أخبار أبي حنيفة
وأصحابه ذكر مَا روى فِي ابْتِدَاء طلبه للْعلم
وَذكر فضائله ومناقبه وَمَا قَالَه الْأَئِمَّة فِي
الثَّنَاء عَلَيْهِ
اُخْبُرْنَا عمر بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا
عبد الصَّمد بن عبيد الله عَن عَليّ بن حَرْمَلَة
التَّيْمِيّ عَن ابي يُوسُف قَالَ كنت اطلب الحَدِيث
وَالْفِقْه وانا مقل رث الْحَال فجَاء ابي يَوْمًا وانا
عِنْد ابي حنيفَة فَانْصَرَفت مَعَه فَقَالَ يَا بني لَا
تَمُدَّن رجلك مَعَ ابي حنيفَة فان ابا حنيفَة خبزه مشوي
وانت تحْتَاج الى المعاش فقصرت عَن كثير من الطّلب وآثرت
طَاعَة أبي فتفقدني ابو حنيفَة وَسَأَلَ عني فَجعلت اتعاهد
مَجْلِسه فَلَمَّا كَانَ أول يَوْم اتيته بعد تأخري عَنهُ
قَالَ لي مَا شغلك عَنَّا قلت الشّغل بالمعاش وَطَاعَة
وَالِدي وَجَلَست فَلَمَّا اردت الإنصراف أَوْمَأ إِلَيّ
فَجَلَست فَلَمَّا انْصَرف النَّاس دفع لي صرة وَقَالَ
استمتع بِهَذِهِ فَنَظَرت فَإِذا فِيهَا مائَة دِرْهَم
فَقَالَ لي الزم الْحلقَة وَإِذا نفدت هَذِه فَأَعْلمنِي
فلزمت الْحلقَة فَلَمَّا مَضَت مُدَّة يسيرَة دفع الي
مائَة اخرى ثمَّ كَانَ يتعاهدني وَمَا أعلمته بخلة قطّ
وَلَا اخبرته بنفاد شَيْء وَكَانَ كَأَنَّهُ يخبر بنفادها
حَتَّى اسْتَغْنَيْت وتمولت
حَدثنَا الْعَبَّاس بن احْمَد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ
ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن
مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا احْمَد بن عمار بن ابي
مَالك عَن ابيه قَالَ مَا كَانَ فيهم مثل ابي يُوسُف
لَوْلَا ابو يُوسُف مَا ذكر ابو حنيفَة وَلَا ابْن ابي
ليلى وَلكنه نشر علمهما وَبث قَوْلهمَا
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا
عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد
النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا ابو خازم عبد الحميد بن عبد
الْعَزِيز عَن بكر الْعمي عَن هِلَال ابْن يحيى قَالَ
كَانَ ابو يُوسُف يحفظ التَّفْسِير والمغازي وايام
الْعَرَب وَكَانَ اقل علومه الْفِقْه
اُخْبُرْنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم
قَالَ ثَنَا احْمَد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن
سَمَّاعَة يَقُول كَانَ ابو يُوسُف يُصَلِّي بعد مَا ولى
الْقَضَاء فِي كل يَوْم
(1/99)
مِائَتي رَكْعَة وَكَانَ ابْن سَمَّاعَة
يُصليهَا فِي كل يَوْم وَكَانَ بشر يُصَلِّي كل يَوْم
مِائَتي رَكْعَة وَكَانَ يُصليهَا بَعْدَمَا فلج
حَدثنَا الْعَبَّاس بن احْمَد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا
أَحْمد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن
مُحَمَّد المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد
النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ين حَازِم
قَالَ ثَنَا عبيد بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت عمر بن حَمَّاد
بن أبي حنيفَة قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف قَالَ مَا كَانَ
فِي الدُّنْيَا مجْلِس اجلسه احب الي من ابي حنيفَة وَابْن
ابي ليلى فَانِي مَا رَأَيْت فَقِيها افقه من ابي حنيفَة
وَلَا قَاضِيا خيرا من ابْن ابي ليلى
حَدثنَا الْعَبَّاس بن احْمَد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ
ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا ابراهيم
بن اسحاق الزُّهْرِيّ قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد
الْكِنْدِيّ قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول صَحِبت ابا
حنيفَة سبع عشرَة سنة لَا افارقه فِي فطر وَلَا اضحى
إِلَّا من مرض
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا
عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا ابو الْقَاسِم ابْن
كأس قَالَ ثَنَا عَليّ بن عُبَيْدَة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد
بن شُجَاع قَالَ ثَنَا الْحسن بن ابي مَالك قَالَ سَمِعت
ابا يُوسُف يَقُول مَا صليت صَلَاة قطّ وَلَا غَيرهَا الا
دَعَوْت الله لابي حنيفَة واستغفرت لَهُ قَالَ وَكَانَ
عَليّ بن صَالح اذا حدث عَن ابي يُوسُف يَقُول حَدثنِي
فَقِيه الْفُقَهَاء وقاضي الْقُضَاة وَسيد الْعلمَاء ابو
يُوسُف قَالَ ابراهيم بن اسحاق وَقَالَ بشر بن الْوَلِيد
لمستمليه يَوْمًا وَقد قَالَ خبركم يَعْقُوب فَقَالَ الا
تعظمه الا تفخمه فَإِنِّي مَا رَأَيْت مثله
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن
احْمَد قَالَ انبأ عَليّ بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد
بن مَنْصُور الْأَسدي قَالَ ثَنَا نمر بن جِدَار قَالَ
ثَنَا الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي قَالَ حجَجنَا مَعَ ابي
يُوسُف فاعتل فِي طَرِيق فنزلنا بِئْر مَيْمُون فَأَتَاهُ
سُفْيَان بن عُيَيْنَة يعودهُ فَقَالَ لنا خُذُوا حَدِيث
ابي مُحَمَّد فروى لنا اربعين حَدِيثا
(1/100)
فَلَمَّا قَامَ سُفْيَان قَالَ لنا ابو
يُوسُف خُذُوا مَا روى لكم فَرد علينا الْأَرْبَعين
حَدِيثا حفظا على سنه وَضَعفه وعلته وشغله بِسَفَرِهِ
اُخْبُرْنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد
الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا بشر بن
الْوَلِيد قَالَ كَانَ ابو يُوسُف يكْتب كتابا وَرجل يطلع
فِيهِ فَقَالَ لَهُ ابو يُوسُف حِين فرغ هَل فِيهِ خطأ
شَيْء قَالَ لَا وَلَا حرف قَالَ كفيتنا مُؤنَة النّظر
فِيهِ ثمَّ انشأ يَقُول
(كَأَنَّهُ من سوء تأديبه ... اسْلَمْ فِي كتاب سوء
الْأَدَب)
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا
احْمَد قَالَ ثَنَا ابو عبيد قَالَ سَمِعت ابراهيم بن
الْجراح يَقُول دخلت على ابي يُوسُف وَهُوَ شَدِيد
الْعلَّة فَقَالَ يَا ابراهيم مَا تَقول فِي مَسْأَلَة قلت
فِي مثل هَذِه الْحَال قَالَ وَلَا بَأْس بذلك ندرس فينجو
بِهِ نَاجٍ ثمَّ قَالَ ايما افضل فِي رمي الْجمار ان
ترميها رَاكِبًا رَاكِبًا اَوْ مَا شيا قلت رَاكِبًا قَالَ
اخطأت قلت مَاشِيا قَالَ أَخْطَأت قلت لَهُ قل فِيهَا
رَضِي الله عَنْك فَقَالَ ان كَانَت مِمَّا لَا تقف عِنْده
فَالْأَفْضَل ان ترميها رَاكِبًا لِأَنَّهُ أسْرع لتنحيك
وَإِن كَانَت اتّفقت عِنْده فَالْأَفْضَل أَن ترميها
مَاشِيا لِأَنَّهُ اشد لتمكنك واغزر لدعائك
اُخْبُرْنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل
قَالَ حَدثنَا ابو بكر مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا عبد
الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن شُجَاع
قَالَ حَدثنِي الْحسن بن ابي مَالك وعباس بن الْوَلِيد
قَالَا كُنَّا نَخْتَلِف الى ابي مُعَاوِيَة فِي حَدِيث
الْفِقْه من حَدِيث الْحجَّاج بن ارطأة فَقَالَ لنا ابو
مُعَاوِيَة الْيَسْ ابو يُوسُف القَاضِي عنْدكُمْ قُلْنَا
بلَى فَقَالَ اتتركون ابا يُوسُف وتكتبون عني كُنَّا
نَخْتَلِف الى الْحجَّاج فَكَانَ ابو يُوسُف يحفظ
وَالْحجاج يملي علينا فَإِذا خرجنَا كتبنَا من حفظ ابي
يُوسُف
(1/101)
حَدثنَا ابو الْحسن الْعَبَّاس بن احْمَد
بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد
المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ
ثَنَا ابراهيم بن اسماعيل الطلحي عَن ابيه عَن عمر بن
حَمَّاد عَن ابيه قَالَ أَرَأَيْت ابا حنيفَة يَوْمًا
وَعَن يَمِينه ابو يُوسُف وَعَن يسَاره زفر وهما يتجادلان
فِي مَسْأَلَة فَلَا يَقُول ابو يُوسُف قولا إِلَّا
أفْسدهُ زفر وَلَا يَقُول زفر الا أفْسدهُ ابو يُوسُف الى
وَقت الظّهْر فَلَمَّا اذن الْمُؤَذّن رفع ابو حنيفَة يَده
فَضرب بهَا على فَخذ زفر فَقَالَ لَا تطمع فِي رئاسة ببلدة
فِيهَا ابو يُوسُف قَالَ وَقضى لأبي يُوسُف على زفر
اُخْبُرْنَا القَاضِي ابو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد
قَالَ ثَنَا ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا
ابو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت ابْن ابي عمرَان
يَقُول املى علينا عَليّ بن الْجَعْد فَقَالَ أنبأ ابو
يُوسُف وَكَانَ مَجْلِسه حفلا من النَّاس فَقَالَ لَهُ رجل
يَا ابا الْحسن اتذكر ابا يُوسُف قَالَ فَكَأَنَّهُ وَقع
فِي قلب عَليّ بن الْجَعْد انه اراد بذلك مَا لَا
يَنْبَغِي ان يُرِيد مثله بِأبي يُوسُف فَقَالَ لَهُ عَليّ
اذا اردت ان تذكر ابا يُوسُف فاغسل فمك بأشنان وَمَاء حَار
ثمَّ قَالَ وَالله مَا رَأَيْت مثله قَالَ ابْن ابي عمرَان
وَقد رأى الثَّوْريّ وَالْحسن بن صَالح ومالكا وَابْن ابي
ذِئْب وَاللَّيْث بن سعد وَشعْبَة بن الْحجَّاج
اُخْبُرْنَا القَاضِي ابو مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابو بكر
الدَّامغَانِي قَالَ ثَنَا ابو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ
ثَنَا ابْن ابي عمرَان قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد قَالَ
سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول سَأَلَني الْأَعْمَش عَن
مَسْأَلَة فأجبته فِيهَا فَقَالَ لي من أَيْن قلت هَذَا
فَقلت لحديثك الَّذِي حدثتناه انت ثمَّ ذكرت لَهُ الحَدِيث
فَقَالَ لي يَا يَعْقُوب اني لأحفظ هَذَا الحَدِيث قبل ان
يجْتَمع ابواك فَمَا عرفت تَأْوِيله حَتَّى الْآن
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابو بكر
الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ أنبأ ابو جَعْفَر
الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت ابْن عمرَان يَقُول دخل ابو
يُوسُف على الْحجَّاج بن ارطأة وَهُوَ قَاضِي الْكُوفَة
فَسَأَلَهُ عَن جَنِين الْأمة فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج
فِيهِ نصف عشر قيمَة أمه فَقَالَ لَهُ ابو يُوسُف من ايْنَ
قلت ذَلِك فَقَالَ قِيَاسا على جَنِين الْحرَّة فَقَالَ
لَهُ
(1/102)
ابو يُوسُف الْيَسْ جَنِين الْحرَّة اذا
وَقع من الضَّرْبَة مَيتا فَفِيهِ غرَّة وان وَقع مِنْهَا
حَيا ثمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَة فَقَالَ الْحجَّاج نعم
قَالَ ابو يُوسُف فَأَنت قلبت الْأَمر فَجعلت فِي جَنِين
الْأمة اذا كَانَ مَيتا اكثر مِمَّا يجب فِيهِ اذا كَانَ
حَيا وَمَات بعد ذَلِك لِأَنَّهُ قد يكون قِيمَته حَيا
دِرْهَمَيْنِ وَقِيمَة امهِ مائَة دِرْهَم فَقَالَ لَهُ
الْحجَّاج اذا كَانَ مثل هَذَا فَلَا تلقه الي بِحَضْرَة
النَّاس يَا بني
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن ابراهيم قَالَ ثَنَا
ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا الطَّحَاوِيّ
قَالَ ثَنَا ابو بكره بن قُتَيْبَة قَالَ سَمِعت هلالا
يَقُول لما قدم علينا ابو يُوسُف اجْتمع على بَابه اصحاب
الحَدِيث واصحاب الرَّأْي جَمِيعًا وتولاه كل فريق وَزعم
انه اولى بِهِ وبالدخول عَلَيْهِ من الْفَرِيق الآخر
فَأَشْرَف على النَّاس فَقَالَ لَهُم انا وَالله من
الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا وَلست اقدم فرقة على الْأُخْرَى
الا بِمَعْنى يتَبَيَّن بِهِ تقدمها وَهَا انا ذَا اسْأَل
عَن مَسْأَلَة فَأَي الْفَرِيقَيْنِ اصابها دخل فَأخْرج
خَاتمًا كَانَ فِي يَده فَقَالَ رجل اخذ خَاتمِي فمضغه
حَتَّى هشمه فَقَامَ اصحاب الحَدِيث من كل نَاحيَة
فَاخْتَلَفُوا فَمنهمْ من قَالَ عَلَيْهِ ان يُعِيدهُ
مصوغا كَمَا كَانَ وَمِنْهُم قَالَ عَلَيْهِ مَا نَقصه
فَلَمَّا رَأَيْت انا ذَلِك قُمْت من بَين اصحابي فَقلت
اصلحك الله هُوَ لهَذَا الهاشم وَعَلِيهِ لصَاحبه قِيمَته
مصوغا من الذَّهَب الا ان يَشَاء صَاحبه ان يمسِكهُ وَلَا
يكون على هاشمه شَيْء فصوبني ابو يُوسُف وادناني وادخلني
وادخل اصحابي فَقَالَ مَا اسْمك قلت هِلَال قَالَ ستصير
قمرا واملى علينا مَسْأَلَة من الْمكَاتب قد تقدم من
قَوْله فِي كتاب الصّرْف خلاف ذَلِك فَلَمَّا فرغ مِنْهَا
قُمْت اليه فَقلت لَهُ اصلحك الله هَذَا خلاف قَوْلكُم فِي
كتاب الصّرْف افنمحوا ذَلِك وَنثْبت هَذَا ام نمحو هَذَا
وَنثْبت ذَلِك فَقَالَ دعوهما فَسَيَأْتِي من يُمَيّز
بَينهمَا قَالَ هِلَال وشاهدي على ذَلِك كُله قُتَيْبَة
البكراوي يَعْنِي ابا بكرَة وَكَانَ حَاضرا ذَلِك كُله
(1/103)
قَالَ حَدثنِي أَبُو الْوَلِيد
الطَّيَالِسِيّ قَالَ دخلت مَعَ أَصْحَاب الرَّأْي
يَوْمئِذٍ فَكَانَ اول من حدث عَنهُ ابو يُوسُف يَوْمئِذٍ
الْحسن بن صَالح بن حَيّ فَكَأَن شَيْئا خطر بِبَالِهِ
فَالْتَفت الى النَّاس فَقَالَ وَالله مَا خوفي على رجل
فِي كل شَيْء كخوفي عَلَيْهِ فِي كَلَامه فِي الْحسن بن
صَالح فَكَأَنَّهُ عرض بشعبة فَقُمْت قَائِما ثمَّ قلت لَا
يراني الله فِي مجْلِس يعرض فِيهِ بِأبي بسطَام فَخرجت
فَلَمَّا صرت فِي الطَّرِيق رجعت الى نَفسِي فَقلت هَذَا
هُوَ الْوَزير وقاضي الْقُضَاة وَمَا يُبَالِي هَذَا بِي
قُمْت عَنهُ ام قعدت اليه ثمَّ رجعت فَدخلت فَلَمَّا فرغ
ابو يُوسُف من الاملاء كَأَنَّهُ لم يكن لَهُ هم غَيْرِي
وَكَانَ قد عرفني قبل ذَلِك لِأَنِّي كنت عِنْده
بِبَغْدَاد فَقَالَ لي يَا هِشَام اني وَالله مَا اردت
بِأبي بسطَام الا خيرا وَلَكِنِّي مَا رَأَيْت مثل الْحسن
بن صَالح
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الاسدي قَالَ ثَنَا ابو
بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا ابو جَعْفَر
الطَّحَاوِيّ قَالَ حَدثنِي ابْن ابي عمرَان قَالَ ثَنَا
مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ سَمِعت الْحسن بن ابي مَالك
يَقُول كَانَ ابو يُوسُف يضْرب بِأَصْحَابِهِ الْأَمْثَال
فَيَقُول فِي مُحَمَّد بن الْحسن اي سيف هُوَ لَوْلَا ان
فِيهِ صدأ وانه يحْتَاج الى جلاء وَيَقُول فِي الْحسن
اللؤْلُؤِي هُوَ عِنْدِي كالصيدلاني اذا طلب رجل مَا يمسك
بَطْنه أعطَاهُ مَا يسهله فَإِذا طلب مَا يسهل بَطْنه
اعطاه مَا يمسِكهُ وَكَانَ يَقُول المريسي هُوَ عِنْدِي
كابرة الرفاء طرفها دَقِيق ومدخلها ضيق وَهِي سريعة
الانكسار وَكَانَ يَقُول لابراهيم بن الْجراح هُوَ عِنْدِي
كَرجل عِنْده دَرَاهِم مكحلة فَكلما مَسهَا نقصت فَذكرت
ذَلِك لأبي خازم فَقَالَ حَدثنِي الْحسن بن مُوسَى قَاضِي
همذان عَن بشر بن الْوَلِيد قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف
يَقُول هَذَا كُله وَزَاد وَكَانَ يَقُول لِلْحسنِ ابْن
ابي مَالك هُوَ عِنْدِي كجمل حمل مَتَاعا ثقيلا فِي يَوْم
مطير فتذهب يَده مرّة هَكَذَا وَمرَّة هَكَذَا ثمَّ يسلم
(1/104)
اخبار ابي يُوسُف مَعَ الْخُلَفَاء
حَدثنَا ابو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا احْمَد بن
كَامِل قَالَ ثَنَا ابو العيناء قَالَ ثَنَا اسحاق بن
ابراهيم الْموصِلِي قَالَ قَالَ الرشيد يَوْمًا لأبي
يُوسُف القَاضِي عِنْد عِيسَى ابْن جَعْفَر جَارِيَة هِيَ
احب النَّاس الي وَقد عرف ذَلِك فَحلف ان لَا يَبِيع وَلَا
يهب وَلَا يعْتق وَهُوَ الْآن يطْلب حل يَمِينه فَهَل
عنْدك فِي ذَلِك حِيلَة قَالَ نعم يهب لأمير الْمُؤمنِينَ
نصف رقبَتهَا ويبيعه النّصْف فَلَا حنث عَلَيْهِ فِي ذَلِك
اُخْبُرْنَا ابو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا احْمَد
بن خلف قَالَ ثَنَا مُوسَى بن اسحاق الْأنْصَارِيّ قَالَ
ثَنَا عَليّ بن عَمْرو من ولد قرظة بن كَعْب قَالَ رفع الى
ابي يُوسُف رجل مُسلم قتل ذَمِيمًا عمدا وَقَامَت
الْبَيِّنَة عَلَيْهِ فَأمر بحبسه ليقاد مِنْهُ فَلَمَّا
كَانَ فِي يَوْم مجْلِس الْقَضَاء رفعت اليه رقاع
الْخُصُوم فَإِذا فِيهَا رقْعَة مَكْتُوب فِيهَا
(يَا قَاتل الْمُسلم بالكافر ... جرت وَمَا الْعَادِل
كالجائر)
(يَا من بِبَغْدَاد وأقطارها ... من فُقَهَاء النَّاس اَوْ
شَاعِر)
(جَار على الدّين ابو يُوسُف ... بقتْله الْمُسلم بالكافر)
(فاسترجعوا وابكوا جَمِيعًا مَعًا ... واصطبروا فالأجر
للصابر)
قَالَ فَأخذ ابو يُوسُف الرقعة وَدخل بهَا على الرشيد
فَأعلمهُ فَقَالَ لَهُ فَاذْهَبْ فاحتل فَجَلَسَ ابو
يُوسُف وَحضر ولي الدَّم وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ فَقَامَتْ
الْبَيِّنَة فَقَالَ ابو يُوسُف لولى الدَّم أقِم عِنْدِي
الْبَيِّنَة ان صَاحبك كَانَ يُؤَدِّي الْجِزْيَة فَلم يقم
لَهُ الْبَيِّنَة فَمنع النُّقُود
أخبرنَا ابو حَفْص عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا
مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب ابْن مُحَمَّد قَالَ
ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ حَدثنِي بكير الْقصير
قَالَ ثَنَا ابو زيد حَمَّاد بن دَلِيل قَالَ قَالَ ابو
يُوسُف قعد أَمِير الْمُؤمنِينَ للمظالم فَكنت السفير
بَينه وَبَين
(1/105)
المتظلمين آخذ قصصهم واوصلها اليه
فَجَاءَنِي رجل كَبِير من أهل السوَاد وَمَعَهُ قصَّة
فِيهَا دَعْوَى بُسْتَان مَحْدُود يزْعم ان ذَلِك لَهُ فِي
يَد أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنه غصبه عَلَيْهِ فَقلت فِي
يَد من هُوَ فَقَالَ فِي يَد أَمِير الْمُؤمنِينَ قلت من
أكاره قَالَ هُوَ فِي يَد أَمِير الْمُؤمنِينَ غصبني
عَلَيْهِ فَجعلت أديره بِكُل وَجه على ان ينْصَرف عَن
مُطَالبَة امير الْمُؤمنِينَ الى مُطَالبَة غَيره فيأبى ان
ينْصَرف عَن دَعْوَاهُ ان الْمَطْلُوب بِهِ امير
الْمُؤمنِينَ فَدخلت بالقصص وامير الْمُؤمنِينَ قَاعد على
كرْسِي وَيحيى بن خَالِد قعد مَعَه فَجعلت اخْرُج الْقَصَص
فَخرجت قصَّته بِالْقربِ مني فَلم استجز تَأْخِيرهَا فَقلت
يَا امير الْمُؤمنِينَ حضر شيخ كَبِير من اهل السوَاد
فَادّعى بُسْتَان كَذَا فجهدت بِهِ ان يُطَالب بِدَعْوَاهُ
رجلا من الرّعية فَأبى فَقَالَ مطالبتي لأمير الْمُؤمنِينَ
فَقَالَ هَذَا الْبُسْتَان اعرفه وهبه لي ابي وَهُوَ لي
فِي ملكي قلت افيحضر الرجل قَالَ نعم فاحضرته قلت مَا
تَدعِي قَالَ ادعِي بُسْتَان كَذَا وحدده على امير
الْمُؤمنِينَ هَذَا واشار اليه قلت من يقوم بِهِ وَفِي يَد
من هُوَ قَالَ فِي يَد امير الْمُؤمنِينَ هَذَا قلت لأمير
الْمُؤمنِينَ مَا تَقول فِي دَعْوَى هَذَا الرجل قَالَ مَا
لَهُ فِي يَدي هَذَا الْحق الَّذِي يَدعِيهِ وَمَا هَذَا
الْبُسْتَان لَهُ قلت لَهُ أَلَك بَيِّنَة قَالَ يَمِينه
قلت لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلَيْك الْيَمين قَالَ
استحلفني فاستحلفته فَحلف فَوَثَبَ الشَّيْخ منصرفا
فَسَمعته وَقد ادبر يَقُول استفه كشربة سويق وَتَربد وَجه
امير الْمُؤمنِينَ حِين حلف واطرق يفكر فَقلت هَلَكت وَهلك
الرجل فَقَالَ يحيى بن خَالِد يَا يَعْقُوب رَأَيْت مثل
امير الْمُؤمنِينَ فِي عدله وإنصافه لرجل من رَعيته انصف
من نَفسه حَتَّى فعل مَا رَأَيْت فسرى عَن امير
الْمُؤمنِينَ وَفَرح بذلك وَقَالَ سُبْحَانَ الله وبد من
الانصاف وَقَالَ يحيى بن خَالِد لَو جَاءَت هَذِه من
الْفَارُوق لكَانَتْ حَسَنَة أَو كَمَا قَالَ قَالَ ابو
زيد قَالَ لنا ابو يُوسُف فَمَا اذكر ذَلِك الْمجْلس الا
دخلني مِنْهُ غم شَدِيد وَخفت الله من تركي الْعدْل فِيهِ
فَقُلْنَا وَمَا يكون اكثر مِمَّا فعلت قَالَ الم تفهموا
مَا فِيهَا قُلْنَا لَا
(1/106)
مَا رَأينَا الا عدلا وقياما بِالْحَقِّ
قَالَ كَيفَ وَلم اسو بَينه وَبَين الْخصم فِي الْمجْلس
فاقول يَا امير الْمُؤمنِينَ انت على كرْسِي وَهُوَ على
الأَرْض فيدعي لَهُ بكرسي فيجلس عَلَيْهِ
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم
قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن حبَان بن صَدَقَة النَّاقِد ان
مُحَمَّد بن مَنْصُور الطوسي ذكر ان ابا يَعْقُوب الخريمي
سمع يَوْم مَاتَ ابو يُوسُف رجلا يَقُول الْيَوْم مَاتَ
الْفَقِيه فَقَالَ وانشد
(يَا ناعي الْفِقْه الى اهله ... ان مَاتَ يَعْقُوب وَمَا
تَدْرِي)
(لم يمت الْفِقْه وَلكنه ... حول من صدر الى صدر)
(أَلْقَاهُ يَعْقُوب الى يُوسُف ... فَزَالَ من طيب الى
طهر)
(فَهُوَ مُقيم فَإِذا مَا ثوى ... حل وَحل الْفِقْه فِي
الْقَبْر)
اُخْبُرْنَا ابو عبيد الله المرزباني قَالَ أنبأ مُحَمَّد
بن الْحسن بن دُرَيْد قَالَ أنبأ السكن ابْن سعيد عَن ابيه
عَن هِشَام بن مُحَمَّد الْكَلْبِيّ قَالَ قَالَ ابْن ابي
كثير مولى بني الْحَارِث بن كَعْب من أهل الْبَصْرَة يرثي
ابا يُوسُف القَاضِي
(سقى جدثا بِهِ يَعْقُوب اضحى ... رهينا للبلى هزج ركام
تلطف فِي الْقيَاس لنا فأضحت ... حَلَالا بعد شنعتها
المدام فلولا ان قصدن لَهُ المنايا ... واعجله عَن الْعطر
الْحمام لأعمل فِي الْقيَاس الرَّأْي حَتَّى ... يعز على
ذَوي الريب الْحَرَام)
(1/107)
اُخْبُرْنَا المرزباني قَالَ أنبأ الحكيمي
قَالَ ثَنَا ابو امية الخصيب قَالَ ثَنَا شباب
الْعُصْفُرِي قَالَ مَاتَ ابو يُوسُف يَعْقُوب بن ابراهيم
القَاضِي سنة احدى وَثَمَانِينَ وَمِائَة
اُخْبُرْنَا المرزباني قَالَ ثَنَا الْعَبَّاس بن
الْمُغيرَة الْجَوْهَرِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد عَن
الْوَاقِدِيّ ان ابا يُوسُف القَاضِي مَاتَ فِي سنة
ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة
(1/108)
اخبار ابي الْهُذيْل زفر ببن الْهُذيْل
الْعَنْبَري
أخبرنَا ابو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا احْمَد بن
مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا ابْن ابي خَيْثَمَة عَن ابي
الْحسن الْمَدَائِنِي قَالَ زفر بن الْهُذيْل صَاحب ابي
حنيفَة عنبري
اُخْبُرْنَا المرزباني قَالَ ثَنَا الْحسن بن مُحَمَّد
المخرمي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي شيبَة
قَالَ سَأَلت ابي وَعمي ابا بكر عَن زفر بن الْهُذيْل
فَقَالَا كَانَ زفر من أفقه اهل زَمَانه قَالَ ابي وَكَانَ
ابو نعيم يرفع زفر وَيَقُول كَانَ نبيلا فَقِيها
حَدثنَا ابو الْحسن عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ
ثَنَا ابو عبد الله الزَّعْفَرَانِي نزيل وَاسِط قَالَ
ثَنَا احْمَد بن ابي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن
ابي شيخ قَالَ حَدثنِي عَمْرو بن سُلَيْمَان الْعَطَّار
قَالَ كنت بِالْكُوفَةِ اجالس ابا حنيفَة فَتزَوج زفر
فحضره ابو حنيفَة فَقَالَ لَهُ تكلم فَخَطب فَقَالَ فِي
خطبَته هَذَا زفر بن الْهُذيْل وَهُوَ امام من أَئِمَّة
الْمُسلمين وَعلم من أَعْلَام الدّين فِي حَسبه وشرفه
وَعلمه فَقَالَ بعض قومه وَقَالُوا لَهُ مَا يسرنَا ان غير
ابي حنيفَة خطب حِين ذكر خصاله ومدحه وَكره ذَلِك بعض قومه
لَو حضر بَنو عمك واشراف قَوْمك وتسأل ابا حنيفَة ان يخْطب
فَقَالَ لَو حضرني ابي لقدمت ابا حنيفَة عَلَيْهِ
حَدثنَا ابو الْحسن الْعَبَّاس بن احْمَد بن الْفضل
الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ
ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا ابراهيم
بن اسحاق قَالَ ثَنَا عَليّ بن مدرك عَن الْحسن بن زِيَاد
قَالَ كَانَ زفر وَدَاوُد الطَّائِي متواخيين فَأَما
دَاوُد
(1/109)
الطَّائِي فَترك الْفِقْه وَاقْبَلْ على
الْعِبَادَة واما زفر فَإِنَّهُ جمع الْفِقْه مَعَ
الْعِبَادَة
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا
عَليّ بن عَمْرو الْحَرِير يُقَال ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد
النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو خازم القَاضِي قَالَ ثَنَا
بكر الْعمي عَن هِلَال بن يحيى قَالَ كَانَ زفر يتبع
دَاوُد الطَّائِي حَتَّى ان دَاوُد لَو قعد على مزبلة
جَاءَ زفر حَتَّى يقْعد مَعَه عَلَيْهَا قَالَ وَإِنَّمَا
قدم زفر الْبَصْرَة يزور دَاوُد الطَّائِي رَحْمَة الله
عَلَيْهِمَا
حَدثنَا ابو الْحسن الْعَبَّاس بن احْمَد بن الْفضل
الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ
ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا ابو خازم
القَاضِي عَن بكر عَن هِلَال ابْن ابي يحيى قَالَ رَحل
يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي من الْبَصْرَة الى الْكُوفَة
فتفقه عِنْد ابي حنيفَة فَلَمَّا اراد الْخُرُوج الى
الْبَصْرَة قَالَ لَهُ ابو حنيفَة اذا صرت الى الْبَصْرَة
فانك تَجِيء الى قوم قد تقدّمت لَهُم الرِّئَاسَة فَلَا
تعجل بالقعود عِنْد اسطوانة واتخاذ حَلقَة ثمَّ تَقول
قَالَ ابو حنيفَة وَقَالَ ابو حنيفَة فانك اذا فعلت ذَلِك
لم تلبث حَتَّى تُقَام قَالَ فَخرج يُوسُف فاعجبته نَفسه
وَجلسَ عِنْد اسطونتة وَقَالَ قَالَ ابو حنيفَة قَالَ
فاقاموه من الْمَسْجِد فَلم يذكر اُحْدُ ابا حنيفَة حَتَّى
قدم زفر الْبَصْرَة فَجعل يجلس عِنْد الشُّيُوخ الَّذين
تقدّمت لَهُم الرِّئَاسَة فيحتج لأقوالهم بِمَا لَيْسَ
عِنْدهم فيعجبون من ذَلِك ثمَّ يَقُول هَهُنَا قَول آخر
احسن من هَذَا فيذكره ويحتج لَهُ وَلَا يعلم انه قَول ابي
حنيفَة فاذا حسن فِي قُلُوبهم قَالَ فانه قَول ابي حنيفَة
فَيَقُولُونَ هُوَ قَول حسن لَا نبالي من قَالَ بِهِ فَلم
يزل بهم حَتَّى ردهم الى قَول ابي حنيفَة
حَدثنَا القَاضِي ابو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ بن
مُحَمَّد الصَّيْمَرِيّ بِبَغْدَاد فِي مَسْجِد درب
الزرادين وَذَلِكَ فِي شهر رَمَضَان سنة ارْبَعْ واربعمائة
قَالَ ثَنَا ابو الْحسن الْعَبَّاس بن احْمَد الْهَاشِمِي
قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ
بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن
عَفَّان قَالَ ثَنَا وليد بن حَمَّاد عَن الْحسن بن زِيَاد
قَالَ مَا رَأَيْت احدا يناظر زفر الا رَحمته قَالَ
وَقَالَ زفر اني لست اناظر احدا
(1/110)
حَتَّى يَقُول لقد أَخْطَأت وَلَكِن اناظره
حَتَّى يجن قيل فَكيف يجن قَالَ يَقُول بِمَا لم يقلهُ
اُحْدُ
أخبرنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن
احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مليح
بن وَكِيع قَالَ سَمِعت ابي قَالَ كَانَ زفر شَدِيد
الْوَرع حسن الْقيَاس قَلِيل الْكتاب يحفظ مَا كتبه
اُخْبُرْنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد
الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنِي احْمَد بن الْقَاسِم
قَالَ ثَنَا البرتي القَاضِي قَالَ سَمِعت ابا نعيم قَالَ
كَانَ زفر يجلس بحذاء ابي حنيفَة وَكَانَ ابو يُوسُف يجلس
الى جَانِبه
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا
مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا
ابْن شُجَاع قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ
كَانَ زفر وابو يُوسُف يجلسان فِي مَسْجِد الْكُوفَة
وَكَانَ زفر يسْتَند الى استطوانة وَكَانَ رجلا ركينا
فينتصب فَلَا يَزُول وَكَانَ ابو يُوسُف اذا ناظره يكثر
الْحَرَكَة حَتَّى يَجِيء فيجلس بَين يَدَيْهِ اَوْ قَالَ
بِالْقربِ مِنْهُ فَكَانَ زفر يَقُول ان هَذِه ابواب
كَثِيرَة فان اردت ان تَفِر فَخذ فِي ايها شِئْت
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا
مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مليح بن
وَكِيع عَن ابيه قَالَ لما مَاتَ ابو حنيفَة اقبل النَّاس
على زفر فَمَا كَانَ يَأْتِي ابا يُوسُف الا نفر يسير
النفسان وَالثَّلَاثَة وَكَانَ زفر يكنى بِأبي خَالِد
وبأبي الْهُذيْل وَكَانَ من اهل اصفهان وَمَات اخوه
فَتزَوج بعده بِامْرَأَة اخيه فَلَمَّا احْتضرَ دخل
عَلَيْهِ ابو يُوسُف وَغَيره فَقَالُوا لَهُ الا توصي يَا
ابا الْهُذيْل فَقَالَ هَذَا الْمَتَاع الَّذِي تَرَوْنَهُ
لهَذِهِ الْمَرْأَة وَهَذِه الثَّلَاثَة آلَاف الدِّرْهَم
هِيَ لولد اخي وَلَيْسَ لأحد عَليّ شَيْء وَلَا لي على
اُحْدُ شَيْء وَكَانَ زفر شَدِيد الْعِبَادَة
وَالِاجْتِهَاد
(1/111)
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا
مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن احْمَد بن يَعْقُوب الأسدوي
قَالَ ثَنَا جدي قَالَ زفر بن الْهُذيْل عنبري من انفسهم
يكنى ابا الْهُذيْل وَكَانَ قد سمع الحَدِيث وَنظر فِي
الرَّأْي فغلب عَلَيْهِ وَنسب إِلَيْهِ وَمَات
بِالْبَصْرَةِ واوصى الى خَالِد بن الْحَارِث وَعبد
الْوَاحِد بن زِيَاد وَكَانَ ابوه الْهُذيْل يَلِي
الْأَعْمَال وَمَات وَهُوَ وَالِي اصفهان وَكَانَ اخوه
صباح بن الْهُذيْل على صَدَقَة بني تَمِيم وَزفر هُوَ زوج
اخت خَالِد بن الْحَارِث وَمَات فِي اول خلَافَة الْمهْدي
سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ أنبأ مكرم قَالَ ثَنَا
ابو خازم القَاضِي قَالَ ثَنَا ابْن ابي عمرَان قَالَ
كَانَ زفر من بن بالعنبر من بَيت شرِيف مِنْهُم وَكَانَت
امهِ امة فَكَانَ وَجهه يشبه وُجُوه الْعَجم لأمه وَلسَانه
يشبه لِسَان الْعَرَب قَالَ فحضرمجلس الْحجَّاج بن ارطأة
وَكَانَ يتَوَلَّى الْقَضَاء بِالْكُوفَةِ وَكَانَ يغلب
عَلَيْهِ الْبذاء وَكَانَت النخع تغمزه فِي نسبه فَتكلم
زفر فَأخذ الْمجْلس فَمَلَأ قلب الْحجَّاج فَالْتَفت اليه
فَقَالَ اما اللِّسَان فلسان عَرَبِيّ واما الْوَجْه
فَلَيْسَ وَجه عَرَبِيّ فَقَالَ لَهُ زفر اما انا فقد
قبلني قومِي
أخبرنَا القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابو
بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا ابو جَعْفَر
الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت ابْن ابي عمرَان يحدث عَن
الْوَلِيد بن حَمَّاد اللؤْلُؤِي وَهُوَ ابْن اخي الْحسن
بن زِيَاد اللؤْلُؤِي قَالَ قلت لِعَمِّي الْحسن بن زِيَاد
اللؤْلُؤِي رَأَيْت زفر وابا يُوسُف عِنْد ابي حنيفَة
فَكيف رأيتهما قَالَ رأيتهما كعصفورين قد انقض عَلَيْهِمَا
بازي
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد السدُوسِي قَالَ أنبأ
ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ
قَالَ أنبأ مُحَمَّد بن عبد الله بن ابي ثَوْر قَالَ
أَخْبرنِي مُحَمَّد بن وهب قَالَ كَانَ سَبَب انْتِقَال
زفر الى ابي حنيفَة انه كَانَ من اصحاب الحَدِيث فَنزلت
بِهِ وبأصحابه مَسْأَلَة فأعيتهم فَأتى ابا حنيفَة
فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَأَجَابَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ
(1/112)
من أَيْن قلت هَذَا قَالَ لحَدِيث كَذَا
وللقياس من جِهَة كَذَا ثمَّ قَالَ لَهُ ابو حنيفَة فَلَو
كَانَت الْمَسْأَلَة كَذَا مَا كَانَ الْجَواب فِيهَا
قَالَ فَكنت فِيهَا اعمى مني فِي الأولى فَقَالَ الْجَواب
فِيهَا كَذَا من جِهَة كَذَا ثمَّ زادني مَسْأَلَة اخرى
واجابني فِيهَا وَبَين وَجههَا قَالَ فرحت الى اصحابي
فسألتهم عَن الْمسَائِل فَكَانُوا فِيهَا اعمى مني فَذكرت
لَهُم الْجَواب وبينت لَهُم الْعِلَل فَقَالُوا من ايْنَ
لَك هَذَا فَقلت من عِنْد ابي حنيفَة فصرت رَأس الْحلقَة
بِثَلَاث مسَائِل ثمَّ انْتقل الى ابي حنيفَة فَكَانَ
اُحْدُ الْعشْرَة الأكابر الَّذين دونوا الْكتب مَعَ ابي
حنيفَة
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي قَالَ أنبأ ابو
بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ
قَالَ أنبأ سُلَيْمَان بن أَي عمرَان قَالَ أَخْبرنِي اسد
قَالَ قدم زفر الْبَصْرَة فَدخل مَسْجِدهَا فانفضت اليه
حلق اصحاب التَّابِعين
اُخْبُرْنَا ابو عبد الله المرزباني قَالَ ثَنَا احْمَد بن
خلف وَعبد الْبَاقِي بن قَانِع قَالَا مَاتَ زفر سنة
ثَمَان وَخمسين وَمِائَة وفيهَا مَاتَ الْمَنْصُور
واسرائيل بن يُونُس
(1/113)
|