الانتقاء في
فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه
وَسلم الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَهِ
الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ خَالِقِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ
وَمُفَضِّلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْعَقْلِ
وَالدِّينِ وَفِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَفِي الضَّلالَةِ
وَالْهُدَى وَفَضَّلَ مِنْهُمُ الْمَلائِكَةَ
وَالأَنْبِيَاءَ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلأَنْبِيَاءِ وَرَثَةً
غَيْرَ الْعُلَمَاءِ إِذَا صَحِبَهُمُ التَّوْفِيقُ
وَالتُّقَى فَمَنِ اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ عِلْمَ دِينِهِ
وَعَمِلَ بِهِ وَعَلَّمَهُ وَلَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا مِنْهُ
لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ كَانَ مِنْ وَرَثَةِ
النَّبِيِّينَ وَمِنَ الأَئِمَّةِ الْمُتَّقِينَ وَاللَّهَ
أَسْأَلُهُ ضَارِعًا إِلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ
وَأَنْ لَا يَحِيدَ بِي عَنْهُمْ فَأَفُوزَ فِي
الْفَائِزِينَ وَأَنْ يَجْعَلَ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي
الآخِرِينَ
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ طَائِفَةً مِمَّنْ عُنِيَ بِطَلَبِ
الْعِلْمِ وَحَمْلِهِ وَعَلِمَ بِمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ
عَظِيمَ بَرَكَتِهِ وَفَضْلِهِ سَأَلُونِي مُجْتَمعين
وَمُتَفَرِّقِينَ أَنْ أَذْكُرَ لَهُمْ مِنْ أَخْبَارِ
الأَئِمَّةِ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ طَارَ ذِكْرُهُمْ فِي
آفَاقِ الإِسْلامِ لِمَا انْتَشَرَ عَنْهُمْ مِنْ عِلْمِ
الْحَلالِ وَالْحَرَامِ وَهُمْ أَبُو عبد الله مَالك بن
أنس الاصبحي الْمدنِي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن
إِدْرِيس الشَّافِعِي الْمَكِّيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ
النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ
(1/8)
الْكُوفِيُّ عُيُونًا وَفَقْرًا
يَسْتَدِلُّونَ بِهَا عَلَى مَوْضِعِهِمْ مِنَ الإِمَامَةِ
فِي الدِّيَانَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ كَافِيًا مُخْتَصَرًا
لِيَسْهُلَ حِفْظُهُ وَمَعْرِفَتُهُ وَالْوُقُوفُ عَلَيْهِ
وَالْمُذَاكَرَةُ بِهِ مِنْ ثَنَاءِ الْعُلَمَاءِ
بَعْدَهُمْ عَلَيْهِمْ وَتَفْضِيلِهِمْ لَهُمْ
وَإِقْرَارِهِمْ بِإِمَامَتِهِمْ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ
فِي ذَلِكَ بِمَا يُرْغَبُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْهُ
فَاقْتَصَرْتُ مِمَّا ذَكَرُوهُ عَلَى عُيُونِهِ دُونَ
حَشْوِهِ وَعَلَى سَمِينِهِ دُونَ غَثِّهِ وَسَأَذْكُرُ
فِي كِتَابِي هَذَا مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَا
يَكْفِي وَيَشْفِي مَعَ الاخْتِصَارِ وَطَرْحِ
التِّكْرَارِ وَالاقْتِصَارِ عَلَى مَا يُجْمَلُ بِهِ
التِّذْكَارُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَهُوَ حَسْبِي
وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
بَابُ ذِكْرِ مَوْلِدِ مَالِكِ وَنَسَبِهِ وَحِلْفِهِ فِي
قُرَيْشٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَذْكُرُ
هَهُنَا مَوْلِدَهُ وَمُدَّةَ حَمْلِ أُمِّهِ بِهِ
وَنَسَبَهُ
(1/9)
فِي ذِي أَصْبَحَ وَحِلْفَهُ فِي قُرَيْشٍ
وَصِفَتَهُ ونؤخر وَفَاتِهِ إِلَى آخِرِ أَخْبَارِهِ إِنْ
شَاءَ اللَّهُ
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ
نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ نَا
يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلافُ قَالَ
سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ يَقُولُ وُلِدَ مَالِكُ
بْنُ أَنَسٍ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ نَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ
قَالَ وُلِدَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ سَنَةَ ثَلاثٍ
وَتِسْعِينَ قَالَ عَطَّافٌ وَوُلِدْتُ سَنَةَ إِحْدَى
وَتِسْعِينَ قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ
عَطَّافٍ أَنَّ أُمَّهُ حَمَلَتْ بِهِ سَنَتَيْنِ وَقَالَ
عُمَارَةُ بْنُ وَثِيمَةَ وُلِدَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي
رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَكَذَلِكَ
قَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم وُلِدَ مَالِكُ
بْنُ أَنَسٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ قَالَ وَفِيهَا
وُلِدَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَغَيْرُ
هَؤُلاءِ يَقُولُونَ وُلِدَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ سَنَةَ
سَبْعٍ وَتِسْعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ
أَصْحَابُ التَّوَارِيخِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
بِالْخَبَرِ وَالسِّيَرِ أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ
وَسَنَذْكُرُ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ فِي آخِرِ
أَخْبَارِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عبد الله قَالَ نَا
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ بِمِصْرَ قَالَ نَا
أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ الْقَطَّانُ
قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مِنَ الْعَرَبِ صَلِيبَةٌ وَحِلْفُهُ
فِي قُرَيْش فى بنى تَمِيم ابْن مرّة حَدثنَا عبد الله
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ
الْحَسَنِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَنا الزُّبَيْرُ بْنُ
بكار قَالَ نَا اسمعيل بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ابْنُ أُخْتِ
مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ هُوَ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ
مَالِكِ بْنِ أَبِي
(1/10)
عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ
غَيْمَانَ بْنِ خُثَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ
وَهُوَ ذُو أَصْبَحَ مِنْ حِمْيَرَ بْنِ سَبَأٍ حَدَّثَنَا
احْمَد بن عبد الله عَن أَبِيه عَن عبد الله ابْن يُونُسَ
عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ قَالَ قَالَ لَنَا خَلِيفَةُ
بْنُ خَيَّاطٍ فِي كِتَابِ الطَّبَقَاتِ مَالِكُ بْنُ
أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ مِنْ ذِي أَصْبَحَ
مِنْ حِمْيَرَ يُكَنَّى أَبَا عبد الله وَقَالَ
الْبُخَارِيُّ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ كُنْيَتُهُ أَبُو عبد
الله كَانَ اماما روى عَنهُ يحيى ابْن سَعِيدٍ
الأَنْصَارِيُّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ نَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ
نَافِع بن مَالك بن أبي عَامر قَالَ قَالَ لى عبد الرحمن
بن عُثْمَان بن عبيد الله التَّيْمِيُّ هَلْ لَكَ إِلَى
مَا دَعَانَا إِلَيْهِ غَيْرُكَ فَأَبَيْنَا عَلَيْهِ أَنْ
يَكُونَ هَدْمُنَا هَدْمَكَ دمنا ودمك تَرِثُنَا
وَنَرِثُكَ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً وَقَالَ الواقدى
وَهُوَ أَبُو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْقَاضِي
الأَسْلَمِيُّ مَوْلًى لَهُمْ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ
بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ مِنْ ذِي أَصْبَحَ مِنْ
حِمْيَرَ لَهُ عِدَادٌ فِي بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ الى
عُثْمَان بن عبيد الله أخى طَلْحَة بن عبيد الله يكنى
أَبَا عبد الله حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ سَنَتَيْنِ قَالَ
أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَنْكَرَ
أَنَّ مَالِكًا وَمَنْ وَلَدَهُ كَانُوا حُلَفَاءَ لِبَنِي
تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ وَلا خَالَفَ فِيهِ
إِلا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ زَعَمَ أَنَّ
مَالِكًا وَأَبَاهُ وَجَدَّهُ وَأَعْمَامَهُ مَوَالِي
لِبَنِي تَيْمِ بن مرّة وَهَذَا هُوَ السَّبَب لتكذيب
مَالك لمُحَمد ابْن إِسْحَاقَ وَطَعْنِهِ عَلَيْهِ وَقَدْ
رُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أَبِي
سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ حَدَّثَنِي نَافِعُ
بْنُ مَالِكٍ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ وَهَذَا عِنْدَنَا
لَا يَصِحُّ عَنِ ابْن شهَاب
(1/11)
وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ
أُمَّهُ حَمَلَتْ بِهِ ثَلاثَ سِنِينَ وَأَنَّهُ كَانَ
أَشْقَرَ شَدِيدَ الْبَيَاضِ رَبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ
كَبِيرَ الرَّأْسِ أَصْلَعَ وَكَانَ لَا يَخْضِبُ شَيْبَهُ
وَذَكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ فِيمَا
رَوَى الزُّبَيْرُ وَغَيْرُهُ عَنْهُ قَالَ بَعْضُ وُلاةِ
أَهْلِ الَمْدِينَةِ لِمَالِكٍ يَا أَبَا عبد الله مَالك
لَا تَخْضِبُ كَمَا يَخْضِبُ أَصْحَابُكَ فَقَالَ لَهُ
مَالك لم يبْق عَلَيْك من العذل إِلا أَنْ أَخْضِبَ
وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
عِيسَى الطَّبَّاعِ قَالَ رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ
لَا يَخْضِبُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ بَلَغَنِي
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّهُ كَانَ لَا يَخْضِبُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ
بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا
أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ نَا أَبِي
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِيهِ مُصْعَبِ بن
ثَابت بن عبد الله بن الزبير قَالَ ذكر لعامر بن عبد الله
بْنِ الزُّبَيْرِ أَبُو مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ وَأَعْمَامُهُ
وَأَهْلُ بَيْتِهِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُمْ مِنَ الْعَرَبِ
قَالَ عبد الله بْنُ مُصْعَبٍ قَدِمَ مَالِكُ بْنُ أَبِي
عَامِرٍ الْمَدِينَةَ مُتَظَلِّمًا مِنْ بَعْضِ وُلاةِ
الْيَمَنِ فَمَالَ إِلَى بَعْضِ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ
فَعَاقَدَهُ وَصَارَ مَعَهُمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ
مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَأَبُو
الاسود مُحَمَّد بن عبد الرحمن ابْن نَوْفَلٍ الأَسَدِيُّ
الْقُرَشِيُّ الْمَعْرُوفُ بِيَتِيمِ عُرْوَةَ وَزِيَادُ
بن سعد وروى عَنهُ من الْأَئِمَّة سوى هَؤُلاءِ أَبُو
حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ
(1/12)
وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ
وَالأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَكُلُّهُمْ
مَاتَ قَبْلَهُ إِلا ابْنَ عُيَيْنَةَ وَقِيلَ إِنَّهُ
رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَلا يَصِحُّ وَإِنَّمَا رَوَى
ابْنُ شِهَابٍ عَنْ
(1/13)
عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ
مَالِكٍ حَدِيثًا وَاحِدًا فَقَالَ حَدَّثَنِي نَافِعُ
بْنُ مَالِكٍ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ ليته لم يرو عَنهُ شَيْئا قَالَ
(1/14)
أَبُو عُمَرَ مَا زَالَ الْعُلَمَاءُ
يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لَكِنَّ رِوَايَةَ
هَؤُلاءِ الأَئِمَّةِ الْجِلَّةِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ
حَيٌّ دَلِيلٌ عَلَى جَلالَةِ قَدْرِهِ وَرَفِيعِ
مَكَانِهِ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَحِفْظِهِ
وَإِتْقَانِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ رَوَوْا عَنْهُ
الْمُوَطَّأَ وَالَّذِينَ رَوَوْا عَنْهُ مَسَائِلَ
الرَّأْيِ وَالَّذِينَ رَوَوْا عَنْهُ الْحَدِيثَ
فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَوْا قَدْ بَلَغَ فِيهِمْ أَبُو
الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي
كِتَابٍ جَمَعَهُ فِي ذَلِكَ نَحْوُ أَلْفِ رَجُلٍ
بَابُ كَيْفَ كَانَ أَخْذُ مَالِكٍ لِلْعِلْمِ وَعَمَّنْ
أَخَذَ ذَلِكَ
وَانْتِقَاؤُهُ لِلرِّجَالِ وَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ إِلا
عَنْ ثِقَةٍ وَلا حَدَّثَ إِلا عَن ثِقَة
حَدثنَا عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ نَا أَبُو يحيى ابْن أَبِي مَسَرَّةَ
بِمَكَّةَ قَالَ نَا مُطَرِّفُ بْنُ عبد الله قَالَ
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ أَدْرَكْتُ جَمَاعَةً مِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا أَخَذْتُ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنَ
الْعِلْمِ وَإِنَّهُمْ لَمِمَّنْ يُؤْخَذُ عِنْهُمُ
الْعِلْمُ وَكَانُوا أَصْنَافًا فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ
كَذَّابًا فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ وَلا يَكْذِبُ فِي
عِلْمِهِ فَتَرَكْتُهُ لِكَذِبِهِ فِي غَيْرِ عِلْمِهِ
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ جَاهِلا
(1/15)
بِمَا عِنْدَهُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي
أَهْلا لِلأَخْذِ عَنهُ وَمِنْهُم من كَانَ يرْمى برأى سوء
حَدثنَا عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ نَا مُحَمَّد بن اسمعيل التِّرْمِذِيُّ
قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ
خَالِي مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ
دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ لَقَدْ
أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِمَّنْ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْدَ هَذِهِ
الأَسَاطِينِ وَأَشَارَ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا أَخَذْتُ عَنْهُمْ شَيْئًا
وان أحدهم لواؤتمن على بَيت مَال لَكَانَ أَمِينًا إِلا
أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ
وَقَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ شِهَابٍ فَكُنَّا نَزْدَحِمُ على
بَابه وَقَالَ الدولابي حَدثنَا اسمعيل بن اسحاق القَاضِي
قَالَ نَا عَليّ بن الْمَدِينِيِّ قَالَ نَا سُفْيَانُ
بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ
يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ عَنْ حَدِيثِ عُمَرَ
أَنَّهُ حُمِلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَجَعَلَ
يَرْفُقُ بِهِ ويسأله عَن الْكَلِمَة بعد الْكَلِمَة والشئ
بعد الشئ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا أَبُو
الطَّاهِر مُحَمَّد بن احْمَد ابْن يَحْيَى الْقَاضِي
بِمِصْرَ قَالَ نَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْفِرْيَابِيُّ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ
قَالَ نَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ صَدَقَةَ
قَالا كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ لايؤخذ الْعِلْمُ
مِنْ أَرْبَعَةٍ وَيُؤْخَذُ مِمَّنْ سِوَاهُمْ لَا
يُؤْخَذُ مِنْ سَفِيهٍ وَلا يُؤْخَذُ مِنْ صَاحِبِ هَوًى
يَدْعُو إِلَى بِدْعَتِهِ وَلا مِنْ كَذَّابٍ يَكْذِبُ فِي
أَحَادِيثِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ عَلَى
حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلا
مِنْ شَيْخٍ لَهُ فَضْلٌ وَصَلاحٌ وَعِبَادَةٌ إِذَا كَانَ
لَا يَعْرِفُ مَا يَحْمِلُ وَمَا يُحَدِّثُ بِهِ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذر فَذكرت ذَلِك لمطرف بن عبد
الله فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى
(1/16)
مَالِكٍ لَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَدْرَكْتُ
بِهَذَا الْبَلَدِ مَشْيَخَةَ لَهُم فَضْلٍ وَصَلاحٍ
يُحَدِّثُونَ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُم شَيْئا قيل
لم يَا أَبَا عبد الله قَالَ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ
مَا يُحَدِّثُونَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِّينَا عَنِ
ابْنِ أَبِي أويس واشهب بن عبد العزيز وَابْنِ كِنَانَةَ
عُثْمَانَ وَعَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ مَعْنَى
مَا ذَكَرْتُهُ عَنْ مَعْنٍ وَمُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ
وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَشَايِخِ
وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَوِ اؤْتُمِنَ عَلَى بَيْتِ مَالٍ
لَكَانَ بِهِ أَمِينًا إِلا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ
أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ
شِهَابٍ فَكُنَّا نَزْدَحِمُ عَلَى بَابِهِ حَدَّثَنَا
أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نصر وَأَبُو الْقَاسِم عبد
الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالا نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ
قَالَ نَا أَبُو قلَابَة عبد الملك بْنُ مُحَمَّدٍ
الرَّقَاشِيُّ قَالَ نَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ
سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ رَجُلٍ فَقَالَ هَلْ
رَأَيْتَهُ فِي كُتُبِي قُلْتُ لَا قَالَ لَوْ كَانَ
ثِقَةً لَرَأَيْتَهُ فِي كُتُبِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ
الْفَضْلِ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ نَا
ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ نَا عُثْمَانُ بْنُ كِنَانَةَ
عَنْ مَالِكٍ قَالَ رُبَّمَا جَلَسَ إِلَيْنَا الشَّيْخُ
فَيُحَدِّثُ جُلَّ نَهَارِهِ مَا نَأْخُذُ عَنْهُ حَدِيثًا
وَاحِدًا مَا بِنَا أَنْ نَتَّهِمَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ
مِنْ أهل الحَدِيث حَدثنَا عبد الرحمن بن عبد الله ابْن
خَالِد الهمذاني قَالَ نَا أَبُو بكراحمد بْنُ جَعْفَرِ
بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ نَا أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ قَالَ نَا أَبُو
بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ نَا عبد الرزاق عَنْ
مَعْمَرٍ عَنْ مُوسَى الْجَنَدِيِّ قَالَ رَدَّ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهَادَةَ رَجُلٍ فِي
كَذِبَةٍ كَذَبَهَا قَالَ مَعْمَرٌ لَا أَدْرِي أَكَذَبَ
عَلَى اللَّهِ أَوْ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ عَلَى أَحَدٍ
مِنَ النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حُجَّةٌ لِمَالِكٍ
فِي أَنَّهُ كَانَ لَا يَرْوِي عَمَّنْ كَانَ يَكْذِبُ
عَلَى النَّاسِ وَإِنْ كَانَ لَا يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ
(1/17)
اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَدْ
رَوَى عَن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ
عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذَا اطَّلَعَ
عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ يَكْذِبُ كَذِبَةً لَمْ
يَزَلْ مُعْرِضًا عَنْهُ حَتَّى يُحْدِثَ لِلَّهِ تَوْبَةً
بَابُ ذِكْرِ حِفْظِهِ وَضَبْطِهِ وَإِتْقَانِهِ
ذَكَرَ الدُّولابِيُّ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ مَالِكٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الإِسْنَادَ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا
الْمَوْضِعِ قَالَ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله ابْن مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ قَالَ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ
الْقَاضِي قَالَ نَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ نَا
حُسَيْنُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ
قَدِمَ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ فَأَتَيْنَاهُ وَمَعَنَا
رَبِيعَةُ فَحَدَّثَنَا نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا
ثُمَّ أَتَيْنَاهُ الْغَدَ فَقَالَ انْظُرُوا كِتَابًا
حَتَّى أُحَدِّثَكُمْ مِنْهُ أَرَأَيْتُمْ مَا
حَدَّثْتُكُمْ بِهِ أَمْسِ أَيُّ شئ فِي أَيْدِيكُمْ
مِنْهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَبِيعَةُ هَهُنَا مَنْ يَرُدُّ
عَلَيْكَ مَا حَدَّثْتَ بِهِ أَمْسِ قَالَ وَمَنْ هُوَ
قَالَ ابْنُ أَبِي عَامِرٍ قَالَ هَاتِ قَالَ
فَحَدَّثْتُهُ بِأَرْبَعِينَ حَدِيثًا مِنْهَا فَقَالَ
الزُّهْرِيُّ مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّهُ بَقِيَ أَحَدٌ
يَحْفَظُ هَذَا غَيْرِي وَذَكَرَ أَبُو بِشْرٍ
الدُّولابِيُّ قَالَ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى
قَالَ نَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ لَقِيتُ ابْنَ
شِهَابٍ يَوْمًا فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ عَلَى بَغْلَةٍ
لَهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ فَحَدَّثَنِي
بِهِ فَلَمْ أَحْفَظْهُ قَالَ فَأَخَذْتُ بِلِجَامِ
بَغْلَتِهِ فَقُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ أَعِدْهُ عَلَيَّ
فَأَبَى فَقُلْتُ أَمَا كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ يُعَادَ
عَلَيْكَ فَأَعَادَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ نَا عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ
سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ ببضعة
(1/18)
وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا ثُمَّ قَالَ إِيهًا
أَعِدْهَا عَلَيَّ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ
حَدِيثًا وَأَسْقَطْتُ الْبِضْعَةَ
بَابُ ذِكْرِ ثَنَاءِ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَالِكٍ
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ذَكَرَ
الدُّولابِيُّ أَبُو بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِدْرِيسَ وَالنَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ قَالا نَا
الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم قَالَ (يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ
الإِبِلِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا
أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ) قَالَ الْحُمَيْدِيُّ
قَالَ سُفْيَانُ أَظُنُّهُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَكَذَلِكَ
رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ عَنْ
سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ وَكَانَ سُفْيَانُ
يَقُولُ أَرَاهُ مَالِكًا ثُمَّ قَالَ أرَاهُ أرَاهُ عبد
الله بن عبد العزيز الْعُمَرِيَّ الْعَابِدَ وَذَكَرَ
الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ كَانَ سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي حَيَاةِ
مَالِكٍ قَالَ أَرَاهُ مَالِكًا فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ
زَمَانًا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ أَرَاهُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيَّ قَالَ
أَبُو عُمَرَ لَيْسَ الْعُمَرِيُّ هَذَا مِمَّنْ يَلْحَقُ
فِي الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ بِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَإِنْ
كَانَ عَابِدًا شَرِيفًا وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَرْوِيهِ
أَحَدٌ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ وَهُمْ أَئِمَّةٌ
كُلُّهُمْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ إِمَامٌ وَابْنُ
جُرَيْجٍ مِثْلُهُ وَأَجَلُّ مِنْهُ وَأَبُو الزُّبَيْرِ
حَافِظٌ مُتْقِنٌ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ قَدْ
تَكَلَّمَ فِيهِ وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ أَحَدُ
ثِقَاتِ التَّابِعِينَ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ
فِيهِ إِذَا نظر اليه مَا يضر هَذَا الا أَن يَكُونُ مِنْ
بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ أَبُو عمر الحَدِيث
الْمُسْنَدُ الْمَذْكُورُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَاهُ عبيد الله
بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي
مُوسَى
(1/19)
الأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم الا انه لم يروه عَن عبيد الله بْنِ عُمَرَ
غَيْرُ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَرَجُلٌ
مَجْهُولٌ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ
ابْن مُحَمَّدٍ قَالَ نَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ نَا
أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ نَا مُحَمَّد
ابْن عبد الله بن سحر قَالَ نَا أَبُو مُسْلِمٍ
الْمُسْتَمْلِي قَالَ نَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ نَا
زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى
الأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم (يَخْرُجُ النَّاسُ مِنَ الْمِشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ
عَالِمِ أَهْلِ الْمَدِينَة)
حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ
نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ
زُهَيْرٍ قَالَ نَا يحيى بن عبد الحميد الْحِمَّانِيُّ
قَالَ نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْن جريج عَن
ابْن الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم (يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ
فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ
الْمَدِينَةِ) أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد المؤمن
قَالَ نَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عُثْمَانَ الْفَسَوِيُّ قَالَ نَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ
بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ قَالَ نَا أَبُو بكرالحميدى
وَسَعِيد بن مَنْصُور قَالَا نَا سُفْيَان ابْن عُيَيْنَةَ
قَالَ نَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ
أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ
النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَلا
يُوجَدُ عَالِمٌ أَعْلَمُ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ)
قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَيُرْوَى عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى
عَنْ زُهَيْرٍ أَبِي الْمُنْذر عَن عبيد الله بْنُ عُمَرَ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أبي مُوسَى
الأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ (يَخْرُجُ طَالِبُ الْعِلْمِ مِنَ الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ فَلا يُوجَدُ عَالِمٌ أَعْلَمُ من عَالم
(1/20)
الْمَدِينَة) أَو عَالم أهل الْمَدِينَة
حَدثنَا عبد الوارث بن سُفْيَان قَالَ نَا قَاسم ابْن
أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا
مُصعب بن عبد الله الزُّبَيْرِيُّ قَالَ قَالَ لَنَا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ترى هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي
يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَنَّهُ قَالَ (تُضْرَبُ أَكْبَادَ الإِبِلِ فِي طَلَبِ
الْعِلْمِ فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ
الْمَدِينَةِ) أَنَّهُ مَالِكُ بن أنس قَالَ مُصعب وَكَانَ
سُفْيَان ابْن عُيَيْنَةَ إِذَا لَقِيتُهُ سَأَلَنِي عَنْ
أَخْبَارِ مَالِكٍ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ
قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بن الْمَدِينِيِّ يَقُولُ قَالَ
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ رَحِمَ الله مَالِكًا مَا كَانَ
أَشد انتقاءه للرِّجَال وَحدثنَا عبد الوارث بْنُ
سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا
أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ يحيى بن معِين
يَقُول قَالَ سُفْيَان ابْن عُيَيْنَةَ وَمَا نَحْنُ
عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ إِنَّمَا كُنَّا نَتَّبِعُ
آثَارَ مَالِكٍ وَنَنْظُرُ الشَّيْخَ اذا كَانَ كَتَبَ
عَنْهُ مَالِكٌ كَتَبْنَا عَنْهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّاهَرْتِيُّ قَالَ
نَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا
أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
التِّرْمِذِيُّ قَالَ نَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ
نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ
أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم (يَضْرِبُ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ فَلا
يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ)
قِيلَ لِسُفْيَانَ فَمَنْ تَرَاهُ قَالَ نُعَيْمٌ
فَسَمِعْتُهُ مرَارًا أَكثر من ثَلَاثِينَ مرّة إِنْ كَانَ
أَحَدًا فَهُوَ الْعُمَرِيُّ وَهُوَ الْعَابِدُ
بِالْمَدِينَةِ يكنى أَبَا عبد الرحمن عبد الله بن عبد
العزيز وَرَوَى طَاهِرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ نِزَارٍ عَنْ
أَبِيه عَن سُفْيَان ابْن عُيَيْنَةَ أَنَّهُ ذَكَرَ
مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَقَالَ كَانَ لَا يبلغ من الحَدِيث
الاصحيحا وَلا يُحَدِّثُ إِلا عَنْ ثِقَاتِ النَّاسِ وَمَا
أَرَى الْمَدِينَةَ إِلا سَتَخْرَبُ بَعْدَ مَوْتِ
(1/21)
مَالِكِ بْنِ أَنِسٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ
بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ نَا
الطحاوى قَالَ نَا يُونُس بن عبد الاعلى قَالَ سَمِعْتُ
سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَذَكَرَ حَدِيثًا فَقِيلَ لَهُ
إِنَّ مَالِكًا يُخَالِفُكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ
أَتَقْرِنُنِي بِمَالِكٍ مَا أَنَا وَمَالِكٌ إِلا كَمَا
قَالَ جَرِيرٌ
(وَابْنُ اللَّبُونِ إِذَا مالز فِي قَرَنٍ ... لَمْ
يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ الْبُزْلِ الْقَنَاعِيسِ)
قَالَ يُونُسُ وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ مَالِكٌ
وَابْنُ عُيَيْنَةَ الْقَرِينَانِ وَلَوْلا مَالِكٌ
وَابْنُ عُيَيْنَةَ لَذَهَبَ عِلْمُ الْحِجَازِ وَذَكَرَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ
نَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بن الْجُنَيْد قَالَ نَا
أَبُو عبد الله الظهراني قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(يُوشِكُ أَنْ يضْرب النَّاس أكباد الابل فيطلبون
الْعِلْمِ فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ
الْمَدِينَة) قَالَ عبد الرازق وَكُنَّا نَرَاهُ مَالِكَ
بْنَ أَنَسٍ
بَابُ قَوْلِ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ
زَيْدٍ فِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا عبد الله بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَسِّرِ قَالَ نَا أَحْمَدُ ابْن على
بن سعيد القاضى قَالَ نَا عبيد الله بْنُ عُمَرَ
الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ
زَيْدٍ فَجَاءَهُ نَعْيُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فسالت
دُمُوعه وَقَالَ يرحم الله أَبَا عبد الله لَقَدْ كَانَ
مِنَ الدِّينِ بِمَكَانٍ ثُمَّ قَالَ حَمَّادٌ سَمِعْتُ
أَيُّوبَ يَقُولُ لَقَدْ كَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ فِي
حَيَاةِ نَافِعٍ
بَابُ قَوْلِ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ فِيهِ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا أَبُو الميمون
عبد الرحمن بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ بِدِمَشْقَ قَالَ نَا
أَبُو زرْعَة عبد الرحمن بْنُ عَمْرِو بْنِ صَفْوَانَ
الدِّمَشْقِيُّ قَالَ نَا
(1/22)
مَحْمُودُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ
بْنِ صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنِ حَسَّانٍ وَوَهْبِ بْنِ
جَرِيرٍ قَالُوا عَنْ شُعْبَةَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ
بَعْدَ مَوْتِ نَافِعٍ بِسنة ولمالك حَلقَة
بَاب قَول الْمُغيرَة بن عبد الرحمن الْمَخْزُومِيِّ فِيهِ
رَوَى الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ أَنا أَشهب بن عبد
العزيز قَالَ سَأَلْتُ الْمُغِيرَةَ الْمَخْزُومِيَّ مَعَ
تَبَاعُدِ مَا كَانَ بَينه وَبَين مَالك عَن مَالك وعبد
العزيز ابْن أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ مَا اعْتَدَلا فِي
الْعِلْمِ قطّ وَرفع مَالِكًا على عبد العزيز
بَابُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ وَثَنَائِهِ عَلَيْهِ
نَا احْمَد بن عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ
أَنا أَبِي قَالَ أَنا أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
قَالَ نَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ إِذَا جَاءَكَ الْحَدِيثُ عَنْ
مَالِكٍ فَشُدَّ بِهِ يَديك وَسمعت الشَّافِعِي يَقُول اذا
جَاءَك الْخَبَر فَمَالِكٌ النَّجْمُ حَدَّثَنَا أَبُو
مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا خَالِدُ بْنُ
سَعْدٍ قَالَ نَا أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن عبد الرحمن
قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ الْحَافِظُ قَالَ
سَمِعت يُونُس ابْن عبد الأعلى يَقُولُ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ إِذَا ذُكِرَ الْعُلَمَاءُ
فَمَالِكٌ النَّجْمُ وَمَا أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ مِنْ
مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ
نَا الْحسن ابْن رَشِيقٍ الْمُعَدِّلُ بِمِصْرَ قَالَ نَا
أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الله بن مُحَمَّد بن سَالم
الْمَقْدِسِيُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ
الْعَدَنِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مُعَلِّمِي
وَعَنْهُ أَخَذْتُ الْعِلْمَ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ
قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ نَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْفَارِسِيُّ قَالَ نَا
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ
يَقُولُ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِذَا شَكَّ فِي
الْحَدِيثِ طَرَحَهُ كُلَّهُ نَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ
قَالَ نَا خَالِدُ بن سعد قَالَ نَا عُثْمَان بن عبد
الرحمن
(1/23)
قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ
سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم يَقُولُ
سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ صَاحِبُنَا أَعْلَمُ مِنْ صَاحِبِكُمْ يَعْنِي
أَبَا حَنِيفَةَ وَمَالِكًا وَمَا كَانَ عَلَى صَاحِبِكُمْ
أَنْ يَتَكَلَّمَ وَمَا كَانَ لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ
قَالَ فَغَضِبْتُ وَقُلْتُ نَشَدْتُكَ اللَّهَ مَنْ كَانَ
أَعْلَمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم مَالِكٌ أَوْ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ مَالِكٌ لَكِنْ
صَاحِبُنَا أَقْيَسُ فَقُلْتُ نَعَمْ وَمَالِكٌ أَعْلَمُ
بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ
وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ أَبِي
حَنِيفَةَ فَمَنْ كَانَ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ
وَسُنَّةِ رَسُولِهِ كَانَ أَوْلَى بِالْكَلامِ حَدَّثَنَا
خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ
قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ
وَمُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ قَالا نَا
يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ قَالَ لِي
الشَّافِعِيُّ ذَاكَرْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَوْمًا
فَدَارَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
(1/24)
كَلامٌ وَاخْتِلافٌ حَتَّى جَعَلْتُ
أَنْظُرُ إِلَى أَوْدَاجِهِ تَدُرُّ وَتَنْقَطِعُ
أَزْرَارُهُ فَكَانَ فِيمَا قُلْتُ لَهُ يَوْمَئِذٍ
نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا
يَعْنِي مَالِكًا كَانَ عَالِمًا بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ
اللَّهُمَّ نَعَمْ قُلْتُ وَعَالِمًا بِاخْتِلافِ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
اللَّهُمَّ نَعَمْ
بَابُ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِيهِ وَثَنَائِهِ
عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ
رَشِيقٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْفَارِسِيُّ
قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ
قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ قَالَ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ أَقَمْتُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ
ثَلاثَ سِنِينَ وَكَسْرًا وَكَانَ يَقُولُ انه سمع مِنْهُ
لفظا أَكثر من سَبْعمِائة حَدِيثٍ وَكَانَ إِذَا
حَدَّثَهُمْ عَنْ مَالِكٍ امْتَلأَ منزله وَكثر النَّاسُ
عَلَيْهِ حَتَّى يَضِيقَ بِهِمُ الْمَوْضِعُ وَإِذَا
حَدَّثَهُمْ عَنْ غَيْرِ مَالِكٍ مِنْ شُيُوخِ
الْكُوفِيِّينَ لَمْ يَجِئْهُ إِلا الْيَسِيرُ وَكَانَ
يَقُولُ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْوَأَ ثَنَاءً عَلَى
أَصْحَابِكُمْ مِنْكُمْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ مَالِكٍ
مَلأْتُمْ عَلَيَّ الْمَوْضِعَ وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ
أَصْحَابِكُمْ يَعْنِي الْكُوفِيِّينَ إِنَّمَا تأتون
متكارهين
بَابُ قَوْلِ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ فِيهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ
عَلانُ قَالَ نَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل
قَالَ سَمِعت عَليّ بن الْمَدِينِيِّ يَقُولُ سَمِعْتُ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَن مَهْدِيٍّ يَقُول أَخْبرنِي وهيب
بن خَالِد وَكَانَ من أَبْصَرَ النَّاسِ بِالْحَدِيثِ
وَالرِّجَالِ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ فَلم أر
أحدا إِلَّا يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ إِلا مَالِكًا وَيَحْيَى
بْنَ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيَّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مَهْدِيٍّ لَا أُقَدِّمُ عَلَى مَالِكٍ فِي صِحَّةِ
الْحَدِيثِ أَحَدًا
(1/25)
بَابُ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
الْقَطَّانِ فِيهِ
حَدثنَا عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ نَا عَلانُ قَالَ نَا صَالِحُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ
قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ مَا فِي
الْقَوْمِ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنْ مَالِكٍ يَعْنِي
بِالْقَوْمِ الثَّوْرِيَّ وَالأَوْزَاعِيَّ وَابْنَ
عُيَيْنَةَ قَالَ وَمَالِكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَعْمَرٍ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ لَيْسَ
لَهُمَا ثَالِثٌ إِلا مَالك حَدثنَا عبد الوارث بْنُ
سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا
عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ عَلانُ قَالَ نَا صَالِحُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
الْمَدِينِيِّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ
الْقَطَّانَ يَقُولُ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِمَامًا
فِي الْحَدِيثِ قَالَ وَسَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَوْقَ مَالِكٍ فِي كُلِّ شئ
بَابُ قَوْلِ أَبِي الأَسْوَدِ شَيْخِ مَالِكٍ فِيهِ
رُوِّينَا عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ
ابْنَ لَهِيعَةَ يَقُولُ قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو
الأَسْوَدِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ فَقُلْتُ
مَنْ لِلرَّأْيِ بَعْدَ رَبِيعَةَ بِالَمْدِينَةِ قَالَ
الْغُلامُ الأَصْبَحِيُّ قَالَ أَبُو عمر هُوَ أَبُو
الاسود مُحَمَّد بن عبد الرحمن بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيُّ
الأَسَدِيُّ ابْنُ عَمِّ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ
وَكَانَ عُرْوَةُ قَدْ حَضَنَهُ
(1/26)
وَرَبَّاهُ فَكَانَ يُقَالُ لَهُ يَتِيمُ
عُرْوَةَ وَهُوَ مِنْ جِلَّةِ شُيُوخِ مَالِكٍ الَّذِينَ
أَخَذَ عَنْهُمْ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى
مِصْرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ مَالِكٌ يُفْتِي فِي
زَمَانٍ كَانَ يُفْتِي فِيهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
الأَنْصَارِيُّ وَرَبِيعَة بن أَبى عبد الرحمن وَنَافِعٌ
مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَمِثْلُهُمْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ
حَدثنَا مُحَمَّد جريرة قَالَ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ
زُهَيْرٍ أَنَّ مُصْعَبًا حَدثهُ قَالَ قَالَ لى عبد
العزيز ابْن أَبِي حَازِمٍ جَلَسْتُ إِلَى مَالِكٍ فِي
زَمَنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَسَمِعْتُهُ يُسْأَلُ عَنِ
امْرَأَةٍ بِكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا ثُمَّ خَرَجَ
عَنْهَا فَطَلَّقَهَا وَقَالَ لَمْ أُصِبْهَا فَقَالَتْ
صَدَقَ لَمْ يُصِبْنِي فَقَالَ مَالِكٌ لَهَا نِصْفُ
الصَّدَاقِ فَأَنْكَرْتُهَا فَجِئْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ
وَقَالَ أَفَعَلَ قُلْتُ نَعَمْ لَقَدْ كَانَ هَذَا مِنَ
امْرَأَةٍ مِنَّا فِي زمن عمر بن الْحطاب فَجَاءَتْ
بِحَمْلٍ فَقِيلَ لَهَا مَا هَذَا فَقَالَتْ هُوَ مِنْهُ
تَعْنِي زَوْجَهَا قِيلَ أَفَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتِ أَنَّهُ
لَمْ يَمَسَّكِ فَقَالَتْ إِنَّهُ قَالَ شَيْئًا وَكُنْتُ
بِكْرًا فَاسْتَحْيَيْتُ وَصَدَّقْتُهُ وَجَاءَ الأَمْرُ
بمالم أَحْتَسِبْ فَقَضَى لَهَا عُمَرُ بِالصَّدَاقِ
كُلِّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِّينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ
زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ أَفْقَهُ مَنْ رَأَيْتُ مِنْ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَقَالَ
عَلِيُّ بن المدينى لم يكن بِالْمَدِينَةِ بعدكبار
التَّابِعِينَ أَعْلَمُ مِنَ ابْنِ شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنِ
سعيد الانصاري وأبى الزِّنَاد وَبُكَيْر بن عبد الله بن
الاشج
بَاب قَول عبد الله بْنِ وَهْبٍ فِيهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بن بشر وَاحْمَدْ بن
قَاسم بن عبد الرحمن قَالَا حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله
بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ وضاح قَالَ
نَا الْحَارِث ابْن مِسْكين قَالَ سَمِعت عبد الله بْنَ
وَهْبٍ يَقُولُ لَوْلا أَنِّي أَدْرَكْتُ مَالِكًا
(1/27)
وَاللَّيْث ببن سَعْدٍ لَضَلَلْتُ قَالَ
ابْنُ وَضَّاحٍ وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَر الايلى يَقُول
سَمِعت ابْن وهب مَالا أُحْصِي يَقُولُ لَوْلا أَنَّ
اللَّهَ أَنْقَذَنِي بِمَالِكٍ وَاللَّيْث لضللت وَذكر
أَبُو مُحَمَّد عبد الرحمن بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ
قَالَ نَا أَبِي قَالَ نَا هرون بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ
قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ وَذكر اخْتِلَاف الْأَحَادِيث
وَالرِّوَايَات فَقَالَ لَوْلَا ان لقِيت مَالِكًا لضللت
بَاب قَول عبد الرحمن بن مهدى فِيهِ
حَدثنَا عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ نَا مُحَمَّد ابْن عبد السلام الْخُشَنِيُّ
قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ عَمْرَو بْنَ عَلِيٍّ
الْبَصْرِيَّ الْمَعْرُوفَ بِالْفَلاسِ يَقُولُ سَمِعْتُ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ مَالِكٌ فِي
نَافِعٍ أثبت من عبيد الله وَمْن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ
وَمِنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُميَّة وَقَالَ عبد الرحمن بْنُ
مَهْدِيٍّ أَئِمَّةُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِمْ أَرْبَعَةٌ
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بِالْكُوفَةِ وَمَالِكٌ
بِالْحِجَازِ وَالأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ وَحَمَّاد بن
زيد بِالْبَصْرَةِ وَقَالَ عبد الرحمن ابْن مَهْدِيٍّ لَا
يَكُونُ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ مَنْ أَخَذَ بِالشَّاذِّ
مِنَ الْعِلْمِ وَلا يَكُونُ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ مَنْ
رَوَى عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَلا يَكُونُ إِمَامًا فِي
الْعِلْمِ مَنْ رَوَى كُلَّ مَا سَمِعَ قَالَ وَالْحِفْظُ
الإِتْقَانُ وَرَوَى أَبُو قدامَة عبيد الله بن سعيد قَالَ
سَمِعت عبد الرحمن بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ مَا أَدْرَكْتُ
أَحَدًا إِلا وَهُوَ يخَاف
(1/28)
هَذَا الْحَدِيثَ إِلا مَالِكًا وَحَمَّادَ
بْنَ سَلَمَةَ فَإِنَّهُمَا كَانَا يَجْعَلانِهِ مِنْ
أَعْمَالِ الْبِرِّ وَكَانَ شُعْبَة يَقُول ان هَذَا
الحَدِيث يصدكم عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ
فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ وَقَالَ أَبُو قُدَامَةَ
كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَحْفَظَ أَهْلِ زَمَانِهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا أَحْمَدُ
بْنُ الْفَضْلِ قَالَ نَا مُحَمَّد بن جرير قَالَ نَا عبد
الله بن شبويه قَالَ سُئِلَ عبد الرحمن بْنُ مَهْدِيٍّ
مَنْ أَعْلَمُ مَالِكٌ أَوْ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ
مَالِكٌ أَعْلَمُ مِنْ أُسْتَاذِ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْنِي
حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ
وَمَالِكٌ أَعْلَمُ عِنْدِي مِنَ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ أَنَّهُ قَالَ
مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْقَلَ مِنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ
بَابُ قَول احْمَد بن حَنْبَل مِنْهُ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا ابْنُ سُفْيَان
قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ نَا أَبُو
دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ
حَنْبَلٍ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَتْبَعُ مِنْ
سُفْيَان حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ نَا عبد
الحميد قَالَ نَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ نَا أَبُو
بَكْرٍ الأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ
يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَحْسَنُ حَدِيثًا عَنِ
الزُّهْرِيِّ مِنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ قُلْتُ فَمَعْمَرٌ
قَالَ مَالِكٌ أَتْقَنُ
(1/29)
وَمَعْمَرٌ أَكْثَرُ حَدِيثًا عَنِ
الزُّهْرِيِّ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَصْحَابُ
نَافِعٍ ثَلاثَةٌ مَالِكٌ وَأَيُّوبُ وعبيد الله بن عمر
وأعلمهم بِنَافِع عبيد الله بن عمر وأقعدهم بِهِ وَبَعْدَ
هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ فِي نَافِعٍ ابْنُ جُرَيْجٍ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا أَبُو الميمون
عبد الرحمن بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ الْبَجَلِيُّ
بِدِمَشْقَ قَالَ نَا أَبُو زرْعَة عبد الرحمن بْنُ
عَمْرِو بْنِ صَفْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنْ سُفْيَانَ وَمَالِكٍ
إِذَا اخْتَلَفَا فِي الرِّوَايَةِ فَقَالَ مَالِكٌ
أَكْبَرُ فِي قَلْبِي قُلْتُ فَمَالِكٌ وَالأَوْزَاعِيُّ
إِذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ مَالِكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ
كَانَ الأَوْزَاعِيُّ مِنَ الأَئِمَّةِ قِيلَ لَهُ
فَمَالِكٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فَقَالَ هَذَا
كَأَنَّهُ شَنَّعَهُ ضَعْهُ مَعَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَقِيلَ
لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَا أَبَا عبد الله رَجُلٌ
يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَ حَدِيثَ رَجُلٍ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ
حَدِيثُ مَنْ تَرَى لَهُ قَالَ يَحْفَظُ حَدِيثَ مَالِكٍ
بَابُ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ فِيهِ
حَدثنَا أَبُو زيد عبد الرحمن بْنُ يَحْيَى قَالَ نَا
أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ نَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ
الأَعْرَابِيِّ قَالَ نَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الدُّورِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ
مَالِكٌ أَثْبَتُ فِي نَافِع من أَيُّوب وعبيد الله بْنِ
عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ
نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ
زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ
مَالِكٌ أَثْبَتُ فِي نَافِعٍ مِنْ عبيد الله بْنِ عُمَرَ
وَأَيُّوبَ
(1/30)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قُلْتُ
لِيَحْيَى اللَّيْثُ ارْفَعْ عنْدك أومالك قَالَ مَالِكٌ
قُلْتُ أَلَيْسَ مَالِكٌ أَعْلَى أَصْحَابِ الزهرى قَالَ
نعم قلت فعبيد الله أَثْبَتُ فِي نَافِعٍ أَوْ مَالِكٌ
قَالَ مَالِكٌ أَثْبَتُ النَّاسِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ
مَعِينٍ كَانَ مَالِكٌ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ
بَابُ قَول على بن الْمَدِينِيِّ فِيهِ
ذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ قَالَ سُئِلَ على بن
الْمَدِينِيِّ مَنْ أَثْبَتُ أَصْحَابِ نَافِعٍ فَقَالَ
مَالِكٌ واتقانه وَأَيوب وفضله وعبيد الله وَحِفْظُهُ
بَابُ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ
فِيهِ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا عبد الله بْنُ
جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ نَا الْخَفَّافُ قَالَ
سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بن
أَبى عَامر الاصبحى كنيته أَبُو عبد الله كَانَ إِمَامًا
رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ
بَابُ قَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ النَّسَائِيِّ فِيهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ
نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن
وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ
نَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالا جَمِيعًا سَمِعْنَا
أَبَا عبد الرحمن أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ النَّسَائِيَّ
يَقُولُ أُمَنَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِلْمِ
رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ
وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ
قَالَ وَالثَّوْرِيُّ إِمَامٌ إِلا انه كَانَ يَرْوِي عَنِ
الضُّعَفَاءِ قَالَ وَمَا أَحَدٌ عِنْدِي بَعْدَ
التَّابِعِينَ أَنْبَلُ مِنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَلا
أَحَدٌ آمَنُ عَلَى الْحَدِيثِ مِنْهُ ثُمَّ شُعْبَةُ فِي
الْحَدِيثِ ثُمَّ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لَيْسَ
بَعْدَ التَّابِعِينَ آمَنُ عَلَى الْحَدِيثِ مِنْ
هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ وَلَا أَقَلُّ رِوَايَةً عَنِ
الضُّعَفَاء مِنْهُم
(1/31)
بَابُ قَوْلِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ
فِيهِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الرحمن بْنُ أَبِي حَاتِمٍ
الرَّازِيُّ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ الْحُجَّةُ عَلَى
الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَيْسَ فِيهِمْ لَبْسٌ سُفْيَان
الثورى وَشعْبَة وَمَالك بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ
بَابُ قَوْلِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ فِيهِ
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ أَوَّلُ شَيْءٍ أَخَذَتْ
نَفْسِي بِحِفْظِهِ مِنَ الْحَدِيثِ حَدِيثُ مَالِكٍ
فَلَمَّا حفظته ووعيته طلبت حَدِيث الثَّوْرِيَّ
وَشُعْبَةَ وَغَيْرَهُمَا فَلَمَّا تَنَاهَيْتُ فِي حِفْظِ
الْحَدِيثِ نَظَرْتُ فِي رَأْيِ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ
وَالأَوْزَاعِيِّ وَكَتَبْتُ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ
بَابُ قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ السجستانى فِيهِ
حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد المؤمن بْنِ يَحْيَى
رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَنا أَبُو بكر مُحَمَّد بن بكر بن
عبد الرازق التَّمَّارُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ دَاسَةَ
قَالَ سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنَ الأَشْعَثِ
بْنِ إِسْحَاقَ السِّجِسْتَانِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ
يَقُولُ رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا كَانَ إِمَامًا رَحِمَ
اللَّهُ الشَّافِعِيَّ كَانَ إِمَامًا رَحِمَ اللَّهُ
أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ إِمَامًا
بَابُ قَوْلِ أَيُّوب بن سُوَيْد الرملى مِنْهُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ نَا
ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ نَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ
سَمِعْتُ أَبَا الطَّاهِرِ أَحْمَدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ
السَّرْحِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَيُّوبَ بْنَ سُوَيْدٍ
الرَّمْلِيَّ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَجْوَدَ
حَدِيثًا مِنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ
بَابُ قَوْلِ مَالِكِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَهْلِ
الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ
ذَكَرَ الدُّولابِيُّ قَالَ نَا يَزِيدُ بْنُ عبد الصمد
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ
(1/32)
قُلْتُ لِمَالِكٍ كَلَّمَنِي رَجُلٌ فِي
الْقَدَرِ فَبَلَغَ الْوَالِيَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ
فَسَأَلَنِي عَنْهُ أَفَأَشْهَدُ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ
قَالَ وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ
الْفِرْيَابِيُّ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ
الْحِزَامِيُّ قَالَ نَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ
انْصَرَفَ مَالِكٌ يَوْمًا مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ
مُتَّكِئٌ عَلَى يَدِي قَالَ فَلَحِقَهُ رَجُلٌ يُقَالُ
لَهُ أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ كَانَ يُتَّهَمُ بِالإِرْجَاءِ
فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله اسْمَعْ مِنِّي شَيْئًا
أُكَلِّمُكَ بِهِ وَأُحَاجُّكَ وَأُخْبِرُكَ برأى قَالَ
فَإِنْ غَلَبْتَنِي قَالَ اتَّبَعْتَنِي قَالَ فَإِنْ
غَلَبْتُكَ قَالَ اتَّبَعْتُكَ قَالَ فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ
فكلمناه فغلبنا قَالَ تَبِعْنَاهُ قَالَ أَبُو عبد الله
بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا بِدِينٍ وَاحِدٍ وَأَرَاكَ
تَتَنَقَّلُ قَالَ عمر بن عبد العزيز من جعل دينه عرضة
لِلْخُصُومَاتِ أَكْثَرَ التَّنَقُّلَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا
يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ نَا ابْنُ وَهْبٍ
قَالَ سُئِلَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الإِيمَانِ فَقَالَ
قَوْلٌ وَعَمَلٌ قُلْتُ أَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ قَالَ قَدْ
ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي غَيْرِ آيٍ مِن الْقُرْآنِ
أَنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ فَقُلْتُ لَهُ أَيَنْقُصُ قَالَ
دَعِ الْكَلامَ فِي نُقْصَانِهِ وَكُفَّ عَنْهُ فَقُلْتُ
فَبَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ قَالَ نَعَمْ وَفِي
سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ مَا آيَة قى
كِتَابِ اللَّهِ أَشَدُّ عَلَى أَهْلِ الأَهْوَاءِ مِنْ
هَذِهِ الآيَةِ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ
وُجُوهٌ} ) يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {فَأَمَّا الَّذِينَ
اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تكفرون}
(1/33)
قَالَ فَأَيُّ كَلامٍ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا
وَرَأَيْتُهُ تَأَوَّلَهَا عَلَى أَهْلِ الأَهْوَاءِ قَالَ
مَالِكٌ وَبَلَغَنِي ان عمر بن عبد العزيز قَالَ إِنَّ فِي
كِتَابِ اللَّهِ لَعِلْمًا بَيِّنًا عَلِمَهُ مَنْ
عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ يَقُولُ الله تَعَالَى
{فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ
بِفَاتِنِينَ إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم} وَقَالَ
مَالِكٌ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ إِلا
أَهْلَ سَخَافَةٍ وَطَيْشٍ وَخِفَّةٍ وَقَالَ مَالك كَانَ
عمر بن عبد العزيز يَقُولُ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَلا
يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ قَالَ وَهُوَ رَأْسُ
الْخَطَايَا وَقَالَ مَالِكٌ مَا أَبْيَنُ هَذِهِ الآيَةِ
عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِ وَأَشَدِّهَا عَلَيْهِمْ {وَلَوْ
شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ
الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّم من الْجنَّة
وَالنَّاس أَجْمَعِينَ} فَلَا بُد أَنْ يَكُونَ مَا قَالَ
قَالَ وَقَالَ مَالِكُ بن أنس لَيْسَ الْجِدَال فِي الدّين
بشئ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ أَهْلُ الأَهْوَاءِ بِئْسَ
الْقَوْمُ لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَاعْتِزَالُهُمْ
أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن
عبد الحكم قَالَ أَنا أَشهب بن عبد العزيز قَالَ قَالَ
مَالِكٌ أَقَامَ النَّاسُ يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ
الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ أُمِرُوا
بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا
كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} أَيْ صَلاتَكُمْ إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ مَالِكٌ وانى لَا ذكر بِهَذِهِ
الآيَةِ قَوْلَ الْمُرْجِئَةِ إِنَّ الصَّلاةَ لَيْسَتْ
مِنَ الإِيمَانِ قَالَ وَسَمِعْتُ مُؤَمَّلَ بْنَ إِهَابٍ
يَقُول سَمِعت عبد الرزاق بْنَ هَمَّامٍ يَقُولُ سَمِعْتُ
ابْنَ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَمَعْمَرَ بْنَ
رَاشِدٍ وَسُفْيَان بْنَ عُيَيْنَةَ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ
يَقُولُونَ الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يزِيد وَينْقص
قَالَ وأخبرنى عبد الله بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ
نَا أَبِي
(1/34)
قَالَ نَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ
قَالَ نَا عبد الله بْنُ نَافِعٍ قَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ
أَنَسٍ يَقُولُ الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَيَقُولُ
الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وَيَقُولُ مَنْ قَالَ
الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ يُوجَعُ ضَرْبًا وَيُحْبَسُ حَتَّى
يَتُوبَ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ اللَّهُ فِي السَّمَاءِ
وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ شئ
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد المؤمن قَالَ
أَخْبَرَنِي الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
الْمَالِكِيُّ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ
نَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ قَالَ
نَا شَيْخٌ لَنَا قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكٍ
فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ
أَجْعَلُكَ حُجَّةً فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ قَالَ مَالِكٌ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلا
بِاللَّهِ سَلْ قَالَ مَنْ أَهْلُ السُّنَّةِ قَالَ أَهْلُ
السُّنَّةِ الَّذين لَيْسَ لَهُم لقب يعْرفُونَ بِهِ
لاجهمى وَلا قَدَرِيٌّ وَلا رَافِضِيٌّ قَالَ وَنا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ نَا أَبُو
مُصْعَبٍ قَالَ نَا عبد العزيز بْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ
سَأَلْتُ مَالِكًا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَنْ
تُقَدِّمُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أُقَدِّمُ أَبَا
بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا قَالَ وَذَكَرَ
الزُّبَيْرَ
(1/35)
عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ
عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ
النَّاسِ الذى مضوا عَلَيْهِ أَنْ يُفَاضِلُوا بَيْنَ
النَّاسِ قَالَ وَنا مُحَمَّدُ بن عبد الله بن عبد الحكم
قَالَ انا اشهب بن عبد العزيز قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا
يَنْبَغِي الإِقَامَةُ بِأَرْضٍ يَكُونُ الْعَمَلُ فِيهَا
بِغَيْرِ الْحَقِّ وَالسَّبُ لِلسَّلَفِ قَالَ وَنا
أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْفِهْرِيُّ قَالَ نَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ نَا مَعْنُ بْنُ
عِيسَى قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ لَيْسَ لِمَنْ
سَبَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فِي الفئ حق قد قسم الله الفئ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ
فَقَالَ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أخرجُوا
من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ} الْآيَة وَقَالَ {وَالَّذين
تبوؤوا الدَّار وَالْإِيمَان من قبلهم} الْآيَة وَقَالَ
{وَالَّذين جاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا
اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا
بِالْإِيمَان} الْآيَة وانما الفئ لِهَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ
الأَصْنَافِ قَالَ وَسَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ
الصَّائِغَ يَقُولُ سَمِعْتُ سُرَيْجَ بْنَ النُّعْمَانِ
يَقُول سَمِعت عبد الله بْنِ نَافِعٍ الصَّائِغَ يَقُولُ
كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ الإِيمَانُ قَوْلٌ
وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَذكر أَبُو اسحاق بن مرين
عَن عِيسَى بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ
سَأَلَ أَبُو السَّمْحِ مَالِكًا فَقَالَ يَا أَبَا عبد
الله أَيُرَى اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ نَعَمْ
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
نَاضِرَةٌ إِلَى رَبهَا ناظرة} وَقَالَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ
{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمئِذٍ لمحجوبون}
أخبرنَا عبد الوارث ابْن سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ نَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ نَا أَبُو
الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ نَا الْوَلِيدُ بْنُ
مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ الأَوْزَاعِيَّ وَسُفْيَانَ
الثَّوْرِيَّ وَمَالِكَ بن أنس عَنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ
الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الرُّؤْيَةِ فَقَالُوا أمروها كَمَا
جَاءَت وَلَا كَيْفَ وَكَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ
كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ
(1/36)
(وَخَيْرُ أُمُورِ الدِّينِ مَا كَانَ
سُنَّةً ... وَشَرُّ الأُمُورِ الْمُحْدَثَاتُ
الْبَدَائِعُ)
بَابُ جَامِعِ فَضَائِلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
ذَكَرَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ قَالَ نَا يُونُس بن
عبد الاعلى قَالَ أَنا عبد الله ابْن وهب قَالَ سَمِعت
مَالِكًا وَقَالَ لَهُ عبد الرحمن بن الْقَاسِم يَا أَبَا
عبد الله لَيْسَ بَعْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ
أَعْلَمُ بِالْبُيُوعِ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَ مَالِكٌ
وَمِنْ أَيْنَ عَلِمُوا ذَلِكَ قَالَ مِنْكَ يَا أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ مَا أَعْلَمُهَا
أَنَا فَكَيْفَ يَعْلَمُونَهَا بِي قَالَ وَأَخْبَرَنَا
أَبُو مُوسَى الْعَبَّاسِيُّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ
بَكَّارٍ قَالَ نَا مُحَمَّد ابْن مَسْلَمَةَ
الْمَخْزُومِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ جُنَّةُ
الْعَالِمِ لَا أَدْرِي إِذَا أَغْفَلَهَا أُصِيبَتْ
مَقَاتِلُهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ
قَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَجْلِسُ إِلَى رَبِيعَةَ
بن أَبى عبد الرحمن وَعَنْهُ أَخَذَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ
الْعِلْمَ ثُمَّ اعْتَزَلَهُ فَجَلَسَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ
مَنْ كَانَ يَجْلِسُ إِلَى رَبِيعَةَ فَكَانَتْ حَلْقَةُ
مَالِكٍ فِي زَمَنِ رَبِيعَةَ مِثْلَ حَلْقَةِ رَبِيعَةَ
أَوْ أَكْثَرَ وَأَفْتَى مَعَه ربيعَة عِنْد السُّلْطَان
حَدثنَا عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا
الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ نَا مُطَرِّفٌ قَالَ نَا
مَالِكٌ قَالَ لَمَّا أَجْمَعْتُ تَحْوِيلا عَنْ مَجْلِسِ
رَبِيعَةَ جَلَسْتُ أَنَا وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ فِي
نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَلَمَّا قَامَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبى
عبد الرحمن مِنْ مَجْلِسِه عَدَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ يَا
مَالِكُ تَلْعَبُ بِنَفْسِكَ زَفَنْتَ وَصَفَّقَ لَكَ
سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ أَبَلَغْتَ إِلَى أَنْ تَتَّخِذَ
مَجْلِسًا لِنَفْسِكَ ارْجِعْ إِلَى مَجْلِسِكَ ذَكَرَ
الدُّولابِيُّ قَالَ نَا جَعْفَر ابْن مُحَمَّدٍ قَالَ نَا
أحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ سَمِعت
عبد الرحمن بن مهْدي
(1/37)
يَقُولُ سَأَلَ رَجُلٌ مَالِكًا عَنْ
مَسْأَلَةٍ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَرْسَلُوهُ يَسْأَلُهُ
عَنْهَا مِنْ مَسِيرَةِ سِتَّةِ أشهر قَالَ فَأخْبر الذى
أرسلك انى لاعلم لِي بِهَا قَالَ وَمَنْ يَعْلَمُهَا قَالَ
مَنْ علمه الله قَالَ عبد الرحمن قَالَتِ الْمَلائِكَةُ
{لَا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا علمتنا} حَدَّثَنَا خَلَفُ
بْنُ قَاسِمٍ قَالَ نَا أَبُو الْمَيْمُونِ قَالَ نَا
أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ نَا الْوَلِيدُ بْنُ
عُتْبَةَ قَالَ نَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ
شَهِدْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ سُئِلَ عَنْ ثَمَانٍ
وَأَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً فَقَالَ فِي اثْنَتَيْنِ
وَثَلاثِينَ مِنْهَا لَا أَدْرِي وَرُوِّينَا عَنْ خَالِدِ
بْنِ خِدَاشٍ أَنَّهُ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى مَالِكٍ مِنَ
الْعِرَاقِ بِأَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا
فَمَا أَجَابَنِي مِنْهَا إِلا فِي خَمْسِ مَسَائِلَ
وَقَالَ كَانَ ابْنُ عَجْلانَ يَقُولُ إِذَا أَخْطَأَ
الْعَالِمُ لَا أَدْرِي أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ وَقَدْ
رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى ابْنُ
وَهْبٍ عَن مَالك بن أنس قَالَ سَمِعت عبد الله بْنَ
يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ يَقُولُ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ
يُورِثَ جُلَسَاءَهُ قَوْلَ لَا أَدْرِي حَتَّى يَكُونَ
ذَلِكَ أَصْلا فِي أَيْدِيهِمْ يَفْزَعُونَ إِلَيْهِ
فَإِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَمَّا لَا يَدْرِي قَالَ لَا
أَدْرِي قَالَ أَبُو عُمَرَ صَحَّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا أَدْرِي نِصْفُ
الْعِلْمِ ذَكَرَ الدُّولابِيُّ قَالَ نَا رَوْحُ بْنُ
الْفَرَجِ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ رَأَيْتُ
النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَامِ مُنْذُ
أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَيِن لَيْلَةً فَقُلْتُ لَهُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مَالِكًا وَاللَّيْثَ يَخْتَلِفَانِ
فَبِأَيِّهِمَا نَأْخُذُ قَالَ مَالِكٌ مَالِكٌ قَالَ وَنا
بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
عَنْ أَشْهَبَ بن عبد العزيز عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ قَالَ
رَأَيْتُ فِي مَنَامِي أَنِّي دَخَلْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَافَيْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب إِذْ أَقْبَلَ
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَدَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ
فَلَمَّا أَبْصَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى
(1/38)
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِلَيَّ إِلَيَّ
فَأَقْبَلَ مَالِكٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ فَسَلَّ خَاتَمَهُ
مِنْ خِنْصِرِهِ فَوَضَعَهُ فِي خِنْصِرِ مَالِكٍ وَذَكَرَ
أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ
رَحِمَهُ اللَهُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ قَالَ نَا إِسْحَاقُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ نَا مُطَرِّفٌ قَالَ سَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ قَلَّمَا كَانَ رَجُلٌ صَادِقٌ لَا
يَكْذِبُ فِي حَدِيثِهِ إِلا مُتِّعَ بِعَقْلِهِ وَلَمْ
يُصِبْهُ مَعَ الْهَرَمِ آفَةٌ وَلا خَرَفٌ قَالَ أَبُو
عُمَرَ كَانَ ابْنُ مَعِينٍ يَقُولُ آلَةُ الْمُحَدِّثِ
الصِّدْقُ حَدثنَا سعيد بن نصر وعبد الله بن مُحَمَّد بن
يُوسُف قَالَا نَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
قَالَ نَا الْحَسَنُ بن عبد الله الزُّبَيْدِيُّ قَالَ نَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَصْبَهَانِيُّ فِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ نَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ
كُنْتُ جَالِسًا مَعَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي مَسْجِدِ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذ أَتَاهُ رجل
فَقَالَ ايكم مَالك فَقَالُوا هَذَا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ
وَاعْتَنَقَهُ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ وَاللَّهِ
لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْبَارِحَةَ جَالِسًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ
ائْتُوا بِمَالِكٍ فَأُتِيَ بِكَ تَرْعَدُ فرائصك فَقَالَ
لَيْسَ بك بَأْس با أَبَا عبد الله وَكَنَّاكَ وَقَالَ
اجْلِسْ فَجَلَسْتَ قَالَ افْتَحْ حُجْرَكَ فَفَتَحْتَهُ
فَمَلأَهُ مِسْكًا مَنْثُورًا وَقَالَ ضُمَّهُ إِلَيْكَ
وبثه فى فِي أُمَّتِي قَالَ فَبَكَى مَالِكٌ وَقَالَ
الرُّؤْيَا تَسُرُّ وَلا تَغُرُّ وَإِنْ صَدَقَتْ
رُؤْيَاكَ فَهُوَ الْعلم الذى أودعنى الله حَدثنَا خلف
ابْن قَاسم قَالَ ثَنَا عبد الله بْنُ جَعْفَرِ بْنِ
الْوَرْدِ الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ قَالَ نَا أَحْمَدُ
بْنُ وَاضِحٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بن خَلاد الاسكندراني
قَالَ نَا عبد السلام بْنُ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ مِنْ
أَهْلِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ قَالَ رَأَى رَجُلٌ فِي
الْمَنَامِ أَنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا فِي جَبَّانَةِ
الإِسْكَنْدَرِيَّةِ يَرْمُونَ فِي غَرَضٍ فكلهم يُخطئ
الْغَرَض فاذا رجل
(1/39)
يَرْمِي وَيُصِيبُ الْقِرْطَاسَ فَقُلْتُ
مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنَا
خَلَفُ بْنُ قَاسم قَالَ نَا عبد الرحمن بْنُ عُمَرَ قَالَ
نَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ ان أَبِي قَالَ نَا أَبُو
خُلَيْدٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ قَالَ لِي أَمِيرُ
الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيُّ يَا أَبَا عبد الله أَلَكَ
دَارٌ قَالَ قُلْتُ لَا وَاللَّهِ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
وَلَا حدثنك حَدِيثا حدّثنَاهُ ربيعَة بن أَبى عبد الرحمن
ان نسب الْمَرْء دَاره
بَاب فِي رياسته وَوَجَاهَتِهِ فِي عِلْمِ الدِّينِ عِنْدَ
الْعَامَّةِ وَالسَّلاطِينِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا أَحْمَدُ
بْنُ الْفَضْلِ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ
نَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ حَمَّادٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ قَالَ سَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ قَالَ لِي الْمَهْدِيُّ يَا أَبَا عبد
الله ضَعْ لِي كِتَابًا أَحْمِلُ الأُمَّةَ عَلَيْهِ
فَقُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَّا هَذَا
السُّقْعُ وَأَشَارَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَقَدْ
كَفَيْتُكُهُ وَأَمَّا الشَّامُ فَفِيهِمُ الرَّجُلُ
الَّذِي عَلِمْتَهُ يَعْنِي الأَوْزَاعِيَّ وَأَمَّا
أَهْلُ الْعِرَاقِ فَهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ قَالَ أَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ هَكَذَا حَدَّثَنِي بِهِ
الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
حَمَّادٍ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فَذَكَرَ هَذِهِ
الْقِصَّةَ عَن مَالك
(1/40)
عَلَى خِلافِ ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فَحَدَّثَنَاهُ الْحَارِثُ بْنُ
أَبِي أُسَامَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْهُ قَالَ
سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ لَمَّا حَجَّ أَبُو
جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ دَعَانِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ
فَحَادَثْتُهُ وَسَأَلَنِي فَأَجَبْتُهُ فَقَالَ إِنِّي
عَزَمْتُ أَنْ آمُرَ بِكُتُبِكَ هَذِهِ الَّتِي قَدْ
وَضَعْتَ يَعْنِي الْمُوَطَّأَ فَتُنْسَخَ نُسَخًا ثُمَّ
أَبْعَثُ إِلَى كُلِّ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ
الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا نُسْخَةً وَآمُرُهُمْ أَنْ
يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا وَلا يَتَعَدَّوْهَا إِلَى
غَيْرِهَا وَيَدَعُوا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ هَذَا
الْعِلْمِ الْمُحْدَثِ فَإِنِّي رَأَيْتُ أَصْلَ الْعِلْمِ
رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعِلْمَهُمْ قَالَ
فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَفْعَلْ هَذَا
فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ سَبَقَتْ إِلَيْهِمْ أَقَاوِيلُ
وَسَمِعُوا أَحَادِيثَ وَرُوُّوا رِوَايَاتٍ وَأَخَذَ
كُلُّ قَوْمٍ بِمَا سبق إِلَيْهِمْ وَعَمِلُوا بِهِ
وَدَانُوا بِهِ مِنَ اخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّ رَدَّهُمْ
عَمَّا اعْتَقَدُوهُ شَدِيدٌ فَدَعِ النَّاسَ وَمَا هُمْ
عَلَيْهِ وَمَا اخْتَارَ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ
لأَنْفُسِهِمْ فَقَالَ لَعَمْرِي لَوْ طَاوَعْتَنِي عَلَى
ذَلِكَ لأَمَرْتُ بِهِ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ
قَالَ نَا يَحْيَى بْنُ مِسْكِينٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ
مَسْلَمَةَ قَالا سَمِعْنَا مَالِكًا يَذْكُرُ دُخُولَهُ
عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَقَوْلَهُ فِي انْتِسَاخِ كُتُبِهِ
فِي الْعِلْمِ وَحَمْلِ النَّاسِ عَلَيْهَا قَالَ مَالِكٌ
فَقُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ رَسَخَ فِي
قُلُوبِ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ مَا اعْتَقَدُوهُ وَعَمِلُوا
بِهِ وَرَدُّ الْعَامَّةِ عَنْ مِثْلِ هَذَا عَسِيرٌ قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ كَانَ مَالِكٌ
يَجْلِسُ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى ضِجَاعٍ لَهُ وَنَمَارِقَ
مَطْرُوحَةٍ يُمْنَةً وَيُسْرَةً فِي سَائِرِ الْبَيْتِ
لِمَنْ يَأْتِي مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ وَالنَّاسِ
كَانَ مَجْلِسه مجْلِس وقار وحلم قَالَ وَكَانَ رَجُلا
(1/41)
مهيبا نبيلا لَيْسَ فِي مَجْلِسه شئ مِنَ
الْمِرَاءِ وَاللَّغَطِ وَكَانَ الْغُرَبَاءُ
يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَدِيثِ وَالْحَدِيثَيْنِ أَوْ
قَالَ الْحَدِيثَ بَعْدَ الْحَدِيثِ وَرُبَّمَا أَذِنَ
لِبَعْضِهِمْ فَقَرَأَ عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ كَاتِبٌ قَدْ
نَسَخَ كُتُبَهُ يُقَالُ لَهُ حَبِيبٌ يقْرَأ للْجَمَاعَة
وَلَيْسَ أَحَدٌ مِمَّنْ حَضَرَهُ يَدْنُو مِنْهُ وَلا
يَنْظُرُ فِي كِتَابِهِ وَلا يَسْتَفْهِمُهُ هَيْبَةً لَهُ
وَإِجْلالا وَكَانَ حَبِيبٌ إِذَا قَرَأَ فَأَخْطَأَ
فَتَحَ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَكَانَ ذَلِكَ قَلِيلا قَالَ
الطَّبَرِيُّ وَسَمِعْتُ اسماعيل بن مُوسَى الغزارى
يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَسَأَلْتُهُ
أَنْ يُحَدِّثَنِي فَحَدَّثَنِي اثْنَيْ عَشَرَ حَدِيثًا
ثُمَّ أَمْسَكَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِي أَكْرَمَكَ اللَّهُ
وَكَانَ لَهُ سُودَانٌ قِيَامٌ عَلَى رَأْسِهِ
فَأَمَرَهُمْ فَأَخْرَجُونِي مِنْ دَارِهِ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ نَا أَبُو الميمون عبد
الرحمن بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ الْبَجَلِيُّ بِدِمَشْقَ
قَالَ نَا أَبُو زرْعَة عبد الرحمن بْنُ عَمْرِو بْنِ
صَفْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ نَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ
قَالَ مَالِكٌ قَالَ لِي أَبُو جَعْفَر يَا أَبَا عبد الله
ذَهَبَ النَّاسُ فَلَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَغَيْرُكَ
وَذَكَرَ الدولابى قَالَ نَا يُونُس بن عبد الأعلى قَالَ
أَنا عبد الله بْنُ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ
يَعْنِي مَالِكًا دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ
فَرَأَيْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يُقَبِّلُ
يَدَهُ الْمَرَّتَيْنِ وَالثَّلاثَ وَرَزَقَنِي اللَّهُ
الْعَافِيَةَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ أُقَبِّلْ لَهُ يدا وَذكر
الدولابى نَا اسماعيل ابْن إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ نَا
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنِّي حَسَنٌ كَذَا وَقَعَ
وَصَوَابُهُ حُسَيْنٌ وَهُوَ حُسَيْنُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ
قَدِمَ الْمَهْدِيُّ الْمَدِينَةَ فَبَعَث إِلَى مَالِكٍ
بِأَلْفَيْ دِينَارٍ أَوْ بِثَلَاثَة آلَاف ثُمَّ أَتَاهُ
الرَّبِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ أَمِير
الْمُؤمنِينَ يجب أَنْ تُعَادِلَهُ إِلَى مَدِينَةِ
السَّلامِ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ
كَانُوا يَعْلَمُونَ وَالْمَال عندى على حَاله
(1/42)
نَا عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمد نَا ابْن زُهَيْرٍ
قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ
قَالَ أَمْلَى عَلَيَّ ابْنُ مَنَاذِرَ (وَمَنْ يَبْغِ
الْوُصَاةَ فَإِنَّ عِنْدِي ... وُصَاةً لِلْكُهُولِ
وَلِلشَّبَابِ) خُذُوا عَن مَالك وَعَن ابْن عون ...
ولاترووا أَحَادِيَث ابْنِ دَابِ)
قَالَ فَلَمَّا قَدِمْتُ الْعِرَاقَ سَمِعْتُهُمْ
يُنْشِدُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَا أَمْلاهَا عَلَيَّ خُذُوا
عَنْ يُونُسَ وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ
هَكَذَا هَذَا الْخَبَرُ فِي كِتَابِ ابْنِ أَبِي
خَيْثَمَةَ وَرُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ أَصْلَ
الْبَيْتَيْنِ لابْنِ مَنَاذِرَ إِنَّمَا هُوَ (خُذُوا عَن
يُونُس وَعَن ابْن عون ... ولاترووا أَحَادِيثَ ابْنِ
دَابِ)
وَكَانَ عِيسَى بْنُ دَابٍ عَدُوًّا لابْنِ مَنَاذِرَ
وَكَانَ أَحْسَنَ هَدْيًا مِنَ ابْنِ مَنَاذِرَ وَسَمْتًا
وَمُرُوءَةً وَصِيَانَةً وَذِكْرُ يُونُسَ فى هَذَا
الحَدِيث أشبه لِأَن عبد الله ابْن عَوْنٍ وَيُونُسَ بْنَ
عُبَيْدٍ كَانَا بَصْرِيَّيْنِ جَارَيْنِ مُتَوَاخِيَيْنِ
كِلاهُمَا عَلَى السُّنَّةِ قَدْ شُهِرَا بِهَا
بَاب ذكر محنته رَحمَه الله مَعَ السُّلْطَان
نَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ
قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَبُو
بَكْرٍ الدِّينَوَرِيُّ قَالَ نَا أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ وَكَانَ
مَالِكٌ قَدْ ضُرِبَ بِالسِّيَاطِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ
ضَرَبَهُ وَفِي السَّبَبِ الَّذِي ضُرِبَ فِيهِ قَالَ
فَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ نَا ابْنُ
ذَكْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ الطَّاطَرِيِّ أَنَّ أَبَا
جَعْفَرٍ نَهَى مَالِكًا عَنِ الْحَدِيثِ (لَيْسَ عَلَى
مُسْتَكْرَهٍ طَلاقٌ) ثمَّ دس
(1/43)
إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْهُ فَحَدَّثَ
بِهِ عَلَى رُؤْس النَّاسِ فَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ قَالَ
وَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ قَالَ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ
بْنُ حَمَّادٍ أَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى مَالِكٍ إِذَا
أُقِيمَ مِنْ مَجْلِسِهِ حَمَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى أَوْ
يَدَهُ الْيُسْرَى بِالأُخْرَى وَأَمَّا مُحَمَّد بن عمر
إِنَّه قَالَ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ
نَا ابْنُ سَعْدٍ قَالَ أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ
لَمَّا دُعِيَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَشُووِرَ وَسُمِعَ
مِنْهُ وَقُبِلَ قَوْلُهُ شَنَّفَ لَهُ النَّاس وحسدوه
وبغوه بِكُل شئ فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ
عَلَى الْمَدِينَةِ سعوا بِهِ اليه وكثروا عَلَيْهِ
عِنْدَهُ وَقَالُوا لَا يَرَى أَيْمَانَ بَيْعَتِكُمْ
هَذِه بشئ وَهُوَ يَأْخُذُ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ ثَابِتِ
بْنِ الأَحْنَفِ فِي طَلاقِ الْمُكْرَهِ أَنَّهُ لَا
يَجُوزُ فَغَضِبَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَدَعَا
بِمَالِكٍ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِمَا رُفِعَ إِلَيْهِ
عَنْهُ ثُمَّ جَرَّدَهُ وَمَدَّهُ فَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ
وَمُدَّتْ يَدُهُ حَتَّى انْخَلَعَتْ كتفه وارتكب مِنْهُ
امْر عَظِيم فوَاللَّه مازال مَالِكٌ بَعْدَ ذَلِكَ
الضَّرْبِ فِي رِفْعَةٍ مِنَ النَّاسِ وَعُلُوٍّ مِنْ
أَمْرِهِ وَإِعْظَامِ النَّاسِ لَهُ وَكَأَنَّمَا كَانَتْ
تِلْكَ السِّيَاطُ الَّتِي ضُرِبَ بِهَا حليا حلى بِهِ
بَابُ ذِكْرِ وَفَاةِ مَالِكٍ وَذِكْرِ مَا رُثِيَ بِهِ
وَمَبْلَغِ عُمُرِهِ
نَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ
قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ
نَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير قَالَ نَا مُحَمَّد بن
سعيد قَالَ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ
اشْتَكَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَسَأَلْتُ بَعْضَ أَهْلِنَا
عَمَّا قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالُوا تَشَهَّدَ ثُمَّ
قَالَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ
وَتُوُفِّيَ صَبِيحَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ
رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ
فِي خِلافَةِ هرون
(1/44)
وَصلى عَلَيْهِ عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ على بن عبد الله
بْنِ الْعَبَّاسِ وَهُوَ ابْنُ زَيْنَبَ بِنْتِ
سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ كَانَ يُعْرَفُ بِأُمِّهِ
يُقَالُ لَهُ عبد الله بن زَيْنَبَ كَانَ أَمِيرَ
الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ وَالِيًا عَلَيْهَا لِهَارُونَ
صَلَّى عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ وَدُفِنَ
بِالْبَقِيعِ وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ ابْنِ خَمْسٍ
وَثَمَانِينَ سَنَةً قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ
لِمُصْعَبِ بن عبد الله الزُّبَيْرِيِّ فَقَالَ أَنَا
أَحْفَظُ النَّاسِ لِمَوْتِ مَالِكٍ مَاتَ فِي صَفَرٍ
سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ قَالَ ابْنُ سَعْدٍ
وَأَخْبَرَنِي مَعْنُ بْنُ عِيسَى بِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَالَ
رَأْيُت الْفُسْطَاطَ عَلَى قَبْرِ مَالك ابْن أَنَسٍ
وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ
أَبِي عَامِرٍ مِنْ ذِي أَصْبَحَ من حمير يكنى أَبَا عبد
الله مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ
وَمِمَّا رُثِيَ بِهِ مَالك رَحمَه الله قَول عبد الله بن
سَالم الْخياط ذكره مُحَمَّد ابْن الْحَسَنِ بْنِ
زِبَالَةَ عَنْهُ ...
(يَأْبَى الْجَوَابَ فَمَا يُرَاجَعُ هَيْبَةً ...
وَالسَّائِلُونَ نَوَاكِسُ الأَذْقَانِ)
(أَدَبُ الْوَقَارِ وَعِزُّ سُلْطَانِ التُّقَى ... فَهُوَ
الْمُطَاعُ وَلَيْسَ ذَا سُلْطَانِ)
وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ كِنَانَةَ يُنْشِدُ هَذِهِ
الأَبْيَاتَ لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مَالِكٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ (أَلا إِنَّ فَقْدَ الْعِلْمِ فِي فَقْدِ
مَالِكٍ ... فَلا زَالَ فِينَا صَالِحَ الْحَالِ مَالِكُ)
(فَلَوْلاهُ مَا قَامَتْ حُقُوقٌ كَثِيرَةٌ ... وَلَوْلاه
لانْسَدَّتْ عَلَيْنَا الْمَسَالِكُ) (يُقِيمُ سَبِيلَ
الْحَقِّ سِرًّا وَجَهْرَةً ... وَيَهْدِي كَمَا تَهْدِي
النُّجُومُ الشَّوَابِكُ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ تُنْسَبُ هَذِهِ الأَبْيَاتُ إِلَى
ابْنِ أَبِي الْمُعَافَى الْمَدَنِيِّ وَفِيهَا زِيَادَةٌ
(عَشَوْنَا إِلَيْهِ نَبْتَغِي ضَوْءَ نَارِهِ ... وَقَدْ
لَزِمَ الْعَيَّ اللَّجُوجُ الْمُمَاحِكُ)
(1/45)
(فَجَاءَ بِرَأْيٍ مِثْلُهُ يُقْتَدَى بِهِ
... كَنَظْمِ جُمَانٍ زَيَّنَتْهُ السَّبَائِكُ)
وَمِمَّا رُثِيَ بِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا رُوِّينَا عَنْ
أَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ أَنَّهُ قَالَ رَثَتْ مَالِكًا
امْرَأَةٌ فَقَالَتْ
(بَكَيْتُ بِدَمْعٍ وَاكِفٍ فَقْدَ مَالِكٍ ... فَفِي
فَقْدِهِ ضَاقَتْ عَلَيْنَا المسالك)
(ومالى لَا أَبْكِي عَلَيْهِ وَقَدْ بَكَتْ ... عَلَيْهِ
الثُّرَيَّا والنجوم الشوابك)
(حَلَفت بِمن أَهَدَتْ قُرَيْشٌ وَحَلَّلَتْ ... صَبِيحَةَ
عَشْرٍ حِينَ تُقْضَى الْمَنَاسِكُ)
(لَنِعْمَ وِعَاءُ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ مَالِكٌ ...
إِذَا عَزَّ مَفْقُودٌ مِنَ النَّاسِ هَالِكُ)
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بن بكار انشدني عبد العزيز بن عبد
الله الاويسى واسمعيل ابْن أَبِي أُوَيْسٍ لابْنِ أَبِي
الْمُعَافَى
(تَحَمَّلَ عِلْمَ الدِّينِ نُورًا مُثَقَّفًا ...
بِالإِسْنَادِ عَنْ قَوْمٍ ثِقَاتٍ مِنَ السَّلَفْ)
(رَمَوْهُ بِنَبْلٍ كَانَ قَدْ رَاشَهَا لَهُمْ ...
وَعَلَّمَهُمْ شَدَّ السَّوَاعِدِ وَالأَكُفّ)
(فَمَا سَاعِدٌ مِنْهُمْ تَقَاوَمَ ظُفْرُهُ ... إِذَا
قِسْتَ مِنْهُمْ سَاعِدًا بِبَنَانِ كَفّ)
وَأَنْشَدَ الزُّبَيْرُ أَيْضًا لأَبِي الْمُعَافَى أَوِ
ابْنِ أَبِي الْمُعَافَى
(أَلا قُلْ لِقَوْمٍ سَرَّهُمْ فَقْدُ مَالِكٍ أَلا إِنَّ
فَقْدَ الْعِلْمِ اذ مَاتَ مَالك)
(فمالى لَا أَبْكِي عَلَى فَقْدِ مَالِكٍ ... وَفِي
فَقْدِهِ سدت علينا المسالك)
(ومالى لَا أَبْكِي عَلَيْهِ وَقَدْ بَكَتْ ... عَلَيْهِ
الثُّرَيَّا وَالنُّجُومُ الشَّوَابِكُ)
فَذَكَرَ نَحْوَ الأَبْيَاتِ الَّتِي نَسَبَهَا أَصْبَغُ
بْنُ الْفَرَجِ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ
ذِكْرُهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَلَّفَ النَّاسُ فِي فَضَائِلِ
مَالِكٍ وَأَكْثَرُوا وَأَتَوْا بِمَا لَا فَضِيلَةَ
(1/46)
فِي بَعْضِهِ حَشَوْا بِهَا كُتُبَهُمْ
فَرَأَيْتُ الاقْتِصَارَ مِنْهَا عَلَى عُيُونِهَا أَوْلَى
مِنَ الإِكْثَارِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
كَمُلَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَصَلَّى
اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُنَا
تَمَّتْ أَخْبَارُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُمَا
اللَّهُ ويليها أَخْبَار أَصْحَابه رضى الله عَنْهُم
(1/47)
أَخْبَارُ أَصْحَابِ مَالِكٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ أَبُو عمر يُوسُف بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد
البر النَّمِرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلْتُمْ
رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَنِ التَّعْرِيفِ بِابْنِ وَهْبٍ
وَابِنْ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَخُذُوا الْجَواب فيهم
وَمن حَضَرَنِي ذِكْرُهُ مِنْ نَظَرَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ
الْفِقْهِ من أَصْحَاب مَالك رَحِمهم الله أَجْمَعِينَ
عبد الله بن وهب
ابْن مُسلم مولى رَيْحَانَة مولاة عبد الرحمن بن يزِيد بن
أنس الْفِهْرِيُّ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وُلِدَ
بِمِصْرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي ذِي
الْقَعْدَةِ وَقِيلَ بَلْ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَفِي هَذَا الْعَامِ مَاتَ ابْنُ
شِهَابٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَابْنِ
أَبِي ذِئْبٍ وابي صَخْر جميلَة بْنِ زِيَادٍ وَأَبِي
هَانِئٍ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ وَيُونُس بن يزِيد وَنَحْو
اربعمائة رَجُلٍ مِنْ شُيُوخِ الْمُحَدِّثِينَ بِمِصْرَ
وَالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مِنْهُمْ سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ
وَمَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْ هَؤُلاءِ كَابْنِ جريج وعبد
الرحمن بن زِيَاد الافريقى وَسعد بن أَبى أَيُّوب وَغَيرهم
حَدثنَا عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ
يحيى بن معِين يَقُول عبد الله بْنُ وَهْبٍ الْمِصْرِيُّ
ثِقَةٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل عبد الله بْنُ
وَهْبٍ صَحِيحُ الْحَدِيثِ يَفْصِلُ السَّمَاعَ مِنَ
الْعَرْضِ وَالْحَدِيثَ مِنَ
(1/48)
الْحَدِيثِ مَا أَصَحَّ حَدِيثَهُ
وَأَثْبَتَهُ فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ كَانَ سيء الاخذ قَالَ
قد كَانَ سيء الأَخْذِ وَلَكِنْ إِذَا نَظَرْتَ فِي
حَدِيثِهِ وَمَا رَوَى عَنْ مَالِكٍ وَجَدْتَهُ صَحِيحًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنِ ابْنِ وَهْبٍ جَمَاعَةٌ
يَطُولُ ذِكْرُهُمْ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ اللَّيْثُ بْنُ
سَعْدٍ وَصرح باسمه وَقيل إِنَّ مَالِكًا رَوَى عَنْهُ
عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ حَدِيثَ بَيْعِ الْعُرْبَانِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يُصَرِّحْ مَالك فى حَدِيث
الْعُرْبَانِ عَنْ أَحَدٍ إِنَّمَا قَالَ عَنِ الثِّقَةِ
عِنْدَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَمُرَّةَ قَالَ
إِنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَمِنْ
أَرْوَى النَّاسِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَصْبَغُ بْنُ
الْفَرَجِ وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ وَعِيسَى
بْنُ حَمَّاد زغبة وَيُونُس بن عبد الأعلى وَأَبُو
الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ
وَسُحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ
الدَّارِمِيُّ وَقد روى عَنهُ ابْن بكير وعبد الله بْنُ
صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ وَرُوِّينَا عَنْ أَحْمَدَ بن
صَالح انه قَالَ حَدثنَا ابْنِ وَهْبٍ مِائَةُ أَلْفِ
حَدِيثٍ وَمَا رَأَيْتُ حِجَازِيًّا وَلا شَامِيًّا وَلا
مِصْرِيًّا أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنَ ابْنِ وَهْبٍ وَقَعَ
عِنْدَنَا مِنْهُ سَبْعُونَ الف حَدِيثٍ وَقَالَ ابْنُ
أَبِي حَاتِمٍ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ نَظَرْتُ
فِي حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ نَحْوَ ثَمَانِينَ أَلْفَ
حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِ عَنِ الْمِصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ
فَمَا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْتُ لَهُ حَدِيثًا لَا أَصْلَ
لَهُ وَهُوَ ثِقَةٌ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ
يَقُولُ ابْنُ وَهْبٍ أَفْقَهُ مِنَ ابْنِ الْقَاسِمِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَقُولُونَ إِنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ
اللَّهُ لَمْ يَكْتُبْ إِلَى أَحَدٍ كِتَابًا يُعَنْوِنُهُ
بِالْفَقِيهِ إِلا إِلَى ابْنِ وَهْبٍ وَكَانَ رَجُلا
صَالِحًا خَائِفًا لِلَّهِ كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ
قُرِئَ عَلَيْهِ كِتَابُ الأَهْوَالِ من جَامعه فَأَخذه شئ
كَالْغَشِيِّ فَحُمِلَ إِلَى دَارِهِ فَلَمْ يَزَلْ
كَذَلِكَ إِلَى أَنْ قَضَى نَحْبَهُ تُوُفِّيَ ابْنُ
وَهْبٍ بِمِصْرَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ
(1/49)
وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَذكر أَبُو الْعَبَّاس
مُحَمَّد ابْن إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ فِي تَارِيخِهِ قَالَ
نَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ نَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ
قُرِئَ على عبد الله بْنِ وَهْبٍ مَا كَتَبَهُ فِي
أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَخَرَّ مَغْشِيًّا
عَلَيْهِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِكَلِمَةٍ حَتَّى مَاتَ
وَذَلِكَ بِمِصْرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَة
أَخْبَار ابْن الْقَاسِم
عبد الرحمن بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ خَالِدِ بْنِ جُنَادَةَ
مَوْلَى زبيد بن الْحَارِث العتقى يكنى أَبَا عبد الله
والعتقاء مِنْهُم من نسبهم فِي كِنْدَةَ وَقِيلَ إِنَّ
زُبَيْدَ بْنَ الْحَارِثِ الْعُتَقِيَّ مِنْ حِجْرِ
حِمْيَرَ وَذَلِكَ أَنَّ الْعُتَقَاءَ كَانُوا جَمَاعَاتٍ
فَمِنْهُمْ مِنْ كِنْدَةَ وَمِنْهُمْ مِنْ حِجْرِ حِمْيَرَ
وَمِنْ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ وَمِنْ كِنَانَةَ مُضَرَ
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عبد الله
الْبَجَلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّهُ
قَالَ (الطُّلَقَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْعُتَقَاءُ مِنْ
ثَقِيفٍ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بعض فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَة) ولد عبد الرحمن بْنُ الْقَاسِمِ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ بِمِصْرَ
سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَكَانَ فَقِيهًا
قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الرَّأْيُ وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا
مقلا صَابِرًا وَرِوَايَته الْمُوَطَّأ عَنْ مَالِكٍ
رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ قَلِيلَةُ الْخَطَأِ وَكَانَ فِيمَا
رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ مُوَطَّئِهِ ثِقَةً حَسَنَ
الضَّبْطِ مُتْقِنًا وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سُئِلَ
أَبُو زرْعَة عَن عبد الرحمن بْنِ الْقَاسِمِ صَاحِبِ
مَالِكٍ فَقَالَ مِصْرِيٌّ ثِقَةٌ رجل صَالح كَانَ عِنْده
ثَلَاثمِائَة جِلْدٍ أَوْ نَحْوِهَا عَنْ مَالِكٍ مِنْ
مَسَائِلَ سَأَلَهُ عَنْهَا أَسَدٌ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
(1/50)
الْمَغْرِبِ كَانَ سَأَلَ عَنْهَا مُحَمَّدَ بْنَ
الْحَسَنِ ثُمَّ قَدِمَ مِصْرَ فَسَأَلَ ابْنَ وَهْبٍ أَنْ
يُجِيبَهُ فِيمَا كَانَ عِنْدَهُ فِيهَا عَنْ مَالِكٍ
ومالم يَكُنْ عِنْدَهُ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا قَالَ فِيهَا
بِرَأْيِهِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فَلَمْ يفعل
فَأتى عبد الرحمن بْنَ الْقَاسِمِ فَأَجَابَهُ فِيهَا
قَالَ وَالنَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ فى هَذِه الْمسَائِل
قَالَ أَبُو عبد الرحمن النَّسَائِيّ عبد الرحمن بْنُ
الْقَاسِمِ ثِقَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنْهُ
الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ وَأَبُو زَيْدِ بْنُ أَبى
الْغمر وَمُحَمّد بن عبد الله بن عبد الحكم وَسُحْنُونُ
بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله |