سير أعلام
النبلاء، ط الحديث الطبقة السادسة
والعشرون:
4484- ابن الخاضبِة 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الحَافِظُ، الصَّادِق
القُدْوَةُ، بَرَكَةُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ البَاقِي بنِ
مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيّ الدَّقَّاق، عُرِفَ بِابْنِ
الخَاضِبَةِ.
أَخْبَرَنَا المِقْدَادُ بنُ أَبِي القَاسِمِ فِي
كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو البَقَاءِ النَّحْوِيّ
بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد البَاقِي،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهتدي بِاللهِ، حَدَّثَنَا عُبيدُ
الله بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ،
حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
بنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ
سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم: "إن فِي الجَنَّةِ بَاباً يُقَالَ لَهُ:
الرِّيَّانُ، يَدْخُلُهُ الصَّائِمُوْنَ يَوْمَ
القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مَعَهُم أَحَدٌ غَيْرُهُم،
فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُم أُغْلِقَ" 2. أَخْرَجَهُ
البُخَارِيّ عَنْ خَالِد، وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي
شَيْبَةَ، فَوَافَقْنَاهُمَا.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ مُؤَدِّبه أَبِي طَالِبٍ عُمَرَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ الدَّلوِ فِي سَنَةِ ستٍّ وَأَرْبَعِيْنَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوَيْه،
فَهَذَا أَقدمُ شيخٍ لَهُ، وَأَخَذَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ
بن المُسْلمَة، وَعبد الرَّحِيْم بن أَحْمَدَ البُخَارِيّ
الحَافِظ، وَالحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ بنِ ثَابِتٍ الخطيب،
وأبي محمد ابن هَزَارْمَرْدَ الصَّرِيفِيْنِي، وَأَبِي
الحُسَيْنِ بن النَّقُّوْرِ، وَإِمَام جَامِع دِمَشْق عبدِ
الصَّمدِ بن تَمِيم، وَأَبِي الحسين محمد بن مكي بن عثمان
الأزدي _ صَادَفَهُ بِبَيْتِ المَقْدِس _ وَأَبِي
الغَنَائِم مُحَمَّد بن الغَرَّاء، وخلقٍ مِنْ طَبَقَتهِم،
وَبعدهِم.
وَقرَأَ لِلنَّاسِ الكَثِيْرَ، هُوَ كَانَ مُقْرِئَ
المُحَدِّثِيْنَ بِبَغْدَادَ، وَكَتَبَ، وَخَرَجَ،
وَأَفَاد، وَهُوَ متوسطٌ فِي الفنِّ، مَعَ دِيَانَة
مَتِينَة، وَتَعبُّدٍ وَفَصَاحَة، وَحُسنِ قِرَاءة.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَةَ،
وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ، وَأَبُو الفَتْحِ
بنُ البطي، وجماعةيسيرة، فإنه توفي قبل أن ينفق مروياته.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 101"، ومعجم الأدباء
لياقوت الحموي "17/ 226- 230"، والعبر "3/ 325"، وميزان
الاعتدال "3/ 465"، وتذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1044"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 393".
2 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "3/ 5- 6"، والبخاري "1896" و
"3257"، ومسلم "1152"، والترمذي "765"، والنسائي "4/ 168"،
وابن ماجه "1640"، وابن خزيمة "1902"، والبيهقي "4/ 305"،
والبغوي "1708"، من طرق عن أبي حازم، به.
(14/152)
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدفِي: كَانَ
أَبُو بَكْرٍ مَحْبُوباً إِلَى النَّاسِ كُلِّهم،
فَاضِلاً, حَسَنَ الذِّكْرِ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَه عَلَى
طَرِيقتِهِ، وَكَانَ لاَ يَأْتيه مُسْتعيرٌ كِتَاباً إلَّا
أَعْطَاهُ أَوْ دلَّهُ عليه.
وسمعت أبا الوَفَاء بن عَقِيْل الحَنْبَلِيّ الإِمَام
يَقُوْلُ-: وَذَكَرَ شِدَّة إِصَابته بِمطَالبَةٍ طُوْلِبَ
بِهَا، وَأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ عِنْد ذَلِكَ خلوَاتٌ
يَدعُو رَبّهُ فِيْهَا وَيُنَاجيه، فَقَرَأَ عَلَيَّ
مُنَاجَاته يَقُوْلُ-: وَلَئِنْ قُلْتَ لِي يَا رَبِّ:
هَلْ وَاليتَ فيَّ وَلِيّاً? أَقُوْل: نَعم يَا رَبِّ،
أَبُو بَكْرٍ بنُ الخَاضِبَة، وَلَئِنْ قُلْتَ لِي: هَلْ
عَادَيت فِيَّ عَدُوّاً? فَأَقُوْلُ: نَعم يَا رَبِّ.
وَلَمْ يُسَمِّهِ. قَالَ: فَأَخْبَرتُ ابْنَ الخَاضبَة
بِقَوْلِهِ، فَقَالَ: اغْترَّ الشَّيْخُ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: نسخ ابْنُ الخَاضبَة
"صَحِيْح مُسْلِم" بِالأُجرَة سَبْعَ مَرَّاتٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ: مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا
أَحَدٌ أَحْسَنَ قِرَاءة لِلْحَدِيْثِ مِنِ ابْنِ
الخَاضِبَة فِي وَقتِهِ، لَوْ سَمِعَ إنسانٌ بِقِرَاءته
يَوْمَيْن، لَمَا مَلَّ.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ أَبَا الكَرَمِ خَمِيْساً
الحَوْزِي عَنِ ابْنِ الخَاضِبَة، فَقَالَ: كَانَ
عَلاَّمَةً فِي الأَدَبِ، قُدْوَةً فِي الحَدِيْثِ،
جَيِّدَ اللِّسَان، جَامِعاً لِخلاَلِ الخَيْرِ، مَا
رَأَيْتُ بِبَغْدَادَ مِنْ أَهْلِهَا أَحْسَنَ قِرَاءةً
لِلْحَدِيْثِ مِنْهُ، وَلاَ أَعْرفَ بِمَا يَقوله.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَانَ ابْنُ الخَاضبَة وَرِعاً
تَقيّاً، زَاهِداً ثِقَةً، مَحْبُوباً إِلَى النَّاسِ،
رَوَى اليَسِيْر.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفصيحِي: مَا رَأَيْتُ فِي
أَصْحَاب الحَدِيْث أَقومَ بِاللُّغَةِ مِنِ ابْنِ
الخَاضِبَة.
قَالَ السِّلَفِيّ: وَسَأَلتُ أَبَا عَامِرٍ العَبْدَرِي
عَنِ ابْنِ الخَاضِبَة، فَقَالَ: كَانَ خَيْرَ موجودٍ فِي
وَقته، وَكَانَ لاَ يَحفظ، إِنَّمَا يُعوِّل عَلَى
الكُتُب.
ابْنُ طَاهِر: سَمِعْتُ ابْنَ الخَاضِبَة، وَكُنْت ذكرتُ
لَهُ أَن بَعْضَ الهَاشِمِييِّن حَدَّثَنِي بِأَصْبَهَانَ
أَنَّ أَبَا الحُسَيْنِ بن الْمُهْتَدي بِاللهِ يَرَى
الاعتزَال، فَقَالَ: لاَ أَدْرِي، لَكِن أَحكِي لَكَ:
لَمَّا كَانَ سَنَة الْغَرق، وَقَعَت دَارِي عَلَى
قُمَاشِي وَكُتُبِي، وَلَمْ يَكُنْ لِي شَيْء، وَعِنْدِي
الأَمُّ، وَالزَّوْجَة وَالبَنَاتُ، فَكُنْتُ أَنسَخُ،
وَأُنْفِقُ عليهِنَّ، فَأَعْرِفُ أَنَّنِي كَتَبتُ
"صَحِيْح مُسْلِم" فِي تِلْكَ السّنَة سَبْعَ مراتٍ،
فَلَمَّا كَانَ فِي ليلةٍ مِنَ اللَّيَالِي، رَأَيْتُ
القِيَامَةَ قَدْ قَامَت، ومنادٍ يُنَادِي: أَيْنَ ابْنُ
الخَاضِبَة? فَأُحْضِرْتُ، فَقِيْلَ لِي: ادْخُلِ
الجَنَّة، فَلَمَّا دَخَلتُ البَابَ، وَصرتُ مِنْ دَاخِل،
اسْتَلقيتُ على قفاي، ووضعت إحدى رجلي على الأخرى،
وَقُلْتُ: اسْتَرحتُ -وَاللهِ- مِنَ
(14/153)
النَّسخ، فَرفعتُ رَأْسِي، فَإِذَا
بِبَغْلَة فِي يَدِ غلامٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ?
قَالَ: لِلشَرِيْف أَبِي الحُسَيْنِ بن الغَرِيق، فَلَمَّا
أَصْبَحتُ، نُعِيَ لَنَا الشريف، رحمه الله.
أبو القاسم بن عَسَاكِرَ: سَمِعْتُ أَبَا الفَضْل
مُحَمَّدَ بن مُحَمَّدِ بنِ عَطَّافٍ، يَحكِي أَنَّهُ طلع
فِي بَعْضِ أَوْلاَد الرُّؤسَاء بِبَغْدَادَ إِصبعٌ
زَائِدَة، فَاشتدَّ أَلَمُه لَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْن
الخَاضِبَة، فَمَسَحَ عَلَيْهَا، وَقَالَ: أَمرُهَا يَسير،
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل نَام وَانتبه، فَوَجَدهَا قَدْ
سَقَطَتْ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قال ابْنُ عَسَاكِر: سَمِعَ ابْنُ الخَاضِبَة بِالقُدْس
مِنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ البُخَارِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ
عَلِيٍّ الدِّيْنَوَرِيّ، وَكَتَبَ الكَثِيْر، وَكَانَ
مفِيدَ بَغْدَاد فِي وَقته، وَكَانَ صَالِحاً
مُتَوَاضِعاً.
مَاتَ ابْنُ الخَاضِبَة فِي ثَانِي رَبِيْع الأَوّل, سَنَة
تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ. وَكَانَتْ
جِنَازَتُهُ مَشْهُوْدَةٌ، وَخُتِمَ عَلَى قَبْرِهِ
عِدَّةُ خَتمَات.
أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئ،
أَخْبَرَنَا عبدُ اللطيف الطبري، أخبرنامحمد بنُ
البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عبد
البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ ثَابِتٍ،
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الفَوَارس، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ
بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيّ الصَّفَّار، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ
الشِّبلِي، فَسَأَلَهُ بَعْضُ المُتصَوِّفَة: الرَّجُل
يَسْمَعُ قَوْلاً لاَ يَفهمُهُ، فَيَتوَاجد عَلَيْهِ،
فَأَنشَأَ يَقُوْلُ:
ربَّ وَرْقَاءَ هتوفٍ فِي الضُّحَى ... ذَاتِ شَجْوٍ
صَدَحَتْ فِي فَنَنِ
فَبُكَائِي رُبَّمَا أَرَّقَهَا ... وَبُكَاهَا رُبَّمَا
أَرَّقَنِي
وَلَقَدْ أَشْكُو فَمَا أُفْهِمُهَا ... وَلَقَدْ تَشْكُو
فَمَا تُفْهِمُنِي
غَيْرَ أَنِّي بِالجَوَى أَعْرِفُهَا ... وَهِيَ أيضًا
بالجوى تعرفني
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ
البَاقِلاَّنِي، وَالمُقْرِئ أَحْمَد بن عُمَرَ بنِ
الأَشْعَثِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ السَّرَّاج، وَالمُحَدِّثُ عَبْد اللهِ بن
يُوْسُفَ الجُرْجَانِيّ، وَالمُحَدِّثُ عبدُ المُحسن بن
مُحَمَّدٍ الشِّيحِي، وَأَبُو مَرْوَانَ عَبْد الْملك بن
سِرَاج لُغوِيُّ زَمَانِهِ بِالأَنْدَلُسِ، وَمُسْنِدُ
الوَقْت القَاسِم بن الفَضْلِ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُمَيْرِيُّ
الزَّاهِدُ، وَأَبُو المُظَفَّرِ مَنْصُوْر بن مُحَمَّدٍ
السَّمْعَانِيّ.
(14/154)
4485- أبو المظفَّر السَّمْعَاني 1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، مُفْتِي خُرَاسَان، شَيْخُ
الشَّافعيَة، أَبُو المُظَفَّرِ مَنْصُوْرُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ بن أَحْمَدَ التَّمِيْمِيّ،
السَّمْعَانِيُّ، المَرْوَزِيّ، الحَنَفِيُّ كَانَ، ثُمَّ
الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ ستٍّ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا غَانم أَحْمَد بن عَلِيٍّ الكُراعي، وأبا
بكر بن عبد الصمد التُّرَابِيَّ، وَطَائِفَةً بِمَرْوَ،
وَعبدَ الصَّمد بنَ المَأْمُوْنِ، وَطَبَقَته بِبَغْدَادَ،
وَأَبَا صالحٍ المُؤَذِّنَ، وَنَحْوَهُ بِنَيْسَابُوْرَ،
وَأَبَا عليٍّ الشَّافِعِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ
الزنجَانِيَّ بِمَكَّةَ، وَأَكْبَرُ شيخٍ لَهُ
الكُرَاعِيُّ، وَبَرَعَ فِي مَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ
عَلَى وَالِدِهِ العَلاَّمَة أَبِي مَنْصُوْرٍ
السَّمْعَانِيّ، وَبَرَّزَ عَلَى الأَقرَان.
رَوَى عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ، وَعُمَر بن مُحَمَّدٍ
السَّرْخَسيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
الفَاشَانِي، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ السِّنْجِيّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو
نَصْرٍ الغَازِي، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ البَغْدَادِيّ، وخلقٌ
كَثِيْرٌ.
حَجَّ عَلَى البرِيَّة أَيَّامَ انْقَطَع الرَّكْبُ،
فَأُخِذَ هُوَ وجماعةٌ، فَصَبَرَ إِلَى أَنْ خلَّصَهُ الله
مِنَ الأَعرَاب، وَحَجَّ وَصَحِبَ الزَّنْجَانِي. كَانَ
يَقُوْلُ: أَسَرونَا، فَكُنْتُ أَرْعَى جِمَالَهُم،
فَاتَّفَقَ أَنَّ أَمِيْرَهُم أَرَادَ أَنْ يُزَوِّج
بِنْته، فَقَالُوا: نَحتَاجُ أَن نَرحلَ إِلَى الحَضَر
لأَجْل مَنْ يَعْقِدُ لَنَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا: هَذَا
الَّذِي يَرْعَى جِمَالَكُم فَقِيْهُ خُرَاسَان،
فَسَأَلونِي عَنْ أَشيَاءَ، فَأَجبتُهُم، وَكلمتُهُم
بِالعَرَبِيَّة، فَخَجِلُوا وَاعتَذَرُوا، فَعقدتُ لَهُم
العَقْدَ، وَقُلْتُ الخُطبَةَ، فَفَرِحُوا، وَسَأَلونِي
أَنْ أَقْبَلَ مِنْهُم شَيْئاً، فَامتنعتُ، فَحملونِي
إِلَى مَكَّةَ وَسَط العَام.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ فِي "تَارِيْخِهِ": هُوَ وَحِيدُ
عصره فِي وَقته فَضْلاً وَطرِيقَةً، وَزُهْداً وَوَرِعاً،
مِنْ بَيْتِ العِلْم وَالزُّهْد، تَفَقَّهَ بِأَبِيْهِ،
وَصَارَ مِنْ فُحُوْل أَهْلِ النَّظَر، وَأَخَذَ يُطَالِعُ
كتبَ الحَدِيْث، وَحَجَّ وَرَجَعَ، وَتركَ طرِيقَتَه
الَّتِي نَاظَرَ عَلَيْهَا ثَلاَثِيْنَ سَنَةً،
وَتَحَوَّلَ شَافِعيّاً، وَأَظْهَرَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ
ثمانٍ وَسِتِّيْنَ، فَاضْطَرَب أَهْلُ مَرْو، وَتَشَوَّشَ
العَوَامُّ، حَتَّى وَردت الكُتُب مِنَ الأَمِيْرِ
بِبَلْخَ، فِي شَأْنه وَالتَّشدِيْدِ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ
مِنْ مَرْوَ، وَرَافقه ذُو المَجْدَيْنِ أَبُو القَاسِمِ
المُوسَوِي، وَطَائِفَةٌ مِنَ الأَصْحَاب وَفِي خِدمته
عِدَّةٌ مِنَ الفُقَهَاء، فَصَارَ إِلَى طُوْس، وَقَصَدَ
نَيْسَابُوْرَ، فَاسْتقبله الأَصْحَابُ اسْتِقبالاً
عَظِيْماً أَيَّامَ نِظَام المُلك، وَعَمِيد الحضرَة أبي
سعد، فأكرموه، وأنزل في عزٍّ
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 139"، واللباب لابن
الأثير "2/ 138- 139"، والمنتظم لابن الجوزي "9/ 102"،
ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 211"، والعبر "3/ 326"،
وطبقات الشافعية للسبكي "5/ 335"، والنجوم الزاهرة لابن
تغري بردي "5/ 160"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 393".
(14/155)
وَحِشْمَةٍ، وَعُقِدَ لَهُ مَجْلِسُ
التَّذكير فِي مَدرسَةِ الشَّافعيَّة، وَكَانَ بَحْراً فِي
الوعظِ، حَافِظاً، فَظَهَرَ لَهُ القَبُولُ، وَاسْتَحكمَ
أَمرُه فِي مَذْهَب الشَّافِعِيِّ، ثُمَّ عَادَ إِلَى
مَرْوَ، وَدَرَّس بِهَا فِي مَدرسَةِ الشَّافعيَة،
وَقَدَّمه النِّظَام عَلَى أَقرَانِهِ، وَظَهر لَهُ
الأَصْحَابُ، وَخَرَجَ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَهُوَ فِي
ارْتقَاء.
صَنَّفَ كِتَاب "الاصْطِلاَم"، وَكِتَاب "البُرْهَان"،
وَلَهُ "الأَمَالِي" فِي الحَدِيْثِ، تَعصب لأَهْل
الحَدِيْث وَالسُّنَّة وَالجَمَاعَة، وَكَانَ شَوكاً فِي
أَعْيُن المُخَالفِيْن، وَحُجَّةً لأَهْلِ السّنَّة.
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ: صَنَّف جَدِّي التفسير، وفي الفقه
والأصول وَالحَدِيْث، وَ "تَفْسِيْرُهُ" ثَلاَثُ
مُجلَّدَات، وَلَهُ "الاِصطِلامُ" الَّذِي شَاع فِي
الأَقطَار، وَكِتَاب "القَوَاطع" فِي أُصُوْل الفِقْه،
وَلَهُ كِتَاب "الانتصَار بِالأَثر" فِي الرَّدِّ عَلَى
المُخَالفِيْن، وَكِتَاب "المِنْهَاج لأَهْل السُّنَّة"،
وَكِتَاب "القَدَر"، وَأَملَى تِسْعِيْنَ مَجْلِساً.
سَمِعْتُ مَنْ يَحكِي عَنْ رفِيق جَدِّي فِي الحَجِّ
حُسَيْن بن حَسَنٍ، قَالَ: اكتَرَينَا حِمَاراً، رَكبه
الإِمَامُ أَبُو المُظَفَّرِ إِلَى خَرَق، وَبَينهَا
وَبَيْنَ مَرْو ثَلاَثَةُ فَرَاسخ، فَنَزَلنَا، وَقُلْتُ:
مَا مَعَنَا إلَّا إِبرِيق خَزف، فَلَو اشتَرَينَا آخرَ?
فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ: يَا حُسَيْن،
لَيْسَ مَعِي إلَّا هَذِهِ، خُذْ وَاشتَرِ، وَلاَ تَطْلُبْ
بَعْدهَا مِنِّي شَيْئاً. قَالَ: فَخَرَجْنَا عَلَى
التَّجرِيْد، وَفتح اللهُ لَنَا.
وَسَمِعْتُ شَهْردَار بنَ شِيْرَوَيْه، سَمِعْتُ
مَنْصُوْرَ بن أَحْمَدَ، وَسَأَلَهُ أَبِي، فَقَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا المُظَفَّر السَّمْعَانِيّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ حَنفِيّاً، فَبدَا لِي، وَحججتُ، فَلَمَّا بلغتُ
سَمِيْرَاء، رَأَيْتُ رَبَّ العِزَّةِ فِي المَنَامِ،
فَقَالَ لِي: عُدْ إِلَيْنَا يَا أَبَا المُظَفَّر،
فَانْتبهتُ، وَعلمتُ أَنَّهُ يُرِيْد مَذْهَبَ الشافعي،
فرجعت إليه.
وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الحَاجِي: خَرَجتُ مَعَ
أَبِي المُظَفَّر إِلَى الحَجِّ، فَكُلَّمَا دخلنَا
بَلَدَةً، نَزل عَلَى الصُّوْفِيَّة، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ،
وَلَمْ يَزَلْ يَقُوْلُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ
لِيَ الحَقَّ، فَلَمَّا دَخلنَا مَكَّةَ، نَزلَ عَلَى
أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بن أَسَدٍ، وَصَحِبَ سَعْداً
الزَّنْجَانِي حَتَّى صَارَ مُحَدِّثاً.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي جَعْفَرٍ الهَمَذَانِيِّ
الحَافِظ: سَمِعْتُ أَبَا المُظَفَّر السَّمْعَانِيّ
يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي الطَّوَاف، فَوصلتُ إِلَى
المُلْتَزَمِ، وَإِذَا بِرَجُل قَدْ أَخَذَ بردَائِي،
فَإِذَا الإِمَامُ سعدٌ، فَتبسَّمتُ، فَقَالَ: أَمَّا
تَرَى أَيْنَ أَنْتَ?! هَذَا مقَامُ الأَنْبِيَاء
وَالأَوليَاء، ثُمَّ رفع طَرْفَه إِلَى السَّمَاءِ
وَقَالَ: اللَّهُمَّ كَمَا سُقْتَهُ إِلَى أَعزِّ مَكَان،
فَأَعْطِهِ أَشْرَف عزٍّ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَانٍ،
ثُمَّ ضَحِكَ إِلَيَّ، وَقَالَ: لاَ تُخَالِفْنِي فِي
سِرِّكَ، وَارفَعْ يَديك مَعِي إِلَى رَبِّك، وَلاَ
تَقُوْلنَّ البَتَّةَ شَيْئاً، وَاجمعْ لِي هِمَّتَك
حَتَّى أَدعُوَ لَكَ، وَأَمِّنْ أَنْتَ، وَلاَ
يُخَالِفْنِي عَهدُكَ القَدِيْمُ، فَبَكَيْتُ، وَرفعتُ
مَعَهُ يَديَّ، وَحرَّك شَفَتَيْه، وَأَمَّنتُ، ثُمَّ
قَالَ: مُرَّ فِي حِفْظِ الله، فَقَدْ أُجيبَ فِيك صَالِحُ
دُعَاءِ الأُمَّة، فَمضيتُ وَمَا شيءٌ أَبغضَ إِلَيَّ مِنْ
مَذْهَب المخَالفِيْن.
(14/156)
وَبِخَطِّ أَبِي جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ إِمَام
الحَرَمَيْنِ يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ الفِقْه ثَوْباً
طَاوياً، لَكَانَ أَبُو المُظَفَّرِ السَّمْعَانِيّ
طِرَازَهُ.
وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّفَّارُ: إِذا
نَاظرتُ أَبَا المُظفَّر، فَكَأَنِّي أُنَاظِرُ رَجُلاً
مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ، مِمَّا أَرَى عليه من آثار
الصالحين.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الوَفَاءِ عَبْدُ
اللهِ بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُوْك أَبُو بَكْرٍ
يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَا حَفِظتُ شَيْئاً
فَنسيتُه.
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ: سَمِعْتُ أَبَا الأَسَعْد بن
القُشَيْرِيِّ يَقُوْلُ: سُئِلَ جَدُّك بِحُضُوْر وَالِدي
عَنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَات، فَقَالَ: عَلَيْكُم بِدِيْنِ
العَجَائِزِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وُلِدَ جَدِّي سَنَة "426"، وَتُوُفِّيَ
يَوْمَ الجُمُعَةِ, الثَّالِثَ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ
رَبِيْع الأَوّل, سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ. عَاشَ ثَلاَثاً وستين سنة رحمه الله.
(14/157)
4486- الحُميدي 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ الأَثرِي، المُتْقِنُ الحَافِظُ،
شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
أَبِي نَصْرٍ فُتُوْح بن عَبْدِ اللهِ بنِ فُتُوْحِ بنِ
حُمَيْدِ بنِ يَصِلَ، الأَزْدِيُّ، الحُمَيْدِيُّ،
الأَنْدَلُسِيُّ؛ المَيُورْقِي، الفَقِيْهُ الظَّاهِرِيُّ،
صَاحِبُ ابْنِ حَزْمٍ وَتِلْمِيْذُه وَمَيُوْرْقَة:
جَزِيْرَةٌ فِيْهَا بَلدَة حَصينَة تجَاهُ شَرق
الأَنْدَلُس، هِيَ اليَوْمَ بِأَيدي النَّصَارَى.
قَالَ: مَوْلِدي قَبْل سَنَة عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
لاَزمَ: أَبَا مُحَمَّدٍ عَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ الفَقِيْه،
فَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَأَخَذَ عَنْ أَبِي عُمَرَ بن عَبْدِ
البَرِّ، وَطَائِفَة، ثُمَّ ارْتَحَلَ، فَأَخَذَ بِمِصْرَ
عَنِ: القَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ القُضَاعِي، وَمُحَمَّد
بن أَحْمَدَ القَزْوِيْنِيّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الحَبَّال،
وَعِدَّةٍ، وَالحَافِظِ عَبْد الرَّحِيْمِ بن أَحْمَدَ
البُخَارِيّ، وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ
الحِنَّائِي، وَالحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب،
وَعَبْدِ العزيز الكتاني، وسمع بِالأَنْدَلُسِ أَيْضاً
مِنْ: أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَد بن عُمَرَ بنِ دِلْهَاث،
وَبِمَكَّةَ مِنَ: المُحَدِّثَة كَرِيْمَةَ
المَرْوَزِيَّة. وَبمصر أَيْضاً مِنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ
الضّرَّاب، وَابْنِ بَقَاء الوَرَّاق، وَبِبَغْدَادَ مِنْ:
عَبْدِ الصَّمَدِ بن المَأْمُوْن، وَأَبِي الحُسَيْنِ بن
المُهتدي بِاللهِ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ هَزَارْمَرْدَ،
وَأَبِي جَعْفَرٍ بن
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 233"، واللباب لابن
الأثير "1/ 392"، والصلة لابن بشكوال "2/ 560" والمنتظم
لابن الجوزي "9/ 96"، والعبر "3/ 323"، وتذكرة الحفاظ "4/
ترجمة 1041"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 392"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 156".
(14/157)
المُسْلِمَة، وَبِوَاسِط مِنَ: العَلاَّمَة
أَبِي غَالِبٍ بن بِشْرَان اللُّغَوِيّ، وَأَكْثَرَ عَنْ
أَصْحَابِ أَبِي طَاهِرٍ المُخَلِّص، ثُمَّ عَنْ أَصْحَاب
أَبِي عُمَرَ بن مَهْدِيٍّ، إِلَى أَنْ كتب عَنْ أَصْحَاب
أَبِي مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ،
وَعَمِلَ "الجَمعَ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ"، وَرَتَّبه
أَحْسَن تَرْتِيب.
اسْتَوْطَنَ بَغْدَاد، وَأَوّل ارْتِحَاله فِي العِلْمِ
كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وربعين أربع مائة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو عَامِرٍ العَبْدَرِي،
وَمُحَمَّد بن طَرْخَان التُّركِي، وَيُوْسُف بن أَيُّوْبَ
الهَمَذَانِيُّ الزَّاهِدُ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ
التَّيْمِيّ صَاحِب "التَّرغِيب وَالتَّرهيب"، وَالقَاضِي
مُحَمَّد بن عَلِيٍّ الجُلاَّبِي، وَالحُسَيْن بن الحَسَنِ
المَقْدِسِيّ، وَصِدِّيقُ بنُ عُثْمَانَ التِّبرِيزِي،
وَشيخُهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، -وَمَاتَ قَبْلَهُ
بدَهْر- وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ نَبْهَانَ الغَنَوِيّ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ نَصْرِ بن خَمِيْس
المَوْصِلِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بن
السَّمَرْقَنْدي، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ
البَطِّي، وَالحَافِظ مُحَمَّد بن نَاصر، وَآخَرُوْنَ،
وَكَانَ مِنْ بَقَايَا أَصْحَابِ الحَدِيْث عِلْماً
وَعَمَلاً وَعَقداً وَانْقِيَاداً، رَحْمَةُ اللهِ
عَلَيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَرْخَان: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ
اللهِ الحُمَيْدِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ أُحْمَلُ لِلسَّمَاع
عَلَى الكَتِف، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ. فَأَوَّلُ مَا سَمِعْتُ مِنَ الفَقِيْه
أَصْبَغَ بن رشد، وَكُنْت أَفهَم مَا يُقرَأُ عَلَيْهِ،
وَكَانَ قَدْ تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي
زَيد، وَأَصلُ أَبِي مِنْ قُرْطُبَة مِنْ مَحلَّةٍ
تُعْرَفُ بالرَّصَّافة، فَتحوَّل وَسَكَنَ جَزِيْرَة
مَيُورْقَة، فَوُلِدْتُ بِهَا.
قَالَ يَحْيَى بنُ البَنَّاءِ: كَانَ الحُمَيْدِيّ مِنِ
اجْتِهَاده يَنسخُ بِاللَّيْلِ فِي الحرِّ، فَكَانَ يَجلسُ
فِي إِجَّانَة فِي مَاءٍ يَتبرَّد بِهِ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خُسْرو: جَاءَ أَبُو
بَكْرٍ بنُ مَيْمُوْنٍ، فَدقَّ البَاب عَلَى الحُمَيْدِيّ،
وَظَنّ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ، فَوَجَده
مَكْشُوْفَ الفَخِذِ، فَبَكَى الحُمَيْدِيُّ، وَقَالَ:
وَاللهِ لَقَدْ نَظرتَ إِلَى موضعٍ لَمْ يَنظرْه أَحَدٌ
مُنْذُ عَقَلْت.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلا: لَمْ أَرَ مثل صديقنا
أبي عبد الله الحميدي فِي نَزَاهته وَعِفَّته، وَوَرَعه،
وَتشَاغُلِهِ بِالعِلْمِ، صَنّفَ "تَارِيخ الأَنْدَلُس".
وَقَالَ يَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ السَّلَمَاسِي: قَالَ
أَبِي: لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَ الحُمَيْدِيّ فِي
فَضْلِهِ وَنُبْلِهِ، وَغَزَارَةِ عِلْمِهِ، وَحِرْصِهِ
عَلَى نَشرِ العِلْم، وَكَانَ وَرِعاً تَقِيّاً، إِمَاماً
فِي الحَدِيْثِ وَعِلَلِه وَروَاته، مُتَحقِّقاً بِعِلْمِ
التَّحقيق وَالأُصُوْل عَلَى مَذْهَب أَصْحَابِ الحَدِيْث
بِمُوَافِقَة الكِتَاب وَالسّنَّة، فَصيحَ العِبَارَة،
مُتَبَحِّراً فِي علم الأَدب وَالعَرَبِيَّة
وَالتَّرَسُّل.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَهُ كِتَابُ جُمل تَارِيخ
الإِسْلاَم، وَكِتَابُ "الذَّهب الْمَسْبُوكِ فِي وَعظِ
(14/158)
المُلُوْك"، وَكِتَاب "التَّرسُّل"،
وَكِتَاب "مُخَاطبَات الأَصْدِقَاءِ"، وَكِتَابُ "حِفْظ
الجَارِ"، وَكِتَابُ "ذَمّ النَّمِيمَةِ"، وَلَهُ شعرٌ
رَصينٌ فِي الموَاعِظ وَالأَمْثَال.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ أَبَا عَامِرٍ العَبْدَرِي
عَنِ الحُمَيْدِيّ، فَقَالَ: لاَ يُرَى مِثْلُه قَطُّ،
وَعَنْ مِثْلِه لاَ يُسْأَل، جَمَعَ بَيْنَ الفِقْهِ
وَالحَدِيْثِ وَالأَدبِ، وَرَأَى عُلَمَاء الأَنْدَلُس،
وَكَانَ حَافِظاً.
قُلْتُ: كَانَ الحُمَيْدِيّ يُقْصَدُ كثيرًا في رواية
"كتاب الشهاب" عن مُؤلِّفه، فَقَالَ: صَيَّرنِي الشِّهَابُ
شِهَاباً.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِي: كَانَ الحُمَيْدِيّ
يَدلُّنِي عَلَى الشُّيُوْخِ، وَكَانَ مُتقللاً -مِنَ
الدُّنْيَا- يَمُونه ابْنُ رَئِيْس الرُّؤسَاء، ثُمَّ
جَرَتْ لِي مَعَهُ قصصٌ أَوجبت انْقطَاعِي عَنْهُ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ الخَاضِبَة: أَنَّهُ مَا
سَمِعَ الحُمَيْدِيَّ يذكُر الدُّنْيَا قَطُّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَرْخَان: سَمِعْتُ الحُمَيْدِيَّ
يَقُوْلُ: ثَلاَثُ كُتُبٍ مِنْ عُلُوْم الحَدِيْث يَجِبُ
الاهتمَامُ بِهَا: كِتَابُ "الْعِلَل"، وَأَحْسَن مَا
وَضَع فِيْهِ كِتَابُ الدَّارَقُطْنِيّ.
قُلْتُ: وَجَمَعَ كِتَابَ "الْعِلَل" فِي عِدَّةِ كتب
عَلِيُّ بن المَدِيْنِيِّ إِمَامُ الصَّنعَة، وَجَمَعَ
أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّل مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ عِلل
الأَحَادِيْث الَّتِي تَكَلَّمَ عَلَيْهَا الإِمَامُ
أَحْمَد، فَجَاءَ فِي ثَلاَثَةِ مُجلَّدَات، وَفِيْهِ
فَوَائِدُ جَمَّة، وَأَلَّف ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ كِتَاباً
فِي الْعِلَل، مُجَلد كَبِيْر.
قَالَ: وَالثَّانِي كِتَابُ "المُؤْتَلِفِ
وَالمُخْتَلِفِ"، وَأَحْسَنُ مَا وَضَع فِيْهِ "الإِكمَال"
لِلأَمِيْرِ ابْن مَاكُوْلا، وَكِتَاب وَفِيَات
المَشَايِخ، وَلَيْسَ فِيْهِ كتاب، -يُرِيْدُ: لَمْ يُعملْ
فِيْهِ كِتَاب عَامٌّ- قَالَ الحُمَيْدِيُّ: وَقَدْ كُنْتُ
أَردتُ أَنْ أَجْمَع فِيْهِ كِتَاباً، فَقَالَ لِي
الأَمِيْرُ: رتِّبه عَلَى حُرُوف المُعْجَم بَعْدَ أَنْ
تُرَتِّبَه عَلَى السِّنِيْنَ.
قُلْتُ: قَدْ جَمع الحَافِظُ أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّاب
فِي ذَلِكَ كِتَاباً ضَخْماً، وَلَمْ يَسْتَوعِبْ، وَلاَ
قَارب، وَجَمَعَ فِي ذَلِكَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَنْده الأَصْبَهَانِيّ كِتَاباً
كَبِيْراً منثوراً، وَعَلَى مَا أَشَارَ بِهِ الأَمِيْرُ
أَبُو نَصْرٍ عملتُ أَنَا "تَارِيخ الإِسْلاَم"، وَهُوَ
كَاف فِي مَعْنَاهُ -فِيمَا أَحسَبُ-، وَلَمْ يَكُنْ
عِنْدِي تَوَارِيخُ كَثِيْرَة مِمَّا قَدْ سَمِعْتُ بِهَا
بِالعِرَاقِ، وَبِالمَغْرِب وَبرَصَد مَرَاغَة، فَفَاتَنِي
جُمْلَةً وَافرَةٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَرخَان: فَاشْتَغَلَ الحُمَيْدِيّ
"بِالصَّحِيْحَيْنِ" إِلَى أَنْ مَاتَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ فِي "تَارِيْخِهِ":
أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، أخبرنا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ الجُهَنِيّ بِمصَنَّف النَّسَائِيّ قِرَاءةً
عَلَيْهِ، عَنْ حَمْزَة الكِنَانِيّ، عَنْهُ.
(14/159)
قَالَ القَاضِي عِيَاض: مُحَمَّد بن أَبِي
نَصْرٍ الأَزْدِيّ الأَنْدَلُسِيّ، سَمِعَ بِمَيُوْرْقَةَ
مِنِ ابْنِ حَزْم قديماً، وَكَانَ يَتعصَّبُ لَهُ،
وَيَمِيْل إِلَى قَوْلِهِ، وأصابته فيه فِتْنَةٌ، وَلَمَّا
شُدِّد عَلَى ابْنِ حَزْم، خَرَجَ الحُمَيْدِيُّ إِلَى
المَشْرِقِ.
تُوُفِّيَ الحُمَيْدِيّ فِي سَابع عَشر ذِي الحِجَّةِ
سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ عَنْ
بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً أَوْ أَكْثَر، وَصَلَّى
عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيّ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة
بَاب أَبْرَز، ثُمَّ إِنَّهُم نَقلُوْهُ بَعْد سنتَيْن
إِلَى مَقْبَرَة بَاب حَرْب، فَدُفِنَ عِنْدَ بِشرٍ
الحَافِي.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ الحُمَيْدِيّ
أَوْصَى إِلَى الأَجَلِّ مُظَفَّر بن رَئِيْس الرُّؤسَاءِ
أَنْ يَدْفِنَهُ عِنْد بشرٍ، فَخَالفَ، فَرَآهُ بَعْدَ
مُدَّة فِي النَّوْمِ يُعَاتِبه، فَنَقله فِي صَفَرٍ
سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ، وَكَانَ كفنُه جَدِيداً،
وَبَدَنُه طَرِيّاً يَفوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الطِّيب
-رَحِمَهُ اللهُ- وَوَقَفَ كتبه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَهْمِ بن أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، وَقَرَأْتُ عَلَى سُنْقُرُ
الزَّيْنِيُّ بِحَلَبَ، أَخْبَرَنَا المُوَفَّقُ عَبْدُ
اللَّطِيْفِ بن يُوْسُفَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن أبي نصر
الحافظ سَنَة "485"، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ
النُّعْمَانِ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ إِسْحَاقَ القَاضِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ
سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بن زَيْدٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
العزيز ابن صُهَيْب، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُوْرِ بَرَكَةً" 1 رَوَاهُ
ابْنُ مَاجَه مِنْ طرِيقِ حَمَّادِ بن زَيْدٍ، وَهُوَ
غَرِيْب عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم
مِنْ طرِيقِ ابْنِ عُلية وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ
العَزِيْزِ.
وَمِنْ نَظمِ الحُمَيْدِيّ:
طَرِيْقُ الزُّهْدِ أَفْضَلُ مَا طَرِيْقِ ... وَتَقوَى
اللهِ تَأْدِيَةُ الحُقُوقِ
فَثِقْ بِاللهِ يَكْفِكَ واستعنه ... يعنك وذر بنيات
الطريق
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "7598"، وابن أبي شيبة "3/ 8"،
وأحمد "3/ 99 و 299 و 258 و 281"، والبخاري "1923"، ومسلم
"1095"، والترمذي "708"، وابن ماجه "1692"، وابن خزيمة
"1937"، وابن الجارود "383"، والبيهقي "4/ 236" والبغوي
"1728"، من طرق عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ، عَنْ
أَنَسٍ، به.
وأخرجه الطيالسي "2006" وأحمد "3/ 215 و 229 و 243"، ومسلم
"1095"، والنسائي "4/ 141"، وأبو يعلى "2848"، والبيهقي
"4/ 236"، والبغوي "1727" و "1728" من طريق قتادة عن أنس،
به.
(14/160)
وَلَهُ:
لِقَاءُ النَّاسِ لَيْسَ يُفِيْدُ شَيْئاً ... سِوَى
الهَذَيَانِ مِنْ قيلٍ وَقَالِ
فَأَقْلِلْ مِنْ لِقَاءِ النَّاسِ إِلاَّ ... لأَخْذِ
العِلْمِ أَوْ إِصْلاَحِ حَالِ
وله:
كتاب الله زّ وَجَلَّ قَوْلِي ... وَمَا صَحَّتْ بِهِ
الآثَارُ دِيْنِي
وَمَا اتَّفَقَ الجَمِيْعُ عَلَيْهِ بَدْءاً ... وَعَوْداً
فَهُوَ عَنْ حقٍّ مُبِيْنِ
فَدَعْ مَا صَدَّ عَنْ هذِي وَخُذْهَا ... تَكُنْ مِنْهَا
عَلَى عَيْنِ اليَقِيْنِ
(14/161)
صاحب سمرقند،
الشيباني
4487- صَاحِبُ سَمَرْقَند:
الخَان أَحْمَدَ، كَانَ جَبَّاراً مَارِقاً، قَامَ
عَلَيْهِ الأُمَرَاءُ، وَأَمسَكُوهُ، ثُمَّ عَقَدُوا لَهُ
مَجْلِساً، فَادَّعَوْا أَنَّهُ زِنْدِيْق، فَجحد،
فَأَقَامُوا الشُّهُودَ عليه بعَظَائِم، فَأَفتَى
الفُقَهَاءُ بِقَتْلِهِ، فَخَنقوهُ، وَسَلْطنُوا بَعْدَهُ
ابْنَ عَمِّهِ مسعُوْداً، سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائة.
4488- الشَّيْبَاني 1:
الشَّيْخُ المُسْنِد، أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ
عُلْوَانَ بنِ عَقِيْلِ بنِ قَيْسٍ، الشَّيْبَانِيُّ،
البَغْدَادِيُّ، السَّقْلاَطونِيُّ، النَّصْرِيّ، أَخُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
سَمِعَ: أَبَا نَصْرٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ
حَسْنُوْنَ، وَأَبَا القَاسِمِ الحُرْفِي، وَعُثْمَانَ بنَ
دُوْسْت، وَأَبَا مُحَمَّدٍ الحَسَن بن رَامِين.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَاضِي المَارستَان، وَوَلَدُه عبدُ
البَاقِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدي، وَعَبْدُ
الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ، وَعُمَرُ بن ظَفَر، وَأَبُو
الكَرَم بن الشَّهْرُزُورِي، وَفَخرُ النِّسَاء شُهْدَةُ،
وَعَتِيْقُ بنُ صَيلاَء.
مَوْلِدُه سَنَةَ ثلاثٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيُّ: تُوُفِّيَ فِي رَجَب سَنَة
إِحْدَى وتسعين وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 106".
(14/161)
ابن الفرات، قسيم
الدولة:
4489- ابن الفرات 1:
الشَّيْخُ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
الفَضْلِ بنِ طَاهِرِ بن الفُرَاتِ الدِّمَشْقِيّ،
يَنْتمِي إلى ابن الفرات الوزير.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
سَمِعَ أَبَاهُ، وَعبدَ الرَّحْمَن بن أَبِي نَصْرٍ،
وَمَنْصُوْر بن رَامش، وَالعَتِيْقِيّ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر: حَدَّثَنَا عنه هبة الله بن طاوس،
ونصر بن أحمد بن مُقَاتل، وَعَلِيُّ بن أَشليهَا،
وَأَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَعبدُ الرَّحْمَن بن أَبِي
الحَسَنِ الدَّارَانِيّ، وَكَانَ مِنَ الأُدبَاء، لَكنه
رافضيٌّ رقيقُ الدِّين، تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
4490- قسيم الدولة 2:
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، قَسِيمُ الدَّوْلَة أَبُو الفَتْحِ
آقْسُنْقُر التُّركِيُّ الحَاجِبُ، مَمْلُوْكُ السُّلْطَان
مَلِكْشَاه السَّلْجوقِي، وَهُوَ جدُّ نُور الدّين
الشَّهِيْد، وَقِيْلَ: لاَ، بَلْ هُوَ لَصِيق
بِمَلِكْشَاه، فَيُقَالُ: اسْم أَبِيْهِ آل تُرغَان كَانَ
رَفِيعَ الرُّتبَة عِنْد السُّلْطَانِ، وَتَزَوَّجَ
بِدَايَةِ المَلك إِدْرِيْس بن طُغَان، وَقَدِمَ مَعَ
السُّلْطَان حلب حِيْنَ حَاربَ أَخَاهُ تَاجَ الدَّوْلَة،
فَفَرَّ، وَتَمَلَّكهَا مَلِكْشَاه سَنَة تسعٍ
وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَقرَّر نِيَابَتهَا
لآقْسُنْقُر، فَأَحْسَنَ السِّيَاسَةَ، وَأَبَاد
الدُّعَّار، وَعُمرت حلبُ، وَقَصَدَهَا التُّجَّارُ،
وَأَنشَأَ منَارَةَ جَامِعهَا، فَاسْمُه مَنْقُوْش
عَلَيْهَا، وَبَنَى مشْهد قرنبيا، وَمشهدَ الذِّكر،
وَصَارَ دَخْلُ البلدِ فِي اليَوْمِ ألفًا وخمس مائة
دينار.
وَأَمَّا تَاج الدَّوْلَة، فَاسْتولَى عَلَى دِمَشْقَ،
فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ سبعٍ وَثَمَانِيْنَ، تَحَارَبَ
هُوَ وَآقْسُنْقُر، وَعرض آقْسُنْقُر عِشْرِيْنَ أَلْفَ
فَارِس، وَالْتَقَى الجمعَانِ، فَبرز آقْسُنْقُر
بِنَفْسِهِ، وَحَمِيَ الوَطيسُ، ثُمَّ تَفلَّلَ جَمعُه،
وَثبت آقْسُنْقُر فَأُسِرَ فِي طَائِفَةٍ فِي فُرْسَانه،
فَأَمر تَاجُ الدَّوْلَة بِضَرْب عُنُقه وَأَعْنَاقِ
أَصْحَابه، وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى مِنَ السّنَةِ
-رَحِمَهُ اللهُ-، ثُمَّ دُفِنَ بِالمدرسَة الزجَاجيَة
بِحَلَبَ بَعْدَ أَنْ دُفِنَ مُدَّة بِمشهد قرنبيا، نَقله
وَلَدُهُ الأَتَابك زَنْكِي، وَأَنشَأَ عَلَيْهِ قُبَّةً،
وَلَمَّا قُتِلَ كَانَ وَلده زَنْكِي صَبِيّاً،
وَتَنَقَّلَتْ به الأيام، ثم صار ملكًا.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 339"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
400".
2 ترجمته في وفيات الأعيان "1/ 241"، والعبر "3/ 315"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 141"، وشذرات الذهب
لابن العماد "3/ 380".
(14/162)
ابن العربي، الحكاك:
4491- ابن العَرَبِي 1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ الأَدِيْبُ، ذُو الفُنُوْنِ, أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العربِي
الإِشْبيلِي، وَالِدُ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ.
صَحِبَ ابْنَ حَزْمٍ، وَأَكْثَر عَنْهُ، ثُمَّ ارْتَحَلَ
بِوَلَدِهِ أَبِي بَكْرٍ، فَسمِعَا مِنْ طِرَاد
الزَّيْنَبِيّ، وَعِدَّة، وَكَانَ ذَا بلاغةٍ ولسنٍ
وإنشاء.
مَاتَ بِمِصْرَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثلاثٍ وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ، فَإِنَّ
مَوْلِدَه كَانَ فِي سَنَةِ خمسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ. ورجع ابنه إلى الأندلس.
4492- الحكَّاك 2:
الشَّيْخُ الإِمَامُ الحَافِظُ المُفِيْدُ أَبُو الفَضْلِ
جَعْفَرُ بنُ يَحْيَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّمِيْمِيّ,
المَكِّيّ, ابنُ الحَكَّاكِ.
سَمِعَ أَبَا ذرٍّ الحَافِظ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّد بن
إِبْرَاهِيْمَ الأَرْدَستَانِي، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ
صَخْر، وَأَبَا نَصْرٍ عُبيد الله السِّجْزِيّ، وَعِدَّةً.
وَقَدِمَ بَغْدَادَ، فَانْتقَى عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ بن
النَّقُّوْرِ وَطَبَقَته.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَانَ مَوْصُوَفاً بِالمَعْرِفَة
وَالحِفْظِ وَالإِتْقَان وَالفِقْهِ وَالصِّدْق، وَكَانَ
يَتَرَسَّلُ عَنْ أَمِيْر مَكَّة ابْنِ أَبِي هَاشِمٍ
إِلَى الخَلِيْفَة وَإِلَى المُلُوْك، وَيَتولَّى قبضَ
الأَمْوَال مِنْهُم، وَيَحْمِل كِسْوَة الكَعْبَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ السمرقندي، وصالح بن
شافع، ومحمد ابن نَاصرٍ، وَيَحْيَى بن عبد البَاقِي
الغَزَّال، وَمُحَمَّدُ بن عبد الباقي بن البطي، وآخرون.
السِّلَفِيّ: حَدَّثَنَا ابْنُ الطُّيورِي، سَأَلتُ أَبَا
بَكْرٍ الخَطِيْب عِنْد قُدومه مِنْ حَجِّه: أَرَأَيْتَ
بِمَكَّةَ مَنْ يُقِيْمُ الحَدِيْثَ? قَالَ: لاَ، إلَّا
شَابّاً يقال له جعفر ابن الحَكَّاك.
وَقَالَ المُؤْتَمَنُ السَّاجِيّ: صَحِبَ جعفرٌ أَبَا
ذرٍّ، وَأَبَا نَصْرٍ السِّجْزِيَّ، وَكَانَ ذَا
مَعْرِفَةٍ.
وَقَالَ اليُونَارْتِي: كَانَ ابْنُ الحَكَّاكِ مِنَ
الفُضَلاَء الأَثْبَاتِ.
وَقَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ: ثقةٌ،
مَأْمُونٌ.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 297".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 64"، والعبر "3/
307"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 373".
(14/163)
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِي:
قَرَأْتُ عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ كَثِيْراً، وَكَانَ يَفهَمُ
الحَدِيْثَ جَيِّداً، مَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ
وَأَرْبَعِ مائَة، وَمَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَة خَمْسٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيّ،
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ زَيْد بن الحَسَنِ إِجَازَةً،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ نَاصر، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ
بنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ
سَيْفٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ دُلَيل، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ بنُ خُبيق قَالَ: قَالَ بِشْرُ بنُ
الحَارِثِ: النَّظَرُ فِي وَجهِ الظَّالِم غيظٌ،
وَالأَحْمَقِ سُخْنَةُ العَيْنِ، وَالبَخيلِ قَسَاوَةُ
القَلْبِ.
(14/164)
4493- ابن سِراج 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ اللُّغَوِيُّ الوَزِيْرُ
الأَكْمل، حُجَّةُ العرب، أبو مروان عبد الملك بن قَاضِي
الجَمَاعَة أَبِي القَاسِمِ سِرَاجِ بنِ عَبْدِ الله بن
محمد بن سراج الأموي، مولاهم القُرْطُبِيُّ، إِمَامُ
اللُّغَة غَيْرَ مدافعٍ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ, فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ،
قَالَهُ لأَبِي عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَإِبْرَاهِيْم بنِ مُحَمَّدٍ
الإِفْليلِي، وَيُوْنُس بن عَبْدِ اللهِ بن مُغِيْث،
وَمَكِّي بن أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيّ، وَأَبِي عَمْرٍو
السَّفَاقِسِي، وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة، وَأَبُو عَبْدِ
اللهِ بنُ الحَاج، وَابْنُهُ الحَافِظُ أَبُو الحَسَنِ
سِرَاج، وَطَائِفَة.
قَالَ ابْنُ سُكَّرَة: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ لَقِيْتُهُ
عِلْماً بِالآدَاب، وَمَعَانِي القُرْآن وَالحَدِيْث.
وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: الوَزِيْرُ أَبُو مَرْوَانَ
الحَافِظُ اللُّغَوِيّ النَّحْوِيّ، إِمَامُ الأَنْدَلُس
فِي وَقتِهِ فِي فَنِّه، وَأَذْكَرهُم لِلِسَان الْعَرَب،
وَأَوثَقَهُم عَلَى النَّقل، وَكَانَ أَبُوْهُ أَبُو
القَاسِمِ مِنْ أَفْضَلِ العُلَمَاء. إِلَى أَنْ قَالَ:
وَأَخْبَرَنِي أَبُو الحُسَيْنِ الحَافِظُ، أَن مَكِّيَّ
بنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ بَعْضَ
تَوَالِيْفِهِ، ويأخذ رأيه فِيْهَا، وَإِلَيه كَانَتِ
الرِّحْلَةُ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ مُغِيْثٍ: كَانَ شَيخُنَا أَبُو
مَرْوَانَ بَحْرَ عِلمٍ، عِنْدَهُ يَسقُطُ حِفْظُ
الحُفَّاظِ، وَدُوْنَهُ يَكُوْنُ عِلمُ العُلَمَاء، فَاقَ
النَّاسَ فِي وَقتِهِ، وَكَانَ بَقِيَّةَ الأَشْرَافِ
وَالأَعيَانِ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ: مُتِّعَ
بِجَوَارِحِهِ عَلَى اعتِلاَءِ سِنِّه، وَكَانَ
مُتَوَقِّدَ الذِّهن، سَرِيعَ الخَاطِر، تُوُفِّيَ يَوْم
عَرَفَةَ سَنَةَ تسع وثمانين وأربع مائة، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 363"، والعبر "3/ 325"،
وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 110" وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 392".
(14/164)
الوقشي، الفقيه نصر:
4494- الوَقَّشي 1:
العَلاَّمَةُ البَحْرُ ذُو الفنُوْنِ أَبُو الوَلِيْدِ
هِشَامُ بن أحمد بن خالد بن سعيد الكِنَانِيّ,
الأَنْدَلُسِيّ الطُّلَيْطُلِي. عُرِفَ بِالوَقَّشِي،
وَوقَّشُ: قَرْيَةٌ عَلَى بريدٍ مِنْ طُلَيْطُلَةَ.
مَوْلِده سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِ مائَة. أَخَذَ عَنِ
الحَافِظ أَبِي عُمَرَ الطَّلَمَنْكِي، وَأَبِي مُحَمَّدٍ
بنِ عَيَّاشٍ الخَطِيْبِ، وَأَبِي عمرو السفاقسي، وأبي عمر
الحَذَّاءِ، وَجَمَاعَةٍ.
قَالَ صَاعِد: أَبُو الوَلِيْدِ أَحَدُ رِجَالِ الكَمَالِ
فِي وَقته بِاحتوَائِهِ عَلَى فُنُوْنِ المَعَارِفِ، مِنْ
أَعْلَمِ النَّاسِ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَمَعَانِي
الشِّعرِ وَالبَلاغَةِ، بَلِيغٌ شَاعِرٌ، حَافظٌ
لِلسُّنَنِ وَأَسْمَاءِ الرجال، بصير باعتقادات وَأُصُوْلِ
الفِقْه، وَاقِفٌ عَلَى كثيرٍ مِنْ فَتَاوَى الأَئِمَّةِ،
نَافذٌ فِي الفَرَائِضِ وَالحِسَابِ وَالشُّروط وَفِي
الهَنْدسَةِ، مُشرِفٌ عَلَى جَمِيْعِ آرَاءِ الحُكَمَاءِ،
ثَاقِبُ الذِّهنِ، مَعَ حُسنِ المُعَاشرَة، وَلِينِ
الكَنَفِ، وَصِدْقِ اللَّهْجَة.
وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَالَ: أَخْبَرَنَا عَنْهُ أَبُو
بَحْرٍ الأَسَدِيُّ، وَكَانَ مُخْتَصّاً بِهِ، وَكَانَ
يُعَظِّمه، وَيُقَدِّمه، وَيَصِفُه بِالاستِبْحَار فِي
العُلُوْم، وَقَدْ نُسِبَتْ إِلَيْهِ أَشيَاءُ، فَاللهُ
أَعْلَم.
وَقَالَ عِيَاضٌ: كَانَ غَايَةً فِي الضَّبْطِ،
نَسَّابَةً، لَهُ تَنبِيهَاتٌ وَرُدُودٌ، نبه عَلَى
كِتَابِ أَبِي نَصْرٍ الكَلاَباذِيِّ، وَعَلَى "مُؤتلِفِ"
الدَّارَقُطْنِيّ، وَعَلَى "الكُنَى" لِمُسْلِمٍ،
وَلَكِنَّهُ اتُّهِم بِالاعتزَالِ، وَأَلَّف فِي القَدَرِ
وَالقُرْآنِ، فَزَهِدُوا فِيْهِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ,
فِي جُمَادَى الآخرة.
4495- الفقيه نصر 2:
الشَّيْخُ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ القُدْوَةُ المُحَدِّثُ،
مُفِيدُ الشَّام، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الفَتْحِ
نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْر بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ
دَاوُدَ النَّابُلُسِيُّ المَقْدِسِيُّ الفَقِيْه
الشَّافِعِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ وَالأَمَالِي.
وُلِدَ قَبْل سَنَةِ عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَة، وَارْتَحَلَ
إِلَى دِمَشْقَ قَبْل الثَّلاَثِيْنَ، فَسَمِعَ "صَحِيْحَ
البُخَارِيِّ" مِنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ السِّمْسَار،
صَاحِب الفَقِيْه أَبِي زيد المروزي، وسمع من: عبد
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 653"، ومعجم الأدباء
لياقوت الحموي "19/ 286"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 327".
2 ترجمته في العبر "3/ 329"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 160"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/
395".
(14/165)
الرحمن بن الطبيز، وأبي الحسن محمد بنِ
عَوْفٍ المُزَنِيّ، وَابْن سُلْوَان المَازِنِيّ،
وَطَبَقَتِهِم، وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بنِ
سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِ، وَبصُوْر مِنَ: الفَقِيْهِ
سُلَيمٍ الرَّازِيِّ. وَبغزَةَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ
جَعْفَرٍ المِيمَاسِي، سَمِعَ مِنْهُ "المُوَطَّأ"،
وَبَالقُدْس مِنْ أَبِي القَاسِمِ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ
الوَاسِطِيّ، وَأَبِي العَزَائِم مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ الغَرَّاءِ البَصْرِيِّ، وَأَبِي الفَرَجِ عُبيدِ الله
بنِ مُحَمَّدٍ المَرَاغِيِّ النَّحْوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ
مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ البَشْنَوِيِّ الصُّوْفِيِّ،
وَعِدَّةٍ، وَبِمَيَّافَارِقِينَ مِنْ أَبِي الطَّيِّبِ
سَلاَمَة بن إِسْحَاقَ الآمِدِيّ، وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ
أَبِي عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ المُقْرِئ، وَمِنْ عَبْدِ
الوَهَّابِ بن الحَسَنِ بنِ بَرْهَان الغَزَّالِ، لقِيه
بِصُوْر، وَأَجَازَ لَهُ مِنْ مَكَّةَ أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ
بن أَحْمَدَ الهَرَوِيّ، وَمِنْ بَغْدَاد القَاضِي أَبُو
الطَّيِّبِ، وَمِنْ صَيْدَا الحَسَنُ بن مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بن جُمَيْعٍ, وَطَائِفَة.
وَصَنَّفَ كِتَاب "الحجة على تارك المحجة"، وأملى مجالس
خَمْسَةً، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ.
تَفقَّه عَلَى الدَّارِمِيّ، وَعَلَى الفَقِيْه سُلَيمٍ
وَغَيْرِهِمَا، وَاسْتَوْطَنَ بَيْتَ المَقْدِسِ مدةً
طويلة، ثم تحول في آخر عُمُره، وَسَكَنَ دِمَشْق عَشر
سِنِيْنَ، وَتَخَرَّج بِهِ الأَصْحَابُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْب -وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ- ومكي
الرميلي، ومحمد ابن طَاهِر، وَأَبُو القَاسِمِ النَّسيب،
وَجَمَال الإِسْلاَمِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ
المُسَلَّمِ، وَالقَاضِي المُنْتَجَبُ يَحْيَى بن عَلِيٍّ
القُرَشِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
المَصِّيْصِيُّ، وَعَلِيُّ بن أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِل،
وَحَسَّانُ بنُ تَمِيم، وَمَعَالِي بن الحُبوبِي، وَأَبُو
يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ الحُبوبِي، وَحَمْزَةُ بنُ أَحْمَدَ
بنِ كَرَوَّس، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ العربي، وخلقٌ
كثير.
وَلَحِقَهُ أَبُو حَامِدٍ الغزَالِي، وَتَفَقَّهَ بِهِ،
وَنَاظره، وَكَانَ يُشغل فِي جَامِع دِمَشْق فِي
الزَّاويَة الغَربيَّةِ المُلَقَّبَةِ بِالغَزَالِيَّةِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ بن عَسَاكِرَ: قَدِمَ
دِمَشْقَ سَنَة ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَأَقَامَ
بِهَا يُدَرِّسُ المَذْهَب إِلَى أَنْ مَاتَ، وَيَرْوِي
الحَدِيْث، وَكَانَ فَقِيْهاً، إِمَاماً، زَاهِداً،
عَامِلاً، لَمْ يَقْبَلْ صِلَةً مِنْ أَحَد بِدِمَشْقَ،
بَلْ كَانَ يَقتَاتُ مِنْ غَلَّةٍ تُحْمَلُ إِلَيْهِ مِنْ
أَرْضِ نَابُلُس، فَيَخْبِزُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ قُرْصَة
فِي جَانب الكَانُوْنِ. حَكَى لَنَا نَاصر النَّجَّار _
وَكَانَ يَخدمه _ مِنْ زُهْده وَتَقَلُّلِه وَتَركه
الشَّهوَات أَشيَاءَ عجيبَة.
قَالَ غَيْثُ بنُ عَلِيٍّ الأَرْمَنَازِيّ: سَمِعْتُ
الفَقِيْه نصراً يَقُوْلُ: دَرَسْتُ عَلَى الفَقِيْه سليم
الرازي من سنة ثمان وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ إِلَى
سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ، مَا فَاتَنِي مِنْهَا درسٌ، وَلاَ
وَجِعْتُ إلَّا يَوْماً وَاحِداً، وَعُوفِيت. وَسَأَلتُهُ
فِي كَمِ التَّعليقَة الَّتِي صنَّفهَا? قَالَ: فِي نَحْوِ
ثَلاَثِ مائَةِ جُزء، مَا كَتَبتُ مِنْهَا حرفاً إلَّا
وَأَنَا عَلَى وُضوء، أَوْ كَمَا قَالَ.
(14/166)
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَحكِي أَنَّ
الملكَ تَاجَ الدَّوْلَة تُتُش بن أَلب آرسلاَن زَار
الفَقِيْهَ نصراً يَوْماً، فَلَمْ يَقُمْ لَهُ، وَلاَ
الْتَفَتَ إِلَيْهِ، وَكَذَا ابْنُه الْملك دُقَاق،
فَسَأَلَهُ عَنْ أَحَلِّ الأَمْوَال الَّتِي يَتصرَّفُ
فِيْهَا السُّلْطَان، قَالَ: أَحلُّهَا أَمْوَالُ
الجِزْيَة، فَقَامَ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَرْسَل إِلَيْهِ
بِمَبْلَغ، وَقَالَ: هَذَا مِنَ الجِزْيَة، فَفَرِّقْهُ
عَلَى الأَصْحَاب، فَلَمْ يَقبلْه، وَقَالَ: لاَ حَاجَةَ
بنا إليه، فلما ذهب الرسول، لاَمه الفَقِيْهُ نَصْر
المِصِّيْصِيّ، وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ حَاجتنَا إِلَيْهِ،
فَقَالَ: لاَ تَجْزَعْ مِنْ فَوَاته، فَسَوْفَ يَأْتيك
مِنَ الدُّنْيَا مَا يَكفِيك فِيمَا بَعْدُ، فَكَانَ كَمَا
تَفرَّسَ فِيْهِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ -رَحِمَهُ اللهُ-
عَلَى طريقةٍ وَاحِدَة مِنَ الزُّهْد وَالتَّنَزُّهِ عَنِ
الدُّنْيَا وَالتقشُّف، حَكَى لِي بَعْضُ أَهْل العِلْمِ
قَالَ: صَحِبتُ إِمَام الحَرَمَيْنِ بِخُرَاسَانَ،
وَالشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ بِبَغْدَادَ، فَكَانَ
طرِيقُهُ عِنْدِي أَفْضَلَ مِنْ طرِيقَةِ إِمَامِ
الحَرَمَيْنِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الشَّام، فَرَأَيْتُ
الفَقِيْه أَبَا الفَتْح، فَكَانَتْ طرِيقَتُه أَحْسَنَ
مِنْ طَرِيقَتَيْهمَا.
قُلْتُ: كَانَ الفَقِيْهُ نَصْرٌ يُعرف أَيْضاً بِابْنِ
أَبِي حَائِط، أَلَّفَ كِتَاب "الانتخَابِ الدِّمَشْقِيِّ"
فِي بَضْعَةَ عَشرَ مُجلَّداً، وَلَهُ كِتَاب
"التَّهْذِيب" فِي المَذْهَب، فِي عَشْرَة أَسفَار، وَلَهُ
كِتَاب "الكَافِي" فِي المذهب، مَا فِيْهِ أَقْوَال وَلاَ
وُجُوه، وَعَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، -رَحِمَهُ
اللهُ-، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة بَاب الصَّغِيْر.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ: تُوُفِّيَ فِي
المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: فِي جالسه غلطاتٌ، وَأَحَادِيْثُ وَاهيَة.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَحَاسِن مُحَمَّدِ بن هَاشِمِ بنِ
عَبد القَاهِر بن عَقِيْل العَبَّاسِيّ بِبُسْتَانه،
أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بنُ عَقِيْلِ بن عثمان العباسي
المعدل في سنة خَمْس وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو النَّدَى حَسَّانُ بنُ تَمِيم
الزَّيَّات سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ نَصْر بن إِبْرَاهِيْمَ
الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا سُلَيْم بن أَيُّوْبَ، أَخْبَرَنَا
القَاضِي مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ
المَحَامِلِيّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ
الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ
هَمَّامٍ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ،
عَنْ حَارِثَةَ بنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى
رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَمَعَهُ جِبْرِيْل جَالِس بِالمقَاعِد، فَسَلَّمت
عَلَيْهِ، وَاجتَزتُ، فَلَمَّا رَجَعتُ، وَانْصَرَفَ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِي:
"هَلْ رَأَيْتَ الَّذِي كَانَ مَعِي" ? قُلْتُ: نَعم،
قَالَ: "فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْكَ
السَّلاَمَ" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 433" من طريق عبد الرزاق، عن معمر،
به.
(14/167)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ
بَدْرَانَ بِنَابُلُسَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الخَضِر،
أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ،
أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّاهِد،
حَدَّثَنَا عَبدوس بن عُمَرَ التِّنِّيْسِيّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الفَتْحِ الفَرْغَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
عَبْدِ اللهِ الصُّوْفِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الحَسَنِ المُقْرِئ، سَمِعْتُ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ،
سَمِعْتُ ذَا النُّوْنِ يَقُوْلُ: كَانَ العُلَمَاء
يَتَوَاعِظون بِثَلاَثٍ، وَيَكْتُب بَعْضُهُم إِلَى
بَعْضٍ: مَنْ أَحْسَنَ سَرِيْرَتَهُ، أَحْسَنَ اللهُ
علاَنِيَتَهُ، وَمَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الله، أَصْلَحَ الله ما بينه وبين الناس، وما أَصلح أَمر
آخرتِهِ، أَصْلَحَ اللهُ أَمر دُنْيَاهُ.
حكَى الفَقِيْه نَصْرٌ عَنْ شَيْخه نَصْرٍ أَنَّهُ قَبْل
مَوْتِه بِلحظَة سَمِعَهُ وَهُوَ يَقُوْلُ: يَا سَيِّدي
أَمهلُونِي، أَنَا مَأْمُوْر وَأَنْتُم مَأْمورُوْنَ،
ثُمَّ سَمِعْتُ المُؤَذِّن بِالعصر، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدي
المُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ، فَقَالَ: أَجْلِسنِي، فَأَجلستُهُ،
فَأَحرم بِالصَّلاَة، وَوَضَعَ يَده عَلَى الأُخْرَى
وَصَلَّى، ثُمَّ تُوُفِّيَ مِنْ سَاعتِهِ، رَحِمَهُ اللهُ.
أَرَّخَ ابْنُ عَسَاكِرَ وَفَاةَ الفَقِيْه نَصْرٍ فِي
يَوْم عَاشُورَاء سَنَة تِسْعِيْنَ، فَقَالَ مَنْ شَيَّعه:
لَمْ يُمكنَّا دَفنُه إِلَى قَرِيْب المَغْرِب، لأَنْ
الخلقَ حَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَلَمْ نَر جِنَازَة
مِثْلهَا، وَأَقمنَا عَلَى قَبْرِهِ سَبْعَ ليالٍ.
قُلْتُ: وَفِيْهَا مَاتَ شَيْخُ المَالِكِيَّة أَبُو
يَعْلَى أَحْمَدُ بنُِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ العبدي
البصري بن الصَّوَّاف عَنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً، وَلَهُ
تَصَانِيْفُ جَمَّة. وَمُسْنِدُ أَصْبَهَان أَبُو نَصْرٍ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ السِّمْسَار، خَاتمَة
مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الجُرْجَانِيّ.
وَشيخُ هَمَذَان أَبُو الفَتْحِ عبدوس بن عبد الله بن محمد
بن عَبدوس عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَشيخُ القُرَّاءِ بِبَغْدَادَ: أَبُو القَاسِمِ يَحْيَى
بن أَحْمَدَ السِّيبِي، تلا على الحمامي، وعمر مائةً
وسنتين.
حكَى الفَقِيْهُ نَصْرُ اللهِ المَصِّيْصِيّ، عَنِ
الفَقِيْه نَصْر قَالَ: أَدْرَكْتُ القُضَاعِيَّ، وَلَوْ
أَردتُ أَنْ أَسْمَع مِنْهُ لَفعلتُ، وَلَكِنِّي
تَوَرَّعتُ لأَجْلِ أَنَّهُ كَانَ يَترسَّل لِلمصرِيِّين،
ثُمَّ احتجتُ فِي التَّخرِيجِ، فَرويتُ عَنْهُ
بِالإِجَازَةِ.
قَالَ نَصْرُ اللهِ: أَوّل مَا تَفَقَّهَ الفَقِيْه نَصْر
بِالقُدْس، ثُمَّ سَارَ إِلَى ديَار بكر، وَرَأَى
الكَازَرُوْنِي، ثُمَّ لقِي سُليماً.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ أَبُوْهُ فَامِيّاً، وَكَانَ
الفَقِيْهُ رَبْعَةً، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ
غَيْرُ اللَّحْم وَالعَظْم، وَكَانَ فِي القُدْس يَعمل
الدَّعوَاتِ لِتلاَمِيذه، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِم شَيْئاً
كَثِيْراً من وقف كان عليهم.
(14/168)
النسفي، الكرجي:
4496- النَّسَفِي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُحَدِّثُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ
بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَلِيِّ بن مُوْسَى بن
إِسْرَافِيل النَّسَفِي، وَلَدُ مُفْتِي نَسَفَ القَاضِي
أَبِي الفوَارس.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ الكَثِيْر مِنَ الحَافِظ جَعْفَر بن مُحَمَّدٍ
المُسْتَغْفِرِي، وَلاَزَمه، وَمِنْ أَبِي نُعَيْمٍ
حُسَيْن بن مُحَمَّد صَاحِب خلف الخيَّام، وَمِنْ مُعتمد
بن مُحَمَّدٍ المَكْحُوْلِيّ، وَعَدَدٍ كَثِيْر لاَ
أَعْرِفُهُم، وَرَوَى الكَثِيْر بِبُخَارَى وَسَمَرْقَنْد.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُحَدِّث عُثْمَانُ بنُ علي البيكندي،
وأبو ثابت الحسين ابن عَلِيٍّ البَزْدوِي، وَأَبُو
المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ, وَآخَرُوْنَ.
لحق السَّمْعَانِيُّ وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحِيْمِ
أَصْحَابَه.
تُوُفِّيَ بِنَسَفَ, فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ
جُمَادَى الآخِرَة، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
4497- الكُرْجِي 2:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ الحُجَّةُ، أَبُو طَاهِرٍ
أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ
خُدَادَادَ الكَرَجِيُّ البَاقِلاَّنِيُّ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ كِتَابَ
"السُّنَن" لِسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَسَمِعَ مِنَ
البَرْقَانِيّ، وَعَبْدِ الْملك بن بِشْرَان، وَجَمَاعَة
كُتباً مُطَوَّلَة يَنْفَرِدُ بِهَا، وَهُوَ ابْنُ خَالِ
الحَافِظ أَبِي الفَضْلِ بنِ خَيْرُوْنَ، وَرفِيقُه فِي
الطَّلَب.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِي، وَعَبْدُ
الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ، وَابْنُ نَاصر، وَآخَرُوْنَ،
وَأَجَازَ للسلفي.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "3/ 381".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 98"، والعبر "3/
324"، وتذكرة الحفاظ "4/ ص1227" والوافي بالوفيات لصلاح
الدين الصفدي "6/ 306"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
392"، ووقع عنده، وفي المنتظم [الكرخي] بالخاء وليس
بالجيم، وهو تصحيف. و [الكرج] نسبة إلى كرج وهي ناحية
أذربيجان من الروم كما في "اللباب" لابن الأثير "3/ 90".
(14/169)
قَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ شَيْخاً
عَفِيْفاً زَاهِداً مُنْقَطِعاً إِلَى اللهِ، ثِقَةً
فَهماً، لاَ يَظهر إلَّا يَوْمَ الجُمُعَةِ. سَمِعْتُ
عَبْدَ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو
طَاهِرٍ البَاقِلاَّنِيّ أَكْثَرَ مَعْرِفَةً مِنْ أَبِي
الفَضْلِ بنِ خَيْرُوْنَ، وَكَانَ زَاهِداً، حسنَ
الطَّرِيقَة، مَا حَدَّثَ فِي الجَامِع، وَكَانَ يَقُوْلُ
لَنَا: أَنَا بِحُكْمِكُم إلَّا يَوْمَ الجُمُعَةِ،
فَإِنَّهُ للتكبير وَالتِّلاَوَة، وَكتبُوا أَسْمَاءَ
شُيُوْخ بَغْدَاد لِنظَام المُلْكِ، وَأَلَحُّوا عَلَى
أَبِي طَاهِر، فَمَا أَجَابَ إِلَى المجيء إليه.
توفي في ربيع الآخر وتسع وثمانين وأربع مائة.
(14/170)
4498- ابن أيُّوب 1:
الشيخ الثقة المأمون أبو الحسن بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ
بنِ أَيُّوْبَ البَغْدَادِيّ, المَرَاتِبِيّ, البَزَّاز.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ الحُرْفِي، وَأَبَا عَلِيٍّ بنَ
شَاذَانَ، وَعبدَ الغفَّار المُؤَدِّب.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ،
وَعَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
نَاصر، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّي، وَشُهْدَةُ
الكَاتِبَةُ، وَخطيبُ المَوْصِل، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ مِنْ خيَار
البَغْدَادِيِّيْنَ، ومتميزيهم، ومن بَيْت الصَّوْنِ
وَالعَفَافِ وَالثِّقَةِ وَالنَّزَاهَة، وُلِدَ: سَنَةَ
عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَة، وَمَاتَ: يَوْمَ عَرفَةَ سَنَة
اثنتين وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ شُجَاعاً عَنْهُ، فَقَالَ:
كَانَ صَحِيْح السَّمَاعِ، ثِقَةً فِي رِوَايَته، سَمِعْتُ
مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ سُكَّرَة: شيخٌ مِنَ التُّجَّار نبيلٌ بزازٌ
مَسْتُور.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ العَربِي: هُوَ ثقةٌ عدلٌ،
وَأَصله مِنَ المَوْصِل.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدي: سَأَلتُهُ
عَنْ مَوْلِده، فَقَالَ: الغَالِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ
سَنَة إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ شَيْخُ القراء أبو البركات بن طاوس،
وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عبدِ القاَدِرِ بن
يُوْسُفَ اليُوسُفِي، وَمُسْنِدُ بَلْخ أَبُو القَاسِمِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الخَلِيْلِي،
وَصَاحِبُ غَزْنَة إِبْرَاهِيْمُ بن مَسْعُوْدِ بنِ فَاتِح
الهِنْد مَحْمُوْد بن سُبُكْتِكِين، وَشَاعِرُ وَقته أَبُو
القَاسِمِ أَسَعْدُ بن عَلِيٍّ الزَّوْزَنِي، وَأَبُو
تُرَاب عبد البَاقِي بن يُوْسُفَ المَرَاغِيّ الفَقِيْه،
وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ
الخِلَعِي، وَأَبُو أَحْمَدَ فَضلاَن بن عُثْمَانَ
القَيْسِيّ بِأَصْبَهَانَ، وَالمُحَدِّثُ مَكِّيُّ بنُ
عَبْد السَّلاَمِ الرُّمَيْلِي شهيداً فِي أَخْذِ بيت
المقدس.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 111"، والعبر "3/
334"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 398".
(14/170)
4499- السَّرْخَسِي:
الشَّيْخُ العَالِمُ الفَقِيْهُ المُعَمَّرُ، أَبُو
العَبَّاسِ الفَضْلُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ الفَضْلِ
السَّرْخَسيُّ ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيّ الحَنَفِيُّ,
التَّاجِر.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن
مُحَمَّدٍ السَّرَّاج، وَابْنِ عَبْدَان، وَأَبِي سَهْل بن
حَسْنُويه، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ، وَصَاعِد
بن مُحَمَّدٍ القَاضِي، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ
عبُّويه المَرْوَزِيّ الأَنْبَارِيّ بِمَرْو، وَأَبِي سَهل
الكَلابَاذِي بِبُخَارَى.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدِمَ بَغْدَاد
فِي سَنَةِ عشرٍ مَعَ أَبِيْهِ لِلتِّجَارَة.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: شيخٌ مُسِنٌّ مُعَمِّرٌ، حُسْنُ
السِّيْرَةِ، ذُو نِعمَةٍ وَثروَة، حَدَّثَنَا عَنْهُ
عَمِّي الحَسَنُ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
بَكْرٍ السِّنْجِيّ، وَأَبُو مُضَرَ الطَّبَرِيّ، وَعَبْدُ
اللهِ بن الفُرَاوِي، وَنَاصرُ بنُ سَلْمَانَ
الأَنْصَارِيّ، وَجَمَاعَةٌ كَثِيْرَةٌ.
قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ إِسْمَاعِيْل بنِ عبد الغَافِر:
طَلبُوا مِنَ الفَضْل هَذَا أَلفَيْ دِيْنَارٍ،
وَأَخَذوهُ، وَضَربوهُ، وَضَمِنَهُ ابْنُ صَاعِد، وَبَقِيَ
أَيَّاماً، وَمَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى, سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَمَا وَجدُوا
لَهُ شَيْئاً، فَإِنَّ ابْنَه هَرَبَ وَأَصْحَابه، وَكَانَ
صُلْباً فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيْفَةَ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بن علي بن الفرات
بدمشق، وكان يَترفَّض، وَالمُفْتِي سَعْدُ بن عَلِيٍّ
العِجْلِيّ بهَمَذَان، وعبد الخالق بن محمد ابن خَلَفٍ
المُؤَدِّب ابنُ الأَبْرَصِ -لقِي اللاَّلْكَائِيّ- وَشيخُ
الشافعية أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد المَرْوَزِيّ
الزَّاز، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو سَعِيْدٍ عبدُ الوَاحِد بن
القُشَيْرِيّ، وَعزِيزِي بنُ عَبْدِ المَلِكِ الجيلِي
القَاضِي شَيْذَلَه، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
الرَّاذَانِي الحَنْبَلِيّ العَابِدُ، وَأَبُو مَسْعُوْدٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ
السُّوذَرْجَانِي، وَالقَاضِي أَبُو نَصْرٍ بنُ وَدْعَان
المَوْصِلِيّ، وَمَنْصُوْرُ بن بَكْرِ بنِ حِيْد، وَنَصْرُ
بن البَطِرِ مُسْنِد الوَقْت، وَعَلِيُّ بنُ أحمد بن
الأخرم المؤذن.
(14/171)
4500- الجَيَّاني 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ، الحُجَّةُ النَّاقِدُ،
مُحَدِّث الأَنْدَلُس, أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الغساني، الأندلسي،
الجياني، صاحب كِتَاب
"تَقييد المُهْمَل".
مَوْلِدُهُ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: حَكَمِ بن مُحَمَّدٍ الجُذَامِيّ، -وَهُوَ
أَعْلَى شَيْخٍ لَهُ-، وحاتم ابن مُحَمَّدٍ
الطَّرَابُلُسِي، وَأَبِي عُمَرَ بن عبد البَرّ، وَأَبِي
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ عَتَّاب، وَالمُحَدِّثِ أَبِي
عُمَرَ بن الحَذَّاء، وَأَبِي شَاكِرٍ عبد الوَاحِد
القَبْرِي، وَسِرَاجِ بن عَبْدِ اللهِ القَاضِي، وَأَبِي
الوَلِيْدِ سُلَيْمَانَ بنِ خَلَفٍ البَاجِي، وَأَبِي
العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ دِلْهَاث، وَطَائِفَةٍ
سِوَاهُم.
وَلَمْ يَرْحَلْ مِنَ الأَنْدَلُس، وَكَانَ مِنْ
جَهَابذَةِ الحُفَّاظ، قَوِيَّ العَرَبِيَّةِ، بارعَ
اللُّغَة، مُقَدَّماً فِي الآدَابِ وَالشِّعر وَالنَّسَب.
لَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَةٌ فِي هَذِهِ الفُنُوْنِ،
نَعَتَه بِهَذَا وَأَكْثَرَ مِنْهُ خَلَفُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ الحَافِظ، وَقَالَ: أَخْبَرَنَا عَنْهُ غَيْرُ
وَاحِدٍ، وَوصفُوهُ بِالجَلاَلَةِ، وَالحِفْظِ،
وَالنَّباهَةِ وَالتَّوَاضع، وَالصِّيَانَةِ.
قَالَ أَبُو زَيْد السُّهَيْلِي فِي "الرَّوض الأُنف":
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ طَاهِرٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ
الغَسَّانِيّ، أَنَّ أَبَا عُمَر بنَ عَبْدِ البَرّ قَالَ
لَهُ: أَمَانَةُ الله في عُنُقِكَ؛ مَتَى عثرتَ عَلَى اسمٍ
مِنْ أَسْمَاء الصَّحَابَة لَمْ أَذْكُره؛ إلَّا أَلحقتَه
فِي كِتَابِي، يَعْنِي "الاسْتيعَاب".
قَالَ ابْنُ بَشكُوَال: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ بنَ
مُغِيْث قَالَ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ الجيَّانِي مِنْ
أَكملِ مَنْ رَأَيْتُ عِلْماً بِالحَدِيْثِ، وَمَعْرِفَةً
بِطُرِقِهِ، وَحفظاً لرِجَاله، عَانَى كَتْبَ اللُّغَةِ،
وَأَكْثَرَ مِنْ رِوَايَةِ الأَشعَار، وَجَمَعَ مِنْ
سَعَةِ الرِّوَايَة مَا لَمْ يَجْمَعْه أَحَدٌ
أَدْركنَاهُ، وَصَحَّحَ مِنَ الكُتُب مَا لَمْ يُصحِّحه
غَيْرُه مِنَ الحُفَّاظِ، فَكُتُبُه حُجَّةٌ بِالغَة، جَمع
كِتَاباً فِي رِجَال "الصَّحِيْحَيْنِ" سَمَّاهُ "تَقييد
المُهمل وَتَمْيِيز المُشكل"، وَهُوَ كِتَابٌ حسنٌ مفِيدٌ،
أَخَذَهُ النَّاسُ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ بَشكُوَال:
سَمِعْنَاهُ عَلَى القَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
الحَجَّاجِ عَنْهُ ... لَزِمَ بَيْته لِزَمَانَةٍ
لَحِقَتْهُ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: مُحَمَّدُ بن مُحَمَّدِ
بنِ حَكَمٍ البَاهِلِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ الجَيَّانِي، المُلَقَّب بِالبَغْدَادِيّ،
وَالقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة، وَأَبُو العَلاَءِ
زَهْرُ بن عبد
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 142- 143"، ووفيات
الأعيان لابن خلكان "2/ 180"، والعبر "3/ 351"، وتذكرة
الحفاظ "4/ ترجمة 1049"، والديباج المذهب لابن فرحون
المالكي "1/ 332"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/
192"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 408- 409".
(14/172)
المَلِكِ الإِيَادِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بن
أَحْمَدَ بنِ سِمَاك الغَرْنَاطِي، وَالحَافِظُ عَبْد
الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَيُوْسُفُ
بن يَبْقَى النَّحْوِيّ، ومحمد بن عبد الله بن خليل القيسي
مُسْنِدُ مَرَّاكُش، فَحَدَّث عَنْهُ "بصَحِيْح مُسْلِم"
فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
تُوُفِّيَ الأُسْتَاذ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ فِي لَيْلَة
الجُمُعَة، ثَانِي عشر شعبان سنة ثمان وتسعين وأربع مائة.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الأَمِيْنُ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بنُ مُنَيْرٍ المَالِكِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ حَكَمٍ، أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو
عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ، حَدَّثَنَا حَكَمُ بنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا
أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ بِمَكَّةَ إِمْلاَءً، سَنَة
عشرٍ وَثَلاَثِ مائَة، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ،
حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ
أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا تَحَابَّ
رَجُلاَنِ فِي اللهِ إلَّا كَانَ أَفْضَلُهُمَا
أَشَدَّهُمَا حُبّاً لِصَاحِبِهِ" 1.
هَذَا حديثٌ حَسَنُ الإِسْنَادِ.
وَمَاتَ مَعَ: أَبِي عَلِيٍّ الحَافِظ، مُفِيدُ بَغْدَاد
أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
البَرَدَانِي عَنْ سَبعِينَ سَنَةً، وَالحَافِظُ مفِيدُ
أَصْبَهَان أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بن مَرْدَوَيْه، وَمُسْنِدُ
خُرَاسَان أَبُو علي نصر الله بن أحمد بن عثمان
الخُشْنَامِي، وَشيخُ الْحرم المُفْتِي أَبُو عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الطَّبَرِيّ الشَّافِعِيّ،
وَمُقْرِئُ بَغْدَادَ أَبُو المَعَالِي ثَابِتُ بنُ
بُنْدَارَ البَقَّال، وَمُسْنِدُ بَغْدَاد الشَّرِيْف
أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ
الأَنْصَارِيُّ.
__________
1 صحيح: أخرجه الطيالسي "2053"، والبخاري في "الأدب
المفرد" "544"، والبزار "3600"، وابن حبان "2509" موارد
الحاكم "4/ 171" والطبراني في "الأوسط" "2899"، والخطيب في
"تاريخ بغداد "11/ 341"، من طرق عن مبارك بن فضالة، به.
قلت: إسناده صحيح، وقد صرح مبارك بن فضالة بالتحديث عند
البخاري، وابن حبان فأمنا شر تدليسه.
(14/173)
4501- الكتبي:
الإِمَامُ الحَافِظُ، مُحَدِّثُ هَرَاة، الحَاكِمُ أَبُو
عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُتُبِيّ
الهَرَوِيّ المُؤَرِّخ.
سَمِعَ: سَعِيْدَ بنَ العَبَّاسِ القُرَشِيّ، وَالحَافِظ
أَبَا يعقوب القراب، وسالم ابن عَبْدِ اللهِ أَبَا مَعْمر
وَطَبَقَتهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو النَّضْرِ الفَامِي، وَعبدُ الرَّشِيْد بن
نَاصر، وَعَبْدُ الْملك بن عَبْدِ اللهِ، وَمَسْعُوْدُ بن
مُحَمَّدٍ الغَانِمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
أَثْنَى عَلَيْهِ السَّمْعَانِيّ، وَقَالَ: لَهُ عِنَايَة
تَامَّة بِالتَّوَارِيخ، وَيُلَقَّبُ بِحَاكِم كُرَّاسَة.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَة سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وله سبع وثمانون سنة.
(14/174)
4502- الشِّ يحِي 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الجَوَّال الصَّدُوْقُ، أَبُو
مَنْصُوْرٍ عَبْدُ المُحْسِنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ
بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ شُهْدَانْكَه الشِّيحِي،
ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الفقيه، المَالِكِيّ، النَّصْرِيّ،
مِنْ مَحلَة النَّصْرِيَّةِ، التَّاجِرُ، السَّفَّار.
قَالَ غَيثُ بن عَلِيٍّ: قَالَ لِي: وُلِدَتُ فِي سَنَةِ
إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَسَمِعْتُ فِي
سَنَةِ "427".
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ الصَّقْر،
وَأَبَا مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدَ بن مُحَمَّدِ بنِ
السَّوَّاق، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بن عَلِيٍّ الأَزَجِي،
وَأَبَا طَالب بن غَيْلاَنَ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ الخَلاَّل،
وَعِدَّة، وَبمصرَ أَبَا الحَسَنِ بنَ الطَّفَّال، وَأَبَا
القَاسِمِ الفَارِسِيّ، وَبِدِمَشْقَ أَبَا عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ سَلْوَانَ، وَبَالرَّحْبَة عُبيد
الله بن أَحْمَدَ الرَّقِّيّ، وَعِدَّةً، وَكَتَبَ بِخطِّه
أَكْثَر تَصَانِيْفه.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ -شَيْخُه-، وَأَبُو السُّعُوْد
المُجلِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدي، وَأَبُو
الفَتْحِ بنُ عَبْد السَّلاَمِ، وَالفَقِيْه سَعِيْدُ بن
مُحَمَّدٍ الرَّزَّاز، وَابْنُ نَاصرٍ، وَابْنُ
الزَّاغُونِيِّ، وَابْنُ البَطِّي، وَخَلْقٌ.
سُئِلَ عَنْهُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
فَقَالَ: شَيْخٌ جَليلٌ فَاضِلٌ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ العَبْدرِي: كَانَ مِنْ أَنبلِ مَنْ
رَأَيْتُ وَأَوثقَهُ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة: كَانَ فَاضِلاً
نبيلاً كيِّساً ثِقَةً، وَكَانَ عِنْدَهُ أَصلُ أَبِي
بَكْرٍ الخَطِيْب "بتَارِيخ بَغْدَاد"، خصَّه بِهِ. قَالَ
السَّمْعَانِيّ: هُوَ الَّذِي نَقل الخَطِيْبَ إِلَى
العراق، فأهدى إليه "تاريخه" بخطه.
وَقَالَ البَرَدَانِي: كَانَ أَمِيناً سَرِيّاً
مُتَمَوِّلاً، كَتَبَ كَثِيْراً، مَاتَ فِي جُمَادَى
الأُوْلَى, سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 442"، واللباب لابن
الأثير "2/ 220"، والعبر "3/ 324" والمنتظم لابن الجوزي
"9/ 100"، وتذكرة الحفاظ "4/ ص1227"، وشذرات الذهب لابن
العماد "3/ 392".
(14/174)
الزاز، القومساني:
4503-الزَّاز 1:
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافعيَّةِ، أَبُو الفَرَجِ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زَازَ،
السَّرْخَسيُّ الشَّافِعِيُّ، فَقِيْهُ مَرْوَ، وَيُعْرَفُ
بِالزَّاز.
كَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي حِفْظِ المَذْهَب،
اشْتهرت كُتُبُه، وَكَثُرَتْ تلاَمِذَتُه، وَقُصِدَ مِنَ
النَّوَاحِي.
تَفقَّه بِالقَاضِي حُسَيْن، وَسَمِعَ الأُسْتَاذ أَبَا
القَاسِمِ القُشَيْرِيّ، وَالحَسَنَ بن عَلِيٍّ
المُطَوِّعِي، وَأَبَا المُظَفَّر مُحَمَّد بن أَحْمَدَ
التَّمِيْمِيّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً، وَعُنِي بِالآثَار.
حَدَّثَ عَنْهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّنْجِيّ،
وَعُمَرُ بنُ أَبِي مُطِيع، وَآخَرُوْنَ، وَمَاتَ قَبْلَ
مَحلِّ الرِّوَايَة، فَقَلَّ مَا خرج عنه.
صَنَّف كِتَاب "الإِملاَء" فِي المَذْهَب، وَانتشر فِي
البِلاَد، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدّين، ثَخِينَ
الوَرَع، مُحتَاطاً فِي القُوْت، بِحَيْثُ إِنَّهُ ترك
أَكل الرُّزِّ، لأَنَّه لاَ يَزرعه إلَّا الجُنْدُ،
وَكَانَ عَدِيم النّظير فِي الفَتْوَى.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ, سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ, عَنْ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ
سَنَةً، رَحِمَهُ اللهُ.
4504- القُومساني 2:
الحَافِظُ الإِمَامُ البَارعُ، مُحَدِّثُ هَمَذَان، أَبُو
الفَرَجِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ،
القُوْمِسانِيُّ، ثُمَّ الهَمَذَانِيُّ، العَابِدُ.
رَوَى عَنْ جَدِّهِ عُثْمَان بن أَحْمَدَ بنِ مَزْدين،
وَوَالِدِهِ أَبِي الفَضْلِ، وَعُمَر بن جَابَاره، وَابْن
غَزْو النَّهَاوَنْدي، وَطَبَقَتِهم، وَبِبَغْدَادَ: أَبِي
الحُسَيْنِ بن الْمُهْتَدي بِاللهِ، وَطَبَقَتِهِ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: هُوَ شَيْخُ بَلدنَا، وَالمُشَارُ
إِلَيْهِ بِالصَّلاَحِ، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظاً، حَسنَ
المَعْرِفَة بِالرِّجَالِ وَالمُتُوْنِ، وَحِيدَ عصره فِي
حِفْظِ شَرَائِع الإِسْلاَم وَشِعَارِهِ، تَولَّيتُ غسله
فِي المُحَرَّمِ, سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَعَاشَ ثَمَانِياً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَذَكَرَهُ السِّلَفِيّ فِيْمَنْ أَجَازَ لَهُ، وَأَنَّهُ
مَشْهُوْر بِالمَعْرِفَة التامة بالحديث.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 125- 126"، والعبر
"3/ 339"، وشذرات الذهب "3/ 400".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 140".
(14/175)
صاحب الهند، العبدي:
4505- صاحب الهند 1:
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، أَبُو المُظَفَّرِ إِبْرَاهِيْمُ
ابْنُ السُّلْطَان مَسْعُوْدِ ابْنِ السُّلْطَانِ فَاتِح
الهِنْد وَمُبيدِ البُدِّ، مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِينَ،
صَاحِب غَزْنَة.
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مَلِكاً عَادِلاً، مُنْصِفاً
سَائِساً، شُجَاعاً مِقْدَاماً جَوَاداً، محبباً إِلَى
الرَّعيَّة، وَاسِعَ المَمَالِكِ، دَام فِي السَّلْطنَةِ
أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَعَاشَ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة.
4506- العَبْدِي ُّ2:
الشَّيْخُ الفَقِيْهُ العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة،
أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ
عَلِيِّ بنِ زَكَرِيَّا، العَبْدِيُّ، البَصْرِيُّ،
المَالِكِيّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الصواف، مسكنه القسامل،
محلة البصرة.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ طَلْحَةَ، وَعِدَّةً
بِالبَصْرَةِ، وَابْنَ شَاذَان، وَالبَرْقَانِيَّ
بِبَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِي، وَأَبُو بَكْرٍ
عَتِيْق النَّفْزَاوِي، وَجَابِر بن مُحَمَّدٍ
البَصْرِيُّ، وَأَبُو أحمد البُوْشَنْجِيّ.
تَفقَّه بعَلِيّ بن هَارُوْنَ البَصْرِيّ، وَصَنَّفَ
التَّصَانِيْفَ، وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّة، مِنْهُم:
أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ بَاخِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
ضَابح.
وَسَمِعَ: مِنْهُ خلقٌ، وَأَملَى مَجَالِسَ، وَكَانَ
زَاهِداً عَابِداً قَانِعاً مَهِيْباً.
قَالَ جَابِرُ بن مُحَمَّدٍ: كَانَ فَرِيْدَ عَصره،
وَكَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ، وَقِيْلَ: كَانَ
إِمَاماً فِي عَشْرَةِ عُلُوْم، مَاتَ -رَحْمَةُ اللهِ
عَلَيْهِ- فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَقَدْ كَمَّل التِّسْعِيْنَ.
قَالَ القَاضِي عِيَاض: كَانَ أَبُو يَعْلَى العَبْدِيّ
يُمْلِي الحَدِيْثَ، وَعَلَى رَأْسِهِ مُسْتَمليَان
يُسْمِعَان النَّاس، سَمِعَ مِنْهُ عالمٌ عظيمٌ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ مُدرِّساً مُتَزهِّداً،
خَشِنَ الْعَيْش، مُجِدّاً فِي العِبَادَةِ، ذَا سَمتٍ
ووقار.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 109"، والعبر "3/
225"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 164".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 103"، والعبر "3/
328"، والديباج المذهب لابن فرحون المالكي "1/ 175"،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 394".
(14/176)
ابن الأخرم، أسعد بن
مسعود:
4507- ابن الأخرم 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ الزَّاهِدُ، بَقِيَّةُ المُسْنَدينَ،
أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بن أَخْرَمَ
المَدِيْنِيّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيّ، الصَّنْدَلِي
المُؤَذِّن.
مَوْلِدُهُ فِي رَجَب, سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
سَمِعَ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، وَيَحْيَى
بن إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَأَبَا القَاسِمِ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ السَّرَّاج، وَأَبَا بَكْرٍ
الحِيْرِيّ، وَأَبَا سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَأَبَا
نَصْرٍ أَحْمَد بن عَلِيٍّ الزَّاهِدَ، وَأَبَا صَادِقٍ
محمد بن أحمد ابن شَاذَانَ العَطَّار، وَالأُسْتَاذَ أَبَا
إِسْحَاقَ الإِسْفرَايينِي، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْنَ بن مُحَمَّدِ بنِ مَنْجُوَيْه، وَأَبَا بَكْرٍ
أَحْمَدَ بنَ عَلِيٍّ الحَافِظ، وَطَائِفَةً، وَعَقَدَ
مَجْلِسَ الإِملاَءِ، وَحضَرَهُ الأَعيَانُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفُرَاوِي،
وَأَبُو العَبَّاسِ العَصَّارِي، وَعُمَرُ بن الصَّفَّار،
وَعبدُ الخَالِق بن زاهر، والوزير سعد بن سَهْلٍ
الفَلَكِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ فِي "تَارِيْخِهِ": شَيْخٌ عَابِدٌ
فَاضِلٌ جَلِيْلٌ، مِنْ تلاَمذَة الإِمَام أَبِي مُحَمَّدٍ
الجُوَيْنِيّ، كَانَ يَسكُنُ المَدِيْنَةَ الدَّاخلَة،
لَزِمَ مسجدَه سِنِيْنَ، مُنْزَوياً عَنِ النَّاس، قَلَّ
مَا يَخْرُج، رَوَى عَنْهُ خلقٌ كَثِيْر، وَعَقَدَ
مَجْلِسَ الإِملاَءِ، تُوُفِّيَ فِي ثَامن عشر المُحَرَّم
سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، رَحِمَهُ
اللهُ.
وَفِيْهَا مَاتَ مَعَهُ:
4508- أَسَعْدُ بنُ مَسْعُوْدٍ 2:
العُتْبِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّة عُتْبَةَ
بنِ غزوان الصحابي.
رَوَى عَنِ: الحِيْرِيّ، وَالصَّيْرَفِيّ، وَعَنْهُ عَبْدُ
اللهِ بن الفراوي، وعبد الخالق بن زاهر.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 339"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 168"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/
401".
2 ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 381"، والمنتظم لابن
الجوزي "9/ 125".
(14/177)
الجرجاني،
الطريثيثي:
4509- الجُرْجَاني 1:
القَاضِي الإِمَامُ المُحَدِّثُ الحَافِظُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ الجُرْجَانِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ حَمْزَةَ بنَ يُوْسُفَ السَّهْمِيّ، وَأَحْمَدَ
بنَ مُحَمَّدٍ الخَنْدَقِي، وَأَصْحَابَ ابْنِ عَدِيٍّ،
وَالإِسْمَاعِيلِيَّ، وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: أَبِي
حَفْصٍ بنِ مَسْرُوْر، وَعَبْدِ الغَافِرِ بنِ مُحَمَّدٍ
الفَارِسِيّ، وَهَذِهِ الطَّبَقَة.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَكَانَ ذَا حِفْظٍ وَفَهْمٍ، جمع
كِتَاباً فِي مَنَاقِب الشَّافِعِيّ، وَآخَرَ فِي مَنَاقِب
أَحْمَد.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أُخْتِهِ تَمِيمُ بن أَبِي سَعِيْدٍ
المُؤَدِّب، وَالجُنَيْد بن مُحَمَّدٍ القَايْنِي،
وَعَلِيّ بن حَمْزَةَ المُوسَوِي، وَوَجيهٌ الشَّحَّامِي،
وَأَبُو الأَسْعَد هِبَةُ الرَّحْمَن بن القُشَيْرِيِّ،
وَآخَرُوْنَ.
عَاشَ ثَمَانِيْنَ عَاماً.
وَتُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ, سَنَة تِسْعٍ
وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمِنْ شُيُوخِه أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْملك بنُ
مُحَمَّدٍ الأَسْترَابَاذِيُّ الصَّغِيْر، صَاحِبُ أَبِي
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيِّ، وَأَبُو مَعْمرٍ المُفَضَّل بن
إسماعيل الإسماعيلي.
4510- الطُّرَيْثيثي 2:
الإِمَامُ الزَّاهِدُ المُسْنِدُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة،
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ
زَكَرِيَّا الطُّرَيْثِيْثِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ
الصُّوْفِيّ، المَعْرُوف: بِابْنِ زَهْرَاءَ.
مَوْلِدُهُ فِي شَوَّالٍ سنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَرَأْتُ بِخَطِّ السِّلَفِيّ:
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: إِنَّهُ وُلِدَ فِي
شَوَّال, سَنَة اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
سَمِعَ أَبَاهُ، وَابْنَ الفَضْلِ القَطَّان، وَهِبَةَ
اللهِ بنَ الحَسَنِ اللاَّلْكَائِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ
الحُرْفِي، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ مَخْلَدٍ، وَأَبَا
عَلِيٍّ بنَ شَاذَانَ، وَعِدَّة، وَزَعَمَ أَنَّهُ سمع من
أبي الحسن بن رزقويه.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ص1227"، وطبقات الشافعية
للسبكي "5/ 94".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 138"، والعبر "3/
346"، وميزان الاعتدال "1/ 122"، ولسان الميزان "1/ 227"،
وطبقات الشافعية للسبكي "4/ 39"، وشذرات الذهب لابن العماد
"3/ 405".
(14/178)
قَالَ السَّمْعَانِيّ: صَحِيْحُ السَّمَاع
فِي أَجزَاء، لَكنَّه أَفْسد سَمَاعَاتِهِ بِادِّعَاءِ
السَّمَاع مِنِ ابْنِ رِزْقُويه، وَلَمْ يَصِحّ سَمَاعه
مِنْهُ.
وَقَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيّ: مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفه.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ: لَهُ قَدَمٌ فِي التَّصَوُّفِ،
رَأَى المَشَايِخَ, وَخدمَهُم، وَكَانَ حَسَنَ التلاوة،
صحب أبا سعيد النيسابوري.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ
السَّمَرْقَنْدي، وَابْنُ نَاصر، وَعَبْدُ الخَالِقِ
اليُوسُفِي، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّي، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ الطُّوْسِيّ خطيبُ
المَوْصِل، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ عَبْدُ الغَافِرِ
الأَلْمَعِي، وَهِبَةُ اللهِ الشِّيرَازِي، وَعُمَر
الرَّوَّاسِي.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدي: دَخَلْتُ عَلَى
ابْنِ زَهْرَاءَ وَهُوَ يُقرَأُ عَلَيْهِ جزءٌ لابْنِ
رِزْقويه، فَقُلْتُ: مَتَى وُلدتَ? قَالَ: سَنَة اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ، فَقُلْتُ: فَابْنِ رِزْقويه فِي هَذِهِ السّنَة
تُوُفِّيَ! وَأَخَذتُ الجُزْءَ، وَضَربتُ عَلَى
التَّسمِيْع، فَقَامَ وَخَرَجَ مِنَ المَسْجَدِ.
وَقَالَ ابْنُ نَاصر: كَانَ كَذَّاباً.
وَقَالَ السِّلَفِيّ: هُوَ أَجْلُّ شَيْخ رَأَيْتُهُ
لِلصُّوْفِيَّة، وَأَكْثَرُهُم حُرمَةً وَهَيْبَةً عِنْد
أَصْحَابِه، لَمْ يُقرَأ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ أَصلٍ،
وَكُفَّ بَصَره بأَخَرة، وَكَتَبَ لَهُ أَبُو عَلِيٍّ
الكِرْمَانِيّ أَجزَاءَ طَرِيَّةً، فَحَدَّثَ بِهَا
اعتمَاداً عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَعْرِفُ
طَرِيْقَ المُحَدِّثِيْنَ وَدقَائِقَهُم، وَإِلاَّ فَكَانَ
مِنَ الثِّقَاتِ الأَثْبَاتِ، وَأُصُوْله كَالشَّمْس
وُضُوحاً.
وَقَالَ أَبُو المُعَمَّر الأَنْصَارِيّ: مَوْلِدُهُ فِي
شَوَّال سَنَة إِحْدَى عشرة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة
سبع وتسعين وأربع مائة.
(14/179)
4511- الإسْفَرَايِيني 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ المُتْقِنُ الرَّحَّال،
أَبُو الفَرَجِ، سَهْلُ بنُ بِشْرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
سَعِيْدٍ، الإِسْفرَايينِي، الصُّوفِي، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
سَمِعَ بِمِصْرَ عَلِيَّ بنَ حِمِّصَة، وَعَلِيَّ بنَ
مُنِيْر، وَعَلِيَّ بنَ رَبِيْعَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ
الحُسَيْنِ الطَّفَّال، وَحَسَنَ بنَ خلف الواسطي صاحب أبي
محمد ابن مَاسِي، وَبِبَغْدَادَ: أَبَا مُحَمَّدٍ
الجَوْهَرِيّ. وَبِدِمَشْقَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ
سُلْوَانَ، وَرشَأَ بنَ نَظيف، وبالرملة: محمد بن الحسين
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 331"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
396".
(14/179)
ابن التَّرْجَمَان. وَبِصُوْر: سُلَيْم بن
أَيُّوْبَ الرَّازِيّ، وَبِتِنِّيس: عَلِيَّ بنَ
الحُسَيْنِ بنِ جَابِرٍ. وَبِجُرْجَانَ: مُحَمَّدَ بنَ
عَبْدِ الرَّحِيْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ طَاهِرٌ وَالفَضْل، وَجَمَالُ
الإِسْلاَمِ عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، وَهِبَةُ الله بن
طاوس، وَمَحْفُوْظٌ النَّجَّارُ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ المِصِّيْصِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ
عَلِيِّ بنِ الحُبُوبِي، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي
الحَسَنِ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ غَيْثُ بنُ عَلِيٍّ: سَأَلتُ أَبَا بَكْرٍ الحَافِظ
عَنْ سَهْلِ بنِ بِشْرٍ، فَقَالَ: كيِّسٌ صدوقٌ.
قَالَ سهل: وُلِدْتُ بِبِسْطَامَ سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ قَدْ تَتَبَّع
"السُّنَنَ الكَبِيْرَ" للنسائي وحصله، وسمعه بمصر.
(14/180)
4512- ابن يوسف
1:
الشَّيْخُ النَّبِيْلُ العَالِمُ الثِّقَةُ الرَّئِيْسُ،
أَبُو الحُسَيْنِ أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يُوْسُفَ
البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ الحُرْفِي، وَعُثْمَانَ بنَ
دُوسْت، وَأَبَا عَلِيٍّ بنَ شَاذَانَ، وَعَبْدَ الْملك بن
بِشْرَان، وَطَبَقَتَهُم بِبَغْدَادَ، وَأَبَا الحَسَنِ
بنَ صَخْر، وَأَبَا نَصْرٍ السِّجْزِيّ بِمَكَّةَ، وَأَبَا
الحَسَنِ بنَ حِمِّصَةَ الحَرَّانِيّ بِمِصْرَ،
وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ التّرْجَمَان
بِالرَّمْلَةِ، وَعِدَّةً سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ: عَبْدُ اللهِ، وَالحَافِظُ عبدُ
الخَالِق، وَعبدُ الوَاحِد، وَمُحَمَّدُ بنُ نَاصر
الحَافِظ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّي، وَشُهْدَةُ
الكَاتِبَة، وَعَتِيْقُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ
صَيْلاَءَ، وَالخَطِيْبُ أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بن
أَحْمَدَ الطُّوْسِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ نَاصر: كَانَ صَالِحاً ثِقَةً.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ: شَيْخٌ جَلِيْلٌ ثِقَةٌ خَيِّرٌ،
مَرْضِيُّ الطّرِيقَةِ، حَسَنُ السِّيْرَةِ، سَافَرَ
الكَثِيْرَ، وَوَصل إِلَى المَغْرِب.
وَقَالَ وَلَدُهُ عبدُ الخَالِق: حَدَّثَنِي أَخِي، قَالَ:
رَأَيْتُ في النوم وَالِدي، فَقُلْتُ: يَا سَيدي، مَا
فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ: غَفَر لِي.
تُوُفِّيَ أَبُو الحُسَيْنِ: فِي شَعْبَانَ, سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيّ: كَانَ ثِقَةً مُتحرِّياً.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ اليُونَارْتِي فِي "مُعْجَمه": كَانَ
أَحَدَ الأَئِمَّة الوَرِعين. صَحِبَ أَبَا الحَسَنِ
القَزْوِيْنِيّ مُدَّةً، وَنَظَرَ فِي الفِقْه وَالأَدب،
وَكَانَ أَوْحَدِيَّ الطّرِيقَة، مَا خَرَجَ إِلَيْنَا
فَاسْتند لِتوَاضُعه، وَمَا قَامَ عنا إلَّا استأذن.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 109"، والعبر "3/
333"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 397".
(14/180)
4513- ابن وَدْعَان 1:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، قَاضِي المَوْصِلِ، أَبُو نَصْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ
بنِ صَالِحِ بنِ سُلَيْمَانَ بن وَدْعَانَ، المَوْصِلِيّ.
تَرَدَّدَ إِلَى بَغْدَادَ, وَحَدَّثَ بِهَا فِي آخِرِ
أَيَّامِهِ.
قَالَ: وُلدتُ لَيْلَةَ النِّصْف مِنْ شَعْبَانَ, سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَة، وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ
رَبِيْعَة الفَرَسِ، وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ سَنَة ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِ مائة.
رَوَى عَنْ عَمِّهِ أَبِي الفَتْحِ أَحْمَدَ بنِ عُبيد
الله، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَحْشَلٍ،
وَالحُسَيْنِ بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الصَّيْرَفِيّ,
وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
النَّيْسَابُوْرِيّ بِالحِجَازِ، وَمَرْوَانُ بن عَلِيٍّ
الطَّنْزِي بِدِيَارِ بكر، وَأَبُو المُعَمَّر المُبَارَكُ
بن أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
خسرو البَلْخِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
وَوَجِيهٌ الشَّحَّامِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَإِنَّمَا أَوْرَدتُهُ هُنَا لِشُهْرَتِهِ، وَقَدْ
ذَكَرْتُهُ فِي "المِيزَانِ" وَأَنَّهُ غَيْرُ ثِقَةٍ،
وَلاَ مَأْمُوْنٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ
مُخْتَارٍ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو
نَصْرٍ بنُ وَدَعَانَ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي،
أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ المُرْجِئُ، أَخْبَرَنَا
أَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ،
حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بنُ عَطِيَّةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ
عَبْدِ اللهِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
تَضَيَّفْتُ مَيْمُوْنَةَ خَالَتِي، وَهِيَ ليلتئذٍ لاَ
تُصَلِّي، فَجَاءَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 127"، وميزان
الاعتدال "3/ 657"، ولسان الميزان "5/ 305".
(14/181)
وَقَدْ صَلَّى العِشَاءَ الآخِرَة،
فَانْتَهَى إِلَى الفِرَاشِ، فَأَخَذَ خِرْقَةً عِنْدَ
رَأْسِ الفِرَاش، فَاتَّزَرَ بِهَا، وَخَلَعَ ثَوْبَيْهِ،
فَعَلَّقَهُمَا، ثُمَّ دَخَلَ مَعَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ
فِي آخِرِ اللَّيْلِ قَامَ إِلَى سِقَاءٍ مُعَلَّقٍ،
فَحَلَّهُ، ثُمَّ تَوَضَّأَ مِنْهُ، فَهَمَمْتُ أَنْ
أَقُومَ، فَأَصُبَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ كَرِهْتُ أَنْ يَرَى
أَنِّي كُنْتُ مُسْتَيْقِظاً، ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَيْهِ،
ثُمَّ قَامَ إِلَى المَسْجَدِ، فَقَامَ يُصَلِّي،
فَقُمْتُ، فَتَوَضَّأْتُ، ثُمَّ جِئْتُ، فَقُمْتُ عَنْ
يَسَارِهِ، فَتَنَاوَلَنِي بيده من ورائه، فأقامني عن
يمينه، ثُمَّ جَلَسَ، وَجلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَصغَى
بِخَدِّهِ إلى خدي حتى سَمِعْتُ نَفْسَ النَّائِم، ثُمَّ
جَاءَ بِلاَلٌ، فَقَالَ: الصَّلاَةَ يَا رَسُوْلَ اللهِ،
فَقَامَ إِلَى المَسْجِدِ، فَأَخَذَ فِي الرَّكْعَتَيْن،
وَأَخَذَ بِلاَلٌ فِي الإِقَامَةِ.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ شُجَاعاً الذُّهْلِيّ عَنِ
ابْنِ وَدْعَان، فَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ. قَالَ السِّلَفِيّ:
قَرَأْتُ عَلَيْهِ "الأَرْبَعِيْنَ" جَمْعَهُ، ثُمَّ
تَبيَّنَ لِي حِيْنَ تصفحت كتابه تخليطٌ عظيمٌ يدل إلى
كذبه، وتركيبه الأسانيد على المتون.
وَقَالَ ابْنُ نَاصر: رَأَيْتُهُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ،
لأَنَّه كَانَ مُتَّهماً بِالكَذِبِ، وَكِتَابُه فِي
"الأَرْبَعِيْنَ" سَرَقَهُ مِنْ زَيْدِ بنِ رِفَاعَةَ،
وَزَيْدٌ وَضَعه أَيْضاً، وَكَانَ كَذَّاباً، أَلَّفَ
بَيْنَ كلماتٍ قَدْ قَالَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ كَلِمَاتٍ مِنْ كَلاَمِ
لُقْمَان وَالحُكَمَاء وَغَيْرِهِم، وَطَوَّلَ
الأَحَادِيْثَ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ: كَانَ ابْنُ وَدْعَان خَرَّجَ عَلَى
كِتَاب زَيْد بن رِفَاعَةَ كِتَابهُ _ بِزَعْمِهِ _ حِيْنَ
وَقعت لَهُ أَحَادِيْثُهُ عَنْ شُيوخه، فَقَدْ أخطأ، إذ لم
يتبين ذَلِكَ فِي الخطبَة، وَإِن جَاز سِوَى ذَلِكَ،
فَأَطمُّ وَأَعمُّ، إِذْ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ لِمِثله مَعَ
نَزَارَةِ رِوَايَته، وَقِلَّةِ طلبه، أَنْ يَقع لَهُ
كُلُّ حَدِيْث فِيْهِ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ أَوْرَدَه
عَنْهُ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ أَيْضاً: بَلَغَنَا أَنَّهُ تُوُفِّيَ
فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ, بالموصل.
(14/182)
4514- الخُشْنَامي 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ المُعَمَّرُ الصَّالِحُ الصَّادِقُ
أَبُو عَلِيٍّ نصر الله بن أحمد بن عثمان،
الخشنامي،
النَّيْسَابُوْرِيّ.
سَمِعَ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ،
وَالقَاضِي أَبَا بَكْرٍ الحِيْرِيّ، وَعَلِيَّ بن
أَحْمَدَ بنِ عَبْدَانَ، وَأَبَا سَعِيْدٍ مُحَمَّد بن
مُوْسَى الصَّيْرَفِيّ، وَصَارَ مُسْنِدَ وَقته،
وَرِوَايَتُهُ عَنِ السُّلَمِيّ حُضُوْر، فإن أبا سعد
السمعاني أرخ مَوْلِدَهُ فِي رَمَضَانَ, سَنَةَ تِسْعٍ
وَأَرْبَعِ مائَة، وَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ صَالِحٌ، رَوَى
عَنْهُ خلقٌ، ومات في شعبان سنة ثمان وتسعين وأربع مائة.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ حَفِيْدُهُ مَسْعُوْدُ بن
أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ السِّنْجِيّ،
وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّمْعَانِيّ،
وَعبدُ الخَالِق بن زَاهِر، وَعُمَرُ بن أَحْمَدَ
الصَّفَّار الفَقِيْه، وَآخَرُوْنَ، وَمِنْ
مُتَأَخِّرِيهِم: سَعِيْدُ بنُ سَهْلٍ الفَلَكِي
الوَزِيْر.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا
زَيْنُ الأُمَنَاءِ الحَسَنُ بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا
سَعِيْدُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ نَصْرُ
اللهِ بن أَحْمَدَ إِمْلاَءً بِنَيْسَابُوْرَ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو
العَبَّاسِ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ
القَزَّاز، حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا
يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ
حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ رَجُلاً
أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوْكينَ لَهُ عِنْد مَوْتِهِ لَمْ
يَكُنْ لَهُ مالٌ غَيْرهُم، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَزَّأَهُم
ثَلاَثَةً، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنهُم، وَأَعْتَقَ
اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أربعة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 131"، واللباب لابن
الأثير "1/ 447"، والعبر "3/ 352".وشذرات الذهب لابن
العماد "3/ 409".
(14/182)
4515- أبو داود
1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، ذُو
الفُنُوْنِ، أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي
القَاسِمِ نَجَاحٍ مَوْلَى صَاحِب الأَنْدَلُس المُؤَيَّدِ
بِاللهِ هِشَامِ بن الحَكَمِ، المَرْوَانِيُّ,
الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، نَزِيْلُ دَانِيَةَ
وَبَلَنْسِيَة.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة،
وَصَحِبَ أَبَا عَمْرٍو الدَّانِي وَأَكْثَرَ عَنْهُ،
وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَهُوَ أَنْبَلُ أَصْحَابه
وَأَثْبَتُهُم، وَأَخَذَ أَيْضاً عَنْ أَبِي عُمَرَ بنِ
عَبْدِ البَرّ، وَابْن دِلهَاث، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ
سعدُوْنَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ البَاجِي، وَأَبِي شَاكِر
الخَطِيْب، وَعِدَّة.
تَلاَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
ابنِ غُلاَم الفَرَسِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِي،
وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ عَاصِمٍ الثَّقَفِيّ، وَأَحْمَدُ
بنُ سُحْنُوْنَ المُرْسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ
البَكْرِيّ، وَجَعْفَرُ بنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ النَّوَالِشِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بن فَرج
الزُّهَيْرِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ هُذَيْلٍ، وَأَبُو
دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ يَحْيَى القُرْطُبِيّ، وَخَلْق.
قَالَ ابْنُ بَشكُوَال: كَانَ مِنْ جِلَّةِ المُقْرِئِين
وَخِيَارِهِم، عَالِماً بِالرِّوَايَات وَطُرُقِهَا، حَسنَ
الضَّبط، ثِقَةً ديناً، لَهُ التَّصَانِيْفُ فِي مَعَانِي
القُرْآن، وَكَانَ مَليحَ الخَطِّ، أَخْبَرَنَا عَنْهُ
جماعةٌ مِنْ شُيوخنَا، وَوصفُوهُ بِالفَضْلِ وَالعِلْم
وَالدِّين، مَاتَ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَتَزَاحمُوا عَلَى
نَعشه، قَرَأْتُ بِخَطِّ تِلْمِيْذٍ لأَبِي دَاوُدَ
تَسمِيَةَ تَوَالِيْفِهِ، منها: "البيان في علوم
القُرْآنِ" فِي ثَلاَثِ مائَة جُزء، وَكِتَابُ "التَّبيينِ
لِهجَاء التَّنْزِيلِ" سِتُّ مُجلَّدَاتٍ، وَكِتَابُ
"الاعتِمَادِ" أُرْجُوزَة عَارض بِهَا شَيْخَه فِي أُصُوْل
القُرْآن وَالدِّيْن عَشْرَة أَجزَاء، وَهِيَ ثَمَانِيَةَ
عَشرَ أَلفَ بَيْت وَنَيِّف، وَكِتَاب "الصَّلاَة
الوُسطَى" مُجلَّد، وَعِدَّة تَوَالِيفَ جُملتهَا ستةٌ
وَعِشْرُوْنَ مُصَنّفاً، وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ،
وَمِنْ أَئِمَّةِ الأَنْدَلُس فِي عصره.
قُلْتُ: قَرَأْتُ بِالرِّوَايَاتِ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو الداني.
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 203"، والعبر "3/ 343"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 187"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 403".
(14/183)
4516- المرَاغي 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ القُدْوَةُ الفَقِيْهُ العَلاَّمَةُ،
بَقِيَّةُ المَشَايِخ، أَبُو تُرَابٍ عَبْدُ البَاقِي بنُ
يُوْسُفَ بنِ عَلِيِّ بنِ صَالِحِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
هَارُوْنَ المَرَاغِيُّ، النَّرِيزِيُّ، الشَّافِعِيّ،
نَزِيْلُ نَيْسَابُوْر.
سَمِعَ: أَبَا عَلِيٍّ بنَ شَاذَانَ، وَأَبَا القَاسِمِ
بنَ بِشْرَان، وَأَبَا طَاهِرٍ بنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ
الأَصْبَهَانِيَّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ الدَّامغَانِي، وأبو
عثمان العصايدي، وزاهر ابن طاهر، وابنه عبد الحق بن زاهر،
وآخرون.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: هُوَ الإِمَامُ أَبُو تُرَابٍ،
عَدِيمُ النَّظير فِي فَنِّه، بَهِيُّ المَنْظَر، سَلِيمُ
النَفْس، عاملٌ بِعِلْمه، حَسَنُ الخُلُقِ، نَفَّاعٌ
لِلْخَلْقِ، قوِيُّ الحِفْظِ، فَقِيْهُ النَّفْس،
تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى القَاضِي أَبِي الطَّيب.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ أَبِي الله الهَمَذَانِيّ:
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ
البِسْطَامِي وَغَيْرَهُ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ الإِمَام
أَبِي تُرَاب حِيْنَ دَخَلَ عبدُ الصَّمد وَمَعَهُ
المَنْشُوْرُ بقَضَاء هَمَذَان، فَقَامَ أَبُو تُرَاب،
وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَل عَلَيْنَا، وَقَالَ:
أَنَا فِي انتِظَارِ المَنْشُوْرِ مِنَ اللهِ عَلَى يَدِ
عَبدِه مَلَكِ المَوْتِ، أَنَا بِذَلِكَ أَلْيَقُ مِنْ
مَنْشُوْرِ القَضَاء، ثُمَّ قَالَ: قُعُوْدي فِي هَذَا
المَسْجَد سَاعَةً عَلَى فَرَاغِ القَلْب أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ مُلكِ العِرَاقين، ومسألةٌ فِي العِلْمِ
يَسْتَفِيدُهَا مِنِّي طَالِبُ علمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ
عَمَلِ الثَّقَلَيْنِ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظَ
عَنْ أَبِي تُرَاب المَرَاغِيّ، فَقَالَ: مُفْتِي
نَيْسَابُوْر، أَفْتَى سِنِيْنَ عَلَى مَذْهَب
الشَّافِعِيّ، وَكَانَ حَسَنَ الهيئَةِ، بَهيّاً،
عَالِماً، قِيْلَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً،
مَاتَ فِي رَابِعَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ. وَقِيْلَ:
بَلْ مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 110- 111"، والعبر
"3/ 333"، وطبقات الشافعية للسبكي "5/ 96"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 164".
(14/184)
ابن أبي ذر، ابن
الجراح:
4517- ابن أبي ذر 1:
الشيخ العالم الصدوق أبو مكتوم عيسى بن الحافظ الكبير أبي
ذر عبد بن أَحْمَدَ الأَنْصَارِيّ، الهَرَوِيّ، ثُمَّ
السَّرَوِي، تَزَوَّجَ وَالِده فِي سَرَاةِ بنِي شَبَابَة،
وَتَحَوَّلَ إِلَى هُنَاكَ مِنْ مَكَّةَ مُدَّةً، فَوُلِدَ
عِيْسَى فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ شَيْئاً كَثِيْراً، وَمِنْ
مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الصَّنْعَانِيّ، وَغَيْرِ
وَاحِدٍ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو التَّوفِيق مَسْعُوْدُ بنُ سَعِيْدٍ،
وَأَبُو عُبَيْدٍ نِعمَةُ بنُ زِيَادَةِ اللهِ
الغِفَارِيّ، وَمَيْمُوْنُ بنُ يَاسينَ المرَابط، وَابتَاع
مِنْهُ "صَحِيْح البُخَارِيِّ" أَصلَ أَبِيْهِ -وَعَلِيُّ
بنُ عَمَّارٍ المَكِّيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَالسِّلَفِيّ
بِالإِجَازَةِ، وَقَالَ: اجْتَمَعتُ أَنَا وَهُوَ فِي
الموقفِ سَنَةَ سَبعٍ لَمَّا حججتُ، وَقُلْنَا: نَسْمَعُ
مِنْهُ بِالحرم، فَتَعَجَّلَ أبي النَّفْرِ الأَوّلِ إِلَى
السَّرَاةِ.
قُلْتُ: وَبعد سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ انْقَطَع خَبَرُه، وَانْتَقَلَ إلى الله.
4518- ابن الجَرَّاح 2:
الإِمَامُ الكَبِيْرُ المُقْرِئُ أَبُو الخَطَّابِ عَلِيُّ
بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هَارُوْنَ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بن عيسى بن داود الجراح البغدادي، الكاتب.
سَأَله ابْن السَّمَرْقَنْدي عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ:
فِي رَجَب سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة. تَلاَ عَلَى
الحسن بن صقر الكَاتِب، وَابْنِ بُكَيْرٍ النَّجَّارِ،
وَأَحْمَدَ بنِ مَسْرُوْرٍ، وَمُسَافِرِ بنِ عَبَّادٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ بِشْرَان، وَمُحَمَّدِ
بن عُمَرَ بنِ بُكَيْرٍ، وَطَائِفَة. وَنظم قصيدَةً فِي
القِرَاءات مَشْهُوْرَة، سَمَّاهَا "المُسْعِدَة"، وأمَّ
بِالخَلِيْفَة المُقتدي، وَبأَبِيْهِ المُسْتَظْهِر،
وَكَانَ شافعيا ثقة صدوقًا عالمًا.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 348"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 406"، ووقع عنده عيسى بن الحافظ أبي ذر عبد
الرحمن.
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 140"، والعبر "3/
348"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 406".
(14/185)
تَلاَ عَلَيْهِ أممٌ، وَختم عَلَيْهِ
عِدَّة، قرَأَ عَلَيْهِ سِبْطُ الخَيَّاط أَبُو مُحَمَّدٍ،
وَأَبُو الْكَرم الشَّهْرُزُورِي، وَسَعْدُ اللهِ بن
الدَّجَاجِي، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: هَؤُلاَءِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ
الأَنْمَاطِيّ، وَابْنُ نَاصر، وَعُمَرُ المغَازلِي،
وَخطيبُ المَوْصِلِ أَبُو الفَضْلِ، وَأَسَعْد بن بلدرك،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ شُجَاعاً الحَافِظ عَنْهُ،
فَقَالَ: أَحَدُ القُرَّاءِ الحُفَّاظ المُتْقِنِيْنَ،
مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ وَالأَدبِ، وَلَهُ شعر جَيِّد
مُدَوَّن.
وَقَالَ السِّلَفِيّ فِي "مُعْجَمه": هُوَ إمامٌ فِي
اللُّغَة، وَشِعرُه فَفِي أَعْلَى درجةٍ، وَخطُّه فَمِنْ
أَحْسَنِ الخُطُوطِ، تلوتُ عَلَيْهِ بقِرَاءة أَبِي
عَمْرٍو الَّتِي قرَأَ بِهَا عَلَى ابْنِ الصَّقر،
وَالقَوْل يَتَّسِعُ فِي فَضَائِلِهِ.
قَالَ شُجَاع: تُوُفِّيَ فِي العِشْرِيْنَ مِنْ ذِي
الحِجَّةِ سنة سبع وتسعين وأربع مائة.
(14/186)
ابن جهير، أبو مطيع:
4520- ابن جَهير 1:
الوَزِيْرُ الكَامِلُ عَمِيدُ الدَّوْلَة أَبُو مَنْصُوْرٍ
مُحَمَّدُ بن الوَزِيْرِ الكَبِيْرِ المَلِكِ، فَخْرِ
الدَّوْلَةِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَهِيْرٍ، وَزَرَ
فِي أَيَّامِ وَالِدِهِ، وَخَدَمَ ثَلاَثَةَ خُلَفَاءَ،
وَأَوْصَى بِهِ القَائِمُ حَفِيْدَه الْمُقْتَدِي،
وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ وَزَرَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَسَبْعِيْنَ، وَاسْتقلَّ خَمْسَ سِنِيْنَ، وَعُزِلَ
بِأَبِي شُجَاع، ثم عزل أبو شجاع سنة أَرْبَعٍ
وَثَمَانِيْنَ، وَاسْتَوْزَرَ هَذَا، فَدَام تِسْعَةَ
أَعْوَامٍ، وَلَكِن كَانَتْ وِزَارَةُ الخُلَفَاءِ هَذَا
الزَّمَان دُوْنَ رُتْبَةِ وِزَارَةِ السُّلْطَان، فَكَانَ
نِظَامُ المُلْكِ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْهُ.
وَكَانَ عَمِيدُ الدَّوْلَة خَبِيْراً، سَائِساً، شجاعًا،
شهمًا، تياهًا، فصيحًا، أديبًا، بالغًا، يَتقَعَّرُ
كَابْنِ عَبَّادٍ فِي خِطَابِهِ، وَلَهُ هيبةٌ شَدِيْدَة،
وَأَلْفَاظُهُ مَعْدُوْدَة، مَدَحته الشُّعَرَاء.
وَفِي الآخِرِ حبسه المستظهر وصادر وَزِيْرُ السَّلطنَة،
ثُمَّ أُخْرِجَ مَيتاً فِي شَوَّال, سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ بِكِبْرِهِ
يُضْرَبُ المَثَلُ، وَلَكِنَّهُ فِي النَّكبَة ذَلَّ،
وَخَارَتْ نَفْسُهُ، وَأَنَابَ إِلَى اللهِ، وَآخِرُ مَا
سُمِعَ مِنْهُ الشَّهَادَةُ، سَامَحَهُ اللهُ.
وَعَاشَ تِسْعاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً. رَوَى عَنْ أَبِي
نَصْرٍ الزَّيْنَبِيّ، وَغَيْرِهِ، وله نظم جيد.
4521- أبو مُطيِع 2:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ وَقته أَبُو
مُطِيعٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زَكَرِيَّا الضَّبِّيُّ،
المَدِيْنِيُّ، النَّاسِخُ، المجلد الصَحَّافُ،
المُلَقَّب: بِالمِصْرِيّ.
سَمِعَ مِنَ: الحَافِظ أَبِي بَكْرٍ بنِ مَرْدُوَيْه،
وَأَبِي سَعِيْدٍ مُحَمَّد بن عَلِيٍّ النَّقَّاش،
وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ البَاوَرْدي،
وَأَبِي مَنْصُوْرٍ مَعْمَرِ بن زِيَادٍ، وَالحُسَيْنِ بن
إِبْرَاهِيْمَ الجمَال، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَلِيٍّ
المُعَدّل، وَأَبِي زُرْعَةَ رَوْحِ بن مُحَمَّدٍ،
وَالفَضْلِ بن عُبيدِ الله، وَجَمَاعَةٍ، تَفَرَّد
بِالرِّوَايَة عَنْ كَثِيْر مِنْهُم، وَأَملَى عِدَّةَ
مَجَالِس.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 118"، والعبر "3/
337"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "1/ 221"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 165".
2 ترجمة في العبر "3/ 348"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 407".
(14/187)
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَعْمرٍ
اللُّنبَانِي، وَأَبُو حَنِيفَةَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ
اللهِ الخطيبِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ
المُقْرِئُ، وَعُمَرُ بنُ أَبِي سَعْدٍ، وَأَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
الخرقِي، وَأَبُو العَبَّاسِ التُّرك، وَعِدَّة.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ صَالِحاً مُعَمِّراً أَديباً
فَاضِلاً، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
قُلْتُ: مَاتَ وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَة.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حنِيفَة
القَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُطِيع، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بنُ مُوْسَى الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ هِشَامِ
بنِ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ،
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ،
عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ البَارِقِيِّ قَالَ: قَالَ
رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"الخَيْلُ معقودٌ بِنَوَاصِيْهَا الخَيْرُ"، قِيْلَ: وَمَا
ذَاكَ? قَالَ: "الأَجْرُ وَالمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ
القِيَامَةِ" 1.
اتَّفَقَا عَلَيْهِ من حديث حصين بن عبد الرحمن.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "2852"، ومسلم "1873".
(14/188)
4522- الرُّمَيْلِي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ العَالِمُ الشَّهِيْدُ أَبُو
القَاسِمِ مَكِّيُّ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بن الحُسَيْنِ
الرُّميْلِيُّ, المَقْدِسِيُّ، أَحَدُ الجَوَّالِينَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ كَثِيْرَ التَّعب وَالسَّهرِ
وَالطَّلَبِ، ثِقَةً، متحرِّياً، وَرِعاً، ضَابطاً، شرع في
"تاريخ" لبيت المقدس.
سمع من مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى بنِ سُلْوَانَ، وَأَبَا
عُثْمَانَ بنَ وَرْقَاءَ، وَأَبَا القَاسِمِ الحِنَّائِي،
وَعبدَ البَاقِي بن فَارِس، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بن
الحَسَنِ الضَّرَّاب، وأبا جعفر بن المسلمة، وأبا بكر
الخطيب، وَخَلْقاً كَثِيْراً بِالشَّامِ وَمِصْرَ
وَالعِرَاق وَالجَزِيْرَة وَآمِد.
رَوَى عَنْهُ: عُمَرُ الرَّوَّاسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بن
عَلِيٍّ المِهْرَجَانِي، وَعَمَّارُ بنُ طَاهِر،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْديِّ، وَأَبُو الحَسَنِ
بنُ المُسَلَّمِ السُّلَمِيُّ، وَحَمْزَةُ بنُ كروس، وغالب
بن أحمد، وآخرون.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَكَانَ مُفْتِياً عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ،
وَكَانَتِ الفَتَاوَى تَجِيئهُ مِنَ البِلاَد، وَكَانَ
عَالِماً ثَبْتاً، ابْتُلِي بِالأَسرِ وَقتَ أَخْذِ
العَدُوّ بَيْتَ المَقْدِسِ، وَطَلَبُوا فِي فدائه ذهبا
كثيرا، فلم يفد، فقتلوه بالحجارة عِنْد البَثَرُوْنَ،
-رَحِمَهُ اللهُ- فِي ثَانِي عشر شَوَّال, سَنَة
اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ سبعين
سَنَةً وَأَشْهُر.
وَقَتَلُوا بِالقُدْسِ نَحْواً مِنْ سَبْعِيْنَ ألفًا،
ودام في أيديهم تسعين سنة.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 226"، والأنساب
للسمعاني "6/ 166"، واللباب لابن الأثير "2/ 38"، والعبر
"3/ 334"، وتذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1046"، وطبقات الشافعية
للسبكي "5/ 332"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 164"
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 398".
(14/188)
مجد الملك، ابن خذام:
4523- مَجْدُ المُلْكِ:
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ أَسَعْدُ بنُ
مُوْسَى البلاشَانِي.
وَزَرَ لِلسُّلْطَانِ بَرْكْيَارُوْق، وَكَانَ فِيْهِ خيرٌ
وعدلٌ وديانةٌ وَقِلَّةُ ظُلْم، وَكَانَ كَبِيْرَ
الشَّأْنِ، عَالِيَ الرُّتبَة، وَصَارَ يَعتضِد
بِالبَاطِنِيَّةِ، فَقِيْلَ: رَتَّبَ مَنْ قَتَلَ
الأَمِيْر بُرسق، فَنَفَرَ مِنْهُ الأُمَرَاءُ، وَقَامُوا
عَلَيْهِ، وَتَنَكَّرُوا لبركيَارُوْقَ، وَمَا زَالُوا
حَتَّى غَلَبَ عَنْهُم، وَأَسلمه إِلَيْهِم، فَقتلُوْهُ،
وَكَانَ شِيْعِيّاً قَدْ هَيَّأَ فِي كَفنه سَعَفَةً
وَتربَة، وَكَانَ لَهُ مَعَ بِدعته تَهَجُّدٌ وتعبدٌ
وصلاتٌ دَارَّة عَلَى العَلَوِيَّةِ، قُتِلَ فِي رَمَضَانَ
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وتسعين وأربع مائة.
4524- ابن خِذَام 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُعَمَّر الوَاعِظ مُسْنِدُ
بُخَارَى أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
حُسَيْنِ بنِ خذام الخذامي البخاري.
وُلِدَ سَنَةَ نيفٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ: مَنْصُوْر الكَاغَدِي، وَحُسَيْن بن خَضِر
النسفِي القَاضِي، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ
الفَارِسِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ المرَاجِلِي، وَخَلْق.
رَوَى عَنْهُ: عُثْمَانُ بنُ عَلِيٍّ البِيْكَنْدِيّ،
وَأَبُو ثَابِتٍ الحَسَنُ بن عَلِيٍّ البَرْدِيْجِيُّ،
وَأَبُو رَجَاءٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّد بن
مُحَمَّدٍ السِّنْجِيُّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ الوَاعِظ،
وَآخَرُوْنَ، وَعَاشَ تِسْعِيْنَ عَاماً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
أَوْ قَرِيْباً مِنْهَا.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 56"، واللباب لابن
الأثير "1/ 426".
(14/189)
ابن حيد، صاعد بن
سيار:
4525- ابن حِيد:
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ الأَمِيْنُ، أَبُو أَحْمَدَ
مَنْصُوْرُ بنُ بَكْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ حَيْدٍ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ
النَّيْسَابُوْرِيّ التَّاجِر، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّه أَبِي بَكْرٍ بنِ حِيْد صَاحِبِ
الأَصَمّ، وَبِبَغْدَادَ مِنِ: ابْنِ غَيْلاَنَ، وَعَبْدِ
العَزِيْزِ الأَزَجِي، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ بنُ ظفر، وَأَبُو المُعَمَّر
الأَنْصَارِيّ، وَابْن ناصر، وَالسِّلَفِيّ، وَخطِيبُ
المَوْصِل، وَشُهْدَةُ بِنْت الإِبرِي، وَعِدَّة.
مَاتَ فِي شَوَّال، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ شَاخَ وَأَسنَّ.
4526- صَاعِدُ بنُ سيَّار 1:
ابن يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ، قَاضِي
القُضَاةِ، جَمَالُ الإِسْلاَمِ، أَبُو العَلاَءِ
الكِنَانِيُّ الهَرَوِيّ.
سَمِعَ: أَبَا سَعِيْد مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى
الصَّيْرَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطّرَازِي
صَاحِبَي الأَصَمِّ، وَجدَّه القَاضِي أَبَا نَصْرٍ
يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ، وَالقَاضِي أَبَا العَلاَءِ
صَاعِدَ بنَ مُحَمَّدٍ الحَنَفِيّ، وَأَبَا بِشر الحَسَنَ
بن أَحْمَدَ المُزَكِّي، وَسَعِيْدَ بنَ العَبَّاسِ
القُرَشِيّ، وَطَائِفَةً، وَانتخب عَلَيْهِ شَيْخُ
الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ، وَحَفِيْدُه
نَصْر بن سَيَّار بن صَاعِد.
وَكَانَ صَيِّناً نَزِهاً، وَقُوْراً عَلاَّمَةً،
مُعَظَّماً فِي النُّفُوْس، صَاحِبَ سُنَّةٍ وَجَمَاعَة،
عُمِّرَ دَهْراً، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي وَسَطِ سَنَةِ
خَمْسٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَمِنَ الرُّوَاة عَنْهُ: حَفِيْدُهُ شِهَابُ بنُ سَيَّار،
وَعَلِيُّ بنُ سَهْلٍ الشَّاشِيّ، وَعبدُ المُعِزّ بن
بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الدَّهَّان، وَعبدُ
الوَاسِع بنُ عَطَاءٍ، ومسرور بن عبد الله الحنفي.
تُوُفِّيَ فِي شهر رَجَب سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً غَيْرَ
أَشْهُرٍ.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 341"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 169".
(14/190)
ابن أشته، الكامخي:
4527- ابن أشَتَه 1:
الشَّيْخُ الثِّقَةُ المُسْنِدُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ
بنُ عَبْدِ الغَفَّارِ بن أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ ابْن
أَشتَه الأَصْبَهَانِيّ الكَاتِب.
سَمِعَ: الحَافِظ أَبَا سَعِيْدٍ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ،
وَعَلِيَّ بنَ مَيْلَة الفَرَضِيّ، وَابْنَ عَقِيْلٍ
البَاوَرْدي، وَالفَضْلَ بنَ شَهْرَيَار، وَعِدَّة.
حدث عنه: إسماعيل بن محمد التيمي، وأبو سعد بن البغدادي،
وأبو طاهر السلفي.
ملت فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ اثنتَانِ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ الرَّازِيّ، ثُمَّ المصري بن الحَطَّابِ،
وَالعَابِدُ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ السَّرَّاج
بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ بَشْرُويه المُحَدِّث، وَمُسْنِدُ الوَقْت
طِرَادٌ الزَّيْنَبِيّ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ
الإِسْفَرَايينِي مُحَدِّثُ دِمَشْقَ، وَالحَافِظُ
الحَسَنُ بنُ أحمد بن محمد السَّمَرْقَنْديُّ، وَعَبْدُ
الرَّزَّاقِ بنُ حَسَّانِ بنِ سَعِيْدٍ المَنِيْعِيُّ،
وَأَبُو الفَتْحِ عَبدُ الوَاحِد بن عُلْوَانَ الشيباني،
وأبو سعد محمد بن الحسين الحرمي المحدث، ومكي السلار، وهبة
الله عبد الرزاق الأنصاري صاحب الحفار.
4528- الكامَخِي 2:
الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
مُحَمَّدٍ السَّاوِي، الكَامَخِيُّ، مُحَدِّث رحَّال
فَاضِل.
سَمِعَ: بِنَيْسَابُوْرَ القَاضِي أَبَا بَكْرٍ
الحِيْرِيَّ، وَأَبَا سَعِيْدٍ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى
الصَّيْرَفِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ البَرْقَانِيَّ، وَهِبَةَ
اللهِ اللاَّلْكَائِيَّ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
وَسَعِيْدُ بنُ سَعْدِ اللهِ المِيهَنِي، وَأَخوَاهُ
هِبَةُ اللهِ، وَرَاضيَة، وَأَبُو زُرْعَةَ المَقْدِسِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
حَدَّثَ بِمُسْنَدِ الشَّافِعِيّ مِنْ غير أصل.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: سَمَاعُهُ فِيمَا عدَاهُ صَحِيْح.
قلت: حدث بحران غيبته سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: مُفْتِي أَصْبَهَان حُسَيْن بن
مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ الشَّافِعِيّ،
وَصَاحِبُ مِصْرَ المُسْتَعلِي أَحْمَدُ بنُ
المُسْتَنْصِرِ، وَأَبُو طَاهِرٍ خَالِدُ بنُ عَبدِ
الوَاحِدِ التَّاجِر، وَمُعَمَّرُ زَمَانِهِ عَبدُ
الوَاحِد بنُ عَبْدِ الرحمن الوركي، وأبا بكر محمد بن أحمد
بن الفقير بِبَغْدَادَ، وَأَبُو يَاسِرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ الخَيَّاط، سَمِعَا مِنْ أَبِي
القَاسِمِ بنِ بِشْرَان، وَشيخُ الشَّافعيَة أَبُو
الحَسَنِ بنُ أَبِي عَاصِمٍ العَبَّادِيُّ المَرْوَزِيّ
مُصَنّف كِتَاب "الرَّقم" فِي المَذْهَب، وله ثمانون سنة.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 331"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
396".
2 ترجمته في العبر "3/ 342"، وميزان الاعتدال "3/ 467"،
ولسان الميزان "5/ 63"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
403".
(14/191)
4529- ابن البُسْرِي 1:
الشَّيْخُ الصَّالِحُ الثِّقَةُ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْنُ بنُ الشَّيْخ أَبِي القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ البُسْرِيِّ البُنْدَارُ،
البَغْدَادِيّ، بَقِيَّةُ المَشْيَخَة، وَآخِرُ مَنْ
حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى السُّكَّرِيّ.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ مَخْلَدٍ،
وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ
البَرْقَانِيِّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَةَ، وَسَعْدُ
الخَيْرِ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
وَعَبْدُ الخَالِقِ اليُوْسُفِيُّ، وَشُهْدَةُ
الكَاتِبَةُ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ شَاتيلَ، وَآخَرُوْنَ،
وَكَانَ مِنَ الصُّلَحَاءِ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: لَمْ يَرْوِ لَنَا عَنِ السُّكَّرِيِّ
سِوَاهُ.
قُلْتُ: وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَوْ
نَحْوهَا. وَمَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: صَاحِبُ دِمَشْق السُّلْطَانُ شَمْسُ
المُلُوْك، أَبُو نَصْرٍ دُقَاقُ بن الملك تاج الدولة تتش
بن السُّلْطَان الكَبِيْرِ أَلب آرسلاَن السَّلجوقِيُّ،
وَكَانَتْ دَوْلَتُه بَعْدَ أَبِيْهِ عَشْرَ سِنِيْنَ،
وَدُفِنَ بِخَانقَاه الطَّوَاوِيسِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو يَاسِرٍ أَحْمَدُ بنُ بُنْدَارَ
البقال، وأبو بكر محمد بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيُّ،
وَالقَاضِي أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ حَمْزَةَ الثَّقَفِيُّ الكوفي، والمحدث
الزاهد أبو الفرج إسماعيل بن القُدْوَة مُحَمَّدِ بنِ
عُثْمَانَ القُوْمِسَانِي بِهَمَذَان، وَالوَاعِظُ
الكَبِيْرُ الأَمِيْرُ أَرْدَشير العُبَادِيُّ -وَكَانَ
تَالِفاً- وَطَاهِرُ بن أَسَدٍ الشِّيرَازِيُّ الطَّبَّاخ،
وَالمنشِئ البليغُ أَبُو سعد العلاء ابن حَسَن بن
المُوْصَلاَيَا، وَأَبُو الخَطَّابِ بنُ الجَرَّاحِ، وعيسى
ابن أَبِي ذَرٍّ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو مُطِيع
المَدِيْنِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ الفَقِيْه
الطلاعِيُّ، وَأَبُو الْمطرف عَبْد الرحمن الشعبي بمالقة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 211"، واللباب لابن
الأثير "1/ 152"، والعبر "3/ 346"، وشذرات الذهب لابن
العماد "3/ 405".
(14/192)
المتولي، ابن جزله،
شرف الملك:
4530- المُتَولِّي 1:
شيخ الشافعية، أبو سعد عبد الرحمن بن مَأْمُوْنِ بنِ
عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الأَبِيوَرْدِيُّ، المُتولِّي،
تَفَقَّهَ بِبُخَارَى وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ
القَاضِي حُسَيْن، وَكَانَ رَأْساً فِي الفِقْه
وَالأُصُوْل، ذكيّاً، مُنَاظراً، حسنَ الشَّكل، كَيِّساً
مُتَوَاضِعاً، تَمَّمَ كِتَاب "الإبانة" للفوراني، فجاء في
عشرة أسفار، "والإبانة" سِفرَانِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ
بِشَرَفِ الأَئِمَّة.
مَوْلِدُهُ بِأَبِيوَرْد سَنَة سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي شَوَّال سَنَةَ ثَمَانٍ
وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَرُثِيَ بِقصَائِدَ،
وَقَدْ دَرَّسَ بِالنِّظَامِيَة بَعْدَ وَفَاةِ الشَّيْخِ
أَبِي إِسْحَاقَ مُدَّةً يَسِيْرَة، ثُمَّ صُرِفَ بِابْنِ
الصباغ. تفقه عليه جماعة.
4531- ابن جَزْلَة 2:
إِمَامُ الطِّبِّ أَبُو عَلِيٍّ يَحْيَى بن عِيْسَى بنِ
جَزْلَهَ البَغْدَادِيّ، كَانَ نَصْرَانِيّاً، فَأَسْلَمَ
فِي كُهُولتِه عَلَى يَدِ قَاضِي القُضَاة الدَّامغَانِي،
وَلاَزَمَ أَبَا عَلِيٍّ بنَ الوَلِيْدِ فِي المَنطقِ،
وَلَهُ "مِنْهَاجُ البَيَانِ" فِي الطِّبِّ فِي الأَدويَةِ
المفردَةِ وَالمركبَة، وَكِتَاب "تَقوِيمِ الأَبْدَانِ"
مُجَدول، وَرِسَالَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى.
مَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَ ذكيّاً صَاحِبَ فُنُوْنٍ وَمُنَاظرَةٍ وَاحتجَاجٍ،
وَكَانَ يُدَاوِي الفُقَرَاءَ مِنْ ماله.
4532- شرفُ المُلْك ِ3:
الصَّاحبُ الأَمْجَدُ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ
مَنْصُوْرٍ الخوارزمي الكاتب المُسْتوفِي، كَانَ صدراً
مُعَظَّماً مُحْتَشِماً، كَثِيْرَ الأَمْوَالِ، وَكَانَ
مُسْتَوْفِي دِيوَانِ المَمْلَكَة الملكشَاهيَة، فِيْهِ
خَيْر وَسُؤْدُد، بَنَى مَدَارسَ وَمَسَاجِدَ، وَهُوَ
مُنشِئُ المَشْهَد عَلَى ضرِيحِ الإِمَام أَبِي
حَنِيْفَةَ، وَالقُبَّةِ، وَالمدرسَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ فِي
أَوَاخر أَمرِه، لَزِمَ دَاره مُكرَّماً مُحترماً، كَانَتِ
المُلُوْكُ يَصدُرُوْنَ عَنْ رَأْيِه، وَفِيْهِ يَقُوْلُ
الصَّدْر أَبُو جَعْفَرٍ البَيَاضِي لمَا بَنَى المَشْهَد:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ العِلْمَ كَانَ مُبَدَّداً ...
فَصَيَّرَهُ هَذَا المُغَيَّبُ فِي اللَّحْدِ
كَذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ الأَرْضُ مَيْتَةً ...
فَأَنْشَرَهَا فِعْلُ العَمِيدِ أَبِي سَعْدِ
قَالَ: فَوَصَلَهُ بِأَلفِ دِيْنَارٍ، حَكَى ذَلِكَ أَبُو
طَالِبٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
الزَّيْنَبِيّ.
مَاتَ شرفُ الملكِ: فِي المُحَرَّمِ سنة أربع وتسعين وأربع
مائة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 18" ووفيات الأعيان
"3/ 133"، والعبر "3/ 290"، وطبقات الشافعية للسبكي "5/
106"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 358".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 119"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "6/ 267"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/
166".
3 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 128"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 167".
(14/193)
4533- الشِّيرَجاني 1:
المُحَدِّثُ الرّحَّالُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ
الكَرْمَانِيّ، الصُّوْفِيّ، تَعِبَ وَكَتَبَ الكَثِيْرَ،
وَتغرَّب.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيٍّ
بِدِمَشْقَ، وَمِنْ: سُلَيم بِصُوْرَ، وَمِنِ: ابْنِ
طَلْحَةَ، وَعَاصِمِ بنِ حَسَنٍ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ ذَا
عِبَادَةٍ وَنُسُكٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو البَرَكَات إِسْمَاعِيْلُ بنُ
أَحْمَدَ الصُّوْفِيُّ، وَالسِّلَفِيُّ، وَلاَحَ كَذِبُهُ
وَتَزويرُه.
قَالَ شُجَاعٌ: ضَعِيْف.
وَقَالَ المُؤتَمَنُ: يَنْبَغِي أَنْ يُنَادَى عَلَى
قَبْرِهِ: هَذَا كَذَّاب.
وَقَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ: هُوَ خَرَّب
بَيْتَ ابْن زَهْرَاء الطُّرَيْثِيْثِيّ.
وَقَالَ ابْنُ نَاصر: كَانَ يَكْذِبُ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ: لَمْ أَكْتُب إلَّا مِنْ أُصُوْله.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَتَبَ مَا لاَ يَدخُلُ تَحْتَ
الْحصْر وَلاَ يَنفع، وَادَّعَى أَشيَاءَ، وَسَمَّعَ
لِنَفْسِهِ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فِي
شَعْبَانَ، وَلَهُ سَبْعٌ وثمانون سنة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 132"، وميزان
الاعتدال "1/ 521"، ولسان الميزان "2/ 254".
(14/194)
ابن الحطاب، اللواتي:
4534- ابن الحَطَّاب 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الفَقِيْهُ أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَطَّاب
الرَّازِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نزيل مصر.
حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة،
وَدَخَلَ اليَمَن.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ: شُعَيْب بن عَبْدِ اللهِ بن
المِنْهَالِ وَطَبَقَته، ثُمَّ سَمَّعَ وَلده مِنِ ابْنِ
حِمِّصَة، وَابْن الطَّفَّال، وَعِدَّة، سَنَةَ إِحْدَى
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَقبلهَا وَبعدهَا،
وَسَمِعَ هُوَ بِدِمَشْقَ: مِنْ عَلِيِّ بنِ السِّمْسَار.
وَتَلاَ عَلَى الحُسَيْنِ بن عَامِرٍ، وَتَلاَ بِمَكَّةَ
بِروَايَاتٍ عَلَى: أَبِي عَبْدِ اللهِ الكَارَزِينِي،
وَانْتَقَلَ إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّة فِي القَحط
الكَائِنِ فِي قُربِ سَنَة سِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
وَقَرَؤُوا عَلَيْهِ كَثِيْراً، وَكَتَبَ عَنْهُ الحَافِظُ
أَبُو زَكَرِيَّا البُخَارِيُّ، وَمَكِّي الرُّمَيْلِي،
وَغَيْثٌ الأَرمَنَازِي، وَعبدُ الْمُحسن الشِّيحِي،
وَسَمِعَ عَلَيْهِ ابْنُهُ الوليد أَبُو عَبْدِ اللهِ
الشَّاهدُ الكَثِيْرَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّة وَبِمِصْرَ.
قَالَ السِّلَفِيّ: كَانَ مِنَ الثِّقَاتِ، خَيِّراً،
كَثِيْرَ المَعْرُوف.
قَالَ ابْنُهُ فِي "مَشْيَخَته": حَدَّثَنَا أَبِي،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ, أَنَا عُمَرَ
الصَّيْرَفِيّ بِانتخَابِ أَبِي نَصْرٍ السِّجْزِيّ ...
فَذَكَرَ حَدِيْثاً. ثُمَّ قَالَ ابْنُهُ: كَانَ أَبِي فِي
سَكْرَةِ المَوْت وَهُوَ يَقُوْلُ لِي: مَا لِي حَسْرَة
إلَّا أَنِّي أَمُوْتُ؛ وَلَمْ يُؤْخَذ عَنِّي مَا
سَمِعتُه عَلَى الوَجْه الَّذِي أَردتُهُ.
مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وتسعين وأربع مائة.
4535- اللَّواتي:
العَلاَّمَةُ القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ مَرْوَانُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ اللَّوَاتِي، المَغْرِبِيّ، الطَّنجِي،
المَالِكِيّ، إمامٌ، صَاحِبُ فُنُوْنٍ وَقِرَاءاتٍ.
حَجَّ وَتَلاَ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بن نفيس وغيره.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الوَلِيْدِ، وَكَانَ
خَطِيْباً مُفَوَّهاً نَحْوياً، وَلِي الفُتْيَا
وَالخَطَابَة بِسَبْتَةَ فِي دَوْلَةِ البَرغوَاطِي،
وَكَانَ ذَا هَيبَةٍ وَسَطْوَةٍ، دَرَّس "المُدوَّنَة"،
وَأَكْثَرَ النَّاسُ عَنْهُ.
قَالَ القَاضِي عِيَاض: سَمِعَ عَلَيْهِ خَالاَي أَبُو
عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ ابْنَا الجَوْزِيِّ،
وَعَبُّود بنُ سَعِيْدٍ القاضي، وأبو إسحاق بن جعفر.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "/ ص1228".
(14/195)
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ.
وَأَخُوْهُ أَبُو الحَسَنِ مُفْتِي طنجَة عَلِيُّ بن
عَبْدِ المَلِكِ.
وَلأَبِي الحَسَنِ وَلدَان:
أَحدُهُمَا: عَبْدُ اللهِ قَاضِي غَرْنَاطَة، ثُمَّ قَاضِي
تِلِمْسَان.
وَالثَّانِي: قَاضِي مِكنَاسَة، الفَقِيْه عَبْدُ
الرَّحْمَنِ وَالِد قَاضِي تِلِمْسَان فِي سَنَةِ
ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَكَانَ لِمَرْوَانَ بَنُوْنَ أَئِمَّة، مِنْهُم قَاضِي
طَنجَةَ عَبدُ الخَالِق، ثُمَّ عَبْد الوهَّاب قَاضِي
طَنجَةَ أَيْضاً، وَكَانَ مِنْ قُضَاة العَدْلِ،
وَالثَّالِث العَلاَّمَة ذُو الفنُوْنِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
قَاضِي جَيَّانَ، وَالرَّابعُ القَاضِي عَبْد المُنْعِمِ
وَلِيَ قَضَاءَ مِكنَاسَة، ثُمَّ المَرِيَّة، ثُمَّ وَلِيَ
قَضَاءَ إِشبيليَة، ثُمَّ اسْتَعفَى، فَنُقِلَ إِلَى
غَرْنَاطَة. ذكرهُمُ القَاضِي عياض، ولم يذكر وفياتهم.
(14/196)
شمس الملك،
السوذرجاني:
4536- شمسُ المُلْكِ:
السُّلْطَانُ نَصْرُ بن إِبْرَاهِيْمَ صَاحِبُ مَا وَرَاءَ
النهر.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ مِنْ أَفَاضِل المُلُوْك
عِلْماً وَرَأْياً وَسِيَاسَةً وَحَزْماً، درس الفِقْه،
وَكَتَبَ بِخطِّه المَلِيْحِ مصحفاً، وَخَطَبَ عَلَى
مِنْبَرِ بُخَارَى، وَعَلَى مِنْبَرِ سَمَرْقَنْد،
وَتَعَجَّبُوا مِنْ فَصَاحتِهِ، وَأَملَى الحَدِيْثَ عَنْ
حَمْدِ بن مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيّ، وَغَيْرِهِ، وَكَانَ
يَعْرِفُ النِّجَارَة، عمل بِيَدِهِ بَابَ المَقْصُوْرَةِ.
رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ الخَطِيْبُ.
تُوُفِّيَ فِي ذي القعدة، سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة.
4537- السُّوذرجَاني:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ الصَّدُوْقُ، بَقِيَّةُ المَشْيَخَة،
أَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ
السُّوذَرْجَانِي، الأَصْبَهَانِيّ، أَخُو الشَّيْخ
المُسْنَد الصَّادِق أَبِي مَسْعُوْدٍ مُحَمَّد بن عَبْدِ
اللهِ.
سَمِعَا مَعاً مِنْ: عَلِيِّ بنِ مَيْلَةَ الفَرَضِيّ،
وَأَبِي سَعِيْدٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ النَّقَّاش،
وَعَلِيِّ بنِ عَبْدَكُويه، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي
عَلِيٍّ الذَّكوَانِي، وَعُمِّرَا دَهْراً، وَتَفرَّدَا.
وَسَمِعَ مِنْهُمَا: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَهُمَا
مِنْ كِبَارِ شُيوخه.
وَرَوَى عَنْ أَبِي الفَتْحِ هَذَا: إِسْمَاعِيْلُ بنُ
غَانمٍ البيِّع، وَمَحْمُوْدُ بنُ حَمَكَا، وَأَبُو
الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الحرفي، وَعِدَّةٌ،
وَكَانَ نَحْويّاً مَاهِراً مَشْهُوْراً، انْتخب عَلَيْهِ
الحُفَّاظُ. وَمَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة سِتٍّ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ
تِسْعِيْنَ عَاماً.
وَتُوُفِّيَ أَخُوْهُ مُحَمَّد قَبْله بِعَامَينِ فِي
سَنَةِ أَرْبَعٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مندة: حَدَّثَ عَنِ ابْنِ مَاشَاذه،
وَالفَضْلِ بنِ عُبيد الله بن شَهْرَيَار، وَأَبِي سهل
الصَّفَّار، وَأَكْثَر عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَكَانَ
مُحِبّاً لأَبِي الحَسَن الأَشْعَرِيّ، يُؤدِّبُ
الصِّبْيَان.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ: مُقْرِئ العِرَاق أَبُو طَاهِرٍ
بنُ سِوَارٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الحُسَيْن بنِ عَلِيٍّ
الهَاشِمِيّ الفَانِيذِي، وَأَبُو بَكْرٍ خَازِم بنُ
مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيّ -وَفِيْهِ ضعف- وَأَبُو دَاوُدَ
سُلَيْمَانُ بن نَجَاح الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ
المُقْرِئُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ الدوش الشَّاطبِي، وَأَبُو الحُسَيْنِ
يَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي زَيد البيَاز،
وَأَبُو البَرَكَات مُحَمَّدُ بن المُنْذِرِ بن طيبَان،
وَالمُحَدِّثُ أَبُو يَاسِر بنُ كَادش، وَأَبُو العَلاَءِ
مُحَمَّدُ بنُ عَبْد الجَبَّارِ الضبي الفرساني.
(14/197)
4538- الرَّبَعي 1:
الشَّيْخُ الفَقِيْهُ العَالِمُ المُسْنِدُ أَبُو
القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُريبَة الرَّبَعِي، البَغْدَادِيّ، الشَّافِعِيّ.
قَالَ: وَلِدْتُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ
مائَة.
سَمِعَ: أَبَا الحَسَنِ بنَ مَخْلَدٍ البَزَّاز، وَأَبَا
عَلِيٍّ بن شَاذَانَ، وَأَبَا القَاسِمِ بن بِشْرَان،
وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي الطيب، وأقضى القضاة
الماوردي، وأخذ الكَلاَم عَنْ أَبِي عَلِيٍّ بنِ
الوَلِيْدِ المُعْتَزِلِي، وَغَيْرِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَعَبدُ
الخَالِق اليُوسفِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ السِّنْجِيّ،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّاب النَّحْوِيّ، وَشُهْدَةُ
بِنْتُ الإِبَرِي، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ شَاتيل، وَأَبُو
السَّعَادَاتِ القَزَّازُ.
قَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيّ: كَانَ يَذْهَبُ إِلَى
الاعتزَال.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ: سَمِعْتُ أَبَا المُعَمَّر
الأَنْصَارِيّ -إِنْ شَاءَ اللهُ- أَوْ غَيْرَه يذكُرُ
أَنَّهُ رَجَعَ عَنِ الاعتزَال، وَأَشْهَدَ المُؤتَمَنَ
السَّاجِيّ وَغَيْرهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالرُّجُوْع عَنْ
رَأْي المُعْتَزِلَة، وَاللهُ أَعْلَمُ.
مَاتَ فِي الثَّالِث وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَجَب، سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِ مائَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: قرَأَ الأَدبَ عَلَى أَبِي
القَاسِمِ بنِ بَرْهَان، وَالمَذْهَبَ عَلَى القَاضِي
أَبِي الطَّيِّب. وَمِنْ شِعْرِهِ:
إِنْ كُنْتَ نِلْتَ مِنَ الحَيَاةِ وَطِيْبِهَا ... مَعَ
حُسْنِ وَجْهِكَ عِفَّةً وَشَبَابَا
فَاحْذَرْ لِنَفْسِكَ أَنْ تُرَى مُتَمَنِّياً ... يَوْمَ
القِيَامَةِ أَنْ تَكُوْنَ تُرَابَا
وَأُمّه هِيَ عُريبَة، وَقَالَ للسلفيٌ: مَوْلِدي سَنَة
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ.
__________
1 ترجمته في العبر "4/ 5"، وطبقات الشافعية للسبكي "7/
223"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 199"، وشذرات
الذهب "4/ 4".
(14/197)
بركياروق، البندنيجي:
4539- بَرْكيَاروق 1:
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، ركنُ الدِّين، أَبُو المُظَفَّرِ
بَرْكيَارُوْق بن السلطان مَلِكْشَاه بنِ أَلب آرسلاَن
السَّلجوقِي، وَيُلَقَّبُ أَيْضاً: بِهَاءَ الدَّوْلَة.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَبِيْهِ، وَنَاب عَنْهُ عَلَى
خُرَاسَانَ، أَخُوْهُ السُّلْطَان سَنْجَر.
وَكَانَ بَرْكْيَا روق شابًا شهمًا لعَّاباً، فِيْهِ كرمٌ
وحلمٌ، وَكَانَ مُدْمِناً لِلْخمر، تَسلطن وَهُوَ حَدَثٌ،
لَهُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَكَانَتْ دَوْلَتُهُ
ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي نكدٍ وحربٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
أَخِيْهِ مُحَمَّد، يَطولُ شرحهَا، هِيَ مذكورَة فِي
الحوَادث.
مَاتَ بِبُرُوْجِرْد، فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ
سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ بِعِلَّةِ
السِّلِّ وَالبَوَاسِيْرِ، وَكَانَ فِي أَوَاخرِ دَوْلَته
قَدْ تَوطَّد مُلْكُه، وَعَظُمَ شَأْنُهُ، وَلَمَّا
احتُضِرَ، عَهِدَ بِالأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ لابْنِهِ
مَلِكْشَاه بِمَشُوْرَةِ الأُمَرَاء، فَعقدُوا لَهُ،
وَهُوَ ابْنُ خَمْسَة أَعْوَام.
4540- البَنْدَنِيجي 2:
العَلاَّمَةُ المُفْتِي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ
اللهِ بنِ ثَابِتٍ، الشَّافِعِيّ، الضَّرِير، تِلْمِيْذُ
أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِي. دَرَّس فِي أَيَّامِ
شَيْخه، ثُمَّ جاور.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ البَرْمَكِيّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ البَغْدَادِيّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيّ، وَعبدُ الخَالِق اليُوسُفِي.
وَكَانَ مُتَعَبِّداً مُعْتَمِراً، كَثِيْرَ التِّلاَوَة،
وَعَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. تُوُفِّيَ:
سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وأربع مائة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 141"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "1/ 268"، والعبر "3/ 349"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "5/ 191"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
407- 408".
2 ترجمته في الأنساب "2/ 314"، واللباب لابن الأثير "1/
180"، والمنتظم لابن الجوزي "9/ 133"، وطبقات الشافعية
للسبكي "4/ 207".
(14/198)
العجلي، ابن الأبرص:
4541- العِجْلِي 1:
مُفْتِي هَمَذَان وَعَالِمُهَا الإِمَامُ أَبُو مَنْصُوْرٍ
سَعْدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَسَنٍ العِجْلِيّ,
الأَسَدَابَاذِي، ثُمَّ الهَمَذَانِيّ، الشَّافِعِيّ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: هُوَ ثقةٌ، مفتٍ، مناظرٌ، كَثِيْرُ
العِلْمِ وَالعَمَلِ.
سَمِعَ: أَبَا إِسْحَاقَ البَرْمَكِيّ، وَكَرِيْمَةَ
المَرْوَزِيَّةَ، وَطَائِفَة.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ؛ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ،
وَبِالإِجَازَة أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وأربع مائة.
4542- ابنُ الأبرص:
الشَّيْخُ الصَّالِحُ المُعَمَّرُ أَبُو تُرَاب عَبْدُ
الخَالِقِ بن مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ البَغْدَادِيّ، ابْنُ
الأَبْرَص، المُؤَدِّبُ.
سَمِعَ: هِبَةَ اللهِ بن الحَسَنِ الحَافِظ، وَأَبَا
القَاسِمِ الحُرْفِي.
رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدي، وَعَبْدُ
الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ فِي شَهْرِ رمضان، سنة أربع وتسعين أيضًا.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 125"، وطبقات
الشافعية للسبكي "4/ 383".
(14/199)
ابن الموصلايا،
الطلاعي:
4543-ابن الموصلايا 1:
المنشِئُ البليغُ، ذُو التَّرَسُّلِ، الفَائِقِ، أَمِيْن
الدَّوْلَة، أبو سعد العلاء ابن حَسَن بن وَهْبٍ
البَغْدَادِيّ.
كَانَ نَصْرَانِيّاً، فَأَسْلَمَ عَلَى يَد الْمُقْتَدِي،
وَلَهُ باعٌ مديدٌ فِي النَّظم وَالنَّثر، عُمِّرَ
دَهْراً، وَأَضَرَّ، بَعْدَ أَنْ كتب الإِنشَاء نَيِّفاً
وَسِتِّيْنَ سَنَةً، وَلَمَّا أَسْلَمَ كَانَ قَدْ شَاخَ،
وَقَدْ نَابَ فِي الوزَارَة غَيْرَ مَرَّةٍ، وَكَانَ
أَفصحَ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَفِيْهِ مَكَارِمُ وآدابٌ
وَعقل.
مَاتَ فَجْأَةً، وَكَانَ كَثِيْرَ الصَّدَقَات، وَقَفَ
أَملاَكَهُ، أَسْلَمَ لَمَّا أُلْزِمَتْ الذِّمَّةُ بلبس
الغيار.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ،
وَخلفه فِي كِتَابَة الإِنشَاء ابْنُ أُخْته العَلاَّمَة
أَبُو نصر.
4544- الطَّلاَّعي 2:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ القُدْوَةُ، مُفْتِي
الأَنْدَلُس, وَمُحَدِّثُهَا، أبو عبد الله محمد بن الفرج
القرطبي المَالِكِيّ، مَوْلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ
الطَّلاَّع. وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال: هُوَ بَقِيَّةُ الشُّيُوْخ
الأَكَابِر فِي وَقته، وزعيم المفتين بحضرته.
حدث عنه: يُوْنُس بن عَبْدِ اللهِ القَاضِي، وَمكِيِّ بنِ
أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنُ عَابِد،
وَحَاتِمُ بنُ مُحَمَّد، وَأَبِي عَمْرٍو المرشَانِي،
وَمُعَاوِيَةَ بنِ مُحَمَّدٍ العُقَيْلِيِّ، وَأَبِي
عُمَرَ بنِ القَطَّان.
وَكَانَ فَقِيْهاً، حَافِظاً لِلْفقه، حَاذِقاً
بِالفَتْوَى، مُقَدَّماً في الشورى، وفي عِلل الشُّروط،
مُشَارِكاً فِي أَشيَاء مِنَ العِلْمِ حَسَنَة، مَعَ دينٍ،
وخيرٍ، وفضلٍ، وَطُولِ صَلاَة، قَوَّالاً لِلْحقِّ وَإِنْ
أُوذِي، لاَ تَأْخُذُه فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ،
مُعَظَّماً عِنْد الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ، يَعرِفُوْنَ
لَهُ حقَّهُ، وَلِيَ الصَّلاَةَ بقُرْطُبَة، وَكَانَ
مُجَوِّداً لِكِتَابِ اللهِ، أَفْتَى وَحَدَّثَ وَعُمِّرَ،
وَصَارَت الرِّحلَةُ إِلَيْهِ، أَلَّف كِتَاباً فِي
أَحكَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قرأتُهُ عَلَى أَبِي عَنْهُ.
وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: كَانَ صَالِحاً، قَوَّالاً
لِلْحقِّ، شدِيداً عَلَى المُبْتَدِعَة، شُووِر عِنْدَ
مَوْتِ ابْن القَطَّان إِلَى أَنْ دَخَلَ المرَابطون،
فَأَسقطُوهُ من الفتيا لتعصبه عليهم.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 141"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "3/ 480"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/
189".
2 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 564"، والعبر "3/ 349"،
والديباج المذهب لابن فرحون المالكي "2/ 242"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 407".
(14/200)
سَمِعَ مِنْهُ عَالَمٌ كَثِيْر، وَرحلُوا
إِلَيْهِ لِسمَاعِ "المُوَطَّأ"، وَلِسمَاع "المدوَّنَة"
لِعلوه فِي ذَلِكَ، وَلـ "سُنَن النَّسَائِيّ" وَكَانَ
أَسندَ مَنْ بَقِيَ صَحِيْحاً فاضلًا، عند بله بأمره دنياه
وغفلة، ويؤثر عنه من ذَلِكَ طَرَائِفُ، وَكَانَ شدِيداً
عَلَى أَهْلِ البِدَع، مجانبًا لمن يخوضع فِي غَيْرِ
الحَدِيْث.
وَنَقَلَ اليَسعُ بن حَزْم عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كُنَّا
مَعَ ابْنِ الطَّلاَّع فِي بُستَانِه، فَإِذَا
بِالمُعْتَمِدِ بن عَبَّادٍ مُجتَازٌ مِنْ قَصْرِه،
فَرَأَى ابْنَ الطَّلاَّع، فَنَزَلَ عَنْ مَرْكُوبه،
وَسَأَل دُعَاءَهُ، وَتَضَرَّع، وَتذمَّم، وَنَذَرَ،
وَتَبَرَّع، فقال له الشيخ: يا مُحَمَّدُ، انْتَبِهْ مِنْ
غَفْلَتِكَ وَسِنَتِكَ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ عددٌ كَثِيْرٌ، مِنْهُم: أَبُو
جَعْفَرٍ البطروجِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عبد الخَالِق
الخَزْرَجِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن خَلِيْل
القَيْسِيّ، نَزِيْلُ مَرَّاكُش الَّذِي بَقِيَ إِلَى
سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَعَلِيّ بن حُنَيْنٍ،
بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكٍ فِي "المُوَطَّأِ" أَرْبَعَةُ
أَنْفُسٍ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّسَائِيّ فِي "سُنَنِهِ
الكَبِيْرِ" اثْنَانِ.
مَاتَ فِي رَجَب، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ. أَرَّخَهُ ابْن بَشْكُوَال، وقال: شهده جمع عظيم.
كتب إلي بالموطأ ابْنُ هَارُوْنَ مِنْ تُونُس، أَخْبَرْنَا
ابْنُ بَقِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد الخَالِق،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ، أَخْبَرَنَا يُوْنُسُ
بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيْسَى، أَخْبَرَنَا
عُبيدُ اللهِ بن يَحْيَى بنِ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أبي، عن
مالك.
(14/201)
4545- الحَرَمِي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ القُدْوَةُ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ
بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُزَكِّي، الحَرَمِيُّ،
نَزِيْلُ هَرَاة.
سَمِعَ: أَبَا نَصْرٍ السِّجْزِيّ، وَطَائِفَةً بِمَكَّةَ،
وَمُحَمَّد بنَ الحُسَيْنِ الطَّفَّال، وَعَلِيَّ بنَ
حِمِّصَة، وَعَلِيَّ بنَ بَقَاءٍ بِمِصْرَ، وَأَبَا
جَعْفَرٍ بنَ المُسْلِمَةِ، وَأَبَا بَكْرٍ الخَطِيْبَ
بِبَغْدَادَ، وَأَقرَانَهُم.
وَكَانَ زَاهِداً عَابِداً رَبَّانِيّاً.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عليّ: كَانَ
أَبُو سَعْدٍ الحَرَمِي مِنَ الأوتاد، لم أر بعيني أحفظ
منه.
وَقَالَ الوَاعِظ أَبُو حَامِدٍ الخَيَّاط: إِنْ كَانَ
للهِ بِهَرَاةَ أَحَدٌ مِنَ الأَوليَاءِ، فَهُوَ هَذَا،
وَأَشَارَ إِلَى الحَرَمِي.
مَاتَ بِهَرَاةَ، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو
الفَضْلِ الهَمْدَانِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُؤْتَمَنُ بنُ أَحْمَدَ،
سَمِعْتُ أَبَا سَعْدٍ الحَرَمِي الحَافِظ يَقُوْلُ: لاَ
يَصبِرُ عَلَى الخَلِّ إِلاَّ دُودُه، يَعْنِي: لاَ يَصبرُ
على الحديث إلا أهله.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 116"، واللباب لابن
الأثير "1/ 359"، والمنتظم لابن الجوزي "9/ 107"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 397" ووقع عنده [الجرمي]
بالجيم وهو تصحيف.
(14/201)
الطبري، ثابت بن
بندار:
4546- الطَّبَرِي 1:
الإِمَامُ، مُفْتِي مَكَّة وَمُحَدِّثُهَا، أَبُو عَبْدِ
اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الطَّبَرِيّ،
الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ بآمُلَ، سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ "صَحِيْح
مُسْلِم" مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ الفَارِسِيّ، وَرَوَاهُ
مَرَّاتٍ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي حَفْصٍ بنِ مَسْرُوْر،
وَأَبِي عُثْمَانَ الصَّابونِي، وَنَاصِر العُمَرِيّ
-وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ- وَكَرِيْمَةَ المَرْوَزِيَّة،
وَلَهُ أَعقَابٌ بِمَكَّةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيُّ، ورزين
العبدري، والقاضي أبو بكر بن العربي، ووجيه الشحامي،
وأحمند بنُ مُحَمَّدٍ العَبَّاسِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، وَخَلْق.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الشَّافعيَّةِ، وَيُدعَى بِإِمَامِ
الحَرَمَيْنِ، تَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَة بِمَكَّةَ.
تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ، فِي شَعْبَانَ، سَنَة ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
4547- ثَابِتُ بن بُنْدَار 2:
ابن إبراهيم بن بندار، الشَّيْخُ الإِمَامُ، المُقْرِئُ
المُجَوِّدُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، بَقِيَّةُ
المَشَايِخ، أَبُو المَعَالِي الدِّيْنَوَرِيُّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيّ، البَقَّال.
وُلِدَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَطَلَبَ
العِلْمَ فِي حدَاثته.
وَسَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ الحُرفِي، وَأَبَا بَكْرٍ
البَرْقَانِيّ، وَأَبَا عَلِيٍّ بن شَاذَانَ، وَعُثْمَانَ
بن دُوسْت، وَأَبَا عَلِيٍّ بن دُومَا، وَعِدَّة. وَتَلا
عَلَى: ابْنِ الصَّقْرِ الكَاتِب، وَأَبِي العلاء الواسطي،
وأبي ثعلب الملحمي، وغيرهم.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 351"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "3/ 408".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 144"، والعبر "3/
351"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 408".
(14/202)
قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ
الخَيَّاطِ، وَأَبُو الفضل أحمد بن شنيف، وطائفة.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى بنُ ثَابِتٍ -وَسَمِعَ
منه "موطأ القنعبي"- وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدي،
وَابْنُ نَاصر، وَعبدُ الخَالِق اليُوسفِي، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ
المرقَّعَاتِي، وَعُمَرُ بن بُنيمَان، وَأَخُوْهُ أَحْمَد،
وَشُهْدَة الكَاتِبَة، وَخَلْق.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: الفَقِيْهُ نَصْرُ
بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيّ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي: ثَابِتٌ
ثَابِتٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ
مَأْمُوْن ديِّنٌ كَيِّسٌ خَيِّرٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ ثَابِتٌ يُعْرَفُ بِابْنِ
الحمَامِي.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ وأربع مائة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَانَ مِنْ أَعيَان القُرَّاء
وَثِقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ، سَمِعَ الكَثِيْرَ بِنَفْسِهِ،
وَكَتَبَ بِخطِّه، وَرَوَى أَكْثَر مَسْمُوْعَاتِهِ.
وَقِيْلَ: كَانَ جَدُّهُ إِبْرَاهِيْمُ حَمَّامِيّاً
بِالدِّيْنَوَرِ.
قُلْتُ: أَوَّلُ سَمَاعه فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
(14/203)
4548- السَّمَرقندي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الرَّحَّالُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قَاسم بن
جَعْفَرٍ السَّمَرْقَنْدي، الكُوَخْمِيثنِي.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَصَحِبَ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ المُسْتغفرِيَّ الحَافِظ،
وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ.
وَسَمِعَ: عَبدَ الصَّمد العَاصِمِي، وَحَمْزَةَ بنَ
مُحَمَّدٍ الجَعْفَرِيّ، وَأَبَا حَفْصٍ بن مسرو، وَأَبَا
عُثْمَانَ الصَّابونِي، وَأَبَا سَعْد الكَنْجَرُوذِيَّ،
وَأَمْثَالَهُم، وَأَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ مَنْصُوْرٌ
الكَاغَدي، وَلَمْ يَرْحَلْ إِلَى العِرَاقِ، وَقَدْ
جَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ،
وَوجيهٌ الشَّحَّامِي، وَأَبُو الأَسَعْد بن القُشَيْرِيّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ جَامِعٍ خَيَّاط الصُّوف، وَالجُنَيْد
القَاينِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَأَلت عنه إسماعيل الحافظ، فئقال:
إِمَامٌ حَافظٌ، سَمِعَ، وَجَمَعَ, وَصَنَّفَ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ النسفِي فِي كِتَابِ
"القنْد": هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ، قِوَامُ السُّنَّة
أَبُو مُحَمَّدٍ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْر، لَمْ يَكُنْ فِي
زَمَانِهِ مِثْلُهُ فِي نفه فِي الشَّرْق وَالغرب، لَهُ
كِتَاب "بَحر الأَسَانِيْد فِي صِحَاح المسَانِيْد" جمع
فِيْهِ مائَة أَلْف حَدِيْث، فَرتَّب وَهذَّب، لَمْ يَقع
فِي الإِسْلاَمِ مِثْلُه، وَهُوَ ثَمَان مائَة جُزْء.
وَقَالَ عَبدُ الغَافِر فِي "السِّيَاق": أَبُو مُحَمَّدٍ
عَدِيمُ النَّظيرِ فِي حِفْظِهِ، اسْتَوْطَنَ
بِنَيْسَابُوْرَ، وَهُوَ مُكْثِرٌ عَنِ المُسْتغفرِي،
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1047"، وشذرات الذهب
لابن العماد "3/ 394".
(14/203)
4549- ابن مَرْدُويه 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ العَالِمُ أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ ابنِ الحَافِظ الكَبِيْر أَبِي
بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى بن مَرْدَوَيْه بن فُورَك بن
مُوْسَى الأَصْبَهَانِيّ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِ مائة، قال يَحْيَى بنُ
مَندَة.
سَمِعَ: أَبَا مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ
الوَكِيْل، وَأَبَا عَلِيٍّ غُلاَمَ محسن، وعمر بن عبد
الله ابن الهَيْثَمِ الوَاعِظ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي
عَلِيٍّ الذَّكوَانِي، وَالحُسَيْنَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ
الجمَّال، وَعَبْدَ اللهِ ابن أَحْمَدَ بنِ قولويه
التَّاجِر، وَأَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الثَّقَفِيّ
الوَاعِظ، وَأَبَا نُعَيْمٍ الحَافِظ، وَأَبَا الحُسَيْنِ
بن فَاذشَاه، وَالنَّاسَ، وَلَمْ يَرْحَلْ.
قَالَ السِّلَفِيّ: كَتَبنَا عَنْهُ كَثِيْراً، وَكَانَ
ثِقَةً جَلِيْلاً، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كتبُوا عَنِّي فِي
مَجْلِس أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظ.
وَرَوَى عَنْهُ: السِّلَفِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
غَانِمٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَحَفِيْدُه عَلِيّ بن عَبْدِ
الصَّمَدِ بن أَحْمَدَ.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَفهم الحَدِيْثَ: رَأَيْتُ لَهُ
جُزْءاً فِيْهِ طُرُقُ: "طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ" يَدلّ
عَلَى مَعْرِفَته، وَلَمْ يُدْرِكِ السَّمَاع مِنْ جدِّه.
مَاتَ بِسُوذرجَان مِنْ قُرَى أَصْبَهَان، سَنَة ثمان
وتسعين وأربع مائة، وله تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً،
وَمَاتَ حَفِيْدُه المَذْكُور سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ
مائَةٍ، أَوْ بَعْدهَا، فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
قَرَأْنَا عَلَى عِيْسَى بنِ يَحْيَى، أَخبركُم مَنْصُوْرُ
بنُ سَنَد، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
عُمَرَ الوَاعِظ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رُسْتَه،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا زَافِرُ
بنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ المُسْتَلِم بن سَعِيْدٍ، عَنِ
الحَكَمِ بنِ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ وَلَدٍ بَارٍّ يَنْظُرُ إِلَى
وَالِدِهِ نَظْرَةَ رَحْمَةٍ إِلاَّ كَانَتْ لَهُ بِكُلِّ
رَحْمَةٍ حَجَّةٌ مَبْرُوْرَةٌ"، قِيْلَ: وَإِنْ نَظَرَ
إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مائَةُ رَحمَةٍ؟ قَالَ:
"نَعَمْ، إِنَّ اللهَ أَطْيَبُ وَأَكْثَرُ".
هَذَا مُنْكَرٌ.
وَفِيْهَا مَاتَ، الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ البَردَانِي،
وَالمُحَدِّثُ أَبُو بَكْرٍ سِبْط ابْن مَرْدَوَيْه،
وَالسُّلْطَان بَرْكْيَا رُوْق بن مَلِكْشَاه، وَثَابِت بن
بُنْدَار البَقَّال، وَفقيهُ الْحرم الحُسَيْنُ بن عَلِيٍّ
الطَّبَرِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ،
وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ خَلَفٍ العَبْسِيّ
بقُرْطُبَة، وَفَيْدُ بن عبد الرحمن بن محمد الشّعرَانِي،
وَنَصْرُ اللهِ بن أَحْمَدَ الخُشنَامِي، وَالشَّرِيْفُ
محمد بن عبد السلام.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 350"، وتذكرة الحفاظ "4/ ترجمة
1036"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 408".
(14/204)
4550- الحَبَّال 1:
الشَّيْخُ الثِّقَةُ أَبُو البَقَاءِ المُعَمَّرُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بن إِسْمَاعِيْلَ الكُوْفِيّ،
الحَبَّال، الخَزَّاز -بِمُعْجَمَاتٍ- وَيُعْرَفُ
بِخُرَيْبَه.
وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنَ: القَاضِي نَجَاح بن نَذِيْرٍ
المُحَارِبِيّ، وَزَيْدِ بن أَبِي هَاشِمٍ العَلَوِيِّ،
وَأَبِي الطَّيِّب أَحْمَدَ بن عَلِيٍّ الجَعْفَرِيّ،
وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ، لَكنَّه اشْتهر.
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي الحُلْوَانِيّ
المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
بَكْرٍ السِّنْجِيّ، وَكَثِيْرُ بنُ سَمَالِيق، وَعبدُ
الخَالِق اليُوسفِي، وَابْنُ نَاصر، وَأَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: شَيْخٌ، ثِقَةٌ، صَحِيْحُ
السَّمَاع، انْتَشَرت عَنْهُ الرِّوَايَة، وَعُمِّرَ
حَتَّى رَوَى كَثِيْراً، وَبُورِكَ لَهُ فِيمَا سَمِعَ،
سَأَله هزَارسب عَنْ مَوْلِده، فَقَالَ: سَنَة عَشْرٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ طرخَان، والحسين بن خسرو: سألناه
عن مولده، فئقال: سنة ثلاث عشرة.
قُلْتُ: حَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَبِالكُوْفَةِ، وَبِهَا
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 354"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 193"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/
410".
(14/205)
الطبري "آخر"، دقاق:
4551- الطبري "آخر":
العَلاَّمَةُ، مُفْتِي الشَّافعيَّة، أَبُو عَبْدِ اللهِ
الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الطَّبَرِيّ،
الحَاجِّيّ، البزازي.
قدم بغداد في الصبا، وسكنها، وتفئقه عَلَى القَاضِي أَبِي
الطَّيِّب، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَمِنَ الجَوْهَرِيّ،
وَلَزِمَ الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ حَتَّى أَحكم
المَذْهَبَ وَالأُصُوْل وَالخلاَف، وَشَهِدَ عِنْد أَبِي
عَبْدِ اللهِ الدَّامغَانِي، وَدرَّس بِالنَّظَامِيَة
سَنَة "483"، ثُمَّ قَدِمَ بَعْد أَشهر عَبْدُ الوَهَّابِ
بن مُحَمَّدٍ الفَامِي الشِّيرَازِي، فَتقرر أَنْ أُشرك
بَيْنَهُمَا فِي التَّدرِيس، فَدرَّسَا مُديدَةً، ثُمَّ
صُرِفَا بتوليَة الغَزَّالِي، فَلَمَّا حَجَّ الغزَّالِي
سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ، وَذَهَبَ إِلَى الشَّامِ
وَطوَّل الغيبَة، وَلِيَ الطَّبَرِيُّ تَدرِيس
النِّظَامِيَة فِي صَفَرٍ، سَنَةَ تِسْعٍ، ثُمَّ فَارق
بَغْدَاد بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَعْوَام، وَسَارَ إِلَى
أَصْبَهَانَ لِودَائِع كَانَتْ عِنْدَهُ.
رَوَى عَنْهُ هِبَة اللهِ بن السَّقَطِيّ شَيْئاً.
مَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَة خَمْسٍ وتسعين وأربع مائة،
وبأصبهان، رحمه الله.
4552- دُقاق 1:
صَاحِبُ دِمَشْقَ، شَمْسُ المُلُوْك، أَبُو نَصْرٍ دُقَاق
ابن السلطان تاج الدولة تُتُش ابْن السُّلْطَان أَلب
آرسلاَن السُّلْجوقِي، التُّركِي.
تملك بعد مقتل أبيه سنة سع وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، فَكَانَ فِي حلب، فَطَلَبَهُ خَادِمُ أَبِيْهِ،
وَنَائِبُ قَلْعَة دِمَشْق سرّاً مِنْ أَخِيْهِ رضوَان
صَاحِب حلب، فَبَادر دُقَاق وَجَاءَ، فَتَمَلَّك، ثُمَّ
أَشَارَ عَلَيْهِ زوجُ أُمِّهِ طُغْتِكين الأَتَابك
بِقَتْلِ خَادمه المَذْكُور سَاوتكين لِتمكنه، فَقَتَلَهُ،
ثُمَّ أَقْبَل رضوَان أَخُوْهُ مُحَاصراً لدِمَشْق، فَلَمْ
يَقدر عَلَيْهَا، فَترحَّل، ثُمَّ اسْتَقلَّ دُقَاق، ثُمَّ
عرض لَهُ مَرَضٌ تَطَاولَ بِهِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي
ثَامِنَ عَشَرَ رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ،
فَكَانَتْ دَوْلَته عشر سِنِيْنَ. فَقِيْلَ: إِنَّ أُمَّه
سَمَّتْه، رَتَّبت لَهُ جَارِيَة سَمَّته فِي عُنْقُودِ
عِنَب نخسته بِإِبرَة مَسْمُوْمَة، ثُمَّ نَدِمَت أُمُّه،
وَتَهرَّى جوفُه، وَدُفِنَ بِخَانقَاه الطّوَاويس.
وَعمد الأَتَابك طُغْتِكِين، فَأَقَامَ فِي اسْم الْملك
طِفْلاً لدُقَاق بَعْدَ أَنِ اسْتَحْضَرَ مِنْ سجن قَلْعَة
بَعْلَبَكَّ أَخاً لِدُقَاق اسْمه أَرتَاش، وَسَلطَنهُ،
ثُمَّ بَعْدَ ثَلاَثَة أَشْهُرٍ تَخيَّل أَرتَاش مِنَ
الأَتَابك، وَفَرَّ إِلَى بغدوين الفِرَنْجِي صَاحِب
القُدْسِ، فَمَا أَعَانه، فَتَوَجَّه إِلَى العِرَاقِ
عَلَى الرّحبَة، فَجَاءهُ الأَجَلُ، فَعمدَ الأَتَابك
إِلَى الطِّفل المَذْكُور، فَنصبه مديدة، ثم تملك، وامتدت
أيامه.
وَكَانَ قَدْ وَزَرَ لدُقَاق أَبُو القَاسِمِ الحَسَن بن
عَلِيٍّ الخُوَارزمِي، وَقَدْ كَانَ عمل مَصَافّاً
بِقُرْبِ حلب مَعَ أَخِيْهِ، فَتفلَّلَ جَمعُه، وَرُدَّ
إلى دمشق.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 347"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 189"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 405".
(14/206)
4553- صاحب خُراسان 1:
السُّلْطَان أَرْسَلاَن أَرغون، ابنُ السُّلْطَان أَلب
أَرْسَلاَن السَّلجوقِي.
لَمَّا مَاتَ أَخُوْهُ السُّلْطَان مَلِكْشَاه، بَادر
هَذَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى خُرَاسَانَ، وَتَمَكَّنَ،
وَكَانَ ظَالِماً شرس الأخلاق، كثير العقوبة لخاصيته،
فَدَخَلَ عَلَيْهِ غُلاَمٌ لَهُ، فَأَنْكَر عَلَيْهِ
أَرغون تأخرخه عَنِ الخدمَة، فَاعْتذر، فَلَمْ يَقبلْ لَهُ
عُذراً، وكان وحده، فشد الغلام عليه بسكين، فئقتله فِي
المُحَرَّمِ، سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَتْ دَوْلَتُه أَرْبَعَ سِنِيْنَ، فَعَلِمَ
بِمَقْتَله السُّلْطَانُ بَرْكْيَا رُوْق بن مَلِكْشَاه،
فَسَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا،
وَخطبُوا لَهُ أَيْضاً بِبلاَد مَا وَرَاء النَّهْر،
وَاسْتنابَ عَلَى خُرَاسَانَ أَخَاهُ الْملك سَنْجَر
الَّذِي امْتَدَّتْ أَيَّامُهُ.
وَكَانَ أَرْسَلاَن قَدْ تَملَّك بَلخ وَمروَ وَتِرمِذَ،
وَظلمَ وَغَشَم، وَخرَّب سُورَ نيسابور وغيرهما مِنَ
المَدَائِن، وَوزر لَهُ عمَادُ المُلك بن نِظَام المُلك،
ثُمَّ قبضَ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ ثلاث مائة ألف
دينار، وذبحه.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 326"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 161"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 394".
(14/207)
ابن السوادي، ابن
الطيوري:
4554- ابن السَّوَادِي 1:
الإِمَامُ المُفْتِي أَبُو الحُسَيْنِ المُبَارَك بن
مُحَمَّدِ بن السوادي الواسطي، الشَّافِعِيّ، نَزِيْلُ
نَيْسَابُوْر، مُدَرِّسٌ، مُنَاظِرٌ، مُتَصَوِّنٌ.
سَمِعَ: أَبَا عَلِيٍّ بن شَاذَانَ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ
بنَ نَظيفٍ المِصْرِيّ.
وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
وَطَاهِرُ بنُ مَهْدِيٍّ، وَعُمَرُ بن أَحْمَدَ
الصَّفَّار، وَعبدُ الخَالِق الشَّحَّامِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: إِمَامٌ عديمُ النَّظِير، يَتجَمل
يَتقنَّع بِقَلِيْلِ تِجَارَةٍ، تَفَقَّهَ بِالقَاضِي
أَبِي الطَّيِّب.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَع مائَة، وَلَهُ سبعٌ وَثَمَانُوْنَ
سَنَةً.
4555- ابْنُ الطُّيوري 2:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، المُحَدِّثُ العَالِمُ المُفِيْدُ،
بَقِيَّةُ النَّقَلَة المُكْثِرِيْنَ، أَبُو الحُسَيْنِ
المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ بن أَحْمَدَ بنِ
القَاسِمِ بن أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيّ،
الصَّيْرَفِيّ، ابْنُ الطُّيورِي.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ الحُرْفِي، وَأَبَا عَلِيٍّ بن
شَاذَانَ، ثُمَّ أَبَا الفَرَجِ الطنَاجِيرِي، وَأَبَا
مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، وَابْن غَيْلاَنَ، وَأَبَا الحَسَنِ
العَتِيْقِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ الصُّوْرِيّ،
وَعَلِيِّ بن أَحْمَدَ الفَالِيّ، وَأَبَا طَالب العشاري،
وَعدداً كَثِيْراً، وَارْتَحَلَ، فَسَمِعَ بِالبَصْرَةِ
أَبَا عَلِيٍّ الشَّامُوخِي، وَغَيْره، وَجَمَعَ وَخَرَجَ،
وَسَمِعَ مَا لاَ يُوصف كَثْرَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ،
وَابْنُ نَاصر، وَعبدُ الخَالِق اليُوسفِي، وَأَبُو
طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ السِّنْجِيّ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ السَّمْعَانِيّ، وَأَبُو المَعَالِي
الحُلْوَانِيّ المَرْوَزِيُّ، وأبو طاهر السلفي، وأبو بكرب
بنُ النَّقُّوْرِ، وَعبدُ الحَقِّ بن يُوْسُفَ، وَخطيبُ
المَوْصِلِ، وَأَبُو السَّعَادَاتِ القَزَّازُ، وَأَحْمَدُ
بنُ عَلِيٍّ العَلَوِيّ النقيبُ، وَبَشَرٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ مُحَدِّثاً
مُكْثِراً صَالِحاً، أَمِيناً صَدُوْقاً، صحيح الأصول،
__________
1 ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي "5/ 311".
2 ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 209"، والمنتظم لابن
الجوزي "9/ 154"، والعبر "3/ 356"، وميزان الاعتدال "3/
431"، ولسان الميزان "5/ 9"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
412".
(14/208)
صَيِّناً وَرِعاً وَقُوْراً، حَسنَ
السَّمتِ، كَثِيْرَ الخَيْرِ، كتب الكَثِيْرَ، وَسَمِعَ
النَّاسُ بِإِفَادَتِه، وَمَتَّعَهُ اللهُ بما يسمع حتى
انتشرت عنه الرواية، وصار أعلى البغدادييين سَمَاعاً،
أَكْثَرَ عَنْهُ وَالِدِي، وَكَانَ المُؤْتَمَنُ
السَّاجِيّ يَرمِيه بِالكَذِبِ، وَيُصَرِّح بِذَلِكَ،
وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنْ مَشَايِخِنَا الثِّقَات
يُوَافقُ المُؤْتَمَنَ، فَإِنِّي سَأَلتُ مِثْلَ عَبْد
الوَهَّابِ وَابْنِ نَاصرٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ ثَنَاءً
حَسناً، وَشَهِدُوا لَهُ بِالطَّلب، وَالصِّدْقِ،
وَالأَمَانَة، وَكَثْرَةِ السَّمَاعِ، سَمِعْتُ سَلْمَان
الشَّحَام يَقُوْلُ: قَدِمَ أَبُو الغَنَائِمِ
النَّرْسِيُّ، فَانقَطَعنَا عَنْ مَجْلِس ابْنِ الطُّيورِي
أَيَّاماً، فَلَمَّا جِئْنَا ابْنَ الطُّيورِي، قَالَ: مَا
قَطَعكُم عَنِّي؟ قُلْنَا: قَدِمَ فُلاَنٌ كُنَّا نَسْمَعُ
مِنْهُ. قَالَ: فَأَيشٍ أَعْلَى مَا عِنْدَهُ؟ قُلْنَا:
حَدِيْث البَكَّائِيّ، فَقَامَ الشَّيْخُ أَبُو
الحُسَيْنِ، وَأَخْرَجَ لَنَا شَدَّةً مِنْ حَدِيْثِ
البَكَّائِيِّ، وَقَالَ: هَذِهِ سَمَاعِي مِنْ أَبِي
الفَرَجِ بنِ الطَّنَاجِيْرِي عَنْهُ. قَالَ
السَّمْعَانِيّ: وَأَظُنُّنِي سَمِعتُهَا مِنِ ابْنِ ناصر.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَةَ الصَّدَفِيُّ: هُوَ
الشَّيْخُ الصَّالِحُ الثِّقَةُ أَبُو الحُسَيْنِ، كَانَ
ثَبْتاً فَهماً، عَفِيْفاً مُتْقِناً، صَحِبَ الحُفَّاظ
وَدُرِّبَ مَعَهُم، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ الخَاضبَةِ
يَقُوْلُ: شَيخُنَا أَبُو الحُسَيْنِ مِمَّنْ يُسْتَشفَى
بِحَدِيْثِهِ.
وَقَالَ ابْنُ نَاصِرٍ فِي إِملاَئِه: حَدَّثَنَا
الثِّقَةُ الثَّبْتُ الصَّدُوْقُ أَبُو الحُسَيْنِ.
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: هُوَ مُحَدِّثٌ مُفِيدٌ وَرِعٌ
كَبِيْرٌ، لَمْ يَشْتَغِلْ قَطُّ بِغَيْرِ الحَدِيْثِ،
وَحصَّلَ مَا لَمْ يُحَصِّلْه أَحَدٌ مِنْ كُتُب
التَّفَاسير وَالقِرَاءات وَاللُّغَة، وَالمسَانِيْد
وَالتَّوَارِيخ وَالعلل وَالأَدبيَّات وَالشّعر، كُلُّهَا
مَسْمُوْعَةٌ، رَافَقَ الصُّوْرِيَّ، وَاسْتفَادَ مِنْهُ،
وَالنَّخشبِيَّ، وَظَاهِراً النَّيْسَابُوْرِيَّ. كَتَبَ
عَنْهُ: مَسْعُوْدٌ السِّجْزِيُّ، وَالحُمَيْدِيّ،
وَجَعْفَر بن الحَكَّاك، وَأَكْثَرُوا عَنْهُ.
وَقَالَ الأَمِيْرُ أَبُو نَصْرٍ: هُوَ صَدِيقُنَا أَبُو
الحُسَيْنِ يُعرفُ بِابْنِ الحَمَامِي -مُخفَّفٌ- سَمِعَ
خلقاً، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ وَالعَفَافِ
وَالصَّلاَحِ.
قَالَ ابْنُ سُكَّرَةَ: ذَكرَ لِي شَيْخُنَا أَبُو
الحُسَيْنِ أَن عِنْدَهُ نَحْوَ أَلفِ جُزْءٍ بِخَطِّ
الدَّارَقُطْنِيِّ، أَوْ أُخْبِرْتُ عَنْهُ بِذَلِكَ،
وَأَخْبَرَنِي أَنَّ عِنْدَهُ أَرْبَعَةً وَثَمَانِيْنَ
مُصَنَّفاً لاِبْنِ أَبِي الدُّنْيَا.
انتقَى السِّلَفِيّ عِدَّةَ أَجزَاءٍ مِنَ الفَوَائِدِ
وَالنَّوَادِرِ عَلَى ابْنِ الطيوري، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ
ابْنَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ اليُونَارْتِي: هُوَ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ،
كَثِيْرُ الأُصُوْل، يُحِبُّ العِلْمَ وَأَهْلَه، وَقَدْ
وَصَفُوهُ بِالمَعْرِفَة، وَسَعَةِ الرِّوَايَة، وَكَانَ
دَيِّناً صَالِحاً، رَحِمَهُ اللهُ.
مَاتَ فِي نِصْفِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْس مائَة،
عَنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
(14/209)
أبو الفتح الحداد،
القزويني:
4556- أبو الفَتح الحَدَّاد 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ المُقْرِئُ مُسْنِدُ الوَقْت أَبُو
الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
سَعِيْدٍ الأَصْبَهَانِيّ، الحَدَّادُ، التَّاجِرُ، سِبْطُ
الحَافِظ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَندَه.
تَفَرَّدَ بِإِجَازَة إِسْمَاعِيْل بن يَنَال
المَحْبُوبِيّ صَاحِبِ ابْن مَحْبُوب.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعِيْدٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
النَّقَّاش، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدَكويه، وَأَحْمَدَ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَزدَاد غُلاَمِ مُحسنٍ، وَأَبِي سهلٍ
عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ الفَقِيْه، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ
بنِ الحُسَيْنِ الدشتِي، وأبي سعيد الحسن بن محمد بن
حسنُويه، وَعبدِ الوَاحِد بن أَحْمَدَ البَاطِرْقَاني،
وَأَبِي الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن
شَهْرَيَار، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ. وَأَجَازَ لَهُ أَيْضاً:
أَبُو سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيُّ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ
الطَّرَازِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو
الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الخِرَقِيُّ، وَعَبْدُ
الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، وَصَدَقَةُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَشَاكِرٌ الأَسْوَارِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ قرَأَ القِرَاءاتِ عَلَى أَبِي عُمَرَ الخِرَقِي،
وَبِمَكَّةَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ الكَارَزِينِي،
فَكَانَ خَاتِمَةَ أَصْحَابه مَوْتاً.
تَلاَ عَلَيْهِ السِّلَفِيّ لعَاصِم إِلَى الحَوَامِيمِ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِ مائَة، وَمَاتَ
فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسِ مائَة.
4557- القَزويني 2:
الشَّيْخُ الفَقِيْهُ الخَيِّر أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ
ابنُ المُفْتِي أَبِي حَاتِمٍ مَحْمُوْد بن الحَسَنِ
الأَنْصَارِيّ، القَزْوِيْنِيّ، الآمُلِي، الَّذِي أَملَى
بِالمَدِيْنَةِ النّبويَة عَلَى السلفى.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَمَنْصُوْرَ بنَ إِسْحَاقَ، وَسَهْلَ
بنَ رَبِيْعَةَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ نَاصِرٍ، وَشُهْدَةُ، وَابْنُ
الخَلِّ.
مَاتَ بآمُلَ، فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْس مائَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو البَحيرِي
المُحَدِّث، وَصَاحِبُ إِفْرِيْقِيَة تَمِيمُ بن المُعِزّ
بن بَادِيس، وَأَبُو عَلِيٍّ التَّكَكِيُّ، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ الدُّونِي، وَأَبُو سَعْدٍ الأَسَدِيّ، وَصَاحِب
الحِلَّةِ سَيْفُ الدَّوْلَةِ صَدَقَةُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ
دُبَيْسٍ الأَسَدِيّ قتل.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 151"، والعبر "3/
355"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردى "5/ 195"، وشذرات
الذهب لابن العماد "3/ 410".
2 ترجمته في العبر "4/ 2"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "4/ 3".
(14/210)
ابن بشرويه،
البرداني:
4558- ابن بِشْرُويه 1:
الإمام الحافظ، المقيد الصَّدُوْقُ، أَبُو العَبَّاسِ
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بنِ
بِشرُويه الأَصْبَهَانِيّ.
قال: ولدت سنة خمس عشر وَأَرْبَعِ مائَة.
سَمِعَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ حَسْنَكُويَه، وَمُحَمَّدَ
بنَ عَلِيِّ بنِ مُصْعَب التَّاجِر، وَالهَيْثَم بنَ
مُحَمَّدٍ الخَرَّاط، وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ
شَهْرَيَارَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ الحَافِظَ وَأَبَا ذَرٍّ
الصَّالحَانِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ
الجَلاَّبَ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
حدث عنه: هبة الله بن طاوس، وإسماعيل بن محمد التيمي، وأبو
طاهر السلفي، وعدة.
قَالَ السِّلَفِيُّ: كَانَ مِنْ أَهْلِ المَعْرِفَةِ
بِالفِقْهِ وَالحَدِيْثِ وَالفَرَائِضِ، كَتَبتُ
بِانتخَابِهِ كَثِيْراً، وَأَكْثَرنَا عَنْهُ لِثِقَتِه
وَمَعْرِفَتِه.
قُلْتُ: مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
4559- البَرَدَاني 2:
الشَّيْخُ الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ، مُفِيدُ
بَغْدَاد، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ البَرَدَانِيُّ، ثُمَّ
البَغْدَادِيّ. وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا طَالِبٍ بنَ غَيْلاَنَ، وَأَبَا إِسْحَاقَ
البَرْمَكِيَّ، وَأَبَا طَالِبٍ العُشَارِيَّ، وَأَبَا
الحَسَنِ بنَ القَزْوِيْنِيّ الزَّاهِدَ، وأبا محمد
الجوهري، وَعَبْدَ العَزِيْزِ الأَزَجِي، وَالقَاضِي أَبَا
يَعْلَى، وَعبدَ الصَّمد بن المَأْمُوْن، وَالخَطِيْبَ،
وَعِدَّة، وَلَمْ يَرْحَلْ.
__________
1 ترجمته في تبصير المنتبه "1/ 91"، والنجوم الزاهرة لابن
تغري بردي "5/ 163".
2 ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 136"، واللباب لابن
الأثير "1/ 135"، والمنتظم لابن الجوزي "9/ 144"، والعبر
"3/ 350"، وتذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1048"، وشذرات الذهب
لابن العماد "3/ 408".
(14/211)
قَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ أَحَدَ
المَشْهُوْرِيْنَ فِي صنعَةِ الحَدِيْث، وَكَانَ
حَنْبَليّاً، اسْتَملَى لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى،
حَدَّثَنَا عَنْهُ إِسْمَاعِيْلُ الحَافِظ.
قُلْتُ: جَمعَ مُجلَّداً في المنامات النبوية، سمعنا
"متنقاه" عَلَى الأَمِيْنِ الصَّفَّار، عَنِ السَّاوِي،
عَنِ السِّلَفِيّ، عَنْهُ، وَقَدْ سَأَله السِّلَفِيّ،
عَنْ تَبيِين أَحْوَالِ جَمَاعَةٍ، فَأَجَابَ وَأَجَادَ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: هُوَ كَانَ أَحْفَظ وَأَعْرف مِنْ
شُجَاعٍ الذُّهْلِيّ، وَكَانَ ثِقَةً نبيلًا، له مصنفات.
قلت: وزحدث عَنْهُ أَيْضاً: عَلِيُّ بن طِرَادٍ
الوَزِيْرُ، وَأَحْمَدُ بنُ المُقَرَّبِ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَلِيٍّ البَرَدَانِيِّ،
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ دُوْسْتَ العَلاَّف إِجَازَةً
سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَفِيْهَا
مَاتَ، قَالَ: أخبرنا أبو بكر الشافعي ... ، فذكره
حَدِيْثاً.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا
يُوْسُفُ بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ،
أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عُمَرَ،
أَخْبَرَنَا حَامِدُ بنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ، أخبرني
سليكان بنُ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ مَعَبْدِ بنِ عَبَّاسٍ، عن أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ: كَشَفَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّتْرَ وَرَأْسُهُ مَعْصُوْبٌ فِي
مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَلْ
بَلَّغْتُ؟ " ثَلاَثَ مَرَّاتٍ "إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ
مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤيَا الصَّالِحَة
... ". وَذَكَرَ باقِي الحَدِيْثِ، وَهُوَ غَرِيْبٌ
فَرْدٌ، أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ،
وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ كلهُم مِنْ حَدِيْثِ
إِسْمَاعِيْل بن جَعْفَرٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
مَاتَ البَرَدَانِي فِي شَوَّال، سَنَةَ ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَأَبُوْهُ شَيْخ
مُحَدِّث.
وَفِيْهَا مَاتَ: السُّلْطَانُ رُكْنُ الدَّوْلَةِ أَبُو
المُظَفَّرِ بَرْكْيَا رُوْقُ ابْن السُّلْطَان مَلِكْشَاه
بنِ أَلب آرسلاَن السَّلجُوقِي شَابّاً لَهُ خَمْسٌ
وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَبَقِيَ فِي المُلك اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ
السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ حُرُوْب تُشيِّب الأَطفَالَ، مَاتَ
بِبَرُوْجِرْد.
وَفِيْهَا مَاتَ صَاحِبُ مَاردين، وَجدُّ مُلُوْكهَا الملك
سقمان بن أرتق التركماني.
(14/212)
4560- الخَيَّاط 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ المُقْرِئُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ
أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ البَغْدَادِيّ، الخَيَّاط، الزَّاهِدُ.
وُلِدَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِ مائَة، فَلَو سَمِعَ
فِي صِبَاهُ، لأَدْرَكَ أَصْحَاب القَاضِي المَحَامِلِيّ،
وَلَوْ تَلاَ وَهُوَ حَدَثٌ، لِلْحقَ أَبَا الحَسَنِ بنَ
الحمَامِي.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بن بِشْرَان، وَعبد الغَفَّار
المُؤَدِّب، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّد بن عُمَرَ بنِ
الأَخْضَر، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ القَزْوِيْنِيّ. وَتَلاَ
عَلَى: أَبِي نَصْرٍ بن مَسْرُوْرٍ، وَغَيْرِهِ.
جَلس لِتعَلِيْم كِتَابِ اللهِ دَهْراً، وَتَلاَ عَلَيْهِ
أُمم.
وَرَوَى عَنْهُ سِبْطَاهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ،
وَالحُسَيْنُ بن ناصر، وَالسِّلَفِيّ، وَخَطِيبُ
المَوْصِلِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ
البَاجِسْرَائِي، وَسَعدُ الله بنُ الدَّجَاجِي، وَعِدَّة.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: صَالِحٌ، ثِقَةٌ، عَابِدٌ،
مُلَقِّنٌ، لَهُ وِردٌ بَيْنَ العِشَاءيْنِ بِسُبْعٍ،
وَكَانَ صَاحِبَ كرَامَات.
وَقَالَ ابْنُ نَاصر: كَانَتْ لَهُ كرَامَات.
وَقَالَ آخر: كَانَ إِمَامَ مَسْجِدِ ابْنِ جَرْدَة
بِالحرِيْم، لَقَّن العُمْيَان دَهْراً للهِ، وَكَانَ
يَسْأَلُ لَهُم، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِم، بِحَيْثُ إِنَّ
ابْنَ النَّجَّار نَقل فِي "تَارِيْخِهِ" أَنَّ أَبَا
مَنْصُوْرٍ الخَيَّاط بلغَ عَدَدُ مَنْ أَقرَأَهُم مِنَ
العُمْيَان سَبْعِيْنَ أَلْفاً، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا
رَأَيْتُ بِخَطِّ أَبِي نَصْرٍ اليُونَارتِي الحَافِظ.
قُلْتُ: هَذَا مُسْتحيلٌ، وَالظَّاهِر أَنَّهُ أَرَادَ
أَنْ يَكتب نَفْساً، فَسَبَقَه القَلَمُ فَخَطَّ أَلْفاً،
وَمَنْ لَقَّنَ القُرْآنَ لِسَبْعِيْنَ ضَرِيراً، فَقَدْ
عَمِلَ خَيْراً كَثِيْراً.
وَنَقَلَ السِّلَفِيّ عَنْ عَلِيِّ بنِ الأَيسرِ
العُكْبَرِيِّ، قَالَ: لَمْ أَرَ أَكْثَرَ خلقاً مِنْ
جَنَازَة أَبِي مَنْصُوْرٍ، رَآهَا يَهُوْديٌّ، فَاهْتَالَ
لَهَا وَأَسْلَمَ.
وَقَالَ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ خَيْرُوْنَ: مَا رَأَيْتُ
مِثْل يَوْم صُلِّيَ عَلَى أَبِي منصور من كثرة الخلق.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: رُؤي بَعْد مَوْته، فَقَالَ: غَفَرَ
اللهُ لِي بِتعليمِي الصِّبْيَان الفَاتِحَةَ. مَاتَ: فِي
المُحَرَّمِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ، أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
المُنْعِمِ بن الكُرَيْدِي بِدِمَشْقَ، وَأَبُو سَعْدٍ
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي صَادِق الحِيْرِيّ،
وَأَبُو الفوَارس عُمَرُ بنُ المُبَارَكِ الحُرْفِي
المُحْتَسِبُ، وَأَبُو نعيم محمد بن إبراهيم الواسطي بن
الجَمَّارِي، وَأَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّد بن عَبْدِ
اللهِ بن الوكيل المقرئ، وأبو البقاء الحبال.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 353"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
406".
(14/212)
مهارش، ابن سوار:
4561- مُهارش 1:
ابن مجلي بن عكيث الأَمِيْرُ أَبُو الحَارِثِ، مُجيرُ
الدّين، مِنْ وُجُوه الْعَرَب بِعَانَة وَالحَدِيْثَةِ،
ذُو برٍّ وصدقاتٍ، وصلاةٍ، وخيرٍ، أَجَارَ القَائِمَ
بِأَمرِ الله فِي فِتْنَة البسَاسيرِي، وَآوَاهُ إِلَيْهِ
سَنَةً فِي ذِمَامِهِ إِلَى أن عاد إلى مَقَرِّ عِزِّه،
فَكَانَ يَخدِمُ الخَلِيْفَةَ بِنَفْسِهِ. وَلَهُ،
وَكَتَبَ بِهَا إِلَى القَائِم:
لَوْلاَ الخَلِيْفَةِ ذُو الإِفْضَالِ وَالمِنَنِ ...
نَجْلُ الخلاَئِف آل الْفَرْض وَالسُّنَنِ
مَا بِعْتُ قَوْمِي وَهُمْ خَيْرُ الأَنَامِ وَقَدْ ...
أَصْبَحْتُ أَعْرِفُ بَغْدَاداً وَتَعْرِفُنِي
مَا يَسْتَحِقُّ سِوَايَ مِثْلَ مَنْزِلَتِي ... مَا دَامَ
عَدْلُكَ هَذَا اليَوْم يُنْصِفُنِي
وَهِيَ طَوِيْلَة. مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وأربع
مائة.
4562- ابن سِوار 2:
الإِمَامُ، مُقْرِئُ العصرِ، أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدَ بنِ
عَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ سِوارٍ
البَغْدَادِيّ، المُقْرِئ، الضّرِيرُ، أَحَدُ الحُذَّاق.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة،
وَقرَأَ بِالروَايَات على: عتبة بن عبد الْملك
العُثْمَانِيّ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ إِسْحَاقَ صَاحِب أَبِي حَفْصٍ الكَتَّانِي، وَعَبْدِ
اللهِ بن مَكِّيٍّ السَّواق، وَأَبِي الفَتْحِ بن شِيطَا،
وَأَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنَ مَسْرُوْرٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ
الشَّرْمَقَانِي، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ العَطَّار،
وَعَلِيِّ بن مُحَمَّدٍ الخَيَّاط، وَحَسَنِ بنِ غَالِبٍ
الحَرْبِيِّ، وَفَرَجِ بنِ عُمَرَ الوَاسِطِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّد بن عبد الوَاحِد بن رِزْمَةَ،
وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ الحَرَّانِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، وأبي القاسم التنوخي، وآخرون.
قرَأَ عَلَيْهِ بِالسَّبْع وَغَيْرهَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ
سُكَّرَة، وَمُحَمَّد بن الْخضر المحَوَّلِي، وَذَكْوَانُ
بنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو الْكَرم الشَّهْرُزُورِي، وَأَبُو
مُحَمَّدٍ سِبْطُ الخياط.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 148"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "5/ 269"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/
193".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 135"، ومعجم الأدباء
لياقوت الحموي "4/ 46"، والعبر "3/ 343"، والوافي بالوفيات
لصلاح الدين الصفدي "7/ 204"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردى "5/ 187"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/
403".
(14/214)
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نَاصر، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ،
وَأَحْمَدُ بنُ المُقرَّبِ.
قَالَ ابْنُ سُكَّرَةَ: حَنَفِيٌّ, ثِقَةٌ, خَيِّرٌ،
حَبَسَ نَفْسَه عَلَى الإِقْرَاء وَالتَّحْدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ نَاصرٍ: ثِقَةٌ، نَبِيلٌ، مُتْقِنٌ، ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَبُو سعدٍ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ ثِقَةً
أَمِيناً مُقْرِئاً، حَسنَ الأَخْذ، ختم عَلَيْهِ
جَمَاعَةٌ كِتَابَ اللهِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرَ
مِنَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: سَمِعْتُ مِنْهُ مُعْظَمَ كتاب
"المستنير" له، وَلَهُ فَوتٌ مِنْ آخِرِهِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ ابْنُ سِوارٍ فِي شَعْبَانَ, سَنَةَ
ستٍّ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، بِبَغْدَادَ،
وَأَوَّلُ مَا تَلاَ كَانَ فِي سنة ثلاثين وأربع مائة.
(14/215)
الشعبي، السراج:
4563- الشَّعْبِيُّ:
شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو المُطَرِّفِ عَبْدُ
الرَّحِيْمِ بنُ قَاسِمٍ الشَّعْبِيُّ المَالِقِيُّ،
مُفْتِي بلدِهِ.
سَمِعَ مِنْ: قَاسم المَأْمُوْني بِالمَرِيَّة، وَأَبِي
الحَسَنِ بنِ عِيْسَى المَالِقِي، وَلَهُ إِجَازَةٌ مَنْ
يُوْنُس بن عَبْدِ اللهِ بن شُعيث، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ,
وَغَيْرهُ.
وَلِيَ قَضَاءَ بَلَده، ثُمَّ سجنه أَمِيْرُهَا تَمِيمٌ
لأَمْرٍ بَلَغَه، فَلَمَّا اسْتولَى ابْنُ تَاشفِيْن،
دعَاهُ لِلْقَضَاءِ فَأَبَى، وَأَشَارَ بِأَبِي مَرْوَانَ
بنِ حَسُّوْنٍ، فَكَانَ أَبُو مَرْوَانَ لاَ يُبْرِمُ
أَمراً دُوْنَهُ، وَعُمِّرَ دَهْراً، وَبَعُدَ صيتُه.
مَاتَ فِي رَجَب سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَلَهُ خَمْس وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
مات هو وابن الطلاع في جمعة.
4564- السرَّاج 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، البَارعُ المُحَدِّثُ المُسْنِدُ،
بَقِيَّةُ المَشَايِخ، أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بن أحمد البغدادي، السراج، القارئ،
الأديب.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 151"، ومعجم الأدباء
لياقوت الحموي "7/ 153"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/
357"، والعبر "3/ 355"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
"5/ 194"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 485"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "3/ 411".
(14/215)
قَالَ: وُلِدَتُ فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعَ
عَشْرَةَ، أَوْ فِي أَوِّلِ الَّتِي تلِيهَا.
سَمِعَ: أَبَا عَلِيٍّ بن شَاذَانَ، ثُمَّ سَمِعَ
بِنَفْسِهِ مِنْ أَحْمَد بن عَلِيٍّ التَّوَّزِي،
وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ بن سَنبك، وَأَبِي مُحَمَّدٍ
الخَلاَّلُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ شَاهِيْنٍ،
وَأَبِي مُحَمَّدٍ الحُسَيْنِ بنِ المُقْتَدِر، وَأَبِي
طَالِبٍ الغَيْلاَنِي، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ
القَزْوِيْنِيّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ البَرْمَكِيّ، وَأَبِي
القَاسِمِ التَّنُوخِي، وَأَبِي الفَتْحِ بن شِيطَا،
وَعِدَّة بِبَغْدَادَ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَافِظ أَبِي نَصْرٍ السِّجْزِيِّ
مُسَلْسَلَ الأولية بمكة، ومن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
الأَرْدَسْتَانِيِّ، وَبِمِصْرَ مِنَ: الشَّيْخ عَبْد
العَزِيْزِ بن الحَسَنِ الضَّرَّاب، وَطَائِفَة،
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ الحِنَّائِي،
وَالخَطِيْب؛ وَخَرَّج لَهُ شَيْخُهُ الخَطِيْبُ خَمْسَةَ
أَجزَاء مَشْهُوْرَةٍ سَمِعْنَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ ثَعْلَب، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ
السَّمَرْقَنْدي، وعبد الوهاب الأنماطي، ومحمد بن ناصر،
وأبو الفَتْحِ بنُ البَطِّي، وَأَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، وَسَلْمَان الشَّحَّامُ، وَأَبُو الحَسَنِ
بنُ الخلّ، وَعَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِي، وَأَبُو
الفَضْلِ خطيبُ المَوْصِلِ، وَشُهْدَةُ بِنْت الإِبَرِي،
وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
كتب بِخطه الكَثِيْر، وَصَنَّفَ كِتَاب "مَصَارع العشَاق"،
وَكِتَاب "حكم الصِّبْيَان"، وَكِتَاب "مَنَاقِبِ
الحَبَشِ"، وَنظم الكَثِيْر فِي الفِقْه، وَفِي الموَاعِظ
وَاللُّغَة، وَشِعرُه حلوٌ عذب فِي فُنُوْنِ القرِيض،
انْتخب السِّلَفِيّ عَلَيْهِ مِنْ أُصُوْله ثَلاَثِيْنَ
جُزْءاً، حَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَمِصْر، وَدِمَشْق،
وَسَمِعَ مِنْهُ شَيْخُهُ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال.
قَالَ شُجَاع الذُّهْلِيّ: كان صدوقًا، ألف من فنونٍ
شَتَّى.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِي: هُوَ شَيْخ فَاضِل،
جميلٌ وَسيم، مَشْهُوْر يَفْهَمُ، عِنْدَهُ لُغَة
وقراءاتٌ، وَكَانَ الغَالِبُ عَلَيْهِ الشِّعْرُ، نَظمَ
كتاب "التنبيه" لأبي إسحاق، ونظم منسكًا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ العَرَبِي: ثِقَةٌ, عَالِمٌ,
مُقْرِئٌ، لَهُ أدبٌ ظَاهِرٌ، وَاختصَاص بِأَبِي بَكْرٍ
الخطيب.
وقال السلفي: كان الإمام يُفتَخرُ برُؤْيَته وَروَايَاتِهِ
لِديَانته وَدِرَايته، لَهُ تَوَالِيفُ مفِيدَة، وَفِي
شُيُوْخه كَثْرَة، أَعلاَهُم ابْنُ شَاذَانَ.
وَقَالَ حَمَّادٌ الحَرَّانِيّ: سُئِلَ السِّلَفِيّ عَنِ
السَّرَّاج، فَقَالَ: كَانَ عَالِماً بِالقِرَاءات،
وَالنَّحْو، وَاللُّغَة، ثِقَةً ثَبْتاً، كَثِيْرَ
التَّصنِيف.
وَقَالَ ابْنُ نَاصر: كَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً، عَالِماً
فَهماً صَالِحاً، نَظم كُتباً كَثِيْرَة، مِنْهَا كِتَاب
"المُبْتَدَأِ" لِوَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ، وَكَانَ قَدِيماً
يَسْتَملِي عَلَى الخَلاَّلِ وَالقَزْوِيْنِيِّ، مَاتَ فِي
صَفَرٍ, سَنَةَ خَمْسِ مائَة.
(14/216)
قَالَ السِّلَفِيّ: أَنشدنَا السَّرَّاجُ
لِنَفْسِهِ:
للهِ دَرُّ عصابةٍ ... يَسْعَوْنَ فِي طَلَبِ الفَوَائِدْ
يُدْعَوْنَ أَصْحَابَ الحَدِ ... يثِ بِهِمْ تَجَمَّلَتِ
المَشَاهِدْ
طَوْراً تَرَاهُمْ بالصعي ... دِ وتارةً في ثغر آمد
يَتَّبَّعُوْنَ مِنَ العُلُو ... مِ بِكُلِّ أرضٍ كُلَّ
شَارِدْ
وَهُمُ النُّجُوْمُ المُقْتَدَى ... بِهِم إِلَى سُبُلِ
المقاصد
(14/217)
4565- جَيَّاش 1:
هُوَ صَاحِبُ اليَمَن وَأَبُو أَصْحَابه الملكُ أَبُو
فَاتك جيَّاش بن نَجَاح الحَبَشِيّ، مَوْلَى حُسَيْن بن
سَلاَمَةَ النُّوبِي مَوْلَى آلِ زِيَادٍ مُلُوْكِ
اليَمَنِ.
كَانَ أَبُوْهُ قَدِ اسْتَولَى عَلَى اليَمَنِ، وَأَبَادَ
أَضدَادَه، وَتَمَكَّنَ إِلَى أَنْ ظَهرَ الصُّلَيْحِي
وَتَمَلَّك وَمَكَر بنجَاح، فَسمَّه، فَهَرَبَ أَوْلاَدُه،
وَلَحِقُوا بِالحَبَشَةِ، وَرَأسُهُم سَعِيْدُ بنُ نَجَاحٍ
الأَحْوَل، وَتَكلَّمَ الكُهَّانُ بِأَنَّ هَذَا
الأَحْوَلَ يَقتُلُ الصُّلَيحِيَّ، وَصُوِّرت لِلصُّلَيحِي
صُوْرَةُ الأَحْوَلِ عَلَى جَمِيْعِ أَحْوَالِهِ،
وَاسْتشعر مِنْهُ، فَترقَّت هِمتُهُ، وَجَاءَ مِنَ
الحَبَشَة فِي خمسة آلاف حربةٍ، فَكَبَسَ الصُّلَيحِي
بِالمهْجم مُخيَّمَه، فَقَتَلَهُ، وَقَتَلَ أَخَاهُ،
وعدةً، وأخذ خزانته، وَكَانَتْ عَظِيْمَة، وَجَمَعَ بَعْضَ
آلِ الصُّلَيحِي، فَقَتَلَهُم رَمْياً بِالحرَاب،
وَتَملَّك زَبِيْدَ، وَعلَّق الرَّأْس، فَقَالَ
العُثْمَانِيُّ شَاعِر:
نَكِرَتْ مِظَلَّتُهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَرُحْ ... إِلاَّ
عَلَى المَلِكِ الأَجَلِّ سَعِيْدِهَا
مَا كَانَ أَقْبَحَ وَجْهَهُ فِي خَالِهَا ... مَا كَانَ
أَحْسَنَ رَأْسَهُ فِي عُوْدِهَا
سُوْدُ الأَرَاقِمِ قَاتَلَتْ أُسْدَ الشَّرَى ... يَا
رَحْمَتَا لأُسُودِهَا مِنْ سُوْدِهَا
ثُمَّ بَعْدَ سَنَةٍ، حشد مُكَرَّمُ بنُ الصُّليحِي،
وَأَقْبَلَ مِنْ صَنْعَاء، فَالْتَقَوْا، فَانْكَسَرَ
السُّودَانُ، وَانْهَزَمَ الأَحْوَلُ، وَنَزَلُوا
السُّفُنَ، وَاسْتَرَدَّ مكرَّم زَبِيْدٍ، وَخَلَّصَ
أُمَّهُ، ثُمَّ فُلِجَ، فَفَوَّضَ الأُمُوْرَ إِلَى
زَوجَتِهِ الحُرَّةِ سَيِّدِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَى
اللَّهْوِ مَعَ فَالِجِه إِلَى أَنْ هَلَكَ سَنَة "484"،
وَعهد بِالملك إِلَى ابْنِ عَمِّهِ السُّلْطَان سَبأِ بنِ
أَحْمَدَ، وَكَانَ الحَرْب بَيْنَهُ وَبَيْنَ آل نَجَاح
سِجَالاً، وَكَتَبَ خَلِيْفَةُ
__________
1 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/
228".
(14/217)
مِصْر إِلَى الحُرَّة: قَدْ زوَّجْتُكِ
بِأَمِيْر الأُمَرَاء سَبَأ عَلَى مائَة أَلْف دِيْنَار،
ثُمَّ لَمَّا مَاتَ سَبَأ، قَامت بِملكهَا، وَدبَّر
دَوْلَتهَا المُفَضَّلُ، وَامتدت أَيَّامُ الحرّة
خَمْسِيْنَ سَنَةً.
نعم، ثُمَّ تَوثَّبَ سعيدٌ الأَحْوَل عَلَى صَنْعَاء،
ثُمَّ هَلَكَ سَنَة ستٍّ وَثَمَانِيْنَ، وَتَملَّك
بَعْدَهُ أَخُوْهُ جَيَّاش، وَقَدْ تَنكَّر وَسَارَ مَعَ
وَزِيْرِهِ قَسِيمِ الْملك إِلَى الهِنْد.
قَالَ جَيَّاش: دخلنَا الهِنْدَ سَنَة "481"، فأقمنا ستة
أشهر ورجعنا، فَقَدِمَ إِنْسَان مِنْ سَرَنْدِيب
يَتَكَلَّم عَلَى المُسْتَقْبِلاَت، فَسَأَلنَا عَنْ
حَالِنَا، وَبشَّرنَا بِأُمُوْرٍ لَمْ تَخْرِم،
وَاشْتَرَيتُ جَارِيَة هِنديَة، وَجِئنَا عَدَن، فَقُلْتُ
لِوَزِيْرِي: امضِ إِلَى زَبِيْدٍ، فَأَشِعْ مَوْتِي،
وَاكشِفِ الأُمُوْرَ، وَصعدت جِبْلَةَ، وَكشفتُ أَحْوَالَ
المُكَرَّم، ثُمَّ أَتيتُ زَبِيْد، فَخبرنِي الوَزِيْرُ
بِمَا يَسُرُّ عَنْ أَوليَائِنَا، وَأَنَّهُم كثيرٌ،
فَأَخَذتُ مِنْ لِحيَتِي، وَسَتَرتُ عَيْنِي بخرقة، وطولت
أظافري، وَقصدتُ دَارَ ابْن القُم الوَزِيْر فَأَسمَعُهُ
يَقُوْلُ: لَوْ وَجَدْتُ كلباً مِنْ آلِ نَجَاح لَملَّكته،
وَذَلِكَ لشرٍّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ شِهَابٍ
رَفِيقِهِ، فَخَرَجَ وَلدُ ابْن القُم، فَقَالَ: يَا
هنديُّ، تُحْسِنُ الشطْرَنْج؟، قُلْتُ: نَعم، قَالَ:
فَغَلَبتُهُ، فَثَارَ، وَكَانَ طَبَقَةَ أَهْلِ زَبِيْدٍ،
فَقَالَ لَهُ أَبُوْهُ: مَا لَنَا مَنْ يَغْلِبُك إلَّا
جَيَّاشٌ، وَقَدْ مَاتَ، ثُمَّ لَعِبتُ مَعَ الأَب،
فَمَنَّعْتُ الدَّسْتَ، فَأَحَبَّنِي وَخَلَطَنِي
بِنَفْسِهِ، وَهُوَ يَقُوْلُ كُلَّ الوقت: عجَّل الله
عَلَيْنَا بكُم يَا آل نَجَاح، فَأَخَذْتُ أُكَاتِبُ
الحُبُوشَ حَتَّى حصل حَوْلَ زَبيْد خَمْسَةُ آلاَف
حَرْبَةً، وَأَمرتُ وَزِيْرِي، فَأَخَذَ لِي عَشْرَة آلاَف
دِيْنَار مُودَعَة، فَأَنفقتُهَا فِيهِم، وَضرب وَلد ابْن
القُم عَبداً لَهُ، فَنَالنِي طرفُ سَوْطه، فَقُلْتُ:
أَنَا أَبُو الطَّامِي، فَقَالَ أَبُوْهُ: مَا اسْمُكَ?
قُلْتُ: بحرٌ، قَالَ: كُنْيَة مُنَاسبَة.
وَقَالَ مرَّة لابْنِهِ: إِن غلبتُ الْهِنْدِيّ، أَوفدتُك
بِارتِفَاعِ السّنَة عَلَى المُكَرَّم. قَالَ: فَترَاخيتُ
لَهُ، فَغلبنِي، فَطَاش فَرحاً، وَمَدَّ يَده إِلَى
وَجْهِي، فَأَحْفَظنِي، وَقُمْت، فَعثرتُ، فَاعْتَزَيْتُ،
وَقُلْتُ: أَنَا جيَاش بن نجاح، فَفَهمهَا الأَبُ،
فَوَثَبَ خَلْفِي حَافِياً، وَضَمَّنِي، وَأَخْرَج
المُصْحَفَ، وَحَلَفَ لِي، وَحَلفتُ لَهُ، وَأَمرَ
بِإِخلاَءِ دَارِ أَعزَّ بنِ الصُّليحِيِّ، وَحَمَلَ
إِلَيْهَا الأَمتعَة، وَنُقِلَتْ إِلَيْهَا سُرِّيَّتِي،
فَوَلَدَتْ لِوقتهَا وَلدي الفَاتك، وَضربت الطّبل،
وَظهرنَا، فَأَسرنَا ابْنَ شِهَابٍ، فَقَالَ: مِثْلِي لاَ
يَطلُبُ العَفْوَ، وَالحَرْبُ سجالٌ، قُلْتُ: وَمِثْلُكُ
لاَ يُقْتَل. ثُمَّ أَحْسَنَ إِلَيْهِ جَيَّاش، وَتسلَّم
دَارَ الْملك، وَلَمْ يَمضِ شهرٌ حَتَّى ركب فِي
عِشْرِيْنَ أَلْف حربَة، وَلَمْ يَقوَ بِهِ المكرَّم،
وَلَمْ يَزَلْ مَالِكاً إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ خَمْسِ
مائَة.
وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ عَنْ سِتَّة
بَنِيْنَ، فَتملَّك ابْنُهُ الفَاتكُ، ثُمَّ حَارَبَه
إِبْرَاهِيْمُ أَخُوْهُ، وَمَاتَ فاتكٌ سَنَة "53"،
فَملَّكت عبِيدُهُ وَلدَه المَنْصُوْر صَغِيراً،
فَتَوَثَّبَ عبدُ الوَاحِد بنُ جيَاش، فَتملَّك زَبِيْد،
وَهربت الخدمُ بِالصَّبيّ، وَجَرَتْ حُرُوْبٌ طَوِيْلَة،
ثُمَّ تَمَكَّنَ الصَّبيُّ مُدَّةً، وَوَلِيَ بَعْدَهُ
ابْنه فَاتكُ بنُ منصور، ثُمَّ تَملَّك ابْنُ عَمِّهِ،
فَدَامت دَوْلَتُهُ إِلَى أَنْ قَتله عَبِيدُهُ فِي سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَاسْمُهُ فَاتكُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَنْصُوْر، وَكَانَ هُوَ وَعَبِيَدُهُ
لاَ بَأْسَ بَدَوْلَتِهِم، وَحكمُوا عَلَى شطر اليَمَن
مَعَ بَقَايَا آل الصليحي، ومع الشرفاء الزيدية.
(14/218)
صاحب ماردين،
الباقلاني:
4566- صاحبُ ماردين 1:
الملك سقمان بن الأمير الكبير أرتق بن أكسب التركماني
أَخُو الْملك إِيلغَازِي.
وَلِيَا إِمْرَةَ القُدْسِ بَعْد أَبِيهِمَا،
فَضَايَقَهُمَا ابْنُ بدرٍ أَمِيْرُ الجُيُوْش، وَأَخَذَهُ
مِنْهُمَا قَبْلَ أَخْذِ الفِرَنْج لَهُ بأشهرٍ، فَذَهَبَا
وَاسْتَولَيَا عَلَى دِيَارِ بكرٍ.
مَاتَ سُقْمَان بِقُرْبِ طَرَابُلُس سَنَة ثَمَانٍ
وَتِسْعِيْنَ، وَمَاردين اليَوْم وَمِنْ قَبْل مَا زَالت
فِي يَدِ ذُرِّيَّتِهِ.
قِيْلَ: إِنَّ ابْنَ عَمَّار طَلَبه لِينجده عَلَى
الفِرَنْج، وَإِن صَاحِبَ دِمَشْق مرض، وَهَمَّ بِتَسْلِيم
دِمَشْق إِلَيْهِ، فَسَارَ إِلَيْهَا لِيَملِكَهَا، ثُمَّ
يَغزُو الفِرَنْجَ، فَمَاتَ بِالخوَانِيقِ، وَنُقِلَ،
فَدُفِنَ بِحصنِ كَيْفَا.
4567- البَاقِلاَّني 2:
الشَّيْخُ الصَّالِحُ المُحَدِّثُ أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ
بنُ الحسن بن أحمد بن الحَسَن بن خذَادَاذَا البَاقلاَنِي،
البَقَّال، الفَامِي، البَغْدَادِيّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ، وَأَبِي بكر
البرقاني، وأحمد بن عبد الله بن المَحَامِلِيّ وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَابْنُ
نَاصرٍ، وَالسِّلَفِيّ، وَخَطِيبُ المَوْصِلِ، وَشُهْدَةُ،
وَخَلْق.
أَثْنَى عَلَيْهِ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيّ،
وَقَالَ ابْنُ نَاصرٍ: كَانَ كَثِيْرَ البُكَاءِ مِنْ
خَشْيَةِ اللهِ.
قُلْتُ: عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً أَوْ أَزيَدَ،
وَتُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَة خَمْسِ
مائَة، وَهُوَ أَخُو الشَّيْخ أَبِي طَاهِر أَحْمَد بن
الحَسَنِ الكَرْخِيّ المَذْكُور.
__________
1 ترجمته في العبر "3/ 351"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 188"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/
409".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 153"، والعبر "3/
356"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردى "5/ 195"، وشذرات
الذهب لابن العماد "3/ 412".
(14/219)
ابن زنجويه، ابن أبي
الصقر:
4568- ابن زَنْجُويه 1:
الإِمَامُ الفَقِيْهُ المُعَمَّرُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَنْجَوَيْه
الزَّنْجَانِي الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَقَدِمَ بَغْدَاد شَابّاً، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَلِيٍّ
بنِ شَاذَانَ. وَطَائِفَة، فَسَمِعَ "مُسْنَد الإِمَام
أَحْمَد" مِنَ الحُسَيْن الفلاَّكِي صَاحِب القَطِيْعِيّ،
وَسَمِعَ "غَرِيْب أَبِي عُبَيْدٍ" مِنِ ابْنِ هَارُوْنَ
التَّغْلِبِيّ عَالِياً، وَقرَأَ لأَبِي عَمْرٍو عَلَى
ابْنِ الصَّقْر الكَاتِب، وَصَارَت الرِّحلَةُ إِلَيْهِ،
وَمدَارُ الفَتْوَى بِبلده عَلَيْهِ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي
طَالِبٍ الدَّسْكَرِي، وَالعَلاَّمَة عَبْد القَاهِرِ بنِ
طَاهِرٍ البَغْدَادِيِّ الأُصُوْلِيِّ، وَالحَسَن بن
مَعْرُوف الزَّنْجَانِي صَاحِبِ ابْنِ المُقْرِئِ، سَمِعَ
مِنْهُ "مُسْنَدَ أَبِي يَعْلَى".
قَالَ شِيْرَوَيْه الحَافِظ: كَانَ فَقِيْهاً, مُتْقِناً,
رحلتُ إِلَيْهِ بِابْنِي شهردَار، وَسَمِعنَا مِنْهُ
بِزَنْجَان.
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْهُ السِّلَفِيّ، وَشُعْبَةُ بنُ
أَبِي شُكْرٍ الأَصْبَهَانِيّ، وَابْنُ طَاهِرٍ
المَقْدِسِيّ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ تلاَمذَة القَاضِي
أَبِي الطَّيِّب الطَّبَرِيّ، رَأَيْتُ لَهُ تَرْجَمَة
مفردَة بِخَطِّ الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ كتبهَا عَنِ
السِّلَفِيّ، وَأَنَّهُ قرَأَ كِتَاب "الْمُرشد" عَلَى
مُؤلفه أَبِي يَعْلَى بن السَّرَّاج، وَتَلاَ عَلَيْهِ
بِمَا فِيْهِ، وَأَنَّهُ كتب بِنَيْسَابُوْرَ "تَفْسِيْرَ
إِسْمَاعِيْل بن أَحْمَدَ الضّرِير" عَنْهُ، وسمع من أبي
عبد الله بن بَاكُويه، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
أَنَا أُفتِي مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَقِيْلَ لِي عَنْهُ: إِنَّهُ لَمْ يُفْتِ خطَأً
قَطُّ، وَأَهْلُ بَلَده يُبَالِغُون فِي الثَّنَاءِ
عَلَيْهِ، الخَوَاصُّ والعوام، ويذكرون ورعه، وقلة طمعه.
قُلْتُ: مَا ظفرتُ بِوَفَاتِهِ، لَكِنَّه حَدَّثَ فِي
سَنَةِ خَمْس مائَة، وَانقطعَ خَبَرُهُ.
4569- ابْنُ أَبِي الصَّقْر 2:
العَلاَّمَةُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
حَسَنِ بنِ أَبِي الصَّقرِ الوَاسِطِيّ, الكَاتِب، أَحَدُ
الشُّعَرَاء.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الشَّافعيَّة، عَلَّقَ المَذْهَبَ
بِالنِّظَامِيَة عَنِ الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاقَ، فَلَهُ
عَنْهُ ثلاث تعليقات.
__________
1 ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي "4/ 45".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 145"، ومعجم الأدباء
لياقوت الحموي "18/ 257", وطبقات الشافعية للسبكي "4/
191"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 191".
(14/220)
وَحَدَّثَ عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ
هَارُوْنَ القَطَّانِ، وَعِيْسَى بنِ خَلَفٍ
الأَنْدَلُسِيّ، وَأَخَذَ الأَدبَ عَنْ أَبِي غَالِبٍ بنِ
الخَالَةِ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الخَيْشِي
النَّحْوِيّ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ
الخَطِيْب، وَعَاد إِلَى بَلَده، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَاد،
وَحَدَّثَ بِهَا.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ نَاصر، وَابْنُ الجوَالِيقِي،
وَكَثِيْرُ بن سمَاليق، وَالسِّلَفِيّ.
وَقَالَ شُجَاع الذُّهْلِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَلَهُ شعر
مطبوع.
وَقَالَ الحَوزِي أَبُو الْكَرم: كَانَ يَقُوْلُ أَنَا
مِنْ وَلَدِ الوَزِيْر أَبِي الصَّقر إِسْمَاعِيْل بن
بُلبل، قَالَ أَبُو الْكَرم: وَلَمَّا وَقعت الفِتْنَة
بَيْنَ الحنَابلَة وَالأَشْعَرِيِّيْنَ، كَانَ قَائِماً
وَقَاعِداً فِيْهَا، وَعَمِلَ فِي ذَلِكَ أَشعَاراً، وَبلغ
التِّسْعِيْنَ إلَّا شهوراً، مَاتَ بِوَاسِطَ فِي جُمَادَى
الأُوْلَى سَنَة ثمانٍ وتسعين وأربع مائة.
(14/221)
4570- الدَّوني 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ، الزَّاهِدُ، الصَّادِقُ، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدِ بن الحَسَنِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدُّونِي الصُّوْفِيّ، مِنْ قَرْيَة
الدُّوْنِ: مِنْ أَعْمَالِ هَمَذَان، عَلَى عَشْرَة
فَرَاسخ مِنْهَا, مِمَّا يَلِي مدينَة الدِّينَوَر.
كَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى كِتَاب "المُجْتَبَى" مِنْ "سُنَن
النَّسَائِيّ"، وَغَيْر ذَلِكَ عَنِ القَاضِي أَبِي نَصْرٍ
أَحْمَد بن الحُسَيْنِ الكسَار صَاحِبِ ابْن السُّنِّي.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ، وَابْنُهُ
أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ السَّمْعَانِيّ،
وَأَبُو العَلاَءِ الحَسَنُ بن أَحْمَدَ الهَمَذَانِيّ،
وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو الفُتُوْح
الطَّائِيّ صَاحِبُ الأَرْبَعِيْنَ، وَسَعْدُ الخَيْر
الأَنْدَلُسِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ بنيمَان، وَعَبْدُ
الرَّزَّاقِ بن إِسْمَاعِيْلَ القُوْمَسَانِيُّ، وَابْنُ
عمه المطهر بن عبد الكَرِيْمِ، وَأَبُو الفَتْحِ عَبْد
اللهِ بن أَحْمَدَ الخِرَقِي، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ
يَنَالَ التّرْك، وَآخَرُوْنَ.
قرَأَ عَلَيْهِ السِّلَفِيّ فِي سَنَةِ خَمْس مائَة
بِالدُّوْنِ كِتَاب النَّسَائِيّ، وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ
اقْتَدَى فِي التَّصَوُّف بِأَبِيْهِ، وَأَبُوْهُ اقْتَدَى
بجدِّه، وَهُوَ اقْتَدَى بِحُسَيْن بن عَلِيٍّ الدُّونِي،
وَهُوَ اقْتَدَى بِمُحَمَّدِ بنِ عبدِ الخَالِق
الدِّيْنَوَرِيّ صَاحِب ممشَاذ الدِّيْنَوَرِيّ، وَممشَاذ
بِالشَّيْخ أَبِي سِنَانٍ، فَقِيْلَ: إِنَّ هَذَا اقْتَدَى
بِأَبِي تُرَاب النَّخْشَبِي.
وَقَالَ السِّلَفِيّ: قَالَ ابْنُهُ أَبُو سعدٍ لِي:
لوَالِدي خَمْسُوْنَ سَنَةً مَا أَفطر النَّهَارَ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: كَانَ صَدُوْقاً مُتَعَبِّداً،
سَمِعْتُ مِنْهُ "السُّنَن"، وَ"رِيَاضَة المُتَعَبِّدين".
وَقَالَ السِّلَفِيّ: كَانَ سُفْيَانِيَّ المَذْهَبِ,
ثِقَةً، وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: سَمَاعُهُ لِلسُّنَنِ فِي شَوَّال
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، مَاتَ فِي رَجَب, سَنَة
إِحْدَى وَخَمْس مائَة.
قُلْتُ: ذهب إِلَى أَصْبَهَانَ، فَحَدَّثَ بِهَا
بِالكِتَابِ.
__________
1 ترجمته في العبر "4/ 2"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
"5/ 197"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 3".
(14/221)
ابن خشيش، ابن سوسن:
4571- ابن خُشَيْش 1:
الشَّيْخُ الصَّالِحُ المُعَمَّرُ الصَّدُوْقُ أَبُو
سَعْدٍ مُحَمَّدُ بن عبد الكَرِيْمِ بنِ خُشَيْشٍ
البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ أَبَا عَلِيٍّ بن شَاذَانَ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ
مَخْلَدٍ البَزَّاز، وَسَمَاعُهُ صَحِيْح، وَهُوَ مِنْ
رُوَاة "جُزءِ ابْن عَرَفَةَ".
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَالكَاتِبَة
شُهْدَة، وَأَبُو السَّعَادَاتِ القَزَّازُ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ فِي عَاشر ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَخَمْس مائَة، وَلَهُ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً,
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو الفوَارس حُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ
بنِ الخَازن صَاحِب الْخط الْبَدِيع، وَأَبُو أَحْمَدَ
حَمْدُ بن عَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ يَحَنَّه
الأَصْبَهَانِيّ المُعَبِّر، وَالعَلاَّمَة أَبُو
المَحَاسِنِ الرُّويَانِي، قَتَلَتْهُ
الإِسْمَاعِيْلِيَّةُ، وَأَبُو القَاسِمِ الربعِي،
وَهِبَةُ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
المَوْصِلِيّ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ، وَالعَلاَّمَة
أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بن عَلِيٍّ التبريزي اللغوي.
4572- ابن سُوسَن 2:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ
المُظَفَّر بن حُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سُوْسَنَ
التمار.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ، وَأَبِي
القَاسِمِ الحُرْفِي، وَعَبْدِ المَلِكِ بن بِشْرَان.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدي،
وَعَبْدُ الوَهَّابِ الأنماطي، وَأَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، وَيَحْيَى بنُ شَاكِرٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الأَنْمَاطِيّ: شَيْخٌ مُقَارِبٌ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ يُلْحِقُ سَمَاعَاتِهِ فِي
الأَجزَاء. قَالَهُ شُجَاع الذُّهْلِيّ، مَاتَ: فِي صَفَرٍ
سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْس مائَة، وله اثنتان وتسعون سنة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 160"، والعبر "4/ 5"،
وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 5".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 164"، والعبر "4/ 6"،
ولسان الميزان "1/ 311"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 7".
(14/222)
4573- ابن العَلاَّف 1:
المَوْلَى الجَلِيْل، الحَاجِبُ الثِّقَةُ، مُسْنِدُ
العِرَاق، أَبُو الحسن علي بن المُقْرِئِ أَبِي طَاهِرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّد بنِ يُوْسُفَ بن
يَعْقُوْبَ البَغْدَادِيّ ابْنُ العَلاَّف، مِنْ بَيْت
الرِّوَايَة وَالعِلْم، وَمِنْ حُجَّاب الخِلاَفَة.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
ولدت سنة ست وأربع مائة في المُحرَّم، وَسَمِعْتُ مِنْ
أَبِي الحُسَيْنِ بن بِشْرَان: ووعظ ابن سَبْعِيْنَ
سَنَةً.
قُلْتُ: سَمِعَ أَبَا الحَسَنِ بنَ الحمَامِي، وَعَبْد
الْملك بن بِشْرَان، وَكَانَ حَميْدَ الطّرِيقَة،
صَدُوْقاً، ضَاع سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ
عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّنْجِيّ، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ الطُّوْسِيّ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ النَّقُّوْرِ، وَعَبْدُ الحَقِّ
اليُوسفِي، وَقَيْسُ بن مُحَمَّدٍ السَّويقِي، وَأَبُو
طَالِبٍ بنُ خُضير، وَالمُبَارَكُ بنُ عَلِيٍّ الخَيَّاط،
وَيَحْيَى بن ثَابِتٍ البَقَّال، وَعَبْدُ اللهِ بن
مَنْصُوْرٍ المَوْصِلِيّ، وَوجيهُ بنُ هِبَةِ اللهِ
السَّقَطِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ العَلَوِيّ النَّقيب،
وَعَبْدُ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ النَّرْسِيّ، وَخمرتَاش
مَوْلَى ابْنِ المُسلِمَة، وَعَبْدُ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ
حَمتيس السَّرَّاج، وَأَبُو السَّعَادَاتِ نَصْرُ اللهِ
القَزَّاز، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
مَاتَ فِي الثَّالِث وَالعِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّم,
سَنَة خَمْسٍ وَخَمْس مائَة، وَقَدِ اسْتكمل تِسْعاً
وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: المُحَدِّثُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ الآبَنُوْسِي، وَالحَافِظُ أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَيْدَرَة بن مفوَّز الشَّاطبِي،
وَشيخُ الفُقَهَاءِ بِسَبْتَةَ أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى التَّمِيْمِيُّ، وَحُجَّةُ
الإِسْلاَمِ أَبُو حَامِدٍ الغزَالِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ التَّانِي سرفوتج
مِنْ أصحاب أبي نعيم.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 168"، والعبر "4/ 9"،
وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 10".
(14/223)
السنجبستي، الجماري:
4574- السَّنْجِبسْتي 1:
القَاضِي الإِمَام، الفَرَضِيّ المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ
خُرَاسَانَ، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الحَسَنِ
بنِ عَلِيِّ بن حَمْدُوْنَ الخُرَاسَانِيّ,
السَّنْجَبَسْتِي.
وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَع مائَة تَقَرِيْباً أَوْ
جزماً.
وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بن الحَسَنِ الحِيْرِيَّ، وَأَبَا
سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَأَبَا علي البلخي، وألحق
الأحفاد الأجداد، وَهُوَ مِنْ بَيْتِ حِشْمَةٍ
وَجَلاَلَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَمُحَمَّد
بن مُحَمَّدٍ السِّنْجِيّ، وَأَبُو شُجَاعٍ عُمَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ البِسْطَامِي، وَمُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ
الوَاعِظُ، وَأَبُو الفُتُوْحِ الطَّائِيّ، وَعِدَّة.
وَثَّقَهُ عَبْدُ الغَافِرِ بن إِسْمَاعِيْلَ، كَانَ
يَقْدَمُ مِنْ قَرْيَته، وَيُحَدِّث بِنَيْسَابُوْرَ،
وَهِيَ عَلَى مرحلةٍ مِنْ نَيْسَابُوْر.
تُوُفِّيَ بِسَنْجَبَسْتَ فِي صَفَرٍ, سَنَة سِتٍّ وَخَمْس
مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بن مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ القَارِئ العَدْل، وَالمُحَدِّثُ أَبُو
الفَضْلِ العَبَّاسُ بن أَحْمَدَ الشَّقَّانِي
النَّيْسَابُوْرِيّ، وَالفَضْل بن مُحَمَّد بن عُبَيْدِ
القُشَيْرِيّ، وَالوَاعِظ أَبُو سَعْدٍ المُعَمَّر بن
عَلِيِّ بنِ أَبِي عِمَامَة الحَنْبَلِيّ، وَقَاضِي
دِمَشْق أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى التركِي
البَلاَسَاغُونِيُّ الحَنَفِيّ.
4575- الجُمَّاري:
أَبُو نُعَيْمٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ خَلَفٍ الوَاسِطِيّ، رَاوِي "مُسْنَد مُسَدَّد" عَنْ
أَحْمَدَ بنِ المُظَفَّرِ العَطَّارِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ نَغوبَا، وَأَبُو طَالِبٍ
الكتَانِي المُحْتَسِب، وَهِبَةُ اللهِ ابْن الجلخت،
وآخرون.
وثقه المحدث خميس.
تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ خَمْس مائَة، فَإِنَّهُ
حَدَّثَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 162"، واللباب لابن
الأثير "2/ 146"، والعبر "4/ 11"، وشذرات الذهب لابن
العماد "4/ 14".
(14/224)
4576- الشَّيرَوي 1:
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، العَابِدُ المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ
العصرِ، أَبُو بكر عبد الغفار بنِ مُحَمَّدِ بنِ
الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ شِيْرَوَيْه بن عَلِيٍّ
الشِّيروِي, النَّيْسَابُوْرِيّ, التَّاجِر.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة فِي ذِي
الحِجَّةِ.
وَسَمِعَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّة أَعْوَام مِنَ: القَاضِي
أَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيّ،
وَهُوَ خَاتِمَة أَصْحَابِهِمَا، وَعَبدِ القَاهِر بنِ
طَاهِرٍ الأُصُوْلِي، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
المُزَكِّي، وَالقُدْوَةُ فَضلُ اللهِ بنُ أَبِي الخَيْرِ
المِيْهَنِيُّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَوَلَدُهُ
الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ حُضُوْراً، وَأَبُو الفُتُوح
الطَّائِيّ، وَعبدُ الرَّحِيْم الحَاجِي، وَعبدُ المُنْعِم
بن عَبْدِ اللهِ الفُرَاوِي، وخلقٌ، وَبِالإِجَازَة:
ذَاكرُ بن كَامِلٍ الخَفَّاف، وَأَبُو المَكَارِمِ
اللَّبَّانُ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ فِي "الأَنسَابِ": كَانَ شَيْخاً
صَالِحاً عَابِداً مُعَمَّراً، رُحِلَ إِلَيْهِ مِنَ
البِلاَدِ، وَقَدِ ارْتَحَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَسَمِعَ
مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ رِيْذَةَ، وَأَبِي طَاهِرٍ بنِ
عَبْدِ الرَّحِيْمِ، حَضَّرنِي أَبِي مَجْلِسَه، وَكَانَ
وَالِدُهُ يَرْوِي عَنْ أَبِي طَاهِر المُخَلِّص.
قُلْتُ: وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَمِنْ أَبِي حَسَّانٍ
المُزَكِّي، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ
النَّحْوِيّ، وَأَجَازَ لِمَنْ أَدْرَكَ حيَاته، وَهُوَ
مِنْ قَرْيَة كُونَابَذ، وَعُرِّبَتْ فَقِيْلَ لَهَا:
جُنَابَذ، وَهِيَ مِنْ قُهُسْتَان نَاحِيَة كَبِيْرَة مِنْ
أَعْمَالِ نَيْسَابُوْر، وَكَانَ يَتَّجِرُ إِلَى البِلاَد
مُضَاربَةً، ثُمَّ كَبِرَ وَانقطَعَ لِتَسمِيْعِ
الحَدِيْث، وَكَانَ مُكْثِراً، أَلحقَ الأَحفَادَ
بِالأَجدَادِ، وَبَعُدَ صِيتُه، وَسَمِعَ مِنْهُ مَنْ
دَبَّ وَدَرَجَ، وَلَمْ تَتَغَيَّرْ حَوَاسُّه، بَلْ
ضَعُفَ بَصَرُهُ، وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ أَبِي عَبْدِ
اللهِ بنِ بَاكُويه.
قَالَ الفَضْلُ بنُ عبد الوَاحِد الأَصْبَهَانِيّ:
سَمِعْتُ الرَّئِيْسَ الثَّقَفِيّ يَقُوْلُ: لاَ جَاءَ
الله مِنْ خُرَاسَان بأحدٍ إلَّا بِأَبِي بَكْرٍ
الشِّيرَوِي، فَإِنَّهُ أَخْيَرُهُم، وَأَنْفَعُهُم.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَمِعْتُ مِنْهُ الكثير، ولي ثلاث
سنين، وسمع منه أَخِي فِي الخَامِسَة، فَمِنْ ذَلِكَ "جزءُ
ابْن عُيَيْنَةَ"، وَخَمْسَة أَجزَاء مِنْ "مُسْنَد
الشَّافِعِيّ".
تُوُفِّيَ: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْس
مائَة، وقد استكمل ستًا وتسعين سنة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 307"، والعبر "4/ 20"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 213"، وشذرات الذهب
لابن العماد "4/ 27".
(14/225)
القزويني، الفامي:
4577- القَزويني:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ، الجَوَّالُ الصَّدُوْقُ، أَبُو
إِبْرَاهِيْمَ الجَلِيْلُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ بن عَبْدِ
اللهِ التَّمِيْمِيّ القَزْوِيْنِيّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي يَعْلَى الخَلِيْلِي وَطَائِفَة
بقزوين، ومن: أبي الحسين بنِ الطَفَّال بِمِصْرَ، وَمِنَ:
الحُسَيْنِ بنِ جَابِرٍ القَاضِي بِتِنِّيسَ، وَمِنْ:
أَبِي العَلاَءِ بنِ سُلَيْمَانَ بِالمَعَرَّةِ، سَمِعْنَا
مِنْ طرِيقه نُسخَةَ فُلَيْح.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ البَرَدَانِي، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَقَالَ: ثقةٌ مِنْ بَيْت
الحَدِيْث، رَحَلَ إِلَى الحِجَازِ، وَالعِرَاق، وَمِصْرَ،
وَخُرَاسَان، وَالشَّام.
رَوَى عَنْ قَوْم مَا حَدَّثَنَا عَنْهُم سِوَاهُ، وَهُوَ،
وَأَبُوْهُ، وَجدُّه عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ، وَجَدُّ أَبِيْهِ،
وَجَدُّ جَدِّه، مُحَدِّثُونَ.
قُلْتُ: وَذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وَمَا أَرَّخ
مَوْتَه، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِ مائَة.
4578- الفَامي ّ1:
الإِمَامُ المُفْتِي، مُدَرِّسُ النِّظَامِيَة، أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوهاب بن مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عبد الوَاحِد الفَارِسِيّ,
الفَامِي, الشِّيرَازِي الشَّافِعِيّ.
قَدِمَ بَغْدَاد مدرساً مِنْ جِهَةِ نِظَامِ المُلك سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ مُشَارِكاً فِيْهَا لِلْحُسَيْنِ بن
مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيّ، فَكَانَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا
يُدَرِّس يَوْماً، ثُمَّ عُزِلا بَعْدَ سَنَةٍ.
أَملَى عَنِ المُحَدِّثِ: أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ
الحَسَنِ بنِ اللَّيْثِ، وَعبدِ الوَاحِد ابن يُوْسُفَ
القَزَّاز، وَعَلِيّ بن بُنْدَارَ الحَنَفِيّ، وَأَبِي
زُرْعَةَ أَحْمَد بن يَحْيَى الخَطِيْب، وَالحَسَن بن
مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ كرَامَة الشِّيرَازِيِّينَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ،
وَابْنُ نَاصر.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ النَّحْوِيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نَاصر، حَدَّثَنَا
الإِمَامُ جَمَالُ الإِسْلاَمِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الوَهَّابِ -عُرِفَ بِالفَامِيِّ-، أَخْبَرَنَا عبدُ
الوَاحِد بن يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا عُبيدُ الله بن
مُحَمَّدِ بنِ بَيَانٍ الحَافِظ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ
مُحَمَّد بن سَعِيْدٍ الرَّقِّيّ بِهَا ... ، فَذَكَرَ
حديثًا.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 152"، وميزان
الاعتدال "2/ 683"، وطبقات الشافعية للسبكي "5/ 229"،
وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 413".
(14/226)
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَةَ: عَبْدُ
الوَهَّابِ بن مُحَمَّدٍ الفَامِي مِنْ أَئِمَّةِ
الشَّافعيَّة وَكِبَارِهِم، سَمِعْتُ عَلَيْهِ كَثِيْراً،
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: صنفتُ سَبْعِيْنَ تَأْلِيفاً،
وَلِي "التَّفْسِيْرُ" ضمنتُهُ مائَةَ أَلْفِ بَيْتٍ
شَاهِداً، أَملَى وَحُفِظَ عَلَيْهِ تصحيفٌ شَنِيعٌ،
فَأُجْلِبَ عَلَيْهِ، وَطُولِبَ، وَرُمِيَ بِالاعتزَالِ
حَتَّى فَرَّ بِنَفْسِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ ثَابِتٍ الطَّرْقِي: سَمِعْتُ
جَمَاعَةً: أن عبد الوهاب أملى عَلَيْهِم بِبَغْدَادَ:
صَلاَةٌ فِي أَثَرِ "صلاةٍ كتابٌ فِي عِلِّيينَ"1،
فَصَحَّفهَا "كَنَارٍ فِي غَلَس"، فَكَلَّمُوْهُ، فَقَالَ:
النَّار فِي الْغَلَس تَكُوْنُ أَضوَأَ.
قَالَ الطَّرْقِي: وَسَأَلَهُ صَدِيْقٌ لِي: هَلْ سَمِعْتَ
"جَامِع أَبِي عِيْسَى"? فَقَالَ: مَا الجَامِعُ? وَمَنْ
أَبُو عِيْسَى? ثُمَّ سَمِعتُهُ بَعْدُ يَعُدُّه فِي
مَسْمُوْعَاتِه.
وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُمْلِي بِجَامِع القَصْرِ، قُلْتُ
لَهُ: لَوِ اسْتَعنتَ بحَافظ? فَقَالَ: إِنَّمَا يَفعلُ
ذَا مَنْ قَلَّتْ مَعْرِفَتُهُ، وَأَنَا، فَحفظِي
يُغنِينِي، فَامْتُحِنْتُ بِالاستملاَءِ عَلَيْهِ،
فَرَأَيْتهُ يُسْقِطُ مِنَ الإِسْنَاد رَجُلاً، وَيَزِيْد
رَجُلاً، وَيَجعل الرَّجُل اثْنَيْنِ، فَرَأَيْتُ
فَضيحَةً، فَمِنْ ذَلِكَ: الحَسَنُ بن سُفْيَانَ،
حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، فَأَمسك الجَمَاعَةُ،
وَنظرَ إِلَيَّ وَتَكَلَّمُوا، فَقُلْتُ: قَدْ سقط إِمَّا
مُحَمَّدُ بنُ مِنْهَالٍ، أَوْ أُمَيَّة بنُ بِسْطَامَ،
فَقَالَ: اكتُبُوا كَمَا فِي أَصْلِي، وَجَاءَ:
أَخْبَرَنَا سَهْل بن بَحْر، أَنَا سَأَلتُهُ،
فَصَحَّفَهَا، فَقَالَ: أَنَا سَالِبَةُ، وَقَالَ:
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو الأَشْعَثي، فَقَالَ: وَالأَشْعَثي،
جَعَلَ وَاو "عَمْرو" لِلْعطف، فَرددتُهُ، فَأَبَى،
فَقُلْتُ: فَمَنِ الأَشْعَثيُّ? قَالَ: فُضُولٌ مِنْكَ،
وَجَاءَ وَرْقَاءُ بن قَيْسِ بن الرَّبِيْعِ، فَقُلْتُ:
هُوَ "عَنْ" بَدَلَ "ابْن" وَقَالَ: فِي حَدِيْث حُمَيْلِ
بنِ بَصْرَةَ: لقيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَجِيْءُ
مِنَ الطور، فقال: "الطَّوْدِ" وَفَسَّر مَرَّةً
"الخِشْف"2 فَقَالَ: طَائِر، وَقَالَ فِي: {فَلْيَعْمَلْ
عَمَلًا صَالِحًا} [الكهفُ: 110] انْتصبَ عَلَى الحَال.
قيل: وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائة،
وعاش ستًا وثمانين سنة.
__________
1 حسن: أخرجه أبو داود "558"، وأحمد "5/ 268"، من طريق
يحيى بن الحارث الذماري، عن القاسم بن عبد الرحمن، عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة
مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى
لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على أثر صلاة
لا لغو بينهما كتاب في عليين".
ووقع عند أحمد: يحيى بن خالد الذهاري، وهو تصحيف، وما
أثبتناه الصواب.
2 الخشف: الظبي أول ما يولد.
(14/227)
تُوُفِّيَ بِشِيْرَاز فِي السَّابِع
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَة خَمْس مائَة، وَقَدْ
سُقت مِنْ أَخْبَاره فِي "التَّارِيْخ الكَبِيْر" وَفِي
"مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ".
وَقِيْلَ: كَانَ مُعْتَزِليّاً.
وَفِيْهَا: مَاتَ أَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ أَحْمَدَ الحَدَّاد سِبْط ابْن مَنْدَه، وَشيخُ
الشَّافعيَة أَبُو المُظَفَّرِ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ
الخوَافِي بِطُوْسَ، وَالفَقِيْهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زَنْجَوَيْه
الزَّنْجَانِي، وجعفر السَّرَّاج، وَالمُبَارَك بن
الصَّيْرَفِيّ، وَأَبُو غَالِبٍ البَاقلاَنِي، وَشَيخُ
النَّحْو المُبَارَكُ بنُ فَاخرِ بنِ الدَّبَّاس،
وَسُلْطَانُ المَغْرِب يُوْسُفُ بن تَاشفِيْن.
(14/228)
4579- صاحب الغَرْب 1:
أَمِيْرُ المُسْلِمِين، السُّلْطَان أَبُو يَعْقُوْبَ
يُوْسُفُ بنُ تَاشفِيْن اللَّمتونِي، البَرْبَرِي
المُلَثَّم، وَيُعْرَفُ أَيْضاً بِأَمِيْر المرَابطين،
وَهُوَ الَّذِي بَنَى مَرَّاكُش، وَصَيَّرَهَا دَارَ
مُلْكِهِ.
وَأَوّل ظُهُوْر هَؤُلاَءِ المُلَثَّمِين مَعَ أَبِي
بَكْرٍ بنِ عُمَرَ اللَّمتونِي، فَاسْتولَى عَلَى البِلاَد
مِنْ تِلِمسَان إِلَى طرف الدُّنْيَا الغربِي، وَاسْتنَاب
ابْنَ تَاشفِيْن، فَطَلَعَ بَطَلاً شُجَاعاً شَهْماً
عَادِلاً مهيبًا، فاختط مراكش في سنة "465"، اشْتَرَى
أَرْضهَا بِمَاله الَّذِي خَرَجَ بِهِ مِنْ صحرَاء
السُّودَان، وَلَهُ جبلُ الثَّلج، وَكثرت جيوشُه، وَخَافته
المُلُوْكُ، وَكَانَ بَربرِيّاً قُحّاً، وَثَارَتِ
الفِرَنْجُ بِالأَنْدَلُسِ، فَعَبَرَ ابْنُ تَاشفِيْن
يُنْجِدُ الإِسْلاَمَ، فَطحن العَدُوَّ، ثُمَّ أَعْجَبته
الأَنْدَلُسُ، فَاسْتولَى عَلَيْهَا، وَأَخَذَ ابْنَ
عَبَّادٍ وَسَجَنَهُ، وَأَسَاءَ العِشْرَةَ.
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنُ تَاشفِيْن كَثِيْرَ الْعَفو،
مُقَرّباً لِلْعُلَمَاءِ، وَكَانَ أَسْمَرَ نَحِيْفاً،
خفِيفَ اللِّحْيَة، دقيقَ الصَّوْت، سَائِساً، حَازِماً،
يَخطُبُ لِخَلِيْفَة العِرَاق، وَفِيْهِ بُخْلُ
البَرْبَرِ، تَمَلَّكَ بِضْعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً،
وَهُوَ وَجَيْشُهُ مُلاَزِمُوْنَ لِلِّثَامِ الضَّيِّقِ،
وَفِيْهِم شَجَاعَة وَعُتُوٌّ وعسفٌ، جَاءته الخلع من
المستظهر، وَوَلِيَ بَعْدَهُ وَلدُهُ عليّ.
مَاتَ فِي أَوّل سَنَةِ خَمْس مائَة، وَلَهُ بِضْعٌ
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَتَمَلَّكَ مَدَائِنَ كِباراً
بِالأَنْدَلُسِ، وَبَالعُدوَة، وَلَوْ سَارَ، لتملك مصر
والشام.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "7/ 112"، والعبر
"3/ 356"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 412".
(14/228)
4580- المُطَرِّز 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ، الثِّقَةُ الجَلِيْلُ، مُسْنِد
أَصْبَهَان أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ سَنْدَه الأَصْبَهَانِيُّ المُطَرِّزُ،
خَازِنُ الرَّئِيْسِ الثَّقَفِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا عَلِيٍّ غُلاَمَ مُحسن، وَعَلِيَّ بنَ
عَبْدَكُويه، وَالحُسَيْنَ بن إِبْرَاهِيْمَ الجمَال،
وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ العَطَّار، وَأَبَا نُعَيْمٍ
الحَافِظَ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
السِّنْجِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَآخَرُوْنَ،
وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ بِالحُضُوْر.
قَالَ السَّمْعَانِيٌّ: ثِقَةٌ صَالِحٌ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ: كَاتِبٌ رَئِيْسٌ, عَلَى غَايَةٍ
مِنَ الجَلاَلَة، قَرَأْنَا عَلَيْهِ عَنْ غُلاَم محسن،
وَابْنِ مُصْعَب، وَجَمَاعَة، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ
القُرْآن عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ البَقَّارِ تِلْمِيْذِ
أَبِي عَلِيٍّ بنِ حَبَشٍ، وَخَرَّجَ لَهُ غَانِمُ بن
مُحَمَّد خَمْسَةَ أَجزَاء سَمِعْنَاهَا.
قُلْتُ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة,
فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو مُوْسَى: مَاتَ فِي الثَّانِي
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّال، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْس
مائَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ المُظَفَّر بن سُوْسَن،
وَالقُدْوَةُ الكَبِيْر أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ
بنِ أَحْمَدَ بنِ العُلَبِيِّ الحَنْبَلِيّ، وَأَبُو
الفِتيَان عُمَر بن عبد الكَرِيْم الرُّوَّاسِي الحَافِظ،
وَأَبُو طَاهِرٍ المُحسّد بن مُحَمَّدٍ الإِسكَاف رَاوِي
"المُعْجَم الكَبِيْر" عَنِ ابْنِ فَاذشَاه، وَالوَزِيْرُ
الكَبِيْر أَبُو المَعَالِي هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ
بنِ المُطَّلِبِ الكِرْمَانِيّ بِبَغْدَادَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: رَوَى "مُسْنَد الطَّيَالِسِيّ"
عَنِ الجمَال وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَسَمِعَ مِنْهُ
السِّلَفِيُّ "مُسْنَدَ الحُمَيْدِيِّ" بسماعه من أبي
نعيم.
__________
1 ترجمته في العبر "4/ 7"، والنجوم الزاهرة لابن تغر بردي
"5/ 200"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 7".
(14/229)
4581- ابن نَبْهَان 1:
الشَّيْخُ الكَبِيْرُ، العَالِمُ المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ
وَقته، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ بن سعيد بن نبهان، البغدادي، الكرخي،
الكاتب.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ بعد العشرين من: أبي الله بنِ شَاذَانَ، وَبُشرَى
الفَاتَنِي، وَابْنِ دُومَا النِّعَالِيّ، وَجدِّه
لأُمِّهِ أَبِي الحُسَيْنِ الصَّابِئ، وَعُمِّرَ دَهْراً
طَوِيْلاً، وَأَلْحَقَ الصّغَارَ بِالكِبَار، وَلَمْ
يَكُنْ سَمَاعُهُ كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَفِيْدُهُ مُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَقِيْلٍ، وَأَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ العَطَّار، وَدَهْبَلُ
بنُ كَارَه، وَعِيْسَى بن مُحَمَّدٍ الكَلْوَاذَانِي،
وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ كُلَيْبٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: هُوَ شيخٌ عَالِمٌ، فَاضِل
مُسِنٌّ، مِنْ ذَوِي الهَيئَاتِ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى
عَنِ ابْنِ شَاذَانَ، وَلِي مِنْهُ إِجَازَةٌ. قَالَ ابْنُ
نَاصِرٍ: فِيْهِ تَشَيُّع، وَكَانَ سَمَاعُهُ صَحِيْحاً،
بَقِيَ قَبْلَ مَوْته سَنَةً مُلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ لاَ
يَعْقِلُ، فَمَنْ قرَأَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الحَالَة،
فَقَدْ أَخْطَأَ وَكَذَبَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ
يَفهَمُ مَا يُقرَأُ عَلَيْهِ مِنْ أَوّل سَنَة إِحْدَى
عَشْرَةَ، قَالَ ابْنُ نَاصر: وَسَمِعتُهُ يذكر مَوْلِدَه،
ثُمَّ سَمِعتُهُ مرَّة يَقُوْلُ: سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ،
فَكَلَّمته فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَردتُ أَنْ أَدفع عَنِّي
العينَ، وإلا فمولدي سنة إحدى عشرة.
قال أبو سعيد السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا العَلاَءِ
بن عَقِيْل يَقُوْلُ: كَانَ شَيخُنَا ابْنُ نَبْهَانَ
إِذَا طَوَّلَ عَلَيْهِ المُحَدِّثُونَ، قَالَ: قَوْمُوا،
فَإِنَّ عِنْدَنَا مَرِيضاً، بَقِيَ عَلَى هَذَا سِنِيْنَ،
فَكَانُوا يَقُوْلُوْنَ: مَرِيْضُ ابْنِ نَبْهَانَ لاَ
يَبْرَأُ.
وَقَالَ ابْنُ نَاصِرٍ: كَانَ ابْنُ نَبْهَانَ قَدْ بَلغَ
سِتّاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، سَمِعَهُ جدُّه هِلاَل بنُ
المُحسنِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ، وَلَمْ يَكُنْ
مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ، وَكَانَ أَوَّلاً عَلَى
مُعَامِلَةِ الظَّلَمَةِ، وَكَانَ رَافِضِيّاً،
وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ،
وَكَذَا نَقَلَ الحُمَيْدِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَه
بِخَطِّ جَدِّه ابْنِ الصَّابِئِ، وَمَاتَ فِي شَوَّال
سَنَة إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 195"، والعبر "4/
25"، وميزان الاعتدال "3/ 566"، ولسان الميزان "5/ 179"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 214"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "4/ 31".
(14/230)
4582- ابن بَيَان 1:
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ المُسْنِدُ، رحلَة الآفَاقِ، أَبُو
القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَيَانِ
بنِ الرَّزَّاز البَغْدَادِيُّ، رَاوِي "جُزْء ابْن
عَرَفَةَ".
سَمِعَ: أَبَا الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ البَزَّازَ، وَطَلْحَةَ بنَ
الصَّقرِ، وأبا القاسم الحرفي، وأبا علي بن شاذان، وَعَبْد
الْملك بن بِشْرَان، وَالقَاضِي أَبَا العَلاَءِ
الوَاسِطِيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفُتُوْح الطَّائِيُّ، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ العَطَّار،
وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّاب، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ
بنِ قُضَاعَة، وَأَبُو الفَضْلِ خَطِيبُ المَوْصِل،
وَوَفَاءُ بن أَسْعَد، وَمُحَمَّد بن بَدْرٍ الشِّيحِي،
وَمُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ عَقِيْلٍ، وَأَبُو الفَرَجِ
مُحَمَّد بن أحمد بن نبهان، وعبيد الله بن شَاتِيلَ،
وَأَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بن دُرَك، وَأَحْمَدُ بنُ
أَبِي الوَفَاء الصَّائِغ، وَأَبُو السَّعَادَاتِ
القَزَّازُ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ عبدِ السَّلاَم، وخلقٌ
كَثِيْرٌ، آخرهُم أَبُو الفَرَجِ بنُ كُلَيْب.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ يَأْخُذ عَلَى نسخَة ابْنِ
عَرَفَةَ دِيْنَاراً مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا
سَمِعْتُ، أَجَازَ لِي، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ جَمَاعَة
كَثِيْرَة، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّد بن عبد
البَاقِي يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو القَاسِمِ بنُ بيَان
يَقُوْلُ: أَنْتُم مَا تَطلُبُوْنَ الحَدِيْثَ وَالعِلْمَ،
أَنْتُم تَطلُبُوْنَ العُلُوَّ، وَإِلاَّ فَفِي دربِي
جَمَاعَة سَمِعُوْهُ مِنِّي، فَاسْمَعُوْهُ مِنْهُم،
وَمَنْ أَرَادَ العُلُوَّ، فَلْيَزِنْ دِيْنَاراً،
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْد اللهِ العَطَّار بِمَرْوَ
يَقُوْلُ: وَزنتُ الذَّهبَ لابْنِ بيَان حَتَّى سَمِعْتُ
مِنْهُ جُزءَ ابْنِ عَرَفَةَ، وَكَذَا ذكر لِي
بِسَمَرْقَنْدَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العَبَّاسِ أَنَّهُ
أَعْطَاهُ دِيْنَاراً وَسَمِعَهُ.
مَوْلِد ابْن بَيَان فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ
وَأَرْبَع مائَة، وَتُوُفِّيَ فِي سَادس شَعْبَان, سَنَة
عَشْرٍ وَخَمْس مائَة.
قَالَ شُجَاع الذُّهْلِيّ: هُوَ صَحِيْحُ السَّمَاع.
وَقَدْ قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدي،
وَغَيْرهُ: سَمِعْنَاهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَبِخَطِّ ابْن عَطَّافٍ أَنَّهُ
سَأَلَه، فَقَالَ: كَانَ عِنْدِي أَنَّنِي وُلِدْتُ سَنَةَ
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، حَتَّى وُجِدَ بِخَطِّ وَالِدي
أَنَّهُ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: سَأَلتُهُ، فَقَالَ: وُلِدْتُ
بَيْنَ الْعِيدَيْنِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ. قَالَ:
وَمَاتَ وَأَنَا بِدِمَشْقَ، وَلاَ يُعْرَفُ فِي
الإِسْلاَمِ مُحَدِّثٌ وَازَاهُ فِي قِدَمِ السَّمَاع.
كَذَا قَالَ السِّلَفِيّ، وَذَلِكَ منتقض بالبغوي،
وبالوركي، وغيرهما.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 186"، والعبر "4/
21"، وتذكرة الحفاظ "4/ ص1261"، وشذرات الذهب لابن العماد
"4/ 27".
(14/231)
التككي،
ابن الموصلي:
4583- التِّكَكِي 1:
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، الثِّقَةُ المُعَمَّرُ، أَبُو
عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ
البَغْدَادِيّ التِّكَكِي، مِنْ بَقَايَا أَصْحَابِ أَبِي
عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو المُعَمَّر الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو
بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
وَسَلْمَانُ بنُ مَسْعُوْدٍ الشَّحَّام، وَأَبُو بَكْرٍ
بنُ النَّقُّوْرِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: شَيْخٌ صَالِحٌ، صَحِيْحُ
السَّمَاعِ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْس
مائَة.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ مُوَفَّق الدِّيْنِ
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ قُدَامَةَ سَنَة سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّرْسِيّ،
أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ التِّكَكِيُّ الحَسَن بن
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ،
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا
مُوْسَى بنُ سَهْلٍ، حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ،
حَدَّثَنَا حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إن اللهَ لَيُدْخِلُ
العَبْدَ الجَنَّةَ بِالأَكْلَةِ أَوِ الشَّرْبَةِ يحمده
عليها"2.
4584- ابن المَوصِلي:
الشَّيْخُ المُسْنِدُ الثِّقَةُ أَبُو عَبْدِ اللهِ هِبَةُ
اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
الزُّهْرِيُّ، المَوْصِلِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ،
المَرَاتِبِيُّ، شَيْخٌ, صَالِحٌ, خَيِّر، صَحِيْحُ
السَّمَاع.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بنَ بِشْرَان، وَالحُسَيْنَ بنَ
عَلِيِّ بنِ بَطْحَاءَ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، وَعَبدُ
الخَالِقِ اليُوسفِي، وَابْنُ نَاصرٍ، وَالسِّلَفِيّ،
وَشُهْدَةُ، وَخطيبُ المَوْصِلِ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ,
فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ مِنْهَا، وَتُوُفِّيَ: فِي شَهْرِ
رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في العبر "4/ 1"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "4/ 3".
2 ضعيف بهذا اللفظ: آفته موسى بن سهل الوشاء، فإنه ضعيف
كما قال الدارقطني.
لكن ورد من حديث أنس بن مالك مرفوعا بلفظ: "إن الله ليرضى
عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة
فيحمده عليها" أخرجه مسلم "2734"، والترمذي "1816"، من
طريق زكريا ابن أبي زائدة، عن سعيد بن أبي بردة، عنه، به.
(14/232)
4585- الرُّويَاني 1:
القَاضِي العَلاَّمَة، فَخرُ الإِسْلاَم، شَيْخُ
الشَّافعيَة، أَبُو المحاسن عبد الواحد إِسْمَاعِيْلَ بنِ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الرُّويَانِيُّ، الطَّبَرِيّ،
الشَّافِعِيّ.
مَوْلِدُهُ فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع
مائَة، وَتَفَقَّهَ بِبُخَارَى مُدَّة.
سَمِعَ: أَبَا مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الطَّبَرِيّ، وَأَبَا غَانِمٍ أَحْمَدَ بن
عَلِيٍّ الكُرَاعِي المَرْوَزِيّ، وَعبدَ الصمد بن أبي
ناصر العَاصِمِي البُخَارِيّ، وَأَبَا نَصْرٍ أَحْمَدَ بن
مُحَمَّدٍ البَلْخِيّ، وَشيخَ الإِسْلاَم أَبَا عُثْمَانَ
الصَّابونِي، وَعَبْدَ اللهِ بن جَعْفَرٍ الخَبَّازِيّ،
وَأَبَا حَفْصٍ بن مَسْرُوْر، وَأَبَا بَكْرٍ عَبْدَ
الْملك بن عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدَ بنَ بَيَانٍ الفَقِيْه، وَعِدَّة.
وَارْتَحَلَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ جَمِيْعاً،
وَبَرَعَ فِي الفِقْه، وَمَهَر، وَنَاظَر، وَصَنَّفَ
التَّصَانِيْفَ البَاهرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: زَاهِرٌ الشَّحَّامِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، وَأَبُو رشيد إِسْمَاعِيْلُ بنُ غَانم،
وَأَبُو الفُتُوْح الطَّائِيّ، وَعِدَّةٌ، وَكَانَ
يَقُوْلُ: لَوِ احْتَرَقت كُتُبُ الشَّافِعِيّ،
لأَمليتُهَا مِنْ حِفْظِي، وَلَهُ كِتَاب "البَحْر" فِي
المَذْهَب، طويلٌ جِدّاً، غزِيْرُ الفَوَائِد. وَكِتَاب
"منَاصيص الشافعي"، وكتاب "حلية المؤمن"، وكتاب "الكافي".
وَكَانَ ذَا جَاهٍ عَرِيضٍ، وَحِشْمَةٍ وَافرَةٍ، وَقَبولٍ
تَامّ، وَبَاعٍ طَوِيْل فِي الفِقْه.
قَالَ السِّلَفِيّ: بَلَغَنَا أَنَّهُ أَملَى بآمُلَ،
وَقُتِلَ بَعْدَ فَرَاغِه مِنْ مَجْلِس الإِملاَءِ
بِسَبَبِ التَّعصُّبِ فِي الدِّينِ فِي المُحَرَّمِ.
قَالَ: وَكَانَ العِمَادُ مُحَمَّد بن أَبِي سَعْدٍ صَدْرُ
الرَّيّ فِي عصره يَقُوْلُ: أَبُو المَحَاسِنِ القَاضِي
شَافعِيُّ عصره.
قَالَ مَعْمَرُ بنُ الفَاخر: قُتِلَ بِجَامِع آمُل, يَوْمَ
جُمُعَة, حَادِي عشر المُحرَّم، قَتَلَتْه الملاَحدَةُ
-يَعْنِي الإِسْمَاعِيْليَّة- قَالَ: وَكَانَ نِظَام
الملكِ كَثِيْرَ التَّعْظِيْمِ لَهُ.
قُلْتُ: قُتِلَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَرُويَانُ: بلدةٌ مِنْ أَعْمَالِ طَبَرِسْتَان، وَأَمَّا
الرَّيُّ، فَمدينَةٌ كبيرة، والنسبة إليها رازي.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "6/ 189"، واللباب لابن
الأثير "2/ 44"، والمنتظم لابن الجوزي "9/ 160"، ووفيات
الأعيان لابن خلكان "3/ 198"، والعبر "4/4"، وطبقات
الشافعية للسبكي "7/ 193"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
"5/ 197"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 4".
(14/233)
ابن الفارسي، ابن
باديس:
4586- ابن الفارسي 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ، المُتْقِن العَالِمُ الصَّدُوْقُ،
أَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الغَافِرِ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الغَافِرِ بن أَحْمَدَ
الفَارِسِيّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَلدُ الشَّيْخ
أَبِي الحُسَيْنِ، وَزوجُ ابْنةِ الأُسْتَاذ القُشَيْرِيّ.
أَكْثَر عَنْ: أَبِيْهِ, وَأَبِي حَسَّانٍ المزكي، وعبد
الرحمن بن حمدان النصروي، وأحمد بن مُحَمَّدِ بنِ
الحَارِثِ النَّحْوِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ العَزِيْزِ
النِّيلِي، وَأَبِي حَفْصٍ بنِ مَسْرُوْرٍ، فمن بعدهم.
وَارْتَحَلَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ، وَطَوَّف
أَعْوَاماً فِي فَارِسَ، وَخُوزستَان، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ
نَحْواً مِنْ أَلفِ جُزء، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ أَبَا
مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيَّ، وَطَبَقَته.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ الحَافِظ عبد الغَافِر،
وَبِنْتُه أُمُّ سلمَة، وَعُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّار،
وَأَبُو بَكْرٍ التَّفْتَازَانِي، وَعَبْدُ اللهِ بن
الفُرَاوِي، وَعبدُ الخَالِق بن زَاهِر، وَأَبُو شُجَاعٍ
البِسْطَامِي، وَعِدَّة.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ فَاضِلاً عَالِماً، لَمْ
يَفْتُرْ مِنَ السَّمَاع وَالتَّحصيل.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَخَمْس مائَة، وَلَهُ نَيِّفٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ الشَّافعيَة أَبُو الحَسَنِ
عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ إِلْكِيَا الهرَّاسِي، وَعبدُ
المُنْعِم بن الْغمر الكِلاَبِيّ، وَأَبُو يَعْلَى
حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيّ أَخُو طِرَادٍ،
وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
البَلَدِي النسفِي، وَمُقْرِئ مِصْرَ أَبُو الحُسَيْنِ
الخَشَّاب.
4587- ابنُ بَادِيس 2:
صَاحِبُ إِفْرِيْقِيَةَ، السُّلْطَانُ أَبُو يَحْيَى
تَمِيمُ بنُ المعز بن باديس بن المَنْصُوْر الحِمْيَرِيّ،
الصُّنهَاجِي، مِنْ أَوْلاَد المُلُوْك، كَانَ بَطَلاً
شُجَاعاً، مَهِيْباً سَائِساً، عَالِماً شَاعِراً،
جَوَاداً مُمَدَّحاً.
وُلِدَ سَنَةَ "422"، وَوَلِيَ المهديَّة لأَبِيْهِ سَنَةَ
خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، ثُمَّ بَعْد أَشهر مَاتَ المعزُّ،
وَتَملَّك هَذَا، فَامتدَّت أَيَّامُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ
فِي رَجَب, سَنَة إِحْدَى وَخَمْس مائَة، وَخَلَّفَ مِنَ
البَنِيْنَ فَوْقَ المائَةِ، وَمِنَ البَنَاتِ سِتِّيْنَ
بِنْتاً عَلَى مَا قَالَهُ حَفِيْدُه العَزِيْزُ بن
شَدادٍ، ثُمَّ تَملَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ يَحْيَى بنُ
تميم، فأحسن السيرة، وافتتح حصونًا كثيرة.
__________
1 ترجمته في العبر "4/ 7" وشذرات الذهب لابن العماد "4/
7".
2 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 304"، والعبر
"4/ 1"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 197"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 2- 3".
(14/234)
صاحب الحلة، التميمي:
4588- صاحبُ الحِلَّة 1:
الملك، سيف الدولة، صدقة بن بهاء الدولة منصور ابن ملك
العرب دُبيس بن عَلِيِّ بنِ مَزْيَدٍ الأَسَدِيّ
النَّاشِرِي, العِرَاقِي، اخْتطَّ مدينَةَ الحلَّة فِي
سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَسكنهَا
الشِّيْعَةُ، كَانَ ذَا بَأْسٍ وَإِقدَامٍ، نَافَرَ
السُّلْطَانَ مُحَمَّد بنَ مَلِكْشَاه، وَحَارَبه،
فَالتَقَى الجمعَانِ عِنْد النُّعْمَانِيَة، فَقُتِلَ
صَدَقَةُ فِي المَصَافِّ سَنَة إِحْدَى وَخَمْس مائَة،
وَقَدْ نَفَّذَ إِلَيْهِ المُسْتظهِرُ بِاللهِ يَنْهَاهُ
عَنِ الخُرُوج، فَمَا سَمِعَ، وَاجتمع لَهُ عِشْرُوْنَ
أَلفَ فَارِس، وَثَلاَثُوْنَ أَلف رَاجل، فَرشقتهُم
عَسَاكِرُ السُّلْطَان بِالسِّهَام، فَجُرِحَتْ خُيُولهُم،
ثُمَّ وَلَّوا، وَبَقِيَ صَدَقَةُ يَجُولُ بِنَفْسِهِ،
فَجرح فَرسه المهلُوب، وَكَانَ عَدِيمَ المَثَلِ، وَهَرَبَ
وَزِيْرُهُ عَلَى فرسٍ لَهُ، فَنَادَاهُ، فَمَا أَلوَى
عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءته ضَربَةُ سَيْفٍ فِي وَجْهِهِ،
وَقُتِلَ، وَهَلَكَ مِنَ العربِ ثَلاَثَة آلاَف، وَأُسِرَ
ابْنه دُبيسٌ وَوزِيْرُهُ وَعِدَّةٌ، وَمَاتَ أَبُوْهُ سنة
"479".
4589- التَّميمي 2:
مُفْتِي سَبْتَةَ، القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ
بنُ عِيْسَى بنِ حَسَنٍ التَّمِيْمِيّ, المَغْرِبِيّ,
السَّبتِي, المَالِكِيّ.
أَخَذَ عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ المَسِيْلِي، وَلاَزمه، وعن
أبي عبد الله أبي العَجُوْز.
وَسَمِعَ "صَحِيْح البُخَارِيِّ" بِالمَرِيَّة عَلَى ابْنِ
المرَابط، وَأَخَذَ بقُرْطُبَة عَنْ: عَبْدِ المَلِكِ بنِ
سرَاج، وَمُحَمَّد بن فَرج الطلاعِي، وَأَبِي عَلِيٍّ
الغَسَّانِيّ.
وَكَانَ حَسَنَ العَقْلِ، مَلِيحَ السَّمْتِ، مُتجمِّلاً
نبيلاً، تَفَقَّهَ بِهِ أَهْل بَلَده، وَكَانَ يُسَمَّى
الفَقِيْه العَاقلَ، تَفَقَّهَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ
شبونَة، وَالقَاضِي عِيَاض، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ صلاَح.
رَحل إِلَيْهِ النَّاسُ مِنَ النَّوَاحِي، وَبَعُدَ
صِيتُه، وَاشْتُهِرَ ذِكْرُهُ، وَتَخَرَّج بِهِ أَئِمَّة،
وَكَانَ دَيِّناً، سرِيعَ الدَّمعَة، مُؤثراً لِلطَّلبَة،
بَنَى جَامِع سَبْتَةَ، وَعزل نَفْسَه مِنَ القَضَاء
بأخَرة، ثُمَّ طَلَبوهُ، وَوَلَّوْهُ قَضَاء فَاس، فَلَمْ
تُعجبه الغُربَة، فَرَجَعَ إِلَى وَطنِه، وَتُوُفِّيَ: فِي
جُمَادَى الآخِرَةِ, سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْس مائَة، قَالَ
ذَلِكَ تِلْمِيْذُهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
حمَادَة الفَقِيْه، وَبَالَغَ فِي تَعْظِيْمه، بِحَيْثُ
إِنَّهُ قَالَ: كَانَ إِمَامَ المَغْرِب فِي وَقته، وَلَمْ
يَكُنْ فِي قطر مِنَ الأَقطَار مُنْذُ يَحْيَى بن يَحْيَى
الأَنْدَلُسِيّ مَنْ حمل النَّاسُ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْهُ،
وَلاَ أَكْثَر نَجَابَةً مِنْ أَصْحَابِهِ.
قُلْتُ: عَاشَ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، ضبط القَاضِي
مَوْلِدَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَأَخْرَج عَنْهُ فِي "الشفاء".
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 159"، ووفيات الأعيان
لابن خلكان "2/ 490"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/
196"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 2".
2 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 605".
(14/235)
ابن غطاش، متولي
همذان:
4590- ابن غَطاش 1:
طَاغِيَةُ الإِسْمَاعِيْليَّة، هُوَ الرَّئِيْس أَحْمَدُ
بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ غطَاش العَجَمِيّ.
كَانَ أَبُوْهُ مِنْ كِبَارِ دُعَاة البَاطِنِيَّة، وَمِنْ
أَذكيَاء الأُدبَاء، لَهُ بلاغَة وَسُرعَةُ جَوَاب،
اسْتغوَى جَمَاعَةً، ثُمَّ هَلَكَ، وَخلفَه فِي
الرِّيَاسَة ابْنُه هَذَا، فَكَانَ جَاهِلاً، لَكنَّه
شجاعٌ مُطَاع، تَجمَّعَ لَهُ أَتْبَاع، وَتَحَيَّلُوا،
حَتَّى مَلَكُوا قَلْعَةَ أَصْبَهَانَ الَّتِي غَرِمَ
عَلَيْهَا السُّلْطَانُ مَلِكْشَاه أَلفَيْ أَلفِ
دِيْنَار، وَصَارُوا يَقطعُوْنَ السُّبُلَ، وَالتف
عَلَيْهِم كُلُّ فَاجر، وَدَام البَلاَءُ بِهِم عشرَ
سِنِيْنَ، حَتَّى نَازلهُم مُحَمَّدُ بنُ مَلِكْشَاه
أَشْهُراً، فَجَاعُوا، وَنَزَلَ كثيرٌ مِنْهُم بِالأَمَان،
وَعصَى ابْنُ غطَاش فِي بُرج أَيَّاماً، وَجَرَتْ أمورٌ
طَوِيْلَة، ثُمَّ أُخِذَ وَسُلِخَ، وَتَأَمَّر عَلَى
البَاطِنِيَّة بَعْدَهُ ابْنُ صبَّاح، وَكَانُوا بلاَءً
عَلَى المُسْلِمِين، وَقَتلُوا عَدَداً مِنَ الأَعيَان
بِشغل السكين.
4591- متولي هَمَذَان 2:
الأَمِيْرُ أَبُو هَاشِمٍ زَيْدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ
عَلِيٍّ العَلَوِيّ الحُسَيْنِيّ الهَمَذَانِيّ سِبْطُ
الصَّاحبِ إِسْمَاعِيْل بن عَبَّادٍ، كَانَ هيوباً
مُطَاعاً، جَبَّاراً عَسُوْفاً، كَثِيْرَ الأَمْوَال،
يَطْرَحُ مَا يُسَاوِي مائَةً بِثَلاَثِ مائَةِ وَأَزْيَد،
وَقَدْ صَادره السُّلْطَانُ مرَّة، فَأَدَّى جُمْلَةً
سَبْع مائَةِ أَلْف دِيْنَار، وَكَانَتِ الرَّعِيَّةُ
مَعَهُ فِي بَلاَءٍ وَضُرٍّ.
مَاتَ فِي رَجَب, سنة اثنتين وخمس مائة، وله ثلاث وتسعين
سنة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 150"، والعبر "3/
354"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردى "5/ 194"، وشذرات
الذهب لابن العماد "3/ 410".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 160"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 199".
(14/236)
الكشاني، التبريزي:
4592- الكُشَاني 1:
الإِمَامُ الخَطِيْبُ أَبُو القَاسِمِ عُبَيْد اللهِ بنُ
عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْيَد الكُشَانِي.
ثِقَة، مُكْثِر، مُسْنِد. وُلِدَ فِي نَحْو سَنَة عَشْرٍ
وَأَرْبَعِ مائَة.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ البَاهِلِيّ،
وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ رَبِيْع السَّنْكَبَاثي،
وَأَبِي سهل عبدِ الكَرِيْم الكَلاَباذِي، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَعْقُوْبَ الكُشَانِي،
وَآصَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخالدي، وَعَطَاءُ بن مَالِكِ بنِ
أَحْمَدَ النَّقَاش، وَأَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ
نَصْرٍ المَدِيْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِ مائَة.
4593- التِّبْرِيزي 2:
إِمَامُ اللُّغَة، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ عَلِيِّ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ بِسْطَامَ الشَّيْبَانِيّ،
الخَطِيْبُ، التبرِيزِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
ارْتَحَلَ، وَأَخَذَ الأَدبَ عَنْ أَبِي العَلاَءِ
المَعَرِي، وَعُبيدِ الله بن عَلِيٍّ الرَّقِّيِّ، وَأَبِي
مُحَمَّدٍ بنِ الدَّهَان.
وَسَمِعَ بِصُوْر: مِنَ الفَقِيْه سُلَيمٍ، وَعبدِ
الكَرِيْم بن مُحَمَّدٍ السيَّارِي، وَأَبِي بَكْرٍ
الخَطِيْب، وَأَقَامَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً، ثُمَّ
بِبَغْدَادَ، وَكَثُرَتْ تَلاَمِذتُهُ، وَأَقْرَأَ عِلْمَ
اللسان.
أَخَذَ عَنْهُ ابْنُ نَاصر، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ
الجوَالِيقِي، وَسَعْدُ الخَيْر الأَنْدَلُسِيّ، وَأَبُو
طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ السِّنْجِيّ،
وَالسِّلَفِيّ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ شَيْخُهُ الخَطِيْبُ، وَكَانَ ثِقَةً،
صَنَّف شرحاً "لِلْحمَاسَة"، وَلـ "دِيوَان المتنبِي"،
وَلـ "سقط الزَّند"، وَأَشيَاء، وَدَخَلَ إِلَى مِصْرَ,
وَأَخَذَ عَنْ طَاهِرِ بنِ بَابشَاذَ، وَلَهُ شعر رَائِق.
وَلَمْ يَكُنْ بِالصَّيِّن، قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: ثقةٌ
فِي عِلْمه، مخلطٌ فِي دِيْنِهِ، ولعبةٌ بِلِسَانِهِ،
وَقِيْلَ: إِنَّهُ تَابَ.
وَتِبْرِيزُ: بِكَسرِ أَوَّلِهِ، قَالَهُ ابْنُ نَاصر.
وَقَالَ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ خَيْرُوْنَ: مَا كَانَ بمرضي
الطريقة.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقَيَتَا مِنْ جُمَادَى
الآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْس مائَة، وَلَهُ
إِحْدَى وَثَمَانُوْنَ سنة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 433".
2 ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 21"، واللباب لابن
الأثير "1/ 206"، والمنتظم لابن الجوزي "9/ 161"، ومعجم
الأدباء لياقوت الحموي "20/ 25"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/
338"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 5".
(14/237)
أبو الهيجاء، أبو
غالب العدل:
4594- أبو الهَيْجَاء 1:
الأَمِيْرُ الشَّاعِر، شِبْلُ الدَّوْلَة، مُقَاتِلُ بنُ
عَطِيَّةَ البَكْرِيّ, الحِجَازِيّ، سَارَ إِلَى
بَغْدَادَ، وَإِلَى غَزْنَةَ وَخُرَاسَانَ، وَمدحَ
الكِبَار، وَاختصَّ بِنِظَام المُلْكِ، ثُمَّ سَار إِلَى
نَاصر الدّين مُكْرَمِ بنِ العَلاَءِ وَزِيْر كَرْمَان،
وَمَعَهُ وَرقَة وَقَعَ لَهُ فِيْهَا المُسْتظهرُ بِاللهِ:
يَا أَبَا الهَيْجَاءِ أَبْعَدْتَ النُّجْعَةَ، أَسْرَعَ
اللهُ بِكَ الرَّجْعَةَ، وَفِي ابْنِ العَلاَءِ مَقْنَع،
وَطرِيقُهُ فِي الخَيْرِ مَهيَع، فَلَمَّا دَخَلَ إلى
ابْنِ العَلاَء، أَرَاهُ الورقَةَ، فَقَامَ وَخضعَ لَهَا،
وَأَمر فِي الحَالِ لَهُ بِأَلفِ دِيْنَارٍ، فَلَمَّا
أَنشده:
دَعِ العِيْسَ تَذْرَعُ عَرْضَ الفَلاَ ... إِلَى ابْنِ
العَلاَءِ وَإِلاَّ فَلاَ
أَمرَ لَهُ بِأَلفِ دِيْنَار أُخْرَى، وَفَرسٍ وَخِلْعَة،
ثُمَّ نَزلَ بِهَرَاةَ، وَهَوِيَ بِهَا امْرَأَةً، ثُمَّ
مَرِضَ وَتَسَوْدَنَ، وَمَاتَ في حدود خمس وخمس مائة.
4595- أبو غَالب العَدْل 2:
الشَّيْخُ العَدْلُ الجَلِيْلُ المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ
هَمَذَانَ، أَبُو غالب أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ القَارِئِ، الهَمَذَانِيّ,
الخَفَّاف، وُجِدَ سَمَاعُهُ فِي أُصُوْل المُحَدِّثِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن
شُبَانَة، وَمَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الحَنْبَلِيِّ، وَالحُسَيْنِ بنِ عُمَرَ
النُّهَاوَنْدِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَشهردَار
بنُ شِيْرَوَيْه، وَأَبُو الكَرَم عَلِيّ بن عبد
الكَرِيْم، وَأَظُنُّ أَنَّ الحَافِظ أَبَا العَلاَءِ
العَطَّار سَمِعَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَدْركَه، وَحَدَّثَ
فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْس مائَة، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ
التِّسْعِيْنَ.
لَمْ يَذكُر لَهُ شِيروِيْهِ وَفَاةً، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ
الشهَادَات.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 257"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 204".
2 ترجمته في العبر "4/ 11"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/
13".
(14/238)
البحيري، أبي النرسي:
4596- البَحِيري 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ الأَمِيْنُ الجَلِيْلُ أَبُو سَعِيْدٍ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرِو بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
البَحِيرِي, النَّيْسَابُوْرِيّ المُحَدِّثُ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَكَانَ
يَقُوْلُ: قَرَأْت "صَحِيْح مُسْلِم" عَلَى أَبِي
الحُسَيْنِ عبدِ الغَافِرِ الفَارِسِيّ أَكْثَرَ مِنْ
عشرين مرة.
سَمِعَ مِنَ: الحَافِظ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ
مَنْجُوَيْه، وَأَبِي حَسَّانٍ المُزَكِّي, وَأَبِي
العَلاَءِ صَاعِدِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعبد الرَّحْمَن
النَّصْرَوِي.
وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَامِع، وَأَبُو شُجَاعٍ
البِسْطَامِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَمِعَ بِإِفَادته خلقٌ،
وَتَفَقَّهَ عَلَى نَاصر العُمَرِيّ، وَكَانَ يَقرَأُ
دَائِماً "صَحِيْحَ مُسْلِم" لِلْغربَاء وَالرَّحَالَة،
وَأَضَرَّ بِأَخَرَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَانَ نَظِيفاً عَفِيْفاً،
اشْتَغَل بِالتِّجَارَة، وَبُورِكَ لَهُ فِيْهَا، وَحصَّل
مَالاً.
تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْس مائَة
بِنَيْسَابُوْرَ. أَملَى مجالس.
4597- أبي النَّرْسِي 2:
الشَّيْخُ الإِمَامُ الحَافِظُ، المُفِيْدُ المُسْنِدُ،
مُحَدِّثُ الكُوْفَة، أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون بن
مُحَمَّدٍ النَّرْسِيُّ، الكُوْفِيُّ، المُقْرِئُ،
المُلَقَّب بِأُبَيٍّ لِجُوْدَةِ قِرَاءته.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
العَلَوِيُّ، وَأَبَا طَاهِر مُحَمَّد بن العَطَّار،
وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ بنِ فَدُويه، وَمُحَمَّد بن
مُحَمَّدِ بنِ خَازِمِ بن نَفّط، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ
حَبِيْبٍ القَادسِي، وَأَبَا إِسْحَاقَ البَرْمَكِيّ،
وَأَبَا بَكْرٍ بنَ بِشْرَان، وَأَبَا القَاسِمِ
التَّنُوْخِي، وَالقَاضِي أَبَا الطّيب الطَّبَرِيّ،
وَأَبَا مَنْصُوْرٍ بن السَّوَّاق، وَكَرِيْمَةَ
المَرْوَزِيَّة المجَاورَة، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بن
بُنْدَار الشِّيرَازِي، وَأَبَا الحَسَنِ أَحْمَدَ بنَ
مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ
قَفَرْجَل، وَأَبَا الفَتْح بن شِيْطَا، وَخَلْقاً
سِوَاهُم، وَسَمِعَ بِالشَّامِ لمَا زَار بَيْتَ
المَقْدِسِ، وَكَانَ يَنوبُ عَنْ خطيب الكوفة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 158".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 189"، وتذكرة الحفاظ
"4/ ترجمة 1064"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/
212"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 29".
(14/239)
حَدَّثَ عَنْهُ: الفَقِيْه نَصْرُ بن
إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَابْنُ
نَاصر، وَالسِّلَفِيّ، وَمعَالِي بن أَبِي بَكْرٍ
الكيَّال، وَمُسْلِم بن ثَابِتٍ، وَمُحَمَّد بن حَيْدرَة
الحُسَيْنِيّ، وَعِدَّة. وَتَلاَ عَلَيْهِ لعَاصِم: أبو
الكرم الشهرزوري بحق قراءته عَلَى العَلَوِيّ، عَنْ أَبِي
عَبْدِ اللهِ الجُعْفِيّ، وَسَمِعَ مِنْهُ الحُمَيْدِيّ،
وَجَعْفَر الحكَّاك، وَابْنُ الخَاضبَة، وَأَبُو مُسْلِمٍ
عُمَر بن عَلِيٍّ اللَّيْثِيّ، وَعبدُ الْمُحسن الشِّيحِي.
وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ "مُعْجَماً"، وَنَسخَ الكَثِيْرَ،
وَكَانَ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَقرَأُ عَلَى المَشَايِخ
وَأَنَا صَبِيّ، فَقَالَ النَّاسُ: أَنْتَ أُبي،
لِجُوْدَةِ قِرَاءتِي، وَأَوّل سَمَاعِي فِي سَنَةِ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، وَلحقت البَرْمَكِيّ،
فَسَمِعْتُ مِنْهُ ثَلاَثَةَ أَجزَاء وَمَاتَ.
قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ: كَانَتْ لَهُ
مَعْرِفَةٌ ثَاقبَة، وَوصفه بِالحِفْظ وَالإِتْقَان.
وَقَالَ ابْنُ نَاصر: كَانَ ثقةً حافظًا، متقنًا، ما رأينا
مثله، يَتَهَجَّدُ، وَيَقومُ اللَّيْلَ، قرَأَ عَلَيْهِ
أَبُو طَاهِرٍ بنُ سِلَفَة حَدِيْثاً، فَأَنْكَرَهُ،
وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيْثي، فَسَأَلَهُ عَنْ
ذَلِكَ، فَقَالَ: أَعْرِفُ حَدِيْثي كُلَّهُ، لأَنِّي
نَظَرتُ فِيْهِ مِرَاراً، فَمَا يَخْفَى عَلَيَّ مِنْهُ
شَيْء.
وَكَانَ يَقْدَمُ كُلَّ سَنَةٍ مِنَ الكُوْفَةِ مِنْ
سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ فِي رَجَبٍ، فَيَبقَى
بِبَغْدَادَ إِلَى بَعْدِ الْفطر، وَيَرْجِعُ، وَكَانَ
يَنسَخُ بِالأُجرَة، يَسْتَعِينُ عَلَى العِيَال، وَكَذَا
كَانَ أَبُو عَامِرٍ العَبْدَرِي يُثنِي عَلَيْهِ،
وَيَقُوْلُ: خُتِمَ هَذَا الشَّأْنُ بأُبي رَحِمَهُ اللهُ.
مَرِضَ أُبَيٌّ بِبَغْدَادَ، وَحُمِلَ، فَأَدْرَكَهُ
الأَجَلُ بِالحِلَّة، وَحُمِلَ إِلَى الكُوْفَةِ مَيتاً،
فَدُفِنَ بِهَا، مَاتَ يَوْمَ سَادسَ عشَرَ شَعْبَان سَنَة
عَشْرٍ وَخَمْس مائة.
قلت: عاش ستًّا وثمانين سنة.
وَلأَبِي الفَرَج بن كُلَيْبٍ مِنْهُ إِجَازَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُسْنِدُ زَمَانِهِ أَبُو القَاسِمِ بنُ
بَيَان الرَّزَّاز، وَمُسْنِدُ زَمَانِهِ أَبُو بَكْرٍ
عبدُ الغفَّار بن مُحَمَّدٍ الشّيروِي، وَمُحَدِّثُ وَاسِط
خَمِيْس الحَوْزِي، وَأَبُو الخَيْرِ المُبَارَكُ بن
الحُسَيْنِ الغسَال المُقْرِئُ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ
بنُ الحُسَيْنِ الحِنَّائِي، وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَمَحْمُوْدُ
بنُ سعَادَة السّلمَاسِي، وَأَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بن أحمد
الحنفي بهراة.
(14/240)
الأعمش، ابن
الآبنوسي:
4598- الأعمش 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ، مُحَدِّثُ هَمَذَان، أَبُو العَلاَءِ
حَمْدُ بن نَصْرِ بن أَحْمَدَ الهَمَذَانِيّ, الأَدِيْبُ،
المَعْرُوف بِالأَعْمَشِ، ذَكَرَهُ شِيْرَوَيْه، وَأَبُو
سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ.
مَوْلِدُهُ في سنة وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي مُسْلِمٍ بن غزو النهاوندي، وعبيد الله
بن الحَافِظِ بن مَنْدَه، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مَاهله
-وَاسْمُهُ هَارُوْنَ- وَعَلِيِّ بنِ حُمَيْدٍ الحَافِظ،
وَطَبَقَتِهِم.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: أَجَازَ لِي مَرْوِيَّاتِهِ،
وَكَانَ عَارِفاً بِالحَدِيْثِ، حَافِظاً ثِقَة،
مُكْثِراً، سَمِعَ بِنَفْسِهِ وَأَملَى، مَاتَ فِي عَاشر
شَوَّال سَنَة اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة, عَنْ
نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَهُوَ حَمْدُ بنُ نَصْرِ
بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَعْرُوف.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: السِّلَفِيّ، وَأَبُو العَلاَءِ
العَطَّارُ المُقْرِئ، وَجَمَاعَة، وَكَانَ بَصِيْراً
بِمَذْهَب أَحْمَد، نَاصِراً لِلسُّنَّة، وَافِرَ
الحُرْمَةِ بِبلده، بارعَ الأَدب.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ عبد الكَرِيْم المُحْتَسِب،
أَخْبَرَنِي نَصْرُ بنُ جَرْوٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، سَمِعْتُ حمْدُ بنُ نَصْرٍ الحَافِظُ
بِهَمَذَانَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ حُمَيْد الحَافِظ،
سَمِعْتُ طَاهِر بنَ عَبْدِ اللهِ الحَافِظَ، سَمِعْتُ
حمْدَ بنَ عُمَرَ الزَّجَّاجَ الحَافِظَ يَقُوْلُ: لَمَّا
أَمْلَى صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ الحَافِظُ
بِهَمَذَانَ كَانَتْ لَهُ رَحَىً، فَبَاعَهَا بِسَبْعِ
مائَةِ دِيْنَارٍ، وَنَثَرَهَا عَلَى مَحَابِرِ أَصْحَابِ
الحَدِيْثِ. رَوَاهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، عَنْ
رَجُلٍ، عَنِ السِّلَفِيّ.
4599- ابْنُ الآبَنُوسِي 2:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الصَّادِقُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بن
الآبَنُوسِيِّ، البَغْدَادِيُّ، وَالِدُ الفَقِيْهِ أَبِي
الحَسَنِ أَحْمَد بن الآبَنُوسِي.
كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيِّ، وَأَبِي
القَاسِمِ التَّنُوخِي، وَأَبِي طَالِبٍ العُشَارِي،
وَأَبِي الطَّيِّب الطَّبَرِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ
بِشْرَان، وَابْنِ مَكِّيٍّ السَّوَّاقِ، وَسَمِعَ
"تَارِيخ الخَطِيْب" منه.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ص1250"، وشذرات الذهب لابن
العماد الحنبلي "4/ 31".
2 ترجمته في العبر "4/ 9"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/
10".
(14/241)
رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
السِّنْجِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ الحُلْوَانِيُّ، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَكَانَ أَحَدَ الوُكلاَءِ عِنْدَ
الدَّامغَانِي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
كُنْتُ لاَ أَسْمَعُ مُدَّةً مِنَ التَّنُوْخِيّ لِمَا
أَسْمَعُ مِنْ مَيْله إِلَى الاعتزَال، ثُمَّ سَمِعْتُ
مِنْهُ، وَصِرْتُ عِنْدَهُ أَعزَّ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ،
وَكَانَ يُسَمِّينِي: يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ.
مَاتَ ابْنُ الآبَنُوسِي فِي سَادس عشر جُمَادَى
الأُوْلَى, سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْس مائَة.
قَالَ ابْنُ نَاصر: كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ ثِقَةً
مَسْتُوْراً، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ: هُوَ مِنْ أَهْلِ المَعْرِفَة
بِالحَدِيْثِ وَقوَانِينه الَّتِي لاَ يَعْرِفُهَا إلَّا
مَنْ طَالَ اشتغَالُهُ بِهِ، وَكَانَ ثِقَةً شَافعيّاً،
كَتَبنَا عَنْهُ بَانتقَاء البَردَانِي.
(14/242)
وابنه:
4600- أبو الحسن الآبَنُوسي 1:
الإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
علي بن الآبنوسي الشافعي الوكيل.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ "466".
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بنَ البُسري، وَإِسْمَاعِيْل بنَ
مَسْعَدَةَ الإِسْمَاعِيْلِي، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ
الزينبي، ورزق الله، وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي: مُحَمَّد
بن المُظَفَّر الشَّامِيّ، وَنظر فِي الاعتزَال، ثُمَّ
أَنقذه الله وَتسنَّنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنتُهُ شرفُ النِّسَاء، وَابْنُ
عَسَاكِرَ، وَالسَّمْعَانِيّ، وَسُلَيْمَانُ المَوْصِلِيّ،
وَأَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، وَعِدَّةٌ. وَأَجَازَ:
لأَبِي مَنْصُوْرٍ بن عفيجَة.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: فقيهٌ، مفتٍ، زاهدٌ، اخْتَار
الخمُوْلَ وَتَرَكَ الشُّهرَةَ، وكان كثير الذكر، تاركًا
للتكلف.
قُلْتُ: جمع وَصَنَّفَ، وَدَعَا إِلَى السّنَة.
قِيْلَ: كَانَ لاَ يَأْتِي الجُمُعَةَ، وَمَا عُلِمَ
عُذْرُهُ، وَلاَ رُؤيَ فِي مَسْجِد.
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَأَرْبَعِيْنَ وخمس مائة.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "10/ 126"، والعبر "4/
114"، وتذكرة الحفاظ "4/ ص1294" وشذرات الذهب لابن العماد
"4/ 130".
(14/242)
الشقاني، القشيري،
الأنباري:
4601- الشَّقَّاني 1:
الفَقِيْهُ المُحَدِّثُ، مفِيدُ نَيْسَابُوْر، أَبُو
الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الحسنوِي,
النَّيْسَابُوْرِيّ، الشَّقَّانِي، أَحَدُ مَنْ أَفنَى
عُمُره فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ، وطال عمره وتفرد.
سَمِعَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ حَمْدَان النَّصروِي،
وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ المزكِي، وَأَحْمَدَ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ التَّمِيْمِيّ، وَأَبَا حسَان
مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ، فَمَنْ بَعْدَهُم،
وَقَلَّ أَنْ يُوجد جُزْء إلَّا وَقَدْ سَمِعَهُ، وَمَا
عَلِمْتُ لَهُ رِحْلَةً.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ السِّنْجِيّ،
وَعُمَرُ أَبُو شُجَاعٍ البِسْطَامِي، وَعبدُ الرَّحِيْم
بن الاخوَة، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ
وَخَمْسِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ -فِيمَا
أُرَى، وَكَانَ وَالِدُهُ أَبُو العَبَّاسِ مِنْ عُلَمَاء
وَقته، وَلَهُ وَلدَان: أَبُو بكر محمد، وأحمد، يرويان
الحديث.
4602- القُشَيري 2:
الشَّيْخُ العَالِمُ المَأْمُوْنُ أَبُو مُحَمَّدٍ
الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
مُحَمَّد بنِ مَهْدِيّ القُشَيْرِيُّ النَّيْسَابُوْرِيّ،
المُعَدَّل، الصُّوْفِيّ.
سَمِعَ: العَلاَّمَة عبدَ القَاهِر البَغْدَادِيّ، وَعبدَ
الرَّحْمَن بن حَمْدَان النَّصروِي، وَأَبَا حسَان
المُزَكِّي، وَعبدَ الغَافِر الفَارِسِيّ، وَهُوَ أَخُو
عُبيد القُشَيْرِيّ.
حَدَّثَ بِبَغْدَادَ لَمَّا حَجَّ، فَرَوَى عَنْهُ أَبُو
الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ السَّلاَم الكَاتِب,
وَغَيْرهُ.
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ, سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْس مائَة،
وَلَهُ سِتٌّ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ خَيِّراً
فَاضِلاً، حَسنَ السَّمتِ من شهود نيسابور الكبار.
4603- الأنْبَارِي 3:
كَبِيْرُ الوُعَّاظ، الإِمَامُ المُقْرِئُ، أَبُو
مَنْصُوْرٍ عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
الأَنْبَارِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 360"، واللباب لابن
الأثير "2/ 202"
2 ترجمته في العبر "4/ 11"، وشذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي "4/ 14".
3 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 176"، شذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "4/ 17".
(14/243)
تَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى أَبِي عَلِيٍّ
الشرمقَانِي، وَأَظُنُّهُ آخِرَ أَصْحَابه.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ غَيْلاَنَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ
البَرْمَكِيّ، وَجَمَاعَة، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي
يَعْلَى حَتَّى بَرَعَ فِي مَذْهَب أَحْمَد، وَكَانَ
دَيِّناً صَالِحاً، عذبَ الأَلْفَاظ، طَيِّبَ التِّلاَوَة،
مِنْ أَعْيَانِ العُلَمَاء، أَفْتَى، وَدرَّس، وَوعظ
بِجَامِع القَصْر، وَجَامِع المَنْصُوْر، وَجَامِعِ
المهدِي، وَسَمِعَ الكَثِيْرَ، وَنسخ الأَجزَاءَ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو البَرَكَات بن السَّقَطِيّ، وَعبدُ
الخالق اليوسفي، وأبو طالب ابن خَضِيرٌ، وَآخَرُوْنَ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
وَمَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة سَبْعٍ وَخَمْس
مائَة، وَشيَّعَهُ الخلقُ، وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ،
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَمَا أَسْتحضر أَحَداً قرَأَ عليه بالروايات.
(14/244)
4604- السَّقَطِي 1:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ، مفِيدُ بَغْدَاد، أَبُو البَرَكَات
هِبَةُ اللهِ بن المُبَارَكِ بن مُوْسَى البَغْدَادِيّ
السَّقَطِيّ صَاحِب "المُعْجَم" الضَّخْم.
كتب عَمَّنْ دَبَّ وَدَرَجَ وَخَرَّجَ وَجَمَعَ
وَتَنَبَّه، لَكنَّه ضَعِيْف، قَلِيْلُ الإِتْقَان.
سَمِعَ: القَاضِي أَبَا يَعْلَى، وَأَبَا الحُسَيْنِ بن
الْمُهْتَدي بِاللهِ، وَعبدَ الصَّمد بن المَأْمُوْن،
وَأَبَا جَعْفَرٍ بن المُسْلِمَة، وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ
بنِ الدَّجَاجِي، وَجَابِرَ بن يَاسينَ، وَأَبَا بَكْرٍ
الخَطِيْب، وَهنَاداً النَّسفِي، فَمَنْ بَعْدهُم.
وَرَحَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ وَالكُوْفَةِ وَالبَصْرَةِ
وَالمَوْصِل وَالجِبَال، وَبَالَغَ وَبحث عَنِ الشُّيُوْخ
حَتَّى كتب عَمَّنْ هُوَ دُوْنَهُ.
رَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ وَجيه، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
السَّمَرْقَنْدي، وَالشَّيْخُ عَبْد القَادِر،
وَالمُبَارَكُ بنُ كَامِلٍ، وَالسِّلَفِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: أَخْبَرْنَا ابْنُ رَوَاج،
أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ
السَّقَطِيّ بِوَاسِط، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى،
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّد.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ هِبَةَ اللهِ بن السَّقَطِيّ
عَنْ مَوْلِده، فَقَالَ: سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، سَمِعَ كَثِيْراً، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ
الحِفْظ وَالمَعْرِفَة، وَشعره حسن، رَأَيْتهُ
بِأَصْبَهَانَ لَمَّا قَدِمَ مَعَ رزق الله يَقرَأُ
عَلَيْهِ الحَدِيْثَ.
قَالَ ابْنُ فولاَذ: ذَاكرتُ شُجَاعاً الذُّهْلِيّ
برِوَايَة السَّقَطِيّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ،
فَقَالَ: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا قَطُّ، وَضَعَّفه فِيْهِ
جِدّاً.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ: سَأَلْتُ ابْنَ نَاصر عَنِ
السَّقَطِيّ: أَكَانَ ثِقَةً? قَالَ: لاَ وَاللهِ، ظهر
كذبُهُ، وَهُوَ مِنْ سَقَطِ المَتَاع، مَاتَ: سَنَةَ
تِسْعٍ وَخَمْسِ مائَة.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 92"، والمنتظم لابن
الجوزي "9/ 183"، والعبر "4/ 19"، وميزان الاعتدال "4/
292"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 26".
(14/244)
4605- الأبِيُوَرْدِي 1:
الأُسْتَاذُ العَلاَّمَةُ الأَكملُ أَبُو المُظَفَّرِ
مُحَمَّدُ بنُ أبي العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بن مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بن
الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ مُحَمَّدِ
بنِ عثمان بن عنبسة بن عتبة بن عثمان بن عنبسة بن أبي
سفيان ابن حَرْب بن أُمَيَّةَ الأُمَوِيّ, العَنبسِي
المُعَاوِيّ, الأَبِيوَرْدي اللُّغَوِيّ، شَاعِرُ وَقته،
وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، فَالوَاسِطَةُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ أَبِي سُفْيَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَباً.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْل بنَ مَسْعَدَةَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ
خَلَفٍ الشِّيرَازِي، وَمَالِكَ بنَ أَحْمَدَ
البَانِيَاسِيّ، وَأَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنْ عبدِ
القَاهِر الجُرْجَانِيّ.
رَوَى عَنْهُ ابْنُ طَاهِر المَقْدِسِيّ، وَأَبُو
الفُتُوْح الطَّائِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَه: سُئِلَ الأَدِيْب أَبُو
المُظَفَّرِ عَنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَات، فَقَالَ: تُقَرُّ
وَتُمَرُّ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ: صَنّف كِتَاب "الْمُخْتَلف"،
وَكِتَاب "طَبَقَات العِلْم"، وَكِتَاب "أَنسَاب
الْعَرَب"، وَلَهُ في اللغة مصنفات ما سبق إليها.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 176"، ومعجم الأدباء
لياقوت الحموي "17/ 234"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/
444"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 91"،
وتذكرة الحفاظ "4/ ص1241"، والعبر "4/ 14"، وطبقات
الشافعية للسبكي "6/ 81"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
"5/ 206"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 40"، وشذرات الذهب
لابن العماد "4/ 18".
(14/245)
قُلْتُ: "دِيْوَانُهُ" كَبِيْر، وَهُوَ
أَقسَام: العِرَاقيَات، وَالنّجديَات، والوجديات، وعمل
"تاريخًا" لأبيورد.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِد
يَقُوْلُوْنَ: كَانَ الأَبِيوَرْدِي يَقُوْلُ فِي
صَلاَتِهِ: اللَّهُمَّ ملِّكْنِي مشَارق الأَرْض
وَمَغَارِبَهَا.
قُلْتُ: هُوَ ريَّان مِنَ العُلُوْم، موصوفٌ بِالدّين
وَالوَرَع، إلَّا أَنَّهُ تيَّاهُ، مُعْجَبٌ بِنَفْسِهِ،
قَدْ قَتَلَهُ حُبُّ السُّؤْدُدِ، وَكَانَ جَمِيْلاً
لبَّاساً لَهُ هيئَة وَرُوَاء، وَكَانَ يَفتخِرُ،
وَيَكْتُب اسْمَه: العبشمِي المُعَاوِيّ، يُقَالُ: إِنَّهُ
كتب رُقعَة إِلَى الخَلِيْفَة المُسْتظهِر بِاللهِ،
وَكَتَبَ: المَمْلُوْكُ المُعَاوِيّ، فَحكَّ المُسْتظهر
المِيم، فَصَارَ العَاوِي، وَردَّ الرُّقعَة إليه.
قال جماد الحَرَّانِيّ: سَمِعْتُ السِّلَفِيّ يَقُوْلُ:
كَانَ الأَبِيْوَرْدِي -وَاللهِ- مِنْ أَهْلِ الدّين
وَالخَيْرِ وَالصَّلاَحِ وَالثِّقَة، قَالَ لِي: وَاللهِ
مَا نمتُ فِي بَيْت فِيْهِ كِتَابُ اللهِ، وَلاَ حَدِيْثُ
رَسُوْل اللهِ احترَاماً لَهُمَا أَنْ يَبْدُوَ مِنِّي
شيءٌ لاَ يَجُوْز.
أَنشدنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَنشدنَا
الأَبِيوَرْدِي لِنَفْسِهِ:
وشادنٍ زَارَنِي عَلَى عجلٍ ... كَالبَدْرِ فِي صَفْحَةِ
الدُّجَى لَمَعَا
لم أَزَلْ مُوْهِناً أُحَدِّثُهُ ... وَالبَدْرُ يُصْغِي
إِلَيَّ مُسْتَمِعَا
وَصَلْتُ خَدِّي بِخَدِّهِ شَغَفاً ... حَتَّى التَقَى
الرَّوْضُ وَالغَدِيْرُ مَعَا
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ فِي "السِّيَاقِ": فَخْرُ العربِ
أَبُو المُظَفَّرِ الأَبِيوَرْدِي الكُوفَنِي، الرَّئِيْسُ
الأديب، الكاتب النسابة، من مفاخر العصر، وَأَفَاضِلِ
الدَّهْر، لَهُ الفَضَائِلُ الرَّائِقَة، وَالفُصولُ
الفَائِقَة، وَالتَّصَانِيْفُ المُعجزَة، وَالتَّوَالِيفُ
المُعجِبَة، وَالنَّظْمُ الَّذِي نَسخَ أَشعَارَ
المُحْدَثِيْنَ، وَنسجَ فِيْهِ عَلَى مِنوَال المعرِي،
وَمَنْ فَوْقَه مِنَ المفلقين، رَأَيْتُهُ شَابّاً قَامَ
فِي درسِ إِمَام الحَرَمَيْنِ مرَاراً، وَأَنشَأَ فِيْهِ
قصَائِد كباراً، يَلْفِظُهَا كَمَا يَشَاء زَبَداً مِنْ
بَحر خَاطِره كَمَا نشَاء، ميسرٌ لهُ الإِنشَاء، طَوِيْلُ
النَفْس، كَثِيْرُ الحِفْظِ، يَلتَفِتُ فِي أَثْنَاء
كلاَمه إِلَى الفِقَرِ وَالوقَائِع، وَالاستنباطَات
الغرِيبَة، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى العِرَاقِ، وَأَقَامَ
مُدَّةً يَجْذِبُ فَضلَه بِضَبْعِهِ، وَيَشتهر بَيْنَ
الأَفَاضِل كَمَالُ فَضله، وَمتَانَةُ طبعه، حَتَّى ظهر
أَمرُه، وَعلاَ قدرُه، وَحصل لَهُ مِنَ السُّلْطَان مكانةٌ
وَنعمَة، ثُمَّ كَانَ يَرْشُحُ مِنْ كلاَمه نوعُ تَشبُّثٍ
بِالخِلاَفَةِ، وَدعوَةٌ إِلَى اتِّبَاع فَضلِه،
وَادَّعَاء اسْتحقَاقِ الإِمَامَة، تبيضُ وَسَاوسُ
الشَّيْطَانِ فِي رَأْسِهِ وَتُفَرِّخُ، وَتَرفَعُ
الكِبْرَ بِأَنفِهِ وَتَشْمَخُ، فَاضطره الحَالُ إِلَى
مُفَارَقَةِ بَغْدَادَ، وَرَجَعَ إِلَى هَمَذَانَ،
فَأَقَامَ بِهَا يُدَرِّسُ وَيُفِيدُ، ويصنف مدة.
(14/246)
وَمِنْ شِعْرِهِ:
وَهيفَاءَ لاَ أُصْغِي إِلَى مَنْ يَلُوْمُنِي ...
عَلَيْهَا وَيُغْرِينِي بِهَا أَنْ يَعِيبَهَا
أَمِيْلُ بِإِحْدَى مُقْلَتَيَّ إِذَا بَدَتْ ...
إِلَيْهَا وَبَالأُخْرَى أُرَاعِي رَقِيْبَهَا
وَقَدْ غَفَلَ الوَاشِي فَلَمْ يَدْرِ أَنَّنِي ...
أَخَذْتُ لِعَيْنِي مِنْ سُلَيْمَى نَصِيْبَهَا
وَلَهُ:
أكوكبٌ مَا أَرَى يَا سَعْدُ أُمْ نَارُ ... تَشُبُّهَا
سَهْلَةُ الخَدَّيْنِ مِعْطَارُ
بَيْضَاءُ إِنْ نَطَقَتْ فِي الحيِّ أَوْ نَظَرَتْ ...
تَقَاسَمَ الشَّمْسَ أسماعٌ وَأَبْصَارُ
وَالرَّكْبُ يَسرُوْنَ وَالظَّلْمَاء رَاكِدَةٌ ...
كَأَنَّهُم فِي ضَمِيْرِ اللَّيْلِ أَسرَارُ
فَأَسرَعُوا وَطُلا الأَعْنَاقِ مائلةٌ ... حَيْثُ
الوَسَائِدُ لِلنُّوَّامِ أَكْوَارُ
وَلَهُ:
تَنَكَّرَ لِي دَهْرِي وَلَمْ يَدْرِ أَنَّنِي ... أَعِزُّ
وَأَحْدَاثُ الزَّمَانِ تَهُونُ
فَبَاتَ يُرِينِي الخَطْبَ كَيْفَ اعتِدَاؤُهُ ... وَبِتُّ
أُرِيهِ الصَّبْرَ كَيْفَ يَكُوْنُ
وَلَهُ:
نَزَلْنَا بِنُعْمَانِ الأَرَاكِ وَلِلنَّدَى ... سقيطٌ
بِهِ ابْتَلَتْ عَلَيْنَا المَطَارِفُ
فَبِتُّ أُعَانِي الوَجْدَ وَالرَّكْبُ نومٌ ... وَقَدْ
أَخَذَتْ مِنَّا السُّرَى وَالتَّنَائِفُ
وَأَذْكُرُ خُوْداً إِنْ دَعَانِي عَلَى النَّوَى ...
هَوَاهَا أَجَابَتْهُ الدُّمُوعُ الذَّوَارِفُ
لَهَا فِي مَغَانِي ذَلِكَ الشِّعْبِ منزلٌ ... لَئِنْ
أَنْكَرَتْهُ العَيْنُ فَالقَلْبُ عَارِفُ
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ الحَافِظُ: أَنشدنَا أَبُو
المُظَفَّرِ الأَبِيوَرْدِي لنَفسِهِ:
يَا مَنْ يُسَاجِلُنِي وَلَيْسَ بمدركٍ ... شَأوِي
وَأَيْنَ لَهُ جَلاَلَةُ مَنْصِبِي
لاَ تَتْعَبَنَّ فَدُوْنَ مَا حَاوَلْتَه ... خَرْطُ
القَتَادَةِ وَامْتِطَاءُ الكَوْكَبِ
وَالمَجْدُ يَعْلَمُ أَيُّنَا خيرٌ أَباً ... فَاسْأَلْهُ
تَعْلَمْ أَيُّ ذِي حسبٍ أَبِي
جَدِّي مُعَاوِيَةُ الأَغَرُّ سَمَتْ بِهِ ... جرثومةٌ
مِنْ طِيْنِهَا خُلِقَ النَّبِي
وَرّثتُه شرفاً رَفَعْتُ مَنَارَه ... فَبَنُو أُمَيَّةَ
يَفخرُوْنَ بِهِ وَبِي
(14/247)
أَنشدنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ،
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا
السِّلَفِيُّ، أَنشدنَا الأَبِيوَرْدِيُّ لِنَفْسِهِ:
مَنْ رَأَى أَشْبَاحَ تبرٍ ... حُشِيَتْ رِيقَةَ نَحْلَهْ
فَجَمَعْنَاهَا بُدُوراً ... وَقَطَعْنَاهَا أَهِلَّهْ
تُوُفِّيَ الأَبِيوَرْدِي بِأَصْبَهَانَ مسمومًا, في ربيع
الأول, سنة سبع وخمسين وَخَمْس مائَة كَهْلاً. قَالَ
قَاضِي القُضَاة عبد الوَاحِد بن أَحْمَدَ الثَّقَفِيّ:
أَنشدنَا الأَبِيوَرْدِي:
لَمْ يُبْقِ مِنِّي الحُبُّ غَيْرَ حشاشةٍ ... تَشْكُو
الصَّبَابَةَ فَاذْهَبِي بِالبَاقِي
أَيَبِلُّ مَنْ جَلَبَ السَّقَامَ طَبِيْبُهُ ...
وَيَفِيْقُ مَنْ سَحَرَتْهُ عَيْنُ الرَّاقِي
إِنْ كَانَ طَرْفُكِ ذَاقَ رِيْقَكَ فَالَّذِي ... أَلْقَى
مِنَ المَسْقِيِّ فِعْلُ السَّاقِي
نَفْسِي فِدَاؤُكَ مِنْ ظلومٍ أُعْطِيَتْ ... رق القلوب
وطاعة الأحداق
وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ طَاهِر، فَلَمْ يُتقن نسبه،
وَقَالَ: كَانَ أَوحدَ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي عُلُوْمٍ
عِدَّةٍ.
وَقَدْ عَمِلَ السِّلَفِيّ لَهُ سِيرَةً وَطوَّل، وَقَالَ:
كَانَ فِي زَمَانِهِ دُرَّةَ وِشَاحِهِ، وَغُرَّةَ
أَوضَاحِهِ، وَمَالِكَ رِقِّ المَعَانِي، فَلِلَّه دَرُّهُ
حِيْنَ يَتنَاثرُ مِنْ فِيْهِ دُرُّهُ.
فِي كُلِّ مَعْنَىً يَكَادُ المَيْتُ يَفْهَمُهُ ...
حُسْناً وَيَعْبُدُهُ القِرْطَاسُ وَالقَلَمُ
هَذَا مَعَ مَا تَجَمَّع فِيْهِ مِنَ الخَلاَّل
الرَّضِيَّةِ، وَالخِصَالِ المرضيَّةِ، كَالتَّبَحُّرِ فِي
اللُّغَةِ، وَالتَّقَدُّم فِي النَّحْوِ، وَالمَعْرِفَةِ
برِجَالِ الحَدِيْث وَالأَنسَابِ، وَنزَاهَةِ النَفْس،
وَالمُوَاظبَةِ عَلَى الشَّرعِ، وَالتَّوَاضعِ الزَّائِد
لِلزَّاهِدين، والصلف التام على أبناء الدنيا، وكان نادرًا
في أنساب العرب قاطبة، كأنه يَغْرِفُ مِنْ بَحرٍ،
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا دَخَلتُ بَلَداً يُرْوَى فِيْهِ
الحَدِيْث إلَّا بدَأَتُ بِسمَاعِ شيءٍ مِنْهُ قَبْل
التَّصدِّي لِشُؤونِي، وَحَفِظتُ كِتَاب "البلغَة" فِي
اللُّغَة وَأَنَا صَبِيّ، وَمَا مَقَلْتُ لغوياً قَطُّ،
وَأَمَّا النَّحْو، فَعبدُ القَاهِر، وَأَثْنَى عليه.
وحكى لي الشريف أبو البلقاء خطيبُ جَامِعِ السُّلْطَان
قَالَ: كَانَ أَبُو المُظَفَّرِ يُطَالع الرّقعَةَ
الطَّوِيْلَة مرَّةً وَاحِدَة، وَيُعيدهَا حِفْظاً، قَالَ:
وَمِمَّنْ كَانَ يُبَالِغُ فِي مَدحه أَبُو نَصْرٍ بنُ
أَبِي حَفْصٍ، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَثعل
الأَصْبَهَانِيَّانِ كَاتِبَا الْعَصْر، وَبَلَغَنِي
وَأَنَا بِسَلْمَاسَ أَنَّهُ فُوِّض إِلَيْهِ إِشْرَاف
المَمَالِك، وَأُحضِرَ عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد بن
مَلِكْشَاه لِلشخصيَة وَهُوَ عَلَى سرِيرِ المُلكِ،
فَارْتَعَدَ مِنْهُ وَوَقَعَ، وَرُفِعَ ميتاً.
(14/248)
قَالَ شِيْرَوَيْه: سَمِعَ الأَبِيوَرْدِي
مِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْعَدَةَ، وَعبدِ القَاهِر
الجُرْجَانِيّ، وَأَبِي الفَتْحِ الشيرَازِي بِالرَّيِّ،
وَعَاصِمِ بنِ الحَسَنِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ مِنْ
أَفرَادِ الوَقْتِ الَّذِيْنَ ملكُوا القُلوبَ بِفَضلِهِم،
وَعَمَرُوا الصُّدُوْر بودِّهم مُتعصِّباً لِلسُّنَّة
وَأَهْلِهَا، وَلَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَة، أَلَّف
"تَارِيخَ أَبِيْوَرْدَ وَنَسَا" وَ "الْمُخْتَلف
وَالمُؤتلف" وَ "طَبَقَات العُلَمَاء فِي كُلِّ فَن" وَ
"مَا اخْتلف وَائِتلف مِنْ أَنسَاب العربِ"، وَلَهُ فِي
النَّحْوِ وَاللُّغَة مُصَنَّفَات مَا سُبِقَ إِلَيْهَا،
حسنَ السِّيْرَةِ، خَفِيفَ الرّوح، مُتَوَاضِعاً، طِرَازاً
لأَهْل الْبَلَد.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ:
قَدِمَ بَغْدَاد سَنَة ثَمَانِيْنَ، وَلاَزَمَ خزَانَة
الكُتُب النّظَامِيَّة، وَكَانَ مِنَ الذّكَاء عَلَى وَصفٍ
عَجِيبٍ، كَانَ يَسْمَعُ القصيدَةَ الطَّوِيْلَة فِي
نوبةٍ، فَيرويهَا، وَيَتصفَّحُ الكِتَاب مرَّة، فيذكُرُ
فَوَائِدَه وَيَحْكِيهَا، كَانَ يُعَابُ بِإِعجَابه
بِنَفْسِهِ، وَكَانَ عَفِيْفاً متصوناً، أَكْثَر مِنْ
مدَائِح الوَزِيْر أَبِي مَنْصُوْرٍ بن جَهير، فَصَادف
مِنْهُ رِفداً جَلِيْلاً، ثُمَّ هَجَاهُ فِي هوَى مُؤيدِ
الْملك بن النّظَام، فَسعَى ابْنُ جَهير إِلَى الخَلِيْفَة
بِأَنَّهُ قَدْ هجَاك، وَمدح صَاحِبَ مِصْرَ، فَأُبيح
دَمُهُ، فَهَرَبَ إِلَى هَمَذَان، وَاختلق هَذَا النسبَ
حَتَّى ذهب عَنْهُ اسمُ صَاحِب مِصْر، وَيُقَالُ: إِنَّ
الْخَطِير الوَزِيْر سَمَّه، فَمَاتَ فَجْأَةً.
قَالَ ابْنُ الخَشَّاب: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحِيْمِ
بن الاخوَة ثَلاَثَةَ أَجزَاء مِنْ أَوّل كِتَاب "زَادَ
الرِّفَاقِ لِلأَبِيوَرْدِي، وَهَذَا الكِتَاب -نَعَمْ
وَاللهِ- بَارِدُ الْوَضع، مَشُوبٌ أَدبُه بِفُضُولٍ مِنْ
عُلُوْمٍ لاَ تُعدُّ فِي الفَضْلِ، دَالَة عَلَى أَنَّ
الأَبِيوَرْدِي كَانَ مُمَخْرِقاً مُحِباً لأَنْ يُرَى
بِعينِ مُفْتَنٍّ، متشبعاً بِمَا لَمْ يُعْطِ.
وَلأَبِي إِسْمَاعِيْلَ الطُّغْرَائِي يَرْثي الأبيوردي:
إن ساغ لي بَعْدَكَ لِي ماءٌ عَلَى ظَمَأٍ ... فَلاَ
تَجَرَّعْتُ غَيْرَ الصَّابِ وَالصَّبْرِ
أَوْ إِنْ نَظَرْتُ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى حسنٍ ... مُذْ
غِبْتَ عَنِّي فَلاَ متعت بالنظر
صَحِبْتَنِي وَالشَّبَاب الغَضُّ ثُمَّ مَضَى ... كَمَا
مَضَيْتَ فَمَا فِي العَيْشِ مِنْ وَطَرِ
هَبْنِي بَلَغْتُ مِنَ الأَعْمَارِ أَطْوَلَهَا ... أَوِ
انتَهَيْتُ إِلَى آمَالِيَ الكُبَرِ
فَكَيْفَ لِي بشبابٍ لاَ ارْتجَاعَ لَهُ ... أُم أَيْنَ
أَنْتَ فَمَا لِي عَنْكَ مِنْ خَبَرِ
سَبَقْتُمَانِي وَلَوْ خُيِّرْتُ بَعْدَكُمَا ... لَكُنْتُ
أَوَّلَ لحاقٍ على الأثر
(14/249)
الأبيوردي، الفضل بن
محمد، عبيد بن محمد:
4606- الأبِيُوَرْدي:
الشَّيْخُ أَبُو القَاسِمِ الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
الأَبِيوَرْدِي العَطَّار الَّذِي رَوَى "سنَن
الدَّارَقُطْنِيّ" بِفَوْتِ جُزْئَين عَنْ أَبِي
مَنْصُوْرٍ النَّوْقَانِي عَنِ المُؤلف، وَكَمَّل
الجُزْئَينِ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ الصَّابونِي عَنْهُ
إِجَازَة. سَمِعَ الكِتَابَ مِنْهُ أَبُو سَعْدٍ
الصَّفَّار فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة،
وَتُوُفِّيَ بَعْد عام بنيسابور.
4607- الفضل بن محمد 1:
ابن عبيد مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيٍّ، العَدْلُ
المَأْمُوْنُ الصالح، أَبُو مُحَمَّدٍ القُشَيْرِيّ
النَّيْسَابُوْرِيّ، أَخُو عُبَيْد بن مُحَمَّد.
وُلِدَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: الأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُوْرٍ عَبْد
القَاهِرِ البَغْدَادِيّ، وَعبدِ الرَّحْمَن بن حَمْدَان
النَّصروِي، وَأَبِي حَسَّانٍ المزكِي، وَعَبْدِ الغَافِرِ
بن مُحَمَّدٍ الفَارِسِيّ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ، حَجَّ، فَرَوَى عَنْهُ أَبُو
الفَتْحِ بنُ عَبْد السَّلاَمِ الكَاتِب وَغَيْرهُ.
مَاتَ فِي رَمَضَانَ, سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْس مائَة.
أَخُوْهُ:
4608- عُبَيْدُ بنُ محمد 2:
التَّاجِرُ الأَمِيْنُ المُعَمَّرُ أَبُو العَلاَءِ
عُبَيْد بن مُحَمَّدٍ القُشَيْرِيّ.
سَمِعَ: عبدَ القَاهِر بن طَاهِرٍ البَغْدَادِيّ
الأُصُوْلِي، وَأَبَا حسَان المُزَكِّي، وَعبدَ الرَّحْمَن
بن حَمْدَان، وَأَبَا حَفْصٍ بن مَسْرُوْر، وَسَافَرَ
إِلَى المَغْرِب فِي التِّجَارَة، وَأَقَامَ هُنَاكَ
مُدَّة، وَحصَّل أَمْوَالاً، ثُمَّ عَادَ إِلَى
نَيْسَابُوْرَ، وَشَاخ، وَلَزِمَ دَارَه، وَكَانَ قَلِيْلَ
المُخَالَطَة، وَكَانَ الأَخَ الأَكْبَرَ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة، وصفع
عَبْدُ الغَافِرِ بن إِسْمَاعِيْلَ فِي "تَارِيْخِهِ"
بِالصِّدْق وَالعدَالَة وَالعِبَادَة، وَصِحَّةِ
السَّمَاع، وَالإِنفَاقِ عَلَى الفُقَرَاء، تَصدَّق فِي
آخِرِ عُمُرِهِ بِشَيْءٍ كَثِيْر، وَثقل سَمْعُهُ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ حُضُوْراً
بقراءة أبيه.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: مَاتَ فِي ثَامن عَشَرَ شَعْبَان
سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، وَعَاشَ خمسًا
وتسعين سنة.
__________
1 ترجمته في العبر "4/ 11"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/
14".
2 ترجمته في العبر "4/ 28"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/
35".
(14/250)
4609- شِيُروَيه 1:
ابن شَهْردَارَ بنِ شِيْرَوَيْه بنِ فَنَّاخُسْره بنِ
خُسْركَانَ، المُحَدِّثُ, العَالِمُ، الحَافِظُ,
المُؤَرِّخُ، أَبُو شُجَاعٍ الدَّيلمِي, الهَمَذَانِيُّ
مُؤلف كِتَاب "الفِرْدَوْس" وَ "تَارِيخ هَمَذَان".
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَطلب هَذَا الشَّأْنَ، وَرَحَلَ فِيْهِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ القُوْمَسَانِي،
وَيُوْسُفَ بن مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ المُسْتَمْلِي،
وَسُفْيَانَ بن الحَسَنِ بنِ مَنْجُويه، وَعبدَ الحمِيد بن
الحَسَنِ الفُقَاعِي، وَأَبَا الفَرَجِ عَلِيّ بن
مُحَمَّدٍ الجَرَيْرِيّ البَجَلِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ
عِيْسَى الدِّيْنَوَرِيّ، وَعبدَ البَاقِي بن عَلِيٍّ
العَطَّار، وَأَبَا القاسم بن البسري، وأبا نصر
الزَّيْنَبِيّ، وَأَبَا عَمْرٍو بن مَنْدَه، وَعدداً
كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ شهردَار، وَمُحَمَّدُ بنُ
الفَضْلِ العَطَّار، وَأَبُو العَلاَءِ العَطَّار
المُقْرِئُ، وَأَبُو العَلاَءِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الفَضْل، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيّ, وَعِدَّة.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَه: شَابٌّ كَيِّس حسن، ذكيُّ
القَلْب، صلبٌ فِي السنةِ، قَلِيْلُ الكَلام.
قُلْتُ: هُوَ متوسطُ الحِفْظ، وَغَيْرُهُ أَبرعُ مِنْهُ
وَأَتقن.
مَاتَ فِي تَاسع عشر رَجَب سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْس مائَة،
وَلَهُ أَرْبَعٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو عُثْمَانَ بن ملَة الوَاعِظ،
وَمُحَمَّد بن نَصْرٍ الأَعْمَش، وَخطيبُ صُوْر غَيْث بن
عَلِيٍّ الأَرمنَازِي المُحَدِّث، وَأَبُو يَعْلَى
مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الهبارِيَة الشَّاعِر،
وَأَبُو البركَات هِبَة اللهِ بن السَّقَطِيّ، وَقِوَام بن
زَيْدٍ البَكْرِيّ الدِّمَشْقِيّ المِزِّيّ.
وَمَاتَ وَلَدُهُ الحَافِظ شهردَار سَنَة ثَمَانٍ
وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَسيَأْتِي.
وَمَاتَ حَفِيْدُهُ شِيْرَوَيْه بن شهردار سنة ست مائة, عن
اثنتين وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، سَمِعَ مِنْ زَاهِر
الشَّحَّامِي "مُسْنَدَ أبي يعلى".
__________
1 ترجمته في العبر "4/ 18"، وتذكرة الحفاظ "4/ ترجمة
1063"، وطبقات الشافعية للسبكي "7/ 111"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "5/ 211"، وشذرات الذهب لابن العماد "/
23".
(14/251)
الخولاني، أبو طاهر
اليوسفي:
4610- الخَوْلاَني 1:
الشَّيْخُ الفَاضِلُ، المُعَمَّر الصَّادِق، مُسْنِدُ
الأَنْدَلُس، أَبُو عبد الله أحمد ابن مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غلبُوْنَ
الخَوْلاَنِيّ, القُرْطُبِيّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَاعْتَنَى بِهِ أَبُوْهُ، وَاسْتجَازَ لَهُ الكِبَارَ،
وَسَمَّعَهُ فِي الحدَاثَة.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ الحَافِظ أَبِي عَبْدِ اللهِ
كَثِيْراً، وَسَمِعَ "المُوَطَّأ" مِنْ أَبِي عَمْرٍو
عُثْمَان بن أَحْمَدَ القيجطَالِي صَاحِب أَبِي عِيْسَى بن
عَبْدِ اللهِ اللَّيْثِيّ، وَتَفَرَّد فِي الدُّنْيَا
بِعُلوهِ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الأَحدب،
وَأَبِي مُحَمَّدٍ الشِّنتجَالِي، وَعَلِيّ بن حَمُّوَيْه
الشِّيرَازِي، وَعِدَّة.
وَأَجَازَ لَهُ يُوْنُسُ بن عَبْدِ اللهِ بن مُغِيْث
القَاضِي، وَأَبُو عَمْرٍو المَرشَانِي الَّذِي تَفَرَّد
بِإِجَازَة أَبِي بَكْرٍ الآجُرِّيّ المجَاور، وَأَبُو
عُمَرَ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الطَّلمنكِي، وَالحَافِظُ
أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ المُجَاور، وَمَكِّي بن أَبِي
طَالِبٍ القَيْسِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو
الدَّانِيُّ.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال: كَانَ شَيْخاً فَاضِلاً،
عَفِيْفاً مُنْقَبِضاً، مِنْ بَيْت عِلمٍ وَدين وَفضل،
وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ كَبِيْرُ علمٍ، أَكْثَر مِنْ
رِوَايَته عَنْ هَؤُلاَءِ الجِلَّة، وَكَانَتْ عِنْدَهُ
أصولٌ يَلجَأُ إِلَيْهَا, وَيُعوِّلُ عَلَيْهَا.
قُلْتُ: هُوَ خَالُ أَبِي الحَسَنِ شُرِيح بن مُحَمَّد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الوَلِيْدِ بنِ الدَّبَّاغِ،
وَعَلِيُّ بن الحُسَيْنِ اللوَاتِي، وَجَمَاعَة.
وَأَجَازَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زرقُوْنَ، وَعُمِّرَ
دَهْراً.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْس مائَة،
وَلَهُ تسعون سنة.
4611- أبو طاهر اليوسُفي 2:
الشَّيْخُ الأَمِيْنُ، العَدْلُ المُسْنِدُ، أَبُو طَاهِرٍ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ بن
مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بن مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ
البَغْدَادِيّ البَزَّاز.
سَمِعَ: أَبَا عَلِيٍّ بن المُذْهِب، وَأَبَا إِسْحَاقَ
البَرْمَكِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ بِشْرَان، وَأَبَا
مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، وَعِدَّة.
وَحَدَّثَ بِـ "سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيّ" عَنِ ابْنِ
بِشرَانَ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نَاصر، وَأَبُو المُعَمَّر
الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ،
وَالصَّائِن هِبَةُ اللهِ بنُ عَسَاكِرَ، وَأَخُوْهُ
الحَافِظُ عبدُ الخَالِق اليُوسُفِي، وَابْنَا أَخِيْهِ
عَبْدُ الحَقِّ وَعبدُ الرَّحِيْم ابْنَا عبد الخَالِق،
وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السِّلَفِيّ: كَانَ مِنْ أَعيَان رُؤسَاء بَغْدَاد.
قُلْتُ: وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ، وَمَاتَ فِي شَوَّال, سَنَة إِحْدَى عَشْرَةَ
وَخَمْس مائَة، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الدّين وَالثِّقَة
وَالسُّنَّة، مات هو وأبو علي ابن نَبْهَانَ المَذْكُور
فِي لَيْلَة وَاحِدَة، وَمِنْ مَرْوِيَّاته "سنن
الدارقطني".
__________
1 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 73"، والعبر "4/ 189"،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 209"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "4/ 21".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 194"، والعبر "4/
24"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردى "5/ 214"، وشذرات
الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 31".
(14/252)
4612- ابن صُلَيْعَة:
الأَمِيْرُ القَاضِي، أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْد اللهِ بن
صُليعَة بن قَاضِي جبلَة، كَانَتْ جَبَلَةُ لِصَاحِب
طَرَابُلُس ابْن عَمَّار، فَتعَانَى ابْنُ صُليعَة-
وَيُقَالُ: ابْنُ صُليحَة- الفروسيَةَ، وَخَافَ مِنْهُ
ابْنُ عَمَّار، فَعصَى بِجَبَلَةَ وَتَمَلَّكَهَا،
وَحصَّنهَا إِلَى الغَايَة، وَخَطَبَ لِبَنِي العَبَّاسِ،
ثُمَّ حَاصره الفِرَنْجُ، فَأَرْجَفَ بِمجِيْء جَيْش
بَرْكيَارُوْق، فَتَرحَّلُوا عَنْهُ، ثُمَّ نَازلُوْهُ،
فَشنع بِمجِيْء المصرِيين، ثُمَّ قَرَّر مَعَ رَعيته
النَّصَارَى بِأَنْ يُنَاصِحُوا الفِرَنْج، وَيُوَاعدوهُم
إِلَى برجٍ، فَانْتدب مِنَ الفِرَنْج مِنْ شُجعَانهُم
ثَلاَث مائَة، فَطَالعهُم النَّصَارَى فِي حبَال،
وَكُلَّمَا طَلَعَ وَاحِد، قَتله ابْن صُليحَة حَتَّى
أَبَادَ الثَّلاَث مائَة، ثُمَّ صَفَّفَ رُؤُوْسَهُم عَلَى
الشُّرُفَات، ثُمَّ حَاصَروهُ، وَدَكُّوا برجاً، فَأَصْبَح
قَدْ بنَاهُ فِي اللَّيْلِ. وَكَانَ يَبرز فِي فَوَارسه،
وَيَحْمِل عَلَى الفِرَنْج، فَطمعُوا فِيْهِ مرَّة،
وَاسْتَجَرَّهُم إِلَى السُّوْر، فَخَرَجَ إِلَيْهِم
المُقَاتلَة، وَأَحَاطُوا بِهِم، فَترحَّلُوا.
ثُمَّ إِنَّهُ علم أَنَّ الفِرَنْج لاَ يَفتُرُوْنَ،
فَقَدم إِلَى دِمَشْقَ، وَبَذَلَ لِصَاحِبهَا طُغْتِكِين
جَبَلَة بذخَائِرهَا، فَبَعَثَ وَلده فَتسلمهَا.
وذهبَ ابْن صُليحَة إِلَى بَغْدَادَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ
عَسْكَر فَنهبُوْهُ، فَردَّ إِلَى دِمَشْقَ، فَأَكْرَمَهُ
طُغْتِكِيْن وَأَنْزَله، ثُمَّ إِنَّهُ اشْتَرَى حصن
بَلاَطُنُسَ مِنِ ابْنِ مُنْقِذ، فَتحوَّل إِلَيْهِ
بِأَمْوَاله، وَترك بِجَبَلَة مِنَ الذّخَائِر شَيْئاً
كَثِيْراً.
ثُمَّ إِنَّهُ أَخَذَهَا ابْن عَمَّار مِنْ وَلَدِ
طُغْتكِين، وَلَمْ أَعْرِفْ وَفَاة ابْن صُلَيحَةَ.
(14/253)
صاحب الهند، ابن
مرزوق:
4613- صاحب الهند 1:
السلطان مسعود، علاء الدولة، أبو سعيد بن صاحب الهند
إبراهيم بن مسعود ابن السلطان الكبير محمود بن سبكتكين ملك
غَزْنَةَ وَالهِنْد.
مَاتَ فِي شَوَّال سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْس مائَة،
فَتَمَلَّك بَعْدَهُ ابْنه الْملك أَرْسَلاَن ابْن عَمِّةِ
السُّلْطَان مَلِكْشَاه بنِ أَلب آرسلاَن، وَتَمَكَّنَ،
وَقبض عَلَى إِخْوَته، فَغَضِبَ لَهُم السُّلْطَان
سَنْجَر، وَالتَقَاهُ، فَانْهَزَم صَاحِبُ الهِنْد، ثُمَّ
طَلَبَ الهُدنَة، وَقوِيَ طَمَعُ سَنْجَر، ثُمَّ التَقَوْا
عَلَى بَاب غَزْنَةَ، وَكَانَ عَسْكَر غَزْنَةَ
ثَلاَثِيْنَ أَلف فَارِس وَسِتِّيْنَ فِيلاً، فَانكسرُوا
أَيْضاً، وَتَملَّك سَنْجَر غَزْنَةَ فِي سَنَةِ عَشرٍ،
لَكِن عَصَتْ القَلْعَة، وَكَانَ أَرْسَلاَن ظلُوْماً،
فَسُلِّمَتِ القَلْعَةُ، وَنصَّب فِي غَزْنَة بَهْرَامَ،
وَعَاثت جيوشُ سَنْجَر، وَنَهبُوا، وَعَثَّرُوا العَامَّة،
فَصَلَبَ جَمَاعَةً مِنْ عَسْكَرِه، فَهُذِّبُوا.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: حصل لِسَنْجَر خَمْسَةُ تِيجَان،
قيمَة أَحَدِهَا أَزيدُ مِنْ أَلفَيْ أَلفِ دِيْنَار،
وَرجع سَنْجَر بَعْد أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، فَذَهَبَ
أَرْسَلاَن وَجَمَعَ العَسَاكِر، وَقصد غَزْنَةَ، وَجَرَتْ
أمورٌ يَطُول شرحُهَا، ثُمَّ إِنَّ أَرْسَلاَن أُسِرَ
وَخُنِقَ، وَكَانَ بَدِيعَ الجمَال، عَاشَ سَبْعاً
وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
4614- ابْنُ مَرْزُوق 2:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الرّحَّالُ، أَبُو الخَيْرِ عَبْدُ
اللهِ بنُ مَرْزُوْق الهَرَوِيّ، مَوْلَى شَيْخِ
الإِسْلاَمِ أَبِي إسماعيل الأنصاري.
قيل: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: قرَأَ العِلْم، وَرُزِقَ الفَهم،
وَسَمِعَ الكَثِيْرَ، وَسَافَرَ وَكَتَبَ وَحصَّل، وَكَانَ
مَوْصُوَفاً بِالحِفْظ وَالمَعْرِفَة، وَحُسْنِ
السِّيْرَةِ، وَكَانَ خطُّه رديئاً، ثَقُلَ سَمعُهُ
بِأَخَرَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا عُمَرَ المَلِيْحِي، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ
العَزِيْزِ الفَارِسِيّ، وَأَبَا مَعْمَرٍ أَحْمَد بن عبد
الوَاحِد البَانكِي، وَعبدَ الرَّحْمَن بنَ مَنْدَه،
وَأَخَاهُ أَبَا عَمْرٍو، وَأَبَا القَاسِمِ بن
البُسْرِيِّ، وَطَبَقَتهُم.
سَمِعَ مِنْهُ: القَاضِي يَعْقُوْبُ بن إِبْرَاهِيْمَ
إِمَام الحنَابلَة، وَهِبَةُ اللهِ بن السَّقَطِيّ،
وَسَكَنَ أَصْبَهَانَ.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بن مُحَمَّدٍ
الحَافِظ يَقُوْلُ: أَبُو الخَيْرِ الهَرَوِيّ حافظٌ
لِلْحَدِيْثِ مُتْقِن.
وَقَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ فِي "مُعْجَمه":
حَدَّثَنَا الحَافِظُ الزَّاهِد عَبْدُ اللهِ بن مَرْزُوْق
الهَرَوِيّ، وَكَانَ ثقيلَ الأُذُنِ، وَمَاتَ فِي جُمَادَى
الآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْس مائَة.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الخَيْرِ فِي كِتَابِهِ عَنْ
ابْنِ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَازِم مُحَمَّد بن
الفَرَّاءِ، وَطَلْحَة بن أَحْمَدَ العَاقولِي، وَعَلِيّ
بن الزَّاغونِي إِذْناً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو
الخَيْرِ عَبْدُ اللهِ بن مَرْزُوْق مِنْ لَفظه سَنَة
"472"، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ
الطُّرَيْثِيْثِيّ بِهَا، أخبرنا أبو الحسين الخفاف، فذكر
حديثًا.
__________
1 ترجمته في العبر "4/ 17"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/
23".
2 ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1054"، وشذرات الذهب
لابن العماد الحنبلي "4/ 16".
(14/254)
4615- ابن فاخر
1:
الشيخ الإمام، إِمَامُ النَّحْو، أَبُو الكَرَمِ
المُبَارَكُ بنُ فَاخِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ
البَغْدَادِيّ, النَّحْوِيّ اللُّغَوِيّ، صَاحِبُ
التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: القَاضِي أَبِي الطَّيِّب الطَّبَرِيِّ،
وَأَبِي مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ
مُحَمَّد بن النَّرْسِيّ، وَالقَاضِي أَبِي يَعْلَى،
وَجَمَاعَة، وَصحب أَبَا القَاسِمِ عبد الوَاحِد بن
بَرْهَان، وَقرَأَ عَلَيْهِ عِدَّةَ كُتُب، وَعِدَّة
دَوَاوِيْنَ، حَتَّى بَرَعَ فِي لِسَانِ العربِ.
أَخَذَ عَنْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الخَيَّاط، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيَّ، وَأَبُو المُعَمَّر الأَنْصَارِيُّ،
وَأَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الكَتَانِي،
وَجَمَاعَة.
قَالَ أَبُو عَامِرٍ العبدرِي: قَالَ لِي ابْنُ فَاخر:
أَخذتُ علمَ العَرَبِيَّة عن أبي بَرْهَان، وَأَبِي
القَاسِمِ الرَّقِّيّ، وَعِيْسَى بنِ عُمَرَ بنِ
الأَصْفَر، وَأَبِي الحُسَيْنِ بن شَاهُويه.
إِلَى أن قال: ولقين مِنْ أَصْحَابِ أَبِي سَعِيْدٍ
السِّيرَافِي هِلاَلاً الصَّابِئ، وَمِنْ أَصْحَابِ أَبِي
عَلِيٍّ الفَارِسِيّ أَبَا القَاسِمِ التَّنُوْخِي،
وَالجَوْهَرِيّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الكَرَمِ
بنِ فَاخر "ثَبْتٌ" أَنَّهُ سَمِعَ من التَّنُوْخِي
أَشيَاء كَثِيْرَة مِنَ الكُتُب، وَتَحْتَه بِخَطِّ ابْنِ
نَاصر: لَمْ يَسْمَعْ قَطُّ مِنَ التَّنُوْخِي شَيْئاً،
لَقَدِ اخْتلقَ وَافترَى،
وَكَتَبَ ابْنُ فَاخر أَنَّهُ سَمِعَ "جُزْء الغِطْرِيْف"
مِنْ أَبِي الطَّيِّب، فَكَتَبَ ابْنُ نَاصر: قَدْ زَوَّر
عَلَى القَاضِي، وَسَمَّعَ فِي "جُزْء الغِطْرِيْف"،
وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئاً، وَذَكَرَ ابْنُ فَاخرٍ
عِدَّةَ كُتُبٍ قَرَأَهَا على بن بَرْهَان، وَكَتَبَ ابْنُ
نَاصر تَحْته: كَذَبَ -وَاللهِ- فِيمَا سطَّره.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَأَلتُ أَبَا مَنْصُوْرٍ بنَ
خَيْرُوْنَ عَنِ ابْنِ فَاخر، فَقَالَ: كَانُوا
يَقُوْلُوْنَ: إِنَّهُ كَذَّاب.
مَاتَ هَذَا فِي ذِي القَعْدَةِ, سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْس
مائَة، وَكَانَ سِبْطُ الخياط أكبر تلامذته.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 154"، ومعجم الأدباء
لياقوت الحموي "17/ 54"، والعبر "3/ 356"، والنجوم الزاهرة
لابن تغري بردي "5/ 195"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/
412".
(14/255)
4616- الحدَّاد 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، المُقْرِئُ المُجَوِّدُ، المُحَدِّثُ
المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ الْعَصْر، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بن
مِهْرَة الأَصْبَهَانِيّ الحَدَّاد، شَيْخ أَصْبَهَان فِي
القِرَاءات وَالحَدِيْثِ جَمِيْعاً.
وُلِدَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وأربع مائة.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَبعدَهَا
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُصْعَب
التَّاجِر، وَأَبَا نُعَيْمٍ الحَافِظ، فَلَعَلَّهُ سَمِعَ
مِنْهُ وقر بعير، وأبا الحسين ابن فَاذشَاه، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ أَبِي الشَّيْخِ، وَهَارُوْنَ
بنَ مُحَمَّدٍ الكَاتِب، وَأَبَا القَاسِمِ عَبْد اللهِ بن
مُحَمَّدٍ العَطَّار، وَأَبَا سَعْدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
بن أَحْمَدَ الصَّفَّار، وَعَلِيَّ بن أَحْمَدَ بنِ
مِهْرَانَ الصَّحَاف، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ بَزْدَه
المِلَنجِي، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ رِيذه، وَالفَضْلَ بن
مُحَمَّدٍ القَاشَانِي، وَأَبَا أَحْمَد مُحَمَّد بن
عَلِيِّ بنِ سَيُّويه الْمَكْفُوف، وَأَبَا ذَرٍّ مُحَمَّد
بن إِبْرَاهِيْمَ الصَّالحَانِي، وَعِدَّة.
وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ "مُعْجَماً" سَمِعْنَاهُ، أَوْ
لَعَلَّهُ بِتَخرِيجِ وَلده الحَافِظ المُجَوِّدِ عُبَيْد
اللهِ بن الحَدَّاد.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى: عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
العَطَّار، وَأَبِي الفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن
أَحْمَدَ الرَّازِيّ الزَّاهِد، وَأَحْمَد بن الفَضْلِ
البَاطِرْقَاني، وَأَحْمَد بن بَزْدَه، وَتَصدَّر
وَأَفَاد.
تَلاَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَات: أَبُو العَلاَءِ الحَسَنُ
بن أَحْمَدَ الهَمَذَانِيّ، وَجَمَاعَة.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: السِّلَفِيّ، وَمَعْمَرُ بنُ الفَاخر،
وَأَبُو العَلاَءِ العَطَّار، وَأَبُو مُوْسَى
المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو مَسْعُوْدٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ
الحَاجِي، وَأَبُو الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بن أَحْمَدَ
الخرقي، وأبو الفضل الطوسي
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 228"، والعبر "4/
34"، وشذرات الذهب لابن العماد "4/ 47".
(14/256)
خطيب المَوْصِل، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
الوَاحِدِ الصَّائِغ، وَيَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ
الثَّقَفِيّ، وَالفَضْلُ بنُ القَاسِمِ الصيدلاني، ومحمد
بن حسن بن الفضل الأدمي، ومحمد بن أحمد المُصلح الأَدِيْب،
وَعبدُ الرَّحِيْم بن مُحَمَّدٍ الخَطِيْب، وَأَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوسِيّ،
وَخَلِيْلُ بنُ بَدْرٍ الرَّارِي، وَمَسْعُوْدُ بنُ أَبِي
مَنْصُوْرٍ الحَنَّاط، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي زَيْدٍ
الكَرَّانِيّ، وَأَبُو المَكَارِمِ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ
اللَّبَّان، وَخَلْق خَاتِمَتُهُم بِالحُضُوْر: أَبُو
جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيّ، وَبِالإِجَازَة: عفِيفَةُ
الفَارقَانِيَة، وحدث عنه بالإجازة أيضًا: أبو القاسم بن
عَسَاكِرَ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَأَجَازَ
لأَبِي طَاهِرٍ الخُشُوْعِيّ، وَمَا ظَهرت لَهُ الإِجَازَة
فِي حَيَاتِهِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ عَالِماً ثِقَةً صَدُوْقاً
مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالقُرْآن وَالدِّيْن، عُمِّرَ
دَهْراً، وَحَدَّثَ بِالكَثِيْرِ، كَانَ أَبُوْهُ إِذَا
مَضَى إِلَى حَانُوته لعمل الحديد يأخذ بيده الحَسَن،
وَيدفعُهُ فِي مَسْجِد أَبِي نُعَيْمٍ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ كَانَ يَسْمَع مِنْهُ، وَقبلَهُ
أَخُوْهُ حَمْدٌ الَّذِي رَوَى "الحِلْيَةَ" بِبَغْدَادَ.
قَالَ ابْنُ نُقطَةَ: سمع أبو علي بن أَبِي نُعَيْمٍ
"مُوَطَّأَ القَعْنَبِيِّ"، وَ "مُسْنَدَ الإِمَام
أَحْمَد"، وَ "مُسْنَدَ الطَّيَالِسِيّ"، وَ "مُسْنَدَ
الحَارِث" المَوْجُوْد سَمَاعه، وَ "السُّنن" لِلْكَجِّي،
وَ "المُسْتخرج عَلَى البُخَارِيّ"، وَ "المُسْتخرج عَلَى
مُسْلِم" لأَبِي نُعَيْمٍ، وَكِتَاب "الحِليَة" وَ
"المُعْجَم الأَوْسَطِ" لِلطَّبَرَانِيِّ، وَمُسْنَدَات
الثَّوْرِيّ، وَعَوَالِي الأَوْزَاعِيّ، وَمُسْنَد
الشَّامِيّين، وَالسنن مِنْ كُتُب عَبْد الرَّزَّاقِ، وَ
"جَامِع عَبْد الرَّزَّاقِ"، وَ "مَغَازِيه"، وَ "غَرِيْب
الحَدِيْث" لأَبِي عُبَيْدٍ، وَ "مَقْتَل الحُسَيْنِ"،
وَكِتَاب "الشّوَاهد"، وَكِتَاب "القَضَاء الأَرْبَعَة"
لأَبِي عُبَيْدٍ، وَكِتَاب "فَوَائِد سموَيْهِ"، و "فوائد
بن علي الصَّوَّاف"، وَ "الطَّبَقَات" لابْنِ
المَدِيْنِيِّ، وَ "تَارِيخ الطَّالبيين" لِلْجِعَابِي.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ: هُوَ أَجَلُّ شيخٍ أَجَازَ لِي،
رَحلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَرَأَى مِنَ العِزِّ مَا لَمْ
يَره أحدٌ فِي عصره، وَكَانَ خَيِّراً صَالِحاً ثِقَة
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ تَوَالِيْفِهِ:
التَّوبَة وَالاعتذَار، شرف الصَّبْر، ذَمّ الرِّيَاء، كسب
الحَلاَل، حِفْظ اللِّسَان، تَثبِيْت الإِمَامَة، رِيَاضَة
الأَبْدَان، التَّهجُّد، الإِيجَاز وَجَوَامع الْكَلم،
فَضل عَلِيّ، الْخطب النَّبويَّة، لبس السَّوَاد،
تَعْظِيْم الأَوليَاء، السُّعَاة، التعبِير، رفع اليَدين،
المُزَاح، الهديَّة، حرمَة المَسَاجِد، الجَار، السَّحور،
الفَرَائِض، فِي الاثْنَيْنِ وَسَبْعِيْنَ فَرقَة، مدح
الكِرَام، مَسْأَلَةً ثُمَّ أَورثنَا الكِتَابَ، سَمَاع
الكلِيم، العُقَلاَء، حَدِيْث الطَّيْرِ، لبس الصُّوف،
الثُّقَلاَء، المُحبِّين مَعَ المَحبُوبِيْن، أَرْبَعِي
الصُّوْفِيَّة، قُربَان المُتَّقِيْنَ، الأَرْبَعِيْنَ فِي
الأَحكَامِ، حَدِيْث النُّزَول، فِي أَنَّ الْفلك غَيْر
مدبِّر، المِعْرَاج، الاسْتسقَاء، الْخَسْف، الصِّيَام
وَالقِيَام، قِرَاءات النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، مَعْرِفَة الصَّحَابَة، عُلُوْم الحَدِيْثِ،
تاريخ أصبهان،
(14/257)
الأخوة، العلم، المُتَوَاضِعينَ، القِرَاءة
وَرَاء الإِمَام، التَّشهد، حسن الظَّنّ، المُؤَاخَاة،
وَعيد الزّنَاة، الشُّهَدَاء، الْقدر، الخُلَفَاء
الرَّاشدين، وَأَشيَاء عِدَّة سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَجزَاء
وَالتَّوَالِيف.
تُوُفِّيَ مُسْنِد الدُّنْيَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد فِي
السَّادس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ
خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، وَقَدْ قَارب المائَة،
وَدُفِنَ عِنْد القَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العسَّال
بِأَصْبَهَانَ.
(14/258)
البلدي، الساجي:
4617- البلدي 1:
الشَّيْخُ الإِمَامُ، المُحَدِّثُ المُعَمَّرُ، أَبُو
بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي
النَّضْرِ الْبَلَدِي، النَّسَفِي، وَنسبته بِالبلدي إِلَى
بَلَدِ نسف، أَي: لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ قُرَى
النَّاحيَة.
سَمِعَ: أَبَاهُ أَبَا نَصْرٍ الْبَلَدِي، وَجَعْفَر بن
مُحَمَّدٍ المُسْتغفرِي الحَافِظ، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ
المَايْمَرْغِي، ومحمد بن يعقوب السلامي، وأبا مسعود
البَجَلِيّ، وَالحُسَيْن بن إِبْرَاهِيْمَ القنطرِي
وَعِدَّة.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: حَدَّثَنَا عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ
عِشْرِيْنَ نَفْساً، وَكَانَ إِمَاماً فَاضِلاً، رَوَى
لَنَا عَنْهُ أَحْمَد بن عَبْد الجَبَّارِ البَلَدي،
وَحَسَنُ بن عَبْدِ اللهِ المُقْرِئ، وَمَسْعُوْدُ بن
عُمَرَ الدَّلاَل، وَمَيْمُوْنُ بن مُحَمَّدٍ الدّربِي.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ النسفِي فِي كِتَابِ
"الْقنْد": مَوْلِده سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ مائَة، وَمَاتَ فِي ثَالِث صفر, سنة خمس وخمس
مائة.
4618- الساجي 2:
الحَافِظُ الإِمَامُ المُجَوِّدُ، مُفِيدُ الجَمَاعَة،
أَبُو نَصْرٍ المُؤْتَمَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ
حُسَيْنِ بنِ عُبَيْد اللهِ الرَّبَعِي الدَّير عَاقولِي،
البَغْدَادِيّ، السَّاجِيّ.
قَالَ لابْنِ نَاصر: وُلِدَتْ فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ
السِّلَفِيُّ، سَمِعْتُ المُؤْتَمَن السَّاجِيّ يَقُوْلُ:
مَا أَخَرَجتْ بَغْدَادُ بَعْد الدَّارَقُطْنِيّ أَحْفَظَ
مِنْ أبي بكر الخطيب.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 288"، واللباب لابن
الأثير "1/ 173".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 179"، والعبر "4/
15"، وتذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1055"، وطبقات الشافعية
للسبكي "7/ 308"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/
20".
(14/258)
وَسَمِعْتُ المُؤتَمَنَ يَقُوْلُ: كَانَ
الخَطِيْبُ يَقُوْلُ: مَنْ صَنّف، فَقَدْ جَعَلَ عقلَه
عَلَى طبقٍ يَعْرِضُه على الناس.
سَمِعَ عَبْد العَزِيْزِ بن عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيَّ،
وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ النَّقُّوْرِ، وَأَبَا القَاسِمِ
بنَ البُسْرِيِّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ الحَسَنِ الخَلاَّل،
وَإِسْمَاعِيْلَ بن مَسْعَدَةَ، وَأَبَا نَصْرٍ
الزَّيْنَبِيّ، وَأَبَا عُثْمَانَ بنَ وَرْقَاء -لَقِيَه
بِالقُدْس- وَأَبَا عَمْرٍو عَبْد الوهَّاب بن مَنْدَه،
وَأَبَا مَنْصُوْرٍ بن شكرويه، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ خَلَفٍ
الشِّيرَازِي، وَأَبَا عَلِيٍّ التُّسْتَرِيّ، وَشيخ
الإِسْلاَم الأَنْصَارِيّ، وَالقَاضِي أَبَا عَامِرٍ
الأَزْدِيّ، وَأُمَماً سِوَاهُم، وَأَقدمُ شَيْخٍ لَهُ
أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، سَمِعَ مِنْهُ بِصُوْرَ،
وَكَتَبَ مَا لاَ يُوصفُ كَثْرَةً، ثُمَّ أَقْبَل عَلَى
شَأْنِهِ، وَعَبَدَ اللهِ حَتَّى أَتَاهُ اليَقِينُ،
وَقَدْ سَمِعَ بِحَلَبَ مِنَ الحَسَنِ بنِ مَكِّيٍّ
الشيزرِي.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابن ناصر، وسعد الخير الأندلس، وَأَبُو
المُعَمَّر الأَنْصَارِيّ، وَمُحَمَّدُ بن أَبِي بَكْرٍ
السِّنْجِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ البَغْدَادِيّ، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بن عَلِيِّ بنِ فولاَذ،
وَأَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَعِدَّة، وَقَلَّ مَا
رَوَى بِالنسبَة.
قَالَ أبو القاسم بن عَسَاكِرَ: سَمِعْتُ أَبَا الوَقْت
يَقُوْلُ: كَانَ الإِمَامُ عَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ
الأَنْصَارِيّ إِذَا رَأَى المُؤتَمَنَ يَقُوْلُ: لاَ
يُمْكِنُ أَحَد أَنْ يَكْذِبُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَام هَذَا حيّاً.
وَحَدَّثَنِي أَخِي أَبُو الحُسَيْنِ هِبَةُ اللهِ، قَالَ:
سَأَلتُ السِّلَفِيّ عَنِ المُؤْتَمَنَ السَّاجِيّ،
فَقَالَ: حَافظ مُتْقِن، لَمْ أَرَ أَحْسَنَ قِرَاءةً
لِلْحَدِيْثِ مِنْهُ، تَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخ أَبِي
إِسْحَاقَ، وَكَتَبَ "الشَّامل" عَنِ ابْنِ الصبَاغ بخطه،
ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَأَقَامَ بِالقُدْس
زَمَاناً، وَذُكِرَ لِي أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ لفظ الخَطِيْب
حَدِيْثاً وَاحِداً بِصُوْر، غَيْر أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
عنده نسخة، وكتب ببغداد "كامل بن عَدِيٍّ" عَنِ ابْنِ
مَسعدَة الإِسْمَاعِيْلِي، وَكَتَبَ بِالبَصْرَةِ "سُنَن
أَبِي دَاوُدَ".
انتفعتُ بصَحِبته.
وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِي: أَقَامَ المُؤْتَمَنُ
بِهَرَاةَ عشرَ سِنِيْنَ، وَقرَأَ الكَثِيْر، وَنسخ
التِّرْمِذِيّ سِتَّ كراتٍ، وَكَانَ فِيْهِ صَلَفُ نَفْسٍ،
وَقنَاعَة، وَعِفَّة، وَاشتغَال بِمَا يَعْنِيْهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ: مَا رَأَيْتُ
بِالعِرَاقِ مَنْ يَفهَمُ الحَدِيْثَ غَيْرَ المُؤتَمن،
وَبِأَصْبَهَانَ إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد.
قَالَ السِّلَفِيّ: كَانَ المُؤتَمَنُ لاَ تُمَلُّ
قِرَاءتُهُ، قرَأَ لَنَا عَلَى ابْنِ الطيورِي كِتَاب
"الفَاصل" لِلرَّامَهُرْمُزِي فِي مَجْلِس.
وَللسِّلَفِي:
(14/259)
مَتَى رُمْتَ أَنْ تَلْقَيَنَّ حَافِظاً
... يَكُوْن لَدَى الكُلِّ بِالمُؤْتَمَنْ
عَلَيْكَ بِبَغْدَادَ شَرْقِيَّهَا ... لِتَلْقَى أَبَا
نصرٍ المُؤْتَمَنْ
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَه: قرَأَ المؤتمن على أبي كتاب
"معرفة الصحابة"، وكتاب "التوحيد"، و "الأمالي"، وحديث ابن
عيينة لجَدِّي، فَلَمَّا أَخَذَ فِي قِرَاءة "غَرَائِب
شُعْبَة"، فَلَمَّا بلغَ إِلَى حَدِيْث عُمَر فِي لبس
الحَرِيْر مَاتَ أَبِي بَعْد عشَاء الآخِرَة، فَهَذَا مَا
رَأَينَا. وَذَكَرَ حِكَايَةَ ابْن طَاهِرٍ أَنَّ
المُؤتَمَنَ إِنَّمَا تَمَّمَ كِتَابَ الصَّحَابَة عَلَى
أَبِي عَمْرٍو بَعْد مَوْته وَردَّهَا، وَقَالَ لابْنِ
طَاهِر: يَجِبُ أَنْ تُصْلِحَ هَذَا، فَإِنَّهُ كذب.
قَالَ: وَكَانَ المُؤتَمَنُ مُتَوَرِعاً زَاهِداً، صَابراً
عَلَى الفَقْرِ.
قَالَ ابْنُ نَاصر: تُوُفِّيَ المُؤتَمَن فِي صَفَرٍ,
سَنَة سَبْعٍ وَخَمْس مائَة بِبَغْدَادَ، وَصَلَّيْتُ
عَلَيْهِ، وَكَانَ عَالِماً ثِقَةً، فَهماً مَأْمُوْناً.
(14/260)
فخر الملك، ابن أصبغ:
4619- فَخْرُ الُمْلك ِ1:
ابن عَمَّارٍ، صَاحِب طَرَابُلُس، كَانَ مِنْ دُهَاة
الرِّجَال وَأَفرَادِ الزَّمَان شَجَاعَةً وَإِقدَاماً
وَرَأْياً وَحَزْماً، ابْتُلِي بَلَدُهُ بِحصَارِ
الفِرَنْجِ خَمْسَة أَعْوَام، وَهُوَ يُقَاومهُم، وَيُنكِي
فِي العَدُوّ، وَيَستظهِرُ عَلَيْهِم، وَيُرَاسِلُ
مُلُوْكَ الأَطرَافِ، وَيُتحِفُهُم بِالهدَايَا، وَهُم
حَائِرُوْنَ فِي أَنْفُسهم، وَلَمْ يُنْجِدْه أَحَد،
وَقَدْ رَاسل صَاحِبَ الرُّوْم مَرَّات، وَكَانَ حَسَنَ
التَّدْبِيْر فِي الحِصَار، جَيِّدَ المكيدَة
وَالمخَادعَة، براً وَبَحْراً، شتَاءً وَصيفاً، حَتَّى
تَفَانت رِجَالُه، وَكَلَّتْ أَبْطَالُه، فَرَكِبَ فِي
البَحْر، وَطَلَع حَتَّى قَدِمَ دِمَشْق، وَأُخِذَتْ
طَرَابُلُس مِنْهُ سنة اثنتين وَخَمْس مائَة، فَأَقطعه
طُغْتِكِيْن قَرْيَة الزَّبَدَانِي، وَكَانَ لِشِدَّة مَا
نَزل بِهِ يُصَادرُ الرَّعيَّة وَيَعْسِفُهُم، وَجَرَتْ
لَهُ تَنَقُّلاَتٌ وَأَحْوَال، إِلَى أَنْ أَدبرت
أَيَّامُهُ، وَوَافَاهُ حِمَامُه، وَاللهُ يَسْمَحُ لَهُ.
4620- ابْنُ أصَبغ 2:
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، وَعَالِمهُم بقُرْطُبَة أَبُو
القَاسِمِ أَصْبَغ بن مُحَمَّدِ بنِ أَصْبَغ الأَزْدِيّ
القُرْطُبِيّ.
حَدَّثَ عَنْ حَاتِم بن مُحَمَّدٍ، وَتَفَقَّهَ: بِأَبِي
جَعْفَرٍ بن رزق، وَحَمَلَ عَنْ: أَبِي مَرْوَانَ بن
سرَاج، وَأَبِي عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ، وَأَجَازَ لَهُ
أَبُو عُمَرَ بنُ عَبدِ البَر، وَكَانَ عجباً فِي
المَذْهَب لاَ يُجَارَى فِي الشُّروط، أمَّ بِجَامِع
قُرْطُبَة، سَمِعَ النَّاسُ مِنْهُ، وَتَفَقَّهوا بِهِ.
مَاتَ فِي صَفَرٍ, سَنَة خمسٍ وَخَمْس مائَة, عن ستين
عامًا.
__________
1 ترجمته في الكامل لابن الأثير "10/ 311 و 344".
2 ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 109".
(14/260)
سرفرتج، المعير، ابن
البيهقي:
4621- سَرْفَرْتج 1:
الرَّئِيْسُ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَدِيْنِيُّ، التَّانِي،
الكَاتِب، صَاحِب أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظ.
حَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَخَدَمَ بِالكِتَابَة في الشام.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّي، وَأَبُو
طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ.
مَاتَ فِي آخِرِ يومٍ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْس مائَة.
4622- المُعَيِّر:
الإِمَامُ المُقْرِئُ أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ
اللهِ بنِ أَبِي الفَتْحِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
البَغْدَادِيّ, المُعيِّرُ, ابْن خَال شَيْخ القُرَّاءِ
ابْن سوار.
تَلاَ بِحرف أَبِي عَمْرٍو عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ مَكِّيّ
السَّواق عَنِ الشَّنَبُوذِي.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ غَيْلاَنَ، وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ
الحَرَّانِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، وَأَحْمَد بن
عَلِيٍّ التَّوَّزِي، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نَاصر، وَالسِّلَفِيّ، وَأَبُو معمر
الأَنْصَارِيّ، وَعَبْدُ الحَقّ اليُوسفِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَة: نَصْرُ اللهِ القَزَّاز، وَكَانَ مِنَ
الثِّقَاتِ الصُّلَحَاء.
عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى
الأُوْلَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْس مائَة، وَتَلاَ عَلَيْهِ
المُبَارَكُ بنُ كامل.
4623- ابن البيهقي 2:
الفَقِيْهُ الإِمَامُ، شَيْخُ القُضَاة، أَبُو عَلِيٍّ
إِسْمَاعِيْل بن الإمام أبي بكر أَحْمَد بن الحُسَيْنِ
البَيْهَقِيّ الخُسْرَوْجِردي الشَّافِعِيّ، نَزِيْلُ
خُوَارزم، ثُمَّ نَزِيْلُ بَلْخ، فَحَمَلَ عَنْهُ أَهْلُ
تِلْكَ الدّيَار.
مَوْلِده سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام للمصنف "4/ 173".
2 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 175"، وتذكرة الحفاظ
"3/ ص 1133"، وطبقات الشافعية للسبكي "7/ 44"، والنجوم
الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 205".
(14/261)
وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيْهِ، وَأَبِي حَفْصٍ
بنِ مَسْرُوْر، وَعَبْد الغَافِرِ الفَارِسِي، وَأَبِي
عُثْمَانَ الصَّابونِي، وَسَعِيْد بن أَبِي سَعِيْدٍ
العيَّار، وَطَبَقَتهم، وَكَانَ عَارِفاً بِالمَذْهَب،
مُدرِّساً، جَلِيْلَ الْقدر.
رَوَى عَنْهُ عَبَّاسُ بن أَرْسَلاَن، وَحَفِيْدُهُ
مَحْمُوْد فِي "تَارِيخ خُوَارزم"، وَالأَدِيْب مُحَمَّد
بن إِبْرَاهِيْمَ الخَيَّاط، وَشيخُ الصُّوْفِيَّة
مُحَمَّد بن أَرْسَلاَن، وَالحَسَن بن سُلَيْمَانَ
الخُجَنْدِي، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَة: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَاتَّفَقَ
أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى بَيهَقَ بَعْدَ غِيبَة ثَلاَثِيْنَ
سَنَةً، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّاماً يَسِيْرَة،
وَأَدْرَكَهُ الأَجْلُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ
سَبْعٍ وَخَمْس مائَة.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْل بن
أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدي، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ
بَغْدَاد، وَقَارب الثَّمَانِيْنَ، رحمه الله.
(14/262)
4624- رضوان
1:
صاحب حلب، الملك رضوان بن السلطان تتش بن السُّلْطَانِ
أَلبْ أَرْسَلاَن السَّلْجُوْقِي.
تملَّك حلب بَعْد أَبِيْهِ، وَامتدَّت أَيَّامُه، وَقَدْ
خُطِبَ لَهُ بِدِمَشْقَ عِنْدَمَا قُتِلَ أَبُوْهُ
أَيَّاماً، ثُمَّ اسْتَقلَّ بِحَلَبَ، وَأَخَذت مِنْهُ
الفِرَنْج أَنطَاكيَة.
وَكَانَ ذمِيمَ السِّيرَة، قَرَّبَ البَاطِنِيَّة،
وَعَمِلَ لَهُم دَار دَعْوَة بِحَلَبَ، وَكَثُرُوا،
وَقَتَلَ أَخويه أَبَا طَالَبٍ وَبهرَاماً، ثُمَّ هَلَكَ
فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْس مائَة، فَتملَّك بَعْدَهُ
أَخُوْهُ الأَخرس أَلب أَرْسَلاَن، وَلَهُ سِتَّ عَشْرَةَ
سَنَةً، فَقَتلَ أَخوينِ لَهُ أَيْضاً، وَقَتَلَ رَأْسَ
البَاطِنِيَّة أَبَا طَاهِر الصَّائِغ، وَجَمَاعَةً مِنْ
أَعيَانِهِم، وَهَرَبَ آخرُوْنَ، فَقتل الأُمَرَاءُ
الأَخرس بَعْدَ سَنَةٍ، وَملَّكُوا أَخَاهُ سُلْطَان شَاه.
وَكَانَ رضوَان يَمِيْلُ إِلَى المِصْرِيّين، فَجَاءَ
رَسُوْلُ الأَفْضَل أَمِيْرُ الجيوش يدعوه إلى طاعتهم
والخطبة لهم، وَالبَيْعَةِ لِلمُسْتعلِي، وَوَعَدُوْهُ
بِالنَّجدَة وَالمَالِ، فَخطب فِي بلاَده لِلمُسْتَعلِي،
وَلِوَزِيْره أَمِيْرِ الجُيُوْشِ جُمَعاً، ثُمَّ دَامت
الخُطبَةُ عَامَيْن بِحَلَبَ، ثُمَّ أُعيدت الدَّعوَةُ
العباسة فِي أَثْنَاء سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ،
إِذْ لَمْ يَنفعه المِصْرِيّون بأمرٍ، وَقصدت النَّصَارَى
أَنطَاكيَة، وَنَازلُوا بَيْتَ المَقْدِسِ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ، وَقُتِلَ بِهِ سَبْعُوْنَ أَلفَ مُسْلِم،
وَنَقَلَ ابْنُ مُنْقِذ ظُهُوْر الفِرَنْج فِي هَذَا
الوَقْت مِنْ بَحر قُسْطَنْطِيْنِيَّة، وَجَرَتْ لهم مع
طاغية الروم حُرُوْب، وَعَجَزَ عَنْهُم، ثُمَّ قَالُوا:
مَا نَفتحُه مِنْ بلاَد الرُّوْم، فَهُوَ لَكَ، وَمَهْمَا
نَفتَحْهُ مِنْ بلاَد الشَّام، فَهُوَ لَنَا.
وَقِيْلَ: كَانُوا فِي أَرْبَعِ مائَة أَلْفٍ، ثُمَّ
أخذُوا بَعْضَ بلاَد الْملك قلج رسلاَن بِالسَّيْف، فَجمعَ
حينئذٍ عَسَاكِرَه، وَالتقَاهُم فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ،
وَأَشرف عَلَى النَّصْر، ثُمَّ كَسرته الفِرَنْجُ،
وَقُتِلَ مِنْ جُنْده خلقٌ، وَهَرَبَ وَاسْتغَاث بِمُلُوْك
النَّوَاحِي عَلَى مَا دَهَمَ الإِسْلاَمَ، فَوصلت كتبُه
إِلَى حلب مسخمَة مشققَة فِيْهَا بَعْض شَعْرِ النِّسَاء،
وَانزعج الخلقُ، ثُمَّ تَوجَّهت الفِرَنْج إِلَى الشَّامِ،
فَقِيْلَ: اعتبرُوا عِدتهُم بِأَنْطَاكِيَةَ، فَكَانُوا
أَزْيَدَ مِنْ ثَلاَث مائَة أَلْف نَفْس، فَعَاثُوا
وَأَخربُوا البِلاَدَ، وَتَفَرَّقُوا، وَكَبَسهُم
المُسْلِمُوْنَ، وَجَرَتْ فتنٌ وَحُرُوْب لاَ يُعبَّر
عَنْهَا، وَأُخِذت أَنطَاكيَة بِالسَّيْف سَنَةَ إِحْدَى
وَتِسْعِيْنَ، وَقُتِلَ صَاحِبُهَا، وَقُتِلَ أَيْضاً مِنْ
كِبَارِ الفِرَنْج عددٌ كَثِيْر، وَكَانَ الأَمْر إِلَى
كُندفرِي، ثُمَّ إِلَى أَخِيْهِ بغدوين وَبيمنت، وَابْن
أَخِيْهِ طنكل وَصنجيل هَؤُلاَءِ مُلُوكهُم، ثُمَّ جَاءَ
المُسْلِمُوْنَ نَجدَةً لأَنطَاكيَة وَقَدْ أُخِذَت،
فَحَاربُوا العَدُوّ أَيَّاماً، وَانتصرُوا، وَهَلَكَ خلقٌ
مِنَ العَدُوّ، وَجَاعُوا، وَجَرَى غَيْرُ مَصَافّ.
__________
1 ترجمته في العبر "4/ 13"، والنجوم الزاهرة لابن تغري
بردي "5/ 205"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 16".
(14/262)
|