محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

الباب الثاني والثمانون: تاريخ موته ومبلغ سنه
...
الباب الثاني والثمانون: في تاريخ موته ومبلغ سنه
قال الذهبي: "استشهد يوم الأربعاء لأربع أو ثلاث بقين من ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح1.
وذكر ابن الجوزي عن محمّد بن سعد قال: "طعن عمر رضي الله عنه يوم الأربعاء لأربع ليالٍ بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين، فكانت ولايته عشر سنين وخمسة أشهر وإحدى وعشرين ليلة"2.
وقال غيره: "عشر سنين وستة أشهر، وأربعة أيام"3.
قال ابن الجوزي: "واختلف في سنِّه يوم موته على ثمانية أقوال4:
أحدها: قبض وهو ابن ثلاث وستّين سنة5.
والثّاني: ست وستّون سنة. قاله ابن عباس6.
والثّالث: خمس وستّون سنة. قاله ابن عمر والزهري7.
__________
1 الذهبي: التهذيب ق 177 / ب.
2 ابن الجوزي: مناقب ص 231، وابن سعد: الطبقات 3/365، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/943، 944، والطبري: التاريخ 4/193، وفيه والوادقي.
3 الطبري: التاريخ 4/194، عن أبي معشر، وابن الجوزي: مناقب ص 231.
4 ابن الجوزي: مناقب ص 231، 232.
5 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1826، رقم: 2352.
6 الطبراني: المعجم الكبير 1/68، وابن الجوزي: مناقب ص 232، والذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص 284، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/78، وقال: "رواه الطبراني ورجاله ثقات".
7 ابن الجوزي: مناقب ص 232.

(3/840)


والرّابع: خمس وخمسون سنة1.
وعن سالم بن عبد الله بن عمر: أن عمر قبض، وهو ابن خمس وخمسين2.
والخامس: ست وخمسون سنة3.
والسّادس: سبع وخمسون سنة4.
والسّابع: تسع وخمسون سنة. رويت هذه الأقوال الثّلاثةعن نافع5.
والثّامن: إحدى وستّون. قاله قتادة6.
وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن معاوية قال: "توفي عمر رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستّين سنة"7.
قال: وقال أهل التاريخ: "قتل عمر رضي الله عنه يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين. / [122 / ب] وكانت خلافته عشر سنين ونصفاً وأياماً، وخلافة أبي بكر سنتين وأشهراً"8.
__________
1 عبد الرزاق: المصنف 3/600، وإسناده منقطع بين ابن شهاب وعمر. والطبراني: المعجم الكبير 1/96، رقم: 70، 71، وإسناده صحيح، والذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 283، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/79، وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".
2 الطبراني: المعجم الكبير 1/69، وإسناده ضعيف، فيه عليّ بن زيد، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/79، وقال: "رجاله ثقات".
3 عبد الرزاق: المصنف 3/600، وفيه ابن جريج مجلس، وقد عنعن.
4 ابن الجوزي: مناقب ص 232.
5 ابن الجوزي: مناقب ص 232.
6 الطبراني: المعجم الكبير 1/69، والطبري: التاريخ 4/198، والهيثمي: مجمع الزوائد، وقال: "رواه الطبراني وإسناده حسن".
قلت: وهو منقطع بين قتادة وعمر بن الخطاب.
7 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 160، وقد مرّ آنفاً.
8 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 160، 161، وقد مرّ آنفاً.

(3/841)


وقال أبو عبد الله بن سلامة في كتاب: "عيون المعارف": "ضربه أبو لؤلؤة فيروز الفارسي، غلام المغيرة بن شعبة، وكان مجوسيّاً، وقيل: كان نصرانيّاً ضربات إحداهن تحت سرته، وكان ذلك في يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي الحجة، سنة ستّ وعشرين فبقي ثلاثة أيام، وتوفي رضي الله عنه لأربع بقين من ذي الحجة، هذا قول الواقدي"1.
قال: وقال غيره: "توفي يوم الاثنين لليلتين بقين من ذي الحجة"2.
قال: "ويقال: إن أبا لؤلؤة ضرب مع عمر أحد عشر رجلاً من الصحابة، مات منهم خمسة، وأن رجلين من بني أسد3 لحقاه، فألقى أحدهما عليه برنساً ثم ضمّه، فأدنى السكين إلى حلقه فقتل نفسه"4.
قال: "وكان سنة يوم مات خمس وخمسون سنة، وقيل: ستّ"5.
وقيل: ثلاث وستّون6.
وفي تاريخ أبي زرعة النصري78 عن جرير9 قال: "كنت عند معاوية
__________
1 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 45 / أ.
2 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب.
3 لم أجده في نسخة عيون المعارف التي بين يدي.
4 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب.
5 سبق تخريجه ص 996-997.
6 سبق تخريجه ص 996-997.
7 عبد الرحمن بن عمرو النصري، ثقة، حافظ مصنف، توفي سنة إحدى وثمانين ومئتين. (التقريب ص 347).
8 في الأصل: (الثقفي)، وهو تحريف.
9 البجلي.

(3/842)


فقال: "توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستّين، وتوفي أبو بكر رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وسّتين، وقتل عمر رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستّين"1.
__________
1 أبو زرعة: التاريخ 1/149، وقد سبق تخريجه ص 996-997.

(3/843)


الباب الثالث والثمانون: غسله والصلاة عليه ودفنه
...
الباب الثالث والثمانون: في غسله والصّلاة عليه ودفنه
ذكر ابن الجوزي عن عبد الله بن عمر: أن عمر رضي الله عنه غُسِّل وكُفِّن، وصلّي عليه، وكان شهيداً1.
وقد ذكر غيره: أنه غسل رضي الله عنه وأنه حمل على السرير2.
وفي حديث ابن عباس: وُضعَ عمر على سريره، فتكنَّفه3 الناسُ يدعون ويصلّون4.
وفي حديث مقتله: فلما قبض خرجنا به، أو قال معه، فانطلقنا نمشي، فسلّم عبد الله بن عمر، قال: يستأذن عمر بن الخطّاب، قالت: "أدخلوه"، فأدخل فوضع هنالك رضي الله عنه"5.
فإن قيل: كيف غُسل وهو شهيد؟
قيل: اختلف العلماء فيمن قتل مظلوماً هل هو كالشهيد لا يغسل أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنه يغسل، وهذا حجة لأصحاب هذا القول6.
الثّاني: لا يغسل ولا يصلَّى عليه، والجواب عن قصة عمر أن عمر عاش بعد أن ضرب وأقام مدة، والشهيد حتى شهيد المعركة لو عاش بعد أن ضرب
__________
1 ابن الجوزي: مناقب ص 232، ومالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/37، وبن سعد: الطبقات 3/366، وإسنادهما صحيح.
2 لم أجده.
3 التّكنيف: الإحاطة. (القاموس ص 1099).
4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1348، رقم: 3482.
5 سبق تخريجه ص 957.
6 ابن قدامة: المغني 3/475، 476، المرداوي: الإنصاف 2/503.

(3/844)


حتى أكل أو شرب أو طال مقامه فإنه يغسل، ويصلّى عليه، وعمر طال مقامه حتى شرب النبيذ والماء، فلهذا غسل وصلّي عليه رضي الله عنه1. / [123 / أ].
فصل: في الصّلاة عليه
قال الذهبي: "صلّى عليه صهيب بن سنان"2.
وقال ابن عمر: "صُلي على عمر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم"3.
وقال ابن سعد: "وسأل عليّ بن الحسين سعيد بن المسيب: من صلى على عمر؟ قال: "صهيب"، قال: "كم كبّر عليه؟"، قال: "أربعاً". قال: "أين صُلي عليه؟"، قال: "بين القبر والمنبر"4.
قال ابن المسيب: "نظر المسلمون فإذا صهيب يصلي لهم المكتوبات بأمر عمر رضي الله عنه فقدموه، فصلى على عمر"5.
قال أبو عبد الله ابن سلامة في كتابه: "عيون المعارف": "صلى عليه صهيب بن سنان الرومي"6.
فإن قيل: كيف صلّوا عليه وهو شهيد؟
قيل: اختلف العلماء فيمن قتل
__________
1 مالك: الموطّأ (رواية يحبى بن يحيى) ص 237، ابن قدامة: المغني 3/472.
2 الذهبي: التذهيب ق 117 / ب.
3 مالك: الموطّأ 1/402، وإسناده صحيح. ومن طريق ابن سعد: الطبقات 3/367.
4 ابن سعد: الطبقات 3/366، وفي إسناده خالد بن إلياس، وهو متروك الحديث. (التقريب رقم: 1617)، وابن الجوزي: مناقب ص 232.
5 ابن سعد: الطبقات 3/367، وفيه الواقدي، وابن الجوزي: مناقب ص 332.
6 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب.

(3/845)


مظلوماً هل هو كشهيد المعركة لا يصلى عليه؟ على قولين فمن قال يصلى عليه، احتج بهذا1.
فصل: في دفنه
قال الذهبي: "دفن في الحجرة النبوية"2.
وذكر ابن الجوزي عن جابر قال: "نزل في قبر عمر عثمان وسعيد ابن زيد بن عمرو، وصهيب، وعبد الله بن عمر"3.
وعن هشام بن عروة قال: "لما سقط عنهم - يعني قبر النبي صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - في زمن الوليد بن عبد الملك4 أخذوا في بنائه، فبدت لهم قدمٌ، ففزعوا، وظنوا أنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم فما وجدوا أحداً يعلم ذلك حتى قال لهم عروة: "لا والله، ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر رضي الله عنه"5.
وقال أبو عبد الله ابن سلامة6 في كتابه: "عيون المعارف": دفن في حجرة عائشة - رضي الله عنها - ورأسه قبالة كتفى أبي بكر - رضي الله عنه -"7.
__________
1 ابن قدامة: المغني 3/475، 476، المرداوي: الإنصاف 2/503.
2 الذهبي: التذهيب ق 177 / ب.
3 ابن الجوزي: مناقب ص 232، وابن سعد: الطبقات 3/368، وفيه الواقدي.
4 ابن مروان الأموي من خلفاء بني أمية. كانت نهمته في البناء، وأنشأ مسجد رسول اللهصلى الله عليه وسلم وزخرفه، توفي سنة ستّ وتسعين. (المعارف ص359، سيرأعلام النبلاء4/347).
5 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/468، رقم: 1326.
6 في الأصل: (أسامة)، وهو تحريف.
7 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب.

(3/846)


وفي الصحيح عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عمر أرسل إلى عائشة - رضي الله عنها - ائذني لي أن أُدفن مع صاحبيَّ، فقالت: "إي والله"، قال: وكان الرجل إذا أرسل إليها من الصحابة قالت: "لا والله، لا أوثرهم بأحدٍ أبداً"1.
ولا خلاف بين أهل2 العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - في هذا المكان من المسجد النبويّ على صاحبه أفضل الصّلاة والسّلام.
__________
1 البخاري: الصحيح، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 6/2671، رقم: 6897، قال ابن حجر في فتح الباري 13/308: "أن عمر أرسل إلى عائشة. هذا صورته الإرسال، لأن عروة لم يدرك زمن إرسال عمر إلى عائشة. لكنه محمول على أنه حمله عن عائشة فيكون موصولاً".
2 في الأصل: (أن)، وهو تحريف.

(3/847)