أخبار أبي حنيفة وأصحابه

اخبار دَاوُد الطَّائِي رَحْمَة الله عَلَيْهِ

حَدثنَا الْعَبَّاس بن احْمَد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ ابْن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا عَليّ بن عُبَيْدَة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ سَمِعت عبد الله ابْن دَاوُد وَسَأَلَهُ اسحاق عَن اصحاب ابي حنيفَة فَقَالَ ابو يُوسُف وَزفر وعافية الأودي واسد بن عَمْرو وَعلي بن مسْهر وَيحيى بن أبي زَائِدَة وَالقَاسِم بن معن وَدَاوُد الطَّائِي ثمَّ قَالَ عبد الله لَو ان دَاوُد الطَّائِي وزن بِأَهْل الارض لوزنهم فضلا وصلاحا
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا ابْن كأس قَالَ ثَنَا احْمَد بن ابي احْمَد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن اسحاق البكائي قَالَ ثَنَا الْوَلِيد بن عقبَة الشَّيْبَانِيّ قَالَ لم يكن فِي حَلقَة ابي حنيفَة ارْفَعْ صَوتا من دَاوُد الطَّائِي ثمَّ تزهد واعتزلهم وَاقْبَلْ على الْعِبَادَة
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا الْحسن بن الرّبيع قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أخي عَافِيَة بن يزِيد قَالَ بعث معي عمي المَال ادفعه الى قوم يفرقونه وسمى فيهم دَاوُد الطَّائِي فاتيت دَاوُد الطَّائِي فدققت عَلَيْهِ الْبَاب فَخرج خلف الْبَاب فَقلت لَو خرجت الي حَتَّى اكلمك فَقَالَ كَانُوا

(1/114)


يكْرهُونَ صول الْكَلَام فَقلت ان عمي بَعَثَنِي اليك وَهُوَ يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول تفرق هَذَا المَال على من ترى وانت الْمُحكم فِيهِ بِمَنْزِلَة مَالك فَقَالَ رده على عمك وَقل لَهُ يردهُ على من بعث بِهِ اليه وَيَتَّقِي الله وَلَا يدْخل فِيمَا لَا يعنيه
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ ثَنَا ابي قَالَ سَمِعت حَمَّاد بن ابي حنيفَة يَقُول بَعَثَنِي ابي الى دَاوُد الطَّائِي بِمَال فَقَالَ قل لَهُ يَسْتَعِين بِهِ على ايامه فان كَانَ بِهِ اسْتغْنَاء عَنهُ فيفرقه على من شَاءَ فَسَمعته يَقُول لنَفسِهِ اشْتهيت جوزا مشويا فَقلت نعم وَجعلت ادامك ثمَّ طلبت اللَّيْلَة مَعَه تَمرا وَالله لَا ذقت التَّمْر ابدا حَتَّى القى الله قَالَ فأعلمته بِمَا جِئْت بِهِ فَقَالَ ان ملك ابي حنيفَة عِنْدِي مِمَّا ارضاه وَلَو كنت قَابلا من اُحْدُ شَيْئا لقبلته الله يعلم كَثْرَة دعائي لأبي حنيفَة فِي صَلَاتي فَمِنْهُ تعلمت وَبِه تأدبت وَلم يَأْخُذ من المَال شَيْئا
اُخْبُرْنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى الْقرشِي قَالَ ثَنَا شهَاب بن عباد قَالَ حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن مُصعب قَالَ رَأَيْت فقار ظهر دَاوُد الطَّائِي كَأَنَّهُ جراب فِيهِ جوز قد بدا من الجراب
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ أخْبرت عَن ابي عبد الله احْمَد بن مُؤَمل قَالَ ثَنَا ابْن شُجَاع قَالَ سَمِعت شُعَيْب بن حَرْب قَالَ دخلت على دَاوُد الطَّائِي عَشِيَّة حارة فاذا هُوَ فِي بَيت كَأَنَّهُ الْحمام حرا واذا فِيهِ لبنة وَدَن احسبه قَالَ مدفون فِيهِ مَاء فَقُلْنَا لَهُ حِين آذَانا الْحر لَو خرجت الى الدَّار قَالَ ان هَذِه لحظي احتسبها قَالَ ثمَّ لبث هنيَّة ثمَّ قَالَ لنا اخْرُجُوا فخرجنا الى صحن الدَّار فَجَلَسْنَا قَالَ فَقَالَ وَلَهُم مَقَامِع من حَدِيد كلما اراد ان يخرج احدهم ضربه الْملك بالمقمع حَتَّى يخالط كبده اَوْ جَوْفه ثمَّ صب عَلَيْهِ الصديد قَالَ فغشى عَلَيْهِ قبل ان يتم الْكَلِمَة قَالَ ذَلِك ثَلَاثًا ثمَّ خرجنَا من عِنْده

(1/116)


أخبرنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ ثَنَا ابي قَالَ سَمِعت حَمَّاد بن ابي حنيفَة قَالَ اتَّصل بِي عَن دَاوُد الطَّائِي ضيق شَدِيد فَدخلت عَلَيْهِ فَسَأَلته فَلَمَّا اراد حَمَّاد ان يخرج جعل دَاوُد يبكي فَاخْرُج حَمَّاد من مَاله اربعمائة دِرْهَم وَقَالَ لَهُ انها مِيرَاث ابي حنيفَة فَقَالَ هَاتِهَا فَأَخذهَا ثمَّ قَالَ قد قبلتها وَلَكِن احب ان اعيش فِي عز القناعة وان هَذَا من مَال رجل مَا أقدم عَلَيْهِ فِي ورعه وزهده وَلَو كنت قَابلا من أحد من النَّاس شَيْئا لقبلتها اعظاما للْمَيت وايجابا للحي
اُخْبُرْنَا عبد الله بن الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ سَمِعت هِلَال بن يحيى قَالَ لما قدم دَاوُد الطَّائِي الْبَصْرَة قَالُوا صَاحب ابي حنيفَة فَاجْتمعُوا اليه فَكَانَ مِمَّا سَأَلُوهُ عَنهُ من قَول ابي حنيفَة اُخْبُرْنَا عَن قَول ابي حنيفَة فِي قدر الدِّرْهَم فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي لم يقل ابو حنيفَة شَيْئا حَتَّى رَأَيْته قد سَار فِي الْأَمْصَار إِنَّمَا اراد قدر المقعدة فكنى عَنهُ وَمثل قدره
اُخْبُرْنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ حَدثنِي ابو احْمَد عبد الله بن مُحَمَّد الْخُرَاسَانِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان قَالَ ثَنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا حَفْص بن غياث قَالَ حَضَرنَا جَنَازَة وَحضر مَعنا دَاوُد الطَّائِي فَلَمَّا صلي عَلَيْهِ واخذ ليدلى فِي الْقَبْر جذب فبدت اكفانه فَصَرَخَ دَاوُد صرخة خر مغشيا عَلَيْهِ
اُخْبُرْنَا القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي قَالَ ثَنَا ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا ابو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أعين قَالَ ثَنَا عَليّ بن حَرْب قَالَ سَمِعت ابْن بشر الْعَبْدي يَقُول قدم علينا دَاوُد الطَّائِي الْكُوفَة من السوَاد فِي قبَاء أصفر فَكُنَّا نضحك مِنْهُ فَمَا مَاتَ حَتَّى سادنا
أخبرنَا القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ ابو بكر قَالَ ثَنَا الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا ابْن ابي عمرَان قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطَّبَرِيّ قَالَ ثَنَا ابو سُلَيْمَان الْجوزجَاني عَن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ كنت آتِي دَاوُد الطَّائِي وانا غُلَام فأسأله فَإِذا سَأَلته عَمَّا يرى اني احْتَاجَ اليه يجيبني واذا سَأَلته عَن مسائلنا هَذِه تَبَسم يريني انه يحسنها ويعرفها

(1/117)


وَلَا يُجيب ثمَّ يَقُول لي لنا شغل أفتأذن ثمَّ يقوم قَالَ وَبَلغنِي انه كَانَ يسْأَل عني فَقيل لَهُ هَذَا غُلَام من بني شَيبَان من مواليهم وَكَانَ يَقُول سيبلغ فِي الْعلم يصف مرتبَة عَظِيمَة
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابو احْمَد الْخُرَاسَانِي قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن سُلَيْمَان قَالَ ثَنَا حميد الْحجام قَالَ حجمت دَاوُد الطَّائِي فَأَعْطَانِي دِينَارا وحجمت مسعرا فَأَعْطَانِي رغيفا
أخبرنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ أنبأ احْمَد بن معَاذ بن الْمثنى قَالَ ثَنَا الأخنسي قَالَ ثَنَا الْوَلِيد بن عقبَة قَالَ كَانَ يخبز لداود الطَّائِي سِتُّونَ رغيفا فيعلقها بشريط وَيفْطر كل لَيْلَة على رغيفين وملح وَمَاء فَأتي لَيْلَة بفطره فَجعل ينظر اليه ومولاة لَهُ تنظر اليه فَقَامَتْ فَجَاءَتْهُ بِشَيْء من تمر فَأفْطر ثمَّ قَامَ فصلى حَتَّى اصبح ثمَّ اصبح صَائِما فَلَمَّا جَاءَ وَقت الافطار اخذ الرغيفين وَجعل ينظر اليهما قَالَ الْوَلِيد بن عقبَة فَحَدثني جَار لَهُ قَالَ سمعته يُعَاتب نَفسه وَيَقُول اشْتهيت البارحة تَمرا قد اطعمتك واشتهيت اللَّيْلَة تَمرا لَا ذاق دَاوُد تَمرا مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا فَمَا ذاقه حَتَّى مَاتَ
أخبرنَا القَاضِي ابو عبد الله الْحُسَيْن بن هَارُون الضَّبِّيّ رَحمَه الله قَالَ أنبأ ابو الْعَبَّاس احْمَد بن مُحَمَّد بن سعيد الْهَمدَانِي قَالَ حَدثنِي عبد الله بن احْمَد بن البهلول الْأَزْدِيّ قَالَ هَذَا كتاب جدي اسماعيل بن حَمَّاد بن ابي حنيفَة فَقَرَأت فِيهِ حَدثنِي الْحسن بن ثَابت قَالَ سَمِعت عمر بن ذَر يَقُول لَو كَانَ دَاوُد الطَّائِي فِي الصَّحَابَة لبرز عَلَيْهِم
حَدثنَا القَاضِي أَبُو عبد الله قَالَ أنبأ احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا قَاسم بن الضَّحَّاك قَالَ ثَنَا مُعَاوِيَة بن سُفْيَان الْمَازِني عَن دثار قَالَ حَدثنِي ابي محَارب بن دثار قَالَ لَو كَانَ دَاوُد الطَّائِي فِي الْأُمَم الْمَاضِيَة لقص الله علينا من خَبره محَارب بن دثار

(1/118)


حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون قَالَ أنبأ احْمَد بن سعيد قَالَ حَدثنِي عبد الله بن احْمَد بن البهلول قَالَ هَذَا كتاب جدي اسماعيل بن حَمَّاد فَقَرَأت فِيهِ حَدثنِي الْقَاسِم بن معن قَالَ أَخْبرنِي زفر بن الْهُذيْل قَالَ ذاكرني دَاوُد يَوْمًا مَسْأَلَة فَقلت فِيهَا فَقَالَ أَخْطَأت فبينت لَهُ حَتَّى رَجَعَ فاستحيا ثمَّ أنْشد قَول ابْن شبْرمَة
(كَادَت تزل بِهِ من شَاهِق قدم ... لَوْلَا تداركها نوح بن دراج) ثمَّ قَالَ يَا ابا الْهُذيْل أهلكني حب المباهاة
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون قَالَ أنبأ احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد الْكِنْدِيّ قَالَ ثَنَا عبد الله بن حَمَّاد ابو حكيمة قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن براد قَالَ سَمِعت الْقَاسِم بن معن يَقُول لما اعتزل دَاوُد الطَّائِي أَتَيْته فَقلت يَا أَبَا سُلَيْمَان تركت اخوانك ومجالسة من يذاكرك الْعلم فَسكت طَويلا ثمَّ قَالَ رَحِمك الله اني رَأَيْت قلوبا لاهية وألسنة مؤتلفة وهمما مُخْتَلفَة واهواء متبعة وَدُنْيا مُؤثرَة فَكَانَ فِي اعتزالي اكثر الْعَافِيَة
حَدثنَا القَاضِي ابو عبد الله الضَّبِّيّ قَالَ ثَنَا احْمَد بن سعيد الْهَمدَانِي قَالَ ثَنَا ابراهيم بن الْوَلِيد بن حَمَّاد قَالَ حَدثنِي ابي قَالَ سَمِعت نَوْفَل بن مطهر عَن حبَان بن عَليّ قَالَ احْتَاجَ الْحسن بن قَحْطَبَةَ ان يسْأَل دَاوُد الطَّائِي عَن مَسْأَلَة فهابه ان يَأْتِيهِ وَحده فَقَالَ لرجل من وُجُوه طَيء وشيوخها اني احتجت الى لِقَاء دَاوُد فَكُن معي فَأتيَاهُ فدخلا وسلما عَلَيْهِ ورد السَّلَام عَلَيْهِمَا فَلَمَّا عرف ابْن قَحْطَبَةَ تقبض وَجعل لَا ينظر اليهما فابتدأ الْحسن فَسَأَلَهُ عَن الْمَسْأَلَة فَلم يجبهُ وَلم يكلمهُ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَأَعْرض بِوَجْهِهِ عَنهُ فَلَمَّا رأى ذَلِك ابْن قَحْطَبَةَ خرج وَتوقف الشَّيْخ عِنْده فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا سُلَيْمَان يجيئك ابْن عَم لَك يَسْأَلك من مَسْأَلَة من امْر دينه فَلَا تجيبه فَنظر اليه نظرة مُنكرَة ثمَّ قَالَ {فَإِذا نفخ فِي الصُّور فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا}

(1/119)


يتساءلون) فَقَامَ الشَّيْخ مبادرا فَأصَاب ابْن قَحْطَبَةَ ينتظره فَأخْبرهُ فَقَالَ ابْن قَحْطَبَةَ لقد هان الْخلق على دَاوُد طُوبَى لَهُ ثمَّ ذهب
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا الْحَضْرَمِيّ قَالَ ثَنَا ابو المهنا الطَّائِي قَالَ مر دَاوُد الطَّائِي على زقاق عَمْرو فَرَأى الرطب مصفقا فدعته نَفسه اليه فجَاء الى البياع فَقَالَ اتنسئني بدرهم فَقَالَ هَات الدِّرْهَم فَقَالَ غَدا اعطيك قَالَ اذْهَبْ الى عَمَلك فَرَآهُ رجل يعرف دَاوُد فجَاء الى البَائِع فَأعْطَاهُ كيسا فِيهِ مائَة دِرْهَم فَقَالَ اذْهَبْ فَإِن اخذ مِنْك بدرهم فَهَذِهِ لَك فَلحقه فَقَالَ لَهُ ارْجع لَا حَاجَة لنا فِيهِ إِنَّمَا اردنا ان نجرب هَذِه النَّفس قَالَ ولحقه وَهُوَ يَقُول لم ينسئني من الدُّنْيَا درهما وانت تريدين الْجنَّة
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عبد الله بن سعيد قَالَ ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الْكَرِيم عَن حَمَّاد بن أبي حنيفَة ان مولاة لداود الطَّائِي كَانَت تخدمه فَقَالَت لَهُ لَو صنعت لَك دسما قَالَ وددت فطبخت لَهُ شحما وَجَاءَت بِهِ فَقَالَ لَهَا مَا فعل أَيْتَام بني فلَان قَالَت على حَالهم قَالَ اذهبي بِهِ اليهم قَالَت فديتك إِنَّك لم تَأْكُل أدما مُنْذُ كَذَا وَكَذَا قَالَ إِن هَذَا إِذا أكلوه كَانَ لنا عِنْد الله مذخورا وَإِذا أَكلته كَانَ فِي الحش
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا يحيى الْحمانِي قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول كَانَ دَاوُد الطَّائِي إِذا قَرَأَ الْقُرْآن كَأَنَّهُ يسمع الْجَواب من الله
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ احْمَد بن مُحَمَّد بن سعيد الْهَمدَانِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن يحيى قَالَ ثَنَا أبي قَالَ ثَنَا سعيد بن أبي الهيفاء قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد ابْن عبد الْعَزِيز التَّيْمِيّ قَالَ قلت لداود الطَّائِي يَا أَبَا سُلَيْمَان بِمَا أقوى على نَفسِي

(1/120)


قَالَ بقذعها عَمَّا تحب وإخراجها عَمَّا لَا يعنيها وبفعلها مَا لَا بُد لَهَا مِنْهُ قلت يَا أَبَا سُلَيْمَان فَكيف السَّبِيل إِلَى ذَلِك قَالَ بقطعها عَن رُؤْيَة الْعَالم فَهُوَ أول بَاب تقوى بِهِ على ذَلِك فَإِذا فقدت رُؤْيَتهمْ خلت من همومهم قلت يَا أَبَا سُلَيْمَان إِنَّهَا تطالبني بهم كثيرا قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّد اقذعها اقذعها وَإِلَّا أوردتك ثمَّ لم تصدرك
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ أَحْمد بن سعيد الْهَمدَانِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن يحيى قَالَ ثَنَا عبد الله إِبْرَاهِيم بن قُتَيْبَة قَالَ ثَنَا نعيم بن يَعْقُوب قَالَ سَمِعت سُفْيَان بن عُيَيْنَة يَقُول كنت رُبمَا أتيت دَاوُد الطَّائِي فَإِذا أَتَيْته تبينت ثقل موضعي عَلَيْهِ وَأرَاهُ يتململ فَقَالَ لي يَوْمًا يَا سُفْيَان أما لَك شغل يَا سُفْيَان أقل من إتياني
حَدثنَا القَاضِي أَبُو عبد الله الضَّبِّيّ قَالَ أنبأ أَبُو الْعَبَّاس احْمَد بن مُحَمَّد الْهَمدَانِي قَالَ ثَنَا يحيى بن زَكَرِيَّا بن شَيبَان قَالَ ثَنَا عبد الله بن ماهان قَالَ سَمِعت حَفْص بن غياث يَقُول كَانَ دَاوُد الطَّائِي يجالسنا عِنْد أبي حنيفَة حَتَّى برع فِي الرَّأْي ثمَّ رفض ذَلِك ورفض الحَدِيث وَكَانَ قد أَكثر مِنْهُ وَلزِمَ الْعِبَادَة والتوحش من النَّاس
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا الْحسن بن عَليّ بن شبيب قَالَ ثَنَا أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن يحيى الطَّائِي عَن دَاوُد الطَّائِي قَالَ مَا أخرج الله تَعَالَى عبدا من ذل الْمعاصِي إِلَى عز التَّقْوَى إِلَّا أغناه بِلَا مَال وأعزه بِلَا عشيرة وآنسه بِلَا أنيس
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عبد الصَّمد بن عبيد الله عَن الْفضل بن يُوسُف قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عمرَان الربعِي قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن سُوَيْد الطَّائِي قَالَ رَأَيْت دَاوُد الطَّائِي يَغْدُو وَيروح إِلَى أبي حنيفَة ثمَّ رَأَيْته قد

(1/121)


تخلى وَترك النَّاس فَرَأَيْت أَبَا حنيفَة قد جَاءَهُ زَائِرًا لَهُ غير مرّة
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد قَالَ ثَنَا دَاوُد ابْن يحيى قَالَ حَدثنِي مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الْكِنْدِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن بشر عَن بكر ابْن مُحَمَّد العابد قَالَ قَالَ لي دَاوُد الطَّائِي فر من النَّاس كَمَا تَفِر من الْأسد
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ أَحْمد بن سعيد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ قَالَ ثَنَا أبي قَالَ ثَنَا بكر العابد قَالَ سَمِعت دَاوُد الطَّائِي يَقُول اترك الدُّنْيَا قبل ان تتركك وَاعْتبر فِيهَا قبل أَن يعْتَبر بك وَاحْمَدْ أَيَّامهَا قبل أَن تذمك وأعمرها بعمارة آخرتك وخربها بصلاح دينك وتزود مِنْهَا ليَوْم وفاتك
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن احْمَد بن الْحسن قَالَ ثَنَا حُسَيْن بن أَيُّوب قَالَ ثَنَا عَطِيَّة بن يحيى وَكَانَ جارا لداود الطَّائِي قَالَ كنت اسْمَع دَاوُد يَقُول كم من عين ساهرة فِي رِزْقِي
حَدثنَا القَاضِي أَبُو عبد الله الضَّبِّيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله ابْن سعيد الْكِنْدِيّ قَالَ حَدثنِي يعلى بن الْمنْهَال قَالَ سَمِعت الْوَلِيد بن عقبَة يَقُول سَمِعت دَاوُد الطَّائِي يَقُول كم من مسرور بِأَمْر فِيهِ هَلَكته وَكم من كَارِه لأمر فِيهِ صَلَاح دينه ودنياه غيبت عَنَّا الْخيرَة فَلَيْسَ إِلَّا التَّسْلِيم وَالرِّضَا والإستكانة والتضرع
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون قَالَ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن سعيد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ حَدثنِي الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن قَالَ ثَنَا أَيُّوب بن معبد قَالَ سَمِعت حَمَّاد بن أبي حنيفَة يَقُول كنت يَوْمًا عِنْد دَاوُد الطَّائِي وَهُوَ يفكر فَأطَال الْفِكر وَأَنا أتبين فِيهِ التَّغَيُّر ثمَّ قَالَ تنجو هَل تعرف بِمَا تنجو لَيْت شعري بعد أَي شَيْء وعَلى

(1/122)


أَي شَيْء أهجم ثمَّ خر مغشيا عَلَيْهِ فَرَأَيْت الأَرْض قد أدمت وَجهه فَلَبثت طَويلا ُأكَلِّمهُ فَمَا كلمني وَطَالَ جلوسي حَتَّى حضر وَقت الصَّلَاة وأيست من أَن يكلمني فَانْصَرَفت فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أَتَيْته فَسَأَلت بعض من كَانَ يدْخل عَلَيْهِ مَتى صلى قَالَ آخر وَقت الْعَصْر تحرّك فَقلت لَهُ الصَّلَاة فَقَامَ فَزعًا شبه الوقيذ الواله نصلي الظّهْر وَالْعصر ثمَّ جلس فَوضع يَده فِي خَدّه وشخص ببصره فَخرجت عَنهُ ثمَّ عدت إِلَيْهِ قَرِيبا من الْمغرب وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فَذَاك آخر عهدي بِهِ فَقلت أَتَرَى يمكنني الدُّخُول عَلَيْهِ قَالَ انْظُر لَك مَا رَأَيْته الْيَوْم ثمَّ خرج عَليّ قَالَ هُوَ محول الْوَجْه إِلَى الْحَائِط قد سلمت عَلَيْهِ فَرد عَليّ وَمَا حول وَجهه فَانْصَرَفت
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا الْحمانِي قَالَ ثَنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ لما مَاتَ دَاوُد الطَّائِي أَكثر النَّاس فِيهِ القَوْل وَكَانَ موضعا لكل ثَنَاء جميل فَوقف أَبُو بكر النَّهْشَلِي على قَبره فَقَالَ يَا دَاوُد قد أَكثر النَّاس القَوْل فِيك فَلَا وكلك الله إِلَى عَمَلك
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن سعيد قَالَ حَدثنِي يحيى بن زَكَرِيَّا قَالَ ثَنَا سهل بن عَامر قَالَ أتيت دَاوُد الطَّائِي فوقفت على الْبَاب فَقلت السَّلَام عَلَيْكُم فَرد السَّلَام وَسكت قلت أَدخل قَالَ ادخل فَدخلت فَجَلَست وَسكت وَلم يقل لي شَيْئا وَكَانَ إِذا دخل عَلَيْهِ الدَّاخِل فَسَأَلَهُ عَن شَيْء أجَاب عَنهُ وَإِن سكت لم يبتدئه بِكَلِمَة حَتَّى ينْصَرف
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد ابْن يحيى الطلحي قَالَ ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبان الْقرشِي قَالَ سَمِعت دَاوُد الطَّائِي يَقُول اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتنا وآمن روعاتنا واكفنا من سعى علينا وَلَا تشمت بِنَا عدونا اكْفِنَا كل هول بَين أَيْدِينَا حَتَّى تبلغنَا من رحمتك مَا أَنْت أَهله آمين آمين آمين ثَلَاثًا

(1/123)


أَخْبَار أبي عبد الله مُحَمَّد ابْن الْحسن الشَّيْبَانِيّ رَحْمَة الله عَلَيْهِ

أخبرنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ ثَنَا أَبُو بكر أَحْمد ابْن كَامِل القَاضِي قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن صَاحب أبي حنيفَة مولى لبني شَيبَان وَكَانَ مَوْصُوفا بالكمال وَكَانَت مَنْزِلَته فِي كَثْرَة الرِّوَايَة والرأي والتصنيف لفنون عُلُوم الْحَلَال وَالْحرَام منزلَة رفيعة يعظمه أَصْحَابه جدا
أخبرنَا عمربن أَحْمد بن شاهين قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن شيبَة عَن جده يَعْقُوب قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن مولى لبني شَيبَان قدم أَبوهُ وَاسِط فولد لَهُ بهَا مُحَمَّد فَطلب الحَدِيث وَسمع من مسعر وَالثَّوْري وَغَيرهمَا ثمَّ قدم بعداد فَسمع مِنْهُ وَأخرجه هَارُون الرشيد فولاه الْقَضَاء بالرقة ثمَّ عَزله وَقدم بَغْدَاد وَنزل فِي نَاحيَة بَاب الشَّام فَلَمَّا خرج هَارُون إِلَى الرّيّ أخرجه مَعَه فَمَاتَ بهَا سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ أنبأ مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت أَبَا عبيد الْقَاسِم بن سَلام يَقُول كُنَّا مَعَ مُحَمَّد بن الْحسن إِذْ أقبل الرشيد فَقَامَ النَّاس كلهم إِلَّا مُحَمَّد بن الْحسن فَإِنَّهُ لم يقم وَكَانَ الْحسن بن زِيَاد ثقيل الْقلب على مُحَمَّد بن الْحسن فَقَامَ وَدخل وَدخل النَّاس من أَصْحَاب الْخَلِيفَة فأمهل الرشيد يَسِيرا ثمَّ خرج الْأذن فَقَامَ مُحَمَّد بن الْحسن وَدخل وجزع أَصْحَابه

(1/125)


فأمهل ثمَّ خرج طيب النَّفس مَسْرُورا فَقَالَ قَالَ لي مَالك لم تقم مَعَ النَّاس قَالَ قلت كرهت أَن أخرج عَن الطَّبَقَة الَّذين جَعَلتني فيهم إِنَّك أهلتني للْعلم وكرهت أَن أخرج مِنْهُ إِلَى طبقَة الْخدمَة الَّتِي هِيَ خَارِجَة مِنْهُ وَإِن ابْن عمك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أحب أَن يتَمَثَّل لَهُ الرِّجَال قيَاما فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك الْعلمَاء فَمن قَامَ بِحَق الْخدمَة وإعزاز الْملك فَهُوَ هَيْبَة لِلْعَدو وَمن قعد فَلَا تبَاع السّنة الَّتِي مِنْكُم أخذت وَهُوَ دين لكم قَالَ صدقت يَا مُحَمَّد ثمَّ سَارَّنِي فَقَالَ إِن عمر بن الْخطاب صَالح بني تغلب على أَن لَا ينصرُوا أَوْلَادهم وَقد نصروا أَبْنَاءَهُم وحلت بذلك دِمَاؤُهُمْ فَمَا ترى قلت إِن عمر أقرهم بذلك وَقد نصروا أَبْنَاءَهُم بعد عمر وَاحْتمل عُثْمَان وَابْن عمك وَكَانَ من الْعلم بِالْمَكَانِ الَّذِي لَا يخفى عَلَيْك وَجَرت بذلك السّنَن فَهَذَا صلح من الْخُلَفَاء بعده وَلَا شَيْء يلحقك فِي ذَلِك وَقد كشفت لَك الْعلم ورأيك أَعلَى قَالَ لَا وَلَكنَّا نجريه على مَا أجروه إِن شَاءَ الله إِن الله أَمر نبيه بالمشورة فَكَانَ يشاور فِي أمره ثمَّ يَأْتِيهِ جبرئيل بِتَوْفِيق الله لَهُ وَلَكِن عَلَيْك بِالدُّعَاءِ لمن ولاه الله أَمرك وَمر أَصْحَابك بذلك وَقد أمرت لَك بِشَيْء تفرقه على أَصْحَابك قَالَ فَخرج لَهُ مَال كثير ففرقه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ بعث هَارُون الرشيد إِلَى مُحَمَّد بن الْحسن فَأحْضرهُ مَجْلِسه ثمَّ بعث إِلَى الْحسن بن زِيَاد فَأحْضرهُ وأحضر رجلا من الطالبيين وأحضر كتاب أَمَان فَدفعهُ إِلَى مُحَمَّد بن الْحسن فقرأه وَقَالَ مَا تَقول فِيهِ قَالَ هَذَا أَمَان صَحِيح وَرفع صَوته وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا أَمَان صَحِيح وَدم هَذَا الرجل الَّذِي كتب لَهُ الْكتاب حرَام فَأمر بِالْكتاب فَأخذ من يَده وَدفع إِلَى الْحسن بن زِيَاد فَأَخذه فقرأه وَقَالَ بِصَوْت ضَعِيف هَذَا أَمَان فَغَضب هَارُون وَدخل أَبُو

(1/126)


البخْترِي وهب بن وهب القَاضِي فَمد يَده فَأخذ الْكتاب وَلم يُؤمر بذلك فقرأه ثمَّ أخرج سكينا من خفه فَقَطعه نِصْفَيْنِ ثمَّ رمى بِهِ وَقَالَ هَذَا كتاب مفسوخ وَلَيْسَ بِأَمَان بل هُوَ أَمَان فَاسد أقتل هَذَا الرجل وَدَمه فِي عنقِي فَأخذ هَارُون دَوَاة كَانَت بَين يَدَيْهِ فَضرب بهَا وَجه مُحَمَّد بن الْحسن فَشَجَّهُ قَالَ ابْن سَمَّاعَة وَكنت حَاضرا فَخرج وَخرجت على إثره وَهُوَ يبكي فَلَمَّا صَار إِلَى منزله قلت يَا أَبَا عبد الله لم تبْكي من شجة فِي سَبِيل الله فَقَالَ وَالله مَا لَهَا بَكَيْت قَالَ قلت فَأَي تَقْصِير كَانَ مِنْك قَالَ كَانَ يجب عَليّ أَن أَقُول لأبي البخْترِي من أَيْن قلت وأقيم عَلَيْهِ الْحجَّة وأتكلم بِالْحَقِّ وَإِن قتلت ثمَّ قَالَ وَأي حجَّة لقاض من قُضَاة الْمُسلمين يكون فِي خفه سكين مثل هَذِه قَالَ وَقَالَ الطَّالِبِيُّ يَوْمئِذٍ لهارون يَا هَارُون إتق الله تَقول لفقيهي الأَرْض لما لم يريَا فِي أمانك سفك الدِّمَاء وَقَالا لَك دع هَذِه النَّسمَة تَمُوت بأجلها وتنعم عَلَيْهَا وَتقبل قَول رجل مَشْهُور أَنه ادّعى نسبا لم يقر أَبوهُ الَّذِي ادَّعَاهُ بِهِ فَأخْرج أَبُو البخْترِي يَوْمئِذٍ من نسبه الَّذِي ادَّعَاهُ ثمَّ قَالَ لَهُ سل عَنهُ مزبلي أهل الْمَدِينَة الَّذين يزبلون فِي الحمامات حَتَّى يخبروك بعلامات فِي ظَهره يصفونها للنَّاس وَمثل هَذَا لَا يجوز أَن يَقُول غير هَذَا وَالله مَا أُبَالِي وَقعت على الْمَوْت أَو وَقع الْمَوْت عَليّ وَلَا أَمُوت إِلَّا بأجلي
قَالَ الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم الزَّاهِد حَدثنِي مُوسَى بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن أَنه حضر هَذَا الْمجْلس قَالَ الْقَاسِم بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد ابْن أبي بكر الصّديق أَنه كَانَ حَاضرا لهَذَا الْكَلَام كُله قَالَ وَالرجل الَّذِي قتل كَانَ يحيى بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ عَلَيْهِم السَّلَام
حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق النَّيْسَابُورِي الْمَعْرُوف بِالْبيعِ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن يَعْقُوب الْأَصَم قَالَ ثَنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ كتب الشَّافِعِي إِلَى مُحَمَّد بن الْحسن وَقد طلب مِنْهُ كتبه لينسخها فأخرها عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ
(قل لمن لم تَرَ عين من رَآهُ مثله ... وَمن كَأَن من رَآهُ قد رأى من قبله)
(الْعلم ينْهَى أَهله أَن يمنعوه أَهله ... لَعَلَّه يبذله لأَهله لَعَلَّه)

(1/127)


قَالَ فأنفذ الْكتب إِلَيْهِ من وقته
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد ابْن دَاوُد بن مُوسَى قَالَ سَمِعت حَرْمَلَة قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول مَا رَأَيْت أحدا قطّ إِذا تكلم رَأَيْت الْقُرْآن نزل بلغته إِلَّا مُحَمَّد بن الْحسن فَأَنَّهُ كَانَ إِذا تكلم رَأَيْت الْقُرْآن نزل بلغته وَلَقَد كتبت عَنهُ حمل بعير ذَلِك وَإِنَّمَا قلت ذكر لِأَنَّهُ بَلغنِي أَنه يحمل أَكثر مِمَّا تحمل الْأُنْثَى
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ سَمِعت إِدْرِيس بن يُوسُف القراطيسي وَكَانَ من جلة أَصْحَاب الشَّافِعِي قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول مَا رَأَيْت رجلا أعلم بالحرام والحلال والعلل والناسخ والمنسوخ من مُحَمَّد بن الْحسن
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن الْمُغلس قَالَ ثَنَا أَبُو عبيد قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول إِنِّي لأعرف الأستاذية عَليّ لمَالِك ثمَّ لمُحَمد بن الْحسن قَالَ أَبُو عبيد مَا رَأَيْت أحدا أعلم بِكِتَاب الله من مُحَمَّد بن الْحسن
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا أَبُو عبيد قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول لَو أنصف النَّاس الْفُقَهَاء لعلموا أَنهم لم يرَوا مثل مُحَمَّد بن الْحسن مَا جالست فَقِيها قطّ أفقه مِنْهُ وَلَا فتق لساني بالفقه مثله لقد كَانَ يحسن من الْفِقْه وأسبابه شَيْئا يعجز عَنهُ الأكابر
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ سَمِعت أَبَا عبيد يَقُول قدمت على مُحَمَّد بن الْحسن فَرَأَيْت الشَّافِعِي عِنْده فَسَأَلَهُ عَن شَيْء فَأَجَابَهُ فَاسْتحْسن الْجَواب وَأخذ شَيْئا وَكتب فِيهِ فَرَآهُ مُحَمَّد بن الْحسن فوهب لَهُ مائَة دِرْهَم وَقَالَ لَهُ الزم إِن كنت تشْتَهي الْعلم فَسمِعت الشَّافِعِي يَقُول لقد كتبت عَن مُحَمَّد بن الْحسن وقر بعير ذكر ولولاه مَا فتق لي من الْعلم مَا انفتق فَالنَّاس كلهم فِي الْفِقْه عِيَال على أهل الْعرَاق وَأهل الْعرَاق عِيَال على أهل الْكُوفَة وَأهل الْكُوفَة كلهم عِيَال على أبي حنيفَة

(1/128)


أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت الْمُزنِيّ يَقُول لرجل من جالست قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ كَانُوا وَالله يملاون الآذان إِذا تكلمُوا ويفتحون للفقهاء مَا ينغلق عَلَيْهِم إِذا غفلوا فَنظر إِلَيْهِ أَصْحَابه فَقَالَ وَالله مَا أَنا قلته من قبل نَفسِي حَتَّى سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول مَا هُوَ أَكثر مِنْهُ
أخبرنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن الفلاس قَالَ ثَنَا الْمُزنِيّ قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول مَا رَأَيْت أفْصح من مُحَمَّد بن الْحسن كنت إِذا سمعته يقْرَأ كَأَن الْقُرْآن نزل بلغته
حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن حَمَّاد بن سُفْيَان عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول مَا سَأَلت أحدا عَن مَسْأَلَة إِلَّا تبين لي تغير وَجهه إِلَّا مُحَمَّد بن الْحسن
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد القَاضِي النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو بكر القاطيسي قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ قَالَ سَأَلت احْمَد بن حَنْبَل قلت هَذِه الْمسَائِل الدقاق من أَيْن لَك قَالَ من كتب مُحَمَّد بن الْحسن
حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا النَّخعِيّ القَاضِي قَالَ ثَنَا عبد الله بن الْعَبَّاس الطَّيَالِسِيّ قَالَ ثَنَا عَبَّاس الدوري قَالَ سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول كتبت الْجَامِع الصَّغِير عَن مُحَمَّد بن الْحسن
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ ثَنَا ابْن كأس النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عرُوبَة الْحَرَّانِي قَالَ ثَنَا عَمْرو بن أبي عَمْرو قَالَ قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن خلف أبي ثَلَاثِينَ ألفا دِرْهَم فأنفقت خَمْسَة عشر ألفا على النَّحْو وَالشعر وَخَمْسَة عشر ألفا على الحَدِيث وَالْفِقْه

(1/129)


حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا البخْترِي بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن سَمَّاعَة يَقُول قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لأَهله لَا تَسْأَلُونِي حَاجَة من حوائج الدُّنْيَا فتشغلوا قلبِي خُذُوا مَا تحتاجون إِلَيْهِ من وَكيلِي فَإِنَّهُ أقل لهمي وأفرغ لقلبي
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا القَاضِي أَبُو بكر مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو خازم عبد الحميد بن عبد الْعَزِيز قَالَ حَدثنِي بكر بن خلف الْعمي قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن الْحسن الْفَقِيه قَالَ أَبُو خازم وَهُوَ مولى لبني يبان وأصلهم من قَرْيَة بَين فلسطين والرملة أعرفهَا وَأعرف قوما من أَهلهَا ثمَّ انتقلوا إِلَى الْكُوفَة قَالَ لما أشخصني الرشيد ليقلدني الْقَضَاء بِالشَّام وَردت مَدِينَة السَّلَام فَلَقِيت أَبَا يُوسُف وَهُوَ الَّذِي سماني وَأَشَارَ بِي فَقلت لَهُ من حَقي عَلَيْك ولزومي لَك وتصييري لَك أستاذا وإماما أَن تعفيني عَن هَذَا الْأَمر فَقَالَ لي أَنا رَاكب مَعَك إِلَى يحيى بن خَالِد فأكلمه فَركب معي إِلَى يحيى بن خَالِد فَلَمَّا دَخَلنَا عَلَيْهِ زَالَ لَهُ يحيى عَن مُصَلَّاهُ فَقعدَ مَعَه عَلَيْهِ وَقَعَدت بِبَاب الْبَيْت فَسَمعته يَقُول لَهُ هَذَا مُحَمَّد بن الْحسن وَمن حَاله كَذَا وَمن حَاله كَيْت وَكَيْت يصفني وَذكر امتناعي عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يحيى مَا تَقول فِيهِ قَالَ أَقُول إِنَّكُم إِن أعفيتموه لم تَجدوا مثله فَلَمَّا سمع يحيى كَلَامه لم يلْتَفت إِلَيّ مَا أَقُول وأمضى أَمْرِي فَلَمَّا ورد الرشيد الرقة أحضرت فَدخلت إِلَيْهِ أَنا وَالْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي وَأَبُو البخْترِي وهب بن وهب فَأخْرج إِلَيْنَا الْأمان الَّذِي كتب ليحيى ابْن عبد الله بن الْحسن فَدفع إِلَيّ فَقَرَأته وَقد علمت الْأَمر الَّذِي أحضرنا لَهُ فمثلت بَين أَن أظهر شَيْئا إِن كَانَ يتَعَلَّق بِهِ فِيهِ فأوجده السَّبِيل إِلَى قتل الرجل أَو أترك الطعْن عَلَيْهِ مَعَ مَا أعلم أَنه ينالني من موجدة الرشيد فآثرت أَمر الله وَالدَّار الْآخِرَة فَقلت هَذَا أَمَان مُؤَكد لَا حِيلَة فِي نقضه فَانْتزع الصَّك من يَدي وَدفع إِلَى

(1/130)


اللؤْلُؤِي فقرأه وَقَالَ كلمة ضَعِيفَة لَا أَدْرِي سَمِعت أَو لم تسمع هَذَا أَمَان فَانْتزع من يَده وَدفع إِلَى أبي البخْترِي فقرأه ثمَّ قَالَ مَا أرجيه وَلَا أرضاه هَذَا رجل سوء قد شقّ الْعَصَا وَسَفك دِمَاء الْمُسلمين وَفعل وَفعل فَلَا أَمَان لَهُ ثمَّ ضرب بِيَدِهِ إِلَى خفه وَأَنا أرَاهُ واستخرج سكينا فشق الْكتاب بنصفين ثمَّ دَفعه إِلَى الْخَادِم ثمَّ الْتفت إِلَى الرشيد فَقَالَ اقتله وَدَمه فِي عنقِي قَالَ فقمنا من الْمجْلس وأتاني رَسُول الرشيد أَن لَا أُفْتِي أحدا وَلَا أحكم فَلم أزل على ذَلِك إِلَى أَن أَرَادَت أم جَعْفَر أَن تقف وَقفا فوجهت إِلَيّ فِي ذَلِك فعرفتها أَنِّي قد نهيت عَن الْفتيا فكلمت الرشيد فَأذن لي قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فَكنت وكل من فِي دَار الرشيد يتعجب من أبي البخْترِي وَهُوَ حَاكم وفتياه بِمَا أفتى بِهِ وتقلده دم رجل من الْمُسلمين ثمَّ من حمله فِي خفه سكينا قَالَ وَلم يقتل الرشيد يحيى فِي ذَلِك الْوَقْت وَإِنَّمَا مَاتَ فِي الْحَبْس بعد مُدَّة قَالَ مُحَمَّد بن سَمَّاعَة فِي حَدِيثه ثمَّ قرب الرشيد مُحَمَّد بن الْحسن بعد ذَلِك وَتقدم عِنْده وولاه قَضَاء الْقُضَاة وَحمله مَعَه إِلَى الرّيّ فتوفى هُوَ وَالْكسَائِيّ بهَا فِي يَوْم وَاحِد فَقَالَ الرشيد دفنت الْفِقْه والنحو بِالريِّ قَالَ بكر الْعَمى فِي حَدِيثه إِن مُحَمَّد بن الْحسن لما أفتى بِصِحَّة الْأمان وَأفْتى أَبُو البخْترِي بنقضه وَأطلق لَهُ دَمه قَالَ لَهُ يحيى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يفتيك مُحَمَّد بن الْحسن وموضعه من الْفِقْه مَوْضِعه بِصِحَّة أماني ويفتيك هَذَا ينْقضه وَمَا لهَذَا والفتيا وَإِنَّمَا كَانَ أَبوهُ طبالا بِالْمَدِينَةِ
أخبرنَا القَاضِي عبد الله عَن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو بكر الدَّامغَانِي الشَّيْخ الإِمَام قَالَ أنبأ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله أَحْمد بن سهل الرَّازِيّ بِحَدِيث يحيى بن عبد الله بن الْحسن عَن مُوسَى بن عبد الله بن مُوسَى بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق قَالَ أَنا حَاضر هَذَا كُله من هَارُون وَمُحَمّد بن الْحسن وَزَاد فِيهِ فَلَمَّا خرج مُحَمَّد جعل يبكي حَتَّى كثر بكاؤه فَقلت لَهُ يَا أَبَا عبد الله أَتَبْكِي هَذَا الْبكاء من أجل هَذِه

(1/131)


الشَّجَّة وَذَلِكَ أَن الرشيد رَمَاه بِدَوَاةٍ فَشَجَّهُ وسالت الدِّمَاء على وَجهه وثيابه وَقَالَ لَهُ إِنَّمَا يقوى عزم هَذَا وَأَمْثَاله فِي الْخُرُوج علينا أَنْت وأمثالك فَقَالَ لَا وَالله مَا من أجلهَا أبْكِي وَلَكِنِّي أبْكِي لتقصيري قلت لَهُ وَأي تَقْصِير كَانَ مِنْك وَقد قُمْت مقَاما لَيْسَ لأحد على وَجه الأَرْض أشرف مِنْهُ فَقَالَ قد كَانَ يَنْبَغِي لما قَالَ أَبُو البخْترِي مَا قَالَ أَن أَقُول لَهُ من أَيْن قلت ذَلِك حَتَّى أقيم عَلَيْهِ الْحجَّة بِفساد مَا قَالَه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا القَاضِي مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ كَانَ عِيسَى بن أبان حسن الْوَجْه وَكَانَ يُصَلِّي مَعنا وَكنت أَدْعُوهُ إِلَى أَن يَأْتِي مُحَمَّد بن الْحسن فَيَقُول هَؤُلَاءِ قوم يخالفون الحَدِيث وَكَانَ عِيسَى حسن الْحِفْظ للْحَدِيث فصلى مَعنا يَوْمًا الصُّبْح فَكَانَ يَوْم مجْلِس مُحَمَّد فَلم أفارقه حَتَّى جلس فِي الْمجْلس فَلَمَّا فرغ مُحَمَّد أدنيته إِلَيْهِ وَقلت لَهُ هَذَا ابْن أَخِيك أبان بن صَدَقَة الْكَاتِب وَمَعَهُ ذكاء وَمَعْرِفَة بِالْحَدِيثِ وَأَنا أَدْعُوهُ إِلَيْك فيأبى وَيَقُول إِنَّا نخالف الحَدِيث فَأقبل عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا بني مَا الَّذِي رَأَيْتنَا نخالفه من الحَدِيث لَا تشهد علينا حَتَّى تسمع منا فَسَأَلَهُ يَوْمئِذٍ عَن خَمْسَة وَعشْرين بَابا من الحَدِيث فَجعل مُحَمَّد بن الْحسن يجِيبه عَنْهَا ويخبره بِمَا فِيهَا من الْمَنْسُوخ وَيَأْتِي بالشواهد والدلائل فَالْتَفت إِلَيّ بَعْدَمَا خرجنَا فَقَالَ كَانَ بيني وَبَين النُّور ستر فارتفع عني مَا ظَنَنْت أَن فِي ملك الله مثل هَذَا الرجل يظهره للنَّاس وَلزِمَ مُحَمَّد ابْن الْحسن لُزُوما شَدِيدا حَتَّى تفقه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ مكرم قَالَ أنبأ مُحَمَّد بن مَسْرُوق القَاضِي قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله بن أبراهيم بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا شُعَيْب بن أَيُّوب عَن الْحسن بن زِيَاد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن الْحسن يَقُول مذهبي وَمذهب أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عَليّ ثمَّ عُثْمَان
أخبرنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ أنبا الصولي قَالَ ثَنَا السكرِي قَالَ أَنْشدني إِسْمَاعِيل بن أبي مُحَمَّد اليزيدي لِأَبِيهِ يرثي مُحَمَّد بن الْحسن

(1/132)


وَالْكسَائِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا
(تصرمت الدُّنْيَا فَلَيْسَ لَهُ خُلُود ... وَمَا قد ترى من بهجة سيبيد)
(لكل امرىء منا من الْمَوْت منهل ... فَلَيْسَ إِلَّا عَلَيْهِ وُرُود)
(ألم تَرَ شيبا شَامِلًا ينذر البلى ... وَإِن الشَّبَاب الغض لَيْسَ يعود)
(سيأتيك مَا أفنى الْقُرُون الَّتِي مَضَت ... فَكُن مستعدا فالفناء عتيد)
(أسيت على قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد ... فأذريت دمعي والفؤاد عميد)
(فَقلت إِذا مَا أشكل الْخطب من لنا ... بإيضاحه يَوْمًا وَأَنت فقيد وأوجعني موت الْكسَائي بعده ... وكادت بِي الأَرْض الفضاء تميد)
(هما عالمانا أوديا وتخرما ... فَمَا لَهما فِي الْعَالمين نديد)
(فحزني مَتى يخْطر على الْقلب خطرة ... بذكراهما حَتَّى الْمَمَات جَدِيد)
أخبرنَا المرزباني قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة النَّحْوِيّ قَالَ مَاتَ مُحَمَّد بن الْحسن وَالْكسَائِيّ بِالريِّ سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة فَقَالَ الرشيد دفنت الْفِقْه والعربية بِالريِّ
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام قَالَ حَدثنِي سُلَيْمَان بن دَاوُد بن كثير الْبَاهِلِيّ وَعبد الْوَهَّاب بن عِيسَى قَالَا ثَنَا مُحَمَّد بن أبي رَجَاء القَاضِي قَالَ سَمِعت أبي قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن الْحسن فِي الْمَنَام فَقلت مَا صنع بك رَبك قَالَ أدخلني الْجنَّة وَقَالَ لي لم أصيرك وعاءا للْعَمَل وَأَنا أُرِيد أَن أعذبك قَالَ قلت فَأَبُو يُوسُف قَالَ ذَاك فَوقِي أَو فَوْقنَا بِدَرَجَة قَالَ قلت فَأَبُو حنيفَة قَالَ ذَاك فِي أَعلَى عليين
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام عَن أبي خازم القَاضِي قَالَ سَمِعت بكرا الْعمي يَقُول إِنَّمَا أَخذ مُحَمَّد بن سَمَّاعَة وَعِيسَى بن أبان حسن الصَّلَاة من مُحَمَّد بن الْحسن رَضِي الله عَنهُ

(1/133)


أَخْبَار الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي

حَدثنَا عَبَّاس بن أَحْمد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عبد الحميد الْحَارِثِيّ قَالَ مَا رَأَيْت أحسن خلقا من الْحسن بن زِيَاد وَلَا أقرب مأخذا وَلَا أسهل جانبا قَالَ وَكَانَ الْحسن يكسو مماليكه مِمَّا يكسو نَفسه
حَدثنَا الْعَبَّاس قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن بن زِيَاد عَن أَبِيه أَن الْحسن بن زِيَاد أستفتي فِي مَسْأَلَة فَأَخْطَأَ فَلم يعرف الَّذِي أفتاه فاكترى مناديا فَنَادَى إِن الْحسن بن زِيَاد استفتى يَوْم كَذَا وَكَذَا فِي مَسْأَلَة فَأَخْطَأَ فَمن كَانَ أفتاه الْحسن بن زِيَاد بِشَيْء فَليرْجع إِلَيْهِ قَالَ فَمَكثَ أَيَّامًا لَا يُفْتِي حَتَّى وجد صَاحب الْفَتْوَى فَأعلمهُ أَنه أَخطَأ وَأَن الصَّوَاب كَذَا وَكَذَا
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد الله الهمذاني قَالَ سَمِعت يحيى بن آدم يَقُول مَا رَأَيْت أفقه من الْحسن بن زِيَاد
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو قَالَ ثَنَا القَاضِي النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا عَليّ ابْن عُبَيْدَة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ ثَنَا عَليّ بن صَالح قَالَ كُنَّا عِنْد أبي يُوسُف فَأقبل الْحسن بن زِيَاد فَقَالَ أَبُو يُوسُف بادروه فسائلوه وَإِلَّا لم تقووا عَلَيْهِ فَأقبل

(1/135)


الْحسن بن زِيَاد فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم يَا أَبَا يُوسُف مَا تَقول مُتَّصِلا بِالسَّلَامِ قَالَ فَلَقَد رَأَيْت أَبَا يُوسُف يلوي وَجهه إِلَى هَذَا الْجَانِب مرّة وَإِلَى هَذَا الْجَانِب مرّة من كَثْرَة إدخالات الْحسن عَلَيْهِ ورجوعه من جَوَاب إِلَى جَوَاب
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو قَالَ ثَنَا النَّخعِيّ القَاضِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور الْأَسدي قَالَ سَأَلت نمر بن جِدَار فَقلت أَيّمَا أفقه الْحسن بن زِيَاد أَو مُحَمَّد بن الْحسن فَقَالَ الْحسن وَالله لقد رَأَيْت الْحسن بن زِيَاد يسْأَل مُحَمَّدًا حَتَّى بَكَى مُحَمَّد مِمَّا يخطئه قَالَ فَقلت لَهُ قد لقِيت أَبَا يُوسُف وحسنا ومحمدا فَكيف رَأَيْتهمْ فَقَالَ أما مُحَمَّد فَكَانَ أحسن النَّاس جَوَابا وَلم يكن سُؤَاله على قدر جَوَابه وَكَانَ الْحسن بن زِيَاد أحسن النَّاس سؤالا وَلم يكن جَوَابه على حسب سُؤَاله وَكَانَ أَبُو يُوسُف أحْسنهم سؤالا وَأَحْسَنهمْ جَوَابا
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ ثَنَا أبي قَالَ كَانَ الْحسن بن زِيَاد يلْزم أَبَا حنيفَة فَقَالَ أَبوهُ لي بَنَات وَلَيْسَ لنا غَيره فَقَالَ أشر عَلَيْهِ بِمَا يَنْفَعهُ فَقَالَ لَهُ وَقد جَاءَ إِن أَبَاك قَالَ كَيْت وَكَيْت الزم فَإِنِّي لم أر فَقِيها قطّ فَقِيرا وَكَانَ يجْرِي عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَقل
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ سَمِعت ابْن سَمَّاعَة قَالَ سَمِعت الْحسن ين زِيَاد قَالَ كتبت عَن ابْن جريج اثْنَي عشر ألف حَدِيث كلهَا يحْتَاج إِلَيْهَا الْفُقَهَاء ط
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن يُونُس قَالَ لما ولى الْحسن بن زِيَاد الْقَضَاء لم يوفق فِيهِ وَكَانَ حَافِظًا لقَوْل أَصْحَابه فَبعث إِلَيْهِ البكائي وَيحك إِنَّك لم توفق فِي الْقَضَاء وَأَرْجُو أَن يكون هَذَا لخيرة أرادها الله بك فاستعف فاستعفى واستراح

(1/136)


أخبرنَا عبد الله بن الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ سَمِعت الْحسن بن أبي مَالك قَالَ كَانَ الْحسن بن زِيَاد إِذا جَاءَ إِلَى أبي يُوسُف همته نَفسه قَالَ ابْن شُجَاع سَمِعت ابْن زِيَاد يَقُول مكثت أَرْبَعِينَ سنة لَا أَبيت إِلَّا والسراج بَين يَدي
أخبرنَا أَبُو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا أَحْمد بن خلف قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن بن حميد النَّحْوِيّ قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن اللَّيْث الدهْقَان عَن بعض أَصْحَابه قَالَ كَانَ الرشيد أَمر الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي أَن يصير إِلَى الْمَأْمُون أَيَّام كَانَ بالرقة فِي كل أُسْبُوع يَوْمًا فيذاكره الْفِقْه ويسأله عَن الحَدِيث وَاخْتِلَاف النَّاس فِيهِ قَالَ فَبينا اللؤْلُؤِي فِي بعض اللَّيَالِي عِنْده بالرقة يحدثه إِذْ نعس الْمَأْمُون فَقَالَ لَهُ اللؤْلُؤِي سَمِعت أَيهَا الْأَمِير فَفتح عَيْنَيْهِ وَقَالَ سوقي وَالله يَا غُلَام خُذ بِيَدِهِ فَأخْرجهُ فَأخْرج فَلم يدْخل عَلَيْهِ بعد ذَلِك فبغ الرشيد فَقَالَ متمثلا
(وَهل الخطى إِلَّا وشيجة ... وتغرس إِلَّا فِي منابتها النّخل)
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي قَالَ أنبأ أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ أَن الْحسن بن زِيَاد وَالْحسن بن أبي مَالك توفيا جَمِيعًا فِي سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ رَضِي الله عَنْهُمَا

(1/137)


أَخْبَار عبد الله بن الْمُبَارك

أخبرنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفَتْح المنصوري قَالَ ثَنَا ابْن كأس قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن الرّبيع قَالَ ثَنَا حَامِد بن آدم قَالَ سَمِعت عبد الله بن الْمُبَارك يَقُول مَا رَأَيْت نَفسِي فِي مجْلِس أذلّ مِنْهَا فِي مجْلِس أبي حنيفَة
حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا عَليّ قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْحسن الشقيقي قَالَ سَمِعت بن الْمُبَارك يَقُول مَا اخْتلفت إِلَى سُفْيَان حَتَّى صَار علم أبي حنيفَة فِي كفي
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق قَالَ ثَنَا إِسْحَاق عَن عبد الرَّزَّاق قَالَ سَمِعت

(1/139)


ابْن الْمُبَارك يَقُول لَو كَانَ لأحد من أهل الزَّمَان أَن يَقُول بِرَأْيهِ فَأَبُو حنيفَة أَحَق أَن يَقُول بِرَأْيهِ
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا القَاضِي النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن الرّبيع قَالَ ثَنَا حَامِد بن آدم عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ إِذا اجْتمع أَبُو حنيفَة وسُفْيَان على شَيْء فَمن يَقُول لَهما
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن الْحُسَيْن الزَّعْفَرَانِي نزيل وَاسِط قَالَ ثَنَا أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة قَالَ سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول ولد ابْن الْمُبَارك سنة ثَمَانِي عشرَة وَمِائَة
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن قَالَ ثَنَا الزَّعْفَرَانِي قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ سَمِعت الْوَلِيد بن شُجَاع يَقُول عبد الله بن الْمُبَارك يكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْحُسَيْن بن حَيَّان عَن أَبِيه قَالَ أنبأ يحيى بن معِين قَالَ روى عَن أبي حنيفَة سُفْيَان الثَّوْريّ وَعبد الله بن الْمُبَارك وَحَمَّاد بن زيد ووكيع وَعباد بن الْعَوام وَجَرِير قَالَ يحيى بن معِين ابْن الْمُبَارك أوثق عِنْدِي من عبد الرَّزَّاق وَمعمر كَذَا وَالله عِنْدِي هُوَ من أثبت النَّاس فِيمَا يتحدث بِهِ وَهُوَ من خِيَار الْمُسلمين
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَليّ الْأَبَّار قَالَ ثَنَا أَبُو بكر الطَّالقَانِي قَالَ ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَ كل حَدِيث لَا يعرفهُ ابْن الْمُبَارك فإننا لَا نعرفه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عَليّ بن صَالح الْبَغَوِيّ عَن الْحسن بن عَرَفَة الْعَبْدي قَالَ قَالَ عبد الله بن الْمُبَارك لَا نكذب الله فِي أَنْفُسنَا إمامنا فِي الْفِقْه أَبُو حنيفَة وَفِي الحَدِيث سُفْيَان فَإِذا اتفقَا لَا أُبَالِي بِمن خالفهما

(1/140)


أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا القَاضِي مكرم قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الْحمانِي قَالَ قَالَ ابْن مقَاتل سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقع كتبت كتب أبي حنيفَة غير مرّة فَكَانَت تقع فِيهَا زيادات فأكتبها قَالَ ابْن الْمُبَارك إِذا رَأَيْت الرجل يَقُول فِي أبي حنيفَة ويذكره بالسوء فَإِنَّهُ ضيق الْعلم فَلَا تعبأ بِهِ قَالَ وَكَانَ ابْن الْمُبَارك إِذا ذكر أَبَا حنيفَة بَكَى لحبه لَهُ
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ حَدثنِي حسن بن عِيسَى قَالَ حَضَرنَا بَاب سُفْيَان بن عُيَيْنَة لَيْلًا وَنحن ننتظره وَهَذَا عِنْد عشَاء الْآخِرَة فَقَائِل يَقُول هُوَ عِنْد يحيى بن خَالِد وَقَائِل يَقُول هُوَ عِنْد جَعْفَر بن يحيى فَقَالَ رجل مِنْهُم يَا رب مَا يَنْبَغِي ترى عَيْني رجلا وَاحِدًا سوى هَذَا الْعلم بَين النَّاس فَقَالَ رجل ظَنَنْت أَنه من اهل الْبرة بلَى عبد الله بن الْمُبَارك فَقَالَ آخر فهات غَيره فَسكت فَقدمت الْكُوفَة فَحدثت بِهَذَا ابْن الْمُبَارك إِلَّا أَنِّي لم أقل سميت أَنْت قلت سموا رجلا فَكَأَنَّهُ أحس ثمَّ قَالَ أَلا قَالُوا فُضَيْل بن عِيَاض قلت لم يَقُولُوا فَسكت
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مقَاتل قَالَ ثَنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ لقِيت ألفا من الْعلمَاء فَمَا رَأَيْت أحدا يَفِي بعقل هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة قلت من قَالَ ابْن عون الْوَرع الزَّاهِد الْعَالم وَأَبُو حنيفَة وسُفْيَان الثَّوْريّ قلت لَهُ أَبُو حنيفَة من هَؤُلَاءِ قَالَ أُفٍّ أُفٍّ أُفٍّ لَك لَوْلَا أَنِّي لقِيت أَبَا حنيفَة لَكُنْت من الفلاسين الَّذين يبيعون الْفُلُوس بِبَغْدَاد وَلَوْلَا أَنِّي لقِيت أَبَا حنيفَة لَكُنْت من المبتدعة
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الزَّعْفَرَانِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا سعيد بن قديد صَاحب دكان لأبي وليحيى بن معِين قَالَ سَمِعت عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول أول الْعلم النِّيَّة ثمَّ الإستماع ثمَّ الْفَهم ثمَّ الْعَمَل بِهِ ثمَّ الْحِفْظ ثمَّ النشر

(1/141)


أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن شيبَة عَن جده يَعْقُوب عَن بعض شُيُوخه عَن عَطِيَّة بن أَسْبَاط وَكَانَ على أُخْت ابْن الْمُبَارك قَالَ كَانَ ابْن الْمُبَارك إِذا قدم الْكُوفَة تقدم على زفر فيعيره كتبه عَن أبي حنيفَة فيكتبها حَتَّى كتبهَا مرَارًا وَسَأَلَهُ رجل فَقَالَ أَيّمَا أفقه أَبُو حنيفَة أم مَالك فَقَالَ أَبُو حنيفَة أفقه من ملْء الأَرْض مثل مَالك
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الزَّعْفَرَانِي قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَ سَمِعت سَلام بن أبي مُطِيع قَالَ مَا خلف ابْن الْمُبَارك بالمشرق مثله
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ سَمِعت أبي قَالَ قَالَ لي شُعْبَة عرفت ابْن الْمُبَارك قلت نعم قَالَ مَا قدم علينا من ناحيته مثله

(1/142)