأَقَامَ بِهَا
مَلِيّاً ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ سَرْخَسَ ثُمَّ رُدَّ إِلَى
نَيْسَابُوْرَ، وَبِهَا مَاتَ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: دَخَلْنَا عَلَيهِ فِي
مَرَضِهِ، فَأَوصَى بِعَشْرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ،
وَبِغَلَّةٍ يُتَصَدَّقُ بِهَا، وَقَالَ: إِنْ مُتُّ
فَرَقِيْقِي: عَنْبَرٌ وَفَتْحٌ وَحَمْدَانُ وَعَلاَّنُ
أَحرَارٌ لِوَجهِ اللهِ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا قَدِمَ
عَلَينَا خُرَاسَانِيٌّ أَفْقَهُ بَدَناً مِنْ أَحْمَدَ
بنِ سَعِيْدٍ الدَّرِامِيِّ.
وَذَكَرَ مُؤَرِّخٌ لاَ أَسْتَحْضِرُ اسْمَهُ أَنَّ
أَحْمَدَ الدَّارِمِيَّ قَدِمَ هَرَاةَ عَلَى
مُتَوَلِّيهَا هَارُوْنَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُصْعَبٍ
يَتَعَرَّضُ لِمَعْرُوْفِهِ، فَأَنزَلَهُ دَارَهُ،
وَوَصَلَهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ. وَكَانَ
عَالِماً بِالرِّجَالِ وَالعِلَلِ وَالتَّارِيْخِ،
وَمِنْهُ تَعَلَّمَ أَصْحَابُنَا بِهَرَاةَ مَعْرِفَةَ
الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: كَانَ يُنَظَّرُ بِأَبِي زُرْعَةَ، وَابْنِ
وَارَةَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ مَرَّ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الرباطي، وسيأتي عثمان
بن سعيد الدارمي.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 62"، وتاريخ بغداد
"4/ 166"، والأنساب للسمعاني "6/ 279"، وتذكرة الحفاظ "2/
ترجمة 567"، والعبر "2/ 4"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين
الصفدي "6/ 390"، وتهذيب التهذيب "1/ 31"، وتقريب التهذيب
"1/ 15"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 340"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 127".
(9/562)
2044- عَبْد 1: "م، ت"
هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ الجَوَّالُ, أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ بنُ حُمَيْدِ بن نَصْرٍ الكِسِّي،
وَيُقَالُ لَهُ: الكَشِّيُّ -بِالفَتْحِ وَالإِعجَامِ,
يُقَالُ: اسْمُهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ الوَاسِطِيِّ،
وَمُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ العَبْدِيِّ، وَابْنِ أَبِي
فُدَيْكٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ،
وَأَبِي عَلِيٍّ الحَنَفِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ
الحَفَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَجَعْفَرِ بنِ
عَوْنٍ، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَأَبِي دَاوُدَ
الطَّيَالِسِيِّ، وَأَبِي بَدْرٍ السَّكُوْنِيِّ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ الدَّشْتَكِيِّ، وَسَلْمِ
بنِ قُتَيْبَةَ، وَزَيْدِ بنِ الحُبَابِ، وَعَبْدِ اللهِ
بنِ بَكْرٍ، وَعُمَرَ بنِ يُوْنُسَ اليَمَامِيِّ،
وَالوَاقِدِيِّ، وَمَحَاضِرِ بنِ المُوَرِّعِ، وَمُصْعَبِ
بنِ المِقْدَامِ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ
مَذْكُوْرِينَ، فِي "تَفْسِيْرهِ الكَبِيْرِ"، وَفِي
"مُسْنَدِهِ" الَّذِي وَقَعَ لنا "المنتخب" منه.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 429"، والكاشف "2/
ترجمة 3572"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 551" والعبر "1/
454"، وتهذيب التهذيب "6/ 455"، وتقريب التهذيب "1/ 529"،
وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4515" وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "2/ 120".
(9/563)
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالبُخَارِيُّ تَعْلِيْقاً فِي
دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ صَحِيْحِهِ، فَقَالَ: وَقَالَ
عَبْدُ الحميد: حدثنا عثمان بن عمر، حَدَّثَنَا مُعَاذُ
بنُ العَلاَءِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي
حَنِيْنِ الجِذْعِ، فَقِيْلَ: هَذَا هُوَ عَبْدٌ. وَرَوَى
أَيْضاً: وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ عَنْهُ، وَبَكْرُ بنُ
المَرْزُبَانِ، وَشُرَيْحُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ
النَّسَفِيُّ الزَّاهِدُ، وَالمَكِّيُّ بنُ نُوْحٍ
المُقْرِئُ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ بنِ عَامِرٍ السَمَرْقَنْدِيُّ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ خُزَيْمِ بنِ قُمَيْرٍ الشَّاشِيُّ،
وَأَبُو مُعَاذٍ العَبَّاسُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ الفَرَجِ
الكِسِّيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ حَاتِمُ بنُ حَسَنٍ
الشَّاشِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الفَضْلِ بنِ أَبِي
البَزَّازِ، وَأَبُو عُمَرَ حَفْصُ بنُ بُوْخَاشَ،
وَسَلْمَانُ بنُ إِسْرَائِيْلَ بنِ جَابِرٍ الخُجَنْدِيُّ،
وَسَهْلُ بنُ شَاذُوَيْه البُخَارِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ
الشَّاهُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حَبِيْبٍ النَّسَفِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ مَنْصُوْرٍ الكَشِّيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ الهُذَيْلِ النَّسَفِيُّ،
وَمَحْمُوْدُ بنُ عَنْبَرِ بنِ نُعَيْمٍ الأَزْدِيُّ
النَّسَفِيُّ، وَغَيْرُهُم مِنْ أَهْلِ مَا وَرَاءَ
النَّهْرِ مِمَّنْ لاَ نَعْرِفُ أَحْوَالَهُم.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ فِي كِتَابِ
"الثِّقَاتِ": عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ حُمَيْدِ بنِ نَصْرٍ
الكَشِّيُّ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ بنُ
حُمَيْدٍ، وَكَانَ مِمَّنْ جَمَعَ وَصَنَّفَ, مَاتَ سَنَةَ
تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ
بِدِمَشْقَ، فَإِنَّهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّ الرَّجُلَ
مَا رَأَى دِمَشْقَ لاَ فِي ارْتِحَالِهِ، وَلاَ فِي
شَيْخُوخَتِهِ.
وَقَدْ، وَقَعَ لَنَا "المُنْتَخَبُ" عاليًا ثم لصغار
أولادنا.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ حَمُّوَيْه،
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خُزَيْمٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ،
عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ, حَدَّثَنِي
أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ
الجُمُعَةِ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ قَدْ كَثُرَ النَّاسُ، وَإِنَّهُم
يُحِبُّونَ أَنْ يَرَوكَ، فَلَوِ اتَّخَذْتَ مِنْبَراً
تَقُوْمُ عَلَيْهِ! قَالَ: "مَنْ يَجْعَلُ لَنَا هَذَا" ?
فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا. وَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَقَالَ: "وَمَا اسْمُكَ" ? قَالَ: فُلاَنٌ. قَالَ:
"اقْعُدْ". ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ كَقَوْلِهِ، فَقَامَ
رَجُلٌ، فَقَالَ: "تَجْعَلُهُ" ? قَالَ: نَعَمْ إِنْ شَاءَ
اللهُ. قَالَ: "مَا اسْمُكَ" ? قَالَ: إِبْرَاهِيْمُ.
قَالَ: "اجْعَلْهُ". فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ
اجْتَمَعَ النَّاسُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- مِنْ آخِرِ المَسْجِدِ، فَلَمَّا صَعِدَ
المِنْبَرَ، فَاسْتَوَى عَلَيْهِ، واستقبل الناس, حنت
النَّخْلَةُ, حَتَّى أَسْمَعَتْنِي وَأَنَا فِي آخِرِ
المَسْجِدِ. قَالَ: فَنَزَلَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ المِنْبَرِ،
فَاعتَنَقَهَا، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى سَكَنَتْ, ثُمَّ
عَادَ إِلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى
عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ النَّخْلَةَ إنما
حنت
(9/564)
شَوْقاً إِلَى رَسُوْلِ اللهِ لَمَّا
فَارَقَهَا، فَوَاللهِ لَوْ لَمْ أَنْزِلْ إِلَيْهَا
فَأَعْتَنِقَهَا لَمَا سَكَنَتْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"
1.
هَذَا حَدِيْثٌ مُتَّصِلُ الإِسْنَادِ, غَرِيْبٌ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ: عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ
الفَلاَّسُ، وَهِشَامُ بنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ،
وَمَحْمُوْدُ بنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَرَجَاءُ بنُ
مُرَجَّى الحَافِظُ، وَخَلاَّدُ بنُ أَسْلَمَ، وَسَعِيْدُ
بنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ، وآخرون.
__________
1 ورد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ
يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار
-أو رجل-: يا رسول الله ألا نجعل لك منبرا؟ قال: "إن
شئتم". فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى
المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي -صلى الله
عليه وسلم- فضمه إليه، يئن أنين الصبي الذي يسكن، قال:
"كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها". أخرجه
البخاري "3584" حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الواحد بن أيمن
قال: سمعت أبي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- به.
وأخرجه البخاري "3583" عن ابن عمر، بنحوه.
(9/565)
2045- أحمد بن
نصر 1: "ت، س"
ابن زياد الإِمَامُ القُدْوَةُ شَيْخُ نَيْسَابُوْرَ،
وَمُقْرِئُهَا، وَمُفْتيهَا، وَزَاهِدُهَا, الشَّيْخُ
أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
ارْتَحَلَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بن نُمَيْرٍ،
وَالنَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ، وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ،
وَأَبِي أُسَامَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ -أَحَدُ شُيُوْخِهِ-
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ فِي كِتَابَيهِمَا،
وَسَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو
عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ فَقِيْهَ أَهْلِ الحَدِيْثِ فِي
عَصْرِهِ, كَثِيْرَ الرِّحْلَةِ وَالحَدِيْثِ, رَحِمَهُ
اللهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ ارْتَحَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ عَلَى
كِبَرِ السِّنِّ مُتَفَقِّهاً، فَأَخَذَ عَنْهُ، وَكَانَ
يُفْتِي بِمَذْهَبِهِ، وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ ابْنُ
خُزَيْمَةَ أَوَّلاً قَبْلَ أَنْ يَرحَلَ إِلَى
المُزَنِيِّ، وَكَانَ ثِقَةً, مَأْمُوْناً, صَاحِبَ
سُنَّةٍ, كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ إِمَامُ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ القدوة
العابد الثقة أبو بكر.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1507"، والجرح
والتعديل "2/ ترجمة 174"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 559"،
وتهذيب التهذيب "1/ 85".
(9/565)
أحمد بن نصر العتكي
السمرقندي، عبد الله بن الصباح، علي بن سهل:
2046- أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ العَتَكِي السَّمَرْقَنْديّ 1:
يَرْوِي عَنِ ابن عينية، وَجَمَاعَةٍ.
حَمَلَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ،
وَطَائِفَةٌ.
2047- عبد الله بن الصَّباح 2: "خَ، م، د، ت، س"
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ, أَبُو مُحَمَّدٍ
الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمُ, البَصْرِيُّ, العَطَّارُ.
حَدَّثَ عَنْ: هُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَمُعْتَمِرِ بنِ
سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَوَاءَ، وَعَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيِّ، وَيَزِيْدَ
بنِ هَارُوْنَ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى ابْنِ مَاجَهْ-
وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ
عَمْرٍو البَزَّارُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ
الرُّوْيَانِيُّ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
قِيْلَ: مات سنة خمسين.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ ابْنِ
تَيْمِيَةَ, أَنَّ السَّرَّاجَ قَالَ: تُوُفِّيَ فِي
سَنَةِ ثَلاَثٍ وخمسين.
2048- علي بن سهل 3: "د"
ابن موسى، وَقِيْلَ: عَلِيُّ بنُ سَهْلِ بنِ قَادِمٍ,
الإِمَامُ, الحُجَّةُ, أَبُو الحَسَنِ النَّسَائِيُّ,
ثُمَّ الرَّمْلِيُّ, أَخُو مُوْسَى بنِ سَهْلٍ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ نَسَائِيٌّ, سَكَنَ الرَّملَةَ.
قُلْتُ: سَمِعَ الوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، وَمَرْوَانَ بنَ
مُعَاوِيَةَ، وَضَمْرَةَ بنَ رَبِيْعَةَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ"،
وَالنَّسَائِيُّ فِي "اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ"
وَوَثَّقَهُ، وَابْنُ جَوْصَا، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ جَرِيْرٍ، وَالعَبَّاسُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَعَدَدٌ
كَثِيْرٌ.
مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 390".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 399"، والكاشف "2/
ترجمة 2814"، وتهذيب التهذيب "5/ 264"، وتقريب التهذيب "1/
423"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3571".
3 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1039"، والكاشف "2/
ترجمة 3982"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5852"، وتهذيب
التهذيب "7/ 329"، وتقريب التهذيب "2/ 38"، وخلاصة الخزرجي
"2/ ترجمة 4992".
(9/566)
2049- وأخوه
1: "د"
الإِمَامُ أَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ سَهْلِ بنِ قادم
الرملي، وَهُوَ الصَّغِيْرُ.
سَمِعَ آدَمَ بنَ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَلِيَّ بنَ عَيَّاشٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ"، وَابْنُ
خُزَيْمَةَ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالأَرْغِيَانِيُّ،
وجماعة.
ثقة.
مات في جمادى الأول، سَنَةَ 262.
وَسَوْفَ يَأْتِي عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ نزيل
بغداد.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 660"، والكاشف "3/
ترجمة 5802"، وتهذيب التهذيب "10/ 347" وتقريب التهذيب "2/
284"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7275".
(9/567)
2050- عبد الرحمن رُسْتَه 1: "ق"
هُوَ الإِمَامُ المُحَدِّثُ المُتْقِنُ أَبُو الفَرَجِ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ يَزِيْدَ بنِ كَثِيْرٍ
الزُّهْرِيُّ المَدِيْنِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَلَقَبُهُ:
رُسْتَه.
سَمِعَ يَحْيَى القَطَّانَ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ
الثَّقَفِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بن مَهْدِيٍّ،
وَخَلْقاً سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"،
وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
أَحْمَدَ بنِ أَسِيْدٍ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ اللهِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الزُّهْرِيُّ، وَابْنُ أَخِيْهِ
الآخَرُ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله
ابن عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ
الهَمَذَانِيُّ عَبْدُوْسٌ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ
الدَّارِكِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ عِنْدَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ثَلاَثُوْنَ
أَلْفاً.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ
الأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ قَالَ: مَا
ذَهَبْتُ يَوْماً إِلَى ابْنِ مَهْدِيٍّ إِلاَّ وَجَدتُ
الأَخَوَينِ الأَزْرَقَيْنِ عِنْدَهُ يَعْنِي: عَبْدَ
الرَّحْمَنِ، وَعَبْدَ اللهِ.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ: غَرَائِبُ حَدِيْثِ رُسْتَه
تَكْثُرُ.
قَالَ ابْنُ أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ:
تُوُفِّيَ عمي سنة خمسين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1246"، والكاشف "2/
ترجمة 3317"، والمغني "2/ ترجمة 3605"، وميزان الاعتدال
"2/ 579"، وتهذيب التهذيب "6/ 234"، وتقريب التهذيب "1/
492"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4200".
(9/567)
2051- أخوه
1:
الإمام المحدث, أبو محمد بنُ عُمَرَ, الزُّهْرِيُّ.
سَمِعَ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ، ومحمد بن جعفر غندر، وَابْنَ
مَهْدِيٍّ، وَحَمَّادَ بنَ مَسْعَدَةَ، وَعَبْدَ
الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ
خرج قاضيًا على الكرخ، فمات بها.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ،
وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الزَّعْفَرَانِيُّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ اللهِ بن
مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ، وَسَلْمُ بنُ عِصَامٍ، وَعِدَّةٌ.
وَلَهُ غَرَائِبُ كَأَخِيْهِ.
مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وخمسين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 506".
(9/568)
2052- أحمد بن سِنَان 1: "خ، م، د، ق"
ابن أسد بن حبان الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ أَبُوْ
جَعْفَرٍ الوَاسِطِيُّ القَطَّانُ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ أَبَا مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرَ، وَوَكِيْعَ بنَ
الجَرَّاحِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ،
وَيَحْيَى القَطَّانَ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَهَذِهِ
الطَّبَقَةَ، وَصَنَّفَ "المُسْنَدَ".
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو
دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُه؛ جَعْفَرُ بنُ
أَحْمَدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي
جَمْعِهِ لِحَدِيْثِ مَالِكٍ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ،
وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَالَ فِيْهِ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ إِمَامُ أَهْلِ
زَمَانِهِ.
وَقَالَ أَبُوْهُ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أُورْمَةَ: مَا كَتَبْنَاهُ
عَنْ أَبِي مُوْسَى وَبُنْدَارٍ, أَعَدْنَاهُ عَنْ
أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ، وَمَا كَتَبْنَاهُ عَنْ أَحْمَدَ,
لَمْ نُعِدْهُ عَنْ غَيْرِهِ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ: سَمِعْتُ أَبِي
يَقُوْلُ: لَيْسَ، فِي الدُّنْيَا مُبْتَدِعٌ إِلاَّ
يُبْغِضُ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ، وَإِذَا ابْتَدَعَ
الرَّجُلُ بِدْعَةً نُزِعَتْ حَلاَوَةُ الحَدِيْثِ مِنْ
قَلْبِهِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ بنُ عَسَاكِرَ: تُوُفِّيَ
أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ،
وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَيُقَالُ:
سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ، وَعَلِيُّ بنُ
مُحَمَّدٍ، وَابْنُ الظَاهِرِيِّ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ
البَنَّاءِ حضورًا، أخبرنا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ,
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، أَخْبَرَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ
مُحَمَّدِ بن جحادة، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "الجَنَّةُ مائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ
درجتين مسيرة خمسمائة عام"2.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 60"، وتذكرة الحفاظ
"2/ ترجمة 538"، والعبر "2/ 16"، والوافي بالوفيات لصلاح
الدين الصفدي "6/ 407"، وتهذيب التهذيب "1/ 34"، وشذرات
الذهب لابن العماد "2/ 137".
1 ضعيف بهذا اللفظ: وهذا إسناد ضعيف، من أجل شريك بن عبد
الله -وهو النخعي؛ فإنه سيئ الحفظ. أخرجه أحمد "2/ 292"،
والترمذي "2595" من طريق يزيد بن هارون, أخبرنا شريك بن عد
الله، به. وعطاء هو ابن أبي رباح. واسم أبي رباح أسلم
القرشي مولاهم المكي، وهو ثقة فقيه فاضل. وورد عن عبادة بن
الصامت مرفوعا بلفظ: "الجَنَّةُ مائَةُ دَرَجَةٍ مَا
بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مسيرة مائة عام -قال عفان: كما
بين السماء إلى الأرض- والفردوس أعلاها درجة منها تخرج
الأنهار الأربعة والعرش من فوقها، وإذا سألتم الله تبارك
وتعالى فاسألوه الفردوس". أخرجه أحمد "5/ 316 و321"،
والترمذي "2531"، والحاكم "1/ 80" من طريق همام بن يحيى،
حدثنا زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عن
عبادة بن الصامت، به. وصححه الحاكم. ووافقه الذهبي.
قلت: وهو صحيح كما قالا.
وأخرجه أحمد "5/ 240-241"، والترمذي "2530" من طريق عبد
العزيز بن محمد الدراوردي، وابن ماجه "4331" من طريق حفص
بن ميسرة كلاهما عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ
بنِ يسار عن معاذ بن جبل، به. ولفظ أحمد: "في الجَنَّةُ
مائَةُ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مائة سنة،
والفردوس أعلى الجنة وأوسطها، ومنها تفجر أنهار الجنة،
فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس". =
(9/569)
2053- مُؤَمَّل بن إهاب 1: "د، س"
ابن عبد العزيز بن قفل, الإِمَامُ الحَافِظُ الصَّدُوْقُ,
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّبَعِيُّ, الكُوْفِيُّ,
ثُمَّ الرَّمْلِيُّ. وَقِيْلَ: ابْنُ قُفْلِ بنُ سَدَلٍ,
بِحَرَكَاتٍ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ, أو قبلها.
وَسَمِعَ ضَمْرَةَ بنَ رَبِيْعَةَ، وَيَزِيْدَ بنَ
هَارُوْنَ، وَأَيُّوْبَ بنَ سُوَيْدٍ، وَسَيَّارَ بنَ
حَاتِمٍ الزَّاهِدَ، وَمَالِكَ بنَ سُعَيْرٍ، وَيَحْيَى
بنَ آدَمَ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ بنَ هَمَّامٍ،
وَطَبَقَتَهُم، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ المُحَدِّثِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ،
وَسَعِيْدُ بنُ هَاشِمٍ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ جَوْصَا،
وَمُحَمَّدُ بنُ تَمَّامٍ البَهْرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ هِلاَلٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَلَهُ رِحْلَةٌ طَوِيْلَةٌ فِي شَبِيْبَتِهِ, ثُمَّ فِي
شَيْخُوْخَتِهِ، فَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَدِمَشْقَ
وَحَلَبَ وَحِمْصَ وَالرَّمْلَةَ. فَعَنْ عَلِيِّ بنِ
أَبِي سُلَيْمَانَ: قَدِمَ مُؤَمَّلٌ الرَّمْلَةَ،
فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَكَانَ زَعِراً مُتَمَنِّعاً،
فَأَلَحُّوا، فَامْتَنَعَ، فَمَضَوْا إِلَى الوَالِي،
وَأَلَّفُوا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ، فَقَالا: لَنَا عَبْدٌ
لَهُ عَلَيْنَا حَقُّ صُحْبَةٍ وَتَرْبِيَةٍ, آلَ بِنَا
الحَالُ إِلَى بَيْعِهِ، فَامْتَنَعَ. قَالَ: وَكَيْفَ
أَعْلَمُ صِحَّةَ هَذَا? قَالَ: مَعَنَا جَمَاعَةٌ
مُحَدِّثُوْنَ يَعْلَمُوْنَ ذَلِكَ. فَسَمِعَ قَوْلَهُم،
وَطُلِبَ المُؤَمَّلُ بالشُّرَط، فَتَعَزَّزَ، فَجَرُّوهُ،
وَقَالُوا: أُخْبِرْنَا بِأَنَّكَ تَطَعَّمْتَ بِالآفَاقِ.
فَلَمَّا دَخَلَ, قَالَ: مَا يَكْفِيكَ إِبَاقُكَ حَتَّى
تَعَزَّزَ عَلَى سُلْطَانِكَ? الحَبْسَ، فَحَبَسُوهُ.
وَكَانَ طُوَالاً أَصفَرَ, خَفِيفَ اللِّحْيَةِ, يُشبِهُ
عَبِيدَ أَهْلِ الحِجَازِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي الحَبْسِ
أَيَّاماً, حَتَّى عَلِمَ إِخْوَانُه، فَمَضَوا إِلَى
الوَالِي، وَقَالُوا: هَذَا مُؤَمَّلُ بنُ يَهَابٍ فِي
حَبْسِكَ مَظْلُوْمٌ. قَالَ: مَا أَعرِفُ هَذَا، وَمَنْ
مُؤَمَّلٌ? قَالُوا: الَّذِي اجتَمَعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ.
قال: أهو الآبق? قَالُوا: بَلْ هُوَ إِمَامٌ مِنْ
أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، فَأَخْرَجَهُ، وَطلَبَ أَنْ
يُحِلَّهُ. فَهَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، فَاللهُ
أَعْلَمُ.
مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُجَشِّرٍ، وَسَلْمُ
بنُ جُنَادَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الدَّارِمِيُّ، وَزِيَادُ بنُ يَحْيَى الحَسَّانِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيُّ العَابِدُ،
وَمُحَمَّدُ بنُ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيُّ، وَالمَرَّارُ
بنُ حَمَّوَيْه، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
الكَاظِمُ الحُسَيْنِيُّ أَحَدُ الاثْنِي عَشَرَ،
وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبُّوْدٍ
بِدِمَشْقَ.
__________
= ووقع عند الترمذي، وابن ماجه: "الجنة مائة درجة، كل درجة
منها ما بين السماء والأرض" ... الحديث. وورد عند أحمد "2/
335 و339"، والبخاري "2790" من طريق فُلَيْحٌ، عَنْ
هِلاَلِ بن عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بن يسار عن أبي هريرة
-رضي الله عنه- مرفوعا بلفظ: "إن في الجنة مائة درجة أعدها
الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين
السماء والارض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه
أوسط الجنة وأعلى الجنة -أراه قال: وفوقه عرش الرحمن- ومنه
تفجر أنهار الجنة".
1 ترجمته في الكنى للدولابي "2/ 69"، والجرح والتعديل "8/
ترجمة 1715"، وتاريخ بغداد "13/ 181"، والمنتظم لابن
الجوزي "6/ 231"، والكاشف "3/ ترجمة 5850"، والعبر "2/ 7"،
وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8950" وتهذيب التهذيب "10/
381"، وتقريب التهذيب "2/ 290"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة
7338"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 129".
(9/570)
2054- محمد بن
مسعود 1: "د"
ابن يوسف الإمام, القدوة, الحافظ, أبو جعفر بن
العَجَمِيِّ, الطَّرَسُوْسِيُّ, شَيْخُ الثَّغْرِ فِي
زَمَانِهِ.
حَدَّثَ عَنْ: عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَيَحْيَى بنُ
سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ،
وَزَيْدِ بنِ الحُبَابِ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ،
وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ"، وَابْنُهُ؛
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَجَعْفَرٌ
الفِرْيَابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ حَافِظُ
الأَنْدَلُسِ، وَحَاجِبُ بنُ أَرْكِيْنَ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَالحُسَيْنُ
بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ، وَأَبُوْ العَبَّاسِ
السَّرَّاجُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ ابْنُ وَضَّاحٍ يَتَغَالَى فِيْهِ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: قَالَ ابْنُ
وَضَّاحٍ: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بِالحَدِيْثِ مِنْ
مُحَمَّدِ بنِ مَسْعُوْدٍ.
وَقَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ أَيْضاً: هُوَ رَفِيْعُ الشَّأْنِ،
فَاضِلٌ ليس بدون أحمد بن حنبل.
قُلْتُ: لَمْ نَظْفَرْ بِتَارِيْخِ وَفَاتِهِ، وَقَدْ
بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ خَمْسِيْنَ، وَسَمِعَ مِنْهُ
أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الجَزَرِيُّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ, أَنْبَأَنَا
عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا
سَعِيْدُ بنُ حُسَيْنٍ الرِّيْوَنْدِيُّ، فِي سَنَةِ 544،
أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بنُ المُحِبِّ، أَخْبَرَنَا
الحُسَيْنُ الخَفَّافُ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ
السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ
الطَّرَسُوْسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي
الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنَ الظُّهْرِ وَالعِشَاءِ
وَالصُّبْحِ، وَيَذْكُرُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَفْعَلُهُ2. هَذَا
حَدِيْثٌ نظيف الإسناد، ولم يخرجه الجماعة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 455"، وتاريخ بغداد
"3/ 101"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 540"، والكاشف "3/
ترجمة 5233"، والمغني "2/ ترجمة 5976"، والعبر "1/ 449"،
وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8165"، وتهذيب التهذيب "9/
438"، وتقريب التهذيب "2/ 206"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
6647".
2 أخرجه عبد الرزاق "3/ 4981" عن عمر بن راشد أو غيره، عن
يحيى بن أبي كثير، به.
قلت: كذا وقع عنده عمر بن راشد على الشك، فإن كان هو هو،
وليس معمر بن راشد، فالإسناد ضعيف؛ لأن عمر بن راشد بن
شجرة، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب". وإن كان معمر بن
راشد هو الذي في الإسناد كما في المصنف فالإسناد صحيح.
(9/571)
2055- خُشَيش بن أصْرَم 2: "د، س"
ابن الأسود, الإِمَامُ الحَافِظُ, الحُجَّةُ, مُصَنِّفُ
كِتَابِ "الاسْتِقَامَةِ"، أَبُو عَاصِمٍ النَّسَائِيُّ.
سَمِعَ رَوْحَ بنَ عُبَادَةَ، وَأَبَا عَاصِمٍ، وَعَبْدَ
الرَّزَّاقِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ بَكْرٍ السهمي، وطبقتهم.
وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي
"سُنَنِهِمَا"، وَعَلاَّنُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الوَارِثِ العَسَّالُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ الهَرَوِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ.
وَلَهُ رِحْلَةٌ وَاسِعَةٌ إِلَى الحَرَمَيْنِ وَمِصْرَ
وَالشَّامِ وَاليَمَنِ وَالعِرَاقِ.
تُوُفِّيَ فِي رمضان, سنة ثلاث وخمسين ومائتين بمصر.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 150"، وتذكرة الحفاظ
"2/ ترجمة 571"، وتهذيب التهذيب "3/ 142"، وخلاصة الخزرجي
"1/ ترجمة 1897"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/
129".
(9/572)
2056- عليُّ بن حَرْب 1: "س"
ابن محمد بن علي بن حَيَّانَ بنِ مَازِنِ بنِ
الغَضُوْبَةِ, الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ,
الأَدِيْبُ, مُسْنِدُ وَقْتِهِ, أَبُو الحَسَنِ
الطَّائِيُّ, المَوْصِلِيُّ.
اتَّفَقَ مَوْلِدُهُ بِأَذْرَبِيْجَانَ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَكَانَ أَبُوْهُ يَتَّجِرُ.
رَأَى عَلِيٌّ المعافى بن عمران، ونشأ بالموصل.
وَسَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ،
وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيَّ،
وَمُحَمَّدَ بنَ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ فُضَيْلٍ،
وَوَكِيْعَ بنَ الجَرَّاحِ، وَيَحْيَى بنَ يَمَانٍ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ نُمَيْرٍ، وَزَيْدَ بنَ الحُبَابِ،
وَعَمْرَو بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَالقَاسِمَ بنَ
يَزِيْدَ الجَرْمِيَّ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَوَهْبَ
بنَ جَرِيْرٍ، وَشَبَابَةَ بنَ سَوَّارٍ، وَيَعْلَى بنَ
عُبَيْدٍ، وَأَسْبَاطَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَأَبَا دَاوُدَ
الحَفَرِيَّ، وَأَنَسَ بنَ عِيَاضٍ اللَّيْثِيَّ، وَزَيْدَ
بنَ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَخَلْقاً سِوَاهُم بِالمَوْصِلِ،
وَالحِجَازِ وَالكُوْفَةِ وَبَغْدَادَ وَالبَصْرَةِ
وَوَاسِطَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ -وَقَالَ: صَالِحٌ-
وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَالمَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
مَخْلدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَلَدِيُّ
الإِمَامُ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الأَزْرَقُ، وَابْنُ
أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
جَعْفَرٍ المَطِيْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ
المَادَرَائِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ
العَبَّاَدَانِيُّ، وَنَافِلَتُهُ2 أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي "تَارِيْخِ
المَوْصِلِ": رَحَلَ عَلِيٌّ مع أبيه، وسمع، وَصَنَّفَ،
وَخَرَّجَ "المُسْنَدَ"، وَكَانَ عَالِماً بِأَخْبَارِ
العَرَبِ وَأَنسَابِهَا, أَدِيْباً, شَاعِراً، وَفَدَ
عَلَى المُعْتَزِّ بِاللهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَتَبَ عَنْهُ المُعْتَزُّ
بِخَطِّهِ، وَدَقَّقَ الكِتَابَةَ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ, أَخَذتَ فِي شُؤمِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ،
فَضَحِكَ المُعْتَزُّ، وَأَطلَقَ لَهُ ضِيَاعاً.
مَاتَ عَلِيٌّ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ
وَمائَتَيْنِ بِالمَوْصِلِ، وَقَدْ كَمَّلَ التِّسْعِيْنَ،
وَصَلَّى عَلَيْهِ أَخُوْهُ مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْبٍ.
أَخُوْهُ:
المُحَدِّثُ الثِّقَةُ العَابِدُ المُجَاهِدُ، "أَبُو
بكر".
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1006"، وتاريخ بغداد
"11/ 418"، والكاشف "2/ ترجمة 3949"، وتهذيب التهذيب "7/
294"، وتقريب التهذيب "2/ 33"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة
4956"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 150".
2 النافلة: ولد الولد، وهو من ذلك لأن الأصل كان الولد
فصار ولد الولد زيادة على الأصل؛ قال الله -تعالى- في قصة
إبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: {وَوَهَبْنَا
لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا
صَالِحِينَ} [الأنبياء: 72] ؛ كأنه قال وهبنا لإبراهيم
إسحاق فكان كالفرض له، ثم قال: ويعقوب نافلة، فالنافلة
ليعقوب خاصة لأنه ولد الولد أي وهبنا له زيادة على الفرض
له، وذلك أن إسحاق وهب له بدعائه وزيد يعقوب تفضلا.
(9/573)
2057- أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ 1:
"س"
سَمِعَ مَعَ أَخِيْهِ مِنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ،
وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ،
وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ -وَقَالَ: هُوَ أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ أَخِيْهِ- وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ،
وَمَكْحُوْلٌ البَيْرُوْتِيُّ، وأحمد بن محمد بن صدقة،
وآخرون.
قَالَ يَزِيْدُ الأَزْدِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ،
وَرِعاً، فَاضِلاً, رَابَطَ بِأَذنَةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ
فِي سَنَةِ ثلاث وستين ومائتين, رحمه الله.
أخوهما:
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 44"، وتهذيب التهذيب
"1/ 23"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 150".
(9/574)
2058- محمد بن
حرب 1:
مَاتَ كَهْلاً فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، فَرَثَاهُ عَلِيٌّ، فَقَالَ:
تَقُوْلُ لِيَ المَلِيْحَةُ إِذْ رَأَتْنِي ... لِدَمْعِي
مِنْ مَآقيِهِ وَكِيْفُ
وَبَيْنَ جَوَانِحِي زَفَرَاتُ حُزْنٍ ... يَضِيقُ
بِحَمْلِهَا بَدَنٌ ضَعِيْفُ
أَبَعْدَ مُحَمَّدٍ أَلْهُو بِأَمْرٍ ... يَلَذُّ بِهِ
المُجَاوِرُ وَالمُطِيفُ
قَالَ الأَزْدِيُّ: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ, قَالَ: قُلْتُ لِجَدِّي: لِمَ لَمْ
تَرْثِ عَمِّيَ الحَسَنَ? قَالَ: يَا بُنَيَّ, مَا رَثَيتُ
أَحَداً إِلاَّ ذَهَبَ حُزْنُهُ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ
يَبْقَى حُزْنِي عَلَيْهِ.
وَلِعَليٍّ يَرْثِي ابْنَ ابْنِهِ:
أَرَى أَفْرُخِي يَمْضُوْنَ قَصَْداً إِلَى البِلَى ...
وَأُصْبِحُ مِثْلَ النَّسْرِ فِي جَانِبِ الوَكْرِ
أُشَيِّعُ مِنْهُم وَاحَِداً بَعْدَ وَاحِدٍ ...
وَأَرْجِعُ قَدْ أَوْدَعْتُهُ ظُلْمَةَ القَبْرِ
فَمَنْ كَانَ مَحْزُوْناً بِفَقْدِ مُنَغِّصٍ ... فَقَدْ
أَوْجَعَ الأَحْشَاءَ فَقْدُ أَبِي نَصْرِ
بُنَيٌّ كَأَنَّ البَدْرَ أَشْبَهَ وَجْهَهُ ... يَشِبُّ
شَبَابَ الحَوْلِ في مدة الشهر
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ 237".
(9/574)
وَكَانَ إِذَا مَا ضَاقَ صَدْرِي لِحَادِثٍ
... نَظَرْتُ إليه فانجلت كربة الصدر
فَيَا دَهْرُ قَدْ أَوْجَعْتَ قَلْبِي لِفَقْدِهِ ...
فَمَنْ ذَا الَّذِي يُعْدِي مُصَاباً عَلَى الدَّهْرِ
سَأَسْتَعْمِلُ التسليم لله والرضا ... وَأَجْبُرُ ثَلْمَ
النَّقْصِ فِي الأَهْلِ بِالصَّبْرِ
قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ: حَدَّثَنِي
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ, سَمِعْتُ عَلِيَّ
بنَ حَرْبٍ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بنِ
عُيَيْنَةَ، فَجَعَلَ رَجُلٌ يَقُوْلُ لَهُ: يَا أَبَا
مُحَمَّدٍ حَدِيْثُ: "وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ
اقْتَرَبَ" 1. فَأَعرَضَ عَنْهُ، فَجَعَلَ يُكَرِّرُ
ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَسُفْيَانُ يُعرِضُ عَنْهُ فَأَلَحَّ
عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! كَمْ تُوَلْوِلُ
لِلْعَرَبِ مُنْذُ اليَوْمَ، وَيْلٌ لِلنَّبَطِ2 مِنْ
شَرٍّ قَدْ هَبَطَ.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِي عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ أَرْبَعَةُ
أَجْزَاءٍ: وَاحِدٌ عِنْدَ أَبِي القَاسِمِ بنِ صَصْرَى،
وَثَلاَثَةٌ عِنْدَ أَبِي القاسم السبط.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 324 و428"، والبخاري "3346"، ومسلم
"2880" من حديث زينب بنت جحش، به.
2 النبط والنبيط كالحبشي والحبيش في التقدير: جيل ينزلون
السواد، وفي المحكم ينزلون سواد العراق، وهم الأنباط،
والنسب إليهم نبطي.
(9/575)
مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْبِ بنِ مُحَمَّدٍ
الطَّائِيُّ المَوْصِلِيُّ، سلمة بن شبيب:
2059- مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْبِ بنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ
المَوْصِلِيُّ 1:
أخوهم الشيخ العالم المحدث، أبو سفيان:
وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ أَوْ بُعَيدَهَا.
وَسَمِعَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَقَبِيْصَةَ,
وَخَلاَّدَ بنَ يَحْيَى، وأبا نعيم.
وَعَنْهُ: القَاضِي يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ،
وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
2060- سلمة بن شبيب 2: "م, 4"
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الحجري, المسمعي, النسائي, نزيل مكة.
__________
1 لم أقف له على ترجمة.
2 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2054"، والجرح
والتعديل "4/ ترجمة 722"، وأخبار أصبهان "1/ 366"، وتذكرة
الحفاظ "2/ ترجمة 563"، والكاشف "1/ ترجمة 2053"، والعبر
"2/ 187" وتهذيب التهذيب "4/ 146"، وخلاصة الخزرجي "1/
ترجمة 2632"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 116".
(9/575)
سَمِعَ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَزَيْدَ
بنَ الحُبَابِ، وَأَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ،
وَحَجَّاجَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَحَفْصَ
بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ
بنَ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيَّ، وَأَبَا المُغِيْرَةِ
الخَوْلاَنِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً مِنْ هَذَا الضَّربِ
فَمَنْ بَعْدَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَرْبَابُ السُّنَنِ، وَأَبُو
زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ،
وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ عَلاَّنُ، وَمُحَمَّدُ بنُ
هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ دَكَّةَ
الأَصْبَهَانِيُّ، وَحَاتِمُ بنُ مَحْبُوْبٍ الهَرَوِيُّ،
وَعِدَّةٌ.
وَحدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ: الإِمَامُ أَحْمَدُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَدِمَ أَصْبَهَانَ، وَحَدَّثَ
فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وأربعين.
وَعَنْ سَلَمَةَ بنِ شَبِيْبٍ, قَالَ: بِعْتُ دَارِي
بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَرَدْتُ التَّحَوُّلَ إِلَى مَكَّةَ
بِعِيَالِي، فَقُلْتُ: أُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ،
وَأُوَدِّعُ عُمَّارَ الدَّارِ. فَصَلَّيْتُ، وَقُلْتُ:
يَا عُمَّارَ الدَّارِ, سَلاَمٌ عَلَيْكُم، فَإِنَّا
خَارِجُوْنَ نُجَاوِرُ بِمَكَّةَ. فَسَمِعْتُ هَاتِفاً
يَقُوْلُ: عَلَيْكَ السَّلاَمُ يَا سَلَمَةُ، وَنَحْنُ
خَارِجُوْنَ مِنَ الدَّارِ، فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ
الَّذِي اشتَرَاهَا يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: تُوُفِّيَ سَلَمَةُ مِنْ
أَكْلَةِ فَالُوْذَجَ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ مِصْرَ، وَحَدَّثَ سَنَةَ
سِتٍّ, وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ, سَنَةَ سَبْعٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
أَخْبَرَنَا شَيْخَانِ, قَالا: أَخْبَرَنَا مُوْسَى
الجِيْلِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرْنَا
ابْنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبُو سَعْدٍ، عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: أَرسَلَنِي أَبُو
طَلْحَةَ أَدْعُو النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- لطعام صنعه، فقال النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا وَمَنْ معي" ? قلت: نعم ...
الحديث1.
__________
1 حديث صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "11/ 465"، وأحمد "3/
218"، ومسلم "2040" "143"، وأبو يعلى "4145" و"4331"،
والبيهقي في "دلائل النبوة" "6/ 90" من طريق عبد الله بن
نمير، أخبرنا أبو سعد سعد -يعني ابن سعيد- قال: أخبرني أنس
بن مالك قال: بعثني أبو طلحة إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لادعوه، وقد جعل له طعاما،
فأقبلت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع الناس قال:
فنظر إلي فاستحييت، فقلت: أجب أبا طلحة. فقال للناس:
"قوموا". فقال أبو طلحة: يا رسول الله، إنما صنعت شيئا لك.
قال: فمسها رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَدَعَا فيها بالبركة، ثم قال: "أدخل نفرا من
أصحابي عشرة" فقال: "كلوا". فأكلوا حتى =
(9/576)
2061- الكوسج
1: "خَ، م، س، ت، ق"
الإِمَامُ الفَقِيْهُ الحَافِظُ الحُجَّةُ, أَبُو
يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرِ بن بَهْرَامَ
المَرْوَزِيُّ نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْعَ بنَ
الجَرَّاحِ، وَالنَّضْرَ بنَ شُمَيْلٍ، وَيَحْيَى بنَ
سَعِيْدٍ القَطَّانَ، وَمُعَاذَ بنَ هِشَامٍ، وَأَبَا
أُسَامَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ نمير، وَمُحَمَّدَ بنَ بَكْرٍ البُرْسَانِيَّ،
وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ
الفِرْيَابِيَّ، وَعَفَّانَ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَطَلَبَ العِلْمَ، وَدَوَّنَهُ، وَبَرَعَ، وَاشْتَهَرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى أَبِي دَاوُدَ-
وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَمُؤَمَّلُ
بنُ الحَسَنِ المَاسَرْجِسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ
الأَعْمَشِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ،
وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: أَبُو يَعْقُوْبَ
الكَوْسَجُ مَوْلِدُهُ بِمَرْوَ، وَمَنشَؤُه
بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَعقَبَ؛ وَبِهَا تُوُفِّيَ، وَهُوَ
أَحَدُ الأَئِمَّةِ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ مِنَ
الزُّهَّادِ، وَالمُتَمَسِّكِيْنَ بِالسُّنَّةِ
اعتَمَدَاهُ، فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" أَيَّ اعتِمَادٍ،
وَهُوَ صَاحِبُ المَسَائِلِ عَنْ أَحْمَدَ بن حنبل الذي
يستهزئ به
__________
= شبعوا، وخرجوا، وقال: "أدخل عشرة". فأكلوا حتى شبعوا،
فما زال يدخل عشرة، ويخرج عشرة، حتى لم يبق منهم احد إلا
دخل، فأكل حتى شبع، ثم هيأها، فإذا هي مثلها حين أكلوا
منها.
قلت: إسناده ضعيف، سعد بن سعيد، وهو ابن قيس الأنصاري، سيئ
الحفظ. وضعفه أحمد بن حنبل. وقال النسائي: ليس بالقوي،
وأخرجه أحمد "3/ 147"، والبخاري "5450"، والطبراني في
"الكبير" "25/ 285 و286" من طريق حماد بن زيد، عن هشام، عن
محمد، عن أنس بن مالك، به.
وأخرجه مالك "2/ 927-928"، ومن طريقه أخرجه الشافعي "2/
188"، وعبد بن حميد "1238"، والبخاري "422" و"3578"
و"5381" و"6688"، ومسلم "2040" "142"، والترمذي "3630"،
والنسائي في "الكبرى" "6617"، وأبو عوانة "5/ 380
و380-381"، وابن حبان "6534"، والطبراني "25/ 276"،
واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" "1483"، وأبو نعيم في
"دلائل النبوة" "322"، والبيهقي في "السنن" "7/ 273"، وفي
"الاعتقاد" "ص280"، وفي "دلائل النبوة" "6/ 88-89 و90"،
والبغوي "3721" عَنْ إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
طَلْحَةَ، عن أنس مطولا ومختصرا.
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1291"، والجرح
والتعديل "2/ ترجمة 825"، وتاريخ بغداد "6/ 362"، واللباب
لابن الأثير "3/ 117"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 542"،
والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 426"، وتهذيب
التهذيب "1/ 249"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/
333"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 123".
(9/577)
المُبتَدِعَةُ وَالمُتَجِرِّئُونَ سَمِعْتُ
أَبَا الوَلِيْدِ حَسَّانَ بنَ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهَ
يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مَشَايِخَنَا يَذْكُرُوْنَ أَنَّ
إِسْحَاقَ بنَ مَنْصُوْرٍ بَلَغَهُ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ
حَنْبَلٍ رَجَعَ عَنْ بَعْضِ تِلْكَ المَسَائِلِ الَّتِي
عَلَّقَهَا عَنْهُ، فَحَمَلَهَا فِي جِرَابٍ عَلَى
ظَهرِهِ، وَخَرَجَ رَاجِلاً إِلَى بَغْدَادَ، وَعَرَضَ
خُطُوطَ أَحْمَدَ عليه في كل مسألة اسْتَفْتَاهُ عَنْهَا،
فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا ثَانِياً، وَأُعْجِبَ بِهِ.
قَالَ مُسْلِمٌ: هُوَ ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: قَدْ يَرْوِي عَنْهُ البُخَارِيُّ، فَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ, لَمْ يَنْسِبْهُ، فَيَشْتَبِهُ
بِابْنِ رَاهْوَيْه، فَلَنَا قَرَائِنُ تُرَجِّحُ
أَحَدَهُمَا، وَبِكُلِّ تَقْدِيْرٍ، فَلاَ يَضُرُّ ذَلِكَ،
فُكُلٌّ مِنْهُمَا حُجَّةٌ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القَبَّانِيُّ: مَاتَ
إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ بَهْرَامَ أَبُو يَعْقُوْبَ
الكَوْسَجُ بِنَيْسَابُوْرَ, يَوْمَ الخَمِيْسِ، وَدُفِنَ
يَوْمَ الجُمُعَةِ, لِعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى
الأُوْلَى سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ حَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ، وَعَمْرُو بنُ
عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ، وَأَبو التَّقِيِّ اليَزَنِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ سهل بن عسكر.
(9/578)
2062- زيد بن أخْزَم 1: "خَ، 4"
الحَافِظُ المُجَوِّدُ, أَبُو طَالِبٍ الطَّائِيُّ
البَصْرِيُّ.
سَمِعَ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ القَطَّانَ، وَمُعَاذَ بنَ
هِشَامٍ، وَابْنَ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدَ القَاهِرِ بنَ
شُعَيْبٍ، وَسَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَرْبَابُ السُّنَنِ
الأَرْبَعَةِ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ،
وَالبَغَوِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ
الدِّيْنَوَرِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَالمَحَامِلِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَكَانَ مِمَّنْ قَتَلَتْهُ
الزِّنْجُ وَالأَوبَاشُ الوَاثِبُوْنَ عَلَى البَصْرَةِ
مَعَ الخَبِيْثِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ
وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ،
أَخْبَرْنَا ابْنُ القَطِيْعِيِّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
الزَّاغُوْنِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ
الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ
أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ القَاهِرِ بنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ،
عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ يَزَالُ
العَبْدُ فِي صَلاةٍ ما كانت الصلاة تحبسه" 1.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2581"، وتذكرة
الحفاظ "2/ ترجمة 558"، وتهذيب التهذيب "3/ 393"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 136"، والمنتظم لابن الجوزي
"5/ 4".
2 صحيح: أخرجه البخاري "647"، ومسلم "649"، وأبو داود
"469" و"470" والنسائي "2/ 55" من طريق أَبِي الزِّنَادِ،
عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعا بلفظ: "لا
يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن
ينقلب إلى أهله إلا الصلاة".
(9/578)
2063- الزَّعْفَرَانِي 1: "خَ، د، ت، س"
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ, شَيْخُ الفُقَهَاءِ،
وَالمُحَدِّثِيْنَ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ الصَّبَّاحِ البَغْدَادِيُّ الزَّعْفَرَانِيُّ
يَسْكُنُ مَحَلَّةَ الزَّعْفَرَانِيِّ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَحَجَّ.
وَسَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَأَبِي
مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ، وإسماعيل بن عُلَيَّةَ،
وَعَبِيْدَةَ بنِ حُمَيْدٍ، وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ،
وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي
عَدِيٍّ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَحَجَّاجِ بنِ
مُحَمَّدٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيِّ، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ.
وَقَرَأَ عَلَى الشَّافِعِيِّ كِتَابَهُ القَدِيْمَ،
وَكَانَ مُقَدَّماً فِي الفِقْهِ والحديث, ثِقَةً,
جَلِيْلاً عَالِي الرِّوَايَةِ كَبِيْرَ المَحَلِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ،
وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ
سُرَيْجٍ، وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ،
وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَعُمَرُ بنُ
بُجَيْرٍ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ،
وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَحْيَى: سَمِعْتُ
الزَّعْفَرَانِيَّ يَقُوْلُ: مَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ
قَوْمٌ أَفْضَلُ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ المَحَابِرِ
يَتَّبِعُوْنَ آثَارَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَكْتُبُوْنَهَا كِي لاَ
تَنْدَرِسَ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 153"، وتاريخ بغداد
"7/ 407"، والأنساب للسمعاني "6/ 280"، واللباب لابن
الأثير "2/ 69"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة
157"، والكاشف "1/ ترجمة رقم 1069"، والعبر "2/ 20"،
وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 543"، والوافي بالوفيات لصلاح
الدين الصفدي "12/ 235"، وتهذيب التهذيب "2/ 318"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 32"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة
1381 و1400"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 140".
(9/579)
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ أَحْمَدُ
بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ يَحْضُرَانِ عِنْدَ
الشَّافِعِيِّ، وَكَانَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ
الزَّعْفَرَانِيُّ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى القِرَاءةَ
عَلَيْهِ.
قَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: سَمِعْتُ الزَّعْفَرَانِيَّ
يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ، وَاجْتَمَعنَا
إِلَيْهِ، فَقَالَ: التَمِسُوا مَنْ يَقْرَأُ لَكُم،
فَلَمْ يَجْتَرِئْ أَحَدٌ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ غَيْرِي،
وَكُنْتُ أَحْدَثَ القَوْمِ سِنّاً, مَا كَانَ بَعْدُ فِي
وَجْهِي شَعْرَةٌ، وَإِنِّي لأَتَعَجَّبُ اليَوْمَ مِنِ
انْطِلاَقِ لِسَانِي بَيْنَ يَدَيِ الشافعي -رحمه الله-
وأعجب من جَسَارتِي يَوْمَئِذٍ. قُلْتُ: كَانَ
الزَّعْفَرَانِيُّ مِنَ الفُصَحَاءِ البُلَغَاءِ. قَالَ:
فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الكُتُبَ كُلَّهَا إِلاَّ
كِتَابَيْنِ: "كِتَابَ المَنَاسِكِ"، وَ"كِتَابَ
الصَّلاَةِ".
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ
الحَسَنَ الزَّعْفَرَانِيَّ يَقُوْلُ: لَمَّا قَرَأْتُ
كِتَابَ الرِّسَالَةِ عَلَى الشَّافِعِيِّ قَالَ لِي: مِنْ
أَيِّ العَرَبِ أَنْتَ? قُلْتُ: لَسْتُ بِعَرَبِيٍّ، وَمَا
أَنَا إِلاَّ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا:
الزَّعْفَرَانِيَّةُ. قَالَ: فَأَنْتَ سَيِّدُ هَذِهِ
القَرْيَةِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الفَقِيْهُ
بِالرَّيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ, قَالَ:
سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا القَاسِمِ بنَ بَشَّارٍ
الأَنْمَاطيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ المُزَنِيَّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ بِبَغْدَادَ
نَبَطِيّاً يَنْتَحِي عَلَيَّ حَتَّى كَأَنَّهُ عَرَبِيٌّ،
وَأَنَا نَبَطِيٌّ. فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ هُوَ? قَالَ:
الزَّعْفَرَانِيُّ.
تُوُفِّيَ أَبُو عَلِيٍّ بِبَغْدَادَ فِي سَلْخِ
شَعْبَانَ, سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ فِي
عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرِ بنِ
الحَكَمِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ سعد الزُّهْرِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ حَكِيْمٍ، وَأَيُّوْبُ بنُ
سَافِرِيٍّ، وَمَالِكُ بنُ طَوْقٍ مُنْشِئُ الرَّحْبَةِ1،
والحسن بن علي بن محمد بن الرضا العَلَوِيُّ -أَحَدُ
الاثْنَي عَشَرَ الَّذِيْنَ تَدَّعِي الرَّافِضَةُ عصمتهم.
تم الجزء التاسع ويليه:
الجزء العاشر، وأوله: المُخَرِّمي.
__________
1 الرحبة: تقع بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات.
(9/580)
فهرس الجزء التاسع:
فهرس الموضوعات:
الصفحة الموضوع
5/ 1738/ الوكيع، أحمد بن جعفر الكوفي الضرير.
6/ 1739/ أحمد بن إشكاب.
6/ 1740/ خلف بن هشام.
9/ 1741/ بشار بن موسى.
10/ 1742/ أبو بلال الأشعري.
10/ 1743/ سعيد بن كثير بن عفير الأخباري.
12/ 1744/ سعيد بن منصور.
15/ 1745/ مسدد بن مسرهد.
17/ 1746/ نعيم بن حماد بن معاوية.
28/ 1747/ يحيى بن عبد الله بن بكير.
30/ 1748/ أبو الينبغي الشاعر.
31/ 1749/ الحميدي.
33/ 1750/ يحيى بن أبي الخصيب.
34/ 1751/ المقعد.
36/ 1752/ سليمان بن داود.
36/ 1753/ معلى بن أسد.
37/ 1754/ سنيد، حسين بن داود.
38/ 1755/ محمد بن سلام.
39/ 1756/ علي بن معبد، الرقي.
40/ 1757/ علي بن معبد بن نوح.
42/ 1758/ النُّفَيْلِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ.
43/ 1759/ الجرمي، سعيد بن محمد.
44/ 1760/ عمر بن حفص بن غياث.
45/ 1761/ خالد بن خلى.
46/ 1762/ محمد بن خالد بن خلي.
47/ 1763/ محمد بن المنهال الضرير.
48/ 1764/ محمد بن المنهال البصري
49/ 1765/ ابن سماعة.
50/ 1766/ يحيى بن بشر.
50/ 1767/ ابن أبي الأسود.
51/ 1768/ الفروي، إسحاق بن محمد.
52/ 1769/ عبد الرحمن بن سلام.
52/ 1770/ محمد بن سلام الجمحي.
53/ 1771/ أحمد بن شبيب.
(9/581)
54/ 1772/ أبو توبة الحلبي.
55/ 1773/ الخوشي، محمد بن أسد.
55/ 1774/ أصبغ بن الفرج.
57/ 1775/ المسندي، محمد بن سلام.
58/ 1776/ المقدمي، محمد بن أبي بكر.
59/ 1777/ أحمد بن أبي شعيب.
59/ 1778/ أحمد بن عبد الملك.
60/ 1779/ محمد بن سعد.
62/ 1780/ يزيد بن عبد ربه.
62/ 1781/ حوثرة بن أشرس.
63/ 1782/ حيوة بن شريح.
63/ 1783/ محمد بن وهب
64/ 1784/ محمد بن الصباح الدولابي
65/ 1785/ محمد بن الصباح الجرجرائي.
66/ 1786/ بشر بن الوليد.
68/ 1787/ الزهراني، سليمان بن داود.
70/ 1788/ الشاذكوني، سليمان بن داود.
73/ 1789/ عبد الله بن طاهر.
74/ 1790/ عبد الله بن محمد بن أسماء.
75/ 1791/ ابن الأعرابي، محمد بن زياد.
76/ 1792/ إبراهيم بن المنذر.
78/ 1793/ سهل بن زنجلة.
79/ 1794/ ابن أبي سمينة.
80/ 1795/ الحكم بن موسى.
81/ 1796/ ابن شبوية.
82/ 1797/ أحمد بن محمد بن موسى.
83/ 1798/ أمية بن بسطام.
84/ 1799/ حبان بن موسى بن سوار.
84/ 1800/ حبان بن موسى بن عبيد الله.
84/ 1800/ حبان بن موسى بن حبان.
85/ 1801/ علي بن بحر.
85/ 1802/ ابن الرماح.
86/ 1803/ قتيبة بن سعيد.
92/ 1804/ أحمد بن جناب.
93/ 1805/ طالوت بن عباد.
94/ 1806/ العباس بن الوليد.
95/ 1807/ عبد الأعلى بن حماد.
96/ 1808/ مصعب بن عبد الله.
98/ 1809/ أحمد بن حرب النيسابوري.
100/ أحمد بن حرب الطائي.
100/ 1810/ أحمد بن إبراهيم.
101/ 1811/ أحمد بن عمر بن حفص الكوفي.
101/ 1812/ أحمد بن جواس.
102/ 1813/ الزمي، يحيى بن يوسف.
102/ 1814/ المري، جنادة بن محمد.
103/ 1815/ إبراهيم بن الحجاج السامي.
103/ 1816/ إبراهيم بن الحجاج النيلي.
104/ 1817/ علي بن المديني.
(9/582)
116/ 1818/ إبراهيم بن حمزة.
117/ 1819/ حاجب بن الوليد.
117/ 1820/ إبراهيم بن يوسف.
118/ 1821/ أبو تمام.
121/ 1822/ أبو معمر الهذلي.
123/ 1823/ يحيى بن معين.
138/ 1824/ العتبى, محمد بن عبيد الله.
138/ 1825/ هدبة بن خالد.
141/ 1826/ شيبان بن فروخ.
143/ 1827/ ابن أبي الشوارب
144/ 1828/ محمد بن عائذ.
146/ 1829/ كامل بن طلحة.
148/ 1830/ الفضيل بن الحسين.
149/ 1831/ البرجلاني.
149/ 1832/ محمد بن بكار بن الريان.
150/ 1833/ محمد بن بكار بن بلال.
151/ 1834/ محمد بن بكار بن الزبير.
151/ 1835/ محمد بن أبان بن وزير.
152/ 1836/ محمد بن أبان بن عمران.
153/ 1837/ إسحاق بن النديم.
155/ 1838/ المعافى بن سليمان.
155/ 1839/ ابن أبي شيبة.
159/ 1840/ إبراهيم بن عبد الله، أبو شيبة.
159/ 1841/ الحزامي، عبد الرحمن بن عبد الملك.
160/ 1842/ هارون بن معروف.
161/ 1843/ داود بن عمرو.
163/ 1844/ داود بن رشيد.
164/ 1845/ سليمان ابن بنت شرحبيل.
167/ 1846/ سليمان بن عبد الرحمن.
167/ 1847/ إبراهيم بن موسى الفراء.
169/ 1848/ محمد بن مهران الجمال.
170/ 1849/ الخازن، الحارث بن عبد الله.
171/ 1850/ سريج بن يونس.
172/ 1851/ عمرو الناقد.
173/ 1852/ خلف بن سالم.
174/ 1853/ جبارة بن المغلس.
175/ 1854/ عثمان بن أبي شيبة.
177/ 1855/ الزيادي، محمد بن زياد.
178/ 1856/ مشكدانة.
178/ 1857/ يحيى بن حبيب بن عربي.
179/ 1858/ سندول.
179/ 1859/ ابن كاسب.
181/ 1860/ محمد بن أبي السرى.
182/ 1861/ سالم بن حامد.
182/ 1862/ عبد الحكم بن عبد الله.
183/ 1863/ ديك الجن.
183/ 1864/ ابن عمار.
184/ 1865/ إبراهيم بن محمد بن العباس.
(9/583)
184/ 1866/ الخزاعي، أحمد بن نصر.
186/ 1867/ أحمد بن أبي داود.
188/ 1868/ إسحاق بن إبراهيم بن مصعب.
188/ 1869/ الحسن بن سهل.
189/ 1870/ ابن الزيات.
189/ 1871/ العلاف.
190/ 1872/ ابن كلاب.
191/ 1873/ ابن بنت السدي.
192/ 1874/ أحمد بن حنبل.
302/ 1875/ إسحاق بن راهويه.
318/ 1876/ الحسين بن منصور.
318/ 1877/ عبد الله بن معاذ.
319/ 1878/ عمرو بن رافع.
320/ 1879/ يحيى بن أيوب.
322/ 1880/ حرملة بن يحيى.
324/ 1881/ سجادة.
325/ 1882/ أبو كريب، محمد بن العلاء.
328/ 1883/ الحلواني.
329/ 1884/ الحسين بن حريث.
330/ 1885/ عبد الجبار بن العلاء.
331/ 1886/ العلاء بن عبد الجبار.
331/ 1887/ المسيب بن واضح.
333/ 1888/ أبو قدامة السرخسي.
334/ 1889/ عمرو بن زرارة النيسابوري
335/ 1890/ عمر بن زرارة الحدثي.
335/ 1891/ سويد بن نصر.
336/ 1892/ الأنطاكي، أحمد بن عاصم.
337/ 1893/ سويد بن سعيد.
342/ 1894/ هشام بن عمار.
352/ 1895/ عبد الله بن معاوية.
352/ 1896/ أبو مصعب، أحمد بن أبي بكر.
355/ 1897/ العثماني.
356/ 1898/ القواريري.
359/ 1899/ أبو الصلت، عبد السلام بن صالح.
361/ 1900/ اللؤلؤى.
361/ 1901/ منصور بن المهدي.
362/ 1902/ السمين.
363/ 1903/ محمد بن حاتم المصيصي.
363/ 1904/ محمد بن حاتم بن سليمان الزمي
363/ 1905/ صاحب البصري.
364/ 1906/ سهل بن عثمان.
365/ 1907/ ابن نمير.
367/ 1908/ عبيد بن يعيش.
367/ 1909/ المرادي، يحيى بن يزيد.
368/ 1910/ الطنافسي.
369/ 1911/ محمود الوراق.
370/ 1912/ وهب بن بقية.
(9/584)
371/ 1913/ الغزي، محمد بن عمرو.
372/ 1914/ هناد بن السري.
373/ 1915/ هناد بن السري الصغير الدرامي.
374/ 1916/ محمد بن عبد الله بن عمار.
375/ 1917/ الفلاس.
377/ 1918/ خليفة بن خياط.
379/ 1919/ صفوان بن صالح.
379/ 1920/ إسحاق بن أبي إسرائيل.
381/ 1921/ إبراهيم بن عبد الله بن حاتم.
382/ 1922/ إبراهيم بن محمد بن عرعرة.
384/ 1923/ أحمد بن منيع.
385/ 1924/ حاتم الأصم.
387/ 1925/ أحمد بن خضرويه.
388/ 1926/ أبو خثيمة، زهير بن حرب.
390/ 1927/ أحمد بن أبي خثيمة.
391/ 1928/ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ
زُهَيْرٍ البغدادي.
392/ 1929/ مجاهد بن موسى.
393/ 1930/ أبو حسان الزيادي.
394/ 1931/ محمد بن رمح.
396/ 1932/ لوين، محمد بن سليمان.
397/ 1933/ محمد بن حميد.
400/ 1934/ زغبة، عيسى بن حماد.
401/ 1935/ علي بن حجر.
405/ 1936/ دحيم.
407/ 1937/ دعبل.
408/ 1938/ أحمد بن المعذل.
409/ 1939/ زيد بن بشر.
409/ 1940/ ابن أخي الإمام.
410/ 1941/ ابن أخي الإمام الصغير.
411/ 1942/ محمد بن كرام.
411/ 1943/ يعقوب بن كعب.
412/ 1944/ علي بن مسلم.
413/ 1945/ الجاحظ.
415/ 1946/ أحمد بن خالد.
416/ 1947/ أحمد بن الخليل البغدادي.
416/ 1948/ أحمد بن الخليل النوفلي القومسي.
417/ 1949/ ذو النون المصري.
419/ 1950/ ابن زياد.
419/ 1951/ الرواجني.
421/ 1952/ صالح بن عبد الله بن ذكوان.
421/ 1953/ صالح بن محمد الترمذي.
421/ 1954/ عتبة بن عبد الله.
423/ 1955/ الدوري، حفص بن عمر.
424/ 1956/ سوار بن عبد الله.
425/ 1957/ النخشبي.
426/ 1958/ محمد بن عبيد.
427/ 1959/ الحسن بن عرفة.
(9/585)
429/ 1960/ أحمد بن أبي سريج.
430/ 1961/ علي بن خشرم.
431/ 1962/ أحمد بن بكار.
431/ 1963/ الخطمي، إسحاق بن موسى.
432/ 1964/ يحيى بن أكثم.
436/ 1965/ ابن السكيت.
438/ 1966/ حميد بن زنجويه.
439/ 1967/ أبو همام.
440/ 1968/ أبو حذافة.
442/ 1969/ الحسن بن عيسى بن ماسرجس.
444/ 1970/ المتوكل على الله.
449/ 1971/ المنتصر بالله.
451/ 1972/ المستعين بالله.
454/ 1973/ البزي.
455/ 1974/ أبو عمير بن النحاس.
456/ 1975/ الحارث بن مسكين.
459/ 1976/ البويطي.
461/ 1977/ ابن السرح.
462/ 1978/ سحنون.
466/ 1979/ أحمد بن عيسى.
466/ 1980/ أحمد بن عيسى.
467/ 1981/ أحمد بن عيسى.
467/ 1982/ أبو ثور.
469/ 1983/ إبراهيم بن خالد.
469/ 1984/ إبراهيم بن خالد.
469/ 1985/ الجوعي.
471/ 1986/ الكرابيسي.
472/ 1987/ الفتح بن خاقان.
472/ 1988/ الفضل بن مروان.
473/ 1989/ أحمد بن أبي الحواري.
479/ 1990/ محمد بن مصفى.
480/ 1991/ العدني.
481/ 1992/ رجاء بن مرجى.
482/ 1993/ البيكندي.
483/ 1994/ البحراني.
483/ 1995/ ابن حبيب.
486/ 1996/ عبد الملك بن حبيب.
487/ 1997/ موسى بن معاوية.
488/ 1998/ المحاسبي.
489/ 1999/ أبو قدامة السرخسي.
490/ 2000/ أحمد بن عبد الرحمن.
490/ 2001/ هارون الحمال.
491/ 2002/ وموسى بن هارون ابنه.
493/ 2003/ الأعين.
494/ 2004/ زياد بن أيوب.
495/ 2005/ أبو موسى.
497/ 2006/ هارون بن إسحاق.
498/ 2007/ السكري.
499/ 2008/ إسماعيل بن عبد الله بن زرارة.
(9/586)
499/ 2009/ أحمد بن إبراهيم.
501/ 2010/ نصر بن علي.
503/ 2011/ نصر بن علي الجهضمي الكبير.
504/ 2012/ علي بن نصر بن علي الجهضمي الكبير.
504/ 2013/ علي بن نصر بن علي الجهضمي الصغير.
506/ 2014/ الدورقي، يعقوب بن إبراهيم.
507/ 2015/ بندار، محمد بن بشار بن عثمان.
510/ 2016/ الجوهري.
512/ 2017/ سفيان بن وكيع.
513/ 2018/ الرفاعي.
515/ 2019/ أحمد بن الحسن.
516/ 2020/ أحمد بن خراش.
516/ 2021/ الهيثم بن سهل.
517/ 2022/ أحمد بن صالح.
528/ 2023/ عقبة بن مكرم.
528/ 2024/ عقبة بن مكرم الضبي.
529/ 2025/ محمود بن خداش.
530/ 2026/ عبد الحميد بن عصام.
531/ 2027/ الأشج.
532/ 2028/ السري بن المغلس السقطي.
534/ 2029/ الحسن بن شجاع.
536/ 2030/ الحسين بن الحسن بن حرب.
536/ 2031/ الخليع.
537/ 2032/ الحسن بن الصباح بن محمد.
538/ 2033/ محمد بن أسلم.
546/ 2034/ الرباطي.
548/ 2035/ فضل بن سهل.
549/ 2036/ محمد بن منصور.
551/ 2037/ محمد بن رافع.
553/ 2038/ أحمد بن المقدام.
555/ 2039/ يوسف بن موسى.
556/ 2040/ مَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ.
557/ 2041/ الدَّارِمِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عبد الرحمن.
562/ 2042/ أحمد بن سعيد.
562/ 2043/ الدارمي، أبو جعفر أحمد بن سعيد.
563/ 2044/ عبد بن حميد.
565/ 2045/ أحمد بن نصر.
566/ 2046/ أحمد بن نصر العتكي السمرقندي.
566/ 2047/ عبد الله بن الصباح.
566/ 2048/ علي بن سهل.
567/ 2049/ وأخوه موسى بن سهل.
567/ 2050/ عبد الرحمن بن رسته.
568/ 2051/ أخوه عبد الله بن عمر الزهري.
(9/587)
568/ 2052/ أحمد بن سنان.
570/ 2053/ مؤمل بن إهاب.
571/ 2054/ محمد بن مسعود.
572/ 2055/ خشيش بن أصرم.
572/ 2056/ علي بن حرب.
574/ 2057/ أحمد بن حرب الطائي.
574/ 2058/ محمد بن حرب.
575/ 2059/ مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْبِ بنِ مُحَمَّدٍ
الطَّائِيُّ المَوْصِلِيُّ.
575/ 2060/ سلمة بن شبيب.
577/ 2061/ الكوسج.
578/ 2062/ زيد بن أخزم.
579/ 2063/ الزعفراني، الحسن بن محمد.
581/ فهرس الموضوعات.
(9/588)
فهرس التراجم على حروف المعجم:
الجزء السابع:
الصفحة التراجم
103/ 1815/ إبراهيم بن الحجاج بن زيد البصري.
103/ 1816/ إبراهيم بن الحجاج النيلي.
116/ 1818/ إبراهيم بن حمزة بن محمد.
469/ 1983/ إبراهيم بن خالد المروزي.
469/ 1984/ إبراهيم بن خالد اليشكري.
159/ 1840/ إبراهيم بن عبد الله، أبو شيبة العبسي.
381/ 1921/ إبراهيم بن عبد الله بن حاتم البغدادي.
184/ 1865/ إبراهيم بن محمد بن العباس المكي.
382/ 1922/ إبراهيم بن محمد بن عرعرة البصري.
76/ 1792/ إبراهيم بن المنذر.
167/ 1847/ إبراهيم بن موسى الفراء.
191/ 1873/ إبراهيم بن موسى الفزاري الكوفي.
117/ 1820/ إبراهيم بن يوسف بن ميمون البلخي.
499/ 2009/ أحمد بن إبراهيم.
100/ 1810/ أحمد بن إبراهيم بن خالد الموصلي.
6/ 1739/ أحمد بن إشكاب.
431/ 1962/ أحمد بن بكار بن أبي ميمون الحراني.
92/ 1804/ أحمد بن جناب بن المغيرة المصيصي.
101/ 1812/ أحمد بن جواس الكوفي.
574/ 2057/ أحمد بن حرب الطائي.
98/ 1809/ أحمد بن حرب بن فيروز النيسابوري.
515/ 2019/ أحمد بن الحسن بن جنيدب.
516/ 2020/ أحمد بن الحسن بن خراش.
192/ 1874/ أحمد بن حنبل = أحمد بن محمد بن حنبل.
473/ 1989/ أحمد بن أبي الحواري عبد لله.
415/ 1946/ أحمد بن خالد البغدادي.
(9/589)
387/ 1925/ أحمد بن خضرويه.
416/ 1947/ أحمد بن الخليل البغدادي.
416/ 1948/ أحمد بن الخليل النوفلي القومسي.
390/ 1927/ أحمد بن أبي خيثمة = أحمد بن زهير بن حرب.
186/ 1867/ أحمد بن أبي داود = أحمد بن فرج بن حريز.
390/ 1927/ أحمد بن زهير بن حرب.
429/ 1960/ أحمد بن أبي سريج = أحمد بن عمر بن الصباح.
562/ 2042/ أحمد بن سعيد بن بشر.
568/ 2052/ أحمد بن سنان.
59/ 1777/ أحمد بن أبي شعيب.
53/ 1771/ أحمد بن شبيب.
517/ 2022/ أحمد بن صالح، ابن الطبري.
336/ 1892/ أحمد بن عاصم الأنطاكي.
490/ 2000/ أحمد بن عبد الرحمن.
59/ 1778/ أحمد بن عبد الملك.
أحمد بن عمار البصري.
101/ 1811/ أحمد بن عمر بن حفص الكوفي.
429/ 1960/ أحمد بن عمر بن الصباح.
466/ 1979/ أحمد بن عيسى.
467/ 1981/ أحمد بن عيسى بن الشهيد زيد.
466/ 1980/ أحمد بن عيسى بن عَبْدِ اللهِ.
192/ 1874/ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ.
82/ 1797/ أحمد بن محمد بن موسى.
408/ 1938/ أحمد بن المعذل بن غيلان البصري.
553/ 2038/ أحمد بن المقدام.
384/ 1923/ أحمد بن منيع عبد الرحمن.
565/ 2045/ أحمد بن نصر بن زياد
566/ 2046/ أحمد بن نصر العتكي السمرقندي.
184/ 1866/ أحمد بن نصر بن مالك.
188/ 1868/ أحمد بن إبراهيم بن مصعب الخزاعي.
153/ 1837/ إسحاق بن إبراهيم بن ميمون النديم.
379/ 1920/ أحمد بن أبي إسرائيل إبراهيم بن كامجر.
302/ 1875/ إسحاق بن راهويه = إسحاق ابن إبراهيم بن مخلد.
431/ 1967/ إسحاق بن موسى بن عبد الله الأنصاري
إسحاق النديم = إسحاق بن إبراهيم بن ميمون.
499/ 2008/ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زُرَارَةَ
الرَّقِّيُّ.
(9/590)
50/ 1767/ ابن أبي الأسود.
531/ 2027/ الأشج، عبد الله بن سعيد.
55/ 1774/ أصبغ بن الفرج.
75/ 1791/ ابن الأعرابي, محمد بن زياد.
493/ 2003/ الأعين، محمد بن أبي عتاب.
83/ 1798/ ابن عبد العزيز، أمية بن بسطام.
336/ 1892/ الأنطاكي = أحمد بن عاصم.
483/ 1994/ البحراني، العباس بن يزيد.
149/ 1831/ البرجلاني = محمد بن الحسين بن أبي الشيخ.
454/ 1973/ البزي، أحمد بن محمد بن عبد الله.
9/ 1741/ بشار بن موسى.
66/ 1786/ بشر بن الوليد.
10/ 1742/ أبو بلال الأشعري، بندار محمد بن بشار.
459/ 1976/ البويطي، يوسف بن يحيى.
482/ 1993/ البيكندي، يحيى بن جعفر.
أبو تمام = حبيب بن أوس الحارث.
54/ 1772/ أبو توبة الحلبي.
417/ 1949/ ثوبان بن إبراهيم، ذو النون المصري.
467/ 1982/ أبو ثور، إبراهيم بن خالد.
413/ 1945/ الجاحظ = عمرو بن بحر بن محبوب.
174/ 1853/ جبارة بن المغلس الحماني.
43/ 1759/ الجرمي, سعيد بن محمد.
102/ 1814/ جنادة بن محمد الدمشقي.
469/ 1985/ الجوعى، القاسم بن عثمان.
510/ 2016/ الجوهري، إبراهيم بن سعيد.
385/ 1924/ حاتم الأصم البلخي.
117/ 1819/ حاجب الوليد بن ميمون البغدادي.
170/ 1849/ الحارث بن عبد الله بن إسماعيل الخازن.
456/ 1975/ الحارث بن مسكين.
84/ 1800/ حبان بن موسى بن حبان.
84/ 1799/ حبان بن موسى بن سوار.
84/ 1800/ حبان بن موسى بن عبيد الله.
118/ 1821/ حبيب بن أوس بن الحارث الطائي.
440/ 1968/ أبو حذافة، أحمد بن إسماعيل.
322/ 1880/ حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي.
159/ 1841/ الحِزَامِيُّ = عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ شَيْبَةَ.
(9/591)
393/ 1930/ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ =
الحَسَنُ بنُ عُثْمَانَ بنِ حماد.
أبو الحسن البصري العطار = العلاء بن عبد الجبار.
324/ 1881/ الحسن بن حماد بن كسيب الحضرمي.
188/ 1869/ الحسن بن سهل.
534/ 2029/ الحسن بن شجاع.
537/ 2032/ الحسن بن الصباح بن محمد.
427/ 1959/ الحسن بن عرفة البغدادي.
328/ 1883/ الحسن بن علي بن محمد الحلواني.
442/ 1969/ الحسن بن عيسى بن ماسرجس.
329/ 1884/ الحسين بن حريث بن الحسن الخزاعي.
536/ 2030/ الحسين بن الحسن بن حرب.
318/ 1876/ الحسين بن منصور بن جعفر النيسابوري.
423/ 1955/ حفص بن عمر بن عبد العزيز الدوري.
80/ 1795/ الحكم بن موسى.
328/ 1883/ الحلواني = الحسن بن علي بن محمد.
438/ 1966/ حميد بن زنحويه.
31/ 1749/ الحميدي.
62/ 1781/ حوثرة بن أشرس.
الخَازِنُ = الحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ.
45/ 1761/ خالد بن خلي.
184/ 1866/ الخزاعي = أحمد بن نصر بن مالك.
572/ 2055/ خشيش بن أصرم.
الخَطْمِيُّ = إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ.
173/ 1852/ خلف بن سالم البغدادي.
6/ 1740/ خلف بن هشام.
536/ 2031/ الخليع، الحسين بن الضحاك.
377/ 1918/ خليفة بن خياط العصفري.
55/ 1773/ الخوشي, محمد بن أسد.
388/ 1926/ أبو خثيمة = زهير بن حرب ابن شداد.
562/ 2043/ الدارمي أحمد بن سعيد بن صخر.
557/ 2041/ الدارمي, عبد الله بن عبد الرحمن.
163/ 1844/ داود بن رشيد الخوارزمي.
161/ 1843/ دَاوُدُ بنُ عَمْرِو بنِ زُهَيْرِ بنِ عَمْرٍو.
405/ 1936/ دحيم = عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو الدمشقي.
(9/592)
407/ 1937/ دعبل بن علي الخزاعي.
423/ 1955/ الدوري = حفص بن عمر بن عبد العزيز.
183/ 1863/ ديك الجن = عبد السلام بن رغبان.
537/ 2032/ الرباطي أحمد بن سعيد.
481/ 1992/ رجاء بن مرجى.
513/ 2018/ الرفاعي محمد بن يزيد.
85/ 1802/ ابن الرماح = عبيد الله بن عمرو بن الرماح.
419/ 1951/ الرواجني = عباد بن يعقوب.
579/ 2063/ الزعفراني، الحسن بن محمد.
400/ 1934/ زغبة = عيسى بن حماد.
102/ 1813/ الزمي = يحيى بن يوسف.
68/ 1787/ الزهراني, سليمان بن داود.
189/ 1870/ ابن الزيات = محمد بن عبد الملك بن أبان.
494/ 2004/ زياد بن أيوب.
419/ 1950/ ابن زياد = محمد بن عبد الله بن زياد.
177/ 1855/ الزِّيَادِيُّ = مُحَمَّدُ بنُ زِيَادِ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ.
578/ 2062/ زيد بن أخزم.
409/ 1939/ زيد بن بشر الأزدي.
182/ 1861/ سالم بن حامد.
324/ 1881/ سجادة = الحسن بن حماد الحضرمي.
462/ 1978/ سحنون، عبد السلام بن حبيب.
191/ 1873/ ابْنُ بِنْتِ السُّدِّيِّ = إِبْرَاهِيْمُ بنُ
مُوْسَى الفَزَارِيُّ.
461/ 1977/ ابن السرح، أحمد بن عمرو.
532/ 2028/ السري بن المغلس السقطي.
171/ 1850/ سريج بن يونس بن إبراهيم المروزي.
10/ 1743/ سعيد بن كثير بن عفير الأخباري.
12/ 1744/ سعيد بن منصور.
512/ 2017/ سفيان بن وكيع.
498/ 2007/ السكري، إسماعيل بن عبد الله.
436/ 1965/ ابن السكيت.
575/ 2060/ سلمة بن شبيب.
363/ 1905/ سليمان بن أيوب، صاحب البصري.
36/ 1752/ سليمان بن داود.
167/ 1846/ سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى الدمشقي.
164/ 1845/ سليمان ابن بنت شرحبيل = سليمان بن عبد الرحمن.
49/ 1765/ ابن سماعة.
(9/593)
362/ 1902/ عيسى السمين = محمد بن حاتم بن
ميمون.
79/ 1794/ ابن أبي سمينة.
179/ 1858/ سندول = محمد بن عبد الجبار القرشي.
37/ 1754/ سنيد, حسين بن داود.
78/ 1793/ سهل بن زنجلة.
364/ 1906/ سهل بن عثمان العسكري.
424/ 1956/ سوار بن عَبْدُ اللهِ بنُ سَوَّارِ بنِ عَبْدِ
اللهِ.
337/ 1893/ سويد بن سعيد بن سهل الأنباري.
335/ 1891/ سويد بن نصر المروزي.
70/ 1788/ الشاذكوني سليمان بن داود.
81/ 1796/ ابن شبوية.
143/ 1827/ ابن أبي الشوارب141/ 1826/ شيبان بن فروخ =
شيبان بن أبي شيبة الحبطي البصري.
155/ 1839/ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ = عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ بن القاضي أبي شيبة.
363/ 1905/ صاحب البصري = سليمان ابن أيوب.
421/ 1952/ صالح بن عبد الله بن ذكوان الترمذي.
421/ 1953/ صالح بن محمد الترمذي.
379/ 1919/ صفوان بن صالح بن صفوان الدمشقي.
359/ 1899/ أَبُو الصَّلْتِ = عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ
صَالِحٍ الهَرَوِيُّ.
93/ 1805/ طالوت بن عباد البصري.
368/ 1910/ الطنافسي = علي بن محمد بن إسحاق.
94/ 1806/ العباس بن الوليد بن نصر النرسي.
563/ 2044/ عبد بن حميد.
95/ 1807/ عبد الأعلى بن حماد بن نصر البصري.
330/ 1885/ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ
الجَبَّارِ.
182/ 1862/ عَبْدُ الحَكَمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
الحكم المصري.
530/ 2026/ عبد الحميد بن عصام.
567/ 2050/ عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو، دحيم.
567/ 2050/ عبد الرحمن رسته.
52/ 1769/ عبد الرحمن بن سلام.
159/ 1841/ عبد الرحمن بن عبد الملك بن شبة الحزامي.
190/ 1872/ عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري.
566/ 2047/ عبد الله بن الصباح.
73/ 1789/ عبد الله بن طاهر.
(9/594)
568/ 2051/ عبد الله بن عمر الزهري.
178/ 1856/ عبد الله بن عمر بن محمد مشكدانة.
74/ 1790/ عبد الله بن محمد بن أسماء.
317/ 1877/ عبد الله بن معاذ.
352/ 1895/ عبد الله بن معاوية الجمحي.
486/ 1996/ عبد الملك بن حبيب البزاز المصيصي.
483/ 1995/ عبد الملك بن حبيب بن سليمان.
367/ 1908/ عبيد بن يعيش الكوفي.
356/ 1898/ عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري.
421/ 1954/ عتبة بن عبد الله اليحمدي.
138/ 1824/ العُتْبِيُّ = مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ
بنِ عَمْرِو.
175/ 1854/ عثمان بن أبي شيبة = عثمان بن محمد.
355/ 1897/ العثماني = محمد بن عثمان بن خالد.
480/ 1991/ العدني، محمد بن يحيى.
425/ 1957/ عسكر بن الحصين النخشبي.
528/ 2024/ عقبة بن مكرم الضبي.
528/ 2023/ عقبة بن مكرم العمي.
331/ 1886/ العلاء بن عبد الجبار.
189/ 1871/ العَلاَّفُ = مُحَمَّدُ بنُ الهُذَيْلِ بنِ
عُبَيْدِ اللهِ.
85/ 1801/ علي بن بحر بن بري القطان.
401/ 1935/ علي بن حجر بن إياس المروزي.
572/ 2056/ علي بن حرب الطائي.
430/ 1961/ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المَرْوَزِيُّ.
566/ 2048/ علي بن سهل.
104/ 1817/ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ
المديني.
368/ 1910/ علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي.
104/ 1817/ علي بن المَدِيْنِيِّ = عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ جَعْفَرٍ.
412/ 1944/ علي بن مسلم الطوسي.
39/ 1756/ علي بن معبد بن شداد الرقي.
40/ 1757/ علي بن معبد بن نوح.
504/ 2013/ علي بن نصر بن علي الصغير.
504/ 2012/ علي بن نصر بن علي الكبير.
183/ 1864/ ابن عمار = أحمد بن عمار البصري.
44/ 1760/ عمر بن حفص بن غياث.
(9/595)
335/ 1890/ عمر بن زرارة الحدثي.
413/ 1945/ عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ.
319/ 1878/ عمرو بن رافع بن الفرات البجلي.
334/ 1889/ عمرو بن زرارة بن واقد النيسابوري.
375/ 1917/ عمرو بن علي بن بحر الفلاس.
172/ 1851/ عَمْرٌو النَّاقِدُ = عَمْرُو بنُ مُحَمَّدِ
بنِ بُكَيْرٍ.
455/ 1974/ أبو عمير النحاس.
400/ 1934/ عيسى بن حماد التجيبي زغبة.
371/ 1913/ الغزي = محمد بن عمرو.
472/ 1987/ الفتح بن خاقان.
51/ 1768/ الفروي, إسحاق بن محمد.
548/ 2035/ فضل بن سهل.
472/ 1988/ الفضل بن مروان.
148/ 1830/ الفضل بن الحسين بن طلحة الجحدري.
375/ 1917/ الفلاس: عمرو بن علي بن بحر.
86/ 1803/ قتيبة بن سعيد بن جميل البغلاني.
489/ 1999/ أبو قدامة السرخسي اليشكري.
333/ 1888/ أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ = عُبَيْدُ
اللهِ بنُ سَعِيْدٍ بن يحيى.
356/ 1898/ القَوَارِيْرِيُّ = عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ
بنِ مَيْسَرَةَ.
179/ 1859/ ابن كاسب = يعقوب بن حميد.
146/ 1829/ كامل بن طلحة الجحدري.
471/ 1986/ الكرابيسي، الحسين بن علي.
325/ 1882/ أَبُو كُرَيْبٍ = مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ بنِ
كُرَيْبٍ.
190/ 1872/ ابن كلاب = عبد الله بن سعيد بن كلاب.
577/ 2061/ الكوسج، إسحاق بن منصور.
361/ 1900/ اللؤلؤي = مُحَمَّدُ بنُ أَبِي يَعْقُوْبَ
إِسْحَاقَ بنِ حَرْبٍ.
396/ 1932/ لوين = محمد بن سليمان بن حبيب.
444/ 1970/ المتوكل على الله.
392/ 1929/ مجاهد بن موسى بن فروخ الخوارزمي.
488/ 1998/ المحاسبي، الحارث بن أسد.
152/ 1836/ محمد بن أبان بن عمران.
151/ 1835/ محمد بن أبان بن وزير البلخي.
391/ 1928/ محمد بن أحمد بن زهير.
(9/596)
361/ 1900/ محمد بن أبي يعقوب بن إسحاق بن
حرب اللؤلؤي.
538/ 2033/ محمد بن أسلم.
150/ 1833/ محمد بن بكار بن بلال.
149/ 1832/ محمد بن بكار بن الريان البغدادي.
151/ 1834/ محمد بن بكار بن الزبير.
391/ 1928/ محمد بن أبي بكر = محمد بن أحمد بن زهير.
363/ 1904/ محمد بن حاتم بن سليمان الزمي.
363/ 1903/ محمد بن حاتم المصيصي.
محمد بن حاتم بن ميمون المروزي السمين.
574/ 2058/ محمد بن حرب الطائي.
149/ 1831/ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي شَيْخٍ
البُرْجُلاَنِيُّ.
397/ 1933/ محمد بن حميد الرازي.
46/ 1762/ محمد بن خالد بن خلي.
551/ 2037/ محمد بن رافع.
394/ 1931/ محمد بن رمح بن المهاجر التجيبي.
419/ 1950/ محمد بن زياد بن عبيد الله البصري.
181/ 1860/ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ
العَسْقَلاَنِيُّ.
60/ 1779/ مُحَمَّدُ بنُ سعد.
38/ 1755/ محمد بن سلام أبو عبد الله السلمي البيكندي.
52/ 1770/ محمد بن سلام الجمحي.
396/ 1932/ محمد بن سليمان بن حبيب لوين.
65/ 1785/ محمد بن الصباح الجرجرائي.
64/ 1784/ محمد بن الصباح الدولابي.
144/ 1828/ مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ.
374/ 1916/ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بن عمار الموصلي.
143/ 1827/ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي
الشّوَاربِ.
426/ 1958/ محمد بن عبيد بن عبد الملك.
411/ 1942/ محمد بن كرام السجستاني.
571/ 2054/ محمد بن مسعود.
479/ 1990/ محمد بن مصفى.
549/ 2036/ محمد بن منصور.
48/ 1764/ محمد بن المنهال البصري.
47/ 1763/ محمد بن المنهال الضرير.
169/ 1848/ محمد بن مهران الجمال.
محمد بن الهذيل بن عبيد الله العلاف.
63/ 1783/ محمد بن وهب.
(9/597)
529/ 2025/ محمود بن خداش.
556/ 2040/ محمود بن غيلان.
369/ 1911/ محمود الوراق بن الحسن.
367/ 1909/ المرادي = يحيى بن يزيد بن ضماد.
102/ 1814/ المرى = جنادة بن محمد الدمشقي.
451/ 1972/ المستعين بالله.
15/ 1745/ مسدد بن مسرهد.
57/ 1775/ المسندي، محمد بن سلام.
331/ 1887/ المسيب بن واضح التلمنسي.
178/ 1856/ مُشْكُدَانَةُ = عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ
مُحَمَّدٍ.
352/ 1896/ أَبُو مُصْعَبٍ = أَحْمَدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ
القَاسِمِ بن الحارث.
96/ 1808/ مصعب بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُصْعَبِ بنِ
ثَابِتِ.
155/ 1838/ المعافى بن سليمان الرسعني.
575/ 2059/ معاوية بن حرب الطائي.
36/ 1753/ معلى بن أسد.
121/ 1822/ أبو معمر الهذلي = إسماعيل بن إبراهيم بن معمر.
58/ 1776/ المقدمي، محمد بن أبي بكر.
34/ 1751/ المقعد.
449/ 1971/ المنتصر بالله.
361/ 1901/ منصور بن المهدي محمد بن المنصور.
567/ 2049/ موسى بن سهل.
495/ 2005/ أبو موسى محمد بن المثنى.
487/ 1997/ موسى بن معاوية.
491/ 2002/ موسى بن هارون.
570/ 2053/ مؤمل بن إهاب.
425/ 1957/ النخشبي = عسكر بن الحصين.
503/ 2011/ نصر بن علي الجهضمي الكبير.
501/ 2010/ نصر بن علي بن نصر الصغير.
17/ 1746/ نعيم بن حماد بن معاوية.
42/ 1758/ النُّفَيْلِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
عَلِيِّ.
365/ 1907/ ابْنِ نُمَيْرٍ = مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ نمير.
ذو النون المصري = ثوبان بن إبراهيم.
497/ 2006/ هارون بن إسحاق.
490/ 2001/ هارون الحمال.
160/ 1842/ هارون بن معروف المروزي.
138/ 1825/ هدبة بن خالد بن أسود القيسي.
342/ 1894/ هشام بن عمار بن نصير السلمي.
(9/598)
439/ 1967/ أبو همام، الوليد بن شجاع.
372/ 1914/ هناد بن السري بن مصعب.
373/ 1915/ هناد بن السري الصغير.
516/ 2021/ الهيثم بن سهل.
5/ 1738/ الوكيع, أحمد بن جعفر الكوفي الضرير.
370/ 1912/ وهب بن بقية بن عثمان الواسطي.
432/ 1964/ يحيى بن أكثم.
320/ 1879/ يحيى بن أيوب المقابري.
50/ 1766/ يحيى بن بشر.
178/ 1857/ يحيى بن حبيب بن عربي.
33/ 1750/ يحيى بن أبي الخصيب.
28/ 1747/ يحيى بن عبد الله بن بكير.
123/ 1823/ يحيى بن معين بن عوف.
102/ 1813/ يَحْيَى بنُ يُوْسُفَ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ
الزَّمِّيُّ.
62/ 1780/ يزيد بن عبد ربه.
411/ 1943/ يعقوب بن كعب بن حامد الأنطاكي.
30/ 1748/ أبو الينبغي الشاعر.
555/ 2039/ يوسف بن موسى.
(9/599)
المجلد العاشر
تابع الطبقة الثالثة عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
2064- المخرمي 1: "خ،
د، س"
محمد بن عبد الله بن المبارك الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ
الحَافِظُ الثَّبْتُ، أَبُو جَعْفَرٍ القُرَشِيُّ
مَوْلاَهُمُ البَغْدَادِيُّ المُخَرِّمِيُّ المَدَائِنِيُّ
قَاضِي حُلْوَانَ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: وَكِيْعٍ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ وَأَبِي
مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
مَهْدِيٍّ، وَأَبِي أُسَامَةَ وَمُعَاذِ بنِ هِشَامٍ
وَإِسْحَاقَ بنِ يُوْسُفَ الأَزْرَقِ، وَشَبَابَةَ
وَمُظَفَّرُ بنُ مُدْرِكٍ الحَافِظُ وَيَحْيَى بنُ آدَمَ،
وَيَحْيَى بنِ عِيْسَى الرَّمْلِيِّ وَيَزِيْدَ بنِ
هَارُوْنَ وَأَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ، وَخَلْقٍ
وَيَنْزِلُ إِلَى مُصْعَبِ بنِ عَبْدِ اللهِ وَيَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ المَقَابِرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ والنسائي
وأبو حاتم وَالفَسَوِيُّ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا،
وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
المَرْوَزِيُّ وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ،
وَابْنُ صَاعِدٍ وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ وَمُحَمَّدُ
بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: قَالَ لِي
أَبِي: كَتَبْتَ حَدِيْثَ عُبَيْدُ اللهِ عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ كُنَّا نُغَسِّلُ المَيِّتَ مِنَّا مَنْ
يَغْتَسِلُ، وَمِنَّا مَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ? قُلْتُ: لاَ
قَالَ: فِي المُخَرِّمِ شَابٌّ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ أَبِي هِشَامٍ
المَخْزُومِيِّ عَنْ وُهَيْبٍ فَاكتبْهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَاغَنْدِيُّ: كَانَ المُخَرِّمِيُّ
حَافِظاً مُتْقِناً.
وَقَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: سَمِعْتُ نَصْرَ بنَ أَحْمَدَ بنِ
نَصْرٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
المُخَرِّمِيُّ مِنَ الحُفَّاظِ المُتْقِنِيْنَ
المَأْمُوْنِيْنَ.
قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي وَهُوَ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ
سُئِلَ أَبِي عَنْهُ، فَوَثَّقَهُ.
قال النسائي: ثقة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1658" وتاريخ الخطيب
"5/ 423"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 311"، والمنتظم لابن
الجوزي "6/ 137"، والكاشف "3/ ترجمة 5049"، والعبر "2/
6-7"، وتهذيب التهذيب "9/ 272"، وتقريب التهذيب "2/ 179"،
وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة6392"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "2/ 129".
(10/5)
وقال الدارقطني: كان حافظًا، ثقة.
الإِسْمَاعِيْلِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ الفَرْهَيَانِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُهُم يَقُوْلُوْنَ: قَدِمَ عَلِيُّ بنُ
المَدِيْنِيِّ بَغْدَادَ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ،
فَلَمَّا تَفَرَّقُوا قِيْلَ لَهُ: مَنْ وَجَدْتَ أَكيَسَ
القَوْمِ? قَالَ: هَذَا الغُلاَمُ المُخَرِّمِيُّ.
الإِسْمَاعِيْلِيُّ: حَدَّثَنَا الفَرْهَيَانِيُّ:
سَمِعْتُ المُخَرِّمِيَّ يَقُوْلُ: ذَكَرَ أَبُو
خَيْثَمَةَ يَوْماً فَقَالَ: كَمْ تَحْفَظُونَ لاِبْنِ
جُرَيْجٍ عَنْ أَبِيْهِ? وَكَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ
ثَمَّةَ، فَمَا أَجَابَ البَتَّةَ فِي وَاحِدٍ،
وَانْدَفَعتُ أَنَا فَقُلْتُ ثُمَّ قَالَ
الفَرْهَيَانِيُّ: كُنَّا نَصِفُ المُخَرِّمِيَّ
بِالمَعْرِفَةِ. فَذَكَرنَاهُ لِصَاحِبِ حَدِيْثٍ، يُقَالُ
لَهُ: عُمَرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَبِيْوَرْدِيُّ،
فَقَالَ: إِنَّ كَيْلَجَةَ1 أَفَادَنِي أَبْوَاباً،
وَقَالَ: الحَدِيْثُ فَيهَا عَزِيْزٌ، وَأَنَا أَذكُرُ
لَكُم بَعْضَ تِلْكَ الأَبْوَابِ، حَتَّى تَسْأَلُوا
عَنْهَا المُخَرِّمِيَّ. فَذَكَرَ الرَّجُلَ يُدْرِكُ
الوتْرَ مَنْ قَالَ: يَتَشَهَّدُ، وَمَنْ قَالَ: لاَ
يَتَشَهَّدُ? فَلَمَّا أَتَينَاهُ، سَأَلنَاهُ، فَقَالَ:
لَيْسَ ذَا مِنْ صِنَاعَتِكُمْ، مَا حَاجَتُكُمْ إِلَيْهِ?
وَذَاكَ أَنَّهُ كَانَ يَرَانَا نَتَّبَّعُ "المُسْنَدَ"،
فَقُلْنَا: تُحَدِّثُنَا بِمَا عِنْدَكَ فِيْهِ.
فَحَدَّثَنَا عَلَى المَكَانِ بِسِتَّةِ أَحَادِيْثَ.
فَرَجَعْنَا إِلَى الَّذِي قَالَ لَنَا فَقُلْنَا: أَملَى
عَلَيْنَا فِيْهِ سِتَّةَ أَحَادِيْثَ. فَقَالَ: ذَا
هَوْلٌ مِنَ الأَهوَالِ.
قَالَ عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانعٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ سِتِّيْنَ
وَمائَتَيْنِ، أَوْ قَبْلَهَا بِقَلِيْلٍ، أَوْ بَعْدَهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ
أَخْبَرَنَا، عَمِّي؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ،
أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
المُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ،
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُوْنُسَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
أَنَسٍ قَالَ: مَا أَكَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى خِوَانٍ، وَلا فِي سُكُرُّجَةٍ،
وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ. قُلْتُ لِقَتَادَةَ: عَلَى
أَيِّ شَيْءٍ كَانُوا يَأْكُلُوْنَ? قَالَ: على السفر2.
__________
1 هو: الإِمَامُ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
صَالِحٍ البغدادي الأنماطي كليجة، محدث جوال تأتي ترجمته
في هذا المجلد بترجمة رقم "2163".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5386"، والترمذي "1788"، وفي
"الشمائل" له "146"، وابن ماجه "3292" عن قتادة، عن أنس،
به.
(10/6)
2065- أبو حاتم
السجستاني 1: "د، س"
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، أَبُو حَاتِمٍ سَهْلُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ السِّجِسْتَانِيُّ، ثُمَّ
البَصْرِيُّ المقرئ، النحوي، اللغوي، صاحب التصانيف.
أَخَذَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَوَهْبِ بنِ
جَرِيْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ المُثَنَّى، وَأَبِي
زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ،
وَالأَصْمَعِيِّ، وَيَعْقُوْبَ الحَضْرَمِيِّ، وَقَرَأَ
عَلَيْهِ القُرْآنَ، وَتَصَدَّرَ لِلإقرَاءِ وَالحَدِيْثِ
وَالعَرَبِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي
كِتَابَيْهِمَا، وَأَبُو بَكْرٍ البَزَّارُ فِي
"مُسْنَدِهِ"، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ،
وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ دُرَيْدٍ، وَأَبُو
رَوْقٍ الهِزَّانِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ، مِنْهُم أَبُو العَبَّاسِ
المُبَرِّدُ، وَكَانَ جَمَّاعَةً لِلْكُتُبِ يَتَّجِرُ
فِيْهَا. وَلَهُ بَاعٌ طَوِيْلٌ فِي: اللُّغَاتِ،
وَالشِّعْرِ، وَالعَرُوْضِ، وَاسْتِخْرَاجِ المُغَمَّى.
وَقِيْلَ: لَمْ يَكُنْ بَاهِراً بِالنَّحْوِ.
وَلَهُ كِتَابُ "إعْرَابِ القُرْآنِ"، وَكِتَابُ "مَا
يَلْحَنُ فِيْهِ العَامَّةُ"، وَكِتَابُ "المَقْصُوْرِ
وَالمَمْدُوْدِ"، وَكِتَابُ "المَقَاطِعِ وَالمَبَادِئِ"،
وَكِتَابُ "القِرَاءاتِ"، وَكِتَابُ "الفَصَاحَةِ"،
وَكِتَابُ "الوُحُوشِ"، وَكِتَابُ "اخْتِلاَفِ
المَصَاحِفِ"، وغير ذلك.
وَكَانَ يَقُوْلُ: قَرَأْتُ: "كِتَابَ سِيْبَوَيْه" عَلَى
الأَخْفَشِ مَرَّتَيْنِ.
قُلْتُ: عَاشَ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً وَمَاتَ فِي
آخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقِيْلَ:
مات سنة خمسين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل: "4/ ترجمة 882"، ومعجم
الأدباء لياقوت الحموي "11/ 263"، ووفيات الأعيان لابن
خلكان "2/ ترجمة 282"، والكاشف "1/ ترجمة 2197"، والعبر
"1/ 455" و"2/ 75"، وتهذيب التهذيب "4/ 275"، وتقريب
التهذيب "1/ 337"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2084"، وشذرات
الذهب لابن العماد "2/ 121".
(10/7)
2066- المازني
1:
إِمَامُ العَرَبِيَّةِ، أَبُو عُثْمَانَ، بَكْرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَدِيٍّ البَصْرِيُّ، صَاحِبُ
"التَّصْرِيْفِ" وَالتَّصَانِيْفِ.
أَخَذَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ، وَالأَصْمَعِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَمُوْسَى
بنُ سَهْلٍ الجَوْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ
المُبَرِّدُ، وَلازَمَهُ، وَاختَصَّ بِهِ، وَقَدْ دَخَلَ
المَازِنِيُّ عَلَى الوَاثِقِ بِاللهِ، فَوَصَلَهُ بِمَالٍ
جَزِيلٍ.
قَالَ المُبَرِّدُ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ سِيْبَوَيْه
أَعْلَمَ بِالنَّحْوِ مِنَ المَازِنِيِّ، قَالَ: وَذَكَرَ
لَنَا المَازِنِيُّ: أَنَّ رَجُلاً قَرَأَ عَلَيْهِ "كتاب
سيبويه" في مدة طويلة فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَهُ، قَالَ:
أَمَا إِنِّي مَا فَهِمْتُ مِنْهُ حَرْفاً، وَأَمَّا
أَنْتَ فَجَزَاكَ اللهُ خَيْراً.
وَقَالَ المَازِنِيُّ: قَرَأْتُ القُرْآنَ عَلَى
يَعْقُوْبَ، فَلَمَّا خَتَمتُ، رَمَى إليَّ بِخَاتَمِهِ،
وَقَالَ: خُذْهُ، لَيْسَ لَكَ مِثْلٌ.
وَقِيْلَ: كَانَ المَازِنِيُّ ذَا وَرَعٍ وَدِينٍ،
بَلَغَنَا أَنَّ يَهُوْدِيّاً حَصَّلَ النَّحْوَ، فَجَاءَ
لِيَقرَأَ عَلَى المَازِنِيِّ "كِتَابَ سِيْبَوَيْه"،
فَبذَلَ لَهُ مائَةَ دِيْنَارٍ، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ:
هَذَا الكِتَابُ يشتمل على ثلاثمائة آيَةٍ وَنَيِّفٍ، فَلا
أُمَكِّنُ مِنْهَا ذِمِّيّاً.
قَالَ القَاضِي بَكَّارُ بنُ قُتَيْبَةَ: مَا رَأَيْتُ
نَحْوِيّاً يُشْبِهُ الفُقَهَاءَ إلَّا حَبَّانَ بنَ
هِلاَلٍ وَالمَازِنِيَّ.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: كَانَ المَازِنِيُّ إِذَا نَاظَرَ
أَهْلَ الكَلاَمِ، لَمْ يَسْتَعِنْ بِالنَّحْوِ، وَإِذَا
نَاظَرَ النُّحَاةَ، لَمْ يَسْتَعِنْ بِالكَلاَمِ.
وَعَنِ المَازِنِيِّ قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ السِّكِّيتِ:
مَا وَزْنُ "نَكْتَلُ"؟ قَالَ: "نَفْعَلُ". قُلْتُ:
اتَّئِدْ. فَفَكَّرَ، وَقَالَ: "نَفْتَعِلُ". قُلْتُ:
فَهَذِهِ خمسة أَحرُفٍ. فَسَكَتَ فَقَالَ المُتَوَكِّلُ:
مَا وَزْنُهَا? قُلْتُ: وَزنُهَا فِي الأَصْلِ
"نَفْتَعِلُ"؛ لأَنَّهَا "نَكْتِيْلُ"، فَتَحَرَّكَ حَرْفُ
العِلَّةِ، وَانفَتَحَ مَا قَبْلَهُ، فَقُلِبَ أَلِفاً،
فَصَارَ نَكْتَالُ، فَحُذِفَتْ أَلِفُهُ لِلْجَزْمِ،
فَبَقِيَ "نَكْتَلُ".
مَاتَ المَازِنِيُّ: سَنَةَ سَبْعٍ -أَوْ ثَمَانٍ-
وَأَرْبَعِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ 93"، ومعجم الأدباء لياقوت
الحموي "7/ 107"، واللباب لابن الأثير "3/ 145"، ووفيات
الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 181"، والعبر "1/ 448" ولسان
الميزان "2/ 57" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 329"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 113".
(10/8)
|