أخبار أبي حنيفة
وأصحابه ذكر مَا جَاءَ فِي وقاره وَشدَّة قلبه
رَضِي الله عَنهُ
أخبرنَا ابو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا
مكرم قَالَ ثَنَا عبد الله ابْن مُحَمَّد بن جَعْفَر
الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن سعيد
الْبَصْرِيّ الْيَرْبُوعي قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ قَالَ
لي أَبُو قطن عَمْرو بن الْهَيْثَم قلت لشعبة اكْتُبْ لي
إِلَى أبي حنيفَة إِلَى الْكُوفَة فَكتب لي إِلَيْهِ
فَدخلت الْكُوفَة عِنْد الْعَصْر فَدخلت إِلَى أبي حنيفَة
فأوصلت الْكتاب إِلَيْهِ فَقَالَ لي كَيفَ أَبُو بسطَام
قلت بِخَير قَالَ لي هُوَ نعم حَشْو الْمصر لمصره فَقَعَدت
عِنْده حَتَّى صلى الْعَصْر وَالْمغْرب وَالْعشَاء ثمَّ
أَخذ بيَدي فَأَدْخلنِي إِلَى منزله ثمَّ دَعَا بفطره
فَأكلت مَعَه ثمَّ قَامَ فمهد لي موضعا ثمَّ أَرَانِي
مَوضِع الْخَلَاء فَقَالَ إِن عرضت لَك حَاجَة فَهَذَا
الْموضع ثمَّ جَاءَنِي بقب من سويق وكوز مَاء فَقَالَ
لَعَلَّك لم تكتف من الطَّعَام فشأنك بِهَذَا ثمَّ قَامَ
فَأخْرج
(1/61)
سفطا وَهُوَ يظنّ أَنِّي لَا اراه فَنزع
ثِيَابه وَأخرج مدرعة شعر فلبسها ثمَّ لم يزل يُصَلِّي
حَتَّى طلع الْفجْر فَلَمَّا طلع الْفجْر نزع ذَلِك وَلبس
ثِيَابه ثمَّ جَاءَ إِلَيّ فَقَامَ عِنْد رَأْسِي ثمَّ
قَالَ الصَّلَاة خير من النّوم مرَّتَيْنِ فَقُمْت
فَتَوَضَّأت ثمَّ خرجت مَعَه الى الْمَسْجِد فَفتح لي بَاب
الْمَسْجِد ثمَّ أَدخل رجله الْيُمْنَى ثمَّ قَالَ
اللَّهُمَّ افْتَحْ لنا بَاب رحمتك وأعذنا من الشَّيْطَان
الرَّجِيم ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ صعد المنارة فَأذن
ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ جلس حَتَّى اجْتمع النَّاس
ثمَّ أَقَامَ فصلى بهم ثمَّ جلس لَا يتَكَلَّم مَا نَدْرِي
مَا هُوَ فِيهِ فَسقط عَلَيْهِ ثعبان من السّقف فَتكلم
بِشَيْء لَا أَدْرِي مَا هُوَ ثمَّ شال قدمه فوضعها على
رَأس الثعبان فَلَمَّا طلعت الشَّمْس قَالَ الْحَمد لله
الَّذِي أطلعها من مطْلعهَا اللَّهُمَّ ارزقنا خَيرهَا
وَخير مَا طلعت عَلَيْهِ ثمَّ شال رجله وَأمر بقتل الثعبان
ثمَّ جلس يقرىء حَتَّى تَعَالَى النَّهَار ثمَّ جَاءَ أهل
الْفِقْه فَمَا زَالَ يلقِي عَلَيْهِم إِلَى قريب من نصف
النَّهَار ثمَّ قَامَ فَقلت لَهُ دخلت الْمَسْجِد فَصليت
رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أَذِنت ثمَّ صليت رَكْعَتَيْنِ قَالَ
نعم حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ دخلت
الْمَسْجِد فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صل
رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّة الْمَسْجِد قلت أَذِنت ثمَّ صليت
رَكْعَتَيْنِ قَالَ رَكْعَتي الْفجْر قلت فَلم تَتَكَلَّم
حَتَّى طلعت الشَّمْس قَالَ خبر عبد الله بن عَمْرو من صلى
وَلم يتَكَلَّم إِلَّا بِذكر الله حَتَّى تطلع الشَّمْس
كَانَ كالمجاهد فِي سَبِيل الله قلت والثعبان قَالَ قَالَ
أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آذنه ثَلَاثًا فَإِن ذهب وَإِلَّا
فاقتله فأذنته فَلم يذهب فتعوذت مِنْهُ ثمَّ أمرت بقتْله
ذكر مَا جَاءَ فِي بره بِوَالِديهِ
اُخْبُرْنَا ابو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان المرزباني
قَالَ أنبأ مُحَمَّد بن احْمَد الْكَاتِب قَالَ ثَنَا
احْمَد بن زُهَيْر بن حَرْب قَالَ أنبأ سُلَيْمَان بن أبي
شيخ قَالَ حَدثنِي حَمْزَة بن الْمُغيرَة وَتوفى سنة
ثَمَانِينَ وَمِائَة يَعْنِي حَمْزَة وَله تسعون أَو
نَحْوهَا قَالَ كُنَّا نصلي مَعَ
(1/62)
عمر بن ذَر فِي شهر رَمَضَان الْقيام
فَكَانَ أَبُو حنيفَة وَيَجِيء بِأُمِّهِ مَعَه وَكَانَ
مَوْضِعه بَعيدا جدا وَكَانَ ابْن ذَر يُصَلِّي الى قرب
السحر
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا
أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ قَالَ الْحسن ابْن الرّبيع
يَوْمًا لرجل وَنحن عِنْده من يقدر يَقُول ان احدا أَصْبِر
على مَا صَبر عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة من إِنْسَان يُقَال
لَهُ خُذ الدُّنْيَا فَيَقُول لَا آخذها وَلَقَد سمعته
يَقُول مَا شَيْء محنت بِهِ أَشد عَليّ من غم أُمِّي حِين
ضربت فَقَالَت لي يَا نعْمَان إِن علما أكسبك مثل هَذَا
لقد يحِق لَك أَن تَفِر مِنْهُ فَقلت لَهَا يَا أُمَّاهُ
لَو أردْت بِهِ الدُّنْيَا لوصلت إِلَيْهَا وَلَكِن أردْت
ان يعلم الله أَنِّي قد صنت الْعلم وَلم أعرض نَفسِي فِيهِ
للهلكة
أخبرنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا
أَحْمد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا أَبُو عبيد قَالَ
سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول حَلَفت أم أبي حنيفَة بِيَمِين
فَقَالَت لَهُ سل الْقَاص وَكَانَ خَالِي أَبُو طَالب يقص
وَكَانَت أم أبي حنيفَة تحضر مَجْلِسه فَدَعَاهُ أَبُو
حنيفَة وَسَأَلَهُ وَقَالَ إِن أُمِّي حَلَفت على يَمِين
وأمرتني ان أَسأَلك فَكرِهت خلَافهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو
طَالب فأفتني بِالْجَوَابِ فَقَالَ الْجَواب كَذَا قَالَ
قل لَهَا عني ان الْجَواب كَذَا وَكَذَا قَالَ فَأَخْبرهَا
فرضيت بقول الْقَاص
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا
مكرم بن أَحْمد قَالَ أَخْبرنِي عبد الصَّمد ابْن عبيد
الله الدَّلال عَن عِيسَى بن عبد الله بن الْهياج قَالَ
حَدثنِي النمر بن جِدَار قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن زيد بن
عُمَيْر قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول قد جعلت عَمَلي
أَثلَاثًا ثلثا لنَفْسي وَثلثا لوالدي وَثلثا لحماد
ذكر مَا رُوِيَ فِي محنة أبي حنيفَة بحسد النَّاس لَهُ
أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ
ثَنَا القَاضِي ابو بكر مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد
بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا نصر بن عَليّ
الْجَهْضَمِي قَالَ كنت يَوْمًا عِنْد عبد الله بن دَاوُد
الْخُرَيْبِي فَذكر رجل أَبَا حنيفَة فنال مِنْهُ فَقَالَ
عبد الله
(1/63)
ابْن دَاوُد حَدثنَا الْأَعْمَش عَن
مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يأتيكم اهل الْيمن هم أرق قلوبا وألين
أَفْئِدَة يُرِيد أَقوام ان يضعوهم ويأبى الله إِلَّا أَن
يرفعهم
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل
قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ سَمِعت أَبَا
نصر بشر بن الْحَارِث يَقُول سَمِعت عبد الله بن دَاوُد
يَقُول لايتكلم فِي أبي حنيفَة إِلَّا أحد رجلَيْنِ إِمَّا
حَاسِد لعلمه وَإِمَّا جَاهِل بِالْعلمِ لَا يعرف قدر
حَملته
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي
قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن
مغلس قَالَ ثَنَا أَبُو نعيم قَالَ سَمِعت سُفْيَان يَقُول
أَبُو حنيفَة فِي الْعلم مَحْسُود
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا
ابْن مغلس قَالَ ثَنَا ثَابت الزَّاهِد قَالَ كَانَ
الثَّوْريّ إِذا سُئِلَ عَن مَسْأَلَة دقيقة يَقُول مَا
كَانَ أحد يحسن ان يتَكَلَّم فِي هَذَا الْأَمر إِلَّا رجل
قد حسدناه ثمَّ يسْأَل أَصْحَاب أبي حنيفَة رَضِي الله
عَنهُ مَا يَقُول صَاحبكُم فيحفظ الْجَواب ثمَّ يُفْتِي
بِهِ
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم الكتاني قَالَ ثَنَا أَبُو بكر
قَالَ ثَنَا أَحْمد يَعْنِي ابْن مغلس قَالَ ثَنَا عَليّ
بن الْمَدِينِيّ قَالَ سَمِعت يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي
يَقُول كُنَّا نجالس البتي بِالْبَصْرَةِ فَلَمَّا قدمنَا
الْكُوفَة جالسنا أَبَا حنيفَة فَأَيْنَ الْبَحْر من
السواقي فَلَا يَقُول أحد يذكرهُ إِنَّه رأى مثله مَا
كَانَ عَلَيْهِ فِي الْعلم كلفة وَكَانَ محسودا
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا
مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا ثَابت بن مُحَمَّد
الزَّاهِد يَقُول سَمِعت مسعرا يَقُول مَا أحسد
بِالْكُوفَةِ إِلَّا رجلَيْنِ أَبَا حنيفَة لفقهه وَالْحسن
بن صَالح لزهده
(1/64)
اُخْبُرْنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن
مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد
قَالَ ثَنَا يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي قَالَ سَمِعت
ابْن الْمُبَارك يَقُول رَأَيْت الْحسن بن عمَارَة آخِذا
بركاب أبي حنيفَة وَهُوَ يَقُول وَالله مَا أدركنا أحدا
تكلم فِي الْفِقْه أبلغ وَلَا أَصْبِر وَلَا أحضر جَوَابا
مِنْك وَإنَّك لسَيِّد من تكلم فِيهِ فِي وقتك غير مدافع
وَمَا يَتَكَلَّمُونَ فِيك إِلَّا حسدا
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا أَبُو بكر
مكرم بن أَحْمد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا أَحْمد يَعْنِي
ابْن مغلس قَالَ سَمِعت أَبَا عبيد يَقُول سَمِعت مُحَمَّد
بن الْحسن يَقُول الشَّافِعِي وَقد ذكر فقه أهل الْكُوفَة
فَأَنْشد مُحَمَّد بن الْحسن
(محسدون وَشر النَّاس منزلَة ... من عَاشَ فِي النَّاس
يَوْمًا غير مَحْسُود)
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد
قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا نصر بن عَليّ
قَالَ سَمِعت أَبَا عَاصِم النَّبِيل يَوْمًا وَقد حدث عَن
أبي حنيفَة بِحَدِيث فضجوا فَقَالَ مَا لَهُم قَالُوا
كَرهُوا ذكر أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ
الْفَقِيه الدّين الْمَحْسُود مَا أَرَاهُم إِلَّا كَمَا
قَالَ عبد الله بن قيس الرقيات
(حسدا إِن رأوك فضلك الله بِمَا فضلت بِهِ النجباء ... )
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ سَمِعت
عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد وَذكر رجل عِنْده أَبَا حنيفَة
رَضِي الله عَنهُ وَمَا لَقِي من حسد النَّاس لَهُ
فَأَنْشد
(رَأَيْت رجَالًا يحسدون مُجَاهدًا ... وَذُو الْيُسْر لَا
تَلقاهُ إِلَّا محسدا)
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو بكر مكرم
بن أَحْمد الْبَزَّاز قَالَ حَدثنِي عَليّ ابْن الْحُسَيْن
بن حبَان عَن أَبِيه قَالَ كَانَ يحيى بن معِين إِذا ذكر
لَهُ من يتَكَلَّم فِي أبي حنيفَة يَقُول
(حسدوا الْفَتى إِذْ لم ينالوا سَعْيه ... فالقوم أضداد
لَهُ وخصوم)
(كضرائر الْحَسْنَاء قُلْنَ لوجهها ... حسدا وبغيا إِنَّه
لدميم)
(1/65)
وجدت فِي كتاب أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ الَّذِي جمع فِيهِ
أَخْبَار أَصْحَابنَا الَّذِي أنبأ القَاضِي أَبُو
مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد الْأَكْفَانِيِّ إجَازَة
أَن أَبَا بكر الدَّامغَانِي حَدثهمْ عَن أبي جعفرالطحاوي
قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد
الْهَمدَانِي قَالَ خَاصم رجل إِلَى ابْن شبْرمَة فِي
شَيْء فَقضى عَلَيْهِ فِيهِ فَأتى المقضى عَلَيْهِ أَبَا
حنيفَة فَأخْبرهُ بذلك فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة هَذَا
خطأ وَكتب لَهُ فِي ذَلِك كتابا يخبر فِيهِ بِالَّذِي
كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ شبْرمَة ان يحكم لَهُ بذلك فَأتى
الرجل بذلك إِلَى ابْن شبْرمَة فقرأه عَلَيْهِ بِحَضْرَة
ابْن أبي ليلى وَلم يعلم كل وَاحِد مِنْهُمَا من هُوَ
فاستحسناه جَمِيعًا فَقَالَا لَهُ من كتب هَذَا فَقَالَ
لَهما الرجل أَبُو حنيفَة فوصلا ذَلِك بالوقيعة فِيهِ
فَبلغ ابا حنيفَة فَقَالَ
(إِن يحسدوني فَإِنِّي غير لائمهم ... قبلي من النَّاس أهل
الْفضل قد حسدوا)
(فدام بِي وبهم مَا بِي وَمَا بهم ... وَمَات أكثرنا غيظا
بِمَا يجد)
حَدثنَا الْمُخْتَار ابو نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سهل
النَّيْسَابُورِي بِبَغْدَاد قدم علينا حَاجا قَالَ ثَنَا
ابو الْعَبَّاس أَحْمد بن هَارُون الْفَقِيه قَالَ سَمِعت
عبد الله بن مُحَمَّد الْهَرَوِيّ وَقبيصَة بن الْفضل
الطَّبَرِيّ قَالَا سمعنَا مُحَمَّد بن شُجَاع يَقُول
سَمِعت المعلي ابْن مَنْصُور قَالَ كَانَ مُحَمَّد بن
الْحسن إِذا أخبر ان قوما يذكرُونَ ابا حنيفَة وَأَصْحَابه
تمثل بِهَذَا الْبَيْت
(محسدون وَشر النَّاس منزلَة ... من عَاشَ فِي النَّاس
يَوْمًا غير مَحْسُود) ذكر مَا رُوِيَ من أَخْبَار أبي حنيفَة
مَعَ ابْن هُبَيْرَة
حَدثنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ
ثَنَا أَبُو عبد الله الوَاسِطِيّ قَالَ ثَنَا احْمَد بن
أبي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن أبي شيخ قَالَ
حَدثنِي الرّبيع بن عَاصِم قَالَ أَرْسلنِي يزِيد بن عمر
بن هُبَيْرَة فَقدمت بِأبي حنيفَة عَلَيْهِ فأراده على
بَيت المَال فَأبى فَضَربهُ عشْرين سَوْطًا
(1/66)
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي
قَالَ أنبأ أَبُو بكر احْمَد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ
ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن كأس النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْبَلْخِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد
بن سهل ابْن أبي مَنْصُور المرزوي قَالَ حَدثنِي ابْن
النَّضر قَالَ سَمِعت إِسْمَاعِيل بن سَالم يَقُول ضرب ابو
حنيفَة على الدُّخُول فِي الْقَضَاء فَلم يقبل الْقَضَاء
قَالَ وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل إِذا ذكر ذَلِك لَهُ
بَكَى وترحم على أبي حنيفَة وَذَلِكَ بعد ان ضرب احْمَد
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي
قَالَ ثَنَا القَاضِي أَبُو بكر مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد
قَالَ ثَنَا منْجَاب بن الْحَارِث قَالَ حَدثنِي أَبُو
الْأَحْوَص قَالَ ضرب ابو حنيفَة فِي السجْن على رَأسه
ضربا شَدِيدا وَكَانُوا قد أمروا بذلك وَكَانَ ابْن ابي
ليلى وَابْن شبْرمَة فِي الْمَسْجِد فأخبرا بذلك فأظهر
ابْن ابي ليلى الشماتة فَقَالَ لَهُ ابْن شبْرمَة مَا
أَدْرِي مَا تَقول هَذَا الرجل على نَفسه أشْفق مني ومنك
على أَنْفُسنَا فَنحْن نطلب الدُّنْيَا وَهُوَ يضْرب على
ان يَأْخُذهَا فيأبى
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم
قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا الْحسن بن الرّبيع قَالَ
سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول الرِّجَال فِي الِاسْم
سَوَاء حَتَّى يَقع المحن فِي الْأَنَام والبلوى وَلَقَد
ابتلى ابو حنيفَة بِالضَّرْبِ على رَأسه بالسياط فِي
السجْن حَتَّى يدْفع عَلَيْهِ من الحكم مَا يرى مَا يتنافس
عَلَيْهِ ويتصنع لَهُ فَحَمدَ الله فَصَبر على الذل
وَالضَّرْب والسجن لطلب السَّلامَة فِي دينه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم
قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا يحيى بن أَكْثَم قَالَ
سَمِعت ابْن دَاوُد يَقُول أَرَادَ ابْن هُبَيْرَة ابا
حنيفَة على قَضَاء الْكُوفَة فَأبى وَامْتنع فَحلف ابْن
هُبَيْرَة إِن هُوَ لم يفعل ليضربنه بالسياط على رَأسه
فَقيل لأبي حنيفَة فَقَالَ ضَرْبَة لي فِي الدُّنْيَا أسهل
عَليّ من مَقَامِع الْحَدِيد فِي الْآخِرَة وَالله لَا
فعلت وَلَو قتلني فَحكى قَوْله لِابْنِ هُبَيْرَة فَقَالَ
بلغ من قدره ان يُعَارض يَمِيني بِيَمِينِهِ فَدَعَا
فَقَالَ شفاها وَحلف لَهُ إِن لم يل ليضربن على رَأسه
حَتَّى يَمُوت فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة هِيَ موتَة
وَاحِدَة فَأمر بِهِ فَضرب عشْرين سَوْطًا على رَأسه
فَقَالَ ابو حنيفَة اذكر مقامك بَين يَدي الله فانه أذلّ
من مقَامي بَين يَديك وَلَا تهددني فَأَنِّي
(1/67)
أَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله سَائِلك عني حَيْثُ
لَا يقبل مِنْك جَوَابا إِلَّا بِالْحَقِّ فَأَوْمأ إِلَى
الجلاد ان أمسك وَبَات أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي
السجْن فَأصْبح وَقد انتفخ وَجهه وَرَأسه من الضَّرْب
فَقَالَ ابْن هُبَيْرَة إِنِّي قد رَأَيْت النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم وَهُوَ يَقُول لي اما
تخَاف الله تضرب رجلا من أمتِي بِلَا جرم وتهدده فَأرْسل
إِلَيْهِ فَأخْرجهُ واستحله |